الصحيفة السجادية (ابطحي)

الإمام زين العابدين (ع)


[ 1 ]

الصحيفة السجادية الجامعة لأدعية الإمام علي بن الحسين عليهما السلام


[ 2 ]

بمناسبة مرور (1316) عاما على شهادة الإمام زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. (ابن فاطمة الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله) تم إنجاز ونشر هذا الكتاب هوية الكتاب: الكتاب: الصحيفة الجامعة لادعية الامام السجاد، زين العابدين ” علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام “. بإشراف: سماحة السيد محمد باقر نجل السيد المرتضى الموحد الابطحي الاصفهاني. تحقيق ونشر: مؤسسة الامام المهدي عليه السلام. الطبعة: الاولى 25 / محرم الحرام / 1411 ه‍. ق. العدد: 5000. المطبعة: قم. نمونه. تلفون: 33060. حقوق الطبع كلها محفوظة لمؤسسة الامام المهدي عليه السلام / قم المقدسة. مؤسسه الانصاريان للطباعة والنشر شارع الشهداء – قم – ايران


[ 3 ]

وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان (صلى) فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي وقال ربكم ادعوني أستجب لكم


[ 5 ]

دليل الصحيفة الجامعة لادعية الامام السجاد عليه السلام 1 – التقديم: كلمة آية الله السيد المرتضى الموحد الابطحي الاصفهاني 2 – التمهيد: يشتمل على: أ – دعوة الله بين الزلفى إليه وسمو الروح. ب – الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. ج – كلمة حول الصحيفة السجادية الكاملة. 3 – منهج عملنا في الصحيفة الجامعة لادعية الامام السجاد عليه السلام. 4 – متن الصحيفة الجامعة لادعية الامام السجاد عليه السلام. 5 – السند المتداول للصحيفة السجادية الكاملة وبحث حول الفائل ” حدثنا “. 6 – أسانيد الصحيفة السجادية الكاملة وإجازاتها. 7 – شجرة الاسانيد، وتوضيحات لقراءتها. 8 – الفهارس العامة، تشتمل على: 1 – فهرس الآيات القرآنية. 2 – فهرس أدعية الصحيفة الجامعة. 3 – فهرس موضوعات أدعية الصحيفة الجامعة. 4 – فهرس أدعيته عليه السلام المختصة بالاوقات: 5 – فهرس أدعيته عليه السلام في الاماكن المختلفة. 6 – فهرس من دعا عليه السلام لهم. 7 – فهرس من دعا عليه السلام عليهم. 8 – فهرس التعليقات. 9 – فهرس الاعلام الواردة في مقدمة الادعية. 10 – فهرس أدعية الصحيفة السجادية الكاملة. 11 – فهرس أسانيد الصحيفة السجادية الكاملة وإجازاتها. 12 – فهرس الرواة الواردة أسماؤهم في شجرة الاسانيد. 13 – فهرس التخريجات والاتحادات. 14 – مصادر التحقيق.


[ 6 ]

1 – التقديم: بعد حمده تعالى شأنه على نعمه وآلائه وتوفيقه ومننه، فقد طالعت هذا السفر الجليل، والاثر الاصيل، واطلعت على ما ضم بين دفتيه، فوجدته عملا رائعا مفيدا، ينم عن تتبع واف، وضبط وتثبت في النقل، يغني طالب الدعاء البحث والتنقيب في بطون الكتب عن أدعية الامام زين العابدين عليه السلام فقد تصدى ولدي وقرة عيني ” محمد باقر ” لجمع أدعية سيدنا ومولانا الامام الهمام سيد الساجدين عليه السلام واستدراكها على الصحيفة السجادية الكاملة، فنظمها ونسقها، وشرح بعضا من مبهماتها، واستقصى أسانيدها، ثم عمل لها الفهارس اللازمة، فأشبع بذلك رغبة كانت في نفسي، ونفس والدته – تغمدها الله برحمته الواسعة، وأسكنها فسيح جنانه – وترجم ما كنا نتمناه، فله جزيل الشكر والتقدير، وجزاه الله خير جزاء العاملين، ووفقه لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب. ولعل خير ما يحضرني في هذا المقام ما رواه الصدوق في الخصال: 1 / 323 ح 9، عن الصادق عليه السلام، قال: ” ست خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته: ولد صالح يستغفر له، و مصحف يقرأ فيه، وقليب يحفره، وغرس يغرسه، وصدقة ماء يجريه، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده “. فالحق يقال: إنه لمنهل عذب بعلومه، وغرس أثيل بمقامه، شرح صدري برونقه، وروح روحي بألفاظه، وأنعش نفسي بكلماته، وجلى الرين عن قلبي بأدعيته، وأسأل الله تبارك وتعالى أن تكون هي وسيلتي يوم أفد على وجهه الكريم، كما قال تعالى: ” وابتغوا إليه الوسيلة ” المائدة: 35. ولا أجد ما أقدمه له أولى من هذه الكلمات من دعاء الامام السجاد عليه السلام لولده عليهم السلام: ” اللهم ومن علي ببقاء ولدي، وبإصلاحهم لي، وبإمتاعي بهم. وعافهم في أنفسهم وجوارحهم. “. المفتاق إلى رحمة ربه أبو محمد باقر ” المرتضى ” الموحد الابطحي الاصفهاني


[ 7 ]

بسم الله الرحمن الرحيم 2 – التمهيد: أ – دعوة الله بين الزلفى إليه وسمو الروح: الحمد لله الذي أزهر القلوب بدعائه، وأينع براعم الايمان بندائه، وأوسق ثمار العقيدة بمناجاته، وهدانا بما أنزل من صحفه ورسالاته، فدعانا في محكم كتابه لدعائه، وجعله مفتاح الباب بينه وبين عبيده وإمائه، والصلاة والسلام على أشرف من دعاه من خلائقه و برياته أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله ومدينة علومه وحكمته، وعيبة كلماته، وعلى أهل بيت نبيه، كلماته وأبوابه، وحمله فرقانه، ومفاتيح رحمته و مقاليد مغفرته، وسحائب رضوانه، ومصابيح جنانه، وخزنة علمه، وحفظة سره، و مهبط وحيه، وموضع اصطفائه وطهارته، ومحل كرامته، أهل ولاء الله وولايته، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله. وبعد. فإن من منن الله ورأفته، ولطفه ونعمته، وعطفه وشفقته، أن جعل الدعاء وسيلة مقدسة يتقرب بها العبد إليه تعالى، فتسمو روحه إلى مدارج الكمال، وتنعق من كل ألوان العبودية لغير وجهه – رب العزة والجلال – فيسأله مخلطا كشف لاوائه، وتفريج غمه، وتنفيس كربه، وجلاء همه، فقال عز من قائل: ” ادعوني أستجب لكم ” (1). وقال ” واسالوا الله من فضله ” (2). وقال ” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ” (3). فأي فضل أكبر من هذا؟! وأي نعمة تضاهي سماح الرب الجليل للعبد الذليل بمخاطبته ودعوته بما شاء، وأنى شاء، ومتى شاء، وكيف شاء في ابتغاء مرضاته، والتقرب إليه؟! وحسبنا إذا أردنا الخوض في غمار قدسية الدعاء، وأهميته وضرورته، تقرب الانبياء والاولياء والملائكة إلى الله تعالى به، فضلا عما فاضت به أخبار الفريقين حد التواتر.


1 – سورة غافر: 60. 2 – سورة النساء: 32. 3 – سورة البقرة: 18 6.

[ 8 ]

ب – الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام لا يتوقف القلم حيرة، ولا تتبعثر الافكار دهشة إلا عند ما تكون الكتابة عن عظيم أبدع في جانب من جوانب الحياة. ترى! ماذا سيكون الحال، وأمامنا عظيم برقت حروف اسمه في ” حديث اللوح “: ” علي سيد العابدين، وزين أولياء الماضين ” (1)؟ أجل! هو ابن من علمه شديد القوى، هو ابن من دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه ما أوحى، هو ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى، هو ابن محمد المصطفى صلى الله عليه وآله. هو ابن باب مدينة علوم الرسول صلى الله عليه وآله وحكمته، هو ابن من كان من المصطفى صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام، هو ابن من كان مع الحق، أينما دار دار معه، هو ابن علي المرتضى عليه السلام. هو ابن بضعة رسول الله، وفلذة كبده، العالمة غير المعلمة، الفاهمة غير المفهمة، سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء عليها السلام. هو ابن أخي الامام الثاني، ومخزن المعاني، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم. هو ابن قتيل العبرات، وأسير الكربات، سيد الشهداء من الاولين والآخرين، أبو الأئمة التسعة الطاهرين، المعصومين، الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. هو ابن من اصطفاهم الله من عباده، واختارهم على علم على العالمين، ثم أورثهم الكتاب والحكمة، وجعل منهم مهدي هذه الامة عجل الله تعالى فرجه الشريف هو إمام العارفين، وقائد الزاهدين، وسيد الساجدين، وزين العابدين، ذو الثفنات، ورابع أئمة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام.


1 – عيون أخبار الرضا: 1 / 43 باب 6 ح 3.

[ 9 ]

ولا ريب أن البصير الواعي إذا أنعم الله عليه، وتدبر القرآن، أيقن بأنه لم ينزل من الآيات الباهرة في حق أحد كما نزل في العترة الطاهرة. فهل نطقت محكماته بذهاب الرجس عن غيرهم؟! وهل لاحد من العالمين آية كآية تطهيرهم؟! وهل فرض محكم التنزيل المودة لغيرهم؟! وهل هبط جبرئيل بآية المباهلة لسواهم؟! إذن فما عساي أن أقول بمن ينتهي إلى النبي في الانتماء، وبغصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وبمن تسجد عنده معاني العز والبهاء؟ فأي قول يفي بوصفه؟ وأي طول يقاس بفضله؟ وأيم الله إن في هذا كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. هذا وقد طوقت كتب التراجم والتاريخ والاخلاق هذه الشخصية الفذة بهالة من الجليل والتقدير – دراسة وتحليلا – كما أفردت لها مصنفات خاصة في محاولة للاحاطة بجوانب حياة هذا الامام المعصوم، مستخلصة تحركه الخطير، وأثره البارز في إرساء دعائم المجتمع الاسلامي، وتنزيهه من الشوائب في مرحلة هي من أصعب وأقسى وأدق المراحل التي مرت بها الامة الاسلامية – بعد شهادة أبيه الحسين عليه السلام – خلال النصف الثاني من القرن الاول. وأما جدارته في التصنيف، فقد كانت له الصدارة في ذلك (1) بعد جده سيد الاوصياء – أول جامع القرآن – علي عليه السلام الذي يعد بحق أول من صنف في الاسلام بلا منازع. فسلام على إمامنا السجاد يوم ولد، ويوم كان مكبلا بالحديد، وحوله حرم رسول الله صلى الله عليه وآله أسرى حاسرات، ويوم أدى ما حمله الله، ويوم اختاره العلي الاعلى إلى جواره متظلما إليه ظلامة أهله وأبيه، ويوم يبعث حيا شافعا، ومشفعا باذنه تبارك وتعالى (2).


1 – راجع معالم العلماء: 2. 2 – لما كانت شخصيته عليه السلام لا تستوعبها هذه السطور، فالالسن تكل، والاقلام تعجز إن هي رامت ذلك، وحتى لا يطول بنا المقام نحيل القارئ الكريم إلى كتاب عوالم العلوم في حياة الامام علي بن الحسين عليهما السلام / تحقيق مؤسستنا.

[ 10 ]

ج – كلمة حول الصحيفة السجادية الكاملة: لا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إنها كتاب لفظه دون كلام البارئ، وفوق ما يفوه به المخلوق، لما بلغه من قمة في بلاغة تعبيره، وعذب بيانه، وروعة تبيينه، و براعة وصفه، وجودة سبكه، وحسن فصاحته، وجزالة لفظه، وكيف لا يكون هكذا وسدته أنوار الوحي والنبوة، ولحمته أشعة علوم الامامة، وإطاره رصانة العصمة. حقا إنها أدعية رضيع الوحي، وعدل القرآن – في حديث الثقلين -: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام! ترى! ألم ينصف من قال: إن صحيفته عليه السلام زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت عليهم السلام؟ وهل ينفخ إلا في رماد من رام محاكاتها أو الاتيان بمثلها؟! فهذا بعض بلغاء البصرة وقد ذكرت عنده الصحيفة الكاملة، فقال: خذوا عني حتى أملي عليكم مثلها! فأخذ القلم، وأطرق رأسه، فما رفعه حتى مات. (1) ولعمري لقد رام المحال، وعجز عن الاتيان بما قال، فآل إلى ما آل إليه المآل. فأين هذا اللاهث وراء السراب من الالفاظ الالهية القرآنية، والافانين الفرقانية، والرموز السماوية، والاساليب الروحانية؟! أم أين هذا من التراث الرباني المحمدي العلوي الخالد الذي سيبقى على مر الدهور مصدر عطاء وإلهام، ونبراس هداية ونور، ومدرسة أخلاق وتهذيب ووو.؟! ولعظم مكانة الامام السجاد عليه السلام ولعلو شأن الادعية الشريفة التي تضمنتها صحيفته المباركة، فقد انكب العلماء، وتهافت الباحثون في مختلف الازمنة على شرحها وترجمتها – للفارسية والانجيلزية خاصة – وكتبوا عليها الحواشي والتعاليق، وعملوا لها الفهارس، ولو أتينا على ذكرها وتفصيلها لطال بنا المقام، لذلك سنطوي كشحا عنها، ونحيل القارئ العزيز لمراجعتها في مظانها سيما (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) باب ” ت، ح، وش “. (2) * (هامش) 1 – مناقب آل أبي طالب: 4 / 137. 2 – راجع أيضا: رياض العلماء: 1 / 185، ج 3 / 59، ج 4 / 420، وج 5 / 47 و 253. وغيرها.


[ 11 ]

ولا ريب أن العديد منها لم يذكر، سيما ما كتب حديثا من شروح، وما أجري من دراسات منها: 1 – المعجم المفهرس لالفاظ الصحيفة الكاملة للسيد علي أكبر القرشي. 2 – الدليل إلى موضوعات الصحيفة السجادية للشيخ محمد الحسين المظفر. 3 – ترجمة وشرح الصحيفة للحاج عماد الدين حسين الاصفهاني. 4 – شرح الصحيفة ل‍: أ – الفاضل محمد جواد مغنية. ب – السيد علي نقي فيض الاسلام. ج – الفاضل عز الدين الجزائري. د – السيد محمد علي الموحد الابطحي الاصفهاني الموسوم ب‍ ” السفينة الناجية ” مخطوط. وأما هذه ” التحفة الثمينة وخزانة الكنوز العظيمة ” التي بين يديك – عزيزي القارئ – فليس لنا في إخراجها من الافتخار أكثر من الاختيار الذي وفقنا له الملك الجبار، فتفضل علينا وألهمنا هذا الابتكار، وفضيلة هذا الاخراج تكمن في جمع ما افترق مما تناسب واتسق، واختيار عيون، وترتيب فنون من حكم لامعة، ووصايا نافعة، ومواعظ جامعة، وأخبار رائعة، وو… وجدير بالاشارة أن الجهود متواصلة، والبحوث مستمرة، لسبر غور هذا البحر الزاخر، والغوص في أعماق كله، لاستخراج المزيد من درر معانيه، والكشف عن جواهر لفظه، والمستقبل – بما سيتملك من وسائل مساعدة متطورة – سيتحفنا حتما بنتاج جديد، ودراسات أوسع، وبحوث أعمق لهذا التراث النفيس الطري الغض المتجدد. ويستفاد من ديباجة نسخ الصحيفة السجادية المتداولة أن عدد أدعيتها هي ” 75 ” دعاء إلا أن عدد الادعية الموجودة فيها الآن برواية محمد بن أحمد المطهري هي ” 54 ” دعاء، وعليه فإن الصحيفة الكاملة خلت من (21) دعاء (1).


1 – قال المتوكل بن هارون: ثم أملى علي أبو عبد الله عليه السلام الادعية، وهي خمسة وسبعون بابا، سقط عني منها أحد عشر بابا، وحفظت منها نيفا وستين بابا. (انظر السند المتداول للصحيفة السجادية الكاملة).

[ 12 ]

وقد ألفت صحائف أخرى جمعت أدعيته عليه السلام وذكر في بعضها تلك الادعية الساقطة، والصحائف هي: 1 – الصحيفة السجادية الثانية – باعتبار أن الصحيفة السجادية الكاملة المشهورة هي الاول -: من جمع الشيخ المحدث محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب ” وسائل الشيعة “. 2 – الصحيفة السجادية الثالثة: للفاضل المتبحر الميرزا عبد الله بن عيسى بن محمد صالح التبريزي الاصفهاني المعروف بالافندي صاحب ” رياض العلماء ” ذكر فيها الادعية الساقطة من الصحيفة السجادية الكاملة. 3 – الصحيفة السجادية الرابعة: للشيخ الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي بن ميرزا علي محمد النوري. 4 – الصحيفة السجادية الخامسة: للسيد محسن بن عبد الكريم بن علي الامين العاملي، ذكر فيها بقية الادعية الساقطة مما فات على صاحب الصحيفة الثالثة. 5 – الصحيفة السجادية السادسة: للشيخ محمد صالح بن الميرزا فضل الله المازندراني الحائري (2). هذا وقد ألحق ببعض نسخ الصحيفة الكاملة عددا من الادعية، يختلف عددها وترتيبها باختلاف النسخ، ذكرناها في السند المتداول للصحيفة. وحري بنا القول أن أدعيته عليه السلام كانت ذات وجهين غاية في الارتباط والتكامل: وجها عباديا، وآخر إجتماعيا يتسق مع مسار الحركة الاصلاحية التي قادها الامام عليه السلام في ذلك الظرف الصعب. فاستطاع بقدرته الفائقة المسددة أن يمنح أدعيته – إلى جانب روحها التعبدية المعطاء – محتوى إجتماعيا متعدد الجوانب بما حملته من مفاهيم خصبة، وأفكار نابضة بالحياة، فهو عليه السلام صاحب مدرسة إلهية، تارة يعلم المؤمن كيف يمجد الله ويقدسه، وكيف يلج باب التوبة، وكيف يناجيه و


2 – مخطوطة. راجع تفاصيل ذلك في الذريعة: 15 / 18 – 21. وقيل: يوجد أكثر من ذلك، منها صحيفة سابعة للبيرجندي، ولم نعثر على شئ من ذلك.

[ 13 ]

ينقطع إليه، وأخرى يسلك به درب التعامل السليم مع المجتمع فيعلمه أسلوب البر بالوالدين، ويشرح حقوق الوالد والولد والاهل والاصدقاء والجيران، ثم يبين فاضل الاعمال وما يجب أن يلتزم به المسلم في سلوكه الاجتماعي، كل ذلك باسلوب تعليمي رائع وبليغ. وصفوة القول أنها كانت أسلوبا مبتكرا في إيصال الفكر الاسلامي والمفاهيم الاسلامية الاصلية إلى القلوب الظمأى، والافئدة التي تهوي إليها لترتزق من ثمراتها، و تنهل من معينها، فكانت بحق عملية تربوية نموذجية من الطراز الاول، أس بناءها الامام السجاد عليه السلام مستلهما جوانبها من سير الانبياء وسنن المرسلين – كما أمر الله سبحانه وتعالى وأوحاه لهم – في ذلك الواقع المتفجر بالمحن والمشبع بالمآسي، وبرمجة علمية وعملية وضع الامام السجاد عليه السلام منهجها لتربية النفس، وصقل الروح، و إصلاح السريرة، وتنظيم العلائق الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع. والله عزوجل هو المستعان والموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.


[ 14 ]

3 – منهج علمنا في الصحيفة الجامعة: انصبت جهودنا في عمل هذه الصحيفة المباركة على جمع أدعية الامام السجاد عليه السلام وتنظيمها بالشكل الذي حافظ على سلامة ترتيب الادعية الموجودة في الصحيفة السجادية الكاملة المتداولة، حيث استدركنا على أكثر الادعية الموجودة فيها ما يتعلق بها من أدعية، كل على حدة. ففي الصحيفة السجادية الكاملة مثلا يوجد دعاءان مختصان بشهر رمضان هما ” إذا دخل… / إذا ودع شهر رمضان ” وتسلسلهما في الصحيفة الكاملة: 44، 45 على التوالي. استدركنا عليهما ” 27 ” دعاء مختصة بشهر رمضان، ومرتبة حسب أوقاتها مع بقاء كل من الدعاءين على ترتيبه الاول، وكذا الحال في بقية الادعية. وقد تمت مقابلة أدعية الصحيفة السجادية الكاملة على بعض نسخها المطبوعة المصححة (1) وعلى كتب الادعية الناقلة عنها كالبلد الامين. وأما بقية الادعية فتمت مقابلتها على الصحف الخمس: الاولى، الثانية. وعلى أغلب كتب الادعية المعتمدة، مثل مصباح المتهجد، إقبال الاعمال، البلد الامين، الجنة الواقية المعروف بمصباح الكفعمي. وغيرها. واعتبرنا ما فيها نسخة أخرى للدعاء، واكتفينا بذكر ما نعتقده ضروريا من اختلافات في الهامش، ورمزنا له ب‍ ” خ “. ولما كانت الصحيفة السجادية الكاملة تعد من المتوترات لاختصاصها بالاجازة والرواية في كل طبقة وعصر، فقد قمنا بجمع بعض من أسانيد وإجازاتها المتكثرة. ولاجل أن تتوضح للقارئ فكرة عن اتصال هذه الاسانيد بعضها ببعض،


1 – منها: طبع ونشر دار الحوراء / بيروت 1408، طبع ونشر الرضوي / القاهرة، نشر دار الجليل المسلم / قم، نشر دار الكتب الاسلامية / طهران، منشورات المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية / دمشق.

[ 15 ]

وتشابك طرقها واتحادها، قمنا بعمل شجرة للاسانيد على غرار شجرة الانساب. كما قمنا بترجمة أكثر رواة السند المتداول للصحيفة السجادية الكاملة، مع بيان للقائل ” حدثنا ” المذكور في أول السند. وأما الاسانيد الخاصة ببقية الادعية، فذكرناها مع التخريجات والاتحادات التي وضعنا لها فهرسا خاصا مرتبا حسب ترقيم الادعية، وألحقنا ببعضها ما دونه أصحاب الصحف الخمس من ملاحظات حول الدعاء. ومن أجل توضيح المفردات أو النصوص الصعبة، ذكرنا لها معنى بسيطا في الهامش. وأما التي تحتاج إلى شرح أو تعليق، فقد أشرنا إليها في الهامش بعلامة * * وذكرنا ما يتعلق بها من توضيح أو بيان في فهرس الشروحات والتعليقات وحسب ترقيمها، معتمدين في ذلك على ما توفر بين أيدينا من شروحات للصحيفة الكاملة، وعلى كتب اللغة المعتمدة، (ذكرناها جميعا في مصادر التحقيق). وأما الآيات القرآنية أو المقتبسة من القرآن الكريم، فقد أشرنا إليها في الهامش بعلامة * وأدرجناها في فهرس الآيات القرآنية والمقتبسة، حسب تسلسلها. ونظرا لاهمية الفهرسة في مساعدة الداعي والباحث والمحقق للوصول إلى المطالب التي يحتاج إليها بسهولة، فقد رتبنا مجموعة من الفهارس الفنية مما نعتقده ضروريا.


[ 16 ]

تقدير وعرفان وأخيرا وليس آخرا أسجل شكري – بعده شكره تعالى على توفيقه وسداده – للاخوة المحققين في مؤسسة الامام المهدي (عج) الذين اجتمعت قلوبهم وإيانا على حب أهل البيت عليهم السلام والتفاني في إحياء تراثهم، سيما الاخوين الماجدين: نجم الحاج عبد البدري * أمجد الحاج عبد الملك الساعاتي يشد أزرهم بقية الافاضل: فارس حسون كريم، أبو منتظر رشنوادي، محمد شيرزاد السماك، السيد حميد أحمد الرضوي، السيد فلاح الشريفي، أبو أحمد الطائي، علي الحاج عذاب الربيعي، أبو حكيم العماري، أبو علي السماك والحاج عبد الكريم المسجدي. جزاهم الله عن الاسلام، وعن صاحب الصحيفة، وعني خير الجزاء. رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه. اللهم ومن علينا بعفوك وقبولك، وأن تجعلنا ممن تنتصر به لدينك و لا تستبدل بنا غيرنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، و صلى الله عليه محمد وآله الطيبين الطاهرين. الراجي رحمة ربه السيد ” محمد الباقر ” نجل آية الله السيد المرتضى الموحد الابطحي الاصفهاني قم المقدسة


[ 17 ]

(1) دعاؤه عليه السلام إذا ابتدأ بالدعاء بدأ بالتحميد لله عزوجل والثناء عليه الحمد الله الاول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام (1) الواصفين. ابتدع (2) بقدرته الخلق ابتداعا، واخترعهم (3) على مشيته اختراعا، ثم سلك بهم طريق ارادته، وبعثهم في سبيل محبته لا يملكون تأخيرا عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه. وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد. ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا يتخطى (4) إليه بأيام عمره، ويرهقه (5) بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور


1 – الاوهام: ما يقع في الخاطر. 2 – ابتدع: خلق لا على مثال. 3 – اخترعهم: أنشأهم. 4 – يتخطأ ” خ ” * *. 5 – يرهقه: يدركه.

[ 18 ]

ثوابه، أو محذور عقابه ” ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ” (6) عدلا منه تقدست أسماؤه وتظاهرت آلاؤه (7) ” لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ” (8) والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم (9) من مننه المتتابعة وأسبغ (10) عليهم من نعمه المتظاهرة، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الانسانية إلى حد البهيمية، فكانوا كما وصف في محكم كتابه ” إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا ” (11). والحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلنا عليه من الاخلاص له في توحيده وجنبنا من الالحاد والشك في أمره، حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه، ونسبق به من سبق إلى رضاه وعفوه، حمدا يضئ لنا به ظلمات البرزخ (12) ويسهل علينا به سبيل المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد (13) يوم ” تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ” (14) ” يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ” (15).


6 – *. 7 – تظاهرت آلاؤه: تجلت نعمه. 8 – *. 9 – أبلاهم: إمتحنهم. 10 – أسبغ: أتم ووسمع. 11 – *. 12 – البرزخ: ما بين الموت والقيامة. 13 – الاشهاد: الملائكة والانبياء والمؤمنون. 14، 15 – *.

[ 19 ]

حمدا يرتفع منا إلى أعلى عليين في ” كتاب مرقوم يشهده المقربون ” (16). حمدا تقر به عيوننا إذا برقت (17) الابصار، وتبيض به وجوهنا إذا اسودت الابشار (18). حمدا نعتق به من أليم نار الله إلى كريم جوار الله، حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، ونضام (19) به انبياءه المرسلين في دار المقامة (20) التي لا تزول، ومحل كرامته التي لا تحول (21). والحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق (22) وأجرى علينا طيبات الرزق، وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته، وصائرة إلى طاعتنا بعزته. والحمد لله الذي أغلق عنا باب الحاجة إلا إليه، فكيف نطيق حمده؟ أم متى نؤدي شكره؟ لا، متى؟ (23). والحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط، وجعل لنا أدوات القبض، ومتعنا بأرواح الحياة، وأثبت فينا جوارح الاعمال، وغذانا بطيبات الرزق، وأغنانا بفضله، وأقنانا (24) بمنه، ثم أمرنا ليختبر طاعتنا، ونهانا ليبتلي شكرنا، فخالفنا عن طريق إمره، وركبنا متون


16 – *. 17 – برقت: اضطربت من الخوف. 18 – الابشار: ظاهر الجلد. 1 9 – نضام: ننضم ونجتمع. 20 – المقامة: الاقامة. 21 – لا تحول: لا تتغير. 22 – الخلق (خ). 23 – لا، متى؟: لا يمكن. * * 24 – أقنانا: أعطانا وأرضانا.

[ 20 ]

زجره (25) فلم يبتدرنا (26) بعقوبته، ولم يعاجلنا بنقمته، بل تأنانا (27) برحمته تكرما، وانتظر مراجعتنا برأفته حلما. والحمد لله الذي دلنا على التوبة التي لم نفدها إلا من فضله، فلو لم نعتدد من فضله إلا بها، لقد حسن بلاؤه عندنا، وجل إحسانه إلينا، وجسم فضله علينا، فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به، ولم يكلفنا إلا وسعا، ولم يجشمنا (28) إلا يسرا، ولم يدع لاحد منا حجة ولا عذرا، فالهالك منا من هلك عليه، والسعيد منا من رغب إليه. والحمد لله بكل ما حمده به أدنى (29) ملائكته إليه، واكرم خليقته عليه، وأرضى حامديه لديه، حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربنا على جميع خلقه. ثم له الحمد مكان كل نعمة له علينا وعلى جميع عباده الماضين والباقين عدد ما أحاط به علمه من جميع الاشياء، ومكان كل واحدة منها عددها أضعافا مضاعفة أبدا سرمدا (30) إلى يوم القيامة. حمدا لا منتهى لحده، ولا حساب لعدده، ولا مبلغ لغايته ولا انقطاع لامده، حمدا يكون وصلة (31) إلى طاعته وعفوه، وسببا إلى رضوانه، وذريعة (32) إلى مغفرته، وطريقا إلى جنته، وخفيرا (33) من


25 – متون زجرة: تمام نواهيه. 26 – يبتدرنا: يسارعنا. 27 – تأنانا: أمهلنا. 28 – يجشمنا: يكلفنا. 29 – أدنى: أقرب. 30 – سرمدا: دائما لا ينقطع. 31 – وصلة: موصلا. 32 – ذريعة: وسيلة. 33 – خفيرا: حافظا ومجيرا.

[ 21 ]

نقمته، وأمنا من غضبه، وظهيرا (34) على طاعته، وحاجزا عن معصيته وعونا على تأدية حقه ووظائفه. حمدا نسعد به في السعداء من أوليائه، ونصير به في نظم الشهداء بسيوف أعدائه، إنه ولي حميد. (2) دعاؤه عليه السلام في التحميد لله عزوجل الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة، واحتجت عن الابصار بالعزة، واقتدر على الاشياء (1) بالقدرة، فلا الابصار تثبت لرؤيته، ولا الاوهام تبلغ كنه عظمته، تجبر بالعظمة والكبرياء، وتعطف بالعز والبر والجلال، وتقدس بالحسن والجمال، وتمجد بالفخر والبهاء، وتهلل بالمجد والآلاء، واستخلص بالنور والضياء. خالق لا نظير له، وواحد لاند له، وماجد لا ضد له، وصمد لا كفو له، وإله لا ثاني معه، وفاطر لا شريك له، ورازق لا معين له، والاول بلا زوال والدائم بلا فناء، والقائم بلاعناء، والباقي بلا نهاية، والمبدئ بلا أمد، والصانع بلا ظهير، والرب بلا شريك، والفاطر بلا كلفة والفاعل بلا عجز. ليس له حد في مكان ولا غاية في زمان، لم يزل ولا يزول ولن يزال، كذلك أبدا هو الاله الحي القيوم، الدائم القديم، القادر


34 – ظهيرا: معينا. 1 – الانشاء ” خ “.

[ 22 ]

الحكيم، العليم القاهر، الحليم المانع لما يشاء، والفعال لما يريد ” له الخلق والامر ” (2) ” والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ” (3) لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء. و ” إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ” (4) أمره ماض وحكمه عدل، ووعده حق، وقوله صدق، ولو تجلى لشئ صار دكا ” فليس كمثله شئ وهو السميع البصير ” (5). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ارتضاه برسالته، وائتمنه على وحيه، وانتجبه من خليقته، واصطفاه من بريته، فأوجب الفوز لمن أطاعه وقبل منه، والنار على من عصاه وصدف (6) عنه. فصلوات الله عليه وآله الطيبين الاخيار الطاهرين الابرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. (3) دعاؤه عليه السلام في التوحيد (1) إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة جلالك، فجهلوك وقدروك بالتقدير على غير ما أنت به، شبهوك وأنا برئ يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك شئ إلهي ولم يدركوك، وظاهر ما بهم


2 – 5 – *. 6 – صدف: أعرض. 1 – * *.

[ 23 ]

من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك يا إلهي مندوحة (2) عن أن ينالوك، بل ساووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا، فبذلك وصفوك، فتعاليت يا إلهي عما به المشبهون نعتوك. (4) دعاؤه عليه السلام في التسبيح عن سعيد بن المسيب قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام، فخرج وخرجت معه، فنزل في بعض المنازل، فصلى ركعتين وسبح في سجوده – يعني بهذا التسبيح – فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبح معه، ففزعنا فرفع رأسه، فقال: يا سعيد أفزعت؟ فقلت: نعم يا ابن رسول الله. فقال: هذا التسبيح الاعظم. حدثني أبي عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ” لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح، وإن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح (فسبحت السماوات ومن فيهن كتسبيحه الاعظم) وهو اسم الله الاكبر “. سبحانك اللهم وحنانيك (1) سبحانك اللهم وتعاليت، سبحانك اللهم والعز إزارك، سبحانك اللهم والعظمة رداؤك (2) سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك، سبحانك من عظيم ما


2 – مندوحة: سعة. 1 – حنانيك: رحمتك. 2 – سربالك ” خ “.

[ 24 ]

أعظمك، سبحانك سبحت في الملا الاعلى، سبحانك تسمع (3) وترى ما تحت الثرى، سبحانك أنت شاهد كل نجوى (4) سبحانك (5) موضع كل شكوى، سبحانك حاضر كل ملا، سبحانك عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السماوات، سبحانك تعلم وزن الارضين (6) سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر، سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور، سبحانك تعلم وزن الفئ (7) والهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة، سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من (8) عرفك كيف لا يخافك! سبحانك اللهم وبحمدك، سبحان الله العلي العظيم (9). (5) دعاؤه عليه السلام في تسبيح الله تعالى وتنزيهه ” مختص باليوم السادس من كل شهر ” سبحان من أشرق نوره كل ظلمة، سبحان من قدر بقدرته كل قدرة سبحان من احتجب (1) عن العباد ولا شئ (2) يحجبه، سبحان الله وبحمده. (6) دعاؤه عليه السلام إذا تلا قوله تعالى ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها “


3 – في الاعلى تسمع ” خ “. 4 – النجوى: السر. 5 – سبحانك أنت ” خ “. 6 – الارض ” خ “. 7 – الفئ: الظل. 8 – لمن ” خ ” 9 – سبحان ربي العلي العظيم وبحمده ” خ “. 1 – * *. 2 – بطرائق نفوسهم فلا شئ ” خ “.

[ 25 ]

كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا قرأ قوله تعالى: ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ” (1) يقول: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه. فشكر عزوجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته، وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا، علما منه أنه قدر وسع (2) العباد، فلا يجاوزون ذلك. وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في تسبيحه: (3) سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمدا. سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكرا. (7) دعاؤه عليه السلام في التحميد الحمد الله الذي تجلى القلوب بالعظمة، واحتجب عن الابصار بالعزة، واقتدر على الاشياء بالقدرة، فلا الابصار تثبت لرؤيته، ولا الاوهام تبلغ كنه (1) عظمته. تجبر بالعظمة والكبرياء، وتعطف بالعز والبر والجلال


1 – * 2 – قد وسع ” خ “. 3 – * *. 1 – الكنه: جوهر الشئ وحقيقته.

[ 26 ]

وتقدس بالحسن والجمال، وتمجد بالفخر والبهاء، وتهلل (2) بالمجد والالاء (3) واستخلص بالنور والضياء. خالق لا نظير له، واحد لا ند (4) له، وواحد لا ضد له، وصمد لا كفو له، وإله لا ثاني معه، وفاطر لا شريك له، ورازق لا معين له، والاول بلا زوال، والدائم بلا فناء، والقائم بلا عناء، والمؤمن (5) بلا نهاية، والمبدئ بلا أمد، والصانع بلا أحد، والرب بلا شريك والفاطر (6) بلا كلفة، والفعال بلا عجز. ليس له حد في مكان، ولا غاية في زمان، لم يزل ولا يزول ولن يزال كذلك أبدا، وهو الاله الحي القيوم، الدائم القديم، القادر الحكيم (7). إلهي عبيدك (8) بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك (9) (ثلاثا). إلهي لك يرهب (10) المترهبون، وإليك أخلص المبتهلون (11) رهبة لك ورجاء لعفوك. يا إله الحق ارحم دعاء المستصرخين، واعف عن جرائم الغافلين، وزد في إحسان المنيبين (12) يوم الوفود عليك يا كريم.


2 – تجلل ” خ ” 3 – الآلاء: النعم الظاهرة. 4 – الند: المثل والنظير. 5 – * *. 6 – الفاطر: الحق، البارئ. 7 – الحليم ” خ “. 8 – عبدك ” خ “. 9 – * *. 10 يرهب: يخاف. 11 – المستهلون ” خ 2. 12 – المنيبين: الراجعين عن الذنوب.

[ 27 ]

(8) دعاؤه عليه السلام إذا مجد الله واستقصى في الثناء عليه اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية وإن أبعد إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرك، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك، وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك، وأعبدهم لك مقصر عن طاعتك، لا يجب لاحد منهم أن تغفر له باستحقاقه، ولا يحق له أن ترضى عنه باستيجابه. فمن غفرت له فبطولك (1) ومن رضيت عنه فبفضلك، تشكر يسير ما تشكر به، وتثيب على قليل ما تطاع فيه، حتى كان شكر عبادك الذي أوجبت عليه ثوابهم، وأعظمت فيه جزاءهم، أمر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافأتهم، ولم يكن سببه بيدك فجازيتهم (2) بل ملكت يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا (3) في طاعتك، وذلك أن سنتك الافضال، وعادتك الاحسان، وسبيلك العفو، كل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت،


1 – بطولك: بفضلك. 2 – فجاريتهم ” خ “. 3 – يفيضوا: يدخلوا.

[ 28 ]

وكل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت، فلولا أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك أحد، ولولا أن يصور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال. فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر المطيع على ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه أعطيت كلا منهما ما لا يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافيت المطيع على ما أنت توليته له بالسواء لاوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك (4) جازيته على المدة القصيرة الفانية (5) بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية. ثم لم تسمه (6) القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشة في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك (7) ولو فعلت به ذلك لذهب جميع ما كدح (8) له ولصارت جملة ما سعى فيه جزاء للصغرى من مننك، ولبقي رهنا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟ لا، متى. (9) فهذه يا إلهي حالة (10) من أطاعك، وسبيل من تعبد لك


4 – نعمك، ولكن بكرمك ” خ “. 5 – الفائتة ” خ “. 6 – تسمه: تلزمه. 7 – معرفتك ” خ “. 8 – كدح: سعى وعمل. 9 – راجع تعليقتنا رقم ” 23 ” دعاء (1). 10 – حال ” خ “.

[ 29 ]

فأما العاصي أمرك، والمواقع نهيك، فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الانابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق يا إلهي في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك، فجميع ما أخرت عنه من وقت العذاب وأبطأت عليه من سطوات النقمة، فترك من حقك ورضى بدون واجبك. فمن أكرم يا إلهي منك ومن أشقى ممن هلك عليك؟! فتباركت (11) أن توصف إلا بالاحسان، وكرمت أن يخالف منك إلا العدل، لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك، فصل على محمد وآله وهب لي منك أملي وزدني من هداك ما أصل به إلى توفيق عملي (12) إنك منان كريم. يا من لا تنقضي عجائب عظمته احجبنا عن الالحاد في عظمتك ويا من لا تنتهي مدة ملكه أعتق رقابنا من نقمتك، ويا من لا تفنى خزائن رحمته اجعل لنا نصيبا من رحمتك، ويا من تنقطع دون رؤيته الابصار أدننا من قربك، ويا من تصغر عند خطره الاخطار كرمنا عليك، ويا من تظهر عنده بواطن الاخبار لا تفضحنا لديك، وأغننا عن هبة الواهبين بهبتك، واكفنا وحشة القاطعين بصلتك حتى لا نرغب إلى أحد مع فضلك، ولا نستوحش من أحد مع بذلك.


11 – ممن خالف أمرك يا من تباركت ” خ “. 12 – التوفيق في عملي ” خ “.

[ 30 ]

اللهم كد لنا ولا تكد علينا، وامكر لنا ولا تمكر بنا، وأدل لنا ولا تدل منا. اللهم قنا عذابك، واهدنا بك، ولا تباعدنا عنك، فإنك من تقه يسلم، ومن تهده يعلم، ومن تقربه إليك يغنم. اللهم إنما يكفي الكفاة بفضل قوتك فاكفنا، وإنما يعطي المعطون من فضل جدتك فأعطنا، وإنما يهتدي المهتدون بنور حكمتك (13) فاهدنا. اللهم إنك من واليت لم يضرره خذلان الخاذلين، ومن أعطيت لم ينقصه منع المانعين، ومن هديت لم يغوه إضلال المضلين فامنعنا بعزتك من شر عبادك، وأغننا (14) عن غيرك بإرفادك واسلك بنا سبل الحق بإرشادك، واكفنا حد نوائب الزمان، وسوء مصائد (15) الشيطان، ومرارة صولة (16) السلطان، واجعل سلامة قلوبنا في ذكر عظمتك، وفراغ أبداننا في شكر نعمتك، وانطلاق ألسننا في وصف منتك، واجعلنا من دعاتك الداعين إليك ومن هداتك (17) الدالين عليك، ومن خاصتك الحاضرين (18) لديك. (19)


13 – رحمتك ” خ “. 14 – وامنعنا ” خ “. 15 – مضال ” خ “. 16 – سطوة ” خ “. 17 – دعاتك ” خ “. 18 – الخاصين ” خ “. 19 * *.

[ 31 ]

(9) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله والحمد الله الذي من علينا بمحمد نبيه صلى الله عليه وآله دون الامم الماضية والقرون السالفة، بقدرته التي لا تعجز عن شئ وإن عظم، ولا يفوتها شئ وأن لطف (2) فختم بنا على جميع من ذرأ (3) وجعلنا شهداء على من جحد (4) وكثرنا بمنه على من قل. اللهم فصل على محمد أمينك على وحيك، ونجيبك (5) من خلقك، وصفيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير، ومفتاح البركة، كما نصب لامرك نفسه، وعرض فيك للمكروه بدنه وكاشف (6) في الدعاء إليك حامته (7) وحارب في رضاك أسرته (8) وقطع في إحياء دينك رحمه، وأقصى الادنين على جحودهم، وقرب الاقصين على استجابتهم لك، ووالى فيك الابعدين، وعادى فيك الاقربين. وأداب (9) نفسه في تبليغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى ملتك وشغلها بالنصح لاهل دعوتك، وهاجر إلى بلاد الغربة، ومحل


1 – المتقدم ص 17. 2 – لطف: صغر ودق. 3 – ذرأ: خلق. 4 – جحد: أنكر. 5 – نجيك ” خ “. 6 – كاشف: جاهر. 7 – حامته: خاصته. 8 – أسرته: عشيرته ورهطه الادنون. 9 – أدأب: أجد واستمر.

[ 32 ]

النأي (10) عن موطن رحله (11) وموضع رجله، ومسقط رأسه، ومأنس نفسه إرادة منه لاعزاز دينك، واستنصارا على أهل الكفر بك، حتى استتب (12) له ما حاول في أعدائك، واستتم له ما دبر في أوليائك فنهد (13) إليهم مستفتحا بعونك، ومتقويا على ضعفه بنصرك، فغزاهم في عقر ديارهم، وهجم عليهم في بحبوحة (14) قرارهم، حتى ظهر أمرك، وعلت كلمتك، ولو كره المشركون. اللهم فارفعه بما كدح فيك (15) إلى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة، ولا يكافأ (16) في مرتبة، ولا يوازيه لديك ملك مقرب ولا نبي مرسل، وعرفه في أهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حسن الشفاعة أجل ما وعدته، يا نافذ العدة (17) يا وافي (18) القول، يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات إنك ذو الفضل العظيم، الجواد الكريم. (10) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، ومفتاح باب جنتك، والناهض بأعباء مواثيق عهدك إلى عبادك، وذريعة المؤمنين


10 – النأي: البعد. والمراد ” المدينة المنورة “. 11 – رحلة: منزله ومأواه. والمراد ” مكة مكرمة “. 12 – استتب: استقام. 13 – نهد: نهض وبرز. 14 – البحبوحة: وسط الشئ. 15 – كدح فيك: جد في طلب رضاك وقربك. 16 – يكافأ: يماثل. 17 – العدة: الوعد. 18 – وفي ” خ ” * *.

[ 33 ]

إلى رضوانك، والمستقل (1) بما حملته من الاشارة (2) بآياتك، والذي لم يستطع إلا موافقة علمك، وقبول الرسالة إذا تقدم له قبولها في أم الكتاب عندك، وكيف يستطيع رد ما نفذت به مشيئتك من يتقلب في قبضتك وناصيته بيدك؟! اللهم كما اخترت محمدا على علم لامرك، وجعلته شهيدا على خلقك، ومبلغا عنك حجج آياتك، وأعلام شواهد بيناتك، فاسمع من أذنت له في الاستماع من الحق الذي صرحت عنه رسالته، وبصر من لم تجعل على بصره غشاوة القلوب فنكل (3) عن أن يرى الحق في أحسن صورته، وأوصل بإذنك الهدى إلى القلوب التي لم تغلفها بطبعك، وكان حجتك على من علمته بالمعاندة لك، والخلاف على رسلك، وبلغ مجهود الصبر في إظهار حقك، وآثر (4) الجد على التقصير والريث في أمرك ابتغاء الوسيلة عندك، والزلفة (5) لديك وطول الخلود في رحمتك، وحتى قلت له ” فتول عنهم فما أنت بملوم ” (6). فبلغه غاية الوصلة (7) وزده كما وصل بيننا وبين معرفتك. اللهم وكما قمعت به الكفر على جرانه (8) وجدعت (9) أنف النفاق بحجة نبوته، وقطعت قرائن الضلال بنور (10) هدايته، وجعلته


1 – المستقل: المطيق. 2 – الاشادة ” خ “. 3 – نكل: ضعف وعجز. 4 – آثر: فضل. 5 – الزلفة: المنزلة والقربة. 6 – *. 7 – كرامتك ” خ “. 8 – الجران: مقدم العنق. 9 – جدعت: قطعت. 10 – بضوء ” خ “.

[ 34 ]

بمنك على المشركين ثاقبا (11) ولنبوة المرسلين خاتما، وعلى الكتب الاولى مهيمنا، وبكل مبتعث قبله من الرسل مؤمنا، ولمن بلغ عنك شاهدا، ولمن أدبر عنك مجاهدا، ولك إلى قيام الساعة حامدا، وللمؤمنين في عرصة (12) القيامة قائدا، وبين الحق والباطل فارقا، وبحقك في عبادك ناطقا، ولمن تقدمه من الانبياء مصدقا، فصل عليه صلاة ترفعه بها على درجات النبيين تنضر بها وجهه في موقف الساعة يوم الدين. اللهم وكما جعلته بأمرك صادعا، ولشمل منتشر الهدى جامعا ولعدد المشركين قاطعا، ولحمي (13) الحق أن يستباح مانعا، ولما نجم (14) من قرن الضلال قاصفا (15) ولما نبغ (16) من الباطل بسيف الحق دامغا (17) ولما ائتمنته عليه من الرسالة مبلغا، وللمستجيبين له المتعلقين بعروته بشيرا، وللمتخلفين عن ضوء نهار حقه نذيرا وسراجا منيرا، ولمن استصبح بذكاء زنده (18) مستنيرا. فرضت علينا تعزيزه وتوقيره ومهابته، وأمرتنا أن لا نرفع الاصوات على صوته، وأن تكون كلها مخفوضة دون هيبته، فلا يجهر بها عليه عند مناجاته، ونلقاه بأخمدها عند محاورته، ونكف من غرب


1 1 – ثاقبا: نافذا. 12 – غربة ” خ “. 13 – الحمى: ما يحمى ويدافع عنه. 14 – نجم: ظهر. 15 – قاصفا: كاسرا. 16 – نبغ: خرج وظهر. 17 – دامغا: غالبا ومبطلا. 18 – بذكاء زنده: بشدة نوره.

[ 35 ]

الالسن (19) لدى مسألته، إعظاما منك لحرمة نبوته، وإجلالا لقدر رسالته، وتمكينا في أثناء الصدور (20) لمحبته، وتوكيدا بين حواشي القلوب لمودته، فارفعه بسلامنا إلى حيث قدرت في سابق علمك أن تبلغه إياه بصلاتنا عليه. اللهم وهب له من رياض جنتك، والدرج المتخذة لاهل ولايتك ما تقصر عنه مسالة السائلين من عبادك، كرامة تنزله شرف ذروتها، وتبلغه قصوى مكنة غايتها، وتهطل سحائب النعيم بمزن (21) ودقه (22) وطوائف المزيد والرضوان من فوقها، وتجري إليه جداول فضلك فيها، وتشرفه بالوسيلة على نازليها. اللهم اجعله أجزل (23) من أحرز نصيبا من رحمتك، وانضر من أشرق وجهه لسجال (24) عطيتك، وأقرب الانبياء زلفة يوم المقعد عندك، وأوفرهم حظامن رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جناتك. اللهم وابلغ به من تشريف منزلته، وإعلاء رتبته، وخاصة خالصته، ومكنة زلفته، وجزيل مثوبته، والزيادة في كرامته، وشكر قديم سابقته، ورفع درجته، وإعطائه الوسيلة التي استثناها على أمته ما أنت أهله في كرمك وفيض فضلك وجزيل مواهبك، وما محمد


19 – غرب الالسن: حدتها. 20 – أثناة: طي. ثنى صدره: طوى ما فيه استخفاء. 21 – المزن: السحاب. 22 – ودقه: مطره. 23 – أجزل: أكثر. 24 – بسجال ” خ “. * *.

[ 36 ]

أهله فيك فيما بلغ في رضاك، وتحرى من حفظ حقك، وتولى من المحاماة عن دينك، والذب عن حدود نهيك، فقد دعا إلى إثبات الخلق والامر لك، وصبر على الاذى فيك، ولم يشر بالربوبية، إلا إليك، منا منك عليه لا منا منه عليك، وبما أنعمت به عليه من فضلك ومكنت في قلبه من معرفتك، ودللته عليه من أعلام قدرتك واصطفيته له من تبليغ رسالتك. اللهم ومهما توارى عنا من حجب الغيوب عندك، وتوليت طي (25) علمه عن عبادك، وكان في خزائن أمرك، ولم تنزله في تأويل لديه في كتابك، وخانتنا الصفات، وكلت الالسن (26) دون عبارته، فلم تهتد القلوب إلى منازلك فيه من فضل عطاء تؤتيه، وذخيرة كرامة توصلها إليه، وتهطل سماؤها عليه. فأعط محمدا من ذلك حتى يرضى، وزده من ثوابك بعد الرضا مالا تبلغه مساله السائلين، وتقصر عنه المنى حتى لا تبقى غاية غبطة إلا أوفيت به عليها، ولا ارتفاع درجة إلا حللت به إليها وجعلته مخلدا في أعلى علوها. اللهم وكما أكثرت ذرء (27) أمته، وعدد المستجيبين لرسالته، والمعترفين لحجته، حتى استفاض دينه، وعلت كلمته فقد أمت به لسان الباطل، حتى كلت حجته، ودمغت به الكفر


25 – طي: إخفاء. 26 – كلت: عجزت. 27 – الذرء: الذرية.

[ 37 ]

فاضحي مأموما (28) قد هشمت في رأسه بيضته (29) وجدعت به أنف الباطل، فاستخفى لقبح حليته، وطال به الاسلام، وانبجست (30) ينابيع حكمته، فاحو (31) المثوبة له على حسب ما أبلى في حقك وتقدم فيه من النصيحة لخلقك. اللهم واجعله خطيب وفد المؤمنين إليك، والمكسو حلل الامان إذا وقف بين يديك، والناطق إذا خرست الالسن في الثناء عليك. اللهم وابسط لسانه في الشفاعة لامته، وأر أهل الموقف من النبيين وأتباعهم تمكن منزلته، وأوهل (32) أبصار أهل المعروف العلى بشعاع نور درجته، وقفه في المقام المحمود الذي وعدته، واغفر ما أحدث المحدثون بعده في أمته، مما كان اجتهادهم فيه تحريا لمرضاتك ومرضاته، وما لم يكن تأليبا (33) على دينك ونقضا لشريعته، واحفظ من قبل بالتسليم والرضا دعوته، واجعلنا مما تكثر به وارديه، ولا يذاد عن حوضه إذا ورده، واسقنا منه كأسا رويا لا نظمأ بعده. اللهم إنه قد سبقنا بتقديمك إياه، وتأخيرنا عن رؤيته وإن كان لم يسبقنا بآياته وعلاماته، وما حج به عقولنا من برهان رسالاته، فآمنا به غير شكاك، ولا ذي خواطر حالت بيننا وبين الاعتراف بحجته


28 – مأموما: مضروبا على أم رأسه. 29 – بيضته: خوذته، مايقي رأسه. 30 – انبجست: انفجرت. 31 – فاحو: فاحرز واجمع. 32 – أو هل: أفزع وحير. 33 – تأليبا: تحريضا.

[ 38 ]

وقد عظم تلهفنا على الذين أخرجوه من بلده وكانوا مع الذي كايده (34) وجحده، وتمنينا أن لو شهدنا مشهدا من مشاهده، فنرد أيدي الذين حاربوه إلى صدورهم، ونضرب صفحات خدودهم ولبات (35) نحورهم. اللهم فإذ قد فاتتنا نصرته، وجوه المنكرين بحجته (36) وقصرت بنا عن دهره، ولم تخرجنا في مدة من نصره وعزره (37) وآواه ووقره، وأوجه من ضممته من التابعين لهم بالاحسان إلى زمرته، وأشدهم في الدنيا اعتقادا لمحبته. اللهم أحضره ذكرنا عند طلبته إليك في أمته، وأخطرنا بباله لندخل في عدة من ترحمه بشفاعته، وأره من أشرف صلواتنا وسبحات نورها المتلالئة بين يديه، ما تعرفه به أسماءنا عند كل درجة نرقى به إليها، ويكون وسيلة لديه، وخاصة به، وقربة منه، ويشكرنا على حسب ما مننت به علينا من الصلاة عليه.


34 – كايده: مكر به. 35 – اللبة: موضع النحر. 36 – استظهرها في الصحيفة 5 ” لحجته “. 37 – عززه ” خ “. كلاهما بمعنى واحد. 38 – لحمة: قرابة.

[ 39 ]

اللهم وإن كان علمك قد سبق بشقوتي، وكنت عندك من المعذبين لخطيئتي، فبلغ محمدا ما حوته لطائف مسالتي، وزده من عندك حتى يرضى. وإن رحمتني كما عرفتني به توحيدك، واستنقذتني من هوة (39) الكفر إلى نجاة الايمان، فشهادتي له بالبلاغ عندك، والاحتجاج لك على من أنكرك، وخفض الجناح لمن استجاب لك دعاءه إليك وخلع كل معبود دونك. اللهم وصل على محمد صلواتك على الانبياء وأهل بيوتات المرسلين، واجمع به شملهم في غربة يوم القيامة، وأنطقهم بالتساؤل لدى انعدام الافواه عن النطق بين يديك، وصل بمحمد أرحامهم يوم تقاطع الارحام، وأحللهم أشرف المقام بين يديه ودرجات المنزل المحمود، ونضر وجه محمد باستنقاذك إياهم من شر ذلك اليوم العصيب. (40) (11) دعاءه عليه السلام في الصلاة على آدم عليه السلام اللهم وآدم (1) بديع فطرتك، وأول معترف من الطين بربوبيتك وبكر (2) حجتك على عبادك وبريتك، والدليل على الاستجارة


39 – الهوة: الحفرة العميقة. 40 – ومن صلاته على النبي صلى الله عليه وآله ما أورده الزمخشري في الفائق: 1 / 1031 (عنه إحقاق الحق: 12 / 124) ما لفظه: ” اللهم صل على محمد عدد البرى والثرى والورى “. 1 – اللهم (و) صل على آدم ” خ “. 2 – بدو ” خ “. البكر: أول كل شئ.

[ 40 ]

بعفوك من عقابك، والناهج سبل توبتك، والموسل (3) بين الخلق وبين معرفتك، والذي لقنته (4) ما رضيت به عنه، بمنك عليه ورحمتك له، والمنيب الذي لم يصر على معصيتك، وسابق المتذللين بحلق رأسه في حرمك، والمتوسل بعد المعصية بالطاعة إلى عفوك، وأبو الانبياء الذين أوذوا في جنبك، وأكثر سكان الارض سعيا (5) في طاعتك. فصل عليه أنت يا رحمن وملائكتك وسكان سماواتك و أرضك، كما عظم حرماتك، ودلنا على سبيل مرضاتك، يا أرحم الراحمين. (12) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على حملة العرش وكل ملك مقرب اللهم وحملة عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك، ولا يسأمون (1) من تقديسك، ولا يستحسرون (2) من عبادتك، ولا يؤثرون التقصير على الجد في أمرك، ولا يغفلون عن الوله (3) إليك. وإسرافيل صاحب الصور، الشاخص (4) الذي ينتظر منك الاذن، وحلول الامر فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور.


3 – المتوسل، الوسيلة ” خ “. 4 – لقيته ” خ “. 5 – سعيا ونشاطا ” خ “. 1 – يسأمون: يملون. 2 – يستحسرون: يتعبون ويكلون. 3 – الوله: الفزع. 4 – الشاخص: الرافع بصره.

[ 41 ]

وميكائيل ذو الجاه عندك، والمكان الرفيع من طاعتك. وجبريل الامين على وحيك، المطاع في أهل سماواتك المكين (5) لديك، المقرب عندك، والروح الذي هو على ملائكة الحجب، والروح الذي هو من أمرك. اللهم فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم، من سكان سماواتك، وأهل الامانة على رسالاتك، والذين لا تدخلهم سأمة (6) من دؤوب، ولا إعياء من لغوب (7) ولا فتور، ولا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات ولا يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلات، الخشع الابصار فلا يرومون النظر إليك، النواكس (8) الاذقان الذين قد طالت رغبتهم فيما لديك المستهترون (9) بذكر آلائك والمتواضعون دون عظمتك وجلال كبريائك، والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. فصل عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك وأهل الزلفة عندك، وحمال الغيب إلى رسلك، والمؤمنين على وحيك، وقبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك، وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك، وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك، والذين


5 – المكين: ذو المكانة. 6 – سأمة: ملل، * *. 7 – لغوب: تعب. 8 – النواكس: المطأطئون. 9 – المستهترون: المولعون.

[ 42 ]

على أرجائها إذا نزل الامر بتمام وعدك. (10) وخزان المطر، وزواجر السحاب، والذي بصوت زجره يسمع زجل (11) الرعود، وإذا سبحت به حفيفة السحاب (12) التمعت (13) صواعق البروق، ومشيعي الثلج والبرد، والهابطين مع قطر المطر إذا نزل، والقوام (14) على خزائن الرياح، والموكلين بالجبال فلا تزول، والذين عرفتهم مثاقيل المياه، وكيل ما تحويه لواعج الامطار وعوالجها (15). ورسلك من الملائكة إلى أهل الارض بمكروه ما ينزل من البلاء ومحبوب الرخاء، والسفرة الكرام البررة، والحفظة الكرام الكاتبين، وملك الموت وأعوانه، ومنكر ونكير ورومان فتان القبور، والطائفين بالبيت المعمور، ومالك والخزنة ورضوان و سدنة (16) الجنان والذين ” لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ” (17) والذين يقولون ” سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” (18) والزبانية إذا قيل لهم ” خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ” (19) ابتدروه سراعا ولم ينظروه (20) ومن أوهمنا (21) ذكره، ولم نعلم مكانه منك، وبأي امر وكلته، وسكان الهواء والارض والماء، ومن منهم على الخلق.


10 – * * 11 – الزجل: الصوت العالي. 12 – حفيفة السحاب: دويه. 13 – التمعت: أضاءت. 14 – القوام: الموكلون. 15 – * *. 16 – سدنة: خدمة، ورضوان رئيسهم. 17 – 19 – *. 20 ينظروه: يمهلوه. 21 – أوهمنا: تركنا.

[ 43 ]

فصل عليهم يوم تأتي كل نفس معها سائق (22) وشهيد، وصل عليهم صلاة تزيدهم كرامة على كرامتهم، وطهارة على طهارتهم. اللهم وإذا صليت على ملائكتك ورسلك، وبلغتهم صلاتنا عليهم، فصل عليهم (23) بما فتحت لنا من حسن القول فيهم، إنك جواد كريم. (13) دعاؤه عليه السلام في ذكر آل محمد صلى الله عليه وآله اللهم يا من خص محمدا وآله بالكرامة، وحباهم (1) بالرسالة وخصصهم (2) بالوسيلة (3) وجعلهم ورثة الانبياء، وختم بهم الاوصياء والائمة، وعلمهم علم ما كان وما بقي ” وجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ” (4). فصل على محمد وآله الطاهرين، وافعل بنا ما أنت أهله في الدين والدنيا والآخرة، إنك على كل شئ قدير (14) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على أتباع الرسل ومصدقيهم اللهم وأتباع الرسل ومصدقوهم من أهل الارض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب، والاشتياق إلى المرسلين بحقائق الايمان، في كل دهر وزمان، أرسلت فيه رسولا


22 – قائم ” خ “. * *. 23 – علينا ” خ “. 1 – حباهم: أكرمهم. 2 – وخصهم ” خ “. 3 – * *. 4 – *.

[ 44 ]

وأقمت لاهله دليلا، من لدن (1) آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله من أئمة الهدى، وقادة أهل التقى على جميعهم السلام، فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان. اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه (2) وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الازواج والاولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والابناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته (3) يرجون تجارة لن تبور (4) في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذا تعلقوا بعروته (5) وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته. فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وارضهم من رضوانك وبما حاشوا (6) الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم. اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان، الذين ” يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ” (7) خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم (8) وتحروا (9) وجهتهم، ومضوا على شاكلتهم (10) لم


1 – لدن: عند. 2 – كانفوه: أعانوه. 3 – * *. 4 – تبور: تكسد وتخسر. 5 – * *. 6 – حاشوا: جمعوا. 7 – *. 8 – سمتهم: طريقتهم الحسنة. 9 – تحروا: توخوا وقصدوا 10: شاكلتهم: منهاجهم.

[ 45 ]

يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم (11) شك في قفو (12) آثارهم، والائتمام (13) بهداية منارهم، مكانفين وموازرين (14) لهم، يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم. اللهم وصل على التابعين من يومنا هذا إلى (15) يوم الدين، وعلى أزواجهم، وعلى ذرياتهم، وعلى من أطاعك منهم، صلاة تعصمهم بها من معصيتك، وتفسح لهم في رياض جنتك، وتمنعهم بها من كيد الشيطان، وتعينهم بها على ما استعانوك عليه من بر، وتقيهم طوارق (16) الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير، وتبعثهم بها على اعتقاد حسن الرجاء لك، والطمع فيما عندك، وترك التهمة (17) فيما تحويه أيدي العباد، لتردهم إلى الرغبة إليك والرهبة منك، وتزهدهم في سعة العاجل (18) وتحبب إليهم العمل للآجل، والاستعداد لما بعد الموت وتهون عليهم كل كرب يحل بهم يوم خروج الانفس من أبدانها وتعافيهم مما تقع به الفتنة من محذوراتها، وكبة النار (19) وطول الخلود فيها، وتصيرهم إلى أمن من مقيل (20) المتقين. (15) دعاؤه عليه السلام لنفسه وأهل ولايته


11 – يختلجهم: يجتذبهم. 12 – قفو: اتباع. 13 – الائتمام: الاقتداء. 14 – موازرين: مساعدين. 15 – وإلى ” خ “. 16 – طوارق: ما يأتي على غفلة. 17 – النهمة ” خ “. 18 – * *. 19 – كبة النار: شدتها وصدمتها. 20 – المقيل: موضع الاستراحة.

[ 46 ]

يا من لا تنقضي عجائب عظمته، صل على محمد وآله واحجبنا (1) عن الالحاد في عظمتك، ويا من لا تنتهي مدة ملكه، صل على محمد وآله، واعتق رقابنا من نقمتك، ويا من لا تفنى خزائن رحمته صل على محمد وآله، واجعل لنا نصيبا في رحمتك، ويا من تنقطع دون رؤيته الابصار، صل على محمد وآله، وأدننا إلى قربك، ويا من تصغر عند خطره (2) الاخطار، صل على محمد وآله، وكرمنا عليك، ويا من تظهر عنده بواطن الاخبار، صل على محمد وآله، ولا تفضحنا لديك. اللهم أغننا عن هبة الوهابين بهبتك، واكفنا وحشة القاطعين بصلتك، حتى لا نرغب إلى أحد مع بذلك (3) ولا نستوحش من أحد مع فضلك. اللهم فصل على محمد وآله، وكد لنا ولا تكد علينا، وامكر لنا ولا تمكر بنا، وأدل لنا ولا تدل منا (4). اللهم صل على محمد وآله، وقنا منك (5) واحفظنا بك، واهدنا إليك، ولا تباعدنا عنك، إن من تقه يسلم، ومن تهده يعلم، ومن تقربه إليك يغنم. اللهم صل على محمد وآله، واكفنا حد (6) نوائب الزمان، وشر


1 – احجبنا: امنعنا. 2 – خطره: قدره ومنزلته. 3 – بذلك: عطائك. 4 – * *. 5 – وقنا منك: احفظنا من عذابك وسخطك. 6 – حد: شدة.

[ 47 ]

مصائد الشيطان، ومرارة صولة السلطان (7). اللهم إنما يكتفي المكتفون بفضل قوتك، فصل على محمد وآله واكفنا، وإنما يعطي المعطون من فضل جدتك (8) فصل على محمد وآله وأعطنا، وإنما يهتدي المهتدون بنور وجهك، فصل على محمد وآله، واهدنا. اللهم إنك من واليت (9) لم يضرره خذلان الخاذلين، ومن أعطيت لم ينقصه منع المانعين، ومن هديت لم يغوه إضلال المضلين، فصل على محمد وآله، وامنعنا بعزك من عبادك، وأغننا عن غيرك بإرفادك (10) واسلك بنا سبيل الحق بإرشادك. اللهم صل على محمد وآله، واجعل سلامة قلوبنا في ذكر عظمتك وفراغ أبداننا في شكر نعمتك، وانطلاق ألسنتنا في وصف منتك. اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا من دعاتك الداعين إليك وهداتك الدالين عليك، ومن خاصتك الخاصين لديك، يا أرحم الراحمين. (16) دعاؤه عليه السلام إذا أصبح


7 – صولة السلطان: قهره وسطوته. 8 – جدتك: عطيتك. 9 – واليت: نصرت. 10 – بإرفادك: بإعطائك وإعانتك.

[ 48 ]

اللهم إني أصبحت متمسكا بحبل طاعتك، معتصما بوثائق مغفرتك، راجيا طولك (1) مؤملا فضلك، ملقيا إليك أقاليد (2) آمالي، حاطا (3) بفنائك ركائب رجائي، مقرا بذنوب ركبتها وأوزار استحقبتها (4) بما كسبت يداي، وجنتاه علي بخذلان صحبني معترفا بخطايا جنيتها، وعظائم اجترمتها (5). اللهم أنت الرب الغفور الرحيم الودود، تقبل التوبة وتغفر الحوب (6) وأنا عبد ذليل، مقر بالخطيئة، نادم عليها، هارب من فورة (7) غضبك إلى بحبوحة فضلك، راغب إليك في تغطيتي بالاقالة والصفح، سائلا فسيحة رحمتك وسعة طولك. أغدف (8) اللهم علي سربال (9) غفرانك بعظمتك وجلالك وأسجف (10) على نفسي ستور رضوانك بجبروتك وقدرتك وأسمائك التي تعزب (11) قلوب الخلائق عن الاحاطة بها إذ هي مستترة دونهم، ومن كتمة عنهم، ومحجوبة لديهم. اللهم لك الحمد عدد ما أنعمت به على جميع خلقك، ولك الحمد عدد حسنات خلقك وسيئاتهم من أول الدهر إلى آخره، ولك الحمد عدد كل شئ في دنياك وآخرتك.


1 – طولك: عطاءك وجودك. 2 – أقاليد: مفاتيح. 3 – حاطا: منزلا. 4 – استحقبتها: حملتها. 5 – اجترمتها: اكتسبتها. 6 – الحوب: الاثم. 7 – الفورة: الحدة. 8 – أغدق ” خ “. أغدف: أسدل. 9 – السربال: اللباس. 10 – أسجف الستر: أرسله. 11 – تعزب: تعبد وتغيب.

[ 49 ]

اللهم لك الحمد كما أنت أهله. اللهم تب على عبدك الخائف سطوتك التي استحقها بسئ فعله، الواقف بين يديك وقد بهظته (12) ذنوبه، المعترف بما سلف من أوزاره، المستجير بك من أليم عقوبتك، المستخذي (13) لك، اللائذ بعرى غفرانك، المستذري (14) بظلك الظليل، بجميع ما تبت على جميع خلقك منذ برأتهم وبما تتوب على نسمتك وجبلتك (15) وسكان سمائك وقطان (16) أرضك إلى وقت طيك الحساب، وتهيئ من أناتهم (17) واغتفار ذنوبهم لهم، وتغمد زلاتهم، والافضال عليهم بغفرانك الذي لا كفاء له، ورحمتك التي لا يشاكلها نوال ولا يحيط بها وصف، ولا يبلغها مدى شرح إنك أنت التواب الرحيم الرؤوف الكريم. (17) دعاؤه عليه السلام إذا أصبح قال أبو عبد الله عليه السلام: إن علي بن الحسين صلوات الله عليهما كان إذا أصبح قال: أبتدئ يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي (1) بسم الله وما شاء الله. فإذا فعل ذلك العبد أجزأه مما نسي في يومه.


12 – بهظته: أثقلته. 13 – المستخذي: المنقاد. 14 – المستذري: المستتر. 15 – جبلتك: خلقك. 16 – قطان: سكان. 17 – أناتهم: إمهالهم. 1 – * *.

[ 50 ]

وعن محمد بن مسلم قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: [ من قال ] في كل صباح: أقدم في يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما شاء الله. عشر مرات، وفي الليلة إذا استقبلها مثل ذلك، يجزيه فيما صنع في يومه وليلته ذلك. (18) دعاؤه عليه السلام إذا أصبح عن الصادق عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يحلف مجتهدا أن من قرأها [ أي آية الكرسي ] قبل زوال الشمس سبعين مرة فوافق تكملة سبعين زوالها، غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإن مات في عامه ذلك مات مغفورا غير محاسب. الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض ” وما بينهما وما تحت الثرى ” (1). ” عالم الغيب والشهادة ” (2) ” فلا يظهر على غيبه احدا ” (3) من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت


1 – 3 – *.

[ 51 ]

ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (4). (19) دعاؤه عليه السلام في كل غداة روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: من قال: اللهم العن الجبت والطاغوت (1). كل غداة مرة واحدة كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة. (20) دعاؤه عليه السلام بعد ركعتي الزوال عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا زالت الشمس صلى، ثم دعا، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله فقال: اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف (1) الملائكة، ومعدن (2) العلم، وأهل بيت الوحي.


4 – * *. 1 – * *. 1 – المختلف الموضع الكثير التردد إليه. 2 – معدن: أصل.

[ 52 ]

اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة (3) يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق (4) والمتأخر عنهم زاهق (5) واللازم لهم لاحق. اللهم صل على محمد وآل محمد الكهف الحصين، وغياث المضطرين (6) وملجأ الهاربين، ومنجى الخائفين، وعصمة المعتصمين. اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة كثيرة تكون لهم رضى ولحق محمد وآل محمد أداء وقضاء، بحول منك وقوة يا رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الابرار الاخيار الذين أوجبت حقهم ومودتهم، وفرضت طاعتهم وولايتهم. اللهم صل على محمد وآل محمد واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزه (7) بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت (8) عليه من رزقك بما (9) وسعت علي من فضلك. الحمد لله على كل نعمة، واستغفر الله من كل ذنب، ولا حول ولا قوة إلا بالله من كل هول. (10)


3 – * *. 4 – مرق من الدين: خرج منه بضلالة أو بدعة. 5 – زاهق: هالك. 6 – المضطر المستكين ” خ “. 7 – ولا تخزني ” خ “. 8 – قترت: ضيفت. 9 – مما ” خ “. 10 – * *.

[ 53 ]


أورد في الصحيفة ” 3 ” و ” 5 ” دعاء بعنوان ” ومن دعائه عليه السلام من ارتفاع النهار إلى وقت الزوال ” وهو: اللهم صفا نورك في أتم عظمتك، وعلا ضياؤك في أبهى ضوئك، أسألك بنورك الذي نورت به السماوات والارضين، وقصمت به الجبابرة وأحييت به الاموات، وأمت به الاحياء وجمعت به المتفرق وفرقت به المجتمع، وأتممت به الكلمات وأقمت به السماوات، أسألك بحق وليك علي بن الحسين عليهما السلام، الذاب عن دينك والمجاهد في سبيلك، وأقدمه بين يدي حوائجي، أن تصلي على محمد وآل محمد (وأن تفعل بي كذا وكذا). وفي كتاب الكفعمي (ره): وأقدمه بين يدي حوائجي، ورغبتي إليك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تكفيني به وتنجيني من تعرض السلاطين ونفث الشياطين، إنك على ما تشاء قدير (وأن تفعل بي كذا وكذا). * * * وأورد في الصحيفة ” 4 “، ” 5 ” دعاء بعنوان ” ومن دعائه عليه السلام في تلك الساعة ” وهو: اللهم أنت المليك المالك، وكل شئ سوى وجهك الكريم هالك، سخرت بقوتك النجوم السوالك، وأمطرت بقدرتك الغيوم السوافك، وعلمت

[ 54 ]


ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة في الظلمات الحوالك، وأنزلت من السماء ماء فاخرجت به من ثمرات مختلفا ألوانها ” ومن الجبال جدد بيض و حمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه ” يا سميع يا بصير يا بر يا شكور يا رحيم يا غفور، يا من ” يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ” يا من له الحمد في الاولى والآخرة وهو الحكيم الخبير ” فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث و رباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير ” أسألك سؤال البائس الحسير، وأتضرع إليك تضرع الضالع الكسير، وأتوكل عليك توكل الخاشع المستجير، وأقف ببابك وقوف المؤمل الفقير، وأتوجه إليك بالبشير النذير السراج المنير، محمد خاتم النبيين وبابن عمه أمير المؤمنين وبالامام علي بن الحسين زين العابدين وإمام المتقين، المخفي للصدقات والخاشع في الصلوات والدائب المجتهد في المجاهدات، الساجد ذي الثفنات، أن تصلي على محمد وآل محمد، فقد توسلت بهم إليك وقدمتهم أمامي وبين يدي حوائجي، وأن تعصمني من مواقعة معاصيك، وترشدني إلى موافقة ما يرضيك، وتجعلني ممن يؤمن بك ويتقيك، ويخافك ويرتجيك ويراقبك و يستحييك، ويتقرب إليك بموالاة من يواليك ويتحبب إليك بمعاداة من يعاديك، ويعترف بعظيم منك ونعمك، وأياديك برحمتك يا أرحم الراحمين. * *.

[ 55 ]

(21) دعاؤه عليه السلام عند الصباح والمساء الحمد لله الذي خلق الليل والنهار بقوته، وميز بينهما بقدرته وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا، وأمدا ممدودا، يولج (1) كل واحد منهما في صاحبه، ويولج صاحبه فيه بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به، وينشئهم عليه، فخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب، وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومنامه، فيكون ذلك لهم جماما (2) وقوة، ولينالوا به لذة وشهوة، وخلق لهم النهار مبصرا ليبتغوا فيه من فضله، وليتسببوا إلى رزقه، ويسرحوا في أرضه، طلبا لما فيه نيل العاجل من دنياهم، ودرك الآجل في أخراهم، بكل ذلك يصلح شأنهم (3) ويبلو أخبارهم، وينظر كيف هم في أوقات طاعته، ومنازل فروضه ومواقع أحكامه ” ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ” (4). اللهم فلك الحمد على ما فلقت (5) لنا من الاصباح ومتعتنا به من ضوء النهار، وبصرتنا من مطالب الاقوات، ووقيتنا فيه من طوارق الآفات. أصبحنا وأصبحت الاشياء كلها بجملتها لك، وسماؤها وأرضها،


1 – يولج: يدخل. 2 – جماما: راحة. 3 – شأنهم: أمرهم. 4 – *. 5 – فلقت: شققت.

[ 56 ]

وما بثثت (6) في كل واحد منهما، ساكنه ومتحركه، ومقيمه وشاخصه (7) وما علا في الهواء وما كن (8) تحت الثرى. أصبحنا في قبضتك، يحوينا ملكك وسلطانك، وتضمنا مشيتك، ونتصرف عن أمرك، ونتقلب في تدبيرك، ليس لنا من الامر إلا ما قضيت، ولا من الخير إلا ما أعطيت، وهذا يوم حادث جديد وهو علينا شاهد عتيد (9) أن أحسنا ودعنا بحمد، وان أسأنا فارقنا بذم. اللهم صل على محمد وآله، وارزقنا حسن مصاحبته، واعصمنا من سوء مفارقته بارتكاب جريرة (10) أو اقتراف (11) صغيرة أو كبيرة، وأجزل (12) لنا فيه من الحسنات، وإخلنا فيه من السيئات، واملا لنا ما بين طرفيه حمدا وشكرا وأجرا وذخرا وفضلا وإحسانا. اللهم يسر على الكرام الكاتبين مؤونتنا (13) واملا لنا من حسناتنا صحائفنا، ولا تخزنا عندهم بسوء أعمالنا. اللهم اجعل لنا في كل ساعة من ساعاته حظا من عبادك (14) ونصيبا من شكرك، وشاهد صدق من ملائكتك. اللهم صل على محمد وآله، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن جميع نواحينا، حفظا عاصما من معصيتك، هاديا إلى طاعتك، مستعملا لمحبتك


6 – بثثت: فرقت ونشرت. 7 – شاخصه: منتقله. 8 – كن: استتر. 9 – عتيد: حاضر. 10 – جريرة: جناية وذنب. 11 – اقتراف: اكتساب. 12 – أجزل: أكثر. 13 – مؤونتنا: ثقلنا وكلفتنا. 14 – عبادتك ” خ “.

[ 57 ]

اللهم صل على محمد وآله، ووفقنا في يومنا هذا وليلتنا هذه وفي جميع أيامنا لاستعمال الخير، وهجران الشر، وشكر النعم، واتباع السنن، ومجانبة البدع، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحياطة (15) الاسلام، وانتقاص الباطل وإذلاله، ونصرة الحق وإعزازه وإرشاد الضال، ومعاونة الضعيف وإدراك اللهيف (16) اللهم صل على محمد وآله، واجعله أيمن (17) يوم عهدناه، وأفضل صاحب صحبناه، وخير وقت ظللنا فيه، واجعلنا من أرضى من مر عليه الليل والنهار من جملة خلقك، أشكرهم لما أوليت (18) من نعمك وأقومهم بما شرعت من شرائعك، وأوقفهم عما حذرت من نهيك. اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد سماءك وأرضك ومن أسكنتهما من ملائكتك، وسائر خلقك في يومي هذا وساعتي هذه وليلتي هذه، ومستقري هذا، أني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، قائم بالقسط، عدل في الحكم، رؤوف بالعباد، مالك الملك، رحيم بالخلق، وأن محمدا عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، حملته رسالتك فأداها، وأمرته بالنصح لامته فنصح لها. اللهم فصل على محمد وآله أكثر ما صليت على أحد من خلقك وآته عنا أفضل ما آتيت أحدا من عبادك، واجزه عنا أفضل وأكرم ما


15 – الحياطة: الحفظ. 16 – إدراك اللهيف: إغاثة المضطر. 17 – اليمن: البركة. 18 – أوليت: أعطيت وأنعمت.

[ 58 ]

جزيت أحدا من أنبيائك عن أمته، إنك أنت المنان بالجسيم، الغافر للعظيم، وأنت أرحم من كل رحيم، فصل على محمد وآله الطيبين الطاهرين الاخيار الانجبين. (22) دعاؤه عليه السلام في كل صباح ومساء ” المعروف بالحرز الكامل ” بسم الله الرحمن الرحيم، الله أكبر الله أكبر الله أكبر وأعلى (1) وأجل وأعظم مما أخاف وأحذر، أستجير بالله عز جار الله وجل ثناء الله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا. اللهم بك أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي، ومن يعنيني (2) أمره. اللهم بك أعوذ، وبك ألوذ (3) وبك أصول، وأياك أعبد وإياك أستعين، وعليك أتوكل، وأدرأ (4) بك في نحر أعدائي وأستعين بك عليهم، وأستكفيكهم فاكفنيهم بما شئت وأنى شئت وكيف شئت وحيث شئت بحقك لا اله إلا أنت، إنك على كل شئ قدير ” فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ” (5) ” قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما


1 – وأعز ” خ “. 2 – يعنيني: يخصني. 3 – ألوذ: ألتجئ. 4 – أدرأ: أدفع. 5 – *.

[ 59 ]

ومن اتبعكما الغالبون ” (6) ” قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ” (7) ” قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ” (8) ” اخسئوا فيها ولا تكلمون ” (9) إني أخذت بسمع من يطالبني بالسوء بسمع الله وبصره وقوته، وبعزة الله وحبله المتين وسلطانه (10) المبين، فليس لهم علينا سبيل ولا سلطان إن شاء الله. سترت بيننا وبينهم بستر النبوة الذي ستر الله به الانبياء من الفراعنة، جبرائيل عن أيماننا وميكائيل عن يسارنا، والله مطلع علينا ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” (11) شاهت الوجوه (12) ” فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ” (13) صم بكم عمي فهم لا يبصرون ” وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ” (14) ” قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد الله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ” (15) سبحان الله بكرة وأصيلا.


6 – 9 – *. 10 – وبسلطانه ” خ “. 11 – *. 12 – شاهت الوجوه: قبحت. 13 – 15 – *.

[ 60 ]

حسبي الله من خلقه، حسبي الله الذي يكفي ولا يكفي منه شئ، حسبي الله ونعم الوكيل ” حسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرض العظيم ” (16) ” أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ” (17) ” أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ” (18) ” إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ” (19) اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وأعدنا بسلطانك الذي لا يضام (20) وارحمنا بقدرتك يا رحمن. اللهم لا تهلكنا وأنت بنا بر، يا رحمن أتهلكنا وأنت ربنا وحصننا ورجاؤنا؟! حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي من لم يزل حسبي حسبي الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم، حسبي الذي لا يمن على الذين يمنون، حسبي الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم كثيرا. اللهم إني أصبحت في حماك الذي لا يستباح، وأمسيت في


16 – 19 – *. 20 – لا يضام: لا يقهر.

[ 61 ]

ذمتك التي لا تخفر (21) وجوارك (22) الذي لا يضام. وأسالك اللهم بعزتك وقدرتك أن تجعلني في حرزك وجوارك، و أمنك وعياذك، وعدتك وعقدك (23) وحفظك وأمانك، ومنعك الذي لا يرام، وعزك الذي لا يستطاع من غضبك، وسوء عقابك وسطوتك (24) وسوء حوادث النهار، وطوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن. اللهم يدك فوق كل يد، وعزتك أعز من كل عزة، وقوتك أقوى من كل قوة، وسلطانك أجل وأمنع من كل سلطان، أدرأ بك في نحور أعدائي، وأستعين بك عليهم، وأعوذ بك من شرورهم، وألجأ إليك فيما أشفقت (25) عليه منهم، وصلى الله على محمد وآل محمد وأجرني منهم يا أرحم الراحمين. ” وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبؤا منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ” (26). ” وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ” (27).


21 – لا تخفر: لا تنقض. 22 – جوارك: حماك وأمانك 23 – عقدك: ضمانك وعهدك. 24 – السطوة: شدة البطش. 25 – أشفقت: خفت. 26 – 27 – *.

[ 62 ]

أعيذ نفسي وديني وأهلي وولدي ومالي، وجميع ما تلحقه عنايتي وجميع نعم الله عندي ببسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله الذي خضعت له الرقاب، وبسم الله الذي خافته الصدور، وبسم الله الذي وجلت (28) منه النفوس، وبسم الله الذي قال به: ” يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين ” (29). وبسم الله الذي ملا الاركان كلها، وبعزيمة (30) الله التي لا تحصى، وبقدرة الله المستطيلة على جميع خلقه، من شر جميع من في هذه الدنيا، ومن شر سلطانهم وسطواتهم وحولهم وقوتهم وضرهم وغدرهم ومكرهم، وأعيد نفسي وأهلي ومالي وولدي وذوي عنايتي وجميع نعم الله عندي بشدة حول الله، وبشدة قوة الله، وبشدة سطوة الله، وبشدة بطش الله، وبشدة جبروت الله، وبمواثيق الله وطاعته على الجن والانس. بسم الله الذي ” يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ” (31) وبسم الله الذي فلق البحر لبني إسرائيل، وبسم الله الذي ألان الحديد لداود، و بسم الله الذي ” الارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات


28 – وجلت: خافت. 29 – * 30 – وبعزه ” خ “. 31 – *.

[ 63 ]

بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ” (32) من شر جميع من في هذه الدنيا ومن شر جميع من خلقه الله وأحاط به علمه، ومن شر كل ذي شر، ومن شر حسد كل حاسد، وسعاية (33) كل ساع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم شأنه. اللهم بك أستعين، وبك أستغيث، وعليك أتوكل، وأنت رب العرش العظيم. اللهم صل على محمد وآل محمد، واحفظني وخلصني من كل معصية ومصيبة نزلت في هذا اليوم، وفي هذه الليلة، وفي جميع الليالي والايام من السماوات والارض، إنك على كل شئ قدير. بسم الله على نفسي ومالي وأهلي وولدي (34) بسم الله على كل شئ أعطاني ربي، بسم الله خير الاسماء، بسم الله رب الارض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم. اللهم رضني بما قضيت، وعافني فيما أمضيت (35) حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت. اللهم إني أعوذ بك من أضغاث الاحلام، وأن يلعب بي الشيطان في اليقظة والمنام، بسم الله تحصنت وبالحي الذي لا يموت من شر ما أخاف وأحذر، ورميت من يريد بي سوءا أو مكروها من بين


32 – *. 33 – السعاية: النميمة والوشاية. 34 – * *. 35 – أمضيت: أنفذت.

[ 64 ]

يدي (36) بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأعوذ بالله من شركم، شركم تحت أقدامكم، وخيركم بين أعينكم، وأعيذ نفسي، وما أعطاني ربي، وما ملكته يدي وذوي عنايتي، بركن الله الاشد، وكل أركان ربي شداد. اللهم توسلت بك إليك، وتحملت بك عليك، فإنه لا ينال ما عندك إلا بك، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تكفيني شرما أحذر وما لا يبلغه حذاري، إنك على كل شئ قدير وهو (37) عليك يسير، جبريل عن يميني، وميكائيل عن شمالي، وإسرافيل أمامي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم مخرج الولد من الرحم، ورب الشفع والوتر، سخر لي ما أريد من دنياي وآخرتي، واكفني ما أهمني، إنك على كل شئ قدير. اللهم أني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم سميت به نفسك، و (38) أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وشفاء صدري


36 – ما أخاف وأحذر، توكلت الله على الله ورميت من يؤذيني من بين يدي ومن خلفي ” خ “. 37 – وذلك ” خ “. 38 – أو ” خ “.

[ 65 ]

وجلاء حزني، وذهاب همي، وقضاء ديني، ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (39) يا حي حين لا حي، يا حي يا قيوم يا محيي الاموات، والقائم على كل نفس بما كسبت، يا حي لا إله إلا أنت، برحمتك التي وسعت كل شئ استعنت فأعني، واجمع لي خير الدنيا والآخرة، واصرف عني شرهما بمنك وسعة فضلك. اللهم إنك مليك مقتدر، وما تشاء من أمر يكن، فصل على محمد وآله وفرج عني، واكفني ما أهمني، إنك على ذلك قادر، يا جواد يا كريم. اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله إليك أتوجه. اللهم سهل لي حزونة أمري، وذلل لي صعوبته، وأعطني من الخير أكثر مما أرجو، واصرف عني من الشر أكثر مما أخاف وأحذر، ومما لا أحذر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى، ونعم النصير. (23) دعاؤه عليه السلام في الصباح والمساء ” حرز آخر “


39 – *.

[ 66 ]

بسم الله وبالله سددت (1) أفواه الجن والانس، والشياطين والسحرة والابالسة من الجن والانس والسلاطين، ومن يلوذ بهم بالله العزيز الاعز، وبالله الكبير الاكبر. بسم الله الظاهر الباطن، المكنون المخزون، الذي أقام به السماوات والارض، ثم استوى على العرش. بسم الله الرحمن الرحيم ” ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ” (2) ” ما لكم لا تنطقون ” (3) ” قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ” (4) ” وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ” (5) ” وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسع إلا همسا ” (6). ” وجعلنا عل قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولو على أدبارهم نفورا ” (7). ” وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ” (8) ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” (9). ” اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ” (10) ” لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ” (11).


1 – شددت ” خ “. 2 – 11 – *.

[ 67 ]

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. (12) (24) دعاؤه عليه السلام إذا عرضت له مهمة، أو نزلت به ملمة، وعند الكرب يا من تحل به عقد المكاره، ويامن يفثأ (1) به حد الشدائد، ويا من يلتمس منه المخرج إلى روح الفرج، ذلت لقدرتك الصعاب، وتسببت بلطفك الاسباب، وجرى بقدرتك القضاء، ومضت على إرادتك الاشياء، فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة وبإرادتك دون نهيك منزجرة. أنت المدعو للمهمات، وأنت المفزع في الملمات (2) لا يندفع منها إلا ما دفعت، ولا ينكشف منها إلا ما كشفت، وقد نزل بي يا رب ما قد تكأدني (3) ثقلة، وألم بي ما قد بهظني (4) حمله، وبقدرتك أوردته علي، وبسلطانك وجهته إلي. فلا مصدر لما أوردت، ولا صارف لما وجهت، ولا فاتح لما أغلقت ولا مغلق لما فتحت، ولا ميسر لما عسرت، ولا ناصر لمن خذلت. فصل على محمد وآله، وافتح لي يا رب باب الفرج بطولك واكسر عني سلطان الهم بحولك، وأنلني حسن النظر فيما شكوت


12 – أخرج صاحب الصحيفة، تحت عنوان: ومن دعائه عليه السلام عند المساء، ما لفظه: ” عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: من كبر الله عند المساء مائة تكبيرة، كان كمن أعتق مائة نسمة “. 1 – يفثأ: يكسر. 2 – الملمات: الشدائد. 3 – تكأدني: شق علي. 4 – بهظني: أثقلني.

[ 68 ]

وأذقني حلاوة الصنع فيما سألت، وهب لي من لدنك رحمة وفرجا هنيئا، واجعل لي من عندك مخرجا وحيا. (5) ولا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فروضك واستعمال سنتك، فقد ضقت لما نزل بي يا رب ذرعا، وامتلات بحمل ما حدث علي هما وأنت القادر على كشف ما منيت به (6) ودفع ما وقعت فيه. فافعل بي ذلك، وإن لم أستوجبه منك يا ذا العرش العظيم (7). (25) دعاؤه عليه السلام إذا عرضت له مهمة من المهمات. (1)، يا خير من خلوت به وحدي، ويا خير من ناجيته في سري، ويا خير من مددت إليه عنقي، ويا خير من أشرت إليه بكفي. أسألك اللهم أن ترزقني الخير وتعطينيه، وأن تصرف عني الشر وتجنبنيه، وأن تزجر (2) عني الشيطان وتكفينيه، وان تسقيني من حوض محمد صلى الله عليه وآله وتوردنيه، وأن ترزقني الفردوس وتحلنيه (3) أدعوك يا رب تضرعا وخفية، رغبة ورهبة، خوفا وطمعا، إنك سميع الدعاء. اللهم إنك قد أحصيت ذنوبي فاغفرها لي، وعرفت حوائجي فاقضها لي، وأصلحني بعلمك الذي لا يعلمه أحد من الناس غيرك، يا أرحم الراحمين.


5 – وحيا: عاجلا. 6 – منيت به: ابتليت به. 7 – أضاف في ” خ “: وذا المن الكريم فأنت. قادر يا أرحم الراحمين * *. 1 – * *. 2 – تزجر: تمنع وتنهر. 3 – تحلنيه: تنزلني فيه.

[ 69 ]

(26) دعاؤه عليه السلام في الاستعاذة من المكاره، وسئ الاخلاق، ومذام الافعال اللهم إني أعوذك من هيجان الحرص (1) وسورة (2) الغضب، وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلة القناعة، وشكاسة (3) الخلق وإلحاح الشهوة، وملكة الحمية (4) ومتابعة الهوى، ومخالفة الهدى، وسنة الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطل على الحق، والاصرار على المأثم، واستصغار المعصية، واستكبار (5) الطاعة ومباهاة المكثرين (6) والازراء (7) بالمقلين، وسوء الولاية لمن تحت أيدينا، وترك الشكر لمن اصطنع العارفة (8) عندنا، أو أن نعضد (9) ظالما، أو نخذل ملهوفا، أو نروم ما ليس لنا بحق، أو نقول في العلم بغير علم. ونعوذ بك أن ننطوي على غش أحد، وأن نعجب بأعمالنا، ونمد في آمالنا، ونعوذ بك من سوء السريرة (10) واحتقار الصغيرة وأن يستحوذ (11) علينا الشيطان، أو ينكبنا الزمان، أو يتهضمنا (12) السلطان. ونعوذ بك من تناول الاسراف، ومن فقدان الكفاف، ونعوذ بك من


1 – الحرص: الجشع. 2 – سورة: شدة. 3 – شكاسة: صعوبة وشراسة. 4 – الحمية: الانفة والغضب. 5 – واستكثار ” خ “. 6 – مباهاة المكثرين: مفاخرة أصحاب الاموال الكثيرة. 7 – الازراء: الاحتقار. 8 – العارفة: الاحسان. 9 – نعضد: نعين ونعاون. 10 – السريرة: النية. 11 – استحوذ: غلب واستولى. 12 – يتهضمنا: يظلمنا.

[ 70 ]

شماته الاعداء، ومن الفقر إلى الاكفاء (13) ومن معيشة في شدة وميتة على غير عدة، ونعوذ بك من الحسرة العظمى (14) والمصيبة الكبرى، وأشقى الشقاء، وسوء المآب (15) وحرمان الثواب، وحلول العقاب. اللهم صل على محمد وآله، وأعدني من كل ذلك برحمتك وجميع المؤمنين والمؤمنات، يا أرحم الراحمين. (27) دعاؤه عليه السلام في الاستعاذة من البلايا ومذام الاخلاق اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامح (1) العيون علانيتي، وتقبح في خفيات القلوب سريرتي. اللهم فكما أسأت فأحسنت إلي، فإذا عدت فعد علي، فاعمرني بطاعتك ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت (2) عليه بما وسعت علي يا أرحم الراحمين. أعوذ بك من حياة غرضا، وميتة مثلا (3) ومنقلب ندما، يا مفزعي (4) إذا أعيتني الحيل، يا من عفوه منتهى الامل، وفقني لخير القول والعمل، أعوذ بك من صفقة خاسرة، ويمين فاجرة، وحجة داحضة. (5)


13 – الاكفاء: الامثال. 14 – * *. 15 – المآب: المرجع. 1 – لوامع ” خ “. لوامح: نظر. 2 – قترت: ضيقت. 3 – مثلا: تنكيلا. 4 – مفزعي: ملجأي. 5 – داحضة: باطلة.

[ 71 ]

وفي رواية أخرى: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في مرأى العيون علانيتي، وتقبح في خفيات القلوب سريرتي. اللهم كما أسأت فأحسنت إلي، فإذا عدت فعد علي، وارزقني مواساة من قترت عليه بما وسعت علي. وفي رواية أخرى أيضا: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي، وتقبح لك فيما أخلو سريرتي، محافظا على رياء الناس في نفسي، و مضيعا ما أنت مطلع عليه مني، أبدي للناس أحسن أمري، وأفضي إليك بأسوء عملي تقربا إلى الناس بحسناتي، وفرارا منهم إليك بسيئاتي، فيحل بي مقتك، ويجب علي غضبك. أعوذ بالله من ذلك يا رب العالمين. (28) دعاؤه عليه السلام في الاستعاذة بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله. اللهم إني إليك أسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي، وإليك ألجأت ظهري، وإليك فوضت أمري. اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي، ومن خلفي، وعن


[ 72 ]

يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، وما قبلي، وادفع عني كل سوء ومكر بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك. بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله، حسبي الله. اللهم إني أسألك خير أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. (29) دعاؤه عليه السلام في الاستعاذة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن: ” بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله. اللهم إليك أسلمت نفسي، وإليك ألجأت ظهري، وإليك وجهت وجهي، وإليك فوضت أمري. اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي، وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك “. (30) دعاؤه عليه السلام في الاشتياق إلى طلب المغفرة من الله جل جلاله اللهم صل على محمد وآله، وصيرنا إلى محبوبك من التوبة، وأزلنا عن مكروهك من الاصرار.


[ 73 ]

اللهم ومتى وقفنا بين نقصين في دين أو دنيا فأوقع النقص بأسرعهما فناء، واجعل التوبة في أطولهما بقاء. وإذا هممنا (1) بهمين يرضيك أحدهما عنا، ويسخطك (2) الآخر علينا، فمل بنا إلى ما يرضيك عنا، وأوهن (3) قوتنا عما يسخطك علينا، ولا تخل في ذلك بين نفوسنا واختيارها، فإنها مختارة للباطل إلا ما وفقت، أمارة بالسوء إلا ما رحمت. اللهم وإنك من الضعف خلقتنا، وعلى الوهن بنيتنا، ومن ماء مهين (4) ابتدأتنا، فلا حول لنا إلا بقوتك، ولا قوة لنا إلا بعونك (5) فأيدنا بتوفيقك، وسددنا بتشديدك، واعم أبصار قلوبنا عما خالف محبتك ولا تجعل لشي ء من جوارحنا نفوذا في معصيتك. اللهم فصل على محمد وآله، واجعل همسات قلوبنا، وحركات أعضائنا، ولمحات أعيننا، ولهجات ألسنتنا في موجبات ثوابك حتى لا تفوتنا حسنة نستحق بها جزاءك، ولا تبقى لنا سيئة نستوجب بها عقابك. (31) دعاؤه عليه السلام في طلب السعادة اللهم لا تخيب رجاء هو منوط (1) بك ولا تصفر (2) كفا هي


1 – هممنا: قصدنا وعزمنا. 2 – يسخطك: يغضبك. 3 – أوهن: أضعف. 4 – ماء مهين: ماء حقير، النطفة. 5 – بعزتك ” خ “. 1 – منوط: معلق. 2 – تصفر: تخلي.

[ 74 ]

ممدودة إليك، ولا تذل نفسا هي عزيزة عليك بمعرفتك (3) ولا تسلب عقلا هو مستضئ بنور هدايتك، ولا تقذ (4) عينا فتحتها بنعمتك، ولا تخرس لسانا عودته الثناء عليك، وكما كنت أولا بالتفضل، فكن آخرا بالاحسان. الناصية بيدك، والوجه عان (5) لك، والخير متوقع منك، والمصير على كل حال إليك، ألبسني في هذه الحياة البائرة (6) ثوب العصمة، وحلني في تلك الباقية بزينة الامن والسعادة، وافطم (7) نفسي عن طلب العاجلة الزائلة، وأجرني على العادة الفاضلة، ولا تجعلني ممن تكله إلى نفسه. فالشقي (8) من لم تأخذ بيده، ولم تؤمنه من غده، والسعيد من آويته إلى كنف (9) نعمتك، ونقلته حميدا إلى منازل رحمتك، إنك على ما تشاء قدير، وميسر (10) كل عسير، وكل عسير عليك سهل يسير. (32) دعاؤه عليه السلام في اللجأ إلى الله تعالى اللهم إن تشأ تعف عنا فبفضلك، وإن تشأ تعذبنا فبعدلك، فسهل لنا عفوك بمنك، وأجرنا من عذابك بتجاوزك، فإنه لا طاقة لنا بعدلك ولا نجاة لاحد منا دون عفوك.


3 – بمغفرتك ” خ “. 4 – لا تقذ: لا تغمض، والقذى: ما يقع في العين. 5 – عان: خاضع متذلل. 6 – البائرة: الهالكة. 7 – افطم: اقطع، أبعد. 8 – الشقي: ضد السعيد. 9 – كنف: حرز. 1 0 – وتيسر ” خ “.

[ 75 ]

يا غني الاغنياء، ها نحن عبادك بين يديك، وأنا أفقر الفقراء إليك، فاجبر فاقتنا (1) بوسعك، ولا تقطع رجاءنا بمنعك، فتكون قد أشقيت من استسعد بك، وحرمت من استرفد (2) فضلك، فإلى من حينئذ منقلبنا عنك؟ وإلى أين مذهبنا عن بابك؟ سبحانك نحن المضطرون الذين أوجبت إجابتهم، وأهل السوء الذين وعدت الكشف عنهم (3) وأشبه الاشياء بمشيتك، وأولى الامور بك في عظمتك، رحمة من استرحمك، وغوث من استغاث بك، فارحم تضرعنا إليك، وأغننا إذ طرحنا أنفسنا بين يديك. اللهم إن الشيطان قد شمت بنا إذ شايعناه على معصيتك (4) فصل على محمد وآله، ولا تشمته بنا بعد تركنا إياه لك، ورغبتنا عنه إليك. (33) دعاؤه عليه السلام بخواتيم الخير يا من ذكره شرف للذاكرين، ويا من شكره فوز للشاكرين، ويا من طاعته نجاة للمطيعين، صل على محمد وآله، واشغل قلوبنا بذكرك عن كل ذكر، وألسنتنا بشكرك عن كل شكر وجوارحنا بطاعتك عن كل طاعة، فإن قدرت لنا فراغا من شغل فاجعله فراغ سلامة لا تدركنا فيه تبعة (1) ولا تلحقنا فيه سأمة (2)


أجبر فاقتنا: أغننا. 2 – استرفد: استعطى. 3، 4 – * *. 1 – * *. 2 – السأمة: الملالة والضجر.

[ 76 ]

حتى ينصرف عنا كتاب السيئات بصحيفة خالية من ذكر سيئاتنا، ويتولى كتاب الحسنات عنا مسرورين بما كتبوا من حسناتنا. وإذا انقضت أيام حياتنا، وتصرمت (3) مدد أعمارنا، واستحضرتنا دعوتك التي لابد منها ومن إجابتها، فصل على محمد وآله، واجعل ختام ما تحصي علينا كتبة أعمالنا توبة مقبولة لا توقفنا بعدها على ذنب اجترحناه (4) ولا معصية اقترفناها، ولا تكشف عنا سترا سترته على رؤوس الاشهاد، يوم تبلو أخبار عبادك، إنك رحيم بمن دعاك ومستجيب لمن ناداك. (34) دعاؤه عليه السلام في الاعتراف وطلب التوبة إلى الله تعالى اللهم إنه يحجبني عن مسألتك خلال (1) ثلاث، وتحدوني (2) عليها خلة واحدة، يحجبني أمر أمرت به فابطأت عنه، ونهي نهيتني عنه فأسرعت إليه، ونعمة أنعمت بها علي فقصرت في شكرها. ويحدوني على مسألتك تفضلك على من أقبل بوجهه إليك، ووفد بحسن ظنه إليك، إذ جميع إحسانك تفضل، وإذ كل نعمك ابتداء. فها أنا ذا يا إلهي واقف بباب عزك وقوف المستسلم الذليل وسائلك على الحياء مني سؤال البائس (3) المعيل (4) مقر لك بأني


3 – تصرمت: انقضت. 4 – اجترحناه: اكتسبناه. 1 – خلال: خصال. 2 – تحدوني: تبعثني وتسوقني. 3 – البائس: السئ الحال. 4 – المعيل: المحتاج، أو كثير العيال.

[ 77 ]

لم أستسلم وقت إحسانك إلا بالاقلاع عن عصيانك، ولم أخل في الحالات كلها من امتنانك. فهل ينفعني يا إلهي إقراري عندك بسوء ما اكتسبت؟ وهل ينجيني منك اعترافي لك بقبيح ما ارتكبت؟ أم أوجبت لي في مقامي هذا سخطك؟ أم لزمني في وقت دعائي مقتك (5)؟ سبحانك لا أيأس منك وقد فتحت لي باب التوبة إليك، بل أقول مقال العبد الذليل الظالم لنفسه، المستخف بحرمة ربه، الذي عظمت ذنوبه فجلت، وأدبرت أيامه فولت. حتى إذا رأى مدة العمل قد انقضت، وغاية العمر قد انتهت، وأيقن أنه لا محيص (6) له منك، ولا مهرب له عنك. تلقاك بالانابة (7) وأخلص لك التوبة، فقام إليك بقلب طاهر نقي، ثم دعاك بصوت حائل (8) خفي، قد تطأطا لك فانحنى، ونكس رأسه فانثنى، قد أرعشت خشيته رجليه، وغرقت دموعه خديه. يدعوك بيا أرحم الراحمين، ويا أرحم من انتابه (9) المسترحمون ويا أعطف من أطاف به المستغفرون، ويا من عفوه أكثر من نقمته ويا من رضاه أوفر من سخطه، ويا من تحمد إلى خلقه بحسن التجاوز


5 – مقتك: بغضك. 6 – لا محيص: لا مفر. 7 – الانابة: الرجوع. 8 – حائل: ضعيف، متغير. 9 – انتابه: قصده.

[ 78 ]

ويا من عود عباده قبول الانابة، ويا من استصلح فاسدهم بالتوبة ويا من رضي من فعلهم باليسير، ويا من كافأ قليلهم بالكثير، ويا من ضمن لهم إجابة الدعاء، ويا من وعدهم على نفسه بتفضله حسن الجزاء. ما أنا بأعصى من عصاك فغفرت له، وما أنا بألوم من اعتذر إليك فقبلت منه، وما أنا بأظلم من تاب إليك فعدت (10) عليه. أتوب إليك في مقامي هذا توبة نادم على ما فرط منه، مشفق (11) مما اجتمع عليه، خالص الحياء مما وقع فيه، عالم بأن العفو عن الذنب العظيم لا يتعاظمك، وأن التجاوز عن الاثم الجليل لا يستصعبك، وأن احتمال الجنايات الفاحشة لا يتكأدك (12) وأن أحب عبادك إليك من ترك الاستكبار عليك، وجانب الاصرار ولزم الاستغفار. وأنا أبرأ إليك من أن أستكبر، وأعوذ بك من أن أصر، وأستغفرك لما قصرت فيه، وأستعين بك على ما عجزت عنه. اللهم صل على محمد وآله، وهب لي ما يجب علي لك، وعافني مما أستوجبه منك، وأجرني مما يخافه أهل الاساءة، فإنك ملئ (13) بالعفو، مرجو للمغفرة، معروف بالتجاوز، ليس لحاجتي مطلب


10 – عدت: تكرمت. 11 – مشفق: خائف. 12 – لا يتكأدك: لا يشق عليك. 13 – * *.

[ 79 ]

سواك، ولا لذنبي غافر غيرك، حاشاك ولا أخاف على نفسي إلا إياك، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة. صل على محمد وآل محمد، واقض حاجتي، وأنجح طلبتي، واغفر ذنبي، وآمن خوف نفسي، إنك على كل شئ قدير، وذلك عليك يسير، آمين رب العالمين. (35) دعاؤه عليه السلام في الاعتراف وطلب مزيد العافية رب إنك قد حسنت خلقي، وعظمت عافيتي، ووسعت علي في رزقك، ولم تزل تنقلني من نعمة إلى كرامة، ومن كرامة إلى رضى تجدد لي ذلك في ليلي ونهاري، لا أعرف غير ما أنا فيه من عافيتك يا مولاي، حتى ظننت أن ذلك واجب عليك لي، وانه لا ينبغي لي أن أكون في غير مرتبتي، لاني لم أذق طعم البلاء فأجد طعم الرضا، ولم يذللني الفقر فأعرف لذة الغنى، ولم يلهني الخوف فأعرف فضل الامن. يا إلهي، فأصبحت وأمسيت في غفلة مما فيه غيري ممن هو دوني نكرت آلاءك ولم أشكر نعماءك، ولم أشك في أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، ولا أحدث نفسي بانتقال عافية، ولا حلول فقر ولا خوف ولا حزن في عاجل دنياي وفي آجل آخرتي. فحال ذلك بيني وبين التضرع إليك في دوام ذلك لي مع ما أمرتني به


[ 80 ]

من شكرك، ووعدتني عليه من المزيد من لدنك، فسهوت ولهوت وغفلت وأشرت (1) وبطرت (2) وتهاونت، حتى جاء التغير مكان العافية بحلول البلاء، ونزل الضر منزل الصحة بأنواع الاذى وأقبل الفقر بإزالة الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت إليه فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة للذي كنت فيه من اللهو والغرة (3) وتضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة للذي كنت فيه من الزهو (4) والاستطالة، فركبت (5) إلى ما إليه صيرتني، وإن كان الضر قد مسني، والفقر قد أذلني، والبلاء قد جاءني. فإن يك ذلك يا إلهي من سخطك علي، فأعود بحلمك من سخطك يا مولاي، وإن كنت أردت أن تبلوني فقد عرفت ضعفي وقلة حيلتي، إذ قلت: ” إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ” (6). وقلت: ” فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ” (7). وقلت: ” إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ” (8). وقلت ” وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما


1 – أشرت: مرحت. 2 – بطرت: تكبرت. 3 – الغرة: الغفلة. 4 – الزهو: الكبر والفخر. 5 – فركنت ” خ “. 6 – 8 – *.

[ 81 ]

فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ” (9). وقلت: ” إذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل ” (10) وقلت: ” ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا ” (11). وقلت: ” إذا أذقنا الانسان منا رحمة فرح بها ” (12). صدقت وبررت يا مولاي، فهذه صفاتي التي أعرفها من نفسي، قد مضت بقدرتك في، غير أن وعدتني منك وعدا حسنا أن أدعوك فتستجيب لي. فأنا أدعوك كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني، واردد علي نعمتك، وانقلني مما أنا فيه إلى ما هو أكبر منه، حتى أبلغ منه رضاك، وأنال به ما عندك فيما أعددته لاوليائك الصالحين، إنك سميع الدعاء، قريب مجيب، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الاخيار. (36) دعاؤه عليه السلام في الاعتراف والثناء على الله وطلب التوبة اللهم إنك دعوتني إلى النجاة فعصيتك، ودعاني عدوك إلى الهلكة فأجبته، فكفى مقتا (1) عندك أن أكون لعدوك أحسن طاعة


9 – 12 – *. 1 – مقتا: بغضا.

[ 82 ]

مني لك، فوا سوأتاه إذا خلقتني لعبادتك، ووسعت علي من رزقك، فاستعنت به على معصيتك، وأنفقته في غير طاعتك. ثم سألتك الزيادة من فضلك، فلم يمنعك ما كان مني أن عدت بحلمك علي، فأوسعت علي من رزقك، وآتيتني أكثر ما سألتك، ولم ينهني حلمك عني، وعلمك بي، وقدرتك علي، وعفوك عني من التعرض لمقتك، والتمادي (2) في الغي مني، كان الذي تفعله بي أراه حقا واجبا عليك، فكان الذي نهيتني عنه أمرتني به، ولو شئت ما ترددت إلي بإحسانك، ولا شكرتني بنعمتك علي ولا أخرت عقابك عني بما قدمت يداي، ولكنك شكور، فعال لما تريد. فيامن وسع كل شئ رحمة، ارحم عبدك المتعرض لمقتك، الداخل في سخطك، الجاهل بك، الجرئ عليك، رحمة مننت بها إلى أحسن طاعتك وأفضل عبادتك، إنك لطيف لما تشاء، على كل شئ قدير. يا من يحول بين المرء وقلبه، حل بيني وبين التعرض لسخطك، وأقبل بقلبي إلى طاعتك، وأوزعني (3) شكر نعمتك، وألحقني بالصالحين من عبادك. اللهم ارزقني من فضلك مالا طيبا كثيرا فاضلا لا يطغيني،


2 – تمادى: لج. 3 – أوزعني: ألهمني.

[ 83 ]

وتجارة نامية مباركة لا تلهيني، وقدرة على عبادتك، وصبرا على العمل بطاعتك، والقول بالحق، والصدق في المواطن كلها، و شنآن (4) الفاسقين، وأعني على التهجد (5) لك بحسن الخشوع في الظلم، والتضرع إليك في الشدة والرخاء وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم في الهواجر (6) ابتغاء وجهك، وقربني إليك زلفة (7) ولا تعرض عني لذنب ركبته، ولا لسيئة أتيتها، ولا لفاحشة أنا مقيم عليها راج للتوبة علي منك فيها، ولا لخطأ وعمد كان مني عملته أو أمرت به، صفحت لي عنه أو عاقبتني عليه، سترته علي أو هتكته، وأنا مقيم عليه أو تائب إليك منه. أسألك بحقك الواجب على جميع خلقك لما طهرتني من الآفات، وعافيتني من اقتراف الآثام بتوبة منك علي، ونظرة منك إلي ترضى بها عني، وصيانتك لي بنعمة موصولة بكرامة تبلغ بي شرف الجنة، ومرافقة محمد وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم، آمين رب العالمين. (37) دعاؤه عليه السلام في الاستغفار اللهم إن استغفاري إياك وأنا مصر على ما نهيتني عنه قلة حياء، وتركي الاستغفار مع علمي بسعة رحمتك تضييع لحق الرجاء.


4 – شنآن: بغض. 5 – التهجد: السهر في طاعة الله 6 – الهواجر: شدة الحر. 7 – زلفة: منزلة.

[ 84 ]

اللهم إن ذنوبي تؤيسني أن أرجوك، وإن علمي بسعة رحمتك يؤمنني أن أخشاك، فصل على محمد وآل محمد، وحقق رجائي لك وكذب خوفي منك، وكن (1) عند حسن ظني بك يا أرحم الراحمين (2). (38) دعاؤه عليه السلام في الاستغفار اللهم إن استغفاري إياك مع الاصرار على الذنب لؤم، وتركي للاستغفار مع سعة رحمتك عجز. إلهي كم تتحبب إلي بالنعم وأنت عني غني، وأتبغض إليك بالمعاصي وأنا إليك محتاج. فيا من إذا وعد وفى، وإذا توعد (1) عفا، صل اللهم على محمد وآله، وافعل بي أولى الامرين بك، إنك على كل شئ قدير. (39) دعاؤه عليه السلام في طلب الحوائج إلى الله تعالى اللهم يا منتهى مطلب الحاجات، ويامن عنده نيل الطلبات ويا من لا يبيع نعمه بالاثمان، ويا من لا يكدر عطاياه بالامتنان، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه، ويا من يرغب إليه ولا يرغب عنه، ويامن لا تفني خزائنه المسائل، ويا من لا تبدل حكمته الوسائل، ويا من


1 – وكن لي ” خ “. 2 – يا أكرم الاكرمين ” خ “. 1 – توعد: تهدد.

[ 85 ]

لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين، ويا من لا يعنيه (1) دعاء الداعين. تمدحت (2) بالغناء عن خلقك وأنت أهل الغنى عنهم، ونسبتهم إلى الفقر وهم أهل الفقر إليك، فمن حاول سد خلته (3) من عندك، ورام صرف الفقر عن نفسه بك، فقد طلب حاجته في مظانها (4) وأتى طلبته من وجهها، ومن توجه بحاجته إلى أحد من خلقك، أو جعله سبب نجحها دونك، فقد تعرض للحرمان، واستحق من عندك فوت الاحسان. اللهم ولي إليك حاجة قد قصر عنها جهدي، وتقطعت دونها حيلي، وسولت (5) لي نفسي رفعها إلى من يرفع حوائجه إليك، ولا يستغني في طلباته عنك، وهي زلة من زلل الخاطئين، وعثرة من عثرات المذنبين، ثم انتبهت بتذكيرك لي من غفلتي، ونهضت بتوفيقك من زلتي، ونكصت (6) بتسديدك عن عثرتي، وقلت سبحان ربي كيف يسأل محتاج محتاجا؟! وأنى يرغب معدم إلى معدم (7)؟! فقصدتك يا إلهي بالرغبة، وأوفدت عليك رجائي بالثقة بك، وعلمت أن كثير ما أسألك يسير في وجدك، وأن خطير ما أستوهبك حقير في وسعك، وأن كرمك لا يضيق عن سؤال أحد، وأن يدك بالعطايا (9) أعلى من كل يد.


1 – يعييه ” خ “. يعنيه: يشق عليه. 2 – تمدحت: أظهرت مدح نفسك. 3 – خلته: حاجته. 4 – مظانها: مواضعها. 5 – سولت: زينت. 6 – نكصت: رجعت وأحجمت. 7 – معدم: فقير. 8 – وجدك: سعتك. 9 – بالعطاء ” خ “.

[ 86 ]

اللهم فصل على محمد وآله، واحملني بكرمك على التفضل ولا تحملني بعدلك على الاستحقاق، فما أنا بأول راغب رغب إليك فأعطيته وهو يستحق المنع، ولا بأول سائل سألك فأفضلت عليه وهو يستوجب الحرمان. اللهم صل على محمد وآله، وكن لدعائي مجيبا، ومن ندائي قريبا، ولتضرعي راحما، ولصوتي سامعا، ولا تقطع رجائي عندك، ولا تبت (10) سببي منك، ولا توجهني في حاجتي هذه وغيرها إلى سواك، وتولني بنجح طلبتي وقضاء حاجتي، ونيل سؤلي قبل زوالي عن موقفي هذا، بتيسيرك لي العسير، وحسن تقديرك لي في جميع الامور. وصل على محمد وآله، صلاة دائمة نامية لا انقطاع لابدها، ولا منتهى لامدها (11) واجعل ذلك عونا لي، وسببا لنجاح طلبتي، إنك واسع كريم، ومن حاجتي يا رب: كذا وكذا. وتذكر حاجتك، ثم تسجد وتقول في سجودك: فضلك آنسني، وإحسانك دلني، فاسألك بك وبمحمد وآله صلواتك عليهم أن لا تردني خائبا (12). (40) دعاؤه عليه السلام في طلب الحوائج


10 – تبت: تقطع. 11 – لامدها: لغايتها. 12 – أضاف في ” خ “: إنك سميع الدعاء قريب مجيب.

[ 87 ]

اللهم عفوك عن ذنوبي، وتجاوزك عن خطاياي، وسترك على قبيح عملي، أطمعني في أن أسألك ما لا أستحقه بما أذقتني من رحمتك، وأوليتني من إحسانك، فصرت أدعوك آمنا، وأسألك مستأنسا، لا خائفا ولا وجلا (1) مدلا عليك بإحسانك إلي، عاتبا عليك إذا أبطأ علي ما قصدت فيه إليك، ولعل الذي أبطأ علي هو خير لي لعلمك بعواقب الامور. فلم أر مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك علي، لانك تحسن فيما بيني وبينك وأسئ، وتتودد إلي وأتبغض إليك، كأن لي التطول عليك، ثم لم يمنعك ذلك من الرأفة بي، والاحسان إلي. وإني لاعلم أن واحدا من ذنوبي يوجب لي أليم عذابك، ويحل بي شديد عقابك، ولكن المعرفة بك، والثقة بكرمك، دعاني إلى التعرض لذلك. (وتدعو بما أحببت). (41) دعاؤه عليه السلام في طلب الحوائج يا من حاز كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، ألج (1) قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان الصالحين المطيعين لك. يا من قصده الطالبون فوجدوه متفضلا، ولجأ إليه العائذون فوجدوه نوالا، وأمه (2) الخائفون فوجدوه قريبا.


1 – وجلا: فزعا. 1 – ألج: أدخل إلى. 2 – أمه: قصده.

[ 88 ]

صل على محمد وآل محمد. وسل حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى. (42) دعاؤه عليه السلام في قضاء الحوائج قال أبو حمزة الثمالي (رحمه الله): انكسرت يد ابني مرة، فأتيت به يحيى بن عبد الله المجبر، فنظر إليه. فقال: أرى كسرا قبيحا، ثم صعد غرفته ليجئ بعصابة ورفادة، فذكرت في ساعتي تلك دعاء علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام. فأخذت يد ابني فقرأت، عليه، ومسحت الكسر، فاستوى الكسر بإذن الله تعالى. فنزل يحيى بن عبد الله، فلم ير شيئا، فقال: ناولني اليد الاخرى. فلم ير كسرا. فقال: سبحان الله أليس عهدي به كسرا قبيحا فما هذا؟! أما إنه ليس بعجب من سحركم معاشر الشيعة. فقلت: ثكلتك أمك! ليس هذا سحر، بل إني ذكرت دعاء سمعته من مولاي علي بن الحسين عليهما السلام فدعوت به. فقال: علمنيه! فقلت: أبعد ما سمعت ما قلت؟ لا، ولا نعمة عين لست من أهله. قال حمران بن أعين: فقلت لابي حمزة: نشدتك بالله إلا ما أوردتناه، وأفدتناه. فقال: سبحان الله! ما ذكرت ما قلت إلا وأنا أفيدكم، اكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم يا حي قبل كل حي، يا حي بعد كل حي، يا حي مع كل حي،


[ 89 ]

يا حي حين لا حي، يا حي يبقى ويفنى كل حي، يا حي لا إله إلا أنت، يا حي يا كريم، يا محيي الموتى، يا قائم على كل نفس بما كسبت. إني أتوجه إليك، وأتوسل إليك، وأتقرب إليك بجودك وكرمك ورحمتك التي وسعت كل شئ، وأتوجه إليك، وأتوسل إليك بحرمة هذا القرآن، وبحرمة الاسلام، وشهادة أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك. وأتوجه إليك، وأتوسل إليك، وأستشفع إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله تسليما. وبأمير (1) المؤمنين علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين عبديك وأمينيك، وحجتيك على الخلق أجمعين. وعلي بن الحسين زين العابدين، ونور الزاهدين، ووارث علم النبيين والمرسلين، وإمام الخاشعين، وولي المؤمنين، والقائم في خلقك أجمعين. وباقر علم الاولين والآخرين، والدليل على أمر النبيين والمرسلين، والمقتدي بآبائه الصالحين، وكهف الخلق أجمعين. وجعفر بن محمد الصادق من أولاد النبيين، والمقتدي بآبائه الصالحين (2) والبار من عترته البررة المتقين، وولي دينك، وحجتك


1 – وأمير ” خ “. 2 – الطاهرين ” خ “.

[ 90 ]

على العالمين. وموسى بن جعفر العبد الصالح من أهل بيت المرسلين، ولسانك في خلقك اجمعين، والناطق بأمرك، وحجتك على بريتك. وعلي بن موسى الرضا المرتضى الزكي المصطفى، المخصوص بكرامتك، والداعي إلى طاعتك، وحجتك على الخلق أجمعين. ومحمد بن علي الرشيد القائم بأمرك، الناطق بحكمك و حقك، وحجتك على بريتك، ووليك وابن أوليائك، وحبيبك و ابن أحبائك. وعلي بن محمد السراج المنير، والركن الوثيق، القائم بعدلك، والداعي إلى دينك ودين نبيك، وحجتك على بريتك. والحسن بن علي عبدك ووليك، وخليفتك المؤدي عنك في خلقك عن آبائه الصادقين. وبحق خلف الائمة الماضين، والامام الزكي الهادي المهدي، والحجة بعد آبائه على خلقك، والمودي عن (3) نبيك، ووارث علم الماضين من الوصيين، المخصوص الداعي إلى طاعتك وطاعة آبائه الصالحين. يا محمد يا أبا القاسماه، بأبي أنت وأمي، إلى الله أتشفع بك، و بالائمة من ولدك، وبعلي أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن،


3 – علم ” خ “.

[ 91 ]

والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف القائم المنتظر. اللهم فصل عليهم وعلى من اتبعهم، وصل على محمد وآل محمد صلاة المرسلين والصديقين والصالحين، صلاة لا يقدر عليه إحصائها غيرك. اللهم ألحق أهل بيت نبيك وذريتهم وشيعتهم بنبيك سيد المرسلين، وألحقنا بهم مؤمنين مخبتين (4) فائزين، متقين صالحين، خاشعين عابدين، موفقين مسددين، عاملين زاكين، مزكين تائبين، ساجدين راكعين، شاكرين حامدين، صابرين محتسبين، منيبين مصيبين. اللهم إني أتولى وليهم، وأتبرأ إليك من عدوهم، وأتقرب إليك بحبهم ومولاتهم ومودتهم وطاعتهم، فارزقني بهم خير الدنيا والآخرة، واصرف عني بهم أهوال يوم القيامة. اللهم إني أشهدك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمدا و عليا وزوجته وولديه (5) عبيدك وإماؤك، وأنت وليهم في الدنيا والآخرة، وهم أولياؤك الاولون (6) بالمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات من بريتك، وأشهد أنهم عبادك المؤمنون،


4 – المخبتين: الخاشعين. 5 – وولده ” خ “. 6 – كذا استظهرناها. وفي الاصل ” الاولين. والاولين “.

[ 92 ]

لا يسبقونك بالقول وهم بأمرك يعملون. اللهم إني أتوسل إليك بهم، وأتشفع بهم إليك أن تحييني محياهم، وتميتني على طاعتهم وملتهم (7) وتمنعني من طاعة عدوهم، وتمنع عدوك وعدوهم (8) مني، وتغنيني بك وبأوليائك عمن أغنيته عني، وتسهلني لمن أحوجتهم إلي، وتجعلني في حفظك في الدين والدنيا والآخرة، وتلبسني العافية حتى تهنئني المعيشة، والحظني (9) بلحظة من لحظاتك الكريمة الرحيمة الشريفة تكشف بها عني ما قد ابتليت به، ودبرني بها إلى أحسن عاداتك وأجملها عندي، فقد ضعفت قوتي، وقلت حيلتي، ونزل بي ما لا طاقة لي به، فردني إلى أحسن عاداتك، فقد آيست مما عند خلقك، فلم يبق إلا رجاؤك في قلبي، وقديما ما مننت علي. وقدرتك يا سيدي وربي وخالقي ومولاي ورازقي على إذهاب ما أنا فيه، كقدرتك علي حيث ابتليتني به. إلهي ذكر عوائدك يؤنسني، ورجاء إنعامك يقربني ولم أخل من نعمتك منذ خلفتني، فأنت يا رب ثقتي ورجائي، وإلهي وسيدي والذاب عني، والراحم لي، والمتكفل برزقي. فأسألك يا رب محمد (10) وآل محمد أن تجعل رشدي فيما


7 – ملتهم: شريعتهم ودينهم. 8 – وعدوي ” خ “. 9 – الحظني: انظرني. 10 – بمحمد ” خ “.

[ 93 ]

قضيت من الخير وحتمته (11) وقدرته، وأن تجعل خلاصي مما أنا فيه، فإني لا أقدر على ذلك إلا بك، وحدك لا شريك لك، ولا أعتمد فيه إلا عليك، فكن يا رب الارباب، ويا سيد السادات عند حسن ظني بك، وأعطني مسألتي. يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أحكم الحاكمين، و يا أسرع الحاسبين، ويا أقدر القادرين، ويا أقهر القاهرين، ويا أول الاولين، ويا آخر الآخرين، ويا حبيب محمد وعلي وجميع الانبياء والمرسلين، والاوصياء المنتجبين، ويا حبيب محمد صلى الله عليه وآله وأوصيائه، وأحبائه وأنصاره، وخلفائه المؤمنين، وحججك البالغين من أهل بيت الرحمة المطهرين الزاهرين أجمعين، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله يا أرحم الراحمين. (12) (43) دعاؤه عليه السلام لقضاء الحوائج


11 – ختمته ” خ “. وكلاهما بمعني: أوجبته. 12 – أورد صاحب الصحيفة 5 دعاء تحت عنوان: ” ومن دعائه عليه السلام في قضاء الحوائج ايضا ” ما لفظه: عن زين العابدين عليه السلام أنه مر برجل وهو قاعد على باب رجل فقال له: ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار!؟ فقال: البلاء، فقال: قم، فأرشدك إلى باب خير من بابه، وإلى رب خير لك منه. فأخذ بيده حتى انتهى إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله، ثم إنه قال: استقبل القبلة، وصل ركعتين، ثم ارفع يديك إلى الله عزوجل، فأثن عليه، وصل على رسوله صلى الله عليه وآله، ثم ادع بآخر ” الحشر ” وست آيات من أول ” الحديد ” وبالآيتين اللتين من ” آل عمران ” ثم سل الله، فإنك لا تسأل شيئا إلا أعطاك. * *.

[ 94 ]

عن الثمالي قال: قلت له عليه السلام: علمني دعاء فقال: يا ثابت قل: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والارض، ذو الجلال (1) والاكرام ” أن تفعل بي كذا وكذا “. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هو الدعاء الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى. (44) دعاؤه عليه السلام إذا اعتدي عليه أو رأى من الظالمين مالا يحب يا من لا يخفى عليه أنباء المتظلمين، ويا من لا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشاهدين، ويا من قربت نصرته من المظلومين، ويا من بعد عونه عن الظالمين، قد علمت يا إلهي ما نالني من ” فلان بن فلان ” مما حظرت (1) وانتهكه مني مما حجزت عليه، بطرا في نعمتك عنده، واغترارا بنكيرك عليه. اللهم فصل على محمد وآله، وخذ ظالمي وعدوي عن ظلمي بقوتك، وافلل (2) حده عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عما يناويه (3).


1 – الجلال: العظمة. 1 – حظرت: منعت. 2 – افلل: اكسر. 3 – يناويه: يقصده ويطلبه.

[ 95 ]

اللهم وصل على محمد وآله، ولا تسوغ له (4) ظلمي، وأحسن عليه عوني، واعصمني من مثل أفعاله، ولا تجعلني في مثل حاله. اللهم صل على محمد وآله، وأعدني (5) عليه عدوى حاضرة، تكون من غيظي به شفاء، ومن حنقي (6) عليه وفاء. اللهم صل على محمد وآله، وعوضني من ظلمه لي عفوك، وأبدلني بسوء صنيعه بي رحمتك، فكل مكروه جلل (7) دون سخطك، وكل مرزئة (8) سواء مع موجدتك (9). اللهم فكما كرهت إلي أن أظلم، فقني من أن أظلم. اللهم لا أشكو إلى أحد سواك، ولا أستعين بحاكم غيرك، حاشاك، فصل على محمد وآله، وصل دعائي بالاجابة، واقرن شكايتي بالتغيير. اللهم لا تفتني بالقنوط من إنصافك، ولا تفتنه بالامن من إنكارك، فيصر على ظلمي، ويحاضرني (10) بحقي، وعرفه عما قليل ما أوعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت من إجابة المضطرين. اللهم صل على محمد وآله، ووفقني لقبول ما قضيت لي وعلي، ورضني بما أخذت لي ومني، واهدني للتي هي أقوم، واستعملني بما هو أسلم.


4 – لا تسوغ له: لا تجوز وتسهل له. 5 – أعدني انصرني وأعني 6 – حنقي: شدة غيظي. 7 – جلل: هين. 8 – المرزئة: المصيبة. 9 – موجدتك: غضبك وسخطك * *. 10 – يحاضرني: يغالبني.

[ 96 ]

اللهم وإن كانت الخيرة لي عندك في تأخير الاخذ لي، وترك الانتقام ممن ظلمني إلى يوم الفصل ومجمع الخصم، فصل على محمد وآله، وأيدني منك بنية صادقة، وصبر دائم، وأعذني من سوء الرغبة، وهلع (11) أهل الحرص، وصور في قلبي مثال ما ادخرت لي من ثوابك، وأعددت لخصمي من جزائك وعقابك، واجعل ذلك سببا لقاعتي بما قضيت، وثقتي بما تخيرت. آمين رب العالمين، إنك ذو الفضل العظيم، وأنت على كل شئ قدير. (45) دعاؤه عليه السلام إذا أغضبه أحد كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أغضبه أحد قال (1): اللهم إن كان صادقا فاغفر لي، وإن كان كاذبا فاغفر له. (46) دعاؤه عليه السلام إذا مرض، أو نزل به كرب أو بلية اللهم لك الحمد على ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني، ولك الحمد على ما أحدثت بي من علة في جسدي، فما أدري يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك؟ وأي الوقتين أولى بالحمد لك؟ أوقت الصحة التي هنأتني فيها طيبات رزقك، ونشطتني بها


11 – هلع: جزع 1 – * *.

[ 97 ]

لابتغاء (1) مرضاتك وفضلك، وقويتني معها على ما وفقتني له من طاعتك؟ أم وقت العلة التي محصتني بها (2)، والنعم التي أتحفتني بها تخفيفا لما ثقل على ظهري من الخطيئات، وتطهيرا لما انغمست فيه من السيئات (3) وتنبيها لتناول التوبة، وتذكيرا لمحو الحوبة (4) بقديم النعمة؟ وفي خلال ذلك ما كتب لي الكاتبان من زكي الاعمال، ما لا قلب فكر فيه، ولا لسان نطق به، ولا جارحة تكلفته، بل إفضالا منك علي، وإحسانا من صنيعك إلي. اللهم فصل على محمد وآله، وحبب إلي ما رضيت لي، ويسر لي ما أحللت بي، وطهرني من دنس ما أسلفت، وامح عني شر ما قدمت، وأوجدني حلاوة العافية، وأذقني برد السلامة، واجعل مخرجي عن علتي إلى عفوك، ومتحولي (5) عن صرعتي إلى تجاوزك، وخلاصي من كربي إلى روحك (6) وسلامتي من هذه الشدة إلى فرجك، إنك المتفضل بالاحسان، المتطول بالامتنان، الوهاب الكريم، ذو الجلال والاكرام. (7) (47) دعاؤه عليه السلام في العوذة لوجع الطحال عن أبي جعفر عليه السلام، قال: جاء رجل من خراسان إلى علي بن الحسين


1 – لابتغاء: لطلب. 2 – محصتني بها: امتحنتني بها وطهرتني من الذنوب بسببها. 3 – * *. 4 – الحوبة: الخطيئة. 5 – متحولي: منصرفي. 6 – روحك: رحمتك. 7 – * *.

[ 98 ]

عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله، حججت ونويت عند خروجي أن أقصدك، فإن بي وجع الطحال، وأن تدعو لي بالفرج. فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: قد كفاك الله ذلك وله الحمد، فإذا أحسست به فاكتب هذه الآية بزعفران بماء زمزم واشربه، فإن الله تعالى يدفع عنك ذلك الوجع: ” قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ولا تجهز بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ” (1). وتكتب على رق ظبي، وعلقها على العضد الايسر سبعة أيام، فإنه يسكن. وهي هذه الترجمة. لا س س س ح ح دم كرم ل له ومحى حح لله صره رححب سى حجحت عشرة به هك بان عنها ح حل يصرس هوبوا اميوا مسعوف ثم. (2) (48) دعاؤه عليه السلام لدفع الوسوسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان زين العابدين عليه السلام يعوذ أهله بهذه العوذة، ويعلمها خاصته [ وقال: ] تضع يدك على فيك وتقول: بسم الله، بسم الله، بسم الله (1) وبصنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما يفعلون (2).


1 – *. 2 – * *. 1 – ذكرت في ” خ ” مرتين. 2 – * *.

[ 99 ]

ثم تقول: اسكن أيها الوجع (3) سألتك بالله ربي وربك، ورب كل شئ، الذي سكن له ما في الليل والنهار، وهو السميع العليم (4). (سبع مرات). (49) دعاؤه عليه السلام في الاستقالة والتضرع في طلب العفو اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون، ويا من إلى ذكر إحسانه يفزع المضطرون، ويا من لخيفته ينتجب (1) الخاطئون، يا أنس كل مستوحش غريب، ويا فرج كل مكروب كئيب (2) ويا غوث كل مخذول فريد، ويا عضد (3) كل محتاج طريد. أنت الذي وسعت كل شئ رحمة وعلما، وأنت الذي جعلت لكل مخلوق في نعمك سهما، وأنت الذي عفوه أعلى من عقابه، وأنت الذي تسعى رحمته أمام غضبه، وأنت الذي عطاؤه أكثر من منعه وأنت الذي اتسع الخلائق كلهم في وسعه (4) وأنت الذي لا يرغب في جزاء من أعطاه، وأنت الذي لا يفرط (5) في عقاب من عصاه. وأنا يا إلهي عبدك الذي أمرته بالدعاء، فقال: لبيك وسعديك ها أنا ذا يا رب مطروح بين يديك، أنا الذي أوقرت (6) الخطايا ظهره


3، 4 – * *. 1 – ينتحب: يرفع صوته بالبكاء. 2 – مركوب كئيب: مهموم حزين. 3 – عضد: معين. 4 – رحمته ” خ “. 5 – يفرط: يسرف. 6 – أوقرت: أثقلت.

[ 100 ]

وأنا الذي أفنت الذنوب عمره، وأنا الذي بجهله عصاك، ولم تكن أهلا منه لذاك. هل أنت يا إلهي راحم من دعاك فأبلغ في الدعاء؟ أم أنت غافر لمن بكاك فأسرع في البكاء؟ أم أنت متجاوز عمن عفر (7) لك وجهه تذللا؟ أم أنت مغن من شكا إليك فقره توكلا؟ إلهي لا تخيب من لا يجد معطيا غيرك، ولا تخذل من لا يستغني عنك بأحد دونك. إلهي فصل على محمد وآله، ولا تعرض عني وقد أقبلت عليك، ولا تحرمني وقد رغبت إليك، ولا تجبهني (8) بالرد وقد انتصبت بين يديك، أنت الذي وصفت نفسك بالرحمة، فصل على محمد وآله وارحمني، وأنت الذي سميت نفسك بالعفو فاعف عني. قد ترى يا إلهي فيض دمعي من خيفتك، ووجيب (9) قلبي من خشيتك، وانتفاض جوارحي من هيبتك، كل ذلك حياء مني بسوء عملي، ولذلك خمد صوتي عن الجأر (10) إليك، وكل لساني عن مناجاتك. يا إلهي فلك الحمد، فكم من عائبة سترتها علي فلم تفضحني، وكم من ذنب غطيته علي فلم تشهرني، وكم من شائبه (11) ألممت


7 – عفر: مرغ وجهه في التراب. 8 – تجبهني: تستقبلني. 9 – وجيب: خفقان واضطراب. 10 – الجأر: رفع الصوت والاستغاثة. 11 – شائبة: قبيحة.

[ 101 ]

بها فلم تهتك عني سترها، ولم تقلدني مكروه شنارها (12) ولم تبد سوأتها لمن يلتمس معايبي من جيرتي وحسدة نعمتك عندي، ثم لم ينهني ذلك عن أن جريت إلى سوء ما عهدت مني. فمن أجهل مني يا إلهي برشده؟! ومن أغفل مني عن حظه؟! ومن أبعد مني من استصلاح نفسه حين أنفق ما أجريت علي من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك؟! ومن أبعد غورا (13) في الباطل، وأشد إقداما على السوء مني حين أقف بين دعوتك ودعوة الشيطان، فأتبع دعوته على غير عمى مني في معرفة به ولا نسيان من حفظي له؟! وأنا حينئذ موقن بأن منتهى دعوتك إلى الجنة، ومنتهى دعوته إلى النار. سبحانك ما أعجب ما أشهد به علي نفسي، وأعدده من مكتوم أمري، وأعجب من ذلك أناتك (14) عني، وإبطاؤك عن معاجلتي وليس ذلك من كرمي عليك، بل تأنيا منك لي، وتفضلا منك علي لان أرتدع عن معصيتك المسخطة (15) وأقلع عن سيئاتي المخلقة ولان عفوك عني أحب إليك من عقوبتي. بل أنا يا إلهي أكثر ذنوبا، وأقبح آثارا، وأشنع أفعالا، وأشد في الباطل تهورا (16) وأضعف عند طاعتك تيقظا، وأقل لوعيدك


12 – شنارها: عارها. 13 – غورا: عمقا. 14 – أناتك: حلمك. 15 – المسخطة: الموجبة لغصبك. 16 – التهور: الوقوع في الشئ بقلة مبالاة.

[ 102 ]

انتباها وارتقابا، من أن أحصي لك عيوبي، أو أقدر على ذكر ذنوبي، وإنما أوبخ بهذا نفسي طمعا في رأفتك التي بها صلاح أمر المذنبين ورجاء لرحمتك التي بها فكاك رقاب الخاطئين. اللهم وهذه رقبتي قد أرقتها (17) الذنوب، فصل على محمد وآله، وأعتقها بعفوك، وهذا ظهري قد أثقلته الخطايا، فصل على محمد وآله، وخفف عنه بمنك. يا إلهي لو بكيت إليك حتى تسقط أشفار عيني، وانتحبت حتى ينقطع صوتي، وقمت لك حتى تنتشر (18) قدماي، وركعت لك حتى ينلخع صلبي، وسجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي، وأكلت تراب الارض طول عمري، وشربت ماء الرماد آخر دهري، وذكرتك في خلال ذلك حتى يكل لساني، ثم لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك ما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيأتي. وإن كنت تغفر لي حين أستوجب مغفرتك، وتعفو عني حين أستحق عفوك، فان ذلك غير واجب لي باستحقاق، ولا أنا أهل له باستيجاب، إذا كان جزائي منك في أول ما عصيتك النار، فأن تعذبني فأنت غير ظالم لي. إلهي فإذ قد تغمدتني (19) بسترك فلم تفضحني، وتأنيتني (20) بكرمك فلم تعاجلني، وحلمت عني بتفضلك فلم تغير نعمتك


17 – أرقتها: ملكتها. 18 – تنتشر: تنتفخ. 19 – تغمدتني: غمرتني. 20 تأنيتني: أمهلتني.

[ 103 ]

علي، ولم تكدر معروفك عندي، فارحم طول تضرعي، وشدة مسكنتي (21) وسوء موقفي. اللهم صل على محمد وآله، وقني من المعاصي، واستعملني بالطاعة، وارزقني حسن الانابة، وطهرني بالتوبة، وأيدني بالعصمة، واستصلحني بالعافية، وأذقني حلاوة المغفرة، واجعلني طليق عفوك وعتيق رحمتك، واكتب لي أمانا من سخطك، وبشرني بذلك في العاجل دون الآجل بشرى أعرفها وعرفني فيه علامة أتبينها، إن ذلك لا يضيق عليك في وسعك، ولا يتكأدك (22) في قدرتك، ولا يتصعدك (23) في أناتك، ولا يؤودك (24) في جزيل هباتك التي دلت عليها آياتك. إنك تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد، إنك على كل شئ قدير (25). (50) دعاؤه عليه السلام إذا ذكر الشيطان فاستعاذ منه ومن عداوته وكيده اللهم إنا نعوذ بك من نزعات (1) الشيطان الرجيم وكيده ومكائده، ومن الثقة بأمانيه ومواعيده وغروره ومصائده، وأن يطمع نفسه في إضلالنا عن طاعتك، وامتهاننا بمعصيتك، أو أن يحسن عندنا


21 – مسكنتي: خضوعي وذلي. 22 – يتكأدك: يشق عليك. 23 – يتصعدك: يشتد عليك. 24 – يؤودك: يثقل عليك. 25 – أضاف في ” خ “: وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. 1 – نزعات: وساوس.

[ 104 ]

ما حسن لنا، أؤ أن يثقل علينا ما كره إلينا. اللهم اخسأه (2) عنا بعبادتك، واكبته بدؤوبنا (3) في محبتك، واجعل بيننا وبينه سترا لا يهتكه، ورد ما مصمتا لا يفتقه. اللهم صل على محمد وآله، واشغله عنا ببعض أعدائك، واعصمنا منه بحسن رعايتك، واكفنا ختره (4) وولنا ظهره، واقطع عنا إثره. اللهم صل على محمد وآله، وأمتعنا من الهدى بمثل ضلالته، وزودنا من التقوى ضد غوايته، واسلك بنا من التقي خلاف سبيله من الردى. اللهم لا تجعل له في قلوبنا مدخلا، ولا توطنن له فيما لدينا منزلا. اللهم وما سول (5) لنا من باطل فعرفناه، وإذا عرفتناه فقناه وبصرنا ما نكايده به، وألهمنا ما نعده له، وأيقظنا عن سنة (6) الغفلة بالركون (7) إليه، وأحسن بتوفيقك عوننا عليه. اللهم وأشرب قلوبنا إنكار عمله، والطف لنا في نقض حيله. اللهم صل على محمد وآله، وحول سلطانه عنا، واقطع رجاءه منا، وادرأه عن الولوع (8) بنا. اللهم صل على محمد وآله، واجعل آباءنا وأمهاتنا وأولادنا


2 – اخسأه: اطرده وازجره. 3 – اكبته بدؤوبنا: أخزه واصرفه بملازمتنا. 4 – ختره: غدره. 5 – سول: زين. 6 – سنة: فتور يتقدم النوم. 7 – الركون: الميل. 8 – الولوع: الحب وشدة التعلق.

[ 105 ]

وأهالينا وذوي أرحامنا وقراباتنا وجيراننا من المؤمنين والمؤمنات في حرز حارز (9) وحصن حافظ، وكهف مانع، وألبسهم منه جننا (10) واقية، وأعطهم عليه أسلحة ماضية. اللهم واعمم بذلك من شهد لك بالربوبية، وأخلص لك بالوحدانية، وعاداه لك بحقيقة العبودية، واستظهر بك عليه في معرفة العلوم الربانية. اللهم احلل ما عقد، وافتق ما رتق (11) وافسخ ما دبر، وثبطه (12) إذا عزم، وانقض ما أبرم (13). اللهم واهزم جنده، وأبطل كيده، وأهدم كهفه، وأرغم أنفه. اللهم اجعلنا في نظم أعدائه، واعزلنا عن عداد أوليائه، لا نطيع له إذا استهوانا، ولا نستجيب له إذا دعانا، نأمر بمناواته (14) من أطاع أمرنا، ونعظ عن متابعته من اتبع زجرنا. اللهم صل على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وأعذنا وأهالينا وإخواننا وجميع المؤمنين والمؤمنات مما استعذنا منه، وأجرنا مما استجرنا بك من خوفه، واسمع لنا ما دعونا به، وأعطنا ما أغفلناه، واحفظ لنا ما نسيناه، وصيرنا بذلك في درجات الصالحين، ومراتب المؤمنين، آمين رب العالمين.


9 – حرز حارز: موضع منيع. 10 – جننا: أستارا. 11 – الرتق: الضم والالتحام. 12 – ثبطه عن الامر: احبسه واشغله عنه. 13 – أبرم: أحكم. 14 – بمناواته: بمعاداته.

[ 106 ]

(51) دعاؤه عليه السلام إذا دفع عنه ما يحذر أو عجل له مطلبه اللهم لك الحمد على حسن قضائك، وبما صرفت عني من بلائك، فلا تجعل حظي من رحمتك ما عجلت لي من عافيتك، فأكون قد شقيت بما أحببت، وسعد غيري بما كرهت، وإن يكن ما ظللت فيه، أو بت فيه من هذه العافية بين يدي بلاء لا ينقطع، ووزر لا يرتفع، فقدم لي ما أخرت، وأخر عني ما قدمت. فغير كثير ما عاقبته الفناء، وغير قليل ما عاقبته البقاء، وصل على محمد وآله. (52) دعاؤه عليه السلام مما يحذر ويخاف إلهي إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا ينجي من عقابك إلا عفوك، ولا يخلص منك إلا رحمتك والتضرع إليك، فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي ميت البلاد، وبها تنشر أرواح العباد، ولا تهلكني وعرفني الاجابة يا رب، وارفعني ولا تضعني، وانصرني وارزقني، وعافني من الآفات. يا رب إن ترفعني فمن يضعني؟ وإن تضعني فمن يرفعني؟ وقد علمت يا إلهي أن ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك عجلة، إنما


[ 107 ]

يعجل من يخاف الفوت، ويحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت عن ذلك يا سيدي علوا كبيرا. رب لا تجعلني للبلاء غرضا (1) ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسني (2) وأقلني عثرتي، ولا تتبعني بالبلاء، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي فصبرني، فإني يا رب ضعيف، متضرع إليك يا رب، وأعوذ بك منك فأعذني، وأستجير بك من كل بلاء فأجرني، وأستتر بك فاسترني يا سيدي مما أخاف وأحذر. وأنت العظيم أعظم من كل عظيم، بك بك بك استترت يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وسلم كثيرا. (53) دعاؤه عليه السلام عند الاستسقاء بعد الجدب اللهم اسقنا الغيث، وانشر علينا رحمتك بغيثك المغدق (1) من السحاب المنساق لنبات أرضك المونق (2) في جميع الآفاق، وامنن على عبادك بإيناع الثمرة، وأحي بلادك ببلوغ الزهرة، وأشهد ملائكتك الكرام السفرة بسقي منك نافع، دائم غزره، واسع درره (3) وابل سريع عاجل، تحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات،


1 – غرضا: هدفا. 2 – نفسني: أزل كربي وغمي. 3 – بك استترت بك استترت ” خ “. 1 – لمغدق: الغزير. 2 – المونق: المعجب الحسن. 3 – دره ” خ ” درره: صبه واندفاقة.

[ 108 ]

وتخرج به ما هو آت، وتوسع به في الاقوات، سحابا متراكما، هنيئا مريئا، طبقا (4) مجلجلا (5) غير ملث ودقه (6) ولا خلب برقه (7). اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا ممرعا (8) عريضا واسعا غزيرا، ترد به النهيض، وتجبر به المهيض. اللهم اسقنا سقيا تسيل منه الظراب (10) وتملا منه الجباب (11) وتفجر به الانهار، وتنبت به الاشجار، وترخص به الاسعار في جميع الامصار، وتنعش به البهائم والخلق، وتكمل لنا به طيبات الرزق، وتنبت لنا به الزرع، وتدر به الضرع، وتزيدنا به قوة إلى قوتنا. اللهم لا تجعل ظله علينا سموما، ولا تجعل برده علينا حسوما (12) ولا تجعل صوبه علينا رجوما، ولا تجعل ماءه علينا أجاجا. اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا من بركات السماوات والارض، إنك على كل شئ قدير. (54) دعاؤه عليه السلام في الاستسقاء عن ثابت البناني، قال: كنت حاجا وجماعة عباد البصرة مثل: أيوب السجستاني وصالح المري، وعتبة الغلام، وحبيب الفارسي، ومالك بن دينار، فلما أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيقا، وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث، ففزع إلينا أهل مكة


4 – طبقا: شاملا كثيرا. 5 – مجلجلا: يسمع منه صوت الرعد. 6 – ملث ودقه: دائم مطره. 7 – خلب برقه: برق بلا مطر. 8 – مريعا ممرعا: خصيبا مخصبا. 9 – المهيض: المكسور. 10 – الظراب: الروابي الصغيرة. 11 – الجباب: الآبار. 12 – حسوما: نحوسا وشؤما.

[ 109 ]

والحجاج يسألوننا أن نستسقي لهم، فأتينا الكعبة، وطفنا بها، ثم سألنا الله خاضعين متضرعين بها، فمنعنا الاجابة. فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل وقد أكربته أحزانه، وأقلقته أشجانه، فطاف بالكعبة أشواطا، ثم أقبل علينا، فقال: يا مالك بن دينار! ويا ثابت البناني! ويا صالح المري! ويا عتبة الغلام! ويا حبيب الفارسي! ويا سعد! ويا عمر! ويا صالح الاعمى! ويا رابعة! ويا سعدانة! ويا جعفر بن سليمان! فقلنا: لبيك وسعديك يافتى! فقال: أما فيكم أحد يحبه الرحمن؟ فقلنا: يافتى علينا الدعاء، وعليه الاجابة. فقال: ابعدوا عن الكعبة، فلو كان فيكم أحد يحبه الرحمن لاجابه. ثم أتى الكعبة فخر ساجدا، فسمعته يقول في سجوده: سيدي بحبك لي إلا سقيتهم الغيث. قال: فما استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب. فقلت: يافتى من أين علمت أنه يحبك؟ قال: لو لم يحبني لم يستزرني، فلما استزارني علمت أنه يحبني، فسألته بحبه لي فأجابني، ثم ولى عنا، وأنشأ يقول: من عرف الرب فلم تغنه * معرفة الرب فذاك الشقي ما ضر في الطاعة ما ناله * في طاعة الله وما ذا لقي ما يصنع العبد بغير التقي * والعز كل العز للمتقي فقلت يا أهل مكة من هذا الفتى؟


[ 110 ]

قالوا: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. (55) دعاؤه عليه السلام في مكارم الاخلاق ومرضي الافعال اللهم صل على محمد وآله، وبلغ بإيماني أكمل الايمان، واجعل يقيني أفضل اليقين، وانته بنيتي إلى أحسن النيات، وبعملي إلى أحسن الاعمال. اللهم وفر بلطفك نيتي، وصحح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسد مني. اللهم صل على محمد وآله، ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غدا عنه، واستفرغ أيامي فيما خلقتني له، وأغنني وأوسع علي في رزقك، ولا تفتني بالنظر (1) وأعزني ولا تبتليني (2) بالكبر، وعبدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجر للناس على يدي الخير، ولا تمحقه بالمن، وهب لي معالي الاخلاق، واعصمني من الفخر. اللهم صل على محمد وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزا ظاهرا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها. اللهم صل على محمد وآل محمد، ومتعني بهدى صالح لا أستبدل


1 – بالبطر ” خ “. 2 – * *.

[ 111 ]

به، وطريقة حق لا أزيع عنها، ونية رشد لا أشك فيها، وعمرني ما كان عمري بذلة (3) في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتك إلي، أو يستحكم غضبك علي. اللهم لا تدع خصلة تعاب مني إلا أصلحتها، ولا عائبة أؤنب (4) بها إلا حسنتها، ولا أكرومة (5) في ناقصة إلا أتممتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبدلني من بغضة أهل الشنآن المحبة، ومن حسد أهل البغي المودة، ومن ظنة أهل الصلاح الثقة، ومن عداوة الادنين الولاية (6) ومن عقوق ذوي الارحام المبرة، ومن خذلان الاقربين النصرة، ومن حب المدارين تصحيح المقة (7) ومن رد الملابسين (8) كرم العشرة، ومن مرارة خوف الظالمين حلاوة الامنة. اللهم صل على محمد وآله، واجعل لي يدا على من ظلمني، ولسانا على من خاصمني، وظفرا بمن عاندني، وهب لي مكرا على من كايدني، وقدرة على من اضطهدني، وتكذيبا لمن قصبني (9) وسلامة ممن توعدني، ووفقني لطاعة من سددني، ومتابعة من أرشدني. اللهم صل على محمد وآله، وسددني لان أعارض من غشني بالنصح، وأجزي من هجرني بالبر، وأثيب من حرمني بالبذل،


3 – بذلة: مبذولا. 4 – أؤنب: أوبخ وألام 5 – الاكرومة: فعل الكرم. 6 – الولاية: المحبة والصداقة. 7 – المقة: المحبة. 8 – الملابسين: المعاشرين. 9 – قصبني: عابني.

[ 112 ]

وأكافئ من قطعني بالصلة، وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر وأن أشكر الحسنة وأغضي (10) عن السيئة. اللهم صل على محمد وآله، وحلني بحلية الصالحين، وألبسني زينة المتقين في بسط العدل، وكظم الغيظ، وإطفاء النائرة (11) وضم أهل الفرقة، وإصلاح ذات البين وإفشاء العارفة، وستر العائبة، ولين العريكة (12) وخفض الجناح، وحسن السيرة، وسكون الريح (13) وطيب المخالقة (14) والسبق إلى الفضيلة، وإيثار التفضل، وترك التعيير، والافضال على غير المستحق، والقول بالحق وإن عز، واستقلال الخير وإن كثر من قولي وفعلي، واستكثار الشر وإن قل من قولي وفعلي، وأكمل ذلك لي بدوام الطاعة، ولزوم الجماعة، ورفض أهل البدع، ومستعمل الرأي المخترع. اللهم صل على محمد وآله، واجعل أوسع رزقك علي إذا كبرت، وأقوى قوتك في إذا نصبت (15) ولا تبتليني بالكسل عن عبادتك، ولا العمى عن سبيلك، ولا بالتعرض لخلاف محبتك، ولا مجامعة من تفرق عنك، ولا مفارقة من اجتمع إليك. اللهم اجعلني أصول بك عند الضرورة، وأسألك عند الحاجة


10 – أغضي: أحلم وأعفو. 11 – النائرة: العداوة. 12 – العريكة: الطبيعة. 13 – سكون الريح: كناية عن الوقار والرزانة. 1 4 – المخالقة: المعاشرة بخلق حسن. 15 – نصبت: تعبت.

[ 113 ]

وأتضرع إليك عند المسكنة، ولا تفتني بالاستعانة بغيرك إذا اضطررت، ولا بالخضوع لسؤال غيرك إذا افتقرت، ولا بالتضرع إلى من دونك إذا رهبت، فأستحق بذلك خذلانك ومنعك وأعراضك، يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل ما يلقي الشيطان في روعي (1 6) من التمني والتظني والحسد، ذكرا لعظمتك، وتفكرا في قدرتك، وتدبيرا على عدوك، وما أجرى على لساني من لفظة فحش أو هجر أو شتم عرض أو شهادة باطل أو اغتياب مؤمن غائب. أو سب حاضر وما أشبه ذلك، نطقا بالحمد لك، وإغراقا في الثناء عليك، وذهابا في تمجيدك، وشكرا لنعمتك، واعترافا بإحسانك، وإحصاء لمننك. اللهم صل على محمد وآله، ولا أظلمن وأنت مطيق للدفع عني، ولا أظلمن وأنت القادر على القبض مني، ولا أضلن وقد أمكنتك هدايتي، ولا أفتقرن ومن عندك وسعي، ولا أطغين ومن عندك وجدي (17). اللهم إلى مغفرتك وفدت، وإلى عفوك قصدت، وإلى تجاوزك (18) اشتقت: وبفضلك وثقت، وليس عندي ما يوجب لي مغفرتك، ولا في عملي ما أستحق به عفوك، وما لي بعد أن حكمت على نفسي إلا فضلك، فصل على محمد وآله، وتفضل علي.


16 – روعي: قلبي وعقلي. 17 – وجدي: قدرتي وغناي. 18 – تجاوزك: صفحك.

[ 114 ]

اللهم وأنطقني بالهدى، وألهمنى التقوى، ووفقني للتي هي أزكى، واستعملني بما هو أرضى. اللهم اسلك بي الطريقة المثلى، واجعلني على ملتك أموت وأحيا. اللهم صل على محمد وآله، ومتعني بالاقتصاد، واجعلني من أهل السداد، ومن أدلة الرشاد، ومن صالحي العباد، وارزقني فوز المعاد وسلامة المرصاد (19). اللهم خذ لنفسك من نفسي ما يخلصها، وأبق لنفسي من نفسي ما يصلحها، فإن نفسي هالكة أو تعصمها. اللهم أنت عدتي إن حزنت، وأنت منتجعي (20) إن حرمت، وبك استغاثتي إن كرثت (21) وعندك مما فات خلف، ولما فسد صلاح، وفيما أنكرت تغيير، فامنن علي قبل البلاء بالعافية، وقبل الطلب بالجدة وقبل الضلال بالرشاد، واكفني مؤونة معرة (22) العباد، وهب لي أمن يوم المعاد، وامنحني حسن الارشاد. اللهم صل على محمد وآله، وادرأ عني بلطفك، واغذني بنعمتك، وأصلحني بكرمك، وداوني بصنعك، وأظلني في ذراك (23) وجللني رضاك، ووفقني إذا اشتكلت علي الامور لاهداها، وإذا تشابهت الاعمال لا زكاها، وإذا تناقضت الملل لارضاها.


19 – المرصاد: الطريق. * *. 20 – منتجعي: مؤملي. 21 – كرثت: اشتد علي الغم. 22 – معرة: أذى. 23 – ذراك: سترك.

[ 115 ]

اللهم صل على محمد وآله، وتوجني بالكفاية، وسمني (24) حسن الولاية، وهب لي صدق الهداية، ولا تفتني بالسعة، وامنحني حسن الدعة (25) ولا تجعل عيشي كدا كدا، ولا ترد دعائي علي ردا، فإني لا أجعل لك ضدا، ولا أدعو معك ندا. اللهم صل على محمد وآله، وامنعني من السرف، وحصن رزقي من التلف، ووفر ملكتي بالبركة فيه، وأصب بي سبيل الهداية للبر فيما أنفق منه. اللهم صل على محمد وآله، واكفني مؤونة الاكتساب، وارزقني من غير احتساب، فلا أشتغل عن عبادتك بالطلب، ولا أحتمل إصر (26) تبعات المكسب. اللهم فأطلبني بقدرتك ما أطلب، وأجرني بعزتك مما أرهب. اللهم صل على محمد وآله، وصن (27) وجهي باليسار (28) ولا تبتذل جاهي بالاقتار، فأسترزق أهل رزقك، وأستعطي شرار خلقك فأفتتن بحمد من أعطاني، وأبتلي بذم من منعني، وأنت من دونهم ولي الاعطاء والمنع. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني صحة في عبادة، وفراغا في زهادة، وعلما في استعمال، وورعا في إجمال (29).


24 – سمني: اجعل لي وسام وعلامة. 25 – الدعة: الراحة في العيش. 26 – إصر: إثم وثقل. 27 – صن: احفظ. 28 – اليسار: السعة. 29 – إجمال: رفق واعتدال.

[ 116 ]

اللهم اختم بعفوك أجلي، وحقق في رجاء رحمتك أملي، وسهل إلى بلوغ رضاك سبلي، وحسن في جميع أحوالي عملي. اللهم صل على محمد وآله، ونبهني لذكرك في أوقات الغفلة، واستعملني بطاعتك في أيام المهملة، وانهج لي إلى محبتك سبيلا سهلة أكمل لي بها خير الدنيا والآخرة. اللهم وصل على محمد وآله، كأفضل ما صليت على أحد من خلقك قبله وأنت مصل على أحد بعده ” وآتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقني برحمتك عذاب النار ” (30). (56) دعاؤه عليه السلام في تعليم طلب الاستغناء عن الخلق وقد قال بحضرته رجل: اللهم أغنني عن خلقك. فقال عليه السلام: ليس هكذا، إنما الناس بالناس، ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار خلقك. (57) دعاؤه عليه السلام إذا أحزنه أمر وأهمته الخطايا اللهم يا كافي الفرد الضعيف، وواقي الامر المخوف، أفردتني الخطايا فلا صاحب معي، وضعفت عن غضبك فلا مؤيد لي، وأشرفت على خوف لقائك فلا مسكن لروعتي (1) ومن يؤمنني منك وأنت


30 – *. 1 – لروعتي: لخوفي وفزعي.

[ 117 ]

أخفتني؟ ومن يساعدني وأنت أفردتني؟ ومن يقويني وأنت أضعفتني؟ لا يجير يا إلهي إلا رب على مربوب، ولا يؤمن إلا غالب على مغلوب، ولا يعين إلا طالب على مطلوب، وبيدك يا إلهي جميع ذلك السبب، وإليك المفر والمهرب، فصل على محمد وآله، وأجر هربي وأنجح مطلبي. اللهم إنك إن صرفت عني وجهك الكريم، أو منعتني فضلك الجسيم، أو حظرت (2) علي رزقك، أو قطعت عني سببك (3) لم أجد السبيل إلى شئ من أملي غيرك، ولم أقدر على ما عندك بمعونة سواك، فإني عبدك وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، لا أمر لي مع أمرك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، ولا قوة لي على الخروج من سلطانك، ولا أستطيع مجاوزة قدرتك، ولا أستميل (4) هواك، ولا أبلغ رضاك، ولا أنال ما عندك إلا بطاعتك وبفضل رحمتك. إلهي أصبحت وأمسيت عبدا داخرا (5) لك، لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا بك، أشهد بذلك على نفسي، وأعترف بضعف قوتي، و قلة حيلتي، فأنجز لي ما وعدتني، وتمم لي ما آتيتني، فإني عبدك المسكين المستكين (6) الضعيف الضرير، الذليل الحقير، المهين الفقير، الخائف المستجير.


2 – حظرت: منعت. 3 – سببك: ما يوصلني إليك. 4 – أستميل: أستعطف. 5 – داخرا: صاغرا ذليلا. 6 – المستكين: الخاضع.

[ 118 ]

اللهم صل على محمد وآله، ولا تجعلني ناسيا لذكرك فيما أوليتني، ولا غافلا لاحسانك فيما أبليتني، ولا آيسا من إجابتك لي وإن أبطات عني في سراء كنت أو ضراء، أو شدة أو رخاء، أو عافية أو بلاء، أو بؤس أو نعماء، أو جدة (7) أو لاواء (8) أو فقر أو غنى. اللهم صل على محمد وآله، واجعل ثنائي عليك، ومدحي إياك وحمدي لك في كل حالاتي، حتى لا أفرح بما آتيتني من الدنيا، ولا أحزن على ما منعتني فيها، وأشعر قلبي تقواك، واستعمل بدني فيما تقبله مني، واشغل بطاعتك نفسي عن كل ما يرد علي، حتى لا أحب شيئا من سخطك، ولا أسخط شيئا من رضاك. اللهم صل على محمد وآله، وفرغ قلبي لمحبتك، واشغله بذكرك، وانعشه بخوفك، وبالوجل منك، وقوة بالرغبة إليك، وأمله إلى طاعتك، وأجر به في أحب السبل إليك، وذلله بالرغبة فيما عندك أيام حياتي كلها، واجعل تقواك من الدنيا زادني، وإلى رحمتك رحلتي، وفي مرضاتك مدخلي، واجعل في جنتك مثواي (9) وهب لي قوة أحتمل بها جميع مرضاتك، واجعل فراري إليك، ورغبتي فيما عندك، وألبس قلبي الوحشة من شرار خلقك، وهب لي الانس بك وبأوليائك وأهل طاعتك، ولا تجعل لفاجر ولا كافر علي منة، ولا له عندي يدا (10)


7 – جدة: غنى وسعة. 8 – لاواء: شدة وضيق. 9 – مثواي: إقامتي. 10 – يدا: نعمة.

[ 119 ]

ولا بي إليهم حاجة، بل اجعل سكون قلبي، وأنس نفسي، واستغنائي وكفايتي بك وبخيار خلقك. اللهم صل على محمد وآله، واجعلني لهم قرينا، واجعلني لهم نصيرا، وامنن علي بشوق إليك، وبالعمل لك بما تحب وترضى، إنك على كل شئ قدير، وذلك عليك يسير. (58) دعاؤه عليه السلام إذا أحزنه أمر روي أن علي بن الحسين عليهما السلام كان إذا أحزنه أمر لبس أنظف ثيابه، وأسبغ الوضوء، وسعد على سطحه، فصلى أربع ركعات: يقرأ في الاولى ” الحمد ” و ” إذا زلزلت ” وفي الثانية ” الحمد ” و ” إذا جاء نصر الله “، وفي الثالثة ” الحمد ” و ” قل يا أيها الكافرون “، وفي الرابعة ” الحمد ” و ” قل هو الله أحد “، ثم يرفع يديه إلى السماء، ويقول: اللهم إني أسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على مغالق أبواب السماء للفتح انفتحت، وإذا دعيت بها على مضايق الارضين للفرج انفرجت. وأسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على أبواب العسر لليسر تيسرت. وأسألك بأسمائك التي أذا دعيت بها على القبور للنشور انتشرت (1) صل على محمد وآل محمد واقلبني (2) بقضاء حاجتي.


1 – على القبور تنشرت ” خ “. 2 – اقلبني: أرجعني.

[ 120 ]

قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا – والله – لا يزول قدمه حتى تقضى حاجته إن شاء الله تعالى. (59) دعاؤه عليه السلام عند الشدة والجهد وتعسر الامور اللهم إنك كلفتني من نفسي ما أنت أملك به مني، وقدرتك عليه وعلي أغلب من قدرتي، فأعطني من نفسي ما يرضيك عني، وخذ لنفسك رضاها من نفسي في عافية. اللهم لا طاقة لي بالجهد، ولا صبر لي على البلاء، ولا قوة لي على الفقر، فلا تحظر (1) علي رزقي، ولا تكلني (2) إلى خلقك، بل تفرد بحاجتي وتول كفايتي، وانظر إلي، وانظر لي في جميع أموري، فإنك إن وكلتني إلى نفسي عجزت عنها ولم أقم ما فيه مصلحتها، وإن وكلتني إلى خلقك تجهموني (3) وإن الجأتني إلى قرابتي حرموني، وإن أعطوا أعطوا قليلا نكدا (4) ومنوا علي طويلا، وذموا كثيرا، فبفضلك اللهم فأغنني، وبعظمتك فانعشني، وبسعتك فابسط يدي، و بما عندك فاكفني. اللهم صل على محمد وآله، وخلصني من الحسد، واحصرني (5) عن الذنوب، وورعني عن المحارم، ولا تجرئني على المعاصي،


1 – تحظر: تمنع. 2 – تكلني: تسلمني وتتركني. 3 – تجهموني: استقبلوني بوجه كريه. 4 – نكدا: قليل الخير. 5 – احصرني: امنعني واحبسني.

[ 121 ]

واجعل هواي عندك، ورضاي فيما يرد علي منك، وبارك لي فيما رزقتني وفيما خولتني (6) وفيما أنعمت به علي، واجعلني في كل حالاتي محفوظا، مكلوءا (7) مستورا ممنوعا معاذا مجارا. اللهم صل على محمد وآله، واقض عني كل ما ألزمتنيه وفرضته علي لك في وجه من وجوه طاعتك، أو لخلق من خلقك وإن ضعف عن ذلك بدني، ووهنت عنه قوتي، ولم تنله مقدرتي، ولم يسعه مالي ولا ذات يدي، ذكرته أو نسيته هو يا رب مما قد أحصيته علي وأغفلته أنا من نفسي، فأده عني من جزيل عطيتك وكبير (8) ما عندك، فإنك واسع كريم، حتى لا يبقى علي شئ منه تريد أن تقاصني به (9) من حسناتي، أو تضاعف به من سيئاتي يوم ألقاك يا رب. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني الرغبة في العمل لك لآخرتي، حتى أعرف صدق ذلك من قلبي، وحتى يكون الغالب علي الزهد في دنياي، وحتى أعمل الحسنات شوقا، وآمن من السيئات فرقا (10) وخوفا، وهب لي نورا أمشي به في الناس، وأهتدي به في الظلمات، وأستضئ به من الشك والشبهات. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني خوف غم الوعيد، وشوق ثواب الموعود، حتى أجد لذة ما أدعوك له، وكآبة ما أستجير بك منه. * (هامش * 6 – خولتني: ملكتني وأعطيتني. 7 – مكلوءا: محروسا. 8 – وكثير ” خ “. 9 – تقاصني به: تنقص بسببه. 10 – فرقا: فزعا.


[ 122 ]

اللهم قد تعلم ما يصلحني من أمر دنياي وآخرتي، فكن بحوائجي حفيا (11). اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقني الحق عند تقصيري في الشكر لك، بما أنعمت علي في اليسر والعسر، والصحة والسقم، حتى أتعرف من نفسي روح الرضا، وطمأنينة النفس مني بما يجب لك، فيما يحدث في حال الخوف والامن، والرضا والسخط، والضر والنفع. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني سلامة الصدر من الحسد حتى لا أحسد أحدا من خلقك على شئ من فضلك، وحتى لا أرى نعمة من نعمك على أحد من خلقك في دين أو دنيا، أو عافية أو تقوى، أو سعة أو رخاء إلا رجوت لنفسي أفضل ذلك بك ومنك، وحدك لا شريك لك. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني التحفظ من الخطايا، والاحتراس من الزلل في الدنيا والآخرة في حال الرضا والغضب، حتى أكون بما يرد علي منهما بمنزلة سواء، عاملا بطاعتك، مؤثرا (12) لرضاك على ما سواهما في الاولياء والاعداء، حتى يأمن عدوي من ظلمي وجوري، وييأس وليي من ميلي وانحطاط (13) هواي. واجعلني ممن يدعوك مخلصا في الرخاء، دعاء المخلصين


11 – حفيا: بارا معينا. 12 – مؤثرا: محبا مختارا. 13 – انحطاط: هبوط.

[ 123 ]

المضطرين لك في الدعاء، إنك حميد مجيد. (60) دعاؤه عليه السلام عند الضيق والشدة الحمد لله الذي شكر على ما به أنعم، والحمد لله الذي ذم على ما لو شاء منه لعصم، فأستغفر الله من الذنوب التي علمها في الغيوب قبل خطراتها على القلوب. اللهم إني أطعتك والمنة لك، وعصيتك والحجة علي، يا من يعلم ما هو كائن قبل أن يكون باتساع قدرتك علي وفقري إلى مغفرتك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تأتيني بفرج من عندك، يشبه حسن ظني بك، وسالف ما أسديت (1) من فضلك. (61) دعاؤه عليه السلام إذا سأل الله العافية وشكرها اللهم صل على محمد وآله، وألبسني عافيتك، وجللني عافيتك، وحصني بعافيتك، وأكرمني بعافيتك، وأغنني بعافيتك، وتصدق علي بعافيتك، وهب لي عافيتك، وأفرشني عافيتك، وأصلح لي عافيتك، ولا تفرق بيني وبين عافيتك في الدنيا والآخرة. اللهم صل على محمد وآله، وعافني عافية كافية شافية عالية نامية، عافية تولد في بدني العافية، عافية الدنيا والآخرة، وامنن


1 – أسديت: أحسنت.

[ 124 ]

علي بالصحة والامن والسلامة في ديني وبدني، والبصيرة (1) في قلبي، والنفاذ (2) في أموري، والخشية لك، والخوف منك، والقوة على ما أمرتني به من طاعتك، والاجتناب لما نهيتني عنه من معصيتك. اللهم وامنن علي بالحج والعمرة، وزيارة قبر رسولك صلواتك عليه ورحمتك وبركاتك عليه وعلى آله، وآل رسولك عليهم السلام أبدا ما أبقيتني في عامي هذا، وفي كل عام، واجعل ذلك مقبولا مشكورا، مذكورا لديك، مذخورا (3) عندك، وأنطق بحمدك وشكرك وذكرك وحسن الثناء عليك لساني، واشرح لمراشد دينك قلبي، وأعذني وذريتي من الشيطان الرجيم، ومن شر السامة والهامة والعامة واللامة (4) ومن شر كل شيطان مريد (5) ومن شر كل سلطان عنيد، ومن شر كل مترف حفيد (6) ومن شر كل ضعيف وشديد، ومن شر كل شريف ووضيع، ومن شر كل صغير وكبير، ومن شر كل قريب وبعيد، ومن شر كل من نصب (7) لرسولك ولاهل بيته حربا من الجن والانس، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على صراط مستقيم. اللهم صل على محمد وآله، ومن أرادني بسوء فاصرفه عني، وادحر (8) عني مكره، وادرأ عني شره، ورد كيده في نحره، واجعل بين


1 – البصيرة: اليقين. 2 – النفاذ: المضي والنجاح. 3 – مذخورا: مخبأ ليوم الحاجة. 4 – اللامة: العين المصيبة بسوء. * *. 5 – مريد: عات مستكبر. 6 – حفيد: صاحب مال وخدم. * *. 7 – نصب: أظهر وأقام. 8 – ادحر: اطرد.

[ 125 ]

يديه سدا حتى تعمي عني بصره، وتصم عن ذكري سمعه، وتقفل دون إخطاري قلبه، وتخرس عني لسانه، وتقمع رأسه، وتذل عزه، وتكسر جبروته، وتذل رقبته، وتفسخ كبره، وتؤمنني من جميع ضره وشره وغمزه وهمزه ولمزه وحسده وعداوته وحبائله ومصائده ورجله وخيله (9) إنك عزيز قدير. (62) دعاؤه عليه السلام حين سمع من يسأل الله الصبر عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال: رأى علي بن الحسين عليهما السلام رجلا يطوف بالكعبة وهو يقول: ” اللهم إني أسألك الصبر “. قال: فضرب علي بن الحسين عليهما السلام على كتفه، ثم قال: سألت البلاء، قل: اللهم إني أسألك العافية، والشكر على العافية. (63) دعاؤه عليه السلام لابويه عليهما السلام اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وأهل بيته الطاهرين، واخصصهم بأفضل صلواتك ورحمتك وبركاتك وسلامك، واخصص اللهم والدي بالكرامة لديك، والصلاة منك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآله، وألهمني (1) علم ما يجب لهما علي


9 – رجله وخيله: كناية عن أعوانه من كل راكب وماش. 1 – ألهمني: ألق في ذهني.

[ 126 ]

إلهاما، واجمع لي علم ذلك كله تماما، ثم استعملني بما تلهمني منه ووفقني للنفوذ (2) فيما تبصرني من علمه، حتى لا يفوتني استعمال شئ علمتنيه، ولا تثقل أركاني عن الحفوف (3) فيما ألهمتنيه. اللهم صل على محمد وآله كما شرفتنا به، وصل على محمد وآله كما أوجبت لنا الحق على الخلق بسببه. اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف (4) وأبرهما بر الام الرؤوف، واجعل طاعتي لوالدي، وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان (5) وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أوثر على هواي هواهما، وأقدم على رضاي رضاهما، وأستكثر برهما بي وإن قل، وأستقل بري بهما وإن كثر. اللهم خفض لهما صوتي، وأطب لهما كلامي، وألن لهما عريكتي (6) وأعطف عليهما قلبي، وصيرني بهما رفيقا، وعليهما شفيقا. اللهم اشكر لهما تربيتي، وأثبهما على تكرمتي، واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري. اللهم وما مسهما مني من أذى، أو خلص إليهما عني من مكروه، أو ضاع قبلي لهما من حق، فاجعله حطة (7) لذنوبهما، وعلوا


2 – للنفوذ: للمضي. 3 – الحفوف: الاسراع. 4 – العسوف: الظلوم. 5 – الوسنان: النعسان. 6 – عريكتي: طبيعتي. 7 – حطة: محوا.

[ 127 ]

في درجاتهما، وزيادة في حسناتهما، يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات. اللهم وما تعديا علي فيه من قول، أو أسرفا علي فيه من فعل، أو ضيعاه لي من حق، أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته لهما، وجدت به عليهما، ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما، فإني لا أتهمهما على نفسي، ولا أستبطئهما في بري، ولا أكره ما تولياه من أمري يا رب، فهما أوجب حقا علي، وأقدم إحسانا إلي، وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل أو أجازيهما على مثل. أين إذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما (8) على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا أدرك ما يجب علي لهما، ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما. فصل على محمد وآله، وأعني يا خير من أستعين به، ووفقني يا أهدى من غرب إليه، ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والامهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون. اللهم صل على محمد وآله وذريته، واخصص أبوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين وأمهاتهم يا أرحم الراحمين. اللهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي، وفي إنى (آن) من آناء ليلي


8 – إقتارهما: إقلالهما وتضييقهما.

[ 128 ]

وفي كل ساعة من ساعات نهاري. اللهم صل على محمد وآله، واغفر لي بدعائي لهما، واغفر لهما ببرهما بي مغفرة حتما (9) وارض عنهما بشفاعتي لهما رضى عزما (10) وبلغهما بالكرامة مواطن السلامة. اللهم وإن سبقت مغفرتك لهما فشفعهما في، وإن سبقت مغفرتك لي فشفعني فيهما، حتى نجتمع برأفتك في دار كرامتك، ومحل مغفرتك ورحمتك، إنك ذو الفضل العظيم، والمن القديم، وأنت أرحم الراحمين. (64) دعاؤه عليه السلام لولده عليهم السلام اللهم ومن علي ببقاء ولدي، وبإصلاحهم لي وبإمتاعي بهم، إلهي أمدد لي في أعمارهم، وزد لي في آجالهم، ورب لي صغيرهم، وقولي ضعيفهم، وأصح لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم، وعافهم في أنفسهم وفي جوارحهم وفي كل ما عنيت به من أمرهم، وأدرر لي (1) وعلى يدي أرزاقهم، واجعلهم أبرارا أتقياء بصراء سامعين مطيعين لك، ولاوليائك محبين مناصحين، ولجميع أعدائك معاندين ومبغضين، آمين. اللهم اشدد بهم عضدي، وأقم بهم أودي (2) وكثر بهم عددي،


9 – حتما: لازما، محتوما. 10 – عزما: مقطوعا به. 1 – أدرر: أكثر وأوسع. 2 – أودي: إعوجاجي.

[ 129 ]

وزين بهم محضري، وأحي بهم ذكري، واكفني بهم في غيبتي، وأعني بهم على حاجتي، واجعلهم لي محبين، وعلي حدبين (3) مقبلين مستقيمين لي، مطيعين غير عاصين ولا عاقين ولا مخالفين ولا خاطئين، وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم، وهب لي من لدنك معهم أولادا ذكورا، واجعل ذلك خيرا لي، واجعلهم لي عونا على ما سألتك. وأعذني وذريتي من الشيطان الرجيم، فإنك خلقتنا وأمرتنا ونهيتنا، ورغبتنا في ثواب ما أمرتنا، ورهبتنا عقابه، وجعلت لنا عدوا يكيدنا (4) سلطته منا على ما لم تسلطنا عليه منه، أسكنته صدورنا، وأجريته مجاري دمائنا، لا يغفل إن غفلنا، ولا ينسى إن نسينا، يؤمننا عقابك، ويخوفنا بغيرك، إن هممنا بفاحشة شجعنا عليها، وإن هممنا بعمل صالح ثبطنا (5) عنه، يتعرض لنا بالشهوات، وينصب لنا بالشبهات، إن وعدنا كذبنا، وإن منانا (6) أخلفنا، وإلا تصرف عنا كيده يضلنا، وإلا تقنا خباله (7) يستزلنا. اللهم فاقهر سلطانه عنا بسلطانك، حتى تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك، فنصبح من كيده في المعصومين بك. اللهم أعطني كل سؤلي، واقض لي حوائجي، ولا تمنعني الاجابة


3 – حدبين: متعطفين مشفقين. 4 – يكيدنا: يخدعنا. 5 – ثبطنا: أثقلنا وأقعدنا. 6 – منانا: شهانا. 7 – خباله: فساده.

[ 130 ]

وقد ضمنتها لي، ولا تحجب دعائي عنك، وقد أمرتني به. وامنن علي بكل ما يصلحني في دنياي وآخرتي ما ذكرت منه وما نسيت، أو أظهرت أو أخفيت، أو أعلنت أو أسررت. واجعلني في جميع ذلك من المصلحين (8) بسؤالي إياك، المنجحين بالطلب إليك، غير الممنوعين بالتوكيل عليك، المعودين بالتعوذ بك، الرابحين في التجارة عليك، المجارين (9) بعزك، الموسع عليهم الرزق الحلال من فضلك الواسع بجودك وكرمك، المعزين من الذل بك، والمجارين (9) من الظلم بعدلك، والمعافين من البلاء برحمتك، والمغنين من الفقر بغناك، والمعصومين من الذنوب والزلل والخطأ بتقواك، والموفقين للخير والرشد (10) والصواب بطاعتك، والمحال بينهم وبين الذنوب بقدرتك، التاركين لكل معصيتك، الساكنين في جوارك. اللهم أعطنا جميع ذلك بتوفيقك ورحمتك، وأعذنا من عذاب السعير، وأعط جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات مثل الذي سألتك لنفسي ولولدي في عاجل الدنيا وآجل الآخرة. إنك قريب مجيب، سميع عليم، عفو غفور رؤوف رحيم ” وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” (11).


8 – المفلحين ” ح “. 9 – المجارين: المحفوظين. 10 – الرشد: الصلاح. 11 – *.

[ 131 ]

(65) دعاؤه عليه السلام لجيرانه وأوليائه إذا ذكرهم اللهم صل على محمد وآله، وتولني في جيراني وموالي العارفين بحقنا، والمنابذين (1) لاعدائنا بأفضل ولايتك، ووفقهم لاقامة سنتك، والاخذ بمحاسن أدبك في إرفاق ضعيفهم، وسد خلتهم، وعيادة مريضهم، وهداية مسترشدهم، ومناصحة مستشيرهم، وتعهد قادمهم، وكتمان أسرارهم، وستر عوراتهم، ونصرة مظلومهم، وحسن مواساتهم (2) بالماعون (3) والعود عليهم بالجدة والافضال، وإعطاء ما يجب لهم قبل السؤال. واجعلني اللهم أجزي بالاحسان مسيئهم، وأعرض بالتجاوز عن ظالمهم، وأستعمل حسن الظن في كافتهم، وأتولى بالبر عامتهم وأغض بصري عنهم عفة، وألين جانبي لهم تواضعا، وأرق على أهل البلاء منهم رحمة، وأسر لهم بالغيب مودة، وأحب بقاء النعمة عندهم نصحا، وأوجب لهم ما أوجب لحامتي (4) وأرعى لهم ما أرعى لخاصتي. اللهم صل على محمد وآله، وارزقني مثل ذلك منهم، واجعل لي


1 – المنابذين: المخالفين والمفارقين. 2 – مواساتهم: معاونتهم. 3 – * *. 4 – لحامتي: لخاصتي وقرابتي.

[ 132 ]

أو في الحظوظ فيما عندهم، وزدهم بصيرة في حقي، ومعرفة بفضلي، حتى يسعدوا بي وأسعد بهم، آمين رب العالمين. (66) دعاؤه عليه السلام لجيرانه اللهم تولني في جيراني بإقامة سنتك، والاخذ بمحاسن أدبك في إرفاق ضعيفهم، وسد خلتهم، وتعهد قادمهم، وعيادة مريضهم، وهداية مسترشدهم، ومناصحة مستشيرهم، وكتمان أسرارهم، وستر عوراتهم ونصرة مظلومهم، وحسن مواساتهم بالماعون، والعود عليهم بالجدة والافضال، وإعطاء ما يجب لهم قبل السؤال، والجود بالنوال (1) يا أرحم الراحمين (2). (67) دعاؤه عليه السلام لاهل الثغور اللهم صل على محمد وآله، وحصن ثغور (1) المسلمين بعزتك، وأيد حماتها بقوتك، وأسبغ (2) عطاياهم من جدتك. اللهم صل على محمد وآله، وكثر عدتهم، واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم (3) وامنع حومتهم، وألف جمعهم، ودبر أمرهم، وواتر (4) بين ميرهم (5) وتوحد بكفاية مؤنهم، واعضدهم بالنصر،


1 – النوال: العطاء 2 – يا رب العالمين ” خ “. 1 – الثغور: الاماكن التي يخاف هجوم العدو منها. 2 – أسبغ: أوسع. 3 – حوزتهم: حدودهم ونواحيهم. 4 – واتر: تابع. 5 – ميرهم: أقواتهم.

[ 133 ]

وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر. اللهم صل على محمد وآله، وعرفهم ما يجهلون، وعلمهم ما لا يعلمون، وبصرهم ما لا يبصرون. اللهم صل على محمد وآله، وأنسهم عند لقائهم العدو ذكر دنياهم الخداعة الغرور، وامح عن قلوبهم خطرات المال الفتون، واجعل الجنة نصب أعينهم، ولوح (6) منها لابصارهم ما أعددت فيها من مساكن الخلد، ومنازل الكرامة، والحور الحسان، والانهار المطردة (7) بأنواع الاشربة، والاشجار المتدلية بصنوف الثمر، حتى لا يهم أحد منهم بالادبار ولا يحدث نفسه عن قرنه (8) بفرار. اللهم افلل (9) بذلك عدوهم، واقلم عنهم أظفارهم (10) وفرق بينهم وبين أسلحتهم، واخلع وثائق أفئدتهم (11) وباعد بينهم وبين أزودتهم (12) وحيرهم في سبلهم، وضللهم عن وجههم، واقطع عنهم المدد، وانقض منهم العدد. واملا أفئدتهم الرعب، واقبض أيديهم عن البسط، واخزم (13) ألسنتهم عن النطق، وشرد بهم من خلفهم، ونكل بهم (14) من وراءهم، واقطع بخزيهم أطماع من بعدهم. اللهم عقم أرحام نسائهم، ويبس أصلاب رجالهم، واقطع نسل


6 لوح: أظهر. 7 – المطردة: الجارية. 8 – قرنه: كفؤه. 9 – اقلل: اهزم واكسر. 10، 11 – * *. 12 – أزودتهم: إمداداتهم ومؤنهم. 13 – اخزم: اخرس وامنع. 14 – نكل بهم: اجعلهم عبرة لغيرهم.

[ 134 ]

دوابهم، وأنعامهم، لا تأذن لسمائهم في قطر، ولا لارضهم في نبات. اللهم وقو بذلك محال (15) أهل الاسلام، وحصن به ديارهم، وثمر به أموالهم، وفرغهم عن محاربتهم لعبادتك، وعن منابذتهم (16) للخلوة بك، حتى لا يعبد في بقاع الارض غيرك، ولا تعفر لاحد منهم جبهة دونك. اللهم اعز بكل ناحية من المسلمين على من بإزائهم من المشركين، وامددهم بملائكة من عندك مردفين (17) حتى يكشفوهم إلى منقطع التراب (18) قتلا في أرضك وأسرا، أو يقروا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. اللهم واعمم (19) بذلك أعداءك في أقطار البلاد من الهند والروم والترك والخزر والحبش والنوبة والزنج والسقالبة والديالمة، وسائر أمم الشرك الذين تخفى أسماؤهم وصفاتهم، وقد أحصيتهم بمعرفتك، وأشرفت عليهم بقدرتك. اللهم اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين، وخذهم بالنقص عن تنقصهم، وثبطهم (20) بالفرقة عن الاحتشاد (21) عليهم. اللهم أخل قلوبهم من الامنة، وأبدانهم من القوة، وأذهل (22)


15 – محال: قوة. 16 – منابذتهم: مخالفتهم. 17 – مردفين: متبعين بعضهم لبعض. 18 – منقطع التراب: نهاية الارض. 19 – اعمم: اشمل. 20 – ثبطهم: أقعدهم واشغلهم. 21 – الاحتشاد: الاجتماع. 22 – أذهل: أنس.

[ 135 ]

قلوبهم عن الاحتيال، وأوهن أركانهم (23) عن منازلة الرجال، وجبنهم عن مقارعة (24) الابطال، وابعث عليهم جندا من ملائكتك ببأس من بأسك كفعلك يوم بدر تقطع به دابرهم (25) وتحصد به شوكتهم، وتفرق به عددهم. اللهم وامزج مياههم بالوباء، وأطعمتهم بالادواء، وارم بلادهم بالخسوف، وألح عليها بالقذوف (26) وافرعها بالمحول (27) واجعل ميرهم في أحص أرضك (28)) وأبعدها عنهم، وامنع حصونها منهم، أصبهم بالجوع المقيم والسقم الاليم. اللهم وأيما غاز غزاهم من أهل ملتك، أو مجاهد جاهدهم من أتباع سنتك ليكون دينك الاعلى، وحزبك الاقوى، وحظك الاوفى، فلقه اليسر، وهئ له الامر، وتوله بالنجح، وتخير له الاصحاب واستقو له الظهر، وأسبغ عليه في النفقة. ومتعه بالنشاط، واطف عنه حرارة الشوق، وأجره من غم الوحشة، وأنسه ذكر الاهل والولد، وآثر له (29) حسن النية، وتوله بالعافية وأصحبه السلامة، واعفه من الجبن، وألهمه الجرأة، وارزقه الشدة، وأيده بالنصرة، وعلمه السير والسنن، وسدده في الحكم، واعزل عنه الرياء، وخلصه من السمعة، واجعل فكره وذكره وظعنه (30) وإقامته


23 – أوهن أركانهم: أضعف أشرافهم. 24 – مقارعة: مضاربة ومنازلة. 25 – دابرهم: آخرهم. 26، 2 7، 28 – * *. 29 – آثر له: اجعله يؤثر النية الحسنة. * *. 30 – ظعنه: ارتحاله وسفره.

[ 136 ]

فيك ولك. فإذا صاف (31) عدوك وعدوه، فقللهم في عينه، وصغر شأنهم في قلبه، وأدل له منهم (32) ولا تدلهم منه، فإن ختمت له بالسعادة، وقضيت له بالشهادة، فبعد أن يجتاح (33) عدوك بالقتل، وبعد أن يجهد (34) بهم الاسر، وبعد أن تأمن أطراف المسلمين، وبعد أن يولي عدوك مدبرين. اللهم وأيما مسلم خلف غازيا، أو مرابطا في داره، أو تعهد خالفيه في غيبته، أو أعانه بطائفة من ماله، أو أمده بعتاد، أو شحذه (35) على جهاد، أو أتبعه في وجهه دعوة، أو رعى له من ورائه حرمة، فأجر له مثل أجره وزنا بوزن، ومثلا بمثل، وعوضه من فعله عوضا حاضرا يتعجل به نفع ما قدم، وسرور ما أتى إلى أن ينتهي به الوقت إلى ما أجريت له من فضلك، وأعددت له من كرامتك. اللهم وأيما مسلم أهمه أمر الاسلام، وأحزنه تحزب أهل الشرك عليهم، فنوى غزوا، أو هم بجهاد، فقعد به ضعف، أو أبطات به فاقة (36) أو أخره عنه حادث، أو عرض له دون إرادته مانع، فاكتب إسمه في العابدين، وأوجب له ثواب المجاهدين، واجعله في نظام الشهداء والصالحين.


31 – صادف ” خ “. صاف: وقف في الصف المقابل. 32 – أدل له منهم: انصره عليهم. 33 – يجتاح يهلك ويستأصل. 34 – يجهد: يكثر. 35 – شحذه: حثه ورغبه. 36 – فاقة: حاجة.

[ 137 ]

اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وآل محمد صلاة عالية على الصلوات، مشرفة فوق التحيات، صلاة لا ينتهي مددها (37) ولا ينقطع عددها، كأتم ما مضى من صلواتك على أحد من أوليائك، إنك المنان الحميد، المبدئ المعيد، الفعال لما تريد. (68) دعاؤه عليه السلام لمحمد بن شهاب الزهري (1) روى الزهري أن علي بن الحسين عليهما السلام دعا له به عند مرضه، فقضى حوائجه، وهو: اللهم إن ابن شهاب قد فزع إلي بالوسيلة إليك بآبائي فيها، فأسألك (2) بالاخلاص من آبائي وأمهاتي إلا جدت عليه بما قد أمل ببركة دعائي، واسكب له من الرزق، وارفع له من القدر، وغيره ما يصيره كفتا (3) لما علمته من العلم. قال الزهري: فوالذي نفسي بيده ما اعتللت ولا مربي ضيق ولا بؤس مذ دعا بهذا الدعاء. (69) دعاؤه عليه السلام لما اشتكي إليه من جور بني أمية مرفوعا إلى جابر قال: لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا في أيامهم الدم الحرام، ولعنوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على منابرهم (ألف شهر) واغتالوا


37 – أمدها ” خ “. 1 – * *. 2 – استظهرها في الصحيفة ” 5 “. 3 – لقنا ” خ “. كفتا: خفيفا دقيقا.

[ 138 ]

شيعته في البلدان، وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم، وما لاتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا، وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين عليه السلام، فمن لم يلعنه قتلوه، فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال، اشتكت الشيعة إلى زين العابدين عليه السلام، وقالوا: يا ابن رسول الله، أجلونا عن البلدان، وأفنونا بالقتل الذريع، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين عليه السلام في البلدان وفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى منبره، ولا ينكر عليهم منكر، ولا يغير عليهم مغير، فإن أنكر واحد منا على لعنه قالوا: هذا ترابي، ورفع ذلك إلى سلطانهم، وكتب إليه: إن هذا ذكر أبا تراب بخير حتى ضرب وحبس ثم قتل. فلما سمع ذلك عليه السلام نظر إلى السماء وقال: سبحانك ما أعظم شأنك! إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم، وهذا كله بعينك، إذ لا يغلب قضاؤك، ولا يرد تدبير محتوم أمرك، فهو كيف شئت، وأنى شئت، لما أنت أعلم به منا. (1) ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر عليه السلام، فقال: يا محمد، قال: لبيك. قال: إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله، فحركه تحريكا لينا. وذكر خبر الخيط المعروف. (70) دعاؤه عليه السلام على أهل الشام


1 – أورده المجلسي بهذا اللفظ: سبحانك اللهم سيدي: ما أحلمك وأعظم شأنك في حلمك وأعلى سلطانك، يا رب قد أمهلت عبادك في بلادك حتى ظنوا أنك قد أمهلتهم أبدا، وهذا كله بعينك إذ لا يغالب قضاؤك ولا يرد المحتوم من تدبيرك، كيف شئت وأني شئت وأنت أعلم به منا.

[ 139 ]

اللهم إنك قد ندبت (1) إلى فضلك، وأمرت بدعائك، وضمنت الاجابة لدعاتك، ولم يخب من فزع إليك برغبته، أو قصدك بحاجته ولم يرجع منك الطالب صفرا من عطائك، ولا خائبا من مواهبك، وأي راج أمك (2) فلم يجدك قريبا، وأي وافد وفد إليك فاقتطعته عوائق الرد دونك، بل أي مستنبط لمزيدك أكدى (3) دون استماحة سجال نعمتك؟! اللهم وقد قصدت إليك بطلبتي، وقرعت باب فضلك يد مسألتي، وناداك بالخشوع والاستكانة قلبي، ووجدتك خير شفيع، وقد علمت تباركت وتعاليت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر بفكري أو يقع في خلدي (4) فصل اللهم دعائي بالاجابة، واشفع مسألتي إياك بنجح طلبتي. اللهم وقد شملنا زيغ الفتن، واستولت علينا عشوة (5) الحيرة، وقارعنا الذل والصغار (6) وحكم في عبادك غير المأمونين على دينك، فابتز (7) أمور آل محمد من نقض حكمك، وسعى في تلف عبادك المؤمنين، فجعل فيئنا مغنما، وأمانتنا وعهدنا ميراثا، واشتريت الملاهي والمعازف والكبارات (8) بسهم الارملة واليتيم والمسكين، فرتع (9) في مالك من لا يرعى لك حرمة، وحكم في أبشار (10)


1 – ندبت: دعيت. 2 – راج أمك: مؤمل قصدك. 3 – أكدى: لم يظفر بحاجته. 4 – خلدي: بالي ونفسي. 5 – * *. 6 – الصغار: الذل والضيم. 7 – ابتز: سلب قهرا. 8 – والكفارات ” خ “. * *. 9 – رتع: تنعم. 10 – أبشار: جلود.

[ 140 ]

المسلمين أهل الذمة، فلا ذائد يذودهم (11) عن هلكه، ولا راحم ينظر إليهم بعين الحرمة، ولا ذو شفاعة يشفع لذات الكبد الحرى من المسغبة (12) فهم أهل ضرع (13) وضياع، وأسراء مسكنة، وخلفاء (14) كآبة وذلة. اللهم وقد استحصد زرع الباطل، وبلغ نهيته (15) واستحكم عموده، وخرف (16) وليده، ووسق (17) طريده، وضرب بجرانه (18). اللهم فأتح له من الحق يدا حاصدة، تصرع (19) بها قائمة وسوقه، وتجتث سنامه، وتجدع مراغمه (20) لينظر إليه بقبيح حليته، ويظهر الحق بحسن صورته. اللهم ولا تدع للجورد عامة إلا قصمتها (21) ولا جنة إلا هتكتها، ولا كلمة مجتمعة إلا فرقتها، ولا قائمة إلا خفضتها، ولا راية إلا نكستها وحططتها، ولا علوا إلا أسفلته، ولا خضراء إلا أبدتها. اللهم وكور شمسه، وأطفئ نوره، وأم (22) بالحق رأسه، وفض جيوشه، وأرعب قلوب أهله، وأرنا أنصار الجور عباديد (23) بعد الالفة، وشتى (24) بعد اجتماع الكلمة، ومقموعى (25) الرؤوس بعد الظهور على الامة.


11 – يذودهم: يطردهم. 12 – * *. 13 – الضرع: الخضوع والذل. 14 – حلفاء ” خ “. 15 – نهيته: غايته. 16 – خرف الثمر: اجتناه. 17 – وسق الشئ: حمله وجمعه. 18 – ضرب بجرانه: ثبت واستقر. 19 – تصرع: تقطع. 20 – * *. 21 – قصمتها: كسرتها. 22 – أم: شج. 23 – عباديد: فرق. 24 – شتى: متفرقين. 25 – مقموعي: مقهوري.

[ 141 ]

اللهم وأسفر (26) لنا عن نهار الحق والعدل، وأرناه سرمدا، و أهطل علينا بركته، وأدله (27) ممن ناواه وعاداه، وأوضح به في غسق الليل المظلم وبهيم الحيرة المدلهم (28). اللهم وأحي به الارض الميتة، واجمع به الاهواء المتفرقة، وأقم به الحدود المعطلة، وأسرب (29) به الاحكام المهملة. اللهم وأشبع به الخماص السغبة (30) وارحم به الابدان اللغبة (31). اللهم وقد عرفتنا من حسن إجابتك ما قد يحضنا (32) مسألتك، وأنت المتفضل، فافتح لنا حسب كرمك باب فرج من عندك، ورزق طيب، وقضاء حوائج بفضلك إنك أنت المتفضل المنان، وصلى الله على محمد وآله أجمعين. (71) دعاؤه عليه السلام على حرملة بن كاهل ” لعنه الله ” عن المنهال بن عمرو، قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام منصرفي من مكة، فقال لي: يا منهال! ما صنع حرملة بن كاهل الاسدي؟ فقلت: تركته حيا بالكوفة. قال: فرفع يديه جميعا، ثم قال عليه السلام: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار.


26 – أسفر: اكشف. 27 – * *. 28 – المدلهم: الشديد السواد. 29 – أسرب: أجر. 30 – السغبة: الجائعة. 31 – اللغبة: المتعبة. 32 – يحضنا: يغرينا.

[ 142 ]

قال المنهال: فقدمت الكوفة، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان لي صديقا، فكنت في منزلي أياما حتى انقطع الناس عني، وركبت إليه، فلقيته خارجا من داره، فقال: يا منهال، لم تأتنا في ولايتنا هذه، ولم تهنئنا بها، ولم تشركنا فيها؟ فأعلمته أني كنت بمكة، وأني قد جئتك الآن، وسايرته ونحن نتحدث حتى أتى الكناس، فوقف وقوفا كأنه ينظر شيئا، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن كاهل، فوجه في طلبه، فلم يلبث أن جاء قوم يركضون، وقوم يشتدون، حتى قالوا: أيها الامير البشارة، قد أخذ حرملة بن كاهل. فما لبثنا أن جئ به، فلما نظر إليه المختار، قال لحرملة: الحمد لله الذي مكنني منك، ثم قال: الجزار الجزار. فأتي بجزار، فقال له: اقطع يديه. فقطعتا، ثم قال له: اقطع رجليه. فقطعتا، ثم قال: النار النار. فأتي بنار وقصب، فألقي عليه فاشتعل فيه النار، فقلت: سبحان الله! فقال لي: يا منهال إن التسبيح لحسن ففيم سبحت؟ فقلت: أيها الامير، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على علي بن الحسين عليهما السلام، فقال لي: يا منهال ما فعل حرملة بن كاهل الاسدي، فقلت: تركته حيا بالكوفة، فرفع يديه جميعا، فقال: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار. فقال لي المختار: أسمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول هذا؟ فقلت: والله لقد سمعته يقول هذا. قال: فنزل عن دابته، وصلى ركعتين، فأطال السجود، ثم قال فركب وقد احترق حرملة، وركبت معه، وسرنا فحاذيت داري، فقلت: أيها الامير، إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي، فقال: يا منهال، تعلمني أن علي بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي، ثم تأمرني أن آكل؟! هذا يوم صوم شكرا لله عزوجل على ما فعلته بتوفيقه. وحرملة هو الذي حمل رأس الحسين عليه السلام. (72) دعاؤه عليه السلام على عبيدالله بن زياد ” لعنه الله “


[ 143 ]

المدائني، عن رجاله أن المختار بن أبي عبيد الثقفي ظهر بالكوفة. فبعث برأس ابن زياد إلى علي بن الحسين عليهما السلام. فأدخل عليه وهو يتغدى. فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أدخلت علي ابن زياد لعنه الله وهو يتغدى ورأس أبي بين يديه فقلت: اللهم لا تمتني حتى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدى. فالحمد لله الذي أجاب دعوتي. (73) دعاؤه عليه السلام على ضمرة (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: موت الفجأة تخفيف على المؤمن، وأسف على الكافر، وإن المؤمن ليعرف غاسله وحامله، فإن كان له عند ربه خير ناشد حملته بتعجيله، وإن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصروا به. فقال ضمرة بن سمرة: يا علي، إن كان كما تقول لقفز من السرير. فضحك وأضحك، فقال علي بن الحسين عليهما السلام اللهم إن كان ضمرة بن سمرة ضحك وأضحك من حديث رسول الله فخذه أخذ آسف (2). فعاش بعد ذلك أربعين يوما، ومات فجأة، فأتى علي بن الحسين عليه السلام مولى لضمرة، فقال: أصلحك الله، إن ضمرة عاش بعد ذلك الكلام الذي كان


1 – * *. 2 – آسف: غاصب. ولفظ الدعاء في الكافي هكذا: ” اللهم إن كان ضمرة هزأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله فخذه أخذة (أخذ) آسف “.

[ 144 ]

بينك وبينه أربعين يوما، ومات فجأة، وإني أقسم بالله لسمعت صوته، وأنا أعرفه كما كنت أعرفه في الدنيا، وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة تخلى منه كل حميم، وحل بدار الجحيم، وبها مبيته والمقيل. فقال علي بن الحسين: الله أكبر هذا جزاء من ضحك وأضحك من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله. (74) دعاؤه عليه السلام متفزعا (1) إلى الله عزوجل اللهم إني أخلصت بانقطاعي إليك، وأقبلت بكلي عليك، وصرفت وجهي عمن يحتاج إلى رفدك (2) وقلبت مسألتي عمن لم يستغن عن فضلك، ورأيت أن طلب المحتاج إلى المحتاج سفه (3) من رأيه، وضلة (4) من عقله. فكم قد رأيت يا إلهي من أناس طلبوا العز بغيرك فذلوا، وراموا الثروة من سواك فافتقروا، وحاولوا الارتفاع فاتضعوا! فصح بمعاينة أمثالهم حازم وفقه اعتباره، وأرشده إلى طريق صوابه اختياره. فأنت يا مولاي دون كل مسؤول موضع مسألتي، ودون كل مطلوب إليه ولي حاجتي، وأنت المخصوص قبل كل مدعو بدعوتي، لا يشركك أحد في رجائي، ولا يتفق أحد معك في دعائي، ولا ينظمه (5) وإياك ندائي.


1 – متفزعا: ملتجئا. 2 – رفدك: عطائك ومعونتك. 3 – سفه: جهل. 4 – ضله: حيرة. 5 – لا ينظمه: لا يجمعه.

[ 145 ]

لك يا إلهي وحدانية العدد، وملكة القدرة الصمد، وفضيلة الحول والقوة، ودرجة العلو والرفعة، ومن سواك مرحوم في عمره، مغلوب على أمره، مقهور على شأنه، مختلف الحالات، متنقل في الصفات، فتعاليت عن الاشباه والاضداد، وتكبرت عن الامثال والانداد، فسبحانك لا إله إلا أنت. (75) دعاؤه عليه السلام في الاتكال على الله جل جلاله قال زيد بن أسلم: كان من دعاء علي بن الحسين عليهما السلام: اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني. (76) دعاؤه عليه السلام إذا قتر (1) عليه الرزق اللهم إنك ابتليتنا في أرزاقنا بسوء الظن، وفي آجالنا بطول الامل، حتى التمسنا أرزاقك (2) من عند المرزوقين، وطمعنا بآمالنا في أعمار المعمرين. فصل على محمد وآله، وهب لنا يقينا صادقا تكفينا به من مؤونة (3) الطلب، وألهمنا ثقة خالصة تعفينا بها من شدة


1 – قتر: ضيق. 2 – أرزاقنا ” خ “. 3 – مؤونة: ثقل وشدة.

[ 146 ]

النصب (4) واجعل ما صرحت به من عدتك (5) في وحيك، وأتبعته من قسمك في كتابك قاطعا لاهتمامنا بالرزق الذي تكفلت به، وحسما للاشتغال بما ضمنت الكفاية له، فقلت وقولك الحق الاصدق، وأقسمت وقسمك الابر الاوفى (6) ” وفي السماء رزقكم وما توعدون (7). ثم قلت: ” فورب السماء والارض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ” (8). (77) دعاؤه عليه السلام في طلب الرزق اللهم سألت عبادك قرضا مما تفضلت به عليهم، وضمنت لهم منه خلفا، ووعدتهم عليه وعدا حسنا، فبخلوا عنك، فكيف بمن هو دونك إذا سألهم؟! فالويل لمن كانت حاجته إليهم. فأعوذ بك يا سيدي أن تكلني إلى أحد منهم، فإنهم لو يملكون خزائن رحمتك لامسكوا خشية الانفاق بما وصفتهم ” وكان الانسان قتورا ” (1) اللهم اقذف (2) في قلوب عبادك محبتي، وضمن السماوات


4 النصب: التعب. 5 – عدتك: وعدك. 6 – الابر الاوفى: الاصدق الاتم. 7، 8 – *. 1 – *. 2 – اقذف: ألق.

[ 147 ]

والارض رزقي، وألق الرعب في قلوب أعدائك مني، وآنسني برحمتك، وأتمم علي نعمتك، واجعلها موصولة بكرامتك إياي، وأوزعني (3) شكرك، وأوجب لي المزيد من لدنك، ولا تنسني، ولا تجعلني من الغافلين، أحببني وحببني، وحبب إلي ما تحب من القول والعمل حتى أدخل فيه بلذة، وأخرج منه بنشاط، وأدعوك فيه بنظرك مني إليه لادرك به ما عندك من فضلك الذي مننت به على أوليائك، وأنال به طاعتك، إنك قريب مجيب. رب إنك عودتني عافيتك، وغذوتني بنعمتك، وتغمدتني برحمتك، تغدو وتروح بفضل ابتدائك لا أعرف غيرها، ورضيت مني بما أسديت إلي أن أحمدك بها شكرا مني عليها، فضعف شكري لقلة جهدي، فامنن علي بحمدك كما ابتدأتني بنعمتك، فبها تتم الصالحات، فلا تنزع مني ما عودتني من رحمتك فأكون من القانطين، فإنه يقنط من رحمتك إلا الضالون. رب إنك قلت: ” وفي السماء رزقكم وما توعدون ” (4) وقولك الحق، وأتبعت ذلك منك باليمين لاكون من الموقنين فقلت: ” فورب السماء والارض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ” (5) فعلمت ذلك علم من لم ينتفع بعلمه حين أصبحت وأمسيت وأنا مهتم بعد ضمانك لي، وحلفك لي عليه هما أنساني ذكرك في نهاري، ونفى عني النوم في ليلي،


3 – أوزعني: ألهمني. 4، 5 – *.

[ 148 ]

فصار الفقر بين عيني، وملا (6) قلبي. أقول: من أين؟ وإلى أين؟ وكيف أحتال؟ ومن لي؟ وما أصنع؟ ومن أين أطلب؟ وأين أذهب؟ ومن يعود علي؟ أخاف شماتة الاعداء، وأكره حزن الاصدقاء، فقد استحوذ الشيطان علي إن لم تداركني منك برحمة تلقي بها في نفسي الغنى، وأقوى بها على أمر الآخرة والدنيا، فأرضني يا مولاي بوعدك كي أوفي بعهدك، وأوسع علي من رزقك، واجعلني من العاملين بطاعتك، حتى ألقاك سيدي وأنا من المتقين. اللهم اغفر لي وأنت خير الغافرين، وارحمني وأنت خير الراحمين، واعف عني وأنت خير العافين، وارزقني وأنت خير الرازقين، وأفضل علي وأنت خير المفضلين، وتوفني مسلما وألحقني بالصالحين، ولا تخزني يوم القيامة، يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون، يا ولي المؤمنين. اللهم إنه لا علم لي بموضع رزقي، وإنما أطلبه بخطرات تخطر على قلبي، فأجول في طلبه في البلدان، وأنا مما أحاول وأطالب كالحيران لا أدري في سهل، أو في جبل، أو في أرض، أو في سماء، أو في بحر، أو في بر، وعلى يدي من هو، ومن قبل من، وقد علمت أن علم ذلك كله عندك، وأن أسبابه (7) بيدك، وأنت الذي تقسمه بلطفك، وتسببه


6 – وملء ” خ “. 7 – أسبابه: طرقه.

[ 149 ]

برحمتك. فاجعل رزقك لي واسعا، ومطلبه سهلا، ومأخذه (8) قريبا، ولا تعنني (9) بطلب ما لم تقدر لي فيه رزقا، فإنك غني عن عذابي، وأنا إلى رحمتك فقير، فجد علي بفضلك يا مولاي، إنك ذو فضل عظيم. (78) دعاؤه عليه السلام في طلب المعيشة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك حسن (1) المعيشة، معيشة أتقوى بها على جميع حوائجي، وأتوصل بها في الحياة إلى آخرتي من غير أن تترفني (2) فيها فأطغى، أو تقتر (3) بها علي فأشقى. أوسع علي من حلال رزقك، وأفض علي من سيب (4) فضلك، نعمة منك سابغة وعطاء غير ممنون (5) ثم لا تشغلني عن شكر نعمتك بإكثار منها تلهيني بهجته، وتفتنني زهرات زهوته (6) ولا بإقلال علي منها يقصر بعملي كده (7) ويملا صدري همه. أعطني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك، وبلاغا أنال (8) به رضوانك، وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا، وشر ما فيها.


8 – مأخذه: مصدره. 9 – عناه: آذاه وكلفه ما يشق عليه. 1 – خير ” خ “. * *. 2 – تترفني: تنعمني. 3 – تقصر ” خ “. 4 – سيب: عطاء. 5 – ممنون: مقطوع. 6 – * *. 7 – الكد: الشدة والالحاح في الطلب. 8 – أرجو ” خ “. * *.

[ 150 ]

لا تجعل الدنيا علي سجنا، ولا فراقها (9) علي حزنا، أخرجني من فتنتها مرضيا عني، مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان ومساكن الاخيار، وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية. اللهم إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها (10) وسطوات شياطينها و سلاطينها ونكالها، ومن بغي من بغى علي فيها. اللهم من كادني فكده، ومن أرادني فأرده، وفل عني حد (11) من نصب لي حده، وأطف عني نار من شب لي وقوده، واكفني مكر المكرة، وافقأ عني عيون الكفرة، واكفني هم من أدخل علي همه، وادفع عني شر الحسدة. اعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، واخبأني (12) من سترك الواقي، وأصلح لي حالي، وأصدق قولي بفعالي، وبارك لي في أهلي ومالي. (79) دعاؤه عليه السلام في المعونة على قضاء الدين اللهم صل على محمد وآله، وهب لي العافية من دين تخلق (1) به وجهي، ويحار فيه ذهني، ويتشعب (2) له فكري، ويطول بممارسته شغلي، وأعوذ بك يا رب من هم الدين وفكره، وشغل


9 – فرقتها ” خ “. 10 – أزلها وزلزالها: ضيقها وبلاياها. 11 – حد: بأس. 12 – واجنني ” خ “. وكلاهما بمعني: استرني. 1 – تخلق: ترخص وتبذل. 2 – يتشعب: يتفرق.

[ 151 ]

الدين وسهره. فصل على محمد وآله، وأعذني منه، وأستجير بك يا رب من ذلته في الحياة، ومن تبعته بعد الوفاة، فصل على محمد وآله، وأجرني منه بوسع فاضل، أو كفاف واصل. اللهم صل على محمد وآله، واحجبني عن السرف (3) والازدياد، وقومني بالبذل (4) والاقتصاد، وعلمني حسن التقدير، واقبضني بلطفك عن التبذير، وأجر من أسباب الحلال أرزاقي، ووجه في أبواب البر إنفاقي، وازو (5) عني من المال ما يحدث لي مخيلة (6) أو تأديا إلى بغي، أو ما أتعقب منه طغيانا. اللهم حبب إلي صحبة الفقراء، وأعني على صحبتهم بحسن الصبر، وما زويت عني من متاع الدنيا الفانية فاذخره (7) لي في خزائنك الباقية، واجعل ما خولتني من حطامها، وعجلت لي من متاعها بلغة إلى جوارك، ووصلة إلى قربك، وذريعة إلى جنتك، إنك ذو الفضل العظيم، وأنت الجواد الكريم. (80) دعاؤه عليه السلام في ذكر التوبة وطلبها اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين، ويا من لا يجاوزه رجاء


3 – السرف: تجاوز الحد. 4 – البذل: العطاء والكرم. 5 – ازو: اصرف. 6 – مخيلة: إعجابا. 7 – فادخره ” خ “.

[ 152 ]

الراجين، ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين، ويا من هو منتهى خوف العابدين، ويا من هو غاية خشية المتقين. هذا مقام من تداولته (1) أيدي الذنوب، وقادته أزمة الخطايا، واستحوذ عليه (2) الشيطان، فقصر عما أمرت به تفريطا (3) وتعاطى ما نهيت عنه تغريرا (4) كالجاهل بقدرتك عليه، أو كالمنكر فضل إحسانك إليه، حتى إذا انفتح له بصر الهدى، وتقشعت (5) عنه سحائب العمى، أحصى ما ظلم به نفسه، وفكر فيما خالف به ربه، فرأى كثير عصيانه كثيرا، وجليل مخالفته جليلا. فأقبل نحوك مؤملا لك، مستحييا منك، ووجه رغبته إليك ثقة بك، فأمك (6) بطمعه يقينا، وقصدك بخوفه إخلاصا. قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك، وأفرخ روعه (7) من كل محذور منه سواك، فمثل بين يديك متضرعا، وغمض بصره إلى الارض متخشعا، وطأطأ رأسه لعزتك متذللا، وأبثك (8) من سره ما أنت أعلم به منه خضوعا، وعدد من ذنوبه ما أنت أحصى لها خشوعا. واستغاث بك من عظيم ما وقع به في علمك، وقبيح ما فضحه في حكمك، من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت، وأقامت تبعاتها (9)


1 – تداولته: تصرفت به. 2 – استحوذ: غلب واستولى. 3 – تفريطا: تقصيرا وتضييعا. 4 – تغريرا: تغفلا. 5 – تقشعت: انكشفت. 6 – أمك: قصدك. 7 – أفرخ روعه: ذهب فزعه. 8 – أبثك: أظهر وكشف لك. 9 – تبعاتها: عواقبها.

[ 153 ]

فلزمت، ولا ينكر يا إلهي عدلك إن عاقبته، ولا يستعظم عفوك إن عفوت عنه ورحمته، لانك الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم. اللهم فها أنا ذا قد جئتك مطيعا لامرك فيما أمرت به من الدعاء، متنجزا (10) وعدك فيما وعدت به من الاجابة إذ تقول: ” ادعوني أستجب لكم ” (11). اللهم فصل على محمد وآله، والقنى بمغفرتك كما لقيتك بإقراري، وارفعني عن مصارع الذنوب كما وضعت لك نفسي، واسترني بسترك كما تأنيتني (12) عن الانتقام مني. اللهم وثبت في طاعتك نيتي، واحكم في عبادتك بصيرتي (13) ووفقني من الاعمال لما تغسل به دنس الخطايا عني، وتوفني على ملتك، (14) وملة نبيك محمد عليه السلام إذا توفيتني. اللهم إني أتوب إليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي وصغائرها، وبواطن سيئاتي وظواهرها، وسوالف زلاتي وحوادثها، توبة من لا يحدث نفسه بمعصية، ولا يضمر (15) أن يعود في خطيئة. وقد قلت يا إلهي في محكم كتابك: ” إنك تقبل التوبة عن


10 – متنجزا: طالبا إنجازه. 11 – *. 12 – تأنيتني: أمهلتني. 13 – بصيرتي: يقيني. 14 – ملتك: شريعتك. 15 – يضمر: ينوي.

[ 154 ]

عبادك وتعفو عن السيئات ” (16) و ” تحب التوابين ” (17) فاقبل. توبتي، كما وعدت، واعف عن سيئاتي كما ضمنت،، وأوجب لي محبتك كما شرطت، ولك يا رب شرطي ألا أعود في مكروهك، وضماني ألا أرجع في مذمومك، وعهدي أن أهجر جميع معاصيك. اللهم إنك أعلم بما عملت، فاغفر لي ما علمت، واصرفني بقدرتك إلى ما أحببت. اللهم وعلي تبعات قد حفظتهن، وتبعات قد نسيتهن، و كلهن بعينك التي لا تنام، وعلمك الذي لا ينسى، فعوض منها أهلها، واحطط (18) غني وزرها، وخفف عني ثقلها، واعصمني من أن أقارف (19) مثلها. اللهم وإنه لا وفاء لي بالتوبة إلا بعصمتك، ولا استمساك بي عن الخطايا إلا عن قوتك، فقوني بقوة كافية، وتولني بعصمة مانعة. اللهم أيما عبد تاب إليك وهو في علم الغيب عندك فاسخ (20) لتوبته، وعائد في ذنبه وخطيئته، فإني أعوذ بك أن أكون كذلك، فاجعل توبتي هذه توبة لا أحتاج بعدها إلى توبة، توبة موجبة


16 – 17 – *. 18 – احطط: ألق. 19 – أقارف: أكتسب. 20 – فاسخ: ناقض.

[ 155 ]

لمحو ما سلف، والسلامة فيما بقي. اللهم إني أعتذر إليك من جهلي، وأستوهبك سوء فعلي، فاضممني إلى كنف رحمتك تطولا (21) واسترني بستر عافيتك تفضلا. اللهم وإني أتوب إليك من كل ما خالف إرادتك، أو زال عن محبتك، من خطرات قلبي ولحظات عيني، وحكايات لساني، توبة تسلم بها كل جارحة على حيالها (22) من تبعاتك، وتأمن مما يخاف المعتدون من أليم سطواتك (23). اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب (24) قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة. اللهم صل على محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد على سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك، وابسط علي طولك، وجللني بسترك، وافعل بي فعل عزيز تضرع إليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه (25). اللهم لا خفير (26) لي منك فليخفرني عزك، ولا شفيع لي


21 – تطولا: تفضلا. 22 – على حيالها: بمفردها. 23 – سطوتك: بطشك. 24 – وجيب: خفقان. 25 – نعشه: رفعه وسد فقره. 26 – خفير: مجير.

[ 156 ]

إليك فليشفع لي فضلك، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك، فما كل ما نطقت به عن جهل مني بسوء أثري، ولا نسيان لما سبق من ذميم فعلي، ولكن لتسمع سماؤك ومن فيها وأرضك ومن عليها، ما أظهرت لك من الندم، ولجأت إليك فيه من التوبة، فلعل بعضهم برحمتك يرحمني لسوء موقفي، أو تدركه الرقة (27) علي لسوء حالي، فينالني منه بدعوة هي أسمع لديك من دعائي، أو شفاعة أوكد (28) عندك من شفاعتي، تكون بها نجاتي من غضبك وفوزتي برضاك. اللهم إن يكن الندم توبة إليك فأنا أندم النادمين، وإن يكن الترك لمعصيتك إنابة فأنا أول المنيبين، وإن يكن الاستغفار حطة للذنوب فإني لك من المستغفرين. اللهم فكما أمرت بالتوبة وضمنت القبول، وحثثت (29) على الدعاء، ووعدت الاجابة، فصل على محمد وآله، واقبل توبتي، ولا ترجعني مرجع الخيبة من رحمتك، إنك أنت التواب على المذنبين، والرحيم للخاطئين المنيبين. اللهم صل على محمد وآله، كما هديتنا به، وصل على محمد وآله، كما استنقذتنا به، وصل على محمد وآله، صلاة تشفع لنا يوم


27 – الرقة: الرحمة والشفقة. 28 – أوكد: أوثق. 29 – حثثت: رغبت.

[ 157 ]

القيامة ويوم الفاقة إليك، إنك على كل شئ قدير، وهو عليك يسير. (81) دعاؤه عليه السلام في التوبة اللهم إنك أعلم بما عملت، فاغفر لي ما علمت وما عملت (1) واصرفني بقدرتك إلى ما أوجبت، وعلي تبعات قد نسيتهن، وكلهن بعينك التي لا تنام، وعلمك الذي لا ينسى، فعوض منها أهلها، واحطط عني وزرها، وخفف عني ثقلها، واعصمني أن أقارف مثلها. اللهم فإنه لا وفاء لي بالتوبة إلا بعصمتك، ولا استمساك بي عن الخطأ إلا عن قوتك، فقوني بقوة كافية، وتولني بعصمة مانعة. اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست أهلا للشفاعة. اللهم فصل على محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وجد علي بعفوك، وافعل بي فعل عزيز تضرع إليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه. اللهم لا خفير (2) لي منك، فليخفرني عفوك، ولا شفيع لي إليك،


1 – وما علمت ” خ “. 2 – خفير: حافظ ومجير.

[ 158 ]

فليشفع لي فضلك، فما كل ما نطقت به عن جهل مني بسوء أثري، ولا نسيان لما سبق من ذميم فعلي، ولكن لتسمع سماواتك ومن فيها، وأرضك ومن عليها، ما أظهرت لك من الندم، ولجأت إليك فيه من التوبة، فلعل بعضهم برحمتك يرحمني بسوء موقفي، أو تدركه الرقة علي لسوء حالي، فينالني منه بدعوة هي أسمع لديك من دعائي، أو شفاعة هي أوكد عندك من شفاعتي، يكون بها نجاتي من غضبك، وفوزي برضاك. اللهم إن يكن الندم توبة إليك، فأنا أندم النادمين، وإن يكن الترك لمعصيتك إنابة، فأنا أول المنيبين، وإن يكن الاستغفار حطة للذنوب، فإني من المستغفرين. اللهم فكما أمرت بالتوبة وضمنت القبول، وحثثت على الدعاء ووعدت الاجابة، فصل على محمد وآله، واقبل توبتي، ولا ترجعني مرجع الخيبة من رحمتك، إنك أنت التواب على المذنبين، والرحيم للخاطئين المنيبين. اللهم صل على محمد وآله كما هديتنا به، وصل على محمد وآله كما استنقذتنا به، صلاة تشفع لنا يوم القيامة، ويوم الفاقة إنك على كل شئ قدير، وهو عليك يسير. (82) دعاؤه عليه السلام في جوف الليل


[ 159 ]

كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في جوف الليل، إذا هدأت العيون: (بسم الله الرحمن الرحيم) إلهي غارت (1) نجوم سمائك، ونامت عيون أنامك (2) وهدأت أصوات عبادك وأنعامك، وغلقت الملوك عليها أبوابها، وطاف عليها حراسها، واحتجبوا عمن يسألهم حاجة، أو ينتجع (3) منهم فائدة. وأنت إلهي حي قيوم، ولا تأخذك سنة (4) ولا نوم، ولا يشغلك شئ عن شئ، أبواب سمائك لمن دعاك مفتحات، وخزائنك غير مغلقات، وأبواب رحمتك غير محجوبات، وفوائدك لمن سالكها غير محظورات، بل هي مبذولات. وأنت إلهي الكريم الذي لا ترد سائلا من المؤمنين سألك، و لا تحتجب عن أحد منهم أرادك، لا وعزتك وجلالك لا تختزل (5) حوائجهم دونك، ولا يقضيها أحد غيرك. اللهم وقد تراني ووقوفي وذل مقامي بين يديك، وتعلم سريرتي وتطلع على ما في قلبي، وما يصلح به أمر آخرتي ودنياي. اللهم إني إن ذكرت الموت وهول (6) المطلع، والوقوف بين


1 – غارت: غربت. 2 – أنامك: خلقك. 3 – ينتجع: يطلب. 4 – سنة: نعاس. 5 – لا تختزل: لا تقتطع. 6 – هول: خوف.

[ 160 ]

يديك، نغصني (7) مطعمي ومشربي، وأغصني بريقي (8) وأقلقني عن وسادي، ومنعني رقادي (9) وكيف ينام من يخاف بيات (10) ملك الموت في طوارق (11) الليل وطوارق النهار؟! بل كيف ينام العاقل وملك الموت لا ينام، لا بالليل، ولا بالنهار، ويطلب قبض روحه بالبيات أو في آناء الساعات؟! ثم يسجد ويلصق خده بالتراب وهو يقول: أسألك الروح (12) والراحة عند الموت، والعفو عني حين ألقاك. (83) دعاؤه عليه السلام في الركعتين المتقدمتين على صلاة الليل أ – في الركعة الاولى كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلي أمام صلاة الليل ركعتين خفيفتين، يقرأ فيهما ب‍ ” قل هو الله أحد ” في الاولى، وفي الثانية ب‍ ” قل يا أيها الكافرون “. ويرفع يديه بالتكبير – بعد الركعة – ويقول: اللهم أنت الملك الحق المبين، ذو العز الشامخ، والسلطان الباذخ (1) والمجد الفاضل، أنت الملك القاهر، الكبير القادر، الغني الفاخر، ينام العباد ولا تنام، ولا تغفل ولا تسأم. (2) الحمد لله المحسن المجمل، المنعم المفضل، ذي الجلال والاكرام، وذي الفواضل العظام والنعم الجسام (3) وصاحب كل


7 – نغصني: منعني ولم يهنئني. 8 – * *. 9 – رقادي: نومي. 10 – البيات: ما يدبر ليلا. 11 – طوارق: حوادث، دواهي. 12 – الروح: الرحمة. 1 – الباذخ: العالي. 2 – لا تسأم: لا تمل. 3 – الجسام: العظام.

[ 161 ]

حسنة، وولي كل نعمة، لم يخذل عند كل شدة، ولم يفضح بسريرة، ولم يسلم بجريرة (4) ولم يخز (5) في موطن، ومن هو لنا أهل البيت عدة وردء (6) عند كل عسير ويسير، حسن البلاء، كريم الثناء، عظيم العفو عنا. أمسينا لا يغنينا أحد إن حرمتنا، ولا يمنعنا منك أحد إن أردتنا، فلا تحرمنا فضلك لقلة شكرنا، ولا تعذبنا لكثرة ذنوبنا وما قدمت أيدينا، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت. ب – في الركعة الثانية ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة الكتاب والسورة، فإذا فرغ من القراءة بسط يديه وقال: اللهم إليك رفعت أيدي السائلين، ومدت أعناق المجتهدين، ونقلت أقدام الخائفين، وشخصت أبصار العابدين، وأفضت (7) قلوب المتقين، وطلبت الحوائج. يا مجيب (8) المضطرين، ومعين المغلوبين، ومنفس (9) كربات المكروبين، وإله المرسلين، ورب النبيين والملائكة المقربين، ومفزعهم عند الاهوال والشدائد العظام.


4 – يسلم بجريرة: يخذل بذنب. 5 – يجر ” خ “. 6 – ردء: عون. 7 – أفضت: خلت. 8 – يا مجيب دعوة ” خ “. 9 – منفس: مفرج.

[ 162 ]

أسألك اللهم بما استعملت به من قام بأمرك، وعاند عدوك، واعتصم (10) بحبلك، وصبر على الاخذ بكتابك، محبا لاهل طاعتك، مبغضا لاهل معصيتك، مجاهدا فيك حق جهادك، لم تأخذه فيك لومة لائم، ثم ثبته (11) بما مننت به عليه، فإنما الخير بيدك، وأنت تجزي به من رضيت عنه، وفسحت له في قبره، ثم بعثته مبيضا وجهه، قد آمنته من الفزع الاكبر، وهول يوم القيامة. ج – بعد التسليم ثم يركع، فإذا سلم كبر ثلاثا، ثم يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت وتعاليت، سبحانك يا رب البيت (12). اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى، وإن بيدك الممات والمحيا، وإن إليك المنتهى والرجعى، وإنا نعوذ بك أن نذل ونخزى. الحمد لله ذي الملك والملكوت. الحمد لله ذي العزة والجبروت الحمد لله الحي الذي لا يموت، الحمد لله العزيز الجبار، الحليم (13) الغفار، الواحد القهار، الكبير المتعال.


10 – اعتصم: تمسك. 11 – نبيته ” خ “. 12 – البيت الحرام ” خ “. 13 – الحكيم ” خ “.

[ 163 ]

سبحان الله العظيم، سبحان الله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولا مثل ولا شبيه، ولا عدل (14) يا الله يا رحمن. ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ” (15). ” ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ” (16). ” ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما ” (17) ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ” (18) اللهم صل على محمد وآل محمد، وصل على ملائكتك المقربين، وأنبيائك (19) والصديقين، وأولى العزم من المرسلين، الذين أوذوا في جنبك، وجاهدوا فيك حق جهادك، وقاموا بأمرك، ووحدوك وعبدوك حتى أتاهم اليقين.


14 – عدل: نظير. 15 – 1 8 – *. 19 – وأنبيائك المرسلين ” خ “.

[ 164 ]

اللهم عذب الكفرة الذين يصدون عن كتابك، ويكذبون رسلك، واجعل عليهم رجزك (20) وعذابك واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، وأوزعهم (21) أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم، إله الحق آمين. اللهم ارحم عبادك الصالحين من أهل السماوات والارضين، يا رب العالمين. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر. (عشر مرات) ويسجد. (84) دعاؤه عليه السلام إذا قام إلى الصلاة أول الليل وآخره أ – أول الليل عن حماد بن حبيب العطار الكوفي، قال: خرجنا حجاجا، فرحلنا من زبالة – منزل في طريق العراق إلى مكة – ليلا، فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة، فتقطعت القافلة، فتهت في تلك الصحاري والبراري، فانتهيت إلى واد قفر، فلما أن جن الليل، أويت إلى شجرة عادية، فلما أن أختلط الظلام، إذا أنا بشاب قد أقبل، عليه أطمار بيض، تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي: هذا ولي من أولياء الله، متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما، وهو يقول: يا من حاز (1) كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، أولج (2) قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك. 20 – رجزك: عذابك. 21 – أوزعهم: ألهمهم. 1 – أحار، أحاط ” خ “. 2 – صل على محمد وآل محمد وأولج ” خ “.


[ 165 ]

ب – آخر الليل قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعضاؤه وسكنت حركاته، قمت إلى الموضع الذي تهيأ فيه للصلاة، فإذا بعين ماء تفيض بماء أبيض، فتهيأت للصلاة، ثم قمت خلفه، فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت، فرأيته كلما مر بآية فيها ذكر الوعد والوعيد، يرددها بأشجان الحنين، فلما أن تقشع الظلام، وثب قائما وهو يقول: يا من قصده الطالبون فأصابوه مرشدا، وأمه الخائفون فوجدوه متفضلا، ولجأ إليه العابدون فوجدوه نوالا. متى راحة من نصب لغيرك بدنه!؟ ومتى فرح من قصد سواك بنيته!؟ إلهي قد تقشع الظلام، ولم أقض من خدمتك وطرا، ولا من حياض مناجاتك صدرا، صل على محمد وآله، وافعل بي أولى الامرين بك يا أرحم الراحمين. فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى علي أثره، فتعلقت به، فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرغب، إلا ألحقتني منك جناح رحمة، وكنف رقة، فإني ضال، وبغيتي كلما صنعت، ومناي كلما نطقت. فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري. فلما أن صار بجنب الشجرة، أخذ بيدي، فخيل إلي أن الارض تمد من تحت قدمي. فلما انفجر عمود الصبح، قال لي: أبشر فهذه مكة. قال: فسمعت الضجة، ورأيت المحجة، فقلت: بالذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة، من أنت؟ فقال لي: أما إذا أقسمت، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.


[ 166 ]

(85) دعاؤه عليه السلام في قنوت الوتر كان علي بن الحسين عليهما السلام سيد العابدين يقول: العفو، العفو (1) (ثلاثمائة مرة). في الوتر في السحر. (86) دعاؤه عليه السلام في آخر وتره وهو قائم عن أبي حمزة الثمالي، قال: كان علي بن الحسين يقول في آخر وتره وهو قائم: رب أسأت وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذه يداي جزاء بما صنعتا. قال: ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول: وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت. قال: ثم يطأطئ رأسه ويخضع برقبته، ثم يقول: وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى، لك العتبى (1) لا أعود، لا أعود، لا أعود. (87) دعاؤه عليه السلام في الاستغفار في قنوت الوتر


1 – * *. 1 – * *.

[ 167 ]

اللهم إن استغفاري إياك وأنا مصر على ما نهيت قلة حياء، وتركي الاستغفار مع علمي بسعة حلمك (1) تضييع لحق الرجاء. اللهم إن ذنوبي تؤيسني أن أرجوك، وإن علمي بسعة رحمتك يؤمنني أن أخشاك، فصل على محمد وآل محمد، وحقق رجائي لك، وكذب خوفي منك، وكن لي عند أحسن ظني بك يا أكرم الاكرمين، وأيدني بالعصمة، وأنطق لساني بالحكمة، واجعلني ممن يندم على ما ضيعه (2) في أمسه. اللهم إن الغني من استغنى عن خلقك بك، فصل على محمد وآل محمد، وأغنني يا رب عن خلقك، واجعلني ممن لا يبسط كفه إلا إليك. اللهم إن الشقي من قنط (3) وأمامه التوبة، وخلفه الرحمة، وإن كنت ضعيف العمل فإني في رحمتك قوي الامل، فهب لي ضعف عملي لقوة أملي. اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فما انتهينا، وذكرت فتناسينا وبصرت فتعامينا، وحذرت فتعدينا، وما كان ذلك جزاء إحسانك إلينا، وأنت أعلم بما أعلنا وما أخفينا، وأخبر بما لم نأت وما أتينا. فصل على محمد وآل محمد، ولا تؤاخذنا بما أخطأنا فيه وما نسينا، وهب لنا حقوقك لدينا، وتمم إحسانك إلينا، وأسبغ نعمتك


1 – رحمتك ” خ “. 2 – صنعه ” خ “. 3 – قنط: يأس.

[ 168 ]

علينا، إنا نتوسل إليك بمحمد صلواتك عليه وآله رسولك، وبعلي وصيه، وفاطمة ابنته، وبالحسن والحسين، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة عليهم السلام أهل بيت الرحمة. ونسألك إدرار الرزق الذي هو قوام حياتنا (4) وصلاح أحوال عيالنا، فأنت الكريم الذي تعطي من سعة، وتمنع عن قدرة، ونحن نسألك من الخير ما يكون صلاحا للدنيا وبلاغا (5) للآخرة، و ” آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” (6) (88) دعاؤه عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل لنفسه في الاعتراف بالذنب اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود (1) والسلطان الممتنع بغير جنود ولا أعوان، والعز الباقي على مر الدهور، وخوالى (2) الاعوام ومواضى الازمان والايام، عز سلطانك عزا لا حد له بأولية، ولا منتهى له بآخرية، واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ أمده ولا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك أقصى نعت الناعتين. ضلت فيك الصفات، وتفسخت (3) دونك النعوت، وحارت في كبريائك لطائف الاوهام.


4 – قوام حياتنا: نظامها وعمادها. 5 – بلاغا: وصولا. 6 – *. 1 – الخلود: دوام البقاء. 2 – خوالي: سوالف ومواضي. 3 – تفسخت: تقطعت وتمزقت.

[ 169 ]

كذلك أنت الله الاول في أوليتك، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول وأنا العبد الضعيف عملا، الجسيم أملا، خرجت من يدي أسباب الوصلات إلا ما وصله رحمتك، وتقطعت عني عصم الآمال (4) إلا ما أنا معتصم به من عفوك، قل عندي ما أعتد به من طاعتك، وكثر علي ما أبوء به (5) من معصيتك، ولن يضيق عليك عفو عن عبدك وإن أساء، فاعف عني. اللهم وقد أشرف (6) على خفايا الاعمال علمك، وانكشف كل مستور دون خبرك (7) ولا تنطوي (8) عنك دقائق الامور، ولا تعزب (9) عنك غيبات السرائر. وقد استحوذ علي عدوك الذي استنظرك (10) لغوايتي فأنظرته، واستمهلك إلى يوم الدين لاضلالي فأمهلته، فأوقعني وقد هربت إليك من صغائر ذنوب موبقة (11) وكبائر أعمال مردية (12). حتى إذا قارفت (13) معصيتك، واستوجبت بسوء سعيي سخطتك، فتل عني عذار غدره (14) وتلقاني بكلمة كفره، وتولى البراءة مني، وأدبر موليا عني، فأصحرني (15) لغضبك فريدا، وأخرجني


4 – عصم الآمال: أسبابها التي أتمسك بها. 5 – أبوء به: أعترف به. 6 – أشرف: اطلع. 7 – خبرك: علمك. 8 – تنطوي: تكتم وتخفي. 9 – تعزب: تغيب. 10 – استنظرك: طلب إمهالك. 11 – موبقة: مهلكة. 12 – مردية: مسقطة في الهلاك. 13 – قارفت: فعلت. 14 – * *. 15 – أصحرني: أبرزني.

[ 170 ]

إلى فناء نقمتك طريدا، لا شفيع يشفع لي إليك، ولا خفير (16) يؤمنني عليك، ولا حصن يحجبني عنك، ولا ملاذ ألجأ إليه منك. فهذا مقام العائذ بك، ومحل المعترف لك، فلا يضيقن عني فضلك، ولا يقصرن دوني عفوك، ولا أكن أخيب عبادك التائبين، ولا أقنط وفودك الآملين، واغفر لي، إنك خير الغافرين. اللهم إنك أمرتني فتركت، ونهيتني فركبت، وسول (17) لي الخطا خاطر السوء ففرطت (18) ولا أستشهد على صيامي نهارا، ولا أستجير بتهجدي ليلا، ولا تثني علي بإحيائها سنة، حاشى فروضك التي من ضيعها هلك، ولست أتوسل إليك بفضل نافلة مع كثير ما أغفلت من وظائف فروضك، وتعديت عن مقامات حدودك إلى حرمات انتهكتها، وكبائر ذنوب اجترحتها (19) كانت عافيتك لي من فضائحها سترا. وهذا مقام من استحيى لنفسه منك، وسخط عليها، ورضي عنك، فتلقاك بنفس خاشعة، ورقبة خاضعة، وظهر مثقل من الخطايا، واقفا بين الرغبة إليك والرهبة منك، وأنت أولى من رجاه، وأحق من خشيه واتقاه، فأعطني يا رب ما رجوت، وآمني ما حذرت، وعد علي بعائدة رحمتك، إنك أكرم المسؤولين.


16 – خفير: مجير. 17 – سول: زين. 18 – فرطت: قصرت. 19 – اجترحتها: اكتسبتها.

[ 171 ]

اللهم وإذ سترتني بعفوك، وتغمدتني بفضلك في دار الفناء بحضرة الاكفاء (20) فأجرني من فضيحات دار البقاء، عند مواقف الاشهاد من الملائكة المقربين، والرسل المكرمين، والشهداء والصالحين، من جار كنت أكاتمه سيئاتي، ومن ذي رحم كنت أحتشم (21) منه في سريراتي. لم أثق بهم رب في (22) الستر علي، ووثقت بك رب في المغفرة لي، وأنت أولى من وثق به، وأعطى من رغب إليه، وأرأف من استرحم، فارحمني. اللهم وأنت حدرتني (23) ماء مهينا، من صلب متضائق العظام حرج المسالك (24) إلى رحم ضيقة، سترتها بالحجب، تصرفني حالا عن حال، حتى انتهيت بي إلى تمام الصورة، وأثبت في الجوارح كما نعت في كتابك ” نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما (25) ثم كسوت العظام لحما، ثم أنشأتني خلقا آخر ” (26) كما شئت. حتى إذا احتجت إلى رزقك، ولم أستغن عن غياث (27) فضلك جعلت لي قوتا من فضل طعام وشراب أجريته لامتك التي أسكنتني جوفها، وأودعتني قرار رحمها، ولو تكلني يا رب في تلك الحالات إلى


20 – الاكفاء: الامثال والاشباه. 21 – أحتشم: أستحي. 22 – بهم في ” خ “. 23 – حدرتني: أنزلتني. 24 – حرج المسالك: ضيق الطرق. 25 – عظما ” خ “. 26 – *. 27 – غياث: إعانة.

[ 172 ]

حولي، أو تضطرني إلى قوتي، لكان الحول عني معتزلا، ولكانت القوة مني بعيدة، فغذوتني (28) بفضلك غذاء البر (29) اللطيف، تفعل ذلك بي تطولا علي إلى غايتي هذه لا أعدم برك، ولا يبطئ بي حسن صنيعك، ولا تتأكد مع ذلك ثقتي فأتفرغ لما هو أحظى لي عندك. قد ملك الشيطان عناني في سوء الظن وضعف اليقين، فأنا أشكو سوء مجاورته لي، وطاعة نفسي له، واستعصمك من ملكته، وأتضرع إليك في صرف كيده عني، وأسألك في أن (30) تسهل إلى رزقي سبيلا. فلك الحمد على ابتدائك بالنعم الجسام، وإلهامك الشكر على الاحسان والانعام، فصل على محمد وآله، وسهل علي رزقي، وأن تقنعني بتقديرك لي، وأن ترضيني بحصتي فيما قسمت لي، وأن تجعل ما ذهب من جسمي وعمري في سبيل طاعتك، إنك خير الرازقين. اللهم إني أعوذ بك من نار تغلظت (31) بها على من عصاك، وتوعدت بها من صدف (32) عن رضاك، ومن نار نورها ظلمة، وهينها أليم، وبعيدها قريب، ومن نار يأكل بعضها بعض، ويصول (33) بعضها على بعض، ومن نار تذر (34) العظام رميما (35) وتسقي أهلها


28 – غذوتني: أطعمتني. 29 – البر: المحسن العطوف. 30 – وأتضرع إليك في أن ” خ “. 31 – تغلظت: تشددت. 32 – صدف: أغرض. 33 – يصول: يثب. 34 – تذر: تترك. 35 رميما: بالية.

[ 173 ]

حميما (36) ومن نار لا تبقي على من تضرع إليها، ولا ترحم من استعطفها، ولا تقدر على التخفيف عمن خشع لها واستسلم إليها، تلقي سكانها بأحر ما لديها، من أليم النكال (37) وشديد الوبال (38). وأعوذ بك من عقاربها الفاغرة (39) أفواهها، وحياتها الصالقة، (40) بأنيابها، وشرابها الذي يقطع أمعاء وأفئدة سكانها، وينزع قلوبهم، وأستهديك لما باعد منها، وأخر عنها. اللهم صل على محمد وآله، وأجرني منها بفضل رحمتك، وأقلني عثراتي بحسن إقالتك، ولا تخذلني يا خير المجيرين، إنك (41) تقي الكريهة وتعطي الحسنة، وتفعل ما تريد وأنت على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآله إذا ذكر الابرار، وصل على محمد وآله ما اختلف الليل والنهار، صلاة لا ينقطع مددها، ولا يحصى عددها، صلاة تشحن (42) الهواء وتملا الارض والسماء. صلى الله عليه حتى يرضى، وصلى الله عليه وآله بعد الرضا، صلاة لاحد لها ولا منتهى، يا أرحم الراحمين. (89) دعاؤه عليه السلام بعد صلاة الليل إلهي وسيدي هدأت العيون، وغارت النجوم، وسكنت الحركات


حميما: ماء شديد الحرارة. 37 – النكال: العقوبة. 38 – الوبال: سوء العاقبة. 39 – الفاغرة: الفاتحة. 40 – الصالقة: المصوتة. 41 – اللهم إنك ” خ “. 42 – تشحن: تملا.

[ 174 ]

من الطير في الوكور (1) والحيتان في البحور، وأنت العدل الذي لايجور، والقسط الذي لا يميل، والدائم الذي لا يزول، أغلقت الملوك أبوابها، ودارت عليها حراسها، وبابك مفتوح لمن دعاك يا سيدي، وخلا كل حبيب بحبيبه، وأنت المحبوب إلي. إلهي إني وإن كنت عصيتك في أشياء أمرتني بها، وأشياء نهيتني عنها، فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك، آمنت بك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، منك (2) علي لا مني عليك. إلهي عصيتك في أشياء أمرتني بها، وأشياء نهيتني عنها، لا حد مكابرة ولا معاندة، ولا استكبار ولا جحود لربوبيتك، ولكن استفزني (3) الشيطان بعد الحجة والمعرفة والبيان، لا عذر لي فأعتذر، فإن عذبتني فبذنوبي وبما أنا أهله، وإن غفرت لي فبرحمتك وبما أنت أهله، أنت أهل التقوى وأهل المغفرة، وأنا من أهل الذنوب والخطايا، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين. (90) دعاؤه عليه السلام بعد صلاة الليل ” ويعرف بدعاء الحزين ” أناجيك يا موجود في كل مكان لعلك تسمع ندائي، فقد عظم جرمي وقل حيائي.


1 – الوكور: الاعشاش. 2 – منك: فضلك وإحسانك. 3 – استفزني: استخفني واستدعاني.

[ 175 ]

مولاي يا مولاي أي الاهوال أتذكر، وأيها أنسى، ولو لم يكن إلا الموت لكفى، كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى (1)؟! مولاي يا مولاي حتى متى وإلى متى أقول لك العتبى (2) مرة بعد أخرى، ثم لا تجد عندي صدقا ولا وفاء؟! فيا غوثاه ثم وا غوثاه بك يا الله من هوى قد غلبني، ومن عدو قد استكلب (3) علي، ومن دنيا قد تزينت لي، ومن نفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. مولاي يا مولاي إن كنت رحمت مثلي فارحمني، وإن كنت قبلت مثلي فاقبلني، يا قابل السحرة (4) اقبلني، يا من لم أزل أتعرف منه الحسنى. يا من يغذيني بالنعم صباحا ومساء، ارحمني يوم آتيك فردا، شاخصا إليك بصري، مقلدا عملي، قد تبرأ جميع الخلق مني، نعم وأبي وأمي، ومن كان له كدي (5) وسعيي، فإن لم ترحمني فمن يرحمني؟ ومن يؤنس في القبر وحشتي؟ ومن ينطق لساني إذا خلوت بعملي، وسألتني عما أنت أعلم به مني؟ فإن قلت: نعم، فأين المهرب من عدلك؟ وإن قلت: لم أفعل، قلت: ألم أكن الشاهد عليك؟ فعفوك عفوك يا مولاي قبل أن تلبس الابدان سرابيل القطران،


1 – أدهى: أشد وأنكر. 2 – العتبى: الرضى. 3 – استكلب: وثب، تشبيه له بالكلب. 4 – * *. 5 – كدي: جهدي.

[ 176 ]

عفوك (6) عفوك يا مولاي قبل أن تغل (7) الايدي إلى الاعناق. يا أرحم الراحمين، وخير الغافرين. (91) دعاؤه عليه السلام في السحر عن طاووس أنه قال: رأيته – أي علي بن الحسين عليهما السلام يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه، وقال: إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت (1) عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني، وتريني وجه جدي محمد صلى الله عليه وآله في عرصات القيامة. ثم بكى وقال: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي نفسي، وأعانني على ذلك سترك المرخى به علي. فأنا الآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين جوزوا (2) وللمثقلين حطوا (3) أمع المخفين أجوز، أم مع المثقلين أحط؟


6 – عفوك (عفوك) يا مولاي قبل جهنم والنيران، عفوك ” خ “. 7 – الغل: القيد. 1 – هجعت: نامت. 2 – * *. 3 – حطوا: انزلوا.

[ 177 ]

ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحيي من ربي. ثم بكى، وأنشأ يقول: أتحرقني بالنار يا غاية المني * فأين رجائي ثم أين محبتي أتيت بأعمال قباح ردية (4) * وما في الورى خلق جنى كجنايتي ثم بكى، وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى، وتحلم كأنك لم تعص، تتودد إلى خلقك بحسن الصنيع (5) كأن بك الحاجة إليهم وأنت يا سيدي الغني عنهم. ثم خر إلى الارض ساجدا، فدنوت منه، وشلت رأسه، ووضعته على ركبتي، وبكيت حتى جرت دموعي على خده، فاستوى جالسا وقال: من ذا الذي أشغلني عن ذكر ربي؟! فقلت: أنا طاووس يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جافون! أبوك الحسين بن علي، وأمك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله صلى الله عليه وآله! قال: فالتفت إلي وقال: هيهات هيهات طاووس، دع عني حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قرشيا. أما سمعت قوله تعالى: ” فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ” (6) والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح. (7)


4 – رزية ” خ “. (5) الصنع ” خ “. 6 – *. =

[ 178 ]

(92) دعاؤه عليه السلام في الاستخارة اللهم إني أستخيرك بعلمك، فصل على محمد وآله، واقض لي بالخيرة، وألهمنا معرفة الاختيار، واجعل ذلك ذريعة إلى الرضا بما قضيت لنا والتسليم لما حكمت، فأزح (1) عنا ريب الارتياب، وأيدنا بيقين (2) المخلصين، ولا تسمنا (3) عجز المعرفة عما تخيرت فنغمط قدرك (4) ونكره موضع رضاك، ونجنح (5) إلى التي هي أبعد من حسن العاقبة، وأقرب إلى ضد العافية. حبب إلينا ما نكره من قضائك، وسهل علينا ما نستصعب من حكمك، وألهمنا الانقياد لما أوردت علينا من مشيتك (6) حتى لا نحب تأخير ما عجلت، ولا تعجيل ما أخرت، ولا نكره ما أحببت، و


= 7 – أورد في الصحيفة 3 و 5 دعاء بعنوان ” ومن دعائه عليه السلام بعد ركعتي الفجر ” وهو: اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك، وأستغفرك للنعم التي مننت بها علي فقويت بها على معاصيك. أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لكل ذنب أذنبته، ولكل معصية ارتكبتها. اللهم ارزقني عقلا كاملا، وعزما ثاقبا، ولبا راجحا، وقلبا زكيا (ذكيا خ ل) وعلما كثيرا، وأدبا بارعا، واجعل ذلك كله لي، ولا تجعله علي برحمتك يا أرحم الراحمين. وألحق به في الصحيفة الثالثة: ثم يقول خمسا: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. * *. 1 – أزح: أبعد. 2 – بيقين: بعلم. 3 – لا تسمنا: لا تكلفنا. 4 – * *. 5 – نجنح: نميل. 6 – مشيتك: إرادتك.

[ 179 ]

لا نتخير ما كرهت. واختم لنا بالتي هي أحمد عاقبة، وأكرم مصيرا، إنك تفيد الكريمة (7) وتعطي الجسيمة، وتفعل ما تريد، وأنت على كل شئ قدير. (93) دعاؤه عليه السلام في الاستخارة (بعد صلاة ركعتين) عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق، تطهر، ثم صلى ركعتي الاستخارة، فقرأ فيهما بسورة الحشر، وبسورة الرحمن. ثم يقرأ المعوذتين، وقل هو الله أحد – إذا فرغ وهو جالس – في دبر الركعتين، ثم يقول: اللهم إن كان (كذا وكذا) خيرا لي في ديني ودنياي، وعاجل أمري وآجله، فصل على محمد وآله، ويسره لي على أحسن الوجوه وأجملها. اللهم وإن كان (كذا وكذا) شرا لي في ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله، فصل على محمد وآله، واصرفه عني. رب صل على محمد وآله، واعزم لي على رشدي، وإن كرهت ذلك أو أبته نفسي. (94) دعاؤه عليه السلام في الاستخارة (بعد صلاة ركعتين)


7 – الكريمة: النفيسة.

[ 180 ]

عن الباقر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا عزم بحج أو عمرة أو عتق أو شراء عبد أو بيع، تطهر وصلى ركعتي الاستخارة، وقرأ فيهما سورة الرحمن وسورة الحشر، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مائتي (1) مرة، ثم قرأ ” قل هو الله أحد ” والمعوذتين، ثم قال: اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته، فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فأقدره لي، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي، فاصرفه عني. رب اعزم لي على رشدي وإن كرهت نفسي ذلك أو أحبت، ببسم الله الرحمن الرحيم، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل. ثم يمضى، ويعزم. (95) دعاؤه عليه السلام إذا ابتلي أو رأي مبتلى بفضيحة بذنب اللهم لك الحمد على سترك بعد علمك، ومعافاتك بعد خبرك (1) فكلنا قد اقترف العائبة (2) فلم تشهره، وارتكب الفاحشة فلم تفضحه، وتستر بالمساوئ فلم تدلل عليه. كم نهي لك لك قد أتيناه، وأمر قد وقفتنا عليه فتعديناه، وسيئة اكتسبناها، وخطيئة ارتكبناها، كنت المطلع عليها دون الناظرين،


(1) مائة ” خ “. 1 – خبرك: علمك، اختبارك. 2 – العائبة: العيب والخطيئة.

[ 181 ]

والقادر على إعلانها فوق القادرين، كانت عافيتك لنا حجابا دون أبصارهم، ورد ما (3) دون أسماعهم. فاجعل ما سترت من العورة، وأخفيت من الدخيلة (4) واعظا لنا وزاجرا عن سوء الخلق واقتراف الخطيئة، وسعيا إلى التوبة الماحية (5) والطريق المحمودة، وقرب الوقت فيه ولا تسمنا الغفلة عنك إنا إليك راغبون ومن الذنوب تائبون. وصل على خيرتك اللهم من خلقك، محمد وعترته الصفوة من بريتك الطاهرين، واجعلنا لهم سامعين ومطيعين كما أمرت. (96) دعاؤه عليه السلام في الرضا إذا نظر إلى أصحاب الدنيا الحمد الله رضى بحكم الله، شهدت أن الله قسم معايش عباده بالعدل، وأخذ على جميع خلقه بالفضل. اللهم صل على محمد وآله، ولا تفتني بما إعطيتهم، ولا تفتنهم بما منعتني فأحسد خلقك، وأغمط حكمك (1). اللهم صل على محمد وآله وطيب بقضائك نفسي، ووسع بمواقع حكمك صدري، وهب لي الثقة لاقر معها بأن قضاءك لم يجر إلا بالخيرة، واجعل شكري لك على ما زويت (2) عني أوفر من


3 – ردما: سدا. 4 – الدخيلة: السر والسريرة. 5 – الماحية: المزيلة. 1 – أغمط حكمك: أستهين به. 2 – زويت: صرفت.

[ 182 ]

شكري إياك على ما خولتني، واعصمني من أن أظن بذي عدم خساسة (3) أو أظن بصاحب ثروة فضلا، فإن الشريف من شرفته طاعتك، والعزيز من أعزته عبادتك. فصل على محمد وآله ومتعنا بثروة لا تنفد، وأيدنا بعز لا يفقد، وأسرحنا (4) في ملك الابد (5) إنك الواحد الاحد الصمد الذي لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد. (97) دعاؤه عليه السلام إذا نظر إلى السحاب والبرق وسمع صوت الرعد اللهم إن هذين آيتان من آياتك، وهذين عونان من أعوانك يبتدران طاعتك (1) برحمة نافعة أو نقمة ضارة، فلا تمطرنا بهما مطر السوء، ولا تلبسنا بهما لباس البلاء. اللهم صل على محمد وآله، وأنزل علينا نفع هذه السحائب وبركتها، واصرف عنا أذاها ومضرتها، ولا تصبنا فيها بآفة، ولا ترسل على معايشنا عاهة. اللهم وإن كنت بعثتها نقمة وأرسلتها سخطة، فإنا نستجيرك من غضبك، ونبتهل إليك في سؤال عفوك، فمل بالغضب إلى المشركين، وأدر رحى نقمتك على الملحدين.


3 – خساسة: دناءة. 4 – أسرحنا: أرسلنا وأطلقنا. 5 – الابد: الدائم. 1 – يبتدران طاعتك: يتسارعان إليها.

[ 183 ]

اللهم أذهب محل (2) بلادنا بسقياك، وأخرج وحر (3) صدورنا برزقك، ولا تشغلنا عنك بغيرك، ولا تقطع عن كافتنا مادة برك، فإن الغني من أغنيت، وإن السالم من وقيت، ما عند أحد دونك دفاع، و لا بأحد عن سطوتك امتناع، تحكم بما شئت على من شئت، وتقضي بما أردت فيمن أردت. فلك الحمد على ما وقيتنا من البلاء، ولك الشكر على ما خولتنا من النعماء، حمدا يخلف حمد الحامدين وراءه، حمدا يملا أرضه وسماءه. إنك المنان بجسيم المنن، الوهاب لعظيم النعم يسير الحمد، الشاكر قليل الشكر، المحسن المجمل ذو الطول (4) لا إله إلا أنت إليك المصير. (98) دعاؤه عليه السلام إذا اعترف بالتقصير عن تأدية الشكر اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك، وأعبدهم مقصر عن طاعتك. لا يجب لاحد أن تغفر له باستحقاقه، ولا أن ترضى عنه


2 – محل: جدب. 3 – وحر: غيظ، وسوسة. 4 – الطول: الفضل والسعة.

[ 184 ]

باستيجابه (1) فمن غفرت له فبطولك، ومن رضيت عنه فبفضلك، تشكر يسير ما شكرته (2) وتثيب على قليل ما تطاع فيه، حتى كأن شكر عبادك الذي أوجبت عليه ثوابهم وأعظمت عنه جزاءهم، أمر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم (3) أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم، بل ملكت يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا (4) في طاعتك، وذلك أن سنتك (5) الافضال، وعادتك الاحسان، وسبيلك العفو. فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت، وكل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت فلولا أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك، ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال. فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت توليته له، وتملي (6) للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه. ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لاوشك (7) أن يفقد


1 – باستيجابه: بكونه مستوجبا ومستحقا. 2 – (شكرته) تشكر به ” خ “. 3 – كافيتهم: جازيتهم. 4 – يفيضوا: يدخلوا. 5 – سنتك: طريقتك. 6 – تملي: تمهل. 7 – أوشك: قرب.

[ 185 ]

ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية، ثم لم تسمه (8) القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الآلات (9) التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له، وجملة ما سعى فيه، جزاء للصغرى من أياديك (10) ومننك، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟! لا! متى؟ هذا يا إلهي حال من أطاعك، وسبيل من تعبد لك، فأما العاصي أمرك والمواقع (11) نهيك، فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الانابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك: فجميع ما أخرت عنه من (12) العذاب، وأبطأت به عليه من سطوات النقمة والعقاب، ترك من حقك، ورضى بدون واجبك. فمن أكرم منك يا إلهي، ومن أشقى ممن هلك عليه؟ لا! من؟ فتباركت أن توصف إلا بالاحسان، وكرمت أن يخاف منك إلا العدل لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من


8 – تسمة: تلزمه وتطالبه. 9 – الآلات: كناية عن الجوارح. 10 – أياديك: عطاياك. 11 – المواقع: المباشر. 12 – من وقت ” خ “.

[ 186 ]

أرضاك. فصل على محمد وآله، وهب لي أملي، وزدني من هداك ما أصل به إلى التوفيق في عملي، إنك منان كريم. (99) دعاؤه عليه السلام في الشكر يا من فضل إنعامه إنعام المنعمين، وعجز عن شكره شكر الشاكرين، وقد جربت غيرك من المأمولين (1) لغيري من السائلين فإذا كل قاصد لغيرك مردود، وكل طريق إلى سواك مسدود، وكل خير عندك موجود، وكل خير عند سواك مفقود. يا من إليه به توسلت، وإليه به تسببت وتوصلت، وعليه في السراء والضراء عولت (2) وتوكلت، ما كنت عبدا لغيرك فيكون غيرك لي مولى، ولا كنت مرزوقا من سواك فأستديمه عادة الحسنى، وما قصدت بابا إلا بابك فلا تطردني من بابك الادنى (3) يا قديرا لا تؤده (4) المطالب، ويا مولى يبغيه كل راغب. حاجاتي مصروفه إليك، وآمالي موقوفة لديك، كلما وفقتني له من خير أحمله وأطيقه (5) فأنت دليلي عليه وطريقه. يا من جعل الصبر عونا على بلائه، وجعل الشكر مادة لنعمائه، قد


1 – المأمولين: المرجوين. 2 – عولت: استعنت. 3 – الادنى: الاقرب. 4 – تؤده: تثقله وتشق عليه. 5 – أطيقه: أقدر عليه.

[ 187 ]

جلت (6) نعمتك عن شكري، فتفضل على إقراري (7) بعجزي بعفو أنت أقدر عليه وأوسع له مني، وإن لم يكن لذنبي عندك عذر تقبله فاجعله ذنبا تغفره، وصل اللهم على جدي (8) محمد رسولك وآله الطيبين. (100) دعاؤه عيه السلام في الاعتذار من تبعات العباد. وفي فكاك رقبته من النار اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي (1) فلم أنصره، ومن معروف أسدي (2) إلي فلم أشكره، ومن مسئ أعتذر إلي فلم أعذره ومن ذي فاقة سألني فلم أوثره (3) ومن حق ذي حق لزمني لمؤمن فلم (4) أوفره (5) ومن عيب مؤمن ظهر لي فلم أستره، ومن كل إثم عرض لي فلم أهجره. أعتذر إليك يا إلهي منهن ومن نظائرهن اعتذار ندامة يكون واعظا (6) لما بين يدي من أشباههن، فصل على محمد وآله، واجعل ندامتي على ما وقعت فيه من الزلات، وعزمي على ترك ما يعرض لي من السيئات، توبة توجب لي محبتك يا محب التوابين. (101) دعاؤه عليه السلام في طلب العفو والرحمة


6 – جلت: عظمت. 7 – إقراري: اعترافي. 8 – * *. 1 – بحضرتي: بمشهد مني. 2 – أسدي: أولي، اعطي. 3 – أؤثره: أكرمه. 4 – لزمني فلم ” خ “. 5 – أوفره: أستوفيه. 6 – واعظا: ناصحا ومذكرا.

[ 188 ]

اللهم صل على محمد وآله، واكسر شهوتي عن كل محرم (1) وازو (2) حرصي عن كل مأثم، وامنعني عن أذى كل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة. اللهم وأيما عبد نال مني ما حظرت عليه، وانتهك مني ما حجرت (3) عليه، فمضى بظلامتي ميتا، أو حصلت لي قبله (4) حيا، فاغفر له ما ألم به مني، واعف له عما أدبر به عني، ولا تقفه على ما ارتكب في، ولا تكشفه عما اكتسب بي، واجعل ما سمحت به من العفو عنهم، وتبرعت به من الصدقة عليهم، أزكى صدقات المتصدقين، وأعلى صلات المتقربين، وعوضني من عفوي عنهم عفوك، ومن دعائي لهم رحمتك، حتى يسعد كل واحد منا بفضلك، وينجو كل منا بمنك. اللهم وأيما عبد من عبيدك أدركه مني درك (5) أو مسه من ناحيتي أذى، أو لحقه بي أو بسببي ظلم ففته بحقه (6) أو سبقته بمظلمته، فصل على محمد وآله وأرضه عني من وجدك (7) وأوفه حقه من عندك، ثم قني (8) ما يوجب له حكمك، وخلصني مما يحكم به عدلك، فإن قوتي لا تستقل بنقمتك، وإن طاقتي لا تنهض بسخطك،


1 – المحرم: الذي لا يحل انتهاكه. 2 – ازو: اصرف. 3 – حجزت ” خ “. حجرت: حرمت. 4 – قبله: من جهته. 5 – درك: تبعة. 6 – ففته بحقه: ذهبت به. 7 – وجدك: غناك. 8 – قني: احفظني.

[ 189 ]

فإنك إن تكافني بالحق تهلكني، وإلا تغمدني برحمتك توبقني (9). اللهم إني أستوهبك يا إلهي ما لا ينقصك بذله، وأستحملك ما لا يبهضك حمله، أستوهبك يا إلهي نفسي التي لم تخلقها لتمتنع بها من سوء، أو لتطرق بها (10) إلى نفع، ولكن انشأتها إثباتا لقدرتك على مثلها، واحتجاجا بها على شكلها. وأستحملك من ذنوبي ما قد بهظني حمله، وأستعين بك على ما قد فدحني (11) ثقله، فصل على محمد وآله، وهب لنفسي على ظلمها نفسي، ووكل رحمتك باحتمال إصري (12) فكم قد لحقت رحمتك بالمسيئين، وكم قد شمل عفوك الظالمين. فصل على محمد وآله، واجعلني أسوة (13) من قد أنهضته بتجاوزك عن مصارع الخاطئين، وخلصته بتوفيقك من ورطات المجرمين، فأصبح طليق عفوك من إسار سخطك، وعتيق صنعك من وثاق عدلك، إنك إن تفعل ذلك يا إلهي تفعله بمن لا يجحد استحقاق عقوبتك، ولا يبرئ نفسه من استيجاب نقمتك، تفعل ذلك يا إلهي بمن خوفه منك أكثر من طمعه فيك، وبمن يأسه من النجاة أوكد (14) من رجائه للخلاص، لا أن يكون يأسه قنوطا، أو أن يكون طمعه اغترارا (15) بل لقلة حسناته بين سيئاته، وضعف حججه في جميع


9 – توبقني: تهلكني. 10 – لتطرق بها: لتجعلها طريقا. 11 – فدحني: أجهدني. 12 – إصري: ذنبي وثقلي. 13 – أسوة: قدوة. 14 – أوكد: أوثق. 15 – اغترارا: يغره في ارتكاب المعاصي.

[ 190 ]

تبعاته. فأما أنت يا إلهي فأهل أن لا يغتر بك الصديقون، ولا ييأس منك المجرمون، لانك الرب العظيم الذي لا يمنع أحدا فضله، ولا يستقصي من أحد حقه. تعالى ذكرك عن المذكورين، وتقدست أسماؤك عن المنسوبين وفشت (16) نعمتك في جميع المخلوقين، فلك الحمد على ذلك يا رب العالمين. (102) دعاؤه عليه السلام في طلب الرحمة اللهم كما (1) أسأت وأحسنت إلي، فإن (2) عدت فعد علي. (103) دعاؤه عليه السلام إذا نعي إليه ميت، أو ذكر الموت اللهم صل على محمد وآله، واكفنا طول الامل، وقصره عنا بصدق العمل، حتى لا نؤمل استتمام ساعة بعد ساعة، ولا استيفاء (1) يوم بعد يوم، ولا اتصال نفس بنفس، ولا لحوق قدم بقدم، وسلمنا من غروره، وآمنا من شروره. وانصب الموت بين أيدينا نصبا، ولا تجعل ذكرنا له غبا (2)


16 – فشت: ظهرت وانتشرت. 1 – إلهي فكما ” خ “. 2 – فإذا ” خ “. 1 – استيفاء: استكمال. 2 – غبا: وقتا دون وقت.

[ 191 ]

واجعل لنا من صالح الاعمال عملا نستبطئ معه المصير (3) إليك، ونحرص له على وشك (4) اللحاق بك، حتى يكون الموت مأنسنا الذي نأنس به، ومألفنا الذي نشتاق إليه، وحامتنا (5) التي نحب الدنو منها، فإذا أوردته (6) علينا، وأنزلته بنا، فأسعدنا به زائرا، وآنسنا به قادما، ولا تشقنا بضيافته ولا تخزنا بزيارته، واجعله بابا من أبواب مغفرتك، ومفتاحا من مفاتيح رحمتك. أمتنا مهتدين غير ضالين، طائعين غير مستكرهين، تائبين غير عاصين ولا مصرين، يا ضامن جزاء المحسنين، ومستصلح عمل المفسدين. (104) دعاؤه عليه السلام عند الموت وكان زين العابدين عليه السلام يقول عند الموت: اللهم ارحمني فإنك كريم. اللهم ارحمني فإنك رحيم. فلم يزل يرددها حتى توفي عليه السلام. (105) دعاؤه عليه السلام إذا رأي جنازة


3 – المصير: الرجوع. 4 – وشك: سرعة. 5 – حامتنا: قرابتنا وخاصتنا. 6 – أوردته: أحضرته.

[ 192 ]

كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا رأي جنازة قال: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم (1). * * * وقال أيضا: الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر عباده بالموت. (106) دعاؤه عليه السلام إذا قام على قبر قال العالم عليه السلام: وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أدخل الميت القبر، قام على قبره، ثم قال: اللهم جاف (1) الارض عن جنبيه، وصعد عمله، ولقه (2) منك رضوانا. (107) دعاؤه عليه السلام الذي من دعا به حشره الله معه عليه السلام عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أبي بن كعب – وساق الحديث إلى أن قال -: قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟ قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر، وهي نطفة تبيين وبيان، يكون من أتبعه رشيدا، ومن ضل عنه هويا. قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: اسمه علي، ودعاؤه:


1 – السواد المخترم:. 1 – جاف: باعد. 2 – ولقنه ” خ “.

[ 193 ]

يا دائم يا ديموم (1) يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم، ويا فارج الهم، ويا باعث الرسل، ويا صادق الوعد، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله (2). من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين عليهما السلام، وكان قائده إلى الجنة. (108) دعاؤه عليه السلام في طلب الستر والوقاية اللهم صل على محمد وآله، وأفرشني مهاد (1) كرامتك، وأوردني مشارع رحمتك، واحللني بحبوحة جنتك. ولا تسمني (2) بالرد عنك، ولا تحرمني بالخيبة منك، ولا تقاصني بما اجترحت، ولا تناقشني بما اكتسبت، ولا تبرز مكتومي، ولا تكشف مستوري، ولا تحمل على ميزان الانصاف عملي، ولا تعلن على عيون الملا خبري. أخف عنهم ما يكون نشره علي عارا، واطو (3) عنهم ما يلحقني عندك شنارا (4). شرف درجتي برضوانك، وأكمل كرامتي بغفرانك، وأنظمني (5) في أصحاب اليمين، ووجهني في مسالك الآمنين، واجعلني في فوج (6)


1 – ياديوم ” خ “. 2 – * *. 1 – مهاد: فراش. 2 – لا تسمني: لا تذلني. 3 – اطو: اكتم. 4 – شنارا: عيبا وعارا. 5 – أنظمني: اجمعني. 6 – فوج: جماعة.

[ 194 ]

الفائزين، واعمر بي مجالس الصالحين، آمين رب العالمين. (109) دعاؤه عليه السلام عند ختم القرآن اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نورا، وجعلته مهيمنا (1) على كل كتاب أنزلته، وفضلته على كل حديث قصصته وفرقانا فرقت به بين حلالك وحرامك، وقرآنا أعربت (2) به عن شرائع أحكامك، وكتابا فصلته لعبادك تفصيلا، ووحيا أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه وآله تنزيلا، وجعلته نورا نهتدي من ظلم الضلالة والجهالة باتباعه، وشفاء لمن أنصت (3) بفهم التصديق إلى استماعه، وميزان قسط لا يحيف (4) عن الحق لسانه، ونور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه، وعلم نجاة لا يضل من أم قصد سنته، ولا تنال (5) أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته. اللهم فإذا أفدتنا المعونة على تلاوته، وسهلت جواسي (6) ألسنتنا بحسن عبارته، فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم (7) آياته، ويفزع إلى الاقرار بمتشابهه وموضحات بيناته. اللهم إنك أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وآله مجملا،


1 – مهيمنا: شاهدا ورقيبا. 2 – أعربت: بينت. 3 – أنصت: أصغي. 4 – لا يحيف: لا يميل. 5 – لا تنال: لا تصل. 6 – جواسي: حركة وتردد. 7 – * *.

[ 195 ]

وألهمته علم عجائبه مكملا، وورثتنا علمه مفسرا، وفضلتنا على من جهل علمه، وقويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله. اللهم فكما جعلت قلوبنا له حملة، وعرفتنا برحمتك شرفه وفضله، فصل على محمد الخطيب به، وعلى آله الخزان له، واجعلنا ممن يعترف بأنه من عندك حتى لا يعارضنا الشك في تصديقه، و لا يختلجنا الزيغ (8) عن قصد طريقه. اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله (9) ويسكن في ظل جناحه، ويهتدي بضوء صاحبه، ويقتدي بتبلج إسفاره (10) ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى في غيره. اللهم وكما نصبت به محمدا علما للدلالة عليك، وأنهجت (11) بآله سبل الرضا إليك، فصل على محمد وآله، واجعل القرآن وسيلة لنا إلى أشرف منازل الكرامة، وسلما نعرج (12) فيه إلى محل السلامة، وسببا نجزى به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة (13) نقدم بها على نعيم دار المقامة. اللهم صل على محمد وآله، واحطط بالقرآن عنا ثقل الاوزار، وهب لنا حسن شمائل الابرار، واقف بنا (14) آثار الذين قاموا لك به * (هامش) 8 – يختلجنا الزيغ: يجتذبا الميل. 9 – معقله: حصنه وملجأه. 10 – تبلج إسفاره: إشراقة ضوئه. 11 – أنهجت: أوضحت. 12 – نعرج: نصعد ونرتقي. 13 – ذريعة: وسيلة. 14 – اقف بنا: اجعلنا تابعين.


[ 196 ]

آناء الليل وأطراف النهار، حتى تطهرنا من كل دنس (15) بتطهيره وتقفو بنا آثار الذين استضاءوا بنوره، ولم يلههم الامل عن العمل فيقطعهم بخدع غروره. اللهم صل على محمد وآله، واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا، ومن نزعات الشيطان وخطرات الوساوس حارسا، ولاقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا، ولالسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما (16) آفة مخرسا، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا، ولما طوت (17) الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه، وزواجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله (18). اللهم صل على محمد وآله، وأدم بالقرآن صلاح ظاهرنا، واحجب (19) به خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا، واغسل به درن (20) قلوبنا وعلائق أوزارنا، واجمع به منتشر أمورنا، وارو به في موقف العرض (21) عليك ظمأ هواجرنا، واكسنا به حلل الامان يوم الفزع الاكبر في نشورنا (22). اللهم صل على محمد وآله، واجبر بالقرآن خلتنا من عدم الاملاق، وسق إلينا به رغد العيش وخصب سعة الارزاق، وجنبنا به


15 – دنس: ذنب. 16 – * *. 17 – طوت: أخفت. 18 – احتماله: حمله. * *. 19 – احجب: امنع. 20 – درن: وسخ. 21 – موقف العرض: يوم الحساب. 22 – نشورنا: إحيائنا بعد موتنا.

[ 197 ]

الضرائب (23) المذمومة ومداني الاخلاق، واعصمنا به من هوة (24) الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون لنا في القيامة إلى رضوانك و جنانك قائدا، ولنا في الدنيا عن سخطك وتعدي حدودك ذائدا (25) ولما عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدا. اللهم صل على محمد وآله وهون (26) بالقرآن عند الموت على أنفسنا كرب السياق (27) وجهد الانين وترادف الحشارج (28) ” إذا بلغت النفوس التراقي وقيل من راق ” (29) وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب، ورماها عن قوس المنايا بأسهم وحشة الفراق، وداف (30) لها من ذعاف (31) الموت كأسا مسمومة المذاق، ودنا منا إلى الآخرة رحيل وانطلاق، وصارت الاعمال قلائد في الاعناق، وكانت القبور هي المأوى إلى ميقات يوم التلاق. اللهم صل على محمد وآله، وبارك لنا في حلول دار البلى (32) وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وافسح لنا برحمتك في ضيق ملاحدنا، ولا تفضحنا في حاضر القيامة بموبقات آثامنا، وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذل مقامنا، وثبت به عند اضطراب جسر جهنم يوم المجاز عليها زلل أقدامنا، ونجنا به من كل كرب يوم القيامة، وشدائد أهوال يوم


23 – الضرائب: الطبائع. 24 – هوة: حفرة. 25 – ذائدا: مانعا 26 – هون: سهل. 27 – السياق: الاحتضار. 28 – الحشرجة: الغرغرة عند الموت. 29 – *. 30 – داف: خلط. 31 – الزعاف ” خ “. وكلاهما بمعنى السم القاتل. 32 – دار البلى: القبر.

[ 198 ]

الطامة، وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه الظلمة في يوم الحسرة والندامة، واجعل لنا في صدور المؤمنين ودا، ولا تجعل الحياة علينا نكدا. (33) اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما بلغ رسالتك، وصدع بأمرك، ونصح لعبادك. اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وعلى آله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا، وأمكنهم منك شفاعة، وأجلهم عندك قدرا وأوجههم عندك جاها. اللهم صل على محمد وآل محمد، وشرف بنيانه، وعظم برهانه، وثقل ميزانه، وتقبل شفاعته، وقرب وسيلته، وبيض وجهه وأتم نوره، وارفع درجته، وأحينا على سنته، وتوفنا على ملته، وخذ بنا منهاجه، واسلك بنا سبيله، واجعلنا من أهل طاعته، واحشرنا في زمرته، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه. وصل اللهم على محمد وآله صلاة (34) تبلغه بها أفضل ما يأمل من خيرك وفضلك وكرامتك، إنك ذو رحمة واسعة وفضل كريم. اللهم اجزه بما بلغ من رسالاتك، وأدى من آياتك، ونصح لعبادك، وجاهد في سبيلك، أفضل ما جزيت أحدا من ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين المصطفين، والسلام عليه وعلى آله


33 – نكدا: شدة وعسرا. 34 – * *.

[ 199 ]

الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته. (35) (110) دعاؤه عليه السلام إذا نظر إلى الهلال أيها الخلق المطيع الدائب (1) السريع، المتردد في منازل التقدير (2) المتصرف في فلك التدبير. آمنت بمن نور بك الظلم، وأوضح بك البهم (3) وجعلك آية من آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، وامتهنك (4) بالزيادة والنقصان، والطلوع والافول، والانارة والكسوف (5) في كل ذلك أنت له مطيع، وإلى إرادته سريع. سبحانه ما أعجب ما دبر في أمرك، وألطف ما صنع في شأنك، جعلك مفتاح شهر حادث لامر. فأسأل الله ربي وربك، وخالقي وخالقك، ومقدري و مقدرك، ومصوري ومصورك، أن يصلي على محمد وآله، وأن يجعلك هلال بركة لا تمحقها (6) الايام، وطهارة لا تدنسها الآثام. هلال أمن من الآفات، وسلامة من السيئات. هلال سعد لا نحس فيه، ويمن لا نكد معه، ويسر لا يمازجه عسر، وخير لا يشوبه (7) شر.


35 – * *. 1 – الدائب: الدائم السير. 2 – * *. 3 – البهم: المجهولات. 4 – امتهنك: استعملك واستخدمك. 5 – الكسوف: زوال الضوء. * *. 6 – تمحقها: تنقصها وتذهب بركتها. 7 – يشوبه: يخالطه.

[ 200 ]

هلال أمن وإيمان، ونعمة وإحسان، وسلامة وإسلام. اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا من أرضى من طلع عليه، وأزكى من نظر إليه، وأسعد من تعبد لك فيه، ووفقنا فيه للتوبة واعصمنا فيه من الحوبة (8) واحفظنا فيه من مباشرة معصيتك وأوزعنا (9) فيه شكر نعمتك، وألبسنا فيه جنن (10) العافية، وأتمم علينا باستكمال طاعتك فيه المنة، إنك المنان الحميد. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. (111) دعاؤه عليه السلام في أول يوم من رجب عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يدعو في الحجر في غرة رجب في سنة ابن الزبير، فأنصت إليه، وكان يقول (1): يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمير الصامتين، لكل مسالة منك سمع حاضر، وجواب عتيد (2) اللهم ومواعيدك الصادقة، وأياديك الفاضلة، ورحمتك الواسعة. فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقضي حوائجي للدنيا والآخرة، إنك على كل شي ء قدير. ثم قال – أي الثمالي – وأسر البواقي فلم أفهمه.


8 – الحوبة: الاثم والخطيئة. 9 – أوزعنا: ألهمنا. 10 – جنن: أستار. 1 – * *. 2 – عتيد: مهيأ وحاضر.

[ 201 ]

(112) دعاؤه عليه السلام في رجب (1) عن طاووس اليماني أنه قال: مررت بالحجر في رجب وإذا أنا بشخص راكع وساجد، فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام، فقلت: يا نفسي، رجل صالح من أهل بيت النبوة، والله لاغتنم دعاءه، فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته، ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل يقول: سيدي سيدي، وهذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوة، وعيناي إليك بالرجاء ممدودة، وحق لمن دعاك بالندم تذللا، أن تجيبه بالكرم تفضلا. سيدي، أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي؟ أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي؟ سيدي، أ لضرب المقامع خلقت أعضائي؟ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي؟ سيدي، لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه، لكنت أول الهاربين منك، لكني أعلم أني لا أفوتك. سيدي، لو أن عذابي يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه، غير أني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين، ولا ينقص منه معصية العاصين.


1 – * *.

[ 202 ]

سيدي، ما أنا، وما خطري (2)؟ هب لي خطاياي بفضلك، وجللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك. إلهي وسيدي، ارحمني مطروحا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الاقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي (3) فما للعبد من يرحمه إلا مولاه! ثم سجد وقال: أعوذ بك من نار حرها لا يطفى، وجديدها لا يبلى، وعطشانها لا يروى. وقلب خده الايمن وقال: اللهم لا تقلب وجهي في النار بعد تعفيري وسجودي لك بغير من مني عليك، بل لك الحمد والمن علي. ثم قلب خده الايسر وقال: ارحم من أساء واقترف، واستكان واعترف. ثم عاد إلى السجود، وقال: إن كنت بئس العبد، فأنت نعم الرب، العفو، العفو، (مائة مرة). قال طاووس: فبكيت حتى علا نحيبي، فالتفت إلي وقال: ما يبكيك يا يماني؟ أو ليس هذا مقام المذنبين! فقلت: حبيبي حقيق على الله أن لا يردك وجدك محمد صلى الله عليه وآله.


2 – خطري: منزلتي وقدري. 3 – * *.

[ 203 ]

قال طاووس: فلما كان في العام المقبل في شهر رجب بالكوفة فمررت بمسجد غني، فرأيته عليه السلام يصلي فيه ويدعو بهذا الدعاء، وفعل كما فعل في الحجر. (113) دعاؤه عليه السلام عند زوال كل يوم من شعبان وليلة النصف منه عن العباس بن مجاهد، عن أبيه، قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كل زوال من أيام شعبان، وفي ليلة النصف منه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الصلوات، فيقول: اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة (1) ومعدن العلم (2) وأهل بيت الوحي. اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، و المتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق. اللهم صل على محمد وآل محمد الكهف الحصين، وغياث المضطر المستكين، وملجأ الهاربين، ومنجي الخائفين، وعصمة المعتصمين. اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة كثيرة (3) تكون لهم رضى، ولحق محمد وآل محمد أداء (4) وقضاء بحول منك وقوة يا رب العالمين.


1 – مختلف الملائكة: مكان ترددها. 2 – معدن العلم: أصله. 3 – كثيرة طيبة ” خ “. 4 – أداء: فرضا.

[ 204 ]

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الابرار الاخيار، الذين أوجبت حقوقهم (5) ومودتهم، وفرضت طاعتهم وولايتهم. اللهم صل على محمد وآل محمد، واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت علي من فضلك، ونشرت علي من عدلك، وأحييتني تحت ظلك، وهذا شهر نبيك سيد رسلك صلواتك عليه وآله، شعبان الذي حففته (6) منك بالرحمة والرضوان، الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدأب (7) في صيامه وقيامه، في لياليه وأيامه، بخوعا (8) لك في إكرامه وإعظامه إلى محل حمامه. اللهم فأعنا على الاستنان بسنته (9) فيه، ونيل الشفاعة لديه. اللهم واجعله لي شفيعا مشفعا، وطريقا إليك مهيعا (10) واجعلني له متبعا حتى ألقاك (11) يوم القيامة عني راضيا، وعن ذنوبي غاضيا، قد أوجبت لي منك الرحمة (12) والرضوان، وأنزلتني دار القرار، ومحل الاخيار. (114) دعاؤه عليه السلام عند صلاة الليل والشفع والوتر في ليلة النصف من شعبان


5 – حقهم ” خ “. 6 – حففته: خصصته. 7 – يدأب: يجد ويتعب. 8 – بخوعا: خضوعا. 9 – الاستنان بسنته: العمل بشريعته. 10 – مهيعا: واسعا بينا. 11 – ألقاه ” خ “. 12 – الكرامة ” خ “.

[ 205 ]

إذا أردت صلاة الليل، فصل ركعتين وادع بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي، وأعطني في هذه الليلة أمنيتي، وتقبل وسيلتي، فإني بمحمد وعلي وأوصيائهما إليك أتوسل، وعليك أتوكل، ولك أسال، يا مجيب المضطرين يا ملجأ الهاربين، ومنتهى رغبة الراغبين، ونيل الطالبين. اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة كثيرة طيبة تكون لك رضى، ولحقهم قضاء. اللهم اعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت علي من فضلك، فإنك واسع الفضل، وازع العدل، لكل خير أهل. ثم صل ركعتين، وقل: اللهم أنت المدعو، وأنت المرجو، ورازق الخير، وكاشف السوء الغفار ذو العفو الرفيع، والدعاء السميع. أسألك في هذه الليلة الاجابة، وحسن الانابة، والتوبة والاوبة (1) وخير ما قسمت فيها وفرقت من كل أمر حكيم، فأنت بحالي زعيم (2) عليم، وبي (3) رحيم. امنن علي بما مننت به على المستضعفين من عبادك، واجعلني من


1 – الاوبة: الرجعة. 2 – الزعيم: الضمين والكفيل. 3 – ولي ” خ “.

[ 206 ]

الوارثين، وفي جوارك (4) من اللابثين (5) في دار القرار، ومحل الاخيار. ثم صل ركعتين وقل: سبحان الواحد الذي لا إله غيره، القديم الذي لا بدء له، الدائم الذي لا نفاد (6) له، الدائب الذي لا فراغ له، الحي الذي لا يموت، خالق ما يرى وما لا يرى، عالم كل شئ بغير تعليم، السابق في علمه ما لا يهجس (7) المرء في وهمه، سبحانه وتعالى عما يشركون. اللهم إني أسألك سؤال معترف ببلائك القديم ونعمائك، أن تصلي على محمد خير أنبيائك، وأهل بيته أصفيائك وأحبائك، وأن تبارك لي في لقائك. ثم صل ركعتين وقل: يا كاشف الكرب، ومذلل كل صعب، ومبتدئ النعم قبل استحقاقها، ويا من مفزع الخلق إليه، وتوكلهم عليه، أمرت بالدعاء وضمنت الاجابة. فصل على محمد وآل محمد وابدأ بهم في كل خير، وافرج (8) همي، وارزقني برد (9) عفوك، وحلاوة ذكرك وشكرك، وانتظار أمرك انظر إلي نظرة رحيمة (10) من نظراتك، وأحيني ما أحييتني * (هامش) 4 – كنف ” خ “. 5 – اللابثين: المقيمين والماكثين. 6 – لانفاد: لافناء. 7 – يهجس: يخطر في باله. 8 – وفرج ” خ “. 9 – برد: لذة. 10 – نظر رحمة ” خ “.


[ 207 ]

موفورا (11) مستورا، واجعل الموت لي جذلا (12) وسرورا، وأقدر لي ولا تقتر علي في حياتي إلى حين وفاتي حتى ألقاك من العيش سئما، وإلى الآخرة قرما (13) إنك على كل شئ قدير. ثم صل ركعتي الشفع، وقل بعدهما قبل قيامك إلى الوتر: اللهم رب ” الشفع والوتر والليل إذا يسر ” (14) بحق هذه الليلة المقسوم فيها بين عبادك ما تقسم، والمحتوم فيها ما تحتم (15) أجزل فيها قسمي (16) ولا تبدل إسمي، ولا تغير جسمي، ولا تجعلني ممن عن الرشد عمي، واختم لي بالسعادة والقبول، يا خير مرغوب إليه، و مسؤول. ثم قم وأوتر، فإذا فرغت من ركعة الوتر، فقل (17): اللهم يا من شأنه الكفاية، وسرادقه (18) الرعاية، يا من هو الرجاء والامل، وعليه في الشدائد المتكل، مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، وضاقت علي المذاهب وأنت خير الرازقين، كيف أخاف وأنت رجائي، وكيف أضيع وأنت لشدتي ورخائي؟! اللهم إني أسألك بما وارت (19) الحجب من جلالك وجمالك، وبما أطاف (20) العرش من بهاء كمالك، وبمعاقد العز من عرشك الثابت الاركان، وبما تحيط به قدرتك من ملكوت السلطان، يا من


11 – موفورا: غنيا. 12 – جذلا: فرحا. 13 – قرما: مشتاقا. 14 – *. 15 – تحتم: تقضي وتوجب. 16 – قسمي: نصيبي. 17 – * *. 18 – سرادقه: إحاطته. 19 – وارت: أخفت وسترت. 20 – وبما أطاف به ” خ “.

[ 208 ]

لا راد لامره، ولا معقب لحكمه (21) اضرب بيني وبين أعدائي سترا من سترك، وكافية من أمرك، يا من لا تخرق قدرته عواصف الرياح، ولا تقطعه بواتر الصفاح (22) ولا تنفذ فيه عوامل الرماح (23) يا شديد البطش، يا عالي (24) العرش، اكشف ضري يا كاشف ضر أيوب واضرب بيني وبين من يرميني ببوائقه، ويسري إلي طوارقه، بكافية من كوافيك، وواقية (25) من دواعيك، وفرج همي وغمي يا فارج غم يعقوب، وأغلب لي من غلبني يا غالبا غير مغلوب ” ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا ” (26) ” فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ” (27). يا من نجى نوحا من القوم الظالمين، يا من نجى لوطا من القوم الفاسقين، يا من نجى هودا من القوم العادين، يا من نجى محمدا من القوم المستهزئين. أسألك بحق شهرنا هذا وأيامه، الذي كان رسولك صلى الله عليه وآله يدأب في صيامه وقيامه مدى سنيه وأعوامه، أن تجعلني فيه من المقبولين (28) أعمالهم، البالغين في آمالهم (29) والقاضين في طاعتك آجالهم، وأن تدرك بي صيام الشهر المفترض، شهر الصيام على التكملة والتمام، واسلخهما عني بانسلاخي من الآثام، فإني متحصن بك، ذو


21 – * *. 22 – بواتر الصفاح: السيوف القاطعة العريضة. 23 – عوامل الرماح: ما يلي السنان. 24 – يا علي ” خ “. 25 – ووافية ” خ “. 26، 27 – *. 28 – العاملين المقبولين ” خ “. 29 – والعاملين البالغين آمالهم الطائعين. ” خ “.

[ 209 ]

اعتصام بأسمائك العظام، وموالاة أوليائك الكرام، أهل النقض والابرام (30) إمام منهم بعد إمام، مصابيح الظلام (31) وحجج الله على جميع الانام، عليهم منك (32) أفضل الصلاة والسلام. اللهم وإني أسألك بحق البيت الحرام، والركن والمقام والمشاعر العظام، أن تهب لي الليلة الجزيل من عطائك، والاعاذة من بلائك. اللهم صل على محمد وأهل بيته الاوصياء الهداة (33) الدعاة، وأن لا تجعل حظي من هذا الدعاء تلاوته، واجعل حظي منه إجابته إنك على كل شئ قدير. (115) دعاؤه عليه السلام إذا دخل شهر رمضان الحمد الله الذي هدانا لحمده، وجعلنا من أهله، لنكون لاحسانه من الشاكرين، و ليجزينا على ذلك جزاء المحسنين. والحمد الله الذي حبانا (1) بدينه، واختصنا بملته، وسبلنا (2) في سبل إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه، حمدا يتقبله منا، ويرضى به عنا. والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره، شهر رمضان، شهر


30 – * *. 31 – مصابيح الانوار في الظلام ” خ “. 32 – منك يا رب ” خ “. 33 – الهداة الرعاة ” خ “. 1 – حبانا: خصنا. 2 – سبلنا: أوضح لنا الطريق.

[ 210 ]

الصيام، وشهر الاسلام، وشهر الطهور، وشهر التمحيص (3) وشهر القيام ” الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ” (4) فأبان (5) فضيلته على سائر الشهور، بما جعل له من المحرمات الموفورة (6) والفضائل المشهورة، فحرم فيه ما أحل في غيره إعظاما، وحجر (7) فيه المطاعم والمشارب إكراما، وجعل له وقتا بينا، لا يجيز عزوجل أن يقدم قبله، ولا يقبل أن يؤخر عنه. ثم فضل ليلة واحدة من لياله على ليالي ألف شهر، وسماها ليلة القدر ” تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ” (8) سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه. اللهم صل على محمد وآله، وألهمنا معرفة فضله، وإجلال حرمته، والتحفظ مما حظرت (9) فيه، وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك، واستعمالها فيه بما يرضيك، حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو، ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو، وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور، وحتى لا تعي (10)


3 – التمحيص: الابتلاء والاختبار. 4 – *. 5 – أبان: أظهر. 6 – الموفورة: الكثيرة. 7 – حجر: حرم. 8 – *. 9 – حظرت: منعت. 10 – تعي: تحوي.

[ 211 ]

بطوننا إلا ما أحللت، ولا تنطق ألسنتنا إلا بما مثلت (11) ولا نتكلف إلا ما يدني من ثوابك، ولا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك، ثم خلص ذلك كله من رياء المرائين، وسمعة المسمعين، لا نشرك فيه أحدا دونك، ولا نبتغي به مرادا سواك. اللهم صل على محمد وآله، وقفنا فيه على مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت وفروضها التي فرضت، ووظائفها التي وظفت، وأوقاتها التي وقت. وأنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها، الحافظين لاركانها المؤدين لها في أوقاتها على ما سنه (12) عبدك ورسولك صلواتك عليه وآله في ركوعها وسجودها، وجميع فواضلها على أتم الطهور وأسبغه (13) وأبين الخشوع وأبلغه. ووفقنا فيه لان نصل أرحامنا بالبر والصلة، وأن نتعاهد جيراننا بالافضال والعطية، وأن نخلص أموالنا من التبعات، وأن نطهرها بإخراج الزكوات. وأن نراجع من هاجرنا (14) وأن ننصف من ظلمنا، وأن نسالم من عادانا، حاشا (15) من عودي فيك ولك، فإنه العدو الذي لا نواليه، والحزب الذي لا نصافيه.


11 – ما قلت ” خ “. 12 – سنه: بينه وأجراه. 13 – أسبغه: أكمله. 14 – نراجع من هاجرنا: نصل من قطعنا. 15 – حاشا: إلا.

[ 212 ]

وأن نتقرب إليك فيه من الاعمال الزاكية بما تطهرنا به من الذنوب، وتعصمنا فيه مما نستأنف من العيوب، حتى لا يورد عليك أحد من ملائكتك إلا دون ما نورد من أبواب الطاعة لك، وأنواع القربة إليك، اللهم إني أسالك بحق هذا الشهر، وبحق من تعبد لك فيه من ابتدائه إلى وقت فنائه من ملك قربته، أو نبي أرسلته، أو عبد صالح اختصصته، أن تصلي على محمد وآله، وأهلنا (16) فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك، أوجب لنا فيه ما أوجبت لاهل المبالغة في طاعتك، واجعلنا في نظم (17) من استحق الرفيع الاعلى برحمتك. اللهم صل على محمد وآله، وجنبنا الالحاد في توحيدك، والتقصير في تمجيدك، والشك في دينك، والعمى عن سبيلك، والاغفال لحرمتك، والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم. اللهم صل على محمد وآله، وإذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك، أو يهبها صفحك، فاجعل رقابنا من تلك الرقاب، واجعلنا لشهرنا من خير أهل وأصحاب. اللهم صل على محمد وآله، وامحق ذنوبنا مع إمحاق (18) هلاله، واسلخ عنا تبعاتنا مع انسلاخ أيامه، حتى ينقضي عنا وقد


16 – أهلنا: اجعلنا أهلا. 17 – نظم: جمع. 18 – المحق: ذهاب الشئ حتى لا يرى له أثر.

[ 213 ]

صفيتنا فيه من الخطيئات، وأخلصتنا فيه من السيئات. اللهم صل على محمد وآله، وإن ملنا فيه فعدلنا، وإن زغنا فيه فقومنا، وإن اشتمل علينا عدوك الشيطان فاستنقذنا منه. اللهم اشحنه (19) بعبادتنا إياك، وزين أوقاته بطاعتنا لك، وأعنا في نهاره على صيامه، وفي ليله على الصلاة والتضرع إليك، والخشوع لك، والذلة بين يديك، حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة، ولا ليله بتفريط (20). اللهم واجعلنا في سائر الشهور والايام كذلك ما عمرتنا، واجعلنا من عبادك الصالحين، ” الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ” (21). ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ” (22). ومن الذين ” يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ” (23). اللهم صل على محمد وآله في كل وقت، وكل أوان (24) وعلى كل حال، عدد ما صليت على من من صليت عليه، وأضعاف ذلك كله بالاضعاف التي لا يحصيها غيرك، إنك فعال لما تريد.


19 – اشحنه. املاه. 20 – تفريط: تقصير. 21 – 23 – *. 24 – أوان: حين.

[ 214 ]

(116) دعاؤه عليه السلام في سحر كل ليلة من شهر رمضان عن أبي حمزة الثمالي، قال: كان علي بن الحسين سيد العابدين صلوات الله عليهما يصلي عامة الليل في شهر رمضان، فإذا كان في السحر دعا بهذا الدعاء: إلهي لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك؟ ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك؟ لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك، ولا الذي أساء واجترا عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب يا رب يا رب. حتى ينقطع النفس بك عرفتك، انت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدرما أنت. الحمد الله الذي أدعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئا حين يدعوني. والحمد الله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني. والحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري بغير شفيع، فيقضي لي حاجتي. والحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره، ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي. والحمد لله الذي أرجوه ولا أرجو غيره، ولو رجوت غيره لاخلف


[ 215 ]

رجائي. والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني، ولم يكلني إلى الناس فيهينوني. والحمد لله الذي تحبب إلي، وهو غني عني. والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي، فربي أحمد شئ عندي، وأحق بحمدي. اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة (1) ومناهل الرجاء لديك مترعة (2) والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، و أبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة. وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة، و للملهوفين (3) بمرصد إغاثة، وأن في اللهف إلى جودك، والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين، ومندوحة (4) عما في أيدي المستأثرين، وأن الراحل إليك قريب المسافة. وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الاعمال (5) دونك، وقد قصدت إليك بطلبتي، وتوجهت إليك بحاجتي، وجعلت بك استغاثتي، و بدعائك توسلي من غير استحقاق لاستماعك مني، ولا استيجاب لعفوك عني، بل لثقتي بكرمك، وسكوني (6) إلى صدق


1 – مشرعة: مفتوحة. 2 – مترعة: مملوءة. 3 – للملهوفين: للمظلومين المستغيثين. 4 – مندوحة: سعة. 5 – الآمال ” خ “. 6 – سكوني: اطمئناني.

[ 216 ]

وعدك، ولجائي (7) إلى الاقرار (8) بتوحيدك، ويقيني بمعرفتك مني أن لا رب لي غيرك، ولا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك. اللهم أنت القائل، وقولك حق ووعدك صدق ” واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليما ” (9) وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية، وأنت المنان بالعطيات على أهل مملكتك، والعائد (10) عليهم بتحنن رأفتك. إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا، ونوهت باسمي 11) كبيرا، فيامن رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه (12) وكرمه. معرفتي يا مولاي دلتني عليك، وحبي لك شفيعي إليك، وأنا واثق من دليلي بدلالتك، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك. أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، رب أناجيك بقلب قد أوبقه (13) جرمه. أدعوك يا رب راهبا (14) راغبا راجيا خائقا، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم، وأن عذبت فغير ظالم.


7 – لجائي: التجائي. 8 – الايمان ” خ “. 9 – *. 10 – العائد: المكرم المفضل. 11 – نوهت باسمي: رفعت ذكري. 12 – فضله ” خ “. 13 – أوبقه: أهلكه. 14 – راهبا: فزعا.

[ 217 ]

حجتي يا الله في جراتي على مسألتك – مع إتياني ما تكره – جودك وكرمك، وعدتي في شدتي – مع قلة حيائي منك – رأفتك ورحمتك، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي، فحقق رجائي، واسمع دعائي، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج. عظم يا سيدي أملي، وساء عملي، فأعطني من عفوك بمقدار أملي، ولا تؤاخذني (15) بأسوء عملي، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك، هارب منك إليك، مستنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا، وما أنا يا رب وما خطري (16)؟! هبني بفضلك وتصدق علي بعفوك. أي رب جللني بسترك، واعف عن توبيخي (17) بكرم وجهك، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لانك أهون الناظرين إلي، وأخف المطلعين علي، بل لانك يا رب خير الساترين، وأحكم الحاكمين، وأكرم الاكرمين، ستار العيوب، غفار الذنوب، علام الغيوب. تستر الذنب بكرمك، وتؤخر العقوبة بحلمك، فلك الحمد على حلمك بعد علمك، وعلى عفوك بعد قدرتك. ويحملني ويجرئني على معصيتك حلمك عني، ويدعوني إلى


15 – لا تؤاخذني: لا تعاقبني. 16 – خطري: قدري ومنزلتي. 17 – توبيخي: ملامتي.

[ 218 ]

قلة الحياء سترك علي، ويسرعني إلى التوثب (18) على محارمك معرفتي بسعة رحمتك، وعظيم عفوك. يا حليم يا كريم، يا حي يا قيوم، يا غافر الذنب، يا قابل التوب، يا عظيم المن، يا قديم الاحسان. أين سترك الجميل؟ أين عفوك الجليل (19)؟ أين فرجك القريب؟ أين غياثك السريع؟ أين رحمتك الواسعة؟ أين عطاياك الفاضلة؟ أين مواهبك الهنيئة؟ أين صنائعك السنية (2 0)؟ أين فضلك العظيم؟ أين منك الجسيم؟ أين إحسانك القديم؟ أين كرمك يا كريم؟ به (21) فاستنقذني، وبرحمتك فخلصني. يا محسن يا مجمل (22) يا منعم يا مفضل، لسنا نتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا، بل بفضلك علينا، لانك أهل التقوى وأهل المغفرة، تبتدئ الاحسان نعما، وتعفو عن الذنب كرما، فما ندري ما نشكر! أجميل ما تنشر؟ أم قبيح ما تستر؟ أم عظيم ما أبليت و أوليت؟ أم كثير ما منه نجيت وعافيت؟ يا حبيب من تحبب إليك، ويا قرة عين من لاذ بك وانقطع إليك، أنت المحسن ونحن المسيئون، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك، وأي جهل يا رب لا يسعه جودك؟ وأي زمان أطول


(18) التوثب: النهوض والقفز. 19 – يا جليل ” خ “. 20 – السنية: الرفيعة المنزلة. 21 – به وبمحمد وآل محمد ” خ “. 22 – أجمل الصنيعة: حسنها وكثرها.

[ 219 ]

من أناتك؟ وما قدر أعمالنا في جنب نعمك؟ وكيف نستكثر أعمالا نقابل بها كرمك؟ بل كيف يضيق على المذنبين وما وسعهم من رحمتك؟ يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة. فوعزتك يا سيدي لو انتهرتني (23) ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك (24) لما انتهى (25) إلي من المعرفة بجودك وكرمك، وأنت الفاعل لما تشاء، تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء، ولا تسأل عن فعلك، ولا تنازع في ملكك، ولا تشارك في أمرك، ولا تضاد في حكمك، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك، لك الخلق والامر تبارك الله رب العالمين. يا رب هذا مقام من لاذ بك، واستجار بكرمك، وألف (26) إحسانك ونعمك، وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك، ولا ينقص فضلك، ولا تقل رحمتك، وقد توثقنا منك بالصفح القديم، والفضل العظيم، والرحمة الواسعة. أفتراك يا رب تخلف ظنوننا أو تخيب آمالنا؟ كلا يا كريم فليس هذا ظننا بك، ولا هذا طمعنا فيك. يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا، إن لنا فيك رجاء عظيما عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا، ودعوناك ونحن نرجو أن تستجيب


23 – انتهرتني: زجرتني. 24 – تملقك: توددك. 25 – انتهى: وصل. 26 – ألف: أنس.

[ 220 ]

لنا، فحقق رجاءنا يا مولانا فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا، ولكن علمك فينا، وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا (27) على الرغبة إليك وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك، فأنت أهل أن تجود علينا، وعلى المذنبين بفضل سعتك، فامنن علينا بما أنت أهله، وجد علينا فإنا محتاجون إلى نيلك (28). يا غفار بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا، ذنوبنا بين يديك، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك. تتحبب إلينا بالنعم ونعارضك (29) بالذنوب، خيرك إلينا نازل، وشرنا إليك صاعد! ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح، فلا يمنعك ذلك من أن تحوطنا بنعمتك (30) وتتفضل علينا بآلائك، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك وأكرمك، مبديا ومعيدا، تقدست أسماؤك، وجل ثناؤك، وكرم (31) صنائعك وفعالك. أنت إلهي أوسع فضلا، وأعظم حلما من أن تقايسني (32) بفعلي وخطيئتي، فالعفو العفو العفو، سيدي سيدي سيدي. اللهم أشغلنا بذكرك، وأعدنا من سخطك، وأجرنا من عذابك وارزقنا من مواهبك، وأنعم علينا من فضلك، وارزقنا حج بيتك وزيارة قبر نبيك، صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه


27 – حثنا: حرضنا. 28 – نيلك: عطائك. 29 – نعارضك: نقابلك. 30 – بنعمك ” خ “. 31 – وأكرم ” خ “. 32 – تقايسني: تجازيني بمقدار فعلي.

[ 221 ]

وعلى أهل بيته، إنك قريب مجيب، وارزقنا عملا بطاعتك، وتوفنا على ملتك، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله. اللهم (33) اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرا واجزهما بالاحسان إحسانا، وبالسيئات عفوا وغفرانا. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والاموات، وتابع بيننا وبينهم بالخيرات. اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، ذكرنا وأنثانا، صغيرنا وكبيرنا، حرنا ومملوكنا، كذب العادلون (34) بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا. اللهم صل على محمد وآل محمد، واختم لي بخير، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي، ولا تسلط علي من لا يرحمني، واجعل علي منك جنة واقية باقية، ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي، وارزقني من فضلك رزقا واسعا حلالا طيبا. اللهم احرسني بحراستك، واحفظني بحفظك، واكلاني (35) بكلائتك، وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام، وزيارة قبر نبيك والائمة عليهم السلام، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة، والمواقف الكريمة.


33 – اللهم صل على محمد وآله و ” خ “. 34 – العادلون: الجاعلون له عدلا، أي مماثلا. 35 – اكلاني: احرسني واحفظني.

[ 222 ]

اللهم تب علي حتى لا أعصيك، وألهمني الخير والعمل به، وخشيتك بالليل والنهار، أبدا ما أبقيتني يا رب العالمين. اللهم إني كلما قلت قد تهيأت وتعبأت (36) وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت، وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت! ومالي كلما قلت قد صلحت سريرتي، وقرب من مجالس التوابين مجلسي، عرضت لي بلية أزالت قدمي، وحالت بيني وبين خدمتك! سيدي لعلك عن بابك طردتني، وعن خدمتك نحيتني! أو لعلك رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني (37)! أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني (38)! أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني! أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني! أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني! أو لعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني! أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني! أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني! أو لعلك بجرمي و جريرتي (39) كافيتني! أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني! فان عفوت يا رب، فطالما عفوت عن المذنبين قبلي، لان كرمك – أي رب – يجل عن مجازاة المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجز ما وعدت من الصفح عمن


36 – تعبأت: تجهزت. 37 – أقصيتني: أبعدتني. 38 – قليتني: أبغضتني. 39 – جريرتي: جنايتي وذنبي.

[ 223 ]

أحسن بك ظنا. إلهي أنت أوسع فضلا، وأعظم حلما من أن تقايسني بعملي، وأن تستزلني (40) بخطيئتي، وما أنا يا سيدي، وما خطري! هبني بفضلك، وتصدق علي بعفوك، أي رب جللني (41) بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك. سيدي أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال الذي هديته، وأنا الوضيع (42) الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته، وأنا الجائع الذي أشبعته، وأنا العطشان الذي أرويته وأنا العاري الذي كسوته، وأنا الفقير الذي أغنيته، وأنا الضعيف الذي قويته، وأنا الذليل الذي اعززته، وأنا السقيم الذي شفيته وأنا السائل الذي أعطيته، وأنا المذنب الذي سترته، وأنا الخاطئ الذي أقلته (43) وأنا القليل الذي كثرته، وأنا المستضعف الذي نصرته، وأنا الطريد الذي آويته. أنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء (44) ولم أراقبك في الملاء، أنا صاحب الدواهي العظمى، أنا الذي على سيده اجترا، أنا الذي عصيت جبار السما، أنا الذي أعطيت على جليل المعاصي الرشا، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعى،


40 – تستزلني: تجعلني زالا واقعا في العذاب. 41 – جللني: غطني. 42 – الوضيع: الدنئ. 43 – أقلته: صفحت عنه. 44 – الخلاء: المكان الذي ليس فيه أحد.

[ 224 ]

أنا الذي أمهلتني فما ارعويت (45) وسترت علي فما استحييت، وعملت بالمعاصي فتعديت، وأسقطتني من عينك فما باليت. فبحلمك أمهلتني، وبسترك سترتني، حتى كأنك أغفلتني، ومن عقوبات المعاصي جنبتني، حتى كأنك استحييتني. إلهي لم أعصك – حين عصيتك – وأنا لربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون، ولكن خطيئة عرضت، وسولت (46) لي نفسي، وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي وغرني سترك المرخى علي، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي. فالآن من عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني؟ وبحبل (47) من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟ فوا أسفا (48) على ما أحصى كتابك من علمي الذي لو لا ما أرجو من كرمك، وسعة رحمتك، ونهيك إياي عن القنوط (49) لقنطت عند ما أتذكرها، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج. اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحبي للنبي الامي، القرشي، الهاشمي، العربي، التهامي المكي، المدني، أرجو الزلفة لديك، فلا توحش استيناس إيماني، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك، فإن قوما آمنوا بألسنتهم


45 – ارعويت: ارتدعت. 46 – سولت: زينت. 47 – الحبل: الوصل. 48 – فوا سوأتاه ” خ “. 49 – القنوط: اليأس.

[ 225 ]

ليحقنوا (50) به دماءهم، فأدركوا ما أملوا، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا، لتعفو عنا، فأدركنا ما أملنا، وثبت رجاءك في صدورنا، و ” لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ” (51) فو عزتك لو انتهرتني ما برحت عن بابك، ولا كففت عن تملقك، لما ألهم قلبي من المعرفة بكرمك، وسعة رحمتك، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه، وإلى من يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه. إلهي لو قرنتني بالاصفاد (52) ومنعتني سيبك (53) من بين الاشهاد، ودللت على فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلى النار وحلت (54) بيني وبين الابرار، ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبك من قلبي، أنا لا أنسى أياديك (55) عندي، وسترك علي في دار الدنيا. سيدي صل على محمد وآل محمد، وأخرج حب الدنيا من قلبي، واجمع بيني وبين المصطفى خيرتك من خلقك، وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله، وانقلني إلى درجة التوبة إليك، وأعني بالبكاء على نفسي، فقد أفنيت بالتسويف (56) والآمال عمري، وقد


50 – حقن دمه: صانه ولم يرقه. 51 – *. 52 – قرنتني بالاصفاد: شددتني بالقيود. 53 – سيبك: عطاءك. 54 – حلت: حجزت. 55 – أياديك: نعمك. 56 – التسويف: المطل والتأخير.

[ 226 ]

نزلت نفسي منزلة (57) الآيسين من الخير، فمن يكون أسوء حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبري؟ ولم أمهده لرقدتي، ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي. وما لي لا أبكي؟! ولا أدري إلى ما يكون مصيري، وأرى نفسي تخادعني، وأيامي تخاتلني (58) وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت فمالي لا أبكي! أبكي لخروج نفسي، أبكي لحلول رمسي (59) أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا، حاملا ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن يميني، ومرة (60) عن شمالي إذ الخلائق في شأن غير شأني ” لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكه مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ” (61) وذلة. سيدي عليك معتمدي ومعولي (62) ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي، تصيب برحمتك من تشاء وتهدي بكرامتك من تحب، فلك الحمد على ما نقيت من الشرك قلبي، ولك الحمد على بسط لساني. أفبلساني هذا الكال (63) أشكرك؟! أم بغاية جهدي في عملي أرضيك؟! وما قدر لساني يا رب في جنب شكرك؟ وما قدر عملي في


57 – نزلت منزلة ” خ “. 58 – تخاتلني: تخادعني عن غفلة. 59 – رمسي: قبري وما يحثى عليه من التراب. 60 – وأخرى ” خ “. 61 – *. 62 – معولي: ثقتي. 63 – الكال: العاجز.

[ 227 ]

جنب نعمك وإحسانك إلي؟ إلا أن جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي. سيدي إليك رغبتي، ومنك رهبتي، وإليك تأميلي، قد ساقني إليك أملي، وعليك يا واحدي (64) عكفتب (65) همتي، وفيما عندك انبسطت رغبتي، ولك خالص رجائي وخوفي، وبك أنست محبتي، وإليك ألقيت بيدي، وبحبل طاعتك مددت رهبتي. يا مولاي بذكرك عاش قلبي، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني، فيا مولاي ويا مؤملي ويا منتهى سؤلي، فرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك، فإنما أسألك (66) لقدم الرجاء لك، وعظيم الطمع فيك الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة، فالامر لك وحدك (67) والخلق كلهم عيالك وفي قبضتك، وكل شئ خاضع لك، تباركت يا رب العالمين. إلهي ارحمني إذا انقطعت حجتي، وكل عن جوابك لساني، وطاش (68) عند سؤالك إياي لبي، فيا عظيما يرجى لكل عظيم أنت رجائي فلا تخيبني (69) إذا اشتدت فاقتي، ولا تردني لجهلي، ولا تمنعني لقلة صبري، وأعطني لفقري، وارحمني لضعفي. سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي


64 – واحدي: الذي ليس لي أحد غيره. 65 – عكفت: لزمت. 66 – أدعوك ” خ “. 67 – وحدك لا شريك لك ” خ “. 68 – طاش: خف وتاه. 69 – فيا عظيم رجائي لا تخيبني ” خ “.

[ 228 ]

وبفنائك أحط رحلي، وبجودك أقصر (70) طلبتي وبكرمك – أي رب – أستفتح دعائي، ولديك أرجو سد فاقتي، وبغناك أجبر عيلتي (71) وتحت ظل عفوك قيامي، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري، وإلى معروفك أديم نظري، فلا تحرقني بالنار وأنت موضع أملي، ولا تسكني الهاوية فإنك قرة عيني. يا سيدي لا تكذب طني بإحسانك ومعروفك، فإنك ثقتي، ولا تحرمني ثوابك، فإنك العارف بفقري. إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي (72). إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو؟ وإن عذبت فمن أعدل منك في الحكم؟ ارحم في هذه الدنيا غربتي، وعند الموت كربتي، وفي القبر وحدتي، وفي اللحد وحشتي، وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي فاغفر لي ما خفي على الآدميين من عملي، وأدم لي ما به سترتني (73) وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وتحنن علي محمولا قد تناول الاقرباء أطراف جنازتي، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في


70 – أقصد ” خ “. 71 – عيلتي: فقري. 72 – عللي: أعذاري. 73 – مسرتي ” خ “.

[ 229 ]

حفرتي، وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي حتى لا أستأنس بغيرك يا سيدي، فإنك إن وكلتني إلى نفسي هلكت. سيدي فبمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي؟ وإلى من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي؟ وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي؟ سيدي من لي ومن يرحمني إن لم ترحمني؟ وفضل من أؤمل إن عدمت فضلك يوم فاقتي؟ وإلى من الفرار من الذنوب إذا انقضى أجلي؟ سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك. إلهي حقق رجائي، وآمن خوفي، فان كثرة ذنوبي لا أرجو فيها إلا عفوك. سيدي أنا أسألك ما لا أستحق، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة، فاغفر لي وألبسني من نظرك ثوبا يغطي علي التبعات، وتغفرها لي ولا أطالب بها إنك ذو من قديم، وصفح عظيم، وتجاوز كريم. إلهي أنت الذي تفيض سيبك على من لا يسألك، وعلى الجاحدين بربوبيتك، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك والامر إليك؟ تباركت وتعاليت يا رب العالمين. سيدي عبدك ببابك أقامته الخصاصة (74) بين يديك، يقرع باب إحسانك بدعائه، ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه، فلا


74 – الخصاصة: العوز.

[ 230 ]

تعرض بوجهك الكريم عني، واقبل مني ما أقول، فقد دعوتك بهذا الدعاء، وأنا أرجو أن لا تردني معرفة مني برأفتك ورحمتك. إلهي أنت الذي لا يحفيك (75) سائل، ولا ينقصك نائل، أنت كما تقول وفوق ما نقول. اللهم إني أسألك صبرا جميلا، وفرجا قريبا، وقولا صادقا، وأجرا عظيما، أسألك يا رب من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، يا خير من سئل وأجود من أعطى، أعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي وإخواني فيك، وأرغد (76) عيشي، وأظهر مروتي، وأصلح جميع أحوالي، واجعلني ممن أطلت عمره، وحسنت عمله، وأتممت عليه نعمتك، ورضيت عنه، وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة، وأتم العيش، إنك تفعل ما تشاء، ولا يفعل ما يشاء غيرك. اللهم خصني منك بخاصة ذكرك، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به إليك في آناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا، واجعلني لك من الخاشعين. اللهم أعطني السعة في الزرق، والامن في الوطن، وقرة العين في الاهل والمال والولد والمقام في نعمك عندي.


75 – يحفيك: يمنعك. 76 – أرغد: أوسع وطيب.

[ 231 ]

والصحة في الجسم، والقوة في البدن، والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد (77) صلى الله عليه وآله أبدا ما استعمرتني، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وتنزله في شهر رمضان في ليلة القدر، وما أنت منزله في كل سنة من رحمة تنشرها، وعافية تلبسها، وبلية تدفعها، وحسنات تتقبلها، وسيئات تتجاوز عنها. وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام، وارزقني رزقا واسعا من فضلك الواسع، واصرف عني يا سيدي الاسواء واقض عنى الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشئ منه، وخذ عني بأسماع أضدادي، وأبصار أعدائي وحسادي والباغين علي، وانصرني عليهم، وأقر عيني، وفرح قلبي، وحقق ظني، واجعل لي من همي وكربي فرجا ومخرجا، واجعل من أرادني بسوء من جميع خلقك تحت قدمي، واكفني شر الشيطان، وشر السلطان، وسيئات عملي وطهرني من الذنوب كلها، وأجرني من النار بعفوك، وأدخلني الجنة برحمتك، وزوجني من الحور العين بفضلك، وألحقني بأوليائك الصالحين محمد وآله الابرار الطيبين الطاهرين الاخيار، صلواتك عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم، ورحمة الله وبركاته. إلهي وسيدي، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك


77 – محمد وأهل بيته ” خ “.

[ 232 ]

بعفوك، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لاخبرن أهل النار بحبي لك. إلهي وسيدي، إن كنت لا تغفر إلا لاوليائك وأهل طاعتك، فإلى من يفزع المذنبون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك، فبمن يستغيث المسيؤن؟ إلهى إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك. اللهم إني أسألك أن تملا قلبي حبا لك، وخشية منك، وتصديقا بكتابك، وايمانا بك، وفرقا منك، وشوقا إليك، يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي لقاءك، وأحبب لقائي، واجعل لي في لقائك الراحة والفرج والكرامة. اللهم ألحقني بصالح من مضى، واجعلني من صالح من بقي، وخذ بي سبيل الصالحين، وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم، واختم عملي بأحسنه، واجعل ثوابي منه الجنة، برحمتك يا أرحم الراحمين، وأعني على صالح ما أعطيتني، وثبتني يا رب و لا تردني في سوء استنقذتني منه، يا رب العالمين. اللهم إني أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك، أحيني ما أحييتني عليه، وتوفني إذا توفيتني عليه، وابعثني إذا بعثتني عليه، وابرأ قلبي من


[ 233 ]

الرياء والشك، والسمعة في دينك حتى يكون عملي خالصا لك. اللهم أعطني بصيرة في دينك، وفهما في حكمك، وفقها في علمك، وكفلين (78) من رحمتك، وورعا يحجزني عن معصيتك وبيض وجهي بنورك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك صلى الله عليه وآله. اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل والهم والحزن والجبن والبخل والغفلة والقسوة والذلة والمسكنة والفقر والفاقة، وكل بلية، والفواحش ما ظهر منها وما بطن. وأعوذ بك من نفس لا تقنع، وبطن لا يشبع، وقلب لا يخشع ودعاء لا يسمع، وعمل لا ينفع، وصلاة لا ترفع. وأعوذ بك يا رب على نفسي وولدي وديني ومالي، وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم، إنك أنت السميع العليم. اللهم إنه لن يجيرني منك أحد، ولن أجد من دونك ملتحدا (79) فلا تجعل نفسي في شئ من عذابك، ولا تردني بهلكة، ولا تردني بعذاب أليم. اللهم تقبل مني، وأعل ذكري، وارفع درجتي، وحط وزري، ولا تذكرني بخطيئتي، واجعل ثواب مجلسي، وثواب منطقي، وثواب دعائي رضاك والجنة، وأعطني يا رب جميع ما سألتك، وزدني من


78 – كفلين: نصيبين. * *. 79 – ملتحدا: حرزا.

[ 234 ]

فضلك إني إليك راغب يا رب العالمين. اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا، وقد جئتك سائلا، فلا تردني إلا بقضاء حاجتي، وأمرتنا بالاحسان إلى ما ملكت أيماننا، ونحن أرقاؤك، فأعتق رقابنا من النار. يا مفزعي عند كربتي، ويا غوثي عند شدتي، إليك فزعت، وبك استغثت، وبك لذت، لا ألوذ بسواك ولا أطلب الفرج إلا منك، فأغثني وفرج عني. يا من يقبل اليسير (80) ويعفو عن الكثير، إقبل مني اليسير واعف عني الكثير، إنك أنت الرحيم الغفور. اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضني من العيش بما قسمت لي يا أرحم الراحمين. (117) دعاؤه عليه السلام في كل يوم من شهر رمضان اللهم هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر القيام


80 – يفك الاسير ” خ “.

[ 235 ]

وهذا شهر الانابة، وهذا شهر التوبة، وهذا شهر المغفرة والرحمة وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة، وهذا شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. اللهم فصل على محمد وآل محمد، وأعني على صيامه وقيامه وسلمه لي وسلمني فيه، وتسلمه مني، وأعني عليه بأفضل عونك ووفقني فيه لطاعتك وطاعة رسولك وأوليائك صلوات الله عليهم وفرغني فيه لعبادتك ودعائك، وتلاوة كتابك، وأعظم لي فيه البركة وأحرز لي فيه التوبة، وأحسن لي فيه العافية (1) وأصح فيه بدني، وأوسع لي فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني، واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه أملي ورجائي. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة (2) والقسوة والغفلة والغرة (3). اللهم صل على محمد وآل محمد وجنبني فيه العلل والاسقام، والهموم والاحزان، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، واصرف عني فيه السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء إنك سميع الدعاء. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعذني فيه من الشيطان الرجيم، وهمزه ولمزه، ونفثه (4) ونفخه، ووسوسته وتثبيطه (5) وبطشه


1 – العاقبة ” خ “. 2 – الفترة: الضعف. 3 – الغرة: الغفلة. 4 – نفثه: ما يلقيه في القلب. 5 – تثبيطه: إعاقته.

[ 236 ]

وكيده، ومكره وحبائله (6) وخدعه وأمانيه، وغروره وفتنته، وخيله ورجله، وأعوانه وشركه (7) وأتباعه وإخوانه، وأحزابه وأشياعه، وأوليائه وشركائه، وجميع مكائده. اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني تمام صيامه (8) وبلوغ الامل فيه وفي قيامه، واستكمال ما يرضيك عني صبرا واحتسابا، وإيمانا ويقينا، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم يا رب (9) العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني الحج والعمرة، والجد والاجتهاد، والقوة والنشاط، والانابة والتوبة، والتوفيق والقربة، والخير المقبول، والرغبة والرهبة، والتضرع والخشوع، والرقة، والنية الصادقة، وصدق اللسان، والوجل منك، والرجاء لك، والتوكل عليك، والثقة بك، والورع عن محارمك مع صالح القول، ومقبول السعي، ومرفوع العمل، ومستجاب الدعوة، ولا تحل (10) بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم ولا غم ولا سقم ولا غفلة ولا نسيان، بل بالتعاهد والتحفظ لك وفيك، والرعاية لحقك والوفاء بعهدك ووعدك، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واقسم لي فيه أفضل ما تقسمه


6 – وحيله: ” خ “. 7 – شركه ” خ “. * *. 8 – وارزقنا صيامه وقيامه ” خ “. 9 – آمين رب ” خ “. 10 – لا تحل: لا تمنع.

[ 237 ]

لعبادك الصالحين، وأعطني فيه أفضل ما تعطي أولياءك المقربين من الرحمة والمغفرة، والتحنن والاجابة، والعفو والمغفرة الدائمة والعافية والمعافاة، والعتق من النار، والفوز بالجنة، وخير الدنيا والآخرة. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل دعائي فيه إليك واصلا، ورحمتك وخيرك إلي فيه نازلا، وعملي فيه مقبولا، وسعيي فيه مشكورا، وذنبي فيه مغفورا، حتى يكون نصيبي فيه الاكبر (11) وحظي فيه الاوفر. اللهم صل على محمد وآل محمد، ووفقني فيه لليلة القدر على أفضل حال تحب أن يكون عليها أحد من أوليائك، وأرضاها لك ثم اجعلها لي خيرا من ألف شهر، وارزقني فيها أفضل ما رزقت أحدا (12) ممن بلغته إياها، وأكرمته بها، واجعلني فيها من عتقائك من جهنم، وطلقائك من النار، وسعداء خلقك بمغفرتك ورضوانك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا في شهرنا هذا الجد والاجتهاد، والقوة والنشاط، وما تحب وترضى. اللهم رب الفجر وليال عشر، والشفع والوتر، ورب شهر رمضان وما أنزلت فيه من القرآن، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل (13)


11 – الاكثر ” خ “. 12 – أحدا من خلقك ” خ “. 13 – وإسرافيل وعزرائيل ” خ “.

[ 238 ]

وجميع الملائكة المقربين، ورب إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ورب موسى وعيسى وجميع النبيين والمرسلين، ورب محمد خاتم النبيين صلواتك عليه وعليهم اجمعين، وأسألك بحقك عليهم، وبحقهم عليك، وبحقك العظيم لما صليت عليه وآله وعليهم أجمعين ونظرت إلي نظرة رحيمة (14) ترضى بها عني، رضى لا سخط علي بعده أبدا، وأعطيتني جميع سؤلي ورغبتي وأمنيتي وإرادتي، و صرفت عني جميع ما أكره وأحذر وأخاف على نفسي وما لا أخاف وعن أهلي ومالي وإخواني وذريتي. اللهم إليك فررنا من ذنوبنا، فآونا تائبين، وتب علينا مستغفرين واغفر لنا متعوذين، وأعذنا مستجيرين، وأجرنا مستسلمين، ولا تخذلنا راهبين، وآمنا راغبين، وشفعنا سائلين، وأعطنا إنك سميع الدعاء، قريب مجيب. اللهم أنت ربي، وأنا عبدك، وأحق من سأل العبد ربه، ولم يسأل العباد مثلك كرما وجودا. يا موضع شكوى السائلين، ويا منتهى حاجة الراغبين، ويا غياث المستغيثين، ويا مجيب دعوة المضطرين، ويا ملجا الهاربين، و يا صريخ المستصرخين، ويا رب المستضعفين، ويا كاشف كرب المكروبين، ويا فارج هم المهمومين، ويا كاشف الكرب العظيم،


14 – رحيمة كريمة ” خ “.

[ 239 ]

يا الله يا رحمن يا رحيم يا أرحم الراحمين، صل (15) على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي وعيوبي وإساءتي وظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي، وارزقني من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها غيرك، واعف عني، واغفر لي كلما سلف من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، واستر علي وعلى والدي وولدي وقرابتي وأهل حزانتي (16) ومن كان مني بسبيل من المؤمنين والمؤمنات في الدنيا والآخرة، فإن ذلك كله بيدك، وأنت واسع المغفرة، فلا تخيبني يا سيدي، ولا ترد دعائي، ولا تغل (17) يدي إلى نحري حتى تفعل ذلك بي، وتستجيب لي جميع ما سألتك، وتزيدني من فضلك، فإنك على كل شئ قدير، ونحن إليك راغبون. اللهم لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، إن كنت قضيت في هذه الليلة (18) تنزل الملائكة والروح فيها أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي (19) في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا لا يشوبه (20) شك، ورضى بما قسمت لي، وآتني في


15 – ويا الله المكنون من كل عين، المرتدي بالكبرياء صل ” خ “. 16 – حزانة الرجل: عياله الذين يتحزن لهم. 17 – ولا ترد ” خ “. 18 – * *. 19 – اسمي في هذه الليلة ” خ “. 20 – لا يشوبه: لا يخالطه.

[ 240 ]

الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار. وإن لم تكن قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح فيها، فصل على محمد وآل محمد وأخرني إلى ذلك، وارزقني فيها ذكرك وشكرك وطاعتك وحسن عبادتك، وصل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك يا أرحم الراحمين. يا أحد يا صمد يا رب محمد (21) اغضب اليوم لمحمد ولابرار عترته، واقتل أعداءهم بددا (22) وأحصهم عددا، ولا تدع على ظهر الارض منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا، يا حسن الصحبة، يا خليفة النبيين، أنت أرحم الراحمين، البدئ البديع الذي ليس كمثلك (23) شئ، والدائم غير الغافل، والحي الذي لا يموت، أنت كل يوم في شأن أنت خليفة محمد، وناصر محمد، ومفضل محمد، أسألك أن (24) تنصر وصي محمد، وخليفة محمد، والقائم بالقسط من أوصياء محمد صلواتك عليه وعليهم، اعطف عليهم نصرك. يا لا إله إلا أنت لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة، واجعل عاقبة أمري إلى غفرانك (25) ورحمتك يا أرحم الراحمين، وكذلك نسبت نفسك يا سيدي باللطيف، بلى إنك لطيف، فصل على محمد وآل محمد


21 – محمد وآل محمد ” خ “. 22 – بددا: متفرقين. 23 – كمثله ” خ “. 2 4 – أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ” خ “. 25 – غفرانك ورضوانك ” خ “.

[ 241 ]

والطف لي، إنك لطيف لما تشاء (26). اللهم صل على محمد وآله، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا (27) وتطول علي بجميع (28) حوائجي للآخرة والدنيا. ثم يقول ثلاثا: أستغفر الله ربي وأتوب إليه إن ربي قريب مجيب، أستغفر الله ربي وأتوب إليه إن ربي رحيم ودود، أستغفر الله ربي وأتوب إليه إنه كان غفارا. اللهم اغفر لي إنك أرحم الراحمين، رب إني عملت سوء وظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الحليم العظيم العليم الكريم الغافر للذنب العظيم وأتوب إليه، أستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما. ثم يقول: اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل فيما تقضي وتقدر من الامر العظيم المحتوم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، وأن تجعل فيما تقضي وتقدر أن تطيل عمري، وتوسع رزقي وتؤدي عني أمانتي وديني، آمين يا رب العالمين.


26 – والطف لما تشاء ” خ “. 27 – في عامنا هذا وفي كل عام ” خ “. 28 – بقضاء ” خ “.

[ 242 ]

اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، واحرسني من حيث أحترس ومن حيث لا أحترس، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا. (118) دعاؤه عليه السلام في أول كل سنة ” وهو أول يوم من شهر رمضان ” (1) يا بر يا لطيف، يا راحم العبد الضعيف، حارت الافكار في معرفة عظمتك وفي شكر نعمتك، أنا العبد الوجل (2) من المخافة على التهجم على مقدس حضرتك، وأنا أتوسل إليك بكل من يعين عليك، وبجميع المسائل لديك أن تقبل اعترافي لك بذنوبي، وأن تجعل ما أنت أهله لي في الدنيا والآخرة درعا وجنة، وأن يكون مصيري إلى محل رضاك في أمان أهل الجنة. والحمد لك جل جلالك إن بقيت وإن مت، وإذا حملت إليك في الاكفان على أعواد المنايا، وإذا قمت بين يديك في القبور أسير البلايا والندايا (3) وإذا خرجت إليك مدهوشا بصيحة الحشر الهائلة، وإذا وقفت بين يديك مبهوتا بنشر صحائف أيام حياتي الزائلة، وإذا سألتني وشهدت معك جوارحي، وخذلني من كان يعدني في الدنيا أنه يقوم بمصالحي، ورآك الانبياء والاولياء معرضا عني فأعرضوا، ومعاقبا أو معاتبا لي فأجمعوا أن يشفعوا، وكنت أنا وأنت بغير


1 – * *. 2 – الوجل: الخائف. 3 – * *.

[ 243 ]

ثالث، فليت شعري (4) ما أنت صانع بذلك العبد الغادر الناكث؟ ولك الشكر مني كيف تقلبت في الحال في عقبات عدلك وعرصات فضلك، وإذا (5) تقدمت بانفصالي من بين يدي هول ذلك اللقاء، ولك مني أعظم الثناء ولو حملتني إلى دار الشقاء، ونفيتني به من دار دوام البقاء، ولك من لسان حالي أبلغ ما وصلت إليه، أو تصل آمال أحد أو آمالي من نشر لواء الحمد والاعتراف، فلك الحجة علي بجلالك، ولك الحمد تستحقه لعظيم حقك، وجسيم إفضالك دائما ذلك مع دوامك، ناهضا بقوة إنعامك إلى غايات درجات العبودية لمقدس مقامك. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل سنتي هذه مقرونة بصالح الاعمال، ووفقني فيها لعبادتك، وتقبل مني فيها جميع ما أدعوك به، وأتوسل إليك، إنك على كل شئ قدير. (119) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثالث عشر منه اللهم إن الظلمة جحدوا آياتك، وكفروا بكتابك، وكذبوا رسلك، واستنكفوا عن عبادتك، ورغبوا عن ملة خليلك، وبدلوا ما جاء به رسولك، وشرعوا غير دينك، واقتدوا بغير هداك، واستنوا بغير سنتك، وتعدوا حدودك، وسعوا معاجزين في آياتك، وتعاونوا على


4 – ليت شعري: ليتني علمت. 5 – وأنا ” خ “. 1 – * *.

[ 244 ]

إطفاء نورك، وصدوا عن سبيلك، وكفروا نعماءك، وشاقوا (2) ولاة أمرك، ووالوا أعداءك، وعادوا أولياءك، وعرفوا ثم أنكروا نعمتك ولم يذكروا آلاءك، وأمنوا مكرك، وقست قلوبهم عن ذكرك، واستحلوا حرامك، وحرموا حلالك، واجترؤا على معصيتك، ولم يخافوا مقتك، ونسوا نقمتك، ولم يحذروا بأسك، واغتروا بنعمتك. اللهم وانتقم منهم، واصبب عليهم عذابك، واستأصل شأفتهم (3) واقطع دابرهم، وضع عزهم وجبروتهم، وانزع أوتادهم، وزلزل أقدامهم، وأرعب قلوبهم. اللهم إنهم اتخذوا دينك دغلا (4) ومالك دولا، وعبادك خولا (5). اللهم اكفف بأسهم، وافلل حدهم، وأوهن كيدهم، وأشمت عدوهم، واشف صدور المؤمنين. اللهم افتت أعضادهم، واقهر جبابرتهم، واجعل الدائرة عليهم، واقضض (6) بنيانهم، وخالف بين كلمتهم، وفرق جمعهم، وشتت أمرهم، واجعل بأسهم بينهم، وابعث عليهم عذابا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، واسفك بأيدي المؤمنين دماءهم، وأورث المؤمنين أرضهم وديارهم وأموالهم.


2 – شاقوا: عصوا وخالفوا. 3 – شأفتهم: أصلهم. 4 – * *. 5 – خولا: عبيدا. 6 – اقضض: اهدم.

[ 245 ]

اللهم ضلل أعمالهم، واقطع رجاءهم، وادحض حجتهم، واستدرجهم من حيث لا يعلمون، وآتهم بالعذاب من حيث لا يشعرون، وأنزل بساحتهم ما يحذرون، وحاسبهم حسابا شديدا، وعذبهم عذابا نكرا، واجعل عاقبة أمرهم خسرا. اللهم أنهم اشتروا بآياتك ثمنا قليلا، وعتوا (7) عتوا كبيرا. اللهم فخذهم أخذا وبيلا (8) ودمرهم تدميرا، وتبرهم (9) تتبيرا ولا تجعل لهم في الارض ناصرا، ولا في السماء عاذرا، والعنهم لعنا كبيرا. اللهم إنهم أضاعوا الصلوات، واتبعوا الشهوات، وعملوا السيئات. اللهم فخذهم بالبليات، وأحلل بهم الويلات، وأرهم الحسرات، يا الله يا إله الارضين والسماوات. اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إني أدينك يا رب بطاعتك وولايتك وولاية (10) محمد رسولك صلى الله عليه وعلى أهل بيته، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وولاية الحسن والحسين سبطي نبيك وولدي رسولك عليهما السلام، وولاية الطاهرين المعصومين من ذرية


7 – عتوا: استكبروا. 8 – وبيلا: شديدا. 9 – تبرهم: أهلكهم ودمرهم. 10 – كذا استظهرها في الصحيفة 5. وفي ” خ ” لا تنكر (ولا ننكر) ولاية.

[ 246 ]

الحسين: علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، سلام الله وبركاته عليهم أجمعين، وولاية القائم السابق منهم بالخيرات، المفترض الطاعة صاحب الزمان، سلام الله عليه. أدينك يا رب بطاعتهم وولايتهم، والتسليم لفرضهم، راضيا غير منكر، ولا مستكبر ولا مستنكف على معنى ما أنزلت في كتابك على موجود (11) ما أتانا فيه، راضيا بما رضيت به، مسلما مقرا بذلك يا رب، راهبا لك، راغبا فيما لديك. اللهم ادفع عن وليك وابن نبيك وخليفتك، وحجتك على خلقك، والشاهد على عبادك، المجاهد المجتهد في طاعتك ووليك، وأمينك في أرضك، فأعذه من شر ما خلقت وبرأت، واجعله في ودائعك التي لا يضيع من كان فيها، وفي جوارك الذي لا يقهر، وآمنه بأمانك، واجعله في كنفك، وانصره بنصرك العزيز يا إله العالمين. اللهم اعصمه بالسكينة، وألبسه درعك الحصينة، وأعنه وانصره بنصرك العزيز نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا.


11 – حدود ” خ “.

[ 247 ]

اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. اللهم اشعب به صدعنا، وارتق به فتقنا، والمم به شعثنا (12) وكثر به قلتنا، وأعزز به ذلتنا، واقض به عن مغرمنا، واجبر به فقرنا وسد به خلتنا، وأغن به عائلنا (13) ويسر به عسرتنا وكف به وجوهنا، وأنجح به طلبتنا، واستجب به دعاءنا، وأعطنا به فوق رغبتنا واشف به صدورنا، واهدنا به لما اختلف فيه من الحق يا ربك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. اللهم أمت به الجور، وأظهر به العدل، وقو ناصره، واخذل خاذله ودمر من نصب له، وأهلك من غشه، واقتل به جبابرة الكفر، واقصم رؤوس الضلالة وسائر أهل البدع ومقوية الباطل، وذلل به الجبابرة، وأبر (14) به الكافرين والمنافقين وجميع الملحدين في مشارق الارض ومغاربها، برها وبحرها وسهلها وجبلها، لا تذر على الارض منهم ديارا (15) ولا تبق لهم آثارا. اللهم أظهره، وافتح على يديه الخيرات، واجعل فرجنا معه وبه. اللهم أعنا على سلوك المنهاج، منهاج الهدى، والمحجة العظمى، والطريقة الوسطى التي يرجع إليها العالي ويلحق بها التالي ووفقنا لمتابعته وأداء حقه، وامنن علينا بمتابعته في البأساء


12 – * *. 13 – فاقتنا ” خ “. 14 – أبر: أهلك. 15 – ديارا: أحدا.

[ 248 ]

والضراء واجعلنا من الطالبين رضاك بمناصحته، حتى تحشرنا يوم القيامة في أعوانه وأنصاره ومعونة سلطانه، واجعل ذلك لنا خالصا من كل شك وشبهة، ورياء وسمعة، لا يطلب به غيرك، ولا نريد به سواك، وتجلنا محله، وتجعلنا في الخير معه، واصرف عنا في أمره السآمة (16) والكسل والفترة (17) ولا تستبدل بنا غيرنا، فإن استبدالك بنا غيرنا عليك يسير وعلينا عسير، وقد علمنا بفضلك وإحسانك يا كريم، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (120) دعاؤه عليه السلام في اليوم الرابع عشر منه إلهي وسيدي بك عرفتك، وبك اهتديت إلى سبيلك، وإنت دليلي على معرفتك، ولولا أنت ما عرفت توحيدك، ولا اهتديت إلى عبادتك. فلك الحمد على ما هديت وعلمت وبصرت وفهمت وأوضحت من الصراط المستقيم. والحمد لله الذي أدعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئا حين يدعوني. والحمد لله الذي أسأله فيعطيني، وإن كنت بخيلا حين يستقرضني.


16 – السآمة: الملالة. 17 – الفترة: الضعف والانكسار.

[ 249 ]

والحمد لله الذي أناجيه لحاجتي إذا شئت، وأخلو به حيث شئت بسري، فيقضي حاجتي. والحمد الله الذي لا أرجو غيره، ولو رجوت غيره لاخلف رجائي. والحمد الله الذي وكلني إليه فأكرمني، ولم يكلني (1) إلى الناس فيهينوني. والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني. والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي، فربي أحمد، وهو أحق بحمدي. يا ذا المن ولا يمن عليك، يا ذا الطول، ويا ذا الجلال والاكرام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، إليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين، لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد إليه المقصرون، وآمل من لجأ إليه الخائفون. أسألك بأن لك الطول والقوة والقدرة والحول أن تحط عني وزري، وتعصمني وتجعلني من الذين انتجبتهم (2) لطاعتك، وأدخلتهم بالتقوى في سعة رحمتك ورضوانك، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم. (121) دعاؤه عليه السلام في اليوم الخامس عشر منه


1 – يكلني: يسلمني. 2 – انتجبتهم: اخترتهم.

[ 250 ]

يا ذا المن والاحسان ولا يمن عليك، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الطول، لا إله إلا أنت، يا ظهر اللاجين ومأمن الخائفين، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني رزقا حلالا طيبا واسعا يكون لي غنى عن خلقك، ويكون لك المن علي فيه خالصا، واجعلني فيه لك من الشاكرين. اللهم أغنني بسعة فضلك عن جميع خلقك بغناك وسعة رحمتك. اللهم إني أسألك السعة في الدنيا والآخرة، والزهد، وأعوذ بك من الحرص (1) فيها، والاقبال عليها. اللهم إني أسألك الغنى في الدنيا، وأعوذ بك من الرغبة فيها. اللهم إني أسألك من الدنيا وما فيها رزقا حلالا طيبا واسعا. اللهم إن بسطت علي (2) الدنيا فزهدني فيها، وإن قترت علي رزقي فلا ترغبني فيها. اللهم اغفر لي ذنبي ووسع علي (3) في رزقي، وبارك فيما رزقتني، وارزقني ما أتقوى به من فضلك (4) على طاعتك إنه لا حول ولا قوة إلا بك. اللهم ارزقني من فضلك رزقا حلالا طيبا لا أفتقر معه إلى أحد


1 – الحرص: الجشع والبخل. 2 – علي في ” خ “. 3 – لي ” خ “. 4 – فيضك ” خ “.

[ 251 ]

سواك. اللهم ارزقني من فضلك، وبارك لي في رزقك، وأغنني عن خلقك. اللهم إني أسألك السعة من طيب رزقك، والعون على طاعتك، والقوة على عبادتك. اللهم عافني بأحسن عافيتك، وارزقني من فضلك، واكفني شر جميع خلقك. اللهم اغفر لي ذنبي، وطيب لي كسبي، وقنعني بما رزقتني، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا. اللهم يا مقلب القلوب قلب قلبي على طاعتك. اللهم اعصمني بحبلك، وارزقني من فضلك، ونجني من عذابك وأيدني بنصرك. اللهم إني أسألك تعجيل ما تعجيله كان خيرا لي، وتأخير ما تأخيره كان خيرا لي. اللهم ما رزقتني من رزق (5) فاجعله حلالا طيبا في يسر منك و عافية، واجعل رغبتي فيما عندك. اللهم ثبت رجاءك في قلبي، واقلع رجائي من جميع خلقك حتى لا أرجو أحدا غيرك يا رب العالمين.


5 – رزقك ” خ “.

[ 252 ]

أسألك يا سيدي وليس مثلك شئ، بكل دعوة دعاك بها نبي مرسل، وملك مقرب، أو مؤمن امتحنت قلبه للايمان واستجبت دعوته، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، وأقدمه بين يدي حوائجي، يا رباه يا رباه يا رباه، يا الله أسألك بك، فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة وبعترته الطاهرين الطيبين، وأقدمهم بين يدي حوائجي، أن تصلي على محمد وآل محمد قبل كل شئ، وبعد كل شئ، وأن تعتقني اليوم ووالدي ومن ولدته والمؤمنين والمؤمنات من النار، وتزوجني من الحور العين برحمتك يا أرحم الراحمين، ولا تسلبني صالح ما مننت به علي من حب محمد وآل محمد الطيبين الاخيار، آمين رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم. (122) دعاؤه عليه السلام في اليوم السادس عشر منه اللهم يا رحمن يا الله يا الله يا الله (1) يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، أسألك بأسمائك الكبيرة العظيمة الرضية المرضية الجليلة التامة المشهودة (2) التي لا يسمى بها أحد غيرك.


1 – لفظ الجلالة ذكر مرتين في ” خ “. 2 – التامة المشهورة الكاملة المشهودة ” خ “.

[ 253 ]

يا الله يا ذا العظمة والجلال والاكرام والكبرياء والقدس والشرف والرحمة والقدرة والفضل العظيم الدائم. يا الله يا سيدي، يا معيد يا حليم يا حكيم، يا ظاهر يا باطن، يا رفيع يا منيع، يا كريم يا عظيم، يا فرد يا وتر، يا واحد يا أحد يا صمد، يا باعث يا وارث، يا رحمن يا رحيم يا الله. أسالك بكل إسم هو لك سميت به نفسك، أو ذكرته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. يا الله يا رحمن، يا أحد يا صمد، يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحمن، يا أحد يا صمد، يا أحد يا صمد، يا أحد يا صمد، يا أحد يا صمد، يا أحد يا صمد، أسألك وأتوسل بأسمائك كلها ما علمت منها وما لم أعلم، وبمحمد وآل محمد وأنبيائك ورسلك، وملائكتك المقربين صل على محمد وآل محمد صلاة كثيرة طيبة مباركة، وأسألك أن لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا خطيئة إلا محوتها، ولا عثرة إلا أقلتها، ولا عيلة (3) إلا أغنيتها، ولا فاقة إلا سددتها، ولا غما إلا كشفته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته ولا عريانا إلا كسوته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا داء ألا أذهبته، ولا مكروها إلا صرفته، ولا عدوا إلا كفيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لي على أفضل أملي.


3 – عيلة: فقرا.

[ 254 ]

يا ولي المؤمنين اكفني همي، وأعطني أفضل أمنيتي، وكل ما رغبت إليك فيه من خير الدنيا والآخرة، وغشني (4) سرور الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل صلواتك، وبارك عليهم أفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم والصالحين من ذرياتهم، ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وآله وسلم. (123) دعاؤه عليه السلام في اليوم السابع عشر منه الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الذي ” ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ” (1). والحمد لله على نعمه الفاضلة السابغة على جميع خلقه، البر منهم والفاجر. والحمد لله على حجة الله البالغة على جميع خلقه ممن أطاعه وممن عصاه، فإن رحم فبمنه (2) وإن عاقب فبما قدمت أيديهم، وما الله بظلام للعبيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل. الحمد لله العظيم شأنه، الواضح برهانه، أحمده على حسن


4 – غشني: غطني. 1 – *. 2 – بمنه: بإحسانه.

[ 255 ]

البلاء، وتظاهر النعماء، وأستعينه على ما آتانا من الدنيا والآخرة، وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي (3) وهو على كل شئ قدير إلها واحدا (4) صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا، رب كل شئ، ربنا ورب آبائنا الاولين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ” أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ” (5) ارتضاه لنفسه، وانتجبه لدينه، واصطفاه على جميع خلقه لتبليغ الرسالة بالحجة على عباده، فصلى الله عليه وعلى الاخيار من أهل بيته، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك النبي الامي نجيبك وخيرتك من خلقك، إمام الخير، وقائد الخير، البشير النذير، الداعي إليك بإذنك السراج المنير. اللهم صل على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على أحد من خلقك، من أنبيائك ورسلك وأصفيائك وأهل الكرامة عليك، وعلى أهل بيته الطيبين الاخيار الصادقين الابرار، الذين أذهب الله


3 – يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير ” خ “. 4 – واحدا أحدا ” خ “. 5 – *.

[ 256 ]

عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. اللهم صل على ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وعبادك الصالحين، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والاموات، إنك على كل شئ قدير. اللهم إني أسألك يا عظيم الذي يمن بالعظيم، ويدفع كل محذور، ويضاعف من الحسنات القليل بالكثير، ويعطي كل جزيل (6) ويفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. اللهم ألبسني سترك، ونضر وجهي بنورك، وألق علي محبتك، وبلغني رضوانك، وشرف كرامتك، وجسيم عطائك، واقسم لي من خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك في الدنيا والآخرة وألبسني مع ذلك عافيتك. يا موضع كل شكوى، ويا شاهد كل نجوى (7) ويا عالم كل خفية، ويا دافع كل بلية، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، وتوفني على ملة إبراهيم وفطرته، وعلى دين محمد وسنته، وعلى خير الوفادة (8) فتوفني مواليا لاوليائك، ومعاديا لاعدائك. اللهم إني أسألك التوفيق لكل عمل، أو قول، أو فعل يقربني إليك زلفى يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلني في حفظك، وفي جوارك، وفي كنفك، وجللني


6 – جزيل: عظيم وكثير. 7 – نجوى: سر. 8 – الوفادة ” خ ” والوفادة: القدوم.

[ 257 ]

عافيتك، وهبني كرامتك، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك. اللهم اجعلني ممن تلحقه بصالح من مضى من أوليائك الصالحين، واجعلني مسلما لمن قال منهم بالصدق عليك، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي (9) شيئا من خطيئتي وظلمي وإسرافي على نفسي، واتباع أهوائي، واشتغالي بشهواتي، فيحول ذلك بيني وبين رحمتك ورضوانك، فأكون عندك مسيئا، أو متعرضا لسخطك ونقمتك. اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضاه عني، ويقربني إليك زلفى. اللهم وكما كفيت محمدا صلى الله عليه وآله هول عدوه، وفرجت همه، اللهم فاكفني كل هول وآفة، وسقم وفتنة، وشر وحزن، وضيق المعاش، وبلغني برحمتك كمال العافية، بدوام النعمة (10) إلى منتهى أجلي يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم. (124) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثامن عشر منه اللهم إني أسألك يا ذا البهاء والجلال والجمال، وأدعوك كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني، يامن لا يخلف الميعاد، يا عظيم يا رحيم يا واسع يا كريم يا تام الكفاية، يا حسن الاسماء، يا كبير يا


9 – كذا استظهرها في الصحيفة 5. وفي ” خ ” بلفظ: أن تحبط شيئا من حسناتي. 10 – العافية ” خ “.

[ 258 ]

متعال، يا عليم يا قديم (1) يا عزيز يا دائم، يا ذا السلطان، يا ذا الملك، يا ذا الجلال، يا ذا الفخر، يا ذا المجد والجود، يا علي، يا كبير، يا ذا المن، يا قديم، يا ذا الشأن الرفيع، يا ذا البرهان، يا ذا الجبروت، يا الله لا إله إلا أنت، أسألك بقول لا إله إلا أنت. أسألك بشرف لا إله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت، يا عظيم يا رباه يا الله يا رباه، يا الله يا رباه. أسألك يا سيدي وليس مثلك شئ بكل دعوة دعاه بها نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مؤمن امتحنت قلبه بالايمان، واستجبت دعوته، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، وأقدمه بين يدي حوائجي، يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيت الطيبين، إني أتوجه بك إلى ربك، وأقدمك بين يدي حوائجي. يا رباه يا الله، يا رباه يا الله، إني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة وبعترته الطيبين، وأقدمهم بين يدي حوائجي أن تعتقني من النار، وتكفيني وجميع المؤمنين والمؤمنات كل ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرة، وتدخلنا في رحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله، وسلم تسليما.


1 – يا قدير ” خ “.

[ 259 ]

(125) دعاؤه عليه السلام في الليلة التاسعة عشرة منه (بعد الركعتين السابعة عشرة والثامنة عشرة من الركعات الثمانين المختصة بها) (وبعد الركعتين السابعة والثامنة في كل من ليلتي إحدى وعشرين وثلاث وعشرين من الركعات السبعين المختصة بهما) (1) اللهم إني أسألك برحمتك (2) التي لا تنال منك إلا بالرضا والخروج من معاصيك، والدخول في كل ما يرضيك، ونجاة من كل ورطة، والمخرج من كل كبر (3) والعفو عن كل سيئة يأتي بها مني عمد، أو زل بها مني خطاء، أو خطرت بها مني خطرات نسيان. أسألك خوفا تعينني به على حدود رضاك، وأسألك الاخذ بأحسن ما أعلم، والترك لشر ما أعلم، والعصمة من أن أعصي وأنا أعلم، أو أخطئ من حيث لا أعلم. وأسألك السعة في الرزق، والزهد فيما هو وبال، وأسألك المخرج بالبيان من كل شبهة، والفلج (4) بالصواب في كل حجة والصدق فيما علي ولي، وذللني بإعطاء النصف من نفسي في جميع


1 – * *. 2 – رحمتك ” خ “. 3 – كفر ” خ “. 4 – الفلج: الظفر.

[ 260 ]

المواطن في الرضا والسخط والتواضع والقصد (5) وترك قليل البغي وكثيره في القول مني والفعل. وأسألك تمام النعمة (6) في جميع الاشياء، والشكر بها علي حتى ترضى، وبعد الرضا، والخيرة فيما يكون فيه الخيرة بميسور جميع الامور، لا بمعسورها يا كريم. (126) دعاؤه عليه السلام في ليالي الافراد منه (1) روي عن مولانا زين العابدين عليه السلام أنه كان يدعو به في ليالي الافراد قائما وقاعدا وراكعا وساجدا: اللهم إني أمسيت لك عبدا داخرا (2) لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا، ولا أصرف عنها سوءا، أشهد بذلك على نفسي، وأعترف لك بضعف قوتي وقلة حيلتي، فصل على محمد وآل محمد وأنجز لي ما وعدتني، وجميع المؤمنين والمؤمنات من المغفرة في هذه الليلة، وأتمم علي ما آتيتني، فإني عبدك المسكين المستكين، الضعيف الفقير المهين. اللهم لا تجعلني ناسيا لذكرك فيما أوليتني، ولا غافلا لاحسانك فيما أعطيتني، ولا آيسا من إجابتك وإن أبطأت عني، في سراء كنت أو


5 – والفضل ” خ “. 6 – العافية ” خ “. 1 – * *. 2 – داخرا: صاغرا ذليلا.

[ 261 ]

ضراء، أو شدة أو رخاء، أو عافية أو بلاء، أو بؤس أو نعماء، إنك سميع الدعاء. (127) دعاؤه عليه السلام في اليوم التاسع عشر منه اللهم إني أسألك بأنك الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنك واحد أحد صمد، لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوا أحد. وأنك واحد جواد ماجد رحمن رحيم، مالك الدنيا والآخرة، تقضي ما تشاء، وتحكم ما تريد أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن توفقني لليلة القدر، فتعتقني فيها من النار، وتستجيب لي فيها صالح الدعاء، وترزقني الحج إلى بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام أبدا ما أبقيتني، وزيارة محمد صلى الله عليه وآله، وتجعلني عندك (1) مقبولا مبرورا في سعة رزق منك، ودوام عافيتك، ومنقلب كريم إنك على كل شئ قدير. اللهم واجعلني من المحفوظين في أنفسهم وأديانهم وأهلهم وأولادهم وأموالهم، وتجعل عملي (2) متقبلا في يسر منك وعافية، وفي صحة من جسمي، وسلامة من بدني، وإخلاص من قلبي، وسعة من ذات يدي، وقوة على جميع أمري. اللهم إني أسألك أن تقضي عني ديني، وتؤدي عني أمانتي، وأن * (هامش) 1 – وتجعل ذلك ” خ “. 2 – استظهرها في الصحيفة 5.


[ 262 ]

تختم لي عملي بما يرضيك عني يا رب العالمين. اللهم إني منك أطلب، وإياك أسأل، وعليك أتوكل، فانجح طلبتي، وأعطني مسألتي، ولا تخيب رجائي، ولا تردني خائبا ولا مقبوحا، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأسألك رحمتك ورضوانك وعفوك وعافيتك ومغفرتك. وأسألك أن تغفر لي ذنبي، وتحط عني وزري (3) وتعفو عن سيئتي، وتعينني على غض بصري، وحفظ فرجي، وعلى الكف عن محارمك، والعمل بطاعتك، والترك لما يسخطك. وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل وفاتي قتلا في سبيلك مع أوليائك تحت راية الحق من أهل بيت نبيك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، مقبلا في ذلك على عدوك غير مدبر، و تجعلني ممن تقتل به أعداءك وأعداء آل رسولك عليه السلام. اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي مع الرسول سبيلا، ووسيلة إلى طاعتك ومرضاتك. حسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم.


3 – وزري: إثمي وذنبي.

[ 263 ]

(128) دعاؤه عليه السلام في اليوم العشرين منه اللهم إني أسألك يا خالق الظلمات والنور، يا ذا القدرة والسلطان، والعظمة والجبروت، والكبرياء والملكوت، ” يا من جعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ” (1) ” والنجوم مسخرات بأمره ” (2) لك الخلق والامر تباركت وتعاليت يا رب العالمين. يا الله يا عظيم يا كريم يا كبير يا حي يا قيوم يا واحد يا أحد يا فرد يا وتر يا صمد، صل على محمد وآل محمد، واستجب فيما دعوتك وأعطني ما سألتك، فإنك ترزق ما تشاء بغير حساب. اللهم صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله إنك أهل التقوى وأهل المغفرة، واجعلني ممن تنتصر به لدينك، وتقتل به عدوك في الصف الذي وصفت به أهله في كتابك ” كأنهم بنيان مرصوص ” (3) في أحب خلقك إليك في أحب المواطن إليك، وارزقني سفك دماء المشركين والناكثين، والقاسطين والمارقين والفاسقين (4) والنابذين والمبدلين (5) وثبت رجاءك في قلبي، وثبت قدمي، وأفرغ الصبر علي، وعلى ذلك فقوني، وفي صدور الكافرين فعظمني، وللمؤمنين فذللني، وحبب إلي من أحببت وبغض إلي من أبغضت، ووفقني لاحب الامور إليك، وأرضاها


1، 2، 3 – *. 4 – الفاسقين والكافرين ” خ “. 5 – * *.

[ 264 ]

لديك، وأفضلها عندك، إنك على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآل محمد وأعتقني من النار، فإني منك إليك أفر، فلست أخاف بغير عدلك، فإياك أسأل بك، لانك ليس أحد إلا دونك، وأتقرب إليك بنعمتك، وأدل عليك بإحسانك، فاغفر لي ما سترت من غيرك (6) من ذنب، وبارزتك بخطيئتي من جهلي للذي خفت من خلقك، ورجوت من عفوك، فأمنت تعجيل نقمتك، فأوجب لي ما طمعت فيه من رحمتك، إذ علمت ذلك مني أنه كذلك مع علمي بأنك تراني في جميع حالاتي، لا أقدر أستتر منك في ليل ولانهار، في بر ولا بحر، ولا بخرق (7) من الارض ولا سماء، ولا سهل ولا جبل، ولانه لا يواري (8) منك ليل داج، ولا سماء ذات أبراج، ولا أبحر ذات أمواج، ولا أرض ذات فجاج، ولا جبال ذات أنباج (9) عارف بربوبيتك، مقر بوحدانيتك، أحطت خبرا بأهل سماواتك وأرضك، لا يشغلك شي ء عن شئ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأنت على كل شئ قدير، وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وسلم. (129) دعاؤه عليه السلام في (اليوم) الحادي والعشرين منه


6 – ما سترت به من عبيدك ” خ “. 7 – يخرق: يشق. 8 – يواري: يحجب. 9 – أنباج: ارتفاع.

[ 265 ]

يا مولج الليل في النهار، ومولج النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت، ومخرج الميت من الحي، يا رازق من يشاء بغير حساب، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء أسألك إن تصلي على محمد وآل محمد. وأسألك ببسم الله الرحمن الرحيم أن تجعل اسمي في هذا اليوم الشريف من السعداء، وروحي مع الشهداء، وعملي مقبولا، وحسناتي في عليين، وذنوبي مغفورة يا رب العالمين. وأسألك أن تهب لي يقينا صادقا يباشر قلبي، وإيمانا يذهب الشك عني. وأسألك قلبا خاشعا، وعلما نافعا. وأسألك العافية من كل بلية، وأسألك تمام العافية. وأسألك دوام (1) العافية، يا ولي العافية جمل علي بالستر والسلامة والعافية في الدين والدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك أن تبارك لي فيما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار، وعذاب الحريق، وعذاب السعير، وعذاب الجحيم، وعذاب الحميم، وعذاب السموم، وعذاب الخزي في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من العذاب


1 – العافية ودوام ” خ “.

[ 266 ]

الادنى، وأعوذ بك من العذاب الاكبر. اللهم رب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وارزقني في هذه الليلة شكرك وذكرك والرغبة إليك، والانابة والاخلاص والخشوع والاخبات (2) واليقين لما يرضيك عني يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تردني خائبا ولا مقبوحا، واجعلني من المقبولين، وفي الآخرة من الفائزين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (130) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثاني والعشرين منه يا سالخ الليل من النهار فإذا هم مظلمون، يا مجري الشمس لمستقرها بتقديرك، يا مقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم (1) بتقديرك، يا عليم يا منتهى رغبة الراغبين، يا ولي النعمة على العالمين، يا رحمن يا قدوس يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد يا وتر، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، ولك الحمد في الآخرة والاولى. اللهم إني أسألك بأنك حي لا يموت، وخالق لا يغلب، وبصير لا يرتاب، وسميع لا يشك، وصادق لا يكذب، وقاهر


2 – الاخبات: الخضوع. 1 – * *.

[ 267 ]

لا يضاد، وبدئ لا ينفد، وقريب لا يبعد، وقادر لا يظلم، وصمد لا يطعم، وقيوم لا ينام، وعالم لا يعلم، وقوي لا تضعف، وعظيم لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، (2) وغني لا تفتقر وملك لا تغدر، وحليم لا تجور، وممتنع لا تقهر، ومعروف لا تنكر ووكيل لا يحقر، وغالب لا يغلب، ووتر لا يستأنس، وفرد لا تستشير ووهاب لا تمل، وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام، وقدوس لاترام، ودائم لا تبلى، وباق لا يفنى، وأحد لا يشبه، ومقتدر لا ينازع، ومعبود لا تنسى. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترحمني برحمتك، وتعتقني من النار بجودك وكرمك، وتدخلني الجنة بفضلك وإحسانك، فما ذلك عليك بعزيز يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (131) دعاؤه عليه السلام في ليلة القدر (1) يا باطنا في ظهوره، ويا ظاهرا في بطونه، يا باطنا ليس يخفى يا ظاهرا ليس يرى، يا موصوفا لا يبلغ بكينونيته موصوف، ولاحد محدود، يا غائبا غير مفقود، ويا شاهدا غير مشهود يطلب فيصاب ولم تخل منه السماوات والارض وما بينهما طرفه عين، لا يدرك


2 – تحيف: تجور. 1 – * *.

[ 268 ]

بكيف، ولا يأين بأين ولا بحيث. أنت نور النور، ورب الارباب، أحطت بجميع الامور، سبحان من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره. ثم تدعو بما تريد. (132) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثالث والعشرين منه اللهم إني أسالك يا رب ليلة القدر، وجاعلها خيرا من ألف شهر، ورب الليل والنهار والجبال والبحار، والظلم والانوار والارض والسماء، يا بارئ يا مصور، يا منشئ يا خالق يا جبار يا رازق، يا منان يا الله، يا رحمن يا الله، يا قيوم يا الله، يا بديع السماوات والارض يا الله، يا من جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يا الله، يا من ” جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ” (1) يا الله يا حي، يا محيي الاموات (2) ومميت الاحياء وباعث من في القبور يا الله، يا من له الاسماء الحسنى بجاه محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد، واجعلني من أوفر عبادك نصيبا من كل خير أنزلته في هذه الليلة وفي هذا اليوم، أو أنت منزله من نور تهدي به، أو رحمة تنشرها، أو رزق تبسطه بين عبادك، أو بلاء تدفعه، أو شر تصرفه، أو ضر تكشفه


1 – *. 2 – الموتى ” خ “.

[ 269 ]

فاجعلني من ذلك كله من أوليائك الصالحين الذين استجبت لهم واستوجبوا منك الثواب وأمنوا برضاك من العذاب يا كريم. اللهم إني أسألك مسألة المسكين المستكين، وأبتغي منك ابتغاء البائس الفقير، وأتضرع إليك تضرع الضعيف الضرير وأبتهل (3) إليك ابتهال المذنب الذليل، مسألة من خضع لك رقبته، ورغم لك أنفه، وعفر (4) لك وجهه، وسقطت لك ناصيته، واعترف لك بخطيئته، وفاضت إليك عبرته، وانهملت (5) دموعه، وضلت عنه حيلته، وانقطعت عنه حجته، وغمرته ذنوبه، وأحاطت به خطيئته، وأغرقته إساءته، ولم يجد (6) لضره كاشفا غيرك، ولا لكربه مفرجا سواك، ولا لما نزل به منقذا إلا أنت. فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما أنت أهله وكما محمد وآل محمد أهله، وأن تعطيني أفضل ما أعطيت السائلين من عبادك الصالحين، وأفضل ما تعطي الباقين من المؤمنين، وأفضل ما تعطي من تخلقه من أوليائك يا كريم، وأعطني في مجلسي هذا مغفرة تؤمنني بها من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا متقبلا مبرورا خالصا لوجهك يا كريم (7) وارزقنيه أبدا ما أبقيتني يا كريم، اكفني مؤونة خلقك واكفني شر


3 – * *. 4 – عفر: مرغ في التراب. 5 – انهملت: فاضت وسالت. 6 – يكن ” خ “. 7 – الكريم ” خ “.

[ 270 ]

فسقة العرب والعجم، واكفني شر الجن والانس وشر كل ذي شر وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أتوجه (8) إليك بمحمد صلى الله عليه وآله أمامي، وأئمتي عن يميني وشمالي، أتقرب بهم إليك زلفى، وأستتر بهم من عذابك، ولا أجد أحدا أتوجه به إليك، وأتقرب به، أوجه ولا أقرب من محمد وآله صلى الله عليه وآله أجمعين، وعلى أرواحهم وأجسادهم. اللهم احشرني في زمرتهم، وأدخلني في شفاعتهم، واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين برحمتك يا أرحم الراحمين. ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين وسلم. (133) دعاؤه عليه السلام في اليوم الرابع والعشرين منه يا فالق الاصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، يا عزيز يا ذا الطول والمن والقوة والحول والفضل والانعام والجلال والاكرام، يا الله يا رحمن يا فرد يا مؤمن يا مهيمن، يا الله يا ظاهر، يا الله يا باطن، يا الله يا حي لا إله إلا أنت، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء.


استظهرها في الصحيفة 5.

[ 271 ]

أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن لا تجعلني ممن إذا صح أمن، وإذا سقم خاف، وإذا استغنى فتن، وإذا افتقر خاف، وإذا مرض تاب، وإذا عوفي عاد، ولا ممن يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المسيئين وهو أحدهم، ويظهر السيئة من أخيه ويكتمها من نفسه، ولا تعينه (1) رغبته على العمل، ولا تمنعه رهبته عن الكسل. اللهم إني أسألك الهدى والتقوى والعفة (2) والغنى عما حرمت علي، والعمل في طاعتك فيما تحب وترضى، رب اصرف وجهي عن النار واصرف النار عن وجهي. اللهم إني أسألك يا الله يا واحد، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا ذا الجلال والاكرام، يا قاضي الحاجات، يا منفس الكربات، يا ولي الرغبات، يا معطي السؤلات، يا كافي المهمات اكفني ما أهمني، واقض ديني وطهر قلبي وزك عملي واكتب لي براءة من النار، وأمانا من العذاب، وجوازا على الصراط ونصيبا من الجنة، وأدخلني مدخل صدق، وارزقني مرافقة محمد وآل محمد في جنات الخلد، وسرور الابد في دار المروة بمنك وفضلك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم صل على محمد وآل محمد، واستحب لي دعائي، وارحم (هامش) 1 – استظهرها في الصحيفة 5. وفي ” خ ” لا يعنيه، لا يغنيه. 2 – السعة والعافية ” خ “.


[ 272 ]

تضرعي وشكواي، ولا تقطع منك رجائي، يا غياث (3) المستغيثين أغثني ويا جار المؤمنين أجرني (4) ويا عون الصالحين أعني، يا حبيب التائبين تب علي، يا رازق المقلين (5) ارزقني، يا مفرجا عن المكروبين فرج عني، يا ذا القوة المتين صل على محمد وآل محمد، وثبت قلبي على دينك وطاعتك حتى ألقاك وأنت عني راض غير غضبان إنك ذو المن والغفران ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” (6) برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (134) دعاؤه عليه السلام في اليوم الخامس والعشرين منه اللهم يا جاعل الليل لباسا، والنهار معاشا، والارض مهادا (1) والجبال أوتادا، يا الله يا قادر، يا الله يا قاهر، يا الله يا حنان، يا الله يا منان، يا الله يا سميع، يا الله يا قريب، يا الله يا مجيب، يا الله يا باعث، يا الله يا وارث، يا الله يا حق، يا الله يا وكيل، يا الله يا كفيل، يا الله يا رب، يا الله يا مغيث، يا الله يا حبيب (2) يا الله يا جليل، يا الله يا جميل، يا الله يا نور، يا الله يا ذا العظمة والجبروت والفضل والاحسان، والمن والسلطان. سبحان الذي أحصى كل شئ علمه، سبحان الذي عم


3 – غياث: معين. 4 – أجرني: أنقذني. 5 – المقلين: الفقراء. 6 – *. 1 – مهادا: فراشا. 2 – يا حسيب ” خ “.

[ 273 ]

الخلائق رزقه، سبحانك ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (3). اللهم اجعل نورا في قلبي، ونورا في سمعي، ونورا في بصري، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا في عظامي، ونورا في لحمي، ونورا في دمي، ونورا عن يميني، ونورا عن شمالي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي، ونورا من بين يدي، ونورا من خلفي. اللهم أعطني نورا، وهب لي نورا، واجعل لي نورا، يا نور السماوات والارض، يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعتقني من النار، وتدخلني جنات تجري من تحتها الانهار، إنك واحد عزيز غفار. اللهم إنك تعلم سري فاقبل معذرتي، وتعلم ما في نفسي فأقلني عثرتي، وتعلم حاجتي فأعطني مسألتي، يا أرحم الراحمين. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنفس (4) عني كربتي، وتقضي عني ديني، وترضي عني أصحاب التبعات (5) من خلقك، بفضلك وجودك وكرمك لا باستحقاقي يا أرحم الراحمين. أحيني بعزتك القاهرة، وسلطانك العظيم فإنك حي قيوم لا يموت وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.


3 – *. 4 – تنفس: تفرج. 5 – التبعة: المظلمة.

[ 274 ]

(135) دعاؤه عليه السلام في اليوم السادس والعشرين منه يا جاعل الليل والنهار، آيتين، يا ماحي آية الليل، وجاعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلا منه ورضوانا، يا مفصل كل شئ تفصيلا، يا مانع السماوات أن تقع على الارض إلا بإذنه وحافظهما أن تزولا ” ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ” (1) يا الله يا واحد، يا الله يا أحد، يا الله يا صمد، يا الله يا وهاب، يا الله يا جوادا لا يبخل، يا الله لك الاسماء الحسنى، والامثال العليا، والكبرياء والآلاء. أسألك أنفة عن الدنيا، وبغضا لاهلها، فإن خيرها زهيد (2) وشرها عتيد (3) وجمعها ينفد، وصفوها يرنق (4) وجديدها يخلق (5) وخيرها يتكدر، ما فات منها حسرة وما أصيب منها فتنة إلا من نالته منك (6) عصمة. اللهم إني أسألك العصمة منها، وأن لا تجعلني ممن (7) اطمان إليها وأخلد (8) إليها واتبع هواه.


1 – *. 2 – زهيد: قليل. 3 – عتيد: حاضر، مهيأ. 4 – يرنق: يكدر. 5 – يخلق: يبلى. 6 – استظهرها في الصحيفة 5. وفي ” خ ” منه. 7 – استظهرها في الصحيفة 5. وفي ” خ ” كمن. 8 – أخلد: مال وركن.

[ 275 ]

إلهي وسيدي، كم لي من ذنب بعد ذنب وسرف بعد سرف سترته يا رب ولم تكشف سترك عني، بل سترت العورة، وكثرت مني الاساءة وعظم حلمك عني حتى خفت أن أكون مستدرجا (9). إلهي وسيدي، هذه يدي وناصيتي بيدك، مقر بذنبي معترف بخطيئتي، فإن تعف فربما عفوت وصفحت وأحسنت فتفضلت، وأن تعذبني فبما قدمت يداي، وما أنت بظلام للعبيد. اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، يا مالك الدنيا والآخرة، يا من له السماوات والارض، يا من له الخلق والامر، يا من بيده ملكوت كل شئ، يا من يجير ولا يجار عليه، أسألك في هذه الساعة بجاه محمد وآل محمد، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجيرني من النار في يوم الدين يوم يحشر الظالمون ” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ” (10) اللهم سلم لي قلبي من البغي والحسد والكبر والعجب والرياء والنفاق وسوء الاخلاق. اللهم إني أعوذ بك يا إلهي من غنى يطغي، ومن فقر ينسي، ومن جار يؤذي، وأعوذ بك من فضائح الفقر، ومن مذلة الدين، ومن شماتة العدو. اللهم إني أعوذ بك من موقف يعرض (11) فيه الصديق، ويشمت بي


9 – * *. 10 – *. 11 – يعرض: يصد.

[ 276 ]

فيه العدو، ويرحمني فيه الحميم، وتزدريني (12) فيه العيون، وتسوء ني فيه الذنوب، وأعوذ بك يا رب أن أعادي لك وليا، أو أوالي لك عدوا، أو أقول لحق هذا باطل، أو أقول لباطل هذا حق، أو اقول للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا. اللهم سلمني وسلم لي ديني، وأعني على طاعتك، ووفقني لمرضاتك، واجعلني ممن يعتصم بحبلك، وممن يحل حلالك، ويحرم حرامك، ويؤمن بك، ويتوكل عليك، ويرد أموره كلها إليك، وفوضت أمري إليك، وأسلمت نفسي وألجأت ظهري فلا تكلني إلى نفسي، ولا إلى مخلوق وأنت خلقتني، ولا تسلط علي من لا يرحمني، ولا تجعلني عبرة (13) لغيري، وخر لي واختر لي في جميع أموري خيرة في عافية وسهل علي أمور دنياي وآخرتي. إلهي وسيدي، عبدك وابن عبديك (14) يسألك ويتضرع إليك، أسألك إن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعينني على جهاد نفسي وتب علي واعصمني، فإني فقير إليك فأغن فقري، رب هب لي توبة نصوحا (15) ونية صادقة، ومكتسبا حلالا، وعملا متقبلا، وأجرني من الجهل والنار. اللهم إني أسألك العفو والعافية، اللهم إني أتيتك هاربا من ذنوبي


12 – تزدريني: تحتقرني. 13 – عبرة: عظة. 14 – عبدك ” خ “. 15 – * *.

[ 277 ]

تائبا، ولمغفرتك طالبا، وإليك راغبا، فصل على محمد وآل محمد واغفر لي وارحمني واعصمني وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم وصلى على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (13 6) دعاؤه عليه السلام في ليلة سبع وعشرين منه عن زيد بن علي عليه السلام قال: سمعت أبي علي بن الحسين عليهما السلام ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان يقول من أول الليل إلى آخره: اللهم ارزقني التجافي (1) عن دار الغرور، والانابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل حلول الفوت. وفي إقبال الاعمال زيادة هذا لفظها: اللهم إني أسألك وأقسم عليك بكل اسم هو لك، سماك به أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. وأسألك باسمك الاعظم الذي حق عليك أن تجيب من دعاك به، أن تصلي على محمد وآل محمد، وتسعدني في هذه الليلة سعادة لا أشقى بعدها أبدا يا أرحم الراحمين. (137) دعاؤه عليه السلام في اليوم السابع والعشرين منه


1 – التجافي: التباعد.

[ 278 ]

يا ماد الظل ولو شئت لجعلته ساكنا، ثم جعلت الشمس عليه دليلا، ثم قبضته إليك قبضا يسيرا، يا ذا الحول والطول والكبرياء والآلاء، لا إله إلا أنت علام الغيوب والشهادة يا رحمن يا رحيم، لا إله إلا أنت يا قدوس (1) يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار يا متكبر يا خالق يا بارئ يا مصور، يا الله يا الله لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء. أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذا اليوم في السعداء، وروحي مع الشهداء، وحسناتي في عليين، وإساءتي (2) مغفورة يا رب العالمين. اللهم هب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا دائما يذهب الشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وارزقني شكرك وذكرك والرغبة إليك والانابة والتوفيق، واجعل ما يقربني إليك من طاعتك خالصا لك بنية صادقة، وعزم ارادة في غير فخر ولا كبر يا كريم. اللهم اجعل لي قلبا يخشاك كأنه يراك حتى يلقاك، يا رب السماوات المبنيات وما فيهن من النور والظلمات، ويا رب الارضين المبسوطات، وما فيهن من الخلائق والبريات، ويا رب الجبال الراسيات (3) ويا رب الرياح الذاريات، ويا رب السحاب الممسكات


1 – والطول والكبرياء لا إله إلا أنت يا قدوس ” خ “. 2 – وسيئاتي ” خ “. 3 – الراسيات: الثابتات.

[ 279 ]

المنشآت بين الارضين والسماوات، ويا رب النجوم المسخرات في جو السماء خافيات وباديات، ويا عالم الخفيات، ويا سامع الاصوات ويا مجيب الدعوات، ويا رفيع (4) الدرجات، ويا قاضي الحاجات، ويا نفاحا (5) بالخيرات، ويا ساتر العورات، ويا كاشف الكربات، ويا مقيل العثرات. أسألك بالحج الاكبر، ومنى وعرفات، وأسألك بهذه الاسماء المباركات توفيق أهل الهدى، وعمل أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وحزم أهل الخشية، وشوق أهل الجنة، وطلب أهل الرغبة، وعرفان أهل العلم، وتقية أهل الورع، حتى أخافك اللهم مخافة (6) تحجزني بها عن معاصيك، وحتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به كرامتك، وحتى أناصحك في التوبة خوفا منك، وحتى أخلص لك النصيحة حبا لك، وأتوكل عليك في الامور كلها، حسن ظني بك سبحان خالق النور، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما. (138) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثامن والعشرين منه يا خازن الليل في الهواء، وخازن النور في السماء، ومانع السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه، وحارسهما أن تزولا، يا غفور يا رحيم يا


رافع ” خ “. 5 نفاحا: كثير العطايا. 6 – اللهم إني أسألك مخافة ” خ “.

[ 280 ]

رحيم يا رباه، يا الله يا باعث، يا الله يا مصور، وأنت يا الله (ثلاثا) لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي خطيئتي وجهلي وظلمي وإسرافي على نفسي، وما أنت أعلم به مني. اللهم إني أسألك أن تغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أعلنت وما أسررت. اللهم عافني واعف عني وسددني واهدني، وقني شح (1) نفسي و بارك لي فيما رزقتني، وأعني (2) على ما كلفتني، وقني عذاب النار. اللهم إني أعوذ بك من الفخر والكبر، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا والآخرة وعذاب النار. اللهم إني أعوذ بك من طمع يهدي إلى طمع ومن طمع حين لا طمع، وأعوذ بك أن أسأل غيرك، وأطلب من سواك، وأتوكل إلا عليك. اللهم صل على محمد وآل محمد، وجنبني منكرات الاهواء ومبتدعات الاعمال، ومعضلات الادواء (3). اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والكسل وغلبة الدين وغلبة بني آدم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من جار السوء وقرين السوء في دار الدنيا والآخرة.


1 – الشح: البخل مع الحرص. 2 – واعف عني ” خ “. 3 – معضلات الادواء: شدائد الامراض.

[ 281 ]

اللهم إني أعوذ بك من الغفلة والقسوة والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الكفر والفقر، ومن وسوسة الصدر وتشتيت الامر، وأعوذ بك من الرياء والسمعة، ومن تحويل العافية، ومن جهد البلاء. اللهم اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي وغل (4) صدري، وأجرني من الشيطان الرجيم. اللهم بك أحيا وبك أموت، وأليك النشور، وأنت على كل شئ قدير. اللهم إني أسألك يا جواد يا قريب يا مجيب يا عزيز يا جبار با متكبر يا قادر يا مقتدر أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني رزقا حلالا طيبا من سعة فضلك تزيدني بذلك شكرا، وإليك فاقة وفقرا، وبك عمن سواك تعففا وغنى. اللهم يسر لي ما أخاف عسره، وسهل لي ما أخاف حزونته، وفرج عني ما أخاف ضيقه، ونفس عني ما أخاف غمه، واكشف عني ما أخاف كربه، يا مفرج الكرب العظيم فرج كربي وكرب كل مكروب من المسلمين، وتقبل مني سعيي، وزك عملي، ولا تردني خائبا ولا مقبوحا يا أرحم الراحمين. إلهي وسيدي قصدت بدعائي، وإياك رجوت لمسألتي،


4 – الغل: الحقد.

[ 282 ]

وبك طلبت لفاقتي، وإليك قصدت لحاجتي، وأسألك بجاه محمد وآل محمد أن تحقق رجائي فيما بسطت من أملي، ولا تقطع رجائي بسوء عملي، ولا تؤاخذني بقبيح فعلي، ولا تردني خائنا لفساد نيتي، وتعطف علي بجودك وكرمك، وأصلح مني ما كان فاسدا، وتقبل مني ما كان صالحا، وشفع في (5) محمدا وآل محمد، واستجب دعائي وارحم تضرعي وشكواي، واقض لي جميع حوائجي، وأعتقني من النار وأدخلني الجنة بجودك وكرمك ومنك وفضلك يا أرحم الراحمين فإنك تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما. (139) دعاؤه عليه السلام في اليوم التاسع والعشرين منه يا مكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل (1) يا عالم يا خبير يا رب الارباب يا سيد السادات يا الله، لا إله (2) إلا أنت وحدك لا شريك لك، يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا الله يا الله يا الله لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنزل علينا من السماء رحمتك، وإن تقبل صومنا وصلاتنا وقيامنا وعبادتنا وشكرنا واجعلنا لانعمك من الشاكرين.


5 – لي ” خ “. 1 – * *. 2 – يا لا إله ” خ “.

[ 283 ]

اللهم تقبل منا كما تقبلت من المتقين، واغفر لنا كما غفرت للمؤمنين، وارحمنا كما رحمت المحسنين، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، يا من العسير عليه يسير يسر لنا قضاء حوائجنا، واستجب لنا دعاءنا يا مجيب دعوة المضطرين، وأعطنا ما سألناك يا معطي السائلين وارزقنا يا خير الرازقين، فإنك ترزق من تشاء بغير حساب. اللهم إني أسألك خوف العالمين، وخشوع العابدين، وعبادة المخلصين، وإخلاص الخاشعين ويقين المتوكلين، وتوكل الفائزين وفوز المكرمين، وتفكر الذاكرين، وذكر المخبتين، وإخباث (3) المستقيمين، واستقامة المهتدين (4) وهدى المسلمين، وإسلام المؤمنين، واجعل ذلك خالصا برحمتك يا أرحم الراحمين، يا رب الخير كله، الخير كله بيدك وعندك، وخاب (5) من كان دعاؤه لغيرك، وكل خير نيل أو أصيب فمن خير فضلك. إلهي وسيدي فأعطني من فضلك وسعة رحمتك غفران خطيئتي وستر عورتي، وإقالة عثرتي، وتحقيق رجائي، وبلوغ أملي، فإنك ثقتي وعدتي وأنت حسبي (6) وكفى ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحانك لا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين. اللهم إني أستودعك نفسي وديني ومالي وولدي وكل ضيعة (7)


3 – إخبات: خشوع وتواضع. 4 – المهديين ” خ “. 5 – خاب: خسر. 6 – حسبك الله: كافيك. 7 – صنيعة ” خ “. ضيعته: ما يكون منها معاشه.

[ 284 ]

هي لي، وإخواني فيك من المؤمنين، واستحفظك ذلك كله، فإنه يضيع ضيعته علي وأنت حافظا، بل أنت خير حافظا وأنت أرحم الراحمين. وكفى بك صاحبا. اللهم اذكرني وجميع المسلمين، والمؤمنين والمؤمنات في الملا الاعلى بخير، وأوجب لي ولهم من رحمتك أفضل ما أوجبت لاحد من عبادك الصالحين. اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا، واجزهما عني خيرا، وألحقني بالصالحين، وعرف بيني وبينهما في مستقر رحمتك برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم افتح لنا بخير واختم لنا بخير، واجعلنا من أهل الخير. الهلم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق (8) أحيني ما علمت الحياة خيرا لي. اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة العدل في الرضا والغضب، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأعوذ بك من ضراء أو مضرة، أو فتنة مضلة، وأعوذ بك من خزيك وكشف سترك، ونسيان ذكرك. اللهم إني في كنفك وحفظك وحرزك في ليلي ونهاري ونومي وقراري، وظعني وأسفاري، ذكرك شعاري، ودعاؤك دثاري (9) لا إله


8 – الخير ” خ “. 9 – * *.

[ 285 ]

إلا أنت تنزيها لوجهك العظيم، أجرني من عذابك الاليم، ومن شر أعدائك، وأضف علي سرادقات (10) حفظك، سبحانك يا ذا الجلال والاكرام، بك آمنت، وعليك توكلت، وإليك حاكمت، وأنت حسبي وكفى ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم. (140) دعاؤه عليه السلام في آخر ليلة منه عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والامة يكتب عنده: أذنب فلان، أذنبت فلانة يوم كذا. وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب، ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم أؤدبك، أتذكر ذلك؟ فيقول: بلى يا ابن رسول الله. حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعا، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدناه كلما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب أن يعفو المليك عنك، فاعف عنا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا، ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها، فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك


10 – السرادق: كل ما أحاط بشئ من حائط أو مضرب أو خباء.

[ 286 ]

الحكم العدل، الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح فإنه يقول: ” وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ” (1) قال: وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا وقد أتيناك (2) سؤالا ومساكين، وقد أنخنا بفنائك (3) وببابك نطلب نائلك (4) ومعروفك وعطاءك (5) فامنن بذلك علينا ولا تخيبنا، فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين. إلهي كرمت فأكرمني إذا كنت من سؤالك، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم. ثم يقبل عليهم ويقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني ومما كان مني إليكم من سوء ملكة؟ فإني مليك سوء، لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل. فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا وما أسأت. فيقول عليه السلام لهم: قولوا: ” اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفى عنا، وأعتقه من النار كما أعتق


1 – *. 2 – جئناك ” خ “. 3 – الفناء: الساحة أمام البيت 4 – نائلك: عطاءك. 5 – عطاياك ” خ “.

[ 287 ]

رقابنا من الرق ” فيقولون ذلك. فيقول عليه السلام: (اللهم آمين يا رب العالمين) اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي. فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس. ” الحديث “. (141) دعاؤه عليه السلام في اليوم الثلاثين منه الحمد لله لا شريك له، والحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله وكما هو أهله. يا قدوس يا نور، يا سبوح يا منتهى التسبيح، يا رحمن يا منتهى الرحمة، يا عليم يا خبير، يا الله يا لطيف يا جليل، يا الله يا سميع يا بصير، يا الله يا الله يا الله لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء. أسألك باسمك الوافي بسم الله الرحمن الرحيم أن تجعل اسمي مع السعداء وروحي مع الشهداء، وإحساني (1) في عليين وإساءتي (2) مغفورة عندك، يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. اللهم إني أسألك ولم يسأل العباد مثلك، وأرغب إليك ولم يرغب العباد إلى مثلك، أنت موضع رغبة الراغبين، ومنتهى غاية الطالبين. أسألك بأعظم المسائل كلها وأنجحها وأفضلها التي ينبغي


1 – وحسناتي ” خ “. 2 – وسيئاتي ” خ “.

[ 288 ]

للعباد أن يسألوك بها، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، يا الله يا رحمن، أسألك بأسمائك ما علمت منها وما لم أعلم، وبأسمائك الحسنى (3) وبنعمك التي لا تحصى، وبكل اسم هو لك سميت به نفسك، وأنزلته في شئ من كتبك، وعلمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجيرني من عذاب النار ومن عذاب الحريق، ومن عذاب السموم، وأن ترزقني في هذا اليوم العظيم وفي هذه الليلة الشريفة ذكرك وشكرك والصلاة على رسولك صلى الله عليه وآله. اللهم إني أسألك يا مدبر الامور، ويا عالم ما في الصدور، ويا مجري البحور، ويا باعث من في القبور، يا الله يا رحمن يا رحيم، يا رب يا رب يا رب، يا رحمن يا رحيم، يا الله يا أحد، يا فرد يا صمد، يا وتر يا متعالي، يا من ” يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” (4). اللهم رب الفجر والليالي العشر، ورب شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد، وارزقني من فضلك ورأفتك ورحمتك مغفرة ذنوبي (5) ومحو سيئاتي، وقبول عملي، وتزكية صيامي وصلاتي وقيامي، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك، وقمت إليك فيه


3 – بها يا الله يا رحمن يا الله يا رحمن أسألك بأسمائك الحسنى ” خ “. 4 – *. 5 – مغفرة لذنوبي ” خ “.

[ 289 ]

وعبدتك فيه، ولا وداعي إياه وداع من رددت إليه عمله، ولم تقبل منه صيامه وقيامه وعبادته، بل توجب لي فيه رحمتك ومغفرتك و رضوانك وجنتك، وأفضل ما أعطيت أحدا من عبادك (6) وتعصمني فيما بقي من عمري، وتتم نعمتك علي، ولا تسلبني صالح ما أعطيتني من فضلك ونعمتك وإحسانك يا كريم. إلهي وسيدي إليك فررت من ذنوبي فآوني، وإليك جئت تائبا فتب علي، مستغفرا فاغفر لي، مستعيذا فأعذني، مستجيرا فأجرني، مستغيثا فأغثني، مسلما فلا تخذلني، هاربا فآمني، داعيا فاسعفني (7) سائلا فأعطني، طالبا فلا تخيبني، راجيا فلا تقبحني (8) آملا لمعروفك ورحمتك فبلغني برحمتك ما أرجو من رحمتك، يا منتهى رغبة الراغبين الطالبين صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنبي وكل ذنب سلف (9) مني عمدا أو خطاء، واغفر لي كل ذنب حسبته هينا وهو عندك عظيم. اللهم إني أدعوك يا رب خوفا وطمعا ورغبا ورهبا واستكانة وتخشعا وإلحافا (10) وإلحاحا، دعاء من اشتدت فاقته إليك، وكثرت ذنوبه لديك، وعظم جرمه عندك، وضعف عمله وقل كدحه وسعيه في مرضاتك، دعاء من لا يجد لذنبه غافرا، ولا لفاقته مسدا، ولا لضعفه مقويا ولا لعثرته مقيلا، ولا لكربته كاشفا، ولا لغمه مفرجا.


6 – ممن عبدك ” خ “. 7 – الاسعاف: الاعانة وقضاء الحاجة. 8 – قبحه الله عن الخير: نحاه. 9 – سلف: مضى. 10 – الالحاف: شدة الالحاح في المسألة.

[ 290 ]

إلهي وسيدي فاستجب دعائي وتقبل مني عملي، ولا ترده علي، ولا تضرب به وجهي، ولا تحبط به أجري، ولا تبطل سعيي، وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معيشتي، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل آخر عمري أخيره، وخير عملي خواتمه (11) وخير أيامي يوم ألقاك. اللهم اجعل حياتي ما أبقيتني زيادة لي في كل خير، واجعل وفاتي إذا توفيتني راحة لي من كل سوء، توكلت على الحي الذي لا يموت و ” الحمد الله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ” (12) الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم كثيرا. اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم أنزل محمدا في أشرف منازل الابرار (13) وأعلى درج الاخيار في أشرف رحمتك وأفضل كرامتك في أعلى عليين وأكرم منازل النبيين.


11 – خواتيمه ” خ “. 12 – *. 13 – الاخيار ” خ “.

[ 291 ]

اللهم اجعل محمدا أول شافع وأول مشفع، وأول قائل، وأنجح سائل. اللهم صل على محمد وآل محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وأفضل العالمين، وخير الناطقين، وقائد الغر المحجلين، ورسول رب العالمين. اللهم أحسن عنا جزاءه، وعظم حباءه (14) وأكرم مثواه (15) وتقبل شفاعته في أمته وفي من سواهم من الامم، واجعلنا ممن تشفعه فيه واجعلنا برحمتك ممن يرد حوضه يوم القيامة. اللهم ابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وأعطه الدرجة والوسيلة التي يغبطه بها (16) الاولون والآخرون من خلقك. اللهم إنا نشهدك أن محمدا قد بلغ رسالاتك، وعادى عدوك وأحل حلالك، وحرم حرامك، ووقف عند أمرك، وأوذي في سبيلك وجاهد عدوك، وعبدك حتى أتاه اليقين (17). اللهم إني أسألك أن تعطيه حتى يرضى، واجزه عنا أفضل الجزاء وأفضل ما جزيت به النبيين عن أممهم (18) والمرسلين عمن أرسلتهم إليهم. اللهم صل على محمد وآل محمد، وصل على ملائكتك


14 – حباءه: عطاءه. 15 – مثواه: مقامه. 16 – استظهرها في الصحيفة 5. 17 – اليقين: الموت. 18 – أمتهم ” خ “.

[ 292 ]

المقربين وأنبيائك المرسلين، وحمله عرشك أجمعين، ومن حوله من المسبحين، واخصص محمدا بأفضل الصلاة والتسليم، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الاخيار الصادقين الابرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وسلام الله عليه وعليهم كثيرا. (142) دعاؤه عليه السلام في وداع شهر رمضان اللهم يا من لا يرغب في الجزاء، ويامن لا يندم على العطاء، و يا من لا يكافئ عبده على السواء، منتك ابتداء، وعفوك تفضل، وعفوبتك عدل، وقضاؤك خيرة، إن أعطيت لم تشب عطاءك بمن وإن منعت لم يكن منعك تعديا، تشكر من شكرك وأنت ألهمته شكرك، وتكافئ من حمدك وأنت علمته حمدك، تستر على من لو شئت فضحته، وتجود على من لو شئت منعته، وكلاهما أهل منك للفضيحة والمنع، غير أنك بنيت أفعالك على التفضل، وأجريت قدرتك على التجاوز، وتلقيت من عصاك بالحلم، وأمهلت من قصد لنفسه بالظلم، تستنظرهم بأناتك (1) إلى الانابة، وتترك معاجلتهم إلى التوبة لكيلا يهلك عليك هالكهم، ولا يشقى بنعمتك شقيهم إلا عن طول الاعذار إليه، وبعد ترادف (2) الحجة عليه، كرما من عفوك يا كريم وعائدة (3) من عطفك يا حليم.


1 – تستنظرهم بأناتك: تستمهلهم بحلمك. 2 – ترادف: تتابع. 3 – عائدة: تعطف وإحسان.

[ 293 ]

أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك وسميته التوبة، وجعلت على ذلك الباب دليلا من وحيك لئلا يضلوا عنه، فقلت تبارك اسمك: ” توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ” (4) فما عذر من أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب، وإقامة الدليل، وأنت الذي زدت في السوم (5) على نفسك لعبادك تريد ربحهم في متاجرتهم لك، وفوزهم بالوفادة (6) عليك والزيادة منك، فقلت تبارك اسمك وتعاليت ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ” (7) وقلت: ” مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ” (8) وقلت: ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ” (9) وما أنزلت من نظائرهن في القرآن من تضاعيف الحسنات. وأنت الذي دللتهم بقولك من غيبك وترغيبك الذي فيه حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم، ولم تعه أسماعهم، ولم تلحقه


4 – *. 5 – * *. 6 – الوفادة: القدوم. 7 – 9 – *.

[ 294 ]

أوهامهم، فقلت: ” اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ” (10) وقلت: ” لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ” (11) وقلت: ” ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” (12) فسميت دعاءك عبادة، وتركه استكبارا وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين (13) فذكروك بمنك وشكروك بفضلك، ودعوك بأمرك، وتصدقوا لك طلبا لمزيدك، وفيها كانت نجاتهم من غضبك، وفوزهم برضاك، ولو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك، كان موصوفا بالاحسان، ومنعوتا بالامتنان، ومحمودا بكل لسان، فلك (14) الحمد ما وجد في حمدك مذهب، وما بقي للحمد لفظ تحمد به، ومعنى ينصرف إليه، يا من تحمد إلى عباده بالاحسان والفضل، وغمرهم بالمن والطول (15) ما أفشى (16) فينا نعمتك، وأسبغ علينا منتك، وأخصنا ببرك، هديتنا لدينك الذي اصطفيت، وملتك التي ارتضيت، وسبيلك الذي سهلت، وبصرتنا الزلفة لديك، والوصول إلى كرامتك. اللهم وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف، وخصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور، وتخيرته من جميع الازمنة والدهور، وآثرته (17) على كل أوقات السنة بما أنزلت


10 – 12 – *. 13 – داخرين: صاغرين أذلاء. 14 – كان محمودا فلك ” خ “. 15 – الطول: الفضل. 16 – أفشى: أظهر. 17 – آثرته: فضلته.

[ 295 ]

فيه من القرآن والنور، وضاعفت فيه من الايمان، وفرضت فيه من الصيام ورغبت فيه من القيام، وأجللت (18) فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. ثم آثرتنا به على سائر الامم، واصطفيتنا بفضله دون أهل الملل فصمنا بأمرك نهاره، وقمنا بعونك ليله متعرضين (19) بصيامه وقيامه لما عرضتنا له من رحمتك، وتسببنا إليه من مثوبتك. وأنت الملئ بما رغب فيه إليك، الجواد بما سئلت من فضلك القريب إلى من حاول قربك، وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد، وصحبنا صحبة مبرور، وأربحنا أفضل أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته وانقطاع مدته، ووفاء عدده، فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا، وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا، ولزمنا له الذمام (20) المحفوظ والحرمة المرعية والحق المقضي، فنحن قائلون: السلام عليك يا شهر الله الاكبر، ويا عيد أوليائه. السلام عليك يا أكرم مصحوب من الاوقات، ويا خير شهر في الايام والساعات. السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال، ونشرت فيه الاعمال. السلام عليك من قرين جل قدره موجودا، وأفجع فقده مفقودا ومرجو آلم فراقه.


18 – أجللت: عظمت. 19 – متعرضين: متصدين وطالبين. 20 – الذمام: العهد.

[ 296 ]

السلام عليك من أليف (21) آنس مقبلا فسر، وأوحش منقضيا فمض (22). السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب، وقلت فيه الذنوب. السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان، وصاحب سهل سبل الاحسان. السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك، وما أسعد من رعى حرمتك بك. السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب، وأسترك لانواع العيوب. السلام عليك ما كان أطولك على المجرمين، وأهيبك في صدور المؤمنين السلام عليك من شهر لا تنافسه الايام. السلام عليك من شهر هو من كل أمر سلام. السلام عليك غير كريه المصاحبة، ولا ذميم الملابسة (23). السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات، وغسلت عنا دنس الخطيئات. السلام عليك غير مودع برما (24) ولا متروك صيامه سأما. السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه قبل فوته.


21 – أليف: أنيس. 22 – مض: آلم وأحزن. 23 – الملابسة: المخالطة. 24 – برما: ضجرا.

[ 297 ]

السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا، وكم من خير أفيض بك علينا. السلام عليك وعلى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. السلام عليك ما كان أحرصنا بالامس عليك، وأشد شوقنا غدا إليك. السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه، وعلى ماض من بركاتك سلبناه. اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به، ووفقتنا بمنك له، حين جهل الاشقياء وقته، وحرموا لشقائهم فضله، وأنت (25) ولي ما آثرتنا به من معرفته، وهديتنا له من سنته، وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير، وأدينا فيه قليلا من كثير. اللهم فلك الحمد إقرارا بالاساءة واعترافا بالاضاعة (26) ولك من قلوبنا عقد (27) الندم، ومن ألسنتنا صدق الاعتذار، فأجرنا على ما أصابنا فيه من التفريط، أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه، ونعتاض (28) به من أنواع الذخر المحروص عليه، وأوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك، وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل، فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت إهله من العبادة، وأدنا إلى القيام بما


25 – أنت ” خ “. 26 – الاضاعة: الاهمال. 27 – عقد: عهد. 28 – نعتاض: نأخذ العوض.

[ 298 ]

يستحقه من الطاعة، واجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا (29) لحقك في الشهرين من شهور الدهر. اللهم وما ألممنا (30) به في شهرنا هذا من لمم (31) أو أثم أو واقعنا فيه من ذنب واكتسبنا فيه من خطيئة على تعمد منا أو على نسيان ظلمنا فيه أنفسنا أو انتهكنا به حرمة من غيرنا. فصل على محمد وآله، واسترنا بسترك، واعف عنا بعفوك، ولا تنصبنا فيه لاعين الشامتين، ولا تبسط علينا في ألسن الطاغين، واستعملنا بما يكون حطة وكفارة لما أنكرت منا فيه برأفتك التي لا تنفد (32) وفضلك الذي لا ينقص. اللهم صل على محمد وآله، واجبر مصيبتنا بشهرنا، وبارك لنا في يوم عيدنا وفطرنا، واجعله من خير يوم مر علينا، أجلبه لعفو وأمحاه لذنب واغفر لنا ما خفي من ذنوبنا وما علن. اللهم اسلخنا (33) بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا، وأخرجنا بخروجه من سيئاتنا، واجعلنا من أسعد أهله به وأجزلهم قسما فيه، وأوفرهم حظا منه. اللهم ومن رعى حق هذا الشهر حق رعايته، وحفظ حرمته حق حفظها، وقام بحدوده حق قيامها، واتقى ذنوبه حق تقاتها، أو تقرب إليك


29 – دركا: لحوقا ووصولا. 30 – ألممنا: باشرنا وأحطنا. 31 – لمم: صغار الذنوب. 32 – تنفد: تفنى وتنقطع. 33 – اسلخنا: جردنا.

[ 299 ]

بقربة أوجبت رضاك له، وعطفت رحمتك عليه، فهب لنا مثله من وجدك، وأعطنا أضعافه من فضلك، فإن فضلك لا يغيض (34) وإن خزائنك لا تنقص بل تفيض، وإن معادن إحسانك لا تفنى، وإن عطاءك للعطاء المهنا. اللهم صل على محمد وآله، واكتب لنا مثل أجور من صامه أو تعبد لك فيه إلى يوم القيامة. اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمؤمنين عيدا وسرورا، ولاهل ملتك مجمعا ومحتشدا من كل ذنب أذنبناه، أو سوء أسلفناه، أو خاطر شر أضمرناه، توبة من لا ينطوي على رجوع إلى ذنب، ولا يعود بعدها في خطيئة، توبة نصوحا خلصت من الشك والارتياب، فتقبلها منا وارض عنا وثبتنا عليها. اللهم ارزقنا خوف عقاب الوعيد، وشوق ثواب الموعود حتى نجد لذة ما ندعوك به، وكآبة ما نستجيرك منه، واجعلنا عندك من التوابين الذين أوجبت لهم محبتك، وقبلت منهم مراجعة طاعتك يا أعدل العادلين. اللهم تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا وأهل ديننا جميعا من سلف منهم ومن غبر إلى يوم القيامة. اللهم صل على محمد نبينا وآله كما صليت على ملائكتك


34 – لا يغيض: لا ينقص ولا يقل.

[ 300 ]

المقربين، وصل عليه وآله كما صليت على أنبيائك المرسلين، وصل عليه وآله كما صليت على عبادك الصالحين، وأفضل من ذلك يا رب العالمين، صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، ويستجاب لها دعاؤنا إنك أكرم من رغب إليه، وأكفى من توكل عليه، وأعطى من سئل من فضله، وأنت على كل شئ قدير. (143) دعاؤه عليه السلام في وداع شهر رمضان [ بسم الله الرحمن الرحيم ] الحمد الله رب العالمين، الحمد الله لا شريك له، الحمد الله العلي الاعلى، العليم الكريم العظيم الرحيم اللطيف الخبير، الحمد لله المحمود على نعمائه، المشكور على آلائه، الذي لا ينسى من ذكره، ولا يخيب من رجاه، ولا يرد من دعاه، والحمد لله الذي لا رب سواه، ولا خالق إلا إياه، ولا إله غيره، ولا معبود إلا هو وحده لا شريك له، الحمد الله الذي تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ لملكه وهيبته، والحمد لله الذي استسلم كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لقوته (1) والحمد لله على حلمه بعد علمه، والحمد الله على عفوه بعد قدرته، والحمد لله ولي كل نعمة، ومنتهى كل رغبة، والحمد لله قاضي كل حاجة، ودافع كل ضرورة، والحمد لله الذي بنعمته (2) أصبحنا وأمسينا، والحمد لله


1 – لعزته ” خ “. 2 – بنعمه ” خ “.

[ 301 ]

الذي بنوره اهتدينا وبفضله استغنينا، والحمد لله على السراء والضراء والشدة والرخاء، والحمد لله رب العالمين على كل حال، و ” الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ” (3) كذب العادلون (4) بالله، والمفترون على الله الكذب والمدعون غيره إلها، قد ضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا، وقالوا قولا عظيما ” ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون ” (5) الحمد لله الذي هدانا لدينه الذي لا يقبل عملا إلا بإذنه (6) ولا يغفر ذنبا إلا لاهله. الحمد لله الذي أعاننا على صيام شهر رمضان وقيامه، ونحن نسأل الله خير مسؤل وأكرم مأمول أن يستجيب دعاءنا، ويقبل منا صومنا ويزكي أعمالنا، ويشكر سعينا، ولا يردنا خائبين، وأن يجعلنا عنده من المقبولين، وفي الآخرة من الفائزين، إنه هو أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك يا أجود الاجودين، ويا أكرم الاكرمين ويا مجيب المضطرين، ويا جار المستجيرين، ويا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيثين، ويا عياذ المكروبين، ويا قابل توبة المذنبين، ويا أمان الخائفين، ويا معطي السائلين، ويا قاصم الجبارين، ويا مدمر المتكبرين، ويا مدرك الهاربين، ويا عصمة المتوكلين، ويا ولي


3 – *. 4 – * *. 5 – *. 6 – ” إلا بإذنه ” من خ.

[ 302 ]

المؤمنين، ويا ذا القوة المتين، ويا ناصر المظلومين، ويا مالك يوم الدين ويا منتهى رغبة السائلين، يا رازق المقلين، ويا راحم المساكين، ويا خير الرازقين، ويا ثقة الملهوفين، ويا مجيب الداعين أجب دعاءنا يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تردنا خائبين، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، إليك أسلمنا أنفسنا طائعين، ولك أصبحنا وصلينا خاضعين، وبك آمنا موقنين، وعليك توكلنا مطمئنين، وإليك فوضنا أمرنا راضين، وإليك أقبلنا راجين، ومن ذنوبنا معتذرين، فاقبل عذرنا يا أرحم الراحمين. اللهم قد أكدى (7) الطلب وأعيت (8) الحيل إلا عندك، وضاقت المذاهب، وانقطعت الطرق إلا إليك، ودرست (9) الآمال، وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الثقة وأخلف الظن إلا بك، وكذبت الالسن وأخلفت العداة (10) إلا عندك. اللهم إنا نسألك بكل دعوة توسل بها إليك راج بلغته أمله، أو مذنب خاطئ غفرت له، أو معافى أتممت عليه نعمتك، أو فقير أدليت (11) غناك إليه، ولتلك الدعوة يا رب عندك زلفة أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقضي لنا حوائجنا في يسر منك وعافية، وأن


7 – أكدى: تعسر وانقطع. 8 – أعيت: أتعبت وأعجزت. 9 – درست: محيت. 10 – العداة: الوعود. 11 – أدليت: أرسلت.

[ 303 ]

تغفر لنا وترحمنا، وإنا إلى رحمتك فقراء يا أرحم الراحمين. اللهم إنك أمرت بالصلاة والتسليم على نبيك محمد صلى الله عليه وآله فريضة منك واجبة، وكرامة فاضلة وبدأت وملائكتك بالصلاة عليه فقلت: ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” (12) اللهم فاجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك، وأزكى تحياتك و أفضل سلامك ومعافاتك على محمد عبدك ورسولك وصفيك و نجيك وأمينك وخيرتك من خلقك، الداعي إليك بإذنك، والهادي إلى سبيلك، والشاهد على عبادك، البشير النذير السراج المنير صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين وسلم. اللهم ابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وبلغه الدرجة والوسيلة والكرامة والشفاعة والذراعة (13) والفضيلة واجعلنا ممن تشفعه فيه (14) برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم رب النبإ العظيم في انسلاخ هذا الشهر العظيم، واستقبال هذا العيد الشريف المشهور، صلى على محمد وآل محمد، واجعلنا في هذه الساعة من أوجه من توجه، وأقرب من تقرب (15) وأنجح من سألك ودعاك وطلب إليك، يا من وسع كل شئ رحمة وعلما لا تردنا خائبين، وتقبل منا صيامه، فإن كان آخر شهر صمناه فاختم لنا فيه


12 – *. 13 – الذرع: الوسع والطاقة. 14 – استظهرها في الصحيفة 5. 15 – تقرب إليك ” خ “.

[ 304 ]

بالسعادة والشهادة والبركة والرحمة والقبول، واجعل عملنا فيه مقبولا وسعينا فيه مشكورا، فإنا لله وإنا إليه راجعون على فراق شهر رمضان، شهر الصيام وشهر القيام وشهر القرآن وغرر الايام (16) فيا شهرنا غير مودع ودعناك، ولا بملل صمناك، ولا مقليا (17) فارقناك، فلو كان يقال: جزى الله شهرا، لقلنا: جزاك الله يا شهر رمضان عنا خيرا، ففيك عفت الفروج والنفوس، وصحت النيات والقلوب، وكنت خير زائر محبوب، فلا جعله الله آخر العهد منك ولا بك، وختم لنا فيك بخير، وتقبل منا برحمة إنه هو أرحم الراحمين. اللهم أنت (18) ثقتنا ورجاؤنا، وبك حولنا وقوتنا، وعليك توكلنا في أمورنا، وبارك لنا في استقبال شهرنا هذا، وأهله علينا بعافية مجللة في دنيانا وآخرتنا. اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في أدياننا وأبداننا وأنفسنا وأهلينا وأولادنا وأموالنا وجميع ما أنعمت به علينا، ووفقنا في هذا اليوم العظيم الشريف لطاعتك، وأجرنا فيه من معصيتك، واكفنا فيه كل ذي شر، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على صراط مستقيم. الحمد الله الذي بلغنا هذا اليوم الشريف الفرد العظيم المبارك الكريم المثابة، المشهود الموعود الذي أحل فيه الطعام وحرم فيه


16 – غرر الايام: أشرفها وأفضلها. 17 – مقليا: مبغضا. 18 – بك ” خ “.

[ 305 ]

الصيام، وجعله عيدا لاهل الاسلام، وافتتح فيه الحج (19) إلى بيته الحرام. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لنا إلى بيتك الحرام سبيلا في عامنا هذا وفي كل عام ما أبقيتنا، وإلى زيارة قبر محمد نبيك صلى الله عليه وآله، واجعل ذلك متقبلا في يسر منك وعافية وسعة رزق حلال يا ذا الجلال والاكرام. اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغارا، واغفر لكل والد ولدنا في الاسلام من المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والاموات. اللهم أدخل عليهم رحمة من بركة دعائنا لهم ما تنور به قبورهم وتفسح به عليهم ضيق ملاحدهم (20) وتبرد به مضاجعهم، وتبلغهم به السرور في الجنة في نشورهم، وتهون به حسابهم وتؤمنهم به من الفزع الاكبر (21) إنك على كل شئ قدير. اللهم وبارك لنا في الموت إذا نزل بنا كما نزل بهم، وفيما بعد الموت إذا قدمنا عليه، واجعل الموت خير غائب ننتظره (22) واجعل ما بعده خيرا لنا مما قبله، واجعل الآخرة خيرا لنا من الدنيا. اللهم وأهل القبور من جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين


19 – * *. 20 – مداخلهم ” خ “. 21 – * *. 22 – منتظر ” خ “.

[ 306 ]

والمسلمات فافسح لهم في قبورهم، ونور عليهم في مضاجعهم، وجاف (23) الارض عن جنوبهم، ولقهم نظرة وسرورا، واجزهم (24) جنة وحريرا وأدخل عليهم من بركة دعائنا ما تجعله نجاة لهم من العذاب، وأمنا من العقاب، وأوجب لنا بذلك أجرا، وأجزل لنا به ذكرا. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأتمم به علينا نعمتك، وهيئ لنا كرامتك، وأسبل (25) علينا سترك، وأوزعنا (26) شكرك، وأدم علينا نعمتك وعافيتك، واسبغ علينا رزقك، واكفنا كل مهم من أمر الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير وهو عليك يسير. إلهنا وسيدنا إن غفرت فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك فيامن لا يرجى إلا فضله، ولا يخشى إلا عدله امنن علينا بفضلك، وأجرنا من عذابك. إلهنا وسيدنا إن كنت لا ترحم إلا أهل طاعتك فإلى من يفزع المذنبون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك فإلى من يستغيث المسيئون؟ ” سبحانك إني كنت من الظالمين ” (27) ما أحسن عفوك وأكرم قدرتك، وأعم رزقك، وأوسع نعمتك، سبحانك ما أعظم شأنك، وأعز سلطانك، وأقهر أمرك، وأعدل حكمك، سبحانك أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعتقني من النار بفضلك و


23 – جاف: باعد. 24 – وجزاهم ” خ “. 25 – أسبل الستر: أرخاه. 26 – أوزعنا: ألهمنا. 27 – *.

[ 307 ]

تدخلني الجنة برحمتك. اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة (ثلاثا) يا ذا الجلال والاكرام يا رحمن يا رحيم اغفر لي مغفرة تطهر بها قلبي، وتشرح بها صدري، وتنور بها بصري، وتجلو (28) بها العمى على قلبي، وتوجب لي بها رضوانك والجنة يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي وارحمني واعف عني وتفضل علي، واجعلني من عتقائك وطلقائك ومحرريك من النار. اللهم لا تدع لي في هذه الليلة العظيمة الشريفة الكريمة ذنبا إلا غفرته، ولا عيبا إلا سترته، ولا هما إلا فرجته، ولا غما إلا كشفته، ولا سؤالا إلا أعطيته، ولا بلاء إلا دفعته، ولا كربا إلا فرجته، ولا سوءا إلا صرفته، ولا دينا إلا قضيته، ولا عدوا إلا كفيته، ولا غائبا إلا أديته (29) ولا مريضا إلا شفيته، ولا طفلا إلا ربيته، ولا فاسدا إلا أصلحته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولي فيها صلاح إلا قضيتها لي ويسرتها في عافية إنك على كل شئ قدير. اللهم صل على ملائكتك المقربين وعلى جميع أنبيائك المرسلين. اللهم صل على جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وعلى


28 – تجلو: تكشف وتذهب. 29 – رديته ” خ “.

[ 308 ]

حملة العرش أجمعين، وصل على أبينا آدم وأمنا حوا، وما ولدا من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والاموات يا جبار الارضين والسماوات. اللهم وصل على محمد وآل محمد البشير النذير، السراج المنير زين يوم القيامة. اللهم وصل على محمد عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك وأمينك على وحيك، الموفي بعهدك، الصادع (30) بأمرك، المجاهد في سبيلك، الساعي في مرضاتك، الرؤوف الرحيم بعبادك، الصابر على الاذى والتكذيب في محبتك. اللهم صل على محمد وآل محمد في الاولين، وصل على محمد وآل محمد في الآخرين، وصل على محمد وآل محمد يوم الدين، وصل على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه واجعل مؤونتنا إلى جنتك غير خزايا ولا نادمين، فقد رضينا الثواب وأمنا العقاب، واطمأنت بنا الدار في جنات تجري من تحتها الانهار ” على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب ” (31) ولا يمسهم فيها لغوب (32) ” وما هم منها بمخرجين ” (33) بمنك وطولك وجودك


30 – * *. 31 – *. 32 – اللغوب: التعب والاعياء. 33 – *.

[ 309 ]

وفضلك وعافيتك وكرمك يا أرحم الراحمين ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” (34). (144) دعاؤه عليه السلام في يوم الفطر عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا، فما مررت بسكة من سكك المدينة إلا لقيت أهلها خارجين إلى البقيع فيقولون: إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله. حتى أتيت المسجد فدخلته فما وجدت فيه إلا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائما يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته فلما أن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر ثم إنه جلس يدعو وجعلت أؤمن على دعائه فما أتى إلى آخر دعائه حتى بزغت الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه، وقال: إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي لا لحاجة منك (1) إلي بل تفضلا منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما، ولا ينقصني أحد منهما شيئا، وكنفتني (2) منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا من غير عمل عملته فعلمته مني فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا. فلما بلغت بي أجل الكتاب (3) من علمك بي، ووفقتني لمعرفة


34 – *. 1 – بك ” خ “. 2 – كفيتني ” خ “. 3 – كناية عن بلوغ الحلم.

[ 310 ]

وحدانيتك والاقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولدا. فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك مننت علي بمن هديتني به من الضلالة، واستنقذتني به من الهلكة واستخلصتني به من الحيرة وفككتني به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله أزلف خلقك عندك، وأكرمهم منزلة (4) لديك فشهدت معه بالوحدانية، وأقررت لك بالربوبية، وله بالرسالة، وأوجبت له علي الطاعة، فأطعته كما أمرت، وصدقته فيما حتمت (5) وخصصته بالكتاب المنزل عليه، والسبع المثاني (6) الموحاة إليه، وأسميته القرآن، وأكنيته (7) الفرقان العظيم، فقلت جل اسمك ” ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ” (8) وقلت جل قولك له حين اختصصته بما سميته من الاسماء: ” طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ” (9) وقلت عز قولك: ” يس والقرآن الحكيم ” (10) وقلت تقدست أسماؤك، ” ص والقرآن ذي الذكر ” (11) وقلت عظمت آلاؤك ” ق والقرآن المجيد ” (12) فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته وقرنت القرآن به، فما في كتابك من شاهد قسم والقرآن مردف (13) به إلا وهو اسمه، وذلك شرف شرفته به، وفضل بعثته إليه، تعجز


4 – زلفة ” خ “. 5 – حتمت: أوجبت. 6، 7 – * *. 8 – 12 – *. 13 – مردف: متبع وملحق.

[ 311 ]

الالسن والافهام عن وصف (14) مرادك به، عن علم ثنائك عليه، فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء به: ” هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ” (15) وقلت عززت وجللت: ” ما فرطنا في الكتاب من شئ ” (16) وقلت تباركت وتعاليت في عامة (17) ابتدائه: ” الر تلك آيات الكتاب الحكيم ” (18) و ” الر كتاب أحكمت آياته ” (19) و ” الر كتاب أنزلناه ” (20) و ” الر تلك آيات الكتاب المبين ” (21) و ” الم ذلك الكتاب لا ريب فيه ” (22) وفي أمثالها من سور الطواسين والحواميم في كل ذلك بينت (23) بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك، واستودعته سر غيبك وأوضح لنا منه شروط فرائضك، وأبان عن واضح سنتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، وأنار لنا مدلهمات (24) الظلام، وجنبنا ركوب الآثام، وألزمنا الطاعة، ووعدنا من بعدها الشفاعة، فكنت ممن أطاع أمره وأجاب دعوته، واستمسك بحبله، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة والتزمت الصيام الذي جعلته حقا، فقلت جل اسمك: ” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” (25) ثم إنك أبنته، فقلت عززت وجللت: ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ” (26) وقلت: ” فمن شهد منكم الشهر فليصمه ” (27) ورغبت في


14 – عن علم وصف ” خ “. 15، 16 – *. 17 – غاية ” خ “. 18 – 22 *. 23 – *. 24 – ادلهم الظلام: كثف. 25 – 27 *.

[ 312 ]

الحج بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرمته، فقلت جل اسمك: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” (28) ثم قلت: ” وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام ” (29). اللهم إني أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا ومن الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم وليكبروا الله على ما هداهم. وأعني اللهم على جهاد عدوك في سبيلك مع وليك كما قلت (30) جل قولك: ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله ” (31) وقلت جلت أسماؤك: ” ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ” (32). اللهم فأرني ذلك السبيل حتى أقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك فأكون فيه من الفائزين. إلهي أين المفر عنك؟ فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك، فكن بي رؤوفا رحيما واقبلني وتقبل مني، وأعظم لي في هذا اليوم بركة المغفرة ومثوبة الاجر، وأرني (33) صحة التصديق بما سألت، وإن أنت


28، 29 – *. 30 – في سبيلك كما قلت ” خ “. * *. 31، 32 – *. 33 – ومثوبة الآخرة وارزقني ” خ “.

[ 313 ]

عمرتني إلى عام مثله ويوم مثله ولم تجعله آخر العهد مني فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك. وأشركني يا إلهي في هذا اليوم في دعاء من أجبته من المؤمنين والمؤمنات، وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك، فإني راغب إليك لي ولهم، وعائذ بك لي ولهم، فاستجب لي ولهم يا أرحم الراحمين. (145) دعاؤه عليه السلام إذا أفطر عن أبي عبد الله عليه السلام، قال كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير، فإذا أفطر قال: اللهم إن شئت أن تفعل فعلت (1). (146) دعاؤه عليه السلام في يوم الفطر إذا انصرف من صلاته قام قائما ثم استقبل القبلة، وفي يوم الجمعة فقال: يا من يرحم من لا يرحمه العباد، ويا من يقبل من لا تقبله البلاد ويا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه، ويا من لا يخيب الملحين عليه، ويا من لا يجبه بالرد أهل الدالة عليه (1) ويا من يجتبي صغير ما يتحف به


1 – * *. 1 – * *.

[ 314 ]

ويشكر يسير ما يعمل له، ويا من يشكر على القليل ويجازي بالجليل (2) ويا من يدنو إلى من دنامنه، ويا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه، ويا من لا يغير النعمة ولا يبادر (3) بالنقمة، ويا من يثمر الحسنة حتى ينميها ويتجاوز عن السيئة حتى يعفيها، انصرفت الآمال دون مدى كرمك بالحاجات، وامتلات بفيض جودك أوعية الطلبات، وتفسخت (4) دون بلوغ نعتك الصفات. فلك العلو الاعلى فوق كل عال، والجلال الامجد فوق كل جلال، كل جليل عندك صغير، وكل شريف في جنب شرفك حقير. خاب الوافدون على غيرك، وخسر المتعرضون (5) إلا لك، وضاع الملمون (6) إلا بك، وأجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك. بابك مفتوح للراغبين، وجودك مباح للسائلين، وإغاثتك قريبة من المستغيثين، لا يخيب منك الآملون، ولا ييأس من عطائك المتعرضون، ولا يشقى بنقمتك المستغفرون، رزقك مبسوط لمن عصاك، وحلمك معترض لمن ناواك (7). عادتك الاحسان إلى المسيئين، وسنتك الابقاء على المعتدين حتى لقد غرتهم أناتك (8) عن الرجوع، وصدهم (9) إمهالك عن النزوع


2 – يجازي بالجليل: يكافئ بالعظيم. 3 – يبادر: يعاجل. 4 – تفسخت: تقطعت وعجزت. 5 – المتعرضون: المتصدون الطالبون. 6 – الملمون: النازلون. 7 – ناواك: عاداك. 8 – أناتك: حلمك. 9 – صدهم: صرفهم ومنعهم.

[ 315 ]

وإنما تأنيت بهم ليفيؤا (10) إلى أمرك، وأمهلتهم ثقة بدوام ملكك، فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها، ومن كان من أهل الشقاوة خذلته لها، كلهم صائرون إلى حكمك، وأمورهم آئله (11) إلى أمرك، لم يهن على طول مدتهم سلطانك، ولم يدحض (12) لترك معاجلتهم برهانك. حجتك قائمة لا تدحض، وسلطانك ثابت لا يزول، فالويل الدائم لمن جنح (13) عنك، والخيبة الخاذلة لمن خاب منك، والشقاء الاشقى لمن اغتر بك، ما أكثر تصرفه في عذابك، وما أطول تردده في عقابك، وما أبعد غايته من الفرج، وما أقنطه من سهوله المخرج، عدلا من قضائك لا تجور فيه، وإنصافا من حكمك لا تحيف (14) عليه، فقد ظاهرت (15) الحجج، وإبليت الاعذار (16) وقد تقدمت بالوعيد، وتلطفت في الترغيب، وضربت الامثال، وأطلت الامهال، وأخرت وأنت مستطيع للمعاجلة، وتأنيت وأنت ملي بالمبادرة، لم (17) تكن أناتك عجزا، ولا إمهالك وهنا (18) ولا إمساكك غفلة، ولا انتظارك مداراة، بل لتكون حجتك أبلغ، وكرمك أكمل، وإحسانك أوفى، ونعمتك أتم، كل ذلك كان ولم تزل، وهو كائن ولا تزال، حجتك أجل من أن توصف بكلها ومجدك أرفع من أن يحد بكنهه (19) ونعمتك أكثر من أن تحصى


10 – ليفيؤا: ليرجعوا. 11 – آئلة: راجعة. 12 – يدحض: يبطل. 13 – جنح: مال وانحرف. 14 – لا تحيف: لا تجور. 15 – ظاهرت: كثرت وتابعت. 16 – * *. 17 – ولم ” خ “. 18 – وهنا: ضعفا. 19 – كنهه: حقيقته ونهايته.

[ 316 ]

بأسرها، وإحسانك إكثر من أن تشكر على أقله، وقد قصر بي السكوت عن تحميدك، وفههني (20) الامساك عن تمجيدك، وقصاراي الاقرار بالحسور، لا رغبة يا إلهي بل عجزا، فها أنا ذا أؤمك (21) بالوفادة وأسألك حسن الرفادة (22). فصل على محمد وآله، واسمع نجواي، واستجب دعائي، ولا تختم يومي بخيبتي، ولا تجبهني بالرد في مسألتي، وأكرم من عندك منصرفي، و إليك منقلبي، إنك غير ضائق بما تريد، ولا عاجز عما تسأل، وأنت على كل شئ قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (147) دعاؤه عليه السلام في يوم عرفة (1) الحمد الله رب العالمين، اللهم لك الحمد بديع السماوات والارض ذا الجلال والاكرام رب الارباب، وإله كل مألوه (2) وخالق كل مخلوق، ووارث كل شئ ” ليس كمثله شئ ” (3) ولا يعزب (4) عنه علم شئ وهو بكل شئ محيط، وهو على كل شئ رقيب. أنت الله لا إله إلا أنت الاحد المتوحد الفرد المتفرد. وأنت الله لا إله إلا أنت الكريم المتكرم، العظيم المتعظم الكبير المتكبر.


20 – فههني: أعياني وأعجزني. 21 – أؤمك: أقصدك. 22 – الرفادة: العطاء والمعونة. 1 – * *. 2 – المألوه: المعبود من دونه تعالى. 3 – *. 4 – لا يعزب: لا يغيب.

[ 317 ]

وأنت الله لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال. (5). وأنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم وأنت الله لا إله إلا أنت السميع البصير القديم الخبير. وأنت الله لا إله إلا أنت الكريم الاكرم الدائم الادوم. وأنت الله لا إله إلا أنت الاول قبل كل أحد، والآخر بعد كل عدد. وأنت الله لا إله إلا أنت الداني (6) في علوه والعالي في دنوه. وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد. وأنت الله لا إله إلا أنت الذي أنشأت الاشياء من غير سنخ (7) وصورت ما صورت من غير مثال، وابتدعت المبتدعات بلا احتذاء (8) أنت الذي قدرت كل شئ تقديرا، ويسرت كل شئ تيسيرا ودبرت ما دونك تدبيرا. أنت الذي لم يعنك على خلقك شريك، ولم يؤازرك (9) في أمرك وزير، ولم يكن لك مشاهد ولا نظير. أنت الذي أردت فكان حتما ما أردت، وقضيت فكان عدلا ما قضيت، وحكمت فكان نصفا (10) ما حكمت. أنت الذي لا يحويك (11) مكان، ولم يقم لسلطانك سلطان، ولم


5 – المحال: العقوبة والكيد. 6 – الداني: القريب. 7 – سنخ: أصل. 8 – بلا احتذاء: بلا اقتداء. 9 – يؤازرك: يعاونك. 10 – نصفا: عدلا. 11 – يحويك: يضمك ويجمعك.

[ 318 ]

يعيك (12) برهان ولا بيان. أنت الذي أحصيت كل شئ عددا، وجعلت لكل شئ أمدا، و قدرت كل شئ تقديرا. أنت الذي قصرت الاوهام عن ذاتيتك، وعجزت الافهام عن كيفيتك (13) ولم تدرك الابصار موضع أينيتك (14). أنت الذي لا تحد فتكون محدودا، ولم تمثل فتكون موجودا، ولم تلد فتكون مولودا. أنت الذي لا ضد معك فيعاندك، ولا عدل (15) لك فيكاثرك، ولا ند لك فيعارضك. أنت الذي ابتدا واخترع واستحدث وابتدع، وأحسن صنع ما صنع. سبحانك ما أجل شأنك وأسنى (16) في الاماكن مكانك وأصدع (17) بالحق فرقانك. سبحانك من لطيف ما ألطفك، ورؤوف ما أرأفك وحكيم ما أعرفك. سبحانك من مليك ما أمنعك، وجواد ما أوسعك، ورفيع ما أرفعك، ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد. سبحانك بسطت بالخيرات يدك (18) وعرفت الهداية من عندك


12 – يعيك: يعجزك. 13، 14 – * *. 15 – عدل: مثل ونظير. 16 – أسنى: أعلا وأرفع. 17 – أصدع: أظهر. 18 – كناية عن جوده تعالى.

[ 319 ]

فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك. سبحانك خضلك من جرى في علمك، وخشع لعظمتك ما دون عرشك، وانقاد للتسليم لك كل خلقك. سبحانك لا تحس، ولا تجس (19) ولا تمس، ولا تكاد ولا تماط (20) ولا تنازع ولا تجارى (21) ولا تمارى (22) ولا تخادع ولا تماكر. سبحانك سبيلك جدد (23) وأمرك رشد، وأنت حي صمد. سبحانك قولك حكم، وقضاؤك حتم، وإرادتك عزم. سبحانك لا راد لمشيتك، ولا مبدل لكلماتك. سبحانك قاهر الارباب، باهر الآيات، فاطر السماوات، بارئ النسمات (24). لك الحمد حمدا يدوم بدوامك. ولك الحمد حمدا خالدا بنعمتك. ولك الحمد حمدا يوازي صنعك. ولك الحمد حمدا يزيد على رضاك. ولك الحمد حمدا مع حمد كل حامد، وشكرا يقصر عنه شكر كل شاكر.


19 – لا تجس: لا تفحص أخبارك. 20 – لا تماط: لا تدفع ولا تبعد. 21 – لا تجارى: لا تطاول ولا تغالب. 22 – لا تمارى: لا تجادل. 23 – جدد: سهل ومستوي. 24 – بارئ النسمات: خالق النفوس.

[ 320 ]

حمدا لا ينبغي إلا لك، ولا يتقرب به إلا إليك. حمدا يستدام به الاول، ويستدعى به دوام الآخر. حمدا يتضاعف على كرور الازمنة، ويتزايد أضعافا مترادفة (25) حمدا يعجز عن إحصائه الحفظة، ويزيد على ما أحصته في كتابك الكتبة. حمدا يوازن عرشك المجيد، ويعادل كرسيك الرفيع. حمدا يكمل لديك ثوابه، ويستغرق كل جزاء جزاؤه. حمدا ظاهره وفق لباطنه، وباطنه وفق لصدق النية فيه. حمدا (26) لم يحمدك خلق مثله، ولا يعرف أحد سواك فضله. حمدا يعان من اجتهد في تعديده، ويؤيد من أغرق نزعا في توفيته. حمدا يجمع ما خلقت من الحمد، وينتظم ما أنت خالقه من بعد. حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه، ولا أحمد ممن يحمدك به. حمدا يوجب بكرمك المزيد بوفوره، وتصله بمزيد بعد مزيد طولا منك. حمدا يجب لكرم وجهك، ويقابل عز جلالك. رب صل على محمد وآل محمد المنتجب (27) المصطفى المكرم المقرب أفضل صلواتك، وبارك عليه أتم بركاتك، وترحم عليه أمتع


25 – مترادفة: متتابعة. 26 – النية حمدا ” خ “. 27 – المنتجب: المنتخب.

[ 321 ]

رحماتك. رب صل على محمد وآله صلاة زاكية (28) لا تكون صلاة أزكى منها وصل عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها. وصل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها. رب صل على محمد وآله صلاة ترضيه وتزيد على رضاه. وصل عليه صلاة ترضيك وتزيد على رضاك له. وصل عليه صلاة لا ترضى له إلا بها، ولا ترى غيره لها أهلا. رب صل على محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصالها ببقائك، ولا ينفد كما لا تنفد كلماتك. رب صل على محمد وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك و أنبيائك ورسلك وأهل طاعتك، وتشتمل على صلوات عبادك من جنك وإنسك وأهل إجابتك، وتجتمع على صلاة كل من ذرأت و برأت (29) من أصناف خلقك. رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة و مستأنفة (30). وصل عليه وعلى آله صلاة مرضية لك ولمن دونك، وتنشئ مع ذلك صلوات تضاعف معها تلك الصلوات عندها، وتزيدها على كرور


28 – زاكية: تامة مباركة. 29 – * *. 30 مستأنفة: مبتدئة.

[ 322 ]

الايام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك. رب صل على أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لامرك، وجعلتهم خزنة علمك، وحفظة دينك، وخلفاءك في أرضك، وحججك على عبادك، وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك، وجعلتهم الوسيلة إليك، والمسلك إلى جنتك. رب صل على محمد وآله، تجزل (31) لهم بها من نحلك (32) وكرامتك، وتكمل لهم الاشياء من عطاياك ونوافلك (33) وتوفر عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك. رب صل عليه وعليهم صلاة لا أمد في أولها، ولا غاية لامدها ولا نهاية لآخرها. رب صل عليهم زنة عرشك وما دونه، وملا سماواتك وما فوقهن وعدد أرضيك وما تحتهن وما بينهن، صلاة تقربهم منك زلفى، وتكون لك ولهم رضى ومتصلة بنظائرهن أبدا. اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا (34) في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك، وجعلته الذريعة إلى رضوانك، وافترضت طاعته، وحذرت معصيته، وأمرت بامتثال أمره (35) والانتهاء عند نهيه، وألا يتقدمه متقدم، ولا يتأخر عنه متأخر


31 – تجزل: تكثر. 32 – تحفك ” خ “. نحلك: عطياتك. 33 – نوافلك: هباتك وغنائمك. 34 – * *. 35 – أوامره ” خ “.

[ 323 ]

فهو عصمة اللائذين، وكهف المؤمنين، وعروة المتمسكين (36) وبهاء العالمين. اللهم فأوزع لوليك (37) شكر ما أنعمت به عليه وأوزعنا مثله فيه وآته من لدنك سلطانا نصيرا، وافتح له فتحا يسيرا، وأعنه بركنك الاعز واشدد أزره، وقو عضده، وراعه بعينك، واحمه بحفظك، وانصره بملائكتك وامدده بجندك الاغلب، وأقم به كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك صلواتك اللهم عليه وآله، وأحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك، واجل به (38) صدأ الجور عن طريقتك، وأبن به الضراء من سبيلك، وأزل به الناكبين (39) عن صراطك، وامحق (40) به بغاة قصدك عوجا، وألن جانبه لاوليائك، وابسط يده على أعدائك، وهب لنا رأفته ورحمته وتعطفه وتحننه، واجعلنا له سامعين مطيعين، وفي رضاه ساعين، وإلى نصرته والمدافعة عنه مكنفين (41) وإليك وإلى رسولك صلواتك اللهم عليه وآله بذلك متقربين. اللهم وصل على أوليائهم المعترفين بمقامهم، المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم، المستمسكين بعروتهم، المتمسكين بولايتهم المؤتمين بإمامتهم، المسلمين لامرهم، المجتهدين في طاعتهم المنتظرين أيامهم، المادين إليهم أعينهم، الصلوات المباركات


36 – المستمسكين ” خ “. 37 – * *. 38 – اجل: اكشف. 39 – الناكبين: العادلين عن القصد. 40 – امحق: امح وأهلك. 41 – مكنفين: معينين ومحيطين.

[ 324 ]

الزاكيات الناميات الغاديات الرائحات، وسلم عليهم وعلى أرواحهم. واجمع على التقوى أمرهم، وأصلح لهم شؤونهم (42) وتب عليهم إنك أنت التواب الرحيم، وخير الغافرين، واجعلنا معهم في دار السلام (43) برحمتك يا أرحم الرحمين. اللهم هذا يوم عرفة، يوم شرفته وكرمته وعظمته، نشرت فيه رحمتك، ومننت فيه بعفوك، وأجزلت فيه عطيتك، وتفضلت به على عبادك. اللهم وأنا عبدك الذي أنعمت عليه قبل خلقك له، وبعد خلقك إياه، فجعلته ممن هديته لدينك، ووفقته لحقك، وعصمته بحبلك، و أدخلته في حزبك، وأرشدته لموالاة أوليائك، ومعاداة أعدائك. ثم أمرته فلم يأتمر، وزجرته (44) فلم ينزجر، ونهيته عن معصيتك فخالف أمرك إلى نهيك، لا معاندة لك ولا استكبارا عليك، بل دعاه هواه إلى ما زيلته (45) وإلى ما حذرته، وأعانه على ذلك عدوك وعدوه، فأقدم عليه عارفا بوعيدك، راجيا لعفوك، واثقا بتجاوزك، وكان أحق عبادك مع ما مننت عليه ألا يفعل. وها أنا ذا بين يديك صاغرا ذليلا، خاضعا خاشعا، وخائفا معترفا


42 – الشأن: الامر والحال. 43 – دار السلام: من أسماء الجنة. 44 – زجرته: منعته. 45 – زيلته: صرفته ونحيته.

[ 325 ]

بعظيم من الذنوب تحملته، وجليل من الخطايا اجترمته (46) مستجيرا بصفحك، لائذا برحمتك، موقنا أنه لا يجيرني منك مجير، ولا يمنعني منك مانع. فعد علي بما تعود به على من اقترف من تغمدك، وجد علي بما تجود به على من ألقى بيده إليك من عفوك، وامنن علي بما يتعاظمك لا أن تمن به على من أملك من غفرانك. واجعل لي في هذا اليوم نصيبا أنال به حظا من رضوانك، ولا تردني صفرا (47) مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك، وإني وإن لم أقدم ما قدموه من الصالحات، فقد قدمت توحيدك، ونفي الاضداد والانداد والاشباه عنك، وأتيتك من الابواب (48) التي أمرت أن تؤتى منها، و تقربت إليك بما لا يقرب به أحد منك إلا بالتقرب به، ثم أتبعت ذلك بالانابة إليك، والتذلل والاستكانة (49) لك، وحسن الظن بك، والثقة بما عندك، وشفعته برجائك الذي قل ما يخيب عليه راجيك. وسألتك مسألة الحقير الذليل، البائس الفقير، الخائف المستجير، ومع ذلك خيفة وتضرعا وتعوذا وتلوذا، لا مستطيلا (50) بتكبر المتكبرين، ولا متعاليا بدالة (51) المطيعين، ولا مستطيلا بشفاعة الشافعين، وأنا بعد أقل الاقلين وأذل الاذلين، ومثل الذرة.


46 – اجترمته: عملته. 47 – صفرا: خاليا. 48 – * *. 49 – استكان: خضع وذل. 50 مستطيلا: مترفعا. 51 – بدالة: بوثوق واتكال.

[ 326 ]

أو دونها. فيا من لم يعاجل المسيئين، ولا ينده (52) المترفين، ويا من يمن بإقالة (53) العاثرين، ويتفضل بإنظار (54) الخاطئين. أنا المسئ المعترف الخاطئ العاثر، أنا الذي أقدم عليك مجترئا أنا الذي عصاك متعمدا، أنا الذي استخفى من عبادك وبارزك، أنا الذي هاب (55) عبادك وأمنك، أنا الذي لم يرهب سطوتك ولم يخف بأسك (56) أنا الجاني على نفسه، أنا المرتهن ببليته، أنا القليل الحياء، أنا الطويل العناء. بحق من انتجبت من خلقك، وبمن اصطفيته لنفسك، بحق من اخترت من بريتك ومن اجتبيت لشأنك، بحق من وصلت (57) طاعته بطاعتك، ومن جعلت معصيته كمعصيتك، بحق من قرنت موالاته بموالاتك، ومن نطت معاداته بمعاداتك. تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جار إليك متنصلا (58) وعاذ باستغفارك تائبا، وتولني بما تتولى به أهل طاعتك، والزلفى لديك والمكانة منك، وتوحدني (59) بما تتوحد به من وفى بعهدك، وأتعب نفسه في ذاتك، وأجهدها في مرضاتك. ولا تؤاخذني بتفريطي في جنبك (60) وتعدي طوري (61) في


52 – ينده: يزجر. 53 – إقالة: مسامحة. 54 – بإنظار: بإمهال. 55 – هاب: خاف. 56 – بأسك: عذابك. 57 – وصلت: قرنت. 58 – * *. 59 – توحدني: خصني. 60 – * *. 61 – تعدى طوره: تجاوز حده.

[ 327 ]

حدودك، ومجاوزة أحكامك، ولا تستدرجني (62) بإملائك (63) لي استدراج من منعني خير ما عنده، ولم يشركك في حلول نعمته. ونبهني من رقدة الغافلين وسنة المسرفين ونعسة المخذولين، وخذ بقلبي إلى ما استعملت به القانتين واستعبدت به المتعبدين واستنقذت به المتهاونين، وأعذني مما يباعدني عنك ويحول بيني وبين حظي منك ويصدني عما أحاول لديك، وسهل لي مسلك الخيرات إليك والمسابقة إليها من حيث أمرت، والمشاحة (64) فيها على ما أردت. ولا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما أوعدت، ولا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين لمقتك، ولا تتبرني (65) فيمن تتبر من المنحرفين عن سبلك. ونجني من غمرات الفتنة، وخلصني من لهوات البلوى، وأجرني من أخذ الاملاء، وحل بيني وبين عدو يضلني، وهوى يوبقني (66) ومنقصة ترهقني (67). ولا تعرض عني إعراض من لا ترضى عنه بعد غضبك، ولا تؤيسني من الامل فيك فيغلب علي القنوط من رحمتك، ولا تمتحني بما لا طاقة لي به فتبهظني (68) مما تحملنيه من فضل محبتك. ولا ترسلني من يدك إرسال من لا خير فيه، ولا حاجة بك إليه، ولا


62 – * *. 63 – بإملائك: بإمهالك. 64 – المشاحة: المنافسة. 65 – تتبرني: تدمرني. 66 – يوبقني: يهلكني. 67 – ترهقني: تغشاني. 68 – تبهظني: تثقلني.

[ 328 ]

إنابة له، ولا ترم بي رمي من سقط من عين رعايتك، ومن اشتمل عليه الخزي من عندك، بل خذ بيدي من سقطة المتردين، ووهلة المتعسفين (69) وزلة المغرورين، وورطة الهالكين، وعافني مما ابتليت به طبقات عبيدك وإمائك، وبلغني مبالغ من عنيت به وأنعمت عليه ورضيت عنه، فأعشته حميدا وتوفيته سعيدا. وطوقني طول الاقلاع عما يحبط الحسنات، ويذهب بالبركات وأشعر قلبي الازدجار عن قبائح السيئات، وفواضح الحوبات، (70) ولا تشغلني بما لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره، وأنزع من قلبي حب دنيا دنية تنهى عما عندك، وتصد عن ابتغاء الوسيلة إليك، وتذهل عن التقرب منك، وزين لي التفرد بمناجاتك بالليل والنهار، وهب لي عصمة تدنيني من خشيتك، وتقطعني عن ركوب محارمك، وتفكني من أسر العظائم. وهب لي التطهير من دنس العصيان، وأذهب عني درن الخطايا وسربلني بسربال (71) عافيتك، وردني رداء معافاتك، وجللني سوابغ نعمائك، وظاهر لدي فضلك وطولك، وأيدني بتوفيقك وتسديدك (72) وأعني على صالح النية، ومرضي القول، ومستحسن العمل. ولا تكلني إلى حولي وقوتي دون حولك وقوتك، ولا تخزني يوم


69 – المتعسفين: السالكين على غير هداية. 70 – الحوبات: الآثام والخطيئات. 71 – سربال: قميص. 72 – تسديدك: تقويمك.

[ 329 ]

تبعثني للقائك، ولا تفضحني بين يدي أوليائك، ولا تنسني ذكرك، ولا تذهب عني شكرك، بل ألزمنيه في أحوال السهو عند غفلات الجاهلين لآلائك، وأوزعني أن أثني بما أوليتنيه (73) وأعترف بما أسديته إلي. واجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين، وحمدي إياك فوق حمد الحامدين، ولا تخذلني عند فاقتي إليك، ولا تهلكني بما أسديته إليك (74) ولا تجبهني (75) بما جبهت به المعاندين لك. فإني لك مسلم، أعلم أن الحجة لك، وأنك أولى بالفضل، وأعود بالاحسان، وأهل التقوى وأهل المغفرة، وأنك بأن تعفو أولى منك بأن تعاقب، وأنك بأن تستر أقرب منك إلى أن تشهر. فأحيني حياة طيبة تنتظم بما أريد، وتبلغ ما أحب من حيث لا آتي ما تكره، ولا أرتكب ما نهيت عنه. وأمتني ميتة من يسعى نوره بين يديه وعن يمينه، وذللني بين يديك وأعزني عند خلقك، وضعني (76) إذا خلوت بك، وارفعني بين عبادك وأغنني عمن هو غني عني، وزدني إليك فاقة وفقرا، وأعذني من شماتة الاعداء، ومن حلول البلاء، ومن الذل والعناء، تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على البطش لولا حلمه، والآخذ على الجريرة (77) لولا أناته.


73 – أوليتنيه: أعطيتنيه. 74 – * *. 75 – لا تجبهني: لا تردني. 76 – ضعني: اجعلني متواضعا. 77 الجريرة: الجناية والذنب.

[ 330 ]

وإذا أردت بقوم فتنة أو سوءا فنجني منها لو إذا بك، وإذ لم تقمني مقام فضيحة في دنياك فلا تقمني مثله في آخرتك، واشفع لي أوائل مننك بأواخرها، وقديم فوائدك بحوادثها. ولا تمدد لي (78) مدا يقسو معه قلبي، ولا تقرعني قارعة (79) يذهب لها بهائي، ولا تسمني (80) خسيسة يصغر لها قدري، ولا نقيصة يجهل من أجلها مكاني، ولا ترعني روعة أبلس (81) بها، ولا خيفة أوجس دونها. اجعل هيبتي في وعيدك، وحذري من إعذارك وإنذارك، ورهبتي عند تلاوة آياتك، واعمر ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك، وتفردي بالتهجد لك وتجردي بسكوني إليك، وإنزال حوائجي بك، ومنازلتي إياك (83) في فكاك رقبتي من نارك، وإجارتي مما فيه أهلها من عذابك. ولا تذرني في طغياني عامها (84) ولا في غمرتي ساهيا حتى حين (85) ولا تجعلني عظة لمن اتعظ، ولا نكالا لمن اعتبر، ولا فتنة لمن نظر، ولا تمكر بي فيمن تمكر به، ولا تستبدل بي غيري، ولا تغير لي إسما (86) ولا تبدل لي جسما، ولا تتخذني هزؤا (هزوا) لخلقك، ولا سخريا لك (87) ولا تبعا إلا لمرضاتك، ولا ممتهنا إلا بالانتقام لك. وأوجدني برد عفوك وروحك وريحانك (88) وجنة نعيمك، وأذقني


78 – لا تمدد لي: لا تمهلني. 79 – القارعة: الداهية. 80 – لا تسمني: لا تلزمني. 81 – أبلس: آيس. 82 أوجس: أحس. 83 – منازلتي إياك: مراجعتي إياك وسؤالي مرة بعد مرة. 84 – عامها: مترددا ومتحيرا. 85، 86 – * *. 87 – ولا سخريا لك: ولا تنزل بي الهوان. 88 – روحك وريحانك: رحمتك ورزقك الطيب.

[ 331 ]

طعم الفراغ لما تحب بسعة من سعتك، والاجتهاد فيما يزلف لديك وعندك. وأتحفني بتحفة من تحفاتك، واجعل تجارتي رابحة، وكرتي غير خاسرة، وأخفني مقامك، وشوقني لقاءك، وتب علي توبة نصوحا لا تبق معها ذنوبا صغيرة ولا كبيرة، ولا تذر (89) معها علانية ولا سريرة. وأنزع الغل من صدري للمؤمنين، وأعطف بقلبي على الخاشعين وكن لي كما تكون للصالحين، وحلني حلية المتقين، واجعل لي لسان صدق في الغابرين، وذكرا ناميا في الآخرين، وواف بي عرصة الاولين، وتمم سبوغ نعمتك علي، وظاهر كراماتها لدي. املا من فوائدك يدي، وسق كرائم (90) مواهبك إلي، وجاور بي الاطيبين من أوليائك في الجنان التي زينتها لاصفيائك، وجللني شرائف نحلك (91) في المقامات المعدة لاحبائك. واجعل لي عندك مقيلا آوي إليه مطمئنا، ومثابة أتبوأها وأقر عينا ولا تقايسني بعظيمات الجرائر، ولا تهلكني ” يوم تبلى السرائر ” (92) وأزل عني كل شك وشبهة، واجعل لي في الحق طريقا من كل رحمة، وأجزل لي قسم المواهب من نوالك، ووفر علي حظوظ الاحسان من إفضالك.


89 – لا تذر: لا تترك. 90 – كرائم: نفائس. 91 – نحلك: عطاياك. 92 – *.

[ 332 ]

واجعل قلبي واثقا بما عندك، وهمي مستفرغا لما هو لك واستعملني بما تستعمل به خالصتك، وأشرب (93) قلبي عند ذهول العقول طاعتك. واجمع لي الغنى والعفاف والدعة (94) والمعافاة والصحة والسعة والطمأنينة، والعافية، ولا تحبط حسناتي بما يشوبها من معصيتك، ولا خلواتي بما يعرض لي من نزعات فتنتك. وصن وجهي عن الطلب إلى أحد من العالمين، وذبني (95) عن التماس ما عند الفاسقين، ولا تجعلني للظالمين ظهيرا (96) ولا لهم على محو كتابك يدا ونصيرا. وحطني (97) من حيث لا أعلم حياطة تقيني بها، وافتح لي أبواب توبتك رحمتك ورأفتك ورزقك الواسع إني إليك من الراغبين، وأتمم لي إنعامك إنك خير المنعمين. واجعل باقي عمري في الحج والعمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، والسلام عليه وعليهم أبد الآبدين (98). (148) دعاؤه عليه السلام في يوم عرفة


93 – أشرب: أمزج. 94 – الدعة: الراحة وخفض العيش. 95 – ذبني: امنعني، ادفعني. 96 – ظهيرا: منيعا. 97 – حطني: احفظني. 98 – * *.

[ 333 ]

اللهم إن ملائكتك مشفقون (1) من خشيتك، سامعون مطيعون لك وهم بأمرك يعملون، لا يفترون (2) الليل والنهار يسبحون، وأنا أحق بالخوف الدائم لاسائتي على نفسي، وتفريطها إلى اقتراب أجلي، فكم لي يا رب من ذنب أنا فيه مغرور متحير؟ اللهم إني قد أكثرت على نفسي من الذنوب والاساءة، وأكثرت علي من المعافاة، سترت علي ولم تفضحني بما أحسنت لي النظر وأقلتني العثرة وأخاف أن أكون فيها مستدرجا، فقد ينبغي لي أن أستحي من كثرة معاصي، ثم لم تهتك لي سترا، ولم تبد لي عورة، ولم تقطع عني الرزق، ولم تسلط علي جبارا، ولم تكشف عني غطاء مجازاة لذنوبي، تركتني كأني لاذنب لي، كففت (3) عن خطيئتي، وزكيتني بما ليس في، أنا المقر على نفسي بما جنت علي يداي، ومشت إليه رجلاي وباشر جسدي ونظرت إليه عيناي، وسمعته أذناي، وعملته جوارحي، ونطق به لساني، وعقد عليه قلبي، فأنا المستوجب يا إلهي زوال نعمتك، ومفاجأة نقمتك، وتحليل عقوبتك لما اجترأت عليه من معاصيك، وضعيت من حقوقك، أنا صاحب الذنوب الكثيرة الكبيرة التي لا يحصى عددها، وصاحب الجرم العظيم، أنا الذي أحللت العقوبة بنفسي، وأوبقتها (4) بالمعاصي جهدي وطاقتي، وعرضتها للمهالك


1 – مشفقون: خائفون. 2 – لا يفترون: لا يسكنون. 3 – كففت: انصرفت. 4 – أوبقتها: ضيعتها.

[ 334 ]

بكل قوتي. اللهم أنا الذي لم أشكر نعمك عند معاصيي إياك، ولم أدعها فيك عند حلول البلية، ولم أقف عند الهوى، ولم أراقبك. يا إلهي أنا الذي لم أعقل عند الذنوب نهيك، ولم أراقب عند اللذات زجرك (5) ولم أقبل عند الشهوة نصيحتك، ركبت الجهل بعد الحلم، وغدوت (6) إلى الظلم بعد العلم. اللهم فكما حلمت عني فيما اجترأت عليه من معاصيك، وعرفت تضييعي حقك، وضعفي عن شكر نعمتك، وركوبي معصيتك. اللهم إني لست ذا عذر فأعتذر، ولا ذا حيلة فأنتصر. اللهم قد أسأت وظلمت وبئس ما صنعت، عملت سوءا ولم تضرك ذنوبي، فأستغفرك يا سيدي ومولاي وسبحانك ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (7). اللهم إنك تجد من تعذبه غيري، ولا أجد من يرحمني سواك، فلو كان لي مهرب لهربت، ولو كان لي مصعد في السماء أو مسلك في الارض لسلكت، ولكنه لا مهرب لي ولا ملجأ ولا منجى ولا مأوى منك إلا إليك. اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن ترحمني فأهل ذلك أنت بمنك وفضلك ووحدانيتك وجلالك وكبريائك وعظمتك وسلطانك،


5 – زجرك: منعك. 6 – غدوت: ذهبت وانطلقت. 7 – *.

[ 335 ]

فقديما ما مننت على أوليائك، ومستحقي عقوبتك بالعفو والمغفرة سيدي عافية من أرجو إذا لم أرج عافيتك؟! وعفو من أرجو إذا لم أرج عفوك؟! ورحمة من أرجو إذا لم أرج رحمتك؟! ومغفرة من أرجو أذا لم أرج مغفرتك؟! ورزق من أرجو إذا لم أرج رزقك؟! وفضل من أرجو إذا لم أرج فضلك؟! سيدي أكثرت علي من النعم، وأقللت لك من الشكر، فكم لك عندي من نعمة لا يحصيها أحد غيرك! ما أحسن بلاءك (8) عندي، وأحسن فعالك، ناديتك مستغيثا مستصرخا فأغثتني، وسألتك عائلا (9) فأغنيتني ونأيت (10) فكنت قريبا مجيبا، واستعنت بك مضطرا فأعنتني ووسعت علي، وهتفت إليك في مرضي فكشفته عني، وانتصرت بك في رفع البلاء فوجدتك يا مولاي نعم المولى و نعم النصير. وكيف لا أشكرك يا إلهي؟! أطلقت لساني بذكرك رحمة لي منك، وأضأت لي بصري بلطفك حجة منك علي، وسمعت أذناي بقدرتك نظرا منك، ودللت عقلي على توبيخ (11) نفسي، إليك أشكو ذنوبي، فإنه لا مجرى لبثها (12) إلا إليك، ففرج عني ما ضاق به صدري، وخلصني من كل ما أخاف على نفسي من أمر ديني ودنياي وأهلي ومالي، فقد استصعب علي


8 – بلاءك: إحسانك وإنعامك. 9 – عائلا: فقيرا. 10 – نأيت: بعدت. 11 – توبيخ: لوم. 12 لبثها: لاذاعتها ونشرها.

[ 336 ]

شأني، وشتت علي أمري، وقد أشرفت على هلكتي نفسي، وإذا لم تتداركني (13) منك برحمة تنقذني بها فمن لي بعدك يا مولاي؟! أنت الكريم العواد بالمغفرة، وأنا اللئيم العواد بالمعاصي، فاحلم يا حليم عن جهلي، وأقلني يا مقيل عثرتي، وتقبل يا رحيم توبتي، سيدي ومولاي ولا بد من لقائك على كل حال، وكيف يستغنى العبد عن ربه؟! و كيف يستغنى المذنب عمن يملك عقوبته ومغفرته؟! سيدي لم أزدد إليك إلا فقرا، ولم تزدد عني إلا غنى، ولم تزدد ذنوبي إلا كثرة، ولم يزدد عفوك إلا سعة، سيدي ارحم تضرعي إليك وانتصابي بين يديك، وطلبي ما لديك توبة فيما بيني وبينك سيدي متعوذا بك، متضرعا إليك بائسا فقيرا تائبا غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستسخط (14) بل مستسلم لامرك، راض بقضائك، لا آيس من روحك (15) ولا آمن من مكرك، ولا قانط من رحمتك سيدي بل مشفق (16) من عذابك، راج لرحمتك لعلمي بك يا سيدي ومولاي فإنه لن يجيرني (17) منك أحد، ولا أجد من دونك ملتحدا (18). اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في رامقة (19) العيون علانيتي، وتقبح فيما أخلو لك سريرتي، محافظا على رياء الناس من نفسي، ومضيعا ما


13 – استظهرها في الصحيفة 5، وفي الاصل: وإذا تداركتني. 14 – مستسخط: كاره. 15 – روحك: رحمتك. 16 – مشفق: خائف حذر. 17 – يجيرني: ينقذني. 18 – ملتحدا: ملجأ. 19 – رمقه بعينه: أطال النظر إليه.

[ 337 ]

أنت مطلع عليه مني، فأبدي لك بأحسن أمري، وأخلو لك بشر فعلي تقربا إلى المخلوقين بحسناتي، وفرارا منهم إليك بسيئاتي، حتى كان الثواب ليس منك، وكان العقاب ليس إليك، قسوة من مخافتك من قلبي، وزللا عن قدرتك من جهلي، فيحل بي غضبك، وينالني مقتك فأعذني من ذلك كله، وقني (20) بوقايتك التي وقيت بها عبادك الصالحين. اللهم تقبل مني ما كان صالحا، وأصلح مني ما كان فاسدا، ولا تسلط علي من لا يرحمني، ولا باغيا ولا حاسدا. اللهم أذهب عني كل هم، وفرج عني كل غم، وثبتني في كل مقام، واهدني في كل سبيل من سبل الحق، وحط عني كل خطيئة وأنقذني من كل هلكة وبلية، وعافني أبدا ما أبقيتني، واغفر لي إذا توفيتني ولقني روحا وريحانا (21) وجنة نعيم أبد الآبدين يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. (149) دعاؤه عليه السلام في موقف عرفة قال المفيد (رض): وإذا حضرت مشهد الحسين عليه السلام يوم عرفة أو عرفات نفسها، أو حيث حللت من البلاد، فاغتسل قبل الزوال، وابرز تحت السماء، وادع بهذا الدعاء: * (هامش) 20 – قني: احفظني. 21 – * *.


[ 338 ]

اللهم أنت الله رب العالمين، وأنت الله الرحمن الرحيم، وأنت الله الدائب في غير وصب (1) ولا نصب (2) ولا تشغلك رحمتك عن عذابك ولا عذابك عن (3) رحمتك، خفيت من غير موت، وظهرت فلا شئ فوقك، وتقدست في علوك، وترديت بالكبرياء في الارض وفي السماء، وقويت (4) في سلطانك، ودنوت من كل شئ في ارتفاعك، و خلقت الخلق بقدرتك، وقدرت الامور بعلمك، وقسمت الارزاق بعدلك ونفذ في كل شئ علمك، وحارت الابصار دونك، وقصر دونك (5) طرف كل طارف، وكلت (6) الالسن عن صفاتك، وغشي بصر كل ناظر نورك، وملات بعظمتك أركان عرشك، وابتدأت الخلق على غير مثال نظرت إليه من أحد سبقك إلى صنعة شئ منه، ولم تشارك في خلقك، ولم تستعن بأحد في شئ من أمرك (7) ولطفت في عظمتك وانفاد لعظمتك كل شئ، وذل لعزتك (8) كل شئ. أثني عليك يا سيدي، وما عسى أن يبلغ في مدحتك (9) ثنائي مع قلة عملي (10) وقصر رأيي، وأنت يا رب الخالق وأنا المخلوق، وأنت المالك وأنا المملوك، وأنت الرب وأنا العبد، وأنت الغني وأنا الفقير، وأنت المعطي وأنا السائل، وأنت الغفور وأنا الخاطئ، وأنت الحي الذي لا يموت وأنا خلق أموت، يا من خلق الخلق ودبر الامور


1 – وصب: وجع ومرض. 2 – نصب: تعب وإعياء. 3 – من ” خ “. 4 – قويت: غلبت. 5 – عنك ” خ “. 6 – كلت: أعيت وعجزت. 7 – * *. 8 – لعزك ” خ “. 9 – مدحك ” خ “. 10 – علمي ” خ “.

[ 339 ]

فلم يقايس شيئا بشئ من خلقه، ولم يستعن على خلقه بغيره، ثم أمضى الامور على قضائه، وأجلها إلى أجل (11) قضى فيها بعدله، وعدل فيها بفضله، وفصل فيها بحكمه، وحكم فيها بعدله، وعلمها بحفظه، ثم جعل منتهاها إلى مشيئته، ومستقرها إلى محبته، ومواقيتها إلى قضائه لا مبدل لكلماته، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه (12) ولا مستزاح عن أمره، ولا محيص (13) لقدره، ولا خلف لوعده، ولا متخلف عن دعوته، ولا يعجزه شئ طلبه، ولا يمتنع منه أحد أراده، ولا يعظم عليه شئ فعله، ولا يكبر عليه شئ صنعه، ولا يزيد في سلطانه طاعة مطيع، ولا تنقصه معصية عاص، ولا يبدل القول لديه، ولا يشرك في حكمه أحدا، الذي ملك الملوك بقدرته، واستعبد الارباب بعزه، وساد العظماء بجوده، وعلا السادة بمجده، وانهدت (14) الملوك لهيبته وعلا أهل السلطان بسلطانه وربوبيته، وأباد (15) الجبابرة بقهره، وأذل العظماء بعزه، وأسس الامور بقدرته، وبنى المعالي بسؤدده (16) وتمجد بفخره، وفخر بعزه، وعز بجبروته، ووسع كل شئ برحمته. إياك أدعو، وإياك أسأل، ومنك أطلب، وإليك أرغب، يا غاية المستضعفين، ويا صريح المستصرحين، ومعتمد المضطهدين (17) ومنجي المؤمنين، ومثيب الصابرين، وعصمة الصالحين، وحرز


11 – أجل مسمى ” خ “. 12 – لفضله ” خ “. 13 – لا محيص: لا مفر. 14 – انهدت: انحطت وانكسرت. 15 – أباد: أهلك. 16 – السؤود: الرفعة والشرف. 17 – المضطرين ” خ “.

[ 340 ]

العارفين، وأمان الخائفين، وظهر اللاجين، وجار المستجيرين، وطالب الغادرين، ومدرك الهاربين، وأرحم الراحمين، وخير الناصرين، وخير الفاصلين، وخير الغافرين، وأحكم الحاكمين، وأسرع الحاسبين، لا يمتنع من بطشه شئ، ولا ينتصر من عاقبه (18) ولا يحتال لكيده (19) ولا يدرك علمه، ولا يدرأ (20) ملكه، ولا يقهر عزه، ولا يذل استكباره، ولا يبلغ جبروته، ولا تصغر عظمته، ولا يضمحل فخره، ولا يتضعضع ركنه ولا ترام قوته، المحصي لبريته، الحافظ أعمال خلقه، لا ضد له ولا ند (21) له، ولا ولد له، ولا صاحبة له ولا سمي له، ولا قريب (22) له ولا كفو له، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا مبدل لكلماته، ولا يبلغ مبلغه ولا يقدر شئ قدرته، ولا يدرك شئ أثره، ولا ينزل شئ منزلته، ولا يدرك شئ أحرزه، ولا يحول شئ دونه، بنى السماوات فأتقنهن وما فيهن بعظمته (23) ودبر أمره فيهن بحكمته، فكان كما هو أهله، لا بأولية قبله، ولا بآخرية بعده، وكان كما ينبغي له، يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى، يعلم السر والعلانية، ولا يخفى عليه خافية وليس لنقمته واقية، يبطش البطشة الكبرى، ولا تحصن منه القصور، ولا تجن (24) منه الستور، ولا تكن (25) منه الخدور، ولا تواري منه البحور


18 – عقابه، عقوبته ” خ “. 19 – كيده: مكره. 20 – يدرأ: يدفع. الند: النظير. 22 – قرين ” خ “. 23 – بكلمته ” خ “. 24 – تجن: تستر. 25 – تكن: تخفى.

[ 341 ]

وهو على كل شئ قدير، وهو بكل شئ عليم، يعلم هماهم (26) الانفس وما تخفي الصدور ووساوسها ونيات القلوب، ونطق الالسن ورجع الشفاه، وبطش الايدي، ونقل الاقدام، وخائنة الاعين (27) والسر وأخفى، والنجوى (28) وما تحت الثرى، ولا يشغله شئ عن شئ، ولا يفرط في شئ، ولا ينسى شيئا لشئ. أسألك يا من عظم صفحه، وحسن صنعه، وكرم عفوه، وكثرت نعمه (29) ولا يحصى إحسانه وجميل بلائه، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقضي لي حوائجي التي أفضيت بها إليك، وقمت بها بين يديك، وأنزلتها بك، وشكوتها إليك مع ما كان من تفريطي فيما أمرتني به، وتقصيري فيما نهيتني عنه. يا نوري في كل ظلمة، ويا أنسي في كل وحشة، ويا ثقتي في كل شدة (30) ويا رجائي في كل كربة، ويا وليي في كل نعمة، ويا دليلي في الظلام، أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الادلاء فإن دلالتك لا تنقطع. لا يضل من هديت، ولا يذل من واليت، أنعمت علي فأسبغت (31) ورزقتني فوفرت، ووعدتني فأحسنت، وأعطيتني فأجزلت (32) بلا استحقاق لذلك بعمل مني، ولكن ابتداء منك بكرمك وجودك فأنفقت نعمتك في معاصيك، وتقويت برزقك على سخطك، وأفنيت


26 – هماهم: خفايا. 27 – * *. 28 – النجوى: إسرار الحديث. 29 – نعمته ” خ “. 30 – شديدة ” خ “. 31 – أسبغت: وسعت. 32 – أجزلت: أكثرت.

[ 342 ]

عمري فيما لا تحب، فلم تمنعك جرأتي عليك، وركوبي ما نهيتني عنه، و دخولي فيما حرمت علي أن عدت علي بفضلك، ولم يمنعني عودك علي بفضلك أن عدت في معاصيك، فأنت العائد بالفضل وأنا العائذ في المعاصي (33) وأنت سيدي خير الموالي لعبيده وأنا شر العبيد، أدعوك فتجيبني، وأسألك فتعطيني، وأسكت عنك فتبتدئني، وأستزيدك فتزيدني، فبئس العبد أنا لك يا سيدي ومولاي، أنا الذي لم أزل أسئ وتغفر لي، ولم أزل أتعرض للبلاء وتعافيني، ولم أزل أتعرض للهلكة وتنجيني، ولم أزل أضيع في الليل والنهار في تقلبي (34) فتحفظني، فرفعت خسيستي، وأقلت عثرتي (35) وسترت عورتي ولم تفضحني بسريرتي، ولم تنكس برأسي عند إخواني، بل سترت علي القبائح العظام والفضائح الكبار، وأظهرت حسناتي القليلة الصغار منا منك وتفضلا وإحسانا وإنعاما واصطناعا. ثم أمرتني فلم أأتمر (36) وزجرتني فلم أنزجر، ولم أشكر نعمتك ولم أقبل نصيحتك، ولم أؤد حقك، ولم أترك معاصيك، بل عصيتك بعيني، ولو شئت لاعميتني فلم تفعل ذلك بي، وعصيتك بسمعي ولو شئت لاصممتني فلم تفعل ذلك بي، وعصيتك بيدي ولو شئت لكنعتني (37) فلم تفعل ذلك بي، وعصيتك برجلي ولو شئت


33 – بالمعاصي ” خ “. 34 – تقلبي: انتقالي وتحولي. 35 – أقلت عثرتي: غفرت خطيئتي. 36 – أأتمر: أمتثل. 37 – كنعتني: قطعت أو شللت يدي.

[ 343 ]

لجذمتني (38) فلم تفعل ذلك بي، وعصيتك بفرجي ولو شئت لعقمتني فلم تفعل ذلك بي، وعصيتك بجميع جوارحي ولم يك هذا جزاؤك مني فعفوك عفوك. فها أنا ذا عبدك المقر بذنبي، الخاضع لك بذلي، المستكين لك بجرمي، مقر لك بجنايتي، متضرع إليك، راج لك في موقفي هذا، تائب إليك من ذنوبي ومن اقترافي (39) ومستغفر لك من ظلمي لنفسي، راغب إليك في فكاك رقبتي من النار، مبتهل إليك في العفو عن المعاصي، طالب إليك أن تنجح لي حوائجي، وتعطيني فوق رغبتي، وأن تسمع ندائي، وتستجيب دعائي، وترحم تضرعي وشكواي، وكذلك العبد الخاطئ يخضع لسيده، ويتخشع لمولاه بالذل. يا أكرم من أقر له بالذنوب، وأكرم من خضع له وخشع ما أنت صانع بمقر لك بذنبه، خاشع (40) لك بذله؟ فإن كانت ذنوبي قد حالت بيني وبينك أن تقبل علي بوجهك (41) وتنشر علي رحمتك، وتنزل علي شيئا من بركاتك، أو ترفع لي إليك صوتا، أو تغفر لي ذنبا، أو تتجاوز لي عن خطيئة فها أنا ذا عبدك مستجير بكرم وجهك، وعز جلالك، ومتوجه إليك، ومتوسل إليك، ومقرب إليك بنبيك صلى الله عليه وآله أحب خلقك إليك، وأكرمهم لديك، وأولاهم بك، وأطوعهم


38 – جذمتني: قطعت رجلي. 39 – الاقتراف: الاكتساب. 40 – خاضع ” خ “. 41 – * *.

[ 344 ]

لك، وأعظمهم منك منزلة، وعندك مكانا، وبعترته صلى الله عليهم الهداة المهديين، الذين افترضت طاعتهم، وأمرت بمودتهم، وجعلتهم ولاة الامر بعد نبيك صلى الله عليه وآله، يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد بلغ مجهودي فهب لي نفسي الساعة الساعة برحمتك. اللهم لا قوة لي على سخطك، ولا صبر لي على عذابك، ولا غنى لي عن رحمتك، تجد من تعذب غيري، ولا أجد من يرحمني غيرك، ولا قوة لي على البلاء، ولا طاقة لي على الجهد. أسألك بحق نبيك محمد صلى الله عليه وآله، وأتوسل إليك بالائمة عليهم السلام الذين اخترتهم لسرك، وأطلعتهم على خفيك، واخترتهم (42) بعلمك، وطهرتهم وأخلصتهم واصطفيتهم وأصفيتهم (43) وجعلتهم هداة مهديين، وائتمنتهم على وحيك، وعصمتهم عن معاصيك ورضيتهم لخلقك، وخصصتهم بعلمك، واجتبيتهم وحبوتهم وجعلتهم حججا على خلقك، وأمرت بطاعتهم على من برأت (44) وأتوسل إليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك. اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم صراخي واعترافي بذنبي وتضرعي، وارحم طرحي رحلي بفنائك، وارحم مسيري إليك يا أكرم من سئل، يا عظيما يرجى لكل عظيم اغفر لي ذنبي العظيم فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم.


42 – أخذتهم ” خ “. 43 – أصفيتهم: آثرتهم. 44 – برأت: خلقت.

[ 345 ]

اللهم إني أسألك فكاك رقبتي من النار، يا رب المؤمنين لا تقطع رجائي، يا منان من علي بالرحمة يا أرحم الراحمين، يا من لا يخيب سائله لا تردني خائبا، يا عفو اعف عني، يا تواب تب علي واقبل توبتي، يا مولاي حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، فكاك رقبي من النار. اللهم بلغ روح محمد وآل محمد عليهم السلام عني تحية وسلاما وبهم اليوم فاستنقذني، يا من أمر بالعفو، يا من يجزي على العفو، يا من يعفو، يا من رضي بالعفو، يا من يثيب على العفو، العفو العفو. (تقولها عشرين مرة) وأسألك اليوم العفو، وأسألك من كل خير أحاط به علمك، هذا مكان البائس الفقير، هذا مكان المضطر إلى رحمتك، هذا مكان المستجير بعفوك من عقوبتك، هذا مكان العائذ بك منك. أعوذ برضاك من سخطك، ومن فجاءة نقمتك، يا أملي، يا رجائي، يا خير مستغاث، يا أجود المعطين، يا من سبقت رحمته غضبه، يا سيدي ومولاي وثقتي، ورجائي ومعتمدي، ويا ذخري وظهري وعدتي وغاية أملي، ورغبتي، يا غياثي يا وارثي، ما أنت صانع بي في هذا اليوم الذي فزعت إليك فيه الاصوات (45). أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقلبني (46) فيه


45 – فزعت فيه إليك، وكثرت فيه الاصوات ” خ “. 46 – تقلبني: ترجعني.

[ 346 ]

مفلحا منجحا بأفضل ما انقلب به من رضيت عنه، واستجبت دعاءه وقبلته وأجزلت حباءه (47) وغفرت ذنوبه، وأكرمته ولم تستبدل به سواه وشرفت مقامه، وباهيت به من هو خير منه، وقلبته بكل حوائجه وأحييته بعد الممات حياة طيبة، وختمت له بالمغفرة، وألحقته بمن تولاه. اللهم إن لكل وافد جائزة، ولكل زائر كرامة، ولكل سائل لك عطية، ولكل راج لك ثوابا، ولكل ملتمس ما عندك جزاء، ولكل راغب إليك هبة ولكل من فزع إليك رحمة، ولكل من رغب إليك زلفى ولكل متضرع إليك إجابة، ولكل مستكين إليك رأفة، ولكل نازل بك حفظا، ولكل متوسل إليك عفوا، وقد وفدت إليك، ووقفت بين يديك في هذا الموضع الذي شرفته رجاء لما عندك، ورغبة إليك، فلا تجعلني اليوم أخيب وفدك، وأكرمني بالجنة، ومن علي بالمغفرة، وجملني بالعافية، وأجرني من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر فسقة العرب والعجم، وشر شياطين الانس والجن. اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تردني خائبا، وسلمني ما بيني وبين لقائك حتى تبلغني الدرجة التي فيها مرافقة أوليائك واسقني من حوضهم مشربا رويا لا أظمأ بعده أبدا، واحشرني في زمرتهم، وتوفني في حزبهم، وعرفني وجوههم في رضوانك والجنة، فإني


47 – أجزلت حباءه: كثرت عطاءه.

[ 347 ]

رضيت بهم هداة، يا كافي كل شئ ولا يكفي منه شئ، صل على محمد وآل محمد، واكفني شر ما أحذر وشر ما لا أحذر، ولا تكلني إلى أحد سواك، وبارك لي فيما رزقتني، ولا تستبدل بي غيري، ولا تكلني إلى أحد من خلقك، ولا إلى رأيي فيعجزني، ولا إلى الدنيا فتلفظني (48) ولا إلى قريب ولا بعيد، بل تفرد بالصنع لي يا سيدي ومولاي. اللهم أنت أنت انقطع الرجاء الا منك في هذا اليوم، فتطول علي فيه بالرحمة والمغفرة. اللهم رب هذه الامكنة الشريفة، ورب كل حرم ومشعر (49) عظمت قدره وشرفته، وبالبيت الحرام، وبالحل والاحرام والركن والمقام صل على محمد وآل محمد، وأنجح لي كل حاجة مما فيه صلاح ديني ودنياي وآخرتي، واغفر لي ولوالدي ولمن ولدني من المسلمين وارحمهما كما ربياني صغيرا، واجزهما عني خير الجزاء، وعرفهما بدعائي لهما ما يقر أعينهما، فإنهما قد سبقاني إلى الغاية وخلفتني بعدهما، فشفعني في نفسي وفيهما وفي جميع أسلافي من المؤمنين والمؤمنات في هذا اليوم يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، وفرج عن آل محمد، واجعلهم أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، وانصرهم وانتصر بهم، وأنجز لهم ما وعدتهم، وبلغني فتح آل محمد، واكفني كل هول دونه (50) ثم اقسم


48 – تلفظني: ترميني. 49 – المشعر: كل موضع مقدس، ومنه المزدلفة. 50 – دونهم ” خ “. * *.

[ 348 ]

اللهم فيهم لي نصيبا خالصا، يا مقدر الآجال، يا مقسم الارزاق، افسح لي في عمري، وابسط لي في رزقي. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأصلح لنا إمامنا واستصلحه وأصلح على يديه، وآمن خوفه وخوفنا عليه، واجعله اللهم الذي تنتصر به لدينك. اللهم املا الارض به عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، وامنن به على فقراء المسلمين وأراملهم ومساكينهم، واجعلني من خيار مواليه وشيعته أشدهم له حبا، وأطوعهم له طوعا، وأنفذهم لامره، وأسرعهم إلى مرضاته، وأقبلهم لقوله، وأقومهم بأمره، وارزقني الشهادة بين يديه حتى ألقاك وأنت عني راض. اللهم إني خلفت الاهل والولد، وما خولتني (51) وخرجت إليك وإلى هذا الموضع الذي شرفته رجاء ما عندك، ورغبة إليك، ووكلت ما خلفت إليك، فأحسن علي فيهم الخلف فإنك ولي ذلك من خلقك. لا إله إلا الله الحليم الكريم (52) لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع، ورب الارضين السبع، وما فيهن وما بينهن وما تحتهن، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين (53).


51 – خولتني: ملكتني. 52 – * *. 53 – أضاف في ” خ “: والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

[ 349 ]

(150 دعاؤه عليه السلام يوم الاضحى ويوم الجمعة اللهم هذا يوم مبارك ميمون، والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك، يشهد (1) السائل منهم، والطالب والراغب والراهب، وأنت الناظر في حوائجهم، فأسألك بجودك وكرمك، وهوان (2) ما سألتك عليك أن تصلي على محمد وآله. وأسألك اللهم ربنا بأن لك الملك ولك الحمد لا إله إلا أنت الحليم الكريم، الحنان المنان، ذو الجلال والاكرام، بديع السماوات والارض، مهما قسمت بين عبادك المؤمنين من خير أو عافية أو بركة أو هدى أو عمل بطاعتك أو خير تمن به عليهم تهديهم به إليك، أو ترفع لهم عندك درجة، أو تعطيهم به خيرا من خير الدنيا والآخرة، أن توفر حظي ونصيبي منه. وأسألك اللهم ربنا بأن لك الملك ولك الحمد لا إله إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد عبدك ورسولك وحبيبك وصفوتك وخيرتك من خلقك، وعلى آل محمد الابرار الطاهرين الاخيار صلاة لا يقوى على إحصائها إلا أنت، وأن تشركنا في صالح من دعاك في هذا اليوم من عبادك المؤمنين يا رب العالمين، وأن تغفر لنا ولهم إنك


1 – يشهد: يحضر. 2 – هو ان: سهولة.

[ 350 ]

على كل شئ قدير. اللهم إليك تعمدت بحاجتي، وبك أنزلت اليوم فقري وفاقتي ومسكنتي، وإني بمغفرتك ورحمتك أوثق مني بعملي، ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي. فصل على محمد وآل محمد، وتول قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها، وتيسير ذلك عليك، وبفقري إليك وغناك عني، فإني لم أصب خيرا قط إلا منك، ولم يصرف عني سوءا قط أحد غيرك، ولا أرجو لامر آخرتي ودنياي سواك. اللهم من تهيأ وتعبأ وأعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده ونوافله (3) وطلب نيله وجائزته فإليك يا مولاي كانت اليوم تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء عفوك ورفدك، وطلب نيلك (4) وجائزتك. اللهم فصل على محمد وآل محمد، ولا تخيب اليوم ذلك من رجائي، ويا من لا يحفيه (5) سائل ولا ينقصه نائل، فإني لم آتك ثقة مني بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، إلا شفاعة محمد وأهل بيته عليه وعليهم سلامك، أتيتك مقرا بالجرم والاساءة إلى نفسي، أتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين، ثم لم يمنعك


3 – نوافله: هباته وعطاياه. 4 – نيلك: معروفك. 5 لا يحفيه: لا يمنعه.

[ 351 ]

طول عكوفهم (6) على عظيم الجرم أن عدت عليهم بالرحمة والمغفرة. فيامن رحمته واسعة وعفوه عظيم، يا عظيم يا عظيم، يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد، وعد علي برحمتك وتعطف علي بفضلك، وتوسع علي بمغفرتك. اللهم إن هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها (7) وأنت المقدر لذلك، لا يغالب أمرك، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك، كيفشئت وأنى شئت، ولما أنت أعلم به غير متهم على خلقك، ولا لارادتك، حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا، وكتابك منبوذا (8) وفرائضك محرفة عن جهات شراعك وسنن نبيك متروكة. اللهم العن أعداءهم من الاولين والآخرين، ومن رضي بفعالهم وأشياعهم وأتباعهم. اللهم صل على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد، كصلواتك وبركاتك وتحياتك على أصفيائك إبراهيم وآل إبراهيم، وعجل الفرج والروح (9) والنصرة والتمكين والتأييد لهم.


6 – عكوفهم: ملازمتهم واستمرارهم. 7 – ابتزوها: سلبوها. 8 – منبوذا: متروكا. 9 – الروح: الرحمة والراحة.

[ 352 ]

اللهم واجعلني من أهل التوحيد والايمان بك، والتصديق برسولك والائمة الذين حتمت (10) طاعتهم ممن يجري ذلك به وعلى يديه آمين يا رب العالمين. اللهم ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يرد سخطك إلا عفوك، ولا يجير من عقابك إلا رحمتك، ولا ينجيني منك إلا التضرع إليك، وبين يديك. فصل على محمد وآل محمد، وهب لنا يا إلهي من لدنك فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد، وبها تنشر (11) ميت البلاد، ولا تهلكني يا إلهي غما حتى تستجيب لي، وتعرفني الاجابة في دعائي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي، ولا تمكنه من عنقي ولا تسلطه علي، إلهي إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني، وإن أكرمتني فمن ذا الذي يهينني، وإن أهنتني فمن ذا الذي يكرمني، وإن عذبتني فمن ذا الذي يرحمني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك، أو يسألك عن أمره، وقد علمت أنه ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك، عجلة وإنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك علوا كبيرا. اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تجعلني للبلاء غرضا (12)


10 – حتمت: أوجبت. 11 – تنشر: تحيي. 12 – غرضا: هدفا.

[ 353 ]

ولا لنقمتك نصبا (13) ومهلني ونفسني (14) وأقلني عثرتي، ولا تبتليني ببلاء على أثر بلاء، فقد ترى ضعفي، وقلة حيلتي وتضرعي إليك. أعوذ بك اللهم اليوم من غضبك، فصل على محمد وآله وأعذني. وأستجير بك اليوم من سخطك فصل على محمد وآله وأجرني. وأسألك أمنا من عذابك فصل على محمد وآله وآمني. وأستهديك فصل على محمد وآله واهدني. وأستنصرك فصل على محمد وآل محمد وانصرني، وأسترحمك فصل على محمد وآله وارحمني، وأستكفيك فصل على محمد وآله واكفني وأسترزقك فصل على محمد وآله وارزقني، وأستعينك فصل على محمد وآله وأعني، وأستغفرك لما سلف من ذنوبي، فصل على محمد وآله واغفر لي، وأستعصمك فصل على محمد وآله واعصمني، فإني لن أعود لشئ كرهته مني إن شئت ذلك يا رب، يا رب، يا حنان يا منان، يا ذا الجلال والاكرام، صل على محمد وآله، واستجب لي جميع ما سألتك وطلبت إليك ورغبت فيه إليك، وأرده وقدره واقضه وامضه وخر لي (15) فيما تقضي منه، وبارك لي في ذلك، وتفضل علي به وأسعدني بما تعطيني منه، وزدني من فضلك وسعة ما عندك فإنك واسع كريم، وصل ذلك بخير الآخرة ونعيمها يا أرحم الراحمين. ثم تدعو بما بدا وتصلي على محمد وآله ألف مرة.


13 – نصبا: علما منصوبا، غرضا. 14 – نفست: رفهت وفرجت. 15 – خر لي: إجعل لي الخير.

[ 354 ]

هكذا كان يفعل عليه السلام. (151) دعاؤه عليه السلام عند الملتزم (1) قال أبو عبد الله عليه السلام: إن علي بن الحسين عليهما السلام إذا أتى الملتزم قال: اللهم إن عندي أفواجا من ذنوب، وأفواجا من خطايا، وعندك أفواج من رحمة، وأفواج (2) من مغفرة. يا من استجاب لابغض خلقه إليه إذ قال: ” أنظرني إلى يوم يبعثون ” (3) استجب لي (وافعل بي كذا وكذا) (152) دعاؤه عليه السلام في دفع كيد الاعداء ورد بأسهم إلهي هديتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل فعصيت ثم عرفت ما أصدرت (1) إذا عرفتنيه، فاستغفرت فأقلت (2) فعدت فسترت، فلك الحمد. إلهي تقحمت (3) أودية الهلاك، وحللت شعاب تلف (4) تعرضت فيها لسطواتك (5) وبحلولها عقوباتك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أني لم أشرك بك شيئا، ولم أتخذ معك إلها، وقد فررت


1 – * *. 2 – * *. 3 – * 1 – أصدرت: قدمت. 2 – أقلت: عفوت. 3 – تقحمت الامر: رميت نفسي فيه بشدة. 4 – شعاب تلف: نواحي هلاك. 5 سطواتك: بطشك.

[ 355 ]

إليك بنفسي، وإليك مفر المسئ، ومفزع المضيع لحظ نفسه الملتجئ. فكم من عدو انتضى (6) علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبة مديته (7) وأرهف (8) لي شبا حده، وداف (9) لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني (10) المكروه، ويجرعني زعاق (11) مرارته، فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناوأني (12) وأرصد لي بالبلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرك وشددت أزري بقوتك ثم فللت (13) لي حده، وصيرته من بعد جمع عديد وحده، وأعليت كعبي (14) عليه، وجعلت ما سدده مردودا عليه، فرددته لم يشف غيظه، ولم يسكن غليله (15) قد عض على شواه (16) وأدبر موليا قد أخلفت سراياه. وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي شرك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبأ إلي إضباء السبع لطريدته انتظارا لانتهاز الفرصة لفريسته، وهو يظهر لي بشاشة الملق، وينظرني على شدة الحنق. فلما رأيت يا إلهي تباركت وتعاليت دغل (17) سريرته، وقبح ما


6 – انتضى: سل وجرد. 7 – ظبة مديته: طرف سكينه. 8 – أرهف: رقق. 9 – داف: خلط. 10 – يسومني: يكلفني. 11 – الزعاق: الماء المر الذي لا يطاق شربه. 12 – ناوأني: عاداني. 13 – فللت: كسرت. 14 – كعبي: شرفي ومجدي. 15 – غليله: حقده. 16 – شواه: يديه. 17 – دغل: خبث ومكر.

[ 356 ]

انطوى عليه، أركسته لام رأسه في زبيته (18) ورددته في مهوى حفرته فانقمع بعد استطالته ذليلا في ربق حبالته (19) التي كان يقدر أن يراني فيها، وقد كاد أن يحل بي لولا رحمتك ما حل بساحته. وكم من حاسد قد شرق بي بغصته (20) وشجي مني بغيظه وسلقني (21) بحد لسانه، ووحرني بقرف عيوبه (22) وجعل عرضي غرضا لمراميه، وقلدني خلالا (23) لم تزل فيه، ووحرني بكيده، وقصدني بمكيدته، فناديتك يا إلهي مستغيثا بك، واثقا بسرعة إجابتك، عالما أنه لا يضطهد من آوى إلى ظل كنفك، ولا يفزع من لجأ إلى معقل (24) انتصارك، فحصنتني من بأسه بقدرتك. وكم من سحائب مكروه جليتها عني، وسحائب نعم أمطرتها علي وجداول رحمة نشرتها، وعافية ألبستها، وأعين أحداث طمستها وغواشي كربات كشفتها. وكم من ظن حسن حققت، وعدم جبرت (25) وصرعة أنعشت ومسكنة حولت، كل ذلك إنعاما وتطولا منك، وفي جميعه انهماكا (26) مني على معاصيك، لم تمنعك إساءتي عن إتمام إحسانك ولا حجرني ذلك عن ارتكاب مساخطك، لا تسأل عما تفعل، ولقد


18 – * *. 19 – ربق حيالته: عرى مصيدته. 20 – * *. 21 – سلقه بالكلام: آذاه. 22 – * *. 23 – خلال: صفات. 24 – معقل: حصن. 25 – جبرت: أصلحت. 26 – انهماكا: تماديا.

[ 357 ]

سئلت فأعطيت، ولم تسأل فابتدأت، واستميح (27) فضلك فما أكديت (28) أبيت يا مولاي إلا إحسانا وامتنانا وتطولا وإنعاما، وأبيت إلا تقحما (29) لحرماتك، وتعديا لحدودك، وغفلة عن وعيدك! فلك الحمد إلهي من مقتدر لا يغلب، وذي أناة (30) لا تعجل، هذا مقام من اعترف بسبوغ النعم، وقابلها بالتقصير، وشهد على نفسه بالتضييع. (31).


27 – استماحه: سأله العطاء. 28 – أكدى: بخل في العطاء. 29 – تقحما: تجاوزا. 30 – تأنى: ترفق. 31 – ثم تقول هذه الزيادة المنقولة في الصحيفة الثالثة عن صحيفة ابن شاذان: اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، وأتوجه إليك بالعلوية البيضاء، وأتوسل بمحمد وآله الابرار صلوات الله عليه وعليهم. وأسألك أن تصلي عليهم أجمعين أكتعين، وأن تخلصني من كل غم وهم وكرب (وأن تفعل بي كيت وكيت. وافعل بفلان كذا وكذا). وتسمي حاجتك والرجل الذي تخشى ناحيته. فإنه لا إله لي غيرك، ولا رب أعرفه فأتوسل إليه سواك. اللهم فإن وسيلتي إليك محمدا وآله وبعدهم التوحيد، وذريعتي أني لم أشرك بك أحدا ولم أتخذ معك إلها. وقد فررت إليك من نفسي فخلصني من كل غم وهم وكرب أبيت عليه أو أظل فيه مما أنت أعلم به مني، و أنت العظيم بك استغثت با معبودي فأغثني. تقول ذلك حتى ينقطع النفس منك. * *.

[ 358 ]

اللهم فإني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، والعلوية البيضاء (32) وأتوجه إليك بهما أن تعيذني من شر (كذا وكذا) فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك (33) ولا يتكأدك (34) في قدرتك وأنت على كل شئ قدير. فهب لي يا إلهي من رحمتك ودوام توفيقك ما أتخذه سلما أعرج (35) به إلى رضوانك، وآمن به من عقابك يا أرحم الراحمين. (153) دعاؤه عليه السلام في المهمات من هم أو ضر أو عدو عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام أن يعلمني دعاء أدعو به في المهمات، فأخرج إلي أوراقا من صحيفة عتيقة، فقال: انتسخ ما فيها فهو دعاء جدي علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام للمهمات فكتبت ذلك على وجهه، فما كربني شئ قط وأهمني إلا دعوت به، ففرج الله همي، وكشف غمي وكربي، وأعطاني سؤلي، وهو: * (هامش) وإن أمكنك أن تدعو بهذا الدعاء وأنت ساجد فافعل، وهو: الللك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 32 – * *. 33 – وجدك: سعتك وقدرتك. 34 – لا يتكأدك: لا يصعب ويشق عليك. 35 – أعرج: أرتقي.


[ 359 ]

اللهم (1) هديتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل فعصيت، وعرفت فأصررت، ثم عرفت (2) فاستغفرت فأقلت (3) فعدت فسترت، فلك الحمد يا إلهي. تقحمت أودية هلاكي، وتخللت شعاب تلفي، وتعرضت فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوباتك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أني لم أشرك بك شيئا، ولم أتخذ معك إلها، وقد فررت إليك من نفسي (4) وإليك يفر المسئ، وأنت مفزع المضيع حظ نفسه (5) فلك الحمد يا إلهي. فكم من عدو انتضى علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي شبا حده وداف لي قواتل سمومه وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني المكروه، ويجرعني زعاف (6) مرارته، فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته ووحدتي في كثير عدد من ناوأني وأرصد لي البلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرك (7) وشددت أزري بقوتك، ثم فللت لي حده وصيرته من بعد جمع عديد وحده، وأعليت كعبي عليه، وجعلت ما سدده


1 – إلهي ” خ “. 2 – فزعت ” خ “. 3 – وأقلعت ” خ “. 4 – بنفسي: ” خ “. 5 – لحظ نفسه الملتجئ ” خ “. 6 – زعاق ” خ “. 7 – بنصرتك ” خ “.

[ 360 ]

مردودا عليه، فرددته لم يشف غليله، ولم يبرد حرارة غيظة، قد عض علي شواه، وأدبر موليا قد أخلفت سراياه. وكم من باع بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبا إلي إضباء السبع لطريدته انتظارا لانتهاز الفرصة لفريسته، فناديتك يا إلهي مستغيثا بك، واثقا بسرعة إجابتك، عالما أنه لا يضطهد من آوى إلى ظل كنفك، ولن يفزع من لجأ إلى معاقل انتصارك، فحصنتني من بأسه بقدرتك. وكم من سحائب مكروه قد جليتها عني، وغواشي كربات كشفتها، لا تسأل عما تفعل، ولقد سئلت فأعطيت، ولم تسأل فابتدأت واستميح فضلك فما أكديت، أبيت إلا إحسانا، وأبيت إلا تقحم حرماتك، وتعدي حدودك، والغفلة (8) عن وعيدك، فلك الحمد إلهي من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، هذا مقام من اعترف لك بالتقصير (9) وشهد على نفسه بالتضييع! اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، وأتوجه إليك بالعلوية البيضاء، فأعذني من شر ما خلقت (10) وشر من يريد بي سوءا فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك، ولا يتكأدك في قدرتك وأنت على


8 – إلا تقحما لحرماتك وتعديا لحدودك وغفلة ” خ “. 9 – بسبوغ النعم وقابلها بالتقصير ” خ “. 10 – ما يكيدني ومن شر ما خلقت ” خ “.

[ 361 ]

كل شئ قدير (11). اللهم ارحمني بترك المعاصي ما أبقيتني، وارحمني بترك تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، واجعلني أتلوه على ما يرضيك به عني، ونور به بصري، وأوعه سمعي، واشرح به صدري، وفرج به عن قلبي، وأطلق به لساني، واستعمل به بدني، واجعل في من الحول (12) والقوة ما يسهل ذلك علي فإنه لا حول ولا قوة إلا بك. اللهم اجعل ليلي ونهاري، ودنياي وآخرتي، ومنقلبي ومثواي، في عافية منك، ومعافاة وبركة منك. اللهم أنت ربي ومولاي وسيدي وأملي وإلهي وغياثي وسندي (13) وخالقي وناصري وثقتي ورجائي، لك محياي ومماتي، ولك سمعي وبصري، وبيدك رزقي وإليك أمري في الدنيا والآخرة، ملكتني بقدرتك، وقدرت علي بسلطانك، لك القدرة في أمري وناصيتي بيدك، لا يحول أحد دون رضاك، برأفتك أرجو رحمتك، وبرحمتك أرجو رضوانك، لا أرجو ذلك بعملي فقد عجز عني عملي، فكيف أرجو


11 أضاف في ” خ “. ” فهب لي يا إلهي من رحمتك ودوام توفيقك ما أتخذه سلما أعرج به إلى مرضاتك وآمن به من عقابك يا أرحم الراحمين “. 12 – الحول: الطاقة. 13 – سندي: معتمدي.

[ 362 ]

ما قد عجز عني؟! أشكو إليك فاقتي، وضعف قوتي، وإفراطي (14) في أمري، وكل ذلك من عندي (15) وما أنت أعلم به مني، فاكفني ذلك كله. اللهم اجعلني من رفقاء محمد حبيبك، وإبراهيم خليلك، ويوم الفزع الاكبر (16) من الآمنين فآمني، وبتيسيرك فيسر لي، وبإظلالك فأظلني، وبمفازة (17) من النار فنجني، ولا تسمني السوء ولا تخزني، ومن الدنيا فسلمني، وحجتي يوم القيامة فلقني، وبذكرك فذكرني، ولليسرى فيسرني، وللعسرى فجنبني، وللصلاة والزكاة ما دمت حيا فألهمني، ولعبادتك فوفقني (18) وفي الفقه ومرضاتك فاستعملني، ومن فضلك فارزقني، ويوم القيامة فبيض وجهي، وحسابا يسيرا فحاسبني، وبقبيح عملي فلا تفضحني، وبهداك فاهدني، وبالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة فثبتني، وما أحببت فحببه إلي، وما كرهت فبغضه إلي، وما أهمني من الدنيا (19) والآخرة فاكفني، وفي صلاتي وصيامي ودعائي ونسكى (20) وشكري ودنياي وآخرتي فبارك لي، والمقام المحمود فابعثني، وسلطانا نصيرا فاجعل لي، وظلمي وجهلي وإسرافي في أمري فتجاوز عني، ومن فتنة المحيا والممات فخلصني، ومن الفواحش ما


14 – الافراط: مجاوزة الحد. 15 – عمدي ” خ “. 16 – * *. 17 – المفازة: المنجاة. 18 فقوني ” خ “. 19 أمر الدنيا ” خ ” 20 نسكي: طاعتي وعبادتي.

[ 363 ]

ظهر منها وما بطن فنجني (21) ومن أوليائك يوم القيامة فاجعلني، وأدم لي صالح الذي آتيتني (22) وبالحلال عن الحرام فأغنني، وبالطيب عن الخبيث فاكفني. أقبل بوجهك الكريم إلي ولا تصرفه عني، وإلى صراطك المستقيم فاهدني، ولما تحب وترضى فوفقني. اللهم إني أعوذ بك من الرياء والسمعة والكبرياء والتعظيم والخيلاء (23) والفخر والبذخ والاشر والبطر والاعجاب بنفسي والجبرية، رب فنجني. وأعوذ بك من العجز والبخل (24) والحرص والمنافسة والغش وأعوذ بك من الطمع والطبع والهلع والجزع (25) والزيغ والقمع وأعوذ بك من البغي والظلم والاعتداء والفساد والفجور والفسوق، و أعوذ بك من الخيانة والعدوان والطغيان. رب وأعوذ بك من (26) المعصية والقطعية والسيئة والفواحش والذنوب، وأعوذ بك من الاثم والمأثم والحرام والمحرم والخبيث وكل ما لا تحب. رب أعوذ بك من شر الشيطان وبغيه وظلمه وعداوته وشركه وزبانيته وجنده، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها


21 – فجنبني ” خ “. 22 – وأدم في صلاح الدين ما آتيتني ” خ “. 23 – الخيلاء: الكبر. 24 – والبخل والشح والحسد ” خ “. 25 – والحرج ” خ “. 26 – من الفضيحة ومن ” خ “.

[ 364 ]

وأعوذ بك من شر ما خلقت من دابة وهامة أو جن أو إنس مما يتحرك، وأعوذ بك من شر ماذرأ في الارض وما يخرج منها، وأعوذ بك من شر كل كاهن وساحر وزاكن (27) ونافث وراق، وأعوذ بك من شر كل حاسد وباغ ونافس (28) وطاغ وظالم ومتعد وجائر، وأعوذ بك من العمى والصمم والبكم والبرص والجذام والشك والريب، وأعوذ بك من الفشل والكسل والعجز والتفريط والعجلة والتضييع والتقصير والابطاء، وأعوذ بك رب من شر ما خلقت في السماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى. رب وأعوذ بك من الفقر والفاقة والحاجة والمسألة والضيعة (29) والعائلة، وأعوذ بك من القلة والذلة، وأعوذ بك من الضيق والشدة والقيد والحبس والوثاق والسجون والبلاء وكل مخوف ومصيبة لا صبر لي عليها، آمين رب العالمين. اللهم أعطنا كل الذي سألناك، وزدنا من فضلك على قدر جلالك وعظمتك بحق لا إله إلا أنت العزيز الحكيم. (154) دعاؤه عليه السلام في دفع العدو حدثنا الحسين بن زيد، عن عمه عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين


27 – الزكن: التفرس والظن. 28 – النافس: الصائب بالعين. والمسكنة والضيقة ” خ “.

[ 365 ]

عليهما السلام أنه كان يقول: لم أر مثل التقدم في الدعاء، فإن العبد ليس تحضره الاجابة في كل وقت. وكان مما حفظ عنه عليه السلام من الدعاء حين بلغه توجه مسرف بن عقبة [ هو مسلم بن عقبة الذي بعثه يزيد بن معاوية عليهما اللعنة لوقعة الحرة فسمي مسرفا لاسرافه في إهراق الدماء ] إلى المدينة: رب (1) كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، وكم من معصية أتيتها فسترتها ولم تفضحني! فيامن قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بلائه (2) صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع (3) أبدا، ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا (4) صل على محمد وآل محمد، وادفع عني شره (5) فإني أدرأ بك في نحره، وأستعيذ بك (6) من شره. وكان يقال: إنه لا يريد غير علي بن الحسين عليهما السلام، فسلم منه وأكرمه وحباه ووصله. (155) دعاؤه عليه السلام لدفع الاعداء والحفظ من شرهم وبأسهم بسم الله الرحمن الرحيم * (هامش) 1 – إلهي: ” خ “. 2 – بليته ” خ “. 3 – ينقضي ” خ “. 4 – أمدا ” خ “. 5 – شر الاعداء وشر من أرادني بشره ” خ “. 6 – صل اللهم على محمد وآل محمد وبك أستعيذ ” خ “.


[ 366 ]

يا من سبق علمه ونفذ (1) حكمه، صل على محمد وآله، وأزل حلمك عن ظالمي، وبادره بالنقمة، وعاجله بالاستئصال، وكبه لمنخره (2) وأغصصه بريقه، واردد كيده في نحره، وحل بيني وبينه بشغل شاغل وسقم دائم، واسلبه روح الراحة، واشدد عليه الوطأة، وخذه بالمخنق (3) وحرجه في صدره، ولا تثبت له قدما، ونكله واجتثه (4) واستأصله وجبه (5) وأنزع لباس نعمتك عنه، وألبسه الصغار (6) واجعل عقباه النار بعد محو آثاره وسلب قراره، وأسكنه دار بواره (7). اللهم بادره، اللهم بادره، اللهم عجله اللهم عجله ولا تؤجله. اللهم خذه، اللهم خذه، اللهم اسلبه التوفيق، اللهم اسلبه التوفيق، اللهم لا تنهنهه (8) اللهم لا تؤخره، اللهم عليك به، اللهم اشدد قبضتك عليه، وبك اعتصمت عليه، وبك استجرت منه، وبك تواريت عنه وبك استكفيت دونه، وبك استترت من ضرائه. اللهم احرسني بحراستك منه ومن عداتك، واكفني بكفايتك كيده وكيد بغاتك (9). اللهم احفظني بحفظ الايمان، وأسبل علي سترك الذي سترت به رسلك عن الطواغيت، وحصني بحصنك الذي وقيتهم به من الجوابيت.


1 – نفذ: جرى وتم. 2 – كبه لمنخره: اصرعه. 3 – بالمختنق ” خ “. المخنق: العنق. 4 – اجثثه: استأصله. 5 – جبه: اقطعه. 6 – الصغار: الذل والهوان. 7 – بواره: هلاكه. 8 – * *. 9 – بغاتك: الذين يبغون دينك وأولياء شرا.

[ 367 ]

اللهم أيدني منك بنصر لا ينفك، وعزيمه صدق لا تختل وجللني (10) بنورك، واجعلني (11) متدرعا بدرعك الواقية، واكلاني بكلاءتك الوافية (12) إنك واسع لما تشاء، وولي من لك توالى، وناصر من إليك آوى، وعون من بك استعدى، وكافي من بك استكفى فإنك العزيز الذي لا يمانع عما يشاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبي عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. (156) دعاؤه عليه السلام في استدفاع شر الاعداء دعا عليه السلام به يوم دخل مسلم صار الناس يسمونه بعد وقعة الحرة مسرفا، وبعض يسميه مجرما بن عقبة المري المدينة (1): اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي، فلا أهلك وأنت رجائي. فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري. فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بلائه صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، يا ذا


10 – كذا استظهرها في الصحيفة 5، وفي الاصل: واحللنا. 11 – كذا استظهرها في الصحيفة 5، وفي الاصل: واجعلنا. 12 – الواقية ” خ “. 1 – * *

[ 368 ]

المعروف الذي لا ينقطع أبدا، وياذا النعماء التي لا تحصى عددا صل على محمد وآل محمد، وادفع عني شر (فلان) بك أدفع في نحره وأستعيذ من شره وأستعين عليه، فاكفني شره بحولك وقوتك يا أرحم الراحمين. (157) دعاؤه عليه السلام في استدفاع شر الاعداء ونظر الناس إلى علي بن الحسين السجاد وقد لاذ بالقبر، وهو يدعو، فأتي به إلى مسرف وهو مغتاظ عليه، فتبرأ منه ومن آبائه، فلما رآه وقد أشرف عليه ارتعد وقام له، وأقعده إلى جانبه، وقال له: سلني حوائجك، فلم يسأله في أحد ممن قدم إلى السيف إلا شفعه فيه، ثم انصرف عنه. فقيل لعلي: رأيناك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، والارضين السبع وما أقللن (1) رب العرش العظيم رب محمد وآله الطاهرين، أعوذ بك من شره، وأدرأ بك في نحره، أسألك أن تؤتيني خيره وتكفيني شره. وقيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه، فلما أتي به إليك رفعت منزلته! فقال: ما كان ذلك لرأي مني، لقد ملئ قلبي منه رعبا. (158) دعاؤه عليه السلام إذا خاف من سلطان ظلامة أو تغطرسا عن الصادق عليه السلام ما لفظه: إن جدي علي بن الحسين عليهما السلام يقول: من خاف من سلطان ظلامة أو تغطرسا، فليقلها:


1 – أقللن: حملن.

[ 369 ]

اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر بقدرتك علي فلا أهلكن وأنت رجائي، فكم من نعمة قد أنعمت علي قل عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني، قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري، فلم يحرمني، ويا من قل عند نقمته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، و يا ذا النعماء التي لا تحصى، ويا ذا الايادي التي لا تنقضي، بك أستدفع مكروه ما أنا فيه، وأعوذ بك من شره يا أرحم الراحمين. (159) دعاؤه عليه السلام في الاحتراز من الاعداء والتحصن من الاسواء عند طلوع الشمس وغروبها بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله ولا قوة إلا بالله ولا غالب إلا الله، الله غالب على كل (1) شئ وبه يغلب الغالبون، ومنه يطلب الراغبون، وعليه يتوكل المتوكلون، وبه يعتصم المعتصمون، ويثق الواثقون، ويلتجئ الملتجئون وهو حسبهم ونعم الوكيل. احترزت بالله، واحترست بالله، ولجأت إلى الله، واستجرت بالله، واستعنت بالله، وامتنعت بالله، واعتزرت بالله، وقهرت بالله، وغلبت بالله، واعتمدت على الله، واستترت بالله، وحفظت بالله، واستحفظت بالله


1 – ولا غالب إلا الله غالب كل ” خ “.

[ 370 ]

خير الحافظين، وتكهفت بالله، وحطت نفسي، وأهلي ومالي وإخواني وكل من يعنيني أمره بالله الحافظ اللطيف، واكتلات بالله، وصحبت خير الصاحبين وحافظ الاصحاب الحافظين، وفوضت أمري إلى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير (2) واعتصمت بالله الذي من اعتصم به نجا من كل خوف، وتوكلت على الله العزيز الجبار وحسبي الله ونعم الوكيل، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ما شاء الله لا قوة إلا بالله لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما عليهم أجمعين. ” الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ” (3) ” ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ” (4) ” سواء عليكم أدعوتموهم أم انتم صامتون إن الذي تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان


2 – العليم ” خ “. * *. 3، 4 – *.

[ 371 ]

يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ” (5) ” وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ” (6) ” اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ” (7) ” إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذن أبدا ” (8) ” فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الاعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ” (9) ” أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” (10) ” بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ” (11) ” قال أو لو جئتك بشئ مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ” (12) ” قال كلا إن معي ربي سيهدين ” (13) ” يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون ” (14) ” لا إله الا هو رب العرش العظيم ” (15) ” يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ” (16) ” قال سنشد عضدك بأخيك


5 – 16 *.

[ 372 ]

ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ” (17) ” ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ” (18) ” وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا ” (19) ” وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون ” (20) ” وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ” (21) ” إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ” (22). (160) دعاؤه عليه السلام في إهلاك الاعداء والحاسدين والمارقين ودفعهم اللهم إني أسإلك بنورك وعزك وجلالك، وجميع معاليك (1) أن تأخذ من يؤذيني أخذ الزلزلة، أخذ الرابية (2) أخذ الدمدمة (3)


17 – 22 – *. 1 – المعالي: الرفعة والشرف. 2 – الراتبة ” خ “. والرابية: الزائدة في الشدة. 3 – الدمدمة: الاهلاك.

[ 373 ]

أخذا وبيلا (4) أبده (5) ابطش به البطشة الكبرى، انتقم منه، اجعل كيفي تضليل، وأرسل عليه طيرا أبابيل، وألقه في الحطمة الكبرى، خذه أخذ عزيز مقتدر. اللهم أهلكه هلاكا عاجلا، كما أهلكت عادا وثمود. اللهم غمه بالبلاء غما، وطمه به طما، وارمه بيوم لا مرد له وبساعة لا انقضاء لها، يا قاسم (6) الجبارين. اللهم إن فلانا بن فلان قد شهرني ونوه (7) بي المكان، فاصرف عني شره بسقم عاجل يشغله عني. اللهم قرب أجله، واقطع أثره، وعجل ذلك يا رب، الساعة الساعة. اللهم إن كنت تعلم أن فلانا بن فلان ظلمني وبغى علي، فابتله ببلاء لا تستره، وبفقر لا تجبره، وبسوء لا تدفعه، وسلط عليه من لا يرحمه. اللهم قرب أجله، واقطع أثره، وعجل ذلك يا رب، الساعة الساعة، بحق محمد وآله الطاهرين، برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله اجمعين. (161) دعاؤه عليه السلام في الاحتجاب


4 – وبيلا: شديدا ثقيلا. 5 – أبده: أهلكه. 6 – قاصم: مهلك. 7 – نوه: شهر وعرف.

[ 374 ]

بسم الله استعنت، وببسم الله استجرت، وبه اعتصمت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت. اللهم نجني من طارق يطرق (1) في ليل غاسق (2) أو صبح بارق (3) ومن كيد كل مكيد، أو ضد، أو حاسد حسد. زجرتهم ب‍ ” قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ” (4) وبالاسم المكنون المنفرج (5) بين الكاف والنون (6) وبالاسم الغامض المكنون الذي تكون منه الكون قبل أن يكون، أتدرع به من كل ما نظرت العيون، وخفقت (7) الظنون ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” (8) وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا. أضاف في الصحيفة 2: يا دائم يا ديموم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم، يا فارج الهم، ويا باعث الرسل، و يا صادق الوعد، صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله. اللهم إني أسألك في أمر قد ضعفت عنه حيلتي أن تعطيني منه ما لم تنته إليه رغبتي، ولم يخطر ببالي، ولم يجر على لساني، وأن تعطيني من اليقين ما يحجبني عن أن أسأل أحدا من العالمين، إنك على كل شئ قدير. (162) دعاؤه عليه السلام في الرهبة


1 – فأعذني اللهم من كل طارق طرق ” خ “. 2 – غاسق: شديد الظلمة 3 – بارق: لامع. 4 – *. 5 – المنفرد، المتردد ” خ “. 6 – * *. 7 – حققت ” خ “. 8 – *.

[ 375 ]

اللهم إنك خلقتني سويا، وربيتني صغيرا، ورزقتني مكفيا. اللهم إني وجدت فيما أنزلت من كتابك، وبشرت به عبادك أن قلت: ” يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ” (1) وقد تقدم مني ما قد علمت، وما أنت أعلم به مني، فيا سوأتا مما أحصاه علي كتابك، فلولا المواقف التي أؤمل من عفوك الذي شمل كل شئ لالقيت بيدي (2) ولو أن إحدا استطاع الهرب من ربه، لكنت أنا أحق بالهرب منك، و أنت لا تخفى عليك خافية في الارض ولا في السماء إلا أتيت بها، وكفى بك جازيا، وكفى بك حسيبا (3) اللهم إنك طالبي إن أنا هربت، ومدركي إن أنا فررت، فها أنا ذا بين يديك خاضع ذليل راغم، إن تعذبني فإني لذلك أهل، وهو يا رب منك عدل، وإن تعف عني فقديما شملني عفوك، وألبستني عافيتك. فأسألك اللهم بالمخزون من أسمائك وبما وارته (4) الحجب من بهائك، إلا رحمت هذه النفس الجزوعة (5) وهذه الرمة (6) الهلوعة، التي لا تستطيع حر شمسك، فكيف تستطيع حر نارك؟! والتي لا تستطيع صوت رعدك، فكيف تستطيع صوت غضبك؟!


1 – *. 2 – * *. 3 – حسيبا: كافيا. 4 – وارته: سترته. 5 – الجزوعة: الكثيرة الجزع. 6 – الرمة: العظام البالية.

[ 376 ]

فارحمني اللهم فإني امرؤ حقير، وخطري (7) يسير، وليس عذابي مما يزيد ملكك مثقال ذرة، ولو أن عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه، وأحببت أن يكون ذلك لك، ولكن سلطانك اللهم أعظم، وملكك أدوم من أن تزيد فيه طاعة المطيعين، أو تنقص منه معصية المذنبين. فارحمني يا أرحم الراحمين، وتجاوز عني يا ذا الجلال والاكرام، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. (163) دعاؤه عليه السلام في التضرع والاستكانة إلهي أحمدك وأنت للحمد أهل على حسن صنيعك إلي، وسبوغ نعمائك علي، وجزيل عطائك عندي، وعلى ما فضلتني من رحمتك، وأسبغت علي من نعمتك، فقد اصطنعت (2) عندي ما يعجز عنه شكري. ولو لا إحسانك إلي، وسبوغ نعمائك علي، ما بلغت إحراز حظي، ولا إصلاح نفسي، ولكنك ابتداتني بالاحسان، ورزقتني في أموري كلها الكفاية، وصرفت عني جهد البلاء، ومنعت مني محذور القضاء. إلهي فكم من بلاء جاهد قد صرفت عني، وكم من نعمة سابغة


7 – خطري: قدري ومنزلتي. 8 – الاستكانة: الخضوع والتذلل. 2 – الصنيع: الاحسان.

[ 377 ]

أقررت بها عيني، وكم من صنيعة كريمة لك عندي. أنت الذي أجبت عند الاضطرار دعوتي، وأقلت (3) عند العثار زلتي، وأخذت لي من الاعداء بظلامتي. إلهي ما وجدتك بخيلا حين سألتك، ولا منقبضا حين أردتك، بل وجدتك لدعائي سامعا، ولمطالبي معطيا، ووجدت نعماك علي سابغة في كل شأن (4) من شأني، وكل زمان من زماني. فأنت عندي محمود، وصنيعك لدي مبرور، وتحمدك نفسي و لساني وعقلي حمدا يبلغ الوفاء وحقيقة الشكر، حمدا يكون مبلغ رضاك عني، فنجني من سخطك. يا كهفي حين تعييني المذاهب (5) ويا مقيلي عثرتي، فلولا سترك عورتي لكنت من المفضوحين، ويا مؤيدي بالنصر فلولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، ويا من وضعت له الملوك نير (6) المذلة على أعناقها فهم من سطواته (7) خائفون، ويا أهل التقوى، ويا من له الاسماء الحسنى، أسألك أن تعفو عني، وتغفر لي، فلست بريئا فأعتذر، ولا بذي قوة فأنتصر، ولا مفر لي فأفر، وأستقيلك عثراتي، وأتنصل (8) إليك من ذنوبي التي قد أوبقتني (9) وأحاطت بي فأهلكتني، منها فررت إليك رب تائبا


3 – أفلت: صفحت. 4 – شأن: أمر. 5 – المذاهب: الطرق والمسالك. 6 – * *. 7 – سطواته: بطشه. 8 – أتنصل: أتبرأ. 9 – أوبقتني: أذلتني.

[ 378 ]

فتب علي، متعوذا فأعذني، مستجيرا فلا تخذلني، سائلا فلا تحرمني معتصما فلا تسلمني، داعيا فلا تردني خائبا. دعوتك يا رب مسكينا مستكينا، مشفقا، خائفا، وجلا فقيرا مضطرا إليك، أشكو إليك يا إلهي ضعف نفسي عن المسارعة فيما وعدته أولياءك، والمجانبة عما حذرته أعداءك، وكثرة همومي ووسوسة نفسي. إلهي لم تفضحني بسريرتي، ولم تهلكني بجريرتي، (10) أدعوك فتجيبني وإن كنت بطيئا حين تدعوني، وأسألك كلما شئت من حوائجي، وحيث ما كنت وضعت عندك سري، فلا أدعو سواك، ولا أرجو غيرك، لبيك لبيك، تسمع من شكا إليك، وتلقى من توكل عليك، وتخلص من اعتصم بك، وتفرج عمن لاذ بك. إلهي فلا تحرمني خير الآخرة والاولى لقلة شكري، واغفر لي ما تعلم من ذنوبي، إن تعذب فأنا الظالم المفرط المضيع الآثم المقصر المضجع (11) المغفل حظ نفسي، وإن تغفر فأنت أرحم الراحمين. (164) دعاؤه عليه السلام في الاعتراف والتضرع الحمد الله ولي الحمد وأهله ومنتهاه ومحله، أخلص من وحده واهتدى من عبده، وفاز من أطاعه، وأمن المعتصم به.


10 – بجريرتي: بذنبي. 11 – المضجع: الذي لم يقم بالامر.

[ 379 ]

اللهم يا ذا الجود والمجد والثناء الجميل، والحمد، أسألك مسألة من خضع لك برقبته، ورغم (1) لك أنفه، وعفر (2) لك وجهه، وذلل لك نفسه، وفاضت من خوفك دموعه، وترددت عبرته (3) واعترف لك بذنوبه وفضحته عندك خطيئته، وشانته (4) عندك جريرته، وضعفت عند ذلك قوته، وقلت حيلته، وانقطعت عنه أسباب خدائعه واضمحل عنه كل باطل، وألجأته ذنوبه إلى ذل مقامه بين يديك، وخضوعه لديك، وابتهاله إليك. أسألك اللهم سؤال من هو بمنزلته، وأرغب إليك كرغبته، وأتضرع إليك كتضرعه، وأبتهل إليك كأشد ابتهاله. اللهم فارحم استكانة منطقي (5) وذل مقامي ومجلسي، وخضوعي إليك برقبتي. أسألك اللهم الهدى من الضلالة، والبصيرة من العمى، والرشد من الغواية (6). وأسألك اللهم أكثر الحمد عند الرخاء، وأجمل الصبر عند المصيبة، وأفضل الشكر عند موضع الشكر، والتسليم عند الشبهات. وأسألك القوة في طاعتك، والضعف عن معصيتك، والهرب إليك منك، والتقرب إليك رب لترضى، والتحري لكل ما يرضيك


1 – رغم: لصق بالتراب. 2 – عفر: مسح بالتراب. 3 – * *. 4 – شانته: عابته. 5 – استكانة منطقي: خضوع كلامي. 6 – الغواية: الانهماك في الغي.

[ 380 ]

عني في إسخاط خلقك التماسا لرضاك. رب من أرجوه إن لم ترحمني؟! أو من يعود علي إن أقصيتني (7)؟! أو من ينفعني عفوه إن عاقبتني؟! أو من أؤمل عطاياه إن حرمتني؟! أو من يملك كرامتي إن أهنتني؟! أو من يضرني هوانه (8) إن أكرمتني؟! رب ما أسوء فعلي، وأقبح عملي، وأقسى، قلبي، وأطول أملي، وأقصر أجلى، وأجرأني على عصيان من خلقني! رب وما أحسن بلاءك (9) عندي، وأظهر نعماءك علي! كثرت علي منك النعم فما أحصيها، وقل مني الشكر فيما أوليتنيه فبطرت بالنعم، وتعرضت للنقم، وسهوت عند الذكر، وركبت الجهل بعد العلم، وجزت من العدل إلى الظلم، وجاوزت البر إلى الاثم وصرت إلى الهرب من الخوف والحزن، فما أصغر حسناتي وأقلها في كثرة ذنوبي، وما أكثر ذنوبي، وأعظمها على قدر صغر خلقي وضعف ركني (10)! رب وما أطول أملي في قصر أجلي، وأقصر أجلي في بعد أملي! وما أقبح سريرتي وعلانيتي! رب لا حجة لي إن احتججت، ولا عذر لي إن اعتذرت، ولا شكر عندي إن ابتليت وأوليت (11) إن لم تعني على شكر ما أوليت.


7 – أقصيتني: أبعدتني. 8 – هوانه: ذله. 9 – * *. 10 – في كثرة ذنوبي وعظمها وما أصغر خلقي وأضعف ركني ” خ “. 11 – أوليت: أعطيت وأحسنت.

[ 381 ]

رب ما أخف ميزاني غدا إن لم ترجحه! وأزل لساني إن لم تثبته! وأسود وجهي إن لم تبيضه! رب كيف لي بذنوبي التي سلفت مني قد هدت لها أركاني. رب كيف (12) أطلب شهوات الدنيا وأبكي على خيبتي (13) فيها، ولا أبكي على نفسي وتشتد حسراتي على عصياني وتفريطي! رب دعتني دواعي الدنيا فأجبتها سريعا، وركنت إليها (14) طائعا، ودعتني دواعي الآخرة فتثبطت (15) عنها، وأبطأت في الاجابة والمسارعة إليها، كما سارعت إلى دواعي الدنيا وحطامها الهامد (16) وهشيمها البائد وسرابها الذاهب. رب خوفتني وشوقتني، واحتججت علي برقي، وكفلت لي برزقي، فأمنت خوفك، وتثبطت عن تشويقك، ولم أتكل على ضمانك، وتهاونت باحتجاجك (17). اللهم فاجعل أمني منك في هذه الدنيا خوفا، وحول تثبطي شوقا، وتهاوني بحجتك فرقا (18) منك، ثم رضني بما قسمت لي من رزقك يا كريم يا كريم. أسألك باسمك العظيم رضاك عند السخطة، والفرجة عند الكربة، والنور عند الظلمة، والبصيرة عند تشبه الفتنة (19).


12 – كيف لي ” خ “. 13 – خيبتي: حرماني وخسراني. 14 – وكنت لهاخ “. 15 – تثبطت: تقاعدت وتثاقلت. 16 – الهامد: الهالك البالي. 7 – باحتجاجك: بدليلك وبرهانك. 18 – فرقا: فزعا. 19 – * *.

[ 382 ]

رب اجعل جنتي (20) من خطاياي حصينة، ودرجاتي في الجنان رفيعة، وأعمالي (21) كلها متقبلة، وحسناتي مضاعفة زاكية وأعوذ بك من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن، ومن رفيع المطعم والمشرب، ومن شر ما أعلم، ومن شر ما لا أعلم، وأعوذ بك من أن أشتري الجهل بالعلم، والجفاء بالحلم، والجور بالعدل، والقطيعة بالبر، والجزع بالصبر، والهدى بالضلالة، والكفر بالايمان، آمين رب العالمين. (165) دعاؤه عليه السلام في التضرع إلى الله تعالى إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في الايمان، منا منك علي لا منا مني عليك، وأطعتك في أحب الاشياء إليك، لم أتخذ لك ولدا ولم أدع لك شريكا، منا منك علي لا منا مني عليك، وقد عصيتك في أشياء كثيرة على غير وجه المكابرة (1) لك، ولا الاستكبار عن عبادتك، ولا الجحود (2) لربوبيتك، ولا بخروج عن دينك، ولكن اتبعت هواي، وأزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان. فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم أنت، وإن تعف عني وترحمني فبجودك وكرمك (يا كريم) قالها حتى انقطع النفس: ثم سجد وقال في سجوده:


20 – جنتي: وقايتي. 21 – وحسناتي ” خ “. 1 – المكابرة: المعاندة. 2 – الجحود: الانكار مع العلم.

[ 383 ]

يا من يقدر على حوائج السائلين، ويعلم ما في ضمير الصامتين. يا من لا يحتاج إلى التقاضي (3). يا من يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. يا من أنزل العذاب على قوم يونس، وهو يريد أن يعذبهم، فدعوه فتضرعوا إليه فكشف عنهم العذاب ومتعهم إلى حين، قد ترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، وحالي، صل على محمد وآل محمد واكفني ما أهمني من أمر ديني ودنياي وآخرتي، يا سيدي. (سبعين مرة). (166) دعاؤه عليه السلام في الالحاح على الله تعالى يا الله الذي لا يخفى عليه شئ في الارض ولا في السماء، وكيف يخفى عليك يا إلهي ما أنت خلقته؟! وكيف لا تحصي ما أنت صنعته؟ أو كيف يغيب عنك ما أنت تدبره؟! أو كيف يستطيع أن يهرب منك من لا حياة له إلا برزقك؟! أو كيف ينجو منك من لا مذهب (1) له في غير ملكك؟! سبحانك أخشى خلقك لك أعلمهم بك (2) وأخضعهم لك أعملهم بطاعتك، وأهونهم عليك من أنت ترزقه وهو يعبد غيرك. سبحانك لا ينقص سلطانك من أشرك بك، وكذب رسلك،


3 – تقاضيا: ترافعا. 1 – مذهب: طريق. 2 – * *.

[ 384 ]

وليس يستطيع من كره قضاءك أن يرد أمرك، ولا يمتنع منك من كذب بقدرتك، ولا يفوتك من عبد غيرك، ولا يعمر في الدنيا من كره لقاءك. سبحانك ما أعظم شأنك، وأقهر سلطانك، وأشد قوتك، وأنفذ أمرك. سبحانك قضيت على جميع خلقك الموت، من وحدك ومن كفر بك، وكل ذائق الموت، وكل صائر إليك. فتباركت وتعاليت لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، آمنت بك، وصدقت رسلك، وقبلت كتابك، وكفرت بكل معبود غيرك، وبرئت ممن عبد سواك. اللهم إني أصبح وأمسي مستقلا لعملي، معترفا بذنبي، مقرا بخطاياي، أنا بإسرافي على نفسي ذليل، عملي أهلكني، وهواي أرداني (3) وشهواتي حرمتني. فأسألك يا مولاي سؤال من نفسه لاهية لطول أمله، وبدنه غافل لسكون عروقه، وقلبه مفتون (4) بكثرة النعم عليه، وفكره قليل لما هو صائر إليه. سؤال من قد غلب عليه الامل، وفتنه الهوى (5)، واستمكنت


3 – أرداني: أهلكني. 4 – مفتون: معجب. 5 – فتنه الهوى: أضله.

[ 385 ]

منه (6) الدنيا، وأظله الاجل (7) سؤال من استكثر ذنوبه، واعترف بخطيئته، سؤال من لا رب له غيرك، ولا ولي له دونك، ولا منقذ له منك، ولا ملجأ له منك إلا إليك. إلهي أسألك بحقك الواجب على جميع خلقك، وباسمك العظيم الذي أمرت رسولك أن يسبحك به (8) وبجلال وجهك الكريم الذي لا يبلى ولا يتغير، ولا يحول ولا يفنى أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغنيني عن كل شئ بعبادتك، وأن تسلي نفسي عن الدنيا بمخافتك، وأن تثنيني (9) بالكثير من كرامتك برحمتك، فإليك أفر، ومنك أخاف، وبك أستغيث، وإياك أرجو، ولك أدعو، وإليك ألجأ، وبك أثق، وإياك أستعين، وبك أؤمن، وعليك أتوكل، وعلى جودك وكرمك أتكل. (167) دعاؤه عليه السلام في التذلل لله عزوجل رب أفحمتني (1) ذنوبي، وانقطعت مقالتي، فلا حجة لي، فأنا الاسير ببليتي، المرتهن بعملي، المتردد في خطيئتي (2) المتحير عن قصدي، المنقطع بي. قد أوقفت نفسي موقف الاذلاء المذنبين، موقف الاشقياء


6 – استمكنت منه: قدرت عليه. 7 – أظله الاجل: دنا منه الموت. 8 – * *. 9 – تثيبني ” خ “. 10 – أفحمتني: أسكتتني. 2 – * *.

[ 386 ]

المتجرئين عليك، المستخفين بوعدك، سبحانك أي جرأة اجترأت عليك، وأي تعزير غررت بنفسي؟! مولاي ارحم كبوتي لحر وجهي (3) وزلة قدمي، وعد بحلمك على جهلي، وبإحسانك على إساءتي، فأنا المقر بذنبي، المعترف بخطيئتي وهذه يدي وناصيتي أستكين بالقود (4) من نفسي، ارحم شيبتي ونفاد أيامي، واقتراب أجلي، وضعفي ومسكنتي، وقلة حيلتي. مولاي وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري، وامحى من المخلوقين ذكري، وكنت في (5) المنسيين كمن قد نسي. مولاي وارحمني عند تغير صورتي وحالي، إذا بلي جسمي وتفرقت أعضائي، وتقطعت أوصالي، يا غفلتي عما يراد بي. مولاي وارحمني في حشري ونشري (6) واجعل في ذلك اليوم مع أوليائك موقفي، وفي أحبائك مصدري، وفي جوارك مسكني، يا رب العالمين. (168) دعاؤه عليه السلام في التذلل مولاي مولاي أنت المولى وأنا العبد، وهل يرحم العبد إلا المولى؟! مولاي مولاي أنت العزيز وأنا الذليل، وهل يرحم الذليل إلا


3، 4 – * *. 5 – من ” خ ” 6 – النشر: الاحياء بعد الموت.

[ 387 ]

العزيز؟! مولاي مولاي أنت الخالق وأنا المخلوق، وهل يرحم المخلوق إلا الخالق؟! مولاي مولاي أنت المعطي وأنا السائل، وهل يرحم السائل إلا المعطي؟! مولاي مولاي أنت المغيث وأنا المستغيث، وهل يرحم المستغيث إلا المغيث؟! مولاي مولاي أنت الباقي وأنا الفاني، وهل يرحم الفاني إلا الباقي؟ مولاي مولاي أنت الدائم وأنا الزائل، وهل يرحم الزائل إلا الدائم؟! مولاي مولاي أنت الحي وأنا الميت، وهل يرحم الميت إلا الحي؟! مولاي مولاي أنت القوي وأنا الضعيف، وهل يرحم الضعيف إلا القوي؟! مولاي مولاي أنت الغني وأنا الفقير، وهل يرحم الفقير إلا الغني؟! مولاي مولاي أنت الكبير وأنا الصغير، وهل يرحم الصغير إلا الكبير؟! مولاي مولاي أنت المالك وأنا المملوك، وهل يرحم المملوك إلا


[ 388 ]

المالك؟! (169) دعاؤه عليه السلام في التذلل الحافظ عبد العزيز بن الاخضر بإسناده عن رجل من أهل الكوفة قال: وكان صدوقا قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في دعائه: اللهم من أنا حتى تغضب علي؟! فو عزتك ما يزين ملكك إحساني ولا يقبحه إساءتي، ولا ينقص من خزائنك غنائي، ولا يزيد فيها فقري. (170) دعاؤه عليه السلام في التذلل والمسكنة يا عزيز ارحم ذلي، يا غني ارحم فقري، ويا قوي ارحم ضعفي. بمن يستغيث العبد إلا بمولاه؟! وإلى من يطلب العبد إلا إلى سيده؟! إلى من يتضرع العبد إلا إلى خالقه؟! بمن يلوذ العبد إلا بربه؟! إلى من يشكو العبد إلا إلى رازقه؟! اللهم ما عملت من خير فهو منك، لاحمد لي عليه، وما عملت من سوء، فقد حذرتنيه، فلا عذر لي فيه. اللهم إني أسألك سؤال الخاضع الذليل، وأسألك سؤال العائذ المستقيل، وأسألك سؤال من يبوء (1) بذنبه، ويعترف بخطيئته.


1 – يبوء: يقر.

[ 389 ]

وأسألك سؤال من لا يجد لعثرته مقيلا، ولا لضره كاشفا، ولا لكربته مفرجا، ولا لغمه مروحا، ولا لفاقته سادا، ولا لضعفه مقويا، إلا أنت يا أرحم الراحمين. (171) دعاؤه عليه السلام في استكشاف الهموم يا فارج الهم، وكاشف الغم، يا رحمن الدنيا والآخرة، ورحيمهما صل على محمد وآل محمد، وافرج همي، واكشف غمي. يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، اعصمني وطهرني واذهب ببليتي. واقرأ آية الكرسي والمعوذتين وقل هو الله احد (1) وقل:


1 – بسم الله الرحمن الرحيم الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس بسم الله الرحمن الرحيم

[ 390 ]

اللهم إني أسألك سؤال من اشتدت فاقته، وضعفت قوته وكثرت ذنوبه، سؤال من لا يجد لفاقته مغيثا (2) ولا لضعفه مقويا، ولا لذنبه غافرا غيرك. يا ذا الجلال والاكرام، أسألك عملا تحب به من عمل به، ويقينا (3) تنفع به من استيقن به حق اليقين في نفاذ أمرك. اللهم صل على محمد وآل محمد، واقبض على الصدق نفسي واقطع من الدنيا حاجتي، واجعل فيما عندك رغبتي شوقا إلى لقائك، وهب لي صدق التوكيل عليك. أسألك من خير كتاب قد خلا، وأعوذ بك من شر كتاب قد خلا. أسألك خوف العابدين لك، وعبادة الخاشعين لك، ويقين المتوكلين عليك، وتوكل المؤمنين عليك. اللهم اجعل رغبتي في مسألتي مثل رغبة أوليائك في مسائلهم، ورهبتي (4) مثل رهبة أوليائك، واستعملني في مرضاتك عملا لا أترك


قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد. بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد 2 – مغيثا: معينا. 3 – اليقين: العلم وزوال الشك. 4 – رهبتي: خوفي.

[ 391 ]

معه شيئا من دينك مخافة أحد من خلقك. اللهم هذه حاجتي فأعظم فيها رغبتي، وأظهر فيها عذري، ولقني فيها حجتي، وعاف فيها جسدي. اللهم من أصبح له ثقة أو رجاء غيرك، فقد أصبحت وأنت ثقتي ورجائي في الامور كلها، فاقض لي بخيرها عاقبة، ونجني من مضلات الفتن (5) برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله المصطفى وعلى آله الطاهرين. (172) دعاؤه عليه السلام في الكرب والاقالة إلهي لا تشمت بي عدوي ولا تفجع بي حميمي وصديقي. إلهي هب لي لحظة من لحظاتك، تكشف بها عني ما ابتليتني به، وتعيدني إلى أحسن عاداتك عندي، واستجب دعائي ودعاء من أخلص لك دعاءه، فقد ضعفت قوتي وقلت حيلتي واشتدت حالي، وأيست مما عند خلقك فلم يبق لي إلا رجاؤك. إلهي إن قدرتك على كشف ما أنا فيه، كقدرتك على ما ابتليتني به، وإن ذكر عوائدك (2) يؤنسني، والرجاء في إنعامك وفضلك يقويني، لاني لم أخل من نعمتك منذ خلقتني.


5 – * *. 1 – في كشف البلاء ” خ “. 2 – عوائدك: إحسانك وتعطفك.

[ 392 ]

وأنت إلهي مفزعي وملجأي، والحافظ لي، والذاب عني (3) المتحنن علي، الرحيم بي، المتكفل برزقي، في قضائك كان ما حل بي وبعلمك ما صرت إليه. فاجعل يا وليي وسيدي فيما قدرت وقضيت علي، وحتمت عافيتي وما فيه صلاحي وخلاصي مما أنا فيه، فإني لا أرجو لدفع ذلك غيرك، ولا أعتمد فيه إلا عليك، فكن يا ذا الجلال والاكرام عند أحسن ظني بك، وارحم ضعفي وقلة حيلتي واكشف كربتي، واستجب دعوتي وأقلني عثرتي وامنن علي بذلك وعلى كل داع لك، أمرتني يا سيدي بالدعاء وتكفلت بالاجابة، ووعدك الحق الذي لا خلف (4) فيه ولا تبديل. فصل على محمد نبيك وعبدك وعلى الطاهرين من أهل بيته، وأغثني فإنك غياث من لا غياث له، وحرز من لا حرز له، وأنا المضطر الذي أوجبت إجابته وكشف ما به من السوء، فأجبني واكشف همي وفرج غمي، وأعد حالي إلى أحسن ما كانت (5) عليه، ولا تجازني بالاستحقاق، ولكن برحمتك التي وسعت كل شئ، يا ذا الجلال والاكرام، صل على محمد وآل محمد، واسمع وأجب يا عزيز. (173) دعاؤه عليه السلام في الكرب والاقالة


3 – ذب عنه: دفع عنه وحامى ومنع. 4 – الخلف: عدم إنجاز الوعد 5 – إلى حسن ما كان ” خ “.

[ 393 ]

اللهم صل على محمد وآله، ولا تشمت بي عدوي، ولا تفجع بي حميمي. اللهم هب لي لحظة رحيمة من لحظاتك، تكشف بها عني ما ابتليتني به، وتردني إلى أحسن عاداتك عندي، واستجب دعائي، ودعاء من أخلص لك دعاءه لي، فقد ضعفت قوتي، وقلت حيلتي، واشتدت حالي، ويئست عما عند خلقك فلم يبق لي إلا رجاؤك في رد قديم ما أنعمت علي، فإن قدرتك على كشف ما أنا فيه، كقدرتك على ما ابتليتني به. أي رب! ذكر عوائدك يؤنسني، والرجاء لانعامك ورحمتك وفضلك يقويني، لم أخل من نعمتك منذ خلقتني. فأنت إلهي مفزعي وملجأي، والحافظ لي، والذاب عني، والمتحنن علي، الرحيم بي، المتكفل برزقي، في قضائك كان ما حل بي، وبعلمك ما صرت إليه، فاجعل يا وليي، وسيدي فيما قضيت وقدرت علي وحتمت عافيتي وما فيه صلاحي وخلاصي مما أنا فيه، فإني لا أرجو لدفع ذلك غيرك، ولا أعتمد فيه إلا عليك، فكن يا ذا الجلال والاكرام عند حسن ظني بك، وارحم ضعفي وقلة حيلتي، واكشف كربتي (1) واستجب دعوتي إنك على كل شئ قدير. وأقلني عثرتي وامنن علي بذلك وعلى كل داع لك، أمرتني يا سيدي


1 – ضري ” خ “.

[ 394 ]

بالدعاء وتكفلت بالاجابة، ووعدك الحق الذي لا خلف له ولا تبديل. اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك وآله، وأغثني فإنك غياث من لا غياث له، وحرز من لا حرز له، يا ذا الجلال والاكرام، آمين رب العالمين. اللهم لك ترهب المترهبون، وإليك أخلص المبتهلون، رهبة لك و رجاء لعفوك، يا إله الحق ارحم دعاء المستصرخين، واعف عن جرائم الغافلين وزد في إحسان المنيبين (2) يوم الوفود عليك يا كريم (3). (174) دعاؤه عليه السلام في تفريج الغموم والهموم يا سامع كل صوت، ومحيي كل نفس بعد الموت، ما لي إله غيرك فأدعوه، ولا شريك لك فأرجوه، صل على محمد وآل محمد وخلصني يا رب بحق محمد وآل محمد من كل غم، كما تخلص الولد من بين المشيمة واللحم بعزتك. وخلصني يا رب بحق محمد وآل محمد من كل هم وغم، كما تخلص اللبن من بين فرث (1) ودم بقوتك. وخلصني يا رب بحق محمد وآل محمد من كل غم، كما تخلص الثمرة من بين ماء وطين ورمل بقدرتك.


2 – المنيبين: الراجعين التائبين. 3 – * *. 4 – الفرث: السرجين مادام في الكرش.

[ 395 ]

وخلصني يا رب بحق محمد وآل محمد من كل غم، كما تخلص البيضة من جوف الطائر بجلالتك. وخلصني يا رب بحق محمد وآل محمد من كل غم، كما تخلص الطائر من جوف البيضة بحولك وقوتك ورحمتك، إنك فعال لما تريد، وأنت على كل شئ قدير. (175) دعاؤه عليه السلام في استدفاع المصائب والفوادح والفاقة (1) عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لاولاده: يا بني إذا أصابتكم مصيبة من مصائب الدنيا، أو نزل بكم فاقة، أو أمر فادح فليتوضأ الرجل منكم وضوءه للصلاة، وليصل أربع ركعات، أو ركعتين، فإذا فرغ من صلاته فليقل: يا موضع كل شكوى، يا سامع كل نجوى، يا شافي كل بلوى، ويا عالم كل خفية، ويا كاشف ما يشاء من بلية، ويا منجي موسى، ويا مصطفي محمد، ويا متخذ إبراهيم خليلا. أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته. دعاء الغريق الغريب الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين، سبحانك (2) إني كنت من الظالمين. قال علي بن الحسين عليهما السلام: لا يدعو بهذا رجل أصابه بلاء، إلا فرج عنه.


1 – * *. 2 – لا إله إلا أنت سبحانك ” خ “.

[ 396 ]

(176) دعاؤه عليه السلام في دفع كل شر ومصيبة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك يا من يقدر على قضاء حوائج السائلين، ويعلم ضمير الصامتين (1) ولا يشتبه عليه لغات الداعين أن تعافيني من أهوال (2) الدنيا، وأفزاع (3) الآخرة، ولا تنسني شيئا من ذكرك، ولا تولني أحدا غيرك، ولا تصرف عني وجهك، إنك على كل شئ قدير. (177) دعاؤه عليه السلام لكشف النوائب عن سيد الساجدين عليه السلام قال: إذا لحق أحدكم نائبة من النوائب، ولا يجد أحدا يكشفها إلا الله، فليتوضأ وليحسن الوضوء وقت السحر ويصلي أربع ركعات ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي والتوحيد إحدي عشرة مرة بتسليمة واحدة، فإذا قام قائما لزم جانبي المكان الذي يستقبله من القبلة ويقول: يا خير من سئل، ويا أكرم من قصد، عبيدك العرب إذا استجار مستجير بأطناب (1) بيوتها أجاروه، وأنت يا خالق العرب والعجم، قد


1 – ضمير الصامتين: باطن الساكتين. 2 – أهوال: مخاوف. 3 – الفزع: الذعر. 1 – أطناب: حبال.

[ 397 ]

استجرت ببابك، ونزلت بفنائك، فلا تردني من بابك خائبا، ولا تطردني فنائك آيسا، يا عظيم الخطر (2) يا لطيف الخبر (3) يا إله البشر، منك أطلب، وإليك أهرب، عجل بالفرج، يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعالا لما يريد. أسألك بنور وجهك الذي أضاء له أركان عرشك، وبقدرتك التي ملات بها عبادك، وبرحمتك التي وسعت كل شئ، يا إلهي أغثني، يا مغيث أغثني. (178) دعاؤه عليه السلام في استدفاع البلاء نقل من مجموع عتيق قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى صالح بن عبد الله المري (1) عامله على المدينة: أبرز الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وكان محبوسا في حبسه واضربه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسمائة سوط، فأخرجه صالح إلى المسجد واجتمع الناس وصعد صالح المنبر يقرأ عليهم الكتاب، ثم ينزل فيأمر بضرب الحسن، فبينما هو يقرأ الكتاب إذا دخل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأفرج الناس عنه، حتى انتهى إلى الحسن بن الحسن، فقال له: يا ابن عم ادع الله بدعاء الكرب يفرج عنك، فقال: ما هو يا ابن العم؟ فقال: قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب الارضين السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين (2).


2 – الخطر: القدر والمنزلة. 3 – * *. 1 – كذا. 2 – * *.

[ 398 ]

قال: وانصرف علي بن الحسين عليهما السلام وأقبل الحسن يكررها. فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل، قال: أرى سجية رجل مظلوم، أخروا أمره وأنا اراجع أمير المؤمنين فيه، وكتب صالح إلى الوليد في ذلك، فكتب إليه: أطلقه. (179) دعاؤه عليه السلام في إنجاح المطالب، والفرج في المصائب قال الكفعمي: رواه مقاتل بن سليمان، عن زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين عليهما السلام وقال: من دعا به مائة مرة ولم يستجب له، فليلعن مقاتلا: (1) إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت. إلهي إذا لم أسألك فتعطيني، فمن ذا الذي أسأله فيعطيني. إلهي إذا لم أدعك فتستجيب لي، فمن ذا الذي أدعوه فيستجيب لي. إلهي إذا لم أتضرع إليك فترحمني، فمن ذا الذي أتضرع إليه فيرحمني. إلهي فكما فلقت البحر لموسى عليه السلام ونجيته، أسألك أن تصلي على محمد وآله وأن تنجيني مما أنا فيه، وتفرج عني فرجا عاجلا غير آجل، بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.


1 – في ” خ ” يبدأ الدعاء بالبسملة.

[ 399 ]

(180) دعاؤه عليه السلام في الاحتراز عن المخافة، والخلاص من المهالك اللهم إني أسألك بحق العرش وعظمته، وبحق الكرسي وسعته، وبحق القلم وجريته، وبحق اللوح وحياطته، وبحق الميزان وحدته، وبحق الصراط ودقته، وبحق جبرئيل وأمانته، وبحق ميكائيل وطاعته، وبحق إسرافيل ونفخته، وبحق عزرائيل وصولته (1) وبحق نوح وسفينته، وبحق هود وهيبته، وبحق صالح وناقته، وبحق إبراهيم وخلته، وبحق إسماعيل وذبيحته، وبحق إسحاق وذريته، وبحق يعقوب وغربته، وبحق موسى ومناجاته، و بحق هارون وبهائه، وبحق عزيز وإماتته (2) وبحق شعيب وابنته، و بحق داوود وقبضته (3) وبحق سليمان ومملكته، وبحق ذي الكفل وخشيته، وبحق دانيال وكرامته، وبحق الخضر وسياحته، و بحق أيوب وبليته، وبحق يونس ودعوته، وبحق زكريا وعبادته، و بحق يحيى وطهارته، وبحق عيسى وزهادته، وبحق محمد و شفاعته، وبحق القرآن وتلاوته، وبحق العلم ودرايته (4) وبحق علي بن أبي طالب وشجاعته، وبحق الحسن وسمته، وبحق الحسين


1 – صولته: سطوته. 2 – كذا استظهرناها، وفي الاصل: وأمانته. 3 – وقبضه: ” خ “. 4 – دراسته ” خ “.

[ 400 ]

وشهادته. أسالك بحق هؤلاء وشرفهم أن تجعلني في حرزك وحفظك، يا أرحم الراحمين، يا من يملكني لا تهلكني. (181) دعاؤه عليه السلام في الاحتراز بسم الله الرحمن الرحيم يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، يا أسرع الحاسبين، يا أحكم الحاكمين، يا خالق المخلوقين، يا رازق المرزوقين، يا ناصر المنصورين، يا أرحم الراحمين، يا دليل المتحيرين، يا غياث المستغيثين (1) يا مالك يوم الدين أياك نعبد وإياك نستعين، يا صريخ المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين. أنت الله رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت، الملك الحق المبين، الكبرياء رداؤك (2). اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، و فاطمة الزهراء، وخديجة الكبرى، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي ابن موسى الرضا، ومحمد بن علي التقي، وعلي بن محمد النقي،


1 -. المستغيثين أغثني ” خ “. 2 – * *.

[ 401 ]

والحسن بن علي العسكري، والحجة القائم المهدي الامام المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين. اللهم وال من والاهم، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، والعن من ظلمهم، وعجل فرج آل محمد، وانصر شيعة آل محمد، وأهلك أعداء آل محمد، وارزقني رؤية قائم آل محمد، واجعلني من أتباعه، وأشياعه، والراضين بفعله، برحمتك يا أرحم الراحمين. (182) دعاؤه عليه السلام في مناجاة التائبين [ ليوم الجمعة ] (1) بسم الله الرحمن الرحيم إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي، وجللني التباعد منك لباس مسكنتي، وأمات قلبي عظيم جنايتي، فأحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي (2) ويا سؤلي ومنيتي، فو عزتك ما أجد لذنوبي سواك غافرا، ولا أرى لكسري غيرك جابرا، وقد خضعت بالانابة إليك، وعنوت بالاستكانة (3) لديك، فإن طردتني من بابك فبمن ألوذ؟! وإن رددتني عن جنابك (4) فبمن أعوذ؟! فوا أسفا من خجلتي وافتضاحي، ووالهفا من سوء عملي واجتراحي! (5) أسألك يا غافر الذنب الكبير ويا جابر * (هامش) 1 – * *. 2 – بغيتي: رغبتي. 3 – عنوت بالاستكانة: تذللت بالخضوع. 4 – جنابك: فنائك. 5 – اجتراحي: اكتسابي.


[ 402 ]

العظم الكسير أن تهب لي موبقات الجرائر (6) وتستر علي فاضحات السرائر، ولا تخلني في مشهد القيامة من برد عفوك ومغفرتك (7) ولا تعرني (8) من جميل صفحك وسترك. إلهي ظلل على ذنوبي غمام رحمتك، وأرسل على عيوبي سحاب رأفتك. إلهي هل يرجع العبد الآبق (9) إلا إلى موالاه؟! أم هل يجيره من سخطه أحد سواه؟! إلهي إن كان الندم على الذنب توبة، فإني وعزتك من النادمين، وإن كان الاستغفار من الخطيئة حطة فإني لك من المستغفرين، لك العتبى (10) حتى ترضى. إلهي بقدرتك علي تب علي، وبحلمك عني اعف عني، وبعلمك بي ارفق بي. إلهي أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك سميته التوبة فقلت: ” توبوا إلى الله توبة نصوحا ” (11) فما عذر من أغفل دخول الباب بعد فتحه؟! إلهي إن كان قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك. إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه، وتعرض لمعروفك


6 – موبقات الجرائر: مهلكات الذنوب. 7 – غفرك ” خ “. 8 – تعرني: تجردني. 9 – الآبق: الهارب من سيده. 10 – العتبى: المؤاخذة. 11 – *.

[ 403 ]

فجدت عليه. يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليما بما في السر، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك إليك، وتوسلت بجنابك وترحمك لديك فاستجب دعائي، ولا تخيب فيك رجائي، و تقبل توبتي، وكفر (12) خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين. (183) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الشاكين [ ليوم السبت ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي إليك أشكو نفسا بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، و بمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل (1) طويلة الامل، إن مسها الشر تجزع، وإن مسها الخير تمنع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة (2) وتسوفني (3) بالتوبة. إلهي أشكو إليك عدوا يضلني، وشيطانا يغويني، قد ملا بالوسواس صدري، وأحاطت هواجسه (4) بقلبي، يعاضد لي الهوى، ويزين لي حب الدنيا، ويحول بيني وبين الطاعة والزلفى. إلهي إليك أشكو قلبا قاسيا، مع الوسواس متقلبا، وبالرين (5)


12 – كفر: امح. 1 – العلل: الحجج والاعذار. 2 – الحوبة: الخطيئة. 3 – تسوفني: تماطلني. 4 – الهواجس: ما يخطر بالقلب. 5 – * *.

[ 404 ]

والطبع متلبسا (6) وعينا عن البكاء من خوفك جامدة، وإلى ما يسرها طامحة (7). إلهي لا حول ولا قوة إلا بقدرتك، ولا نجاة لي من مكاره الدنيا إلا بعصمتك. فأسألك ببلاغة حكمتك، ونفاذ مشيتك، أن لا تجعلني لغير جودك متعرضا، ولا تصيرني للفتن غرضا (8) وكن لي على الاعداء ناصرا، وعلى المخازي والعيوب ساترا، ومن البلايا (9) واقيا، وعن المعاصي عاصما، برأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين. (184) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الخائفين [ ليوم الاحد ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أتراك بعد الايمان بك تعذبني؟! أم بعد حبي إياك تبعدني؟! أم مع رجائي لرحمتك وصفحك تحرمني؟! أم مع استجارتي بعفوك تسلمني؟! حاشا لوجهك الكريم أن تخيبني، ليت شعري (1) أ للشقاء ولدتني أمي، أم للعناء (2) ربتني؟! فليتها لم تلدني ولم تربني، وليتني علمت أ من أهل السعادة جعلتني؟ وبقربك وجوارك خصصتني؟ فتقر بذلك عيني وتطمئن له نفسي. * (هامش) 6 – منقلبا ومتلبسا ” خ “. 7 – طامحة: متطلعة. 8 – غرضا: هدفا. 9 – البلاء ” خ “. 10 – ليت شعري: ليتني أعلم. 2 – العناء: التعب.


[ 405 ]

إلهي هل تسود وجوها خرت ساجدة لعظمتك؟! أو تخرس ألسنة نطقت بالثناء على مجدك وجلالتك؟! أو تطبع على قلوب انطوت على محبتك؟! أو تصم أسماعا تلذذت بسماع ذكرك في إرادتك؟! أو تغل (3) أكفا رفعتها الآمال إليك رجاء رأفتك؟! أو تعاقب أبدانا عملت بطاعتك حتى نحلت في مجاهدتك؟! أو تعذب أرجلا سعت في عبادتك؟! إلهي لا تغلق على موحديك أبواب رحمتك، ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك. الهي نفس أعززتها بتوحيدك كيف تذلها بمهانة هجرانك؟ و ضمير انعقد على مودتك كيف تحرقه بحرارة نيرانك؟ إلهي أجرني من أليم غضبك وعظيم سخطك. يا حنان يا منان يا رحيم يا رحمن يا جبار يا قهار يا غفار يا ستار نجني برحمتك من عذاب النار، وفضيحة العار، إذا امتاز (4) الاخيار من الاشرار، وحالت (5) الاحوال، وهالت (6) الاهوال، وقرب المحسنون، وبعد المسيئون ” ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ” (7).


3 – تغل: تقيد. 4 – امتاز: انفصل وانعزل. 5 – حالت: تغيرت. 6 – هالت: انصبت. 7 – *.

[ 406 ]

(185) دعاؤه عليه السلام في مناجا الراجين [ ليوم الاثنين ] بسم الله الرحمن الرحيم يا من إذا سأله عبد أعطاه، وإذا أمل ما عنده بلغه مناه (1) وإذا أقبل عليه قربه وأدناه، وإذا جاهره بالعصيان ستر على ذنبه وغطاه، وإذا توكل عليه أحسبه (2) وكفاه. إلهي من الذي نزل بك ملتمسا قراك (3) فما قريته؟! ومن الذي أناخ ببابك مرتجيا نداك (4) فما أوليته؟! أيحسن أن أرجع عن بابك بالخيبة مصروفا ولست أعرف سواك مولى بالاحسان موصوفا؟! كيف أرجو غيرك والخير كله بيدك؟! وكيف أؤمل سواك والخلق والامر لك؟! أأقطع رجائي منك وقد أوليتني ما لم أسإله من فضلك؟ أم تفقرني إلى مثلي وأنا أعتصم (5) بحبلك؟! يا من سعد برحمته القاصدون، ولم يشق بنقمته المستغفرون كيف أنساك ولم تزل ذاكري؟! وكيف ألهو عنك وأنت مراقبي؟! إلهي بذيل كرمك أعلقت يدي، ولنيل عطاياك بسطت أملي، فأخلصني بخالصة توحيدك، واجعلني من صفوة عبيدك.


1 – مناه: بغيته. 2 – أحسبه: أطعمه وأعطاه. 3 – قراك: ضيافتك. 4 – نداك: جودك وفضلك. 5 – أعتصم: أمتنع وأتمسك.

[ 407 ]

يا من كل هارب إليه يلتجئ، وكل طالب إياه يرتجي، يا خير مرجو، ويا أكرم مدعو، ويا من لا يرد سائله، ولا يخيب آمله، يا من بابه مفتوح لداعيه، وحجابه مرفوع لراجيه. أسألك بكرمك أن تمن علي من عطائك بما تقر به عيني، ومن رجائك بما تطمئن به نفسي، ومن اليقين بها تهون (6) به علي مصيبات الدنيا، وتجلو به عن بصيرتي غشوات العمى، برحمتك يا أرحم الراحمين. (186) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الراغبين [ ليوم الثلاثاء ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي إن كان قل زادي في المسير إليك، فلقد حسن ظني بالتوكل عليك، وإن كان جرمي قد أخافني من عقوبتك، فإن رجائي قد أشعرني (1) بالامن من نقمتك، وإن كان ذنبي قد عرضني لعقابك، فقد آذنني (2) حسن ثقتي بثوابك، وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلائك، وإن أوحش ما بيني وبينك فرط (3) العصيان والطغيان، فقد آنسني بشرى الغفران والرضوان.


6 – تهون: تسهل وتخفف. 1 – أشعرني: أخبرني. 2 – آذنني: أعلمني. 3 – فرط: تجاوز الحد.

[ 408 ]

أسألك بسبحات وجهك (4) وبأنوار قدسك، وأبتهل إليك بعواطف رحمتك (5) ولطائف برك، أن تحقظني بما أؤمله من جزيل إكرامك، وجميل إنعامك في القربى منك والزلفى لديك والتمتع بالنظر إليك، وها أنا متعرض لنفحات روحك (6) وعطفك ومنتجع غيث جودك ولطفك، فار من سخطك إلى رضاك، هارب منك إليك، راج أحسن ما لديك، معول (7) على مواهبك، مفتقر إلى رعايتك. إلهي ما بدأت به من فضلك فتممه، وما وهبت لي من كرمك فلا تسلبه، وما سترته علي بحلمك فلا تهتكه، وما علمته من قبيح فعلي فاغفره. إلهي استشفعت بك إليك، واستجرت بك منك، أتيتك طامعا في إحسانك، راغبا في امتنانك، مستسقيا وابل (8) طولك، مستمطرا غمام فضلك، طالبا مرضاتك، قاصدا جنابك، واردا شريعة رفدك (9) ملتمسا سني (10) الخيرات من عندك، وافدا إلى حضرة جمالك، مريدا وجهك، طارقا بابك، مستكينا لعظمتك وجلالك، فافعل بي ما أنت أهله من المغفرة والرحمة ولا تفعل بي ما أنا أهله من العذاب والنقمة برحمتك يا أرحم الراحمين.


4 – سبحات وجهك: أنوار وجلال ذاتك. 5 – رأفتك ورحمتك ” خ “. 6 – روحك: رحمتك. 7 – معول: معتمد. 8 – وابل: مطر شديد، متتابع. 9 – رفدك: معونتك وعطائك. 10 – سني: رفيع.

[ 409 ]

(187) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الشاكرين [ ليوم الاربعاء ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك، وأعجزني عن إحصاء ثنائك فيض فضلك، وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك (1) وأعياني عن نشر عوارفك (2) توالي أياديك (3). وهذا مقام من اعترف بسبوغ النعماء، وقابلها بالتقصير، وشهد على نفسه بالاهمال والتضييع، وأنت الرؤوف الرحيم، البر الكريم، الذي لا يخيب قاصديه، ولا يطرد عن فنائه آمليه، بساحتك تحط رحال الراجين، وبعرصتك تقف آمال المسترفدين (4) فلا تقابل آمالنا بالتخييب والاياس، ولا تلبسنا سربال القنوط والابلاس (5). إلهي تصاغر عند تعاظم آلائك شكري، وتضاءل (6) في جنب إكرامك ياي ثنائي ونشري. جللتني نعمك من أنوار الايمان حللا، وضربت علي لطائف برك من العز كللا (7) وقلدتني مننك قلائد لا تحل، وطوقتني أطواقا لا تفل، فآلاؤك جمة (8) ضعف لساني عن إحصائها،


1 – عوائدك: معروفك وصلتك. 2 – عوارفك: إحسانك. 3 – أياديك: نعمك. 4 – المسترفدين: طالبي العطاء. 5 – الابلاس: الحيرة. 6 – تضاءل: تصاغر. 7 – كللا: أستارا. 8 – جمة: كثيرة.

[ 410 ]

ونعماؤك كثيرة قصر فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها. فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر؟! فكلما قلت لك الحمد، وجب علي لذلك أن أقول لك الحمد. إلهي فكما غذيتنا بلطفك، وربيتنا بصنعك، فتمم علينا سوابغ النعم، وادفع عنا مكاره النقم، وآتنا من حظوظ الدارين (9) أرفعها وأجلها عاجلا وآجلا. ولك الحمد على حسن بلائك (10) وسبوغ نعمائك، حمدا يوافق رضاك، ويمتري (11) العظيم من برك ونداك، يا عظيم يا كريم، برحمتك يا أرحم الراحمين. (188) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المطيعين [ ليوم الخميس ] بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ألهمنا طاعتك، وجنبنا معصيتك (1) ويسر لنا بلوغ ما نتمنى من ابتغاء رضوانك، وأحللنا بحبوحة جنانك، واقشع (2) عن بصائرنا سحاب الارتياب، واكشف عن قلوبنا أغشية المرية (3) والحجاب، وأزهق الباطل عن ضمائرنا، وأثبت الحق في سرائرنا،


9 – الدارين: دار الدنيا ودار الآخرة. 10 – بلائك: إحسانك وإنعامك. 11 – * *. 1 – معاصيك ” خ “. 2 – اقشع: اكشف وأزل. 3 – المرية الشك والجدل.

[ 411 ]

فإن الشكوك والظنون لواقح (4) الفتن، ومكدرة لصفو المنائج (5) والمنن. اللهم احملنا في سفن نجاتك، ومتعنا بلذيذ مناجاتك، وأوردنا حياض حبك، وأذقنا حلاوة ودك وقربك، واجعل جهادنا فيك، وهمنا في طاعتك، وأخلص نياتنا في معاملتك، فإنا بك ولك، ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت. إلهي اجعلني من المصطفين الاخيار، وألحقني بالصالحين الابرار، السابقين إلى المكرمات (6) المسارعين إلى الخيرات، العاملين للباقيات الصالحات، الساعين إلى رفيع الدرجات، إنك على كل شئ قدير، وبالاجابة جدير، برحمتك يا أرحم الراحمين. (189) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المريدين [ ليوم الجمعة ] بسم الله الرحمن الرحيم سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله! وما أوضح الحق عند من هديته سبيله! إلهي فاسلك بنا سبل الوصول إليك، وسيرنا في أقرب الطرق للوفود عليك، قرب علينا البعيد، وسهل علينا العسير الشديد،


4 – لواقح: مسببات ومولدات. 5 – المنائح: العطايا. 6 – المكرمات: فعل الكرم.

[ 412 ]

وألحقنا بعبادك الذين هم بالبدار (1) إليك يسارعون، وبابك على الدوام يطرقون، وإياك في الليل والنهار يعبدون، وهم من هيبتك مشفقون (2) الذين صفيت لهم المشارب، وبلغتهم الرغائب، وأنجحت لهم المطالب، وقضيت لهم من فضلك المآرب، وملات لهم ضمائرهم من حبك، ورويتهم من صافي شربك، فبك إلى لذيذ مناجاتك وصلوا، ومنك أقصى مقاصدهم حصلوا، فيامن هو على المقبلين عليه مقبل، وبالعطف (3) عليهم عائد مفضل، وبالغافلين عن ذكره رحيم رؤوف، وبجذبهم إلى بابه ودود عطوف. أسألك أن تجعلني من أوفرهم منك حظا، وأعلاهم عندك منزلا، وأجزلهم من ودك قسما، وأفضلهم في معرفتك نصيبا، فقد انقطعت إليك همتي، وانصرفت نحوك رغبتي، فأنت لا غيرك مرادي، ولك لا لسواك سهري وسهادي (4) ولقاؤك قرة عيني، ووصلك منى نفسي، وإليك شوقي، وفي محبتك ولهي (5) وإلى هواك صبابتي (6) ورضاك بغيتي، ورؤيتك حاجتي، وجوارك طلبتي، وقربك غاية سؤلي، وفي مناجاتك روحي وراحتي، وعندك دواء علتي، وشفاء غلتي (7) وبرد لوعتي، وكشف كربتي. فكن أنيسي في وحشتي، ومقيل عثرتي، وغافر زلتي، وقابل توبتي،


1 – البدار: المبادرة والاسراع. 2 – مشفقون: خائفون حذرون. 3 – بالعطف: بالشفقة والاحسان. 4 – سهادي: أرقي. 5 – ولهي: تحيري من شدة الوجد. 6 – صبابتي: شوقي. 7 – الغلة: شدة العطش وحرارته.

[ 413 ]

ومجيب دعوتي، وولي عصمتي، ومغني فاقتي (8) ولا تقطعني عنك، ولا تبعدني منك، يا نعيمي وجنتي، ويا دنياي وآخرتي، يا أرحم الراحمين. (190) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المحبين [ ليوم السبت ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام (1) منك بدلا، ومن ذا الذي أنس بقربك فابتغى عنك حولا (2). إلهي فاجعلنا ممن اصطفيته لقربك وولايتك، وأخلصته لودك ومحبتك، وشوقته إلى لقائك، ورضيته بقضائك، ومنحته بالنظر إلى وجهك، وحبوته (3) برضاك، وأعذته من هجرك وقلاك، وبوأته (4) مقعد الصدق في جوارك، وخصصته بمعرفتك، وأهلته لعبادتك وهيمت (5) قلبه لارادتك، واجتبيته لمشاهدتك، وأخليت وجهه لك، وفرغت فؤاده لحبك، ورغبته فيما عندك، وألهمته ذكرك وأوزعته (6) شكرك، وشغلته بطاعتك، وصيرته من صالحي بريتك واخترته لمناجاتك، وقطعت عنه كل شئ يقطعه عنك. اللهم اجعلنا ممن دأبهم الارتياح إليك والحنين، ودهرهم الزفرة


8 – فاقتي: فقري وحاجتي. 1 – رام: طلب. 2 – حولا: انتقالا. 3 – حبوته: أعطيته. 4 – بوأته: أنزلته وأسكنته. 5 – هيمت: حببت وصرفت. 6 – أوزعته: ألهمته.

[ 414 ]

والانين، جباهم ساجدة لعظمتك، وعيونهم ساهرة في خدمتك ودموعهم سائلة من خشيتك، وقلوبهم متعلقة بمحبتك، وأفئدتهم منخلعة من مهابتك. يا من أنوار قدسه لابصار محبيه رائقة، وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة. يا منى قلوب المشتاقين، ويا غاية المحبين. أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يوصلني إلى قربك،. أن تجعلك أحب إلي مما سواك، وأن تجعل حبي إياك قائدا إلى رضوانك، وشوقي إليك ذائدا (7) عن عصيانك، وامنن بالنظر إليك علي وانظر بعين الود والعطف إلي، ولا تصرف عني وجهك، واجعلني من أهل الاسعاد والحظوة (8) عندك، يا مجيب يا أرحم الراحمين. (191) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المتوسلين [ ليوم الاحد ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي ليس لي وسيلة إليك إلا عواطف رأفتك، ولا لي ذريعة إليك إلا عوارف رحمتك وشفاعة نبيك، نبي الرحمة، ومنقذ الامة من الغمة (1) فاجعلهما لي سببا إلى نيل غفرانك، وصيرهما لي وصلة


7 – ذائدا: دافعا. 8 – الحظوة: المكانة والمنزلة. 1 – الغمة: الكرب.

[ 415 ]

إلى الفور برضوانك، وقد حل (2) رجائي بحرم كرمك، وحط طمعي (3) بفناء جودك، فحقق فيك أملي، واختم بالخير عملي، واجعلني من صفوتك الذين أحللتهم بحبوحة جنتك، وبوأتهم دار كرامتك، وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك، وأورثتهم منازل الصدق في جوارك. يا من لا يفد (4) الوافدون على أكرم منه، ولا يجد القاصدون أرحم منه، يا خير من خلا به وحيد، ويا أعطف من آوى إليه طريد. إلى سعة عفوك مددت يدي، وبذيل كرمك أعلقت كفي، فلا تولني (5) الحرمان، ولا تبلني بالخيبة والخسران، يا سميع الدعاء يا أرحم الراحمين. (192) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المفتقرين [ ليوم الاثنين ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي كسري لا يجبره إلا لطفك وحنانك وفقري لا يغنيه إلا عطفك وإحسانك، وروعتي لا يسكنها إلا أمانك، وذلتي لا يعزها إلا سلطانك، وأمنيتي لا يبلغنيها إلا فضلك، وخلتي لا يسدها إلا طولك، وحاجتي لا يقضيها غيرك، وكربي لا يفرجه سوى رحمتك،


2 – حل: نزل. 3 – حططت رحلي ” خ “. 4 – لا يفد: لا يرد. 5 – تولني: تقلدني.

[ 416 ]

وضري لا يكشفه غير رأفتك، وغلتي لا يبردها إلا وصلك، ولوعتي (1) لا يطفيها إلا لقاؤك، وشوقي إليك لا يبله (2) إلا النظر إلى وجهك، وقراري لا يقر دون دنوي منك، ولهفتي لا يردها إلا روحك، وسقمي لا يشفيه إلا طبك، وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي (3) لا يبرئه إلا صفحك، ورين قلبي لا يجلوه إلا عفوك، ووسواس صدري لا يزيحه إلا أمرك. فيا منتهى أمل الآملين، ويا غاية سؤل السائلين، ويا أقصى طلبة الطالبين، ويا أعلى رغبة الراغبين، ويا ولي الصالحين، ويا أمان الخائفين، ويا مجيب دعوة المضطرين، ويا ذخر المعدمين، ويا كنز البائسين، ويا غياث المستغيثين، ويا قاضي حوائج الفقراء والمساكين، ويا أكرم الاكرمين، ويا أرحم الراحمين. لك تخضعي وسؤالي، وإليك تضرعي وابتهالي. أسألك أن تنيلني من روح رضوانك وتديم علي نعم امتنانك. وها أنا بباب كرمك واقف، ولنفحات برك متعرض، وبحبلك الشديد معتصم، وبعروتك الوثقى (4) متمسك. إلهي ارحم عبدك الذليل، ذا اللسان الكليل (5) والعمل القليل وامنن عليه بطولك الجزيل، واكنفه (6) تحت ظلك الظليل، يا كريم يا جميل، يا أرحم الراحمين.


1 – لوعتي: حرقتي. 2 – لا يبله: لا يشفيه. 3 – وجرمي ” خ “. 4 – بعروتك الوثقى: بعقدك الوثيق. 5 – الكليل: العاجز. 6 – اكنفه: احفظه وارحمه.

[ 417 ]

(193) دعاؤه عليه السلام في مناجاة العارفين [ ليوم الثلاثاء ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي قصرت الالسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك، وعجزت العقول عن إدراك كنه (1) جمالك، وانحسرت الابصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقا إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك. إلهي فاجعلنا من الذين ترسخت (2) أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم، وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم، فهم إلى أوكار الافكار يأوون، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون (3) ومن حياض المحبة بكأس الملاطفة يكرعون، وشرائع المصافاة يردون. قد كشف الغطاء عن أبصارهم، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم، وانتفت مخالجة (4) الشك عن قلوبهم وسرائرهم، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم، وعلت لسبق السعادة في الزهادة هممهم، وعذب في معين (5) المعاملة شربهم،


1 – كنه: جوهر، حقيقة، غاية. 2 – توشحت ” خ “. 3 – يرتعون: يتنعمون. 4 – الاختلاج: الاضطراب والحركة. 5 المعين: الظاهر الجاري من الماء.

[ 418 ]

وطاب في مجلس الانس سرهم، وأمن في موطن المخافة سربهم (6) واطمأنت بالرجوع إلى رب الارباب أنفسهم، وتيقنت بالفوز والفلاح أرواحهم، وقرت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم، واستقر بإدراك السؤل ونيل المأمول قرارهم، وربحت في بيع الدنيا بالآخرة تجارتهم. إلهي ما ألذ خواطر الالهام بذكرك على القلوب! وما أحلى المسير إليك بالاوهام في مسالك الغيوب! وما أطيب طعم حبك! وما أعذب شرب قربك! فأعذنا من طردك وإبعادك، واجعلنا من أخص عارفيك، وأصلح عبادك، وأصدق طائعيك، وأخلص عبادك. يا عظيم يا جليل يا كريم يا منيل برحمتك ومنك يا أرحم الراحمين. (194) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الذاكرين [ ليوم الاربعاء ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي لولا الواجب من قبول أمرك، لنزهتك من ذكري إياك (1) على أن ذكري لك بقدري لا بقدرك، وما عسى أن يبلغ مقداري حتى أجعل محلا لتقديسك، ومن أعظم النعم علينا جريان ذكرك على ألسنتنا، وإذنك لنا بدعائك وتنزيهك وتسبيحك.


6 – سربهم: نفوسهم وقلوبهم. 1 – * *.

[ 419 ]

إلهي فألهمنا ذكرك في الخلاء (2) والملا، والليل والنهار والاعلان والاسرار، وفي السراء والضراء، وآنسنا بالذكر الخفي، واستعملنا بالعمل الزكي (3) والسعي المرضي، وجازنا بالميزان الوفي. إلهي بك هامت القلوب الوالهة (4) وعلى معرفتك جمعت العقول المتباينة، فلا تطمئن القلوب إلا بذكراك، ولا تسكن النفوس إلا عند رؤياك. أنت المسبح في كل مكان، والمعبود في كل زمان، والموجود في كل أوان (5) والمدعو بكل لسان، والمعظم في كل جنان (6) وأستغفرك من كل لذة بغير ذكرك، ومن كل راحة بغير أنسك ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك. إلهي أنت قلت وقولك الحق: ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا ” (7) وقلت وقولك الحق: ” فاذكروني أذكركم ” (8). فأمرتنا بذكرك، ووعدتنا عليه أن تذكرنا تشريفا لنا وتفخيما وإعظاما، وها نحن ذاكروك كما أمرتنا، فأنجز لنا ما وعدتنا، يا ذاكر الذاكرين ويا أرحم الراحمين. * (هامش) 2 – الخلاء: المكان الذي ليس فيه أحد. 3 – الزكي: الطاهر. 4 – الوالهة: الحائرة من شدة الوجد. 5 – الاوان: الوقت والحين. 6 – جنان: قلب. 7، 8 – *.


[ 420 ]

(195) دعاؤه عليه السلام في مناجاة المعتصمين [ ليوم الخميس ] بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يا ملاذ اللائذين، ويا معاذ (1) العائذين، ويا منجي الهالكين، ويا عاصم البائسين، ويا راحم المساكين، ويا مجيب المضطرين، وياكنز المفتقرين، ويا جابر المنكسرين، ويا مأوى المنقطعين، ويا ناصر المستضعفين، ويا مجير الخائفين، ويا مغيث المكروبين، ويا حصن اللاجين. إن لم أعذ (2) بعزتك فبمن أعوذ؟! وإن لم ألذ بقدرتك فبمن ألوذ؟! وقد ألجأتني الذنوب إلى التشبث (3) بأذيال عفوك، وأحوجتني الخطايا إلى استفتاح أبواب صفحك، ودعتني الاساءة إلى الاناخة بفناء عزك، وحملتني المخافة من نقمتك على التمسك بعروة عطفك، وما حق من اعتصم بحبلك أن يخذل، ولا يليق بمن استجار بعزك أن يسلم أو يهمل. إلهي فلا تخلنا (4) من حمايتك، ولا تعرنا (5) من رعايتك، وذدنا (6) عن موارد الهلكة، فإنا بعينك وفي كنفك ولك.


1 – معاذ: ملجأ. 2 – أعذ: أعتصم وأستجير. 3 – التشبث: التعلق. 4 – تخلنا: تتركنا. 5 – تعرنا: تجردنا. 6 – ذدنا: أبعدنا وامنعنا.

[ 421 ]

أسألك بأهل خاصتك من ملائكتك، والصالحين من بريتك، أن تجعل علينا واقية تنجينا من الهلكات، وتجنبنا (7) من الآفات، وتكننا (8) من دواهي المصيبات، وأن تنزل علينا من سكينتك، وأن تغشي وجوهنا بأنوار محبتك، وأن تؤوينا إلى شديد ركنك، وأن تحوينا في أكناف عصمتك، برأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين. (196) دعاؤه عليه السلام في مناجاة الزاهدين [ لليلة الجمعة ] بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أسكنتنا دارا (1) حفرت لنا حفر مكرها، وعلقتنا بأيدي المنايا في حبائل (2) غدرها، فإليك نلتجئ من مكائد خدعها، وبك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها، فإنها المهلكة طلابها، المتلفة حلالها (3) المحشوة بالآفات، المشحونة بالنكبات. إلهي فزهدنا فيها، وسلمنا منها بتوفيقك وعصمتك، وانزع عنا جلابيب (4) مخالفتك، وتول أمورنا بحسن كفايتك، وأوفر مزيدنا من سعة رحمتك، وأجمل صلاتنا (5) من فيض مواهبك، واغرس في أفئدتنا أشجار محبتك، وأتمم لنا أنوار معرفتك، وأذقنا حلاوة عفوك


7 – تجننا ” خ “. 8 – تكننا: تقينا. 1 – أي دار الدنيا. 2 – حبائل: مصائد. 3 – حلالها: نزالها. 4 – * *. 5 – صلاتنا: عطايانا.

[ 422 ]

ولذة مغفرتك، وأقرر أعيننا يوم لقائك برؤيتك، وأخرج حب الدنيا من قلوبنا كما فعلت بالصالحين من صفوتك والابرار من خاصتك، برحمتك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الاكرمين. (197) دعاؤه عليه السلام في المناجاة لله عزوجل. بسم الله الرحمن الرحيم لقد رجوت ممن ألبسني بين الاحياء ثوب عافيته، أن لا يعريني منه بين الاموات، وقد عرفت جود رأفته. إلهي إن كنت غير مستأهل (1) لما أرجو من رحمتك، فأنت أهل أن تعود على المذنبين بفضل سعتك. إلهي إن كان ذنبي قد أخافني، فإن حسن ظني بك قد أجارني (2). إلهي كأني بنفسي قائمة بين يديك، وقد أظلها حسن توكلي عليك، فصنعت بي ما يشبهك (3) وتغمدتني بعفوك. إلهي ما أشوقني إلى لقائك، وأعظم رجائي لجزائك (4) وأنت الكريم الذي لا يخيب لديك أمل الآملين، ولا يبطل عندك شوق الشائقين. إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب وسائل عللي، فإن عفوت فمن أولى منك بذلك؟!


1 – مستأهل: مستحق. 2 – أجارني: آمنني. 3 – * *. 4 – لجزائك: لثوابك.

[ 423 ]

وإن عذبت فمن أعدل منك في الحكم هنالك؟! إلهي إن جرت على نفسي في النظر لها وبقي لها نظرك، فلها الويل إن لم تسلم به! إلهي إنك لم تزل برا بي أيام حياتي، لا تقطع برك عني بعد مماتي، لقد رجوت ممن تولاني في حياتي بإحسانه، أن يشفعه عند موتي بغفرانه. إلهي كيف أياس من حسن نظرك (5) بعد مماتي وأنت لم تولني من نفسك إلا الجميل في حياتي؟! إلهي إن ذنوبي قد أخافتني، ومحبتي لك قد أجارتني، فتول من أمري ما أنت أهله، وعد بفضلك على عبد قد غمره (6) جهله. إلهي إن كنت غير مستوجب لمعروفك، فكن أنت أهلا للتفضل علي، فالكريم ليس يقع معروفه عند مستوجبيه، يا من لا تخفى عليه خافية اغفر لي ما قد خفي على الناس من عملي. إلهي سترت علي ذنوبا أنا إلى سترها يوم القيامة أحوج، وقد أحسنت بي في الدنيا إذ لم تظهرها لعصابة (7) من المسلمين، فلا تفصحني بها ذلك اليوم على رؤوس العالمين. إلهي جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي. * (هامش) 5 – نظرك: رعايتك. 6 – غمره: علاه وغطاه. 7 – لعصابة: لجماعة.


[ 424 ]

إلهي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره فاقبل يا إلهي عذري، يا خير من اعتذر إليه المسيئون. إلهي إنك لو أردت إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تعافني، فمتعني بما له هديتني، وأدم لي ما به سترتني. إلهي ما أظنك تردني في حاجة أفنيت عمري في طلبها منك! إلهي ما وصفت من بلاء أبليته، وإحسان أوليته، فكل ذلك بنا قد فعلته، وعفوك تمام إحسانك إن أنت أتممته. إلهي لو لا ما قرفت (8) من الذنوب ما خفت عقابك، ولو لا ما أعرف من كرمك ما رجوت ثوابك، وأنت أولى الاكرمين بتحقيق أمل الآملين، وأرحم من استرحم في تجاوزك عن المذنبين. إلهي نفسي تمنيني بأنك تغفر لي، فأكرم بها أمنية بشرت بعفوك، فصدق بكرمك مبشرات تمنيها، وهب لي بجودك مدمرات تجنيها. يا أنيس كل غريب، آنس في القبر غربتي، ويا ثاني كل وحيد، ارحم في القبر وحدتي. إلهي كيف تقر (9) لي نفسي بأنك تعذبني؟! وقد رجوت أن تكون في لطفك تتولى حسن عملي بقبول إحسانك، وسئ عملي برأفة غفرانك؟!


8 – استظهرها في الصحيفة 5 ” اقترفت “. 9 – تقر: تعترف.

[ 425 ]

إلهي ألقتنى الحسنات بين جودك وكرمك، وألقتني السيئات بين عفوك ومغفرتك، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ أو محسن. إلهي إذا شهد لي الايمان بتوحيدك (10) وانطلق لساني بتمجيدك (11) ودلني القرآن على فواضل جودك، فكيف لا يبتهج (12) رجائي بحسن موعدك؟! إلهي تتابع إحسانك إلي يدلني على حسن نظرك، فكيف يشقى امرؤ حسن له منك النظر؟! إلهي إن نظرت إلي بالهلكة عيون سخطتك، فما نام عن استنقاذي منها عيون رأفتك. إلهي إن عرضني ذنبي لعقابك، فقد أدناني رجائي من ثوابك. إلهي إن غفرت فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك، فيا من لا يرجى إلا فضله، ولا يخشى إلا عدله، امنن علينا بفضلك، ولا تستقص علينا بعدلك. إلهي خلقت لي جسما وجعلت لي فيه آلات أطيعك بها، وأعصيك بها، وأرضيك بها، وجعلت لي من نفسي داعية إلى الشهوات، وأسكنتني دارا قد ملئت من الآفات، ثم قلت: انزجر (13) عبدي. فبك أعتصم فاعصمني، وبك أحترز من الذنب فاحفظني،


10 – بمغفرتك ” خ “. 11 – بتحميدك: ” خ “. 12 – يبتهج: يسر. 13 – انزجر: امتنع.

[ 426 ]

أستوفقك (14) لما يدنيني منك، وأعوذ بك مما يصرفني عنك. إلهي أدعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه، وأتضرع ضراعة من أقر على نفسه بالحجة في دعواه. إلهي لو عرفت اعتذارا من الذنب في التنصل (15) أبلغ من الاعتراف به أتيته، ولو عرفت مجتليا (16) لحاجتي منك ألطف من الاستخذاء (17) لك فعلته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، ولا تسود وجهي في طلبي عند الانصراف. إلهي كأني بنفسي قد اضطجعت في حفرتها، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى كل غريب عليها لغربتها، وجاد بالدموع عليها المشفقون من عشيرتها، وناداها من شفير القبر ذوو مودتها، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين فاقتها، ولا على رآها قد توسدت في الثرى عجز حيلتها. فقلت: ملائكتي فريد قد نأى (18) عنه الاقربون، ووحيد قد جفاه (19) الاهلون، نزل بي قريبا، وأصبح في اللحد غريبا، وقد كان لي في دار الدنيا داعيا، ولنظري له في هذا البيت الجديد راجيا. فتحسن هنا لك ضيافتي، وتكون أرحم بي من أهلي وقرابتي، يا عالم السر والنجوى، ويا كاشف الضر والبلوى، كيف نظرك لي بين سكان


14 – أستوفقك: أسألك التوفيق. 15 – التنصل: التبرؤ. 16 – مجتليا: مظهرا. 17 – الاستخذاء: الخضوع والانقياد. 18 – نأى: بعد. 19 – جفاه: أعرض عنه.

[ 427 ]

الثرى؟ وكيف صنيعك بي في دار الوحشة والبلى؟ رب قد كنت لطيفا بي في أيام حياة الدنيا يا أفضل المنعمين في آلائه، وأنعم المفضلين في نعمائه، كثرت أياديك فعجزت عن إحصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد على ما أبليت، والشكر على ما أوليت، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج، بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، فاعرف لها (20) ذمتي التي رجوت بها قضاء حاجتي. إلهي لو طبقت (21) ذنوبي الارض والسماء، وخرقت النجوم فبلغت أسافل الثرى، ماردنى اليأس عن توقع غفرانك، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك، أحب إلي لنفسي (22) وأعودها علي عاقبة في رمسي (23) ما يرشدها بهدايتك إليه، ويدلها بحسن نظرك، فاستعملها بذلك مني إذ كنت أرحم بها من نفسي يا رحمن. إلهي قد علمت ما أستوجب بعملي منك، ولكن رجائي يأبى (24) أن يصرفني عنك، فهب لي ما ظننت، وحقق ظني فيما رجوت. إلهي دعوتك بالدعاء الذي علمتني، فلا تحرمني جزاءك الذي عرفتني، فمن النعمة أن هديتني لدعائك، ومن تمامها أن توجب لي به محمود جزائك.


20 – استظهرها في الصحيفة 5 ” اللهم “. 21 – طبقت: ملات وعمت. 22 – * *. 23 – رمسي: قبري. 24 – يأبى: يمتنع.

[ 428 ]

إلهي وعزتك وجلالك لقد أحببتك محبة استقرت حلاوتها في قلبي، وما تنعقد ضمائر محبيك على أنك تبغض محبيك. إلهي ليس تشبه مسألتي مسائل السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا لا غنى بي عما سألتك على كل حال. إلهي لا تغضب علي فلست أقوم لغضبك، أ للنار خلقتني فأطيل بكائي؟ إم للشقاء خلقتني؟ فليتك لم تخلقني. إلهي أ للنار ربتني أمي؟ فليتها لم تربتي، أم للشقاء ولدتني؟ فليتها لم تلدني، ليت أمي كانت عاقرا بي ولم تعالج حملي، انتشرت عبراتي حين ذكرت خطيئاتي، ومالي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون إليه مصيري؟! وما الذي يهجم عليه عند البلوغ مسيري؟! وأرى نفسي تخاتلني (25) وأيامي تخادعني، وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت ورمقتني من قريب أعين الفوت (26) فما عذري وقد حشا مسامعي رافع الصوت؟! أيها المناجي ربه بأنواع الكلام، والطالب مسكنا في دار السلام، والمسوف (27) بالتوبة عاما بعد عام، ما أرك منصفا لنفسك من بين الانام، لو دافعت يومك يا غلاما بالصيام، واقتصرت على القليل من لعق الطعام، لكنت أحرى (28) بأن تنال شرف المقام.


25 – تخاتلني: تخادعني وتراوغني. 26 – الفوت: الموت. 27 – التسويف: المطل والتأخير. 28 – أحرى: أجدر.

[ 429 ]

أيتها النفس اقتربي من الصالحين، واقتبسي من سمت (29) هدى الخاشعين، واختلطي ليلك ونهارك مع المتقين، لعلك أن تسكني في رياض الخلد مع المتقين، وتشبهي بنفوس قد أقرح (30) السهر رقة جفونها، وهمعت (31) زوافر الدموع مستدرات عيونها، ودامت في الخلوات ضجة حنينها، فإنها نفوس باعت زينة الدنيا، وآثرت فضل الآخرة على الاولى، أولئك وفد الكرامة يوم يخسر فيه المبطلون، ويحشر إلى ربهم بالحباء والسرور المتقون. (198) دعاؤه عليه السلام في التأوه (1) والمناجاة آه (2) وا نفساه كيف لي بمعالجة الاغلال غدا؟! آه وا نفساه مما حملتني عليه جوارحي من البلايا. آه وا نفساه كلما حدثت لي توبة عرضت لي معصية أخرى. آه وا نفساه أقبلت على قلبي بعد ما قسا. آه وا نفساه إن قضيت الحوائج وحاجتي لم تقض. آه وا نفساه إن غفرت ذنوب المجرمين وأخذني ربي بذنوبي بين الملا. آه وا نفساه من الكتاب وما أحصى، ومن القلم وما جرى.


29 – سمت: طريقة، هيئة. 30 – أقرح: آلم. 31 – همعت: أسالت. 1 – *. 2 – آه: ما يقال عند التوجع.

[ 430 ]

آه وا نفساه من موقفي بين يدي الرحمن غدا. آه وا نفساه من يوم يشتغل فيه عن الامهات والآباء (3). آه وا نفساه من أهوال يوم القيامة وشدائد شتى. آه وا نفساه لو كان هولا لكفى. آه وا نفساه من نار حرها لا يطفأ ودخانها لا ينقطع أبدا. آه وا نفساه من نار تحرق الجلود وتنض الكلى. آه وا نفساه من نار جريحها لا يداوى. آه وا نفساه من دار لا يعاد فيها المرضى، ولا يقبل فيها الرشا، ولا يرحم فيها الاشقياء. آه وا نفساه من نار وقودها الرجال والنساء. آه وا نفساه من نار يطول فيها مكث الاشقياء. آه وا نفساه من ملائكة تشهد علي غدا. آه وا نفساه من نار تتوقد ولا تطفأ. آه وا نفساه من يوم تزل فيه قدم وتثبت فيه أخرى. آه وا نفساه من دار بكى أهلها بدل الدموع دما. آه وا نفساه إن حرمت رحمة ربي علي غدا. آه وا نفساه إن كنت ممقوتا (4) في أهل السماء. آه وا نفساه إن كانت جهنم هي المقيل والمثوى (5).


3 – * *. 4 – ممقوتا: مبغوضا. 5 – المثوى: المنزل.

[ 431 ]

آه وا نفساه لا بد من الموت ووحشة القبر والبلاء. آه وا نفساه إن حيل (6) بيني وبين محمد المصطفى. آه وا حزناه من تجرع الصديد (7) وضرب المقامع غدا. آه وا حزناه أنا الذي أطعتك يا سيدي صباحا ونقضت العهد مساء. آه وا حزناه كلما طلبت التوابين وقفت مع الاشقياء. آه وا حزناه كم عاهدت ربي فلم يجد عندي صدقا ولا وفاء! آه وا حزناه إذا عرضت على الرحمن غدا. آه وا حزناه عصيت ربي وأنا أعلم أنه مطلع يرى. آه وا حزناه عصيت من ليس أعرف منه إلا الحسنى. آه وا حزناه استترت من الخلائق وبارزت بذنوبي عند المولى. آه وا حزناه استترت بعملي وبارزت ربي بالذنوب والخطايا. آه وا حزناه ليتني لم أك شيئا أبدا. آه وا حزناه من ملائكة غلاظ شداد لا يرحمون من شكا وبكى. آه وا حزناه من رب شديد القوى. آه وا حزناه أنا جليس من ناح على نفسه وبكى. آه وا حزناه ما أبعد السفر وأقل الزاد غدا (8).


6 – حيل: حجز. 7 – الصديد: الدم والقيح، أو ما يسيل من جلود أهل النار. 8 – * *.

[ 432 ]

آه وا حزناه أنا المنقول إلى عسكر الموتى. آه وا حزناه أين المفر من ذنوبي غدا. آه وا حزناه تشهد علي ملائكة السماء. آه وا حزناه إن طردت عن حوض محمد المصطفى. آه وا نفساه إذا أضحى التراب لي فراشا ووطاء. آه وا نفساه إذا أسلموني الاحباء والاخلاء. آه وانفساه إذا أكلت الديدان محاسني واللحم، وتصرمت (9) الاعضاء. آه وا نفساه من ظلمة القبر ووحشة البلاء. آه وا نفساه إن حرمت الحور العين في جنة المأوى. آه وا نفساه إن حرست وحشرت يوم القيامة أعمى، وصرت في النار مع من هوى (10). آه وا نفساه إن سحبتني الملائكة على حر وجهي (11) غدا. آه وا نفساه إذا انقطع ذكري ونسيتني أهل الدنيا. آه وا نفساه إن لم يرض علي ربي غدا. آه وا خطيئتاه، تركتني خطيئتي كالحبة في المقلى. آه وا خطيئتاه، تركتني خطيئتي كالطير ليس له مأوى. آه وا خطيئتاه، تركتني خطيئتي كالسقيم ليس له شفاء.


9 – تصرمت: تقطعت. 10 – هوى: هلك. 11 – حر الوجه: ما بدا من الوجنة.

[ 433 ]

آه وا خطيئتاه تركتني خطيئتي في موارد الهلكى. آه وا خطيئتاه تركتني خطيئتي في طول حزن وبكاء. آه واخطيئتاه أبعدتني خطيئتي عن أهل التقوى. آه وا خطيئتاه من كانت له خطيئة فليبك قبل أن لا ينفع البكاء. آه وا خطيئتاه تركتني خطيئتي مغموما في دار الدنيا. آه وا خطيئتاه أوقعتني خطيئتي فيما أخاف وأخشى. آه وا خطيئتاه حالت خطيئتي بين الامهات والآباء. آه وا خطيئتاه مثل خطيئتي لا يقاس في الخطايا. آه وا خطيئتاه كيف تقلني (12) الارض أم كيف تظلني السماء؟! آه وا خطيئتاه كلما زاد عمري زاد ذنبي ونما (13). آه وا خطيئتاه علي أي حال ألقى ربي غدا؟! آه وا خطيئتاه أخلق (14) وجهي ذل الخطايا. يا رباه أنا صاحب الخطيئة والجناية العظمى. يا رباه ارحم من تجرأ عليك وافترى (15). يا رباه ارحم من لم يراقبك إذا خلا. يا رباه أنا صاحب الذنوب والخطايا. يا رباه ارحم من عاد في الذنوب مرة أخرى. يا رباه أعوذ بك من نار حرها لا يطفأ ودخانها لا ينقطع أبدا.


12 – تقلني: تحملني. 13 – نما: كثر. 14 – أخلق: غير وأبلى. 15 – افترى: كذب.

[ 434 ]

يا رباه نجنا من الاهوال غدا. يا رباه لا تذقنا القطران (16) بعد فراق الدنيا. يا رباه إليك الشكوى وإليك المشتكى. يا رباه أدخلنا جنة لا نجوع فيها ولا نعرى. يا رباه اسقنا العسل المصفى. يا رباه إليك أتوجه بمحمد المصطفى. يا رباه قد استوجبت العقوبة العظمى. يا رباه ارحمني إذا نزلت منزلا لا أزار فيه ولا أوتى. يا رباه أناديك بعظيم الرجاء. يا رباه لا أدري أغفرت لي ذنوبي ام لا؟ يا رباه اسقنا شربة لا نظمأ بعدها إبدا. يا رباه يا أكرم من تجاوز وعفا. يا رباه ارحم من أرخى الستور على الخطايا. يا رباه ارحم من صلى جوف الليل وناجى. يا رباه ارحم من لم يزل يعصيك صغيرا وكبيرا منذ نشأ. يا رباه صل على محمد في الآخرة والاولى. يا رباه لا تحرمنا شفاعته غدا. يا رباه صل على الملائكة السعداء والانبياء والشهداء.


16 – * *.

[ 435 ]

والحمد لله رب العالمين. (199) دعاؤه عليه السلام في المناجاة ” المعروفة بالانجيلية الطويلة ” بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بذكرك أستفتح مقالي، وبشكرك أستنجح سؤالي، وعليك أتوكل (1) في كل أحوالي، وإياك آمل (2) فلا تخيب آمالي. اللهم بذكرك أستعيذ وأعتصم (3) وبركنك ألوذ وأتحزم، وبقوتك أستجير وأستنصر، وبنورك أهتدي وأستبصر وإياك أستعين وأعبد، وإليك أقصد وأعمد، وبك أخاصم وأجادل، ومنك أطلب ما أحاول، فأعني يا خير المعينين، وقنى المكاره كلها يا رجاء المؤمنين. الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور على كل إحسان، المعبود في كل مكان، مدبر الامور، ومقدر الدهور، والعالم بما تجنه (4) البحور، وتكنه (5) الصدور، ويخفيه الظلام، ويبديه النور الذي حار في علمه العلماء، وسلم لحكمه الحكماء، وتواضع لعزته العظماء، وفاق بسعة فضله الكرماء، وساد (6) بعظيم حلمه الحلماء، والحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، ولا يقهر من استتر بعظمته


1 – توكلي ” خ “. 2 – وأنت أملي ” خ “. 3 – أعتصم: أمتنع. 4 – تجنه: تستره. 5 – تكنه: تخفيه. 6 – ساد: شرف ومجد.

[ 436 ]

ولا يكدي (7) من أذاع شكر نعمته، ولا يهلك من تغمده (8) برحمته ذي المنن التي لا يحصيها العادون، والنعم التي لا يجازيها المجتهدون والصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، والدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، أحمده جاهرا بحمده، شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بوعده (9) له الشكر الدائم، والامر اللازم. اللهم إياك أسأل، وبك أتوسل، وعليك أتوكل، وبفضلك أغتنم، وبحبلك أعتصم، وفي رحمتك أرغب، ومن نقمتك أرهب، و بعونك (10) أستعين، ولعظمتك أستكين. اللهم أنت الولي المرشد، والغني المرفد، والعون المؤيد، الراحم الغفور، والعاصم المجير، والقاصم المبير (11) والخالق الحكيم (12) والرازق الكريم، والسابق القديم. علمت فخبرت، وحلمت فسترت، ورحمت فغفرت، وعظمت فقهرت، وملكت فاستأثرت (13) وأدركت فاقتدرت، وحكمت فعدلت، وأنعمت فأفضلت، وأبدعت فأحسنت، وصنعت فأتقنت، وجدت فأغنيت، وأيدت (14) فكفيت، وخلقت فسويت، ووفقت فهديت.


7 – يكدي الرجل: يقل خيره. 8 – تغمده: غشيه. 9 – بعدله ” خ “. 10 – بقوتك ” خ “. 11 – مبير: مهلك. 12 – الحليم ” خ “. 13 – استأثر: استبد. 14 – أيدت: قويت.

[ 437 ]

بطنت الغيوب (15) فخبرت مكنون (16) أسرارها، وحلت بين القلوب وبين تصرفها على اختيارها، فأيقنت البرايا أنك مدبرها وخالقها، وأذعنت (17) أنك مقدرها ورازقها، لا إله إلا أنت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. اللهم إني أشهدك وأنت أقرب الشاهدين، وأشهد من حضرني من ملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، من الجنة والناس أجمعين. أني أشهد بسريرة زكية، وبصيرة من الشك برية، شهادة أعتقدها بإخلاص وإيقان، وأعدها طمعا في الخلاص والامان، أسرها تصديقا بربوبيتك، وأظهرها تحقيقا لوحدانيتك (18) لا أصد عن سبيلها، ولا ألحد في تأويلها، إنك أنت الله ربي لا أشرك بك أحدا، ولا أجد من دونك ملتحدا (19) لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد الذي لا يدخل في عدد، والفرد الذي لا يقاس بأحد، علا عن المشاكلة والمناسبة (20) وخلا من الاولاد والصاحبة، سبحانه من خالق ما أصنعه، ورازق ما أوسعه، وقريب ما أرفعه، ومجيب ما أسمعه، وعزيز ما أمنعه ” له المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم ” (2 1).


15 – بطنت الغيوب: عرفت باطنها. 16 – مكنون: مستور. 17 – أذعنت: أقرت واعترفت. 18 – بربوبيتك ” خ “. 19 – ملتحد: ملجأ. 20 – المناسبة: المماثلة والمشابهة. 21 -.

[ 438 ]

وأشهد أن محمدا نبيه المرسل، ووليه المفضل، وشهيده المعدل (22) المؤيد بالنور المضي، والمسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافية، والزواجر الناهية، والدلائل الهادية، التي أوضح برهانها، وشرح بيانها (23) في كتاب مهيمن على كل كتاب، جامع لكل رشد وصواب، فيه نبأ القرون (24) وتفصيل الشؤون، وفرض الصلاة والصيام، والفرق بين الحلال والحرام، فدعى إلى خير سبيل، وشفى من هيام الغليل، حتى علا الحق وظهر، وزهق الباطل وانحسر (25) صلى الله عليه وآله صلاة دائمة ممهدة، لا تنقضي لها مدة، ولا تنحصر لها عدة. اللهم صل على محمد وآل محمد ما جرت النجوم في الابراج وتلاطمت البحور بالامواج، وما ادلهم ليل داج (26) وأشرق نهار ذو ابتلاج (27) وصل عليه وآله ما تعاقبت الايام، وتناوبت الاعوام، وما خطرت الاوهام، وتدبرت الافهام، وما بقي الانام. اللهم صل على محمد خاتم الانبياء، وآله البررة الاتقياء، وعلى عترته النجباء الخيرة الاصفياء، صلاة مقرونة بالتمام والنماء، وباقية بلا فناء ولا انقضاء. اللهم رب العالمين، وأحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين


22 – المعدل: المزكى: 23 – تبيانها ” خ “. 24 – القرون: الازمنة الماضية. 25 – انحسر: زال. 26 – داج: مظلم. 27 – ذو ابتلاج: ذو ضياء.

[ 439 ]

أسألك من الشهادة أقسطها (28) ومن العبادة أنشطها، ومن الزيادة أبسطها، ومن الكرامة أغبطها، ومن السلامة أحوطها، ومن الاعمال أوسطها (29) ومن الآمال أوفقها، ومن الاقوال أصدقها، ومن المحال أشرفها، ومن المنازل ألطفها، ومن الحياطة أكنفها (30) ومن الرعاية أعطفها، ومن العصمة أكفاها، ومن الراحة (31) أشفاها، ومن النعمة أوفاها، ومن الهمم أعلاها، ومن القسم أسناها (32) ومن الارزاق أغزرها، ومن الاخلاق أطهرها، ومن المذاهب أقصدها (33) ومن العواقب أحمدها، ومن الامور أرشدها، ومن التدابير أوكدها (34) ومن الجدود (35) أسعدها، ومن الشؤون أعودها (36) ومن الفوائد أرجحها، ومن العوائد أنجحها، ومن الزيادات أتمها، ومن البركات أعمها، ومن الصالحات أعظمها. اللهم إني أسألك قلبا خاشعا زكيا، ولسانا صادقا عليا، ورزقا واسعا هنيا، وعيشا رغدا مريئا. وأعوذ بك من ضنك المعاش، ومن شر كل ساع وواش، وغلبة الاضداد والاوباش (37) وكل قبيح باطن أو فاش. وأعوذ بك من دعاء محجوب، ورجاء مكذوب، وحياء مسلوب


28 – أقسطها: أعدلها. 29 – أقسطها ” خ “. 30 – أكنفها: أحفظها. 31 – الرحمة ” خ “. 32 – أسناها: أرفعها. 33 – أقصدها: أرشدها. 34 – أوكدها: أوثقها. 35 – الجدود الحظوظ. 36 – أعودها: أنفعها. 37 – الاوباش: سفلة الناس.

[ 440 ]

وإخاء معبوب (38) واحتجاج مغلوب، ورأي غير مصيب. اللهم أنت المستعان والمستعاذ، وعليك المعول وبك الملاذ، فأنلني لطائف مننك فإنك لطيف، ولا تبتلني بمحنك فإني ضعيف، وتولني بعطف تحننك (39) يا رؤوف، يا من آوى (40) المنقطعين إليه، وأغنى المتوكلين عليه، جد (41) بغناك على فاقتي، ولا تحملني فوق طاقتي. اللهم اجعلني من الذين جدوا (42) في قصدك فلم ينكلوا (43) وسلكوا الطريق إليك فلم يعدلوا، واعتمدوا عليك في الوصول حتى وصلوا، فرويت قلوبهم من محبتك، وأنست نفوسهم بمعرفتك، فلم يقطعهم عنك قاطع، ولا منعهم عن بلوغ ما أملوه لديك مانع، فهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون ” لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ” (44). اللهم لك قلبي ولساني، وبك نجاتي وأماني، وأنت العالم بسري و إعلاني، فأمت قلبي عن البغضاء، وأصمت لساني عن الفحشاء، و أخلص سريرتي عن (45) علائق الاهواء، واكفني (46) بأمانك من عوائق الضراء. واجعل سري معقودا على مراقبتك، وإعلاني موافقا لطاعتك،


38 – العبية: الكبر والفخر. 39 – محبتك ” خ “. 40 – أدنى ” خ “. 41 – جد: تفضل وتكرم. 42 – جدوا: اجتهدوا. 43 – ينكلوا: يضعفوا. 44 – *. 45 – سريرتي وعلانيتي من ” خ “. 46 – واكنفني ” خ “.

[ 441 ]

وهب لي جسما روحانيا، وقلبا سماويا، وهمة متصلة بك، ويقينا صادقا في حبك، وألهمني من محامدك أمدحها، وهب لي من فوائدك أسمحها، إنك ولي الحمد والمستولي على المجد. يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، ولا يزيد جبروته إيمان الموحدين، إليك أستشفع بقديم كرمك، أ لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك، واصرفني بحسن نظرك لي عن ورطة المهالك، وعرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك. يا من قربت رحمته من المحسنين، وأوجب عفوه للاوابين، بلغنا برحمتك غنائم البر والاحسان، وجللنا بنعمتك ملابس العفو والغفران، وأصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، واحش (47) قلوبنا نورا يمنعها من الشبهات، وأودع نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، ورجاء الواثقين بتوفير الثواب، فلا نغتر بالامهال ولا نقصر في صالح الاعمال، ولا نفتر عن التسبيح بحمدك في الغدو والآصال. يا من آنس العارفين بطول (48) مناجاته، وألبس الخائفين ثوب موالاته. متى فرح من قصدت سواك همته؟! ومتى استراح من أرادت غيرك عزيمته؟! ومن ذا الذي قصدك بصدق الارادة فلم تشفعه في


47 – احش: املا. 48 – بطيب ” خ “.

[ 442 ]

مراده؟! أم من ذا الذي أعتمد عليك في أمره فلم تجد (49) بإسعاده؟! أم من ذا الذي استرشدك فلم تمنن بإرشاده؟! اللهم عبدك الضعيف الفقير، ومسكينك اللهيف المستجير، عالم أن في قبضتك أزمة التدبير، ومصادر المقادير عن إرادتك وأنك (50) قد أقمت بقدسك حياة لكل شئ، وجعلته نجاة لكل حي، فارزقه من حلاوة مصافاتك ما يصير به إلى مرضاتك، وهب له من خشوع التذلل وخضوع التبتل في رهبة الاخبات (51) وسلامة المحيا والممات، ما تحضره به كفاية المتوكلين، وتميره به رعاية المكفولين، وتعيره (52) به ولاية المتصلين المقبولين. يا من هو أبر بي من الوالد الشفيق، وأقرب إلي من الصاحب اللزيق (53). أنت موضع أنسي في الخلوة إذا أوحشني المكان، ولفظتني (54) الاوطان، وفارقتني الالاف (55) والجيران، وانفردت في محل ضنك قصير السمك (56) ضيق الضريح (57) مطبق الصفيح، مهول (58) منظره، ثقيل مدره، مستقلة (59) بالوحشة عرصته، مغشاة بالظلمة ساحته، على غير مهاد ولا وساد، ولا تقدمة زاد، ولا اعتداد لمعاد،


49 – تجد: تتكرم. 50 – وأنت ” خ “. 51 – الاخبات: الخشوع والتواضع. 52 – وتعزه ” خ “. 53 – الرفيق ” خ “. 54 – لفظتني: أبعدتني. 55 – الاهل ” خ “. الالاف: الاحبة. 56 – السمك: الارتفاع. 57 – المخرج ” خ “. 58 – * *. 59 – مخلاة ” خ “.

[ 443 ]

فتداركني برحمتك التي وسعت الاشياء أكنافها (60) وجمعت الاحياء أطرافها، وعمت البرايا (61) ألطافها وعد علي بعفوك يا كريم، ولا تؤاخذني بجهلي يا رحيم، اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، وأحاطت به خطيئاته، وحفت به جناياته، بعفوك ارحم من ليس له من عمله شافع، ولا يمنعه من عذابك مانع، ارحم الغافل عما أضله، والذاهل عن الامر الذي خلق له، ارحم من نقض العهد وغدر، وعلى معصيتك انطوى وأصر، وجاهرك بجهله وما استتر، ارحم من ألقى عن رأسه (62) قناع الحياء، وحسر (63) عن ذراعيه (64) جلبات الاتقياء، واجترا على سخطك بارتكاب الفحشاء، فيا من لم يزل عفوا غفارا ارحم من لم يزل مسقطا عثارا (65). اللهم اغفر لي ما مضى مني، واختم لي بما ترضى به عني، واعقد عزائمي على توبة بك متصلة ولديك متقبلة، تقيلني بها عثراتي، وتستر بها عوراتي، وترحم بها عبراتي، وتجيرني بها إجارة من معاطب (66) انتقامك، وتنيلني بها المسرة بمواهب إنعامك، يوم تبرز الاخبار، و تعظم الاخطار، وتبلى الاسرار، وتهتك الاستار، وتشخص القلوب والابصار ” يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء


60 – أكنافها: جوانبها. 61 – البرايا: الخلق. 62 – وجهه ” خ “. 63 – حسر: كشف. 64 – رأسه ” خ “. 65 – عثارا: كثير الزلل. 66 – معاطب: مهالك.

[ 444 ]

الدار ” (67) إنك معدن الآلاء والكرم، وصارف اللاواء (68) والنقم، لا إله إلا أنت عليك أعتمد وبك أستعين، وأنت حسبي وكفى بك وكيلا. يا مالك خزائن الاقوات وفاطر أصناف البريات، وخالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع أرضين مذللات، العالي في وقار العز والمنعة، والدائم في كبرياء الهيبة والرفعة، والجواد بنيله (69) على خلقه من سعة، ليس له حد ولا أمد، ولا يدركه تحصيل ولا عدد، ولا يحيط بوصفه أحد. الحمد لله خالق أمشاج النسم (70) ومولج الانوار في الظلم، ومخرج الموجود من العدم، والسابق الازلية بالقدم، والجواد على الخلق بسوابغ النعم، والعواد عليهم بالفضل والكرم، الذي لا يعجزه كثرة الانفاق، ولا يمسك خشية الاملاق، ولا ينقصه إدرار الارزاق، ولا يدرك بأناسي الاحداق (71) ولا يوصف بمضامة (72) ولا افتراق. أحمده على جزيل إحسانه، وأعوذ به من حلول خذلانه، وأستهديه بنور برهانه، وأومن به حق إيمانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي عم الخلائق جدواه (73) وتم حكمه فيمن أضل منهم وهداه، وأحاط علما بمن


67 – *. 68 – اللاواء: الشدة. 69 – نيله: عطائه. 70 – أمشاج النسم: أخلاط الخلق. 71 – * *. 72 – مضامة: اجتماع. 73 – جدواه: عطاؤه.

[ 445 ]

أطاعه وعصاه، واستولى على الملك بعز أبد فحواه، فسبحت له السماوات وأكنافها، والارض وأطرافها، والجبال وأعرافها (74) والشجر وأغصانها، والبحار وحيتانها، والنجوم في مطالعها، والامطار في مواقعها، ووحوش الارض وسباعها، ومدد الانهار وأمواجها، وعذب المياه وأجاجها، وهبوب الرياح (75) وعجاجها وكل ما وقع عليه وصف وتسميه، أو يدركه حد يحويه مما يتصور في الفكر، أو يتمثل بجسم أو قدر، أو ينسب إلى عرض أو جوهر (76) من صغير حقير، أو خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، معترفا له بالوحدانية طائعا، مستجيبا لدعوته خاضعا، متضرعا لمشيته متواضعا، له الملك الذي لا نفاد لديموميته ولا انقضاء لعدته (7 7). وأشهد أن محمدا عبده الكريم، ورسوله الطاهر المعصوم، بعثه والناس في غمرة (78) الضلالة ساهون، وفي غرة (79) الجهالة لا هون، لا يقولون صدقا ولا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوة، وحقت عليهم الشقوة، إلا من أحب الله إنقاذه، ورحمه وأعانه، فقام محمد صلوات الله عليه وآله فيهم مجدا في إنذاره، مرشدا لانواره، بعزم ثاقب (80) وحكم واجب، حتى تألق شهاب الايمان، وتفرق حزب الشيطان


74 – أعرافها: قممها. 75 – الريح ” خ “. 76 – وكل ما وقع عليه وهم أو حس أو حواه نوع أو جنس مما يتصور في فكر أو يعرف بحد أو قدر أو ينسب إلى عرض أو جوهر ” خ “. * *. 77 – لمدته ” خ “. 78 – غمرة: حيرة. 79 – غرة: غفلة. 80 – ثاقب: نافذ.

[ 446 ]

وأعز الله جنده، وعبد وحده. ثم اختاره الله فرفعه إلى زوج جنته، وفسيح كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم (81) صلى الله عليه وعلى آله وأقربيه، وذوي رحمه ومواليه، صلاة جليلة جزيلة، موصولة مقبولة، لا انقطاع لمزيدها، ولا اتضاع لمشيدها، ولا امتناع لصعودها، تنتهي إلى مقر أرواحهم، ومقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، ويشرف لديهم صلواتها، فتتلقاهم مقرونة بالروح والسرور، محفوفة (82) بالنضارة والنور، دائمة بلا فناء (83) ولا فتور. اللهم اجعل أكمل صلواتك وأشرفها، وأجمل تحياتك وألطفها، وأشمل بركاتك وأعطفها، وأجل هباتك وأرأفها على محمد خاتم النبيين وأكرم المرسلين المبعوث في الاميين، وعلى أهل بيته الاصفياء الطاهرين، وعترته النجباء المختارين، وشيعته الاوفياء الموازرين من أنصاره والمهاجرين، وأدخلنا في شفاعته يوم الدين مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا أكرم الاكرمين ويا أرحم الراحمين. اللهم أنت الملك الذي لا يملك (84) والواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر والنجوى، ويا دافع الضر والبلوى، ويا كاشف


81 – *. 82 – محفوفة: محاطة. 83 – فاد ” خ “. 84 – لا يهلك ” خ “.

[ 447 ]

العسر والبؤسى، وقابل العذر والعتبى ومسبل الستر على الورى (85) جللني من رأفتك بأمر (86) واق واشملني (87) من رعايتك بركن باق، وأوصلني بعنايتك إلى غاية السباق، واجعلني برحمتك من أهل الرعاية للميثاق، واعمر قلبي بخشية ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، ولم يكن بستره علي بخيلا، ولا بعقوبته علي عجولا، أتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، ولا تؤاخذتي بما سترت علي عند نظرك (88). سيدي كم من نعمة ظللت لانيق بهجتها لابسا، وكم أسديت عندي من يد قد طفقت (89) بهدايتها منافسا، وكم قلدتني من منة ضعفت قواي عن حملها، وذهلت (90) فطنتي عن ذكر فضلها، وعجز شكري عن جزائها، وضقت ذرعا بإحصائها، قابلتك فيها بالعصيان، ونسيت شكر ما أوليتني فيها من الاحسان، فمن اسوء حالا مني إن لم تتداركني بالغفران، وتوزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان؟! فلست مستطيعا لقضاء حقوقك إن لم تؤيدني بصحة (91) توفيقك. سيدي لولا نورك عميت عن الدليل، ولولا تبصيرك ضللت عن السبيل، ولولا تعريفك لم أرشد للقبول، ولولا توفيقك لم أهتد إلى


85 – الورى: الخلق. 86 – بأمن ” خ “. 87 – وسمني ” خ “. 88 – سترت بتطولك ” خ “. 89 – طفقت: ابتدأت، أخذت. 90 – ذهلت: غفلت، نسيت. 91 – بصحبة ” خ “.

[ 448 ]

معرفة التأويل. فيا من أكرمني بتوحيده، وعصمني عن الضلالة بتسديده، وألزمني إقامة حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك، وأحيني بيقين أسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، وأرأف من لجأ إليه اللاجون، وأكرم من قصده المحتاجون، ارحمني إذا انقطع معلوم عمري، ودرس (92) ذكري، وانمحى أثري، وبوئت (93) في الضريح مرتهنا بعملي، مسؤولا عما أسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي من الاموات ممن كان قبلي. رب سهل لي توبة إليك، وأعني عليها، واحملني على محجة الاخبات (94) لك، وأرشدني إليها، فإن الحول والقوة بمعونتك، والثبات والانتقال بقدرتك. يا من هو أرحم لي من الوالد الشفيق، وأبر بي من الولد الرفيق، وأقرب إلي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي، واجعل الخيرة العامة (95) فيما قضيت لي، واختم لي بالبر والتقوى عملي، وأجرني (96) من كل عائق يقطعني عنك، وكل قول وفعل يباعدني منك، و ارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة، وبدعة ممرضة.


92 – درس: انمحى. 93 – بوئت: أنزلت. 94 – محجة الاخبات: طريق الخشوع. 95 – التامة ” خ “. 96 – أجرني: أنقذني.

[ 449 ]

سيدي خاب رجاء من رجا سواك، وظفرت يدا من بحاجته ناجاك، وضل من العباد لكشف ضره (97) إلا إياك، أنت المؤمل في الشدة والرخاء، والمفزع في كل كربة وضراء، والمستجار به من كل فادحة ولاواء، لا يقنط من رحمتك إلا من تولى (98) وكفر، ولا ييأس من روحك إلا من عصى وأصر، أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين. يا من لا يحرم زواره عطاياه، ولا يسلم من استجاره واستكفاه، أملي واقف على جدواك، ووجه طلبتي منصرف عمن (99) سواك، وأنت الملي بتيسير الطلبات، والوفي بتكثير الرغبات، فأنجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، واسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك. سيدي ضعف جسمي، ودق عظمي، وكبر سني، ونال الدهر مني، ونفدت مدتي، وذهبت شهوتي، وبقيت تبعتي، فجد بحلمك على جهلي، وبعفوك على قبيح فعلي، ولا تؤاخذني بما كسبت من الذنوب العظام في سالف الايام. سيدي أنا المعترف بإساءتي، المقر بخطائي، المأسور بإجرامي المرتهن بآثامي، المتهور (100) بإساءتي، المتحير عن قصد طريقي انقطعت مقالتي، وضل (101) عمري، وبطلت حجتي في عظيم وزري،


97 – ضرهم ” خ “. 98 – تولى: أعرض. 99 – عن ” خ “. 100 – المتهور: اللامبالي. 101 – ضل: ضاع.

[ 450 ]

فامنن علي بكريم غفرانك، واسمح لي بعظيم إحسانك، فإنك ذو مغفرة للطالبين، شديد العقاب للمجرمين. سيدي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي. سيدي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما وظني بك أنك تقلبني (102) بالنجاة مرحوما؟! سيدي لم أسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الآملين. سيدي عظم جرمي إذ بارزتك باكتسابه، وكبر ذنبي إذ جاهرتك بارتكابه، إلا أن عظيم عفوك يسع المعترفين، وجسيم غفرانك يعم التوابين. سيدي إن دعاني إلى النار مخشي عقابك، فقد دعاني إلى الجنة مرجو ثوابك. سيدي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لطفك، فقد آنسنى اليقين بمكارم عطفك، وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد أيقظتني المعرفة بقديم آلائك، وإن عزب لبي عن تقديم ما (103) يصلحني، فلم يعزب إيقاني بنظرك إلي فيما ينفعني، وإن انقرضت بغير ما أحببت (104) من السعي أيامي، فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي. سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، وأقامني مقام الاذلاء


102 – تقلبني: تصرفني. 103 – عزب عني تقديم لما ” خ “. عزب لبي: بعد عقلي. 104 أوجبت ” خ “.

[ 451 ]

بين يديك ضر حاجتي. سيدي كرمت بكرمك فأكرمني إذ كنت من سؤالك، وجدت بمعروفك فاخلطني (105) بأهل نوالك. اللهم ارحم مسكينا لا يجيره إلا عطاؤك، وفقيرا لا يغنيه إلا جدواك. سيدي أصبحت على باب من أبواب منحك سائلا، وعن التعرض لسواك عادلا (106) وليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، ومضطر لانتظار فضلك المألوف. سيدي إن حرمتني رؤية محمد صلى الله عليه وآله في دار السلام، وأعدمتني طوف (107) الوصائف والخدام، وصرف وجه تأميلي بالخيبة في دار المقام، فغير ذلك منتني نفسي منك، يا ذا الطول والانعام. سيدي وعزتك لو قرنتني في الاصفاد، ومنعتني سيبك (108) من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، ولا صرفت وجه انتظاري للعفو منك. سيدي لو لم تهدني إلى الاسلام لضللت، ولو لم تثبتني إذا لزللت ولو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت ولا صدقت، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت، ولو لم تدلني على كريم ثوابك ما رغبت، ولو لم تبين لي أليم عقابك ما رهبت، فأسألك سيدي توفيقي لما يوجب ثوابك، وتخليصي مما يكسب عقابك.


105 – فألحقني ” خ “. 106 – عادلا: مائلا. 107 – طوائف ” خ “. 108 – سيبك: عطاءك.

[ 452 ]

سيدي إن أقعدني التخلف عن السبق مع الابرار، فقد أقامتني الثقة بك على مدارج (109) الاخيار. سيدي كل مكروب إليك يلتجئ، وكل محزون إياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، وسمع المولون (110) عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المجرمون بسعة رحمتك (111) فطمعوا، حتى ازدحمت عصائب العصاة من عبادك ببابك (112) وعجت إليك الالسن بأصناف الدعاء في بلادك، فكل أمل ساق صاحبه إليك محتاجا، وكل قلب تركه وجيب الخوف إليك مهتاجا (113). سيدي وأنت المسؤول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، ولم يردد راجيه فيزيله عن الحق إلى المعاطب. سيدي إن أخطأت طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد أصبت طريق الفرج (114) بما فيه سلامتها. سيدي إن كانت نفسي استعبدتني متمردة علي بما يرجيها (115) فقد استعبدتها الآن على ما ينجيها. سيدي إن أجحف بي زاد الطريق (116) في المسير إليك، فقد أوصلته بذخائر ما أعددته من فصل تعويلي (117) عليك. سيدي إذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، وإذا ذكرت


109 – مدارج: طرق. 110 – المولون: المعرضون. 111 – وسمع المحرومون بسعة فضلك ” خ “. 112 – استظهرها في البحار. 113 – مهتاجا: ثائرا. 114 – طريق المسألة إليك ” خ “. 115 – على ما يرديها ” خ “. 116 – * *. 117 – تعوي: اعتمادي.

[ 453 ]

عقوبتك بكت لها جفون وسائلي. سيدي أدعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه. سيدي و كيف أرد عارض تطلعي إلى نوالك، وإنما أنا في هذا الخلق أحد عيالك. سيدي كيف أسكت بالافحام (118) لسان ضراعتي، وقد أقلقني ما أبهم علي من تقدير عاقبتي؟! سيدي قد علمت حاجة جسمي إلى ما قد تكفلت لي من الرزق أيام حياتي، وعرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي، فيامن سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي إليه في الآجل، فمن شواهد نعماء الكريم إتمام نعمائه، ومن محاسن آلاء الجواد إكمال آلائه. سيدي لولا ما جهلت من أمري لم أستقلك عثراتي (119) ولولا ما ذكرت من شدة التفريط لم أسكب عبراتي. سيدي فامح مثبتات العثرات بمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات بقليل الحسنات. سيدي إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك، فإلى من يفزع المقصرون؟! وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين، فإلى من يلجأ الخاطئون؟! وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟! وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون، فبمن يستغيث المذنبون؟!


118 – أفحمه: أسكته بالحجة. 119 – * *.

[ 454 ]

سيدي إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله، فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل دنو أجله؟! وإن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين (120) سعي نقيته (121)؟! سيدي إن حجبت عن أهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم أوقعهم (122) غضبك بين المشركين بكرباتهم. سيدي إن لم تنشلنا (123) يد إحسانك يوم الورود اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود، فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، وأصف ما كدرته الجرائم بصفح صلاتك. سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، ولا كبير عمل أخلصته إلا أني واثق بكريم أفعالك، راج لجسيم إفضالك، عودتني من جميل تطولك عادة أنت أولى بإتمامها، ووهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة أنت المشكور على إلهامها. سيدي ما جفت (124) هذه العيون لفرط بكائها، ولا جادت هذه الجفون بفيض مائها، ولا أسعدها نجيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها (125) إلا لما أسلفته من عمدها وخطائها، وأنت القادر سيدي على كشف غمائها. سيدي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين،


120 – العاملين ” خ “. 121 – نقيته: خلاصة خاصته. 122 – أوبقهم ” خ “. 123 – تشملنا ” خ “. تنشلنا: تخلصنا. 124 – حنت ” خ “. 125 – عزائها: صبرها.

[ 455 ]

وحضضت (126) على إعطاء السائلين وأنت خير المسؤولين، وندبت (127) إلى عتق الرقاب وأنت خير المعتقين، وحثثت على الصفح عن المذنبين وأنت أكرم الصافحين. سيدي إن تلونا من كتابك سعة رحمتك، أشفقنا من مخالفتك، وفرحنا ببذل رحمتك، وإذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، وفرقنا (128) من أليم نقمتك، فلا رحمتك تؤمننا ولا سخطك يؤيسنا. سيدي كيف يتمنع من فيها من طوارق الرزايا، وقد رشق (129) في كل دار منها سهم من سهام المنايا؟! سيدي إن كان ذنبي منك قد أخافني، فإن حسن ظني بك قد أجارني، وإن كان خوفك قد أربقني (130) فإن حسن نظرك لي قد أطلقني. سيدي إن كان قد دنا مني إجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب أوجه وسائل عللي. سيدي من أولى بالرحمة منك إن رحمت؟ ومن أعدل في الحكم منك إن عذبت؟ سيدي لم تزل برا بي أيام حياتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي. سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي، وأنت لم تولني إلا جميلا في حياتي؟! سيدي عفوك أعظم من كل جرم، و نعمتك ممحاة لكل إثم.


126 – حضضت: حثثت. 127 – ندبت: دعوت. 128 – فرقنا: فزعنا. 129 – رشق: رمي. 130 – أوبقني ” خ “. أربقني: قيدني.

[ 456 ]

سيدي إن كانت ذنوبي قد أخافتني، فإن محبتي لك قد آمنتني، فتول من أمري ما أنت أهله، وعد بفضلك على من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانية، ولا تخفى عليه من الغوامض خافية، فاغفر لي ما خفي على الناس من أمري، وخفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري. سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا ولم تظهرها، فلا تفضحني بها في القيامة، واسترها، فمن أحق بالستر يا ستار، ومن أولى منك بالعفو عن المذنبين يا غفار؟! إلهي جودك بسط أملي، وسترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي. سيدي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، ولا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسألتك لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيئون، وأكرم من استغفره الخاطئون. سيدي لا تردني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك، ولا أجد غيرك معدلا بها عنك. سيدي لو أردت إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تسترني، فأدم امتاعي بما له هديتني، ولا تهتك عني ما به سترتني. سيدي لولا ما اقترفت من الذنوب ما خفت عقابك، ولولا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، وأنت أكرم الاكرمين بتحقيق آمال الآملين، وارحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.


[ 457 ]

سيدي ألقتني الحسنات بين جودك وإحسانك، وألقتني السيئات بين عفوك وغفرانك، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ مرتهن بجريرته، ومحسن مخلص في بصيرته. سيدي إذا (131) شهد لي الايمان بتوحيدك، ونطق لساني بتمجيدك، ودلني القرآن على فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، ولا تفرح أمنيتي بحسن مزيدك؟! سيدي إن غفرت (132) فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك، فيامن لا يرجى إلا فضله، ولا يخشى إلا عدله، امنن علي بفضلك، ولا تستقص علي في عدلك. سيدي أدعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، وأتضرع إليك تضرع من أقر على نفسه بالحجة في دعواه، وخضع لك خضوع من يؤملك لآخرته ودنياه، فلا تقطع عصمة رجائي، واسمع تضرعي، واقبل دعائي، وثبت حجتي على ما أثبت من دعواي. سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لاتيته، فأنا المقر بما أحصيته وجنيته، وخالفت أمرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، ولا تردني في طلبتي عند الانصراف. سيدي قد أصبت من الذنوب ما قد عرفت، وأسرفت على نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا: إما طائعا فأكرمته، وإما عاصيا فرحمته.


131 – إن ” خ “. 132 – عفوت ” خ “.

[ 458 ]

سيدي كأني بنفسي قد أضجعت في قعر حفرتها، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى عليها الغريب لطول غربتها، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها، وناداها من شفير القبر ذوو مودتها، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين إليها فرط فاقتها، ولا على من قد رآها توسدت الثرى عجز حيلتها فقلت: ملائكتي فريد نأى (133) عنه الاقربون، وبعيد جفاه الاهلون ووحيد فارقه المال والبنون، نزل بي قريبا، وسكن اللحد غريبا، وكان لي في دار الدنيا داعيا، ولنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي. إلهي وسيدي لو أطبقت (134) ذنوبي ما بين ثرى الارض إلى أعنان السماء، وخرقت النجوم إلى حد الانتهاء، ما ردني اليأس عن توقع غفرانك، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك. سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه، ووحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه (135) ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك، ومن إتمامها أن توجب لي محمود جزائك. سيدي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، ولست أياس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، إلهي وسيدي انهملت بالسكب


133 – نأى: بعد. 134 – أطبقت: غطت وعمت. 135 – ألزمتنيه ” خ “.

[ 459 ]

عبراتي، وحين ذكرت خطاياي وعثراتي، وما لها لا تنمهل وتجري وتفيض ماءها وتذري (136) ولست أدري إلى ما يكون مصيري! وعلى ما يتهجم (137) عند البلاغ مسيري! يا أنس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، ويا ثاني كل وحيد ارحم في الثرى طول وحدتي. سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثرى؟ وكيف صنيعك بي في دار الوحشة والبلى؟ فقد كنت بي لطيفا أيام حياة الدنيا، يا أفضل المنعمين في آلائه، وأنعم المفضلين في نعمائه، كثرت أياديك فعجزت عن إحصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد على ما أوليت من التفضل، ولك الشكر على ما أبليت من التطول. يا خير من دعاه الداعون، وأفضل من رجاه الراجون، بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبمحمد وأهل بيته أستشفع وأتقرب وأقدمهم أمام حاجتي إليك في الرغب والرهب. اللهم فصل على محمد وأهل بيته الطاهرين، واجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها (138) ومن الانجاس والارجاس نزيها، وبالتوسل بهم إليك مقربا وجيها. يا كريم الصفح والتجاوز، ومعدن العوارف (139) والجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، وهب لي من مراقبتك (140) ما يكون بيني و بين معصيتك حاجزا.


136 – تذري: تصب. 137 – * *. 138 – نبيها: شريفا. 139 – العوارف: العطايا. 140 – مراقبتك: النظر إلى عقابك، مخافتك.

[ 460 ]

سيدي إن من تقرب منك (141) لمكين من موالاتك، وإن من تحبب إليك لقمين (142) بمرضاتك، وإن من تعرف بك لغير مجهول، وإن من استجار بك لغير مخذول. سيدي أتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك؟! أم تراك تغل إلى الاعناق أكفا طالما تضرعت في دعائها إليك؟! أم تراك تقيد بأنكال (143) الجحيم أقداما طالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك، منا منك عليها لا منا منها عليك؟! سيدي كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري! وكم من بلية ابتليتني بها عجز عنها صبري! فيا من قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، وعجز صبري عند بليته فلم يخذلني، جميل فضلك علي أبطرني، وجليل (144) حلمك عني غرني. سيدي قويت بعافيتك على معصيتك، وأنفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، وأفنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جرأتي على ما عنه نهيتني، ولا انتهاكي ما منه حذرتني أن سترتني بحلمك الساتر، و حجبتني عن عين كل ناظر، وعدت بكريم أياديك حين عدت بارتكاب معاصيك فأنت العواد بالاحسان، وأنا العواد بالعصيان. سيدي أتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي،


141 – من تقرب لديك بالخير منك ” خ “. 142 – قمين: جدير. 143 – الانكال: القيود الشديدة. 144 – جميل ” خ “.

[ 461 ]

راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فتصرف رجائي من فضلك خائبا، ولا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي إن أملي فيك يتجاوز آمال الآملين، وسؤالي إياك لا يشبه سؤال السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا فلا غناء بي عنك في كل حال. سيدي غرني بك حلمك عني إذ حلمت، وعفوك عن ذنبي إذ رحمت، وقد علمت أنك قادر أن تقول للارض خذيه فتأخذني، وللسماء أمطريه حجارة فتمطرني، ولو أمرت بعضي أن يأخذ بعضا لما أمهلنى، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، وتب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي. سيدي أنت نوري في كل ظلمة، وذخري لكل ملمة (145) وعمادي عند كل شدة، وأنيسي في كل خلوة ووحدة، فأعذني من سوء مواقف الخائبين، واستنقذني من ذل مقام الكاذبين. سيدي أنت دليل من انقطع دليله، وأمل من امتنع تأميله، فإن كانت ذنوبي حالت بين دعائي وإجابتك، فلم يحل (146) كرمك بيني وبين مغفرتك، وأنك لا تضل من هديت، ولا تذل من واليت ولا يفتقر من أغنيت، ولا يسعد من أشقيت، وعزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، وأنست نفسي ببشارتها، ومحال في عدل أقضيتك، أن تسد أسباب (147) رحمتك عن معتقدي محبتك.


145 – ملمة: نازلة. 146 – فلن يحول ” خ “. 147 – أبواب ” خ “.

[ 462 ]

سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، ولو لا تسديد ك ينج المستبصرون (148) أنت سهلت لهم السبيل حتى وصلوا، وأنت أيدتهم بالتقوى حتى عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيلة، والمنة منك لديهم موصولة. سيدي أسألك مسألة مسكين ضارع، مستكين خاضع، أن تجعلني من الموقنين خبرا وفهما، والمحيطين معرفة وعلما، إنك لم تنزل كتبك إلا بالحق، ولم ترسل رسلك إلا بالصدق، ولم تترك عبادك هملا ولا سدى، ولم تدعهم بغير بيان ولا هدى، ولم تدعهم إلا إلى الطاعة، ولم ترض منهم بالجهالة والاضاعة، بل خلقتهم ليعبدوك، ورزقتهم ليحمدوك، ودللتهم على وحدانيتك ليوحدوك، ولم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون، ولم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، وبحجتك مخصوصون، أمرك فيهم نافذ (149) وقهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، وتهدي من أناب إليك من معاصيك (150) فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، على من أدخلته في سعة رحمتك، يا أكرم الاكرمين وأرأف الراحمين. سيدي خلقتني فأكملت تقديري (151) وصورتني فأحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا وبعد المغيب شهيدا (152)


148 – المستغفرون ” خ “. 149 – نافذ: مطاع. 150 – معاصيه ” خ “. 151 – * *. 152 – شهيدا: حاضرا.

[ 463 ]

وجعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا. ورزقتني من الغذاء سائغا هنيئا (153) ثم وهبت لي رحمة الآباء والامهات، وعطفت علي قلوب الحواضن والمربيات، كافيا لي شرور الانس والجان، مسلما لي من الزيادة والنقصان، حتى أفصحت ناطقا بالكلام، ثم أنبتني (154) زائدا في كل عام، وقد أسبغت علي ملابس الانعام. ثم رزقتني من ألطاف المعاش، وأصناف الرياش، وكنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، وبلغتني ما أحاول من سائر مطالبي، إتماما لنعمتك لدي، وإيجابا لحجتك علي، وذلك أكثر من أن يحصيه القائلون، أو يثني بشكره العاملون، فخالفت ما يقربني منك، واقترفت (155) ما يباعدني عنك، فظاهرت علي جميل سترك، وأدنيتني بحسن نظرك وبرك، ولم يباعدني عن إحسانك تعرضي لعصيانك، بل تابعت علي في نعمك، وعدت (156) بفضلك وكرمك، فإن دعوتك أجبتني، وإن سألتك أعطيتني، وإن شكرتك زدتني، وإن أمسكت عن مسألتك ابتدأتني، فلك الحمد على بوادي أياديك وتواليها، حمدا يضاهي آلائك ويكافيها. سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج، وأنا


153 – سائغا هنيئا: سهلا لذيذا. 154 – أنبتني: أنشأتني. 155 – اقترفت: اكتسبت. 156 – وجدت علي ” خ “.

[ 464 ]

إلى سترها علي في القيامة أحوج، فيامن جللني بستره عن لواحظ المتوسمين (157) لا تزل سترك عني على رؤوس العالمين. سيدي أعطيتني فأسنيت (158) حظي، وحفظتني فأحسنت حفظي، وغذيتني فأنعمت غذائي، وحبوتني (159) فأكرمت مثواي، وتوليتني بعوائد (160) البر والاكرام، وخصصتني بنوافل (161) الفضل والانعام، فلك الحمد على جزيل جودك ونوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب (162) مكافئا لما بذلته من أقسام المواهب. سيدي عودتني إسعافي بكل ما أسألك (163) وإجابتي إلى تسهيل كل ما أحاوله، وأنا أعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، وأنزل بك كل ما يخطر ببالي من الطلبات، واثقا بقديم طولك، ومدلا (164) بكريم تفضلك، وأطلب الخير من حيث تعودته، وألتمس النجح من معدنه الذي تعرفته، وأعلم أنك لا تكل اللاجين إليك إلى غيرك، ولا تخلي الراجين لحسن تطولك من نوافل برك. سيدي تتابع منك البر والعطاء، فلزمني الشكر والثناء، فما من شئ أنشره وأطويه من شكرك، ولا قول أعيده وأبديه في ذكرك، إلا


157 – المتوسمين: المتفرسين. 158 – أسنيت: رفعت. 159 – حبوتني: قربتني وأعطيتني. 160 – بفوائد ” خ “. 161 – نوافل: عطايا. 162 – الواصب: الدائم. 163 – أسأله ” خ “. 164 – مدلا: واثقا.

[ 465 ]

كنت له أهلا ومحلا، وكان في جنب معروفك مستصغرا مستقلا. سيدي أستزيدك من فوائد النعم، غير مستبطئ منك فيه سني الكرم، وأستعيذ بك من بوادر النقم، غير مخيل في عدلك خواطر التهم. سيدي عظم قدر من أسعدته باصطفائك، وعدم النصر من أبعدته من فنائك. سيدي ما أعظم روح قلوب المتوكلين عليك، وأنجح سعي الآملين لما لديك! سيدي أنت أنقذت أولياءك من حيرة الشكوك، وأوصلت إلى نفوسهم (165) حبرة (166) الملوك، وزينتهم بحلية الوقار والهيبة وأسبلت (167) عليهم ستور العصمة والتوبة، وصيرت هممهم في ملكوت السماء، وحبوتهم بخصائص الفوائد والحباء، وعقدت عزائمهم بحبل محبتك، وآثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون، وعند نهيك وأمرك واقفون، وبمناجاتك آنسون، ولك بصدق الارادة مجالسون، وذلك برأفة تحننك عليهم، وما أسديت من جميل منك (168) إليهم. سيدي بك وصلوا إلى مرضاتك، وبكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من أهل طاعتك، ولا تدخلني


165 – قلوبهم ” خ “. 166 – حبرة: سرور. 167 – أسبلت: أرخيت. 168 – مننك ” خ “.

[ 466 ]

فيمن جانبهم (169) من أهل معصيتك، واجعل ما أعتقدته من ذكرك، خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار والعلن، مشوبا بخشيتك في كل أوان، مقربا من طاعتك في الاظهار والابطان، داخلا فيما يؤيده الدين ويعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا وتهدمه، منزها عن قصد أحد سواك، وجيها عندك يوم أقوم لك وألقاك، محصنا من لواحق الرياء، مبرأ من بوائق (170) الاهواء، عارجا إليك مع صالح الاعمال، بالغدو والآصال، متصلا لا تنقطع بوادره، ولا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، ولا يمسه إلا المطهرون. اللهم أنت ولي الاصفياء والاخيار، ولك الخلق وإليك الاختيار، وقد ألبستني في الدنيا ثوب عافيتك، وأودعت (171) قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الآخرة عن عواطف رأفتك، واجعلني ممن شمله عفوك، ولم تنله سطوتك. يا من يعلم علل الحركات وحوادث السكون، ولا يخفى عليه عوارض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين أوضحت لهم الدليل عليك، وفسحت لهم السبيل إليك، فاستشعروا (172) مدارع الحكمة، واستطرقوا سبل التوبة، حتى أناخوا في رياض الرحمة،


169 – جانبهم: باعدهم. 170 – بوائق: دواهي وشرور. 171 – وأوردت ” خ “. 172 – استشعروا: لبسوا.

[ 467 ]

وسلموا من الاعتراض بالعصمة، إنك ولي من اعتصم بنصرك، ومجازي من أذعن (173) بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، ولا تسأل عن فعلك، جل ثناؤك، وفضل عطاؤك، وتظاهرت نعماؤك، وتقدست أسماؤك، فبتسييرك (174) يجري سداد الامور، و بتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير ولا يجار منك، ولا لراغب مندوحة (175) عنك. سبحانك لا إله إلا أنت، عليك توكلي، وإليك يفد أملي، وبك ثقتي، وعليك معولي، ولا حول لي عن معصيتك إلا بتسديدك، ولا قوة لي على طاعتك إلا بتأييدك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا أرحم الراحمين، وخير الغافرين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله وحده، ونعم المعين (176). يا خير مدعو ويا خير مسؤول (177) ويا أوسع من أعطى، ويا خير مرتجى ارزقني وأوسع علي من واسع رزقك، رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، وسبب لي ذلك من فضلك إنك على كل شئ قدير يا أرحم الراحمين. (178)


173 – أذعن: أقر، اعترف. 174 – فبتيسيرك ” خ “. 175 – مندوحة: سعة. 176 – * *. 177 – يا خير مسؤول وأكرم مأمول ” خ “. 178 – * *.

[ 468 ]

(200) دعاؤه عليه السلام في المناجاة ” المعروفة بالانجيلية الوسطى ” (1) سبحانك يا إلهي ما أحلمك وأعظمك وأعزك وأكرمك وأعلاك وأقدمك وأحكمك وأعلمك! وسع علمك تمرد (2) المتكبرين، واستغرقت (3) نعمتك شكر الشاكرين، وعظم نضلك عن إحصاء المحصين، وجل طولك عن وصف الواصفين. خلقتنا بقدرتك ولم نك شيئا، وصورتنا في الظلماء بكنه لطفك، و أنهضتنا إلى نسيم روحك، وغذوتنا بطيب رزقك، ومكنت لنا في مهاد أرضك، ودعوتنا إلى طاعتك، فاستنجدنا بإحسانك على عصيانك، ولولا حلمك ما أمهلتنا إذ كنت قد سدلتنا بسترك، وأكرمتنا بمعرفتك، وأظهرت علينا حجتك، وأسبغت علينا نعمتك، وهديتنا إلى توحيدك، وسهلت لنا المسلك إلى النجاة، وحذرتنا سبيل المهلكة، فكان جزاؤك منا أن كافأناك على الاحسان بالاساءة اجتراء منا على ما أسخط، ومسارعة إلى ما باعد من رضاك و اغتباطا (4) بغرور آمالنا، وإعراضا على (5) زواجر آجالنا، فلم يردعنا (6) ذلك.


1 – * *. 2 – تهدد ” خ “. 3 – استغرقت: استوعبت. 4 – اغتباطا: فرحا. 5 – عن ” ظ “. 6 – يردعنا: يزجرنا.

[ 469 ]

حتى أتانا وعدك، ليأخذ القوة منا، فدعوناك مستحطين لميسور رزقك، منتقصين (7) لجوائزك، فنعمل بأعمال الفجار كالمراصدين لمثوبتك بوسائل الابرار، نتمنى عليك العظائم. فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة عظمت رزيتها، وساء ثوابها، وظل عقابها، وطال عذابها، إن لم تتفضل بعفوك ربنا، فتبسط آمالنا، وفي وعدك العفو عن زللنا. رجونا إقالتك (8) وقد جاهرناك بالكبائر، واستخفينا فيها من أصاغر خلقك، ولا نحن راقبناك خوفا منك وأنت معنا، ولا استحيينا منك وأنت ترانا، ولا رعينا حق حرمتك. أي رب فبأي وجه عز وجهك نلقاك؟ أو بأي لسان نناجيك وقد نقضنا العهود بعد توكيدها وجعلناك علينا كفيلا؟! ثم دعوناك عند البلية ونحن مقتحمون في الخطيئة، فأجبت دعوتنا وكشفت كربتنا، ورحمت فقرنا وفاقتنا، فيا سوأتاه ويا سوء صنيعاه، بأي حالة عليك اجترأنا؟ وأي تغرير بمهجنا غررنا؟ أي رب بأنفسنا استخففنا عند معصيتك لا بعظمتك، وبجهلنا اغتررنا لا بحلمك، وحقنا أضعنا لا كبير حقك، وأنفسنا ظلمنا، ورحمتك رجونا، فارحم تضرعنا وكبونا (9) لوجهك وجوهنا المسودة من ذنوبنا. فنسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تصل خوفنا بأمنك،


7 – منتقصين: عائبين. 8 – إقالتك: صفحك. 9 – كبونا: إسقاطنا حياء وتذللا.

[ 470 ]

ووحشتنا بأنسك، ووحدتنا بصحبتك، وفناءنا ببقائك، وذلنا بعزك، وضعفنا بقوتك، فإنه لا ضيعة على من حفظت، ولا ضعف على من قويت، ولا وهن على من أعنت. نسألك يا واسع البركات، ويا قاضي الحاجات، ويا منجح الطلبات، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقنا خوفا وحزنا تشغلنا بهما عن لذات الدنيا وشهواتها، وما يعترض لنا فيها عن العمل بطاعتك، إنه لا ينبغي لمن حملته من نعمك ما حملتنا أن يغفل عن شكرك، وأن يتشاغل بشئ غيرك، يا من هو عوض من كل شئ وليس منه عوض. ربنا فداونا قبل التعلل، واستعملنا بطاعتك قبل انصرام (10) الاجل، وارحمنا قبل أن يحجب دعاؤنا فيما نسأل، وامنن علينا بالنشاط، وأعذنا من الفشل والكسل والعجز، والعلل والضرر، والضجر والملل، والرياء والسمعة، والهوى والشهوة، والاشر والبطر، والمرح والخيلاء (11) والجدال والمراء، والسفه والعجب والطيش، وسوء الخلق والغدر، وكثرة الكلام فيما لا تحب، والتشاغل بما لا يعود علينا نفعه، وطهرنا من اتباع الهوى ومخالطة السفهاء، وعصيان العلماء والرغبة عن القراء، ومجالسة الدناة، واجعلنا ممن يجالس أولياءك ولا تجعلنا من المقارنين لاعدائك، وأحينا حياة الصالحين، وارزقنا


10 – انصرام: انقطاع وانقضاء. 11 – الخيلاء: العجب.

[ 471 ]

قلوب الخائفين، وحذر أهل اليقين، وصبر الزاهدين، وخوف المتقين، وقناعة المنيبين (12) ويقين الصابرين، وأعمال العابدين، وحرص المشتاقين، حتى توردنا جنتك غير معذبين. اللهم إني أسألك العمل بفرائضك، وألتمسك بسنتك، والوقوف عند نهيك، والطاعة لاهل طاعتك، والانتهاء عن محارمك. اللهم ارزقنا معروفا في غير أذى ولا منة، وعزا بك في غير ضلالة، وتثبيتا ويقينا وتذكرا وقناعة وتعففا وغنى عن الحاجة إلى المخلوقين، ولا تجعل وجوهنا مبذولة لاحد من العالمين، فإنه من حمل فضل غيره من الادميين خضع له، فلهم ينهه عن باطل ولم يبغضه على معصية، بل اجعل أرزاقنا من عندك دارة (13) وأعمالنا مبرورة، وأعذنا من الميل إلى إهل الدنيا، والتصنع لهم بشئ من الاشياء. اللهم وما أجريت على ألسنتنا من نور البيان، وإيضاح البرهان، فاجعله نورا لنا في قبورنا ومبعثنا، ومحيانا ومماتنا، وعزا لنا لا ذلا علينا وأمنا لنا من محذور الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين أسرعت أرواحهم في العلى، وخطت هممهم في عز الورى، فلم تزل قلوبهم والهة طائرة، حتى أناخوا في رياض النعيم، وجنوا من ثمار النسيم، وشربوا بكأس العيش، وخاضوا لجة السرور، وغاضوا في بحر الحياة


12 – وصبر الزاهدين وقناعة المتقين ” خ “. 13 – دارة: كثيرة.

[ 472 ]

واستظلوا في ظل الكرامة، آمين رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا ممن جاسوا خلال ديار الظالمين (14) واستوحشوا من مؤانسة الجاهلين، وسموا (15) إلى العلو بنور الاخلاص، وركبوا في سفينة النجاة، وأقلعوا بريح اليقين، وأرسوا بشط بحار الرضا يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين غلقوا باب الشهوة من قلوبهم، واستنقذوا من الغفلة أنفسهم، واستعذبوا مرارة العيش، واستلانوا البسط، وظفروا بحبل النجاة، وعروة السلامة والمقام في دار الكرامة. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين تمسكوا بعروة العلم، وأدبوا أنفسهم بالفهم، وقرأوا صحيفة السيئات، ونشروا ديوان الخطيئات، وتجرعوا مرارة الكمد (16) حتى سلموا من الآفات، ووجدوا الراحة في المنقلب. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين غرسوا أشجار الخطايا نصب روامق (17) القلوب، وسقوها من ماء التوبة حتى أثمرت الندامة، فاطلعتهم على ستور خفيات العلى، وآمنتهم من المخاوف والاحزان والغموم والاشجان (18) ونظروا في مرآة


14 – * *. 15 – سموا: ارتفعوا. 16 – الكمد: الحزن والغم الشديد. 17 – روامق: لواحظ. 18 – الاشجان: الاحزان.

[ 473 ]

الفكر، فأبصروا جسيم الفطنة، ولبسوا ثوب الخدمة. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين شربوا بكأس الصفاء فأورثتهم (19) الصبر على طول البلاء، فقرت أعينهم بما وجدوا من العين (20) حتى تولهت (21) قلوبهم في الملكوت وجالت (22) بين سرائر حجب الجبروت، ومالت أرواحهم إلى ظل برد المشتاقين، في رياض الراحة، ومعدن العز، وعرصات المخلدين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين رتعوا في زهرة ربيع الفهم حتى تسامى بهم السمو إلى أعلى عليين، فرسموا ذكر هيبتك في قلوبهم، حتى ناجتك ألسنة القلوب الخفية، بطول استغفار الوحدة في محاريب قدس رهبانية الخاشعين، وحتى لاذت أبصار القلوب نحو السماء، وعبرت أعين النواحين بين مصاف الكروبيين (23) ومجالسة الروحانيين، لهم زفرات أحرقت القلوب عند إرسال الفكر في مراتع الاحسان بين يديك، وأنضجت (24) نار الخشية منابت الشهوات من قلوبهم، وسكنت بين خوافي طابق (25) العضلات من صدورهم، فأنبه الذكر رقاد قلوبهم (26). اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين اشتغلوا


19 – فأورتهم ” خ “. 20 – العبر ” خ “. 21 – تولهت: تحيرت. 22 – جالت: طافت. 23 – الكروبيين: سادة الملائكة والمقربين منهم. 24 – أججت ” خ “. 25 – أطباق ” خ “. 26 – رقاد القلوب: غفلتها.

[ 474 ]

بالذكر عن الشهوات، وخالفوا دواعي العزة بواضحات المعرفة، وأطفأوا نار الشهوات بنصح ماء التوبة، وغسلوا أوعية الجهل بصفو ماء الحياة، حتى جالت في مجالس الذكر رطوبة ألسنة الذاكرين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا ممن سهلت له طريق الطاعة بالتوفيق في منازل الابرار، فحيوا وقربوا وأكرموا وزينوا بخدمتك. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين أرسلت عليهم ستور (27) عصمة الاولياء، وخصت قلوبهم بطهارة الصفاء، وزينتها بالفهم والحياء في منزل الاصفياء، وسيرت هممهم (28) في ملكوت سماواتك حجبا حجبا، حتى ينتهي إليك واردها، ومتع أبصارنا بالجولان في جلالك، لتسهرنا عما نامت عنه قلوب الغافلين، واجعل قلوبنا معقودة بسلاسل النور، وعلقها من أركان عرشك بأطناب الذكر، واشغلها (29) بالنظر إليك عن شر مواقف المختانين (30) وأطلقها من الاسر لتجول في خدمتك من الجوالين، واجعلنا بخدمتك للعباد والابدال (31) في أقطارنا طلابا، وللخاصة من أصفيائك أصحابا، وللمريدين المتعلقين ببابك أحبابا. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين عرفوا


27 – شؤون ” خ “. 28 – ويسرت همهم ” خ “. 29 – اشغلنا ” خ “. 30 – المختالين ” خ “. المختانين: الخائنين. 31 – * *.

[ 475 ]

أنفسهم، وأيقنوا بمستقرهم، فكانت أعمارهم في طاعتك تفنى، وقد نحلت أجسادهم بالحزن وإن لم تبل، وهدت إلى ذكرك وإن لم تبلغ إلى مستراح الهدى. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين فتقت لهم رتق عظيم حواشي جفون حدق عيوب القلوب (3 2) حتى نظروا إلى تدابير حكمتك، وشواهد حجج بيناتك، فعرفوك بمحصول فطن القلوب، وإنت في غوامض سترات حجب الغيوب (33) فسبحانك أي عين يرمى (34) بها نصب نورك، أم ترقى إلى نور ضياء قدسك؟! أو أي فهم يفهم ما دون ذلك إلا الابصار التي كشفت عنها حجب العمية؟! فرقت (35) أرواحهم على أجنحة الملائكة، فسماهم أهل الملكوت زوارا، وأسماهم أهل الجبروت عمارا، فترددوا في مصاف المسبحين، وتعلقوا بحجاب القدرة، وناجوا ربهم عند كل شهوة، فخرقت (36) قلوبهم حجب النور، حتى نظروا بعين القلوب إلى عز الجلال في عظم الملكوت، فرجعت القلوب إلى الصدور على النيات (37) بمعرفة توحيدك، فلا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. إلهي في هذه الدنيا هموم وأحزان وغموم وبلاء، وفي الآخرة


32 – * *. 33 – القلوب ” خ “. 34 – تقوم ” خ “. 35 – رقت: صعدت. 36 – خرقت: مزقت. 37 – الثبات ” خ “.

[ 476 ]

حساب وعقاب. فأين الراحة والفرج؟ إلهي خلقتني بغير أمري، وتميتني بغير إذني، ووكلت بي عدوا لي له علي سلطان يسلك بي البلايا مغرورا، وقلت لي: ” استمسك ” (38) فكيف أستمسك إن لم تمسكني؟! اللهم صل على محمد وآل محمد وثبتني بالقول الثابت في الدنيا والآخرة، وثبتني بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها يا أرحم الراحمين. يا من قال ” ادعوني ” (39) ” فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ” (40) وقد دعوتك يا إلهي كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني إنك لا تخلف الميعاد. اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي وما ولدا، ومن ولدت وما توالدوا، ولاهلي وولدي وأقاربي وإخواني فيك وجيراني من المؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والاموات ” ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ” (41). (201) دعاؤه عليه السلام في المناجاة بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أسألك أن تعصمني حتى لا أعصيك، فإني قد بهت (1)


38 – 41 *. 1 – بهت: دهشت.

[ 477 ]

وتحيرت من كثرة الذنوب مع العصيان، ومن كثرة كرمك مع الاحسان، وقد أكلت (2) لساني كثرة ذنوبي، وأذهبت عني ماء وجهي، فبأي وجه ألقاك وقد أخلقت الذنوب وجهي؟! وبأي لسان أدعوك وقد أخرست المعاصي لساني؟! وكيف أدعوك وأنا العاصي؟! وكيف لا أدعوك وأنت الكريم؟! وكيف أفرح وأنا العاصي؟! وكيف أحزن وأنت الكريم؟! وكيف أدعوك وأنا أنا؟! وكيف لا أدعوك وأنت أنت؟! وكيف أفرح وقد عصيتك؟! وكيف أحزن وقد عرفتك؟! وأنا أستحيي أن أدعوك وأنا مصر على الذنوب، وكيف بعبد لا يدعو سيده؟! وأين مفره وملجأه إن يطرده؟! إلهي، بمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي؟! ومن يرحمني إن لم ترحمني؟! ومن يدركني إن لم تدركني؟! وأين الفرار إذا ضاقت لديك أمنيتي؟ إلهي، بقيت بين خوف ورجاء، خوفك يميتني، ورجاؤك يحييني. إلهي، الذنوب صفاتنا، والعفو صفاتك. إلهي، الشيبة نور من أنوارك، فمحال أن تحرق نورك بنارك. إلهي، الجنة دار الابرار، ولكن ممرها على النار، فيا ليتني إذا حرمت (3) الجنة لم أدخل النار.


2 – أكلت: أعيت. 3 – فياليتها إذ حرمت ” خ “.

[ 478 ]

إلهي، وكيف أدعوك وأتمنى الجنة مع أفعالي القبيحة؟! وكيف لا أدعوك ولا أتمنى الجنة مع أفعالك الحسنة الجميلة؟! إلهي، أنا الذي أدعوك وإن عصيتك، ولا ينسى قلبي ذكرك. إلهي، أنا الذي أرجوك وإن عصيتك، ولا ينقطع رجائي من رحمتك. إلهي، أنا الذي إذا طال عمري زادت ذنوبي، وطالت مصيبتي بكثرة ذنوبي، وطال رجائي بكثرة عفوك يا مولاي. إلهي، ذنوبي عظيمة، ولكن عفوك أعظم من ذنوبي. إلهي، بعفوك العظيم اغفر لي ذنوبي العظيمة، فإنه لا يغفر الذنوب العظيمة إلا الرب العظيم. إلهي، أنا الذي أعاهدك فأنقض عهدي، وأترك عزمي (4) حين تعرض شهوتي، فأصبح بطالا وأمسي لاهيا، وتكتب ما قدمت يومي وليلتي. إلهي، ذنوبي لا تضرك وعفوك إياي (5) لا ينقصك فاغفر لي مالا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك. إلهي، إن أحرقتني لا ينفعك (6) وإن غفرت لي (7) لا يضرك، فافعل بي ما لا يضرك ولا تفعل بي ما لا يسرك. إلهي، لولا أن العفو من صفاتك لما عصاك أهل معرفتك.


4 – عزمي: نيتي. 5 – كذا. * *. 6 – لا يسرك ” خ “. 7 – عفوت عني ” خ “.

[ 479 ]

إلهي، لولا أنك بالعفو تجود لما عصيتك وإلى (8) الذنب أعود (9). إلهي، لولا أن العفو أحب الاشياء لديك لما عصاك أحب الخلق إليك. إلهي، رجائي منك غفران، وظني فيك إحسان، أقلني عثرتي ربي فقد كان الذي كان، فيامن له رفق بمن يعاديه، فكيف بمن يتولاه ويناجيه؟! ويا من كلما نودي أجاب، ويا من بجلاله ينشئ السحاب، أنت الذي قلت: ” من الذي دعاني فلم ألبه “؟ ” ومن الذي سألني فلم أعطه “؟ ” ومن الذي أقام ببابي فلم أجبه “؟ وأنت الذي قلت: ” أنا الجواد ومني الجود، وأنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي في العاصين أن أكلاهم (10) في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوني ” (11). إلهي، من الذي يفعل الذنوب؟ ومن الذي يغفر الذنوب؟ فأنا فعال الذنوب، وأنت غفار الذنوب. إلهي، بئس ما فعلت من كثرة الذنوب والعصيان، ونعم ما فعلت من الكرم والاحسان. إلهي، أنت الذي أغرقتني بالجود والكرم والعطايا، وأنا الذي


8 – ولا إلى ” خ “. 9 – أدعو ” خ “. 10 – أكلاهم: أحفظهم. 11 – كذا. * *.

[ 480 ]

أغرقت نفسي بالذنوب والجهالة والخطايا، وأنت مشهور بالاحسان، وأنا مشهور بالعصيان. إلهي، ضاق صدري ولست أدري بأي علاج أدواي ذنبي؟ فكم أتوب منها؟ وكم أعود إليها؟ وكم أنوح عليها ليلي ونهاري؟ فحتى متى يكون وقد أفنيت بها عمري؟! إلهي، طال حزني، ودق (12) عظمي، وبلي جسمي (13) وبقيت الذنوب على ظهري، فإليك أشكو سيدي فقري وفاقتي، وضعفي وقلة حيلتي. إلهي، ينام كل ذي عين، ويستريح إلى وطنه، وأنا وجل القلب وعيناي تنتظران (14) رحمة ربي، فإدعوك يا رب فاستجب دعائي، واقض حاجتي، وأسرع بإجابتي. إلهي، أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، ولست أياس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون. إلهي، أتحرق بالنار وجهي، وكان لك مصليا؟! إلهي، اتحرق بالنار عيني، وكانت من خوفك باكية؟! إلهي، أتحرق بالنار لساني، وكان للقرآن تاليا؟! إلهي، أتحرق بالنار قلبي، وكان لك محبا؟! إلهي، أتحرق بالنار جسمي، وكان لك خاشعا؟!


12 – رق ” خ “. 13 – جسدي ” خ “. 14 – تنظران ” خ “.

[ 481 ]

إلهي، أتحرق بالنار أركاني، وكانت لك ركعا سجدا؟! إلهي، أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين، وإمرت بصلة السؤال وأنت خير المسؤولين. إلهي، إن عذبتني فعبد خلقته لما أردته فعذبته، وإن أنجيتني فعبد وجدته مسيئا فأنجيته. إلهي، لا سبيل لي إلى الاحتراس من الذنب إلا بعصمتك، ولا وصول لي إلى عمل الخير إلا بمشيتك، فكيف لي بالاحتراس ما لم تدركني فيه عصمتك؟! إلهي، سترت علي في الدنيا ذنوبا ولم تظهرها، فلا تفضحني بها يوم القيامة على رؤوس العالمين. إلهي، جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي. إلهي، إذا شهد لي الايمان بتوحيدك، ونطق لساني بتحميدك، ودلني القرآن على فواضل جودك، فكيف ينقطع رجائي بموعودك (15)؟! إلهي، أنا الذي قتلت نفسي بسيف العصيان، حتى استوجبت منك القطيعة والحرمان، فالامان الامان، هل بقي لي عندك وجه الاحسان؟


15 – بموعدك ” خ “.

[ 482 ]

إلهي، عصاك آدم فغفرت له، وعصاك خلق من ذريته، فيامن عفا عن الوالد (16) معصيته، اعف عن الولد العصاة لك من ذريته. إلهي، خلقت جنتك لمن أطاعك، ووعدت فيها ما لا يخطر بالقلوب، ونظرت إلى عملي، فرأيته ضعيفا يا مولاي، وحاسبت نفسي، فلم أجد أن أقوم بشكر ما أنعمت علي، وخلقت نارا لمن عصاك، ووعدت فيها أنكالا (17) وجحيما وعذابا، وقد خفت يا مولاي أن أكون مستوجبا لها لكبير جرأتي، وعظيم جرمي، وقديم إساءتي، فلا يتعاظمك ذنب تغفره لي، ولا لمن هو أعظم جرما مني لصغر خطري (18) في ملكك مع يقيني بك، وتوكلي ورجائي لديك. إلهي، جعلت لي عدوا يدخل قلبي، ويحل محل الرأي والفكرة مني، وأين الفرار إذا لم يكن منك عون عليه؟! إلهي، إن الشيطان فاجر خبيث، كثير المكر، شديد الخصومة، قديم العداوة، كيف ينجو من يكون معه في دار وهو المحتال؟! إلا أني أجد كيده ضعيفا، فإياك نعبد وإياك نستعين، وإياك نستحفظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يا كريم يا كريم يا كريم. (202) دعاؤه عليه السلام في المناجاة


16 – الوالد: يعني به هنا ” آدم عليه السلام “. 17 – أنكالا: قيودا شديدا. 18 – خطري: قدري.

[ 483 ]

إلهي ومولاي وغاية رجائي، أشرفت (1) من عرشك على أرضيك وملائكتك وسكان سماواتك وقد انقطعت الاصوات، وسكنت الحركات، والاحياء في المضاجع كالاموات، فوجدت عبادك في شتى الحالات: فمن خائف لجأ إليك فآمنته، ومذنب دعاك للمغفرة فأجبته، وراقد أستودعك نفسه فحفظته، وضال أسترشدك فأرشدته، ومسافر لاذ (2) بكنفك فآويته، وذي حاجة ناداك لها فلبيته، وناسك أفنى بذكرك ليله فأحظيته (3) وبالفوز جازيته، وجاهل ضل عن الرشد، وعول (4) على الجلد (5) من نفسه فخليته. إلهي، فبحق الاسم الذي إذا دعيت به أجبت، والحق الذي إذا أقسمت به أوجبت، وبصلوات العترة الهادية والملائكة المقربين، صل على محمد وآل محمد واجعلني ممن خاف فآمنته، ودعاك للمغفرة فأجبته، واستودعك نفسه فحفظته، واسترشدك فأرشدته، ولاذ بكنفك فآويته، وناداك للحوائج فلبيته، وأفنى بذكرك ليله فأحظيته، وبالفوز جازيته، ولا تجعلني ممن ضل عن الرشد وعول على الجلد من نفسه (6) فخليته. إلهي، غلقت الملوك أبوابها، ووكلت بها حجابها، وبابك


1 – أشرقت: ” خ “. 2 – لاذ: التجأ. 3 – أحظيته: جعلته ذا منزلة. 4 – عول: استعان واتكل. 5 – الجلد: الصبر والصلابة 6 – عول على نفسه ” خ “.

[ 484 ]

مفتوح لقاصديه، وجودك موجود لطالبيه، وغفرانك مبذول لمؤمليه، وسلطانك رافع لمستحقيه. إلهي، خلت نفسي بأعمالها بين يديك، وانتصبت بالرغبة خاضعة لديك، ومستشفعة بكرمك إليك، فبصلوات العترة الهادية والملائكة المسبحين، صل على سيدنا محمد وآله الطاهرين واقض حاجاتها، وتغمد هفواتها (7) وتجاوز فرطاتها (8) فالويل لها إن صادفت نقمتك، والفوز لها إن أدركت رحمتك. فيا من يخاف عدله، ويرجى فضله، صل على محمد وآله واجعل دعائي منوطا (9) بالاجابة، وتسبيحي موصولا بالاثابة، وليلي مقرونا بعظيم صباح سلف من عمري بركة وإيمانا، وأوفاه سعادة وأمنا، إنك خير مسؤول، وأكرم مأمول، وأنت على كل شئ قدير. (203) دعاؤه عليه السلام في المناجاة يا راحم رنة (1) العليل، ويا عالم ما تحت خفي الانين، اجعلني من السالمين في حصنك الذي لا ترومه الاعداء، ولا يصل إلي فيه مكروه الاذى، فأنت مجيب من دعا، وراحم من لاذ بك وشكا أستعطفك علي، وأطلب رحمتك لفاقتي، فقد غلبت الامور قلة


7 – تغمد هفواتها: استر زلاتها. 8 – * *. 9 – منوطا: معلقا، مرتبطا. 10 – الرنة: الصيحة الحزينة.

[ 485 ]

حيلتي، وكيف لا يكون ذلك كذلك، ولم أك شيئا فكونتني؟! ثم بعد التكوين إلى دار الدنيا أخرجتني، وبأحكامك فيها ابتليتني، سبحانك سبحانك لا أجد عذرا أعتذر فأبرأ (2) ولا شيئا أستعين به دونك فأعني، إلهي أستعطفك علي أبدا أبدا. إلهي، كيف أدعوك وقد عصيتك!؟ وكيف لا أدعوك وقد عرفت حبك في قلبي؟! وإن كنت عاصيا مددت يدا بالذنوب مملوءة، وعينا بالرجاء ممدودة، ودمعة بالآمال موصولة. إلهي، أنت ملك العطايا، وأنا أسير الخطايا، ومن كرم العظماء الرفق بالاسراء، وأنا أسير بجرمي، مرتهن (3) بعملي. إلهي، لئن طالبتني بسريرتي لاطلبن منك عفوك. إلهي، لئن أدخلتني النار لاحدثن أهلها أني أحبك. إلهي، الطاعة تسرك، والمعاصي لا تضرك، فصل على محمد وآله، وهب لي ما يسرك، واغفر لي ما لا يضرك. إلهي، أمن أهل الشقاء خلقتني، فأطيل بكائي؟ أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي؟ إلهي، أ لوقع مقامع الزبانية ركبت أعضائي؟ أم لشرب الحميم (4) خلقت أمعائي؟ إلهي، أنا الذي لا أقطع منك رجائي ولا أخيب منك دعائي.


2 – أبرأ: أتخلص وأسلم. 3 – مرتهن: مقيد. 4 – الصديد ” خ “.

[ 486 ]

إلهي، نظرت إلى عملي فوجدته ضعيفا، وحاسبت نفسي فوجدتها لا تقوى شكر نعمة واحدة أنعمتها علي، فكيف أطمع أن أناجيك؟! فارحمني إذا طاش (5) عقلي، وحشرج صدري، وأدرجت خلوا في كفني، وإن كانت دنت وفاتي، وشخوصي إليك. فاحشرني مع محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين. (204) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إلهي، حرمني كل مسؤول رفده (1) ومنعني كل مأمول ما عنده، وأخلفني من كنت أرجوه لرغبة، وأقصده لرهبة، وحال الشك في ذلك يقينا، والظن عرفانا (2) واستحال الرجاء يأسا، وردتني الضرورة إليك حين خابت آمالي، وانقطعت أسبابي، وأيقنت أن سعيي لا يفلح، واجتهادي لا ينجح إلا بمعونتك، وأن مريدي بالخير لا يقدر على إن التي إياه إلا بإذنك. فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأغنني يا رب بكرمك عن لؤم المسؤولين، وبإسعافك عن خيبة المرجوين، و أبدلني مخافتك من مخافة المخلوقين، واجعلني أشد ما أكونه لك خوفا، وأكثر ما أكونه لك ذكرا، وأعظم ما أكون منك حذرا، إذا زالت


1 – رفده: معونته. 2 – عرفانا: علما. 5 – * *.

[ 487 ]

عني المخاوف، وانزاحت (3) المكاره، وانصرفت عني المخاوف، حين يأمن المغرورون مكرك، وينسى الجاهلون ذكرك، ولا تجعلني ممن يبطره الرخاء، ويصرعه البلاء، فلا يدعوك إلا عند حلول نازلة (4) ولا يذكرك إلا عند وقوع جائحة (5) فيضرع لك خده و يرفع بالمسألة إليك يده، ولا تجعلني ممن عبادته لك خطرات تعرض (6) دون دوامها (7) الفترات (8) فيعمل بشئ من الطاعة من يومه، ويمل العمفي غده، لكن صل على محمد وآل محمد واجعل كل يوم من أيامي موفيا (9) على أمسه، مقصرا عن غده، حتى تتوفاني وقد أعددت ليوم المعاد توفرة الزاد، برحمتك يا أرحم الراحمين. (205) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إلهي، طالما نامت عيناي وقد حضرت أوقات صلواتك، وأنت مطلع علي، تحلم بحلمك الكريم إلى أجل قريب، فويل لهاتين العينين، كيف تصبران غدا على تحريق النار؟! إلهي، طالما مشت قدماي في غير طاعتك، وأنت مطلع علي، تحلم بحلمك الكريم إلى أجل قريب، فويل لهاتين القدمين، كيف


3 – انزاحت: بعدت. 4 – نازلة: شدة. 5 – الجائحة: البلية. 6 – تعرض: تحول وتمنع. 7 – رواحها ” خ “. 8 – الفترات: السكون والانقطاع. 9 – موفيا: زائدا.

[ 488 ]

تصبران غدا على تحريق النار؟! إلهي، طالما ارتكبت نفسي بما هو راجع إلي، وأنت مطلع علي تحلم بحلمك الكريم إلى أجل قريب، فويل لهذا الجسد الضعيف كيف يصبر غدا على تحريق النار؟! إلهي، ليت أمي لم تلدني. إلهي، ليت السباع قسمت لحمي على أطراف الجبال، ولم أقم بين يديك. إلهي، ليتني كنت طيرا فأطير في الهواء من فرقك (1). إلهي، الويل لي إن كان في النار مجلسي. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان الزقوم طعامي. إلهى، الويل لى، ثم الويل لي إن كان القطران (2) لباسي. إلهي، الويل لي، ثم الوليل لي إن كان الحميم شرابي. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إذا أنا قدمت إليك وأنت ساخط (3) علي، فما الذي يرضيك عني؟! أو بأي حسنات سبقت مني في طاعتك أرفع بها إليك رأسي، وينطلق بها لساني إلا الرجاء منك؟! فقد سبقت رحمتك غضبك، وقلت: وقولك الحق: ” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الاليم ” (4). صدقت وبررت يا سيدي، لا يرد غضبك إلا حلمك، ولا


1 – فرقك: فزعك ومهابتك. 2 – * *. 3 – ساخط: غاضب. 4 – *.

[ 489 ]

يجير (5) من عقابك إلا رحمتك، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك، فها أنا ذا بين يديك: ذليل، صاغر، راغم (6) داحض (7) فإن تعف عني فقديما شملتني رحمتك، وألبستني عافيتك، وإن تعذبني فأنا لذلك أهل، وهو منك عدل. يا رب غير أني أسألك بالمخزون (8) من أسمائك، وبما وراء الحجب من بهائك، أن ترحم هذه النفس الجزوع، وهذا البدن الهلوع (9) وهذا الجلد الرقيق، وهذا العظم الدقيق الذي لا يصبر على حر شمسك، فكيف يصبر على حر نارك!؟ ولا يطيق صوت رعدك، فكيف يطيق صوت غضبك!؟ عفوك عفوك عفوك، فقد غرقتني الذنوب، وغمرتني النعم، وقل شكري لك، وضعف عملي، ولا شئ أتكل عليه إلا رحمتك، يا أرحم الراحمين. (206) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إلهي، طالما نامت عيناي وقد حضرت أوقات صلواتك، وأنت مطلع علي، تحلم عني يا كريم إلى أجل قريب، فويل لهاتين العينين، كيف تصبران (1) على تحريق النار؟!


5 – يجير: ينقذ. 6 – راغم: خاضع منقاد. 7 – داحض: مغلوب. 8 – المخزون: المستور. 9 – * *. 1 تصبر ” خ “.

[ 490 ]

إلهي، طالما مشت قدماي غير طاعتك، وأنت مطلع علي تحلم عني يا كريم إلى أجل قريب، فويل لهاتين القدمين كيف تصبران (2) على تحريق النار؟! إلهي طالما ركبت نفسي ما نهيت عنه، فحملت عنها يا كريم إلى أجل قريب، فويل لهذا الجسم الضعيف كيف يصبر على تحريق النار؟! إلهي، ليتني لم أخلق لشقاوة جسدي. إلهي، ليت أمي لم تلدني. إلهي، ليتني لم أسمع بذكر جهنم وسلاسلها، وتثقيل أغلالها. إلهي، ليتني كنت طائرا فأطير في الهواء من خوفك. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان إلى جهنم محشري. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان في النار مجلسي. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان الزقوم فيها طعامي. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان الحميم فيها شرابي. إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن كان الشيطان والكفار فيها أقراني (3). إلهي، الويل لي، ثم الويل لي إن أنا قدمت عليك، وأنت ساخط علي، فمن ذا الذي يرضيك عني؟! ليس لي حسنة سبقت لي في


2 – تصبر ” خ “. 3 – أقراني: أمثالي.

[ 491 ]

طاعتك أرفع بها إليك رأسي، أو ينطق بها لساني، ليس لي إلا الرجاء منك، فقد سبقت رحمتك غضبك، عفوك عفوك عفوك، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلواتك عليه وآله وسلامك: ” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الاليم ” (4). صدقت صدقت يا سيدي ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يجير من عقابك إلا عفوك، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك، أتضرع إليك يا رب تضرع المذنب الحقير، وأدعوك دعاء البائس الفقير، وأسألك مسألة المسكين الضرير، فصل على محمد وآل محمد وامنن (5) علي بالجنة، وعافني من النار. إلهي، من علي بإحسانك الذي فيه الغنى عن القريب والبعيد والاعداء والاخوان، وألحقني بالذين غمرتهم سعة رحمتك فجعلتهم طيابا (6) أبرارا أتقياء، ولنبيك محمد صلواتك عليه وعلى آله جيران في دار السلام، واغفر للمؤمنين والمؤمنات مع الآباء والامهات، والاخوة والاخوات، وألحقنا وإياهم بالابرار، وأبحنا (7) وإياهم جناتك مع النجباء الاخيار. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني وجميع إخواني بك


4 – *. 5 – امنن: أنعم. 6 – طيابا: طيبين جدا. 7 – أبحنا: أحللنا.

[ 492 ]

مؤمنين، وعلى الاسلام ثابتين، ولفرائضك مؤدين، وعلى الصلوات محافظين، وللزكاة فاعلين، ولمرضاتك مبتغين، وللاخلاص مخلصين، ولك ذاكرين، ولسنة نبيك صلواتك عليه وعلى آله متبعين، ومن عذابك مشفقين، ومن عدلك خائفين، ولفضلك راجين، ومن الفزع الاكبر آمنين، وفي خلق السماوات والارض متفكرين، ومن الذنوب والخطايا تائبين، وعن الرياء والسمعة منزهين (8) ومن الشرك والزيغ والكفر والشقاق (9) والنفاق معصومين، وبرزقك قانعين، وللجنة طالبين، ومن النار هاربين، ومن الحلال الطيب مرزوقين، وعند الشبهات واقفين، وعلى محمد وآله مصلين، ولاهل الايمان ناصحين، وللاخوان فيك مستغفرين، وعند معاينة الموت مستبشرين، وفي وحشة القبر فرحين، وبلقاء منكر ونكير مسرورين، وعند مساءلتهم بالصواب مجيبين، وفي الدنيا زاهدين، وفي الآخرة راغبين، وللجنة طالبين وللفردوس وارثين، ومن ثياب السندس والاستبرق لابسين، وعلى الارائك متكئين، وبالتيجان المكللة بالدر واليواقيت والزبرجد متوجين، وللولدان المخلدين مستخدمين، وبأكواب وأباريق وكأس من معين شاربين، ومن الحور العين مزوجين، وفي نعيم الجنة مقيمين، وفي دار المقامة (10) خالدين ” لا يمسهم فيها نصب وما هم منها


8 – منزهين: مبعدين. 9 – الشقاق: العداوة والخلاف. 10 – المقامة: الاقامة.

[ 493 ]

بمخرجين ” (11). اللهم اغفر لنا ولاخواننا المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات، والتباع بينهم بالخيرات، إنك ولي الباقيات الصالحات. (207) دعاؤه عليه السلام في المناجاة بسم الله الرحمن الرحيم إلهي، الامان الامان يوم ” لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ” (1). إلهي، الامان عند سكرات الموت، وعند مفارقة الروح وعند معاينة الموت. إلهي، الامان الامان عند هول المطلع (2) وعند الوقوف بين يديك. إلهي، الامان الامان عند هول القيامة وشدائدها. إلهي، الامان الامان ” يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ” (3). إلهي، الامان الامان ” يوم تقوم الساعة ” (4). إلهي، الامان الامان ” يوم يقوم الناس لرب العالمين ” (5) إلهي، الامان الامان ” يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله ” (6).


11 – *. 1 – *. 2 – * *. 3، 4 – *. 5 – *. * *. 6 – *.

[ 494 ]

إلهي، الامان الامان ” يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ” (7). إلهي، الامان الامان ” يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه و صاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (8). إلهي، الامان الامان ” يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ” (9). إلهي، الامان الامان ” يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ” (10). إلهي، الامان الامان ” في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا ” (11) إلهي، الامان الامان ” يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه ” (12). إلهي، الامان الامان ” يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة ” (13) إلهي، الامان الامان ” يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ” (14). إلهي، الامان الامان ” يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ” (15).


7 – 15 *.

[ 495 ]

إلهي، الامان الامان ” يوم يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به كان وعده مفعولا ” (16). إلهي، الامان الامان ” يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد ” (17). إلهي، الامان الامان ” يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ” (18) إلهي، الامان الامان ” يوم تأتي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ” (19) إلهي، الامان الامان ” يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ” (20) إلهي، الامان الامان ” يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ” (21). إلهي، الامان الامان ” يوم أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة ” (22). إلهي، الامان الامان ” يوم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق ” (23). إلهي، الامان الامان ” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله


16 – 18 *. 19 – * *. 20 – 23 *

[ 496 ]

بقلب سليم (24). إلهي، الامان الامان بحق محمد، وبحق الانبياء والمرسلين، والائمة الطاهرين، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين، وسلم تسليما كثيرا كثيرا. (208) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إلهي، لو سألتني حسنات لو هبتها لك مع فقري إليها وأنا عبد، فكيف لا تهب لي سيئاتي مع غناك عنها وأنت رب!؟ إلهي، أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا، وقد ظلمنا أنفسنا، فاعف عنا، وأمرتنا أن نتصدق على فقرائنا، ونحن فقراؤك، فتصدق علينا، وأمرتنا أن لا نرد المساكين (1) عن أبوابنا، ونحن مساكينك، فلا تردنا عن أبوابك. إلهي، أمرتنا أن نعتق من مماليكنا من قد شاب في ملكنا، وقد شبنا في ملكك، فأعتقنا من النار. اللهم كما حرمت على جباهنا أن تسجد لغيرك، وحرمت على أكفنا أن تمد إلى سواك، فأغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين.


24 – *. 1 – السائلين ” خ “.

[ 497 ]

(209) دعاؤه عليه السلام في المناجاة عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، قال: كان من دعاء علي بن الحسين عليهما السلام: إلهي (1) إن كنت عصيتك بارتكاب شئ مما نهيتني، فإني قد أطعتك في أحب الاشياء إليك، الايمان بك، منا منك به علي لا منا مني به عليك. وتركت معصيتك في أبغض الاشياء إليك أن أجعل لك شريكا، أو أجعل لك ولدا أو ندا. وعصيتك على غير مكابرة، ولا معاندة، ولا استخفاف مني بربوبيتك ولا جحود لحقك، ولكن استزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان. فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن تغفر لي، فبجودك و رحمتك (2) يا أرحم الراحمين. (210) دعاؤه عليه السلام في المناجاة


1 – اللهم ” خ “. 2 – بجودك ورحمتك فخير راحم ” خ “.

[ 498 ]

ومن أنا حتى تقصد قصدي لغضب منك يدوم علي؟! فوعزتك ما تعز ملكك حسناتي، ولا تشينه (1) سيئاتي، ولا ينقص من خزائنك غناي، ولا يزيد بها فقري. إذا ذكرت أياديك التي سلفت مع سوء فعلي وزلاتي ومجترمي أكاد أهلك يأسا ثم يدركني علمي بأنك مجبول على الكرم (211) دعاؤه عليه السلام في المناجاة يا من لا تسرك طاعتنا، ولا تضرك معصيتنا، هب لنا ما لا يسرك، واغفر لنا ما لا يضرك. يا من إذا وعد وفى، وإذا توعد (1) عفا، أغننا بغناك عمن سواك، وارزقنا من فضلك الواسع رزقا حلالا، ولا تحوجنا إلى أحد من خلقك بحق محمد وآله صلى الله عليه وآله. (212) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إلهي وسيدي ومولاي إن قطعت توفيقك خذلتني. إلهي وسيدي ومولاي إن رددتني إلى نفسي أهلكتني.


1 – تشينه: تعيبه. 1 – توعد: تهدد.

[ 499 ]

إلهي وسيدي ومولاي إن رددتني إلى سؤال غيرك أذللتني. إلهي وسيدي ومولاي أوبقتني ذنوبي، وأنت أولى من عفا عني. إلهي وسيدي ومولاي عظم ذنبي، ولا يغفر العظيم أحد سواك. إلهي وسيدي ومولاي حسن ظني بك جراني (1) على معاصيك. إلهي وسيدي ومولاي لئن أدخلتني النار لقد جمعت بيني وبين من كنت أعاديه فيك. (213) دعاؤه عليه السلام في المناجاة إبراهيم بن محمد قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول ليلة في مناجاته: إلهنا وسيدنا ومولانا لو بكينا حتى تسقط أشفارنا، وانتحبنا (1) حتى تنقطع أصواتنا، وقمنا حتى تيبس أقدامنا، وركعنا حتى تنخلع أوصالنا، وسجدنا حتى تتفقا (2) أحداقنا، وأكلنا تراب الارض طول أعمارنا، وذكرناك حتى تكل ألسنتنا، ما استوجبنا (3) بذلك محو سيئة من سيئاتنا. (214) دعاؤه عليه السلام في المناجاة ” المعروفة بالندبة “


1 – جرأني: حملني على الاقدام. 1 – انتحبنا: رفعنا الاصوات بالبكاء. 2 – استوخينا ” خ “.

[ 500 ]

عن الزهري، قال: سمعت مولانا زين العابدين عليه السلام يحاسب نفسه، ويناجي ربه: وهو يقول: يا نفس حتام (1) إلى الحياة سكونك، وإلى الدنيا وعمارتها ركونك، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الارض من الافك (2) ومن فجعت به من إخوانك، ونقلت إلى دار البلى من أقرانك: فهم في بطون الارض بعد ظهورها * محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم منهم وأقوت (3) عراصهم * وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلو عن الدنيا وما جمعوا لها * وضمتهم تحت التراب الحفائر كم اخترمت (4) أيدي المنون من قرون بعد قرون، وكم غيرت الارض ببلاها، وغيبت في ثراها ممن عاشرت من صنوف الناس، وشيعتهم إلى الارماس (5): وأنت على الدنيا مكب منافر * لخطابها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بماذا لو عقلت تخاطر وإن امرء يسعى لدنياه جاهدا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك، وبشهوتها اشتغالك، وقد وخطك القتير (6) ووافاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه (7) وبلذة يومك لاه (8) وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى عن اللهو واللذات للمرء زاجر


1 – حتى متى ” خ “. 2 – الافك: أحبتك. 3 – أقوت: خلت. 4 – اخترمت: استأصلت وقطعت. 5 – الارماس: القبور. 6 – وخطك القتير: خالط الشيب سواد شعرك. 7 – ساه: غافل. 8 – لاه: مشغول.

[ 501 ]

أبعد اقتراب الاربعين تربص * وشيب القذال (9) منذ ذلك ذاعر كأنك معني (10) بما هو ضائر * لنفسك عمدا أو عن الرشد جائر انظري إلى الامم الماضية والقرون الفانية، والملوك العاتية كيف انتسفتهم الايام، فأفناهم الحمام (11) فامتحت من الدنيا آثارهم، وبقيت فيها أخبارهم: وأضحوا رميما في التراب وأقفرت * مجالس منهم عطلت ومقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم * وأنى لسكان القبور التزاور فما أن ترى إلا جثى قد ثووابها (13) * مسنمة تسفي (14) عليها الاعاصر كم عاينت من ذي عز وسلطان، وجنود وأعوان، تمكن من دنياه ونال منها مناه، فبنى الحصون والدساكر (15) وجمع الاعلاق والذخائر: فما صرفت كف المنية إذا أتت * مبادرة تهوي إليه الذخائر ولا دفعت عنه الحصون التي بنى * وحفت بها أنهارها والدساكر ولا قارعت عنه المنية خيلة * ولا طمعت في الذب عنه العساكر أتاه من أمر الله ما لا يرد، ونزل به من قضائه ما لا يصد، فتعالى الملك الجبار، المتكبر القهار، قاصم الجبارين، ومبير المتكبرين: مليك عزيز لا يرد قضاؤه * عليم حكيم نافذ الامر قاهر عنا (16) كل ذي عز لعزة وجهه * فكل عزيز للمهيمن صاغر (17)


9 – القذال: ما بين الاذنين من مؤخر الرأس. 10 – معني: مهتم. 11 – الحمام: الموت. 12 – رميما: عظاما بالية. 13 – ثووا: أقاموا. 14 – تسفي: تذر. 15 – * *. 16 – عنا: خضوذل. 17 – صاغر: ذليل.

[ 502 ]

لقد خشعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العر الملوك الجبابر فالبدار البدار (18) والحذار الحذار من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها، وتجلى لك من زينتها، واستشرف لك من فتنها: وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى رفضها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل فعيشك زائل * وأنت إلى دار المنية صائر ولا تطلب الدنيا فإن طلابها * وإن نلت منها غبة (19) لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب؟ أو يسر بلذتها أريب (20)؟ وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها، أم كيف تنام عين من يخشى البيات (21)؟ أو تسكن نفس من يتوقع الممات: ألا لا ولكنا نغر نفوسنا * وتشغلنا اللذات عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقن * بموقف عدل حين تبلى السرائر كأنا نرى أن لا نشور (22) وأننا * سدى مالنا بعد الفناء مصائر وما عسى أن ينال طالب الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها، مع فنون مصائبها، وأصناف عجائبها، وكثرة تعبه في طلابها، وتكادحه في اكتسابها، وتكابده من أسقامها وأوصابها (23): وما إربتي (24) في كل يوم وليلة * يروح علينا صرفها (25) ويباكر


18 – البدار: السرعة. 19 – الغبة: البلغة من العيش. 20 – أريب: عاقل. 21 – البيات: الايقاع بالليل. 22 – نشور: إحياء. 23 – أوصابها: أمراضها. 24 – إربتي: حاجتي. 25 – صرفها: نوائبها.

[ 503 ]

تعاوره (26) آفاتها وهمومها * وكم ما عسى يبقى لها المتعاور فلا هو مغبوط (27) بدنياه آمن * ولا هو عن تطلابها النفس قاصر كم غرت من مخلد إليها، وصرعت من مكب (28) عليها، فلم تنعشه (29) من صرعته، ولم تقله من عثرته، ولم تداوه من سقمه، ولم تشفه من ألمه: بلى أوردته بعد عز ومنعة * موارد سوء ما لهن مصادر فلما رأى أن لا نجاة وأنه * هو الموت لا ينجيه منه الموازر تندم لو يغنيه طول ندامة * عليه وأبكته الذنوب الكبائر بكى على ما أسلف من خطاياه، وتحسر على ما خلف من دنياه، حيث لا ينفعه الاستعبار، ولا ينجيه الاعتذار، من هول المنية، ونزول البلية: أحاطت به آفاته وهمومه * وأبلس لما إعجزته المعاذر فليس له من كربه الموت فارج * وليس له مما يحاذر ناصر وقد جشأت (30) خوف المنية نفسه * ترددها دون اللهاة الحناجر هنالك خف عنه عواده، وأسلمه أهله وأولاده، وارتفعت الرنة والعويل، ويئسوا من برء العليل، غمضوا بأيديهم عينيه، ومدوا عند خروج نفسه يديه ورجليه: فكم موجع يبكي عليه تفجعا * ومستنجد صبرا وما هو صابر


26 – * *. 27 – مغبوط: مسرور. 28 – مكب: مقبل. 29 – تنعشه: ترفعه. 30 – جشأت نفسه: نهضت من حزن أو فزع.

[ 504 ]

ومسترجع (31) داع له الله مخلصا * يعدد منه خير ما هو ذاكر وكم شامت مستبشر بوفاته * وعما قليل كالذي صار صائر شقت جيوبها نساؤه، ولطمت خدودها إماؤه، وأعول لفقده جيرانه وتوجع لرزيته إخوانه، ثم أقبلوا على جهازه، وتشمروا (32) لابرازه: فظل أحب القوم كان لقربه * يحث على تجهيزه ويبادر وشمر من قد أحضروه لغسله * ووجه لما فاظ للقبر حافر وكفن في ثوبين فاجتمعت له * مشيعة إخوانه والعشائر فلو رأيت الاصغر من أولاده، وقد غلب الحزن على فؤاده، فغشي من الجزع عليه، وقد خضبت الدموع خديه، ثم أفاق وهو يندب أباه، ويقول بشجو: واويلاه: لا بصرت من قبح المنية منظرا * يهال لمرآه ويرتاع ناظر أكابر أولاد يهيج اكتئابهم * إذا ما تناساه البنون الاصاغر ورنة نسوان عليه جوازع * مدامعها فوق الخدود غزائر ثم أخرج من سعة قصره إلى ضيق قبره، فحثوا بأيديهم التراب، وأكثروا التلدد (33) والانتحاب، ووقفوا ساعة عليه، وقد يئسوا من النظر إليه: فولوا عليه معولين وكلهم * لمثل الذي لاقى أخوه محاذر كشاء رتاع آمنات بدالها * بمدية (34) باد للذراعين حاسر


31 – * *. 32 – تشمروا: تهيأوا. 33 – التلدد: العض على الشفاه وإظهار الحزن والتأسف. 34 – المدية: الشفرة الكبيرة.

[ 505 ]

فراعت (35) ولم ترتع قليلا وأجفلت فلما انتحى منها الذي هو جازر عادت إلى مرعاها، ونسيت ما في أختها دهاها (36) أفبأفعال البهائم اقتدينا وعلى عادتها جرينا، عد إلى ذكر المنقول إلى الثرى والمدفوع إلى هول ما ترى: هوى مصرعا في لحده وتوزعت * مواريثه أرحامه والاواصر وأنحوا على أمواله يخضمونها * فما حامد منهم عليها وشاكر فيا عامر الدنيا ويا ساعيا لها * ويا آمنا من أن تدور الدوائر كيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائر إليها لا محالة؟! إم كيف تتهنا بحياتك وهي مطيتك إلى مماتك؟! أم كيف تسيغ طعامك وأنت منتظر حمامك؟! ولم تتزود للرحيل وقد دنا * وأنت على حال وشيكا مسافر فيا ويح (37) نفسي كم أسوف (38) توبتي * وعمري فان والردى لي ناظر وكل الذي أسلفت في الصحف مثبت * يجازي عليه عادل الحكم قاهر فكم ترقع بدينك دنياك، وتركب في ذلك هواك، إني لاراك ضعيف اليقين، يا راقع الدنيا بالدين أفبهذا أمرك الرحمن؟ أم على هذا دلك القرآن؟ تخرب ما يبقى وتعمر فانيا * ولا ذاك موفور ولا ذاك عامر


35 – راعت: فزعت. 36 – دهاها: نزل بها. 37 – ويح: كلمة ترحم وتوجع. 38 – أسوف: أماطل، وأقول مرة بعد أخرى ” سوف “.

[ 506 ]

وهل لك إن وافاك حتفك (39) بغتة * ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر أترضى بأن تفنى الحياة وتنقضي * ودينك منقوص ومالك وافر فبك إلهنا نستجير، يا عليم يا خبير، من نؤمل لفكاك رقابنا غيرك؟ ومن نرجو لغفران ذنوبنا سواك؟ وأنت المتفضل المنان القائم الديان، العائد علينا بالاحسان بعد الاساءة منا والعصيان، يا ذا العزة والسلطان، والقوة والبرهان، أجرنا من عذابك الاليم، واجعلنا من سكان دار النعيم، برحمتك يا أرحم الراحمين. * * * وفي رواية أخرى: يا نفس حتام إلى الدنيا سكونك، وإلى عمارتها ركونك، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الارض من الافك؟ ومن فجعت به من إخوانك، ونقل إلى الثرى من أقرانك؟ فهم في بطون الارض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم، منهم وأقوت عراصهم وساقتهم نحو المنايا المقادر


39 – حتفك: موتك.

[ 507 ]

وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها وضمتهم تحت التراب الحفائر كم خرمت أيدي المنون، من قرون بعد قرون! وكم غيرت الارض ببلائها، وغيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف وشيعتهم إلى الارماس، ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الافلاس!: وأنت على الدنيا مكب منافس * لخطابها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بما ذا لو عقلت تخاطر؟ وإن امرء يسعى لدنياه دائبا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك، وبشهواتها اشتغالك؟ وقد وخطك القتير وأتاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة يومك وغدك لاه، وقد رأيت انقلاب أهل الشهوات، وعاينت ما حل بهم من المصيبات. وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى * عن اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب الاربعين تربص * وشيب قذال منذر للكابر؟! (1) كأنك معني بما هو ضائر * لنفسك عمدا عن الرشد حائر انظر إلى الامم الماضية، والملوك الفانية، كيف اختطفتهم عقبان الايام، ووافاهم الحمام فانمحت من الدنيا آثارهم،


1 – كذا، والظاهر ” ومكابر “.

[ 508 ]

وبقيت فيها أخبارهم، وأضحوا رمما في التراب إلى يوم الحشر والمآب!: أمسوا رميما في التراب وعطلت * مجالسهم منهم وأخلت مقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم * وأنى لسكان القبور التزاور؟! فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها * مسطحة تسفي عليها الاعاصر كم من ذي منعة وسلطان، وجنود وأعوان، تمكن من دنياه، ونال ما تمناه، وبنى فيها القصور والدساكر، وجمع فيها الاموال والذخائر، وملح السراري (2) والحرائر!: فما صرفت كف المنية إذا أتت * مبادرة تهوي إليه الذخائر ولا دفعت عنه الحصون التي بنى * وحفت بها أنهاره والدساكر ولا قارعت عنه المنية خيلة * ولا طمعت في الذاب عنه العساكر أتاه من الله ما لا يرد، ونزل به من قضائه ما لا يصد، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيز القهار، قاصم الجبارين، ومبيد المتكبرين، الذي ذل لعزه كل سلطان، وأباد بقوته كل ديان: مليك عزيز لا يرد قضاؤه * حكيم عليم نافذ الامر قاهر عنا كل ذي عز لعزة وجهه * فكم من عزيز للمهيمن صاغر لقد خضعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العرش الملوك الجبابر


2 – السراري: الاماء.

[ 509 ]

فالبدار البدار، والحذار الحذار، من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها، وتحلت لك من زينتها، وأظهرت لك من بهجتها، و أبرزت لك من شهواتها، وأخفت عنك من قواتلها وهلكاتها! وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى دفعها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل وكن متيقظا * فعما قليل يترك الدار عامر فشمر ولا تفتر فعمرك زائل * وأنت إلى دار الاقامة صائر ولا تطلب الدنيا فإن نعيمها * وإن نلت منها غبة لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب؟ أو يسر بها أريب؟ وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها. أم كيف تنام عينا من يخشى البيات، وتسكن نفس من توقع في جميع أموره الممات؟! ألا لا ولكنا نغر نفوسنا * وتشغلنا اللذات عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقف * بموقف عدل يوم تبلى السرائر كأنا نرى أن لا نشور وأننا * سدى مالنا بعد الممات مصادر! وما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها؟! مع صنوف عجائبها وقوارع فجائعها، وكثرة عذابه في مصابها وطلبها، وما يكابد من أسقامها وأوصابها وآلامها؟!: أما قد نرى في كل يوم وليلة * يروح علينا صرفها ويباكر تعاورنا آفاتها وهمومها * وكم قد نرى يبقى لها المتعاور فلا هو مغبوط بدنياه آمن * ولا هو عن تطلابها النفس قاصر


[ 510 ]

كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها، وصرعت من مكب عليها، فلم تنعشه من عثرته، ولم تنقذه من صرعته، ولم تشفه من ألمه، ولم تبره من سقمه، ولم تخلصه من وصمه!: بل أوردته بعد عز ومنعة * موارد سوء مالهن مصادر فلما رأى أن لا نجاة وأنه * هو الموت لا ينجيه منه التحاذر تندم إذ لم تغن عنه ندامة * عليه وأبكته الذنوب الكبائر إذ بكى على ما سلف من خطاياه، وتحسر على ما خلف من دنياه، واستغفر حين لا ينفعه الاستغفار ولا ينجيه الاعتذار، عند هول المنية، ونزول البلية: أحاطت به أحزانه وهمومه * وأبلس لما أعجزته المقادر فليس له من كربة الموت فارج * وليس له مما يحاذر ناصر وقد جشأت خوف المنية نفسه * ترددها منه اللها والحناجر هنالك خف عواده، وأسلمه أهله وأولاده، وارتفعت البرية بالعويل، وقد آيسوا من العليل، فغمضوا بأيديهم عينيه، ومدوا عند خروج روحه رجليه، وتخلى عنه الصديق، والصاحب الشفيق: فكم موجع يبكي عليه مفجع * ومستنجد صبرا وما هو صابر ومسترجع داع له الله مخلصا * يعدد منه كل ما هو ذاكر وكم شامت مستبشر بوفاته * وعما قليل للذي صار صائر فشقت جيوبها نساؤه، ولطمت خدودها إماؤه، وأعول لفقده


[ 511 ]

جيرانه، وتوجع لرزيته إخوانه، ثم أقبلوا على جهازه، وشمروا لابرازه، كأنه لم يكن بينهم العزيز المفدى، ولا الحبيب المبدى (3): وحل أحب القوم كان بقربه * يحث على تجهيزه ويبادر وشمر من قد أحضروه لغسله * ووجه لما فاض للقبر حافر وكفن في ثوبين واجتمعت له * مشيعة إخوانه والعشائر فلو رأيت الاصغر من أولاده، وقد غلب الحزن على فؤاده، ويخشى من الجزع عليه، وخضبت الدموع عينيه، وهو يندب أباه، ويقول: يا ويلاه وا حرباه (4): لعاينت من قبح المنية منظرا * يهال لمرآه ويرتاع ناظر أكابر أولاد يهيج اكتئابهم * إذا ما تناساه البنون الاصاغر وربة نسوان عليه جوازع * مدامعهن فوق الخدود غوازر ثم اخرج من سعة قصره، إلى ضيق قبره، فلما استقر في اللحد وهئ عليه اللبن، احتوشته أعماله، وأحاطت به خطاياه، وضاق ذرعا بما رآه، ثم حثوا بأيديهم عليه التراب، وأكثروا البكاء عليه والانتحاب، ثم وقفوا ساعة عليه، وآيسوا من النظر إليه، وتركوه رهنا بما كسب وطلب: فولوا عليه معولين وكلهم * لمثل الذي لاقى أخوه محاذر


3 – المبدى: المقدم، المفضل. 4 – وا حرباه: كلمة يندب بها الميت، وتستعمل للتأسف.

[ 512 ]

كشاء رتاع آمنات بدالها * بمديته بادي الذراعين حاسر فريعت ولم ترتع قليلا وأجفلت * فلما نأى عنها الذي هو جازر عادت إلى مرعاها، ونسيت ما في أختها دهاها، أفبأفعال الانعام اقتدينا، أم على عادتها جرينا؟! عد إلى ذكر المنقول إلى دار البلى، واعتبر بموضعه تحت الثرى، المدفوع إلى هول ما ترى: ثوى مفردا في لحده وتوزعت * مواريثه أولاده والاصاهر وأحنوا على أمواله يقسمونها * فلا حامد منهم عليها وشاكر فيا عامر الدنيا ويا ساعيا لها * ويا آمنا من أن تدور الدوائر كيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائر إليها لا محالة؟! أم كيف ضيعت حياتك، وهي مطيتك إلى مماتك؟! أم كيف تشبع من طعامك، وأنت منتظر حمامك؟! أم كيف تهنأ بالشهوات، وهي مطية الآفات؟!: ولم تتزود للرحيل وقد دنا * وأنت على حال وشيك مسافر فيا لهف (5) نفسي كم أسوف توبتي * وعمري فان والردى لي ناظر وكل الذي أسلفت في الصحف مثبت * يجازي عليه عادل الحكم قاهر فكم ترقع بآخرتك دنياك، وتركب غيك وهواك؟! أراك ضعيف اليقين، يا مؤثر الدنيا على الدين، أبهذا أمرك الرحمن؟! أم * (هامش) 5 – فيها لهف: كلمة يتحسر بها على ما فات.


[ 513 ]

على هذا نزل القرآن؟! أما تذكر ما أمامك من شدة الحساب، وشر المآب؟! أما تذكر حال من جمع وثمر، ورفع البناء وزخرف وعمر؟! أما صار جمعهم بورا، ومساكنهم قبورا؟! تخرب ما يبقى وتعمر فانيا * فلا ذاك موفور ولا ذاك عامر وهل لك إن وافاك حتفك بغتة * ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر أترضى بأن تفنى الحياة وتنقضي * ودينك منقوص ومالك وافر؟! (215) دعاؤه عليه السلام وهو متعلق بأستار الكعبة ” نثرا ونظما ” الاصمعي. (1): كنت أطوف حول الكعبة ليلة، فإذا شاب ظريف الشمائل، وعليه ذؤابتان وهو متعلق بأستار الكعبة، ويقول: نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلي برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم أنشأ يقول (2): يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم؟!


1، 2 – * *.

[ 514 ]

قال: فاقتفيته، فإذا هو زين العابدين عليه السلام. (216) دعاؤه عليه السلام في التضرع والمناجاة عند الكعبة عن طاووس اليماني قال: رأيت في جوف الليل رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: ألا أيها المأمول في كل حاجة * شكوت إليك الضر فاسمع شكايتي ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي * فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي فزادي قليل ما أراه مبلغي * أ للزاد أبكي أم لبعد مسافتي أتيت بأعمال قباح ردية * فما في الورى خلق (1) جنى كجنايتي أتحرقني في النار يا غاية المنى * فأين رجائي منك (2) أين مخافتي؟ قال: فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام، فقلت: يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع وأنت ابن رسول الله! ولك أربع خصال: رحمة الله، وشفاعة جدك رسول الله، وأنت ابنه، وأنت طفل صغير (3). فقال له: ” يا طاووس، إنني نظرت في كتاب الله فلم أر لي من ذلك شيئا، فإن الله تعالى يقول: ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ” (4). وأما كوني ابن رسول الله، فإن الله تعالى يقول: ” فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ” (5).


1 – عبد ” خ “. 2 – ثم ” خ “. 3 – * *. 4، 5 – *.

[ 515 ]

وأما كوني طفلا، فإني رأيت الحطب الكبار لا يشتعل إلا بالصغار ” ثم بكى عليه السلام حتى غشي عليه (6). (217) دعاؤه عليه السلام في المناجاة ” في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي ” عن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: رأيت علي بن الحسين عليهما السلام في فناء الكعبة في الليل، وهو يصلي، فأطال القيام حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى، ومرة على رجله اليسرى، ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك: يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي!؟ أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طالما عاديتهم فيك. (218) دعاؤه عليه السلام في المناجاة والثناء على الله تعالى ” نظما ” مليك عزيز لا يرد قضاؤه * عليم حكيم نافذ الامر قاهر عنا كل ذي عز لعزة وجهه * فكل عزيز للمهيمن صاغر لقد خشعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العرش الملوك الجبابر وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى رفضها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل فعيشك زائل * وأنت إلى دار المنية صائر ولا تطلب الدنيا فإن طلابها * وإن (1) نلت منها غبها لك ضائر (2)


6 – * *. 1 – كذا استظهرها في الصحيفة 5، وفي الاصل ” فإن “. 2 – * *. أقول: أورد صاحب الصحيفة 4 مناجاة منظومة في ص 143، وأخرى

[ 516 ]

* (هامش) ص 144 كما وجدها بخط بعض العلماء ونحن نوردهما كذلك مع اعتقادنا بعدم صحة نسبتهما إليه عليه السلام لما فيهما من ضعف في نظمهما ولفظهما، وهو عليه السلام عين الفصاحة ومنبع البلاغة! وقد قطع السيد الامين بفساد نسبتهما إليه عليه السلام في مقدمة الصحيفة (5) وقال: عذر صاحب الصحيفة (4) في إيرادهما عدم كمال معرفته باللسان العربي، وهما: أ في المناجاة المنظومة: ألم تسمع بفضلك يا مناي * دعاء من ضعيف مبتلاء غريقا في بحار الغم حزنا * أسيرا بالذنوب وبالخطاء أنادي بالتضرع كل يوم * مجدا بالتبتل والدعاء لقد ضاقت علي الارض طرا * وأهل الارض ما عرفوا دوائي فخذ بيدي فإني مستجير * بعفوك يا عظيم ويا رجائي أتيتك باكيا فارحم بكائي * حيائي منك أكثر من خطائي ولي هم وأنت لكشف همي * ولي داء وأنت دواء دائي وأيقظني الرجاء فقلت ربي * رجائي أن تحقق لي رجائي تفضل سيدي بالعفو عني * فإني في بلاء من بلائي


[ 517 ]


ب في المناجاة المنظومة أيضا: إليك يا رب قد وجهت حاجاتي * وجئت بابك يا ربي بحاجاتي أنت العليم بما يحوي الضمير به * يا عالم السر علام الخفيات اقض الحوائج لي ربي فلست أرى * سواك يا رب من قاض لحاجاتي وسع بفضلك لي رزقا أعيش به * يا قاسم الرزق من فوق السماوات واغفر ذنوبي بما أخطأت وارحمني * يا راحم الخلق فارحم لي مناجاتي سهل أموري واختمها بمنقلبي * استر عيوني وبلغني مراداتي حقق بجودك آمالي ومنقلبي * بعد الممات بروضات وجنات ولا تؤاخذني بالذنب تعلمه * واغفر بجودك يا ربي خطيئاتي اجمع لي الشمل في أهلي وفي ولدي * وردني نحو أحبابي وحبابي يا خالقا يا من لا شبيه له * اسمع دعائي ويسر لي مهماتي يا من تعالى بلا وصف يكون له * للواصفين ولا مدح البريات.

[ 518 ]

(219) دعاؤه عليه السلام وندبته إذا تلا هذه الآية ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تلا هذه الآية: ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” (1) يقول: اللهم ارفعني في أعلى درجات هذه الندبة، وأعني بعزم الارادة، وهبني حسن المستعقب (2) من نفسي، وخذني منها حتى تتجرد خواطر الدنيا عن قلبي من برد خشيتي منك، وارزقني قلبا ولسانا يتجاريان في ذم الدنيا، وحسن التجافي منها حتى لا أقول إلا صدقت (3) وأرني مصاديق إجابتك (4) بحسن توفيقك حتى أكون في كل حال حيث أردت. فقد قرعت بي باب (5) فضلك فاقة * بحد سنان نال قلبي فتوقها (6) وحتى متى أصف محن الدنيا، ومقام الصديقين، وأنتحل عزما من إرادة مقيم بمدرجة الخطايا؟! أشتكي ذل ملكة الدنيا وسوء أحكامها علي، فقد رأيت وسمعت لو كنت أسمع في أداة فهم أو أنظر بنور يقظة.


1 – *. 2 – المستعتب ” خ “. 3 – صدقا ” خ “. 4 – أحاديثك ” خ “. 5 – قد فزعت إلى باب ” خ “. 6 – الفتوق: الآفات من جوع وفقر ودين ونحوها.

[ 519 ]

وكلا (7) ألاقي نكبة وفجيعة * وكأس مرارات ذعافا (8) أذوقها وحتى متى أتعلل بالاماني وأسكن إلى الغرور، وأعبد نفسي للدنيا على غضاضة سوء الاعتداد من ملكاتها؟! وأنا أعرض لنكبات الدهر علي، أتربص اشتمال البقاء، وقوارع الموت تختلف حكمي في نفسي، ويعتدل حكم الدنيا. وهن المنايا أي واد سلكته (9) * عليها طريقي أو علي طريقها وحتى متى تعدني الدنيا (10) فتخلف، وأئتمنها فتخون؟! لا تحدث جدة إلا بخلوق جدة، ولا تجمع شملا إلا بتفريق شمل، حتى كأنها غيرى محجبة ضنا (11) تغار علي الالفة، وتحسد أهل النعم. فقد آذنتني بانقطاع وفرقة * وأومض (12) لي من كل أفق بروقها ومن أقطع عذرا من مغذ سيرا (13) يسكن إلى معرس (14) غفلة بأدواء نبوة الدنيا (15) ومرارة العيش، وطيب نسيم الغرور؟! وقد أمرت تلك الحلاوة على القرون الخالية، وحال دون ذلك النسيم هبوات (16) وحسرات، وكانت حركات فسكنت، وذهب كل عالم بما فيه. فما عيشة إلا تزيد مرارة * ولا ضيقة إلا ويزداد ضيقها!


7 – وكيلا ” خ “. 8 – ذعافا: سما. 9 – سلكنه ” خ “. 10 – الايام ” خ “. 11 – ضنا: بخلا. 12 – أومض: لمع وظهر. 13 – أغذ في السير: أسرع. 14 – المعرس: الموضع الذي ينزل فيه القوم. 15 – نبوة الدنيا: خطبها وجفوتها. 16 – الهبوة: الغبار.

[ 520 ]

فكيف يرقأ (17) دمع لبيب، أو يهدأ طرف متوسم (18) على سوء أحكام الدنيا، وما تفجأ به أهلها من تصرف الحالات، وسكون الحركات؟! وكيف يسكن إليها من يعرفها، وهي تفجع الآباء بالابناء وتلهي الابناء عن الاباء؟! تعدمهم أشجان (19) قلوبهم، وتسلبهم قرة عيونهم. وترمي قساوات القلوب بأسهم * وجمر فراق لا يبوخ (20) حريقها وما عسيت أن أصف من محن الدنيا، وأبلغ من كشف الغطاء عما وكل به دور الفلك من علوم الغيوب، ولست أذكر منها إلا قتيلا أفنته، أو مغيب ضريح تجافت عنه! فاعتبر أيها السامع بهلكات الامم، وزوال النعم، وفضاعة ما تسمع وترى من سوء آثارها في الديار الخالية، والرسوم الفانية، والربوع (21) الصموت. وكم عالم (22) أفنت فلم تبك شجوه * ولا بد أن تفنى سريعا لحوقها فانظر بعين قلبك إلى مصارع أهل البذخ، وتأمل معاقل الملوك، ومصانع الجبارين، وكيف عركتهم الدنيا بكلاكل الفناء، وجاهرتهم بالمنكرات، وسحبت عليهم أذيال البوار، وطحنتهم طحن الرحى


17 – يرقأ: يجف. 18 – المتوسم: المتفرس. 19 – أشجان: أحزان. 20 – يبوخ: يخمد ويسكن. 21 – الربوع: الديار. 22 – عاقل ” خ “.

[ 521 ]

للحب، واستودعتهم هوج الرياح تسحب عليهم أذيالها فوق مصارعهم في فلوات الارض! فتلك مغانيهم (23) وهذي قبورهم * توارثها أعصارها وحريقها (24) أيها المجتهد في آثار من مضى من قبلك من الامم السالفة، توقف وتفهم وانظر أي عز ملك، أو نعيم أنس، أو بشاشة ألف إلا نغصت أهله قرة أعينهم، وفرقتهم أيدي المنون، وألحقتهم بتجافيف (25) التراب، فأضحوا في فجوات قبورهم يتقلبون، وفي بطون الهلكات عظاما ورفاتا (26) وصلصالا في الارض هامدون. وآليت (27) لا تبقي الليالي بشاشة (28) * ولا جدة إلا سريعا خلوقها وفي مطالع أهل البرزخ، وخمود تلك الرقدة، وطول تلك الاقامة، طفئت مصابيح النظر، واضمحلت غوامض الفكر، وذم الغفول أهل العقول، وكم بقيت متلذذا في طوامس (29) هوامد تلك الغرفات، فتوهت بأسماء الملوك، وهتفت بالجبارين، ودعوت الاطباء والحكماء، وناديت معادن الرسالة والانبياء، أتململ تململ السليم (30) وأبكي بكاء الحزين، وأنادي ولات حين مناص! (31): سوى أنهم كانوا فبانوا وأنني * على جدد قصد (32) سريعا لحوقها


23 – مغانيهم: منازلهم ومواضعهم. 24 – قبورها ” خ “. 25 – * *. 26 – رفاتا: حطاما. 27 – آليت: حلفت. 28 – بشاشة: سرورا وابتهاجا. 29 – طوامس: ما درس وانمحى. 30 – السليم: الملدوغ. 31 – * *. 32 – جدد قصد: أرض مستوية مستقيمة.

[ 522 ]

وتذكرت مراتب الفهم، وغضاضة (33) فطن العقول، بتذكر قلب جريح، فصدعت الدنيا عما التذ بنواظر فكرها من سوء الغفلة، ومن عجب كيف يسكن إليها من يعرفها، وقد استذهلت عقله بسكونها! وتزين المعاذير، وخسات أبصارهم عن عيب (34) التدبير، وكلما تراءت الآيات ونشرها من طي الدهر عن القرون الخالية الماضية، وحالهم وما بهم (35) وكيف كانوا، وما الدنيا وغرور الايام. وهل هي إلا لوعة من ورائها * جوى قاتل أو حتف (36) نفس يسوقها وقد أغرق في ذم الدنيا الادلاء على طرق النجاة من كل عالم، فبكت العيون شجن القلوب فيها دما، ثم درست تلك المعالم، فتنكرت الآثار، وجعلت في برهة (37) من محن الدنيا، وتفرقت ورثة الحكمة وبقيت فردا كقرن الاعضب (38) وحيدا، أقول فلا أجد سميعا، وأتوجع فلا أجد مشتكى. وأن أبكهم أجرض (39) وكيف تجلدي * وفي القلب مني لوعة لا أطيقها وحتى متى أتذكر حلاوة مذاق الدنيا، وعذوبة مشارب أيامها، وأقتفى (40) آثار المريدين، وأتنسم أرواح الماضين (41) مع سبقهم إلى الغل والفساد، وتخلفي عنهم في فضالة طرق الدنيا، منقطعا من


33 – غضاضة: ذلة ومنقصة. 34 – غيب ” خ “. 35 – ومآلهم ” خ “. 36 – الحتف: الموت. 37 – برهة: مدة. 38 – الاعضب: الضبي الذي انكسر أحد قرنيه 39 – أجرض: أهلك. 40 – أقتفي: أتتبع. 41 – الصالحين ” خ “.

[ 523 ]

الاخلاء؟! فزادني جليل الخطب لفقدهم جوى، وخانني الصبر حتى كأني أول ممتحن أتذكر معارف الدنيا وفراق الاحبة. فلو رجعت تلك الليالي كعهدها * رأت أهلها في صورة لا تروقها (42) فمن أخص بمعاتبتي؟ ومن أرشد بندبتي؟ ومن أبكي، ومن أدع؟ أشجو بهلكة الاموات، أم بسوء خلف الاحياء؟! وكل يبعث حزني، ويستأثر بعبراتي، ومن يسعدني فأبكي وقد سلبت القلوب لبها، ورقا الدمع؟! وحق للداء أن يذوب على طول مجانبة الاطباء، وكيف بهم وقد خالفوا (43) الامرين، وسبقهم زمان الهادين، ووكلوا إلى أنفسهم يتنسكون في الضلالات في دياجير الظلمات؟! حيارى وليل القوم داج (44) نجومه * طوامس لا تجري بطئ خفوقها (45) وقد انتحلت (46) طوائف من هذه الامة بعد مفارقتها أئمة الدين، والشجرة النبوية إخلاص الديانة، وأخذوا أنفسهم في مخائل الرهبانية، وتغالوا في العلوم، ووصفوا الاسلام (47) بأحسن صفاتهم (48) وتحلوا بأحسن السنة، حتى إذا طال عليهم الامد، وبعدت عليهم الشقة (49) وامتحنوا بمحن الصادقين، رجعوا على أعقابهم ناكصين (50) عن سبيل الهدى وعلم النجاة، يتفسحون تحت


42 – لا تروقها: لا تعجبها ولا تسرها. 43 – خافوا: ” خ “. 44 – داج: مظلم. 45 – خفق النجم: غاب. * *. 46 – انتحلت: ادعت. 47 – الايمان ” خ “. 48 – استظهرها في الصحيفة 5 (صفاته). 49 – الشقة: المسافة. 50 – نكص على عقبيه: رجع عما كان عليه.

[ 524 ]

أعباء الديانة تفسح حاشية الابل (51) تحت أوراق البزل (52). ولا يحرز السبق الرزاح (53) وإن جرت * ولا يبلغ الغايات إلا سبوقها وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن. فتأولوه بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر (54) مما استحسنوا، يقتحمون في أغمار الشبهات، ودياجير الظلمات، بغير قبس نور من الكتاب، ولا أثرة علم (55) من مظان العلم بتخدير مثبطين زعموا أنهم على الرشد من غيهم. وإلى من يفزع خلف هذه الامة، وقد درست أعلام الملة، ودانت الامة بالفرقة والاختلاف؟! يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول: ” ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ” (56) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة، وتأويل الحكمة إلا أهل الكتاب، وأبناء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة؟!


51 – حاشية الابل: صغارها. 52 – * *. 53 – كذا استظهرها في الصحيفة 5 – وفي الاصل ” الرزايا “. رزح الجمل: سقط ولصق بالارض ولم يستطع النهوض هزلا أو تعبا. 54 – خبر مأثور: ينقله خلفا عن سلف. 55 – أثرة علم: بقية منه تؤثر أي تروى وتذكر. 56 – *.

[ 525 ]

هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم من الآفات، وافترض مودتهم في الكتاب! هم العروة الوثقى وهم معدن التقى * وخير حبال العالمين وثيقها (57) (220) دعاؤه عليه السلام في الشكوى اللهم وقد أكدى (1) الطلب، وأعيت الحيل (2) إلا من عندك وضاقت المذاهب وامتنعت المطالب وعسرت الرغائب، وانقطعت الطرق إلا إليك، وتصرمت (3) الآمال، وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الثقة، وأخلف الظن إلا بك، وغربت (4) الالسن، وأخلفت العدات (5) إلا عدتك. اللهم وإني أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل (6) الرجاء لديك مترعة (7) وأبواب الدعاء إليك مفتحة، والاستغاثة لمن استغاث بك مباحة. وأعلم أنك لمن دعاك بموضع الاجابة، وللصارخ إليك بمرصد الاغاثة، وأن في اللهف إلى جودك، والرضا بقضائك (8) عوضا من


57 – * *. 1 – أكدى: تعسر وتعذر. 2 – الحيلة ” خ “. 3 – تصرمت: تقطعت. 4 – غربت (كذبت) ” خ “. 5 – العدات: الوعود. 6 – * *. 7 – مترعة: مملوءة. 8 – بضمانك ” خ “.

[ 526 ]

منع الباخلين، ومندوحة (9) عما في أيدى المستأثرين، ودركا من خير الموازرين (10). وأن القاصد إليك لقريب المسافة منك، ومناجاة الطالب (11) إياك غير محجوبة عن استماعك. وأنك لا تحتجب عن خلقك، وإنما تحجبهم الآمال دونك وقد علمت يا إلهي (12) أن إفضل زاد الراحل إليك عزم الارادة، وقد ناجاك بعز الارادة قلبي. فأسألك اللهم بكل دعوة دعاك بها داع أجبت دعوته، أو رجاك بها راج بلغته أمله، أو صارخ أغثت صرخته، أو مكروب فرجت عنه أو مذنب خاطئ غفرت له ذنبه، أو فقير أهديت غناك إليه، أو معافى أتممت نعمتك عليه. ولتلك الدعوة عليك حق، ولديك منزلة (13) إلا صليت على محمد وآله، ومننت علي بغفران ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وافتح لي أبواب جودك التي لا تغلقها عن أحبائك وأصفيائك يا أرحم الراحمين (14).


9 – مندوحة: سعة. 10 – الموازين ” خ “. 11 – العبد ” خ “. 12 – يا سيدي ” خ “. 13 – لديك حق وعليك منزلة ” خ “. 14 – * *.

[ 527 ]

(221) دعاؤه عليه السلام عند استجابة دعائه (1) اللهم وقد أكدى الطلب، وأعيت الحيل إلا عندك وضاقت المذاهب، وامتنعت المطالب، وعسرت الرغائب، و انقطعت الطرق إلا إليك، وتصرمت الآمال، وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الثقة، وأخلف الظن إلا بك. اللهم إني أجد سبل المطالب إليك منهجة (2) ومناهل الرجاء لديك مترعة، وأبواب الدعاء إليك مفتحة. وأعلم أنك لمن دعاك بموضع إجابة، وللصارخ إليك بمرصد إغاثة، وأن القاصد إليك لقريب المسافة منك، ومناجاة العبد إياك غير محجوبة عن استماعك. وأن في التلهف إلى جودك، والرضا بعدتك (3) والاستراحة إلى ضمانك عوضا من منع الباخلين، ومندوحة عما قبل المستأثرين، ودركا من خير الموازرين (4). فاغفر يا لا إله إلا أنت ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وافتح لي أبواب رحمتك وجودك التي لا تغلقها عن أحبائك وأصفيائك يا أرحم الراحمين.


1 – * *. 2 – منهجة: واضحة، بينة. 3 – بعدتك: بوعدك. 4 – الوارثين ” خ “.

[ 528 ]

(222) دعاؤه عليه السلام في حال القنوت (1) اللهم أنت المبين البائن المبين (2) وأنت المكين الماكن الممكن (3). اللهم صل على آدم بديع فطرتك، وبكر حجتك (4) ولسان قدرتك، والخليفة في بسيطتك، وأول مجتبى للنبوة برحمتك وساحف (5) شعر رأسه تذللا لك في حرمك لعزتك، ومنشأ من التراب نطق إعرابا (6) بوحدانيتك، وعبد لك أنشأته تحصينا لامتك، ومستعيذ بك من مس عقوبتك. وصل على ابنه الخالص من صفوتك والفاحص عن معرفتك والغائص (7) المأمون على مكنون سريرتك بما أوليته من نعمك (8) ومعونتك. وعلى من بينهما من النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين. وأسألك اللهم حاجتي التي بيني وبينك لا يعلمها أحد غيرك


1، 2 – * *. 3 – المكين: ذو المكانة. الماكن: القوي القادر. الممكن: المعطي القدرة لعباده. 4 – بكرحجتك: أول من احتججت به. 5 – ساحف: كاشط، حالق. 6 – إعرابا: إفصاحا. 7 – الفائص. *. 8 – نعمتك ” خ “.

[ 529 ]

أن تأتي على قضائها وإمضائها في يسر منك وعافية وشد أزر (9) وحط وزر (10) يا من له نور لا يطفى، وظهور لا يخفى، وأمور لا تكفى. اللهم إني دعوتك دعاء من عرفك وتبتل (11) إليك، وآل (12) بجميع بدنه إليك. سبحانك طوت الابصار في صنعتك (13) مديدتها، وثنت الالباب عن كنهك أعنتها فأنت المدرك غير المدرك، والمحيط غير المحاط به، وعزتك لتفعلن، وعزتك لتفعلن، وعزتك لتفعلن بي (كذا وكذا) (14). (223) دعاؤه عليه السلام في القنوت اللهم إن جبلة (1) البشرية، وطباع الانسانية، وما جرت عليه التركيبات النفسية، وانعقدت به عقود النشئية (2) تعجز عن حمل واردات الاقضية، إلا ما وفقت له أهل الاصطفاء وأعنت عليه ذوي الاجتباء (3). اللهم وإن القلوب في قبضتك، والمشيئة لك في ملكك، وقد تعلم أي رب ما الرغبة إليك في كشفه واقعة (4) لاوقاتها


9 – الازر: الظهر. 10 – الوزر: الاثم. 11 – تسبل ” خ “. 12 – وأن ” خ “. آل: رجع. 13، 14 – * *. 1 – جبلة: طبيعة. 2 – الانسية (ألسنة البرية) ” خ “. 3 – * *. 4 – * *.

[ 530 ]

بقدرتك، واقفة بحدك (5) من إرادتك، وإني لاعلم أن لك دار جزاء من الخير والشر مثوبة وعقوبة، وأن لك يوما تأخذ فيه بالحق، وأن أناتك أشبه الاشياء بكرمك وأليقها بما وصفت به نفسك في عطفك وترؤفك، وأنت بالمرصاد (6) لكل ظالم في وخيم (7) عقباه، وسوء مثواه. اللهم وإنك قد إوسعت خلقك رحمة وحلما، وقد بدلت أحكامك، وغيرت سنن نبيك، وتمرد (8) الظالمون على خلصائك، و استباحوا حريمك، وركبوا مراكب الاستمرار على الجرأة عليك. اللهم فبادرهم بقواصف (9) سخطك (10) وعواصف تنكيلاتك في اجتثات غضبك، وطهر البلاد منهم، وعف عنها آثارهم واحطط من قاعاتها ومظانها (11) منارهم، واصطلمهم ببوارك (12) حتى لا تبقي منهم دماعة لناجم (13) ولا علما لآم (14) ولا مناصا (15) لقاصد، ولا رائدا لمرتاد (16). اللهم امح آثارهم، واطمس على أموالهم وذرياتهم (17) وامحق أعقابهم (18) وافكك (19) أصلابهم، وعجل إلى عذابك السرمد


5 – واقية ” خ “. * *. 6 – * *. 7 – وخيم: ردئ. 8 – ورد ” خ “. 9 – بواصب ” خ “. * *. 10 – مساخطك ” خ “. 11 – مظانها: مواضعها. 12 – ببوارك: بهلاكك. 13 – لناجم: لظاهر. 14 – لآم: لقاصد. 15 – منارا ” خ “. والمناص: الملجأ والمفر. 16 – * *. 17 – وديارهم ” خ “. * *. 18 – امحق أعقابهم: اقطع نسلهم. 19 – وانكل ” خ “.

[ 531 ]

انقلابهم. وأقم للحق مناصبه، واقدح للرشاد زناده (20) وأثر للثار (21) مثيره وأيد بالعون مرتاده، ووفر من النصر زاده حتى يعود الحق إلى جدته وينير معالم مقاصده، ويسلكه أهله بالامنة حق سلوكه، إنك على كل شئ قدير. (224) دعاؤه عليه السلام في السجود عن مولى له أنه عليه السلام برز يوما إلى الصحراء، قال: فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه، وأحصيت عليه ألف مرة يقول: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا (1). ثم رفع رأسه من السجود، وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه (2). (225) دعاؤه عليه السلام في السجود يا كائنا قبل كل شئ، ويا كائنا بعد كل شئ، ويا مكون


20، 21 – * *. 1 – إيمانا وتصديقا وصدقا ” خ “. 2 – أورد في الصحيفة 5 دعاء له عليه السلام ” بعد رفع الرأس من السجدة الاولى “. * *.

[ 532 ]

كل شئ استجب لي يا إلهي فإنك بي عالم، ولا تعذبني فإنك علي قادر. اللهم إني أعوذ بك من الغفلة عند الموت، ومن سوء المرجع في القبر، ومن الندامة يوم القيامة. اللهم إني أسألك عيشة سوية تقية نقية هنيئة، ومنقلبا كريما غير مخز ولا فاضح. (226) دعاؤه عليه السلام وهو ساجد في مسجد الكوفة عن يوسف بن أسباط، قال: حدثني أبي، قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا شاب يناجي ربه، وهو يقول في سجوده: سجد وجهي متعفرا (1) في التراب لخالقي، وحق له. فقمت إليه، فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام. (227) دعاؤه عليه السلام في سجدة الشكر وروي عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول مائة مرة في سجدة الشكر: الحمد لله شكرا. وكلما قال عشر مرات، قال:


1 – التعفير: جعل الجبين حال السجود على التراب.

[ 533 ]

شكرا للمجيب. ثم يقول: يا ذا المن الدائم الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصيه غيره، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا، يا كريم يا كريم يا كريم. ثم يدعو ويتضرع، ويذكر حاجته، ثم يقول: اللهم لك الحمد إن أطعتك، ولك الحجة علي إن عصيتك لا صنع لي ولا لغيري في إحسان منك في حال الحسنة. يا كريم يا كريم صل على محمد وأهل بيته، وصل بجميع ما سألتك وسألك (1) من في مشارق الارض ومغاربها من المؤمنين والمؤمنات، وابدأ بهم، وثن بي برحمتك. ثم يضع خده الايمن على الارض ويقول: اللهم لا تسلبني ما أنعمت به علي من ولايتك وولاية محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام. ثم يضع خده الآيسر على الارض، ويقول مثل ذلك (2). (228) دعاؤه عليه السلام في سجدة الشكر عن القائم عليه السلام في حديث طويل قال: كان يقول زين العابدين عليه السلام عند فراغه من صلاته في سجدة الشكر (1):


1 – وأسألك ” خ “. 2 – * *. 1 – * *.

[ 534 ]

يا كريم مسكينك بفنائك، يا كريم فقيرك زائرك، حقيرك ببابك يا كريم. (229) دعاؤه عليه السلام في سجدة الشكر عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الاسطوانة السابعة قائما يصلي يحسن ركوعه وسجوده، فجئت لانظر إليه، فسبقني إلى السجود، فسمعته يقول في سجوده: اللهم إن كنت قد عصيتك، فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك، منا منك به علي لامنا به مني عليك، ولم أعصك (1) في أبغض الاشياء إليك: لم أدع (2) لك ولدا، ولم أتخذ لك شريكا منا منك علي لا منا مني عليك. وعصيتك في أشياء على غير مكاثرة مني ولا مكابرة (3) ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي و أزلني (4) الشيطان بعد الحجة والبيان (5). فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن ترحمني (6) فبجودك ورحمتك (7) يا أرحم الراحمين. ثم انفتل، وخرج من باب كندة، فتبعته حتى أتى مناخ الكلبيين، فمر بأسود


1 – وتركت معصيتك ” خ “. 2 – وهو أن أدعو ” خ “. 3 – على غير وجه مكابرة ولا معاندة ” خ “. 4 – أضلني ” خ “. 5 – والبرهان: ” خ “. 6 – وإن تغفر لي وترحمني ” خ “. 7 – وكرمك ” خ “.

[ 535 ]

فأمره بشئ لم أفهمه، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا علي بن الحسين بن علي عليهم السلام. فقلت: جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال: الذي رأيت. (230) دعاؤه عليه السلام في سجدة الشكر عن طاووس اليماني قال: كان علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام يدعو بهذا الدعاء: إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي (1) من أول الدهر (2) عبدتك دوام خلود ربوبيتك، بكل (3) شعرة في كل طرفة عين سرمد (4) الابد، بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصرا في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك علي. ولو أني كربت (5) معادن، حديد الدنيا بأنيابي، وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات (6) والارضين دما وصديدا لكان ذلك قليلا في كثير ما يجب من حقك علي. ولو أنك يا إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملات جهنم وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعدلك علي قليلا في كثير ما أستوجبه من عقوبتك.


1 – بدعت فطرتي: أنشأت خلقي. 2، 3 – * *. 4 – سرمد: دوام. 5 – كربت الارض: قلبتها للحرث. 6 – * *.

[ 536 ]

(231) دعاؤه عليه السلام في سجوده عند الكعبة، وهو معتمر في رجب اعتمر علي بن الحسين عليهما السلام في رجب فكان يصلي عند الكعبة عامة ليله ونهاره، وكان يسمع منه في سجوده: عظم الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك. لا يزيد على هذا مدة مقامه. (232) دعاؤه عليه السلام وهو ساجد في الحجر (1) عن صاحب الزمان عليه السلام قال: كان علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يقول في سجوده في هذا الموضع وأشار بيده إلى الحجر تحت الميزاب: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك، يسألك ما لا يقدر عليه غيرك (2). * * * وفي طريق آخر، عن طاووس اليماني قال: رأيت في الحجر زين العابدين عليه السلام يصلي ويدعو: عبيدك ببابك، أسيرك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك


1 – * *. 2 – أسألك ما لا يقدر عليه سواك ” خ “.

[ 537 ]

بفنائك، يشكو إليك ما لا يخفى عليك. (وفي خبر:) لا تردني عن بابك. قال طاووس: فما دعوت بهن في كرب إلا فرج عني. * * * وفي طريق ثالث: عن عائشة، قالت: رأيت علي بن الحسين عليهما السلام في الحجر وهو يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك. فما دعوت بها في كرب إلا وفرج عني. (233) دعاؤه عليه السلام عند الاسطوانة السابعة في مسجد الكوفة عن أبي حمزة الثمالي قال: بينا أنا قاعد يوما في المسجد عند الاسطوانة السابعة إذا برجل مما يلي أبواب كندة قد دخل، فنظرت إلى أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا، وأنظفهم ثوبا، معمم بلا طيلسان ولا إزار، عليه قميص ودراعة وعمامة، وفي رجليه نعلان عربيان، فخلع نعليه، ثم قام عند السابعة ورفع مسبحتيه حتى بلغتا شحمتي أذنيه، ثم أرسلهما بالتكبير، فلم يبق في بدني شعرة إلا قامت، ثم صلى أربع ركعات أحسن ركوعهن وسجودهن، وقال: إلهي إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك الايمان بك، منا منك به علي لا منا مني به عليك، لم أتخذ لك ولدا ولم أدع لك شريكا. وقد عصيتك على غير وجه المكابرة (1) ولا الخروج عن عبوديتك


1 – المكابرة: المعاندة.

[ 538 ]

ولا الجحود لربوبيتك ولكن اتبعت هواي، وأزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم، وإن تعف عني فبجودك وكرمك يا كريم ثم خر ساجدا يقولها حتى انقطع نفسه. وقال أيضا في سجوده: يا من يقدر على قضاء حوائج السائلين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من لا يحتاج إلى تفسير، يا من يعلم خائنة الاعين (2) وما تخفي الصدور، يا من أنزل العذاب على قوم يونس وهو يريد أن يعذبهم فدعوه وتضرعوا إليه، فكشف عنهم العذاب، ومتعهم إلى حين. قد ترى مكاني، وتسمع كلامي، وتعلم حاجتي، فاكفني ما أهمني من أمر ديني ودنياي وآخرتي، يا سيدي يا سيدي (سبعين مرة). ثم رفع رأسه فتأملته، فإذا هو مولاي زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، فانكببت على يديه أقبلهما، فنزع يده مني، وأومأ إلي بالسكوت، فقلت: يا مولاي أنا من عرفته في ولائكم، فما الذي أقدمكم إلى هنا؟ قال: هو ما رأيت. (234) دعاؤه عليه السلام عند انصرافه من صلاة فريضة أو نافلة اللهم لا تجعلنا في هذا الوقت من رحمتك محرومين، ولا


2 – * *.

[ 539 ]

لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين (1). اللهم خصنا بعظيم الاجر، وكريم الذخر، وحسن الشكر، ودوام اليسر. اللهم اقبلنا (2)، وتقبل منا، واقبلنا منجحين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع الهالكين، ولا تصرف عنا رحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته، وشكرك فزدته وطلب إليك فقبلته، وتوسل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها له يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفقنا، وسددنا، واعصمنا، واقبل تضرعنا يا خير من سئل، و يا أرحم من استرحم. يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون، ولا لحظات (3) العيون، ولا ما استتر في المكنون، ولا ما انطوت (4) عليه مضمون القلوب، بل كل قد أحصاه علمك، ووسعه حلمك بلا مؤونة وكلفة، ولا اختلاف آدك (5). سبحانك تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك السماوات بأقطارها، والارضون بأكنافها (6) وجميع ما ذرأت وبرأت منهن، وإن من شئ إلا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد، وعلو


1 – قانطين: يائسين. 2 – اقلبنا: ارجعنا. 3 – اللحظ: النظر بمؤخر العين. 4 – انطوت: اشتملت. 5 – آدك: أثقلك وعظم عليك. 6 – أكنافها: نواحيها.

[ 540 ]

الحمد. يا ذا الجلال والاكرام، والطول والانعام، والايادي الجسام (7) صل على محمد وآله وافعل بي ما أنت أهله لا ما أنا أهله، فأنت الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم، وأنا أسير خطيئاتي وذنوبي، يا رباه يا رباه يا رباه. كان عليه السلام يقولها حتى ينقطع نفسه. (235) دعاؤه عليه السلام عقيب الصلاة عن صاحب الزمان عليه السلام في حديث طويل قال: أتدرون ما كان يقول زين العابدين عليه السلام في دعائه بعقب الصلاة؟ قلنا: تعلمنا. قال: كان يقول: اللهم إني أسألك باسمك الذي به تقوم السماء والارض، و باسمك الذي به تجمع المتفرق، وبه تفرق المجتمع، وباسمك الذي تفرق به بين الحق والباطل، وباسمك الذي تعلم به كيل البحار وعدد الرمال، ووزن الحبال (أن تفعل بي كذا وكذا). (236) دعاؤه عليه السلام في يوم الاحد بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الذي لا أرجو إلا فضله، ولا أخشى إلا عدله، ولا أعتمد


7 – الايادي الجسام: الاحسان بالنعم العظام.

[ 541 ]

إلا قوله، ولا أتمسك إلا بحبله. بك أستجير يا ذا العفو والرضوان من الظلم والعدوان، ومن غير الزمان (1) وتواتر الاحزان وطوارق الحدثان، ومن انقضاء المدة قبل التأهب والعدة (2). وإياك أسترشد لما فيه الصلاح والاصلاح (3) وبك أستعين فيما يقترن به النجاح والانجاح (4). وإياك أرغب في لباس العافية وتمامها، وشمول السلامة ودوامها، وأعوذ بك يا رب من همزات الشياطين، وأحترز بسلطانك من جور السلاطين. فتقبل ما كان من صلاتي وصومي، واجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومي، وأعزني في عشيرتي وقومي، واحفظني في يقظتي ونومي، فأنت الله خير حافظا وأنت أرحم الراحمين. اللهم إني أبرأ إليك في يومي هذا وما بعده من الآحاد من الشرك والالحاد، وأخلص لك دعائي تعرضا للاجابة، وأقيم (5) على طاعتك رجاء للاثابة، فصل على محمد وآله خير خلقك، الداعي إلى حقك، وأعزني بعزك الذي لا يضام (6) واحفظني بعينك التي لا تنام، واختم بالانقطاع إليك أمري، وبالمغفرة عمري، إنك أنت الغفور


1 – * *. 2 – العدة: الاستعداد. 3، 4 – * *. 5 – وأقهر نفسي ” خ “. 6 – لا يضام: لا يذل.

[ 542 ]

الرحيم (237) دعاؤه عليه السلام في يوم الاحد بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك سؤال مذنب أوقعته معاصيه في ضيق المسالك، وليس له مجير سواك، ولا أمل غيرك، ولا مغيث أرأف به منك، ولا معتمد عليه غير عفوك. أنت الذي جدت (1) بالنعم قبل استحقاقها، وأهلتها بتطولك (2) غير مؤهلها، فلم يعززك منع، ولا تكأدك (3) إعطاء، ولا نفذ منعك سؤال ملح، بل أدررت أرزاق عبادك منك تطولا وتفضلا. اللهم كلت (4) العبارة عن بلوغ مجدك، وهفا اللسان عن نشر محامدك وتفضلك، أقصدني إليك الرجاء وإن أحاطت بي الذنوب وأنت أرحم الراحمين، وأنعم الرازقين، وأحسن الخالقين، وأنت الاول أعز وأجل من أن ترد من أملك ورجاك، وطمع فيما قبلك، فلك الحمد يا أهل الحمد والمجد. اللهم إني جرت على نفسي في النظر لها، وسالمت الايام باقتراف الآثام، وأنت ولي منعام (5) ذو الجلال والاكرام وبقي لها


1 – جدت: تكرمت. 2 – بتطولك: بتفضلك. 3 – تكأدك: شق عليك. 4 – كلت: عجزت. 5 – منعام: مفضال.

[ 543 ]

نظرك، فاجعل مردها منك بالنجاح يا فالق الاصباح، وامنحها سؤلها (6) وإن لم تستحق منك. أسألك باسمك الذي تمضي به المقادير، وبعزتك التي تلي بها التدبير أن تحول بيني وبين معاصيك، وما يبعدني عنك يا حنان يا منان، وأدرجني فيمن أبحت لهم عفوك ورضوانك، وأسكنتهم جنانك برأفتك وطولك. اللهم أنت أكرمت أولياءك بكرمك، وأوجبت لهم حياطتك (7) وأظللتهم برعايتك، فمن تتابع المهالك فأنقذني، وإلى طاعتك فمل بي، وعن معاصيك فردني، فقد عجت (8) الاصوات بصنوف اللغات ترتجي منك محو الذنوب، يا علام الغيوب أستهديك فاهدني، و أعتصم بك فاعصمني، وادعني علي (9) إليك إنك أهل التقوى وأهل المغفرة، واصرف عني شر كل ذي شر إلى خير ما لا يملكه أحد سواك، واحتمل (10) عني مفترضات حقوق الآباء والامهات، و اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات والاخوة والاخوات، يا منزل البركات وعالم الخفيات صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين و جميع النبيين والمرسلين، واحشرني في زمرتهم يا أرحم الراحمين وسلم كثيرا.


6 – سؤلها: ما تسأله. 7 – حياطتك: حفظك وصيانتك. 8 – عجت: رفعت. 9 – ادعني علي: أعني على نفسي. 10 – احتمل ما كان منه: عفا وأغضى.

[ 544 ]

(238) دعاؤه عليه السلام في يوم الاثنين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يشهد أحدا حين فطر (1) السماوات والارض ولا اتخذ معينا حين برأ النسمات (2) لم يشارك في الالهية، ولم يظاهر (3) في الوحدانية، كلت الالسن عن غاية صفته، وانحسرت العقول عن كنه (4) معرفته، وتواضعت الجبابرة لهيبته، وعنت (5) الوجوه لخشيته، وانقاد كل عظيم لعظمته، فلك (6) الحمد متواترا متسقا (7) و متواليا مستوسقا (8) وصلواته على رسوله أبدا، وسلامه دائما سرمدا (9). اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحا، وأوسطه فلاحا، وآخره نجاحا وأعوذ بك من يوم أوله فزع، وأوسطه جزع، وآخره وجع. اللهم إني أستغفرك لكل نذر نذرته، ولكل وعد وعدته، ولكل عهد (10) عاهدته ثم لم أف لك به، وأسألك في مظالم عبادك عندي، فأيما عبد من عبيدك، أو إمة من إمائك كانت له قبلي (11) مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه إو في ماله أو في أهله وولده، أو غيبة


1 – فطر: أنشأ. 2 – برأ النسمات: خلق الانفس. 3 – يظاهر: يعاون. 4 – كنه: جوهر وحقيقة. 5 – عنت: خضعت. 6 – فله ” خ “. 7 – متسقا: منتظما. 8 – مستوسقا: مجتمعا. 9 – سرمدا: أبدا. 10 – * *. 11 – قبلي: عندي.

[ 545 ]

اغتبته بها، أو تحامل (12) عليه بميل أو هوى، أو أنفه أو حمية أو رياء أو عصبية (13) غائبا كان أو شاهدا، وحيا كان أو ميتا، فقصرت يدي، وضاق وسعي عن ردها إليه، والتحلل منه. فأسألك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبه لمشيته ومسرعة إلى إرادته أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترضيه عني بما شئت، وتهب لي من عندك رحمة إنه لا تنقصك المغفرة، ولا تضرك الموهبة يا أرحم الراحمين. اللهم أولني في كل يوم اثنين نعمتين منك ثنتين: سعادة في أوله بطاعتك، ونعمة في آخره بمغفرتك، يا من هو الاله، ولا يغفر الذنوب سواه. (239) دعاؤه عليه السلام في يوم الاثنين بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك يا من يصرف البلايا، ويعلم الخفايا، ويجزل العطايا، سؤال نادم على اقتراف الآثام، متألم (1) على المعاصي مر الليالي والايام، لم يجد مجيرا سواك، ولا مؤملا يفزع إليه لارتجاء كشف فاقته غيرك.


12 – تحامل: جار ولم يعدل. 13 – * *. 1 – كذا استظهرها في الصحيفة (5)، وفي الاصل: مسالم، سالم.

[ 546 ]

أنت الذي عم الخلائق منك، وغمرتهم بسعة رحمتك و تطولك وكرامتك، وشملتهم بسوابغ نعمتك، يا كريم المآب (2) والمحسن الوهاب، والمنتقم ممن عصاه بأليم العقاب، دعوتك مقرا على نفسي بالاساءة، إذ لم أجد ملجأ ألجأ إليه يا خير من استدعي لبذل الرغائب، وأنجح مأمول لكشف الضر، لك عنت الوجوه، فلا تردني منك بحرمان إنك تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد. إلهي وسيدي ومولاي أي رب أرتجيه؟ أم أي إله أقصده إذا ألم بي الندم، وأحاطت بي المعاصي؟ وأنت ولي الصفح، ومأوى الكرم، فإن كنت يا إلهي مسرفا على نفسي بانتهاك الحرمات، ناسيا ما اجترمت من الهفوات فإنك لطيف تجود على المذنبين والمسرفين برحمتك يا أرحم الراحمين، وتسكن روعات الوجلين (3) وتحقق أمل الآملين، وتفيض سجال عطاياك (4) على المستأهلين. إلهي قدمني إليك رجاء لا يشوبه قنوط، وأمل لا يكدره يأس يا محيطا بالغيوب أمسيت وأصبحت على باب من أبواب منحك سائلا مبتهلا، وليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف مضطر إلى رحمتك وإلى خيرك المألوف. اللهم أنت الذي عجزت الاوهام عن الاحاطة بك، وكلت الالسن عن صفة ذاتك، فبآلائك وطولك، صل على محمد وآل


2 – المآب: المرجع والمنقلب. 3 – الوجلين: الخائفين. 4 – سجال عطاياك: هباتك الدائمة.

[ 547 ]

محمد النبي، وأقلني عثرتي يا غاية الآملين، ويا جبار السماوات والارضين، ويا باقيا بعد فناء الخلق أجمعين، ويا ديان يوم الدين، فأنت ثقة من لا يثق بنفسه لافراط (5) عمله، وأمل من لم يكن له أمل لكثير زلله، ورجاء من لم يرتج معتمدا بسوء سبيله سواك. اللهم فأنقذني من المهالك، وأحللني دار الابرار، واغفر لي ذنوب الليل والنهار، يا مطلعا على الاسرار، واحتمل عني ما افترضت علي للآباء والامهات، واكفني ما أهمني بلطفك وكرمك يا عالي الملكوت، وأشركني في دعاء من دعاك، واجعلني ممن استجبت له من المؤمنين والمؤمنات إنك عالم جواد، وصلى الله على محمد وآله الاخيار، واحشرني في زمرتهم يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم كثيرا. (240) دعاؤه عليه السلام في يوم الثلاثاء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والحمد حقه كما يستحقه حمدا كثيرا، وأعوذ به من شر نفسي ” إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي ” (1) وأعوذ به من شر الشيطان الذي يزيدني ذنبا إلى ذنبي، وأحترز به من كل جبار فاجر، وسلطان جائر، وعدو قاهر.


5 – * *. 1 – *.

[ 548 ]

اللهم اجعلني من جندك فإن جندك هم الغالبون، واجعلني من حزبك فإن حزبك هم المفلحون، واجعلني من أوليائك فإن أوليائك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. اللهم أصلح لي ديني فإنه عصمة أمري، وأصلح لي آخرتي فإنها دار مقري، وإليها من مجاورة اللئام مفري (2) واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والوفاة راحة لي من كل شر. اللهم صل على محمد خاتم النبيين وتمام عدة المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وهب لي في الثلاثاء (3) ثلاثا: لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا غما إلا أذهبته، ولا عدوا إلا دفعته، ببسم الله خير الاسماء، بسم الله رب الارض والسماء أستدفع كل مكروه أوله سخطه، وأستجلب كل محبوب أوله رضاه، فاختم لي منك بالغفران يا ولي الاحسان. (241) دعاؤه عليه السلام في يوم الثلاثاء بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إني أسألك سؤال من لم يجد لسؤاله مسؤولا سواك، وأعتمد عليك اعتماد من لا يجد لاعتماده معتمدا غيرك، لانك أنت الاول الذي ابتدأت الابتداء فكونته يا بديعا بلطفك، واستكان على


2 – مفري: مهربي. 3 – * *.

[ 549 ]

مشيتك كما أمرت باحكام التقدير، وأنت أعز وأجل من العالم، الذي لا يبخلك إلحاح الملحين وإنما أمرك إذا أردت شيئا أن تقول له كن فيكون ” (1) أمرك ماض (2) ووعدك حتم، وحكمك عزم، لا يعزب (3) عنك شئ، وأنت الرقيب على كل شئ، احتجبت بالكبرياء، وتعززت بالقدرة والبقاء، وذللت الجبابرة بالفقر والفناء فلك الحمد في الآخرة والاولى. اللهم إنت حليم قادر رؤوف غافر رازق بديع مجيب سميع، بيدك نواصي العباد وقواصي البلاد، حي قيوم، جواد كريم. اللهم أنت المالك الذي ملكت الملوك، وتواضع لك الاعزاء، واحتويت بإلهيتك على المجد والثناء، فلا يؤدك حفظ خلقك، ويدرك عطاء من منحته سعة رزقك، وأنت علام الغيوب، سترت علي ذنوبي، وأكرمتني بمعرفة دينك، ولم تهتك عني جميل سترك يا حنان، ولم تفضحني يا منان، أسألك أن تصلي على محمد وآله. إلهي آمنا من عقوبتك، وأسبغ علينا نعمتك، وارزقنا دوام عافيتك ومحبة طاعتك، واجتناب معصيتك، وحلول (4) جنتك، ومرافقة أحبتك، إنك ” تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب ” (5). إن كنت يا إلهي اقترفت ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي لها


1 – *. 2 – ماض: نافذ. 3 – لا يعزب: لا يغيب. 4 – حلول: نزول. 5 – *.

[ 550 ]

فأنت أهل أن تجود علي بسعة رحمتك، وتنقذني من عقابك وتدرجني درج المكرمين في صفحك، يا رؤوف احتمل عني حق الآباء والامهات، وألحقني بالصالحين والصالحات والابرار معهما من الاخوة والاخوات، واغفر للمؤمنين وللمؤمنات إنك قريب مجيب. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الاخيار، واحشرني في زمرتهم يا أرحم الراحمين. (242) دعاؤه عليه السلام في يوم الاربعاء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعل النهار نشورا (1) لك الحمد أن بعثتني من مرقدي ولو شئت جعلته سرمدا (2) حمدا دائما لا ينقطع أبدا، ولا يحصي له الخلائق عددا. اللهم لك الحمد أن خلقت فسويت (3) وقدرت وقضيت، وأمت وأحييت، وأمرضت وشفيت، وعافيت وأبليت، وعلى العرش استويت وعلى الملك احتويت. أدعوك دعاء من ضعفت وسيلته، وانقطعت حيلته، واقترب أجله وتدانى في الدنيا أمله، واشتدت إلى رحمتك فاقته، وعظمت لتفريطه


1 – * *. 2 – سرمدا: مستمرا. دائما. 3 – * *.

[ 551 ]

حسرته، وكثرت زلته وعثرته، وخلصت لوجهك توبته. فصل على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وارزقني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله، ولا تحرمني صحبته إنك أنت أرحم الراحمين. اللهم اقض لي في الاربعاء (4) أربعا: اجعل قوتي في طاعتك ونشاطي في عبادتك، ورغبتي في ثوابك، وزهدي فيما يوجب لي أليم عقابك، إنك لطيف لما تشاء. (243) دعاؤه عليه السلام في يوم الاربعاء بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك سؤال ملح (1) لا يمل دعاء ربه، وأتضرع إليك تضرع غريق يرجوك لكشف ضره وكربه، وأبتهل إليك ابتهال تائب من ذنوبه، وأنت الرب الذي ملكت الخلائق كلهم، وفطرتهم (2) أجناسا مختلفة الالسن والالوان والابدان على مشيتك، وقدرت آجالهم وأرزاقهم، فلم يتعاظمك خلق خلق حين كونته كما شئت، مختلفات مما شئت، فتعاليت وتجبرت عن اتخاذ وزير، وتعززت عن مؤامرة شريك، وتنزهت عن اتخاذ الابناء، وتقدست عن


4 – * *. 1 – ملح: مواظب. 2 – فطرتهم: خلقتهم.

[ 552 ]

ملامسة النساء، وليست الابصار بمدركة لك، ولا الاوهام بواقعة عليك، وليس له شبيه ولا عديل، ولا ند ولا نظير. أنت الفرد الاول الآخر العالم الاحد الصمد، والقائم الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لا تنال بوصف (3) ولا يدركك وهم، ولا يعتريك (4) في مدى الدهر صرف (5) لم تزل ولا تزال، علمك بالاشياء في الخفاء كعلمك بها في الاجهار والاعلان، فيا من ذل لعظمته العظماء، وخضعت لعزته الرؤساء، ومن كلت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء، ومن أحكم تدبير الاشياء، واستعجمت (6) عن إدراكه عبارة علوم العلماء. أتعذبني بالنار وإنت أملي؟! أم تسلطها علي بعد إقراري لك بالتوحيد، وخشوعي لك بالسجود، وتلجلج (7) لساني في الموقف (8)؟! وقد مهدت لعبادك سبيل الوصول إلى التحميد والتسبيح والتمجيد، فيا غاية الطالبين، وأمان الخائفين، وعماد الملهوفين، ويا كاشف الضر عن المكروبين، ورب العالمين، وغياث المستغيثين، وجار المستجيرين، وأرحم الراحمين. اللهم إن كنت عندك في أم الكتاب كتبتني شقيا، فإني أسألك بمعاقد العز من عرشك، والكبرياء والعظمة التي لا يتعاظمها عظيم * (هامش) 3 – لا ينال الوصف بوصف ” خ “. 4 – يعتريك: يصيبك. 5 – صرف الدهر: نائبته. 6 – استعجمت: صعبت واستبهمت. 7 – التلجلج: التردد في الكلام. 8 – * *.


[ 553 ]

ولا متكبر، أن تصلي على محمد وآله، وأن تجعلني سعيدا فإنك تجري الامور على إرادتك، وتجير ولا يجار عليك (9) يا قدير، وأنت رؤوف رحيم خبير ” تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ” (10) فقديما لطفت لمسرف على نفسه، غريق في بحور خطاياه، أسلمته الحتوف وكثرة زلله. وتطول (11) علي يا متطولا على المذنبين بالعفو والصفح، وعلى العاثرين بالمغفرة، واصفح عني، فإنك لم تزل آخذا بالفضل على من وجب له باجترائه على الآثام حلول دار البوار، يا علام الخفيات والاسرار يا جبار يا قهار. وما ألزمتنيه من فرض الآباء والامهات، وأوجبت حقوقهم مع الاخوة والاخوات، فاحتمل عني أداء ذلك إليهم يا ذا الجلال والاكرام، واغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات إنك على كل شئ قدير، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم. (244) دعاؤه عليه السلام في يوم الخميس بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أذهب الليل مظلما بقدرته، وجاء بالنهار مبصرا برحمته، وكساني ضياءه، وآتاني (1) نعمته. * (هامش) 9 – * *. 10 – *. 11 – تطول: تفضل. 1 – وأنا في ” خ “.


[ 554 ]

اللهم فكما أبقيتني له فإبقني لامثاله وصل على النبي محمد وآله، ولا تفجعني فيه وفي غيره من الليالي والايام بارتكاب المحارم، واكتساب المآثم، وارزقني خيره، وخير ما فيه، وخير ما بعده، واصرف عني شره، وشر ما فيه، وشر ما بعده. اللهم إني بذمة الاسلام (2) أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبمحمد المصطفى صلى الله عليه وآله أستشفع لديك، فاعرف اللهم ذمتي التي رجوت بها قضاء حاجتي يا أرحم الراحمين. اللهم اقض لي في الخميس خمسا، لا يتسع لها إلا كرمك، ولا يطيقها إلا نعمك: سلامة أقوى بها على طاعتك، وعبادة أستحق بها جزيل مثوبتك، وسعة في الحال من الرزق الحلال، وأن تؤمنني في مواقف الخوف بأمنك، وتجعلني من طوارق الهموم والغموم في حصنك، صل على محمد وآله، واجعل توسلي به شافعا (3) يوم القيامة نافعا، إنك أنت أرحم الراحمين. (245) دعاؤه عليه السلام في يوم الخميس. بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك سؤال الخائف من وقفة الموقف، الوجل من العرض، المشفق (1) من الحشر لبوائق يوم القيامة، المأخوذ على


2 – * *. 3 – واجعله لي شافعا واجعل توسلي به ” خ “. 1 المشفق: الخائف.

[ 555 ]

العثرة، النادم على الخطيئة، المسؤول المحاسب المعاقب الذي لم يكنه (2) مكان عنك، ولا وجد مفرا إلا إليك، المتنصل عن سئ ذنوبه المقر بعمله، الذي قد أحاطت به الغموم، وضاقت به رحاب التخوم (3) الموقن بالموت، المبادر بالتوبة قبل الفوت إن مننت عليه بها وعفوت. فأنت إلهي ورجائي إذا ضاق عني الرجاء، وملجأي إذا لم أجد ملجأ. توحدت سيدي بالعزة والعلى، وتفردت بالوحدانية، وتعززت بالبقاء، فأنت المتعزز المتفرد بالمجد، فلك ربي المجد والحمد، لا يواريك (4) مكان، ولا يغيرك زمان، فألفت بمكانك الفرق (5) وفلقت بقدرتك الفلق (6) ورفعت بلطفك الفرق (7) وأضاء بعظمتك دواجي الغسق (8) وأجريت الماء من الصم الصياخيد (9) عذبا و أجاجا، وأنزلت من المعصرات ماء ثجاجا (10) وجعلت الشمس النيرة المنيرة سراجا وهاجا (11) وخلقت لها وللقمر والنجوم منازل وأبراجا (12) من غير أن تمارس فيما ابتدأت لغوبا وعلاجا (13). فأنت الله إله كل شئ وخالقه، وجبار كل مخلوق ووارثه، والعزيز من أعززت، والشقي من أشقيت، والذليل من أذللت


2 – يكنه: يستره 3 – التخوم: حدود الارض. 4 – لا يواريك: لا يسترك. 5 – الفرق: طوائف من الناس. 6 – * *. 7 – الفرق: ما انفلق من عمود الصبح. 8 – الغسق: ظلمة الليل. 9 – الصم الصياخيد: الصخور العظيمة التي لا تعمل فيها المعاول. 10 -، 11 * *. 12 – كذا استظهرها في الصحيفة 5. وفي الاصل ” لها منازل، وللقمر والنجوم أبراجا ” * *. 13 – لغوبا: تعبا وإعياء. علاجا: مزاولة وممارسة.

[ 556 ]

والسعيد من أسعدت، والغني من أغنيت، والفقير من أفقرت، أنت وليي ومولاي، وعليك رزقي، وبيدك ناصيتي، صل على محمد وآله وافعل بي ما أنت أهله، وعد بفضلك على عبد غمره جهله، واستولى عليه التسويف حتى سالم الايام. سيدي فاجعلني عبدا يفزع إلى التوبة فإنها مفزع المذنبين وأغنني بجودك الواسع عن المخلوقين، ولا تحوجني إلى الاشرار (14) الضالين، وهب لي سيدي عفوك في موقفي يوم الدين، يا أرحم الراحمين، وأجود الاجودين، وأكرم الاكرمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم. (246) دعاؤه عليه السلام في يوم الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الاول قبل الانشاء والاحياء، والآخر بعد فناء الاشياء العليم الذي لا ينسى من ذكره، ولا ينقص من شكره، ولا يخيب من دعاه، ولا يقطع رجاء من رجاه. اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد جميع ملائكتك (1) وسكان سماواتك وحملة عرشك، ومن بعثت من أنبيائك ورسلك، وأنشأت من أصناف خلقك، أني أشهد أنك أنت


14 – شرار ” خ “. 1 – ملائكتك ورسلك ” خ “.

[ 557 ]

الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ولا عديل، ولا خلف لقولك ولا تبديل، وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك، أدى ما حملته إلى العباد، وجاهد في الله عزوجل حق الجهاد، وأنه بشر بما هو حق من الثواب، وأنذر بما هو صدق من العقاب. اللهم ثبتني على دينك ما أحييتني، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. صل على محمد وآل محمد واجعلني من أتباعه وشيعته، واحشرني في زمرته، ووفقني لاداء فرض الجمعات، وما أوجبت علي فيها من الطاعات، وقسمت لاهلها من العطاء في يوم الجزاء، إنك أنت العزيز الحكيم. (247) دعاؤه عليه السلام في يوم الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك سؤال وجل من انتقامك، حذر من نقمتك، فزع إليك، لم أجد لفاقتي مجيرا سواك، ولا أمنا غير فنائك وطولك. سيدي ومولاي على طول معصيتي وتقصيري أقصدني إليك الرجاء، وأرهقني الذنوب، وحالت بيني وبينك لانك عماد المعتمد، ورصد المرتصد، فلا تنقصك المواهب، ولا تفوتك المطالب، لك المنن العظام والمواهب الجسام.


[ 558 ]

يا من لا تفنى خزائنه، ولا يبيد ملكه، ولا تراه العيون، ولا تعزب (1) عنه حركة ولا سكون، لم يزل ولا يزال، ولا يتوارى عنه متوار في كنين أرض ولا سماء ولا تخوم، تكفلت يا جواد الارزاق، وتقدست عن تناول الصفات، وتعززت أن تحيط بك تصاريف اللغات. أنت الاول والآخر، والملك القاهر، ذو العزة والقدرة، جزيل العطايا، لم تكن مسحدثا فتوجد منتقلا من حال في حال، أنت أحق من تجاوز (2) وعفا عمن ظلم وأساء، بكل لسان تحمد، وفي الشدائد عليك يعتمد، فلك الحمد. أنت الملك الابد، والرب الصمد، أتقنت إنشاء البرايا (3) فأحكمتها بلطف التدبير، وتعاليت في ارتفاع شأنك أن ينفذ فيك التغيير، أو يحول بك حال يصفك بها الملحد إلى تبديل، أو يجد للزيادة والنقصان فيك مساغا (4) في اختلاف التحويل، أو يليق بك سحائب الاحاطة في بحور وهم الاوهام، فلك اتفاق الخلق مستجدين بإقرار الربوبية، ومترفين خاضعين لك بالعبودية، فسبحانك ما أعظم شأنك، وأعلى مكانك، وأنطق بالصدق برهانك، وأنفذ أمرك، سمكت (5) السماء فرفعتها، ومهدت الارض ففرشتها،


1 – لا تعزب: لا تخفى. 2 – تجاوز: أغضى وعفا. 3 – البرايا: الخلائق. 4 – مساغا: طريقا أو مدخلا سهلا. 5 – سمكت: بنيت.

[ 559 ]

وأخرجت منها ماء ثجاجا، ونباتا رجراجا، فسبحك نباتها ومياهها، وقامت على مستقر المشيئة كما أمرتها، فيامن تعزز بالبقاء، وقهر عباده بالفناء، صل على محمد وآله وأكرم مثواي، فإنك خير من انتجع (6) لكشف الضر. يا من هو المأمول عند كل عسر، والمرتجى لكل يسر، بك أنزلت حاجتي، وبك أبتهل فلا تردني خائبا مما رجوت، ولا تحجب دعائي إذ فتحته. اللهم اجعل خير أيامي يوم لقائك، وتغمد لي خطاياي فقد أوحشتني، وتجاوز عن ذنوبي فقد أوبقتني، إنك منيب قريب، وذلك عليك يسير، وأنت أحسن الخالقين، وأكرم المسؤولين. اللهم إنك افترضت علي للآباء والامهات حقوقا فغرمتهن (7) وأنت أولى من خفف الاوزار، وأدى الحقوق عن عبيده، فاحتمله عني لهما، واغفر لهما كما رجا منك كل موحد من المؤمنين، وألحقني وإياهما بالابرار، وأبح لهما جنتك مع الاخيار، إنك سميع الدعاء، وصلى الله على محمد وآله. (248) دعاؤه عليه السلام بعد ظهر يوم الجمعة


6 – انتجع: قصد لطلب معروفه. 7 – غرمتهن: أصبحت مديا بهن.

[ 560 ]

عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين عليهم السلام، من عمل يوم الجمعة (1) الدعاء بعد الظهر: اللهم اشتر مني نفسي الموقوفة عليك، المحبوسة لامرك بالجنة مع معصوم (2) من عترة نبيك صلى الله عليه وآله، محزون (3) لظلامته، منسوب بولادته، تملا به الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ولا تجعلني ممن تقدم فمرق، أو تأخر فمحق (4) واجعلني ممن لزم فلحق، واجعلني شهيدا سعيدا في قبضتك. يا إلهي سهل لي نصيبا جزلا (5) وقضاء حتما لا يغيره شقاء، واجعلني ممن هديته فهدى (6) وزكيته (7) فنجا، وواليت فاستثنيت (89 فلا سلطان لابليس عليه، ولا سبيل له إليه، وما استعملتني فيه من شئ فاجعل في الحلال مأكلي وملبسي ومنكحي. وقنعني (9) يا إلهي بما رزقتني من رزق فأرني فيه عدلا حتى أرى قليله كثيرا، وأبذله فيك بذلا، ولا تجعلني ممن طولت له في الدنيا أمله، وقد انقضى أجله، وهو مغبون (10) عمله. أستودعك يا إلهي غدوي ورواحي ومقيلي وأهل ولايتي (11) من كان منهم أو هو كائن، زيني وإياهم بالتقوى واليسر، واطرد عني


1، 2 – * *. 3 – المخزون ” خ “. * *. 4 – * *. 5 – جزلا: كبيرا. 6 – * *. 7 – زكيته: طهرته. 8 – فاستثبت ” خ. * *. 9 – وقنعني ونعمني ” خ “. 10 – مغبون: منقوص. 11 – ولايتي: قرابتي.

[ 561 ]

وعنهم الشك والعسر، وامنعني وإياهم من ظلم الظلمة، وأعين الحسدة، واجعلني وإياهم ممن حفظت، واسترني وإياهم فيمن سترت، واجعل آل محمد عليه وعليهم السلام أئمتي وقادتي، وآمن روعتهم وروعتي، واجعل حبي ونصرتي وديني فيهم ولهم، فإنك إن وكلتني إلى نفسي زلت قدمي. ما أحسن ما صنعت بي يا رب إذ هديتني للاسلام، وبصرتني ما جهله غيري، وعرفتني ما أنكره غيري، وألهمتني ما ذهلوا عنه (12) وفهمتني قبيح ما فعلوا وصنعوا (13) حتى شهدت من الامر ما لم يشهدوا و أنا غائب، فما نفعهم قربهم، ولا ضرني بعدي، وأنا من تحويلك إياي عن الهدى وجل (14) وما تنجو نفسي إن نجت إلا بك، ولن يهلك من هلك إلا عن بينة! رب نفسي غريق خطايا مجحفة (15) ورهين ذنوب موبقة، وصاحب عيوب جمة (16) فمن حمد عندك نفسه فإني عليها زار (17) ولا أتوسل إليك بإحسان، ولا في جنبك (18) سفك دمي، ولم ينحل الصيام والقيام جسمي، فبأي ذلك أزكي نفسي وأشكرها عليه وأحمدها به؟ بل الشكر لك.


12 – ذهل عنه: نسيه. 13 – وضيعوا ” خ “. 14 – وجل: خائف. 15 – مجحفة: مذهبة بي إلى تحمل ما لا يطاق. 16 – جمة: كثيرة. 17 – زار: عاتب ساخط. 18 – جنبك: طاعتك، أمرك.

[ 562 ]

اللهم لسترك على ما في قلبي، وتمام النعمة علي في ديني، وقد أمت من كان مولده مولدي، ولو شئت لجعلت مع نفاد عمره عمري، ما أحسن ما فعلت بي يا رب، لم تجعل سهمي (19) فيمن لعنت، ولا حظي فيمن أهنت، إلى محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام ملت بهواي وإرادتي ومحبتي. ففي مثل سفينة نوح عليه السلام فاحملني، ومع القليل فنجني وفيمن زحزحت عن النار فزحزحني، وفيمن أكرمت بمحمد وآل محمد عليهم السلام فأكرمني، وبحق محمد وآل محمد صلواتك ورحمتك و رضوانك عليهم من النار فأعتقني. ثم اسجد سجدة الشكر التي بعد الظهر في كل يوم، وقل فيهما ما تقدم ذكره (20) من الدعاء. (249) دعاؤه عليه السلام بعد عصر يوم الجمعة عن أبي جعفر عليه السلام، عن علي بن الحسين عليهما السلام (في عمل يوم الجمعة بعد العصر): اللهم إنك أنهجت (1) سبيل الدلالة عليك بأعلام (2) الهداية بمنك على خلقك، وأقمت لهم منار القصد إلى طريق أمرك بمعادن لطفك وتوليت أسباب الانابة إليك بمستوضحات من حججك، قدرة منك


19 – سهمي: نصيبي. 20 – انظر الدعاء (227) وما بعده من أدعية سجدة الشكر. 1 – أنهجت: أوضحت. 2 – سبل الدلالة بأعلام ” خ “.

[ 563 ]

على استخلاص أفاضل عبادك، وحضا (3) لهم على أداء مضمون شكرك، وجعلت تلك الاسباب لخصائص من أهل الاحسان عندك، وذوي الحباء (4) لديك، تفضيلا لاهل المنازل منك، وتعليما أن ما أمرت به من ذلك مبرأ من الحول والقوة إلا بك، وشاهدا في إمضاء (5) الحجة على عدلك، وقوام وجوب حكمك. اللهم وقد استشفعت المعرفة بذلك إليك، ووثقت بفضيلتها عندك وقدمت الثقة بك وسيلة في استنجاز موعودك، والاخذ بصالح ما ندبت إليه عبادك، وانتجاعا (6) بها محل تصديقك، والانصات (7) إلى فهم غباوة الفطن عن توحيدك، علما مني بعواقب الخيرة في ذلك، واسترشادا لبرهان آياتك، واعتمدتك حرزا واقيا من دونك، واستنجدت الاعتصام (8) بك كافيا من أسباب خلقك، فأرني مبشرات من إجابتك تفي بحسن الظن بك، وتنفي عوارض التهم لقضائك، فإنه ضمانك للمجتدين (9) ووفاؤك للراغبين إليك. اللهم ولا أذلن على التعزز بك، ولا أستقفين (10) نهج الضلالة عنك وقد أمتك (11) ركائب طلبتي، وأنيخت (12) نوازع الآمال مني إليك، وناجاك عزم البصائر لي فيك.


3 – حضا: حثا. 4 – الحباء: العطاء. 5 – إمضاء: إنفاذ. 6 – الانتجاع: طلب الاحسان. 7 – الانصات: الاستماع مع السكوت. 8 – الاعتصام: الامتناع. 9 – للمجتهدين ” خ ” المجتدين: السائلين. 10 – أستقفين: أتبعن. 11 – أمتك: قصدتك. 12 – أنيخت: إنزلت.

[ 564 ]

اللهم ولا أسلبن عوائد مننك غير متوسمات (13) إلى غيرك. اللهم وجدد (14) لي وصلة الانقطاع إليك، واصدد (15) قوى سبي عن سواك حتى أفر عن مصارع الهلكات إليك، وأحث الرحلة إلى إيثارك باستظهار اليقين فيك، فإنه لا عذر لمن جهلك بعد استعلاء الثناء عليك، ولا حجة لمن اختزل (16) عن طريق العلم بك مع إزاحة اليقين مواقع (17) الشكوك فيك، ولا يبلغ إلى فضائل القسم (18) إلا بتأييدك وتسديدك (19) فتولني بتأييد من عونك، وكافني عليه بجزيل عطائك. اللهم أثني عليك أحسن الثناء، ولان بلاءك عندي أحسن البلاء، أوقرتني (20) نعما وأوقرت نفسي ذنوبا، كم من نعمة أسبغتها علي لم أود شكرها، وكم من خطيئة أحصيتها علي أستحيي من ذكرها، وأخاف جزاءها! أن تعف لي عنها فأهل ذلك أنت، وأن تعاقبني عليها فأهل ذلك أنا. اللهم فارحم ندائي إذا ناديتك، واقبل علي إذا ناجيتك، فإني أعترف لك بذنوبي، وأذكر لك حاجتي، وأشكو إليك مسكنتي وفاقتي وقسوة قلبي وميل نفسي، فإنك قلت، ” فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ” (21) وها أنا ذا يا إلهي قد استجرت بك، وقعدت بين يديك


13 – * *. 14 – وأوجد ” خ “. 15 – اصدد: امنع. 16 – اختزل: انقطع. 17 – مواضع ” خ “. 18 – القسم: جمع قسم، وهي النصيب. 19 – وتوحيدك ” خ “. 20 – الوقر: الحمل الثقيل. 21 – *.

[ 565 ]

مستكينا، متضرعا إليك، راجيا لما عندك، تراني وتعلم ما في نفسي، وتسمع كلامي، وتعرف حاجتي ومسكنتي (22) وحالي ومنقلبي ومثواي وما أريد أن أبتدئ فيه من منطقي، والذي أرجو منك في عاقبة أمري، وأنت محص لما أريد التفوة (23) به من مقالي (24). جرت مقاديرك بأسبابي وما يكون مني في سريرتي وعلانيتي، وأنت متم لي ما إخذت عليه ميثاقي، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصاني. فأحق ما أقدم إليك قبل الذكر لحاجتي، والتفوه بطلبتي، شهادتي بوحدانيتك، وإقراري بربوبيتك التي ضلت عنها الآراء، وتاهت فيها العقول، وقصرت دونها الاوهام، وكلت عنها الاحلام وانقطع دون كنه (25) معرفتها منطق الخلائق، وكلت الالسن عن غاية وصفها فليس لاحد أن يبلغ شيئا من وصفك، ويعرف شيئا من نعتك إلا ما حددته ووصفته ووقفته عليه وبلغته إياه، فأنا مقر بأني لا أبلغ ما أنت أهله من تعظيم جلالك، وتقديس مجدك، وتمجيدك وكرمك، والثناء عليك، والمدح لك، والذكر لآلائك، والحمد لك على بلائك والشكر لك على نعمائك، وذلك ما تكل الالسن عن صفته، وتعجز الابدان عن أداء (26) شكره، وإقراري لك بما احتطبت على نفسي، من موبقات الذنوب التي قد أوبقتني، وأخلقت عندك وجهي،


22 – ومسألتي ” خ “. 23 – التفوه: النطق. 24 – مقالتي ” خ “. المقال والمقالة: القول. 25 – كنه: حقيقة ونهاية. 26 – أدنى ” خ “.

[ 566 ]

ولكبير (27) خطيئتي، وعظيم جرمي. هربت إليك ربي، وجلست بين يديك مولاي، وتضرعت إليك سيدي، لاقر (28) لك بوحدانيتك، وبوجود ربوبيتك، وأثنى عليك بما أثنيت على نفسك، وأصفك بما يليق بك من صفاتك، وأذكر ما أنعمت به علي من معرفتك، وأعترف لك بذنوبي وأستغفرك لخطيئتي، وأسألك التوبة منها إليك، والعود منك علي بالمغفرة لها، فإنك قلت: ” استغفروا ربكم إنه كان غفارا ” (29) وقلت: ” ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” (30) إلهي إليك اعتمدت لقضاء حاجتي، وبك أنزلت اليوم فقري و فاقتي، التماسا مني لرحمتك، ورجاء مني لعفوك، فإني لرحمتك وعفوك أرجى مني لعملي، ورحمتك وعفوك أوسع من ذنوبي، فتول اليوم قضاء حاجتي بقدرتك على ذلك وتيسير ذلك عليك، فإني لم أر (31) خيرا قط إلا منك، ولم يصرف عني سوءا قط أحد غيرك، فارحمني سيدي يوم يفردني الناس في حفرتي، وإفضى (32) إليك بعملي، فقد قلت سيدي: ” ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ” (33). أجل! وعزتك سيدي لنعم المجيب أنت، ولنعم المدعو أنت. ولنعم المستعان أنت، ولنعم الرب أنت، ولنعم القادر إنت، ولنعم


27 – لكثير ” خ “. 28 – لاقر: لاعترف. 29، 30 – *. 31 – أنل ” خ “. 32 – أفضي: أنتهي. 33 – *.

[ 567 ]

الخالق أنت، ولنعم المبدئ أنت، ولنعم المعيد أنت، ولنعم المستغاث أنت، ولنعم الصريخ أنت. فأسألك يا صريخ المكروبين، ويا غياث المستغيثين، ويا ولي المؤمنين، والفعال لما يريد، يا كريم يا كريم يا كريم أن تكرمني في مقامي هذا وفيما بعده كرامة لا تهينني بعدها أبدا، وإن تجعل أفضل جائزتك اليوم فكاك رقبتي من النار والفوز بالجنة، وأن تصرف عني شر كل جبار عنيد، وشر كل شيطان مريد، وشر كل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر كل قريب أو بعيد، وشر كل من ذرأته وبرأته وأنشاته وابتدعته، ومن شر الصواعق والبرد والريح والمطر، ومن شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة صغيرة أو كبيرة بالليل والنهار أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. (250) دعاؤه عليه السلام في يوم الجمعة (بعد أن يصلي أربع ركعات كل ركعة بالفاتحة مرة والتوحيد مائة مرة) يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك (1) الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى (2) يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح (3) يا عظيم الرجاء، يا مبتدئا بالنعم قبل


1 – يهتك: يخرق ويمزق. 2 – النجوى: الكلام الخفي. 3 – الصفح: العفو.

[ 568 ]

استحقاقها، يا ربنا وسيدنا ومولانا يا غاية رغبتنا، أسألك اللهم أن تصلي على محمد وآل محمد (وافعل بي كذا وكذا). (251) دعاؤه عليه السلام بعد كل ركعتين من نوافل يوم الجمعة الثماني عشرة عن الرضا عليه السلام أنه قال: تصلي ست ركعات بكرة، وست ركعات بعدها، اثنتا عشرة، وست ركعات بعد ذلك، ثمان عشرة، وركعتين عند الزوال. وينبغي أن تدعو بين كل ركعتين بالدعاء المروي عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يدعو به بين الركعات: أ – بعد الركعتين الاولتين من الست الاولى اللهم إني أسألك بحرمة من عاذ بك، ولجأ إلى عزك، واعتصم بحبلك، ولم يثق إلا بك، يا واهب العطايا (1) يا من سمى نفسه من جوده الوهاب صل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني رزقا حلالا طيبا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى:


1 – يا واهب العطايا يا مطلق الاسارى ” خ “.

[ 569 ]

اللهم قلبي يرجوك لسعة رحمتك، ونفسي تخافك لشدة عقابك، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تؤمنني مكرك، و تعافيني من سخطك، وتجعلني من أولياء طاعتك، وتتفضل علي برحمتك ومغفرتك، وتشرفني بسعة فضلك عن التذلل لعبادك، وترحمني من خيبة الرد، وسفع نار الحرمان. ب بعد الركعتين الثالثة والرابعة من الست الاولى اللهم كما عصيتك واجترأت عليك فإني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه. وأستغفرك لما وأيت (2) به على نفسي ولم (3) أف به. وأستغفرك للمعاصي التي قويت عليها بنعمتك. وأستغفرك لكل ما خالطني في (4) كل خير أردت به وجهك (5) فإنك أنت أنت، وأنا أنا. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم صل على محمد وآل محمد وعظم النور في قلبي، وصغر الدنيا في عيني، واحبس لساني بذكرك عن النطق بما لا يرضيك، واحرس نفسي من الشهوات، واكفني طلب ما قدرت لي عندك حتى أستغني به عما في أيدي عبادك.


2 – وأيت: وعدت. 3 – ثم ” خ “. 4 – من ” خ “. 5 – أردت به ما ليس لك ” خ “.

[ 570 ]

ج بعد الركعتين الخامسة والسادسة من الست الاولى اللهم إني أدعوك وأسألك بما دعاك به ذو النون ” إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (6) فاستجبت له فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني كما فرجت عنه. وأدعوك اللهم بما دعاك به أيوب إذا مسه الضر فنادى ” إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ” (7) ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني كما فرجت عنه. وأدعوك بما دعاك به يوسف إذ فرقت بينه وبين أهله، وإذ هو في السجن ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، سألك وأنا أسألك، فاستجب لي كما استجبت له، وفرج عني كما فرجت عنه. وأدعوك اللهم وأسألك بما دعاك به النبيون فاستجبت لهم فإنهم دعوك وهم عبيدك، وسألوك وأنا أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك، وأن تبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأن


6، 7 – *.

[ 571 ]

تفرج عني كما فرجت عن أنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم صل على محمد وآل محمد وأغنني باليقين، وأعني بالتوكل، واكفني روعات القنوط، وافسح لي في انتظار جميل الصنع، وافتح لي باب الرحمة إليك، والخشية منك، والوجل من الذنوب، وحبب إلي الدعاء، وصله منك بالاجابة. ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك: سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي. سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقه، وحق له أن يسجد. سجد وجهي لمن خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. سجد وجهي الحقير الذليل لوجهك العزيز الكريم. سجد وجهي اللئيم الذليل لوجهك الكريم الجليل. ثم ترفع رأسك، وتدعو بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآله، واجعل النور في بصري، واليقين في قلبي، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ومن طيب رزقك يا رب غير ممنون (8) ولا محظور (9) فارزقني، ومن ثياب


8 – ممنون: مقطوع. 9 – محظور: ممنوع.

[ 572 ]

الجنة فاكسني، ومن حوض محمد صلى الله عليه وآله فاسقني، ومن مضلات الفتن فأجرني، ولك يا رب في نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك يا رب فحببني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي فلا تبسلني (10) وغضبك فلا تنزل بي أشكو إليك غربتي، وبعد داري (11) وطول إملي، واقتراب أجلي، وقلة معرفتي (12) فنعم المشتكى إليه أنت يا رب، ومن شر الجن والانس فسلمني، إلى من تكلني (13) يا رب المستضعفين؟ إلى عدو (14) ملكته أمري أو إلى بعيد فيتجهمني (15)؟! اللهم إني أسألك خير المعيشة، معيشة أقوى بها على جميع حاجاتي (16) وأتوصل بها إليك في حياتي الدنيا وفي آخرتي من غير أن تترفني (17) فيها فأطغى، أو تقترها علي فأشقى، وأوسع علي من حلال رزقك، وأفض (18) علي من حيث شئت من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك نعمة منك سابغة، وعطاء غير ممنون، ولا تشغلني عن شكر نعمتك علي بإكثار منها تلهيني عجائب بهجته، وتفتنني زهرات نضرته (19) ولا بإقلال علي منها فيقصر بعملي كده، ويملا صدري همه، وأعطني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار


10 – تبسلني: تسلمني للهلكة. 11 – * *. 12 – حيلتي ” خ “. 13 – تكلني: تسلمني وتتركني. 14 – إلى من تكلني يا رب؟ إلى المستضعفين لي، أم إلى عدو ” خ “. 15 – فيتهجمني ” خ “. 16 – أقوى بها على طاعتك، وأبلغ بها جميع حاجاتي ” خ “. 17 – تترفني: تنعمني. 18 – أفض: أوسع. 19 – نضرته: حسنه ورونقه.

[ 573 ]

خلقك، وبلاغا (20) أنال به رضوانك. وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا وشر أهلها، وشر ما فيها، ولا تجعل الدنيا لي سجنا (21) ولا فراقها علي حزنا، أجرني (22) من فتنتها مرضيا عني، مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان (23) ومساكن الاخيار، وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية. اللهم إني أعوذ بك من أزلها (24) وزلزالها وسطوات سلطانها، ومن شر شياطينها، وبغي من بغى علي فيها. اللهم من كادني فصل على محمد وآله وكده، ومن أرادني فصل على محمد وآله وأرده، وفل (25) عني حد من نصب لي حده، وأطفئ عني نار من شب (26) لي وقوده، واكفني هم من أدخل علي همه، و ادفع عني شر الحسدة، واعصمني من ذلك بالسكينة (27) وألبسني درعك الحصينة، وأخبئني (28) في سترك الواقي، وأصلح لي حالي للم عيالي، وصدق مقالي بفعالي، وبارك لي في أهلي وولدي ومالي. اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك (29) والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته.


20 – البلاغ: الوصول. 21 – شجنا ” خ “. 22 – أخرجني ” خ “. أجرني: أنقذني. 23 – * *. 24 – أزلها: شدتها وضيقها. 25 – فل: اكسر. 26 – شب: أوقد. 27 – * *. 28 – أخبئني: استرني. 29 – بركاتك يا رب العالمين ” خ “.

[ 574 ]

اللهم صل على محمد وآله، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وإنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. د بعد الركعتين الاولتين من الست الثانية ” وهما السابغة والثامنة ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وإشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله، وأشهد أن الدين كما شرع، والاسلام كما وصف، والقول كما حدث (30)، ذكر الله محمدا وآل محمد بخير، وحياهم بالسلام. اللهم صل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك. اللهم اردد على جميع خلقك مظالمهم التي قبلي صغيرها وكبيرها في يسر منك وعافية، وما لم تبلغه قوتي، ولم تسعه ذات يدي، ولم يقو عليه بدني، فأده عني من جزيل ما عندك من فضلك، حتى لا تخلف علي شيئا منه تنقصه من حسناتي يا أرحم الراحمين، وصل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لي من إمري فرجا و


30 – * *.

[ 575 ]

مخرجا، وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت (31) وأنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم صل على محمد وآله واستعملني بطاعتك، وقنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما أعطيتني، وأسبغ نعمك علي، وهب لي شكرا ترضى به عني، وحمدا على ما ألهمتني، واقبل بقلبي إلى ما يقربني إليك، واشغلني عما يباعدني عنك، وألهمني خوف عقابك، وازجرني عن المنى لمنازل المتقين بما يسخطك من العمل، وهب لي الجد في طاعتك. ه‍ بعد الركعتين الثالثة والرابعة من الست الثانية ” وهما التاسعة والعاشرة ” يا من أرجوه لكل خير، ويا من آمن عقوبته عند كل عثرة (32) ويا من يعطي الكثير بالقليل، ويا من أعطى الكثير بالقليل (33) ويا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة، ويا من أعطى من لم يسأله ومن لم يعرفه ومن لم يؤمن به تفضلا منه وكرما. صل على محمد وآل محمد وأعطني بمسألتي إياك من جميع خير الدنيا والآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك إني إليك راغب، وصل على محمد وأهل بيته الاوصياء المرضيين


31 – مما شئت حيث شئت ” خ “. 32 – العثرة: الخطيئة. 33 – * *.

[ 576 ]

بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآله واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا و ارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأني شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم صل على محمد وآله، واجعل لي قلبا طاهرا، ولسانا صادقا، و نفسا سامية إلى نعيم الجنة، واجعلني بالتوكل عليك عزيزا، وبما أتوقعه منك غنيا، وبما رزقتني قانعا راضيا، وعلى رجائك معتمدا، وإليك في حوائجي قاصدا حتى لا أعتمد إلا عليك، ولا أثق إلا بك. وبعد الركعتين الخامسة والسادسة من الست الثانية ” وهما الحادية عشرة والثانية عشرة ” اللهم إنك تعلم سريرتي فصل على محمد وآل محمد واقبل سيدي ومولاي معذرتي، وتعلم حاجتي فصل على محمد وآل محمد، و أعطني مسألتي، وتعلم ما في نفسي فصل على محمد وآل محمد واغفر لي ذنوبي. اللهم من أرادني بسوء فصل على محمد وآل محمد واصرفه عني، واكفني كيد عدوي، فإن عدوي عدو آل محمد، وعدو آل


[ 577 ]

محمد عدو محمد، وعدو محمد عدوك، فأعطني سؤلي يا مولاي في عدوي عاجلا غير آجل. يا معطي الرغائب صل على محمد وآل محمد وأعطني رغبتي فيما سألتك في عدوك. يا ذا الجلال والاكرام يا إلهي، إلها واحدا لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وأرني الرخاء والسرور عاجلا غير آجل (34) وصل على محمد وأهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل لي من لدنك (35) فرجا و مخرجا، وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت. زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم صل على محمد وآل محمد، إلهي ظلمت نفسي وعظم عليها إسرافي وطال في معاصيك انهماكي، وتكاثفت ذنوبي وتظاهرت عيوبي وطال بك اغتراري ودام للشهوات اتباعي، فأنا الخائب إن لم ترحمني وأنا الهالك إن لم تعف عني فصل على محمد وآل محمد واغفر لي وتجاوز عن سيئاتي، وأعطني سؤلي واكفني ما أهمني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين فتعجز عني، وأنقذني


34 – غير آجل يا رب العالمين ” خ “. 35 – أمري ” خ “. * *.

[ 578 ]

برحمتك من خطاياي، واسعدني بسعة رحمتك يا سيدي. ز بعد الركعتين الاولتين من الست الثالثة ” وهما الثالثة عشرة والرابعة عشرة ” اللهم أنت آنس الآنسين لاودائك (36) وأحضرهم لكفاية المتوكلين عليك، تشاهدهم في ضمائرهم، وتطلع على سرائرهم وتحيط بمبالغ بصائرهم، وسري لك اللهم مكشوف، وأنا إليك ملهوف، فإذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك، وإذا كثرت (37) علي الهموم لجأت إلى الاستجارة بك علما بأن أزمة الامور بيدك، و مصدرها (38) عن قضائك خاضعا (39) لحكمك. اللهم إن عميت عن مسألتك أو فههت (40) عنها فدلني على مصالحي، وخذ بقلبي إلى مراشدي، فلست ببدع من ولايتك، ولا بوتر من أناتك (41). اللهم إنك أمرت بدعائك، وضمنت الاجابة لعبادك، ولن يخيب من فزع إليك برغبته، وقصد إليك بحاجته، ولم ترجع يد طالبه صفرا من عطائك، ولا خالية من نحل (42) هباتك، وأي راحل أمك فلم يجدك قريبا؟! أو أي وافد وفد إليك فاقتطعته عوائق الرد دونك؟! بل أي مستجير بفضلك لم ينل من فيض جودك؟! وأي مستنبط لمزيدك


36 – لاودائك: لمحبيك. 37 – كبت ” خ “. 38 – مصدرها: مرجعها. 39 – * *. 40 – فههت: عييت. 41 – * *. 42 – نحل: عطايا.

[ 579 ]

أكدى (43) دون استماحة سجال (44) عطيتك؟! اللهم وقد قصدت إليك بحاجتي، وقرعت باب فضلك يد مسألتي وناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، وعلمت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر بفكري (45) أو يقع في صدري، فصل على محمد وآله وصل اللهم دعائي إياك بإجابتي، واشفع مسألتي إياك بنجح حوائجي يا أرحم الراحمين، وصل على محمد وآله. ح بعد الركعتين الثالثة والرابعة من الست الثالثة ” وهما الخامسة عشرة والسادسة عشرة ” يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل عثرة، يا من يعطى الكثير بالقليل، يا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة، يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه تفضلا منه وكرما، صل على محمد وآل محمد وأعطني بمسألتي إياك جميع سؤلي من جميع خير الدنيا والآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، واصرف عني شر الدنيا والآخرة، يا ذا المن ولا يمن عليك (46) يا ذا المن والجود والطول والنعم صل على محمد وآل محمد، وأعطني سؤلي، واكفني جميع المهم من أمر الدنيا والآخرة.


43 – أكدى: لم يظفر بحاجته. 44 – السجال: الدلاء العظيمة. 45 – ببالي ” خ “. 46 – عليه ” خ “.

[ 580 ]

ط بعد الركعتين الخامسة والسادسة من الست الثالثة ” وهما السابعة عشرة والثامنة عشرة ” يا ذا المن لا من عليك، يا ذا الطول (47) لا إله إلا أنت، يا أمان الخائفين، وظهر اللاجين، وجار المستجيرين، إن كان في أم الكتاب (48) عندك أني شقي أو محروم أو مقتر علي رزقي، فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني وإقتار رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير، موسعا علي في رزقي، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه وآله: ” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” (49) وقلت: ” ورحمتي وسعت كل شئ ” (50) وأنا شئ فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآله، ومن علي بالتوكل عليك، والتسليم لامرك، والرضا بقدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت يا رب العالمين. (51) (252) دعاؤه عليه السلام بعد كل ركعتين من نوافل يوم الجمعة الثماني عشرة (1) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهم السلام أنه قال: كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يصلي يوم الجمعة عشرين ركعة يدعو بين كل ركعتين بدعاء من هذه الادعية ويواظب عليه، فكان يصلي ركعتين، فإذا سلم يقول:


47 – الطول: الفضل والسعة. 48 – * *. 49، 50 – *. 51 – * *. 1 – * *.

[ 581 ]

أ – بعد الركعتين الاولتين اللهم إني أسألك بحرمة من عاذ بك منك، ولجأ إلى عزك، واعتصم بحبلك، ولم يثق إلا بك. يا وهاب العطايا، يا مطلق الاسارى، يا من سمى نفسه من جوده الوهاب، صل على محمد وآل محمد المرضيين بإفضل صلواتك، و بارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، وارزقني حلالا طيبا سائغا مما شئت وكيف شئت وأنى شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت. ب بعد الركعتين الثالثة والرابعة اللهم فكما عصيتك واجترأت عليك، فإني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما وأيت به على نفسي ثم لم أف لك به، وأستغفرك للمعاصي التي قويت عليها بنعمتك، وأستغفرك لكل ما خالطني في كل خير أردت به وجهك، فأنت أنت، وأنا أنا.


[ 582 ]

ج بعد الركعتين الخامسة والسادسة اللهم إني أسألك بما سألك به ذو النون ” إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (2) ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني يا رب كما فرجت عنه، وأدعوك اللهم بما دعاك به أيوب إذ مسه الضر ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني يا رب كما فرجت عنه. وأدعوك (3) بما دعاك به يوسف إذ فرق بينه وبين أهله إذ هو في السجن، ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك، وأن تبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأن تفرج عني كما فرجت عن أنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين. ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك: سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم (4) الباقي الكريم، سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقه وحق له أن يسجد، سجد وجهي لمن


2 – *. 3 – ففرجت عنه فإنه عبدك وهو دعاك وأنا أدعوك ” خ “. 4 – القائم ” خ “.

[ 583 ]

خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين، سجد وجهي الحقير الذليل لوجهك الكبير الجليل، سجد وجهي اللئيم (5) لوجهك العزيز الكريم. ثم ترفع رأسك، وتدعو بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل النور في بصري، واليقين في قلبي، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ومن طيب رزقك يا رب غير ممنون، ولا محظور فارزقني، ومن مضلات الفتن فأجرني، ولك يا رب في نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك فحببني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وغضبك فلا تنزل بي. أشكو إليك غربتي، وبعد داري، وطول أملي، واقتراب أجلي وقلة حيلتي، فنعم المشتكى إليه أنت ربي، ومن شر الجن والانس فسلمني، إلى من تكلني يا رب؟ إلى المستضعفين لي، أم إلى عدو ملكته أمري؟! أو إلى بعيد فيتجهمني؟! اللهم إني أسألك خير المعيشة، معيشة أقوى بها على طاعتك، وأبلغ بها جميع حاجاتي، وأتوصل بها إليك في الحياة الدنيا وفي الآخرة من غير أن تترفني فيها فأطغى، أو تقترها علي فأشقى، وأوسع علي من حلال رزقك، وأفض علي من حيث شئت من فضلك، وانشر علي


5 – الذليل اللئيم ” خ “.

[ 584 ]

من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك نعمة منك سابغة، وعطاء غير ممنون، ولا تشغلني عن شكر نعمتك علي بإكثار منها تلهيني عجائب بهجته، وتفتنني زهرات نضرته، ولا بإقلال علي منها يقصر بعملي كده، ويملا صدري همه. أعطني يا إلهي من ذلك غنى عن شرار خلقك، وبلاغا أنال به رضوانك، وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا وأهلها وشر ما فيها، ولا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا تجعل فراقها علي حزنا، أخرجني من فتنتها، واجعل عملي مقبولا، اوردني دار الحيوان ومساكن الاخيار، وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية. اللهم إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها، وسطوات سلطانها، ومن شر شياطينها، وبغي من بغى فيها. إلهي من كادني فصل على محمد وآل محمد وكده، ومن أرادني فصل على محمد وآل محمد وأرده، وفل عني حد من نصب لي حده، وأطفئ عني نار من شب لي وقوده، واكفني هم من أدخل علي همه وادفع عني شر الحسدة، واعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، وأحيني في سترك، وأصلح لي حالي وصدق مقالي بفعالي، و بارك لي في أهلي ومالي. اللهم صل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك وبارك على محمد وآل محمد بأفضل بركاتك يا رب العالمين.


[ 585 ]

وسل حاجتك. د بعد الركعتين السابعة والثامنة أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأن الدين كما شرع، وأن الاسلام كما وصف، والقول كما حدث، ذكر الله محمدا وآل محمد بخير وحياهم بالسلام. اللهم صل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك. اللهم واردد إلى جميع خلقك مظالمهم التي قبلي، صغيرها وكبيرها في يسر منك وعافية، وما لم تبلغه قوتي، ولم تسعه ذات يدي ولم يقو عليه بدني، فأده عني من جزيل ما عندك من فضلك حتى لا تخلف علي شيئا تنقصه من حسناتي يا أرحم الراحمين، وصل على محمد وأهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته. ه‍ بعد الركعتين التاسعة والعاشرة (6)


6 – * *.

[ 586 ]

وبعد الركعتين الحادية عشرة والثانية عشرة اللهم إنك تعلم سريرتي فصل على محمد وآل محمد واقبل سيدي ومولاي معذرتي، وتعلم حاجتي فصل على محمد وآله واغفر لي ذنوبي. اللهم من أرادني بسوء فصل على محمد وآل محمد واصرفه عني، واكفني كيد عدوي، فإن عدوي عدو آل محمد، وعدو آل محمد عدو محمد، وعدو محمد عدوك. فأعطني سؤلي يا مولاي في عدوي عاجلا غير آجل، يا معطي الرغائب صل على محمد وآل محمد وأعطني رغبتي فيما سألتك، يا ذا الجلال والاكرام. يا إلهي إلها واحدا لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين، وأرني الرخاء والسرور عاجلا غير آجل، يا رب العالمين. ز بعد الركعتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة اللهم إن قلبي يرجوك لسعة رحمتك، ونفسي خائفة لشدة عقابك، فوفقني لما يؤمني مكرك، وعافني من سخطك، واجعلني


[ 587 ]

من أولياء طاعتك، وتفضل علي برحمتك ومغفرتك، واسترني بسعة رحمتك، وفضلك، وأغنني عن التردد إلى عبادك، وارحمني من خيبة الرد وسوء الحرمان، يا أرحم الراحمين. ح بعد الركعتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة اللهم عظم النور في قلبي، وصغر الدنيا في عيني، وأطلق لساني بذكرك، واحرس نفسي من الشهوات، واكفني طلب ما قدرته لي عندك حتى أستغني عما في يد عبادك، يا أرحم الراحمين. ط بعد الركعتين السابعة عشرة والثامنة عشرة اللهم أغنني باليقين واكفني بالتوكل عليك، واكفني روعات القلوب، وافسح (7) لي في انتظار جميل الصنع، وافتح لي يا رب باب الرغبة إليك، والخشية منك، والوجل من الذنوب، وحبب إلي الدعاء، وصله لي بالاجابة يا أرحم الراحمين. اللهم لا تؤيسني من روحك، ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤمني مكرك، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الظالمون، ولا يقنط من رحمتك إلا القوم الضالون، ولا يأمن مكرك إلا القوم الخاسرون. اللهم صل على محمد وآله محمد، وارحمني برحمتك يا أرحم


7 – افتح ” خ “.

[ 588 ]

الراحمين، واجعلني من ورثة جنة النعيم، ولا تخزني يوم يبعثون، يا من هو على كل شئ قدير. قال: وكان صلوات الله عليه إذا فرغ من هذه الركعات المشروحة قام فصلى ركعتي الزوال تتمة العشرين ركعة، ثم ينهض منها إلى الفريضة. (253) دعاؤه عليه السلام في يوم السبت بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله كلمة المعتصمين (1) ومقالة المتحرزين (2) وأعوذ بالله تعالى من جور الجائرين، وكيد الحاسدين، وبغي الظالمين (3) وأحمده فوق حمد الحامدين. اللهم أنت الواحد بلا شريك، والملك بلا تمليك، لا تضاد في حكمك، ولا تنازع في ملكك، أسألك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك، وأن توزعني من شكر نعماك (4) ما تبلغ بي (5) غاية رضاك، وأن تعينني على طاعتك، ولزوم عبادتك واستحقاق مثوبتك بلطف عنايتك، وترحمني بصدي (6) عن معاصيك ما أحييتني، وتوفقني لما ينفعني ما أبقيتني، وأن تشرح بكتابك صدري، وتحط بتلاوته وزري وتمنحني السلامة في ديني ونفسي، ولا توحش بي أهل أنسي (7) وتتم * (هامش) 1 – * *. 2 – المحترزين ” خ “. المتحرزين: المتحفظين. 3 – الطاغين ” خ “. 4 – نعمائك ” خ “. 5 – ما تبلغه ” خ “. 6 – وصدني ” خ ” بصدي: بمنعي. 7 – * *.


[ 589 ]

إحسانك فيما بقي من عمري كما أحسنت فيما مضى منه يا أرحم الراحمين. (254) دعاؤه عليه السلام بعد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يقف على قبر النبي صلى الله عليه وآله فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ، ويدعو بما حضره، ثم يسند ظهره إلى المروة (1) الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر، ويلتزق بالقبر، ويسند ظهره إلى القبر، ويستقبل القبلة، فيقول: اللهم إليك ألجأت أمري، وإلى قبر محمد صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك أسندت ظهري، والقبلة التي رضيت لمحمد صلى الله عليه وآله استقبلت. اللهم إني أصبحت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها، وأصبحت الامور بيدك ولا فقير أفقر مني ” إني لما أنزلت إلي من خير فقير ” (2). اللهم ارددني (3) منك بخير فإنه لاراد لفضلك. اللهم إني أعوذ بك من أن تبدل اسمي، أو تغجسمي، أو تزيل نعمتك عني. اللهم زيني بالتقوى، وجملني بالنعم، واغمرني بالعافية، وارزقني


1 – المروة: حجارة صلبة تعرف بالصوان. 2 – *. 3 – أردني ” خ “.

[ 590 ]

شكر العافية. (255) دعاؤه عليه السلام لما زار أمير المؤمنين عليه السلام ” المعروفة بزيارة أمين الله ” عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه عليهم السلام قال: زار زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ووقف على القبر، فبكى ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله، حتى دعاك الله إلى جواره، وقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك، مع مالك من الحجج البالغة على جميع خلقه. اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة (1) بذكرك ودعائك، محبة لصفوة (2) أوليائك، محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك، مشتاقة إلى فرحة لقائك، متزودة التقوى ليوم جزائك، مستنة بسنن أوليائك، مفارقة لاخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك. ثم وضع خده على القبر، وقال:


1 – مولعة: متعلقة. 2 – الصفوة: الخالصة.

[ 591 ]

اللهم إن قلوب المخبتين (3) إليك والهة (4) وسبل الراغبين (5) إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وأفئدة العارفين منك فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب الاجابة لهم مفتحة، ودعوة من ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مقبولة وعبرة من بكى من خوفك مرحومة، والاغاثة لمن استغاث بك موجودة، والاعانة لمن استعان بك مبذولة، وعداتك (6) لعبادك منجزة، وزلل من استقالك (7) مقالة، وأعمال العاملين لديك محفوظة، وأرزاق الخلائق من لدنك نازلة، وعوائد (8) المزيد إليهم واصلة، وذنوب المستغفرين مغفورة، وحوائج خلقك عندك مقضية وجوائز السائلين عندك موفرة، وعوائد المزيد متواترة (9) وموائد المستطعمين معدة، ومناهل الظماء لديك مترعة (10). اللهم فاستحب دعائي، واقبل ثنائي، وأعطني جزائي، واجمع بيني وبين أوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، إنك ولي نعمائي، ومنتهى مناي، وغاية رجائي في منقلبي ومثواي. أنت إلهي وسيدي ومولاي اغفر لاوليائنا، وكف عنا أعداءنا،


3 – المخبتين: الخاشعين. 4 – والهة: متحيرة من شدة الوجد. 5 – الراغبين: المبتهلين. 6 – عداتك: وعودك. 7 – استقالك: طلب صفحك. 8 – * *. 9 – متواترة: متتابعة. 10 – * *.

[ 592 ]

واشغلهم عن أذانا، وأظهر كلمة الحق واجعلها العليا، وأدحض (11) كلمة الباطل واجعلها السفلى، إنك على كل شئ قدير. وفي رواية عن الباقر عليه السلام قال: ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام، أو عند قبر أحد من الائمة عليهم السلام إلا وضع في درج من نور، وطبع عليه بطابع محمد صلى الله عليه وآله حتى يسلم إلى القائم صلوات الله عليه، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة إن شاء الله. (256) دعاؤه عليه السلام في مطالب الدنيا والآخرة اللهم إنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الذنوب دونك وإن الراحل إليك قريب منك إلا أن تبعده الاوزار عنك، ومن قرع (1) بابك حقيق (2) بالاجابة، ومن لزم عبادتك جدير بالانابة، وقد ناجاك بعزيمة الارادة قلبي، فرقق باستغفاري إياك حجاب (3) ذنبي. فإني أسألك بكل دعوة دعاك راج رضيت عمله، وأنلته أمله وصارخ أغثت صرخته، أو خاطئ غفرت زلته، أو فقير أهديت غناك له، ولتلك الدعوة عندك منزلة، وعليك حق وحرمة أن تصلي على محمد وآل محمد وتمتعني بالعافية وتختم (4) لي بالمغفرة، فإنك أمرت بالدعاء، وأنت من الداعين قريب، ولما صدر عن إخلاص منهم مجيب، ولولا ما أتيته من الذنوب ما خفت عقابك، كما لولا معرفتي


11 – أدحض: أبطل وأزل. 1 – قرع: دق. 2 – حقيق: جدير. 3 – حجاب: حاجز. 4 – * *.

[ 593 ]

بكرمك ما رجوت ثوابك، وأنت أولى الاكرمين بتحقيق رجاء المسترحمين، والتجاوز عن المذنبين، وآمني يوم الفزع الاكبر من حر السعير، وسوء المصير، والانقلاب إلى الكرة الخاسرة، وأعزني في الدنيا والآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين، فأنت حسبنا ونعم الوكيل. (257) دعاؤه عليه السلام في جوامع مطالب الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك أمورا تفضلت بها على كثير من خلقك، من صغير أو كبير من غير مسألة منهم لك، فإن تجد بها علي فمنة من مننك، وإلا تفعل فلست ممن يشارك في حكمه، ولا يؤامر (1) في خلقه، فإن تك راضيا فأحق من أعطيته ما سألك من رضيت عنه مع هوان (2) ما قصدت فيه إليك عليك، وإن تك ساخطا فأحق من عفا أنت، وأكرم من غفر وعاد بفضله على عبده، فأصلح منه فاسدا، وقوم منه إودا (3) وإن أخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي. ومن أنا في خلقك يا مولاي وسيدي؟! فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي، ولا تقبحه سيئاتي، ولا ينقص خزائنك غناي، ولا يزيد فيها فقري، وما صلاحي وفسادي إلا إليك، فإن صيرتني صالحا كنت صالحا، وإن جعلتني فاسدا لم يقدر على صلاحي سواك، فما كان من


1 – لا يؤامر: لا يشاور. 2 – هو ان: حقارة وصغر. 3 إودا: عوجا.

[ 594 ]

عمل سئ أتيته، فعلى علم مني بأنك تراني، وأنك غير غافل عني، مصدق منك بالوعيد لي، ولمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، والعفو القديم، والرحمة الواسعة، فجرأني على معصيتك ما أذقتني من رحمتك، ووثوبي على محارمك ما رأيت من عفوك. ولو خفت تعجيل نقمتك لاخذت حذري منك كما أخذته من غيرك، ممن هو دونك، ممن خفت سطوته (4) فأجتنبت ناحيته، وما توفيقي إلا بك، فلا تكلني إلى نفسي برحمتك فأعجز عنها، ولا إلى سواك فيخذلني، فقد سألتك من فضلك ما لا أستحقه بعمل صالح قدمته، ولا آيس منه لذنب عظيم ركبته (5) بل لقديم الرجاء فيك، وعظيم الطمع منك الذي أوجبته على نفسك من الرحمة. فالامر لك وحدك لا شريك لك، والخلق عيالك، وكل شئ خاضع لك، ملكك كبير، وعدلك قديم، وعطاؤك جزيل، وعرشك كريم، وثناؤك رفيع، وذكرك أحسن، وجارك (6) أمنع وأحكم وحكمك نافذ، وعلمك جم (7) وأنت أول آخر ظاهر باطن بكل شئ عليم، عبادك جميعا إليك فقراء، وأنا أفقرهم إليك لذنب تغفره، ولفقر تجبره (8) ولعائلة (9) تغنيها، ولعورة تسترها، ولخلة


4 – سطوته: بطشه. 5 – ركبته: اقترفته. 6 – ورجاؤك ” خ “. 7 – جم: كثير. 8 – جبر الفقير: أغناه. 9 – * *.

[ 595 ]

تسدها ولسيئة تتجاوز عنها، ولفساد تصلحه، ولعمل صالح تتقبله ولكلام طيب ترفعه، ولبدن تعافيه. اللهم إنك شوقتني إليك، ورغبتني فيما لديك، وتعطفتني عليك وأرسلت إلي خير خلقك يتلو علي أفضل كتبك، فآمنت برسولك ولم أقتد بهداه، وصدقت بكتابك ولم أعمل به، وأبغضت لقاءك لضعف نفسي، وعصيت أمرك لخبيث عملي، ورغبت عن (10) سنتك لفساد ديني، ولم أسبق إلى رؤيتك لقساوة قلبي. اللهم إنك خلقت جنة لمن أطاعك، وأعددت فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر على القلوب، ووصفتها بأحسن الصفة في كتابك، وشوقت إليها عبادك، وأمرت بالمسابقة إليها، وأخبرت عن سكانها وما فيها من حور عين كأنهن بيض مكنون، وولدان كاللؤلؤ المنثور، وفاكهة ونخل ورمان، وجنات من أعناب، وأنهار من طيب الشراب وسندس وإستبرق وسلسبيل ورحيق مختوم (11) وأسورة من فضة، و شراب طهور، وملك كبير، وقلت من بعد ذلك تباركت وتعاليت ” فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ” (12). فنظرت في عملي فرأيته ضعيفا يا مولاي، وحاسبت نفسي فلم أجدني أقوم بشكر ما أنعمت علي، وعددت سيئاتي فأصبتها تسترق (13)


10 – رغبت عن: أعرضت. 11 – * *. 12 – *. 13 – تسترق: تسرق.

[ 596 ]

حسناتي، فكيف أطمع أن أنال جنتك بعملي، وأنا مرتهن (14) بخطيئتي؟! لا، كيف يا مولاي إن لم تداركني منك برحمة تمن بها علي في منن قد سبقت منك لا أحصيها تختم لي بها كرامتك؟ فطوبى لمن رضيت عنه، وويل لمن سخطت عليه، فارض عني، ولا تسخط علي يا مولاي. اللهم وخلقت نارا لمن عصاك، وأعددت لاهلها من أنواع العذاب فيها، ووصفته بما وصفته من الحميم والغساق والمهل والضريع والصديد والغسلين والزقوم (15) والسلاسل والاغلال، ومقامع الحديد، والعذاب الغليظ، والعذاب الشديد، والعذاب المهين، والعذاب المقيم، وعذاب الحريق، وعذاب السموم، وظل من يحموم (16) وسرابيل القطران، وسرادقات النار والنحاس، والزقوم، والحطمة، والهاوية، ولظى، والنار الحامية، والنار الموقدة، التي تطلع على الافئدة، والنار المؤصدة ذات العمد الممددة، والسعير، والحميم، والنار التي لا تطفأ، والنار التي تكاد تميز من الغليظ، والنار التي وقودها الناس والحجارة، والنار التي يقال لها: هل امتلات؟ وتقول هل من مزيد! والدرك الاسفل من النار (17). فقد خفت يا مولاي إذ كنت لك عاصيا أن أكون لها مستوجبا


14 – مرتهن: مقيد. 15 – * *. 16 – يحموم: دخان أسود. 17 – * *.

[ 597 ]

لكبير ذنبي، وعظيم جرمي، وقديم إساءتي، وأفكر في غناك عن عذابي، وفقري إلى رحمتك يا مولاي مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، وعسره عندي، ويسره عليك، وعظيم قدرة عندي، وكبير خطره لدي، وموقعه مني مع جودك بجسيم الامور، وصفحك عن الذنب الكبير. لا يتعاظمك يا سيدي ذنب أن تغفره، ولا خطيئة أن تحطها عني، وعمن هو أعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك مع تضرعي، وثقتي بك، وتوكلي عليك، ورجائي إياك، وطمعي فيك، فيحول ذلك بيني وبين خوفي من دخول النار. ومن أنا يا سيدي فتقصد قصدي (18) بغضب يدوم منك علي تريد به عذابي؟! ما أنا في خلقك إلا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم! فهب لي نفسي بجودك وكرمك، فإنك تجد مني خلفا ولا أجد منك وبك غنى عني ولا غنى بي (19) حتى تلحقني بهم، فتصيرني معهم إنك أنت العزيز الحكيم. رب حسنت خلقي، وعظمت عافيتي، ووسعت علي في رزقي، ولم تزل تنقلني من نعمة إلى كرامة، ومن كرامة إلى فضل تجدد لي ذلك في ليلي ونهاري، لا أعرف غير ما أنا فيه، حتى ظننت أن ذلك واجب عليك لي، وأنه لا ينبغي لي أن أكون في غير مرتبتي، لاني لم أدر


18 – تقصد قصدي: تنحو نحوي. 19 – * *.

[ 598 ]

ما عظيم البلاء فأجد لذة الرخاء، ولم يذلني الفقر فأعرف فضل الغنى ولم يهني (20) الخوف فأعرف فضل الامن، فأصبحت وأمسيت في غفلة مما فيه غيري، ممن هو دوني، فكفرت ولم أشكر بلاءك، ولم (21) أشك أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، لا أحدث نفسي بانتقال عافية وتحويل فقر، ولا خوف ولا حزن في عاجل دنياي وآجل آخرتي، فيحول ذلك بيني وبين التضرع إليك في دوام ذلك لي، مع ما أمرتني به من شكرك، ووعدتني عليه من المزيد من لدنك (22). فسهوت ولهوت وغفلت وأمنت وأشرت وبطرت وتهاونت حتى جاء التغيير مكان العافية بحلول البلاء، ونزل الضر بمنزلة الصحة وبأنواع السقم والاذى، وأقبل الفقر بإزاء الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت إليه، فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة للذي كنت فيه من اللهو والفترة (23) وتضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة لما كنت فيه من الزهو والاستطالة (24) فرضيت بما إليه صيرتني وإن كان الضر قد مسني، والفقر قد أذلني (25) والبلاء قد حل بي. فإن يك ذلك من سخط منك فأعوذ بحلمك من سخطك، وإن


20 – يهني: يضعفني. 21 – ولا ” خ “. 22 – لدنك: عندك. 23 – الفترة: السكون. 24 – الزهو والاستطالة: التكبر والترفع. 25 – أظلني ” خ “.

[ 599 ]

كنت أردت أن تبلوني، فقد عرفت ضعفي وقلة حيلتي، إذ قلت تباركت وتعاليت: ” إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ” (26). وقلت عزيت من قائل: ” فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ” (27). وقلت جليت من قائل: ” إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ” (28). وقلت سبحانك: ” إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ” (29). وقلت عزيت وجليت: ” وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل ” (30). وقلت: ” وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ” (31). وقلت: ” ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا ” (32). صدقت يا سيدي ومولاي، هذه صفاتي التي أعرفها من نفسي وقد مضى علمك في يا مولاي، ووعدتني منك وعدا حسنا أن أدعوك كما أمرتني فتستجيب لي، فأنا أدعوك كما أمرتني، فاستجب لي ما وعدتني، وزدني من نعمتك وعافيتك، وكلاءتك وسترك، وانقلبي مما أنا فيه


26 – 32 *.

[ 600 ]

إلى ما هو أفضل منه حتى تبلغ بي فيما فيه رضاك، وأنال به ما عندك فيما أعددته لاوليائك وأهل طاعتك مع ” النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا ” (33) فارزقنا في دارك دار المقامة في جوار محمد الحبيب زين القيامة، تمام الكرامة، ودوام النعمة، ومبلغ (34) السرور، إنك على كل شئ قدير، وصلى الله على محمد النبي، وعلى آله وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين (258) دعاؤه عليه السلام في طلب الولد عنه عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: قل في طلب الولد: ” رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ” (1) واجعل (2) لي من لدنك وليا يرثني (3) في حياتي، ويستغفر لي بعد وفاتي، واجعله خلقا سويا (4) ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا (5). اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك إنك أنت الغفور الرحيم. (يقوله سبعين مرة). ثم قال عليه السلام: فإنه من أكثر من هذا القول رزقه الله تعالى ما تمنى من مال وولد ومن خير الدنيا والآخرة، فإنه يقول: ” استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ” (6).


33 – *. 34 – مبلغ: منتهى. 1 – *. 2 – وهب ” خ “. 3 – يبر بي ” خ “. 4 – سويا: لا عيب فيه ولا داء. 5 – شركا ولا نصيبا ” خ “. * *. 6 – *.

[ 601 ]

(259) دعاؤه عليه السلام إذا وضع الطعام بين يديه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا وضع الطعام بين يديه قال: اللهم هذا من منك وفضلك وعطائك (1) فبارك لنا فيه، وسوغناه (2) وارزقنا خلفا (3) إذا أكلناه، ورب (4) محتاج إليه، رزقت فأحسنت. اللهم اجعلنا من الشاكرين. (260) دعاؤه عليه السلام إذا طعم عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان إذا طعم قال: الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وكفانا، وأيدنا، وآوانا، وأنعم علينا، وأفضل. الحمد لله الذي ” يطعم ولا يطعم ” (1). (261) دعاؤه عليه السلام إذا رفع الخوان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين عليه السلام. إذا رفع الخوان قال: الحمد لله الذي حملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق (2) تفضيلا.


1 – عطاياك ” خ “. 2 – * *. 3 – خلفا: عوضا. 4 – أكلنا فرب ” خ “. * *. 1 – *. 1 – الخوان: ما يوضع عليه الطعام ليؤكل. 2 – من خلقه (أو ممن خلق) ” خ “. * *.

[ 602 ]

(262) دعاؤه عليه السلام في صدر موعظة. عن أبي حمزة الثمالي قال: قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهما السلام، وكتبت ما فيها، ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام فعرضت ما فيها عليه فعرفه وصححه وكان ما فيها: بسم الله الرحمن الرحيم كفانا الله وإياكم كيد الظالمين، وبغي الحاسدين وبطش الجبارين، أيها المؤمنون. في آخر موعظة عن سعيد بن المسيب، عنه عليه السلام أنه كان يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظ عنه وكتب، كان يقول ” أيها الناس اتقوا الله ” وأورد كلاما طويلا وذكر في آخره هكذا: فأسال الله العون لنا ولكم على تزود التقوى، والزهد فيها (1) جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لآجل ثواب الآخرة، فإنما نحن به وله، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


1 – أي الدنيا.

[ 603 ]

(263) دعاؤه عليه السلام إذا خرج من منزله عن أبي حمزة الثمالي قال: أتيت باب علي بن الحسين عليهما السلام فوافقته حين خرج من الباب فقال: بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله. ثم قال: يا أبا حمزة، إن العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان فإذا قال: ” بسم الله ” قال الملكان كفيت، فإذا قال: ” آمنت بالله ” قالا: هديت، فإذا قال: ” توكلت على الله “، قالا: وقيت، فيتنحى الشيطان، فيقول بعضهم لبعض: كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي. ثم قال: اللهم إن عرضي (1) لك اليوم. وفي رواية أخرى إذا خرج من منزله، قال (2): اللهم إني أتصدق اليوم، أو أهب عرضي اليوم لمن استحله. (264) دعاؤه عليه السلام حين قيل له: إني أحبك في الله عنه عليه السلام وقد قال له رجل: إني لاحبك في الله حبا شديدا، فنكس عليه السلام رأسه، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك، وأنت لي مبغض. ثم قال له: أحبك للذي تحبني فيه. (265) دعاؤه عليه السلام حينما قال له عبد الملك ” صر إلينا لتنال من دنيانا “


1 – العرض: المتاع وكل شئ عرض إلا الدراهم والدنانير فإنها عين. 2 ” ومن دعائه في السخاء ” خ.

[ 604 ]

روي عن الباقر عليه السلام أنه قال: كان عبد الملك يطوف بالبيت، وعلي بن الحسين يطوف بين يديه ولا يلتفت إليه، ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه فقال: من هذا الذي يطول بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل: هذا علي بن الحسين، عليه السلام. فجلس مكانه، وقال: ردوه إلي. فردوه، فقال له: يا علي بن الحسين إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إلي؟ فقال علي بن الحسين عليهما السلام: إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو، فكن. فقال: كلا ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا. فجلس زين العابدين، وبسط رداه وقال: اللهم أره حرمة أوليائك عندك. فإذا إزاره مملوة دررا يكاد شعاعها يخطف الابصار، فقال له: من يكون هذا حرمته عند ربه يحتاج إلى دنياك؟! ثم قال: اللهم خذها فلا حاجة لي فيها. (266) دعاؤه عليه السلام لما قيل: اللهم تصدق علي بالجنة قال عليه السلام: لا يقولن أحدكم ” اللهم تصدق علي بالجنة ” فإنما يتصدق أصحاب الذنوب، ولكن ليقولن: اللهم ارزقني الجنة، اللهم من علي بالجنة. (267) دعاؤه عليه السلام عند محاكمته محمد بن الحنفية إلى الحجر الاسود عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان الذي دعا به علي بن الحسين عليهما السلام عند محاكمته محمد بن الحنفية إلى الحجر الاسود أن قال:


[ 605 ]

اللهم إني أسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد (1) وأسألك باسمك المكتوب في سرادق البهاء (2) وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العظمة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العزة، وأسالك باسمك المكتوب في سرادق القدرة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر، السابق الفائق، الحسن النضير (3) رب الملائكة الثمانية (4) ورب العرش العظيم، وبالعين (5) التي لا تنام، وبالاسم الاكبر الاكبر الاكبر، وبالاسم الاعظم الاعظم الاعظم، المحيط المحيط المحيط (6) بملكوت السماوات والارض، وبالاسم الذي أشرقت به الشمس، وأضاء به القمر، وسجرت (7) به البحار، ونصبت (8) به الجبال، وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي، وبأسمائك المكرمات المقدسات المكنونات المخزونات في علم الغيب عندك، أسألك بذلك كله أن تصلي على محمد وآل محمد (وأن تفعل بي كذا وكذا) (9).


1 – المجد: الشريف والعز. 2 – البهاء: الحسن والجمال. 3 – الجميل ” خ “. 4 – * *. 5 – والعين ” خ “. 6 – ذكرت في ” خ ” مرة واحدة. 7 – سجرت: ملئت. 8 – نصبت: رفعت. 9 – الدعاء في كشف الغمة، عن أبي جعفر عليه السلام هكذا: أللهم إني أسألك باسمك المكتوب في سرادق البهاء، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العظمة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق القوة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السلطان، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السراير، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد، و أسألك باسمك الفائق الخبير البصير، رب الملائكة الثمانية، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب محمد خاتم النبيين، لما أنطقت هذا الحجر بلسان عربي فصيح، يخبر لمن الامامة والوصية بعد الحسين بن علي. * *.

[ 606 ]

قال أبان بن تغلب: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبان إياكم أن تدعوا بهذا الدعاء إلا لامر مهم من أمر الدنيا والآخرة، فإن العباد ما يدرون ما هو، هو من مخزون علم آل محمد عليه وعليهم السلام. (268) دعاؤه عليه السلام إذا طلى بالنورة اللهم طيب ما طهر مني، وطهر ما طاب مني (1) وأبدلني شعرا طاهرا لا يعصيك. اللهم إني تطهرت ابتغاء سنة المرسلين، وابتغاء رضوانك و مغفرتك، فحرم شعري وبشري على النار، وطهر خلقي وطيب خلقي، وزك عملي، واجعلني ممن يلقاك على الحنيفية السمحة (2) ملة إبراهيم خليلك، ومحمد صلى الله عليه وآله حبيبك ورسولك، عاملا بشرائعك، تابعا لسنة نبيك، آخذا به، متأدبا بحسن تأديبك، وتأديب رسولك صلى الله عليه وآله، وتأديب أوليائك الذين غذوتهم بأدبك، وزرعت الحكمة في صدورهم، وجعلتهم معادن لعلمك صلواتك عليهم. (269) دعاؤه عليه السلام إذا أوى إلى فراشه (1) عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: من قال إذا آوى إلى فراشه:


1 – * *. 2 – الحنيفية السمحة: المستقيمة المائلة عن الباطل إلى الحق. 1 – لطلب الرزق عند المنام ” خ “.

[ 607 ]

اللهم أنت الاول فلا شئ قبلك، وأنت الظاهر فلا شئ فوقك، وأنت الباطن فلا شئ دونك، وأنت الآخر فلا شئ بعدك. اللهم رب السماوات السبع، ورب الارضين، ورب التوراة والانجيل، والزبور والقرآن الحكيم. أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على صراط مستقيم. نفى الله عنه الفقر، وصرف عنه كل دابة. (270) دعاؤه عليه السلام الذي فيه الاسم الاعظم عن علي بن عيسى العلوي، عن أحمد بن عيسى، عن أبيه عيسى، عن أبيه زيد، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام، أنه دعا الله عشرين سنة أن يعلمه الاسم الاعظم، فرقدت عيناه، وهو قائم يصلي ليلا، فرأى النبي صلى الله عليه وآله أقبل عليه، ثم دنا منه، وقبل ما بين عينيه، وقال: أي شئ سألت الله؟ قال: يا جد سألته أن يعلمني اسمه الاعظم. فقال: يا بني اكتب بإصبعك على راحتك: يا الله يا الله يا الله، وحدك وحدك لا شريك لك، أنت المنان بديع السماوات والارض، ذو الجلال والاكرام، وذو الاسماء العظام، و ذو العز الذي لا يرام، وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله أجمعين. ثم ادع بما شئت.


[ 608 ]

قال علي بن الحسين عليهما السلام: فو الذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق نبيا لقد جربته فكان كما قال صلى الله عليه وآله. قال زيد بن علي: فجربته فكان كما وصف أبي علي، قال عيسى: فجربته فكان كما وصف زيد أبي، قال أحمد: فجربته فكان كما ذكروا (رض). * * * وفي رواية أخرى عن زين العابدين عليه السلام قال: سألت الله عزوجل في عقيب كل صلاة سنة أن يعلمني اسمه الاعظم، قال: فو الله إني لجالس قد صليت ركعتي الفجر، إذ ملكتني عيناي، فإذا رجل جالس بين يدي، فقال: قد استجيب لك، فقل: اللهم إني أسألك باسمك الله الله الله الله الله [ الذي ] لا إله إلا هو رب العرش العظيم. ثم قال: أفهمت أم أعيد عليك؟ قلت: أعد علي. ففعل. قال عليه السلام: فما دعوت بشئ قط إلا رأيته، وأرجو أن يكون لي عنده ذخرا.


[ 609 ]

5 – سند الصحيفة السجادية الكاملة وبحث حول القائل ” حدثنا “


[ 611 ]

. حدثنا (1) السيد الاجل نجم الدين بهاء الشرف أبو الحسن محمد


1 – اختلف المتأخرون في تحديد القائل ” حدثنا ” فالشيخ البهائي يستظهر مؤكدا أنه أبو الحسن علي بن محمد ابن محمد بن السكون الحلي النحوي الشاعر المتوفي حدود سنة (606) وينكر كونه من مقول السيد عميد الرؤساء (انظر: رياض العلماء: 5 / 309 والذريعة: 15 / 8). والمحقق الداماد يستظهر في شرح الصحيفة ص 45 أن القائل ” حدثنا ” هو عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب اللغوي المشهور. أما في رياض العلماء، فإن الاحتمالين متساويان، قال الميرزا عبد الله أفندي في كتابه المذكور: 5 / 309: الحق عندي أن القائل به كلاهما لانهما في درجة واحدة. ويلاحظ أن والد العلامة المجلسي روى الصحيفة السجادية كما سيأتي في إجازات وأسانيد الصحيفة بأسانيده إلى ابن إدريس وعميد الرؤساء وابن السكون. أضف إلى ذلك أن المجلسي ذكر في البحار: 107 / 26 أنه وجد نسخة قديمة من الصحيفة الكاملة بخط الشيخ حسين بن حسن. يأتي ذكرها أيضا كتب عليها ما صورته: ” صورة ما على الاصل: وعليها أعني النسخة التي بخط ابن السكون خط عميد الرؤساء، قراءة صورتها: قرأها علي السيد الاجل النقيب الاوحد العالم جلال الدين عماد الاسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد ابن الحسن بن معية أدام الله علوه قراءة صحيحة مهذبة، ورويتها له، عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمد ابن الحسن بن أحمد عن رجاله المسمين في باطن تلك الورقة، وأبحته روايتها عني حسب ما وقفته له، وحددته له، وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستمائة، والحمد لله الرحمن الرحيم، وصلواته وتسليمه على رسوله سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الغر الميامين “. وقد كان هذا مكتوبا في آخر صحيفة شمس الدين محمد بن علي الجبعي التي نقلها من خط الشهيد الاول

[ 612 ]


محمد بن مكي، ونقلها هو من خط علي بن أحمد السديد، وهو بدوره نقلها من خط علي بن السكون، وكان على هذه النسخة أي نسخة ابن السكون إجازة عميد الرؤساء بخطه، كما في البحار: 107 / 212. وهذه الاجازة هي التي ذكرها الداماد في شرحه واحتج بها، فقال إنه عميد الرؤساء. ونقلها أيضا الميرزا عبد الله أفندي في رياض العلماء: 4 / 396 نقلا عن نسخة من الصحيفة الكاملة رآها في بلدة أدرنة من بلاد الروم، وكانت من نسخة بعض علماء جبل عامل. ورآها أيضا في بلدة أردبيل على نسخة أخرى من الصحيفة الكاملة، وكانت نسخة عتيقة جدا عليها صورة خط الشهيد الاول. وقال ” من هذا الكلام الذي نقلناه من الاجازة في ظهر نسخة الصحيفة الكاملة المذكورة يظهر أن السيد ابن معية هذا يروي الصحيفة عن ابن السكون، وعن عميد الرؤساء أيضا، وهما يرويانها عن السيد بهاء [ الشرف ] المذكور، وأن القائل بلفظ ” حدثنا ” في صدر الصحيفة كلاهما، فارتفعت المنازعة “. راجع البحار: 10 7 / 26 وص 212، ورياض العلماء: 5 / 309. واحتمل الافندي في الرياض: 6 / 23، أن يكون الراوي هو الشريف الجليل نظام الشرف أبو الحسن العريضي. وذكر الحر العاملي في أمل الآمل: 2 / 169: إن الشيخ عربي بن مسافر العبادي روى الصحيفة السجادية الكاملة، عن بهاء الشرف بالسند المذكور في أولها. وذكر المجلسي رواية بعض الافاضل للصحيفة الكاملة في البحار: 110 / 62 – وسيأتي ذكرها في الاجازات والاسانيد – أنه يرويها بأسانيده إلى الشيخ علي بن يحيى الخياط، عن حمزة بن شهريار، عن السيد بهاء الشرف. وذكر الشيح حسن ابن الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة للسيد نجم الدين بن السيد محمد الحسيني في البحار: 109 / 47: إن الشيخ نجم الدين جعفر بن نما يروي الصحيفة الكاملة بالاجازة، عن والده، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي بسماعه بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف أبي الحسن بن العريضي ; ذكر رحمه الله في هامش الاجازة: هكذا اتفقت عبارة الشيخ نجم الدين المذكور والظاهر أن المراد بنظام الشرف: بهاء الشرف فتكون رواية ابن جعفر لها من وجهين: السماع والقراءة، فالاول عن السيد بهاء الشرف بغير واسطة، والثاني بواسطة الجماعة المذكورين. انتهى. أقول: سيأتي ما يخالف القولين عند ذكر نظام الشرف أبو الحسن بن العريضي في شوال سنة 556 وقراءته أيضا على والده جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شقرة، والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي، والشريف أبي الفتح بن

[ 613 ]


الجعفرية والشيخ سالم بن قبارويه، جميعا عن السيد بهاء الشرف. ويرويها نجم الدين بالاجازة، عن والده، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف. إنتهى. وعند النظر إلى شجرة الاسانيد نجد أن عدد رواة الصحيفة ثلاثة عشر راويا، وهم: الاول: محمد بن جعفر المشهدي صاحب المزار الكبير المعروف باسمه، العالم الجليل القدر، ولد حدود سنة 510. ترجم له في أعلام القرن السادس: 252 وأعيان الشيعة: 9 / 202. الثاني: جعفر بن علي بن جعفر المشهدي والد صاحب المزار، رواها قراءة عليه ولده رحمه الله. ترجم له في أعلام القرن السادس: 43، أمل الآمل: 2 / 53، رجال المامقاني: 1 / 226 وأعيان الشيعة: 4 / 181. الثالث: الشيخ الفقيه هبة الله بن نما بن علي بن حمدون، الشيخ الرئيس العفيف أبو البقاء الحلي وهو من مشايخ ابن المشهدي صاحب المزار، روى الصحيفة قراءة عليه. ترجم له في أعلام القرن السادس: 334، رياض العلماء: 6 / 37 وج 5 / 316. الرابع: جعفر بن أبي الفضل محمد بن محمد بن شعرة من مشايخ ابن المشهدي حيث روى الصحيفة عنه. ترجم له في أمل الآمل: 2 / 55، تنقيح المقال: 1 / 226 وأعلام القرن السادس: 42. الخامس: الشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي أحد مشايخ ابن المشهدي في المزار ترجم له في أعلام القرن السادس: 7. السادس: الشريف ضياء الدين أبو الفتح محمد بن محمد الحائري العلوي الحسني المعروف بابن الجعفرية وهو أيضا أحد مشايخ ابن المشهدي في المزار. ترجم له في أعلام القرن السادس: 283. السابع: سالم بن قبادويه (قبارويه) ; وفي بعض نسخ الرياض وأمل الآمل ” قهارويه ” وفي أعيان الشيعة ” قهارويه ” واختار الاغا بزرگ الطهراني ” قبادويه ” قائلا: الصحيح: قبادويه نسبة إلى قرية بناها ” قباد “. ترجم له في أمل الآمل: 2 / 124، رياض العلماء: 2 / 411 وأعلام القرن السادس: 117. واحتمل الطهراني في أعلام القرن السادس: 138، في ترجمة ” صالح بن قبادويه ” أحد مشايخ ابن المشهدي في المزار أن يكون هو نفسه الشيخ سالم. الثامن: الشيخ الفقيه أبو محمد عربي بن مسافر العبادي الحلي: أحد مشايخ ابن المشهدي. قال الشيخ البهائي في

[ 614 ]


حواشي أربعينه: وأما العبادي وهو بفتح العين المهملة والباء المخففة منسوب إلى ” عبادة ” اسم قبيلة. وقد ذكر الحر العاملي في أمل الآمل بما يشبه التأكيد على أنه راوي الصحيفة عن بهاء الشرف كما تقدم. ترجم له في رياض العلماء: 3 / 310، أمل الآمل: 2 / 169، فهرست منتجب الدين: 136، أعلام القرن السادس: 172 ورجال المامقاني: 2 / 250. التاسع: السيد الامام الفقيه رضي الله أبو منصور عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب الحلي اللغوي: وهو الذي أكد عليه السيد الداماد في شرحه كما أسلفنا. قال المجلسي في البحار: 107 / 30: وجدت بخط الشيخ محمد علي الجبعي: مات الشيخ العالم الفاضل عميد الرؤساء. سنة تسع وستمائة، وكان رحمه الله من الاخيار الصلحاء المتعبدين، ومن أبناء الكتاب المعروفين. ترجم له في رياض العلماء: 5 / 307. العاشر: الشيخ أبو طالب حمزة بن محمد بن أحمد بن شهريار الخازن سبط الشيخ الطوسي، ووالده أحد الرواة المذكورين في سند الصحيفة. ترجم له في أعلام القرن السادس: 88. وقد كان في إجازة بعض الافاضل التي قدمنا ذكرها ” حمزة بن شهريار ” وذكر الميرزا عبد الله أفندي في رياض العلماء: 2 / 201، 212 اتحادهما، وأن النسبة إلى جده كما هو شائع في النسب، وذكر أيضا أن الشيخ محمد بن محمد بن هارون المعروف بابن الكآل يروي الصحيفة عنه، ويرويها هو عن الشيخ على ما يظهر من بعض أسانيد الشهيد الثاني من الصحيفة الكاملة، فلا حظ. أقول: والصحيح أن في إجازة الشهيد أنه يرويها عن السيد الاجل، وليس عن الشيخ. راجع البحار: 110 / 49 وص 53. الحادي عشر: أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن السكون الحلي النحوي الشاعر، وهو الذي استظهر الشيخ البهائي أنه الراوي عن بهاء الشرف. وتقدم قول الميرزا عبد الله أفندي ” الحق عندي أن القائل به كلاهما لانهما في درجة واحدة ” أي ابن السكون وعميد الرؤساء، فراجع. وقد كتب كل منهما نسخة من الصحيفة. ترجم له في أعلام القرن السابع: 115. الثاني عشر: محمد بن إدريس الحلي: ذكر روايته في الصحيفة عن بهاء الشرف في البحار: 110 / 44 و 46 و 56 وغيرها، وقد كتب بخطه

[ 615 ]

ابن الحسن بن أحمد بن علي بن محمد بن يحيى (1) العلوي الحسيني رحمه الله، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار، الخازن (2) لخزانة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في شهر ربيع الاول من سنة ست عشرة وخمسمائة قراءة عليه، وأنا أسمع.


نسخة من الصحيفة. ترجم له في رياض العلماء: 5 / 31 وأعلام القرن السادس: 290. الثالث عشر: الشريف الجليل نظام الشرف أبو الحسن بن العريضي: قال الميرزا عبد الله أفندي في رياض العلماء: 5 / 445: ” إن الشيخ حسين بن علي بن حماد الليثي الواسطي ذكر في إجازته للشيخ نجم الدين جعفر بن محمد بن نعيم المطار آبادي: إن الشيخ محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري يروي الصحيفة الكاملة السجادية مع ندبه الثلاث بحق سماعه بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف أبي الحسن ابن العريضي على الشريف النقيب جلال العلماء بهاء الشرف محمد بن الحسن ابن أحمد بن علي بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني في شوال سنة ست وخمسين وخمسمائة “. ترجم له في رياض العلماء: 5 / 444 وأعلام القرن السادس: 177. (1) ابن الحسين النسابة بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الامام السجاد عليه السلام. كذا ذكر نسبه الشريف المحدث النوري في خاتمة المستدرك: 3 / 483، والسيد الامين في أعيان الشيعة: 9 / 172. وهو تلميذ ابن الخازن والراوي عنه كما في هذه الصحيفة المباركة، وفي كتاب حجة الذاهب: 50 و 83 و وفي كلا الموردين كان الراوي عنه هو الشريف أبو الفتح محمد بن الجعفرية. ترجم له في الثقات العيون في سادس القرون: 253. (2) هو الشيخ الجليل الفقيه الصالح محمد بن أحمد بن شهريار، كان خازنا للروضة الحيدرية والمكتبة الغروية، وهو أحد تلاميذ الشيخ الطوسي والراوين عنه، إضافة إلى أنه كان صهره على ابنته، رزق منها ولده الشيخ الجليل أبو طالب حمزة. وآل شهريار أسرة علمية معروفة خدمت العلم والدين، وبالاضافة إلى هذه المكانة العلمية فقد تسلمت مفاتيح الروضة الحيدرية، واستقلت بالخازنية من أوائل القرن الخامس الهجري على عهد شيخ الطائفة الطوسي رحمه الله وامتد بقاؤها حتى أواخر القرن السادس. وقد كان لها الدور الكبير في تكوين الحوزة

[ 616 ]

قال: سمعتها على الشيخ الصدوق، أبي منصور محمد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري المعدل (1) رحمه الله. عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (2) قال: حدثنا الشريف أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن


العلمية في النجف الاشرف بعد وفاة زعيمها الكبير الشيخ الطوسي، ولمع من هذه الاسرة الشريفة جماعة من أجلة العلماء والفضلاء. تجد ترجمته في: فهرست منتجب الدين: 172، أمل الآمل: 2 / 241، رياض العلماء: 6 / 22، رجال المامقاني: 2 / 71، أعيان الشيعة: 9 / 82، أعلام القرن السادس: 245، جامع الرواة: 2 / 61 ورجال السيد الخوئي: 14 / 356. (1) هو الشيخ العالم الاديب الشاعر القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز بن مهران العكبرى المعدل، أحد تلامذة السيد المرتضى علم الهدى، كما ذكر ذلك المحدث النوري في المستدرك: 3 / 490، وهو أيضا من مشايخ الخطيب البغدادي، ذكره في تاريخه: 3 / 239 قائلا: ” كتبت عنه وكان صدوقا. سألته عن مولده، فقال: في رجب سنة اثنتين وثمانين [ وثلاثمائة ] ” وذكر أيضا ابن الاثير في الكامل: 10 / 117 في حوادث سنة 472 قائلا: ” وفيها توفي أبو منصور محمد بن عبد العزيز العكبري، ومولده سنة أربعة وثمانين وثلاثمائة، وهو من المحدثين المعروفين، وكان صدوقا ” والعكبري نسبة إلى ” عكبرى ” بضم العين وفتح الباء الموحدة، وقيل: بضمها أيضا وهي بلدة على نهر دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي. تجد ترجمته في: تاريخ بغداد: 3 / 239، سير أعلام النبلاء: 18 / 392، لسان الميزان: 5 / 365، البداية والنهاية: 1 2 / 120، النابس في أعلام القرن الخامس: 183، ميزان الاعتدال: 4 / 29، وغيرها. (2) هو أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن البهلول بن المطلب بن همام بن بحر بن مطر بن مرة الصغرى بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، أصله كوفي، سافر في طلب الحديث عمره، وأدرك مشايخ كثيرين حتى أن أبو الفرج القناني أحد مشايخ النجاشي صاحب الرجال صنف كتاب ” معجم رجال أبي المفضل ” وكان من المعمرين، ولد سنة 297، وتوفي 387. ترجم له في: رجال النجاشي: 309، جامع الرواة: 2 / 143، تاريخ بغداد: 5 / 466، لسان الميزان: 5 / 231، رجال السيد الخوئي: 16 / 272، وأعلام القرن الرابع: 280.

[ 617 ]

ابن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1) قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن خطاب الزيات سنة خمس وستين ومائتين، قال: حدثني خالي علي بن النعمان الاعلم (2) قال: حدثني عمير بن متوكل الثقفي البلخي، عن أبيه متوكل بن هارون (3) قال: لقيت يحيى بن زيد بن علي (4) عليه السلام وهو متوجه إلى خراسان، فسلمت عليه فقال لي: من أين أقبلت؟ قلت: من الحج.


(1) كان وجها في الطالبين متقدما، وكان ثقة في أصحابنا، سمع وأكثر، وعلا إسناده، له كتاب ” التاريخ العلوي ” وكتاب ” الصخرة والبئر “. وأثنى عليه سبط ابن الجوزي في ” مرآة الزمان ” فقال: ” كان فاضلا ورعا عاقلا، سمع الحديث الكثير، ولزم مسجده فقرأ القرآن. وكان ثقة ” ذكر عنه أنه قال: ” ولدت بسر من رأى سنة أربع وعشرين ومائتين “. توفي في أول ذي القعدة سنة 308. ترجم له في: رجال النجاشي: 94، تاريخ بغداد: 7 / 204، خلاصة الاقوال: 33، رجال ابن داود: 87، إيضاح المكنون: 2 / 279، لسان الميزان: 2 / 127، الدرجات الرفيعة: 498، أعلام القرن الرابع: 74 ورجال السيد الخوئي: 4 / 107. (2) أبو الحسن النخعي مولاهم الكوفي، من أصحاب الرضا عليه السلام، وكان ثقة، وجها، ثبتا، صحيحا، واضح الطريقة. ترجم له في: رجال النجاشي: 210، رجال الطوسي: 283، وفهرسته: 96، خلاصة الاقوال: 95، رجال ابن داود: 252، جامع الرواة: 1 / 606، تنقيح المقال: 2 / 313، ورجال السيد الخوئي: 12 / 234. (3) تأتي ترجمته وترجمة ابنه في الاسانيد والاجازات. (4) هو الشهيد يحيى بن الشهيد زيد بن الامام الشهيد علي بن الحسين سيد الشهداء عليهم السلام ثار مع أبيه على بني مروان، وقاد الثورة بعد استشهاد أبيه، وبعد حوادث وحروب كثيرة قتل في قرية يقال لها ” أرغوية ” وحمل رأسه الشريف إلى الفاسق الوليد بن يزيد، وصلب جسده بالجوزجان، وفي رواية أنه صلب بالكناسة مدة سنة وشهرا، ثم أمر الوليد أن ينزل عن خشبته ويحرق، ففعل به ذلك وذر رماده في الفرات. تجد ترجمته وقصة ثورته في: مقاتل الطالبين: 108 103، عمدة الطالب: 259، البداية والنهاية: 10 / 5، الكامل لابن الاثير: 5 / 271، تاريخ الطبري: 8 / 299، تاريخ الاسلام للذهبي: 5 / 181، الاعلام للزرگلي: 9 / 179، رجال المامقاني: 3 / 316، رجال ابن داود: 374، وعدة الشيخ الطوسي في رجاله: 332 من أصحاب الصادق عليه السلام، وفي ص: 364 من أصحاب الكاظم عليه السلام.

[ 618 ]

فسألني عن أهله وبني عمه بالمدينة، وأحفى السؤال (1) عن جعفر بن محمد عليه السلام، فأخبرته بخبره وخبرهم، وحزنهم على أبيه زيد بن علي عليه السلام. فقال لي: قد كان عمي محمد بن علي أشار على أبي بترك الخروج، وعرفه إن هو خرج وفارق المدينة ما يكون إليه مصير أمره، فهل لقيت ابن عمي جعفر بن محمد عليه السلام؟ قلت: نعم. قال: فهل سمعته يذكر شيئا من أمري؟ قلت: نعم. قال: بم ذكرني؟ خبرني. قلت: جعلت فداك ما أحب أن أستقبلك بما سمعته منه. فقال: أبالموت تخوفني؟ هات ما سمعته. فقلت: سمعته يقول: إنك تقتل وتصلب كما قتل أبوك وصلب. ” فتغير وجهه ” وقال: ” ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” (2) يا متوكل إن الله عزوجل، أيد هذا الامر بنا، وجعل لنا العلم والسيف، فجمعا لنا، وخص بنو عمنا بالعلم وحده. فقلت: جعلت فداك إني رأيت الناس إلى ابن عمك جعفر عليه السلام أميل منهم إليك وإلى أبيك. فقال: إن عمي محمد بن علي، وابنه جعفرا عليهما السلام دعوا الناس إلى الحياة، ونحن دعوناهم إلى الموت. فقلت: يابن رسول الله أهم أعلم أم أنتم؟ فأطرق إلى الارض مليا ثم رفع رأسه. وقال: كلنا له علم غير أنهم يعلمون كلما نعلم، ولا نعلم كلما يعلمون. ثم قال لي: أكتبت من ابن عمي شيئا؟ قلت: نعم. قال: أرينه. فأخرجت إليه وجوها من العلم، وأخرجت له دعاء أملاه علي أبو


(1) أحفى السؤال: ألح فيه وبالغ. (2) الرعد: 39.

[ 619 ]

عبد الله عليه السلام، وحدثني أن أباه محمد بن علي عليهما السلام أملاه عليه، وأخبره أنه من دعاء أبيه علي بن الحسين عليهما السلام من دعاء ” الصحيفة الكاملة “. فنظر فيه يحيى حتى أتى على آخره، وقال لي: أتاذن في نسخه؟ فقلت: يابن رسول الله أتستأذن فيما هو عنكم.؟ فقال: أما لاخرجن إليك صحيفة من الدعاء الكامل، مما حفظه أبي عن أبيه، و إن أبي أوصاني بصونها، ومنعها غير أهلها. قال عمير: قال أبي: فقمت إليه، فقبلت رأسه، وقلت له: والله يابن رسول الله إني لادين الله بحبكم وطاعتكم، وإني لارجو أن يسعدني في حياتي ومماتي بولايتكم. فرمى صحيفتي التي دفعتها إليه إلى غلام كان معه، وقال: اكتب هذا الدعاء بخط بين حسن، وأعرضه علي لعلي أحفظه، فإني كنت أطلبه من جعفر حفظه الله فيمنعنيه. قال المتوكل: فندمت على ما فعلت، ولم أدر ما أصنع، ولم يكن أبو عبد الله عليه السلام تقدم إلي ألا أدفعه إلى أحد. ثم دعا بعيبة (1) فاستخرج منها صحيفة مقفلة مختومة، فنظر إلى الخاتم وقبله وبكى، ثم فضه وفتح القفل، ثم نشر الصحيفة ووضعها على عينه، وأمرها على وجهه. وقال: والله يا متوكل لولا ما ذكرت من قول ابن عمي إنني أقتل وأصلب لما دفعتها إليك، ولكنت بها ضنينا (2) ولكني أعلم أن قوله حق، أخذه عن آبائه، وأنه سيصح، فخفت أن يقع مثل هذا العلم إلى بني امية فيكتموه ويدخروه في خزائنهم لانفسهم، فاقبضها واكفنيها وتربص بها، فإذا قضى الله من أمري وأمر هؤلاء القوم ما


1 – العيبة: مستودع الثياب. 2 ضنينا: بخيلا شحيحا.

[ 620 ]

هو قاض، فهي أمانة لي عندك حتى توصلها إلى ابني عمي محمد (1) وإبراهيم (2) ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام فإنهما القائمان في هذا الامر بعدي. قال المتوكل: فقبضت الصحيفة، فلما قتل يحيى بن زيد صرت إلى المدينة، فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فحدثته الحديث عن يحيى، فبكى واشتد وجده به، وقال: رحم الله ابن عمي وألحقه بآبائه وأجداده، والله يا متوكل ما منعني من دفع الدعاء إليه إلا الذي خافه على صحيفة أبيه، وأين الصحيفة؟ فقلت: ها هي. ففتحها، قال: هذا والله خط عمي زيد، ودعاء جدي علي بن الحسين عليهما السلام، ثم قال لابنه: قم يا إسماعيل فأتني بالدعاء الذي أمرتك بحفظه وصونه.


1 – وهو المقتول بأحجار الزيت، المعروف بذي النفس الزكية، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: تقتل بأحجار الزيت من ولدي نفس زكية. وكان شديد السمرة، غزير العلم، ذو حزم وسخاء وشجاعة، يشبهونه في قتاله بالحمزة عم النبي صلى الله عليه وآله. تجد ترجمته وقصة ثورته في: مقاتل الطالبيين: 200 157، تاريخ الطبري: 9 / 201، الكامل لابن الاثير: 5 / 555 529، أعلام الزرگلي: 7 / 90، شذرات الذهب: 1 / 213، الوافي بالوفيات: 3 / 297، دول الاسلام للذهبي: 1 / 73، وعمدة الطالب لابن عنبه: 103. (2) وهو قتيل باخمرى، وكان جاريا على شاكلة أخيه محمد في الدين والعلم والشجاعة والشدة والثورة على الظلم. بايعه أربعة آلاف مقاتل فاستولى على البصرة، وهزم المنصور منها إلى الكوفة وسير الجموع إلى الاهواز وفارس وواسط، وهاجم الكوفة، فكانت بينه وبين جيوش المنصور وقائع هائلة إلى أن استشهد رضوان الله عليه، فاحتز رأسه وأرسل إلى أبي جعفر المنصور، فتمثل بالابيات التي تمثلت بها عائشة لما وصلها خبر استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ومنها: فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالاياب المسافر نجد ترجمته والقصة الكاملة لثورته رضوان الله عليه في: مقاتل الطالبيين: 210 – 256، عمدة الطالب: 108 – 110، الكامل لابن الاثير: 5 / 560 – 571، تاريخ الطبري: 9 / 243، دول الاسلام: 1 / 74 وأعلام الزرگلى: 1 / 41.

[ 621 ]

فقام إسماعيل: فأخرج صحيفة كأنها الصحيفة التي دفعها إلي يحيى بن زيد: فقبلها أبو عبد الله، ووضعها على عينه، وقال: هذا خط أبي، وإملاء جدي عليهما السلام بمشهد مني. فقلت: يابن رسول الله إن رأيت أن أعرضها مع صحيفة زيد ويحيى؟ فأذن لي في ذلك، وقال: قد رأيتك لذلك أهلا. فنظرت وإذا هما أمر واحد، ولم أجد حرفا منها يخالف ما في الصحيفة الاخرى. ثم استأذنت أبا عبد الله عليه السلام في دفع الصحيفة إلى ابني عبد الله بن الحسن. فقال: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ” (1) نعم ادفعها إليهما. فلما نهضت للقائمها، قال لي: مكانك. ثم وجه إلى محمد وإبراهيم فجاءا. فقال: هذا ميراث ابن عمكما يحيى من أبيه، قد خصكما به دون إخوته، ونحن مشترطون عليكما فيه شرطا. فقالا: رحمك الله، قل فقولك المقبول. فقال: لا تخرجا بهذه الصحيفة من المدينة. قالا: ولم ذاك؟ قال: إن ابن عمكما خاف عليها أمرا أخافه أنا عليكما. قالا: إنما خاف عليها حين علم أنه يقتل. فقال أبو عبد الله عليه السلام: وأنتما فلا تأمنا، فو الله إني لاعلم إنكما ستخرجان كما خرج، وستقتلان كما قتل. فقاما وهما يقولان: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فلما خرجا، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت؟


1 – النساء: 58.

[ 622 ]

قلت: نعم أصلحك الله، قد قال لي ابن عمك يحيى ذلك. فقال يرحم الله يحيى إن أبي حدثني، عن أبيه عن جده علي عليهم السلام ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذته نعسة، وهو على منبره، فرأى في منامه رجالا ينزون (1) على منبره نزو القردة، يردون الناس على أعقابهم القهقري، فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية ” وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فيما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ” (2) يعني بني أمية. فقال: يا جبرئيل أعلى عهدي يكونون وفي زمني؟ قال: لا، ولكن تدور رحى الاسلام من مهاجرك، فتلبث بذلك عشرا، ثم تدور رحى الاسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك، فتلبث بذلك خمسا، ثم لابد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها، ثم ملك الفراعنة. قال: وأنزل الله تعالى في ذلك ” إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ” (3) تملكها بنو أمية ليس فيها ليلة القدر. قال: فأطلع الله عزوجل نبيه عليه السلام أن بني أمية تملك سلطان هذه الامة، وملكها طول هذه المدة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم، وهم في ذلك يستشعرون عداوتنا أهل البيت وبغضنا، أخبر الله نبيه بما يلقى أهل بيت محمد وأهل مودتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم. قال: وأنزل الله تعالى فيهم ” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ” (4) ونعمة الله ” محمد وأهل بيته ” حبهم إيمان يدخل الجنة، وبغضهم كفر ونفاق يدخل النار.


1 – ينزون: يثبون. 2 – الاسراء: 60. 3 القدر: 3 1 4 – إبراهيم: 28.

[ 623 ]

فأسر رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك إلى علي وأهل بيته (1). قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ” ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد، ليدفع ظلما أو ينعش حقا، إلا اصطلمته البلية، وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا “. قال المتوكل بن هارون: ثم أملى علي أبو عبد الله عليه السلام الادعية، وهي خمسة وسبعون بابا، سقط عني منها أحد عشر بابا، وحفظت منها نيفا وستين بابا. وحدثنا أبو المفضل، قال: وحدثني محمد بن الحسن بن روزبه أبو بكر المدايني الكاتب نزيل الرحبة في داره، قال: حدثني محمد بن أحمد بن مسلم المطهري، قال: حدثني أبي، عن عمير بن متوكل البلخي، عن أبيه المتوكل بن هارون، قال: لقيت يحيى بن زيد بن علي عليهما السلام، فذكر الحديث بتمامه إلى رؤيا النبي صلى الله عليه وآله التي ذكرها جعفر بن محمد، عن آبائه صلوات الله عليهم. وفي رواية المطهري ذكر الابواب [ وهي (54) بابا تؤلف بمجموعها الصحيفة السجادية الكاملة ] وهي: 1 التحميد لله عزوجل. 2 الصلاة على محمد وآله.


1 – وهذه أحاديث متواترة روتها الخاصة والعامة بألفاظ مختلفة وأسانيد شتى في أكثر كتب الحديث والتاريخ والتفسير، منها: ما رواه الكليني في الكافي: 4 / 159 ح 10 وج 8 / 222 ح 280 بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام. وروتها العامة في: تفسير الطبري: 15 / 112، تفسير النيسابوري: 4 / 300، تفسير الفخر الرازي: 20 / 237، تفسير القرطبي: 10 / 283، تاريخ بغداد: 3 / 343 وكنز العمال: 3 / 358. وقد استقصينا أكثر تخريجاتها في كتابنا ” جامع الاخبار والآثار عن النبي والائمة الاطهار عليهم السلام “.

[ 624 ]

3 – الصلاة على حملة العرش. 4 – الصلاة على مصدقي الرسل. 5 – دعاؤه لنفسه وخاصته. 6 – دعاؤه عند الصباح والمساء. 7 – دعاؤه في المهمات. 8 – دعاؤه في الاستعاذة. 9 – دعاؤة في الاشتياق. 10 – دعاؤه في اللجوء إلى الله تعالى. 11 – دعاؤه بخواتم الخير. 12 – دعاؤه في الاعتراف. 13 – دعاؤه في طلب الحوائج. 14 – دعاؤه في الظلامات. 15 – دعاؤه عند المرض. 16 – دعاؤه في الاستقالة. 17 – دعاؤه على الشيطان. 18 – دعاؤه في المحذورات. 19 – دعاؤه في الاستسقاء. 20 – دعاؤه في مكارم الاخلاق. 21 – دعاؤه إذا حزنه أمر. 22 – دعاؤه عند الشدة. 23 – دعاؤه بالعافية. 24 – دعاؤه لابويه عليهما السلام. 25 – دعاؤه لولده عليهم السلام. 26 – دعاؤه لجيرانه وأوليائه. 27 – دعاؤه لاهل الثغور. 28 – دعاؤه في التفزع. 29 – دعاؤه إذا قتر عليه الرزق. 30 – دعاؤه في المعونة على قضاء الدين. 31 – دعاؤه بالتوبة. 32 – دعاؤه في صلاة الليل. 33 – دعاؤه في الاستخارة. 34 – دعاؤه إذا ابتلى أو رأى مبتلى بفضيحة أو بذنب. 35 – دعاؤه في الرضا بالقضاء. 36 – دعاؤه عند سماع الرعد. 37 – دعاؤه في الشكر. 38 – دعاؤه في الاعتذار. 39 – دعاؤه في طلب العفو. 40 – دعاؤه عند ذكر الموت. 41 – دعاؤه في طلب الستر والوقاية. 42 – دعاؤه عند ختم القرآن. 43 – دعاؤه إذا نظر إلى الهلال. 44 – دعاؤه لدخول شهر رمضان. 45 – دعاؤه لوداع شهر رمضان. 46 – دعاؤه للعيدين والجمعة. 47 – دعاؤه لعرفة.


[ 625 ]

48 – دعاؤه للاضحى والجمعة. 49 – دعاؤه في دفع كيد الاعداء. 50 – دعاؤه في الرهبة. 51 – دعاؤه في التضرع والاستكانة. 52 – دعاؤه في الالحاح. 53 – دعاؤه في التذلل لله عزوجل. 54 – دعاؤه في استكشاف الهموم. وباقي الابواب بلفظ أبي عبد الله الحسني رحمه الله. حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن خطاب الزيات، قال: حدثني خالي علي بن النعمان الاعلم، قال: حدثني عمر بن متوكل الثقفي البلخي، عن أبيه متوكل بن هارون، قال: أملى علي سيدي الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد، قال: أملى جدي علي بن الحسين على أبي محمد بن علي عليهم أجمعين السلام بمشهد مني [ وهي الادعية الملحقة ببعض نسخ الصحيفة السجادية الكاملة، وهي أدعيته عليه السلام في ] (1) 1 – التسبيح. 2 – التحميد لله عزوجل. 3 – ذكر آل محمد صلى الله عليه وآله. 4 – الصلاة على آدم عليه السلام. 5 – الكرب والاقالة. 6 – مما يحذر ويخاف. 7 – التذلل. 8 – يوم الاحد. 9 – يوم الاثنين. 10 – يوم الثلاثاء. 11 – يوم الاربعاء. 12 – يوم الخميس. 13 – يوم الجمعة.


1 – وأما بقية الادعية المستدركة على الصحيفة، فإن ألفاظها بحسب مصادرها، وأسانيدها مذكورة في فهرس التخريجات.

[ 626 ]

14 – يوم السبت. 15 – مناجاة التائبين. 16 – مناجاة الشاكين. 17 – مناجاة الخائفين. 18 – ئمناجاة الراجين. 19 – مناجاة الراغبين. 20 – مناجاة الشاكرين. 21 – مناجاة المطيعين. 22 – مناجاة المريدين. 23 – مناجاة المحبين. 24 – مناجاة المتوسلين. 25 – مناجاة المفتقرين. 26 – مناجاة العارفين. 27 – مناجاة الذاكرين. 28 – مناجاة المعتصمين. 29 – مناجاة الزاهدين. (1)


1 – يختلف ترتيب وعدد هذه الادعية الملحقة باختلاف النسخ، واعتمدنا ترتيبها على نسخة الصحيفة السجادية التي بتقديم آية الله السيد محمد باقر الصدر.

[ 627 ]

6 – أسانيد الصحيفة السجادية الكاملة وإجازاتها


[ 629 ]

أسانيد الصحيفة السجادية وإجازاتها: حقيقة إن الادعية المعروفة ب‍ ” الصحيفة السجادية الكاملة ” هي من إنشاء فنن الدوحة النبوية المباركة ” الامام السجاد زين العابدين عليه السلام ” فالقارئ لها يدرك تماما ما قيل ” إنها تجري مجرى التنزيلات السماوية، وتسير مسير الصحف اللوحية والعرشية ” لما حوته من لباب العلوم الالهية، والمعارف اليقينية، فسطع من حروفها نور مشكاة النبوة، وفاح من كلماتها أريج رياض الامامة، لذلك عرفت واشتهرت به صلوات الله وسلامه عليه اشتهارا أغناها عن مد سلاسل العنعنة والاسناد، وأخرجها عن حيز الآحاد إلى حد التواتر، غير أنه كما صرح بذلك الامير ماجد الدشتكي في إجازته للمولى محمد شفيع ربما يركن إلى طلب الاجازة في الرواية، ويعطف إلى طرق التحمل أعنة العناية، تبركا بما جرت عليه سنن السلف الاخيار، وتأسيا بما صرف إليه وجوه الهمم من جهابذة الاخيار، إنتهى. ولشهرتها التي عم صيتها البلدان، ولبركتها التي يستنار بها في كل وقت وأوان، انكب الكثير على استنساخها، وتهافت العديد على مقابلتها وشرحها، وأخذ الاجازة على روايتها فتجمعت بسبب ذلك أسانيد، وطرق لروايتها كثيرة متكثرة ما بلغ حدها كتاب، أو نص تراثي آخر في تأريخنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر إن العلامة محمد تقي المجلسي صرح في سنده ” رقم 24 ” ما لفظه: ” إلى غير ذلك من الطرق الكثيرة التي تزيد على الآلاف والالوف، وإن كان ما ذكرته مع وجازته يرتقي إلى ستمائة طريق عالية “! وقال في سنده ” رقم 26 “: وترتقي الاسانيد المذكورة هنا إلى ستة وخمسين ألف إسنادا ومائة إسناد! وسنورد عزيزي القارئ بعضا من تلك الاجازات والاسانيد وطرق الرواية التي


[ 630 ]

تنتهي كلها إلى يحيى بن زيد الشهيد، عن أبيه، عن زين العابدين عليه السلام. وهناك إجازة في روايتها كما سترى عن محمد بن زيد الشهيد، عن أبيه، عن الامام السجاد عليه السلام. وأخرى في روايتها عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام. وطريق آخر عن الامام علي بن محمد النقي عليهما السلام، عن آبائه عليهم السلام: 1 سند محمد بن الوارث ; في الصحيفة: 3 / 11: محمد بن الوارث، عن الحسين إشكيب الثقة الخراساني من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام عن عمير بن المتوكل البلخي (1) عن أبيه متوكل بن هارون (2).


1 – وقد يذكر ” البجلي ” بدل ” البلخي “. 2 – في الصحيفة: ” عمير بن هارون البلخي “. والصحيح ما في المتن، وهو المشهور في السند المتداول للصحيفة السجادية الكاملة. وقد اختلف في ضبط اسمه واسم أبيه في كتب الرجال، فالنجاشي في رجاله: 426 رقم 1144 والطوسي في الفهرست: 170 رقم 747، قالا: المتوكل بن عمير بن المتوكل روى عن يحيى بن زيد دعاء الصحيفة، أخبرنا بذلك. عن عمير بن المتوكل، عن أبيه متوكل، عن يحيى بن زيد. وأورد المحقق الداماد دون غيره في شرح الصحيفة: 50 سند شيخ الطائفة في رواية الصحيفة بهذه الصورة. محمد بن مطهر، عن المتوكل بن عمير بن المتوكل، عن عمير بن المتوكل، عن المتوكل. وقال بعد ذلك: ثم المتوكل لا نص عليه من الاصحاب بالتوثيق، إلا أن الشيخ ابن داود ذكره في قسم الموثقين من كتابه: 283 رقم 1234، ويلوح من ظاهر كلامه أن الذي روى دعاء الصحيفة عن يحيى بن زيد هو المتوكل بن عمير بن المتوكل، وليس كذلك، بل إنما يرويه عن أبيه، عن أبيه، عن يحيى بن زيد على ما عرفت. انتهى. وفي كتب الرجال آراء أخر غير ذلك. والظاهر أن عمير هو ابن المتوكل بن عمير بن المتوكل بن هارون، وإنما يذكر في السند المتداول كما ذكرناه، نسبة إلى جده الاعلى، فقيل: ” متوكل بن هارون ” بدل ” متوكل بن عمير ” كما يقال ابن بابويه و ابن طاووس، فلا حظ. راجع في ذلك: معالم العلماء: 125، جامع الرواة: 2 / 38، رياض السالكين: 68، الفرائد الطريقة في شرح الصحيفة: 24، توضيح الاشتباه: 258 رقم 1247، رجال المامقاني: 2 / 52، رجال الخوئي: =

[ 631 ]

قال صاحب الصحيفة الثالثة: رأينا نسخة عتيقة منها أي الصحيفة التي برواية محمد بن الوارث بخط ابن مقلة الخطاط المشهور. 2 – سند ابن عياش الجوهري ” صاحب مقتضب الاثر ” ; في الصحيفة: 3 / 12: يأتي في السند (3). 3 – سند الشيخ الفقيه ابن شاذان ; في البحار: 87 / 308، والصحيفة: 3 / 12: قال المجلسي: وجدت في صحيفة قديمة مصححة كان سندها هكذا: قال الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، عن أحمد بن محمد بن عبيدالله ابن الحسن بن أيوب بن عياش الجوهري، عن الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ابن أخي طاهر العلوي، عن محمد بن مطهر الكاتب، عن أبيه، عن محمد بن شلمقان المصري، عن علي بن النعمان الاعلم عن عمير بن المتوكل، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه عليه السلام، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: كان من دعائه بعد صلاة الليل. 4 – سند أبي القاسم علي بن محمد بن الخزاز القمي الرازي ; في كفاية الاثر: 302. حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عامر بن عيسى بن عامر السيرافي بمكة في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثنا محمد بن مطهر، حدثني أبي، قال: حدثنا عمير بن المتوكل بن هارون البلخي، عن أبيه المتوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد قتل أبيه، وهو متوجه إلى خراسان، فما رأيت رجلا في عقله وفضله، فسألته عن أبيه عليه السلام فقال: إنه قتل وصلب بالكناسة، ثم بكى وبكيت حتى غشي عليه فلما سكن قلت به:.


= 14 / 177 رقم 9846، نوابغ الرواة: 307، وغيرها.

[ 632 ]

ثم أخرج إلي صحيفة كاملة فيها أدعية علي بن الحسين عليهما السلام. 5 – سند الشيخ ابن أشناس البزاز (1) ; في نسخة ابن السكون التي بخطه، نقلناه من رياض السالكين: 54 في شرح الصحيفة لابن معصوم المدني: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس البزاز، قرأته عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني. إلى آخر سند الصحيفة. 6 – سند أبي الحسن محمد بن هارون التلعكبري ; في جمال الاسبوع: 423 قال: ورواه أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبري، قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني (2) قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن خطاب الزيات، قال: حدثنا خالي علي بن النعمان الاعلم، قال: حدثنا عمير بن المتوكل بن هارون، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: هذا إملاء جدي علي بن الحسين عليهما السلام على أبي محمد بن علي عليهما السلام بمشهد مني: وكان من دعائه عليه السلام إذا فرغ من صلاة العيدين استقبل القبلة، وإذا فرغ من صلاة يوم الجمعة.


1 – قال في النابس: 54: الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس البزاز أبو علي صاحب كتاب ” عمل ذي الحجة ” الذي ينقل عنه ابن طاووس في ” الاقبال ” عن نسخة الاصل بخط المصنف وتأريخها 437 وهو من مشايخ الطوسي. ويروي عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني كما في صدر ” الصحيفة السجادية ” المصدره باسمه المخالفة مع النسخ المشهورة في الترتيب والعدد وبعض العبارات. ترجمة في ” أمل الآمل: 2 / 69 ” بعنوان الحسن بن علي وذكر تصانيفه، وترجمة في ” التكملة: 311 ” أيضا. 2 في جمال الاسبوع: الحسيني. تقدمت ترجمته في سند الصحيفة الكاملة.

[ 633 ]

7 – سند الشيخ أبي العباس أحمد بن علي النجاشي الاسدي ; في رجاله: 426 رقم 1144: متوكل بن عمير بن المتوكل، روى عن يحيى بن زيد دعاء الصحيفة، أخبرنا الحسين ابن عبيدالله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه متوكل، عن يحيى بن زيد، بالدعاء. 8 – سند الشيخ الطوسي ; في الفهرست: 171 رقم 747: المتوكل بن عمر بن المتوكل، روى عن يحيى بن زيد بن علي عليه السلام دعاء الصحيفة. أخبرنا بذلك جماعة، عن التلعكبري، عن أبي محمد الحسن، يعرف بابن أخي طاهر عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه، عن يحيى بن زيد رضي الله تعالى عنه. وأخبرنا بذلك أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن أخي ظاهر أبي محمد، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عنه. 9 – سند الشيخ الطوسي ; نقلناه من رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين عليه السلام: 50، قال: ويوجد له في هوامش نسخ الصحيفة طريق ثالث وصورته: حدثنا الشيخ الاجل السيد الامام السعيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي أدام الله تأييده في جمادي الآخرة من سنة إحدى عشرة وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله الغضائري، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن عبيدالله بن المطلب الشيباني في شهور سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، قال: حدثنا الشريف أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن إلى آخر السند.


[ 634 ]

10 – إجازة الشيخ عميد الرؤساء هبة الله بن حامد اللغوي للسيد ابن معية (1) ; (نقلناها من البحار: 107 / 26): أقول: قد وجدت في نسخة قديمة من الصحيفة الكاملة بخط الشيخ حسين بن حسن بن حسين بن محمد القصياني، وكان تاريخ كتابتها سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (2) ما هذه صورته: صورة ما على الاصل: وعليها – أعني النسخة التي بخط ابن السكون – خط عميد الرؤساء قراءة صورتها: ” قرأها علي السيد الاجل النقيب الاوحد العالم جلال الدين عماد الاسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية أدام الله علوه قراءة صحيحة مهذبة. ورويتها له عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمد بن الحسن بن أحمد، عن رجاله المسمين في باطن تلك الورقة، وأبحته روايتها عني حسب ما وقفته له وحددته له. وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستمائة، والحمد لله الرحمن الرحيم، وصلواته وتسليمه على رسوله سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الغر الميامين “. 11 – سند السيد محيي الدين محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي ; في آخر صحيفة الشيخ شمس الدين محمد بن علي الجبعي جد شيخنا البهائي: نقلناه من البحار: 107 / 214: يروي الصحيفة الكاملة السيد محيي الدين زهرة، عن شيخه محمد بن شهر اشوب السروي، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن والده، عن الحسين بن عبيدالله الغضائري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الشريف أبي عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر


1 – نقلها أيضا في رياض العلماء: 4 / 397، وقال: إنه وجد نسخة منها في بلدة أردبيل، واخرى في أدرنة تقدم الكلام عنها عند توضيحنا للقائل ” حدثنا “. 2 – كذا والظاهر ستمائة.

[ 635 ]

الحسني، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب الزيات، عن علي بن الاعلم، عن عمر بن المتوكل، عن أبيه متوكل بن هارون، قال: لقيت يحيى بن زيد. الحديث. 12 – سند السيد علي بن موسى بن طاووس الحلي، في فتح الابواب: 196: أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما جزاه الله جل جلاله خير الجزاء. وأخبرني شيخي العالم أسعد بن عبد القاهر بن أسعد بن محمد بن هبة الله بن حمزة المعروف ب‍ ” شفروه ” الاصفهاني، جميعا، عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن السعيد أبي الحسين الراوندي، عن والده، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن محسن الحلبي، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، عن جماعة، عن الشيخ أبي هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، قال: حدثني (محمد بن المظفر أبو العباس الكاتب، عن أبيه، عن محمد بن سلمان المصري) (1) عن علي بن النعمان الاعلم، عن عمير بن المتوكل بن هارون البلخي، عن أبيه، عن يحيى بن زيد، وعن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام فيما روياه من أدعية الصحيفة، عن مولانا زين العابدين عليه السلام من نسخة تأريخ كتابتها سنة خمس عشرة وأربعمائة، قال: وكان من دعائه عليه السلام في الاستخارة. 13 – سند الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما ; * (هامش) 1 – كذا، وتقدم في سند ابن شاذان ” أبو الحسن محمد بن مطهر الكاتب، عن أبيه، عن محمد بن شلمغان “، وتقدم في أسانيد النجاشي والطوسي ” محمد بن مطهر، عن أبيه ” قال في نوابغ الرواة: 307 عند ترجمته محمد بن المطهر: ما رأيت في كتب الرجال ذكر محمد بن المطهر ولا والده. وقال أيضا: ووقع في الصحيفة الكاملة رواية أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن روزبه، عن محمد بن أحمد بن مسلم المطهري، عن أبيه. والظاهر اتحاد صاحب الترجمة مع محمد بن أحمد بن مسلم المطهري.


[ 636 ]

في إجازة الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني الكبيرة نقلناه من البحار: 109 / 47: إجازة عن والده، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي بسماعه بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف أبي الحسن بن العريضي العلوي الحسيني في شوال سنة ست وخمسين و خمسمائة، وقراءته أيضا عن والده جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة، والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي، والشريف أبي الفتح بن الجعفرية، والشيخ سالم بن قبارويه، جميعا عن السيد بهاء الشرف بسنده المذكور هناك. ويرويها أيضا نجم الدين بالاجازة، عن والده، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف بإسناده المعلوم. 14 – سند الشهيد الاول محمد بن مكي العاملي ; في إجازة الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني نقلناه من البحار: 109 / 40: ما ذكره والدي (ره) من أن الشهيد يروي الصحيفة الكاملة عن السيد السعيد تاج الدين بن معية، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار [ بن محمد ] بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بسنده المذكور في أولها، وعن السيد تاج الدين محمد بن معية أيضا،


[ 637 ]

عن السيد كمال الدين الرضي محمد (1) بن محمد بن السيد رضي الدين الآوي الحسيني، عن الامام الوزير نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسني، عن السيد أبي الصمصام، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. 15 – سند بعض الافاضل (وهو من تلامذة الشهيد الاول): نقلناه من البحار: 110 / 62 ; قال المجلسي: رواية بعض الافاضل للصحيفة الكاملة، وهي أيضا بخط والدي العلامة (قده) وأروي الصحيفة عن العلامة الشهيد محمد بن مكي، عن السيد شمس الدين محمد ابن أبي المعالي، عن الشيخ كمال الدين علي بن حماد الواسطي، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد والشيخ نجم الدين جعفر بن نما، عن والده الشيخ نجيب الدين محمد بن نما والسيد فخار، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن الشيخ الاجل بسماعه بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف. وقال محمد بن جعفر: قرأته أيضا على والدي جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة، والشريف أبي الفتح ابن الجعفرية، والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي، والشيخ سالم بن قبارويه جميعا عن السيد بهاء الشريف.


1 – هكذا بخط والدي رحمه الله، وقد تقدم في روايات السيد تاج الدين بن معية نقلا من خطه: ” السيد السعيد كمال الدين الرضي، الحسن بن محمد بن محمد الآوي ” ولا ريب أن كلامه في ذلك أولى باعتماد (منه رحمه الله). كذا في الهامش بخط المؤلف رضوان الله عليه. أقول: راجع في ذلك: الحقائق الراهنة: 50، وانظر شجرة الاسانيد.

[ 638 ]

وبالاسناد عن المحقق، عن ابن نما محمد، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف. ح وعن السيد فخار، عن الشيخ علي بن يحيى الخياط، عن حمزة بن شهريار، عن السيد بهاء الشرف. وروى الشيخ والنجاشي بأسانيدهما المتكثرة إلى أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن همام، عن علي بن مالك بالصحيفة الكاملة. وجلالة قدر ابن عيسى، وإسماعيل بن همام تدل على جلالة علي أيضا، وابن همام راوي الرضا ثقة جليل القدر عظيم الشأن. ومن رواة الصحيفة علي بن النعمان. 16 – إجازة علي بن علي بن محمد بن طي (1) ; لمحمد ابن الشيخ العلامة أبي الفضائل علي ابن الشيخ بدر الدين حسن الشهير ب‍ ” الجبعي ” في آخر صحيفة الشيخ شمس الدين محمد بن علي الجبعي (نقلناها من البحار: 107 / 213): بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جلى رين القلوب بمرآة الدعاء، وكشف به عن عباده عظائم البأساء والضراء، وصلى الله على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبد الله سيد الانبياء، وعلى آله الحافظين لما نقل من تلقائه ليستمر له تأبيده بالبقاء، وعلى أصحابه الخالصين من الزيع والرياء. وبعد فقد قرأ علي هذه الصحيفة الكاملة من أدعية مولانا وسيدنا الامام زين العابدين علي ابن الامام السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين ابن إمام المتقين


1 – أورد الشيخ الاغا بزرك هذه الاجازة في الذريعة: 1 / 220 رقم 1158 لكن المجيز فيها هو ” الشيخ علي ابن محمد بن علي بن محلى “. وأوردها أيضا في الضياء اللامع: 99 – عند ترجمته للشيخ علي بن محمد بن علي بن محلى، ولم يوردها في ص 93 من كتابه الاخير عند ترجمته لعلي بن علي بن محمد بن طي، فلاحظ. وأدرجناه في شجرة الاسانيد باسم ” علي بن محمد بن علي بن محلى “.

[ 639 ]

وسيد الوصيين أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات ” المولى المعظم الفاضل المكرم مفخر الفضلاء وخلاصة الاخلاء شمس الدنيا والدين محمد ابن الشيخ العلامة أبي الفضائل زين الدنيا والدين وشرف الاسلام والمسلمين علي بن الشيخ بدر الدين حسن الشهير بالجبعي ” رفع الله درجاتهم في أعلى عليين، وحشرهم مع النبيين قراءة مهذبة مرضية صحيحة محررة ألفاظها مبينة معانيها، بنسخها المنقولة وتأويلاتها المقبولة، وكنت مستفيدا منه أعظم الله أجره أكثر من إفاداتي له. وأجزت له أدام الله أيامه أن يروي ذلك عني. فإني رويتها قراءة على السيد الجليل النقيب أبي العباس تاج الدين عبد الحميد بن السيد جمال الدين أحمد بن علي الهاشمي الزينبي طاب ثراه. ورواها لي عن الشيخ الاجل عز الدين شيخ السالكين حسن بن سليمان الحلي رفع الله درجته، بإسناده المتصل إلى سيدنا ومولانا زين العابدين عليه أفضل الصلاة والسلام. ورويتها أيضا له بحق الاجازة عن الشيخ الجليل بهاء الدين أبي القاسم علي ولد الشيخ الامام العالم المحقق خاتم المجتهدين أبي عبد الله شمس الدين محمد بن مكي، عن والده المذكور قدس الله سره بطريقه المتصل إلى الامام المذكور آنفا، فليرو ذلك لمن شاء وأحب، فإنه أهل لذلك وأعلى وأعظم شأنا ومحلا. وكتب أفقر العباد إلى رحمة الله ورضوانه وأعظمهم ذنبا وجرما علي بن علي بن محمد بن طي عفى الله عنهم في رابع شهر رمضان المعظم قدره من شهور سنة إحدى وخمسين وثمانمائة أحسن الله عاقبتها، والحمد الله وحده وصلواته على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. وأيضا بخطه بعد هذه الاجازة: توفي كاتب الاجازة في جمادي الاولى سنة خمس وخمسين وثمانمائة. 17 – إجازة المحقق الشيخ علي الكركي للقاضي صفي الدين عيسى ; (نقلناها من إجازته الكبيرة المذكورة في البحار: 108 / 69 – 81):


[ 640 ]

ومما أرويه بخصوصه كتاب ” نهج البلاغة ” من كلام مولى الثقلين أمير المؤمنين و إمام المتقين وسيد الوصيين أبي الحسن المرتضى علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وآله، جمع السيد الاجل الاوحد السعيد الطاهر رضي الدين أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي قدس الله روحه الطاهرة. وكتاب ” الصحيفة الكاملة ” للامام الهمام السجاد زين العابدين ذي الثفنات علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. 18 – سند الشيخ الجليل محمد بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي ; في إجازته للسيد السند العلامة ظهير الدين ميرزا إبراهيم بن الحسين الحسني الهمداني نقلناه من البحار: 109 / 105: عن والده المحقق المدقق الزاهد العابد الشيخ شهاب الدين أحمد، وجده الفاضل العلامة الفهامة فقيه أهل البيت عليهم السلام الشيخ نعمة الله بن أحمد بن خاتون. عن الامام الاجل الافضل خلاصة المجتهدين وعمدة الفقهاء المحدثين الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي. عن شيخه الفاضل الكامل الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري، عن جماعة من أجلاء الصحابة، منهم: الشيخ الفاضل الزاهد العابد شهاب الدين أحمد بن فهد الحلي. عن الشيخ الجليل المعظم علي بن عبد الحميد النيلي، عن المولى الاجل الاكمل الاعلم الاعمل فقيه أهل البيت عليهم السلام في زمانه، شمس الدين محمد بن مكي السعيد الشهيد. عن السيد تاج الدين الحسن بن معية، عن السيد علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس، عن محمد بن محمد الحمداني القزويني. عن الشيخ الامام الحافظ علي بن عبيدالله بن الحسن المدعو بحسكا. عن الشيخ الامام الجليل ورام بن أبي الفراس المالكي الاشتري قدس الله أرواحهم


[ 641 ]

بحق قراءته لها على الامام الاجل عبد الله بن جعفر بن محمد الدوريستي، عن السيد الامام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني الراوندي، عن مكي بن أحمد المخلطي، عن أبي نصر محمد بن علي بن الحسين بن شجيل بن الصفار. عن أبي الحسن مهلهل بن عبد العزيز بن عبد العزيز بن عبد الله الخوارزمي، عن أبيه، عن أبي جعفر أحمد بن الفياض بن منصور بن زياد البابي، عن علي بن حماد بن العلاء، عن عمير بن المتوكل البلخي. عن أبيه المتوكل بن هارون. عن الامام المعصوم الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. 19 – سند الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ; في البحار: 108 / 133: ما كتبه الشيخ الجليل العالم الاوحد الشيخ زين الدين الشهيد الثاني على الصحيفة التي بخطه: يقول فقير عفو الله تعالى زين الدين بن علي كاتب هذا الكتاب لطف الله تعالى به: إني أرويه عن شيخنا الاجل الشيخ علي بن عبد العالي الميسي العاملي أدام الله تعالى أيامه بحق روايته، عن شيخه الصالح المتقن شمس الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ الصالح ضياء الدين علي أبي القاسم نجل الشيخ الامام الاعلم الاكمل خاتمة المجتهدين، وآية الله في العالمين شمس الدين محمد بن مكي قدس الله تعالى نفسه وطهر رمسه. عن والده المذكور بحق روايته عن عدة من مشايخه، وهم: السيد الامام الاعلم المرتضى ذو المجدين عبد المطلب ابن الاعرج، والشيخ الامام الاعلم فخر الملة والدين محمد ابن الامام الفاضل العلامة (1) زين الدين علي


1 – كذا، والظاهر: والشيخ الامام الاعلم الفاضل العلامة. فالشيخ علي بن أحمد المطار آبادي، هو من مشايخ الشهيد.

[ 642 ]

أبو الحسن بن أحمد بن طرد المطار آبادي، والشيخ الفقيه العلامة رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي، والسيد تاج الدين بن معية جميعا. عن الشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر قدس الله أرواحهم، عن والده. وبالاسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين النسابة، عن صفي الدين بن معد، عن والده، وعن السيد، عن جماعة، منهم: جلال الدين ابن الكوفي، عن نجم الدين بن سعيد ومنهم: علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن محمد، عن والده عبد الحميد جميعا عن فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون المعروف بابن الكآل، عن أبي طالب حمزة بن شهريار بسنده المذكور أولا. وأرويها أيضا بالطريق الاول إلى الشهيد رحمه الله تعالى، عن السيد تاج الدين أبي عبد الله محمد ابن السيد العالم جلال الدين أبي جعفر القاسم بن معية الحسني الديباجي. عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد مجد الدين أبي طالب محمد بن الحسن بن معية. عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن محمد بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. وأرويها أيضا بالطريق الاول إلى الشيخ أبي عبد الله الشهيد، عن السيد تاج الدين المذكور. عن السيد نجم الدين الرضي محمد بن محمد ابن السيد رضي الدين الآوي الحسيني. وعن الشيخ جلال الدين محمد بن محمد بن الكوفي، عن الخواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني، عن السيد أبي الصمصام بسنده، وذلك في سابع شهر شعبان المبارك سنة ثلاثين وتسعمائة وكتب أفقر العباد زين الدين بن علي كان الله له، إنتهى.


[ 643 ]

وقد كان على تلك النسخة من الصحيفة الكاملة السجادية أيضا التي قد كتبها الشهيد الثاني بهذه العبارة: صورة ما على الاصل الذي بخط الشيخ سديد الدين علي بن أحمد الحلي: نقلت هذه الصحيفة من خط علي بن السكون، وتتبع إعرابها عن أقصاه حسب الجهد إلا ما زاغ عنه النظر وحسر عنه البصر، وذلك في شهر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وستمائة. بلغت المقابلة مرة ثانية بخط السعيد محمد بن إدريس (ره) بحسب ما وصل إليه الجهد، ولله الحمد، وذلك في شهر ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وستمائة وكل ما على هامشها من حكاية سين ونسخة خ س فإنه عن ابن إدريس، وكذلك جميع ما يوجد بين السطور وعليه سين فإنه حكاية خطة، وأما ما كان نسخة بلا سين فمنها ما هو بخط ابن السكون، ومنها ما هو بخط ابن إدريس (ره). صورة خط ابن ادريس في مقابلته: بلغ العرض بأصل خير الموجود وبذل فيه الجهد والطاقة إلا ما زاغ عنه النظر وحسر عنه البصر. صورة ما كتبه الشيخ زين الدين أيضا على النسخة التي كانت بخطه من الصحيفة الكاملة، قوبلت هذه النسخة وضبطت من نسخة شيخنا ومولانا السعيد أبي عبد الله الشهيد محمد بن مكي وتتبع ما فيها وعليها من الضبط والنسخ والاعراب إلا مواضع يسيرة تحقق وقوعها سهوا على الخطأ، فضبطناها على الصواب، وهو كتب نسخته من خط الشيخ سديد الدين علي بن أحمد الحلي (ره) والشيخ سديد الدين نقل نسخته من خط ابن السكون وقابلها بنسخة الشيخ محمد بن إدريس وكل ما على هامشها من حكاية سين ونسخة خ سين فإنه عن ابن إدريس وكذلك بين السطور. وأما ما كان من نسخة بلاسين فمنها ما هو بخط ابن السكون، ومنها ما هو بخط ابن إدريس (ره) وذلك مرات متعددة أولها سنة تاريخ الكتاب، والثانية سنة أربع وأربعين، والثالثة سنة أربع وخمسين وتسعمائة. (كذا) وكتبه الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي وفقه الله تعالى


[ 644 ]

لطاعته والدعاء بها وأعطاه ما اشتملت عليه من سؤال الخير ودفع عنه ما سئل فيها دفعه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله حق حمده وصلاته وسلامه على سيد رسله محمد خير خلقه وعلى آله وصحبه حامدا مصليا مسلما. 20 – إجازة الشهيد الثاني لوالد الشيخ البهائي ; نقلناها من البحار: 108 / 149 وص 165: أجزت له حرس الله مجده وكبت عدوه وضده أن يروي ” الصحيفة الكاملة ” عن مولانا سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، عن شيخنا الامام الاعظم بل الوالد المعظم شيخ فضلاء الزمان ومربي العلماء الاعيان الشيخ الجليل الفاضل المحقق العابد الزاهد الورع التقي نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي رفع الله مكانه في جنته، وجمع بينه وبين أحبته، بحق روايته عن شيخه الامام السعيد ابن عم الشهيد شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي نجل الشيخ الجليل السعيد شمس الدين محمد بن مكي، عن والده قدس الله أرواحهم الزكية الطاهرة وجمع بينهم وبين أئمتهم الزاهرة، عن السيد النسابة تاج الدين بن معية، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن الحسن بن معية، عن والده السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن محمد بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بسنده المذكور في أولها. وبطريق آخر، عن السيد تاج الدين بن معية، عن السيد كمال الدين المرتضى محمد بن محمد بن السيد رضي الدين الآوي الحسني، عن الخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسني، عن السيد أبي الصمصام عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.


[ 645 ]

21 – إجازة المولى الفاضل محمد باقر الخراساني (1) لمولانا محمد شفيع (2) قدس سره ; نقلناها من البحار: 110 / 92: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على خير خلقه، وأفضل أنبيائه، محمد وآله الطاهرين. وبعد، فإن الولد العزيز الذكي الزكي الدين مولانا محمد شفيع وفقه الله تعالى لتحصيل ما يقرب إليه وأيده لتكميل ما يزلف لديه، استجاز مني رواية ” الصحيفة الكاملة الشريفة الفاضلة السجادية ” على منشئها الصلاة والسلام، فأجزت له بعد الاستخارة من الله سبحانه أن يروي عني بطرقي المتكثرة إلى راوي الصحيفة الشريفة. فمنها أني أرويها عن السيد الفاضل الدين التقي الزكي الالمعي السيد نور الدين ابن السيد الكامل السيد علي بن حسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي، عن أخيه السيد الفاضل الكامل الاجل السيد محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن، وأخيه من أمه الشيخ الفاضل المحقق المدقق الشيخ حسن ابن الشيخ الكامل المحقق السعيد الشهيد الثاني زين الملة والدين رحمه الله، جميعا، عن جماعة منهم: السيد علي بن الحسين بن أبي الحسن، والشيخ الجليل الفاضل عز الدين حسين بن عبد الصمد الحارثي الجباعي العاملي، عن الشهيد الثاني، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود الشهير بابن المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي ابن الشيخ الاجل الاعظم الاكمل السعيد الشهيد محمد بن مكي بن محمد بن حامد العاملي. وأروي أيضا، عن السيد الفاضل الجليل الامير شرف الدين علي بن حجة الله الحسني الحسيني الشولستاني، والشيخ الجليل الشيخ حسن المشغري العاملي، عن الشيخ


1 – هو المولى محمد باقر بن محمد مؤمن الخراساني السبزواري صاحب الذخيرة والكفاية في الفقه وغيرها توفي في إصفهان في سنة 1090. 2 – هو المولى محمد شفيع بن المولى فرج الجيلاني الرشتي أخي المولى محمد رفيع الدين المجاور لمشهد الرضا عليه السلام المشهور بملا رفيعا، صاحب مقامات منيعة وكرامات باهرة.

[ 646 ]

الفاضل الكامل مولانا ميرزا محمد الاستر ابادي، عن الشيخ الكامل الشيخ إبراهيم ابن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي، عن أبيه المذكور بإسناده المذكور إلى الشهيد (ره). وأرويها أيضا، عن السيد الفاضل الكامل الحسيب النسيب السيد حسين بن حيدر ابن قمر الحسيني العاملي، عن الشيخ الاجل الاعظم الافخم الشيخ بهاء الدين محمد بن الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي، والسيد الصالح التقي السيد حيدر بن علاء الدين علي بن الحسن الحسني الحسيني البيروي (1) جميعا، عن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي بإسناده المذكور. وأرويها أيضا، عن السيد حسين بن حيدر العاملي، عن الشيخ الاجل الافخم الشيخ عبد العالي ابن الشيخ الفاضل الكامل المحقق الفهامة الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي العاملي. وبالاسانيد المتعددة، عن الشيخ أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي، عن الشيخ الجليل التقي علي بن هلال الجزايري، عن الشيخ العابد أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين الدين علي ابن الخازن، عن الشيخ الاعظم السعيد الشهيد محمد بن مكي. ولشيخنا الشهيد رحمه الله طرق متكثرة لرواية الصحيفة الكاملة: منها ما ذكره الشيخ زين الدين رحمه الله أن الشهيد (ره) يروي ” الصحيفة الكاملة ” عن السيد السعيد تاج الدين بن معية، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد محيي الدين محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بسنده المذكور في أولها. ومنها أن الشهيد (ره) يروي عن السيد الاجل شمس الدين محمد بن أبي المعالي،


1 – في البحار ” النيروي “.

[ 647 ]

عن الشيخ كمال الدين علي بن حماد الواسطي، عن الشيخ نجم الدين جعفر بن نما. وهو يروي ” الصحيفة الكاملة بالاجازة عن والده، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي بسماعه بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف أبي الحسن بن العريضي العلوي الحسيني. وبقراءته أيضا على والده جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة، والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي، والشريف أبي الفتح بن الجعفرية، والشيخ سالم بن قبارويه، جميعا، عن السيد بهاء الشرف بسنده المذكور هناك. فليرو الاخ العزيز أيده الله تعالى مراعيا للاحتياط التام والتقوى، ولا ينساني من الدعاء في مظان الاجابات، وكتب العبد الضعيف محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري الشريف في شهر محرم الحرام من شهور سنة 1085. 22 – إجازة الامير ماجد بن الامير جمال الدين محمد الحسيني الدشتكي. للمولى محمد شفيع قدس سره ; في البحار: 110 / 95: بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله الذي شرح بصحيفة الدعاء الكامل صدور العباد، ونور بها قلوبهم تنويرا، وجعلها حلية النساك وزين العباد، وفجر لهم ينابيع الرحمة من خلالها تفجيرا. والصلاة على سفيره وأمينه محمد شفيع الامة، وكاشف الغمة، المرسل شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وأهل بيته الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأعد لهم من جنة الخلد وحظيرة القدس نعيما وملكا كبيرا. وبعد فإن ” الصحيفة الكاملة ” المعروفة من بين صحف الاسلام بإنجيل أهل البيت، وزبور آل محمد عليهم السلام المنسوبة إلى الامام المؤيد بالعصمة المعد لاعلاء


[ 648 ]

معالم الحكم والحكمة حجة الله على العباد، وآيته الهادية إلى نهج الرشاد، والبازغ أنوار التهجد والعبادة من ثفناته، النابع آثار التنسك والزهادة في حركاته وسكناته، قدوة الراكعين الساجدين علي بن الحسين زين العابدين عليه من الصلاة أشرفها وأزكاها، ومن التسليمات أفضلها وأسناها. كنز مدخور بغرر الدعوات وزواهرها، وبحر مسجور من درر الاذكار وجواهرها، مفتاح لابواب الخير والفلاح، مصباح يهتدى بنورها إلى طرق الفوز والنجاح، تستجمع بها شوارد المواهب والنعم، وتستدفع بها شدائد النوائب والنقم، يزداد بها الداعي زلفى عند الله سبحانه وكرامة، وينال بها في الاولى والاخرة مطلبه ومرامه. وقد اشتهر اتصالها بمنشئها الذي هو منشئ الفصاحة ومظهرها، ومورد البلاغة ومصدرها، ومجمع الولاية ومخزنها، ومنبع الهداية ومعدنها، اشتهارا أغناها عن مد سلاسل العنعنة والاسناد، وأخرجها إلى حد التواتر عن حيز الآحاد، غير أنه ربما يركن إلى طلب الاجازة في الرواية، ويعطف إلى طرق التحمل أعنة العناية، تبركا بما جرت عليه سنن السلف الاخيار، وتأسيا بما صرفت إليه وجوه الهمم من جهابذة الاخيار. وقد سألني المولى الحميد السديد الممد بمزايا التأييد والتسديد، المتحلي بمحامد الشيم والخلايق، المتحري لمحاسن السنن والطرائق، المطرز أردية الفضائل والآداب، المبرز في ضروب الكمال على الامثال والاضراب، الساعي فيما يوجب النعيم الدائم في المحل الاعلى الرفيع، المولى الاعز الاكرم محمد شفيع، وفقه الله تعالى لسلوك مناهج السداد، وأعانه على اقتناء ذخائر الاجر ليوم المعاد، أن أجيز له روايتها. فأجبت سؤله، وأجزت له أن يرويها عني بطرقي التي لي إلى الامام عليه السلام وهي متشعبة الفنون والضروب، متكثرة الاقسام والشعوب، يطول بذكرها الكتاب، ويقصر عن حصرها المقام، فذكرنا منها طريقا طريقا تتشوق إلى ذكره النفوس، وتتضوع بنشره الصحائف والطروس، فأقول: إني أرويها عن والدي السيد السند العلامة الثقة الحجة الفهامة الجامع بين


[ 649 ]

الحكمتين، جمال الدين محمد بن عبد الحسين الحسيني الدشتكي، عن عمه السيد معز الدين محمد ابن السيد الفاضل المحقق المدقق نظام الدين أحمد صاحب التصنيفات الفائقة والتعليقات الرائقة، عن أبيه السيد نظام الدين أحمد المذكور، عن أبيه معز الدين إبراهيم، عن أبيه سلام الله، عن أبيه عماد الدين مسعود، عن أبيه صدر الدين محمد، عن أبيه غياث الدين منصور، عن أبيه صدر الدين محمد، عن أبيه إبراهيم، عن أبيه محمد، عن أبيه إسحاق، عن أبيه علي، عن أبيه عربشاه، عن أبيه أمير أنبه، عن أبيه أميري، عن أبيه الحسن، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي، عن أبيه زيد، عن أبيه علي، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه جعفر، عن أبيه أحمد، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه زيد، عن أبيه الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه وعلى آبائه التحية والسلام. فليروها المولى المشار إليه عني مراعيا لطريق الاحتياط الذي يأمن سالكه عن الوقوع في ورطة الالتباس والاختباط، والمرجو منه أن يذكر هذه المسئ بالدعاء الصالح في تضاعيف أذكاره ويجريه على صفحات باله في عشيه وإبكاره. نسأل الله سبحانه أن يملا من الحسنات صحيفة أعمالنا، ويقصر على اقتناء ذخاير العلم والعمل عامة قصودنا وآمالنا، ويثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،


1 – نقلها أيضا في رياض ويشفع فينا النبي وآله وعترته الطاهرة، إنه مجيب الدعاء وسامعه، وقابل العمل الصالح ورافعه. وكتب بيده الجانية العبد المعترف بعثرته، ماجد بن محمد الحسيني عفى الله تعالى عنهما بغرة شعبان المعظم 1087. 23 – سند العلامة محمد تقي المجلسي، في البحار: 110 / 43: قال المجلسي صاحب البحار: رواية والدي العلامة الصحيفة الكاملة السجادية مناولة عن القائم عليه السلام في الرؤيا، وفيها روايته أيضا عن بعض مشايخه قدس الله

[ 650 ]

أرواحهم الشريفة. بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد الخلائق أجمعين، محمد وعترته الاقدسين. وبعد فيقول أفقر عباد الله الغني محمد تقي بن مجلسي الاصفهاني عفي عنهما بالنبي وآله: إني أروي الصحيفة الكاملة عن مولانا ومولى الانام سيد الساجدين علي بن الحسين زين العابدين مناولة عن صاحب الزمان، وخليفة الرحمن الحجة بن الحسن (ع) بين النوم واليقظة. ورأيت كأني في الجامع العتيق بإصبهان والمهدي صلوات الله عليه قائم وسألته عن مسائل أشكلت علي فأجاب عنها، ثم سألت منه (ع) كتابا أعمل عليه، فأحالني بذلك الكتاب إلى رجل صالح، فلما أخذت منه [ ذلك الكتاب ] كان الصحيفة! وببركة هذه الرؤيا انتشرت الصحيفة في الآفاق، بعد ما كانت مطموسة الاثر في هذه البلاد. وأيضا أرويها عن الشيخ الاعظم، والوالد المعظم، مولانا عبد الله، عن الشيخ نعمة الله، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي. وعن شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ بهاء الدين محمد العاملي، عن أبيه الشيخ حسين ابن عبد الصمد، عن الشيخ زين الدين، عن الشيخ علي بن عبد العالي. وعن الشيخ بهاء الدين عن الشيخ عبد العالي، عن الشيخ علي. وعن الشيخ أبي الشرف وغيره، عن جدي مولانا درويش محمد، [ عن الشيخ علي ] (1) عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن الشيخ شهيد محمد بن مكي. وعن زالشيخ علي، عن الشيخ علي بن هلال، عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد، عن الشيخ علي ابن الخازن، عن الشهيد، عن الشيخ فخر الدين، والسيد عميد الدين، والسيد تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحسني، عن الشيخ جمال الدين العلامة. عن أبيه الشيخ سديد الدين والشيخ أبي القاسم والخواجة نصير الدين الطوسي.


1 – أضفناها من مصورة الاجازة المخطوطة، وهو الصحيح.

[ 651 ]

والسيد رضي الدين علي بن طاووس، والسيد جمال الدين أحمد بن طاووس الحسني. عن العلامة محمد بن جعفر بن نما، والسيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي، والسيد عبد الله بن زهرة، عن ابن إدريس وعميد الرؤساء هبة الله بن أحمد بن أيوب، وعلي بن السكون، عن السيد الاجل إلى آخر سند الصحيفة الكاملة. 24 – سند العلامة محمد تقي المجلسي، في البحار: 110 / 45: قال المجلسي صاحب البحار: رواية الوالد العلامة كتاب الصحيفة الكاملة السجادية عن مشايخه رضوان الله عليهم أيضا: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد الانبياء والمرسلين، محمد وعترته الطاهرين. وبعد، فيقول أحوج المربوبين إلى رحمة ربه الغني، محمد تقي بن مجلسي عفا الله عنهما بالنبي وآله: إني أروي زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت الصحيفة الكاملة: أولا عن مولانا صاحب الزمان، وحجة الرحمن مناولة في الرؤيا الصحيحة الطويلة التي ظهرت آثارها. وثانيا عن جماعة من الفضلاء منهم: مولانا الاعظم بل الوالد المعظم شيخ الطائفة في زمانه الشريف، عبد الله بن الحسين التستري، عن الشيخ الاجل نعمة الله ابن الشيخ الاعظم أحمد بن خاتون العاملي، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي رضي الله تعالى عنهم. ح وعن الشيخ المعظم شيخ الاسلام والمسلمين بهاء الدين محمد العاملي، عن أبيه العلامة الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني، عن شيخ علماء الزمان زين الدين الشهيد الثاني، عن مروج المذهب الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي قدس الله أرواحهم. وعن الشيخ بهاء الدين محمد، عن الشيخ الاعظم عبد العالي، عن الشيخ علي، وعن


[ 652 ]

الشيخ المعظم أبي الشرف وغيره، عن شيخ الفقهاء والمحدثين في زمانه الشريف ومولانا درويش محمد جدي، عن الشيخ علي بن عبد العالي (1) عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود ابن عم الشهيد، عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد الاول (2) محمد بن مكي العاملي، عن الشهيد. ح وعن الشيخ علي بن عبد العالي، عن الشيخ نور الدين علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ جمال الدين وزين العارفين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ علي بن الخازن، عن الشهيد نور الله أرواحهم. وعن الشيخ علي، عن الشيخ أحمد بن داود (3) عن الشيخ أبي القاسم علي بن طي، عن الشيخ شمس الدين العريضي، عن السيد حسن بن أيوب، عن الشهيد قدس سرهم، عن الشيخ فخر الدين محمد ابن العلامة، والسيد تاج الدين محمد بن القاسم بن معية، والسيد عميد الدين عبد المطلب ابن الاعرج. عن الشيخ العلامة جمال الدين الحسن ابن الشيخ المعظم سديد الدين يوسف ابن المطهر، وغيره من الفضلاء، عن أبيه الشيخ سديد الدين، وشيخ الطائفة أبي القاسم جعفر بن سعيد، وشيخ الطائفة في العلوم العقلية والنقلية الخواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، والسيدين الاجلين البدلين: رضي الدين علي بن طاووس وجمال الدين أحمد بن طاووس وغيرهم من الفضلاء. عن شيخ علماء الوقت محمد بن جعفر بن نما، والسيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي، والسيد العلامة عبد الله بن زهرة الحلبي، عن محمد بن إدريس الحلي بإسناده إلى آخره.


1 – يحتمل هنا أن يكون ” الكركي ” أو ” الميسي ” فقد روى درويش محمد عن الكركي، وروى الميسي عن ابن عم الشهيد، ولم تذكر رواية الكركي عن ابن عم الشهيد، كما لم تذكر رواية درويش عن الميسي. راجع رياض العلماء: 5 / 175، وج 2 / 271. 2 – في الاصل ” الثاني “، وهو اشتباه. 3 – المراد به ظاهرا ابن عم الشهيد المتقدم ذكره.

[ 653 ]

وعن عميد الرؤساء هبة الله بن أحمد بن أيوب، وعلي بن السكون، عن السيد الاجل إلخ. وعن ابن إدريس، وعميد الرؤساء، عن الشيخ العماد أبي القاسم محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ الاجل أبي علي الحسن، وبلا واسطة عنه أيضا، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي إلخ. وبالاسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين محمد بن معية، عن أبيه القاسم، عن خاله جعفر بن محمد بن معية، عن أبيه السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ الطوسي. وعن السيد تاج الدين، عن السيد كمال الدين الرضي محمد بن محمد الآوي (1)، عن الامام الوزير نصير الدين الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسيني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. وعن الشهيد، عن رضي الدين علي ابن المزيدي، عن الشيخ جمال الدين محمد بن صالح، عن السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل. وعن رضي الدين، عن (الشيخ شمس الدين محمد بن صالح، عن الشيخ نجم الدين طمآن بن أحمد العاملي) (2) عن السيد فخار وابن نما، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل.


1 – المراد به ظاهرا ” الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن زيد الداعي ” من مشايخ تاج الدين بن معية والراوي عن الخواجه نصير الطوسي، كما ذكره في الحقائق الراهنة: 49، وأضاف: ولكن في البحار في إجازته لشمس الدين محمد بن أحمد جاء ذكره بعنوان ” كمال الدين الرضي بن محمد بن محمد ” فلاحظ. 2 – كذا، والصواب رواية ” الشيخ نجم الدين طمآن بن أحمد بن العاملي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن صالح القسيني ” إذ أن الاخير أجيز في صغره من قبل فخار بن معد سنة 630، وهي سنة وفاة المجيز. ونقل صاحب المعالم في الاجازة الكبيرة أن وفاة طمآن كانت بطيبة حدود سنة 728، كما نقل أيضا أكثر فوائد إجازة القسيني لطمآن، فلاحظ. راجع الانوار الساطعة: 148، والحقائق الراهنة: 102.

[ 654 ]

” إلى غير ذلك من الطرق الكثيرة التي تزيد على الآلاف والالوف، وإن كان ما ذكرته مع وجازته يرتقي إلى ستمائة طريق عالية، والحمد لله حق حمده وصلواته على المصطفين المجتبين المرتضين محمد وآله “. 25 – سند العلامة محمد تقي المجلسي ; بضميمة سند للشهيد الثاني، وإجازة لولده المجلسي الثاني: في البحار: 110 / 48: قال المجلسي صاحب البحار: رواية أخرى للوالد العلامة للصحيفة الكاملة عن مشايخه رضوان الله عليهم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على أشرف الانبياء والمرسلين، محمد وعترته الطيبين الطاهرين. وبعد، فيقول الفقير إلى الله الغني محمد تقي بن مجلسي الاصفهاني: أخبرني بالصحيفة الكاملة زبور آل محمد صلى الله عليه وآله وإنجيل أهل البيت (ع) شيخنا الاعظم والوالد المعظم بهاء الدين محمد العاملي، عن أبيه شيخ الاسلام والمسلمين الحسين ابن عبد الصمد، عن الشهيد الثاني. يقول فقير عفو الله تعالى زين الدين بن علي كاتب هذا الكتاب لطف الله تعالى به: أرويه عن شيخنا الاجل الشيخ علي بن عبد العالي الميسي العاملي أدام الله تعالى أيامه، بحق روايته، عن شيخه الصالح المتقن شمس الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ الصالح ضياء الدين علي أبي القاسم نجل الشيخ الامام الاعلم الاكمل خاتمة المجتهدين وآية الله في العالمين شمس الدين محمد بن مكي قدس الله تعالى نفسه وطهر رمسه، عن والده المذكور، بحق روايته، عن عدة من مشايخه، وهم: السيد الامام الاعظم المرتضى وهو السيد عميد الدين ذو المجدين، وعبد المطلب ابن الاعرج، والشيخ الامام الاعلم فخر الملة والدين محمد ابن الامام الفاضل العلامة جمال


[ 655 ]

الدين حسن بن يوسف بن علي بن المطهر، ومنهم الشيخ الامام العلامة زين الدين علي أبو الحسن بن أحمد بن طراد المطار آبادي، والشيخ الفقيه العلامة رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي، والسيد تاج الدين بن معية، جميعا، عن الشيخ أبي منصور الحسن ابن يوسف بن المطهر قدس الله أرواحهم، عن والده. وبالاسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين النسابة، عن صفي الدين بن معد، عن والده، وعن السيد، عن جماعة منهم: جلال الدين ابن الكوفي، عن نجم الدين بن سعيد، ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن محمد (1) عن والده عبد الحميد، جميعا، عن فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون المعروف بابن الكآل، عن أبي طالب حمزة بن شهريار بسنده المذكور أولا. وأرويها أيضا بالطريق الاول إلى الشهيد، عن السيد تاج الدين أبي عبد الله محمد بن السيد العالم جلال الدين أبي جعفر القاسم بن معية الحسني الديباجي، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد مجد الدين أبي طالب محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي ابن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. وأرويها أيضا بالطريق الاول إلى الشيخ أبي عبد الله الشهيد، عن السيد تاج الدين المذكور، عن السيد نجم الدين الرضي محمد بن محمد بن السيد رضي الدين الآوي الحسيني. وعن الشيخ جلال الدين محمد بن محمد الكوفي، عن الخواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني، عن السيد أبي الصمصام بسنده. وذلك في سابع شهر شعبان المبارك سنة ثلاثين وتسعمائة، وكتب أفقر العباد


1 – ” فخار ” ظاهرا، ومحمد هو جدهم الاعلى، راجع رياض العلماء: 4 / 91.

[ 656 ]

زين الدين بن علي الشهير بابن الحجة كان الله له. وقد نمقت هذه الاجازة من خط الشهيد الثاني إلا خمس أسطر من أولها تقريبا، فإنها كانت من خط الوالد العلامة مولانا محمد تقي رضي الله عنهما. ما كان مكتوبا بعد هذه الاجازة الشهيدية الثانوية بخط الوالد العلامة مولانا المبرور المرحوم مولانا محمد تقي المتقدم ذكره آنفا سلام الله عليه. أجزت للولد الاعز أن يروي عني الصحيفة بهذا الاسناد عن إمام الساجدين وزين العابدين والعارفين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، مع الاسناد الذي بلا واسطة عن صاحب الزمان وخليفة الرحمن صلوات الله وسلامه عليه الذي وقع في الرؤيا مع سائر الاسانيد التي تزيد على ألف ألف سند، إلى آخر ما ذكره رفع الله له ذكره. 26 – سند العلامة محمد تقي المجلسي، في البحار: 110 / 51: قال المجلسي صاحب البحار: رواية أخرى للوالد العلامة للصحيفة الكاملة السجادية عن مشايخه رضوان الله عليهم وهي بخط الوالد العلامة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على أشرف الانبياء والمرسلين، محمد وعترته الطاهرين. وبعد، فيقول أحوج المربوبين إلى رحمة ربه الغني محمد تقي بن مجلسي العاملي الاصفهاني: إني أروي الصحيفة الكاملة إنجيل أهل البيت عليهم السلام وزبور آل محمد صلى الله عليه وآله والدعاء الكامل، عن الشيخ الاجل الاعظم بهاء الدين محمد عن أبيه شيخ الاسلام والمسلمين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني، عن شيخ علماء المحققين زين الدين بن علي الشهير بابن الحجة عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي. ح وأرويها عن أعظم العلماء الراسخين مولانا عبد الله بن الحسين التستري، عن الشيخ الاجل نعمة الله بن خاتون، عن الشيخ نور الدين.


[ 657 ]

ح وعن الشيخ بهاء الدين، عن الشيخ العلامة عبد العالي، عن أبيه الشيخ نور الدين علي. ح وعن جماعة من أصحابنا منهم القاضي أبو الشرف، عن جدي رئيس العلماء مولانا درويش محمد ابن العارف الرباني الشيخ حسن النطنزي العاملي. وعن الشيخ الاجل جابر بن عبد الله وغيره، جميعا، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ الاجل نور الدين علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ جمال العارفين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن، عن رئيس علمائنا المتأخرين الشهيد السعيد محمد بن مكي. ح وعن الشيخ نور الدين، عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود ابن عم الشهيد الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ ضياء الدين علي والشيخ فخر الدين أبي طالب، عن أبيهما الشهيد. ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ عز الدين المعروف بابن العشرة، عن ابن فهد، عن الشيخ علي ابن الخازن، عن الشهيد. ح وعن ابن المؤذن، عن السيد علي بن دقماق، عن الشيخ محمد بن شجاع القطان، عن الشيخ مقداد، عن الشهيد. ح وعن ابن العشرة، عن الشيخ محمد بن نجدة الشهير بابن عبد العالي، عن الشهيد، عن الشيخ فخر الدين محمد ابن العلامة، والسيد الاعظم عميد الدين عبد المطلب، والسيد العلامة تاج الدين محمد بن القاسم بن معية، والسيد الاجل أحمد بن إبراهيم بن زهرة الحلبي، والسيد الكبير مهنا بن سنان المدني، والشيخ العلامة مولانا قطب الدين محمد الرازي، والشيخ الافضل علي بن أحمد بن يحيى المزيدي، والشيخ الاكمل علي بن طراد. عن الشيخ الاجل الاعظم العلامة الحسن ابن الشيخ الاعظم سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي، عن أبيه، وعن شيخ علمائنا المحقيين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي،


[ 658 ]

وعن السيدين الاعظمين البدلين: رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاووس الحسني، وعن الوزير السعيد علامة العلماء نصير الملة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، والشيخ مفيد الدين محمد بن جهيم جميعا، عن السيد العلامة فخار بن معد الموسوي، وابن نما الحلي، عن عميد الرؤساء هبة الله بن حامد، عن السيد الاجل بهاء الشرف إلى آخر السند المذكور في المتن. وعن فخار، وابن نما، عن ابن إدريس إلى آخر ما في الحاشية، (حدثنا الشيخ الاجل أبو علي، عن أبيه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي) والمشهور في الاسانيد رواية محمد ابن إدريس، عن أبي علي بواسطة أو واسطتين، فيمكن أن يكون سماع الصحيفة في صغر السن وباقي الروايات في كبر السن كما هو المتعارف الآن أيضا. ح وعن الشهيد عن المزيدي، عن الشيخ محمد بن صالح، عن السيد فخار، وعن محمد بن صالح، عن محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي، عن ابن إدريس. ح وعن الشهيد محمد بن مكي، عن أبيه، عن الشيخ العلامة نجم الدين طمآن، عن محمد بن صالح، عن السيد فخار وابن نما، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل، وعنهما، عن ابن إدريس. ح وعن السيد فخار، وابن نما، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن السيد الاجل سماعا بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف. وقال محمد بن جعفر: وقرأته أيضا على والدي جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة، والشريف أبي الفتح ابن الجعفرية، والشريف أبي القاسم ابن الزكي العلوي، والشيخ سالم بن قبارويه جميعا، عن السيد بهاء الشرف. ح وبالاسناد عن المحقق، عن ابن نما، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف. ح وعن الشهيد، عن السيد تاج الدين بن معية، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله


[ 659 ]

تاج الدين جعفر بن معية، عن أبيه السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. ح وعن السيد تاج الدين بن معية، عن السيد كمال الدين محمد الآوي الحسيني، عن الخواجه نصير الملة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله. عن السيد أبي الصمصام، عن شيخ الطائفة. وعن السيد تاج الدين، عن السيد نجم الدين الرضي، وعن الشيخ جلال الدين محمد ابن محمد الكوفي، عن نصير الدين الطوسي إلى آخر السند السابق. ح وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين، وعن جلال الدين، عن المحقق، وعن علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد، عن أبيه، عن فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون، عن أبي طالب حمزة بن شهريار، عن السيد الاجل. وبدون توسط الشهيد رحمه الله، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد الصهيوني، عن الشيخ جمال الدين أحمد المعروف بابن الحاج علي، عن الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام، عن السيد حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الاعرج الحسيني، عن السيدين الفقيهين: ضياء الدين عبد الله، وعميد الدين عبد المطلب ابني الاعرج، وعن الشيخ فخر الدين محمد بن العلامة، جميعا، عن العلامة جمال الدين بن المطهر. ح وبالاسناد عن الشيخ نور الدين علي، عن ابن المؤذن، عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد، وعن ابن المؤذن، عن الشيخ عز الدين حسن بن العشرة، عن الشيخ أبي طالب محمد ابن الشهيد وابني الشهيد، عن السيد تاج الدين بالاجازة لهما عند الاجازة للشهيد (ره). وعن ابن المؤذن، عن ابن العشرة، عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ [ علي بن محمد بن ] عبد الحميد النيلي، عن السيدين ضياء الدين وعميد الدين ابني الاعرج، والشيخ فخر الدين بن المطهر، جميعا، عن العلامة بطرقه.


[ 660 ]

ح وعن الشيخ نور الدين على الميسي، عن الشيخ محمد الصهيوني، عن الحسن بن العشرة، عن الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد، عن الشيخ فخر الدين، عن العلامة. ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ زين الدين علي بن طي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله العريضي، عن السيد بدر الدين حسن بن نجم الدين، عن السيدين ضياء الدين وعميد الدين والشيخ فخر الدين جميعا، عن العلامة، عن أبيه الشيخ سديد الدين يوسف والشيخ نجم الدين المحقق، والسيدين الاعظمين: علي وأحمد ابني طاووس، عن السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل وعن ابن إدريس عن أبي علي بسنديهما المذكورين في المتن والحاشية. ح وبالاسانيد السابقة وغيرها مما لا يحصى بواسطة الشهيد وبغيرها، عن السيد تاج الدين. عن جم غفير من علمائنا الذين كانوا في عصره. فمنهم: العلامة الشيخ جمال الدين الحسن بن المطهر قدس الله روحه، والشيخ السعيد صفي الدين محمد بن سعيد، والشيخ الاجل نجم الدين عبد الله بن حملات، والسيد الاجل يوسف بن ناصر بن الحسيني، والسيد الجليل السعيد جلال الدين جعفر بن علي، والسيد علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي، والسيد رضي الدين علي ابن السيد الاعظم غياث الدين عبد الكريم ابن السيد الاعظم أحمد بن موسى بن طاووس الحسني. وعن أبيه السعيد القاسم بن معية، والقاضي تاج الدين محمد بن محفوظ بن وشاح، والسيد السعيد صفي الدين محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي، والسيد السعيد صفي الدين محمد بن محمد الموسوي، والعدل الامين جلال الدين محمد بن شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي، والسيد كمال الدين الرضي الحسن بن محمد بن محمد الآوي الحسيني، والشيخ الامين زين الدين جعفر بن علي الحلي، والشيخ الاجل ناصر الدين


[ 661 ]

عبد المطلب ابن پادشاه الحسيني، والشيخ الزاهد كمال الدين علي بن الحسين بن حماد الواسطي، والسيد فخر الدين أحمد بن علي بن عرفة الحسني، والسيد مجد الدين أبي الفوارس محمد ابن الاعرج، والسيد ضياء الدين عبد الله ابن الاعرج الحسيني، والشيخ شمس الدين محمد ابن الغزالي، والسيد الاعظم الاجل عميد الدين عبد المطلب، والشيخ فخر الدين، والشيخ نصير الدين علي بن محمد القاشي، والشيخ الفقيه ظهير الدين محمد بن محمد بن مطهر، والشيخ رضي الدين علي المزيدي، والشيخ علي بن طراد، جميعا عن العلامة. وكل واحد منهم عن غيره من المشايخ المتكثرة، وبعضهم عن مشايخ العلامة أيضا. والكل عن الشيخ الفقيه تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي صاحب كتاب الرجال، عن الشيخ الاجل الاعظم المحقق، والشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ سديد الدين يوسف والسيدين ابني طاووس، والوزير السعيد سلطان العلماء المحققين الخواجه نصير الملة والدين برواية العلامة عنه. وعن الشيخ مفيد الدين بن جهيم، وابن داود، عن السيد غياث الدين عبد الكريم، عن الخواجه نصير الدين. وعن السيد تاج الدين، عن الشيخ فخر الدين، عن عمه رضي الدين علي بن يوسف ابن المطهر. وعن السيد عميد الدين، عن والده السعيد مجد الدين أبي الفوارس، وخاله الشيخ رضي الدين بن مطهر، عن والده الشيخ سديد الدين يوسف، والشيخ نجم الدين بن سعيد، وعن الشيخ كمال الدين حماد، عن (1) الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ نجم الدين جعفر بن نما، والشيخ العلامة كمال الدين ميثم بن علي البحراني شارح


1 – كذا استظهرها لرواية كمال الدين علي بن حماد عن المذكورين بعده في هذه الاجازة، كما أن ابن معية عده من مشايخه في إجازته للشهيد. وفي الاصل (و). راجع: رياض العلماء: 4 / 72، والحقائق الراهنة: 138.

[ 662 ]

نهج البلاغة، والشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح، والشيخ شمس الدين محمد بن صالح القسيني، جميعا عن السيد فخار، وابن نما، وغيرهم، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل، وعن السيد فخار، عن ابن إدريس. وعن الشهيد، عن الشيخ جلال الدين محمد بن الكوفي، عن المحقق بغير واسطة. ح وعن الشهيد عن الشيخ جلال الدين [ الحسن بن أحمد بن محمد ] بن نما، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد. ح وعن الشهيد، عن علي المزيدي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن صالح، عن السيد فخار، وهذا أعلى الاسانيد. وكذلك يروي الشهيد عن المزيدي، عن محمد بن صالح، عن نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما والسيد فخار وجماعة كثيرة، عن محمد بن إدريس الحلي. وعن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل، وابن إدريس، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي. وعن الشيخ نجيب الدين بن نما، عن الشيخ محمد بن جعفر، عن السيد الاجل. وعن السيد فخار، عن الشيخ أبي الحسين يحيى بن البطريق، وعن الشيخ الاعظم عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب، وعن الشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، وعن الشيخ الاجل رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني جميعا عن الحسين بن رطبة، عن الشيخ أبي علي، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي. ح وعن العلامة، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، عن السيد محيي الدين محمد بن عبد الله ابن زهرة، عن الشيخ سديد الدين شاذان بن جبرئيل وابن إدريس وابن شهر آشوب، وعن عربي بن مسافر، عن السيد الاجل. ح وعن ابن مسافر، عن الشيخ إلياس الحائري، عن الشيخ أبي علي، عن والده شيخ الطائفة.


[ 663 ]

ح وعن العلامة، عن السيدين الاجلين علي وأحمد ابني طاووس وأبيه الشيخ سديد الدين والشيخ الاعظم الخواجة نصير الدين، عن السيد صفي الدين بن معد، عن الشيخ الاجل الفقيه برهان الدين محمد القزويني، عن الشيخ منتجب الدين المدعو حسكا ابن بابويه بأسانيده المذكورة في فهرسته المشهور، عن شيخ الطائفة وغيره من العلماء الاخيار. ح وعن العلامة، عن الخواجة، عن الشيخ برهان الدين، عن الشيخ منتجب الدين. وعن العلامة، عن أبيه، عن السيد أحمد بن يوسف العريضي، عن الشيخ برهان الدين، عن الشيخ منتجب الدين، وعن الشيخ برهان الدين، عن العلامة أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي مصنف مجمع البيان والشيخ سديد الدين الحمصي والسيد الاجل فضل الله بن علي الراوندي جميعا، عن السيد الاعظم عماد الدين أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن النجاشي بفهرسته وعن شيخ الطائفة بفهرسته. ح وعن الشهيد، عن الفقيه جلال الدين الحسن (1) بن أحمد بن الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه [ عن أبيه ] (2) عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن طحال المقدادي، عن الشيخ أبي علي، عن شيخ الطائفة. ح وعن السيد تاج الدين عن السيد المرتضى علي بن السيد جلال الدين عبد الحميد ابن فخار الموسوي، عن أبيه، عن جده فخار، عن شاذان بن جبرئيل، عن العماد الطبري، عن أبي علي [ عن ] والده. ح وعن الشهيد، عن الشيخين رضي الدين علي المزيدي وزين الدين علي بن طراد، عن تقي الدين الحسن بن داود، عن الشيخ المحقق نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن أبيه، يحيى الاكبر، عن الشيخ عربي بن مسافر عن السيد الاجل، وعن الشيخ إلياس الحائري، عن الشيخ أبي علي، عن والده، وعن


1 – وفي الاصل ” بن الحسن ” وهو اشتباه. 2 أضفناها للزومها.

[ 664 ]

العلامة، عن الشيخ يحيى السوراوي، عن الفقيه الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن الطوسي. ح وعن العلامة، عن ابني طاووس، عن السيد الاجل، محمد بن عبد الله ابن زهرة عن الشيخ يحيى بن البطريق، عن الفقيه عماد الدين، عن أبي علي، عن والده. ح وعن الشهيد، عن المزيدي، عن محمد بن [ أحمد بن ] صالح، عن أبيه أحمد بن صالح، عن الفقيه قوام الدين محمد البحراني، عن السيد فضل الله الراوندي، عن مشايخه منهم السيد ذو الفقار، عن شيخ الطائفة. وعنه عن أبيه، عن الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني، عن القاضي جمال الدين علي ابن عبد الجبار الطوسي، عن أبيه، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. ح وعن محمد بن صالح، عن محمد بن أبي البركات الصنعاني، وعن علي بن ثابت السوراوي جميعا، عن عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف. وعن الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن أبيه. وعن محمد بن صالح، عن السيد رضي الدين محمد الآوي، عن أبيه محمد، عن جده زيد، عن جد أبيه الداعي، عن أبي جعفر الطوسي. ح وعن السيد تاج الدين، عن السيد غياث الدين، عن أبيه وعمه ابني طاووس، عن ابن زهرة، عن رشيد الدين ابن شهر آشوب، عن جده شهر آشوب، عن الطوسي. ح وعن السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس، عن علامة العلماء الخواجة نصير الدين الطوسي، عن أبيه محمد بن الحسن، عن السيد فضل الله الراوندي، عن السيد ذي الفقار، عن الطوسي. وعن السيد غياث الدين، عن السيد رضي الدين علي بن طاووس، عن الشيخ حسين ابن أحمد السوراوي، عن محمد بن أبي القاسم الطبري، عن أبي علي، عن والده. ح وعنه عن علي بن يحيى الخياط، عن عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن أبيه، إلى غير ذلك مما لا يحصى.


[ 665 ]

وبجميع الاسانيد، عن شيخ الطائفة، عن الحسين بن عبيدالله الغضائري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الشريف الحسيني، إلخ. ح وعن شيخ الطائفة، عن جماعة من مشايخه، عن التلعكبري، عن أبي محمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن متوكل، عن أبيه عن يحيى بن زيد، إلخ. وعن الشيخ، عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن أخي طاهر أبي محمد، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، إلخ. وبالاسانيد السابقة، عن أبي الصمصام ذي الفقار، عن أحمد بن العباس النجاشي، عن الحسين بن عبيدالله الغضائري، إلخ وبالاسانيد المتواترة عن هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن العباس الصيرفي المعروف بابن الطيالسي يكنى أبا يعقوب روى الصحيفة الكاملة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بإسناده إلى يحيى بن زيد. ” والذي رأيت من أسانيد الصحيفة بغير هذه الاسانيد فهي أكثر من أن تحصى، ولا شك لنا في أنها من سيد الساجدين. أما من جهة الاسناد فإنها كالقرآن المجيد وهي متواترة من طرق الزيدية أيضا. وأما من حيث العبارة فهي أظهر من أن يذكر، فهو. في نهاية الفصاحة. وأما من جهة الاحاطة بالعلوم الالهية فهو أيضا ظاهر لمن كان له أدنى معرفة بالعلوم “. والعمدة في ذلك أني كنت في أوائل البلوغ أو قبله طالبا للقرب إلى الله بالتضرع والابتهال، فرأيت في الرؤيا صاحب الزمان وخليفة الرحمن صلوات الله عليه وسألته عن مسائل أشكلت علي، ثم قلت: يابن رسول الله ما يتيسر لي ملازمتكم دائما أريد أن تعطيني كتابا أعمل عليه (1) فأعطاني صحيفة عتيقة.


1 – وقد كان كتب بخط يده (قدس سره) ما يلي ثم ضرب عليه: =

[ 666 ]

فلما انتبهت وجدت تلك الصحيفة في كتب وقف المرحوم المبرور آقا غدير، فأخذتها وقرأتها على الشيخ بهاء الدين محمد، وكتبت صحيفتي من تلك الصحيفة وقابلتها مرارا مع النسخة التي كتبها الشيخ شمس الدين محمد صاحب الكرامات جد أبي شيخنا بهاء الدين محمد. وقال: كتبت تلك الصحيفة من نسخة بخط الشهيد رضي الله عنه. وقال: كتبتها من نسخة بخط السديدي (ره). وقال: كتبتها من نسخة بخط علي بن السكون وقابلتها مع النسخة التي كانت بخط عميد الرؤساء ومع النسخة التي كانت بخط ابن إدريس. وببركة مناولة صاحب الزمان صلوات الله عليه انتشرت نسخة الصحيفة في جميع بلاد الاسلام، سيما إصفهان، فإنه شذ بيت لا تكون الصحيفة فيه متعددة، وهذا الانتشار صار برهان صحة الرؤيا، والحمد لله رب العالمين على هذه النعمة الجليلة. والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وعترته المعصومين سلام الله تعالى عليهم أجمعين. وترتقي الاسانيد المذكورة هنا إلى ستة وخمسين ألف إسنادا ومائة إسناد. 27 سند العلامة محمد تقي المجلسي ; في البحار: 110 / 63:


= ” فقال عليه السلام: بعثت إليك ذلك الكتاب [ ما أخذته؟ فقلت: لا. قال: ] وهو عند مولانا محمد تاج فرح وخد منه فودعته وذهبت لاخذ ممن أعطاه، وكأنه كان معروفا عندي. فلما وصلت إليه قال ذلك الرجل: بعثك صاحب الامر؟ فقلت: نعم، فأعطاني كتابا فأخذته ورجعت لالازمه فانتبهت من النوم، ولم يكن معي. شرعت في التضرع والبكاء فذهبت عند الشيخ بهاء الدين محمد رحمه الله، رأيته مشتغلا بدرس الصحيفة، فلما تم القراءة، عرضت عليه الواقعة، وكنت أبكي، فقال: هذه واقعة لا يكون مثلها واقعة وإعطاء الكتاب عبارة عن إيتاء العلوم الربانية الحقيقة، لك البشرى أبد الآباد “. ثم ضرب عليها ولخص رؤياه فقال: فأعطاني صحيفة عتيفة الخ. فتدبر. (راجع المسودات بقلم المجلسي في البحار: 110)

[ 667 ]

رواية أخرى من الوالد العلامة قدس سره للصحيفة الكاملة السجادية عن مشايخه، وهي أيضا بخط الوالد العلامة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين محمد وعترته الطاهرين. وبعد فيقول فقير عفو الله الغني محمد تقي بن مجلسي العاملي الاصفهاني رضي الله عنهما: إني أروي الصحيفة الكاملة الملقبة بزبور آل محمد صلى الله عليه وآله وإنجيل أهل البيت عليهم السلام والدعاء الكامل، بأسانيد متكثرة وطرق مختلفة: منها ما أرويها مناولة عن مولانا صاحب الزمان وخليفة الرحمن صلوات الله وسلامه عليه في الرؤيا الطويلة. ومنها ما وجدته بخط الشيخ شمس الدين محمد صاحب الكرامات جد الحسين بن عبد الصمد أبي شيخنا بهاء الملة والدين محمد، ونقله هو من خط الشهيد، ونقله هو من خط شيخنا علي بن أحمد السديد المعروف بالسديدي، ونقله هو من خط علي بن السكون، وعارضها مع نسخة بخط محمد بن إدريس الحلي، ورواه علي بن السكون، عن السيد الاجل. وأما من جهة الاجازة فأخبرني بها أستاذي وشيخي بل شيخ الكل الشيخ بهاء الدين محمد، عن أبيه شيخ الاسلام الشيخ حسين بن عبد الصمد ابن الشيخ شمس الدين محمد الحارثي الهمداني، عن شيخ علمائنا المحققين زين الدين علي، عن شيخ فضلائنا المدققين الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي قدس الله أرواحهم. ح وأخبرنا بها أستاذي وأستاذ الكل مولانا عبد الله بن الحسين التستري، عن الشيخ الاجل نعمة الله ابن أفضل المتأخرين أحمد بن خاتون العاملي، عن أبيه، عن الشيخ علي (وبلا واسطة أبيه)، عن الشيخ نور الدين علي، وعن جماعة من أصحابنا، عن جدي شيخ الفضلاء مولانا درويش محمد، عن الشيخ نور الدين علي. ح وعن جماعة من أصحابنا منهم العلامة الشيخ بهاء الدين محمد، والعلامة القاضي


[ 668 ]

معز الدين محمد والشيخ يونس الجزائري، عن الشيخ العلامة عبد العالي، عن أبيه الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي أنار الله برهانهم، عن الشيخ الافضل نور الدين علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ الاعظم جمال الدين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن، عن شيخ علمائنا المحققين والمدققين الشهيد السعيد محمد بن مكي العاملي قدس الله أسرارهم. ح وعن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ الاجل محمد بن أحمد بن داود الشهير بابن المؤذن ابن عم الشهيد، عن الشيخ الاعظم ضياء الدين علي، عن أبيه الشهيد. ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ الفاضل علي بن طي، عن الشيخ شمس الدين العريضي، عن السيد حسن بن أيوب، عن الشهيد. ح وعن ابن المؤذن، عن السيد علي بن دقماق الحسني، عن الشيخ شمس الدين محمد بن شجاع القطان، عن الشيخ أبي عبد الله المقداد، عن الشهيد، عن فخر المحققين أبي طالب محمد بن العلامة، والشيخ العلامة قطب الدين محمد الرازي، والسيد العلامة تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي، والسيد الاعظم عميد الدين عبد المطلب بن الاعرج الحسيني، والسيد الجليل أحمد بن محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي والسيد الكبير مهنا بن سنان المدني، والشيخ الفاضل علي بن أحمد بن يحيى المزيدي والشيخ الفاضل علي بن طراد المطار آبادي، جميعا، عن العلامة الفهامة جمال الاسلام والمسلمين شيخ الطائفة في عصره الحسن ابن الشيخ العلامة سديد الدين يوسف بن المطهر، عن أبيه، عن شيخ المحققين نجم الملة والدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد، عن السيد السعيد فخار بن معد الموسوي، عن علي بن السكون وعميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أيوب، عن السيد الاجل بهاء الشرف إلى آخر السند المذكور في المتن. وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين بن معد، عن والده [ عن ] (1) السيد


1 – أضفناها للزومها حيث أن السيد جلال الدين القاسم بن الحسن بن محمد بن معية هو الجد الاعلى لتاج الدين محمد بن القاسم بن الحسين بن القاسم، والمجاز من الشيخ عميد الرؤساء، وكتب الاجازة له على =

[ 669 ]

جلال الدين القاسم بن معية، عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل. ح وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين بن معد، عن أبيه. وعن السيد، عن جماعة منهم جلال الدين بن الكوفي، عن نجم الدين بن سعيد ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد، عن أبيه جميعا، عن السيد فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون، عن أبي طالب حمزة بن شهريار، عن السيد الاجل إلى آخر السند. وعن السيد فخار، عن الشيخ الاجل محمد بن إدريس، عن الشيخ الفقيه أبي علي، عن أبيه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، عن الشيخ الاجل الثقة الحسين بن عبيدالله الغضائري. عن أبي المفضل الشيباني إلخ. وعن السيد تاج الدين، عن السيد كمال الدين محمد بن محمد الآوي الحسيني، عن الشيخ الاعظم نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن الشيخ الطوسي. وعن السيد تاج الدين، عن أبيه القاسم، عن خاله جعفر بن محمد، عن السيد مجد الدين محمد بن معية (عن الشيخ الطوسي، عن السيد مجد الدين) (2) عن الشيخ محمد بن شهر آشوب، عن السيد أبي الصمصام، عن الطوسي والمفيد والنجاشي. وعن الشهيد، عن السيد شمس الدين أبي المعالي، عن الشيخ كمال الدين علي بن حماد الواسطي، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، عن السيد الاجل محيي الدين محمد بن عبد الله ابن زهرة الحسيني الحلبي، عن الشيخ محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن شهر آشوب، عن الطوسي.


= نسخة من الصحيفة الكاملة السجادية سنه 603. راجع الانوار الساطعة: 134. 2 – كذا، ولم تعهد رواية محمد معية شيخ فخار بن معد – عن الشيخ الطوسي، فلاحظ.

[ 670 ]

وعن ابن شهر آشوب والشيخ محمد بن إدريس الحلي والشيخ سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي، جميعا، عن العماد محمد بن أبي القاسم الطبري، عن أبي علي، عن الطوسي، عن جماعة، عن التلعكبري، عن أبي محمد الحسن بن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه عن يحيى بن زيد. وعن الطوسي رحمه الله، عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه. وبالاسانيد، عن أبي الصمصام، عن النجاشي، عن الحسين بن عبيدالله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه المتوكل بن هارون، عن يحيى بن زيد بالدعاء الكامل. ح وعن العلامة عن السيدين الاجلين الاعظمين: رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاووس الحسني، عن السيد فخار، عن الشيخ شاذان، عن الشيخ أبي عبد الله الدوريستي، عن المفيد، عن أبي المفضل الشيباني إلخ. وعن المفيد، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن الكليني بكتابه الكافي، وعن المفيد، عن رئيس المحدثين أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه بكتبه سيما كتاب ” من لا يحضره الفقيه “. وعن الشيخ الطائفة بكتبه سيما تهذيب الاحكام والاستبصار، ومن هذه الاسانيد يعرف الاسناد إلى كتب العلماء الذين فيها وإلى كتب معاصريهم في كل طبقة. ” والحاصل أنه لا شك في أن الصحيفة الكاملة، عن مولانا سيد الساجدين بذاتها وفصاحتها وبلاغتها، واشتمالها على العلوم الالهية التي لا يمكن لغير المعصوم الاتيان بها. والحمد لله رب العالمين على هذه النعمة الجليلة العظيمة التي اختصت بنا معشر الشيعة، والصلاة على مدينة العلوم الربانية، سيد المرسلين وعترته أبواب العلوم والحكم القدوسية، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته “. نمقه محمد تقي بن مجلسي في غرة شهر الله الاعظم رمضان لسنة أربع وستين بعد


[ 671 ]

الالف والاسانيد المذكورة هنا خمسة آلاف وستمائة وست عشر إسنادا. 28 إجازة الوالد العلامة مولانا محمد تقي المجلسي قدس سره للمولى محمد صادق الكرباسي الاصفهاني ثم الهمداني ; في البحار: 110 / 79: بسم الله الرحمن الرحيم بلغ المولى الجليل والفاضل النبيل، جامع المعقول والمنقول، حاوي الفروع والاصول، مولانا محمد صادق أدام الله تعالى تأييداته، بقراءتي عليه في مجالس، وأجزت له أن يروي عني زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت والدعاء الكامل والصحيفة الكاملة بأسانيدي المتواترة إلى السيد الاجل وشيخ الطائفة أعلاها مناولة عن خليفة الرحمن في الرؤيا التي ظهرت حقيقتها بانتشار الصحيفة في الآفاق بعد ما صارت مهجورة، ثم المناولة عن شيخنا وشيخ الكل بهاء الملة والحق والدين محمد العاملي، نسخته التي كتبها جده المعظم البدل شمس الدين محمد صاحب الكرامات، عن خط الشهيد السعيد محمد بن مكي، المنقولة عن خط السديدي، المنقولة عن خط علي بن السكون، المقابلة مع نسخة العلامة محمد بن إدريس الحلي، ثم بالقراءة والسماع مكررا عن الشيخ الاعظم بل الوالد المعظم شيخ علماء الزمان بهاء الملة والحق والحقيقة والدين محمد نجل شيخ الاسلام والمسلمين الحسين ابن عبد الصمد بن محمد الحارثي الهمداني العاملي، عن أبيه، عن شيخ علمائنا المتأخرين زين الملة والحق والحقيقة والدين ابن علي، عن شيخ الطائفة في عصره نور الدين علي بن عبد العالي رضي الله تعالى عنهم. ح وعن شيخ علماء الزمان مربي الفضلاء الاعيان العلامة الفهامة مولانا عبد الله بن الحسين التستري. عن الشيخ الاجل البدل نعمة الله ابن أفضل علمائنا المتأخرين بشهادة الشيخ زين العابدين إجازة، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي وقراءة عن أبيه، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي. ح وعن جماعة كثيرة من الفضلاء الاعيان عن جدي القمقام شيخ الطائفة في عصره الشريف مولانا درويش محمد ابن الشيخ الاجل العالم الزاهد البدل الشيخ حسن


[ 672 ]

النطنزي العاملي، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي. ح وعن جم غفير من الفضلاء الاعيان منهم: الشيخ بهاء الدين محمد والعلامة الفهامة القاضي معز الدين محمد والفقيه المعظم الشيخ يونس الجزائري، عن العلامة الفهامة الشيخ عبد العالي ابن الشيخ نور الدين عن أبيه علي بن عبد العالي. ح وبالاجازة في الصغر عن الشيخ المعظم أبي البركات، عن الشيخ نور الدين علي. ح قراءة عن جم غفير عنه عن الشيخ نور الدين علي، عن الشيخ العلامة نور الدين علي ابن هلال الجزائري، عن الشيخ الاعظم جمال العارفين والواصلين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ المعظم زين الدين علي بن الخازن المشهدي، عن شيخ علمائنا المحققين المدققين محقق حقايق الاولين والآخرين الشهيد السعيد محمد بن مكي العاملي. ح وعن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ المعظم شمس الدين محمد بن داود ابن عم الشهيد الشهير بابن المؤذن، عن الشيخين الاعظمين ضياء الدين علي وفخر الدين محمد نجلي الشهيد، عن أبيهما السعيد محمد بن مكي. ح وعن ابن المؤذن، عن السيد علي بن دقماق، عن الشيخ محمد بن شجاع القطان، عن الشيخ الاعظم مقداد، عن الشهيد. ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ عز الدين المعروف بابن العشرة، عن ابن فهد عن ابن الخازن، عن الشهيد. ح وعن ابن العشرة، عن الشيخ محمد بن نجدة الشهير بابن عبد العالي، عن الشهيد، عن الشيخ فخر الدين أبي طالب محمد بن الحسن والسيد الاجل الاعظم العلامة تاج الدين محمد بن القاسم بن معية، والسيد العلامة عميد الدين عبد المطلب بن الاعرج، والسيد الاعظم أحمد بن إبراهيم بن زهرة الحلبي، والسيد الاجل مهنا بن سنان المدني، والشيخ العلامة الفهامة مولانا قطب الدين محمد الرازي شارح المطالع، والشيخ الاجل الاعظم علي بن أحمد المزيدي، والشيخ الاجل علي بن طراد، جميعا عن آية الله في العالمين جمال الحق والحقيقة والدين الحسن ابن الشيخ الاجل الاعظم سديد الدين يوسف بن المطهر


[ 673 ]

الحلي، عن أبيه، وعن شيخ علمائنا المحققين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي، والسيدين الاعظمين الاجلين البدلين رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاووس الحلي، وعلامة علمائنا المحققين نصير الملة والحقيقة والحق والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، والشيخ الاجل مفيد الدين محمد بن جهيم وغيرهم من الفضلاء الاعيان، عن السيد الاجل الاعظم العلامة فخار بن معد الموسوي، والشيخ الاجل الاعظم نجيب الدين محمد بن جعفر بن نما الحلي، عن الشيخ الاجل الاعظم عميد الرؤساء هبة الله بن حامد ابن أيوب، عن السيد الاجل. إلى آخر ما في السند السابق. وعن السيد فخار، وابن نما، عن ابن إدريس، عن الشيخ الاعظم أبي علي، عن أبيه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي إلى آخر من في الحاشية. وعنهما عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن السيد الاجل سماعا بقراءة الشريف الاجل نظام الشرف، وقال محمد بن جعفر: وقرأته أيضا على والدي جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن شعرة، والشريف أبي الفتح بن الجعفرية والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي والشيخ سالم بن قبارويه جميعا عن السيد بهاء الشرف إلى آخره. ح وعن ابن نما، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف إلى آخره، وعن عربي، عن الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن أبيه شيخ الطائفة. ح وعن ابني الشهيد، عن السيد تاج الدين، عن السيد نجم الدين الرضي والشيخ جلال الدين محمد بن محمد الكوفي والسيد كمال الدين محمد الآوي والسيد مجد الدين [ أبو الفوارس ] عن خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله، وعبد الجليل بن عيسى، وأبي الفتوح الرازي المفسر، ومحمد وعلي ابني علي بن عبد الصمد النيسابوري، ومحمد بن الحسن الشوهاني، والشيخ أبي علي محمد بن الفضل الطبرسي جميعا عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار عن شيخ الطائفة.


[ 674 ]

ح وعنهم جميعا، عن الشيخ أبي علي والشيخ عبد الجبار المقري، عن شيخ الطائفة وعن العلامة عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، عن السيد محيي الدين ابن زهرة، عن ابن بطريق، عن العماد الطبري، عن أبي علي، عن الطوسي. ح وعن ابن زهرة، عن ابن إدريس وابن شهر آشوب والشيخ شاذان، عن الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، وعن الشيخ الاعظم الاجل محمد بن محمد ابن النعمان المفيد، عن الصدوق بكتبه، وعن المفيد عن أبي المفضل محمد بن عبد الله ابن المطلب الشيباني إلخ. وعن المفيد، عن ابن قولويه، عن الشيخ الاعظم الاوحد ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني بكتبه سيما الكافي. ح وعن الشهيد، عن المزيدي، عن الشيخ محمد بن صالح عن السيد فخار وابن نما عن عميد الرؤساء، عن السيد الاجل إلخ. ح وعن المحقق، عن أبيه وابن نما وابن إدريس (1) والحسن بن الدربي، عن عربي، عن بهاء الشرف. ح وعن المحقق، عن السيد مجد الدين العريضي، عن حمزة بن شهريار، عن بهاء الشرف. ح وبالاسانيد عن أبي الصمصام، عن الشيخ الاعظم أحمد بن العباس النجاشي، عن الحسين بن عبيدالله الغضايري، عن أبي المفضل الشيباني الخ. وبالاسانيد المتواترة، عن شيخ الطائفة عن الغضايري، عن الشيباني الخ. وعن الشيخ، عن جماعة، عن التلعكبري، عن أبي محمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن متوكل، عن أبيه، عن يحيى بن زيد، الخ. وعن الشيخ، عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن أبي محمد ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه الخ. وبالاسانيد عن أبي الصمصام، عن النجاشي، عن أبن الغضايري وبالاسانيد


1 – كذا، ولم تعهد رواية المحقق المتوفى سنة 676 عن ابن إدريس المتوفى سنة 598، فلاحظ.

[ 675 ]

المتواترة عن هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن العباس الصيرفي المعروف بابن الطيالسي راوي الصحيفة الكاملة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بإسناده إلى يحيى بن زيد. والذي وصل إلي مناولة ووجادة فهو أكثر من أن يحصى عن أن متنها وسندها كالقرآن المجيد باشتمالها على العلوم الالهية مع أقصى مراتب الفصاحة والبلاغة، كما لا يخفى على من له أدنى ربط بعلم العربية. ولما تكرر سماع المولى الاجل، والولد الاعز مني وقراءتي عليه مع التحقيق والتدقيق، طلب إجازتها مع إجازة جميع الدعوات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، استخرت الله تبارك وتعالى، وأجزت له أن يروي عني ” الصحيفة الكاملة ” زبور آل محمد صلى الله عليه وآله وإنجيل أهل البيت عليهم السلام. بأسانيدي المتواترة إلى السيد الاجل وشيخ الطائفة وغيرهما من الفضلاء الاعلام. بل أجزت له أن يرويها عني، عن مولانا خليفة الرحمن وصاحب الزمان عليه السلام، والمأمول منه أدام الله تأييداته أن لا ينساني في مظان إجابة الدعوات، وأجزت له أدام الله تعالى توفيقاته أن يروي عني سائر كتب الدعوات من مصباح المتهجد ومختصره لشيخ الطائفة، وكتب ابني طاووس وأنيس العابدين وغيرهما مما لا يحصى. بل أجزت له كثر الله تعالى أمثاله أن يروي كتب الاخبار من الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار والامالي للصدوق والشيخ والعيون والعلل والتوحيد والخصال و بصائر الدرجات والمحاسن وقرب الاسناد وغيرها مما لا يحصى بل جميع كتب العلوم الدينية من التفاسير وكتب الكلام والاصول والفقه والرجال واللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان، وغيرها، عن أصحابهم بأسانيدي المتواترة إليهم مراعيا للاحتياط في النقل والفتوى. نمقه بيمناه الداثرة أحوج المفتاقين إلى رحمة ربه الغني المغني محمد تقي بن مجلسي، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين، سنة 1068. 29 – سند العلامة محمد باقر المجلسي ; في البحار: 110 / 164:


[ 676 ]

إعلم أنا نروي الصحيفة الشريفة السجادية صلوات الله على المتفوه بها وسلامه بالاسناد المتقدم (1) عن السيد حسين المفتي الكركي، عن السيد شجاع الدين محمود بن علي الحسيني المازندراني، عن الشيخ حسين بن عبد الحميد والمولى كريم الدين الشيرازي، عن الشيخ المحقق إبراهيم بن سليمان القطيفي والمولى المحقق مولانا محمود الجابلقي والسيد عبد الحي الاستر ابادي، جميعا، عن الشيخ الفهامة علي بن عبد العالي الكركي. وبالاسناد عن السيد المفتي، عن السيد حيدر بن علاء الدين الحسيني التبريزي، عن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي. وبالاسناد عن المفتي، عن الشيخ محمد بن أحمد الاردكاني، عن جماعة منهم: الشيخ عبد العالي، والسيد علي الصائغ، والسيد علي بن أبي الحسن، والشيخ حسين بن روح جميعا، عن الشهيد الثاني قدس الله أرواحهم. وبالاسناد عن المفتي، عن المولى أبي محمد بن عناية الله الشهير بأبي يزيد البسطامي، عن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي، والشهيد الثالث المولى عبد الله بن محمود التستري بحق روايتهما، عن الشيخ إبراهيم، عن والده الجليل علي بن عبد العالي الميسي. وبالاسناد عن المفتي عن الفاضل الصالح. أقول: هذا طريقنا إليها بالاجازة، فأما سندنا إليها من طريق الوجادة فهو أني وجدت النسخة التي بخط الشيخ السديد محمد بن علي بن الحسن الجباعي جد الشيخ البهائي، وقد نقلها من خط الشيخ العلامة الشهيد محمد بن مكي، وهو نقلها من خط علي ابن أحمد السديدي، وهو نقله من خط علي بن السكون، والسديدي عرضها على النسخة التي بخط السعيد محمد بن إدريس (ره).


1 – أي في إجازته للفاضل المشهدي، ذكرها في البحار: 110 / 163 155. وإسناده إليه هكذا: جم غفير من الافاضل الكرام منهم: والده العلامة، والمولى محمد شريف الرويدشتي، والسيد الفاضل الامير فيض الله بن السعيد غياث محمد القهبائي، عن السيد حسين المفتي الكركي.

[ 677 ]

30 – إجازة وطرق رواية محمد باقر المجلسي ; نقلناها من نسخة مخطوطة محفوظة في مكتبة آية الله الخوانساري (1): بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله خيرة الورى، أما بعد فيقول أحقر عباد الله محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن جرائمهما: إن طرقي إلى الصحيفة السجادية صلوات الله على من ألهمها جمة وقد، أوردتها في المجلد الخامس والعشرين [ ج 110 / 164 43 ] من كتاب بحار الانوار، وفي الفوائد الطريفة، مع غنائها لاشتهارها وفصاحتها وبلاغتها وعلو مضامينها عن الاسناد، ولنذكر هنا أعلاها وأوثقها. فأما من طريق الوجادة: فاني وجدتها بخط والدي العلامة قدس الله روحه. وقد نقلها من خط الشيخ صاحب الكرامات والمقامات شمس الدين محمد. عن شيخنا البهائي قدس الله أرواحهم. ونقلها هو من خط الشيخ السعيد المكي محمد بن مكي نور الله ضريحه. ونقلها هو من خط الشيخ علي بن أحمد المعروف بالسديدي. ونقلها هو من خط علي بن السكون. وهو رواها عن السيد الاجل إلى آخر السند. وأما طريق الاجازة: فهو ما أخبرني به إجازة جماعة من الافاضل الكرام منهم: والدي العلامة قدس الله أرواحهم، وقد قرأها علي وقرأتها عليه مرارا شتى. بحق روايته وإجازته عن شيخه وشيخ الاسلام والمسلمين بهاء الملة والدين محمد العاملي، عن والده النحرير الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي.


1 – وكان في آخرها:. على يد العبد المملوك لمالك الملوك يحيى بن محمد بن شفيع الاصفهاني. حررها بيده الفانية في ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمان وثلاثمائة بعد الالف.

[ 678 ]

عن الشيخ العالم السعيد الشهيد زين الملة والدين رفع الله درجاتهم. عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي. عن الشيخ شمس الدين محمد بن المؤذن الجزيني. عن الشيخ ضياء الدين علي. عن والده السعيد الشهيد شمس الدين محمد بن مكي نور الله ضرائحهم. عن الشيخ الفاضل فخر الدين أبي طالب محمد. عن والده العلامة جمال الملة والحق والدين الحسن بن يوسف بن المطهر. عن والده رضي الله عنهم أجمعين. عن السيد الجليل شمس الدين فخار بن معد الموسوي. عن الشيخين الجليلين علي بن السكون وعميد الرؤساء وهبة الله بن حامد رحمها الله تعالى. عن السيد الاجل بهاء الشرف، إلى آخر السند المذكور في المتن. وبالاسناد عن السيد فخار، عن الشيخ الاعظم محمد بن إدريس. عن الشيخ الفقيه أبي علي. عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي. إلى آخر السند المرقوم في الهامش. وعن الوالد العلامة وغيره من الافاضل الكرام. عن شيخهم العالم الرباني مولانا عبد الله بن الحسين التستري قدس سره. عن الشيخ نعمت الله بن أحمد بن خاتون العاملي. عن الشيخ الجليل مروج المذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي. عن الشيخ نور الدين [ علي ] بن هلال الجزائري. عن الشيخ علي الدين أحمد بن فهد الحلي. عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن. عن الشيخ السعيد محمد بن مكي قدس الله أرواحهم إلى آخر ما مر من الاسانيد.


[ 679 ]

وبالاسانيد المتقدمة عن الشهيد محمد بن مكي رفع الله درجته. عن السيد شمس الدين أبي المعالي. عن الشيخ كمال الدين علي بن جمال [ الدين حماد ] الواسطي. عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد [ الحلي ]. عن السيد الاجل محمد بن عبد الله ابن زهرة الحسيني الحلبي. عن الشيخ محمد بن شهر آشوب المازندراني والشيخ محمد بن إدريس الحلي والشيخ شاذان بن جبرئيل القمي جميعا. عن الشيخ العماد محمد بن أبي القاسم الطبري. عن أبي علي. عن والده شيخ الطائفة، عن جماعة، عن التلعكبري. عن أبي محمد الحسن بن أخي طاهر. عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه. عن يحيى بن يزيد. وعن الشيخ (ره) عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن أخي طاهر. عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه. وعن ابن شهر آشوب، عن السيد أبي الصمصام، عن النجاشي. عن الحسين بن عبيدالله الغضايري، عن ابن أخي طاهر، إلى آخر ما مر من السند فليرو عني الصحيفة السجادية كل من سمعها مني أو قرأها أو استجازني فيها بهذه الاسانيد وغيرها من الاسانيد التي أوردتها في مؤلفاتي. 31 – سند العلامة الزبيدي الحنفي في ; إتحاف السادة المتقين: 4 / 480: أخبرنا السيد القطب محي الدين نور الحق بن عبد الله الحسيني، والسيد عمر بن أحمد بن عقيل الحسيني. عن محمد طاهر الكوراني، عن أبيه إبراهيم بن الحسن الكوراني، عن المعمر عبد الله بن


[ 680 ]

سعد الله المدني، عن الشيخ قطب الدين محمد بن أحمد الحنفي، عن أبيه، عن الامام الحافظ نور الدين أبي الفتوح أحمد بن عبد الله الطاووسي، عن السيد شرف الدين محمد المطلق الحسيني، عن قطب الاقطاب السيد جلال الدين الحسيني بن أحمد بن الحسين الحسيني، عن أبيه، عن جده، عن أبيه السيد أبي المؤيد علي، عن أبيه أبي الحارث جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه محمود، عن أبيه، عبد الله، عن أبيه علي الاشقر، عن أبيه أبي الحارث جعفر، عن أبيه علي النقي عليه السلام، عن أبيه محمد التقي، عن أبيه علي الرضا، عن أبيه موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه الامام السجاد ذي الثفنات زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أنه كان يقول في يوم عرفة:. 32 – سند العالم المحقق السيد علي خان بن السيد أحمد الحسيني المعروف ب‍ ” ابن معصوم المدني ” ; في رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين عليه السلام: 49: أرويها عن شيخي الجليل الفاضل الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني. عن شيخه الفاضل زبدة المجتهدين الشيخ حسام الدين الحلبي. عن الشيخ الاجل خاتمة المحققين وبحر العرفان واليقين بهاء الدين محمد العاملي. عن والده الشيخ البارع حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني. عن شيخيه الامامين عمادي الاسلام وفقيهي أهل البيت عليهم السلام: السيد حسن بن جعفر بن الاعرج الحسيني الكركي، والشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ” قدس الله سرهما “. عن شيخهما الجليل التقي النبيل زين الدين علي بن عبد العالي الميسي. عن شيخه الامام السعيد ابن عم الشيخ الشهيد شمس الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن الجزيني. عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشيخ الشهيد السعيد شمس الدين محمد بن مكي.


[ 681 ]

عن السيد الامام النسابة تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحسني. عن السيد كمال الدين محمد بن محمد بن رضي الدين الآوي الحسيني. عن الخواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي. عن والده محمد بن الحسن. عن السيد أبي الرضا فضل الله الراوندي الحسني، عن السيد أبي الصمصام [ ذو الفقار بن ] محمد بن معبد الحسيني. عن رئيس الطائفة أبي جعفر الطوسي، وله قدس سره في روايتها طريقان ذكرهما في الفهرست (1). 33 – إجازة آية الله السيد الشريف أبي محمد الحسن صدر الدين الموسوي للسيد آية الله شهاب الدين المرعشي النجفي، في أحد نسخ الصحيفة السجادية: 23 ترجمة وشرح عماد الدين الحسيني الاصفهاني: بسم الله الرحمن الرحيم بعد الحمد والصلوة، فقد استجاز عني الولد الصالح الذي أحرز من العلم الطارف والتليد وأخذ بمجامع الفصل بطريق سديد، الشريف السند النسابة لا زال كاسمه لظلمة معضلات الدين شهابه، شمس سماء السيادة والافادة والاقبال وعزة سيماء النقابة والنجابة والكمال، سلالة العترة الطاهرة ونقاوة الانجم الزاهرة، يم العلم الذي يفيد ويفيض، وجم الفضل الذي لا يغيض، الجامع بين مكارم الاخلاق وطيب الاعراق الحاوي صفات الذات وجميل الصفات، العالم العامل والمهذب الصفي الكامل: أبو المعالي السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي المشتهر بالنجفي، عامله الله بلطفه الجلي والخفي في رواية كتاب نهج البلاغة في خطب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، والصحيفة الكاملة السجادية المعروفة بزبور أهل البيت عليهم السلام وإن كانا متواترين إلى منشئهما سلام الله إلا أن الانسلاك في سلسلة الرواة عنهم مما يرغب فيه ويندب إليه.


1 – تقدمت طرقه في السندين 8 و 9.

[ 682 ]

فأقول مستعينا بالله: إن لنا إلى ذينك الكتابين طرقا منها: ما أرويه عن الشريف العلامة الاجل السيد مهدي الحسيني القزويني الحلي، عن جماعة منهم: عمه العلامة الزاهد السيد باقر، عن جماعة منهم: سيدنا آية الله بحر العلوم المهدي الطباطبائي النجفي، عن جماعة منهم: العلامة المير عبد الباقي الحسيني الخاتون آبادي إمام الجمعة بإصبهان، عن جماعة منهم: والده العلامة المير محمد حسين سبط مولانا المجلسي، عن جماعة منهم: العلامة فخر الشيعة السيد علي خان الحسيني المدني شارح الصحيفة بطرقه المعروفة التي ذكرها في الشرح وغيره. فلجناب السيد دام علاه، وزاد الله في علمه وتقاه أن يروي عني بتلك الطرق المسلسلة المعنعنة مراعيا لشروط الرواية وأشترط عليه أن لا يترك سلوك سبيل الاحتياط في أمر دينه ودنياه، فإنه سبيل النجاة، عصمنا الله وإياه من الزلل آمين، وقد حررتها في مشهد جدي الامام أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام تجاه الضريح الشريف في شهر جمادي الثانية 1339، حامدا مصليا مسلما. الاقل حسن ابن المرحوم السيد هادي الموسوي. 34 – إجازة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي للسيد آية الله محمد باقر الابطحي الاصفهاني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على نواله والصلاة والسلام على محمد وآله. وبعد، يقول خادم علوم أهل البيت اللائذ العائذ بهم المنيخ مطيته بأبوابهم السنية، النابذ لكل وليجة دونهم وكل مطاع سواهم المشرف بالانتساب إليهم العبد المضطر المستكين ” أبو المعالي السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي ” أخرجه باريه عن الدنيا مع ولايتهم، وحشره تحت لوائهم آمين آمين: إنه لما كان علم الحديث بفنونه وشعوبه من أهم العلوم الاسلامية والفضائل الهامة، توجهت إليه أنظار الفطاحل والفحول وانصرفت هممهم نحوها، فكم ترى من محدث وحافظ وحاكم وأمير ولله درهم وعليه أجرهم حيث لم يألوا الجهود والمساعي في


[ 683 ]

الضبط والتنسيق والتحمل والتدوين ألفوا الجوامع الكبار والصغار. وبعد لما كان الانسلاك في سلسلة رواة أحاديث ساداتنا أئمة الهدى، ومشاكي الانوار في الدجى عليهم السلام والتحية، والانخراط في زمزة المحدثين عنهم مما يتنافس فيه المتنافسون وتهوى إليه الافئدة من كل فج عميق. استجاز عني ناشر كتب آل الرسول حجة الاسلام والمسلمين الحاج السيد محمد باقر الابطحي الخراساني (1) دام تأييده في رواية تلك الآثار المعنعنة الموصولة المتصلة المودعة في جوامع الحديث من الكتب الاربعة وغيرها من الزبر المؤلفة في هذا الشأن. وحيث كان حقيقا لما هنالك وجديرا بذلك أجزت أن يرويها عني بطرقي الكثيرة المتظافرة المنتهية إليهم، ولا مجال لسرد أسماء مشايخي جميعا وأكتفي بما يسعه المجال فأقول: منها: ما أرويه عن شيخي الاستاذ ومن إليه الاستناد وعليه الاعتماد قطب رحى الاجازة ومحور أكر الفضل في الرواية آية الله في الزمن الشريف الاجل أبي محمد السيد الحسن صدر الدين الموسوي الكاظميني المتوفي 1354 صاحب كتابي ” تأسيس الشيعة الكرام لفنون الاسلام ” و ” شرح وسائل الشيعة ” وغيرهما من الآثار الممتعة النافعة، وهو يروي عن جماعة. (2).


1 – كذا نسبني المجيز، وهو نسب أجدادي الاميين. 2 الاجازة كبيرة، ونكتفي بهذا القدر.

[ 684 ]

ما كان في آخر صحيفة الشيخ محمد بن علي الجبعي من إجازات وفوائد (في البحار: 107 / 211): نقلت هذه الصحيفة من خط الشيخ العالم السعيد الشهيد محمد بن مكي (ره) وعليها بخطه: ونقلت هذه الصحيفة من خط علي بن أحمد السديد وفرغت في حادي عشر شعبان سنة اثنين وسبعين وسبعمائة، وكتب محمد بن مكي حامدا مصليا. وعلى نسخة علي بن أحمد السديد ما صورته: نقلت هذه الصحيفة من خط علي ابن السكون وتتبع إعرابها عن أقصاه حسب الجهد إلا ما زاغ عنه النظر، وحسر عنه البصر وذلك في شهر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وأيضا بخطه: وعلى نسخة الشهيد: عارضتها بأصلها المذكور وفيها مواضع مهملة التقييد فنقلتها على ما هي عليه، والحمد لله وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله، وكتب محمد بن مكي. وأيضا بخطه: وعارضتها بنسخة أخرى بخط الشيخ ابن مكي مكتوبة في سنة ست وسبعين وسبعمائة، وهي مكتوبة من النسخة التي كتب منها الاولى، قال: وكتب العبد متتبعا ما يحتاج إليه سوى بعض مصطلح الكتاب من ترك لفظ الهمزة وإثبات الالف في فعل لامه واو ونحوه. وأيضا بخطه: وعلى نسخة علي بن أحمد السديد ما صورته: بلغت مقابلة وتصحيحا بالنسخة المنقول منها فصحت بحسب الجهد إلا ما زاغ عنه النظر وحسر عنه البصر، وذلك في شهر ذي الحجة من سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ولله الحمد والمنة. وأيضا بخطه: وعليها أيضا أعني على نسخة علي بن أحمد السديد: بلغت مقابلة مرة ثانية بخط السعيد محمد بن إدريس بحسب ما وصل إليه الجهد، ولله الحمد، وذلك في شهر


[ 685 ]

ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وستمائة، وكل ما على هامشها من حكاية سين ونسخة فإنه عن ابن إدريس، وكذلك جميع ما يوجد بين السطور وعليه سين فإنه حكاية خطه، وأما ما كان نسخة بلا سين فمنها ما هو بخط ابن السكون، ومنها ما هو بخط ابن إدريس (ره). وأيضا بخطه: صورة خط ابن إدريس في مقابلته: بلغ العرض بأصل خبر الموجود و بذل فيه الجهد والطاقة إلا ما زاغ عنه النظر، وحسر عنه البصر. وأيضا بخطه: وعلى النسخة التي بخط علي بن السكون خط عميد الرؤساء، قراءة صورتها: قرأ علي السيد الاجل والنقيب الاوحد العالم جلال الدين عماد الاسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية أدام الله علوه قراءة صحيحة مهذبة، ورويتها له عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمد بن الحسن بن أحمد، عن رجاله المسمين في باطن هذه الورقة (وأيضا كتب في هامشه هكذا بخط ابن السديد: الورقة التي في أول الكتاب) وأبحته روايتها عني حسب ما وقفته عليه وحددته له، وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستمائة، والحمد لله الرحمن الرحيم، وصلاته وتسليمه على رسوله سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الغر اللهاميم. وأيضا بخطه: بلغ العرض بأصله فوافق على ما هو عليه. وكان أيضا في آخرها [ إجازة علي بن علي بن طي، وتقدم ذكرها ]. وأيضا بخطه من خط الشيخ وبخط الشيخ محمد مكي: يروي الصحيفة الكاملة السيد محيي الدين زهرة، عن شيخه محمد بن شهر آشوب السروي، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن والده، عن الحسين بن عبيدالله الغضايري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الشريف أبي عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب الزيات، عن علي بن الاعلم، عن عمر بن المتوكل، عن أبيه متوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد. الحديث. وكان مكتوبا في أول الصحيفة المزبورة: ولد كاتب هذه الصحيفة رضي الله عنه سنة


[ 686 ]

822، وتوفي سنة 886 وكان آخر دعائه لوالدي: وفقك الله لكل خير وأحسن لك العاقبة وآمنك خوفا في الدنيا والآخرة، وكتبه حسين بن عبد الصمد [ سنة ] 932 حامدا مصليا. وكان أيضا مكتوبا خلف الصحيفة: للولد الاعز العضد قرة العين أبي تراب عبد الصمد بن محمد بن علي بن الحسن الجباعي نفعه الله بها ورزقه العمل بما فيها واستجاب دعاءه بمحمد وآله صلوات الله عليهم. وعليها أيضا: الصحيفة ملك كاتبها محمد بن علي الجباعي. وكان في آخر الصحيفة: تمت الصحيفة بقلم العبد الفقير محمد بن علي بن حسن وأبحته روايتها عني حسب ما وقفته عليه وحددته له، وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستمائة، والحمد لله الرحمن الرحيم، وصلاته وتسليمه على رسوله سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الغر اللهاميم. وأيضا بخطه: بلغ العرض بأصله فوافق على ما هو عليه. وكان أيضا في آخرها [ إجازة علي بن علي بن طي، وتقدم ذكرها ]. وأيضا بخطه من خط الشيخ وبخط الشيخ محمد مكي: يروي الصحيفة الكاملة السيد محيي الدين زهرة، عن شيخه محمد بن شهر آشوب السروي، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن والده، عن الحسين بن عبيدالله الغضايري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الشريف أبي عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب الزيات، عن علي بن الاعلم، عن عمر بن المتوكل، عن أبيه متوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد. الحديث. وكان مكتوبا في أول الصحيفة المزبورة: ولد كاتب هذه الصحيفة رضي الله عنه سنة


[ 686 ]

822، وتوفي سنة 886 وكان آخر دعائه لوالدي: وفقك الله لكل خير وأحسن لك العاقبة وآمنك خوفا في الدنيا والآخرة، وكتبه حسين بن عبد الصمد [ سنة ] 932 حامدا مصليا. وكان أيضا مكتوبا خلف الصحيفة: للولد الاعز العضد قرة العين أبي تراب عبد الصمد بن محمد بن علي بن الحسن الجباعي نفعه الله بها ورزقه العمل بما فيها واستجاب دعاءه بمحمد وآله صلوات الله عليهم. وعليها أيضا: الصحيفة ملك كاتبها محمد بن علي الجباعي. وكان في آخر الصحيفة: تمت الصحيفة بقلم العبد الفقير محمد بن علي بن حسن الجباعي غفر الله له ولجميع المؤمنين في يوم السبت أول شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وثمانمائة هجرية

اترك تعليقاً