الأمالي

الشيخ الطوسي


[ 1 ]

بسم الله الرحمن الرحيم


[ 3 ]

الامالي لشيخ الطائفة ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385 – 460 ه‍ تحقيق قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع دار الثقافة


[ 4 ]

الامالي


[ 6 ]

هوية الكتاب اسم الكتاب: الامالي المؤلف: شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) الطبعة الاولى: 1414 ه‍ الكمية: 2000 نسخة تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة نشر: دار الثقافة – قم العنوان. قم – شارع ارم – سوق القدس – الطابق الثالث / رقم 133 هاتف – 37790.


[ 7 ]

تقديم الشيخ الطوسي…. واحد من الافذاذ الذين نقشوا أسماءهم على ناصية التاريخ بماء الذهب… العلم الذي تزعم عصره علما وتقوى وشهرة… شيخ الطائفة (رحمه الله)، ذو الاثر الكبير على الثقافة الاسلامية… فقد رفد المكتبة الاسلامية بمختلف أنواع العلوم وفروعها… سالكا في كل ما كتبه في التفسير والحد يث والرجال والكلام والفقه والاصول والادعية والامالي، الطرق العلمية الصحيحة والمنهجية الرائعة التي ظلت على طول العصور مهوى أفئدة طلاب العلم ومريديه، وبقي بعضها إلى اليوم مناهج نيرة تدرس في جامعات العلم وحوزاته. وبالنظر للاهميه القصوى لتراث هذا العالم الفذ، فقد ارتأينا طبع كتابه (الامالي) طبعة جديدة، سعينا فيها – قدر المستطاع – إلى تخليص الكتاب مما الحق به من تصحيف وتحريف في طبعته الاولى (مطبعة النعمان – النجف الاشرف. سنة 1384 ه‍ – 1964 م) ليكون أكثر فائدة لمريدي هذا الكتاب، وبشكل يناسب مقام مؤلفه (رحمة الله). وقد أوكلنا مهمة تحقيقه إلى قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة، فتولى ذلك الاخوة العاملون في القسم مشكورين، معتمدين في التحقيق على نسخة مخطوطة نفيسة يعود تاريخ نسخها إلى سنة 580 ه‍، وعلى النسخة المطبوعة على الحجر في إيران سنة 1313 ه‍، فجاء الكتاب بطبعته الجديدة منقحا، قد شرح غريبه، وخرجت آياته، ورقمت مجالسه وأحاديثه، مع إلحاق عدة فهارس تكشف عن


[ 8 ]

مضامينه المختلفة. وأخيرا نقدم وافر امتناننا مع خالص دعائنا لسماحة العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي، وسماحة العلامة السيد موسى الزنجاني، لتفضلهما بالمراجعة النهائية للكتاب، وتسجيل ملاحظاتهما القيمة عليه، وفق الله العاملين على إحياء التراث الاسلامي المجيد وسدد خطاهم. دار الثقافة قم – في 1 جمادى الاولى 1414 ه‍


[ 9 ]

حياة الشيخ الطوسي (1) ولد الشيخ الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، في شهر رمضان عام 385 ه‍، في طوس – على الارجح – وبها نشأ، وكانت طوس إحدى مراكز العلم المهمة في خراسان، ذلك الاقليم الواسع الذي أنجب كثيرا من المفكرين، وينسب إليه خلق كثير من العلماء في كل فن، ومن المحتمل أن الشيخ الطوسي درس فيه علوم اللغة والادب والفقه وأصوله والحديث وعلم الكلام، ولما بلغ الثالثة والعشرين من عمره عام 408 ه‍ هاجر إلى بغداد، وكانت في ذلك الوقت ملتقى رجال العلم والفكر والادب، وكانت تدرس في معاهدها مختلف العلوم العقلية والنقلية، وكانت الزعامة الفكرية للشيعة الامامية فيها للشيخ المفيد (338 – 413 ه‍) ذلك العالم الذي قطع شوطا بعيدا في ميدان العلوم، وكان مجلسه عامرا بنخبة صالحة من المثقفين وذوي النظر، فكان يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف، وقد تتلمذ الشريف المرتضى على الشيخ المفيد في المناظرة، وكان له كاستاذه، مجلس يناظر عنده في كل المذاهب، فكان الجو الفكري المشبع بالاصالة والابداع من أهم الاسباب التي حملت الشيخ الطوسي على الهجرة إلى بغداد، هذا وكانت الرحلة في طلب العلم أمرا شائعا في تلك العصور، مضافا إلى توفر المكتبات الكبرى التي يرجع


(1) اقتبسنا هذه المقدمة – بتصرف – من رسالة الماجستير الموسومة به (الشيخ الطوسي) للاستاذ حسن عيسى الحكيم، مطبعة – الاداب، النجف الاشرف، الطبعة الاولى، سنة 1395 ه‍ – 1975 م.

[ 10 ]

إليها الطلاب للافادة منها، واشتهرت ببغداد مكتبتان عظيمتان، الاولى مكتبة سابور ابن أردشير الوزير البويهي التي تأسست عام 381 ه‍، أو عام 383 ه‍، وكانت ملتقى رجال الفكر والادب، ومنتدى العلماء والباحثين والمناظرين، يشدون إليها الرجال، والثانية مكتبة الشريف المرتضى، وقد كان بها ثمانون ألف مجلد. وقد تتلمذ الشيخ الطوسي في بغداد على الشيخ المفيد، الذي كان يومذاك شيخ متكلمي الامامية وفقهائها، انتهت رياستهم إليه في وقته في العلم، مدة خمس سنوات، وكان مما درسه الاصول والكلام، وشرع في تأليف كتاب (تهذيب الاحكام) شرح فيه كتاب (المقنعة) لاستاذه الشيخ المفيد، وتتلمذ الشيخ الطوسي خلال تلك الفترة على الحسين بن عبيدالله الغضائري، المتوفى عام 411 ه‍، ومحمد بن أحمد بن أبي الفوارس المتوفى بعد سنة 411 ه‍، وغير هؤلاء من شيوخ عصره. وبعد وفاة الشيخ المفيد عام 413 ه‍، انتقلت زعامة الامامية إلى الشريف المرتضى (413 – 436 ه‍) الذي كان من أبرز تلامذة الشيخ المفيد، وقد تلمذ الشيح الطوسي للسيد المرتضى، وألف كتاب (تلخيص الشافي) خلال تلمذته له، وهو كتاب حاول به تبسيط المسائل التي وردت في كتاب (الشافي) لاستاذه الشريف المرتضي، وألف الشيخ الطوسي في حياة أستاذه الشريف المرتضى كتاب (الرجال) و (الفهرست)، وقد دامت مدة تلمذة الشيخ الطوسي على الشريف المرتضى ثلاثة وعشرين عاما، كما تلمذ خلال هذه الفترة على شيوخ آخرين، منهم: هلال بن محمد بن جعفر الحفار، المتوفى عام 414 ه‍، ومحمد بن محمد بن محمد بن مخلد، المتوفى عام 419 ه‍، وأحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر المتوفى عام 423 ه‍، ومحمد بن أحمد بن شاذان المتوفى نحو سنة 425 ه‍. وبعد وفاة السيد المرتضى عام 436 ه‍، تفرغ الشيخ الطوسي للتدريس والتعليم، وانشغل بالامور التي تخص الزعامة الدينية للامامية، واستمرت زعامته في بغداد مدة اثنتي عشرة سنة (436 – 448 ه‍) وكان يتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها أستاذاه المفيد والمرتضى، فأصبح الطوسي شيخ الطائفة وعمدتها والامام المعظم


[ 11 ]

عند الشيعة الامامية، وتقاطر عليه العلماء لحضور مجلسه حتى عد تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية، وقد منحه الخليفة العباسي القائم بأمر الله (422 – 467 ه‍) كرسي الكلام، وكان هذا الكرسن لا يعطى إلا للقليلين من كبار العلماء، ولرئيس علماء الوقت، والظاهر أن تقدير الخليفة العباسي للشيخ الطوسي أثار عليه حسد بعضهم فسعوا به لدى الخليفة القائم، واتهموه بأنه تناول الصحابة بما لا يليق بهم، وكان الشيخ المفيد أستاذ الشيخ الطوسي، واحدا من أولئك الذين لففت حولهم مثل هذه التهمة، وكانت بغداد مسرحا لامثال هذه الفتن، وقد وجدت طريقها عام 447 ه‍ عند دخول السلاجقة، واشتد عنفها عام 448 ه‍، فقد بلغت الفتن فيها ذروتها من العنف والقتل والاحراق، ولم يسلم الشيخ الطوسي من غوائلها، فقد كبست داره ونهبت وأحرقت، كما وأحرقت كتبه وآثاره ودفاتره مرات عديدة، وبمحضر من الناس، كما وأحرق كرسى التدريس الذي منحه الخليفة القائم له، ونهبت أثاثه كذلك، وقتل أبو عبد الله الجلاب على باب داره وهو من كبار علماء الشيعة، وكانت الدولة العباسية آنذاك في ضعف وتدهور، حيث فقدت هيبتها وسلطانها على النفوس، وأصبحت عاجزة عن إقرار النظام، مما جعل بعض السلفيين المتشددين الذين كانوا يفيدون من الخلاف والفرقة بين عناصر المجتمع، واذاهم ما لمسوه من تقارب نسبي بين الطوائف المسلمة، فجندوا أنفسهم لتعكير صفو الامن، وأظهروا كل ما تكنه نفوسهم من تعصب ضد خصومهم في المذهب، فاعتدوا على رجال العلم، وعرضوا قسما مهما من التراث الاسلامي إلى الضياع، بإحراقهم المعاهد ودور العلم. وقد ألف الشيخ الطوسي في أثناء زعامته المطلقة للمذهب الامامي كتاب (العدة) في أصول الفقه، و (المقدمة إلى علم الكلام) و (مصباح المتهجد) و (المبسوط) و (النهاية) في الفقه، و (مسائل الخلاف) في الفقه المقارن وهاجر الشيخ الطوسي إلى النجف الاشرف سنة 448 ه‍، بعد فراره من بغداد أثناء الفتنة ا لتي عصفت بها عند دخول السلاجقة، وبقي فيها حتى وفاته سنة 460 ه‍، واستمرت أسرته فيها من بعده، ولا يزال بيته قائما فيها حتى الوقت الحاضر، بيد أ نه


[ 12 ]

حول إلى مسجد، ويعرف اليوم بمسجد الشيخ الطوسي، وقد غدت مدينة النجف بعد فترة قصيرة من وصول الشيخ الطوسي إليها، حاضرة العلم والفكر، وأخذ الناس يهاجرون إليها من مختلف المناطق، وباشر الشيخ الطوسي بعد إقامته بها بالتدرس، فكان يملي دروسه على تلاميذه بانتظام، وما كتاب (الامالي) إلا محاضرات ألقاها هناك، وألف أيضا كتاب (اختيار الرجال) و (شرح الشرح) واستمر في تدريسه وإلقاء محاضراته حتى أواخر حياته. شيوخه وهم الذين تدور روايته عليهم في كتبه، وهم إما شيوخ إجازة أو سماع أو قراءة، أو ممن ذكرهم أرباب التراجم والرجال، وهم: 1 – أحمد بن إبراهيم القزويني، المتوفى بعد سنة 408 ه‍. 2 – أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز، المعروف بابن الحاشر، ويعرف أيضا بابن عبدون، المتوفى سنة 423 ه‍. 3 – أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الاسدي، المكنى بأبي العباس أو بأبي الحسين، المتوفى سنة 450 ه‍. 4 – أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت الاهوازي، وتعرف بابن أبي الصلت أيضا، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 409 ه‍. 5 – جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، يكنى بأبي الحسين. 6 – أبو حازم النيشابوري. 7 – أبو الحسن الصقال، أو ابن الصقال. 8 – الحسن بن القاسم المحمدي، ويكنى بأبي محمد، ويلقب بالشريف والنقيب والعلوي والمحمدي، المتوفى بعد سنة 5410. 9 – الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس البزار، وقيل. البزاز، المعروف بابن أشناس، وابن الحمامي، ويكنى بأبى علي، المتوفى سنة 439 ه‍.


[ 13 ]

10 – الحسن بن محمد بن يحيى الفحام، أو ابن الفحام، ويكنى بأبي محمد ويلفب بالسرمن را ئي أو السا مري، المتوفى سنة 408 ه‍. 11 – حسنبش المقرئ، ويكنى بأبي الحسين، المتوفى بعد سنة 408 ه‍. 12 – الحسين بن إبراهيم القزويني، ويكنى بأبي عبد الله، المتوفى بعد سنة 408 ه‍ 13 – الحسين بن إبراهيم القمي، ويكنى بأبي عبد الله، ويعرف بابن الخياط، أو ابن الحناط. 14 – الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم الغضائري، ويكنى بأبي عبد الله، وينعت بالعطاردي، وبشيخ الطائفة، المتوفى سنة 411 ه‍. 15 – الحسين بن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، المتوفى بعد سنة 408 ه‍. 16 – أبو الحسين بن سوار المغربي. 17 – حمويه بن علي بن حمويه البصري، يكنى بأبي عبد الله. 18 – أبو طالب بن غرور. 19 – أبو الطيب الطبري الحويري القاضى، المتوفى بعد سنة 408 ه‍. 20 – أبو عبد الله أخو سروة. 21 – أبو عبد الله بن الفارسي، وقيل: أبو عبد الله الفارسي. 22 – عبد الحميد بن محمد المقرئ النيسابوري، ويكنى بأبي محمد. 23 – عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، ويكنى بأبي عمرو، ويلقب بالفارسي وبابن خشنام، المتوفى سنة 410 ه‍. 24 – علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري، المعروف بابن الحمامي، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 417 ه‍. 25 – علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد القمي، ويكنى بأبي الحسين، ويلقب بالاشعري، المتوفى بعد سنة 408 ه‍.


[ 14 ]

26 – علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى، الشريف المرتضى، ويكنى بأبي القاسم، ويلقب بالمرتضى وعلم الهدى وذي المجدين والامام الاعظم شيخ الاسلام، المتوفى سنة 436 ه‍. 27 – علي بن شبل بن أسد الوكيل، ويكنى بأبي القاسم، ويلقب بالوكيل، المتوفى بعد سنة 410 ه‍. 28 – علي بن أبي علي المحسن بن علي التنوخي، ويكنى بأبي القاسم، ويعرف بالقاضي والمقرئ والبغدادي، المتوفى سنة 447 ه‍. 29 – علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، ويكنى بأبي الحسين، ويعرف بابن بشران المعدل، المتوفى سنة 415 ه‍. 30 – محمد بن أحمد بن شاذان، يكنى بأبي الحسن، وقيل: بأبي علي، ويعرف بالبغدادي وبالقمي، المتوفى نحو سنة 425 ه‍. 31 – محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، ويكنى بأبي الفتح، ويعرف بالحافظ، المتوفى سنة 412 ه‍. 32 – محمد بن علي بن خشيش، ويكنى بأبي الحسين. 33 – محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 419 ه‍ 34 – محمد بن محمد بن النعمان، ويكنى بأبي عبد الله، ويلقب بالمفيد، وبابن المعلم، والبغداد ي والكرخي والعكبري والعربي والحارثي، المتوفى سنة 413 ه‍ 35 – محمد بن سليمان الحمراني، وقيل: الحمداني، أو الحراني، ويكنى بأبي زكريا. 36 – محمد بن سنان. 37 – أبو منصور السكري. 38 – هلال بن محمد بن جعفر الحفار، ويكنى بأبي الفتح، المتوفى سنة 414 ه‍.


[ 15 ]

تلاميذ ه تقلد الشيخ الطوسي الزعامة المطلقة للامامية قرابة ربع قرن من الزمن (436 – 46 0 ه‍)، وتزعم حوزة علمية كبيرة، تجاوز تلاميذه فيها ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية، ولكن لم نعثر على أسمائهم جميعا، بل توصلنا إلى معرفة بعضهم، وهم: 1 – آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي. 2 – أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري، يكنى بأبي بكر. المتوفى نحو سنة 480 ه‍ 3 – إسحاق بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي طالب. 4 – إسماعيل بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي إبراهيم، المتوفى سنة 500 ه‍. 5 – بركة بن محمد بن بركة الاسدي، ويكنى بأبي الخير. 6 – تقي بن نجم الحلبي، ويكنى بأبي الصلاح، المتوفى سنة 447 ه‍. 7 – جعفر بن علي بن جعفر الحسيني، ويكنى بأبي إبراهيم، أو بأبي الحسن. 8 – الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويدعى حسكا، ويكنى بأبي محمد، ويلقب شمس الاسلام، المتوفى سنة 5512 ه‍. 9 – الحسن بن عبد العزيز بن الحسن الجبهاني، ويكنى بأبي محمد، ويعرف بالمعدل والعدل. 10 – أبو الحسن اللؤلؤي. 11 – الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، يكنى بأبي علي، ويلقب بالمفيد، أو المفيد الثاني، المتوفى نحو سنة 511 ه‍. 12 – الحسن بن مهدي السليقي، ويكنى بأبي طالب، وينعت بالعلوي والحسني والحسيني.


[ 16 ]

13 – الحسين بن الفتح الواعظ البكر آبادي الجرجاني. 14 – الحسين بن المظفر بن علي الهمداني، وقيل: الهمداني، ويكنى بأبي عبد الله، ويعرف بالقزويني المتوفى سنة 460 ه‍. 15 – السيد ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني المروزي، ويكنى بأبي الصمصام، ويلقب بعماد الدين. 16 – زيد بن علي بن الحسين الحسيني، وقيل: الحسني، وبكنى بأبي محمد. 17 – زين بن الداعي الحسينى. 18 – سليمان بن الحسن بن سلمان الصهرشتي، ويكنى بأبى الحسن، ويلفب بنظام الدين. 19 – شهرآ شوب المازندراني السروي. 20 – صاعد بن ربيعة بن أبي غانم. 21 – عبد الجبار بن علي النيسابوري المقرئ، ويلقب بالمفيد، المتوفى سنة 506 ه‍ 22 – عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي، ويكنى بأبي محمد، أو بأبي عبد الله ” ويلقب بالمفيد. 23 – عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج، ويكنى بأبي القاسم، المتوفى سنة 5481 ه‍. 24 – عبيدالله بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي القاسم، ويلفب بموفق الدين، المتوفى سنة 442 ه‍. 25 – علي بن عبد الصمد التميمي السبزواري النيسابوري، ويكنى بأبي الحسن. 26 – غازي بن أحمد بن أبي منصور الساماني ” ويلقب بالكوفي. 27 – كردي بن عكبر بن كردي الفارسي، ويلفب بالحلبي. 28 – محمد بن أحمد بن شهريار الخازن للحضرة الحيدرية.


[ 17 ]

29 – أبو محمد بن الحسن بن عبد الواحد العين زربي، وقيل: ابن عين زربي أو ابن زربي. 30 – محمد بن الحسن بن علي الفتال الفارسي النيسابوري، المتوفى سنة 508 ه‍ 31 – محمد بن عبد القادر بن محمد أبو الصلت. 32 – محمد بن أبي القاسم الطبري الاملي الكجي، ويكنى بأبي جعفر، المتوفى نحو سنة 5525. 33 – محمد بن علي بن الحسن الحلبي، ويكنى بأبي جعفر. 34 – محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي، ويكنى بأبي جعفر، ويلقب بعماد الدين. 35 – محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، ويكنى بأبي الفتح، ويلقب بالخيمي والكرخي. 36 – محمد بن هبة الله بن جعفر الوراق الطرابلسي، ويكنى بأبي عبد الله. 37 – المطهر بن أبي القاسم علي بن أبي الفضل محمد بن الحسيني الديباجي، ويكنى بأبي الحسن، ويلقب بالمرتضى ذي الفخرين. 38 – المنتهي بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني الكخي، المكنى بأبي الفضل. 39 – منصور بن الحسين الابي، ويكنى بأبي سعد أو بأبي سعيد، المتوفى نحو سنة 422 ه‍. 40 – ناصر بن عبد الرضا بن محمد بن عبد الله العلوي الحسيني، ويكنى بأبي إ براهيم.


[ 18 ]

مؤلفا ته يمكن تقسيم مؤلفات الشيخ الطوسي من حيث تنوع موضوعاتها إلى العلوم الاسلامية التالية: 1 – التفسير وعلوم القران، وله فيه: أ: التبيان. ب: المسائل الرجبية. ج‍: المسائل الدمشقية. 2 – الحديث، وله فيه: أ: تهذيب الاحكام. ب: الاستبصار فيما اختلف من الاخبار. 3 – الرجال، وله فيها: أ: الفهرست. ب: الرجال. ج‍: اختيار الرجال. 4 – علم الكلام والامامة، وله فيه: أ. تلخيص الشافي. ب: الغيبة. ج‍: المفصح في الامامة. د: الاقتصاد فيما يجب على العباد. ه‍: النقض على ابن شاذان في مسألة الغار. و. مقدمة في المدخل إلى علم الكلام. ز. رياضة العقول، في شرح المدخل المتقدم. ح: ما يعلل وما لا يعلل. ط: أصول العقائد.


[ 19 ]

ي: المسائل في الفرق بين النبي والامام. ك: المسائل الرازية في الوعيد. ل: ما لا يسع المكلف الاخلال به. م: تمهيد الاصول، في شرح كتاب السيد المرتضى (جمل العلم والعمل). ن: الكافي، في علم الكلام. س: تعليق ما لا يسع. ع: مسألة في الحسن والقبح. ف: ثلاثون مسألة كلامية. ص: اصطلاحات المتكلمين. ق: الاستيفاء في الامامة. 5 – علم الفقه والفقه المقارن، وله فيه: أ: النهابة. ب: المبسوط في الفقه. ج‍: الايجاز في الفرائض. د. الجمل والعقود. ه‍: المسائل الجنبلائية. و: المسائل الحائرية. ز: المسائل الحلبية. ح: مسألة في تحريم الفقاع. ط: الخلاف. 6 – علم الاصول، وله فيه: أ: العمدة في أصول الفقه. ب: شرح الشرح. ج‍: مسألة في العمل بخبر الواحد.


[ 20 ]

7 – الادعية والعبادات، وله فيها: أ: مصباح المتهجد. ب: مختصر المصباح. ب: هداية المسترشد وبصيرة المتعبد. د: مختصر عمل يوم وليلة. 5: مناسك الحج. 8 – الامالي وكتب متفرقه. ا: المجالس في الاخبار أو (الامالي). ب: مقتل الحسين (عليه السلام) أو (مختصر في مقتل الحسين (عليه السلام). ج‍: مختصر أخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي. د: مسألة في وجوب الجزية على اليهود والمنتمين إلى الجبابرة. ه‍: أنس الوحيد. و: المسائل الالياسية، في فنون مختلفة. ز. مسائل ابن البراج. ح: المسائل القمية. ط: مسألة في الاحوال.


[ 21 ]

التعريف بكتاب (الامالي) للشيعة الامامية كتب عدة في الامالي، وهي عبارة عن محاضرات يمليها الشيخ على تلاميذه في مجلس، أو في مجالس، وفي أيام معينة، أو في مواسم خاصة عن ظهر قلبه أو عن كتابه، أو الغالب عليها ترتيبه على مجالس السماع، ولذا يطلق عليها المجالس أو عرض المجالس أيضا. ويبدو أن للطلبة دورا على حفظ هذا النوع من الدروس وروايتها وتدوينها، ويقول الدكتور معروف: ” إن الامالي أعلى مراتب التعليم، وكيفيتها أن يملي العالم في مجلس أو عدة مجالس تعقد له في ا لجامع أوالمدرسة على طلبة العلم ما توصل إليه في بحوثه وتحرياته فتكتب عنه “. وكتاب (الامالي) أو (المجالس) للشيخ الطوسي عبارة عن مجالس عقدت في مشهد الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف الاشرف، وهي تعطي دلالة على انتظام الوضع الدراسي، وإعادة الحركة العلمية من جديد في النجف، بعد النكسة التي أصابتها في حوادث بغداد عام 448 ه‍. ومما يبدو أن الشيخ الطوسي قد أملى على طلابه في النجف، وكان من ضمنهم ولده أبو علي الذي قام هو بدوره في إملائها على تلاميذه فيما بعد، فرويت عن مؤلفها بواسطته، ولا يمنع ذلك أن يوجد من شارك أبا علي في السما ع من أبيه الشيخ الطوسي تلك الامالي، إلا أن الذي حدث بها


[ 22 ]

عن المؤلف هو ولده أبو علي فحسب، مما جعل بعض الباحثين يعتقد نسبة هذه الامالي للشيخ أبي علي الطوسي، ويقول الامين: ” إن الامالي المتداول هو للشيخ الطوسي لا لولده، فإن كان يوجد أمال أخرى لولده كما يد عيه صاحب (البحار) فذاك، وإلا فهذا المتداول لا علاقة للمترجم – يعني أبا علي الطوسي – به إلا أنه يرويه عن أبيه،. وقد ذكر الشيخ الطوسي كتابه هذا في الفهرست قائلا: ” وله كتاب المجالس في ا لاخبا ر “. إن أمالي الشيخ الطوسي على قسمين: الاول منه يشتمل على ثمانية عثر مجلسا، تبتدئ جميعها بالشيخ أبي علي الطوسي، وهي مؤرخة بالشهر والسنة، عدا المجلس الرابع، والثالث عشر، والثامن عشر، والمجالس الثمانية عشر هذه لم يذكر فيها الشيخ الطوسي أيام الاملاء من الاسبوع، دائما يكتفي بذكر الشهر والسنة، عدا المجلس الخامس الذي أملاه في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأربع مائة. ومن الملاحظ في هذه المجالس، أن المجلس السادس أملاه في ذي القعدة من سنة 455 ه‍، في حين أن المجلس الخامس الذي سبقه قد أملاه سنة 457 ه‍، ولعل هذا ناتج عن وقوع السهو في التاريخ من قبل النساخ، بدليل أن المجلس السابع أملاه في المحرم من سنة 456 ه‍، والمجالس التالية تأخذ بالتعاقب الزمني. أما القسم الثاني من الامالي، فهو مرتب على المجالس، وقد ابتدأ المجلس الاول في يوم الجمعة المصادف لليوم الرابع من المحرم من سنة 457 ه‍، وهكذا تستمر بقية المجالس بالانعقاد في أيام الجمع، وهو شئ يمكن ملاحظته في هذه الامالي، وهو طابع الاستمرارية في الاملاء وتعيين يوم الجمعة موعدا للاملاء، ويختم الشيخ الطوسي أماليه بمجلس أطلق عليه مجلس يوم التروية من سنة 458 ه‍، وتبلغ عدد مجالس القسم الثاني من ” الامالي ” سبعة وعشرين مجلسا، يؤرخ فيها اليوم والشهر والسنة. وقد استغرق إملاء كتاب ” الامالي ” بقسميه ” المجالس الثمانية عشر “


[ 23 ]

و ” المجالس الثمانية والعشرين ” مدة ثلاث سنوات، لا نه أملى المجلس الاول من القسم الاول في شهر ربيع الاول من سنة 455 ه‍، وختم المجلس السابع والعشرين من القسم الثاني في يوم الجمعة السادس من صفر سنة 458 ه‍، على أن النسخة المخطوطة تخلو من ذكر هذه التواريخ، لا نها تبدأ بمشايخ أبي جعفر الطوسي، وتبلغ مجموع أمالي القسمين ستة وأربعين مجلسا. ويذكر الطهراني عن السيد ابن طاوس ” بأن الشيخ الطوسي أملى تمام السبعة والعشرين (1) مجلسا على ولده الشيخ أبي على وكلها بخط الشيخ حسين بن رطبة وغيره… إلا أن الثمانية عشر مجلسا منها ظهرت للناس أولا برواية الشيخ أبي علي لها عن والده، وصدرت تلك المجالس باسم الشيخ أبي علي، والبقية إلى تمام السبعة والعشرين مجلسا رواها أيضا الشيخ أبو علي للناس بعد الاولى بعين ما أملاه والده عليه في مجالس كل يوم “. وقد أثبتنا أسانيد هذا الكتاب وفقا للنسخة المخطوطة سنة 580 ه‍، وجميعها تبدأ بمشايخ المصنف، ولم يرد ذكر لولد المصنف الشيخ أبي علي فيها، وتبدأ النسخة من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر، وجاء في آخر النسخة ” تم كتاب الامالي نسخا، وهو ثمانية عشر جزءا، أول يوم الجمعه لثلاث عشر مضين من شهر شوال من سنة ثمانين وخمس مائة،. أما المجالس المتبقية من الكتاب، من المجلس التاسع عشر إلى المجلس السادس والاربعين، فهي برواية ولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي عن والده، وفي بعض نسخ الكتاب المتأخرة روى الشيخ أبو علي الطوسي عن والده المجالس الثمانية عشر الاولى أيضا، مثبتا فيها تاريخ الرواية عن أبيه على ما تقدم آنفا. تضم ” أمالي الشيخ الطوسي ” طائفة من الاحاديث النبوية الشريفة، وجانبا من


(1) كذا، والصحيح (28) كما تقدم آنفا.

[ 24 ]

السيرة المحمد ية، وروا يا ت عن ا لائمة (عليهم السلام)، وأد عية ماثورة، وقد حظي التا ريخ فيها مجالا واسعا، حيث تناول الشيخ الطوسي بعض حوادثه بالتفصيل، كهجرة المسلمين إلى الحبشة، ويوم خيبر، ويوم مؤتة، والخلافة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومقتل الامام الحسين (عليه السلام)، كما وتناول بعض الحركات السياسية في التاريخ الاسلامي كثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وغيرها. وكانت مصادره في ذلك بعض شيوخه، كالشيخ المفيد، وابن عبد ون، وابن الصلت ا لاهوازي، وهلال الحفار، وأبي منصور السكري، والحسن بن محمد الفحام، وابن أبي الفوارس، والحسين بن إبراهيم القزويني، وابن خشيش، وأبي الطيب الطبري، وا بن بشران، وابن مخلد، وابن مهد ي، وا بن الحمامي، وا بن شاذان، وابن حمويه، وابن شبل، والجرجاني، والصقال، وا لغضا ئري.


[ 25 ]

منهج التحقيق يمكن إجمال عملنا في الكتاب بالنقاط التالية: ا – معارضة المطبوع في النجف الاشرف بالنسخة المخطوطة وبالمطبوعة على الحجر. 2 – معارضة المطبوع من المجلس التاسع عشر إلى آخر الكتاب بنقول العلامة المجلسي في بحار الانوار من كتاب الامالي، وذلك لكثرة التصحيف والتحريف والسقط في هذه المجالس في المطبوعة والحجرية. 3 – تقويم النص بتخليصه من التصحيف والسقط، وشرح غريبه، وضبط الايات القرآنية وتخريجها، وقد أثبتنا ما هو صحيح من مجموع النسخ، ولم نشر إلى اختلاف النسخ إلا نادرا، لان أغلب الاختلاف هو من قبيل التصحيف الذي لا تترتب عليه أدنى فائدة للقارئ. 4 – ترقيم المجالس والاحاديث في كل مجلس. 5 – الاحالة إلى الاحاديث المتحدة في اللفظ أو المتشابهة. 6 – إلحاق فهارس للايات القرانية، والحديث والاثر، والقوافي الشعرية


[ 26 ]

النسخ المعتمدة ا – النسخة المخطوطة سنة 580 ه‍، وقد وقع الفراغ من نسخها أول يوم الجمعه لثلاثة عشر يوما مضت من شهر شوال من السنة المذكورة، بخط السديد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هلال الكاتب، وهي نسخة قيمة، تبدأ أسانيدها بشيوخ المصنف، وتتضمن ثمانية عشر مجلسا، حيث تبدأ من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر. 2 – المطبوعة على الحجر في إيران سنة 313 ه‍، تبدأ من أول الكتاب إلى آخره، وتبدأ أسانيدها بولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي. 3 – طبعة مطبعة النعمان في النجف الاشرف سنة 1381 ه‍ – 1964 م، وهي كثيرة التصحيف والسقط، وتشترك في ذلك بالمطبوعة الحجرية المذكورة أعلاه، وكأنها طبعت عليها. شكر وتقدير يتقدم قسم الدراسات الاسلامية بوافر الشكر ومزيد الامتنان للاخوة المساهمين في إنجاز تحقيق كتاب الامالي لشيخ الطائفة (رحمه الله)، وإخراجه بشكل يناسب مقام مؤلفه (رحمه لله)، ويكون أكثر فائدة لمريدي هذا الكتاب، ونخص بالذكر منهم: الاخ علي الكعبي، والسيد إسماعيل الموسوي، والاخ زهير جواد، والسيد عبد الحميد الرضوي، والاخ عبد الله الخزاعي، والاخ عصام البدري. وفق الله العاملين على إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) وسدد خطاهم. قسم الدرسات الاسلامية – مؤسسة البعثة


[ 27 ]

صورة الصفحة الاولى من النسخة المخطوطة سنة 580 ه‍


[ 28 ]

صورة الصفحة الاخيرة من النسخة المخطوطة سنة 580 ه‍


[ 29 ]

صورة الصفحة الاولى من النسخة المطبوعة علي الحجر


[ 30 ]

صورة الصفحة الاخيرة من النسخة المطبوعة علي الحجر


[ 1 ]

الامالي لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385 – 460 ه‍ تحقيق قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع دار الثقافة


[ 3 ]

(1) المجلس الاول فيه أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، رواية أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عنه. بسم الله الرحمن الرحيم 1 / 1 – أملى علينا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا علي بن حفص المدائني، قال: أخبرنا إبراهيم بن الحارث، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله، قسوة القلب، إن أبعد الناس من الله القلب القاسي. 2 / 2 – قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا عمي، قال: حذئنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: لما كان يوم خيبر خرج رجل من اليهود يقال له مرحب، وكان طويل القامة عظيم الهامة، وكانت اليهود تقدمه لشجاعته ويساره. قال: فخرج في ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما واقفه قرن (1) إلا قال: أنا مرحب، ثم حمل عليه فلم يثبت له. قال:


(1) القرن: المثل في الشجاعة.

[ 4 ]

وكانت له ظئر (1)، وكانت كاهنة، وكانت تعجب بشبابه وعظم خلقته، وكانت تقول له: قاتل كل من قاتلك وغالب كل من غالبك إلا من تسمى عليك بحيدرة، فإنك إن وقفت له هلكت. قال: فلما كثر مناوشته، وبعل الناس بمقامه (2) شكوا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وسألوه أن يخرج إليه عليا (عليه السلام)، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام)، وقال له: يا علي اكفني مرحبا، فخرج إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما بصر به مرحب أسرع إليه فلم يره يعبأ به، فأنكر ذلك وأحجم عنه، ثم أقدم وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي مرحبا فأقبل علي (عليه السلام) بالسيف، وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي حيدره فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف خوفا مما حذرته منه ظئره، فتمثل له إبليس في صورة حبرمن أحبار اليهود، فقال: إلى أين يا مرحب ؟ فقال: قد تسمى علي هذا القرن بحيدرة. فقال له إبليس: فما حيدرة ؟ فقال: إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة، وتقول: إنه قاتلك. فقال له إبليس: شوها لك، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله، تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن، وحيدرة في الدنياكثير، فارجع فلعلك تقتله، فإن قتلته سدت قومك وأنا في ظهرك استصرخ اليهود لك. فرده فوالله ما كان إلاكفواق (3) ناقة حتى ضربه علي (عليه السلام) ضربة سقط منها لوجهه وانهزم اليهود وهم يقولون: قتل مرحب، قتل مرحب. قال: وفي ذلك يقول الكميت بن زيد الاسدي (رحمه الله) في مدحه


(1) الظئر: المرضعة. (2) أي تحيروا ودهشوا. (3) الفواق: الوقت بين الحلبتين

[ 5 ]

لعلي (عليه السلام): سقى جرع الموت ابن عثمان بعدما تعاورها منه وليد ومرحب فالوليد هو ابن عتبة خال معاوية بن أبي سفيان، وعثمان بن طلحة من قريش، ومرحب من اليهود. 3 / 3 – قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبو عثمان، قال: حدثنا العتبي، قال: سمعت أعرابيا يدعو ويقول: ” اللهم ارزقني عمل الخائفين وخوف العاملين حتى اتنعم بترك النعيم، رغبة فيما وعدت، وخوفا مما أوعد ت “. قال: وسمعت آخر يدعو فيقول في دعائه: اللهم إن لك علي حقوقا فتصدق علي بها، وللناس علي تبعات فتحملها عني، وقد أوجبت لعل ضيف قرى (1)، وأنا ضيفك، فاجعل قراي الليلة الجنة “. 4 / 4 – قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الاعرابي، قال: حدثنا علي بن عمروس، عن هشام بن السائب، عن أبيه، قال: خطب الناس يوما معاوية بمسجد دمشق وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش وخطباء ربيعة ومدارهها (2)، وصناديد اليمن وملوكها، فقال معاوية: إن الله (تعالى) أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنة فأنقذهم من النار، ثم جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله، المؤيدين بظفر الله، المنصورين على أعداء الله. قال: وفي الجامع من أهل العراق الاحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال الاحنف لصعصعة: أتكفيني أم أقوم أنا إليه ؟ فقال صعصعة: بل أكفيكه أنا. ثم قام صعصعة فقال: يابن أبي سفيان، تكلمت فأبلغت ولم تقصر دون ما أردت، وكيف


(1) القرى: ما يقدم إلى الضيف من طعام ونحوه. (2) المداره: جمع مدره، السيد الشريف، وزعيم القوم وخطيبهم المتكلم عنهم.

[ 6 ]

يكون ما تقول وقد غلبتنا قسرا وملكتنا تجبرا ودنتنا بغير الحق، واستوليت بأسباب الفضل علينا ؟ ! فأما إطراؤك أهل الشام فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم، قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال، فإن أعطيتهم حاموا عنك ونصروك، وإن منعتهم قعدوا عنك ورفضوك. فقال معاوية: اسكت يابن صوحان، فوالله لولا أني لم أتجرع غصة غيظ قط أفضل من حلم وأحمد من كرم سيما في الكف عن مثلك والاحتمال لدونك لما عدت إلى مثل مقالتك. فقعد صعصعة فأنشأ معاوية يقول: قبلت جاهلهم حلما وتكرمة والحلم عن قدر في فضل من الكرم 5 / 5 – قال: وحدثنا أبو الطيب الحسين بن علي التمار، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أيوب، قال: حدثنا يحيى بن عنبسة الجعفي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما فتح لاحد باب دعاء إلا فتح الله له فيه باب إجابة، فإذا فتح لاحدكم باب دعاء فليجهد، فإن الله (عزوجل) لا يمل حتى تملوا. قال أبو الطيب: الملل من الانسان الضجر والسأمة، ومن الله (تعالى) على جهة الترك للفعل، وإنما وصف نفسه بالملل للمقابلة بملل الانسان، كما قال: ” نسوا الله فنسيهم ” (1) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه. 6 / 6 – قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا العنزي، قال أبو بكر: وقد سمعت هذا الحديث من العنزي، وقرأته عليه، قال: حدثني إبراهيم بن مسلم، قال: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن مروان بن سالم، قال: حد ثنا الاعمش، عن أبي وائل وزيد بن وهب، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تاركوا الترك ما تركوكم، فإن أول من يسلب أمتي ملكها وما خولها الله لبنو قنطور بن كركرة، وهم الترك. 7 / 7 – قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال:


(1) سورة التوبة 9: 67. (*)

[ 7 ]

حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن عمر، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد ا بن مسلم، عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يعذب الله قلبا وعى القران. 8 / 8 – وحدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين العامري، قال: حدثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي، فقال: هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمه وصاحبه، أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور. ثتم إني أوصيك – يا حسن – وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإذا كان ذلك يا بني الزم بيتك، وابك على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محالها، والصمت عند الشبهة وا لاقتصاد، والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب المساكين ومجا لستهم، والتوا ضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر ا لامل، وا ذ كر الموت، وا زهد في الدنيا، فانك رهين موت، وغرض بلاء، وصريع سقم. وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيتك، وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، له إذا عرض شئ من أمر الاخرة فابدأ به، وإ ذا عرض شي من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغر جليسه.


[ 8 ]

وكن لله يا بني عاملا، وعن الخنا (1) زخورا، وبالمعروف امرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله، وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وابغضه بقلبك، وزايله بأعمالك، كي لا تكون مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة، ومجاراة من لا عقل له ولا علم. واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه، والزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حثى تتصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لاهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وا كثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وببنك. وأوصيك بأخيك محمد خيرا، فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبي له، فأما أخوك الحسين فهو ابن أمك، ولا أزيد الوصاة بذلك، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم، والصبر الصبر حثى ينزل الله الامر، ولا حول ولا فوة إلا بالله العلي العظيم. 9 / 9 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا المسعودي، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن يحيى بن حماد القطان، قال: حدثنا أبو محمد الحضرمي، عن أبي علي الهمداني: أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، إني سائلك لاخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، ألا تحدثنا عن أمرك هذا، أكان بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم شئ رأيته ؟ فإنا قد أكثرنا فيك الاقاويل، وأوثقه عندنا ما قلناه عنك وسمعناه من فيك، إنا كنا نقول: لو رجعت إليكم


(1) الخنا: الفحش في الكلام.

[ 9 ]

بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول، أ أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك، فان قلت ذلك فعلى م نصبك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد حجة الوداع، فقال: ” أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه ” وان كنت أولى منهم بما كانوا فيه فعلى م نتولاهم ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا عبد الرحمن، إن الله (تعالى) قبض نبيه صلى الله عليه وآله وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا، وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني (1) بأنفي لاقررت سمعا لله وطاعة، وإن أول ما انتقصنا بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما دق أمرنا طمعت رعيان قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا قبلته وقمت به، وكان إلي أجل معلوم، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل، فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون، وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، فأنت لعمرك كما قال الاول. لعمري لقد أيقظت من كان نائما وأسمعت من كانت له أذنان 10 / 10 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) وقد سئل عن قوله (تعالى): ” فلله الحجة البالغة ” (2). فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتى


(1) خزمه: ثئ وثقبه وخزمه بأنفه: أذله وسخره. (2) سورة الانعام 6: 141.

[ 10 ]

تعمل ؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة. 11 / 11 – حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثني أبو الحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن حماد، قال: حدثنا عبيد بن يعيش، فال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرنا يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي، عن أبي العالية، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله الجنة، تقول: أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الامانة، وصلة الرحم. 12 / 12 – وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (ابن قولويه) (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن يزيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في الابن ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر. قيل: وما هن، يابن رسول الله ؟ قال: صدق اللسان، وصدق البأس (1)، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف، وإطعام السائل، والمكافاة على الصنائع، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، ورأسهن الحياء. 13 / 13 – أملى علينا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار النحوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا هشام عن أبي مخنف، عن الاعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ بن نباتة (رحمه الله)، قال إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أيها


(1) في نسخة: الناس.

[ 11 ]

الناس، اسمعوا مقالتي وعوا كلامي، إن الخيلاء من التجبر، والنخوة من التكبر، وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل، ألا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابزوا، ولا تخاذلوا، فإن شرائع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن تركها مرق، ومن فارقها محق، ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذوب إذا نطق، نحن أهل بيت الرحمة وقولنا الحق، وفعلنا القسط، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام وأمناء الكتاب، ندعوكم إلى الله ورسوله وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء رضوانه، والى إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ لاهله. ألا وان أعجب العجب أن معاوية بن أبي سفيان الاموي وعمرو بن العاص السهمي يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما، وإني والله لم أخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) قط، ولم أعصه في أمر قط، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الابطال، وترعد فيها الفرائص، بقوة أكرمني الله بها، فله الحمد. ولقد قبض النبي (صلى الله وعليه اله) وإن رأسه في حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلبه الملائكة المقربون معي، وأيم الله ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر باطلها على حقها إلا ما شاء ا لله. قال: فقام عمار بن ياسر (رحمه الله تعالى) فقال: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن الامة لم تستقم عليه، فتفرق الناس وقد نفذت بصائرهم. 14 / 14 – عنه، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا زيد بن الحسين الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن نجيح، قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عمر المازني، عن أبي زيد الانصاري، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له ابن عباس: إن علي بن أبي طالب (عليه السلا م) صلى


[ 12 ]

القبلتين، وبايع البيعتين، ولم يعبد صنما ولا وثنا، ولم يضرب على رأسه بزلم (1) ولا يقدح، ولد على الفطرة، ولم يشرك بالله طرفة عين. فقال الرجل: إني لم أسالك عن هذا، إنما أسالك عن حمله سيفه على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفا، ثم صار إلى الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آ خرهم. فقال له ابن عباس: أعلي أعلم عندك أم أنا ؟ فقال: لو كان علي أعلم عندي منك لما سألتك. قال: فغضب ابن عباس حثى اشتد غضبه، ثم قال: ثكلتك أمك، علي (عليه السلام) علمني، وكان علمه من رسول الله (صى الله عليه وآله)، ورسول الله علمه الله من فوق عرشه، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) من الله، وعلم علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلمي من علم علي (عليه السلا م)، وعلم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآ له) كلهم في علم علي كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر. 15 / 15 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أوحى الله إلى عيسى بن مريم (عليه السلام): يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، واكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون، وقم على قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم، وقل: إني لاحق في اللاحقين. 16 / 16 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا


(1) الزلم: وا حد الازلام.

[ 13 ]

أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدئنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام الفزاري، قال: حدثني شهر بن حوشب، عن أبي سعيد الخدري، أ نه قال: بينا رجل من أسلم في غنيمة له يهش عليها ببيداء ذي الخليفة، إذ عدا عليه الذئب، فانتزع شاة من غنمه، فهجهج به (1) الرجل ورماه بالحجارة حتى استنقذ منه شاته. قال: فأقبل الذئب حتى أقعى مستثفرا بذنبه (2) مقابلا للرجل، ثم قال له: أما اتقيت الله (عز وجل)، حلت بيني وبين شاة رزقنيها الله ؟ فقال الرجل: بالله ما سمعت كاليوم قط. فقال الذئب: مم تعجب ؟ قال: أعجب من مخاطبتك إياي. فقال الذئب: أعجب من ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الحرتين في النخلات يحدث الناس بما خلا، ويحدثهم بما هو آت، وأنت هاهنا تتبع غنمك. فلما سمع الرجل قول الذئب ساق غنمه يحوزها حتى إذا أدخلها قباء – قرية الانصار – سأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصادفه في بيت أبي أيوب، فأخبره خبر الذئب، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدقت، احضر العشية، فإذا رأيت الناس قد اجتمعوا فأخبرهم ذلك. فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر واجتمع الناس إليه أخبرهم الا سلمى خبر الذ ئب، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدق صدق صدق، فتلك الاعاجيب بين يدي الساعة، أما والذي نفس محمد بيده ليوشك الرجل أن يغيب عن أهله الروحة أو الغدوة فيخبره سوطه أو عصاه أو نعله بما أحدث أهله من بعده. 17 / 17 – حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد بن علي الزيات، قال: حدثنا عبيدالله بن جعفر بن محمد بن أعين، قال: حدثنا مسعر بن يحيى النهدي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله القاضي، قال: حدثنا أبو


(1) أي صاح به وزجره ليكف. (2) استثفر الذنب بذنبه: جعله بين فخذيه.

[ 14 ]

إسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الاخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الاحسان. 18 / 18 – عنه، قال: أخبرني أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أسامة البصري إجازة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الواسطي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يحيى، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان، قال: حدثنا مسعدة بن صدقة، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أ نه قال: أرسل النجاشي ملك الحبشة إلى جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) وأصحابه، فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب (1)، قال: فقال جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه): فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال: الحمدالله الذي نصرمحمدا وأقر عيني به، ألا أبشركم ؟ فقلت: بلى أيها الملك. فقال: إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك، وأخبرني أن الله قد نصر نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) وأهلك عدوه، وأسر فلان وفلان وفلان، وقتل فلان وفلان وفلان، التقوا بواد يقال له ” بدر “، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك وهو رجل من بني ضمرة. فقال له جعفر: أيها الملك الصالح، مالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان ؟ فقال: يا جعفر، إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى (صلوات الله عليه) أن من حق الله على عباده أن يحدثوا لله تواضعا عندما يحدث لهم من نعمة، فلما أحدث الله لي نعمة نبيه محمد أحدثت لله هذا التواضع. قال: فلما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم الله، إن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله.


(1) الخلقان: جمع خلق، والخلق من الثياب: البالي.

[ 15 ]

19 / 19 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سألث أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أن يعلمني دعاء أدعو به في المهمات، فأخرج إلي أوراقا من صحيفة عتيقة، فقال: انتسخ ما فيها فهو دعا، جدي علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) للمهمات، فكتبت ذلك على وجهه، فماكربني شئ قط وأهمني إلا دعوت به ففرج الله همي وكشف كربي وأعطاني سؤلي، وهو: ” اللهم هد يتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل فعصيت، وعرفت فاصررت ثم عرفت، فاستغفرت فأقلت، فعدت فسترت. فلك الحمد إلهي، تقحمت أودية هلاكي، وتحللت شعاب تلفي، وتعرضت فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوبا تك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أ ني لم أشرك بك شيئا، ولم اتخذ معك إلها، وقد فررت إليك من نفسي، واليك يفر المسئ وأنت مفزع المضيع حظ نفسه. فلك الحمد إلهي، فكم من عدو انتضى علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبات مدينه (1)، فديته، وأرهف لي شبا (2) حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، واضمر أن يسومني المكروه، ويجرعني ذعاف (3) مرارته. فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناوأني، وأرصد لي البلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرتك، وشددت أزري بقوتك، ثم فللت لي حده، وصيرته


(1) الظبة: حد السيف أو السنان ونحوه، وجمعها: ضبات والمدية: الشفرة الكبيرة. (2) الشبا: جمع شباة، وشباة كل شئ: طرفه. (3) الذعاف: السم القاتل.

[ 16 ]

من بعد جمع وحده، وأعليت كعبي، وجعلت ما سدده مردودا عليه، فرددته لم يشف غليله، ولم تبرد حرارة غيظه، قد عض على شواه (1)، وأدبر موليا قد أخلفت سرا ياه. وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، واضبأ إلي إضباء السبع لطريدته، انتظارا لانتهاز الفرصة لفريسته. فناديتك يا إلهي مستغيثا بك، واثقا بسرعة إجابتك، عالما أ نه لن يضطهد من آوى إلى ظل كنفك، ولن يفزع من لجأ إلى معاقل انتصارك، فحصنتني من بأسه بقد رتك. وكم من سحائب مكروه قد جليتها وغواشي كربات كشفتها، لا تسأل عما تفعل، وقد سئلت فأعطيت، ولم نسأل فابتدأت، واستميح فضلك فما أكديت، أبيت إلا إحسانا، وأبيت إلا تقحم حرماتك، وتعدي حدودك، والغفلة عن وعيد ك. فلك الحمد إلهي من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، هذا مقام من اعترف لك بالتقصير، وشهد على نفسه بالتضييع. اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، وأتوجه إليك بالعلوية البيضاء، فاعذني من شر ما خلقت، وشر من يريدني سوءا، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك، ولا يتكأدك (2) في قدرتك وأنت على كل شئ قدير. اللهم ارحمني بترك المعاصي ما أبقيتني، وارحمني بترك تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، واجعلني أتلوه على ما يرضيك به عني، ونور به بصري، وأوعه سمعي، واشرح به صدري، وفرج به عن قلبي، واطلق به لساني، واستعمل به بدني، واجعل فن من الحول والقوة ما يسهل ذلك علي، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.


(1) الشوى: تطلق على سائر أعضاء الجسم. (2) أي لا يصعب عليك.

[ 17 ]

اللهم اجعل ليلي ونهاري ودنياي وآخرتي ومنقلبي ومثواي عافية منك ومعافاة وبركة منك. اللهم أنت ربى ومولاي، وسيدي وأملي وإلهي، وغياثي وسندي، وخالقي وناصري، وثقتي ورجا ئي، لك محيا ي ومما تي، ولك سمعي وبصري، وبيد ك رزفي، وإليك أمري في الدنيا والاخرة، ملكتني بقدرتك وقدرت علي بسلطانك، لك القدرة في أمري، وناصيتي بيدك، لا يحول أحد دون رضاك، برأفتك أرجو رحمتك، وبرحمتك أرجو رضوانك، لا أرجو ذلك بعملي، فقد عجز عني عملي، فكيف أرجو ما قد عجز عني ؟ أشكوإليك فاقتي وضعف قوتي، وإفراطي في أمري، وكل ذلك من عندي، وما أنت أعلم به مني، فاكفني ذلك كله. اللهم اجعلني من رفقاء محمد حبيبك وإبراهيم خليلك، ويوم الفزع الاكبر من الامنين، فآمني وببشارتك فبشرني، وباظلالك فأظلني، وبمفازة من النار فنجني، ولا تمسني السوء ولا تخزني، ومن الدنيا فسلمني، وحجتي يوم القيامة فلقني، وبذكرك فذكرني، ولليسرى فيسرني، وللعسرى فجنبني، والصلاة والزكاة ما دمت حيا فألهمني، ولعبادتك فوفقني، وفي الفقه وفي مرضاتك فاستعملني، ومن فضلك فارزقني، ويوم القيامة فبيض وجهي، وحسابا يسيرا فحاسبني، وبقبيح عملي فلا تفضحني، وبفداك فاهدني، وبالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة فثبتني، وما أحببت فحببه إلي، وما كرهت فبغضه إلي، وما أهمني من الدنيا والاخرة فاكفني، وفي صلاتي وصيامي ودعائي ونسكي وشكري ودنياي وآخرتي فبارك لي، والمقام المحمود فابعثني، وسلطانا نصيرا فاجعل لي، وظلمي وجرمي واسرافي في أمري فتجاوز عني، ومن فتنة المحيا والممات فخلصني لا، ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنجني، ومن أوليائك يوم القيامة فاجعلني، وأدم لي صالح الذي آتيتني، وبالحلال عن الحرام فاغنني، وبالطيب عن الخبيث فا كفني، أقبل بوجهك الكريم إلي ولا تصرفه عني، له إلى صراطك المستقيم فاهدني، ولما تحب وترضى فوفقني. اللهم إني أعوذ بك من الرياء والسمعة، والكبرياء والتعظم، والخيلاء والفخر


[ 18 ]

والبذخ والاشر والبطر وا لاعجا ب بنفسي والجبرية رب فنجني، رب وأعوذ بك من البخل والعجز والشح والحسد والحرص والمنافسة والغش، وأعوذ بك من الطمع والطبع والهلع والجزع والزيغ والقمع، وأعوذ بك من البغي والظلم والاعتداء والفساد والفجور والفسوق، وأعوذ بك من الخيانة والعدوان والطغيان، رب وأعوذ بك من المعصية والقطيعة والسيئة والفواحش والذنوب، وأعوذ بك من الاثم والمأثم والحرام والمحرم والخبيث وكل ما لا تحب، رب وأعوذ بك من الشيطان وبغيه وظلمه وعدوانه وشركه وزبانيته وجنده، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وأعوذ بك من شر ما خلقت من دابة وهامة أو جن أو إنس مما يتحرك، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر ما ذرئ في الارض وما يخرج منها، وأعوذ بك من شركل كاهن وساحر وزاكن (1) ونافث وراق، وأعوذ بك من شركل حاسد وطاغ وباغ ونافس وظالم ومعتد وجائر، وأعوذ بك من العمى والصمم والبكم والبرص والجذام والشك والريب، وأعوذ بك من الكسل والفشل والعجز والتفريط والعجلة والتضييع والتقصير والابطاء، وأعوذ بك من شر ما خلقت في السماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى، رب وأعوذ بك من الفقر والحاجة والمسكنة والضيقة والعايلة، وأعوذ بك من العيلة والذلة، وأعوذ بك من الضيق والشدة والقيد والحبس والوثاق والسجون والبلاء وكل مصيبة لا صبر لي عليها، آمين رب العالمين. اللهم أعطنا كل الذي سألناك وزدنا من فضلك على قدر جلالك وعظمتك بحق لا إله إلا أنت العزيز الحكيم “. 20 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد الابهري، قال: حدثنا علي بن أحمد بن الصباح، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق، قال: حدثني عمي عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرني أبي همام بن


(1) زكن عليه: شبه ولبس، والزاكن: المتفرس.

[ 19 ]

نافع، قال: أخبرني مينا مولى عبد الرحمن بن عوف الزهري، قال: قال لي عبد الرحمن: يا مينا، ألا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: بلى. قال: سمعته يقول: أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، ومحبوهم من أمتي ورقها. 21 / 21 – حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني محمد بن علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أبي العنبر، قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن أبي عمرو بن العلاء، عن عبد الله بن بريدة، عن بشير بن كعب، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ” لا إله إلا الله ” نصف الميزان، و ” الحمد الله ” يملاه. 22 / 22 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد بن عبد الله بن أبي شيخ إجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد البصري، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار المدني، قال: حدثني سعيد بن مينا، عن غير واحد من أصحابه: أن نفرا من قريش اعترضوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم: عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، والعاص بن سعيد، فقال: يا محمد، هلم فلتعبد ما نعبد فنعبد ما تعبد فنشرك نحن وأنت في الامر، فإن يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه، وإن يكن الذي أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه، فأنزل الله (تبارك وتعالى): ” قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد ” (1) إلى آخر السورة. ثم مشى أبي بن خلف بعظم رميم ففته في يده ثم نفخه، وقال: أتزغم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى ؟ فانزل الله (تعالى): ” وضرب لنا مثلا ونسى خلقة قال من يحى العظام وهى رميم * قل يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل


(ا) سورة الكافرون 1 09: 1 – 3.

[ 20 ]

خلق عليم ” (1) إلى آخر السورة. 23 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن نصربن مزاحم، عن عمربن سعد، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد النخعي، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة وقد صلينا العشاء الاخرة، فأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد، فمشى حتى خرج إلى ظهر الكوفة ولايكلمني بكلمة، فلما أصحر (2) تنفس، ثم قال: يا كميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول، الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق. يا كميل، صحبة العالم دين يدان الله به، تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد وفاته. يا كميل، منفعة المال تزول بزواله. يا كميل، مات خزان المال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه هاه إن هاهنا – وأشار بيده إلى صدره – لعلما جما لو أصبت له حملة، بلى أصبت له لقنا غير مأمون، يستعمل آلة الدين في الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق، أو منقادا للحكمة لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض لشبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذات، سلس القياد بالشهوات، أو مغرى بالجمع وا لادخار، ليس من رعاة الد ين، أقرب شبها بهؤلاء


(1) سورة يس 36: 78 و 79. (2) أي برز في الصحراء.

[ 21 ]

الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة، ظاهرا مشهورا، أو مستترا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وأين أولئك ؟ والله الاقلون عددا الاعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه حتي يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الامور، فباشروا أرواح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الاعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم، واستغفر الله لي ولكم. ثم نزع يده من يدي وقال: انصرف إذا شئت. 24 / 24 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني علي، بن إسحاق النحوي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الشامي، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة الحضرمي، عن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله). يا علي بنا يختم الله الدين كما بنا فتحه، وبنا يؤلف الله بين قلوبكم بعد العداوة والبغضاء. 25 / 25 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن مروان، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: طوبى لمن لم يبدل نعمة الله كفرا، طوبى للمتحابين في الله. 26 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابى، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا سهل بن زنجلة الرازي، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن حميد بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم، وأن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يجعلكم نجداء جوداء رحماء، أما والله لو أن رجلا صف قدميه بين الركن والمقام مصليا فلقي الله ببغضكم


[ 22 ]

أهل البيت دخل النار (1). 27 / 27 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد الكوفي، عن محمد بن يزيد الطبري، قال: كنت قائما على رأس الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) بخراسان وعنده جماعة من. بني هاشم منهم إسحاق بن العباس بن موسى، فقال له: يا إسحاق، بلغني أ نكم تقولون: إن الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله (صلى الله عيله وآله) ما قلته قط، ولا سمعته من أحد من آبائي، ولا بلغني عن أحد منهم قاله، لكنا نقول: الناس عبيد لنا في الطاعة، موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب. 28 / 28 – وبهذا الاسناد، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يتكلم في توحيد الله فقال: أولى عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله (جل اسمه) توحيده، ونظام توحيده نفي التحديد عنه، لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بمخلوق، والممتنع من الحدث هو القديم في الازل. فليس الله عبد من نعت ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه بشئ من الحواس، ولا إياه عنى من شبهه، ولا له عرف من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالفطر تثبت حجته. خلق الله (تعالى) الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم، وابتداؤه لهم دليلهم على أن لا ابتداء له، لعجزكل مبتدئ منهم عن ابتداء مثله، فأ سما ؤه (تعالى) تعبير، وأفعا له (سبحا نه) تفهيم.


(1) يأتي في الحديثين. 184 و 435.

[ 23 ]

قد جهل الله من حده، وقد تعداه من اشتمله، وتد أخطاه من اكتنهه، ومن قال: ” كيف هو ” فقد شبهه، ومن قال فيه: ” لم ” فقد علله، ومن قال: ” متى ” فقد وقته، ومن قال: ” فيم ” فقد ضمنه، ومن قال: ” إلى م ” فقد نهاه، ومن قال: ” حتى م “، فقد غياه، ومن غياه فقد جزأه، ومن جزأه فقد ألحد فيه. لا يتغير الله بتغير المخلوقات، ولا يتحدد بتحدد المحدود، واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مبائن لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا عن عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بفكرة، مدنجر لا بحركة، مريد لا بعزيمة، شاء لا بهمة، مدرك لا بحاسة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تصحبه الاوقات، ولا تضمه الاماكن، ولا تأخذه السنات، ولا تأحده الصفات، ولا تقيده الادوات. سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بخلقه الاشباه علم أنه لا شبه له، وبمضادته بين الاشياء علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الامور عرف أن لا قرين له. ضاد النور بالظلمة، والصر (1) بالحر، مؤلف بين متعاقباتها، مفرق بين متدانياتها، بتفريقها دل على مفرقها، وبتاليفها دل على مؤلفها، قال الله (تعالى): ” ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ” (2). له معنى الربوبية إذ لا مربوب، وحقيقة الالهية إذ لا مألوه، ومعنى العالم ولا معلوم، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا يغيبه منذ، ولا يدنيه قد، ولا يحجبه لعل، ولا يوقته متى، ولا يشتمله حين، ولا يقارنه مع، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه، لا تجرى عليه الحركة والسكون، كيف يجرى عليه ما هو أجراه، أو


(1) ا لصرد: البرد. (2) سورة الذاريات 51: 49.

[ 24 ]

يعود فيه ما هو ابتداه ؟ إذن لتفاوتت دلالته، ولامتنع من الازل معناه، ولما كان للبارئ معنى غير المبرأ. لو حد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الازل من لا يمتنع من الحدث، وكيف ينشئ الاشياء من لا يمتنع من الانشاء ؟ لو تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في مجال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، لا اله الا الله العلي العظيم. 29 / 29 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري (رحمه الله)، قال: حدثني خالي أبو العباس محمد بن جعفر الرزاز القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يقول الله (تعالى): المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن، فإن قبلها مني فبرحمتي ومني، وان ردها فبذنبه حرمها ومنه لا مني، وأيما عبد خلقته فهديته إلى الايمان وحسنت خلقه، ولم ابتله بالبخل، فإني أريد به خيرا. 30 / 30 – عنه، أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن (1) بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان الغزال، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن الاحمسي، قال: حدثنا خالد ابن عبد الله، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: سمعث سعد ابن مالك – يعني ابن أبي وقاص – يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني، من سرها فقد سرني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزالبرية علي. 31 / 31 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني


(1) في نسخة: الحسين.

[ 25 ]

أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا، وأمره أن يقرأه على أهل مصر، وليعمل بما وصاه به فيه، وكان الكتاب: بسم الله الرحس الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن أبي بكر. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإني أوصيكم. بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول: ” كل نفس بما كسبت رهينة ” (1) ويقول: ” ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ” (2) ويقول: ” فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون ” (3). فاعلموا عباد الله أن الله عزوجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير فإن يعذب فنحن أظلم، وإن يعف فهو أرحم الراحمين. يا عباد الله، إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل الله بطاعته وينصحه بالتوبة، عليكم بتقوى الله، فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الاخرة، قال الله (عز وحل): ” وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولنعم دا رالمتقين ” (4). اعلموا يا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب: إما لخير (الدنيا) فإن الله


(1) سورة المدثر 74: 38. (2) سورة آل عمران 3: 28. (3) سورة الحجر 15: 92 و 93. (4) سورة النحل 16: 30.

[ 26 ]

يثيبه بعمله في دنياه، قال الله (سبحانه) لابراهيم: ” وءاتيناه أجره في الدنيا وإنه في الا خرة لمن الصالحين ” (1) فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والاخرة وكفاه المهم فيهما، وقد قال الله (تعالى): ” يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ” (2) فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة، قال الله تعالى: اللذين أحسنوا الحسنى وزيادة ” (3) والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا، (واما لخير الاخرة) فإن الله تعالى يكفر بكل حسنتة سيئة، قال الله عزوجل: ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ” (4) حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم، ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، قال الله عزوجل: ” جزاء من ربك عطاء حسابا ” (5) وقال: ” فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون ” (6) فارغبوا في هذا رحمكم الله واعملوا له وتحاضوا عليه. واعلموا يا عباد الله أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يثاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم به وأغناهم، قال الله عزوجل: ” قل من حرم زينة الله التى أخرخ لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ” (7) سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فإكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما


(1) سورة العنكبوت 29: 27. (2) سررة الزمر 39: 10. (3) سورة يونس 10: 26. (،) سورة هود 11: 114. (5) سورة النبأ 78: 36. (6) سورة سبأ 34: 37. (7) سررة الاعراف 7: 32.

[ 27 ]

يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، وهم غدا جيران الله تعالى، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، لا ترذ لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يا عباد الله، إن اتقيتم وحفظتم نبيكم في أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر، واجتهدتم أفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما فأنتم أتقى لله منه، وأنصح لاولي الامر. احذروا يا عباد الله الموت وسكرته، فاعدوا له عدته، فإنه يفجأكم بأمر عظيم، بخير لا يكون معه شر أبدأ، أو بشر لا يكون معه خير أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها، ومن أقرب إلى النار من عاملها ؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير: إلى الجنة أم النار، أعدو هو لله أم ولي ؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففزع من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وإن كان عدوالله فتحت له أبواب النار، وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه وترك كل سرور، كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين، قال الله تعالى: ” اللذ ين تتوفاهم الملئكة طيبين يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون ” (1) ويقول: ” الذين تتوفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ماكنا نعمل من سؤ بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين ” (2). يا عباد الله، إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، واعدوا له عدته،


(1) سورة النحل 16: 32. (2) سورة النحل 1 6: 28 و 29.

[ 28 ]

فإنكم طرد الموت، إن اقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوط خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، وكفى بالموت واعظا ؟ وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت، فيقول: أكثروا ذ كر الموت، فإنه هادم اللذات، حائل بينكم وبين الشهوات. يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت: القبر، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الارض: مرحبا وأهلا، لقد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ؟ فتتسع له مد البصر. وإن الكافرإذا دفن قالت له الارض: لا مرحبا ولا أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا (1)، فينهشن لحمه، ويكسرن عظمه، ويترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الارض لم تنبت زرعا أبدا. اعلموا يا عباد الله أن أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لاجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله. يا عباد الله، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر منه الكبير، ويسقط فيه الجنين، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم عبوس قمطرير، ويوم كان شره مستطيرا. إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، وترعد منه السبع الشداد، والجبال الاوتاد، والارض المهاد، وتنشق السماء فهي


(1) التنين: الحية العظيمة.

[ 29 ]

يومئذ واهية، وتتغير فكأنها ننها وردة كالدهان، وتكون الجبال كثيبا (1) مهيلا بعدما كانت صما صلابا، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن، إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم ؟ لا نه يقض ويصيرإلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، وحرها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها ولا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، ولا يسمع لاهلها دعوة. واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد، جنة عرضها كعرض السماوات والارض أعدت للمتقين، لا يكون معها شر أبدا، لذاتها لا تمل، ومجتمعها لا يتفرق، وسكانها قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيد يهم الغلمان، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان. ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي، أهل مصر، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك وأن تحذر فيه على دينك، فإن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل، فإن في الله عزوجل خلفا من غيره، وليس في شئ سواه خلف منه، اشتد على الظالم وخذ عليه، ولن لاهل الخير وقربهم، واجعلهم بطانتك وأقرانك، وانظر إلى صلاتك كيف هي، فإنك إمام لقومك (ينبغي لك) أن تتمها ولا تخففها، فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان عليه، لا ينقص من صلاتهم شئ، وتممها وتحفظ فيها، يكن لك مثل أجورهم، ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا. وانظر إلى الوضوء، فإنه من تمام الصلاة، تمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنع ذلك، واعلم أن الوضوء نصف الايمان. ثم ارتقب وقت الصلاة، فصلها لوقتها، ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها


(1) في نسخة: سرابا.

[ 30 ]

عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أوقات الصلاة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرئيل (عليه السلا م) فأراني وقت الصلاة حين زالت الشمس، فكانت على حاجبه الايمن، ثم أراني وقت العصرفكان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الاخرة حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشتبكة، فصل لهذه الاوقات، والزم السنة المعروفة والطريق الواضحة، ثم انظر ركوعك وسجود ك، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أتم الناس صلاة، وأحقهم عملا بها. واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع. أسأل الله الذي يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره، وحسن عبادته، وأداء حقه، وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وديننا وآخرتنا. وأنتم يا أهل مصر، فليصدق قولكم فعلكم، وسركم علانيتكم، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم. واعلموا أ نه لا يستوي إمام الفدى وامام الردى، ووصي النبي وعدوه، إني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه، ولكني أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون ويعمل بما تنكرون. يا محمد بن أبي بكر، اعلم أن أفضل الفقه الورع في دين الله، والعمل بطاعته، وإني أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وعلى أي حال كنت عليها، الدنيا دار بلاء ودار فنا، والاخرة دار الجزاء ودار البقاء، فاعمل لما يبقى واعدل عما يفنى، ولا تنس نصيبك من الدنيا. أوصيك بسبع هن من جوامع الاسلام. تخشى الله عز وجل ولا تخش الناس في الله، وخير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية،


[ 31 ]

وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح المرء إذا استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المؤمنين وبعيدهم. جعل المودتنا في الدين، وخلتنا له إياكم خلة المتقين، وأبقى لكم طاعتكم، حتى يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين. أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمد أميركم، واثبتوا على طاعتكم، تردوا حوض نبيكم (صلى الله عليه وآله)، أعاننا الله و ” إياكم على ما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركا ته. تم المجلس الاول، ويتلوه المجلس الثاني من أمالي الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رحمه الله


[ 33 ]

(2) المجلس الثاني فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 32 / 1 – أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدئنا أبو نصر محمد بن عمر النيشابوري، قال: حدثنا محمد بن السري، قال ل: حدثنا أبي، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن برد بن سنان، عن مكحول، عن واثلة بن الاصقع، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تظهر الشماتة لاخيك، فيعافه الله ويبتليك. 33 / 2 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن كليب بن معاوية الاسدي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: أما والله إنكم لعلى دين الله وملائكته، فاعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع. 34 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسبح (1) بن محمد، قال:


(1) في نسخة: شيح.

[ 34 ]

حدثني أبو علي بن أبي عمرة (1) الخراساني، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: دخلنا على مسروق الاجدع، فإذا عنده ضيف له لا نعرفه وهما يطعمان من طعام لهما، فقال الضيف: كنت مع رسول الله (صلى الله على وآله) بحنين (2)، فلما قالها عرفنا أنه كانت له صحبة مع النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: فجاءت صفية بنت حيي ابن أخطب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله، إني لست كاحد من نسائك، قتلت الاب والاخ والعم، فإن حدث بك شئ فإلى من ؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): إلى هذا – وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) -. ثم قال: ألا أحدثكم بما حدثني به الحارث الاعور ؟ قال: قلنا: بلى. قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا أعور ؟ قال: قلت: حبك، يا أمير المؤمنين. قال: الله، قلت: الله، فناشدني ثلاثا، ثم قال: أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه للايمان إلا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو يحبنا، وليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا، فأصبح محبنا ينتظر الرحمة، وكان أبواب الرحمة قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم. 35 / 4 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الداودي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشر العسكري، قال: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن مهدي الابلي، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا هارون الرشيد، قال: حدثني أبي المهدي، قال: حدثنا أمير المؤمنين المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، قال: سمعت


(1) في نسخة: عمر. (2) في نسخة: بخيبر.

[ 35 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا أيها الناس، نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا. فقال له قائل: بأبي أنت وأمي – يا رسول الله – من الركبان ؟ قال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وابنتي فاطمة على ناقتي العضباء، وعلي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة، خطمها من اللؤلؤ الرطب، وعيناها من ياقوتتين حمراوين، وبطنها من زبرجد أخضر، عليها قبة من لؤلؤ بيضاء، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، ظاهرها من رحمة الله، وباطنها من عفو الله، إذا أقبلت زفت، وإذا أدبرت زفت، وهو أمامي على رأسه تاج من نور يضئ لاهل الجمع، ذلك التاج له سبعون ركنا، كل ركن يضئ كالكوكب الدري في أفق السماء، وبيده لواء الحمد، وهو ينادي في القيامة: ” لا اله الا الله محمد رسول الله ” فلا يمر بملاء من الملائكة إلا قالوا: نبي مرسل، ولا بنبي إلا يقول: ملك مقرب، فينادي مناد من بطنان العرش: يا أيها الناس، ليس هذا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا حامل عرش، هذا علي ابن أبي طالب. ويجئ شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته: من أنتم ؟ فيقولون: نحن العلويون. فيأتيهم النداء: أيها العلويون، أنتم آمنون، ادخلوا الجنة مع من كنتم تو ا لون (1). 36 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الريحان بن الصلت، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يدعو بكلمات، فحفظتها عنه، فما دعوت بها في شدة إلا فرج الله عني، وهي: ” اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة. كم من كرب يضعف فيه الفواد، وتقل فيه الحيلة، وتعي فيه الامور، ويخذل فيه البعيد والقريب والصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك، راغبا إليك فيه عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه. فأنت ولن كل نعمة، وصاحب كل حاجة،


(1) يأتي نحو ه في الحديث: 711.

[ 36 ]

ومنتهى كل رغبة، فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا. بنعمتك تتم الصالحات، يا معروفا بالمعروف معروف، يا من هو با لمعررف موصوف، أنلني من معروفك معروفا تغنيني به عن معروف من سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين “. 37 / 6 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الاسلام، وحسن سمت في الوجه. 37 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاشاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إذا أراد أحدكم ألا يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله (عزوجل)، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون، ثم تلا هذه الاية: ” في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ” (1). 39 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي المالكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الايمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان العقول.


(1) سورة المعارج 70: 4.

[ 37 ]

قال أبو الصلت: فحدثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل، فقال لي أحمد: يا أبا الصلت، لو قرئ بهذا الاسناد على المجانين لافاقوا. 40 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار، قال: حدثني عبد الله بن وهب، عن السدي، عن عبد خير، عن قبيصة بن جابر الاسدي، قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فسأله عن الايمان، فقام (عليه السلام) خطيبا فقال: الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه على من حاربه، وجعله عزا لمن والاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وزينة لمن تحلى به، وعصمة لمن اعتصم به، وحبلا لمن تمسك به، وبرهانا لمن تكلم به، ونورا لمن استضاء به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعاه، وحديثا لمن رواه، وحكما لمن قضى به، وحلما لمن جرب، ولبا لمن تدبر، وفهما لمن فطن، ويقينا لمن عقل، وتبصرة لمن عزم، وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، ومودة من الله لمن أصلح، وزلفى لمن ارتقب، وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوض، وجنة لمن صبر. الحق سبيله، والهدى صفته، والحسنى مأثرته، فهو أبلج المنهاج، مشرق المنار، مضئ المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، متنافس السبقة، كريم الفرسان، التصديق منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والموت غايته، والدنيا مضماره، والقيامة حلبته، والجنة سبقته والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسا نه. فبالايمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين، وتبرز الجحيم للغاوين. والايمان على أربع دعائم: الصبر واليقين والعدل، والجهاد. فالصبر على أربع شعب: الثرق، والشفق، والزهادة، والترقب، ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه


[ 38 ]

المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الاولين، فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة، ومن تبين الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنماكان في الاولين. والعدل على أربع شعب. على غامض الفهم، وعمارة العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم نشر جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط (في) أمره، وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب: على الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين غضب لله، ومن غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا، فهذه صفة الايمان ودعائمه. فقال له السائل: لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت، فجزاك الله عن الدين خيرا. 41 / 10 – حدثنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسن ابن موسى الخشاب، عن علي بن النعمان، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، أي الفصوص أفضل أركبه على خاتمي ؟ فقال: يا بشير، أين أنت عن العقيق الاحمر والعقيق الاصفر والعقيق الابيض، فإنها ثلاثة جبال في الجنة: فأما الاحمر فمطل على دار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأما الاصفر فمطل على دار فاطمة (عليها السلام)، وأما الابيض فمطل على دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، والدور كلها واحدة يخرج منها ثلاثة أنهار، من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج، وأحلى من العسل، وأشد بياضا من اللبن، لا يشرب منها إلا محمد وآله (عليهم السلام) وشيعتهم، ومصبها كلها واحد ومخرجها من الكوثر، وإن هذه الجبال تسبح الله وتقدسه وتمجده، وتستغفر لمحبي آل محمد (عليهم السلام)، فمن تختم


[ 39 ]

بشئ منها من شيعة آل محمد (عليهم السلام) لم يرإلا الخير والحسنى والسعة في رزقه، والسلامة من جميع أنواع البلاء، وهو أمان من السلطان الجائر، ومن كل ما يخافه الانسان ويحذره. 42 / 11 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا بن شيبان إملاء، قال: حدثنا أسيد بن زيد القرشي، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إياك وصحبة الاحمق، فإنه أقرب ما يكون منه أقرب ما يكون إلى مساءتك. 43 / 12 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثنا عبد الواحد بن سليمان، عن أبيه، عن الاجلح الكندي، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف. 44 / 13 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير السهروردي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الاسدي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمدي، قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني جويبربن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكرت له فاطمة، قال: فأتيته، فلما رآني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضحك، ثم قال: ما جاء بك يا أبا الحسن وما حاجتك ؟ قال: فذكرت له قرابتي وقدمي في الاسلام ونصرتي له وجهادي، فقال: يا علي، صدقت، فأنت أفضل مما تذكر. فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوجنيها ؟ فقال: يا علي، إنه قد ذكرها قبلك رجال، فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك، فدخل عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعليه، وأتته بالوضوء، فوضأته بيدها


[ 40 ]

وغسلت رجليه، ثم قعدت، فقال لها: يا فاطمة. فقالت: لبيك، حاجتك، يا رسول الله ؟ قال: إن علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله وإ سلامه، وإني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم ير فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، زوجها علي بن أبي طالب، فإن الله قد رضيها له ورضيه لها. قال علي: فزوجني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أتاني فأخذ بيدي فقال: قم بسم الله وقل: ” على بركة الله، وما شاء الله، لاقوة إلا بالله، توكلت على الله ” ثم جاءني حين أقعدني عندها (عليها السلام)، ثم قال: ” اللهم إنهما أحبي خلقك إلي فأحبهما، وبارك في ذريتهما، واجعل عليهما منك حافظا، وإ ني أعيذهما وذريتهما بك من الشيطان ا لرجيم “. 45 / 14 – حدثني جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري، عن خاله، عن الاشعري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أسباط، عن داود، عن يعقوب ابن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة عليا (عليها السلام) دخل عليها وهى تبكي، فقال لها: ما يبكيك ؟ فوالله لو كان في أهل بيتي خير منه زوجتك، وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك، وأصدق عنك الخمس ما دامت السما وات وا لارض. قال علي (عليه السلام): ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قم فبع الدرع، فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسكبت الدراهم في حجره، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته، ثم قبض قبضة ودعا بلالا فاعطاه وقال: ابتع لفاطمة طيبا. ثم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الدراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه، فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر فان استصلحه اشتروه، فكان مما اشتروه قميص بسبعة دراهم،


[ 41 ]

وخمار بأربعة دراهم، وقطيفة سوداء خيبرية، وسرير مزمل بشريط، وفراشان من جنس مصر، حشو أحدهما ليف، وحشو الاخر من جز الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر (1)، وستر من صوف، وحصير هجري، ورحا اليد، ومخضب (2) من نحاس، وسقي من أدم، وقعب للبن، وشئ للما،، ومطهرة مزفتة، وجرة خضراء، وكيزان خزف. حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين كانوا معه الباقي، فلما عرضوا المتا ع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل يقلبه بيده ويقول: بارك الله لاهل البيت. قال علي (عليه السلام): فإقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة، ثم قلن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا نطلب لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخول فاطمة عليك ؟ قلت: افعلن، فدخلن عليه فقالت أم أيمن: يا رسول الله، لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة، وإن عليأ يريد أهله، فقر عين فاطمة ببعلها، واجمع شملهما، وقر عيوننا بذلك ! فقال: فما بال علي لا يطلب مني زوجته، فقدكنا نتوقع منه ذلك. قال علي (عليه السلام) فقلت: الحياء يمنعني يا رسول الله، فالتفت إلى النساء فقال: من هاهنا ؟ فقالت أم سلمة: أنا أم سلمة، وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا. فقالت أم سلمة: في أي حجرة، يا رسول الله ؟ قال: في حجرتك. وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها. فقالت أم سلمة: فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك ؟ قالت: نعم ؟ فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط، فقلت: ما هذا ؟ فقالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول لي: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك، فاطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا


(1) الاذخر: خيش طيب الرائحة، أطول من الثيل. (2) المخضب: إناء تغسل فيه الثياب.

[ 42 ]

نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه، فسأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل (عليه السلام). قال علي (عليه السلام): ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، اصنع لاهلك طعاما فاضلا. ثم قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمرا وسمنأ، فحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (1) وبعث إليناكبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبزا كثيرا، ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادع من أحببت، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما، ثم صعدت على ربوة هناك، وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالا، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام، فعلم رسول الله (صلى عليه وآله) ما تداخلني فقال: يا علي، إني سأدعو الله بالبركة. قال علي (عليه السلام): وأكل القوم عن آ خرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوالي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة الاف رجل، ولم ينقص من الطعام شئ، ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف (2) فملئت، ووجه بها إلى منازل أزواجه، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما، وقال: هذا لفاطمة وبعلها، حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا أم سلمة، هلمي فاطمة، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فعثرت فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقالك الله العثرة في الدنيا والاخرة، فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي (عليه السلام)، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي (عليه السلام)، فقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله، يا علي، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل علي، انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما. قال علي (عليه السلام): فأخذت بيد فاطمة، وانطلقت بها حتى جلست في جانب


(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن. (2) الصحاف: جمع صحفة، القصعة الكبيرة.

[ 43 ]

الصفة (1)، وجلست في جانبها، وهي مطرقة إلى الارض حياء مني، وأنا مطرق إلى الارض حياء منها، ثم جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: من هاهنا ؟ فقلنا: ادخل يا رسول الله، مرحبا بك زائرأ وداخلا ؟ فدخل فأجلس فاطمة (عليها السلام) من جانبه وعليا (عليه السلام) من جانبه. ثم قال: يا فاطمة، إئتيني بماء، فقامت إلى قعب (2) في البيت فملاته ماء، ثم أتته به، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثم مجها في القعب، ثم صب منها على رأسها، ثم قال: أقبلي، فلفا أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثم قال: ادبري، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها، ثم قال: ” اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلي، اللهم وهذا أخى وأحب الخلق إلي، اللهم لك وليا، وبك حفيأ، وبارك له في أهله ” ثم قال: يا علي، ادخل بأهلك، بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم، إنه حميد مجيد. 46 / 15 – حدثني جماعة، عن أبي غالب الزراري، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن الخيبري، عن يونس بن ظببان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: لولا أن الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة (عليهما السلام) ما كان لها كفؤ على الارض. 47 / 16 – وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل بفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أختها رقية زوجة عثمان بستة عشر يوما، وذلك بعد رجوعه من بدر، وذلك لايام خلت من شوال، وروي أ نه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة، والله تعالى أعلم. 48 / 17 – وحدثني جماعة، عن أبي غالب، عن خاله، عن الاشعري، عن أبي عبد الله، عن منصور بن العباس، عن إسماعيل بن سهل الكاتب، عن أبي طالب الغنوي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حرم الله (عز وجل) النساء على علي (عليه السلام) ما دامت فاطمة (عليها السلام) حية. قلت: فكيف ؟


(1) الصفة: الظلة، ومكان مظلل في مسجد المدينة. (2) القعب: القدح الضخم الغليظ.

[ 44 ]

قال: لانها طاهرة لا تحيض. 49 / 18 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو عمران موسى بن الحسن بن سلمان، قال: حدثني أبو بكر بن الحارث الباغندي، قال: حدثني عيسى بن رعبة، قال: حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله عن عيوبهم الناس، فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس، وكان في المدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس، فأظهر اللهم عيوبا، لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا. 50 / 19 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بني الاسلام على عشرة أسهم: على شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة، والصلاة وهي الفريضة، والصوم وهي الجنة، والزكا ة وهي المطهرة، وا لحج وهو ا لشريعة، والجهاد وهو العز، وا لامر بالمعروف وهو الوفاء، والنهي عن المنكر وهو الحجة، والجماعة وهي الالفة، والعصمة وهي الطاعة. 51 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أربع من كن فيه كمل إيمانه، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك، وهي: الصدق، وأداء الامانة، والحياء، وحسن الخلق. 52 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن الحسن بن مت الجوهري، عن محمد بن


[ 45 ]

أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن كثير النواء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن نوحا (عليه السلام) ركب السفينة في أول يوم من رجب، فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم، وقال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام سبعة أيام منه غلقت عنه أبواب النار السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما أعطي مسألته، ومن زاد على ذلك زاده الله. قال: وفي اليوم السابع والعشرين منه نزلت النبوة فيه على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن صام هذا اليوم كان ثوابه ثواب من صام ستين شهرا. 53 / 22 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي، قال: حدثني محمد بن عمر الكشي، قال: حدثني محمد بن مسعرد العياشي، قال: حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام). يا ابن يزيد، أنت والله منا أهل البيت. قلت: جعلت فداك، من آل محمد ؟ قال: إي والله من أنفسهم. قلت: من أنفسهم، جعلت فداك ؟ قال: إى والله من أنفسهم ؟ يا عمر، أما تقرأ كتاب الله (عز وجل): ” إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين ” (1) وما تقرأ قول الله (عزاسمه): ” فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم ” (2). 54 / 23 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن أحمد النهدي، قال: حدثني


(1) سورة آل عمران 3: 68. (2) سررة إبراهيم 14: 36. (*)

[ 46 ]

معاوية بن حكيم الدهني، قال: حدثنا شريف بن سابق التفليسي، قال: حدثنا حماد السمدري، قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إني أدخل بلاد الشرك، وإن من عندنا يقول: إن مت ثم حشرت معهم ؟ قال: فقال لي: يا حماد، إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعوإليه ؟ قال: قلت: نعم. قال: فإذا كنت في هذه المدن – مدن الاسلام – تذكر أمرنا وتد عو إليه ؟ قال: قلت: لا. فقال لي: إنك إن مت ثم حشرت أمة وحدك، وسعى نورك بين يديك. 55 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سعيد، عن هشام بن الحكم، قال: سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) بمنى عن خمس مائة حرف من الكلام. قال: فأقبلت أقول: يقولون كذا. قال: فيقول: يقال لهم كذا. فقلت: هذا الحلال والحرام والقران أعلم أ نك صاحبه وأعلم الناس به في هذا الكلام. قال: قال لي: وتشك يا هشام، يحتج الله (تعالى) على خلقه بحجة لا يكون عالما بكل ما يحتاج الناس إليه ! 56 / 25 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن معروف، قال: حدثني العمركي، قال: حد ثني الحسن ابن أبي لبابة، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام): ما تقول جعلت فداك في هشام بن الحكم ؟ فقال: رحمه الله ما كان أذبه عن هذه الناحية. 57 / 26 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال


[ 47 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأول تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته. ثم قال: يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها، ومن كل أهل بيت إلا نحيبها. يا فضل، إنه لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث: إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة، وإما دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا، واما أخ يستفيده في الله (عز وجل). قال: ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الاسلام مثل أخ يستفيده في الله (عز وجل). ثم قال: يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر. ثم قال: يا فضل، إنما سمي المؤمن مؤمنا لانه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه. ثم قال: أما سمعت الله (تعالى) يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: ” فما لنا من شافعين * ولنا صديق حميم ” (1). 58 / 27 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث القاضي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): من تعلم لله (عز وجل) وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، وقيل: تعلم لله وعمل لله وعلم لله (2). 59 / 28 – أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال. حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عمن رواه، عن داود الرقي،


(1) سورة الشعراء 26: 100 و 101. (2) يأتي في الحديث: 280.

[ 48 ]

قال: قال الباقر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): من زار الحسين (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه، ولم تكتب عليه سيئة في سنته حتى تحول عليه السنة، فإن زاره في السنة المستقبلة غفرت له ذنوبه. 60 / 29 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب محمد ابن أحمد الثقفي، قال: قرأت على أبي الحسين علي بن الحجاج وهو ينظر في كتابه، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن إبراهيم العمري، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حرب الطائي، قال: حدثنا محمد بن الفضل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه)، قال: قلت: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا تلاقوا بوجوه مستبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ؟ فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله. 61 / 30 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن صالح السبيعي، قال: حدثنا أبو الحسين صالح ابن أحمد بن أبي مقاتل البزاز، قال: حدثني عثمان (1) بن عبد الرحمن الكوفي الخزاز، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن علي، عن أبان بن تغلب، عن أبي داود الانصاري، عن الحارث الهمداني، قال: دخلث على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما جاء بك ؟ قال: فقلت: حتي لك يا أمير المؤمنين. فقال: يا حارث أتحبني ؟ فقلت: نعم والله، يا أمير المؤمنين. قال: أما لو بلغت نفسك الحلقوم رأيتني حيث تحب، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الابل لرأيتني حيث تحب، ولو رأيتني وأنا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرأيتني حيث تحب. 62 / 31 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسن


(1) في نسخة عيسى.

[ 49 ]

ابن علي النحوي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبو نصر محمد ابن أحمد الطائي، قال: حدثنا علي بن محمد الصيمري الكاتب، قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمود الكاتب وأحببتها حبا لم يحب أحد مثله، وأبطأ علي الولد، فصرت إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) فذكرت ذلك له، فتبسم وقال: اتخذ خاتما فصه فيروزج، واكتب عليه ” رب لا تذربى فردا وأنت خير الوارثين ” (1)، قال: ففعلت ذلك، فما أتى علي حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا. 63 / 32 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني عبيدالله بن الحسن، قال: حدثني أبو سعيد محمد بن رشيد، قال: آخر شعر قاله السيد بن محمد (رحمه الله) قبل وفاته بساعة، وذلك أ نه أغمي عليه واسود لونه، ثم أفاق وقد ابيض وجهه، وهو يقول: أحب الذي من مات من أهل وده تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك ومن مات يهوى غيره من عدوه فليس له إلا إلى النار مسلك أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي ومالي وما أصبحت في الارض أملك أبا حسن إني بفضلك عارف وإ ني بحبل من هواك لممسك وأنت وصي المصطفى وابن عمه وإنا نعادي مبغضيك ونترك مواليك ناج مؤمن بين الهدى وقاليك (2) معروف الضلالة مشرك ولاح لحاني في علي وحزبه وقلت لحاك الله إنك أعفك معنى أعفك: أحمق. 64 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد بن علي الصيرفي، قال: حدثنا أبو الحسن بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى


(1) سورة الانبياه 21: 89. (2) القالي: المبغض.

[ 50 ]

ابن جعفر العبد الصالح، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد، قال: حدثني أبي أمير المؤ منين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أتاه أمر يسره قال: ” الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ” وإذا أتاه أمر يكرهه قال: ” الحمد لله على كل حال “. 65 / 34 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، قال: حدثنا الاعمش، عن عباية الاسدي، عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (رحمه الله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لام سلمة (رحمها الله): يا أم سلمة، علي مني، وأنا من علي، لحمه لحمي، ودمه دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى ؟ يا ام سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي سيد المسلمين. 66 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني أبو علي محمد بن همام الاسكافي (رحمه الله) قال: حدثني أحمد بن موسى النوفلي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن معاوية بن حكيم، قال: حدثني عبد الله بن سليمان التميمي، قال: لما قتل محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن صار إلى المدينة رجل يقال له ” شبة بن عقال ” ولاه المنصور على أهلها، فلما قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فرقا المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، إن علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين، وحارب المؤمنين، وأراد الامر لنفسه، ومنعه من أهله، فحرمه الله أمنيته وأماته بغصته، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الامر بغير استحقاق له، فهم في نواحي الارض مقتلون وبالدماء مضرجون. قال: فعظم هذا الكلام منه على الناس، ولم يجسرأحد منهم أن ينطق بحرف،


[ 51 ]

فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سحق (1) فقال: فنحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين، أما ما قلت من خير، فنحن أهله، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى وأحرى، يا من ركب غير راحلته، وأكل غير زاده ارجع مأزورا، ثم أقبل على الناس فقال: ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزانا، وأبينهم خسرانا ؟ من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق. فأسكت الناس، وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف، فسألت عن الرجل فقيل لي، هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم). 67 / 36 ” حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن ميمون، قال: حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي عند الاسطوانة السابعة من باب الفيل، إذ أقبل عليه رجل عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان، أبيض اللحية، فلما سلم أمير المؤمنين (عليه ا لسلام) من صلاته أكب عليه، فقبل رأسه، ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كند ة. قال: فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه، فاستقبلنا (عليه السلام) في جا زسوج (2) كندة، قد أقبل راجعا، فقال: ما لكم ؟ فقلنا: لم نأمن عليك هذا الفارس. فقال: هذا أخي الخضر، ألم تروا حيث أكب علي. قلنا: بلى. فقال: إنه قد قال لى: إنك في مدرة (3) لا يريدها جباربسوء إلا قصمه الله، واحذر الناس، فخرجت معه لاشيعه لا نه أراد الظهر.


(1) السحق من الثياب: البالي. (2) في حاشية النسخة: الجارسوج، معناه المربع. (3) المدرة المدينة أو القرية.

[ 52 ]

68 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي (عليه السلام) بالربذة سألت عن قدومه إليها، فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة، وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم، فصرت إليه، فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، إني لا استطيع أن أكلمك، وبكى. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبك يا بني، وتكلم، ولا تحن حنين الجارية. فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الامة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما قولك: إن عثمان حصر ؟ فما ذاك وما علي منه وقد كنت بمعزل عن حصره ؟ وأما قولك: ائت مكة، فوالله ماكنت لاكون الرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك: اعتزل العراق ودع طلحة والزبير ؟ فوالله ما كنت لأكون كالضبع تنتظر حتى يدخل عليها طالبها، فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها (1)، ثم يخرجها فيمزقها إرباإربا، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى يوم


(1) العرقوب من الدابة: ما يكون في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.

[ 53 ]

الناس هذا. فكان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى. 69 / 38 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: حدثنا محمد بن مسعر، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاءه رجل فقال له: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن العبد إذا أذنب ذنبا، ثم علم أن الله (عز وجل) يطلع عليه، غفر له. فقال ابن عيينة: هذا كتاب الله (عز وجل)، قال الله (تعالى): ” وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم ” (1) فإذا كان الظن هو المردي كان ضده هو المنجي. 70 / 39 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر البزاز، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر 71 / 40 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد ابن مزيد، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا عبد الله بن نافع، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن أخي جابر بن عبد الله، عن عمه جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المجالس بالامانة إلا ثلاثة مجالس: مجلس سفك فيه دم حرام، ومجلس استحل فيه فرج حرام، ومجلس استحل فيه مال حرام بغير حقه. 72 / 41 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا أبو منصور نصر بن الليث، قال: حدثنا


(1) سورة فصلت 41: 22 و 23.

[ 54 ]

مخول، قال: حدثنا يحيى بن سالم (1)، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). حق علي على هذه الامة كحق الوالد على الولد (2). 73 / 42 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حذئنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي فاختة، قال: كنت أنا وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فقلت له: جعلت فداك، إني أحضر مجالس هؤلاء القوم، فاذكركم في نفسي، فأي شئ أقول ؟ فقال: يا حسين، إذا حضرت مجالسهم فقل: ” اللهم أرنا الرخاء والسرور ” فإنك تأتي على ما تريد. قال: فقلت: جعلت فداك، إني أذكر الحسين بن علي (عليهما السلام) فأي شئ أقول إذا ذكرته ؟ فقال: قل: ” صلى الله عليك يا أبا عبد الله ” تكررها ثلاثا. ثم أقبل علينا وقال: إن أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) لما قتل بكت عليه السماوات السبع والارضون السبع، وما فيهن وما بينهن، ومن يتقلب في الجنة والنار، وما يرى وما لا يرى، إلا ثلاثة أشياء، فإنها لم تبك عليه. فقلت. جعلت فداك وما هذه الثلاثة أشياء التي لم تبك عليه ؟ فقال: البصرة، ودمشق، وآل الحكم بن أبي العاص. 74 / 43 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين ابن محمد النحوي، قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن مازن، قال: حدثني القاسم بن


(1) في نسخة محمد بن سالم. (2) يأتي نحوه في الحديثين: 503 و 673.

[ 55 ]

سليمان البزاز، قال: حدثني بكر بن هشام، قال: حدثني إسماعيل بن مهران، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، قال: حدثني محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن الحسين بن علي (عليهما السلام) عند ربه (عزوجل) ينظر إلى موضع معسكره، ومن حله من الشهداء معه، وينظرإلى زواره وهو أعرف بحالهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم، وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله (عزوجل) من أحدكم بولده، وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه (عليهم السلام) أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب 75 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشافعي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمربن علي ابن أبي طالب، قال: حدثني الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: كان يقال: لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره. 76 / 45 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين ابن علي التمار، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالمقبرة – ويروى بالمقابر – فسلم ثم قال: ” السلام عليكم يا أهل المقبرة والتربة، اعلموا أن المنازل بعدكم قد سكنت، وأن ا لاموال بعدكم قد قسمت، وأن الازواج بعدكم قد نكحت، فهذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟ “. فأجابه هاتف من المقابر يسمع صوته ولا يرى شخصه: عليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، أما خبر ما عندنا فقد وجدنا ما عملنا، وربحنا ما قدمنا، وخسرنا ما خلفنا. فالتفت إلى أصحابه فقال: أسمعتم ؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فتزودوا فإن خير الزاد التقوى.


[ 56 ]

77 / 46 – قال: وأخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: سمعت أبا رجاء يقول: لا تسبوا عليا ولا أهل هذا البيت، فان جارا لنا من النجير قدم الكوفة بعد قتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي (عليهما السلام)، ورآه مصلوبا فقال: ألا ترون إلى هذا الفاسق، كيف قتله الله ؟ قال: فرماه اشه بقرحتين في عينيه، فطمسي الله بهما بصره، فاحذروا أن تتعرضوا لاهل هذا البيت إلا بخير. 78 / 47 – قال: وأخبرني أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه، عن داود بن سليمان الغازي، قال: حد ثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: الملوك حكام على الناس، والعلم حاكم عليهم، وحسبك من العلم أن تخشى الله، وحسبك من الجهل أن تعجب بعلمك. 79 / 48 – وبهذا الاسناد، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يقول: ما استودع الله عبدا عقلا إلا استنقذه به يوما. 80 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الحسن بن إبراهيم، قال: حدثنا علي ابن داود، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو عمرو الصنعاني، قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما تواضع أحد إلا رفعه الله. 81 / 50 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد ابن علي بن رياح القرشي إجازة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: إن أبا ذر وسلمان خرجا في طلب


[ 57 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل لهما: إنه توجه إلى ناحية قبا، فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت شجرة، فجلسا ينتظرانه حتى ظنا أ نه نائم، فإهويا ليوقظاه، فرفع رأسه إليهما، ثم قال: قد رأيت مكانكما، وسمعت مقالكما، ولم أكن راقدا، إن الله بعث كل نبي كان قبلي إلى أمته بلسان قومه، وبعثني إلى كل أسود وأحمر بالعربية، وأعطاني في أمتي خمس خصال، لم يعطها نبياكان قبلي: نصرني بالرعب، يسمع بي القوم بيني وبينهم مسيرة شهر، فيؤمنون بي، وأحل لي المغنم، وجعل لي الارض مسجدا وطهورا، أينماكنت منها أتيمم من تربتها وأصلي عليها، وجعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها فأعطاهم ذلك في الدنيا، وأعطاني مسألة، فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمتي إلى يوم القيامة ففعل ذلك، وأعطاني جوامع العلم ومفاتيح الكلام ولم يعط ما أعطاني نبيا قبلي، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقي الله لا يشرك به شيئا، مؤمنا بي، مواليا لوصيي، محبا لاهل بيتي. 82 / 51 – وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثني كثير بن طارق، قال: سألث زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) عن قول الله (تعالى): ” لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ” (1) ؟ فتال: يا كثير إنك رجل صالح، ولست بمتهم، وإني أخاف عليك أن تهلك، إن كل إمام جائر فإن أتباعه إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه، فقالوا: يا فلان، يا من أهلكنا، هلم فخلصنا متا نحن فيه، ثم يدعون بالويل والثبور، فعندها يقال لهم: ” لا تدعوا اليوم ثبورا واحد ا وادعوا ثبورا كثيرا “. ثم قال زيد بن علي (رحمه الله): حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام). يا علي، أنت


(1) سورة الفرقان 25: 14.

[ 58 ]

وأصحابك في الجنة، أنت وأتباعك يا علي في الجنة. 83 / 52 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحاسب، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا نصر بن نصير البحراني، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا أيها الناس، اتقوا الله واسمعوا. قالوا: لمن السمع والطاعة بعدك يا رسول الله ؟ قال: لاخي وابن عمي ووصيي علي بن أبي طالب. قال جابر بن عبد الله: فعصوه والله، وخالفوا أمره، وحملوا عليه ا لسيوف. 84 / 53 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد المقرئ، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: حدثنا عمر بن عاصم، قال: حدثنا معمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن جندب الغفاري: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن رجلا قال يوما: والله لا يغفر الله لفلان. قال الله (عزوجل): ” من ذا الذي تألى (1) علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عمل المتألي بقوله: لا يغفر الله لفلان “. 85 / 54 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الازدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعى، قال: كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة ولامجدبة، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة.


(1) أي حلف.

[ 59 ]

86 / 55 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد الله العنبري، عن عبد الرحمن بن الاسود اليشكري، عن عون بن عبيدالله، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما وهو نائم، وحية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وظننت أ نه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فقلت: إن كان منها سوءكان إلي دونه، فمكثت هنيئة فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) هو يقرأ: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا ” (1) حتى أتى على الا خرالاية، ثم قال: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، وهنيئا له بفضل الله الذي آتاه. ثم قال لي: ما لك هاهنا ؟ فأخبرته خبر الحية، فقال لي: اقتلها ؟ ففعلت. ثم قال: يا أبا رافع، كيف أنت وقوم يقاتلون عليا، وهو على الحق وهم على الباطل، جهادهم حق لله (عزاسمه)، فمن لم يستطع فبقلبه ليس وراءه شئ ؟ فقلت. يا رسول الله، ادع الله لي إن أدركتمهم أن يقويني على قتالهم. قال: فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إن لكل نبي أمينا، وإن أميني أبو رافع. قال: فلما بايع الناس عليا (عليه السلام) بعد عثمان، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي (صلى الله عليه وآله) فبعت داري بالمدينة وأرضا لي بخيبر، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) لاستثهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة، وخرجت معه إلى صفين، فقاتلت بين يديه بها، وبالنهروان، ولم أزل معه حتى استشهد، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض، فأقطعني الحسن بن علي (عليهما السلام) أرضا بينبع، وقسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزلتها وعيا لي.


(1) سورة المائدة 5: 55.

[ 60 ]

87 / 56 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن شعيب العقرقوفي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول لاصحابه وأنا حاضر: اتقوا الله، وكونوا أخوة بررة متحابين في الله، متواصلين مترا حمين، تزاوروا وتلاقوا وتذا كروا وأحيوا أمرنا. 88 / 57 – وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني عباد بن يعقوب، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن أبي إسحاق، عن رافع مولى أبي ذر، قال: رأيت أبا ذر (رحمه الله) اخذا بحلقة باب الكعبة، مستقبل الناس بوجهه، وهو يقول: من عرفني فأنا جندب الغفاري، ومن لم يعرفني فانا أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قاتلني في الاولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله (تعالى) في الثالثة مع الدجال، إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك. 89 / 58 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن ليلة القدر ؟ فقال: تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة وما يصيب العباد فيها. قال: وأمر موقوف لله (تعالى) فيه المشيئة، يقدم منه ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، وهو قوله (تعالى): ” يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” (1). 90 / 59 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر


(1) سورة الرعد 13: 39.

[ 61 ]

الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يقل مع التقوى عمل، وكبف يقل ما يتقبل ؟ 91 / 60 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن حسين المقرئ، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد، قال: حدثنا أبو العباس الاحوص بن علي بن مرداس، قال: حدثني محمد بن الحسين بن عيسى الرواسي، قال: حدثني سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن من اليقين أن لا ترضوا الناس بسخط الله، ولا تكرهوهم (1) على ما لم يؤتكم الله من فضله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كره كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه كما يدركه الموت. تم المجلس الثاني بحمد الله تعالى، ويتلوه المجلس الثالث من الامالي للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه وأرضاه، بمحمد وآله الطاهرين.


(1) في نسخة: ولا تلوموهم.

[ 63 ]

(13) المجلس الثالث فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 92 / 1 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله تعالى) قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان (1) العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي (عليه السلام)، فيأتي النداء من عند الله (عزوجل): لسنا إياك أردنا، وإ ن كنت لله خليفة. ثم ينادي مناد ثانيا: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله (عزوجل: يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم، يستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلا من الجنان. قال: فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.


(1) بطنان الشئ: وسطه.

[ 64 ]

ثم يأتي النداء من عند الله (عزوجل): ألا من تعلق بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب فتقطعت بهم الاسباب. وقال الذين اتبعوا: لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا مناكذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (1). 93 / 2 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا المظفر بن أحمد البلخى، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد ابن الحسين، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء، قال: حدثنا أبو معاذ الخزاز، قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه، قال: بينا ابن عباس (رحمه الله) يخطب عندنا على منبر البصرة، إذ أقبل على الناس بوجهه، ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها، أما والله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله، ما عال سهم من فرائض الله، ولا عال ولي لله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم. ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” (2). 94 / 3 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي، قال: حدثنا الحسن بن طريف، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا تجد عليا (عليه السلام) يقضي بقضاء إلا وجدت له أصلا في السنة. قال: وكان علي (عليه السلام) يقول: لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما، ثم مكثا أحوالا كثيرة، ثم أتياني في ذلك الامر، لقضيت بينهما قضاء واحدا، لان القضاء لا يحول ولا يزول.


(1) تضمين من سورة البقرة 2: 166 و 167. ويأتي في الحديث: 153 سندا ومتنا. (2) سورة الشعراء 26: 227. ويأتي في الحديث: 154.

[ 65 ]

95 / 4 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقرئ، قال: أخبرني أبو القاسم علي بن محمد، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن يوسف، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن، عن سعيد بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عيه وآله) حضر شابا عند وفاته، فقال له: قل: لا إله إلا الله. قال: فاعتقل لسانه مرارا، فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم ؟ قالت: نعم، أنا أمه. قال: أفساخطة أنت عليه ؟ قالت: نعم، ماكلمته منذ سث حجج. قال لها: ارضي عنه. قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله). قل: لا إله إلا الله. قال: فقالها. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما ترى ؟ فقال: أرى رجلا أسود، قبيح المنظر، وسخ الثياب، منتن الريح، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي (1). فقال النبي (صلى الله عليه وآله) قل: ” يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم ” فقالها الشاب، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): انظر ما ترى ؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الثياب، قد وليني، وأرى ا لاسود وقد ولى عني. قال: أعد، فأعاد. قال: ما ترى ؟ قال: لست أرى الاسود، وأرى الابيض قد وليني، ثم طفا (2) على تلك الحال. 96 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي، قال: حدثنا الحسين بن عمر المقرئ، عن علي بن الازهر، عن علي بن صالح المكي، عن محمد بن عمربن علي، عن أبيه، عن جده (عليه السلام) قال: لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله) ” إذا جاء


(1) الكظم: مخرج النفس من الحلق. (2) أي مات.

[ 66 ]

نصر الله والفتح ” (1) فقال لي: يا علي، لقد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي، إن الله (تعالى) قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي. فقلت: يا رسول الله، وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد ؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأ ني رسول الله، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني. فقلت: فعلى م نقاتلهم يا رسول الله، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لامري، واستحلالهم دماء عترتي. قال: فقلت: يا رسول الله، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لي. فقال: أجل قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ؟ – وأومى إلى رأسي ولحيتي -. فقلت: يا رسول الله، أما إذا بينت لي ما بينت فليس هذا بموطن صبر، لكنه موطن بشرى وشكر. فقال: أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي. قلت: يا رسول الله، أرشدني الفلج (2). ثار: إذا رأيت قومك قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان، يا علي، إن الهدى هو اتبا ع أمر الله دون الهوى والرأي، وكانك بقوم قد تأولوا القران وأخذوا بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية. فقلت: فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل فتنة أو أهل ردة ؟ فقال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل. فقلت: يا رسول الله، العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل منا، بنا فتح الله وبنا يختم، وبنا أ لف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت:


(1) سورة النصر 110: 1. (2) فلج بحجته: أحسن الادلاء بها فغلب خصمه.

[ 67 ]

الحمد لله على ما وهب لنا من فضله. 97 / 6 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب، قال: سمعت أبا محمد الوابشي (1) رواه عن أبي الورد، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والاخرين عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم، فيمكثون بذلك ما شاء الله، وذلك قوله: ” فلا تسمع إلا همسا ” (2) ثم قال: ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الامي ؟ قال: فيقول الناس قد أسمعت كلا، فسم باسمه. فقال: فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله ؟ قال: فيقوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة (3) وصنعاء، فيقف عليه، ثم ينادي بصاحبكم، فيقوم أمام الناس فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون. قال أبو جعفر (عليه السلام): فبين وارد يومئذ وبين مصروف، داذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى، وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي. قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول له: ما يبكيك، يا محمد ؟ قال: فيقول: وكيف لا أبكي لاناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا من ورود حوضي. قال: فيقول الله (عزوجل) يا محمد، قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك،


(1) في نسخة: الواسطي. (2) سورة طه 20: 108. (3) أيلة: مدينة على ساحل البحر الاحمر مما يلي الشام.

[ 68 ]

وجعلتهم في زمرتك، وأورد تهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم وأكرمتك بذلك. ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمداه ؟ إذا رأوا ذلك. قال: فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا. 98 / 7 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أ بو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا أبو سعيد الادمى، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الاعمال البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وفي ذلك مرغمة للشيطان، وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان. يا جميل، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك. قلت: من غرر أصحابي ؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر. ثم قال: أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله صاحب القليل فقال: ” ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه يه فأولئك هم المفلحون ” (1). 99 / 8 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه أن قال له: يا بني، اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد لك تضييعا مثل تركه. 100 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار، قال: حدثنا محمد بن مسلم الرازي، قال: حدثنا


(1) سورة الحشر 59: 9.

[ 69 ]

عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: كنت جالسا عند أبي بكر، فأتاه رجل فقال: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر: ادعوا لي عليا. فجاءه علي (عليه السلام) فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، إن هذا يذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده أن يحثو له ثلاث حثياتي من تمر، فاحثها له، فحثا له ثلاث حثيات من تمر، فقال أبو بكر: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة، فقال أبو بكر: صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول: يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدل سواء. 101 / 10 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك، قال: حدثنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن بسام، عن علي بن الحكم، عن ليث بن سعد، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحبوا عليا، فإن لحمه لحمي ودمه دمي، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي، ونسوا فيه وصيتي، ما لهم عند الله من خلاق (1). 102 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” إنا أعطيناك الكوثر ” (2) قال له علي بن أبي طالب: ما هو الكوثر، يا رسول الله ؟ قال: نهر أكرمني الله به. قال علي (عليه السلام): إن هذا لنهر شريف، فانعته لنا يا رسول الله. قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله (تعالى)، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من


(1) الخلاق: النصيب. (2) سورة الكوثر 108: 1.

[ 70 ]

العسل، وألين من الزبد، حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الاذفر (1)، قواعده تحت عرش الله (عزوجل)، ثم ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على جنب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا علي، إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي. 103 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمرو بن شمر، قال: سمعت جابر بن يزيد الجعفي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: حدثني أبي، عن جدي (عليهما السلام) قال: لما توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل بالربذة، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له فائد (2) فقربه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له عبد الله: الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله، ووضعه في موضه، كره ذلك قوم أو استبشروا به، فقد والله كرهوا محمد ا (صلى الله عليه وآله) ونابذ وه وقاتلوه فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، والله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله). فرحب به أمير المؤمنين (عليه السلام) وأجلسه إلى جنبه، وكان له حبيبا ووليا، يسائله عن الناس، إلى أن سأله عن أبي موسى الاشعري، فقال: والله ما أنا وا ثق به، وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ماكان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته وولوه وسلطوه بالامر على الناس، ولقد أردت عزله، فسألني الاشتر فيه أن أقره فأقررته على كره مني له، وعملت على صرفه من بعد.


(1) الاذفر: الشد يد الرائحة. (2) فائد: جبل في طريق مكة.

[ 71 ]

قال: فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أ قبل سواد كثير من قبل جبال طيئ، فقال أمير المزمنين (عليه السلام): انظروا ما هذا ؟ وذهبت الخيل تركض، فلم تلبث أن رجعت فقيل له: هذه طيئ قد جاءتك تسوق الغنم والابل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك. فقال أمير المؤمنين: جزى الله طيا خيرا ” وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عضيما ” (1). فلما انتهوا إليه سلموا عليه، قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا والله عيني، ما رأيت خطيبأ أبلغ من خطيبهم، وقام عدي بن حاتم الطائي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني كنث أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك، وخالفوا عليك ظالمين، فأتينا لنصرك بالحق، فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول: بحق نصرنا الله من قبل ذاكم وأنت بحق جئتنا فستنصر سنكفيك دون الناس طرا بنصرنا وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الاسلام وعن أهله خيرا، فقد اسلمتم طائعين، وقتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين. وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر، ففال: يا أمير المؤمنين، إن من الناس من يقدر أن يبين بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجد في نفسه بلسانه، فان تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم،


(1) سورة النساء 4: 95.

[ 72 ]

وإني والله ماكل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني، ولكن والله لاجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق. أما أنا، فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الاعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الاسلام، وقرابتك من الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يرحمك الله، فقد أدى لسانك ما يكن ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة. وتكلم نفر منهم، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين، ثم ارتحل أمير المؤمنين (عليه السلام) واتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذاقار، فنزلها ألف وثلاثمائة رجل. 104 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا عمر بن محمد الوراق، قال: حدثنا علي بن عباس البجلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا محمد بن تسنيم الوراق، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله (عزو جل): ” والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم ” (1). فقال: قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته، هم السابقون إلى الجنة، المقربون من الله البكرامته لهم. 105 / 14 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: أخبرني علي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم


(1) سورة الواقعة 56: 10 – 12.

[ 73 ]

الثقفي، قال: سألث أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله (عزوجل): ” فأولئك يبدل ألله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ” (1). فقال (عليه السلام): يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله (تعالى) هو الذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه ذنوبه حتى إذا اقر بسيئاته قال الله (عزو جل) لملائكته: بدلوها حسنات وأظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة، ثم يأمر الله به إلى الجنة، فهذا تأويل الاية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة. 106 / 15 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: كان أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: أربع من كن فيه كمل إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض: من وفى لله بما جعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله. 107 / 16 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر ابن محمد (رحمه الله)، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن الحسن بن محمد ابن شمون، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: جمعنا أبو جعفر (عليه السلام) فقال: يا بني إياكم والتعرض للحقوق، واصبروا على النوائب، وإن دعاكم بعض قومكم إلى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه. 108 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر


(1) سورة الفرقان 25: 70.

[ 74 ]

الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عى أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا شهر رمضان شهر مبارك، افترض الله صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم – يردد ذلك (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات -. 109 / 18 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا سعدان بن سعيد، قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الغامدي (1) 1 قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، والذي يحلف به لينتصرن البكم كما انتصر بالحجارة. 110 / 19 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا النعمان بن أحمد القاضي الواسطي ببغداد، قال: وأخبرنا إبراهيم بن عرفة النحوي، قالا: حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيم الهلالي، قال: حدثنا عمي سعيد، قال: حدثنا مسلم الملائي (2)، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: والله يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا غنم تغط (3)، ثم أنشأ يقول: أتيناك يا خير البرية كلها لترحمنا مما لقينا من الازل (4)


(1) في نسخة: الفايدي، وفي اخرى: العابدي، وهو سفيان بن إبراهيم بن مزيد الازدي الجريري، عد ه الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، وغامد بطن من الازد. (2) في النسخ: الغلابي، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر. تهذيب الكمال 27: 530 مؤسسة الرسالة، بيروت، وروى الماوردي في أعلام النبوة: 171 نحو هذا الحديث بالاسناد عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك. (3) أطيط الابل. صوتها وحنينها، والغطيط: الصوت أيضا. (4) الازل: القحط والجدب.

[ 75 ]

أتيناك والعذراء يدمى لبانها (1) وقد شغلت أم البنين عن الطفل وألقى بكفيه الفتى استكانة من الجوع ضعفا ما يمرولايحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (2) وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للصحابة: إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا. ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وكان فيما حمده به أن قال: الحمد لله الذي علا في السماء وكان عاليا، وفي الارض قريبا دانيا أقرب إلينا من حبل الوريد ؟ ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئأ، مريعا، غدقا، طبقا، عاجلا غير رائث (3)، نافعا غير ضار، تملأ به الزرع، وتنبت الزرع، وتحيي به الارض بعد موتها. فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل، والتقت السماء بأرواقها (4)، وجاه أهل البطاح يضجون: يا رسول الله، الغرق الغرق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن إلسماء، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله ؟ فقام عمر بن الخطاب، فقال: عسى أردت، يا رسول الله:


(1) اللبان – بالفتح -: الصدر، – وبالكسر -: الرضاع. (2) الحنظل العامي: أي اليا بس، الذي أتى عليه عام، والعلهز: نبت كالبردي، والفسل: المسترذل الردئ. (3) المغيث: ا لعا م، والمريع: المخصب، والغدق: الغزير الغامر، وغير رائث: غير بطئ. (4) الاوراق: جمع ورق، وروق السحاب: سيله، أي ألقت السماء بجميع ما فيها من المطر.

[ 76 ]

وما حملت من ناقة فوق ظهرها أبر وأوفى ذمه من محمد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس هذا من قول أبي طالب، هذا من قول حسان بن ثابت. فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: كأنك أردت، يا رسول الله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للارامل تلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نماصع دونه ونقاتل (1) ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أجل. فقام رجل من بني كنانة، فقال: لك الحمد والحمد ممن شكر سقينابوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة وأشخص منه إليه البصر فلم يك إلا كإلقا الردا وأسرع حتى أتانا الدرر دفاق العزالي جم البعاق أغاث به الله غليا مضر (2) فكان كما قاله عمه أبو طالب ذارواء غزر به الله يسقي صيوب الغمام فهذا العيان وذاك الخبر فقال رسول الله (صلى الله عيه وآله): يا كناني بوأك الله بكل بيت قلته بيتا في الجنة. 111 / 20 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال:


(1) يبزى: أي يترك ويسلم، والمماصعة: المقاتلة والمجالدة بالسيوف. (2) العزالي: جمع عزلاء، وهو فم المزادة الاسفل، شبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة، والبعاق: سحاب يتصبب بشدة.

[ 77 ]

حدثنا عبد الله بن الازرق الشيباني، قال: حدثنا أبو الجحاف، عن معاوية بن ثعلبة، قال: لما استوسق (1) الامر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان على مكة عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، فطلبه فلم يقدر عليه، فأخبر أن له ولدين صبيين فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما، فأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه، ولهما ذؤابتان، فأمر بذبحهما فذبحا، وبلغ أمهما الخبر، فكادت نفسها تخرج، ثم أنشأت تقول: ها من أحس بنيي اللذين هما كالدرتين تشظا عنهما الصدف ها من أحس بنين اللذين هما سمعي وعيني فقلبي اليوم يختطف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا من قولهم ومن الافك الذي اقترفوا أحنى على ودجى طفلي مرهفة مشحودة وكذاك الظلم والسرف من دل والهة عبرى مفجعة على صبيين فاتا إذ مضى السلف قال: ثم اجتمع عبيدالله بن عباس من بعد ببسر بن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيدالله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين ؟ قال بسر: نعم أنا قاتلهما فمه ؟ فقال عبيدالله: لو أن لي سيفا ! قال بسر: فهاك سيفي، وأومأ إلى سيفه، فزبره فعاوية وانتهره، وقال: أ نى لك من شيخ، ما أحمقك ! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه فتعطيه سيفك، كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم، والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي. فقال عبيدالله: بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به. 112 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن الحصين، قال: كنت أنا


(1) أي انتظم.

[ 78 ]

وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جالس إلى جنبه، إذ قرأ رسول الله، (صلى الله عليه وآله): ” أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أء له مع الله قليلا ما تذكرون ” (1). قال: فانتفض علي (عليه السلام) كانتفاض العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما شأنك تجزع ؟ فقال: وما لي لا أجزع والله يقول: إنه يجعلنا خلفاء الارض. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 113 / 22 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثني محمد بن إسحاق التغلبي (2) الموصلي أبو نوفل، قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) يقول: نحن خيرة الله من خلقه، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه. 114 / 23 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي علي بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثني العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: لادين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. 115 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمز بن محمد المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال


ل‍ (1) سورة النمل 27: 62. (2) في نسخة: الثعلبي.

[ 79 ]

أمير المؤمنين (عليه السلام): لو رأى العبد أجله وسرعته إليه، لابغض الامل، وترك طلب ا لد نيا. 116 / 25 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا المظفر بن محمد البلخي الوراق، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي الكاتب، قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: لا يزال المؤمن في صلاة ماكان في ذكر الله قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إن الله (تعالى) يقول: ” الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ” (1). 117 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: إذا كذب الولاة حبس المطر، وإذا جار السلطان هانت الدولة، وإذا حسبت الزكاة ماتت المواشي. 118 / 27 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الفزاري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جا بر. قال: وحدثني جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): ألا أبشرك، ألا أمنحك ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فإني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة فخلق منها


(1) سورة آل عمران 3: 191.

[ 80 ]

شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم. 119 / 28 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي أيوب بساحل الشام، قال: حدثنا جعفر بن هارون المصيصي، قال: حدثنا خالد بن يزيد القسري، قال: حدثنا أبي الصيرفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: برئ الله ممن تبرأ منا، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا، اللهم إنك تعلم أ نا سبب الهدى لهم، وإنما يعادوننا لك، فكن أنت المتفرد بعداوتهم. 120 / 29 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد ابن جمهور العمي، قال: حدثنا جعفر بن بشير، قال: حدثني سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه فرد أبرهة السلام، فجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيئته. فقال له: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال ؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك. ثم أجلسه معه على سريره، وقال لسائس فيله الاعظم – وكان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الد رر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الارض -: ائتني به، فجاء به سائسه، وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له، ولم يكن يسجد لملكه، وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبد المطلب،


[ 81 ]

ولما رأى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه. ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك فسلني ما شئت، وهو يرى أ نه يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي. قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الارض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك ! فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم. فقال الملك: ردوا إليه سرحه، وانصرف إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الاعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا لي ابني، فجئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بعبدالله أبي النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس (1)، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر، فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به. قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل (2) مثل السيل والليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت فطاف به سبعا، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من


(1) أبو قيس: جبل بمكة. (2) أبابيل: جماعات.

[ 82 ]

أمرها بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب وهو يقول: يا أهل مكة، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم. قال: فأتوا العسكر، وهم أمثال الخشب النخرة، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميمهم انصرف الطير، ولم ير قبل ذلك ولا بعده، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبدالمطبب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال: يا حابس الفيل بذي المغمس (1) حبسته كأنه مكوكس (2) في محبس تزهق فيه الانفس فانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة: طارت قريش إذ رأت خميسا فظلت فردا لا أرى أنيسا ولا أحس منهم حسيسا إلا أخالي ماجدا نفيسا مسودا في أهله رئيسا 121 / 30 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو الوليد العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون: لما فرغ علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الجمل، عرض له مرض، وحضرت الجمعة، فتأخر عنها، وقال لابنه الحسن (عليه السلام): انطلق يا بني فجمع بالناس. – فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال: أيها الناس، إن الله اختارنا بالنبوة،


(1) المغمس: موضع بطريق الطائف. (2) أي منكس.

[ 83 ]

واصطفانا على خلقه، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا تنقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ” ولتعلمن نبأ ه بعد حين ” (1). ثم جمع بالناس، وبلغ أباه كلامه، فلما انصرف إلى أبيه (عليه السلام) نظر إليه وما ملك عبرته أن سألت على خديه، ثم استدناه إليه فقبل، بين عينيه، وقال: بابي أنت وأمي ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” (2). 122 / 31 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا ثوابة بن يزيد، قال: حدثنا أحمد بن علي ابن المثنى، عن شبابة بن سوار، قال: حدثني مبارك بن سعيد، عن خليد الفراء، عن أبي المحبر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، وا لاستماع منهن، والاخذ برأيهن، ومجالسة الموتى. فقيل: يا رسول الله، وما مجالسة الموتى ؟ قال: مجالسة كل ضال عن الايمان، وجائر عن الاحكام. 123 / 32 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن حريش، قال: حدثنا أحمد بن برد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبي لبابة بن عبد المنذر: أنه جاء يتقاضى أبا اليسر دينا له عليه، فسمعه يقول: قولوا له ليس هو هاهنا، فصاح أبو لبابة: يا أبا اليسر، اخرج إلي، فخرج إليه، فقال: ما حملك على هذا ؟ فقال: العسر، يا أبا لبابة. قال: الله. قال: الله. فقال أبو لبابة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب أن يستظل من


(1) سورة ص 38: 88. (2) سورة آل عمران 3: 34 ويأتي في الحديث: 159.

[ 84 ]

فور جهنم ؟ فقلنا: كلنا نحب ذلك. قال: فلينظر غريما أو ليدع لمعسر (1). 124 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الزيات، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول: من استفاد أخا في الله، فقد استفاد بيتا في الجنة. 125 / 34 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدثنا بندار بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن سهل بن الجراح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الدين نصيحة. قيل: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه، وللائمة في الدين، ولجماعة المسلمين. 126 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: لما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناسكه من حجة الوداع، ركب راحلته وأنشأ يقول: لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقام إليه أبو ذر الغفاري (رحمه الله) فقال: يا رسول الله، وما ا لاسلام ؟ فقال (صلى الله عليه وآله): الاسلام عريان لباسه التقوى، وزينته الحياء، وملاكه الورع، وجماله (2) الد ين، وثمره العمل الصالح، ولكل شئ أساس، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت. 127 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن


(1) يأتي في الحديث: 1025. (2) في نسخة: وكماله.

[ 85 ]

سالم الجعابي، قال: حدثنا عمرو بن سعيد السجستاني، قال: حدثنا محمد بن يزيد الفريابي (1)، قال: حدثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر ابن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أتاني ملك لم يهبط إلى الارض قبل وقته، فعرفني أ نه استأذن الله (عزوجل) في السلام علي، فأذن له فسلم علي، وبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة. 128 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا عروة بن خالد، قال: حدثنا سليمان التميمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أنا أول من يجثو بين يدي الله (عزوجل) يوم القيامة للخصومة. 129 / 38 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم القطان، قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا صباح المزني، عن حكيم ابن جبير، عن عقبة الهجري، عن عمه، قال: سمعت عليا (عليه السلام) على المنبر وهو يقول: لاقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي، ولا يقوله أحد بعدي إلا كاذب، أنا عبد الله وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونكحت سيدة نساء الامة. 130 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: أيسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيكم ؟ فقلت:


(1) في نسخة: القرياني.

[ 86 ]

معاذ الله ! قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من سب عليا فقد سبني. 131 / 40 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن سعيد الاهوازي، قال: حدثنا علي بن حديد، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن زهير، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): يا مدرك، إن أمرنا ليس بقبوله فقط، ولكن بصيانته وكتمانه عن غير أهله، اقرأ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته وقل لهم: رحم الله امرءا اجتر مودة الناس إلينا، فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون. 132 / 41 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن كثير الثقفي، قال: حدثني أبو خالد، عن حنان بن سدير، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورأيته يعمل به. فقال: عليك بالقران. فقلت له: قد قرأت القران، وإنما جئتك لتحد ثني بما لم أره ولم أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إني أشهدك على حذيفة أ ني أتيته لتحدثني فإنه قد سمع وكتم. قال: فقال حذيفة: قد أبلغت في الشدة، فقال لي: خذها قصيرة من طويلة، وجامعة لكل أمرك، إن آية الجنة في هذه الامة لتأكل الطعام وتمشي في الاسواق. فقلت له: فبين لي آية الجنة فأتبعها، وآية النار فأتقيها. فقال لي: والذي نفس خذيفة بيده، إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة لائمة آل محمد (عليهم السلام)، وإن آية النار والدعاة إليها إلى يوم القيامة لاعداؤهم (1).


(1) يأتي في الحدثي: 171.

[ 87 ]

133 / 42 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني عبيدالله بن القاسم (1)، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن جبلة بن سحيم، عن أببه، قال: لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بلغه أن معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له، وقال: إن أقرني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أمير المؤمنين، إن معاوية من قد عرفت، وقد ولاه الشام من قد كان قبلك، فوله أنت كيما تتسق عرى الامور ثم اعزله إن بدا لك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه ؟ قال: لا. قال: لا يسألني الله (عزوجل) عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا: ” وما كنت متخذ المضلين عضدا ” (2) لكن أبعث إليه وأدعوه إلى ما في يدي من الحق، فإن أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن أبى حاكمته إلى الله، فولى المغيرة وهو يقول: فحاكمه إذن وأنشأ يقول: نصحت عليا في ابن حرب نصيحة فرد فما منى له (3) الدهر ثانيه ولم يقبل النصح الذي جئته به وكانت له تلك النصيحة كافيه (4) وقالوا له ما أخلص النصح كله فقلت له إن النصيحة غاليه


(1) في نسخة: عبد الله بن أبي هاشم. (2) سو ة الكهف 18: 51. (3) أي ما قدر له. (4) في نسخة: عافية.

[ 88 ]

فقام قيس بن سعد (رحمه الله) فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله، فقدم فيه رجلا وأخر فيه أخرى، فإن كان لك الغلبة تقرب إليك بالنصيحة، وإن كانت لمعاوية تقرب إليه بالمشورة، ثم أنشأ يقول: كاد ومن أرسى ثبيرا مكانه مغيرة أن يقوى عليك معاوية وكنت بحمد الله فينا موفقا وتلك التي أراكها غير كافيه فسبحان من علا السماء مكانها وأرضا دحاها فاستقرت كما هية 134 / 43 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد البصري، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا موسى بن زكريا، قال حدثنا أبو خالد، قال: حدثني العتبي، قال: سمعت الشعبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: العجب ممن يقنط ومعه الممحاة. فقيل له: وما الممحاة ؟ قال: الاستغفار. 135 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، ” قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا جدي أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال: ألا أخبركم بأشد ما افترض الله على خلقه ؟ إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الاخوان في الله (عزوجل)، وذكر الله على كل حال، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها، وإن عرضت له معصية تركها (1). 136 / 45 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن


(1) يأتي نحو ه في الحديثين: 1393 و 1446.

[ 89 ]

عمر الجعابي، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن صالح القاضي، قال: حدثنا مسروق ابن المرزبان، قال: حدثنا حفص، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأن أبخل الناس من بخل بالسلام. 137 / 46 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني الحسن بن حماد بن حمزة أبو علي من أصل كتابه، قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا محمد بن سليمان الاصفهاني، عن عبد الرحمن الاصفهاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: د عاني النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أرمد العين، فتفل في عيني وشد العمامة على رأسي، وقال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا. 138 / 47 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (رحمه الله)، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة، قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحا رث، عن علي (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة ” إنما يريد الله ليذ هب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (1). 139 / 48 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا علي بن سلمة، عن أبي أسلم محمد بن مخلد، عن أبي هياج عبد الله بن عامر، قال: لما أتى نعي الحسين (عليه السلام) إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنهما) في جماعة من نسائها حتى


(1) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 90 ]

انتهت إلى قبر رسول الله (ملى الله عليه وآله)، فلاذت به وشهقت عنده، ثم التفتت إلى المهاجرين والانصار، وهي تقول. ماذا تقولون إن قال النبي لكم يوم الحساب وصدق القول مسموع خذلتم عترتي أو كنتم غيبا والحق عند ولي الامر مجموع أسلمتموهم بايدي الظالمين فما منكم له اليوم عند الله مشفوع ما كان عند غداة الطف إذ حضروا تلك المنايا ولا عنهن مدفوع قال: فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم. 140 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حذثنا أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي، عن عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أصبحت يوما أم سلمة (رضي الله عنها) تبكي، فقيل لها: مم بكاؤك ؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين الليلة، وذلك – أ نني ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ مض إلا الليلة، فرأيته شاحبا كئيبا، فقالت: قلت: مالي أراك يا رسول الشاحبا كئيبا ؟ قال: ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحا به (عليه وعليهم السلام). 141 / 50 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن مقبل الحارثي، قال: حدثنا المحفوظ بن المنذر، قال: حدثني شيخ من بني تميم، كان يسكن الرابية قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين (عليه السلام) حتى كان مساء


[ 91 ]

ليلة عاشورا، فإني جالس بالرابية ومعي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول: والله ما جئتكم حتى بصرت به بالطف منعفر الخدين منحورا وحوله فتية تدمى نحورهم مثل المصابيح يطفون الدجى نورا وقد حثثت قلوصي (1) كي أصادفهم من قبل أن يتلاقى الخرد (2) الحورا فعاقني قدر والله بالغه وكان أمرا قضاه الله مقدورا كان الحسين سراجا يستضاء به الله يعلم أني لم أقل زورا صلى الاله على جسم تضمنه قبر الحسين حليف الخير مقبورا مجاورا لرسول الله في غرف وللرصي وللطيار مسرورا فقلت له: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا وأبي من جن نصيبين، أردنا مؤازرة الحسين (عليه السلام) ومواساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا. 142 / 51 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا محمد بن مهران، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد، عن حذلم بن ستير (3)، قال: قدمت الكوفة في المحرم من سنة إحدى وستين، منصرف علي بن الحسين (عليهما السلام) بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين، ويلتدمن (4)، فسمعت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل، وقد نهكته العلة، وفي عنقه الجامعة، ويده مغلولة إلى عنقه: إن هؤلاء النسوة يبكين، فمن قتلنا ؟ !


(1) القلوص: الناقة الشابة. (2) الخرد: جمع خرود، البكر التي لم تمس. (3) في نسخة: كثير. (4) التدمت المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل: ضربت وجهها في المأتم.

[ 92 ]

قال: ورأيت زينب بنت علي (عليه السلام) ولم أر خفرة (1) قط أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام). قال: وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الانفاس، وسكنت الاصوات، فقالت: الحمد لله، والصلاة على أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله). أما بعد: يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة، فإنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (2)، ألا وهل فيكم ألا الصلف الظلف والضرم الشرف (3) خوارون في اللقاء، عاجزون عن الاعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون (4). أتبكون ! إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، ولقد فزتم بعارها وشنارها (5)، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبد ا. فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم خذلتم وله قتلتم ! ألا ساء ما تزرون (6) فتعسا ونكسا، ولقد خاب السعي، وتبت الايدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله ” وضربت عليهم الذلة والمسكنة ” (7). ويلكم ! أتدرون أي كبد لمحمد فريتم، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم ة لقد جئتم شيئا إذا * تكاد السموات يتفطرن منة وتنشق الارض وتخر


(1) الخفرة الحيية. () تضمين من سورة النحل 16: 92. (3) في أمالي الشيخ المفيد: 322 الصلف النطف والصدر الشنيف. والنطف: المريب أو النجس، والشنيف: المبغض. (4) تضمين من سورة المائدة 5: 80 (،) الشنار: أقبح العيب والعار. (6) تضمين من سورة الانعام 6: 31 والنحل 16: 25. (7) سورة البقرة 2: 61.

[ 93 ]

الجبال هدأ ” (1). ولقد أتيكم بها خرقاء شوهاء بلاغ الارض والسماء، أفعجبتم أن قطرت السماء د ما، ولعذا ب ا لاخرة أخرى، فلا يستخفنكم (2) المهل، فإنه لا يحفزه ا لبدا ر، ولا يخاف عليه فوت (3) الثار، كلا ” إن ربك لبالمرصاد ” (4). قال: ثم سكتت، فرأيت الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: كهولكم خير الكهول ونسلكم إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى 143 / 52 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الرزاق، قال: حدثني مسعود بن عمرو الجحدري، قال: حدثني إبراهيم بن داحة، قال: أول شعر رثي به الحسين بن علي (عليه السلام) قول عقبة بن عمر والسهمي، من بني سهم بن عوف ابن غالب: إذا العين قرت في الحياة وأنتم تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلا ففاض عليه من دموعي غزيرها فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه (5) ويسعد عيني دمعها وزفيرها وبكيت من بعد الحسين عصائبا أطافت به من جانبيه قبورها سلام على أهل القبور بكربلا وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى تؤديه نكباء الرياح ومورها (6)


(1) سورة مريم 19: 89 و 90. (2) في نسخة: يستعجلنكم. (2) في نسخة: فوات. (4) سورة الفجر 89: 14. (5) الشجو: الهم والحزن، والشوط من البكاء. (6) النكباء: ريح انحرفت ووقعت بين ريحين كالصبا والشمال، والمور: الغبار تثيره الريح، والمور: الاضطراب.

[ 94 ]

ولا برح الوفاد زوار قبره يفوح عليهم مسكها وعبيرها (1) 144 / 53 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العياشي، قال: حدثنا محمد بن حاتم (2)، قال: حدثني محمد بن معاذ، قال: حدثنا زكريا بن عدي، قال: حدثنا عبيدالله بن عمر (3)، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه ووآله) يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول الله لا تشفع (4) يوم القيامة ؟ بلى والله، إن رحمي لموصلة في الدنيا والاخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله، أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى. 145 / 54 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن الفضل، قال: حدثني أبو تراب عببدالله بن موسى، قال: حدثني أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) يقول: ملاقاة الاخوان نشرة (5) تلقيح للعقل وإن كان نزرا قليلا. 146 / 55 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني المظفر بن محمد الوراق، قال: حدثني أبو علي محمد بن هشام، قال: حدثني أبو سعيد الحسن بن زكريا البصري، قال: حدثني عمرو (6) بن المختار، قال: حدثني أبو محمد النرسي، عن


(1) يأتي في الحديث: 417. (2) في نسخة: خالد. (3) في نسخة: عمرو. (4) في نسخة: لا تنفع. (5) النشرة: الرقية التي يعالج بها المريض والمجنون. (6) في نسخة: عمر.

[ 95 ]

النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم وقد مد الصراط، وقيل للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي وهذا لك ؟ فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، ومن أولئك ؟ فقال: أولئك شيعتك معك حيث كنت. تم المجلس الثالث، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين، ويتلوه المجلس الرابع من أمالي الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه.


[ 97 ]

(4) المجلس الرابع فيه أحاديث أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، وبقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 147 / 1 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن خالد أبو حفص، عن محمد بن يحيى المدني، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم، كان الله في حاجته ماكان في حاجة أخيه. 148 / 2 – وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، عن عاصم بن عمرو، عن محمد بن مسلم، قال: أتاني رجل من أهل الجبل، فدخلت معه على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له عند الوداع: أوصني. فقال: أوصيك بتقوى الله وبر أخيك المسلم، وأحب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإن سألك فأعطه، وإ ن كف عنك فاعرض عليه، ولا تمله خيرا فإنه لا يملك، وكن له عضدا فإنه لك عضد، إن وجد عليك فلا


[ 98 ]

تفارقه حتى تسل سخيمته (1)، وإن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فاكنفه وأعضده ووازره وأكرمه ولاطفه، فإنه منك وأنت منه. 149 / 3 – وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثني أحمد بن الحسن، قال: حدثنا الهيثم بن محمد، عن محمد بن الفيض، عن معلى بن خنيس، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما حق المؤمن على المؤمن ؟ قال: سبع حقوق واجبات، ما منها حق إلا واجب عليه، إن خالفه خرج من ولاية الله، وترك طاعته، ولم يكن لله فيه نصيب. قال: قلت حدثني ماهن ؟ فقال: ويحك يا معلى، إني عليك شفيق، أخشى أن تضيع ولا تحفظ، وأن تعلم ولا تعمل. قال: قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال (عليه السلام): أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك، والحق الثاني أن تمشي في حاجته وتتبع رضاه ولا تخالف قوله، والحق الثالث أن تصله بنفسك ومالك ويديك ورجليك ولسانك، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته وقميصه، والحق الخامس أن لا تشبع ويجوع ولا تلبس ويعرى ولا تروى ويظمأ، والحق السادس أن يكون لك امرأة وخادم وليس لاخيك امرأة وخادم فتبعث بخادمك فتغسل ثيابه، وتصنع طعامه، وتمهد فراشه، فإن ذلك كله لما جعل بينك وبينه، والحق السابع أن تبر قسمه، وتجيب دعوته، وتشهد جنازته، وتعود مريضه، وتشخص ببدنك في قضاء حوائجه، ولا تلجئه إلى أن يسألك، فإذا حفظت ذلك منه فقد وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايته (تعالى). 150 / 4 – وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس بن رمانة، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إنه من عظم دينه عظم إخوانه، ومن استخف بدينه


(1) السخيمة: الموجدة والضغينة في النفس.

[ 99 ]

استخف باخوانه، يا محمد، اخصص بمالك وطعامك من تحبه في الله (عزوجل). 151 / 5 – وبهذا الاسناد، عن المفضل بن قيس، عن أيوب بن محمد المسلي، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من كان وصل لاخيه بشفاعة في دفع مغرم أو جر مغنم، ثبت الله (عزوجل) قدميه يوم تزل فيه الاقدام. 152 / 6 – وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثني أحمد بن يحيى بن المنذر، قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة، وهو يقدر على قضائها، فمنعه إياها، عيره الله يوم القيامة تعييرا شديدا، وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاؤها في يدك، فمنعته إياها زهدا منك في ثوابها، وعزتي لا أنظر إليك اليوم في حاجة معذبا كنت أو مغفورا لك. 153 / 7 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: اين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي (عليه السلام)، فيأتي النداء من عند الله (عزوجل): لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة. ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله (عزوجل). يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا، فليتعلق بحبله في هذا اليوم، ليستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات الغلا من الجنان. قال: فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة. ثم يأتي النداء من عند الله (عزوجل): ألا من إئتم بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ ” يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقظعت بهم الاسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا مناكذلك يريهم


[ 100 ]

الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ” (1). 154 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن أحمد البلخي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء ” قال: حدثنا أبو معاذ الخزاز، قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه، قال: بينا ابن عباس (رحمه الله) يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه، ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها، أما والله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله، ما عال سهم من فرائض إذ ولا عال ولي لله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم ” وسيعلم الذين ظلموا أي، منقلب ينقلبون ” (2). 155 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي التمار، قال: حدثنا أبو عبد الله بن محمد (3)، قال: حدثنا سويد، قال: حدثنا الحكم بن سنان، عن سدوس صاحب السابري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار نادى مناد تحت العرش: تتاركوا المظالم بينكم، فعلي ثوابكم. 156 / 10 – أخبرنا محمد بن محمد والحسن بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى العسكري، قال: حدثني أحمد بن زيد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله، قال: حدثني أبي يحيى بن أكثم القاضي، قال: أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي (رحمه الله) وآ منه على نفسه، فلقا مثل بين يديه – وكنت جالسا بين يدي


(1) تضمين للايتين 166 – 167 من سورة البقرة. وقد تقدم في الحدبث: 92 سندا ومتنا. (2) سورة الشعراء 26: 227. وقد تقدم في الحديث: 93. (3) كذا، ويحتمل كونه أبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي، فإنه يروي عن سويد بن سعيد، أو أبا عبد الله محمد ابن أيوب الرازي ابن ضريس، فإنه من مشايخ أبي الطيب التمار.

[ 101 ]

المأمون – فقال له: أنشدني قصيدتك، فجحدها دعبل، وأنكر معرفتها. فقال له: لك الامان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده: تأسفت جارتي لما رأت زوري وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر ترجوالصبا بعدما شابت ذوائبها وقد جرت طلقا في حلبة الكبر أجارتي إن شيب الرأس يعلمني (1) ذكر المعاد وأرضاني عن القدر لو كنت أركن للدنيا وزينتها إذن بكيت على الماضين من نفر أخنى الزمان على أهلي فصدعهم تصد ع القعب (2) لاقى صدمة الحجر بعض أقام وبعض قد أهاب به (3) داعي المنية والباقي على الاثر أما المقيم فاخشى أن يفارقني ولسث أوبة من ولى بمنتظر أصبحت أ خبر عن أهلي وعن ولدي كحالم قص رؤيا بعد مدكر لولا تشاغل عيني بالالى سلفوا من أهل بيت رسول الله لم أقر وفي مواليك للمحزون مشغلة من أن تبيت لمفقود (4) على أثر كم من ذراع لهم بالطف بائنة وعارض بصعيد الترب منعفر أنسى الحسين ومسراهم لمقتله وهم يقولون هذا سيد البشر يا أمة السوء ما جازيت أحمد في حسن البلاء على التنزيل والسور ؟ ! خلفتموه على الابناء حين مضى خلافة الذئب في إبقار ذي بقر قال يحيى بن أكثم: وانفذني المأمون في حاجة، فقمت فعدت إليه، وقد انتهى إلى قوله: لم يبق حي من الاحياءنعلمه من ذي يمان ولا بكر ولا مضر


(1) في نسخة: ثقلني. (2) القعب: القدح. (3) أي دعاه أو زجره. (أ) في نسخة: لمشغول.

[ 102 ]

إلا وهم شركاء في دمائهم كما تشارك أيسار على جزر (1) قتلا وأسرا وتحريقا ومنهبة فعل الغزاة بأهل الروم والخزر أرى أمية معذورين إن قتلوا ولا أرى لبني العباس من غذر قوم قتلتم على الاسلام أولهم حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر أبناة حرب ومروان وأسرتهم بنو معيط أولات الحقد والوغر (2) أربع (3) بطوس على قبر الزكي بها إن كنت تربع من دين على وطر هيهات كل امرء رهن بما كسبت له يداه فخذ ما شئت أوفذر قال: فضرب المأمون بعمامته الارض وقال: صدقت والله يا دعبل. 157 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعغر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم، فبكى وأبكاهم من خوف الله (تعالى)، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنهم ليصبحون ويمشون شعثاء غبراء خمصاء بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجد ا وقياما، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خا ئفون. 158 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن * (هامش) (1) الايسار: جمع يسر، القوم المجتممون على اليسر، والجزر: كل شيئ مباح للذبح. (2) الوغر: الحقد والضغن. (3) أي قف وانتظر.


[ 103 ]

أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن صباح الحذاء، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق في صعيد واحد، وينادي مناد من عند الله، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، يقول: أين أهل الصبر ؟ فيقوم عنق من الناس (1)، فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم: ما كان صبركم هذا الذي صبرتم ؟ فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معصية الله. قال: فينادي مناد من عند الله: صدق عبادي، خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب. قال: ثم ينادي مناد آخر، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، فيقول: أين أهل الفضل. فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون: ما فضلكم هذا الذي نوديتم به ؟ فيقولون: كنا يجهل علينا في الدنيا فنحتمل ويساء إلينا فنعفو. قال: فينادي مناد من عند الله (تعالى): صدق عبادي، خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب. قال: ثم ينادي مناد من عند الله (عز وجل)، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، فيقول: أين جيران الله (تعالى) في داره ؟ فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون لهم: ماذا كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله (تعالى) في داره ؟ فيقولون: كنا نتحاب في الله (عز وجل). ونتباذل في الله، ونتوازر في الله. فينادي مناد من عند الله: صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنة بغير حساب. قال: فينطلقون إلى الجنة بغير حساب. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): فهؤلاء جيران الله في داره، يخاف الناس ولا يخافون، ويحاسب الناس ولا يحاسبون. 159 / 13 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال أ أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق


(1) أي جماعة من الناس.

[ 104 ]

الثقفي، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقول: لما فرغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من حرب أصحاب الجمل لحقه مرض وحضرت الجمعة، فقال لابنه الحسن (عليه السلام): انطلق يا بني فجمع بالناس. فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أيها الناس، إن الله اختارنا لنبوته، واصطفانا على خلقه وبريته، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينتقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ” ولتعلمن نبأه بعد حين ” (1). ثم جمع بالناس، وبلغ أباه كلامه، فلما انصرف إلى أبيه (عليه السلام) نظر إليه فما ملك عبرته أن سألت على خديه، ثم استدناه فقبل بين عينيه، وقال: بأبي أنت وأمي ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” (2). 160 / 14 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس ابن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ما قبض الله نبيا حتى أمره أن يوصي إلى أفضل عشيرته من عصبته، وأمرني أن أوصي. فقلت: إلى من يا رب ؟ فقال: اوص يا محمد إلى ابن عمك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أ نه وصيك، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، ولك يا محمد بالنبوة، ولعلي بالولاية. 161 / 15 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد


(1) سورة ص 38: 88. (2) سورة آل عمران 3: 34 وقد تقدم في الحديث: 121.

[ 105 ]

ابن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن عبد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثني المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطاني الله (تبارك وتعالى) خمسا، وأعطى عليا خمسا. أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا وجعله وصيا، وأعطاني الكوثر، وأعطاه السلسبيل ة وأعطاني الوحي، وأعطاه الالهام، وأسرى بي إليه، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي فنظرت إليه. قال: ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت له: ما يبكيك فداك أمي وأبي ؟ فقال: يابن عباس، إن أول ما كتمني به أن قال: يا محمد انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي، فكلمني وكلمته، وكلمني ربي (عزوجل). فقلت: يا رسول الله، بم كلمك ربك ؟ قال: قال لي: يا محمد، إني جعلت عليا ووصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه، فها هو يسمع كلامك، فأعلمته وأنا بين يدي ربي (عزوجل)، فقال لي: قد قبلت وأطعت. فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنأوني وقالوا: يا محمد، والذي بعثك بالحق، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله (عز وجل) لك ابن عمك. ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الارض، فقلت: يا جبرئيل، لم نكس حملة العرش رؤوسهم ؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله (عز وجل) في هذه الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أ ني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه. قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله، أوصني. فقال: عليك بمودة علي بن أبي


[ 106 ]

طالب، والذي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي ابن أبي طالب (عليه السلام) وهو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ماكان منه، وان لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ، ثم أمر به إلى النار. يابن عباس، والذي بعثني بالحق نبيا، إن النار لاشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا. يابن عباس، لو أن الملائكة المقربين والانبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، ولن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار. قلت: يا رسول الله، وهل يبغضه أحد ؟ قال: يابن عباس نعم، يبغضه قوم يذكررن أ نهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا. يابن عباس، إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيا، ما بعث النبيا أكرم عليه مني، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي. قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصاني بمودته، وإنه لاكبر عملي عندي. قال ابن عباس: فلما مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول الله (صلى الله عليه وآ له) الوفاة حضرته، فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني ؟ فقال: يابن عباس، خالف من خالف عليا، ولا تكونن لهم ظهيرا، ولا وليا. قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟ قال: فبكى (عليه السلام) حتى أغمي عليه، ثم قال: يابن عباس، قد سبق فيهم علم ربي، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة. يابن عباس، إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راض، فاسلك طريقة علي بن أبي طالب، ومل معه حيث مال، وأرض به إماما، وعاد من عاداه، ووال من والاه. يابن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله (تعالى). 162 / 16 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثني محمد بن القاسم الانباري، قال:


[ 107 ]

حدثني أبي، عن الحسين بن سليمان الزاهد، قال: سمعت أبا جعفر الطائي الواعظ يقول: سمعت وهب بن منبه، يقول: قرأت في زبور داود أسطرا، منها ما حفظت ومنها ما نسيت، فما حفظت قوله: يا داود، اسمع مني ما أقول، والحق أقول، من أتاني وهو يحبني أدخلته الجنة. يا داود، اسمع منى ما أقول، والحق أقول، من أتاني وهو مستحي من المعاصي التي عصاني بها، غفرتها له وأنسيتها حافظيه. يا داود، اسمع مني ماأ قول والحق أقول، من أتاني بحسنة واحدة أدخلته الجنة. قال داود: يا رب، ما هذه الحسنة ؟ قال: من فرج عن عبد مسلم. فقال داود (عليه السلام): إلهي كذلك لا ينبغي لمن عرفك أن يقطع رجاءه منك. 163 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثني محمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن خالد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآ له): إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء، عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. 164 / 18 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال. حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عمار بن يزيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: لما نزل رسول الله (صلى الله عليه وآ له) بطن قد يد (1)، قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، إني سألت الله (عز وجل) أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل.


(1) قديد: موضع قرب مكه.

[ 108 ]

فقال رجل من القوم: والله لصاع من تمر في شن (1) بال خير مما سأل محمد ربه، هلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته ؟ فأنزل الله (تعالى). ” فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أتت نذير وآلله علي كل شئ وكيل ” (2). 165 / 19 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله)، قال: حدثنا بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي ابن الحسين السعد ابادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي، قال: حدثني من حضر عبد الملك بن مروان وهو يخطب الناس بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته، قام إليه رجل فقال: مهلا مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفاقتداء بسيرتكم، أو طاعة لامركم ؟ فان قلتم: اقتداء بسيرتنا، فكيف يقتدى بسيرة الظالمين، وما الحجة في اتبا ع المجرمين الذين اتخذوا مال الله دولا وجعلوا عباد الله خولا ؟ ! وإ ن قلتم: أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا، فكيف ينصح غيره من لم ينصح نفسه، أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة ؟ ! وإن قلتم: خذوا الحكمة من حبث وجدتموها، واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو أفصح بصنوف العظات، وأعرف بوجوه اللغات منكم، فتزحزحوا عنها، واطلقوا أقفالها، وخلوا سبيلها، ينتدب لها الذين شردتم في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله قلدناكم أزمة أمورنا، وحكمناكم في أبداننا وأموالنا وأدياننا لتسيروا فينا بسيرة الجبارين، غير أ نا نصبر أنفسنا لاستبقاء المدة وبلوغ الغاية وتمام المحنة، ولكل قائم منكم يوم لا يعدوه، وكتاب لابد أن يتلوه ” لا يغادر صغيرة ولا


(1) الشن: القربة الخلق الصغيرة. (2) سورة هود 11: 12.

[ 109 ]

كبيرة إلا أحصاها ” (1)، ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” (2). قال: فقام إليه بعض أصحاب المشايخ فقبض عليه، وكان ذلك آخر عهدنا به، ولا ندري ما كانت حاله. 166 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد الرازي، عن علي بن محمد الهرمزداني، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن أبيه الحسين (عليه السلام)، قال: لما مرضت فاطمة بنت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآ له) وصت إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس (رحمها الله) على استمرار بذلك، كما وصت به، فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يترك أمرها ويدفنها ليلا ويعفي قبرها، فتولى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها وعفى موضع قبرها، فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، وأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآ له) فقال: السلام عليك يا رسول الله، عني وعن ابنتك وحبيبتك، وقرة عينك وزائرتك، والثابتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك لموضع التعزي، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، – وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله نعم القبول، وإنا لله وإنا إليه راجعون. قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله ! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن


(1) سورة الكهف 18: 49. (2) سورة الشعراء 26: 227.

[ 110 ]

من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول ويحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سئم ولا قال، فان أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، الصبر ايمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، والتلبث عنده معكوفا، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن بنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة اللة وبركاته. 167 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه ومحمد بن سنان، عن محمد بن عطية، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت كفارة لذنوب المؤمنين. 168 / 22 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني أبو الحسن زكريا بن يحيى الكنجي، قال: حد ثني أبو هاشم داود ابن القاسم الجعفري، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول: إن امير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل، أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت. 169 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا علي ابن محمد القاساني، عن حفص بن غياث القاضي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه، فلييأس عن


[ 111 ]

الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من الله (عز وجل)، فإنه إذا علم الله (تعالى) ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفا، كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الاية ” في يوم كان مقدار ه خمسين ألف سنة ” (1). 170 / 24 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، عن حبيب بن نصر، عن أحمد بن بشير بن سليمان، عن هشام بن محمد، عن أبيه محمد بن السائب، عن إبراهيم بن محمد اليماني، عن عكرمة، قال: سمعت عبد الله بن العباس يقول لابنه علي بن عبد الله: ليكن كنزك الذي تدخره العلم، كن به أشد اغتباطا منك بكنز الذهب الاحمر، فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته اجتمع لك به خير أمر الدنيا والاخرة، لا تكن ممن يرجو الاخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الامل، ويقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكرما يؤتى، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر بما لا يأتي. يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض الفجار وهو أحدهم، ويقول: لم أعمل فأتعنى، ألا أجلس فأتمنى، فهو يتمنى المغفرة وقد دأب في المعصية، قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر، يقول فيما ذهب: لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي، ويعصي ربه (تعالى) فيما بقي غير مكترث، إن سقم ندم على العمل، وإن صح أمن واغتر وأخر العمل، معجب بنفسه ما عوفي، وقانط إذا ابتلي، إن رغب أشر، وإن بسط له هلك، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، لا يثق من الرزق بما قد ضمن له، ولا يقنع بما قسم له، لم يرغب قبل أن ينصب، ولا ينصب فيما يرغب، إن استغنى بطر، وإ ن افتقر قنط، فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشكر، ويضبع من نفسه ما هو


(1) سورة المعارج 70: 4.

[ 112 ]

أكثر. يكره الموت لاساءته، ولا يدع الاساءة في حياته إن عرضت شهوته، واقع الخطيئة ثم تمنى التوبة، وإن عرض له عمل الاخرة دافع، يبلغ في الرغبة حين يسأل، ويقصر في العمل حين يعمل، فهو بالطول مدل، وفي العمل مقل، يتبادر في الدنيا تعبا لمرض، فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض، يخشى الموت، ولا يخاف الفوت، يخاف على غيره بأقل من ذنبه، ويرجو لنفسه بدون عمله، وهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن، يرجو الامانة ما رضي، ويرى الخيانة إن سخط، إن عوفي ظن أ نه قد تاب وإ ن ابتلي طمع في العافية وعاد، لا يبيت قائما، ولا يصبح صائما، (يصبح) وهمه الغذاء، ويمسي ونيته العشاء، وهو مفطر، يتعوذ بالله منه من هو فوقه، ولا ينجو بالعوذ منه من هو دونه، يفلك في بغضه إذا أبغض، ولا يقصر في حبه إذا أحب، يغضب في اليسير، ويغضي على الكثير، فهو يطاع ويعصي والله المستعان. 171 / 25 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثني هارون بن حاتم، قال: حدثنا إسماعيل بن توبة ومصعب بن سلام، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو رأيته لاعمل به ؟ قال: فقال لي: عليك بالقران. فقلت له: قد قرأت القران، وإنما جئتك لتحدثني، اللهم إني أشهدك على حذيفة أ ني أتيته ليحدثني بما لم أسمعه ولم أره من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأ نه قد منعنيه وكتمنيه. فقال حذيفة: يا هذا، قد أبلغت في الشدة. ثم قال لي: خذها قصيرة من طويلة وجامعة لكل أمرك، إن آية الجنة في هذه الامة لبينة، إنه ليأكل الطعام ويمشي في ا لاسوا ق. فقلت له: بين لي آية الجنة أتبعها، وبين لي آية النار فأتقيها. فقال لي: والذي نفسي بيده، إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة وآية الحق إلى يوم القيامة لال محمد (عليهم السلام)، وإن آية النار وآية الكفر والدعاة إلى النار


[ 113 ]

إلى يوم القيامة لغيرهم (1). 172 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي (رحمه الله)، قال: حد ثني القاسم بن محمد الدلال، عن سيرة بن زياد، عن الحكم ابن عتيبة، عن حنش بن المعتمر، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف أمسيت ؟ قال: أمسيت محبا لمحبنا، ومبغضا لمبغضنا، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها، وأ مسى عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، وكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاهلها، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، والتعس لاهل النار، والنار لهم. يا حنش، من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب وليا لنا فليس بمبغض لنا، وإ ن كان يبغض ولينا فليس بمحمب لنا، إن الله (تعالى) أخذ الميثاق لمحبنا بمودتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء. 173 / 27 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم، قال: حدثنا إسحاق بن إسساعيل حمويه (2)، قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، قال: أخبرني رجل من تميم، قال: كنا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) بذي قار ونحن نرى أنا سنختطف في يومنا، فسمعته يقول: والله لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين – يعني طلحة والزبير – ولنستبيحن


(1) تقدم في الحديث: 123. (2) في نسخة: حيويه.

[ 114 ]

عسكرهما. قال التميمي: فأتيت إلى عبد الله بن عباس، فقلت: أما ترى إلى ابن عمك وما يقول ؟ فقال: لا تعجل حتى تنظر ما يكون، فلما كان من أمر البصرة ماكان أتيته فقلت. لا أرى ابن عمك إلا قد صدق. فقال: ويحك ! إنا كنا نتحدث أصحاب محمد أن النبي (صلى الله عليه وآله) عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره، فلعل هذا مما عهد إليه. 174 / 28 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، قال: حدثني من سمع حنان بن سدير يقول: سمعت أبي سد ير الصيرفي يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد السلام، وكشف المنديل عن الطبق، فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، ناولني رطبة، فناولني وا حدة، فأكلتها، ثم قلت: يا رسول الله، ناولني أخرى، فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألته أخرى حتى أعطاني ثماني رطبات فأكلتها، ثم طلبت منه أخرى، فقال لي: حسبك. قال: فانتبهت من منامي، فلما كان من الغد دخلت على جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) وبين بديه طبق مغطى بمنديل، كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم كشف عن الطبق، فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فعجبت لذلك، وقلت: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها، وطلبت أخرى حتى أكلت ثماني رطبات، ثم طلبت منه أخرى فقال لي: لو زادك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لزدتك، فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان. 175 / 29 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني الشيح الصالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين، قال:


[ 115 ]

سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) بسر من رأى، يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين: العلم وراثة كريمة، والاداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك أدبا تركك ما كرهته من غيرك. 176 / 30 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الوليد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: ابن آدم، لا تزال بخير ماكان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن لك دثارا، ابن آدم، إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله (عز وجل) ومسؤول، فأعد جوا با. 177 / 31 – أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله) قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد الجرجرائي، قال: حدثنا إسحاق بن عبدوس، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الاحمسي، قال: حدثنا المحاربي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: نال رجل من عرض رجل عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فرد رجل من القوم عليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من نار. 178 / 32 – أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا سليمان بن مسلم الكندي، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): يجب أن يكتب هذا الحديث بالذ هب. 179 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن


[ 116 ]

يوسف القطان، قال: حدثنا محمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن قيس الرحبي، قال: كنت جالسا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على باب القصر حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر، فوثب ليدخل، فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه، وقال: يا أمير المؤمنين، حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به قال: أو لم يكن في حديث كثير ؟ قال: بلى، ولكن حدثني حديثا ينفعني الله به. قال: حد ثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أ ني أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويين مبيضة وجوههم، ويرد عدونا ظماء مظمئين مسودة وجوههم، خذها إليك قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، ارسلني يا أخا همدان، ثم دخل القصر. 180 / 34 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يوسف بن كليب، عن معاوية بن هشام، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، قال: حدثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نه قال يوما: ادعوا غنيا وباهلة وحيا آخر، وقد سماها، فليأخذوا أعطياتهم، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم في الاسلام نصيب، وأنا شاهد في منزلي عند الحوض وعند المقام المحمود أ نهم أعداء لي في الدنيا والاخرة، لاخذن غنيا أخذة تضرط باهله (1)، ولئن ثبتت قدماي لاردن قبائل إلى قبائل وقبائل إلى قبائل، ولابهرجن (2) ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب. 181 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو عمرو عثمان الدقاق إجازة، فال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن يحيى


(1) أي إن قبيلة باهلة تخاف من تلك الاخذة. ويمكن أن يقرأ بأهله. (2) بهرج الدم: أهدر ه وقيل: أبطله.

[ 117 ]

الاودي، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال أحمد بن يحيى الاودي: فرأيت الحسين بن علي (عليه السلام) في المنام فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك، أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال: نعم. قلت: سقط الاسناد بيني وبينك. 182 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا علي بن أحمد بن شبابة، قال: حدثنا عمر بن عبد الجبار، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهيم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم لاصحابه: ألا إنه قد دب إليكم داء الامم من قبلكم، وهو الحسد، ليس بحالق الشعر لكنه حالق الدين، وينجي منه أن يكف الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن. 183 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن الوليد، قال: حدثنا غندر بن محمد، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن جميل، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني (رحمه الله)، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى، فأما طول الامل فينسي الاخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد تولت مدبرة، والاخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الاخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، والاخرة حساب ولا عمل. 184 / 38 – أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله) قال: أخبرني أبو الطيب الحسين ابن محمد التمار، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن حميد بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم، وأن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يجعلكم


[ 118 ]

نجداء جوداء رحماء، ولو أن رجلا صلى وصف قدميه بين الركن والمقام، ولقي الله ببغضكم أهل البيت، دخل النار (1). 185 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد من كتابة، فال: حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الجرمي، قال: حدثنا نصر بن حماد، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لا عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل نزل علي وقال: إن الله يأمرك أن تقوم بتفضيل علي بن أبي طالب خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، ويأمر جميع الملائكة أن تسمع ما تذكره، والله يوحي إليك يا محمد أن من خالفك في أمره دخل النار، ومن أطاعك فله الجنة. فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) مناديا فنادى بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج حتى رقي المنبر، وكان أول ما تكلم به: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال: أيها الناس، أنا البشير، وأنا النذير، وأنا النبي الامي، إني مبلغكم عن الله (عزوجل) في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة العلم، وهو الذي انتخبه الله من هذه الامة واصطفاه وهداه وتولاه، وخلقني له وإياه، وفضلني بالرسالة، وفضله بالتبليغ عني، وجعلني مدينة العلم وجعله الباب، وجعله خازن العلم والمقتبمس منه الاحكام، وخصه بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عدا وته، وأزلف من وا لاه، وغفر لشيعته، وأمر الناس جميعا بطاعته. وإنه (عزوجل) يقول: من عاداه عاداني، ومن وا لاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه آذاني، ومن أبغضه أبغضني، ومن أحبه أحبني، ومن أرداه أرداني، ومن كاده كادني، ومن نصره نصرني.


(1) تقدم في الحديث: 26 ويأتي في الحديث: 435.

[ 119 ]

يا أيها الناس، اسمعوا ما آمركم به وأطيعوه، فإني أخوفكم عقاب الله ” يوم تجدكل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ” (1)، ” ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ” (2). ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: معاشر الناس، هذا مولى المؤمنين، وحجة الله على خلقه أجمعين، والمجاهد للكافرين. اللهم إني قد بلغت، وهم عبادك وأنت القادر على صلاحهم فأصلحهم، برحمتك يا أرحم الراحمين، واستغفر الله لي ولكم. ثم نزل عن المنبر فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله (عزوجل) يقرئك السلام ويقول لك: جزاك الله عن تبليغك خيرا، قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لامتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين، يا محمد، إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به، يا محمد، قل في كل أوقاتك ” الحمدالله رب العالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. 186 / 40 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمر المرزباني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الرحيم السجستاني، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن عاصم، عن محمد بن بشر، قال: لما سير ابن الزبير بن عباس (رحمه الله) إلى الطائف، كتب إليه محمد بن الحنفية (رحمه الله): أما بعد، لقد بلغني أن ابن الجاهلية سيرك إلى الطائف، فرفع الله (جل إسمه) بذللث لك ذكرا، وأعظم لك أجرا، وحط به عنك وزرا، يابن عم، إنما يبتلى الصالحون، وإنما تهدى الكرامة للابرار، ولو لم تؤجرإلا فيما تحب إذ ن قل أجرك، قال الله (تبارك وتعالى) ” وعسى أن تكرهوا شينئا وهو خير لكم ” (3) وهذا لست أشك أ نه خير لك عند بارئك، عزم


(1) سورة آل عمران 3: 30. (2) سورة آل عمران 3: 28. (3) سورة البقرة 2: 216.

[ 120 ]

الله لك على الصبر في البلوى، والشكر في النعماء، إنه على كل شئ قدير. فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس أجاب عنه، فقال: ” أما بعد، فقد أتاني كتابك تعزيني فيه على تسييري، وتسأل ربك جل اسمه أن يرفع به ذكري، وهو (تعالى) قادر على تضعيف الاجر، والعائدة بالفضل، والزيادة من الاحسان، وما أجب أن الذي ركب مني ابن الزبير كان ركبه مني أعداء خلق الله لي احتسابا لذلك في حسناتي، ولما أرجو أن أنال به رضوان ربي، يا أخي، الدنيا قد ولت، وإن الاخرة قد أظلت، فاعمل صالحا، جعلنا الله وإ ياك ممن يخافه بالغيب، ويعمل لرضوانه في السر والعلانبة، إنه على كل شئ قدير “. 187 / 41 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا محمد بن همام أبو علي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا إبراهيم ابن عبيدالله بن حيان، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما. تم المجلس الرابع، ويتلوه المجلس الخامس من الامالي، للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه بحمد الله تعالى وحسن توفيقه، والصلاة على النبي وآله الطاهرين


[ 121 ]

(5) المجلس الخامس فيه بقية أحاديث الشخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 188 / 1 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الانباري الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الازدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالامر، فقال: نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الاقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته، والثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطا عة الله (عزوجل) ورسوله مقرونة، قال (عزوجل): ” يا أيهاالذ ين آ منوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ” (1)، ” ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم


(1) سورة النساء 4: 59.

[ 122 ]

لعلمه الذين يستنبطونة منهم ” (1) وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: ” لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت ألفئتان نكص علي عقبيه وقال إنى برئ منكم إنى أرى ما لا ترون ” (2) فتلقون إلى الرماح وزرأ، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم ” لا ينفع نفسا، إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبث في، إيمانها خيرا ” (3). 189 / 2 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد (رضي الله عنه)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: ماكان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الجنة. 190 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن منقر، عن زياد بن المنذر، قال: حدثنا شرحبيل، عن أم الفضل بنت العباس، قالت: لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفي فيه أفاق إفاقة ونحن نبكي، فقال: ما الذي يبكيكم ؟ قلنا: يا رسول الله، نبكي لغير خصلة، نبكي لفراقك إيانا، ولانقطاع خبر السماء عنا، ونبكي الامة من بعدك. فقال (عليه السلام): أما إنكم المقهورون والمستضعفون من بعدي. 191 / 4 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو


(1) سورة النساء 4: 83. () سورة ا لانفال 8: 48. (3) سورة الانعام 6: 158.

[ 123 ]

عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ بن نباتة السعدي، قال: لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) غدونا عليه نفر من أصحابنا، أنا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا، فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري، فاشتد البكاء من منزله، فبكيت وخرج الحسن (عليه السلام) وقال: ألم أقل لكم انصرفوا. فقلت: لا والله يابن رسول الله، ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن انصرف حتى أرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). قال: وبكيت، فدخل فلم يلبث أن خرج فقال لي: ادخل، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند، معصوب الرأس بعمامة صفراء،، قد نزف وأصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفرأم العمامة، فأكببت عليه فقبلته وبكيت، فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة. فقلت له: جعلت فداك، إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك، يا أمير المؤمنين، جعلت فداك، حدثني بحديثي سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا. قال: نعم يا أصبغ، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فقال لي: يا علي، انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد منبري، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله (تعالى)، وتثني عليه، وتصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليكم، وهو يقول لكم: إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أ جره. فأتيت مسجده (صلى الله عليه وآله) وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله وأثنيت عليه وصليت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة كثيرة، ثم قلت: أيها الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله)


[ 124 ]

إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب، فإنه قال: قد أبلغت يا أبا الحسن، ولكنك جلت بكلام غير مفسر. فقلت: أبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله واثن عليه، وصل علي، ثم قل: يا أيها الناس، ماكنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره، ألا وإني أنا أبوكم، ألا وإني أنا مولاكم، ألا وإ ني أنا أجيركم. 192 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: بني الاسلام على خمس دعائم: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، والولاية لنا أهل البيت. 193 / 6 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزول قدم عبد مؤمن يوم القيامة من بين يدي الله (عزوجل) حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته، وعن حبنا أهل البيت. فقال رجل من القوم: وما علامة حبكم، يا رسول الله ؟ فقال: محبة هذا، ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب (عليه السلام). 194 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا علي بن غراب، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن عياض، عن أبيه، قال: مر علي بن أبي طالب (عليه السلام) بملاءفيه سلمان (رحمه الله)، فقال لهم سلمان: قوموا فخذوا بحجزة هذا، فوالله لا يخبركم بسر نبيكم (صلوات الله عليه) أحد غيره.


[ 125 ]

195 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن مابنداذ: أن منصور بن العباس القصباني حدثهم عن الحسن بن علي الخزاز، عن علي ابن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة، قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) قلت لاصحابي: انتظروني حتى ادخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فأعزيه به، فدخلت عليه فعزيته، ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله من كان يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يسال عمن بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله لا يرى مثله أبد ا. قال: فسكت أبو عبد الله (عليه السلام) ساعة، ثم قال: قال الله (تبارك وتعالى): إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه (1) حتى أجعلها له مثل جبل أحد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا، كنا نستعظم قول أبي جعفر (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بلا واسطة، فقال لي أبو عبد الله قال الله (تعالى) بلا وا سطة. 196 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى تكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه، وتسخو نفسه، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله (2). 197 / 10 – وحدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد من حفظه، قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد الزيات الصيرفي، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي


(1) الفلو: المهر حين يفطم أو يبلغ السنة. (2) يأتي في الحديث: 408.

[ 126 ]

موسى بن جعفر العبد الصالح، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يقول الله (عزوجل): يابن آدم، ما تنصفني، أتحب إليك بالنعم وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزول وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم بعمل غير صالح ! يابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف لسارعت إلى مقته (1). 198 / 11 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثني القاسم ابن محمد بن حماد الدلال، قال: حدثنا عبيد بن يعيش، قال: حدثنا مصعب بن سلام، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تناصحوا في العلم، فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله سائلكم يوم القيامة. 199 / 12 – قال: وأخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عبد الله ابن أسلم، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا معاوية بن سفيان المزني، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن الحكم، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: كان في بني إسرائيل قاض وكان يقضي بينهم. قال: فلما حضره الموت قال لامرأته: إذا مت فاغسليني وكفنيني، وضعيني على سريري وغطي وجهي، فإنك لا ترين سوءا. قال: فلما أن مات فعلت به ذلك، ثم مكثت حينا، وكشفت عن وجهه لتنظر إليه، فإذا هي بدودة تعترض منخره، ففزعت لذلك، فلما كان الليل أتاها في منامها،


(1) يأتي في الحديث: 532 والحديث: 1181.

[ 127 ]

فقال لها: أفزعك ما رأيت ؟ فقالت: أجل لقد فزعت. فقال: أما إنك إن كنت فزعت فما كان ما رأيت إلا في أخيك فلان، أتاني ومعه خصم له فلما جلسا إلي قلت: اللهم اجعل الحق له، ووجه القضاء له على صاحبه، فلما اختصما إلي كان الحق له، ورأيت ذلك بينا في القضاء، فو جهت القضاء له على صاحبه، فأصابني ما رأيت لموضع هواي كان معه وإ ن وافقه الحق. 200 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، فال: أخبرني عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني هارون بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، قال: حدثني زكريا بن إسماعيل الزيدي من ولد زيد بن ثابت الانصاري، عن أبيه، عن عمه سليمان بن زيد بن ثابت الانصاري، عن زيد بن ثابت، قال: خرجنا جماعة من الصحابة في غزاة من الغزوات مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى وقفنا في مجمع طرق، فطلع أعرابي بخطام بعير حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليك السلام. قال: كيف أصبحت، بأبي أنت وأمي، يا رسول الله ؟ قال له: أحمد الله إليك كيف أصبحت. قال: وكان وراء البعير الذي يقوده الاعرابي رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا الاعرابي سرق البعير، فرغا البعير ساعة، فأنصت له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع رغاءه. قال: ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الرجل فقال: انصرف عنه، فإن البعير يشهد عليك أ نك كاذب. قال: فانصرف الرجل، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الاعرابي فقال: أي شئ قلت حين جئتني ؟ قال: قلت: اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم بارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم سلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم ارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أقول: مالي أرى البعير ينطق بعذره وأرى


[ 128 ]

الملائكة قد سدوا الافق ؟ 201 / 14 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين ابن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن إشكاب، قال: حدثنا مصعب بن مقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا رأى ناشئاترك كل شئ، وإن كان في صلاة، وقال: اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فان ذهب حمدالله، وإن أمطر قال: اللهم ناشئا نافعا. الناشئ: السحاب، والمخيلة أيضا: السحابة. وبروى أن عبيد بن الابرص الاسدي قال للمنذر بن ماء السماء حين خيره وأراد فتله: إن شئت من الاكحل (1)، وإ ن شثت من الابجل (2)، وإن شئت من الوريد. فقال: أبيت اللعن، ثلاث خصال كسحائب عاد، ولا خير فيها لمرتاد. 202 / 15 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن سلمة، عن إبراهيم بن محمد، عن الحسن بن حذيفة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: مرض رجل من أصحاب سلمان (رحمه الله) فافتقده فقال: أين صاحبكم ؟ فقالوا: مريض. قال: امشوا بنا نعوده، فقاموا معه، فلما دخلوا على الرجل إذا هو يجود بنفسه، فقال سلمان: يا ملك الموت، ارفق بولي الله. قال ملك الموت بكلام يسمعه من حضر: يا أبا عبد الله، إني أرفق بالمؤمنين ولو ظهرت لاحد لظهرت لك. 203 / 16 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا أبو عمران موسى بن محمد الخياط، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الخراساني – وهو ابن أبي


(1) الاكحل، وريد في وسط الذراع. (2) الابجل: وريد في زراع البعير والفرس، بمنزلة الاكحل في الانسان.

[ 129 ]

إسرائبل -، قال: حدثنا شريك، عن عبد الله بن عمر (1)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أصابنا عطش في الحديبية، فجهشنا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فبسط يديه بالدعاء، فتألف السحاب، وجاء الغيث، فروينا منه. قال أبو الطيب: قال الاصمعي: الجهش: أن يفزع الانسان إلى الانسان، قال أبو عبيدة: هي مع فزعه، كأنه يريد البكاء. وفي لغة أخرى: أجهشت إجهاشا فأنا مجهش، ومنه قول لبيد: قالت تشكى إلي النفس مجهشة وقدحملتك سبعا بعد سبعينا فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا وفي الثلاث وفاء للثمانينا 204 / 17 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو الفضل الربعي، قال: حدثنا جميل المكي، قال: حدثني الاصمعي، قال: حدثنا جابر بن عون، قال: دخل أسماء بن خارجة الفزاري (2) على عمر بن عبد العزيز يوم بويع له، فأنشأ يقول: إن أولى الانام بالحق قدما هو أولى بأن يكون خليقا بالامر والنهي اللاتي يابى بغيره أن يليقا (3) من أبوه عبد العزيز بن مروا ن ومن كان جده فاروقا فقال عمر: لو أمسكت عن هذا لكان أحب لي. 205 / 18 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد الصيرفي، قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، قال: حدثني ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن


(1) في نسخة: عمير. (2) كذا، ولا يصح إذ إن أسماء توفي سنة 66 ه‍، وقد بويع لعمرسنة 99 ه‍، وفي الكامل للمبرد 2: 271 دار الفكر العربي، ولسان العرب (فرق)، والعقد الفريد 6: 123 المكتبة التجارية الكبرى، نسبت الابيات لعتبة ابن شماس وهو الصحيح. (3) كذا، ولا يصح وزنا، وفي نقص في بعض تفعيلاته، وز يد في المصادر المتقدمة بيت آ خر غيره.

[ 130 ]

سليمان بن بلال، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد: أن عمر بن الخطاب بينما هو يمشي في أزقة المدينة إذا هو بأصوات في بيت، فاطلع عليهم فإذا هم على شراب، فقالوا له حين رأوه: ما هذا يا بن الخطاب، أليس الله (تعالى) يقول: ” ولا تجسسوا ” (1). قال: فأعرض عمر عنهم وانصرف مبادرا. 206 / 19 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله المرزباني، قال: حدثنا ابن دريد، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله الطلحي، قال: قال الاصمعي: ولى عمر بن الخطاب كعب بن سور قضاء البصرة، وكان سبب ذلك أن حضر مجلس عمر فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي صوام قوام. فقال عمر: إن هذا الرجل صالح، ليتني كنت كذا، فردت عليه الكلام، فقال عمركما قال: فقال كعب بن سور الازدي: يا أمير المؤمنين، إنها تشكو زوجها، تخبر أ نها لا حظ لها منه. قال: علي بزوجها، فأتي به، فقال له: ما بالها تشكوك، وما رأيت أكرم شكوى منها ؟ قال له: يا أمير المؤمنين، إني امرؤ افزعني ما قد نزل في الحجر والنحل وفي السبع الطوال. فقال له كعب: إن لها عليك حقا، فابعل واوفها الحق، فصم ثم وصل. فقال عمر لكعب: اقض بينهما. قال: نعم، أحل الله للرجال أربعا، فأوجب لكل واحدة ليلة، فلها من كل أربع ليال ليلة، ويصنع بنفسه في الثلاثة ما شاء، فألزمه ذلك. وقال لكعب: اخرج قاضيا على البصرة، فلم يزل عليها حتى قتل عثمان، فلما كان يوم الجمل خرج مع أهل البصرة وفي عنقه مصحف، فقتل هو يومئذ وثلاثة أخوة له أو أربعة، فجاءت أمهم فوجدتهم في القتلى فحملتهم، وجعلت تقول: أيا عين ابكي بدمع سرب على فتية من خيار العرب


(1) سورة الحجرات 49: 12.

[ 131 ]

فماضرهم غيرحين (1) النفو س أي أميري قريش غلب 207 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل المزني، قال: حدثنا جعفر بن علي، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن بكير بن عبد الله الطويل وعمار بن أبي معاوية، قال: حدثنا أبو عثمان البجلي، مؤذن بني أفصى، قال بكير: أذن لنا أربعين سنة. قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول يوم الجمل: ” وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة ألكفرإنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ” (2) ثم حلف حين قرأها أ نه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم. قال بكير: فسألت عنها أبا جعفر (عليه السلام)، فقال: صدق الشيخ، هكذا قال علي (عليه السلام)، وهكذ ا كا ن. 208 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثني الزبير بن بكار، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: كان عمرو بن العاص يقول. إن في علي دعابة. فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: زعم ابن النابغة أني تلعابة (3)، مزاحة ذو دعابة (4)، أعافس وأمارس (5)، هيهات يمنع من العفاس والمراس ذكر الموت وخوف البعث والحساب، ومن كان له قلب، ففي هذا له واعظ وزاجر، أما وشر القول الكذب، إنه ليحدث فيكذب ويعد فيحلف، فإذا كان يوم البأس فأي زاجر


(1) الحين: الموت والهلاك. (2) سورة التوبة 9: 12. (3) التلعابة: كثير اللعب. (4) الد عا بة: المزاح واللعب. (5) المعافسة: مغازلة النساء، ومعالجة الناس بالمزاح، والممارسة مثلها.

[ 132 ]

وآمر هو ! ما لم تأخذ السيوف هام الرجال، فإذا كان ذلك فاعظم مكيدته في نفسه أن يمنح القوم استه (1). 209 / 22 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا عبد الله (بن) أحمد بن مستورد، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، عن علي بن عاصم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابد ين (عليهما السلام): أي البقا ع أفضل ؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع، ثم لقي الله بغير ولايتنا، لم ينفعه ذلك شيئا. 210 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثتي سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن بكر بن محمد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) يقول: كم من نعمة الله على عبده في غير أمله، وكم من مؤمل أملا الخيار في غيره، وكم من ساع إلى حتفه وهو مبطئ عن حظه. 211 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن المظفر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عصام بن يوسف، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف، ومن أبغضني فأكثر ما له وولد ه. 212 / 25 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو حاتم، قال: حدثنا محمد بن الفرات، قال: حدثنا حنان بن سدير، عن أبي جعفر


(1) الاست: العجز.

[ 133 ]

محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: ما ثبت الله (تعالى) حب علي (عليه السلام) في قلب أحد فزلت له قدم إلا ثبتت له قدم أخرى. 213 / 26 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا موسى بن زياد، عن يحيى بن يعلى، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الخولاني، عن زاذان، قال: سمعت سلمان (رحمه الله) يقول: لا أزال أحب عليا (عليه السلام)، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضرب فخذه ويقول: محبك لي محب، ومحبي لله محب، ومبغضك لي مبغض، ومبغضي لله (تعالى) مبغض. 214 / 27 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، جميعا عن علي بن محمد بن علي الاشعري، قال: حدثنا محمد بن مسلم بن أبي سلمة الكندي السجستاني الاصم، عن أبيه مسلم بن أبي سلمة، عن الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن يوسف، عن منصور بزرج، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): ما أكثر ما أسمع منك يا سيدي ذكر سلمان الفارسي ! فقال: لا تقل الفارسي، ولكن قل سلمان المحمدي، أتدري ما كثرة ذكري له ؟ قلت: لا. قال: لثلاث خلال: أحدها: إيثاره هوى أمير المؤمنين (عليه السلام) على هوى نفسه، والثانية: حبه للفقراء واختياره إياهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبه للعلم والعلماء. إن سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما وما كان من المشركين. 215 / 28 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا منصور بن مهاجر، عن علي بن عبد الاعلى، عن زر بن حبيش، قال: كانت عصابة من قريش في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فذكروا


(1) يأتي في الحديث: 728.

[ 134 ]

علي بن أبي طالب (عليه السلام) وانتهكوا منه، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قائل (1) في بيت بعض نسائه، فأتي بقولهم فثار من نومه في إزار ليس عليه غيره، فقصد نحوهم ورأوا الغضب في وجهه، فقالو نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لكم وعلي ! أما تدعون عليا، ألا إن عليا مني وأنامنه، من آذى عليا فقد آذاني، من آذى عليا فقد آذاني. 216 / 29 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حد ثني أبو الوليد الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: دخل الحارث بن حوط الليثي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، ما أرى طلحة والزبير وعا ئشة احتجوا إلا على حق ؟ فقال: يا حارث، إنك إن نظرت تحتك ولم تنظر فوقك جزت عن الحق، إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق باتباع من اتبعه، والباطل باجتناب من اجتنبه. قال: فهلا أكون كعبد الله بن عمر وسعد بن مالك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن عبد الله بن عمر وسعد أخذلا الحق ولم ينصرا الباطل، متى كانا إمامين في الخير فيتبعان ؟ ! 217 / 30 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني محمد بن إسحاق الاشعري النحوي، قال: حدثني الوليد بن محمد بن إسحاق الحضرمي، عن أبيه، قال: استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان، فلما دخل عليه استضحك معاوية، فقال له عمرو: ما أضحكك يا أمير ا لمؤمنين، أدام الله سرورك ؟ قال: ذكرت ابن أبي طالب وقد غشيك بسيفه فاتقيته ووليت. فقال: أتشمت بي يا معاوية، وأعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز فالتمع


(1) أي نائم القيلولة.

[ 135 ]

لونك، وأطت (1) أضلاعك، وانتفخ منخرك، والله لو بارزته لاوجع قذ الك (2)، وأيتم عيالك، وبزك سلطانك، وأنشأ عمرو يقول: معاوي لا تشمت بفارس بهمة (3) لقى فارسا لا تعتليه الفوارس معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلا أبا حسن يهوي دهتك الوساوس وأيقنت أن الموت حق وأنه لنفسك إن لم تمعن الركض خالس دعاك فصمت دونه الاذن أذزعا ونفسك قد ضاقت عليها الامالس (4) أتشمت بي إذ نالني حد رمحه وعضضني ناب من الحرب ناهس فأي أمرئ لاقاه لم يلق شلوه بمعترك تسفي عليه الروامس (5) أبى الله إلا أنه ليث غابة أبوأسبل تهدى إليه الفرائس فإن كنت في شك فأرهج عجاجة وإلا فتلك الترهات البسابس (6) فقال معاوية: مهلا يا أبا عبدا لله، ولاكل هذا. قال: أنت استدعيته. 218 / 31 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد (رحمه الله) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول لخيثمة: يا خيثمة اقرئ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقياهم حياة أمرنا. قال: ثم رفع يده (عليه السلام) فقال: رحم الله من أحيا أمرنا. 219 / 32 – وبهذا الاسناد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الدعاء ليرد


(1) أي صوتت. (2) القذال: هو ما بين الاذنين من مؤخر الرأس. (3) البهمة: الشجاع الذي يستبهم مأتاه على أقرانه. (4) الامالس: جمع إمليس، الفلاة ليس فيها نبات. (5) الروامس: الرياح التي تغطي آثار الديار بما تثير. (6) أي الباطل الكذب.

[ 136 ]

القضاء، وإن المؤمن ليذنب فيحرم بذنبه الرزق. 220 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن فيض العجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، قال: حدثني أبي الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله) على اليمن فقال وهو يوصيني: يا علي، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي، عليك بالدلجة (1)، فإن الارض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار ؟ يا علي، اغد على اسم الله، فإن الله (تعالى) بارك لامتي في بكورها. 221 / 34 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هوذة بن خليفة، قال: حدثنا عوف عن عطية الطفاوي، عن أبيه، عن أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيتي إذ قالت الخادم: يا رسول الله، إن علياوفا طمة (عليهما السلام) في السدة (2). فقال: قومي فتنحي عن أهل بيتي. قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريبا، فدخل علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وهما صبيان صغيران، فوضعهما النبي (صلى الله عليه وآله) في حجره وقبلهما، واعتنق عليا باحدى يديه وفاطمة باليد الاخرى، وقبل فاطمة (عليهما السلام) وقال: اللهم إليك أنا وأهل بيتي لا إلى النار. فقلت: يا رسول الله وأنا معكم ؟ فقال: وأنت.


(1) الدلجة: السير في أول الليل. (2) السدة: باب الدار، والظلة فوقه.

[ 137 ]

222 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن علي والحسن بن يحيى، جميعا، قالا: حدثنا نصر بن مزاحم، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر لم يعطهن ا حد قبلي، ولا يعطاهن أحد بعدي. قال لي: أنت يا علي أخي في الدنيا وأخي في الاخرة، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، وأنت الوصي، وأنت الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك ولي ووليي وليي الله. 223 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر، قال: حدثني أبي، عن أخيه، عن بكر بن عيسى، قال: لما اصطف الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صف أصحابهما، فنادى أمير المؤمنبن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزبير بن العوام فقال له: يا أبا عبد الله، ادن مني لافضي إليك بسر عندي، فدنا منه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نشدتك الله إن ذكرتك شيئا فذكرته، أما تعترف به ؟ فقال: نعم. فقال: أما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآك معي وأنت تبسم إلي، فقال لك: يا زبير، أتحب عليا ؟ فقلت: وكيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره ! فقال: إنك ستقاتله وأنت له ظالم. فقلت: أعوذ بالله من ذلك ؟ فنكس الزبير رأسه ثم قال: إني أنسيت هذا المقام. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): دع هذا، أفلست بايعتني طائعا ؟ قال: بلى. قال: فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي ؟ فسكت ثم قال: لا جرم والله لا قاتلتك، ورجع متوجها نحو البصرة، فقال له طلحة: مالك يا زبير ! تنصرف عنا، سحرك ابن أبي


[ 138 ]

طالب ؟ فقال: لا ولكن ذكرني ماكان أنسانيه الدهر، واحتج علي ببيعتي له. فقال طلحة: لا، ولكن جبنت، وانتفح سحرك (1). فقال الزبير: لم أجبن لكن أذكرت فذ كرت. فقال له عبد الله: يا أبه، جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب قلت: أتركهما وأنصرف، فما تقول قريش غدا بالمدينة ؟ الله الله يا أبه لا تشمت الاعداء، ولا تشين نفسك بالهزيمة قبل القتال. قال: يا بني ما أصنع وقد حلفت له بالله ألا أقاتله ؟ قال له: فكفر عن يمينك ولا تفسد أمرنا. فقال الزبير: عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة يميني. ثم عاد معهم للقتال. فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي (عليه السلام): أيعتق مكحولا ويعصي نبيه لقدتاه عن قصد الهدى ثم عوق أينوي بهذا الصدق والبر والتقى سيعلم يوما من يبر ويصدق لشتان ما بين الضلالة والهدى وشتان من يعصي النبي ويعتق ومن هو في ذات الاله مشمر يكبر برا ربه ويصدق أفي الحق أن يعصى النبي سفاهة ويعتق عن عصيانه ويطلق كدافق ماء للسراب يؤمه ألافي ضلال ما يصب ويدفق 224 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر إلجعابي، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا العباس بن بكر، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا كثير بن طارق، قال: سألت زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن قوله (تعالى): ” لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا


(1) السحر: الرئة، يقال ذلك للجبان.

[ 139 ]

كثيرا ” (1). فقال زيد. يا كثير، إنك رجل صالح، ولست بمتهم، وإني خائف عليك أن تهلك، إنه إذا كان يوم القيامة أمر الله بأتباع كل إمام جائرإلى النار، فيدعون بالويل والثبور، ويقولون لامامهم: يا من أهلكنا هلم الان فخلصنا مما نحن فيه، فعندها يقال لهم: ” لا تدعوا أليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا “. ثم قال زيد بن علي (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه الحسين بن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أنت يا علي وأصحابك في الجنة، أنت يا علي وأتباعك في الجنة. 225 / 38 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام). ما الايمان ؟ فجمع لي الجواب في كلمتين فقال: الايمان بالله أن لا تعصي الله. قلت: فما الاسلام ؟ فجمعه في كلمتين فقال: من شهد شهادتنا، ونسك نسكنا، وذبح ذبيحتنا. 226 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا العنزي، قال: حدثنا علي بن الصباح، قال: أخبرنا أبو المنذر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المساجد سوق من أسواق الاخرة، قراها (2) المغفرة، وتحفتها الجنة. 227 / 40 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن


(1) سورة الفرقان 25: 14. (2) القرى: ما يقدم إلى الضيف من طعام ونحوه.

[ 140 ]

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثني أبي: أ نه سمع جعفر بن محمد يحدث عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. 228 / 41 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني سليمان بن محمد الهمداني، قال: حدثني محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد، أخبرني بعمل يحبني الله عليه. قال: يا أعرابي ازهد في الدنيا يحبك الله (عزوجل)، وازهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس. قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام). من أخرجه الله (تعالى) من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله (عزوجل) أخاف الله كل شئ، ومن لم يخف الله (عزوجل) أخافه الله من كل شئ (1). 229 / 42 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن سعد بن سعيد، عن يونس بن الحباب، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذ كر عندهم آل إبراهيم (عليه السلام) فرحوا واستبشروا، وإذا ذكر عندهم آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوبهم ؟ ! والذي نفس محمد بيده لو أن عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي. 230 / 43 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران


(1) يأتي في الحديث: 344.

[ 141 ]

المرزباني، قال: حدثنا علي بن سليمان ” قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال: حدثنا محمد بن فليح ” عن موسى بن عقبة، عن محمد بن شهاب الزهري، قا ل: لما قدم جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) من بلاد الحبشة، بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مؤتة، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، فمضى الناس معهم حتى كانوا بتخوم البلقاء، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة، فقاتل به حتى شاط (1) في رماح القوم، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتى قتل. قال: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام، ئم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد، فناو ش القوم وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما، ونجا بهم من الروم، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بالخبر. فقال عبد الرحمن: فصرت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): على رسلك يا عبد الرحمن. ثم قال (صلى الله عليه وآله): أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل، رحم الله جعفرا، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل وقتل، فرحم الله عبد الله. قال: فبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم حوله، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): وما يبكيكم ؟ فقالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا ! فقال لهم (عليه السلام): لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها،


(1) شاط: هلك.

[ 142 ]

فأصلح رواكبها (1)، وبنى مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاما فوجا، ثم عاما فوجا، ثم عاما فوجا، فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا، وأطولها شمراخا، أما والذي بعثني بالحق نبيا، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقا من حواريه. قال: وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه وعن المستشهد ين معه): هدت العيون ودمع عينك يهمل سخا كما وكف (2) الضباب المخضل وكأنما بين الجوانح والحشا مما تأوبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا يوما بمؤتة أسندوا لم يقفلوا (3) فتغير القمر المنير لفقدهم والشمس قدكسفت وكادت تأفل قوم علابنيانهم من هاشم فرع أشم وسؤدد ما ينقل قوم بهم نصر الالة عبادة وعليهم نزل الكتاب المنزل وبهديهم رضي الاله لخلقه وبجدهم نصر النبي المرسل بيض الوجوه يرى بطون أكفهم تندى إذا أغبر الزمان الممحل 231 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن المظفر البزاز، قال: حدثنا أحمد بن عبيد العطاردي، قال: حدثنا أبو بشر بن بكير، قال: حدثنا زياد بن المنذر، قال: حدثني أبو عبد الله مولى بني هاشم، قال: حدثنا أبو سعيد الخدري، قال: لما كان يوم أحد شج النبي (صلى الله عليه وآله) في وجهه، وكسرت رباعيته، فقام (عليه السلام) رافعا يديه يقول: إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا: عزير بن الله، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا: المسيح بن الله، وإن الله اشتذ غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي. 232 / 45 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن مالك


(1) وهي الفسائل في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الارض. (2) أي قطر وسال. (3) أي لم يعودوا.

[ 143 ]

النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا بشر بن بكر، عن محمد بن إسحاق، عن مشيخته، قال: لما رجع علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أحد نا ناول فاطمة سيفه وقال: أفاطم هاك السيف غير ذميم فلست برعديد (1) ولا بلئيم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد ومرضاة رب للعباد رحيم قال: وسمع يوم أحد، وقد هاجت ريح عاصف، كلائم هاتف يهتف، وهو يقول: لا سيف إلاذ والفقار ولا فتى إلا علي فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفن أخا الوفي 233 / 46 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن عثمان، عن أبي عبد (2) الله الاسلمي، عن موسى بن عبد الله الاسدي، قال: لما انهزم أهل البصرة أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن تنزل عائشة قصر أبي خلف، فلقا نزلت جاءها عمار بن ياسر (رضي الله عنه) فقال لها: يا أمت كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف ؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أجل أنك غلبت. قال: أنا أشد استبصارا من ذلك، أما والله لو ضربتمونا حتى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل. فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتق الله يا عمار، فإن سنك قد كبرت، ودق عظمك، وفنى أجلك، وأذهبت دينك لابن أبي طالب. فقال عمار (رحمه الله): إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرأيت عليا أقرأهم لكتاب الله (عزوجل)، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم


(1) الرعديد: الجبان الذي يرعد في الحرب جبنا. (2) في نسخة: عبيد.

[ 144 ]

تعظيما لحرمته، وأعرفهم بالسنة، مع قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعظم عنائه وبلائه في الاسلام، فسكتت. 234 / 47، – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عبد الله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) في زمن بني مروان، فقال: ممن أنتم ؟ قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا – وأهوى بيده إلى خلقه – وقد قال الله (عزوجل) في كتابة: ” ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ” (1) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2). 235 / 48 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: إن في السماء الرابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم ” سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز “. 236 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبيد بن


(1) سورة الرعد 13: 38. (2) يأتي في الحديث: 140.

[ 145 ]

حمدون، قال: حدثنا محمد بن حسان بن سهيل، قال: حدثنا عامر بن الفضل (1)، عن بشر بن سالم البجلي ومحمد بن عمران الذهلي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة. 237 / 50 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل (عليه السلام): أي البقاع أحب إلى الله (تبارك وتعالى) ؟ قال: المساجد، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآ خرهم خروجا منها. قال: فأي البقاع أبغض إلى الله تعالى ؟ قال: الاسواق، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها، وآ خرهم خروجا منها. 238 / 51 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن زيد ابن بكار بن الوليد الجهني، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: من دخل سوقا فقال: ” أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد ا عبده ورسوله، اللهم إني أعوذ بك من الظلم والمأثم والمغرم ” كتب الله له من ا لحسنات عدد من فيها من فصيح وأ عجم. 239 / 52 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا محمد بن حسان، قال: حدثنا حفص بن راشد الهلالي، قال: حدثنا محمد بن عباد بن سريع البارقي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام)


(1) في نسخة: المفضل.

[ 146 ]

يقول: لما ولد النبي (صلى الله عليه وآله) ولد ليلا، فأتى رجل من أهل الكتاب إلى الملا من قريش وهم مجتمعون: هشام بن المغيرة، ووليد بن المغيرة، وعتبة، وشيبة، فقال: أولد فيكم الليلة مولود ؟ قالوا: لا، وما ذاك ؟ قال: لقد ولد فيكم الليلة أو بفلسطين مولود اسمه أحمد، به شامة، يكون هلاك أهل الكتاب على يديه. فسألوا فأخبروا، فطلبوه فقالوا: لقد ولد فينا غلام. فقال: قبل أن آتيكم أو بعد ؟ قالوا: قبل. قال: فانطلقوا معي أنظر إليه، فأتوا أمه وهو معهم، فأخبرتهم كيف سقط، وما رأت من النور، قال اليهودي: فأخرجيه، فنظر إليه ونظر إلى الشامة فخر مغشيا عليه، فأدخلته أمه، فلما أفاق قالوا له: ويلك مالك ؟ قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة، هذا والله مبيرهم (1)، ففرحت قريش لذلك، فلما رأى فرحهم قال: والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق وأهل المغرب. 240 / 53 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثنا أحمد بن عبيد، قال: حدثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدثنا العمري عن أبي وجزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الحسن بن علي (عليه السلام) فقال فيما أوصى به إليه: يا بني، لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أعدم من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله (عزوجل). يا بني، العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده، والصبر من خير جنود ه. يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زما نه. يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض


(1) أي مهلكهم.

[ 147 ]

القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب. يا بني، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم. 241 / 54 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله)، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حنان بن سدير الصيرفي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمان (رحمه الله) فقال له عمر: ما نسبتك أنت يا سلمان، وما أصلك ؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، فهذا حسبي ونسبي يا عمر. ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر له سلمان ما قال عمر، وما أجابه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر قريش، إن حسب المرء دينه، ومروء ته خلقه، وأصله عقله، قال الله (تعالى): ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” (1) ثم أقبل على سلمان (رحمه الله) فقال له: يا سلمان، إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه. 242 / 55 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة


(1) سورة الحجرات 49: 13.

[ 148 ]

موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا فضيل بن الزبير، قال: حدثنا أبو عبد الله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا وسلمان الفارسي (رحمه الله) فمررنا بالربذة، وجلسنا إلى أبي ذز الغفاري (رحمه الله)، فقال لنا: إنه ستكون بعدي فتنة، ولابد منها، فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب فالزموهما، فأشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني سمعته وهو يقول: علي أول من آمن بي، وأول صدقني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصد يق الاكبر، وهو فاروق هذه ا لامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين. 243 / 56 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان ابن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم التمار (رحمه الله عنه)، قال: وجدت في كتاب ميثم (رضي الله عنه) يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاصحاب الرحمة، فهنيئا لاصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم، إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و ” ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ” (1) يحب بهذا قوما، ويحب بالاخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبناكما يخلص الذهب لا غش فيه. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء، وأنا وصي الاوصياء، وأنا حزب الله


(1) سورة الاحزاب 33: 4.

[ 149 ]

ورسوله (عليه السلام)، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين. 244 / 57 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن فضالة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال: إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون. 245 / 58 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن يوسف بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن عبد ة النيسابوري، قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) إن الناس يروون عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له ؟ قال: نعم. قلت: متى هي، جعلت فداك ؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه. قلت له: أهي ليلة من الليالي معلومة، أوكل ليلة ؟ قال: بل كل ليلة. 246 / 59 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان بن زياد المروزي، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: هذا شهر رمضان، وهو شهر مبارك، افترض الله (تعالى) صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم، يردد ذلك ثلاث مرات. 247 / 60 – أخبرتم محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي


[ 150 ]

هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه. 248 / 61 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الامام العادل لرعيته، والاخ لاخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لاخيك، والوالد لولده، والمظلوم يقول الرب (عزوجل): وعزتي وجلالي لانتقمن لك ولو بعد حين. تم المجلس الخامس، ويتلوه المجلس السادس من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه ورضي عنه.


[ 151 ]

(6) المجلس السادس فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 249 / 1 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله عنه)، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لاخبرنها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتمي ذلك وهي علي حرام، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيه (عليه السلام)، فعرف حفصة أ نها أفشت سره فقالت له: من أنبأك هذا ؟ قال: نبأني العليم الخبير، فآلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نسائه شهرا، فأنزل الله (عزاسمه) ” إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ” (1). قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: حفصة وعائشة.


(1) سورة التحريم 66: 4.

[ 152 ]

250 / 2 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا العباس بن السري المقرئ، قال: حدثنا شداد بن عبد الله المخزومي، عن عامر بن حفص، قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه محمد بن عروة، فدخل محمد دار الدواب، فضربته دابة فخر ميتا، ووقعت في رجل عروة الاكلة (1)، ولم تدع (2) وركه تلك الليلة، فقال له الوليد: اقطعها، فقال: لا، فترقت إلى ساقة فقال له: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها، فقال: يا أمير المؤمنين، بت ليلة في بطن واد، ولا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي، فطرقنا سيل، فذهب ماكان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صغيرا صعبا فند (3)، فوضعت الصبي، وأتبعت البعير، فلم أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني، فرجعت إليه وراس الذئب في بطنه يأكله، ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقالى الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء. وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والانصار، فقال له عيسى بن طلحة بن عبيدالله: ابشر يا أبا عبد الله، فقد صنع الله بك خيرا، والله ما بك حاجة إلى المشي. فقال: ما أحسن ما صنع الله بي ! وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة وترك خمسا: يدين، ورجلا وسمعا وبصرا. ثم قال: إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت،


(1) الاكلة: الحكة، وداء في العضو يأتكل منه. (2) ودع يدع: سكن واستقر. (3) ند البعير: نفر وشرد.

[ 153 ]

وإن كنت ابتليت لقد عافيت. 251 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن آدم بن عيينة الهلالي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: كم من صبر ساعة قد أورث فرحا طويلا، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنأ طويلا. 252 / 4 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن داهر، قال: حدثنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عباد بن كثير، عن سهيل بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعت أبا القاسم (صلوات الله عليه) يقول: استرشدوا العاقل، ولا تعصوه فتند موا. 253 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثني عمي طاهر بن مدرك، قال: حدثني زر بن أنس، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتى تكون فيه عشر خصال. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستقل كثير الخير من نفسه، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستكثر قليل الشر من نفسه، ويستقل كثير الشر من غيره، ولا يتبرم بطلب الحوائج قبله، ولا يسأم من طلب العلم عمره، الذل أحب إليه من العز، والفقر أحب إليه من الغنى، حسبه من الدنيا قوت، والعاشرة وما العاشرة: لا يلقى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، وآخر شر منه وأدنى، فإذالقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرمنه وأدنى قال: لعل شر هذا ظاهر وخيره باطن، فإذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه. 254 / 6 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد


[ 154 ]

الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن حاتم، المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه، قال: حدثنا محمد بن عبد الحميد، قال: حدثنا داهر بن محمد بن يحيى الاحمري، قال: حدثنا المنذر بن الزبير، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تضادوا بعلي أحد ا فتكفروا، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا. 255 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر السلمي إجازة، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحكم الكندي، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: حدثنا خالد بن العلاء، عن المنهال بن عمرو، قال: كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال الرجل: كيف أنتم ؟ فقال له محمد (عليه السلام): أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن، إنما مثلنا في هذه الامة مثل بني إسرائيل، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ألا وإ ن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم، فقالت العجم: وبماذا ؟ قالوا: كان محمد (صلى الله عليه وآله) عربيا. قالوا لهم: صدقتم، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب، فقالت لهم العرب من غيرهم: وبما ذاك ؟ قالوا: كان محمد (صلى الله عليه وآله) قرشيا. قالوا لهم: صدقتم ؟ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس، لانا ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته خاصة وعترته، لا يشركه في ذلك غيرنا. فقال له الرجل: والله إني لاحبكم أهل البيت. قال: فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لاسرع إلينا والى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم. 256 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الضراري، قال: حدثني عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا الحسين


[ 155 ]

ابن الحسن الاشقر ” قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، قال: مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرضة، فأتته فاطمة (عليهما السلام) تعوده، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من المرض والجهد استعبرت وبكت حتى سألت دموعها على خديها، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة، إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما، إن الله (تعالى) اطلع إلى أهل الارض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيا، واطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا. فسرت فاطمة (عليها السلام) فاستبشرت، فأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يزيدها مزيد الخير، فقال: يا فاطمة، إنا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا: نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. والذي نفسي بيده لابد لهذه لامة من مهدي، وهو والله من ولدك. 257 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري إجازة، قال: حدثنا أبو الفضل محمود بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن سلمان (رضي الله عنه)، قال: بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) على النصح للمسلمين، والائتمام بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، والموالاة له. 258 / 10 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري، قال: حدثنا سليمان بن سهل، قال: حدثنا عيسى بن إسحاق القرشي، قال: حدثنا حمدان بن علي الخفاف، قال: حدثنا عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عمار (رضي الله عنه)، قال: لما مرضت فاطمة (عليها السلام) مرضها الذي توفيت فيه وثقلت، جاءها العباس بن


[ 156 ]

عبد المطلب (رضي الله عنه) عائدا، فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي (عليه السلام) فقال لرسوله: قل له: يابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني، وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله (صلى الله عليه وآله))، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها ما لابد منه، فاجمع – أنا لك الفداء – المهاجرين والانصار حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للد ين. فقال علي (عليه السلام) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله (عزوجل)، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها. قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي (عليه السلام) قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي (صلى الله عليه وآله)، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله). 259 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن القاسم الحارثي، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: من أحبنا لله، وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدونا لا لا حنة (1)


(1) الاحنة: الحقد والعداوة.

[ 157 ]

كانت بينه وبينه، ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر، غفرها الله (تعالى) له. 260 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن المثنى الازدي: أنه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: نحن السبب بينكم وبين ا لله (عز وجل). 261 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أسيد بن زيد، عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). بكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها. 262 / 14 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز، قال: حدثنا الحسن بن رجاء، قال: حدثنا عبيدالله بن سليمان، عن محمد بن علي العطار، عن هارون بن أبي بردة، عن عبيدالله بن موسى، عن المبارك بن حسان، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله، أي الجلساء خير ؟ قال. من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في علمكم منطقه، وذكركم بالاخرة عمله. 263 / 15 – حدثني محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد الصيرفي، قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج. 264 / 16 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن


[ 158 ]

عتبة، قال: حدثنا أحمد بن النضر، قال: حدثنا محمد بن الصامت الجعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده قوم من البصريين، فحدثهم بحديث أبيه عن جابر ابن عبد الله في الحج أملاه عليهم، فلما قاموا قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الناس أخذوا يمينا وشمالا، وإنكم لزمتم صاحبكم، فإلى أين ترون يرد بكم ؟ إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله. 265 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني إسماعيل ابن أبي أويس، قال: حدثني إسحاق بن يحيى، عن أبي بردة الاسلمي، عن أبيه، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا صلى الصبح رفع صوته حتى يسمع أصحابه يقول: ” اللهم اصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة “. ثلاث مرات، ” اللهم اصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي ” ثلاث مرات، ” اللهم اصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي “. ثلاث مرات، االلهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك “. ثلاث مرات، ” اللهم إني أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد “. 266 / 18 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إن الله (تعالى) ضمن للمؤمن ضمانا. قال: قلت: وما هو ؟ قال: ضمن له إن أقر لله بالربوبية، ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، ولعلي (عليه السلام) بالامامة، وأدى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره. قال: فقلت: هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الادميين. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): اعملوا قليلا تنعموا كثيرا. 267 / 19 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال


[ 159 ]

المهلبي، قال: حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الغلابي: وحدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح ابن النطاح ومحمد بن الصلت الواسطي، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. قال: وحدثنا أبو عيسى عبيدالله بن الفضل الطائي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمربن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح، ومحمد بن الصلت، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن علي (عليهما السلام) على أخيه الحسن بن علي (عليهما السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف تجدك يا أخي ؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الاخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، واعلم أ ني لا أسبق أجلي، وأ ني وارد على أبي وجدي (عليهما السلام)، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الاحبة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولقاء فاطمة وحمزة وجعفر (عليهم السلام)، وفي الله (عزوجل) خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك من كل ما فات. رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي ؟ فقال الحسين (عليه السلام): أقتله والله. قال: فلا أخبرك به أبدا حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اكتب: ” هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أ نه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأ نه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولاولي له من الذل، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وأنه أولى من عبد وأحق من حمد، من


[ 160 ]

أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى. فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا ووالدا، وأن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله (تعالى) فيما أنزله على نبيه (صلى الله عليه وآله) في كتابه: ” يا أيها الذ ين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي، إلا أن يؤذن لكم ” (1) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله (عزوجل) منك، والرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا تهريق في محجمة (2) من دم حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنختصم إليه، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده “. ثم قبض (عليه السلام). قال ابن عباس: فدعاني الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسين (عليه السلام) أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ! والله لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل. فقال الحسين (عليه السلام): أما والله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذر (رحمه الله)، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى،


(1) سورة الاحزاب 33: 53. (2) المحجمة: أداة الحجم، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.

[ 161 ]

المؤوي لطريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكنكم صرتم بعده الامراء، وبايعكم على ذلك الاعداء وأبناء الاعداء. قال: فحملناه، فأتينا به قبر أمه فاطمة (عليها السلام) فدفناه إلى جنبها (رضي الله عنه وأرضاه). قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسين (عليه السلام) على من قد أقبل، ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت: إلي إلي يابن عباس، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب. فقلت: واسوأتاه ! يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفئي فيه نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله (تعالى) المؤنة، ودفن الحسن إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله (تعالى) إلا قربا، وما ازددتم منه والله إلا بعدا، يا سوأتاه ! انصرفي فقد رأيت ما سرك. قال: فقطبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أما نسيتم الجمل يابن عباس، إنكم لذووا أحقاد. فقلت: أما والله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الارض ؟ ! فانصرفت وهي تقول: فألقت عصاها فاستقرت بها النوى كما قرعينا بالاياب المسافر 268 / 20 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن. قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمد الانصاري، عن معاوية بن وهب، قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمد (عليهما السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له أبو عبد الله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ ادن مني، فدنا منه فقبل يده فبكى، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وما يبكيك يا شيخ ؟ قال له: يابن رسول الله، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، أقول


[ 162 ]

هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي ! قال: فبكى أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: يا شيخ، إن أخرت منيتك كنت معنا، وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول الله. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا شيخ، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي، تجئ وأنت معنا يوم القيامة. قال: يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة. قال: لا. قال: فمن أين أنت ؟ قال: من سوادها جعلت فداك. قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام) ؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف إتيانك له ؟ قال: إني لاتيه وأكثر. قال: يا شيخ، ذاك دم يطلب الله (تعالى) به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السلام)، ولقد قتل (عليه السلام) في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسين (عليه السلام) ويده على رأسه بقطر دما فيقول: يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي. وقال (عليه السلام). كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على ا لحسين (عليه السلام). 269 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثني عمي، قال: لما خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا ناوي إليه، فبينا نحن


[ 163 ]

فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به. فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنا نشعل بالنفط، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن علي (عليهما السلام) ومصيبته وقتله ومن تولاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء، له، وإنكم يا قوم تكذبون ؟ فأمسكنا عنه، وقل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة باصبعه، فأخذت النار كفه، فخرج ونادى حتى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء، ثم يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتى هلك. 270 / 22 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن منصوربزرج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قول الله (عزوجل): ” وعلامات وبالنجم هم يهتدون ” (1). قال: النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والعلامات الائمة من بعده (عليهم السلام). 271 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن صالح بن حمزة، عن الحسين بن عبد الله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لاصحابه: اعلموا يقينا أن الله (تعالى) لم يجعل للعبد – وإن عظمت حيلته، واشتد طلبه، وقويت مكائده – أكثر مما سنى له في الذكر الحكيم، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، والتارك له أعظم الناس شغلا


(1) سورة النحل 16: 16.

[ 164 ]

في مضرته، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له، فأبق أيها المستمع من سعيك، وقصر من عجلتك، واذكر قبرك ومعادك، فإن إلى الله مصيرك، وكما تدين تدان. 272 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم، ” أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ” (1). 273 / 25 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن محمد بن مسعدة، قال: حدثني جدي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: والله لا يهلك هالك على حب علي (عليه السلام) إلا رآه في أحب المواطن إليه، والله لا يهلك هالك على بغض علي (عليه السلام) إلا رآه في أبغض المواطن إليه. 274 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي ابن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، ويضاعف الحسنات، وإن الله (تعالى) ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ماكان منهم فيها على إصرار وظلم للمؤمنين،


(1) سورة آل عمران 3: 77.

[ 165 ]

فيقول للسيئات: كوني حسنات. 275 / 27 – أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن المظفر بن محمد الخراساني، قال: حدثنا محمد بن جعفر العلوي الحسيني، قال: حدثنا الحسن ابن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى موسى بن عمران (عليه السلام): أتدري يا موسى، لم انتجبتك من خلقي، واصطفيتك لكلامي ؟ فقال: لا، يا رب، فأوحى الله إليه: أ ني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه (عزوجل)، فأوحى الله إليه: ارفع رأسك يا موسى، وامر يدك موضع سجودك، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم دواء وآفة وعاهة. 276 / 28 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر المعروف بالجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن يوسف بن إبراهيم الورداني، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا وهيب بن حفص، عن أبي حسان العجلي، قال: لقيت أمة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك. قالت: سمعته يقول: قال لي حبيبي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، أيكون آخر ذلك إلى الجنة ؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والاخرة. قالت: فوالله ما ذهبت الا يام حتى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأبى أن يتبرأ منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت ؟ قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أ نك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني. فقال: والله لاكذبن صاحبك، قدمره فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا فقلت له: يا أبه جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما ؟ قال:


[ 166 ]

والله لا يا بنية إلاكالزحام بين الناس. ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يترجعون له فقال: إئتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه، فمات من ليلته تلك (رحمه الله)، وكان أمير المزمنبن (عليه السلام) يسميه رشيد المبتلى، وكان قد ألقى (عليه السلام) إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل فيقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الامر كما قاله رشيد (رحمه الله). 277 / 29 – حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سلمان، قال: حدثنا يحيى بن داود، قال: حدثنا جعفر بن إسماعيل، قال: أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر. 278 / 30 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمربن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حد ثنا داود بن سليمان، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قا ل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الله (عز وجل): يا بن آدم، كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم عائل إلا من أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم، فإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة ولر أغنيته لافسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أمرضته لا فسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لافسده ذلك، وإ ن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي، فألقي عليه النعاس نظرا


[ 167 ]

مني له، فيرقد حثى يصبح ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه من نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين وجاز باجتهاده حد المقصرين فيتباعد بذلك مني، وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم وإن حسنت، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أ ني أدبر عبادي بما يصلحهم، وأنا بهم لطيف خبير. 279 / 31 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري (رحمه الله) عن أبيه الحسين بن علي بن سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي، قال: حدثنا الحسن بن أبي عاصم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلم علي في شئ من الارض أبلغتة، ومن سلم علي عند القبر سمعته. 280 / 32 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): من تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعمل لله (1). 281 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد بن علي ابن الزيات، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن العباس التمار، قال: حدثنا الحسن بن عبيدالله، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، قال: كنا مع سلمان الفارسي (رحمه الله) تحت شجرة،


(1) تقدم في الحديث: 58.

[ 168 ]

فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت ؟ فقلنا: خبرنا، فقال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ظل شجرة فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت ؟ فقلنا: أخبرنا، يا رسول الله، قال: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت (1) عنه خطاياه، كما تحات ورق هذه الشجرة. 282 / 34 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول: لم يزل الله (جل اسمه) عالما بذاته ولا معلوم، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور. قلت له: جعلت فداك، فلم يزل متكلما ؟ فقال: الكلام فحدث، كان الله (عزوجل) وليس بمتكلم، ثم أحدث الكلام. 283 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن يحيى بن مساور، عن علي بن حزور، عن الهيثم بن عوف، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: إن بالكوفة مساجد مباركة، ومساجد ملعونة، فأما المباركة فمنها مسجد غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي سرة الارض، وإن بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي والا يام حتى تنفجر فيه عيون، ويكون على جنبه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب منهم. ومسجد جعفي مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه أناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه. ومسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء، وما بعث الله نبي إلا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السهلة. ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متى (عليه السلام)، ولتنفجرن


(1) أي تناثرت.

[ 169 ]

فيه عين تظهر على السبخة وما حولها. وأما المساجد الملعونة فمسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من ا لفرا عنة. 284 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبيدالله بن إسحاق الضبي، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، قال: لما رجعت رسل أمير المؤمنين (عليه السلام) من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد وآله، ثم قال: يا أيها الناس، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا (1) أو يرجعوا، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل، هبلتهم الهبول (2)، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأيبد والظفر، وإ ني لعلى يقين من ربي، وفي غير شبهة من أمري. أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، من لم يمت يقتل، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من موت على فراش. يا عجبا لطلحة، ألب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما، وجاء يطلبني يزعم بدمه، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما، كما كان يزعم حين حصره


(1) أي يكفوا. (2) هبلتهم: ثكلتهم، والهبول: المرأة الثكول.

[ 170 ]

وألب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه، وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه، وإن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته، اللهم فخذه ولا تمهله. ألا وإن الزبير قطع رحمي وقرابتي، ونكث بيعتي، ونصب لي الحرب، وهو يعلم أنه ظالم لي، اللهم فاكفنيه بما شئت. 285 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا الحسين بن عطاء الصواف، قال: حدثنا محمد بن سعيد النصري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الاصباغي، عن عطاء بن مسلم، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، قال: كنت غازيا زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إنه قد حدث في الاسلام حدث عظيم، لم يكن منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) مثله، بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرفسبيل ذلك، له وإن لم يكن عندهم غير فأسأل الله أن يقبضني إليه، وأن يعجل ذلك. قال الحسن بن أبي الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح. 286 / 38 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن ابن القاسم، عن علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثني علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى نزلت، وفي من أنزلت، ولو سألتموني عما بين اللوحين لحد ثتكم. 287 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك


[ 171 ]

النحوي، قال: أخبرني أبو الحسن (1) أحمد بن علي المعدل بحلب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن سليمان الاصفهاني، قال: حدثنا عمربن قيس المكي، عن عكرمة صاحب ابن عباس، قال: لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه، فقال لجلسائه: إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا من علي بن أبي طالب، فإذن له، وجلس معه على السرير. قال: وشتم القوم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فانسكبت عينا سعد بالبكاء، فقال له معاوية: ما يبكيك يا سعد ؟ أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفان ؟ قال: والله ما أملك البكاء، خرجنا من مكة مهاجرين حتى نزل هذا المسجد – يعني مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) – وكان فيه مبيتنا ومقيلنا، إذ أخرجنا منه وتر ك علي بن أبي طالب فيه، فاشتد ذلك علينا وهبنا نبي الله (صلى الله عليه وآله) أن نذكر ذلك له، فأتينا عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، إن لنا صحبة مثل صحبة علي، وهجرة مثل هجرته، وإنا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه، فلا ندري من سخط من الله، أو من غضب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فاذكري له ذلك فانا نهابه، فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لما: يا عائشة، لا والله ما أنا أخرجتهم، ولا أنا أسكنته، بل الله أخرجهم وغزونا خيبر فانهزم عنها من انهزم فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله): لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فدعاه وهو أرمد فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له. وغزونا تبوك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فودع علي النبي (صلى الله عليه وآله) على ثنية الوداع وبكى، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك ؟ فقال كيف لا أبكي ولم أتخلف عنك في غزاة منذ بعثك الله (تعالى)، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة ؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أ نه لا نبي بعدي ؟ فقال علي (عليه السلام): بل رضيت.


(1) في نسخة: الحسين.

[ 172 ]

288 / 40 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا الحسن بن القاسم، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثنا علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن حمران بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: والله لاذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعداءنا، ولاوردنه (1) أحباءنا. 289 / 41 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر، عن أبي العباس أحمد بن محمد، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن الحسين بن سفيان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن المشمعل، قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك. 290 / 42 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن إبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ. بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا. 291 / 43 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان ابن عثمان، عن بحر السقاء، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن من روح الله (تعالى) ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان.


(1) في نسخة: وليردنه.

[ 173 ]

292 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن عبد الحميد، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، قال: حدثنا الحسن بن المبارك، قال: حدثنا العباس بن عامر، عن مالك الاحمسي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: كنت أركع عند باب أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنا أدعو الله، إذ خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا أصبغ. فقلت: لبيك. قال أي شئ كنت تصنع ؟ قلت: ركعت وأنا أدعو. قال: أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: بلى. قال: قل: ” الحمد لله على ماكان، والحمد لله على كل حال ” ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الايسر، وقال: يا أصبغ، لئن ثبتت قدمك، وتمت ولايتك، وانبسطت يدك، فالله أرحم بك من نفسك. 293 / 45 – أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن زيد بن المعدل، عن يحيى بن صالح الطيالسي، عن إسماعيل بن زياد، عن ربيعة بن ناجذ، قال: لما وجه معاوية بن أبي سفيان، سفيان بن عوف الغامدي إلى الانبار للغارة، بعثه في ستة آلاف فارس، فأغار على هيت والانبار، وقتل المسلمين، وسبى الحريم، وعرض الناس على البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، استنفر أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس وقد كانوا تقا عد وا عنه، واجتمعوا على خذلانه، وأمر مناديه في الناس فاجتمعوا، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: أما بعد: أيها الناس، فوالله لاهل مصركم في الامصار أكثر في العرب من الانصار، وما كانوا يوم عاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات الله إلا قبيلتين صغير مولدهما، ما هما بأقدم العرب ميلادا، ولا باكثره عدد ا، فلما اووا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، ونصروا الله ودينه، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم القبائل قبيلة


[ 174 ]

بعد قبيلة، فتجردوا للدين، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل، وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لاهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن وأهل السهل قناة الدين والصبر تحت حماس الجلاد، حتى دانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) العرب، فرأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب. فقال إليه رجل آدم (1) طوال فقال: ما أنت كمحمد، ولا نحن كأولئك الذين ذكرت، فلا تكلفنا ما لا طاقة لنا به. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحسن مسمعا تحسن إجابة، ثكلتكم الثواكل ما تزيدونني إلا غما، هل أخبرتكم أ ني مثل محمد (صلى الله عليه وآله) وأ نكم مثل أنصاره، وإنما ضربت لكم مثلا، وأنا أرجو أن تأسوا بهم. ثم قام رجل آخر فقال: ما أحوج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه إلى أصحاب النهروان ! ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا، فقام رجل فقال بأعلى صوته: استبان فقد الاشتر، على أهل العراق، لو كان حيا لقل اللغط، ولعلم كل امرئ ما يقول: فقال لهم أمير المؤمنين (صلوت الله عليه): هبلتكم الهوابل، لانا أوجب عليكم حقا من الاشتر، وهل للاشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم ؟ وغضب فنزل. فقام حجر بن عدي وسعد بن قيس، فقالا: لا يسوؤك الله يا أمير المؤمنين، مرنا بأمرك نتبعه، فوالله العظيم ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تفرق، ولا على عشائرنا أن تقتل في طاعتك، فقال لهم: تجهزوا للسير إلى عدونا. ثم دخل منزله (عليه السلام) ودخل عليه وجوه أصحابه، فقال لهم: أشيروا علي برجل صليب ناصج يحشر الناس من السواد ؟ فقال سعد بن قيس: عليك يا أمير المؤمنين بالناصح الاريب الشجا ع الصليب معقل بن قيس التميمي، قال: نعم، ثم


(1) الادم: الاسمر.

[ 175 ]

دعاه فوجهه وسار، ولم يعد حتى أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام). 294 / 46 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن عامر القصباني، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لما توفيت خديجة (رضي الله عنها) جعلت فاطمة (صلوت الله عليها) تلوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله) وتدور حوله، وتقول: يا أبه، أين أمي ؟ قال: فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال له: ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام، وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب، كعابه (1) من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمة (عليها السلام): إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه ا لسلام. 295 / 47 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله (2) الابلي، قال: حدثنا أبو خالد الاسدي، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة بن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال: سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول: انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى العقبة فقال: لا يجاوزها أحد، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به (صلى الله عليه وآله) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اشترى شاة مصراة (3) فهو بالخيار، فعوج الحكم فمه، فبصر به النبي (صلى الله عليه وآله) فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبي (صلى الله عليه وآله) عن المدينة طريد ا ونفاه عنها. 296 / 48 – أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا القناد، عن الحسين بن


(1) الكعاب: جمع كعبة، وهي الغرفة وكل بيت مربع. (2) في نسخة: عبيدالله. (3) المصراة: الناقة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها، أي يجمع ويحبس.

[ 176 ]

سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال: صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة – وكان سكرانا – فتغنى في الثانية منها، وزادنا ركعة أخرى، ونام في آخرها، فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي. تكلم في الصلاة وزاد فيها مجاهرة وعالن بالنفاق وفاح الخمر من سنن المصلى ونادى والجميع إلى افتراق أزيديكم على أن تحمدوني فما لكم ومالي من خلاق 297 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ البصير، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله البغدادي بواسط، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا موسى بن قيس، قال: حدثنا الحسين بن أسباط العبدي، قال: سمعت عمار بن ياسر (رحمه الله) يقول عند توجهه إلى صفين: اللهم لو أعلم أ نه أرض لك أن أرمي بنفسي من فرق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أ نه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك ا لكريم. 298 / 50 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب، قال: حدثني جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدثنا أبو المقوم ثعلبة بن زيد الالنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري (رحمه الله) يقول: تمثل إبليس لعنه الله ه في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش: ” لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برئ منكم ” (1). وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى: أن محمدا والصباة معه


(1) سورة الانفال 8: 48.

[ 177 ]

عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للانصار: لا تخافوا فإن صوته لن يعد وهم. وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، وأشار عليهم في النبي (صلى الله عليه وآله) بما أشار، فأنزل الله (تعالى): ” وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ” (1). وتصوو يوم قبض النبي (صلى الله عليه وآله) في صورة المغيرة بن شعبة فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا ترد وها في بني هاشم، فتنتظر بها الحبالى. تم المجلس السادس، ويتلوه المجلس السابع من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله.


(1) سورة الانفال 8: 30.

[ 179 ]

(7) المجلس السابع فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 299 / 1 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل ؟ فقال: رحمك الله، هذا الذي أريد. فقال أبو جعفر (عليه السلام): اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقر بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدونا، والتسلم لنا، والتواضع والطمأنينة، وانتظار أمرنا، فإن لنا دولة إن شاء الله (تعالى) جاء بها. 300 / 2 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن هشام، عن محمد بن إسماعيل البزاز، عن العباس بن عامر، عن أبان بن


[ 180 ]

عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) يقول: إذا دخل أهل الجنة الجنة بأعمالهم، فأين عتقاء الله من النار ؟ إن لله عتقاء من النار. 301 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدثنا علي بن حكيم الاودي، قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن فضيل بن غزوان، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: من أحبني رآني يوم القيامة حيث يحب، ومن أبغضني رآني يوم القيامة حيث يكره. 302 / 4 – أخبرني جماعة، عن أبي عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: أخبرنا هشام، قال: حدثني أبو مخنف، قال: حدثني الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الازدي، قال: قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا، فأضجره ذلك فقال: أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهن الصم الصلاب، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم، إذا أمرتكم قلتم: كيت وكيت، وليت وعسى، أعاليل أباطيل، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول، هيهات هيهات، لا يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر. أي دار بعد داركم تمتعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ ! المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.


[ 181 ]

أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة (1) يتخذها الظالمون فيكم سنة، تفرق جماعتكم، وتبكي عيونكم، وتمنون عما قليل أ نكم رأيتموني فنصرتموني، وستعرفون ما أقول لكم عما قليل، ولا يبعد الله إلا من ظلم. قال: فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلا بكى، وقال: صدق والله أمير المؤمنين (عليه السلام)، قد شملنا الذل، ورأينا الاثرة، ولا يبعد الله إلا من ظلم. 303 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الاعلى بن واصل الاسدي، عن مخول بن إبراهيم، عن علي بن حزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت عمار بن ياسر (رضي الله عنه) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها، زينك بالزهد في الدنيا، وجعلك لا ترزأ (2) منها شيئا، ولا ترزأ منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعا، ويرضون بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأما من أحبك وصدق فيك فأولئك جيرانك في دارك، وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك فحق على الله أن يوقفه موقف الكذابين. 304 / 6 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثني عيسى بن مهران المستعطف، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا شريك، عن عمران ابن طفيل، عن أبي تحيى، قال: سمعت عمار بن ياسر (رحمه الله) يعاقب أبا موسى الاشعري، ويوبخه على تأخره عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقعوده عن الدخول في بيعته، ويقول له: يا أبا موسى، ما الذي أخرك عن أمير المؤمنين ؟ فوالله لئن


(1) الاثرة: استئثار أمراء الجور بالفئ. (2) أي لا تأخذ ولا تنال.

[ 182 ]

شككت فيه لتخرجن عن الاسلام. وأبو موسى يقول له: لا تفعل ودع عتابك لي، فإنما أنا أخوك. فقال له عمار: ما أنا لك بأخ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلعنك ليلة العقبة وقد هممت مع القوم بما هممت. فقال له أبو موسى: أفليس قد استغفر لي ؟ قال عمار: قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار. 305 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الكاتب، قال: أخبرني عبد الصمد بن علي، قال: أخبرنا محمد بن هارون بن عيسى، قال: أخبرني أبو طلحة الخزاعي، قال: حدثنا عمر بن عباد، قال: حدثنا أبو تراب، قال: قرأت في كتاب لوهب بن منبه فإذا مكتوب في صدر الكتاب: هذا ما وضعت الحكماء في كتبها: الاجتهاد في عبادة الله أربح تجارة، ولا مال أعود من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، وأدب تستفيده خير من ميراث، وحسن الخلق خير رفيق، والتوفيق خير قائد، ولا ظهر أوثق من المشاورة، ولا وحشة أوحش من العجب، ولا يطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه. 306 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين الخلال، قال: حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري، قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن أشرس الخراساني، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أسر ما يرضي الله (عزوجل) أظهر الله له ما يسره، ومن أسر ما يسخط الله (تعالى) أظهر الله ما يحزنه، ومن كسب مالا من غير حله أفقره الله (عزوجل)، ومن تواضع لله رفعه الله، ومن سعى في رضوان الله أرضاه الله، ومن أذل مؤمنا أذله الله، ومن عاد مريضا فانه يخوض في الرحمة – وأومأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حقويه (1) – وإذا جلس عند المريض غمرته الرحمة، ومن خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له، ومن كظم غيظا ملا الله الجوفه إيمانا، ومن أعرض عن محرم أبدله الله بعبادة تسره، ومن عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزا في


(1) الحقوة: الخصر.

[ 183 ]

الدنيا والاخرة، ومن بنى مسجدا ولو مفحص (1) قطاة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن أعتق رقبة فهي فداة من النار، كل عضو منها فداء عضو منه، ومن أعطى درهما في سبيل الله كتب الله سبع مائة حسنة، ومن أحاط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربع مائة آية، كل حرفي منها بعشر حسنات، ومن لقي عشرة من المسلمين فسلم عليهم كتب الله له عتق رقبة، ومن أطعم مؤمنا لقمة أطمعه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه شربة من ماء سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباكساه الله من الاستبرق والحرير، وصلى عليه الملائكة ما بقي في ذلك الثوب سلك. 307 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن البصري، قال: حدثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم العمي، قال: حدثنا أبو الطيب محمد ابن علي الاحمر الناقد، قال: حدثني نصر بن علي، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحميد، قال: حدثنا حميد، عن نصر بن مالك، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كنت أنا وعلي عن يمين العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما خلق آدم جعلنا في صلبه، ثم نقلنا من صلب إلى صلب في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهرات حتى انتهينا إلى صلب عبد المطلب، فقسمنا قسمين: فجعل في عبد الله نصفا، وفي أبي طالب نصفا، وجعل النبوة والرسالة في، وجعل الوصية والقضية في علي، ثم اختار لنا اسمين اشتقهما من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد، والله العلي وهذا علي، فأنا للنبوة والرسالة، وعلي للوصية والقضية. 308 / 10 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن عاصم، قال: حدثنا جبر بن نوف، قال: لما أراد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) المسير إلى الشام، اجتمع إليه وجوه أصحابه فقالوا: لو كتبت يا أمير المؤمنين إلى معاوية وأصحابه قبل مسيرنا إليهم كتابا تدعوهم إلى الحق،


(1) المفحص: حفرة تحفرها القطاة في الارض لتبيض وترقد فيها.

[ 184 ]

وتأمرهم بما لهم فيه الحظ، كانت الحجة تزداد عليهم قوة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعبيدالله بن أبي رافع كاتبه: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ومن قبله من الناس، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنت يا معاوية وأبوك وأهلك في ذلك الزمان اعداء الرسول، مكذبون بالكتاب، فجمعون على حرب المسلمين، من لقيتم منهم حبستموه وعذبتموه وقتلتموه، حتى إذا أراد الله (تعالى) إعزاز دينه وإظهار رسوله، دخلت العرب في دينه أفواجا، وأسلمت هذه الامة طوعا وكرها، وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، فليس ينبني لكم أن تنازعوا أهل السبق ومن فاز بالفضل، فإنه من نازعه منكم فبحوب وظلم، فلا ينبغي لمن كان له قلب أن يجهل قدره، ولا يعدو طوره، ولا ئشقي نفسه بالتماس ما ليس له. إن أولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا أقربهم برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأعلمهم بالكتاب، وأقدمهم في الدين، وأفضلهم جهاد ا، وأولهم إيمانا، وأشدهم اضطلاعا (1) بما تجهله الرعية من أمرها. فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا به الحق. واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وأن شرهم الجهلاء الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وحقن دماء هذه الامة، فإن قبلتم أصبتم رشدكم وهديتم لحظكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الامة لم تزدادوا من الله إلابعدا، ولم يزدد عليكم إلا سخطا، وا لسلام.


(1) اضطلع بالامر: قوي عليه ونهض به.

[ 185 ]

قال: فكتب إليه معاوية: أما بعد، إنه ليس بيني وبين قيس عتاب، غير طعن الكلى وجز الرقاب. فلما وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) على جوابه بذلك قال: إنك لا تهدي من أحببت ولكن اليهدي من يشاء (1) إلى صراط مستقيم. 309 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا محمد بن حسن بن سهل العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر الدهقان، قال: حدثنا محمد بن كثير مولى عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لهذا الرجل الليلة ؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمة (عليها السلام) فقال: ما عندك، يا ابنة رسول الله ؟ فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية لكنا نؤثر ضيفنا. فقال علي (عليه السلام): يا ابنة محمد، نومي الصبية، وأطفئي المصباح، فلما أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر، فلم يبرح حتى أنزل الله (عزوجل): ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ” (2). 310 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) عن محمد بن يعقوب الكليني، عن عدة من أصحابه، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ بن كثير، قال: نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير، فدنوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت. إن أهل الموقف لكثير، قال: فصوب ببصره فأداره فيهم، ثم قال: ادن مني يا أبا عبد الله، فدنوت منه


(1) تضمين من سورة القصص 28: 56. (2) سورة الحشر 59: 9.

[ 186 ]

فقال: غثاء (1) يأتي به الموج من كل مكان، لا والله ما الحج إلا لكم، ولا والله ما يتقبل الله إلا منكم. 311 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد العطشي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا حمزة بن أبي جمة الجرجرائي الكاتب، قال: حدثنا أبو الحارث شريح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد العزيز بن سليمان، عن سليمان بن حبيب، عن أبى أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لتنقض عرى ا لاسلام عروة عروة، كلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقض الحكم، وآخرهن الصلاة. 312 / 14 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن جعفر المالكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني حبيب، عن ميمون بن أبي شبيب، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتق الله حيث ما كنت، وخالق الناس (2) بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها. 313 / 15 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثني محمد بن مدرك الشيباني، قال: حدثنا زكريا بن الحكم، قال: حدثنا خلف بن تميم، قال: حدثنا بكربن خنيس، عن أبي شيبة، عن عبد الملك بن عمر، عن أبي قرة، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله): يا سلمان، إذا أصبحت فقل: ” اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله ” قلها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل مثل ذلك، فانهن يكفرن ما بينهن من خطيئة. 314 / 16 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر


(1) الغثاء: ما يحمله السيل من رغوة ومن فتات الاشياء التي على وجه الارض. (2) خالق الناس: عاشرهم.

[ 187 ]

الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيغ الخزاز، قال: حدثنا الحسين الاشقر، عن قيس، عن ليث، عن أبي ليلى، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله اليوم القيامة وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا. 315 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثني محمد بن أبي السري، قال: حدثنا هشام، عن أبي مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما وقع الاتفاق على كتب القضية بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام، وعبد الله بن عباس في رجال من أهل العراق، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للكاتب: اكتب هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. فقال عمرو بن العاص: اكتب اسمه واسم أبيه، ولا تسمه بإمرة المؤمنين، فإنما هو أمير هؤلاء وليس بأميرنا. فقال الاحنف بن قيس. لا تمح هذا الاسم، فإني أتخوف إن محوته لا يرجع إليك أبدا. فامتنع أمير المؤمنين (عليه السلام) من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليا من النهار، فقال الاشعث بن قيس: امح هذا الاسم ترحه الله. فقال أمير المؤمنين: الله أكبر سنة بسنة، ومثل بمثل، والله إني لكاتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الحديبية، وقد أملى علي: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال له سهيل: امح رسول الله، فإنا لا نقر لك بذلك، ولا نشهد لك به، اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعت من محوه فقال النبي (صلى الله عليه وآله): امحه يا علي، وستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض.


[ 188 ]

فقال عمرو بن العاص: سبحان الله ! ومثل هذا يشبه بذلك، ونحن مؤمنون وأولئك كا نوا كفا را ! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يابن النابغة، ومتى لم تكن للفاسقين وليا، وللمسلمين عدوا، وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك ؟ فقال عمرو: لا جرم لا يجمع بيني وبينك مجلس أبدا. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله إني لارجو أن يطهر الله مجلسي منك ومن أشباهك، ثم كتب الكتاب وانصرف الناس. 316 / 18 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد ابن عبد الجبار، قال: حدثنا ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبد الله بن العباس، قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال: أبكي لذريتي، وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، كأ ني بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي ” يا أبتاه، يا أبتاه ” فلا يعينها أحد من أمتي. فسمعت ذلك فاطمة (عليهما السلام) فبكت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله). لا تبكين. يا بنية. فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ولكن أبكي لفراقك، يا رسول الله. فقال لها: ابشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي، فإنك أؤل من يلحق بي من أهل بيتي. 317 / 19 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن هارون، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثنا المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطاني الله خمسا، وأعطى عليا خمسا: أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا، وجعل عليا وصيا، أعطاني الكوثر، وأعطى عليا السلسبيل،


[ 189 ]

وأعطاني الوحي، وأعطى عليا الالهام، وأسرى بي إليه، وفتحت له أبواب السماء حتى رأى ما رأيت ونظر إلى ما نظرت إليه. ثم قال: يابن عباس، من خالف عليا فلا تكونن ظهيرا له ولا وليا، فوالذي بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلا غير الله ما به من نعمة وشوه خلقه قبل إدخاله النار. يابن عباس، لا تشك في علي، فإن الشك فيه يخرج عن الايمان، ويوجب الخلود في النار. 318 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من زي الايمان الفقه، ومن زي الفقه الحلم، ومن زي الحلم الرفق، ومن زي الرفق اللين، ومن زي اللين السهولة. 319 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي (رحمه الله)، عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أربع من كن فيه كمل إسلامه، وأعين على إيمانه، ومحصت ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض، ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله (تعالى) عنه، وهي: الوفاء بما يجعل الله على نفسه، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس، وحسن الخلق مع الاهل والناس. وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين، في غرف في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم، ونظر له فكان له أبا، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والد يه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ولم يخرق (1) لمملوكه،


(1) الخرق: ضد الرفق، أي أن يرفق به ولا يسئ إليه.

[ 190 ]

وأعانه على ما يكلفه، ولم يستسعه فيما لا يطيق. 320 / 22 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ماكان الفحش في شئ إلا شانه، ولا كان الحبا، في شئ قط إلا زانه. 321 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي الرازي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحنفي، قال: حدثنا يحيى بن هاشم السمسار، قال: حدثنا عمرو بن شمر، قال: حدثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله بن حزام، قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، من وصيك ؟ قال: فأمسك عني عشرا لا يجيبني، ثم قال: يا جابر، ألا أخبرك عما سألتني ؟ فقلت: بأبي أنت وأمي، أما والله لقد سكت عني حتى ظننت أ نك وجدت (1) علي. فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت انتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، ربك يقول: إن علي بن أبي طالب وصيك، وخليفتك على أهلك وأمتك، والذائد عن حوضك، وهو صاحب لوائك يقدمك إلى الجنة. فقلت: يا نبي الله، أرأيت من لا يؤمن بهذا أقتله ؟ قال: نعم يا جابر، ما وضع هذا الموضع إلا ليتابع عليه، فمن تابعه كان معي غدا، ومن خالفه لم يرد علي الحوض أبدا. 322 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر


(1) وجد: غضب.

[ 191 ]

الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرني عمر بن أسلم، قال: حدثنا سعيد بن يوسف البصري، عن خالد بن عبد الرحمن المدائني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله) قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب بيده، وقال: يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج (1)، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف، ومن كان مولده صحيحا، وما على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء، إن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان. 323 / 25 – حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، قال: حدثنا لوط بن يحيى، قال: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما بويم عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي يقول لعبد الرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن، ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم. فقال له عبد الرحمن: وما أنت وذاك يا مقداد ؟ قال: إني والله أحبهم لحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة، لتشرف قريش على الناس بشرفهم، واجتماعهم على نزع سلطان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أيديهم. فقال له عبد الرحمن: ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم. فقال له المقداد: والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد. فقال له عبد الرحمن: ثكلتك. أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة.


(1) العلج: الكافر من العجم.

[ 192 ]

قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، فقلت له: يا مقداد أنا من أعوانك. فقال: رحمك الله، إن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاثة، فخرجت من عنده وأتيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) فذكرت له ما قال وقلت، قال: فدعا لنا بخير. 324 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي، قال: حدثنا سعيد بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير اللخمي، قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، ومع معاوية على السرير الاحنف بن قيس والحتات المجاشعي، فقال له معاوية: من أنت ؟ قال: أنا جارية بن قدامة. قال: وكان قليلا (1)، فقال له معاوية: ما عسيت أن تكون هل أنت إلا نحلة ؟ فقال: لا تفعل يا معاوية قد شبهتني بالنحلة، وهي والله حامية اللسعة حلوة البصاق، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، ولا أمية إلا تصغيرأمة. فقال معاوية: لا تفعل. قال: إنك فعلت ففعلت. قال له: فادن اجلس معي على السرير. فقال: لا أفعل. قال: ولم ؟ قال: لاني رأيت هذين قد أماطاك (2) عن مجلسك، فلم أكن لاشاركهما. قال له معاوية: ادن أسارك، فدنا منه فقال: يا جارية، إني اشتريت من هذين الرجلين دينهما. قال: ومني فاشتر يا معاوية. قال له: لا تجهر. 325 / 27 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، قال: حدثنا خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته.


(1) القليل: القصير النحيف. (2) أماطه: نحاه وأبعده.

[ 193 ]

326 / 28 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمربن سلم بن البراء المعروف بابن الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا محمد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الازدي، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): لا تدع طلب الرزق من حله، فإنه أعون لك على دينك، وأعقل راحلتك وتوكل. 327 / 29 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب، قال: حدثنا الحسين بن علي بن رياح، عن سيف بن عميرة، قال: حدثني محمد بن مروان، قال: حدثني عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: عبد أبق من مواليه حتى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط. 328 / 30 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى، نوديت: يا محمد استوص بعلي خيرا، فإنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة. 329 / 31 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي


[ 194 ]

طالب (عليه السلام) على منبر الكوفة: أيها الناس، إنه كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر خصال، لهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت أخي في الدنيا والاخرة، وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في الله (عزوجل)، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأسرتي، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الامام لامتي، والقائم بالقسط في رعيتي، وأنت وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله. 330 / 32 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خلف، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الاشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من دمعت عينه دمعة لدم سفك لنا، أو حق لنا أنقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لاحد من شيعتنا، بوأه الله (تعالى) بها في الجنة حقبا. 331 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن أسد الاصبهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عثمان، قال: حدثني علي بن أبي سيف، عن علي بن خباب، عن ربيعة وعمارة وغيرهما: أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثيرهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا، فقالوا: يا أمير المؤمنين، اعط هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن يخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): أتأمروني أن أطلب النصر بالجور، لا والله لا أفعلن ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم، والله لو كان مالي لواسيت بينهم، وكيف وإنما هو أموالهم ؟ !


[ 195 ]

قال: ثم أرم (1) أمير المؤمنين (عليه السلام) طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا والاخرة فهو يضيعه عند الله (عزوجل)، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم، فإن بقى معه من يوده ويظهر له الشكر، فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته أو مكافأته، لشر خليل والام خدين (2)، ومن ضيع المعروف فيما أتاه فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني، وليعن به الغارم، وابن السبيل، والفقراء، والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق، فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة. 332 / 34 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟ قال: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي: ما أراك يا إسحاق إلا قد أذللت المؤمنين، فإياك إياك، إن الله (تعالى) يقول: من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة. 333 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه، فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال لي: يا أبا الفضل، ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله ؟ فقلت: بلى فحدثني جعلت فداك.


(1) أي أمسك وسكت. (2) الخدين: الصاحب.

[ 196 ]

فقال: إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربي عبدك ونعم العبد، كان سريعا إلى طاعتك، بطيئا عن معصيتك، وقد قبضته إليك، فما تأمرنا من بعده ؟ فيقول الجليل الجبار: اهبطا إلى الدنيا، وكونا عند قبر عبدي، وسبحاني ومجداني وهللاني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره. ئم قال لي: ألا أزيدك ؟ قلت: بلى. فقال: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وابشر بالسرور والكرامة من الله (عزوجل)، قال: فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله (سبحانه) حثى يقف بين يدي الله (عزوجل) ويحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله، نعم الخارج معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله (عزوجل) حتى كان ذلك، فمن أنت ؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك في الدنيا خلقني الله منه لابشرك. 334 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد الجعفي، عن أبيه، قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني، فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ألا أعلمك دعاء لد نياك وآخرتك وتكفى به وجع عينيك ؟ فقلت: بلى. فقال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: ” اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عليك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والسلامة في نفسي، والسعة في رزقي، والشكر لك أبدا ما أبقيتني “. 355 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يعقوب، عن علي إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت


[ 197 ]

أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: رأس طاعة الله الرضا بما صنع الله فيما أحب العبد وفيما كره، ولم يصنع الله (تعالى) بعبد شيئا إلا وهو خير له. 336 / 38 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد ابن محمد بن طاهر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني ظريف بن ناصح، عن محمد بن عبد الله الاصم الاعلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول لجماعة من أصحابه: والله لو أن على أفواهكم أوكية (1) لأخبرت كل رجل منكم ما لا يستوحش معه إلى شئ، ولكن قد سبقت فيكم الإذاعة والله بالغ أمره 337 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري، قال أبو الحسن علي ابن بلال: وحدثني علي بن عبد الله بن أسد بن منصور الاصبهاني، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد بن هلال الثقفي، قال: حدثني محمد بن علي، قال: حدثنا نصربن مزاحم، عن يحيى بن يعلى الاسلمي، عن علي بن الحزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء القوم الذين تقاتلهم، الدعوة وا حد ة، وا لرسول واحد، والصلاة واحد ة، والحج واحد، فبم نسميهم ؟ قال: سمهم بما سماهم الله (تعالى) في كتابه. فقال: ماكل ما في كتاب الله أعلمه. قال: أما سمعت الله (تعالى) يقول في كتابه: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى أبن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات


(1) الاوكية: جمع وكاء، وهو الغطاء.

[ 198 ]

ولكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر ” ؟ فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله (عز وحل) وبالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب، وبالحق، فنحن الذ ين آ منوا وهم الذ ين كفروا، وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته. 338 / 40 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد ابن طاهر، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن المستورد، قال: حدثني عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن مدرك الحارثي، قال: دخلت مع عمي عامر بن مدرك على أبي عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) فسمعته يقول: من أعان على مؤمن بشطركلمة، لقي الله وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله. 339 / 41 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا جبلة بن محمد بن جبلة الكوفي، قال: حدثني أبي، قال: اجتمع عندنا السيد بن محمد الحميري وجعفر بن عفان الطائي، فقال له السيد: ويحك أتقول في آل محمد (عليهم السلام) شرا !: ما بال بيتكم يخرب سقفه وثيابكم من أرذل الاثواب فقال جعفر: فما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد: إذا لم تحسن المدح فاسكت، أيوصف آل محمد بمثل هذا ؟ ! ولكني أعذرك، هذا طبعك وعلمك ومنتهاك، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك: أقسم بالله وآلائه والمرء عما قال مسؤول إن علي بن أبي طالب على التقي والبرمجبول وإنه كان الامام الذي له على الامة تفضيل يقول بالحق ويعنى به ولا تلهيه الاباطيل كان إذا الحرب مرتها القنا وأحجمت عنها البهاليل


(1) سورة البقرة 2: 253.

[ 199 ]

يمشي إلى القرن وفي كفه أبيض ماضي الحد مصقول مشى العفرني (1) بين أشباله أبرزه للقنص الغيل (2) ذاك الذي سلم في ليلة عليه ميكال وجبريل ميكال في ألف وجبريل في ألف ويتلوهم سرافيل ليلة بدرمددا أنزلوا كأنهم طير أبابيل فسلموالما أتوا حذوه وذاك إعظام وتبجيل كذا يقال فيه يا جعفر، وشعرك يقال مثله لاهل الخصاصة والضعف، فقبل جعفر رأسه وقال: أنت والله الرأس يا أبا هاشم، ونحن الاذناب. 340 / 42 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن علي بن عبد الرحمن البربري الخزاعي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عيسى بن حميد الطائي، قال: حدثنا أبي حميد بن قيس، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسين بن علي بن الحسين يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، فقال للناس: إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة، فلما أتى موضعا من أرضها قال: ما هذه الارض ؟ قيل: أرض بحرا. فقال: أرض سباخ جنبوا ويمنوا. فلما أتى يمنه السواد فإذا هو براهب في صومعة له فقال له: يا راهب، أنزل هاهنا ؟ فقال له الراهب: لا تنزل هذه الارض بجيشك. قال: ولم ؟ قال: لانه لا ينزلها إلا نبي أو وصي نبي بجيشه، يقاتل في سبيل الله (عزوجل)، هكذا نجد في كتبنا. فقال له أمير المؤمنين: فأنا وصي سيد الانبياء، وسيد الاوصياء. فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد (صلى الله عليه وآله). قال له أمير المؤمنين: أنا


(1) يقال: أسد غفرني، أي شديد قوي. (2) الغيل: كل موضع في ماء من واد ونحوه. والغيل: الشجر الكثيف الملتف، ويطلق على موضع الاسد أيضا.

[ 200 ]

ذلك. فنزل الراهب إليه، فقال: خذ علي شرائع الاسلام، إني وجدت في الانجيل نعتك، وأ نك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (عليه السلام). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قف ولا تخبرنا بشئ، ثم أتى موضعا فقال: الكزوا (1) هذه، فلكزه برجله (عليه السلام) فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها، ثم قال: اكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعا، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال علي (عليه السلام): على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت هاهنا ؟ فنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) الصخرة وصلى إليها، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة، ثم قال: أرض براثا، هذا بيت مريم (عليها السلام)، هذا الموضع المقدس صلى فيه الانبياء. قال أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام): ولقد وجدنا أنه صلى فيه إبرا هيم (عليه السلام) قبل عيسى (عليه السلام). 341 / 43 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبيدالله، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا علي، إن الله (تعالى) أمرني أن اتخذك أخا ووصيا، فأنت أخي ووصيي، وخليفتي على أهلي في حياتي وبعد موتي، من تبعك فقد تبعني، ومن تخلف عنك فقد تخلف عني، ومن كفر بك فقد كفرني، ومن ظلمك فقد ظلمني. يا علي، أنت مني وأنا منك. يا علي، لولا أنت لما قوتل أهل النهر. قال: فقلت يا رسول الله، ومن أهل النهر ؟ قال: قوم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية.


(1) لكز ه: ضربه بجمع كفه.

[ 201 ]

342 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين (عليه السلام) ؟ قال: أحسنت يا بشير، إنه من أتى قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عيد عارفا بحقه كتب له مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقة كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل. قال بشير: فقلت له كيف لي بمثل الموقفين ؟ فنظر إلي كالمغضب، ثم قال: يا بشير، من أتى الحسين بن علي (عليهما السلام) عارفا بحقه فاغتسل في الفرات وتوجه إليه، كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكها. قال: ولا أعلم إلا قال: وغزوة. 343 / 45 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيبم بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن الله (تعالى) إذا غضب على أمة ثم لم ينزل بها العذاب، أغلى أسعارها، وقصر أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم تغزر أنهارها، ولم تزك ثمارها، وسلط عليها شرارها، وحبس عليها أمطارها. 344 / 46 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني سليمان بن محمد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عمران – وهو ابن أبي ليلى -، قال: حدثنا محمد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد،


[ 202 ]

أخبرني بعمل يحبني عليه. قال: يا أعرابي، ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس تحبك الناس. قال: وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ (1). 345 / 47 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كتب إلى الحسن بن علي (عليه السلام) قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له. فكتب إليهم: ” أما بعد، فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله احتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالاحبة المألوفة التي كانت بنا حفية (2)، والاخوان المحبون الذين كان يسربهم الناظرون، وتقر بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الايام، ونزل بهم الحمام (3)، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها (4) إخوانها، فلم أر مثل دارها دارا، ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة،


(1) تقدم في الحديث: 228. (2) الحفي: البر اللطيف. (3) الحمام: الموت. (4) في نسخة. أخشعها.

[ 203 ]

وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلى (1)، فاستودعتها البلاء، وكانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة، صار إليها الاولون، وسيصير إليها الاخرون، والسلام “. 346 / 48 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم، عن سعد بن زياد العبدي، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: في حكمة آل داود: يابن ادم، كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق عن الردى ! يابن ادم، أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة الله ناسيا، فلو كنت بالله عالما، وبعظمته عارفا، لم تزل منه خائفا، ولو عده راجيا، ويحك كيف لا تذكر لحدك، وانفرادك فيه وحدك ! 347 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن صدقة الاحدب، عن داود الابزاري، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: كفى بالتجارب تأديبا، وبمر الايام عظة، وبأخلاق من عاشرت معرفة، وبذكر الموت حاجزا من الذنوب والمعاصي، والعجب كل العجب للمحتمين من الطعام والشراب مخافة الداء أن ينزل بهم، كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار إذا اشتعلت في أبدانهم ! 348 / 50 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال. حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثني زيد بن علي، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو الحسين العلوي، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن جده علن بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة.


(1) القلى: البغض والهجران.

[ 204 ]

349 / 51 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: ثلاث لا يضر معهن شئ: الدعاء عند الكربات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة. 350 / 52 – هذا حديث وجدته بخط بعض المشايخ (رحمهم الله) ذكر أنه وجده في كتاب لابي غانم المعلم الاعرج، وكان مسكنه بباب الشعير، وجد بخطه على ظهر كتاب له حين مات: وهو أن عائشة بنت طلحة دخلت على فاطمة (عليها السلام) فرأتها باكية، فقالت لها: بأبي أنت وأمي، ما الذي يبكيك ؟ فقالت لها (صلوات الله عليها): اسائلتي عن هنة حلق بها الطائر، وحفي بها السائر، ورفع إلى السماء أثرا، ورزئت في الارض خبرا، أن قحيف تيم وأحيوك عدي جاريا أبا الحسن في السباق، حتى إذا تقربا بالخناق، أسرا له الشنآن، وطوياه الاعلان، فلما خبا نور الدين، وقبض النبي الامين، نطقا بفورهما، ونفثا بسورهما، وأدلا بفدك، فيا لها لمن ملك، تلك أنها عطية الرب الاعلى للنجي الاوفى، ولقد نحلنيها للصبية السواغب من نجله ونسلي، وأنها ليعلم الله وشهادة أمينه، فإن انتزعا مني البلغة، ومنعاني اللمظة، واحتسبتها يوم الحشر زلفة، وليجدنها اكلوها ساعرة حميم، في لظى جحيم. تم المجلس السابع، ويتلوه المجلس الثامن من أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله.


[ 205 ]

(8) المجلس الثامن فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 351 / 1 – أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمهه الله)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوى النبي (صلى الله عليه وآله): لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا، والبلايا، والانساب، وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت باذن ربي، فما غاب عني ماكان قبلي ولا ما يأتي بعدي، وان بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، وأتممت عليهم النعم، ورضيت إسلامهم، كل ذلك من الله به علي فله الحمد. 352 / 2 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة، قال: حدثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني، قال: حدثنا أبو


[ 206 ]

سعيد سهل بن زياد الادمي، قال: حدثنا محمد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم، قال: حدثنا سعيد الاعرج، قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فابتدأني، فقال: يا سليمان، ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله، العائب على أمير المؤمنين في شئ كالعائب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه واله)، والراد عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله. كان أمير المؤمنين (عليه السلام) باب الله لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الائمة (عليهم السلام) بعده واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض، وهم الحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى. أما علمت أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الاكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد (صلى الله عليه واله)، ولقد حملت مثل حمولة محمد، وهي حمولة الرب، وان محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعى فيكسى ويستنطق فينطق، وأدعى فأكسى وأستنطق فأنطق، ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي: علمت البلايا، والقضايا، وفصل الخطاب ؟ 353 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد، قال: حدثنا منصور بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الاعلى، عن سويد ابن غفلة، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لاحبني، وذلك أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 354 / 4 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال:


[ 207 ]

حدثني يوسف بن الحكم الخياط، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا سلمة بن صالح الاحمر، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الاشقر بن طليق، قال: سمعت الحسن العرني يحدث عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: نعى إلينا حبيبنا ونبينا (صلى الله عليه وآله) نفسه – فبأبي وأمي ونفسي له الفداء – قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت، فنظر إلينا، فدمعت عيناه، ثم قال: مرحبا بكم، حياكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، إني لكم نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإن الله (تعالى) قال لي ولكم: ” تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ” (1) وقال سبحانه: ” أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ” (2). قلنا: متى يا نبي الله أجلك ؟ قال: دنا الاجل والمنقلب إلى الله، وإلى سدرة المنتهى، وجنة المأوى، والعرش الاعلى، والكأس الاوفى، والعيش المهنى. قلنا: فمن يغسلك ؟ قال: أخي وأهل بيتي الادنى فالادنى. 355 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن زياد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: لا تعجل وانظره سبع ساعات، فإن مضى سبع ساعات ولم يستغفر قال: اكتب، فما أقل حياء هذا العبد ! 356 / 6 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد


(1) سورة القصص 28: 83. (2) سورة الزمر 39: 60.

[ 208 ]

ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: قال عيسى بن مريم لاصحابه: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للاخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل، ويلكم علماء السوء، الاخرة تأخذون والعمل لا تصنعون ! يوشك رب العمل أن يطلب عمله، ويوشك أن يخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى اخرته وهر مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه ؟ 357 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو علي، قال: حدثني عم أبي الحسين بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وان كان محسنا، ولا يمسي إلا خائفا وان كان محسنا، لا نه بين أمرين: بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به، ويين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات. ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، صلوا أرحامكم وان قطعوكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وأوفوا بعهد من عاهدتم، وإذا حكمتم فاعدلوا. 358 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان النهدي قراءة، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: ما أبالي إذا قلت هؤلاء الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن: ” بسم الله وبالله، ومن الله، وألى الله، وفي سبيل الله، اللهم إليك أسلمت نفسي، واليك وجهت وجهي، واليك فوضت أمري، فاحفظني بحفظ الايمان، من بين يدي،


[ 209 ]

ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. 359 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا محمد بن الحسين الطائي، قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، قال: حدثني يعقوب بن الفضل، قال: حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن الانصاري، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وأله): أعطيت في علي تسعا، ثلاثا في الدنيا، وثلاثا في الاخرة، واثنين أرجوهما له، وواحدة أخافها عليه: فأما الثلاثة التي في الدنيا: فساتر عورتي، والقائم بامر أهلي، ووصيي فيهم. وأما الثلاثة التي في الاخرة: فإني أعطى يوم القيامة لواء الحمد فأرفعه إلى علي ابن أبي طالب يحمله عني، واعتمد عليه في مقام الشفاعة، ويعينني على حمل مفاتيح الجنة. وأما اللتان أرجوهما له: فإنه لا يرجع من بعدي ضالا، ولا كافرا. وأما التي أخافها عليه: فغدر قريش به من بعدي. 360 / 10 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن محمد بن عبيد اللة، قال: حدثنا جعفر بن عبيد الله بن جعفر المحمدي، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات التميمي، قال: حدثنا المسعودي، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي محمد العنزي، قال: حدثني ابن عمي أبو عبد الله العنزي، قال: إنا لجلوس مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به: يا أمير المؤمنين، لقد نالنا النبل والنشاب، فسكت ثم جاء اخرون فذكروا مثل ذلك فقالوا: قد جرحنا، فقال علي (عليه السلام): يا قوم، من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة. فقال: إنا لجلوس ما نرى ريحا ولا نحسها إذ هبت ريح طيبة من خلفنا، والله لو جدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب، قال: فلما هبت صب أمير


[ 210 ]

المؤمنين (عليه السلام) درعه، ثم قام إلى القوم، فما رأيت فتحا كان أسرع منه. 361 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، قال: حدثنا محمد بن سعيد، عن فضيل بن مرزوق، عن أبي سخيلة، عن أبي ذر وسلمان (رضي الله عنهما)، قالا: أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: هذا أول بن آمن بي، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وفاروق هذه الامة، ويعسوب المؤمنين. 362 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا بكير بن سلم، قال: حدثني محمد بن ميمون، قال: حدثني جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): ستدعون إلى سبي فسبوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة. 363 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: وجدت في كتاب علي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا ظهر الربا من بعدي ظهر موت الفجأة، وإذا طففت المكاييل أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الاثم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم شرارهم، ثم يدعو خيارهم فلا يستجاب لهم. 364 / 14 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص محمد بن عثمان الصيرفي، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله العلاف – المعروف بالمستغني – قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الدينوري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني بكر بن حارثة الزهري، عن


[ 211 ]

عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت عليا (عليه السلام) ينشد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي * معه ربيت وسبطاه هما ولدي جدي وجد رسول الله منفرد * وفاطم زوجتي لا قول ذي فند فالحمد لله شكرا لا شريك له * البر بالعبد والباقي بلا أمد قال: فابتسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: صدقت يا علي. 365 / 15 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الارادة من الله (عزوجل) ومن الخلق ؟ فقال: الارادة من الله (تعالى) إحداثه الفعل لا غير ذلك، لانه (جل اسمه) لا يهم ولا يتفكر. 366 / 16 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من عبد إلا ولله عليه حجة، إما في ذنب اقترفه، وإما في نعمة قصر عن شكرها. 367 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: عليك بالجد، ولا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله (تعالى) لا يعبد حق عبادته. 368 / 18 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن


[ 212 ]

الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله (عز وجل): لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كهنه عبادتي، فيما يطلبون من كرامتي، والنعيم في جناتي، ورفيع الدرجات في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي، فليرجوا، والى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، وبمني أبلغهم رضواني وألبسهم عفوي، فإني انا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت. 369 / 19 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن حميد بن زياد، عن عطاء بن يسار، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: يوقف العبد بين يدي الله فيقول: قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله، فستغرق النعم العمل، فيقولون: قد استغرقت النعم العمل، فيقول: هبوا له نعمي، وقيسوا بين الخير والشر منه، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة، فإن كان له فضل أعطاه الله بفضله، وان كان عليه فضل، وهو من أهل التقوى، لم يشرك بالله (تعالى)، واتقى الشرك به، فهو من أهل المغفرة، يغفر الله له برحمته إن شاء، ويتفضل عليه بعفوه. 370 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد الهاشمي، قال: حدثنا الفضل بن سليمان النهدي، قال: حدثنا ابن الكلبي، عن شرقي بن القطامي، عن أبيه، قال: خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا (1)، فقال عمرو: تلاحيني وأنت مولاي ؟


(1) لاحاه: نازعه وخاصمه.

[ 213 ]

فقال أسامة: والله ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك، مولاي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد ؟ ثم التفت إليه عمرو فقال له: يابن السوداء، ما أطغاك ! فقال: انت اطغى مني وألام، تعيرني بأمي، وأمي والله خير من أمك، وهي أم ايمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بشرها رسول اللة (صلى الله عليه وآله) في غير موطن بالجنة، وأبي خير من أبيك، زيد بن حارثة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحبه ومولاه، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله، وقبض رسول الله (صلى الله عليه واله) وانا أمير على أبيك، وعلى من هر خير من أبيك، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة، وسروات (1) المهاجرين والانصار، فاتى تفاخرني يابن عثمان ! فقال عمرو: يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد ؟ فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن علي (عليه السلام) فجلس إلى جنب أسامة، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة. فلما راهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا: فقل بعلمك فقد رضينا. فقال معاوية: أشهد أن رسول الله (صلى اللة عليه واله) جعله لاسامة بن زيد، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا. فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية، فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا، ما زدت على أن كذبت قولنا، وفسخت حجتنا، وشمت بنا عدونا. فقال معاوية: ويحك يا عمرو ! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد


(1) السري: الرجل الشريف، والجمع أسرياء وسراة، وجمع الجمع سروات.

[ 214 ]

اعتزلوا، ذكرت أعينهم تزور (1) إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي، وما يؤمنني يابن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله (تعالى). 371 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، عن عبد الله بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه واله) يمشي ذات يوم مع أصحابه إذ قال لهم: على رسلكم حتى أثني على ربي. ثم قال: ” اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، اللهم أنت الحليم فلا تجهل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تستذل، وأنت المنيع فلا ترام “. 372 / 22 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك، فيأتون البيت المعمور فيطوفرن به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي (صلى الله عليه واله) فسلموا عليه، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلموا عليه، ثم أتوا قبر الحسين (عليه السلام) فسلموا عليه، ثم عرجوا، وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة. وقال (عليه السلام): من زار أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفا بحقه، غير متجبر، ولا متكبر، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من


(1) تزور: تدور وتنحرف.

[ 215 ]

الامنين، وهون عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا انصرف شيعته إلى منزله، فإن مرض عادوه، وان مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره. قال: ومن زار الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. 373 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: أول اثنين تصافحا على وجه الارض ذو القرنين وابراهيم الخليل (عليه السلام)، استقبله إبراهبم (عليه السلام) فصافحه، وأول شجرة على وجه الارض النخلة. 374 / 24 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرقتم فتفرقوا با لاستغفار. 375 / 25 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن لله علما لم يعلمه إلا هو، وعلما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله، وما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه. 376 / 26 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن يحيى، عن أسيد ابن زيد القرشي، عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه واله): صلاتكم علي إجابة لدعائكم، وزكاة لاعمالكم


[ 216 ]

377 / 27 – وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خرج ذات ليلة من المسجد، وكانت ليلة قمراء، فأتى الجبانة، ولحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثم قال. من أنتم ؟ قالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين، فتفرس في وجوههم ثم قال: فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ! قالوا: وما سيماء الشيعة، يا أمير المؤمنين ؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين. 378 / 28 – وقال (عليه السلام): الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلموا، فإنه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش. 379 / 29 – ومن كلامه (عليه السلام): أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم المنايا، وأموالكم نهب المصائب، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق. وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها. أيها الناس، إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه، والسلام. 380 / 30 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أفضل ما توسل به المتوسلون: الايمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، واقامة الصلاة فإنها الملة، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فإنه مثراة للمال ومنسأة للاجل، وصدقة السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهوان، ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب


[ 217 ]

الايمان، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وصلوا من قطعكم، وعودوا بالفضل عليهم. 381 / 31 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الاجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماني، قال: كتب امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى معاوية بن أبي سفيان: ” أما بعد، فإن الله (تعالى) أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة، والتوبة مبسوطة ” ولا تزر وازرة وزر أخرى ” (1) وأنت ممن شرع الخلاف متماديا في غرة الامل، مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالاجل، وكانك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا “. وكتب (صلوات الله عليه) إلى عمرو بن العاص: ” من عبد الله أمير المؤمنين إلى عمرو ابن العاص. أما بعد، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به، ولكنك تبعت هواك وأثرته، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره لا نا أعظم رجاء وأولى بالحجة، والسلام “. وكتب (عليه السلام) إلى أمراء الاجناد: ” من عبد الله أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح. أما بعد، فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختض بها، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي ألا احتجبن دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم، ولا أؤخر لكم حقا عن محله، وأن تكونوا في الحق عندي سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لي عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون


(1) سورة الانعام 6: 161.

[ 218 ]

علي ممن خالفني فيه، ثم أحل بكم فيه عقوبته، ولا تجدوا عندي فيها رخصة، فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم، والسلام “. 382 / 32 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن عمرو الكندي، قال: حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي، قال: حدثنا محمد بن يزداد، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، قال: لما قبض النبي (صلى اللة عليه وآله) وتقلد أبو بكر الامر، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت (1) ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والانجيل وما فيهما، فقصدوا أبو بكر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الانجيل رسولا يخرج بعد عيسى، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمد، وفيما قرأناه من كتبنا أن الانبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فانت أيها الامير وصيه، لنسألك عما نحتاج إليه ؟ فقال عمر: هذا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله). فجثا الجاثليق لركبتيه، وقال له: خبرنا – أيها الخليفة – عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسال عن ذلك ؟ فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر. فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك ؟ فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي، ولا علم لي بما عند الله. قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أناكافر عند الله ؟


(1) الجاثليق: رئيس الاساقفة، عند بعض طوائف المسيحية. والسمت. الهيئة والسكينة والوقار.

[ 219 ]

فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله. فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك، فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها ؟ فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا. فقال له: فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة ؟ قال: أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي، وخائفا على نفسك، فما فضلك علي في العلم ؟ ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك ؟ قال: لا ولكن أعلم منه ما قضى لي علمه. قال: فكيف صرت خليفة للنبي، وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه، وكيف قدمك قومك على ذلك ؟ فقال له عمر: كف – أيها النصراني – عن هذا العنت والا أبحنا دمك. فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشدأ طالبا. فقال سلمان (رحمه الله): فكأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتى أتيت عليا (عليه السلام) فاخبرته الخبر، فأقبل – بأبي وأمي – حتى جلس والنصراني يقول: دلوني على من أساله عما أحتاج إليه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل – يا نصراني – فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا تسألني عما مضى ولاما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد (صلى الله عليه وآله). فقال النصراني: أسالك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله، أم عند نفسك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي. فقال الجاثليق: الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي ؟ فقال (عليه السلام): منزلتي مع النبي الامي في الفردوس الاعلى، لا أرتاب بذلك، ولا أشك في الوعد به من ربي.


[ 220 ]

فقال النصراني. فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل. قال: فبماذا علمت صدق نبيك ؟ قال (عليه السلام): بالايات الباهرات والمعجزات البينا ت. قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن الله تعالى، أين هو اليوم ؟ فقال: يا نصراني، إن الله تعالى يجل عن الاين، ويتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل ولا مكان، وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال. فقال: أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عنه تعالى أمدرك بالحواس عندك، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الامر كذلك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدركه الحواس، أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود ومعقول. قال الجاثليق: صدقت، هذا والله الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الان عما قاله نبيكم في المسيح، وانه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، ونفى عنه الالهية، وأوجب فيه النقص ؟ وقد عرفت ما يعتقد – فيه كثير من المتدينين. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، والتصوير والتغيير من حال إلى حال، والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان، ولم أنف عنه النبوة، ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد، وقد جاءنا عن الله تعالى بانه مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون. فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الان، غير أن الحجاج مما تشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك ؟


[ 221 ]

قال: بما أخبرتك به من علمي بما كان وما يكون. قال الجاثليق: فهلم شيئا من ذكر ذلك اتحقق به دعواك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): خرجت – أيها النصراني – من مستقرك مستفزا لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد، فأريت في منامك مقامي، وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي، وأمرت فيه باتباعي. قال: صدقت والله الذي بعث المسيح، وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأ نك وصي رسول الله، وأحق الناس بمقامه. وأسلم الذين كانوا معه كاسلامه وقالوا: نرجع إلى صاحبنا، فنخبره بما وجدنا عليه هذا الامر وندعوه إلى الحق. فقال له عمر: الحمد لله الذي هداك – أيها الرجل – إلى الحق وهدى من معك إليه، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها، والامر من بعده لمن خاطبت أولا برضا الامة واصطلاحها عليه، وتخبر صاحبك بذلك وتدعوه إلى طاعة الخليفة. فقال: قد عرفت – أيها الرجل – وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت. وانصرف الناس وتقدم عمر ألا يذكر ذلك المقام من بعد، وتوعد على من ذكره بالعقاب، وقال: أما والله لولا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلما، لقتلت هذا الشيخ ومن معه، فإني اظن أنهم شياطين أرادوا الافساد على هذه الامة وايقاع الفرقة بينها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لي: يا سلمان، اما ترى كيف يظهر الله الحجة لاوليائه، وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا ! 383 / 33 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، عن خالد بن خالد اليشكري، قال: خرجت سنة فتح تستر حتى قدمت الكوفة،


[ 222 ]

فدخلت المسجد، فإذا أنا بحلقتن فيها رجل جهم (1) من الرجال فقلت: من هذا ؟ فقال القوم: أما تعرفه ؟ قلت: لا. قالوا: هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله). قال. فقعدت إليه فحدث القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون رسول الله (صلى اللة عليه وآله) عن الخير، وكنت أساله عن الشر، فانكر ذلك القوم عليه، فقال: سأحدثكم بما أنكرتم: أنه جاء أمر الاسلام، فجاء أمر ليس كامر الجاهلية، وكنت أعطيت من القران فقها، وكانوا يجيئون فيسألون النبي (صلى اللة عليه واله) فقلت أنا: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شر ؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه. قال: السيف. قال: قلت: وهل بعد السيف بقية ؟ قال: نعم، تكون إمارة على إقذاء وهدنة على دخن. قال: قلت: ثم ماذا ؟ قال: ثم تفشو دعاة الضلالة، فإن رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه، والا فمت عاضا على جذل شجرة (2). 384 / 34 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: حدثنا أبو أحمد حيدر بن محمد، قال: حدثنا أبو عمرو محمد ابن عمر الكشي، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن أيوب بن نوح، عن نوح بن دراج، عن إبراهيم المخارقي، قال: وصفت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، ديني فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله، وأن عليا إمام عدل بعده، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنت. فقال: رحمك الله. ثم قال: اتقوا الله، اتقوا الله، اتقوا الله، عليكم بالورع وصدق الحديث، وأداء الامانة، وعفة البطن والفرج، تكونوا معنا بالرفيق الاعلى. 385 / 35 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر


(1) الجهم: الكريه الوجه، وتطلق على الوجه الغليظ المجتمع. (2) جذل الشجرة: في أصلها.

[ 223 ]

الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا يعقوب بن زياد قراءة عليه، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن جدي إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: سمعت أبي جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير فاعله. 386 / 36 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد المقرئ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، قال: حدثني يحيى بن الحسين، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا معشر المهاجرين والانصار، ألا أدلكم على ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: هذا علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي إمامكم، فأحبوه لحبي، وأكرموه لكرامتي، فإن جبرئيل أمرني أن أقول لكم ما قلت. 387 / 37 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن بشر الاسدي، قال: حدثنا محمد بن علي بن سليمان، قال: حدثنا حنان بن سدير الصيرفي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: كان النبي (صلى اللة عليه واله) جالسا في مسجده، فجاء علي (عليه السلام) فسلم وجلس، ثم جاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) وأجلسه في حجره وضمه إليه وقبله، ثم قال له: اذهب فاجلس مع أبيك، ثم جاء الحسين (عليه السلام) ففعل النبي (صلى اللة عليه واله) مثل ذلك، وقال له: اجلس مع أبيك، إذ دخل رجل المسجد فسلم على النبي (صلى اللة عليه وآله) خاصة، وأعرض عن علي والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما منعك أن تسلم على علي وولديه، فوالذي بعثني بالهدى ودين الحق، لقد رأيت الرحمة تنزل عليه وعلى ولديه. 388 / 38 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد


[ 224 ]

ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف، وذلك قوله (عزوجل): ” والله يضاعف لمن يشاة ” (1). 389 / 39 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن عمر العطار، قال: دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه السلام) يوم الثلاثاء فقال: لم أرك أمس ؟ قلت: كرهت الحركة في يوم الاثنين. قال: يا علي، من أحب أن يقيه الله شر يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة ” هل أتى على الانسان ” ثم قرأ أبو الحسن (عليه السلام): ” فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ” (2). 390 / 40 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله ابن حماد الانصاري، عن جميل بن دراج، عن معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود، أبلغ موالي عني السلام، وأني أقول: رحم الله عبدا اجتمع مع اخر فتذاكرا أمرنا، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله (تعالى) بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بامرنا ودعا إلى ذكرنا. 391 / 41 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة الحسيني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم في كتابه إلينا على يد أبي نوح الكاتب، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال


(1) سورة البقرة 2: 261. (2) سورة الانسان 76: 1 و 11.

[ 225 ]

لاصحابه: اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم (1) الموقفة، لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له موضعا، قرب متكلم في غير مرضعه جنى على نفسه بكلامه، ولا يمارين (2) أحدكم سفيها ولا حليما، فإنه من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالاحسان مأخوذ با لاجرام. 392 / 42 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثني إسحاق بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): المتقون سادة، والفقهاء قادة، والجلوس إليهم عبادة. 393 / 43 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو علي محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني الحسن بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): الدنيا دول، فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، ومن انقطع رجاؤه مما فات استراح بدنه، ومن رضي بما رزقه الله قرت عينه.


(1) الدهم: من الضأن، الحمراء الشديدة الحمرة، ومن الابل: السمراء الشديدة السمرة. (2) المماراة: المجادلة والمناظرة.

[ 226 ]

394 / 44 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الفقيه أبو إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق (عليه السلام)، قال: حدثنا أبو أسامة عبد الله بن أبي قتادة الحراني، قال: حدثنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن المثنى، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز عن عبد الله بن مسعود، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفه في كف علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقلبه. فقلت: يا رسول الله، ما منزلة علي منك ؟ فقال (صلوات اللة عليه): كمنزلتي من الله. 395 / 45 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم، عن الحسن بن عبد الله، عن الحسن بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، ومحمد بن عمربن يزيد، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): لمن كان الامر حين قبض رسول الله ؟ قال: لنا أهل البيت. فقلت: فكيف صار في تيم وعدي ؟ قال: إنك سالت فافهم الجواب، إن الله (تعالى) لما كتب أن يفسد في الارض، وتنكح الفروج الحرام، ويحكم بغير ما أنزل الله، خلا بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتى دفعونا عن حقنا، وجرى الظلم على أيديهم دوننا. 396 / 46 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أنزل الله (عزوجل): ” من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل ألناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا ألناس جميعا ” (1) ؟ قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله قتلها. 397 / 47 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد،


(1) سورة المائدة 5: 32.

[ 227 ]

قال: حدثني أبي ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): ما يمنعكم إذا كلمكم الناس أن تقولوا لهم: ذهبنا من حيث ذهب الله، واخترنا من حيث اختار الله، إن الله (سبحانه) اختار محمدا (صلى الله عليه وآله) وا خترنا آل محمد، فنحن متمسكون بالخيرة من الله (عز وجل). 398 / 48 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن أحمد القلاسني المراغي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) بغدير خم يقول: إن الصدقة لا تحل لي ولا لاهل بيتي، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، لعن الله من تولى غير مواليه، الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر، وليس لوارث وصية، ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني، ألا من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من الناس، ألا واني فرط لكم على الحوض، ومكاثر بكم الامم يوم القيامة، فلا تسودوا وجهي، ألا لاستنقذن رجالا من النار، وليستنقذن من يدي أقوام، إن الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه. 399 / 49 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الفاضل أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا جدي أبو الحسن يحيى بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن أبي بكر الزهري أبو مصعب، قال: حدثنا يوسف بن الماجشون، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سالت سعد بن أبي وقاص، أسمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس معي نبي ؟ قال: نعم. فقلت: أنت سمعته ؟ قال: فأدخل إصبعيه في أذنيه وقال: نعم، والا فاستكتا. 400 / 50 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد


[ 228 ]

الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو جعفر السعدي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، قال: حدثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الانصاري: أن رسول الله (صلى الله عليه واله) سئل عن الحوض فقال: اما إذا سالتموني عنه فأخبركم أن الحوض أكرمني الله به، وفضلني على من كان قبلي من الانبياء، وهو ما بين أيلة وصنعاء، فيه من الانية عدد نجوم السماء، يسيل فيه خليجان من الماء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، حصاه الزمرد والياقوت، بطحاؤه مسك أذفر، شرط مشروط من ربي لا يرده أحد من أمتي إلا النقية قلوبهم، الصحيحة نياتهم، المسلمون للوصي من بعدي، الذين يعطون ما عليهم في يسر، ولا ياخذون ما عليهم في عسر، يذود عنه يوم القيامة من ليس من شيعته كما يذود الرجل البعير الاجرب من إبله، من شرب منه لم يظما أبدا. 401 / 51 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عائذ الاحمسي، قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت. السلام عليك، يابن رسول الله. فقال: وعليك السلام، والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابته. ثم قال لي: يا عائذ، إذا لقيت الله (عز وجل) بالصلوات الخمس المفروضات لم يسالك الله عما سوى ذلك. قال: فقال له أصحابنا: أي شئ كانت مسالتك حتى أجابك بهذا ؟ قال: ما بدأت بسؤال، ولكني رجل لا يمكنني قيام الليل، وكنت خائفا أن أوخذ بذلك فأهلك، فابتد أني (عليه السلام) بجواب ما كنت أريد أن أساله عنه. 402 / 52 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم عبد الله بن علي الموصلي، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن حاتم القزويني، قال: حدثنا أحمد بن محمد العاصمي، قال: أخبرنا علي بن الحسين، عن العباس بن علي الشامي، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يقول. كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم


[ 229 ]

يكونوا يعلمون، أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون. 403 / 53 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقربكم غدا مني في الموقف أصدقكم للحديث، وآداكم للامانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقا، وأقربكم من الناس. 404 / 54 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد ابن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن زياد، عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: أربع في التوراة، وإلى جنبهن أربع: من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح على ربه ساخطا، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه، ومن أتى غنيا فتضعضع له ليصيب من دنياه ذهب ثلثا دينه، ومن دخل النار ممن قرأ القران فإنما هو ممن كان يتخذ ايات الله هزوا. والاربع التي إلى جنبهن: كما تدين تدان، ومن ملك استأثر، ومن لم يستشر ندم، والفقر هو الموت الاكبر. 405 / 55 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدثني الحمدوني الشاعر، قال: سمعت الرياشي ينشد للسيد بن محمد الحميري: إن امرءا خصمه أبو حسن لعازب الرأي داحض الحجج لا يقبل الله منه معذرة ولا يلقيه حجة الفلج 406 / 56 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أحمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن حماد الشاشي، قال: حدثنا الحسن بن الراشد البصري، قال: حدثنا علي بن


[ 230 ]

الحسن الميثمي، عن ربعي، عن زرارة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما منع أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدعو الناس إلى نفسه، ويجرد في عدوه سيفه ؟ فقال: تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمدا رسول الله (صلى اللة عليه واله). 407 / 57 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الزيات، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: جاء المسيب بن نجبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) متلببا (1) بعبدالله بن سبأ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما شأنك ؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله. فقال: ما يقول ؟ قال: فلم أسمع مقالة المسيب، وسمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: هيهات هيهات الغضب ! ولكن يأتيكم را كب الذعلبة (2) يشد حقوها بوضينها (3)، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلونه، يريد بذلك الحسين بن علي (عليهما السلام). 408 / 58 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه خصال أربع: يحسن خلقه، وتسخو نفسه، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله (4). تم المجلس الثامن من كتاب الامالي، ويتلوه المجلس التاسع


(1) لبب فلان فلانا: أخذ بتلبيبه، أي جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره. (2) الذعليبة: الناقة السريعة. (3) الوضين: حزام عريض يشد به الرحل على البعير. (4) تقدم في الحديث: 196.

[ 231 ]

(9) المجلس التاسع فيه بقية أحاديث الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) وفيه بعض أحاديث أبي عمر عبد الواحد بن محمد المعروف بابن مهدي، عن ابن عقدة، رواية محمد بن الحسن بن علي الطوسي، عن ابن مهدي. بسم الله الرحمن الرحيم 409 / 1 أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللة)، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا محمد ابن مخلد بن حفص، قال: حدثنا محمد بن الوليد، قال: حدثنا غندر بن محمد، قال: حدثنا سعيد، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خطبة له: إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى، فاما طول الامل فينسي الاخرة، وأما اتباع الهوى فيضل عن الحق، ألا وإن الدنيا قد تولت مدبرة وان الآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الاخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل. 410 / 2 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن


[ 232 ]

أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا، فودعناه وقلنا له: أوصنا يابن رسول الله. فقال: ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وان اشتبه الامر عليكم فيه فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، وإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تعدوا إلى غيره، فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوا لناكان له أجر عشرين شهيدا. 411 / 3 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمد بن مسعود العياشي، قال: حدثنا القاسم بن محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا علي بن صالح، قال: حدثنا سفيان بياع الحرير، قال: حدثنا عبد المؤمن الانصاري، عن أبيه، عن أنس بن مالك، قال: سألته من كان آثر الناس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما رأيت ؟ قال: ما رأيت أحدا بمنزلة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان يبعثني في جوف الليل إليه فيستخلي به حتى يصبح، هذا كان له عنده حتى فارق الدنيا. قال: ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: يا انس، تحب عليا ؟ قلت: يا رسول الله، والله إني لاحبه لحبك إياه. فقال: أما إنك إن أحببته أحبك الله، وان أبغضته أبغضك الله، وان أبغضك الله أولجك في النار. 412 / 4 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الزراري، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي زكريا الموصلي، عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، أن


[ 233 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا، فقال لهم: ألست بربكم ؟ قال: بلى. قال: ومحمد رسولي ؟ قالوا: بلى. قال: وعلي بن أبي طالب وصيي ؟ فأبى الخلق جميعا إلا استكبارا وعتوا من ولايتك إلا نفر قليل، وهم أقل القليل، وهم أصحاب اليمين. 413 / 5 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران، قال: حدثنا ابن دريد، قال: حدثنا الرقاشي، قال: حدثنا عمر بن بكير، عن ابن الكلبي، عن أبي مخنف، عن كثير بن الصلت، قال: جمع زياد الناس برحبة الكوفة ليعرضهم على البراءة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والناس من ذلك في كرب عظيم، فاغفيت فإذا أنا بشخص قد سد ما بين السماء والارض، فقلت له: من أنت ؟ فقال أنا النقاد ذو الرقبة، أرسلت إلى صاحب القصر، فانتبهت مذعورا، وإذا غلام لزياد قد خرج إلى الناس فقال: انصرفوا، فإن الامير عنكم مشغول. وسمعنا الصياح من داخل القصر، فقلت في ذلك: ماكان منتهيا عما أراد بنا حتى تناوله النقاد ذو الرقبة فأسقط الشق منه ضربة ثبتت كما تناول ظلما صاحب الرحبة (1) 414 / 6 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا إبراهيم بن عبيدالله، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رد عن عرض أخيه المسلم كتب من أهل الجنة البتة، ومن أتي إليه معروف فليكافئ، فإن عجز فليثن به، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة. 415 / 7 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال:


(1) يأتي مفصلا في الحديث: 1279.

[ 234 ]

أخبرني الحسن بن الحسين، قال: حدثنا الحسين بن عبد الكريم، عن جعفر بن زياد الاحمر، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه جندب بن عبد الله، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد بويع لعثمان بن عفان، فوجدته مطرقا كئيبا، فقلت له: ما أصابك – جعلت فداك – من قومك ؟ فقال: صبر جميل. فقلت: سبحان الله ! إنك لصبور. قال: فاصنع ماذا ؟ قلت: تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى اللة عليه واله) وبالفضل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشر على المائة، فإن دانوا لك كان ذلك ما أحببت، وان أبوا قاتلهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيه (صلى الله عليه واله) وكنت أولى به منهم، وان قتلت في طلبه قتلت إن شاء شهيدا، وكنت أولى بالعذر عند الله، لا نك أحق بميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتراه – يا جندب – كان يبايعني عشرة من مائة ؟ فقلت: أرجو ذلك. فقال: لكني لا أرجو ولا من كل مائة اثنان، وسأخبرك من أين ذلك، إنما ينظر الناس إلى قريش، وان قريشا تقول: إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر قريش، وأنهم أولياء هذا الامر دون غيرهم من قريش، وأنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم، ولا والله لا يدفع إلينا هذا السلطان قريش أبدا طائعين. قال: فقلت: أفلا أرجع وأخبر الناس مقالتك هذه، وأدعوهم إلى نصرك ؟ فقال: يا جندب، ليس ذا زمان ذلك. قال جندب: فرجعت بعد ذلك إلى العراق، فكنت كلما ذكرت من فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) شيئا زبروني ونهروني حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة، فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي. 416 / 8 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد


[ 235 ]

المراغي، قال: حدثنا أحمد بن الصلت، قال: حدثنا حاجب بن الوليد، قال: حدثنا الوصاف بن صالح، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن خالد بن طليق، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، أنه لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل ألا إن الخير كل الخير فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، إن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما (1) من أغمار غشوة وأوباش فتنة، فهو في عمى عن الهدى الذي أتى من عند ربه، وضال عن سنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، يظن أن الحق في صحفه، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده، قد ضل وضل من افترى، سماه رعاع الناس عالما ولم يكن في العلم يوما سالما، بكر (2) فاستكثر مما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من غير حاصل، واستكثر من غير طائل، جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع على الشبهات، خباط جهالات ركاب عشوات، فالناس من علمه في مثل غزل العنكبوت، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم، تصرخ منه المواريث، وتبكي من قضائه الدماء، وتستحل به الفروج الحرام، غيرملي والله اما ورد عليه، ولانادم على ما فرط منه، وأولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء. فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، فمن نسال بعدك وعلى ما نعتمد ؟ فقال: استفتحوا بكتاب الله، فإنه إمام مشفق، وهاد مرشد، وواعظ ناصح، ودليل يؤدي إلى جنة الله (عز وجل). 417 / 9 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، قال: حدثني عبد الله بن أبي سعيد الوراق، قال: حدثني مسعود بن عمرو الجحدري، قال: حدثني إبراهيم بن داحة، قال: أول شعر


(1) أي جمعه من هاهنا وهاهنا. (2) في نسخة: فكر.

[ 236 ]

رثي به الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) قول عقبة بن عمرو السهمي، من بني سهم بن عوف بن غالب: إذا العين قزت في الحياة وأنتم تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلا ففاض عليه من دموعي غزيرها فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه ويسعد عيني دمعها وزفيرها وبكيت من بعد الحسين عصابة أطافت به من جانبيه قبورها سلام على أهل القبور بكربلا وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى تؤديه نكباء الرياح ومورها ولا برح الوفاد زوار قبره يفوح عليهم مسكها وعبيرها (1) 418 / 10 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا محمد بن أحمد البزاز الفلسطيني، قال: حدثنا أحمد بن الصلت الحماني، قال: حدثنا صالح بن أبي النجم، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن عبد الله بن اليسع، عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان العبدي (رحمه الله)، قال: دخلت على عثمان بن عفان في نفر من المصريين، فقال عثمان: قدموا رجلا منكم يكلمني، فقدموني فقال عثمان: هذا، وكأنه استحدثني. فقلت له: إن العلم لو كان بالسن لم يكن لي ولالك فيه سهم ولكنه بالتعلم. فقال عثمان: هات. فقلت: ” بسم الله الرحمن الرحيم * الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور ” (2) فقال عثمان: فينا نزلت هذه الاية ؟ فقلت له: فمر بالمعروف، وأنه عن المنكر. فقال عثمان: دع هذا وهات ما معك. فقلت له: ” بسم الله الرحمن الرحيم *


(1) تقدم في الحديث: 143. (2) سورة الحج 22: 41.

[ 237 ]

الذين أخبرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا اللة ” (1) إلى آخر الاية، فقال عثمان: وهذه أيضا نزلت فينا. فقلت له: فأعطنا بما أخذت من الله. فقال عثمان: يا أيها الناس، عليكم بالسمع والطاعة، فإن يد الله على الجماعة، وان الشيطان مع الفذ (2)، فلا تستمعوا إلى قول هذا، وان هذا لا يدري من الله ولا أين الله. فقلت له: أما قولك: عليكم بالسمع والطاعة، فإنك تريد منا أن نقول غدا: ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا، وأما قولك: أنا لا أدري من الله، فإن الله ربنا ورب ابائنا الاولين، وأما قولك: إني لا أدري أين الله، فإن الله (تعالى) بالمرصاد. قال: فغضب وأمر بصرفنا وغلق الابواب دوننا. 419 / 11 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن زياد، عن أبي محمد الوابشي، قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) أصحابنا فقال: كيف صنيعك بهم ؟ فقلت: والله ما أتغدى ولا أتعشى إلا ومعي منهم اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر. فقال: فضلهم عليك – يا أبا محمد – أكثر من فضلك عليهم. فقلت: جعلت فداك وكيف ذلك، وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم مالي وأخدمهم خادمي ؟ فقال: إذا دخلوا دخلوا بالرزق الكثير، وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك. 420 / 12 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن السري بن عيسى، عن عبد الخالق بن عبد ربه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خير ما يخلف الرجل بعده ثلاثة: ولد بار يستغفر له، وسنة خير يقتدى به فيها، وصدقة تجري من بعده.


(1) سورة الحج 22: 40. (2) الفذ: الفرد.

[ 238 ]

421 / 13 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما أوحى الله (عزوجل) إلى موسى بن عمران: يا موسى، ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإني إنما ابتليته لما هو خير له، وأعافيه لما هر خير له، وأنا أعلم بما يصلح عبدي عليه، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري. 422 / 14 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح العدل السبيعي بحلب، قال: حدثنا محمد بن علي بن زيد بن إسماعيل الهمداني، قال: حدثنا محمد بن تسنيم الوراق، قال: حدثنا جعفر بن محمد الخثعمي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله بن خونعة العبدي، عن أبيه، عن جده، قال: أتى عمر بن الخطاب رجلان يسألان عن طلاق الامة، فالتفت إلى خلفه فنظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أصلع، ما ترى في طلاق الامة ؟ فقال له باصبعه هكذا، وأشار بالسبابة والتي تليها، فالتفت إليهما عمر وقال: ثنتان. فقال: سبحان الله ! جئناك وأنت أمير المؤمنين، فسألناك فجئت إلى رجل سألته والله ما كلمك. فقال عمر: تدريان من هذا ؟ قالا: لا. قال: هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لو أن السماوات السبع والارضين السبع وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي. 423 / 15 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني داود بن عمر النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يونس، عن المنهال بن عمرو، قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) منصرفي من مكة فقال لي: يا منهال، ما صنع حرملة بن كاهلة الاسدي ؟ فقلت: تركته حيا


[ 239 ]

بالكوفة، قال: فرفع يديه جميعا، فقال: ” اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار “. قال المنهال: فقدمت الكوفة، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد، وكان لي صديقا، قال: فكنت في منزلي أياما حتى انقطع الناس عني، وركبت إليه فلقيته خارجا من داره، فقال: يا منهال، لم تأتنا في ولايتنا هذه، ولم تهننا بها، ولم تشركنا فيها ؟ فاعلمته أني كنت بمكة، وأني قد جئتك الان: وسايرته ونحن نتحدث حتى أتى الكناس، فوقف وقوفا كأنه ينتظر شيئا، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن كاهلة، فوجه في طلبه، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدون حثى قالوا: أيها الامير، البشارة، قد أخذ حرملة بن كاهلة، فما لبثنا أن جئ به، فلقا نظر إليه المختار قال لحرملة: الحمد لله الذي مكنني منك. ثم قال: الجزار الجزار، فأتي بجزار، فقال له: اقطع يديه، فقطعتا، ثم قال له: اقطع رجليه، فقطعتا، ثم قال: النار النار ؟ فأتي بنار وقصب فألقي عليه واشتعلت فيه النار. فقلت: سبحان الله ! فقال لي: يا منهال، إن التسبيح لحسن، ففيم سبحت ؟ فقلت: أيها الامير، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال لي: يا منهال، ما فعل حرملة بن كاهلة الاسدي ؟ فقلت: تركته حيا بالكوفة ؟ فرفع يديه جميعا فقال: ” اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار “. فقال لي المختار: أسمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول هذا ؟ فقلت: والله لقد سمعته قال، فنزل عن دابته وصلى ركعتين فاطال السجود، ثم قام فركب، وقد احترق حرملة، وركبت معه وسرنا، فحاذيت داري، فقلت: أيها الامير، إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي. فقال: يا منهال، تعلمني أن علي بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي ثم تأمرني أن آكل ! هذا يوم صوم شكرا لله (عزوجل) على ما فعلته بتوفيقه. حرملة: هو الذي حمل رأس الحسين (عليه السلام).


[ 240 ]

424 / 16 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثنا المدائني، عن رجاله: أن المختار بن أبي عبيد الثقفي (رحمه الله) ظهر بالكوفة ليلة الاربعاء لاربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاخر سنة ست وستين، فبايعه الناس على كتاب الله وسنة رسول الله (صلى اللة عليه وآله) والطلب بدم الحسين بن علي (عليهما السلام) ودماء أهل بيته (رحمة الله عليهم) والدفع عن الضعفاء، فقال الشاعر في ذلك: ولما دعا المختار جئنا لنصره على الخيل تردى من كميت (1) وأشقرا دعا يا لثارات الحسين فأقبلت تعادى (2) بفرسان الصباح لتثأرا ونهض المختار إلى عبد الله بن مطيع، وكان على الكوفة من قبل ابن الزبير فاخرجه وأصحابه منها منهزمين، وأقام بالكوفة إلى المحرم سنة سبع وستين، ثم عمد على إنفاذ الجيوش إلى ابن زياد وكان بأرض الجزيرة، فصير على شرطه أبا عبد الله الجدلي وأبا عمرة كيسان مولى عرينة، وأمر إبراهيم بن الاشتر (رحمه الله) بالتأهب للمسير إلى ابن زياد (لعنه الله)، وأمره على الاجناد، فخرج إبراهيم يوم السبت لسبع خلون من المحرم سنة سبع وستين في ألفين من مذحج وأسد، وألفين من تميم وهمدان، وألف وخمس مائة من قبائل المدينة، وألف وخمس مائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء. وقال بعضهم: كان ابن الاشتر في أربعة الاف من القبائل، وثمانية الاف من الحمراء، وشيع المختار إبراهيم بن الاشتر (رحمهما الله) ماشيا، فقال له إبراهيم: اركب رحمك ألله، فقال: إني لاحتسب الاجر في خطاي معك، وأحب أن تغبر قدماي في نصر ال محمد (عليهم السلام)، ثم ودعه وانصرف.


(1) تردى: تضرب الارض بحوافرها. والكميت من الخيل: ماكان لونه بين الاسود والاحمر. (2) أي تتبارى في العدو والركض.

[ 241 ]

فسار ابن الاشتر حتى أتى المدائن، ثم سار يريد ابن زياد، فشخص المختار عن الكوفة لما أتاه ان ابن الاشتر فد ارتحل من المدائن، وأقبل حتى نزل المدائن، فلما نزل ابن الاشتر نهر الخازر بالموصل أقبل ابن زياد في الجموع، ونزل على أربعة فراسخ من عسكر ابن الاشتر، ثم التقوا فحض ابن الاشتر أصحابه وقال: يا أهل الحق وأنصار الدين، هذا ابن زياد قاتل الحسين بن علي وأهل بيته (عليهم السلام) قد أتاكم الله به وبحزبه حزب الشيطان، فقاتلوهم بنية وصبر، لعل الله يقتله بايديكم، ويشفي صدوركم. وتزاحفوا ونادى أهل العراق: يا لثارات الحسين، فجال أصحاب ابن الاشتر جولة، فناداهم: يا شرطة الله الصبر الصبر، فتراجعوا فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقب الدؤلي: حدثني خليلي أنا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر، فيكشفونا حتى نقول: هي هي، ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم، فابشروا واصبروا فإنكم لهم قاهرون. ثم حمل ابن الاشتر (رحمه الله) عشيا فخالط القلب، وكسرهم أهل العراق فركبوهم يقتلونهم، فانجلت الغمة وقد قتل عبيد الله بن زياد وحصين بن نمير وشرحبيل ابن ذي الكلاع وابن حوشب وغالب الباهلي وعبد الله بن إياس السلمي وأبو الاشرس الذي كان على خراسان وأعيان أصحابه (لعنهم الله). فقال ابن الا شتر: إني رأيت بعدما انكشفت الناس طائفة منهم قد صبرت تقاتل، فاقدمت عليهم، وأقبل رجل اخر في كبكبة كأنه بغل أقمر (1)، يفري الناس، لا يدنو منه أحد إلا صرعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها، وسقط على شاطئ النهر، فشرقت يداه وغربت رجلاه، فقتلته ووجدت منه ريح المسك، وأظنه ابن زياد فاطلبوه، فجاء رجل فنزع خفيه وتأمله، فإذا هو ابن زياد (لعنه الله) على ما وصف ابن الاشتر، فاحتز رأسه، واستوقدوا عامة الليل بجسده، فنظر إليه مهران مولى زياد وكان


(1) الكبكبة: جماعة الخيل، الأقمر: الابيض المشوب بكدرة، وقيل: ماكان لونه إلى الخضرة.

[ 242 ]

يحبه حبا شديدا، فحلف ألا يأكل شحما أبدا، وأصبح الناس فحووا ما في العسكر وهرب غلام لعبيد الله إلى الشام، فقال له عبد الملك بن مروان: متى عهدك بابن زياد ؟ فقال: جال الناس وتقدم فقاتل، وقال: ائتني بجرة فيها ماء، فأتيته فاحتملها فشرب منها وصب الماء بين درعه وجسده، وصب على ناصية فرسه فصهل ثم أقحمه، فهذا آخر عهدي به. قال: وبعث ابن الاشتر برأس ابن زياد إلى المختار وأعيان من كان معه، فقدم بالرؤوس والمختار يتغدى، فألقيت بين يديه، فقال: الحمد لله رب العالمين، وضع رأس الحسين بن علي (عليه السلام) بين يدي ابن زياد (لعنه الله) وهو يتغدى، وأتيت برأس ابن زياد وأنا أتغدى. قال: رأينا حية بيضاء تخلل الرؤوس حتى دخلت في أنف ابن زياد وخرجت من أذنه، ودخلت في أذنه وخرجت من أنفه، فلما فرغ المختار من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله ثم رمى بها إلى مولى له وقال: اغسلها فإني وضعتها على وجه نجس كافر. وخرج المختار إلى الكوفة، وبعث برأس ابن زياد ورأس حصين بن نمير ورأس شرحبيل بن ذي الكلاع مع عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي وعبد الله بن شداد الجشمي والسائب بن مالك الاشعري إلى محمد بن الحنفية بمكه وعلي بن الحسين (عليه السلام) يومئذ بمكة، وكتب إليه معهم: ” أما بعد، فإني بعثت أنصارك وشيعتك إلى عدوك يطلبونه بدم أخيك المظلوم الشهيد، فخرجوا محتسبين محنقين آسفين، فلقوهم دون نصيبين فقتلهم رب العباد، والحمد لله رب العالمين الذي طلب لكم الثأر، وأدرك لكم رؤساء أعدائكم، فقتلهم في كل فج وغرقهم في كل بحر، فشفى بذلك صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم “. وقدموا بالكتاب والرؤوس عليه، فبعث برأس ابن زياد إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فأدخل عليه وهو يتغدى، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام):


[ 243 ]

أدخلث على ابن زياد وهو يتغذى ورأس أبي بين يديه، فقلت: اللهم لا تمتني حتى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدى، فالحمد لله الذي أجاب دعوتي. ثم أمر فرمي به، فحمل إلى ابن الزبير، فوضعه ابن الزبير على قصبة، فحركتها الريح فسقط، فخرجت حية من تحت الستار فاخذت بانفه، فأعادوا القصبة فحركتها الريح فسقط، فخرجت الحية فأزمت (1) بأنفه، فعل ذلك ثلاث مرات، فامر ابن الزبير فالقي في بعض شعاب مكة. قال: وكان المختار (رحمه الله) قد سئل في أمان عمر بن سعد بن أبي وقاص، فأمنه على أن لا يخرج من الكوفة فإن خرج منها فدمه هدر. قال: فأتى عمر بن سعد رجل فقال: إني سمعت المختار يحلف ليقتلن رجلا، والله ما أحسبه غيرك. قال: فخرج عمر حتى أتى الحمام فقيل له: أترى هذا يخفى على المختار ؟ فرجع ليلا فدخل داره، فلما كان الغد غدوت فدخلت على المختار، وجاء الهيثم بن الاسود فقعد، فجاء حفص ابن عمر بن سعد، فقال للمختار: يقول لك أبو حفص: أنزلنا بالذي كان بيننا وبينك. قال: اجلس، فدعا المختار أبا عمرة، فجاء رجل قصير يتخشخش (2) في الحديد فساره، ودعا برجلين فقال: اذهبا معه، فذهب فو الله ما أحسبه بلغ دار عمر بن سعد حتى جاء برأسه، فقال المختار لحفص: أتعرف هذا ؟ فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، نعم. قال: يا أبا عمرة ألحقه به ؟ فقتله. فقال المختار (رحمه الله): عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين، ولا سواء. قال: واشتد أمر المختار بعد قتل ابن زياد وأخاف الوجوه وقال: لا يسوغ لي طعام ولا شراب حتى أقتل قاتلة الحسين بن علي (عليه السلام) وأهل بيته، وما من ديني أترك أحدا منهم حيا. وقال: أعلموني من شرك في دم الحسين وأهل بيته، فلم يكن يؤتونه برجل فيقولون هذا من قتلة الحسين أو من أعان عليه إلا قتله، وبلغه أن شمر


(1) أزمه: عضه. (2) تخشخش السلاح: سمع له صوت عند اصطكاكه.

[ 244 ]

ابن ذي الجوشن (لنعه الله) أصاب مع الحسين (1) إبلا فأخذها، فلما قدم الكوفة نحرها وقسم لحومها. فقال المختار: احصوا لي كل دار دخل فيها شئ من ذلك اللحم، فأحصوها فأرسل إلى من كان أخذ منها شيئا فقتلهم وهدم دورا بالكوفة. وأتي المختار بعبد الله بن أسيد الجهني ومالك بن الهيثم البدائي (2) من كندة وحمل بن مالك المحاربي، فقال: يا أعداء الله، أين الحسين بن علي ؟ قالوا: أكرهنا على الخروج إليه. قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء، وقال للبدائي: أنت صاحب برنسه لعنك الله. قال: لا. قال: بلى. ثم قال: اقطعوا يديه ورجليه، ودعوه يضطرب حتى يموت، فقطعوه، وأمر بالآخرين فضربت أعناقهما، وأتى بقراد بن مالك وعمرو بن خالد وعبد الرحمن البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني فقال لهم: يا قتلة الصالحين، ألا ترون الله بريئا منكم، لقد جاءكم الورس بيوم نحس، فأخرجهم إلى السوق فقتلهم. وبعث المختار معاذ بن هانئ الكندي وأبا عمرة كيسان إلى دار خولي بن يزيد الاصبحي – وهو الذي حمل رأس الحسين (عليه السلام) إلى ابن زياد – فأتوا داره فاستخفى في المخرج، فدخلوا عليه فوجدوه قد أكب على نفسه قوصرة (3)، فأخذوه وخرجوا يريدون المختار، فتلقاهم في ركب، فردوه إلى داره، وقتله عندها وأحرقه. وطلب المختار شمر بن ذي الجوشن فهرب إلى البادية، فسعي به إلى أبي عمرة، فخرج إليه مع نفر من أصحابه فقاتلهم قتالا شديدا فأثخنته الجراحة، فأخذه أبو عمرة أسيرا، وبعث به إلى المختار فضرب عنقه، وأغلى له دهنا في قدر وقذفه فيها فتفسخ، ووطئ مولى لآل حارثة بن مضرب وجهه ورأسه، ولم يزل المختار يتتبع قتلة الحسين (عليه السلام) وأهله حتى قتل منهم خلقا كثيرا، وهرب الباقون فهدم دورهم،


(1) كذا، والظاهر من الحسين، أو مع الحصين. (2) في تاريخ الطبري: مالك بن النسير البدي. (3) القوصرة: وعاء من قصب يرفع في التمر من البواري.

[ 245 ]

وقتلت العبيد مواليهم الذين قاتلوا الحسين (عليه السلام)، فأتوا المختار فأعتقهم. 425 / 17 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رضي الله عنه)، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الوليد، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته زيد في عمره. 426 / 18 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد البزاز، قال: حدثني أبو القاسم زكريا بن يحيى الكتنجي (1) ببغداد في شهر ربيع الاول سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، وكان يذكر أن سنه في ذلك الوقت أربع وثمانون سنة، قال: حدثني أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق الجعفري، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: الائمة علماء حلماء صادقون مفهمون محدثون. 427 / 19 – وعنه، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: لنا أعين لا تشبه أعين الناس، وفيها نور ليس للشيطان فيها نصيب. 428 / 20 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا عيسى، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الاسود، عن محمد بن عبيد الله، عن عمر بن علي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): إن الله عهد إلي عهدا فقلت: يا رب بينه لي ؟ قال: اسمع. قلت: سمعت. قال: يا محمد، إن عليا راية الهدى بعدك، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها الله المتقين، فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك. 429 / 21 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا المظفر بن محمد، قال: حدثنا


(1) كذا، وفي أمالي المفيد، المجلس (33): يحيى بن زكريا الكتنجي، وفي رجال الشيخ، باب من لم يرو عنهم: يحيى بن زكريا، المعروف بالكنجي، يكنى أبا القاسم، روى عنه التلعكبري.

[ 246 ]

أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا عطاء بن مسلم الخفاف، قال: سمعت الوليد بن يسار يذكر عن عمران بن ميثم، عن أبيه ميثم (رحمه الله)، قال: قال سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يجود بنفسه يقول: يا حسن. فقال الحسن: لبيك يا أبتاه. فقال: إن الله أخذ ميثاق أبيك على بغض كل منافق وفاسق، وأخذ ميثاق كل منافق وفاسق على بغض أبيك. 430 / 22 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن الزيات، قال: حدثني علي بن العباس، قال: حدثني أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني، قال: حدثنا الاوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن واثلة بن الاصقع، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): إن الله اصطفى إسماعيل من ولد إبراهيم، واصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشا من بني كنانة، واصطفى هاشما من قريش، واصطفاني من هاشم. 431 / 23 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: احسنوا جوار النعم، واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها لم تنتقل عن أحد قط فكادت أن ترجع إليه. قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قل ما أدبر شئ فأقبل. انتهت أخبار محمد بن محمد بن النعمان. 432 / 24 – أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا أحمد ابن الحسين بن عبد الملك الاودي، قال: حدثنا إسماعيل بن عامر، قال: حدثني كامل ابن العلاء، عن عامر بن السمط، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان، قال: إن أول هذه الامة ورودا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولها إسلاما علي ابن أبي طالب (عليه السلام).


[ 247 ]

433 / 25 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أبو العباس، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا علي بن قادم، قال: حدثنا إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن سهم بن الحصين الاسدي، قال: قدمت إلى مكة أنا وعبد الله بن علقمة، وكان عبد الله بن علقمة سبابة لعلي (عليه السلام) دهرا. قال: فقلت له: هل لك في هذا – يعني أبا سعيد الخدري – نحدث به عهدا ؟ قال: نعم، فأتيناه فقال: هل سمعت لعلي منقبة ؟ قال: نعم إذا حدثتك فسل عنها المهاجرين وقريشا، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام يوم غدير خم، فأبلغ ثم قال: يا أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى. قالها ثلاث مرات، ثم قال: ادن يا علي، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه حتى نظرت إلى بياض آباطهما قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثلات مرات. قال: فقال عبد الله بن علقمة: أنت سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال أبو سعيد: نعم، وأشار إلى أذنيه وصدره، قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. قال عبد الله بن شريك: فقدم علينا عبد الله بن علقمة وسهم بن حصين، فلما صلينا الهجير قام عبد الله بن علقمة فقال: إني أتوب إلى الله واستغفره من سب علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، ثلاث مرات. 434 / 26 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان الكندي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير، قال: حدثني أبي، عن منصور بن سلم بن سابور، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن يزيد، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). علي بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة، وهو وليكم من بعدي. 435 / 27 – أبو العباس، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد، قال: حدثنا نصر بن مزاحم، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن تميم، وعن أبي الطفيل، عن بشر بن غالب، وعن سالم بن عبد الله، كلهم ذكروا عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا بني عبد المطلب، إني سألت الله (عزوجل) ثلاثا أن يثبت قائلكم،


[ 248 ]

وأن يهدي ضالكم، وأن يعلم جاهلكم، وسألت الله (تعالى) أن يجعلكم جوداء نجباء رحماء، فلو أن أمرءا صفن (1) بين الركن والمقام فصلى وصام، ثم لقي الله (عز وجل) وهو لاهل بيت محمد مبغض، دخل النار (2). 436 / 28 – أبو العباس، قال: حدثنا أبو الفضل بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا محمد بن عكاشة، قال: حدثنا أبوالمغرا حميد بن المثنى، عن يحيى بن طلحة النهدي، عن أيوب بن الحر، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي (صلوات الله عليه) قال: إن فاطمة شكت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ألا ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما، وأحلمهم حلما، وأكثرهم علما، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما جعل الله لمريم بنت عمران، وأن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة. 437 / 29 – أبو العباس، قال: حدثنا الحسن بن عتبة الكندي، قال: حدثنا بكار ابن بشر، قال: حدثنا علي بن القاسم أبو الحسن الكندي، عن محمد بن عبيد الله، عن أبي عبيدة، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أوصي من آمن بي وصدقني بالولاية لعلي، فإنه من تولاه تولاني، ومن تولاني تولى الله، ومن أحبه أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أبغضه أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله (عزوجل). 438 / 30 – أبو العباس، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن عمار، قال: حدثنا هلال أبو أيوب الصيرفي، قال: سمعت عطية العوفي يذكر أنه سأل أبا سعيد الخدري عن قول الله (تعالى): ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (3) فأخبره أنها نزلت في رسول


(1) صفن الرجل: صف قدميه. (2) تقدم في الحديث: 26 والحديث: 184. (3) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 249 ]

الله (صلى الله عليه واله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). 439 / 31 – أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيع، قال: حدثنا نصر، قال: حدثنا شريك، عن إسماعيل المكي، عن سليمان الاحول، عن أبي رافع، قال: بعث النبي (صلى الله عليه واله) عمر ساعيا على الصدقة، فأتى العباس يطلب صدقة ماله، فأتى النبي (صلى الله عليه واله) وذكر ذلك له، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): يا عمر، أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، إن العباس أسلفنا صدقتة للعام عام أول. 440 / 32 – أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا عباد بن ثابت، قال: حدثنا علي بن صالح، عن أبي إسحاق الشيباني، قال: وحدثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، وعباد بن الربيع، وعبد الله بن أبي غنية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن جميع بن عمير، قال: دخلت مع أمي على عائشة فذكرت لها عليا (عليه السلام)، فقالت: ما رأيت رجلا كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه، وما رأيت امرأة كانت أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من امرأته. 441 / 33 – أبو العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بزيع، قال: حدثنا عمرو ابن إبراهيم، قال: حدثنا سوار بن مصعب الهمداني، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى ابن الجزار، عن عبد الله بن مسعود، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من زعم أنه آمن بي وبما جئت به، وهو يبغض عليا، فهو كاذب ليس بمؤمن. 442 / 34 – أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الراشدي، قال: حدثنا علي بن ثابت العطار، قال: حدثنا عبد الله بن ميسرة أبو مريم الانصاري، عن وعدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حامل الحسن وهو يقول: اللهم إني أحبه فأحبه. 443 / 35 – أبو العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا الحسن – يعني ابن عطية -، قال: حدثنا سعاد، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وخالد


[ 250 ]

ابن الوليد كل واحد منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي. قال: فأخذنا يمينا أو يسارا. قال: وأخذ علي (عليه السلام) فأبعد فأصاب سبيا فأخذ جارية من الخمس. قال بريدة: وكنت أشد الناس بغضا لعلي (عليه السلام) وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالدا فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس، فقال: ما هذا ؟ ثم جاء آخر، ثم أتى آخر، ثم تتابعت الاخبار على ذلك، فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره، وكتب إليه، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله (صلى الله عليه واله) وأخذ الكتاب فأمسكه بشماله، وكان كما قال الله (عزوجل) لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلا إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت أو فتكلمت، فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غضب غضبا شديدا لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إلي فقال: يا بريدة، إن عليا وليكم بعدي، فأحب عليا فإنما يفعل ما يؤمر. قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إلي منه. وقال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له: أنافقت بعدي يا بريدة ؟ 444 / 36 – أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا مخلد بن شداد، قال: حدثنا محمد بن عبيدالله، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا وسلمان فنزلنا بأبي ذر، فكنا عنده ما شاء الله، فلما حان منا خفوف قلت: يا أبا ذر، إني أرى أمورا قد حدثت، وأنا خائف أن يكون في الناس اختلاف، فإن كان ذلك، فما تأمرني ؟ قال: الزم كتاب الله وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، واشهد أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول. علي أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل. 445 / 37 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أبو العباس، قال: حدثنا فضل بن


[ 251 ]

يوسف، قال: حدثنا محمد بن عكاشة، قال: حدثنا أبوالمغرا حميد بن المثنى، عن منصور بن حازم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر: علي أقضانا. 446 / 38 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا، أحمد بن محمد، قال: حدثنا يحيى ابن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا أرطاة بن حبيب، قال: حدثنا أيوب بن واقد، عن يونس بن خباب، عن أبي – حازم، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. 447 / 39 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسين ابن عبد الرحمن بن محمد الازدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبدالنور بن عبد الله ابن شيبان، قال: حدثنا سليمان بن قرم، قال: حدثني أبو الجحاف وسالم بن أبي حفصة، عن نفيع أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: شهدت النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين صباحا يجئ إلى باب علي وفاطمة (عليهما السلام) فيأخذ بعضادتي الباب، ثم يقول. السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله إنما يريد اللة ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (1). 448 / 40 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا إبراهيم بن أنس الانصاري، قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه واله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله). قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ثم قال: إنه أولكم إيمانا معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية،


(1) سورة الأحزاب 33: 33.

[ 252 ]

قال: فنزلت ” إن الذين امنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ” (1) قال: وكان أصحاب محمد رسول الله (صلى الله عليه واله) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: قد جاء خير البرية. 449 / 41 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن الحسين ابن عبد الملك، قال: حدثنا إسماعيل بن عامر، قال: حدثنا الحكم بن محمد بن القاسم الثقفي، قال: حدثني أبي، عن أبيه: أنه حضر عبيدالله بن زياد حين أتي برأس الحسين (صلوات الله عليه)، فجعل ينكت بقضيب ثناياه ويقول: إنه كان لحسن الثغر. فقال له زيد بن أرقم: ارفع قضيبك، فطالما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلثم موضعه. قال: إنك شيخ قد خرفت. فقام زيد يجر ثيابه، ثم عرضوا عليه، ثم أمر بضرب عنق علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له علي (عليه السلام): إن كان بينك وبين هؤلاء النساء رحم فأرسل معهن من يؤديهن، فقال تؤديهن أنت، وكأنه استحيا، وصرف الله (عز وجل) عن علي بن الحسين (عليه السلام) القتل. قال القاسم بن محمد: ما رأيت منظرا قط أفزع من إلقاء رأس الحسين (عليه السلام) بين يديه وهو ينكته. 450 / 42 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد ابن عقدة، قال: حدثنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا إسماعيل بن عامر، قال: حدثنا الحكم بن محمد بن القاسم، قال: حدثنا أبو إسحاق السبيعي. أن زيد بن أرقم خرج من عنده يومئذ وهو يقول: أما والله لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اللهم إني استودعكه وصالح المؤمنين، فكيف حفظكم لوديعة رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ 451 / 43 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الازدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبدالنور بن عبد الله بن المغيرة القرشي، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ابن عباس، قال: بات علي (عليه السلام) ليلة خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى المشركين على فراشه ليعمي


(1) سورة البينة 98: 7.

[ 253 ]

على قريش، وفيه نزلت هذه الاية ” ومن الناس من يشرى نفسه آبتغاء مرضات الله ” (1). 452 / 44 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة السلولي، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. 453 / 45 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو عبد الله المحلمي، عن سماك، عن جابر ابن سمرة، قال: سصت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. 454 / 46 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا يوسف بن عدي، قال: حدثنا حماد بن مختار الكوفي، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك، قال: أهدي لرسول الله (صلى اللة عليه واله) طائر، فوضع بين يديه، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدق الباب، فقلت: من ذا ؟ فقال: أنا علي. فقلت: إن النبي (صلى الله عليه واله) على حاجة، حتى فعل ذلك ثلاثا، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما حبسك ؟ قال: قد جئت ثلاث مرات. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما حملك على ذلك ؟ قال: قلت: كنت أحب أن يكون رجلا من قومي. 455 / 47 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن عتبة الكندي، قال: حدثنا بكار بن بشر، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب، عن الحسين بن علي (عليه السلام)، قال: من أحبنا لله وردنا نحن وهو


(1) سورة البقرة 2: 207.

[ 254 ]

على نبينا (صلى الله عليه وآله) هكذا – وضم إصبعيه – ومن أحبنا للدنيا فإن الدنيا تسع البر والفاجر. 456 / 48 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن مدرار، قال: حدثني عمي طاهر بن مدرار، قال: حدثنا معاوية بن ميسرة بن شريح، قال: حدثني الحكم بن عتيبة، وسلمة بن كهيل، قالا: حدثنا حبيب – وكان إسكافا في بني بدي، وأثنى عليه خيرا – أنه سمع زيد بن أرقم يقول: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم، فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. 457 / 49 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف ابن زياد، قال: حدثنا نصر بن مزاحم، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: ” بفضل الله وبرحمته ” (1)، ” بفضل الله ” النبي (صلى الله عليه واله) و ” برحمته ” علي (عليه السلام). 458 / 50 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف ابن زياد، قال: حدثنا أحمد بن حماد الهمداني، قال: حدثنا فطر بن خليفة وبريد بن معاوية العجلي، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد انقطع شسع نعله، فدفعها إلى علي (عليه السلام) يصلحها، ثم جلس وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، فقال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت الناس على تنزيله. فقال أبو بكر: أنا هو، يا رسول الله ؟ قال: لا. فقال عمر: أنا هو، يا رسول الله ؟ فقال: لا، ولكنه خاصف النعل. قال: فأتينا عليا نبشره بذلك، فكأنه لم يرفع به رأسا، وكأنه قد سمعه قبل. قال إسماعيل بن رجاء: فحدثني أبي، عن جدي أبي أمي حزام بن زهير: أنه كان عند علي (عليه السلام) في الرحبة، فقام إليه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، هل كان


(1) سورة يونس 10: 58.

[ 255 ]

في النعل حديث ؟ فقال: اللهم إنك تعلم أنه مما كان يسره إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأشار بيديه ورفعهما. 459 / 51 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا عبيدالله، عن فطر، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، وسعيد بن وهب، وعن زيد بن نفيع، قالوا: سمعنا عليا (عليه السلام) يقول في الرحبة: أنشد الله من سمع النبي (صلى الله عليه واله) يقول يوم غدير خم ما قال إلا قام، فقام ثلاثة عشر، فشهدوا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا: بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. قال أبو إسحاق حين فرغ من الحديث: يا أبا بكر، أي أشياخ هم ؟. 460 / 52 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن المستورد، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا سفيان – وهو ابن إبراهيم -، عن عبد المؤمن – وهو ابن القاسم -، عن الحسن بن عطية العوفي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إني تارك فيكم الثقلين، ألا إن أحدهما أكبر من الاخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وقال: ألا إن أهل بيتي عيبتي (1) التي آوي إليها، وان الانصار كرشي (2)، فاعفوا عن مسيئهم، وأعينوا محسنهم. 461 / 53 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف ابن زياد، قال: حدثنا حسين بن حماد، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ” يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” (3) قال: مع علي بن


(1) العيبة: ما يوضع فيه الثياب، أراد موضع سره وأمانته. (2) أراد أنهم بطانته، وقيل: جماعته وصحابته. (3) سورة التوبة 9: 119.

[ 256 ]

أبي طالب (عليه السلام). 462 / 54 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الازدي، قال: حدثنا أبي، وعثمان بن سعيد الاحول، قالا: حدثنا عمرو بن ثابت، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي (عليه السلام) قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال: يا علي، إن فيك شبها من عيسى بن مريم، أحبته النصارى حتى أنزلوه بمنزلة ليس بها، وأبغضته اليهود حتى بهتوا أمه. قال: وقال علي (عليه السلام): يهلك في رجلان محب مفرط بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على ان يبهتني. تم المجلس التاسع، ويتلوه المجلس العاشر من أمالي الشيخ السعيد السديد الفاضل العالم أبي جعفر الطوسي رحمه الله.


[ 257 ]

المجلس العاشر وفيه بقية أحاديث ابن مهدي، وبعض أحاديث أبي محمد الفحام السرمن رائي، رواية محمد بن الحسن بن علي الطوسي. بسم الله الرحمن الرحيم 463 / 1 – أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي سنة عشر وأربع مائة في منزله ببغداد في درب الزعفراني، رحبة بن مهدي، قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ، قال: حدثني الحسين، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن الحارث بن حصيرة: مثله، ولم يذكر صباح. 464 / 2 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) من علي (عليه السلام) أتاه ناس من قريش فقالوا: إنك زوجت عليا بمهر خسيس ؟ فقال: ما أنا زوجت عليا، ولكن الله (عزوجل) زوجه، ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى، أوحى الله إلى السدرة: أن انثري ما عليك، ونثرت الدر والجواهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن: هذا من نثار فاطمة


[ 258 ]

بنت محمد (عليهما السلام). فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي (صلى الله عليه واله) ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي، وأمر سلمان أن يقودها والنبي (عليه السلام) يسوقها، فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي (صلى الله عليه وآله) وجبة (1)، فإذا بجبرئيل (عليه السلام) في سبعين ألفا، وميكائيل في سبعين ألفا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أهبطكم إلى الارض ؟ قالوا: جئنا نزف فاطمة إلى زوجها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكبر جبرئيل، وكبر ميكائيل، وكبرت الملائكة، وكبر محمد (صلى اللة عليه واله)، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة. 465 / 3 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى الجعفي الحازمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا زياد بن خيثمة وزهير بن معاوية، عن الاعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي (عليه السلام)، قال: إن فيما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 466 / 4 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا خزيمة بن ماهان المروزي، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن أربعة. فقال له العباس بن عبد المطلب عمه: فداك أبي وأمي، ومن هؤلاء الاربعة ؟ قال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله على ناقتي العضباء، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة، مدبجة الجنبين، عليه حنتان خضراوان من كسوة الرحمن، على رأسه تاج من نور، لذلك التاج سبعون ركنا، على كل ركن ياقوتة حمراء تضئ للراكب مسيرة ثلاثة أيام، وبيده لواء الحمد ينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فيقول الخلائق: من هذا،


(1) الوجبة: السقطة مع الهدة، أو صوت الساقط.

[ 259 ]

ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو حامل عرش ؟ فينادي مناد من بطن العرش: ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا حامل عرش، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين في جنات النعيم. 467 / 5 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الجعفي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الكريم – وهو أبو هلال الجعفي -، قال: حدثنا جابر بن الحر النخعي، قال: حدثني عبد الرحمن بن ميمون أبو عبد الله، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: أول من امن برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الرجال علي، ومن النساء خديجة (رضي الله عنهما). 468 / 6 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع، قال: حدثنا قاسم بن الضحاك، قال: حدثني شهر بن حوشب أخو العوام، عن أبي سعيد الهمداني، عن أبي جعفر (عليه السلام) ” إلا من تاب وامن وعمل صالحا ” (1). قال: والله لو أنه تاب وامن وعمل صالحا، ولم يهتد إلى ولايتنا ومودتنا ومعرفة فضلنا، ما أغنى عنه ذلك شيئا. 469 / 7 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا هاشم بن المنذر، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي (عليه السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى اللة عليه واله) حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). 470 / 8 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بزيع، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا خباب بن قسطاس، عن موسى بن عبيدة، قال: حدثني إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النجوم أمان لاهل السماء، وأهل بيتي أمان لامتي. 471 / 9 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى


(1) سورة مريم 19: 60.

[ 260 ]

الصوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عاصم بن عبد الرحمن (1) بن أبي عمرة، عن أبيه، قال: كنا بإزاء الروم، فأصاب الناس جوع، فجاءت الانصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاستأذنوه في نحر الابل، فارسل رسول الله (صلى الله عيله واله) إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما ترى ؟ قال: الانصار قد جاءوا يستاذنوني في نحر الابل. فقال: يا نبي الله، فكيف لنا إذا لقينا العدو غدا رجالا جياعا. فقال: ما ترى ؟ قال: مر أبا طلحة فليناد في الناس بعزمة منك: لا يبقى أحد عنده طعام إلا جاء به، وبسط الانطاع فجعل الرجل يجئ بالمد ونصف المذ وثلث المد، فنظرت إلى جميع ما جاءوا به فقلت: سبع وعشرون صاعا أو ثمانية وعشرون صاعا لا يجاوز الثلاثين، واجتمع الناس يومئذ إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) وهم يومئذ أربعة الاف رجل، فدعا رسول الله (صلى عليه وآله) بأكثر دعاء سمعته قط، ثم أدخل يده في الطعام ثم قال للقوم: لا يبادرن أحدكم صاحبه، ولا يأخذن أحدكم حتى يذكر اسم الله، فقامت أول دفقة فقال: اذكروا اسم الله ثم خذوا، فاخذوا فملؤوا كل وعاء وكل شئ، ثم قام الناس فأخذوا فملؤواكل وعاء وكل شئ، ثتم بقي طعام كثير، فقال رسول التة (صلى الله عليه وآله): أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والذي نفسي بيده لا يقولها أحد إلا حرمه الله على النار. 472 / 10 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني الاجلح بن عبد الله الكندي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: ناجى رسول الله (صلى اللة عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الطائف فأطال مناجاته، فرأى الكراهة في وجوه رجال، فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم. فقال: ما أنا انتجيته، ولكن الله (عزوجل) انتجاه. 473 / 11 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا


(1) في نسخة: عاصم بن عبد الله بن عاصم بن عبد الرحمن، وروى الواقدي نحوه في دلائل النبوة 6: 121 دار الكتب العلمية، باسناده عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبيه.

[ 261 ]

عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا جابر، عن عبد الله بن نجي، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يصلي معه أحد من الناس ثلاث سنين، وكان مما عهد إلي أن لا يبغضني مؤمن، ولا يحبني كافر أو منافق، والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت ما عهد إلي. 474 / 12 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه قال: كان رجل نماما فذكر له النبي (صلى الله عليه وآله) حديثا، فقال: لا تذكره لاحد، وكان النبي (صلى الله عليه واله) يحب أن يذكره، فلما أدبر قال النبي (صلى اللة عليه وآله): الحرب خدعة، فانطلق الرجل فأفشاه، وكاد الله لنبيه في بني قريظة. 475 / 13 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الاعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه واله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) في غزوة تبوك: أخلفني في أهلي. فقال علي: يا رسول الله، إني أكره أن يقول العرب: خذل ابن عمه، وتخلف عنه ؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ! قال: بلى. قال: فاخلفني. 476 / 14 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن بن الزبير، عن أبيه، عن صفية بنت عبد المطلب، أنها قالت: كنا مع حسان بن ثابت في حصن فارغ، والنبي (صلى الله عليه وأله) بالخندق، فإذا يهودي يطوف بالحصن، فخفنا أن يدل على عورتنا، فقلت لحسان: لو نزلت إلى هذا اليهودي، فإني أخاف أن يدل على عورتنا (1). قال: يا بنت عبد المطلب، لقد علمت ما أنا بصاحب هذا. قال:


(1) العورة: كل مكمن للستر.

[ 262 ]

فتحزمت ثم نزلت وأخذت عمودا فقتلته به، ثم قالت لحسان: اخرج فاسلبه. قال: لا حاجة لي في سلبه. 477 / 15 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، ومسور بن مخرمة: أن النبي (صلى الله عليه واله) لما افتتح خيبر وقسمها على ثمانية عشر سهما، كانت الرجال ألفا وأربع مائة رجل، والخيل مائتي فرس، أربع مائة سهم للخيل، كل سهم من الثمانية عشر سهما مائة سهم، لكل مائة منهم رأس، فكان عمر بن الخظاب رأسا، وعلي رأسا، وطلحة رأسا، والزبير رأسا، وعاصم بن عدي رأسا، وكان سهم النبي (صلى الله عليه واله) مع عاصم بن عدي. 478 / 16 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن أشعب بن سوار، عن الحسن البصري، أنه قال: الخمس لله وللرسول ولذي قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس كله، وقد كان يقسم لمن سمى الله (عزوجل)، فأعطته الخلفاء بعد قرابتهم. قلت: كلهم ؟ قال: نعم، كلهم. 479 / 17 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ليث بن أبي سليم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، أنه قال: هدية الامراء غلول (1). 480 / 18 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم، قال: ارتد الاشعث بن قيس وأناس من العرب لما مات النبي (صلى الله عليه واله)، فقالوا: نصلي ولا نؤدي الزكاة ؟ فأبى عليهم أبو بكر ذلك وقال: لا أحل عقدة عقدها رسول


(1) الغلول: الخيانة.

[ 263 ]

الله (صلى الله عليه وآله) ولا أنقصكم شيئا مما أخذ منكم نبي الله (صلى الله عليه وآله) ولأجاهدنكم، ولو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي لجاهدتكم عليه، ثم قرأ ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ” (1) حتى فرغ من الاية، فتحصن الاشعث بن قيس هو وأناس من قومه في حصن وقال الاشعث: اجعلوا لسبعين منا أمانا، فجعل لهم، ونزل بعد سبعين ولم يدخل نفسه فيهم. فقال له أبو بكر: إنه لا أمان لك إنا قاتلوك. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك، تستعين بي على عدوك، وتزوجني أختك، ففعل. 481 / 19 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أيما حلف كان في الجاهلية، فإن الاسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الاسلام، المسلمون يد على من سواهم، يجير عليهم أدناهم فيرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ودية الكافر نصف دية المؤمن، ولا جلب ولا جنب (2)، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم. قال رسول الله (صلى اللة عليه وآله) هذا الحديث في خطبته يوم الجمعة قال: يا أيها الناس. 482 / 20 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مغيرة (3) مولى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أنها قالت: نزلت هذه الاية في بيتها ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (4) أمرني رسول


(1) سورة آل عمران 3: 144. (2) الجلب: هو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعا ثم يرسل من يجلب إليه الاموال من أماكنها ليأخذ صدقتها. والجنب مثله، وقيل: إن الجنب هو أن يجنب رب المال بماله، أي يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الابعاد في اتباعه وطلبه. (3) في نسخة: عبد الله بن معين. (4) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 264 ]

الله (صلى الله عليه واله) أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه، والحسن بشماله، والحسين على بطنه، وفاطمة عند رجله، فقال: ” اللهم هؤلاء أهلي وعترتي، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” قالها ثلاث مرات. قلت: فأنا، يا رسول الله. فقال: إنك على خير إن شاء الله. 483 / 21 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني الحسن بن الحكم، عن عدي ابن ثابت، عن رجل من الانصار، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه واله) قال: من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن لزم السلطان افتتن، وما يزداد من السلطان قربا إلا ازداد من الله (تعالى) بعدا. 484 / 22 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن الاعمش، عن تميم بن سلمة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، أنه قال، اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة. قال عبد الله: تعلموا ممن علم فعمل. 485 / 23 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الوصافي، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم إلا جئ به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن كان محسنا فك عنه، وان كان مسيئا زيد غلا إلى غله. 486 / 24 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: وحدثنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الجهني، قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى اللة عليه واله) إذ طلع راكبان، فلما رآهما نبي الله (صلى عليه واله) قال: كنديان مذحجيان، فإذا رجلان من مذحج، فأتى أحدهما إليه ليبايعه، فلما أخذ رسول


[ 265 ]

الله (صلى الله عليه واله) بيده ليبايعه، قال: يا رسول الله، أرأيت من رآك فآمن بك، وصدقك واتبعك، ماذا له ؟ قال: طوبى له. قال: فمسح على يده وانصرف. قال: وأقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه، قال: يا رسول اللة، أرأيت من امن بك، فصدقك واتبعك ولم يرك، ماذا له ؟ قال: طوبى له ثم طوبى له، قال: ثم مسح على يده، ثم انصرف. 487 / 25 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن زيد بن حارثة، عن مجمع بن جارية، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يقتل الدجال دون باب اللد بسبعة عشر ذراعا، واللد: بالرملة بأرض الشام. 488 / 26 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ليهبطن الدجال بجور (1) وكرمان في ثمانين ألفا، كأن وجوههم مجان (2) مطرقة، يلبسون الطيالسة، وينتعلون الشعر. 489 / 27 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن العباس بن معبد بن العباس، عن بعض أهله، عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، قال له نبي الله (صلى الله عليه وآله). يا عم، قل كلمة واحدة واشفع لك بها يوم القيامة، لا إله إلا الله. فقال: لولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة لاقررت بعينيك، ولو سألتني هذه في الحياة لفعلت. قال: وعنده جميلة بنت حرب حمالة الحطب، وهي تقول له: يا أبا طالب، مت على دين الاشياخ. قال: فلما خفت صوته فلم يبق منه شئ، قال: حرك


(1) جور: مدينة بفارس ومحله بنيشابور. (2) المجان: جمع مجنة، الترس.

[ 266 ]

شفتيه، فقال العباس: فأصغيت إليه فقال قولا خفيا: لا إله إلا الله. فقال العباس للنبي (صلى الله عليه وآله): يابن أخي، قد والله قال أخي الذي سألته. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم أسمعه. 490 / 28 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: عرض في نفس عمر بن عبد العزيز شئ من فدك، فكتب إلى أبي بكر وهو على المدينة: انظر ستة الاف دينار، فزد عليها غلة فدك أربعة الاف دينار، فاقسمها في ولد فاطمة (عليها السلام) من بني هاشم. قال: وكانت فدك للنبي (صلى الله عليه وآله) خاصة، فكانت مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. قال: وكانت للنبي (صلى الله عليه واله) أموال سماها منها: العواف ويرقط والمبيث والكلا وحيسيا والصائفة وبيت أم إبراهيم، فأما العواف فهو سهم من بني قريظة. 491 / 29 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شهر ربيع الاول، في اثنتي عشرة مضت من شهر ربيع الاول، يوم الاثنين، ودفن ليلة الاربعاء. 492 / 30 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: تؤخذون كما أخذت الامم من قبلكم، ذراعا بذراع، وشبرا بشبر، وباعا بباع، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه. قال: قال أبو هريرة: وان شئتم فاقرءوا القران ” كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم ” قال أبو هريرة: والخلاق: الدين


[ 267 ]

” فافستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم ” (1) حتى فرغ من الاية. قالوا: يا نبي الله، فما صنعت اليهود والنصارى ؟ قال: وما الناس إلا هم. 493 / 31 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، عن أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني ابن إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول ومسح لحيته: ما يحبس أشقاها أن يخضبها من أعلاها بدم. 494 / 32 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني حبيب بن أبي العالية، عن مجاهد، عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) قال: من فارقني فقد فارق الله، ومن فارق عليا فقد فارقني. 495 / 33 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: لما كان يوم بدر وأسرت الاسرى، قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما ترون في هؤلاء القوم ؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، هم الذين كذبوك وأخرجوك فاقتلهم. ثم قال أبو بكر: يا رسول الله، هم قومك وعشيرتك، ولعل الله يستنقدهم بك من النار. ثم قال عبد الله بن رواحة: أنت بواد كثير الحطب، فاجمع حطبا فانصب فيه نارا وألقهم فيه. فقال العباس بن عبد المطلب: قطعك رحمك. قال: ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام فدخل، وأكثر الناس في قول أبي بكر وعمر، فقال بعضهم: القول ما قال أبو بكر، وقال بعضهم: القول ما قال عمر، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما اختلافكم – يا أيها الناس – في قول هذين الرجلين، إنما مثلهما مثل إخوة لهما ممن كان قبلهما، نوح وابراهيم وموسى وعيسى، قال نوح:


(1) سورة التوبة 9: 69.

[ 268 ]

” رب لا تذر على الازض من الكافرين ديارا ” (1) وقال إبراهيم: ” فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم ” (2) وقال موسى: ” ربنا أطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم ” (3) وقال عيسى: ” إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ” (4). ثم قال: يا أيها الناس، إن بكم عيلة (5)، فلا ينفلتن منكم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق. فقلت: يا رسول الله، إلا سهيل بن بيضاء، وقد كنت سمعته يذكر الاسلام بمكة. قال: فسكت رسول الله (صلى الله عليه واله) فلم يحر. قال: فلقد جعلت أنظر إلى السماء متى تقع على الحجارة، فإني قدمت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله). قال: ثم إن النبي (صلى الله عليه واله) قال: إلا سهيل بن بيضاء. قال: ففرحت فرحا ما فرحت مثله قط. قال الاعمش: وكان فداؤهم ستين أوقية. 496 / 34 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: المهاجرون والانصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والاخرة، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والاخرة. 497 / 35 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال -: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الاعمش، عن تميم بن سلمة، عن عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله البجلي، عن النبي (صلى الله عليه وآله): مثله.


(1) سورة نوح 71: 26. (2) سورة إبراهيم 14: 36. (3) سورة يونس 10: 88 (4) سورة المائدة 5: 118. (5) العيلة: الفقر والحاجة. (*)

[ 269 ]

498 / 36 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن أبي العالية، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: إن شاء الناس قمت لهم خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) فحلفت لهم بالله، ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني. 499 / 37 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عثمان بن أبي زرعة، عن حمران، عن محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: إن أعظم الناس أجرا في الاخرة أعظمهم مصيبة في الدنيا، وإن أهل البيت أعظم الناس مصيبة، مصيبتنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل، ثم يشركنا فيه الناس. 500 / 38 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أتزعمون أن رحم نبي الله لا تنفع قومه يوم القيامة، بلى والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والاخرة. ثم قال: يا أيها الناس، أنا فرطكم على الحوض، فإذا جئت وقام رجال يقولون: يا نبي الله، أنا فلان بن فلان، وقال أخر: يا نبي الله، أنا فلان بن فلان، وقال اخر: يا نبي الله، أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي، وارتددتم القهقرى. 501 / 39 – أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد ابن مهدي، في منزله بدرب الزعفرافي ببغداد في الكرخ، سنة عشر وأربع مائة، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة إملاء، في مسجد براثا، لثمان بقين من جمادى الاولى سنة ثلاثين وثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن الحسين ابن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن سلام بن أبي عمرة، عن معروف، عن أبي الطفيل، قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد وفاة علي (عليه السلام) وذكر أمير


[ 270 ]

المؤمنين (عليه السلام) فقال: خاتم الوصيين، وصي خاتم الانبياء، وأمير الصديقين والشهداء والصالحين. ثم قال: يا أيها الناس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الاولون، ولا يدركه الاخرون، لقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يعطيه الراية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ما ترك ذهبا ولا فضة إلا شيئا على صبى له، وما تبرك في بيت المال إلا سبع مائة درهم، فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم. ثم قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم تلا هذه الاية، قول يوسف: ” واتبعت ملة ابائى إبراهيم وإسحق ويعقوب ” (1) أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل عليهم ومنهم كان يعرج، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم وولايتهم، فقال فيما أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله): ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ” (2) واقتراف الحسنة: مودتنا. 502 / 40 – أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ابن إسحاق بن بريد، قال: حدثنا إسحاق بن بريد الطائي، قال: حدثنا سعد بن صارم، عن الحسن بن عمرو، عن رشيد، عن حبة العرني، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الانبياء، حزبنا حزب الله، والفئة الباغية حزب الشيطان، من ساوى بيننا وبين عدونا فليس منا. 503 / 41 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله


(1) سورة يوسف 12: 38. (2) سورة الشورى 42: 23.

[ 271 ]

المحمدي، قال: حدثنا إسماعيل بن مرثد، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه وآله): حق علي على الناس حق الوالد على ولده (1). 504 / 42 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثني علي بن الحسين ابن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه واله): علي مني وأنا منه. فقال جبرئيل: يا محمد، وأنا منكما. 505 / 43 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن جابر، قال: قيل: يا رسول الله، أي الاسلام أفضل ؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. 506 / 44 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن مدرار الطنافسي، قال: حدثنا عمي طاهر بن مدرار، قال: حدثنا الحسن بن عمار، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق الارض عنه ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع. 507 / 45 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الضبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن عمار الصيرفي، قال: حدثنا هلال بن أيوب الصيرفي، عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن مجاهد، قال: قلت لابن عباس: من الذين أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يباهل بهم ؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، والانفس النبي (عليه السلام) وعلي (عليه السلام). 508 / 46 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، قال: حدثنا مطر، عن أنس،


(1) تقدم نحوه في الحديث: 72، ويأتي في الحديث. 673.

[ 272 ]

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن أخي ووزيري ووصيي علي بن أبي طالب. 509 / 47 – اخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، قال: حدثنا هانئ بن أيوب، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد: أنه سمع عليا (عليه السلام) في الرحبة ينشد الناس: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ؟ فقام بضعة عشر فشهدوا. 510 / 48 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا احمد، قال: حدثنا جعفر بن علي بن نجيح الكندي، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا أبو حفص الصائغ، – قال أبو العباس: هو عمر بن راشد، أبو سليمان – عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قوله ” ثم لتسئلن يومئذ عن النعميم ” (1) قال: نحن من النعيم. وفي قوله: ” واعتصموا بحبل الله جميعا ” (2) قال: نحن الحبل. 511 / 49 – أخبرنا عمر، قال: اخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف ابن زياد، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا مسعود بن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): ” أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) (3). قال: نحن الناس. 512 / 50 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا احمد، قال: حدثنا احمد بن موسى بن إسحاق، ومحمد بن عبد الله بن سليمان، قالا: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا قيس، عن السدي، عن عطاء، عن ابن عباس ” أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله “. قال: نحن الناس دون الناس.


(1) سورة التكاثر 102: 8. (2) سورة آل عمران 3: 103. (3) سورة النساء 4: 54.

[ 273 ]

513 / 51 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا أبو حفص الصائغ، قال: صليت خلف جعفر بن محمد (عليهما السلام) فجهر ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم “. 514 / 52 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا جعفر بن حبيب النهدي، قال أبو العباس: يقال له البرذون بن شبيب، أنه سمع جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين، وكان أبوهما صالحا. 515 / 53 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، عن جعفر بن محمد بن هشام، قال: حدثنا الحسين بن نصر، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غضاض بن الصلت الثوري، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه،. قال: سمعت محمد بن الحنفية يحدث عن أبيه، قال: ما خلق الله (عزوجل) شيئا شرا من الكلب، والناصب شر منه. 516 / 54 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا جعفر بن عنبسة بن عمرو، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا مسعود بن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما شيعتنا من أطاع الله (عزوجل). 517 / 55 – حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: سمعت أبا غسان يقول: ما رأيت في جعفي أفضل من مسعود بن سعد، وهو ابن سعد الجعفي. 518 / 56 – حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا الحسن بن محمد الليثي، قال: حدثني أبو جعفر أمير المؤمنين المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اذى العباس فقد اذاني، إنما عم الرجل صنو أبيه. 519 / 57 – حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن المفضل الاشعري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا نصربن قابوس اللخمي، عن جابر، عن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس، قال: قال ابن عباس: ما وطئت الملائكة فرش أحد من


[ 274 ]

الناس إلا فرشنا. 520 / 58 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن المنذر الحجري، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: دعا لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤتيني الله الحكمة. 521 / 59 – أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا بشر بن الحكم، قال: حدثنا عمرو بن شبيب، عن عبد الله بن عيسى، عن شعيب بن يسار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: دعا لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤتيني الله الحكمة. 522 / 60 – حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن المنذر، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا يحيى بن سلمة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن ابن عباس، قال: قال أبو موسى: علي أول من أسلم. انتهت أحاديث أبي عمر بن مهدي. 523 / 61 – أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السرمن رائي، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني الامام علي بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: جاء رجل إلى سيدنا الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) فشكا إليه رجلا يظلمه، قال له. أين أنت عن دعوة المظلوم على الظالم التي علمها النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) ؟ ما دعا بها مظلوم على ظالمه إلا نصره الله (تعالى) عليه وكفاه إيهاه، وهو: ” اللهم طمه بالبلاء طما، وعمه بالبلاء عما، وقمه بالاذى قما، وارمه بيوم لا معاد له، وساعة لا مرد لها، وابح حريمه، وصل على محمد وأهل بيته (عليه وعليهم السلام)، واكفني أمره، وقني شره، واصرف عني كيده، واجرح قلبه وسد فاه عني، وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، وعنت الوجوه للحي القيوم، وقد خاب من حمل ظلما، اخسئوا فيها ولا تكلمون ” صه صه، سبع مرات.


[ 275 ]

524 / 62 – وبهذا الاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام) في قوله ” فلنحيينه حيوة طيبة ” (1) قال: القنوع. 525 / 63 – وبهذا الاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): إذا عرضت لاحدكم حاجة فليستشر الله ربه، فإن أشار عليه اتبع، وان لم يشر عليه توقف. قال: فقلت: يا سيدي، وكيف أعلم ذلك ؟ قال: تسجد عقيب المكتوبة، وتقول: ” اللهم خر لي ” مائة مرة، ثم تتوسل بنا، وتصلي علينا، وتستشفع بنا، ثم تنظر ما يلهمك تفعله، فهو الذي أشار عليك به. 526 / 64 – وبالاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): إن الله (تعالى) يحب الجمال والتجميل، ويكره البؤس والتباؤس، فإن اللة (عزوجل) إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى عليه أثرها. قيل: وكيف ذلك ؟ قال: ينظف ثوبه، ويطيب ريحه، ويجصص داره، ويكنس أفنيته، حتى إن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر، ويزيد في الرزق. 527 / 65 – وبهذا الاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): سمعت أبي يحدث عن أبيه، عن جده: أن يهوديا جاء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله ؟ فقال: أما ما لا يعلمه الله، فلا يعلم أن له ولدا تكذيبا لكم حيث قلتم: عزير ابن الله، وأما قولك: ما ليس لله، فليس لله شريك، وأما قولك: ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم للعباد. فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أنك الحق، ومن أهل الحق، وقلت الحق، وأسلم على يده. 528 / 66 – الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: دخلت يوما على المتوكل وهو يشرب، فدعاني إلى الشرب فقلت: يا سيدي، ما


(1) سورة النحل 16: 97.

[ 276 ]

شربته قط. فقال: أنت تشرب مع علي بن محمد. فقلت له: ليس تعرف من في يديك، إنما يضرك ولا يضره، ولم أعد ذلك عليه. قال: فلما كان يوما من الايام، قال لي الفتح بن خاقان: قد ذكر الرجل – يعني المتوكل – خبر مال يجئ من قم، وقد أمرني أن أرصده لاخبره به، فقل لي: من أي طريق يجئ حتى أجتنبه، فجئت إلى الامام علي بن محمد (عليهما السلام) فصادفت عنده من احتشمه فتبسم وقال لي: لا يكون إلا خير يا أبا موسى، لم لم تعد الرسالة الاولة ؟ فقلت: أجللتك يا سيدي. فقال لي: المال يجئ الليلة، وليس يصلون إليه، فبت عندي، فلما كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام، وقال لي: قد جاء الرجل ومعه المال، وقد منعه الخادم الوصول إلي فاخرج وخذ ما معه، فخرجت فإذا معه الزنفيلجة (1) فيها المال، فاخذته ودخلت به إليه، فقال: قل له: هات المخنقة (2) التي قالت لك القمية: إنها ذخيرة جدتها ؟ فخرجت إليه فأعطانيها، فدخلت بها إليه فقال لي: قل له. الجبة التي أبدلتها منها ردها إلينا، فخرجت إليه، فقلت له ذلك، فقال: نعم، كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة، وأنا أمضي فأجئ بها. فقال: اخرج فقل له: إن الله (تعالى) يحفظ ما لنا وعلينا، هاتها من كتفك، فخرجت إلى الرجل فأخرجها من كتفه فغشي عليه، فخرج إليه (عليه السلام) فقال له: قد كنت شاكا فتيقنت. 529 / 67 – الفحام، قال: حدثني أبو الحسن المنصوري، قال: حدثني أبو السري سهل بن يعقوب بن إسحاق، الملقب بأبي نؤاس المؤذن، في المسجد المعلق في صف شنيف بسر من رأى، قال المنصوري: وكان يلقب بأبي نؤاس لانه كان يتخالع ويطيب مع الناس ويظهر التشيع على الطيبة فيأمن على نفسه، فلما سمع الامام (عليه السلام) لقبني بأبي نؤاس، قال: يا أبا السري، أنت أبو نؤاس الحق، ومن تقدمك


(1) الزنفيلجة: وعاء تحفظ فيه الادوات، فارسي معرب. (2) المخنقة: القلادة.

[ 277 ]

أبو نؤاس الباطل. قال: فقلت له ذات يوم: يا سيدي، قد وقع لي اختيار الايام عن سيدنا الصادق (عليه السلام) مما حدثني به الحسن بن عبد الله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن سيدنا الصادق (عليه السلام) في كل شهر فاعرضه عليك. فقال لي: افعل، فلما عرضته عليه وصححته، قلت له: يا سيدي، في أكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس والمخاوف، فتدلني على الاحتراز من المخاوف فيها، فإنما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها. فقال لي. يا سهل، إن لشيعتنا بولايتنا عصمة، لو سلكوا بها في لجة البحار الغامرة وسباسب البيداء الغائرة، بين سباع وذئاب، وأعادي الجن والانس، لامنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله (عزوجل)، واخلص في الولاء لائمتك الطاهرين، وتوجه حيث شئت، واقصد ما شئت. يا سهل، إذا أصبحت وقلت ثلاثا: ” أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول، من شركل طارق وغاشم من سائر ما خلقت ومن خلقت من خلقك الصامت والناطق، في جنة من كل مخوف بلباس سابغة، ولاء أهل بيت نبيك، محتجزا من كل قاصد لي إلى أذية بجدار حصين، الاخلاص في الاعتراف بحقهم، والتمسك بحبلهم جميعا، موقنا بأن الحق لهم ومعهم وفيهم وبهم، أوالي من والوا، وأجانب من جانبوا، فصل على محمد وال محمد، فاعذني اللهم بهم من شر كل ما اتقيه، يا عظيم، حجزت الاعادي عني ببديع السماوات والارض، إنا ” جعلنا من بينن أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” ” (1) وقلتها عشيا ثلاثا، حصلت في حصن من مخاوفك، وأمن من محذورك. فإذا أردت التوجة في يوم قد حذرت فيه، فقدم أمام توجهك الحمد لله رب العالمين، والمعوذتين، واية الكرسي، وسورة القدر، واخر اية من ال عمران، وقل:


(1) سورة يس 36: 9.

[ 278 ]

” اللهم بك يصول الصائل، وبقدرتك يطول الطائل، ولا حول لكل ذي حول إلا بك، ولا قوة يمتازها ذو قوة إلا منك، بصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريتك، محمد نبيك، وعترته وسلالته (عليه وعليهم السلام) صل عليهم، واكفني شر هذا اليوم وضرره، وارزقني خيره ويمنه، واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبة، والظفر بالامنية، وكفاية الطاغية الغوية، وكل ذي قدرة لي على أذية، حتى أكون في جنة وعصمة من كل بلاء ونقمة، وأبدلني من المخاوف فيه أمنا، ومن العوائق فيه يسرا، حتى لا يصدني صاد عن المراد، ولا يحل بي طارق من أذى العباد، إنك على كل شئ قدير، والامور إليك تصير، يا من ” ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ” ” (1). 530 / 68 – أبو محمد الفحام، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري، قال: حدثنا عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: كنت خدنا (2) للامام علي بن محمد (عليهما السلام)، وكان يروي عنه كثيرا، من ذلك انه قال: حدثنا الامام علي بن محمد (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن موسى، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي والا صمتا: يا علي، محبك محبي، ومبغضك مبغضي. 531 / 69 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله). احبوا الله يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي. 532 / 70 – وبا لاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه واله): يقول الله (عز وجل): يابن ادم، ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي،


(1) سورة الشورى 42: 11. (2) الخدن: الصديق.

[ 279 ]

خيري عليك نازل وشرك إلق صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح. يابن ادم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته. يابن ادم، اذكرني حين تغضب اذكرك حين أغضب، ولا أمحقك فيمن أمحق (1). 533 / 71 – وبهذا الاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): إذا كان لك صديق فولي ولاية، فاصبته على العشر مما كان لك عليه قبل ولايته، فليس بصديق سوء. 534 / 72 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي عمر بن يحيى الفحام، قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر، قال: حدثني أبي أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين (عليه وعليهم السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من قال في كل يوم مائة مرة: ” لا إله إلا الله الملك الحق المبين ” استجلب به الغنى، واستدفع به الفقر، وسد عنه باب النار، واستفتح به باب الجنة. 535 / 73 – وبهذا الاسناد، قال: قال النبي (صلى الله عليه واله). أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المحب لاهل بيتي، والموالي لهم والمعادي فيهم، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم فيما ينوبهم من أمورهم (2). 536 / 74 – وبهذا الاسناد، قال: قال النبي (صلى الله عليه واله): يقول الله (عزوجل): ” لا إله إلا الله حصني، من دخله أمن من عذابي “. 537 / 75 – الفحام، قال: حدثني محمد بن الحسن النقاش المقرئ، قال: حدثنا


(1) تقدم في الحديث: 197، ويأتي في الحديث: 1181. (2) يأتي نحوه في الحديث: 779.

[ 280 ]

الكجي إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: سمعت سيدنا الصادق (عليه السلام) يقول: ليس من الانصاف مطالبة الاخوان بالانصاف. 538 / 76 – الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: قلت للامام علي بن محمد (عليهما السلام): علمني يا سيدي دعاء اتقرب إلى الله (عز وجل). فقال لي: هذا ذعاء كثيرا ما أدعو الله به، وقد سالت الله (عز وجل) أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو ايا عدتي عند العدد، ويا رجائي والمعتمد، وياكهفي والسند، ويا واحد يا أحد، ويا قل هو الله أحد، أسالك اللهم بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، صل على جماعتهم، وافعل بي كيت وكيت ” (1). 539 / 77 – الفحام: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني الامام علي بن محمد، عن ابائه أب أب، عن الصادق (عليهم السلام)، قال: ماكان ولا يكون إلى يوم القيامة رجل مؤمن إلا وله جار يؤذيه. 540 / 78 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (صلوات الله عليه): من صفت له دنياه، فاتهمه في دينه (2). 541 / 79 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله (تعالى): دعاء الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالمه، ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لاخ له مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه واضطرار أخيه إليه. 542 / 80 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): ثلاثة أوقات لا يحجب فيها الدعاء عن الله (تعالى): في أثر المكتوبة، وعند نزول المطر، وظهور اية معجزة لله في أرضه.


(1) يأتي هذا الدعاء في الحديث: 555. (2) يأتي في الحديث. 552.

[ 281 ]

543 / 81 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): ليس منا من لم يلزم التقيه، ويصوننا عن سفلة الرعية. 544 / 82 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): عليكم بالورع، فإنه الدين الذي نلازمه وندين الله به، ونريده ممن يوالينا، لا تتعبونا بالشفاعة. 545 / 83 – الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، قال: قال يوما الامام علي بن محمد (عليهما السلام): يا أبا موسى، أخرجت إلى سر من رأى كرها، ولو أخرجت عنها خرجت كرها. قال: قلت: ولم يا سيدي ؟ قال: لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلة دائها. ثم قال: تخرب سر من رأى حتى يكون فيها خان، وبقال للمارة، وعلامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي. 546 / 84 – أبو محمد الفحام، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيدالله الهاشمي المنصوري، قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدثني الامام علي بن محمد العسكري، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: كنت عند سيدنا الصادق (عليه السلام) إذ دخل عليه أشجع السلمي يمدحه فوجده عليلا، فجلس وأمسك، فقال له سيدنا الصادق (عليه السلام): عد عن العلة، واذكر ما جئت له. فقال له: ألبسك اللة منه عافية في نومك المعتري وفي أرقك يخرج من جسمك السقام كما أخرج ذل السؤال من عنقك فقال: يا غلام، أيش معك ؟ قال: أربع مائة درهم. قال: أعطها للاشجع. قال: فأخذها وشكر وولى، فقال: ردوه، فقال: يا سيدي، سألت فأعطيت وأغنيت، فلم رددتني ؟ قال: حدثني أبي، عن ابائه، عن النبي (صلى اللة عليه وآله) قال: خير العطاء ما أبقى نعمة باقية، وإن الذي أعطيتك لا يبقى لك نعمة باقية، وهذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة الاف درهم والا فعد إلي وقت كذا وكذا أوفك إياها. قال: يا سيدي، قد أغنيتني، وأنا كثير الاسفار، وأحصل في المواضع المفزعة،


[ 282 ]

فتعلمني ما آمن به على نفسي. قال: فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك ” أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السنوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون ” (1). قال الاشجع: فحصلت في واد تعبث فيه الجن فسمعت قائلا يقول: خذوه، فقرأتها فقال قائل: كيف ناخذه وقد احتجز بآية طيبة. 547 / 85 – وبا لاسناد، عن سيدنا الصادق، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر، قال أبو محمد الفحام: وحدثني عمي عمر بن يحيى، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله البلخي، قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: حدثني أبي محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) من جانب، إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل قد تلبب به، فقال: ما باله ؟ قال: حكى عنك يا رسول الله، أنك قلت: من قال ” لا إله إلا الله محمد رسول الله ” دخل الجنة، وهذا إذا سمعه الناس فرطوا في الاعمال، أفأنت قلت ذلك، يا رسول الله ؟ قال: نعم، إذا تمسك بمحبة هذا وولايته. 548 / 86 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي عمر بن يحيى، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن سليمان بن عاصم، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد العبدي، قال: حدثنا علي بن الحسن الاموي (2)، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء بمكة، قال: حدثني يوسف بن عطية الصفار، عن ثابت، عن أنس ابن مالك، قال: أمرني رسول الله (صلى اللة عليه وآله) أن أسرج بغلته الذلول وحماره اليعفور، ففعلت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاستوى على بغلته واستوى


(1) سورة ال عمران 3: 83 (2) لعله أبو الفرج الاصبهاني، فالصواب فيه علي بن الحسين الاموي.

[ 283 ]

علي (عليه السلام) على حماره، وسارا وسرت معهما، فأتينا سطح جبل فنزلا وصعدا حتى صارا إلى ذروة الجبل، ثم رأيت غمامة بيضاء كدارة (1) الكرسي وقد أظلتهما، ورأيت النبي (صلى الله عليه وآله) وقد مد يده إلى شئ يأكل، وأطعم عليا (عليه السلام) حتى توهمت أنهما قد شبعا، ثم رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) وقد مد يده إلى شئ، وقد شرب وسقى عليا (عليه السلام) حتى قدرت أنهما قد شربا ريهما، ثم رأيت الغمامة وقد ارتفعت، ونزلا فركبا وسارا وسرت معهما، فالتفت النبي (صلى الله عليه وآله) فرأى في وجهي تغيرا، فقال: مالي أرى وجهك متغيرا ؟ فقلت: ذهلت مما رأيت. فقال: فرأيت ماكان ؟ فقلت: نعم، فداك أبي وأمي يا رسول الله. قال: يا أنس، والذي خلق ما يشاء، لقد أكل من تلك الغمامة ثلاث مائة وثلاثة عشر نبيا، وثلاث مائة وثلاثة عشر وصيا، ما فيهم نبي أكرم على الله مني، ولا فيهم وصي أكرم على الله من علي. 549 / 87 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسن، عن جعفر الاموي، عن العباس ابن عبد الله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي مريم، عن سلمان، قال: كنا جلوسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فناوله النبي (صلى الله عليه وآله) حصاة، فما استقرت الحصاة في كف علي (عليه السلام) حتى نطقت، وهي تقول: ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله، رضيت بالله ربا، وبمحمد نبيا، وبعلي بن أبي طالب وليا ” ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): من أصبح منكم راضيا بالله وبولاية علي بن ابي طالب، فقد أمن خوف الله وعقابه. 550 / 88 – الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى، قال: حدثني الامام علي بن محمد العسكري، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: من لم يغضب في


(1) الدارة: ما احاط بالشئ.

[ 284 ]

الجفوة لم يشكر النعمة. 551 / 89 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني علي بن محمد العسكري، قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين بن علي، قال: حدثني أبي الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سألت النبي (صلى الله عليه واله) عن الايمان ؟ قال: تصديق بالقلب، واقرار باللسان، وعمل با لاركان. 552 / 90 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني الامام علي بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: قال: إن من صفت له دنياه، فاتهمه في دينه (1). 553 / 91 – وبالاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): من نالته علة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرات، فإن ذهبت العلة والا فليقرأ سبعين مرة، وأنا الضامن له العافية. تم المجلس العاشر، ويتلوه المجلس الحادي عشر، من أمالي الشيخ الفاضل العالم العامل أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه ونور ضريحه بمحمد واله الاطهار الاخيار الابرار.


(1) تقدم في الحديث: 540 من هذا المجلس.

[ 285 ]

(11) المجلس الحادي عشر وفيه بقية أحاديث أبي محمد الفحام، وفيه أحاديث أبي قتادة، وفيه أيضا أحاديث عن الحسين بن عبيدالله، وفيه أحاديث عن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، وفيه أحاديث عن أبي منصور السكري، وفيه أحاديث عن محمد بن علي بن خشيش الكوفي. بسم الله الرحمن الرحيم 554 / 1 – أخبرنا أبو محمد الفحام السامري، قال: حدثنا المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثنا الامام علي بن محمد العسكري، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) واحدا واحدا، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): خمس تذهب ضياعا: سراج تقده في الشمس الدهن يذهب والضوء لا ينتفع به، ومطر جود على أرض سبخة المطر يضيع والارض لا ينتفع بها، وطعام يحكمه طاهيه يقدم إلى شبعان فلا ينتفع به، وامرأة حسناء تزف إلى عنين فلا ينتفع بها، ومعروف تصطنعه إلى من لا يشكره. 555 / 2 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد، قال: حدثني عم أبي، قال: قصدت الامام (عليه السلام) يوما فقلت: يا سيدي، إن هذا الرجل قد اطرحني وقطع رزقي وملني، وما أتهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك، فإذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته. فقال: تكفى إن شاء الله.


[ 286 ]

فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل، رسول يتلو رسولا، فجئت والفتح على الباب قائم فقال: يا رجل، ما تأوى في منزلك بالليل ؟ كد (1) هذا الرجل مما يطلبك، فدخلت وإذا المتوكل جالس في فراشه، فقال: يا أبا موسى نشغل عنك وتنسينا نفسك، أي شئ لك عندي ؟ فقلت: الصلة الفلانية، والرزق الفلاني، وذكرت أشياء، فامر لي بها وبضعفها، فقلت للفتح: وافى علي بن محمد إلى هاهنا ؟ فقال: لا. فقلت: كتب رقعة ؟ فقال: لا. فوليت منصرفا فتبعني، فقال لي: لست أشك أنك سألته دعاء لك، فالتمس لي منه دعاء، فلما دخلت إليه (عليه السلام) قال لي: يا أبا موسى، هذا وجه الرضا. فقلت: ببركتك يا سيدي، ولكن قالوا لي: إنك ما مضيت إليه ولا سألته. فقال: إن الله (تعالى) علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه، ولا نتوكل في الملمات إلا عليه، وعودنا إذا سألنا الاجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا. قلت: إن الفتح قال لي كيت وكيت. قال: إنه يوالينا بظاهره، ويجانبنا بباطنه، الدعاء لمن يدعو به إذا أخلصت في طاعة الله، واعترفت برسول الله (صلى اللة عليه واله) وبحقنا أهل البيت، وسألت الله (تبارك وتعالى) شيئا لم يحرمك. قلت: يا سيدي فتعلمني دعاء اختص به من الادعية. قال: هذا الدعاء كثيرا ما أدعو الله به، وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي، وهو: ” يا عدتي عند العدد، ويا رجائي والمعتمد، وياكهفي والسند، ويا واحد يا أحد، ويا قل هو الله أحد، أسالك اللهم بحق من خلقته من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، أن تصلي عليهم، وتفعل بي كيت وكيت ” (2). 556 / 3 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بوطير، قال: حدثني خير الكاتب، قال: حدثني شيلمة الكاتب، وكان قد عمل أخبار


(1) كد الرجل: ألخ في الطلب. (2) تقدم هذا الدعاء في الحديث: 538.

[ 287 ]

سرمن رأى، قال: كان المتوكل ركب إلى الجامع، ومعه عدد ممن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة، وكان المتوكل يحقره، فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب وأحسن، فتقدم المتوكل يصلي، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائه، وقال: يا أمير المؤمنين، من خطب يصلي. فقال المتوكل: أردنا أن نخجله فأخجلنا. وكان أحد الاشرار، فقال يوما للمتوكل: ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد، فلا يبقى في الدار إلا من يخدمه، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شئ، وهذا إذا علمه الناس قالوا: لو لم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة، فتقدم ألا يخدم ولايشال بين يديه ستر، وكان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله. قال: فكتب صاحب الخبر إليه أن علي بن محمد دخل الدار، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه ستر، فهب هواء رفع الستر له فدخل، فقال: اعرفوا خبر خروجه، فذكر صاحب الخبر أن هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتى خرج، فقال: ليس نريد هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه. 557 / 4 – قال: ودخل (عليه السلام) يوما على المتوكل فقال: يا أبا الحسن، من أشعر الناس، وكان قد سأل قبله ابن الجهم، فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام، فلما سأل الامام (عليه السلام) قال: فلان بن فلان العلوي. قال ابن الفحام: وأحسبه الحماني. قال: حيث يقول: لقد فاخرتنا من قريش عصابة بمط خدود وامتداد أصابع فلما تنازعنا القضاء قضى لنا عليهم بما نهوى نداء الصوامع قال: وما نداء الصوامع، يا أبا الحسن ؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، جدي أم جدك ؟ فضحك المتوكل، ثم قال: هو جدك، لا ندفعك عنه. 558 / 5 – قال أبو محمد الفحام: وحدثني أبو الطيب، وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشباك، فقال لي: جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهير والشمس تغلي،


[ 288 ]

والطريق خال من أحد، وأنا فزع من الزعار (1) ومن أهل البلد، أتخفى إلى أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلى الشباك، فمددت عيني، فإذا برجل جالس على الباب ظهره إلي كانه ينظر في دفتر، فقال لي: يا أبا الطيب، بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن جعفر بن الرضا. فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه ؟ قلت: يا سيدي، أمضي أزور من الشباك وأجيئك فأقضي حقك. قال: ولم لا تدخل، يا أبا الطيب ؟ فقلت له: الدار لها مالك لا أدخلها من غير إذنه. فقال: يا أبا الطيب، تكون مولانا رقا، وتوالينا حقا، ونمنعك تدخل الدار ! ادخل يا أبا الطيب. فقلت: امضي أسلم عليه ولا أقبل منه: فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع، ففتح لي الباب، ودخلت فكان يقول: أليس كنت لا تدخل الدار ؟ فقال: أما أنا فقد أذنوا لي بقيتم أنتم. 559 / 6 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، عن عم أبيه، وحدثني عمي، عن كافور الخادم بهذا الحديث، قال: كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنائع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية، وكان يونس النقاش يغشى (2) سيدنا الامام ويخدمه، فجاءه يوما يرعد، فقال له: يا سيدي، أوصيك باهلي خيرا. قال: وما الخبر ؟ قال: عزمت على الرحيل. قال: ولم يا يونس ؟ وهو يتبسم (عليه السلام). قال: قال يونس: ابن بغا وجه إلي بفض ليس له قيمة، أقبلت أنقشه فكسرته باثنين وموعده غدأ وهو موسى بن بغا، إما ألف سوط أو القتل. قال: امض إلى منزلك، إلى غد فرج، فما يكون إلا خيرا ؟ فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد، فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص. قال: امض إليه فما ترى إلا خيرا. قال: وما أقول له، يا سيدي ؟ قال: فتبسم، وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلا خير.


(1) الزعارة: شراسة الخلق. وفي نسخة: الذعار، أي الخبثاء. (2) أي يأتي.

[ 289 ]

قال: فمضى وعاد يضحك. قال: قال لي، يا سيدي: الجواري اختصموا، فيمكنك أن تجعله فصين حتى نغنيك. فقال سيدنا الامام: اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا، فأيش قلت له ؟ قال: قلت: أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعمله. فقال: أصبت. 560 / 7 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني أبو الحسن المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: حدثني الامام علي بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: من أدى للة مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة. قال ابن الفحام: رأيت والله أمير المؤمنين (عليه السلام) في النوم، فسألته عن الخبر، فقال: صحيح إذا فرغت من المكتوبة، فقل وأنت ساجد ” اللهم بحق من رواه وروي عنه صل على جماعتهم، وافعل بي كيت وكيت “. 561 / 8 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي عمرو بن يحيى الفحام، قال: حدثني أبو الحسن إسحاق بن عبدوس، قال: حدثني محمد بن بهار بن عمار التيمي، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا الفضيل بن الزبير، عن أبي داود السبيعي، عن عمران بن الحصين أخي (1) بريدة بن حصيب، قال: بينا أنا وأخي بريدة عند النبي (صلى اللة عليه وآله) إذ دخل أبو بكر، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: انطلق فسلم على أمير المؤمنين: فقال: يارسول الله، ومن أمير المؤمنين ؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: عن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال: نعم. ثم دخل عمر فسلم فقال: انطلق فسلم على أمير المؤمنين. فقال: يا رسول الله،


(1) هو أخوه لامه.

[ 290 ]

ومن أمير المؤمنين ؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: عن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال: نعم. 562 / 9 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني إسحاق بن عبدوس، قال: حدثني محمد بن بهار بن عمار، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، عن جابر، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال: أتيت النبي (صلى اللة عليه وآله) وعنده أبو بكر وعمر، فجلست بينه وبين عائشة، فقالت لي عائشة: ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله. فقال: مه يا عائشة، لا تؤذيني في علي، فإنه أخي في الدنيا وأخي في الاخرة، وهو أمير المؤمنين، يجعله الله يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة، وأعداءه النار. 563 / 10 – قال أبو محمد الفحام: وفي هذا المعنى حدثني أبو الطيب محمد ابن الفرحان الدوري، قال: حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان، قال: حدثنا سفيان ابن وكيع، عن أبيه، عن الاعمش، عن ابن المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يقول الله (تعالى) يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما، وذلك قوله (تعالى): ” القيا في جهنم كل كفار عنيد ” (1). 564 / 11 – أبو محمد الفحام، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسرمن رأى، قال: حدثنا أبي هاشم بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن عبد الله الجوهري البصري، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه واله)، قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب، وذلك قوله (تعالى): ” وقفوهم إنهم مسئولون ” (2) يعني عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).


(1) سورة ق 50: 24. (2) سورة الصافات 37: 24.

[ 291 ]

565 / 12 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني الحسن بن علي بن المتوكل، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: سألني عمر بن الخطاب، فقال لي: يا بني من أخير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ قال: قلت: من أحل له ما حرم الله على الناس، وحرم عليه ما أحل للناس ؟ فقال: والله لقد قلت فصدقت، حرم على علي بن أبي طالب الصدقة وأحلت للناس، وحرم عليهم أن يدخلوا المسجد وهم جنب وأحله له، وغلقت الابواب وسدت ولم يغلق لعلي باب ولم يسد. 566 / 13 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علي الرأس، قال: حدثنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الله العمري، قال: حدثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة، قال: حدثني أخي محمد بن المغيرة، عن محمد بن سنان، عن سيدنا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال أبي لجابر بن عبد الله: لي إليك حاجة أريد أخلو بك فيها ؟ فلما خلا به في بعض الايام، قال له: أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة (عليها السلام). قال جابر: أشهد بالله لقد دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلى اللة عليه واله) لاهنئها بولدها الحسين (عليه السلام)، فإذا بيدها لوح أخضر من زبرجدة خضراء، فيه كتاب أنور من الشمس وأطيب من رائحة المسك الاذفر. فقلت: ما هذا، يا بنت رسول الله ؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله (عزوجل) إلى أبي، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم الاوصياء بعده من ولدي، فسألتها أن تدفعه إلي لانسخه ففعلت، فقال له: فهل لك أن تعارضني به ؟ قال: نعم. فمضى جابر إلى منزله وأتى بصحيفة من كاغد فقال له: انظر في صحيفتك حتى أقرأها عليك، وكان في صحيفته مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم، أنزله الروح الامين على محمد خاتم النبيين. يا محمد، عظم اسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد الائي، ولا ترج سواي،


[ 292 ]

ولا تخش غيري، فإنه من يرجو سواي ويخشى غيري أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين. يا محمد، إني اصطفيتك على الانبياء، وفضلت وصيك على الاوصياء، وجعلت الحسن عيبة علمي من بعد انقضاء مدة أبيه، والحسين خير أولاد الاولين والاخر بن، فيه تثبت الامامة، ومنه تعقب علي زين العابدين، ومحمد الباقر لعلمي والداعي إلى سبيلي على منهاج الحق، وجعفر الصادق في العقل والعمل تنشب من بعده فتنة صماء، فالويل كل الويل للمكذب بعبدي وخيرتي من خلقي موسى، وعلي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق الله، ومحمد الهادي إلى سبيلي الذاب عن حريمي والقيم في رعيته حسن أغر، يخرج منه ذو الاسمين علي (والحسن)، والخلف محمد يخرج في اخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظله من الشمس، ينادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين والخافقين، وهو المهدي من آل محمد، يملا الارض عدلا كما ملئت جورا. 567 / 14 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري بسرمن رأى، قال: حدثنا أبو السرى سهل بن يعقوب بن إسحاق مؤذن المسجد المعلق بصف شنيف بسرمن رأى سنة ثمان وتسعين ومائتين، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى سيدنا الصادق (عليه السلام)، فقال له: يا سيدي، أشكو إليك دينا ركبني وسلطانا غشمني، وأريد أن تعلمني دعاء اغتنم به غنيمة أقضي بها ديني وأكفي بها ظلم سلطاني. فقال: إذا جنك الليل، فمل ركعتين، اقرأ في الاولى منهما الحمد واية الكرسي، وفي الركعة الثانية الحمد واخر الحشر ” لو أنزلنا هذا آلفران على جبل ” (1) إلى خاتمة السورة، ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل ” بهذا القرآن


(1) سورة الحشر 59: 21.

[ 293 ]

وبحق من أرسلته به، وبحق كل مؤمن مدحته فيه، وبحقك عليهم، فلا أحد أعرف بحقك منك بك يا الله ” عشر مرات، ثم تقول ” يا محمد ” عشر مرات ” يا علي ” عشر مرات ” يا فاطمة ” عشر مرات ” يا حسن ” عشر مرات ” يا حسين ” عشر مرات ” يا علي بن الحسين ” عشر مرات ” يا محمد بن علي ” عشر مرات ” يا جعفر بن محمد ” عشر مرات ” يا موسى بن جعفر ” عشر مرات ” يا علي بن موسى ” عشر مرات ” يا محمد بن علي ” عشر مرات ” يا علي بن محمد ” عشر مرات ” يا حسين بن علي ” عشر مرات ” يا حجة ” عشر مرات. ثم تسأل الله (تعالى) حاجتك. قال: فمضى الرجل وعاد إليه بعد مدة، قد قضى دينه، وصلح له سلطانه، وعظم يساره. 568 / 15 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد، قال: حدثني الامام علي بن محمد، قال: حدثني أبي، عن أبيه علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: قال الصادق (عليه السلام): كانت استخارة الباقر (عليه السلام) ” اللهم إن خيرتك تنيل الرغائب، وتجزل المواهب، وتغنم المطالب، وتطيب المكاسب، وتهدي إلى أجمل العواقب، وتقي محذور النوائب، اللهم يا مالك الملوك استخيرك فيما عزم رأيي عليه وقادني يا مولاي إليه، فسهل من ذلك ما توعر، ويسر منه ما تعسر، واكفني في استخارتي المهم، وارفع عني كل ملم، واجعل عاقبة أمري غنما، ومحذوره سلما، وبعده قربا، وجدبه خصبا، أعطني يا رب لواء الظفر فيما استخرتك فيه، وفوز الانعام فيما دعوتك له، ومن علي بالافضال فيما رجوتك، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب “. 569 / 16 – وبهذا الاسناد، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): عليكم بالتقية، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره. 570 / 17 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسإل الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إن الله (عز وجل) قد غفر لك ولشيعتك، ومحبي شيعتك، فابشر فإنك الانزع البطين، منزوع من الشرك، بطين من العلم.


[ 294 ]

571 / 18 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما سميت ابنتي فاطمة لان الله (عزوجل) فطمها وفطم من أحبها من النار. 572 / 19 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام) في قوله (تعالى): ” إن الحسنات يذهبن السيئات ” (1). قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار. 573 / 20 – وباسناده، في قوله (عز وجل)، في قول يعقوب: ” فصبر جميل ” (2). قال: بلا شكوى. 574 / 21 – وباسناده، قال: قال الباقر (عليه السلام): اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، ثم تلا هذه الاية ” إن في ذلك لايات للمتوسمين ” (3). 575 / 22 – وباسناده، في قوله: ” اجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور ” (4). قال: الرجس الشطرنج، وقول الزور: الغناء. 576 / 23 – وباسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام): ” ولقد وصلنا لهم القول ” (5) قال: إمام بعد إمام. وفي قوله: ” تتجافى جنوبهم عن المضاجع ” (6) قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة. 577 / 24 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدثني الامام علي بن


(1) سورة هود 11: 114. (2) سورة يوسف 12: 18. (3) سورة الحجر 15: 75. (4) سورة الحج 22: 30. (5) سورة القصص 28: 51. (6) سورة السجدة 32: 16.

[ 295 ]

محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال لي النبي (صلى الله عليه واله): يا علي، خلقني الله (تعالى) وأنت من نور الله حين خلق ادم، وأفرغ ذلك النور في صلبه، فأفضى به إلى عبد المطلب، ثم افترقا من عبد المطلب، أنا في عبد الله، وأنت في أبي طالب، لا تصلح النبوة إلا لي، ولا تصلح الوصية إلا لك، فمن جحد وصيتك جحد نبوتي، ومن جحد نبوتي أكبه الله على منخريه في النار. 578 / 25 – قال رسول الله (صلى اللة عليه وآله): لما أسرى بي إلى السماء كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلي ربي ما أوحى، تم قال: يا محمد، اقرأ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين السلام، فما سميت بهذا أحدا قبله، ولا أسمي بهذا أحدا بعده. 579 / 26 – وبالاسناد، عن جابر، قال: سمعت ابن مسعود يقول: قال النبي (صلى الله عليه وآله): حرمت النار على من امن بي وأحب عليا وتولاه، ولعن الله من مارى عليا وناواه، علي مني كجلدة ما بين العين والحاجب. 580 / 27 – وبالاسناد، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه واله) يقول: من أحب أن يجاور الخليل في داره، ويأمن حر ناره، فليتول علي بن أبي طالب. 581 / 28 – وبالاسناد، قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق (عليه السلام)، فقال له: يا سماعة، من شر الناس ؟ قال: نحن يابن رسول الله. قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه، ثم استوى جالسا، وكان متكئا، فقال: يا سماعة، من شر الناس ؟ فقلت: والله ما كذبتك يابن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس، لا نهم سمونا كفارا ورفضة، فنظر إلي ثم قال: كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة، وسيق بهم إلى النار،


[ 296 ]

فينظرون إليكم فيقولون. ” ما لنا لا نرئ رجالا كنا نعدهم من الاشرار) (1) يا سماعة ابن مهران، إنه والله من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع. 582 / 29 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: خدمت سيدنا الامام أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ثماني عشرة سنة، فلما أردت الخروج ودعته، وقلت: أفدني. فقال: بعد ثماني عشرة سنة، يا جابر ! قلت: نعم إنكم بحر لا ينزف ولا يبلغ قعره. فقال: يا جابر، بلغ شيعتي عني السلام، وأعلمهم أنه لا قرابة بيننا وبين الله (عزوجل)، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة له. يا جابر، من أطا اع الله وأحئنا فهو ولئنا، ومن عص الله لم ينفعه حننا. يا جابر، من هذا الذي يسأل الله فلم يعطه، أو توكل عليه فلم يكفه، أو وثق به فلم ينجه ! يا جابر، انزل الدنيا منك كمنزل نزلته تريد التحويل عنه، وهل الدنيا إلا دابة ركبتها في منامك فاستيقظت وأنت على فراشك غير راكب ولا اخذ بعنانها، أو كثوب لبسته أو كجارية وطئتها.. يا جابر، الدنيا عند ذوي الالباب كفئ الظلال، لا إله إلا الله إعزاز لاهل دعوته، الصلاة تثبيت للاخلاص وتنزيه عن الكبر، والزكاة تزيد في الرزق، والصيام والحج تسكين القلوب، القصاص والحدود حقن الدماء، وحبنا أهل البيت نظام الدين، وجعلنا الله وإياكم من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. * (هامش) (1) سورة ص 38: 62.


[ 297 ]

583 / 35 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني صفوان بن حمدون الهروي، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن السري، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو أحمد الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الازدي، قال: حدثني أبي وعمي عبد العزيز بن محمد الازدي، قالا: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: سئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقال: هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله (تعالى) العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، فاجتهدوا في القربة إلى الله (تعالى) فيها، فإنها ليلة إلى الله على نفسه ألا يرد سائلا له فيها ما لم يسأل معصية، وانها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا (صلى الله عليه واله) فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله (عزوجل)، فإنه من سبح الله (تعالى) فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة، غفر الله (تعالى) له ما سلف من معاصيه، وقض له حوائج الدنيا والاخرة، ما التمسه منه، وما علم حاجته إليه وان لم يلتمسه منه، كرما منه (تعالى) وتفضلا على عباده. قال أبويحبى: فقلت لسيدنا الصادق (عليه السلام) أيش الادعية فيها ؟ فقال: إذا أنت صليت عشاء الآخرة، فصل ركعتين، اقرأ في الاولى بالحمد وسورة الجحد وهي ” قل يا أيها الكافرون ” واقرأ في الركعة الثانية بالحمد وسورة التوحيد وهي ” قل هو الله أحد ” فإذا أنت سلمت قلت ” سبحان الله ” ثلاثا وثلاثين مرة و ” الحمد لله ” ثلاثا وثلاثين مرة و ” الله أكبر ” أربعا وثلاثين مرة، ثم قل ” يا من إليه ملجا العباد في المهمات ” الدعاء إلى اخره، ذكرناه في عمل السنة، فإذا فرغ سجد ويقول (يا رب) عشرين مرة ” يا محمد ” سبع مرات ” لا حول ولا قوة إلا بالله ” عشر مرات ” ما شاء الله ” عشر مرأت ” لا قوة إلا بالله ” عشر مرات، ثم تصلي على النبي (صلى اللة عليه واله) وتسال حاجتك، فوالله لو سألت بها بفضله وبكرمه عدد القطر لبلغك الله إياها بكرمه وفضله. 584 / 31 – أبو محمد الفحام، قال: حدثنا المنصوري، قال: حدثني عم أبي،


[ 298 ]

قال: حدثني الامام علي بن محمد (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: إن رجلا جاء إلى سيدنا الصادق (عليه السلام) فشكا إليه الفقر، فقال: ليس الامر كما ذكرت وما أعرفك فقيرا. قال: والله يا سيدي ما استبيت (1)، وذكر من الفقر قطعة والصادق يكذبه، إلى أن قال له: خبرني لو أعطيت بالبراءة منا مائة دينار، كنت تأخذ ؟ قال: لا. إلى أن ذكر ألوف دنانير والرجل يحلف أنه لا يفعل، فقال له: من معه سلعة يعطى بها هذا المال لا يبيعها هو فقير ! 585 / 32 – الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، قال: حدثني الامام علي بن محمد (عليهما السلام)، باسناده عن الباقر (عليه السلام)، عن جابر قال: كنث أماشي أمير المؤمنين (عليه السلام) على الفرات، إذ خرجت موجة عظيمة فغطته حتى استتر عني، ثم انحسرت عنه ولا رطوبة عليه، فوجمت لذلك وتعجبت، وسألته عنه، فقال: ورأيت ذلك ؟ قال: قلت: نعم. قال: إنما الملك الموكل بالماء خرج فسلم علي واعتنقني. 586 / 33 – وبهذا الاسناد، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا حشر الناس يوم القيامة نادى مناد: يا رسول الله، إن الله جل اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك ومحبي أهل بيتك، الموالين لهم فيك، والمعادين لهم فيك، فكافئهم بما شئت، فأقول: يا رب الجنة. فأنادى: فولهم منها حيث شئت، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به. 587 / 34 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي عمر بن يحيى، قال: حدثنا كافور الخادم، قال: قال لي الامام علي بن محمد (عليهما السلام): اترك السطل الفلاني في الموضع الفلاني، لا تطهر منه للصلاة، وأنفذني في حاجة، وقال: إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة، واستلقى (عليه السلام) لينام، وأنسيت ما قال لي، وكانت ليلة باردة، فحسست به وقد قام إلى الصلاة، وذكرت أنني لم أترك السطل،


(1) يقال: فلان لا يستبيت: أي ليس له قوت ليلة.

[ 299 ]

فبعدت عن الموضع خوفا من لومه، وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء، فناداني نداء مغضب فقلت: إنا لله أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا ؟ ولم أجد بدا من إجابته، فجئت مرعوبا فقال لي: يا ويلك، أما عرفت رسمي، أ نني لا أتطهر إلا بماء بارد، فسخنت لي ماء وتركته في السطل ؟ ! قلت: والله يا سيدي، ما تركت السطل ولا الماء. قال: الحمد لله والله لا تركنا رخصة ولا رددنا منحة، الحمد لله الذي جعلنا من اهل طاعته، ووفقنا للعون على عبادته، إن النبي (صلى اللة عليه واله) يقول: إن الله يغضب على من لا يقبل رخصة. 588 / 35 – أبو محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله الكتنجي، عن أبي عاصم، عن الصادق (عليه السلام) قال: شيعتنا جزء منا، خلقوا من فضل طينتنا، يسوءهم ما يسوءنا، ويسرهم ما يسرنا، فإذا أرادنا أحد فليقصدهم فإنهم الذين يومل منه إلينا. 589 / 36 – الفحام، قال: حد ثنا المنصوري، باسناده، قال: قال النبي (صلى الله عليه واله): لا تخيب راجيك، فيمقتك الله ويعاديك. 590 / 37 – قال أبو محمد: كان أبو الطيب أحمد بن محمد بن بوطير رجلا من أصحابنا، وكان جده بوطير غلام الامام أبي الحسن علي بن محمد، وهو سماه بهذا الاسم، وكان ممن لا يدخل المشهد، ويزور من وراء الشباك، ويقول: للدار صاحب حتى أذن له، وكان متأدبا يحضر الديوان، وكان إذا طلب من الانسان حاجة، فإن أنجزها شكر وبشر، لم ان وعده عاد إليه ثانية، فإن أنجزها والا عاد ثالثة، فإن أنجزها والا قام في مجلسه، إن كان ممن له مجلس، أو جمع الناس فأنشد: أعلى الصراط تريد رعية ذمتي أم في المعاد تجود بالانعام إني لدنياي أريدك فانتبه يا سيدي من رقدة النوام 591 / 38 – أبو محمد الفحام، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن هارون، قال: حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم، عن أبيه، عن جده محمد بن إبراهيم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام) يقول في في قوله (تعالى) ” ادخلوا في السلم كافة “،


[ 300 ]

قال: في ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام) اولا تتبعوا خطوات الشيطان، (1) قال: لا تتبعوا غيره. 592 / 39 – الفحام، قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون، قال: حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم، عن أبيه، عن جده – وهو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم -، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: كان يقرأ ” إن الله اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران وال محمد على العالمين ” (2) قال: هكذا أنزلت. 593 / 40 – الفحام، قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات، أخذه فطرحه في جب وطرح معه السباع، فلم تدن منه، ولم تجرحه، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه. أن إئت دانيال بطعام. قال: يا رب، وأين دانيال ؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك عليه، فأتت به الضبع إلى ذلك الجب، فإذا فيه دانيال، فادلى إليه الطعام، فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد الله الذي يجزي بالاحسان إحسانا وبالصبر نجاة. ثم قال الصادق (عليه السلام): إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون، وألا تقبل لاوليائه شهادة في دولة الظالمين. انتهت أخبار أبي محمد الفحام. 594 / 41 – خبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة


(1) سورة البقرة 2: 108. (2) سورة ال عمران 3: 33.

[ 301 ]

القمي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ تذاكروا عنده الفتوة، فقال: وما الفتوة، لعلكم تظنون أنها بالفسوق والفجور ! كلا إنما الفتوة طعام موضوع، ونائل مبذول، وبشر مقبول، وعفاف معروف، وأذى مكفوف، وأما تلك فشطارة وفسوق. ثم قال: وما المروءة ؟ فقلنا: لا نعلم. قال: فقال: المروءة والله أن يضع الرجل خوانه بحسب غناه، فإن المروءة مروءتان: مروءة في السفر، ومروءة في الحضر، فاما التي في الحضر فتلاوة القران، ولزوم المساجد، والمشي مع الاخوان في الحوائج، والنعمة ترى على الخادم، فإنها مما تسر الصديق، وتكبت العدو ؟ وأما التي في السفر فكثرة الزاد، وطيبه، وبذله لمن يكون معك، وكتمانك على القوم بعد مفارقتك إياهم. قال: والذي بعث محمدا (صلى اللة عليه وآله) بالحق نبيا، إن الله (عزوجل) يرزق العبد على قدر المروءة، وان المعونة على قدر المؤونة، وان الصبر لينزل على قدر شدة البلاء على المؤمن. 595 / 42 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، قال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس لحاقن (1) رأي، ولا لملول صديق، ولا لحسود غنى، وليس بحازم من لم ينظر في العواقب، والنظر في العواقب تلقيح القلوب. 596 / 43 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لمعلى ابن خنيس: يا معلى، عليك بالسخاء وحسن الخلق، فإنهما يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة. 597 / 44 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لداود ابن سرحان: يا داود، إن خصال المكارم بعضها مقيد ببعض، يقسمها الله حيث يشاء، تكون في الرجل، ولا تكون في ابنه، وتكون في العبد، ولا تكون في سيده: صدق الحديث، وصدق الناس، واعطاء السائل، والمكافاة بالصنائع، وأداء الامانة، وصلة الرحم، والتردد إلى الجار والصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء.


(1) الحاقن: الذي احتبس بوله فتجمع.

[ 302 ]

598 / 45 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: وصية ورقة بن نوفل لخديجة بنت خويلد (عليها السلام) إذا دخل عليها، يقول لها: يا بنت أخي، لا تماري جاهلا ولا عالما، فإنك متى ماريت جاهلا آذاك، ومتى ماريت عالما منعك علمه، وإنما يسعد بالعلماء من أطاعهم. أي بنية، إنه لا فراق أبعد من الموت، ولا حزن أطول من النساء (1)، وتلقي من لا يجدي عليك الموت الاحمر. أي بنية، إياك وصحبة الاحمق الكذاب، فإنه يريد نفعك فيضرك، يقرب منك البعيد، ويبعد منك القريب، إن ائتمنته خانك، وإن ائنمنك أهانك، وإن حدثك كذبك، وإن حدثته كذبك، وأنت منه بمنزلة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. واعلمي أن الشاب الحسن الخلق مفتاح للخير، مغلاق للشر، وإن الشاب الشحيح الخلق مغلاق للخير مفتاح للشر، واعلمي أن الاجر إذا انكسر لم يشعب، ولم يعد طينا. 599 / 46 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن لله (عزوجل) وجوها خلقهم من خلقه وأرضه لقضاء حوائج إخوانهم، يرون الحمد مجدا، والله (عزوجل) يحب مكارم الاخلاق، وكان فيما خاطب الله (تعالى) به نبيه (عليه السلام)، أن قال له: يا محمد ” إنك لعلى خلق عظيم ” (2). قال: السخاء، وحسن الخلق. 600 / 47 – وبهذا الاسناد، عن أبي قتادة، عن داود بن سرحان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه سدير الصيرفي، فسلم وجلس، فقال له: يا سدير، ما كثر مال رجل قط إلا عظمت الحجة لله (تعالى) عليه، فإن قدرتم أن تدفعوها عن


(1) كذا. (2) سورة القلم 68: 4.

[ 303 ]

أنفسكم فافعلوا. فقال له. يابن رسول الله، بماذا ؟ قال: بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم. ثم قال: تلقوا النعم – يا سدير – بحسن مجاورتها، واشكروا من أنعم عليكم، وانعموا على من شكركم، فإنكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله (تعالى) الزيادة، ومن إخوانكم المناصحة ؟ ثم تلا ” لئن شكرتم لازيدنكم) (1). 601 / 48 – ابو قتادة، عن داود، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ثلاث هن من السعادة: الزوجة المؤاتية، والولد البار، والرجل يرزق معيشة يغدو على إصلاحها ويروح إلى عياله. 602 / 49 – أبو قتادة، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه زياد القندي، فقال له: يا زياد، وليت لهؤلاء ؟ قال: نعم يابن رسول الله، لي مروءة وليس وراء ظهري مال، وانما أواسي إخواني من عمل السلطان. فقال: يا زياد، أما إذا كنت فاعلا ذلك، فإذا دعتك نفسك إلى ظلم الناس عند القدرة على ذلك فاذكر قدرة الله (عزوجل) على عقوبتك، وذهاب ما أتيت إليهم عنهم، وبقاء ما أتيت إلى نفسك عليك، والسلام. 603 / 50 – أبو قتادة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: ثلاث لم يسال الله (عزوجل) بمثلهن، أن تقول: اللهم فقهني في الدين، وحنبني إلى المسلمين، واجعل لي لسان صدق في الاخرين. 604 / 51 – أبو قتادة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، انه قال: لست أحب أن أرى الشاب منكم إلا غاديا في حالين: إما عالما أو متعلما، فإن لم يفعل فرط، فإن فرط ضيع، وان ضيع أثم، وان أثم سكن النار، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق. 655 / 52 – أبو قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام). يا أبا قتادة، أتتهادون ؟ قال: نعم، يابن رسول الله. قال: فاستديموا الهدايا برد المزيد إلى أهلها.


(1) سورة إبراهيم 14: 7.

[ 304 ]

606 / 53 – أبو قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لكل شئ حلية، وحلية الخوان البقل، ولا ينبغي للمؤمن أن يجلس إلا حيث ينتهي به الجلوس، فإن تخطي أعناق الرجال سخافة. 607 / 54 – أبو قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما الحق منيف (1) فاعملوا به، ومن سره طول العافية فليتق الله. 608 / 55 – أبو قتادة، عن صفوان الجمال، قال: دخل المعلى بن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام) يودعه وقد أراد سفرا، فلما ودعه، قال: يا معلى، اعزز بالله يعززك. قال: بماذا، يابن رسول الله ؟ قال: يا معلى، خف الله (تعالى) يخف منك كل شئ. يا معلى، تحبب إلى إخوانك بصلتهم، فإن الله جعل العطاء محبة والمنع مبغضة، فأنتم والله إن تسألوني وأعطيكم فتحبوني أحب إلي من ألا تسألوني فلا أعطيكم فتبغضوني، ومهما أجرى الله (عزوجل) لكم من شئ على يدي فالمحمود الله (تعالى)، ولا تبعدون من شكر ما أجرى الله لكم على يدي. 609 / 56 – أبو قتادة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: حقوق شيعتنا علينا أوجب من حقوقنا عليهم. قيل له: وكيف ذلك، يابن رسول الله ؟ فقال: لانهم يصابون فينا، ولا نصاب فيهم 610 / 57 – أبو قتادة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، لا نهم في الاخرة ترجح لهم الحسنات فيجودون بها على أهل المعاصي. آخر أخبار أبي قتادة.


(1) في نسخه: نتف.

[ 305 ]

أحاديث الغضائري 611 / 58 – أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله الغضائري، قال: أخبرنا أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) لم يجعل للمؤمن أجلا في الموت، يبقيه ما أحب البقاء، فإذا علم منه أنه سيأتي بما فيه بوار دينه قبضه إليه مكرما. قال أبو علي: فذكرت هذا الحديث لاحمد بن علي بن حمزة مولى الطالبيين – وكان راوية للحديث – فحدثني عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالاجال، ومن يعيش بالاحسان أكثر ممن يعيش بالاعمار. 612 / 59 – أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللة (عليه السلام)، عن ابائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: كان ذات يوم جالسا بالرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به، وأبوك يعذب بالنار ! فقال له: مه فض الله الله فاك والذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الارض لشفعه الله (تعالى) فيهم، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار ! ثم قال: والذي بعث محمدا بالحق نبيا، إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه واله)، ونوري، ونور فاطمة، ونوري الحسن والحسين ومن ولده من الائمة، لان نوره من نورنا الذي خلقه الله (عزوجل) من قبل خلق ادم بألفي عام. 613 / 60 – أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا ابن


[ 306 ]

همام، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ابن يقطين، قال: حدثنا أبو أيوب يحيى بن زكريا، قال: حدثنا داود بن كثير بن أبي خالد الرقي، قال: حدثنا أبو عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): قال الله (عزوجل): لولا أني استحيي من عبدي المؤمن، ما تركت عليه خرقة يتوارى بها، وإذا أكملت له الايمان ابتليته بضعف في قوته وقلة في رزقه، فإن هو جزع أعدت عليه، وان صبر باهيت به ملائكتي، ألا وقد جعلت عليا علما للناس، فمن تبعه كان هاديا، ومن تركه كان ضالا، لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. 614 / 61 – أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: أخبرنا ابن همام، قال: حدثنا الحسين بن أحمد الماللاكي، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثنا أبو أيوب يحيى بن زكريا بن بشر بن محارب بن إسماعيل بن غنام بن خالد ابن زيد أبي أيوب الانصاري، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه واله). إن الله (عزوجل) خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته، فمن طعن عليه، أو رد عليه قوله، فقد رد على الله (عزوجل). أحاديث محمد بن أحمد بن أبي الفوارس 615 / 62 – حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ إملاء في مسجد الرصافة جانب الشرقي ببغداد، في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وأربع مائة، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، قال: حدثنا الحسن بن عتير الوشاء، قال: حدثنا محمد بن الوزير الواسطي، قال: حدثنا محمد بن معدان العبدي، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ما عظمت نعمة الله على عبد إلا عظمت مؤنة الناس عليه، فمن لم يحتمل تلك المؤنة فقد عرض تلك النعمة للزوال. 616 / 63 – حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه،


[ 307 ]

قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول لعلي (عليه السلام) ثلاثا، فلان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي، وخلقه في بعض مغازيه، فقال: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر: لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها، قال: ادعوا لي عليا، فاتى علي أرمد العينين، فبصق في عينيه، ودفع إليه الراية ففتح عليه، ولما نزلت هذه الاية ” ندع أبناءنا وأبناءكم ” (1) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهم السلام) وقال: اللهم هؤلاء أهلي. أحاديث أبي منصور السنكري 617 / 64 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثنا جدي علي بن عمر، قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن العباس، قال: حدثنا مهنا بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن أبيه، عن مينا، عن ابن مسعود، قال: ليلة الجن قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يابن مسعود، نعيت إلي نفسي. فقلت: استخلف، يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: أبا بكر. فاعرض عني ثم قال: يابن مسعود، نعيت إلي نفسي. قلت: استخلف. قال: من ؟ قلت: عمر. فأعرض عني، ثم قال: يابن مسعود، نعيت إلي نفسي. قلت: استخلف. قال: من ؟ قلت عليا. قال: أما إنهم إن أطاعوه دخلوا الجنة أجمعون أكتعون. 618 / 65 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا عيسى ابن سليمان الرزاق، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا زافر بن سليمان، قال: حدثنا المسلم بن سعيد، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولد بار نظر في كل يوم إلى أبويه برحمة إلا كان له بكل


(1) سورة ال عمران 3: 61.

[ 308 ]

نظرفي حجة مبرورة. قالوا: يا رسول الله، وان نظرفي كل يوم مائة نظرة ؟ قال: نعم الله أكثر وأطيب. 619 / 66 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثني جدي علي بن عمر، قال: حدثني العباس بن يوسف الشكلي، قال: حدثنا عبد الله بن هشام، قال: حدثنا محمد ابن مصعب القرقساني، قال: حدثنا الهيثم بن جماز، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: رجعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قافلين من تبوك، فقال لي في بعض الطريق: ألقوا لي الاحلاس والاقتاب، ففعلوا فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخطب، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: معاشر الناس، مالي إذا ذكر ال إبراهيم (عليه السلام) تهللت وجوهكم، وإذا ذكر ال محمد (صلى الله عليه واله) كأنما يفقأ في وجوهكم حب الرمان، فوالذي بعثني بالحق نبيا، لو جاء أحدكم يوم القيامة باعمال كامثال الجبال ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب لاكبه الله (عزوجل) في النار. 620 / 67 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثني جدي علي بن عمر، قال: حدثنا أبو العباس إسحاق بن مروان القطان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبيد بن مهران العطار، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، وعن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيهما، عن جدهما، قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في الفردرس لعينا أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج، وأطيب من المسك، فيها طينة خلقنا الله (عزوجل) منها، وخلق منها شيعتنا، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا، ولا من شيعتنا، وهي الميثاق الذي أخذ الله (عزوجل) عليه ولاية علي بن أبي طالب. قال عبيد: فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي هذا الحديث، فقال. صدقك يحيى بن عبد الله، هكذا أخبرني أبي عن جدي عن النبي (صلى الله عليه وآله) (1). 621 / 68 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثنا جدي علي بن عمر، قال: حدثني محمد بن محمد الباغندي، قال: حدثنا أبو ثور هاشم بن ناجية، قال: حدثنا


(1) يأتي في الحديث: 1356.

[ 309 ]

عطاء بن مسلم الخفاف، قال: سمعت الوليد بن يسار يذكر عن عمران بن ميثم، عن أبيه ميثم، قال: شهدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يجود بنفسه، فسمعته يقول: يا حسن. قال الحسن (عليه السلام): لبيك يا أبتاه. قال: إن الله (تعالى) أخذ ميثاق أبيك – وربما قال: أعطى ميثاقي وميثاق كل مؤمن – على بغض كل منافق وفاسق، وأخذ ميثاق كل منافق وفاسق على بغض أبيك. 622 / 69 – حدثنا أبو منصور السكري، قال: حدثني جدي علي بن عمر، قال: حدثنا إسحاق بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حماد بن كثير السراج، عن أبي خالد، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الجنة وأنت بابها يا علي، كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها. 623 / 70 – حدثنا أبو منصور، قال: حدثني جدي علي بن عمر، قال: حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الازهر، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: قال النبي (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت سيد في الدنيا وسيد في الاخرة، من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله (عزوجل). أحاديث ابن خشيش 624 / 71 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش بن نصربن جعفر – بن إبراهيم التميمي في بني فزارة، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن عبد الوهاب الاسفراييني إملاء، في المسجد الحرام، في ذي الحجة من سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، قال: حدثنا أبو سعيد المنذر بن محمد بن المنذر بهراة، قال: حدثنا يوسف بن موسى المروزي، قال: حدثنا الحسن بن علي المعاني أبو عبد الله العيني، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): إذا كان يوم عرفة غفر الله (تعالى) للحاج الخلص، وإذا كان ليلة المزدلفة غفر الله (تعالى) للتجار، وإذا كان يوم منى غفر الله للجمالين، وإذا كان عند جمرة


[ 310 ]

العقبة غفر الله للسؤال، فلا يشهد خلق ذلك الموقف ممن قال ” لا إله إلا الله ” إلا غفر الله له. 625 / 72 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن (علي بن) عبد الوهاب الاسفراييني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي ابن خلف البلخي، قال: حدثنا الحسن بن العلاء، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس من مات فاستراح بميت، إنما الميت ميت الاحياء (1). 626 / 73 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الضبي، قال: حدثنا نصر بن حماد، قال: حدثنا شعبة، عن السدي، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: وقف رسول اللة (صلى الله عليه وآله) على قتلى بدر فقال: جزاكم الله من عصابة شرا، لقد كذبتموني صادقا وخونتم أمينا. ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام، فقال: إن هذا أعتى على الله من فرعون، إن فرعون لما أيقن بالهلاك وحد الله، وان هذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى. 627 / 74 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري، نزيل مكة بها، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أتى رجل إلى النبي (صلى اللة عليه وآله)، فقال: ما عمل إن عملت به دخلت الجنة ؟ قال: اشتر سقاء جديدا، ثم اسق فيه حتى تخرقه، فإنك لا تخرقه حتى تبلغ به عمل الجنة. 628 / 75 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد الازدي المصري الحافظ إملاء من حفظه، في المسجد الحرام،


(1) الظاهر أنه مطابق للشعر من غير قصد.

[ 311 ]

في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، قال: حدثنا عثمان بن محمد السمرقندي، قال: حدثنا محمد بن حماد الظهراني، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى اللة عليه وآله) انه قال: دعوة المظلوم مستجابة وان كانت من فاجر مخوف على نفسه. قال عبد الرزاق: ثم لقيت أبا معشر فحدثني به. 629 / 76 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني باصبهان، قال: حدثنا عمرو بن ثور الجذامي، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما شبع آل محمد (عليهم السلام) ثلاثة أيام تباعا حتى لحق با لله (عزوجل). 630 / 77 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا الحسن بن أبي الحسن العسكري بمصر، قال: حدثنا الحسين بن حميد العكي، قال. حدثنا زهير بن عباد الرواسي، قال: حدثنا أبو بكر بن شعيب، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن عمرو بن الشريد، عن فاطمة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا. 631 / 78 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن محمود، قال: حدثنا صخر ابن محمد الحاجبي، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن الزهري، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): بجلوا المشايخ، فإن من إجلال الله تبجيل المشايخ. 632 / 79 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد الدينوري بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن حمدان بن وهب، قال: حدثنا أبو سعيد الاشج، قال: حدثنا عقبة بن خالد، قال: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم، فإنه أروح لاقدامكم.


[ 312 ]

633 / 80 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو ذر، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثني الاحمسي، قال: حدثنا ابن أبي حماد قال: حدثنا يحيى بن سلمة، عن أبيه، عن أبي صادق، عن عليم، قال: سمعت سلمان يقول، إن أول هذه الامة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإن خراب هذا البيت على يد رجل من آل فلان. 634 / 81 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو ذر، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا الفضل بن يوسف، قال: حدثنا مخول، قال: حدثنا منصور – يعني ابى أبي الاسود – عن أبيه، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. 635 / 82 – حدثنا محمد بن خشيش، قال: حدثنا أبو الحسين يحيى ابن الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن العلاء بن الحسين بن عبد الله ابن المغيرة بن العلا بن أبي ربيعة بن علقمة بن المطلب بن عبد المناف، في منزلة بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو المديني، قال: حدثنا يونس بن عبد الاعلي الصدفي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن أنس بن مالك: أن رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الساعة، فقال: ما أعددت لها ؟ قال: حب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت. 636 / 83 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن (على بن) عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا اللؤلؤي، قال حدثنا شعبة عن توبة العنبري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود، فإن الله يستحي أن يعذب الوجه المليح بالنار. 637 / 84 – حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخزاز إملاء في منزلة، قال: حدثنا أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي إملاء، قال: حدثنا أبو


[ 313 ]

العباس أحمد بن جبر القواس خال ابن كردى، قال: حدثنا محمد بن سلمة الواسطي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا ثابت، عن أنس ابن مالك، قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وآله) ذات يوم بغلته، فانطلق إلى جبل آل فلان، وقال: يا أنس، خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا وكذا، تجد عليا جالسا يسبح بالحصى، فاقرأه مني السلام واحمله على البغلة وآت به إلي. قال أنس: فذهبت فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحملته على البغلة فأتيت به إليه، فلما أن بصر به رسول الله صلى الله عليه وآله) قال: السلام عليك يا رسول الله، قال: وعليك السلام يا أبا الحسن، فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه من الانبياء أحد إلا وأنا خير منه، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه. قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما، فمد النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السحابة، فتناول عنقود عنب فجعله بينه وبين علي، وقال: كل يا أخي، فهذه هدية من الله (تعالى) إلى ثم إليك. قال أنس: فقلت: يا رسول الله، علي أخوك ؟ قال: نعم، علي أخي، فقلت يا رسول الله، صف لي كيف علي أخوك ؟ قال: إن الله (عزوجل) خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم، فلما أن خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله، ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في صلب عبد المطلب، ثم شقه الله (عزوجل بنصفين، فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب، ونصف في أبي طالب، فأنا من نصف الماء وعلي بن النصف الاخر، فعلي أخي في الدنيا والاخرة، ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) (1).


(1) سورة الفرقان 25: 54 (*).

[ 314 ]

638 / 85 – أخبرنا ابن خشيش، عن أبي المفضل محمد بن عبيدالله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر الكوفي بواسط، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير ومحمد بن سنان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بينا الحسين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، أتحبه ؟ قال: نعم، قال: أما إن أمتك ستقتله، فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذلك حزنا شديدا، فقال جبرئيل (عليه السلام): أيشرك إن أريك التربة التي يقتل فيها ؟ قال: نعم، قال: فخسف جبرئيل (عليه السلام) ما بين مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كربلاء حتى التقت القطعتان هكذا – وجمع بين السبابتين – فتناول بجناحيه من التربة فناولها لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم دحا الارض من طرف العين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لك من تربة، وطوبى لمن يقتل فيك. 639 / 86 – أخبرنا ابن خشيش، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الهمداني، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخصاف النحوي، قال: حدثنا محمد بن سلمة بن أرتبيل، قال: حدثنا يونس بن أرقم، عن الاعمش، عن سالم بن أبي الجع، عن أنس بن مالك: أن عظيما عن عظماء الملائكة استأذن ربه (عزوجل) في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) فأذن له، فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين (عليه السلام فقبله النبي (صلى الله عليه وآله) وأجلسه في حجره، فقال له الملك: أتحبه ؟ قال: أجل أشد الحب، إنه ابني، قال له: إن أمتك ستقتله، قال: أمتي تقتل ابني هذا ؟ قال: نعم، وإن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها، قال نعم، فأراه تربة حمراء طيبة الريح، فقال: إذا صارت هذه التربة دما عبيطا فهو علامة قتل ابنك هذا، قال سالم بن أبي الجعد: أخبرت أن الملك كان ميكائيل (عليه السلام). 640 / 87 – أخبرنا ابن خشيش، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الجعفي من أصل كتابه بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن سالم ابن عبد الرحمن الازدي، قال: حدثني غوث بن مبارك الخثعمي، قال: حدثنا عمرو


[ 315 ]

ابن ثابت، عن أبيه أبي المقدام، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله)، فخرجت يتوجه بن قائدي إلى منزلها، وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء، فلما انتهيجت إليها قلت: يا أم المؤمنين، ما بالك تصرخين وتغوثين ؟ فلم تجبني، وأقبلت على النسوة الهاشميات وقالت: يا بنات عبد المطلب اسعدنني وابكين معي، فقد والله قتل سيدكن وسيد شباب أهل الجنة، قد والله قتل سبط رسول الله وريحانته الحسين. فقيل: يا أم المؤمنين، ومن أين علمت ذلك ؟ قالت: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام الساعة شعثا مذعورا، فسألته عن شأنه ذلك، فقال: قتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم، والساعة فرغت من دفنهم، قالت: فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء، فقال: إذا صارت هذه التربة دما فقد قتل ابنك، وأعطانيها النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: اجعلني هذه التربة في زجاجة – أو قال: في قارورة – ولتكن عندك، فإذا صارت دما عبيطا فقد قتل الحسين، فرأيت القارورة الان وقد صارت دما عبيطا تفور. قال: وأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها، وجعلت ذلك اليوم مأتما ومناحة على الحسين (عليه السلام)، فجاءت الركبان بخبره، وأنه قتل في ذلك اليوم. قال عمرو بن ثابت قال أبي: فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، منزلة، فسألته عن هذا الحديث، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبد الله بن عباس، فقال: أبو جعفر (عليه السلام): حدثنيه عمر بن أبي سلمة، عن أمة أم سلمة. قال ابن عباس: في رواية سعيد بن جبير عنه قال: فلما كانت الليلة رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامي أغبر أشعث، فذكرت له ذلك وسألته عن شأنه، فقال لي: ألم تعلمي أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه.


[ 316 ]

قال عمرو بن أبي المقدام: فحدثني سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن جبرئيل جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بالتربة التي يقتل عليها الحسين (عليه السلام)، قال أبو جعفر: فهي عندنا. 641 / 88 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا هاشم بن نقية الموصلي الدقاق، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر المدائني الثقفي، قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن ليث بن أبي سليم، عن جدير – أو جد مر – بن عبد الله المازني، عن زيد مولى زينب بنت جحش، عن زينب بنت جحش، قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ذات يوم عندي نائما، فجاء الحسين (عليه السلام) فجعلت أعلله مخافة أن يوقظ النبي (صلى الله عليه وسلم)، فغفلت عنه، فدخل واتبعته، فوجدته وقد قعد على بطن النبي (صلى الله عليه وسلم) فوضع زبيبته في سرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فجعل يبول عليه، فأردت أن آخذه عنه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): دعي ابني يا زينب حتى يفرغ من بوله، فلما فرغ توضأ النبي (صلى الله عليه وسلم) وقام يصلي، فلما سجد ارتحله الحسين (عليه السلام) فلبث البني (صلى الله عليه وسلم) بحاله حتى نزل، فلما قام عاد الحسين (عليه لاسلام) فحمله حتى فرغ من صلاته، فبسط لانبي (صلى الله عليه وآله) يده وجعل يقول: أرني أرني، يا جبرئيل. فقلت: يا رسول الله، لقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك صنعته قط، قال: نعم، جاءني (عليه السلام) فعزاني في ابني الحسين، وأخبرني أن أمتي تقتله، وأتاني بتربة حمراء. قال زياد بن عبد الله: أنا شككت في اسم الشيخ جدير أو جد مر بن عبد الله، وقد أثنى عليه ليث خيرا، وذكر من فضله. 642 / 89 – أخبرنا ابن خشيش، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو الخليل العباس بن خليل بن جابر الطائي إمام حمص، قال: حدثنا محمد بن هاشم البعلبكي، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، عن داود بن عيسى الكوفى، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة: أن رسول


[ 317 ]

الله (صلى الله عليه وسلم) أجلس حسينا على فخذه فجعل يقبله، فقال جبرئيل: أتحب ابنك هذا ؟ قال: نعم، قال: فإن أمتك ستقتله بعدك، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له: إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها ؟ قال: نعم، فأراه جبرئيل (عليه السلام) تراب من تراب الارض التي يقتل عليها وقال: تدعي الطف. 643 / 90 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي قال: حدثنا الحسن بن محدم بن عبد الواحد الخزاز، قال: حدثني يوسف بن كليب المسعودي، عن عامر بن كثير، عن أبي الجارود، قال حفر عند قبر الحسين (عليه السلام) عند رأسه وعند رجليه أول ما حفر فأخرج مسلك أذفر لم يشكوا فيه. 644 / 91 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني بسهرورد، قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان الذهلى، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن كرام بن عمرو الخثعمي، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد (عليهما السلام) يقولان: أن الله (تعالى) عوض الحسين (عليه السلام) من قتله أن جعل الامامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعا عند قبره، ولا تعد أيام زائريه جائيا وراجعا من عمره. قال محمد بن مسلم: فقلت لابي عبد الله (عليه السلام): هذا الجلال ينال بالحسين (عليه السلام) فماله في نفسه ؟ قال: إن الله (تعلاى) ألحقه بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فكان معه في درجته ومنزلته، ثم تلا أبو عبد الله (والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) (1) الاية. 645 / 92 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا حميد بن زياد الدهقان إجازة بخطه في سنة تسع وثلاث مائة، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن


(1) سورة الطور 52: 21 (*).

[ 318 ]

نهيك أبو العباس الدهقان، قال: حدثن سعيد بن صالح، قال: حدثنا الحسن بن على ابن أبي المغيرة، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني رجل كثير العلل والامراض، وما تركت دواء تداويت به فما انتفعت بشئ منه فقال لي أين أنت عن طين قبر الحسين بن علي (عليه لاسلام)، فإن فيه شفاء من كل داء، وأمنا من كل خوف، فإذا أخذته فقل هذا الكلام: ” اللهم إني أسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي أخذها، وبحق النبي الذي قبضها، وبحق الوصي الذي حل فيها، صلى على على محمد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا “. قال: ثم قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل (عليه السلام)، وأراها النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: هذه تربة ابنك الحسين، تقتله أمتك من بعدك، والذي قبضها فهو محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأما الوصي الذي حل فهيا فهو الحسن (عليه السلام) والشهداء (رضي الله عنهم). قلت: قد عرفت – جعلت فداك – الشفاء من كل داء فكيف الامن من كل خوف ؟ فقال: إذا خفت سلطانا أو غير سلطان فلا تخرجن من منزلك إلا ومعك من طين قبر الحسين (عليه السلام)، فتقول: ” اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك، فاجعله لي أمنا وحرزا لما أخاف وما لا أخاف ” فإنه قد يرد ما لا يخاف. قال الحارث بن المغيرة: فأخذت كما أمرني، وقلت م ا قال لي فصح جسمي، وكان لي أمانا من كل ما خفت وما لم أخف، كما قال أبو عبد الله (عليه السلام)، فما رأيت مع ذلك بحمد الله مكروها ولا محذورا، 646 / 93 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن محمد بن معقل القرميسيني العجلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الاحمري، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري، عن زيد أبي أسامة، قال: كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادق (عليه السلام)، فأقبل علينا أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال: إن الله (تعالى) جعل تربة جدي الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء وإمانا من كل خوف، فإذا تناولها أحدكم فليقبلها وليضعها على عينيه، وليمرها


[ 319 ]

على سائر جسده، وليقل: (اللهم بحق هذه التربة، وبحق من حل بها وثوى فيها، وبحق أبيه وأمه وأخيه والأئمة من ولده، وبحق الملائكة الحافين به إلا جعلتها شفاء من كل داء، وبرءا من كل مرض، ونجاة من كل آفة، وحرزا مما أخاف وأحذر) ثم يستعملها. قال أبو أسامة: فإني استعملتها من دهري الاطول، كما قال ووصف أبو عبد الله، فما رأيت بحمد الله مكروها. 647 / 94 – اخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محند بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا جعفر بن إبراهيم بن ناجية، قال: حدثنا سعد بن سعيد الاشعري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال. سألته عن الطين الذي يؤكل يأكله الناس. فقال: كل طين حرام كالميتة والدم وما أهل لغير الله به ما خلا طين قبر الحسين (عليه السلام)، فإنه شفاء من كل داء. 648 / 95 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال. حدثنا عمر بن الحسين بن علي بن مالك القاضي الشيباني ببغداد، قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي، قال: حدثنا الحسين بن محمد أبو عبد الله الازدي، قال: حدثنا أبي، قال: صليت في جامع المدينة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر، فقال أحدهما لصاحبه: يا فلان، أما علمت أن طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء، وذلك أ نه كان بي وجع الجوف فتعالجت بكل دواء فلم أجد فيه عافية، وخفت على نفسي وأيست منها، وكانت عندنا امرأة من أهل الكوفة عجوز كبيرة، فدخلت علي وأنا في أشد ما بي من العلة، فقالت لا: يا سالم، ما أرى علتك كل يوم إلا زائدة ؟ فقلت لها: نعم. قالت: فهل لك أن أعالجك فتبرأ بإذن الله (عز وجل) ؟ فقلت لها: ما أنا إلى شئ أحوج مني إلى هذا ؟ فسقتني ماء في قدح، فسكتت عني العلة، وبرأت حتى كأن لم تكن بي علة قط. فلما كان بعد أشهر دخلت علي العجوز فقلت لها: بالله عليك يا سلمة – وكان اسمها سلمة – بماذا داويتني ؟ فقالت: بواحدة مما في هذه السبحة – من سبحة كانت


[ 320 ]

في يدها – فقلت: وما هذه السبحة ؟ فقالت: إنها من طين قبر الحسين (عليه السلام). فقلت لها: يا رافضية داويتني بطين قبر الحسين ! فخرجت من عندي مغضبة ورجعت والله علتي كأشذ ما كانت وأنا أقاسي منها الجهد والبلاء، وقد والله خشبت على نفسي، ثم أذن المؤذن فقاما يصليان وغابا عني. 649 / 96 – خبرنا ابن خشيش، قال: حدثني محمد بن عبد الله، قال: حدثني الفضل بن محمد بن أبي طاهر الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى السريعي الكاتب، قال: حدثني أبي موسى بن عبد العزيز، قال: لقيني يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد فاستوقفني، وقال لي: بحق نبيك ودينك، من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة، من هو من أصحاب نبيكم ؟ قلت: ليس هو من أصحابه هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه ؟ فقال: له عندي حديث طريف. فقلت: حدثني به. فقال: وجه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متكئا على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة، فأقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى، فقال له: ويحك ما خبره ؟ فقال له: أخبرك أنه كان من ساعة جالسا وحوله ندماؤه، وهو من أصح الناس جسما وأطيبهم نفسا، إذ جرى ذكر الحسين بن علي (عليه السلام) قال يوحنا: هذا الذي سألتك عنه. فقال موسى: إن الرافضة لتغلو فيه حتى إنهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به. فقال له رجل من بني هاشم كان حاضرا: قد كانت بي علة غليظة فتعالجت لها بكل علاج، فما نفعني، حتى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها، وزال عني ما كنت أجده. قال: فبقى عندك منها شئ ؟ قال: نعم. فوجه فجاءوه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى فاخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن تداوى بها واحتقارا


[ 321 ]

وتصغيرا لهذا الرجل الذي هذه تربته – يعني الحسين (عليه السلام) – فما هو إلا أن استدخلها دبره حتى صاح: النار النار الطست الطست، فجئناه بالطست فاخرج فيها ما ترى، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتما، فأقبل علي سابور فقال: انظر هل لك فيه حيلة ؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم فقلت: ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى. فقال لي سابور: صدقت ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره، فبت عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر. قال محمد بن موسى: قال لي موسى بن سريع: كان يوحنا يزور قبر الحسين (عليه السلام) وهو على دينه، ثم أسلم بعد هذا وحسن إسلامه. 650 / 97 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو الطيب علي بن محمد بن مخلد الجعفي الدهان بالكوفة، قال. حدثنا أحمد بن ميثم بن أبي نعيم، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني أملاه علي في منزله، قال: خرجت أيام ولاية موسى بن عيسى الهاشمي في الكوفة من منزلي فلقيني أبو بكر بن عياش، فقال لي: امض بنا يا يحيى إلى هذا، فلم أدر من يعني، وكنت أجل أبا بكر عن مراجعة، وكان راكبا حمارا له، فجعل يسير عليه وأنا أمشي مع ركابه، فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم التفت إلي فقال لي: يابن الحماني، إنما جررتك معي وجشمتك معي أن تمشي خلفي لأسمعك ما أقول لهذا الطاغية. قال: فقلت: من هو، يا أبا بكر ؟ قال. هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى، فسكت عنه، ومض وأنا أتبعه حتى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب وتبينه، وكان الناس ينزلون عند الرحبة، فلم ينزل أبو بكر هناك، وكان عليه يومئذ قميص وإزار وهو محلول الإزار. قال: فدخل على حمار، وناداني: تعالى يابن الحماني، فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر، وقال له: أتمنعه يا فاعل وهو معي ؟ فتركني، فما زال يسير على حماره


[ 322 ]

حتى دخل الايوان، فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الايوان على سريره وبجنبي السرير رجال متسلحون وكذلك كانوا يصنعون، فلما أن رآه موسى، رحب به وقربه وأقعده على سريره، ومنعت أنا حين وصلت إلى الايوان أن أتجاوزه، فلما استقر أبو بكر على السرير التفت فراني حيث أنا واقف، فناداني: تعال ويحك، فصرت إليه ونعلي في رجلي، وعلي قميص وإزار، فاجلسني بين يديه، فالتفت إليه موسى فقال: هذا رجل تكلمنا فيه ؟ قال: لا ولكني جئت به شاهدا عليك. قال: في ماذا ؟ قال: إني رأيتك وما صنعت بهذا القبر. قال: أي قبر ؟ قال: قبر الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع أرض الحائر وحرثها وزرع الزرع فيها، فانتفخ موسى حتى كاد أن ينقد، ثم قال: وما أنت وذا ؟ قال: اسمع حتى أخبرك، اعلم أني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة، فلما صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني، فاغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد فدفعها عني، فمضيت لوجهي، فلما صرت إلى شاهي ضللت الطريق، فرأيت هناك عجوزا فقالت لي: أين تريد، أيها الشيخ ؟ قلت: أريد الغاضرية. قالت لي: تبطن (1) هذا الوادي، فإنك إذا أتيت آخره اتضح لك الطريق. فمضيت ففعلت ذلك فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت: من أين أنت أيها الشيخ ؟ فقال لي: أنا من أهل هذه القرية. فقلت: كم تعد من السنين ؟ فقال. ما أحفظ ما مض من سني وعمري، ولكن أبعد ذكري أني رأيت الحسين بن علي (عليه السلام) ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه ! فاستفظعت ذلك وقلت له: ويحك أنت رأيت هذا ؟ قال: إي والذي سمك السماء، لقد رأيت هذا أتها الشيخ وعاينته، وإنك وأصحابك هم الذين يعينون على ما قد رأينا مما أقرح عيون المسلمين، إن كان في


(1) تبطن الشئ: توسطه.

[ 323 ]

الدنيا مسلم. فقلت: ويحك وما هو ؟ قال: حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه. قلت: ما أجرى إليه ؟ قال: أيكرب قبر ابن النبي (صلى الله عليه وآله) وتحرث أرضه ؟ قلت: وأين القبر ؟ قال: ها هو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه. قال أبو بكر بن عياش: وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قط ولا أتيته في طول عمري، فقلت: من لي بمعرفته ؟ فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حير (1) له باب وآذن، له إذا جماعة كثيرة على الباب فقلت للآذن: أريد الدخول على ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: لا تقدر على الوصول في هذا الوقت. قلت: ولم ؟ قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ومحمد رسول الله ومعهما جبرئيل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير. قال أبو بكر بن عياش: فانتبهت وقد دخلني روع شديد وحزن وكآبة، ومضت بي الايام حتى كدت أن أنسى المنام، ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى إذ صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص، فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم، فقالوا لي: الق ما معك وانج بنفسك، و كانت معي نفيقة، فقلت: ويحكم أنا أبو بكر بن عياش، وإنما خرجت في طلب دين لي، والله الله لا تقطعوني عن طلب ديني وتضروا بي في نفقتي، فإني شديد الاضاقة، فنادى رجل منهم: مولاي ورب الكعبة لا يعرض له. ثم قال لبعض فتيانهم: كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن. قال أبو بكر: فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام، وأتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى، فرأيت والله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء، فحين رأيته ذكرت الامر والرؤيا، فقلت: لا إله إلا الله ما كان هذا إلا وحيا، ثم سألته كمسألتي إياه في


(1) الحير: الحمى، ويراد به الحائر: وهو موضع فيه مشهد الامام الحسين (عليه السلام) سمي لتحير الماء فيه.

[ 324 ]

المنام، فأجابني ثم قال لي: امض بنا ؟ فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب، فلم يفتني شئ في منامي إلا الآذن والحير فإني لم أر حيرا ولم أر آذنا، فاتق الله أيها الرجل، فإني قد آليت على نفسي ألا أدع إذاعة هذا الحديث، ولا زيارة ذلك الموضع وقصده وإعظامه، فإن موضعا يأتيه إبراهيم ومحمد وجبرئيل وميكائيل (عليهم السلام) لحقيق بأن يرغب في إتيانه وزيارته، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رآني في المنام فإياي رأى، فإن الشيطان لا يتشبه بي. فقال له موسى: إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت أنك تتحدث بهذا لأضربن عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علي. فقال أبو بكر. إذن يمنعني الله وإياه منك، فإني إنما أردت الله بما كلمتك به. فقال له: أتراجعني يا عامر ؟ وشتمه، فقال له: اسكت أخزاك الله وقطع لسانك، فأرعد موسى على سريره، ثم قال: خذوه، فأخذ الشيخ عن السرير وأخذت أنا، فو الله لقد مر بنا من السحب والجر والضرب ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبدا، وكان أشد ما مر بي من ذلك أن رأسي كان يجر على الصخر، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي، وموسى يقول: اقتلوهما بني كذا وكذا ؟ بالزاني لا يكنى، وأبو بكر يقول له: امسك قطع الله لسانك وانتقم منك، اللهم إياك أردنا، ولولد وليك غضبنا، وعليك توكلنا. فصير بنا جميعا إلى الحبس، فما لبثنا في الحبس إلا قليلا، فالتفت إلي أبو بكر ورأى ثيابي قد خرقت وسالت دمائي، فقال: يا حماني قد قضينا لله حقا، واكتسبنا في يومنا هذا أجرا، ولن يضيع ذلك عند اللة ولا عند رسوله، فما لبثنا إلا مقدار غدائه ونومة حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه، وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبرا، فتعبنا في المشي إليه تعبا شديدا، وكان أبو بكر إذا تعب في مشيه جلس يسيرا ثم يقول. اللهم إن هذا فيك فلا تنسه، فلما دخلنا على موسى، وإذا هو على سرير له، فحين بصربنا، قال. لا حيا الله ولا قرب من جاهل أحمق يتعرض لما يكره، ويلك يا دعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم.


[ 325 ]

فقال له أبو بكر: قد سمعت كلامك والله حسبك. فقال له: اخرج قبحك الله، والله لئن بلغني أن هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربن عنقك. ثم التفت إلي وقال: يا كلب، وشتمني، وقال: إياك ثم إياك أن تظهر هذا، فإنه إنما خيل لهذا الشيخ الاحمق شيطان يلعب به في منامه، أخرجا عليكما لعنة الله وغضبه، فخرجنا وقد يئسنا من الحياة، فلما وصلنا إلى منزل الشيخ أبي بكر وهو يمشي وقد ذهب حماره، فلما أراد أن يدخل منزله التفت إلي وقال: احفظ هذا الحديث وأثبته عندك، ولا تحدثن هؤلاء الرعاع، ولكن حدث به أهل العقول والدين. 651 / 98 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن علي بن هاشم الابلي، قال. حدثنا الحسن بن أحمد بن النعمان الوجيهي الجوزجاني نزيل قومس وكان قاضيها، قال: حدثني يحيى بن المغيرة الرازي، قال: كنت عند جرير ابن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس، فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين (عليه السلام) وأمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت. قال: فرفع جرير يديه، فقال: الله أكبر، جاءنا فيه حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لعن الله قاطع السدرة، ثلاثا، فلم نقف على معناه حتى الآن، لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين (عليه السلام) حتى لا يقف الناس على قبره. 652 / 99 – أخبرنا ابن خشيش، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال. حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن فرج الرخجي، قال: حدثني أبي، عن عمه عمر بن فرج، قال. أنفذني المتوكل في تخريب قبر الحسين (عليه السلام) فصرت إلى الناحية، فأمرت بالبقر فمر بها على القبور، فمرت عليها كلها، فلما بلغت قبر الحسين (عليه السلام) لم تمر عليه. قال عمي عمر بن فرج: فأخذت العصا بيدي، فما زلت أضربها حتى تكسرت العصا في يدي، فوالله ما جازت على قبره ولا تخطته. قال لنا محمد بن جعفر: كان عمر بن فرج شديد الانحراف عن آل محمد (صلى الله عليه وآله) فأنا أبرأ إلى الله منه، وكان جدي أخوه محمد بن فرج شديد


[ 326 ]

المودة لهم (رحمه الله ورضي عنه)، فأنا أتولاه لذلك وأفرح بولادته. 653 / 100 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمار الثقفي الكاتب، قال. حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن أبي علي الحسين بن محمد بن مسلمة بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ابن ياسر، قال: حدثني إبراهيم الديزج، قال: بعثني المتوكل إلى كربلاء لتغيير قبر الحسين (عليه السلام)، وكتب معي إلى جعفر بن محمد بن عمار القاضي: اعلمك أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لنبش قبر الحسين، فإذا قرأت كتابي فقف على الامر حتى تعرف فعل أو لم يفعل. قال الديزج: فعرفني جعفر بن محمد بن عمار ما كتب به إليه، ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمد بن عمار ثم أتيته، فقال لي. ما صنعت ؟ فقلت: قد فعلت ما أمرت به، فلم أر شيئا ولم أجد شيئا. فقال. لي: أفلا عمقته ؟ قلت: قد فعلت وما رأيت، فكتب إلى السلطان: إن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئا وأمرته فمخره بالماء، وكربه بالبقر. قال أبو علي العماري: فحدثني إبراهيم الديزج، وسألته عن صورة الامر، فقال لي. أتيت في خاصة غلماني فقط، وإني نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن علي ووجدت منه رائحة المسك، فتركت البارية على حالتها وبدن الحسين على البارية، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه، فحلفت لغلماني بالله وبالايمان المغلظة لئن ذكر أحد هذا لا قتلنه. 654 / 101 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد ابن إبراهيم بن أبي السلاسل الانباري الكاتب، قال: حدثني أبو عبد الله الباقطاني، قال: ضمني عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى هارون المعري، وكان قائدا من قواد السلطان، أكتب له، وكان بدنه كله أبيض شديد البياض حتى يديه ورجليه كانا كذلك، وكان وجهه أسود شديد السواد كأنه القير، وكان يتفقأ مع ذلك مدة (1) منتنة.


(1) المدة: القيح.

[ 327 ]

قال: فلما آنس بي سألته عن سراد وجهه فأبى أن يخبرني، ثم إنه مرض مرضه الذي مات فيه، فقعدت فسألته، فرأيته كأنه يحب أن يكتم عليه، فضمنت له الكتمان فحدثني، قال: وجهني المتوكل أنا والديزج لنبش قبر الحسين (عليه السلام) وإجراء الماء عليه، فلما عزمت على الخروج والمسير إلى الناحية رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام، فقال: لا تخرج مع الديزج ولا تفعل ما أمرتم به في قبر الحسين. فلما أصبحنا جاءوا يستحثونني في المسير، فسرت معهم حتى وافينا كربلاء، وفعلنا ما أمرنا به المتوكل، فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) في المنام فقال: ألم آمرك ألا تخرج معهم ولا تفعل فعلهم، فلم تقبل حتى فعلت ما فعلوا ؟ ! ثم لطمني وتفل في وجهي، فصار وجهي مسودا كما ترى، وجسمي على حالته الاولى. 655 / 102 – أخبرنا ابن خشيش، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا سعيد بن أحمد بن العراد أبو القاسم الفقيه، قال: حدثني أبو برزة الفضل بن محمد بن عبد الحميد، قال: دخلت على إبراهيم الديزج، وكنت جاره، أعوده في مرضه الذي مات فيه، فوجدته بحال سوء، وإذا هو كالمدهوش وعنده الطبيب، فسألته عن حاله، وكانت بيني وبينه خلطة وأنس يوجب الثقة بي والانبساط إلي، فكاتمني حاله، وأشار لي إلى الطبيب، فشعر الطبيب باشارته، ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله، فقام فخرج وخلا الموضع، فسألته عن حاله فقال: أخبرك والله واستغفر الله أن المتوكل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين (عليه السلام)، فأمرنا أن نكربه ونطمس أثر القبر، فوافيت الناحية مساء معنا الفعلة والروز كاريون معهم المساحي والمرور (1)، فتقدمت إلى غلماني وأصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه، فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر ونمت، فذهب بي النوم فإذا ضوضاء شديدة وأصوات عالية، وجعل الغلمان ينبهونني، فقمت وأنا ذعر فقلت للغلمان: ما شأنكم ؟ قالوا: أعجب شأن. قلت: وما ذاك. ؟ قالوا: إن بموضع القبر قوما قد حالوا بيننا وبين القبر، وهم يرموننا مع ذلك بالنشاب، فقمت معهم لأتبين الامر، فوجدته كما


(1) المرور: جمع مر، وهو المسحاة أو ما كان نحوها.

[ 328 ]

وصفوا، وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض فقلت: ارموهم، فرموا فعادت سهامنا إلينا، فما سقط سهم منها إلا في صاحبه الذي رمي به فقتله، فاستوحشت لذلك وجزعت وأخذتني الحمى والقشعريرة، ورحلت عن القبر لوقتي ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لما لم أبلغ في القبر جميع ما تقدم إلي به. قال أبو برزة: فقلت له: قد كفيت ما تحذر من المتوكل، قد قتل بارحة الاولى وأعان عليه في قتله المنتصر ؟ فقال لي: قد سمعت بذلك وقد نالني في جسمي ما لا ارجو معه البقاء. قال أبو برزة: كان هذا في أول النهار، فما أمسى الديزج حتى مات. قال ابن خشيش: قال أبو الفضل: إن المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة (عليها السلام)، فسأل رجلا من الناس عن ذلك، فقال له: قد وجب عليه القتل، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر. قال: ما أبالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول لي عمر، فقتله وعاش بعده سبعة أشهر. 656 / 103 – أخبرنا ابن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثني علي بن عبد المنعم بن هارون الخديجي الكبير من شاطي النيل، قال: حدثني جدي القاسم ابن أحمد بن معمر الاسدي الكوفي، وكان له علم بالسيرة وأيام الناس، قال: بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائدا من قواده، وضم إليه كتفا من الجند كثيرا ليشعب (1) قبر الحسين (عليه السلام)، ويمنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره. فخرج القائد إلى الطف، وعمل بما أمر، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا: لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالامر إلى الحضرة، فورد كتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم والمسير إلى الكوفة مظهرا أن مسيره إليها في


(1) في نسخة: ليشعث.

[ 329 ]

مصالح أهلها والانكفاء إلى المصر. فمضى الامر على ذلك حتى كانت سنة سبع وأربعين، فبلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، وأنه قد كثر جمعهم كذلك، وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند، وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبر الحسين، ونبش القبر وحرث أرضه، وانقطع الناس عن الزيارة، وعمل على تتبع ال أبي طالب (عليهم السلام) والشيعة (رضي الله عنهم)، فقتل ولم يتم له ما قدر. 657 / 104 – أخبرنا ابن خشيش، قال: حدثني أبو الفضل، قال: حدثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، قال. حدثني عبد الله بن دانية الطوري، قال: حججت سنة سبع وأربعين ومائتين، فلما صدرت من الحج صرت إلى العراق فزرت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على حال خيفة من السلطان، وزرته ثم توجهت إلى زيارة الحسين (عليه السلام)، فإذا هو قد حرثت أرضه ومخر فيها الماء، وأرسلت الثيران العوامل في الارض، فبعيني وبصري كنت أرى الثيران تساق في الارض فتنساق لهم حتى إذا حاذت مكان القبر حادت عنه يمينا وشمالا، فتضرب بالعصي الضرب الشديد فلا ينفع ذلك فيها، ولا تطأ القبر بوجه ولا سبب، فما أمكنني الزيارة، فتوجهت إلى بغداد، وأنا أقول في ذلك: تالله ان كانت أمية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاك بنو أبيه بمثلها هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا في قتله فتتبعوه رميما فلما قدمت بغداد سمعت الهائعة (1)، فقلت: ما الخبر ؟ قالوا: سقط الطائر بقتل جعفر المتوكل، فعجبت لذلك وقلت: إلهي ليلة بليلة. 658 / 105 – أخبرنا ابن خشيش، قال: أخبرنا أبو زيد الحسين بن الحسن بن عامر، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن دليل بن بشر بن سابق البغدادي، قال: حدثنا علي


(1) الهائعة: الصوت المفزع.

[ 330 ]

ابن سهل، قال: حدثنا مؤمل، عن عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس بن مالك: أن ملك المطر استاذن أن يأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لأم سلمة: املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ؟ فجاء الحسين (عليه السلام) ليدخل فمنعته، فوثب حتى دخل، فجعل يثب على منكبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقعد عليهما. فقال له الملك: ؟ أتحبه ؟ قال (صلى الله عليه وآله): نعم. قال: فإن أمتك ستقتله، فإن شئت أريتك المكان الذي يقتل به، فمد يده فإذا طينة حمراء، فأخذتها أم سلمة فصيرتها إلى طرف خمارها. قال ثابت: فبلغني أنه المكان الذي قتل به بكربلاء. 659 / 106 – أخبرنا ابن خشيش، قال: أخبرنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن دليل، قال: حدثنا علي بن سهل، قال: حدثنا مؤمل، عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار، قال: أمطرت السماء يوم قتل الحسين (عليه السلام) دما عبيطا. 665 / 107 – أخبرنا ابن خشيش، عن القاضي نذير بن جناح بن إسحاق المحاربي، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان بن يزيد البجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا يوسف بن كليب، عن هارون بن الحسن، عن أبي سلام مولى قيس، قال: خرجت مع مولاي قيس إلى المدائن، قال: سمعت سعد بن حذيفة يقول: سمعت أبي حذيفة يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما من عبد ولا أمة يموت وفي قلبه مثقال حبة من خردل من حب علي (عليه السلام) إلا أدخله الله الجنة. تم المجلس الحادي عشر، ويتلوه المجلس الثاني عشر، من أمالي الشيخ السعيد السديد الفقيه الحبر البحر محمد بن الحسن بن علي أبي جعفر الطوسي تغمده الله بغفرانه.


[ 331 ]

[ 12 ] المجلس الثاني عشر فيه أحاديث أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وفيه بعض أحاديث أبي الفتح هلال بن محمد الحفار. بسم الله الرحمن الرحيم 661 / 1 – أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن هارون بن الصلت الأهوازي سماعا منه في مسجده بشارع دار الرقيق ببغداد، في سلخ شهر ربيع الاول من سنة تسع وأربع مائة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة إملاء، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن المستورد، قال: حدثنا يوسف بن كليب، قال: حدثني يحيى بن سالم، قال: حدثنا صباح المزني، عن العلاء بن المسيب، عن أبي داود، عن بريدة، قال: أمرنا النبي (صلى الله عليه وآله) أن نسلم على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين. 662 / 2 – أخبرنا ابن الصلت، قال. أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أحمد ابن يحيى بن زكريا، قال. حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن الاجلح، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا عليا (عليه السلام) وهو محاصر الطائف، فكان القوم استشرفوا لذلك وقالوا: لقد طال نجواك له منذ اليوم. فقال: ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه. 663 / 3 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد،


[ 332 ]

قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الضبي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا جعفر الاحمر، عن الشيباني، عن جميع بن عمير، قال: قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع: أرأيت مسيرك إلى علي (عليه السلام) ما كان ؟ قالت: دعينا منك، إنه ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من علي (عليه السلام)، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة (عليها السلام). 664 / 4 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال. حدثنا علي بن ثابت، قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك، أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأخذ بيد علي (عليه السلام)، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. 665 / 5 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيع، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم بن علقمة والاسود، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حضره الموت: ادعوا لي حبيبي. فقلت لهم: ادعوا له ابن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره، فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه. 666 / 6 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال: حدثنا ناصح، عن زكريا، عن أنس، قال: اتكأ النبي (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) فقال: يا علي، أما ترضى أن تكون أخي وأكون أخاك، وتكون وليي ووصيي ووارثي ؟ تدخل رابع أربعة الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا، ومن تبعنا من أمتنا عن أيمانهم وشمائلهم ؟ قال: بلى يا رسول الله. 667 / 7 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد إجازة، قال: حدثنا علي بن محمد بن حبيبة الكندي، قال: حدثنا حسن بن


[ 333 ]

حسين، قال: حدثنا أبو غيلان سعد بن طالب الشيباني، عن إسحاق، عن أبي الطفيل، قال: كنت في البيت يوم الشورى وسمعت عليا (عليه السلام) يقول: أنشدكم بالله جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد وحد الله قبلي ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال أنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ؟ قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيدي شباب أهل الجنة ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقدم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد أتي النبي (صلى الله عليه وآله) بطير فقال: (اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر)، فدخلت عليه فقال (اللهم وإلي). فلم يأكل معه أحد غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: اللهم اشهد. 668 / 8 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال. حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا نصير ابن زياد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إنا ولد فاطمة مغفور لنا. 669 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الضبي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا زكريا، عن فراس، عن مسروق، عن عائشة، قالت: أقبلت فاطمة (عليها السلام) تمشي، لا والله الذي لا إله الإ هو ما مشيتها تخرم من مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآها


[ 334 ]

قال: مرحبا بابنتي، مرتين، قالت فاطمة (عليها السلام): فقال لي: أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الامة ؟ 670 / 10 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال. أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الضبي، قال: حدثني محمد بن إسحاق بن عمار الصيرفي، قال: حدثنا هلال بن أيوب الصيرفي، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد، قال: قلت لابن عباس (رضي الله عنه): من الذين أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يباهل بهم ؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، والانفس النبي وعلي (عليهما السلام). 671 / 11 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا ؟ قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا فطر، عن أنس، قال. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أخي ووزيري ووصيي في أهلي علي ابن أبي طالب. 672 / 12 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال. حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا هانئ بن أيوب، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد ؟ أنه سمع عليا (عليه السلام) في الرحبة وهو ينشد الناس: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) فقام بضعة عشر فشهدوا. 673 / 13 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد المحمدي، قال: حدثنا إسماعيل بن مزيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي على المسلمين كحق الوالد


[ 335 ]

على ولده (1). 674 / 14 – حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعبد، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا منه. فقال جبرئيل: يا محمد، وأنا منكما. 975 / 15 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بزيع، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا صباح بن يحيى، عن جابر، عن عبد الله بن نجي، عن علي (عليه السلام) قال: إن ابني فاطمة يشرك في حبهما البر والفاجر، وإني كتب لي أن يحبني كل مؤمن، ويبغضني كل منافق. 676 / 16 – أخبرنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال. حدثنا محمد بن إسماعيل، عن عمر التمار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن هلقام، قال: حدثنا شعبة، عن الاعمش وعبيد بن إبراهيم (2)، عن عطية العوفي، قال: سألت جابر ابن عبد الله عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ فقال: ذاك خير البشر. 677 / 17 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن إبراهيم الاشعري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا نصر بن قابوس، عن جابر، عن محمد بن علي، قال. قال ابن عباس: ما وطئت الملائكة فرش أحد من الناس غير فرشنا. 678 / 18 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال. أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد، قال: حدثني عم أبي عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن


(1) تقدم نحوه في الحديثين: 72 و 503. (2) في نسخة: وعمير بن عبد الله.

[ 336 ]

أبيه (عليهم السلام)، قال: قال عمر بن الخطاب: عيادة بني هاشم سنة، وزيارتهم نافلة. 679 / 19 – أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا أحمد بن حمدان الهمداني، قال: حدثنا مختار التمار، عن أبي حيان، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تولى عليا فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله (عز وجل). 680 / 20 – أخبرنا ابن الصلت، قال: حدثنا ابن عقدة، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن يزيد الطائي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد، قال: حدثنا صباح، عن السدي، عن صبيح، عن زيد بن أرقم، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال: أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم. 681 / 21 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرني علي بن محمد بن علي أبو الحسن الحسيني قراءة عليه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: كلما ألهى عن ذكر الله فهو من الميسر. 682 / 22 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا داود، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة يقول الله (تبارك وتعالى) لملك الموت: وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لأذيقنك طعم الموت كما أذقت عبادي. 683 / 23 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرني ابن عقدة، قال. حدثني الحسن بن القاسم، قال: حدثنا بشير بن إبراهيم، قال. حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني علي ابن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة والاصنام حول الكعبة وكانت ثلاث مائة وستين


[ 337 ]

صنما، فجعل يطفها بمخصرة في يده، ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد، فجعلت تكبب لوجوهها. 684 / 24 – أخبرنا ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل تدرون ما تفسير هذه الآية (كلا إذا دكت وآلارض دكا) (1) ؟ قال: إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملك، فتشرد شردة لولا أن الله (تعالى) حبسها لاحرقت السماوات والارض. 685 / 25 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال. حدثني المنذر بن محمد قراءة، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الضبي، قال: حدثنا موسى بن القاسم، عن أبي الصلت، عن علي بن موسى، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا قول وعمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا باصابة السنة. 686 / 26 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك، قال: حدثنا هارون بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني علي بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في خطبته: إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. وكان إذا خطب قال في خطبته: أما بعد. فإذا ذكر الساعة اشتد صوته واحمرت وجنتاه، ثم يقول. صبحتكم الساعة أو مستكم، ثم يقول: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه – ويشير باصبعيه -.


(1) سورة الفجر 89: 21.

[ 338 ]

687 / 27 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال. أخبرنا موسى بن القاسم، قال: أخبرني إسماعيل بن همام، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) قال: يا رسول الله، إنك تبعثني في الامر، أفاكون فيه كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟ قال: بل الثاهد يرى ما لا يرى الغائب. 688 / 28 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرني ابن عقدة، قال: أخبرني أبو عبيد الله بن علي، قال: هذا كتاب جدي عبيد الله، فقرأت فيه: أخبرني أبي، عن علي ابن مرسى، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما صرفت القبلة أتى رجل قوما في الصلاة، فقال: إن القبلة قد صرفت، فتحولوا وهم ركوع. 689 / 29 – حدثنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال. أخبرنا علي بن محمد الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي ذ (عليهم السلام)، قال: رؤيا الأنبياء وحي. 690 / 30 – ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: أخبرنا جعفر بن عنبسة بن عمرو، قال: حدثنا سليمان بن يزيد، قال: حدثنا علي بن موسى، قال: حدثني أبي، عن أبيه أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: الذبيح إسماعيل. 691 / 31 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرني علي بن محمد الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: كان إبراهيم أول من أضاف الضيف، وأول من شاب، فقال: ما هذا ؟ قيل: وقار في الدنيا، ونور في الآخرة. 692 / 32 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثني الحسن بن القاسم، قال: حدثنا ثبير بن إبراهيم، قال: حدثنا سليمان بن بلال المدني، قال:


[ 339 ]

حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): أن إبليس كان يأتي الانبياء (عليهم السلام) من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن بعث الله المسيح (عليه السلام) يتحدث عندهم ويسائلهم، ولم يكن بأحد منهم أشد أنسا منه بيحيى بن زكريا، فقال له يحيى: يا أبا مرة إن لي إليك حاجة. فقال له: أنت أعظم قدرا من أن أردك بمسألة فسلني ما شئت، فإني غير مخالفك في أمر تريده. فقال يحيى: يا أبا مرة، أحب أن تعرض علي مصائدك وفخوخك التي تصطاد بها بني آدم. فقال له إبليس: حبا وكرامة ؟ وواعده لغد. فلما أصبح يحيى (عليه السلام) قعد في بيته ينتظر الموعد وأجاف (1) عليه الباب إغلاقا، فما شعر حتى ساواه من خوخة (2) كانت في بيته، فإذا وجهه صورة وجه القرد، وجسده على صورة الخنزير، وإذا عيناه مشقوقتان طولا، وفمه مشقوق طولا، وإذا أسنانه وفمه عظما واحدا بلا ذقن ولا لحية وله أربعة أيد: يدان في صدره ويدان في منكبه، وإذا عراقيبه قوادمه وأصابعه خلفه، وعليه قباء، وقد شد وسطه بمنطقة، فيها خيوط معلقة من بين أحمر وأخضر وأصفر وجميع الالوان، وإذا بيده جرس عظيم، وعلى رأسه بيضة، وإذا في البيضة حديدة معلقة شبيهة بالكلاب. فلما تأمله يحيى (عليه السلام) قال له: ما هذه المنطقة التي في وسطك ؟ فقال: هذه المجوسية أنا الذي سننتها وزينتها لهم. فقال له. فما هذه الخيوط الالوان ؟ قال: هذه جميع أصباغ النساء، لا تزال المرأة تصبغ الصبغ حتى يقع مع لونها فأفتنن الناس بها. فقال له: فما هذا الجرس الذي بيدك ؟ قال: هذا مجمع كل لذة من طنبور وبربط (3) ومعزفة وطبل وناي وصرناي، وان القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فأحرك الجرس فيما بينهم، فإذا سمعوه استخفهم الطرب، فمن بين من يرقص، ومن بين من


(1) أجاف الباب: رده. (2) الخوخة: كوة تؤدي الضوء إلى البيت. (3) البربط: العود.

[ 340 ]

يفرقع أصابعه، ومن بين من يشق ثيابه. فقال له: وأي الاشياء أقر لعينك ؟ قال: النساء، هن فخوخي ومصائدي، فإني إذا اجتمعت علي دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن. فقال له يحيى (عليه السلام): فما هذه البيضة على رأسك ؟ قال: بها أتوقى دعوة المؤمنين. قال: فما هذه الحديدة التي أراها فيها ؟ قال: بهذه أقلب قلوب الصالحين. قال يحيى (عليه السلام): فهل ظفرت بي ساعة قط ؟ قال: لا، ولكن فيك خصلة تعجبني. قال يحيى: فما هي ؟ قال: أنت رجل أكول، فإذا أفطرت أكلت وبشمت فيمنعك ذلك من بعض صلاتك وقيامك بالليل. قال يحيى (عليه السلام): فاني أعطي الله عهدا أني لا أشبع من الطعام حتى ألقاه. قال له أبليس: وأنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه، ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك. 693 / 33 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرني المنذر بن محمد قراءة، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الضبي، قال: حدثنا موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله أخرجني ورجلا معي من طهر إلى طهر، من صلب آدم حتى خرجنا من صلب أبينا، فسبقته بفضل هذه على هذه – وضم بين السبابة والوسطى – وهو النبوة. فقيل له: ومن هو، يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب. 694 / 34 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي العلوي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن عيسى ؟ قال: حدثنا عبيد الله ابن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي. 695 / 35 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن قسي قراءة، قال. حدثنا محمد بن عيسى المعبدي، قال: حدثنا مولى علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن جعفر، عن


[ 341 ]

أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام) أنهم قالوا: يا علي، صف لنا نبينا (صلى الله عليه وآله) كأننا نراه، فإنا مشتاقون إليه. قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) أبيض اللون مشربا حمرة، أدعج العين، سبط الشعر، كث اللحية، ذا وفرة (1)، دقيق المسربة (2)، كأنما عنقه إبريق فضة، يجري في تراقيه الذهب، له شعر من لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدمين، شثن الكعبين، إذا مشى كأنما ينقلع من صخر، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب، إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله، ليس بالقصير المتردد ولا بالطريل الممعط (3)، وكان في وجهه تداوير، إذا كان في الناس غمرهم، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من ريح المسك، ليس بالعاجز ولا باللئيم، أكرم الناس عشرة، وألينهم عريكة، وأجودهم كفا، من خالطه بمعرفة أحبه، ومن راه بديهة هابه، غرة بين عينيه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) 696 / 36 – أخبرنا ابن الصلت، قال: حدثنا ابن عقدة، قال: حدثني علي بن محمد بن علي الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله ابن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إني لأعرف حجرا كان يسلم علي بمكة قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن. 697 / 37 – وبهذا الاسناد، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: انشق القمر بمكة فلقتين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إشهدوا إشهدوا بهذا.


(1) الوفرة: ما سال على الأذنين من شعر الرأس. (2) المسربة: الشعر وسط الصدر إلى البطن. (3) الممعط: المفرط الطول.

[ 342 ]

698 / 38 – وبهذا الاسناد: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم بدر: لا تأسروا أحد من بني عبد المطلب، فإنما أخرجوا كرها. 699 / 39 – أخبرنا ابن الصلت، قال. أخبرني ابن عقدة، قال: حدثني الحسن بن القاسم، قال: حدثنا ثبير بن إبراهيم بن شيبان، قال: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفع خيبر إلى أهلها بالشطر، فلما كان عند الصرام (1) بعث عبد الله بن رواحة فخرصها (2) عليهم، ثم قال: إن شئتم أخذتم بخرصنا، وإن شئتم أخذنا واحتسبنا لكم. فقالوا: هذا الحق، بهذا قامت السماوات والأرض. 700 / 40 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرني عبيد الله بن علي، قال: هذا كتاب جدي عبيد الله بن علي، فقرأت فيه: أخبرني علي بن موسى أبو الحسن، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) قضى بابنة حمزة لخالتها وقال: الخالة والدة. 701 / 41 – أخبرنا ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: حدثنا عبد الملك الطحان قال: حدثنا هارون بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سار إلى بدر في شهر رمضان، وافتتح مكة في شهر رمضان. 752 / 42 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرني علي بن محمد بن علي قراءة عليه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: خلف في سول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلفني بعدك ؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من


(1) الصرام: جني الثمر، وأوان نضجه. (2) خرصها: حزرها وقدرها.

[ 343 ]

موسى إلا أنه لا نبي بعدي. 703 / 43 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرني ابن عقدة، قال: أخبرني عبيد الله ابن علي، قال: هذا كتاب جدي عبيد الله بن علي، فقرأت فيه: أخبرني علي بن موسى أبو الحسن، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) أول من سلم. 754 / 44 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره. 705 / 45 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا محمد بن هارون الهاشمي قراءة عليه، قال: أخبرنا محمد بن مالك بن الابرد النخعي، قال: حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، قال: حدثنا غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء، ثم من السماء إلى السماء، ثم إلى سدرة المنتهى، أوقفت بين يدي ربي (عز وجل)، فقال لي: يا محمد. فقلت: لبيك ربي وسعديك. قال: قد بلوت خلقي، فأيهم وجدت أطوع لك ؟ قال: قلت: رب عليا. قال: صدقت يا محمد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟ قال: قلت: اختر لي، فإن خيرتك خير لي. قال: قد اخترت لك عليا، فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا، فإني قد نحلته علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقا، لم يقلها أحد قبله ولا أحد بعده. يا محمد، علي راية الهدى، وامام من أطاعني، ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمد.


[ 344 ]

فقال النبي (صلى الله عليه وآله). رب فقد بشرته. فقال علي: أنا عبد الله وفي قبضته إن يعذبني فبذنوبي، لم يظلمني شيئا، وإن يتم لي ما وعدني فالله أولى بي. فقال: اللهم اجل قلبه واجعل ربيعه الايمان بك. قال. قد فعلت ذلك به يا محمد، غير أني مختصه بشئ من البلاء لم اختض به أحد من أوليائي. قال: قلت. رب أخي وصاحبي. قال: إنه قد سبق في علمي أنه مبتلى ومبتلى به، لولا علي لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي (1). 706 / 46 – قال محمد بن مالك: فلقيت نصر بن مزاحم المنقري، فحدثني عن غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء… وذكر مثله سواء. 707 / 47 – قال محمد بن مالك: فلقيت علن بن موسى بن جعفر، فذكرت له هذا الحديث، فقال: حدثني به أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء، ثم من السماء إلى السماء، ثم إلى سدرة المنتهى… وذكر الحديث بطوله. 708 / 48 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا بن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) العلي: يا علي، إنك أعطيت ثلاثة ما لم أعط أنا. قلت: يا رسول الله، ما أعطيت ؟ فقال. أعطيت صهرا مثلي ولم أعط، وأعطيت زوجتك فاطمة ولم أعط، وأعطيت مثل الحسن والحسين ولم أعط. 709 / 49 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن


(1) يأتي في الحديث: 733.

[ 345 ]

محمد بن علي الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله ابن علي، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إن فيك مثلا من عيسى بن مريم، أحبه قوم فافرطوا في حبه فهلكوا فيه، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه، واقتصد فيه قوم فنجوا. 710 / 50 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثني علي بن محمد القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إنك سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين. 711 / 51 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة. قال: فقام إليه رجل من الانصار، فقال: فداك أبي وأمي، أنت ومن ؟ قال: أنا على دابة الله البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت، وعمي حمزة على ناقتي العضباء، وأخي علي ابن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة، وبيده لواء الحمد، واقف بين يدي العرش ينادي: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). قال: فيقول الآدميون ما هذا إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو حامل عرش رب العالمين ؟ قال: فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش: معاشر الآدميين، ما هذا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا حامل عرش، هذا الصديق الاكبر، هذا علي بن أبي طالب (1). 712 / 52 – قال ابن عقدة: أخبرني عبد الله بن أحمد بن عامر في كتابه، قال:


(1) تقدم نحوه في الحديث: 35.

[ 346 ]

حدثني أبي، قال: حدثني علي بن موسى بهذا. 713 / 53 – أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا أبو الحسين القاسم بن جعفر بن أحمد بن عمران المعروف بابن الشامي قراءة، قال: حدثنا عباد – وهو ابن أحمد القزويني -، قال: حدثنا عمي، عن أبيه، عن جابر، عن الشعبي، عن أبي رافع، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، عن أهل يأجوج ومأجوج، قال: إن القوم لينقرون بمعاولهم دائبين، فإذا كان الليل قالوا: غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالامس، حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه إن شاء الله ؟ فيصبحون ثم يغدون _ عليه _ فيفتحه الله، فوالذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربره حئى نزحوه، فيقول. والله لقد رأيت هذا الوادي مرة، وان الماء ليجري في عرضه. قيل: يا رسول الله، ومتى هذا ؟ قال: حين لا يبقى من الدنيا إلآ مثل صبابة الاناء. 714 / 54 – أخبرنا ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن عباد، عن عمه، عن أبيه، عن أبي المجالد، عن زيد بن وهب، عن أبي المنذر الجهني، قال. قلت: يا نبي الله، علمني أفضل الكلام. قال. (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحبي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير ” مائة مرة في كل يوم، فأنت يومئذ أفضل الناس عملا إلا من قال مثل ما قلت، وأكثر من (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، ولا تنسين الاستغفار في صلاتك، فإنها ممحاة للخطايا برحمة الله. 715 / 55 – وبهذا الاسناد، عن عباد، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن موسى الجهني، عن زيد بن وهب، عن عطية بن عامر الجهني، قال: سمعت سلمان الفارسي (رضي الله عنه) وقد أكره على طعام، فقال: حسبي، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة. يا سلمان، إنما الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر. 716 / 56 – وبهذا الاسناد، عن عباد، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن جابر،


[ 347 ]

عن الشعبي، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: سمعت سلمان الفارسي (رضي الله عنه) يقول لي وللاشعث بن قيس: إن لي عندكما وديعة. فقلنا: ما نعلمها إلا أن قوما قالوا لنا. اقرءوا سلمان عنا السلام. قال: فأي شئ أفضل من السلام، وهي تحية أهل الجنة ؟ 797 / 57 – وبهذا الاسناد، عن عباد، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن مطرف، عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان، قال: عادني علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في مرض، ثم قال: انظر فلا تجعلن عيادتي إياك فخرا على قومك، فإذا رأيتهم في أمر فلا تخرج منه، فإنه ليس بالرجل غناء عن قومه، إذا خلع منهم يدا واحدة يخلعون منه أيديا كثيرة، فإذا رأيتهم في خير فأعنهم عليه، لم إذا رأيتهم في شر فلا تخذلنهم، وليكن تعاونكم على طاعة الله، فإنكم لن تزالوا بخير ما تعاونتم على طاعة الله (تعالى)، وتناهيتم عن معاصيه. 718 / 58 – وبهذا الاسناد، عن عباد، عن عمه، عن أبيه، عن جابر، عن إبراهيم ابن عبد الاعلى، عن سويد بن غفلة، عن عمر بن الخطاب وعن أبي بكر وعن علي (عليه السلام) وعن عبد الله بن عباس، قال: كلهم قالوا: إذا كنت مسافرا ثم مررت ببلدة تريد أن تقيم بها عشرا فأتم الصلاة، وإن كنت إنما تريد أن تقيم بها أقل من عشر فقصر، فإن قدمت وأنت تقول: أسير غدا أو بعد غد، حتى تتم على شهر، فأكمل الصلاة ولا تقصر في أقل من ثلاث. وقال: سألتهم عن صاحب السفينة، أيقصر الصلاة كلها ؟ قال: نعم، إذا كنت في سفر ممعن، وإن سافرت في رمضان فصم إن شئت. وكلهم قال. إذا صليت في السفينة فأوجب الصلاة إلى القبلة، فإذا استدارت فأثبت حيث أوجبت. وكلهم صلى العصر والفجاج مسفرة، فإنها كانت صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله). وكلهم قنت في الفجر، وعثمان أيضا قنت في الفجر. 719 / 59 – وبهذا الاسناد، عن عباد، عن عمه، عن أبيه، عن جابر، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة ذكر أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعبد الله بن عباس ذكرا أن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، مثل له ماله


[ 348 ]

وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا، فما عندك ؟ فيقول: خذ مني كفنك. فيقبل إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم لمحبا، فما لي عندكم ؟ فيقولون: أن نؤديك إلى حفرتك فنواريك فيها. فيقبل إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا، له انك كنت علي لثقيلا، فما عندك ؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك. فإن كان لله وليا أتاه أطيب خلق الله ريحا، وأحسنه منطقا، وأحسنه رياشا، فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم. فيقول: من أنت ؟ قال. أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة ؟ فإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه اثنان: يقال لأحدهما منكر، وللآخر نكير، يجران أشعارهما، ويحكان بانيابهما، أصواتهما كالرعد العاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، ثم يقولان: يا هذا من ربك، وما دينك، ومن نبيك ؟ فيقول: الله ربي وديني الاسلام ونبيي محمد. فيقولان: ثبتك الله لما تحب وترضى، فهو قول الله (تعالى): (ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (1). ثم يقولان: نم ولي الله قرير العين نومة الآمن الشاب الناعم، فأنت لقول الله (عز وجل): (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) (2). وأما عدو الله فإنه يأتيه أقبح خلق الله وجها، وأخبثه ثيابا، وأنتنه ريحا، فيقول له: ابشر بنزل من حميم وتصلية جحيم قدمت شر مقدم. فيقول: من أنت ؟ فيقول أنا عملك الخبيث، فإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا دخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه في حفرته، ثم قالا: من ربك، وما دينك، ومن نبتك ؟ فيقول: لا أدري. فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يأفوخه بمرزبة (3) ضربة ما خلق الله


(1) سورة إبراهيم 14: 27. (2) سورة الفرقان 25: 24. (3) المرزبة: مطرقة أو عصا من حديد.

[ 349 ]

من دابة إلا تذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا إلى النار ويقولان له: نم على شر الحال، فإنه لمن الضيق لفي مثل قبة القناة من الزج (1)، حتى إن دماغه ليخرج من بين أظفاره ولحمه، ويسلط الله عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها وشياطينها فتتناهشه حتى يبعثه الله، وإنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر. 720 / 60 – وبهذا الاسناد، عن عباد، عن عمه، عن أبيه، قال: حدثني عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، قال: حدثنا حسان بن عطية، عن عمرو بن ميمون الاودي، قال: كنت مع معاذ بالشام، فلما قبض أتيت عبد الله بن مسعود بالكوفة وكنت معه، فأبكر بعض الوقت في زمانه فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، كيف ترى في الصلاة معهم ؟ فقال: صل الصلاة لوقتها، واجعل صلاتك معهم سبحة. فقلت: أبا عبد الرحمن – يرحمك الله – ندع الصلاة في الجماعة ؟ فقال: ويحك يابن ميمون، إن جمهور الناس الاعظم قد فارقوا الجماعة، إن الجماعة من كان على الحق وإن كنت وحدك. فقلت: أبا عبد الرحمن، وكيف أكون جماعة وأنا وحدي ؟ فقال: إن معك من ملائكة الله وجنوده المطيعين لله أكثر من بني آدم أولهم وآخرهم. انتهت أحاديث ابن الصلت. 721 / 61 – أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: حدثني أبو سليمان محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرنا علي بن محمد البزاز، قال: حدثنا إبراهيم ابن إسحاق بن أبي العنبس القاضي، قال: حدثنا محمد بن الحسن السلولي، قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود، عن أبان بن تغلب، عن حنش بن المعتمر، عن أبي ذر، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (عليه السلام)، من دخلها نجا، ومن تخلف عنها غرق.


(1) الزج: الحديدة في أسفل القناة.

[ 350 ]

722 / 62 – أخبرنا الحفار، قال: حدثني أبو الفضل عيسى بن موسى بن أبي محمد ابن المتركل على الله، قال: حدثني أبو بكر بن المرزبان، قال: حدثني محمد بن موسى القرشي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجعفي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الله البجلي، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، عن عمران ابن حصين، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عبادة. 723 / 63 – أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد، قال: حدثني أبو الفضل عيسى بن المتوكل على الله، قال: أخبرني أبو عبد الله بن نصير، قال. حدثني محمد بن عيسى المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أحمد بن محمد البزاز، قال: حدثنا المنذر بن محمد بن محمد: أن أباه أخبره عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من هدهد إلا وفي جناحه مكتوب بالسريانية (آل محمد خير البرية). 724 / 64 – أخبرنا الحفار، قال: حدثني أبو الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد، قال: أخبرنا أبو عبد اللة محمد بن سهل القرشي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوى الانصاري، قال: حدثني إبراهيم بن عبيد الله بن العلاء، عن أبيه، عن زيد ابن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام) قال: مازلت مظلوما مذ كنت، إن كان عقيل ليرمد فيقول: لا تذروني (1) حتى تذروا أخي عليا، فأضجع فأذر وما بي رمد. 725 / 65 – أخبرنا الحفار، قال: حدثني أبو الفضل، قال: حدثنا علي بن عبيد قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثني إبراهيم بن عبيد الله بن العلاء، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: الحسن والحسين يوم القيامة


(1) ذر الدواء في العين: ألقاه فيها، والذرور: ما يذر في العين من الادوية.

[ 351 ]

عن جنبي عرش الرحمن (تبارك وتعالى) بمنزلة الشقين من الوجه. 726 / 66 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، قال. حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، ففتح الله عليه، وأوقفه يوم غدير خم، فاعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة، وقال له: (أنت مني، وأنا منك). وقال له: (تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل). وقال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). وقال له: (أنا سلم لمن سالمت، وحرب لمن حاربت). وقال له: (أنت العروة الوثقى). وقال له: (أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي). وقال له: (أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي) وقال له: (أنت الذي أنزل فيه: (وأذان من آلله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) (1). وقال له: (أنت الآخذ بسنتي والذب عن ملتي “. وقال له: (أنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنت معي). وقال له: (أنا عند الحوض، وأنت معي). وقال له: (أنا أول من يدخل الجنة، وأنت بعدي تدخلها، والحسن والحسين وفاطمة). وقال له: (إن الله أوحى إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغة) وقال له: (اتق الضغائن التي لك في صدر من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون). ثم بكى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقيل. ممم بكاؤك، يا رسول الله ؟ قال: أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل، (عليه السلام) عن الله (عز وجل) أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الامة على محبتهم، وكان الشانئ لهم قليلا، والكاره لهم ذليلا، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغير البلاد، وضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند


(1) سورة التوبة 9: 3.

[ 352 ]

ذلك يظهر القائم منهم. فقيل له: ما اسمه ؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، هو من ولد ابنتي، يظهر الله الحق بهم، ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف منهم. قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: معاشر المؤمنين، ابشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف، وقضاءه لا يرد، وهو الحكيم الخبير، فإن فتح الله قريب. اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم (1) وارعهم وكن لهم، وانصرهم وأعنهم، وأعزهم ولا تذلهم، واخلفني فيهم، إنك على كل شئ قدير. 727 / 67 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا ابن الجعابي، قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن عجب الانباري، قال: حدثنا خلف بن درست، قال: حدثنا القاسم ابن هارون، قال: حدثنا سهل بن صقين، عن همام، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء دنوت من ربي (عز وجل) حتى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، فقال: يا محمد، من تحب من الخلق ؟ قلت: يا رب عليا. قال: التفت يا محمد ؟ فالتفت عن يساري، فإذا علي بن أبي طالب (عليه السلام). 728 / 68 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا ابن الجعابي، قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثني أحمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا حسن بن حسين الانصاري، قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي هاشم الرماني، عن أبي البختري، عن زاذان، قال: قال لي سلمان: يا زاذان، أحب عليا، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضرب فخذه، وقال: محبك محبي ومحبي محب الله، ومبغضك مبغضي ومبغضي مبغض الله (عز وجل) (2).


(1) كلا الله فلانا: حفظه. (2) تقدم نحوه في الحديث: 213.

[ 353 ]

729 / 69 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر الكوفي بواسط، قال: حدثنا أحمد بن المعافى بقصر صبيح، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل (صلوات الله عليهم)، عن القلم، عن اللوح، عن الله (تعالى): علي حصني، من دخله أمن ناري. 730 / 70 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي بن يونس اللؤلؤي بالكوفة، قال: حدثنا جدي هشام بن يونس، قال: حدثنا حسين بن سليمان، عن عبد الملك بن عمير، عن أنس، قال: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام)، فقال: كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني. 731 / 71 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عبد الله ابن زيدان البجلي بالكوفة، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا يحيى بن بشار مولى لكندة، عن محمد بن إسماعيل الهمداني، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي (عليه السلام)، وعن الحارث، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: مثلي مثل شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فأبى أن يخرج من الطيب إلا الطيب. 732 / 72 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد ؟ قال: حدثنا محمد بن أبي بكر الواسطي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثنا حسين بن حسن، قال. حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هاشم الرماني، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي مني بمنزلة رأسي من بدني. 733 / 73 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا ابن الجعابي، قات: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن زياد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، قال: حدثنا غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه،


[ 354 ]

عن جده (عليهم السلام)، قال: قال علي (صلوات الله عليه): قال النبي (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء، ثم من السماء إلى السماء إلى سدرة المنتهى، وقفت بين يدي ربي (عزوجل) فقال لي: يا محمد. قلت: لبيك وسعديك. قال: قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك ؟ قال: قلت: ربي عليا. قال: صدقت يا محمد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟ قال: قلت: اختر لي، فإن خيرتك خير لي. قال: قد اخترت لك عليا، فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا، فإني قد نحلته علمي وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده. يا محمد، علي راية الهدى وإمام من أطاعني ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمد. قال النبي (صلى الله عليه وآله): قلت رب فقد بشرته. فقال علي: أنا عبد الله وفي قبضته، إن يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا، وإن يتمم لي وعدي فالله مولاي. قال: أجل، واجعل ربيعه الايمان بك. قال: قد فعلت ذلك به يا محمد، غير أني مختصه بشئ من البلاء لم اختص به أحدا من أوليائي. قال: قلت: رب أخي وصاحبي. قال: قد سبق في علمي أنه مبتلى، لولا علي لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي (1). 734 / 74 – أخبرنا الحفار، قال: حدثني ابن الجعابي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن أحمد العجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة يطلبني، فقال: أين أخي، يا أم أيمن ؟ قالت: ومن أخوك ؟ قال: علي. قالت: يا رسول الله، تزوجه ابنتك وهو أخوك ؟ قال: نعم، أما * (1) تقدم في الحديث: 705.


[ 355 ]

والله يا أم أيمن، زوجتها كفؤا شريفا وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين. 735 / 75 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا ابن الجعابي، قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين. 736 / 76 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الصواف، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن سلمة، قال: حدثنا زيد بن عبد الغفار الطيالسي، قال: حدثنا حسين بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عمه علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن أخيه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: أيما رجل صنع إلى رجل من ولدي صنيعة، فلم يكافئه عليها، فأنا المكافئ له عليها. 737 / 77 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الحلواني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق المقرئ، قال: حدثنا علي بن حماد الخشاب، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا سليمان بن مهران، قال: حدثنا جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حبيب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله). 738 / 78 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا علي بن أحمد الحلواني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم المقرئ، قال: حدثنا الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثنا


[ 356 ]

مسلم بن إبراهيم، عن أبان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: كنا جلوسا مع النبي (صلى الله عليه وآله) إذ هبط عليه الأمين جبرئيل (عليه السلام) ومعه جام (1) من البلور الاحمر مملوءة مسكا وعنبرا، وكان إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وولداه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقال له: السلام عليك، الله يقرأ عليك السلام، ويحييك بهذه التحية، ويأمرك أن تحيي بها عليا وولديه. قال ابن عباس: فلما صارت في كف رسول الله (صلى الله عليه وآله) هلل ثلاثا، وكبر ثلاثا، ثم قالت بلسان ذرب طلق: بسم الله الرحمن الرحيم (طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (2)، فاشتمها النبي (صلى الله عليه وآله) وحيى بها عليا (عليه السلام)، فلما صارت في كف علي (عليه السلام) قالت: بسم الله الرحمن الرحيم (إنما وليكم الله ورسوله الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (3)، فاشتمها علي (عليه السلام) وحيى بها الحسن (عليه السلام)، فلما صارت في كف الحسن قالت: بسم الله الرحمن الرحيم (عم يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذى هم فيه مختلفون) (4) فاشتمها الحسن (عليه السلام) وحيى بها الحسين (عليه السلام)، فلما صارت في كف الحسين (عليه السلام) قالت: بسم الله الرحمن الرحيم (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) (5)، ثم ردت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: بسم الله الرحمن الرحيم (الله نور السماوات والأرض) (6). قال ابن عباس: فلا أدري إلى السماء صعدت، أم في الارض توارت بقدرة


(1) الجام: إناء للشراب والطعام، يتخذ من الفضة ونحوها، وهي مؤنثة. (2) سورة طه 20: 1، 2. (3) سورة المائدة 5: 55. (4) سورة النبأ 78: 1 – 3. (5) سورة الشورى 42: 23. (6) سورة النور 24: 35.

[ 357 ]

الله (عز وجل). 739 / 79 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الوراق المعروف بابن السماك، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، قال: حدثني أبي ومعلى بن أسد، قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي (عليه السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: خياركم من تعلم القرآن وعلمه. 740 / 80 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الحارث بن نبهان، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن سعد، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: خياركم من تعلم القرآن وعلمه. 741 / 81 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا موسى بن علي بن رباح، قال: سمعت أبي يحدث عن عقبة بن عامر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أيكم يحب أن يغدو إلى العقيق أو إلى بطحاء مكة فيؤتى بناقتين كوماوين (1) حسنتين، فيدعى بهما إلى أهله من غير مأثم ولا قطيعة رحم ؟ قالوا: كلنا نحب ذلك يا رسول الله. قال: لأن يأتي أحدكم المسجد فيتعلم آية خير له من ناقة، وآيتين خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث. 742 / 82 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن معارك بن عباد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: تعلموا القرآن، وتعلموا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده، فإن القرآن نزل على خمسة وجوه: حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، ودعوا الحرام،


(1) الناقة الكوماء: العظيمة السنام.

[ 358 ]

واعملوا بالمحكم، ودعوا المتشابه، واعتبروا بالأمثال. 743 / 83 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا وهب بن جرير وأبو زيد – يعني الهروي -، قالا: حدثنا شعبة، عن الاعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: من حلف يمينا يقتطع بها مال أخيه لقي الله (عز وجل) وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) (1). قال: فبرز الأشعت بن قيس فقال: في نزلت، خاصمت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقضى علي باليمين. 744 / 84 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة، قال: حدثناه عن عدي بن عدي، عن أبيه قال: اختصم امرؤ القيس ورجل من حضرموت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أرض، قال: ألك بينة ؟ قال: لا. قال: فيمينه ؟ قال: إذن والله يذهب بأرضي. قال: إن ذهب بأرضك بيمينه، كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم. قال: ففزع الرجل، وردها إليه. 745 / 85 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال. حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: اختصم رجل من أهل حضرموت وامرؤ القيس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أرض، فقال: إن هذا أبتز علي أرضي في الجاهلية. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألك بينة ؟ فقال: لا. قال: فيمينه ؟ قال: يذهب والله يا رسول الله بأرضي. فقال: إن ذهب بأرضك كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم. 746 / 86 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة،


(1) سورة آل عمران 3: 77.

[ 359 ]

قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يزيد بن بزيع، قال: حدثنا حميد بن ثابت، عن أنس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) رأى رجلا يهادى بين ابنيه أو بين رجلين، فقال: ما هذا ؟ فقال: نذر أن يحج ماشيا. فقال: إن الله (عز وجل) غني عن تعذيب نفسه، مروه فليركب وليهد. 747 / 87 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري، قال: حدثنا صالح بن رستم، عن كثير بن شنظير، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال: ما خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبة أبدا إلا أمرنا فيها بالصدقة ونهانا عن المثلة. قال: ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه، ومن المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا، فمن نذر أن يحج ماشيا فليركب وليهد بدنة. 748 / 88 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا بشر بن عمر، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ليسلم الراكب على الماشي، وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم. 749 / 89 – أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي ابن بديل بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد بن ورقاء، أخو دعبل ابن علي الخزاعي (رضي الله عنه) ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومائتين، قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة، وفيها رحلنا إليه على طريق البصرة، وصادفنا عبد الرحمن بن مهدي عليلا فأقمنا عليه أياما، ومات عبد الرحمن بن مهدي وحضرنا جنازته، وصلى عليه إسماعيل بن جعفر، ورحلنا إلى سيدي أنا وأخي دعبل، فأقمنا عنده إلى آخر سنة مائتين، وخرجنا إلى قم بعد أن خلع سيدي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) على أخي دعبل قميصا خزا أخضر وخاتما فصه عقيق، ودفع إليه دراهم رضوية، وقال له: يا دعبل، صر إلى قم فإنك تفيد بها. فقال له: احتفظ بهذا القميص، فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة، وختمت فيه


[ 360 ]

القرآن ألف ختمة. فحدثنا إملاء في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال. حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: من أدام أكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء على الريق، لم يمرض إلا مرض الموت. تم المجلس الثاني عشر، ويتلوه المجلس الثالث عشر من أمالي الشيخ الطوسي قدس الله سره وروحه ونور ضريحه آمين رب العالمين.


[ 361 ]

[ 13 ] المجلس الثالث عشر فيه بقية أحاديث الحفار، وفيه أحاديث ابن الحمامي المقرئ، وفيه بعض أحاديث أبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد. بسم الله الرحمن الرحيم 750 / 1 – أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي ابن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي الله عنه) ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومائتين، قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة، وفيها رحلنا إليه على طريق البصرة، وصادفنا عبد الرحمن بن مهدي عليلا، فأقمنا عليه أياما، ومات عبد الرحمن بن مهدي وحضرنا جنازته، وصلى عليه إسماعيل بن جعفر، ورحلنا إلى سيدي أنا وأخي دعبل، فأقمنا عنده إلى آخر سنة مائتين، وخرجنا إلى قم. قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليه السلام)، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: من أكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء، لم ير في جسده شيئا يكرهه.


[ 362 ]

751 / 2 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: إن الزبيب يشد القلب، ويذهب بالمرض، ويطفئ الحرارة، ويطيب النفس. 752 / 3 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين، عن عمه الحسن بن علي، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في علي بن أبي طالب خصال لأن يكون في إحداهن أحب إلي من الدنيا وما فيها ؟ سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم ارحمه وترحم عليه، وانصره وانتصر به، وأعنه واستعن به، فإنه عبدك وكتيبة رسولك. 753 / 4 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: أطعموا صبيانكم الرمان، فإنه أسرع لألسنتهم. 754 / 5 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): احفظوني في عمي العباس، فإنه بقية آبائي. 755 / 6 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعجبه الدباء (1) ويلتقطه من الصحفة (2). 756 / 7 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: إن الدباء يزيد في العقل. 757 / 8 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وسئل عن القرع أيذبح ؟ فقال: ليس بشئ يذكى، فكلوا القرع ولا تذبحوه، ولا يستفزنكم الشيطان. 758 / 9 – وبهذا الاسناد، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): الفجل أصله يقطع البلغم، ويهضم الطعام، وورقه يحدر البول. 759 / 10 – وبهذا الاسناد، عن علي أمير المزمنين (عليه السلام) أن رسول


(1) الدباء: القرع. (2) الصحفة: القصعة.

[ 363 ]

الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من صباح إلا ويقطر على الهندباء قطرة من الجنة، فكلوه ولا تنفضوه. 760 / 11 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال. إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع بمنى، فقال: لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم، ثم التفت إلى خلفه فقال: أو علي أو علي، ثلاثا، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزه وأنزل الله (عز وجل): (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) (1) بعلي (أو نرينك الذى وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون (2) ثم نزلت: (قل رب إما ترينى ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا علي أن نريك ما نعدهم لقادرون * آدفع بالتى هي أحسن) (3) ثم نزلت: (فاستمسك بالذى أوحى اليك) من أمر على بن أبي طالب (إنك على صراط مستقيم) (4) وإن عليا لعلم للساعة و (لك ولقومك وسوف تسألون) (5) عن محبة علي بن أبي طالب. 761 / 12 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب محنة للعالم، به يميز الله المنافقين من المؤمنين. 762 / 13 – وبهذا الاسناد، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية (لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) (6) فقال: أصحاب الجنة من أطاعني، وسلم لعلي بن أبي طالب


(1) سورة الزخرف 43: 41. (2) سورة الزخرف 43: 42. (3) سورة المؤمنون 23: 93 – 96. (1) سورة الزخرف 43: 43. (5) سورة الزخرف 43: 44. (6) سورة الحشر 59: 20.

[ 364 ]

بعدي، وأقر بولايته. فقيل. وأصحاب النار ؟ قال. من سخط الولاية، ونقض العهد، وقاتله بعدي. 763 / 14 – وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه تلا هذه الآية (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (1) قيل: يا رسول الله من أصحاب النار ؟ قال: من قاتل عليا بعدي، أولئك هم أصحاب النار مع الكفار فقد كفروا بالحق لما جاءهم، ألا وإن عليا مني فمن حاربه فقد حاربني وأسخط ربي، ثم دعا عليا (عليه السلام) فقال: يا علي حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت العلم فيما بيني وبين أمتي بعدي. 764 / 15 – وبهذا الاسناد، قال: خطب الناس أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، فقال: معاشر الناس، إن الحق قد غلبه الباطل، وليغلبن الباطل عما قليل، أين أشقاكم – أو قال: شقيكم، شك أبي، هذا قول أبي (رضي الله عنه) – فوالله ليضربن هذه فليخضبنها من هذه. وأشار بيده إلى هامته ولحيته. 765 / 16 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: ألا إنكم ستعرضرن على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبوني، ألا، وإنكم ستعرضون على البراءة مني، فلا تفعلوا فإني على الفطرة. 766 / 17 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه) (2) قال: الصدق ولايتنا أهل الببت. 767 / 18 – وبالاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: أحبب حبيبك هونا ما، فعسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما.


(1) سورة البقرة 2: 275. (2) سورة الزمر 39: 32.

[ 365 ]

768 / 19 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: لما ضرب ابن ملجم (لعنه الله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط، وأما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة وهو ساجد على رأسه على الضربة التي كانت، فخرج الحسن والحسين (عليه السلام) وأخذا ابن ملجم وأوثقاه، واحتمل أمير المؤمنين، فأدخل داره، فقعدت لبابة عند رأسه، وجلست أم كلثوم عند رجليه، ففتح عينيه فنظر إليهما، فقال: الرفيق الاعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا، ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك. ثم عرق ثم أفاق، فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرني بالرواح إليه عشاء، ثلاث مرات. 769 / 20 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سب نبيا من الانبياء فاقتلوه، ومن سب وصيا فقد سب نبيا. 770 / 21 – وبهذا الاسناد ؟ عن علي بن الحسين (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب، يعني المجوس. 771 / 22 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن علي (عليه السلام)، قال: أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أصحاب القمص فساوم شيخا منهم، فقال: يا شيخ بعني قميصا بثلاثة دراهم. فقال الشيخ: حبا وكرامة، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، وأتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأؤدي فيه فريضتي، وأستر به عورتي. فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، أعنك نروي هذا أو شئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: بل شئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك عند الكسوة (1). 772 / 23 – وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):


(1) يأتي نحوه في الحديث: 849.

[ 366 ]

علي سيد العرب. فقالت امرأة من نسائه: ألست أنت سيد العرب ؟ فقال: اسكتي، أنا سيد ولد آدم، وعلي بن أبي طالب سيد العرب. 773 / 24 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأم سلمة: اشهدي علي أن عليا يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. 774 / 25 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: فقية واحد أشد على إبليس من ألف عابد. 775 / 26 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: بلوا جوف المحموم بالسويق والعسل ثلاث مرات، ويحول من إناء إلى إناء ويسقى المحموم فإنه يذهب بالحمى الحارة، وإنما عمل بالوحي. 776 / 27 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: من أفضل سحور الصائم السويق بالتمر. 777 / 28 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المؤمن لين هين سمح له خلق حسن، والكافر فظ غليظ له خلق سيئ وفيه جبرية. 778 / 29 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عز وجل): من آمن بي وبنبيي، وتولى عليا، أدخلته الجنة على ما كان من عمله (1). 779 / 30 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه (2). 780 / 31 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن علي (عليه السلام)، قال: أدخل على


(1) يأتي نحوه في الحديث: 816. (2) تقدم نحوه في الحديث: 535.

[ 367 ]

أختي سكينة بنت علي (عليه السلام)، خادم فغطت رأسها منه، فقيل لها: إنه خادم. قالت: هو رجل، – منع شهوته – ! 781 / 32 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: حدثتني أسماء بنت عميس الخثعمية، قالت: قبلت جدتك فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين (عليه السلام). قالت: فلما ولدت الحسن (عليه السلام) جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أسماء هاتي ابني، قالت: فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها وقال: ألم أعهد إليكن ألا تلفوا المولود في خرقة صفراء ؟ ودعا بخرقة بيضاء فلفه فيها، ثم أذن في أذنه اليمنى، وأقام في اذنه اليسرى، وقال لعلي (عليه السلام): بم سميت ابنك هذا ؟ قال: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله. قال: وأنا ما كنت لأسبق ربي (عز وجل). قال: فهبط جبرئيل. فقال: إن الله (عز وجل) يقرأ عليك السلام، ويقول لك: يا محمد، علي منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، فسم ابنك باسم ابن هارون. قال النبي (صلى الله عليه وآله). يا جبرئيل، وما اسم ابن هارون ؟ قال جبرئيل: شبر قال: وما شبر ؟ قال: الحسن. قالت أسماء: فسماه الحسن. قالت أسماء: فلما ولدت فاطمة الحسين (عليه السلام) نفستها به، فجاءني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هلمي ابني يا أسماء ؟ فدفعته إليه في خرقة بيضا، ففعل به كما فعل بالحسن (عليه السلام)، قالت: وبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: إنه سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله، لا تعلمي فاطمة بذلك. قالت: فلما كان يوم سابعه جاءني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هلمي ابني، فأتيته به، ففعل به كما فعل بالحسن (عليه السلام)، وعق عنه كما عق عن الحسن كبشا أملح، وأعطى القابلة رجلا، وحلق رأسه، وتصدق بوزن الشعر ورقا (1)، وخلق رأسه بالخلوق (2)، وقال: إن الدم من فعل الجاهلية. قالت: ثم وضعه في حجره، ثم قال: يا أبا عبد الله، عزيز علي ثم بكى


(1) الورق: الفضة. (2) الخلوق: ضرب من الطيب، أعظم أجزائه الزعفران.

[ 368 ]

فقلت: بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأول، فما هو ؟ فقال: أبكي على ابني هذا، تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم، ثم قال: اللهم إني أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريته، اللهم أحبهما، وأحب من يحبهما، والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض. 782 / 33 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله (عز وجل): (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) (1) قال: نزلت في وفي علي بن أبي طالب، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك يا علي: ألقيا في جهنم كل من أبغضكما، وأدخلا الجنة كل من أحبكما، فإن ذلك هو المؤمن. 783 / 34 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، عن أم سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندي فدعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) وجاء جبرئيل (عليه السلام) فمد عليهم كساء فدكيا، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي،. اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قال جبرئيل: وأنا منكم يا محمد. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وأنت منا جبرئيل. قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، وأنا من أهل بيتك، وجئت لأدخل معهم. فقال: كوني مكانك يا أم سلمة، إنك إلى خير، أنت من أزواج نبي الله. فقال جبرئيل: اقرأ يا محمد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2) في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام). 78 / 35 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة، وفرغ الله من حساب الخلائق، دفع


(1) سورة ق 50: 24. (2) الاحزاب 33: 33.

[ 369 ]

الخالق (عز وجل) مفاتيح الجنة والنار إلي فأدفعها إليك، فيقول لك: احكم. قال علي (عليه السلام): والله إن للجنة أحدا وسبعين بابا، يدخل من سبعين منها شيعتي وأهل بيتي، ومن باب واحد سائر الناس. 785 / 36 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: أربعة نزلت من الجنة: العنب الرازقي، والرطب المشاني (1)، والرمان الإملاسي (2)، والتفاح الشعشعاني – يعني الشامي – وفي خبر آخر: والسفرجل. 786 / 37 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي (عليه السلام)، قال: إن الأترج لثقيل، فإذا أكل فإن الخبز (3) اليابس يهضمه من المعدة. 787 / 38 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من رمانة إلا وفيها حبة من الجنة، قال: فأنا أحب ألا أترك منها شيئا. 788 / 39 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة. 789 / 40 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: الايمان إقرار باللسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالجوارح. 790 / 41 – وبهذا الاسناد، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قال: شيئان ما دخلا جوفا قط إلا أفسداه، وشيئان ما دخلا جوفا قط إلا أصلحاه: فاما اللذان يصلحان جوف ابن آدم فالرمان والماء الفاتر، وأما اللذان يفسدان فالجبن والقديد. 791 / 42 – وبهذا الاسناد، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا خير في علم إلا لمستمع واع، وعالم * (هامش) (1) يقال: رطب مشان، بالاضافة: وهو ضرب من الرطب طيب. ومشان: بليدة قريية من البصرة. (2) الرمان الإملاسي: حلو طيب لا عجم له. (3) في نسخة: الجبن.


[ 370 ]

ناطق. 792 / 43 – وبهذا الاسناد، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير نسائكم الخمس فقيل: ما الخمس ؟ قال: الهينة، اللينة، المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل عينها بغمض حتى يرضى، والتي إذا غاب زوجها حفظته في غيبته، فتلك عاملة من عمال الله، وعامل الله لا يخيب. 793 / 44 – وبهذا الاسناد، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وكرب مقمع، وغل قمل، يجعله الله في عنق من يشاء، وينتزعه منه إذا شاء. 794 / 45 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: (أنفقوا مما رزقناكم) (1) قال: مما رزقكم الله على ما فرض الله عليكم فيما ملكت أيمانكم، واتقوا الله في الضعيفين – يعني النساء واليتيم – وإنما هم عورة. 795 / 46 – وبهذا الاسناد: أن امرأة سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقالت: أصلحك الله إني متبتلة. قال لها: وما التبتل عندك ؟ قالت: لا أريد التزويج أبد. قال: ولم ؟ قالت: ألتمس في ذلك الفضل. فقال: انصرفي، فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة (عليها السلام) أحق به منك، إنه ليس أحد يسبقها إلى الفضل. 796 / 47 – وبهذا الاسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال لخيثمة: أبلغ شيعتنا أنه لا ينال ما عند الله إلا بالعمل، وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره، وأبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة. 797 / 48 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا ترفعوا الطست حتى تنطف (2)، اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم.


(1) سورة البقرة 2: 254. (2) أي تمتلئ فيسيل منها الماء.

[ 371 ]

798 / 49 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إذا أصبحت فقل: (اللهم اجعل لي سهما وافرا في كل حسنة أنزلتها من السماء إلى الارض في هذا اليوم، واصرف عني كل مصيبة أنزلتها من السماء إلى الارض في هذا اليوم، وعافني من طلب ما لم يقدر لي من رزق، وما قدرت لي من رزق فسقه إلي في يسر منك وعافية آمين)، ثلاث مرات. 799 / 50 – وبهذا الاسناد، عن موسى بن جعفر، قال: سمعت أبي جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول إذا أمسى: (أمسينا وأمسى الملك لله الواحد القهار، والحمد لله رب العالمين الذي أذهب بالنهار وجاء بالليل ونحن في عافية منه، اللهم هذا خلق جديد قد غشانا، فما عملت فيه من خيبر فسهله وقيضه واكتبه أضعافا مضاعفة وما عملت فيه من شر فتجاوز عنه برحمتك، أمسيت لا أملك ما أرجو، ولا أدفع شر ما أخشى، أمسى الامر لغيري، وأمسيت مرتهنا بكسبي، وأمسيت لا فقير أفقر مني، فلتسع لفقري من سعتك مما كتبت على نفسك التقوى ما أبقيتني، والكرامة إذا توفيتني، والصبر على ما ابتليتني، والبركة فيما رزقتني، والعزم على طاعتك فيما بقي من عمري، والشكر لك فيما أنعمت به علي). وقال: إذا خرجت من منزلك فقل: (بسم الله، توكلت على الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له، وأعوذ بك من شر ما خرجت إليه، اللهم اوسع على من فضلك، وأتم على نعمتك، واستعملني في طاعتك، واجعلني راغبا فيما عندك، وتوفني في سبيلك وعلى ملتك وملة رسولك (صلى الله عليه وآله). وكان يقول إذا خرج إلى الصلاة: (اللهم إني أسألك بحق السائلين لك، وبحق مخرجي عن هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، ولكن خرجت ابتغاء رضوانك واجتناب سخطك، فعافني بعافيتك من النار). 800 / 51 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه كان يوم الجمعة يخطب على المنبر، فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله (عز وجل)، أعرفها كما أعرفه. فقام إليه


[ 372 ]

رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما آيتك التي نزلت فيك ؟ فقال: إذا سالت فافهم ولا عليك ألا تسال عنها غيري، أقرأت سورة هود ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فسمعت الله (عز وجل) يقول: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (1) ؟ قال. نعم. قال: فالذي على بينة من ربه محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذي يتلوه شاهد منه، وهو الشاهد وهو منه، علي بن أبي طالب، وأنا الشاهد، وأنا منه (صلى الله عليه وآله) 809 / 52 – وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنرب. 802 / 53 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو القاسم الدعبلي، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أخي دعبل بن علي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل وسعيد بن سفيان الاسلمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب (رضي الله عنه): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه، ما لم يكن في أمر يكرهه الله. قال: وكان عبد الله بن جعفر يقول لجاريته: اذهبي فخذي لي بدين، فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي بعد الذي سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) 803 / 54 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو القاسم الدعبلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أخي دعبل، قال: حدثنا محمد بن سلامة الشامي، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن ابن عباس، وعن محمد، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: (والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، ولكني سدلت دونها ثوبا، وطويت


(1) سورة هود 11: 17.

[ 373 ]

عنها كشحا، وقد طفقنا عنها برهة بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية (1) عمياء يرضع فيها الصغير ويدب فيها الكبير. فرأيت الصبر على هاتا أحجى (2)، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، بين أن أرى تراث محمد (صلى الله عليه وآله) نهبا. إلى أن حضرته الوفاة فادلى بها إلى عمر، فيا عجبا ! بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عهد بها وعقدها لآخر بعد وفاته ! لشد ما شاطرا ضرعيها، ثم تمثل: شتان ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جابر فعقدها والله في ناحية خشناء، يخشن مسها ويغلظ كلمها (3)، ويكثر العثار والاعتذار فيها، صاحبها منها كراكب الصعبة، إن أشنق لها (4) خرم، وإن أسلس لها عسفت به، فمني الناس – لعمر الله – بخباط وشماس وتلون واعتراس، إلى أن مضى لسبيله، فجعلها شورى بين ستة زعم أني أحدهم، فيا للشورى ولله ! متى اعترض الريب في مع الاولين فأنا الآن أقرن إلى هذه النظائر ! ولكني أسففت (5) مع القوم حيث أسفوا، وطرت مع القوم حيث طاروا، صبرا لطول المحنة وانقضاء المدة، فمال رجل لضغنه وأصغى آخر إلى صهره مع هن وهن (6)، إلى أن قام الثالث نافجا حضنيه بين نثيله (7) ومعتلفه منها، وأسرع معه بنو أبيه في مال الله يخضمونه خضم الإبل نبتة الربيع، حتى انتكثت به بطانته، وأجهز عليه عمله. فما راعني من الناس إلا وهم رسل كعرف الضبع، يسألوني أن أبايعهم وآبى


(1) الطخية: الظلمة. (2) أحجى: ألزم. (3) الكلم: الجرح. (4) أي كفها بالزمام. (5) أسف الطائر: دنا من الارض. (6) أي مع أغراض يكره ذكرها. (7) النثيل: الروث.

[ 374 ]

ذلك، وانثالوا علي حتى لقد وطئ الحسنان (1) وشق عطافي، فلما نهضت بها وبالأمر فيها نكثت طائفة، ومرقت طائفة، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (2)، بلى والله لقد سمعوها، ولكن راقتهم دنياهم وأعجبهم زبرجها. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الناصر، ولزوم الحجة وما أخذ الله من أولياء الامر من أن لا يقاروا (3) على كظة ظالم وسغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكاس أولها، ولألفوا دنياهم أزهد عندي من عفطة عنز). فناوله رجل من أهل السواد كتابا فانقطع كلامه، فما أسفت على شئ كأسفي على ما فات من كلامه، فلما فرغ من قراءته قلت له: يا أمير المؤمنين، لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت إليه منها. فقال. هيهات يابن عباس، تلك شقشقة (4) هدرت ثم قرت. 804 / 55 – أخبرنا الحفار، قال. حدثنا الدعبلي، قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز ببغداد بالكرخ بدار كعب، قال: حدثنا أبو سهل الرفاء، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال الدعبلي: وحدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري بصنعاء اليمن في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، قال: دخلت نسوة من المهاجرين والانصار على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعدنها في علتها، فقلن لها: السلام عليك يا بنت رسول الله، كيف أصبحت ؟ فقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتهم بعد إذ عجمتهم، وسئمتهم بعد إذ سبرتهم، فقبحا


(1) قيل: هما الابهامان. (2) سورة القصص 28: 83. (3) أي يرافقوا مقرين. (4) الشقشقة: شئ كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

[ 375 ]

لأفون الرأي وخطل القول وخور القناة، و (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون)، (1) ولا جرم والله لقد قلدتهم ربقتها، وشننت عليهم عارها، فجدعا ورغما للقوم الظالمين. ويحهم، أنى زحزحوها عن أبي الحسن ! ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه، ونكال وقعه، وتنمره في ذات الله، وتالله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا عتلقه، ثم لسار بهم سيرا سجحا (2)، فإنه قواعد الرسالة، ورواسي النبوة، ومهبط الروح الامين رالبطين بأمر الدين في الدنيا والآخرة (ألا ذلك هو الخسران المبين) (3). والله لا يكتلم خشاشة، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلا رويا فضفاضا، تطفح ضفته، ولأصدرهم بطانا قد خثر بهم الري غير متحل بطائل إلا بغمر الناهل وردع سورة الساغب (4)، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. فهلم فاسمع، فما عشت أراك الدهر العجب، وإن تعجب بعد الحادث، فما بالهم بأي سند استندوا، أم بأية عروة تمسكوا ؟ (لبئس، لمولى ولبئس العشير) (5) وبئس للظالمين بدلا. استبدلوا الذنابى بالقوادم، والحرون بالقاحم، والعجز بالكاهل، فتعسا لقوم (يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (6)، (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا


(1) سورة المائدة 5: 80. (2) أي سهلا لينا، وفي نسخة: سجسجا. (3) الزمر 39: 15. (4) في نسخة: شغب. (5) سورة الحج 22: 13. (6) سورة الكهف 18: 104.

[ 376 ]

يشعرون) (1)، (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (2) ؟ لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممضا، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا بعد ذلك عن أنفسكم لفتنتها، ثم اطمئنوا للفتنة جأشا، وأبشروا بسيف صارم وهرج دائم شامل واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لهم وقد عميت عليهم الأنباء (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (3). 805 / 56 – قرئ على أبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار وأنا أسمع، قيل له: حدثكم أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن الخزاعي ابن أخي دعبل فأقر به، قال: حدثني أبي علي بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن رزين، عن أبيه رزين بن عثمان، عن أبيه عثمان بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن بديل بن ورقاء، قال: سمعت أبي بديل بن ورقاء الخزاعي يقول: لما كان يوم الفتح أوقفني العباس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، هذا يوم قد شرفت فيه قوما، فما بال خالك بديل بن ورقاء وهو قعيد حيه ؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): احسر عن حاجبيك يا بديل ؟ فحسرت عنهما وحدرت لثامي فرأى سوادا بعارضي، فقال: كم سنوك يا بديل ؟ فقلت: سبع وتسعون يا رسول الله. فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: زادك الله جمالا وسوادا وأمتعك وولدك، لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نيف على الستين، وقد أسرع الشيب فيه، اركب جملك هذا الأورق، فناد في الناس: إنها أيام أكل وشرب، وكنت جهيرا، فرأيتني بين خيامهم، وأنا أقول: أنا رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول


(1) سورة البقرة 2: 12. (2) سورة يونس 10: 35. (3) سورة هود 11: 28.

[ 377 ]

لكم: إنها أيام أكل وشرب، وهي لغة خزاعة يعني الاجتماع، ومن هاهنا قرأ أبو عمرو (فشاربون شرب الهيم) (1). 856 / 57 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو مقاتل الكشي ببغداد، قدم علينا سنة أربع وسبعين ومائتين في قطيعة الربيع، قال: حدثنا أبو مقاتل السمرقندي، قال: حدثنا مقاتل بن حيان، قال: حدثنا الاصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لنا نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله): (فصل لربك وأنحر) (2) قال: يا جبرئيل، ما هذه النحيرة التي أمر بها ربي ؟ قال: يا محمد، إنها ليست نحيرة، ولكنها رفع الأيدي في الصلاة. 807 / 58 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أخي دعبل، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبدة عن البراء بن عازب، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، في قوله (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة) (3) قال: في القبر إذا سئل الموتى. 808 / 59 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن غالب بن حرب التمتام، قال: حدثنا علي بن أبي طالب البزاز بالبصرة، قال: حدثني موسى بن عمير الكوفي، عن الحكم بن إبراهيم، عن الاسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما رجل أتاه الله علما فكتمه وهو يعلمه، لقي الله (عز وجل) يوم القيامة ملجما بلجام من نار. 809 / 60 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن غالب ابن حرب التمتام، قال: حدثنا أبو عمر الحوضي، قال: حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول


(1) سورة الواقعة 56: 55. (2) سورة الكوثر 108: 2. (3) سورة إبراهيم 14: 27.

[ 378 ]

الله (صلى الله عليه وآله): حريم البئر خمسة وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا، وحريم عين السائحة ثلاث مائة ذراع، وحريم بئر الزرع ست مائة ذراع. 810 / 61 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا دعبل، قال: حدثنا مجاشع بن عمر، عن ميسرة بن عبيد الله، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه سئل عن قول الله (عز وجل) (وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم فغفرة وأخرا عظيما) (1) قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية، يا نبي الله ؟ قال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ونادى مناد: ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا، فقد بعث محمد (صلى الله عليه وآله)، فيقوم علي بن أبي طالب فيعطي الله اللواء من النور الابيض بيده، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ولا يخالطهم غيرهم، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطى أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إن ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم، – يعني الجنة – فيقوم علي بن أبي طالب والقوم تحت لوائه معه حتى يدخل الجنة، ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين، فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة، ويترك أقواما على النار، فذلك قوله (عز وجل) (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجرهم ونورهم) (2) يعني السابقين الأولين والمؤمنين وأهل الولاية له، وقوله: (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) (3) هم الذين قاسم عليهم النار فاستحقوا الجحيم. 811 / 62 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي وإسحاق بن إبراهيم الدبري، قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن


(1) سورة الفتح 48: 29. (2) الذي في سورة الحديد: 19 (والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم). (3) سورة الحديد 57: 19.

[ 379 ]

ابن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا دعوة أبي إبراهيم. فقلنا: يا رسول الله، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال: أوحى الله (عز وجل) إلى إبراهيم أني جاعلك للناس إماما ؟ فاستخف إبراهيم الفرح، فقال: يا رب، ومن ذريتي أئمة مثلي ؟ فأوحى الله (عز وجل) إليه: أن يا إبراهيم، إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به. قال: يا رب، ما العهد الذي لا تفي لي به ؟ قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك. قال: يا رب، ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك ؟ قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا، ولا يصح أن يكرن إماما. قال إبراهيم: واجنبني وبني أن نعبد الاصنام، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس. قال النبي (صلى الله عليه وآله): فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي لم يسجد أحد منا لصنم قط، فاتخذني الله نبيا، وعليا وصيا. 812 / 63 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أخي دعبل، فال: حدثنا حفص بن غياث، عن أبيه، عن جابر وأبي موسى الاشعري وابن عباس، قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. 813 / 64 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بصنعاء اليمن سنة ست وسبعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة وأبي سلمة جميعا، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أسكر كثيره فالجرعة منه خمر. 814 / 65 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم بن كثير الصيرفي ببغداد بباب الشام سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا أبو نؤاس الحسن بن هانئ، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يموتن أحدكم حتى يحسن ظنه


[ 380 ]

بالله (عز وجل)، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة. 815 / 66 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل بن علي الدعبلي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير، قال: دخلنا على أبي نؤاس الحسن بن هانئ نعوده في مرضه الذي مات فيه، فقال له عيسى بن موسى الهاشمي: يا أبا علي، أنت في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، وبينك وبين الله هنات، فتب إلى الله (عز وجل). قال أبو نؤاس: أسندوني، فلما استوى جالسا قال: إياي تخوف بالله، وقد حدثني حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل نبي شفاعة، وإني خبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة ؟ أفترى لا أكون منهم ! 816 / 67 – أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل الدعبلي، قال: حدثنا أبي علي بن علي، عن أبيه، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عز وجل): من آمن بي وبنبيي وبوليي، أدخلته الجنة على ما كان من عمله (1). انتهت أحاديث الحفار. 817 / 68 – أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقرئ المعروف بابن الحمامي قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان – بن الحسن الفقيه قراءة عليه قال: حدثنا معاذ بن المثنى، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال. قال رسول الله: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله عليه. قال عمر: ما أحببت الامارة قبل يومئذ، فدعا عليا (عليه السلام) فبعثه، فقال: اذهب. فقاتل: حئق يفتح الله (عز وجل) عليك، ولا تلتفت ؟ فمشى ساعة – أو قال: قليلا – ثم وقف ولم يلتفت، فقال:


(1) تقدم نحوه في الحديث: 778.

[ 381 ]

يا رسول الله، على ما أقاتل الناس ؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا (أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله)، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (عز وجل). 818 / 69 – أخبرنا أبو الحسن، قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي أبو يعقوب الفسوي، قال: أخبرنا مكي بن إبراهيم، قال: أخبرنا السري بن عامر، قال: صعد النعمان بن بشير على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه وقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن لكل ملك حمى، وإن حمى الله حلاله وحرامه والمشتبهات بين ذلك، كما لو أن راعيا رعى إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات. قال: وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا أيها الناس، إن من العنب خمرا، وإن من الزبيب خمرا، وإن من التمر خمرا، وإن من الشعير خمرا. ألا أيها الناس أنهاكم عن كل مسكر. 819 / 70 – أخبرنا ابن الحمامي المقرئ، قال: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد ابن عبد الله بن زياد القطان، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق النحوي، قال: حدثنا عبد السلام بن مطهر أبو ظفر، قال: حدثنا موسى بن خلف، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كن في الدنيا كأنك غريب، أو كأنك عابر سبيل، وعد نفسك في أصحاب القبور. قال مجاهد: وقال لي عبد الله بن عمر: وأنت يا عبد الله، إذا أمسيت فلا تحدث نفسك أن تصبح، وإذا أصبحت فلا تحدث نفسك أن تمسي، فخذ من حياتك لموتك، ومن صحتك لسقمك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا. 820 / 71 – أخبرنا ابن الحمامي المقرئ، قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمي، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، قال: حدثني أبو بكر بن عياش، قال. حدثنا صدقة بن سعيد الحنفي، قال:


[ 382 ]

حدثني جميع بن عمير التيمي، قال: دخلت مع أمي وخالتي على عائشة، فسألناها كيف كان منزلة علي (عليه السلام) فيكم ؟ قالت: سبحان الله ! كيف تسألان عن رجل لما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال الناس: أين تدفنونه ؟ فقال علي (عليه السلام) ليس في أرضكم بقعة أحب إلى الله من بقعة قبض فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكيف تسألاني عن رجل وضع يده على موضع لم يطصع فيه أحد. 821 / 72 – أخبرنا ابن الحمامي، قال: حدثنا محمد بن جعفر القارئ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن كثير، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي (عليه السلام) أنه قال: لتملأن الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد الله إلا مستخفيا، ثم يأتي الله بقوم صالحين يملؤونها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. انتهت أخبار ابن الحمامي. 822 / 73 – أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قراءة عليه، في ذي الحجة سنة سبع عشرة وأربع مائة، قال: حدثنا أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني القاضي، المعروف بابن الاشناني، في منزله سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، قال: أخبرنا محمد بن مسلمة بن الوليد بن عبد الملك، قال: أخبرنا يزيد ابن هارون، قال: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) الدجال لا يدخل مكة والمدينة، على كل نقب من أنقابها ملك شاهر سيفه. 823 / 74 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو الحسين، قال. حدثنا محمد بن شداد المسمعي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن بن عمر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. 824 / 75 – أخبرنا ابن مخلد، قال. حدثنا أبو الحسين، قال: أخبرنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن


[ 383 ]

نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من جاء إلى الجمعة فليغتسل. 825 / 76 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام، عن حذيفة، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يدخل الجنة قتات (1). 826 / 77 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو الحسين، قال: حدثنا موسى بن سهل الوشاء، قال: أخبرنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من جاء إلى الجمعة فيلغتسل. 827 / 78 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا ابن عليه، قال: حدثنا ليث، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: مروا بجنازة تمخض كما يمخض الزق. فقال النبي (صلى الله عليه وآله). عليكم بالسكينة، عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم. 828 / 79 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن حيان، قال: حدثنا شعيب بن حرب، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني عدي ابن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) – أو قال: عن النبي (صلى الله عليه وآله) – قال: إذا أنفق المسلم على أهله نفقة، وهو يحتسبها، كانت له صدقة. 829 / 80 – أخبرنا ابن مخلد، قال. حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبدك القزاز، قال: حدثنا عباد بن صهيب، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يشكر الله من لا يشكر الناس. 830 / 81 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو الحسين، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا سعد بن عنبسة، قال: حدثنا منصور بن وردان العطار، قال: حدثنا يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام) أن


(1) القتات: النمام.

[ 384 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ومن ارتبط فرسا في سبيل الله، كان علفه وروثه وشرابه في ميزانه يوم القيامة. 831 / 82 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد النحوي المعروف بالزاهد في السنة المقدم ذكرها، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبو الاحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، قال: نزل ضيف برجل من الانصار فأبطا الانصاري على أهله، فجاء، فقال: ما عشيتم ضيفي، والله لا أطعم عشاءكم. وقالت المرأة: وأنا والله لا أطعم الليلة. قال الضيف: وأنا والله لا أطعم الليلة. فقال الانصاري: يبيت الليلة ضيفي بغير عشاء ! قربوا طعامكم، فأكل وأكلوا معه، فلما أصبح غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بأمره، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أطعت الله (عز وجل)، وعصيت الشيطان. 832 / 83 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا محمد بن يونس القرشي، قال: أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: حدثنا أبو سنان، عن ثابت، عن عبيد بن عمير، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مسلم يبتلى في جسده إلا قال الله (عز وجل) لملائكته: اكتبوا لعبدي أفضل ما كان يعمل في صحته. 833 / 84 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أبو علي بشر بن موسى بن صالح الاسدي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر القرشي، عن سالم بن أبي سالم الجيشاني، عن أبيه، عن أبي ذر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا أبا ذر، إني أحب لك ما أحب لنفسي، إني أراك ضعيفا، فلا تؤمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم. 834 / 85 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا محمد بن يونس القرشي، قال: حدثنا سعيد بن عامر، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين. 835 / 86 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد بن زياد السمسار أبو جعفر، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا قيس بن سليم العنبري، قال:


[ 385 ]

سمعت علقمة بن وائل، قال: حدثني أبي، قال: صليت خلف النبي (صلى الله عليه وآله) فكبر حين افتتح الصلاة ورفع يديه، وحين أراد الركوع وبعد الركوع. 836 / 87 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا محمد بن عمار العبسي، قال: حدثنا أحمد بن طارق الوابشي، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن محمد ابن عبيد الله، عن عون بن [ عبيد الله بن ] أبي رافع، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: دخلت على نبي الله (صلى الله عليه وآله) وهو مريض، فإذا رأسه في حجر رجل أحسن ما رأيت من الخلق، والنبي (صلى الله عليه وآله) نائم، فلما دخلت عليه قال الرجل: ادن إلى ابن عمك، فانت أحق به مني، فدنوت منهما، فقام الرجل وجلست مكانه، ووضعت رأس النبي (صلى الله عليه وآله) في حجري كما كان في حجر الرجل، فمكثت ساعة ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) استيقظ، فقال: أين الرجل، الذي كان رأسي في حجره ؟ فقلت: لما دخلت عليك دعاني إليك، ثم قال: ادن إلى ابن عمك، فانت أحق به مني ؟ ثم قام فجلست مكانه. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فهل تدري من الرجل ؟ قلت: لا بأبي وأمي. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذاك جبرئيل (عليه السلام)، كان يحدثني حتى خف عني وجعي، ونمت ورأسي في حجره. 837 / 88 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي، قال: حدثنا الواقدي محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن يزيد بن الهاد، عن هند بنت الحارث الفراسية، عن أم الفضل، قالت: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رجل يعوده وهو شاك فتمنى الموت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله). لا تتمن الموت، فإنك إن تك محسنا تزدد إحسانا إلى إحسانك، وإن تك مسيئا فتؤخر تستعتب، فلا تمنوا الموت. 838 / 89 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا موسى بن سهل الوشاء، قال: أخبرنا إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. 839 / 90 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو عمر، قال: حدثنا أبو جعفر


[ 386 ]

المروزي محمد بن هشام إملاء، قال: حدثني يحيى بن عثمان، قال: حدثنا بقية، عن إسماعيل البصري – يعني ابن علية – عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل قول ولا عمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا باصابة السنة. 840 / 91 – أخبرنا محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد الدقاق، المعروف بابن السماك، إملاء في هذه السنة المقدم ذكرها، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن مكرم بن حسان البزاز، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء عام تبوك. 841 / 92 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو ابن السماك، قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة، فأخذها فرمى بها، فأخذ عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به، وقال: على الأرض إن استطعت، وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك اخفض من ركوعك. 842 / 93 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا حماد بن سهل الثوري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن ربيعة، قال: سمعت أنسا يقول: ما كان في رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته عشرون طاقة بيضاء. 843 / 94 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا الحسن بن سلام السراق، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا. 844 / 95 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو عمرو، قال: حدثنا أبو بكر يحيى ابن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علقمة المروزي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد، عن أبي هريرة: أن


[ 387 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا توضأ بدأ بميامنه. 845 / 96 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم القطان، قال: حدثنا أبو توبة، قال: حدثنا مصعب – يعني ابن ماهان – عن سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع. 846 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حمزة بن مالك، قال: قال عبد الله: لقد قرأت من في رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة، وزيد بن ثابت له ذؤابتان يلعب مع الصبيان. 847 / 98 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق بن حنبل، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن حكيم الداهري، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن حبة العرني، عن جفينة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب إليه كتابا فرقع به دلوه، فقالت له ابنته: عمدت إلى كتاب سيد العرب فرقعت به دلوك ليصيبنك بلاء. قال: فأغارت عليه خيل النبي (صلى الله عليه وآله) فهرب وأخذ كل قليل وكثير هو له، ثم جاء بعد مسلما، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): انظر ما وجدت من متاعك قبل قسمة السهام فخذه. 848 / 99 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا أبو عمرو، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن السكن، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي (عليه السلام). 849 / 100 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا ابن السماك، قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، قال: حدثنا عارم بن الفضل أبو النعمان، قال: حدثنا مرجى أبو يحيى صاحب السقط، قال: وقد ذكرته لحماد بن زيد فعرفه عن معمر بن زياد: أن أبا مطر حدثه، قال: كنت بالكوفة فمر علي رجل فقالوا: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلى الله عليه وآله). قال: فتبعته فوقف على خياط فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم


[ 388 ]

فلبسه، فقال: الحمد لله الذي ستر عورتي وكساني الرياش. ثم قال: هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إذا لبس قميصا (1). 850 / 101 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا ابن السماك، قال: حدثنا أحمد بن بشر المرثدي، قال: حدثنا موسى بن محمد بن حيان البصري، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير، عن عثمان بن أبي الكنات، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما مات إبراهيم بكى النبي (عليه السلام) حتى جرت دموعه على لحيته، فقيل له: يا رسول الله، تنهى عن البكاء وأنت تبكي ! فقال: ليس هذا بكاء، إنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم. 851 / 102 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا ابن السماك، قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز المقرئ، قال: حدثنا يحيى بن عمران أبو زكريا، قال: حدثنا سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: قال: خير ثيابكم البياض، فليلبسه أخياركم، وكفنوا فيه موتاكم. 852 / 103 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا ابن السماك، قال: حدثني عبيد بن عبد الواحد البزاز، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: حدثنا يحيى بن أبي سليمان المدني، عن زيد بن أبي عتاب، والمقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة. تم المجلس الثالث عشر، ويتلوه المجلس الرابع عشر من أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله.


(1) تقدم نحو في الحديث: 771.

[ 389 ]

[ 14 ] المجلس الرابع عشر فيه بقية أخبار ابن مخلد، وفيه من أخبار أبي الحسين ابن بشران المعدل، وفيه أحاديث أبي عبد الله حمويه البصري، وأحاديث إبراهيم بن إسحاق الاحمري رواية ابن شبل الوكيل، وفيه من أحاديث محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 853 / 1 – أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، في ذي الحجة سنة سبع عشرة وأربع مائة، في داره بدرب السلولي في القطيعة، قال: حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم المعروف بالخلدي في السنة المقدم ذكرها، وهي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن مسروق الطوسي، قال: حدثنا يحيى الجلاء – وكان من عباد الله الفاضلين -، قال: سمعت بشرا يقول لجلسائه: سيحوا فإن الماء إذا ساح طاب، وإذا وقف تغير واصفر. 854 / 2 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان، قال: حدثنا الثوري، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت عبد الله بن شداد قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه) يقول: ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفدي رجلا بأبويه إلا سعدا، سمعته يقول: ارم سعد، فداك أبي وأمي.


[ 390 ]

855 / 3 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا الخلدي، قال: حدثنا محمد بن يونس ابن موسى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا الحكم بن أبي نعيم، قال: سمعت فاطمة بنت محمد (عليه السلام) تحدث عن أبيها (عليه السلام) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من اعتق رقبة مؤمنة كان له بكل عضو منها فكاك عضو منه من النار. قال محمد: فذاكرت بهذا الحديث الشاذكوني فقال رجل عنده: حدثناه أبو نعيم. 856 / 4 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب ابن زاذان، قال: حدثنا محمد بن سليمان الذهلي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: قدمت مكة فوجدت فيها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا ؟ قال: البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء أهل العراق اختلفتم علي في مسألة واحدة. فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن بيع وشرط، البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أشتري بريرة فأعتقها، البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله، قال: بعت النبي (صلى الله عليه وآله) ناقة شرط لي جلابها إلى المدينة، البيع جائز والشرط جائز. 857 / 5 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرني الخلدي، قال: حدثنا الحسين بن الكميت الموصلي، قال: حدثنا المعلى بن مهدي، قال: حدثنا أبو شهاب، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك بن عمير، عن عطية – رجل من بني قريظة -، قال: عرضنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن كانت له عانة قتله، ومن لم تكن له عانة تركه،


[ 391 ]

فلم تكن لي عانة فتركني. 858 / 6 – أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز إملاء في السنة المقدم ذكرها، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني، قال: حدثنا الأوزاعي، عن أسيد بن خالد بن دريك، عن عبد الله بن محيريز، قال: قلت لرجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) – قال الاوزاعي: حسبت أنا أنه يكنى أبا جمعة -: حدثنا حديثا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لأحدثنك حديثا جيدا: تغدينا يوما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقلنا: يا رسول الله، هل أحد خير منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك ؟ قال: بلى، قوم من أمتي يأتون من بعدكم فيؤمنون بي. 859 / 7 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الرزاز، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا فطر، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: قال بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) لقد كان لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيرا (1). 860 / 8 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا الرزاز، قال: حدثنا العباس بن محمد ابن حاتم الدوري، قال: حدثنا يعلى – يعني ابن عبيد -، قال: حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، والسابق يسبق إلى الجنة. 861 / 9 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا الرزاز، قال: حدثنا محمد بن الهيثم القاضي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، قال: حدثني أبي، عن ضمضم بن


(1) أخرجه الحسكاني في شواهد التنزيل برقم (10) باسناده عن الدقيقي، وأخرجه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق برقم (1116) باسناده عن ابن مخلد كلاهما بهذا الاسناد واللفظ، وأخرجه الحسكاني برقم (6) باسناد آخر عن فطر، وبرقم (11) باسناد آخر عن فطر عن أبي الطفيل عن ابن عباس.

[ 392 ]

زرعة، عن شريح بن عبيد، قال: كان جبير بن نفير يحدث أن رجالا سألوا النواس بن سمعان، فقالوا: ما أرجى شئ سمعت لنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال النواس: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من مات وهو لا يشرك بالله (عز وجل) شيئا، فقد حلت له مغفرته، إن شاء أن يغفر له. قال النواس عند ذلك: إني لأرجو أن لا يموت أحد تحل له مغفرة الله (عز وجل) إلا غفر له. 862 / 10 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا الرزاز، قال: حدثنا محمد بن يونس ابن موسى، قال: حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا سليمان بن عمران الكوفي، عن أبي حازم المدني، عن ابن عباس، في قوله (تعالى) (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) (1). قال: الظاهرة الاسلام، والباطنة ستر الذنوب. 863 / 11 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الرزاز، قال: حدثنا أبو خالد القرشي عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا وقعت الحدود فلا شفعة. 864 / 12 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الرزاز، قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن أبي العوام، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم. 865 / 13 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الرزاز، قال: حدثنا حامد بن سهل الشعيري، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة، قالت: أجنبت أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) فاغتسلت من جفنة وفضلت فيها فضلة، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاغتسل منها، قلت: يا رسول الله،


(1) سورة لقمان 31: 20.

[ 393 ]

إنها فضلة مني – أو قالت: اغتسلت – فقال: ليس الماء جنابة. 866 / 14 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا الحسن بن علي القطان، قال: حدثنا عباد بن موسى الختلي، قال: حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن أبن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجلس على الارض، ويأكل على الارض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير. 867 / 15 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان العبسي، قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم، قال: حدثني عبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن شيبة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أخذ القوم مجالسهم، فإن دعا رجل أخاه وأوسع له في مجلسه فليأته، فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه، وإن لم يوسع له أحد فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه. 868 / 16 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة، قال: حدثنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عباد، عن عبد الله بن دينار، عن بن عمر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كم من عاقل عقل عن الله (عز وجل) أمره، وهو حقير عند الناس ذميم المنظر، ينجو غدا، وكم من ظريف اللسان، جميل المنظر عند الناس، يهلك غدا في القيامة. 869 / 17 – أخبرنا ابن مخلد، قال: حدثنا الخلدي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن العباس أبو إسحاق الشافعي، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تطرق النساء ليلا. قال: فأطرق رجلان، وكلاهما رأى مع امرأته ما يكره. 870 / 18 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن حماد بالكوفة، قال: حدثنا جندل بن والق، قال: حدثنا أبو مالك الانصاري،


[ 394 ]

عن أبي عبد الرحمن السدي، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اطلبوا الخير عند حسان الوجوه. 871 / 19 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي بمصر، قال: حدثنا سهل بن زنجلة، قال: حدثنا الصباح بن محارب، قال: حدثنا داود الاودي، عن سماك، عن خالد بن جرير، عن جرير بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدره، فإن عاد فاقتلوه. 872 / 20 – أخبرنا ابن مخلد، قال: أخبرنا الخلدي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق القرشي، قال: أنشدني بعض أصحابنا شعرا: إجعل تلادك في المهم من الامور إذا اقترب حسن التصبر ما استطعت فإنه نعم السبست لا تسة عن أدب الصغير وإن شكا ألم التعب ودع الكبير لشأنه كبر الكبير عن الأدب لا تصحب النطف المريب فقربه إحدى الريب واعلم بأن ذنوبه تعدي كما يعدي الجرب آخر أخبار ابن مخلد. 873 / 21 – أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، في منزله ببغداد في رجب سنة إحدى عشرة وأربع مائة، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد ابن عمرو بن البختري الرزاز قراءة عليه، قال: حدثنا سعيد بن أبي النضر بن منصور أبو عثمان البزاز، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو ؟ أنه سمع جابر بن عبد الله الانصاري يقول: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبر عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبته – أو فخذه – فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه (1).


(1) قيل: إن سبب ذلك يعود لما سيذكره المصنف لاحقا في الحديث: 874. (*)

[ 395 ]

الله أعلم. 874 / 22 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن البختري، قال: أخبرنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو: أنه سمع جابر بن عبد الله الانصاري يقول: لما كان العباس بالمدينة فطلبت الانصار ثوبا يكسونه، فلم يجدوا قميصا يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أبي، فكسوه إياه. 875 / 23 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار قراءة عليه، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عرفة العبدي، يوم الثلاثاء في ذي الحجة سنة ست وخمسين ومائتين، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت ؟ فأقول: أنا محمد. فيقول: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك. 876 / 24 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المنادي، قال: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، قال: حدثنا هاشم بن هاشم، عن عامر بن سعد: أن سعدا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تصبح بتمرات من عجوة (1) لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر. 877 / 25 – أخبرنا ابن بشران، قال: حدثنا أحمد بن سليمان النخاد إملاء، قال: حدثني محمد بن عثمان العبسي، قال: حدثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن بيع الولاء، وعن هبته. 878 / 26 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، قال: حدثنا نافع: أن عبد الله


(1) العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة.

[ 396 ]

ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بينما ثلاثة رهط يتماشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فبينا هم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أفضل أعمال عملتموها فسلوه بها، لعله يفرج عنكم. قال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان كبيران، وكانت لي امرأة وأولاد صغار، فكنت أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم غنمي بدأت بوالدي فسقيتهما، فلم آت حتى نام أبواي، فطيبت الاناء ثم حلبت ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي، والصبية يتضاغون (1) عند رجلي، أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي، وأكره أن أوقظهما من نومهما، فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأفرج عنا فرجة نرى منها السماء ؟ ففرج لهم فرجة فرأوا منها السماء. وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي بنت عم فأحببتها حبا كانت أعز الناس إلي، فسألتها نفسها، فقالت: لا حتى تأتيني بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فأتيتها بها، فلما كنت بين رجليها، قالت: اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأفرج عنا فيها فرجة ؟ ففرج الله لهم فيها فرجة. وقال الثالث: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق (2) ذرة، فلما قضى عمله عرضت عليه فأبى أن يأخذه ورغب عنه، فلم أزل اعتمل به حتى جمعت منه بقرا ورعاءها فجاءني فقال: اتق الله، واعطني حقي ولا تظلمني، فقلت له: اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها، فذهب فاستاقها، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما بقي منها ؟ ففرج الله عنهم فخرجوا يتماشون. 879 / 27 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال: حدثنا عاصم، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن


(1) تضاغى: تضور من الجوع. (2) الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلا، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز.

[ 397 ]

سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. 880 / 28 – أخبرنا ابن بشران، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق إملاء، قال: حدثنا الحسن بن سلام السواق، قال: حدثنا زكريا بن عدي، قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن زياد بن سعد، عن محمد بن المنكدر، عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعثت على أثر ثمانية الآف نبي، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل. 881 / 29 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، قال: حدثنا يحيى بن عثمان، قال: حدثنا سعيد بن حماد أبو عثمان أخو نعيم بن حماد، قال: حدثنا الفضل بن موسى السيناني، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله ابن السائب، قال: حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم عيد، فلما قضى صلاته قال: من أحب أن يستمع الخطبة فليستمع، ومن أحب أن ينصرف فلينصرف. 882 / 30 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد الحلواني، قال: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا قتادة بن الفضل، قال: سمعت هشام بن الغاز يحدث عن أبيه، عن جده ربيعة، قال: سمعت أبا مالك صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يكون في أمتي الخسف والمسخ والقذف. قال: قلنا: يا رسول الله، بم ؟ قال: باتخاذهم القينات (1)، وشربهم الخمور. 883 / 31 – أخبرنا ابن بشران، قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق إملاء قال: حدثنا جعفر الخياط صاحب أبي ثور، قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد، قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: سئل ابن المبارك: من الناس ؟ قال: العلماء. قال: من الملوك ؟ قال: الزهاد. قال: فمن السفلة ؟ قال: الذي يأكل بدينه.


(1) القينات: جمع قينة، المغنية.

[ 398 ]

884 / 32 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا دعلج بن أحمد بن دعلج المعدل، قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب، قال: أخبرنا عمرو، قال: أخبرنا زائدة، عن الاعمش، عن غيلان بن بشر، عن يعلى بن الوليد، قال: إني لآخذ بيد أبي الدرداء، فقلت: يا أبا الدرداء، ما تحب لمن تحب ؟ قال: أن يموت. قلت: فإن لم يمت ؟ قال: يقل الله ماله وولده. 885 / 33 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز قراءة عليه، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري: سمع سهل بن سعد الساعدي يقول: أطلع رجل من جحر في حجرة النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه مدرى (1) يحك به رأسه، فقال: لو أني أعلم أن تنتظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر. 886 / 34 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي الصدقة أفضل ؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل البقاء وتخاف الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان. 887 / 35 – أخبرنا ابن بشران، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا محمد بن عيسى العطار، قال: حدثنا كثير بن هشام، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم، عن الحكم بن عبد الله، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: مر عمر بن الخطاب على قوم يرمون رشقا فقال: بئس ما رميتم. قالوا: يا أمير المؤمنين، إنا قوم متعلمين ؟ قال: والله لذنبكم في لحنكم أشد من ذنبكم في رميتكم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: رحم الله رجلا أصلح من لسانه. (هامش) * (1) المدرى: ما يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط، وأطول منه، يسرح به الشعر المتلبد.


[ 399 ]

888 / 36 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا الصفار، قال: حدثنا محمد بن صالح الأنماطي، قال: حدثنا أبو صالح الفراء، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي على راحلته حيث توجهت به. 889 / 37 – أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا دعلج بن أحمد بن دعلج، قال: حدثنا أبو سعيد الهروي يحيى بن أبي نصر الشيخ الصالح، قال: سمعت إبراهيم بن المنذر الحزامي يقول: سمعت معنا ومحمد بن صدقة أحدهما أو كلاهما – قال: وكلاهما ثقة – عن مالك بن أنس، قال: لا يؤخذ العلم من أربعة، وخذوا مما سوى ذلك: لا يؤخذ من كذاب يكذب في حديث الناس، ولا من سفيه معلن السفه، ولا من صاحب هوى يدعو إلى هواه، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا لم يحسن ما يحدث. آخر أخبار ابن بشران. 890 / 38 – أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن علي بن حمويه البصري قراءة عليه ببغداد في دار الغضائري، يوم السبت النصف من ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن بكر الهزاني، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الخباب الجمحي، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، قال: حدثني أبو حصين، عن شيخ من أهل المدينة، عن حكيم بن حزام: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار وباعها بدينارين، فرجع فاشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فتصدق به النبي (صلى الله عليه وآله)، ودعا له أن يبارك له في تجارته. 891 / 39 – أخبرنا حمويه، قال: أخبرنا الهزاني، قال: أخبرنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسدد بن سرهد، قال: حدثنا أبو الاحوص، قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم بن حزام، [ عن أبيه ]، قال: ابتعت طعاما من طعام الصدقة، فأربحت فيه قبل أن أقبضه، فأردت بيعه، فسألت النبي (صلى الله عليه وآله)


[ 400 ]

فقال: لا تبعه حتى تقبضه. حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، وهو ابن عم الزبير، وهو من المؤلفة قلوبهم، ومات سنة خمس وخمسين، ويكنى أبا خالد. قال الواقدي: سنة أربع وخمسين وهو ابن عشرين ومائة سنة. 892 / 40 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثنا عثمان بن عمر، عن إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة، قالت: ما رأيت من الناس أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله (صلى الله عليه وآله) من فاطمة. كانت إذا دخلت عليه رحب بها، وقبل يديها، وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به، وقبلت يديه، ودخلت عليه في مرضه فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت، فقلت: كنت أرى لهذه فضلا على النساء، فإذا هي امرأة من النساء، فبينما هي تبكي إذ ضحكت ! فسألتها فقالت: إني [ إذن ] لبذرة (1)، فلما توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سألتها فقالت: إنه أخبرني أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت. 893 / 41 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا العباس، قال: حدثنا محمد بن أبي رجاء أبو سليمان، عن إبراهيم بن سعد، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن سلمى امرأة أبي رافع، قالت: مرضت فاطمة (عليها السلام)، فلما كان في اليوم الذي ماتت فيه قالت: هيئي لي ماء، فصببت لها، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل، ثم قالت: ائتيني بثيابي الجدد، فلبستها، ثم أتت البيت الذي كانت فيه فقالت: افرشي لي في وسطه، ثم اضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدها، وقالت: إني مقبوضة الآن


(1) البذرة: التي تفشي السر، وتظهر ما تسمعه.

[ 401 ]

فلا أكشفن فإني قد اغتسلت. قالت: وماتت، فلما جاء علي (عليه السلام) أخبرته فقال: لا تكشف، فحملها بغسلها (عليه السلام). 894 / 42 – أخبرنا حمويه، قال: أخبرنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الوارث، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة، عن جدته فاطمة (عليه السلام) قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك ! وإذا خرج صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك. 895 / 43 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال. حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مكي بن مروك الأهوازي، قال: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زري الأعلى وزري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي، وقال: مرحبا بك، وأهلا بابن أخي، سل عما شئت، فسألته وهو أعمى وجاء وقت الصلاة، فقام في نساجة (1) فالتحف بها، فلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب (2)، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال بيده فعقد تسعا، وقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاج فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله (صلى الله عليه وآله) ويعمل ما عمله، فخرج وخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فذكر الحديث، وقدم علي (عليه السلام) من اليمن ببدن النبي (صلى الله عليه وآله)، فوجد فاطمة (عليها السلام) فيمن أحل، ولبست


(1) النساجة: ضرب من الملاحف. (2) المشجب: ما تعلق عليه الثياب ونحوها.

[ 402 ]

ثيابا صبيغا واكتحلت، فأنكر علي (عليه السلام) ذلك عليها، فقالت: أبي (صلى الله عليه وآله) أمرني بهذا ؟ وكان علي (عليه السلام) يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) محرشا على فاطمة (عليه السلام) في الذي صنعت، مستفتيا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالذي ذكرت عنه، فأنكرت ذلك، قال: صدقت صدقت. 896 / 44 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا الحجبي، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ببعض جسدي، فقال: يا عبد الله بن عمر، كن في الدنيا كأنك غريب وكأنك عابر سبيل، فاعدد نفسك في الموتى. قال: قال مجاهد: ثم قال لي ابن عمر: يا مجاهد، إذا أصبحت فلا تحدثن نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدثن نفسك بالصباح، وخذ من حيالك لموتك، وخذ من صحتك لسقمك، وخذ من فراغك لشغلك، فإنك يا عبد الله لا تدري ما اسمك غدا. 897 / 45 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من روى عني حديثا، وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين. 898 / 46 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب ابن عجرة، قال: معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن، يكبر أربعا وثلاثين، ويسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين. 899 / 47 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا أبو الوليد، عن شعبة، قال: أخبرنا الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث رجلا من بني مخزرم على الصدقة، فقال لابي رافع. اصحبني كيما تصيب منها ؟ فقال: حتى آتي النبي (صلى الله عليه وآله) فأسأله، فأتى


[ 403 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم، وانا لا تحل لنا الصدقة. 900 / 48 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا أبو الوليد وأبو كثير جميعا، عن شعبة، قال: أخبرني الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن ابن عباس، قال: ما ظهر البغي في قوم قط إلا ظهر فيهم الموتان، ولا ظهر البخس في الميزان إلا ظهر فيهم الخسران والفقر – قال أبو خليفة: عن أبي كثير: إلا ابتلوا بالسنة – ولا ظهر نقض العهد في قوم إلا أديل عليهم عدوهم. 901 / 49 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا أبو كثير، قال: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن نافع: أن أبا موسى عاد الحسن بن علي (عليه السلام)، فقال علي (1) (عليه السلام) له: أعائدا جئت أم زائرا ؟ فقال: عائدا. فقال: ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف (2) في الجنة (3). 902 / 50 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم أبو عمرو، عن قرة، قال: حدثنا عون بن عبد الله بن عتبة، قال: كسي أبو ذر بردين، فاتزر بأحدهما وارتدى بشملة، وكسا غلامه أحدهما، ثم خرج إلى القوم فقالوا له: يا أبا ذر لو لبستهما جميعا كان أجمل. قال: أجل، ولكني سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون. 903 / 51 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا بكر بن عبد الله: أن عمر بن


(1) في نسخة: فقال الحسن. (2) في حديثي رواه الكليني بالاسناد عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أيما مؤمن عاد مؤمنا خاض الرحمة خوضا – إلى أن قال – وكان له، يا أبا حمزة، خريف الجنة، قلت: ما الخريف جعلت فداك ؟ قال: زارية في الجنة يسير الراكب فيها أربعين عاما. وفي النهاية: (عائد المريض له خريف في الجنة) أي مخروف من ثمرها، فعيل بمعنى مفعول. (3) يأتي في الحديث: 1312.

[ 404 ]

الخطاب دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو موقوذ (1) – أو قال: محموم – فقال له عمر: يا رسول الله، ما أشد وعكك ! فقال: ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطوال. فقال عمر: يارسول الله، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت تجهد هذا الاجتهاد ؟ فقال: يا عمر أفلا أكون عبدا شكورا (2). 954 / 52 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسلم، عن هلال بن مسلم الجحدري، قال: سمعت جدي جرة – أو جوة – قال: شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) أتي بمال عند المساء، فقال: اقسموا هذا المال. فقالوا: قد أمسينا يا أمير المؤمنين فأخره إلى غد. فقال لهم: تقبلون لي أن أعيش إلى غد ؟ قالوا: ماذا بأيدينا. قال: فلا تؤخروه حتى تقسموه، فأتي بشمع، فقسموا ذلك المال من تحت ليلتهم. 905 / 53 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مكي، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا وهب بن حزم، قال: حدثنا أبي: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى عند وفاته: يخرج اليهود من جزيرة العرب، وقال: الله الله في القبط فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله. 906 / 54 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا شاكر بن العياض، قال: حدثنا هاشم بن سعيد، عن كنانة، عن صفية، قالت: أعتقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعل عتقي صداقي.


(1) الموقوذ والوقيد: الشديد المرض. (2) في هامش النسخة المخطوطة: نظم الأعشى هذا المعنى فقال: وما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر

[ 405 ]

907 / 55 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا ابن مقبل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا إسحاق بن محمد الفروي، عن سعيد بن مسلم، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رضي من الله بالقليل من الرزق، رضي الله منه بالقليل من العمل، وانتظار الفرج عبادة. 908 / 56 – أخبرنا حمويه، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا ابن مقبل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن النخعي الكوفي، قال: حدثنا مسعر بن يحيى بن الحجاج النهدي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عز وجل): اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري. انتهت أخبار حمويه. 909 / 57 – قرئ على أبي القاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل، وأنا أسمع، في منزله ببغداد في الربض بباب المحول، في صفر سنة عشر وأربع مائة، حدثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شداد البادرائي أبو منصور ببادرايا، في شهر ربيع الآخر من سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الاحمري، في منزله بفارسفان من رستاق الاسفيدهان من كورة نهاوند، في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الله بن حفاد الانصاري، عن عمرو بن شمر عن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين (عليه السلام) قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك يابن رسول الله، إني وجدت في كتب أبي أن عليا (عليه السلام) قال لأبي ميثم: أحبب حبيب آل محمد وإن كان فاسقا زانيا، وابغض مبغض آل محمد وإن كان صواما قواما، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1) ثم التفت إلي


(1) سورة البينة 98: 7.

[ 406 ]

وقال: هم والله أنت وشيعتك يا علي، وميعادك وميعادهم الحوض غدا، غرا محجلين، مكتحلين متوجين.. فقال أبو جعفر: هكذا هو عيانا في كتاب علي (عليه السلام). 910 / 58 – وبهذا الاسناد، عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت الاشعث بن قيس الكندي وجويبرا الجبلي قالا لعلي: يا أمير المؤمنين، حدثنا في خلواتك أنت وفاطمة. قال: نعم، بينا أنا وفاطمة في كساء، إذ أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصف الليل وكان يأتيها بالتمر واللبن ليعينها على الغلامين، فدخل فوضع رجلا بحيالي ورجلا بحيالها، ثم إن فاطمة بكت فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا بنية محمد ؟ فقالت: حالنا كما ترى في كساء نصفه تحتنا ونصفه فوقنا. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة، أما تعلمين أن الله (تعالى) اطلع إطلاعة من سمائه إلى أرضه فاختار منها أباك فاتخذه صفيا، وابتعثه برسالته، وائتمنه على وحيه، يا فاطمة، أما تعلمين أن الله اطلع إطلاعة من سمائه إلى أرضه فاختار منها بعلك وأمرني أن ازوجكه وأن اتخذه وصيا، يا فاطمة، أما تعلمين أن العرش شاك ربه أن يزينه بزينة لم يزين بها بشرا من خلقه، فزينه بالحسن والحسين، بركنين من أركان الجنة ؟ وروي: ركن من أركان العرش. 911 / 59 – إبراهيم الاحمري، عن عبد الرحمن بن أحمد التميمي، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا، فما كان لله الله أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثم قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) (إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم) (1). 912 / 60 – إبراهيم الاحمري، عن محمد بن أبي عمير، عن سدير الصيرفي، قال: جاءت امرأة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقالت له: جعلت فداك، إني وأبي وأهل بيتي نتولاكم. فقال لها: صدقت، فما الذي تريدين ؟ قالت له المرأة: جعلت فداك يابن


(1) سورة الغاشية 88: 25، 26.

[ 407 ]

رسول الله، أصابني وضح (1) في عضدي، فادع الله أن يذهب به عني. قال أبو عبد الله: اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص، وتحيي العظام وهي رميم، ألبسها من عفوك وعافيتك ما ترى إثر إجابة دعائي. فقالت المرأة: والله لقد قمت وما بي منه قليل ولا كثير. 913 / 61 – إبراهيم بن إسحاق الاحمري، قال: حدثنا محمد بن ثابت وأبو المغرا العجلي، قال: حدثنا الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): (والعاديات ضبحا) (2). قال: وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر بن الخطاب في سرية، فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنونه أصحابه، فلما انتهى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): أنت صاحب القوم، فتهيأ أنت ومن تريده من فرسان المهاجرين والانصار ؟ فوجهه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: اكمن النهار وسر الليل ولا تفارقك العبن. قال: فانتهى علي (عليه السلام) إلى ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسار إليهم، فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم، فانزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) (والعاديات ضبحا) إلى آخرها. 914 / 62 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني العباس بن معروف وأحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان علي (عليه السلام) محدثا، وكان سلمان محدثنا. قال: قلت: فما آية المحدث ؟ قال: يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت وكيت. 915 / 63 – إبراهيم الاحمري، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعبد الله بن الصلت ومحمد بن خالد، عن علي بن النعمان، عن يزيد بن إسحاق الملقب بشعر،


(1) الوضح: البرص. (2) سورة العاديات 100: 1.

[ 408 ]

عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن منا لمن ينكت في قلبه، وإن منا لمن يؤتى في منامه، وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة في الطست وإن منا لمن تأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): منا من ينكت في قلبه، ومنا من يقذف في قلبه، ومنا من يخاطب. وقال (عليه السلام): وإن منا لمن يعاين معاينة، وإن منا من ينقر في قلبه كيت وكيت، وإن منا لمن يسمع كما تقع السلسلة في الطست. قال: قلت: والذي تعاينون ما هو ؟ قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل. 916 / 64 – إبراهيم، قال: حدثني إبراهيم بن مهزيار وجماعة من رجاله وغيرهم، عن داود بن فرقد، عن الحارث النصري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام). الذي يسأل عنه الامام، وليس عنده فيه شئ، من أين يعلمه ؟ قال: ينكت في القلب نكتا، أو ينقر في الأذن نقرا. وقيل لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا سئلت كيف تجيب ؟ قال: إلهام وسماع، وربما كانا جميعا. 917 / 65 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد و عبد الله بن الصلت، عن حنان بن سدير، عن أبيه. قال إبراهيم: وحدثني عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم، وان مفارقتي إياكم خير لكم. فقام إليه جابر ابن عبد الله الانصاري، وقال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيرا لنا ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) أما مقامي بين أظهركم خير لكم، لأن الله (عز وجل) يقول: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (1) يعني


(1) سورة الانفال 8: 33.

[ 409 ]

يعذبهم بالسيف، فأما مفارقتي إياكم فهو خير لكم، لأن أعمالكم تعرض على كل اثنين وخميس، فما كان من حسن حمدت الله (تعالى) عليه، وما كان من سيئ استغفرت لكم. 918 / 66 – إبراهيم الاحمري، عن محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد وعبد الله بن الصلت والعباس بن معروف ومنصور وأيوب والقاسم ومحمد بن عيسى ومحمد بن خالد وغيرهم، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، أخبرني عن قول الله (عز وجل): (وقل آعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) (1) قال: إيانا عنى. 919 / 67 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن بكير، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخبرني أبو بصير أنه سمعك تقول: لولا أنا نزاد لأنفدنا ؟ قال: نعم. قال: قلت: تزدادون شيئا ليس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال: لا، إذا كان ذلك كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحيا، وإلينا حديثا. 920 / 68 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثنا جماعة، عن ابن فضال، عن محمد ابن الربيع، عن عبد الله بن بكير، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لولا أنا نزاد لأنفدنا. قال: قلت: جعلت فداك، تزدادون شيئا ليس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: إنه إذا كان ذلك أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبر، ثم إلى علي (عليه السلام)، ثم إلى واحد بعد واحد، حتى ينتهي إلى صاحب هذا الامر. 921 / 69 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني أبو جعفر الطالبي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد التميمي الخراساني، عن علي بن أبان، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فأتاه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية. قال: فنكت أمير المؤمنين (عليه السلام) الأرض


(1) سورة التوبة 9: 105.

[ 410 ]

بعود كان في يده ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: كذبت والله، ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الاسماء. قال الاصبغ: فعجبت من ذلك عجبا شديدا، فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر، فقال: والله يا أمير المؤمنين، إني لاحبك في السركما أحبك في العلانية. قال: فنكت بعوده ذلك في الارض طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: صدقت، إن طينتنا طينة مرحومة، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة، أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل المنحدر من أعلى الوادي إلى أسفله. 922 / 70 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن الاصم، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) جعل عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه، ليس بينهم علم غيره، فمن أقر بولايته كان مؤمنا، ومن جحده كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن أنكرها دخل النار. 923 / 71 – إبراهيم الاحمري، قال: حدثني محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وكان مركزه بالمدينة يختلف إلى مجلس أبي جعفر (عليه السلام) يقول له: يا محمد، ألا ترى أني إنما أغشى مجلسك حياء مني لك، ولا أقول إن في الارض أحدا أبغض إلي منكم أهل البيت، واعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ وإنما الاختلاف إليك لحسن أدبك، وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول له خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافيه. فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه، وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب في النعش، فأت محمد بن علي وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك. قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن أصبح الناس


[ 411 ]

خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي (عليه السلام) وتورك – وكان إذا صلى عقب في مجلسه – قال له: يا أبا جعفر، إن فلانا الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلي عليه. فقال أبو جعفر: كلا، إن بلاد الشام بلاد صر (1) وبلاد الحجاز بلاد حر ولحمها شديد، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم، ثم قام من مجلسه، فأخذ وضوءا، ثم عاد فصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس. ثم نهض فانتهى إلى منزل الشامي، فدخل عليه، فدعاه فأجابه، ثم أجلسه فسنده، ودعا له بسويق فسقاه، فقال لأهله: املأوا جوفه، وبردوا صدره بالطعام البارد ؟ ثم انصرف، فلم يلبث إلا قليلا حتى عوفي الشامي، فأتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخلني، فأخلاه، فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضل ضلالا بعيدا. قال له أبو جعفر (عليه السلام): وما بدا لك ؟ قال: أشهد أني عهدت بروحي وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلا ومناد ينادي، أسمعه بأذني ينادي وما أنا بالنائم: ردوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمد بن علي. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): أما علمت أن الله يحب العبد ويبغض عمله ويبغض العبد ويحب عمله ؟ قال: فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام). انتهت أخبار الاحمري. 924 / 72 – أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني لألقى الرجل لم أره ولم يرني فيما مضى قبل يومه ذلك فأحبه حبا شديدا، فإذا كلمته وجدته لي على مثل ما أنا عليه له


(1) الصبر: البرد الشديد.

[ 412 ]

ويخبرني أنه يجد لي مثل الذي أجد له ؟ فقال: صدقت يا سدير، إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا، وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم، كسرعة اختلاط قطر السماء على مياه الانهار، وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا، وإن أظهروا التودد بألسنتهم، كبعد البهائم من التعاطف، وإن طال اعتلافها على مذود (1) واحد. 925 / 73 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى ابن طلحة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: إن في الليلة التي يولد فيها الإمام لا يولد مولود إلا كان مؤمنا، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلى الايمان ببركة الامام. 926 / 74 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو محمد أحمد بن محمد بن عيسى العلوي الزاهد، قال: حدثنا حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي، قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر الكشي، قال: حدثنا حمدويه بن نصر، عن محمد ابن عيسى، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إن عبد الله ابن بكير كان يروي حديثا ويتأوله، وأنا أحب أن أعرضه عليك. فقال: ما ذلك الحديث ؟ قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) أيام خروج محمد بن عبد الله بن الحسن، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا، فقال له: جعلت فداك، إن محمد بن عبد الله قد خرج، وأجابه الناس، فما تقول في الخروج معه ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): اسكن ما سكنت السماء والارض. فقال عبد الله بن بكير: فإذا كان الامر هكذا، ولم يكن خروج ما سكنت السماء والارض، فما من قائم ولا من خروج.


(1) المذود: معتلف الدابة.

[ 413 ]

فقال أبو الحسن (عليه السلام): صدق أبو عبد الله (عليه السلام)، وليس الامر على ما تأوله ابن بكير، إنما قال أبو عبد الله (عليه السلام) اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والارض من الخسف بالجيش. 927 / 75 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد الجهني، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: من صحبك ؟ قلت له: رجل من إخواني. قال: فما فعل ؟ فقلت: منذ دخلت لم أعرف مكانه. فقال لي: أما علمت أن من صحب مؤمنا أربعين خطوة، سأله الله عنه يوم القيامة. 928 / 76 – قال محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله): قرأت في بعض الاصول حديثا لم يحضرني الآن إسناده عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من صحب أخاه المؤمن في طريق فتقدمه فيه بقدر ما يغيب عنه بصره قد أشاط بدمه وأعان عليه. 929 / 77 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا سعيد بن مسلم، عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال مبتدئا من قبل نفسه: يا داود، لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان فسرني ذلك، إني علمت صلتك له أسرع لفناء عمره وقطع أجله. قال داود: وكان لي ابن عم معاندا ناصبا خبيثا، بلغني عنه وعن عياله سوء حال، فصككت له بنفقة قبل خروجي إلى مكة، فلما صرت في المدينة أخبرني أبو عبد الله (عليه السلام) بذلك. 930 / 78 – أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال:


[ 414 ]

أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دعاء يوسف (عليه السلام) ما كان ؟ فقال: إن دعاء يوسف (عليه السلام) كان كثيرا، لكن لما اشتد عليه الحبس خر لله ساجدا وقال: (اللهم إن كانت الذنوب قد أخلقت وجهي عندك، فلن ترفع لي إليك صوتا، فأنا أتوجه إليك بوجه الشيخ يعقوب). قال: ثم بكى أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: صلى الله على يعقوب وعلى يوسف، وأنا أقول: (اللهم بالله وبرسوله (عليه السلام). 931 / 79 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن بشر، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، قال: حدثني حمران بن أعين (رحمه الله)، قال: زرت قبر الحسين بن علي (عليهما السلام)، فلما قدمت جاءني أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) وعمر بن علي بن عبد الله بن علي، فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): أبشر يا حمران، فمن زار قبرر شهداء آل محمد (عليهم السلام) يريد الله بذلك وصلة نبيه، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. 932 / 80 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصوفي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثني سعيد بن عمرو، قال: حدثني الحسن بن ضوء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام): قال الله (عز وجل): ما من شئ أتردد فيه مثل ترددي عند قبض روح المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته، فإذا حضره أجله الذي لا تأخير فيه بعثنا إليه بريحانتين من الجنة تسمى إحداهما المسخية والأخرى المنسية، فأما المسخية فتسخيه عن ماله، وأما المنسية فتنسيه أمر الدنيا. 933 / 81 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن


[ 415 ]

قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن فيمن ينتحل هذا الأمر لمن يكذب حتى يحتاج الشيطان إلى كذبه. 934 / 82 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد النحوي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي في داره بسوق العطر، قال: حدثنا جعفر بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد الفزاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: كان من دعاء علي بن الحسين (عليه السلام): (اللهم إن كنت عصيتك بارتكاب شئ مما نهيتني، فإني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك الايمان بك، منا منك به علي لا منا مني به عليك، وتركت معصيتك في أبغض الأشياء إليك أن أجعل لك شريكا، أو أجعل لك ولدأ أو ندا، وعصيتك على غير مكابرة ولا معاندة ولا استخفاف مني بربوبيتك، ولا جحود لحقك، ولكن استزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن تغفر لي فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين). 935 / 83 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من قال بعد صلاة الصبح قبل أن يتكلم: (بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) يعيدها سبع مرات، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص. 936 / 84 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: حدثني شيخ من أصحابنا يعرف


[ 416 ]

بعبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثني صباح الحذاء، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كانت له إلى الله (تعالى) حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة، وليسبغ وضوءه ويصلي في المسجد ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب وسبع سور معها، وهن (المعوذتان) و (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) و (إذا جاء نصر الله) و (سبح اسم ربك الاعلى) و (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم، سأل الله حاجته، فإنها تقضى بعون الله، إن شاء الله. قال علي بن الحسن فضال: وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك ودعوت الله أن يوسع علي في رزقي، فأنا من الله (تعالى) بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزفني الحج فرزقنيه، وعلمته رجلا من أصحابنا كان مقترا عليه في رزقه فرزقه الله (تعالى) ووسع عليه. 937 / 85 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن علي بن إبراهيم، قال: حدثنا داود بن سليمان أبو محمد المروزي، قال: حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي، قال: حدثنا نوح بن أبي مريم، عن إبراهيم الصائغ، عن سلمة بن كهيل، عن عيسى، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يكون العبد مؤمنا حتى أكون أحب إليه من نفسه ومن ولده وماله وأهله. قال: فقال بعض القوم: يا رسول الله، إنا لنجد ذلك بأنفسنا. فقال (عليه السلام): بل أنا أحب إلى المؤمنين من أنفسهم. ثم قال: أرأيتم لو أن رجلا سطا على واحد منكم فنال منه باللسان واليد، كان العفو عنه أفضل أم السطوة عليه والانتقام منه ؟ قالوا: بل العفو، يا رسول الله. قال: أفرأيتم لو أن رجلا ذكرني عند أحد منكم بسوء وتناولني بيده كان الانتقام منه والسطوة عليه أفضل أم العفو عنه ؟ قالوا: بل الانتقام منه أفضل. قال: فأنا إذن أحب إليكم من أنفسكم. 938 / 86 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن


[ 417 ]

عمر، قال: حدثني أحمد بن عيسى أبو جعفر العجلي، قال: حدثنا مسعر بن يحيى المهلبي، قال: حدثنا شريك، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. 939 / 87 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عباد بن موسى الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا أمية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: لا يضر مع الايمان عمل، ولا ينفع مع الكفر عمل ؟ فقال (عليه السلام): إنه لم يسألني أبو أمية عن تفسيرها، إنما عنيت بهذا أنه من عرف الامام من آل محمد (عليه السلام) وتولاه، ثم عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير قبل منه ذلك، وضوعف له أضعافا كثيرة، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة، فهذا ما عنيت بذلك، وكذلك لا يقبل الله من العباد الاعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الامام الجائر الذي ليس من الله (تعالى). فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله (تعالى) قال: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) (1) فكيف لا ينفع العمل الصالح ممن تولى أئمة الجور ؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وهل تدري ما الحسنة التي عناها الله (تعالى) في هذه الآية، هي والله معرفة الامام وطاعته، وقال (عز وجل): (ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) (2) وإنما أراد بالسيئة إنكار الامام الذي هو من الله (تعالى).


(1) سورة النمل 27: 89، 90.

[ 418 ]

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله وجاء منكرا لحقنا جاحدا بولايتنا، أكبه الله (تعالى) يوم القيامة في النار. 940 / 88 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الطبري، قال: حدثني أبو القاسم نصر بن أحمد الرازي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثنا محمد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا الركين بن الربيع الفزاري، عن الحسين بن قبيصة، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: خطبنا النبي (صلى الله عليه وآله) فقال في خطبته: من آمن بي وصدقني فليتول عليا من بعدي، فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية الله، أمر عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه، ألا هل بلغت ؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت. قال (صلى الله عليه وآله): أما إنكم تقولون: نشهد أنك قد بلغت، وإن منكم لمن ينازعه حقه، ويحمل الناس على كتفه. قالوا: يا رسول الله، سمهم لنا. قال (صلى الله عليه وآله): امرت بالاعراض عنهم، وكفى بالمرء منكم ما يجد لعلي في نفسه. 941 / 89 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما كان من أمر الحسين بن علي ما كان، ضجت الملائكة إلى الله (تعالى) وقالت: يا رب يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك ؟ ! قال: فأقام الله لهم ظل القائم (عليه السلام) وقال: بهذا أنتقم له من ظالميه. 942 / 90 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أحمد، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم ؟ قلت: يقولون: في حواصل طيور خضر.


[ 419 ]

فقال: سبحان الله ! المؤمن أكرم على الله من ذلك، إذا كان ذلك أتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ومعهم ملائكة من ملائكة الله (عز وجل) المقربين، فإن أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد وللنبي (صلى الله عليه وآله) بالنبوة والولاية لاهل البيت (عليهم السلام) شهد على ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) والملائكة المقربون معهم، وإن اعتقل لسانه فإن نبيه (عليه السلام) يعلم ما في قلبه من ذلك فشهد به، وشهد على شهادة النبي (صلى الله عليه وآله) علي وفاطمة والحسن والحسين. (على جماعتهم من الله أفضل الصلاة والسلام). ومن حضر معهم من الملائكة، فإذا قبض الله روحه إليه صير تلك الروح إلى الجنة في صورة كصورته في الدنيا فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا. 943 / 91 – أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن موسى بن عبد الله ابن مهران، عن محمد بن سنان، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن كافرا وصف ما تصفون عند خروج نفسه، ما طعمت النار من جسده شيئا. تم المجلس الرابع عشر، ويتلوه المجلس الخامس عشر.


[ 421 ]

(15) المجلس الخامس عشر فيه أحاديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه الله)، رواية الحسين بن عبيد الله الغضائري (رحمه الله). عنه بسم الله الرحمن الرحيم 944 / 1 – أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: أخبرني أبي علي بن الحسين ابن بابويه (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن علي بن يقطين، قال: وقع الخبر إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) وعنده جماعة من أهل بيته بما عزم عليه موسى بن المهدي في أمره. فقال لأهل بيته: ما تشيرون ؟ قالوا نرى أن تتباعد عن هذا الرجل، وأن تغيب شخصك عنه، فإنه لا يؤمن شره، فتبسم أبو الحسن (عليه السلام) ثم قال: زعمت سخينة (1) أن ستغلب ربها وليغلبن مغالب الغلاب ثم رفع يده (عليه السلام) وقال: (إلهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي (هامش) * (1) البيت لكعب بن مالك الأنصاري، وقيل: لحسان، ومراده من سخينة قريش، لأنها كانت تعاب بأكل السخينة، وهي طعام يتخذ من الدقيق والسمن في شدة الدهر وغلاء السعر.


[ 422 ]

شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوائح، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك، لا بحولي ولا بقوتي، وألقيته في الحفير الذي احتفر لي خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك، سيدي إلهي، فخذه بعزتك وافلل حده عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه وعجزا عما يناويه، إلهي فأعذني من عدوي حاضرة تكون من غيظي شفاء، ومن حنقي عليه وقاء، وصل اللهم دعائي بالاجابة، وانظر شكايتي بالتغيير، وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت من إجابة المضطرين، إنك ذو الفضل والمن الكريم). قال: ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتب الواردة بموت موسى بن المهدي. 945 / 2 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال. حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر (عليهما السلام) وجن عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، جدد طهوره واستقبل بوجهه القبلة، وصلى لله (عز وجل) أربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات فقال: (يا سيدي نجني من حبس هارون، وخلصني من يده، يا مخلص الصخر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلصني من يد هارون الرشيد). فلما دعا موسى بن جعفر (عليه السلام) بهذه الدعوات رأى رجلا أسود في منامه وبيده سيف قد سله، وهو واقف على رأس هارون، وهو يقول: يا هارون، أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته، ثم دعا حاجبه وقال له: اذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر. قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، وقال: من هذا ؟ فقال: إن الخليفة يدعو


[ 423 ]

موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك وأطلق عنه، فصاح السجان: يا موسى، إن الخليفة يدعوك، فقام موسى (عليه السلام) مذعورا فزعا، وهو يقول: لا يدعوني في جوف الليل إلا لشر يريد بي، فقام باكيا مغموما آيسا من حياته، فجاء إلى هارون وفرائصه ترتعد، فقال: سلام على هارون، فرد عليه السلام، ثم قال له: ناشدتك الله، هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات ؟ فقال: نعم. فقال: وما هي ؟ قال: جددت طهوري وصليت لله (عز وجل) أربع ركعات، ورفعت طرفي إلى السماء، وقلت: (يا سيدي خلصني من يد هارون وشره) فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا. ثم دعا بثياب، فخلع عليه ثلاثا، وحمله على فرسه وأكرمه، وصيره نديما لنفسه، ثم قال: هات الكلمات حتى أثبتها ؟ ثم دعا بدواة وقرطاس وكتب هذه الكلمات. قال: وأطلق عنه، وسلمه إلى حاجبه ليسلمه إلى الدار، فصار موسى بن جعفر (عليه السلام) كريما شريفا عند هارون، وكان يدخل عليه كل يوم خميس. 946 / 3 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، وعلي بن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا لمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة. 947 / 4 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن


[ 424 ]

جده (عليه السلام)، قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد التوسل إلى، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم. 948 / 5 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثني أبي، قال: حدثني احمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال (صلى الله على محمد) ولم يصل على آله، لم يجد ريح الجنة، وريحها من مسيرة خمس مائة عام. 949 / 6 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جدي أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا أبي، عن علي بن النعمان، عن فضل بن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): من قال كل يوم خمسة وعشرين مرة: (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات) كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى وبعدد كل مؤمن بقي إلى يوم القيامة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة. 950 / 7 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من قدم أربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه. 951 / 8 – وبهذا الاسناد، قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد ابن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن معاوية بن عمار، قال: ذكرت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بعض الانبياء فصليت عليه، فقال: إذا ذكرت أحدا من الانبياء فابدأ بالصلاة على محمد ثم عليه، صلى الله على محمد وآله وعلى جميع الانبياء. 952 / 9 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن سنان، عن


[ 425 ]

المفضل بن عمر، عن الصادق، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، قال: بلغ أم سلمة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن مولى لها ينتقص عليا (عليه السلام) ويتناوله، فأرسلت إليه، فلما صار إليها قالت له: يا بني، بلغني أنك تنتقص عليا (عليه السلام) وتتناوله. قال: نعم يا أماه. قالت له: اقعد – ثكلتك أمك – حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم اختر لنفسك. إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول الله عليك ؟ قال: لا. قالت: فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة أو نزل في شئ من السماء، فلم ألبث أن أتيت الباب الثانية، فقلت: أدخل يا رسول الله ؟ فقال: لا. فكبوت كبوة أشد من الاولى، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة فقلت: أدخل يا رسول الله ؟ فقال: ادخلي يا أم سلمة ؟ فدخلت فإذا علي (عليه السلام) جاث بين يديه وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني به ؟ قال: آمرك بالصبر، ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر، فأعاد عليه القول ثالثة فقال له: يا علي، يا أخي، إذا كان لك ذلك منهم فسل سيفك، وضعه على عاتقك، واضرب قدما قدما حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم. ثم التفت (عليه السلام) الي وقال: تالله ما هذه الكآبة، يا أم سلمة ؟ قلت: الذي كان من ردك إياى يا رسول الله. فقال لي: والله ما رددتك من موجدة، وإنك لعلى خير من الله ورسوله، ولكن أتاني جبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليا ؟ يا أم سلمة، اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة ؟ يا أم سلمة، اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة ؟ يا أم سلمة، اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي وحامل لواء الحمد غدا يوم القيامة، يا أم سلمة، اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذاب عن حوضي، يا أم سلمة، اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتقين


[ 426 ]

وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. قلت: يا رسول الله، من الناكثون ؟ قال: الذي يبايعون بالمدينة وينكثون بالبصرة. قلت: ومن القاسطون ؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام. قلت: ومن المارقون ؟ قال: أصحاب النهروان. فقال مولى أم سلمة: فرجت عني فرج الله عنك، والله لا عدت إلى سب علي أبدا. 953 / 10 – وبهذا الاسناد، قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن القاسم بن الوليد، عن شيخ من ثمالة، قال: دخلت على امرأة من تميم عجوز كبيرة، وهي تحدث الناس، قلت لها: يرحمك الله حدثيني عن بعض فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام). قالت: احدثك وهذا شيح كما ترى بين يدي قائم. فقلت لما: ومن هذا ؟ فقالت: أبو الحمراء خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجلست إليه، فلما سمع حديثي استوى جالسا فقال: مه. فقلت: رحمك الله، حدثني بما رأيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنعه بعلي (عليه السلام) وإن الله يسألك عنه. فقال: على الخبير سقطت، خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم عرفة وهو آخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: يا معشر الخلائق، إن الله (تبارك وتعالى) باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ثم التفت إلى علي (عليه السلام) وقال له: وغفر لك يا علي خاصة. ثم قال له: يا علي ادن مني، فدنا منه فقال: إن السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك، وإن الشقي كل الشقي من عاداك وأبغضك ونصب لك، يا علي، كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، يا علي، من حاربك فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله، يا علي، من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله فقد أتعس الله جده وأدخله نار جهنم.


[ 427 ]

954 / 11 – وبهذا الاسناد، قال: حدثنا أبو الليث يحيى بن زيد بن العباس بالكوفة، قال: حدثني عمي علي بن العباس، قال: حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا عبد الله بن سالم، عن الحسين بن زيد، عن علي بن عمر بن علي، عن الصادق جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا فاطمة، إن الله (تعالى) ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك. قال: فجاء سندل فقال لجعفر (عليه السلام) يا أبا عبد الله إن هؤلاء الشباب يجيئوننا عنك بأحاديث منكرة. فقال له جعفر (عليه السلام) وما ذاك يا سندل ؟ قال: جاءنا عنك أنك حدثتهم: أن الله (تعالى) يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها ؟ قال: فقال جعفر (عليه السلام) ألستم رويتم فيما تروون أن الله يغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه ؟ قال: بلى. قال: فما تنكر أن تكون فاطمة (عليها السلام) مؤمنة، يغضب الله (تعالى) لغضبها، ويرضى لرضاها ؟ قال: فقال: صدقت، الله أعلم حيث يجعل رسالته. 955 / 12 – وبالاسناد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن شقير بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي، قال: حدثنا علي بن بزرج الخياط، قال: حدثنا عمرو بن اليسع، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) آت فقال له: سعد بن معاذ قد مات، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام أصحابه معه، فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب، فلما حنط وكفن وحمل على سريره، تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء، ثم كان يأخذ السرير مرة يمنة ومرة يسرة حتى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحده وسوى عليه اللبن وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا، فسدد ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله (عز وجل)


[ 428 ]

يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه، فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد من جانب القبر: يا سعد، هنيئا لك الجنة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا أم سعد مه لا تجزمي على ذلك، فإن سعدا أصابته ضمة. قال: فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجع الناس، فقالوا: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا حذاء ولا رداء ؟ فقال (عليه السلام): إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها. قالوا: وكنت تأخذ يمنة ويسرة السرير ؟ قال (عليه السلام): كانت يدي في يد جبرئيل (عليه السلام) آخذ حيث يأخذ. قالوا: وأمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: إن سعدا أصابته ضمة ؟ قال: فقال (عليه السلام): نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء. 956 / 13 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن راشد الأسدي بالري في رجب سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان عبد الله محمد الوهبي وأحمد بن عمير ومحمد بن أبي أيوب، قالوا: حدثنا عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، عن عمه إبراهيم، عن ام الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا ؟ يابن آدم، يكفيك من دنياك ما سد جوعتك، ووارى عورتك، وإن يكن بيت يكنك فذاك، وإن تكن دابة تركبها فبخ بخ، وإلا فالخبز، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب (1). 957 / 14 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن الفضل الكوفي في مسجد أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله) بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن جعفر المعروف بابن البياني، قال: حدثنا محمد بن القاسم النهمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا توبة بن الخليل، قال: سمعت محمد


(1) يأتي نحوه في الحديث: 1219.

[ 429 ]

ابن الحسن يقول: حدثني هارون بن خارجة، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام): كم بين منزلك ومسجد الكوفة ؟ فأخبرته، فقال: ما بقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح دخل الكوفة إلا وقد صلى فيه، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر به ليلة أسري به فاستأذن له الملك فصلى فيه ركعتين، والصلاة الفريضة فيه ألف صلاة، والنافلة خمس مائة صلاة، والجلوس فيه من غير تلاوة قرآن عبادة فأته ولو زحفا. 958 / 15 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: اخبرنا شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيت كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية ؟ إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمتنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك ؟ قال: قولوا ” اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). 959 / 16 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن الحكم العسكري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البرقي، قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: قرأت على أبي عمر الصنعاني، عن العلاء، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين يدفع بالأبواب لو أقسم على الله (تعالى) لأبره. 960 / 17 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان بن المغيرة القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) سنة خمس ومائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي بن


[ 430 ]

أبي طالب (عليه السلام)، في قول الله (عز وجل) (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) (1). قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله (عز وجل) قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة. 961 / 18 – وبالاسناد، قال: حدثنا جعفر بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلاء، لأن الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم، وإن أحق الناس أن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب، لأن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم، وإن أحق الناس أن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم، فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس، وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس، وفي الفقر الحاجة إلى البخل، وفي الفساد طلب عررة أهل العيوب، وفي السفه المكافاة بالذنوب. 962 / 199 – وبالاسناد، قال: حدثنا أحمد بن هارون القاضي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس في الجمعة على ثلاث منازل: رجل شهدها بانصات وسكون قبل الامام وذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية وزيادة ثلاثة أيام، لقول الله (تعالى): (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (2) ؟ ورجل شهدها بلغط وقلق فذلك حظه، ورجل شهدها والامام يخطب وقام يصلي، فقد أخطأ السنة، وذلك ممن إذا سأل الله (تعالى) إن شاء أعطاه، وإن شاء حرمه. 963 / 20 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن بكران النقاش، قال: حدثنا أحمد


(1) سورة الرحمن 55: 60. (2) سورة الأنعام 6: 160.

[ 431 ]

ابن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثني عبيد بن حمدون الرواسي، قال: حدثنا الحسين بن النضر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: شكوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) دينا كان علي، فقال: يا علي، قل (اللهم اغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك) فلو كان عليك مثل صبير دينا قضاه الله عنك. وصبير: جبل باليمن ليس باليمن جبل أجل ولا أعظم منه. 964 / 21 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا أحمد بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن عبد الله، عن أبي جعفر الباقر، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وهي الجنة، وأنت يا علي بابها، فكيف يهتدي المتهدي إلى الجنة، ولا يهتدى إليها إلا من بابها ! 965 / 22 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن سلمة القعيني، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير، عن أبيه، قال: وقع رجل في علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمحضر من عمر بن الخطاب، فقال له عمر: تعرف صاحب هذا القبر ؟ أما تعلم أنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ! وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب. ويلك لا تذكرن عليا إلا بخير فإنك إن تنقصه آذيت هذا في قبره. 966 / 23 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن علي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، واسمه سليمان بن سفيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): يقوم الناس عن فرشهم على ثلاثة أصناف: فصنف له ولا عليه، وصنف عليه ولا له، وصنف لا له ولا عليه، فأما الصنف الذي له ولا عليه فهو الذي


[ 432 ]

يقوم من منامه ويتوضأ ويصلي ويذكر الله (عز وجل)، والصنف الذي عليه ولا له فهو الذي لم يزل في معصية الله حتى قام فذلك الذي عليه ولاله، والصنف الذي لا له ولا عليه فهو الذي لا يزال نائما حتى يصبح فذلك الذي لا له ولا عليه. 967 / 24 – وبالاسناد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، قال: أخبرني داود بن كثير الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أحب أن يخفف الله (عز وجل) عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله (عز وجل) عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبدا. 968 / 25 – وبالاسناد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن علي بن ميمون الصائغ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أراد أن يدخله الله (عز وجل) ويسكنه جنته فليحسن خلقه، وليعط النصفة من نفسه، وليرحم اليتيم، وليعن الضعيف، وليتواضع لله الذي خلقه. 969 / 26 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن سعد الاسكاف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: إما أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو كلمة تدله على هدى، أو ترك ذنب خشية أو حياء. 975 / 27 – وبالاسناد، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) يرفعه، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن ما فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمس وثلاثون صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله (عز وجل) في الجماعة وهي الجمعة، ووضها عن تسعة: عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة، والمريض، والأعمى، ومن كان على رأس فرسخين. 971 / 28 – وبهذا الاسناد، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): القنوت في الوتر


[ 433 ]

كقنوتك يوم الجمعة، تقول في دعاء القنوت (اللهم تم نورك فهديت، فلك الحمد ربنا، وبسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربنا، وعظم حلمك فعفوت، فلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أنفع العطايا وأهنأها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب العظيم، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعماءك عد. اللهم إليك رفعت الأبصار، ونقلت الأقدام، ومدت الأعناق، ورفعت الأيدي، ودعي بالألسن، وتحوكم إليك في الاعمال، ربنا اغفر لنا وارحمنا، وافتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. اللهم إنا نشكوا إليك فقد نبينا، وغيبة إمامنا، وكثرة عدونا، وتظاهر الزمان علينا، ووقوع الفتن بنا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، ففرج ذلك يا رب بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وسلطان حق (1) تظهره، وعافية منك تجللناها، ورحمة منك تلبسناها، برحمتك يا أرحم الراحمين، آمين رب العالمين). ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا: (استغفر الله وأتوب إليه) سبعين مرة، وتعوذ بالله من النار كثيرا، وتقول في دبر الوتر بعد التسليم. (سبحان الله الملك القدوس العزيز الحكيم) ثلاث مرات (الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الأصباح)، ثلاث مرات. 972 / 29 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن معبد، عن بندار بن حماد، عن عبد الله بن فضالة، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات: قل (لا إله إلا الله)، ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين


(1) في نسخة: وإمام عدل.

[ 434 ]

وسبعة أشهر وعشرون يوما، فيقال له: قل: (محمد رسول الله) سبع مرات، ثم يترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له: قل: (اللهم صل على محمد وآله) ثم يترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك، وأيهما شمالك ؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة، ويقال له: اسجد، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين، فإذا ثم له ذلك قيل له: اغسل وجهك وكفيك ! فإذا غسلهما قيل له: صل، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين علم الوضوء وضرب عليه، وأمر بالصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه. 973 / 30 – وبالاسناد، قال: أخبرنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، قال: دخلت على الصادق (عليه السلام) فقال يا حمزة، من أين أقبلت ؟ قلت: من الكوفة. قال: فبكى (عليه السلام) حتى بلت دموعه لحيته، فقلت له: يابن رسول الله، مالك أكثرت البكاء ؟ قال: ذكرت عمي زيدا (عليه السلام) وما صنع به فبكيت. فقلت له: وما الذي ذكرت فيه ؟ قال: ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاءه يحيى فانكب عليه، فقال: ابشر يا أبتاه، فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم). قال: أجل يا بني، ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه، فجاء به إلى ساقية تجري من بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن وأجري عليه الماء، وكان معهم غلام سندي فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه، فاخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثم أمر به فأحرق وذرى في الرياح، فلعن الله قاتله، ولعن الله خاذله، وإلى الله (عز وجل) أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته، وبه أستعين على عدونا وهو خير مستعان. 974 / 31 – وبالاسناد، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن القاسم قراءة، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، بن المعلى، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن بكران المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن


[ 435 ]

الحسين (عليهم السلام)، قال: بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم للحرب، إذ أتاه شيخ عليه هيئة السفر فقال: أين أمير المؤمنين ؟ فقيل: هو ذا، فسلم عليه ثم قال: يا إمير المؤمنين، إني أتيتك من ناحية الشام، وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا احصيه، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله. قال (عليه السلام): نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كان في الدنيا همته كثرت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شرا من يومه فمحروم، ومن لم ينل ما يرى من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له. يا شيخ، إن الدنيا خضرة حلوة ولها أهل، وإن الآخرة لها أهل، طلقت أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا، لا يتنافسون في الدنيا، ولا يفرحون بغضارتها، ولا يحزنون لبؤسها. يا شيخ، من خاف البيات قل نومه، ما أسرع الليالي والأيام في عمر العبد، فاخزن لسانك، وعد كلامك، ولا تقل إلا بخير. يا شيخ، ارض للناس ما ترضى لنفسك، وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك. ثم أقبل على أصحابه فقال: أيها الناس، أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى ؟ فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين، أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال: الهوى. قال: فأي ذل أذل ؟ فقال: الحرص على الدنيا. فقال: فأي فقر أشد ؟ قال: الكفر بعد الايمان. قال: فأي دعوة أضل ؟ قال: الداعي بما لا يكون. قال: فأي عمل أفضل ؟ قال: التقوى. قال: فأي عمل أنجح ؟ قال: طلب ما عند الله. قال: فأي صاحب أشر ؟ قال: المزين لك معصية الله. قال: فأي الخلق أشقى ؟ قال: من باع دينه بدنيا


[ 436 ]

غيره. قال: فأي الخلق أقوى ؟ قال: الحليم. قال: فأي الخلق أشح ؟ قال: من أخذ من غير حله، فجعله في غير حقه. قال: فأي الناس أكيس ؟ قال: من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده. قال: فمن أحلم الناس ؟ قال: الذي لا يغضب. قال: فأي الناس أثبت رأيا ؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه، ولم تغره الدنيا بتسوفها (1). قال: فأي الناس أحمق ؟ قال: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها. قال: فأي الناس أشد حسرة ؟ قال: الذي حرم الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. قال: فأي الخلق أعمى ؟ قال: الذي عمل لغير الله (تعالى) يطلب بعمله الثواب من عند الله (عز وجل). قال: فأي القنوع أفضل ؟ قال: القانع بما أعطاه الله. قال: فأي المصائب أشد ؟ قال: المصيبة بالدين. قال: فأي الاعمال أحب إلى الله (عز وجل) ؟ قال: انتظار الفرج. قال: فأي الناس خير عند الله ؟ قال: أخوفهم له، وأعملهم بالتقوى، وأزهدهم في الدنيا. قال: فأي الكلام أفضل عند الله ؟ قال: كثرة ذكره والتضرع إليه ودعاؤه. قال: فأي القول أصدق ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله. قال: وأي الاعمال أعظم عند الله (عز وجل) ؟ قال: التسليم والورع. قال: فأي الناس أكرم ؟ قال: من صدق في المواطن. ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ فقال: يا شيخ، إن الله (عز وجل) خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل لمن مضى وبقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على أدنى القوت، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله، وأبغضوا في الله (عزوجل) أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة. والسلام. فقال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة، وأنا أراها وأرى أهلها معك ! جهزني بقوة


(1) في نسخة: بتشوقها. (*)

[ 437 ]

أتقوي بها على عدوك. فأعطاه أمير المؤمنين سلاحا وحمله، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدما قدما، وأمير المؤمنين يعجب مما يصنع، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى قتل، وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجده صريعا، ووجد دابته، ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتي أمير المزمنين (عليه السلام) بدابته وسلاحه وصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال (عليه السلام): هذا والله السعيد حقا، فترحموا على أخيكم. 975 / 32 – وبالاسناد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى على سعد بن معاذ، وقال: لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك وفيهم جبرئيل يصلون عليه. فقلت: يا جبرئيل، بما استحق صلاتكم عليه ؟ فقال: بقراءة (قل هو الله أحد) قائما وقاعدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا. 976 / 33 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن داود بن سرحان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها، ولو أن تعلق في عنقها قلادة، ولا ينبغي أن تدع يدها من الخضاب، ولو أن تمسها بالحناء مسا، وإن كانت مسنة. 977 / 34 – وبالاسناد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إذا كان حين يبعث الله (تعالى) الخلق اتي بالايام تعرفها الخلائق باسمها وحليتها، يقدمها يوم الجمعة له نور ساطع تتبعه سائر الأيام، كأنها عروس كريمة ذات وقار، تهدى إلى ذي حلم ويسار، ثم يكون يوم الجمعة شاهدا وحافظا لمن سارع إلى الجمعة، ثم يدخل المؤمنون الجنة على قدر سعيهم إلى الجمعة. 978 / 35 – وبالاسناد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال:


[ 438 ]

حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبو الخطاب، قال: حدثنا جعفر بن بشير البجلي، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) إنه قال: لقد غفر الله (تعالى) لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما. فقيل: وما هما ؟ قال (اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت) فغفر الله له. 979 / 36 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: كان أبي (عليه السلام) يقول: ما من شئ أفسد للقلب من الخطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله أعلاه وأعلاه أسفله. 980 / 37 – وبالاسناد، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان غلام من اليهود يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) كثيرا حتى استخفه، وربما أرسله في حاجة، وربما كتب له الكتاب إلى قوم، فافتقده أياما فسأل عنه، فقال له قائل: تركته في آخر يوم من أيام الدنيا ؟ فأتاه النبي (صلى الله عليه وآله) في ناس من أصحابه، وكان له (عليه السلام) بركة لا يكاد يكلم أحدا إلا أجابه، فقال: يا غلام ففتح عينيه، وقال: لبيك يا أبا القاسم. قال: قل (أشهد أن لا إله إلا الله وأني محمدا رسول الله) فنظر الغلام إلى أبيه، فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثانية وقال له مثل قوله الأول، فالتفت الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثالثة فالتفت الغلام إلى أبيه فقال: إن شئت فقل وإن شئت فلا. فقال الغلام (أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول لله) ومات مكانه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبيه اخرج عنا. ثم قال (عليه السلام) لأصحابه: غسلوه وكفنوه وآتوني به لأصلى عليه، ثم خرج وهو يقول: الحمد لله الذي أنجى بي اليوم نسمة من النار.


[ 439 ]

981 / 38 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل المنقري، عن جده زياد بن أبي زياد، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: من أكل الطين فإن الحكة تقع في بدنه، ويهيج عليه داء السوء، ويذهب بالقوة عن ساقيه وقدميه، وما نقص من عمله فيما بينه وبين صحته قبل أن يأكله خوسب عليه وعذب عليه. 982 / 39 – وبالاسناد، قال: حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله ابن المغيرة الكوفي، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع لا يدخل واحدة منهن بيتا إلا خرب ولم يعمر: الخيانة، والسرقة، وشرب الخمر، والزنا. 983 / 40 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدرس (رحمه الله) قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن أبي حمزة، عن علي بن الحزور، عن القاسم عن أبي سعيد، قال: أتت فاطمة (صلوات الله عليها) ذات يوم أبيها (صلى الله عليه وآله) فذكرت عنده ضعف الحال فقال لها: أما تدرين ما منزلة علي عندي ؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة، وقتل الابطال وهو ابن تسعة عشر سنة، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة، وقلع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وكان لا يقلعه خمسون رجلا. قال: فأشرق لون فاطمة (عليه السلام) ولم تقر قدما على الارض حتى أتت عليا (عليه السلام) فأخبرته. فقال: كيف ولو حدثك بفضل علي كله ! 984 / 41 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن عمر بن علي بن عمر ابن يزيد، عن عنه محمد بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) عن


[ 440 ]

آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وصل أحدا من أهل بيتي في دار الدنيا بقيراط، كافيته يوم القيامة بقنطار. 985 / 42 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ينال شفاعتي غدا من أخر المفروضة بعد وقتها. 986 / 43 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد الله اليقطيني، عن زكريا المؤمن، عن داود بن النعمان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن ناجية، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): إذا صليت العصر يوم الجمعة فقل: (اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته)، فإنه من قالها بعد العصر، كتب الله له مائة ألف حسنة، ومحا عنه مائة ألف سيئة، وقضى له بها مائة ألف حاجة، ورفع له بها مائة ألف درجة. 987 / 44 – وبالاسناد، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا جعفر بن عثمان الأحول، قال: حدثنا سليمان بن مهران، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وعنده نفر من الشيعة وهو يقول: معاشر الشيعة، كونوا لنا زينا، ولا تكونوا لنا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول، وقبيح القول. 988 / 45 – وبالاسناد، قال: حدثنا أبي، ومحمد بن موسى بن المتوكل، ومحمد بن علي ماجيلويه، وأحمد بن علي بن إبراهيم بن ناتانه (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبي هدبة، عن أنس بن مالك، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن رآني، وطوبي لمن رأى من رآني، وطوبى لمن رأى من


[ 441 ]

رآى من رآني. وقد أخرج علي بن إبراهيم هذا الحديث وحديث الطير بهذا الاسناد في كتاب (قرب الاسناد). 989 / 46 – وبالاسناد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن [ محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن) محمد بن علي الباقر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): اكتب ما أملي عليك. قال: يا نبي الله أتخاف علي النسيان ؟ قال: لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك. قلت: ومن شركائي يا نبي الله ؟ قال: الأئمة من ولدك، بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف عنهم البلاء، وبهم تنزل الرحمة من السماء، وأومأ إلى الحسن (عليه السلام) وقال: هذا أولهم، وأومأ إلى الحسين (عليه السلام) وقال: الأئمة من ولده. 990 / 47 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن جده، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن الله (جل اسمه) أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله) كتابا قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمد، هذا كتاب وصيتك إلى النجيب من أهلك. قال: وما النجيب من أهلي، يا جبرئيل ؟ فقال: علي بن أبي طالب. وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) وأمره أن يفك خاتما منها ويعمل بما فيه، ففك علي (عليه السلام) خاتما منها وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السلام) ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى أخيه الحسين (عليه السلام) ففك خاتما فوجد فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة ولا شهادة لهم إلا معك، واشر نفسك لله (عز وجل)، ففعل، ثم دفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) ففك خاتما فوجد فيه: اصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ! ففعل، ثم دفعه إلى محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ففك خاتما فوجد


[ 442 ]

فيه: حدث الناس وأفتهم، ولا تخافن إلا الله، فإنه لا سبيل لأحد عليك، ثم دفعه إلي ففككت خاتما فوجدت فيه: حدث الناس وأفتهم، وانشر علوم أهل بيتك، وصدق آباءك الصالحين، ولا تخافن أحدا إلا الله، فأنت في حرز وأمان، ففعلت، ثم أدفعه إلى موسى بن جعفر، وكذلك يدفعه إلى من بعده، ثم كذلك إلى القائم (1) المهدي (عليه السلام). 991 / 48 – وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا سيد النبيين، ووصيي سيد الوصيين، وأوصياؤه سادة الأوصياء، إن آدم (عليه السلام) سأل الله (عز وجل) أن يجعل له وصيا صالحا، فأوحى الله إليه: أني أكرمت الأنبياء بالنبوة، ثم اخترت خلقي وجعلت خيارهم الأوصياء. ثم أوحى الله (عز وجل) إليه: يا آدم، اوص إلى شيث النبي، فأوصى آدم (عليه السلام) إلى شيث، وهو هبة بن آدم، وأوصى شيث إلى ابنه شبان وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنة، فزوجها ابنه شيث، وأوص شبان إلى مجلث وأوصى مجلث إلى محوت، وأوصى محوت إلى علميشا، وأوصى علميشا إلى اخنوخ وهو إدريس النبي (صلى الله عليه وآله) إدريس إلى ناحور، ودفعها ناحور إلى نوح النبي (عليه السلام)، وأوصى نوح إلى سام، وأوصى سام إلى عثامر، وأوصى عثامر إلى برغيشاشا، وأوصى برغيشاشا إلى يافث، وأوصى يافث إلى بره، وأوصى بره إلى جفيسة، وأوصى جفيسة إلى عمران، ودفعها عمران إلى إبراهيم الخليل (عليه السلام) وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق، وأوصى إسحاق إلى يعقوب، وأوصى يعقوب إلى يوسف، وأوصى يوسف إلى بثريا، وأوصى بثريا إلى شعيب، وأوصى شعيب إلى موسى بن عمران، وأوصى موسى إلى يوشع بن نون، وأوصى يوشع إلى داود (عليه السلام)، وأوصى داود إلى سليمان، وأوصى سليمان


(1) في نسخة: إلى قيام.

[ 443 ]

إلى آصف بن برخيا وأرصى آصف إلى زكريا، ودفعها زكريا إلى عيسى (عليه السلام) وأوصى عيسى إلى شمعون بن خمون الصفا، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا، وأوصى يحيى إلى منذر، وأوصى منذر إلى سليمة، وأوصى سليمة إلى بردة. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ودفعها إلي بردة، وأنا أدفعها إليك يا علي، وأنت تدفعها إلى وصيك، ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحد بعد واحد حتى تدفع إلى خير أهل الأرض بعدك، ولتكفرن بك الأمة، ولتختلفن عليك اختلافا شديدا، الثابت عليك كالمقيم معي، والشاذ عنك في النار، والنار مثوى الكافرين. 992 / 49 – الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبو العباس بن عقدة، قال: حدثنا الحسن بن علي بن إبراهيم العلوي، قال: حدثنا الحسين بن علي الخزاز، وهو ابن بنت إلياس، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إنما الدنيا فناء وعناء، وغير وعبر، فمن فنائها أن الدهر موتر قوسه مفوق نبله، يرمي الصحيح بالسقم، والحي بالموت، ومن عنائها أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ومن غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما والمرحوم مغبوطا، ليس منها إلا نعيم زائل، أو بؤس نازل، ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيختطفه من دونه أجله (1). قال أبو عبد الله (عليه السلام): وقال أمير المؤمنين: كم من مستدرج بالاحسان إليه مغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله عبدا بمثل الإملاء له. 993 / 50 – ابن عقدة ؟ قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا زكريا المؤمن، وهو ابن آدم القمي الأشعري، عن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تستعن بالمجوس، ولو على أخذ قوائم شاتك وأنت تريد ذبحها. 994 / 51 – ابن عقدة، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، قال: حدثنا علي


(1) يأتي في الحديث: 1081.

[ 444 ]

ابن الحكم، قال: حدثنا سليمان بن جعفر، عن خالد الكيال، عن عبد العزيز الصائغ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أترى أن الله استرعى راعيا واستخلف خليفة ثم يحجب عنهم شيئا من أمورهم ! تم المجلس الخامس عشر، ويتلوه المجلس السادس عشر إن شاء الله


[ 445 ]

[ 16 ] المجلس السادس عشر فيه روايات أبي المفضل الشيباني، رواها محمد بن الحسن الطوسي عن الجماعة المسمين، عن أبي المفضل. بسم الله الرحمن الرحيم 995 / 1 – أخبرنا جماعة منهم الحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون، وأبو طالب بن غرور، وأبو الحسن الصقال، وأبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أحمد ابن سفيان بن العباس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية، قال: حدثني إبراهيم بن إسماعيل ابن أبي حبيبة، يعني الأشهلي، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندرة ليتشاوروا في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره الخبر، وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المبيت أمر عليا (عليه السلام) أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي (عليه السلام) وتغشى ببرد أخضر حضرمي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينام فيه، وجعل السيف إلى جنبه، فلما اجتمع اولئك النفر من قريش يطوفون ويرصدونه ويريدون قتله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم جلوس على


[ 446 ]

الباب، عددهم خمسة وعشرون رجلا، فأخذ حفنة من البطحاء ثم جعل يذرها على رؤوسهم هو يقرأ (يس * والقرآن الحكيم) حتى بلغ (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (1) فقال لهم قائل: ما تنظرون قد والله خبتم وخسرتم، والله لقد مر بكم وما منكم رجل إلا وقد جعل على رأسه ترابا. فقالوا: والله ما أبصرناه. قال: فأنزل الله (عز وجل) (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (2). 996 / 2 – حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان الامام بأنطاكية، قال: حدثنا محفوظ بن بحر، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه) في قول الله (عز وجل): (ومن الناس من يشرى نفسه آبتغاء مرضات الله) (3). قال: نزلت في علي (عليه السلام) حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله). 997 / 3 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي النحوي، قال: حدثنا الخليل بن أسد، أبو الأسود النوشجاني، قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس، يعني الانصاري النحوي، قال: كان أبو عمرو بن العلاء إذا قرأ (ومن الناس من يشتري نفسه آبتغاء مرضات الله) قال: كرم الله عليا، فيه نزلت هذه الآية. 998 / 4 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدثنا محمد بن كثير الملائي، عن عوف الأعرابي من أهل البصرة، عن الحسن بن أبي الحسن، عن


(1) سورة يس 36: 1 و 2 – 9. (2) سورة الأنفال 8: 30. (3) سورة البقرة 2: 207. (*)

[ 447 ]

أنس بن مالك، قال: لما توجه رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى الغار ومعه أبو بكر، أمر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) أن ينام على فراشه ويتوشح ببردته، فبات علي (عليه السلام) موطنا نفسه على القتل، وجاءت في رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد (صلى الله عليه وآله) فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل ويرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه ورأوه عليا (عليه السلام) تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنزل الله (عز وجل): (ومن الناس من يشرى نفسه آبتغاء مرضات الله وآلله رءوف بالعباد). 999 / 5 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أبو يحيى التيمي، عن عبد الله بن جندب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن مجاهد، قال: فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار، فقال عبد الله بن شداد بن الهاد: وأين أنت من علي بن أبي طالب حيث نام في مكانه وهو يرى أنه يقتل ؟ فسكتت ولم تحر جوابا. 1000 / 6 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسن بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الحسين بن زيد، عن عبد الله بن محمد بن عمر ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن جعده بن هبيرة، عن أبيه، عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: لما أمر الله (تعالى) نبيه (صلى الله عليه وآله) بالهجرة وأنام عليا (عليه السلام) في فراشه ووشحه ببرد له حضرمي، ثم خرج، فإذا وجوه قريش على بابه، فأخذ حفنة من تراب فذرها على رؤوسهم، فلم يشعر به أحد منهم، ودخل علي بيتي، فلما أصبح أقبل علي وقال: ابشري يا أم هانئ، فهذا جبرئيل (عليه السلام) يخبرني أن الله (عز وجل) قد أنجى عليا من عدوه. قالت: وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع جناح الصبح إلى غار ثور، وكان فيه ثلاثا، حتى سكن عنه الطلب، ثم أرسل إلى علي (عليه السلام) وأمره بأمره وأداء أمانته.


[ 448 ]

1001 / 7 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه الصامغاني بقزوين، وجعفر بن إدريس القزويني المجاور بمكة، قالا: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني أبي، وحدثني أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب الرقي بحلب، قال: حدثنا أبي، قالوا: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: حدثني أبي جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حدثني أبي محمد بن علي (عليه السلام)، قال: حدثني أبي علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: حدثني أبي الحسين (عليه السلام)، قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: الإيمان إقرار باللسان، ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان. ولفظ الحديث لداود بن سليمان عن الرضا (عليه السلام). 1002 / 8 – قال أبو المفضل: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الحريري الطبري بآمل طبرستان، قال: حدثنا أبو ياسر عمار بن رجاء الاستراباذي، وأبو بكر محمد بن عطية الرازي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي وغيرهم، قالوا: حدثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الايمان قول باللسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالأركان. قال أبو حاتم: قال أبو الصلت: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لبرئ بإذن الله. 1003 / 9 – قال أبو المفضل: وهذا حديث لم يحدث به عن النبي (صلى الله عليه وآله) إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من رواية الرضا عن آبائه (عليهم السلام) وأجمع على هذا القول أئمة أصحاب الحديث فيما أعلم، واحتجوا بهذا الحديث على المرجئة، ولم يحدث به فيما أعلم إلا موسى بن جعفر عن أبيه (صلوات الله عليهما)، وكنت لا أعلم أن أحدا رواه عن موسى بن جعفر (عليه السلام) إلا ابنه الرضا (عليه السلام) حتى حدثناه محمد بن علي بن معمر الكوفي، وما كتبته إلا عنه، قال: حدثنا عبد الله


[ 449 ]

ابن سعيد البصري العابد بسورا، قال: حدثنا محمد بن صدقة ومحمد بن تميم، قالا: حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه بأسناده مثله سواء. 1004 / 10 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن طاهر أبو أحمد المصعبي، قال: كنت في مجلس أخي طاهر بن عبد الله بن طاهر بخراسان، وفي مجلسه يومئذ إسحاق بن راهويه الحنظلي وأبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي وجماعة من الفقهاء وأصحاب الحديث، فتذاكروا الإيمان، فابتدأ إسحاق بن راهويه فتحدث فيه بعدة أحاديث، وخاض الفقهاء وأصحاب الحديث في ذلك، وأبو الصلت ساكت، فقيل له: يا أبا الصلت ألا تحدثنا، فقال: حدثني الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وكان والله رضاكما وسم بالرضا، قال: حدثنا الكاظم موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي الصادق، قال: حدثني أبي الباقر، قال: حدثني أبي السجاد، قال: حدثني أبي الحسين سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيد الشهداء، قال: حدثني أبي الوصي علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الإيمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان. قال: فخرس أهل المجلس كلهم، ونهض أبو الصلت، فنهض معه إسحاق بن راهويه والفقهاء، فاقبل إسحاق بن راهويه على أبي الصلت وقال له ونحن نسمع: يا أبا الصلت، أي إسناد هذا ؟ فقال: يابن راهويه هذا سعوط المجانين، هذا عطر الرجال ذوي الالباب. 1005 / 11 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن راشد الطاهري الكاتب، في دار عبد الرحمن بن عيسى بن داود ابن الجراح وبحضرته إملاء يوم الثلاثاء لتسع خلون من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، قال: حملني علي بن محمد بن الفرات في وقت من الأوقات برا واسعا إلى أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فأوصلته إليه، ووجدته على


[ 450 ]

إضاقة شديدة، فقبله وكتب في الوقت بديهة: أياديك عندي معظمات جلائل طوال المدى شكري لهن قصير فان كنت عن شكري غنيا فانني إلى شكر ما أوليتني لفقير قال: فقلت: هذا – أعز الله الأمير – حسن. قال: أحسن منه ما سرقته منه. فقلت: وما هو ؟ قال: حديثان حدثني بهما أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن جدي جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة. وحدثني أبو الصلت بهذا الإسناد، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله (عز وجل) فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن ! فيقول الله: أي عبدي إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي. فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا فشكرتك بكذا، وأنعمت علن بكذا وشكرتك بكذا ؟ فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر، فيقول الله (تعالى): صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه، وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يكشر من ساقها من خلقي إليه. قال: فانصرفت بالخبر إلى علي بن الفرات، وهو في مجلس أبي العباس أحمد ابن محمد بن الفرات، وذكرت ما جرى، فاستحسن الخبر وانتسخه، وردني في الوقت إلى أحمد أبي عبيد الله بن عبد الله ببر واسع من بر أخيه، فأوصلته إليه، فقبله وسر به، وكتب إليه: شكريك معقود بايماني حكم في سري وإعلاني عقد ضمير وفم ناطق وفعل أعضاء وأركان فقلت: هذا – أعز الله الأمير – أحسن من الأول. فقال: أحسن منه ما سرقته منه.


[ 451 ]

قلت: وما هو ؟ قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح بنيشابور، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى الكاظم، قال: حدثني أبي جعفر الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين السبط، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): الايمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان. قال: فعدت إلى أبي العباس بن الفرات فحدثته بالحديث فانتسخه. قال أبو أحمد: وكان أبو الصلت في مجلس أخي بنيشابور وحضر مجلسه متفقهة نيشابور وأصحاب الحديث منهم، وفيهم إسحاق بن راهويه، فأقبل إسحاق على أبي الصلت، فقال: يا أبا الصلت، أي إسناد هذا ما أغربه وأعجبه ! قال: هذا سعوط المجانين الذي إذا سعط به المجنون برئ بإذن الله (تعالى). قال أبو المفضل. حدثت عن أبي علي بن همام عما تقدم من حديثه عن أبي أحمد، وسألني في الحديث الثاني أن أمليه عليه من أجل الزيادة فيه والشعر فأمليته عليه. 1006 / 12 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن حفص الخثعمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: حدثنا أرطاة بن حبيب الاسدي، قال: حدثنا عبيد بن ذكوان، عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي قال: حدثني زيد بن علي وهو آخذ بشعره، قال: حدثني أبي علي بن الحسين وهو آخذ بشعره، قال: سمعت أبي الحسين بن علي وهو آخذ بشعره، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذ بشعره، قال: من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله (عز وجل)، ومن آذى الله (عز وجل) لعنه ملأ السموات وملأ الأرض، وتلا (إن الذين يؤذون الله


[ 452 ]

ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (1). 1007 / 13 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن القاسم ابن زكريا المحاربي، قال: حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم، قال: حدثني أبي، عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (صلوات الله عليهم)، قال: أتى رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، أي الخلق أحب إليك ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا إلى جنبه هذا وابناه وامهما، هم مني وأنا منهم، وهم معي في الجنة هكذا، وجمع بين إصبعيه. 1008 / 14 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن همام بن ملاس النميري المعدل بدمشق، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عليه، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهم)، قال: من أعطي الدعاء لم يحرم الاجابة، ومن اعطي الشكر لم يمنع الزيادة ؟ وتلا أبو جعفر (عليه السلام) (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) (2). 1009 / 15 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن راشد الطاهري الكاتب، قال: سمعت الامير أبا أحمد عبيد الله ابن عبد الله بن طاهر المصعبي، يقول: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح الهروي يقول: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يقول: إذا ولي الظالم الظالم فقد انتصف الحق، وإذا ولي العادل العادل فقد اعتدل الحق، وإذا ولي العادل الظالم فقد استراح الحق، وإذا ولي العبد الحر فقد استرق الحق. 1010 / 16 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن محمود ابن بنت الأشج الكندي الكوفي نزيل أسوان بها سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن أبو جعفر الذهلي الكوفي بمصر، قال: حدثنا


(1) سورة الأحزاب 33: 57. (2) سورة إبراهيم 14: 7.

[ 453 ]

عبد الرحمن بن أبي حفاد المقرئ، قال: حدثنا أبو العلاء الخفاف، يعني خالد بن طهمان، عن شجرة، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام): يا شجرة، بحبنا تغفر لكم الذنوب. 1011 / 17 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد بن عبيد الله ابن عمار الثقفي الكاتب، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا محمد بن الحارث بن بشير الزينبي، قال: حدثني القاسم بن الفضل بن عميرة العبسي، عن عباد المنقري، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، مال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بظبية مربوطة بطنب فسطاط، فلما رأته أطلق الله (عز وجل) لسانها فكلمته فقالت: يا رسول الله، إني أم خشفين عطشانين، وهذا ضرعي قد امتلأ لبنا، فخلني لانطلق فأرضعهما ثم أعود فتربطني كما كنت. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكيف وأنت ربيطة قوم وصيدهم. قالت: بلى يا رسول الله، أنا أجئ فتربطني أنت بيدك كما كنت. فأخذ عليها موثقا من الله لتعودن وخلى سبيلها، فلم تلبث إلا يسيرا حتى رجعت، وقد أفرغت ما في ضرعها، فربطها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما كانت، ثم سأل: لمن هذا الصيد ؟ فقيل له: هذه لبني فلان، فأتاهم النبي (صلى الله عليه وآله) وكان الذي أقنصها منهم منافقا، فرجع عن نفاقه وحسن إسلامه، فكلمه النبي (صلى الله عليه وآله) في بيعها ليشتريها منه، قال: بل أخلي سبيلها فداك أبي وأمي يا نبي الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن البهائم يعلمن من الموت ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سمينا. 1012 / 18 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد ابن سليمان بن الحارث الباغندي، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا إبراهيم بن المختار، قال: حدثنا النضر بن حميد، عن أبي إسحاق، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث


[ 454 ]

الله (عز وجل) إليهم ملكا يقدسهم بالغداة والعشي (1). 1013 / 19 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني علي بن أحمد بن سيابة الماوردي بعدن، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن كثير الهاشمي الحارثي بالفلج، قال: حدثني حماد بن عيسى الجهني، قال: حدثني عمر بن أذينة العبدي عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، وحدثنيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: نية المؤمن أبلغ من عمله، وكذلك الفاجر. 1014 / 20 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر أبو عبد الله العلوي الحسني، قال: حدثنا حمزة بن أحمد بن عبد الله بن محمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني عمي عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، عندي دينار فما تأمرني به ؟ قال: أنفقه على امك. قال: عندي آخر فما تأمرني به ؟ قال: أنفقه على أبيك. قال: عندي آخر فما تأمرني به ؟ قال: أنفقه على أخيك. قال: عندي آخر فما تأمرني به ؟ ولا والله ما عندي غيره. قال: أنفقه في سبيل الله، وهو أدناها أجرا. 1015 / 21 – أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي، قال: حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي (صلوات الله عليهم)، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى العالم عبادة، والنظر إلى الامام المقسط عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر إلى أخ توده في الله (عز وجل) عبادة. 1016 / 22 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو الليث محمد بن


(1) يأتي في الحديث: 1117.

[ 455 ]

معاذ بن سعيد الحضرمي بالجار، قال: أخبرنا أحمد بن المنذر أبو بكرالصنعاني، قال: حدثنا عبد الوهاب بن همام، عن أبيه همام بن نافع، عن همام بن منبه، عن حجر، يعني المدري، قال: قدمت مكة وبها أبو ذر (رحمه الله) جندب بن جنادة، وقدم في ذلك العام عمر بن الخطاب حاجا، ومعه طائفة من المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فبينا أنا في المسجد الحرام مع أبي ذر جالس إذ مر بنا علي (عليه السلام) ووقف يصلي بإزائنا، فرماه أبو ذر ببصره، فقلت: يرحمك الله يا أبا ذر، إنك لتنظر إلى علي فما تقلع عنه ؟ قال: إني أفعل ذلك وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: النظر إلى علي عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في الصحيفة – يعني صحيفة القرآن – عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة. 1017 / 23 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا يحيى بن علي بن عبد الجبار السدوسي بالسيرجان، قال: حدثني عمي محمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن عبد الرحمن بن اذينه العبدي، عن أبيه، وأبان مولاهم، عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما مقبلا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يتلو هذه الآية (ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (1) فقال: يا علي، إن ربي (عز وجل) ملكني الشفاعة في أهل التوحيد من أمتي وحظر ذلك عمن ناصبك وناصب ولدك من بعدك. 1018 / 24 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله ابن الحسين بن إبراهيم بن علي العلوي النصيبي العبد الصالح (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي العباسي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسين بن زيد وعبد الله بن إبراهيم الجعفري جميعا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عن الحسين بن علي، عن أبيه علي (عليهم السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر،


(1) سورة الاسراء 17: 79.

[ 456 ]

من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم. قال: يا رسول الله، وما أول النعم ؟ قال: طيب الولادة، إنه لا يحبنا أهل البيت إلا من طاب مولده. 1019 / 25 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال: حدثني عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله. قال أحمد بن عبد المنعم: وحدثنا عبيد الله بن محمد الفزاري، عن جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام)، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): يا علي، ألا أسرك، ألا أمنحك، ألا ابشرك ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: إني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، وفضلت فضلة فخلق الله منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم سوى شيعتنا فإنهم يدعون باسماء آبائهم لطيب مولدهم. 1020 / 26 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد بن جعفر ابن محمد بن رياح الأشجعي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا أرطاة بن حبيب، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: لما أصابت امرأة العزيز الحاجة قيل لها: لو أتيت يوسف (عليه السلام)، فشاورت في ذلك، فقيل لها: إنا نخافه عليك. قالت: كلا إني لا أخاف من يخاف الله، فلما دخلت عليه فرأته في ملكه، قالت: الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته، وجعل الملوك عبيدا بمعصيته، فتزوجها فوجدها بكرا، فقال: أليس هذا أحسن، أليس هذا أجمل ؟ فقالت: إني كنت بليت منك بأربع خصال: كنت أجمل أهل زماني، وكنت أجمل أهل زمانك، وكنت بكرا، وكان زوجي عنينا. فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان، كتب يعقوب إلى يوسف (عليهما السلام) وهو لا يعلم أنه يوسف: (بسم الله الرحمن الرحيم. من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله (عز وجل) إلى عزيز آل فرعون. سلام عليك، فإني أحمد إليك الذي لا إله إلا


[ 457 ]

هو. أما بعد: فإنا أهل بيت تولع بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم (عليه السلام) ألقي في النار في طاعة ربه، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، وأمر الله جدي أن يذبح أبي ففداه بما فداه به، وكان لي ابن وكان من أعز الناس عندي ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فيذهب عني بعض وجدي وهو المحبوس عندك في السرقة، فإني أشهدك أني لم أسرق ولم ألد سارقا). فلما قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين) (1). قال أبو المفضل: اختلف الناس في الذبيح وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (أنا ابن الذبيحين) يعني إسماعيل وعبد الله أباه (عليهما السلام)، والعرب مجمعة أن الذبيح هو إسماعيل وأنا أقول: اختلفت روايات العامة والخاصة في الذبيح من هو، والصحيح أنه إسماعيل لمكان الخبر ولاجماع علماء أهل البيت على أنه إسماعيل. 1021 / 27 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق، قال: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع السكوني، قال: حدثنا مخلد بن الحسين بالمصيصة، عن موسى بن سعيد الراسبي، قال: لما قدم يعقوب على يوسف (عليهما السلام) خرج يوسف (عليه السلام) فاستقبله في موكبه، فمر بامرأة العزيز وهي تعبد في غرفة لها، فلما رأته عرفته فنادته بصوت حزين: أيها الراكب، طالما أحزنتني، ما أحسن التقوى كيف حررت العبيد، وما أقبح الخطيئة كيف عبدت الأحرار ! 1022 / 18 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد الانباري كاتب المنتصر، قال: حدثني زياد بن مروان القندي، عن جراح بن مليح أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن


(1) سورة يوسف 12: 93.

[ 458 ]

الحارث الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، ما من عبد إلا وله جواني وبراني – يعني سريرة وعلانية – فمن أصلح جوانيه أصلح الله (عز وجل) برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه، وما من أحد إلا وله صيت في أهل السماء وصيت في أهل الأرض، فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع ذلك له في أهل الأرض، وإذا ساء صيته في أهل السماء وضع ذلك له في الأرض، فسأله عن صيته ما هو ؟ قال: ذكره. 1023 / 29 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ابن عبد الله بن وهب أبو علي المالكي، قال: حدثنا أحمد بن هلال الكرخي، قال: حدثنا زياد، يعني ابن مروان القندي، قال: حدثني الجراح بن مليح، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كل معروف صدقة إلى غني أو فقير، فتصدقوا ولو بشق تمرة، واتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن الله (عز وجل) يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يوفيه إياها يوم القيامة، وحتى تكون أعظم من الجبل العظيم. 1024 / 30 – أخبرنا جماعة، قالوا: حدثنا أبو المفضل، قال: حدثني إسحاق ابن محمد بن مروان الكوفي ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن سالم الفراء، عن حماد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر، يرى باطنه من ظاهره لضيائه ونوره، وفيه قبتان من در وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذا القصر ؟ قال: هذا لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام. قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله، وفي امتك من يطيق هذا ؟ قال: أتدري ما إطابة الكلام ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: من قال: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) ؟ أتدري ما إدامة الصيام ؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما، أتدري ما إطعام الطعام ؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال:


[ 459 ]

من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس، أتدري ما التهجد بالليل والناس نيام ؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة، والناس من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين نيام بينهما. 1025 / 31 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن دليل بن بشر الاسكندراني مولى بني هاشم ببغداد سنة عشر وثلاث مائة، قال: حدثنا أحمد ابن الوليد بن برد الأنطاكي الكبير، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام)، عن ابي لأبي لبابة الأنصاري، عن أبيه أبي لبابة عمرو بن عبد المنذر، أنه جاء يتقاضى أبا اليسر، واسمه كعب بن عمرو، دينا له عليه، فقال أبو اليسر لأهله: قولوا ليس هو هاهنا، فسمعه أبو لبابة، فصاح به: يا أبا اليسر، اخرج إلي فخرج إليه فقال: ما حملك على هذا ؟ قال: العسر. قال: الله، قال: الله، فقال: أبو لبابة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من يحب منكم أن يستظل من فور جهنم ؟ قال: قلنا: كلنا نحب ذلك يا نبي الله. قال: من أحب ذلك فلينظر غريما، أو ليدع لمعسر (1). 1026 / 32 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمود ابن بنت الأشج الكندي بأسوان، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الذهلي، قال: حدثنا أبو حفص الأعشى الكاهلي، قال: حدثني فضيل الرسان، عن أبي عمر مولى ابن الحنفية، عن أبي عمر زاذان، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد، قال: رأيت أبا ذر (رضي الله عنه) متعلقا بحلقة باب الكعبة فسمعته يقول: أنا جندب لمن عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية، فهو من شيعة الدجال، إنما مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في لجة البحر، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ألا هل بلغت، ألا هل بلغت ؟ قالها ثلاثا.


(1) تقدم في الحديث: 123.

[ 460 ]

1027 / 33 – اخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا منذر ابن جفير العبدي، قال: حدثنا علي بن أبي فاطمة الغنوي، قال: كنت عند أبي بردة بن أبي موسى وعنده العيزار بن جرول التميمي، قال أبو بردة: إن أهل الكوفة كانوا يدعون الله (عز وجل) أن ينصر المظلوم، فنصر الله عليا (عليه السلام) على أهل الجمل، فقال له العيزار بن جرول التميمي: ألا أحدثك بحديث سمعته من ابن عباس ؟ قال أبو بردة: بلى. قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كيف أنتم يا معشر قريش إذا كفرتم وضرب بعضكم وجه بعض بالسيف، ثم تعرفوني أضربكم في كتيبة من الملائكة، فأتاه جبرئيل فقال: أنت إن شاء الله أو علي. فقال أبو بردة: سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: نعم. 1028 / 34 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد أبو الطيب الجعفي الدهان بالكوفة، قال: حدثني عباد بن سعيد الجعفي وهو جده لأمه، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي البهلول، قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود، عن هاشم بن البريد، عن أبي سعيد التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذر (رحمه الله)، قال: شهدت مع علي (عليه السلام) يوم الجمل، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني من الشك بعض ما يدخل الناس، فلما زالت الشمس كشف الله ذلك عني، فقاتلت مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم أتيت بعد ذلك أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله ورحمها)، فقصصت عليها قصتي، فقالت: كيف صنعت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قال: قلت: إلى أحسن ذلك والحمد لله، كشف الله (عز وجل) ذلك عني عند زوال الشمس، فقاتلت مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قتالا شديدا. فقالت: أحسنت، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي مع القرآن والقرآن معه، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض (1).


(1) يأتي في الحديث: 1108.

[ 461 ]

1029 / 35 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العراد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن شمون البصري، قال: حدثني الحسن ابن الفضل بن الربيع حاجب المنصور لقيته بمكة، قال: حدثني أبي، عن جدي الربيع، قال: دعاني المنصور يوما فقال: يا ربيع، أحضر لي جعفر بن محمد الساعة والله لأقتلنة ؟ فوجهت إليه، فلما وافى قلت: يابن رسول الله، إن كان لك وصية أو عهد تعهده إلى أحد فافعل. قال: فاسأذن لي عليه، فدخلت إلى المنصور فأعلمته موضعه، فقال: أدخله، فلما وقعت عين جعفر (عليه السلام) على المنصور رأيته يحرك شفتيه بشئ لم أفهمه، فلما سلم على المنصور نهض إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه، فقال له: ارفع حوائجك ؟ فأخرج رقاعا لأقوام، وسأل في اخرين فقضيت حوائجه. فقال المنصور: ارفع حوائجك في نفسك. فقال له جعفر (عليه السلام): لا تدعني حتى آتيك. فقال له المنصور: ما إلى ذلك سبيل، وأنت تزعم للناس – يا أبا عبد الله – أنك تعلم الغيب. فقال جعفر (عليه السلام): من أخبرك بهذا، فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين يديه، فقال جعفر (عليه السلام) للشيخ: أنت سمعتني أقول هذا القول ؟ قال الشيخ: نعم. قال جعفر (عليه السلام) للمنصور: أيحلف يا أمير المؤمنين ؟ فقال له المنصور: احلف، فلما بدأ الشيخ في اليمين قال جعفر (عليه السلام) للمنصور: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله (عز وجل) فيها وهو كاذب امتنع الله من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله (عز وجل)، ولكني أنا استحلفه. فقال المنصور: ذلك لك. فقال جعفر (عليه السلام) للشيخ: قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ إلى حولي وقوتي، إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول فتلكأ الشيخ، فرفع المنصور عمودا كان في يده وقال: والله لئن لم تحلف لأعلونك بهذا العمود ؟ فحلف الشيخ، فما أتم اليمين حتى دلع لسانه كما يدلع الكلب، ومات لوقته، ونهض جعفر (عليه السلام). قال الربيع: فقال لي المنصور: ويلك اكتمها الناس لا يفتنون. قال الربيع:


[ 462 ]

فشيعت جعفرا (عليه السلام) وقلت له: يابن رسول الله، إن المنصور كان قد هم بأمر عظيم، فلما وقعت عينك عليه وعينه عليك زال ذلك. فقال: يا ربيع، إني رأيت البارحة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في النوم فقال لي: يا جعفر خفته. فقلت: نعم رسول الله. فقال لي: إذا وقعت عينك عليه فقل: (بسم الله استفتح، وبسم الله استنجح، وبمحمد (صلى الله عليه وآله) أتوجه، اللهم ذلل لي صعوبة أمري وكل صعوبة، وسهل لي حزونة أمري وكل حزونة، واكفني مؤنة أمري وكل مؤنة). قال أبو المفضل: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي بسر من رأى، باسناد عن أهله لا أحفظه – فذكر هذا الحديث، وذكر فيه: أن المنصور قام إليه واعتنقه فقال لي: المنصور خليفة، ولا ينبغي للخليفة أن يقوم إلى أحد ولا إلى عمومته، وما قام المنصور إلا إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام). 1030 / 36 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد العلوي الحسني (رحمه الله) سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المؤمن غر (1) كريم، والفاجر خب (2) لئيم، وخير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. قال: وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أشرار الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه قلوبهم، المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت، اولئك لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة، ثم تلا (صلى الله عليه وآله) (هو الذي أيدك


(1) أي ليس بذي نكر، فهو ينخذع لانقياده ولينه، يريد أن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا، ولكنه كرم وحسن خلق. (2) الخب: الخداع، الذي يسعى بين الناس بالفساد.

[ 463 ]

بنصره وبالمؤمنين * وألف بين قلوبهم) (1). 1031 / 37 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن عبيد الله بن عمار الثقفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمسين ومائتين، قال: حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي، قال: حدثني أبي وخالي يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن الزبير بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنيه أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) بين القبر والروضة، عن أبيه وعبيد الله بن أبي رافع جميعا، عن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) وأبي رافع مولى النبي (صلى الله عليه وآله). قال أبو عبيدة: وحدثنيه سنان بن أبي سنان: أن هند بن هند بن أبي هالة الاسدي حدثه عن أبيه هند بن أبي هالة ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامه خديجة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) واخته لأمه فاطمة (صلوات الله عليها). قال أبو عبيدة: وكان هؤلاء الثلاثة هند بن هالة وأبو رافع وعمار بن ياسر جميعا يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات لله عليه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ومبيته قبل ذلك على فراشه. قال: وصدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة، واقتصاصه عن الثلاثة: هند وعمار وأبي رافع، وقد دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا: كان الله (عز وجل) مما يمنع نبيه (صلى الله عليه وآله) بعمه أبي طالب، فما كان يخلص إليه من قومه أمر يسوؤه مدة حياته، فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغيتها وأصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى (2)، فقال (صلى الله عليه وآله): لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم ! وصلتك رحم، فجزيت خيرا يا عم. ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر فاجتمع


(1) سورة الأنفال 8: 62، 63. (2) اللقى: الملقى على الأرض.

[ 464 ]

بذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حزنان حتى عرف ذلك فيه. قال هند: ثم انطلق ذوو الطول والشرف من قريش إلى دار الندوة، ليأتمروا في رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسروا ذلك بينهم، فقال بعضهم: نبني له علما، وينزل برجا نستودعه فيه، فلا يخلص من الضباة (1) إليه أحد، ولا يزال في رنق (2) من العيش حتى يتضيفه (3) ريب المنون، وصاحب هذه المشورة العاص بن وائل وأمية وأبي ابنا خلف. وقال قائل: بئس الرأي ما رأيتم، ولئن صنعتم ذلك ليتنمرن (4) له الحدب (5) الحميم والمولى الحليف، ثم ليأتين المواسم والأشهر الحرم بالأمن فلينتزعن من انشوطتكم (6) قولوا قولكم. قال عتبة وشيبة وشركهما أبو سفيان، قالوا: فإنا نرى أن نرحل بعيرا صعبا، ونوثق محمدا عليه كتافا وشدا، ثم نقصع البعير بأطراف الرماح، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك (7) إربا إربا. فقال صاحب رأيهم: إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق، فأخذ بقلوبهم بسحره وبيانه وطلاوة (8) لسانه، فصبا القوم إليه، واستجابت القبائل له قبيلة فقبيلة، فليسيرن حينئذ إليكم بالكتائب والمقانب (9)، فلتهلكن كما هلكت إياد ومن كان قبلكم ؟ ! قولوا قولكم.


(1) الصباة: جمع صابي، الذي خرج من دين إلى دين غيره. (2) الرنق: الكدورة. (3) أي ينزل به. (4) تنمر: تشبه بالنمر، وتنمر له: تنكر وتغير. (5) الحدب: الشفيق، العطوف. (6) الانشوطة: عقدة يسهل إنحلالها. (7) الدكادك: الأرض التي فيها غلظ. (8) الطلاوة: الحسن والبهجة. (9) المقانب: جمع مقنب، وهو جماعة الخيل والفرسان.

[ 465 ]

فقال له أبو جهل: لكن أرى لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة، فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا نجدا (1)، ثم تسلحوه حساما عضبا (2)، وتمهل الفتية حتى إذا غسق الليل وغور بيتوا بابن أبي كبيشة بياتا، فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا فلا يستطع بنو هاشم وبنو المطلب مناهضة قبائل قريش في صاحبهم، فيرضون حينئذ بالعقل (3) منهم، فقال صاحب رأيهم: أصبت يا أبا الحكم. ثم أقبل عليهم فقال: هذا الرأي فلا تعدلوا به رأيا، وأوكئوا في ذلك أفواهكم (4) حتى يستتب أمركم، فخرج القوم عزين (5)، وسبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل (عليه السلام)، فتلا هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (6). فلما أخبره جبرئيل (عليه السلام) بأمر الله في ذلك ووحيه، وما عزم له من الهجرة، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام)، وقال له: يا علي إن الروح هبط علي بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريشا اجتمعوا على المكر بي وقتلي، وأنه أوحى إلي ربي (عز وجل) أن أهجر دار قومي، وأن انطلق إلى غار ثور تحت ليلتي، وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي – أو قال: مضجعي – ليخفى بمبيتك عليه أثري، فما أنت قائل، وما صانع ؟ فقال علي (عليه السلام): أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله ؟ قال: نعم، فتبسم علي (عليه السلام) ضاحكا، وأهوى إلى الأرض ساجدا، شكرا بما أنبأه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سلامته، وكان علي (صلوات الله عليه) أول من سجد لله شكرا، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما


(1) النجد: الشجاع. (2) أي قاطعا. (3) العقل: الدية. (4) أي سدوها. (5) العزون: جمع عزة، وهي الفرقة من الناس. (6) سورة الأنفال 8: 30.

[ 466 ]

رفع رأسه قال له: امض لما أمرت فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك، واقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله. قال: وإن القى عليك شبه مني، أو قال: شبهي، قال: إن – بمعنى نعم (1) – قال: فارقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي، ثم إني أخبرك يا علي أن الله (تعالى) يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، وقد امتحنك يابن عم وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم والذبيح إسماعيل، فصبرا صبرا، فإن رحمة القريب من المحسنين. ثم ضمه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى صدره وبكى إليه وجدا به، وبكى علي (عليه السلام) جشعا (2) لفراق رسول الله (صلى الله عليه وآله). واستتبع رسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، ولبث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكانه مع علي (عليه السلام) يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشاءين. ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فحمة العشاء الآخرة، والرصد من قريش قد أطافوا بداره، ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الأعين، فخرج وهو يقرأ هذه الآية (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (3) وأخذ بيده قبضة من تراب، فرمى بها على رؤوسهم، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم، ومضى حتى أتى إلى هند وأبي بكر فنهضا معه، حتى وصلوا إلى الغار. ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر إلى الغار، فلما غلق الليل أبوابه وأسدل أستاره وانقطع


(1) تأتي (إن) بمعنى (نعم) من أحرف الجواب. (2) الجشع: أشد الحرص. (3) سورة يس: 36: 9.

[ 467 ]

الأثر، أقبل القوم على علي (عليه السلام) يقذفونه بالحجارة والحلم (1)، ولا يشكون أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا برق الفجر وأشفقوا أن يفضحهم الصبح، هجموا على علي (صلوات الله عليه)، وكانت دور مكة يومئذ سوائب لا أبواب لها، فلما بصر بهم علي (عليه السلام) قد انتضوا السيوف وأقبلوا عليه بها، وكان يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وثب له علي (عليه السلام) فختله وهمز يده (2)، فجعل خالد يقمص قماص البكر (3)، ويرغو رغاء الجمل، ويذعر ويصيح، وهم في عرج الدار (4) من خلفه، وشد عليهم علي (عليه السلام) بسيفه – يعني سيف خالد – فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار، فتبصروه فإذا هو علي (عليه السلام)، فقالوا: إنك لعلي ؟ قال: أنا علي. قالوا: فإنا لم نردك، فما فعل صاحبك ؟ قال: لا علم لي به، وقد كان علم – يعني عليا (عليه السلام) – أن الله (تعالى) قد أنجى نبيه (صلى الله عليه وآله) بما كان أخبره من مضيه إلى الغار واختبائه فيه، فأذكت قريش عليه العيون (5)، وركبت في طلبه الصعب والذلول، وأمهل علي (صلوات الله عليه) حتى إذا أعتم (6) من الليلة القابلة انطلق هو وهند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هندأ أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب. فقال: إني لا آخذهما ولا أحدهما إلا بالثمن. قال: فهي لك بذلك، فأمر (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فأقبضه الثمن، ثم أوصاه بحفظ ذمته رأداء أمانته. وكانت قريش تدعو محمدا (صلى الله عليه وآله) في الجاهلية الأمين، وكانت


(1) الحلم: جمع حلمة، وهي شجرة السعدان. (2) أي غمزها وضغطها. (3) القماص: الضرب بالرجل، البكر: الفتى من الابل. (4) عرج الدار: منعطفها أو مصعدها أو سلمها. (5) أي أرسلت عليه الطلائع. (6) أي دخل في العتمة.

[ 468 ]

تستودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها، وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، وجاءته النبوة والرسالة والأمر كذلك، فأمر عليا (عليه السلام) أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة وعشيا: ألا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلتؤد إليه أمانته. قال: وقال النبي (صلى الله عليه وآله): إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما، وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ومن أزمع للهجرة معه من بني هاشم. قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله – يعني ابن أبي رافع – أو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجد ما ينفقه هكذا ؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتني، وكان يحدث بهذا الحديث، فقال: فأين يذهب بك عن مال خديجة (عليها السلام) ؟ وقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة (عليها السلام)، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفك من مالها الغارم والعاني (1) ويحمل الكل (2)، ويعطي في النائبة، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، ويحمل من أراد منهم الهجرة، وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين – يعني رحلة الشتاء والصيف – كانت طائفة من العير لخديجة، وكانت أكثر قريش مالا، وكان (صلى الله عليه وآله) ينفق منه ما شاء في حياتها ثم ورثها هو وولدها بعد مماتها. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي وهو يوصيه: وإذا أبرمت ما أمرتك فكن على اهبة الهجرة إلى الله ورسوله، وسر إلي لقدوم كتابي إليك، ولا تلبث بعده. وانطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوجهه يؤم المدينة، وكان مقامه في الغار ثلاثا، ومبيت علي (صلوات الله عليه) على الفراش أول ليلة. قال عبيد الله بن أبي رافع: وقد قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) شعرا يذكر فيه


(1) العاني: الأسير. (2) الكل: الضعيف ومن لا ولد له ولا والد، والعيال والثقل.

[ 469 ]

مبيته على الفراش ومقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار ثلاثا. وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر محمد لما خاف أن يمكروا به فوقاه ربي ذو الجلال من المكر وبت أراعيهم متى ينشرونني وقد وطنت نفسي على القتل والأسر ويات رسول الله في الغار آمنا هناك وفي حفظ الإله وفي ستر أقام ثلاثا ثم زمت قلائص قلائص يفرين الحصا أينما تفري (1) ولما ورد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، نزل في بني عمرو بن عوف بقباء، فأراده أبو بكر على دخوله المدينة وألاصه (2) في ذلك، فقال: ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي ؟ يعني عليا وفاطمة (عليهما السلام). قال: قال أبو اليقظان. فحدثنا رسول الله ونحن معه بقباء، عما أرادت قريش من المكر به ومبيت علي (عليه السلام) على فراشه، قال: أوحى الله (عز وجل) إلى جبرئيل وميكائيل (عليه السلام) أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه ؟ فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: عبدي ألاكنتما مثل وليي علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين نبيي فآثره بالحياة على نفسه، ثم ظل – أو قال: رقد – على فراشه يفديه بمهجته، اهبطا إلى الارض كلاكما فاحفظاه من عدوه، فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب والله (عز وجل) يباهي بك الملائكة ! قال: فأنزل الله (عز وجل) في علي (عليه السلام): (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد) (3). قال أبو عبيدة: قال أبي وابن أبي رافع: ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى


(1) القلائص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، وفرى الأرض: سارها وقطعها. (2) ألاصه: أي أداره على الشئ الذي يرومه منه. (3) سورة البقرة 2: 207.

[ 470 ]

علي بن أبي طالب (عليه السلام) كتابا يأمره فيه بالمسير إليه وقلة التلوم (1)، وكان الرسول إليه أبا واقد الليثي، فلما أتاه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تهيأ للخروج والهجرة، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين، فأمرهم أن يتسللوا ويتخففوا إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى، وخرج علي (عليه السلام) بفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب – وقد قيل هي ضباعة – وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبو واقد رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجعل يسوق بالرواحل فاعنف بهم، فقال علي (صلوات الله عليه): ارفق بالنسوة يا أبا واقد، إنهن من الضعائف. قال: إني أخاف أن يدركنا الطالب – أو قال: الطلب – فقال علي (عليه السلام): اربع عليك (2)، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي: يا علي، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بما تكرهه. ثم جعل – يعني عليا (عليه السلام) – يسرق بهن سرقا رفيقا وهو يرتجز ويقول: ليس إلا الله فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمكا وسار فلما شارف ضجنان أدركه الطلب، وعددهم سبعة فوارس من قريش مستلئمين (3)، وثامنهم مولى لحرب بن امية يدعى جناحا، فأقبل علي (عليه السلام) على أيمن وأبي واقد، وقد تراءى القوم، فقال لهما: أنيخا الإبل واعقلاها، وتقدم حتى أنزل النسوة، ودنا القوم فاستقبلهم (عليه السلام) منتضيا سيفه، فاقبلوا عليه فقالوا: أظننت أنك يا غدر (4) ناج بالنسوة ؟ ! ارجع لا أبا لك. قال: فإن لم أفعل ؟ قالوا: لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا وأهون بك من هالك، ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوروها، فحال علي (عليه السلام) بينهم وبينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ علي (عليه السلام) عن ضربته وتختله علي (عليه السلام) فضربه على عاتقه، فأسرع السيف


(1) التلوم: الانتظار والتمكث. (2) أي توقف وتحبس. (3) استلأم الرجل: لبس اللأمة، وهي أداة الحرب وعدتها. (4) أي يا غادر.

[ 471 ]

مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه (1)، فكان (عليه السلام) يشد على قدمه شد الفرس، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه وهو يقول: خلوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد فتصدع عنه القوم وقالوا له: اغن عنا نفسك يابن أبي طالب. قال: فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيثرب، فمن سره أن افري لحمه واريق دمه فليتعقبني أو فليدن مني. ثم أقبل على صاحبيه أيمن وأبي واقد فقال لهما: أطلقا مطايا كما. ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان، فتلوم بها قدر يومه وليلته، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين وفيهم أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فظل ليلته تلك هو والفواطم – امه فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة بنت الزبير – طررا يصلون وطورا يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى (عليه السلام) بهم صلاة الفجر، ثم سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله، والفواطم كذلك وغيرهم ممن صحبه حتى قدموا المدينة، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله (تعالى): (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) إلى قوله: (فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) الذكر علي، والانثى الفواطم المتقدم ذكرهن، وهن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت الزبير (بعضكم من بعض) يقول: علي من فاطمة – أو قال: الفواطم – وهن من علي (فالذين هاجروا وأخبرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلى وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) (2)


(1) كاثبة الفرس: المنسج أو مقدمه حيث تقع عليه يد الفارس. وقيل: أعلى الظهر. (2) سورة آل عمران 3: 191، 195.

[ 472 ]

وتلا (صلى الله عليه وآله): (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد) (1). قال: وقال. يا علي، أنت أول هذه الامة إيمانا بالله ورسوله، وأولهم هجرة إلى الله ورسوله، وآخرهم عهدا برسوله، لا يحبك – والذي نفسي بيده – إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر. تم المجلس السادس عشر، والحمد لله رب العالمين، ويتلوه المجلس السابع عشر.


(1) سورة البقرة 2: 207.

[ 473 ]

[ 17 ] المجلس السابع عشر من روايات أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، رواية المسمين في أول المجلس عنه، رواية محمد بن الحسن بن علي الطوسي عنهم. بسم الله الرحمن الرحيم 1032 / 1 – أخبرنا جماعة منهم الحسين بن عبيد الله، وأحمد بن محمد بن عبدون، والحسن بن إسماعيل بن أشناس وأبو طالب بن غرور وأبو الحسن الصقال، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور أبو العباس الدقاق، قال: حدثنا أيوب بن محمد الرقي الوزان، قال: حدثنا سلام ابن رزين الحراني، قال: حدثني إسرائيل بن يونس الكوفي، عن جده أبي إسحاق، عن الحارث الهمداني، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: الأنبياء قادة، والفقهاء سادة، ومجالستهم زيادة، وأنتم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتيكم بغتة، فمن يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة. 1033 / 2 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عثمان بن نصر النريزي ببرديج الحافظ، قال: حدثنا يحيى بن عمر بن فضلان التنوخي، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن حميد الخفتاني، قال: حدثنا محمد بن جعفر بالمدينة،


[ 474 ]

عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما عبد الله (عز وجل) بشئ أفضل من فقه في دين – أو قال. في دينه – قال الخفتاني: فذكرته لمالك بن أنس فقيه أهل دار الهجرة فعرفه وأثبته لي عن جعفر بن محمد (عليهما السلام). 1034 / 3 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول النحوي بالأنبار، قال: حدثني جدي إسحاق بن البهلول التنوخي، قال: حدثني أبي البهلول بن حسان، قال: حدثني طلحة بن زيد الرقي، عن الوضين بن عطاء، عن عمير بن هانئ العبسي، عن جنادة بن أبي امية، عن عبادة بن الصامت، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغتر فيها بيد ولا لسان، فقال علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه): يا رسول الله، وفيهم يومئذ مؤمنون ؟ قال: نعم. قال فينقص ذلك من إيمانهم شيئا ؟ قال: لا، إلاكما ينقص القطر من الصفا، إنهم يكرهونه بقلوبهم. 1035 / 4 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان بن زياد الكوفي ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن سالم الفراء، عن حماد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، عن علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: لما أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا (1) من مسك، ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: مالكم ربما بنيتم وربما أمسكتم ؟ قالوا: حتى تأتينا النفقة. قلت. وما نفقتكم ؟ قالوا: قول المؤمن (سبحان، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فإذا قالهن بنينا، وإذا سكت وأمسك أمسكنا. 1036 / 5 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثني أيوب بن محمد بن فروخ الوزان


(1) أي بيضا.

[ 475 ]

بالرقة، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن السخاء شجرة من أشجار الجنة، لها أغصان متدلية في الدنيا، فمن كان سخيا تعلق بغصن من أغصانها، فساقه ذلك الغصن إلى الجنة ؟ والبخل شجرة من أشجار النار لها أغصان متدلية في الدنيا، فمن كان بخيلا تعلق بغصن من أغصانها، فساقه ذلك الغصن إلى النار. 1037 / 6 – قال أبو المفضل: قال لنا أبو عبد الله الحسني: وحدثني شيخ من أهلنا، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، بحديثه هذا، حديث السخاء والبخل، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس السخي المبذر الذي ينفق ماله في غير حقه، ولكنه الذي يؤدي إلى الله (عز وجل) ما افترض عليه في ماله من الزكاة وغيرها، والبخيل الذي لا يؤدي حق الله (عز وجل) عليه في ماله. 1038 / 7 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمود ابن بنت الأشج الكندي باسران، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن أبو جعفر الذهلي، قال: حدثنا عمار بن الصباح، قال: حدثني عبد الغفور أبو الصباح الواسطي، عن عبد العزيز بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، عن جده – وكانت له صحبة – عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله)، قالت: حب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع بأزواجه، فكان يأوي في كل يوم وليلة إلى امرأة منهن وهو حرام (1) يبتغي بذلك العدل بينهن. قالت: فلما أن كانت ليلة عائشة ويومها خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يناجيه وهما يسيران، فأطال مناجاته، فشق ذلك على عائشة، فقالت: إني أريد أن أذهب إلى علي فأناله – أو قالت: أتناوله – بلساني، في حبسه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عني، فنهيتها، فنصت (2) ناقتها في السير، ثم إنها رجعت إلي


(1) أي محرم. (2) نص ناقته: استحثها واستقصى آخر ما عندها من السير.

[ 476 ]

وهي تبكي، فقلت: مالك ؟ قالت: إني أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت: يابن أبي طالب، ما تزال تحبس عني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تحولي بيني وبين علي، إنه لا يحاقه في أحد، وإنه لا يبغضه – والذي نفسي بيده – مؤمن ولا يحبه كافر، ألا إن الحق بعدي مع علي، يميل معه حيثما مال، لا يفترقان جميعا حتى يردا علي الحوض. قالت أم سلمة: فقلت لها قد نهيتك فأبيت إلا ما صنعت. 1039 / 8 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الجعفي الدهان بالكوفة، قال: حدثني عباد بن سعيد الجعفي وهو جده لأمه، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي البهلول، قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود، عن أبي الجارود، عن حكيم بن جبير، عن سالم الجعفي، قال: قال علي (صلوات الله عليه) وهو في الرحبة جالس: انتدبوا ؟ وهو على المسير من السواد، فانتدبوا نحو من مائة، فقال: ورب السماء ورب الأرض، لقد حدثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الامة ستغدر بي من بعده عهدا معهودا وقضاء مقضيا، وقد خاب من افترى. 1040 / 9 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا مسدد بن يعقوب بن إسحاق بن زياد القلوسي البصري قاضي تنيس، قال: حدثنا إسحاق بن سيار النصيبي، قال: حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا فطر بن خليفة، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت ثعلبة بن مرثد الحماني، قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه)، قال: والله إنه لعهد عهده إلي النبي الامي أن الامة ستغدر بك بعدي. 1041 / 10 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر ليث بن محمد بن نصر بن الليث البلخي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي، سنة إحدى وستين ومائتين، قال: حدثني خالي عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: حج عمر بن الخطاب في إمرته، فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الأسود، ومر فاستلمه وقبله، وقال: أقبلك وإني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بك حفيا ولولا أني رأيته


[ 477 ]

يقبلك ما قبلتك. قال: وكان في الحجيج علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: بلى والله إنه ليضر وينفع. قال: فبم قلت ذلك، يا أبا الحسن ؟ قال: بكتاب الله (تعالى). قال: أشهد أنك لذو علم بكتاب الله (تعالى)، فأين ذلك من الكتاب ؟ قال: قوله (تعالى): (وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) (1) وأخبرك أن الله (تعالى) لما خلق آدم مسح ظهره فاستخرج ذريته من صلبه في هيئة الذر، فألزمهم العقل، وقررهم أنه الرب وأنهم العبيد، فأقروا له بالربوبية، وشهدوا على أنفسهم بالعبودية، والله (عز وجل) يعلم أنهم في ذلك في منازل مختلفة، فكتب أسماء عبيده في رق، وكان لهذا الحجر يومئذ عينان وشفتان ولسان، فقال: افتح فاك، ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، ثم قال له: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، فلما هبط آدم (عليه السلام) هبط والحجر معه، فجعل في موضعه الذي ترى من هذا الركن، وكانت الملائكة تحج هذا البيت من قبل أن يخلق الله (تعالي) آدم (عليه السلام)، ثم حجه آدم، ثم نوح من بعده، ثم هدم البيت ودرست قواعده، فاستودع الحجر من أبي قبيس، فلما أعاد إبراميم وإسماعيل بناء البيت وبناء قواعده، واستخرجا الحجر من أبي قبيس بوحي من الله (عزوجل)، فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن، وهو من حجارة الجنة، وكان لما انزل في مثل لون الدر وبياضه، وصفاء الياقوت وضيائه، فسودته أيدي الكفار ومن كان يلمسه من أهل الشرك بعتائر هم (2). قال: فقال عمر: لا عشت في امة لست فيها يا أبا الحسن. 1042 / 11 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر العلوي الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثني محمد بن علي بن


(1) سورة الاعراف 7: 172. (2) الغتائر، جمع عتيرة: وهي شاة يذبحها أهل الجاهلية في رجب تقربون بها، وهي أيضا الذبيحة التي كانت تذبح للاصنام، فيصب دمها على رأسها.

[ 478 ]

الحسين بن زيد بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): عليكم بمكارم الاخلاق، فإن الله (عز وجل) بعثني بها، وإن من مكارم الاخلاق أن يعفو الرجل عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وأن يعود من لا يعوده. 1043 / 12 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق ابن البهلول القاضي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبي البهلول بن حسان، عن أبي شيبة، عن أبي إسحاق، عن الحارث الهمداني، عن علي (علي السلام)، عن النبي (صلي الله عليه وآله)، قال: إن للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستا: يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويسمته (1) إذا عطس، ويشهده إذا مات، ويجيبه إذ دعاه، ويحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه (2). 1044 / 13 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الفضل الدبيلي بمكة، قال: حدثنا عبد الحميد بن صبيح أبو يحيى العبدي بعدن، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أبي هارون العبدي، قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري قال: مرحبا بوصية رسول الله (صلي الله عليه وآله)، سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: سيأتيكم قوم من أقطار الارض يتفقهون، فإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيرا. قال: ويقول: أنتم ومية رسول الله (صلي الله عليه وآله). 1045 / 14 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفمل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي، قال: حدثنا جدي لامي محمد بن عيسى القيسي، قال: حدثنا إسحاق ابن يزيد الطائي، قال: حدثنا هاشم بن البريد، عن أبي سعيد التيمي، قال: سمعت أبا ثابت مولى أبي ذر (رحمه الله) يقول: سمعت أم سلمة (رضي الله عنها) تقول: سمعت رسول


(1) في نسخة: يشمته، وكلاهما بمعنى، يقال: سمعت العاطس أو شمته، إذا دعا له بقوله: يرحمك الله أو نحوه. (2) يأتي في الحديث: 1310.

[ 479 ]

الله (صلي الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلات الحجرة من أصحابه: أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله (عزوحل) وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي (عليه السلام) فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، خليفتان بصيران لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، فأسألهما ماذا خلفت فيهما. 1046 / 15 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن موسى بن سعدان المعدل بالانبار، قال: حدثنا أحمد بن ميثم بن أبي نعيم الطلحي، قال: حدثني جدي أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثني موسى بن قيس الحضرمي، قال: حدثني سلمة بن كهيل، عن عياض بن عياض، وكان من خيار أهل القبلة، عن مالك بن جعونة، عن أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول وهو آخذ بكف علي (عليه السلام): الحق بعدي مع علي، يدور معه حيث دار. 1047 / 10 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن علي بن شاذان بن حباب الازدي الخلال بالكوفة، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عبد الواحد المزني، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، عن يحيى بن يعلى، عن عمر بن موسى – يعني الوجيهي -، عن زيد بن علي، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلي الله عليه وآله)، أ نه قال: ألا إنك المبتلى والمبتلى بك، أما إنك الهادي لمن اتبعك، ومن خالف طريقتك ضل إلى يوم القيامة (1). 1048 / 17 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد ابن هوذة بن أبي هراسة الباهلي بالنهروان من كتابه، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي 0 بشر الاحمري بنهاوند، قال: أخبرنا عبد الله بن حماد الانصاري، عن عبد العزيز بن محمد بن الدراوردي، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) وأنا عنده، فقال له جعفر (عليه السلام): يا سفيان، إنك رجل مطلوب،


(1) يأتي في الحديث: 1094.

[ 480 ]

وأنا رجل تسرع إلي الالسن، فسل عما بدا لك. فقال: ما أتيتك يابن رسول الله إلا لاستفيد منك خيرا. قال: يا سفيان، إني رأيت المعروف لا يتم إلا بثلاث: تعجيله، وستره، وتصغيره، فإنك إذا سترته أتممته، وإذا صغرته عظم عند من تسد يه إليه. يا سفبان، إذا أنعم الله على أحد بنعمة فليحمد الله (عزوجل)، وإذا استبطأ الرزق فليستغفر الله، وإذا احزنه أمر قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. يا سفيان، ثلاث أيما ثلاث ! نعمت الهدية، نعمت العطية الكلمة الصالحة بسمعها المؤمن فينطوي عليها حتي يهديها إلى أخيه المؤمن. وقال (عليه السلام): المعروف كاسمه، وليس شئ أعظم من المعروف إلا ثوابه، وليس كل من يحب أن يمنع المعروف يصنعه، ولا كل من يرغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه. 1049 / 18 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي بسر من رأى، قال: حدثني أبي عبد الصمد بن موسى، قال: حدثني عمي عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه محمد بن إبراهيم، قال: بعث أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) وأمر بفرش فطرحت إلى جانبه فأجلسه عليها، ثم قال: علي بمحمد، علي بالمهدي، يقول ذلك مرارا، فقيل له: الساعة يأتي يا أمير المؤمنين، ما يحبسه إلا أنه يتبخر. فما لبث أن وافى وقد سبقته رائحته، فأقبل المنصور على جعفر (عليه السلام)، فقال: يا أبا عبد الله، حديث حدثنيه في صلة الرحم اذكره يسمعه المهدي، قال: نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله). إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين، فيصير ها الله (عزوجل) ثلاثين سنة، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيرها ثلاث سنين، ثم تلا (عليه السلام):


[ 481 ]

(يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (1) الآية. قال: هذا حسن – يا أبا عبد الله – وليس إياه أردت. قال أبو عبد الله: نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلة الرحم تعمر الديار، وتزيد في الاعمار، وإن كان أهلها غير أخيار. قال: هذا حسن – يا أبا عبد الله – وليس هذا أردت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عسيه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): صلة الرحم تهون الحساب، وتقي ميتة السوء. قال المنصور: نعم، إياه أردت. 1050 / 19 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض العجلي الساوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، عن محمد ابن علي أبي جعفر، عن أبيه، عن جده، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إنا امرنا معاشر الانبياء أن نكلم الناس بقدر عقولهم. قال: وقال النبي (صلي الله عليه وآله): أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني باقامة الفرائض. 1051 / 20 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد ابن هوذة بن أبي هراسة الباهلي من كتابه بالنهروان، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي بشر الاحمري بنهاوند، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري أبو محمد، عن أبي بصير يحيى بن القاسم الاسدي الضرير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله عليه)، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: من قضى لاخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهره، ومن دعا لمؤمن بظهر الغيب قال الملك: ولك مثل ذلك، وما من عبد مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات بظهر الغيب إلا رد الله (عزوجل) مثل الذي دعا لهم من مؤمن أو مؤمنة مضى


(1) سورة الرعد 13: 26.

[ 482 ]

من أول الدهر أو هو الله إلى يوم القيامة. قال: وإن العبد المؤمن ليؤمر به إلى النار يكون من أهل الذنوب والخطايا فيسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات: إلهنا، عبدك هذا كان يدعو لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله (عزوجل) فيه، فينجو من النار برحمة من الله (عزوجل). 1052 / 21 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد بن محمد ابن مغفل العجلي بسهر ورد، قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن بنت إلياس، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إنا كم ومشارة الناس، فإنها تظهر العرة وتدفن الغرة (1). 1053 / 22 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثني عيسى بن مهران، قال: أخبرنا مخول بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الاسود، عن علي بن الحزور، عن أبي عمر البزاز، عن رافع مولى أبي ذز، قال: صعد أبو ذر (رضي الله عنه) على درجة الكعبة حتي أخذ بحلقة الباب، ثم أسند ظهره إليه، فقال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تركها هلك، وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين. 9054 / 23 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي بالكوفة سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة، قال: حدثني جدي أبو امي محمد بن عيسى أبو جعفر القيسي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي، قال:


(1) المشارة: المخاصمة، والعرة: القذر وعذرة الناس، فاستعير للمساوي والمثالب، والغرة: الحسن والعمل الصالح، شبهه بغرة الفرس، وكل شئ ترفع قيمته فهو غرة.

[ 483 ]

حدثني عبد المؤمن بن القاسم الانصاري، عن عمران بن ظبيان، عن عباد بن عبد الله الاسدي، عن زيد بن صوحان: أ نه حدثهم عن البصرة، عن حذيفة بن اليمان: أنه، أنذرهم فتنا مشبهة، يرتكس فيها أقوام على وجوههم، قال: ارقبوها، قال: فقلنا كيف النجاة، يا أبا عبد الله ؟ قال: انظروا الفئة التي فيها علي (عليه السلام) فأتوها ولو زحفا على ركبكم، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله إلى يوم القيامة. 1055 / 24 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن الحسن ابن هارون بن سليمان الصباحي، وعلي بن أحمد بن مروان بن نقيش المقرئ بسرمن رأى، وأبو ذر أحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قالوا: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحنفي المؤدب، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرنا سفيان ابن سعيد الثوري، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن بهمان، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقول: هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. ثم رفع بها صوته: أنا مدينة الحكمة، وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب. 1056 / 25 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن رياح الاشجعي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، يعني الخطمي، عن صلة بن زفر: أنه أدخل رأسه تحت الثوب بعدما سجبى على حذيفة قال: فقال له: إن هذه الفتنة قد وقعت، فما تأمرني ؟ قال: إذا أنت فرغت من دفني فشد على راحلتك والحق بعلي (عليه السلام)، فإنه على الحق، والحق لا يفارقه. 1057 / 26 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني مسعر بن علي بن زياد المقرئ في مسجل ببرذعة، قال: حدثنا جرير بن أحمد أبو مالك الايادي القاضي، قال: سمعت العباس بن المأمون، قال: سمعت أمير المؤمنين المأمون يقول: قال لي علي بن موسى الرضا (عليه السلام): ثلاثة موكل بها ثلاثة: تحامل الايام على ذوي الآداب


[ 484 ]

الكاملة، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته، ومعاداة العوام على أهل المعرفة. 1058 / 27 أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي أبو العباس بالكوفة، قال: حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أوحى الله (عزوجل) إلى نجيه موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى أحببني وحببني إلى خلقي. قال: يا رب إفي أحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: اذكر لهم نعمائي عليهم، وبلائي عندهم، فإنهم لا يذكرون إذ لا يعرفون مني إلا كل خير. 1059 / 28 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد ابن سليمان الباغندي، قال: حدثني عبد السلام بن عبد الحميد إمام حران، قال: حدثنا موسى بن أعين، قال أبو المفضل: وحدثني نصر بن الجهم أبو القاسم المفيد بأردبيل، قال: حدثنا محمد بن مسلم بن زرارة، قال: حدثنا محمد بن موسى بن أعين، قال: حدثني أبي، عن عطاء بن السائب، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، عن النبي (صلي الله عليه وآله)، قال: أعطيت خمسا لم يعطهن نبي كان قبلي: ارسلت إلى الابيض والاسود والاحمر، وجعلت لي الارض طهورا ومسجد ا، ونصرت بالرعب، واحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد – أو قال: لنبي – قبلي، وأعطيت جوامع الكلم. قال عطاء: فسألت أبا جعفر، قلت: وما جوامع الكلم ؟ قال: القرآن. قال أبو المفضل: هذا حديث حران، ولم يحدث به من هذا الطريق إلا موسى ابن أعين الحراني. 1060 / 29 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن الحفص الخثعمي أبو جعفر، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري، قال: أخبرنا عمر بن شاكر حن أهل المصيصة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول


[ 485 ]

الله (صلي الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر. 1061 / 30 – وبالاسناد، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه له أجر خمسين منكم. قالوا: يا رسول الله، أجر خمسين منا ؟ قال: نعم، أجر خمسين منكم، قالها ثلاثا. 1062 / 31 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا نصر بن القاسم بن نصر أبو الليث الفرائضي، وعمرو بن أبي حسان الزيادي، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا ديلم بن غزوان العبدي، وعلي بن أبي سارة الشيباني، قالا: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث رجلا إلى فرعون من فراعنة العرب يدعوه إلى الله (عزوجل)، فقال لرسول النبي (صلى الله عليه وآله): أخبرني عن هذا الذي تدعوني إليه، أمن فضة هو، أم من ذهب، أم من حديد ؟ فرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره بقوله، فقال النبي (صلي الله عليه وآله): ارجع إليه فادعه. قال: يا نبي الله، إنه أعتى من ذلك. فال: ارجع إليه، فرجع إليه فقال كقوله، فبينما هو يكلمه إذ رعدت سحابة رعدة، فألقت على رأسه صاعقة ذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله (عزوجل): (يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) (1). 1063 / 32 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدثني جدي محمد بن عيسى القيسي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي، قال: حدثنا سعد بن طريف الحنظلي، عن عطية بن سعد العوفي، عن محدوج بن زيد الذهلي، وكان في وفد قومه إلى النبي (صلي الله عليه وآله)، تلا هذه الآية) لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) (2) قال: فقلت: يا رسول الله، من أصحاب الجنة ؟ قال: من أطاعني وسلم لهذا من بعدي.


(1) سورة الرعد 13: 13. (2) سورة الحشر 59: 20.

[ 486 ]

قال: وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكف علي (علي السلام) وهو يومئذ إلى جنبه فرفعها، وقال: ألا إن عليا مني وأنا منه، فمن حاده فقد حادني، ومن حادني فقد أسخط الله (عزوجل). ثم قال: يا علي، حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت العلم بيني وبين أمتي. قال عطية: فدخلت على زيد بن أرقم في منزله، فذكرت له حديث محدوج ابن زيد، فقال: ما ظننت أنه بقي ممن سمع رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول هذا غيري، أشهد لقد حدثنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثم قال: لقد حاده رجال سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله هذا وقد ردوا. 1064 / 33 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدب، قال: حدثنا محمد بن الحارث القرشي، قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عطاء بن أبي رياح، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) حين خلفه: أما ترضى أن يكون عدوك عدوي وإن عدوي عدو الله، ووليك وليي ووليي ولي الله. 1065 / 34 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم بن نصر أبو نصر الصيداوي، قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن الصباح بن يحيى، عن يعقوب ابن زياد العبسي، عن علي بن علقمة الانماري، قال: لما قدم الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) وعمار بن ياسر (رضي الله عنه) يستنفران الناس، خرج حذيفة (رحمه الله) وهو مريض مرضه الذي قبض فيه، فخرج يهادى بين رجلن، فحرض الناس وحثهم على اتباع علي (عليه السلام) وطاعته ونصرته، ثم قال: ألا من أراد – والذي لا إله غيره – أن ينظر إلى أمير المؤمنين حقا حقا، فلينظر إلى علي بن أبي طالب، فوازروه واتبعوه وانصروه. قال يعقوب: أنا والله سمعته من علي بن علقمة، ومن عمومتي يذكرونه عن حذيفة.


[ 487 ]

1066 / 35 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا يحيى بن يعلى، قال: حدثنا العلاء بن صالح الاسدي، عن عدي بن ثابت، عن أبي راشد، قال. لما أتى حذيفة بيعة علي (عليه السلام) ضرب بيده واحدة على الاخرى وبايع له، وقال: هذه بيعة أمير المؤمنين حقا، فوالله لا يبايع بعده لواحد من قريش إلا أصغر أو أبتر يولي الحق استه (1). 1067 / 36 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، قال: حدثني محمد ابن المثنى الحضرمي، عن زرعة، يعني ابن محمد الحضرمي، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) رفعه، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن الله (عزوجل) نصب علنا علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن جاء بعداوته دخل النار. 1068 / 37 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن ملاس النميري المعدل بدمشق، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن علية القاضي، قال: وحدثني أبو عيسى جبير بن محمد الدقاق، قال: حدثنا عمار بن خالد الواسطي التمار، قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الازرق، قال: حدثنا الاعمش، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): الخوارج كلاب أهل النار. 1069 / 38 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر بن الحسن الحسني (رضي الله عنه) في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثتي الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن


(1) الاست: العجز.

[ 488 ]

أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم في مظانه، واقتبسوه من أهله، فإن تعلمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة إلى الله (تعالي)، لانه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل في السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء. يرفع إليه أقواما فيجعلهم في الخير قادة، تقتبس آثارهم، ويهتدى بفعالهم، وينتهى إلي آرائهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسهم، وفي صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه. إن العلم حياة القلوب من الجهل، وضياء الابصار من الظلمة، وقوة الابدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الاخيار، ومجالس الابرار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل الارحام، ويعرف الحلال من الحرام، العلم إمام العمل والعمل تابعه، يلهم به السعداء ويحرمه الاشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله منه حظه (1). 1070 / 39 – قال أبو المفضل: وحدثناه جعفر بن عيسى بن مدرك التمار بحلوان، قال: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة الرازي، قال: حدثنا هشام بن عبيدالله السني، عن كنانة بن جبلة، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال: تعلموا العلم، فإن تعلمه لله حسنة، وذكر نحوه. 1071 / 40 – قال: وحدثناه محمد بن علي بن شاذان الازدي بالكوفة، قال: حدثني أبو أنس كثير بن محمد الحرامي، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، قال:


(1) يأتي صدره في الحديث: 1176.

[ 489 ]

حدثني يحيى بن يعلى، عن أسباط بن نصر، عن شيخ من أهل البصرة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، وذكر نحو حديث الرضا (عليه السلام). 9072 / 41 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا علي بن محمد بن الحسن بن كاس القاضي النخعي بالرملة، قال: حدثني جدي سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري، قال: حدثنا إبراهيم بن الزبرقان، عن أبي خالد عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله (تعالي): (ولقذ كرمنا بنى آدم) يقول: فضلنا بني آدم على سائر الخلق (وحملناهم في البر زالبحر) يقول: على الرطب واليابس (ورزقناهم من الطيبات) يقول: من طيبات الثمار كلها (وفضلناهم) (1) يقول: ليس من دابة ولا طائر إلا هي تأكل وتشرب بفيها، لا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم فإنه يرفع إلى فيه بيده طعامه، فهذا من التفضيل. 1074 / 42 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا حجاج ابن تميم، قال: حدثنا ميمون بن مهران، عن ابن عباس (رحمه الله)، في قوله (عز وجل): (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تقضيلا) (2) قال: ليس من دابة إلا وهي تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بيده. 1074 / 43 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن الحسن ابن هارون بن سليمان الصباحي، قال: حدثنا يحيى بن السري الضرير، قال: حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، قال: دخلت على هارون الرشيد، قيل لا: وكانت


(1) سورة الاسراء 17: 70. (2) سورة الاسراء 17: 70.

[ 490 ]

بين يديه المائدة، فسألني عن تفسير هذه الآية (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات) الآية. فقلت: يا أمير المؤمنين، قد تأولها جدك عبد الله بن عباس: أخبرني الحجاج بن إبراهيم الجزري، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في هذه الآية (ولقد كرمنا بنى آدم) الآية، قال: كل دابة تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بالاصابع. قال أبو معاوية: فبلغني أنه رمى بملعقة كانت بيده من فضة وتناول من الطعام باصابعه. 1075 / 44 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن آدم بن أبي اسامة اللخمي قاضي فيوم بمصر، قال: حدثنا الفضل بن يوسف القصبافي الجعفي، قال: حدثنا الفضل بن محمد بن عكاشة الغنوي، قال: حدثني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي، عن جويبر بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي (عليه السلام)، والضحاك، عن عبد الله بن العباس، قالا في قول الله (عز وجل): (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) (1) قال: أما الظاهرة فالاسلام، وما أفضل عليكم في الرزق، وأما الباطنة فما ستره عليك من مساوئ عملك. 1076 / 45 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن إسماعيل ابن يونس بن السكن بن صعير القنطري الصفار، قال: حدثنا إبراهيم بن جابر الكاتب المروزي ببغداد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن هارون الغساني، قال: أخبرنا همام بن حسان، عن همام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): من لم يعلم فضل الله (عزوجل) عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قصر علمه، ودنا عذابه. 1077 / 46 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله ابن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد، قال: سمعت جدي إبراهبم ابن علي يحدت عن أبيه علي بن عبيد الله، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا سيدان:


(1) سورة لقمان 31: 20.

[ 491 ]

موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي أبي جعفر، عن أبيه، وحدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة، قال: حدثني عمي عمربن علي، قال: حدثني أخي محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام)، قال أبو جعفر (عليه السلام): وحدثني عبد الله بن العباس، وجابر بن عبد الله الانصاري، وكان بدريا احديا شجريا، وممن محض من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) في مودة أمير المؤمنين (عليه السلام)، قالوا: بينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) في مسجده في رهط من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن ورجلان من قراء الصحابة من المهاجرين، هما عبد الله بن ام عبد، ومن الانصار أبي بن كعب وكانا بدريين، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان، حتى أتى على هذه الآية (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة) (1) الآية، وقرأ أبي من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه السلام) (وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لأيات لكل صبار شكور) (2) قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيام الله نعماؤه، وبلاؤه مثلاته سبحانه. ثم أقبل (صلى الله عليه وآله) على من شهده من أصحابه، فقال: إني لأتخو لكم بالموعظة تخولا مخافة السأمة عليكم، وقد أوحى إلي ربي (جل جلاه) أن أذكركم بالنعمة، وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه، وتلا (أسبغ عليكم نعمة) الآية. ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم: ما أول نعمة رغبكم الله فيها وبلاكم بها ؟ فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرية والازواج إلى سائر ما بلاهم الله (عزوجل) به من أنعمه الظاهرة، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، قل فقد قال أصحابك. فقال: فكيف لي بالقول – فداك أبي وامي – وإنما هدانا الله بك. قال: ومع ذلك


(1) سورة لقمان 31: 20. (2) سورة إبراهيم 14: 5.

[ 492 ]

فهات، قل ما أول نعمة بلاك الله (عز وجل) وأنعم عليك بها ؟ قال: أن خلقني جل ثناؤه. ولم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت، فما الثانية ؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا لا ميتا. قال: صدقت، فما الثالثة ؟ قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورث وأعدل تركيب. قال: صدقت، فما الرابعة ؟ قال: أن جعلني متفكرا راغبا لابلهة ساهيا. قال: صدقت، فما الخامسة ؟ قال: أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها، وجعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت، فما السادسة ؟ قال: أن هداني ولم يضلني عن سبيله. قال: صدقت، فما السابعة ؟ قال: أن جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت، فما الثامنة ؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت، فما التاسعة ؟ قال: أن سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقة. قال: صدقت، فما العاشرة ؟ قال: أن جعلنا سبحانه ذكرانا لا إناثا. قال: صدقت، فما بعد هذا ؟ قال: كثرت نعم الله يا نبي الله فطابت، وتلا (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (1) فتبسم رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقال: لتهنك الحكمة، ليهنك العلم يا أبا الحسن، وأنت وارث علمي، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هواك وأبغضك لقي الله يوم القيامة لاخلاق له. 1078 / 47 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، وما كتبته بهذا الاسناد إلا عنه، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا كان يوم القيامة ضرب لي عن يمين العرش قبة من ياقوتة حمراء، وضرب لابراهيم (عليه السلام) من الجانب الآخر قبة من درة بيضاء، وبينهما قبة من زبرجدة خضراء لعلي بن أبي طالب، فما ظنكم بحبيب بين خليلين ؟ 1079 / 48 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن أبي


(1) سورة النعل 16: 18.

[ 493 ]

ياسين التمار بالرحبة، قال: حدثنا أبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن بن كامل الاسدي القرقساني، قال: حدثنا علي بن جعفر الاحمر، قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، قال: حدثني عمار بن رزيق الضبي، عن أبي إسحاق، عن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، فليتول عليا بعدي، فإنه لن يخرجكم من فدى، ولن يدخلكم في ردى. 1080 / 49 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين ابن محمد بن أبي معشر الحراني إجازة، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري الكوفي، قال: حد ثنا عاصم بن حميد الحناط، عن فضيل الرسان، عن نفيع أبي داود السبيعي، قال: حدثني أبو عبد الله الجدلي، قال: قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام): ألا أحدثك – يا أبا عبد الله – بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، والسيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار ؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين. قال: الحسنة حبنا، والسيئة بغضنا. 1081 / 50 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن المقسمي الطرسوسي، قال: حدثنا بشير ابن زاذان، عن عمر بن صبح، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أ نه قال: إنما الدنيا عناء وفناء، وعبر وغير، فمن فنائها أن الدهرموتر قوسه، مفوق نبله، يصيب الحي بالموت، والصحيح بالسقم، ومن عنائها أن المرأ يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ومن عبرها أنك ترى المغبوط مرحوما ليس بينهما إلا نعيم زال أو بؤس نزل، ومن غيرها أن المرء يشرف عليه أمله فيختطفه دونه أجله (1). قال: وقال (عليه السلام): أربع للمرء لا عليه: الايمان، والشكر ؟ فإن الله (تعالي) يقول:


(1) تقدم في الحديث: 992.

[ 494 ]

(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) (1)، والاستغفار، فإنه قال: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (2) والدعاء، فانه قال: (قل ما يعبؤا بكم ربى لولا دعاؤكم) (3). 1082 / 51 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله ابن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قلت أربعا أنزل الله (تعالي) تصديقي بها في كتابه، قلت: المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر، فأنزل الله (تعالي) (ولتعرفنهم في لحن القول) (4)، قلت: من جهل شيئا عاداه، فأنزل الله (تعالي) (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويلة) (5)، قلت: قدر – أو قال: قيمة – كل امرء ما يحسن، فأنزل الله في قصة طالوت (إن الله اصطفاه: عليكم وزادة بسطة في العلم وأنجسم) (6)، قلت: القتل يقل القتل، فأنزل الله (ولكم في القصاص حياة يأولى الالباب) (7). 1083 / 52 – قال: حدثنا محمد بن العباس أبو عبد الله بن اليزيدي النحوي حفظا، قال: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس الانصاري، قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: أحث كلمة على طلب علم قول علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قدر كل امرئ ما يحسن.


(1) سورة النساء 4: 147. (2) سورة الانفال 8: 33. (3) سورة الفرقان 25: 77. (4) سورة محمد 47: 30. (5) سورة يونس 10: 39. (6) سورة البقرة 2: 247. (7) سورة البقرة 2: 179.

[ 495 ]

1084 / 53 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي ابن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني الحسين ابن زيد بن علي، عن عمه عمربن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن محمد ابن علي بن الحنفية الاكبر، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله) إذا نظر إلى الهلال رفع يديه ثم قال: ” بسم الله، اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، رري وربك الله “. 1085 / 54 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن هوذة بن أبي هراسة أبو سليمان الباهلي من كتابه بالنهروان، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي بشر النهاوندي الاحمري بنهاوند، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري، عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم، عن محمد بن علي أبي جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رأي الهلال استقبل القبلة وكبر ثم قال: ” هلال رشد، اللهم أهله علينا بيمن وإيمان، وسلامة واسلام، وهدى ومغفرة، وعافية مجللة، ورزق واسع، إنك على كل شئ قدير “. قال أبو مريم: فقلت هذا الكلام، فرأيت خيرا. 1086 / 55 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر العلوي العريضي بحران، قال: حدثنا جدي الحسين بن إسحاق بن جعفر، عن أبيه إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، قال: بينا أنا مع أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) في طريق أو مسير إذ نظر إلى هلال شهر رمضان، فوقف ثم قال: ” أيها الخلق المطيع، الدائب السريع، المتردد في منازل التقدير، المتصرف في فلك التدبير، آمنت بمن نور بك الظلم، وأوضح بك البهم، وجعلك آية في آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، وامتهنك بالزيادة والنقصان، والطلوع والافول، والانارة والكسوف، وفي كل ذلك أنت له مطيع، وإلى إرادته سريم.


[ 496 ]

سبحانه ما أعجب ما دبر في أمرك، وألطف ما صنع في شأنك، جعلك مفتاح شهر لحادث أمر، جعلك الله هلال بركة لا تمحقها الايام، وطهارة لا تدنسها الآثام، هلال أمن من الآفات، وسلامة من السيئات، هلال سعد لا نحس فيه، ويمن لا نكد فيه، ويسر لا يمازجه عسر، وخير لا يشوبه شر، هلال أمن وإيمان ونعمة وإحسان. اللهم اجعلنا من أرضي من طلع عليه، وأزكى من نظر إليه، وأسعد من تعبد لك فيه، ووفقنا اللهم فيه للطاعة والتوبة، واعصمنا فيه من الآثام والحوبة، وأوزعنا شكر النعمة، واجعل لنا فيه عونا منك على ما ندبتنا إليه من مفترض طاعتك ونفلها، إنك الأكرم من كل كريم، والارحم من كل رحيم، آمين رب العالمين “. 1087 / 56 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني علي بن أحمد بن شبابة الفارسي الماوردي بعدن، قال: حدثنا عمرو بن عبد الجبار بن عمرو اليمامي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام)، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أعطيت امتي في شهر رمضان خمسا لم تعطها أمة نبي قبلي: إذا كان أول يوم منه نظر الله (عزوجل) إليهم، فإذا نظر الله (عز وجل) إلى شئ لم يعذبه بعدها، وخلوف (1) أفواههم حين يمسون أطيب عند الله (عزوجل) من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة في كل يوم وليلة منه، ويأمر الله (عزوجل) جنته فيقول: تزيني لعبادي المؤمنين، يوشك أن يستريحوا من نصب الدنيا وأذاها إلى جنتي وكرامتي، فإذا كان آخر ليلة منه غفر الله (عزوجل) لهم جميعا. 1088 / 57 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق بن محمد ابن هارون، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو حفص الاعشى، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة يوم القيامة، وخلوف فم


(1) أخلف فم الصائم: تغيرت رائحته.

[ 497 ]

الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. 1089 / 58 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ابن عبد الله بن وهب بن عبد العزيز أبو علي الآمدي، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمرة، عن رفاعة – يعني ابن موسى – عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسو الله (صلي الله عليه وآله): تعاونوا بأكلة السحر على صيام النهار، وبالقائلة على قيام الليل. 1090 / 59 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضلى، قال: حدثنا الحسن بن علي بن سهل أبو محمد العاقولي، قال: حدثنا محمد بن معاذ بن ثابت المدائني، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن جدي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن الله وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالاسحار، فتسحروا ولو بجرع الماء. 1091 / 60 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي، قال: حدثنا أحمد بن هلال، قال: أخبرنا محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: إن لله (عزوجل) في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء من النار إلا من أفطر على منكر، فإذا كان آخر ليلة أعتق فيها بمثل ما أعتق في جميعه. 1092 / 61 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن محمد ابن إشكاب، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن حفص المدائني، قال: حدثني أيوب بن سيار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: أقبل العباس (عليه السلام) ذات يوم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان العباس طوالا حسن الجسم، فلما رآه النبي (صلي الله عليه وآله) تبسم إليه فقال: إنك يا عم لجميل. فقال العباس. ما الجمال بالرجال، يا رسول الله ؟ قال: صواب القول بالحق. قال: فما الكمال ؟ قال: تقوى الله (عز وجل) وحسن الخلق.


[ 498 ]

1093 / 62 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حذثنا محمد بن القاسم ابن زكريا المحاربي، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي، قال: حدثنا عمرو بن معمر، قال: حدثنا علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: بعث النبي (صلي الله عليه وآله) خالد بن الرليد واليا على صدقات بني المصطلق حي من خزاعة، وكان بينه وبينهم في الجاهلية ذحل (1)، فإوقع بهم خالد، فقتل منهم واستاق أموالهم، فبلغ النبي (صلي الله عليه وآله) ما فعل، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، وبعث إليهم علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بمال، وأمره أن يؤدي إليهم ديات من قتل من رجالهم. فانطلق علي (عليه السلام) فأدى إليهم ديات رجالهم، وما ذهب لهم من أموالهم، وبقي معه من المال زعبة (2)، فقال لهم: هل تفقدون شيئا من أموالكم وأمتعتكم ؟ فقالوا: ما نفقد شيئا إلا ميلغة (3) كلابنا، فدفع إليهم ما بقي من المال. فقال: هذا لميلغة كلابكم وما أنسيتم من متاعكم. وأقبل إلى النبي (صلي الله عليه وآله)، فقال: ما صنعت ؟ فأخبره حتى أتي على حد يثهم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أرضيتني رضي الله عنك، يا علي أنت هادي امتي، ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك وأخذ بطريقتك، ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك ورغب عن طريقك إلى يوم القيامة. تم المجلس السابع عشر، ويتلوه المجلس الثامن عشر.


(1) الذحل: الثأر. (2) الزعبة: القطعة من المال. (3) الميلغة: الاناء يلغ في الكلب.

[ 499 ]

(18) المجلس الثامن عشر فيه من أخبار أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب، رواية محمد بن الحسن بن علي الطوسي، عن الجماعة المذكورين، عنه. بسم الله الرحمن الرحيم 1094 / 1 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا محمد بن علي بن شاذان بن حباب الازدي الخلال بالكوفة، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن عمر بن موسى، يعني الوجيهي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلي الله عليه وآله)، أنه قال له: يا علي، أما إنك المبتلى والمبتلى بك، أما إنك الهادي من اتبعك، ومن خالف طريقتك فقد ضل إلى يوم القيامة (1). 1095 / 2 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسين بن زيد بن علي، قال: سألت أبا


(1) تقدم في الحديث: 1047.

[ 500 ]

عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن سن جدنا علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: أخبرني أبي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: كنت أمشي خلف عمي الحسن وأبي الحسين (عليهما السلام) في بعض طرقات المدينة في العام الذي قبض فيه عمي الحسن (عليه السلام)، وأنا يومئذ غلام لم اراهق أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد الله وأنس بن مالك الانصاريان في جماعة من قريش والانصار، فما تمالك جابر بن عبد الله حتى أكب على أيديهما وأرجلهما يقبلهما، فقال رجل من قريش كان نسيبا لمروان: أتصنع هذا يا أبا عبد الله، وأنت في سنك هذا، وموضعك من صحبة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ؟ ! وكان جابر قد شهد بدرا، فقال له: إليك عني، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب. ثم أقبل جابر على أنس بن مالك، فقال: يا أبا حمزة، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهما بأمر ما ظننته أنه يكون في بشر. قال له أنس: وبماذا أخبرك، يا أبا عبد الله ؟ قال علي بن الحسين: فانطلق الحسن والحسين (عليهما السلام)، ووقفت أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدث، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم في المسجد وقد خف من حوله، إذ قال لي: يا جابر، ادع لي حسنا وحسينا، وكان (صلى الله عليه وآله) شديد الكلف بهما، فانطلقت فدعوتهما، وأقبلت أحمل هذا مرة وهذا اخرى حتى جئته بهما، فقال لي وأنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من محبتي لهما وتكريمي إياهما: آتحبهما يا جابر ؟ فقلت: وما يمنعني من ذلك فداك أبي وامي، وأنا أعرف مكانهما منك ! قال: أفلا أخبرك عن فضلهما ؟ قلت: بلى بأبي أنت وامي. قال: إن الله (تعالي) لما أحب أن يخلقني، خلقني نطفة بيضاء طيبة، فأودعها صلب أبي آدم (عليه السلام)، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، ثم كذلك إلى عبد المطلب، فلم يصبني من دنس الجاهلية، ثم افترقت تلك النطفة شطرين: إلى عبد الله وأبي طالب، فولدني أبي فختم الله بي النبوة، وولد علي فختمت به الوصية، ثم اجتمعت النطفتان مني ومن علي فولدنا الجهر


[ 501 ]

والجهير الحسنين، فختم الله بهما أسباط النبوة، وجعل ذريتي منهما، والذي يفتح مدينة – أو قال: مدائن – الكفر، فمن ذرية هذا – وأشار إلى الحسين (عليه السلام) – رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهما طاهران مطهران، وهما سيدا شباب أهل الجنة، طوبى لمن أحبهما وأباهما وأفهما، وويل لمن حاربهم وأبغضهم. 1096 / 3 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو بشر حيان بن بشر الاسدي القاضي بالمصيصة، قال: حدثني خالي أبو عكرمة عامر بن عمران الضبي الكوفي، قال: حدثنا محمد بن المففل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك بن أعين الجهني، قال: أوصى علي بن الحسين (عليهما السلام) بعض ولده فقال: يا بني اشكر الله فيما أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا زوال للنعمة إذا شكرت عليها، ولا بقاء لها إذا كفرتها، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر بها، وتلا – يعني علي بن الحسين (عليهما السلام) – قول الله (تعالي): (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيد نكم) (1) إلى آخر الآية. 1097 / 4 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبوشبة سنة ست عشرة وثلاث مائة، وفيها مات (رحمه الله)، قال: حدثنا إبراهيم بن سليمان النهمي، قال: حدثنا أبو حفص الاعشى، عن زياد بن المنذر، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: قال علي (عليه السلام): حق على من أنعم عليه أن يحسن مكافأة المنعم، فإن قصر عن ذلك وسعه فعليه أن يحسن الثناء، فإن كل عن ذلك لسانه فعليه بمعرفة النعمة ومحبة المنعم بها، فإن قصر عن ذلك فليس للنعمة بأهل. 1098 / 5 + أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار أبو العباس الثقفي، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا جعفر بن أبي سليمان – يعني الضبعي – قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد


(1) سورة إبراهيم 14: 7.

[ 502 ]

الخدري، قال: أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا بما يلقى بعده، فبكى (عليه السلام)، وقال: يا رسول الله، أسألك بحقي عليك وقرابتي منك، وحق صحبتي اياك، لما دعوت الله (عز وجل) أن يقبضني إليه. فقال (صلى الله عليه وآله): أتسألني أن أدعو ربي لاجل مؤجل ؟ قال: فعلى ما اقاتلهم ؟ قال: على الاحداث في الدين. 1599 / 6 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قراءة، قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، وحدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي بالري، قال: حدثني أبو زرعة عبد الله بن عبد الكريم، قالا: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد، قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن سماك – يعني ابن حرب – عن عكرمة، عن ابن عناس: أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن الله (عزوجل) يقول: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين) (1) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لاخوه وابن عمه، ووارثه، فمن أحق به مني ؟ 1105 / 7 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن حفص الخثعمي، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا حسين ابن الحسن الفزاري، قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) (2) قال النبي (صلي عليه وآله): لاجاهدن العمالقة – يعني الكفار والمنافقين – فأتاه جبرئيل (عليه السلام) وقال: أنت أو علي. 1101 / 8 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن


(1) سورة آل عمران 3: 144. (2) سورة التوبة 9: 73.

[ 503 ]

زكريا المحاربي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني، قال: أخبرنا نوح بن دراج القاضي، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح – يعني الحنفي -، عن جابر بن عبد الله الانصاري (رضي الله عنه)، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الفتح خطيبا، فقال: أيها الناس، إني لاعرف أنكم ترجعون بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ولئن فعلتم ذلك لتعرفني في كتيبة أضربكم بالسيف، ثم التفت عن يمينه، فقال الناس: لقنه جبرئيل (عليه السلام) شيئا. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هذا جبرئيل يقول: أو علي. 1102 / 9 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قراءة، وعلي بن محمد بن الحسن بن كاس النخعي، واللفظ له، قالا: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا الاودي الصوفي، قال: حدثنا حسن بن حسين – يعني العرني -، قال: حدثني يحيى بن يعلى، عن عبد الله بن موسى التيمي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حجة الوداع، وركبتي تمس ركبته، يقول: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، أما إن فعلتم لتعرفني في ناحية الصف. قال: وأشار إليه جبرئيل (عليه السلام)، فالتفت إليه، وقال: قل إن شاء الله، أو علي. قال: إن شاء الله، أو علي. 1153 / 10 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثني أبي، قال: سمعت محمد بن عون بن عبد الله بن الحارث يحدث عن أبيه، عن عبد الله بن العباس في هذه الآية (وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها) (1) قال: أسلمت الملائكة في السماء، والمؤمنون في الارض طوعا، أولهم وسابقهم من هذه الامة علق بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكل امة سابق، وأسلم المنافقون كرها، وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) أول الامة إسلاما، وأولهم من


(1) سورة آل عمران 3: 83.

[ 504 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) للمشركين قتالا، وقاتل من بعده المنافقين ومن أسلم كرها. 1104 / 11 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن موسى ابن خلف الراسبي الفقيه برأس العين، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن فضيل الراسبي، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى العبسي، قال: أخبرنا طلحة بن جبر المكي، عن المطلب بن عبد الله – يعني بن حنطب -، عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: لما افتتح النبي (صلى الله عليه وآله) مكة انصرف إلى الطائف – يعني من حنين – فحاصرهم ثماني عشرة أو تسع عشرة، فلم يفتتحها، ثم أوغل روحة أو غدوة، ثم نزل ثم هجر فقال: أيها الناس، إني لكم فرط وإن موعدكم الحوض، فأوصيكم بعترتي خيرا. ثم قال: والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لابعثن إليكم رجلا مني – أو كنفسي – فليضربن أعناق مقاتليكم، وليسبين ذراريكم، فرأى أناس أ نه – يعني أبا بكر أو عمر – وأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: هو هذا. قال المطلب بن عبد الله: فقلت لمصعب بن عبد الرحمن: فما حمل أباك على ما صنع ؟ قال: أنا والله أعجب من ذلك. 1105 / 12 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن إسحاق ابن فروخ المزني المقرئ الفقيه بربض الرافقة، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة في مسجد عبد الله بن موسى، قال: وحدثني محمد بن أحمد بن عبد الله بن صفوة الضرير بالمصيصة، وكتبته من أصل كتابه، قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، قال: أخبرنا علي بن حسين، عن المظلب ابن عبد الله بن حنطب، عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، وذكر نحوه. 1106 / 13 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا إبراهيم بن حفص ابن عمر العسكري بالمصيصة من أصل كتابه، قال: حدثنا عبيدالله بن الهيثم بن عبيدالله أبو محمد الانماطي بحلب، قال: حدثنا عباد بن صهيب أبو محمد الكليبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: لما أوقع – وربما قال: فرغ – رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هوازن سار حتى نزل بالطائف، فحصر


[ 505 ]

أهل وج أياما، فسأله القوم أن ينتزح عنهم ليقدم عليه وفدهم فيشترط له ويشترطون لانفسهم، فسار (عليه السلام) حتى نزل مكة، فقدم عليه نفر منهم باسلام قومهم، ولم يبخع (1) القوم له بالصلاة ولا الزكاة، فقال (صلى الله عليه وآله): إنه لاخير في دين لا ركوع فيه ولا سجود، أما والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لابعثن إليهم رجلا هو مني كنفسي، فليضربن أعناق مقاتليهم، وليسبين ذراريهم، هو هذا، وأخذ بيد علي (عليه السلام) فأشا لها. فلما صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقروا له بالصلاة، وأقروا له بما شرط عليهم، فقال النبي (صلي الله عليه وآله): ما استعصى علي أهل مملكة ولا أمة إلا رميتهم بسهم الله (عزوجل). قالوا: يا رسول الله، وما سهم الله ؟ قال: علي بن أبي طالب، ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملكا أمامه، وسحابة تظله حتى يعطي الله حبيبي النصر والظفر. 11 07 / 14 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي شبح أبو الحسن الرافقي الصوفي بحران، قال: حدثني أبو المعتمر عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن معاذ العامري بالرقة، قال: حدثني أبي، قال: حدثني جدي عبد الله بن معاذ، عن أبيه وعمه معاذ وعبيدالله ابني عبد الله، عن عمهما يزيد بن الاصم، قال: قدم شقير بن شجرة العامري المدينة، فاستأذن على خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكنت عندها، فقالت: ائذن للرجل، فدخل فقالت: من أين أقبل الرجل ؟ قال: من الكوفة. قالت: فمن أي القبائل أنت ؟ قال: من بني عامر. قالت. حييت ازدد قربا، فما أقدمك ؟ قال: يا ام المؤمنين، رهبت أن تكبسني الفتنة لما رأيت من اختلاف الناس فخرجت. قالت: فهل كنت بايعت عليا (عليه السلام) ؟ قال: نعم. قالت: فارجع فلا تزولن عن


(1) بخع بالحق: اقر به وخضع له.

[ 506 ]

صفه، فوالله ما ضل ولا ضل به. قال: يا أماه فهل أنت محدثتي في علي بحديث سمعته من رسول الله (صلي الله عليه وآله) ؟ قالت: اللهم نعم، سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: علي آية الحق، ورأية الهدى، علي سيف الله يسله على الكفار والمنافقين، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه، ومن أبغضني أو أبغض عليا لقي الله (عزوجل) ولا حجة له. 1108 / 15 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا محمد بن جرير أبو جعفر الطبري قراءة، قال: حدثني محمد بن عمارة الاسدي، قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد، قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، قال: حدثني أبو سعيد التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذر، قال: شهدت مع علي (عليه السلام) يوم الجمل، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس حتى إذا كان عند الظهر فكشف الله ذلك عني فقاتلت قتالا شديدا. قال: ثم بعد ذلك أتيت المدينة، فأتيت أئم سلمة زوج النبي (صلي الله عليه وآله) فسلمت واستأذنت، فقيل: من ذا ؟ فقلت: سائل. فقالت: أطعموا السائل. فقلت. إني والله لا أسأل طعاما ولا شرابا، ولكني أبو ثابت مولى أبي ذر. فقالت: مرحبا، فقصصت عليها قصتي، قالت: فأين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قال: فقلت إلى أحسن ذلك، كشف الله ذلك عني حين زوال الشمس فقاتلت قتالا شديدا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى فرغ، قالت: أحسنت سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إن عليا مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا على الحوض (1). 1109 / 16 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الاشناني، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الله بن مخارق، عن هاشم بن * (هامش) (1) تقدم في الحديث: 28: 10.


[ 507 ]

مساحق، عن أبيه: أنه شهد يوم الجمل، وأن الناس لما انهزموا اجتمع هو ونفر من قريش فيهم مروان، فقال بعضهم لبعض: والله لقد ظلمنا هذا الرجل ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا كان أكرم سيرة ولا أحسن عفوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه، فتعالوا فندخل عليه ولنعتذرن مما صنعنا. قال: فدخلنا عليه، فلما ذهب متكلمنا يتكلم قال. انصتوا أكفكم، إنما أنا رجل منكم، فإن قلت حقا فصدقوني، وان قلت غير ذلك فردوه علي، أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض وأنا أولى الناس به وبالناس ؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، وكرهت أن أشق عصا المسلمين، وأن أفرق بين جماعتهم، ثم أن أبا بكر جعلها لعمر من بعده، وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالناس من بعده، فبايعت عمر كما بايعتموه، فوفيت له ببيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة، فدخلت حيث أدخلني، وكرهت أن أفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم، فبايعتم عثمان فبايعته، ثم طعنتم على عثمان فقتلتموه، وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لاحد منكم، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان، فما جعلكم أحق أن تفوا لابي بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي ؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، كن كما قال العبد الصالح: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ” (1) فقال: كذلك أقول: ” يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ” مع أن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث باسته، يعني مروان. 1110 / 17 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي بالكوفة، قال: حدثني جدي محمد بن عيسى أبو جعفر القيسي، قال: حدثنا محمد بن فضيل الصيرفي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، عن أبيه محمد


(1) سورة يوسف 12: 92. (*)

[ 508 ]

ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله، علمني عملا لا يحال بينه وبين الجنة. قال: لا تغضب، ولا تسأل الناس شيئا، وارض للناس ما ترضى لنفسك. فقال: يا رسول الله، زدني. قال: إذا صليت العصر فاستغفر الله سبعا وسبعين مرة يحط عنك عمل سبع وسبعين سنة. قال: مالي سبع وسبعون سنة. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاجعلها لك ولابيك وامك ولقرابتك. 1111 / 18 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو محمد الحسن ابن علي بن سهل العاقولي، قال: حدثنا موسى بن عمر بن يزيد الكوفي الصيقل، قال: حدثنا معمر بن خلاد، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: جاء أبو أيوب الانصاري – واسمه خالد بن زيد – إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله أوصني واقلل لعلي أن أحفظ. قال: أوصيك بخمس. باليأس عما في أيدي الناس فإنه الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاة مودع، وإياك وما تعتذر منه، وأحب لاخيك ما تحب لنفسك. 1192 / 19 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سفيان أبو محمد القرشي الشعراني إملاء من أصل كتابه بالموصل، قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي، قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور القرشي، قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتكة الهلالي، عن علي بن يزيد: أنه أخبره ان أبا عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن أخبره عن صدي أبي امامة الباهلي: أنه سمع علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقول: ما أرى رجلا أدرك عقله الاسلام وولد في الاسلام يبيت ليلة سوادها – قلت: وما سوادها، يا أبا أمامة ؟ قال: جميعها – حتى يقرأ


[ 509 ]

هذه الآية (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فقرأ الآية إلى قوله: (العلي العظيم) (1)، ثم قال: فلو تعلمون ما هي – أو قال: ما فيها – لما تركتموها على حال، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني قال: أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش ولم يؤتها نبي كان قبلي. قال علي (عليه السلام): فما بت ليلة قظ منذ سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أقرأها. ثم قال. يا أبا أمامة، إني أقرأها ثلاث مرات في ثلاثة أحايين من كل ليلة. فقلت: وكيف تصنع في قرائتك لها يابن عم محمد (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: أقرأها قبل الركعتين بعد صلاة عشاء الآخرة، فوالله ما تركتها مذ سمعت هذا الخبر عن نبيكم (عليه السلام) حتى أخبرتك به. قال أبو أمامة: ووالله ما تركت قراءتها مذ سمعت هذا الخبر من علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى حدثتك – أو قال: أخبرتك – به. قال القاسم: وأنا ما تركت قراءتها كل ليلة منذ حدثني أبو أمامة بفضلها حتى الآن. قال علي بن يزيد: وأخبرك أني ما تركت قراءتها كل ليلة مذ حدثني القاسم في فضلها. قال ابن أبي العاتكة: فما تركت قراءتها في كل ليلة مذ بلغني في فضل قراءتها ما بلغني. قال ابن شابور: وأنا ما تركت قراءتها في كل ليلة منذ بلغني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله في فضل قراءتها. قال إبراهيم بن عمرو بن بكر: وأنا فما تركت قراءتها منذ بلغني هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال أبو محمد عبد الله بن أبي سفيان: وأنا فما تركت قراءتها منذ كتبت هذا


(1) سورة البقرة 2: 255.

[ 510 ]

الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فضل قراءتها. قال أبو المفضل: وأنا بنعمة ربي ما تركت قراءتها منذ سمعت هذا الحديث عن عبد الله بن أبي سفيان عن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى حدثتكم به. 1913 / 20 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن المغلس، قال. حدثنا عبد الله بن يوسف الخيبري، قال: حدثنا عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا خاقان بن عبد الله بن الاهتم، عن حميد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سيد العرب ؟ قالوا: أنت يا رسول الله. قال: أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب. 1114 / 21 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثني جعفر بن ميسرة، عن عبد الله بن عبد الرحمن اليشكري، عن أنس بن مالك، قال. بينما أنا أوضئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ دخل علي (عليه السلام)، فجعل يأخذ من وضوئه فيغسل به وجهه، ثم قال: أنت سيد العرب. فقال. يا رسول الله، أنت رسول الله وسيد العرب. قال: يا علي، أنا رسول الله وسيد ولد آدم، وأنت أمير المؤمنين وسيد العرب. 1115 / 22 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر بن الحسن الحسيني، قال: حدثني موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن حسن، عن أبيه، عن محمد بن زيد، عن أخيه يحيى بن زيد، قال: سألت أبي زيد بن علي (عليه السلام): من أحق الناس أن يحذر ؟ قال: ثلاثة: العدو الفاجر، والصديق الغادر، والسلطان الجائر. 1116 / 23 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني عبد الله بن جعفر ابن محمد بن أعين البزاز سنة ست وثلاث مائة، قال: أخبرنا زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي في كتابه إلينا، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول


[ 511 ]

الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (تبارك وتعالى) حد لكم حدودا فلا تتعدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسن لكم سننا فاتبعوها، وحزم عليكم حرمات فلا تنتهكوها، وعفا لكم عن أشياء رحمة منه من غير نسيان فلا تكلفوها. 1117 / 24 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن سهل بن فيروزان أبو العباس الاشناني المقرئ سنة ست وثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا إبراهيم بن المختار، قال: حدثنا النضر بن حميد، عن أبي إسحاق، عن الاصبغ، عن علي بن أبي طالب (ليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث الله (عزوجل) إليهم ملكا يقدسهم من صلاة الغداة إلى العشاء (1). قال أبو إسحاق: وذكر مثل ذلك في ليلهم. قال أبو إسحاق. قال الاصبغ ورفعه: وما من قوم ولد فيهم مولود ذكر إلا حدث فيهم عز لم يكن. 1118 / 25 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن إبراهيم ابن حبيب أبو محمد الحميري الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عبد الواحد المزني الخزاز، قال: حدثنا الحسن بن حسين العرني، عن علي بن القاسم الكندي، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (علي السلام)، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نزل به كرب أو هم دعا ” يا حي يا قيوم، يا حيا لا يموت، يا حي لا إله إلا أنت، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، اسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك يا أرحم الراحمين). قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما دعا أحد من المسلمين بهذه ثلاث مرات إلا أعطي مسألته إلا أن يسأل مأثما أو قطيعة رحم.


(1) تقذم نحوه في الحديث: 1012.

[ 512 ]

1119 / 26 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو الطيب النعمان ابن أحمد بن نعيم القاضي الواسطي، قال: حدثنا محمد بن شعبة بن خوان، قال: حدثنا حفص بن عمر بن ميمون القرشي الابلي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال. أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول: من كثر همه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته وذهبت كرامته. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم يزل جبرئيل (عليه السلام) ينهاني عن ملاحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الاوثان. 1120 / 27 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن محمد ابن شعبة الانصاري، قال: حدثنا أبو السائب سلم بن جناده، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عبداليه ابن يحيى الحضرمي، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: كنا جلوسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) وهو نائم ورأسه في حجري، فتذاكرنا الدجال فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) محمرا وجهه فقال: لغير الدجال أخوف عليكم من الدجال الائمة المضلون، وسفك دماء عترتي من بعدي، أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم. 1121 / 28 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن بشار بن أبي العجوز السمسار، قال. حدثنا مجاهد بن موسى الختلي، قال. حدثنا عباد ابن عباد، عن مجالد بن سعيد، عن جبر بن نوف أبي الوداك، قال: قلت لابي سعيد الخدري: والله ما يأتي علينا عام إلا وهو شر من الماضي، ولا أمير إلا وهو شر ممن كان قبله. فقال أبو سعيد: سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ما تقول، ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزال بكم الامر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتى يملا الارض جورا، فلا يقدر أحد يقول الله، ثم يبعث


[ 513 ]

الله (عزوجل) رجلا مني ومن عترتي، فيملا الارض عدلا كما ملاها من كان قبله جورا، وتخرج له الارض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثوا ولا يعده عدا، وذلك حين يضرب الاسلام بجرانه (1). 1122 / 29 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد ابن سليمان الباغندي، قال: حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني، قال. حدثنا المفضل بن عبد الله، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حنش بن المعتمر، قال: سمعت أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) يقول: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من دخلها نجا، ومن تخلف عنها هلك. 1123 / 30 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، قال. حدثني عمرو بن علي، قال: حدثنا عمرو بن خليفة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: اصطرع الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إيه حسن، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا رسول الله، تقول: إيه حسن وهو أكبر الغلامين ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقول إيه حسن، وجبرئيل يقول: إيه حسين. 1124 / 31 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن القاسم ابن زكريا المحاربي، قال: حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم المنقري، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن منصور بن سابور البرجمي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة بن حصيب الاسلمي، قال. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عهد إلي ربي (تعالى) عهدا فقلت: يا رب بينه، قال: يا محمد اسمع، علي راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، فمن أحبه فقد أحبني،


(1) الجران: مقدم عنق البعير، واستعاره هنا للتمكن والثبات.

[ 514 ]

ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك. قال: قلت: أجل ! قلت: واجعل دينه الايمان في قلبه. قال: قد فعلت. ثم قال: إني مستخصه ببلاء لم يصب به أحد من خلقي. قال: قلت: أخي وصاحبي. قال: ذلك مما قد سبق مني إنه مبتلى ومبتلى به. 1125 / 32 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العراد، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار السدوسي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي حرب بن أبي الاسود، عن أبيه أبي الاسود: أن رجلا سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن سؤال، فبادر فدخل منزله ثم خرج فقال: أين السائل ؟ فقال الرجل: ها أنا ذا يا أمير المؤمنين. قال: ما مسألتك ؟ قال: كيت وكيت، فأجابه عن سؤاله. فقيل: يا أمير المؤمنين، كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة، كنت فيها كالسكة المحماة جوابا، فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت فأجبته ؟ فقال: كنت حاقنا، ولا رأي لثلاثة: لحاقن ولا حازق (1) ثم أنشأ يقول: إذا المشكلات تصدين لي * كشفت حقائقها بالنظر وان برقت في مخيل الصواب * عمياء لا يجتليها البصر مقنعة بغيوب الامور * وضعت عليها صحيح الفكر لسانا كشقشقة الارحبي * أو كالحسام البتار الذكر وقلبا إذا استنطقته الهموم * أربى عليها بواه درر ولست بإمعة (2) في الرجال * أسائل هذا وذا ما الخبر ولكني مدرب الاصغرين (3) * أبين مع ما مضى ما غبر


(1) الحاقن: المجتمع بوله كثيرا، والحازق: من ضاق عليه خفه فحزق رجله، أي ضغطها. وفي الحديث: لا رأي لثلاثة لحاقن ولا حازق ولا حاقب، والحاقب من حبس غائطه. (2) الامعة. الذي يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شئ. (3) الاصغران: القلب واللسان.

[ 515 ]

1126 / 33 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس محمد ابن جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس النميري المعدل بدمشق، قال: حدثني أبو عامر موسى بن عامر بن خزيم المزني، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: أخبرنا علي ابن سليمان أبو نوفل الكلبي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن علي بن ربيعة الاسدي، قال: ركب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما وضع رجله في الركاب قال: (بسم الله)، فلما استوى على الدابة قال. ” الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا (سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) ” (1) ثم سبح الله ثلاثا وحمد الله ثلاثا، وكبر الله ثلاثا ثم قال: (ورب اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم قال: فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا، وأنا رديفه. 1127 / 34 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن سعيد بن يزيد الثقفي الخطيب بحديثة الفرات، قال: حدثنا محمد بن سلمة الاموي بهيت، قال: حدثني أحمد بن القاسم الاموي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أوحى الله (تبارك وتعالى) إلى داود (عليه السلام). يا داود، إن العبد ليأتيني بالحسنة يوم القيامة فأحكمه بها في الجنة. قال. داود: يا رب، وما هذا العبد الذي يأتيك بالحسنة يوم القيامة فتحكمه بها في الجنة ؟ قال: عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المؤمن أحب قضاءها، قضيت له أم لم تقض. 1128 / 35 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى بن عبد الحميد الكريزي القاضي بنصيبين، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد القاضي السكري. قال: أبو المفضل: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حماد المدائني، قال: حدثنا الربيع بن تغلب، قال: حدثنا فرج بن فضالة، قال: وحدثني محمد بن يوسف بن بشر بن النضر الهروي بدمشق، قال: حدثني أبو خيثمة علي بن


(1) سورة الزخرف 3،: 13.

[ 516 ]

عمرو بن خالد الحراني، قال: حدثنا أبي، قال. حدثنا أبو فضالة فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد الانصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إذا صنعت – وقال أحدهم: إذا فعلت – أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا صارت الدنيا دولا – وقال أحدهم: إذا كان المال فيهم دولا – والخيانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه، وارتفعت الاصوات في المساجد، واكرم الرجل مخافة شره، وكان زعيم القوم أرذلهم، ولبس الحرير، وشربت الخمور، واتخذت القيان، وضرب بالمعازف، ولعن آخر هذه الامة أولها، فارتقبوا إذا عملوا ذلك ثلاثا: ربحا حمراء، وخسفا، ومسخا. 1129 / 36 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثني أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا الاودي، قال: حدثنا محمد بن سعيد، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قال. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (عزوجل) رحيم، يحب كل رحيم. 1130 / 37 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر بشر بن محمد بن نصر بن الليث البلخي العنبري، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى وستين ومائتين، قال. حدثنا خالي عبد السلام بن صالح أبو الصلت، قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (تعالى) تكفل لي في أهل بيتي لمن لقيه منهم لا يشرك به شيئا. 1131 / 38 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا أبو سعيد البصري، قال: حدثنا محمد بن صدقة العنبري، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام)، عن جابر بن


[ 517 ]

عبد الله الانصاري، قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما صلاة الفجر، ثم انفتل وأقبل علينا يحدثنا، فقال: أيها الناس، من فقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين. قال: فقمت أنا وأبو أيوب الانصاري ومعنا أنس بن مالك، فقلنا: يا رسول الله، من الشمس ؟ قال: أنا، فإذا هو (صلى الله عليه وآله) ضرب لنا مثلا، فقال: إن الله (تعالى) خلقنا وجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر. قلنا: فمن القمر ؟ قال. أخي ووصيي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب. قلنا: فمن الفرقدان ؟ قال: الحسن والحسين. ثم مكث مليا وقال: فاطمة هي الزهرة، وعترتي أهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض. 1132 / 39 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن يزيد الثقفي بحديثة الفرات، قال: حدثنا محمد بن سلمة الاموي بهيت، قال. حدثني أحمد بن القاسم الاموي، عن أبيه القاسم بن بهرام، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا اشتكى العبد ثم عوفي فلم يحدث خيرا ولم يكف عن سوء، لقيت الملائكة بعضها بعضا – يعني حفظته – فقالت: إن فلانا داويناه فلم ينفعه الدواء. 1133 / 40 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يونس القاضي الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن الخليل النوفلي بالدينور، قال: حدثنا عثمان بن سعيد المزني، قال: حدثنا الحسن بن صالح بن حي، قال. سمعت جعفر بن محمد يقول: لقد عظمت منزلة الصديق حتى إن أهل النار ليستغيثون به ويدعونه في النار قبل القريب والحميم. قال: الله (عزوجل) مخبرا عنهم: (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) (1).


(1) سورة الشعراء 26: 100، 101.

[ 518 ]

1134 / 41 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو محمد الفضل ابن محمد بن المسيب الشعراني بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز ابن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام). قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، وقالا جميعا عن آبائهما، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: بني الاسلام على خمس خصال: على الشهادتين والقرينتين. قيل له: أما الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان ؟ قال: الصلاة والزكاة، فإنه لا يقبل أحدهما إلا بالاخرى، والصيام، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، وختم ذلك بالولاية، فأنزل الله (عزوجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (1). 1135 / 42 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. 1136 / 43 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان يذوب فيه قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الا نك في النار – يعني الرصاص – وما ذاك إلا لما يرى من البلاء والاحداث في دينهم لا يستطيع له غيرا. 1137 / 44 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). من تزوج فقد أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي. 1138 / 45 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد ابن المسيب البيهقي، قال: حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، قال: حدثني عيسى بن زيد بن دأب الليثي، عن صيفي بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن هبار، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده علي بن هبار، قال: اجتاز النبي (صلى الله عليه وآله) بدار علي بن هبار فسمع صوت دف، فقال: ما


(1) سورة المائدة 5: 3.

[ 519 ]

هذا ؟ قالوا: علي بن هبار أعرس بأهله. فقال (صلى الله عليه وآله): حسن هذا للنكاح لا السفاح. ثم قال (صلى الله عليه وآله): أشيدوا بالنكاح وأعلنوه بينكم، واضربوا عليه بالدف، فجرت السنة في النكاح بذلك. 1139 / 46 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد البيهقي، قال. حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله. قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إنما النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقها، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته. 1145 / 47 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد عريض. 1141 / 48 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا: ما فينا أحد يحب ذلك يا نبي الله. قال: بحسبكم، بل كلكم يحب ذلك. ثم قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وما عدا ذلك فهو مال الوارث. 1142 / 49 – وباسناده، قال: لما نزلت هذه الآية (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ” (1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مال تؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان فوق الارض. 1143 / 50 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مانع الزكاة يجر قصبة في النار – يعني أمعاءه في النار – ويمثل له ماله في صورة شجاع أقرع له زنمتان – أو


(1) سورة التوبة 9: 34.

[ 520 ]

زبيبتان – يفر الانسان منه وهو يتبعه حتى يقضمه كما يقضم الفجل، ويقول: أنا مالك الذي بخلت به. 1944 / 51 – وباسناده عن أبي عبد الله، عن أبيه، أبي جعفر (عليهما السلام): أنه سئل عن الدنانير والدراهم، وما على الناس فيها. فقال أبو جعفر: هي خواتيم الله في أرضه، جعلها الله مصلحة لخلقه، وبها تستقيم شؤونهم ومطالبهم، فمن أكثر له منها فقام بحق الله (تعالى) فيها وأدى زكاتها، فذاك الذي طابت وخلصت له، ومن أكثر له منها فبخل بها، ولم يؤد حق الله فيها واتخذ منها الآنية فذلك الذي حق عليه وعيد الله (عزوجل) في كتابه، قال الله: (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ” (2). 1145 / 25 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد ابن المسيب البيهقي، قال: حدثنا هارون بن عمرو (3) المجاشعي، قال: حدثنا محمد ابن جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله (عليه السلام) ! قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال. قيل: يا نبي الله، أفي المال حق سوى الزكاة ؟ قال: نعم، بر الرحم إذا أدبرت، وصلة الجار المسلم، فما أقر بي من بات شبعان وجاره المسلم جائع. ثم قال: ما زال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. 1146 / 53 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لي الواجد بالدين يحل عرضه وعقوبته، ما لم يكن دينه فيما يكره الله (عزوجل). 1147 / 54 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد


(1) الشجاع: الحية، وزنمتا الاذن: هنتان تليان الشحمة وتقابلان الوترة، والزبيبتان: نقطتان سوداوان فوق عيني الحية، وقيل: هما زبدتان في شدقيها. (2) سورة التوبة 9: 35. (3) كذا في النسخ، وفي رجال النجاشي: هارون بن عمر.

[ 521 ]

البيهقي، قال: حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله، قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى، قال. حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: حدثني عمر وسلمة ابنا أم سلمة ربيبا رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنهما سمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في حجته حجه الوداع. علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين، علي أخي ومولى المؤمنين من بعدي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، ألا إن الله (تعالى) ختم النبوة بي فلا نبي بعدي، وهو الخليفة في الاهل والمؤمنين بعدي. 1148 / 55 – أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا الفضل بن محمد ابن المسيب أبو محمد البيهقي الشعراني بجرجان، قال. حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله (عليه السلام). قال المجاشعي: وحدثناه الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العالم بين الجهال كالحي بين الاموات، وإن طالب العلم يستغفر له كل شئ حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله (عزوجل)، وان طلب العلم فريضة على كل مسلم. 1149 / 56 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء. 1150 / 57 – وباسناده: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إنا امرنا معاشر الانبياء بمداراة الناس كما أمرنا باقامة الفرائض. 1151 / 58 – وباسناده: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال (تبارك وتعالى): (كل يوم هو


[ 522 ]

في شأن) (1) فإن من شأنه أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين. 1152 / / 59 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس، يقول خيرا ويتمنى خيرا. 1153 / 60 – وباسناده، عن علي (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عليكم بسنتي، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. 1154 / 61 – قال: وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم (2). 1155 / 62 – قال: وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من عال يتيما حتى يبلغ أشده، أوجب الله (عزوجل) له بذلك الجنة، كما أوجب لآكل مال اليتيم النار. 1156 / 63 – وباسناده، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: كان ضحك النبي (صلى الله عليه وآله) التبسم، فاجتاز ذات يوم بفئة من الانصار وإذا هم يتحدثون ويضحكون بملء أفواههم، فقال: يا هؤلاء، من غره منكم أمله وقصر به في الخير عمله، فليطلع في القبور وليعتبر بالنشور، واذكروا الموت فإنه هادم اللذات. 1157 / 64 – وباسناده، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: لا تتركوا حج بيت ربكم، لا يخل منكم ما بقيتم، فإنكم إن تركتموه لم تنظروا، وإن أدنى ما يرجع به من أتاه أن يغفر له ما سلف، وأوصيكم بالصلاة وحفظها فإنها خير العمل وهي عمود دينكم، وبالزكاة فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الزكاة قنطرة الاسلام فمن أداها جاز القنطرة ومن منعها احتبس دونها، وهي تطفئ غضب الرب، وعليكم بصيام شهر رمضان فإن صيامه جنة حصينة من النار، وفقراء المسلمين أشركرهم في معيشتكم، والجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله


(1) سورة الرحمن 55: 29. () في هامش النسخة المخطوطة: أقول: إن المعنى في ذلك أن يكون المراد صلاة التطوع والصوم.

[ 523 ]

رجلان إمام هدى أو مطيع له مقتد بهداه، وذرية نبيكم (صلى الله عليه وآله) لا يظلمون بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم. وأوصيكم بأصحاب نبيكم، لا تسبوهم، وهم الذين لم يحدثوا بعده حدثا، ولم يأتوا محدثا، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى بهم، وأوصيكم بنسائكم وما ملكت أيمانكم، ولا يأخذنكم في الله لومة لائم، يكفكم الله من أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله (عزوجل)، ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي الله أموركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم، وعليكم بالتواضع والتباذل، وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب. 1158 / 65 – وباسناده، عن علي (عليه السلام)، قال: سلوني عن كتاب الله (عزوجل)، فوالله ما نزلت آية منه في ليل أو نهار ولا مسير ولا مقام إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها. فقال ابن الكواء: يا أمير المؤمنين، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه ؟ قال: كان يحفظ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب حتى أقدم عليه فيقرئنيه، ويقول لي. يا علي، أنزل الله علي بعدك كذا وكذا، وتأويله كذا وكذا، فيعلمني تنزيله وتأويله. 1159 / 66 – وباسناده، قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه) يقول لرأس اليهود: على كم افترقتم ؟ فقال: على كذا وكذا فرقة. فقال علي (عليه السلام). كذبت يا أخا اليهود: ثم أقبل على الناس فقال: والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الانجيل بانجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل القرآن بقرآنهم. أيها الناس، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار، وواحدة ناجية في الجنة، وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) ! وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعين في النار، وواحدة في الجنة، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى (عليه السلام)، وستفترق هذه الامة على


[ 524 ]

ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في الجنة، وهي التي اتبعت وصي محمد (صلى الله عليه وآله)، وضرب بيده على صدره، ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وهم النمط الاوسط، واثنتا عشرة في النار. 1160 / 67 – وباسناده، عن علي (عليه السلام)، قال: الاسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الاقرار، والاقرار هو الاداء، والاداء هو العلم. 1161 / 68 – وباسناده، عن علي (عليه السلام)، قال: من أراد عزا بلا عشيرة، وهيبة من غير سلطان، وغنى من غير مال، وطاعة من غير بذل، فليتحول من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فإنه يجد ذلك كله. تم كتاب الامالي وهو ثمانية عشر مجلسا.


[ 525 ]

(19) مجلس يوم الجمعة الرابع من المحرم سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1162 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى بن الحسين العبرتائي الكاتب سنة أربع عشرة وثلاث مائة وفيها مات، قال. حدثنا محمد بن الحسن بن شمون، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال: حدثني أبو حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه أبي الاسود، قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة فحدثني أبو ذر، قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده، فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) إلى جانبه جالس، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت. يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها. فقال: نعم وأكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل البيت، وإني موصيك بوصية إذا حفظتها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان.


[ 526 ]

يا أبا ذر، ا عبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه (عزوجل) يراك، واعلم أن أول عبادته المعرفة به فأنه الاول قبل كل شئ فلا شئ قبله، والفرد فلا ثاني معه، والباقي لا إلى غاية، فاطر السماوات والارض وما فيهما وما بينهما من شئ، وهو الله اللطيف الخبير، وهو على كل شئ قدير، ثم الايمان بي والاقرار بأن الله (عزوجل) أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. واعلم يا أبا ذر، أن الله (تعالى) جعل أهل بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمنا. يا أبا ذر، احفظ ما أوصيتك به تكن سعيدا في الدنيا والآخرة. يا أبا ذر، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. يا أبا ذر، اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك. يا أبا ذر، إياك والتسويف بأملك، فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غد لك تكن في الغد كما كنت في اليوم، له ان لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أبا ذر، كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا لا يبلغه. يا أبا ذر، لو نظرت إلى الاجل ومسيره لابغضت الامل وغروره. يا أبا ذر، كن في الدنيا كأنك غريبا وكعابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور. يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، – فإنك لا تدري ما اسمك غدا. يا أبا ذر، إتاك أن تدركك الصرعة عند الغرة فلا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما به اشتغلت. يا أبا ذر، ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها.


[ 527 ]

يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك. يا أبا ذر، هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا، أو فقيرا منسيا، أو مرضا مضنيا، أو هرما مفندا (1)، أو موتا محيرا أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر. يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله (تعالى) يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة. يا أبا ذر، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل: لا أعلمه. تنج من تبعته، ولا تفت الناس بما لا علم لك به تنج من عذاب يوم القيامة. يا أبا ذر، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار، وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم ! فيقولون: إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله. يا أبا ذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، وإن نعم الله (عزوجل) أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن امسوا تائبين واصبحوا تائبين. يا أبا ذر، إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة، ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع ما زرع. يا أبا ذر، لا يسبق بطئ بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، ومن أعطى خيرا فالله (عزوجل) أعطاه، ومن وقى شرا فإن الله وقاه. يا أبا ذر، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة. يا أبا ذر، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه. يا أبا ذر، إن الله إذا أراد بعبد خيرا جعل الذنوب بين عينيه ممثلة.


(1) فند: خرف وضعف عقله.

[ 528 ]

يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت. يا أبا ذر، إن نفس المؤمن أشد تقلبا وخيفة من العصفور حين يقذف به في شرك. يا أبا ذر، من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فذلك المرء إنما يوبخ نفسه. يا أبا ذر، إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. يا أبا ذر، إنك إذا طلبت شيئا من الآخرة واتبعته تيسر لك، وإذا رأيت شيئا من أمر الدنيا واتبعته عسر عليك، فإنك على حال خشيته. يا أبا ذر، لا تنطق فيما لا يعنيك فإنك لست منه في شئ واحرز لسانك كما تحرز رزقك. يا أبا ذر، إن الله (جل ثناؤه) ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم، وفوقهم قرم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفرهم فيقولون. ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا، فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال: هيهات، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون. يا أبا ذر، إن الله (تعالى) جعل قرة عيني في الصلاة وحببها إلي كما حبب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء، فإن الجائع إذا أكل الطعام شبع، وإذا شرب الماء روي، وأنا لا أشبع من الصلاة. يا أبا ذر، إن الله (تعالى) بعث عيسى بن مريم بالرهبانية، وبعثت بالحنيفية السمحة، وحببت إلي النساء والطيب، وجعلت في الصلاة قرة عيني. يا أبا ذر، أيما رجل تطوع في يوم اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، كان له حقا واجبا بيت في الجنة. يا أبا ذر، صلاة في مسجدي هذا تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره، وأفضل من هذا كله صلاة يصليها الرجل في بيته حيث لا يراه إلا الله (عزوجل) يطلب بها


[ 529 ]

وجه الله (تعالى). يا أبا ذر، إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح. يا أبا ذر، ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش، ووكل به ملك ينادي: يابن آدم، لو تعلم ما لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت ولا التفت. يا أبا ذر، طوبى لاصحاب الالوية يوم القيامة، يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغيرها. يا أبا ذر، لا تجعل بيتك قبرا، واجعل فيه من صلاتك يضئ بها قبرك. يا أبا ذر، الصلاة عمود الدين واللسان أكبر، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر. يا أبا ذر، الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والارض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره، فيفرح فيقول: ما هذا ؟ فيقال. هذا نور أخيك المؤمن. فيقول: هذا أخي فلان، كنا نعمل جميعا في الدنيا، وقد فضل علي هكذا ! فيقال: إنه كان أفضل منك عملا، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى. يا أبا ذر، الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وما أصبح فيها مؤمن إلا وهو حزين، وكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها ! يا أبا ذر، ومن اوتي من العلم ما لا يعمل به لحقيق أن يكون اوتي علما لا ينفعه الله (عزوجل) به، لان الله (جل ثناؤه) نعت العلماء فقال: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ” إلى قوله: (يبكون) (1). يا أبا ذر، من استطاع أن يبكي قلبه فليبك، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن


(1) سورة الاسراء 17: 107 – 109.

[ 530 ]

وليتباك. يا أبا ذر، إن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تشعرون. يا أبا ذر، ما من خطيب إلا عرضت عليه خطبته يوم القيامة وما أراد بها. يا أبا ذر، إن صلاة النافلة في السر تفضل على العلانية كفضل الفريضة على النافلة. يا أبا ذر، ما يتقرب العبد إلى الله بشئ أفضل من السجود. يا أبا ذر، اذكر الله ذكرا خاملا. قلت: يا رسول الله، وما الذكر الخامل ؟ قال: الذكر الخفي. يا أبا ذر، يقول الله (عزوجل): لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني أخفته يوم القيامة، وإذا خافني أمنته يوم القيامة. يا أبا ذر، لو أن رجلا كان له مثل عمل سبعين نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة. يا أبا ذر، إن العبد لتعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيقول: أما إنى قد كنت منك مشفقا، فيغفر له. يا أبا ذر، إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقرات فيأتي الله (عزوجل) وهو من الاشقياء، وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها فيأتي الله (عزوجل) آمنا يوم القيامة. يا أبا ذر، إن العبد ليذنب فيدخل إلى الله بذنبه ذلك الجنة. فقلت. وكيف ذلك، يا رسول الله ؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينه تائبا منه فارا إلى الله حتى يدخل الجنة. يا أبا ذر، إن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه وهواها، وتمنى على الله (عزوجل) الاماني. يا أبا ذر، إن أول شئ يرفع من هذه الامة الامانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا.


[ 531 ]

يا أبا ذر، والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله (عزوجل) جناح بعوضة ما سقى الكافر والفاجر منها شربة من ماء. يا أبا ذر، إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغى به وجه الله (عزوجل). يا أبا ذر، ما من شئ أبغض إلى الله من الدنيا، خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها، ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة، وما من شئ أحب إلى الله (تعالى) من الايمان به وترك ما أمر أن يترك. يا أبا ذر، إن الله (تعالى) أوحى إلى أخي عيسى (عليه السلام): يا عيسى، لا تحب الدنيا فإني لست أحبها، وأحب الآخرة فإنها دار المعاد. يا أبا ذر، إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء، فقال: يا محمد، إن هذه خزائن الارض ولا تنقصك من حظك عند ربك (تعالى)، فقلت: حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها، إذا شبعت شكرت ربي، وإذا جعت سألته. يا أبا ذر، إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوب نفسه. يا أبا ذر، ما زهد عبد في الدنيا إلا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام. يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه، فإنه يلقي إليك الحكمة. ففلت: يا رسول الله، من أزهد الناس ؟ قال: من لم ينس المقابر والبلى، وترك ما يفنى لما يبقى، ومن لم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في الموتى. يا أبا ذر، إن الله (تعالى) لم يوح إلي أن أجمع المال، لكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (1). يا أبا ذر، إني ألبس الغليظ، وأجلس على الارض، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني.


(1) تضمين من سورة الحجر 15: 98 و 99.

[ 532 ]

يا أبا ذر، حب المال والشرف مذهب لدين الرجل. قال: قلت: يا رسول الله، الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يستبقون الناس إلى الجنة ؟ قال: لا، ولكن فقراء المؤمنين، فإنهم يأتون يوم القيامة فيتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة: كما أنتم (1) حتى تحاسبوا. فيقولون: بم نحاسب ! فوالله ما ملكنا حتى نجور ونعدل، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، ولكنا عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين. يا أبا ذر، إن الدنيا مشغلة للقلب والبدن، فإن الله (عزوجل) يسأل أهل الدنيا عما نعموا في حلالها، فكيف بما نعموا في حرامها ! يا أبا ذر، إني قد سألت الله (عزوجل) أن يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطي من أبغضني المال والبنين. يا أبا ذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب شعارا، والدعاء لله دثارا، وقرضوا الدنيا قرضا. يا أبا ذر، إن حرث الآخرة العمل الصالح، وحرث الدنيا المال والبنون. يا أبا ذر، إن ربي (تبارك اسمه) أخبرني، فقال: وعزتي وجلالي، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا، واني لابني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد. قال: قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس ؟ قال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا. يا أبا ذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب واستوسع. قلت: فما علامة ذلك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال: الانابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله. يا أبا ذر، اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر.


(1) أي لا تبرحوا.

[ 533 ]

يا أبا ذر، إن لله ملائكة قياما من خيفته ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة، فيقولون جميعا: سبحانك وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن نعبد، ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شده ما يرى يومئذ، ولو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو أن زفرات جهنم زفرت لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه، يقول: رب نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق (عليهما السلام) يقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم لا تنسني. يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لاضاءت لها الارض أفضل مما يضئ القمر ليلة البدر، ولوجد ريح نشرها جميع أهل الارض، ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم. يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال، وعند القرآن. يا أبا ذر، إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع، واعلم أنك لاحق به. يا أبا ذر، اعلم أن كل شئ إذا فسد فالملح دواؤه، فإذا فسد الملح فليس له دواء – قال الشيخ: هذا المثل لعلماء السوء – واعلم أن فيكم خلتين: الضحك من غير عجب، والكسل من غير سهر. يا أبا ذر، ركعتان مقتصرتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه. يا أبا ذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا. يا أبا ذر، لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس كلهم في جنب الله أمثال الاباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. يا أبا ذر، لا يصيب الرجل حقيقة الايمان حتى يرى الناس كلهم حمقى في دينهم عقلاء في دنياهم.


[ 534 ]

يا أبا ذر، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الاكبر يوم تعرض لا يخفى على الله خافية، استح من الله، فإني والذي نفسي بيده لا ظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي استحي من الملكين اللذين معي. يا أبا ذر، أتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت: نعم فداك أبي. قال: فاقصر من الامل، واجعل الموت نصب عينك، واستح من الله حق الحياء. قال: قلت يا رسول الله، كلنا نستحي من الله. قال: ليس كذلك الحياء، ولكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر والبلى، والجوف وما وعى، والرأس وما حوى، فمن أراد كرامة الاجر فليدع زينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله. يا أبا ذر، يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح. يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل، كمثل الذي يرمي بغير وتر. يا أبا ذر، إن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم. يا أبا ذر، إن ربك (عزوجل) يباهي الملائكة بثلاثة نفر. رجل يصبح في الارض فردا، فيؤذن ثم يصلي، فيقول ربك للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم، ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد، فيقول (تعالى): انظروا إلى عبدي روحه عندي، وجسده في طاعتي ساجد، ورجل في زحف فر أصحابه وثبت وهو يقاتل حتى يقتل. يا أبا ذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الارض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل نزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم. يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الارض ينادي بعضها بعضا: يا جارة، هل مر بك اليوم ذاكر لله (تعالى)، أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله (تعالى) ؟ فمن قائلة: لا. ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزت وانشرحت وترى أن لها فضلا على جارتها.


[ 535 ]

يا أبا ذر، إن الله (جل ثناؤه) لما خلق الارض وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الارض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة، فلم تزل الارض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم، والكلمة العظيمة قولهم: اتخذوا لله ولدا، فلما قالوها اقشعرت الارض وذهبت منفعة الاشجار. يا أبا ذر، إن الارض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا. يا أبا ذر، إذا كان العبد في أرض قفر فتوضأ أو تيمم ثم أذن وأقام وصلى، أمر الله (عزوجل) الملائكة فصفوا خلفه صفا لا يرى طرفاه، يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه. يا أبا ذر، من أقام ولم يؤذن، لم يصل معه إلا الملكان اللذان معه. يا أبا ذر، ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا. يا أبا ذر، الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين.. يا أبا ذر، الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر. يا أبا ذر، لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي، ولا تأكل طعام الفاسقين. يا أبا ذر، أطعم طعامك من تحبه في الله، وكل طعام من يحبك في الله (عزوجل). يا أبا ذر، إن الله (عزوجل) عند لسان كل قائل، فليتق الله امرؤ، وليعلم ما يقول. يا أبا ذر، اترك فضول الكلام، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر، كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمعه. يا أبا ذر، ما من شئ أحق بطول السجن من اللسان. يا أبا ذر، إن من إجلال الله إكرام العلم والعلماء، وذي الشيبة المسلم، واكرام حملة القرآن وأهله، واكرام السلطان المقسط. يا أبا ذر، من فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت.


[ 536 ]

يا أبا ذر، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله (عزوجل) بهن ؟ قلت: بلى، يا رسول الله. قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله (عزوجل) في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله (عزوجل)، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتب لك ما قدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله (عزوجل) بالرضا في اليقين فافعل، وإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وان النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا. يا أبا ذر، استغن بغناء الله يغنك الله. فقلت: وما هو، يا رسول الله ؟ فقال: غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس. يا أبا ذر، إن الله (تبارك وتعالى) يقول: إني لست كل كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت صمته حمدا لي ووقارا وإن لم يتكلم. يا أبا ذر، إن الله (تبارك وتعالى) لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. يا أبا ذر، التقوى التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره. يا أبا ذر، أربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع لله (سبحانه وتعالى)، وذكر الله (سبحانه وتعالى) في كل حالة، وقلة الشئ، يعني قلة المال. يا أبا ذر، هم بالحسنة، وإن لم تعملها، لكيلا تكتب من الغافلين. يا أبا ذر، من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة. قلت: يا رسول الله، إنا لنؤخذ بما تنطق به ألسنتنا ؟ قال: يا أبا ذر، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لا تزال سالما ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك. يا أبا ذر، إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله (جل ثناؤه) فيكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في


[ 537 ]

جهنم ما بين السماء والارض. يا أبا ذر، ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له. يا أبا ذر، من صمت نجا، فعليك بالصدق، ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا. قلت: يا رسول الله، فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا ؟ قال: الاستغفار، والصلوات الخمس تغسل ذلك. يا أبا ذر، إياك والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا. قلت: يا رسول الله، وما ذاك بأبي أنت وأمي ؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها. يا أبا ذر، سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه. قلت: يا رسول الله، ما الغيبة ؟ قال: ذكرك أخاك بما يكرهه. قلت: يا رسول الله، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به. قال: اعلم إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته. يا أبا ذر، من ذب عن أخيه المؤمن الغيبة كان حقه على الله (عزوجل) أن يعتقه من النار. يا أبا ذر، من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره، نصره الله (عزوجل) في الدنيا والآخرة، فإن خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والآخرة. يا أبا ذر، لا يدخل الجنة قتات. قلت: ما القتات ؟ قال: النمام. يا أبا ذر، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله (عزوجل) في الآخرة. يا أبا ذر، من كان ذو وجهين ولسانين في الدنيا، فهو ذو لسانين في النار. يا أبا ذر، المجالس بالامانة، وإفشاؤك سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك، واجتنب مجلس العشيرة. يا أبا ذر، تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يوم


[ 538 ]

الاثنين والخميس. يغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا. يا أبا ذر، إياك والهجران لاخيك المؤمن، فإن العمل لا يتقبل مع الهجران. يا أبا ذر، من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. يا أبا ذر، من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر، لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك. فقال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي (1) حسن، فهل ترهب علي ذلك ؟ فقال: كيف تجد قلبك ؟ قال: أجده عارفا للحق مطمئنا إليه. قال: ليس ذلك بالكبر، ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره، وتنظر إلى الناس فلا ترى أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك. يا أبا ذر، أكثر من يدخل النار المستكبرون. فقال رجل: وهل ينجو من الكبر أحد، يا رسول الله ؟ قال: نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب العنز، وجالس المساكين. يا أبا ذر، من حمل بضاعته، فقد برئ من الكبر، يعني ما يشتري من السوق. يا أبا ذر، من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله (تعالى) إليه يوم القيامة. يا أبا ذر، إزرة (2) المؤمن إلى أنصاف ساقيه، ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبه. يا أبا ذر، من رقع ذيله، وخصف نعله، وعفر وجهه، فقد برئ من الكبر. يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليكن الآخر لاخيه. يا أبا ذر، سيكون ناس من امتي يولدون في النعيم ويغذون به، همتهم ألوان الطعام والشراب، ويمدحون بالقول، أولئك شرار أمتي. يا أبا ذر، من ترك لبس الجمال، وهو يقدر عليه تواضعا لله، كساه الله حلة


(1) قبال النعل: الزمام الذي يكون بين الاصبع الوسطى والتي تليها. (2) الازرة. هيئة الائتزار.

[ 539 ]

الكرامة. يا أبا ذرز، طوبى لمن تواضع لله (عزوجل) في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقر والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته، وحسنت علانيته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وانفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله. يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس، والصفيق (1) من الثياب، لئلا يجد الفخر فيك مسلكا. يا أبا ذر، يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم، يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم، أولئك يلعنهم ملائكة السماوات والارض. يا أبا ذر، ألا أخبرك بأهل الجنة ؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يوبه (2) به لو أقسم على الله لابره. 1163 / 2 – قال أبو ذر (رحمه الله): ودخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في المسجد جالس وحده، فاغتنمت وحدته فقال: يا أبا ذر، إن للمسجد تحية. قلت: وما تحيته، يا رسول الله ؟ قال: ركعتان تركعهما. ثم التفت إليه فقلت. يا رسول الله، أمرتني بالصلاة، فما الصلاة ؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقل، ومن شاء أكثر. قلت. يا رسول الله، أي الاعمال أحب إلى الله (عزوجل) قال: الايمان بالله، ثم الجهاد في سبيله. قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكملهم إيمانا ؟ قال. أحسنهم خلقا. قلت: فأي المؤمنين أفضل ؟ قال: من سلم المسلمون من يده ولسانه. قلت: أي الهجرة أفضل ؟ قال: من هجر السوء.


(1) الثوب الصفيق: الكثيف النسج. (2) الطمر: الثوب الخلق، ولا يؤبه به: لا يلتفت إليه ولا يعتد به.

[ 540 ]

قلت: فأي الليل أفضل ؟ قال: جوف الليل الغابر. قلت: فأي الصلاة أفضل ؟ قال: طول القنوت. قلت: فأي الصدقة أفضل ؟ قال: جهد من مقل إلى فقير في سر. قلت: فما الصوم ؟ قال: فرض مجز وعند الله أضعاف ذلك. قلت: فأي الزكاة أفضل ؟ قال: أعلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها. قلت: فأي الجهاد أفضل ؟ قال: من عقر جواده، وأهرق دمه. قلت: وأي آية أنزلها الله عليك أعظم. قال: آية الكرسي. قال: قلت يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم (عليه السلام) ؟ قال: كانت أمثالا كلها وكان فيها: أيها الملك المسلط المبتلى، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر فجوره على نفسه. وكان فيها أمثال: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات. ساعة يناجي فيها ربة، وساعة يتفكر في صنع الله (تعالى)، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال في المطعم والمشرب، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى (عليه السلام) ؟ قال: كانت عبرا كلها، وفيها: عجب لمن أيقن بالنار ثم ضحك، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجب لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالا بعد حال ثم هو يطمئن إليها، عجب لمن أيقن بالحساب ثم لم يعمل ! قلت: يا رسول الله، فهل في الدنيا شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام) مما أنزل الله عليك ؟ قال: اقرأ يا أبا ذر (قد أفلح من تزكى * وذكر أسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى * إن هذا لفى


[ 541 ]

الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى) (1). قلت: يا رسول الله، أوصني. قال. اوصيك بتقوى الله، فإنه رأس أمرك كله. فقلت: يا رسول الله، زدني. قال: عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله (عزوجل)، فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الارض. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي. قلت. يا رسول الله، زدني. قال: عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطرد الشيطان عنك، وعون لك على أمور دينك. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: انظر من هو تحتك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: صل قرابتك وإن قطعوك، وأحب المساكين، وأكثر مجالستهم.. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: قل الحق وان كان مرا. قلت: يا رسول الله، زدني. قال: لا تخف في الله لومة لائم. قلت: يا رسول الله، زدني. قال. يا أبا ذر، ليحجزك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد (2) عليهم فيما تأتي، فكفى بالرجل عيبا أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويجد عليهم فيما يأتي. قال. ثم ضرب على صدري وقال: يا أبا ذر، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق. 1164 / 3 – عن الصادق (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي


(1) سورة الاعلى 87 و 14 – 19. (2) أي لا تغضب.

[ 542 ]

طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (تبارك وتعالى) خلق العقل من نور مخزون مكنون، في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينيه، والحكمة لسانه، والرأفة همه، والرحمة قلبه، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء: اليقين، والايمان، والتصديق، والسكينة، والاخلاص، والرفق، والعطية، والقناعة، والتسليم، والشكر. ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال له، أقبل، فأقبل، ثم قال: تكلم، فقال: الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند، ولا شبه ولا شبيه، وكفؤ ولا عديل، ولا مثل ولا مثيل، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل. فقال الرب (تبارك وتعالى): وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أحسن منك، ولا أطوع منك، ولا أرفع منك، ولا أشرف منك، ولا أعز منك، بك أوحد، وبك احاسب، وبك أدعى، وبك أرتجى، وبك اتقى، وبك أخاف، وبك أحذر، وبك الذنب، وبك العقاب، فخر العقل عند ذلك ساجدا، وكان في سجوده ألف عام. فقال الرب (تبارك وتعالى) بعد ذلك. ارفع رأسك، وسل تعط واشفع تشفع، فرفع العقل رأسه فقال: الهي، أسألك أن تشفعني فيمن جعلتني فيه. فقال الله (تبارك وتعالى) للملائكة: اشهدوا أني شفعته فيمن خلقته فيه.


[ 543 ]

(20) مجلس يوم الجمعة السادس والعشرين من المحرم سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1165 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب، قال: حدثني مسعدة بن زياد الربعي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه: أنه قال في خطبة أبي ذر (رضي الله عنه): يا مبتغي العلم، لا تشغلك الدنيا ولا أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين البعث والموت إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها، يا جاهل تعلم فإن قلبا ليس فيه شئ من العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له. 1166 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا أبو عبد الله المحاربي بالكوفة، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا عاصم بن حميد الحناط، عن يحيى بن القاسم – يعني أبا بصير -، عن أبي


[ 544 ]

جعفر (عليه السلام)، عن أبي ذر (رحمه الله) قال: يا باغي العلم، قدم لمقامك بين يدي الله (عزوجل)، فإنك مرتهن بعملك كما تدين تدان. يا باغي العلم، صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته، فكذلك المرء المسلم باذن الله (عزوجل) ما دام في الصلاة، لم يزل الله (عزوجل) ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته. يا باغي العلم، تصدق من قبل ألا تعطي شيئا ولا تمنعه، إنما مثل الصدقة لصاحبها مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم: لا تقتلوني واضربوا لي أجلا أسعى في رضاكم، كذلك المرء المسلم باذن الله (تعالى) كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتى يتوفى الله (عزوجل) أقوما وهو عنهم راض، ومن رضي الله (عزوجل) عنه فقد أعتق من النار. يا باغي العلم، إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على فمك كما تختم على ذهبك وعلى ورقك. يا باغي العلم، إن هذه الامثال ضربها الله (عزوجل) للناس وما يعقلها إلا العالمون. يا باغي العلم، كأن شيئا من الدنيا لم يكن إلا عملا ينفع خيره أو يضر شره إلا ما رحم الله (عزوجل). يا باغي العلم، لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقه كضيف بت عندهم ثم تحولت من عندهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها. 1167 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان، قال. حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، قال. حدثنا معتب مولانا، قال: حدثني عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، قال: سمعت محمد بن أبي عبيدالله بن محمد بن عمار بن ياسر يحدث عن أبيه، عن جده محمد بن عمار بن


[ 545 ]

ياسر، قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) اخذا بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له. يا علي، أنت أخي وصفني ووصيي ووزيري وأميني، مكانك مني في حياتي وبعد موتي كمكان هارون من موسى إلا أنه لا نبي معي، من مات وهو يحبك ختم الله (عزوجل) له بالامن والايمان، ومن مات وهو يبغضك لم يكن له في الاسلام نصيب. 1168 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيدالله العدلي، قال: حدثنا الربيع ابن يسار، قال: حدثنا الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه، ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم، قتل ذلك الرجل، وإن ترافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول، فإن يكن حقا فاقبلوه، وإن يكن باطلا فانكروه. قالوا: قل. قال: أنشدكم بالله – أو قال: أسألكم بالله – الذي يعلم سرائركم، ويعلم صدقكم إن صدقتم، ويعلم كذبكم إن كذبتم، هل فيكم أحد آمن بالله ورسوله وصلى القبلتين قبلي ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم من يقول الله (عزوجل): (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله واطيعوا والرسول وأولى الامر منكم) (1) سواي ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد نصر أبوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفله غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد زين أخوه بجناحين في الجنة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد وحد الله قبلي، ولم يشرك بالله شيئا ؟ قالوا: اللهم لا.


(1) سورة النساء 4: 59.

[ 546 ]

قال: فهل فيكم أحد عمه حمزة سيد الشهداء غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد زوجته سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟ قالوا: الهم لا. قال: فهل فيكم أحد ابناه سيدا شباب أهل الجنة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد أعلم بناسخ القرآن ومنسوخه والسنة مني ؟ قالوا: اللهم لا. قال. فهل فيكم أحد سماه الله (عزوجل) في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر مرات، يقدم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ليبلغ الثاهد الغائب ذلك ” غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم رجل قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” لاعطين الراية رجلا غدا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه ” وذلك حيث رجع أبو بكر وعمر منهزمين، فدعاني وأنا أرمد، فتفل في عيني، وقال: ” اللهم اذهب عنه الحر والبرد ” فما وجدت بعدها حرا ولا بردا يؤذياني، ثم أعطاني الراية، فخرجت بها، ففتح الله على يدي خيبر، فقتلت مقاتليهم وفيهم مرحب، وسبيت ذراريهم، فهل كان ذلك غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي، وأشدهم لي ولك حبا، يأكل معي من هذا الطائر ” فأتيت فأكلت معه غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” لتنتهن يا بني وليعة، أو لابعثن عليكم رجلا كنفسي، طاعته كطاعتي، ومعصيته كمعصيتي، يعصاكم – أو يقصعكم – بالسيف) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا ” غيري ؟ قالوا: لا.


[ 547 ]

قال: فهل فيكم من سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة وفيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ليلة القليب، لما جئت بالماء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له جبرئيل (عليه السلام): ” هذه هي المواساة ” وذلك يوم أحد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” إنه مني، وأنا منه ” فقال جبرئيل (عليه السلام). ” وأنا منكما، غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم أحد نودي به من السماء: ” لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم من يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” إني قاتلت على تنزيل القرآن، وستقاتل أنت على تأويله ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الملائكة المقربين بالروح والريحان، تقلبه لي الملائكة، وأنا أسمع قولهم، وهم يقولون: ” استروا عورة نبيكم ستركم الله ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم من كفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضعه في حفرته غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم أحد بعث الله (عزوجل) إليه بالتعزية حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) تبكيه، إذ سمعنا حسا على الباب، وقائلا يقول، نسمع صوته ولا نرى شخصه: ” السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، ربكم (عزوجل) يقرئكم السلام، ويقول لكم: إن في الله خلفا من كل مصيبة، وعزاء من كل هالك، ودركا من كل فوت، فتعزوا بعزاء الله، واعلموا أن أهل الارض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” وأنا في البيت وفاطمة والحسن والحسين أربعة لا خامس لنا إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجى بيننا، غيرنا ؟


[ 548 ]

قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ردت عليه الشمس بعد ما غربت، أو كادت، حتى صلى العصر في وقتها غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأخذ براءة بعدما انطلق أبو بكر بها فقبضها منه، فقال أبو بكر بعدما رجع: ” يا رسول الله، أنزل في شئ ” فقال له: ” لا، إنه لا يؤدي عني إلا علي ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم من قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، ولو كان بعدي نبي لكنته يا علي ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” إنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا كافر ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: أتعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي، فقلتم في ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” ما أنا سددت أبوابكم، ولا أنا فتحت بابه، بل الله سد أبوابكم، وفتح بابه ” قالوا: نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ناجاني يوم الطائف دون الناس، فأطال ذلك، فقال بعضكم: ” يا رسول الله، إنك انتجيت عليا دوننا ” فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” ما أنا انتجيته، بل الله (عزوجل) انتجاه ؟ قالوا: نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال. ” الحق بعدي مع علي، وعلي مع الحق، يزول الحق معه حيثما زال ” ؟ قالوا: نعم. قال: فهل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وإنكم لن تضلوا ما اتبعتموهما واستمسكتم بهما ” ؟ قالوا: نعم. قال: فهل فيكم أحد وقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه، ورد مكر المشركين به واضطجع في مضجعه، وشرى بذلك من الله نفسه غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم حيث آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه أحد كان له


[ 549 ]

أخا غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ذكره الله (عزوجل) بما ذكرني إذ قال: (والسابقون السابقون * أولئك المقربون ” (1) غيري ؟ فهل سبقني منكم أحد إلى الله ورسوله ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد آتى الزكاة وهو راكع ونزلت فيه (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” (2) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد برز لعمرو بن عبدود حيث عبر خندقكم وحده، ودعا جمعكم إلى البراز فنكصتم عنه، وخرجت إليه فقتلته، وفت الله بذلك في أعضاد المشركين والاحزاب غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهم فيكم أحد ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابه مفتوحا في المسجد، يحل له ما يحل لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث يقول الله (تعالى): (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (3) غيري وزوجتي وابني ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما سألت الله (عزوجل) لي شيئا إلا سألت لك مثله ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد كان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المواطن كلها غيري ؟ قالوا: لا.


(1) سورة الواقعة 56: 10، 11. (2) سورة المائدة 5: 55. (3) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 550 ]

قال: فهل فيكم أحد ناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبضة من تراب من تحت قدميه فرمى به في وجوه الكفار فانهزموا، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قضى دين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنجز عداته، غيرى ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد اشتاقت الملائكة إلى رؤيته، فاستأذنت الله (تعالى)، في زيارته، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأداته غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد استخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله، وجعل أمر أزواجه إليه من بعده، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على كتفه حتى كسر الاصنام التي كانت على الكعبة غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد اضطجع هو ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في لحاف واحد إذ كفلني، غيري ؟ قالوا: لا. قال. فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” أنت صاحب رايتي ولوائي في الدنيا والآخرة) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد كان أول داخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآخر خارج من عنده لا يحجب عنه، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد نزلت فيه وفي زوجته وولديه (يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (1) إلى سائر ما اقتض الله (تعالى) فيه من ذكرنا في هذه السورة غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة


(1) سورة الانسان 76: 8

[ 551 ]

المسجد الحرام ” (1) إلى آخرها، (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (2) إلى آخر ما اقتص الله (تعالى) من خبر المؤمنين غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد أنزل الله (عزوجل) فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة، وجعل الله (عز وجل) نفسه نفس رسوله، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) (2) لما وقيت رسول الله ليلة الفراش، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد سقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المهراس (4) لما اشتد ظمأه، وأحجم عن ذلك أصحابه، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله: ” اللهم إني أقول كما قال موسى: (رب اشرح لى صدري * ويسر لى أمرى * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلى * هارون أخى * اشدد به أزرى) (5) إلى آخر دعوة موسى (عليه السلام) إلا النبوة، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد هو أدنى الخلائق لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة، وأقرب إليه مني، كما أخبركم بذلك (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” إن من شيعتك رجلا يدخل في شفاعته الجنة مثل ربيعة ومضر ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنت وشيعتك هم الفائزون، تردون يوم القيامة رواء مروبين، وعدوك ظماء مظمئين ” غيري ؟ قالوا: لا.


(1) سورة التوبة 9: 19. (2) سورة السجدة 32: 18. (3) سورة البقرة 2: 207. (4) روى ياقوت عن المبرد قوله: ” المهراس: ماء بجبل أحد، روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) عطش يوم احد، فجاءه علي (عليه السلام) وفي درقته ماء من المهراس “. معجم البلدان 5: 232، دار صادر، بيروت. (5) سورة طه. 20: 25 – 31.

[ 552 ]

قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” من أحب هذه الشعرات فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله (تعالى)، ومن أبغضها وآذاها فقد أبغضني وآذاني، ومن آذاني فقد آذى الله (تعالى)، ومن آذى الله (تعالى) لعنه الله وأعد له جهنم وساءت مصيرا ” فقال أصحابه: ” وما شعراتك هذه، يا رسول الله ؟ “. قال: ” علي وفاطمة والحسن والحسين ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” أنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين، وأنت الصديق الاكبر، والفاروق الاعظم، الذي يفرق بين الحق والباطل ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد طرح عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثوبه وأنا تحت الثوب وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال. ” اللهم أنا وأهل بيتي هؤلاء، إليك لا إلى النار) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجحفة بالشجيرات من خم: ” من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله (تعالى) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد كان رسول الله (صلى الله عليه واله) بينه وبين زوجته، وجلس بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين زوجته، وقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا ستر دونك يا علي) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد احتمل باب خيبر يوم فتحت حصنها، ثم مشى به ساعة ثم ألقاه، فعالجه بعد ذلك أربعون رجلا فلم يقلوه من الارض، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنت معي في قصري، ومنزلك تجاه منزلي في الجنة) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنت أولى الناس بأمتي من بعدي، والى الله من والاك، وعادى الله من عاداك، وقاتل الله من قاتلك بعدي) غيري ؟ قالوا: لا.


[ 553 ]

قال: فهل فيكم أحد صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الناس سبع وستين شهرا غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” إنك عن يمين العرش يا علي يوم القيامة، يكسوك الله (عزوجل) بردين: أحدهما أحمر، والآخر أخضر ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أطعمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فاكهة الجنة لما هبط بها جبرئيل (عليه السلام)، وقال: ” لا ينبغي أن يأكلها في الدنيا إلا نبي أو وصي نبي) غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنت أقومهم بأمر الله، وأوفاهم بعهد الله، وأعلمهم بالقضية، وأقسمهم بالسوية، وأرأفهم بالرعية ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” أنت قسيم النار، تخرج منها من آمن وأقر، وتدع فيها من كفر ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال للعين وقد غاصت: ” انفجري ” فانفجرت فشرب منها القوم، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسلمون معه فشرب وشربوا وشربت خيلهم وملاوا رواياهم، غيري ؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حنوطا من حنوط الجنة فقال: ” اقسم هذا أثلاثا: ثلثا لي حنطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك ” غيري ؟ قالوا: لا. قال: فما زال يناشدهم، ويذكرهم ما أكرمه الله (تعالى) وأنعم عليه به، حتى قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة، ثم أقبل عليهم فقال: أما إذا أقررتم على أنفسكم، وبان لكم من سببي الذي ذكرت، فعليكم بتقوى الله وحده، أنهاكم عن سخط الله، فلا تعرضوا ولا تضيعوا أمري، وردوا الحق إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم (صلى الله عليه وآله) وسنتي من بعده، فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم (صلى الله عليه وآله)، فقد سمع ذلك منه جميعكم، وسلموها إلى من هو لها أهل وهي له أهل، أما والله ما أنا بالراغب في


[ 554 ]

دنياكم، ولا قلت ما قلت لكم افتخارا ولا تزكية لنفسي، ولكن حدثت بنعمة ربي وأخذت عليكم بالحجة، ثم نهض إلى الصلاة. قال: فتآمر القوم فيما بينهم وتشاوروا، فقالوا: قد فضل الله علي بن أبي طالب بما ذكر لكم، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد، ويجعلكم ومواليكم سواء، وإن وليتموه إياها ساوى ببن أسودكم وأبيضكم، ولو وضع السيف على أعناقكم، لكن ولوها عثمان، فهو أقدمكم ميلا، وألينكم عريكة، وأجدر أن يتبع مسرتكم، والله غفور رحيم. 1169 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا حسن بن محمد بن شعبة الانصاري، ومحمد بن جعفر بن رميس الهبيري بالقصر، وعلي بن الحسين بن كاس النخعي بالرملة، وأحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قالوا: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا الازدي الصوفي، قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الازدي، عن معروف بن خربوذ، وزياد بن المنذر، وسعيد بن محمد الاسلمي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، قال: لما احتضر عمر بن الخطاب، جعلها شورى بين ستة. بين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر فيمن يشاور ولا يولى. قال أبو الطفيل: فلما اجتمعوا أجلسوني على الباب، أرد عنهم الناس، فقال علي (عليه السلام): إنكم قد اجتمعتم لما اجتمعتم له، فانصتوا فأتكلم، فإن قلت حقا صدقتموني، وإن قلت باطلا ردوا علي ولا تهابوني، إنما أنا رجل كأحدكم، أنشدكم بالله، هل فيكم أحد له مثل ابن عمي (صلى الله عليه وآله)، وأقرب إليه رحما مني ؟ قالوا. اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد له مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين مضرج بالدماء الطيار في الجنة ؟ قالوا: اللهم لا.


[ 555 ]

قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيدة نساء عالمها في الجنة ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبلي ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد له سهمان في كتاب الله في الخاص والعام، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابه مفتوحا يحل له ما يحل لرسول الله، ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم رجل ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر مرات، يقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال في غزاة تبوك: ” إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ” غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقالته يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ” غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد وصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وماله، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قتل المشركين كقتلي ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب عهدا برسول الله (صلى الله عليه وآله) مني ؟ قالوا: اللهم لا. قال. فأنشدكم بالله، هل فيكم من نزل في حفرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري ؟


[ 556 ]

قالوا: اللهم لا. قال: فاصنعوا ما أنتم صانعون. فقال طلحة والزبير عند ذلك: نصيبنا منها لك يا علي، فقال عبد الرحمن بن عوف: قلدوني هذا الامر على أن أجعلها لاحدكم. قالوا: قد فعلنا. فقال عبد الرحمن: هلم يدك يا علي تأخذها بما فيها، على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال (عليه السلام): آخذها بما فيها، على أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه جهدي، فخلى عن يد علي، وقال: هلم يدك يا عثمان، خذها بما فيها، على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال: نعم، ثم تفرقوا. 1170 / 6 – وروى أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث المناشدة. وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، وأبو عبيدالله محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي، قالا: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن ربيعة بن عجلان، عن معاوية بن عبد الله، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه أبي رافع، قال. لما اجتمع أصحاب الشورى وهم ستة نفر وهم: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعد بن مالك، وعبد الرحمن بن عوف، أقبل عليهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: أنشدكم الله أيها النفر، هل فيكم من أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله). (منزلتك مني يا علي منزلة هارون من موسى) أتعلمون قال ذلك لاحد غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: أيها النفر، هل فيكم من أحد له سهمان: سهم في الخاص، وسهم في العام غيري ؟ قالوا: اللهم لا – وذكر الحديث نحوه. 1171 / 7 – طريق أبي الاسود الدؤلي عن أمير المؤمنين (عليه السلام). وعنه، قد: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران، قال: حدثنا أحمد بن الاسود أبو علي الحنفي القاضي، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن حفص العائشي التيمي، قال:


[ 557 ]

حدثنا أبي، عن عمر بن أذينة العبدي، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال: حدثنا أبو حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه أبي الاسود، قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب، جعل الامر بين ستة نفر: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن مالك، وعبد الله بن عمر معهم يشهد النجوى وليس له في الامر نصيب، وأمرهم أن يدخلوا لذلك بيتا، ويغلقوا عليهم بابه. قال أبو الاسود: فكنت على الباب أنا ونفر معي، حاجتهم أن يسمعوا الحوار الذي يجري بينهم، فابتدر الكلام عبد الرحمن بن عوف فقال: ليذكر كل رجل منكم رجلا إن أخطأه هذا الامر كانت الخيرة لصاحبه. فقال الزبير: قد اخترت عليا، وقال طلحة: قد اخترت عثمان، وقال سعد: قد اخترت عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن: قد رضي القوم بنا، وقد جعل الامر فينا ولنا أيها الثلاثة، فايكم يخرج من هذا الامر نفسه، ويختار للمسلمين رجلا رضى (1) في الامة ؟ فأمسك الشيخان، فعاد عبد الرحمن لكلامه، فقال له علي (عليه السلام): كن أنت ذلك الرجل. قال: فإنه لم يبق إلا أنت وعثمان، فأيكما يتقلد هذا الامر على أن يسير في الامة بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبسيرة صاحبيه أبي بكر وعمر فلا يعدوهما. قال علي (عليه السلام): إني آخذها على أن أسير في الامة بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) جهدي وطوقي (2)، واستعين على ذلك بربي. قال. فما عندك أنت يا عثمان ؟ قال: أسير في الامة بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيرة أبي بكر وعمر. قال: قررها على علي (عليه السلام) ثلاثا، وعلى عثمان ثلاثا، كل رجل منهما يقول مثل قوله الاول. فلما توافقوا على رأي واحد قال لهم علي (عليه السلام): إني أحب أن تسمعوا مني قولا أقول لكم. قالوا: قل يا أبا الحسن. قال: فإني أسألكم بالله الذي يعلم سركم


(1) يقال. رجل رضي، أي مرضي عنه، وهو وصف بالمصدر على معنى المفعول. (2) الطوق. الوسع والطاقة.

[ 558 ]

وجهركم، هل فيكم من رجل قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله). (أنت بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ” غيري ؟ قالوا: اللهم لا، وذكر المناشدة، نحوه. 1172 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جوريه الجنديسابوري من أصل كتابه، قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني، قال: أخبرني الحسن بن عنبسة النهشلي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الاودي، أنه ذكر عنده علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال: إن قوما ينالون منه، أولئك هم وقود النار، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد (عليه السلام) منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم: لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر: هو زوج فاطمة سيدة نساء الاولين والآخرين، فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الاولين والآخرين ؟ وهو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والآخرين، فمن له أيها الناس مثلهما ؟ ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حموه، وهو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وأزواجه، وشدت الابواب التي في المسجد كلها غير بابه، وهو صاحب باب خيبر، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ في عينيه وهو أرمد، فما اشتكاهما من بعد، ولا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك. وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمه، وألزم أمته ولايته، وعرفهم بخطره، وبين لهم مكانه، فقال: أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا: الله ورسوله. قال. فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو صاحب العباء ومن أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا، وهو صاحب الطائر حين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ” اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي ” فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه. وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سار أبو بكر بالسورة، فقال له: يا محمد، إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي، إنه منك وأنت منه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه في حياته وبعد وفاته.


[ 559 ]

وهو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن قال له النبي (صلى الله عليه وآله): ” أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها، كما أمر الله فقال: (وأتوا البيوت من أبوابها) (1). وهو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحروب، وهو أول من آمن برسول الله وصدقه واتبعه، وهو أول من صلى، فمن أعظم فرية على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، ممن قاس به أحدا أو شبه به بشرا ! 1173 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيدالله العرزمي، عن أبيه، عن عثمان أبي اليقظان، عن أبي عمر زاذان، قال: لما وادع الحسن بن علي (عليهما السلام) معاوية، صعد معاوية المنبر، وجمع الناس فخطبهم، وقال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا، وكان الحسن (عليه السلام) أسفل منه بمرقاة، فلما فرغ من كلامه، قام الحسن (عليه السلام) فحمد الله (تعالى) بما هو أهله، ثم ذكر المباهلة فقال: فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الانفس بأبي، ومن الابناء بي وبأخي، ومن النساء بأمي وكنا أهله، ونحن له، وهو منا ونحن منه. ولما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كساء لام سلمة (رضي الله عنها) خيبري، ثم قال: ” اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” فلم يكن أحد في الكساء غيري وأخي وأبي وأمي، ولم يكن أحد يجنب في المسجد ويولد له فيه إلا النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي، تكرمة من الله (تعالى) لنا، وتفضيلا منه لنا. وقد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر بسد الابواب فسدها، وترك بابنا، فقيل له في ذلك، فقال: ” أما إني لم أسدها وأفتح بابه، ولكن الله (عزوجل) أمرني أن أسدها وأفتح بابه “. وان معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب


(1) سورة البقرة 2: 189.

[ 560 ]

معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله (تعالى) نبيه (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، وتوثب على رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفئ، ومنع أمنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، وما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتق يرجعوا إلى ما تركوا “. وقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى (عليه السلام) فيهم واتبعوا السامري، وقد تركت هذه الامة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة)، وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أبي يوم غدير خم، وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد هرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه وهو يدعوهم إلى الله (تعالى) حتى دخل الغار، ولو وجد أعوانا ما هرب، وقد كف أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا، وكذلك أبي، وأنا في سعة من الله حين خذلتنا الامة وبايعوك يا معاوية، وإنما هي السنن والامثال يتبع بعضها بعضا. أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوه، وإني قد بايعت هذا (وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) (1).


(1) سورة الانبياء 21: 111.

[ 561 ]

(21) مجلس يوم الجمعة الحادي عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1174 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة وسألته، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الاشعري، قال. حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن علي وابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا، وقد أتانا ليبايع طوعا. ثم قال. قم يا حسن ؟ فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء،


[ 562 ]

المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوه عن لحوق الاوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين، من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته، ووجوده ووحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه، وبعثه داعيا إلى الحق، وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا، ولما يأملون بشيرا، فنصح للامة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأحبر. واقول معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا، وطهرنا من كل أفن (1) وغية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الامور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) للنبوة، واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله (عزوجل) فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله (تعالى)، ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله (تعالى) في كتابه المنزل على نبيه المرسل: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ” (2) فرسول الله الذي على بينة من ربه، وأبي الذي يتلوه، وهو شاهد منه. وقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة (سر بها يا علي، فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، وأنت هو يا علي) فعلي من رسول الله، ورسول الله منه، وقال له نبي الله (صلى الله عليه وآله) حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: (أما أنت لا علي فمني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن بعدي).


(1) أفن الرجل: ضعف رأيه. (2) سورة هود 11: 17.

[ 563 ]

فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه، ولكل شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله (عزوجل): (والسابقون السابقون * أولئك المقربون) (1) وكان أبي سابق السابقين إلى الله (عزوجل) وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الاقربين، فقد قال الله (تعالى): (لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة) (2). فأبي كان أولهم إسلاما وايمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة، قال (سبحانه): (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) (3) فالناس من جميع الامم يستغفرون له بسبقه إياهم الايمان بنبيه (صلى الله عليه وآله)، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان أحد، وقد قال الله (تعالى): (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان) (4) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله (عزوجل) فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، وقد قال الله (عزوجل: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر ” (5). (فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر) والمجاهد في سبيل الله حقا، وفيه نزلت هذه الآية. وكان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه حمزة وجعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)،


(1) سورة الواقعة 56: 10، 11. (2) سورة الحديد 57: 10. (3) سورة الحشر 59: 10. () سورة التوبة 9: 100. (5) سورة التوبة 9: 19.

[ 564 ]

فجعل الله (تعالى) حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومنزلتهما وقرابتهما منه (صلى الله عليه وآله)، وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه. وكذلك جعل الله (تعالى) لنساء النبي (صلى الله عليه وآله) للمحسنة منهن أجرين، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيم (عليه السلام) بمكة، وذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ربه. وفرض الله (عز وجل) الصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله) على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك ؟ فقال: قولوا: ” اللهم صل على محمد وآل محمد ” فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فريضة واجبة. وأحل الله (تعالى) خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه وآله)، وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه، فأدخلنا – فله الحمد – فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه وآله) وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه، كرامة أكرمنا الله (عزوجل) بها، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله (تعالى) لمحمد (صلى الله عليه وآله) حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (1) فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الانفس معه أبي، ومن البنين إياي وأخي، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه، ونحن منه وهو منا. وقد قال الله (تعالى): (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم


(1) سورة آل عمران 3: 61.

[ 565 ]

تطهيرا) (1). فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا وأخي وأمي وأبي، فجللنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة (رضي الله عنها): أدخل معهم يا رسول الله ؟ فقال لها (صلى الله عليه وآله). يرحمك الله، أنت على خير وإلى خير، وما أرضاني عنك ! ولكنها خاصة لي ولهم. ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: (الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد الابواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: ” إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي، ولكني اتبع ما يوحى إلي، وإن الله أمر بسدها وفتح بابه) فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويولد فيه الاولاد غير رسول الله وأبي علي ابن أبي طالب (عليها السلام) تكرمة من الله (تعالى) لنا، وفضلا اختصنا به على جميع الناس. وهذا باب أبي قرين باب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده، ومنزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لابي فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهر، وهو الذي قال الله (تعالى): (أهل البيت) فنحن أهل البيت، ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا. أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله (عزوجل وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) لم أحصه، وأنا ابن النبي النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي علي، ولي المؤمنين، وشبيه هارون، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها


(1) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 566 ]

أهلا، فكذب معاوية، وأيم الله لانا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا، وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله (من الفئ) والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها. إنا لا نسمي أحدا، ولكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله (عزوجل) ورسوله، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما اختلف في هذه الامة سيفان، ولاكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا معاوية، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا “. وقد تركت بنو إسرائيل – وكانوا أصحاب موسى (عليه السلام) – هارون أخاه وخليفته ووزيره، وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم، وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لابي (عليه السلام) (إنه مني بمنرلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه، ونادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذارا من قومه إلى الغار – لما أجمعوا أن يمكروا به، وهو يدعوهم – لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم. وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة. وقد خذلتني الامة وبايعتك يابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله (عزوجل) هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا


[ 567 ]

وأبي في سعة حين تركتنا الامة وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم أعوانا، وإنما هي السنن والامثال تتبع بعضها بعضا. أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبوه وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك منكم ! ألا وإني قد بايعت هذا – وأشار بيده إلى معاوية – (وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ” (1). أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لاهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمه أبي طالب وهو في الموت. إقل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة ” ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له إلا ما يكون منه على يقين، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا – أعني أبا طالب – يقول الله (عزوجل: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إئى تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ” (2). أيها الناس، اسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (3) والسلام على من اتبع الهدى. قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الارض، وهممت أن أبطش به، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية.


(1) سورة الانبياء 21: 111. (2) سورة النساء 4: 18. (3) سورة هود 11: 28.

[ 568 ]

(22) مجلس يوم الجمعة السابع عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1175 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدثنا [ لابي، قال: حدثنا ] الرضا أبو الحسن علي بن موسى، قال. حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: لما أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده، خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد، فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ثم قال: إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله)، وأبو ابنيه، والصديق الاكبر، وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، وأسلمت وصليت، وأنا وصيه، وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد (عليهما السلام)، وأبو حسن وحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، وبنا استنقذكم من الضلالة، وأنا صاحب يوم الدوح،


[ 569 ]

وفي نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصي على الاموات من أهل بيته (صلى الله عليه وآله)، وأنا بقيته على الاحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم، ثم رجع (عليه السلام) إلى بيته. 1176 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن الحسني (رحمه الله) في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين [ بن زيد بن علي بن الحسين ] بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثني الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال. سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله، فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة إلى الله (تعالى)، لانه معالم الحلال والحرام، ومنار سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير (قادة) (1). 1177 / 3 – وباسناده عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قول الله (عزوجل): (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) (2) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة. 1178 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أمير المؤمنين


(1) تقدمت قطعة منه في الحديث: 1069. (2) سورة الرحمن 55: 60.

[ 570 ]

علي بن أبي طالب (عليه السلام) في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدئني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) منذ خمس وسبعين سنة قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال. حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: التوحيد ثمن الجنة، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة، وخشية الله مفتاح كل حكمة، والاخلاص ملاك كل طاعة. 1179 / 5 – وباسناده، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إني سميت فاطمة لانها فطمت وذريتها من النار، من لقي الله منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به. 1180 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: حدثنا عمي علي بن حمزة، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله (عزوجل) عنه أكثر. 1181 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه الصامغاني بقزوين، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي القزويني، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثنا أبي موسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله (عزوجل): يابن آدم ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل، وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح، يابن آدم


[ 571 ]

لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف إذن لسارعت إلى مقته (1). 1182 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ياسين بن محمد بن عجلان التميمي العابد مولى الباقر (عليه السلام)، قال: حدثني مولاي أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الناس اثنان: رجل أراح ورجل استراح، فالمؤمن استراح من الدنيا وتعبها، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه، وأما الذي أراح فالفاجر أراح منه الناس والشجر والدواب، وأفضى إلى ما قدم. 1183 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي بحران، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: حدثني عماي علي بن موسى والحسين بن موسى، عن أبيهما موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: يوحي الله (عزوجل) إلى الحفظة الكرام: لا تكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئا. 1184 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم، عن علي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثنا علي بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه القاسم بن الحسين، عن أبيه الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ما خلى الله (عزوجل) بين عبده


(1) تقدم في الحديث: 197، والحديث: 532.

[ 572 ]

المؤمن وبين ذنب أبدا. 1185 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. أخبرنا رجاء ابن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى سنة أربعين ومائتين، قال: حدثنا مسعدة بن صدقة العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يحدث عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المجالس بالامانة، ولا يحل لمؤمن أن يأئر (1) عن مؤمن – أو قال: عن أخيه المؤمن – قبيحا. 1186 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد ابن جعفر بن محمد بن رياح الاشجعي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الرؤاسي الخثعمي، قال: حدثني عدي بن زيد الهجري، عن أبي خالد الواسطي، قال إبراهيم بن محمد: ولقيت أبا خالد عمرو بن خالد فحدثني عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، فكان رأسه في حجري والعباس يذب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأغمي عليه إغماءة ثم فتح عينيه، فقال: يا عباس يا عم رسول الله، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. فقال: يا رسول الله، أنت أجود من الريح المرسلة، وليس في مالي وفاء لدينك وعداتك. فقال النبي (عليه السلام) ذلك ثلاثا يعيده عليه والعباس في كل ذلك يجيبه بما قال أول مرة. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لاقولنها لمن يقبلها، ولا يقول – يا عباس – مثل مقالتك. قال: فقال: يا علي، اقبل وصيتي، واضمن ديني وعداتي. قال: فخنقتني العبرة، وارتج جسدي، ونظرت إلى رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذهب ويجئ في حجري، فقطرت دموعي على وجهه، ولم أقدر أن أجيبه، ثم ثنى فقال: يا علي، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. قال. قلت: نعم بأبي وأمي. قال: اجلسني، فأجلسته،


(1) أثر الحديث: نقله ورواه عن غيره.

[ 573 ]

فكان ظهره في صدري، فقال: يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة، ووصيي وخليفتي في أهلي. ثم قال: يا بلال، هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ومنطقتي التي أشدها على درعي، فجاء بلال بهذه الاشياء، فوقف بالبغلة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: قم يا علي فاقبض. قال: فقمت وقام العباس فجلس مكاني، فقمت فقبضت ذلك، فقال: انطلق به إلى منزلك، فانطلقت ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنظر إلي ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إلي، فقال. هاك يا علي هذا في الدنيا والآخرة، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين، فقال: يا بني هاشم، يا معشر المسلمين، لا تخالفوا عليا فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا، يا عباس قم من مكان علي. فقال. تقيم الشيخ وتجلس الغلام ! فأعادها عليه ثلاث مرات، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عباس، يا عم رسول الله، لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك، فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس.


[ 574 ]

(23) مجلس يوم الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقتة أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1187 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله ررحه)، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمس وأربعين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن المغيرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث، عن أبيه، عن جده نوفل: أنه كان يحدث عن يوم حنين، قال: فر الناس جميعا وأعروا (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يبق معه إلا سبعة نفر من بني عبد المطلب: العباس، وابنه الفضل، وعلي، وأخوه عقيل، وأبو سفيان، وربيعة، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) مصلت سيفه في المجتلد، وهو على بغلته الدلدل، وهو يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب


(1) أعراه: تركه ولم ينصره.

[ 575 ]

قال الحارث بن نوفل: فحدثني الفضل بن العباس، قال: التفت العباس يومئذ وقد أقشع الناس (1) عن بكرة أبيهم، فلم ير عليا (عليه السلام) في من ثبت، فقال: شوهة بوهة، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو صاحب ما هو صاحبه ! – يعني المواطن المشهورة له – فقلت: نقص قولك لابن أخيك يا أبه. قال: ما ذاك، يا فضل ؟ قلت: أما تراه في الرعيل الاول، أما تره في الرهج (2)، قال: أشعره لي يا بني. قلت: ذو كذا ذو كذا ذو البردة. قال: فما تلك البرقة ؟ قلت: سيفه يزيل به بين الاقران. فقال: بر بن بر، فداه عم وخال. قال: فضرب علي (عليه السلام) يومئذ أربعين مبارزا، كلهم يقده حتى أنفه وذكره، قال: وكانت ضرباته مبتكرة (3). 1188 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي الوراق، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رقبة بن مصقلة بن عبدالثه بن خوتعة بن صبرة العبدي، عن أبيه، عن جده عبد الله بن خوتعة، قال: قدمنا وفد عبد القيس في إمارة عمر بن الخطاب، فسأله رجلان منا عن طلاق الامة، فقام معهما قال: انطلقا، فجاء إلى حلقة فيها رجل أصلع، فقال: يا أصلع، ما طلاق الامة ؟ قال: فأشار له باصبعيه هكذا – يعني اثنتين – قال: فالتفت عمر إلى الرجلين فقال: طلاقها اثنتان. فقال له أحدهما: سبحان الله، جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك، فجئت إلى رجل فوالله ما كلمك ! فقال له عمر: ويلك أتدري من هذا ؟ هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، سمعتي النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لو أن السماوات والارض وضعتا في كفة، ووضع


(1) أي تفرقوا. (1) الرهج: الغبار. (3) أي إن ضربته كانت بكرا، يقتل بواحدة منها، لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا، يقال: ضربة بكر. إذا كانت قاطعة لا تثنى.

[ 576 ]

إيمان علي في كفة، لرجح إيمان علي. 1189 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي ببغداد، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمدي، قال: حدثنا منصور بن أبي بريرة، قال: حدثني نوح بن دراج القاضي، عن ثابت بن أبي صفية، قال: حدثني يحيى ابن أم الطويل، عن نوف بن عبد الله البكالي، قال: قال لي علي (عليه السلام): يا نوف، خلقنا من طينة طيبة، وخلق شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا. قال: نوف: فقلت: صف لي شيعتك، يا أمير المؤمنين ؟ فبكى لذكرى شيعته، ثم قال: يا نوف، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء (1) عبادة، أحلاس زهادة (2)، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم، مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيل، لا يثنون من المسلمين سلفا، ولا يقفون لهم خلفا، شرورهم مكنونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، فهم الكاسة الالباء، والخالصة النجباء، وهم الرواغون فرارا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وان غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الاطيبون، وإخواني الاكرمون، ألا هاه شوقا إليهم. 1190 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن حسين بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم العلوي الحسني، قال: حدثني عمي الحسن بن إبراهيم، قال: حدثني أبي إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال:


(1) الانضاء: جمع نضو، المهزول. (2) أي ملازمون للزهد، أو ملازمون للبيوت لزهدهم.

[ 577 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أعطي أربع خصال في الدنيا، فقد اعطي خير الدنيا والآخرة، وفاز بحظه منهما: ورع يعصمه عن محارم الله، وحسن خلق يعيش به في الناس، وحلم يدفع به جهل الجاهل، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة. 1191 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طالب العلم بين الجهال كالحي بين الاموات. 1192 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال. حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيد الاعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الاخ في الله، وذكر الله على كل حال. 1193 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، ومحمد بن سعيد بن شرحبيل الترخمي بحمص، قالا: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي بن عبد الغني الازدي بمعان، قال: حدثنا عبد الوهاب بن همام الحميري، قال: حدثني أبي همام بن نافع، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أنا مدينة الجنة وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها. 1194 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن محمد بن الفراء الكبير ببغداد سنة عشر وثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمرو بن مسلم الا حقي الصفار بالبصرة سنة أربع وأربعين ومائتين، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن


[ 578 ]

محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وأنت الباب، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من قبل الباب. 1195 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد العلوي بديبل، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن بيان، عن حمران المدائني قاضي تفليس، قال: حدثني جدي لامي شريف بن سابق التفليسي، قال: حدثنا الفضل بن أبي قرة التميمي، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليتول عليا بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالائمة من بعده، فإنهم عترتي، خلقهم الله من لحمي ودمي، وحباهم فهمي وعلمي، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي.


[ 579 ]

(24) مجلس يوم الجمعة التاسع من ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1196 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن معاذ ابن سعيد الحضرمي بالجار، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن سارية المكي القرشي بجدة، قال: حدثني أبي، عن كثير بن طارق مولى بني هاشم، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد قدم عليه وفد أهل الطائف: ” يا أهل الطائف، والله لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لابعثن إليكم رجلا كنفسي، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يقصعكم بالسيف ” فتطاول لها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخذ بيد علي (عليه السلام) فأشالها، ثم قال: هو هذا. فقال أبو بكر وعمر: ما رأينا كاليوم في الفضل قط. 1197 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر (عليه السلام)، قال: سمعت مولاي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام) يذكر عن آبائه، عن جعفر بن


[ 580 ]

محمد (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه. 1198 / 3 – قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أصبح والآخرة همه، استغنى بغير مال، واستأنس بغير أهل، وعز بغير عشيرة. 1199 / 4 – قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): المؤمن لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله (عزوجل) هو المنتصر. 1200 / 5 – قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن من العزة بالله أن يصبر العبد على المعصية، ويتمنى على الله المغفرة. 1201 / 6 – قال: وسمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة. قال: أراك تتعوذ من مالك وولدك، يقول الله (تعالى): (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (1) ولكن قل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن. 1202 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي، قال: حدثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا (عليها السلام) يقول: قال أمير المؤمنين (عليه السلام). إياكم والايكال بالمنى، فإنها من بضائع العجزة. قال. وأنشدني ابن السكيت: إذا ما رمى بي الهم في ضيق مذهب * رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب 1203 / 8 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبرتائي، قال: حدثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام): ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة ؟ قال: إن الله (تعالى) لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل


(1) سورة التغابن 64: 15.

[ 581 ]

زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة. 1204 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن عاصم البزوفري، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الشاذكوني المنقري، قال: حدثنا حفص بن غياث القاضي، قال: كنت عند سيد الجعافرة جعفر ابن محمد (عليهما السلام) لما أقدمه المنصور، فأتاه ابن أبي العوجاء، وكان ملحدا، فقال له: ما تقول في هذه الآية (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) (1)، هب هذه الجلود عصيت فعذبت، فما بال الغيرية ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ويحك هي هي، وهي غيرها. قال: أعقلني هذا القول. فقال له: أرأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها، ثم صب عليها الماء وجبلها، ثم ردها إلى هيئتها الاولى، ألم تكن هي هي، وهي غيرها ؟ فقال: بلى، أمتع الله بك. 1205 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن عاصم البزوفري، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الشاذكوني المنقري، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: وجدت علوم الناس كلها في أربع خلال. أولها أن تعرف ربك، والثانية أن تعرف ما صنع، والثالثة أن تعرف ما أراد منك، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك (2). 1206 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال. حدثنا سلمة بن الفضل الابرش، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم. قال أبو المفضل: وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي


(1) سورة النساء 4: 56. (1) يأتي في الحديث: 1351.

[ 582 ]

– واللفظ له -، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدثني سلمة بن صالح الجعفي، عن سليمان الاعمش وأبي مريم جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وأنذر عشيرتك الاقربين) (1) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا علي، إن الله (تعالى) أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين، قال: فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره، فصمت على ذلك، وجاءني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك (عزوجل)، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملا لنا عسا (2) من لبن، ثم اجمع بني عبد المطلب حتى اكلمهم، وأبلغهم ما امرت به. ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم أجمع، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. فلما اجتمعوا له (صلى الله عليه وآله)، دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذمة (3) من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: خذوا بسم الله، فأكل القوم حتى صدروا، ما لهم بشئ من الطعام حاجة، وما أرى إلا مواضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صيى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم ! فتفرق القوم، ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال لي من الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول،


(1) سورة الشعراء 26: 214. (2) العس: القدح الكبير. (3) أي قطعة.

[ 583 ]

فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم لي. قال. ففعلت ثم جمعتهم، فدعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالامس، وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة، ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا. ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله (عزوجل) أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري، فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي ؟ قال: فأمسك القوم، وأحجموا عنها جميعا. قال: فقمت وإني لاحدثهم سنا، وأرمصهم (1) عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم (2) ساقا. فقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به. قال: فأخذ بيدي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لابي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. 1207 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن عيسى بن محمد بن الفراء الكبير سنة عشر وثلاث مائة، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل الانباري، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد، قال: حدثنا معتب مولى عبد الله بن مسلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله، هل للجنة من ثمن ؟ قال: نعم. قال: ما ثمنها ؟ قال: ” لا إله إلا الله ” يقولها العبد الصالح مخلصا بها. قال: وما إخلاصها ؟ قال: العمل بما بعثت به في حقه، وحب أهل بيتي. قال: وحب أهل بيتك لمن حقها ؟ قال: أجل، إن حبهم لاعظم حقها.


(1) الارمص: الذي في عينه الرمص، وهو وسخ أبيض جامد يجتمع في الموق. (2) أحمش الساقين: دقيقهما.

[ 584 ]

1208 / 13 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن جده ياسين بن محمد، عن أبيه محمد بن عجلان، قال: أصابتني فاقة شديدة ولا صديق لمضيق، ولزمني دين ثقيل وغريم يلج باقتضائه، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد، وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني ويينه، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وكان بيني وبينه قديم معرفة، فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك ؟ قلت: الحسن ابن زيد. فقال: إذن لا تقضى حاجتك ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر على ذلك، وهو أجود الاجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فإني سمعت ابن عمي جعفر بن محمد يحدث عن ابيه عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه. وعزتي وجلالي لاقطعن أمل كل مؤمل غيري بالاياس، ولا كسوته ثوب المذلة في الناس، ولابعدنه من فرجي وفضلي، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري، أو يرجو سواي ! وأنا الغني الجواد، بيدي مفاتيح الابواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني، ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فما لي أراه بأمله معرضا عني، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني، فأعرض عني ولم يسألني وسأل في نائبته غيري ! وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة، أفأسال فلا أجيب ؟ كلا أو ليس الجود والكرم لي، أو ليس الدنيا والآخرة بيدي، فلو أن أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كل واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه ؟ فيا بؤس لمن عصاني ولم يراقبني. فقلت: يابن رسول الله، أعد علي هذا الحديث، فأعاده ثلاثا فقلت: لا والله لا سألت أحدا بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني برزق وفضل من عنده. 1209 / 14 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو


[ 585 ]

عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى الحسني، عن جده موسى بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن الحسن، وعميه إبراهيم والحسن ابني الحسن، عن أمهم فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن جدها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: النساء عي وعورات، فاستروا عيهن بالسكوت، وعورتهن بالبيوت (1). 1210 / 15 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق العلوي العريضي بحران، قال: حدثنا جدي الحسين بن إسحاق بن جعفر، عن أبيه، عن أخيه موسى (عليه السلام)، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: يقول الله (عزوجل): ما من مخلوق يعتصم دوني إلا قطعت أسباب السماوات وأسباب الارض من دونه، فإن سألني لم أعطه، وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والارض رزقه، فإن دعاني أجبته، لم ان سألني أعطيته، وإن استغفرني غفرت له. 1211 / 16 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة من أصل كتابه، قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم ابن عبداللثه الانماطي البغدادي من ساكني حلب سنة ست وخمسين ومائتين، قال: حدثنا الحسين بن علوان الكلبي ببغداد سنة مائتين، قال: حدثني عمرو بن خالد الواسطي، عن محمد وزيد ابني علي، عن أبيهما علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كمن يستطعم.


(1) يأتي في الحديث: 1382.

[ 586 ]

(25) مجلس يوم الجمعة السادس عشر من ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1212 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون بن حميد الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن صالح بن النطاع أبو عبد الله البصري، قال: حدثنا المنذر بن زياد الطائي، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أجرى الله على يده فرجا لمسلم، فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة. 1213 / 2 – وعنه، باسناده عن جده: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: من عال أهل بيت من المسلمين يومهم وليلتهم، غفر الله له ذنوبه. 1214 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون، وأحمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن إسحاق بن عبد الله بن


[ 587 ]

الحارث، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزلت (إنما المؤمنون إخوة) (1) اخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المسلمين، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن، وبين فلان وفلان حتى آخى بين أصحابه أجمعهم على قدر منازلهم، ثم قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): أنت أخي، وأنا أخوك. 1215 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبي عبد الله بن المطلب الشيباني سنة ست عشرة وثلاث مائة – وفيها مات -، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بالكوفة، قال: حدثنا منصور بن أبي نويرة الاسدي، قال: حدثنا عمرو ابن شمر، عن إبراهيم بن عبد الاعلى، عن سعد بن حذيفة بن اليمان، عن أبيه، قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الانصار والمهاجرين إخوة الدين، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال. هذا أخي. قال: حذيفة فرسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له في الانام شبه ولا نظير، وعلي بن أبي طالب أخوه. 1216 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى بن سامان أبو الحسين العبرتائي، قال. حدثنا أحمد بن هلال في منزله بالكرخ، قال: حدثنا عبدالاحد بن الحسن بن صالح كاتب الفضل بن الربيع، قال: حدثنا الفضل ابن الربيع، عن أبيه الربيع، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه أبي جعفر، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل من شيعته: اجهد أن لا يكون لمنافق عندك يد، فإن المكافئ عنك وعنهم الله (عزوجل) بجنته، والمصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) بشفاعته، والحسن والحسين بحوض جدهما. 1217 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن الحارث بن زياد الليثئي المدني بالروضة من مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الجبار بن سعيد المساحقي، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، قال:


(1) سورة الحجرات 49: 10.

[ 588 ]

سمع عامر بن عبد الله بن الزبير، وكان من عقلاء قريش، ابنا له ينتقص علي بن أبي طالب (عليبه السلام)، فقال له: يا بني، لا تنتقص عليا، فإن الدين لم يبن شيئا فاستطاعت الدنيا أن تهدمه، وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين. يا بني، إن بني أمية لهجوا بسب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مجالسهم ولعنوه على منابرهم، فإنما يأخذون والله بضبعيه إلى السماء مدا، وإنهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم، فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف، فأنهاك عن سبه. 1218 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الوهاب بن أبي حية وراق الجاحظ، قال: سمعت الجاحظ عمرو بن بحر يقول: سمعت النظام يقول: علي بن أبي طالب (عليه السلام) محنة على المتكلم، إن وفاه حقه غلا، وإن بخسه حقه أساء، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن ” حادة اللسان، صعبة الترقي إلا على الحاذق الذكي. 1219 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين ابن زيد بن علي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال. حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما ابن آدم ليومه، فمن أصبح آمنا في سربه معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا (1) 1220 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى وستين ومائتين، قال: حدثنا خالي أبو


(1) تقدم نحوه في الحديث: 956.

[ 589 ]

الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما سار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته، وقالوا: يابن رسول الله، حدثنا بحق آبائك الطاهرين، حدثنا عن آبائك (صلوات الله عليهم أجمعين)، فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خز، فقال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي ابن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: أخبرني جبرئيل الروح الامين، عن الله (تقدست أسماؤه وجل وجهه) قال: إني أنا الله، لا إله إلا أنا وحدي عبادي فاعبدوني، وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها، أنه قد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي. قالوا: يابن رسول الله، وما إخلاص الشهادة لله ؟ قال. طاعة الله ورسوله، وولاية أهل بيته (عليهم السلام). 1221 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن محمد بن معقل العجلي الترمساني القرميسيني نزيل سهرورد، قال: حدثنا محمد ابن الحسن بن بنت إلياس، قال: حدثني أبي، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يحدث عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): غريبتان: كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها، فإنه لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة. 1222 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا علي بن أحمد بن نصر البندنيجي بالرقة، قال. حدثنا أبو تراب عبيدالله بن موسى الروياني، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): السنة سنتان: سنة في فريضة، الاخذ بها هدى وتركها ضلالة: وسنة


[ 590 ]

في غير فريضة، الاخذ بها فضيلة، وتركها إلى غيرها خطيئة. 1223 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني حنظلة بن زكريا القاضي التميمي بقزوين، قال: حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا حسب إلا بالتواضع، ولا كرم إلا بالتقوى، ولا عمل إلا بالنية. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسب المرء ماله، ومروءته عقله، وحلمه شرفه، وكرمه تقواه. 1224 / 13 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد ابن أحمد بن محمد بن هلال الشطوي ببغداد في دار المثنى سنة ثمان وثلاث مائة إملاء، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس القندي، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله العلوي، قال: حدثني أبي، عن خاله جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: وعظني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، أحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه. 1225 / 14 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، قال: أخبرنا أحمد بن زياد، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه، ومن توضأ قبل الطعام وبعده عاش في سعة من رزقه، وعوفي من البلاء في جسده. وزاد الموسوي في حديثه: قال هشام بن سالم: قال لي الصادق (عليه السلام): يا هشام بن سالم، الوضوء هاهنا غسل اليد قبل الطعام وبعده.


[ 591 ]

1226 / 15 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عمران ابن محسن بن محمد بن عمران بن طاوس الخطيب مولى الصادق (عليه السلام) بالموصل، قال: حدثنا إدريس بن زياد الحناط بكفرتوثا، قال: حدثني الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع، عن أبيه الربيع بن يونس حاجب المنصور، وكان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سألت جعفر ابن محمد بن علي (عليهم السلام) على عهد مروان الحمار، فقلت: يا سيدي، أخبرني عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان سببها ؟ فحدثني عن أبيه محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجهه في أمر من أمره فحسن فيه بلاؤه، وعظم فيه عناؤه، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خرج لصلاة الظهر، فصلى معه، فلما انصرف من الصلاة، أقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاعتنقه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم سأله عن سفره ذلك وما صنع فيه، فجعل علي (عليه السلام) يحدثه وأسارير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلمع نورا وسرورا بما حدثه، فلما أتى علي (عليه السلام) على حديثه قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أبشرك يا أبا الحسن. قال: بلى فداك أبي وأمي، فكم من خير بشرت به. قال. إن جبرئيل (عليه السلام) هبط علي في وقت الزوال فقال لي: يا محمد، هذا ابن عمك علي وارد عليك، وان الله (تعالى) أبلى المسلمين به بلاء حسنا، وإنه كان من صنيعه كذا وكذا، فحدثني بما أنبأتني به، ثم قال لي: يا محمد، إنه من نجا من ذرية آدم بالله (عزوجل)، فنجا من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم، ونجا شيث بأبيه آدم، ونجا آدم بالله (عزوجل)، ونجا من تولى سام بن نوح وصي نوح، ونجا سام بأبيه نوح، ونجا نوح بالله (عزوجل)، ونجا من تولى إسماعيل – أو قال: إسحاق – وصي إبراهيم خليل الله، ونجا إسماعيل بأبيه إبراهيم، ونجا إبراهيم (عليه السلام) بالله (عزوجل)، ونجا من تولى يوشع وصي موسى بيوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى بالله (عزوجل)، ونجا من تولى


[ 592 ]

شمعون وصي عيسى بشمعون، ونجا شمعون بعيسى، ونجا عيسى بالله (عزوجل)، ونجا يا محمد من توك علئأ وزيرك في حياتك، ووصيك عند وفاتك، ونجا علي بك، ونجوت أنت بالله (عزوجل). يا محمد، اني الله جعلك سيد الانبياء، وجعل عليا سيد الاوصياه وخيرهم، وجعل الائمة من ذريتكما إلى أن يرث الله الارض ومن عليها، فسجد علي (عليه السلام) وجعل يقلب وجهه على الارض شكرا.


[ 593 ]

(26) مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1227 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن حفص الخثعمي بالكوفة، قال: حدثنا هشام بن يونس النهشلي، قال: حدثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي، عن معروف بن خزبوذ المكي، عن عامر بن واثلة، عن أبي بردة الاسلمي، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن جسده فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، عن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت. 1228 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو زيد محمد بن أحمد بن سلام الاسدي بمراغة، قال: حدثنا السري بن خزيمة بالري، قال: حدثنا يزيد بن هاشم العبدي، عن مسمع بن عبد الملك، عن خالد بن طليق، عن أبيه، عن جذته أم نجيد امرأة عمران بن حصين، عن ميمونة وأم سلمة زوجي النبي (صلى الله عليه وآله)، قالتا: استسقى الحسن (عليه السلام)، فقام رسول الله فجدح له في غمر


[ 594 ]

كان لهم – يعني قدحا يشرب فيه – ثم أتاه به، فقام الحسين (عليه السلام)، فقال: اسقنيه يا أبه ! فأعطاه الحسن (عليه السلام) ثم جدح للحسين (عليه السلام) فسقاه، فقالت فاطمة (عليها االسلام): كان الحسن أحبهما إليك ؟ قال: إنه استسقى قبله، وإني وإياك وهما وهذا الراقد في مكان واحد في الجنة. 1229 / 3 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثني أحمد ابن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قالى: حدثني أبي، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبيه، قال: قال معاوية لخالد ابن معمر: على م أحببت عليا ؟ قال: على ثلاث خصال: على حلمه إذا غضب، وعلى صدقه إذا قال، وعلى عدله إذا ولي. 1230 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن صالح بن فيض الساوي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: مهما أبهمت عنه البهائم فلم تبهم عن أربع: معرفتها بالرب (عزوجل)، ومعرفتها بالانثى من الذكر، ومعرفتها بالموت، والفرار منه. 1231 / 5 – وعنه، فال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي، قال: حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال: حدثنا بشار ابن ذراع، عن أخيه يسار، عن حمران، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال. بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جماعة من أصحابه أنا فيهم، إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها، فذمها رجل، فذهب في ذمها كل مذهب، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الذام للدنيا، أنت المتجرم عليها، أم هي المتجرمة عليك ؟ فقال. بل أنا المتجرم عليها، يا أمير المؤمنين. قال: فبم تذمها ؟ أليست منزل صدق لمن صدقها، ودار غنى لمن تزود منها، ودار عافية لمن فهم عنها، ومساجد أنبياء الله، ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة ؟ فمن ذا يذمها ؟ وقد آذنت ببينها،


[ 595 ]

ونادت بانقضائها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها البلى، وتشوقت بسرورها إلى السرور تخويفا وترغيبا، فابتكرت بعافية، وراحت بفجيعة، فذمها رجال فرطوا غداة الندامة، وحمدها آخرون اكتسبوا فيها الخير. فيا أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها، متى استذمت إليك، أم متى غرتك، أبمضاجع آبائك من البلى، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم مرضت بيديك، وعالجت بكفيك ؟ تلتمس لهم الشفاء، وتستوصف لهم الاطباء، لم تنفعهم بشفاعتك، ولم تسعفهم في طلبتك، مثلت لك – ويحك – الدنيا بمصرعهم مصرعك، وبمضجعهم مضجعك، حين لا يغني بكاؤك، ولا ينفعك أحباؤك. ثم التفت إلى أهل المقابر، فقال: يا أهل التربة، ويا أهل الغربة، أما المنازل فقد سكنت، وأما الاموال فقد قسمت، وأما الازواج فقد نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال: والله لو أذن لهم في الكلام لاخبروكم أن خير الزاد التقوى. 1232 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم الموسوي العلوي في منزله بمكة، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن حميد بن شعيب الهمداني، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: لما احتضر أمير المؤمنين (عليه السلام) جمع بنيه حسنا وحسينا وابن الحنفية والاصاغر من ولده، فوصاهم وكان في آخر وصيته: يا بني، عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم، وان فقدتم بكوا عليكم. يا بني، إن القلوب جنود مجندة، تتلاحظ بالمودة، وتتناجى بها، وكذلك هي في البغض، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه. 1233 / 7 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أحمد بن عبد الرحيم بن سعد أبو جعفر القيسي الفقيه بأسوان إملاء من حفظه، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن


[ 596 ]

أبي طالب (عليهم السلام) بالمدينة، قال: حدثني أبي، عن جدي إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) يقول: أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير فاعله. 1234 / 8 – ثم قال: حدثني أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي (عليه السلام)، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: بعثت بمكارم الاخلاق ومحاسنها. 1235 / 9 – وسمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: استتمام المعروف أفضل من ابتدائه. 1236 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين، قال: حدثني أحمد بن الحسين بن إسماعيل الميثمي، عن المفضل بن صالح، عن جابر الجعفي، عن محمد ابن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: لقي ملك رجلا على باب دار كان ربها غائبا، فقال له الملك: يا عبد الله، ما جاء بك إلى هذه الدار ؟ فقال. أخ لي أردت زيارته. قال: الرحم ماسة بينك وبينه، أم نزعتك إليه حاجة ؟ قال: لا، ولكني زرته في الله رب العالمين. قال: فابشر، فإني رسول الله إليك، وهو يقرئك السلام، ويقول لك: إياي قصدت، وما عندي أردت، فقد أوجبت لك الجنة، وعافيتك من غضبي. 1237 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، قال. حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين، عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا دخل المسجد قال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج قال: اللهم افتح لي أبواب رزقك. 1238 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد بن عامر الطائي، قال. حدثني أبي سنة ستين ومائتين، قال: حدثني أبو


[ 597 ]

الحسن علي بن موسى الرضا سنة أربع وتسعين ومائة، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال. حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة. 1239 / 13 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، قال: حدثني الفضل بن المفضل بن قيس بن رمانة الاشعري سنة أربع وخمسين ومائتين وفيها مات، قال. حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث عليا (عليه السلام) إلى اليمن فقال له وهو يوصيه: يا علي، أوصيك بالدعاء فإن معه الاجابة، وبالشكر فإن معه المزيد، وأنهاك من أن تخفر (1) عهدا، أو تغير عليه، وأنهاك عن المكر فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وأنهاك عن البغي فإنه من بغي عليه لينصرنه الله. 1240 / 14 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي في منزله بمكة، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن سبرة بن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يحدث عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في ابن آدم ثلاث مائة وستون عرقا، منها مائة وثمانون متحركة، ومائة وثمانون ساكنة، فلو سكن المتحرك لم يبق الانسان، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان. قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمس يقول: ” الحمد لله رب العالمين كثيرا طيبا على كل حال) يقول ثلاث مائة وستين مرة شكرا.


(1) خفر العهد: نقضه.

[ 598 ]

1241 / 15 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا حميد ابن زياد الدهقان الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل الانباري، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن حميد بن جنادة العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: من أفضل الاعمال عند الله (عزوجل) إبراد الاكباد الحارة، وإشباع الاكباد الجائعة، والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه – أو قال: جاره – المسلم جائع. 1242 / 16 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن مزيد بن محمود الازهري، وابن أبي الازهر البوشنجي النحوي، قالا: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: حدثنا أبو أويس، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام). ألا ترضى أن تكون مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ولو كان لكنته. قال أبو المفضل: ما كتبت هذا الحديث إلا عن ابن أبي الازهر. 1243 / 17 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن هارون بن حميد بن المجدر، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا جرير، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت عند معاوية وقد نزل بذي طوى، فجاءه سعد بن أبي وقاص فسلم عليه، فقال معاوية: يا أهل الشام، هذا سعد بن أبي وقاص وهو صديق لعلي قال: فطأطأ القوم رؤوسهم، وسبوا عليا (عليه السلام)، فبكى سعد فقال له معاوية: ما الذي أبكاك ؟ قال: ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسب عندك ولا أستطيع أن أغير. وقد كان في علي خصال لان تكون في واحدة منهم أحب من الدنيا وما فيها:


[ 599 ]

أحدها: أن رجلا كان باليمن، فجاءه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: لاشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن علي (عليه السلام) فثنى عليه. فقال: أنشدك بالله الذي أنزل علي الكتاب، واختصني بالرسالة، عن سخط تقول ما تقول في علي بن أبي طالب ؟ قال: نعم يا رسول الله. قال: ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قال: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه. والثانية: أنه (صلى الله عليه وآله) بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال فهزم وأصحابه، فقال (صلى الله عليه وآله): لاعطين الراية غدا إنسانا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فقعد المسلمون وعلي (عليه السلام) أرمد، فدعاه فقال: خذ الراية. فقال: يا رسول الله، إن عيني كما ترى، فتفل فيها، فقام فأخذ الراية، ثم مضى بها حتى فتح الله عليه. والثالثة: خلفه (صلى الله عليه وآله) في بعض مغازيه فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. والرابعة: سد الابواب في المسجد إلا باب علي. والخامسة: نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1) فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وحسنا وحسينا وفاطمة (عليهم السلام)، فقال: اللهم هؤلاء أهلي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا.


(1) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 600 ]

(27) مجلس يوم الجمعة سلخ شهر ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1244 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر الرزاز أبي العباس القرشي، قال. حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن محمد بن علي، وعن زيد بن علي، كلاهما عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملوء من أصحابه، من المهاجرين والانصار، والعباس بين يديه، يذب عنه بطرف ردائه، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغمى عليه ساعة ويفيق ساعة، ثم وجد خفة، فأقبل على العباس، فقال: يا عباس، يا عم النبي، اقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي، واقض ديني، وانجز عداتي وابرئ ذمتي. فقال العباس: يا نبي الله، أنا شيخ ذو عيال كثير، غير ذي مال ممدود، وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة، فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوق له مني.


[ 601 ]

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها، ومن لا يقول مثل ما تقول، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد، يا علي اقبل وصيتي وأنجز مواعيدي وأد ديني، يا علي اخلفني في أهلي، وبلغ عني من بعدي. قال علي (عليه السلام). فلما نعى إلي نفسه، رجف فؤادي وألقي علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن أجيبه بشئ، ثم عاد لقوله فقال: يا علي، أو تقبل وصيتي ؟ قال: فقلت، وقد خنقتني العبرة، ولم أكد أن أبين. نعم، يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): يا بلال ائتني بسوادي (1)، ائتني بذي الفقار، ودرعي ذات الفضول، ائتني بمغفري ذي الجبين، ورايتي العقاب، وائتني بالعنزة (2) والممشوق (2) ؟ فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة. ثم قال: ائتني بالمرتجز (4) والعضباء (5)، ائتني باليعفور والدلدل (6)، فأتى بها، فأوقفها بالباب، ثم قال: ائتني بالاتحمية (7) والسحاب، فأتاه بهما فلم يزل يدعو بشئ شئ، فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب، فطلبها فأتي بها، والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والانصار. ثم قال: يا علي، قم فاقبض هذا ؟ ومد إصبعه، وقال: في حياة مني، وشهادة من في البيت، لكيلا ينازعك أحد من بعدي، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي. فقال: يا علي أجلسني، فأجلسته وأسندته إلى صدري.


(1) أي أمتعته وثقله، ويطلق السواد على المال أيضا. () العنزة: شبه العكازة، أطول من العصاء وأقصر من الرمح، ولها زج من أسفلها. (3) الممشوق من القضبان: الطويل الدقيق. (4) المرتجز: فرسه (صلى الله عليه وآله) سمي به لحسن صهيله. (5) العضباء: ناقته (صلى الله عليه وآله) سميت به لنجابتها. (6) اليعفور: حمار كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، الدلدل: بغلة شهباء كانت له (صلى الله عليه وآله). (7) الاتحمية: ضرب من البرود ينسج في بلاد العرب.

[ 602 ]

قال علي (عليه السلام): فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن رأسه ليثقل ضعفا، وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم: إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي، يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب، لا تبغضوا عليا، ولا تخالفوا أمره فتضلوا، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا، أضجعني يا علي، فأضجعته فقال: يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين، فانطلق فجاء بهما فأسندهما إلى صدره، فجعل (صلى الله عليه وآله) يشمهما. قال علي (عليه السلام): فظننت أنهما قد غماه – قال أبو الجارود: يعني أكرباه – فذهبت لآخذهما عنه، فقال: دعهما يا علي يشماني وأشمهما، ويتزودا مني وأتزود منهما، فسيلقيان من بعدي أمرا عضالا، فلعن الله من يخيفهما، اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين. 1245 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني بالري، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، أ نه قال: المرض لا أجر فيه، ولكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، وإنما الاجر في القول باللسان والعمل بالجوارح، وإن الله بكرمه وفضله يدخل العبد بصدق النية والسريرة الصالحة الجنة. 1246 / 3 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الحسن الرزاز أبو العباس، قال: حدثنا أبو أمي محمد بن عيسى أبو جعفر القيسي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي، عن عبد الغفار بن القاسم، عن عبد الله بن شريك العامري، عن جندب بن عبد الله البجلي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يضرب الحجاب وهو في منزل عائشة، فجلست بينه وبينها فقالت: يابن أبي طالب، ما وجدت لاستك مكانا غير فخذي أمط عني، فضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين كتفيها، ثم قال لها: ويل لك ما


[ 603 ]

تريدين من أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين. 1247 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم الموسوي في منزله بمكة، قال: حدثني عبيدالله بن أحمد بن نهيك الكوفي بمكة، قال: حدثنا جعفر بن محمد الاشعري القمي، قال: حدثني عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: جاء رجل من الانصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، ما حق العلم ؟ قال: الانصات له. قال: ثم مه. قال: الاستماع له. قال: ثم مه. قال: ثم الحفظ. قال: ثم مه، يا نبي الله. قال: العمل به. قال: ثم مه. قال: ثم نشره. 1248 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمود ابن بنت الاشج الكندي بأسوان، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن هشام الناشري الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط،. عن أبي حمزة ثابت بن أبي صفية، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام). قال عاصم: وحدثني أبو حمزة، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام)، عن أبيها الحسين، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال الايمان: الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له. 1249 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا محمد بن يحيى الخنيسي، قال: حدثنا منذر بن جيفر العبدي، عن الرصافي – واسمه عبيدالله بن الوليد -، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف.


[ 604 ]

1250 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن سليمان بن الاشعث السجستاني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد النهشلي شاذان، قال. حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز، قال: حدثنا مندل بن علي العنزي، عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيته، فغدا إليه علي (عليه السلام) في الغداة، وكان يحب أن لا يسبقه إليه أحد، فدخل فإذا النبي (صلى الله عليه وآله) في صحن الدار، وإذا رأسه في حجر دحية بن خليفة الكلبي، فقال: السلام عليك، كيف أصبح رسول (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: بخير، يا أخا رسول الله. فقال علي (عليه السلام): جزاك الله عنا أهل البيت خيرا. قال له دحية: إني أحبك، وإن لك عندي مديحة أهديها إليك. أنت أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وسيد ولد آدم ما خلا النبيين والمرسلين، لواء الحمد بيدك يوم القيامة، تزف أنت وشيعتك مع محمد (صلى الله عليه وآله) وحزبه إلى الجنان، قد أفلح من والاك، وخاب وخسر من خلاك، محبو محمد (صلى الله عليه وآله) محبوك، ومبغضوه مبغضوك، لا تنالهم شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله)، ادن من صفوة الله. فأخذ رأس النبي (عليه السلام) فوضعه في حجره، فانتبه النبي (عليه السلام) فقال: ما هذه الهمهمة، فأخبره الحديث، فقال: لم يكن دحية، كان جبرئيل (عليه السلام) سماك باسم سماك الله (تعالى) به، وهو الذي ألقى محبتك في قلوب المؤمنين، ورهبتك في صدور الكافرين. 1251 / 8 – قال أبو المفضل: سمعت عبد الله بن أبي داود قبل أن يبنى له المنبر، يعتذر إلى أبي عبد الله المستملي من النصب، ثم أملى ذلك المجلس كله من حفظه في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا الحديث أول ما بدأ به: قال أبو المفضل: وحدثنا عبد الله بن سليمان بن الاشعث، قال: حدثنا هشام بن يونس اللؤلؤي، قال: حدثنا حسين بن سليمان – يعني الانصاري الرفاء -، عن عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك، قال: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأخذ بيده، وقال: يا علي، كذب من زعم أنه يحبني وهو يبغضك. 1252 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر


[ 605 ]

محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة، قال: حدثنا عباد بن يعقوب أبو سعيد الاسدي، قال: أخبرني السيد بن عيسى الهمداني، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري، قال: كانت أمارة المنافقين بغض علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد ذات يوم، في نفر من المهاجرين والانصار، وكنت فيهم، إذ أقبل علي (عليه السلام) فتخطى القوم حتى جلس إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان هناك مجلسه الذي يعرف به، فسار رجل رجلا وكانا يرميان بالنفاق، فعرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أرادا، فغضب غضبا شديدا حتى التمع وجهه، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل عبد الجنة حتى يحبني، ألا وكذب من زعم أنه يحبني وهو يبغض هذا، وأخذ بكف علي (عليه السلام)، فأنزل الله (عزوجل) هذه الآية في شأنهما (يأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصيت الرسول) (1) إلى آخر الآية.


(1) سورة المجادلة 58: 9.

[ 606 ]

(28) مجلس يوم الجمعة السابع من ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1253 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ابن المطلب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا مطر بن أرقم، عن الحسن بن عمرو النعيمي، عن أبي قبيصة صفوان بن قبيصة، عن الحارث بن سويد: أنه حدثه أن عبد الله بن مسعود أخبرهم، قال: قرأت على النبي (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة من القرآن، أخذتها من فيه، وزيد ذو ذؤابتين يلعب مع الصبيان، وقرأت سائر – أو قال: بقية – القرآن على خير هذه الامة وأقضاهم بعد نبيهم (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه). 1254 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الابواب، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن المختار الباني، ويعرف بفضلان صاحب الجار، قال: حدثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم ابن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة، قال: حدثني أبو عامر


[ 607 ]

القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: حدثني سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد، وقمت لاخرج، فقال لي: اجلس يا سلمان، فسيشهدك الله (عزوجل) أمرا إنه لمن خير الامور، فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة (عليها السلام) ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة حتى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما يبكيك يا بنية، أقر الله عينك، ولا أبكاها ؟ قالت: وكيف لا أبكي، وأنا أرى ما بك من الضعف. قال لها: يا فاطمة، توكلي على الله، واصبري كما صبر آباؤك من الانبياء، وأمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة ؟ قالت: بلى يا نبي الله – أو قالت: يا أبه -. قال: أما علمت أن الله (تعالى) اختار أباك فجعله نبيا، وبعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا. يا فاطمة، إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا، وأقدمهم سلما، وأعلمهم علما، وأحلمهم حلما، وأثبتهم في الميزان قدرا، فاستبشرت فاطمة (عليها السلام)، فأقبل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هل سررتك يا فاطمة ؟ قالت: نعم يا أبه. قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله ؟ قالت: بلى يا نبي الله. قال: إن عليا أول من آمن بالله (عزوجل) ورسوله من هذه الامة، هو وخديجة أمك، وأول من وازرني على ما جئت. يا فاطمة، إن عليا أخي وصفيي وأبو ولدي، إن عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك، واعلمي أن أباك لاحق بالله (عزوجل). قالت: يا أبتاه فرحتني وأحزنتني. قال: كذلك يا بنية أمور الدنيا، يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية ؟ قالت: بلى يا رسول الله.


[ 608 ]

قال. إن الله (تعالى) خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعليا في خيرهما قسما، وذلك قوله (عزوجل): (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) (1) ثم جعل القسمين قبائل، فجعلنا في خيرها قبيلة، وذلك قوله (عزوجل): (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (2) ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلنا في خيرها بيتا في قوله (سبحانه): (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3)، ثم إن الله (تعالى) اختارني من أهل بيتي، واختار عليا والحسن والحسين وأختارك، فأنا سيد ولد ادم، وعلي سيد العرب، وأنت سيدة النساء، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ومن ذريتكما المهدي، يملا الله (عزوجل) به الارض عدلاكما ملئت من قبله جورا. 1255 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثني هشام بن ناجية أبو ثور القرشي بسلمية، قال: حدثني عطاء بن مسلم الحلبي، عن أزهر بن راشد، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري: أنه ذكروا عليا (عليه السلام)، فقال: إنه كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة خاصة، ولقد كانت له عليه دخلة لم تكن لاحد من الناس. 1256 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن العباس بن اليزيدي النحوي أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو الأسود الخليل بن أسد النوشجاني، قال: حدثني محمد بن سلام الجمحي، قال: حدثني يونس بن حبيب النحوي، وكان عثمانيا، قال. قلت للخليل بن أحمد: أريد أن أسالك عن مسألة فتكتمها علي ؟ قال: إن قولك يدل على أن الجواب أغلظ من السؤال، فتكتمه أنت أيضا ؟ قال: قلت: نعم، أيام حياتك. قال: سل. قال: قلت. ما بال أصحاب رسول


(1) سورة الواقعة 56: 27. (2) سورة الحجرات 49: 13. (2) سورة الاحزاب 33: 33.

[ 609 ]

الله (صلى الله عليه وآله ورحمهم) كأنهم كلهم بنو ام واحدة وعلي بن أبي طالب من بينهم كأنه ابن علة (1) ؟ قال: من أين لك هذا السؤال ؟ قال: قلت: قد وعدتني الجواب. قال: وقد ضمنت الكتمان. قال: قلت: أيام حياتك. فقال: إن عليا (عليه السلام) تقدمهم إسلاما، وفاقهم علما، وبذهم (1) شرفا، ورجحهم زهدا، وطالهم جهادا فحسدوه، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم، فافهم. 1257 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو دلف هاشم بن مالك الخزاعي في مسجد الشرقية ببغداد سنة أربع وثلاث مائة، قال: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس، قال: سمعت أبا عمرو ابن العلاء: لكل امرئ شكل من الناس مثله * فأكثرهم شكلا أقلهم عقلا لان صحيح العقل لست بواجد له * في طريق حين تفقده شكلا 1258 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا البصري، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الشاذكوني البصري، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول في مسجد الخيف: إنما سموا إخوانا لنزاهتهم عن الخيانة، وسموا أصدقاء لانهم يصادقوا حقوق المودة. 1259 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق ابن محمد بن مروان الغزال، قال. حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو حفص الاعشى، قال: سمعت الحسن بن صالح بن حي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لقد عظمت منزلة الصديق حتى إن أهل النار يستغيثون به ويدعونه قبل القريب الحميم،


(1) العلة: الضرة، وبنو الغلات: بنو رجل وأحد من امهات شتى. (2) أي غلبهم وفاقهم.

[ 610 ]

قال الله (تعالى) مخبرا: (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) (1). 1260 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدثنا عبد الله بن بكير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن الدنيا كلها لقمة واحدة فأكلها العبد المسلم ثم قال: ” الحمد لله “، لكان قوله ذلك خيرا له من الدنيا وما فيها. 1261 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي الكاتب، قال: حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم بن المفضل، قال: حدثنا عبيدالله بن الفضل أبو عيسى النبهاني بالقسطاس، قال: حدثنا هارون بن عيسى بن بهلول المصري الدهان، قال: حدثنا بكار بن محمد بن شعبة اليمامي، قال. حدثني محمد بن شعبة الذهلي قاضي اليمامة، قال: حدثني بكر بن الملك الاعتق البصري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، خلق الله الناس من أشجار شتى، وخلقني وأنت من شجرة واحدة، أنا أصلها وأنت فرعها، فطوبى لعبد تمسك بأصلها، وأكل من فرعها. 1262 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن سعيد بن محمد بن شرحبيل أبو بكر الترخمي بحمص، وعبد الرزاق بن سليمان ابن غالب الازدي بأرتاح واللفظ له، قالا: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي الازدي المعاني بمعان، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال. أخبرني أبي، عن مينا بن أبي مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها.


(1) سورة الشعراء 26: 100، 101.

[ 611 ]

وزاد عبد الرزاق: وشيعتنا ورقها، الشجرة أصلها في جنة عدن، والفرع والورق والثمر في الجنة. 1263 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن إسحاق بن إبراهيم بن حماد الخطيب المدائني، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: بينا النبي (صلى الله عليه وآله) بعرفات وعلي (عليه السلام) تجاهه ونحن معه، إذ أومأ النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فقال: ادن مني يا علي، فدنا منه، فقال: ضع خمسك – يعني كفك – في كفي، فأخذ بكفه، فقال: يا علي، خلقت أنا وأنت من شجرة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، من تعلق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنة. 1264 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب، قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، وأغصان الشجرة ذاهبة على ساقها، فأي رجل تعلق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنة برحمته. قيل: يا رسول الله، قد عرفنا الشجرة وفرعها، فمن أغصانها ؟ قال: عترتي، فما من عبد أحبنا أهل البيت، وعمل بأعمالنا، وحاسب نفسه قبل أن يحاسب، إلا أدخله الله (عزوجل) الجنة.


[ 612 ]

(29) مجلس يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1265 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا يحيى بن علي بن عبد الجبار السدوسي بالسيرجان، قال: حدثني عمي محمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان ومعاوية بن الريان، جميعا عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، قال: كنا ذات يوم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلوسا، فأتى علي (عليه السلام) فدخل المسجد، وقد وافق من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قياما، فلما رأى عليا جلس، ثم أقبل عليه، فقال: يا أبا الحسن، إنك أتيت ووافق قياما فجلست لك، أفلا أخبرك ببعض ما فضلك الله به ؟ أخبرك أني ختمت النبيين، وختمت أنت يا علي الوصيين، وحق على الله ألا يوقف موسى بن عمران (عليه السلام) موقفا إلا أوقف معه وصيه يوشع بن نون، وإني أقف وتوقف وأسأل وتسأل، فاعدد يابن أبي طالب جوابا، فإنما أنت مني تزول أينما زلت. قال علي (عليه السلام): يا نبي الله، فما الذي تبينه لي، لاهتدي بهداك لي ؟


[ 613 ]

فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي، من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وإنه (عزوجل) هاديك ومعلمك، وحق لك أن تعي، لقد أخذ الله ميثاقي وميثاقك وميثاق شيعتك وأهل مودتك إلى يوم القيامة، فهم شيعتي ورذوي مودتي، وهم ذوي الالباب، يا علي حق على الله أن ينزلهم في جناته، ويسكنهم مساكن الملوك، وحق لهم أن يطيبوا. 1266 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي، قال: حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال: حدثني محمد بن أبي عقيلة، قال: حدثني الحسين بن زيد، قال: حدثني أبي زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: من تعزى عن الدنيا بثواب الآخرة فقد تعزى عن حقير بخطير، وأعظم من ذلك من عد فائتها سلامة نالها، وغنيمة أعين عليها. 1267 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبيدالله ابن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان التميمي العابد، قال: سمعت سيدي أبا الحسن علي بن محمد ابن الرضا (عليهم السلام) بسرمن رأى، يقول: الغوغاء قتلة الانبياء، والعامة اسم مشتق من العمى، ما رضي الله لهم أن شبههم بالانعام حتى قال: (بل هم أضل) (1). 1268 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي الكاتب، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: أردت سفرا، فأوصاني أبي علي بن الحسين (عليه السلام) فقال في وصيته: إياك يا بني أن تصاحب الاحمق أو تخالطه واهجره ولا تحادثه، فإن الاحمق هجنة (2) غائبا كان أو حاضرا، إن تكلم فضحه حمقه، وإن سكت قصر به عيه، وإن


(1) سورة الفرقان 25: 44. (2) الهجنة في الكلام: العيب والقبح، وفي العلم: إضاعته.

[ 614 ]

عمل أفسد، وان استرعى أضاع، لاعلمه من نفسه يغنيه، ولا علم غيره ينفعه، ولا يطيع ناصحه، ولا يستريح مقارنه، تود أمه أنها ثكلته، وامرأته أنها فقدته، وجاره بعد داره، وجليسه الوحدة من مجالسته، إن كان أصغر من في المجلس أعني من فوقه، وإن كان أكبرهم أفسد من دونه. 1269 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة، قال: حدثنا عبيد بن الهيثم الانماطي بحلب، قال: حدثنا الحسين بن علوان الكاتب، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام)، يحدث عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (صلوات الله عليه) رفعه، قال: حسن البشر بالناس نصف العقل، والتقدير نصف المعيشة، والمرأة الصالحة أحد الكاسبين. 1270 / 6 – وباسناده، عن علي (عليه السلام)، قال: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من وضيع، وحليم من سفيه، ومؤمن من فاجر. 1271 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، قال: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي الازدي المعاني، قال: حدثنا عبد الوهاب بن همام الحميري، قال: حدثنا جعفر ابن سليمان الضبعي البصري قدم علينا اليمن، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: حدثني حذيفة بن اليمان، قال: لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قدم جعفر والنبي (عليه السلام) بأرض خيبر، فأتاه بالفرع (1) من الغالية والقطيفة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لادفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فمد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أعناقهم إليها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أين علي ؟ فوثب عمار بن ياسر فدعا عليا (عليه السلام)، فلما جاء قال له النبي (عليه السلام): يا علي، خذ القطيفة إليك، فأخذها علي (عليه السلام) وأمهل حتى قدم المدينة، فانطلق إلى البقيع، وهو سوق المدينة، فأمر صائغا ففصل


(1) فرع كل شئ أعلاه، والمراد بالنفيس العالي منهما.

[ 615 ]

القطيفة سلكا سلكا، فباع الذهب، وكان ألف مثال، ففرقه علي (عليه السلام) في فقراء المهاجرين والانصار، ثم رجع إلى منزله، ولم يترك له من الذهب قليلا ولا كثيرا، فلقيه النبي (صلى الله عليه وآله) من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمار، فقال: يا علي، إنك أخذت بالامر ألف مثقال، فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك، ولم يكن علي (عليه السلام) يرجع يومئذ إلى شئ من العروض (1) ذهب أو فضة، فقال حياء منه وتكرما: نعم يا رسول الله، وفي الرحب والسعة، ادخل يا نبي الله أنت ومن معك. قال: فدخل لنبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال لنا: ادخلوا. قال حذيفة: وكنا خمسة نفر، أنا وعمار وسلمان وأبو ذر والمقداد (رضي الله عنهم)، فدخلنا ودخل علي على فاطمة (عليها السلام) يبتغي عندها شيئا من زاد، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور، وعليها عراق (2) كثير، كأن رائحتها المسك، فحملها علي (عليه السلام) حتى وضعها بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) ومن حضر معه، فأكلنا منها حتى تملانا، ولا ينقص منها قليل ولا كثير، وقام النبي (عليه السلام) حتى دخل على فاطمة (عليها السلام)، وقال: أنى لك هذا الطعام، يا فاطمة ؟ فردت عليه ونحن نسمع قولهما فقالت: (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) (3). فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلينا مستعبرا، وهو يقول. الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريا (عليه السلام) لمريم. كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا فيقول لها: يا مريم أنى لك هذا ؟ فتقول: (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب). 1272 / 8 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن قيس بن مسكان أبو عمر المصيصي الفقيه من أصل كتابه، قال: حدثنا


(1) العروض: جمع عرض، وهو المتاع وحطام الدنيا. (2) العراق: العظم جرد لحمه. (3) سورة آل عمران 3: 37.

[ 616 ]

عبد الله بن الحسين بن جابر أبو محمد إمام جامع المصيصة، قال. حدثني عبد الحميد ابن عبد الرحمن بن بشير الحماني، قال: حدثني عبد الله بن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبح علي (عليه السلام) ذات يوم ساغبا، فقال: يا فاطمة، هل عندك شئ تطعميني ؟ قالت: والذي أكرم أبي بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أصبح عندي شئ يطعمه بشر، وما كان من شئ أطعمك منذ يومين إلا شئ كنت اوثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين. قال: أعلى الصبيين ! ألا أعلمتني فأتيكم بشئ ؟ قالت: يا أبا الحسن، إني لاستحي من إلهي أن اكلفك ما لا تقدر. فخرج واثقا بالله حسن الظن به، فاستقرض دينارا، فبينا الدينار في يد علي (عليه السلام) إذ عرض له المقداد (رضي الله عنه) في يوم شديد الحر، قد لوحته الشمس من فوقه وتحته، فأنكر علي (عليه السلام) شأنه، فقال: يا مقداد، ما أزعجك هذه الساعة ؟ قال: خل سبيلي يا أبا الحسن، ولا تكشفني عما ورائي. قال. إنه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. قال: يا أبا الحسن، إلى الله ثم إليك أن تخلي سبيلي، ولا تكشفني عن حالي. فقال علي (عليه السلام): إنه لا يسعك أن تكتمني حالك. فقال: إذا أبيت، فوالذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني إلا الجهد، ولقد تركت عيالي بحال لم تحملني لها الارض، فخرجت مهموما وركبت رأسي فهذه حالي. فهملت عينا علي (عليه السلام) بالدموع حتى أخضلت دموعه لحيته، ثم قال: أحلف بالذي حلفت به، ما أزعجني من أهلي إلا الذي أزعجك، ولقد استقرضت دينارا فخذه، فدفع الدينار إليه، وآثره به على نفسه. وانطلق إلى أن دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب، فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) المغرب مر بعلي بن أبي طالب وهو في الصف الاول، فغمزه برجله، فقام علي (علي السلام) مستعقبا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلم عليه، فرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أبا الحسن، هل عندك شئ نتعشاه فنميل معك ؟ فمكث


[ 617 ]

مطرقا لا بحير جوابا حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو يعلم ما كان من أمر الدينار، ومن أين أخذه، وأين وجهه، وقد كان أوحى الله (تعالى) إلى نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) أن يتعشى الليلة عند علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما نظر رسول الله إلى سكوته فقال: يا أبا الحسن، مالك لا تقول: لا، فانصرف، أو تقول: نعم، فأمضي معك ؟ فقال حياء وتكرما: فاذهب بنا. فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله): يد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي في مصلاها، قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخانا، فلما سمعت كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رحلها خرجت من مصلاها، فسلمت عليه، وكانت أعز الناس عليه، فرد عليها السلام، ومسح بيده على رأسها، وقال لها: يا بنتاه، كيف أمسيت رحمك الله. قالت: بخير، قال: غفر الله لك وقد فعل، فأخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الطعام وشم رائحته، رمى فاطمة (عليها السلام) ببصره رميا شحيحا، فقالت له فاطمة (عليها السلام): سبحان الله، ما أشح نظرك وأشده ! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجبت به السخطة ؟ قال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته ؟ أليس عهدي بك اليوم الماضي، وأنت تحلفين بالله مجتهدة، ما طعمت طعاما مذ يومين ؟ قال: فنظرت إلى السماء فقالت: إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه أني لم أقل إلا حقا. فقال لها: يا فاطمة، أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط، ولم أشم مثل ريحه قط، وما أكلت أطيب منه قط ؟ قال: فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فغمزها، ثم قال: يا علي، هذا بدل دينارك، وهذا جزاء دينارك من عند الله (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ” (1) ثم استعبر النبي (صلى الله عليه وآله) باكيا، ثم قال: الحمد لله الذي أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما، ويجزيك يا علي


(1) سورة آل عمران 3: 37.

[ 618 ]

بمنزلة زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا. 1273 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، باسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألت أم سلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله): عن فضل النساء في خدمة أزواجهن، فقال (صلى الله عليه وآله): ما من امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع إلى موضع تريد به صلاحا إلا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه. فقالت أم سلمة (رضي الله عنها): زدني في النساء المساكين من الثواب بأبي أنت وأمي. فقال: يا أم سلمة، إن المرأة إذا حملت كان لها من الاجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله (عزوجل)، فإذا وضعت قيل لها: قد غفر لك ذنبك فاستأنفي العمل، فإذا أرضعت فلها بكل رضعة تحرير رقبة من ولد إسماعيل. 1274 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني احمد ابن إسحاق بن العباس أبو القاسم الموسوي بديبل، قال: أخبرني أبي إسحاق بن العباس، قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد وعلي بن موسى بن جعفر، هذا عن أخيه، وهذا عن أبيه موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أغزى عليا (عليه السلام) في سرية وأمر المسلمين أن ينتدبوا معه في سريته، فقال رجل من الانصار لاخ له: اغز بنا في سرية علي، لعلنا نصيب خادما أو دابة أو شيئا نتبلغ به، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) قوله، فقال: إنما الاعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله، فقد وقع أجره على الله، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى. 1275 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا علي بن جعفر بن مسافر الهذلي بتنيس، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يعلى، عن أبي نعيم عمر بن صبح الهروي، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال


[ 619 ]

ابن سبرة، عن علي (عليه السلام) و عبد الله بن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: من خرج يطلب بابا من علم ليرد به باطلا إلى حق أو ضلالة إلى هدى، كان عمله ذلك كعبادة متعبد أربعين عاما. 1276 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن نعيم بن سهل بن أبان النعيمي الطائفي، وكان مجاورا بمكة، قال: حدثنا عقبة بن المنهال بن بحر أبو زياد، قال. حدثنا عبد الله بن جعفر الهاشمي، قال: حدثنا المتفجع بن مصعب بن توبة بن ثبيت المزني، قال: حدثنا جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده. قال: وحدثنا عقبة بن المنهال بن بحر، قال: حدثنا عبد الله بن حميد بن البناء، قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): جاءني جبرئيل من عند الله بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض. إني افترضت محبة علي على خلقي، فبلغهم ذلك عني. 1277 / 13 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو يعلى محمد بن زهير القاضي بالابلة، قال: حدثنا علي بن أيمن، قال. حدثني مصبح ابن هلقام أبو علي العجلي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن قروزي بالرملة، قال: حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، قال: حدثنا الحسن بن عطية، قال: كان أبي ينال من علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأتي في المنام فقيل له: أنت الساب عليا ؟ فخنق حتى أحدث في فراشه ثلاثا، يعني صنع به ذلك في المنام ثلاث ليال. 1278 / 14 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن إبراهيم بن توزون، قال: حدثنا أحمد بن داود بن موسى المكي بمصر، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الكسائي، قال: حدثنا نوح بن دراج القاضي، عن ابن أبي ليلى، عن أبي جعفر المنصور، قال: كان عندنا بالشراة قاض إذا فرغ من قصصه ذكر عليا (عليه السلام) فشتمه، فبينا هو كذلك إذ ترك ذلك يوما ومن الغد، فقالوا: نسي، فلما كان اليوم الثالث


[ 620 ]

تركه أيضا، فقالوا له وسألوه، فقال: لا والله لا أذكره بشتيمة أبدا، بينا أنا نائم والناس قد جمعوا فيأتون النبي (عليه السلام) فيقول لرجل: اسقهم، حتى وردت على النبي (عليه السلام) فقال له: اسقه، فطردني فشكوت ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، مره فليسقني. قال: اسقه، فسقاني قطرانا، فأصبحت وأنا أتحشاه. 1279 / 15 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد ابن جعفر بن محمد بن أصرم البجلي بالكوفة، قال. حدثنا محمد بن عمارة الاسدي، قال: أخبرني يحيى بن ثعلبة، قال: وحدثني أبو نعيم محمد بن جعفر بن محمد الحافظ بالرملة، قال. حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب أبو المنذر، قال: حدثني يحيى بن ثعلبة أبو المقوم الانصاري، عن أمه عائشة بنت عبد الرحمن بن السائب، عن أبيها، قال. جمع زياد بن أبيه شيوخ أهل الكوفة وأشرافهم في مسجد الرحبة ليحملهم على سب أمير المؤمنين (عليه السلام) والبراءة منه، وكنت فيهم، فكان الناس من ذلك في أمر عظيم، فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت في النوم شيئا طويلا، طويل العنق، أهدل، أهدب (1) فقلت: من أنت ؟ فقال: أنا النقاد ذو الرقبة. قلت: وما النقاد ؟ قال: طاعون بعثت إلى صاحب هذا القصر لاجتثه من جديد الاض، كما عتا وحاول ما ليس له بحق. قال. فانتبهت فزعا، وأنا في جماعة من قومي، فقلت: هل رأيتم ما رأيت ؟ فقال رجلان منهم. رأينا كيت وكيت بالصفة، وقال الباقون: ما رأينا شيئا، فما كان بأسرع من أن خرج خارج من دار زياد، فقال: يا هؤلاء انصرفوا، فإن الامير عنكم مشغول، فسألناه عن خبره، فخبرنا أنه طعن في ذلك الوقت، فما تفرقنا حتى سمعنا الواعية عليه، فأنشأت أقول في ذلك. قد جشم الناس أمرا ضاق ذرعهم * بحملهم حين ناداهم إلى الرحبة يدعو على ناصر الاسلام حين يرى * له على المشركين الطول والغلبة ما كان منتهيا عما أراد بنا * حتى تناوله النقاد ذو الرقبه


(1) الاهدل. المسترخي المشفر أو الشفة، والاهدب: الذي طال هدب عينيه، وكثرت أشفارهما.

[ 621 ]

فأسقط الشق منه ضربة عجبا * كما تناول ظلما صاحب الرحبة (1) 1280 / 16 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن حسن، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عبد الله بن حسن، عن أبيه وخاله علي بن الحسين، عن الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، عن أبيهما علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: جاء رجل من الانصار إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، ما أستطيع فراقك، واني لادخل منزلي فأذكرك، فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين، فكيف لي بك يا نبي الله ؟ فنزلت (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) (2) فدعا النبي (صلى الله عليه وآله): الرجل، فقرأها عليه، وبشره بذلك. 1281 / 17 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر أبو عبد الله التيملي التمار، قال: حدثني أبي، قال: حدثني موسى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن آبائه، قال: أتى رجل النبي (صلى الله عليه وآله): فقال: يا رسول الله، رجل يحب من يصلي ولا يصلي إلا الفريضة، ويحب من يتصدق ولا يتصدق إلا بالواجب، ويحب من يصوم ولا يصوم إلا شهر رمضان ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء مع من أحب. 1282 / 18 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض بن فياض العجلي الساوي، قال: حدثنا أحمد بن


(1) المراد بصاحب الرحبة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد تقدم الحديث مختصرا عن كثير بن الصلت في الحديث: 413. (2) سورة النساء 4: 69.

[ 622 ]

محمد بن عيسى الاشعري، قال. حدثنا الحسن بن أبان، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لو أن رجلا أحب رجلا لله (عزوجل)، لاثابه الله (تعالى) على حبه إياه، وإن كان في علم الله من أهل الجنة. 1283 / 19 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، قال: حدثنا الفضل بن المفضل بن قيس بن رمانة الاشعري سنة أربع وخمسين ومائتين وفيها مات بالكوفة، قال: حدثنا حماد بن عيسى الغريق، قال: حدثني عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم ابن قيس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه. 1284 / 20 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثني محمد بن عباد المكي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد، عن عبد الله بن جعفر، قال: لقنني علي بن أبي طالب (عليه السلام) كلمات الفرج، وأخبرني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقنهن إياه، وأمره إذا نزل به كرب أو شدة أن يقول: (لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله، وتبارك الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين “. 1285 / 21 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن أبي حازم التيملي قاضي القصر، وصالح بن أحمد بن يونس الهروي وغيرهما، قالوا: حدثنا يحيى بن الفضل أبو زكريا العنزي البصري، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا هارون بن إبراهيم الاهوازي، عن محمد بن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله): يقول: أحبب – وقال بعضهم: حب – حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. 1286 / 22 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق


[ 623 ]

ابن محمد بن مروان بن زياد الكوفي الغزال ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسبح بن حاتم، قال: حدثني سلام بن أبي عمرة أبو علي الخراساني، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حسد عليا فقد حسدني، ومن حسدني فقد كفر. 1287 / 23 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عمرو بن سعيد الحرامي بالكوفة، قال: حدثنا الحسين بن الحكم بن سلم الحميري، قال: حدثني الحسن بن الحسين الانصاري العرني، قال: حدثني حسين بن سليمان – يعني الانصاري -، عن أبي الجارود، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من حسد عليا حسدني، ومن حسدني دخل النار. وأنشد العرني: إني حسدت فزاد الله في حسدي * لا عاش من عاش يوما غير محسود ما يحسد المرء إلا من فضائله * بالعلم والظرف أو بالبأس والجود


[ 624 ]

مجلس يوم الجمعة الثامن عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1288 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن رجاء بن صالح، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدثنا خالد بن مختار، عن الحارث بن حصين، عن القاسم بن جندب الازدي، عن أنس بن مالك، قال: كنت خادما للنبي (صلى الله عليه وآله)، فكان إذا ذكر عليا (عليه السلام) رأيت السرور في وجهه، إذ دخل عليه رجل من ولد عبد المطلب فجلس فذكر عليا (عليه السلام)، فجعل ينال منه، وجعل وجه النبي (صلى الله عليه وآله) يتغير، فما لبث أن دخل علي (عليه السلام) فسلم فرد النبي (صلى الله عليه وآله) عليه، ثم قال: علي والحق معا هكذا – وأشار باصبعيه – لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، يا علي حاسدك حاسدي، وحاسدي حاسد الله، وحاسد الله في النار. 1289 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة، قال: حدثنا علي بن محمد بن مروان السدي، قال: حدثنا أحمد بن المفضل الحفري، عن صالح بن أبي الاسود، عن أخيه أسنده له عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، قال: كان الوحي ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)


[ 625 ]

ليلا، فلا يصبح حتى يعلمه عليا (عليه السلام)، وينزل الوحي نهارا فلا يمسي حتى يعلمه عليا (عليه السلام). 1290 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثني محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): الهيبة خيبة، والفرصة خلسة، والحكمة ضالة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحق بها وأهلها. 1291 / 4 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم بن النضر أبو نصر الصيداوي، قال. حدثنا حماد بن عثمان، عن حمران بن أعين، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: لا تحقر اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا (1) الخسيسة، فإن أبي حدثني قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن الكلمة من الحكمة تتلجلج في صدر المنافق نزوعا إلى مظانها حتى يلفظ بها، فيسمعها المؤمن، فيكون أحق بها وأهلها، فيلقفها. 1292 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن علي بن مهدي الكندي العطار بالكوفة وغيره، قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو بن طريف الحجري، قال: حدثني أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الاصبغ بن نباتة، قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل – يعني الحارث – يتأود في مشيته ويخبط الارض بمحجنه وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت له منه منزلة، فقال: كيف تجدك، يا حارث ؟ قال: نال الدهر مني يا أمير


(1) الكيبا: الكناسة والمزبلة.

[ 626 ]

المؤمنين، وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم ؟ قال: في شأنك والبلية من قبلك، فمن مفرط غال ومقتصد قال، ومن متردد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم. قال: فحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الاوسط، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي. قال: لو كشفت – فداك أبي وأمي – الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا ؟ قال: قدك (1)، فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله. يا حار، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك، ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك، ألا إني عبد الله وأخو رسوله، وصديقه الاول، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الاول في أمتكم حقا، فنحن الاولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته – يا حار – وخالصته وصنوه، ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره، أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب، وعلم القرون والاسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيدت – أو قال: أمددت – بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الارض ومن عليها. وأبشرك – يا حار – ليعرفني، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، وليي وعدوي في مواطن شتى، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة. قال: قلت: وما المقاسمة، يا مولاي ؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحاحا، أقول: هذا وليي، وهذا عدوي. ثم أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) بيد الحارث وقال: يا حار، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي، فقال: لي واشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين


(1) قدك: اسم فعل أمر بمعنى يكفيك.

[ 627 ]

لي: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل – أو بحجزة، يعني عصمة – من ذي العرش (تعالى)، وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه، وما يصنع نبيه بوصيه، خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت – أو قال: ما اكتسبت – قالها ثلاثا. فقال الحارث – وقام يجر رداءه جذلا -: ما أبالي وربي بعد هذا، متى لقيت الموت أو لقيني. قال جميل بن صالح: فانشدني السيد بن محمد في كتابه: قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا ياحار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما فعلا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين تعرض للعرض * دعيه لا تقبلي الرجلا دعيه لا تقربيه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا 1293 / 6 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا يحيى بن علق بن عبد الجبار السدوسي بسيرجان، قال: حدثني عمي محمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه الحسين بن عون، قال: دخلت على السيد بن محمد الحميري عائدا في علته التي مات فيها، فوجدته يساق به، ووجدت عنده جماعة من جيرانه، وكانوا عثمانية، وكان السيد جميل الوجه، رحب الجبهة، عريض ما بين السالفتين (1)، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثم لم تزل تزيد وتنمي حتى طبقت وجهه – يعني اسودادا – فاغتم لذلك من حضره من الشيعة، فظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلك إلا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد


(1) السالفة: جانب العنق، وهما سالفتان.

[ 628 ]

أيضا وتنمي حتى أسفر وجهه وأشرق، وأفتر السيد ضاحكا، وأنشأ يقول: كذب الزاعمون أن عليا * لن ينجي محبه من هناة (1) قد وربي دخلت جنة عدن * وعفا لي الاله عن سيئاتي فابشروا اليوم أولياء علي * وتولوا عليا حتى الممات ثم من بعده تولوا بنيه * واحدا بعد واحد بالصفات ثم أتبع قوله هذا: ” أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا، وأشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا، أشهد أن لا إله إلا الله ” ثم أغمض عينيه بنفسه، فكأنما كانت روحه ذبالة (2) طفئت، أو حصاة سقطت. قال علي بن الحسين: قال لي أبي الحسين بن عون: وكان أذينة حاضرا، فقال: الله أكبر، ما من شهد كمن لم يشهد، أخبرني – وإلا فصمتا – الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر وعن جعفر (عليهما السلام) أنهما قالا: حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى الخمسة، حتى ترى محمدا وعليا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهم السلام) بحيث تقر عينها، أو تسخن عينها، فانتشر هذا القول في الناس، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق. 1294 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة، قال: حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيدالله الانماطي البغدادي بحلب، قال: حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك، قال: حدثني شريك بن عبد الله القاضي، قال: حضرت الاعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله، فذكر ضعفا شديدا، وذكر ما يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى، فأقبل عليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا محمد، اتق الله، وانظر لنفسك، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، لو رجعت عنها كان خيرا لك.


(1) الهناة: الداهية، والهنات: خصال الشر. (2) الذبالة: الفتيلة التي تسرج.

[ 629 ]

قال الاعمش: مثل ماذا، يا نعمان ؟ قال: مثل حديث عباية: ” أنا قسيم النار). قال: أو لمثلي تقول يا يهودي ؟ أقعدوني سندوني أقعدوني، حدثني – والذي إليه مصيري – موسى بن طريف، ولم أر أسديا كان خيرا منه، قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي، قال: سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أنا قسيم النار، أقول. هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه. وحدثني أبو المتوكل الناجي، في إمرة الحجاج، وكان يشتم عليا (عليه السلام) شتما مقذعا – يعني الحجاج (لعنه الله) – عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة يأمر الله (عزوجل) فأقعد أنا وعلي على الصراط، ويقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما. قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول – أو قال: لم يحب – عليا، وتلا (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) (1). قال فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه، وقال: قوموا بنا، لا يجيئنا أبو محمد بأطم من هذا. قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد الله: فما أمسى – يعني الاعمش – حتى فارق الدنيا (رحمه الله). 1295 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر العلوي العريضي الشيخ الصالح بحران، قال: حدثنا جدي الحسين بن إسحاق، عن أبيه، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يعير الله (عزوجل) عبدا من عباده يوم القيامة، فيقول: عبدي، ما منعك إذ مرضت أن تعودني ؟ فيقول: سبحانك، أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض ! فيقول. مرض أخوك المؤمن فلم تعده، وعزتي وجلالي لو عدته لوجدتني عنده، ثم لتكلفت


(1) سورة ق 50: 24.

[ 630 ]

بحوائجك فقضيتها لك، وذلك من كرامة عبدي المؤمن، وأنا الرحمن الرحيم. 1296 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسين ابن موسى بن خلف الفقيه برأس عين، قال: حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي القطان، قال: حدثنا زيد بن حباب، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): قال: إن الله (تعالى) يقول: يابن آدم، مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين ! قال: مرض فلان عبدي، ولو عدته لوجدتني عنده، واستسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب كيف وأنت رب العالمين ! قال: استسقاك عبدي فلان، ولو سقيته لوجدت ذلك عندي، واستطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب، كيف وأنت رب العالمين ! قال: استطعمك عبدي، ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي. 1297 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثنا علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال: مثل المؤمن إذا عوفي من مرضه مثل البردة البيضاء تنزل من السماء في حسنها وصفائها. 1298 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن علي بن معمر أبو الحسين الكوفي المؤدب بواسط، قال: حدثنا حمدان بن المعافى الصبيحي، قال: حدثنا موسى بن سعدان، عن يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: المؤمن أكرم على الله أن يمر به أربعون يوما لا يمحصه الله (تعالى) فيها من ذنوبه، وإن الخدش والعثرة وانقطاع الشسع واختلاج العين وأشباه ذلك ليمحص به ولينا من ذنوبه، وأن يغتم لا يدري ما وجهه، وأما الحمى فإن أبي حدثني، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال: حمى ليلة كفارة سنة.


[ 631 ]

(31) مجلس يوم الجمعة الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1299 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: مثل المؤمن مثل كفتي الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه، ليلقى الله (عزوجل) ولا خطيئة له. 1300 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الفضل بن القاسم العقيلي سنة خمس وثلاثين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن جدي عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن قط إلا بذنب، وما يعفو الله (تعالى) عنه أكثر. وكان إذا رأى المريض قد برئ قال: ليهنك الطهر – أي من الذنوب – فاستأنف العمل.


[ 632 ]

1301 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن محمد بن علي بن شاذان بن حباب الازدي الخلال بالكوفة، قال: حدثنا الحسن ابن أحمد بن عبد الله المزني الحلال، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان (رضي الله عنه)، قال: د خل علي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعودني وأنا مريض، فقال: كشف الله ضرك، وعظم أجرك، وعافاك في دينك وجسدك إلى مدة أجلك. 1302 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، قال: دخلت مع أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) على رجل من أهلنا، وكان مريضا، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أنساك الله العافية، ولا أنساك الشكر عليها، فلما خرجنا من عند الرجل قلت له: يا سيدي، ما هذا الدعاء دعوت به للرجل ؟ فقال لي: يا حسين، العافية ملك خفي، يا حسين إن العافية نعمة إذا فقدت ذكرت، وإذا وجدت نسيت، فقلت له: أنساك الله العافية لحصولها، ولا أنساك الشكر عليها لتدوم له. يا حسين، إن أبي أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا صاحب العافية، إليك انتهت الاماني. 1303 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عمر بن إسحاق بن أبي حماد بن حفص القاضي بحلب، قال: حدثنا محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن الحراني بحران، قال: حدثنا أبو قتادة عبد الله بن واقد التميمي، قال: حدثنى شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن رافع بن سحبان، قال: حدثني عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر، قال: حدثني أبو ذر وكان صغوه وانقطاعه إلى علي (عليه السلام) وأهل هذا البيت، قال: قلت يا نبي الله، إني أحب أقواما ما أبلغ أعمالهم ؟ قال: فقال. يا أبا ذر، المرء مع من أحب، وله ما اكتسب. قلت: فإني أحب الله ورسوله وأهل بيت نبيه ؟ قال: فإنك مع من أحببت. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ملأ من أصحابه، فقال رجال منهم: فإنا نحب الله ورسوله، ولم يذكروا أهل بيته، فغضب (صلى الله عليه وآله) ثم قال: أيها الناس، أحبوا


[ 633 ]

الله (عزوجل) لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني بحب ربي، وأحبوا أهل بيتي بحبي، فوالذي نفسي بيده لو أن رجلا صفن بين الركن والمقام صائما وراكعا وساجدا ثم لقي الله (عزوجل) غير محب لاهل بيتي لم ينفعه ذلك. قالوا: ومن أهل بيتك يا رسول الله – أو أي أهل بيتك هؤلاء – ؟ قال: من أجاب منهم دعوتي، واستقبل قبلتي، وبن خلقه الله مني ومن لحمي ودمي. قال: فقال القوم: فإنا نحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله. قال: بخ بخ، فأنتم إذن منهم، أنتم إذن منهم ومعهم، والمرء مع من أحب، وله ما اكتسب. 1354 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا عبد الله ابن عبد القدوس، قال: حدثنا الاعمش، عن أبي إسحاق، عن خنيس، عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، وكمثل باب حطة في بني إسرائيل. 1305 / 7 – وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثني أسد بن يوسف بن يعقوب بن حمزة الجعفري، قال: حدئنا محمد بن عكاشة، قال: حدثنا أبوالمغرا – وهو حميد بن المثنى -، عن يحيى بن طلحة النهدي، وعن أيوب بن الحر، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: إن فاطمة (عليها السلام) شكت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ألا ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما، وأحلمهم حلما، وأكثرهم علما، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما جعله الله لمريم بنت عمران، وأن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة. 1306 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض الساوي العجلي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، قال: حدثني أحمد بن يزيد، قال: حدثنا مروك بن عبيد، قال: حدثنا جميل ابن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر.


[ 634 ]

يا جميل، إن البار ليحبه الرحمن، أرو عني هذا الحديث، فإن فيه ترغيبا في البر. 1307 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: السلطان ظل الله في الارض، يأوي إليه كل مظلوم، فإن عدل كان له الاجر وعلى الرعية الشكر، وإن جار كان عليه الوزر وعلى الرعية الصبر حتى يأتيهم الامر. 1308 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض بن فياض العجلي الساوي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل (عليه السلام)، عن الله (تعالى)، قال: وعزتي وجلالي لاعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية إمام جائر ليس من الله (عزوجل)، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولاعفون عن كل رعية دانت لولاية إمام عادل من الله (تعالى) وان كانت الرعية في أعمالها طالحة مسيئة. قال عبد الله بن أبي يعفور: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)، ما العلة أن لا دين لهؤلاء، ولا عتب على هؤلاء ؟ قال: لان سيئات الامام الجائر تغمر حسنات أوليائه، وحسنات الامام العادل تغمر سيئات أوليائه. 1359 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد ابن هارون بن حميد بن المجدر، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمسلم على المسلم ست


[ 635 ]

بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويسمته (1) إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضر جنازته إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه. 1310 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمود ابن محمد بن مهاجر الرافقي المازني بحمص، قال. حدثنا أبو شعيب صالح بن زيد السوسي المقرئ، قال: حدثنا نصر بن حريش الصامت، قال: حدثنا روح بن مسافر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمسلم على المسلم ست خصال بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويسمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويشهد جنازته إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لها بظهر الغيب (1). 1311 / 13 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا مسدد ابن أبي يوسف القلوسي بتنيس، قال: حدثنا إسحاق بن يسار النصيبي، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا إسرائيل بن يونس، قال: حدثنا يزيد بن خيثم، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإذا عاده مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف (3) في الجنة. 1312 / 14 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا شريح بن يونس، قال: حدثنا هشيم بن بشير، قال: حدثنا يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن نافع: أن أبا موسى عاد الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال علي (عليه السلام): أما إنه لا يمنعنا ما في أنفسنا عليك أن نحدثك بما سمعنا أنه من عاد مريضا شيعه سبعون ألف ملك، كلهم يستغفرون له، إن كان


(1) أي يدعو له بقوله: الحمد لله، ونحوه. (1) تقدم في الحديث: 1043. (3) أي مخروف من ثمرها، فعيل بمعنى مفعول.

[ 636 ]

مصبحا حتى يمسي، وإن كان ممسيا حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة (1). 1313 / 15 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي، والحسن بن محمد بن بهرام محمى المخرمي البزاز، قالا: حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني، قال: أخبرنا الفضل بن عبد الله، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: دخل علي جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب، فقال: اكشف عن بطنك. قال: فكشفت له، فألصق بطنه ببطني، وقال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أقرئك السلام. 1314 / 16 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدثنا حسين بن شداد الجعفي، عن أبيه شداد ابن رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها علي بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الانصاري، فقالت له: يا صاحب رسول الله، إن لنا عليكم حقوقا، ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين، قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأبا منه لنفسه في العبادة. فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين (عليهما السلام)، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلا، فقال: هذه مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسجيته، فمن أنت يا غلام ؟ قال: فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه). ثم قال: أنت والله الباقر عن العلم حقا، ادن مني بأبي أنت وأمي، فدنا منه فحل جابر أزراره ووضع يده في صدره فقبله، وجعل عليه خده ووجهه، وقال له: أقرئك عن جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: يوشك أن


(1) تقدم في الحديث: 901.

[ 637 ]

تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد يبقر العلم بقرا. وقال لي: إنك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك. ثم قال لي: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر، وقال: إن شيخا بالباب، وقد فعل بي كيت وكيت، فقال: يا بني ذلك جابر بن عبد الله. ثم قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال وفعل بك ما فعل ؟ قال: نعم إنا لله، إنه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك. ثم أذن لجابر، فدخل عليه فوجده في محرابه، قد أنضته العبادة، فنهض علي (عليه السلام) فسأله عن حاله سؤالا حفيا (1)، ثم أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يابن رسول الله، أما علمت أن الله (تعالى) إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك ؟ قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله، أما علمت أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد – بأبي هو وأمي – حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ! قال: أفلا أكون عبدا شكورا. فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يابن رسول الله، البقيا على نفسك، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء، وتستكشف اللاواء (2)، وبهم تستمطر السماء. فقال: يا جابر، لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما (صلوات الله عليهما) حتى ألقاهما ؟ فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما أرى في أولاد الانبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب (عليهما السلام)، والله لذرية علي بن الحسين (عليهما السلام) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب، إن منهم لمن يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا.


(1) أي كثيرا. (2) اللاواء: المشقة والشدة.

[ 638 ]

(32) مجلس يوم الجمعة الثاني من رجب سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني. بسم الله الرحمن الرحيم 1315 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل على مريض قال: أذهب البأس رب البأس، واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت. 1316 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد البغوي، قال: حدثنا بشر بن هلال الصواف، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: أن جبرئيل أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد أشكوت ؟ قال: نعم. قال: بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، والله يشفيك، بسم الله أرقيك. 1317 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو


[ 639 ]

الحسن علي بن إسماعيل الموصلي الدقاق بالموصل، قال: حدثنا علي بن الحسن العبدي، قال: حدثنا الحسن بن بشر، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن شقيق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). أجيبوا الداعي، وعودوا المريض، واقبلوا الهدية، ولا تظلموا المسلمين. 1318 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن صاعد، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الاشج، قال: حدثنا عقبة بن خالد، قال: حدثنا موسى بن محمد التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أغبوا في العيادة (1) وأربعوا (2) إلا أن يكون مغلوبا (3). 1319 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب بن عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي امامة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): من تمام عيادة المريض أن يدع أحدكم يده على جبهته أو يده، فيسأله كيف هو، وتحياتكم بينكم بالمصافحة. 1320 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد البغوي، قال: حدثنا صبيح بن دينار العلوي ببلد، قال: حدثنا عفيف بن سالم، عن أيوب بن عتبة اليماني، عن القاسم عن أبي امامة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تمام عيادة المريض إذا دخلت عليه أن تضع يدك على رأسه، وتقول: كبف أصبحت وكيف أمسيت، فإذا جلست عنده غمرتك الرحمة، وإذا خرجت من عنده خضتها مقبلا ومدبرا، وأومأ بيده إلى حقويه (4). 1321 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد


(1) أي لا تعودوه في كل يوم، لما يجد من ثقل العواد. ()) أي اقتصروا وارفقوا. (3) أي شديد المرض أو مغمى عليه، فإنه حينئذ ينبغي أن تؤخر عيادته ويترك مع أهله. (4) الحقو: الخصر.

[ 640 ]

إسماعيل بن موسى البجلي الحاسب، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس، قال: قيل للنبي (صلى الله عليه وآله): كيف أصبحت ؟ قال: بخير من قوم لم يشهدوا جنازة، ولم يعودوا مريضا. 1322 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياشي، قال: حدثنا محمد بن حماد الشاشي، عن حاتم الاصم، عن شقيق بن إبراهيم البلخي، عمن أخبره من أهل العلم، قال: قيل لعيسى بن مريم (عليه السلام): كيف أصبحت، يا روح الله ؟ قال: أصبحت وربي (تبارك وتعالى) من فوقي، والنار أمامي، والموت في طلبي، لا أملك ما أرجو، ولا أطيق دفع ما أكره، فأي فقير أفقر مني ! 1323 / 9 – قال: وقيل للنبي (صلى الله عليه واله): كيف أصبحت ؟ قال: بخير من رجل لم يصبح صائما، ولم يعد مريضا، ولم يشهد جنازة. 1324 / 10 – قال: وقال جابر بن عبد الله الانصاري: لقيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم صباحا، فقلت: كيف أصبحت، يا أمير المؤمنين ؟ قال: بنعمة من الله وفضل من رجل لم يزر أخا، ولم يدخل على مؤمن سرورا. قلت: وما ذلك السرور ؟ قال: يفرج عنه كربا، أو يقضي عنه دينا، أو يكشف عنه فاقته. 1325 / 11 – قال جابر: ولقيت عليا (عليه السلام) يوما، فقلت: كيف أصبحت، يا أمير المؤمنين ؟ قال: أصبحنا وبنا من نعم الله وفضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه، فما ندري أي نعمة أشكر، أجميل ما ينشر، أم قبيح ما يستر ؟ 1326 / 12 – وقيل لابي ذر (رضي الله عنه): كيف أصبحت، يا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: أصبحت بين نعمتين: بين ذنب مستور، وثناء من اغتر به فهو المغرور. 1327 / 13 – وقيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحت، يا أبا يزيد ؟ قال: أصبحت


[ 641 ]

في أجل منقوض، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ثم لا ندري ما يفعل بنا. 1328 / 14 – وقيل لاويس بن عامر القرني: كيف أصبحت، يا ابا عامر ؟ قال: ما ظنكم بمن يرحل إلى الآخرة كل يوم مرحلة، لا يدري إذا انقضى سفره أعلى جنة يرد أم على نار ؟ 1329 / 15 – قال عبد الله بن جعفر الطيار: دخلت على عمي علي بن أبي طالب (عليه السلام) صباحا، وكان مريضا، فقلت: كيف أصبحت، يا أمير المؤمنين ؟ قال: يا بني، كيف أصبح من يفنى ببقائه، ويسقم بدوائه، ويؤتى من مأنه. 1330 / 16 – وقيل لعلي بن الحسين (عليهما السلام): كيف أصبحت، يابن رسول الله ؟ قال: أصبحت مطلوبا بثمان: الله (تعالى) يطلبني بالفرائض، والنبي (عليه السلام) بالسنة، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتباعه، والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب. 1331 / 17 – وقيل لابيه محمد بن علي (عليهما السلام): كيف أصبحت ؟ قال: أصبحنا غرقى في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه وهو غني عنا. 1332 / 18 – وقيل لبكر بن عبد الله المزني: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت قريبا أجلي، بعيدا أملي، سيئا عملي، ولو كان لذنوبي ريح ما خالستموني. 1333 / 19 – وقيل لرجل من المعمرين: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت لا رجلا يغد ولحاجته * ولا قعيدة بيت تحسن العملا 1334 / 20 – وقيل لابي رجاء العطاردي، وقد بلغ عشرين ومائة سنة: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت لا يحمل بعضي بعضا، كأنما كان شبابي قرضا. 1335 / 21 – وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن عبد الله الموسوي في داره بمكة سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، قال: حدثني مؤدبي عبد الله بن أحمد بن نهيك الكوفي، قال: حدثنا


[ 642 ]

محمد بن زياد بن أبي عمير، قال: حدثنا علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إنه لما أسري بي إلى السماء تلقتني الملائكة بالبشارات في كل سماء حتى لقيني جبرئيل (عليه السلام) في محفل من الملائكة، فقال: يا محمد، لو اجتمعت أمتك على حب علي، ما خلق الله (عزوجل) النار. يا علي، إن الله (تعالى) أشهدك معي في سبعة مواطن حتى أنست بك: أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل (عليه السلام): أين أخوك يا محمد ؟ فقلت: يا جبرئيل، خلفته ورائي. فقال: ادع الله (عزوجل) فليأتك به، فدعوت الله فإذا مثالك معي، وإذا الملائكة وقوف صفوفا، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء الذين يباهي الله (عزوجل) بهم يوم القيامة ؟ فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة. والثاني. حين أسري بي إلى ذي العرش (عزوجل)، فقال لي جبرئيل: أين أخوك يا محمد ؟ فقلت: خلفته ورائي. قال: ادع الله (عزوجل) فليأتك به، فدعوت الله (عزوجل) فإذا مثالك معي، وكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها. والثالث: حيث بعثت للجن فقال لي جبرئيل (عليه السلام): أين أخوك ؟ فقلت: خلفته ورائي. فقال: ادع الله (عزوجل) فليأتك به، فدعوت الله (عزوجل) فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا سمعته ووعيته. والرابع: خصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها، وليست لاحد غيرنا. والخامس: ناجيت الله (عزوجل) ومثالك معي، فسألت فيك خصالا أجابني إليها إلا النبوة، فإنه قال: خصصتها بك، وختمتها بك. والسادس: لما طفت بالبيت المعمور، كان مثالك معي. والسابع: هلاك الاحزاب على يدي، وأنت معي. يا علي، إن الله أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثم اطلع


[ 643 ]

الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين، ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والائمة من ولدهما على رجال العالمين. يا علي، إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن، فأنست بالنظر إليه: إني لما بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء، وجدت على صخرتها: ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بوزيره ونصرته به ” فقلت: يا جبرئيل، ومن وزيري ؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى، وجدت مكتوبا عليها ” لا إله إلا الله، أنا وحدي، ومحمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره ونصرته به) فقلت: يا جبرئيل، ومن وزيري ؟ فقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش رب العالمين، وجدت مكتوبا على قائمة من قوائم العرش: (أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، محمد حبيبي وصفوتي من خلقي، أيدته بوزيره وأخيه ونصرته به “. يا علي، إن الله (عزوجل) أعطاني فيك سبع خصال: أنت أول من ينشق القبر عنه معي، وأنت أول من يقف معي على الصراط، فيقول للنار: خذي هذا فهو لك وذري هذا فليس هو لك، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ويحيا إذا حييت، وأنت أول من يقف معي عن يمين العرش، وأول من يقرع معي باب الجنة، وأول من يسكن معي عليين، وأول من يثرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون. انتهت أحاديث أبي المفضل الشيباني. أحاديث الحسين بن عبيدالله النضائري 1336 / 22 – وعنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله الغضائري، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال. حدثنا محمد بن همام بن سهيل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد


[ 644 ]

ابن عيسى الاشعري، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال للمفضل بن عمر: يا مفضل، إذا أردت أن تعلم أشقيا الرجل أم سعيدا، فانظر بره ومعروفه إلى من يصنعه، فإن صنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه إلى خير يصير، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير. 1337 / 23 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي محمد هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثني حمدان بن المعافى، عن حمويه بن أحمد، قال. حدثني أحمد بن عيسى العلوي، قال: قال لي جعفر بن محمد (عليهما السلام): أنه ليعرض لي صاحب الحاجة فأبادر إلى قضائها، مخافة أن يستغني عنها صاحبها، ألا وإن مكارم الدنيا والآخرة في ثلاثة أحرف من كتاب الله (عزوجل): (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (1)، وتفسيره أن تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك.


(1) سووة الاعراف 7: 199.

[ 645 ]

(33) مجلس يوم الجمعة التاسع من رجب سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث الغضائري. بسم الله الرحمن الرحيم 133 8 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا حمدان بن المعافى، قال: حدثني العباس بن سليمان، عن الحارث بن التيهان، قال: قال لي ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فسلمت عليه، وكنت له صديقا، ثم أقبلت على جعفر (عليه السلام) فقلت: أمتع الله بك، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل. فقال له جعفر (عليه السلام): لعله الذي يقيس الدين برأيه ؟ ثم أقبل علي فقال: هذا النعمان بن ثابت ؟ فقال أبو حنيفة: نعم، أصلحك الله (تعالى). فقال (عليه السلام): اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس إذ أمره الله بالسجود فقال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (1).


(1) سورة ص 38: 76.

[ 646 ]

ثم قال له جعفر (عليه السلام): هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك ؟ قال: لا. قال: فأخبرني عن الملوحة في العينين، وعن المرارة في الاذنين، وعن الماء في المنخرين، وعن العذوبة في الشفتين، لاي شئ جعل ذلك ؟ قال: لا أدري. قال جعفر (عليه السلام): إن الله (عزوجل) خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم، ولولا ذلك لذابتا، وجعل المرارة في الاذنين منا منه على ابن آدم ولولا ذلك لقحمت الدواب فأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد النفس وينزل، ويجد منه الريح الطيبة من الريح الردية، وجعل (عزوجل) العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة طعمه وشربه. ثم قال له جعفر (عليه السلام): أخبرني عن كلمة أولها شرك، وآخرها إيمان. قال: لا أدري. قال: لا إله إلا الله. ثم قال له: أيما أعظم عند الله (عزوجل)، قتل النفس، أو الزنا ؟ قال: بل قتل النفس. قال له جعفر (عليه السلام): فإن الله (تعالى) قد رضي في قتل النفس بشاهد، ولم يقبل في الزنا إلا بأربعة. ثم قال له: أيما أعظم عند الله، الصوم، أو الصلاة ؟ قال: لا، بل الصلاة. قال. فما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة ؟ اتق الله يا عبد الله، فإنا نحن وأنتم غدا ومن خالفنا بين يدي الله (عزوجل)، فنقول: قلنا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتقول أنت وأصحابك: حدثنا وروينا، فيفعل بنا وبكم ما شاء الله (عزوجل). 1339 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا ابن معمر، قال: حدثنا محمد بن الحسين الزيات، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا تسم الرجل صديقا سمة معرفة حتى تختبره بثلاث: تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من الحق إلى الباطل، وعند الدينار والدرهم، وحتى تسافر معه. 1340 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال:


[ 647 ]

حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا محمد بن صدقة، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزال امتي بخير ما تحابوا، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وقروا الضيف، فإن لم يفعلوا ابتلوا بالسنين والجدب. وقال: إنا أهل بيت لا نمسح على أخفافنا. 1341 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو عبيدالله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا أبو سهل سفيان بن زياد البلدي ببلد، قال: حدثنا عباد بن صهيب، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: كان إذا رأى الهلال، قال: ” اللهم ارزقنا خيره ونصره وبركته وفتحه، ونعوذ بك من شره وشر ما بعده “. 1342 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: أخبرنا هارون بن موسى، قال: حدثنا الحكيمي، قال: حدثنا سفيان بن زياد البلدي، قال: حدثنا عباد بن صهيب، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج فرأى نسوة قعودا فقال: ما أقعدكن هاهنا ؟ قلن: الجنازة. قال: افتحملن فيمن يحمل ؟ قلن: لا. قال: افتغسلن فيمن يغسل ؟ قلن: لا. قال: افتدلين فيمن يدلي ؟ قلن: لا. قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات. 1343 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا الحكيمي، قال: حدثنا سفيان بن زياد، قال. حدثنا عباد بن صهيب، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن عبيدالله بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن مروان بن الحكم استخلف أبا هريرة وخرج إلى مكة، فصلى بنا أبو هريرة الجمعة، فقرأ بعد سورة الجمعة في السجدة الثانية (إذا جاءك المنافقون) قال عبيدالله بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: سمعتك تقرأ سورتين كان علي (عليه السلام) يقرأ بهما بالكوفة، فقال أبو هريرة. إني سمعت رسول


[ 648 ]

الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ بهما. 1344 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو إسحاق يعقوب بن يرسف بن زياد الضبي، قال: حدثنا أبو جنادة الحصين بن مخارق السلولي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ضمن لاخيه حاجة، لم ينظر الله (عزوجل) في حاجته حتى يقضيها. 1345 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون، عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال. حدثنا يعقوب بن يوسف، قال: حدثنا الحصين بن مخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن عليا (عليه السلام) وفد إليه رجل من أشراف العرب، فقال له علي (عليه السلام): هل في بلادك قوم قد شهروا أنفسهم بالخير لا يعرفون إلا به ؟ قال: نعم. قال: فهل في بلادك قوم قد شهروا أنفسهم بالشر لا يعرفرن إلا به ؟ قال: نعم. قال: فهل في بلادك قوم يجترحون السيئات ويكتسبون الحسنات ؟ قال: نعم. قال: تلك خيار أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، تلك النمرقة الوسطى، يرجع إليهم الغالي، وينتهي إليهم المقصر. 1346 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو إسحاق المقرئ، قال: حدثنا الحصين بن مخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى أن يتغوط الرجل على شفير بئر يستعذب منها، أو على شفير نهر يستعذب منه، أو تحت شجرة فيها ثمرها. 1347 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن علي الخمري، قال: حدثنا حنان بن سدير، قال: مررت أنا وأبي برجل من ولد أبي لهب يقال له عبيدالله بن إبراهيم، فناداني: يا أبا الفضل، هذا الرجل يحدثك – وذكر اسم المحدث وهو سديف في آخر الحديث، ولم يذكره هاهنا – عن أبي جعفر، فقربنا


[ 649 ]

منهم وسلمنا عليهم، فقال له: حدثه. فقال: حدثني محمد بن علي الباقر، وما رأيت محمديا قط يعدله، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى صعد المنبر واجتمع المهاجرون والانصار في الصلاة، فقال: أيها الناس، من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا. قال جابر: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله، وإن شهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله ؟ قال: نعم وإن شهد، إنما احتجز بذلك من أن يسفك دمه أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر. ثم قال: أيها الناس، من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا، وإن أدرك الدجال آمن به، وإن لم يدركه بعث من قبره حتى يؤمن به، إن ربي (عزوجل) مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماء أمتي كما علم آدم الاسماء كلها، فمربي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته. قال حنان: وقال لي أبي: اكتب هذا الحديث، فكتبته، وخرجنا من غد إلى المدينة، فقدمنا فدخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، إن رجلا من المكيين، يقال له سديف، حدثني عن أبيك بحديث. فقال: وتحفظه ؟ فقلت: كتبته. قال: فهاته، فعرضته عليه، فلما انتهى إلى: مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماء أمتي كما علم آدم الاسماء كلها، قال أبو عبد الله (عليه السلام): ياسدير، متى حدثك بهذا عن أبي ؟ قلت: اليوم السابع منذ سمعناه منه، يرويه عن أبيك. فقال: قد كنت أرى أن هذا الحديث لا يخرج عن أبي إلى أحد. 1348 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: حدثنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن القاسم العلوي العباسي في سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة في منزله بباب الشعير، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد المكتب، قال: حدثنا ابن محمد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: من شهر نفسه بالعبادة فاتهموه على دينه، فإن الله (عزوجل) يكره شهرة العبادة وشهرة الناس.


[ 650 ]

ثم قال: إن الله (تعالى) إنما فرض على الناس في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة، من أتى بها لم يسأله الله (عزوجل) عما سواها، وإنما أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها مثليها ليتم بالنوافل ما يقع فيها من النقصان، وإن الله (عزوجل) لا يعذب على كثرة الصلاة والصوم، ولكنه يعذب على خلاف السنة. 1349 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن العباس ابن معروف، عن عبد الرحمن بن مسلم، عن فضيل بن يسار، قال: قال الصادق (عليه السلام): احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإن الغلاة شر خلق الله، يصغرون عظمة الله، ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا. ثم قال (عليه السلام): إلينا يرجع الغالي فلا نقبله، وبنا يلحق المقصر فنقبله. ففيل له: كيف ذلك، يابن رسول الله ؟ قال: لان الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج، فلا يقدر على ترك عادته، وعلى الرجوع إلى طاعة الله (عزوجل) أبدا، وإن المقصر إذا عرف عمل وأطاع. 1350 / 13 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن عمر بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده إبراهيم ابن هاشم، عن أبي أحمد الازدي، عن عبد الصمد بن بشير، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم إني برئ من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى، اللهم اخذلهم أبدا، ولا تنصر منهم أحدا.


[ 651 ]

(34) مجلس يوم الجمعة السادس عشر من رجب سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث الغضائري. بسم الله الرحمن الرحيم 1351 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل الجوهري، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: وجدت علم الناس كلهم في أربع: أولها أن تعرف ربك، والثانية أن تعرف ما صنع بك، والثالثة أن تعرف ما أراد منك، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك (1). 1352 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن صالح الصوفي الخزاز، قال: حدثنا أحمد بن


(1) تقدم في الحديث: 1205.

[ 652 ]

الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي بن موسى، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: قيل للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): صف لنا الموت. قال: للمؤمن كأطيب طيب يشمه فينعس لطيبه، ويقطع التعب والالم عنه، وللكافر كلسع الافاعي ولذع العقارب وأشد. 1353 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد بن محمد العلوي، قال: حدثني محمد بن موسى الرقي، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبيه، عن أبان مولى زيد بن علي، عن عاصم بن بهدلة، عن شريح القاضي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لاصحابه يوما وهو يعظهم: ترصدوا مواعيد الآجال، وباشروها بمحاسن الاعمال، ولا تركنوا إلى ذخائر الاموال، فتخليكم خدائع الآمال، إن الدنيا خداعة صراعة، مكارة غزارة سحارة، أنهارها لامعة، وثمراتها يانعة، ظاهرها سرور، وباطنها غرور، تأكلكم بأضراس المنايا، وتبيركم بأتلاف الرزايا، لهم بها أولاد الموت، وآثروا زينتها، فطلبوا رتبتها، جهل الرجل، ومن ذلك الرجل المولع بلذاتها، والساكن إلى فرحتها، والآمن لغدرتها ! درات عليكم بصروفها، ورمتكم بسهام حتوفها، فهي تنزع أرواحكم نزعا، وأنتم تجمعون لها جمعا، للموت تولدون، وإلى القبور تنقلون، وعلى التراب تنومون، وإلى الدود تسلمون، وإلى الحساب تبعثون. يا ذا الحيل والآراء، والفقه والانباء، اذكروا مصارع الآباء، فكأنكم بالنفوس قد سلبت، وبالابدان قد عريت، وبالمواريث قد قسمت، فتصير – يا ذا الدلال والهيئة والجمال – إلى منزلة شعثاء، ومحلة غبراء، فتنوم على خدك في لحدك، في منزل قل زواره، ومل عماله، حتى تشق عن القبور وتبعث إلى النشور، فان ختم لك بالسعادة صرت إلى الحبور، وأنت ملك مطاع، وآمن لا يراع، يطوف عليكم ولدان كأنهم الجمان بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين، أهل الجنة فيها يتنعمون، وأهل النار فيها يعذبون، هؤلاء في السندس والحرير يتبخترون، وهؤلاء في الجحيم والسعير


[ 653 ]

يتقلبون، هؤلاء ئحشى جماجمهم بمسك الجنان، وهؤلاء يضربون بمقامع النيران، هؤلاء يعانقون الحور في الحجال، وهؤلاء يطوقون أطواقا في النار بالاغلال، في قلبه فزع قد أعيى الاطباء وبه داء لا يقبل الدواء. يامن يسلم إلى الدود ويهدى إليه، اعتبر بما تسمع وترى، وقل لعينيك تجفو لذة الكرى، وتفيض من الدموع بعد الدموع تترى، بيتك القبر بيت الاهوال والبلى، وغايتك الموت. يا قليل الحياء، اسمع يا ذا الغفلة والتصريف، من ذي الوعظ والتعريف، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال، والحباء والنكال، يوم تقلب إليه أعمال الانام، وتحصى فيه جميع الآثام، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها، وتضع الحوامل ما في بطونها، ويفرق بين كل نفس وحبيبها، ويحار في تلك الاهوال عقل لبيبها، إذ تنكرت الارض بعد حسن عمارتها، وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها، أخرجت من معادن الغيب أثقالها، ونفضت إلى الله أحمالها، يوم لا ينفع الجد إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا، فانشقت القبور بعد طول انطباقها، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها، كشف عن الآخرة غطاؤها، وظهر للخلق أنباؤها، فدكت الارض دكا دكا، ومدت لامر يراد بها مدا مدا، واشتد المثارون إلى الله شدا شدا، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا، ورد المجرمون على الاعقاب ردا ردا، وجد الامر – ويحك يا إنسان – جدا جدا، وقربوا للحساب فردا فردا، وجاء ربك والملك صفا صفا، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا، فجئ بهم عراة الابدان، خشعا أبصارهم، أمامهم الحساب، ومن ورائهم جهنم، يسمعون زفيرها، ويرون سعيرها، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر، يساقون سوقا، فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم، يظنون أنهم لا يسلمون، ولا يؤذن لهم فيتكلمون، ولا يقبل منهم فيعتذرون، قد ختم على أفواههم، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.


[ 654 ]

يا لها من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين ! فريق في الجنة وفريق في السعير، من مثل هذا فليهرب الهاربون، إذا كانت الدار الآخرة لها يعمل العاملون. 1354 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن العلوي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: نحن جنب الله، ونحن صفوة الله، ونحن خيرة الله، ونحن مستودع مواريث الانبياء، ونحن أمناء الله (عزوجل)، ونحن حجج الله، ونحن حبل الله، ونحن رحمة الله على خلقه، ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم، ونحن أئمة الهدى، ونحن مصابيح الدجى، ونحن منار الهدى، ونحن العلم المرفوع لاهل الدنيا، ونحن السابقون، ونحن الآخرون من تمسك بنا لحق، ومن تخلف عنا غرق، ونحن قادة الغر المحجلين، ونحن حرم الله، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى الله (عزوجل)، ونحن موضع الرسالة، ونحن أصول الدين وإلينا تختلف الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا، ونحن الهداة إلى الجنة، ونحن عرى الاسلام، ونحن الجسور، ونحن القناطر من مضى علينا سبق، ومن تخلف عنا محق، ونحن السنام الاعظم، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة، وبنا تسقون الغيث، ونحن الذين بنا يصرف الله (عزوجل) عنكم العذاب، فمن ابصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا، فهو منا وإلينا. 1355 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري (1)، قال:


(1) زاد في النسخة: عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) ولا يصح، إذ إن إسحاق بن إسماعيل من أصحاب الامام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، ويدل عليه أيضا رواية ابن بابويه لهذا الحديث في العلل بالاسناد الذي أثبتناه، انظر: علل الشرائع: 249 / 6، معجم رجال الحديث 3: 37. (*)

[ 655 ]

حدثنا الحسن بن علي (صلوات الله عليه). أن الله (عزوجل) بمنه ورحمته، لما فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه، بل رحمة منه، لا إله إلا هو، ليميز الخبيث من الطيب، وليبتلي ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، ولتتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحا إلى سبله، ولولا محمد (صلى الله عليه وآله) والاوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، وهل تدخل قرية إلا من بابها، فلما من عليكم باقامة الاولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه وآله) قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ” (1) وفرض عليكم لاوليائه حقوقا ! وأمركم بأدائها إليهم، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشاربكم، ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة ليعلم من يطيعه منكم بالغيب، ثم قال (عزوجل): (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2). فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه، إن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه، فاعملوا من بعد ما شئتم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (2)، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خلقت من نور الله (عزوجل)، وخلق أهل بيتي من نوري، وخلق محبوهم من نورهم، وسائر الخلق في النار (4). 1356 / 6 – وعنه، قال. أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد


(1) سورة المائدة 5: 3. () سورة الشورى 42: 23. (3) تضمين من سورة التوبة 9: 94. (4) لعل قوله: ” سمعت جدي ” إلى آخره، حديث مستقل سقط إسناده، وقد أخرجه العلامة المجلسي في البحار 15: 20 / 32، مستقلا باسناده الاول.

[ 656 ]

العلوي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسين، قال: حدثنا أبو عبد الله بن أسباط، عن أحمد بن محمد بن زياد العطار، عن محمد بن مروان الغزال، عن عبيد بن يحيى، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن جده الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج، وأطيب من المسك، فيها طينة خلقنا الله (عزوجل) منها، وخلق منها شيعتنا، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا، ولا من شيعتنا، وهي الميثاق الذي أخذ الله (عزوجل) عليه ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال عبيد: فذكرت لمحمد بن الحسين (1) هذا الحديث فقال: صدقك يحيى بن عبد الله، هكذا أخبرني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله). قال عبيد: قلت اشتهي أن تفسره لنا إن كان عندك تفسير. قال: نعم، أخبرني أبي، عن جدي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: إن لله (تعالى) ملكا رأسه تحت العرش، وقدماه في تخوم الارض السابعة السفلى، بين عينيه راحة أحدكم، فإذا أراد الله (عزوجل) أن يخلق خلقا على ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمر ذلك الملك فأخذ من تلك الطينة، فرمى بها في النطفة حتى تصير إلى الرحم، منها يخلق وهي الميثاق – والسلام. انتهت أحاديث الحسين بن عبيدالله الغضائري.


(1) رواه في الحديث: 620، وفيه: قال عبيد: فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) هذا الحديث، والظاهر صحته. (*)

[ 657 ]

(35) مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من رجب من السنة المذكورة أحاديث الحسين بن إبراهيم القزويني. بسم الله الرحمن الرحيم 1357 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: بينا حمزة بن عبد المطلب وأصحاب له على شراب لهم يقال له ” السكركة ” قال: فتذاكروا السديف (1)، قال: فقال لهم حمزة: كيف لنا به ؟ قال: فقالوا له: هذه ناقة ابن أخيك علي، فخرج إليها فنحرها، ثم أخذ من كبدها وسنامها فأدخله عليهم. قال: وأقبل علي (عليه السلام) فأبصر ناقته فدخله من ذلك، فقالوا له: عمك حمزة


(1) السديف: شحم السنام.

[ 658 ]

صنع هذا. قال: فذهب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا ذلك إليه. قال: فأقبل معه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقيل لحمزة: هذا رسول الله، قد أقبل بالباب. قال: فخرج وهو مغضب. قال: فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغضب في وجهه انصرف. قال. فأنزل الله (عزوجل) تحريم الخمر. قال: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بآنيتهم فكفئت. ونودي في الناس بالخروج إلى أحد، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخرج حمزة فوقف ناحية من النبي (صلى الله عليه وآله). قال: فلما تصافوا حمل حمزة في الناس حتى غاب فيهم ثم رجع إلى موقفه، فقال له الناس: الله الله يا عم رسول الله أن تذهب وفي نفس رسول الله عليك شئ. قال: ثم حمل الثانية حتى غاب في الناس ثم رجع إلى موقفه، فقالوا له: الله الله يا عم رسول الله أن تذهب وفي نفس رسول الله عليك شئ. قال: فأقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآه مقبلا نحوه، أقبل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعانقه، وقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين عينيه، ثم حمل على الناس، فاستشهد حمزة، فكفنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نمرة (1) – ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): نحو من ستر بابي هذا – فكان إذا غطى بها وجهه انكشفت رجلاه، وإذا غطى رجليه انكشف وجهه. قال: فغطى بها وجهه، وجعل على رجليه إذخر (2). قال: وانهزم الناس وبقي علي (عليه السلام)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما صنعت يا علي ؟ فقال: يا رسول الله، لزمت الارض. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذلك الظن بك. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله). أنشدك يا لله ما وعدتني، فإنك إن شئت لم تعبد. 1358 / 2 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لوددت أني وأصحابي في فلاة من الارض حتى نموت أو يأتي الله بالفرج. 1359 / 3 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن


(1) النمرة: الحبرة، وشملة فيها خطوط بيض وسود، وبردة من صوف تلبسها الاعراب. (2) الاذخر: الحشيش الاخضر، ونبات طيب الرائحة.

[ 659 ]

سليمان (عليه السلام) لما سلب ملكه خرج على وجهه، فضاف رجلا عظيما فأضافه وأحسن إليه. قال: ونزل سليمان (عليه السلام) منه منزلا عظيما لما رأى من صلاته وفضله. قال: فزوجه بنته. قال: فقالت له بنت الرجل حين رأت منه ما رأت: بأبي أنت وأمي، ما أطيب ريحك، وأكمل خصالك ! لا أعلم فيك خصلة أكرهها إلا أنك في مؤنة أبي. قال: فخرج حتى أتى الساحل، فأعان صيادا على ساحل البحر، فأعطاه السمكة التي وجد في بطنها خاتمه. 1360 / 4 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لما مات جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) أن تتخذ طعاما لاسماء بنت عميس، ويأتيها نساؤها ثلاثة أيام، فجرت بذلك السنة من أن يصنع لاهل الميت ثلاثة أيام. 1361 / 5 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله لما خلق آدم ونفخ فيه من روحه، وثب ليقوم قبل أن يتم فيه الروح فسقط، فقال الله (عزوجل): خلق الانسان عجولا (1). 1362 / 6 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان لنمرود مجلس يشرف منه على النار، فلما كان بعد ثلاثة أشرف على النار هو وآزر، وإذا إبراهيم (عليه السلام) مع شيخ يحدثه في روضة خضراء. قال: فالتفت نمرود إلى آزر، فقال: يا آزر، ما أكرم ابنك على ربة ! قال: ثم قال نمرود لابراهيم: اخرج عني ولا تساكني. 1363 / 7 – قال. وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن أشد الناس بلاء الانبياء (صلوات الله عليهم أجمعين)، ثم الذين يلونهم، ثم الامثل فالامثل. 1364 / 8 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ليس


(1) في سورة الاسراء 17: 11 (وكان الانسان عجولا)، وفي سورة الانبياء 21: 37 (خلق الانسان من عجل).

[ 660 ]

للنساء من سروات الطريق شئ يعني وسط الطريق – ولكن يمشين في جنبيه (1). 1365 / 9 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) سمعوا صوتا من جانب البيت، ولم يروا شخصا، يقول: (كل نقس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) (2) ثم قال: في الله خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك لما فات. قال: فبالله فتقووا وإياه فارجوا، فإن المحروم من يحرم الثواب، واستروا عورة نبيكم، فلما وضعه علي (عليه السلام) على سريره نودي. يا علي لا تخلع القميص. قال: فغسله في قميصه. ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إذا أنا مت فغسلني، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه. قال: فقال له علي (عليه السلام): يا رسول الله، إنك رجل ثقيل، ولابد لي ممن يعينني ؟ قال: فقال له: إن جبرئيل معك يعينك وليناولك الفضل بن عباس الماء، ومره فليعصب عينيه، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه. 1366 / 10 – قال: ولهذا الاسناد، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: (فطرت الله التى فطر الناس عليها) (3) قال: التوحيد. 1367 / 11 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله (عزوجل): (وهديناه النجدين) (4) قال: نجد الخير والشر. 1368 / 12 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما أنا فلو كنت ما شهدت أول الشهود، يعني في الرياء. 1369 / 13 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:


(1) في الحجرية والمطبوع: في وسط الطريق، ولا يصح. انظر الكافي 5: 518 / 1 و 519 / 4. (2) سورة آل عمران 3: 185. (3) سورة الروم 30: 30. (4) سورة البلد 90: 10.

[ 661 ]

كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة (عليها السلام) تطحن وتعجن وتخبز. 1370 / 14 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حمل الحسين (عليه السلام) ستة أشهر وأرضع سنتين، وهو قول الله (عزوجل: (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (1). 1371 / 15 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، وذكر السفياني، فقال: أما الرجال فتواري وجوهها عنه، وأما النساء فليس عليهن بأس. 1372 / 16 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله (تعالى): (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (2)، قال: أعملكم بالتقية. 1373 / 17 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لو أنكم إذا بلغكم عن الرجل شئ مشيتم إليه فقلتم: يا هذا إما أن تعتزلنا وتجتنبنا، أو تكف عنا، فإن فعل وإلا فاجتنبوه. 1374 / 18 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله (تعالى): (وقالت اليهود يد الله مغلولة) (3) فقال: كانوا يقولون قد فرغ من الامر. 1375 / 19 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لما خرج طالب الحق قيل لابي عبد الله (عليه السلام): نرجو أن يكون هذا اليماني ؟ فقال: لا، اليماني يوالي عليا (عليه السلام)، وهذا يبرأ. 1376 / 20 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: اليماني والسفياني كفرسي رهان (4).


(1) سورة الاحقاف 46: 15. (2) سورة الحجرات 49: 13. (3) سورة المائدة 5: 64. (4) في المثل ” هما كفرسي رهان ” يضرب للمتساويين والمتقاربين في الفضل وغيره، وللمتسابقين في المجاراة.

[ 662 ]

1377 / 21 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أتى قوم أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا: السلام عليك يا ربنا ! فاستتابهم فلم يتوبوا، فحفر لهم حفيرة، فأوقد فيها نارا، وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى ما بينهما، فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة، وأوقد في الحفيرة الاخرى حتى ماتوا. 1378 / 22 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: رأس كل خطيئة حب الدنيا. 1379 / 23 – قال. وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا يزال الدعاء محجوبا عن السماء حتى يصلي على محمد وآل محمد (عليهم السلام). 1380 / 24 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أيوب النبي (عليه السلام) حين دعا زبه: يا رب، كيف ابتليتني بهذا البلاء الذي لم تبتل به أحدا ؟ فوعزتك إنك لتعلم أنه ما عرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا عملت بأشدهما على بدني قال: فنودي: ومن فعل ذلك بك يا أيوب ؟ قال: فأخذ التراب ووضعه على رأسه، ثم قال: أنت يا رب. 1381 / 25 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال. سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنا لنحب الدنيا وإلا نعطاها خير لنا، وما أعطي أحد منها شيئا إلا نقص حظه في الآخرة. قال: فقال له رجل: إنا والله لنطلب الدنيا. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): تصنع بها ماذا ؟ قال: أعود بها على نفسي وعلى عيالي، وأتصدق منها، وأصل منها، وأحج منها. قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة. 1382 / 26 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النساء عي وعورات، فاستروا العورات بالبيوت، واستروا


[ 663 ]

العي بالسكوت (1). 1383 / 27 – قال. وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: بلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام قط. قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أكله قط. قلت: فأي شئ كان يأكل ؟ قال: كان طعام رسول الله (صلى الله عليه وآله) الشعير إذا وجده، وحلواه التمر، ووقوده السعف. 1384 / 28 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يحشر الناس يوم القيامة متلازمين، فينادي مناد: أيها الناس، إن الله قد عفا فاعفوا. قال: فيعفو قوم ويبقى قوم متلازمين. قال: فترفع لهم قصور بيض فيقال: هذا لمن عفا، فيتعافى الناس. 1385 / 29 – قال. وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال بعض أصحابنا: أصلحك الله، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول: قال جبرئيل (عليه السلام)، وهذا جبرئيل يأمرني، ثم يكون في حال اخرى يغمى عليه ؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنه إذا كان الوحي من الله إليه ليس بينهما جبرئيل (عليه السلام)، أصابه ذلك لثقل الوحي من الله، وإذا كان بينهما جبرئيل (عليه السلام) لم يصبه ذلك، فيقول: قال لي جبرئيل، وهذا جبرئيل يأمرني. 1386 / 30 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن أعظم الناس يوم القيامة (حسرة) من وصف عدلا، ثم خالفه إلى غيره. 1387 / 31 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو يقول: عجبا للمتكبر الفجور الذي كان بالامس نطفة وهو غدا جيفة، والعجب كل العجب لمن شك في الله وهو يرى الخلق، والعجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو يموت في كل يوم وليلة، والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة


(1) تقدم في الحديث: 1209.

[ 664 ]

الاخرى وهو يرى النشأة الاولى، والعجب كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء ! 1388 / 32 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا محمد، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا، ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. قال: ثم قال لي: يا محمد، إنه من سأل وهو يظهر غنى لقي الله مخموشا وجهه. 1389 / 33 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن قوما أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله، اضمن لنا على ربك الجنة. قال: فقال: على أن تعينوني بطول السجود. قالوا: نعم يا رسول الله، فضمن لهم الجنة. قال: فبلغ ذلك قوما من الانصار فأتوه، فقالوا: يا رسول الله، اضمن لنا الجنة. قال: على أن لا تسألوا أحدا شيئا. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: فضمن لهم الجنة، فكان الرجل منهم يسقط سوطه وهو على دابته فينزل حتى يتناوله كراهية أن يسأل أحدا شيئا، وإنه كان الرجل لينقطع شسعه (1) فيكره أن يطلب من أحد شسعا. 1390 / 34 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (تعالى): (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (2) من هم ؟ قال: نحن. قلت: علينا أن نسألكم ؟ قال: نعم. قال: قلت: فعليكم أن تجيبونا ؟ قال: ذاك إلينا. 1391 / 35 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن العبد إذا عجل فقام لحاجته يقول الله (تبارك وتعالى): أما يعلم عبدي أني أنا أقضي الحوائج. 1392 / 36 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما مؤمن سأل أخاه المؤمن حاجة، وهو يقدر على قضائها،


(1) الشسع: سير يمسك النعل بأصابع القدم. (2) سورة النحل 16: 43.

[ 665 ]

فرده عنها، سلط الله عليه شجاعا (1) في قبره ينهش من أصابعه. 1393 / 37 – قال: وبهذا الاسناد، عن هشام، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: ألا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه ؟ قال: قلت: نعم. قال: إن من أشد ما فرض الله على خلقه إنصافك الناس عن نفسك، ومواساتك أخاك المسلم في مالك، وذكر الله كثيرا، أما إني لا أعني ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ” وإن كان منه، لكن ذكر الله عند ما أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها (2).


(1) الشجاع: الحية. (2) تقدم نحوه في الحديث: 135، ويأتي في الحديث: 1446.

[ 666 ]

(36) مجلس يوم الجمعة سلخ رجب – عظم الله بركته – سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث الحسين بن إبراهيم القزويني، وأحاديث أحمد بن عبدون، المعروف بابن الحاشر. بسم الله الرحمن الرحيم 1394 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن وهبان، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كمال المؤمن في ثلاث خصال: الفقه في دينه، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة. 1395 / 2 – وبهذا الاسناد، عن صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى بن يقطين، قالا: حدثنا الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أراد البقاء ولا بقاء، فليباكر الغداء (1)، وليخفف الرداء (2)،


(1) المراد بالغداء: طعام الغدوة، وهي ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.

[ 667 ]

وليقل غشيان النساء. 1396 / 3 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: جودوا الحذو فإنه مكبتة للعدو، وزيادة في ضوء البصر، وخففوا الدين، فإن في خفة الدين زيادة العمر، وتدهنوا فإنه يظهر الغناء، وعليكم بالسواك فإنه يذهب وسوسة الصدر، وأدمنوا الخف فإنه أمان من السل. 1397 / 4 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن صوم يوم عرفة ؟ فقال: عيد من أعياد المسلمين، ويوم دعاء ومسألة. قلت: فصوم عاشوراء ؟ قال: ذاك يوم قتل فيه الحسين (عليه السلام)، فإن كنت شامتا فصم. ثم قال: إن آل أمية (عليهم لعنة الله) ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام، نذروا نذرا إن قتل الحسين (عليه السلام) وسلم من خرج إلى الحسين (عليه السلام)، وصارت الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم، وأن يصوموا فيه شكرا، ويفرحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم في الناس، واقتدى بهم الناس جميعا، فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح ذلك اليوم. ثم قال: إن الصوم لا يكون للمصيبة، ولا يكون إلا شكرا للسلامة، وإن الحسين (عليه السلام) أصيب، فإن كنت ممن أصبت به فلا تصم، وإن كنت شامتا ممن سرك سلامة بني أمية فصم شكرا لله (تعالى). 1398 / 5 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اتقوا الله، وعليكم بالطاعة لائمتكم، قولوا ما يقولون، واصمتوا عما صمتوا، فإنكم في سلطان من قال الله (تعالى): (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) (3) يعني بذلك ولد العباس، فاتقوا الله، فإنكم في هذه صلوا في


(2) المراد بتخفيف الرداء: قلة الدين. (3) سورة إبراهيم 14: 46.

[ 668 ]

عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وأدوا الامانة إليهم، وعليكم بحج هذا البيت، فأدمنوه فإن في إدمانكم الحج دفع مكاره الدنيا عنكم، وأهوال يوم القيامة. 1399 / 6 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن إسحاق بن عمار، وأبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) أمهر فاطمة (عليها السلام) ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار، تدخل أعداءها النار، وتدخل أولياءها الجنة، وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الاول. 1400 / 7 – وبهذا الاسناد، عن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أوحى الله (تعالى) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): قل لفاطمة: لا تعصي عليا، فإنه إن غضب غضبت لغضبه. 1401 / 8 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان الحسين (عليه السلام) ذات يوم في حجر النبي (صلى الله عليه وآله) يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما أشد إعجابك بهذا الصبي ! فقال لها. ويلك ويلك، وكيف لا أحبه ولا أعجب به، وهو ثمرة فؤادي، وقرة عيني ! أما إن أمتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي. قالت: يا رسول الله، حجة من حججك ! قال: نعم، وحجتين. قالت: يا رسول الله، حجتين من حججك ! قال: نعم، وأربعا. قال: فلم تزل تزيده وهو يزيد ويضعف حتى بلغ سبعين حجة من حجج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأعمارها. 1402 / 9 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبي الحسن موسى وأبي الحسن الرضا (عليهما السلام)، قالا: الباذنجان عند جداد النخل (1) لا داء فيه. 1403 / 10 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: الباذنجان جيد للمرة (2) السوداء.


(1) أي أوان إدراكه. (2) المرة: خلط من أخلاط البدن، المسمى المزاج.

[ 669 ]

1404 / 11 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا، فقدمناه فأكل منه، ثم قام النبي (عليه السلام) إلى زاوية البيت فصلى ركعات، فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا، فلم يسأله أحد منا إجلالا له، فقام الحسين (عليه السلام) فقعد في حجره وقال له: يا أبت، لقد دخلت بيتنا، فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك، ثم بكيت بكاء غمنا، فلم بكيت ؟ فقال: يا بني، أتاني جبرئيل آنفا، فاخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى. فقال: يا أبت، فما لمن يزور قبورنا على تشتتها ؟ فقال: يا بني، أولئك طوائف من أمتي، يزورونكم يلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنة. 1405 / 12 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: الاشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي، وكل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا، ما لم تعرف الحرام منه فتدعه. 1406 / 13 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما بعث الله نبيا أكرم من محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا خلق الله قبله أحدا، ولا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد (صلى الله عليه وآله)، فذلك قوله (تعالى): (هذا نذير من النذر الاولى) (1)، وقال: (وإنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (2)، فلم يكن قبله مطاع في الخلق، ولا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة في كل قرن إلى أن يرث الله الارض ومن عليها. 1407 / 14 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان رجل شيخ ناسك يعبد الله في بني إسرائيل، فبينا هو يصلي وهو في عبادته، إذ بصر بغلامين صبيين، قد أخذا ديكا وهما ينتفان ريشه، فأقبل على ما هو فيه من


(1) سورة النجم 53: 56. (2) سورة الرعد 13: 7. (*)

[ 670 ]

العبادة، ولم ينههما عن ذلك، فأوحى الله إلى الارض: أن سيخي بعبدي، فساخت به الارض، فهو يهوي في الدردور (1) أبد الآبدين ودهر الداهرين. 1408 / 15 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: إن الله أهبط ملكين إلى قرية ليهلكهم، فإذا هما برجل تحت الليل قائم يتضرع إلى الله ويتعبد. قال: فقال أحد الملكين للآخر: إني أعاود ربي في هذا الرجل، وقال الآخر: بل تمضي لما أمرت ولا تعاود ربي في ما قد أمر به. قال: فعاود الآخر ربه في ذلك، فأوحى الله إلى الذي لم يعاود ربه في ما أمره: أن أهلكه معهم، فقد حل به معهم سخطي، إن هذا لم يتمعر (2) وجهه قط غضبا لي، والملك الذي عاود ربه في ما أمر سخط الله عليه فأهبط في جزيرة فهو حتى الساعة فيها ساخط عليه ربه. 1409 / 16 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أيوب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من دخل على مؤمن في داره محاربا له، فدمه مباح في تلك الحال للمؤمن، وهو في عنقي. 1410 / 17 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، قال: سمعت رجلا يقول لابي عبد الله (عليه السلام): بلغني أن الاقتصاد والتدبير في المعيشة نصف الكسب. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا، بل هو الكسب كله، ومن الدين التدبير في المعيشة. 1411 / 18 – وبهذا الاسناد، عن الحسين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما من مؤمن بذل جاهه لاخيه المؤمن إلا حرم الله وجهه على النار، ولم يمسه قتر ولا ذلة يوم القيامة، وأيما مؤمن بخل بجاهه على أخيه المؤمن وهو أوجه جاها منه إلا مسه قتر وذلة في الدنيا والآخرة، وأصابت وجهه يوم القيامة نفحات النيران، معذبا كان أو مغفورا له.


(1) الدردور: موضع في البحر يجيش ماؤه ويدور، يخاف في الغرق. (2) معر وجهه فتمعر: غيره غيظا فتغير، وذلك بأن تعلوه صفرة ويذهب إشراقه ونضارته.

[ 671 ]

أحاديث أحمد بن عبدون، المعروف بابن الحاشر 1412 / 19 – وعنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا العباس بن عامر، قال: حدثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن الضبي، قال. سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبي قط إلا بها. 1413 / 20 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن رزق، عن محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تستخفوا بشيعة علي، فإن الرجل منهم ليشفع بعدد ربيعة ومضر. 1414 / 21 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن العلاء الرازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخل علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في بيت أم سلمة، فلما رآه قال: كيف أنت يا علي إذا جمعت الامم، ووضعت الموازين، وبرز لعرض خلقه، ودعي الناس إلى ما لابد منه ؟ قال: فدمعت عين أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا علي، تدعى والله أنت وشيعتك غرا محجلين، رواء مرويين مبيضة وجوهكم، ويدعى بعدوك مسودة وجوههم أشقياء معذبين، أما سمعت إلى قول الله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1) أنت وشيعتك: (والذين كفروا بآياتنا أولئك هم شر البرية) عدوك يا علي. 1415 / 22 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن العلاء الرازي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى النهروان، وظعنوا في أول أرض بابل حين دخل وقت العصر، فلم يقطعوها حتى غابت الشمس، فنزل الناس يمينا وشمالا يصلون إلا الاشتر وحده، فإنه قال: لا اصلي حتى أرى أمير المؤمنين قد نزل يصلي. قال: فلما نزل قال: يا مالك، هذه أرض سبخة، ولا


(1) سورة البينة 98: 7.

[ 672 ]

تحل الصلاة فيها، فمن كان صلى فليعد الصلاة. ثم قال: استقبل القبلة، فتكلم بثلاث كلمات، ما هن بالعربية ولا بالفارسية، فإذا هو بالشمس بيضاء نقية، حتى إذا صلى بنا سمعنا لها حين انقضت خريرا كخرير المنشار. 1416 / 23 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن رزق، عن عاصم بن عبد الواحد المدائني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مكة حرم إبراهيم (عليه السلام)، والمدينة حرم محمد (صلى الله عليه وآله)، والكوفة حرم علي بن أبي طالب (عليه السلام) إن عليا (عليه السلام) حرم من الكوفة ما حرم إبراهيم من مكة، وما حرم محمد (صلى الله عليه وآله) من المدينة. 1417 / 24 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن معاوية بن وهب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فصدع ابن لرجل من أهل مرو وهو عنده جالس، قال: فشكا ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: ادنه مني، قال: فمسح على رأسه، ثم قال: (إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا) (1). 1418 / 25 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن مهزم بن ابي بردة الاسدي، قال: دخلت المدينة حدثان (2) صلب زيد (رضي الله عنه). قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فساعة رآني قال: يا مهزم، ما فعل زيد ؟ قال: قلت: صلب. قال: أين ؟ قال: قلت: في كناسة بني أسد. قال: أنت رأيته مصلوبا في كناسة بني أسد ؟ قال: قلت نعم، قال: فبكى حتى بكى النساء خلف الستور، ثم قال: أما والله لقد بقي لهم عنده طلبة، ما أخذوها منه بعد. قال: فجعلت أفكر وأقول: أي شئ طلبتهم بعد القتل والصلب ! فودعته وانصرفت حتى انتهيت إلى الكناسة، فإذا أنا بجماعة، فأشرفت عليهم، فإذا زيد قد أنزلوه من خشبته يريدون أن يحرقوه. قال: قلت: هذه الطلبة التي قال لي.


(1) سورة فاطر 35: 41. (2) حدثان الامر: أوله وابتداؤه.

[ 673 ]

1419 / 26 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما تجرعت جرعة غيظ قط أحب إلي من جرعة غيظ أعقبها صبرا، وما أحب أن لي بذلك حمر النعم. قال: وكان يقول: الصدقة تطفئ غضب الرب. قال: وكان لا تسبق يمينه شماله. قال: وكان يقبل الصدقة قبل أن يعطيها السائل، فقيل له: ما يحملك على هذا ؟ قال: فقال: لست أقبل يد السائل، إنما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي قبل أن تقع في يد السائل. قال: ولقد كان يمر على المدرة في وسط الطريق، فينزل عن دابته ينحيها بيده عن الطريق. قال: ولقد مر بمجذومين، فسلم عليهم وهم يأكلون، فمضى، ثم قال: إن الله لا يحب المتكبرين، فرجع إليهم فقال: إني صائم، وقال: ائتوني بهم في المنزل. قال: فأتوه، فأطعمهم ثم أعطاهم. 1420 / 27 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن أبي موسى البناء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: النفساء تبعث من قبرها بغير حساب، لانها ماتت في غم نفاسها. 1421 / 28 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن يحيى بن العلاء، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: خرج علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى مكة حاجا حتى انتهى إلى واد بين مكة والمدينة، فإذا هو برجل يقطع الطريق. قال: فقال لعلي (عليه السلام): انزل، قال: تريد ماذا ؟ قال: أريد أن أقتلك، وآخذ ما معك. قال: فأنا أقاسمك ما معي وأحللك. قال: فقال اللص: لا. فقال: دع معي ما أتبلغ به، فأبى عليه. قال: فأين ربك ؟ قال: نائم. قال: فإذا أسدان مقبلان بين يديه، فأخذ هذا برأسه، وهذا برجليه. قال: فقال: زعمت أن ربك عنك نائم.


[ 674 ]

(37) مجلس يوم الجمعة السابع من شعبان سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث ابن الحاشر، وأحاديث الحسين بن إبراهيم القزويني. بسم الله الرحمن الرحيم 1422 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: وبالاسناد المتقدم، عن أحمد بن رزق، عن مهزم بن أبي بردة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أنت أحصيت ما على الارض من شيعة علي (عليه السلام) فلست تلاقي إلا من هو حطب جهنم، إنه لينعم على أهل خلافكم بجواركم إياهم، ولولا ما على الارض من شيعة علي ما نظرت إلى غيث أبدا، إن أحدكم ليخرج وما في صحيفته حسنة، فيملاها الله له حسنات قبل أن ينصرف، وذلك أنه يمر بالمجلس وهم يشتموننا، فيقال: اسكتوا هذا من الفلانية، فإذا مضى عنهم شتموه فينا. 1423 / 2 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن يحيى بن العلاء، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما ترى في رجل تزوج امرأة، فمكثت معه سنة، ثم غابت عنه، ثم تزوجت آخر، فمكثت معه سنة، ثم غابت عنه، ثم تزوجت آخر، ثم إن الثالث أولدها ؟ قال: ترجم لان الاول أحصنها.


[ 675 ]

قال: قلت: فما ترى في ولدها ؟ قال: ينسب إلى أبيه. قال: قلت: فإن مات الاب، يرثه الغلام ؟ قال: نعم. 1424 / 3 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) يريد حاجة، فإذا هو بالفضل بن العباس. قال: فقال: احملوا هذا الغلام خلفي. قال. فاعتنق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده من خلفه على الغلام، ثم قال: يا غلام، خف الله تجده أمامك، يا غلام خف الله يكفك ما سواه، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، ولو أن جميع الخلائق اجتمعوا على أن يصرفوا عنك شيئا قد قدر لك لم يستطيعوا، ولو أن جميع الخلائق اجتمعوا على أن يصرفوا إليك شيئا لم يقدر لك لم يستطيعوا، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن اليسر مع العسر، وكل ما هو آت قريب، إن الله يقول: ولو أن قلوب عبادي اجتمعت على قلب أشقى عبد لي ما نقصني ذلك من سلطاني جناح بعوضة، ولو أن قلوب عبادي اجتمعت على قلب أسعد عبد لي ما زاد ذلك إلا مثل إبرة جاء بها عبد من عبادي فغمسها في بحر، وذلك أن عطائي كلام، وعدتي كلام، وانما أقول للشئ: كن فيكون. 1425 / 4 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن يحيى بن العلاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن عبدا مكث في النار يناشد الله سبعين خريفا، والخريف سبعون سنة وسبعون سنة وسبعون سنة. قال: ثم إنه سأل الله بحق محمد وأهل بيته (عليهم السلام) لما رحمتني. قال: فأوحى الله إلى جبرئيل (عليه السلام): أن اهبط إلى عبدي فأخرجه إلي. قال. يا رب، كيف لي بالهبوط في النار ؟ قال: إني قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما. قال: يا رب، فما علمي بموضعه ؟ قال: إنه في جب في سجين. قال: فهبط إليه وهو معقول على وجهه بقدمه. قال: كم لبثت في النار ؟ قال: ما أحصي كم بدلت فيها خلقا، فأخرجه إليه. قال: فقال له: يا عبدي، كم كنت تناشدني في النار ؟ قال: ما أحصي يا رب. قال: أما وعزتي وجلالي، لولا ما سألتني به لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتم حتمته على نفسي ألا يسألني عبد بحق محمد وأهل بيته


[ 676 ]

إلا ما غفرت ماكان بيني وبينه، فقد غفرت لك اليوم. 1426 / 5 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن فضال، قال: حدثنا العباس بن عامر، قال: حدثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى بن العلاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كل مؤمن شهيد وإن مات على فراشه، فهو شهيد، وهو كمن مات في عسكر القائم (عجل الله تعالى فرجه). قال: أيحبس نفسه على الله ثم لا يدخله الجنة ؟ ! 1427 / 6 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما رجل اشترى طعاما فكبسه أربعين صباحا، يريد به غلاء المسلمين، ثم باعه فتصدق بثمنه، لم يكن كفارة لما صنع. 1428 / 7 – وبهذا الاسناد، في أحمد، عن يحيى بن العلاء، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) مريضا دنفا (1)، فأمر فأخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكان فيه حتى أصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان. 1429 / 8 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن يحيى بن العلاء، وإسحاق بن عمار جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قالا: ما ودعنا قط إلا أوصانا بخصلتين: عليكم بصدق الحديث، وأداء الامانة إلى البر والفاجر، فإنهما مفتاح الرزق. 1430 / 9 – وبهذا الاسناد، عن أحمد، عن يحيى بن العلاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: ادع بهذا الدعاء، وأنا ضامن لك حاجتك على الله: ” اللهم أنت ولي نعمتي، وأنت القادر على طلبتي، قد تعلم حاجتي، فأسألك بحق محمد وآل محمد لما قضيتها “. 1431 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن


(1) دنف المريض: اشتد مرضه.

[ 677 ]

الحسن بن فضال، عن العباس، عن أبي عمارة، عن معاذ بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وجد بالحسين بن علي (صلوات الله عليهما) نيف وسبعون ضربة بالسيف. 1432 / 11 – وبهذا الاسناد، عن أبي عمارة، عن عبد الله بن طلحة، عن عبد الله ابن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لما قدم علي بن الحسين (عليهما السلام) وقد قتل الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيدالله، وقال: يا علي بن الحسين، من غلب ؟ وهو مغطى رأسه، وهو في المحمل. قال: فقال له علي ابن الحسين: إذا أردت أن تعلم من غلب، ودخل وقت الصلاة، فأذن ثم أقم. 1433 / 12 – وبهذا الاسناد، عن العباس، عن أبي جعفر الخثعمي، قريب إسماعيل بن جابر، قال: أعطاني أبو عبد الله (عليه السلام) خمسين دينارا في صرة، فقال لا: ادفعها إلى رجل من بني هاشم، ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا. قال: فأتيته، فقال: من أين هذه ؟ جزاه الله خيرا، فما يزال كل حين يبعث بها، فنكون مما نعيش فيه إلى قابل، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله. 1434 / 13 – وقال أبو عبد الله (عليه السلام): علموا أولادكم (يس) فإنها ريحانة القرآن. 1435 / 14 – وبهذا الاسناد، عن ابن فضال، عن العباس، عن فضيل بن عثمان، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ملأ من أصحابه قال. فقال: خذوا جنتكم. فقالوا: يا رسول الله، حضر عدو ؟ قال: لا، جنتكم من النار. قال: قولوا: ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” فانهن يوم القيامة مقدمات منجيات ومعقبات، وهن عند الله الصالحات الباقيات. 1436 / 15 – وبهذا الاسناد، عن العباس، عن فضيل، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: الدعاء لاخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق، ويصرف عنه البلاء، ويقول الملك: ولك مثل ذلك.


[ 678 ]

1437 / 16 – وبهذا الاسناد، عن العباس، عن بشر بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أن ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد فأعطاه الله، فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة ليس أحد من المؤمنين يقول: صلى الله عليه وآله وسلم، إلا قال الملك: وعليك السلام، ثم يقول الملك: يا رسول الله، إن فلانا يقرئك السلام، فيقول رسول الله: وعليه السلام. 1438 / 17 – وبهذا الاسناد، عن العباس، عن علي بن معمر الخزاز، عن رجل من جعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال رجل: اللهم إني أسألك رزقا طيبا. قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هيهات هيهات، هذا قوت الانبياء، ولكن سل ربك رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة، هيهات إن الله يقول: (يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) (1). 1439 / 18 – وبهذا الاسناد، عن علي بن معمر، عن يونس بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العبد ليبسط يديه يدعو الله ويسأله من فضله مالا فيرزقه. قال: فينفقه فيما لا خير فيه. قال: ثم يعود فيدعو. قال: فيقول الله: ألم أعطك، ألم أفعل بك كذا وكذا ؟ 1440 / 19 – وبهذا الاسناد، عن العباس بن عامر، عن عبد الله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمنا عليه، وجلسنا بين يديه، فسألنا: من أنتم ؟ قلنا: من أهل الكوفة. فقال: أما إنه ليس من بلد من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، ثم هذه العصابة خاصة، إن الله هداكم لامر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محيانا، ومماتكم مماتنا، فأشهد على أبي (عليه السلام) أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه ويغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا، ثم أهوى بيده إلى حلقه، ثم قال:


(1) سورة المؤمنون 23: 51.

[ 679 ]

وقد قال الله في كتابه: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ” (1) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2). 1441 / 20 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا محمد بن وهبان، قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن إسماعيل بن حيان الوراق في دكانه بسكة الموالي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الاسدي، قال: حدثنا أبو سعيد عباد بن يعقوب الاسدي، قال: حدثنا خلاد أبو علي، قال: قال لنا جعفر بن محمد (عليهما السلام) وهو يوصينا: اتقوا الله، وأحسنوا الركوع والسجود، وكونوا أطوع عباد الله، فإنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع، ولن تنالوا ما عند الله (تعالى) إلا بالعمل، وإن أشد الناس حسرة يوم القيامة لمن وصف عدلا وخالفه إلى غيره. 1442 / 21 – وبهذا الاسناد، عن خلاد، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: السفياني لا بد منه، ولا يخرج إلا في رجب. 1443 / 22 – وبهذا الاسناد، عن خلاد، قال: سأل رجل جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: يا أبا عبد الله، إذا خرج السفياني فما حالنا ؟ قال: إذا كان ذلك فالينا. 1444 / 23 – وبهذا الاسناد، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال رجل: يا جعفر، الرجل يكون له مال فيضيعه فيذهب ؟ قال: احتفظ بمالك، فإنه قوام دينك، ثم قرأ: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما) (3). 1445 / 24 – وبهذا الاسناد، عن خلاد، عن رجل، قال. كنا جلوسا عند جعفر (عليه السلام) فجاءه سائل فأعطاه درهما، ثم جاء آخر فأعطاه درهما، ثم جاء آخر فأعطاه درهما، ثم جاء الرابع فقال له: يرزقك ربك، ثم أقبل علينا فقال: لو أن أحدكم


(1) سورة الرعد 13: 38. (2) تقدم في الحديث: 234. (3) سورة النساء 4: 5.

[ 680 ]

كان عنده عشرون ألف درهم، وأراد أن يخرجها في هذا الوجه لاخرجها، ثم بقي ليس عنده شئ، ثم كان من الثلاثة الذين دعوا فلم تستجب لهم دعوة: رجل آتاه الله مالا، فمزقه ولم يحفظه، فدعا الله أن يرزقه، فقال: ألم أرزقك ؟ ! فلم تستجب له دعوة وردت عليه، ورجل جلس في بيته يسأل الله أن يرزقه، فقال: ألم أجعل لك إلى طلب الرزق سبيلا، أن تسير في الارض، وتبتغي من فضلي ؟ ! فردت عليه دعوته، ورجل دعا على امرأته، فقال: ألم أجعل أمرها في يدك ؟ ! فردت عليه دعوته. 1446 / 25 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الازدي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن زكريا، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة بن بشير الاسدي، عن الجارود بن المنذر الكندي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أشد الاعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى لها بشئ إلا رضيت لهم بمثله، ومواساتك الاخ في المال، وذكر الله على كل حال، ليس ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله ” فقط، ولكن إذا ورد عليك شئ أمر الله به أخذت به، وإذا ورد عليك شئ نهاك الله عنه تركته (1). 1447 / 26 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن الحسين بن موسى الحناط، عن أبيه، أنه قال: ذكر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه ذكر عنده رجل فقال: إن الرجل إذا أصاب مالا من حرام لم يقبل منه حج، ولا عمرة، ولا صلة رحم، حتى إنه يفسد فيه الفرج.


(1) تقدم نحوه في الحديث: 135 والحديث: 1393.

[ 681 ]

(38) مجلس يوم الجمعة الرابع عشر من شعبان سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث الحسين بن إبراهيم القزويني، وابن شاذان القمي، والغضائري. بسم الله الرحمن الرحيم 1448 / 1 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أوصني. فقال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه، وانظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فكثيرا ما قال الله (عزوجل) لرسوله (صلى الله عليه وآله): (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) (1)، وقال (عز ذكره): (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) (2) فإن نازعتك نفسك إلى شئ من ذلك، فاعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السعف، وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن الناس لم يصابوا بمثله أبدا، ولن يصابوا بمثله أبدا. 1449 / 2 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ذات يوم، وهو يأكل متكئا،


(1) سورة التوبة 9: 55. (2) سررة طه 20: 131.

[ 682 ]

وقد كان يبلغنا أنه ينهى عن ذلك (1). 1450 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن (2)، قال: حدثنا علي بن محمد بن متولة القلانسي، قال: حدثنا حمزة بن القاسم، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، قال: جاز مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) بالقائم المائل في طريق الغري، فصلى عنده ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة ؟ قال: هذا موضع رأس جدي الحسين بن علي (عليهما السلام)، وضعوه هاهنا. 1451 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد المذاري، قال. حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عيسى، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سألته عن القائم المائل في طريق الغري. فقال: نعم، إنه لما جاوز سرير أمير المؤمنين علي (عليه السلام) انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكذلك سرير أبرهة لما دخل عليه عبد المطلب انحنى ومال. 1452 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، قال: حدثني الخال أبو القاسم جعفر ابن محمد بن قولويه، قال: حدثني حكيم بن داود القياف، قال: حدثني سلمة بن الخطاب، قال: حدثني سليمان بن سماعة الحذاء، عن عمه عاصم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه سئل: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجها ؟ قال: لانهم خلوا بالله سبحانه، فكساهم من نوره. 1453 / 6 – وعنه، بهذا الاسناد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ولد له ثلاث بنين، ولم يسم أحدهم محمدا، فقد جفاني.


(1) يأتي تاما في الحديث: 1470. (2) أبو الحسن هنا، وفي ما يأتي في بداية الاسانيد، هو ابن شاذان، ويأتي التصريح باسمه في الحديث: 1455.

[ 683 ]

1454 / 7 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن لاهل الجنة (1). 1455 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن علي بن المفضل بن همام الكوفي، قال: حدثني محمد ابن علي بن معمر الكوفي، قال: حدثني محمد بن الحسين الزيات الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثني أبان بن عثمان، قال: حدثني أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: لما انصرفت فاطمة (عليها السلام) من عند أبي بكر، أقبلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت: يابن أبي طالب، اشتملت مشيمة الجنين، وقعدت حجرة الظنين (2)، نقضت قادمة الاجدل (3)، فخانك (4) ريش الاعزل، هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة أبي وبليغة () ابني، والله لقد أجد في ظلامتي، وألد في خصامي، حتى منعتني قيلة (6) نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا مانع ولا دافع، خرجت والله كاظمة، وعدت راغمة، فليتني ولا خيار لي مب قبل ذلتي، وتوفيت قبل منيتي، عذيري فيك الله حاميا، ومنك عاديا (7)، ويلاه في كل شارق، ويلاه مات المعتمد ووهن العضد، شكواي إلى ربي، وعدواي (8) إلى أبي، اللهم أنت أشد قوة.


(1) كذا، وفيه سقط. (2) الظنين: المتهم. (3) قوادم الطير: مقاديم ريشه، والاجدل: الصقر. (4) كذا، ولعلها تصحيف: خاتك، وخات البازي على الصيد: انقض عليه ليأخذه فسمع لريشه دوي، وخاته: اختطفه. (5) النحيلة: المطية، والبليغة: ما يتبلغ به ويكفي لسد الحاجة، وكلاهما بالتصغير. (6) قيلة: وهي قيلة بنت كاهل، ام الاوس. (7) العادي: العدو، أو من: عدا فلانا عن الامر: صرفه وشغله. (8) العدوى: طلبك إلى وإل ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه.

[ 684 ]

فأجابها أمير المؤمنين (عليه السلام): لا ويل لك، بل الويل لشانئك، نهنهي من غربك (1)، يا بنت الصفوة، وبقية النبوة، فوالله ما ونيت في ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت ترزئين (2) البلغة فرزقك مضمون، ولعيلتك مأمون، وما أعد لك خير مما قطع عنك، فاحتسبي. فقالت: حسبي الله ونعم الوكيل. 1456 / 9 – وعنه، أخبرنا أبو الحسن، عن محمد بن علي بن المفضل، عن علي ابن الحسن أبي الحسن النحوي الرازي، قال: أخبرني الحسن بن علي الزفري، قال: حدثني العباس بن بكار الضبي، قال: حدثني أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: الحمد لله الذي لا يحويه مكان، ولا يحده زمان، علا بطوله، ودنا بحوله، سابق كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وإزل (3)، أحمده على جود كرمه، وسبوغ نعمه، واستعينه على بلوغ رضاه، والرضا بما قضاه، وأؤمن به إيمانا، وأتوكل عليه إيقانا. وأشهد أن لا إله إلا الله، الذي رفع السماء فبناها، وسطح الارض فطحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، لا يؤوده خلق، وهو العلي العظيم. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى المشهور، والكتاب المسطور، والدين المأثور، إبلاء لعذره، وإنهاء لامره، فبلغ الرسالة، وهدى من الضلالة، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وآله وسلم كثيرا. أوصيكم بتقوى الله، فإن التقوى أفضل كنز، وأحرز حرز، وأعز عز، فيها نجاة كل هارب، ودرك كل طالب، وظفر كل غالب، وأحثكم على طاعة الله، فإنها كهف العابدين، وفوز الفائزين، وأمان المتقين. واعلموا – أيها الناس – أنكم سيارة، قد حدا بكم الحادي، وحدا لخراب الدنيا


(1) نهنه فلانا عن الشئ: كفه عنه وزجره، ويقال: كففت من غربه، أي من حدته. (2) رزأه حقه أو ماله: نقصه. (3) الازل: الداهية.

[ 685 ]

حادي، وناداكم للموت منادي، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور. ألا وإن الدنيا دار غرارة خداعة، تنكح في كل يوم بعلا، وتقتل في كل ليلة أهلا، وتفرق في كل ساعة شملا، فكم من منافس فيها، وراكن إليها من الامم السالفة، قد قذفتهم في الهاوية، ودمرتهم تدميرا، وتبرتهم تتبيرا، وأصلتهم سعيرا. أين من جمع فأوعى، وشد فأوكى، ومنع فأكدى ؟ بلى أين من عسكر العساكر، ودسكر الدساكر (1)، وركب المنابر، أين من بنى الدور، وشرف القصور، وجمهر الالوف ؟ قد تداولتهم أيامها، ابتعلتهم أعوامها، فصاروا أمواتا، وفي القبور رفاتا، قد نسوا ما خلفوا، ووقفوا على ما أسلفوا، ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. وكأني بها وقد أشرقت بطلائعها، وعسكرت بفظائعها، فأصبح المرء بعد صحته مريضا، وبعد سلامته نقيضا، يعالج كربا، ويقاسي تعبا، في حشرجة السباق، وتتابع الفواق، وتردد الانين، والذهول على البنات والبنين، والمرء قد اشتمل عليه شغل شاغل، وهول هائل، قد اعتقل منه اللسان، وتردد منه البنان، فأصاب مكروها، وفارق الدنيا مسلوبا، لا يملكون له نفعا، ولا لما حل به دفعا، يقول الله (عزوجل) في كتابه: (فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين) (2). ثم من دون ذلك أهوال القيامة، ويوم الحسرة والندامة، يوم تنصب الموازين، وتنشر الدواوين، بإحصاء كل صغيرة، وإعلان كل كبيرة، يقول الله في كتابه: (ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) (3). ثم قال: أيها الناس، الآن الآن من قبل الندم، ومن قبل (أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله


(1) الدساكر: جمع دسكرة، وهي بناء شبه القصر حواليه بيوت، تكون للملوك، وقيل: القرية العظيمة. (2) سورة الواقعة 56: 86، 87 (3) سورة الكهف 18: 49.

[ 686 ]

هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لى كرة فأكون من المحسنين)، فيرد الجليل (جل ثناؤه): (بلى قد جاءتك آياتى فكذبت بها وأستكبرت وكنت من الكافرين) (1)، فوالله ما سأل الرجوع إلا ليعمل صالحا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا. ثم قال: أيها الناس، الآن الآن، ما دام الوثاق مطلقا، والسراج منيرا، وباب التوبة مفتوحا، ومن قبل أن يجف القلم، وتطوى الصحيفة، فلا رزق ينزل، ولا عمل يصعد، المضمار اليوم، والسباق غدا، فإنكم لا تدرون إلى جنة، أو إلى نار، واستغفر الله لي ولكم. 1457 / 10 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري، عن حميد بن زياد، عن العباس بن عبيدالله بن أحمد الدهقان، عن إبراهيم بن صالح الانماطي، رفعه، قال (2): لما أصبح علي (عليه السلام) بعد البيعة، دخل بيت المال، فدعا بمال كان قد اجتمع، فقسمه ثلاثة دنانير ثلاثة دنانير بين من حضر من الناس كلهم، فقام سهل بن حنيف فقال: يا أمير المؤمنين، قد اعتقت هذا الغلام، فأعطاه ثلاثة دنانير، مثل ما أعطى سهل بن حنيف.


(1) سورة الزمر 39: 56 – 59. (2) في النسخة زيادة لا تنسجم مع الحديث والظاهر أنه سقط قسم من سند الحديث وصدره، وما أثبتناه وفقا لنسخة بحار الانوار 32: 38 / 23 طبعة وزارة الارشاد و 8: 373 الطبعة الحجرية. (*).

[ 687 ]

(39) مجلس يوم الجمعة السابع عشر من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث ابن شاذان القمي، والغضائري، والشيخ المفيد، والحسين بن إبراهيم القزويني. بسم الله الرحمن الرحيم 1458 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثني علي بن بلال، عن محمد بن بشر الدهان، عن محمد بن سماعة، قال: سأل بعض أصحابنا الصادق (عليه السلام)، فقال له: أخبرني أي الاعمال أفضل ؟ قال: توحيدك لريك. قال: فما أعظم الذنوب ؟ قال: تشبيهك لخالقك. 1459 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا علي ابن محمد القاساني، قال: حدثني أبو أيوب المدائني، قال: حدثني سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن الرضا يقول: لا تقتلوا القنبرة، ولا تأكلوا لحمها، فإنها كثيرة التسبيح، وتقول في آخر تسبيحها: ” لعن الله مبغضي آل محمد “.


[ 688 ]

1460 / 3 – وعنه، باسناده، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما أزرع الزرع لطلب الفضل فيه، وما أزرعه إلا ليتناوله الفقير وذو الحاجة، ولتتناول منه القنبرة خاصة من الطير. 1461 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، عن القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام): لم سميت الجمعة جمعة ؟ قال: لان الله (تعالى) جمع فيها خلقه لولاية محمد وأهل بيته (عليهم السلام). 1462 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، عن أبي عبد الله محمد بن علي، عن محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثني حمزة بن يعلى الاشعري، قال: حدثني محمد بن داود بن محمد النهدي، قال: حدثني علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله بن سليمان، عن الباقر (عليه السلام)، قال: سألته عن زيارة القبور. قال: إذا كان يوم الجمعة فزرهم، فإنه من كان فيهم في ضيق وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يعلمون بمن أتاهم في كل يوم، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى. قال: قلت: فيعلمون بمن أتاهم، فيفرحون به ؟ قال: نعم، ويستوحشون له إذا انصرف عنهم. 1463 / 6 – وعنه، قال: أخبرنا أبو الحسن، قال: حدثني ابن الخال أبو أحمد عبد العزيز بن جعفر بن قولويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدثني موسى بن إبراهيم المروزي، قال. حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يلبث في موضع تسمع نفسه امرأة ليست له بمحرم. 1464 / 7 – وعنه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أري رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني أمية يصعدون على منبره من بعده، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح


[ 689 ]

حزينا. قال: فهبط عليه جبرئيل، فقال: يا رسول الله، مالي أراك كئيبا حزينا ؟ قال. يا جبرئيل، رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى ! قال: والذي بعثك بالحق نبيا، إني ما اطلعت عليه، وعرج إلى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها: (أفرءيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) (1)، وأنزل عليه (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) (2) جعل الله ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه وآله) خيرا من ألف شهر ملك بني امية. 1465 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن أخيه، عن زرعة، عن سماعة، قال: قال لي: صل في ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان في كل واحدة منهما، إن قويت على ذلك، مائة ركعة سوى الثلاث عشرة، واسهر فيهما حتى تصبح، فإن ذلك يستحب أن يكون في صلاة ودعاء وتضرع، فإنه يرجى أن تكون ليلة القدر في إحداهما، وليلة القدر خير من ألف شهر. فقلت له: كيف هي خير من ألف شهر ؟ قال: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، وليس في هذه الاشهر ليلة القدر، وهي تكون في رمضان، وفيها يفرق كل أمر حكيم. فقلت: وكيف ذلك ؟ فقال: ما يكون في السنة، وفيها يكتب الوفد إلى مكة. 9 / 1466 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن ليلة القدر. قال: هي إحدى وعشرون أو ثلاث وعشرون.


(1) سورة الشعراء 26: 205 – 207. (2) سورة القدر 97: 1 – 3.

[ 690 ]

قلت: أليس إنما هي ليلة القدر ؟ قال: بلى. قلت: فأخبرني بها. قال: وما عليك أن تفعل خيرا في ليلتين ؟ 1467 / 10 – وعنه، بهذا الاسناد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي (1)، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو بصير: ما الليلة التي يرجى فيها ما يرجى ؟ قال: في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين. قال: فان لم أقو على كلتيهما ؟ قال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب ! قال: قلت: فربما رأينا الهلال عندنا، وجاءنا من يخبر بخلاف ذلك في أرض أخرى ؟ فقال: ما أيسر أربع ليل تطلبها فيها ! قلت: جعلت فداك، ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجهني (2) ؟ فقال: إن ذلك ليقال. قلت: جعلت فداك، إن سليمان بن خالد روى في تسع عشرة يكتب وفد الحاج. فقال لي: يا أبا محمد، يكتب وفد الحاج في ليلة القدر، والمنايا والبلايا والارزاق، وما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في إحدى وثلاث، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة، واحيهما إن استطعت إلى النور، واغتسل فيهما. قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك، وأنا قائم ؟ قال: فصل وأنت جالس. قلت: فإن لم أستطع ؟ قال: فعلى فراشك. قلت. فإن لم أستطع ؟ قال: فلا عليك أن تكتحل أول ليل بشئ من النوم، فإن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان، وتصفد الشياطين، وتقبل أعمال المؤمنين، نعم الشهر رمضان، كان يسمى على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المرزوق. 1468 / 11 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي


(1) القاسم بن محمد هو الجوهري، وعلي هو ابن أبي حمزة البطائني. (2) هو عبد الله بن أنيس الجهني، أبو يحيى المدني، حليف بني سلمة من الانصار، سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ليلة القدر، فقال: إني شاسع الدار، فمرني بليلة أنزل لها. قال: أنزل ليلة ثلاث وعشرين.

[ 691 ]

عمير، عن محمد بن الحكم أخي هشام، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر، أو مشاحن، أو صاحب شاهين. قال: قلت: وأي صاحب شاهين ؟ قال: الشطرنج. 1469 / 12 – وعنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الانباري الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الازدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالامر، فقال: نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الاقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته، والثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شئ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله (عزوجل) ورسوله مقرونة، قال الله (عزوجل): (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) (1)، (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (2). وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا أولياءه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برئ منكم إنى أرى ما لا ترون) (3) فتلقون إلى الرماح وزرا، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم (لا ينفع نفسا إيمانها لم


(1) سورة النساء 4: 59. (2) سورة النساء 4: 83 (3) سورة الانفال 8: 48. (*)

[ 692 ]

تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) (1). 1470 / 13 – وعنه، عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن أحمد بن زكريا، عن الحسن بن فضال، عن علي بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت على أبي جعفر (عليهما السلام) ذات يوم وهو يأكل متكئا، قال: وقد كان يبلغنا أن ذلك يكره، فجعلت أنظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلما فرغ، قال: يا محمد، لعلك ترى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأته عين وهو يأكل متكئا منذ بعثه الله إلى أن قبضه ؟ ثم رد على نفسه فقال: لا والله ما رأته عين يأكل هو متكئ منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه. ثم قال: يا محمد، لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه ؟ ثم إنه رد على نفسه، ثم قال: لا والله، ما شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية إلى أن قبضه الله، أما إني لا أقول: إنه لم يجد، لقد كان يجيز (2) الرجل الواحد بالمائة من الابل، ولو أراد أن يأكل لاكل، ولقد أتاه جبرئيل (عليه السلام) بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرار، يخيره من غير أن ينقصه الله مما أعد له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه، وما سئل شيئا قط، فقال: لا، إن كان أعطى، وإن لم يكن قال: يكون إن شاء الله (تعالى)، وما أعطى على الله شيئا قط إلا سلم الله له ذلك، حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له. ثم تناولني بيده فقال: وإن كان صاحبكم (3) (عليه السلام) ليجلس جلسة العبد، ويأكل أكل العبد، ويطعم الناس خبز البر واللحم، ويرجع إلى رحله فيأكل الخبز (1) والزيت، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين (5)، ثم يختر غلامه خيرهما، ثم


(1) سورة الانعام 6: 158. (2) أي يعطيه جائزة. (3) أراد عليا (عليه السلام). (4) في نسخة: الخل. (5) القميص السنبلاني. السابغ الطول، وقيل: المنسوب إلى بلد بالروم.

[ 693 ]

يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإن جاز كعبيه حذفه، وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضا إلا أخذ باشدهما على بدنه، ولقد ولي الناس خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا اقتطع قطيعة، ولا أورث بيضاء ولا حمراء، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها لاهله خادما، وما أطاق عمله منا أحد، وإنه كان علي بن الحسين (عليهما السلام) لينظر في كتاب من كتب علي (عليه السلام) فيضرب به الارض، ويقول: من يطيق هذا (1). 1471 / 14 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن عبد الله بن سنان، عن حفص. أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أحرم الرجل في صلاته – يعني التكبير – أقبل الله بوجهه عليه، ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا، فإن التفت في صلاته أعرض الله عنه بوجهه، ووكله إلى ملائكته. 1472 / 15 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن عبد المؤمن الانصاري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عرضت علي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا رب، لا ولكن أشبع يوما وأجوع يوما، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك، وإذا جعت دعوتك وذكرتك. 1473 / 16 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الاجابة، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة، وذلك في كتاب الله (عزوجل). 1474 / 17 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: ما فرض الله (عز ذكره) على هذه الامة أشد عليهم من الزكاة، وما تهلك عامتهم إلا فيها. 1475 / 18 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن أسباط بن سالم مولى أبان،


(1) تقدم صدره في الحديث: 1449.

[ 694 ]

قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، يعلم ملك الموت نفس من يقبض ؟ قال: إنما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان. 1476 / 19 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن أسباط، عن أيوب بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه، وذلك قوله الله (تعالى): (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ” (1). 1477 / 20 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أيوب بن الحر، عن معاذ بن ثابت الفراء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن المؤمن ليذنب فيذكره بعد عشرين سنة فيستغفر منه، فيغفر له، وانما ذكره ليغفر له، وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته 1478 / 21 – وبهذا الاسناد، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، قال: وبالاسناد الاول عن زرعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أي الاعمال هو أفضل بعد المعرفة ؟ قال: ما من شئ بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة، ولا بعد المعرفة والصلاة شئ يعدل الزكاة، ولا بعد ذلك شئ يعدل الصوم، ولا بعد ذلك شئ يعدل الحج، وفاتحة ذلك كله معرفتنا، وخاتمته معرفتنا، ولا شئ بعد ذلك كبر الاخوان والمواساة ببذل الدينار والدرهم، فإنهما حجران ممسوخان، بهما امتحن الله خلقه بعد الذي عددت لك، وما رأيت شيئا أسرع غنى ولا أنفى للفقر من إدمان حج هذا البيت، وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات، والحجة عنده خير من بيت مملوء ذهبا، لا بل خير من ملء الدنيا ذهبا وفضة تنفقه في سبيل الله (عزوجل)، والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا لقضاء حاجة امرئ مسلم وتنفيس كربته، أفضل من حجة وطواف وحجة وطواف – حتى عقد عشرا – ثم خلا يده، وقال: اتقوا الله، ولا تملوا من الخير، ولا تكسلوا، فإن الله (عزوجل) ورسوله (صلى الله عليه وآله) لغنيان عنكم وعن أعمالكم، وأنتم الفقراء إلى الله (عزوجل)، وإنما


(1) – سورة آل عمران 3: 180.

[ 695 ]

أراد الله (عزوجل) بلطفه سببا يدخلكم به الجنة. 1479 / 22 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ترك الخمر للناس لا لله، صيانة لنفسه، أدخله الله الجنة. 1480 / 23 – وبهذا الاسناد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من السنة الجلسة بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب وصلاة العشاء، ليس بين الاذان والاقامة سبحة، ومن السنة أن ينتفل بركعتين بين الاذان والاقامة في صلاة الظهر والعصر. 1481 / 24 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يصلي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو، وقبل أن يستعرض، وكان يقول: (وقران الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (1) إن ملائكة الليل تصعد، وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل والنهار صلاتي. قال: وكان يصلي المغرب عند سقوط القرص، قبل أن تظهر النجوم. 1482 / 25 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) ربما يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار، فإذا كان عند زوال الشمس أذن وجلس جلسة ثم أقام وصلى الظهر، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلا الفريضة، ولا يقدم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس، وكان يقول: أول صلاة فرضها الله (عزوجل) على العباد صلاة الظهر يوم الجمعة مع الزوال. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل صلاة أول وآخر لعلة تشغل سوى صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة الفجر وصلاة العيدين، فإنه لا يقدم بين يدي ذلك نافلة. قال: وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار، وبعد ذلك ست ركعات أخر، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبيل الزوال أذن وصلى ركعتين


(1) سورة الاسراء 17: 78.

[ 696 ]

فما يفرغ إلا مع الزوال، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر، ويصلي بعد الظهر أربع ركعات، ثم يؤذن ويصلي ركعتين، ثم يقيم ويصلي العصر. 1483 / 26 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا طلع الفجر فلا نافلة، وإذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا نافلة، وذلك أن يوم الجمعة يوم ضيق، وكان أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يتجهزون للجمعة يوم الخميس لضيق الوقت. 1484 / 27 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: رفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة أن قوما من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد. فقال (عليه السلام): ليحضرن معنا صلاتنا جماعة، أو ليتحولن عنا، ولا يجاورونا ولا نجاورهم. 1485 / 28 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: شكت المساجد إلى الله (تعالى) الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله (عزوجل) إليها: وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنتي. 1486 / 29 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: صلاة الرجل في منزله جماعة تعدل أربعا وعشرين صلاة، وصلاة الرجل جماعة في المسجد تعدل ثماني وأربعين صلاة مضاعفة في المسجد، وإن الركعة في المسجد الحرام ألف ركعة في سواه في المساجد، وإن الصلاة في المسجد فردا بأربع وعشرين صلاة، والصلاة في ؟ ؟ زلك فردا هباء منثورا، لا يصعد منه إلى الله شئ، ومن صلى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له، ولا لمن صلى معه، إلا من علة تمنع من المسجد. 1487 / 30 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغه أن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: إن قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا، فلا يؤاكلونا، ولا يشاربونا، ولا


[ 697 ]

يشاورونا، ولا يناكحونا، ولا يأخذوا من فيئنا شيئا، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإني لاوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون. قال: فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين. 1488 / 31 – وعنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن خالد الطيالسي الخراز، قال: حدثنا أبو العباس رزيق بن الزبير الخلقاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن قوما أتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله، إن بلادنا قد قحطت، وتأخر عنا المطر، وتوالت علينا السنون، فاسأل الله (عزوجل) أن يرسل السماء علينا. فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمنبر فأخرج، واجتمع الناس، فصعد المنبر ودعا، وأمر الناس أن يؤمنوا، فلم يلبث أن هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أنهم يمطرون يوم كذا وكذا. قال: فلم يزل الناس يتتبعون ذلك اليوم وتلك الساعة حتى إذا كانت الساعة أهاج الله ريحا، فأثارت سحابا، وجللت السماء، وأرخت عزاليها (1)، فجاء أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله، ادع الله أن يكف عنا السماء، فإنا قد كدنا أن نغرق، فاجتمع الناس، ودعا النبي (صلى الله عليه وآله) فأمرهم أن يؤمنوا، فقال له رجل: يا رسول الله، أسمعنا، فإن كل ما تقول ليس نسمع. فقال: قولوا: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم صبها في بطون الاودية، وفي منابت الشجر، وحيث يرعى أهل الوبر، اللهم اجعله رحمة، ولا تجعله عذابا. 1489 / 32 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما برقت قط في ظلمة ليل ولا ضوء نهار إلا وهي ماطرة. 1490 / 33 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)


(1) أي انهمرت بالمطر، وأصل العزالي: مصب الماء من القربة ونحوها.

[ 698 ]

يوما إذ دخل عليه رجلان من أهل الكوفة من أصحابنا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): تعرفهما ؟ قلت: نعم، هما من مواليك. فقال: نعم، والحمد لله الذي جعل أجلة موالي بالعراق. فقال له أحد الرجلين: جعلت فداك، إنه كان علي مال لرجل ينسب إلى بني عمار الصيارف بالكوفة، وله بذلك ذكر حق وشهود، فأخذ المال ولم استرجع منه الذكر بالحق، ولا كتبت عليه كتابا، ولا أخذت منه براءة، وذلك لاني وثقت به، وقلت له: مزق الذكر بالحق الذي عندك، فمات وتهاون بذلك ولم يمزقه، وأعقب هذا أن طالبني بالمال وراثه وحاكموني، وأخرجوا بذلك الذكر بالحق، وأقاموا العدول، فشهدوا عند الحاكم، فأخذت بالمال، وكان المال كثيرا، فتواريت عن الحاكم، فباع علي قاضي الكوفة معيشة لي، وقبض القوم المال، وهذا رجل من إخواننا ابتلى بشراء معيشتي من القاضي، ثم إن ورثة الميت أقروا أن المال كان أبوهم قد قبضه، وقد سألوه أن يرد علي معيشتي، ويعطونه في أنجم معلومة، فقال: إني أحب أن تسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذا. فقال الرجل: جعلني الله فداك، كيف أصنع ؟ فقال له: تصنع أن ترجع بمالك على الورثة، وترد المعيشة إلى صاحبها، وتخرج يدك عنها. قال: فإذا أنا فعلت ذلك، له أن يطالبني بغير هذا ؟ قال له: نعم، له أن يأخذ منك ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار، وكل ماكان مرسوما في المعيشة يوم اشتريتها، يجب أن ترد كل ذلك إلا ما كان من زرع زرعته أنت، فإن للمزارع إما قيمة الزرع وإما أن يصبر عليك إلى وقت حصاد الزرع، فلو لم يفعل كان ذلك له، ورد عليك القيمة، وكان الزرع له. قلت: جعلت فداك، فإن كان هذا قد أحدث فيها بناء أو غرس ؟ قال: له قيمة ذلك، أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه ويأخذه. قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان فيها غرس أو بناء، فقلع الغرس وهدم البناء ؟ فقال: يرد ذلك إلى ما كان، أو يغرم القيمة لصاحب الارض، فإذا رد جميع ما


[ 699 ]

أخذ من غلاتها إلى صاحبها، ورد البناء والغرس وكل محدث إلى ماكان، أو رد القيمة كذلك يجب على صاحب الارض أن يرد عليه كل ما خرج عنه في إصلاح المعيشة من قيمة غرس أو بناء أو نفقة في مصلحة المعيشة ودفع النوائب عنها، كل ذلك فهو مردود إليه. 1491 / 34 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قا ل: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن امرأة حاملة رأت الدم. فقال: تدع الصلاة. قال: فإنها رأت الدم، وقد أصابها الطلق، فرأته وهي تمخض ؟ قال: تصلي حتى يخرج رأس الصبي، فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة، وكل ما تركته من الصلاة في تلك الحال لوجع أو لما هي فيه من الشدة والجهد قضته إذا خرجت من نفاسها. قال له: جعلت فداك، ما الفرق بين دم الحامل ودم المخاض ؟ قال: إن الحامل قذفت بدم الحيض، وهذه قذفت بدم المخاض، إلى أن يخرج بعض الولد، فعند ذلك يصير دم النفاس، فيجب أن تدع في النفاس والحيض، فأما ما لم يكن حيضا أو نفاسا فإنما ذلك من فتق في الرحم. 1492 / 35 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: ما رأيت شيئا أسرع إلى شئ من الشيب إلى المؤمن، وإنه وقار للمؤمن في الدنيا، ونور ساطع يوم القيامة، به وقر الله (تعالى) خليله إبراهيم (عليه السلام)، فقال: ما هذا يا رب ؟ قال له: هذا وقار، فقال: يا رب زدني وقارا. قال أبو عبد الله (عليه السلام): فمن إجلال الله إجلال شيبة المؤمن. 1493 / 36 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: عليكم بالدعاء والالحاح على الله (عزوجل) في الساعة التي لا يخيب الله (عزوجل) فيها برا ولا فاجرا. قلت: جعلت فداك، وأي ساعة هي ؟ قال: هي الساعة التي دعا فيها أيوب (عليه السلام) وشكا إلى الله (عز وجل) بليته، فكشف الله (عزوجل) ما به من ضر، ودعا فيها يعقوب (عليه السلام) فرد الله يوسف وكشف الله كربته، ودعا فيها محمد (صلى الله عليه وآله)


[ 700 ]

فكشف الله (عزوجل) كربته، ومكنه من أكتاف المشركين بعد اليأس، أنا ضامن أن لا يخيب الله (عزوجل) في ذلك الوقت برا ولا فاجرا، البر يستجاب له في نفسه وغيره، والفاجر يستجاب له في غيره، ويصرف الله إجابته إلى ولي من أوليائه، فاغتنموا الدعاء في ذلك الوقت. 1494 / 37 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): علمني دعاء إذا أنا أحرزت شيئا لم أخف عليه ضيعة. قال: تقول (يا الله، يا حافظ الغلامين بصلاح أبيهما، احفظني واحفظ علي ديني وأمانتي ومالي، فإنه لا حافظ حفظ ضيعة أحفظ علي مالي منك، إنك حافظ حفيظ، أخذت بسمع الله وبصره وقدرته على كل من أرادني وأراد مالي، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). 1495 / 38 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا لبست ثوبا فقل: ” اللهم ألبسني لباس الايمان، وزيني بالتقوى، اللهم اجعل جديده أبليه في طاعتك وطاعة رسولك، وأبدلني بخلقه حلل الجنة، ولا تجعلني أبليه في معصيتك، ولا تبدلني بخلقه مقطعات النيران “. 1496 / 39 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تمنوا الفتنة، ففيها هلاك الجبابرة، وطهارة الارض من الفسقة. 1497 / 40 – وبهذا الاسناد، عن رزيق، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا تلاعن اثنان فتباعد منهما، فإن ذلك المجلس تنفر عنه الملائكة. ثم قل: (اللهم لا تجعل لها إلي مساغا، واجعلها برأس من يكايد دينك، ويضاد وليك، ويسعى في الارض فسادا).


[ 701 ]

(40) مجلس يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه أحاديث الغضائري. بسم الله الرحمن الرحيم 1498 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي محمد هارون بن موسى، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) لم يجعل للمؤمن أجلا في الموت، يبقيه ما أحب البقاء، فإذا علم منه أنه سيأتي بما فيه بوار دينه قبضه إليه مكرما. قال أبو علي: فذكرت هذا الحديث لاحمد بن علي بن حمزة مولى الطالبيين – وكان راوية للحديث – فحدثني عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن محمد بن القاسم، عن فضيل بن يسار، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال، ومن يعيش بالاحسان أكثر ممن يعيش بالاعمال. 1499 / 2 – وبهذا الاسناد، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثني محمد ابن علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا


[ 702 ]

محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان ذات يوم جالسا بالرحبة، والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله (عزوجل) به، وأبوك يعذب بالنار ؟ فقال له: مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الارض لشفعه الله فيهم، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار ؟ ! ثم قال: والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله)، إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار. نور محمد (صلى الله عليه وآله)، ونوري، ونور فاطمة، ونور الحسن، والحسين ومن ولده من الائمة، لان نوره من نورنا الذي خلقه الله (تعالى) من قبل أن يخلق آدم بألفي عام. 1500 / 3 – وعن موسى بن بكر، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: بكى أبو ذر من خشية الله (تعالى) حتى اشتكى بصره، فقيل له: لو دعوت الله يشفي بصرك. فقال: إني عن ذلك مشغول، وما هو بأكبر همي. قالوا: وما يشغلك عنه ؟ قال: العظيمتان الجنة والنار. 1501 / 4 – وعنه، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سئل أبوذز: ما مالك ؟ قال: عملي. قيل له: إنما نسألك عن الذهب والفضة ؟ فقال: ما أصبح فلا أمسى، وما أمسى فلا أصبح، لناكندوج (1) نرفع فيه خير متاعنا، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله يقول: كندوج المؤمن قبره. 1502 / 5 – وعنه، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: قال أبو ذر (رحمه الله): جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفي الشعير، أتغدى بأحدهما، وأتعشى بالآخر، وبعد شملتي الصوف، أتزر باحداهما، وأرتدي بالاخرى. 1503 / 6 – وعنه، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة، فقال: يا جند


(1) الكندوج: شبه مخزن توضع فيه الحنطة ونحوها، ويطلق على الخزانة الصغيرة.

[ 703 ]

المرأة، يا أصحاب البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فانهزمتم، الله أمركم بجهادي أم على الله تفترون ! ثم قال: يا بصرة، أي يوم لك لو تعلمين، وأي قوم لك لو تعلمين ؟ إن لك من الماء يوما عظيما بلاؤه. وذكر كلاما كثيرا. 1504 / 7 – كثير، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام): أن الحسين بن علي (عليهما السلام) أتى عمر بن الخطاب وهو على المنبر يوم الجمعة، فقال له: انزل عن منبر أبي، فبكى عمر، ثم قال: صدقت يا بني، منبر أبيك لا منبر أبي. فقال علي (عليه السلام): ما هو والله عن رأيي. قال: صدقت والله ما أتهمتك يا أبا الحسن. ثم نزل عن المنبر، فأخذه فأجلسه إلى جانبه على المنبر، فخطب الناس وهو جالس معه على المنبر، ثم قال: أيها الناس، سمعت نبيكم (صلى الله عليه وآله) يقول: احفظوني في عترتي وذريتي، فمن حفظني فيهم حفظه الله، ألا لعنة الله على من آذاني فيهم ! ثلاثا. 1505 / 8 – زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قال علي (عليه السلام): لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا، أحبب حبيبك هونا ما، وابغض بغيضك هونا ما. 1506 / 9 – زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، قال: سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام). من أفصح الناس ؟ قال: المجيب المسكت عند بديهة السؤال. 1507 / 10 – زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، قال: الورع نظام العبادة، فإذا انقطع الورع ذهبت الديانة، كما أنه إذا انقطع السلك اتبعه النظام (1). 1508 / 11 – وروى منيف، عن جعفر بن محمد مولاه، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال علي (عليه السلام): صبرت على مر الامور كراهة * وأبقيت في ذاك الصواب من الامر إذا كنت لا تدري ولم تك سائلا * عن العلم من يدري جهلت ولا تدري (1) النظام. الخيط الذي ينظم في اللؤلؤ ريخر،.


[ 704 ]

(41) مجلس يوم الجمعة السادس والعشرين من شوال سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه أحاديث ابن الصلت الاهوازي. بسم الله الرحمن الرحيم 1509 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحافظ، قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون بن سلام الضرير أبو بكر، قال: حدثنا محمد بن زكريا المكي، قال: حدثني كثير ابن طارق، قال: سمعت زيد بن علي مصلوب الظالمين يقول: حدثني أبي علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: خطب علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذه الخطبة في يوم الجمعة، فقال: الحمد لله المتوحد بالقدم والازلية، الذي ليس له غاية في دوامه، ولا له أولية، أنشأ صنوف البرية، لا من اصول كانت بدية، وارتفع عن مثاركة الانداد، وتعالى عن اتخاذ صاحبة وأولاد، هو الباقي بغير مدة، والمنشئ لا بأعوان، لا بآلة فطر، ولا بجوارح صرف ما خلق، لا يحتاج إلى محاولة التفكير، ولا مزاولة مثال ولا تقدير، أحدثهم على صنوف من التخطيط والتصوير، لا بروية ولا ضمير، سبق علمه في كل


[ 705 ]

الامور، ونفذت مشيئته في كل ما يريد في الازمنة والدهور، وانفرد بصنعة الاشياء فأتقنها بلطائف التدبير، سبحانه من لطيف خبير، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. 1510 / 2 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحافظ، قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون بن سلام الضرير أبو بكر، قال: حدثنا محمد بن زكريا المكي، قال: حدثني كثير بن طارق، من ولد قنبر مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثني زيد بن علي (عليه السلام) في جارسوج (1) كندة بالكوفة: أن أباه حدثه عن أبيه (عليهما السلام)، عن ابن عباس، قال: أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) خاتما فقال: يا علي، خذ هذا الخاتم للنقاش، لينقش عليه محمد بن عبد الله، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعطاه النقاش، وقال له: انقش عليه محمد بن عبد الله، فنقش النقاش، وأخطأت يده، فنقش عليه: محمد رسول الله، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما فعل الخاتم ؟ فقال: هو ذا، فأخذه ونظر إلى نقشه، فقال: ما أمرتك بهذا، قال: صدقت، ولكن يدي أخطأت، فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، ما نقش النقاش ما أمرت به، ذكر أن يده أخطأت، فأخذه النبي (عليه السلام) ونظر إليه، فقال: يا علي، أنا محمد بن عبد الله، وأنا محمد رسول الله، وتختم به، فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى خاتمه، فإذا تحته منقوش: علي ولي الله، فتعجب من ذلك النبي (عليه السلام) فجاء جبرئيل، فقال: يا جبرئيل، كان كذا وكذا. فقال: يا محمد، كتبت ما أردت، وكتبنا ما أردنا.


(1) تقدم في الحديث: 67، وعلى حاشية النسخة: الجارسوج، معناه المربع.

[ 706 ]

(42) مجلس يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه أحاديث ابن شاذان القمي، وابن الصلت الاهوازي. بسم الله الرحمن الرحيم 1511 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، قال: حدثني أحمد بن محمد بن أيوب، قال: حدثنا عمر بن الحسن القاضي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثني أبو حبيبة، قال: حدثني سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عائشة. قال محمد بن أحمد بن شاذان: وحدثني سهل بن أحمد، قال: حدثنا أحمد ابن عمر الربيعي، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن العباس بن عبد المطلب. قال ابن شاذان: وحدثني إبراهيم بن علي، باسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بازاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت حاملة بأمير


[ 707 ]

المؤمنين (عليه السلام) لتسعة أشهر، وكان يوم التمام، قال: فوقفت بازاء البيت الحرام، وقد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، وقالت: أي رب، إني مؤمنة بك، وبما جاء به من عندك الرسول، وبكل نبي من أنبيائك، وبكل كتاب أنزلته، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، وإنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن بناء، وبهذا المولود الذي في أحشائي الذي يكلمني ويؤنسني بحديثه، وأنا موقنة أنه إحدى آياتك ودلائلك لما يسرت علي ولادتي. قال العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب. لما تكلمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، ثم عادت الفتحة والتزقت بأذن الله (تعالى)، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله (تعالى)، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام. قال: وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، وتتحدث المخدرات في خدورهن. قال: فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعلي (عليه السلام) على يديها، ثم قالت: معاشر الناس، إن الله (عزوجل) اختارني من خلقه، وفضلني على المختارات ممن مضى قبلي، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، ومريم بنت عمران حيث اختارها الله، ويسر عليها ولادة عيسى، فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الارض حتى تساقط عليها رطبا جنيا، وإن الله (تعالى) اختارني وفضلني عليهما، وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين، لاني ولدت في بيته العتيق، وبقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال: يا فاطمة، سميه عليا، فأنا العلي الاعلى، وإني خلقته من قدرتي، وعز جلالي، وقسط عدلي، واشتققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، وفوضت إليه أمري، ووقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، وهو أول من يؤذن فوق بيتي، ويكسر الاصنام ويرميها على وجهها، ويعظمني ويمجدني ويهللني، وهو الامام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي محمد رسولي، ووصيه،


[ 708 ]

فطوبى لمن أحبه ونصره، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقه. قال: فلما راه أبو طالب سره وقال علي (عليه السلام): السلام عليك يا أبه، ورحمة الله وبركاته. قال: ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما دخل اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام) وضحك في وجهه، وقال: السلام عليك، يا رسول الله، ورحمة الله وبركاته. قال: ثم تنحنح باذن الله (تعالى)، وقال: (بسم الله الرحمن الرحيم * قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى آخر الآيات. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أفلحوا بك، وقرأ تمام الآيات إلى قوله: (أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (1) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت والله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة: اذهبي إلى عمه حمزة فبشريه به. فقالت: فإذا خرجت أنا، فمن يرويه ؟ قال: أنا أرويه. فقالت فاطمة: أنت ترؤيه ؟ قال: نعم، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عثرة عينا، قال: فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء. قال: ثم شدته وقمطته بقماط فبتر القماط، قال: فأخذت فاطمة قماطا جيدا فشدته به فبتر القماط، ثم جعلته في قماطين فبترهما، فجعلته ثلاثة فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رق مصر لصلابته فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته فبترها كلها، فجعلته ستة من ديباج وواحدا من الادم فتمطى فيها فقطعها كلها باذن الله، ثم قال بعد ذلك: يا أمه لا تشدي يدي، فإني احتاج إلى أن أبصبص (2) لربي بإصبعي. قال: فقال أبو طالب عند ذلك: إنه سيكون له شأن ونبأ. قال: فلما كان من غد دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على فاطمة، فلما بصر


(1) سورة المؤمنون 23: 1 – 11. (2) بصبص في دعائه: رفع سبابته إلى السماء وحركها.

[ 709 ]

علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله) سلم عليه، وضحك في وجهه، وأشار إليه أن خذني إليك واسقني مما سقيتني بالامس. قال: فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت فاطمة: عرفه ورب الكعبة. قال: فلكلام فاطمة، سمي ذلك اليوم يوم عرفة – يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) – فلما كان اليوم الثالث، وكان العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، وقال: هلموا إلى وليمة ابني علي. قال: ونحر ثلاث مائة من الابل وألف رأس من البقر والغنم، واتخذ وليمة عظيمة، وقال: معاشر الناس، ألا من أراد من طعام علي ولدي فهلموا وطوفوا بالبيت سبعا، وادخلوا وسلموا على ولدي علي فإن الله شرفه، ولفعل أبي طالب شرف يوم النحر. 1512 / 2 – وعنه، قال. أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي، قال: حدثنا عمي القاسم بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب أبو محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده: أن القوم حين اجتمعوا للشورى فقالوا فيها، وناجى عبد الرحمن رجل منهم على حدة، ثم قال لعلي (عليه السلام): عليك عهد الله وميثاقه، لئن وليت لتعملن بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. فقال علي (عليه السلام): علي عهد الله وميثاقه، لئن وليت أمركم لاعملن بكتاب الله وسنة رسوله. فقال عبد الرحمن لعثمان كقوله لعلي (عليه السلام)، فأجابه أن نعم، فرد عليهما القول ثلاثا كل ذلك يقول علي (عليه السلام) كقوله، ويجيبه عثمان: أن نعم، فبايع عثمان عبد الرحمن عند ذلك. 1513 / 3 – وباسناده، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد: أن الناس كلموا عثمان في أمر عبيدالله بن عمر وقتله الهرمزان، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، قد أكثرتم في أمر عبيدالله بن عمرو الهرمزان، وإنما قتله عبيدالله تهمة بدم أبيه، وإن أولى الناس بدم الهرمزان الله ثم


[ 710 ]

الخليفة، ألا وإني قد وهبت دمه لعبيدالله، فقام المقداد بن الاسود، فقال: يا أمير المؤمنين، ما كان لله كان الله أملك به منك، وليس لك أن تهب ما الله أملك به منك. فقال: ننظر وتنظرون، فبلغ قول عثمان عليا (عليه السلام) فقال: والله لئن ملكت لاقتلن عبيدالله بالهرمزان، فبلغ ذلك عبيدالله، فقال: والله لئن ملك لفعل. 1514 / 4 – وباسناده، عن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما قدم أبو ذر على عثمان، قال: أخبرني أي البلاد أحب إليك ؟ قال: مهاجري. فقال: لست بمجاوري. قال: فألحق بحرم الله، فأكون فيه. قال لا: قال: فالكوفة أرض بها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: لا. قال: فلست بمختار غيرهن، فأمره بالمسير إلى الربذة، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي اسمع وأطع، وانفذ حيث قادوك، ولو لعبد حبشي مجدع. فخرج إلى الربذة، وأقام مدة، ثم أتى إلى المدينة، فدخل على عثمان والناس عنده سماطين، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك أخرجتني من أرضي إلى أرض ليس بها زرع ولا ضرع إلا شويهات، وليس لي خادم إلا محررة، ولا ظل يظلني إلا ظل شجرة، فاعطني خادما وغنيمات أعش فيها، فحول وجهه عنه، فتحول عنه إلى السماط الآخر فقال مثل ذلك، فقال له حبيب بن سلمة: لك عندي يا أبا ذر ألف درهم وخادم وخمس مائة شاة. قال أبو ذر: أعط خادمك وألفك وشويهاتك من هو أحوج إلى ذلك مني، فإني إنما أسال حقي في كتاب الله. فجاء علي (عليه السلام) فقال له عثمان: ألا تغني عنا سفيهك هذا. قال: أئ سفيه ؟ قال: أبو ذر. قال علي (عليه السلام): ليس بسفيه، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء، أصدق لهجة من أبي ذر، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون، إن يك كاذبا فعليه كذبه، وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم. قال عثمان: التراب في فيك. قال علي (عليه السلام): بل التراب في فيك، انشد بالله من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لابي ذر، فقام أبو هريرة وعشرة فشهدوا بذلك، فولي علي (عليه السلام). 1515 / 5 – قال ابن عباس: كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء


[ 711 ]

الخادم، فقال: هذا أمير المؤمنين بالباب، فدخل عثمان فجلس، فقال له العباس: تعش. قال: تعشيت، فوضع يده، فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده وجلست وتكلم عثمان، فقال: يا خال، أشكو إليك ابن أخيك – يعني عليا (عليه السلام) – فإنه أكثر في شتمي، ونطق في عرضي، وأنا أعوذ بالله من ظلمكم بني عبد المطلب، إن يكن هذا الامر لكم فقد سلمتموه إلى من هو أبعد مني، وإن لا يكن لكم فحقي أخذت. فتكلم العباس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، وذكر ما خص الله به قريشا منه، وما خص به بني عبد المطلب خاصة، ثم قال: أما بعد، فما حمدتك لابن أخي، ولا حمدت ابن أخي فيك، وما هو وحده، ولقد نطق غيره، فلو أنك هبطت مما صعدت، وصعدوا مما هبطوا لكان ذلك أقرب. فقال: أنت وذلك يا خال. قال: فلم تكلم بذلك عنك ؟ قال: نعم أعطهم عني ما شئت، وقام عثمان فخرج، فلم يلبث أن رجع إليه فسلم وهو قائم، ثم قال: يا خال، لا تعجل بشئ حتى أعود إليك، فرفع العباس يديه واستقبل القبلة، فقال: اللهم استبق بي ما لا خير لي في إدراكه، فما مضت الجمعة حتى مات. 1516 / 6 – وباسناده، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله بن عبيدالله بن عمر، عن عبد الله بن عمر: أنه نزل على خالد بن أسيد بمكة، فقال له: لو أتيت ابن عمك فوصلك، فأتى عثمان فكتب له إلى عبد الله بن عامر: أن صله بست مائة ألف، فنزل به من قابل فسأله، فقال له: قد بارك الله لي في مشورتك، فأتيته فأمر لي بست مائة ألف، فقال له ابن عمر: ستين ألفا ! قال: مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف، ست مرات، فقال له ابن عمر: اسكت فما أسود (1) عثمان ! وبايعه أهل مصر، فكتب أهل مصر إلى عثمان، وذكر الكتاب بطوله.


(1) أي ما أكثر ماله، والسواد: المال الكثير.

[ 712 ]

(43) مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث ابن الصلت الاهوازي. بسم الله الرحمن الرحيم 1517 / 1 – حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: بالاسناد الاول عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما نزل المصريون بعثمان بن عفان في مرتهم الثانية، دعا مروان بن الحكم فاستشاره، فقال له: إن القوم ليس هم لاحد أطوع منهم لعلي بن أبي طالب، وهو أطوع الناس في الناس، فابعثه إليهم فليعطهم الرضا، وليأخذ لك عليهم الطاعة، ويحذرهم الفتنة، فكتب عثمان إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): ” سلام عليكم، أما بعد، فإنه قد جاز السيل الزبا، وبلغ الحزام الطبيين (1)، وارتفع أمر الناس بي فوق قدره، وطمع في من كان يعجز عن نفسه، فاقبل علي أولى، وتمثل: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل * وإلا فأدركني ولما امزق


(1) أي اشتد الامر وتفاقم.

[ 713 ]

والسلام “. فجاءه علي (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، ائت هؤلاء القوم، فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله). فقال: نعم، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أن تفي لهم بكل شئ أعطيته عنك لهم. فقال: نعم. فأخذ عليه عهدا غليظا ومشى إلى القوم، فلما دنا منهم، قالوا: وراءك (1). قال: لا. قالوا: وراءك. قال: لا. فجاء بعضهم ليدفع في صدره حين قال ذلك، فقال القوم بعضهم لبعض: سبحان الله، أتاكم ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعرض كتاب الله ! اسمعوا منه واقبلوا. قالوا: تضمن لنا كذلك. قال: فاقبل معه أشرافهم ووجوههم حتى دخلوا على عثمان فعاتبوه، فأجابهم إلى ما أحبوا، فقالوا: اكتب لنا على هذا كتاب، وليضمن علي عنك ما في الكتاب. قال: اكتبوا أنى شئتم، فكتبوا بينهم ” بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ماكتب عبد الله عثمان بن عفان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين أن لكم علي أن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، وأن المحروم يعطى، وأن الخائف يؤمن، وأن المنفي يرد، وأن المبعوث لا يجمر (2)، وأن الفئ لا يكون دولة بين الاغنياء، وعلي بن أبي طالب ضامن للمؤمنين والمسلمين على عثمان الوفاء لهم على ما في هذا الكتاب. شهد الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، وأبو أيوب بن زيد. وكتب في ذي القعدة سنة خمس وعشرين “. فأخذوا الكتاب ثم انصرفوا، فلما نزلوا أيلة إذا هم براكب فأخذوه، فقالوا: من أنت ؟ قال: أنا رسول عثمان إلى عبد الله بن سعد. قال بعضهم لبعض: لو فتشناه لئلا يكون قد كتب فينا ؟ ففتشوه فلم يجدوا معه شيئا، فقال كنانة بن بشر التجيبي: انظروا


(1) وراءك: اسم فعل بمعنى ارجع أو تأخر. (2) جمر الجيش: حبسهم في أرض العدو ولم يقفلهم من الثغر، وفي الحديث: ” لا تجمروا الجيش فتفتنوهم “.

[ 714 ]

إلى إدواته (1)، فإن للناس حيلا، فإذا قارورة مختومة بموم (2)، فإذا فيها كتاب إلى عبد الله بن سعد: ” إذا جاءك كتابي هذا، فاقطع أيدي الثلاثة مع أرجلهم،. فلما قرءوا الكتاب رجعوا حتى أتوا عليا (عليه السلام)، فأتاه فدخل عليه، ففال: استعتبك القوم فأعتبتهم، ثم كتبت كتابك هذا، نعرفه الخط الخط والخاتم الخاتم ؟ ! فخرج علي (عليه السلام) مغضبا وأقبل الناس عليه، فخرج سعد من المدينة فلقيه رجل، فقال: يا أبا إسحاق، أين تريد ؟ قال: إني قد فررت بديني من مكة إلى المدينة، وأنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكة. وقال الحسن بن علي (عليهما السلام) لعلي (عليه السلام) حين أحاط الناس بعثمان: اخرج من المدينة واعتزل، فإن الناس لا بد لهم منك، وإن هم ليأتونك ولو كنت بصنعاء اليمن، وأخاف أن يقتل هذا الرجل وأنت حاضره. فقال: يا بني، أخرج عن دار هجرتي، وما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله. وقام كنانة بن بشر، فقال: يا عبد الله، أقم لنا كتاب الله، فإنا لا نرضى بالقول دون الفعل، قد كتبت وأشهدت لنا شهودا، وأعطيتنا عهد الله وميثاقه. فقال: ما كتبت بينكم كتابا، فقام إليه المغيرة بن الاخنس، فضرب بكتابه وجهه، وخرج إليهم عثمان ليكلمهم، فصعد المنبر، فرفعت عائشة قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونادت ” أيها الناس، هذا قميص رسول الله لم يبل، وقد غيرت سنته ! ” فنهض الناس، وكثر اللغط، وحصبوا عثمان حتى نزل من المنبر فدخل بيته، فكتب نسخة واحدة إلى معاوية وعبد الله بن عامر: ” أما بعد، فإن أهل السفه والبغي والعدوان من أهل العراق ومصر والمدينة أحاطوا بداري، ولن يرضيهم مني دون خلعي أو قتلي، وأنا ملاق الله قبل أن أتابعهم على شئ من ذلك، فأعينوني “. فلما بلغ كتابه ابن عامر قام وقال: أيها الناس، إن أمير المومنين عثمان ذكر أن


(1) الادواة: إناء صغير من جلد. (2) الموم: الشمع، معرب. (*)

[ 715 ]

شرذمة من أهل مصر والعراق نزلوا بساحته، فدعاهم إلى الحق فلم يجيبوا، فكتب إلي أن أبعث إليه منكم ذوي الرأي والدين والصلاح، لعل الله أن يدفع عنه ظلم الظالمين وعدوان المعتدين. فلم يجيبوه إلى الخروج، ثم إنه نزل. فقدموا من كل فج حتى حضروا المدينة، وقيل لعلي (عليه السلام): إن عثمان قد منع الماء، فأمر بالروايا فعكمت (1)، وجاء للناس علي (عليه السلام) فصاح بهم صيحة فانفرجوا، فدخلت الروايا، فلما رأى علي (عليه السلام) اجتماع الناس ووجوههم، دخل على طلحة بن عبيدالله وهو متكئ على وسائد، فقال: إن هذا الرجل مقتول فامنعوه. فقال: أما والله دون أن تعطي بنو أمية الحق من أنفسها. 1518 / 2 – وباسناده، عن عبد الله بن أبي بكر، قال. حدثني أبو جعفر محمد ابن علي (عليهما السلام)، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: سماني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبد الرحمن. قال: لما بلغ عليا (عليه السلام) مسير طلحة والزبير خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: أما بعد، فقد بلغني مسير هذين الرجلين، واستخفافهما حبيس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واستفزازهما أبناء الطلقاء، وتلبيسهما على الناس بدم عثمان، وهما ألبا عليه، وفعلا به الافاعيل، وخرجا ليضربا الناس بعضهم ببعض، اللهم فاكف المسلمين مؤنتهما، واجزهما الجوازي، وحض الناس على الخروج في طلبهما، فقام إليه أبو مسعود عقبة بن عمرو، وقال: يا أمير المؤمنين، إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله)، ومجلسك فيما بين قبره ومنبره، أعظم مما ترجو من الشام والعراق، فإن كنت إنما تسير لحرب فقد أقام عمر وكفاه سعد زحف القادسية، وكفاه حذيفة بن اليمان زحف نهاوند، وكفاه أبو موسى زحف تستر، وكفاه خالد بن الوليد زحف الشام، فإن كنت سائرا فخلف عندنا شقة منك نرعاه فيك ونذكرك به. ثم قال أبو مسعود:


(1) عكم الثئ: شده.

[ 716 ]

بكت الارض والسماء على الشا * خص منا يريد أهل العراق يا وزير النبي قد عظم الخطب * وطعم الفراق مر المذاق وإذا القوم خاصموك فقوم ناكسو الطرف خاضعو الاعناق لا يقولون إذ تقول وإن * قلت فقول المبرز السباق فعيون الحجاز تذرف بالدمع * وتلك القلوب عند التراقي فعليك السلام ما ذرت الشمس * ولاح السراب بالرقراق فقال قيس بن سعد: يا أمير المومنين، ما على الارض أحد أحب إلينا أن يقيم فينا منك، لانك نجمنا الذي نهتدي به، ومفزعنا الذي نصير إليه، وإن فقدناك لتظلمن أرضنا وسماؤنا، ولكن والله لو خليت معاوية للمكر، ليرومن مصر، وليفسدن اليمن، وليطمعن في العراق، ومعه قوم يمانيون قد أشربوا قتل عثمان، وقد اكتفوا بالظن عن العلم، وبالشك عن اليقين، وبالهوى عن الخير، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق، ثم ارمه بأمر يضيق فيه خناقه، ويقصر له من نفسه. فقال: أحسنت والله يا قيس، وأجملت. وكتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي (عليه السلام) تخبره بمسير عائشة وطلحة والزبير، فأزمع المسير، فبلغه تثاقل سعد وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة، فقال سعد: لا أشهر سيفا حتى يعرف المؤمن من الكافر، وقال أسامة: لا أقاتل رجلا يقول: لا إله إلا الله، ولو كنت في فم الاسد لدخلت فيه معك، وقال محمد بن مسلمة: أعطاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيفا، وقال: إذا اختلف المسلمون فاضرب به عرض أحد، والزم بيتك، وتخلف عنه عبد الله بن عمر. فقال عمار بن ياسر: دع القوم، أما عبد الله فضعيف، وأما سعد فحسود، وأما محمد بن مسلمة فذنبك إليه أنك قتلت قاتل أخيه مرحبا. ثم قال عمار لمحمد بن مسلمة: أما تقاتل المحاربين ؟ فوالله لو مال علي جانبا لملت مع علي. وقال كعب بن مالك: يا أمير المؤمنين، إنه بلغك عنا معشر الانصار، ما لو كان


[ 717 ]

غيرنا لم يقم معك، والله ما كل ما رأينا حلالا حلال، ولا كل ما رأينا حراما حرام، وفي الناس من هو أعلم بعذر عثمان ممن قتله، وأنت أعلم بحالنا منا، فإن كان قتل ظالما قبلنا، وإن كان قتل مظلوما فاقبل قولنا، فإن وكلتنا فيه إلى شبهة فعجب ليقيننا وشكك، وقد قلت لنا: عندي نقض ما اجتمعوا عليه، وفصل ما اختلفوا فيه. وقال: كان أولى أهل المدينة بالنص * – ر عليا وآل عبد مناف للذي في يديه من حرم الل‍ * – ه وقرب الولاء بعد التصافي وكان كعب بن مالك شيعة لعثمان. وقام الاشتر إلى علي (عليه السلام)، فكلمه بكلام بحضه على أهل الوقوف، فكره ذلك علي (عليه السلام) حتى شكاه، وكان من رأي علي (عليه السلام) ألا يذكرهم بشئ. فقال الاشتر: يا أمير المؤمنين، إنا وإن لم نكن من المهاجرين والانصار، فإنا فيهم، وهذه بيعة عامة، والخارج منها عاص، والمبطئ عنها مقصر، فإن أدبهم اليوم باللسان وغدا بالسيف، وما من ثقل عنك كمن خف معك، وإنما أرادك القوم لانفسهم فأردهم لنفسك. فقال علي (عليه السلام): يا مالك دعني. وأقبل علي (عليه السلام) عليهم، فقال: أرأيتم لو أن من بايع أبا بكر أو عمر أو عثمان ثم نكث بيعته، أكنتم تستحلون قتالهم ؟ قالوا: نعم. قال: فكيف تحرجون من القتال معي وقد بايعتموني ؟ قالوا: إنا لا نزعم أنك مخطئ، وأنه لا يحل لك قتال من بايعك ثم نكث بيعتك، ولكن نشك في قتال أهل الصلاة. فقال الاشتر: دعني يا أمير المؤمنين، أوقع بهؤلاء الذين يتخلفون عنك. فقال له علي (عليه السلام): كف عني، فانصرف الاشتر وهو مغضب. ثم إن قيس بن سعد لقي مالكا الاشتر في نفر من المهاجرين والانصار، فقال قيس للاشتر: يا مالك، كلما ضاق صدرك بشئ أخرجته، وكلما استبطأت أمرا استعجلته، إن أدب الصبر التسليم، وأدب العجلة الاناة، وإن شر القول ما ضاهى العيب، وشر الرأي ما ضاهى التهمة، وإذا ابتليت فاسأل، وإذا أمرت فأطع، ولا تسأل قبل البلاء، ولا تكلف قبل أن ينزل الامر، فإن في أنفسنا ما في نفسك، فلا تشق على صاحبك ؟ فغضب الاشتر، ثم إن الانصار مشوا إلى الاشتر في ذلك فرضوه عن غضبه


[ 718 ]

فرضي. فلما هم علي (عليه السلام) بالنهوض، قام إليه أبو أيوب خالد بن زيد صاحب منزل رسول الله (صلى اله عليه وآله)، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أقمت بهذه البلدة، فإنها مهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبها قبره ومنبره، فإن استقامت لك العرب كنت كمن كان قبلك، وإن وكلت إلى المسير فقد أعذرت. فأجابه علي (عليه السلام) بعذره في المسير. ثم خرج لما سمع توجه طلحة والزبير إلى البصرة وتمكث حتى عظم جيشه، وأغذ (1) السير في طلبهم، فجعلوا لا يرتحلون من منزل إلا نزله حتى نزل بذي قار، فقال: والله إنه ليحزنني أن أدخل على هؤلاء في قلة من معي، فأرسل إلى الكوفة الحسن بن علي (عليهما السلام) وعمار بن ياسر وقيس بن سعد، وكتب إليهم كتابا، فقدموا الكوفة، فخطب الناس الحسن بن علي (عليهما السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عليا (عليه السلام) وسابقته في الاسلام، وبيعة الناس له، وخلاف من خالفه، ثم أمر بكتاب علي (عليه السلام) فقرئ عليهم. ” بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإني اخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه عيانه، إن الناس طعنوا عليه، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه، وأقل عيبه، وكان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف، وقد كان من أمر عائشة فلتة على غضب، فأتيح له قوم فقتلوه، ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين، وكان هذان الرجلان أول من فعل على ما بويع عليه من كان قبلي، ثم إنهما استأذناني في العمرة، وليسا يريدانها، فنقضا العهد، وآذنا بحرب، وأخرجا عائشة من بيتها، ليتخذانها فئة، وقد سارا إلى البصرة اختيارا لها، وقد سرت إليكم اختيارا لكم، ولعمري ما إياي تجيبون، ما تجيبون إلا الله ورسوله، ولن أقاتلهم وفي نفسي منهم حاجة، وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي وعمار بن ياسر وقيس بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله).


(1) أي أسرع.

[ 719 ]

فلما قرئ الكتاب على الناس قام خطباء الكوفة، شريح بن هاني وغيره، فقالوا: والله لقد أردنا أن نركب إلى المدينة حتى نعلم علم عثمان، فقد أنبانا الله به في بيوتنا، ثم بذلوا السمع والطاعة، وقالوا: رضينا بأمير المؤمنين، ونطيع أمره، ولا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا وطاعة. فلما سمع الحسن بن علي (عليهما السلام) ذلك قام خطيبا فقال: أيها الناس، إنه قد كان من أمير المؤمنين علي ما تكفيكم جملته، وقد أتيناكم مستنفرين لكم، لانكم جبهة الامصار، ورؤساء العرب، وقد كان من نقض طلحة والزبير بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم، وهو ضعف النساء، وضعف رأيهن، وقد قال الله (تعالى): (الرجال قوامون على النساء) (1) وأيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له فيمن أقبل معه من المهاجرين والانصار، ومن يبعث الله له من نجباء الناس كفاية، فانصروا الله ينصركم. ثم جلس. وقام عمار بن ياسر، فقال. يا أهل الكوفة، إن كانت غابت عنكم أبداننا فقد انتهت إليكم أمورنا، إن قاتلي عثمان لا يعتذرون إلى الناس، وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم، (فبه) أحيا الله من أحيا، وقتل من قتل، وإن طلحة والزبير أول من طعن، وآخر من أمر، ثم بايعا أول من بايع، فلما أخطأهما ما أملا نكثا بيعتهما على غير حدث كان، وهذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستنفركم، وقد أظلكم في المهاجرين والانصار، فانصروه ينصركم الله. وقام قيس بن سعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن هذا الامر لو استقبلنا به الشورى لكان علي أحق الناس به في سابقته وهجرته وعلمه، وكان قتال من أبى ذلك حلالا، فكيف والحجة قامت على طلحة والزبير، وقد بايعاه وخلعاه حسدا ؟ ! فقام خطباؤهم فأسرع الرد بالاجابة، فقال النجاشي في ذلك:


(1) سورة النساء 4: 34.

[ 720 ]

رضينا بقسم الله إذ كان قسمنا * علي وأبناء النبي محمد وقلنا له أهلا وسهلا ومرحبا * نمد يدينا من هوى وتودد فمرنا بما ترضى نجبك إلى الرضا * بصم العوالي والصفيح المهند وتسويد من سودت غير مدافع * وإن كان من سودت غير مسود فإن نلت ما تهوى فذاك نريده * وإن تخط ما تهوى فغير تعمد وقال قيس بن سعد حين أجاب أهل الكوفة: جزى الله أهل الكوفة اليوم نصرة * أجابوا ولم يأتوا بخذلان من خذل وقالوا علي خير حاف وناعل * رضينا به من ناقض العهد من بدل هما أبرزا زوج النبي تعمدا * يسوق بها الحادي المنيخ على جمل فما هكذا كانت وصاة نبيكم * وما هكذا الانصاف أعظم بذا المثل فهل بعد هذا من مقال لقائل * ألا قبح الله الاماني والعلل قال: فلنا فرغ الخطباء وأجاب الناس، قام أبو موسى فخطب الناس، وأمرهم بوضع السلاح والكف عن القتال، ثم قال: أما بعد، فإن الله حرم علينا دماءنا وأموالنا، فقال: (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) (1) وقال: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) (2) يا أهل الكوفة. 1519 / 3 – (وباسناده، عن عبد الله بن أبي بكر، قال. قمت إلى) متوضأ لي، فسمعت جارية لجار لي تغني وتضرب، فبقيت ساعة أسمع، قال: ثم خرجت، فلما أن كان الليل دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فحين استقبلني قال: الغناء اجتنبوا، الغناء اجتنبوا، الغناء اجتنبوا، اجتنبوا قول الزور. قال: فما زال يقول: الغناء اجتنبوا، الغناء اجتنبوا، قال: فضاق بي المجلس، وعلمت أنه يعنيني، فلما أن خرجت قلت


(1) سورة النساء 4: 29. (2) سورة النساء 4: 93.

[ 721 ]

لمولاه معتب: والله ما عنى غيري (1). 1520 / 4 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن محمد بن الفضيل، وزياد ابن النعمان، وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر، قال: أرسل إلي أبو عبد الله (عليه السلام) في يوم شديد الحر، فقال لي: اذهب إلى فلان الافريقي، فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا وكذا، فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده، فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فإنها عنده، فرجعت إلى الافريقي فحلف لي ما عنده شئ إلا وقد عرضه علي ثم قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليست مما يعرض. فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكئة على جاريتين، تخط برجليها الارض، فرأيتها فعرفت الصفة فقلت: بكم هي ؟ فقال لا: اذهب بها إليه فيحكم فيها. ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها، فما قدرت عليها، وأخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنها نظرت إلى القمر وقع في حجرها، فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالته، فأعطاني مائتي دينار فذهبت بها إليه، فقال الرجل: هي حرة لوجه الله (تعالى)، إن لم يكن بعث إلي بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالته فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يابن أحمر، أما إنها تلد مولودا ليس بينه وبين الله حجاب. 1521 / 5 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن إبراهيم بن مهزم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من أخرجه الله (عزوجل) من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله لم يخف من كل شئ ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ، ومن رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل، ومن لم يستح من طلب


(1) سقط تمام هذا الحديث من المطبوع، وسقط أوله من الحجرية، وقد روى الحر العاملي قطعة منه بهذا الاسناد – وهو الاسناد المتقدم في الحديث: 1512 – انظر الوسائل 17: 309 / 24، طبع مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).

[ 722 ]

الحلال خفت مؤنته ونعم أهله، ومن زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأطلق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه الله من الدنيا سالما إلى دار السلام. 1522 / 6 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن سلام الحناط، عن هاشم ابن سعيد، وسليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرجت مع أبي حتى انتهينا إلى القبر والمنبر، فإذا أناس من أصحابه، فوقف عليهم فسلم، وقال: والله إني لاحبكم، وأحب ريحكم وأرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، فإنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم بامام فليعمل بعمله. ثم قال: أنتم شرطة الله، وأنتم شيعة الله، وأنتم السابقون الاولون، والسابقون الآخرون، أنتم السابقون في الدنيا إلى ولايتنا، والسابقون في الآخرة إلى الجنة، ضمنا لكم الجنة بضمان الله (عزوجل) وضمان رسوله، أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمن صديق، وكل مؤمنة حوراء، كم من مرة قد قال علي (عليه السلام) لقنبر: بشر وابشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنه لساخط على جميع أمته إلا الشيعة، إن لكل شئ عروة، وإن عروة الدين الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما، وإن إمام الارض أرض تسكنها الشيعة، ألا وإن لكل شئ شهوة، وإن شهوة الدنيا لسكني الشيعة فيها، والله لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات مالهم، وما لهم في الآخرة من نصيب، وكل مخالف – وإن تعبد – منسوب إلى هذه الآية: (وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية * تسقى من عين آنية ” (1). والله ما دعا مخالف دعوة خير إلا كانت إجابة دعوته لكم، ولا دعا منكم أحد دعوة خير إلا كانت له من الله مائة، ولا سأله إلا كانت له من الله مائة، ولا عمل أحد منكم حسنة إلا لم تحص تضاعيفها، والله إن صائمكم ليرتع في رياض الجنة، والله إن حاجكم ومعتمركم لمن خاصة الله، وإنكم جميعا لاهل دعوة الله وأهل إجابته، لا


(1) سورة الغاشية 88: 2 – 5.

[ 723 ]

خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، كلكم في الجنة، فتنافسوا في الدرجات، فوالله ما أحد أقرب إلى عرش الله من شيعتنا، ما أحسن صنيع الله إليهم ! والله لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج شيعتنا من قبورهم قريرة أعينهم، قد أعطوا الامان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون. والله ما سعى أحد منكم إلى الصلاة إلا وقد اكتنفته الملائكة من خلفه، يدعون الله له بالفوز حتى يفرغ، ألا وإن لكل شئ جوهرا، وجوهر ولد آدم محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنتم يا سليمان. وزاد فيه عيثم بن أسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): لولا ما في الارض منكم ما زخرفت الجنة، ولا خلقت حوراء، ولا رحم طفل، ولا أذيقت بهيمة، والله إن الله أشد حبا لكم منا. 1523 / 7 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن زيد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رقدت بالابطح على ساعدي، وعلي عن يميني، وجعفر عن يساري، وحمزة عند رجلي. قال: فنزل جبرئيل وميكائيل واسرافيل، ففزعت لخفق أجنحتهم. قال: فرفعت رأسي، فإذا إسرافيل يقول لجبرئيل: إلى أي الاربعة بعثت وبعثنا معك ؟ قال: فركض برجله، فقال: إلى هذا – وهو محمد سيد النبيين – ثم قال: من هذا الآخر ؟ قال: هذا أخوه ووصيه وابن عمه، وهو سيد الوصيين. ثم قال: فمن الآخر ؟ قال: جعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان، يطير بهما في الجنة. قال: ثم قال: فمن الآخر ؟ قال: عمه حمزة، وهو سيد الشهداء يوم القيامة. 1524 / 8 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن القاسم أبو جعفر الاكفاني من أصل كتابه، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أبو معاذ زياد بن رستم بياع الادم، عن عبد الصمد، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال. قلت: يا أبا عبد الله، حدثنا حديث عقيل. قال: نعم، جاء عقيل إليكم بالكوفة، وكان علي (عليه السلام) جالسا في


[ 724 ]

صحن المسجد، وعليه قميص سنبلاني (1)، قال: فسأله، فقال: اكتب لك إلى ينبع. قال: ليس غير هذا. قال: لا. فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسين (عليه السلام) فقال: اشتر لعمك ثوبين، فاشترى له، قال: يابن أخي ما هذا ؟ قال: هذه كسوة أمير المؤمنين، ثم أقبل حتى انتهى إلى علي (عليه السلام) فجلس، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد ! قال: يا حسن، أخد (2) عمك. قال: والله ما أملك صفراء ولا بيضاء. قال: فمر له ببعض ثيابك. قال: فكساه بعض ثيابه. قال: ثم قال: يا محمد، أخد عمك. قال: والله لا أملك درهما ولا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك. قال عقيل: يا أمير المؤمنين، إئذن لي إلى معاوية. قال: في حل محلل، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال: اركبوا أفره دوابكم، والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل قال معاوية: مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك ؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال: وفقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف. ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري وعسكر علي. قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة ؟ قال: لا بل في الجماعة. قال: مررت على عسكر علي، فإذا ليل كليل النبي (صلى الله عليه وآله)، ونهار كنهار النبي (صلى الله عليه وآله)، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي ؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي ؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل.


(1) القميص السنبلاني: السابغ الطول، وقيل: المنسوب إلى بلد بالروم. (2) يقال: أخديته، أي أعطيته.

[ 725 ]

فلما كان من الغد شد غرائره ورواحله، وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلما انتهى إليه قال: يا معاوية، من ذا عن يمينك ؟ قال: عمرو بن العاص، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن أحصى لتيوسها من أبيه، ثم قال: من هذا ؟ قال: هذا أبو موسى، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب (1) أمه. قال: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد. قال: تعرف حمامة، ثم سار، فألقي في خلد معاوية، قال: ام من أمهاتي لست أعرفها ! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من أمهاتي يقال لها حمامة لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم. قال: أخبراني أو لاضربن أعناقكما، لكما الامان. قالا: فإن حمامة جدة أبي سفيان السابعة وكانت بغيا، وكان لها بيت توفي فيه. قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): وكان عقيل من أنسب الناس. 1525 / 9 – وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم، قال: أخبرنا عباد، قال: حدثنا علي بن عابس، عن الحصين، عن عبد الله بن معقل، عن علي (عليه السلام): أنه قنت في الصبح فلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الاعور وأصحابهم.


(1) القب: ما بين الاليتين أو الوركين.

[ 726 ]

(44) مجلس يوم الجمعة الثالث من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة فيه بقية أحاديث ابن الصلت الاهوازي. بسم الله الرحمن الرحيم 1526 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن القاسم، عن عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: صعد علي (عليه السلام) المنبر يوم جمعة، فقال: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا كذاب، ما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين طلحة والزبير، والقاسطين معاوية وأهل الشام، والمارقين وهم أهل النهروان، ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم. 1527 / 1 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن جبارة، عن سعاد بن سلمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: شهد مع علي (عليه السلام) يوم الجمل ثمانون من أهل بدر، وألف وخمس مائة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).


[ 727 ]

1528 / 3 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي ابن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: حدثنا ناصح أبي عبد الله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسين (عليه السلام)، ثم جاء بجمل وزعفران، قالت: فلما دقوا الزعفران صار نارا. قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشئ فتلطخه على يدها فيصير منه برص. قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلما حزوا بالسكين صار مكانها نارا. قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه نارا. قالت: فقطعوه فخرجت منه النار. قالت: فطبخوه فكلما أوقدوا النار فارت القدر نارا. قالت: فجعلوه في الجفنة فصار نارا. قالت: وكنت صبية يومئذ فأخذت عظما منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذ امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب. قالت: فلما حززناه بالسكين صار مكانه نارا، فعرفنا أنه ذلك العظم فدفناه. 1529 / 4 – وعنه، قال. أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: سمعت جدي أبا أمي بزيعا، قال: كنا نمر ونحن غلمان زمن خالد على رجل في الطريق جالس، أبيض الجسد أسود الوجه، وكان الناس يقولون: خرج على الحسين (عليه السلام). 1530 / 5 – وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن بن صالح الهمداني أبو علي من كتابه في ربيع الاول سنة ثمان وسبعين، وأحمد بن يحيى، قالا: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا القاسم بن أحمد، قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي. قال أبو العباس أحمد بن محمد: وحدثنا القاسم بن الحسن العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو الصلت، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن النعجة، قال: حدثنا أبو سهيل ابن مالك، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: لما ولي علي بن أبي طالب (عليه السلام) أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والانصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس. وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر


[ 728 ]

بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني أمية، وجعل لهم البلاد، وخولهم العباد، فاظهروا في الارض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتى غلبوه على أمره، فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا، وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له في رقابهم، فقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له علينا طاعة. فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة، واستأثر بالفئ، واستعمل من لا يستأهل، رأوا أن جهاده جهاد، وأما من خذله، فإنه رأى أنه يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتى قتل. واجتمعوا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإني قد كنت كارها لهذه الولاية، يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) حتى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته، فإن نجا فبعدله، وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام، يخرق به الصراط، فأول ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه، ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم. فقام إليه الناس فبايعوه، فأول من قام فبايعه طلحة والزبير، ثم قام المهاجرون والانصار وسائر الناس حتى بايعه الناس، وكان الذي يأخذ عليهم البيعة عمار بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان، وهما يقولان: نبايعكم على طاعة الله وسنة رسوله، وإن لم نف لكم فلا طاعة لنا عليكم، ولا بيعة في أعناقكم، والقرآن إمامنا وإمامكم.


[ 729 ]

ثم التفت علي (عليه السلام) عن يمينه وعن شماله، وهو على المنبر، وهو يقول: ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الانهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إن لم يغفر لهم الغفار، إذا منعوا ما كانوا فيه، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون، يقولون: حرمنا ابن أبي طالب، وظلمنا حقوقنا، ونستعين بالله ونستغفره، وأما من كان له فضل وسابقة منكم، فإنما أجره فيه على الله، فمن استجاب لله ولرسوله ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده. فأنتم أيها الناس، عباد الله المسلمون، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية، وليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى، وللمتقين عند الله خير الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاء، وما عند الله خير للابرار، إذا كان غدا فاغدوا، فإن عندنا مالا اجتمع، فلا يتخلفن أحد كان في عطاء، أو لم يكن إذا كان مسلما حرا، احضروا رحمكم الله. فاجتمعوا من الغد، ولم يتخلف عنه أحد، فقسم بينهم ثلاثة دنانير لكل إنسان الشريف والرضيع والاحمر والاسود، لم يفضل أحدا، ولم يتخلف عنه أحد إلا هؤلاء الرهط: طلحة والزبير وعبد الله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم وناس معهم. فسمع عبيدالله بن أبي رافع وهو كاتب علي بن أبي طالب (عليه السلام) عبد الله بن الزبير وهو يقول للزبير وطلحة وسعيد بن العاص: لقد التفت إلى زيد بن ثابت فقلت له: اياك أعني واسمعي يا جارة. فقال له عبيدالله: يا سعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير، إن الله يقول في كتابه: (وأكثرهم للحق كارهون) (1). قال عبيدالله: فأخبرت عليا (عليه السلام) فقال: لئن سلمت لاحملنهم على الطريق، قاتل الله ابن العاص، لقد علم في كلامي أني اريده وأصحابه بكلامي، والله المستعان.


(1) سورة المؤمنون 23: 70. (*)

[ 730 ]

قال مالك بن أوس: وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) أكثر ما يسكن القناة (1)، فبينا نحن في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة، فجلسا في ناحية عن علي (عليه السلام)، ثم طلع مروان وسعيد وعبد الله بن الزبير والمسور بن مخرمة فجلسوا، وكان علي (عليه السلام) جعل عمار بن ياسر على الخيل، فقال لابي الهيثم بن التيهان ولخالد بن زيد أبي أيوب ولابي حية ولرفاعة بن رافع في رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوموا إلى هؤلاء القوم، فإنه بلغنا عنهم ما نكره من خلاف أمير المؤمنين إمامهم، والطعن عليه، وقد دخل معهم قوم من أهل الجفاء والعداوة، وإنهم سيحملونهم على ما ليس من رأيهم. قال: فقاموا، وقمنا معهم حتى جلسوا إليهم، فتكلم أبو الهيثم بن التيهان، فقال: إن لكما لقدما في الاسلام وسابقة وقرابة من أمير المؤمنين، وقد بلغنا عنكما طعن وسخط لامير المؤمنين، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما وإمامكما، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه، ونحن عون لكما، فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا وقد عرفتما – وقال أحمد: عرفتم – عداوتهم لكما، وقد شركتما في دم عثمان ومالاتما، فسكت الزبير وتكلم طلحة، فقال: افرغوا جميعا مما تقولون، فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة. فتكلم عمار بن ياسر (رحمه الله) فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، وقال: أنتما صاحبا رسول الله، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله، وأن يجعل كتاب الله إمامنا – قال أحمد: وجعل كتاب الله إماما -، وهو علي بن أبي طالب طلق النفس عن الدنيا، وقدم كتاب الله، ففيم السخط والغضب على علي بن أبي طالب (عليه السلام) ! فغضب الرجال في الحق: انصرا نصركما الله. فتكلم عبد الله بن الزبير، فقال: لقد تهذرت يا أبا اليقظان. فقال له عمار: مالك


(1) القناة: واد من أودية المدينة.

[ 731 ]

تتعلق في مثل هذا يا أعبس، ثم أمر به فأخرج، فقام الزبير فالتفت إلى عمار (رحمه الله) فقال: عجلت يا أبا اليقظان على ابن أخيك رحمك الله. فقال عمار بن ياسر: يا أبا عبد الله، أنشدك الله أن تسمع قول من رأيت، فإنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتى استدخل في أمره المؤلفة قلوبهم. فقال الزبير: معاذ الله أن نسمع منهم. فقال عمار: والله يا أبا عبد الله، لو لم يبق أحد إلا خالف علي بن أبي طالب لما خالفته، ولا زالت يدي مع يده، وذلك لان عليا لم يزل مع الحق منذ بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، فإني أشهد أنه لا ينبغي لاحد أن يفضل عليه أحدا. فاجتمع عمار بن ياسر وأبو الهيثم ورفاعة وابو أيوب وسهل بن حنيف، فتشاوروا أن يركبوا إلى علي (عليه السلام) بالقناة فيخبروه بخبر القوم، فركبوا إليه فأخبروه باجتماع القوم وما هم فيه من إظهار الشكوى والتعظيم لقتل عثمان، وقال له أبو الهيثم: يا أمير المؤمنين، انظر في هذا الامر، فركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودخل المدينة، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، واجتمع أهل الخير والفضل من الصحابة والمهاجرين، فقالوا لعلي (عليه السلام): إنهم قد كرهوا الاسوة، وطلبوا الاثرة، وسخطوا لذلك. فقال علي (عليه السلام): ليس لاحد فضل في هذا المال، وهذا كتاب الله بيننا وبينكم، ونبيكم محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته. ثم صاح باعلى صوته: يا معشر الانصار، أتمنون علي باسلامكم – قال أحمد: على الله باسلامكم – بل لله ورسوله المن عليكم إن كنتم صادقين، أنا أبو الحسن القرم (1). ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد، وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما، ثم قال لهما: ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين (2)، فما أنكرتم، أجور في


(1) القرم: النحل من الابل، وقيل للسيد العظيم على التشبيه بالفحل. (2) الظاهر أن سقطا في هذا الموضع، يدل عليه ما يأتي في جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) من ذكر الاستشارة، والسقط على ما في رواية ابن أبي الحديد 7: 40: ” قالا: بلى. فقال: غير مجبرين ولا مقسورين، فاسلمتما لي بيعتكما، وأعطيتماني عهدكما ؟ قالا: نعم. قال: فما دعاكما بعد إلى ما أرى ؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على ألا تقضي الامور ولا تقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كل أمر، ولا تستبد بذلك عليا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت، فأنت تقسم القسم وتقطع الامر، وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا “.

[ 732 ]

حكم أو استئثار في فئ ؟ قالا: لا. قال (عليه السلام): أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه ؟ قالا: معاذ الله. قال (عليه السلام). فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي ؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفئ، جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا، ممن هو لنا فئ، فسويت بيننا وبينهم. فقال علي (عليه السلام): الله أكبر، اللهم إني اشهدك وأشهد من حضر عليهما، أما ما ذكرتما من الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فكرهت خلافكم، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمضيته، ولم احتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما، إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبينا (صلى الله عليه وآله)، فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد، وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه، ووجدت أنا وأنتما ما قد جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) من كتاب الله، فلم احتج فيه إليكما، قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا، وأفاء الله علينا، فقد سبق رجال رجالا فلم يفضلهم (رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يستأثر عليهم من سبقهم، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم، والله مالكم ولا لغيركم إلا ذلك، ألهمنا الله وإياكم الصبر عليه. فذهب عبد الله بن الزبير يتكلم، فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد، فخرج وهو يصيح ويقول: اردد إليه بيعته. فقال علي (عليه السلام): لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه، ولا مدخلكما في أمر خرجتما منه، فقاما عنه فقالا: أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء. قال: فقال علي (عليه السلام): رحم الله عبدا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا للحق على من خالفه.


[ 733 ]

(45) مجلس يوم الجمعة السادس من صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مائة فيه أحاديث الشيخ المفيد. بسم الله الرحمن الرحيم 1531 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا علي ابن العباس بن الوليد، قال: قال: لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله ملؤه. 1532 / 2 – وعنه، قال: أخبرنا محمد، قال. حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد، قال: حدثنا ابن عثمان الحضرمي، عن الاعمش، عن مورق العجلي، قال: رأيت أبا ذر آخذا بحلقة باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فأنا جندب، وإلا فأنا أبو ذر الغفاري، برح الخفاء، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حظة، يحط الله به الخطايا. 1533 / 3 – وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن العلاء بن رزين، عن


[ 734 ]

محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من قال بعد صلاة الصبح قبل أن يتكلم: ” بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلق العظيم) يعيدها سبع مرات، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص. 1534 / 4 – وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله، قال: أخبرني أبو نصر محمد ابن الحسين المقرئ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدثني شيخ من أصحابنا يعرف بعبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا صباح الحذاء، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة، وليسبغ وضوءه، وليصل في المسجد ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب وسبع سور معها، وهي: المعوذتان، وقل هو الله، وقل يا أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم زبك الاعلى، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم، سأل الله، فإنها تقضى بعون الله إن شاء الله. قال علي بن الحسين بن فضال: وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك، ثم دعوت الله أن يوسع رزقي، فأنا من الله بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزقني الحج فرزقته، وعلمته رجلا من أصحابنا وكان مقترا عليه رزقه، فرزقه، الله (تعالى) ووسع عليه.


[ 735 ]

(46) مجلس يوم التروية من سنة ثمان وخمسين وأربع مائة فيه أحاديث ابن أبي جيد القمي. بسم الله الرحمن الرحيم 1535 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) في يوم التروية سنة ثمان وخمسين وأربع مائة في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: حدثنا الشيخ ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر بن يزيد الجعفي، ورواه محمد بن جعفر الاسدي أبو الحسين، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلت على أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فقال لي: يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت ! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون – يا جابر – إلا بالتواضع والتخشع والامانة وكثرة ذكر الله والصلاة والصوم، وبرا لوالدين، وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والايتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الالسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الاشياء.


[ 736 ]

قال جابر: فقلت: يابن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة. فقال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله خير من علي، ثم لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له، والله ما يتقرب إلى الله إلا بالعمل، وما معنا براءة من النار، وما لنا على الله (لاحد) من حجة، من كان (لله) مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان (لله) عاصيا فهو لنا عدو، والله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل. 1536 / 2 – ذكر الفضل بن شاذان (رحمه الله) في كتابه الذي نقض به على ابن كرام، قال: روى عثمان بن عفان، عن محمد بن عباد البصري صاحب عبادان ورئيس الغزاة، قال عثمان: قال لي محمد بن عباد: يا شجري ألا أحدثك بأعجب حديث سمعته قط ؟ قال: قلت: حدثني رحمك الله. قال: كان في جواري هاهنا رجل من أحد الصالحين، فبينا هو ذات ليلة نائم إذا رأى كأنه قد مات، وحشر إلى الحساب، وقرب إلى الصراط. قال: فلما جزت إلى الصراط، فإذا أنا بالنبي (عليه السلام) جالس على شفير الحوض، والحسن والحسين (عليهما السلام) بيديهما كأس النبي (صلى الله عليه وآله) يسقيان الامة، فدنوت إلى الحسن (عليه السلام) فقلت: اسقني، فأبى علي، فدنوت إلى الحسين (عليه السلام) فقلت له: اسقني، فأبى علي. فأتيت النبي (عليه السلام) فقلت: يا رسول الله، مر الحسن والحسين يسقياني، قال: لا تسقياه. قلت: بأبي أنت وأمي، أنا مؤمن بالله وبك، لم أخالفك، فكيف لا تسقونني ! مر الحسن والحسين أن يسقياني، فقال: لا تسقياه، فإن في جواره رجلا يلعن عليا فلم يمنعه، فدفع إلي سكينا وقال: اذهب فاذبحه، فذهبت في منامي فذبحته، ثم رجعت فقلت بأبي أنت وأمي قد فعلت ما أمرتني به. قال: هات السكين، فدفعته، قال: يا حسين اسقه. قال: فسقاني الحسين (عليه السلام) وأخذت الكأس بيدي، ولا أدري شربت أم لا، ولكني استنبهت من نومي، وإذا بي من الرعب غير قليل، فقمت إلى صلاتي، فلم أزل أصلي وأبكي حتى انفجر عمود الصبح، فإذا بولولة وصيحة، وإذا هم ينادون


[ 737 ]

فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله ! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله ! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك الله، هذا أنا فعلته والقوم براء. قال لي: ويحك ما تقول ! فقلت: أيها الامير، هذه رؤيا رأيتها في منامي، فإن كان الله حققها فما ذنب هؤلاء وقصصت عليه الرؤيا، فقال الامير: اذهب فجزاك الله خيرا، أنت برئ، والقوم براء. قال عثمان بن عفان: فهذا أعجب حديث سمعته قط. 1537 / 3 – قال الفضل: وروى محمد بن رافع، وأحمد بن نصر، وحميد بن زنجويه، زاد بعضهم على بعض، عن علي بن عاصم، والنضر بن شميل، عن عوف عن أبي القموص، قال: شرب إنسان الخمر قبل أن تحرم، فاقبل ينوح على قتلى المشركين، الذين قتلهم النبي (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، فقال: نحيي بالسلامة أم بكر * وهل لك بعد رهط من سلام ذريني اصطبح يا بكر إني * رأيت الموت رحب عن (1) هشام يود بنو المغيرة لو فدوه * بألف من رجال أو سوام يحدثني النبي بأن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام ألا من مبلغ الرحمن عني * بأني تارك شهر الصيام أيقتلني إذا ما كنت حيا * ويحييني إذا رمت عظامي إذا ما الرأس فارق منكبيه * فقد شبع الانيس من الطعام وقال بعض الشعراء في ذلك: لولا فلان وسوء سكرته * كانت حلالا كسائغ العسل انتهى بحمد الله ومنه كتاب الامالي لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله.

اترك تعليقاً