دعائم الإسلام

القاضي النعمان المغربي ج 2


[ 1 ]

دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل البيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام


[ 3 ]

دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام، و القضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام لسيدنا القاضي الاجل أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي قدس الله روحه ورزقنا شفاعته تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي الطبعة الثانية دار المعارف بمصر


[ 4 ]

ملتزم الطبع والنشر: دار المعارف بمصر 1119 كورنيش النيل القاهرة ج. ع. م.


[ 5 ]

مقدمة الطبعة الثانية صدرت الطبعة الاولى من الجزء الثاني في عام 1379 ه‍ (1960). وقد أعدت في الطبعة الثانية ترقيم بعض الفقرات، وأجريت تعديلات في التشكيل والتنقيط. كما راجعت بدقة، وصححت، إعراب الآيات القرآنية الذي كان ناقصا في بعض المواضع، كي يطابق الطبعة الحكومية من المصحف. وفي المواضع الاولى من الكتاب، ثمة مخطوط (مميز بحرف ” ه‍ “) وهذا يشير إلى مخطوط وضعه تحت تصرفي صديق العمر الشيخ فيض الله همداني، من بلدة سورت. والمخطوط مكتوب بخط العالم الاوحد سيدي الشيخ محمد علي همداني، والد الشيخ فيض الله. وإني أنتهز هذه الفرصة لاشيد بالعون الكبير الذي قدمه إلي، في كل مناسبة، الشيخ فيض الله، فيما يتصل بمشروعاتي الادبية جميعا. وإنه لمن سوء الحظ أنه لم يكن متيسرا استخدام المخطوط في ربط العبارات بعضها ببعض، ولكن حرف الياء ” ي ” يمثل على وجه التقريب ذات الامتياز والثراء في الحواشي. وقد ألفيت النص كما هو مطبوع في هذا الكتاب خاليا من الاخطاء تقريبا، وإن كان الاستاذ العالم ” ا. جرايف ” (من ” كولونيا ” بألمانيا) قد أجرى بعض التعديلات الطفيفة التي أشكره من أجلها جزيل الشكر. وأود لو كان العلماء الهنود على بعض هذا القدر من روح العون والكرم التي وجدتها عند ذلك العالم الالماني الذي راسلته مدة طويلة، وإن لم يتح لي قط حظ التعرف إلى شخصه. وقد أتممت هذا العمل في سن متقدمة، بعد أن ضعف بصري عما كان عليه في أيام الشباب. ولئن كنت آمل أن لا تفلت أخطاء كثيرة من تحت أعين الطابع


[ 6 ]

الساهرة المدققة، إني في الوقت عينه لا أشك في أن القارئ الكريم سوف يغض الطرف عن القلة التي سوف تبقى في الطبعة من هذه الاخطاء. وإني أوجه شكري إلى المشرفين على دار المعارف من أجل عنايتهم واهتمامهم بالتفصيلات، ومن أجل رقتهم التقليدية والروح الطيبة التي ألمسها منهم في كل مناسبة. وإنه لمحظوظ ولا شك المؤلف الذي يحظي بمثل هؤلاء الناشرين. ا. ا. ا. فيضى بومباى في 23 ديسمبر 1965 أول رمضان 1385


[ 7 ]

مقدمة المحقق. هانحن أولاء نقدم الآن الجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد المغربي، بعد أن قدمنا الجزء الاول من قبل، وقد اعتمدنا في تحقيق هذا الجزء الثاني على ست نسخ خطية رمزنا إليها بما يأتي: (1) س وتاريخ نسخها سنة 865 ه‍ (1461 م) (2) د وتاريخ نسخها سنة 1126 ه‍ (1714 م) (3) ط وتاريخ نسخها سنة 1216 ه‍ (1801 م) (4) ى وتاريخ نسخها سنة 127 1 ه‍ (1854 م) (5) ز وتاريخ نسخها سنة 1280 ه‍ (1863 م) (6) ع وتاريخ نسخها سنة 1311 ه‍ (1893 م) والنسخة الاولى من هذه النسخ وهي التي رمزها (س) هي النسخة التي تحتفظ بها دعوة البهرة السليمانية ببومباى بالهند، وهي أقدم نسخة نعرفها لهذا الجزء من الكتاب، وقد سبق أن تحدثت عنها في شئ من الاسهاب في بحث لي بعنوان ” نسخة قديمة للجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام ” ونشر بمجلة جامعة بومباي سنة 1934، فلا حاجة إذن أن أكرر ما سبق نشره، ويكفي أن أقول هنا: إن هذه النسخة في 146 ورقة، ومقاس صفحاتها 12 ب 7 بوصات، وإن بكل صفحة 23 سطرا، وإن ورقها من النوع الذي يصنع يدويا


[ 8 ]

بالهند، وقد ظهر بالنسخة أثر الديدان، ولكن أصلح ما بها من آثار التآكل وجلدت حديثا، وناسخها غير معروف إذ محى اسمه من النسخة، وتاريخ كتابتها 13 من ذي الحجة سنة 865 ه‍ (19 سبتمبر سنة 146 1 م). هذه النسخة ضبطت كلها بالشكل وصححت بدقة، ومن ثم كان اعتمادي عليها في تحقيق هذا الجزء، وليس بها شروح كثيرة ولكن هناك عدة كلمات شرحت باللغة الكوچراتية مما يثبت لها أصلا هنديا، أما خطها ففيه عناصر القلم اليمنى مما يصعب معه أن نتبين شخصية ناسخها الذي محى اسمه من النسخة. أما النسخة الثانية (د) وهي ثاني النسخ من حيث الترتيب الزمني، فمقاس صفحاتها 6 ب 1 / 9 2 بوصات وبكل صفحة 17 سطرا وتقع في 293 ورقة، وناسخها رحيم بن داود چى بن موسى چى من بلدة كابا دوانج بوسط. الهند وتاريخ نسخها سنة 1126 ه‍ (1714 م) وهذه النسخة ليست بدقيقة كل الدقة، فهي مملوءة بالاخطاء في رسم الالفاظ. وفي الشكل أيضا، وبها سقطات هامة أشرت إلى بعضها، وقد أفسد الماء ورقها، ولذلك كله لم تكن بذات قيمة في تحقيق الكتاب بالرغم من قدمها نسبيا إلى النسخ الاخرى. ونسخة (ط) كانت في الاصل نسخة دعوة البهرة الداودية ومقاس صفحاتها 2 / 1، 5 ب 10 بوصات وفي كل صفحة 17 سطرا، وهي نسخة صحيحة تداول كتابتها عدد من النساخ، ومن ثم ظهرت متفاوتة الدرجات في دقتها، وأقدم جزء في هذه النسخة وهو الجزء الاول منها أصح جزء فيها، وناسخه غير معروف وتاريخ الانتهاء منها سنة 1216 ه‍ (1801 م)، وعلى الجملة كانت هذه النسخة مفيدة لي دون أن يكون لها قيمة كبرى إذ كثيرا ما نرى اضطراب النص في بعض أجزائها، وبها بعض شروح قليلة باللغة الكوچراتية.


[ 9 ]

ونسخة (ى) عندي هي النسخة التي تلي نسخة (س) من ناحية قيمتها، وأكثر النسخ فائدة، مقاس صفحاتها 2 / 1، 5 ب 2 / 1، 9 بوصات وبالصفحة 15 سطرا وعدد أوراقها 349 ورقة من الورق الجميل الرقيق اليدوي، وخطها نسخ جميل، وكاتبها هو عبد الهادي بن الشيخ علي صالح بن جابر، وتاريخ نسخها ربيع الثاني 1271 ه‍ (ديسمبر سنة 1854 م) وترجع قيمة هذه النسخة إلى ما يأتي: أولا: أنها تحتوي على شروح كثيرة أخذت من كتابات القاضي النعمان نفسه ومن كتابات غيره من علماء الدعوة. ثانيا: أنها نسخة دقيقة تمام الدقة، وبها إعراب كثير من الكلمات التي تشكل على القارئ، حتى إن الناسخ وضع أرقاما على الضمائر وما تعود إليه من الاسماء حتى يسهل على القارئ فهم النص. ثالثا: ليس بالنسخة أخطاء جوهرية قد تدعو إلى الاسف. ونسخة (ز) نسخة صحيحة مفيدة ولكن يصعب قراءتها إذ كتبت بحروف صغيرة لا يمكن تمييزها بسهولة ومقاسها 2 / 1، 5 ب 2 / 1، 7 بوصات وبكل صفحة 22 سطرا متأكلة تأكلا شديدا جدا ومغلفة بقماش قديم، وكانت في الاصل ملكا لاسرة مشهورة بين طائفة البهرة هي أسرة ” أشرف على ما موچى ” بمدينة بومباى وناسخها شاندخان بن إله بخش بن إسماعيل بن شاندخان بن سلطان ابن نور، وتاريخ كتابتها سنة 1280 ه‍ (1863 م) وناسخها معروف بتضلعه في النحو العربي، ولذلك جاءت نسخته صحيحة، وربما كانت أدق النسخ للوصول إلى النص الاصلي الذي وضعه المؤلف. أما نسخة (ع) فهي نسخة حديثة وليست بدقيقة، مقاس صفحاتها


[ 10 ]

5 ب 9 بوصات وبكل صفحة 17 سطرا وتشتمل على 28 8 ورقة، بها كثير من الاخطاء وليس بها شروح، وناسخها هو فيض الله بن محمد بن علي الهمداني، وكتبت سنة 1311 ه‍ (1893 م) بمدينة سورت. هذه هي النسخ التي اعتمدت عليها في تحقيق الجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام، وهو جزء يتحدث عن المعاملات، وهو موضوع لا يدعو إلى إثارة المشكلات حوله، ولذلك كان أسلوب هذا الجزء أسهل من أسلوب الجزء الاول، والاختلافات التي في النسخ إنما ترجع إلى أخطاء نحوية أو عدم فهم الناسخ، وأستطيع أن أرتب النسخ التي اعتمدت عليها بالنسبة لقيمتها إلى: س، ثم ى، ثم ز. أما النسخ الاخرى فقد أفادتني في تحقيق ما أشكل علي عند قراءة بعض الالفاظ، وقد سهل لي عملي في هذه النسخة طول صحبتي مع كتب المؤلف ودراستي العميقة للمؤلف نفسه. وفي مقدمة الجزء الاول لكتاب دعائم الاسلام ناقشت مسألة قراءة كلمة ” روينا ” أهي روينا أم روينا أم روينا (راجع هامش 20 ص 13)، وفي أقوم نسخ الجزء الثاني وهي نسخة (س) وجدت الكلمة شكلت بضم الراء وكسر الواو المخففة، وفي اعتقادي أن هذه هي القراءة الصحيحة للكلمة وليست بالكسرة المشددة للواو، ومن الجائز جدا أن يكون الاصل هو بتشديد الواو، ولكنها خففت تدريجا وأخذ علماء الدعوة الفاطمية بهذا التخفيف. (وبعد) فقد نشر الجزء الاول سنة 1951 ه‍ ومضت أعوام قبل أن ينشر الجزء الثاني، وبدون تقديم أعذار عن هذا التأخير، فإني أقول مخلصا إنه لم يكن لي يد في ذلك، ولكن أسفي شديد حقا أن في هذه المدة توفى صديقي الدكتور زاهد علي الذي كنت أرجع إليه كلما أشكل علي أمر


[ 11 ]

من أمور هذا الكتاب، فبفضل مساعداته بما كان يقدمه لي من شروح للنص الذي لم أستطع فهمه أو تبين حقيقة قراءته، بما عرف عنه من سعة الاطلاع وعمق البحث، سهل علي تحقيق الكتاب، ومع ذلك كله ففي الكتاب أخطاء ولا شك في ذلك وهذه الاخطاء مني وأنا المسئول عنها. وأحب في هذه الكلمة أن أعترف بجزيل شكري لاصدقائي العديدين الذين تفضلوا بإعارة النسخ إلي، ثم أخص بالشكر صديقي الدكتور محمد كامل حسين الاستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة، الذي ساعدني مساعدة الاخ لاخيه. كما أشكر دار المعارف بالقاهرة لما بذلته من عناية في طبع هذا الكتاب فأتى على هذه الصورة الجميلة. مايو 1959 آصف على أصغر فيضى


[ 12 ]


[ 13 ]

بسم الله الرحمن الرحيم 1 كتاب البيوع والاحكام فيها فصل (1) ذكر الحض على طلب الرزق وما جاء فيه عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين قال الله عزوجل (1): يا أيها الذين ء امنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (2). (1) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلعم) قال: إذا أعسر (3) أحدكم فليخرج من بيته وليضرب (4) في الارض يبتغي من فضل الله ولا يغم نفسه وأهله.


(1) سورة 62 آية 10 9. (2) حش ه‍، ى من مختصر الآثار، أتى رجل إلى النبي (صلع)، فقال: يا رسول الله إن لي نفسا لا تقنع بشي من الدنيا ولا تشبع منها، فقال له: النبي (صلع) قل: اللهم أرضني بقضائك وبارك لي في عطائك وأقنعني بما قدرت لي حتى لا أحب تعجيل ما أخرته ولا تأخير ما عجلته، قال الصادق (ع): من دعائنا أهل البيت: اللهم لا تكلفني طلب ما لم تقسم لي فيطول في ذلك شغلي من طاعتك ولا أقدر على شئ منه، اللهم وما قسمت لي من ذلك، فأعني به في عفاف ويسر وأصلحني بما أصلحت به الصالحين، فإن صلاح الصالحين بك. وقال لي أبي، رضوان الله عليه: كان هذا من دعاء داود عليه السلام، وقال: إن الله (ع ج) قسم الارزاق بين عباده وأفضل منها فضلا كثيرا، فاسألوا الله من فضله. (3) مشكل كذا في س، ه‍. (4) س ويضرب، ع، فليضرب. ه‍، د، ط، ى، وليضرب.

[ 14 ]

(2) وعن علي أنه كان يقول: إني لابغض (1) الرجل يكون كسلان من (2) أمر دنياه لانه إذا كان كسلان من أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل. (3) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أن رجلا سأله أن يدعو الله له أن يرزقه في دعة (3)، فقال لا أدعو لك، اطلب كما أمرت (4) وقال: ينبغي للمسلم ان يلتمس الرزق حتى يصيبه حر الشمس. (4) روينا عن أهل البيت صلى الله عليه وآله في الدعاء لاستجلاب الرزق وجوها يطول ذكرها، ليس فيها شئ موقت. (5) وعن رسول الله (صلعم) أنه قال في حجة الوداع: إني والله لا أعلم عملا يقربكم من الجنة إلا وقد أعلمتكم به ولا أعلم عملا يقربكم من النار إلا وقد حذرتكم عنه، وإن الروح الامين (5) قد نفث في روعى أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، إنه ليس عبد من عباد الله إلا وله رزق بينه وبينه حجاب، فإن صبر أتاه الله به حلالا، وإن لم يصبر هتك الحجاب، فأكله حراما، فلا يحملن أحدكم استبطاء شئ من الرزق أن يطلبه من غير حله فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته. (6) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إن الذنب ليحرم الرزق. (7) وعن رسول الله (صلع) أنه مر في غزوة تبوك بشاب جلد (6) يسوق


(1) س. (2) س، ط. ه‍، ع، د، ى عن. (3) حاشية في ه‍ أي راحة. (4) س، د، ع، ط. ه‍ أمرك الله. (5) حاشية في ه‍ الروح الامين جبرئيل، والنفث نفث الراقي، والروع بالضم الخلد وهو البال والبال القلب. (6) س (حاشية) الجلد القوي.

[ 15 ]

أبعرة سمانا فقال له أصحابه: يا رسول الله لو كانت قوة هذا وجلده وسمن (1) أبعرته في سبيل الله لكان أحسن، فدعاه رسول الله (صلع) فقال: أرأيت أبعرتك هذه، أي شئ تعالج عليها؟ فقال يا رسول الله، لي زوجة وعيال، فأنا أكسب عليها ما أنفقه على عيالي وأكفهم عن مسألة الناس (2) وأقضي دينا علي، قال: لعل غير ذلك، قال: لا، فلما انصرف قال رسول الله (صلع): لئن (3) كان صادقا إن له لاجرا مثل أجر الغازي وأجر الحاج وأجر المعتمر. (8) وعنه (صلع) أنه قال: تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله رجل خرج ضاربا في الارض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه، ويعود به على عياله. (9) وعن علي أنه قال: ما غدوة أحدكم في سبيل الله بأعظم من غدوته يطلب لولده وعياله ما يصلحهم، وقال (ع): الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في سبيل الله. (10) وعن رسول الله (صلع) أن رجلا سأله، فقال: يا رسول الله، إني لست أتوجه (4) في شئ إلا حورفت فيه، فقال: انظر شيئا قد اصبت فيه مرة فالزمه، قال: القرظ (5)، قال: فالزم القرظ. (11) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال لرجل من أصحابه: إنه بلغني أنك تكثر الغيبة عن أهلك، قال: نعم جعلت فداك، قال:


(1) ط، ه‍ سمن. كذا في س. (2) س وأكفهم عن الناس. (3) س إن. (4) حش ه‍ أي أقصد. (5) حاشية في ه‍ القرظ شجر يدبغ به الجلود.

[ 16 ]

أين؟ قال: بالاهواز وفارس، قال: فيم، قال: في طلب التجارة والدنيا، قال: فانظر إذا طلبت شيئا من ذلك ففاتك، فاذكر ما خصك الله به من دينه، وما من به عليك من ولايتنا وما صرفه عنك من البلاء، فإن ذلك أحرى أن تسخو نفسك به عما فاتك من أمر الدنيا. (12) وعن علي (ع) أن رجلا قال له: يا أمير المؤمنين، إني أريد التجارة، قال: أفقهت في دين الله، قال: يكون بعض ذلك، قال: ويحك، الفقه ثم المتجر، فإنه من باع واشترى ولم يسأل عن حرام ولا حلال ارتطم (1) في الربا ثم ارتطم. (13) وعن رسول الله (صلع) أنه استحب تجارة البز وكره تجارة الحنطة، وذلك لما فيها من الحكرة المضرة بالمسلمين، فإن لم يكن ذلك فليس التجارة بها محرمة. (14) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سأل بعض أصحابه عما يتصرف فيه، فقال: جعلت فداك، إني كففت يدي عن التجارة (2) قال: لم ذلك، قال: انتظاري هذا الامر، قال: ذلك أعجب لكم، تذهب أموالكم (3)، لا تكفف عن التجارة والتمس من فضل الله، وافتح بابك وابسط بساطك واسترزق ربك. (15) وعن رسول الله (صلع) أنه مر بالتجار وكانوا يومئذ يسمون السماسرة فقال لهم: أما إني (4) لا أسميكم السماسرة ولكن أسميكم التجار، والتاجر فاجر، والفاجر في النار، فغلقوا أبوابهم وأمسكوا عن التجارة،


(1) ه‍ حاشية أي وقع. (2) حاشية في س، ه‍ قال علي بن الحسين صلع: جعل الرزق عشرة أجزاء تسعة منها في التجارة وجزء في ساير الاشياء، من مختصر الآثار. (3) س، د، ذ، ى، ه‍ لك وأموالك. (4) س آلا انى.

[ 17 ]

فخرج رسول الله (صلع) من غد فقال: أين الناس، قيل يا رسول الله سمعوا ما قلت بالامس، فأمسكوا، قال: وأنا أقوله اليوم إلا من أخذ الحق وأعطاه. (16) وعنه (صلع) أنه قال: بعثني ربي رحمة ولم يجعلني تاجرا، ولا زراعا، إن شر هذه الامة التجار والزراعون إلا من شح على دينه. (17) وعنه (صلع) أن أعرابيا أتاه بإبل له فقال: يا رسول الله، أردت بيع إبلي هذه فبعها لي، قال: إني لست ببياع في الاسواق، قال: فأشر علي. قال: بع هذا بكذا وهذا بكذا. (18) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أوصى بعض أصحابه فقال لا تكن دوارا في الاسواق ولا تل شراء دقائق الاشياء بنفسك، فإنه لا ينبغي لكم ولا للمرء المسلم (1) ذي الدين والحسب أن يشتري دقائق الاشياء بنفسه خلا ثلاثة أشياء، الغنم والابل والرقيق (2). ونظر (ع) إلى رجل من أصحابه يحمل بقلا على يده فقال إنه يكره للرجل السرى (3) أن يحمل الشئ الدنى لئلا يجترى (4) عليه. (19) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إن الله يحب العبد أن يكون سهل البيع وسهل الشراء وسهل القضاء (5) وسهل الاقتضاء (6). (20) وعنه (صلع) أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل بايع إماما فإن أعطاه شيئا من الدنيا


(1) س، ط، ى، د، ع. ه‍ ولا للمسلم. (2) كذا في س. (3) حاشية في ه‍، د، ط أي الفاضل. (4) كذا في كل المخطوطات، أصله يجترأ. (5) حاشية في د، رجل عليه الدين. (6) أيضا رجل له الدين.

[ 18 ]

وفى له، وإن لم يعطه لم يف له، ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة (1) الطريق، ورجل حلف بعد العصر لقد أعطى بسلعته كذا وكذا، فأخذها الآخر بقوله مصدقا له، وهو كاذب. (21) وعن علي (ع) أنه قال: سوق المسلمين كمسجدهم، الرجل أحق بمكانه حتى يقوم منه أو تغيب الشمس يعني (ع) من ذلك ما ليس بملك لغيره. فصل (2) ذكر ما نهى عن بيعه قال الله عزوجل (2): يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم. وقال الله تبارك وتعالى (3): وأحل الله البيع وحرم الربوا. يعني جل ثناؤه بالبيع الجائز دون ما حرم الله في كتابه، وعلى لسان رسول الله (صلع) وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله. (22) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع الاحرار، وعن بيع الميتة والدم والخنزير (4) والاصنام وعن عسب الفحل (5) وعن ثمن الخمر وعن بيع العذرة، وقال هي ميتة. (23) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الحلال من البيوع كل


(1) حاشية في ه‍ أي قافلة، في د، ى السابلة أبناء السبيل المختلفة في الطرقات، من الضياء. (2) 4 / 29. (3) 2 / 275. (4) س، ه‍، ط. د، ى، ع لحم الخنزير. (5) س عسب، حاشية في ى عسب الفحل يريد هنا الكدى الذي يؤخذ على الضراب وهو لا يجوز.

[ 19 ]

ما هو حلال من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس وصلاح ومباح لهم الانتفاع به، وما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه، وهذا من قول جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله قول جامع لهذا المعنى. (24) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وشاربها وساقيها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه، قال النبي (صلع) الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها وأكل ثمنها (1). (25) وعن أبي جعفر بن محمد بن علي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن رجل كان له على رجل دراهم، فباع خمرا أو خنازيرا فدفع ثمنها إليه قضاء من دينه، قال: لا بأس أما للمقتضى فحلال، وأما للبائع فحرام. (26) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن بيع العنب والتمر والزبيب والعصير ممن يصنعه خمرا، قال: لا بأس بذلك إذا باعه حلالا، فليس عليه أن يحيله المشتري حراما. (27) وعن رسول الله أنه نهى عن ثمن الكلب العقور. (28) وعن علي (ع) أنه قال: لا بأس بثمن كلب الصيد (2). (29) وعن علي (ع) أنه قال: لا بأس ببيع المصاحف وشرائها، قال جعفر بن محمد: ولا بأس أن تكتب بأجر ولا يقع الشراء على كتاب


(1) حاشية في چه‍، ى من مختصر الآثار، ورخصوا في أخذ أثمان كل ما نهى عن ممن بيعه ممن يبيع ذلك لنفسه، وإنما يحرم ذلك على من باعه واشتراه، فأما ثمنه وأخذه مما صار إليه وفي يده بوجه الحق فلا بأس به، ولا بأس بمبايعة المشركين، وأخذ ثمن ما يشترونه منهم مما في أيديهم من أثمان ما باعوه وصار إليهم مما لا يحل بيعه، وأكثر أموالهم ربا وسحت، وهي تؤخذ منهم في الجزية وفي أثمان ما يشترونه من المسلمين، فتكون حلالا لمن أخذها وكل ما يحل له أخذها، حاشية: إذا كان البائع ذميا فلا بأس بأخذه منه فهو حلال له، وإن كان مسلما لم يجز له لقول النبي صلع: ثمن الخمر من السحت، يعني بهذا العقل للمسلم، فإذا كان الثمن سحتا. وعلم المقتضى لدينه بالوجه فيه، فالاولى به أن لا يأكل السحت، من المطلب في فقه المذاهب، وفي ى فقط وذلك والله أعلم لان المشركين يتناولونه في شرائعهم حلالا، وهو عند المسلمين حرام. (2) حاشية في د، ى ويجوز بيع كلب الماشية.

[ 20 ]

الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا. (30) وعن علي أنه رأى رجلا يحمل هرة قال: ما تصنع بها، قال أبيعها، فنهاه قال: فلا حاجة لي بها، قال: فتصدق إذا بثمنها (1). (31) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن شراء الشئ من الرجل الذي يعلم أنه يخون أو يسرق أو يظلم، قال: لا بأس بالشراء منه ما لم يعلم أن (2) المشترى خيانة أو ظلم أو سرقة، فإن علم فإن ذلك لا يحل بيعه ولا شراؤه، ومن اشترى شيئا من السحت (3) لم يعذره الله لانه اشترى ما لا يحل له. (32) ونهى رسول الله (صلع) عن بيع السهم من المغنم من قبل أن تقسم (4). (33) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع الماء والكلاء (5) والنار، وهذا نهى مجمل فإنما وقع النهي فيه على بيع المباح للمسلمين مثل كلاء البرية ولهب النار الذي يستصبح به ويقتبس منه (6)، ولا ينقص ذلك منه شيئا وكالماء الجاري في الغيول (7) والعيون، والسيول، والآبار المباحة


(1) كذا في س وط، زيادة في د، ه‍، ع، ى وعن رسول الله صلعم أنه نهى عن بيع السهم من المغنم قبل أن تقسم. (2) ه‍، ط، ى، د. س من. (3) حاشية في د، ى السحت ما لا يحل كسبه وأكله، قال الله تع: أكالون للسحت (5 / 43). (4) تقدم الرواية في د، ه‍، ع، ى. (5) حاشية في ى الكلاء وهي الماء الجاري وسط الاشجار، وهذا غلط، والكلا كجبل العشب رطبا كان أو يابسا. (6) حاشية في ه‍، ى في غير طعم، فإن كانت النار في طعم يملك كالحطب والفحم أو غيره مما تعمل النار فيه، فبيعه جائز لانه مال من الاموال، من الاختصار. (7) حاشية في ه‍ ى الغيل الماء الجاري على وجه الارض من العيون.

[ 21 ]

غير المملوكة، فأما ما كان من ذلك يملك، فلا بأس ببيع ذلك، ولا ينبغي أن يؤخذ جمر نار من أحد بغير إذنه لانه مال من الاموال. فصل (3) ذكر ما نهى عنه من بيع الغرر (34) روينا عن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله عن أبيه عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الغرر وهو كل بيع يعقد على شئ مجهول عند المتبايعين أو أحدهما. (35) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع حبل الحبلة، وقد اختلف في معنى ذلك، فقال قوم هو بيع كانت الجاهيلة يتبايعونه يبيع الرجل منهم الجزور بثمن مؤخر، ويكون الاجل بين المتبايعين إلى أن تنتج الناقة، ثم ينتج نتاجها، وقال آخرون هو أن يباع النتاج قبل ان ينتج، (1) وكلا البيعين فاسد لا يجوز. (36) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع المضامين (2) والملاقيح (3) فأما المضامين، فهي ما في أصلاب الفحول وكانوا يبيعون (4) ما يضرب الفحل عاما وأعواما، ومرة ومرتين، ونحو ذلك، والملاقيح هي الاجنة في بطون أمهاتها، وكانوا يتبايعونها قبل أن تنتج. (37) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع الملامسة والمنابذة وطرح الحصى،


(1) ه‍ تنتج الناقة. (2) ه‍ حاشية، المضامين ما في بطون الحوامل، جمع مضمونة. (3) الملاقيح جمع ملقوحة. (4) س، ط، ى، ه‍ كذا في الاصل وكتب ” يتبايعون ” فوق السطر ويتبائعون غ.

[ 22 ]

فأما الملامسة فقد اختلف في معناها، وقال قوم: هو بيع الثوب مدروجا (1) يلمس باليد ولا ينشر ولا يرى داخله، وقال آخرون: هو الثوب يقول البائع أبيعك هذا الثوب على أن نظرك إليه اللمس بيدك ولا خيار لك إذا نظرت إليه، وقال آخرون: هو أن يقول إذا لمست ثوبي (2) فقد وجب البيع بيني وبينك. وقال آخرون: هو أن يلمس المتاع من وراء ستر، وكل هذه المعاني قريب بعضها من بعض، وإذا وقع البيع عليها فسد. واختلفوا أيضا في المنابذة. فقال قوم: هي (3) أن ينبذ الرجل الثوب إلى رجل، وينبذ إليه الآخر ثوبا يقول هذا بهذا من غير تقليب ولا نظر. وقال آخرون: هو أن ينظر الرجل إلى الثوب في يد الرجل مطويا، فيقول: اشترى هذا منك، فإذا نبذته إلى فقد تم البيع بيننا ولا خيار لواحد، وقال قوم: المنابذة وطرح الحصى بمعنى واحد وهو بيع كانوا يتبايعونه في الجاهلية يجعلون عقد البيع بينهم طرح حصاة يرمون بها من غير لفظ (4) من بائع ولا مشتر ينعقد به البيع، وكل هذه الوجوه من البيوع الفاسدة. (38) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع الولاء (5) وعن هبته، وقال: الولاء شعبة من النسب لا يباع ولا يوهب. (39) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع العبد الآبق والبعير الشارد.


(1) د مدرجا. ط، س، ه‍، ع، ى مدروجا. (2) ى ثوبي هذا. (3) س هو. ه‍، ع، ط هي ص، د، ى هو وهي كلاهما! (4) ه‍، ع، ط، د، ي لفظ ص. س لفظهما غ. (5) د، ه‍ حاشية: بيع الولاء هوأن يقول صاحب الغلام الذي أعتقه لاحد من الناس: أبيعك ولائي بكذا وكذا، ط الولاء وهي ضعيف.

[ 23 ]

(40) وقال علي، لا يجوز بيع العبد الآبق ولا الدابة الضالة يعني قبل ان يقدر عليهما. وقال جعفر بن محمد (صلع) إذا كان مع ذلك شئ حاضر جاز بيعه يقع البيع على الحاضر. (41) وعنه (ع م) أنه قال لا بأس بشراء تراب المعادن بالدنانير، يدا بيد، ولا خير فيه بنسيئة (1). (42) وعن علي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن بيع السمك في الآجام، واللبن في الضروع، والصوف على ظهر الغنم، قال: هذا كله لا يجوز لانه مجهول غير معروف يقل ويكثر وهو غرر. (43) وقال جعفر بن محمد (ع م) إذا كان في الاجمة أو الحظيرة (2) سمك مجتمع يوصل إليه بغير صيد، أو كان مع اللبن الذي في الضرع (3) لبن حليب أو غيره، فالبيع جائز، فإن كان لا يوصل إلى السمك إلا بالصيد (4) فالبيع باطل. (44) وعنه (ع) أنه كره عن بيع الصك (5) عن الرجل بكذا وكذا درهما.


(1) حش ه‍، أي بتأخير. (2) س، ى، ع. ه‍، ط، د الحضيرة. حاشية في ى – الحضيرة موضع البقر والغنم، والحظيرة تعمل للابل من شجر لتقيها البرد (مختار الصحاح). (3) ه‍ الضروع. (4) ه‍، ى، بصيد. (5) حاشية س كبا لو (كجراتي)، وفي ه‍ هوأن يبيع الرجل سلعته ويعطيها رجلا بأجل، وفي ى في مختصر الآثار، الصك الكتاب، والصك بلى الرجل يعني الدين المكتوب في الصك.

[ 24 ]

فصل (4) ذكر بيع الثمار (45) روينا (1) عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع التمرة (2) قبل أن يبدو صلاحها. قال جعفر بن محمد (صلع): بدء صلاحها أن تزهو، قيل: وما الزهو؟ قال؟ تتلون بحمرة أو بصفرة أو بسواد. (46) روينا عن جعفر بن محمد وعن محمد بن علي وعن علي بن أبي طالب عليهم السلام (3) أنهم رخصوا في بيع الثمرة إذا زهت أو زها بعضها أو كانت مع ما يجوز بيعه، وإن لم يزه شئ منها سنة واحدة أو سنين بعدها، لان البيع حينئذ يقع على ما زها أو ما جاز بيعه مما هو حاضر، ويكون ما لم يزه وما لم يظهر بعد تبعا له، وكثير من الثمار إنما يظهر شئ (4) بعد شئ، ويقع البيع. أولا على ما بدا صلاحه منه، كالمقاثى (5) المباطخ وكثير من الثمار. وقال جعفر بن محمد (صلع): وليس النهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها نهى تحريم يحرم شراء ذلك وبيعه على بائعه ومشتريه، ولكنهم


(1) ه‍ روينا أصلا، وصحح روينا، د روينا. (2) حاشية في ى ونهوا عن بيع التمر في رءوس النخل بالتمر كيلا، ورخصوا فيه في العرايا. وهي الشئ اليسير النخلة ونحوها، وكذلك لا يجوز بيع العنب في الكرم بزبيب بكيل، ولا بيع السنبل بحنطة، ومن اشترى نخلا قد لقحت، فتمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، ومن الاختصار. (3) كذا في س، ط. (4) ه‍ د،. س، ط، ى شيئا. (5) ى، د، حاشية القثاء الخيار الواحد القثاءة والمقثأة والمقثؤة موضع القثاء والمبطخة بالفتح موضع البطيخ، وضم الطاء فيه لغة، ن م ص.

[ 25 ]

كانوا يشترونها كذلك على عهد رسول الله (صلع) فربما هلكت الثمرة بالآفة تدخل عليها فيختصمون إلى رسول الله (صلع) فلما أكثروا الخصومة في ذلك نهاهم عن البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم، ففي هذا ما دل على أن عقد البيع على الثمرة قبل أن يبدو صلاحها ليس بمحرم على المتبايعين ولا على أحدهما ما سلما على ذلك ولم يقوما ولا أحدهما في فسخ البيع. (47) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن الرجل يبيع الثمرة قائمة على الشجرة (1) يستثنى من جملتها على المشترى كيلا منها أو وزنا معلوما قال: لا بأس به. (48) وعن أبي جعفر صلى الله عليه وآله (2) أنه قال: لا بأس على مشترى الثمرة أن يبيعها قبل أن يقبضها، وليس هذا مثل الطعام الذي يكال (3)، ولاهو من باب النهى عن بيع ما لم يقبض. (49) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع المزابنة، والمزابنة أن يبيع التمر في رؤوس النخل بالتمر (4) كيلا ورخص (5) من ذلك في العرايا (6). قال أبو جعفر صلى الله عليه وآله: العرايا النخلة والنخلتان، والثلث والعشر يعطيها صاحب النخل فيجنيها (7) رطبا، والعرايا (8) العطايا، وقد اختلف في تفسير العرايا.


(1) ه‍ في الشجر. (2) س، د، ط، ع. ه‍، ى وعن جعفر بن محمد بن علي صلى الله عليه وآله. (3) د يكنال. (4) ط حاشية، أي سوكا (كجراتئ). (5) زيادة في ه‍، د، ى (صلع). (6) س عرايا. (7) س، د فيجنيها. ط، ه‍، ى، ع فيجتنيها، حش د، أي مشترى. (8) حش في د، نهاية العرايا العشرة، ولا يجوز فوق العشرة.

[ 26 ]

فقال قوم: العرايا النخلات يستثنيها الرجل من حائطه إذا باع ثمرته. فلا يدخلها في البيع، ولكنه يبقيها لنفسه فتلك الثنايا (1) لا تخرص عليه لانه قد عفى لهم عما يأكلون، وسميت عرايا لانها أعريت (2) من (3) أن تباع أو تخرص (4) في الصدقة، فرخص النبي (صلع) لاهل الحاجة والمسكنة الذين لا ورق (5) لهم ولا ذهب، وهم يقدرون على التمر أن يبتاعوا بتمرهم من ثمار هذه العرايا بخرصها، فعل ذلك بهم ترفقا (6) بأهل الحاجة الذين لا يقدرون على الرطب ولم يرخص لهم في أن يبتاعوا منه ما يكون للتجارة والذخائر. وقال آخرون هي النخلة يهب الرجل ثمرتها للمحتاج يعريها إياها فيأتي المعرى (7)، وهو الموهوب له، إلى نخلته تلك ليجتنيها فيشق ذلك على المعرى، وهو الواهب، لمكان أهله في النخل فرخص للبائع (8) خاصة أن يشترى ثمرة تلك النخلة من الموهوبة (9) له بخرصها. وقال آخرون: شكى رجال إلى رسول الله (صلع) أنهم يحتاجون إلى الرطب وأن الرطب تأتي ولا يكون بأيديهم ما يبتاعون به، فيأكلون مع الناس، وعندهم التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم.


(1) حش ه‍، الثنيا الاسم الاستثناء، ط، الثنيا. (2) ه‍ عريت. (3) س، ى عن. (4) حش ى، خرص النخل ونحوه حزر ما عليه، وحزر الشئ إذا خرصه وقدره يقول حزرتهم مائة رجل ونحو ذلك، من الضياء. (5) ه‍، ورق، س، د، ورق. (6) حش ه‍ أي لا يجوز في الاصل أن يباع الرطب لكن النبي (صلع) رخص للفقراء في اشتراء الرطب بالتمر ترفقا وذلك فيهم حاجة لا يجوز لغيرهم أن يشتروا الرطب باليابس. (7) ه‍، د، ى، ط حذ ” له “. س، معرى له. (8) س، ه‍، ط. د، ى، ع، للواهب غ. (9) ه‍، د، س، ى، ط، الموهوب له.

[ 27 ]

وقال آخرون: في العرايا وجوها قريبة المعاني من هذه، وكلها قريب بعضها (1) من بعض. (5 0) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يجوز بيع السنبل بالحنطة، ولا بأس ببيع الزرع الاخضر (2) وإن سنبل بحنطة إذا كان البيع إنما يقع على الزرع لا على السنبل، وكذلك الرطاب (3). (51) وعنه أنه سئل عن بيع حصائد الحنطة والرطاب فرخص فيه. (52) وعن علي (ع م) أنه قال من باع نخلا قد أبرت يعني قد ذكرت فثمرها (4) للبائع، إلا أن يشترط المبتاع (5). فصل (5) ذكر ما نهى عنه من الغش والخداع في البيوع (53) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع)


(1) ه‍، د بعضه. (2) حش ه‍، س قال في ذات البيان: الزرع الاخضر إذا بيع على أن يحصد بحاله فذلك جائز، وإذا بيع على ان يبقى حتى يتم ويحصد فذلك غير جائز. (3) زيد في ه‍ فرخص فيه (غ)، حش ه‍، قال في الاختصار: ولا يجوز بيع الزرع قبل أن يتسنبل إلا على أن يحصد بحاله إذا بيع بحنطة، فأما على أن يترك حتى يتسنبل ويعقد فلا، وان اشترى بغير حنطة فحصد أو ترك حتى تسنبل، فلا بأس بذلك. (4) س، ط، د ى ع. ه‍ فثمرتها. (5) حش ه‍ قال في مختصر الآثار: ويدخل في حكم هذا ما بيع من الشجر وفيها ثمار، قد صارت إلى حال ما يصير ثمار النخل في حين الآبار، فإن لم يشترطها المشتري فهي للبائع.

[ 28 ]

نهى (1) عن الخلابة (2) والخديعة والغش، وقال: من غشنا فليس منا، ونهى عن الغدر والخداع في البيوع وعن النكث (3) وقال: أوفوا بالعقود في البيع والشراء والنكاح والحلف والعهد والصدقة، وقد اختلف الناس في معنى قول النبي (صلع): من غشنا فليس منا. فقال قوم: يعني ليس منا من أهل ديننا. وقال قوم آخرون: يعني ليس مثلنا. قال قوم آخرون: ليس من أخلاقنا ولا فعلنا لان ذلك ليس من أخلاق الانبياء والصالحين. وقال قوم آخرون: لم يتبعنا على أفعالنا، واحتجوا بقول إبراهيم (ع): فمن تبعني، فإنه مني، فأي (4) وجه من هذه الوجوه كان مراده (صلع) فالغش بها منهى عنه. (54) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن خلط الطعام، وبعضه أجود من بعض، فقال: هو غش، وكرهه، فهذا والله أعلم، إذا كان


(1) ونهوا عن الغش والخداع، ولا بأس بخلط النوعين إذا غلب الدنئ منهما، ويبيع بيعه، ولا خير في ذلك إذا غلب الجيد وخفى الدنئ فيه ويبيع بيعة الجيد، ونهوا عن النفخ في اللحم للبيع ولا بأس بالسلع بين الجلد واللحم، ونهو عن التطفيف وعن التصرية وهو أن يجمع اللبن في ضرع البهيمة ويترك المشترى المصرأة الخيار فيه، فيها ثلاثا، وإن شاء ردها ورد بيعها صاعا من تمر، ونهوا عن النجش وهو الزيادة في السلعة، ولا يريد المشتري شراها إلا يسمعه غيره فيزيد على زيادته، وما كان من زيادة الوزن والكيل مما يتغابن بمثله الناس فلا بأس، وإذا تفاحش فهو خلط ولا خير فيه ه‍ من الاقتصار. (2) حش ه‍ الخلابة الخداع من شم في د، الخلابة الخديعة باللسان. (3) كذا في س، زيد ” في الايمان ” في الحاشية في ه‍ و ” بالايمان ” في ط، وفي المتن في د، ى، ع، والزيادة غ. (4) س، د، ى، ع. ط، ه‍ وأي.

[ 29 ]

الجيد منه هو الذي يظهر، فأما إن كان يخفى ويكون الغالب عليه الظاهر فيه الدون فليس بغش ولا منهى عنه. (55) وعن، علي (ع) أنه نهى الباعة أن يظهروا أفضل ما يبيعونه ويخفوا شره، وهذا يؤيد ما ذكرناه. (56) وعنه (ع) أنه نهى عن النفخ في اللحم، يعني بعد أن يسلخ الجلد، وأما النفخ بين الجلد واللحم، فليس من هذا، وهو شئ يسهل به السلخ، وإنما نهى (1) عن النفخ في اللحم ليختلط الريح به، وتجري بين جلود رقاق عليه فينتفخ اللحم، فيظهر كأنه شحم وليس بشحم. (57) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن شوب اللبن بالماء إذا أريد به البيع لانه يكون غشا فأما من شابه ليشربه فلا شئ عليه في شوبه. (58) وعنه أنه قال إذا طففت (2) أمتي مكيالها وميزانها، واختانوا، وأخفروا (3) الذمة، وطلبوا بعمل الآخرة الدنيا، فعند ذلك لا يزكون أنفسهم. (59) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن إنفاق الدراهم المحمول عليها قال: إذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس بإنفاقها، وقال في الستوق (4) وهو المطبق عليه الفضة، وداخله نحاس يقطع ولا يحل أن


(1) ه‍ النهي. (2) حش س، ى: من مختصر الآثار: التطفيف في الكيل والوزن الزيادة عند الاخذ والنقص عند الاعطاء قال الله عزوجل: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (83: 2 1)، يعني حين يعطوهم ذلك، وإنما هذا في البيع، والعوض، فأما في الهبة في الصدقة التطوع ممن أعطى ذلك وافيا، فهو أعظم لثوابه، وإن نقص منه، فلا شئ عليه، وإن كان في واجب فعليه أن يوفيه، ونهى جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله عن اختلاف المكايل والاوزان في المصر الواحد لما يدخل في ذلك من الشبهة والمغالطة. (3) د وخفروا. حاشية في ى، د خفروا الذمة أي: أفسدوها وأبطلوها، والذمة العهد والذمة الامان، وفي ه‍ أي نقضوا العهد. (4) حش د الدرهم الردى، وفي بعض الحواشي ” السوق ” وهذا غ.

[ 30 ]

ينفق، وكذلك المزيبقة (1) والمكحلة (2). (60) وعن علي أنه أمر نقاد بيت المال أن لا يدخلوا إلا طيبا. (61) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن التصرية وقال من اشترى شاة مصراة (3) فهي خلابة فليردها إن شاء إذا علم، ويرد معها صاعا من تمر، والتصرية ترك ذات الدر أن تحلب أياما ليجتمع اللبن في ضرعها فيرى غزيرا. (62) وعنه أنه نهى عن النجش (4) والنجش الزيادة في السلعة، والزائد فيها لا يريد شراءها، لكن ليسمع غيره فيزيد فيها على زيادته. (63) وعنه صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يبيع الحاضر للبادى، ومعنى هذا النهي، والله أعلم، معلوم في ظاهر الخبر، وهو أن لا يبيع الحاضر للبادي متحكما عليه في البيع بالكره أو بالرأى الذي يغلب به عليه، يريه أن ذلك نظر له أو يكون البادى يوليه عرض سلعته فيلى البيع دونه أو ما أشبه ذلك، فأما إن يدفع البادى سلعته إلى الحاضر فينشدها للبيع ويعرضها ويستقصى ثمنها ثم يعرفه بذلك مبلغ الثمن، فيلى البادى البيع بنفسه، أو يأمر من يلي


(1) س، د، (حاشية) مزابقة، كذا في ه‍، د (متن)، ف. ى،. وأصله مزأبقة. (2) س مكحلة. (3) حش س، (ناقص)، ه‍، ى قال في مختصر الآثار، وجعل مشترى المصرأة بالخيار، وفيها ثلاثة أيام يعني بعد أن يحلبها، وقال فإن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر، يعني لما أصاب من لبنها، وإن لم يصب شيئا ردها، ولا شئ عليه وهذا الخيار وهو على خير خيار الحيوان يرد المصرأة وإن تبرأ إليه من خيار ثلاثة أيام إذا كتمه التصرية، فإن عرفه بها قبل البيع، وتبرأ إليه منها، وأعلمه كم يوم، أمسك عن حلبها فرضى ذلك، ولم يكن له ردها بالتصرية إلا أن يجد بها عيبا غير ذلك. (4) حش ه‍ النجش بتقديم النون على الجيم، الزيادة، وهو أن يزيد الانسان في البيع ولا داعية له فيه ليسمع غيره، وفي الحديث نهى النبي عن النجش، وفى ى النجش أن يمدح أحدكم السلعة، وهو لا يريد شراءها، يسمعه غيره، فيزيده في السوم على سوم غيره.

[ 31 ]

ذلك له بوكالته، فذلك جائز وليس في هذا من ظاهر النهي شئ، لان ظاهر النهي إنما هو أن يبيع الحاضر للبادى، فأما إن باع البادي بنفسه، فليس هذا من ذلك بسبيل كما يتوهمه من قصر فهمه. (64) وعنه (صلع) أنه نهى عن تلقى الركبان، قال جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله هو أن تلقى الركبان لتشتري السلع منهم خارجا من الامصار لما يخشى في ذلك على البائع من الغبن، ويقطع بالحاضرين في المصر عن الشراء، إذا خرج من يخرج لتلقي (1) السلع قبل وصولها إليهم (2). (65) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن الرجل يشتري الطعام مما يكال أو يوزن فيجد فيه (3) زيادة على كيله أو وزنه الذي أخذه به، قال: إن كانت تلك الزيادة مما يتغابن الناس بمثله فلا بأس بها، وإن تفاحشت عن ذلك، فلا خير فيها، ويردها، لانها قد تكون غلطا أو تجانفا ممن استوفى له. (66) وعن علي أنه رخص للمشتري سوال البائع الزيادة بعد أن يوفيه، فإن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.


(1) د ليلتقي. (2) حش ه‍، ى، س قال في مختصر الآثار: وقد حد الصادق جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله في التلقى فنهى أن تلقى السلع في (عن) مسيرة غدوة أو روحة، فما دون ذلك فإن كان أكثر من هذا فليس بتلق، وذكر في مختصر الايضاح ان الغدوة والروحة أربعة فراسخ، وذكر في ذات البيان، أن ذلك مثل بريد فما دونه، والبريد اثنا عشر ميلا، فمن اشترى فيما جاوز ذلك، لم يدخل في حد النهي، وكان كمن اشترى في البوادي والقرى، ويفسخ البيع فيما اشترى من ذلك عند أهل البيت صلوات الله عليهم في حد حدوه لانه من البيع المنهى عنه. (3) ه‍ في ذلك.

[ 32 ]

فصل (6) ذكر ما نهى عنه في البيوع (67) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين (1) أنه نهى عن شرطين في بيع واحد، وقد اختلف في تأويل ذلك. فقال قوم: هو أن يقول البائع: أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة (2) بكذا، ويعقد البيع على هذا. وقال آخرون: هوأن يبيع السلعة بدينار على أن الدينار إذا حل أجله أخذ به دراهم مسماة (3). وقال آخرون: هو أن يبيع منه السلعة على أن يبيعه هو أخرى: وقال آخرون: في ذلك وجوها قريبة المعاني من هذا، وهذه الوجوه كلها البيع فيها فاسد، لا يجوز إلا أن يفترق المتبائعان على شرط واحد، فأما إن عقد البيع على شرطين فذلك المنهى عنه، وهو أيضا من باب بيعتين (4) في بيعة، وقد نهى عن ذلك. (68) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن ربح ما لم يقبض (5)، وقد


(1) س، ط. (2) حش ه‍ النسيئة التأخير. قال في مختصر الآثار: وإن شرط ذلك في عقد البيع والشراء وكان مجهولا بطل الشراء وإن كان معلوما لم يبطل. (3) الزيادة في د وكذلك العكس ضع. (4) خه في ه‍، د شرطين. (5) س، يقبض ويضمن من، ط يضمن، ه‍ يقبض، حش، ونهى صلى الله عليه وآله عن بيع ما ليس عندك وذلك أن يبيع بيعا مضمونا إلى وقت لا يوجد فيه مثل ذلك البيع كالعنب والفاكهة في وقت لا تكون فيه، من الاختصار.

[ 33 ]

اختلف في تأويل هذا النهي أيضا. فقال قوم: لا يكون ذلك إلا في الطعام خاصة يبيعه المشترى قبل أن يقبض. وقال آخرون: هو في كل ما يكال أو يوزن، وقال آخرون: هو بيع الرزق من الهرى (1). قبل أن يقبض. وقال آخرون: هو استيجار الغلام (2) أو الدابة ثم يؤاجر ذلك المستأجر بأكثر مما ا ستأجره به، وقد جاء في كل ما ذكروه عن أهل البيت أحكام سنذكرها إن شاء الله تعالى. (69) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع وسلف، وقد اختلف في معنى هذا النهي، فقال قوم: هو أن يقال الرجل للرجل: آخذ سلعتك بكذا وكذا (3) على أن تسلفني كذا وكذا، وقال آخرون هوأن يقرضه قرضا، ثم يبايعه على ذلك، وكلى (4) الوجهين فاسد، لان منفعة السلف غير معلومة، فصار الثمن في ذلك مجهولا. (70) وعنه (صلع) أنه نهى عن الكالى ء بالكالئ (5)، وهو بيع الدين بالدين، وذلك مثل أن يسلم الرجل في الطعام إلى وقت معلوم، فإذا حضر الوقت فلم يجد الذي عليه الطعام طعاما فيشتريه من الذي هو له عليه بدين إلى أجل آخر، فهذا دين انقلب إلى دين آخر، ومنه أن يسلم الرجل في الطعام، ولا يدفع الثمن، ويبقى دينا عليه، فذلك دين بدين، ولهذا نظائر كثيرة، منها الرجل يكون له الدين على الرجل الصانع فيدفع إليه


(1) س الهزى، ه‍، الهرى، حش ه‍، ذ، ى الهرى، غ، وأصله الهرى واحد الاهراء مثل طئ وأطياء وهو بيت ضخم واسع يجمع فيه طعام السلطان، من مختصر الآثار. (2) ط هو في استيجار الغلام. (3) ه‍ بكذى وكذى. (4) س. د، ه‍، ط كلا. (5) حش ه‍، ى الكالئ بالكالئ، يقال تكلات كلاء إذا استثنأت شيئا ه‍.

[ 34 ]

به عملا، وكالرجل يكترى من الرجل ظهرا فيحيله بالكراء على رجل آخر، له عليه دين، ومثل هذا كثير (1). (71) وعن جعفر بن محمد أنه رخص من بيع الحيوان بالحيوان يدا بيد. (72) وعن علي (ع) أنه باع بعيرا بالربذة (2) بأربعة أبعرة مضمونة (3)، وباع جملا له يدعى عصيفيرا (4) بعشرين بعيرا إلى أجل، وهذا إذا كان موصوفا بصفة معلومة. (7 3) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان. (74) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يساوم الرجل على سوم أخيه، ومعنى النهي في هذا: إنما يقع إذا ركن (5) البائع إلى البيع، وإن لم يعقده، فأما ما دون ذلك فلا بأس بالسوم على السوم، والمزايدة في السلع. (75) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه أمر ببيع أشياء في من يزيد. (76) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه قال: من اشترى طعاما فأراد بيعه، فلا يبيعه حتى يكيله أو يزنه إن كان مما يكال أو يوزن، فإن ولاه فلا بأس بالتولية قبل الكيل والوزن، ولا بأس ببيع سائر السلع قبل أن


(1) حش ه‍، ى: ومن ذلك الدين يكون للجماعة فيقسمونه على أن يقتضى كل واحد منهم ما صار إليه منه، فهذا لا يجوز، وما اقتضاه كل واحد منهم فهو بينهم، من مختصر الآثار. (2) حش ى، وط الربذة بالذال معجمة اسم موضع فيه قبر أبي ذر الغفاري. (3) حش ه‍، د، أي مقبوضة. (4) ط، س، ه‍، ع. د، ى عصيفر. (5) حش ى 2 ركن إليه ركنا أي سكن.

[ 35 ]

تقبض، وقبل أن ينقد (1) ثمنها وإن (2) اشترى رجل طعاما فذكر البائع أنه قد اكتاله فصدقه المشترى وأخذه بكيله، فلا بأس بذلك. (77) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الحكرة، قال: لا يحتكر الطعام إلا خاطئ، وقال علي (ع): المحتكر (3) آثم عاص (4)، وقال (ع): طرق طائفة من بني إسرائيل عذاب، فأصبحوا وقد فقدوا أربعة أصناف من الناس: الكيالين والمغنين والمحتكرين للطعام وآكلي الربا. (78) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إنما الحكرة أن تشتري طعاما ليس في المصر غيره فتحتكره، وإن كان في المصر طعام أو متاع غيره، أو كان كثيرا يجد الناس ما يشترون، فلا بأس به (5)، وإن لم يوجد فإنه يكره أن يحتكر، وإنما كان النهي من رسول الله (صلع) عن الحكرة أن رجلا من قريش يقال له حكيم بن حزام، كان إذا دخل المدينة طعام اشتراه كله، فمر عليه النبي (صلع) فقال له: يا حكيم، إياك وأن تحتكر (6)، قال: وكل حكرة تضر بالناس، وتغلى السعر عليهم، فلا خير فيها، وقال: ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والزيت والزبيب والتمر، وكان يشتري (ع) قوته وقوت عياله سنة (7).


(1) س ينتقد. (2) ه‍ إذا. (3) س آثم خاطئ. (4) حش ى ومؤخر في ه‍ من مختصر الآثار، وقال: وأما الرجل يشتري الطعام وهو كثير عند الناس، ليرفعه ويتجر فيه، فلا بأس بذلك إذا كان الناس يجدون ما يشترون، فإذا لم يوجد، فليس له أن يحتكره عليهم ويدعهم يهلكون، ويؤخذ بإخراجه وبيعه. (5) ه‍ بذلك. (6) كذا في ه‍. س، د، ط، ى، ع تحذف الواو، وقراءة النسخة الهمدانية أصح. (7) س، د، ط سنة، ع، ه‍ لسنة، ى للسنة.

[ 36 ]

(79) وعن علي (ع) أنه قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد فصاحبه ملعون. (80) وعنه (ع) أنه كتب إلى رفاعة: إنه (1) عن الحكرة، فمن ركب النهى، فأوجعه، ثم عاقبه بإظهار ما احتكر. (81) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن التسعير فقال: ما سعر أمير المؤمنين علي (ع) على أحد، ولكن من نقص عن (2) بيع الناس، قيل له: بع كما يبيع الناس، وإلا فارفع من السوق، إلا أن يكون طعامه أطيب من طعام الناس. (82) وعن علي (ع) أنه سئل عن رجل أخذه السلطان بمال ظلما، فلم يجد ما يعطيه إلا أن يبيع بعض ماله، فاشتراه منه رجل، هل يكون ذلك بيع مضطر، قال: بيعه جائز وليس هذا كبيع المضطر، هذا له فيه النفع لما يصرف عنه (3)، وإنما المضطر الذي يكرهه على البيع المشترى منه ويجبره عليه ويضطره إليه (4).


(1) أو أنه، أو إنه. (2) ط، س، ى عن. ه‍، ى، من. (3) حش د أي من عذاب السلطان. (4) حش ه‍ قال في المنتخبة (للقاضي النعمان) شعرا، وينهى قيل عن البيوع قبل غروب الشمس والطلوع.

[ 37 ]

فصل (7) ذكر الصرف (1) (83) روينا عن جعفر بن محمد (صلع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد واستزاد فقد أربى ولعن الله الربا (2) وآكله ومؤكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه (3). (84) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نظرة والزائد والمستزيد في النار. (85) وعن علي (صلع) أنه سئل عن الدراهم بالدرهمين يدا بيد، قال: ذلك الربا العجلان. (86) وعن رسول الله (صلع) أنه لما قبل الجزية عن أهل الذمة، لم يقبلها إلا على شروط اشترطها عليهم، منها أن لا يأكلوا الربا، فمن فعل ذلك، فقد برئت منه ذمة الله، وذمة رسوله، وليس استحلال الربا من دينهم الذي صولحوا على أن لا يخرجوا منه، بل الربا محرم عليهم في شريعتهم، قال الله جل ذكره: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم


(1) حش ه‍ الصرف في اللغة الفضل، قال أبو الطيب: وما الفضة البيضاء والتبر واحد فنوعان للمكدى وبينهما صرف، أي فضل. (2) س ط الربى د، ه‍، ى الربا، وفي القرآن الكريم الربوا. (3) وفي الحواشي في س، ه‍، ى نقلت أحاديث من كتاب مختصر الآثار للقاضي النعمان بمعنى.

[ 38 ]

طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه (1)، فأخبر عزوجل أنه كان قد حرم عليهم الربا (2) وإنما استحله منهم من استحله بمعصية الله، وما حرفه (3) لهم أحبارهم ورهبانهم، فأحلوا لهم الربا (4) وكذلك (5) كتب علي (ع) إلى رفاعة يأمره بطرد أهل الذمة من الصرف. (87) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الربا في كل ما يكال أو يوزن، إذا كان فيه التفاضل. (88) وعنه (ع) (6) بعثني أبي (ع) بكيس فيه ألف درهم إلى رجل صراف من أهل العراق ليعطيه أفضل منها، وقال لي: قل له: يبيعها بدنانير، فإذا قبضها ودفع الدراهم، فليشتر لنا بالدنانير التي قبض حاجتنا من الدراهم. (89) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يستبدل الدنانير الشامية بالكوفية وزنا بوزن، فيقول له الصيرفي: لا أبدل لك حتى تبدلني دراهم يوسفية بغلة (7) وزنا بوزن، قال لا بأس به، قيل له: إن الصيرفي إنما


(1) 4 / 161 160. (2) حش في ه‍، ى، قال في كتاب حدود المعرفة لسيدنا النعمان: والربا فمنه التفاضل في البيع فيما يكال ويوزن، ومنه حبس ما أوجب الله (ع ج) الخروج منه في الاموال التي افترضها فيما افترضه ليربو بذلك مال من يحبسه عند نفسه، وقد أخبر الله عزوجل أنه يمحق بقوله (تع) (2 / 279) يمحق الله الربا و؟ يربى الصدقات، وقوله (30 / 39) وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس، فلايربو عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون. (3) خ في س، ه‍، د، ى، ط، ع. وفي متن س: حرمه. (4) كذا في س. (5) ه‍، ى لذلك. (6) د، ه‍ وقال. (7) حش: الغلة أي الدراهم السوقى التي لا تنفق في غيرها يعني الردئ.

[ 39 ]

يطلب فضل اليوسفية على الغلة، قال: إذا كان وزنا بوزن يدا بيد فلا بأس به، قيل له: فما ترى في الرجل يشتري ألف درهم ودينارا بألفي درهم، قال: لا بأس بذلك، إن أبى رضوان الله عليه كان أجرأ (1) على أهل المدينة مني، وكان يقول هذا، فيقولون (2): يا أبا جعفر، هذا الفرار من الربا، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، فكان يقول: نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال، وقال له رجل: رحمك الله، والله إنك لتعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف تسعة عشر فدرت المدينة كلها على أن تجد من يعطيك فيها عشرين لما (3) وجدته، وما هذا إلا فرار من الربا، قال: صدقت، هو فرار من باطل إلى حق، فهذه المعارضة التي عارض بها هذا المعارض ولى الله معارضة جاهل، لان الربا بالاجماع من المسلمين إنما يكون في الشئ‌ئ الواحد، مما يكال أو يوزن إذا كان فيه التفاضل، قل ذلك التفاضل أو كثر، والذهب والفضة نوعان مختلفان قد فرق الله بينهما بواو كما فرق بين السماء والارض، فليس في التفاضل بينهما ربا، ولو كان ذلك لم يجز أن يكونا إلا وزنا بوزن، وهذا مما لا يقوله أحد علمناه، وإذا جاز التفاضل بينهما في القليل جاز في الكثير، إذ لا كتاب ولا سنة يمنعان من ذلك، ولكن لا يكون الصرف إلا يدا بيد، كما جاءت به السنة، وسنذكر ذلك إن شاء الله، وليس في الصرف توقيت، وإنما هو ما تراضى عليه الناس كسائر البيوع مرتخص وغال، فما في معارضة هذا الجاهل الذي يقول: لو كان الصرف كذا، ما زاد أحد كذا، وهو والمسلمون أجمعون لا يرون بالزيادة والنقص في ذلك بأسا،


(1) حش ى: الجرئ المقدم على الشئ، وهومن الصفات. (2) ه‍ أفيقولون. (3) ه‍ ما، حش ى أي درهم.

[ 40 ]

وإنما هو ما تراضى عليه المتبائعان (1). (90) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن السيوف المحلاة وما أشبه ذلك مما تخالط الفضة فيه العروض (2) تباع بالذهب إلى أجل مسمى، فقال: إن الناس لم يختلفوا في النسيئة، إنما اختلفوا في اليد باليد، فقيل له: فبيعه بالدراهم النقد. قال: كان أبي (رض) يقول: يكون معه عرض غيره أحب إلي، فقيل له: أرأيت إن كانت الدراهم أكثر من الفضة التي فيه. قال: وكيف لهم بالاحاطة بذلك، قيل (3): فإنهم يعرفونه، قال: إن كانوا يعرفونه فلا بأس، وإلا فإنهم يجعلون معه العرض أحب إلي. وإنما يعني (ع) بذلك أن يكون مع الفضة عرض، ويعلم أن الدراهم أكثر منها، فتكون الفضة بالفضة وزنا بوزن والفاضل في العرض، أو تكون الدراهم أقل من الفضة ويكون معها عرض يكون ما فضل من الفضة ثمنه. (91) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رخص في اقتضاء (4) الدراهم من الدنانير والدنانير بالدراهم. (92) وروى (5) عن أبيه عن آبائه أن عليا عليه السلام سئل عن ذلك، فقال: قد كره أن يقبض المسلف إلا ما أسلف، فإن تراضيا من ذلك على أمر أراد به الرفق من أحدهما لصاحبه، فلا بأس إذا كان بسعر معلوم.


(1) س: المتبايعان. (2) حش ى: العروض ج عرض بإسكان الراء، وهو ما ليس ينقد. (3) س، ط. ه‍، ى، د: قيل له. (4) حش ى: وقال (ع) لا بأس أن يأخذ الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم يعني (ع) الرجل يكون له على الرجل دنانير سلفا من بيع أو من حق من الحقوق فيقضيه عنها دراهم بقيمتها، أوما اتفقا عليه أو يكون له عليه دراهم فيقضيه عنها دنانير كذلك، من مختصر الآثار. (5) س، د، ه‍، ط، ى: وروى.

[ 41 ]

(93) وعن علي (ص) أنه قال: لا يجوز بيع الفضة بالذهب ولا الذهب بالفضة إلا يدا بيد. (94) قال جعفر بن محمد (ص) إذا اشتريت من رجل ذهبا بفضة، أو فضة بذهب، فلا تفارقه حتى تتقابضا، وإن وثب حائطا، فإن قال لك: أرسل غلامك معي حتى أعطيه، فلا تفعل، وإن كان المكان قريبا، وإن أرسلت معه، فتأمر من ترسله إذا حضر النقد أن يبتدئ معه الصرف، ويكون هو الذي يعاقده عليه، وإن بقى من النقد شئ فلا خير فيه، حتى يكون القبض والدفع على الكمال يدا بيد، وإن اشترى الرجل ذهبا بفضة، واشتغل بغير ذلك، ثم أراد القبض فليعد عقد الصرف في وقت القبض، فيقول: هذا بهذا. (95) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس أن يقرض الرجل الدراهم ويأخذ أجود منها إذا لم يكن بينهما شرط، وذلك أن الفضة بالفضة وزنا بوزن، ولا شئ فيها إن كانت إحدى الفضتين أجود من الاخرى، لانه لا يحل (1) لو كانت كذلك أن يكون بينهما فضل، فإذا كان ذلك جاز أن يقضى بعضها من بعض إذا لم يكن ذلك عن شرط، وقل فضة تشبه فضة في الجودة والدناءة، ولابد أن تكون الواحدة أفضل من الاخرى بشئ ما إذا امتحنت وكانت من غير موضع واحد.


(1) كذلك في ه‍، ى، ع صح، س، د، ط: لا يحل إن لو كانت إلخ.

[ 42 ]

فصل (8) ذكر بيع الطعام بعضه ببعض قد ذكرنا فيما تقدم أنه لا يجوز التفاضل في النوع الواحد مما يكال و مما يوزن، فإذا اختلفت (1) النوعان جاز التفاضل بينهما. (96) روينا عن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: ما كان من الطعام أو من شئ من الاشياء مختلفا، فلا بأس ببيعه متفاضلا (2) يدا بيد ولا خير فيه نظرة. (97) وعنه عليه السلام أنه قال: الحنطة والشعير شئ واحد لا يجوز التفاضل بينهما. (98) وعنه (ع) أنه قال: الدقيق بالحنطة، والسويق بالدقيق مثلا بمثل (3). (99) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن البر والسويق، قال: مثلا بمثل، قيل له: إنه يكون له فضل، قال: أليس له مؤنة (4)؟ قيل: بلى، قال: هذا بهذا. (100) وعن علي (ع) أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع التمر بالرطب


(1) س. ه‍ وإذا اختلف النوعان. (2) حش س، ى من مختصر المصنف: ويجوز أن يبيع بيضة نعامة بعشرين بيضة من بيض الدجاج. (3) حش ى يعني يكون الحنطة كثيرا في الوزن، لانه ثقيل والدقيق خفيف، فأجاب لانه في الدقيق تكون المشقة فكان كيلا بكيل ولو أنه ينقص في الوزن، ويستوى في الكيل. (4) حش ى – المراد بالمؤنة في السويق أنه يحتاج في ذلك إلى الحطب والنار والاناء، وذلك مما يكون فيه المشقة.

[ 43 ]

من أجل أن الرطب ينقص من كيله إذا يبس، وهذا غير ما ذكرناه من الرخصة في العرايا، إنما الرخصة في العرايا بعينها أن تشترى بخرصها من تمر مكيل. (101) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا بأس (1) بالثوب بالثوبين يدا بيد ونسيئة إذا وصفه. (102) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام جزافا. (103) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الحيتان بالحيتان تقسم، وتباع على وجه التحرى بغير وزن ولا كيل، واللحم كذلك، فرخص فيه، وعن القمح بالماء إلى أجل فرخص فيه، قيل فهل يصلح بغير الماء نحو الاشربة من العسل وغيره، قال: لا يصلح، ورخص في الدقيق بالكعك (2) متساويا يدا بيد والخل بالخل كذلك، وان اختلفت أجناسه وصنوفه، وكذلك عسل السكر بعسل النحل. فصل (9) ذكر خيار المتبايعين (2) (104) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: البيعان بالخيار فيما تبايعاه حتى يفترقا عن رضى (4).


(1) ط، ى – ببيع الثوب بالثوبين. (2) حش ه‍، ى – الكعك الخبز اليابس. (3) عنوان في س – ذكر وجوب البيع (؟) (4) حش س ى – من ذات البيان – قوله: البيعان على (الخيار؟) بذلك البايع والمشتري وكذلك قال الخليل بن أحمد، قال: والعرب تقول بعت بمعنى اشتريت، ومنهما في بعض الروايات البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع خيار، يعني أن كل واحد منهما بالخيار، إن شاء أمضى البيع =

[ 44 ]

(105) وعن جعفر بن محمد (ص) يفترقان بالابدان من المكان الذي عقدا فيه البيع، لقد باع أبى (رض) أرضا يقال لها العريض، فلما اتفق مع المشترى وعقد البيع قام أبي (1) فمشى فتبعته وقلت له: لم قمت سريعا، قال: أردت أن يجب البيع (2). (106) وعن رسول الله (صلع) المسلمون عند شروطهم، إلا كل شرط خالف كتاب الله. (107) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن رجل باع داره على شرط أنه إن جاء بثمنها الى سنة أن ترد عليه، قال: لا بأس بهذا، وهو على شرطه (3)، قيل (4): فغلتها لمن تكون، قال: للمشترى، لانها لو احترقت لكانت من ماله. (108) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الرجلين يتبايعان السلعة، فيشترط البائع الخيار (5) أو المبتاع، فتهلك السلعة قبل أن يختار


= وإن شاء فسخه ما لم يفترقا على إيجاب له، وقوله: إلا بيع خيار مستثنى من ذلك وهو أن يعقد البيع على أن لهما أو لاحدهما الخيار في ذلك البيع إلى مدة معلومة أو إلى غير مدة، فلا يكون حينئذ افتراقهما موجبا البيع ما لم تنقض تلك المدة التي جعلا الخيار إليها، ولمن جعل ذلك له أن يرجع بما اشترط فيما بينه وبين تلك المدة، فإذا انقضت لم يكن له الرجوع ومضى البيع كانت المدة في ذلك ما كانت، وإن لم يوقتا لذلك حدا، فالخيار لمن جعل له متى قام فيه، وذلك لقول رسول الله (صلعم): المسلمون عند شروطهم. (1) س – قام فمشى. (2) حش ه‍ – قال في الايضاح: وصفة الافتراق الذي يجب به البيع فرقة الابدان كما قلنا، بأن يقوم أحدهما من الموضع الذي كان فيه إلى آخر. (قد سقطت هنا صفحتان في د) (3) ط، د، ى، س – شرط. (4) ط، د، ى. س، ه‍ – قال. (5) حش ى – قال في الاختصار: من اشترى شيئا بالخيار إلى مدة فهلك قبل أن يختاره المشترى، فهو من مال البائع، على المشترى اليمين أنه ما اختاره ولا رضيه، فإن لم يحلف لزمه.

[ 45 ]

من كان له الخيار، ما حالها؟ قال: هي من مال البائع، يعني ما لم يجب البيع، أو كان المشترى قد قبضها لينظر إليها، ويختبرها ولم يجب (1) البيع، قيل له: فإذا وجبت للمبتاع، وكان لاحدهما الخيار بعد وجوب البيع، ثم هلكت ما حالها؟ قال: هي من مال المبتاع إذ لم يختر الذي له فيها الخيار، ومعلوم أن السلعة إذا كانت هكذا فهي ملك للمشتري، فإذا هلكت فهي من ماله. (109) وعنه (ع) أنه قال: مشترى الحيوان كله بالخيار، فيه ثلاثة أيام اشترط، أو لم يشترط (2). (110) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى أمة فوطئها أو قبلها أو لمسها أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره، فلا خيار له فيها وقد لزمته (3). وكذلك إن أحدث في شئ من الحيوان حدثا، قبل مدة الخيار، فقد لزمه، أو إن عرض السلعة للبيع. (111) وعنه أنه سئل عن الرجل يشتري السلعة، ويشترط الخيار، يعرضها للبيع، ثم يريد ردها في مدة الخيار، قال: إذا حلف بالله أنه ما عرضها، وهو يضمر أخذها، ردها. (112) وعنه أنه قال في الرجل يبتاع الثوب، أو السلعة بالخيار، فيعطى به الربح، قال: إن رغب في ذلك فليوجب (4) البيع على نفسه،


(1) ه‍، ى – يوجب. (2) حش ه‍ – فإن هلك الحيوان في ثلاثة أيام فهو من مال البايع، من مختصر المصنف، قال في الاختصار: ولا خيار لبائعه يعني الحيوان بعد أن يفترقا، فإن أحدث المشترى فيه حدثنا قبل ثلاثة أيام، فقد لزمه، حاشية. (3) حش ه‍، س – عن مختصر المصنف: من اشترى جارية فنظرت إلى فرجه، أو قبلته، ولم يفعل شيئا من ذلك، ولا استدعاها، فهو على خياره إلخ. (4) س – فيوجب.

[ 46 ]

فإن باع، فربح طاب له الربح، وإن لم يبع لم يجز له الرد هذا إن أوجب البيع، فإن طالبه البائع بالربح حلف له، لقد أوجب البيع على نفسه قبل أن يبيع، فإن لم يحلف، كان الربح للبائع. (113) وعنه أنه قال: فيمن اشترى صفقة (1)، وذهب ليأتي بالثمن، فمضت له ثلاثة أيام، ولم يأت به، فلا بيع له إذا جاء يطلب، إلا أن يشاء البائع، وإن جاء قبل مضي ثلاثة أيام بالثمن فله قبض ما اشتراه إذا دفع الثمن. (114) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل اشترى سلعة على أن الخيار (2) فيها لغيره، لرجل غائب قد سماه، فأقام الرجل غائبا مدة طويلة، ثم قدم فرد البيع، قال: يستحلف المشترى بالله على الذي اغتل من السلعة، إن كانت لها غلة، وله النفقة التي أنفق، فإن أبى أن يحلف. قيل للذي طلب اليمين: احلف أنت، على ما وصل إليه، وخذه منه، وأعطه ما أنفق، فإن أبى من اليمين، ترك الشئ بحاله، لانه قد طال ذلك ودرس (3) فإن كانت السلعة تغيرت بزيادة أو نقصان، فعلى المشترى قيمتها يوم قبضها، وإن كان ذلك في الايام اليسيرة، فليس بشئ، فالمشترى على شرطه.


(1) حش س، ى، ه‍ – الصفقة ضرب اليد على اليد وقت البيعة وعند البيع يقال: بارك الله لك في صفقة يمينك، ويقال اشترى شيئين في صفقة إذا اشتراهما معا بثمن واحد ولم يميز ثمن أحدهما وثمن الاخر (ولم يميز بينهما بعضه من بعض – ه‍). (2) حش ى – قال في المطلب: والخيار لا يورث إلا أن يشترط من يجعل له أن يكون لورثته من بعده قبل انقضاء مدته، فيكون الخيار له ولورثته، إن مات إلى حين ينقضى، فأقام الرجل المدة المشترطة. (3) س، ط، د – درس. ه‍ (اندرس) صحح (درس)، ع، ى – اندرس.

[ 47 ]

فصل (10) ذكر أحكام العيوب (115) وقد ذكرنا فيما تقدم أن رسول الله (صلع) قال: من غشنا فليس منا، وكتمان البائع عيب ما باعه (1) غش، وقد روينا عن أهل البيت عن النبي (صلع) أنه قال: الدين النصيحة، وأنه قال: لا يحل لمسلم أن (2) يبيع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا إلا بينة، ولا يحل لغيره إن علم ذلك العيب أن يكتمه عن المشترى إذا أراه اشتراه، ولم يعلم به. (116) عن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: من استوجب صفقة بعد افتراق المتبايعين، فوجد فيها عيبا لم يبرأ منه البائع، فله الرد. (117) وعنه أنه قال في الرجل باع دابة أو سلعة، فقال: برئت إليك من كل عيب قال: لا يبرئه ذلك (3) حتى يخبره بالعيب الذي تبرأ منه، ويطلعه عليه. (118) وعن علي (ص) (4) أنه قال: إذا اشترى القوم متاعا فقوموه واقتسموه، ثم أصاب بعضهم فيما صار إليه عيبا فله قيمة (5) العيب (6)، فإن


(1) حش ى – كل عيب ظهر به المشترى فلا يحكم به الحاكم حتى يعلمه، فإن كان باطنا لا يراه إلا النساء، أمر حرة مسلمة فنظرت إليه. وامرأتان أفضل، فإذا أخبر بذلك حكم به حينئذ. (2) حذف في س. (3) حذف في س. (4) س، ط، د، ع. ه‍، ى – وعنه (جعفر بن محمد) (ص) عليه السلام. (5) حش ى – أي يأخذ القيمة من بائع السلعة، لا يأخذها من بينهم. (6) حش ه‍ – الاباق والبول في الفراش عيب، والحبل عيب في الجارية، وليس بعيب في البهائم، والشهبة في الشعر عيب والسن السوداء عيب، وكذلك السن ساقطة، والسرق عيب، ومن =

[ 48 ]

اشترى رجل سلعة فأصاب بها عيبا، وقد أحدث بها حدثا أو حدث عنده، قيل له: رد ما نقض عندك، وخذ الثمن إن شئت، أو فخذ (1) قيمة العيب. (119) وعن علي (صلع) أنه سئل عن الرجل يشترى الجارية فيطوها (2)، ثم يجد فيها عيبا، قال: تلزمه، وترد عليه قيمة العيب. (120) قال جعفر بن محمد (ص): ذلك إذا لم تكن حبلى، فإن كانت حبلى وقد وطئها، ردها، ورد نصف عشر قيمتها. (121) وعن (ع) أنه قال: من اشترى جارية، ثم وجد بها عيبا ثم أحدث فيها حدثا بعد ما علم بالعيب، قال: تلزمه، وليس له ردها ولا قيمة العيب. (122) وعن علي (ص) أنه قال: العهدة (3) في الرقيق من الداء الاعظم حول، ومن مصيبة الموت ثلاثة أيام. (123) قال جعفر بن محمد (ص): يرد المملوك من أحداث السنة، من الجنون والجذام والوضح والقرن (4) إذا حدث فيها. إلا أن يشترط البائع أن لا عهدة عليه، ولا عهدة في بيع براءة ولا بيع ميراث (5)، ولا عهدة السنة ولا خيار الثلاثة الايام.


= اشترى عبدا فوجده مخنثا أو جارية فوجدها زانية، فهو عيب أو كفر، من مختصر المصنف، ومنه ومن باع أمة على ألف حبلى جاز، وهذا ابتراء من عيب إن كان. (1) ى – خذ. (2) حش ى – أي يأخذ القيمة من بائع السلعة، لا يأخذها من بينهم. (3) حش ى، د – أي على البائع إذا كان في مدة السنة للرقيق الداء الاعظم والمراد بالداء الاعظم الجذام والوضح والقرن. (4) د، ى حش – والوضح كناية عن البرص. د، ى حش – عيب في الجارية يمنع من الجماع. (5) ط، س (ميراث فيه لا عهدة السنة).

[ 49 ]

فصل (11) ذكر بيع المرابحة (124) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: قدم لابي رضوان الله عليه متاع من مصر فصنع طعاما وجمع التجار، فقالوا: نأخذه منك بده دوازده (1)، فقال لهم أبيعكم هذا المتاع باثنى عشر ألفا، وكان شراؤه عشرة آلاف، فده دوازده لفظ فارسي، ومعناه العشرة باثنى عشر، وكذلك ده يازده، وهي عشرة بأحد عشر، وهو لفظ يستعمله التجار بالمشرق، يجعلون لكل عشرة دنانير ربح دينار أو دينارين، فكره أبو جعفر (ص) أن يكون الربح محمولا على المال، فرأى أن يكون محمولا على المتاع، كما يبيع الرجل الثوب بربح الدرهم أو الدرهمين، ولا ينبغي أن يجعل في كل عشرة دراهم من ثمنه ربحا معلوما. (125) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في أن يحمل اجرة (2) القصار والكرى وما يلحق المتاع من مؤنة في ثمنه وبيعه مرابحة يعنى إذا بين ذلك. (126) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يشترى المتاع الكثير، ثم يقوم كل ثوب منه بقيمة (3) ما اشتراه (4)، هل له أن يبيعه مرابحة بتلك القيمة، قال: لا إلا أن يبين للمشترى أنه قومه. (127) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى متاعا بنظرة فليس له أن


(1) ه‍ – دوازده، يازده، وهو غلط. (2) ه‍، ح‍، – أجر. (3) ه‍، ى، ع. س، ط، د، بقيمته على. (4) ه‍، د، ع، ى. س، ط اشترى.

[ 50 ]

يبيعه مرابحة إلا أن يبين، فإن كتم بطل البيع، إلا أن يرضى المشترى أو يكون له من النظرة مثل ما (1) للبائع (2). (128) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى ثوبا بدينار، فنقد فيه دراهم، فله أن يبيعه مرابحة على أن شراءه دينار، وكذلك إن اشتراه بالدراهم، فنقد فيه دينارا. فله أن يبيعه مرابحة على الدراهم التي اشتراه بها. (129) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يشترى الجارية (3) فيقع عليها، هل له أن يبيعها مرابحة، قال: لا بأس بذلك. فصل (12) ذكر السلم (130) قال الله تع (4): يأيها الذين ء امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، الاية، فدل قول الله عزوجل إلى أجل مسمى على أن السلم إلى غير أجل مسمى غير جائز (5). (131) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول


(1) ه‍ (خ) – يكون، وفي د (يكون) مشطوب. (2) حش ه‍، ى – من الاختصار: إلا أن يقول له في حين عقد البيع – هذا يقوم على بكذا وأبيعك إياه بكذا، ولا يقول: تربح كذا. (3) حش ه‍ – وكذلك من اشترى دابة فركبها أو عبدا فاستخدمه أو ثوبا فلبسه إلا أن يكون ذلك نقص منه، وذكر ذلك للمشترى أسلم، وإن لم يذكر فلا شئ عليه، من حاشية مختصر الاثار. (4) 2 / 282. (5) حش ه‍ – السلم الاسم من أسلم الرجل إلى آخر عينا من دراهم أو دنانير في كيل معلوم أو وزن معلوم وفي الحديث نهى عن بيع الانسان ما ليس عنده. حش ى – إنما يسمى السلم سلما من سليم رأس المال في المجلس.

[ 51 ]

الله (صلع) قال: من باع بيعا إلى أجل لا يعرف أو بشئ لا يعرف، فليس بيعه ببيع (1). (132) وعن علي (ع) أنه قال: لا تسلم إلى حصاد (2) ولا إلى صرام ولا إلى دياس، ولكن أسلم كيلا معلوما إلى أجل معلوم، والصحيح من السلم أن يسلم الرجل إلى الرجل دنانير أو دراهم يدفعها إليه على طعام موصوف بكيل أو بوزن معلوم، ويسمى المكان الذي يقبضه فيه، ويدفع الثمن قبل افتراقهما من المكان الذي تعاقدا فيه السلم، ثم يفترقان عن تراض (3) منهما. (133) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال في رجل أسلف رجلا دراهم على طعام قرية (4) معلومة، لم يبد صلاحه، قال: لا يصلح ذلك، لانه لا يدري هل يتم ذلك (5) أو لا يتم، ولكن يسلم إليه ولا يشترط، ولا بأس أن لا يكون عنده طعام إذا حل عليه اشتراه وقضاه. (134) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس بالسلم في الحيوان أسنانا (6)


(1) حش ه‍ – قال في مختصر المصنف: وإذا كان السلم في شئ موصوف فأتى بأجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهما أو أتى بأردى منه، وقال: خذ هذا وازدد درهما، لم يجز، ومنه، إذا أسلم ما يقال في ما يوزن أو ما يوزن في ما يكال، فذلك جائز. قال في مختصر الاثار: ورخصوا عليهم السلام في الاقالة في السلم أو في بعضه إلى أخذ رأس ماله، فإن زاد شيئا عليه لم يجز ذلك. (2) حش ى – حصاد الزرع قطعه وصرام النخل قطعها أيضا، وداس الاطعام، دوسا ودياسة ودوس السيف وداست الخيل القتلى وطئتهم. (3) مشكل في س وه‍، من باب تفاعل. (4) حش ى، قال في مختصر المصنف: ولا بأس بالسلم في الصوف واللبن والسمن، وإذا أسلم في صوف غنم بعينها أو سمونها أو لبانها لم يجزه. (6) س، ط، ع، ى. حذف في ه‍، د. (5) س، ع. ه‍ – بأسنان. د – أسنان. ط، ى – من أسنان.

[ 52 ]

معلومة إلى أجل معلوم، فإن أعطاه فوق (1) شرطه أو أخذ هو دونه منه عن تراض منهما، فلا بأس. (135) وعنه (ع) أنه قال: ولا بأس بأخذ الرهن والكفيل في السلم وبيع النسيئة. (136) وعن جعفر بن محمد بن علي (ص) أنه قال: لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصف طوله وعرضه وجنسه، وكان معلوما. (137) وعنه (ع) أنه قال: من أسلم في طعام أو ما يجوز فيه السلم، فلم يجد الذي أسلم إليه وفاء حقه عند الاجل، فلا بأس أن يأخذ منه بعضه، ويأخذ في الباقي رأس ماله (3) إن كان النصف فالنصف، أو الربع فالربع، أو ما كان بحسابه. (138) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أسلم الرجل إلى الرجل في الطعام فلم يجده عند الاجل، وقال: خذ ثمنا بحساب سعر يومه، فلا يأخذ إلا أن يكون رأس ماله لا يزيد عليه، أو يأخذ طعاما كما شرط، وكذلك الحكم في كل ما يجري فيه السلم. (139) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن رجل أسلفه رجل دراهم في طعام فلما حل عليه (3) بعث إليه بدراهم، وقال: اشتر لنفسك


(1) حش ى – ومنه وسئل جعفر بن محمد ع يسلم في الشئ المعلوم فيأخذ دونه أو يعطى فوقه، قال: لا بأس إذا كان ذلك عن تراض. ومن مختصر المصنف: وإذا كان السلم في شئ موصوف فأتى بأجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهما، أو بأدنى منه، وقال: خذ هذا وازدد درهما لم يجز. (2) حش ى – من مختصر الاثار، ورخصوا عليهم السلام في الاقامة في السلم إذا أخذ رأس ماله، فإن زاد عليه، لم يجز. (3) ه‍، ى – حل عليه الاجل.

[ 53 ]

واستوف حقك، قال: أرى أن يولى (1) ذلك غيره، ويقوم معه في قبض حقه، ولا يتولى هو شراءه. (140) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسلم في بيع عشرين دينارا على أن يقرض صاحبه عشرة دنانير، أو ما أشبه ذلك، قال: لا يصلح لانه قرض يجر منفعة. (141) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس إذا حل الاجل ولم يجد صاحب السلم ما أسلم إليه فيه، ووجد دواب (2) أو رقيقا، أو متاعا، أن يأخذها بقيمة ذلك الذي أسلم فيه، وكذلك إن باع طعاما بدراهم، فلما بلغ الاجل قال: ليس عندي دراهم، خذ مني طعاما، قال: لا بأس به، إنما له دراهم، يأخذ بها ما شاء، وكرهوا السلم فيما لا يبقى كالفاكهة، واللحم، وأشباه ذلك. (142) وعنه (ع) أنه قال في الرجل أسلم على عشرة أقفزة (3) من طعام بعشرة دنانير، فدفع خمسة دنانير على أن يدفع الخمسة الباقية، قال: ليس له إلا خمسة بحسب ما دفع.


(1) ط، ولى. (2) س، ه‍، ع. د، ط – دوابا. (3) حش ه‍، ى، – القفيز ثمانية مكاكيك والمكوك ثلاثة أصوع والصاع أربعة أمداد، والمد ثلاث صفاح والصفحة ملاء الكف، فالقفيز أربعة وعشرون صاعا، والرطل اثنتا عشرة أوقية والاوقية أربعون درهما، وقال في مختصر المصنف: ومن أسلم عشرة دراهم في قفيزى حنطة محل أحدهما غير محل الاخر، لم يجز، إلا من يعقد كل قفيز بثمن معين، حاشية.

[ 54 ]

فصل (13) ذكر الشروط في البيوع (143) روينا عن جعفر بن محمد عن آبائه أن عليا (ص) قال: المسلمون عند شروطهم، إلا شرطا فيه معصية (1). (144) قال جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: من شرط ما يكره، فالبيع جائز والشرط باطل، وكل شرط لا يحرم حلالا ولا يحلل حراما، فهو جائز. (145) وعنه (ع) من باع جارية فشرط أن لا تباع ولا توهب ولا تورث فإنه يجوز كله إلا الميراث، وكل شرط خالف كتاب الله، فهو رد إلى كتاب الله، ومن اشترى جارية على أن تعتق أو تتخذ أم ولد فذلك جائز، والشرط له لازم. (146) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل باع عبدا فوجد المشترى مع العبد مالا، قال: المال رد (2) على البائع إلا أن يكون قد اشترطه المشترى، لانه إنما باع بنفسه ولم يبع ماله، وإن باعه بماله، وكان المال عروضا وباعه بعين، فالبيع جائز، كان المال ما كان، وكذلك إن كان المال عينا وباعه


(1) حش ه‍، ى – من مختصر المصنف: الشروط تنقسم على ثلاثة أقسام، قسم يجوز فيه البيع، ويبطل الشرط، إن اشترط البائع على المشتري أن لا يورث المبيع عنه وما أشبهه. وقسم يفسد فيه البيع والشرط، مثلا أن يشتري شيئا ويشترط على البائع أن يقرضه قرضا أو يشترى منه قمحا يشترط أن يطحنه أو سمسما يشترط أن يعصره، أو شاة يشترط أنها حامل أو يشترط ولدها أو يحلب كذا وكذا، أو ما أشبه ذلك، وقسم يصح فيه البيع والشرط، مثل أن يبيع جارية على أن يعتقها، أو دارا على أنه يسكنها شهرا. (2) س – رد، ه‍ – رد، د – يرد، ى، ع – رد.

[ 55 ]

بعروض، وإن كان المال عينا وباعه بعين مثله لم يجز، إلا أن يكون الثمن أكثر من المال فتكون رقبة العبد بالفاضل إلا أن يكون المال ورقا والبيع بتبر، أو المال تبرا والبيع بورق فلا بأس بالتفاضل فيه لانه من نوعين (1). فصل (14) ذكر الاقضية في البيوع (147) قال الله عزوجل (2): لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم. فحرم عز وجل مال المسلم بغير رضى (3) منه، ومعرفة الرضى بالبيع فيما لا أعلم فيه اختلافا، أن يقول المشترى للبائع وهما طائعان غير مكرهين، بعنى هذا بكذا، فيقول: قد بعتك (4) هذا بكذا. فيقول المشتري: قد اشتريته، وهما عالمان بالمبيع ثم يفترقان عن تراض منهما. (148) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل يبتاع من الرجل المأكول (5) أو الثوب وأشباه ذلك، مما لا يكتب الناس فيه الوثائق (6) ويقبض المشترى، ويزعم أنه دفع إليه الثمن وينكر البائع القبض، فقال (ع) القول في هذا قول المشترى مع يمينه، إذا كان الشئ في يديه، وإن لم يخرج من يد البائع، فالقول قوله، وعليه اليمين، أنه


(1) ه‍ – لانه نوعان. (2) 4 / 29. د، ى زي‍ (يأيها الذين آمنوا) لا تأكلوا إلخ. (3) س، ط، د، ى – رضا ه‍. ع رضى صح. (4) ه‍، ط، فيقول: قد: قد بعتكه، أو يقول البائع: قد بعتك هذا بكذا. (5) (المشروب) مكتوب أصلا ومشطوب في متن س. وفي ط، نسخة. (6) حش ى – الوثائق الخطوط.

[ 56 ]

ما قبض ثمنه إلا أن يكون عند المشتري بينة بالدفع، وإن كان المبيع مما يكتب الناس في مثله الوثائق ويتشاهدون فيه، كالحيوان والرباع (1) وأشباه ذلك، واختلفا في الثمن فقال المشترى: قد نقدتك، وقال البائع: لم تنقدني، وقد قبض المشتري المبيع أو لم يقبضه (2)، فعلى المشترى البينة بأنه قد دفع كما ادعى، وعلى البائع اليمين بأنه ما قبض كما أنكر، قيل له، فإن كانت السلعة بأيديهما معا لم يبن بها المشترى ولم تفارق البائع، قال: القول قول البائع مع يمينه، وعلى المشترى البينة فيما ادعاه من دفع الثمن. (149) وعن علي (ع) أنه قال: لا يجوز على مسلم غلط في بيع. (150) قال جعفر بن محمد (صلع): إذا باع رجل من رجل سلعة، ثم ادعى أنه غلط في ثمنها وقال: نظرت في برمانجى (3) فرأيت فوتا من الثمن وغبنا بينا. قال: ينظر في حال السلعة، فإن كان مثلها تباع بمثل ذلك الثمن أو بقريب منه مثل ما يتغابن الناس بمثله، فالبيع جائز، وإن كان أمرا فاحشا وغبنا بينا، حلف البائع بالله الذي لا إله إلا هو على ما ادعاه من الغلط، إن لم تكن له بينة، ثم قيل للمشتري: إن شئت فخذها بمبلغ الثمن (4) وإن شئت فدع.


(1) حش د – الرباع أي الدار، ط – بكسر الفاء والرباع جمع ربع أيضا وهو محلة القوم، وفي الحديث – عائشة تبيع رباعها من -. (2) ه‍، د، ط، ى، ع. س – لم يقبض. (3) حش ى: وهو لفظ تركي أو فارسي وليس من العرب، في نسخة (برمانجي) وفي أخرى (بارنامى)، ود: الورقة الجامعة للحساب، وط: وهو لفظ تركي أي دفتر، وأصله فارسي (بدنامه)، وفي القاموس: البارنامج الورقة الجامعة للحساب معرب برنامه. (4) چه‍، ط: القيمة.

[ 57 ]

(151) وعن أبي جعفر محمد بن علي (صلع) أنه قال: من وكل وكيلا (1) على بيع وباعه له بوكس (2) من الثمن، جاز البيع عليه، إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة أو حابى المشترى، وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه، فإن لم يعلم أنه تعمد الزيادة، أو خان أو حابى، فشراؤه جائز عليه، وإن علم انه تعمد شيئا من الضرر، رد بيعه وشراؤه، وإن وكله على بيع شئ، فباع له بعضه، وكان ذلك على وجه النظر فالبيع جائز. قال: وإن أمر رجلين أن يبيعا له عبدا فباعه أحدهما، لم يجز بيعه إلا أن يجعل البيع لكل واحد منهما على الانفراد إن انفردا، ولهما معا إذا اجتمعا. (152) وعن علي (صلع) أن رجلين اختصما إليه فقال أحدهما: بعت هذا قواصر (3) واستثنيت خمسا منهن لم أعلمهن في وقت البيع، وبعض القواصر أفضل من بعض. قال علي (ص) البيع فاسد لان الاستثناء وقع على شئ مجهول. (153) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن رجل اشترى جارية من رجل على حكمه (4) يعني حكم المشتري، فدفع إليه مالا فلم يقبله البائع فقال المشتري: قد حكمتني وهذا حكمي، فقال (ع) إن كان الذي حكم به، هو قيمتها، فعلى البائع التسليم، وإن كان دون ذلك، فعلى المشتري أن يكمل له القيمة.


(1) حش ه‍، ى – من وكل وكيلا يشتري له جارية بعينها، فاشتراها لنفسه بمال مولكه، ووطئها واستولدها، كانت الامة وولدها للموكل ولا يثبت نسب الولد لانه وطء من لا يحل له. من المطلب. (2) حش ى: الوكس النقص، يقال: لا وكس ولا شطط أي لا نقص ولا زيادة. من الديوان. (3) حش ه‍، ى – القوصرة من أوعية التمر وجمعها قواصر. (4) حش ه‍ – ومن مختصر المصنف: ومن باع سلعة من رجل ثم استقاله البيع، فأقاله على شئ تركه له من الثمن، فله أن يأخذ ما ترك له، حاشية.

[ 58 ]

(154) وعن جعفر بن محمد (ص) (1) أنه قال: إذا باع السلطان أو القاضي مال رجل فقضى به ديونه، فاستحق (2) المال وغاب الغريم أو أفلس، فليس يرجع على السلطان ولا على القاضي بشي (3)، وإنما الدرك على الغريم الاخذ، وعلى رب المال إن كان له مال. (155) وعنه (ع) أنه قال: ليس للوصي أن يتجر بمال اليتيم، فإن فعل كان ضامنا لما نقص، وكان الربح لليتيم. (156) وعنه (ع) أنه قال في رجل مملوك أعطى رجلا مالا ليشتريه به ويعتقه، قال: لا يصلح ذلك، فإن فعل ذلك (4) واشتراه به وأعتقه، ثم علم السيد أن المال كان لعبده، فالمال له والعبد عبده بحاله، ولايجوز عتق من أعتقه إلا أن يدفع إليه المال من عند نفسه (5).


(1) س، د. ه‍، ط، ع – وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص). (2) ه‍ – واستحق. (3) حش ه‍ – قال في الاقتصار: إذا باع السلطان على مدة أو غائب أو طفل، فالعهدة على البيع عليه، ولا عهدة على السلطان ولا من أقامه السلطان، وقال في الاختصار (يعني مختصر الاثار): ما باعه القاضي أو السلطان في ما وجب من دين أو على طفل أو في ما أشبه ذلك، فليس على من أمر ببيع ذلك عهدة ولا درك، وذلك في مال من يبيع عليه أو في ذمته إن لم يكن له مال، تمت الحاشية. (4) حذف في ه‍، د. (5) حش ى – من مختصر الاثار، ومن اشترى مملوكا، فأصاب معه مالا فإن المال لبائعه إلا أن يكون المبتاع اشترط في عقد البيع، فإن اشترطه فليس للبائع أكثر من ثمن العبد، وهذا لانه شئ يكون للعبد وفي يديه إذا كان مجاوزا لثمنه، فليس ذلك مما يدخل مدخل الرباء المنهى عنه، سيما إن كان عروضا أو كان عينا، واشترى العبد بورق أو ورقا واشترى بعين، تمت الحاشية. ومن الاختصار قال جعفر بن محمد الصادق (ص) في رجل اشترى سلعة من رجل ثم استقاله، فأبى أن يقيله، فترك له من الثمن، فأقاله على ذلك، قال، يأخذ منه ما ترك له إن كان قد أقاله وإن كان البائع اشترى منه السلعة بدون ما باعها به منه، فذلك جائز، والاقالة لا تكون بوضع شئ من الثمن، وقال في مختصر الايضاح: من اشترى ثوبا بعشرة فاستقال صاحبه، فأبى، فقال خذ خمسة وخذ ثوبك ففعل فالاقالة تلزمه ويرد الخمسة، ومن رد ثوبا على البائع، فأبى أن يقبله إلا بوضعية (؟) =

[ 59 ]

(157) وعنه أنه سئل عن رجلين باع كل واحد منهما حصته من دار بحصة لصاحبها من دار أخرى، قال: ذلك جائز إذا علما جميعا ما باعاه واشترياه، فإن لم يعلماه أو لم يعلمه أحدهما، فالبيع باطل. (158) وعن علي (ص) أنه سئل عن رجلين اشتريا سلعة من رجل، وذهبا ليأتياه بالثمن، فأتاه أحدهما به، وقال له أن يقبض السلعة إذا دفع الثمن كاملا، فإن جاء بعد ذلك صاحبه يطلبه، فليس له ذلك، إلا أن يدفع إلى شريكه نصف الذي أداه. (159) وعنه أنه سئل عن رجل كان عاملا للسلطان فهلك، فأخذ بعض ولده لما كان على أبيه، فانطلق الولد، فباع دارا من تركة أبيه وأدى ثمنها إلى السلطان، وسائر ورثة الاب حضور للبيع لم يبيعوا، هل عليهم في ذلك شئ قال (ع): إن كان إنما أصاب تلك الدار من عمله ذلك، وغرم ثمنها في العمل، فهو عليهم جميعا، وإن لم يكن ذلك، فلمن لم يبع من الورثة القيام بحقه، ولا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه. (160) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال في حجة الوداع: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. (161) وعن علي (ص) أنه قضى في وليدة باعها ابن سيدها (1) فأنكر


= فلا يصلح فإن جهل وأخذه وباعه بأكثر من ثمنه، رد على صاحبه الاول ما زاد، فان باعه من البائع الاول بيعا، فنقصه من الثمن الذي اشتراه فذلك جائز، ولايجوز أخذ فدية في إقالة إلا مبايعة بعقد ثان، حاشية. (1) حش ى – من مختصر المصنف: من اشترى جارية بعبد وتقايضا فأعتقها المشترى ثم وجد العبد حرا فعتق الجارية فأخذه (هذا) باطل.

[ 60 ]

البيع فقضى أن يأخذ وليدة (1) يؤدى (2) الثمن الولد البائع. (162) وعن رسول الله (صلع) أن سبيا قدم (3) عليه من البحرين فصفوا بين يديه فنظر إلى امرأة منهم تبكي فقال: ما يبكيك، قالت: كان لي ولد بيع في بني عبس، قال رسول الله (صلع): ومن باعه، قالت: أبو أسيد الانصاري، فغضب رسول الله (صلع) وقال: لتركبن فلتجيئن به كما بعته، فركب أبو أسيد فجاء به. (163) وعن رسول الله (صلع) أنه بعث زيد بن حارثة فأصاب سبيا فيهم ضميرة مولى علي (ع)، فأمر رسول الله (صلع) ببيعهم، ثم خرج فرآهم يبكون، فقال: ما لهم يبكون، قالوا: فرق بينهم وهم إخوة، قال: لا تفرقوا بينهم، بيعوهم معا (4). فصل (15) ذكر أحكام الديون (164) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه ما لم يكن فيه ما يكره الله. (165) وعنه (صلع) أنه قال: من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، فلما كان من الغد، قال: من أقرض قرضا كان له مثله كل يوم صدقة،


(1) ى حش – الوليدة ها هنا الامة. (2) س، د، ع. ه‍، ط، ى – يرد. (3) ى – قدموا. (4) حش ه‍، ى – قال في الاختصار: ولا يفرق بين ذوي الارحام إلا أن يكونوا بالغين ورضوا بذلك، وإذا أسلم رقيق أهل الذمة، بيعوا عليهم.

[ 61 ]

وقال علي (ع): يا رسول الله قلت لنا أمس: من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، وقلت لنا اليوم: من أقرض قرضا كان له مثله كل يوم صدقة، قال: نعم، من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، فإن أخره بعد محله، كان له مثله كل يوم صدقة. (166) وعن علي (ص) أنه قال: لا يأخذ أحدكم ركوب دابة ولا عارية متاع من أجل قرض، أقرضه، وكان يكره أن ينزل الرجل على غريمه أو يأكل من طعامه، أو يشرب من شرابه أو يعلف من علفه. (167) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه سئل عن الرجل يقرض لمنفعة، قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا (1). (168) وعن جعفر (2) بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فيرد عليه الدراهم الطازجة (3) طيبة بها نفسه، قال: فلا بأس بذلك. (169) وعن علي (ص) أنه قال: من أقرض ورقا، فلا يشترط إلا رد (4) مثلها، فإن قضى أجود منها فليقبل. (170) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم أو المال، فيهدي إليه الهدية، قال: لا بأس


(1) حذفت الرواية في س فقط، فهو سهو الكاتب. (2) س، ط، وعن أبي جعفر محمد بن علي. (3) س، د، – الطارجة، ه‍، ط، ع، ى الطارجية. والصحيح (الطازجة) كما في القاموس – الطازج الطرى معرب (تازه) وعن الحديث الصحيح، الجيد النقي، وحش ى – وقوله طارجة أي خالصة نقاء وهو إعراب تازه، – وفي مجمع البحرين: في الحديث الدراهم الطازجية بالطاء غير المعجمة والزاء والجيم أي البيض الجيدة، وكأنه معرب (تازه) بالفارسية. (4) س – إلا مثلها.

[ 62 ]

بها، فكل ما جاء في هذا المعنى، فالوجه فيه أن اشتراط النفع واستجلاب صاحب الدين إياه مكروه، فإن أعطى شيئا عن طيب نفس منه، مثل هدية ونحوها، فلا بأس به. (171) وعن علي (ص) أنه أعطى مالا من مدينة وأخذه بأرض أخرى. (172) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في السفاتج، وهي المال يستسلفه الرجل بأرض ويقبضه بأرض أخرى. (173) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم يبتاعون (1) بالعينة (2) فإذا (3) اتفقوا أدخلوا بينهم بيعا، قال: ولم ذلك؟ قال: يكرهون الحرام، قال: من أراد الحلال فلا بأس، ولو أن رجلا واطأ امرأة على فجور حتى اتفقا، ثم بدا لهما فتناكحا نكاحا صحيحا، كان ذلك جائزا. (174) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يقول للرجل: ابتع لي متاعا حتى أشتريه منك بنسيئة، فابتاع له من أجل ذلك، قال: لا بأس، إنما يشترى منه بعد ما يملكه، قيل له: فإن أتاه يريد طعاما أو بيعا بنسيئة، أيصلح أن يقطع سعره معه، ثم يشتريه من مكان آخر، قال: لا بأس بذلك (4). (175) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدين إلى أجل مسمى، فيأتي غريمه، فيقول: عجل لي كذا وكذا، وأضع عنك


(1) س، د. ه‍، ط، ى، ع – يتبايعون. (2) حش س، د، ى، ع – والعينة مثل ما يريد أن يأخذ دراهم أكثر مما أعطاه، فهذا مما لا يحل، ويدخل فيما بينهما عروضا أو شيئا من العين ليحل البيع بينهما. (3) حش ى – من نسخة قديمة – حتى إذا ص. (4) حش في ى – يعني يقول الرجل للرجل: أعط لي عشرة صياع بعشرة دنانير، نسيئة، فيقول له: نعم، ويقع السعر معه، ولم يكن عنده شئ من الطعام يشتري من مكان عشرة صياع بتسعة دنانير أو ثمانية دنانير نقدا (؟) ويعطيه لذلك.

[ 63 ]

بقيته، أو أمد لك في الاجل، قال: لا بأس به إن هو لم يزدد على رأس ماله، ولا بأس أن يحط الرجل دينا له إلى أجل ويأخذ مكانه. فصل (16) ذكر الحوالة والكفالة قال الله عز وجل في قصة يوسف (1): قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا: نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم. فالزعيم الكفيل، وهو الحميل أيضا، والقبيل والصبير والضمين هذه كلها أسماء الكفيل. (176) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال لرجل من بني هلال سأله (2) وقال: يا رسول الله إنى رجل كنت تحملت (3) بحمالة، فقال رسول الله (صلع). لا تحل المسألة إلا لثلاثة، لرجل تحمل بحمالة حتى يصيبها، ورجل أصابته جائحة (4)، ورجل أصابته فاقة شديدة. (177) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال في رجل كانت له على رجل دراهم، فأحاله بها على رجل آخر (5) قال: إن كان حين أحاله


(1) 13 / 71 – 73. (2) حش ى – أي لا يحل السؤال إلا لرجل ضمن مثل الرجل على مائة دينار، فهرب الرجل فأخذ ولم يكن عنده شئ من المال، فيحل له أن يسأل الناس حتى يقضي دين حمالته. (3) س – حملت وهو ضع. (4) حش ى – الجائحة: الشدة التي تجتاح المال من (سنة أو فتنة، وأصابته جائحة يعني قطع عليه الطريق أو سرق في بيته ونحو ذلك. (5) حش ه‍، ى – من مختصر المصنف: إذا كانت الحوالة على مفلس والمحال لا يعلم، =

[ 64 ]

أبرأه، فليس له أن يرجع عليه، وإن لم يبرأه، فله أن يأخذ أيهما شاء إذا تكفل له المحال عليه. (178) وعنه (ع) أنه قال: إذا كان لرجل على رجل دين فكفل له به رجلان، فله أن يأخذ أيهما شاء، فإن أحاله أحدهما لم يكن له أن يرجع على الثاني إذا أبرأه، وإذا تكفل رجلان لرجل بمائة دينار على أن كل واحد منهما كفيل بصاحبه بما عليه، فأخذ أحدهما فللمأخوذ أن يرجع بالنصف على شريكه في الكفالة، وإن أحب رجع على المكفول عنه وإذا أخذ الرجل من الرجل كفيلا بنفسه، ثم أخذ منه بعد ذلك كفيلا آخر، لزمتهما الكفالة جميعا. (179) وعنه (ع) أنه قال: إذا تحمل الرجل بوجه الرجل (1) إلى أجل، فجاء الاجل من قبل أن يأتي به وطلب الحمالة حبس، إلا أن يؤدي عنه ما وجب عليه، إن كان الذي يطلب به معلوما، وله أن يرجع به عليه، وإن كان الذي قد طلب به مجهولا، ما لابد فيه من إحضار الوجه (2)


كان له أن يرجع بحقه على المحيل، وإن كان قد أبرأه لانه قد غره، وإن كان المحال علم بإفلاس المحال عليه، وقبل الحوالة ورضى بها، لم يكن له الرجوع عليه، إذا كان قد أبرأه على علم، وإذا كانت الحوالة بمال حال، فقبل ذلك المحال عليه وهو موسر فأخره المحال اختيارا منه حتى أعسر المحال عليه لم يكن للمحال رجوع على المحيل، ويجوز الحوالة بين الاجنبيين والاقارب في جميع أصناف الديون. إذا تكفل الرجل بنفس رجل أو بوجهه أو بجسده أو بجزء منه شائع فهو كفيل بوجهه، من مختصر الصنف. (1) حش ه‍ – إذا كفل رجل على رجل بأمره بدراهم وهي على المكفل عليه إلى أجل كان للكفيل إن لم يتم أجلا إلى ذلك الوقت الذي للمكفل عليه، فإن مات الكفيل قبل الاجل حلت في ماله، ولا يرجع بها ورثته على الامر إلا في الاجل، ولو مات الذي عليه الاصل قبل الاجل حلت في ماله، ولم تحل على الكفيل، إلا في الاجل، ولا يبرأ الكفيل بالمال بإحضار المكفل، من مختصر المصنف. ومنه إذا كفل رجل بنفس رجل، فمات الطالب كان لوصيه أن يأخذ بها وإن لم يوص أخذه الورثة، وأي الورثة أخذه به فله ذلك، ويبرأ الكفيل من دفعه إليه، ولا يبرأ من بقية الورثة، والكفالة بالمال في المرض بمنزلة الوصية، تمت حاشية. (2) ه‍، ى، ط، د، ع. س – قد طلب به مالا مجهولا، ما لا بد منه فيه من الاحضار كان عليه إحضاره إلخ.

[ 65 ]

كان عليه إحضاره إلا أن يموت، وإن مات فلا شئ عليه. (180) وعنه (ع) أنه قال: إذا كفل العبد المأذون له في التجارة بكفالة لم يلزمه ذلك، إلا أن يأذن له السيد في الكفالة. (181) وعن علي (ص) أنه قال: لا كفالة في حد (1) من الحدود. فصل (17) ذكر الحجر 2 والتفليس (182) قال الله عز وجل (3): وابتلوا اليتمى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم (4) منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم الاية، فأمر الله عز وجل بابتلاء اليتامى إذا بلغوا النكاح، فإن أونس الرشد منهم دفعت إليهم أموالهم، فدل ذلك على منع من لم يؤنس منه الرشد من ماله، وإن بلغ النكاح، لان الله عز وجل لم يأذن في ذلك إليه إلا بشرطين، ببلوغ (5) النكاح والرشد.


(1) ه‍، ى حش – ولا تجوز الكفالة بحد ولا قصاص ولا بشئ من الامانات إلا أن يضمنها إن استهلكها المؤمن فيجوز الضمان. حش ى – يعني إذا كان وجب على أحد حد الزنا مثلا، فلا يجوز لاحد من بعد أن يجب عليه أن يقول: اتركوا هذا الرجل إلى الصباح وأتضمن أن أعطيه لكم فيه، فإن لم أعط فاضربوني مكانه، بل إذا وجب الحد على رجل ضرب ولم يؤخذ له في ذلك الضمان، وإن لم يصح وكانت فيه شبهة حبس حتى يثبت. (2) حش ى – الحجر المنع في اللغة، والتفليس أصله في اللغة العدم وهو مأخوذ من الفلوس وهي أخص مال الانسان. (3) 4 / 6. (4) حش س – أي علمتم. (5) حش ه‍، ى – يستدل على البلوغ بإنزال المنى وإنبات الشعر على العانة دليل عليه، وبالسن إذا عدم ذلك، فالسن تختلف فيه أحوال الناس، فمنهم من يبلغ في إحدى عشرة سنة وهي أقل مدة يبلغ فيها مثلها، ومنهم من يبلغ في ثلاث عشرة وهي أوسط المدة ومنهم من يبلغ في خمس عشرة سنة، ويستدل على بلوغ الجارية بمثل ذلك، وللجارية علامتان للبلوغ لا تختص بالغلام، ولا تكون إلا للبلوغ، وهي الحيض والحبل، فإن الجارية متى حاضت أو حبلت كانت بالغا، ومتى ولدت =

[ 66 ]

(183) وعن جعفر بن محمد (ص) (1) أنه قال في ولي اليتيم إذا قرأ القرآن واحتلم وأونس منه الرشد (2) دفع إليه ماله، وإن احتلم، ولم يكن له عقل يوثق به لم يدفع إليه وأنفق (3) منه بالمعروف عليه. (184) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: رحم الله مؤمنا تكلم فغنم أو سكت فسلم، إني أكره لكم عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السوال فرحم الله مؤمنا كسب طيبا وأنفق قصدا (4) وقدم خيرا. وما كرهه رسول الله (صلع) فغير جائز استعماله، ويجب المنع منه، ومن فعله (5)، وقد أجمع المسلمون على أن المغلوب على عقله يمنع من ماله ويحفظ عليه لجهله (6) فالصحيح إذا فعل ما نهى عنه أولى أن يمنع من الفساد، وقد نهى الله عز وجل عن التبذير فقال: ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين (7). (185) روينا عن علي (ص) أنه بلغه عن عبد الله بن جعفر تبذير، فأخذ بيده، وأتى به عثمان، فقال له: احجر على هذا، فقال له عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير بن العوام، وما أدرى لهذا القول مخرجا من الحق (8).


= قضى بكونها بالغا قبل ولادتها بستة أشهر، وهي أول مدة الحبل، من المطلب في فقه المذهب عن الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. (1) زيد في س – عن أبيه عن آبائه. (2) ه‍، ى، د، ط، ع. س – آنس منه الرشد. (3) س – أنفق، ه‍ – أنفق. (4) حش ى – القصد الانفاق بين التبذير والتقتير. (5) ه‍ – ويجب المنع من فعله، ى – ويجب المنع منه. (6) في س، ط زيد بين السطور – بحفظه. (7) 17 / 26 – 27. (8) حش ه‍ وى – قال الله (تع): ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط، ومثل ذلك يجب على ظاهر الحكم في من بذر ماله أن يضرب على يده، ومن قتر على نفسه =

[ 67 ]

(186) وقد روينا عن عثمان أنه مر بسبخة اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفا، فقال: ما يسرني أنها لي بنعلي هذه، ثم لقى عليا (ع) فقال: ألا تأخذ على يد ابن أخيك وتحجز عليه اشترى سبخة بستين ألفا ما يسرني أنها لي بنعلي هذه. وهو ههنا يأمره (1) بالحجر (2) عليه، والاخذ على يديه، وعندما أتاه به (3) الوصي (ص) يأمره بالحجر عليه اعتل في ترك ذلك، بأن الزبير شريكه، وليس في شركة الزبير إياه ما يسقط الواجب عنه، وهذا بين لمن تدبره. (187) وعن علي (ص) أنه قال: إذا أفلس الرجل وعنده متاع رجل بعينه فهو أحق به. (188) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن القوم يكون لهم على الرجل دين، فأدرك رجل (4) منهم بعض سلعته في يديه، ما حاله،


= وهو يجد أن ينفق عليه من ماله بالمعروف، ولا يخلي بينه وبين إهلاك نفسه وعياله، ويقتصد بمن بذر، ويؤخذ ماله من يديه ويصير من بذر أو قتر في محل من يولى عليه ولا يلى على نفسه، ولا على غيره، من كتاب التعقيب والانتقاد، حاشية. (1) نسخة في س – يأمرنا. (2) حش ى – إذا فك عن المحجور عليه الحجر ثم تبين أنه غير رشيد رد في الحجر، ثم نظر ما فعل، فما جرى على الصلاح كان ماضيا، وما جرى بخلاف ذلك كان مردودا، أو كلما صار سفيها حجر عليه. وإذا أعتق البالغ المحجور عليه جاز عتقه، وسعى العبد في قيمته وإن دبر عبد خدمة حتى يموت، فإن مات ولم يؤنس رشده سعى العبد في قيمته، وما أوصى عند موته من الاجور المستحسنة بغير سرف ولا سفه وفي وجوه البر جاز وإذا تزوج الرجل البالغ المفسد لماله جاز نكاحه وبطل الفضل عن مهر المثل للمرأة مما سمى، فإن طلقها قبل الدخول وجب لها نصف المهر في ماله، وإذا أقر المحجور عليه بقتل عمد قتل أو بسرقة قطع أو بقذف حد، وإذا بلغ الغلام مفسدا فلم يرفع أمره إلى القاضي حتى بلغ، ووهب وتصدق ثم رفع أمره بطل جميع ذلك، وإن استهلك الثمن نقض القاضي البيع ولم يلزم المحجور عليه من الثمن الذي تناوله شيئا، من مختصر المصنف. (3) ه‍ – أتاه الوصي. (4) ه‍، د، الرجل.

[ 68 ]

فقال (ع): يخير أهل الدين بأن يعطوا الذي أدرك متاعه ماله ويأخذوا المتاع أو يسلموا إليه ما أدرك من متاعه، قيل له: فإن اختاروا آخذ المتاع فربحوا فيه أو وضعوا ما حالهم، قال (ع): الربح والوضيعة (1) للذي عليه الدين وله عليه ما بقى (2). (189) وعنه (ع) أنه قال في رجل لحقه دين ففلس (3) لغرمائه، ثم أعطاه بعد التفليس رجل مالا قراضا (4) فربح في مال القراض أو لم يربح ما حاله، فقال عليه السلام: الذين داينوه بعد التفليس أولى من المقارض (5) ومن غرمائه الاولين، والمقارض أولى من الذين داينوه قبل التفليس وإن كان المقارض لم يفلس، وهو يتجر بوجهه إلا أنه معدم، فقال: هذا المتاع بعينه، وهذا المال بعينه لفلان، فإنه يصدق وصاحب أصل المال القراض أولى به (6). (190) وعنه (ع) أنه قال: المفلس إذا قام عليه الغرماء فإنه يبدأ منهم بقبض حقه مما وجد في يديه كل عامل عمل فيه (7) أو أجير استوجر


(1) حش ى – المقارضة أي صورة، أن يدفع إليه مالا يتجر فيه والربح بينهما على ما يشترطان، من ق. والوضيعة على المال. (2) (وله عليه ما بقى) خه في د، وحذ في ى. (3) كذا في ى. (4) حش ه‍ – شركة القراض هو أن يدفع الرجل إلى رجل ما لا يتجر به، ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه، وتكون الوضيعة على رأس المال. (5) س – المقارض 4. (6) حش ه‍ – ومنه يحبس في كل دين ما خلا دين الولد على الوالدين أو على بعض الاجداد من قبلها، ويحبس الاب في نفقة الولد، ولا تشبه النفقة الدين، ويحبس المسلم للذمي في دينه، والزمن للصحيح، تمت حاشية، حش ى – أي فيأخذ الغرماء بعد ذلك أي بعد أن يأخذ العامل أجرة عمله، ويأخذ الاجير أجرته، ويعطى ثمن دابة وما بقى بالقسمة. (7) ه‍، ى، د، زد – بأجرته.

[ 69 ]

عليه بأجرته، أو بثمن دابته، إن كان عليه قد عملت فيه أو ما أشبه ذلك، ويكون الغرماء بعد ذلك أسوة (1). (191) وعنه (ع) أنه قال: من ابتاع عبدا أو أمة أو متاعا فتصدق بالمتاع أو أعتق العبد أو الامة (2)، فلما قام عليه البائع لم يجد عنده مالا، ولم يكن له مال. قال: أما العتق والصدقة فيردان والبائع أحق بعبده حتى يستوفى الثمن الذي باعه به، وإن كان في ثمن العبد فضل إذا بيع أعتق منه بحساب ذلك الفضل، وإن كان في الصدقة فضل مضى ذلك الفضل لمن تصدق به عليه (3). (192) وعنه (ع) أنه قيل له: مات مولى لعيسى بن موسى وترك عليه دينا كثيرا، وترك غلمانا كثيرا، يحيط دينه بأثمانهم وأعتقهم عند الموت، فسأل عيسى بن موسى ابن شبرمة وابن أبي ليلى عن ذلك، فقال له ابن شبرمة: أرى أن تستسعاهم في قيمتهم، فتدفعها إلى الغرماء فإنه قد أعتقهم عند موته، فقال ابن أبي ليلى: أرى أن تبيعهم، وتدفع أثمانهم إلى الغرماء، فليس له أن يعتقهم وعليه دين يحيط بأثمانهم (4)، فقال: عن رأي أيها


(1) حش ه‍، ى – قال في مختصر الاثار، وإن أفلس وعليه ديون لجماعة وعنده مال لا يفي بديونه قسم ما في يديه على الغرماء وبالحصص ويأخذ كل واحد منهم بقدر دينه، وينقص بقدر ذلك كرجل أفلس وعليه لرجل مائة دينار ولاخر مائتان ولم يوجد في يديه غير ثلاثين دينارا، فيكون لصاحب المائة عشرة ولصاحب المأتين عشرون، حاشية. (2) حش ه‍ – ى – من مختصر الاثار، ومثل هذا جاء عن أمير المؤمنين صلوات (الله عليه) (أن أم الولد تباع في ثمن رقبتها يعني إذا اشتراها وليس له مال غيرها، فأولدها، وإن كان له مال أخذ البائع بحصته مع الغرماء، وكان ما بقى له في ذمة المعتق يطلب به متى أيسر، وعليه يؤديه إليه وأيهما أيسر من المعتق، كان له أن يطلبه، فإن أيسر المعتق لم يكن له أن يرجع على ام ولده، ولا على الذي عتقه. (3) حش ى – ورد الباقي، من الحواشي. (4) س، ع. ط، ى، د، ه‍ – يحيط بهم، ونسخة (بين السطور في ه‍): بأثمانهم.

[ 70 ]

أهدر، قيل: عن رأي أبي ليلى، وكان له في ذلك هوى، فباعهم وقضى دينه، فقال: أما والله، إن الحق لفي ما قال ابن أبي ليلى، وذكر بعد هذا احتجاجا طويلا. (193) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل عليه دين وهو قائم بوجهه يشتري ويبيع، فتصدق على ولده أو غيرهم بصدقة، هل يجوز ذلك قال: صدقته جائزة، وأمره كله جائز من عتق أو بيع أو شراء (1) فإن ادعى المتصدق عليه أنه كان يوم تصدق يبيع ويشتري وهو قائم بوجهه سئل البينة على ذلك، فإن لم يدع ذلك، لم يسأل البينة، وعلى أصحاب الدين البينة، إنه كان يومئذ مفلسا، لا يبيع ولا يشترى، فإن أقاموا البينة على ذلك، وإلا فلا شئ لهم. (194) وعنه (ع) أنه قال: لا يجوز عتق رجل وعليه دين يحيط بماله ولا هبته ولا صدقته إن كانت الديون التي عليه حالة أو إلى أجل قريب أو بعيد إلا أن يأذن له غرماؤه، وإن قال: هذه الجارية ولدت مني يريد أن يمنعها من أن تباع، لم يصدق إلا أن يكون ذلك معلوما مشهورا، فأما بيعه وابتياعه فجائز. (195) وعنه (ع) أنه قال: وإذا لحق الرجل دين وله عروض ومنازل، فباعها في خفية من الغرماء، ثم تغيب أو هلك، وقد علم المشترى أن عليه دينا أو لم يعلم، أو تغيب البائع وقام الغرماء على المشتري، فقال: باع مني ليقضيكم، قال: إن كان يوم باع قائم الوجه لم يفلس به ولم يضرب على يده، وباع بيعا صحيحا ممن لم يهتم أن يكون إلجاء (2) ذلك


(1) س – شراى، ه‍ – شرى. (2) حش ه‍ – ألجأه عليه أي اضطره.

[ 71 ]

إليه ويثبت (1) بيعه بالبينة العدول (2) جاز بيعه، وكذلك يقبل إقراره ما لم يفلس، فإذا أفلس لم يقبل إلا ببينة إذا دفعه الغرماء، وسئل (ع) عن معنى التفليس فقال: إذا ضرب على يديه ومنع من البيع والشراء فذلك التفليس، ولا يكون ذلك إلا من سلطان. (196) وعنه (ع) أنه قال: ليس يمنع المفلس من النكاح، ولا لزوجته أن تمنعه من نكاح غيرها لمكان مهرها، وهي كأحد الغرماء، وما قضى من ديونه أو فعل وهو قائم الوجه لم يرجع عليه (3). (197) وعن علي (ع) أنه قال: لا حبس على معسر (4)، قال الله (ع ج) (5): وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. فالمعسر إذا أثبت عدمه لم يكن عليه حبس (6)، وإن كان الذي عليه من الدين من شئ، وصل إليه فالبينة (7) عليه في دعوى العدم، إن دفع ذلك خصمه، وإن كان في شئ لم يصل إليه كدين لزمه من جناية أو كفالة أو حوالة أو صداق امرأة أو ما أشبه ذلك، فالقول قوله مع يمينه ما لم يظهر له مال، أو تقوم عليه بينة.


(1) ه‍ – ثبت. (2) ى – العادلة. (3) ه‍، ذ، ى، ع. وفي أصل المتن في س (لم يرجع)، والاعراب مشطوبة وصحح وكتب (يرجع). (4) خه ه‍ – مفلس. (5) 2 / 380. (6) حش ى – يحبس في كل دين ما خلا دين الولد على الوالدين أو على بعض الاجداد من قبلهما، ويحبس الاب في نفقة الولد، ولا تشبه النفقة الدين، ويحبس المسلم للذمي في دينه والزمن للصحيح، من مختصر المصنف. (7) حش ه‍ – من جوابات مسائل خطاب بن وسيم.

[ 72 ]

فصل (18) ذكر المزارعة والمساقاة (1) (198) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن المزارعة، فقال: النفقة منك والارض لصاحبها، فما أخرج الله (ع ج) من ذلك قسم على الشطر، وكذلك قبل (2) رسول الله (صلع) من (3) أهل خيبر حين أتوه، وأعطاهم إياها على أن يعمروها على أن لهم نصف ما أخرجت. (199) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس وأقل وأكثر مما تخرج الارض، إذا كان صاحب الارض لا يأخذ الرجل المزارع إلا بما أخرجت الارض ولا ينبغي أن يجعل للبذر نصيبا وللبقر نصيبا، ولكن يقول لصاحب الارض: أزرع في أرضك، ولك مما أخرجت كذا وكذا. (200) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس باكتراء الارض بالدنانير والدراهم لتزرع وقتا معلوما (4)، ولا خير في أرض أن تستأجر بحنطة، وتزرع فيها حنطة. (201) وعنه (ع) أنه قال لا بأس أن يعطي الرجل الرجل الارض


(1) حش ى – المزارعة المعاملة على الارض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها، وسميت المساقاة مساقاة لان أكثر عمل أهل الحجاز على النخل السقى من الابار. (2) س، د – قبل، ه‍، ى، ط، – فعل، ع – قال. (3) س، د – من، ه‍ – مع، ط، ع، ى – لاهل. (4) حش ه‍، ى – من ذات البيان، وكراء الارض بالعين والعروض من غير ما يزرع فيها من الحب جائز ولا يجوز أن يستأجر بشئ مما تخرجه لانها قد تخرج وقد لا تخرج، وهذا الذي جاء النهي فيه.

[ 73 ]

عليها الخراج على أن يكفيه خراجها إليه، ويدفع إليه شيئا معلوما، وإن كان فيها نخل أو شجر فلا يعقد ذلك حتى يبدو صلاح الثمرة، إلا أن يكون فيها بعض البقول أو الرطاب أو الثمار، أو ما كان مما يقع عليه البيع. (202) وعنه (ع) أنه سئل عن المساقاة، فقال: هو أن يعطي الرجل أرضه وفيها أشجار أو نخل، فيقول: اسق هذا من الماء واعمره واحرثه، ولك مما تخرج كذا وكذا بشئ يسميه، فما اتفقا عليه من ذلك فهو جائز. (203) وعنه أنه سئل عن الرجل يعطي الارض الخراب لمن يعمرها على أن للعامر غلتها سنين معلومة قال (1): ذلك جائز (2) ولا بأس ان يكون مع ذلك فيها علوج (3) أو دواب لصاحبها ما اتفقا عليه من ذلك فهو جائز. (204) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل زرع أرض رجل، فقال: أذن لي في زرعها على مزارعة كذا وكذا وأنكر صاحب الارض أن يكون أذن له، فقال (ع): القول (4) قول صاحب (5) الارض مع يمينه، إلا أن يكون علم به حين زرع أرضه، وقامت بذلك عليه البينة، فيكون القول قول المزارع مع يمينه في المزارعة، إلا أن يأتي بما لا يشبه، فيكون على المزارع مثل كراء الارض، ولا يقلع الزرع. (205) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل احترث أرضا، فقال له رجل: خذ مني نصف البذر، ونصف نفقتك وأشركني في الزرع واتفقا على ذلك فهو جائز.


(1) في هامش د – تراضيا على ذلك. (2) حذ ه‍ – قال: ذلك جائز. (3) حش ى – أي مماليك، وفي س – خدام. (4) ه‍، ذ، ى – القول في ذلك. (5) ى – رب الارض.

[ 74 ]

فصل (19) ذكر الاجارات (206) قال الله تعالى في قصة موسى (ع) (1) ثم تولى إلى الظل، إلى قوله: على أن تأجرني ثماني حجج الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: ملعون من ظلم أجيرا أجرته. فاستيجار الرجل الرجل والمرأة والدابة والعبد والامة على عمل معلوم جائز. (207) روينا (2) عن رسول الله (صلع) أنه زوج امرأة رجلا من أصحابه على أن يعلمها سورة من القرآن (3)، وسنذكر معنى هذا في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى. (208) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل رقى ملدوغا بسورة من القرآن، فشفى، فأعطاه على الرقية أجرا، فرخص له في ذلك. (209) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في أخذ الاجر على تعليم الصنعة إذا كانت مما يحل (4).


(1) 28 / 24 – 27. (2) س. ه‍، د، ط، – وقد روينا. (3) حش ه‍، ى – في مختصر المصنف: الاجارة نوع من البيوع، وهي بيع إلى عمل معلوم أو على انتفاع معلوم وتجوز الحوالة والكفالة بالاجرة معجلها ومؤجلها، ولو استأجر دارا ليسكنها أو أرضا ليزرعها، وتكفل له كفيل بالسكنى أو بالزراعة لم تجز الكفالة، وكذلك لو استأجر صانعا واشترط أن يعمل بيده وأخذ كفيلا لم تجز الكفالة، وكذلك سائر الاعمال، فإن استأجر صانعا لعمل شئ ولم يشترط عمله بيده، وأخذ به كفيلا جاز ذلك، والكفيل ضامن للعمل فإن عمله جمع إلى الكفل بأجرة مثله، إلخ. (4) حش ه‍، ى – وسئل أبو جعفر محمد بن علي ع عن رجل يقرأ عليه القرآن، فإذا ختم الرجل عليه صنع طعاما كما يفعل الناس ودعا إليه أصحابه الذين يقرءون معه ودعا ذلك الرجل الذي يقرأ عليه، فقال عليه السلام: لا بأس بذلك ما لم يكن من أجل القرآن، من مختصر الاثار. =

[ 75 ]

(210) وعنه (ع) أنه قال لا بأس أن يأخذ المؤذن أجر الاذان من بيت المال، فأما من سائر الناس ممن يوذن لهم فلا. (211) وعنه (ع) أن رجلا سأله عن الرجل يأتيه، فيسأله أن يشتري له الارض أو الدار أو الغلام أو الدابة، أو ما أشبه ذلك، ويجعل له جعلا، قال: فلا بأس بذلك. (212) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يدفع إليه المتاع، فيقال له: بعه، فما زدت على كذا وكذا فهو لك، قال: فلا بأس له. (213) وعنه (ع) أنه قال: من استوجر على عمل فأفسده أو استهلكه ضمن، فقال: أتى إلى أمير المؤمنين (ع) بحمال استوجر على حمل قارورة عظيمة، فيها دهن، فكسرها فضمنه، وكان يضمن الاجير (1). (214) وعن جعفر بن محمد أنه سئل عن الحمال يحمل معه الزيت، فيقول: ذهب أو أهريق (2) فقال إنه إن شاء أخذه، فقال: ولو قال إنه قطع عليه الطريق، فلا يصدق إلا ببينة (3).


= ومنه، سئل جعفر بن محمد (ص) عن أخذ الاجر على تعليم القرآن، فكرهه وقال: إن رجلا قال لامير المؤمنين (ص): إني لاحبك، يا أمير المؤمنين، قال (ع): لكني أبغضك، قال: ولم؟ قال: لانك تأخذ على تعليم القرآن أجرا، وقد سمعت رسول الله (صلع) يقول: من أخذ على تعليم القرآن أجرا، كان حظه يوم القيامة، ورخصوا عليهم السلام في الاجر على تعليم الكتابة والادب وغير ذلك مما يعلمه المعلمون الصبيان، إلخ. (1) حش، ه‍ – قال في مختصر الاثار: يضمن الحمال والمكارى بكسر ما أخذ الاجر على حمله إذا أسلم إليه إلخ. (2) زد في ه‍ – أو قطع عليه الطريق، غ. (3) كذا في س، ط، وهو الصحيح، وفي كل المخطوطات (إلا س وط) زيادة، حش ه‍ – وجد في قراب سيف رسول الله (صلع) كتاب فيه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين والمرسلين، ولعنة النبي على من ادعى لغير أبيه وانتمى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره، أو سرق معالم الطريق.

[ 76 ]

(215) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الدار يكتريها الرجل ثم يواجرها من غيره بأكثر، قال: لا، إلا أن يحدث فيها شيئا، وإن أكرى بعضها بمثل ما استأجرها وسكن بعضا (1) فلا بأس. (216) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يستأجر الدار وفيها شجرات فيشترط ثمرها، قال: لا بأس (2). (217) وعنه (ع) أنه رخص في اكتراء الدور بالعروض، وفي سكنى دار بسكنى دار أخرى. (218) وعنه (ع) أنه سئل عمن يكترى (3) دارا مشاهرة على أنه إن سكن يوما لزمه كراء الشهر، فقال: لا بأس، وله أن يكرى الدار بقية الشهر، فإن تشاجرا في دفع الكراء، أخذ لكل يوم بحسابه. (219) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دارا فرثت أو انهدمت لم يجبر صاحبها على إصلاحها، والمكترى بالخيار، إن شاء أقام، وإن شاء خرج، وحاسبه بما سكن. (220) وعنه (ع) أنه قال: ليس لمن اكترى دارا أن يدخل فيها ما يضر بالدار أو بالجيران، وإن اكتراها ولم يسم ما يعمل فيها، فليس لصاحبها أن يمنعه من عمل يعمله ما لم يكن يضر (4) وكذلك الحوانيت.


(1) س، ط، ع، ه‍، ى، د، – البعض. (2) حش ه‍، ى – من مختصر الاثار، ومن استأجر أرضا، فأصابها غرق أو جفاف عين أو انقطاع نهر فإن أحب المكترى أن ينفق في ذلك من كراء سنته أنفق وتلزم النفقة صاحب الارض، وإلا كان عليه بقدر ما عمر وانتفع. (3) ه‍، ى، د، – اكترى. ع – اكرى. (4) حش ه‍ – إلا أن يكون اشترط ذلك في عقد الكرى، من اختصار الاثار.

[ 77 ]

(221) وعنه (ع) أنه سئل عن المتكاريين يختلفان في الكراء قبل السكنى أو من (1) بعدها، قال: القول قول رب الدار ويتحالفان ويتفاسخان. (222) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسكن دار الرجل، فيقول صاحب الدار: أكريتها منه، ويقول الساكن أسكنتني بالاكراء، ولا بينة لواحد منهما، قال: القول قول رب الدار مع يمينه، وله قيمة الكراء، وإن كانت لاحدهما بينة كانت البينة أولى. (223) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس باكتراء المشاع (2). (224) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل اكترى عن رجل دارا، فادعى أن رب الدار أمره أن يرمها، وأنه أنفق فيها، وأنكر ذلك رب الدار، قال البينة على المدعى وعلى رب الدار اليمين، وللمكترى أخذ النقض (3) بعد ذلك. (225) وعنه (ع) أنه قال في رجل اكترى دارا فيها متاع لرب الدار على أن ينقله فتثاقل عن نقله قال: ليس له من الكراء إلا بقدر ما سكن الساكن من الدار. (226) وعنه (ع) أنه قال: ما فعله المكترى في الدار بغير إذن صاحبها فعطبت من أجل فعله، فهو ضامن وإن فعل ما يفعله مثله من السكان، فلا ضمان عليه (4).


(1) س، ط، د – ه‍، ى، ع – أو بعدها. (2) حش د – أي الطريق غير المقسوم. (3) س، ع، د، ط، ى. ه‍ – أن يأخذ النقض، حش ى – أي مكترى پوتانو اسباب لئى جائى جى نوو بنايو هوى ته، (كجراتي). (4) حش ه‍ – وإذا استأجر الرجل أرضا خراجية بأجر معلوم سنين معلومة فزاد السلطان في خراجها، فالزيادة على صاحب الارض. تفسير من غيره – يعني إذا كان أهل الارض متغلبين فصالحهم السلطان على خراج معلوم ثم أطاعوا وغلب عليهم فأخذ منهم الواجب، فالزيادة على رب الارض كما ذكر.

[ 78 ]

(227) وعنه (ع) أنه قال: من اكترى دابة بعينها أو سفينة بعينها ليحمل في السفينة أو على الدابة شيئا معلوما إلى موضع معلوم، فهلكت الدابة أو عطبت السفينة، فقد انفسخ الكراء، وإن كان ذلك بعد أن حمل وقطع شيئا من الطريق، كان عليه بحساب (1) ما قطع من الطريق، وإن كان إنما اكترى على البلاغ ولم يسم دابة بعينها ولا سفينة بعينها، كان على المكارى (2) بلاغ ما اكترى، وله الاجر كاملا. (228) وعنه (ع) أنه قال: من اكترى دابة شهرا ليطحن عليها أو يعمل عملا، أو يسافر سفرا ولم يبين قدر ما تطحن أو ما تحمل (3) أو ما تمشي كل يوم، فالاجارة جائزة وله أن يستعمل الدابة فيما اكتراها له بقدر ما يستعمل فيه مثلها، فإن تعدى عليها ضمن، وكذلك السفن. (229) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دابة أو سفينة فحمل عليه المكترى خمرا أو خنازير أو ما حرم الله لم يكن على صاحب الدابة شئ وإن تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد، والكراء على ذلك حرام. (230) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكترى الدابة أو السفينة على أن يوصل (4) إلى مكان كذا وكذا، في يوم كذا، فإن لم يوصل (4) يوم كذا (5)، كان الكراء دون ما عقده، قال: الكراء على هذا فاسد، وعلى المكترى أجر مثل حمله.


(1) ط – كان عليه ما قطع إلخ. (2) خه في ه‍ – للمكترى. (3) س، د، ط. ه‍، ى، ع – يعمل، تعمل. (4) س، ط، – يوصل. ه‍، ى، د، – يوصله، ع – توصله. (5) ى، ه‍، ع – ذلك.

[ 79 ]

(231) وعن علي (ع) أن رجلا رفع عليه رجلا قد اكترى (1) دابة إلى موضع معلوم، فتجاوزه فهلكت الدابة فضمنه الثمن، ولم يجعل عليه كراء، يعني فيما زاد، وقال جعفر بن محمد (ص): وإن لم تهلك الدابة وقد تجاوز بها المكترى، ما حد (2) له، فصاحبها بالخيار، إن شاء ضمنه ما نقصت في مدة ما تجاوز بها المكترئ، وإن شاء أخذ منه مثل كراء ذلك، وكذلك الوجه فيه أن يزيد (3) عليها فوق ما شرط من الحمل. (232) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دابة يوما فحبسها بعد ذلك أياما، فرب الدابة بالخيار، إن شاء ضمنه ما نقصت، وإن شاء أخذ منه أجر مثلها. (233) وعنه (ع) أنه قال: إذا اختلف المتكارئان، فقال المكترى: اكتريت إلى موضع كذا وكذا، وقال رب الدابة بل إلى موضع كذا، وإن كان أحد الموضعين أبعد أو أكثر مونة، فالبينة على المكترئ (4) إن كان ادعاه، وإن تساويا، وأراد كل واحد منهما القصد إلى الموضع الذي ذكره فإن كان قبل أن يركب الدابة (5) أو ركب ركوبا يسيرا، أو انتقد المكرى أجرته، فالقول قوله، والمكترى مدع إذا كان يشبه أن يكون كراء الناس مثله، وإن لم يركب ولم تفقد (6) تحالفا وتفاسخا، ومن نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه، هذا إذا لم يكن بينة، وإن كانت بينة فالبينة أقطع.


(1) ه‍ – أنه اكترى. (2) س – حد، د – حد. (3) ه‍، ع – زيد. (4) ه‍، ى – المدعى. (5) (الدابة) حذ ه‍. (6) ه‍، ى، د – ينتقد. س، ط تنقد.

[ 80 ]

(234) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكترى من المكارى إلى العراق أو إلى خراسان أو إلى إفريقية أو إلى أندلس أو مثل هذا يسمى البلد ولا يذكر الموضع الذي ينتهي إليه، قال: يبلغه إلى أشهر المواضع المعروفة من ذلك البلد، كبغداد من العراق، أو القيروان من الافريقية. فصل (20) ذكر أحكام الصناع (235) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أنهم قالوا: يضمن الصناع ما أفسدوه، أخطؤوا أو تعمدوا، إذا عملوا بأجر وإن ادعوا أنهم عملوا بغير أجر، وقال أصحاب المتاع: بل بأجر، فالقول قول أصحاب المتاع مع أيمانهم، وعلى المدعين إسقاط الضمان من أنفسهم بالبينة. (236) وعنه (ع) أنه سئل عن الصانع يتقبل العمل، ثم يقبله (1) بأقل مما تقبله به، قال: إن عمل فيه شيئا أو دبره أو قطع الثوب إن كان ثوبا أو عمل فيه عملا ما، فالفضل يطيب له، وإلا فلا خير له فيه. (237) وعنه (ع) أنه سئل عن الطحان (2) تدفع إليه الحنطة ويشترط إليه أن يعطى من الدقيق زيادة معلومة على كيل الحنطة، قال: لا خير في


(1) ى، د، خه في ه‍ – يقلبه. (2) حش ه‍، ى – ولو أن طعاما بين رجلين استأجر أحدهما صاحبه يطحنه، لم يجز، ومن استأجر موضع جذع نخلة يضعه في حائط لم يجز، وكذلك لو استأجر حائطا يبني عليه سترة، وكذلك لو استأجر موضع كوة بثقبها لم يجز، من مختصر المصنف.

[ 81 ]

ذلك، له الاجر وعليه أن يؤدي أمانته. (238) وعنه (ع) عن آبائه أن رسول الله (صلع) احتجم وأعطى الحجام أجره (1)، وكان مملوكا، فسأل مولاه، فخفف عنه. (239) وسئل أبو جعفر محمد بن علي (ص) عن كسب الحجام، فقال: وددت أن يكون لال محمد منهم كذا كذا، وسمى منهم عددا كثيرا. (240) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه أتى برطب، وعنده قوم من أصحابه وفيهم فرقد (2) الحجام، فدعاهم، فدنوا وتأخر فرقد، فقال له أبو عبد الله: ما يمنعك أن تتقدم يا بني، فقال: جعلت فداك، إني رجل حجام، فدعا بجارية له، فأتت بماء وأمره فغسل يديه، ثم أدناه وأجلسه إلى جانبه، وقال: كل، فأكل، فلما فرغ قال: جعلت فداك، إني رجل حجام والناس ربما عيروني بعملي، وقالوا: كسبك حرام، فقال أبو عبد الله (ص): ليس كما يقولون، كل من كسبك، وتصدق وحج وتزوج. (241) وعن أبي جعفر (ص) أنه قال: إذا وقف رجل إلى رجل، فقال: انظر لي هذه الدنانير أو الدراهم، هل هي جياد، أو انظر لي (3) هذا الثوب، هل يكسوني، والرجل خياط أو صيرفي فقال: النقد جيد، أو قال: الثوب يكسوك، فوجده خلاف ذلك، قال: إن كان غره وأراد أن يغشه وشهد عليه بذلك، أدب وغرم، وإن كان ذلك جهده فلا شئ عليه.


(1) حش ه‍، ى – من أمر حجاما أن يقلع له سنا فقلعها، فقال: ليس هذا الذي أمرتك، فالقول قوله والحجام ضامن، من مختصر المصنف. (2) حش ى – اسم. (3) ه‍ حذ (انظر لي).

[ 82 ]

(242) وعنه (ع) أنه قال: إذا وقع رجل إلى خياط (1) ثوبا فخاطه قباء، فقال رب الثوب: إنما أمرتك أن تخيطه قميصا، وقال الخياط: بل أمرتني أن اخيطه (2) قباء، ولا بينة بينهما، فالقول قول الخياط مع يمينه. فصل (21) ذكر الرهن (243) قال الله عز وجل (3): يأيها الذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، إلى قوله: ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة. فسمى جل ذكره الرهان مقبوضة، فإذا لم يكن الرهن مقبوضا بمثل ما تقبض به الرهان فليس الرهان برهن (4). (244) وروينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا يكون الرهن إلا مقبوضا. (245) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس برهن الدور والارضين، المشاع (5)


(1) حش ه‍، ى – من مختصر المصنف، من جاء بخياط إلى بيته يخيط له قميصا، فخاط بعضه ثم سرق، فله من الاجر بقسط ما خاط، ولو حدث ذلك، والخياط يخيط في موضعه لم يكن له أجر، وإذا عمل الصناع في بيت مستأجرهم، لم يكن بهم حبس المتاع بالاجر، وهم ضامنون لما جنت أيديهم، فإن عملوا في بيوتهم فلهم حبس ذلك بالاجرة، وإذا رد القصار على رجل ثوبا غير ثوبه عمدا أو خطأ فقلعه وخاطه، ثم جاء صاحبه، فهو بالخيار، إن شاء ضمن القصار قيمة ثوبه ورجع القصار على القاطع، ورد عليه، وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع، ورجع القاطع بثوبه على القصار، ومن استأجر حفارا يحفر له بئرا، عمق كذا في دور كذا جاز، فإن حفر ثلثها ثم وجد جبلا صلبا، لم يكن له ترك العمل إذا كان يطاق، وإذا كان لا يطاق فله تركه، وله من الاجرة بحساب ما حضر. (2) س، د، ط، ع. – ما أمرتني إلا أن أخيطه إلخ. (3) 2 / 282 إلى 283. (4) ه‍ – ما يقبض به الرهان، فليس برهن (5) حش ى – المشاع غير مقسوم.

[ 83 ]

منها والمقسوم، ولا بأس برهن الحلى والطعام والاموال كلها إذا قبضت. وإن لم تقبض فليست برهن، وإن قبضت ثم جعلت على يد الراهن فليست برهن، لان ردها خروج من الرهن (1). (246) وعنه (ع) أنه قال: الرهن لا ينتفع به، وما انتفع به من الرهن حسب بما هو فيه وقوصص به. (247) وعنه (ع) أنه قال: إذا هلك الرهن فهو من مال الراهن، والدين عليه بحاله، وإن ادعى الذي هو في يديه مرهون، أنه ضاع، ولا بيان (2) له على ذلك، وكذبه الراهن، لم يقبل قوله أنه ضاع، إلا ببينة. (248) وعن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنهما قالا في الذي عنده الرهن يدعى أنه رهن (3) في يديه بألف، ويقول الراهن: بل هو بمائة، قالا: القول قول الراهن مع يمينه، وعلى الذي هو في يديه البينة بما ادعى من الفضل، فإن ادعى أنه ضاع وكذبه الراهن ولا بينة له واختلفا في قيمته، فالقول قول الذي هو عنده مع يمينه، وعلى صاحب الرهن البينة فيما ادعى من الفضل. (249) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: إذا كان الرهن إلى أجل وغاب الراهن لم يبع الرهن إلا أن يحضر أو يكون له وكيل أو جعل بيعه، إن غاب عن وقت الاجل، إلى من هو في يديه أو إلى غيره. (250) وعنه أنه قال: إذا كانت الامة أو الدابة أو الغنم رهنا، فولدت


(1) الرواية ناقصة في ه‍. (2) س – يبان. (3) س – رهن، ه‍ – رهن.

[ 84 ]

الامة ولدا أو أنتجت الدابة أو توالدت الغنم، فالاولاد (1) رهن مع الامهات. (251) وعنه (ع) أنه قال في كراء الدواب والدور المرهونة وغلة الشجر والضياع المرهونة: ذلك كله للراهن، إلا أن يشترط المرتهن أن يكون رهنا مع (2) الاصل. (252) وعنه (ع) أنه قال: من رهن عبدا أو أمة ثم أعتقه وله مال (3) غيره، أخذ من ماله، فقضى دينه وأعتق ما أعتق، ولم ينتظر به الاجل ولا يجعل مكانه رهنا، وكذلك إن كاتبه أو دبره. إلا أن يكون ثمنه مكاتبا أو مدبرا فيه وفاء. (253) وعنه (ع) أنه قال: إذا رهن الرجل الجارية وأراد أن يطأها


(1) حش في ه‍ وى (المتن ناقص) – قال في ذات البيان: إذا كان الرهن إلى أجل، وقال له الراهن: إن لم آتك بحقك إلى وقت كذا فبعه، واستوف حقك، فما كان من فضل فهو لي، وما كان من نقص فعلي، فإن ذلك لا يجوز، ولا بأس للذي عنده الرهن أن يبيعه لنفسه إلا أن يرفع أمره إلى الحاكم، فيأمر ببيعه، وإن جعلاه على يدى عدل، على أن يبيعه العدل إذا حل الاجل، جاز ذلك. ومنها قال رسول الله (صلع): لا يغلق الرهن. وذلك مثل أن يرهن الرجل عند الرجل رهنا في حق له، ويشترط أنه إن لم يأته بحقه إلى الاجل الذي بينهما، أن الرهن له بذلك، ولا شئ للراهن، وهذا لا يجوز، وهو رهن بحاله. وقال في الينبوع: ولو وكل الراهن المرتهن ببيع الرهن عند محل الاجل، فأشهد له في ذلك، جاز بيعه. وقال في مختصر الاثار: وإن كان الراهن قد وكل المرتهن على بيع الرهن عند محل الاجل، فباعه، وأشهد بذلك، وعلى المبالغة في ثمنه، والاستقصاء في بيعه، فلا شئ عليه في ذلك، وإن اتهمه الراهن في البيع، استحلفه عليه. ومن الاختصار: ولا يجوز بيع الرهن ولا هبته ولا عتقه إن كان عبدا، ولا إخراجه بوجه من الوجوه حتى يفكه، تمت حاشية. (2) حش ه‍ – وإذا قضى الراهن بعض المال، لم يكن له قبض الرهن ولا قبض بعضه، من الينبوع. وذكر مثله في مختصر المصنف. (3) حش ه‍ – فإن لم يكن له مال لم يجز ما فعل.

[ 85 ]

بغير إذن المرتهن، لم يكن له ذلك، وإن وصل إليها فوطئها، فلا شئ عليه، وإن علقت منه، فقضى الدين من ماله وردت إليه، وكانت أم ولد إذا ولدت. فصل (22) ذكر الشركة (1) (254) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ص) أن رسول الله (صلع) أجاز الشركة في الرباع (2) والارضين. وأشرك رسول الله (صلع) عليا (ع) في هديه. (255) وإذا أراد رجلان أن يشتركا في الاموال فأخرج كل واحد منهما مالا مثل مال صاحبه، دنانير أو دراهم، ثم خلطا ذلك حتى يصير مالا واحدا لا يتميز بعضه من بعض، على أن يبيعا ويشتريا ما رأياه من أنواع التجارات، فما كان من ذلك من فضل كان بينهما، وما كان فيه


(1) حش ه‍ – الشركة بكسر الشين، والشرك في اللغة هو من شركته في الامر شركا وشركة اي عادلته، وساويته، وفي الحديث أن معاذا أجاز الشرك بين أهل اليمن. يعني في المزارعة أن يشترك فيها رجلان أو ثلاثة، فيكونون في ذلك سواء يشتركون، والشرك في التجارة على وجوه، فمنه شركة عنان وهو أن يشترك الرجلان في مال معلوم، فيكون الربح بينهما نصفين، قال ابن قتيبة: من عن يعن إذا عرض، كأنه عن لهما شئ فاشتركا فيه. أي عرض، قال أبو سعيد السكري: هو مأخوذ من عنان الدابة، لانه متى شاء أرسله ومتى شاء أخذه. وقال غيره: مأخوذ من عنان، لانهما سيران على مقدار واحد أحدهما عن يمين العنق والاخرى عن يساره، أي أنهما يقسمان الربح بينهما نصفين على قدر سيرى العنان فيستويان فيه إلخ. (2) حش س – الرباع جمع ربع وهو محلة القوم، وفي الحديث: أرادت عائشة بيع رباعها أي منازلها، من الضياء.

[ 86 ]

من وضيعة، كانت عليها بالسواء، فهذه شركة صحيحة اختلاف علمناه فيها (1)، وليس لاحدهما أن يبيع ويشتري إلا مع صاحبه إلا أن يجعل له ذلك. (256) عن علي (ع) أنه قال في المتضاربين (2)، وهما الرجلان يدفع أحدهما مالا من ماله إلى الاخر، ويتجر فيه، على أنه ما كان فيه من فضل كان بينهما على ما تراضيا عليه واتفقا، قال: الربح بينهما على ما اتفقا عليه، والوضيعة على المال. (257) قال جعفر بن محمد (ع): وكذلك لو كان لاحدهما من المال أكثر من مال صاحبه، فالربح على ما اشترطاه، والوضيعة على كل واحد منهما، بقدر رأس ماله. (258) وعن علي (ع) أنه قال: من أخذ مالا مضاربة، فليس عليه فيه ضمان، فإن اتهم استحلف، وليس عليه من الوضيعة شئ. (259) وعنه (ع) أنه قال: إذا خالف المضارب ما أمر به وتعدى. فهو ضامن لما نقص أو ذهب، والربح بينهما على ما اتفقا عليه. (260) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الرجل يعطى الرجل مالا يعمل فيه (3) على أن يعطيه ربحا مقطوعا، قال (4): هذا الربا محضا، وهذا إنما يجوز بين الرجل وعبده، وليس بين الرجل وعبده ربا، لان المال ماله. (261) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي للرجل المؤمن منكم أن يشارك


(1) س – بينهما. (2) حش ى – قال في الاختصار: فالذي ليس له مال هو المضارب منهما والمقارض، وأصل المضاربة من الضرب في الارض. (3) س، ط. ه‍، وخه في د، ى، ع – به. (4) د – معلوما مقطوعا.

[ 87 ]

الذمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه وديعة، ولا يصافيه المودة. (262) وعنه (ع) أنه قال في رجل مات وعنده وديعة، وعليه دين، وعنده مضاربة، لا يعرفون شيئا منهما بعينه، قال: ما أرى الدين إلا حقا واجبا عليه، لانه ضامن، وليس هو مؤتمن، وما سوى ذلك فليس عليه فيه ضمان، والدين مضمون، وهو في الوديعة والمضاربة رجل مأمون. (263) وعنه (ع) أنه قال: من كان له عند رجل مال قراض فاحتضر وعليه دين، فإن سمى المال ووجد بعينه، فهو للذي سمى، وإن لم يوجد بعينه، فما ترك فهو أسوة الغرماء (1). (264) وعنه (ع) أنه قال في الشريكين إذا افترقا واقتسما ما في أيديهما، وبقى الدين الغائب فتراضيا، إن صار لكل واحد منهما حصة (2) في شئ منه فهلك بعضه قبل أن يصل، قال: ما هلك فهو عليهما معا، ولا تجوز قسمة الدين. فصل (23) ذكر الشفعة (3) (265) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنهم قالوا: لا شفعة فيما وقعت عليه الحدود (4)، وليس للجار شفعة وله حق


(1) س، ط، – أسوة الغرماء، ه‍، د، ى، ع، – للغوماء. (2) ه‍، د، ى، – حصته. (3) حش ه‍، ى – الشفعة من الشفع وهو الاثنان، وإن الشفيع يضم إلى ملكه ملك المشتري. (4) حش ه‍ – قال في ذات البيان: إذا قام الشفيع على المشتري بالشفعة، وأخذها من يده، ودفع إليه ما اشترى به ثم استحق ذلك عليه وأخرج بالحكم من يديه، رجع بالثمن على البائع الذي كان =

[ 88 ]

وحرمة، قال النبي (صلع): ما زال جبرئيل (ع) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. (266) وعنه (ع) أنه قال: شفعة الشريك واجبة، إذا كان من المسلمين، وليس للذمي شفعة، وحق المؤمن واجب، كان شفيعا أو غير شفيع، ولا شفعة في مقسوم. (267) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الشفعة جائزة فيما لم تقع عليه الحدود، فإذا وقع القسم والحدود فلا شفعة، ولا شفعة لجار، والشفعة على قدر الانصباء بالحصص. (268) وعنه (ع) أنه قال: لا شفعة (1) إلا في مشاع، أو ما كان من طريق مشترك، أو حائط معقود بخشب أو بحجارة أو ما أشبه ذلك من البناء، ولاصحاب الرائغة غير النافذة، الشفعة، بعضهم على بعض باشتراكهم في الرائغة. فإذا وقعت القسمة، لم يكن بين صاحب العلو وصاحب السفل شفعة، إلا أن يكون بينهم شئ مشترك.


= قبضه من المشتري الاول، ومنها: وإذا كان المبيع فيه شركاء فقام أحدهم ولم يقم الاخرون، مثله أن يأخذ جميع ما وقع عليه البيع، وإن قاموا كلهم أو بعضهم، فلمن قام منهم أن يأخذ بها دون من لم يقم، ويصير ذلك بينهم. حش ه‍، ى – قال في المطلب: ولو عمد المشتري إلى ما اشتراه، وفيه الشفعة، فتصدق به، أو وهبه، أو حبسه، أو بناه مسجدا، ثم قام الشفيع في طلبه فهو على شفعته، ويبطل ما فعله المشترى فيه، وقال: وما كان من شفعة ثم لوقف من أوقاف المسلمين أو المسجد أو لشئ من أبواب البركات، الامام الطالب به على ما يرى فيه من المصلحة. (1) حش ه‍ – قال في مختصر المصنف: وإذا كان البيع على خيار وكان الخيار للمشتري وجبت الشفعة، فإن كان على خيار البائع أو خيارهما جميعا لم تجب إلا بعد تمامه، – قال في المختصر: وللشفيع أن يقوم بالشفعة على البائع وعلى المشتري أيهما قام عليه كان للقيام له إذا وجب البيع، من مختصر الاثار: وإذا كان البيع سرا فالشفيع على شفعته من الرب الذي يبلغ البيع إلى مدة سنة، وإن كان ظاهرا مشهورا والشفيع حاضر ثم قام بعد مدة السنة وزعم أنه لم يبلغه البيع لم يصدق في ذلك إلا بشهادة، ولا تجب الشفعة حتى يعقد البيع.

[ 89 ]

(269) وعنه (ع) أنه قال: الشفعة في كل عقار (1)، والعقار النخل والارضون والدور. ولا شفعة في سفينة ولا نهر ولا حيوان. (270) وعن أبي جعفر (2) محمد بن علي (ص) أنه قال: إذا دفع الرجل الحصة (3) في صداق امرأته، فلا شفعة فيها. (271) وعنه (ع) أنه قال: إذا كان العبد بين رجلين فباع أحدهما نصيبه، فالاخر أحق بالبيع (4). وليس في الحيوان شفعة. (272) وعن علي (ص) أنه قال: ولا يقطع الشفعة الغيبة، قال (5): الشفعة للغائب والصغير كما هي لغيرهما، إذا قدم الغائب وبلغ الصغير. (273) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الشفيع يكون غائبا عن البيع، قال: لا تنقطع شفعته حتى يحضر، علم بالبيع أو لم يعلم. (274) وعنه (ع) أنه قال في الشفيع يحضر في وقت الشراء ثم يغيب


(1) حش ه‍ – قال في المطلب: الشفعة في العقار المشترك، وقع عليه البيع بثمن معلوم أو بماله مثل الطعام كالحنطة والقمر والزبيب الموزون…. [ الحاشية ناقصة لان الورق مقطوع ]. (2) س – أبي عبد الله جعفر بن محمد (ص). (3) حش ه‍ – يعني إذا تزوجها بالحصة لا أنه يقضيها إياها من دنانير أو دراهم أو غير ذلك، فإن كان قضاء فهو كالبيع. (4) حش ط، ى – يعني إليه وهو أحق من غيرهم من لا شريك له. حش ه‍ – إذا كان شريكا واحدا وهذه رواية مفسرة، والتي قبلها (لا شفعة في حيوان) مجملة، والمفسر يقضى على المجمل، ولا شفعة في الارحية والابار والاسفار إلا أن يكون لاحدهم أصل الارض. من مختصر الايضاح. (5) حش ه‍، ى – قال في المطلب: وجاء في الغائب أنه إذا وقع البيع فيما تجب فيه الشفعة، والشفيع حاضر، ثم سافر عقيب البيع، فغاب سنة أو أقل أو أكثر، ثم حضر يطلب الشفعة، فإن كانت غيبة دون سنة فلا مانع له من طلب الشفعة، وإن كانت غيبته سنة، فما زاد نظر في حال سفره. فإن كان سافر إلى موضع يمكن أن يمضي إليه ويعود منه قبل انقضاء السنة، وقال إنه لم يزل باقيا على شفعته وإنما عاقه عائق من الله منعه من العود، كان القول قوله مع يمينه، ويستحق الشفعة، وكان داخلا في حال الغائب الذي له الشفعة، حتى يحضر، طالت مدة غيبته أم قصرت، وإن كان سفره إلى موضع لا يمكن أن يمضي إليه ويعود قبل انقضاء السنة، فقد أبطل الشفعة. تمت حاشية.

[ 90 ]

ثم يقدم فيطلب شفعته، قال (ع): هو على شفعته ما لم يذهب وقتها، ووقت الشفعة للحاضر البالغ سنة، فإذا انقضت السنة بعد وقت البيع ولم يطلب، فلا شفعة له. (275) وعنه (ع) أنه قال: إذا انعقد البيع (1) وجبت الشفعة، قبض المال أو لم يقبض. (276) وعنه (ع) أنه قال: إذا اكترى الشفيع من المشترى الارض المبيعة أو الدار، أو عامله في النخل أو ساومه في شئ من ذلك، فقد قطع شفعته. (277) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل ادعى أنه اشترى شقصا (2) من غائب فقام عليه الشفيع، قال: لا شفعة له حتى يثبت البيع. (278) وعنه (ع) أنه قال: إذا اختلف المشتري والشفيع في ثمن الدار، فالقول قول المشتري إذا جاء بما يشبه مع يمينه، إن لم تكن للشفيع بينة. (279) وعنه (ع) أنه قال: لا شفعة في بئر ولا نهر ولا سفينة، إلا أن يكون مع شئ من ذلك أصل أرض لم تقسم. (280) وعنه (ع) أنه قال في الارض تكون حبسا (3) على القوم،


(1) حش ى – من مختصر المصنف: ولا شفعة فيما بيع بعوض كدار بدار أو بسلعة أو ما أشبه ذلك، وليس للشفيع أن يأخذ بقيمة ذلك، فإن دار العوض بعينه إلى الشفيع بملك قبل أن تنقضي شفعته وقبل… لها والعرض بحاله لم يتغير بزيادة ولا نقصان كان له أن يرده على المشترى ويأخذ منه الدار بالشفعة لانه قد رد إليه عين ماله. (2) حش س – الشقص الطائفة من الشئ والقطيعة من الارض. (3) حش س، ط، د – أي وقفا. س، حسبا، د – حبسا، حبسا.

[ 91 ]

فيبني فيها بعضهم ثم يموت، فيبيع بعض ورثته حصته، هل لصاحبه شفعة، قال: نعم، له الشفعة لانه يدخل على من بقى مضرة، إذا بهدم نصف كل بيت، فيدخل في ذلك فساد (1). (281) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسلم الشفعة قبل البيع، ثم يقوم فيها بعد البيع، قال: له أن يقوم ما لم يسلم بعد البيع. (282) وعنه (ع) أنه سئل عن البيع يقع على المشاع والمقسوم صفقة واحدة، هل للشفيع أن يأخذ المشاع بقيمته دون المقسوم؟ قال: لا، إنما له الصفقة بكمالها، ما كان فيها من مشاع ومقسوم، فإن أراد أخذها أخذها معا (2)، وإلا سلمها معا. (283) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى حصة برقيق أو متاع (3) بز أو جوهر أو ما أشبه ذلك، فيه شفعة. (284) وعنه (ع) أنه قال: إذا قام الشفيع على المشتري، فقال: اشتريت بكذا وكذا، فسلم له الشفعة، ثم علم أنه اشترى بأقل من ذلك، قال: له الرجوع (4) إن أحب القيام بشفعته.


(1) حش ى – قال في المطلب: الشفعة في العقار المشترك واجبة للشريك إذا وقع عليه البيع بثمن معلوم أو بماله مثل معلوم (؟) مثل المكيل من الطعام كالحنطة والتمر والزبيب والموزون من الاصناف، فإن وقع بعرض مجهول القيمة أو يعين وعرض مجهول لم يكن فيه شفعة، ولو قال رجل لرجل أهب لك نصيبي من هذه الدار على أن تهب لي ألف درهم، كان هذا كالبيع، وكانت الشفعة فيه واجبة، وكيفما وقع هذا العقد إما بلفظ الهبة أو غيره، فالحكم فيه واحد، وقال فيه وإذا علم الشفيع بالشفعة، وقال: قد سلمتها أو سلمت نصفها، كان تسليما لجميعها. (2) من، ط – فإن أراد أخذها أخذها معا. (3) كررس وى حاشية على 275 يعني (ولا شفعة فيما بيع… قد رد إليه عين ماله). (4) حش ه‍ – قال في مختصر المصنف: فإن كان الثمن أكثر من الذي سلمه به، لم تكن له شفعة لانه إذا سلم بالقليل كان بالكثير أولى، وإذا مات الشفيع في مدة الشفعة قبل أن يطلب شفعته، كان لورثته المطالبة بما كان لميتهم من الشفعة وهم فيها، على قدر أنصبائهم من ميراثه، (وإن) مات المشتري في مدة الشفعة والشفيع حي، فله الشفعة.

[ 92 ]

(285) وعنه (ع) أنه قال: إذا وضع البائع عن المشتري بعد عقد الشراء ما يوضع مثله بين المتبائعين، وضع مثل ذلك عن الشفيع، وإن كان الذي وضع ما لا يوضع (1) فإنما هو هبة للمشتري، وليس يوضع ذلك عن الشفيع. (286) وعنه (ع) أنه قال: الوالد يقوم بالشفعة لولده الطفل، والوصى لليتيم، والقاضي لمن لا وصى له (2)، إذا كان ذلك من النظر له. (287) وعنه (ع) أنه قال: إذا قام الشفيع على المشترى، وأوجب أخذ الشقص على نفسه، ثم رجع من ذلك، وطالبه المشتري، فإنه يلزمه. (288) وعنه (ع) أنه قال: إذا بيع الشقص مرارا في مدة الشفعة، فللشفيع أن يقوم على من شاء من المشترين. (289) وعن علي (ص) أنه قال: الشفعة لليهود والنصارى فيما بينهم، وليس لاحد منهم على مسلم شفعة.


(1) كذا في س، ط وهو الصحيح. ه‍، د، ى، ع – ما لا يوضع مثله فإنما إلخ. (2) حش ه‍، – قال في المطلب: فإن قام بها وصيه أو أبوه أو من يتولى الولاية عليه في حال طفوليته وسلمها، وكان تسليمه على وجه النظر له، ولم يكن له بتسليمها قصد الاضرار بالطفل، كان تسليمه ماضيا، ولا رجوع للطفل بها، ولو بلغ، وإن علم أن تسليمه مقصود به الاضرار بالطفل، فهو على شفعته إذا بلغ ولم يمض عليه تسليم وليه.

[ 93 ]

(2) كتاب الايمان والنذور فصل (1) ذكر الامر بحفظ الايمان والعهود (290) قال الله عز وجل (1): إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وقال عز وجل (2): واحفظوا أيمانكم. وقال تبارك وتعالى (3): وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا. وقال تقدست أسماؤه (4): يأيها الذين ء امنوا أوفوا بالعقود. وقال (ع ج) (5): وأوفو بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا. وقال (ع ج) (6): ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. وأثنى الله عز وجل على من أوفى بعهده، وقال (7): الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق الاية. وقال (8): والموفون بعهدهم إذا عاهدوا. الاية.


(1) 3 / 77. (2) 5 / 89. (3) 17 / 34. (4) 5 / 1. (5) 16 / 91. (6) 2 / 224. (7) 13 / 20. (8) 2 / 177.

[ 94 ]

وقال: (1) فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما. (291) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: بئس القوم قوما يجعلون أيمانهم دون طاعة الله. (292) وعنه (ع) أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. رجع بايع إماما، فإن أعطاه شيئا من الدنيا، وفى له، وإن لم يعطه لم يف له. ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة الطريق. ورجل حلف بعد العصر لقد أعطى بسلعته كذا وكذا، فأخذها الاخر مصدقا له، وهو كاذب. (293) وعن علي (ع) أنه وقف بالكناسة (2) وقال: يا معشر التجار، إن أسواقكم هذه تحضرها الايمان. فشوبوا أيمانكم بالصدقة، وكفوا عن الحلف (3)، فإن الله تبارك وتعالى لا يقدس من حلف باسمه كاذبا. (294) وعنه (ع) أنه قال: اتقوا الله (4) اليمين الكاذبة، فإنها منفقة (5) للسلعة، وممحقة للبركة. ومن حلف يمينا كاذبة، فقد اجترى على الله. فلينتظر عقوبته. (295) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لما خلق الله عز وجل جنة عدن، خلق لبنها من ذهب يتلالا، ومسك مدوف (6). فاهتزت ونطقت


(1) 48 / 10. (2) حش س، د – وهو موضع بالمدينة (س)، بالكوفة (د) صح، من مجمع البحرين، (3) خه ه‍، الحلف بالله. (4) ه‍، د – اتقوا اليمين الكاذبة إلخ. (5) ط – منفعة. (6) حش ه‍، س – أي مسحوق.

[ 95 ]

وقالت: أنت الله (1) لا إله إلا هو (2) الحي القيوم (3)، طوبى لمن (4) قدرت له دخولي. فقال (ع ج): وعزتي وجلالي، لا يدخلنك من لم يوف بعهدي وذكر باقي الحديث بطوله. (296) وعن علي (ع) أنه قال: من نكث بيعته لقى الله يوم القيامة أجذم، لا يد له. (297) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا يمين لمكره، قال الله عز وجل: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، قال جعفر بن محمد (ع): وليس طلاق مكره بطلاق، ولا عتقه بعتق. (298) وعن أبي جعفر محمد بن علي (صلع) أنه سئل عن الرجل يحلف تقية، فقال: إن خشيت على أخيك أو على دينك (5) أو مالك، فاحلف، ترد عن ذلك بيمينك. وإن (6) لم تر ذلك يرد شيئا، فلا تحلف. وفي كل شئ خاف المؤمن على نفسه فيه الضرر، فله عليه التقية. (299) قال جعفر بن محمد (ع) رفع الله عن هذه الامة أربعا: ما لا يستطيعون، وما استكرهوا عليه، وما نسوا، وما جهلوا حتى يعلموا. (300) وقال جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (7): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (8)، قال: هو قول الرجل (لا والله)


(1) ه‍، د، ى – الله الذي إلخ. (2) ه‍، إلا أنت إلخ. (3) 2 / 255. (4) حش س، – أي خير لهم. (5) زيد في ه‍ – أو على دمك. (6) ه‍، س، د – وإن أنت لم تر إلخ. (7) 2 / 225 و 5 / 89. (8) زيد في ه‍ – ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان (5 / 89).

[ 96 ]

(وبلى والله) ولا يعقد قلبه على شئ ما كان. (301) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يلغز (1) في الايمان، وقال: إذا كان مظلوما فعلى نية الحالف، وإن كان ظالما فعلى نية المستحلف. قال جعفر بن محمد (ع) اليمين على ما يستحلف الطالب. يعني على نيته وقصده، لا على نية الحالف، إن ألغز في اليمين، أو حرفها عند نفسه إلى غير ما استحلفه عليه من يستحلفه على حقه. (302) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحلف بغير الله. (303) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: الايمان لا تكون إلا بالله، ولا يلزم العباد شئ مما يحلفون به إلا ما كان بالله، وما كان غير ذلك مما يحلف به، فليس في شئ منه حنث، ولا تجب فيه كفارة، وقال: لا أرى لاحد أن يحلف أحدا إلا بالله، والحالف بالله، الصادق، معظم لله. (304) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحلف (2) ولد على والد، وامرأة على زوجها، أو مملوك على سيده. فإن فعل فلا يمين له. فصل (2) ذكر ما يلزم من الايمان وما لا يلزم منها (305) اليمين تسقط، مع الاستثناء عمن حلف بها الحنث.


(1) حش س، ه‍، ى – اللغز التشبيه في الكلام، وهو أن يريد الشئ فيشبه بغيره ويوهم السامع الذي يشبه به، هو المراد من قوله، وهو ينوي ويضمر غيره، ويستحلف أهل الذمة بالله وبما يعظمونه من أيمانهم، تمت من مختصر الاثار. (2) ى – يحلف.

[ 97 ]

ما لم تكن في حق، قال الله عز وجل (1): ولا تقولن لشئ (2) إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله، واذكر ربك إذا نسيت. (306) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل: واذكر ربك إذا نسيت، فقال ذلك في اليمين إذا قلت: والله لافعلن كذا وكذا، وإذا ذكرت أنك لم تستثن، فقال: إن شاء الله. وقال: إن قوما من اليهود سألوا النبي (صلع) عن شئ فقال (3): القونى غدا أخبركم (4) به فلم يستثن، فاحتبس عند ذلك جبريل (5) أربعين يوما، ثم أتاه فقال له: ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله (6) واذكر ربك إذا نسيت (7). (307) وعن رسول الله (صلع) أنه أمر بالاستثناء في الايمان فقال: قدم (7) المشيئة. (308) وعن علي (ع) أنه قال: من حلف ثم قال: (إن شاء الله) فلا حنث عليه. (309) قال أبو جعفر (ص): إذا حرك بها لسانه أجزاه، وإن لم يجهر، يعني بالاستثناء. وإن جهر به، إن كان جهر باليمين، فهو أفضل. (310) وقد جاء عن علي (ع) أنه قال: من حلف علانية فليستثن علانية. ومن حلف سرا، فليستثن سرا والاستثناء إذا كان موصولا باليمين،


(1) 18 / 23 – 24. (2) انظر فلوجل وبيضاوى (.) FLeischer (3) ه‍، د – فقال للقوم. (4) ه‍، – أخبركم ولم يستثن. (5) ه‍ – فاحتبس عنه جبرئيل، ى – فاحتبس عنه عند ذلك إلخ. (6) س – إلا إن شاء الله. (7) ه‍ – قدموا.

[ 98 ]

لم يكن معه (1) حنث، بالاجماع (2) فيما علمناه. فإن فرق بينهما، ففيه اختلاف. (311) وقد روينا عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: الاستثناء جائز بعد أربعين يوما أو بعد السنة (3). (312) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا طلاق قبل نكاح (4). ولا عتق قبل ملك. (313) وعن جعفر بن محمد (ع): ولا صدقة لمن لم يملك. (314) وعن أبي جعفر (ص) (5) أنه قال في قوله تعالى (6): يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك إلى قوله: وأبكارا (7) فقال (ع): كان رسول الله (صلع) قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد إبراهيم. فاطلعت عليه عائشة. فأمرها أن تكتم ذلك وحرمها على نفسه، فحدثت عائشة بذلك حفصة، فأنزل الله عز وجل: يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك، والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم إلى قوله: وأبكارا. (315) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من حرم على نفسه الحلال، فليأته فلا شئ عليه. وإن حلف أن لا يأتي ما أحل الله له،


(1) س خه – به. (2) ه‍، د – بإجماع. (3) حش ه‍، ى – قال في مختصر الاثار،: لان الله أمر نبيه صلى الله عليه وعلى آله بالاستثناء بعد أربعين يوما لما احتبس عنه الوحي، وقال في مختصر المصنف: ومن حلف على حق لغيره ثم استثنى لم يغن عنه استثناؤه، وذكر مثل ذلك في الاختصار. (4) د، ى – النكاح. (5) ه‍ – أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام. (6) 66 / 1. (7) 66 / 5.

[ 99 ]

فليكفر عن يمينه، وليأته إن شاء. وإن حلف ليأتين الحرام، فلا يأته. ولا حنث عليه. (316) وعنه (ع): إنما تكفر من الايمان ما لم يكن عليك واجبا (1) أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله، ثم فعلته، فعليك الكفارة. وما كان عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله، ثم فعلته (2)، فليس عليك فيه شئ (3)، ولا حنث في معصية ولا كفارة. ومن حلف في معصية فليستغفر الله. قال: ومن حلف على شئ من الطاعات أن يفعله، ثم لم يفعله، فعليه الكفارة. وذلك مثل أن يحلف أن يصلي تطوعا صلاة معلومة، أو يصوم أو يتصدق. فأما إن حلف أن لا يصلي أو حلف ليظلمن أو ليخونن أو ليفعلن شيئا من المعاصي، فلا يفعل شيئا من ذلك، ولا حنث عليه فيه، ولا كفارة. (317) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في قول الله عز وجل: ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. قال: هو الرجل يحلف أن لا يكلم أخاه أو أباه أو ما أشبه ذلك من قطيعة رحم، أو ظلم، أو إثم، فعليه أن يفعل ما أمر الله به، ولا حنث عليه، إن حلف أن لا يفعله. (318) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من حلف بطلاق أو عتاق، ثم حنث فليس ذلك بشئ. لا تطلق عليه امرأته، ولا يعتق عليه عبده. وكذلك من حلف بالحج أو الهدي. لان رسول الله (صلع) نهى عن اليمين بغير الله، وعن الطلاق لغير السنة، وعن العتق لغير وجه الله، وعن الحج لغير الله.


(1) ه‍، ط. (2) ط، ى ه‍ – ففعلته. (3) (فيه) صح كما في ط.

[ 100 ]

فصل (3) ذكر النذور (319) قال الله عز وجل (1): إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. وروينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن النذر لغير الله، ونهى عن النذر (2) في معصية أو قطيعة الرحم. (320) قال جعفر بن محمد (ص): ومن نذر في شئ من ذلك، فلا نذر عليه. لان نذره كان في معصية الله، وليس عليه شئ. وهو كالرجل يجعل لله على نفسه نذرا واجبا، إن قدر على معصية أن يفعلها. فإن قدر على ذلك، فلا يفعله ولا نذر عليه. وإن كان النذر في وجه من وجوه الطاعات وسمى النذر الذي جعله لله (ع ج) عليه، فعليه الوفاء به (3)، وذلك مثل أن يقول: لله علي صلاة معلومة أو صوم معلوم أو حج أو عتق أو وجه من وجوه البر، إن عافاني الله من شئ كذا، أو رزقني الله رزقا كذا، أو بلغني أمرا كذا من الامور الجائزة من أمور الدنيا والاخرة.


(1) 76 / 5 – 7. (2) د، ط، ه‍ – النذور، حش س، ه‍، ى – ومن نذر نذرا لقدوم غائب فوجده قد قدم قبل ذلك فلا شئ عليه، من مختصر المصنف. (3) انظر صحيفة 260.

[ 101 ]

(321) وقال جعفر بن محمد (ص): وإن قال: لله علي نذر. ولم يسم شيئا، فلا شئ عليه (1). فصل (4) ذكر الكفارات (322) قال الله (ع ج) (2): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير. فليكفر عن يمينه. (323) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن كفارة اليمين، فقال: كل شئ في القرآن (أو، أو) فصاحبه بالخيار فيه، يختار ما يشاء. وكل شئ في القرآن (فإن لم يجد) أو (لم يستطع) فكذا، فعليه الاول إلا أن لا يجده أو لا يستطيعه. فدل على أن الحانث في كفارة اليمين بالخيار، إن شاء أطعم، وإن شاء كسى، وإن شاء أعتق. فإن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام.


(1) حش ه‍، ى – وإن نذر بشئ ما، أجزاه وكان تطوعا واجبا عليه وإن جعل النذر مثل كفارة اليمين، فحسن جميل. (2) 5 / 89.

[ 102 ]

(324) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج): من أوسط ما تطعمون أهليكم، قال: من أوسط ما يأكل أهل البيت، قال: هو الخل والزيت والخبز. وأرفع الطعام الخبز واللحم، وأقله الخبز والملح. (325) وعنه (ع): يجزئ في كفارة اليمين مد من طعام لكل مسكين. (326) وعنه (ع) أنه سئل هل: يطعم المكفر مسكينا واحدا، عشرة أيام؟ قال: لا. بل يطعم عشرة مساكين كما أمره الله. قيل: فيطعم الضعفاء من غير أهل الولاية؟ قال: لا. أهل الولاية أحب إلي إن وجدهم، فإن لم يجد منهم أحدا، فالمستضعفين، فإن لم يجده إلا ناصبا فلا يعطه. ودرهم تدفعه إلى مؤمن، أفضل عند الله من ألف درهم تدفعها إلى غير مؤمن، وقد قال الله (ع ج) (1): لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله. (327) وعن علي (ص) أنه قال في قول الله: أو كسوتهم، قال: ثوبان (2) لكل إنسان. (328) وعن أبي جعفر بن محمد بن علي (ص) أنه قال: يجوز في كفارة اليمين عتق المولود، ولا يجوز في القتل إلا من أقر بالتوحيد، قال جعفر بن محمد (ع). ولا يجوز عتق المدبر في كفارة اليمين ولا في ظهار، وعتق من أغنى بنفسه أفضل، وعتق الصغير في كفارة اليمين يجزئ لان


(1) 58 / 22. (2) حش ه‍ – قال في مختصر المصنف: فإن أعطى كل مسكين ثوبا، لم يجزه من الكسوة، ويجزيه من الطعام إذا كان بقيمته ونواه ولو أعطى كل مسكين قيمة الكسوة لاجزأته، ولو كساه ثم ورثه لم تفسد كفارته والمملوك يكفر بالصوم.

[ 103 ]

الله تبارك وتعالى قال (1): (أو تحرير رقبة) لم يذكر صغيرا ولا كبيرا. (329) وعن علي (ص) ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (ص) أنهم قالوا: صيام كفارة اليمين، ثلاثة أيام متتابعة، ولا يفرق بينهما.


(1) 5 / 89.

[ 104 ]

(3) كتاب الاطعمة فصل (2) ذكر إطعام الطعام 1 (330) قال الله عز وجل (2): إن الابرار يشربون من كأس كأن مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا (3) * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إلى قوله (4): إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا. روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا وضعت موائد آل محمد حفت بها الملائكة يقدسون الله ويستغفرون لهم ولمن أكل طعامهم (5). وكان بعضهم، عليهم السلام، إذا حضر طعامه أحد قال: كل يا عبد الله وتبرك به. (331) وعنه (ع) أنه قال: أهون أهل النار دركة (6)، ابن جذعان. فقيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: كان يطعم الناس الطعام. (332) وعنه (ع) أنه قال: لان أجمع نفرا من إخواني على صاع


(1) ه‍، د، ط، ى، ع. س – الرغائب في الاطعمة. (2) 76 / 5 – 9. (3) حش ه‍ – مستطيرا أي منتشر يقال استطار الفجر إذا انتشر. (4) 76 / 22. (5) س، ى – أكل طعامعهم، ه‍، ط، ع، د – أكل من طعامهم. (6) خه س، ه‍، خه د، – عذابا، ط، ى – أهل النار عذابا يوم القيامة.

[ 105 ]

أو صاعين، أحب إلي من أن أخرج إلى سوقكم (1) فأعتق نسمة. (333) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: ما من مؤمن يطعم مؤمنا شبعة من طعام، إلا أطعمه الله من ثمار الجنة، ولا سقاه رية (2) إلا سقاه الله من الرحيق (3) المختوم. (334) وعن رسول الله (صلع) أنه أعرابيا سأله فقال: يا رسول الله، علمني عملا أدخل به الجنة، قال: أطعم الطعام وأفش السلام (4)، وصل والناس نيام. قال: لا أطيق ذلك. قال: فهل لك إبل؟ قال: نعم. قال: فانظر بعيرا منها فاسق عليه، أهل بيت لا يشربون الماء إلا غبا (5)، فإنك لعلك لا ينفق (6) بعيرك ولا يتمزق سقاؤك، حتى تجب لك الجنة. (33 5) وعن علي (ص) أن رسول الله (صلع) أتى بسبعة أسارى، فقال لي: يا علي، قم فاضرب أعناقهم، فهبط عليه جبرئيل كطرفة عين، فقال: يا محمد، اضرب أعناق هؤلاء الستة، وخل عن هذا الواحد. فقال له رسول الله (صلع) يا جبرئيل، وما حاله؟ قال: هو مدخى الكف، سخى على الطعام. قال: أعنك أو عن ربي؟ قال: بل عن ربك، يا محمد. (336) وعن محمد بن علي (ع) أنه قال: إطعام مؤمن يعدل عتق رقبة، وأحب الاعمال إلى الله إدخال السرور على المؤمن بشبعة (7) أو قضاء دينه.


(1) س، ه‍، ع، ط، د – سوقكم هذه. ى – هذا، وحش – السوق تذكر وتؤنث. (2) ه‍، ط، – شربة. (3) حش ه‍، ى – الرحيق صفو الخمر. (4) زيد في د، ط ى – وصل الارحام. (5) حش ى – الغب أن ترد الابل يوما وتترك يومين. (6) حش س، ه‍ – أي مات. ى – نفقت الدابة نفوقا، إذا ماتت. (7) ه‍ – بشبعة.

[ 106 ]

(337) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أطعم أخا له في الله، كان له من الاجر مثل من أطعم فئاما (1)، من الناس، والرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام، واصطف لطعامك ومالك من تحب في الله. (338) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه: ما يمنعك أن تعتق كل يوم رقبة؟ قال: لا يحتمل ذلك مالي، جعلت فداك، قال. فأطعم (2) كل يوم رجلا مؤمنا. قال موسرا كان أو معسرا؟ قال: إن الموسر قد يشتهي الطعام. وكان أبي يقول: لان أطعم عشرة من المؤمنين أحب إلي من أن أعتق عشرة رقاب، يعني من غيرهم. ولان أطعم رجلا مؤمنا أحب إلى من أن أطعم أفقا من سائر الناس. قيل له: وكم الافق؟ قال: عشرة آلاف (3). (339) قال (4) رسول الله (صلع): ما من ضيف يحل بقوم إلا ورزقه في حجره، فإذا نزل، نزل برزقه. فإذا ارتحل ارتحل بذنوبهم، يعني (صلع) تكفيرها (5) عنهم. لا أن الضيف يحمل شيئا من أوزارهم. (340) وعنه (صلع) أنه قال: لا يضيف الضيف إلا كل مؤمن. ومن مكارم الاخلاق قراء الضيف، وحد الضيافة ثلاثة أيام، فما كان فوق ذلك فهو صدقة. (341) وعنه (ع) أنه قال: أكرم أخلاق النبيين والصديقين والشهداء والصالحين التزاور في الله. وحق على المزور أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده، ولو لم يكن إلا جرعة من ماء. فمن احتشم أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده


(1) حش ى – الفيام مائة ألف، وبالكسر الفيام جماعة من الناس، والصحيح الفئام. (2) خه ه‍ – تطعم. (3) س – قال: ط، د، ى، ه‍ – ومن. (4) ه‍ خه، يكفوها.

[ 107 ]

لم يزل في مقت الله يومه وليلته. ومن احتقر ما يقرب إليه أخوه، لم يزل في مقت الله يومه وليلته. (342) وعن علي (ع) أنه قال: إذا دخل عليك أخوك المؤمن، فأطعمه من أطيب ما في بيتك. وإن كان صائما، فادهنه (1). (343) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أتاك أخوك، فقدم إليه ما تيسر عندك. وإن دعوته، فتكلف له ما أمكنك. (344) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه وهو يأكل معه: إنما تعرف مودة الرجل لاخيه بجودة أكله من طعامه، وإنه ليعجبني الرجل يأكل من طعامي فيجيد الاكل، يسرني بذلك. (345) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لو دعيت إلى ذراع شاة لاجبت، ولو أهدى إلي كراع (2) لقبلت. فهذا لان الهدية كانت أحب إليه (صلع). وإطعامه الطعام من القربات إلى الله (ع ج) فلم يكن ليبخل بذلك على المؤمنين ولا يحرمهم فضله. (346) وعن علي (ع) أنه كان يأتي الدعوة ويقول: هي حق على من دعى إليها، ومن أتاها ولم يدع إليها، فقد أتى ما لا يصلح له. (347) وعن الحسين بن علي (ع) أنه رأى رجلا دعي إلى طعام فقال


(1) حش ى، ه‍ – من مختصر الاثار في باب الصوم، كان رسول الله (صلع) إذا أكل طعام قوم قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الابرار، وصلت عليكم الملائكة، يدل بذلك على فضل إفطار الصائم. (2) حش ى – الكراع من الانسان ما دون الركبة ومن الدواب ما دون الكعب، يقال في المثل: أعطى العبد كراعا فطلب ذراعا، والجمع أكرع، وجمع الجمع: أكارع، وكراع كل شي طرفه.

[ 108 ]

للذي دعاه: أعفنى، فقال الحسين (ع) قم فليس في الدعوة عفو، وإن كنت مفطرا فكل، وان كنت صائما فبارك. (348) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: إذا دخل أحدكم على أخيه وهو صائم فسأله أن يفطر، فليفطر. إلا أن يكون صيامه (1) ذلك قضاء، فريضة أو نذرا سماه، أو كان قد زال نصف النهار، وقال: إذا قال لك أخوك: كل، فكل، ولا تلجئه إلى أن يقسم عليك. فإنه إنما يريد كرامتك. (349) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل طعاما لم يدع إليه، فإنما يأكل في جوفه شعلة نار. ونهى أن يطعم الرجل غيره من طعام قد دعي إليه، إلا أن يؤذن له في ذلك. (350) وعنه (ع) أنه قال: إذا مر بكم الرجل، والطعام بين أيديكم، فإن سلم عليكم فادعوه، وإن لم يسلم فلا يدعه أحد. (351) وعنه (صلع) أنه رخص لابن السبيل والجائع، إذا مر بالثمرة أن يتناول منها، ونهى من أجل ذلك عن أن يحوط عليها ويمنع، ونهى (صلع) الاكل منها عن الفساد فيها، وتناول ما لا يحتاج إليه منها، وعن أن يحمل شيئا. وإنما أباح ذلك للمضطر. فصل (2) ذكر صنوف الاطعمة وعلاجها والحاجة إليها (352) روينا عن أبي جعفر محمد بن علي (2) (ص) أن الابرش


(1) س – صيام ذلك. (2) كما في ه‍، د، ى، ط، ع. س – عن جعفر بن محمد (ص).

[ 109 ]

الكلبي سأله عن قول الله (ع ج) (1): يوم تبدل الارض غير الارض. قال: تبدل الارض بأرض تكون كخبزة النقى (2) يأكل الناس منها حتى يفرغ (3) الحساب، قال الابرش: إن الناس يومئذ لفى شغل عن الاكل، قال أبو جعفر (ص): هم في النار أشد شغلا، فقد قال الله (ع ج) (4): ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله، قالوا (5): إن الله حرمهما على الكافرين. وهم في النار يأكلون الضريع (6) ويشربون الحميم (7) فكيف بهم عند الحساب؟ إن ابن آدم خلق أجوف، لابد له من الطعام والشراب. (353) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله حكاية عن موسى (ع) (8): رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير. قال: سأل الطعام وقد احتاج إليه. (354) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: سيد الطعام في الدنيا والاخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والاخرة الماء. وعليك باللحم، فإنه ينبت اللحم، ومن ترك أكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه. (355) قال أبو جعفر محمد بن علي (ع): أكل اللحم يزيد في السمع والبصر والقوة.


(1) 14 / 48. (2) ط، ى – نقية. (3) ى – يقرع، ط، خه س – يفرغ الناس الحساب. (4) 7 / 50. (5) ه‍ – أو مما رزقكم الله وهم في النار. (6) انظر 88 ز 6 حش ه‍، ى – الضريع يبس الشبرق وهو نبت، ويقال لرطبه شبرق وإذا يبس كان سما قاتلا، (انظر غريب القرآن لفؤائد عبد الباقي) ص 118. (7) حش ه‍، ما انتهى حره من الماء. (8) 38 / 24.

[ 110 ]

قال جعفر بن محمد بن علي (ع): شكا نبي من الانبياء الضعف إلى ربه، فأوحى الله (ع ج) إليه: اطبخ اللحم في اللبن فكلهما، فإني جعلت البركة فيهما. ففعل فرد الله إليه قوته. (356) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يحب اللحم ويقول: إنا معشر قريش لحميون. وكانت الذراع من اللحم تعجبه، وأهديت إليه (صلع) شاة فأهوى إلى الذراع، فنادته إني مسمومة، وقال (صلع): لا يأكل الجزور إلا مؤمن. (357) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عما يرويه الناس عن رسول الله (صلع) أنه قال: إن الله (تع) يبغض أهل البيت اللحميين. فقال جعفر بن محمد (ع): ليس هو كما يظنون من أكل اللحم المباح أكله، الذي كان رسول الله (صلع) يأكله ويحبه، إنما ذلك من اللحم الذي قال الله (ع ج) (1): أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا (2). يعني بالغيبة له والوقيعة (3) فيه. (358) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الثريد (4) طعام العرب، وأول من ثرد الثريد إبراهيم (ص)، وأول من هشمه (5) من العرب، هاشم. (359) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الثريد بركة، وطعام الواحد يكفي الاثنين. يعني عليه السلام أنه يقوتهم، لا على الشبع (6) والاتساع. (360) وعنه أنه قال: كان رسول الله يعجبه العسل وتعجبه الزبيبة.


(1) 48 / 12. (2) س، ط. ه‍، د، ى، ع – ميتا فكرهتموه. (3) د، حش (كجراتي) – أي جارى. (4) د، حش (كجراتي) – الثريد أي مليدو. (5) حش ط، – الهشم كسر الخبز وإدخاله في ماء اللحم. (6) كتب في س بالكسر والصحيح في هذا الموضع بالفتح.

[ 111 ]

(361) وعنه (ع) أنه قال: كان رسول الله (صلع) يعجبه الفالوذج (1) وكان إذا أراده قال: اتخذوه لنا، وأقلوا. وأظنه كان عليه السلام يتقي الاكثار منه لئلا يضره (صلع)، وكان عليه السلام يتصدق بالسكر، فقيل له في ذلك، فقال: ليس شئ من الطعام أحب إلى منه، وأنا أحب أن أتصدق بأحب الاشياء إلى. (362) وعنه (ع) أنه كان يشتهي من الالوان الزيرباجة (2) والزبيبة، وكان يقول: أعطينا من هذه الاطعمة والالوان ما لم يعطه رسول الله (صلع). (363) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يحب التمر ويقول: العجوة (3) من الجنة. وكان يضع التمرة على اللقمة ويقول: هذه إدام هذه. وكان علي بن الحسين يقول: إني احب الرجل يكون تمريا، لحب رسول الله (صلع) التمر، وعنه إذا قدم إليه الطعام وفيه التمر، بدأ بالتمر. وكان يفطر على التمر في زمان التمر، وعلى الرطب في زمان الرطب. (364) وعن جعفر بن محمد أن رجلا من أصحابه أكل عنده طعاما، فلما رفع الطعام، قال جعفر بن محمد (ع): يا جارية ايتينا بما عندك، فأتته بتمر، فقال الرجل: جعلت فداك، هذا زمان الفاكهة والاعناب وكان صيفا، فقال: كل فإنه خلق من رسول الله (صلع). قال رسول الله (صلع): العجوة لا داء ولا غائلة (4). (365) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل لقمة سمينة،


(1) س، – بالدال المهملة، ه‍، ط، د، ى، ع – فالوذج، حش ه‍، د، ط – الفالوذج نوع من الحلو مركب من ثلاثة أشياء، لباب البر، وسمن البقر، ولعاب النحل. (2) حش ط، د – أي هلوو (كجراتي)، والصحيح مأخوذ من الفارسي، (زيربا) وهو كشوربا يعني. Broth (3) حش ه‍ – العجوة ضرب من أجود التمر. (4) حش ه‍ – اغتاله إذا أخذه على غرة، وى – الغائلة الحقد الباطن والشر.

[ 112 ]

نزل مثلها من الداء من جسده. ولحم البقر داء وسمنها شفاء ولبنها دواء، وما دخل الجوف مثل السمن. (366) وعنه (ع) أنه قال: نعم الادام الخل، ونعم إلادام الزيت، وهو طيب الانبياء وإدامهم، وهو مبارك، وما افتقر بيت من إدام فيه خل. (367) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الخل يسكن (1) المرار، ويحيى القلوب. (368) وعنه (ع) أنه قدم إلى بعض أصحابه خلا وزيتا ولحما باردا، فأكل معه الرجل. فجعل (ع) ينتف من اللحم ويغمسه في الخل والزيت ويأكله، فقال الرجل: جعلت فداك، هلا طبخا مع اللحم (2)؟ قال (ع): هذا طعامنا وطعام الانبياء عليهم السلام. (369) وعنه (ع) أنه سئل عن أكل الثوم والبصل والكراث نيئا (3) ومطبوخا، قال: لا بأس بذلك. ولكن من أكله نيئا، فلا يدخل المسجد فيؤذي برائحته. (370) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: عليكم بالعدس (4) فإنه يرق القلب ويكثر الدمعة. ولقد قدسه سبعون نبيا. (371) وعن علي (ص) أنه كان يأكل الرمان بشحمه ويأمر بذلك، ويقول: هو دباغ المعدة، وليس من رمانة إلا وفيها حبة من الجنة، فإذا شذ


(1) ه‍ – يسكن، س – يسكن. (2) س، د، ط، ه‍، ع – هلا كان اللحم مطبوخا به، ى – هلا كانا طبخا مع اللحم كان اللحم مطبوخا بهما. (3) ط، س، نيئا، ه‍، د، ى، ع – نيا. (4) حش ط (كجراتي) – دار مسورنى.

[ 113 ]

منها شئ، أي سقط، فتتبعوه (1) فكلوه. وكان لا يشارك أحدا في الرمانة. ويتبع ما سقط منها، ويقول: ما أدخل أحد الرمانة جوفه إلا طرد منه وسواس (2) الشيطان. (372) وعن رسول الله (صلع) أنه قطع سفرجلة فأكل منها، وناول جعفر بن ابي طالب وقال: كل يا جعفر فإن السفرجل يزكي القلب ويشجع الجبان. (373) وعن علي (ع) أنه قال: عليكم بالتفاح فإنه نضوح (3) المعدة. (374) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يعجبه الدباء ويلتقطها من الصحفة ويقول: الدباء يزيد في الدماغ. (375) وعنه (صلع) أنه قال: الهندباء (4) لنا والجرجير (5) لبني أمية، وكأني أنظر إلى منبته أي إلى منبة الباذروج (6) في الجنة. (376) وعنه (صلع) أنه قال: الكرفش (7) بقلة الانبياء. وما من ورقة الهندباء (8) إلا وفيها من ماء الجنة قطرة، وعليكم بالدباء فإنه يزكي العقل ويزيد في الدماغ. وكان يحب الرجلة (9) ويبارك فيها.


(1) ه‍، د، ع – فتتبعوه صح، س، ى، ط، – فاتبعوه. (2) ه‍ – وسوسة. (3) حش ه‍ – النضوح ضرب من الطيب بالحاء المهملة. (4) حش س، ط – آذو (كجراتي)، ى – كامنى (كجراتي). (5) حش س، ط، ى – سورن (كجراتي). (6) حش س – امرط ويك (؟) (كجراتي) ى – تلسى جنكل (كجراتي). (7) س – كرفش، ه‍، د – كرفش، ى، – كرفش (أي أجمود). (8) حش د – أمرط فل (كجراتي). (9) س – الرجلة صح، ى – الرجلة، حش س، د، ط – بوء نواد (كجراتي)، ى – لوني (كجراتي).

[ 114 ]

(377) وعنه (صلع) أنه قال: من افتتح طعامه بالملح وختم به، عوفي من اثنين وسبعين داء، منها الجذام والبرص. (378) وعن علي (ع) أنه قال: من وجد كسرة خبز ملقاة على الطريق، فأخذها فمسحها ثم جعلها في كوة، كتب الله له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. وإن أكلها كتب الله له حسنتين مضاعفتين. (379) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: كان أبي (ع) إذا رأى شيئا من الطعام في منزله قد رمى به، نقص من قوت أهله مثله، وكان يقول في قول الله (ع ج) (1): وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. قال: هم أهل القرية كان الله (ع ج) قد أوسع عليهم في معايشهم فاستخشنوا الاستنجاء بالحجارة، واستعملوا من خبزة (2) مثل الافهار، وكانوا يستنجون بها (3). فبعث الله عليهم دواب أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئا مما خلقه الله من شجر ولا نبات إلا أكلته، فبلغ بهم الجهد إلى أن رجعوا إلى الذي كانوا يستنجون به من الخبز. فيأكلونه. (380) وعن علي بن الحسين (ع) أنه دخل إلى المخرج فوجد فيه تمرة فناولها غلامه، وقال: أمسكها حتى أخرج إليك، فأخذها الغلام فأكلها، فلما توضأ عليه السلام وخرج قال للغلام: أين التمرة؟ قال أكلتها، جعلت فداك، قال: إذهب فأنت حر لوجه الله. فقيل له في ذلك: وما في


(1) 16 / 112. (2) ه‍ – الخبز. (3) ه‍ – به.

[ 115 ]

أكل التمرة ما يوجب عتقه؟ قال: إنه لما أكلها وجبت له الجنة، فكرهت أن أستملك رجلا من أهل الجنة. (381) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نظر إلى فاكهة قد رميت من داره لم يستقص أكلها، فغضب (ع) وقال: ما هذا؟ إن كنتم شبعتم فإن كثيرا من الناس لم يشبعوا. فأطعموه من يحتاج إليه. (382) وعنه (ع) قال: إن التمرة والكسرة تكون في الارض مطروحة، فيأخذها الانسان فيمسحها ويأكلها، فلا تستقر في جوفه (1) حتى تجب له الجنة. (383) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: كان أبي علي ابن الحسين (ص) إذا رأى شيئا من الخبز في منزله مطروحا، ولو قدر ما تجره النملة، نقص من قوت أهله بقدر ذلك، وكان المهدي بالله قد أمر مرة بقطع الرقاق من وظائف (2) الحرم، فكشف بعض الناس عن (3) العلة في ذلك. فقيل له: إنه دخل غير مرة في حجرة من حجرهم، فرأى منه شيئا قد يبس وطرح في الارض، فنهاهم، فلم ينتهوا فأمر بقطعه عنهم. (384) وعن علي (ع) أنه أتى بطبق فالوذج، فوضع بين يديه، فنظر إليه، ورأى صفاءه وحسنه ونقاءه (4) فوجأ بأصبعه فيه ثم استلها فلم ينتزع منه شيئا، فتلمظ (5) أصبعه، ثم قال: إن هذا لحلو طيب، ولكن نكره أن نعود أنفسنا ما لم تعود، ارفعوه. فرفعوه.


(1) ه‍ خه – بطنه. (2) ه‍ حش – الوظيفة ما يقرره الانسان في كل يوم من طعام أو رزق وقد وظفه توظيفا. (3) س – من، ه‍ – عن صح. (4) حذ ه‍. (5) حش ى – التلمظ أخذ الاكل بلسانه ما يبقى في فمه من الطعام.

[ 116 ]

(385) وعن رسول الله (صلع) أنه أتى قباء (1) في يوم خميس وهو صائم، فلما أمسى قال: هل من شراب؟ فقام رجل من الانصار فأتاه بقدح لبن مضروب بعسل، فلما طعمه رسول الله (صلع) نزعه من فيه، فقال: إدامان، يجتزأ (2) بأحدهما دون الاخر، لا أشربه ولا أحرمه، ولكني أتواضع لربي، فإنه من تواضع لله، رفعه الله، ومن تكبر على الله خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته، رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الله، رزقه الله. فهذا، والله أعلم، من رسول الله تواضع لله كما قال، لا على أن الله حرم شيئا من طيبات الرزق، قال الله عز وجل (3): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة (4) يوم القيمة. (386) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: ليس في الطعام سرف، وقال في قول الله (ع ج) (5): ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم، فالله (تع) أكرم من أن يطعمكم طعاما فيسألكم عنه، ولكنكم مسئولون عن نعمة الله عليكم بنا، هل عرفتموها وقمتم بحقها؟ (387) وعن علي (ع) أنه قال: أكثر الطعام بركة ما كثرت عليه الايدي (6) وقد قال رسول الله (صلع): طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الاربعة. يعني عليه السلام بالكفاية ما أجزأ، ودفع الجوعة، ليس ما أشبع وبلغ غاية الكفاية.


(1) حش ى – موضع قرب المدينة. (2) كما في س، حش هو – أي يكتفى. (3) 7 / 32. (4) حش ه‍ – خالصة وخالصة معا. (5) 102 / 8. (6) س الايادي. ه‍، د، ى، ط، ع – الايدي.

[ 117 ]

(388) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الطعام الحار وقال: هو غير ذي بركة، وأتى بطعام حار جدا، فقال: ما كان الله (ع ج) ليطعمنا النار، أقروه حتى يمكن، فإن الطعام الحار ممحوق (1) البركة، وللشيطان فيه شرك (2)، وفيه إذا أمكن خصال: تنمو فيه البركة ويشبع صاحبه ويأمن فيه الموت. (389) وعنه (صلع) أنه نهى أن يشم الخبز كما تشمه السباع. ونهى أن يقطع بالسكين. (390) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام، قال: لا بأس به. فصل (3) ذكر آداب الاكل (391) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: ما من رجل يجمع عياله ثم يضع طعامه، فيسمى ويسمون الله في أول طعامهم ويحمدون الله في آخره، فترفع المائدة، حتى يغفر الله لهم (3). (392) وعن علي (ع) أنه قال: إذا سمى الله على أول الطعام،


(1) في ه‍ كتب الحار جدا فاللفظ الاخر (جدا) مشطوب. (2) د، ى، ط – شركة. (3) ه‍ – يغفر لهم.

[ 118 ]

وحمد على آخره، وغسلت الايدي قبله وبعده. وكثرت الايادي عليه. وكان من حلال، فقد تمت بركته. (393) وقال (ع): ضمنت لمن سمى الله على طعامه أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكواء (1): ولقد أكلت البارحة (2) طعاما سميت عليه ثم آذاني (3)، فقال أمير المؤمنين علي (ع): لعلك أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض، يا لكع (4)، قال: كذلك كان، والله يا أمير المؤمنين. (394) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا وضع الطعام فسموا، فإن الشيطان يقول لاصحابه: اخرجوا، فلس لكم فيه نصيب، ومن لم يسم على طعامه كان للشيطان معه فيه نصيب. وقال: من قال إذا أصبح: أبتدي في يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله، أجزأه على ما نسى من طعام أو شراب. (395) وعنه (ع) أنه رخص في النفخ في الطعام والشراب، وقال: إنما يكره ذلك لمن كان معه غيره، كي لا (5) يعافه. (396) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الاكل متكئا. وكان إذا أكل استوفز (6) على إحدى رجليه واطمأن بالاخرى، ويقول: أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد.


(1) س، ط، د، ع، – ابن الكواء، ه‍ – ابن الكوى. (2) حش ه‍ – الليلة الماضية. (3) د – أوذيت. (4) س – أي لئيم. (5) س، د، ط، ى، ع كي لا، ه‍ – لئلا. (6) حش ى (ص) أنه قال: لا تأكل متكئا كما يأكل الجبارون ولا تربع (1). (398) – استوفز في جلسته إذا جلس جلوسا غير مطمئن.

[ 119 ]

(397) وعن علي وعن أبي عبد الله (ص) أنه قال: ما أكل رسول الله (صلع) متكئا مذ بعثه الله حتى قبضه. (399) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يأكل أحد بشماله أو يشرب بشماله أو يمشي في نعل واحد (2). وكان يستحب اليمين في كل شئ. وكان ينهى عن ثلاث أكلات: أن لا يأكل أحد بشماله، أو مستلقيا على قفاه، أو منبطحا على بطنه. (400) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا يأكل الرجل بشماله، ولا يشرب بها ولا يناول بها، إلا من علة. (401) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الاكل بثلاث أصابع، وعن علي (ص) أنه نهى مثل ذلك. (402) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه كان يأكل بالخمس الاصابع ويقول: هكذا كان يأكل رسول الله (صلع) ليس كما يأكل الجبارون. (403) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يأكل أحد من ذروة الثريد، وأمر أن يأكل كل واحد مما يليه، ورخص في الاكل من جوانب الطبق من التمر والرطب. (404) عنه (صلع) أنه قال: إذا أتيتم بالخبز واللحم. فابدءوا بالخبز، فسدوا به الجوع، ثم كلوا اللحم.


(1) خه ه‍، – ولا متربعان. (2) س، ط، د. ه‍، ى، ع – واحدة.

[ 120 ]

(405) وعنه (صلع) أنه كان يلعق الصحفة، وقال: آخر الصحفة أعظمها بركة. وإن الذين يلعقون الصحاف تصلي عليهم الملائكة ويدعون لهم بالسعة في الرزق، وللذي يلعق الصحفة حسنة مضاعفة. وكان إذا أكل لعق أصابعه حتى يسمع لها مصيص. (406) وحكى ذلك جعفر بن محمد (ع) وقال: كان أبي (ص) يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيها شئ من الطعام، تعظيما له إلا أن يمصها أو يكون إلى جانبه صبي فيعطيه أنامله يمصها، وهذا من أولياء الله عليهم السلام تواضع لله وتعظيم لرزقه ومخالفة لافعال الجبارين من خلقه. (407) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن القران بين التمرتين في فم، ومن سائر الفاكهة، وكذلك قال جعفر بن محمد (صلع) إنما ذلك إذا كان مع الناس في طعام مشترك. فأما من أكل وحده فليأكل كيف أحب. (408) وعنه (ع) أنه كره القيام عن الطعام. وكان ربما دعا (1) بعض عبيده، فيقال: هم يأكلون. فيقول: دعوهم حتى يفرغوا. (409) وروينا عن أهل البيت (ص) في الدعاء بعد الفراغ من الطعام وجوها، يطول ذكرها، ليس منها شئ موقت. ومن حمد الله عند ذلك وشكره بما قدر عليه، ودعا بما استطاع (2) أجزأه. (410) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: تخللوا على (3) أثر الطعام. فإنه صحة للناب والنواجذ، ويجلب على العبد الرزق. وقال: حبذا المتخللون في الوضوء ومن الطعام، وليس شئ أشد على ملكى المؤمن من أن يريا شيئا


(1) (دعى) في كل مخطوطات. إلا ه‍. (2) خه د – تيسر. (3) س، ه‍، خه ى، ع، على. د، ط، خه س، ى – عن.

[ 121 ]

من الطعام في فيه، وهو قائم يصلي (1). ونهى (صلع) عن التخلل بالقصب (2) والرمان والريحان، وقال: إن ذلك يحرك عرق الجذام (3). (411) وعنه (صلع) أنه أمر بغسل الايدي بعد الطعام من الغمر وقال: إن الشيطان يشمه (4). (412) وعن علي (ص) أنه قال: بركة الطعام الوضوء قبله وبعده، والشيطان مولع بالغمر، وإذا أوى أحدكم إلى فراشه فليغسل يديه من ريح الغمر (5) (413) وعنه (ع) أنه كان يكره أن تغسل الايدي بشئ من الطعام، ويقول: إن النعمة تنفر من ذلك. (414) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن ترفع الطشت (6) من بين أيدي القوم حتى تمتلئ. (415) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: رب البيت يتوضأ آخر القوم. يعني عليه السلام من غير عياله، إذا حضر عنده قوم من إخوانه (7).


(1) دعائم الاسلام 1 / 150 (الطبع الاول). (2) د – بالقضيب. (3) الجذام بالضم في (س)، وهو شاذ، انظر دعائم، 1 / 145. (4) دعائم 1 / 149 (الطبع الاول). (5) الرواية محذوفة في ه‍. (6) حش ه‍ – الطشت مؤنثة، لا يجوز مذكرها، س، ه‍، ى، ع بالشين، و (د) بالسين المهملة. (7) حش ه‍ – من مختصر الاثار: ينبغي للرجل إذا حضر عنده إخوانه أن يأكل معهم ليستطيبهم، ويكون آخر من يرفع يده منهم وآخر من يتوضأ منهم قبل الطعام وبعده، وقال في مختصر المصنف: تغسل الايدي قبل الطعام وبعده، ويغسل الرجل يده مع عياله قبلهم، ومع غيرهم بعدهم.

[ 122 ]

فصل (4) ذكر ما يحل أكله وما يحرم أن يؤكل من الطعام (416) قال الله (ع ج) (1): قل لا أجد فيما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، الاية، فلو لم يكن بعد هذه الاية تحريم شئ من المأكول من كتاب الله ولا سنة نبيه (صلع) لكان ما عدا هذه المسميات حلالا أكله، ولكن الله تبارك وتعالى أمر رسوله بأن يعلم من أرسل إليه أنه لم يجد فيما أوحى إليه محرما على طاعم يطعمه غير ما ذكره في الوقت الذي أمره بذلك، ثم أنزل الله (ع ج) بعد ذلك عليه فيما أنزل (2): حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير. إلى آخر الاية، وحرم الله (ع ج) على لسان نبيه (صلع) ما سنذكر ما انتهى إلينا منه إن شاء الله (تع)، وقوله: قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما، الذي بدأنا بذكره في سورة الانعام. وقوله: حرمت عليكم الميتة، الاية في سورة المائدة. (417) وقد روينا عن أمير المؤمنين علي (ص) أنه قال: كانت سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن. (418) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم بقول مجمل، فقال: أما ما يحل للانسان أكله مما أخرجت الارض، فثلاثة صنوف من الاغذية: صنف منها جميع صنوف الحب كله، كالحنطة


(1) 6 / 135. (2) 5 / 3.

[ 123 ]

والارز (1) والقطنية (2) وغيرها، والثاني صنوف الثمار كلها. والثالث صنوف البقول والنبات. فكل شئ من هذه الاشياء فيه غذاء للانسان ومنفعة وقوة، فحلال أكله، وما كان منها المضرة فحرام أكله، إلا في حال التداوي به. وأما ما يحل من أكل لحوم الحيوان، فلحوم البقر والابل والغنم، ومن لحوم الوحش كل ما ليس له ناب ولا مخلب (3)، ومن لحوم الطير كل ما كانت له قانصة، ومن صيد البحر كل ما كان له قشر. وما عدا (4) من هذه الاصناف فحرام أكله، وما كان من البيض مختلف الطرفين فحلال أكله، وما استوى طرفاه فهو من بيض ما لا يؤكل لحمه. (419) وعن رسول الله (ص) أنه قال: كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، حرام أكله. (420) وعن أمير المؤمنين علي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد (5) ولا الاسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع. ولا شئ له مخلب. (421) وعن رسول الله (صلع) أنه أباح أكل الارنب. (422) وعنه (صلع) أنه أتى بضب فلم يأكل منه، وقذره. (423) وعن علي (ص) أنه نهى عن الضب والقنفذ وغيره من حشرات (6) الارض كالضب وغيره.


(1) حش س، زوار (كجراتي) وهذا غير صحيح. (2) القطنية واحدة القطانى وهي حبوب كالعدس، والحلبة والارز والدخن والخضر واللوبيا ونحوها. (3) حش ى – المخلب للطائر وللسباع كلها بمنزلة الظفر للانسان. (4) س، ط. د، ى، ع، ه‍ – وما عدا ذلك كله من هذه الاصناف إلخ. (5) حش ى – جيتو (كجراتي). (6) س – حشرات وهو الصحيح د، ه‍، اط، ى، ع – هرشات. حش س – الحشرات الهوام والدواب الصغار (صح) حش ى – الحرشة واحدة الحرشات وهي صغار دواب الارض، حش ه‍ – من ضياء العلوم الحرشة واحدة حرشات الارض وهي دوابها الصغار كاليرابيع والقنافذ ونحوها، وكذلك الحرشة واحدة حرشات الارض، الضب دويبة تشبه الورل والقنفذ شبه الفأر وشعره كالشوك.

[ 124 ]

(424) وعنه (ع) أنه قال: النون ذكي والجراد ذكي وأخذه حيا ذكاة (1). (425) وعنه (ع) أنه قال: مر رسول الله (صلع) على رجل من الانصار وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه (2) فقال له رسول الله (صلع): إذبحه، يكن لك أجران: أجر بذبحك إياه، وأجر باحتسابك له، فقال: يا رسول الله (صلع) ألى منه شئ؟ قال: نعم، كل وأطعمني، فأهدى إلى رسول الله (صلع) منه فخذا، فأكل وأطعمنا. (426) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه نهى عن ذبح الخيل. فيشبه أن يكون نهيه عن ذلك، إنما هو عن استهلاك السالم السوي منها. لان الله (ع ج) أمر باستعدادها وارتباطها في سبيله. والذي جاء عن النبي (صلع) إنما هو فيما أشفى على الموت، وخيف عليه الهلاك منها، والله أعلم. (427) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الحمر الانسية (3) حرام. ونهى عن أكل لحومها يوم خيبر. (428) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا تؤكل البغال. (429) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أكل لحوم الجلالة وألبانها وبيضها حتى تستبرأ. والجلالة هي التي تجلل المزابل فتأكل منها العذرة. (430) وعن علي (ص) أنه قال: الناقة الجلالة تحبس على العلف أربعين يوما، والبقرة عشرين يوما، والشاة سبعة أيام والبط خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام، ثم تؤكل بعد ذلك لحومها، وتشرب ألبان ذوات الالبان منها، ويؤكل بيض ما يبيض منها.


(1) س. ه‍، د، ط، ع، ى – ذكوته. (2) حش ه‍، ى – يقال هو يكيد بنفسه أي يجود بها، وجاد بنفسه أي مات. (3) في ه‍ (الانسية) مشطوب وكتب عليه (الاهلية).

[ 125 ]

(431) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه كره خل الخمر التي تفسد، إذا كان أصله إنما عمل خمرا. (432) وعن أبي عبد الله (ص) أنه كره أكل الغدد ومخ الصلب والطحال والمذاكير والقضيب والحياء (1) وداخل الكلى. (433) وعن أمير المؤمنين (ص) أنه نهى عن الطافي، وهو ما مات في البحر من صيد من قبل أن يؤخذ. (434) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر، وكره (2) السلحفاة (3) والسرطان والجري (4) وما كان في الاصداف وما جانس ذلك. (435) وعن أمير المؤمنين (ص) أنه قال: المضطر يأكل الميتة وكل محرم إذا اضطر إليه. قال جعفر بن محمد (ص): إذا اضطر الرجل إلى الميتة أكل حتى يشبع، وإذا اضطر إلى الخمر شرب حتى يروى، وليس له أن يعود إلى ذلك حتى يضطر إليه أيضا. (436) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في طعام أهل الكتاب (5) وغيرهم من الفرق، إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة.


(1) حش ه‍ – حيا الناقلة وكل أنثى معروف وهو الرحم، ومن الصحاح الحيا رحم الناقة والجمع حيية عن الاصمعي. (.) Vulva of animal (2) كذا في س. (3) حش ه‍ – السلحفاة بضم السين وفتح اللام وإسكان الحاء واحدة السلاحف من خلق الماء ويقال أيضا سلحفية بالياء. (4) س، د – الجرى. ه‍ – الجرى (صح كما في القاموس). (5) حش ه‍، ى – من جوابات سيدنا النعمان للزواعي خطاب بن وسيم حاكم زواة، وسألت عن طعام أهل الكتاب وطعام الذين أوتوا الكتاب، وهل بين اليهود والنصارى في ذلك فرق، فاليهود والنصارى أهل كتاب، قال الله عز وجل: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم (5 / 5). فهذا في الجوت والادام، وأما الذبائح فقد قال الله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه (6 / 121).

[ 126 ]

(437) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه ذكر له الجبن (1) الذي يعمله المشركون، وأنهم يجعلون فيه الانفحة من الميتة، ومما لا يذكر اسم الله عليه. قال: إذا علم ذلك لم يؤكل، وإن كان الجبن مجهولا لا يلم من عمله، وبيع في سوق المسلمين، فكله. (438) وعنه (ع) أنه سئل عن الانية يكون فيها الخمر، فرخص في استعمالها إذا غسلت. (439) وعن علي (ص) أنه رخص في الادام والطعام تموت فيه خشاش (2) الارض والذباب وما لا دم له فيه، فقال: لا ينجس ذلك شيئا ولا يحرمه، فإن مات فيه ما له دم، وكان مائعا فسد، وإن كان جامدا فسد منه ما حوله، وأكلت بقيته.


(1) حش ه‍ – الجبن الذي يؤكل والجبنة أخص منه، والجبن أيضا صفة الجبان، والجبن المشركون بضم الجيم والباء لغة فيهما وبعضهم يقول جبن وجبنة بالتشديد، وط – أي پنير (كجراتي وفارسي). (2) س – خشائش، ه‍ – خشاش، ى – خشاش، ط ع -، حشاش، د – خشاش (صح). حش ه‍ – خشاش الطير صغارها وخشاش الارض حشراتها. وفي الحديث أن امرأة تعذب في هرة كانت لا تطعمها ولا تدعها تأكل وتصطاد من خشاش الارض، ويروى خشاش بالضم والفتح والكسر، حش – ى خشاش يروى بالفتح والضم والكسر، وخشاش الطير صغارها، خشاش الارض حشراتها. من الايضاح.

[ 127 ]

(4) كتاب الاشربة فصل (1) ذكر ما يحل شربه وما لا يحل (440) قال الله (ع ج) (1): وأنزلنا من السماء ماء طهورا * لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسى كثيرا. وقال (2): وفجرنا الارض عيونا. وقال الله تعالى (3): أفرءيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون. وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الماء سيد الشراب في الدنيا والاخرة، وشرب المياه التي خلقها الله جل ذكره لا صنعة فيه للادميين، ما لم تخالطها نجاسة، أو ما يحرم شربها من أجله مباح، ذلك بإجماع فيما علمناه، وكذلك شرب لبن كل شئ يؤكل لحمه من الدواب والصيد والانعام، فحلال شربه، وما لا يحل أكل لحمه، فلا يجوز شرب لبنه إلا لمضطر، وما خلط به الماء من لبن أو عسل، يحل أكله وشربه، من تمر أو زبيب أو غير ذلك من المحللات، فشربه حلال ما لم يتغير بالغليان والنشيش. وكل ما يستخرج من عصير العنب والتمر والزبيب، وطبخ قبل


(1) 25 / 48 – 49. (2) 54 / 12. (3) 56 / 68 – 69.

[ 128 ]

أن ينش حتى يصير له قوام كقوام العسل، فهو حلال شربه، صرفا (1) ومشوبا بالماء ما لم يغل، وأكله وبيعه وشراؤه والانتفاع به. (441) وقد روينا عن علي (ص) أنه كان يروق (2) الطلاء (3)، وهو ما طبخ من عصير العنب حتى يصير له قوام، كما وصفنا. (442) وعن أبي جعفر (4) أنه سئل عن شرب العصير فقال: لا بأس بشربه من الاناء الطاهر، غير الضارى، اشربه يوما وليلة ما لم يسكر كثيره، فإذا أسكر كثيره، فقليله حرام، ولا تشربوا خزيا طويلا، فبعد ساعة أو بعد ليلة تذهب لذة الخمر وتبقى آثامه. فاتقوا الله وحاسبوا أنفسكم. فإنما كان شيعة على (ع) يعرفون (5) بالورع والاجتهاد والمحافظة ومجانبة الضغائن والمحبة لاولياء الله. (443) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا بأس بشرب العصير سلافة (6) قبل أن تختمر، ما لم يسكر. (444) وعن علي (ص) أنه قال: كنا ننقع لرسول الله (صلع) زبيبا أو تمرا في مطهرة في الماء لنحليه له، فإذا كان اليوم واليومان شربه، فإذا تغير، أمر به فهريق.


(1) حش ه‍ – أي خالصا، الصوف الخالص الذي لم يمزج بشئ. (2) حش س، ه‍، – روق الشراب إذا صفاه. (3) حش ه‍ – س، الطلاء جنس من الشراب يطبخ حتى يذهب ثلثاه وقيل الطلاء من أسماء الخمر. (4) ز د ه‍، د – محمد بن علي عليه السلام. (5) س – يعرفون (؟). (6) حش ه‍ – السلافة أول كل شئ يعصر، وقيل السلافة ما سال من عصير العنب قبل أن يعصر.

[ 129 ]

(445) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد، فإذا تغير فلا تشربه. ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي. (446) وقال (ع): كانت سقاية زمزم ملوحة (1) وكانوا يطرحون فيها تمرا ليعذب ماؤها. فصل (2) ذكر آداب الشاربين (447) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن الشرب والاكل بالشمال، وأمر أن يسمى الله الشارب إذا شرب، ويحمده إذا فرغ. يفعل ذلك كلما تنفس في الشراب أو (2) ابتدأ أو قطع. (448) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن اختناث (3) الاسقية، وهو أن يثنى أفواه القرب ثم يشرب منها. وقيل إن ذلك نهى عنه لوجهين: أحدهما أنه يخاف أن تكون فيها دابة أو حية فتنساب في فم الشارب، والثاني أن ذلك ينتنها (4). (449) وعنه (صلع) أنه شرب قائما وجالسا. (450) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نهى عن الشرب من قبل عروة (5) الاناء.


(1) حش ط – خارو (كجراتي). (9) في ه‍ (أو) كتب ومشطوب، وهو الصحيح. (3) حش ى – اختنث السقاء إذا قلب فمه إلى خارج وشرب منه. (4) س – ينتنها. ه‍ – ينتنها، وهو الاحسن. (5) حش ى – العروة هي المخرج ولا بأس على من شرب منها.

[ 130 ]

(451) وعن رسول الله (صلع) أنه مر برجل يكرع في الماء (1) بفيه، يعني يشربه من إناء أو غيره من وسطه وقال: أتكرع ككرع البهيمة؟ إن لم تجد إناء فاشرب بيديك فإنهما من أطيب آنيتك. (452) وعنه (ص) أنه قال مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا (2)، فإن منه يكون الكباد (3). (453) وعن علي، صلوات الله عليه، أنه قال: تفقدت رسول الله (صلع) غير مرة وهو (4) يشرب الماء. تنفس ثلاثا، مع كل واحدة منهن. تسمية إذا شرب، وحمد (5) إذا قطع. (454) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: ثلاث أنفاس في الشراب أفضل من نفس واحدة، وكرها أن يتشبه الشارب بشرب الهيم، يعنيان الابل الصادية، لا ترفع رؤوسها من الماء حتى تروى. (455) وعن الحسين بن علي (ع) أنه كره تجرع اللبن، وكان يعبه عبا وقال: إنما يتجرع أهل النار. (45 6) وعن رسول الله (صلع) أنه كان إذا شرب اللبن قال: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، وإذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا برحمته، ولم يسقنا ملحا أجاجا بذنوبنا.


(1) ه‍ – يكرع الماء، وحش – كرع في الماء إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء. (2) حش ه‍ – العب تجرع الماء من غير مص. (3) حش ه‍ – الكباد وجع الكبد، وفي الحديث: الكباد من العب. (4) ه‍ – وهو إذا شرب، د، ى – إذا يشرب، س، ط – كما في المتن. (5) ه‍ – حمدة.

[ 131 ]

فصل (3) ذكر ما يحرم شربه (457) قال الله عز وجل (1): يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. فنهى عليه السلام (2) عن الخمر كما نهى عن جميع المحرمات. (458) روينا (3) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الخمر حرام. ولعن الخمر بعينها، وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. (459) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: مدمن الخمر يلقى الله حين يلقاه كعابد وثن، ومن شرب منها شربة لم يقبل الله (عز وجل) منه صلاة أربعين (4) ليلة. (460) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: حرمت الجنة على ثلاثة: مدمن الخمر وعابد وثن وعدو آل محمد. ومن شرب الخمر فمات بعد ما شربها بأربعين يوما، لقى الله عز وجل كعابد وثن. (461) وعن أمير المؤمنين علي (ص) أنه سمع رسول الله (صلع) يقول: لا أحل مسكرا. كثيره وقليله حرام (5).


(1) 5 / 90. (2) س، ط – عليه السلام (يعني رسول الله صلع)، ه‍، د، ى، ع عز وجل. (3) س، ه‍ – روينا. (4) د، ى – يوما وليلة. (5) س، ط، ى، د،. ه‍، ع – قليله وكثيره حرام.

[ 132 ]

(462) وعن أبي جعفر محمد بن علي) أنه (ص قال: كل مسكر حرام. فقيل له: أعنك؟ قال: لا، بل قاله رسول الله (صلع). قيل له: كله؟ قال: نعم. الجرعة منه حرام. (463) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: حرم رسول الله (صلع) المسكر من كل شراب، وما حرمه رسول الله (صلع) فقد حرمه الله، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام. فقال له رجل من أهل الكوفة: أصلحك الله، إن فقهاء بلدنا يقولون: إما حرم المسكر، فقال: يا شيخ، لا أدري ما يقول فقهاء بلدك، حدثني أبي عن أبيه عن جده علي ابن أبي طالب أن رسول الله (صلع) قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام (1). (464) وعنه (ع) أنه قال: التقية ديني ودين آبائي في كل شئ، إلا في تحريم المسكر، وخلع الخفين، يعني عند الوضوء، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، يعني فيما يجهر فيه من الصلاة. (465) وقال رسول الله (صلع) (2): ليس مني من يستخف بالصلوة. وليس مني من يشرب مسكرا، لا يرد علي الحوض، لا، والله. (466) وعن علي (ع) أنه قال: لا توادوا من يستحل المسكر، فإن شاربه مع التحريم (3) أيسر من هالك يستحله أو يحله، وإن لم يشربه.


(1) حش ه‍، ى – من مختصر المصنف ولا يحد المسلم بريح الخمر منه حتى يشهد شاهدان أنه شربها، أو يقر إذا لم يوجد سكران ولو شهد واحد عليه أنه شربها، وشهد آخر أنه قاءها كان جائزا، وكذلك لو شهد شاهد أنه شربها، وشهد آخر أنه أقر بشربها، ولو شرب مكرها لم يحد، وإذا قذف السكران رجلا حبس حتى يصحو ثم يحد للمقذوف ويحبس حتى يجف الضرب ثم يحد للسكر. (2) ه‍ زد – أنه قال. (3) ه‍ – تحريمه.

[ 133 ]

وكفى بتحليله إياه براءة وردا لما جاء به النبي (صلع) ورضى بالطواغيت. (467) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: من شرب مسكرا فأذهب عقله، خرج منه روح الايمان. (468) وعن الحسين (1) بن علي (ص) أنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه ويبكته بأمور صنعها. كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب، فخنت أمانتك وأخربت (2) رعيتك، ولم تؤد نصيحة ربك، فكيف تولى على أمة محمد من يشرب المسكر؟ وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الاشرار. وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الامة؟ فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار، وذكر باقي (3) الحديث بطوله. (469) وعن علي بن الحسين صلوات الله عليه أنه قال: الخمر من خمسة أشياء: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل، يعني بعد العنب، وكل مسكر خمر، وإنما اشتق اسم الخمر من التخمير، وهو التغطية له ليدفأ فيغتلم. (470) روينا عن أهل البيت عليهم السلام وأشياعهم احتجاجا طويلا في تحريم المسكر حذفناه اختصارا، وفيما جاء عنهم صلوات الله عليهم مما ذكرناه، ما كفى وأغنى (4) عن الاحتجاج. (471) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يتعالج بالخمر والمسكر، وأن


(1) س – الحسن. (2) ه‍ – أخزيت. (3) ه‍ – باقي الكلام. (4) س، ع. ه‍، د، ى، ط – كفاية وغنى (غنا).

[ 134 ]

تسقى الاطفال والبهائم، وقال: الاثم على من سقاها (1). (472) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شرب الفقاع فسأل السائل: كيف هو؟ فأخبره، فقال: حرام، فلا تشربه. (473) وعنه (ع) أنه قال: لا يتداوى بالخمر ولا المسكر، ولا تمتشط النساء به، فقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن عليا صلوات الله عليه وعلى الائمة من ذريته، قال: إن الله لم يجعل في رجس حرمه، شفاء. (474) وعنه (ع) أنه سئل عن الاواني الضارية، فقال: إنه لم يحرم النبيذ من جهة الظروف، ولكنه حرم قليل المسكر وكثيره.


(1) ه‍ – يسقيها. (2) حش س – ه‍، ى، – الفقاع شراب يتخذ من الشعير، حش ه‍، ى – ومن كتاب الاخبار ورووا أن الفقاع المعمول في الاواني الضوارى حرام لا يحل شربه ولا بأس بالاناء الذي تعمل فيه المرة والمرتين، ومنه في ذكر الاواني روى الرواة عن أهل البيت عليهم السلام أن رسول الله (صلع) نهى عن الدباء وهى القرعة وعن الخنتم والخنتم قيل إنها جرار خمر وقال آخرون خضر من المقير وعن المزفت وعن النقير وهو إناء كانوا يعملونه من جذع النخل وهذه كلها آنية كانوا ينبذون فيها فلا تكاد تكون عندهم الا ضارية ونهى أن يجعل فيها شئ من الشراب الحلال لئلا يحيله ويغيره ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة والانية المذهبة والمفضضة، حاشية الفقاع: شراب يتخذ من الشعير وسمى فقاعا لما يعلوه من الزبد من الضياء.

[ 135 ]

(5) كتاب الطب فصل (1) ذكر الطب (475) روينا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى الائمة من ذريته (1) آثارا في التعالج والتداوي، وما يحل من ذلك وما يحرم منه،، وفيما جاء عنهم صلوات الله عليهم، لمن تلقاه بالقبول وأخذه بالتصديق بركة وشفاء إن شاء الله، لا لمن لم يصدق ذلك، وأخذه على وجه التجربة. (476) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه حضر يوما عند محمد بن خالد أمير المدينة. فشكا محمد إليه وجعا يجده في جوفه فقال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي (ع) أن رجلا شكا إلى رسول الله (صلع) وجعا يجده في جوفه فقال: خذ شربة عسل، وألق فيها ثلاث حبات شونيز (2) أو خمسا أو سبعا، واشربه تبرأ بإذن الله. ففعل ذلك الرجل فبرئ، فخذ ذلك أنت. فاعترض عليه رجل من أهل المدينة كان حاضرا، فقال: يا أبا عبد الله، قد بلغنا هذا وفعلنا فلم ينفعنا، فغضب أبو عبد الله (ع) وقال: إنما ينفع الله بهذا أهل الايمان به، والتصديق لرسله، ولا ينفع به أهل النفاق ومن أخذه على غير تصديق منه للرسول. فأطرق الرجل.


(1) ط، د، ى – وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله إلخ. (2) حش د ومجمع بحار الانوار – بفتح الشين، أي الحبة السوداء.

[ 136 ]

فصل (2) ذكر التشفي بأعمال البر (477) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه (ص) أنه سئل عن قول النبي (صلع) في الحبة السوداء، فقال: قد قال ذلك، قيل: وما قال؟ قال: فيها شفاء من كل داء إلا السام. يعني الموت. ثم قال عليه السلام (1) للسائل: ألا أدلك على ما لم يستثن فيه رسول الله (صلع)؟ قال: بلى، قال: الدعاء، فإنه يرد القضاء وقد أبرم إبراما. وضم أصابعه من كفيه جميعا، وجمعهما جميعا (2) واحدة إلى الاخرى. الخنصر بحيال الخنصر كأنه يريك شيئا. (478) وعنه (ع) أنه قال: ارغبوا في الصدقة وبكروا بها، فما من مؤمن يتصدق بصدقة حين يصبح، يريد بها ما عند الله، إلا دفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم. ثم قال: ولا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم. (479) وعنه (ع) أن بعض أهل بيته ذكر له أمر عليل عنده، فقال له: ادع بمكتل (3)، فاجعل فيه برا واجعله بين يديه، ومر غلمانك إذا جاء سائل أن يدخلوه إليه، فيناول منه بيديه ويأمره أن يدعو له، فقال: أفلا أعطى دراهم ودنانير؟ فقال: اصنع ما أمرتك فكذلك روينا، ففعل فرزق العافية. (480) وعنه (ع) أن رجلا من أصحابه شكا إليه وضحا (4) أصابه


(1) ه‍ – أبو جعفر. (2) د، ى – جمعا (وهو أحسن). س، ه‍، ط، ع – جميعا. (3) حش ى – مكتل زنبيل يسع خمسة عشر صاعا. (4) حش س، ى، – أي برص.

[ 137 ]

بين عينيه وقال: بلغ مني يا بن رسول الله أمره مبلغا شديدا، فقال: عليك بالدعاء وأنت ساجد، ففعل (1) فبرئ. (481) وعنه (ع) أنه قال: ثلاث يذهبن النسيان ويحدثن الذكر: قراءة القرآن والسواك والصيام. (482) وعنه (ع) أنه قال: إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك، ثم أمر (2) يدك على وجهك من جانب خدك الايسر، وعلى جبهتك إلى جانب خدك الايمن، ثم قل: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن والفتن كلها (3) ما ظهر منها وما بطن. ثلاثا. (483) وعنه (ع) أنه قال: من قال كل يوم ثلاثين مرة، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. دفع الله عنه تسعة وتسعين نوعا من أنواع البلاء. أهونها الجنون. (484) وعن علي (ع) أنه قال: شكوت إلى رسول الله (صلع) تفلت القرآن مني فقال: يا علي، سأعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك، قل: (اللهم ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني. فارحمني بترك ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حفظ كتابك


(1) حش ه‍، ى – من مختصر الاثار: قال يا بن رسول الله فعلمني ما أدعو به، قال: قل – يا ألله، يا رحمن، يا رحيم، يا سميع الدعوات، يا معطى الخيرات، أعطني خير الدنيا والاخرة واصرف عني شرهما وأذهب هذا الذي بين عيني، فإنه قد غمني وأحزنني. (2) أو أمرر. (3) س، د، ى. ط – أذهب عني الهم والفتن ثلاثا، ه‍ – أذهب عني الحزن والهم والغم ومضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ثلاثا.

[ 138 ]

كما علمتني، وأن أتلوه على النحو الذي يرضيك مني، (اللهم نور بكتابك بصري، وأطلق به لساني، واشرح به صدري، واستعمل به بدني، وأعني به. إنه لا يعين عليه إلا أنت)، فدعوت بهن، فأثبت الله عز وجل القرآن في صدري. (485) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في المرأة التي يستمر بها الدم فتستحاض، فقال: تغتسل عند كل صلاة احتسابا، فإنه لم تفعله إمرأة قط احتسابا، إلا عوفيت من ذلك. (486) وعنه (ع) (1) أنه قال: ضمنت لمن سمى الله على طعامه أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكواء: لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه، ثم أصبحت قد آذاني، فقال له: لعلك أكلت ألوانا (2) فسميت على بعضها ولم تسم على بعض؟ فقال: كان كذلك. قال: فمن هناك أتيت، يا لكع. فصل (3) ذكر التعويذ والرقى (487) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) قال: سحر لبيد بن الاعصم (3) اليهودي وأم عبد الله اليهودية، رسول الله


(1) س، ط، د. ه‍، ى، ع – وعن علي ع. (2) حش ه‍، ى – وعن أبي عبد الله (ع) أن رجلا من أصحابه شكى إليه فسادا يجده في معدته، وأنه لا يأكل طعاما إلا ضره واتخم له، فقال له سم الله على كل طعام تأكله، وعندما تأكل كل لون منه، فإن ذلك لا يضرك ففعل فعوفي. وعن علي (ص) أنه قال إذا وضع أحدكم إناء بين يديه وفيه طعام أو شراب فخاف أن يكون فيه شئ يضره واتهمه، فليسم الله وليتناول منه، فإنه لا يضره مع اسم الله شئ. من مختصر الاثار. (3) س – عاصم، ه‍ – الاعصم، حش ه‍ – لبيد بن الاعصم اليهودي من بني زريق وبنو زريق بتقديم الزاي المضمومة على الراء المفتوحة وبالقاف بطن من الانصار وهم أولاد عامر بن زريق ابن عبد حارثة بن ملك بن الخزرج والنسب إليهم زرقي، من جامع الاصول.

[ 139 ]

في عقد خيوط (1) من أحمر وأصفر. فعقدا له فيه إحدى عشرة عقدة. ثم جعلاه في جف (2) طلع. ثم أدخلاه في بئر، ثم جعلاه في مراقى البئر بالمدينة (3)، فأقام رسول الله لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل عليه جبرئيل (ع) بمعوذات ثم قال له: يا محمد، ما شأنك؟ فقال: لا أدري، أنا بالحال الذي ترى، فقال: إن لبيد بن الاعصم اليهودي وأم عبد الله اليهوديين سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم، قل أعوذ برب الفلق (4)) فقال رسول الله (صلع) ذلك، فانحلت عقدة. ثم قرأ أخرى فانحلت عقدة أخرى، حتى قرأ إحدى عشرة مرة، فانحلت إحدى عشرة عقدة، وجلس النبي فأخبره جبرئيل الخبر، فقال لي: انطلق (5) فأتني بالسحر، فجئته به، ثم دعا بلبيد وأم عبد الله فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتما؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما. وكان موسرا كثير المال. فمر به غلام (6) في أذنه قرط (7) فجذبه فخرم أذن الصبي، فأخذ فقطعت يده، فكوى (8) منها، فمات. (488) وعنه (ع) أنه قال: كان رسول الله (صلع) يجلس الحسن على فخذه اليمنى، ويجلس الحسين على فخذه اليسرى ثم يقول: أعيذ كما


(1) س، د، – خيط. ه‍، ط – خيوط. ى، معا. (2) حش ه‍، الجف وعاء طلع النخل. (3) حش س ه‍ بئر ذي أرواق. (4) سورة 113، حش ه‍ – إلى آخر السورتين، من مختصر الاثار. (5) س، ط – انطاق. ه‍، د، ى، ع – يا على، انطلق. (6) ى زيد – صغير. (7) حش ه‍ – قيمته دينار – مختصر الاثار. (8) حش ه‍ – فلم يرقأ الدم ونزف، من مختصر الاثار.

[ 140 ]

بكلمات الله التامة، من شر كل شيطان وهامة (1)، ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان إبراهيم أبي يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق. (489) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا شكا إليه وجعا يعترضه، فقال: قل: بسم الله، وامسح عليه، ثم قال: قل: أعوذ بقدرة الله، وأعوذ بجلال الله، وأعوذ بعظمة الله، وأعوذ بجميع حدود الله، وأعوذ بأسماء الله، وأعوذ بأسماء رسول الله من شر ما أجد فيك. تقولها سبع مرات. فقالها، فذهب عنه ما كان يجده. (490) وعن علي أنه قال: مرضت فعادني رسول الله (صلع) وأنا لا أتقار على فراشي فقال: يا علي إن أشد الناس بلاء (2) النبيون ثم الاوصياء ثم الذين يلونهم، أبشر، فإنها حظك من عذاب الله، مع ما لك من الثواب، ثم قال: أتحب أن يكشف الله ما بك؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال قل: اللهم ارحم جلدي الرقيق وعظمي الدقيق، وأعوذ بك من فورة الحريق يا أم ملدم (3) إن كنت آمنت بالله (4) فلا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري على الفم، وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله إلها آخرا، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال علي (ع): ففعلتها، فعوفيت من ساعتي.


(1) حش ه‍، ى – وقوله وهامة الهميم دبيب الهوام، هوام الارض والهوام ما كان من خشاش الارض نحو العقارب وما أشبهها، الواحدة هامة لانها تهم أي تدب، والعين اللامة أي تلم بالانسان أي تصيبه ويقولون: أعوذ بالله من الهامة واللامة، يعنون باللامة ما يلم بالانسان مما يخاف منه أن ينزل – من شرح الاخبار. (2) زيد في ه‍، في هذه الدنيا. (3) حش ه‍، ى – أم ملدم كنية الحمى، واللدم الضرب. (4) زيد في ه‍، واليوم الاخر.

[ 141 ]

(491) وعن جعفر بن محمد (ع): ما فزعت إليه قط إلا وجدته نافعا. وكنا نعلمه النساء والصبيان. قال جعفر بن محمد (ع): إذا أردت أن تعوذ، فضم كفيك واقرأ فيهما بفاتحة الكتاب. وقل هو الله أحد، ثلاث مرات. ثم اجعلهما على المكان الذي تجد، ثم ضمهما واقرأ بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات، ثم ضعهما على المكان الذى تجد الثاني (1)، ثم ضمهما واقرأ بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات، ثم ضعهما على الوجع. (492) وعن علي (ع) أنه قال: من ساء خلقه فأذنوا في أذنه. (493) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الرقى بغير كتاب الله وما لا يعرف بذكره (2)، وقال: إن هذه الرقى مما أخذه سليمان بن داود على الانس والجن والهوام. (494) وعنه (ع) أنه قال: لا رقى إلا في ثلاث حمة (3) وعين ودم لا يرقأ. والحمة السم. (495) وعنه (ع) أنه قال: لا عدوى (4) ولا طيرة ولا هام (5)، والعين حق والفأل حق، فإذا نظر أحدكم إلى إنسان أو إلى دابة أو إلى شئ حسن فأعجبه فليقل: آمنت بالله وصلى الله على محمد وآله، فإنه لا تضر عينه.


(1) ه‍ – الثانية. (2) حش ه‍ – وأسمائه، من مختصر الاثار. (3) ه‍: في حمة أو عين أو دم إلخ حش ه‍، ى – من مختصر الاثار: وحمة العقرب شوكتها وشوكة الزنبوز عند العامة، وهو غلط إنما الحمة السم من ذلك ومن الحية وغيرها، والحمة كل دابة ذات سم فأما شوكة العقرب فهي الابرة، حاشية. (4) ه‍، ى ع – عدوى (ص) س، د، ط، – عدوا. (5) زيد في س، ى بيد الاخرى – في الاسلام.

[ 142 ]

(496) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: إذا أردت أن ترقى (1) الجرح، يعني من الالم والدم وما تخاف منه عليه، فضع يدك على الجروح (2) وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الاكبر من الحد والحديد (3) والحجر الاسود والناب الاسمر، والعرق فلا ينعر (4)، والعين فلا تسهر. تردده ثلاث مرات. (497) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما يتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها (5). ونهى عن السحر. قال جعفر بن محمد (ع): ولا بأس بتعليق ما كان من القرآن. (498) وعن علي (ع) (6) أنه قال: كنا مع رسول الله (صلع) ذات ليلة، إذ رمى نجم (7) فاستضاء (8)، فقال رسول الله (صلع) للقوم: ما كنتم تقولون في وقت الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا: كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، فقال: فإنه لا يرمى بها لموت (9) أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش فقالوا: قضى ربنا بكذا، فيسمع (10) ذلك أهل السماء التي تليهم فيقولون ذلك. حتى يبلغ


(1) ط، س، ترقا، ى، ه‍، ترقئ. د – ترق. (2) س، د، ط. ه‍، ى، ع – الجرح. (3) ه‍، – من الحديدة إلخ. (4) خه س، ى – تقطر. (5) زيد في ي – وإنما من السحر. (6) ط – وعنه (يعني جعفر بن محمد ع)، د – وعن جعفر بن محمد (ص). (7) س – شهب، ى – بشهاب، ط، د – نجم، ه‍، ع – بنجم. (8) ه‍ – فاستنار. (9) س، ط – الموت… والحياة. (10) ط – فسمع.

[ 143 ]

ذلك أهل سماء الدنيا، فتسترق الشياطين السمع، فربما اعتقلوا (1) شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون. فتخطئ الكهنة وتصيب. ثم إن الله منع السماء بهذه النجوم، فانقطعت الكهانة. فلا كهانة، وتلا (2) قول الله عز وجل (3): إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين، وقوله جل ثناؤه (4): وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع (5) فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا. فصل (4) ذكر العلاج والدواء (499) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: تداووا (6) فما أنزل الله داء إلا أنزل معه دواء، إلا السام. يعني الموت، فإنه لا دواء له. (500) وعنه (ع) أن قوما من الانصار قالوا: يا رسول الله إن لنا جارا اشتكى بطنه، أفتأذن لنا أن نداويه؟ قال: بماذا تداوونه؟ قالوا: يهودي عندنا يعالج من هذه العلة، قال: بماذا؟ قالوا: يشق البطن فيستخرج منه شيئا. فكره ذلك رسول الله (صلع)، فعاودوه مرتين أو ثلاثا، فقال:


(1) س، ط – اعلقوا، س خه، – اعتقلوا، ه‍، ى، ع – اعتلقوا حش ط – أي أصابوا. (2) يعني رسول الله، كما في س، ط. ه‍ – وتلى جعفر بن محمد (ص)، (3) 15 / 18. (4) 72 / 9. (5) ه‍ – الاية. (6) ط تداووا مرضاكم.

[ 144 ]

افعلوا ما شئتم، فدعوا (1) اليهودي فشق بطنه ونزع منه رجرجا كثيرا. ثم غسل بطنه ثم خاطه وداواه، فصح، فأخبر (2) النبي (صلع) فقال: إن الذي خلق الادواء خلق لها دواء، وإن خير الدواء الحجامة والفصاد والحبة السوداء. يعني الشونيز. (501) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يداويه اليهودي والنصراني، قال: لا بأس بذلك إنما الشفاء بيد الله تعالى. (502) وعن جعفر بن محمد (3) (ع) أنه سئل عن المرأة تصيبها العلة في جسدها، أيصلح أن يعالجها الرجل؟ قال: إذا اضطرت إلى ذلك، فلا بأس. (503) وعن علي (ع) أنه قال: من تطبب فليتق الله ولينصح وليجتهد. (504) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحمى (4) المريض إلا من التمر في الرمد، فإنه نظر إلى سلمان يأكل التمر وهو رمد، فقال: يا سلمان (5) أتأكل التمر وأنت رمد، إن يكن لك بد فكل بضرسك الايمن إن رمدت بعينك اليسرى، وبضرسك الايسر إن رمدت بعينك اليمنى. (505) وعنه (ع) أنه قال: ترك العشاء مهرمة. (506) وعنه (ع) أنه قال: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام. فإن الله يطعمهم ويسقيهم. (507) وعن علي (ع) أنه كان يقول: من أراد البقاء ولا بقاء،


(1) ه‍ خه – فدعوا له اليهودي. (2) ه‍ خه – فأخبر بذلك النبي. (3) ه‍ – وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام. (4) ه‍ – يحتمى (وهو أحسن). (5) ه‍، ى حش – من مختصر الاثار – أتأكل التمر وأنت رمد، فقال: يا رسول الله إنما رمدت عيني اليمنى وأنا آكل بضرسي الايسر، فتبسم رسول الله (صلع) فلم يمنعه من ذلك.

[ 145 ]

فليخفف الرداء ويديم (1) الحذاء ويباكر الغداء ويقلل إتيان النساء. وقال جعفر بن محمد (ع) يعني بالرداء الدين. (508) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لو قصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم. (509) وعنه (ع) أنه قال: ترك العشاء خراب الجسد، وينبغي للرجل، إذا أسن، ألا يبيت إلا وجوفه مملوء من الطعام. (510) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا بأس بالحقنة (2) لولا أنها تعظم البطن. (511) وعنه (ع) أنه قال: اللحم واللبن ينبتان اللحم ويشدان العظام (3)، واللحم يزيد في السمع والبصر، واللحم بالبيض (4) يزيد في الباءة. (512) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من احتجم يوم الاربعاء أو يوم السبت، فأصابه وضح فلا يلم إلا نفسه، والحجامة في الرأس شفاء من كل داء، والداء في أربعة: الحجامة والحقنة والنورة والقئ. فإذا تبيغ الدم في أحدكم فليحتجم في أي الايام كان، وليقرأ آية الكرسي وليستغفر (5) الله عز وجل، وليصل على النبي (ص). وقال: لا تعادوا الايام فتعاديكم، فإذا تبيغ الدم بأحدكم فليهرقه ولو بمشقص (6). وقوله (تبيغ) يعني تبغى من البغى.


(1) ى، د – ليديم ويباكر وليقلل، س – الرداء. (2) ه‍ حش – والحقنة دواء يحقنون بها في البطن. (3) ه‍ – العظم. (4) ه‍ – حش ه‍ -، ى – من مختصر الاثار، عن الصادق عليه السلام قال شكا: نبي من الانبياء إلى الله (ع ج) قلة الولد، فأمره أن يأكل اللحم بالبيض. تمت. (5) ه‍، د، ع يستخر الله. (6) حش ه‍ – للشقص سهم فيه نصل عريض والمشقص أيضا النصل الطويل العريض من الضياء، – وقال في الايضاح عن أبي عبد الله: قال الاصمعي هو نصل السهم إذا كان طويلا وليس عريضا، وإذا كان عريضا ليس بطويل فهو معبلة والجمع معابل، حاشية

[ 146 ]

(513) وعنه (ع) أنه قال: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء. وكان إذا وعك (1) دعاء بماء وأدخل فيه يده. (514) وعن علي (ع) أنه قال: اعتل الحسين (2) فاشتد وجعه، فاحتملته فاطمة فأتت به النبي (صلع) مستغيثة مستجيرة، فقالت: يا رسول الله، ادع الله لابنك أن يشفيه. ووضعته بين يديه، فقام (صلع) حتى جلس عند رأسه، ثم قال: يا فاطمة يا بنية، إن الله هو الذي وهبه لك، هو قادر على أن يشفيه. فهبط على جبرئيل، فقال: يا محمد، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن إلا فيها فاء. وكل فاء من آفة: ما خلا (الحمد لله)، فإنه ليس فيها فاء، فادع بقدح من ماء فاقرأ فيه (الحمد) أربعين مرة، ثم صبه عليه فإن الله يشفيه، ففعل ذلك، فكأنما أنشط من عقال. (515) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الكى (3). (516) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رخص في الكى فيما لا يتخوف منه الهلكة (4) ولا يكون فيه تشويه (5). (517) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يكتحل إلا وترا، وأمر بالكحل عند النوم، وأمر بالاكتحال بالاثمد وقال: عليكم به فإنه مذهبة للقذى، مصفاة للبصر.


(1) حش ه‍، ى – وعكته الحمى فهو موعوك أي محموم. (2) س، ط، د، – الحسين، ه‍، ع، ى (بيد الاخرى) – الحسن. (3) حش ى – قال جعفر بن محمد ص، (لا) بأس بالكي والذي فيه النهي فذلك ما يتخوف منه الهلاك وما يشوه الخلق، فأما غير ذلك مما يرجو به البرء فلا بأس. (4) س كتب (الملكة) أصلا ويبدل ب‍ (الهلاك) بيد الاخرى. (5) حش س – في الينبوع، لا بأس بالحقنة والكي الذي لا يتخوف منه ولا تشويه فيه ولا بأس بأخذ الاجر على العلاج، من كان جاهلا ضمن ما أتلف، ورخص في ألبان الاتن. ولا بأس أن يسعط الرجل بلبن المرأة أو يشربه إذا احتاج إليه.

[ 147 ]

(518) وعنه (ع) أنه قال: العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم، وقال زيد بن علي بن الحسين: صفة ذلك أن يؤخذ تمر العجوة فينزع نواه ثم يدق دقا (1) بليغا ويعجن بسمن بقر عتيق (2) ثم يرفع. فإذا احتيج إليه أكل للسم. (519) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لدغت رسول الله (صلع) عقرب فنفضها، ثم قال: لعنك الله، فما يسلم منك مؤمن ولا كافر، ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة، ثم عركه بإبهامه حتى ذاب، ثم قال: لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى الترياق (3). (520) وعن علي (ع) أنه قال: الكمأة (4) من المن (5) وماؤها شفاء للعين. قال زيد بن علي بن الحسين: صفة ذلك أن تأخذ كمأة فتغسلها حتى تنقيها ثم تعصرها بخرقة، وتأخذ ماءها فترفعه على النار حتى ينعقد، ثم تلقي فيه قيراطا من مسك، ثم تجعله في قارورة فتكتحل منه من أوجاع العين كلها، فإذا جف فاسحقه بماء السماء أو غيره، ثم اكتحل منه. (521) وعنه (ع) أنه قال: ما استشفت النفساء بمثل أكل الرطب. لان الله أطعمه مريم جنيا (6) في نفاسها. (522) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا شكا إليه وجع الخاصرة


(1) ه‍، ع – دقا ناعما بليغا. (2) حش ى – العتيق القديم الذي له مدة، قال الله (تع): وليطوفوا بالبيت العتيق (22 / 29). (3) س – الترياقات. (4) حش ى – الكمأة شجر ينبت في ظل الاشجار يخرج مستديرا أثمار الاوراق له تجنيه العرب وتشويه وتأكله، من النظام. (5) حش ى – المن كل طل ينزل من السماء على شجر أو حجر ويعلو وينعقد عسلا. (6) حش ى – كل ما هو يجنى فهو جنى.

[ 148 ]

فقال: عليك بما يسقط من الخوان (1) فكله، ففعله فعوفي. (523) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل كل يوم إحدى وعشرين زبيبة منزوعة العجم على الريق، لم يمرض إلا المرض الذي يموت منه. ومن أكل سبع تمرات عند منامه، عوفي من قولنج، وقتلت الدود في بطنه. (524) وعنه (ع) من أكل الرمان بشحمه دبغ معدته، والسفرجل يزكى القلب الضعيف ويشجع الجبان. (525) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا كتب إليه من أرض وبيئة يخبره بوبئها (2) فكتب إليه: عليك بالتفاح فكله، ففعل ذلك فعوفى، وقال التفاح يطفى الحرارة ويبرد الجوف ويذهب بالحمى. (526) وعن رسول الله (صلع) العسل شفاء. وعن علي (ع): ما استشفى المريض بمثل شرب العسل، وعن جعفر بن محمد (ع): قال الله عز وجل (3): فيه شفاء للناس. (527) وعن علي (ع) أنه قال: أيعجز أحدكم، إذا مرض، أن يسأل امرأته فتهب له من مهرها درهما، فيشتري به عسلا فيشربه بماء السماء، فإن الله عز وجل يقول في المهر (4): فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. ويقول في العسل (5): فيه شفاء للناس، ويقول في ماء السماء (6): ونزلنا (7) من السماء ماء مباركا.


(1) حش ى، الخوان بضم الخاء وكسرها والكسر أفصح. (2) س خه، ى، ط، ع – بوبائها. (3) 16 / 69. (4) 4 / 4. (5) 16 / 69. (6) 50 / 9. (7) (وأنزلنا) في كل المخطوطات!

[ 149 ]

(528) وعن رسول الله (صلع): عليكم بألبان البقر، فإنها تخلط من كل الشجر. (529) وعنه (ع) أنه قال. السمن دواء، وقال جعفر بن محمد (ع): هو في الصيف خير منه في الشتاء، وما دخل الجوف مثله. (530) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الخل يسكن المرارة ويحيى القلب ويقتل دود البطن ويشد (1) الفم. (531) وعن رسول الله (صلع) أنه وطئ على رمضاء فأحرقته، فوطئ على رجلة وهي البقلة الحمقاء، فسكن عنه حر الرمضاء فدعا لها بالبركة. وكان يحبها ويحب الدباء، ويقول يزيد في العقل والدماغ، ويحب الهندباء ويقول: ما من ورقة هندباء إلا وفيها من ماء الجنة. (532) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: عليكم بالحبة السوداء فإنها شفاء من كل داء إلا السام، يعني الموت. (533) وعنه (ع) أنه قال: إذا دخلتم أرضا وبيئة فكلوا من بصلها، فإنه يذهب عنك وباءها. (534) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إياكم والشبرم (2) فإنه حار يار، وعليكم بالسنا (3) فتداووا به. ولو دفع شئ الموت لدفعه السنا.


(1) ع – شيد، د، ط، ى، س (؟) – يشد. (2) حش ى، د – أي مال كاكنى (كجراتي)، حش ى – الشبرم ضرب من النبات ينبت في السهل واحدته شبرمة، والشبرمة حارة يابسة في الدرجة الرابعة والمستعمل منها لبنها وقشور عروقها، وإذا شرب مع ماء ورد أو عصير عنب أسهل المرة السود والاخلاط إلى الغليظ، وينبغي أن لا يكثر الشرب لانه ربما قتل من شدة حرارته ويبسه، من ش. (3) حش س – السنا سيهدي آمل بالهندية.

[ 150 ]

وتداووا بالحلبة (1) فلو تعلم أمتي ما لها في الحلبة، لتداوت بها ولو بوزنها ذهبا. (535) وعن علي (ع) أنه قال: ما من شجرة حرمل (2) إلا ومعها ملائكة يحرسونها حتى تصل إلى من وصلت. وقال: في أصل الحرمل نشرة (3) وفي فرعه شفاء من اثنين وسبعين داء. (536) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا من أصحابه شكا إليه اختلاف البطن، فأمره أن يتخذ من الارز سويقا ويأخذه ويشربه، ففعل فاشتد (4) بطنه، وقال: مرضت سنتين أو أكثر، فألهمني الله الارز. فأمرت به فغسل وجفف ثم أمس النار وطحن، وجعلت بعضه سويقا وبعضه حساء (5) واستعملته فبرئت. (537) وعنه (ع) أنه قال: السويق ينبت اللحم ويشد العظم، وقال: المحموم يغسل له السويق ثلاث مرات ويعطاه. فإنه يذهب بالحمى وينشف (6) المرار والبلغم ويقوي الساقين. (538) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أكل الطفل والطين والفحم (7) وقال: إن الله خلق آدم من طين فحرم من أكل الطين على ذريته. ومن أكل من الطين فقد أعان على قتل نفسه، ومن أكله فمات لم أصل عليه، وعن جعفر بن محمد (ع) أكل الطين يورث النفاق.


(1) حش ى – ميتهى (كجراتي). (2) حش س، ى، د – اسبن (كجراتي)، ومعرب في (ى) بضمتين (حرمل) وهو سهو. (3) حش ى – النشرة رقية يعالج بها المجنون. (4) س، د، ع – فاشتدت، ى، ط – فاشتد. (5) حش ى – الحساء ما يتحسى به أي ما يشرب به. (6) د، ط، ع – ينشف. ى – يشف. س -؟ (7) ط، ى، د الطفل محرك، والصحيح الطفل، حش د – أي حاپى (كجراتي) س – نهى عن أكل الطفل والطين والفحم (صح؟)

[ 151 ]

(539) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إدمان أكل السمك الطرى يذيب اللحم (1). وكان إذا أكل السمك قال: اللهم بارك لنا فيه، وأبدل لنا (2) به خيرا منه. (540) قال جعفر بن محمد (ع): وأكل التمر بعده يذهب أذاه. (541) وعنه (ع) أنه سئل عن ألبان الاتن يتداوى بها، فرخص فيها. (542) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن شرب الحميم. يعني الماء الحار الذي ينتهى إلى غاية الحرارة. تم الجزء الرابع من كتاب دعائم الاسلام، في الحلال والحرام، والقضايا والاحكام، عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله.


(1) ه‍، د خه – الجسد. (2) س – أبدل لنا، ط – وأبدل به خيرا إلخ، ى، د أبدلنا به إلخ.

[ 153 ]

بسم الله الرحمن الرحيم (6) كتاب اللباس والطيب فصل (1) ذكر آداب اللباس (543) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) كان يقول: ينبغي للرجل إذا أنعم الله عليه بنعمة، أن يرى أثرها عليه في ملبسه، ما لم يكن شهرة. (544) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نظر إلى رجل من أصحابه عليه جبة خز وطيلسان خز فتأمله، فقال له الرجل: جعلت فداك، إنما هو خز، سداه أبريسم (1) فقال أبو عبد الله (ع): وما بالخز من بأس، لقد أصيب الحسين (ع) يوم أصيب وعليه جبة خز. ثم قال: إن أمير المؤمنين عليا، صلوات الله عليه، لما بعث ابن عباس إلى الخوارج، لبس أفضل ثيابه وتطيب أفضل طيبه وركب أفضل مراكبه، ثم خرج إليهم فوافاهم، فقالوا: يابن عباس بينا أنت خير الناس إذا أتيتنا في زى الجبارين ومراكبهم، فتلا عليهم (2): قل من حرم زينة الله التي أخرج


(1) د، ى، ط، ع – سداه أبرشيم، س – خداه أبريسم، حش س – أبريسم بفتح السين وضمها الحرير. (2) 7 / 32.

[ 154 ]

لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة، ثم قال أبو عبد الله للرجل: إلبس وتجمل فإن الله عز وجل يحب الجمال ما كان من حلال. (545) وعنه (ع) أنه خرج يوما إلى أصحابه عليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء (1) ومطرف (2) خز أصفر، فذكر اللباس فقال: كان يوسف بن يعقوب (ع) يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، ويجلس على السرير ويقضى بين الناس، وإنما احتاج الناس إلى قسطه وعدله. (546) وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان يلبس في الصيف ثوبين تشتريين (3) بخمس مائة درهم. ويلبس في الشتاء الخز. (547) وعنه (ع) أنه قال: أصيب الحسين بن علي (ص) وعليه جبة خز، حسبنا فيها أربعين جراحة ما بين ضربة وطعنة. (548) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا قال له: جعلت فداك، ما أحب إلي من الناس من يأكل الجشب (4) ويلبس الخشن ويتخشع فيرى عليه أثر الخشوع، فقال: ويحك، إنما الخشوع في القلب، أوما (5) علمت أن نبيا بن نبي بن نبي بن نبي كان يلبس أقبية الديباج (6) مزرورة بالذهب، ويجلس مجلس آل فرعون يحكم بين الناس. فما يحتاج الناس


(1) حذ، ط. (2) ط، د، ع. س – مطرق، ى – مطرفة، حش ى – أي ثوب مربع له أعلام. (3) خه د – مشتريين ع – تستريين، حش ى – اسم بلد من بلاد مصر (؟) وهذا بلد من بلاد إيراد. (4) حش ى – مثل جواري (كجراتي) وغيره. (5) س، د، ع. ى ط – أما علمت إلخ. (6) حش ى – الدبيج النقش والديباج ج دبابيج أي ثياب منقوشة.

[ 155 ]

إلى لباسه، وإنما احتاجوا إلى قسطه وعدله، كذلك فإنما يحتاج الناس من الامام إلى أن يقضى بالعدل، إذا قال صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا حكم عدل، إن الله عز وجل لم يحرم لباسا أحله، ولا طعاما ولا شرابا من حلال وإنما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال عز وجل (1): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. (549) وعنه (ع) أن رجلا سأله فقال: يا بن رسول الله! هل يعد من السرف أن يتخذ الرجل ثيابا كثيرة يتجمل بها، ويصون بعضها من بعض؟ فقال: لا، ليس هذا من السرف، إن الله عز وجل يقول (2): لينفق ذو سعة من سعته. (550) وعنه (ع) أن سفيان الثوري دخل عليه فرأى عليه ثيابا رفيعة فقال: يا بن رسول الله، أنت تحدثنا عن علي (ع) أنه كان يلبس الخشن من الثياب والكرابيس (3) وأنت تلبس القوهى (4) والمروى، فقال: ويحك يا سفيان، إن عليا (ع) كان في زمن ضيق، وإن الله قد وسع علينا، ويستحب لمن وسع الله عليه أن يرى أثر ذلك عليه. (551) وعنه (ع) أنه رأى قوما يلبسون الصوف والشعر فقال: البسوا القطن فإنه لباس رسول الله (صلع)، وكان أفضل ما يجده (صلع) وهو لباسنا، ولم يكن يلبس الصوف ولا الشعر فلا تلبسوه إلا من علة، فإن الله عز وجل جميل يحب الجمال (5)، وأن يرى أثر نعمته على عبده.


(1) 7 / 32، انظر 544. (2) 65 / 7. (3) حش ى – الكرباس ثوب من القطن الابيض ج كرابيس. (4) حش ى – القوهى والمروى نسبة إلى قريتين من قرى الفرس. (5) ع، د، ط – الجمال. س، ى – الجميل.

[ 156 ]

(522) وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان صردا، فكان يلبس الخز في الشتاء ويشترى له الثوب بألف درهم أو بخمس مائة درهم، فإذا خرج الشتاء تصدق به. (553) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه كان يلبس ثوب الخز بألف (1) درهم وبخمس مائة، فإذا حال عليه الحول تصدق به، فقيل له: لو كنت بعت هذه الثياب وتتصدق بأثمانها، أليس كان ذلك أفضل؟ فقال: ما استحسنت أن أبيع ثوبا قد صليت فيه. (554) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه حج، فبينا هو في الطواف وعليه ثوبان رفيعان، إذ جذب (2) رجل بطرف ثوبه، فالتفت إليه فإذا هو عباد البصري، فقال: يا أبا عبد الله، تلبس مثل هذه الثياب في مثل هذا الموضع؟ وأنت من على بالمكان الذي أنت فيه، وقد علمت كيف كان لباسه! فقال له أبو عبد الله: ويحك، يا عباد، كان علي (ع) في زمن يستقيم له فيه ما يلبس، ولو لبست أنا اليوم مثل لباسه، لقال الناس: هذا مرء مثل عباد، فأفأفحم عباد وتغامز الناس به من حوله، وكان يوصف بالرياء. (555) وعنه عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: إن الرجل ليبتاع الثوب بدينار أو بنصف دينار أو ثلث دينار، فإذا لبسه حمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له. (556) وعن علي (ع) أنه خرج من المسجد فأتى دار فرات (3) وبها


(1) س، ى. د، ط، ع – بالالف درهم وبالخمس مائة. (2) س – جبذ، وهي لغة تميم كما في اللسان د، ى، ط، ع – جذب. (3) حش ى – اسم موضع.

[ 157 ]

يومئذ يباع الكرابيس، فرأى شيخا يبيع، فقال: يا شيخ! بعني قميصا بثلاثة دراهم، فقال: نعم، يا أمير المؤمنين! وقام قائما، فلما علم (ع) أنه قد عرفه، قال: اجلس، ثم أتى آخر فكان مثل ذلك، فقال: اجلس ثم أتى غلاما فأعرض عنه ولم يلتفت إليه، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، فلبسه، فبلغ منه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثم نظر إلى كميه، فرأهما قد خرجا على يديه، فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه، ثم قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري سوأتي وستر عورتي. الحمد لله رب العالمين، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! هذا قول قلته عن نفسك أو شئ سمعته عن رسول الله (صلع)؟ قال: كان (1) رسول الله إذا لبس ثوبا، قال مثل هذا القول. (557) وعن محمد بن علي (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (2): وثيابك فطهر، فقال: يعني فشمر، وقال: لا يجاوز ثوبك كعبيك فإن الاسبال من عمل بني أمية، وكان علي (ع) يشمر الازار والقميص. (558) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أخرج يوما إلى أصحابه قميص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ص) الذي أصيب فيه، وفيه دمه فنشره فشبروه، فأصابوا دور أسفله اثنى عشر شبرا، وعرض بدنه ثلاثة أشبار وطول كميه ثلاثة أشبار. (559) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: ما جاوز الكعبين فهو في النار، وقال: إن صاحبكم، يعني عليا (ع) كان يشتري القميصين (3)


(1) س – كان رسول الله، ع، د – بل كان رسول الله، ط، ى – لا بل كان إلخ. (2) 74 / 4. (3) ط قميصين.

[ 158 ]

فيخير غلامه بينهما، فيختار أيهما شاء يأخذه، ثم يلبس الاخر، فإذا جاوز كمه أصابعه قطعه، فإذا جاوز ذيله كعبيه خذفه. (560) وعن رسول الله (صلع): من اتخذ شعرا فليحسن إليه، ومن اتخذ زوجة فليكرمها، ومن اتخذ نعلا فليستجدها، ومن اتخذ دابة فليستفرهها (1)، ومن اتخذ ثوبا فلينظفه. (561) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: نقاء الثوب يكبت العدو، وغسل الثياب يذهب الهم والغم، وتشميرها طهورها. ومنه قول الله عز وجل (2) وثيابك فطهر، يعني فشمر. (562) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: راحة الثوب طيه، وراحة البيت كنسه. (563) وعن محمد (3) بن علي (ع) أنه قال. كان أبي ربما يشتري مطرف (4) الخز بخمسين دينارا فيشتو فيه ويدخل به المسجد، فإذا كان الصيف أمر به فتصدق به أو بيع فتصدق بثمنه، وربما أمر أن يشترى له ثوبان أسمونيان (5) من ثياب مصر، فيمشقان له (6) فيلبسهما، ويلبس ما بين ذلك يعني ما بين الرفيع والدون، ويقول (7): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق.


(1) س حش – أي اختار. (2) 74 / 4، انظر 557. (3) ط – وعن جعفر بن محمد (ص). (4) س – المطرف الخز، ى – مطرفة الخز. (5) ه‍ – أشمونيان. (6) زيد في د، ط، ى – فيغسلان له، حش س، ع، د – اي يصبغان له. (7) 7 / 32، انظر 544، 548.

[ 159 ]

(564) وعن علي (ع) أنه لبس ثوبا مرقعا (1) فقيل له في ذلك، فقال: لباس الدون يخشع له القلب. (565) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا لبس الجسد الثوب اللين طغى. ورأى بعض أصحابه عليه ثوبا خلقا مرقوعا، فقيل له في ذلك، فقال: لا جديد لمن لا خلق له. وكان (ع) له ثوبان خشنان يصلي فيهما في بيته، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما. (566) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: استجيدوا العمائم فإنها تيجان العرب. (567) وعنه (ع) أنه كان يلبس قلنسوة في الحرب مضربة (2) ذات أذنين. (568) وعنه (ع) أن فراشه كان من أدم حشوه ليف، وكان ربما يفترش له بساط من شعر مثنيا، فينام عليه إذا قصر الليل وأراد القيام إلى الصلاة. وطووه له ذات ليلة على أربع، ونام حتى أصبح، فقال: ويحكم، ما أفرشتموني الليلة؟ فقالوا: هو (3) البساط، يا رسول الله، ولكن طويناه على أربع ليكون أوطأ لك، قال: فلا تفعلوه وردوه على حسبه، فقد منعتني وطأته (4) الصلاة الليلة. (569) وعن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن على (ع) (5) أنه قال:


(1) زيد في ط، ع، ى – مرفوعا. (2) س – مصرية، ط، ع – مصرية، ى – مصرية، د – مضرية، حش ى – الصرب الصبغ الاحمر، و (مضربة) صحيح كما في مجمع البحرين لفخر الدين النجفي. (3) ط – هذا البساط. (4) منعنى وطاؤه الصلوة. (5) س – وعن أصحاب أبي جعفر.

[ 160 ]

دخلت، يعني على أبي جعفر (ع) في منزله، فوجدته في بيت منجد قد نضد (1) بوسائد وأنماط ومرافق وأفرشة، ثم دخلت عليه بعد ذلك فوجدته في بيت مفروش بحصير فقلت: ما هذا البيت؟ جعلت فداك، قال: هذا بيتي، والذي رأيت قبله بيت المرأة، وسأحدثك بحديث حدثني أبي (ص)، قال: دخل قوم على الحسين بن علي (ع) فرأوا في منزله بساطا (2) ونمارق (3) وغير ذلك من الفروش، فقالوا: يا بن رسول الله! نرى في منزلك أشياء لم تكن في منزل رسول الله (صلع)، قال: إنا نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شئن، ليس لنا فيه شئ! فصل (2) ذكر ما يحل من اللباس وما يحرم منه (570) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه ذكر ما يحل من اللباس بقول مجمل فقال: كل ما أنبتت الارض فلا بأس بلبسه، والصلاة فيه وعليه، وكل شئ يحل أكل لحمه فلا بأس بلبس جلده إذا ذكى، وصوفه وشعره ووبره، فإذا لم يكن ذكيا فلا خير فيه ولا في شئ من ذلك. (571) وعنه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه كره الحمرة، يعني من اللباس، وقال علي (ص): الزعفران لنا والعصفر لبني أمية.


(1) حش ى – يقال نضد أي عمل بعض الفرش على بعض، والوسائد المخاد، والانماط البسط المنقوشة بالعمس. (2) س، ى – بسطا. (3) حش ى – جمع النمرقة وهي الوسادة.

[ 161 ]

(572) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه كان يكره اللباس الصبيغ بالعصر، ويقول: لا تلبسوا الحمرة فإنها زي قارون وهي صبغ بني أمية (1)، ورخص في النوم في اللباس (2) والملحفة (3) المعصفرة. (573) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ليس من لباسكم شئ أحسن من البياض، فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم. (574) وعن على (ع) أنه خرج (4) في الرحبة (5) وعليه إزار أصفر وقميص (6) أسود وفي رجليه نعلان، وبيده عنزة (7). (575) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أحرم في برد أخضر. (576) وعن علي بن الحسين (ع) أنه رأى (8) وعليه دراعة (9) سوداء وطيلسان أزرق. (577) وعن علي (ع) (10) أنه كره للرجل لبس المحض من الحرير (11)


(1) حش س – في الينبوع – وكره الاحمر المشيع، ورخص في المعصفر والمزعفر، وبما يكره للتشبيه بالجبابرة، ولا بأس بلبس الخز. (2) ط، د في – اللحاف. (3) حش. ى – الملحفة كساء أسود مربع له علمان. (4) س. زيد في ط، د، ع، ى – على الناس. (5) النحلة بالكوفة (مجمع البحرين). (6) ع – خميصة. (7) حش ى – العنزة عصا قدر نصف الربع أو أكبر شيئا. (8) كذا في كل نسخ، ع رئى. (9) د، س حش – أي قميص، حش ى – المدرعة ثوب كالدراعة ولا يكون إلا من صوف. (10) س، ى، ع، ط، د – وعن علي بن الحسين. (11) حش ى – وعن الائمة صلوات الله عليهم أنهم كرهوا اللباس الاسود لما تزيل به بنو العباس وزعموا أنهم لبسوه حزنا على الحسين ص، ولو كان في ذلك فضل أو كان من الواجب لسبقهم إليه الائمة من ولده، ولو كان كما زعموا حزنوا عليه ما ارتكبوا مع ولده ما ارتكبوه، فكره الائمة عليهم السلام الزي بزيهم، من مختصر الاثار. وقال في الاقتصار، ولا يحل لباس الحرير ولا حلية الذهب للرجال.

[ 162 ]

ورخص فيما كان منسوجا به وبغيره من نبات الارض (1) ولا بأس أن يباهى به العدو، ويلبس كما يلبس ما لا يحل الصلاة فيه كالثوب النجس وجلود الميتة وما يكون منها يتدثر بذلك ولا يصلى فيه. (578) وقد روينا عن علي بن أبي طالب (ص) ومحمد بن علي بن الحسين وجعفر بن محمد عليهم السلام أنهم قالوا: الميتة وكل ما هو منها نجس. ولا يطهر جلد الميتة ولو دبغ سبعين مرة، وكذلك قالوا فيما لا يؤكل لحمه: مقامه مقام الميتة. ولا بأس أن يتدثر به ولكن لا يصلى فيه. (579) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رئى جالسا على بساط فيه تماثيل قيمته ألف أو ألفان، فقيل له في ذلك، قال: السنة أن يطأ عليه (2). فصل (3) ذكر لباس الحلى (580) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص) أنه قال: لا تصلى المرأة إلا وعليها من الحلى خرص (3) فما فوقه، إلا أن


(1) حش ى – وقال في مختصر الاثار: والائمة (ص) يلبسونه كذلك منسوجا مع غيره ومحضا مبطنا بنبات الارض يباهون به أعداء الله وأباحوه كذلك لاوليائهم، يباهون به أعداءهم، وإن كانت الدنيا وما فيها من أهون الاشياء عندهم، فإنما يظهرون منها ما يظهر… (المتن ناقص). (2) حش ى – من مختصر الاثار: قال المعز (ص) وقد ذكر عنده كراهة بعض الناس للصور الروحانية لان الله (ع ج) خالقها، فقال: أو ليس هو (ع ج) خالق كل شئ من الشجر والجماد وكل ما برئ وهم يصورون ذلك ولا يرون بتصويره بأسا، فما الفرق بين هذا وذلك؟ (3) حش ى – الخرص الخرز، الخرص بالضم ويكسر حلقة الذهب والفضة أو حلقة القرط.

[ 163 ]

لا تجده، ونهى النساء أن يكن معطلات (1) من الحلى ولا يتشبهن بالرجال، ولعن من فعل ذلك منهن. (581) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا ينبغي لامرأة أن تعطل نفسها من الحلى، ولو أن تعلق في رقبتها قلادة. (582) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى المرأة أن تضرب برجليها الارض ليسمع صوت خلخالها ويعلم ما يخفى (2) من زينتها، يعني (ع) إذا خرجت من بيتها، وكان ذلك منها بحضرة غير ذي محرم منها، وذلك لقول الله عز وجل (3): قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن إلى قوله (4): ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن. (583) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن حلى الذهب للنساء قال: لا بأس به، إنما يكره للرجال. (584) وعن جعفر بن محمد أنه سئل عن الذهب يحلى به الصبيان، قال: إن أبي كان يحلي أولاده ونساءه بالذهب والفضة، ولا بأس أن تحلى السيوف والمصاحف بالذهب والفضة. (585) وعن رسول الله (صلع) أنه رأى رجلا في أصبعه خاتم من حديد، فقال: هذه حلية أهل النار، اقذفه عنك، أما إني أجد ريح المجوسية، وسمتها فيك، فرماه وتختم بخاتم من الذهب، فقال: أما إن أصبعك في


(1) ع – متعطلات. (2) ط، ى – يخفى، س، د، ع – تخفى (من خفى يخفى). (3) 24 / 31. (4) أيضا.

[ 164 ]

النار، ما كان فيها هذا الخاتم، قال: يا رسول الله! أفلا أتخذ خاتما؟ قال: نعم، فاتخذه إن شئت من ورق (1) ولا تبلغ به مثقالا. (586) وعن علي (ع) أنه قال: لا تلبسوا صبيانكم خواتم الحديد. (587) وعن علي (ع) أنه قال: كان خاتم رسول الله (صلع) من فضة ونعل سيفه من فضة. (588) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى الرجال عن حلية الذهب وقال: هو حرام في الدنيا. (589) وعنه (ع) أنه كان يتختم في يمينه ونهى عن التختم بالشمال. (590) وعنه (ع) أنه قال: من تختم بفص من العقيق ختم الله له بالحسنى. ونعم الفص البلور. (591) وعن الحسين بن علي (م) أنه قال: قال لي رسول الله (صلع): يا بني! نم على قفاك، يخمص بطنك، واشرب الماء مصا، يمرءك (2) أكلك، واكتحل وترا، يضئ لك بصرك، وادهن غبا، تتشبه (3) بسنة نبيك، واستجد النعال، فإنها خلاخيل (4) الرجال، والعمائم فإنها تيجان العرب، وإذا طبخت قدرا فأكثر مرقها (5)، وإن لم يصب جيرانك من لحمها، أصابوا من مرقها، لان المرق أحد اللحمين، وتختم بالياقوت والعقيق، فإنه ميمون مبارك، فكلما نظر الرجل فيه إلى وجهه يزيد نورا،


(1) س – ورق يعني الفضة. (2) أو يمرئك. س وكل المخطوطات – يمريك. (3) س، ط، ى، ع. د – تشبه. (4) س، ع، ى – خلاخيل. د، ط – خلاخل، صح معا. (5) حش د – المرق، أي شروآ (كجراتي).

[ 165 ]

والصلاة فيه سبعون صلاة، وتختم في يمينك فإنها من سنتي وسنن (1) المرسلين، ومن رغب عن سنتي فليس مني، ولا تختم في الشمال ولا بغير الياقوت والعقيق. (59 2) وعن رسول الله (صلع) أنه كان في نقش خاتمه (محمد رسول الله). وعن على (ص) أنه كان في نقش خاتمه (علي يؤمن بالله)، وعن جعفر ابن محمد (ع) أنه كان في نقش خاتمه (رب يسر لي، أنت ثقتي، فقني شر خلقك)، وعنه (ع) قال: لا يصلى (2) بخاتم نقشه تماثيل! فصل (4) ذكر الطيب واستحبابه وفضله (593) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه قال: ما طابت رائحة عبد إلا زاد عقله. وكان إذا سافر، سافر معه بستة أشياء، القارورة، والمقصين (3) والمكحلة والمرآة والمشط والسواك، وقال: ثلاث أعطيهن النبيون: العطر والسواك والازواج.


(1) س، ع – سنن، ط، د، ى – سنة. (2) س، ع – يصلى، ط – تصلى، د، ى – تصل. (3) حش ى – من مختصر الاثار، وكره رد الطيب لمن عرض عليه ورد الماء كذلك، قال المعز صلوات الله عليه، قال لي المنصور قدس الله روحه: حضرت يوما، وأنا غلام صغير مائدة المهدي عليه السلام ونحن جماعة من ولده، وولد ولده. نأكل بين يديه وجارية قائمة علينا بالماء، فعرضته على صبي من الصبيان، فرده فانتهرها المهدي عليه السلام وقال لها: لولا حرمة الطعام لاحسنت أدبك، ما حملك على أن تعرضي عليه الماء ولم يسئله؟ وقال للصبي: وأنت إن عرضت عليك، فلم رددته؟ الماء أشرف من أن يعرض على من لم يسئله أو يرده من عرض عليه، قال المنصور (رح): ولم أكن أعرف مثله، فلما عرفته علمت مراده صلوات الله عليه، وكذلك الطيب.

[ 166 ]

(594) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الريح الطيبة تشد العقل وتزيد في الباءة (1). وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: طيب الرجال (2) ما ظهرت رائحته وخفى لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفى (3) رائحته. (595) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يكثر الطيب، حتى كان ذلك يغير لون لحيته ورأسه إلى الصفرة، وقال: إذا خرج الرجل إلى الجمعة فليتطيب ولو من قارورة امرأته. (596) وعن علي (ع) أنه ربما كان يتطيب من طيب نسائه. وكان (ع) إذا ناول أحدا طيبا فأبى منه، قال: لا يأبى من الكرامة إلا حمار. وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إن فضلنا، أهل البيت، على سائر الناس كفضل دهن البنفسج (4) على سائر الادهان. (597) وعنه (ع) أنه قال: من تطيب من النساء فلا تخرج ولا تشهد الصلاة في المسجد. يعني (ع) لئلا يشم رائحة الطيب منها من يقربها من الرجال، فيكون ذلك داعية إلى وسواس (5) الشيطان. (598) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي للمرأة أن تصلي إلا وهي مختضبة، فإن لم تكن مختضبة فليمس موضع الحناء بالخلوق (6).


(1) حذ ى. (2) س – الرجل. (3) د، ط، ى، ع. س – خفيت. (4) س – البنفسج. (5) ع – وساوس. (6) حش ى، ع – الخلوق زعفران يضاف إليه شئ من الطيب ويعجن بماء الورد أو دهن تتطيب به النساء ه‍ من نظام الغريب.

[ 167 ]

(599) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا ينبغي للمرأة أن تدع يديها (1) من الخضاب ولو أن تمسحهما (2) بالحناء مسحا ولو كانت مسنة. (600) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ليس لامرأة حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة (3). وعن علي (ع) أنه نهى عن القصص والقنازع (4) ونقش الخضاب.


(1) س – يدها. (2) ط، ع – ولو يمسحها، س – ولو أن تمسحها. (3) حش س – الجمة ظفر الشعر من القرون إلى القفا، والقصة أن يقص شعر الرأس ويترك منه مقدار الربع من القدام، وأما القنزعة فهو أن يؤخذ الشعر ويترك منه مواضع، وهو أيضا منهى عنه، من جوابات مسائل الشيخ شمعون. (4) حش ى – القصة شعر الناصية، والجمة مجتمع شعر الرأس والقنازع شعر حوالى الرأس.

[ 168 ]

(7) كتاب الصيد فصل (1) ذكر ما يحل من الصيد وما يحرم منه (601) قال الله عز وجل (1): أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا (2) لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، وقال (3): وإذا حللتم فاصطادوا. وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أن رسول الله (صلع) قال: الطير في وكره آمن في أمان الله (4) فإذا طار فصيدوه إن شئتم. قال جعفر بن محمد (ع): ولا يصاد من الطير إلا ما أضاع التسبيح. (602) وعن علي (ع) أنه قال: الطير إذا ملك ثم طار ثم أخذ فهو حلال لمن أخذه، قال جعفر بن محمد (ع): يعني البزاة ونحوها، لان أكلها مباح. (603) ونهى (ع) (5) عن صيد الحمام بالامصار ورخص في صيدها بالقرى. (604) وعن علي (ع) أنه قال: الصيد لمن سبق إلى أخذه.


(1) 5 / 96. (2) حش ى – متاعا نصب على المصدر لان قوله أحل لكم بمعنى أمتعكم متاعا. (3) 5 / 2. (4) س – أمن بأمان الله. (5) حش ى – ويكره صيد الحظان والصود والهدهد وقتلها، ويكره قتل الضفدع والنحلة والنملة، قال في مختصر الاثار ويكره الصيد يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة.

[ 169 ]

فصل (2) ذكر ما أصابت الجوارح من الصيد (605) قال الله تعالى (1): وما علمتم من الجوارح مكلبين. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج): وما علمتم من الجوارح مكلبين (2)، قال: هي الكلاب، والجارح الكاسب (3)، ومنه قول الله تعالى (4): ويعلم ما جرحتم بالنهار يعني كسبتم. (606) وعنه (ع) أنه قال: ما أمسكت الكلاب المعلمة أكل، وإن قتلته، وما قتلته الكلاب غير المعلمة فلا يوكل، يعني يؤكل إذا سمى الله حين إرساله، ولا بأس بأكله إن نسيت التسمية (5). (607) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم وإن قتله وأكل منه، ولم يرخصا (6) فيما أكل منه الطير. وكان المهدي بالله (ع) يقول فيما أمسك الطير: يؤكل منه،


(1) 5 / 3. (2) حش ى – أي معلمين. (3) حش ى – الجارح الضاري من سباع البهائم والطير وسميت جوارح لانها تجرح عاليا والجوارح الكواسب، ومكلبين أي مضرين. (4) 6 / 60. (5) حش ي – وما قتله المعلم بصدمة بغير جراح فلا يؤكل، من مختصر المصنف. (6) ط – لم يرخص.

[ 170 ]

ويقول: الكلب ربما كلب (1) وليس في قوله (ع) هذا، خلاف لما ذكرناه عن آبائه (ص) لانهم لم يرخصوا فيما أمسك الكلب الكلب، إنما رخصوا فيما أمسك المعلم السالم، وأما ما ذكره مما أمسك الطير فهو من الجوارح التي أباح الله تعالى أكل ما أمسكت. (608) روينا عن جعفر بن محمد عن علي (ع) (2) أنه قال: الصقور والبزاة من الجوارح. (609) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الفهد المعلم كالكلب، ويؤكل ما أمسك، وهذا على الاصل الذي ذكرناه في الجوارح. (610) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن صيد الكلب الاسود وأمر بقتله، وهذا خصوصا إذا كان بهيما (3) كله. (611) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الكلاب كلها بمنزلة واحدة إذا علمت، الكردى منها كالسلوقي (4). (612) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الصيد: من أرسل كلبا فلم يسم فلا يأكل، يعني ما قتل من الصيد إذا ترك التسمية عمدا، فإن نسى ذلك أو جهل فليأكل، وسنذكر في الذبائح ما يويد هذا إن شاء الله. (613) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم يموت يعني في المكان من فعل الكلب، قال:


(1) حش س – أي قطع. (2) ى، ع، – وعن أبي جعفر ع. (3) حش ى – أي أسود تماما. (4) ى – فهو بمنزلة السلوقى.

[ 171 ]

كل (1) لقول الله عز وجل (2): فكلوا مما أمسكن عليكم، فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه أو ذهب به إلى منزله فمات، ولم يكن الكلب الذي قتله، لم يجز أكله. (614) وعن علي (ع) أنه قال: في كلب المجوسى: لا يوكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيقلده ويعلمه ويرسله فإن أرسله المسلم جاز أكل ما أمسك، وإن لم يكن علمه! فصل (3) ذكر ما يقتله الصيادون من الصيد (615) قال الله عز وجل (3): يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم.. الاية. وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ضرب الرجل الصيد بالسيف، أو طعنه بالرمح، أو رماه بالسهم فقتله، وقد سمى الله عز وجل حين فعل ذلك، فلا بأس بأكله، وقال (عم) في الرجل يرمى الصيد، فيقصر عنه فيبتدر القوم فيقطعونه بينهم، يعني يضربونه بسيوفهم من قبل أخذه، قال: حلال أكله. وسئل (ص) عن حمار (4) وحشي ابتدره القوم بأسيافهم وقد سموه (5) وقطعوه


(1) د – يؤكل. س، ى، ط، ع – كل. (2) 5 / 4. (3) 5 / 94. (4) ع. ى – ثور. (5) ط، د، ى – سموا الله.

[ 172 ]

بينهم، قال: ذكاة وحية (1) ولحم حلال (2). (616) وعنه أنه قال (عم) في الرجل يرمى الصيد فيتحامل والسهم فيه أو الرمح، أو يتحامل من شدة الضرب (3) ثم يغيب عنه ثم يجده من غد ميتا وفيه سهمه، أو يكون ضربه أو أصابه بسهم في مقتل علم أنه مات من فعله لا من فعل غيره، فحلال أكله. (617) وروينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: ما أصميت فكل وما أنميت (4) فلا تأكل، فالاصماء أن يصيب الرمية فتموت مكانها، والانماء أن يصيبها ثم تتوارى عنه وقد أصابها ثم تموت (5)، هذا قول مجمل قد يكون نهى تأديب أو يكون في شك مما أنماه هل قتله (6) بضربته أم لا، والذي ذكرناه عن جعفر بن محمد (ع) هو مفسر وما لا شبهة فيه بأنه إذا علم قتله، فحلال أكله. (618) وعن علي وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا في الصيد يضربه الصائد فيتحامل، ويقع في ماء أو في نار أو في بئر أو يتردى من موضع عال فيموت، قالا: فلا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته. (619) وعن أبي جعفر (7) محمد بن علي (ع) أنه قال: ما قتل


(1) س، ى حش – أي سريع، د – قال ذكي. (2) حش ى – قال في مختصر المصنف: وإذا ضرب الرجل الصيد بالسيف فقطعه اثنين أو أبان منه رأسه، أو ما لا بقى له بعده أكله كله، فإن أبان يده أو رجله أو شيئا يمكن أن يعيش بعد قطعه ساعة أو أكثر لم يؤكل الذي أبان منه، وما توحش من الاهليات، فهو بمنزلة الصيد في تذكيته. (3) د – الضربة. (4) د – أصميت وأنميت. (5) د، ي، ط، (صحح في الهامش)، ع. س، ثم يتوارى عنه ثم يموت. (6) د، ى، ط (صحح في الهامش)، ع. س، ط – في شك مما قتله بضربته. (7) د، ى، ط، ع. س، وعن جعفر بن محمد ع.

[ 173 ]

بالحجر والبندق (1) وأشباه ذلك لم يؤكل إلا أن تدرك (2) ذكاته من قبل أن يموت. (620) وعن أبي جعفر (3) محمد بن علي (ع) أنه كره (4) ما قتل من الصيد بالمعراض، فهو مكروه إلا أن يكون له سهم غيره، والمعراض سهم لا ريش (5) فيه يرمى به فيمضى بالعرض. (621) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن صيد المجوس (6) وعن ذبائحهم، يعني بصيدهم ما قتلوه من قبل أن تدرك ذكاته أو قتلته كلابهم التي أرسلوها. (622) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نهى عن أكل ما اصطاد (7) المجوس من الحوت والجراد لانه لا يؤكل منه إلا ما أخذ حيا (8). (623) وعن علي (ع) أنه قال: ما أخذت الحبالة فمات فيها فهو ميتة، وما أدرك حيا ذكى فأكل هو!


(1) ط – البندق. (2) د، ط، ى. س – تدركه. (3) س د، ط، ى – وعن جعفر بن محمد ع. (4) في س (كره) مشطوب كتب عليه بين السطور (قال). (5) س، ط، ع. ى، د – ريشة. (6) ط – المجوسي. (7) ط، ع – ما صاد المجوس. (8) س، ط – ما أخذ منه حيا.

[ 174 ]

(8) كتاب الذبائح فصل (1) ذكر أفعال الذابحين (624) قال الله عز وجل (1): فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين. وروينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: من ذبح ذبيحة فليحد شفرته وليرح ذبيحته. (625) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب البهيمة، أحد (2) الشفرة واستقبل القبلة ولا تنخعها حتى تموت، يعني بقوله: لا تنخعها، قطع النخاع (3) وهو عظم في العنق. (626) وعن أبي جعفر محمد بن علي وعن أبي عبد الله (ع) أنهما قالا فيمن ذبح لغير القبلة: إن كان أخطأ أو نسى أو جهل، فلا شئ عليه وتؤكل ذبيحته، وإن كان تعمد ذلك فقد أساء، ولا يجب أن تؤكل ذبيحته تلك، إذا تعمد خلاف السنة. (627) عن علي (ع) أنه قال: إذا ذبح أحدكم فليقل: بسم الله


(1) 6 / 118. (2) س، د – أحد، (؟) (3) س (ناقص) – يعني بقوله تنخعها فقطع النخاع، ع، ى – يقطع النخاع، ط، د – قطع النخاع، حش ع – النخاع عرق أبيض في باطن فقار الظهر والعنق (العرق؟) متصل بالعنق س ش، حش ى – نخع الذبيحة جاوز منتهى الذبح فأصاب نخاعها.

[ 175 ]

والله أكبر. قال أبو جعفر: يجزيه أن يذكر الله، وما ذكر الله به من تسبيح أو تهليل فهو مجز عنه، وإن ترك التسمية متعمدا لم توكل ذبيحته، فإن جهل ذلك أو نسى سمى إذا ذكر وأكل (1). (628) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن المثلة بالحيوان وعن صبر البهائم، والصبر الحبس، ومن حبس شيئا فقد صبره، ومنه قيل: قتل فلان صبرا (2) إذا أمسك على الموت، فالمصبورة من البهائم هي المحبوسة (3) كالدجاجة وغيرها من الحيوان، أن تربط وتوضع في مكان ثم ترمى (4) حتى تموت. (629) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من قتل عصفورا عبثا، أتى الله به يوم القيامة وله صراخ ويقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني بغير ذبح، وليحذر أحدكم من المثلة وليحد الشفرة ولا يعذب البهيمة. (630) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تسلخ البهيمة (5) أو يقطع رأسها حتى تموت وتهدأ. (631) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: اذبح في المذبح. يعني دون الغلصمة (6) ولا تنخع الذبيحة ولا تكسر الرقبة حتى تموت. (632) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عمن نخع


(1) زيد في ى – ومن ذكر اسم الله أجزاه. (2) حش ى – وصبر الانسان وغيره على القتل أن يحبس ويرمى حتى يموت. (3) ع – المجثمة. (4) ى، د، س (خه)، تترك. ط – تترك ترمى حتى تموت، س، ع – ترمى. (5) ع، د – الذبيحة. (6) حش ع، ى – الغلصمة بالفتح للاول، أصل اللسان وهي العقدة التي في الحلقوم، قال في الصحاح: الغلصمة رأس الحلقوم.

[ 176 ]

الذبيحة من قبل أن تموت، يعني يكسر عنقها، فقد أساء فلا بأس بأكلها. (633) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح. (634) وعن علي (ع) أنه كتب إلى رفاعة وهو (1) رفاعة بن شداد وكان قاضيا لعلي (ع) (2) بالاهواز، أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح، فمن صمم (3) فليعاقبه وليلق ما ذبح إلى الكلاب. (635) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: ولا يتعمد الذابح قطع الرأس، فإن جهل ذلك فلا بأس (4). وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال فيمن لا يتعمد قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح، ولكن سبقه السكين فأبان رأسها، قال: توكل إذا لم يتعمد ذلك. (636) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الذبح إلا في الحلق، يعني إذا كان ممكنا، وقال أبو جعفر (ع): ولا توكل ذبيحة ما لم تذبح من مذبحها. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (ص): ولو تردى ثور أو بعير في بئر أو حفرة، أو هاج فلم يقدر على منحره أو مذبحه، فإنه يسمى الله عليه ويطعن حيث (5) أمكن منه ويوكل. (637) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الذبح بغير الحديد، وعن


(1) ع، ى – كتب إلى رفاعة بن شداد. (2) ى – له. (3) حش ى – أي قطع. (4) ط – فإن كان ذلك جهل، ى، ع، فإن ذلك جهل، حش ى – فإن جهل ذلك فلا بأس بأكله، س (خه) فإن جهل ذلك فلا بأس. (5) س – حتى.

[ 177 ]

علي (ص) وأبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: لا ذكاة إلا بحديدة (1). (638) وعن رسول الله (ص) أنه كره ذبح ذات الجنين وذوات الدر لغير علة. فصل (2) ذكر من تؤكل ذبيحته ومن لا تؤكل ذبيحته (639) روينا عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي، وذبائح أهل الخلاف، فتلا قول الله (ع ج) (2): فكلوا مما ذكر اسم الله عليه، قال: إذا سمعتموهم يذكرون اسم الله عليه فكلوه، وما لم يذكر اسم الله عليه، فلا تأكلوه منهم، ومن كان متهما منهم بترك التسمية يرى استحلال ذلك، لم يجز (3) ذلك وأكل ذبيحته إلا أن يشاهد في حين ذبحها، فذبحها على السنة ويذكر اسم الله عليها، فإن ذبحها، بحيث لم يشاهد، لم تؤكل. (640) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن اللحم يباع في الاسواق ولا يدرى كيف ذبحه القصابون، فلم ير به بأسا إذا لم يطلع منهم


(1) حش ى – من مختصر الاثار: ولا يذبح بحجر ولا ظفر ولا عظم ولا غير ذلك إلا بالحديد. (2) 6 / 118. (3) ع – لم يجب.

[ 178 ]

على الذبح بخلاف السنة، ولم يشاهد ذلك من فعلهم (1). (641) وعن جعفر بن محمد أنه كره ذبائح نصارى الاعراب (2). (642) وعن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما رخصا في ذبيحة الغلام إذا قوى على الذبح وذبح على ما ينبغي، وكذلك الاعمى إذا سدد، وكذلك المرأة إذا أحسنت. (643) وعن علي (ع) أنه سئل عن الذبح على غير طهارة، فرخص فيه. (644) وعن جعفر (ع) أنه رخص في ذبيحة الاخرس إذا عقل التسمية وأشار بها (3). فصل (3) ذكر معرفة الذكاة قال الله تعالى (4): أحلت لكم بهيمة الانعام. (645) روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل: أحلت لكم بهيمة الانعام، قال: الجنين في بطن أمه إذا


(1) في الحواشى ط، ع وفي المتن ى، د زيدت هذه الرواية – ولا يؤكل ذبيحة عبدة الاوثان وأشباههم، حش ى – ويكره ذبيحة عبدة الاوثان وأشباههم، وذكر في ذلك في مختصر المصنف ويكره ذبيحة السكران. (2) س، ط. ى، د، ع – العرب. (3) حش ى – ولا بأس بذبيحة الخصى، من مختصر المصنف ومن مختصر الاثار: عن علي ع أنه سئل عن أجنة الانعام تذبح أمهاتها وهي في بطونها، هل تذكى إذا خرجت؟ فقال: ذكاتها ذكاة أمهاتها وهي عضو من أعضائها، فإن خرجت حية تركت حتى تموت ثم تؤكل. (4) 5 / 1.

[ 179 ]

أشعر أو أوبر، فذكاتها ذكاة أمها، يعني عليه السلام ذكاة الام ذكاة الولد، وإن لم يشعر ولم يوبر فلا يوكل، ومن ذبح في الحلق دون الغلصمة ما يجوز ذبحه من الحيوان على ما يجب من سنة الذبح فقطع الحلقوم والمرئ (1) والودجين وأنهر الدم، وماتت الذبيحة من فعله ذلك، فهي ذكية، بإجماع فيما علمناه. (646) وعن علي وابي جعفر (ع) أنهما قالا: ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى فهو ميتة لا يؤكل، ويذكى الحيوان ويؤكل باقيه إن أدرك ذكاته (2). (647) وعن علي أنه قال: علامة الذكاة أن تطرف العين أو تركض الرجل أو يتحرك الذنب أو الاذن، فإن لم يكن من ذلك شئ وأهرق (3) منها دم عند الذبح وهي لا تتحرك، لم توكل. (648) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: يرفق (4) بالذبيحة ولا يعنف بها قبل الذبح ولا بعده، وكره أن يضرب عرقوب الشاة بالسكين. (649) وعنه (ع) أنه سئل عن الذبيحة تتردى بعد الذبح من مكان عال، أو تقع في ماء أو نار، قال: إن كنت قد أجدت الذبح وبلغت (5) الواجب فيه، فكل. (650) وعنه (ع): أنه نهى عن ذبيحة المرتد. (651) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شاة تذبح قائمة قال: لا ينبغي ذلك، السنة أن تضجع وتستقبل بها القبلة.


(1) حش ى – المرئ الحلقوم، والودجان عرقان غليظان بالحلقوم وأحدهما ودج. (2) س – أدرك ذكاته، ط، ع، د، ى – أدركت ذكاته. (3) ع – هراق. (4) د، س. ع، ط، ى – ترفق وتعنف. (5) ى – بالغت.

[ 180 ]

(652) وعنه (ع): أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: السنة أن ينحر، قيل: كيف ينحر؟ قال يقام قائما حيال القبلة، فتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى يقطع ويفرى. (653) وعنه (ع) أنه سئل عن البقرة ما يصنع بها؟ تنحر أو تذبح؟ قال: السنة أن تذبح وتضجع للذبح، ولا بأس إن نحرت. (654) وعنه (ع) أنه سئل عن الذبيحة إن ذبحت من القفا، قال: إن لم يتعمد ذلك فلا بأس، وإن يتعمده وهو يعرف سنة النبي (صلع) لم تؤكل ذبيحته ويحسن أدبه. (655) وعن علي (ع) أنه سئل عن شاتين إحداهما ذكية والاخرى غير ذكية، لم تعرف الذكية منهما، قال يرمى بهما جميعا!


[ 181 ]

(9) كتاب الضحايا والعقائق فصل (1) ذكر الضحايا (656) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) خطب يوم النحر فقال: أيها الناس من كان عنده سعة فليعظم شعائر الله، ومن لم تكن عنده سعة فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها (1). (657) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الاضحية (2)، فقال: هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد، قيل: فهل يجب ذلك على سائر العيال؟ قال: إلا على من شاء أن يفعل (3). (658) وعن رسول الله (صلع) أنه خطب الناس يوم النحر فقال: أيها الناس هذا يوم الثج والعج. فالثج ما تهريقون فيه من الدماء، فمن صدقت نيته كانت أول قطرة منه كفارة لكل ذنب. والعج الدعاء، فعجوا إلى الله. فوالذي نفس محمد بيده ألا ينصرف من هذا الموقف أحد إلا وقد غفر له. إلا صاحب كبيرة من الكبائر مصر عليها، لا يحدث نفسه بالاقلاع عنها. (659) وعنه (صلع) أنه دخل على فاطمة (ع) في يوم الاضحى


(1) 2 / 286. (2) حش ى – (قال) الاصمعي الاضحا جمع أضحاة وهي الشاة التي يضحى بها، وبها سمى يوم الاضحى، وكذلك يجوز تأنيثه، فيقال: دنت الاضحى، ع – الاضحا. (3) حش ى – من مختصر المصنف، ولا يضحى الوصي عن اليتيم من مال اليتيم.

[ 182 ]

فقال لها: يا فاطمة! قومي فاشهدي نسكك، أما إنه أول قطرة منها تقطر كفارة لكل ذنب هو لك، أما إنه يؤتى بلحمها وفرثها وعظمها وصوفها وكل شئ منها حتى يوضع منها في ميزانك ويضعف الله ذلك لك (1) سبعين ضعفا. فسمع ذلك المقداد بن الاسود (2) فقال: بأبي أنت وأمي! هذا شئ يخص به آل محمد (صلع) أو عام؟ قال: بل للمسلمين عام. (660) وعنه (ع) أنه خطب يوم الاضحى. فلما نزل تلقاه رجل من الانصار (3) فقال: يا رسول الله! إني ذبحت أضحيتي قبل أن أخرج (4) وأمرتهم أن يصنعوها لك لعلك أن تكرمني اليوم بنفسك، فقال رسول الله: شاتك شاة لحم. فإن كان عندك غيرها فضح بها، فقال: ما عندي إلا عناق جذعة (5) قال: فضح بها، أما إنها لا تحل لاحد بعدك، وذكر باقي الحديث بطوله. (661) وعن ابي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الاضحية (6) يوم النحر ويومين بعده في الامصار وفي منى إلى آخر أيام التشريق. (662) وعن رسول الله (صلع) أنه أشرك عليا في هديه. فنحر (صلعم) بيده ثلاثا وستين بدنة. وأمر عليا (ع) فنحر باقي البدن وكانت مائة (7) نحرها كلها يوم النحر.


(1) س – لك – ى، د، – ذلك ع، ط – ذلك لك. (2) قاموس مج 2 / ص 369 س 7. (3) حش ى – اسمه أبو بردة بن نيار. (4) حش ى – من مختصر الاثار: وأفضل الذبح يوم النحر ولا يجوز ذبح الاضحية إلا بعد صلاة العيد على ما ذكر إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس لم يجز ذبح الاضحية إلى طلوع الشمس من الغد وذلك في أيام التشريق جميعها من الامصار وفي منى. (5) حش ى – الجذع دون الثنى والعناق الانثى من أولاد المعز. (6) حش ى – الاضحية شاة يضحى بها ج أضاحى، والضحية ج ضحايا وأضحاة ج أضحى اسم البدنة يقع على الابل والبقر للذكر والانثى. (7) ى – مائة بدنة.

[ 183 ]

(663) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يستحب للرجل أن يلي ذبح أضحيته بيده، فإن لم يستطع فليجعل يده مع يد الذابح، فإن لم يستطع فليقم قائما عليها يذكر اسم الله عليها حتى تذبح. (664) وعنه (ع) أنه قال: لا يذبح أضحية المسلم إلا مسلم، ويقول عند ذبحها: (بسم الله الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين (1)، إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين) (2). (665) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن أفضل الضحايا فقال: الاناث من الابل ثم الذكور منها، ثم الاناث من البقر ثم الذكور منها، ثم الفحول من الضأن ثم الموجأ منها، وهو المرضوض أو المربوط أنثياه حتى تفسدا (3)، ثم النعاج، ثم الذي يقطع أنثياه قطعا (4)، ثم الفحل من المعز، ثم الاناث منها. قال: وأفضل الكباش ما كان أقرن عظيما سمينا فحلا (5) يأكل في سواد ويشرب في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد ويبعر في سواد. وكان رسول الله (صلع) يضحى بما كانت هذه صفته، وهي صفة الكبش الذي نزل على إبراهيم. قيل: ومن أين نزل؟ قال: نزل من السماء


(1) انظر 6 / 79. (2) انظر 6 / 191 – 193، في القرآن – أول المسلمين، كما كتب في س وط. (وأنا من الممين) في سائر المخطوطات وفي كتاب صحيفة الصلاة. (3) زيد ى، د – وهو الخصى. (4) زيد ى، د – أو تنقطعا. (5) س – فحل، د، ط، ى، ع، فحلا.

[ 184 ]

على الجبل الذي عن يمين مسجد منى. قيل: فمن لم يجد هذه الصفة؟ قال: يضحي بما يجده. (666) وعنه (ع) أنه رخص في الاشتراك في الاضحية، لمن لم يجد، بقدر ما يمكنه. (667) وعنه (ع) أنه قال: لا يجزى من البقر والابل إلا مسنة. الثنى فما فوقها، وكذلك من الازواج الثمانية من الانعام، ما خلا الضأن فإنه يجزى منها الجذع. وذلك لانه يضرب فيلقح دون غيره من سائر الانعام. (668) وعن علي (ع) أنه نهى عن الاضحية المكسورة القرن، والعرجاء البين عرجها، والمهزولة البين هزالها، والمقطوعة الاذن أو المصطلمة، ورخص في شق يكون في الاذن إذا كان علامة وسمة، وفي الهرمة إذا لم يكن بها عيب ولا عجف ويستحب السمينة (1). (669) وعنه (ع) أنه قال: إذا اشترى أحدكم أضحية مسلمة ثم مرضت وماتت قبل يوم النحر، فقد أجزت عنه. وإن أصاب ما يضحى به مكانها ففعل، فهو أفضل. (670) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (2):


(1) حش ى – البدنة تجزى عن عشرة والبقرة عن سبعة من الاقتصار، وقال في كتاب الزكاة أيضا: إن الجمل والثور يجزى كل واحد منهما عن واحد، وأفضل الذبح في يوم النحر، من مختصر الاثار. قال في مصنف الوزير: وإذا مات أحد الشركاء في البدنة أو الاضحية فرضى دار ثم ينحرها عن الميت معهم أجزأتهم، وإن كان أحد الشركاء في البدنة لا يريد هديا وإنما يريد اللحم دون الهدي لم يجزهم. ولا ينبغي إن اشترك في البدنة للهدى ان يشارك من يريد اللحم لنفسه، وأي الشركاء في الهدى ذبحه في يوم النحر أجزاهم، (من كتاب الحواشى). (2) 22 / 36.

[ 185 ]

فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر (1)، والبائس والفقير (2) فقال: القانع السائل الذي يقنع بما أعطى ولا يلوى شدقه ولا يكلح وجهه استصغارا واستقلالا لما يعطاه، والمعتر المعترض للسوأل، والفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أشدهم حالا وأجهدهم. قال: وكان أبي (ع) ربما اختبر السؤل ليعلم القانع من غيره، فإذا وقف به السائل أعطاه الرأس، فإن قبله قال: دعه، وأعطاه اللحم، فإن لم يقبله تركه ولم يعطه شيئا. (671) وعن علي (ع) أنه قال: أربع تعليم من الله (ع ج)، ليس بواجبات. قوله (3): فكاتبوهم إن علمتهم فيهم خيرا، فمن شاء كاتب رقيقه ومن شاء لم يكاتب. وقوله (4): وإذا حللتم فاصطادوا، فمن شاء (5) اصطاد، ومن شاء لم يصطد، وقوله (6): فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر، فمن شاء أكل (7) ومن شاء، لم يأكل، وقوله (8): فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض، فمن شاء انتشر ومن شاء جلس. (672) وقد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه، أن رسول الله (صلع) أشرك عليا في هديه. فكانت مائة بدنة، فأمر بقطعة من كل بدنة


(1) 22 / 38. (2) 22 / 28. (3) 24 / 33. (4) 5 / 2. (5) زيد في – ى إذا حل من إحرامه. (6) 22 / 36. (7) ى – أحل منها ع – من أضحيته. (8) 62 / 10.

[ 186 ]

فطبخ (1) كله. ودعا عليا فأكلا من اللحم وحسوا من المرق. فيستحب الاكل من الضحايا والهدايا اقتداء برسول الله (صلع). (673) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن لحوم الاضاحي فقال: كان علي بن الحسين وأبوه جعفر (ع) يفرقان ثلثها على الجيران، وثلثها على السؤال (2)، ويمسكان الثلث على أهل البيت، وليس في ذلك توقيت وما تصدق به منها فهو أفضل. قال رسول الله (صلع): إنما جعل الله عز وجل هذه الاضاحي ليشبع فيها مساكينكم من اللحم، فأطعموهم. (674) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: نهى (3) رسول الله (صلع) أن يطعم المشرك من الاضحية لانها قربة إلى الله عز وجل، وأنه نهى عن ادخار (4) لحوم الاضاحي فوق ثلاثة أيام من أجل حاجة الناس يومئذ، فأما اليوم فلا بأس به. (675) وعن جعفر بن محمد (ع) (5) أنه نهى أن يبيع الرجل شيئا من الاضاحي، ورخص في الانتفاع بالجلد والصوف، وفي أن يعطى من ذلك في حق سلخها.


(1) ى – فطبخ بذلك، ط، ع، د – طبخ ذلك، س كما في المتن. (2) س، ط، ى، د – ولعل الصحيح هو (سؤل) ج السائل. (3) ط – نهى رسول الله (صلع) ويكره أن يطعم إلخ. (4) س، ط، ع، ى – ادخار، د – اذخار. وقال في مجمع البحرين: أصله اذ تخار وأدغم فهو ادخار. (5) س، ط، ع. ى، د – وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى إلخ.

[ 187 ]

فصل (2) ذكر العقائق (676) أصل العقيقة الشعر الذي يولد به المولود. فسميت الشاة التي تذبح عنه في حين حلق ذلك الشعر، عقيقة، وهذا لانهم يسمون الشئ باسم ما قاربه أو كان من سببه. (677) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) أمر بحلق الشعر (1) الذي يولد به المولود عن رأسه يوم سابعه (2) وقال كل مولود مرتهن بعقيقته، فكه والداه أو تركاه. (678) وعنه (ع) أنه عق عن الحسن شاة وعن الحسين شاة وحلق رأس كل واحد منهما يوم ذلك، وهو يوم سابعه، وقال: يا فاطمة! تصدقي بوزن شعره ذهبا أو فضة، فوزنت شعر الحسين (ع) وكان فيه وزن درهم ونصف (3). (679) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من عق عن ولده فليعط القابلة (4) رجل العقيقة، يعني ربعها الموخر. (680) وعنه (ع) أنه ذكر العقيقة والمولود فقال: إذا كان يوم


(1) ى، د، ط، ع، د – بحلق شعر البطن، س – بحلق الشعر. (2) حش ى – فإن لم يعق عنه يوم سابعه فيوم الرابع عشر، فإن تأخر فيوم أحد عشرين، وينبغي أن لا يؤخر عن ذلك. (3) س، ط، ع، ى، د فكان فيه درهم ونصف درهم. (4) حش ط – داعرى (كجراتي)، قال في مختصر المصنف، وتدفع للقابلة رجلا العقيقة وهو ربعها إذا كانت مسلمة فإن كانت ذمية فقيمة ذلك ويجوز في العقيقة ما يجوز في الاضحية.

[ 188 ]

سابعه (1) فاذبح عنه كبشا وقطعه أعضاء واطبخه فأهد منه وتصدق وكل واحلق رأس المولود وتصدق بوزنه ذهبا أو فضة. (681) وعنه (ع) أنه قال: العقيقة شاة عن الغلام والجارية، سواء. (682) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يسمى المولود يوم سابعه، وقال: قال رسول الله (صلع): إذا كان اسم بعض أهل البيت اسم نبي لم تزل البركة فيهم. (683) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أربع كنى: عن أبي عيسى، وأبي الحكم وابي مالك، وأبي القاسم، إذا كان الاسم محمدا. نهى عن ذلك سائر الناس، ورخص لعلي (ص) وقال: المهدي من ولدي، يضاهي اسمه اسمي وكنيته كنيتي.


(1) حش ى – فإن مات قبل السابع فلا عقيقة له، من مختصر المصنف.

[ 189 ]

(10) كتاب النكاح فصل (1) ذكر الرغائب في النكاح (684) قال الله تعالى (1): ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون، وقال عز وجل (2): وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم، وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله، وقال تقدست أسماؤه (3): وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتعفف (4) بزوجة. (685) وعنه (ع) أنه قال: من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي. فإن من سنتي النكاح (5).


(1) 30 / 21. (2) 34 / 32 – 33. (3) 25 / 54. (4) ط، ع – فليستعفف. (5) حش ى – من مختصر المصنف: ولم يرد الامر بالنكاح على طريق الايجاب الذي من تركه كان عاصيا، وإنما هو سنة مؤكدة فمن لم يدعه إليه داع وصبر عنه ولم يتزوج فلا شئ عليه.

[ 190 ]

(686) وعنه (ع) أنه قال: ما من شاب تزوج في حداثة سنه إلا عج شيطانه يقول: يا ويلاه، عصم هذا مني ثلثي دينه. فليتق الله العبد في الثلث الباقي. (687) وعن علي (ص) أنه قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يتزوج إلا قال رسول الله (صلع): كمل دينه. (688) وعنه (ع) أنه قال: جاء عثمان بن مظعون إلى رسول الله (صلع) فقال: يا رسول الله! قد غلبني حديث النفس ولم أحدث شيئا حتى أستأمرك، قال: بم حدثتك نفسك، يا عثمان؟ قال: هممت أن أسيح في الارض، قال: فلا تسح في الارض، فإن سياحة أمتي المساجد، قال: وهممت أن أحرم على نفسي اللحم، فقال رسول الله (صلع): لا تفعل، فإني أشتهيه وآكله، ولو سألت الله أن يطعمنيه كل يوم لفعل، فقال: وهممت أن أجب (1) نفسي قال: يا عثمان! ليس منا من فعل ذلك بنفسه ولا بأحد، إن وجأ أمتي الصيام، قال: وهممت أن أحرم خولة على نفسي، يعني امرأته، قال: لا تفعل يا عثمان! فإن العبد المؤمن إذا اتخذ بيد زوجته، كتب الله له عز وجل عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات، فإن قبلها كتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة، فإن ألم بها كتب الله له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة وحضرتهما الملائكة، وإذا اغتسلا لم يمر الماء على شعرة من كل واحد منهما إلا كتب الله لهما حسنة ومحا عنهما سيئة، فإن كان ذلك في ليلة باردة قال الله تعالى للملائكة: انظروا إلى عبدي هذين (2) اغتسلا في هذه الليلة الباردة، علما منهما أني ربهما، أشهدكم أني قد


(1) حش ى – أي دكر. (2) س، د. ع، ط، ى – عبدى وأمتي هذين.

[ 191 ]

غفرت لهما، فإن كان لهما في وقعتهما تلك ولد كان لهما وصيفا في الجنة. ثم ضرب رسول الله (صلع) بيده على صدر عثمان. وقال: يا عثمان! لا ترغب عن سنتي، فإن من رغب عن سنتي (1) عرضت له الملائكة يوم القيامة فصرفت وجهه عن حوضي. (689) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أيها الناس! تزوجوا، فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة، وخير النساء الودود الولود، ولا تنكحوا الحمقاء، فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع. (690) وعنه (ع) أنه قال: إذا أقبل الرجل المؤمن على امرأته المؤمنة، اكتنفه الملكان وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فإذا فرغ منهما تحاتت عنه الذنوب كما يتحات ورق الشجر أوان سقوطه، فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب. فقالت امرأة: بأبي أنت وأمي! يا رسول الله! هذا للرجال، فما للنساء؟ قال: هي إذا حملت كتب الله لها أجر الصائم القائم، فإذا أخذها الطلق، لم يدر ما لها من الاجر إلا الله، فإذا وضعت كتب الله لها بكل مصة، يعني من الرضاع حسنة ومحا عنها سيئة. وقال: النفساء إذا ماتت من نفاسها، قامت يوم القيامة بغير حساب، لانها تموت بغمها. (691) وعنه (ع) أنه قال: من ترك النكاح مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه، لقوله تبارك وتعالى (2): إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم. (692) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ما من مؤمنين يجتمعان بنكاح حلال حتى ينادي مناد من السماء: ألا إن الله قد زوج فلانا من


(1) زيد في ى – فليس منى. (2) 24 / 32 (انظر 715)

[ 192 ]

فلانة، وما يفترق زوجان مؤمنان عن نكاح حتى ينادي مناد من السماء: ألا إن الله قد أذن بفراق فلان من فلانة. (693) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: كلما ازداد العبد إيمانا ازداد حبا للنساء. (694) وعنه (ع) أنه قال: ثلاث أعطيهن النبيون: العطر والازواج والسواك. (695) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: أربعة من أخلاق الانبياء: التنظم والتطيب وحلق الجسد، يعني بالنورة، وكثرة الطروقة يعني النساء. ثم ذكر سليمان بن داود (ع) فقال: كان له ألف امرأة في قصر واحد سبعمائة سرية وثلثمائة مهيرة (1) قيل له: جعلت فداك! كيف يقوى على هؤلاء؟ قال: جعل الله فيه قوة بضعة وأربعين رجلا، ويجعل ذلك للنبي (ع)، قيل له: لعلى (ع)؟ فإنه استحيا ذكر علي لابوته، ومكان فاطمة (ع)، فأمسك ولم يقل شيئا. (696) وعنه (ع) أنه قال: ترك على أربع نسوة وتسع عشر سرية. (697) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه اجتمع يوما مع أخيه زيدا فعدا ما تزوج الحسن بن علي (ع) فأثبتا ستا وخمسين وما استكملا آخرهن (2). (698) وعنه (ع) أنه قال: إن الله عز وجل نزع الشبق، وهي الغلمة (3) من نسائنا وجعلها في رجالنا، وكذلك فعل بشيعتنا، ونزع ذلك


(1) مشكلة مهرية في ط، ومهرية في كل المخطوطات، وخه في ى – مهيرة وهو الصحيح كما جاء في مجمع البحرين، انظر مهر. (2) ع، س، ط استكملا، و (آخوهن) كتب في الهامش بيد آخر. (3) حش ى – شهوة الضواب.

[ 193 ]

من رجال بني أمية وجعله في نسائهم، وكذلك فعل بشيعتهم. وإنما الفضل في الاستكثار من النساء لمن استطاع القيام بهن في معائشهن، وأعطى (1) من القوة على الباءة ما يحصنهن، وقدر على ترك الميل بينهن، وأن لا يدع (2) بعضهن معلقات كما نهى الله عزوجل عن ذلك، فإن لم يستطع ذلك فالفضل في الاقتصار على ما يقدر عليه. (699) وعن جعفر (3) بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يشبع الرجل نفسه ويجيع أهله، وقال: كفى بالمرء هلاكا أن يضيع من يعول. (700) وعنه (ع) أنه قال: من جمع من النساء ما لا ينكح فزنين فالاثم عليه، وقد قال الله تعالى (4): فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم. (701) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الترهب (5) قال: لا رهبانية في الاسلام، تزوجوا فإني مكاثر بكم الامم. ونهى عن التبتل، ونهى النساء أن يتبتلن ويقطعن أنفسهن من الازواج. (702) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل دخله الخوف من الله حتى ترك النساء والطعام والطيب ولا يقدر على أن يرفع رأسه إلى السماء تعظيما لله، فقال (ع): أما قولك في ترك النساء، فقد علمت ما كان


(1) س، ط – أعطى هو إلخ. (2) خه ط – يذر. (3) س. ط، ع، د – وقد روينا عن. (4) 4 / 3. (5) حش ى – الترهب لعلماء النصارى وكانوا يقفون بصوامع ويقطعون أنفسهن من الدنيا وعن التزويج.

[ 194 ]

لرسول الله منهن، وأما قولك في ترك الطعام الطيب فقد كان رسول الله (صلع) يأكل اللحم والعسل، وأما قولك: دخله الخوف من الله حتى لا يستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء، فإنما الخشوع في القلب، ومن ذا يكون أخشع وأخوف لله من رسول الله (صلع)؟ فما كان يفعل هذا، وقد قال الله عز وجل (1): لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. فصل (12) ذكر من يستحب أن ينكح ومن يرغب عن نكاحه (703) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين (2). (704) وعنه (صلع) أنه قال: أنكحوا الاكفاء وانكحوا فيهم، واختاروا لنطفكم، وإياكم ونكاح الزنج فإنه خلق مشوه. وقوله (صلع): اختاروا لنطفكم قول جامع، للاختيار أن لا ينكح المرء إلا من فيها (3) الطهارة، ومن ولدت لرشدة (4)، ويتقى ذوات الفجور والريب. (705) وعنه (ع) أنه قال: يقول الله عز وجل: إذا أردت أن أعطى العبد خيرا من الدنيا والاخرة، جعلت له لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وجسدا


(1) 33 / 21. (2) حش ى – يعني أن أخا زوجتك الذي هو خال ولدك مثل زوجتك التي هي ضجيعك فإن الاخ والاخت يكونان في غالب الامر على طبيعة واحدة. وقال في مختصر الاثار: يعني (صلع) لا تجعلوا نطفكم إلا في طهارة أي لا تكون أم الولد لغير رشدة أو تكون كذلك في نفسها. (3) س، ط. ع، ى، د – من كان فيها. (4) حش ى – وقال في كتاب الزينة، هو لرشدة بفتح الراء لانه بمعنى الفعلة ويقال: هو لرشدة إذا كان صحيح النسب وهو يفتض.

[ 195 ]

على البلاء صابرا وزوجة مؤمنة، تسره إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها، في نفسها وماله. (706) وعنه (ع) أنه قال: خمسة من السعادة: الزوجة الصالحة، والبنون الابرار، والخلطاء الصالحون، ورزق المرء في بلده، والحب لآل محمد (صلع). (707) وعنه (ع) أنه قال: المرأة الصالحة كالغراب الاعصم. ولن يوجد إلا قليلا، والغراب الاعصم هو الابيض أحد الرجلين (1). (708) وعنه (ع) أنه قال: ليس لامرأة خطر لا لصالحتهن ولا لطالحتهن. أما صالحتهن فليس لها خطر الذهب ولا الفضة، أما طالحتهن فليس لها خطر (2) التراب، والتراب خير منها. (709) وعنه (ع) أنه قال: إنما الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة. وعنه (ع) أنه قال: من سعادة المرء المسلم الزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب الهنئ، والولد الصالح. (710) وعنه (ع) أنه نهى أن تنكح المرأة لمالها وجمالها. وقال: مالها يطغيها وجمالها يرديها. فعليك بذات الدين. (711) وعنه (ع) أنه قال: لا خيل أنقى من الدهم، ولا امرأة كابنة العم. (712) وعنه (ع) أنه قال: خير نسائكم نساء قريش، أعطفهن على زوج وأحناهن على ولد.


(1) ى، د – أبيض إحدى الرجلين. (2) حش ى، الطالحة نقيض الصالحة، الخطر المنزلة والقدر.

[ 196 ]

(713) وعنه (ع) أنه قال: تزوجوا الابكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأسرعهن تعلما وأثبتهن للمودة. وتزوجوا أيامكم، فإن الله تبارك وتعالى يحسن لهن في أخلاقهن، ويوسع لهن في أرزاقهن. (714) وعنه (ع) أنه نهى أن يرد المسلم أخاه المسلم إذا خطب إليه، إذا رضى دينه، وقال: إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير (1). وعنه (ع) أنه نهى عن نكاح يراد به غير وجه الله والعفة، ونهى عن النكاح بالرياء والسمعة. (715) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة لحسنها أو لمالها، وكل إلى ذلك (2)، وإن تزوجها لدينها وفضلها، رزقه الله المال والجمال، قال الله تعالى (3): وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم. (716) وعنه (ع) أنه قال: ما من مرزئة أشد على عبد من أن يأتيه ابن أخيه فيقول: زوجني، فيقول: لا أفعل، أنا أغنى منك. (717) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: تزوجوا الزرق فإن فيهن يمنا. (718) وعنه (ع) أنه قال: إذا أراد أحدكم أن يتزوج امرأة، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها، فإن الشعر أحد الجمالين. (719) وعنه (ع) أنه قال: عليكم بقصار الخدم، فإنه أقوى لكم فيما تريدون. (720) وعنه (ع) أنه قال: من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية.


(1) 8 / 73. (2) حش ى – وكل أمره إلى غيره أي ولاه إياه. (3) 4 / 323 (684).

[ 197 ]

(721) وعنه (ع) أنه قال: تزوجها (1) سوداء ولودا، ولا تزوجها حسناء جملاء عاقرا (2) فإني أباهي بكم الامم يوم القيامة. (722) وعنه (ع) أنه قال: خير نسائكم العفيفة الغلمة، عفيفة في نفسها وفرجها، غلمة على زوجها. (723) وعنه (صلع) أنه قال: إياكم وتزويج (3) الحمقاء، فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع. (724) وعنه (صلع) أنه قال: أفضل نساء أمتي أصبحهن (4) وجها وأقلهن مهرا. (725) وعنه (صلع) أنه قال: النساء أربع جامع مجمع (5) وربيع مربع (6) وحرب مقمع (7) وغل قمل (8).


(1) س، ط، ى، د، ع – تزوجها، ز – تزوجوا. (2) س. ط – حسناء عاقوا، ى – حسناء عقيما، د – حسناء حملا وعقيما. (3) س، (حاشية) ى. ع – تزوج. س أن يتزوجوا، ط – أن يتزوجوا وتزويج الحمقاء إلخ. (4) حش ى – الصباحة بالفتح وهو بياض يضرب إلى الحمرة كلون الورد، وهو أحسن من البياض، (من النجاح). (5) ى – مجمع، حش – أي صالحة تصلح أمرها وأمر زوجها وتجمع أهل بيتها بالالفة والمودة بينهم وتجمع زوجها إلى نفسها بالمودة والرحمة بينهما، ومعنى آخر وهو أنها جامع مجمع للمحاسن والشمائل الحسنة، (من النجاح). (6) حش ى – وربيع مربع أي ولود كثيرة الاولاد، حتى إنها تلد كل سنة مرة واحدة حتى تجعل بيت زوجها كالربيع في حسنه وبهجته وخضرته فلذلك سماها ربيعا، (من النجاح) (7) حش ى – أي عدوة قاهرة تقهر زوجها بكثرة النشوز، وتقهر أهل بيتها بالتفريق بينهم، (من النجاح). (8) حش ى – وغل قمل هو قد من جلد طرى، كانت الجاهلية يغلون به أسراهم ومن يريدون عذابه ويجعلون وبره مما يلي جلده ويشدونه كذلك عليه، فإذا جف اشتد عليه وتعمل على الجلد ولا يوصل إلى القمل لشدته فيتألم لذلك فضربه مثلا للمرأة السوء (من النجاح).

[ 198 ]

(726) وعنه (صلع) أنه قال: إنما المرأة قلادة فلينظر أحدكم بما يتقلده. (727) وعنه (صلع) أنه قال: إن كان الشؤم في الشئ ففي المرأة والدار والدابة. (728) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: نظر أبي إلى امرأة في بعض مشاعر مكة فرأى منها ما أعجب به من حسن خلق فسأل عنها، هل لها زوج؟ فقيل: لا، فخطبها إلى نفسها، فتزوجته فدخل بها ولم يسأل عن حسبها (1)، وكان رجل من الانصار يتصل به فلما سمع بذلك شق عليه كراهة أن تكون غير ذات حسب (2)، فيقول الناس في ذلك، فلم يزل يسأل عن حسبها حتى وقف على خبرها، فوجدها في بيت أهل قومها (3) شيبانية من بني ذي الجدين (4) فدخل على علي بن الحسين (ع) فذكر له ذلك، فقال: قد كنت أراك أحسن رأيا منك اليوم، أما علمت أن الله جاء بالاسلام فرفع به الخسيس، وأتم به الناقص وأكرم به اللوم، فلا لؤم على امرئ مسلم فإنما اللؤم لؤم الجاهلية. وقد أعتق رسول الله أمته وتزوجها وعنده نساء من قريش، وفي رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر (5). (729) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) (6) أنه قال: خطب رسول


(1) حش ى – الحسب ما يعد من المعاش وقال النبي عليه السلام الحسب المال، من الضياء. (2) ى – نسب. (3) ع. س، فوجدها من أهل بيت شيبانية. (4) حش ى – ذو الجدين من بني شيبان وهو مسعود بن بسطام من رهط أشراف، وذكروا أن ولد لقيط بن ذرارة دخل على أبيه يوما يجر ذيله، فقال له: يا بني جئتني تجر ذيلك كأنك جئتني بابنة ذي الجدين. (5) حذ ع، ى – وقد أعتق… كان يرجو الله واليوم الاخر. (6) كما في س، د، ز، ط – وفي ع، ى وجدت الرواية الاخرى وهي مأخوذة من كتاب مختصر الاثار.

[ 199 ]

الله (صلع) يوم فتح مكة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن الله قد أذهب نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من ولد آدم، وآدم من طين، ألا إن خير عباد الله عند الله أتقاكم (1) إن العربية ليست بأب والد (2)، ولكنها لسان ناطق. فمن قصر به عمله لم يبلغ به حسبه، ألا إن كل دم في الجاهلية أو إحنة، فهي تحت قدمي إلى يوم القيامة. (730) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: زوج رسول الله (صلع) المقداد بن الاسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، ثم قال (ع): إنما زوجها المقداد ليتواضع النكاح وليتأسوا برسول الله (صلع) وليتعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم (3)، وكان الزبير أخا عبد الله أبى النبي (صلع) لابيه وأمه. (731) وعنه (ع) أن رسول الله (صلع) زوج الموالى القريشيات ليتضع المناكح وليتأسوا فيها برسول الله (صلع)، وزوج النبي (صلع) المقداد بن الاسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وزوج تميما الدارى امرأة من بني هاشم بن عبد مناف. (732) وعن أبي جعفر محمد (ع) أنه سئل عن امرأة مؤمنة عارفة، وليس بالموضع أحد على دينها، هل تتزوج منهم إلا من هو على دينها، وأما أنكم، فلا بأس أن يتزوج الرجل منكم المستضعفة البلهاء، وأما الناصبة ابنة الناصبة فلا، ولا كرامة لان المرأة تأخذ من أدب زوجها، ويردها إلى ما هو عليه، فتزوجوا إن شئتم في الشكاك ولا تزوجوهم، فأما أهل النصب


(1) د، ى، ع – أتقاهم، انظر القرآن الكريم 49 / 13. (2) س، د، ط، ع، ليست بأب والد، ى – بأب وولد. (3) 49 / 13.

[ 200 ]

لاهل بيت محمد والعداوة لهم المبائنين بذلك المعروفين به، الذين ينتحلونه دينا، فلا تخالطوهم ولا توادوهم ولا تناكحوهم (1). (733) وعنه (ع) أنه سئل عن المرأة الخبيثة الفاجرة، يتزوجها الرجل قال: لا ينبغي له ذلك، وأهل الستر والعفاف خير له، وإن كانت له أمة وطئها إن شاء ولم يتخذها أم ولد، لقول رسول الله (صلع): تخيروا لنطفكم. (734) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (2): الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين، قال: نزلت في نساء مشركات مشهورات بالزنا، كن في الجاهلية بمكة مؤاجرات مستعلنات بالزنا. منهن حبيبة والرباب وسارة التي أحل رسول الله (صلع) دمها يوم فتح مكة. من أجل أنها كانت تحرض المشركين على قتال رسول الله (صلع) فأما أن يتزوج الرجل امرأة قد علم منها الفجور فليحصن بابه، فقد سأل رسول الله (صلع) رجل، فقال: يا رسول الله! ما ترى في امرأة عندي لا ترد يد لامس؟ فقال: طلقها، قال: فإني أحبها، قال: فأمسكها إن شئت.


(1) حش ى – من مختصر الاثار عن أبي عبد الله ع لما قال له داود بن علي قد أتيت ذنبا لا يغفر الله لك، قال: وما هو، قال: زوجت ابنتك رجلا من بني أمية، قال أبو عبد الله، أسوتي في ذلك برسول الله (صلع) قد زوج ابنته زينب أبا العاص بن ربيعة وزوج عثمان بن عفان أم كلثوم فتوفيت، فزوجه رقية بناته (صلع)، وخطب عمر إلى علي (ع) ابنته أم كلثوم، فرده، فأما العباس فشكا عليه وتواعد بني عبد المطلب فأتى العباس عليا (صلع) فقال: يا ابن أخي، قد ترى ما نحن فيه، وقد تواعدك عمر لودك إياه، وتواعدنا، ولم يزل به حتى جعل أمرها إليه فزوجها العباس منه، فالافضل والاعلى تزويج أهل الموافقة من لا ينصب العداوة لال رسول الله (صلع) ونكاح المؤمن أفضل من نكاح غيره، ولا بأس عند الضرورة بنكاح أهل الخلاف من المسلمين وكذلك النكاح فيهم، وليس ذلك بمحرم كمناكحة المشركين، ولكن الفضل والاختيار في مناكحة أهل الموالفة وبعد ذلك المستضعفين. (وفي هذه الحاشية قد اختلطت الروايتان من كتاب مختصر الاثار). (2) 24 / 3.

[ 201 ]

فصل (3) ذكر اختطاب النساء (735) روينا عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، يعني إذا وقع التراضي وأجابته المرأة، فأما إذا خطب هذا وهذا قبل ذلك، فلا بأس به. تتزوج المرأة من شاءت. وذلك مثل سوم الرجل على سوم أخيه، وقد ذكرنا في البيوع. (736) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا أراد أحدكم أن يتزوج المرأة فلا بأس أن يولج بصره فإنما هو مشتر، يعني (صلع) إذا وجد مكنة أن يختلس النظر إليها وأمكن من ذلك لغير مكروه يضمره. ولا تلذذ بالنظر يقصده، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين في كتابه بغض الابصار، فقال (1): قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم. (737) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل تمر به المرأة فينظر خلفها (2) قال: أيسر أحدكم أن ينظر أحد إلى أهله، ارضوا للناس ما ترضون لانفسكم. (738) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل في قصة موسى (ع) من قول المرأة (3): يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي


(1) 24 / 30. (2) س، ط – خلفها، ى، ع، ز، د، ط (إدراج بيد الاخرى) – إلى خلفها. (3) 28 / 36.

[ 202 ]

الامين، فقال: أما القوة فما رأت منه عند سقي الغنم. وأما قولها الامين (1) فإنها لما أتته (2) عن أبيها أن يأتيه فمشت بين يديه، فتقدم وقال: كوني خلفي، وعرفيني الطريق، فإنا قوم لا ننظر إلى أدبار النساء. (739) وعن علي (ع) أنه قال: سئل عن الرجل تمر به المرأة فينظر إليها، قال: أول نظرة لك، والثانية عليك لا لك، والنظرة الثالثة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها لله لا لغيره، أعقبه الله إيمانا يجد طعمه. (740) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ما يأمن الذين ينظرون في أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم، فكل هذا يوجب غض البصر (3) عن النساء إلا ما استثناه رسول الله (صلع) من نظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها (4)، وقد جاء أيضا في النظر إلى ذوات المحارم توقيف من رسول الله (صلع). (741) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) (5) أنه قال: أتى رجل إلى رسول الله (صلع) قال: يا رسول الله، هل أستأذن على أمي إذا أردت الدخول عليها؟ قال: نعم، أيسرك أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فاستأذن عليها إذا، قال: فأختي، يا رسول الله تكشف شعرها بين يدي؟ قال، لا، قال: لم؟ قال: أخاف عليك إذا أبدت شيئا من محاسنها إليك أن يستفزك الشيطان.


(1) س – وأما الامانة. (2) س – لما آذنته عن. (3) د – الطرق. (4) ى ط (هامش) زد – فلا بأس به. (5) ى – وعن جعفر بن محمد (ع).

[ 203 ]

(742) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا قبل أحدكم ذات محرم (1) منه قد حاضت، فليقبل بين عينيها أو رأسها، وليكف عن خديها وفيها. (743) روينا عن أهل البيت (ع) في الدعاء عند التزويج والخطب عند عقد النكاح، كلاما يطول ذكره. ليس منه شئ موقت ولا واجب، ومن دعا الله بما قدر عليه واستخاره فقد أحسن، وإذا حمد الله الذي يلى عقدة النكاح، وصلى على النبي (صلع) وذكر من القول ما تيسر وعقد على ما يجب، فقد أجزى ذلك عنه. وقد روى عن رسول الله (صلع) أنه قال: كل نكاح لا خطبة فيه فهو كاليد الجذماء. (744) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال، في قول الله عز وجل (2): ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء إلى قوله: إلا أن تقولوا قولا معروفا، فقال (ع): لا ينبغي للرجل أن يخطب المرأة في عدتها، والتعريض الذي أباح الله تعالى، أن يعرض بكلام خير. حتى تعلم المرأة مراده، ولا يخطبها حتى يبلغ الكتاب أجله (3). فقد دخل أبو جعفر محمد بن علي (ع) على سكينة بنت حنظلة، وقد مات عنها زوجها التي هي ابنة عم له. فسلم عليها، فقال: وكيف أنت يا ابنة حنظلة؟ فقالت: بخير، جعلت فداك، يا بن رسول الله! قال: إنك قد علمت قرابتي من رسول الله ومن علي (ع) وحقي وبيتي في العرب (4)، فقالت: غفر الله لك


(1) حش ى – المحرم والحرمة من القرابة يقال هو ذو محرم منها إذا لم يحل له نكاحها، وفي الحديث، لا تسافر المرأة الثلاثة أيام فما فوقها إلا مع ذي محرم ومحارم الليل مخاوفه كأنها حرمت على الجبان أن يسلكها. (2) 2 / 235. (3) ى – يعني أيام العدة، 2 / 235. (4) ى، ع – حق في الاسلام وبيتي في العرب.

[ 204 ]

يا أبا جعفر! تخطبني في عدتي؟ قال: ما فعلت. إنما أخبرتك بمنزلتي ومكاني، وقد دخل رسول الله (صلع) على أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وقد تأيمت من أبي سلمة، وهو (1) ابن عمها، فلم يزل (صلع) يذكر لها منزلته ومكانته عند الله حتى أثر الحصير في كفه من شدة ما كان يعتمد على يده، فما كانت تلك خطبة. (745) وعن رسول الله (صلع) أنه خطب (2) أم سلمة، وقد كان خطبها عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله. فأرسلت إلى رسول الله (صلع) تقول: يا رسول الله! إني امرأة مسنة. وإن لي عيالا. وإني شديدة الغيرة. فقال صلى الله عليه وآله: أما قولك إنك مسنة فأنا أسن منك، وأما قولك إن لك عيالا، فعيالك في عيال رسول الله، وأما الغيرة، فسوف أدعو الله أن يدفعها عنك. فلما تزوجها ودخلت إليه، قالت: يا رسول الله! ما كان مما قلت لك كثير شئ. ولكني كرهت أن يكون في أمر من الامور لم أخبرك به. فصل (4) ذكر الدخول بالنساء ومعاشرتهن (746) قال الله عز وجل (3): وعاشروهن بالمعروف، الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) لما تزوج ميمونة بنت حارث أولم عليها واطعم الحيس (4).


(1) حش ى – اسم أبي سلمة عبد الله بن الاسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم، واسم أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. (2) ى – لما خطب إلخ. (3) 4 / 19. (4) حش ى – الحيس طعام يتخذ من أقط وسمن (الخبز واللبن والتمر والسمن).

[ 205 ]

(747) وعنه (ع) أنه أمر بالوليمة وقال: هي في أربع: العرس (1) والخرس (2) والاعذار (3) والوكيرة، فالعرس ابتناء الرجل بأهله، والخرس هو العقيقة وقد مضى ذكرها، والاعذار ختان الغلام، والوكيرة قدوم الرجل من سفره. (748) وعنه (ع) أنه قال: الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، وما كان بعد ذلك فهو رياء وسمعة. (749) وعنه (ع) أنه مر ببني زريق فسمع عزفا (4) فقال: ما هذا؟ قالوا: يا رسول الله، نكح فلان، فقال: كمل دينه، هذا النكاح لا السفاح. ولا يكون نكاح في السر حتى يرى دخان أو يسمع حس دف، وقال: الفرق ما بين النكاح والسفاح ضرب الدف. (750) وعنه (ع) أنه مر بقوم من الزنج وهم يضربون بطبول لهم ويغنون. فلما رأوه سكتوا، فقال: خذوا يا بني أرفدة (5) فيما كنتم فيه، ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة. (751) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أن رجلا من شيعته أتاه فقال: يابن رسول الله! وردت المدينة فنزلت على رجل أعرفه، ولا أعرفه بشئ من اللهو، فإذا جميع الملاهي عنده وقد وقعت في أمر ما وقعت في مثله. فقال له: أحسن جوار (6) القوم حتى تخرج من عندهم، فقال:


(1) حش ى – العرس طعام الوليمة يذكر ويؤنث والجمع الاعراس. (2) أيضا – الخرس بضم الخاء طعام الولادة. (3) أيضا – الاعذار طعام الختان، وهو في الاصل مصدر والعذيرة مثله. (4) أيضا – المعازف الملاهي والعازف اللاعب بها والمغني. (5) أيضا – قال أبو عمرو: بنو أرفدة في الحديث جنس من الحبش يرقصون، وأرفدة بفتح الهمزة والفاء. (6) س – جوار (معا).

[ 206 ]

يابن رسول الله! فما ترى في هذا الشأن؟ قال: أما القينة التي تتخذ لهذا فحرام، وأما ما كان في العرس وأشباهه فلا بأس به. (752) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لما كانت الليلة التي بنى فيها علي (ع) بفاطمة، سمع رسول الله (صلع) ضرب الدف فقال: ما هذا؟ قالت أم سلمة (1): يا رسول الله هذه أسماء بنت عميس تضرب بالدف أرادت فيه فرح فاطمة (ص) ترى أنه لما ماتت أمها لم تجد من يقوم لها، فرفع رسول الله يده إلى السماء ثم قال: اللهم أدخل على أسماء ابنة عميس السرور كما أفرحت ابنتي، ثم دعا بها، فقال: يا أسماء! ما تقولون إذا نقرتم (2) بالدف؟ فقالت: ما ندري ما نقول، يا رسول الله! في ذلك وإنما أردت فرحها. قال: فلا تقولوا هجرا (3). وهذا وما هو في معناه إنما جاءت الرخصة فيه كما ذكرناه في النكاح لاستحباب إشهاده وإبانته عن السفاح. (753) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن اللهو في غير النكاح فأنكره وتلا عليه قول الله عز وجل (4): وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.


(1) كذا في القاموس، وفي الصحاح بكسر اللام. (2) ى، د – ضربتم س، ط، ز، ع – نقرتم. (3) حش ى، س – الهجر الاسم من الاهجار وهو الافحاش في الكلام (4) 21 / 16 – 18.

[ 207 ]

(754) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أنهى أمتي عن الزفن والمزمار وعن الكوبات والكنارات (1). (755) وعن علي (ع) أنه رفع إليه رجل كسر بربطا (2) فأبطله، ولم يوجب على الرجل شيئا. (756) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: مجلس الغناء مجلس لا ينظر الله عز وجل إلى أهله، والغناء أخبث ما خلق الله تعالى، والغناء يورث النفاق ويعقب الفقر. (757) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (3): ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله، الاية. قال أبو جعفر (ع): هو الغناء، لقد تواعد الله عز وجل عليه بالنار. (758) وعنه (ع) أنه سئل عن الغناء، فقال للسائل: ويحك، إذا فرق الله بين الحق والباطل اين ترى الغناء يكون؟ قال: مع الباطل والله، جعلت فداك. فقال: ففي هذا ما يكفيك. (759) وعنه (ع) أنه سأل رجلا ممن يتصل به عن حاله، فقال: جعلت فداك مر بي فلان أمس فأخذ بيدي فأدخلني منزله، وعنده جارية


(1) حش ى – قال في التكملة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: إن الله (تع) أنزل الحق ليذهب به الباطل ويبطل به اللعب والزفن والمزادات والمزاهر والكنارات، واختلف في معنى الكنارات في هذا الحديث، فقال هي العيدان وقيل هي الطبول وقيل هي الدفوف وقيل هي الطنابير، والكنر بالتحريك الطبل والجمع كنار مثل جمل وجمال والكوبة النرد ويقال الشطرنج. (2) حش ى – البربط العود الذي يضرب به، وليس من العرب والكلمة في الاصل عجمية فعربت. (3) 31 / 6.

[ 208 ]

تضرب وتغنى فكنت عنده حتى أمسينا، فقال (ع): ويحك (1)، أما خفت أمر الله أن يأتيك وأنت على تلك الحال؟ إنه مجلس لا ينظر الله إلى أهله، الغناء أخبث ما خلق الله عز وجل، والغناء أشر ما خلق الله، الغناء يورث الفقر والنفاق. (760) وعنه (ع) أنه قال: من ضرب في بيته بربطا أربعين صباحا سلط الله عليه شيطانا لا يبقى عضوا من أعضائه إلا قعد عليه، فإذا كان ذلك نزع الله منه الحياء فلم يبال (2) بما قال ولا ما قيل له. (761) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت النخل الطلع. (762) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا تدخله الملائكة. (763) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (3): والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما:، قال: من ذلك الغناء والشطرنج. (764) وعنه (ع) أنه قال لرجل من أصحابه: أين كنت أمس؟ قال الرجل: فظننت أنه قد عرف الموضع الذي كنت فيه، قلت: جعلت فداك. مررت بفلان فتعلق بي وأدخلني داره وأخرج إلي جارية له، فغنت، فقال: أمنت (4) الله على أهلك ومالك؟ إن هذا (5) مجلس لا ينظر الله إلى أهله.


(1) حذ س، ط. (2) ز، ع، ى – فلا يبالي، س، ط، د – فلم يبال. (3) 25 / 27. (4) ز – أفأمنت على أهلك ومالك. (5) س، د، ط. ع، ى – ذلك.

[ 209 ]

(765) وعنه (ع) أنه قال: مر بي أبي، رضوان الله عليه وأنا غلام صغير، وقد وقفت على زمارين وطبالين ولعابين أستمع. فأخذ بيدي وقال لي: مر لعلك ممن شمت بآدم، فقلت: وما ذاك؟ يا أبت! فقال: هذا الذي تراه كله من اللهو واللعب والغناء، إنما صنعه إبليس شماتة بآدم حين أخرج من الجنة. (766) وعنه (ع) أنه بلغه قدوم قوم قدموا من الكوفة، فنزولوا في دار مغن، فقال لهم: كيف فعلتم هذا؟ قالوا: ما وجدنا غيرها يابن رسول الله! وما علمنا إلا بعد أن نزلنا، فقال: أما إذا كان ذلك فكونوا كراما، فإن الله يقول (1): وإذا مروا باللغو مروا كراما. (767) وعنه (ع) أنه قال: لا يحل بيع الغناء ولا شراؤه، واستماعه نفاق وتعليمه كفر (2). (768) وعنه (ع) أنه ذكر عنده الغناء فقال: والله ما سمعته أذناي قط.


(1) 25 / 27. (2) حش ى – من مختصر الاثار: فكل هذا ينبئ عن تحريم اللهو وسماع الغناء والمزامير والطنابير وأشباه ذلك مما ينهى عنه، وأما ما كان يتخذ من العرب وعند تعبية العساكر وعروضها وأشباه ذلك من احتفال الناس بين يدي الائمة وأمراء الجيوش من ضرب الطبول والجفان وما يشاكل ذلك، والنفخ في الابواق والصفارات وما يشاكلها من المزامير مما لا يتلذذ به ولا يتلهى بمثله، فليس ذلك مما نهى عنه ولا من نحو ما تقدم تحريمه والنهي عنه، بل ذلك مما يستحب في مواضعه، وقد جاء عن رسول الله (صلع) أنه مر بقوم من الزنج وهم يضربون طبولهم فقال: إيها إيها بني أرفدة! لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، فإن قال قائل فما لنا نسمع ونرى في البلدان التي بها سلطان الائمة صلوات الله عليهم، من الملاهي ما نهى عنه؟ فقل له: ليس ذلك بأعظم من الفواحش التي نهى الله عز وجل عنها وحرمها فهم يفعلون ذلك في دورهم ودون أبوابهم وستورهم، وإنما أمر الله عز وجل بإقامة الحدود من الفواحش التي أمر بإقامة الحدود عليها فيما بدا منها وشهد الشهود عليه، وظهر، وتوحد سبحانه بعلم ما بطن منها واستتر وبالعقوبة عليها أو العفو عنها قدم من ذلك ما شاء أن يقدمه عز وجل وأخر ما أخر، وقد اتضح عند جميع الناس واشتهر إنكار الائمة صلوات الله عليهم على فاعليه وترك الرخصة لهم فيه على أن ذلك ليس مما تجب فيه الحدود، وإنما يجب إنكاره والنهي عنه.

[ 210 ]

(769) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (1): فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور، فقال: الرجس من الاوثان الشطرنج، وقول الزور الغناء. (770) وعنه (ع) أنه رجلا سأل عن سماع الغناء فنهاه عنه، وتلا قول الله عز وجل (2): إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا، ثم قال: يسأل السمع عما سمع والفؤاد عما عقد والبصر عما أبصر (3)، وإنما ذكرنا هذه الاثار لئلا يظن ظان أن فيما ذكرناه من الرخصة في العزف في الوليمة، رخصة في الغناء، وليعلم أن ذلك إنما جاء لاستحباب إشهار النكاح خاصة. (771) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى (4). وعنه (ع) أنه قال: لا سهر إلا في ثلاث: تهجد بالقرآن أو في طلب علم أو زفاف عروس. وعنه (ع) أنه قال: ليتهيأ أحدكم لزوجته كما يجب أن تتهيأ له. قال أبو جعفر (ع) يعني التنظف (5). (772) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا زفت إلى الرجل زوجته وأدخلت إليه فليصل ركعتين وليمسح على ناصيتها ثم ليقل (6): اللهم


(1) 32 / 30. (2) 17 / 36. (3) س، ط – بصر. ع، ى، ز، د – أبصر. (4) ز – صبحا. (5) س – التنظيف. (6) كتاب صحيفة الصلاة (السليمانية)، مجلد 1 ص 69 / 70 (1954 ع، بومباى).

[ 211 ]

بارك في أهلي وبارك لها في، وما جمعت بيننا فاجمع بيننا في خير ويمن وبركة، وإذا جعلتها فرقة فاجعلها فرقة إلى كل خير، ثم ليقل: الحمد لله الذي هدى ضلالتي وأغنى فقري ونعش (1) خمولي وأعز ذلتي وآوى عيلتي وزوج عزبتي (2) وأخدم مهنتي وآنس وحشتي ورفع خسيستي، حمدا كثيرا طيبا مباركا، على ما أعطيت، يا رب، وعلى ما قسمت وعلى ما أكرمت. (773) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أن رجلا قال: يابن رسول الله! إني رجل كبير السن كما ترى. وقد تزوجت امرأة بكرا صغيرة، ولم أدخل بها وأنا أخاف أن دخلت علي فرأتني أن تكرهني لكبري، قال أبو جعفر (ع): إذا دخلت عليك فمرهم (3) أن تكون قبل ذلك على طهارة. وكن أنت كذلك، ثم لا تقربها حتى تصلي ركعتين، ومرهم أن يأمروها أيضا أن تصلي ركعتين، ثم احمد الله وصل على النبي (4) وادع وأمرهم أن يؤمنوا على دعائك وقل: اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها بي وارزقها ذلك مني واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيمن ائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام والخلاف. (774) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أراد الرجل أن يجامع أهله فليسم الله ويدعوه بما قدر عليه، وليقل: اللهم إن قضيت مني اليوم خلفا فاجعله لك خالصا ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا حظا ولا نصيبا واجعله زكيا ولا تجعله في خلقه نقصا ولا زيادة واجعله إلى خير عاقبة.


(1) س، ز. د، ى، ع، ط – أنعش. (2) صحيفة الصلاة (السليمانية) – روح غربتي. (3) حش ى – أي قرابة النساء. (4) ى – رسوله وأهل بيته.

[ 212 ]

(775) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا أتى أحدكم إلى امرأته فلا يعجلها وإذا واقعها فليصدقها (1). (776) وعن علي (ع) أنه كره أن يجامع الرجل وهو مستقبل القبلة. (777) وعنه (ع) أنه قال: الوأد الخفي أن يجامع الرجل المرأة، فإذا أحس الماء نزعه منها فأنزله فيما سواها، فلا تفعلوا ذلك، فقد نهى رسول الله (صلع) أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها، وعن الامة إلا بإذن سيدها، يعني (ع) إذا كان لها زوج لان ولدها يكون مملوكا للسيد، فلا يجوز العزل عنها إلا بإذنه، وكذلك للحرة حق في الولد فلا يجوز العزل عنها إلا بإذنها. فأما المملوكة فلا بأس بالعزل عنها، ولا يلتفت إلى إذنها في ذلك. (778) روينا عن علي (ع) أنه كان يعزل عن جارية كانت له يقال لها جمانة (2). (779) وعن الحسين بن علي (ع) أنه كان يعزل عن سرية له. وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن العزل فقال: أما الامة فلا بأس، وأما الحرة فإني أكره ذلك، إلا أن يشترط ذلك عليها حين يتزوجها. (880) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا بأس بالعزل عن الحرة بإذنها، وعن الامة بإذن مولاها. ولا بأس ان يشترط ذلك عند النكاح، ولا بأس بالعزل من المرضع مخافة أن تعلق فيضر ذلك بالولد. روى ذلك عن رسول الله (صلع).


(1) حش ى – قال في الايضاح يعني لا يعجلها بالماء إلى أن تقضى أمرها ويؤخر ماءه ما قدره وقوله فليصدقها والله أعلم، الشدة في المباضعة، أي في المجامعة. (2) س، ط – جمانة، ع ز، د – جمانة أو أم جمانة، س جمانة، والصحيح بتخفيف الميم، (كما في القاموس)..

[ 213 ]

(781) وعنه (ع) أنه نهى أن توطأ الحرة وفي البيت أخرى، وأن توطأ المرأة والصبي في المهد ينظر إليهما. (782) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا بأس أن ينام الرجل بين امرأتين أو جاريتين، ولكن لا يطأ واحدة منهما وأخرى تنظر إليه. (783) وعن علي (ع) أنه قال: النظر إلى المجامعة يورث العمى. (784) وعن أبي جعفر (ع) أنه كان ينهى عن الكلام عند الجماع ويقول: إن ذلك يورث الخرس. وكان يكره أن يجامع الرجل وفي البيت معه أحد. ورخص في ذلك في الاماء. (785) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل هل يكره الجماع في وقت من الاوقات؟ قال: نعم. من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن غياب الشمس إلى غياب الشفق، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي اليوم والليلة اللذين تزلزلت فيهما الارض، وعند الريح الصفراء والسوداء والحمراء. ولقد بات رسول الله (صلع) عند بعض نسائه في ليلة انكسف القمر فيها، فلم يكن منه إليها شئ، فلما أصبح خرج إلى مصلاه، فقالت: يا رسول الله، ما هذا الجفاء الذي كان منك في هذه الليلة؟ فقال: ما كان جفاء ولكن كانت هذه الاية، فكرهت أن ألذ فيها، فأكون ممن عنى الله في كتابه بقوله (1): وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم، ثم قال محمد ابن علي (ع): والذي بعث محمد بالرسالة واختصه بالنبوة واصطفاه


(1) 52 / 44.

[ 214 ]

بالكرامة، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الاوقات، فيرزق ذرية، فيرى فيها قرة عين. (786) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج جارية صغيرة فلا يطأها حتى تبلغ تسع سنين، من يوم ولادتها. (787) وعن علي (ع) أنه كان يكره إتيان النساء في أدبارهن. (788) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن محادثة النساء، يعني غير ذوات المحارم، وقال: لا يخلون رجل بامرأة، فما من رجل خلا بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: حديث النساء من مصائد الشيطان. (789) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: اتقوا الله في النساء فإنهن عى وعورة، وإنكم (1) استحللتموهن بأمانة الله، وهن عندكم عوان (2) فداووا عيهن بالسكوت، وواروا عوراتهن بالبيوت. (790) وعنه (ع) أنه قال: نعم الشغل للمرأة المؤمنة، المغزل. (791) وعنه (ع) أنه كان مما يأخذ (3) على النساء في البيعة أن لا يحدثن من الرجال إلا ذا محرم. (792) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: استأذن أعمى على فاطمة (ع) فحجبته. فقال لها النبي (ع): لم تحجبينه (4) وهو لا يراك؟ قالت: يا رسول الله: إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح. فقال رسول الله: أشهد أنك بضعة مني.


(1) ى – أنتم. (2) ى – أي بمهر. (3) ز – أنه كان يأخذ إلخ. (4) س – حجبته.

[ 215 ]

(793) وعن علي (ع) أنه قال: قال لنا رسول الله (صلع): أي شئ خير للمرأة؟ فلم يجبه أحد منا، فذكرت ذلك لفاطمة (ع) فقالت: ما من شئ خير للمرأة من أن لا ترى رجلا ولا يراها، فذكرت ذلك لرسول الله (صلع) فقال: صدقت، إنها بضعة مني. (794) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى النساء أن ينظرن إلى الرجال وأن يخرجن من بيوتهن إلا بإذن أزواجهن، ونهى أن يدخلن الحمامات إلا من عذر، قال: أيما امرأة وضعت خمارها (1) في غير بيت زوجها فقد هتكت (2) حجابها. (795) وعنه (ع) أنه نهى أن تمشي المرأة عريانة بين يدي زوجها، وأن يتعرى الرجل مع أهله (3). (796) وعنه (ع) أنه نهى النساء أن يسلكن وسط الطريق، وقال: ليس للنساء في وسط الطريق نصيب. ونهى أن تلبس المرأة، إذا خرجت، ثوبا مشهورا أو تتحلى بما له صوت يسمع، ولعن المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال، ونهى النساء عن إظهار الصوت إلا من ضرورة، ونهاهن عن المبيت في غير بيوتهن. ونهى أن يسلم الرجل عليهن (4). (797) وعنه (ع) أن امرأة أرسلت إليه فسألته فقالت: يا رسول الله! إن زوجي خرج إلى سفر وأمرني أن لا أخرج من بيتي (5). وإن أبي في


(1) حش ى – كناية عن كشف البدن. (2) حش ى – كناية عن هتك الحرمة. (3) حش ى – نهى تأديب عن الجماع ونهى تأكيد في غير الجماع. (4) حش ى – يعني لا يسلم الرجل عليهن إذا لقيهن في الطريق والسوق، فإذا دخل بيته فلا بأس أن يسلم على أهلها، بل هو من الاداب الواجبة، كما قال الله (تع) (34 / 61): (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) (في المتن) وكذلك إذا دخل على امرأة غير ذات محرم في بيتها فلا بأس أن يسلم عليها من وراء حجاب، من النجاح. (5) ط، ز، ى – بيته.

[ 216 ]

السياق قد أشفى على الموت، فهل لي أن أخرج إليه؟ فقال (صلع) للرسول، قل لها: إجلسي في بيتك وأطيعي زوجك. ففعلت، ومات أبوها. فأرسل إليها رسول الله (صلع) فقال (1): أما إن الله قد غفر لابيك بطاعتك لزوجك. (898) وعنه (ع) أن امرأة سألته فقالت: يا رسول الله! ما حق الزوج على زوجته؟ فقال: أن لا تتصدق من بيته إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الارض وملائكة الغضب (2) وملائكة الرضى (3)، قالت: فمن أعظم الناس حقا على الرجل، قال: والداه؟ قالت: فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قالت: يا رسول الله، فما لي من الحق مثل الذي له؟ قال: لا ولا من كل مائة واحدة ولو كنت أمرت أحدا أن يسجد لاحد، لامرت المرأة أن تسجد لزوجها. (799) وعنه (ع) أنه قال: إذا عرفت المرأة ربها وآمنت به وبرسوله، وعرفت فضل أهل بيت نبيها، وصلت خمسا وصامت شهر رمضان وأحصنت فرجها وأطاعت زوجها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. (800) وعنه (ع) أنه ذكر النساء فقال: فكيف بهن إذا تحلين بالذهب ولبسن الحرير وكلفن الغنى وأتعبن الفقير! (801) وعنه (ع) (4) أنه قال: من أطاع امرأته في أربع خصال كبه الله على وجهه في النار. فقيل: وما تلك الطاعة؟ يا أمير المؤمنين!


(1) ط، ز، ى – يقول. (2) ع، ط – السخط. (3) زيد في ى – ط – حتى ترجع. (4) لعل الصحيح: وعن علي ع، الخطاب له (أمير المؤمنين).

[ 217 ]

فقال: تطلب إليه أن تذهب إلى العرسات (1) وإلى النياحات وإلى العيادات وإلى الحمامات. (802) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن ضرب النساء في غير واجب. (803) وعن علي (ع) أن رجلا من الانصار أتى إلى رسول الله (صلع) بإبنته فقال: يا رسول الله، إن زوجها ضربها فأثر في وجهها فأقدها (2) منه، فقال رسول الله (صلع): ذلك لك، فأنزل الله عز وجل (3) الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. أي قوامون بالادب، فقال رسول الله: أردت أمرا وأراد الله غيره. (804) وعن رسول الله (صلع) أنه قال الغيرة من الايمان. وأيما رجل أحس بشئ من الفجور في أهله، ولم يغر، بعث الله بطائر يظل أربعين صباحا يقول له كلما دخل وخرج: غر، فإن لم يفعل مسح بجناحه على عينيه. فإن رأى حسنا لم يره، وإن رأى قبيحا لم ينكره. (805) وعن علي (ع) أنه قال: لا غيرة في الحلال. (806) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: كتب الجهاد على رجال أمتي والغيرة على نسائها، فمن صبرت منهن واحتسبت أعطاها الله أجر شهيد!


(1) كتب في كل المخطوطات (العروسات)، ولكن الصحيح بغير الواو. (2) حش ى – أقاد ولى المقتول من قاتله من القود، والقود القصاص. (3) 4 / 34.

[ 218 ]

فصل (5) ذكر نكاح الاولياء والاشهاد في النكاح (807) قال الله عزوجل (1): فانكحوهن بإذن أهلهن. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. (808) وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قضى أن يلى عقد النكاح الولي، فمن نكح امرأة بغير ولي فإن نكاحه باطل. (809) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تنكح المرأة حتى تستأمر. (810) وعن علي (ع) أنه قال: لا ينكح أحدكم ابنته حتى يستأمرها في نفسها، فهي أعلم بنفسها، فإن سكتت أو بكت أو ضحكت، فقد أذنت، وإن أبت لم يزوجها (2). (811) وعن علي (ع) أنه قال: تزويج الاباء جائز على البنين والبنات إذا كانوا صغارا (3)، وليس لهم خيار إذا كبروا.


(1) 4 / 25. (2) حش ى – قال في الينبوع، ورضى البكر إذا استأمرها وليها أن تبكي أو تسكت أو تضحك، فإن أبت لم يزوجها، فأما الثيب فلا تزوج حتى تستأمر، ومنه إذا وكلت المرأة بعض أوليائها يزوجها من غير كفء لم يجز. (3) حش ى من مختصر الايضاح، وقال الصادق (ع) من زوج ابنه وهو صغير جاز نكاحه ولا يجوز طلاق الاب عليه وهو صغير، والصداق على الاب إذا زوج ابنه صغيرا إذا كان ضمن، فإن لم يضمن فهو على الابن.

[ 219 ]

(812) وعنه (ع) أنه قال: إذا زوج الوكيل على النكاح فهو جائز (1). (813) وعنه (ع) أنه قال: إذا وكلت المرأة المسلمة أباها النصراني أو أخاها على تزويجها فزوجها فالنكاح جائز.. وإن زوجها وهي طفلة، لم يجز. لانه لا ولاية لكافر على مسلم (2). (814) وعنه (ع) أنه قال: إذا وكلت المرأة وكيلين وفوضت إليهما نكاحها (3) وأنكحها كل واحد منهما رجلا، فالنكاح للاول (4). (815) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الجد أبو الاب يقوم مقام ابنه في تزويج ابنته الطفلة، والجد أولى بالعقد إلا أن يكون الاب قد عقده، وإن عقداه جميعا فالعقد عقد الاول منهما. (816) وعن جعفر بن محمد أنه قال: إذا غاب الاب فأنكح الاخ، يعني بوكالة المرأة، فهو جائز. (817) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن عقد النكاح بغير شهود، فقال: إنما ذكر الله الشهود في الطلاق، فإن لم يشهد في النكاح فليس عليه شئ فيما بينه وبين الله، ومن أشهد فقد توثق للمواريث وأمن من خوف عقوبة (5) السلطان، الشهادة في النكاح أوثق وأعدل وعليه العمل. (818) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: قد يجوز في


(1) حش س – وفي الينبوع، ولو وكلت امرأة رجلا أن يزوجها فقالت: ما صنعت في أمري فهو جائز، فحضرته الوفاة فوكل رجلا أن يزوجها، جائز. (2) حش ى – وكذلك العبد وابنته الحرة. (3) ط، ى، د، ع. س، ز – حذ (نكاحها). (4) حش ى – فإن لم يعلم الاول منهما أو كان العقد لهما معا في وقت واحد بطل النكاح واستؤنف بعد ذلك، من الاختصار. (5) ى – وأمن عقوبة السلطان.

[ 220 ]

النكاح من الشهود ما يجوز في الاموال، وتجوز فيه شهادة النساء والعبيد. (819) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا شهد شاهد في النكاح أن أباها زوجها وهي كارهة، وشهد آخر أنه زوجها برضاها، فالنكاح جائز، فإن شهد أحدهما أنه زوجها بألف وشهد الاخر أنه زوجها بألفين، فإن ادعت المرأة بالاكثر (1) حلفت مع شهادة شاهدها، وإن شهد أحدهما أن اباها زوجها وهي طفلة بكر، وشهد الاخر أنه زوجها وهي ثيب بغير رضاها، فالشهادة باطلة! فصل (6) ذكر المهور قال الله عز وجل (2): وآتوا النساء صدقاتهن نحلة… الاية. (820) وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال في قوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة قال: يقول عز وجل: أعطوهن الصداق الذي استحللتم به فروجهن. فمن ظلم المرأة صداقها فقد استباح فرجها زنا. (821) وعنه (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع): إن الله غافر كل ذنب، إلا رجل (3) اغتصب امرأة بمهرها، أو أجيرا اجرته، أو رجل (4) باع حرا.


(1) س، د. ط، ى، ع – الاكثر. (2) 4 / 4. (3) س، ى – رجلا. (4) س، ى – رجلا.

[ 221 ]

(822) وعن علي (ع) أنه قال: ما نكح رسول الله (صلع) امرأة من نسائه إلا على اثنتي عشرة أوقية، ونصف الاوقية من فضة، وعلى ذلك أنكحني فاطمة (ع) والاوقية أربعون درهما. قال جعفر بن محمد (ع): وكانت الدراهم يومئذ وزن ستة قراريط (1). وليس هذا بتوقيت في المهور، ولكنه المهر الذي كان رسول الله (صلع) سنه لنسائه (2). كأنه أحب (صلع) التسوية بينهن فيه، وقد قال الله عز وجل (3): وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، لم يوقت في ذلك قليلا ولا كثيرا، وقال (ع ج) (4): وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. (823) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن المهر فقال: هو ما تراضى عليه الناس. ولكن لا بد من صداق معلوم قل أو كثر، ولا بأس أن يكون عروضا. (824) وعن علي (ع) أنه قال: أتى رجل إلى رسول الله (صلع) فقال: يا رسول الله! أردت أن أتزوج هذه المرأة. قال: وكم تصدقها؟ قال: ما عندي شئ. فنظر إلى خاتم في يده فقال (صلع): هذا الخاتم لك؟ قال: نعم، قال: فتزوجها عليه. (825) وعن علي (ع) أنه قال: من يمن المرأة تيسير نكاحها وتيسير رحمها. (826) وعن علي (ع) أنه قال: لا تغالوا في مهور النساء فتكون عداوة.


(1) ع، ط، ى – وزن ستة، س، ز، د – ستة قيراط. (2) ى – للنساء (3) 4 / 4. (4) 4 / 20.

[ 222 ]

(827) وعن ابي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: تزوج الحسين ابن علي (ع) امرأة فأرسل إليها بمائة جارية، مع كل جارية ألف درهم. (828) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: للرجل أن يتزوج المرأة على أن يعلمها سورة من القرآن، أو يعطيها شيئا ما كان. (829) وعن علي (ع) أنه قال: لا يكون تزويج بغير مهر. (830) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (1): يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك، الاية، قال: أحل له من النساء ما شاء، وأحل له أن ينكح من المؤمنات بغير مهر. وذلك قول الله (ع ج) (1): وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها، ثم بين ذلك (3) عز وجل أن ذلك إنما هو خاص للنبي (صلع) فقال الله (4): خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج، ثم قال جعفر بن محمد (ص): فلا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلع) أما غيره فلا يصلح أن ينكح إلا بمهر يفرضه قبل أن يدخل بها، ما كان ثوبا أو درهما أو شيئا قل أو كثر. (831) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة تزوجها رجل على حكمها فاشتطت على، فقضى أن لها صداق مثلها، لا وكس ولا شطط. (832) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يفوض إليه صداق امرأته فيقصر بها، قال: تلحق بمهر مثلها.


(1) 33 / 50. (2) أيضا. (3) حذ س. (4) 33 / 50.

[ 223 ]

(833) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل تزوج امرأة على حكمها، قال: إن اشتطت لم يجاوز بها مهور نساء النبي (صلع)، وهو خمس مائة درهم. (834) وقد روينا أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة على حكمه ورضيت. فقال ما حكم به من شئ فهو جائز، قيل له: فكيف يجوز حكمه عليها ولا يجوز حكمها عليه إذا جاوزت مهور نساء النبي (صلع)؟ قال: لانها لما حكمته على نفسها كان عليها أن لا تمنعه نفسها إذا أتاها بشئ ما، وليس لها إذا حكمها أن تجاوز السنة، فإن طلقها (1) أو مات قبل أن يدخل بها، فلها المتعة والميراث (2) ولا مهر لها، يعني إذا لم يكن سماه. (835) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن نكاح الشغار، وهو أن ينكح الرجل ابنته من رجل، على أن ينكحه الاخر ابنته، وليس بينهما صداق، وقال: لا شغار في الاسلام. (836) وقال علي (ع): هو نكاح كانت الجاهلية تعقده على هذا، ولا بأس بعقد النكاح على غير تسمية (3). ولكن لا يدخل بها حتى يعطيها شيئا، قال الله (ع ج) (4): لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، الاية.


(1) ع، ى – أي ماتت أو مات. (2) س، ز، ع، زيادة في ى، ط، د والمتعة أن تعطى المرأة شيئا مثل المقنعة وأشباهها على مقدار طاقة الرجل والمرأة. (3) حش ى – من النجاح: فأما إن عقداه كما يعقد النكاح بغير تسمية ولم يشترطا فيه ما ذكرنا، فالعقد جائز ولكل واحدة مثل مهر نسائها على ما وصفنا. (4) 3 / 236.

[ 224 ]

(837) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا، فمات عنها، أو طلقها قبل أن يدخل بها، قال: إن طلقها فليس لها صداق (1)، ولها المتعة ولا عدة عليها، وإن مات قبل أن يدخل بها فلا مهر لها. وهي ترثه ويرثها وعليها العدة، وإن كان قد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق، وإن مات عنها أو ماتت عنه، فلها الصداق كاملا. (838) وعن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة على وصيف قال: لا وكس ولا شطط. (839) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج (2) على بيت وخادم. فللمرأة بيت وخادم، ولا وكس ولا شطط. (840) وعنه (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على مهر مجهول لم يفسد النكاح. ولها مهر مثلها ما لم يجاوز مهر السنة، وهو خمس مائة درهم. (841) وعنه (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على جارية له مدبرة وطلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف خدمتها. تخدم المولى يوما والمرأة يوما، فإن مات الرجل عتقت، وإن طلقها بعد أن دخل بها فلها خدمتها، فإن مات المولى عتقت. (842) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) في قصة موسى (ع) (3): قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج، فإن أتممت عشرا فمن عندك، وما أريد أن أشق عليك، الاية، فقال


(1) حش ى – المتعة أن يعطى المرأة شيئا مثل المقنعة وأشباهها على مقدار طاقة الرجل، (2) ى – تزوج امرأة. (3) 28 / 27.

[ 225 ]

علي (ع): عقد النكاح على أجرة سماها، ولا يحل النكاح في الاسلام بأجرة لولي المرأة. لان المرأة أحق بمهرها. (843) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على ألف درهم فأعطاها بها عبدا آبقا، يعني في حال إباقه قد عرفته، وثوب حبرة دفعه إليها، ورضيت بذلك، قال: فلا بأس إذا (1) قبضت الثوب ورضيت العبد، فإن طلقها قبل أن يدخل بها، ردت عليه خمس مائة درهم، ويكون العبد لها، متى أصابته أخذته. (844) وعنه (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة بصداق إلى أجل، فالنكاح جائز. ولكن لابد أن يعطيها شيئا قبل أن يدخل بها، فيحل له نكاحها، ولو أن يعطيها ثوبا أو شيئا يسيرا. فإن لم يجد شيئا فلا شئ عليه، وله أن يدخل بها ويبقى الصداق دينا عليه. (845) وعن علي (ع) أنه قال: في رجل تزوج امرأة إلى أجل مسمى، على أنه إن جاء بصداقها إلى ذلك الاجل، وإلا فليس له عليها سبيل. فقضى بأن بضع (2) المرأة بيد الرجل، والصداق عليه، ولا يفسخ الشرط نكاحه. (846) وعن جعفر بن محمد (ع) انه قال: إذا تزوج الرجل امرأة (3) على صداق، منه عاجل ومنه آجل، وتشاحا في الدخول، لم تجبر المرأة على الدخول حتى يدفع إليها العاجل. وليس لها قبض الاجل إلا بعد أن يدخل بها. وإن كان إلى أجل معلوم فهو إلى ذلك الاجل، وإن لم يجعل له حد


(1) س – إن. (2) حش ى – البضع شكر المرأة والشكر نكاحها وقيل الفرج، قال ابن السكيت يقال ملك فلان بضع فلانة. (3) س – حذ المرأة.

[ 226 ]

فالدخول يوجبه. وإن أنكرت المرأة قبض العاجل وقد دخل بها وادعاه الرجل، فالقول قوله مع يمينه، وإن ادعى دفع الاجل وأنكرته المرأة، فالقول قولها مع يمينها، وعلى الرجل البينة فيما يدعى من الدفع. (847) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة على صداق معلوم، وأشهدا عليه سرا وأشهدا في العلانية بأكثر منه، فالعقد الاول هو الصحيح، وبه يؤخذ. (848) وعنه (ع) أنه قال: إذا دخل الرجل بالمرأة وأغلق عليها بابه، أو أرخى عليها ستره، فقد وجب لها المهر كله، جامع أو لم يجامع، قال أبو جعفر (ع): تزوجت امرأة في حياة أبي علي بن الحسين (ع) فتاقت نفسي إليها نصف النهار، فقال أبي: يا بني، لا تدخل بها في هذه الساعة، ففعلت، فلما دخلت إليها كرهتها وقمت لاخرج. فقامت مولاة لها فأغلقت الباب وأرخت الستر فقلت: مه دعيه، فقد وجب لك الذي تريدين. (849) وعن علي وابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا في الرجل يعتق أمته على أن يتزوجها ويجعل عتقها صداقها، وترضى بذلك، قالوا: ذلك جائز، قال أبو جعفر: وأحب إلي أن يعطيها شيئا، قال أبو عبد الله (ع): فإن طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف قيمتها. (850) وعن علي (ع) أنه قال: من سرق مالا، فأصدقه امرأة أو اشترى جارية، كان الفرج له حلالا، وعليه تبعة (1) المال وإثمه!


(1) ع، س – تباعة، ط، ى، – تبعة.

[ 227 ]

فصل (7) ذكر الشروط في النكاح (851) وقد ذكرنا فيما تقدم ما ثبت عن أهل البيت (ص) في الشروط، أنه لا يثبت منها إلا ما وافق الكتاب والسنة، وما خالف ذلك فهو باطل. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قضى في رجل تزوج امرأة فشرط لاهلها أنه إن تزوج عليها امرأة أو اتخذ عليها سرية، أن المرأة التي يتزوجها طالق، والسرية التي يتخذها حرة، قال: فشرط (1) الله قبل شروطهم، فإن شاء وفى بوعده، وإن شاء تزوج عليها واتخذ سرية، ولا تطلق عليه امرأة إن تزوجها، ولا تعتق عليه سرية إن اتخذها. (852) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من شرط لامرأته أنه إن تزوج (2) عليها، أو أضر بها أو أخرجها، أو اتخذ عليها سرية فهي طالق، قال: شرط الله قبل شروطهم، ولا ينبغي أن يضر بها أو يتعدى عليها. وينكح إن شاء ما يحل له ويتسرى. (853) وعن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة وشرط لها أن الجماع بيدها والفرقة إليها، فقال له: خالفت السنة ووليت الحق غير أهله. وقضى أن على الزوج الصداق. وبيده الجماع والطلاق. وأبطل الشرط.


(1) س – شروط. (2) س – أتزوج.

[ 228 ]

(854) وعن جعفر بن محمد أنه قال: من تزوج امرأة وشرط المقام بها في أهلها أو بلد معلوم، فذلك جائز لهما، والشرط جائز بين المسلمين ما لم يحل حراما أو يحرم حلالا. (855) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على أن يأتيها متى شاء كل شهر أو كل جمعة، وعلى أن لا ينفق عليها إلا شيئا معلوما اتفقا عليه، قال: الشرط باطل، ولها من النفقة والقسمة ما للنساء، والنكاح جائز، فإن شاء أمسكها على الواجب وإن شاء طلقها، وإن رضيت هي بعد ذلك ما شرط عليها، وكرهت الطلاق، فالامر إليها إذا صالحته، قال الله (1) (ع ج): وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير، وهذا إذا كره الرجل المرأة وأراد أن يطلقها (2) وكرهت هي الطلاق وصالحته على ترك حظها من القسمة لها أو من النفقة عليها أو على بعض ذلك، واتفقا على ما اصطلحا عليه من ذلك، فالصلح جائز. (856) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ صحفتها (3) إن الله رازقها. (857) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ولا يتزوج الرجل المرأة على طلاق أخرى. (858) وعن رسول الله (صلع) أنه حرم نكاح المتعة، وعن علي (ع)


(1) 4 / 128. (2) ط، ع، ى – وأراد طلاقها. (3) حش ى من – الغر؟ بين وفي الحديث: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها، وإنما هو تفعل من (كفأت القدر)، إذا كفيتها لتفرغ ما فيها، وهذا مثل لامالة الغرة (؟) حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها، فقال الكسائي: يقال كفأت الاناء إذا كفيته وأكفأته وكفأته إذا أملته، وكفئ الاناء أي ألقاء على وجهه.

[ 229 ]

أنه قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدين وليس بالدرهم والدرهمين، واليوم واليومين، ذلك (1) السفاح ولا شرط في النكاح. (859) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله عن نكاح المتعة، قال: صفه لي، قال: يلقى الرجل المرأة، فيقول: أتزوجك بهذا الدرهم والدرهمين، وقعة أو يوما أو يومين. قال: هذا زنا، وما يفعل هذا إلا فاجر (2) وإبطال نكاح المتعة موجود في كتاب الله تعالى لانه يقول سبحانه (3): والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، فلم يطلق النكاح إلا على زوجة أو ملك يمين. وذكر الطلاق الذي يجب به الفرقة بين الزوجين، وورث الزوجين بعضهما من بعض، وأوجب العدة على المطلقات، ونكاح المتعة على خلاف هذا، إنما هو عند من أباحه أن يتفق الرجل والمرأة على مدة معلومة، فإذا انقضت المدة بانت منه بلا طلاق، ولم تكن عليها عدة ولم يلحق به ولد إن كان منها، ولم يجب لها عليه نفقة، ولم يتوارثا، وهذا هو الزنا المتعارف الذي لا شك فيه (4). (860) وعن علي (ع): أنه قضى في امرأة خطبها رجل إلى أبيها فأملكه إياها. ولها أخت. فلما كان عند البناء أولج عليه الاخت، فقضى عليه أن الصداق للتي دخل بها أو يرجع به الزوج على أبيها، والتي عقد عليها هي امرأته. ولكن لا يدخل بها حتى يخلو أجل أختها. (861) وعنه (ع) أنه قضى في امرأة حرة دلس عليها عبد بنفسه


(1) س، ى – ز، د، ط – شبه للسفاح، ع – سنة السفاح. (2) ز، ع، ط – الفواجر، ى، ى، د – الفاجر، س – فاجر. (3) 23 / 5 – 7. (4) حش ى – من مختصر الاثار: وقالوا إن الاستمتاع لا يجوز بالبكر، وزعم بعضهم أنه يجوز بذوات الازواج، وهذا هو الزنا المحض الذي لا شبهة فيه.

[ 230 ]

فنكحها، وهي ترى أنه حر (1) قال: إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته. قال أبو جعفر محمد (ع): فإن كان دخل بها فلها الصداق، وإن لم يدخل بها فليس لها شئ، يعني إذا اختارت فراقه، قال: فإن دخل بها بعد ما علمت أنه مملوك فهو أملك بها. (862) وعن علي (ع) (2) أنه قال في رجل تزوج امرأة فولدت منه، ثم إن رجلا أقام البينة أنها أمته. فقضى بها لصاحبها، وقضى على الذي غر الرجل الذي زوجه بها، أن يفدى ولده منها بم اعز وهان، وأبطل ما أعطاها زوجها من الصداق (3) كما أصاب من فرجها، قال جعفر بن محمد (ع) (4): فإن لم يكن غره بها أحد، أو كان الذي غره بها لا يجد شيئا، لم يسترق ولده إذا كان لم يعلم أنها مملوكة، ولكن يقوم عليه بقيمته، فإن كان تزوجها وهو يعلم أنها مملوكة فولده منها رقيق. (863) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى جارية فأولدها، ثم استحقها رجل، أخذها وقيمة الولد. (864) وعنه (ع) أنه سئل عن مجبب (5) دلس بنفسه لامرأة فتزوجته، فلما دخل بها (6) اطلعت منه على ذلك، فقامت عليه. قال: يوجع ظهره، ويفرق بينهما، وعليه المهر كاملا إن كان دخل بها، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر. قيل له: فما تقول في العنين؟ قال: هو مثل هذا سواء.


(1) س، ط، ع. ى، د، – وظنته كما قال حرا. (2) ى – وعنه (أبو جعفر). (3) ى، ع، ز، د – بما. س، ط، ط، – كما. (4) س – قال أبو جعفر ع. ط، ز، ع، ى، د – قال جعفر بن محمد ع. (5) حش ى – أي الذي قطع قضيبه، من النجاح. (6) حش ى – يعني إدخال الستر.

[ 231 ]

(865) وعن علي (ص) أنه قال: ترد (1) المرأة من القرن والجذام والجنون والبرص، فإن كان دخل بها فعليه المهر. وإن شاء أمسك وإن شاء فارق، ويرجع بالمهر على من غره بها. وإن كانت هي التي غرته، رجع به عليها، وترك لها أدنى شئ مما يستحل به الفرج (2) فإن لم يدخل بها فارقها إن شاء ولا شئ عليه. (866) وعنه أنه قال في الرجل يتزوج المرأة (3) فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد على وليها. وإن كانت بها زمانة (4) لا يراها الرجال، أجيزت (5) شهادة النساء عليها. (867) وعنه أنه قال: ترد البرصاء والمجذمة. قيل: فالعوراء؟ قال: لا ترد، إنما ترد (6) المرأة من الجذام والبرص والجنون أو علة في الفرج تمنع من الوطء. (868) وعن علي (ع) أن رجلا قال له: يا أمير المؤمنين! إني تزوجت امرأة عذراء، فدخلت بها فوجدتها غير عذراء، قال: ويحك إن العذرة تذهب من الوثبة والقفزة والحيض والوضوء وطول التعنيس (7). (869) وعنه (ع) أن امرأة رفعت إليه زوجها، فذكرت أنه تزوجها مذ سنين وأنه لم يصل إليها. وسأل زوجها عن ذلك فصدقها. فأجله حولا، ثم قال لها بعد الحول: إن رضيت أن يكسوك ويكفيك المؤنة، وإلا فأنت بنفسك أملك.


(1) حش ى – أي بلا طلاق. (2) ى – من الفرج. (3) س مذ المرأة. (4) حش ى – وهي ما تم لها سنة كاملة وزاد عليها. (5) ى – أجزئت، د – أجزت. (6) ى – أي طلاق فيه. (7) حش ى – وهو طول الاقامة بلا زوج.

[ 232 ]

(870) وعن جعفر بن محمد أنه قال: ما صبرت (1) امرأة العنين (2) فهو بها أملك، فإن رفعته أجل سنة. فإن لم يكن منه شئ، فرق بينهما. فإن كان قد دخل بها فلها المهر كاملا وعليها العدة، وتتزوج من شاءت. فصل (8) ذكر النكاح المنهى عنه والنكاح المباح (87 1) قال الله (ع ج) (3): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، وقال الله (ع ج) (4) حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم الاية، روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه كان يقول: إذا تزوج الرجل المرأة فدخل بها أو لم يدخل بها، حرمت عليه أمها. وذلك لقول الله تع (5): وأمهات نسائكم، فهي مبهمة محرمة في كتاب الله (تع). (872) وعنه (ص) أنه قال في قول الله (ع ج) (6): وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، قال عليه السلام: هي ابنة امرأته عليه حرام إذا كان دخل بأمها، فإن لم يكن دخل بأمها فتزويجها


(1) حش ى – أي ما سترت أمرها ولم تخاصمه ولم ترفعه. (2) حش ى – من الينبوع: والعنين والخنثى، والخصى والمجبب، إذا غروا بأنفسهم فللمرأة الخيار إذا علمت، فإن لم تختر وأقامت فلم يصل إليها زوجها وخاصمته، أجل حولا، فإن انقضى ولم يصل فإن شاءت أقامت وإلا فهي أملك بنفسها ويفرق بينهما، ومن غشى زوجته مرة لم يكن لها فراقه، ومن تزوجت أحدا من هؤلاء وقد علمت بحاله لم يكن لها خيار. (3) 4 / 23. (4) 4 / 23. (5) أيضا. (6) أيضا.

[ 233 ]

له حلال (1)، وقال في قول الله (ج) (2): في حجوركم: الحجر الحرمة التي في حرمتكم، وذلك مثل قوله (تع) (3): أنعام وحرث حجر، يقول محرمة. (873) وعنه (ع) أنه قال: إذا كانت الامة لرجل فوطئها، لم تحل له ابنتها بعدها. الحرة والمملوكة في هذا سواء، وكذلك الام إذا وطئ ابنتها، لم يطأها بعدها، حرة كانت أو مملوكة. (874) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل تزوج امرأة فتنظر إلى رأسها وإلى بعض جسدها، هل يتزوج ابنتها؟ قال: إذا رأى منها ما يحرم على غيره، فليس له أن يتزوج ابنتها. (875) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (4): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، قال: إذا نكح رجل امرأة ثم توفى عنها أو طلقها، لم تحل لاحد من ولده، إن دخل بها، أو لم يدخل بها. ولا يتزوج الرجل امرأة جده وهي محرمة على ولده ما تناسلوا (5). (876) وعن علي (ع) أنه كشف عن ساق جارية له ثم وهبها بعد ذلك للحسن (ع) وقال له: لا تدن منها فإنها لا تحل لك. وهذا إنما يكون إذا نظر الاب منها إلى ما يحرم على غيره لشهوة، فأما إن نظر إليها لغير شهوة، مثل أن يقبلها عند الشراء، أو ينظر إليها وهي في ملك غيره، فليس ذلك مما يحرمها على ابنه. قال أبو جعفر (ع): لا بأس للرجل


(1) حش ى – من مختصر الاثار إذا تزوج الرجل المرأة فطلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها، حل له نكاح ابنتها. (2) 4 / 23. (3) 6 / 138. (4) 4 / 22. (5) حش ى – قال في مختصر الاثار عن جعفر بن محمد أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها أو يطلقها قبل أن يدخل بها، هي محرمة على بنيه ما تناسلوا، وآبائه ما ارتفعوا، وإذا نظر إلى أمته نظر شهوة أو باشرها أو وطئها أو نظر إلى عورتها، حرمت على بنيه وعلى آبائه.

[ 234 ]

ينظر إلى الجارية يريد شراءها أن يطأها ابنه إذا ملكها، إلا أن يكون نظر إلى عورتها. (877) وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إذا جرد الرجل جارية، ووضع يده عليها لم تحل لابيه ولا لولده. (878) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف، يعني بالنكاح، قال: ولو أن رجلا نكح امرأة، ثم أتى أرضا أخرى فنكح أختها وهو لا يعلم، فعليه إذا علم أن ينزع (2) عنها. (879) وعن علي (ع) أنه نهى أن يجمع الرجل بين الاختين المملوكتين بالوطء، وفي حديث آخر: أنه سئل عن ذلك فقال: أحلتهما آية وحرمتهما أخرى (3) وأنا أنهى عنهما نفسي وولدي، قال جعفر بن محمد (ع): قد بين إذ نهى عن ذلك نفسه وولده، يجب على المؤمنين أن ينتهوا عما نهى نفسه وولده. (880) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا كان عند الرجل أختان مملوكتان، فنكح (4) إحداهما، ثم بدا له في الثانية، فليس ينبغي له أن ينكح (5) الاخرى حتى تخرج الاولى من ملكه يهبها أو يبيعها، ولا يجزيه أن يهبها لولده. فإن وطى الثانية حرمت عليه الاولى حتى تموت الاخرى، وقد أثم في فعله وتعدى حدود الله جل ذكره.


(1) 4 / 23. (2) حش ى – نزع نزوعا أي ذهب. (3) س – حذ أخرى. (4) س، ز. ط، د، ى، ع – فوطئ. (5) س، ز، ط، د، ى، ع – يطأ.

[ 235 ]

(881) وعن علي (ع) أنه قال: إذا طلق الرجل المرأة، لم يتزوج أختها حتى تنقضي عدتها. (882) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها (1). (883) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا بأس أن يتزوج الرجل بنت رجل وامرأته، يعني أن تكون البنت من غير المرأة، أو أم ولده غير أم المرأة، يجمع بينهما إن شاء. (884) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يتزوج المرأة أو يتسرى السرية، هل لابنه أن يتزوج بابنتها من غيره، أو يطأها إن كانت مملوكة له بملك اليمين؟ قال: أما ما كان قبل النكاح، يعني نكاح الاب، فللولد أن يطأها ويتزوج، وأما ما ولدت المرأة بعد ذلك، فإني أكرهه. (885) وقد روينا عن وجه آخر (2) أنه قال (ع): أيما رجل طلق امرأته فتزوجها رجل فولدت له أولادا، فلا بأس أن يتزوج ولدها بنات زوجها الاول من غيرها، والوجه الذي كرهه في الرواية الاولى ما دخلته الشبهة، وكان الولد فيه قريبا من الفرقة، فأما إذا لم يكن في ذلك شبهة وتباعد الولد (3) من الفرقة أو الموت، فليس في ذلك ما يكرهه، والله أعلم. (886) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل تكون له أربع نسوة فيطلق إحداهن، قال: ليس له أن يتزوج خامسة (4) حتى تنقضي (5) عدة التي طلق.


(1) حش ى – ويجمع بين بنى الاعمام والعمات وبين بنى الاخوال والخالات، من الينبوع. (2) س. ط، د، ز، ع، ى. – وقد روينا عنه من وجه آخر. (3) ى، ع – المولود. (4) حش ى – قال سيدنا جعفر بن منصور اليمن في كتاب الرشد والهداية: إن الله أحل لمن أراد النكاح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أربع نسوة، فمن تعدى فنكح الخامسة حرمت عليه هي والاربع. (5) س تقضى.

[ 236 ]

(887) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهم قالوا في الرجل يفجر بأم امرأته أو بأختها أو بابنتها، قالوا: لا يحرم عليه ذلك امرأته، ويلزمه ما يلزم الزاني، والحرام لا يحرم الحلال. قال أبو جعفر (ع): فإن فجر بامرأة لم يتزوج ابنتها ولا أمها من النسب، ولا من الرضاعة (1). (888) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل يزني بالمرأة ثم يريد أن ينكحها نكاحا صحيحا، قال (2): فإن تابا فلا بأس بذلك. (889) وعنه (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة، فزنت قبل أن يدخل بها فرق بينهما، ولا صداق لها، لان الحدث جاء من قبلها، يعني بالفرقة إذا كان الزوج أراد ذلك، فأما إن أقام على نكاحها، فقد ذكرنا فيما تقدم ما جاء عن أهل البيت (ص) في نكاح الفواجر. (890) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن المريض يشفى (3) على الموت فيتزوج المرأة يريد أن ترثه، قال: لا بأس بذلك، والنكاح جائز إذا عقد على ما يجب. (891) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن رجل تزوج أختين أو خمس نسوة في عقدة واحدة، قال: يثبت نكاح الاخت التي بدأ باسمها عند العقد، والاربع من النسوة اللاتي بدأ بأسمائهن، ويبطل نكاح من سواهن فإن لم يعلم من بدئ بأسمائهن منهن، بطل النكاح كله. (892) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة توفى زوجها وهي حبلى، وتزوجت قبل أن تمضي الاربعة الاشهر والعشرة، قال: يفرق بينهما ولا


(1) حش ى – قال في مختصر المصنف ومن فجر بامرأة ثم ولدت بعد ذلك بنتا لم ينبع له أن يتزوج ابنتها لمكان الشبهة. س، ع، ى، ط – الرضاع. (2) س مذ (قال). (3) حش ى – أشفى المريض على الهلاك أي أشرف.

[ 237 ]

يخطبها حتى ينقضي آخر الاجلين، قال جعفر بن محمد (1) (ع): هذا إذا لم يكن دخل بها، فأما إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها، وكان قد دخل بها، فرق بينهما ولم تحل له أبدا، ولها صداقها بما استحل من فرجها، فإن لمن يكن دخل بها، فرق بينهما، فإذا انقضت عدتها تزوجها إن شاء وشاءت، هذا إذا كانا عالمين بأن ذلك لا يحل، فإن جهلا ذلك وكان قد دخل بها فرق بينهما حتى تنقضي عدتها ثم يتزوجها إن شاءت وشاء. قيل له: فإن كان أحدهما تعمد ذلك والاخر جهله؟ قال: الذي تعمده لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من هذا. (893) وعنه (ع) أنه قال: تزوج رجل من الانصار وهو محرم، فأبطل رسول الله (صلع) نكاحه. (894) وعن علي (ع) أنه قال: المحرم لا ينكح ولا ينكح. فإن نكح فنكاحه باطل، قال جعفر بن محمد (ع): إذا تزوج الرجل وهو محرم فرق بينهما، فإن كان دخل بها، فعليه المهر بما استحل من فرجها. وعليه الكفارة لاحرامه، ولا يخطب (2) المحرم خطبة النكاح، فإن كان عالما بأن ذلك حرام لم تحل له أبدا، وإن جهل وأراد تزوجها بعد أن يخرج من إحرامه، فله ذلك. وأيهما كان عالما بالتحريم، لم يحل له أن يرجع إلى صاحبه. (895) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يتزوج الرجل قابلته (3) ولا ابنتها!


(1) س – محمد ع. (2) حش ى – فيه وجهان، أحدهما أن الخطبة بالضم أي لا يلى عقدة النكاح، ولا يقرأ خطبة إن كان قاضيا وهو محرم، وثانيهما أن الخطبة بالكسر، أي لا يخطبها ولا يطلب نكاحها، وكلاهما صحيح، فإن فعل فقد أساء واستهان بحجه. من النجاح. (3) حش ى – القابلة التي تقبل الولد عند الولادة. من الضياء، ويقال قبلت القابلة المرأة تقبلها قبالة بالكسر، إذا قبلت الولد أي تلقته عند الولادة – حاشية، القابلة المولدة وهي التي يخرج الولد على يديها.

[ 238 ]

فصل (9) ذكر المفقود (896) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال: إذا علم مكان المفقود لم تنكح امرأته، فهذا بيان أمر المفقود، لانه إذا علم مكانه لم يكن مفقودا، وإنما المفقود الرجل الذي يخرج من بيته فلا يعلم اين توجه، ولا ما صنع ويخفى خبره وأمره، وأما من خرج مسافرا فليس بمفقود، علم مكانه أو لم يعلم. وهذا لا تتزوج امرأته حتى يأتيها موته أو طلاقه، وتعتد. (897) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يخلى عن امرأة المفقود ما سكتت. فإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجل لها أربع سنين، وكتب إلى الموضع الذي فقد فيه يسأل عنه، فإن لم يخبر عنه بشئ حتى تنقضي الاربع السنون دعا ولى المفقود فقال: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال قيل للولي: أنفق عليها من ماله، فإن لم يكن للمفقود مال وأنفق عليها الولي من ماله، فلا سبيل لها إلى التزويج ما أنفق عليها، فإن أبى وليه أن ينفق عليها جبره (1) الوالي على أن يطلقها تطليقة في استقبال عدتها، وهي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاقا للزوج. فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلق الولي، فبدا له أن براجعها فهي امرأته. وهي عنده على تطليقتين باقيتين. وإن انقضت عدتها قبل أن يجئ أو يراجع حلت للازواج، ولا سبيل لاحد عليها. وإن قال الولي: أنا أنفق عليها لم يجبر على أن يطلقها، وإن لم يكن له ولي طلقها (2) السلطان. قيل له: يا بن


(1) ط – أجبره الوالي. (2) س – طلقه.

[ 239 ]

رسول الله، أرأيت إن قالت المرأة: أنا أريد ما تريد النساء، ولا أستطيع أن أصبر، قال: ليس لها ذلك، ولا كرامة إذا أنفق عليها وليه. (898) وعن أبي جعفر محمد بن علي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا جاء نعى الرجل إلى أهله، أو خبروها أنها طلقها، فاعتدت، ثم تزوجت، ثم جاء زوجها بعد، فهو أحق بها من الذي تزوجها، دخل بها أو لم يدخل، فإن كان دخل بها فلها الصداق بما استحق من فرجها! فصل (10) ذكر الرضاع (899) قال الله جل ذكره وذكر تحريم ذوات الارحام فقال بعد ذلك (1): وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فالتنزيل في هذا أنه إذا أرضعت امرأة الرجل بلبنه جارية، حرمت عليه وعلى أبيه وعلى أجداده من قبل أبيه وأمه ما ارتفعوا. وعلى بنيه وبنى بنيه وبنى بناته ما تناسلوا، فإذا كان المرضع غلاما حرمت عليه المرأة التي أرضعته وأولادها وأولاد الرجل الذي رضع بلبنه، ولا يتزوج الرجل ابنته من الرضاعة ولا بنات ابنته ما تناسلوا، ولا أخته ولا بنات أخته ولا بنات أخيه من الرضاعة، ولا عمته ولا خالته من الرضاعة، ولا يجمع بين الاختين من الرضاعة ولا بين المرأة وعمتها من الرضاعة، ولا بين المرأة وخالتها من الرضاعة. وهكذا كل ما حرم من النسب حرم مثله من


(1) 4 / 23.

[ 240 ]

الرضاعة، لقول رسول الله (صلع): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة التي أرضعت ابنه، وكذلك يتزوجها من بنيه غير الذي أرضعته. فليست تحريم عليهم (1) لانها ليست بأمهم، إنما هي أم أخيهم الذي أرضعته وليست بحرام عليهم إذ ليست زوجة لابيهم، وإنما حرم الله عز وجل نساء الاباء وليست هذه من الاب بسبيل. وكذلك يتزوجون ابنتها التي هي رضيع أخيهم، وما أرادوا من ولدها وولد ولدها، وكذلك يتزوج الرجل (2) بنات المرأة التي أرضعت ولده وبناتهن لانهن لم يرضعن لبنه، ولا بينهن وبينه قرابة من رضاع ولا غيره. إنما يرحم نكاحهن على المرضع. وللرجل أن يتزوج ابنة عمه وابنة عمته وابنة خاله وابنة خالته من الرضاعة لانهن مباحات من النسب، وكذلك من ذكرنا إباحته إذا نوظرن بالانساب كن مباحات من النسب، ألا ترى أن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج ابنه ابنتها من غيره، ويتزوج الرجل المرأة ويتزوج أبوه ابنتها من غيره، ويتزوج الاب والابن الاختين، كل واحد منهما واحدة. (900) وعن علي (ص) أنه قال: قلت لرسول الله (صلع): يا رسول الله ما بالك (3) تتزوج من قريش وتدعنا، فقال: أو عندكم شئ؟ قلت: نعم، ابنة حمزة قال: إنها لا تحل لي، هي ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. (901) وعن علي (ع) أنه قال: يحرم من الرضاع قليله وكثيره. والمصة الواحدة تحرم، وهذا قول بين صوابه لمن تدبره ووفق لفهمه. لان الله (ع ج) قال: وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم، فالرضاع يقع على القليل


(1) حذ س. (2) ى – من بنات المرأة. (3) ى – ما بالكم.

[ 241 ]

والكثير، ومن قال إنه لا يحرم منه إلا ما أنبت اللحم والدم وشد العظم، فالقليل منه يدخل في ذلك، لانه ينبت من اللحم والدم ويشد من العظم جزءا إذا اجتمع مع غيره بمقدار كميته (1). (902) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الرضاع بعد الفطام (2). (903) وعن علي (ص) أنه قال: ما كان في الحولين فهو رضاع، ولا رضاع بعد الفطام، قال الله (ع ج) (3): والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة. (904) وعنه (ع) أن رجلا سأله فقال: إن امرأتي أرضعت جارية لي كبيرة لتحرمها على، فقال: أوجع امرأتك، وعليك بجاريتك، ولا رضاع بعد فطام. (905) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن امرأة رجل أرضعت جارية، أتصلح لولده من غيرها؟ قال: لا. قد نزلت بمنزلة الاخت من الرضاعة من قبل الاب، لانها رضعت بلبنه. (906) وعنه (ع) أنه قال: لبن الفحل يحرم (4). ومعنى لبن الفحل أن يشترك في لبن الفحل الواحد صبيان غرباء. وكل من رضع من ذلك اللبن


(1) ط، ز – كيفيته. (2) ى حش – وها هنا وجهان من المعاني، أحدهما أنه لا ينبغي أن يرضع الطفل بعد الفطام، فمن أرضع بعده فقد تعدى الحد لان الله عز وجل قد حد في ذلك حولين كاملين حيث يقول: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، ومن فطم قبل الفطام، فلا بأس بذلك لقوله عز وجل: لمن أراد أن يتم الرضاعة، وثانيهما أنه لا يعد الرضاع بعد الفطام رضاعا، أي لا يحرم الرضاع بعد الفطام، وذلك كجارية كبرت وفطمت، ثم أرضعتها المرأة لم يكن ذلك رضاعا ولم تحرم الجارية على زوج المرأة ولا لابنها، من النجاح. (3) 2 / 233. (4) هذه الرواية ناقصة في س.

[ 242 ]

فقد حرم بعضهم على بعض إذا كان للرجل نساء وأمهات أولاد فرضع صبي من لبن هذه، وصبية من لبن هذه فقد رضعا من لبن الفحل وحرم بعضهما (1) على بعض وإن لم يشتركا في لبن امرأة واحدة، إذا كان الفحل قد جمعهما. فهما جميعا والداه من الرضاعة. (907) وعن علي (ص) أنه قال: الرضاعة من قبل الاب تحرم ما يحرم (2) من النسب. (908) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله عن جارية له ولدت عنده فأراد أن يطأها، فقالت أم ولد له: إني قد أرضعتها، قال (ع): تجر إلى نفسها وتتهم ولا تصدق. (909) وعنه (ع) أنه سئل عن امرأة زعمت أنها أرضعت غلاما وجارية، ثم أنكرت، قال: تصدق إذا أنكرت، قيل: فإن عادت فقالت: قد أرضعتهما؟ قال: لا تصدق، فشهادة المرأة الواحدة الجائزة الشهادة (3) المأمونة غير المتهمة في الرضاع، جائزة، فإن لم تكن مأمونة أو كانت تتهم لم تجز شهادتها. (910) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أوجر الصبي أو أسعط (4) باللبن يعني في الحولين، فهو رضاع. (911) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن مظاءرة (5) ولد الزنا.


(1) س – بعضهم. (2) س – ما تحرم. (3) ط – الشاهدة. (4) د – استعط. (5) حش ى – ظأرت المرأة إذا اتخذت ولدا ترضعه.

[ 243 ]

وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ولدت الجارية من الزنا لم تتخذ ظئرا، أي مرضعة (1). (912) وعنه (ع) أنه سئل عن غلام لرجل وقع على جارية له فولدت، فاحتاج المولى إلى لبنها، قال: إن أحل لهما ما صنعا فلا بأس. (913) وعن علي وأبي جعفر عليهما السلام أنهما رخصا في استرضاع لبن اليهود والنصارى والمجوس، قال أبو عبد الله (ع): إذا أرضعوا لكم فامنعوهم من شرب الخمر وأكل ما لا يحل أكله. (914) وعنه (ع) أنه قال: رضاع اليهودية والنصرانية أحب إلي من رضاع الناصبية، فاحذروا الناصبية (2) أن تظائروهم ولا تناكحوهم ولا توادوهم. (915) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل أرضعته خادمته، أيحل له بيعها؟ قال: لها عليه حق. (916) وعنه (ع) أنه قال: لبن الحرام لا يحرم الحلال، ومثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها رجلا، ثم أرضعت بلبن فجور. قال: من أرضع من لبن فجور صبية لم يحرم نكاحها، لان لبن الحرام لا يحرم الحلال. (917) وعن أبي جعفر (ع) أنه سئل عن امرأة أرضعت مملوكها، قال: إذا أرضعته عتق. (918) وعن علي (ع) أنه قضى في رجل نكح امرأته فأعطاها صداقها ولم يدخل بها، ثم علم أن بينها وبينه رضاعا، قال: ترد إليه ما أخذت منه.


(1) حش ى – اختصار الاثار: ونهوا (ص) عن الاسترضاع بلبن الفجور كالتي تزني فتلد من الزنا، لا ينبغي ان تسترضع ولا أن تتخذ ظئرا هي ولا ابنتها المولودة من الزناة. (2) س، ى، د، ز، – ع، ط – النصاب.

[ 244 ]

(919) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى النساء أن يرضعن يمينا وشمالا. يعني كثيرا، وقال: إنهن ينسين. فصل (11) ذكر نكاح الاماء (920) قال الله (ع ج) (1): ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، إلى قوله: ذلك لمن خشى العنت منكم وأن تصبروا خير لكم، فلم يبح عز وجل نكاح الاماء إلا بشرطين، بأن لا يجد الرجل طوالا إلى حرة، وأن يخشى العنت. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: لا يحل نكاح الاماء إلا لمن خشى العنت، يعني الزنا، ولا ينبغي للحر أن يتزوج أمة، فإن فعل فرق بينهما وعزر، يعني إذا كان يجد طولا إلى حرة، أو كانت عنده حرة، أو كان لم يضطر إلى النكاح. (921) وعن وأبي جعفر عبد الله (ص) أنهما قالا: لا بأس بنكاح الحر الامة إذا اضطر إلى ذلك. قال أبو جعفر (ع): ولا يتزوج الحر الامة حتى يجتمع فيه شرطان، العنت وعدم الطول، ولو لم يكن يكره نكاح الامة من غير ضرورة إلا لاسترقاق الولد، لكان ذلك مما ينبغي أن لا يفعله إلا من اضطر إليه ولم يجد غيره. (922) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تنكح الامة على الحرة ولا الكافرة على المسلمة.


(1) 4 / 25.

[ 245 ]

(923) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل يتزوج الامة على الحرة قال: يفرق بينه وبينها، ويغرم لها الصداق بما استحل من فرجها إن كان دخل بها، وإن لم يدخل بها، فلا شئ عليه. (924) وعنه (ع) أنه قضى في رجل نكح أمة، فوجد بعد ذلك طولا لحرة، فكره أن يطلق الامة ورغب فيها، فقضى له أن ينكح الحرة على الامة إذا كانت الامة أولاهما ويقسم بينهما، للحرة ليلتين وللامة ليلة (1). وكذلك يفضل الحرة في النفقة. من غير أن يضر بالامة ولا ينقصها من الكفاية. (925) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا نكح الرجل الامة وهو لا يجد طولا لحرة وكان يخشى العنت، ثم وجد بعد ذلك طولا لحرة فنكحها، ولم علم أن عنده أمة، فهي بالخيار إذا علمت، إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقته إذا كان قد رغب في الامة. وإن فارقته قبل أن يدخل بها فلا شئ لها، وإن كان قد دخل بها فلها الصداق بما استحل من فرجها، فإن فارق الامة لم يكن للحرة خيار. (926) وعن علي (ع) أنه قال: لا ينكح الحر من الاماء إلا واحدة بعد أن يكون قد خشى العنت ولم يجد طولا للحرة، وليس له أن ينكح أمة على أمة، لانه لا يخشى العنت. (927) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل أمة لرجل، وشرط عليه أن ما ولدت منه من ولد فهم أحرار، فالشرط جائز. (928) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الحر الامة ولم يشترط


(1) س، ط، ع، ز. د، ى – ليلة واحدة.

[ 246 ]

خدمتها، فخدمتها لمواليها نهارا، وعليهم أن يخلوا بينها وبينه ليلا، وعليه نفقتها إذا فعلوا ذلك، فإن حالوا بينه وبينها ليلا فلا نفقة لها عليه، ولا يجب لهم أن يمنعوه من وطئها إذا شاء ذلك، من ليل أو نهار (1). (929) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن مملوكة بين رجلين زوجها أحدهما، والاخر غائب، هل يجوز النكاح؟ قال: إذا كره الغائب لم يجز النكاح، يعني إذا لم يكن أذن لصاحبه، ولا أطلق له في أن يزوج ولا أجاز فعله. (930) وعن علي (ع) أنه قال: لا يحل للمسلم تزوج الامة المشركة لان الله عز وجل إنما أباح المؤمنات لقوله تعالى (2): من فتياتكم المؤمنات، وقد كره ذلك رسول الله (صلع) لئلا يسترق اليهود والنصارى أبناء المسلمين. (931) عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل له ولد طفل، وللولد جارية مملوكة، هل للاب أن يطأها؟ قال: ليس له ذلك إلا أن يقومها على نفسه قيمة عدل، ثم يأخذها ويكون (3) لولده عليه ثمنها، وقال: لا يحل لرجل من مال ولده شئ إلا بطيب نفسه، إلا أن يضطر إليه، فيأكل بالمعروف قوته ولا يتلذذ فيه. (932) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن امرأة أمرت ابنها (4) فوقع على جارية لابيه لتحرمها عليه قال: قد أثمت وأثم ابنها، وأكره للاب أن يطأها، وليس يفسد الحرام الحلال.


(1) حش ى – يصلح للزوج أن يدخل بها حتى يجيز نكاحها المولى الثاني فإن لم يجزه فسخ النكاح، من مختصر الاثار. (2) 4 / 25. (3) د، ز، ع، ط، ى – ويكون، س – ليكون. (4) حش ى – وعلى ابنها الحد في ذلك إن كان بالغا – من النجاح.

[ 247 ]

(933) وعن علي (ع) أنه كره أن يطأ الرجل الامة وفيها شركة (1) لغيره. (934) وعنه (ع) أنه سئل عن نكاح المكاتبة، فقال: انكحها إن شئت، يعني بإذن السيد وإذنها، وإن كان العتق جرى فيها. وسنذكر كيف يجزى العتق في المكاتبين في موضعه إن شاء الله تعالى، وقال عليه السلام: واعلم ان ما ولدت من ولد في مكاتبتها، فإنما يعتق منه ما عتق منها، ويرق منه ما رق (2) منها. (935) وعنه أنه قال: أرادت عائشة أن تشترى بريرة. فاشترط عليها مواليها ولاءها فاشترتها منهم على ذ لك الشرط، فبلغ ذلك رسول الله (صلع). فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال القوم يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ يبيع أحدهم الرقبة ويشترط الولاء، والولاء لمن أعتق، وشرط الله آكد. وكل شرط خالف كتاب الله فهو رد. فلما عتقت بريرة خيرها رسول الله (ص)، وكان لها زوج زوجته وهي مملوكة. فاختارت نفسها، فقال رسول الله (ص) لها: اعتدى ثلاث حيض، قال جعفر ابن محمد (ص): وكان زوج بريرة التي خيرها فيه رسول الله (صلع) مملوكا. وإنما تخير في المملوك، فأما الحر فقد صارت حرة بمنزلته. (936) وعن علي (ص) أنه قال: لا يحل لرجل أن يطأ مملوكة له فيها شريك. وعن جعفر بن محمد (ص) أنه نهى نهى عن عارية الفروج. كالرجل يبيح للرجل وطء أمته أو المرأة تبيح لزوجها أو لغيره وطء أمتها من غير نكاح ولا ملك يمين، وقال جعفر بن محمد (ص) عارية الفروج هو الزنا، وأنا


(1) س، ع – شرط. (2) س، ع، ط، ز. ى – ما يرق منها.

[ 248 ]

برئ إلى الله ممن يفعله، والقرآن ينطق بهذا، قال الله تعالى (1): والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون، فلم يبح الله تعالى وطء الفروج إلا بوجهين: بنكاح أو بملك يمين. فصل (12) ذكر نكاح العبيد (937) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى أن ينكح العبد بغير إذن مواليه، وقال: أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه، فقد أباحت فرجها ولا صداق لها، وقال أبو محمد (ص) (2): المملوك لا يجوز نكاحه ولا طلاقه إلا بإذن سيده، فإن تزوج بغير إذن سيده، فإن شاء سيده أجاز وإن شاء فرق. (938) وعن علي (ص) أنه قال: لا يتزوج العبد فوق اثنتين، ولا يحل له غير ذلك. قال جعفر بن محمد (ص) (3): يعني من الحرائر، ليس للعبد أن يتزوج فوق حرتين وله أن يتزوج أربع إماء إذا كان ذلك بإذن مولاه، وله أن يشتري من الجواري ما يشاء، ويطأهن بملك اليمين إذا ملكه ذلك مولاه، وأذن له فيه. (939) وعن جعفر بن محمد (ص): إذا أراد الرجل أن ينكح أمته


(1) انظر 859، 23 / 5 – 7. (2) ى، ط، ع، د، ز – قال جعفر بن محمد، س – أبو محمد ص. (3) س – قال أبو محمد، ى – قال أبو جعفر.

[ 249 ]

عبده قال له: قد أنكحتك فلانة. ويعطيها من قبله شيئا ما كان، ولو كان مدا من الطعام (1). (940) وعنه أنه قال: إذا زوج الرجل عبده أمته، نزعها منه إذا شاء بغير طلاق، فإن زوجها حرا أو عبدا لغيره، فليس له أن ينزعها منه إذا شاء بغير طلاق. فإن باعها كان للذي اشتراها أن ينزعها إن شاء من زوجها المملوك. وبيعها طلاقها منه، فإن أقرها المشترى على النكاح، كانت بحالها عند البائع (2). (941) وعن علي (ع) أنه قال: إذا ملكت المرأة زوجها المملوك بأمر يدور إليها ملكه أو شقصا منه فقد حرمت عليه وحرم عليها أن تبيح له نفسها، لان العبد لا يجوز له أن ينكح مولاته. فصل (13) ذكر نكاح المشركين (942) قال الله (ع ج) (3): ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقال تبارك اسمه (4): اليوم أحل لكم الطيبات إلى قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب الاية. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال: إنما أحل الله نساء أهل الكتاب للمسلمين،


(1) س – الطعام، ع – طعام، ى – طعامه. (2) حش ى – من مختصر الاثار قال جعفر بن محمد ع وإذا بيعت الامة ولها زوج حر فهي امرأته ولا يحل فرجها للمشترى حتى يطلقها زوجها أو يموت عنها وتعتد. (3) 2 / 221. (4) 5 / 5.

[ 250 ]

إذا كان في نساء الاسلام قلة، فلما كثر المسلمات قال الله (ع ج): ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقال (1): ولا تمسكوا بعصم الكوافر. (943) ونهى رسول الله (صلع) أن يتزوج المسلم غير المسلمة وهو يجد مسلمة. ولا تنكح المشرك مسلمة، وإذا أسلم المشرك وعنده امرأة مشركة فلا بأس أن يدعها عنده إن رغب فيها، لعل الله أن يهديها وله أن يتزوج عليها ثلاثا من المسلمات إن علمن بها. (944) فإن تزوج مسلمة وعنده مشركة، فقد جاء عن ابي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في الرجل يتزوج الحرة المسلمة وعنده امرأة نصرانية أو يهودية ولم تعلم المرأة المسلمة بذلك، ثم دخل بها فعلمت، قال: لها ما أخذت من المهر فإن شاءت أن تقيم معها أقامت. وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت، فإذا حاضت ثلاث حيض أو مضت لها ثلاثة أشهر، يعني إن لم تكن تحيض، فقد حلت للازواج من غير طلاق. قيل له: فإن طلق عنها النصرانية أو اليهودية قبل أن تنقضي عدة المسلمة، هل له أن يردها إلى منزله؟ قال: نعم. (945) وعن علي (ص) أنه سئل عن امرأة مشركة أسلمت ولها زوج مشرك قال: إن أسلم قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح، وإن انقضت عدتها، فلها أن تتزوج من أحبت من المسلمين، فإن أسلم بعد ما انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فإن أجابته نكحها نكاحا مستأنفا. وإذا أسلم الرجل، وامرأته مشركة، فإن أسلمت فهما على النكاح وإن لم تسلم واختار بقاءها عنده، أبقاها على النكاح أيضا. (946) وعنه (ع) أنه قال في المشرك يسلم وعنده أختان حرتان أو


(1) 60 / 10.

[ 251 ]

أكثر من أربع نسوة حرائر قال: تترك له التي نكح أولا من الاختين والاربع الحرائر (1) أولا، فأولا وتنزع عنه الاخت الثانية وما زاد على الاربع من الحرائر. (947) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا خرج الحربي إلى دار الاسلام فأسلم ثم لحقته امرأته، فهما على النكاح. (948) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أقروا أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه من نكاح أو طلاق أو ميراث، يعني (ع) إذا وافق ذلك حكم الاسلام. فأما إن أسلم المشرك وعنده ذات محرم منه، فرق بينهما. (949) وعن علي (ع) أنه قال في مجوسية أسلمت قبل يدخل بها زوجها وأبى أن يسلم، فقضى لها بنصف المهر، قال: لم يزدها الاسلام إلا عزا (2). (950) وعن علي (ص) أنه قال: إذا ارتد الرجل بانت منه امرأته، فإن استتيب فتاب قبل أن تنقضي عدتها، فهما على النكاح. وإن انقضت العدة ثم تاب، فهو خاطب من الخطاب. وإن لحق بدار الحرب انقطعت (3) عصمته عنها وإن ارتدا جميعا أو لحقا بدار الحرب ثم أسلما واستتيبا فتابا فهما على النكاح. (951) وعنه (ع) أنه قال: إن خرجت امرأة من أهل الحرب إلى دار الاسلام مستأمنة، ولها زوج تخلف في دار الحرب، فليس له عليها


(1) س، ط، ز، د،. ى د – أربع حرائر. (2) حشى ى – من مختصر الاثار – وإذا أسلمت الذمية قبل أن يدخل بها زوجها الذمي فقد ملكت نفسها ولا عدة عليها منه، ولها نصف المهر، وإن أسلم في حال إسلامها فهي على النكاح. وإن تأخر إسلامه عن إسلامها كان خاطبا إذا أسلم. (3) ى، د، ع، ط. ز – انقصمت (صح). س – انقضت.

[ 252 ]

سبيل وتتزوج إن شاءت ولا عدة عليها. فإن أسلم زوجها فهو خاطب من الخطاب. (952) وعنه (ع) أنه قال: لا يحل لمسلم أن يتزوج حربية في دار الحرب. (953) وعنه (ع) أنه قال إذا سبى الرجل وامرأته من المشركين. فهما على النكاح. ما لم يكن أحدهما سبى (1) وأحرز في دار الاسلام دون الاخر. فإذا كان ذلك فلا عصمة بينهما! فصل (14) ذكر القسمة بين الضرائر (954) قال الله (ع ج) (2): ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، الاية، فأخبر الله (تع) أن العدل بين النساء لا يستطاع، لان المرء قد يستطيع العدل عليهن في النفقة والمبيت والعطية وغير ذلك مما يملكه، ولا يستطيع العدل بينهن في الهوى والشهوة والنشاط إلى الجماع، فواجب عليه أن يعدل فيما يستطيعه، لان الله عز وجل إنما رخص من ذلك فيما لا يستطاع (3) وأمر بالعدل في موضع آخر، وهو الذي يستطاع، وقال (4): لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. (955) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: للرجل أن يتزوج أربعا، فإن لم يتزوج غير واحدة، فعليه


(1) ى – سى. (2) 4 / 129. (3) ى، ز، د، ط، ع. س – يستطيع. (4) 2 / 286.

[ 253 ]

أن يبيت عندها ليلة من أربع ليال، وله أن يفعل في الثلاث ما أحب مما أحله الله له (1)، قال جعفر بن محمد (ع): وإن كان للرجل امرأتان فله أن يخص إحداهما بالثلاث الليالي التي هي له، ويقسم للواحدة ليلتها، وكذلك إن كن ثلاثا قسم لكل واحدة منهن ليلتها من الثلاث. ويخص بالرابعة من شاء منهن، وإن كن أربعة لم يفضل واحدة منهن على الاخرى. (956) وعن علي (ص) أنه سئل عن قول الله (تع) (2): وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير، الاية، فقال: عن مثل هذا فاسألوا ذلك الرجل يكون له امرأتان فيعجز عن إحداهما، أو تكون دميمة (3) فيميل عنها ويريد طلاقها، وتكره هي ذلك، فتصالحه على أن يأتيها وقتا بعد وقت، أو على أن تضع له حظها من ذلك. (957) وعنه (ع) أنه قال في الرجل تكون عنده المرأة الواحدة أو الثلاث فيتزوج بكرا، قال: إذا تزوج بكرا أقام عندها سبع ليال، وإن تزوج ثيبا أقام عندها ثلاثا، ثم يقسم بعد ذلك بالسواء بين أزواجه. (958) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل تكون عنده النساء، يغشى (4) بعضهن دون بعض قال: إنما عليه أن يبيت عند كل واحدة في ليلتها ويقيل عندها في صحبتهم، وليس عليه أن يجامعها إن لم ينشط لذلك. (959) وعن علي (ص) أنه قال في الرجل تكون عنده النساء فيخرج إلى السفر، قال: إذا انصرف، بدأ بمن لها الحق!


(1) حش ى – أي ما أحب من وطء سريته أو عبادة أو صنعة وغير ذلك. (2) 4 / 128. (3) حش ى – أي بلا حسن، حش س – قبيحة. (4) حش س – غشيها أي جامعها.

[ 254 ]

فصل (15) ذكر النفقات على الازواج (960) قال الله (ع ج) (1): قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم، الاية، وقال الله (ع ج) (2): وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) خطب في حجة الوداع فذكر النساء فقال: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. (961) وعنه (ع) أنه نهى أن يشبع الرجل ويجيع أهله وقال: كفى بالرجل هلاكا أن يضيع من يعول، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. (962) وعنه (ع) أنه قال: سبع من سوابق الاعمال، فعليكم بهن. فذكرهن، وقال فيهن: والنفقة على العيال. (963) وعن أبي جعفر بن محمد علي (ع) أنه قال: من أيقن بالخلف (3) سخت نفسه بالنفقة. (964) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (4): ولا تبذر تبذيرا، قال: ليس في طاعة الله تبذيرا. (965) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الرفق نصف العيش وما عال امرو في اقتصاد.


(1) 33 / 50. (2) 4 / 5. (3) حش ى – أي البدل والعوض. (4) 17 / 26.

[ 255 ]

(966) وعنه (صلع) أنه قال: إذا أراد الله تبارك وتعالى بأهل بيت خيرا، فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معائشهم، والقصد في شانهم. (967) وعنه (صلع) أنه قال: من اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله. (968) وعن علي (ع) أنه قال: من اشترى ما لا يحتاج إليه، باع ما يحتاج إليه. (969) وعنه (ع) أنه قال: الكمال كل الكمال التفقه في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة. (970) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: جهد (1) البلاء كثرة العيال وقلة المال، وقلة العيال أحد اليسارين. (971) وعن علي (ع) أنه قال: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته، استؤنى (2) فإن جاءها بشئ لم يفرق بينهما. وإن لم يجد شيئا أجل وفرق بينهما. (972) وعنه (ع) أن امرأة استعدته على زوجها أنه لا ينفق عليها إضرارا لها، فحبسه في نفقتها. (973) وعنه (ع) أنه قال: أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، فلا نفقة لها حتى ترجع. (974) وعنه (ع) أنه قضى على رجل لامرأته، وكانت ترضع ولدا له، بربع مكوك (3) من طعام وجرة من ماء، وليس في هذا توقيت، وقد فرق


(1) حش ى – أي شدة. (2) حش ى – انتظر. (3) حش ز – مكيال يسع صاعا ونصف صاع.

[ 256 ]

الله جل ذكره بين الناس في ذلك بقدر أحوالهم فقال: على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، وقد يكون الذي فرض عليه علي (ص) ما فرض عليه كان ذلك (1) قدره. (975) وعنه (ع) أنه قال: في قول الله (ع ج) (2): لاتضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك، قال (ع): على وارث الصبي الذي يرثه إذ امات أبوه ما على أبيه من نفقته ورضاعه، والمضارة في الولد من الوالدة أن لا ترضعه وهي قوية على رضاعه، مضارة لابيه في ذلك، وعلى الاب أيضا أن لا يضار الوالدة إذا أرادت أن ترضع ولدها فيسترضعه من غيرها، وعلى الوارث مثل ذلك من ترك المضارة في الولد مثل الذي على الوالدين في ذلك وغيره من النفقة. (976) وعنه (ع) أنه قال، في الذي يطلق امرأته وهي ترضع: إنها أولى برضاع ولدها إن أحبت ذلك، وتأخذ الذي تعطى المرضعة. (977) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل مات وترك امرأة ومعها منه ولد، فألقته على خادمة لها فأرضعته، ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي، قال: لها أجر مثلها، وليس للوصي أن يخرجه من حجرها. تم الجزء الخامس من كتاب دعائم الاسلام في الحلال والحرام والقضايا والاحكام.


(1) ى، – ذلك على قدره. (2) 2 / 233.

[ 257 ]

(11) كتاب الطلاق فصل (1) ذكر الطلاق المنهى عنه والطلاق المباح عنه (978) قال الله (ع ج): (1) يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم، إلى قوله: قد جعله الله لكل شئ قدرا. فالطلاق على كتاب الله جل ذكره وسنة رسول الله (صلع) مباح لمن أراده. فالطلاق بأيدي الرجال، فمن كره امرأة وأحب فراقها فله ذلك لعلة أو لغير علة، ولكن تكره الفرقة بعد الائتلاف والصحبة لغير علة، كراهة ليست بمحرمة. (979) وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال يوما لجارية (2) له يقال لها أم سعيد، وهي تصب الماء على يديه: يا أم سعيد. قالت: لبيك، يا أمير المؤمنين، قال: لقد اشتهيت أن أكون عروسا. قالت: وما يمنعك من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: ويحك أبعد أربع في الرحبة (3)؟ قالت: طلق واحدة منهن وأدخل مكانها أخرى. قال: ويحك، قد علمت هذا، ولكن الطلاق قبيح وأنا أكرهه. (980) وكان الحسن بن علي يتزوج النساء كثيرا ويطلقهن، إذا رغب في واحدة (4) وكن عنده أربعا، طلق واحدة منهن وتزوج التي رغب


(1) 65 / 1 – 3. (2) س، ط، ع، ز، د،. ى – لخادمة. (3) حش ى – أي محلة بالكوفة. (4) ط خه، ى – واحدة منهن.

[ 258 ]

فيها، فأحصن كثيرا من النساء على مثل هذا. قال أبو جعفر محمد بن علي، قال علي (ع) لاهل الكوفة: لا تزوجوا حسنا، فإنه رجل مطلاق. والذي ينبغي ولا يجوز غيره، الطلاق على كتاب الله (تع) وسنة رسوله (صلع)، وما عدا ذلك فليس بطلاق لقول الله جل ذكره (1): وتلك حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه. (981) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ص) أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض. فبلغ ذلك رسول الله (صلع) فأنكر فعله وأمره بأن يراجعها ثم ليطلقها إن شاء طلاق السنة، وهذا خبر مشهور مجمع (2)، عليه وسنذكر ذلك في موضعه وبيان الحجة، إن شاء الله. (982) وعن علي (ع) أنه كتب كتابا إلى رفاعة كان فيه: واحذر ان تتكلم في أمر الطلاق، وعاف نفسك منه ما وجدت إلى ذلك سبيلا، فإن غلب الامر عليك فارفع ذلك إلى أقومهم على المنهاج، فقد اندرست طرق المناكح والطلاق، وغيرها المبتدعون. (983) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا يصلح للناس على الطلاق (3) إلا السيف، ولو وليتهم لرددتهم إلى كتاب الله عز وجل. (984) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لو وليت أمر الناس لعلمتهم الطلاق، ثم لا أوتي بأحد خالفه إلا أوجعته ضربا. (985) وعن علي (ع) أنه قال: الطلاق للعدة وهي طاهرة في (4) غير جماع.


(1) 65 / 1. (2) ى، مجتمع عليه. (3) ع، ز – للناس الطلاق. (4) حش ى – الطهارة نقيض النجاسة، رجل طاهر وامرأة طاهر بغير هاء، وامرأة طاهرة إذا انقطع عنها دم الحيض، ز ط، ع – طاهر.

[ 259 ]

(986) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: طلاق العدة الذي قال الله عز وجل (1): فطلقوهن لعدتهن، إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للعدة، فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضتها فيطلقها. وهي طاهر في طهر لم يمسها فيه، تطليقة واحدة، ويشهد شاهدى عدل على ذلك، وله أن يراجعها من يومه ذلك إن أحب أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض، ويشهد على رجعتها شاهدين ويواقعها. وتكون معه حتى تحيض، فإذا حاضت وخرجت من حيضتها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع، ويشهد على ذلك شاهدين ويراجعها أيضا متى شاء قبل أن تحيض، ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة. فإذا خرجت من حيضتها وطهرت طلقها الثالثة من غير جماع، ويشهد على ذلك شاهدين، فإذا فعل ذلك، فقد بانت منه بثلاث تطليقات، ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره. فإن كانت ممن لا تحيض فليطلقها للشهور. وإن طلقها على ما وصفنا واحدة، ثم بدا له أن يحبسها، بقيت عنده على تطليقتين باقيتين، وإن طلقها تطليقتين ثم بدا له أن يحبسها بقيت عنده على واحدة، فإن طلقها الثالثة لم يكن له عليها رجعة، ولم تحل له إلا بعد الزوج، وهذا إنما يكون إذا راجعها قبل أن تنقضي عدتها، فأما إن طلقها واحدة أو اثنتين على ما وصفنا، ثم تركها حتى تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة، وهو خاطب من الخطاب. فإن تزوجها برضاها عقد عليها بنكاح مستقبل. (987) وهذا هو طلاق السنة الذي يؤمر به من أراد أن يبتت الطلاق أن يطلقها واحدة ثم يدعها فلا يراجعها حتى تنقضي عدتها فتبين منه وتكون أملك بنفسها. فإن شاء وشاءت بعد ذلك تراجعا بنكاح مستقبل. وإن لم


(1) 65 / 1.

[ 260 ]

يرغبا في التراجع نكحت من شاءت، وأهل الفتيا، فيما علمت، مجتمعون على أن هذا هو الطلاق الذي أمر الله عز وجل به وسنة رسوله (صلع)، وعلى أن رسول الله (صلع) أمر ابن عمر لما طلق على خلافه، أن يراجع امرأته. ولو كان ذلك يجب به الطلاق لم يأمره رسول الله (صلع) بمراجعتها. فقال من خالف ذلك منهم ضلالا وجهلا بكتاب الله وسنة رسول الله (صلع): إذا طلق الرجل امرأته على خلاف ما أمر الله به. مثل أن يطلقها وهي حائض كما طلق ابن عمر امرأته، أو هي في طهر قد مسها فيه، أو بغير شهود، أو يطلقها ثلاثا في مجلس واحد، فقد خالف، فيما قالوا، كتاب الله وسنة رسوله (صلع)، وعصى وتعدى حدود الله، ثم أثبتوا، مع قولهم هذا، طلاقه، وحرموا به فرج امرأته عليه، أحلوه (1) لغيره بخلاف الكتاب والسنة. وفي ظاهر هذا لمن تدبره ما أغنى عن الاحتجاج على قائله. (988) وعن أبي جعفر وابي عبد الله (ص) أنهما قالا: كل طلاق خالف الطلاق الذي أمر الله به فليس بطلاق (2)، فإن طلقها وهي حائض أو في دم النفاس، أو بعد ما جامعها قبل أن تحيض، أو طلقها وهي طاهرة من غير جماع من غير أن يشهد شاهدى عدل (3) كما أمر الله عز وجل، فليس طلاقه بطلاق، حتى يطلقا بالكتاب والسنة، على ما وصفناه. (989) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه دخل المسجد فإذا برجل يفتي وحوله ناس (4) كثير، فقال: من هذا؟ فقالوا: نافع مولى ابن عمر، فدعا به فأتاه فقال: يا نافع (5) إنه قد بلغني عنك أنك تقول إن


(1) د، ز، ع، ط، ى – أحلوه س – أحلوا. (2) حش ى – وعن علي صلوات الله عليه أنه قال: لا يكون الطلاق طلاقا حتى تجتمع الحدود الاربعة، فإن نقص منها واحد لم يقع الطلاق وهي أن تكون المرأة طاهرة. (3) حش ى، س – مختصر المصنف، – وإذا طلق الرجل امرأته فأشهد على طلاقها رجلا واحدا، ثم أشهد رجلا آخر بعد أيام، فليس بشئ إلا أن يشهدهما جميعا (معا). (4) د، نفر. (5) س – أي نافع.

[ 261 ]

ابن عمر إنما طلق امرأته واحدة، وأن رسول الله (صلع) أمره أن يراجعها ويحتسب بتلك التطليقة، فقال: كذلك سمعت يا بن رسول الله، قال أبو جعفر: كذبت والله يا نافع، على رسول الله (صلع)، بل طلقها ثلاثا فلم يره رسول الله (صلع). وفي قول نافع هذا، ومن قال به من العامة إن رسول الله (صلع) أوجب طلاق ابن عمر وأمره برد امرأته، دليل على فساد قولهم من قولهم، لانه لو كان الطلاق الذي طلقه ابن عمر كما زعموا، وهي حائض وأنه طلقها واحدة طلاقا جائزا، لم يأمره رسول الله (صلع) بردها. وأمر رسول الله (صلع) فرض. وليس بفرض على من طلق امرأته طلاقا صحيحا أن يراجعها. (990) وعن علي (ع) أنه قال: من طلق امرأته ثم راجعها ثم طلقها قبل ان يمسها، لم يقع عليها الطلاق الاخر. (991) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: الطلاق لغير السنة باطل (1). (992) وعن أبي جعفر أن رجلا سأله فقال: يا بن رسول الله بلغني أنك تقول: إنه من طلق لغير السنة لم يجز طلاقه، فقال أبو جعفر: ما أنا أقول ذلك، قال الله (ع ج). ولو كنا نفتيكم بالجور لكنا أشر منكم (2) إن الله (ع ج) يقول (3): لولا ينهاهم الربانيون والاخبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون. (993) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: كل طلاق في غصب أو يمين، فليس بطلاق.


(1) س – وعن أبي عبد الله. (2) س – شرا. (3) 5 / 63.

[ 262 ]

(994) وعن أبي جعفر (ع) (1) أنه قال: من طلق لعدة أكثر من واحدة فليس الفضل على الواحدة بطلاق، وإن طلقها بغير شاهدين عدلين فليس طلاقه بطلاق، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق، ولو طلقها ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه بطلاق (2) يعنى (ع) في النية (3) ما بينه وبين الله، فأما إن طلق للسنة وأشهد ثم قال: لم أنو الطلاق، لم يجز ذلك في الحكم، ونيته فيما بينه وبين الله عز وجل. (995) وعن علي (ع) أن رجلا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إني طلقت امرأتي، قال: أعلى ذلك بينة؟ قال: لا، قال: اغرب (4). (996) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لو وليت أمر الناس لعلمتهم الطلاق وكيف ينبغي لهم أن يطلقوا، ثم لو أوتيت برجل قد خالف ذلك لاوجعت ظهره، ومن طلق لغير السنة لرددته إلى كتاب الله، وإن رغم أنفه. ولو ملكت من أمر الناس شيئا لاقمتهم بالسيف والسوط حتى يطلقوا للعدة كما أمر الله (ع ج). (997) وعن علي (ع) أن رجلا سأله فقال: إن طلقت امرأتي للعدة بغير شهود، قال: ليس بطلاق فارجع إلى أهلك. (998) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: من طلق امرأته للعدة ثلاثا في مجلس واحد. وأشهد فيه فهي طالق واحدة (5). وقوله هذا (ع) بين لمن تدبره لانه إذا قال: هي طالق فقد طلقت (6) واحدة. وقوله بعد ذلك


(1) س، ط، ع، ز. ذ ى – وأبي عبد الله (ع). (2) د، ى – طلاقا. (3) ع – يعني (ص) عليه البينة. (4) حس ى – غرب أي بعد يقال اغرب عني ومنه غروب الشمس، ط – اغرب عني. (5) س – فهي طالق طلاقا واحدة. (6) ى – طلق.

[ 263 ]

ثلاثا كقوله ألفا، ومن خالفنا لا يرى ما زاد على الثلاث شيئا، وسواء زاد على الواجب واحدة أو ألفا أو أقل من ذلك أو أكثر. لانه إذا كان لا يثبت إن تعدى في القليل لم يثبت في الكثير. لا فرق بين ذلك أعلمه. وإنما أبطل رسول الله (صلع) طلاق ابن عمر ثلاثا كله لانه طلقها وهي حائض، ولو كان طلقها للسنة لثبتت واحدة. لانه إذا قال: هي طالق فقد ثبتت واحدة. (999) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الطلاق ثلاثا إن كان على طهر كما تجب فهي واحدة وإن لم تكن على طهر فليس بشئ. (1000) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يقول: كل امرأة أتزوجها أبدا فهي طالق. قال: ليس ذلك بشئ. قيل له: فالرجل يقول: إن تزوجت فلانة أو تزوجت بأرض كذا (يسميها) فهي طالق. قال: لا طلاق ولا عتاق إلا بعد ملك. (1001) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن المطلقات (1) ثلاثا لغير العدة وقال: إنهن ذوات أزواج. (1002) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا من أصحابه سأله عن رجل من العامة طلق امرأته لغير عدة، وذكر أنه رغب في تزويجها، قال: انظر إذا رأيته، فقل له: طلقت فلانة إذا علمت أنها طاهرة في طهر لم يمسها فيه، فإذا قال: نعم، فقد صارت تطليقة، فدعها حتى تنقضي عدتها من ذلك الوقت ثم تزوجها إن شئت، فقد بانت منه بتطليقة بائن وليكن معك رجلان حين تسأله ليكون الطلاق بشاهدين. ولا يخلو طلاق ابن عمر امرأته الذي أجمع عليه من خالفنا أن يكون جائزا، أو غير جائز،


(1) س، ط، ع – فهي من المطلقات. د، ى، ز – من تزويج المطلقات.

[ 264 ]

فإن كان جائزا فما معنى إنكار النبي (صلع) وأمره له بردها إليه وهو قد طلقها طلاقا جائزا؟ وإن كان غير جائز فكيف يعتد به كما زعموا؟ (1003) مع ما رويناه عن أبي جعفر (ع) وقد تقدم ذكره، أنه إنما كان طلقها ثلاثا وهي حائض، وفي رواية أخرى عنه (ع)، رويناها أنه قال لنافع: أنا سمعت عبد الله بن عمر يقول: أنا طلقتها ثلاثا وهي حائض وأمر رسول الله (صلع) ابن عمر أن يأمرني برجعتها (1)، وقال: إن طلاق عبد الله امرأته ثلاثا وهي حائض ليس بطلاق، فقال رجل لجعفر بن محمد (ع)، وقد ذكر هذا عن أبيه، إن الناس يقولون إنه إنما طلقها واحدة وهي حائض، فقال: فلاي شئ سأل رسول الله (صلع) إذا كان أملك برجعتها؟ كذبوا. ولكنه طلقها ثلاثا فأمره أن يراجعها وقال: إن شئت فطلق وإن شئت فأمسك. ومن خالفنا يوجب أن طلاق البدعة الذي يجيزونه طلاق معصية، ولكنهم قالوا يفرق بينهما به، وهم لا يجيزون النكاح من جهة المعصية، فهذا هو (2) لانهم إذا فرقوا بينهما بجهة المعصية فقد أحلوا الفرج لغيره بالمعصية، لا فرق بين الامرين. لانه إذا طلقها لغير عدة فقد تزوجها الاخر في العدة، وإذا حرموا فرجها على هذا بالمعصية فقد أحلوه لهذا بتلك المعصية ولا يخرج العاصي من المعصية إلا بالتوبة. والتوبة في هذا الرجوع عما نهى الله عنه إلى ما أمر به الله عز وجل، والمطلق لغير السنة لم يتب من معصيته. فقد أجازوا بقولهم هذا المقام على المعاصي، وأحلوا بها الفروج التي هي من كبائر حدود الله عز وجل، وأجازوا خلاف كتاب الله جل ذكره في الطلاق، ولم يروا إجازة ذلك في النكاح. لان الله عز وجل


(1) ى – وأمرني رسول الله (صلع) برجعتها. (2) ى – د، هذا لانهم.

[ 265 ]

أمر بالطلاق للعدة، ونهى عن التزويج في العدة. فخالفوا لامره ووقفوا على نهيه عند أنفسهم، وفي مخالفة هذا الامر إباحة ذلك النهي. لانهم إذا حرموا هذا الفرج بهذه المعصية أباحوه بها، وهذا بين لمن تدبره ووفقه الله لفهمه. ومن قولهم إن رجلا لو قام في وقت الغداة فصلى صلاة يومه ذلك وليلته المقبلة وما بعد ذلك لم يجز من صلاته إلا الصلاة التي صلاها لوقتها. ذلك لان الله (ع ج) إنما فرض كل صلاة لوقتها، والمصلى عندهم قبل وقتها غير مصل، وكذلك الحج وصوم شهر رمضان، وكل فرض فرضه الله عز وجل في وقت معلوم، لا يجوز أن يؤدى قبل وقته، فالطلاق كذلك، لان الله عز وجل أمر به في وقت حده وبينه، ونهى عن تعدى حدوده، فمن تعدى ذلك لم يجز طلاقه كما لا يجوز صومه ولا حجه ولا صلاته. لان الفرض في كل ذلك في وقت محدود. فالوقت المحدود مفروض. فمن تعدى فرض الله عز وجل وخالف حدوده لم يجز فعله، ولو جاز في وجه واحد لجاز في غيره، والحجج في هذا كثيرة لو تقصيناها وذكرنا حجج القائلين بطلاق البدعة ونقضها لخرج ذلك عن حد هذا الكتاب، وفيما ذكرنا من ذلك كفاية لمن وفق للصواب. (1004) وروينا عن علي وأبي عبد الله وأبي جعفر (ع) أنهم قالوا: خمس من النساء يطلقن على كل حال: الحامل، والتي لم يدخل بها زوجها، والصغيرة التي لم تحض، والكبيرة التي قد يئست من المحيض، والغائب عنها زوجها غيبة بعيدة. وطلاق الحبلى واحدة وهو أحق برجعتها ما لم تضع ما في بطنها، فإن وضعت فقد بانت عنه وهو خاطب من الخطاب، والتي لم يدخل بها إذا طلقها واحدة فقد بانت منه، وإن طلقها بعد ذلك قبل أن يراجعها لم يلحقها الطلاق لانها قد بانت منه بالاولى، فإنما طلق طالقا،


[ 266 ]

والغائب عنها زوجها إذا طلقها، وهو غائب غيبة بعيدة، تطليقة واحدة فقد بانت منه إذا انقضت عدتها (1) من قبل أن يصل إليها فيراجعها، فإن وصل إليها فراجعها قبل انقضاء عدتها فهو أحق بها وتبقى عنده على تطليقتين. فإن طلقها ثانية وهو غائب من قبل أن يراجعها لم يلحقها الطلاق لانه طلق طالقا، ولفظ الطلاق الذي يقع به (2) أن يقول الرجل لامرأته على ما قدمنا ذكره من السنة في الطلاق: أنت طالق أو يقول: فلانة طالق. ويسميها باسمها، أو يكنى عنها بكناية تدل عليها، أو تذكر له (3) فيقول: هي طالق. والطلاق يقع بكل لسان، وكذلك إن قال لها: اختاري، فاختارت نفسها فهو طلاق، وإن اختارته فليس بشئ أو يقول لها: اعتدى، يريد بذلك الطلاق، فهو طلاق. (1005) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في الرجل يقول لامرأته: أنت مني خلية أو برية أو بائن أو بتة أو حرام قالا: ليس ذلك بشئ حتى يقول لها وهي طاهرة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين: أنت طالق. أو يقول اعتدى، يريد بذلك الطلاق. قيل لابي عبد الله (ع): إن رواة أهل الكوفة يروون عن علي (ع) أنه قال: كل واحدة منهن ثلاثا بائنة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. فقال كذبوا عليه. لعنهم الله، ما قال ذلك علي (ع) ولكن كذبوا عليه. قال أبو جعفر (ع): سئل علي (ع) عن الرجل يقول لامرأته: أنت مني خلية أو برية أو بائن أو بتة أو حرام، قال: هذا من خطوات الشيطان (4) وليش بشئ. ويوجع أدبا.


(1) حش ى – قال في مختصر الايضاح – إنه لا يجوز في الطهر الواحد إلا تطليقة واحدة وكذلك لا يجوز في الحمل إلا تطليقة واحدة. (2) ى حذ – الذي يقع به. (3) ى – يذكر لها. (4) 2 / 168.

[ 267 ]

(1006) وعن أبي جعفر (ع) أنه سئل عن الرجل قال لامرأته: أنت علي حرام، قال: لو كان لي عليه سلطان لاوجعت رأسه وقلت: أحلها الله لك ثم تحرمها أنت، إنه لم يزد على أن كذب فزعم أن ما أحل الله له حرام عليه (1) ولا يدخل عليه بهذا طلاق ولا كفارة، قيل له: فقول الله (ع ج) (2) يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك، الاية، فجعل الله عليه كفارة، فقال: كان رسول الله (صلع) قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد إبراهيم، فاطلعت عليه عائشة فوجدت (3)، فحلف لها أن لا يقربها بعد وحرمها على نفسه وأمرها أن تكتم ذلك، فأطلعت عليه حفصة، فأنزل الله (ع ج): يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك إلى قوله: وأبكارا (4)، فأمره بتكفير اليمين التي حلف بها. فكفر بها ورجع إليها. فولدت منه إبراهيم وكانت أم ولد له (صلع). (1007) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الخيار، فقال: إن زينب قالت لرسول الله (صلع): ألا تعدل وأنت رسول الله؟ وقالت حفصة: لو طلقتنا لوجدنا في قومنا أكفاء. فأنف الله لرسوله (صلع) فاحتبس الوحى عنه عشرين يوما، ثم أنزل الله (ع ج) (5): يا أيها النبي قل لازواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الاخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما. واعتزلهن رسول الله (صلع) تسعا


(1) س، ز، د، ط، ع. ى – فجعل ما أحل الله له حراما. (2) 6 / 16. (3) حش ى – أي غضب. (4) 66 / 1 – 5. (5) 33 / 28 – 29.

[ 268 ]

وعشرين ليلة في مشربة (1) أم إبراهيم، ثم دعاهن فخيرهن، فاخترنه. ولو اخترن أنفسهن لكانت لهن واحد بائنة. (1008) وعنه (ع) أنه قال: إنه إذا خير الرجل امرأته، فلها الخيار ما دامت في مجلسها، ولا يكون ذلك إلا وهي طاهرة في طهر لم يمسها فيه، فإن اختارته فليس بشئ، وإن اختارت نفسها فهي واحدة بائنة وهو خاطب من الخطاب، تزوجه نفسها إن شاءت من يومها، وليس ذلك لغيره حتى تنقضي عدتها، فإن قامت من مكانها أو قام إليها فوضع يده عليها أو قبلها قبل أن تتكلم، فليس بشئ إلا أن تجيب في المكان. (1009) وعنه (ع) أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض وكان صحيح العقل، فطلاقه جائز. وإن مات أو ماتت قبل أن تنقضي عدتها توارثا. وإن انقضت عدتها وهو مريض ثم مات من مرضه ذلك بعد أن انقضت عدتها، فهي ترثه ما لم تتزوج (2). (1010) وعنه (ع) أنه قال: لا يجوز طلاق المجنون المختبل العقل، ولا طلاق السكران الذي لا يعقل، ولا طلاق النائم وإن لفظ به إذا كان نائما لا يعقل، ولا طلاق المكره الذي يكره على الطلاق، ولا طلاق الصبي قبل أن يحتلم. (1011) وعنه (ع) أنه قال: الطلاق لا يتجزأ، إذا قال الرجل لامرأته على ما يجب من الطلاق: أنت طالق نصف تطليقة، أو ثلثا (2) أو ربعا أو ما أشبه هذا، فهي واحدة.


(1) حش ى – المشربة الغرفة بفتح الراء لغة في المشربة. (2) حش ى – من مختصر المصنف: إذا مات الرجل فقالت امرأته قد كان طلقني في مرضه ومات وأنا في العدة، وقال الورثة بل طلقك في الصحة وقد انقضت العدة، فالقول قول المرأة، وإذا قرب الرجل ليقتل فهو بمنزلة المريض. (3) ى – ثلثا تطليقة.

[ 269 ]

(1012) وعن علي (ع) أنه قال: من استثنى في الطلاق فليس طلاقه بطلاق، إذا أظهر الاستثناء. وإن أظهر الطلاق وأسر الاستثناء أخذ بالعلانية (1)! فصل (2) ذكر الخلع (2) والمباراة (1013) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: الخلع جائز إذا وضعه الرجل على موضعه، وذلك أن تقول له امرأته: إني أخاف أن لا أقيم حدود الله فيك، فأنا أعطيتك (3) كذا وكذا، فيقول هو: وأنا أخاف أيضا أن لا أقيم حدود الله فيك. فما تراضيا عليه من ذلك، جاز لهما. قال: جعفر بن محمد (ع): إذا قالت المرأة لزوجها: لا أطيع لك أمرا ولا أبرا لك قسما، ولا أغتسل من جنابة، ولاوطئن فراشك، ولادخلن عليك بغير إذنك، أو تقول من القول ما تتعدى فيه مثل هذا مفسرا أو مجملا، أو تقول: لا أقيم حدود الله فيك، جاز له أن يخلعها على ما تراضيا عليه مما أعطاها وغيره يأخذه منها من ذلك ما اتفقا عليه ويخلعها، والخلع تطليقة بائنة. وليس له عليها رجعة إلا أن يتفقا على عقد نكاح مستقبل، فتكون عنده على ما بقى من الطلاق، وذلك لقول


(1) حش ى – وهذا كالرجل يريد أنه يطلق امرأته فيقول: أنت طالق إن شاء الله، من مختصر الايضاح. (2) حش س – الخلع كالنفع، النزع، والخلع مهلة. والخلع بالضم – طلاق المرأة ببذل منها أو من غيرها. (3) ى – فإني أعطيك.

[ 270 ]

الله (ع ج) (1) ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به. (1014) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الخلع أن يتداعى الزوجان إلى الفرقة على غير ضرر من الزوج بامرأته، على أن تعطيه شيئا من بعض ما أعطاها، أو تضع عنه شيئا مما لها عليه، فتبرئه منه به (2) أو على غير ذلك (3)، وذلك (4) إذا لم تتعد في القول. ولا يحل له أن يأخذ منها إلا دون ما أعطاها، وإن تعدت في القول وافتدت منه من غير ضرر منه لها بما أعطاها وفوق ما أعطاها، فذلك جائز. (1015) وعن علي (ع) أنه قال: لا يكون الخلع والمباراة إلا في طهر من غير جماع، كما يكون الطلاق والتخيير، وبشهادة شاهدين. (1016) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا جاء النشوز من قبل المرأة ولم يجئ من قبل الرجل، فقد حل للزوج أن يأخذ منها ما اتفقا عليه. وإن جاء النشوز من قبلهما جميعا، فأبغض كل واحد منهما صاحبه، فلا يأخذ منهما إلا دون ما أعطاها. (1017) وعن علي (ع) أنه قال، في قول الله عز وجل (5): فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها. قال: ليس لهما أن يحكما حتى يستأمرا الرجل والمرأة، ويشترطا عليهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرقا.


(1) 2 / 229. (2) ع، ز، د، ى، ط – فتبين، س فتبرئه. حش س، به يعني بالخلع. (3) حش س – أي إعطاء كل ما أخذت منه. (4) حش س – أي الخلع على بعض ما أعطاها. (5) 4 / 35.

[ 271 ]

(1018) وعنه (ع) أن رجلا أتاه مع امرأته، ومع كل واحد منهما فئام (1) من الناس. فأمره عليه السلام أن يبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها. ففعلوا، ثم دعا الحكمين فقال: هل تدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما. وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي: كذبت لعمر الله، حتى ترضى بالذي رضيت. (1019) وعن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في قول الله (ع ج) (2): فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، قالا: ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمر الرجل والمرأة (3). فصل (3) ذكر الايلاء (1020) قال الله تعالى (4): للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: الايلاء أن يقول الرجل لامرأته: والله لاغيظنك، والله لاسوءنك،


(1) حش ى – الفئام الجماعة من الناس لا واحد من لفظه. (2) 4 / 35. (3) حش ى – وقد أجمع أهل الفتيا على أن الحكمين لو حكما بين الزوجين بخلاف الحق لما جاز حكمهما، لو فرقا بين الزوجين بلا طلاق ولا عدة أو جمعا بينهما على خلاف ما يوجبه الكتاب والسنة لم يجز ذلك من فعلهما، وإن حكما في ذلك بكتاب الله وسنة رسوله جاز ما حكما به، من المناقب والمثالب. (4) 2 / 226.

[ 272 ]

ثم يهجرها فلا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر. فإذا مضت أربعة أشهر فإنه يوقف حتى يفئ (1) أو يطلق. (1021) وعنه (ع) انه أوقف عمر بن الحارث وقد آلى من امرأته عند مضي أربعة أشهر، فقال: إما أن تفئ وإما أن تطلق. وقال (ع): إذا آلى الرجل من امرأته (2) فلا شئ عليه حتى تمضي أربعة أشهر. فإذا مضت أربعة أشهر أوقف (3) فإما أن يفئ وإما أن يطلق مكانه. وإن لم تقم المرأة تطلب بحقها فليس بشئ، ولا يقع الطلاق. وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف، إن طلبته المرأة، وبعد أن يخير في أن يفئ أو أن يطلق، وهو في سعة ما لم يوقف. وقال جعفر بن محمد (ع): هي امرأته لا يفرق بينهما حتى يوقف وإن أمسكها سنة. وليس للمرأة قول في الاربعة الاشهر. فإن مضت الاربعة الاشهر قبل أن يمسها فما سكتت ورضيت فهو في حل وسعة. فإن رفعت أمرها إلى الوالي (4) قيل له: إما أن تفئ وإما أن تطلق. ومتى قامت المرأة بعد الاربعة الاشهر عليه أوقف لها، وإن كان ذلك بعد حين. قال: والفئ الجماع، وإن لم يقدر عليه لمرض أو علة أو سفر، فأقر بلسانه اكتفى بمقالته. وإن كان يقدر على الجماع لم يجزه إلا في الفرج، إلا أن يحال بينه وبين الجماع، فلا يجد إليه سبيلا. فإذا قال بلسانه عند ذلك: إنه قد فاء وأشهد على ذلك، جاز. (1022) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أوقف (5) المؤلى، وعزم على الطلاق، خلى عنها حتى تحيض أو تطهر. فإذا طهرت طلقها. ثم هو


(1) حش ى – الفيئة بالهمز من فاء إذا رجع. (2) ع، د – من امرأته. (3) س شكل كذا أوقف. (4) ى – القاضي، ز – حذ (إلى الوالي). (5) كذا في س.

[ 273 ]

أحق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء. وعن أبي عبد الله (ع) مثل ذلك وقال: يشهد شاهدي عدل على الطلاق. (1023) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: ولا يقع إيلاء حتى يدخل الرجل بأهله، ولا يقع على امرأة غير مدخول بها إيلاء (1). (1024) وعن علي (ع) أن رجلا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين! إن امرأتي وضعت غلاما، وإني قلت: والله لا أقربك حت تفطميه مخافة أن تحمل عليه. فقال علي (ص): ليس عليك في الاصلاح إيلاء. قال جعفر بن محمد (ع) (2): ليس هذا بإيلاء ولا شئ عليه. (1025) وعن علي (ص) أنه قال: لو أن رجلا حلف أن لا يبتنى بامرأته سنتين، لم يكن مؤليا. (1026) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: وإذا هجر الرجل امرأته سنة أو أقل من ذلك أو أكثر من غير يمين، فليس ذلك بإيلاء. وليأتها. (1027) وعن علي (ع) أن رجلا أتاه فسأله عن رجل آلى من امرأته، فظاهر منها في ساعة واحدة. قال: كفارة واحدة. (1028) وعنه (ع) أنه قال، في المؤلى إذا أوقف: فلا ينبغي (3) أن يجبره الامام على أن يفئ. يعني (ع) أن الذي ينبغي للحاكم أن يخيره بين أن يفئ أو أن يطلق. فإن لم يفئ أو لم يطلق أجبره الامام على أن يفئ أو يطلق، وجعل الخيار في ذلك إليه ولا بد من أن يفئ أو يطلق إذا أوقف بعد انقضاء الاربعة الاشهر. (1029) وعنه (ع) أنه قال: إذا أفاء المؤلى فعليه الكفارة.


(1) س حذ، (إيلاء). (2) ى – قال أبو جعفر ع. (3) د، ى – فلا ينبغي للحاكم أن يجبره إلخ.

[ 274 ]

(1030) وعنه (ع) أنه قال: العبد إن آلى من امرأته، لزمه الايلاء، وحده شهران، فإذا مضى الشهران أوقف. (1031) وعنه (ع) أنه قال: كل إيلاء دون الحد، فليس بإيلاء. (1032) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في فيئة المولى: إذ قال الرجل: قد فعلت وأنكرت المرأة، فالقول قول الرجل، ولا إيلاء. (1033) وعنه (ع) أنه قال: وإذا حلف الرجل أن لا يقرب أمرأته أربعة أشهر، لم يكن فيه إيلاء. فإن حلف على أكثر من أربعة أشهر، كان الايلاء، وليس له في الاربعة الاشهر وما دونها إيلاء. فصل (4) ذكر الظهار (1034) قال الله تعالى (1): الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم، إلى آخر ذكر الظهار. روينا (2) عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: جاء رجل إلى النبي (صلع) فقال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي، فقال: اذهب وأعتق رقبة، فقال: ليس عندي. قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، قال: اذهب فأطعم ستين مسكينا، قال: ليس عندي، قال رسول الله (صلع): خذ هذا البر فأطعمه ستين مسكينا، فقال: والذي بعثك بالحق (3)، ما أعلم بين لابتيها (4) أحدا * هامش) * (1) 58 / 2. (2) س و – عن جعفر بن محمد ع. (3) س، ز، ط. ى، ع، د – بالحق نبيا. (4) ى حش اللابة الحرة، وفي الحديث ما بين لابتى المدينة.


[ 275 ]

أحوج إليه مني ومن عيالي، قال: اذهب فكل وأطعم عيالك. (1035) وعن علي (ص) أنه قال: ولا يكون ظهار في غير طهر بغير جماع. (1036) وعنه (ع) أنه قضى فيمن ظاهر من امرأته ثلاث مرات، أن عليه ثلاث كفارات. وعن أبي جعفر وابي عبد الله (ع) أنهما قالا مثل ذلك. وقال علي (ع): إنما ذلك إذا ظاهر الرجل من امرأته في مجالس شتى. وإن كان في أمر واحد (1) فعليه كفارات شتى، وإن ظاهر منها مرارا في مجلس واحد فكفارته واحدة. (1037) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: من (2) ظاهر من أربع نسوة، فأربع كفارات. يعني (ع) أن يفرد كل واحدة منهن بالظهار. (1038) لانا قد روينا عن علي (ص) أنه سئل عن رجل ظاهر من أربع نسوة في مجلس واحد، يعني بلفظ واحد، قال: كفارته واحدة. (1039) وعن علي وعن الائمة (ص) (3) أنهم قالوا: الظهار من كل ذات محرم أم أو أخت أو عمة أو خالة، أو ما هو في مثل حالهن من ذوات المحارم، إذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي أو أختي أو عمتي أو خالتي، فهذا هو الظهار. (1040) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل ظاهر من امرأته قبل أن يدخل بها، قال: لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها.


(1) حذ ى، د، (وإن كان في أمر واحد). (2) ى – فيمن. (3) ز، ط، ى – وعنه وعن أبي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام.

[ 276 ]

(1041) وعن علي (ع) أنه قال: ليس بين الحر وأمته ظهار ومن شاء باهلته (1) أن ليس في الامة ظهار، لان الله (ع ج) يقول (2): الذين يظاهرون منكم من نسائهم، وليس الامة بزوجة. وقال جعفر بن محمد (ع): والظهار في الامة كالظهار في الحرة، يعني إذا كانت زوجة. فأما من ظاهر من أمته، فليس ذلك بظهار. (1042) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ولا يكون الظهار بيمين، وإنما الظهار أن يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع: أنت علي كظهر أمي، أو يقول: اشهدوا علي أنها كظهر أمي، ولا يقول: إن فعلت كذا وكذا فأنت علي كظهر أمي. وسأله رجل فقال: يا بن رسول الله، إني قلت لامرأتي: أنت علي كظهر أمي، إن خرجت من باب الحجرة، فخرجت فقال: ليس عليك شئ، قال الرجل إني أقوى على أن أكفر رقبة أو رقبتين، فقال: ليس عليك شئ قويت أو لم تقو. إذا حلفت بالظهار، فليس ذلك بظهار. إنما الظهار أن تقول لامرأتك وهي طاهر في طهر لم تمسها فيه بحضرة شاهدين أو بحضرة (3) شهود: اشهدوا أنها علي كظهر أمي، ولا تقول: إن فعلت (4) كذا وكذا. (1043) وعنه (ع) أنه قال: لا ظهار إلا في طهر من غير مسيس، بشهادة شاهدين، في غير يمين، كما يكون الطلاق. فما عدا هذا أو شيئا منه فليس بظهار، وقد جاءت رواية عن أبي جعفر


(1) ى – يعني لاعنته. (2) 8 / 25، انظر – 1032. (3) س – بحضرة. (4) س – فعلت، ى – فعلت.

[ 277 ]

وأبي عبد الله (ع) هكذا، قال صاحب الحديث عن أحدهما إنه قال: الظهار على وجهين. أحدهما فيه الكفارة قبل أن يواقع والاخر فيه الكفارة بعد أن يواقع. فالذي فيه الكفارة بعد أن يواقع قوله: أنت علي كظهر أمي إن قربتك فيكفر بعد أن يقربها، والثاني قوله: أنت علي كظهر أمي ولا يقول: إن فعلت كذا وكذا، فدخل علي بعض من قصر فهمه من هذه الرواية شبهة، وظن أنها خلاف ما ذكرناه من أن الظهار لا يكون في يمين، وإنما كانت الكفارة ها هنا في الايلاء. (1044) وقد روينا (1) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) سئل عن رجل قد آلى من امرأته وظاهر منها في ساعة واحدة قال: الكفارة واحدة. (1045) وعنه (ع) أنه قال في كفارة الظهار: إذا كان عند المظاهر ما يعتق أعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، وهذا على نص القرآن، وما ذكرناه عن النبي (صلع) في أول الباب، ولا يجزى الصوم من وجد العتق، ولا الاطعام على من يقوى على الصوم. (1046) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: كل شئ في القرآن (أو، أو) فصاحبه بالخيار، يختار ما يشاء. وكل شئ في القرآن (فإن لم يجد، أو لم يستطع فعليه كذا) فليس بالخيار، وعليه الاول، وإن لم يستطع أو لم يجد، فالثاني، ثم كذلك ما بعده. (1047) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا في


(1) كذا في س.

[ 278 ]

المظاهر: لا يقرب شيئا حتى يكفر، فإذا أراد أن يعود إلى امرأته التي ظاهر منها، كفر. (1048) وسئل جعفر بن محمد (ع) عن المظاهر يواقع امرأته التي ظاهر منها قبل أن يكفر قال: ليس هكذا يفعل الفقيه. قيل: فإن فعل؟ قال: أتى حدا من حدود الله (ع ج) وعليه إثم عظيم. قيل: أفعليه الكفارة غير الاولى؟ قال: يستغفر الله ويتوب إليه ويمسك عنها ولا يقربها حتى يكفر. (1049) وعنه (ع) أنه سئل عن الظهار متى تقع على صاحبه الكفارة؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته. قيل: فإن طلقها قبل أن يواقعها، أعليه كفارة؟ قال: لا، قد سقطت عنه الكفارة. (1050) وعن أبي جعفر (ع) أنه سئل عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها تطليقة، قال: إذا طلقها بطل الظهار. قيل لابي عبد الله (ع): فإن ظاهر منها ثم طلقها واحدة ثم راجعها، ما حاله؟ قال: هي امرأته، ويجب عليه ما يجب على المظاهر، قبل أن يمسها؟ إذا أراد أن يواقعها كفر ثم واقعها. قيل: فإن تركها حتى يخلو أجلها وتملك نفسها ثم خطبها وتزوجها بعد ذلك. هل تلزمه كفارة الظهار قبل أن يمسها؟ قال: لا، لانها قد بانت منه، وملكت نفسها، وهذا نكاح مجدد. (1051) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل ظاهر من امرأته فلم يقربها، إلا أنه تركها، وهو يراها متجردة من غير أن يمسها، هل يلزم في ذلك شئ؟ قال: هي امرأته، وليس يحرم عليه شئ إلا مجامعتها، يعني حتى يكفر. قيل له: فإن رافعته إلى السلطان؟ فقالت: هذا زوجي، قد ظاهر مني وقد أمسكني لا يمسني، مخافة أن


[ 279 ]

يجب عليه ما يجب على المظاهر، فقال: ليس يجبره (1) على العتق والصيام والطعام، إذا لم يكن له ما يعتق ولم يقو على أن يصوم، ولم يجد ما يطعم، وإن كان يقدر على أن يعتق كان على الامام أن يجبره على العتق وعلى الصدقة، إن كان عنده ما يتصدق ولم يجد العتق. وقال: لا أستطيع الصوم، يفعل ذلك به قبل أن يمسها ومن بعد أن مسها (2) إن لم يكن كفر قبل المسيس. (1052) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في الظهار: الحر والمملوك فيه سواء، غير أن على المملوك نصف ما على الحر. قال أبو عبد الله (ع) في الصوم: يصوم شهرا وليس عليه عتق ولا كفارة. لان مال المملوك لمولاه. فليس له أن يعتق ولا أن يتصدق من مال مولاه، إلا أن يأذن له مولاه في ذلك، ويتطوع له (3) من ماله، فإن ذلك يجزئ عنه. (1053) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يجزئ في الظهار رقبة ما كانت صلت وصامت أو لم تصل ولم تصم صغيرة أو كبيرة، قال علي (ع): اليهودي والنصراني وأم الولد يجزئون في كفارة الظهار ولا يجوز في الرقبة الواجبة مجنون ولا ذو عيب فاسد. قال أبو عبد الله (ع): لا يجوز في كفارة الظهار مدبر ولا مكاتب. (1054) وعن علي (ع) أنه قال: صيام الظهار شهران متتابعان كما قال الله (ع ج) فإن صام المظاهر فأصاب ما يعتق قبل أن ينقضى صيامه. أعتق وانهدم الصيام. وإن فرغ من صيامه ثم أيسر ساعة خرج من الصيام فقد قضى الواجب ولا شئ عليه.


(1) ى – يجبر. (2) ع، ط، ز، د – من بعد ما مسها. س، ى – من بعد أن. (3) س، ع. ط، د، ز، ى، يتطوع له به.

[ 280 ]

(1055) وعن أبي عبد الله (ص) أنه قال: من صام في كفارة الظهار شهرا فما دونه، ثم أفطر لعلة أو لغير علة، فقد هدم (1) صومه وعليه أن يستقبل الصوم من أوله حتى يصوم شهرين متتابعين، فإن صام شهرا ودخل في الشهر الثاني ثم قطع صومه فإنما عليه أن يقضي ما بقي من الشهرين، لانه قد تابع بينهما. (1056) وعن علي (ص) أنه قال في إطعام المظاهر في كفارة الظهار: يطعم ستين مسكينا، كل مسكين نصف صاع. (1057) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: يجزئ في كفارة الظهار (2) لكل مسكين مد. وقد يشبه أن يكون نصف الصاع الذي ذكره علي (ع) من شعير، والمد الذي ذكره جعفر بن محمد (ع) من بر. وهما يستويان ويتقاربان في القدر والكفاية، فالذي جاء عن علي (ص) هو ما يؤمر به المستطيع لذلك، والمد الذي ذكر جعفر بن محمد (ص) أنه يجزئ يدخل مدخل التوسعة والرخصة فالاولى ما جاء عن علي عليه السلام (3). فصل (5) ذكر اللعان (1058) قال الله (ع ج) (4): والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين،


(1) س – هدم، ط، د، ى، – انهدم. ع، ز – انهدم الصوم. (2) س – كفارة الطعام. (3) في س – المتن ناقص، ط، ع، ز – فالذي جاء عن علي ص هو ما يؤمر به المستطيع لذلك، والمد الذي ذكر جعفر بن محمد ص أنه يجزئ يدخل مدخل التوسعة والرخصة إلخ. (4) 24 / 6.

[ 281 ]

إلى قوله (1): وان الله تواب حكيم. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال في قول الله (ع ج): والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين الاية، قال: ومن قذف امرأته فلا لعان بينه وبينها حتى يدعى الرؤية فيقول: رأيت رجلا بين رجليها يزني بها. (1059) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: اللعان أن يقول الرجل لامرأته عند الوالي: إني رأيت رجلا مكان مجلسي منها، أو ينتفي من ولدها فيقول: ليس هذا مني، فإذا فعل ذلك تلاعنا عند الوالي، يعني إذا ثبت على ذلك القول ولم يرجع عنه، ولم يكن قبل ذلك أقر بالولد. فأما إن أقر به ثم نفاه، لم يجز نفيه إياه، ولم يلاعن عليه. (1060) وعنه (ع) أنه قال: إذا قذف الرجل امرأته، فإن هو رجع جلد الحد ثمانين، وردت عليه امرأته. وإن أقام على القذف لاعنها، والملاعنة أن يشهد بين يدي الامام أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ويقول: أشهد بالله أني رأيت رجلا مكان مجلسي منها، أو يقول: أشهد بالله أن هذا الولد ليس مني، يقول ذلك أربع مرات، ويقول في كل مرة: وإني في كل ما قلته لمن الصادقين، والخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. يقول: إن كنت من الكاذبين في قولي هذا، فعلي لعنة الله. ثم تشهد هي كذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما قذفها به، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ويؤمن الامام بعد فراغ كل واحد منهما من القول. قال: والسنة أن يجلس الامام للمتلاعنين ويقيمهما بين يديه كل واحد منهما مستقبل القبلة.


(1) 24 / 10.

[ 282 ]

(1061) وعن علي وعن جعفر (1) أنهما قالا: إذا تلاعن المتلا عنان عند الامام، فرق بينهما ولم يجتمعا بنكاح أبدا. ولا يحل لهما الاجتماع وينسب الولد الذي تلاعنا عليه إلى أمه وأخواله. ويكون أمره وشأنه إليهم. ومن قذفه وجب عليه الحد. وينقطع نسبه من الرجل الذي لاعن أمه، فلا يكون بينهما ميراث بحال من الاحوال، وترثه أمه ومن تسبب إليه بها. (1062) وعن علي (ع) أنه قال في المتلاعنين: إن لم يلاعن الرجل بعد أن رمى المرأة عند الوالي، جلد الحد. وإن لاعن ولم تلاعن المرأة رجمت. وإن تلاعنا وكان قد نفى الولد أو الحمل، إن كانت حاملا أن يكون منه، ثم ادعاه بعد اللعان، فإن الابن (2) يرثه ولا يرث هو الابن بدعواه بعد أن لاعن عليه ونفاه، وإن كان ذلك قبل اللعان ضرب الحد ولحق (3) به الولد، وكانت امرأته بحالها. (1063) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الملاعنة (4) التي يقذفها زوجها وينتفى من ولدها ويلاعنها ويفارقها، ثم يقول بعد ذلك: الولد ولدي ويكذب نفسه، قال: أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا. فأما الولد فإنه يرد عليه إذا ادعاه ولا يدع ولده (5) وليس له ميراث. ويرث الابن الاب، ولا يرث الاب الابن، ويكون ميراثه لامه وأخواله أو لمن تسبب بأسبابهم. وإن أكذب نفسه قبل أن يلاعن جلد الحد، وكانت امرأته


(1) س، ز، ط، ع. د، ى، – وعن علي وابي جعفر ع. (2) ز – الولد. (3) ى – الحق. (4) ط – المتلاعنة. (5) س – ولا أدع ولده، ى – ولا يدع ولده، ط – ولا يدع الولد، ز – ولا ادعى ولده، د – ولا يدعيه ولده (صح؟)، ع حذ.

[ 283 ]

والولد ولده، فإن قذفها وهي حامل لم تلاعنه حتى تضع. فإن وضعت وادعى الولد وكان قد نفاه، فالولد ولده، والمرأة امرأته بحالها، وضرب حد القذف. (1064) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يلاعن المسلم امرأته الذمية إذا قذفها، وهذا على ظاهر كتاب الله، لانه يقول (1): والذين يرمون أزواجهم، وهذه زوجة. (1065) وعنه (ع) أنه قال: اللعان بين كل زوجين من حر أو مملوك، ويلاعن الحر المملوكة أو المملوك الحرة، والعبد الامة. وعن علي (ع) مثل ذلك. وعنه (ع) أنه قال: لا لعان بين صبيين حتى يدركا (2)، وإن أدركا لم يتلاعنا فيما رمى به امرأته وهما صغيران. وعنه (ع) أنه قال: لا يقع اللعان بين الزوجين حتى يدخل الرجل بامرأته. (1066) وعنه (ع) أنه قال: الخرساء والاخرس ليس بينهما لعان، لان اللعان لا يكون إلا باللسان. وقال جعفر بن محمد (ع): إذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء، فرق بينهما. (1067) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا افترى الرجل على امرأته فقال: يا زانية، فليس بينهما لعان حتى يدعى الرؤية أو ينتفى من الحمل أو الولد. فإن قال: لم أجدك عذراء، فليس فيه لعان. وإن قذفها قبل أن يدخل بها، لم يلاعنها، ويضرب الحد. (1068) وعنه (ع) أنه قال: إذا نكل الرجل في الخامسة، فهي امرأته ويجلد الحد، وكذلك المرأة، إذا نكلت في الخامسة رجمت. وعنه


(1) 24 / 6، انظر 1058. (2) حش ى – أدرك الغلام والجارية إذا بلغا، والادراك بلوغ الشئ وغايته.

[ 284 ]

(ع) أنه قال: إذا قذف الرجل امرأته ثم طلقها، فإن هو أقر بالكذب جلد الحد، وإن تمادى وكانت في عدتها لاعنها. وإن ماتت فقام رجل من أهلها مقامها فلاعنه، فلا ميراث له. وإن لم يقم أحد من أوليائها يلاعنه، ورثها. (1069) وعنه (ع) أنه قال: إذا قذف الرجل امرأته فلم يكن بينهما لعان حتى مات أحدهما، قال: يرثه الاخر ميراثه منه حتى يلاعنا، فإذا تلاعنا فرق بينهما. ولم يرث أحدهما صاحبه. (1070) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها فادعت أنها حاملة منه، قال: إن أقامت البينة، أنه أرخى عليها سترا ثم أنكر الولد لاعنها وبانت منه، وعليه المهر كاملا، وكذلك اللعان كله لا يسقط عن الزوج شيئا من المهر، إذا تم وافترقا. أو لم يتم، وبقيا على حالهما. فصل (6) ذكر العدة (1071) قال الله (ع ج) (1): والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، الاية. وقال (ع ج) (2): والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وقال الله (ع ج) (3): إذا نكحتم المؤمنات


(1) 2 / 234. (2) 2 / 228. (3) 33 / 49.

[ 285 ]

ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها، الاية. وقال لا شريك له (1): وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن. وقال تبارك وتعالى (2): وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، يعني في العدة. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (ص) أن بعض أزواج رسول الله سألته (3): إن فلانة مات عنها زوجها، أفتخرج في حق ينوبها؟ فقال رسول الله (ص): أف لكن قد كنتن من قبل أن أبعث فيكن، وإن المرأة منكن إذا توفى عنها زوجها أخذت بعرة (4) فرمت بها خلف ظهرها، ثم قالت: لا أكتحل ولا أمتشط ولا أختضب حولا كاملا. وإنما أمرتكن بأربعة أشهر وعشر، ثم لا تصبرن! لا تمتشط ولا تخضب ولا تكتحل ولا تخرج من بيتها نهارا ولا تبت عن بيتها، فقالت: يا رسول الله فكيف تصنع إن عرض لها حق؟ قال: تخرج بعد زوال الليل وترجع عند المساء فتكون (5) لم تبت عن بيتها، قالت: أفتحج؟ قال: نعم. (1072) وعن علي (ع) أنه سئل عن المتوفى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها، هل عليها عدة؟ قال: نعم، عليها العدة ولها الميراث كاملا وتعتد أربعة أشهر وعشرا، عدة المتوفى عنها زوجها المدخول بها، صغيرة كانت لم تبلغ أو كبيرة قد بلغت كانت تحيض أو لا تحيض.


(1) 65 / 4. (2) 65 / 1. (3) س. د، ع، ط، ز، ى – سألته فقالت: يا رسول الله إن فلانة إلخ. (4) س، ز، ع، ط،. د، ى – أبعرة. (5) ى – كأن: لم تبت إلخ.

[ 286 ]

(1073) وعن علي (ص) وعن أبي جعفر وابي عبد الله (ع) أنهم قالوا: المتوفى عنها زوجها تعتد حيث شاءت في بيت زوجها أو في غيره، وتلزم الموضع الذي تعتد فيه على ما ينبغي. وقد ذكرنا فيما تقدم. (1074) وعن علي (ع) وجعفر بن محمد (ع) أنهما قالا: عدة المطلقة التي تحيض ويستبين حيضها ثلاثة قروء، وقد تقدم ذكر هذا من كتاب الله عزوجل. (1075) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: المطلقة لا تعتد إلا في بيت زوجها، ولا تخرج منه حتى يخلوا أجلها. (1076) وعنهم (ع) أنهم قالوا في الحامل المتوفى عنها زوجها: تعتد أبعد الاجلين، وإن وضعت قبل أربعة أشهر وعشر، تربصت حتى تنقضي أربعة أشهر وعشر، فإن مضت لها أربعة أشهر وعشر قبل أن تضع، تربصت حتى تضع. فأما المطلقة الحامل فأجلها كما قال الله عزوجل أن تضع حملها، وكل شئ وضعته مما يستبين أنه حمل تم أو لم يتم فقد انقضت به عدتها، وإن طلقها وهي حامل طلاقا يملك فيه رجعتها، ثم مات قبل أن تضع، استقبلت عدة المتوفى عنها زوجها ما لم تنقض عنها عدتها. وإن كان طلاقا لا يملك فيه رجعتها وطلقها وهو صحيح ثم مات ثم وضعت ما في بطنها، فقد انقضت عدتها. ولو كان ذلك وزوجها لم يدفن بعد أو بعد أن مات بقدر ما. (1077) وعن علي (ع) أنه قال في المرأة تكون في بطنها ولدان: لا تنقضي عدتها إلا بالولد الاخر منهما. (1078) وعنه (ع) أنه قال في المرأة يطلقها الرجل تطليقة أو


[ 287 ]

تطليقتين، ثم يموت عنها زوجها، قال: تعتد عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، وترثه. (1079) وعنه (ع) وعن أبي عبد الله وأبي جعفر (ع) أنهم قالوا: عدة المغيبة تأتيها وفاة زوجها من يوم يأتيها خبره. (1080) وقال جعفر بن محمد (ع): والمطلقة يطلقها زوجها وهو غائب، إن علمت اليوم الذي طلقها فيه اعتدت منه، وإن لم تعلم اعتدت من يوم يبلغها الخبر. لان المتوفى عنها زوجها عليها إحداد، فلا تعتد من يوم مات زوجها وإنما تعتد من اليوم الذي يبلغها خبره. لانها تستقبل الاحداد. والمطلقة لا إحداد عليها. فإن علمت باليوم الذي طلقها فيه اعتدت منه. وإن لم تعلم اعتدت من اليوم الذي يبلغها فيه الخبر. فإن طلقها قبل أن يدخل بها فقد بانت منه، وتتزوج إن شاءت من ساعتها. قال الله (ع ج) (1): ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها. (1081) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: عدة التي قد يئست من المحيض والتي لم تحض في الطلاق، ثلاثة أشهر. (1082) وعنه (ع) أنه قال في المستحاضة المطلقة: تعتد بأيام حيضها، فإن اشتبه عليها فبالشهور. وقد قدمنا في كتاب الطهارة ذكر المستحاضة وانفصال دم الحيض من دم الاستحاضة. فإن عرفت ذلك المرأة المطلقة اعتدت به، وإن اشتبه عليها اعتدت بالشهور، هذا معنى ما في هذه الرواية.


(1) 33 / 49.

[ 288 ]

(1083) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (1): واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، قال: الريبة ما زاد على شهر، فإن مضى لها شهر ولم تحض وكانت في حال من يئست من المحيض، اعتدت بالشهور. فإن عاد عليها الحيض قبل أن تنقضي عدتها كان عليها أن تعتد بالاقراء وتستأنف العدة. وإن حاضت حيضة أو حيضتين ثم صارت من المؤيسات استأنفت العدة بالشهور. وإن طلق رجل امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم مات، استقبلت العدة من يوم موته واعتدت عدة المتوفى عنها زوجها. لانها قد دخلت في حكم ثان قبل أن تخرج من الحكم الذي كانت فيه. (1084) وعن علي (ع) أنه قال: من طلق امرأته ثم راجعها ثم طلقها قبل أن يمسها، لم يقع عليها الطلاق الاخر. (1085) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: تعتد المطلقة من اليوم الذي تطلق فيه، وذلك أن الطلاق إنما يكون في قبل العدة. (1086) وعنه (ع) أنه قال: الخلع تطليقة بائنة. وتعتد المختلعة في بيتها كما تعتد المطلقة. إلا أنه لا رجعة له عليها إلا برضاها، فإن اتفقا على الرجعة، عقدا نكاحا مستقبلا. (1087) وعن علي (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: أم الولد إذا مات عنها سيدها، تعتد عدة المتوفى عنها زوجها. وإن أعتقها اعتدت عدة المطلقة. (1088) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: تعتد الحرة من زوجها العبد في الطلاق والوفاة كما تعتد من الحر، وكذلك


(1) 65 / 4.

[ 289 ]

يطلقها ثلاثا كما يطلق الحر، وتعتد الامة من زوجها الحر والعبد في الطلاق والوفاة عدة الامة، وهي نصف عدة الحرة. في الوفاة شهران وخمسة أيام، وفي الطلاق وإن كانت تحيض، حيضتان. لان الحيض لا يتجزأ، وإن كانت ممن لا تحيض فأجلها شهر ونصف. قال جعفر بن محمد (ع): فإن عتقت من قبل أن تنقضي عدتها أكملت العدة. فصل (7) ذكر النفقات لذوات العدد وأولادهن قال الله عزوجل في المطلقات (1): اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيفوا عليهن، وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن. (1089) وروينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال: الحبلى أجلها (2) أن تضع حملها، وعليه نفقتها بالمعروف حتى تضع حملها، وهو قول الله (ع ج) (3): وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن. قال جعفر بن محمد (ع): إذا طلق الرجل امرأته وهي حبلى، أنفق عليها حتى تضع. يعني إذا كانا حرين وكان يملك الرجعة أو لا يملك. وهذا ما لا نعلم فيه اختلافا. قال علي (ع): للمطلقة نفقتها بالمعروف من سعة زوجها في عدتها. فإذا حل أجلها فمتاع بالمعروف


(1) 65 / 6. (2) حش ى – للحبلى المطلقة السكنى والنفقة، ولا نفقة لها ولا سكنى في الوفاة، من مختصر الاثار وذكر ذلك في الاقتصار. (3) 65 / 4.

[ 290 ]

حقا على المتقين (1)، فالمطلقة لها السكنى والنفقة ما دامت في عدتها، كانت حاملا أو غير حامل ما دامت للزوج عليها رجعة. (1090) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: المطلقة البائن ليس لها نفقة ولا سكنى. (109 1) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (2): وعلى الوارث مثل ذلك، الاية، قال: نهى الله عزوجل أن يضار بالصبي أو يضار بأمه في رضاعه. وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، فإن أرادا فصالا عن تراض منهما كما قال الله عزوجل، كان ذلك إليهما. والفصال الفطام. ولا ينبغي للوارث أن يضار المرأة. فيقول: لا أدع ولدها يأتيها، قال أبو جعفر في قول الله (ع ج) (3): (وعلى الوارث مثل ذلك) قال: هو في النفقة. (1092) وعنه (ع): ولا تجبر المرأة على رضاع ولدها ولا ينزع منها إلا برضاها وهي أحق به ترضعه بما تقبله به امرأة أخرى، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين. (1093) وعن علي وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا: إذا طلق الرجل امرأته فادعت أنها حبلى، انتظرت تسعة أشهر. فإن ولدت وإلا فاعتدت ثلاثة أشهر. ثم قد بانت منه. فهذا إذا لم يكن يتبين حملها. فأما إن تعين أنها حامل أنفق عليها حتى تضع حملها كما قال الله (تع) (4): وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن.


(1) انظر 2 / 241. (2) 2 / 233. (3) أيضا. (4) 65 / 6.

[ 291 ]

فصل (8) ذكر الاحداد (1094) قال الله (ع ج) (1): والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، ففرض الله جل ذكره العدة أربعة أشهر وعشرا، في كتابه، على المتوفى عنها زوجها، وقد فرض عليها الاحداد على لسان نبيه (صلع). وروينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال: نهى رسول الله (صلع) الحاد أن تمتشط أو تكتحل أو تختضب أو تتزين حتى تنقضي عدتها. ونهى أن تخرج من بيتها نهارا ولا تبيت عن بيتها، فإن عرض لها حق خرجت بعد زوال الليل ورجعت عند المساء، ولا تبيت عن بيتها حتى تنقضي عدتها. (1095) وعن علي (ع) أنه قال: الحاد لا تطيب ولا تلبس ثوبا مصبوغا (2) ولا تبيت في غير بيتها. (1096) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا تلبس الحاد ثيابا مصبغة ولا تكتحل ولا تطيب ولا تزين حتى تنقضي عدتها، ولا بأس أن تلبس ثوبا مصبوغا بسواد. (1097) وعن الحسين بن علي (ع) أنه قال: قالت أسماء بنت عميس (3): لما جاء نعى جعفر بن أبي طالب (ع) نظر رسول الله


(1) 2 / 234. (2) ى – مصبغة. (3) ى، د – عميش.

[ 292 ]

(صلع) إلى ما بعيني من أثر البكاء، فخاف على بصري أن يذهب، ونظر إلى ذراعي قد تشققتا فعزاني عن جعفر، وقال: عزمت عليك يا أسماء إلا اكتحلت (1) وصفرت ذراعيك. (1098) وعن علي (ع) أنه قال في المتوفى عنها زوجها: لا تلبس ثوبا مصبوغا ولا تمس شيئا من الطيب ولا تمشط. وإن احتاجت إلى أن تمتشط فلتمتشط ولكن لا تمتشط بطيب ولا تكتحل إلا أن يصيبها مرض في عينها فتكتحل. يعني (ع) بالكحل، ها هنا، كحل العلاج من العلة، لا كحل الزينة. كما أنها نهيت عن الثياب المصبغة، رخص لها منها في الاسود، لانه ليس بزينة. (1099) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: والاحداد إنما يكون على المتوفى عنها زوجها، ولا يحل للمرأة أن تحد على غير زوج فوق ثلاثة أيام، ولا إحداد في طلاق، والمطلقة تكتحل وتطيب وتختضب وتلبس ما شاءت، وتتعرض لزوجها ما كانت له عليها رجعة. وليس عليها إحداد وإنما الاحداد على المتوفى عنها زوجها. فصل (9) ذكر المتعة (1100) قال الله عز وجل (2): لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر


(1) س – لما ى، د، ز، ط، ع – إلا. (2) 2 / 236.

[ 293 ]

قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين. وقال أيضا (ع ج) (1): وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين. روينا عن جعفر بن محمد (ص ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه كان يقضي للمطلقة بالمتعة، ويقول: بيان ذلك في كتاب الله ثم (2) على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. (1101) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: متعة النساء واجبة، دخل بها أو لم يدخل. (1102) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: متعة النساء فريضة. وليس في المتعة شئ موقت كما قال الله عز وجل (2): على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. (1103) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: كان الموسع يمتع (3) بالعبد والامة. والمعسر يمتع بالثوب والحنطة والزبيب والدراهم، وأدنى ما يمتع الرجل المرأة بالخمار وما أشبهه، وكان علي بن الحسين (ع) يمتع بالراحلة. (1104) وعن الحسين بن علي (ص) أنه متع المرأة طلقها بعشرين ألف درهم وزقاق من عسل. فقالت له المرأة: متاع قليل من حبيب مفارق (4). (1105) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته متعها قبل أن يطلقها إن شاء. قال جعفر بن محمد (ع): يمتعها بعد الطلاق وبعد أن تنقضي (5) العدة، وهذا أشبه بسخاء النفس بالمتعة، فإن متعها قبل الطلاق كما جاء عن أبي جعفر (ع) وقد نوى الطلاق وأطلعها


(1) 2 / 241. (2) 2 / 236. (3) س، ز، ع. يمتع. ط (يمتع، د، ى يتمتع). (4) زيد في ى، – وزاد يسير من خليل موافق. (5) ز – وقبل أن تنقضي العدة.

[ 294 ]

عليه في قبل عدتها حين يحضر الشهود لطلاقها، أجزى ذلك من المتعة. (1106) وعن علي وجعفر بن محمد (ع) أنهما قالا: لكل مطلقة متعة إلا المختلعة، فإنه ليس لها متعة (1). فصل (10) ذكر الرجعة (1107) قال الله (ع ج) (2): يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن إلى قوله: فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف. وقال الله (ع ج) (3): والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء إلى قوله: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا. وقد ذكرنا فيما تقدم أن المطلق للسنة أو للعدة يملك الرجعة ما لم تنقض العدة، فإن انقضت العدة وكان قد طلقها ثلاثا بانت منه، ولم تحل له إلا بعد زوج وإن كان إنما طلقها واحدة للسنة، ثم تركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها، فقد بانت منه. وهو خاطب من الخطاب. يتزوجها إن شاء وشاءت بنكاح مستقبل، وتكون عنده على ما بقي من طلاقها. (1108) وعن علي وجعفر بن محمد (ع) أنهما قالا في قول الله تع (4): ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، قالا:


(1) حش ى – وإذا طلقت المرأة للسنة أو للعدة فلها المتعة وليس لبائن متعة ولا متعة في نكاح فاسد، من مختصر المصنف. (2) 65 / 1 – 2. (3) 2 / 228. (4) 2 / 231.

[ 295 ]

هو الرجل يريد أن يطلق امرأته فيطلقها واحدة (1) ثم يدعها حتى إذا كاد أن يخلو أجلها راجعها، وليس له بها حاجة. ثم يطلقها كذلك ويراجعها حتى إذا كاد أجلها أن يخلو، ولا حاجة له بها إلا ليطول العدة عليها ويضر في ذلك بها. فنهى الله عز وجل عن (1109) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ينبغي للرجل إذا طلق امرأته فأراد أن يراجعها أن يشهد على الرجعة كما أشهد على الطلاق، فإن أغفل ذلك وجهله وراجعها ولم يشهد فلا إثم عليه. وإنما جعل الشهود في الرجعة لمكان الانكار والسلطان والمواريث أن يقال: قد طلقها ولم يراجعها. وإن راجعها ولم يشهد فليشهد إذا ذكر ذلك أو علمه، وإذا أشهد على رجعتها قبل أن تنقضي عدتها فهي امرأته علمت ذلك أو لم تعلم، وإذا وطئها قبل انقضاء عدتها فقد راجعها. وإن لم يلفظ بالرجعة ولم يشهد عليها، فليشهد إذا ذكر وعلم. (1110) وعن علي (صلع) أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته ثم راجعها فهو أحق بها. أعلمها بذلك أو لم يعلمها، فإن أظهر الطلاق وأسر الرجعة وغاب، فلما رجع وجدها قد تزوجت فلا سبيل له عليها. من أجل أنه أظهر طلاقها وأسر رجعتها، يعني إذا لم يشهد على ذلك ولم يطلع عليه المرأة. فأما إن أشهد أو أطلعها على الرجعة، فهي امرأته ولا تحل لغيره، إلا بعد أن يطلقها وتنقضي عدتها منه أو يموت وتنقضي عدتها. (1111) وعن علي (ع) أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته، لم يستأذن عليها ما كانت له عليها رجعة. وإن طلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة، لم يلج عليها في عدتها ولا بعد أن تنقضي عدتها، إلا بإذن. قال أبو جعفر (ع):


(1) ز، ى، ع، ط، د. س حذ (واحدة).

[ 296 ]

وتتشرف المطلقة لزوجها وتتعرض له ما كانت له عليها رجعة. (1112) وعن علي وأبي عبد الله وأبي جعفر عليهم السلام أنهم قالوا: القرء الطهر ما بين الحيضتين، فإذا رأت المطلقة الدم من الحيضة الثالثة، فقد بانت منه ولا رجعة للمطلق عليها. (1113) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: أقل الحيض ثلاثة أيام (1) وأقل الطهر عشر ليال، والعدة والحيض إلى النساء. إذا قلن صدقن، إذا أتين بما يشبه وهذا أقل ما يشبه. فلو أن امرأة طلقها زوجها، فادعت أنها حاضت وكان قد مضى لها عشر ليال من حين طهرت. صدقت. ثم إن ادعت أنها طهرت بعد ثلاث ليال صدقت أيضا، ثم (2) إن ادعت أنها حاضت بعد عشر ليال صدقت هكذا حتى تنقضي عدتها وإن اتهمت استحلفت إلا أن تأتي بالبينة من النساء العدول على ما ذكرت، وإن تزوجت ثم اتهمت لم تستحلف وكان القول قولها لانها لو نكلت عن اليمين، أو أكذبت نفسها بعد أن أقرت بانقضاء العدة، لم تصدق، لانه قد ملك الزوج الثاني عصمتها. فليس تخرج عن عصمته بدعواها. فصل (11) ذكر إحلال المطلقة ثلاثا (3) (1114) قال الله عز وجل (4): (فإن طلقها) يعني الثالثة (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره). روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال: من طلق امرأته ثلاثا يعني على ما ينبغي


(1) ى – ليال. (2) ز – ثم إن ادعت. (3) س – ذكر – كيف تحل المطلقة ثلاثا. (4) 2 / 230.

[ 297 ]

من الطلاق، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فقيل له: هل يحلها النكاح دون المسيس؟ فأخرج ذراعا أشعر ثم قال: لا حتى يهز (1) ها (2) به (3). (1115) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (صلع) أنهما قالا: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا للعدة، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويدخل بها ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته. (1116) وعن علي (ع) أنه قضى في رجل طلق امرأته فندم وندمت. فأصلحا أمرهما بينهما على أن تتزوج رجلا يحلها له. قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح غبطة من غير مواطأة ويجامعها. ثم إن طلقها أو مات عنها واعتدت، تزوجت الاول إن شاء وشاءت. (1117) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فتتزوج عبدا ثم يطلقها، هل تحل للاول؟ قال: نعم، يقول الله عزوجل: حتى تنكح زوجا غيره، والعبد زوج. (1118) وعنه (ع) أنه قال: من طلق امرأته ثلاثا، فتزوجت مجبوبا، يعني مصطلم الاحليل، أو غلاما لم يحتلم، لم يجز للاول إن مات عنها أو طلقها الثاني، أن ينكحها حتى تتزوج من يحلها له على ما ينبغي. (1119) وعنه (ع) أنه قال: من طلق امرأته فتزوجت تزويج متعة لم يحلها ذلك له. (1120) وعنه (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل الامة ثم طلقها،


(1) حش ى – فاعل رجل. (2) أيضا – ضمير المرأة. (3) أيضا – ضمير جماع.

[ 298 ]

فرجعت إلى سيدها فوطئها، ثم أراد الرجل أن يراجعها، لم يجز له حتى تنكح زوجا غيره. (1121) وعنه (ع) أنه قال: الملاعنة إذا لاعنها زوجها لم تحل له أبدا وإن تزوجت غيره، وكذلك الذى يتزوج امرأة في عدتها، وهو يعلم أنها حرام يفرق بينهما، ولا تحل له أبدا. والذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له المرأة فيه إلا بعد زوج، ثم يراجعها ثلاث مرات وتتزوج غيره ثلاث مرات، لا تحل له بعد ذلك. والمحرم إذا تزوج في إحرامه، وهو يعلم أن التزويج عليه حرام، يفرق بينه وبين التي تزوج، ثم لا تحل له أبدا. (1122) وعن علي (ع) أنه سئل عن رجل تزوج أمة فطلقها طلاقا لا تحل له إلا بعد زوج، ثم اشتراها، هل يحل له أن يطأها بملك اليمين؟ قال (ع): أحلتها آية وحرمتها آية أخرى، فأما التي حرمتها فقوله (تع) (1): فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، وأما التي أحلتها فقوله (2): أو ما ملكت أيمانكم، وأنا أكره ذلك وأنهي عنه نفسي وولدي. (1123) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل تزوج أمة فطلقها طلاقا لا تحل له إلا بعد زوج، ثم اشتراها، هل يحل له أن يطأها بملك اليمين؟ قال (3): أليس قد قضى علي (ع) فيها فقال: أحلتها آية وحرمتها آية، وأنا أنهي عنه نفسي وولدي، فقد بين أنه إذا نهى عنها نفسه وولده، أنها لا تحل لمن اشتراها أن يطأها حتى تنكح زوجا غيره،


(1) 2 / 230. (2) 3 / 4 وغيرها من الايات الكريمة. (3) س، د،. ط، ز، ع، ى – (نسخة) أنه سئل عن الامة تكون تحت الحر فيطلقها ثم يشتريها، أيصلح له أن يطأها، فقال: أليس قد قضى إلخ.

[ 299 ]

وتدخل في مثل ما خرجت منه، وله أن يستخدمها، فإن كان قد طلقها طلاقا، له بعد ذلك أن يراجعها من غير أن تنكح زوجا غيره فله أن يطأها. (112 4) وعن علي وأبي عبد الله وأبي جعفر عليهم السلام أنهم قالوا: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين، ثم تركها حتى انقضت عدتها فتزوجت زوجا غيره فمات عنها أو طلقها واعتدت وتزوجها الزوج الاول، فهي عنده على ما بقى من الطلاق ولا يهدم ذلك ما مضى من طلاقه. فصل (12) ذكر طلاق المماليك (112 5) قال الله عز وجل (1): ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ، الاية. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: إذا زوج الرجل عبده أمته، فله أن يفرق بينهما إذا شاء، وتلا قول الله عز وجل: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) الاية، وقال: لا نكاح له ولا طلاق إلا بإذن مولاه. (1126) وعن جعفر بن محمد (ص) مثل ذلك سواء قيل لابي عبد الله (ع): فرجل زوج عبده جارية قوم آخرين أو حرة، أله أن يفرق بينما بغير طلاق؟ قال: نعم، ليس للمملوك أمر مع مولاه، يقول الله عز وجل: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ). (1127) وعنهما (ع) أنهما قالا: المملوك لا يجوز طلاقه، ولا نكاحه إلا بإذن سيده. وإن زوجه السيد جاز، وقال (تع): (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) قال: والطلاق والنكاح شئ.


(1) 16 / 75.

[ 300 ]

(1128) وعن علي وابي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: الطلاق والعدة بالنساء، فإذا كانت الحرة تحت حر أو عبد، فطلاقها ثلاث تطليقات، وإن كانت أمة تحت حر أو عبد، فطلاقها تطليقتان تبين بالثانية، كما تبين الحرة بالثالثة.


[ 301 ]

(12) كتاب العتق (1) فصل (1) ذكر الرغائب في العتق (1129) قال الله (ع ج) (2): فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك الرقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة، أو مسكينا ذا متربة. وروينا عن علي (ص) أنه قال: قال رسول الله (صلع): من أعتق رقبة مؤمنة أو مسلمة، وقى الله، بكل عضو منها، عضوا منه من النار، وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) مثل ذلك. (1130) وعن علي بن الحسين (ع) أنه قال: ما من مؤمن يعتق رقبة (3) مؤمنة، إلا أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار، حتى الفرج بالفرج. (1131) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: أربع من أراد الله بواحدة منهن وجبت له الجنة: من سقا هامة صادية، أو أطعم كبدا جائعا، أو كسى جلدا عاريا، أو أعتق رقبة مؤمنة (4). (1132) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يعتق المملوك، قال يعتق الله


(1) س – كتاب العتاق. (2) 90 / 11 – 16. (3) س، ى، د،. ط، ع، ز – نسمة. (4) حش ى – قال في مختصر الاثار: وأفضل الرقاب المؤمن المذكر القائم بنفسه ثم المؤمنة القائمة بنفسها ثم المسلم كذلك ثم المسلمة وأفضلها أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، ثم الصغير ما استطاع أن يغنى عن نفسه إلى المولود وأفضل ذلك الاكبر.

[ 302 ]

بكل عضو منه عضوا من النار، واستحب العتق عشية عرفة، أظنه لما فيه من الفضل، وقد ذكرناه في الحج. (1133) وعن علي (ع) أنه كان يعمل بيده ويجاهد في سبيل الله، فيأخذ فيئه (1). ولقد كان يرى ومعه القطار من الابل عليها النوى، فيقال له: ما هذا يا أبا الحسن؟ فيقول نخل إن شاء الله فيغرسه فما يغادر منه واحدة، وأقام على الجهاد أيام حياة رسول الله (صلع)، ومذ قام بأمر الناس إلى أن قبضه الله، وكان يعمل في ضياعه ما بين ذلك فأعتق ألف مملوك كلهم من كسب يده عليه السلام. (1134) وعن رسول الله (صلع) أنه ذكر العتق فقال: إن العتق لشئ عجيب، فقال له أبو ذر: فأي الرقاب أفضل، يا رسول الله؟ قال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، قال فمن لم يكن له مال يا رسول الله؟ قال: عفو (2) طعامه، قال: فمن لم يكن له عفو طعامه؟ قال: فضل رأي يرشد به صاحبه، قال: فمن لم يكن له فضل رأي؟ قال: قوة تعود بها على ضعيفك، قال: فإن لم يستطع؟ قال: تصنع لاخرتك وتعين مظلوما. قال: يا رسول الله، فإن لم أفعل؟ قال: فتنحى عن طريق الناس ما يؤذيهم، قال: فإن لم أفعل؟ قال: فكف أذاك عن الناس، فإنها صدقة تتصدق بها على (3) نفسك. (1135) وعن جعفر بن محمد (ص) أن رجلا سأله عن أي الرقاب يعتق؟ قال أعتق من قد أغنى عن نفسه (4). (1136) وعن أبي جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد (ص) أنهما


(1) س – فيأخذ فيه. (2) حش ى – عفو المال ما فضل عن النفقة، حش س – يعني القليل. (3) ى – عن. (4) حش ى – أغنيت عند مغنى فلان أي أجزأت مجزأه، من الصحاح.

[ 303 ]

سئلا عن عتق الاطفال فقالا: أعتق علي ولدا كثيرا (1)، قال جعفر بن محمد (ص) وهم عندنا مكتوبون مسمون. (113 7) وعن علي (ع) أنه أعتق عبدا له نصرانيا، فأسلم حين أعتقه، فعتق النصراني جائز. وعتق المؤمن أفضل. (1138) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه أعتق عبدا له وكتب وثيقة (2): هذا ما أعتق جعفر بن محمد. أعتق فلانا وهو مملوكه حين أعتقه لوجه الله، لا يريد منه جزاء ولا شكورا، على أن يوالي أولياء الله ويتبرأ (3) من أعداء الله ويسبغ الطهارة ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت ويصوم شهر رمضان، ويجاهد في سبيل الله، شهد فلان وفلان وفلان، ثلاثة نفر. فصل (2) ذكر عتق البنات وما يجوز منه وما لا يجوز (4) (1139) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) نهى عن العتق لغير الله. (1140) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا عتق إلا ما أريد به وجه الله. ومن قال: كل مملوك أملكه فهو حر، أو حلف بذلك، أو أكره عليه، ولم يرد به وجه الله ولم يقل ذلك، لم يكن عتقه بعتق.


(1) ى، س خه، ز، ع، ط – ولدانا. س – ولدا (صح). (2) س – في المتن (رقعة) وصحح في الهامش. (3) س – يبرأ. ى، د، ز، ط، ع، يتبرأ. (4) س – ذكر ما يجوز العتق وما لا يجوز.

[ 304 ]

(1141) وعنه (ع) أنه قال: من وجب عليه عتق رقبة لم يجزه أن يعتق أعمى ولا مقعدا ولا من لا يغني شيئا إلا أن يكون قد وقت ذلك. (1142) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لاعتق إلا بعد ملك. وعن علي (ع) مثل ذلك. (1143) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الرجل يقول: إن اشتريت غلاما فهو حر لوجه الله، وإن اشتريت هذا الثوب فهو صدقة لوجه الله، وإن تزوجت فلانة فهي طالق، قال: ليس ذلك كله بشئ، إنما يطلق ويعتق ويتصدق بما يملك. (1144) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: من أعتق بعض مملوكه، وهو له كله، فهو حر كله، ليس لله شريك. (1145) وعنه (ع) أنه سئل عمن أعتق ثلث عبده، عند الموت، يعني وليس له مال غيره، قال: يعتق ثلثه، ويكون الثلثان للورثة. (1146) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا: من أعتق شركا له في عبد له فيه شركاء (1) اعتق منه حصته ويبقى القوم الباقون على حصصهم، ويلزم المعتق إن كان موسرا عتق ما بقي منه، وأن يؤدي إلى أصحابه الذين لم يعتقوا قيمة حصصهم يوم أعتقه، وإن كان معسرا فهم على حصصهم، فمتى أدى إليهم العبد أو المعتق ذلك عتق العبد وإلا خدمهم بالحصص أو استسعوه إن اتفق معهم على السعاية، وإن أعتق أحدهم وكان المعتق الاول معسرا والثاني موسرا لزمه للباقين غير المعتق الاول ما كان لزمه الاول، فإن أيسر يوما ما رجع به عليه وكذلك الاول فالاول، هذا معنى قولهم الذي رويناه عنهم (ص) وإن اختلفت ألفاظهم فيه.


(1) ز – شريك.

[ 305 ]

(1147) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: من أعتق عبدا له عند الموت وعليه دين يحيط بثمن العبد، بيع العبد ولم يجز عتقه وإن لم يحط الدين به وعتق منه سهم من ستة أسهم، السدس فما فوقه جاز العتق إذا كان الذي يعتق منه يخرج بالقيمة من الثلث بعد الدين. (1148) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل أعتق عند موته عبدا له ليس له مال غيره وعليه دين، قال: وكم الدين؟ قيل: مثل قيمة العبد أو أكثر، قال: وإن كان مثل قيمته بيع العبد، وقضى الدين، وإن كان الدين أكثر تحاص الغرماء في ثمن العبد، قيل له: هذا يدخل فيه، قال للقائل: فأدخل أنت فيه ما شئت، قال: ما تقول في العبد إذا كانت قيمته ستمائة، والدين خمسمائة قال: يباع العبد ويعطى الغرماء خمسمائة ويعطى الورثة مائة، قيل: أليس قد فضل من قيمة العبد مائة وله ثلثها وقد عتق منه بقدر ذلك؟ فتبسم (ص) وقال: هذه وصية، ولا وصية لمملوك، قيل: فإن كانت قيمته ستمائة، والدين أربعمائة؟ قال كذلك: يباع العبد فيعطى الغرماء أربعمائة والورثة ما بقى، قيل: فإن كان الدين ثلاثمائة وقيمة العبد ستمائة؟ قال: ومن ها هنا أتيتم جعلتم الاشياء شيئا واحدا، ولم تعرفوا السنة. إذا اعتدل مال الورثة والغرماء، أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء، جازت الوصية ولم يتهم الرجل على وصيته، فالان يوقف هذا المملوك (1) على ثلاثمائة للغرماء، ومائتين للورثة وقد ملك سدسه ثم يخرج حرا، وهذا على ما ذكرته عنه (ع) في الرواية الاولى. والاخذ عنه وعن غيره من الائمة (ص) فرض لازم. وطاعتهم واجبة وليس على قولهم اعتراض، وقد ذكرنا (2) أن السنة ما قاله (ص) فهو كذلك على قوله (ص).


(1) ى – في. (2) ى، ع – وقد ذكر.

[ 306 ]

(1149) وعنه (ع) أنه قال في الرجل يعتق بعض عبيده عند الموت، وليس له مال غيرهم ولم يعلم من أعتق أولا منهم إذا لم يسمه، قال (ع): يقرع بينهم فيعتق الاول فالاول حتى يبلغ الثلث. قال أبو جعفر محمد ابن علي (ص): فإن سماهم فقال: أعتقوا عني فلانا وفلانا، نظر (1) في ثلثه وفي أثمانهم، ثم بدئ بعتق من سماه أولا فأولا، فإن خرج الثلث على الرؤوس عتقوا، وإن فضل منه ما لا يبلغ ثمن الذي يلي من خرج آخرا منهم، فإن كان الذي يخرج منه السدس فما فوقه، وقف فيما بقى عليه، وكان الباقون ميراثا، وإنما يبدئ بعتق من سماه في مال العتق (2) الاول فالاول، اللفظ لابي جعفر، وتوقيت ما يبقى فيمن عجز عنه الثلث على ما تقدم ذكره عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي (ص) (1150) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل اشترى عبدا أو أمة بنسيئة، ثم أعتق العبد أو أولد الامة وأعتقها، ثم قام عليه البائع في حال العتق بالثمن فلم يجد عنده شيئا، فقال: إن كان يوم أعتق أو أولد الجارية، وقبل ذلك حين اشتراهما أو أحدهما مليا (3) بالثمن، فالعتق جائز. وإن كان فقيرا، لا مال له فالعتق باطل، ويرجع البائع فيهما. (1151) وعن علي (ع) أنه أعتق أبا بيرز (4) وحبترا (5) ورياحا وزريقا (6) على أن يعملوا في ضيعة حبسها (7) أربع سنين ثم هم أحرار، فعملوا ثم عتقوا.


(1) س – نظروا. (2) ز، س – حذ، (في مال العتق). (3) س، ى حش – الملى بالشئ القادر. (4) س، ط. ى، د، ز، ع – أبا بيزر. (5) س، ز، ع. ى، د، ط – جبيل. (6) س – رزيقا. ى، د، ز، ط، ع – زريقا. (7) حش ى – أي وقف.

[ 307 ]

(1152) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: من اشترى عبدا أو أمة فأعتقه على أنه متى وجد ثمنه رده إليه، فذلك لازم له متى وجد الثمن الذي اشتراه به كان عليه أن يعطيه إياه. والمسلمون عند شروطهم. وإن أعتق عبده على أن يزوجه أمته فذلك يلزمه، وإن شرط عليه أنه إذا تزوج غيرها حرة أو مملوكة لغيره ليخرج ولده من ملكه، فعليه كذا وكذا من المال فالشرط له لازم. (1153) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في المملوك يدس مالا مع رجل فيشتريه به فيعتقه، ولم يعلم المولى بالمال ولا أذن له فيه، فالمولى بالخيار. إن شاء أعاده رقيقا واحتبس المال. أو رده إليه إن شاء. (1154) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في رجل أعتق عبدا وللعبد مال قد علمه مولاه وتركه له، فالمال للعبد المعتق، فإن كان المولى لم يعلم بالمال ثم أعتقه، ثم علم به بعد ذلك هو أو ورثته من بعده. فله ولهم أخذ المال. (1155) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: العبد لا يملك شيئا إلا ما ملك (1) مولاه ولا يجوز أن يعتق ولا أن يتصدق ولا يهب مما في يديه إلا أن يكون المولى أباح له ذلك أو أقطعه مالا من ماله أو أباح له ما فعله فيه، أو جعل عليه ضريبة (2) يؤديها إليه وأباح له ما أصاب بعد ذلك، هذا معنى ما رويناه عنهم صلوات الله عليهم أجمعين وإن اختلف لفظهم فيه (3).


(1) س. ى، ز، د، ط، ع – ملكه. (2) حش ى – الضريبة ما يضرب على الانسان من جزية وغيرها: يقال: كم ضريبة عندك أي غلة، من الضياء. (3) حذف في س.

[ 308 ]

(1156) وعنهم عليهم السلام أنهم قالوا: من ملك ذا رحم منه محرم عليه فهو حر حين يملكه ولا سبيل عليه (1). (1157) وعنهم صلوات الله عليهم أنهم قالوا: من نكح أمة وشرط له مواليها أن ولده منها أحرار، فالشرط جائز، وإن شرطوا له أن أول ولد تلده حر، وما سوى ذلك مملوك فالشرط كذلك جائز، وإن ولدت توأمين عتقا معا. (1158) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا شهد بعض الورثة ان الموروث أعتق عبدا من عبيده لم يضمن الشاهد وجازت شهادته في نصيبه. (1159) وعنه (ع) أنه قال: من كتب بعتق مملوكه ولم ينطق به، فليس بشئ حتى ينطق. (1160) وعنه (ع) أنه قال: من أعتق عبده على مال شرطه عليه، فذلك جائز. (1161) وعنه (ع) أنه قال: تعتق المرأة وتفعل في مالها ما شاءت دون زوجها وغيره، وليس لزوجها من مالها إلا ما طابت به نفسها. (1162) وعنه (ع) أنه قال: من أعتق حملا لمملوكة أو قال لها: ما ولدت أو أول ولد ولدته فهو حر، فذلك جائز، ولو ولدت توأمين عتقا جميعا. (1163) وعنه (ع) أنه قال: من أعتق أمته واستثنى ما في بطنها، فليس الاستثناء بشئ، وتعتق وما ولدت فهو حر.


(1) حش ى – قال في مختصر الاثار: وذو الرحم المحرم أن يكون مع من يمكه بمنزلة ما لو كان أحدهما امرأة لم يحل نكاحها للاخر، وما كان سوى ذلك من القرابات الذين يحل بعضهم لبعض فجائز ملكهم إذا ملكوا بوجه جائز.

[ 309 ]

(1164) وعنه (ع) أنه قال: عتق الاخرس جائز إذا علم (1) أو كان يحسن الخط. فصل (3) ذكر المكاتبين (1165) قال الله (تع) (2): والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا (3)، الاية. وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: أول من كاتب لقمان الحكيم وكان عبدا حبشيا. (1166) وعنه (ع) أنه قال: أربع من الله تعليم (4) وليس بواجبات: قوله (5): فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، فمن شاء كاتب رقيقه ومن شاء ترك، لم يكاتب، وقوله (6): وإذا حللتم فاصطادوا، فمن شاء اصطاد إذا حل ومن شاء ترك، وقوله (7): فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر فمن شاء أكل من أضحيته ومن شاء لم يأكل، وقوله (8): فإذا


(1) ى – علم. (2) 24 / 33. (3) حش ى – أي قوة. (4) ع – تعليم أدب. (5) 24 / 33. (6) 5 / 3. (7) 22 / 36. (8) 62 / 10.

[ 310 ]

قضيت الصلاة فانتشروا في الارض، فمن شاء انتشر ومن شاء جلس في المسجد. (1167) وعنه (ع) أنه سئل عن مملوك سأل الكتابة، هل لمولاه أن لا يكاتب إلا على الغلاء؟ قال: ذلك إليه ولا توقيت في الكتابة عليه. (1168) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، قال: يعني قوة في أداء المال (2). (1169) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الخير هاهنا المال، قال الله (ع ج) (3): إن ترك خيرا، الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف، يعني مالا، فإذا كان ممن يستطيع الكسب والتصرف فهو ممن فيه خير. (1170) وعن علي (ع) أنه قال: كاتب أهل بريرة بريرة. وكانت تسأل الناس، فذكرت عائشة أمرها للنبي، فلم ينكر كتابتها، وهي تسأل الناس. (1171) وعن علي (ع) أنه جلس يقسم مالا (4) بين المسلمين (5) فوقف به شيخ كبير فقال: يا أمير المؤمنين، إني شيخ كبير كما ترى، وأنا مكاتب فأعني من هذا المال. فقال: والله ما هو بكد يدي، ولا تراثي (6)


(1) 24 / 33. (2) حش ى – قال في مختصر الاثار، والخير ها هنا القوة على الكسب والصلاح وليس الخير ها هنا كما قال الله عز وجل: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا، يعني مالا، لان العبد لا مال له وماله لمولاه. (3) 2 / 180. (4) س – جلس يوما بين المسلمين. (5) ى – الناس. (6) ط، ع، د – ميراثي، س، ز، ى – تراثي.

[ 311 ]

من الوالد، ولكنها أمانة أرعيتها فأنا أؤديها إلى أهلها. ولكن اجلس. فجلس والناس حول أمير المؤمنين، فنظر إليهم، فقال: رحم الله من أعان شيخا كبيرا مثقلا، فجعل الناس يعطونه. (1172) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن العبد يسأل مولاه الكتابة، وليس له قليل ولا كثير، قال: يكاتبه، وإن كان يسأل الناس، فإن الله يرزق العباد بعضهم عن بعض. (1173) وعن علي (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع) في قول الله (ع ج) (1): وآتوهم من مال الله الذي آتاكم، قال: ربع الكتابة. قال علي (ع): يترك للمكاتب ربع الكتابة، قال أبو جعفر (ع): لا تقل أكاتبك بخمسة آلاف، فأترك لك ألفا ولكن انظر الذي أضمرت عليه وعقدت فأعطه منه. وقال جعفر بن محمد (ع): لا يزيد عليه ثم يضع (2) الزيادة، ولكن يضع عنه من مكاتبته عليه. (1174) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: من كاتب مملوكا له أو أعتقه، وهو يعلم أن له مالا فلم يستثنه السيد (3) فالمال للعبد. (1175) وعنه (ع) أنه قال في مكاتب شرط عليه أنه إن عجز رد في الرق (4) فقال: المسلمون عند شروطهم، قال جعفر بن محمد (ع): إذا شرط ذلك عليه فعجز رد في الرق، وكان الناس أولا لا يشترطون ذلك، وهم اليوم يشترطونه، والمسلمون عند شروطهم (5).


(1) 24 / 33. (2) س، ط – يضع عنه الزيادة. ز ع، ى، تضع الزيادة والمن إلخ. (3) ز، ع – حذ (السيد). (4) ز، ط، د، ى، ع. س الرقاق. (5) زيد في ى (في الهامش)، وع – ما لم يحل شرطه حراما أو يحرم حلالا.

[ 312 ]

(1176) وعنه (ع) أنه سئل عن المكاتب يشترط عليه أن لا يتزوج إلا بإذن الذي كاتبه حتى يؤدي مكاتبته، قال: يلزمه ذلك إذا اشترط عليه، فإن نكح فنكاحه فاسد مردود، إلا أن يعتق فيمضي على نكاحه (1). (1177) وعن علي (ع) أنه رفع إليه مكاتب شرط عليه مواليه في كتابته أن ميراثه لهم إن عتق، فأبطل شرطهم، وقال: شرط الله قبل شروطهم. (1178) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: إذا اشترط على المكاتب أنه إن (2) عجز رد في الرق، فحكمه حكم المملوك في كل شئ، خلا ما يملكه، فإنه له يؤدى منه نجومه، فإذا أعتق كان ما بقي في يديه له، وله أن يشتري ويبيع. فإن وقع عليه دين في مكاتبته في تجارته ثم عجز فإن (3) على مولاه أن يؤدي عنه، لانه عبده يؤدي ما عليه، ولا يرث ولا يورث، وله ما للمملوكين وعليه ما هو عليهم، ولا يجوز له عتق ولا هبة ولا نكاح ولا حج إلا بإذن مواليه حتى يؤدي جميع ما عليه. وإن لم يشترط عليه أنه إن عجز رد في الرق وكوتب على نجوم معلومة، فإن العتق يجري فيه (4) مع أول نجم يؤديه، فيعتق منه بقدر ما أدى، ويرق منه بقدر ما بقى عليه. ويكون كذلك حاله في جميع الاسباب من المواريث والحدود والعتق والهبات والجنايات وجميع ما يتجزأ فيه. فيجوز من ذلك له بقدر ما عتق منه، ويبطل ما سوى ذلك. والشرط في العجز يلزمه على


(1) زيد د، ط، ع – في كتابته. (2) ى – إذا. (3) ع، ى – كان. (4) ى – عليه.

[ 313 ]

ما اشترط عليه، إن اشترط عليه أنه إن عجز عن نجم واحد أو نجمين أو ثلاثة أو ما كان الشرط، رد في الرق فهم على شروط (1). (1179) وقد جاء عن علي (ص) أنه قال: لا يرد في الرق حتى يتوالى عليه نجمان (2) يعني (ع) أنه يمهل إذا عجز عند محل النجم الاول إلى ما بينه وبين أن يحل عليه الثاني، فإذا حل عليه الثاني ولم يؤد، رد في الثاني (3) إلى الرق. (1180) وعن علي (ص) وجعفر (ع) أنهما قالا في المكاتب يعجل ما عليه من النجوم، فيأبى الذي كاتبه أن يأخذ منه إلا ما اشترط عليه عند محل كل نجم، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رد في الرق لم يجبر المولى على أن يتعجل الكتابة لانه لعله قد يعجز فيرجع إليه، فإن كان لم يشترط عليه ذلك، وحل عليه نجم فدفعه إليه مع باقي كتابته لم يكن له أن يمتنع من ذلك لان العتق قد جرى فيه ولا يعود في الرق أبدا، وإنما عليه أن يسعى، في باقي كتابته، وما كان للمكاتب من ولد مملوك لم يدخله في مكاتبته، فهو مملوك بحاله، وما ولد له بعد أن يعتق من (4) أمة له أو زوجة حرة فهو حر، وما ولد له في كتابته من امرأة حرة فهو حر أيضا، وما ولد له من أمة لغير سيده الذي كاتبه فهو مملوك لسيد الامة، إن لم يكن اشترط حريته، وقد ذكرنا هذا في كتاب النكاح، فإن اشترى جارية فولدت له. (1181) فقد روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في المكاتب


(1) ز ع، ى – شرطهم. (2) حش ى – فما فوقها من مختصر الاثار. (3) ط، س، د. ز، ى، ع، – ولم يؤد في رد الرق. (4) ى – عن.

[ 314 ]

يموت وقد أدى بعض نجومه، وله ابن من جاريته، قال: إن كان قد اشترط (1) عليه أنه إن عجز فهو مملوك، رجع إليه مملوكا ابنه والجارية، وإن لم يكن اشترط عليه ذلك أدى ابنه ما بقى من كتابته وكان حرا، وورث ما بقي، وما ولدت المكاتبة في مكاتبتها من ولد فهو بمنزلتها، يعتقون بعتقها ويرقون برقها (2) ولا يجوز للسيد بيع من كاتبه إذا كان ماضيا في أداء ما يجب عليه على أن يبطل كتابته، فإن باعه ممن يكون مكاتبا عنده بحاله كما بيعت بريرة فذلك جائز. ويكون عند المشتري بحاله كما كان عند البايع إذا أدى ما عليه عتق. (1182) وعن علي (ع) أنه قال: لا يطأ الرجل مكاتبته إذا كاتبها. وقال: لا بأس بالكتابة على رقيق موصوفين ولا بأس أن يضمن على (3) المكاتب غيره ما كوتب عليه. (1183) وعنه (ع) أنه قال: إذا أدى المكاتب بعض نجومه، ومطل بالباقي وعنده ما يؤدي، حبس في السجن. وإن تبين عدمه أخرج يستسعى في الدين الذي عليه، يعني بهذا من لم يشترط عليه أنه إن عجز رد في الرق. فأما من اشترط ذلك عليه، فذكر أنه قد عجز وبلغ إلى حيث يجب أن يرد في الرق لعجزه. فالمولى بالخيار. إذا علم أن عنده مالا في أن يرده في الرق أو يطلبه بالمال، وإن كان المال ظاهرا في يديه أخذ منه ودفع إلى المولى وعتق.


(1) س – إن اشترط عليه. ط، ع، د، ز، ى – إن كان قد اشترط عليه. (2) حش ى – وكذلك ما ولد للمكاتب من أمته، من مختصر الاثار. (3) خه س، ى، ز – عن.

[ 315 ]

فصل (4) ذكر المدبرين (1184) التدبير أن يقول المولى المالك الجائز الامر لمملوكه، وهو صحيح أو مريض: أنت بعد موتي حر لوجه الله. أو متى ما مت، فأنت مدبر. أو ما يشبه هذا من الكلام. فإذا قال ذلك كان مدبرا في حياته، ويعتق من ثلث ماله بعد موته بإجماع، فيما علمناه. (1185) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: المدبر من الثلث. (1186) وعن رسول الله (صلع) أنه أذن لرجع في بيع مدبر أراد بيعه. (1187) وعن أبي جعفر وابي عبد الله (ع) أنهما قالا: المدبر مملوك ما لم يمت من دبره، غير راجع عن تدبيره وهو مملوك إن شاء باعه، إن شاء وهبه، إن شاء أعتقه، إن شاء أمضى في (1) تدبيره، وإن شاء رجع فيه، إنما هو كرجل أوصى بوصية، فإن بدا له فغيرها قبل موته، بطل منها ما رجع عنه، وإن تركها حتى يموت مضت من ثلثه. (1188) وعنهم (ع) أنهم قالوا: لا بأس ببيع خدمة المدبر (2) إذا ثبت المولى على تدبيره، ولم يرجع عنه فيشتري المشترى خدمته، فإذا مات الذي دبره، عتق من ثلثه. (1189) وعنهم (ع) أنهم قالوا: لا بأس أن يطأ الرجل جاريته المدبرة.


(1) ز، ى، ع – أمضى تدبيره. (2) ى – المدبر يباع إذا ثبت المولى إلخ.

[ 316 ]

(1190) وعنهم (ع) أنهم قالوا: ولد المدبرة التي تلده وهي مدبرة كهيئتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها. يعنون، عليهم السلام، إذا تمادى المولى على التدبير. فأما إن رجع عن بعضهم أو عنهم بأجمعهم، كان ذلك له كما تقدم عنهم. فإن مات المولى الذي دبر العبد وعليه دين، فحال المدبر حال الموصى بعتقه، وقد ذكرناه فيما مضى. (1191) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا يجزي عتق المدبر من الرقبة الواجبة. فصل (5) ذكر أمهات الاولاد (1192) قد ذكر فيما مضى أن الرجل إذا وطى أمته فوضعت ما يعلم أنه حمل (1) فحكمها حكم أم الولد (2). وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهم قالوا: إذا مات الرجل وله أم ولد فهي بموته حرة، لا تباع إلا في ثمن رقبتها إن اشتراها بدين ولم يكن له مال غيرها، هذا هو الثابت عن علي (ع) وقد ذكرنا فيما تقدم كيف يباع العبد المعتق في ثمن رقبته، وأم الولد من قبل أن يموت سيدها، أحكامها في أكثر أمورها أحكام العبيد، وقد ذكرنا فيما تقدم وجوها من أمورها. (1193) وعن جعفر بن محمد (ص ع) أنه قال: إذا زوج الرجل أم ولده فولدت، فولدها بمنزلتها. يخدم المولى ويعتق بعتقها إذا مات سيدها،


(1) س – حمل (بالكسر). (2) حش ى – تاما كان أو غير تام حيا أو ميتا، فهي به أم ولد.

[ 317 ]

وإن كان أبوه حرا فمات اشترى الوالد من ميراثه منه، وورث ما بقي، وإذا زوج الرجل أم ولده، فمات عنها الزوج أو طلقها، رجعت إلى سيدها، وتعتد من الوفاة شهرين وخمسة أيام. ومن الطلاق حيضتين إن كانت تحيض، فإن كانت ممن لا تحيض، فشهر ونصف. ثم للمولى أن يطأها إن شاء بالملك بلا نكاح. فصل (6) ذكر الولاء (1194) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الولاء لم أعتق، وعنه (ع) أنه قال: من ولد في الاسلام فهو عربي، ومن ملك ثم عتق فهو مولى، ومن دخل في الاسلام طوعا فهو مهاجر. (1195) وعنه (ع) أنه قال: مولى القوم منهم، وابن أخت القوم منهم، وحليف القوم منهم. (1196) وعن علي (ع) أنه قال: يرث الولاء الاقعد فالاقعد (1)، فإذا استوى (2) القعدد فبنو الام والاب. دون بني الاب. (1197) وعنه (ع) أنه قال: من أعتق عبدا فله ولاؤه، وعليه عقل خطئه.


(1) ع – أي الاقرب فالاقرب. (2) ع، د – ورث بنو الام والاب الخ.

[ 318 ]

(1198) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل: عن رجل أعتق عبدا في كفارة يمين أو ظهار أو أمر وجب (1) عليه عتقه فيه لمن يكون ولاؤه؟ فقال: للذي أعتقه (2). (1199) وعنه (ع) أنه قال في العبد يكون بين رجلين يعتقانه جميعا؟ قال: الولاء بينهما. (1200) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لعن الله من تولى غير مواليه (3) ومن ادعى إلى غير أبيه. وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع الولاء وهبته. (1201) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أعتق الرجل عبدا سائبة (4) فللعبد أن يوالي من شاء. فإن رضى من والاه بولائه إياه، كان له تراثه وعليه عقل خطئه. (1202) وعن علي (ع) أنه قال: من أعتقته المرأة فولاؤه لها. وعنه أنه قال: يرث الولاء من يرث الميراث (5). (1203) وعن علي (ع) وأبي جعفر (ع) أنهما قالا: إذا أعتق الاب جر ولاء ولده. والابن يجر الولاء كما يجره الاب إذا أعتق. وذلك كالعبد يتزوج الحرة، فيكون ولده أحرارا، ويكون نسبهم كنسب أمهم فإن أعتق أباهم مولاه، جر ولاءهم، فكانوا مواليه (6).


(1) س – واجب. (2) حش ى – وذلك أن يقول عند عتقه إياه: قد أعتقتك لوجه الله الكريم وسيبتك فلا ولاء لي ولا لاحد من سبئ عليك، فإذا قال ذلك والى المعتق من شاء ولا يكون لمن أعتقه عليه ولاء، فإن لم يقل ذلك فولاؤه له. (3) حش ز، ى – اتخذ وليا. (4) حش ى – السائبة العبد الذي لا يكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء. (5) حذفت الرواية، في ى، د. (6) حش ى – ضمير المعتق.

[ 319 ]

(1204) وعن علي (ص) أنه كان يقول: المنبوذ (1) حر. (1205) وعنه (ص) أنه قال: الولاء للكبر (2)، ومعنى ذلك أنه يعتق الرجل عبده ثم يموت المعتق ويخلف الولدين، فإن مات المولى كان الولاء بينهما، فإن مات أحدهما قبله وترك ولدا ثم مات المولى، فالولاء لابن المعتق دون ابن أخيه الميت.


(1) حش ى – المنبوذ الصبي تلقيه أمه في الطريق. (2) حش ى – يقال هو كبر قومه إذا كان أقعدهم نسبا.

[ 320 ]

(13) كتاب العطايا فصل (1) ذكر اصطناع المعروف إلى الناس (1206) روينا (1) عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: كل معروف صدقة. (1207) وعنه (ع) أنه قال: الخلق عيال الله، وأحب الخلق إلى الله من نفع عياله، وأدخل السرور على أهل بيته. ومشى مع أخ مسلم في حاجته، أحب إلى الله من اعتكاف شهرين في المسجد الحرام. (1208) وعن علي (ص) أنه قال بأهل المعروف من الحاجة إلى اصطناعه أكثر مما بأهل الرغبة إليهم فيه، وذلك أن لهم فيه ثناءه وأجره وذكره. ومن فعل معروفا فإنما صنع الخير لنفسه، ولا يطلب من غيره شكر ما أولاه لنفسه، ولكن على من أنعم عليه أن يشكر النعمة لمنعمها. فإن لم يفعل فقد كفرها. (1209) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: إذا بعث الله عز وجل المومن من قبره، خرج ومعه مثال حسن. فإذا مر بتلك الشدائد قال له: لا تخف، ليس عليك من بأس. فما يزال يؤمنه ويبشره، حتى يورده على الله تعالى، فيحاسبه حسابا يسيرا. ثم يأمر به إلى الجنة، فيقول


(1) كذا في س.

[ 321 ]

له المؤمن: من أنت، يرحمك الله، فقد وعدتني وصدقتني (1) وأمنتني من خوفي، فيقول: أنا خلق خلقني ربي من السرور الذي كنت تدخله على المؤمنين، فأنا أسرك اليوم. (1210) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: المعروف كاسمه، وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه. والمعروف هدية من الله إلى عبده المؤمن، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا من الله على العبد جمع له الرغبة في المعروف، والقدرة والاذن، فهنالك تمت السعادة والكرامة للطالب والمطلوب إليه. (1211) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: اصطناع المعروف يدفع مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف. (1212) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: رأيت المعروف لا يتم إلا بثلاث خصال: تصغيره وتيسيره، وتعجيله فإذا صغرته فقد عظمته، عند من تصنعه إليه، وإذا يسرته فقد تممته، وإذا عجلته فقد هنأته (2)، وإن كان غير ذلك، فقد محقته ونكدته. (1213) وعنه أنه قال: خيار المسلمين من وصل، وأعان (3)، ونفع. (1214) وعن علي (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع): من أسدى إليه معروف فليكاف عليه، فإن عجز فليثن، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة.


(1) زد – ط، د – فوفيتني. (2) د، ط، هيئته،. ز – هنأته. ى، س، ع – هنيته. (3) ط، د – أعطى.

[ 322 ]

فصل (2) ذكر الهبات وما يجوز منها (1215) روينا (1) عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض في الهبة والعطية، فقال: لا بأس بذلك. إذا كان صحيحا، يفعل في ماله ما شاء. فأما إن كان مريضا ومات من علته تلك لم تجز. وقال: إذا وهب الرجل لولده ما شاء وفضل بعضهم على بعض بما أعطاه وأخرجه من ملكه إلى ملك من أعطاه إياه من ولده، وهو صحيح جائز الامر، فلا بأس بذلك. وله ماله يصنعه حيث أحب، وقد صنع ذلك علي (ع) بابنه الحسن، وفعل ذلك الحسين بابنه علي، وفعل ذلك أبي، وفعلت أنا. (1216) وعنه (ع) أنه قال: الهبة جائزة إذا قبلت: قبضت أو لم تقبض، قسمت أو لم تقسم. (1217) وعنه (ع) أنه قال: من وهب هبة يريد بها وجه الله والدار الاخرة أو صلة رحم، فلا رجعة له فيها. ومن وهب هبة يريد بها عوضا، كان له الرجوع فيها إن لم يعوض. (1218) قال جعفر بن محمد (ص) الهبة يرجع فيها صاحبها (2) حيزت أو لم تحز. إلا لذوى قرابة أو للذي يثاب في هبته، ويرجع في غير


(1) كذا في س. (2) حش ى – يعني التي مرادها العوض.

[ 323 ]

ذلك إن شاء. إذا كانت الهبة قائمة. وإن فاتت فليس له شئ. وقال في الرجل يكون له على الرجل الدراهم فيهبها له، قال: ليس له أن يرجع فيها. (1219) وعنه (ع) أنه قال: جاء شاعر إلى النبي (صلع) فسأله وأطرأه (1)، فقال بعض أصحابه: قم معه فاقطع لسانه. فخرج ثم رجع فقال: يا رسول الله، أقطع لسانه؟ قال: إنما أمرتك أن تقطع لسانه بالعطاء. (1220) وعن أبي جعفر (ع) أن الكميت دخل عليه فأنشده أشعارا قالها فيه. فقال له أبو جعفر: رحمك الله، يا كميت، لو كان عندنا مال حاضر لاعطيناك رضاك. فقال الكميت: جعلت فداك والله ما امتدحتكم، وأنا أريد بذلك عاجل دنيا! ولكن أردت الله ورسوله، قال: فإن لك بامتداحنا ما قال رسول الله (صلع) لعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت (2)، قال لهما: لن تزالا تؤيدان بروح القدس، ما ذببتما عنا بألسنتكما. (1221) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أجاز هبة المشاع (3) إذا قبلت وتقبض بمثل ما يقبض به المشاع (4). (1222) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة وهبت لابنتها وليدة لها، ثم توفيت الابنة ولم تدع وارثا غير أمها، فقضى برد الوليدة بالميراث إليها. (1223) وعن أبي جعفر أنه سئل عن جوائز المتغلبين، فقال: قد كان


(1) ز، ط، ع، د – فسأله وأطرأه، س – فسأله، ى – فأطرأه. (2) حش ى – عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت من الانصار كانا شاعرين في وقت النبي (صلع) وثالثهما كعب بن مالك الانصاري كانوا يمدحون رسول الله (صلع) ويذبون عنه. (3) حش ى – أي غير المقسم. (4) ى – مثل ما يقبض المشاع، ط، ز، د، – غير المشاع (؟).

[ 324 ]

الحسن والحسين (ع) يقبلان جوائز المتغلبين مثل معاوية (1)، لانهما كانا أهلا لما يصل إليهما من ذلك، وما في أيدي المتغلبين عليهم حرام وهو للناس واسع إذا وصل إليهم في خير وأخذوه من حقه. قال جعفر بن محمد (ع): وجوائزهم لمن يخدمهم في معصية الله، حرام عليهم وسحت. (1224) وعن علي (ص) أنه قال: العمرى والرقبى سواء، قال أبو عبد الله: العمرى والسكنى أن يجعل الرجل للرجل السكنى في داره حياته، وكذلك إذ جعلها له ولعقبه من بعده حتى يفنى عقبه، وليس لهم أن يبيعوا، فإذا فنوا رجعت الدار إلى صاحبها الاول. (1225) وعن ابي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن العمرى والسكنى. فقال: الناس في ذلك عند شروطهم، والسكنى والعمرى والرقبى بمنزلة واحدة. إلا أن الشروط تميز بينهم. فالسكنى أن يسكن الرجل داره رجلا مدة معلومة، ويبيحه ذلك بلا عوض. والعمرى أن يسكنه طول عمره. وإن شرط ذلك لعقبة جاز، كما تقدم ذكره. والرقبى أن يسكنه إلى أن يموت أحدهما. فأيهما مات زال بموته حكم الرقب ورجعت الدار إلى أهلها.


(1) س، د، ى، ع، ط، ز – جوائز معاوية.

[ 325 ]

فصل (3) ذكر التباذل والتواصل (1226) روينا عن (1) جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (2) ابن الحسين (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع): إذا كان يوم القيامة حشر الله الخلائق نادى مناد ليقم أهل الفضل، فيقوم فئام (3) من الناس فتستقبلهم الملائكة يبشرونهم بالجنة ويقولون ما فضلكم هذا الذي تدخلون به الجنة قبل الحساب؟ فيقولون: كنا نعفو عمن ظلمنا، ونصل من قطعنا، ونحلم إذا جهل علينا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين. ثم ينادى مناد ليقم أهل الصبر، فيقوم فئام من الناس فتستقبلهم الملائكة يبشرونهم بالجنة ويقولون ما صبركم هذا الذي تدخلون به الجنة قبل الحساب؟ فيقولون: كنا نصبر أنفسنا على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله. فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي مناد ليقم جيران الله في دار السلام. فيقوم فئام من الناس فتستقبلهم الملائكة يبشرونهم بالجنة، ويقولون: ما فضلكم هذا الذي جاورتم به الله في دار السلام؟ فيقولون: كنا نتحاب في الله ونتزاور في الله ونتواصل في الله ونتباذل في الله. فيقال لهم: ادخلوا الجنة فأنتم جيران الله في دار السلام. (1227) وعن علي (ص) أن رسول الله (صلع) قال: لو دعيت إلى ذراع شاة لاجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلت.


(1) كذا في س. (2) ز، ى – عن جده علي بن الحسين (ع). (3) حش س – الفئام مائة ألف، حش ى – جماعة.

[ 326 ]

(1228) وعنه (ع) أنه قال: من تكرمة الرجل أخاه أن يقبل تحفته وأن يتحفه بما عنده، ولا يتكلف له، فإني سمعت رسول الله (صلع) يقول: إن الله لا يحب المتكلفين. (1229) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من آتاه الله برزق لم يتخط إليه رجله ولم يشد إليه ركابه (1) ولم يتعرض له، كان ممن ذكر الله في السماء (2) وقرأ (ص) (3): ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. (1230) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أكرم أحدكم أخاه بالكرامة فليقبلها، فإذا كان ذا حاجة صرفها في حاجته وإن لم يكن محتاجا وضعها في موضع حاجة حتى يؤجر فيها صاحبها. ومن كان عنده جزاء فليجز، ومن لم يكن عنده جزاء، فثناء حسن ودعاء. (1231) وعنه (ص) أنه أهدى إليه فالوذج: فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم نيروز (4). قال: فنيرزوا إن قدرتم كل يوم، يعني تهادوا وتواصلوا في الله. (1232) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: تصافحوا وتهادوا فإن المصافحة تزيد في المودة، والهدية تذهب الغل. (1233) وعنه (ع) أنه قال: يا أهل القرابة، تزاوروا ولا تتحاوروا وتهادوا، فإن الزيارة تزيد في المودة، والمحاورة (5) تحدث القطيعة، والهدية تزيل (6) الشحناء.


(1) ع، ز، ى – ركابه، س – ثيابه. (2) خه س، د – في القرآن. (3) 65 / 2 – 3. (4) حش ى – النيروز اسم أول السنة وهو معرب نوروز أي اليوم الجديد. (5) حش ى – أي سؤال وجواب. (6) ى، ز، ط ع – تسل.

[ 327 ]

(1234) وعن علي (ع) أنه قال: خصوا بألطافكم خواصكم وإخوانكم. (1235) وعنه (ع) أنه قال: من السحت الهدية يلتمس بها مهديها ما هو أفضل منها، وذلك قول الله تعالى (1): ولا تمنن تستكثر. (1236) وعن جعفر بن محمد (م) أنه قال في قول الله (ع ج) (2): وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله، فقال: هي هديتك إلى الرجل تطلب بها من الثواب أفضل منها، فذلك ربا. فكل ما جاء في هذا الباب من فضل الهدية والامر بقبولها. فإنما ذلك فيما كان يراد به وجه الله والتواصل فيه. فأما الهدية على غير ذلك كالذي يهدى إليه خوفا منه أو تقية من شره أو ليستعطف قلبه أو ليقضى للمهدى إليه حاجة، أو ليدفع المهدى عنه مضرة أو ضيما أو ليسأل له في حاجة أو مثل هذا أو ما أشبهه. فالهدية على مثل ذلك، والهبة والاطعام سحت كله، وحرام أخذه وقبوله وأكله وهو داخل فيما جاء النهى عنه، عن الائمة صلوات الله عليهم. (1237) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الرجل يسأل الرجل الحاجة، أو يسأله أن يسأل له السلطان أو غير السلطان في حاجة، يهدي إليه على ذلك، ما ترى في قبول الهدية على هذا؟ قال: لا يحل قبولها وهي سحت. وعون المؤمن في هذا ومثله، ينبغي لمن قدر عليه، فمن قدر على عون أخيه فليعنه، فإن أخذ على ذلك جعلا أو هدية أو أطعم عليه طعاما فكل ذلك سحت لا يحل أكله.


(1) 74 / 6. (2) 30 / 39.

[ 328 ]

فصل (4) ذكر فضل الصدقة (1238) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: تصدقت بدينار يوما. فقال لي رسول الله (صلع): يا علي، أما علمت أن صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتى يفك (1) لحى (2) سبعين شيطانا. (1239) وعنه (ع) أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله: مالي لا أحب الموت، قال (ص): ألك مال؟ قال: نعم، قال (ص): فقدمته؟ قال: لا. قال: فمن ثم لا تحب الموت لان قلب المرء عند ماله. (1240) وعنه أنه سئل رسول الله (صلع) عن أي الصدقة أفضل قال (ص): جهد من مقل. (1241) وعنه (ع) أنه قال: جاء إلى رسول الله (ص) ثلاثة نفر. فقال أحدهم: يا رسول الله (ص) كانت لي مائة أوقية من ذهب (3) فتصدقت منها بعشر أواق. وقال الثاني: يا رسول الله (ص) كانت لي مائة دينار فتصدقت منها بعشرة دنانير. وقال الثالث: كانت لي عشرة دنانير فتصدقت بدينار فقال (ص): كلكم في الاجر سواء.


(1) ى – يفك عنها. (2) ع، لحى – س، د، ز، ط، – لحيا. (3) س حذ (من ذهب).

[ 329 ]

(1242) وعن جعفر بن محمد (م) أنه قال: ثلاث من أتى بواحدة منهن دخل الجنة، المنفق من إقتار، والبشر بجيمع الناس، والمنصف بنفسه. (1243) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون)، فقال: كان الناس حين أسلموا، عندهم مكاسب من الربا ومن أموال خبيثة. وكان الرجل يتعمدها من بين ماله، فيتصدق بها. فنهاهم الله (ج) عن ذلك. (1244) وعن الحسين بن علي عليه السلام أنه قيل له: إن عبد الله ابن عامر تصدق اليوم بكذا وكذا، وأعتق اليوم كذا وكذا، فقال: إنما مثل عبد الله بن عامر كمثل الذي يسرق الحاج ثم يتصدق بما سرق. وإنما الصدقة الطيبة صدقة الذي عرق فيها جبينه واغبر فيها وجهه. قيل لابي عبد الله عليه السلام: من عنى بذلك؟ قال: عنى به عليا (ص). (1245) وعن على (ع) أنه قال: قال رسول الله (ص): من أقرض قرضا كان له مثله صدقة. ثم قال بعد ذلك: من أقرض قرضا كان له مثله كل يوم صدقة. قلت: يا رسول الله، قلت لنا قبل هذا له مثله صدقة، وقلت لنا اليوم له مثله كل يوم صدقة: قال: نعم، من أقرض قرضا فهو كمن تصدق به (2) فإن أخره عن محله كان له مثله كل يوم صدقة. (1246) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في قول الله (ع ج) (3): إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم


(1) 2 / 267. (2) ى – كمن تصدق بصدقة مثله. (3) 2 / 271.

[ 330 ]

الاية. قال: ليس ذلك بالزكاة، ولكنه الرجل يتصدق لنفسه، وإنما كانت الزكاة علانية ليست بسر (1). (1247) وعنه أن رسول (ص) قال: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب، فإذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله (2). (1248) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه لما أخذ في غسل أبيه علي بن الحسين (ع) أحضر معه من رعاه من أهل بيته، فنظروا إلى مواضع السجود منه في ركبته وظاهر قدميه وباطن كفيه وجبهته، قد غلظت (3) من أثر السجود حتى صارت كمبارك البعير. وكان يصلي (ص) في كل يوم وليلة ألف ركعة، ثم نظروا إلى حبل عاتقه، وعليه أثر قد اخشوشن، فقالوا لابي جعفر: أما هذه فقد علمنا أنها من أثر (4) السجود، فما هذا الذي على عاتقه؟ قال: والله، ما علم به أحد غيري، وما علمته من حيث علم أني علمته. ولولا أنه قد مات ما ذكرته، كان (صلع) إذا مضى من الليل صدر، قام وقد هدأ كل من في منزله، فأسبغ (5) وضوءه وصلى ركعتين خفيفتين. ثم نظر إلى كل ما فضل في البيت عن قوت أهله، فجعله في جراب، ثم رمى به على عاتقه وخرج مختفيا (6) يتسلل (7) لا يعلم به أحدا. فيأتي به دورا فيها أهل مسكنة وفقر، فيفرق ذلك عليهم وهم لا يعرفونه. إلا أنهم قد عرفوا ذلك منه. فكانوا ينتظرونه. وكان إذا أقبل قالوا: هذا صاحب الجراب


(1) د – بستر. (2) ع، ى – من. (3) س – غلظت. (4) ى – آثار. (5) حش ى – أسبغ الوضوء أي بالغ فيه. (6) س – مستخفيا. (7) حش ى – التسلل الانطلاق في استخفاء قال الله (تع): (يتسللون منكم). من الضياء.

[ 331 ]

وفتحوا أبوابهم له (1) ليفرق عليهم ما في الجراب (2)، وانصرف به فارغا، يبتغى بذلك فضل صدقة السر وفضل صدقة الليل وفضل إعطاء الصدقة بيده ثم يرجع فيقوم في محرابه فيصلي باقي ليلته، فهذا الذي ترون على عاتقه أثر ذلك الجراب. (1249) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب، وإن الصدقة لتطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار، وإن الصدقة لتدفع ميتة (3) السوء، وإن صنيع المعروف ليدفع ميتة السوء، وإن صلة الرحم لتزيد في الرزق والعمر وتنفى الفقر، وإن قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) كنز من كنوز الجنة، وهو شفاء من تسعة وتسعين داء أولها الهم. (1250) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: أربع من كن فيه، وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا. غفرها الله له وبدلها حسنات: الصدقة والحياء وحسن الخلق والشكر. (1251) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثماني عشرة، وصلة الاخوان بعشرين، وصلة الرحم بأربعة وعشرين. وصلة الرحم تزيد في العمر وتنفى الفقر. (1252) وعنه (ع) أنه قال: الصدقة تدفع الداء (4) والدبيلة (5) والغرق والحرق والهدم والجنون حتى عد (صلع) سبعين نوعا من البلاء. (1253) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ارغبوا في الصدقة


(1) ز، ى – إليه. (2) ع، ز، ى – ففرق عليهم ما في الجراب. (3) حش ى – الميتة بالكسر كالجلسة يقال مات فلان ميتة حسنة. (4) ى – البلاء. (5) حش ى – الدبيلة داء في البطن وهي مأخوذة من الاجتماع لانه قياد تجتمع.

[ 332 ]

فبكروا بها، فما من مؤمن يتصدق بصدقة حين يصبح يريد بها وجه الله (1) إلا دفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم (2) ثم قال: ولا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم. (1254) وعنه (ع) أنه قال: كان له مولى، بينه وبين رجل دار، فمات فورثه، فأرسل (ص) إلى الرجل ليقسم الدار معه، وكان الرجل صاحب نجوم، فتثاقل عن قسمتها وتوخى الساعة التى فيها سعوده، فجاء إلى أبي عبد الله فيها فأرسل معه من يقاسمه، وكان الرجل يهوى منها سهما فخرج السهم لابي عبد الله (ع) فلما رأى ذلك الرجل أخبره الخبر، فقال: ألا أدلك على خير مما قلت؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: تصدق بصدقة إذا أصبحت تذهب عنك نحس يومك، وتصدق بصدقة إذا أمسيت تذهب عنك نحس ليلتك، ولولا أن ترى أن النجم أسعدتك لتركنا حصتنا لك من هذه الدار. (1255) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: السائل رسول رب العالمين فمن أعطاه فقد أعطى الله، ومن رده فقد رد الله، يعني (صلع) (3) بعث الله السؤال محنة لخلقه وسببا لثواب من أكرمه منهم بثوابه. (1256) وعنه (ع) أنه قال: ردوا السائل ولو بظلف محرق. (1257) وعنه (ع) أنه قال: لولا أن المساكين يكذبون، ما أفلح من ردهم. فلا تردوا سائلا.


(1) ى – ما عند الله. (2) س. زيد في ع، ى، ط، د، ز، أو قال: وقاه الله شر ذلك اليوم، ثم قال إلخ. (3) س، ى، د، ز – يعني (صلع) أن الله عز وجل بعث السؤال إلخ.

[ 333 ]

(1258) وعنه (ع) أنه قال: السائل في حق له (1) كأجر المتصدق عليه. (1259) وعن علي (ع) أنه قال: ردوا السائل ولو بشق تمرة، وأعطوا السائل ولو جاء على فرس. (1260) وعنه (ع) أنه قال: ربما ابتلي أهل البيت بالسائل ما هو من الجن ولا من الانس ليبلوهم به، وإن لله ملائكة في صورة إنس يسألون بني آدم، فإذا أعطوهم شيئا أعطوه المساكين. (1261) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال يوما لبعض أهله: لا تردوا سائلا، فقال له رجلا كان بحضرته من أصحابه: يا بن رسول الله، إنه (2) قد يسأل من لا يستحق، فقال: نخشى، إن ردوا من رأوا أنه لا يستحق، أن يكون ممن يستحق، فينزل بهم وأعوذ بالله ما نزل بيعقوب. قال: يابن رسول الله وما الذي نزل بيعقوب؟ قال: كان يعقوب (ع) يذبح لعياله كل يوم شاة، ويقسم لهم من الطعام مع ذلك ما يشبعهم، وكان في عصره نبي من الانبياء كريم على الله، لا يؤبه له قد أخمل نفسه (3) ولزم السياحة ورفض الدنيا، فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ به الجهد توخى دور الانبياء وأبناء الانبياء والصالحين، فوقف (4) بها وسأل كما يسأل السؤال من غير أن يعرف به، فإذا أصاب بما يمسك به رمقه، مضى لما هو عليه، وأنه اعتر ذات ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم


(1) حش ز – قوله له خبر مبتدأ ثان هو قوله كأجر أي مثل أجر، قال عليه السلام يعني من سأل للضرورة له أجر مثل أجر المتصدق. (2) س. ى، د، ز، ع، ط – ربما ابتلى الله أهل البيت إلخ. (3) ى حذ. (4) س حش – كم نام (فارسي).

[ 334 ]

وعندهم منه بقية كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه فلا هم أعطوه شيئا ولا هم صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم حتى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام فخر من قامته، قد غشى عليه (1) فلم يقم إلا بعد هوى من الليل فنهض لما به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك الليلة ملكا أتاه، فقال: يا يعقوب يقول لك رب العالمين: وسعت عليك في المعيشة وأسبغت عليك النعمة فيعتر ببابك نبي من الانبياء، كريم علي قد بلغ به حد الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم، ما القليل (2) منه يحييه فلم تعطوه شيئا ولم تصرفوه، فيسأل غيركم حتى غشى عليه وخر من قامته لاصقا بالارض عامة ليلته وأنت على فراشك مستبطنا متقلبا (3) في نعمتي عليك. وكلاكما بعيني، وعزتي وجلالي لا بتلينك ببلية تكون بها حديثا في الغابرين. فانتبه يعقوب مذعورا وفزع إلى محرابه ولزم البكاء والخوف والحزن حتى أصبح فأتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم للرعي (4) وكان من أعزهم عليه فقدر في نفسه أن الذي رآه في منامه وتواعده الله به إنما يكون فيه، ولم يكن قدر أن ذلك يكون من بنيه وإنما خاف عليه السباع أن تأكله. ثم ذكر أبو جعفر (ع) قصة يوسف بطولها إلى آخرها، فكل ما ذكرنا من الامر في إعطاء السؤال، فهو من الندب وليس من الفرض. وإنما الفرض الزكاة. وما بعد ذلك فهو من التقرب إلى الله (ع ج) بالخير. ومن السنة التي لا ينبغي أن يرغب عنها ونوافل الصدقات المرغب فيها. (1262) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه ذكر فرائض الصدقات


(1) د، ع، ط – مغشيا عليه. (2) ى – فالقليل. (3) د – مستلقيا. (4) ى – إلى المرعى.

[ 335 ]

ونوافلها (1) وهي الترغيب في الصدقة على السائل والمحروم، والقانع والمعتر، والهبات والصلات والعتق والعارية والقرض ووجوه المعروف التي يتنفل بها الانسان من وجوه الترغيب والمسارعة في الخيرات من غير أن يكون ذلك فرضا لازما لا يجوز تركه ولا سنة لازمة يحرم خلافها. (1263) وقد روينا عن أهل البيت (صلع) في رد السؤال ما سنذكر بعضه مما يدل على ما ذكرناه مع ما تقدم ذكره، وأن إعطاءهم ليس بفريضة إلا من الزكاة الواجبة. (1264) وروينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: انظروا السائل، فإن صدقته قلوبكم فأعطوه فإنه صادق. (1265) وعن أبي جعفر محمد بن علي (صلع) أن سائلا هتف ببابه فقال له: يغنينا (2) الله وإياك، فأعاد، فقال له مثل ذلك، فألح فقال أبو جعفر: إن أردت فغدا إن شاء الله، وكان ذلك يوم الخميس، ثم قال لمن حضر من أصحابه: إن الصدقة تضاعف يوم الجمعة، وكان (3) يتصدق في كل يوم جمعة بدينار. (1266) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه فسأله فأعطاه، ثم جاء آخر فسأله فأعطاه، ثم جاء الثالث فسأله فأعطاه، ثم جاء الرابع فقال له: رزقنا الله وإياك. ثم قال


(1) ز، ى – ثم ذكر نوافلها، حذ ع. (2) س، ز، د، ى – ط، ع يغنيني. (3) س – وعنه أنه كان إلخ.

[ 336 ]

لاصحابه: لو أن رجلا عنده مائة ألف (1) ثم أراد أن يضعها موضعها لوجد، ففي هذا ما يدل على أن الصدقة غير الزكاة، يستحب ويرغب فيها وليست بواجبة كالزكاة، ولا رد السائل بحرام محرم، ولكن في الصدقة فضل عظيم، وقد ذكرنا منها وجوها، فهي تدفع البلاء (2) وقد ذكرنا بعض ذلك. (1267) ومما لم نذكره ما روينا عن علي بن الحسين (ع) أنه نظر إلى حمام مكة فقال: هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟ فقالوا: أنت أعلم يابن رسول الله، فأخبرنا، قال: كان فيما مضى رجل قد أوى إلى داره حمام فاتخذ عشا في خرق جذع نخلة كانت في داره، وكان الرجل ينظر إلى فراخه، فإذا همت بالطيران رقى إليها فأخذها فذبحها والحمام ينظر إلى ذلك فيحزن له حزنا عظيما، فمر له على ذلك دهر طويل لا يطير له فرخ فشكا ذلك إلى الله عز وجل، فقال (ع ج): لئن عاد هذا العبد إلى ما يصنع بهذا الطائر لاعجلن منيته قبل أن يصل إليها. فلما أفرخ الحمام واستوت فراخه صعد الرجل للعادة فلما ارتقى بعض النخلة وقف سائل ببابه، فنزل فأعطاه شيئا، ثم ارتقى فأخذ الفراخ فذبحها والطير ينظر ما يحل به فقال: ما هذا يا رب. فقال الله (ع ج): إن عبدي سبق بلائي بالصدقة، وهي تدفع البلاء. ولكن سأعوض هذا الحمام عوضا صالحا، وأبقى له نسلا لا ينقطع ما أقامت الدنيا، فقال الطير: رب، وعدتني (3) بما وثقت بقولك وإنك لا تخلف الميعاد. فحينئذ ألهمه الله عز وجل المصير إلى هذا الحرم وحرم صيده. فأكثر ما ترون من نسله، وهو أول حمام سكن الحرم.


(1) زيد في ى، ع – درهم. (2) حذ ى، ز، ع. (3) المتن ناقص في ى.

[ 337 ]

(1268) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه ذكر الصدقة وفضلها وما تدفع من البلاء، فقال: إنه كان رجل فيمن كان قبلكم له نعمة واسعة ولم يرزق ولدا، ثم رزق غلاما في آخر عمره، فكان من أعز الولد عليه حتى إذا بلغ خطب له امرأة من أجمل نساء قومه وأشرفهن، فعقد له عليها. فلما بات ليلته تلك وقد عقد له أتاه آت في منامه فقال له: أيها الرجل، إن ابنك هذه الليلة يبتنى بامرأته هذه التي قد عقدت له عليها النكاح يموت تلك الليلة. فانتبه الرجل من نومه مذعورا وجعل يسوف دخوله ويكتم ذلك حتى طال عليه أمره وألحت عليه أمه وصار إلى مطل طويل، فقال الرجل في نفسه: لعل الذي رأيت من الشيطان أو لعله أضغاث أحلام. فأدخله وهو خائف وجل، وجعل ليلة دخوله يقلق يقوم ويقعد ويصلي ويدعو حتى أصبح فافتقده. فقيل هو على أحسن حال، فلما كان من الليل ونام أتاه ذلك الذي كان أتاه فقال: أيها الرجل، إن الذي كنت قلت لك، لحق كان، ولكن الله (ع ج) دفع عن ابنك ومد في عمره (1) وأنمى في أجله (2) بما صنع بالسائل. فلما أصبح الرجل أرسل إلى ابنه فقال: يا بني، ما كان صنيعتك (3) في السائل؟ فلم يدر ما يقول. فقال: لا بد أن تخبرني فإنه كان لذلك أمر عظيم، فقال: والله ما أدري من هذا السائل، إلا أنه لما أدخلت على المرأة وانصرف الناس ونظرت إليها فملئت بها سرورا وإعجابا، فلما هممت بها وقف بالباب سائل فقال: أطعموا السائل الجائع مما رزقكم الله فقلت في نفسي لعله كما قال، وهذه لا تفوتني. فتركتها وقمت إليه فأدخلته، فقدمت إليه من طعام العرس. وقلت: دونك فكل، فأكل


(1) ى – أجله. (2) ى حذ. (3) س – صنيعتك. د، ى، ز – صنيعك.

[ 338 ]

وتملا، ووقفت عليه كما وقفت على الناس بالماء، حتى بلغ حاجته وقلت: ازدد، فقال: قد اكتفيت. دفع الله عنك المكروه. فقد دفعت عني جوعا عظيما، قلت: هل لك عيال؟ قال: إي والله، وإنهم لاجهد مني، وما انساغ لي ما أكلت دونهم، قلت: فدونك، فاحمل إليهم ما أردت، فجعل يأخذ فاحتشم (1) فأزيده حتى حمل ما قدر عليه أن يحمله، وامتنع من الزيادة ودعا بخير وانصرف، فدخلت على أهلي فبت أحسن مبيت، فأعلمه أبوه الخبر، وقص عليه القصة وأكثر من حمد الله وشكره. فصل (5) ذكر ما يجوز من الصدقة وما لا يجوز (1269) روينا عن جعفر بن محمد (ص) (2): أنه سئل عن رجل تصدق بصدقة مشتركة فقال: جائزة. وعنه (ع) أنه سئل عن الصدقة بالمشاع فقال: جائز، تقبض كما يقبض المشاع (3). (1270) وعنه (ع) أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض فقال: إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له إن كان طفلا، جازت، قبضت أو لم تقبض. فإن لم تقبل فليست بشئ حتى تقبل.


(1) د، يستحيى. (2) س. ى، د، ز، ط – عن أبيه عن آبائه ع – عن أبيه عن آبائه عن علي ع. (3) حش ى – من مختصر المصنف: الوقف والتحبيس معنى واحد وهو جائز في كل عين تنحاز من غيرها والوقف جائز في كل ما تتم به المنفعة وعينه باقية، ولا يصح وقف ما لا يصح الانتفاع به إلا بعد زوال عينه كالدنانير والدراهم وأشباه ذلك، ولا بأس لمن وقف رقيقا أو بهائم أو ما يبلغ حاله إلى زوال الانتفاع به أن يبيع ما أشفى على العطب من الحيوان بزمانة وما خلق من آلة أو ثوب، ويبدل مكانه بثمنه إن أمكنه ذلك أو يصرفه في وجه من منافع أوقفه فيه أو يرد البعض منه على ما بقى أو يبيعه من هو في يديه على مثل هذه الوجوه، (وهذه العبارة لا توجد في نسخ مختصر الاثار).

[ 339 ]

(1271) وعن الحسين بن علي (ع) أنه ورث أرضا وأشياء، فتصدق بها قبل أن يقبضها. (1772) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يتصدق على ولده أو على غيرهم بصدقة، أيصلح له أن يرجع فيها فيردها؟ فقال: إن رسول الله (صلع) قال: إن الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها كالذي (1) يقئ ويرجع في قيئه (2). (1273) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله فقال: يابن رسول الله إن والدي تصدق على بدار، ثم بدا له أن يرجع فيها، وإن قضاة بلدنا يقضون أنها لي وليس له أن يرجع فيها، وقد تصدق بها علي. ولست أدري هل ما يقضون به من الصواب أم لا؟ فقال: نعم ما قضت به قضاتكم، وبئس ما صنع والدك. إنما الصدقة لله. فما جعل لله فلا رجعة له فيه، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، فإذا رفع صوته فاخفض أنت صوتك، قال له: إن أبي قد توفى، قال: فطب بها نفسا. (1274) وعنه (ع) أنه سئل عن الصدقة يجعلها الرجل (3) لله مبتولة (4) هل له أن يرجع فيها؟ قال: إذا جعلها لله فهي للمساكين وأبناء السبيل، وليس له أن يرجع فيها. (1275) وعن علي (ص) أنه قال: إن تصدقت بصدقة ثم ورثتها فهي لك بالميراث، ولا بأس بها. قال جعفر بن محمد (ع): إذا تصدق


(1) ع – مثل الذي. (2) د، ع – فيه. (3) ط، س، ى، د، ز، ع – سئل عن الرجل يجعل الصدقة لله إلخ. (4) حش ى – مبتولة أي قطعا.

[ 340 ]

الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها ولا أن يستوهبها ولا أن يملكها بعد أن تصدق بها، إلا بالميراث، فإنها إذا دارت إليه بالميراث حلت له. (1276) وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان إذا أعطى السائل شيئا فيتسخطه انتزعه منه فأعطاه غيره. فهذا على ما قدمنا ذكره، من أن الصدقة يرجع فيها إذا لم تقبل والتسخط من ترك القبول. (1277) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل كانت له جارية (1) فأذته امرأته فيها، فقال لها: هي عليك صدقة. قال: إن كان قال ذلك لله فليمضها، وإن لم يفعل فله أن يرجع فيها. (1278) وعن علي (ع) أنه قال: لا يتبع أحدا من الناس بعد الموت شئ إلا صدقة جارية أو علم صواب أو دعاء ولد. (1279) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجرى له بعد وفاته، أو ولد صالح يدعو له، أو سنة هدى استنها (2) فهي يعمل بها بعده (3). (1280) وعن علي (ع) أنه قال: الصدقة والحبس (4) ذخيرتان، فدعوهما ليومهما (5). (1281) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه ذكر أمير المؤمنين عليا (ص) فقال: كان عبدا لله قد أوجب الله له الجنة. عمد إلى ماله فجعله صدقة


(1) ى – خادمة، ز – خادم. (2) ى – اسنتها. (3) ى – بعد موته. (4) س حش – حبيس الشئ أن يبقى أصله ويجعل ثمره في سبيل الله، ى – أي وقف. (5) حش ز – أي فدعوهما للاخرة ويوم القيامة فإنه يجعل لكم ثوابها في ذلك اليوم.

[ 341 ]

مبتولة تجرى بعده للفقراء، وقال: اللهم إنما جعلت هذا لتصرف النار عن وجهي ولتصرف وجهي عن النار. (1282) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: تصدق رسول الله (صلع) بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه، وأوقفها على فاطمة (ع). منها العواف (1) وبرقة (2) والصافية ومشربة أم إبراهيم والحسنى (3) والدلال والمنت (4). (1283) وعنه (ع) أنه قال: قسم رسول الله (صلع) الفئ فأصاب على أرضا فاحتقر فيها عينا فخرج منها ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير، فجاء إليه بذلك البشير فقال: بشر الوارث (5). هي صدقة بتا بتلا في حجيج بيت الله وعابري سبيله، لا تباع ولا توهب ولا تورث، فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائك (6) والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. وسماها ينبع. (1284) وعن علي (ص) أنه أوصى بأوقاف أوقفها من أمواله ذكرها في كتاب وصيته. كان فيما ذكره منها: هذا ما أوصى به وقفا (7) فقضى في ماله علي بن أبي طالب ابتغاء وجه الله ليولجنى الله به الجنة ويصرفني عن النار ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.


(1) س، ز، ع – العواف. ى، د، ط، – العوالي. (2) ط – برقة، س برقة، كذا في مجمع البحرين. (3) ى، د، الحسناء. (4) حش ط – قوله العوالي إلى آخر هذه الاسماء كلها أسماء البساتين، س، ط، – المنت. ز، ى، ع، د – المنبت. (5) حش ى – المراد بالوارث من أوقفها عليه، حش ز – يعني بشر الوارث بأنهم فاتوا الميراث إلخ. (6) س. ى، د – الملائكة. (7) (وقفا) حذف في ى، ز.

[ 342 ]

ما كان لي ينبع من مال ويعرف لي منها وما حولها صدقة ورقيقها غير أن رياحا وأبا بيرز وحبترا عتقاء ليس لاحد عليهم سبيل وهم موالي يعملون في المال خمس حجج وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة ورقيقها صدقة، وما كان لي ببرقة (1) وأهلها صدقة. غير أن زريقا له مثل ما كتبت لاصحابه. وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة، والذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حي أنا أو ميت، تنفق في كل نفقة يبتغي بها وجه الله وفي سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب والقريب والبعيد، وأنه يقوم على ذلك الحسن بن علي (م) يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يريه الله في حل محلل لا حرج عليه فيه. وإن أراد أن يبذل مالا من الصدقة مكان مال، فإنه يفعل ذلك لا حرج عليه فيه وإن أراد أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فعل إن شاء، ولا حرج عليه فيه. وإن ولد علي وما لهم إلى الحسن ابن علي، وإن كانت دار الحسن بن علي دارا غير دار الصدقة، فبدا له أن يبيعها فليبع إن شاء ولا حرج عليه فيه. فإن باع فثمنها ثلاث أثلاث، يجعل ثلثا في سبيل الله وثلثا في بني هاشم (2) وثلثا في آل أبي طالب، يضعه فيه حيث يريه الله. وإن حدث بالحسن حدث والحسين حي، فإنه إلى الحسين بن علي. وإن حسين بن علي يفعل فيه مثل الذي أمرت حسنا، وله مثل الذي كتبت للحسن، وعليه مثل الذي على حسن. وإن الذي لبني فاطمة من صدقة علي (ع) مثل الذي لبني علي، وإني إنما جعلت الذي جعلت إلى بني فاطمة ابتغاء وجه الله ثم لكريم حرمة محمد (صلع)


(1) ز، ى – برعة. (2) ى ز د – وبني عبد المطلب.

[ 343 ]

وتعظيما وتشريفا ورضا بهما، فإن حدث بالحسن والحسين حدث فإن ولد الاخر منهما ينظر في ذلك، وإن رأى أن يوليه غيره نظر في بني علي (م) فإن وجد فيهم من يرتضي دينه وإسلامه وأمانته جعله إليه إن شاء، وإن لم ير فيهم الذي يريده فإنه يجعله إن شاء إلى رجل من آل أبي طالب يرتضيه، فإن وجد آل أبي طالب يومئذ قد ذهب أكابرهم وذوو آرائهم وأسنانهم، فإنه يجعله إن شاء إلى رجل يرضى حاله من بني هاشم، ويشترط على الذي يجعل ذلك إليه أن يترك المال على أصله، وينفق ثمرته حيث أمرته في سبيل الله (ع ج) ووجوهه، وذوي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب والقريب والبعيد، لا يباع منه شئ ولا يوهب ولا يورث، وإن مال محمد (صلع) على ناحيته إلى بني فاطمة، وكذلك مال فاطمة إلى بنيها. وذكر باقي الوصية. (1285) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه قال: تصدق أمير المؤمنين علي (ص) بدار له في المدينة في بني زريق وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق علي بن أبي طالب وهو حي سوى تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتى يرثها الله الذي يرث السموات والارض. وأسكن هذه الدار الصدقة خالاته ما عشن، وأعقابهن ما عاش أعقابهن. فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين. شهد الله (1). (1286) وعن أبي جعفر محمد بن علي (2) (ع) أنه قال لابي بصير: يا أبا بصير، ألا أقرئك وصية فاطمة (ع)؟ قال: نعم، فافعل متفضلا


(1) س – شهد، ى، ز – شهد الله (من نسخة اليمن)، ط، د – وشهد بذلك، ع – وأشهد بذلك. (2) س – وعن علي (ص).

[ 344 ]

جعلت فداك، فأخرج حقا أو سفطا، فأخرج منه كتابا فقرأه. فيه (1): بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد (صلع) أوصت بحوائطها السبعة: العواف (2) والدلال والبرقة والمنبت والحسنى والصافية ومشربة أم إبراهيم إلى علي بن أبي طالب فإن مضى علي فإلى الحسن، فإن مضى فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الاكبر من ولده، شهد الله على ذلك، والمقداد بن الاسود والزبير بن العوام. وكتب علي بن أبي طالب. (1287) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا بأس أن يحبس الرجل على بناته ويشترط أنه من تزوجت منهن فلا حق لها في الحبس، فإن تأيمت، رجعت إلى حقها. (1288) وعنه (ع) أنه قال: من أوقف (3) وقفا فقال: إن احتجت إليه فأنا أحق به، فإن مات رجع ميراثا. (1289) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: تصدق الحسين بن علي (ع) بدار، فقال له الحسن بن علي: تحول عنها. (1290) وعنه (ع) أن بعض أصحابه كتب إليه أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس، وذكر أنه وقع بين الذين أوقف عليهم هذا الوقف اختلاف شديد، فإنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم، وسأل عن رأيك في ذلك. فكتب إليه (4): إن رأى له، إن لم يكن جعل آخر الوقف لله، أن يبيع حقى من هذه الضيعة ويوصل عن ذلك إلي، وأن يبيع القوم إذا تشاجروا، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الاموال والانفس.


(1) ى – فكان فيه. (2) س، ى – ز، ع، العواف، د، ط، العوالي. (3) ى، د، ز، ع، ط – أوقف، س – وقف. (4) ى – فكتب إليه: أرى له.

[ 345 ]

(14) كتاب الوصايا فصل (1) ذكر الامر بالوصية وما يرضى به (1291) قال الله (ع ج) (1): إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين الاية. قال الله (ع ج) (2): يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم. روينا عن جعفر ابن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه (3) أن رسول الله (صلع) قال: ليس ينبغي للمسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه. (1292) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: الوصية حق على كل مسلم. (1293) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قيل له: إن أعين مولاك لما احتضر اشتد نزاعه ثم أفاق حتى ظننا أنه قد استراح ثم مات بعد ذلك. فقال (ع): تلك راحة الموت. أما إنه ما من ميت يموت حتى يرد الله عز وجل عليه من عقله وسمعه وبصره. وعدد أشياء للوصية، أخذ أو ترك.


(1) 3 / 180. (2) 5 / 106. (3) س. ى، د، ع، ط، ز – عن علي عليه السلام.

[ 346 ]

(1294) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من لم يحسن وصيته عند الموت كان ذلك نقصا من مروءته وعقله. قالوا: يا رسول الله، كيف يوصى الميت؟ قال: إذا حضرته الوفاة واجتمع إليه الناس قال: اللهم فاطر السموات والارض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، إني عاهد (1) إليك في دار الدنيا، إني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأن الجنة حق، وأن النار حق، والبعث حق، والحساب حق، والقدر حق، والميزان حق، وأن الدين كما وصفت، والاسلام كما شرعت والقول كما حدثت، وأن القرآن كما أنزلت، وأنك أنت الله الحق المبين. جزى الله عنا محمدا خير (2) الجزاء وحيا الله محمدا بالسلام، اللهم يا عدتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدتي ويا ولي نعمتي، إلهي وإله آبائي، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك إن تكلني إلى نفسي أقترب من الشر وأتباعد عن الخير. وآنس في القبر وحشتي، واجعل لي عندك عهدا يوم ألقاك. ثم يوصي بحاجته، فهذا عهد الميت. والوصية حق على كل مسلم، قال علي (ع) علمني رسول الله (صلع) هذه الوصية وقال لي: علمنيها جبرئيل عليه السلام. (1295) وعن علي (ع) أنه قال: ينبغي لمن أحس بالموت أن يعهد عهده ويجدد وصيته. قيل: وكيف يوصي يا أمير المؤمنين؟ قال يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، شهادة (3) من الله شهد به فلان بن فلان: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (4) اللهم من عندك وإليك وفي قبضتك ومنتهى قدرتك يداك


(1) س، ز، ع – عاهد. ى، ط، د – عاهدت. (2) س. ى، ز، د، ط، ع – أفضل. (3) د – أشهد شهادة. (4) 3 / 180.

[ 347 ]

مبسوطتان، تنفق كيف تشاء وأنت اللطيف الخبير، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان بن فلان. أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين (1) اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا وأشهد حملة عرشك وأهل سمواتك وأهل أرضك ومن ذرأت وبرأت وفطرت وأنبت وأجريت بأنك أنت الله الذي (2) لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الجنة حق وأن النار حق. أقول قولي هذا مع من يقوله وأكفيه من أبى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم من شهد بما شهدت به فاكتب شهادته مع شهادتي، ومن أبى فاكتب شهادتي مكان شهادته واجعل لي بها عندك عهدا توفينيه يوم ألقاك فردا، إنك لا تخلف الميعاد، ثم يفرش فراشه مما يلي القبلة، ثم يقول: على ملة رسول الله (صلع) حنيفا وما أنا من المشركين (3). ويوصي كما أمر رسول الله (صلع). (1296) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: قال في وصية رسول الله (صلع) لعلي: يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها، ثم قال: اللهم أعنه، أما الاولى فالصدق، لا تخرجن من فيك كذبة أبدا (4) والثانية الورع، لا تجترئ على خيانة أبدا، والثالثة الخوف من الله حتى كأنك تراه. والرابعة كثرة البكاء لله يبنى لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة،


(1) 36 / 70. (2) ز – حذ (الذي). (3) 6 / 79. (4) س – لا تخرجن الكذب من فمك أبدا.

[ 348 ]

والخامسة بذلك مالك ودمك دون دينك، والسادسة الاخذ بسنتي في صلاتي وصيامي وصدقتي، أما الصلاة فالاحدى والخمسون ركعة، وأما الصيام فثلاثة أيام في كل شهر، خميس من أوله، وأربعاء في وسطه وخميس في آخره. وأما الصدقة فجهدك حتى يقال: قد أسرفت ولم تسرف. فعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الزوال وعليك بصلاة الزوال وعليك بصلاة الزوال، وعليك بتلاوة القرآن على كل حال، وعليك برفع يديك في صلاتك، وعليك بالسواك عند كل وضوء وعليك بمحاسن الاخلاق فاركبها، ومساوئ الاخلاق فاجتنبها، وإن لم تفعل فلا تلم إلا نفسك. (1297) وعن علي بن الحسين ومحمد بن علي (ع) أنهما ذكرا وصية علي (ص) فقالا: [ 1 ] أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع الكتب إليه والسلاح ثم قال له: أمرني رسول الله (صلع) أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله (صلع) ودفع إلى كتبه وسلاحه وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفع ذلك إلى أخيك الحسين. ثم أقبل على الحسين فقال: وأمرك رسول الله أن تدفعه إلى ابنك هذا. ثم أخذ بيد ابنه علي بن الحسين (ع) فضمه إليه. فقال له: يا بني، وأمرك رسول الله (صلع) أن تدفعه إلى ابنك محمد فأقرئه من رسول الله (صلع) ومني السلام. ثم أقبل إلى ابنه الحسن فقال: يا بني أنت ولي الامر وولي الدم، فإن عفوت فلك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأتم (1) وكان


(1) ع، ط – تأتم، وحش ع – يعني لا تبطئ من أتم. حش ى – ولا تأتم يقال أتم إذا أبطأ – من الزينة، الا تم الابطاء يقال في سيره أتم، وغيره من النسخ: ولا تأثم.

[ 349 ]

قبل ذلك قد خص الحسن والحسين (ع) بوصية أسرها إليهما كتب لهما فيها أسماء الملوك في هذه الدنيا ومدة الدنيا وأسماء الدعاة إلى يوم القيامة. ودفع إليهما كتاب القرآن وكتاب العلم. ثم لما جمع الناس قال لهما ما قال. ثم كتب كتاب وصية هو: [ ب ] بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله علي بن أبي طالب لاخر أيامه من الدنيا وهو صائر إلى برزخ الموتى والرحيل عن الاهل والاخلاء. وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه صلوات الله عليه وعلى آله وعلى إخوانه المرسلين وذريته الطيبين، وجزى الله عنا محمدا أفضل ما جزى نبيا (1) عن أمته. وأوصيك يا حسن وجميع من حضرني من أهل بيتي وولدي وشيعتي بتقوى الله. ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (2). فإني سمعت رسول الله (صلع) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم. وأوصيكم بالعمل قبل أن يؤخذ منكم بالكظم، وباغتنام الصحة قبل السقم، وقبل أن تقول نفس: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين (3). وأني ومن أين؟ وقد كنت للهوى متبعا فيكشف (4) عن بصره وتهتك له حجبه لقول الله (ع ج) (5): فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم ح ديد، أنى له البصر، ألا (6) أبصر قبل هذا الوقت الضرر قبل أن تحجب التوبة بنزول


(1) ع – ما جزى به نبيا. (2) 3 / 102 – 103، س – تتفرقوا. (3) 39 / 56 – 57. (4) س – فليكشف. (5) 50 / 22. (6) ط – ألا ما أبصر.

[ 350 ]

الكربة فتتمنى النفس أن لو ردت لتعمل بتقواها فلا ينفعها المنى. وأوصيكم بمجانبة الهوى فإن الهوى يدعو إلى العمى. وهو الضلال في الاخرة والدنيا. وأوصيكم بالنصيحة لله عز وجل وكيف لا تنصح لمن أخرجك من أصلاب أهل الشرك وأنقذك من جحود أهل الشك، فاعبده رغبة (1) ورهبة، وما ذاك عنده بضائع. وأوصيكم بالنصيحة للرسول الهادي محمد (صلع) ومن النصيحة له (2) أن تؤدوا إليه أجره، قال الله عز وجل (3): قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ومن وفى (4) محمدا أجره بمودة قرابته، فقد أدى الامانة، ومن لم يؤدها كان خصمه ومن كان خصمه خصمه. ومن خصمه، فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (5). [ ج ] يا أيها الناس، إنه لا يحب محمد إلا الله، ولا يحب آل محمد إلا لمحمد ومن شاء فليقلل (6) ومن شاء فليكثر. وأوصيكم بمحبتنا والاحسان إلى شيعتنا، فمن لم يفعل فليس منا. وأوصيكم بأصحاب محمد الذين لم يحدثوا حدثا، ولم يؤووا محدثا، ولم يمنعوا حقا. فإن رسول الله (صلع) قد أوصانا بهم، ولعن المحدث منهم ومن غيرهم. وأوصيكم بالطهارة التي لا تتم الصلاة إلا بها وبالصلاة التي هي عمود الدين وقوام الاسلام فلا تغفلوا عنها، وبالزكاة التي بها تتم الصلاة، وبصوم شهر رمضان وحج البيت (الحرام) (7) من استطاع إليه سبيلا (8) وبالجهاد في سبيل الله فإنه ذروة الاعمال وعز الدين والاسلام،


(1) س – رغبة. (2) ز – حذ (له). (3) 42 / 23. (4) د – أونى. (5) 3 / 162. (6) س، ز، د، ع، ى. ط – فليقل. (7) (الحرام) زيد في كل مخطوطات. (8) 3 / 97.

[ 351 ]

والصوم فإنه جنة (1) من النار، وعليكم بالمحافظة على أوقات الصلاة، فليس مني من ضيع الصلاة. وأوصيكم بصلاة الزوال فإنها صلاة الاوابين، وأوصيكم بأربع ركعات بعد صلاة المغرب فلا تتركوهن، وإن خفتم عدوا. وأوصيكم بقيام الليل من أوله إلى آخره (2). فإن غلب عليكم النوم (3) ففي آخره، ومن منع بمرض فإن الله يعذر بالعذر. وليس مني ولا من شيعتي من ضيع الوتر أو مطل بركعتي الفجر. ولا يرد على رسول الله (صلع) من أكل مالا حراما، لا والله لا والله لا والله، ولا يشرب من حوضه ولا تناله شفاعته لا والله، ولا من أدمن شيئا (4) من هذه الاشربة المسكرة، ولا من زنى بمحصنة (5) لا والله، ولا من لم يعرف حقي ولا حق أهل بيتي، وهي أوجبهن لا والله، ولا يرد عليه من اتبع هواه، ولا من شبع وجاره المؤمن جائع، ولا يرد عليه من لم يكن قواما لله بالقسط. [ د ] إن رسول الله (صلع) عهد إلي فقال: يا علي، مر بالمعروف وانه عن المنكر (6) بيدك، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك، وإلا فلا تلومن إلا نفسك (7)، وإياكم والغيبة فإنها تحبط الاعمال (8). صلوا الارحام، وأفشوا السلام (9)، وصلوا والناس نيام. وأوصيكم


(1) حش ى – الجنة الستر والجنة ما يستر من السلاح كالقوس ونحوه. (2) س (في الهامش) – وأوصيكم بقيام الليل من زوال الليل إلى آخره، د، ز ى – وأوصيكم بقيام الليل، وأوصيكم بقيام الليل إلخ. (3) ى – فإن غلبكم النوم. (4) ع، د، ط، ى – على شرب شئ من إلخ. (5) حش ى – أحصنت المرأة أي عفت فهي محصنة بكسر الصاد، وأحصنها زوجها فهي محصنة بالفتح، ورجل محصن عفيف ومحصن أحصنته امرأته. (6) 31 / 17 – وفي الكتاب المبين (وأمر). (7) انظر 14 / 22. (8) ز، ى – العمل. (9) زيد في ط، ع، د – وأطعموا الطعام.

[ 352 ]

يا بني عبد المطلب خاصة أن يتبين فضلكم على من أحسن إليكم، وتصديق رجاء من أملكم فإن ذلكم (1) أشبه بأنسابكم، وإياكم والبغضة لذوي أرحامكم المؤمنين، فإنها الحالقة (2) للدين، وعليكم بمدارة الناس فإنها صدقة، وأكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وعلموها أطفالكم (3)، وأسرعوا بختان أولادكم فإنه أطهر لهم، ولا تخرجن من أفواهكم كذبة ما بقيتم، ولا تتكلموا بالفحش فإنه (4) لا يليق بنا، ولا بشيعتنا، وإن الفاحش لا يكون صديقا، وإن المتكبر ملعون والمتواضع عند الله مرفوع، وإياكم والكبر فإنه رداء الله عز وجل، فمن نازعه رداءه قصمه (5) الله، والله الله في الايتام فلا يجوعن بحضرتكم، والله الله في ابن البسيل فلا يستوحشن من عشرته بمكانكم، والله الله في الضيف لا ينصرفن إلا شاكرا لكم، والله الله في الجهاد للانفس فهي أعدى العدو لكم، فإنه قال تبارك وتعالى (6): إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي (7). وإن أول المعاصي تصديق النفس والركون إلى الهوى، والله الله لا ترغبوا في الدنيا فإن الدنيا هي رأس الخطايا، وهي من بعد إلى زوال، وإياكم والحسد فإنه أول ذنب كان من الجن قبل الانس، وإياكم وتصديق النساء فإنهن أخرجن أباكم من الجنة وصيرنه إلى نصب الدنيا. وإياكم وسوء الظن فإنه يحبط العمل، واتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر


(1) ى، د، ز، – ذلك. (2) حش ى – الحالقة قطيعة الرحم يقال بينهم حالقة لا تدع شيئا إلا أهلكته. (3) ى – أولادكم. (4) ز – فإن الفحش. (5) د، ط – قاصمه الله. (6) 12 / 53. (7) (إلا ما رحم ربي) حذ في ى، ز، د، ط. والمتن كما في س، ع.

[ 353 ]

لكم ذنوبكم (1). [ چه‍ ] وعليكم بطاعة من لا تعذرون في ترك طاعته، وطاعتنا، أهل البيت، فقد قرن الله طاعتنا بطاعته وطاعة رسوله، ونظم ذلك في آية من كتابه، منا من الله علينا وعليكم، وأوجب (2) طاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة الامر من آل رسوله (3) وأمركم أن تسألوا أهل الذكر، ونحن والله أهل الذكر، لا يدعي ذلك غيرنا إلا كاذبا. يصدق ذلك قول الله (ع ج) (4): قد أنزل الله إليكم ذكرا، رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور، ثم قال (5): فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. فنحن أهل الذكر، فاقبلوا أمرنا وانتهوا عما (6) نهينا، ونحن الابواب التي أمرتم أن تأتوا البيوت (7) منها، فنحن والله أبواب تلك البيوت، ليس ذلك لغيرنا، ولا يقوله احد سوانا. [ و ] أيها الناس! هل فيكم أحد يدعى قبلى جورا في حكم، أو ظلما في نفس أو مال، فليقم (8) أنصفه من ذلك. فقام رجل من القوم فأثنى ثناء حسنا عليه وأطرأه وذكر مناقبه في كلام طويل. فقال علي (ع): أيها العبد المتكلم! ليس هذا حين إطراء، وما أحب أن يحضرني أحد في هذا المحضر بغير النصيحة، والله الشاهد على من رأى شيئا يكرهه (9) فلم يعلمنيه،


(1) 33 / 70 – 71. (2) ط، د ى، ع. س – فوجبت، ز – حذ. (3) س. د، ط – من أهل البيت. ز، ى، ع – من أهل بيت رسوله. (4) 65 / 10 – 11. (5) 16 / 43. (6) س، ى، ز، ط، د – إلى نهينا. ع – عما وهو الصحيح. (7) 2 / 189. (8) د، ط، – فليقم به. (9) س – كرهه.

[ 354 ]

فإني أحب أن أستعتب من نفسي قبل أن تفوت نفسي، اللهم إنك شهيد وكفى بك شهيدا، إني بايعت رسولك وحجتك في أرضك محمدا (صلع) أنا وثلاثة من أهل بيتي على أن لا ندع (1) لله أمرا إلا علمناه، ولا ندع له نهيا إلا رفضناه، ولا وليا إلا أحببناه، ولا عدوا إلا عاديناه، ولا نولي ظهورنا عدوا، ولا نمل عن فريضة، ولا نزداد لله ولرسوله إلا نصيحة. فقتل أصحابي، رحمة الله ورضوانه عليهم، وكلهم من أهل بيتي: عبيدة بن الحارث (رح) قتل ببدر شهيدا، وعمي حمزة قتل يوم أحد شهيدا رحمة الله عليه ورضوانه، وأخي جعفر قتل يوم موتة شهيدا رحمة الله عليه، فأنزل الله في وفي أصحابي (2): من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، أنا (3) والله المنتظر ما بدلت تبديلا، ثم وعدنا بفضله الجزاء فقال: (4) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، وقد آن لي فيما نزل بي أن أفرح بنعمة ربي. فأثنوا عليه خيرا وبكوا. [ ز ] فقال: أيها الناس، أنا أحب أن أشهد عليكم أن لا يقوم أحد فيقول: أردت أن أقول فخفت، فقد أعذرت بيني وبينكم، اللهم إلا أن يكون أحد يريد ظلمي والدعوى علي (5) بما لم أجن. أما إني لم أستحل من أحد مالا، ولم أستحل من أحد دما بغير حله. جاهدت مع رسول الله (صلع) بأمر الله وأمر رسوله، فلما قبض الله رسوله، جاهدت


(1) س – ندع، ونولى ونمل، ونزداد. (2) 33 / 23. (3) س – وهو أنا إلخ. (4) 10 / 58. (5) ى – قبلى.

[ 355 ]

من أمرني بجهاده من أهل البغي وسماهم لي رجلا رجلا، وحضني على جهادهم، وقال: يا علي تقاتل الناكثين (1) وسماهم لي، والقاسطين وسماهم لي، والمارقين وسماهم لى. فلا تكثر منكم الاقوال فإن أصدق ما يكون المرء عند هذا الحال، فقالوا خيرا وأثنوا بخير وبكوا. فقال للحسن: يا حسن أنت ولي دمي وهو عندك (2) وقد صيرته إليك (يعني ابن ملجم لعنة الله عليه) ليس لاحد فيه حكم، فإن أردت أن تقتل فاقتل، وإن أردت أن تعفو فاعف، وأنت الامام بعدي، ووارث علمي وأفضل من أترك بعدي وخير من أخلف (3) من أهل بيتي، وأخوك ابن أمك بشركما رسول الله (صلع) بالبشرى. فأبشرا بما بشركما واعملا لله بالطاعة، فاشكراه على النعمة. ثم لم يزل يقول: اللهم اكفنا عدوك الرجيم، اللهم إني أشهدك أنك لا إله إلا أنت، وأنك الواحد الصمد، لم تلد ولم تولد ولم يكن لك (4) كفوا أحد، فلك الحمد عدد نعمائك لدي وإحسانك عندي، فاغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين. [ ح ] ولم يزل يقول: لا إله إلا الله، وحدك (5) لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك، عدة لهذا الموقف وما بعده من المواقف، اللهم اجز محمدا عنا خيرا (6)، واجز محمدا عنا خير الجزاء وبلغه منا أفضل السلام، اللهم ألحقني به ولا تحل بيني وبينه، إنك سميع الدعاء، رءوف (7) رحيم.


(1) حش ى – الناكثون أهل البصرة، أو قال: أصحاب الجمل، أما القاسطون فأهل الشام، والمارقون فالخوارج. (2) س، عبد – ط، د، ز، ى، ع – عندك. (3) ى – وخير خلفي. (4) د، ى – له. (5) س. ى، ز، د، ط، – وحده، وله، وعبده. (6) حذ ى، ز، ع. (7) ز، ى – غفور.

[ 356 ]

ثم نظر إلى أهل بيته فقال: حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم، وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام. ثم لم يزل يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، حتى قبض، صلوات الله عليه ورحمته ورضوانه (1)، ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. فصل (2) ذكر ما يجوز من الوصايا وما لا يجوز منها (1298) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه حضر رجلا مقلا، فقال له الرجل: الا أوصي، يا أمير المؤمنين؟ فقال. أوص بتقوى الله، فأما المال فدع مالك لورثتك فإنه طفيف يسير وإنما قال الله عز وجل (2): إن ترك خيرا [ ن ] الوصية، وأنت فلم تترك خيرا توصى فيه (3). (1299) وعنه (ع) عن رسول الله (صلع) أنه قال: المرء أحق بثلثه يضعه حيث أحب. قال علي (ع) لرجل: أن يوصي في ماله بالثلث والثلث كثير. وقال جعفر (4) بن محمد (ع): وكذلك المرأة، لها مثل ذلك.


(1) ط – وبركاته. (2) 3 / 180. (3) ط، د – به. (4) ز – قال أبو جعفر.

[ 357 ]

(1300) وعن علي (ع) أنه (1) استحب ان يقتصر في الوصية على الخمس، وقال: إن الله عز وجل رضى بالخمس، من عباده، وقال: الخمس اقتصاد، والثلث جهد (2) بالورثة ولان يوصي بالربع أحب إلي من أن يوصى بالثلث، وقال جعفر بن محمد (ع): من أوصى بالثلث لم يترك (3) وقد أضر بالورثة، والوصية بالربع والخمس أفضل من الوصية بالثلث. فهذا هو استحباب مما ذكرنا عنه. والوصية بالثلث جائزة. وإن (4) كان الميراث كثيرا والورثة أغنياء فلا بأس باستغراق الثلث. وإن كانوا فقراء، فالاقتصار على ما دونه كما جاء ذلك أفضل، ولا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا أن يجيزها الورثة ويكونوا جائزي الامر أو من يجوز أمره (5) منهم في حصته. (1301) وعن علي (ص) (6) أنه قال: من أوصى بأكثر من الثلث، أو أوصى بماله كله فإنه لا يجوز ويرد إلى المعروف غير المنكر. فمن ظلم نفسه في الوصية وخاف عليها، فإنها ترد إلى المعروف ويترك لاهل الميراث حقهم. (1302) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا: من أوصى بوصايا ذكر فيها العتق، فإنها تخرج من ثلثه ويبدأ بالعتق ويكون ما فضل في الوصايا. قال جعفر بن محمد (ع): وكذلك إن أوصى بأن


(1) س، ز، ى،. د، ع، ط، – أنه قال أستحب أن يقتصر إلخ. (2) حش ى – شدة. (3) زيد في ط – مالا كثيرا. (4) ى – وإذا كان إلخ. (5) ى – ومن يجوز أمر كل واحد منهم إلخ. (6) ع – وعن جعفر بن محمد ع.

[ 358 ]

يحج عنه من لم يكن حج فإنه يبدأ بالحج على سائر الوصايا. (1303) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا من أصحابه قال له: إن إمرأة من عندنا أوصت بثلثها وقالت: يعطى منه جزء لفلان وجزء لفلانة. وإن ابن أبي ليلى رفع إليه ذلك فأبطله (1) وقال: إنما ذكرت شيئا لم تسمه، فقال أبو عبد الله (ع) لم يدر ابن أبي ليلى وجه الصواب. الجزء واحد من عشرة (2) يعني أن الاجزاء كلها إنما تتجزأ من عشرة فما دونها. يقال نصف وثلث وربع، كذلك إلى العشرة، وليس ذلك فوقها. (1304) وعنه (ع) أنه قال في رجل أوصى لرجل بسهم من ثلثه، فقال: يعطى سدسه لان السهام من ستة. (1305) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: لا وصية لوارث، وهذا إجماع فيما علمناه، ولو جازت الوصية للوارث لكان يعطي من الميراث أكثر مما سماه الله (ع ج) (3)، ومن أوصى لوارثه فإنما استقبل حق الله (ع ج) الذي جعل له، وخالف كتابه، ومن خالف كتابه لم يجز فعله. وقد جاءت رواية عن جعفر بن محمد (ع) دخلت من أجلها الشبهة على بعض من انتحل قوله، وهي أنه سئل عن رجل أوصى لقرابته، فقال: يجوز ذلك لقول الله (ع ج) (4) إن ترك خيرا [ ن ] الوصية للوالدين والاقربين، والذي ذكرناه عنه وعن آبائه الطاهرين هو أثبت وهو اجماع من (5) المسلمين.


(1) ز، ى، س،. د، ع، ط – أبطل ذلك لما رفع ذلك إليه. (2) حش ى – وقال في مختصر الايضاح: إن هذه الاجزاء العشرة من ثلث مال الميت لا من المال كله. (3) س حذ (له). (4) 2 / 180. (5) ى – وهو من إجماع المسلمين.

[ 359 ]

(1306) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: لا وصية لوارث، قد فرض الله لاهل المواريث فرائضهم. فإن ثبت عن جعفر بن محمد (ع) ما ذكرناه آخرا، فإنما عنى بالوالدين والاقربين غير الوارثين (1) كالقرابة الذين لا يرثون يحجبهم من هو دونهم. وكالوالدين المملوكين (2) أو المشركين وقد ذكرنا فيما تقدم أن المملوك يشتري من تراث وليه فيعتق ويرث باقيه. وسنذكر فيما بعد إيضاح ذلك إن شاء الله، وقد يكون المراد بالوصية للوالدين والاقربين بالمعروف كما قال الله (ع ج) أي بما يستحقون بالميراث، وهو المعروف كالرجل يحضره الموت فيوصى لورثته بماله على فرائضهم، أو يدفع ذلك إليهم في حياته على ما جعله الله لهم لئلا يتشاجروا فيه بعده، أو ينكر بعضهم بعضا قرابتهم منه. (1307) وقد جاء عن جعفر (3) بن محمد (ع) أنه قال في العطية للوارث والهبة في المرض الذي يموت منه المعطى والواهب: إنها غير جائزة، وهذا مما يؤيد ما ذكرناه. (1308) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يقر بالدين في مرضه الذي يموت منه لوارث من ورثته. قال: ينظر حال المقر، فإن كان عدلا مأمونا من الجنف (4) جاز إقراره. وإن (5) كان على خلاف ذلك، لم يجز إقراره إلا أن يجيزه الورثة.


(1) ى حذ (خير الوارثين). (2) س – كالوالدين من المملوكين إلخ. (3) ز – عن أبو جعفر محمد بن علي. (4) س، ى، ز، ط – الجنف. ع، د – الحيف، حش ى – يقال جنف في الوصية أي جار فيها أو مال. (5) س – من كان.

[ 360 ]

(1309) وعن علي (ع) أنه قضى رسول الله (صلع) بالدين قبل الوصية. وأنتم تقرءون (1): من بعد وصية يوصي بها أو دين، وعن الحكم ابن عيينة قال: كنت جالسا على باب أبي جعفر (ع)، إذ أقبلت امرأة فقالت: استأذن لي على أبي جعفر، فقيل لها: وما تريدين؟ قالت: أردت أن أسأله عن مسألة. قيل لها: هذا الحكم فقيه أهل العراق، فاسأليه قالت: إن زوجي هلك وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صداقي خمس مائة (2) فأخذت صداقي وأخذت ميراثي. ثم جاء رجل فقال: لي عليه ألف درهم، وكنت أعرف ذلك له فشهدت بها. فقال الحكم: اصبري حتى أتدبر مسألتك وأحسبها. وجعل يحسب. فخرج إليه أبو جعفر، وهو على ذلك، فقال: ما هذا الذي تحرك أصابعك يا حكم؟ فأخبره، فما أتم الكلام حتى قال أبو جعفر: أقرت له بثلثي ما في يديها، ولا ميراث لها حتى تقضيه. (1310) وعن علي (ع) وأبي جعفر (صلع) أنهما قالا في رجل أوصى (3) لرجل غائب بوصية، ومات على وصيته فنظر بعد ذلك، فوجد الموصى له قد مات قبل الموصى، قالا: بطلت الوصية وإن كان غائبا فأوصى له ثم مات بعده نظر، فإن كان قد قبل الوصية فهي لورثته، وإن لم يقبلها فهي لورثة الموصى. (1311) وعن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام، أنهما قالا: للمرء أن يرجع في وصيته، في صحة كانت أو مرض، أو يغير منها ما شاء.


(1) 4 / 11. (2) س. ز، ط، ى، د، ع – خمس مائة درهم.. (3) ى، ع – يوصى.

[ 361 ]

فهو فيها بالخيار. وما مات عليه منها أخرج من ثلثه. (1312) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا: من أوصى بوصية نفذت من ثلثه، وإن أوصى بها ليهودي أو نصراني أو فيما أوصى به، فإنه يجعل فيه، لقول الله تعالى (1): فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه، يعنون (ع) (2) إذا جعلها فيما يجوز للحي المسلم أن يفعله، فإن أوصى بها في غير ما يجوز، لم يجز (3). (1313) وعن أبي جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل أوصى في حج فجعل وصية ذلك في نسمة، قال: يغرم الوصي ما خالف فيه ويرد إلى ما أمر به الموصى. (1314) وعنه (ع) أنه قال: أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب (ع) وقالت: يا رسول الله! أعتق خادمي فلانة. فقال: أما إنك ما قدمت من خير تجديه. فلما توفيت وقف رسول الله (صلع) على قبرها من قبل أن تنزل فيه، وقال: اصبروا. ثم نزل (صلع) فاضطجع في لحدها ثم خرج، وقال: أنزلوها، إنما فعلت ما فعلت، أردت أن يوسعه الله (ع ج) عليها، فإنه لم ينفعني أحد نفعها ونفع أبي طالب، وقام بوصيتها ونفذها على ما أوصت. (1315) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أوصى إلى رجل فهو بالخيار في أن يقبل الوصية أو يردها إذا كان حاضرا، فإن ردها بحضرة


(1) 2 / 181. (2) س – يعني ع. (3) حش ى، ز – مثل أن يقول خذوا من ثلثي خمرا فأعطوها للفقراء لا يجوز بل ذلك لورثته.

[ 362 ]

الموصى لم تلزمه، وإن كان قد أوصى إليه وهو غائب ثم مات الموصى فليس ينبغي للموصى إليه أن يرد الوصية، وقد مات الموصى، وصارت حقا من حقوق الله (ع ج). (1316) وعنه (ع) أنه قال: من أوصى بثلث ماله لعبده فإنه يقوم، فإن كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة، استسعى العبد في الباقي. وإن كان الثلث أكثر من قيمته أعتق العبد ودفع إليه الفضل، وإن لم يعتق بالقيمة من الثلث إلا دون السدس، لم تكن له وصية. (1317) وعن علي (ع) أنه سئل عن وصية المكاتب والوصية له، فقال: يجوز منها بقدر ما عتق (1) منه. وهذا مجمل وقد فسرناه في (باب المكاتبين) وإن المراد به من لم يشترط عليه أنه إن عجز رد في الرق رقيقا. فأما من اشترط ذلك عليه فسبيله سبيل المملوك في ذلك حتى يؤدي آخر نجومه، فقد ذكرنا في المسألة التي قبل هذه المسألة حال الوصية للمملوك. (1318) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهم قالوا: لا وصية لمملوك. (1319) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أوصى الرجل، يعني بما يجاوز الثلث. فأجاز له الورثة ذلك في حياته ثم بدا لهم بعد الموت، قال: ليس لهم أن يرجعوا. (1320) وعنه (ع) أنه قال: إن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع،


(1) س – عتق.

[ 363 ]

بنت زينب بنت رسول الله (صلع) كان قد تزوجها علي (ع) بعد فاطمة وتزوجها من بعده المغيرة بن نوفل، وإنها مرضت فاعتقل لسانها فدخل عليها الحسن والحسين، فجعلا يقولان لها، والمغيرة كاره لذلك: أعتقت فلانا وفلانا، فتومى برأسها أن نعم، ويقولان: تصدقت بكذا وكذا، وتومى برأسها أن نعم، وماتت على ذلك فأجازا وصاياها. وقال جعفر بن محمد (ع): والاشارة بالوصية لمن لا يستطيع الكلام، تجوز إذا فهمت. (1321) وعنه (ع) أنه قال في رجل أوصى أن تعتق عنه نسمة بمائة دينار، فوجدوها بأقل، قال: يرد الفضل على النسمة، يعني إذا كان قد سماها. وإن أبهمها، فعلى الوصي أن يشتري نسمة بمائة دينار إن وجدها كما أوصى إليه. (1322) وعنه (ع) أنه قال في رجل أوصى إلى رجل وعليه دين. فأخرج الوصي الدين من رأس مال الميت فقبضه إليه وصيره في بيته، وقسم الباقي على الورثة ونفذ الوصايا، ثم سرق المال من بيته، قال: يضمن. لانه ليس له أن يقبض مال الغرماء بغير أمرهم. (1323) وعنه (ع) أنه سئل عن وصية قاتل نفسه، قال: إذا أوصى بها بعد أن أحدث الحدث في نفسه ومات منه، لم تجز وصيته. (1324) وعنه (ع) أنه قال: من أوصى بوصايا ثم مات، وقد كان دفع إلى عياله أرزاقهم لمدة، فما فضل عن يوم موته فهو تركة، والوصية تجرى (1) فيه. (1325) وعن علي (ع) أنه قال: لا يزيل الوصي عن الوصية إلا


(1) س، ى، ز، ع، ط، د – تجزى.

[ 364 ]

ذهاب عقله أو ارتداد، أو تبذير أو خيانة أو ترك سنة، والسلطان وصي من لا وصي له، والناظر لمن لا ناظر له. (1326) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: إذا أذن الموصى للوصي أن يتجر بمال ولده الاطفال، فله ذلك، ولا ضمان عليه فيه. وإن شرط له فيه ربحا، فهو على شرطه. (1327) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا اتجر الوصي بمال اليتيم لم يجعل له في ذلك في الوصية، فهو ضامن لما نقص من المال، والربح لليتيم. (1328) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من أوصى بوصية وترك ورثة غيبا، فرفع صاحب الوصية ذلك إلى القاضي، فإن القاضي يوكل وكيلا للغيب يقاسم الوصي.


[ 365 ]

(15) كتاب الفرائض فصل (1) ذكر ميراث الاولاد (1329) قال الله عز وجل (1): يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين (إلى قوله): فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين (2). روينا عن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا (3): على أصل قولهم إن الميت إذا مات وترك أولادا ذكورا وإناثا لا وارث له غيرهم فماله بينهم للذكر مثل حظ الانثيين (4)، فإن لم يترك غير ولد واحد ذكر فالميراث له كله، وإن ترك ابنة واحدة (5) فللابنة النصف بالميراث المسمى، ويرد عليها النصف الثاني بالرحم إذا لم يكن للميت من هو أقرب إليه منها رحما، ليس كما يرد من خالفنا ليبطل حق فاطمة (ص) من ميراث رسول الله (صلع) على من هو في مثل حالها بدون سبب الرحم، فقد أبان الله عز وجل رد قولهم عليهم من قولهم لانهم قالوا: ليس للبنت غير النصف المذكور لها في كتاب الله (ع ج)، والنصف الثاني للعصبة، ورفضوا قول الله (ع ج): (6)


(1) 4 / 11. (2) زيد في كل المخطوطات ما عدا س، وى، روايات كثيرة من كتاب الايضاح. (3) حذ – ى. (4) ى – مثلا حظ الانثى. (5) ى زيد – أو ابنتين. (6) 8 / 75.

[ 366 ]

وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض، دخل في ذلك العصبات وغيرهم، وهم يقولون: لو كان أبوها هذا مملوكا فاشترته فعتق لورثت النصف بالميراث المسمى لها، والنصف الثاني بالولاء لان رسول الله (صلع) قال: الولاء لمن أعتق، فورثوا بالولاء وتركوا الرحم الموجوب الذي هو أولى. (1330) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه (ع) أنهم قالوا: أحرزت فاطمة (ع) ميراث رسول الله (صلع) وإن دفعها عنه من دفعها. (1331) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في رجل هلك وترك ابنته وابنة ابنه أو اخته، قال: المال كله لابنته، وكذلك لو ترك معها ابن ابنه أو أخته، فالمال كله للبنت، النصف بالميراث والنصف بالرحم. وكذلك قال علي وأبو جعفر وابو عبد الله (ع): إن ترك ابنتين فلكل واحدة منهما الثلث بالميراث. كما قال الله (ع ج)، ويرد عليهما الثلث الباقي بالرحم كما ذكرنا. يصير المال بينهما نصفين. فإن كان مع الولد من له فريضة مسماة، بدى بفريضة فأعطيه. ويجعل (1) الفاضل للولد على ما ذكرناه. وولد الولد يقومون مقام الولد إذا لم يكن ولد، ذكورهم كذكورهم وإناثهم كإناثهم، يقوم ولد الابن في ذلك مقام الابن (2) وولد البنت مقام البنت ونفى من خالفنا أن يكون ولد البنت ولدا، وقالوا هو من ذرية قوم آخرين. يعنون آباءهم، وقد أكذبهم الله (ع ج) في كتابه وعلى لسان رسوله (ص) وعلى ألسنتهم بأنفسهم تأكيدا للحجة عليهم وإظهارا لقبيح


(1) ى – جعل. (2) حش ى – متصل بقوله (تع) للذكر، قال في مختصر المصنف: الميراث يجرى في جميع تركة الميت بعد الوصايا والديون لكل ذي حق من الورثة حقه، ولدا كان أو والدا أو أخا أو زوجا أو ذا رحم الاناث والذكور بحسب ما لكل واحد من فريضته التي سميت له والكفن يخرج من رأس المال.

[ 367 ]

انتحالهم، وإبانة لما أضمروه وقصدوا إليه من إبطال توريث فاطمة (ع) عداوة منهم لمن أوجب الله (ع ج) مودته عليهم في كتابه بقوله جل ذكره لنبيه (صلع) (1): قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. (1332) وقد رووا عن ابن عباس الذي ينتحلون اليوم إمامة ذريته، الغاصبين تراث الائمة الراشدين، المدعين ما لم يدعه أسلافهم الذين توسلوا بأبوتهم إلى ما ادعوه بزعمهم. فقيل لعبد الله بن عباس: من قرابة رسول الله (صلع) هؤلاء الذين عنى الله عز وجل بقوله (2): قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، فقال: علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهم فما ادعى شيئا من ذاك لنفسه ولا لابيه من قبله ولا لاحد من ولده، فهم يروون هذا عنه ويثبتونه، فأما القرآن فقول الله (ع ج) (3): وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه، نرفع درجات من نشاء، إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب، كلا هدينا، ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس، كل من الصالحين، الاية، فأيهما عنى الله (ع ج) من نوح وإبراهيم (صلع)، فعيسى (صلع) من ذريته من ابنته مريم لا من أحد من ذكور ولده، وأما ما خالفوا من قول رسول الله (صلع) (4) فيما رووا عنه وثبت عندهم من طرق يكثر ذكرها، وأخبار يطول وصفها (5)، فإنه كان يدعو الحسن والحسين (ع) بابنيه وولديه، وأنه أول يوم رأى كل واحد منهما، قال: أرونى ابني، ولم


(1) 42 / 23. (2) أيضا. (3) 6 / 83 – 85. (4) س – وأما ما خالفوا من قول الله عز وجل وقول رسول الله (صلع) إلخ. (5) س – شرحها ووصفها.

[ 368 ]

يزل يدعوهما بذلك إلى أن قبضه الله إليه (صلع)، ولم يكن يقول ما يقول عليه السلام عبثا ولا تكلفا، ولم يكن (1) كما قال الله جل ذكره: (2) وما ينطق عن الهوى، وإنما أخذ من خالفنا عنه ما أخذ من السنن بمثل هذا اللفظ، وعلى هذا المعنى وبمثل هذا النقل، فنبذوا كتاب الله (ع ج) وراء ظهورهم وخالفوا سنة نبيهم عداوة لمن افترض الله (ع ج) عليهم مودته وخلافا لمن أوجب الله (ع ج) عليهم طاعته، نعوذ بالله من الضلال، والاقتداء في الدين بالجهال. وأما ما أكذبهم الله (ع ج) به على ألسنتهم فإنهم قالوا في قول الله (3) (تع): إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، فقالوا: إن ترك، ولد ذكرا، فليس للاخت شئ. لان الله (ع ج) إنما سمى لها النصف إن لم يكن ولد. فإذا كان ولد ذكر فهو أحق منها، وله الميراث كله، وإن كانت بنتا فلها النصف وللاخت النصف، قلنا فكيف ذلك أو ليست البنت ولدا على قولكم لانكم تقولون لا اختلاف بينكم في قول الله (ع ج) (4): ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن، من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم، وأنتم ها هنا تحجبون الزوج عن النصف إن تركت المرأة بنتا، والمرأة عن الربع إن ترك الرجل كذلك بنتا، لانها كذلك ولد كما قال الله (ع ج) فهي عندكم ها هنا ولد، ومع الاخت غير ولد. فهذا


(1) ى – ولم يكن صلى الله عليه وعلى آله كما قال إلخ. (2) 53 / 3. (3) 4 / 176. (4) 4 / 12.

[ 369 ]

جهل لا يستتر، وتناقض لا يخفى على ذي نظر (1). ثم قالوا في ولد البنت: لا يحل له أن ينكح امرأة جده لامه، إن الله (ع ج) يقول (2): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، ولا يحل للجد نكاح امرأة ابن ابنته لقول الله (ع ج) (3): وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، وقال منهم من رد شهادة الوالد للولد والولد للوالد: لا تجوز شهادة الرجل لجده لامه، لانه ابن. ولا شهادة الجد له من أمه، لانه أب. فابن البنت عندكم ها هنا ولد وفي الميراث ليس بولد، تريدون بذلك إبطال أبوه الحسن والحسين (ع) من رسول الله (صلع) ودفع حق الائمة الطاهرين المهديين من ذريته جرأة على الله تعالى برد كتابه، وما جاء عن رسول الله (صلع)، فهذا بعض ما أظهره الله (ع ج) على ألسنتهم من تقريرهم على باطلهم وشهادتهم به على أنفسهم مع ما ذكرناه من مخالفتهم كتاب الله جل ذكره وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وكثير من ذلك لو تقصيناه لطال الكتاب بذكره وانقطع عما (4) بنى عليه من حده. (1333) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: بنات الابن، إذا لم تكن بنات ولا ابن، كن مكان البنات. (1334) وعنه (ع) أنه قال في رجل ترك ابنته وابن ابن وابنة ابن قال: المال كله لابنته لانها أقرب. (1335) وعنه (ع) أنه قال في رجل ترك أبا وابن ابن، قال: للاب


(1) د، ز، ع، ط، ى. س – عن ذوى نظر. (2) 4 / 22. (3) 4 / 23. (4) ع – مما بنى، ز – على ما بنى.

[ 370 ]

السدس وما بقى فلابن الابن لانه ابن مقام أبيه إذا لم يكن أبوه، وكذلك ولد الولد ما تسافلوا (1) إذا لم يكن أقرب منهم من الوالد فهم بمنزلة الولد. ومن قرب منهم حجب من بعد وكذلك بنو البنت ولد. فإذا اجتمعوا مع ولد الابن كان لولد الابن سهم أبيهم، ولولد البنت سهم أمهم، ما كانوا قلوا أو كثروا، ذكورا كانوا أو إناثا لانهم صاروا إلى حال التقرب بمن تقربوا به، فلو ترك الرجل بنت ابنه وابن ابنته كان لابن البنت الثلث ولابنة الابن الثلثان. فصل (2) ذكر ميراث الوالدين مع الولد والاخوة (1336) قال الله عز وجل (2): فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث. روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلع) أنه قال: إذا ترك الرجل أبويه فلامه الثلث وللاب الثلثان، وقال تعالى (3): ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك، فسمى جل ذكره للابوين ها هنا، ما سمى لهما. وجعل الفضل عن ذلك للولد على ما تقدم ذكره. (1337) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ترك الميت أبويه وولدا ذكرا، فلابويه لكل واحد منهما السدس، وللابن ما بقي وهو


(1) س، د، ط – تناسلوا، ى، ع، ز – تسافلوا. (2) 4 / 11. (3) أيضا.

[ 371 ]

الثلثان. وإن ترك أبويه (1) وأولادا ذكورا وإناثا، فللابوين السدسان، وما بقى فبين ولده للذكر مثل حظ الانثيين. (1338) وعنه (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) قال في رجل ترك أبويه وابنته: فللابنة النصف ثلاثة أسهم وللابوين لكل واحد منهما السدس، يقسم المال على خمسة أجزاء، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهمين فللابوين، وإن كان توفى وترك ابنته وأمه، فللابنة النصف ثلاثة أسهم وللام السدس سهم. يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة اسهم فللابنة، وما أصاب سهما فهو للام، وكذلك إن ترك ابنته وأباه فهي من أربعة أسهم: للاب سهم وللابنة ثلاثة أسهم، هذا من صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلع)، وخط علي (ع) بيده (2). فالرد على ما ذكر عن رسول الله (صلع) إنما هو على قدر السهام لا على قدر أصل (3) الميراث، وقد بينه رسول الله (صلع) أنه يرد على الابوين والوالد، بقرابة الرحم، فإن ترك الميت إخوة فقد قال الله عز وجل في ذلك (4): فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث، فإن كان له إخوة فلامه السدس، فحجب الام عن الثلث بالاخوة، ولم يسم لهم شيئا ميراثا، فكان الباقي للاب، ودل على ذلك قوله جل ذكره: وورثه أبواه. (1339) وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع)


(1) حش ى – من مختصر الايضاح في رجل ترك ابن ابن وأبا، للاب السدس، والباقي لابن الابن وكذلك إذا كانت بنت ابن، فإن كان ابن بنت كان للاب السدس، ولابن البنت النصف حظ أمه، ويرد عليها الباقي على قدر سهمها. (2) ى حذ – بيده. (3) ز، س (خه) – أهل د – لا على قدر أصل أهل الميراث (؟). (4) 4 / 11.

[ 372 ]

أن رسول الله (صلع) قال في الرجل إذا ترك أبويه: فلامه الثلث، وللاب الثلثان في كتاب الله (ع ج)، وإن كان له إخوة يعني للميت إخوة لاب وأم أو إخوة لاب فلامه السدس، وللاب خمسة أسداس وإنما وفر للاب من أجل عياله إذا ورثه أبواه، فأما الاخوة لام ليسوا لاب، فإنهم لا يحجبون الام عن الثلث ولا يرثون، وإن مات رجل وترك أمه وإخوة وأخوات لاب وأم، وإخوة وأخوات لاب، وإخوة وأخوات لام وليس الاب حيا فإنهم لا يرثون ولا يحجبونها، لانه لم يورث كلالة إذا ترك أمه أو أباه أو ابنه أو ابنته، فإذا ترك واحدا من الاربعة فليس بالذي عنى الله عز وجل في قوله (1): قل الله يفتيكم في الكلالة، ولا يرث مع الاب والام ولا مع الابن ولا مع البنت أحد غير زوج أو زوجة (3)، هذا أيضا مما هو في صحيفة الفرائض المذكورة، وقد ذكرنا الحجة فيما تقدم في توريث الابنة دون الاخت ومن هو في مثل حالها (3). (1340) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ترك الميت أخوين فصاعدا، يعني أشقاء أو لاب أو أحدهما شقيق والثاني لاب، حجبا الام عن الثلث، وقال (ع): ولا تحجب الام عن الثلث الاختان ولا الثلاث حتى يكن أربع، أشقاء أو لاب، أو أخ وأختان.


(1) 4 / 176. (2) حش ى – فإن ترك ابن الابن وزوجة فللزوجة الثمن وما بقى فلابن الابن. (3) حش ى – من مختصر الايضاح: إذا مات رجل وخلف زوجته وأبوين وجدة وابنا، كان للزوجة الثمن وللابوين الثلث وللجدة السدس والباقي للابن.

[ 373 ]

فصل (3) ذكر ميراث الزوجين وحدهما ومع غيرهما (1341) قال الله (ع ج) (1): ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين، فهذا مما ولى الله تعالى تفسيره وبيانه في كتابه. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) أنهما قالا (2): إن الله عز وجل أدخل الزوج والزوجة في الفريضة فلا ينقص من فريضتهما شئ (3) ولا يزادان عليها، يأخذ الزوج أبدا النصف أو الربع، والمرأة الربع أو الثمن، لا ينقص الرجل (4) عن الربع والمرأة عن الثمن، كان معهما من كان، ولا يزادان شيئا (5) بعد النصف والربع، وإن لم يكن معهما أحد. (1342) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في رجل مات وترك امرأته وأبويه: للمرأة الربع وللام الثلث وما بقى فللاب. (1343) وعنهما (ع) أنهما ذكرا في صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله وخط علي (ع) بيده: امرأة تركت زوجها وأبويها، للزوج النصف


(1) 4 / 12. (2) ى – عن آبائه أنهم قالوا. (3) س. ط، ع، ز، د، ى – فلا ينقصان من فريضتهما شيئا. (4) ى – الزوج. (5) حش ى – ذكر في الاقتصار أنه لا يرد على الزوجين.

[ 374 ]

ثلاثة أسهم وللام الثلث سهمان وللاب السدس سهم. قيل لابي عبد الله (ع): وكيف صارت الام أكثر نصيبا من الاب؟ فقال: أما رأيت الاب أخذ في وقت خمسة أسداس وأخذت الام السدس؟ وهذا على ظاهر قول الله. لانه سمى للزوج النصف وللمرأة الربع وسمى للام الثلث ولم يسم للاب شيئا، فله ما فضل على كل حال. فصل (4) ذكر ميراث الاخوة والجد والجدة (1344) قال الله (ع ج) (1): يستفتونك. قل الله يفتيكم في الكلالة. الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ص) أنهم قالوا (2) في قول الله تبارك وتعالى في آخر سورة النساء: يستفتونك (3) قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك يعني أختا لام وأب أو أختا لاب – وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين، قال: فهم الذين يزادون وينقصون. وكذلك الولد هم الذين يزادون وينقصون.


(1) 4 / 176. (2) ز، ى – عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أنهما قالا: (3) 4 / 176.

[ 375 ]

(1345) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت – من أم – فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، قال: فهكذا أنزلها (2) أخ أو أخت من أم، وهذا مما ولى الله (ع ج) تفسير حكمه في كتابه، وقد ذكرت فيما تقدم أن الاخوة والاخوات من أي وجه كانوا لا يرثون مع والد ولا ولد (3) ولا أم ولا بنت. وإنما يرثون إذا لم يكن أحد من هولاء، وإذا اجتمع الاخوة والاخوات الاشقاء والاخوة والاخوات للاب، والاخوة والاخوات للام، سقط الاخوة والاخوات للاب، فإن لم يكن أشقاء قام الاخوة والاخوات للاب مقام الاشقاء (4). (1346) روينا عن علي (ع) أنه قال: قضى رسول الله (صلع) أن أعيان بني آدم يتوارثون دون بني العلات (5) الاخوة للاب والام أقرب من الاخوة والاخوات للاب، يتوارثون دون الاخوة والاخوات للاب، يرث الرجل أخاه لابيه وأمه دون أخيه لابيه. (1347) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا مات الرجل وترك إخوة لاب وأم وإخوة لاب، وإخوة لام، فللاخوة من الثلث الذي سمى الله لهم، وما بقى فللاخوة من الام والاب، وسقط الاخوة من الاب،


(1) 4 / 12. (2) حش ى – ضمير الاية. (3) حش س – ولا ولد ولد من مختصر الاثار. (4) حش ى – قال في الاقتصار: وللاخوة من الام الاثنين فصاعدا الثلث، إذا لم يكن معهم ولد ولا والد، فإن لم يكن معهم وارث غيرهم رد عليهم ما بقى، والذكر والانثى فيه بالسواء، وللواحد والواحدة السدس، ويرد عليها الباقي إن لم يكن معها وارث غيرها. (5) حش ى – أولاد العلات أبوهم واحدا وأمهاتهم شتى، وأولاد الاخياف أمهم واحدة وآباؤهم شتى، وأولاد الاعيان من أب وأم، وهذه الاخوة تسمى المعامنة من ص.

[ 376 ]

والذكر والانثى من الاخوة للام في الثلث سواء. والاخوة والاخوات الاشقاء لهم الباقي للذكر منهم منه مثل حظ الانثيين، قال: وإن ترك أخا وأختا لام وأخا لاب، وأختا لاب وأم، فللاخ والاخت من الام الثلث، سهمان بينهما سواء، وللاخت للاب والام النصف، وما بقي فمردود عليها ولا شئ للاخ والاخت من الاب. (1348) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (صلع) أنهم ذكروا من الصحيفة التي هي إملاء رسول الله (صلع) وخط علي (ع) بيده: أن الجد يقوم مقام الاخوة الاشقاء (1)، ويحل محل واحد من ذكورهم، وهذا هو المشهور عن علي (ع) عند الخاصة والعامة: أن الجد بمنزلة الاخ وهو في التمثيل كذلك لانه في التقرب (2) والقعدد (3) من الميت بمنزلة الاخ بدلى (4) هذا إلى الميت بابنه، وهذا بأبيه، فبالاب تقربا جميعا، وتقربهما إليه تقرب واحد، هذا ابنه (5) وهذا أبوه (6). وإنما تعلق من خالفنا في الجد بقول أبي بكر إذ جعله أبا، واحتجوا في ذلك بقول الله تعالى: (يا بني آدم) (ويا بني إسرائيل) (وملة (7) أبيكم إبراهيم). قالوا: فإذا كان البشر كلهم ولدا لادم فهو كذلك أب لهم، وهذا إذا تدبره من وفق لفهمه علم أنه لا يتوارث الناس عليه لان الله تعالى إنما ورث بالانساب والتقرب لا بالاسماء.


(1) حش ى – من مختصر الاثار – الجد للاب بمنزلة الاخوة الاشقاء والاخوة من الاب يرث كما يرثونه، ويكون كأحدهم، ويحجبه من يحجبهم، والجد للام بمنزلة الاخوة من الام يرث أيضا كما يرثونه، ويحجب كما يحجبون. (2) ى – التقرب، س – التقريب. (3) حش س – القعدد أقرب القرابة إلى الجد الاكبر. (4) د – يدنو، ط – يدني. س ع، ى – يدلى، ز – تدلى. (5) حش ى – أي أخ. (6) حش ى – أي جد. (7) انظر 22 / 78 وغيرها من الايات الكريمة.

[ 377 ]

(1349) وقد قال الله (ع ج) (1): إنما المؤمنون إخوة، فلم يتوارثوا بهذا الاسم شيئا إلا من كان منهم لصلب رجل واحد ولام واحدة، ومن خالفنا لا ينفك من هذا، ولو كانوا إخوة يتوارثون بالاخوة على هذا، وعلى أن أباهم آدم، فهو إخوة بأبوته لم ترث أم أبدا الثلث كاملا، لان الميت قد خلف إخوة بالتسمية، وكذلك قال جل ذكره (2): النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم، فلم يرث أحد من أزواج النبي أحدا من المؤمنين بهذه التسمية شيئا، وكذلك قال الله (ع ج) (3): وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة، فلم ترث واحدة منهما بهذا الاسم. فدل ذلك على أن المواريث إنما هي بالانساب والقرابات لا بالاسماء التي تحتمل المجازات والتأويلات. (1350) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه نشر صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلع) وخط علي بيده. فأول ما لقى (4) فيها: ابن أخ وجد (5)، المال بينهما نصفان. وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: ابن الاخ والجد بمنزلة واحدة. المال بينهما نصفان. فإن قال قائل: إن هذا يخالف ما مثلناه، ويخرج من التنزيل الذي نزلناه في توريث الجد، ويتجاوز ذلك الحد، قيل له: هذا وذلك، قد جاء عن


(1) 49 / 10. (2) 33 / 6. (3) 4 / 32. (4) س – لقى، ى – تلقى، ز، ع – يلقى، ع، د – ما تلقاه. (5) حش ى – من مختصر الايضاح، للجدة مع الاب من الاخ السدس، وإذا مات رجل وخلف ابن أخ وجدتين من قبل أبيه وأمه فللجدتين الثلث ولابن الاخ الباقي، من الينبوع – وابن الاخ يرث مع الجد ميراث أبيه، وابن الاخت يرث معه ميراث أمه.

[ 378 ]

رسول الله (صلع)، وقد قال الله جل ذكره: (1) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، فليس على الكتاب ولا على السنة اعتراض، وإنما الواجب في ذلك القبول والتسليم، قال الله جل ذكره (2): فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. (1351) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الجد والجدة من قبل الاب يحرزان الميراث إذا لم يكن غيرهما، وكذلك الجد والجدة من قبل الام. وان اجتمعوا كان للجد والجدة من قبل الام الثلث نصيب الام، وللجد والجدة من قبل الاب نصيب الاب الثلثان، للذكر مثل حظ الانثيين (3)، وإن كان أحدهما من قبل الام والاثنان من قبل الاب أو الاثنان من قبل الام، فلكل واحد منهم سهم من توسل به، الثلث لمن كان من قبل الام واحدا كان أو اثنين، والثلثان لمن كان من قبل الاب كذلك أيضا، والاقرب من الاجداد والجدات يحجب من بعد، ويرد على الواحد بالرحم كما يرد على سائر ذوي الارحام إذا لم يكن غيره. (1352) وعن رسول الله (صلع) أنه أطعم الجدة السدس، وإبنها حي، ونظر إلى ولدها يتقاسمون فرق لها، ففرض لها السدس فصار فرضا لها. وإن الله يقول (4): وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، وهذا مما قدمنا ذكره من أنه ليس على الكتاب والسنة اعتراض.


(1) 59 / 7. (2) 4 / 65. (3) س – مثلا حظ الانثى. (4) 59 / 7.

[ 379 ]

فصل (5) ذكر مواريث ذوي الارحام والعصبات والقرابات (1353) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والاقربون، وقال: إنما عنى بذلك أولى الارحام في المواريث ولم يعن أولياء النعمة، فأولاهم بالميت أقربهم إليه بالرحم (2) التي يجر إليها. (1354) وعنه عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن ينال (3) ميراث من له عمة أو خالة. (1355) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: ابنك أولى بك من ابن ابنك، وابن ابنك أولى بك من ابن أخيك، وابن أخيك لابيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لابيك. وابن أخيك لابيك أولى بك من عمك، وعمك أخو أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك لابيه وابن عمك أخى أبيك من أبيه وأمه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لابيه. (1356) وعن علي (ع) أنه قضى في عمة وخالة، للعمة الثلثان وللخالة الثلث، وأنه كان يورث ذوي الارحام دون الموالى. (1357) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال، فيمن ترك خالا وخالة وعما وعمة: فللخال والخالة الثالث بينهما سواء، وللعم والعمة الثلثان للذكر


(1) 4 / 33. (2) ى – من الرحم. (3) حش ى – أي لا يدخل في بيت المال.

[ 380 ]

مثل حظ الانثيين (1)، وكذلك يرث أبناؤهم إذا ماتوا وتسببوا بأنسابهم (2)، قال: وإن ترك ابن خال وعما وعمة، فالمال للعم وللعمة (3) لانهما سبقا إلى الميراث، وإن ترك بني عم ذكورا وإناثا، وأخوالا وخالات، فالمال كله، للاخوال والخالات، أو لاحدهم إن لم يكن غيره، ولا شئ لبني العم، وإن ترك ابن عمة وابنة عمه، أو ابن أخيه وابنة أخيه، يعني من أب واحد، فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، وإن كانوا من إخوة متفرقين ورث كل واحد منهم ما كان يرث أبوه، وكذلك الاقرب فالاقرب، وترث من ذوي الارحام والعصبات، النساء والرجال بقرابتهم. (1358) وعنه (ع) أنه قال: إنما ترجع الفرائض إلى ما كان في الكتاب، ثم من بعد الكتاب الاقرب فالاقرب لقوله جملة (4): وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فكل من يستحق الميراث بالقرب ينفرد به دون من هو أبعد منه ويحل فيه محل من تسبب بسببه، ويرد عليه كما يرد على من تسبب بسببه. (1359) وعن أبي جعفر (ع) أنه قال: من سميت له فريضة على كل حال من الاحوال، فهو أحق ممن لم تسم له فريضة، وليس للعصبة شئ مع ذوي الارحام. (1360) وعن علي (ع) أنه قال: نهى رسول الله (صلع) أن تورث العصبة مع ولد، أو ولد ولد، ذكر أو أنثى.


(1) س ى – للذكر مثلا حظ الانثى. (2) ى – بأسبابهم. (3) حش ى – من مختصر الايضاح – إذا مات رجل وخلف عمة له من أم أبيه وعمة له من أبي أبيه، كان للعمة الشقيقة خمسة أسداس والباقي للعمة من الام. (4) 8 / 75، 33 / 6.

[ 381 ]

فصل (6) ذكر مبلغ السهام وتجويرها من العول (1) (1361) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) من الصحيفة التي هي إملاء رسول الله (صلع) وخط علي (ع) بيده أن السهام لا تعول. (1362) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: إن الذي يعلم عدد رمل عالج (2) يعلم أن فريضة لم تعل، وقالا: السهام لا تعول، ولا تكون أكثر من ستة، ومعنى قولهما هذا أن السهام لا تكون أكثر من ستة (3)، هي السهام المذكورة في كتاب الله (تع)، فأكثرها الثلثان، وهو قوله (4): (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) وكسهم الاب مع الام، من قوله تعالى (5): (وورثه أبواه فلامه الثلث) فدل ذلك على أن للاب الثلثين، ثم يليه السهم الثاني، وهو النصف من قوله (6): (وإن كانت واحدة فلها النصف)، وقوله (تع) (7): (ولكم نصف ما ترك أزواجكم)، ثم يليه السهم الثالث، وهو الثلث من قوله (تع) (8): (فلامه الثلث)، وقوله (تع) (9)


(1) حش ى – العمل في الفرائض ارتفاع الفرائض والعول الجور في الحكم. (2) حش س – رمل عالج بالبادية من جبل عالج اسم رملة، حش ى – وعالج موضع بالبادية بها رمل، حش د – أي اسم جبل. (3) زيد في ى – الثلثان، والنصف، والثلث والربع والسدس، والثمن. (4) 4 / 11. (5) أيضا. (6) أيضا. (7) 4 / 12. (8) 4 / 11. (9) 4 / 12.

[ 382 ]

(فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) ثم يليه السهم الرابع، وهو الربع من قوله (تع) (1): (فإن كان لهن ولد فلكم الربع) (ولهن الربع مما تركتم) ثم يليه السهم الخامس وهو السدس من قوله (2): (ولابويه لكل واحد منهما السدس) وقوله (تع) (3): (فإن كان له إخوة فلامه السدس) وقوله (تع) (4): (وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس). ثم يليه السهم السادس وهو الثمن من قوله (تع) (5): (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن)، فهذه السهام التي ذكرها الله (ع ج) في كتابه ولم يسم تسعا ولا سبعا ولا خمسا (6)، وكذلك أهل السهام ستة، فأولهم الولد، والثاني الاب، والثالث الام، والرابع قرابات الاب، والخامس قرابات الام، والسادس الزوجان، فعلى هذا مجرى (7) الفرائض والله أعلم بها، فلو أن أحدا يستحق غيرها لسماه وسمى سهمه. غير أنه روى أن أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب، لما اجتمع إليه أهل الفرائض ودافع بعضهم بعضا، قال: والله ما أدري أيكم قدم الله، ولا أدري أيكم أخر، فما أجد شيئا أوسع من أن أقسم المال عليكم بالحصص، فأدخل على كل حق منكم ما دخل عليه من عول الفريضة. وقيل: إن ذلك أول من فعله زيد بن ثابت، وأيهما كان، لم يلتفت إليه إذا جهل كتاب الله وسنة نبيه (صلع). (1363) روينا عن علي وأبي جعفر وابي عبد الله (ع) أنهم أخرجوا


(1) 4 / 12. (2) 4 / 11. (3) أيضا. (4) 4 / 12. (5) 4 / 12. (6) زيد في د، ز – عشرا. (7) ع، ى – تجرى، د، س، ط، ز – حجري.

[ 383 ]

الفرائض التي أعالها أهل العول بلا عول على كتاب الله جل ذكره، وذلك أنهم بدأوا بما بدأ الله (تع) به فقدموه، وأخروا من أخر الله (تع) ولم يحطوا من حطه الله عن درجة إلى درجة دونها عن الدرجة السفلى، وذلك مثل امرأة تركت زوجها واخواتها لامها وأختا لابيها، قال أبو جعفر (ع) فيها: للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللاخوة من الام سهمان، وللاخت من الاب ما بقى وهو سهم، فقيل له: إن أهل العول يقولون: للاخت من الاب ثلاثة أسهم من ستة تعول إلى ثمانية، قال أبو جعفر (ع): ولم قالوا ذلك؟ قيل له: إن الله (ع ج) يقول (1): (وله أخت فلها نصف ما ترك) فقال أبو جعفر: فإن كانت الاخت أخا؟ قيل: ليس له إلا السدس: قال (ع): فلم نقصوا الاخ ولم ينقصوا الاخت، والاخ أكثر، تسمية. قال الله (ع ج) في الاخت: (فلها (2) نصف ما ترك)، وقال في الاخ: (وهو يرثها) يعني جميع المال فلا يعطون الذي جعل الله له الجميع إلا سدسا ويعطون الذي جعل الله له النصف، النصف تاما، ولهذه المسألة نظائر كثيرة لو تتبعناها لطال بها الكتاب، ولكن قد ذكرنا طرفا من الحجة في إسقاط العول وأصل تجوير السهام بطرحه. وفي ذلك ما كفى، إن شاء الله تعالى.


(1) 4 / 176. (2) أيضا.

[ 384 ]

فصل (7) ذكر من يجوز أن يرث ومن لا ميراث له (1364) قد ذكرنا ميراث ابن الملاعنة في كتاب الطلاق. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (1) عن علي (ع) أن رسول الله (صلع) جعل معقلة (2) ولد الزنا على قوم أمه وميراثه لها، ولمن تسبب منهم بها. (1365) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في اللقيط لا يورث ولا يرث من قبل أبويه، ويرثه ولده إن كان، ويرث ويورث من قبل الزوجية. (1366) وعنه (ع) أنه قال: المشترك في وطء أمه (3) في طهر واحد تعلق به فيه إن كان من أمة رجل لم يحل له بيع الولد إذا وطئها هو وغيره. ويقسم له من ماله، وإن كانت امرأة طلقها رجل فتزوجت قبل أن تنقضي عدتها فجاءت بولد لاقل من ستة أشهر أو أكثر (4) فهو للاول، وإن كان لستة أشهر أو أكثر فهو للثاني. (1367) وعنه (ع) أنه كان يورث الحميل. والحميل ما ولد في بلد الشرك فعرف بعضهم بعضا في دار الاسلام. وتقاروا بالانساب، ولم يزالوا على ذلك حتى ماتوا أو بعضهم، فإنهم يتوارثون على ذلك، ويدخل في هذا


(1) ى – عن آبائه. (2) حش ى – المعقلة بضم القاف يقال صار دم فلان معلقة على قومه أي غرما بدونه من أموالهم وبنو فلان على معاقلتهم الاولى إلى الديات التى كانت في الجاهلية الواحدة معقلة، من ضياء العلوم. (3) د، س – أمة. ع، ز، ى، ط – أمه. (4) حذ ى – (أو أكثر).

[ 385 ]

المعنى القوم يطروون (1) من البلد البعيد إلى بلد لا تعرف أنسابهم فيه ويتقارون بها ويحمل بعضهم نسبه على بعض، فيقول القائل منهم: هذا أخي وهذا ابني وهذا عمي وهذا ابن عمي وما أشبه ذلك، وبمثل هذا من التقارر تصح الانساب كلها وتثبت، لا على أن أكثر الناس شهد نكاح الزوجين ووقف على إقرار الابوين، وشهد الوطء والولادة. ولا عرف النسب بأكثر من التعارف به واشتهاره. (1368) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: الجنين إذا ولد حيا ورث وورث، استهل أو لم يستهل، والحياة تعرف بالحركة والنفس وأشباه ذلك، وإنما يكون استهلال الطفل عن ألم يناله، وقد ربما (2) لا يكون يناله ذلك حتى يموت، قال أبو عبد الله (ع): وقد يكون أخرس. (1369) وعنه (ع) عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: المسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم (3)، والكفار يتوارثون بينهم ويرث بعضهم بعضا. فقيل له: فإن الناس يروون عن النبي (صلع) أنه قال: لا يتوارث أهل ملتين، فقال أبو عبد الله (ع) نرثهم ولا يرثوننا، لان الاسلام لم يزده في حقه إلا شدة. فجواب أبي عبد الله هذا هو تثبيت لقوله، وما رواه الناس عن رسول الله (صلع) لان قوله (ع): ولا يتوارث أهل ملتين ليس بخلاف لما قاله أبو عبد الله: نرثهم ولا يرثوننا، لان قول رسول الله (صلع)


(1) ى – يطراون، (؟) حش ى – أطرأ فلان علينا إذا طلع من مكان بعيد. (2) حد ى. (3) حش ى – من مختصر المصنف إذا كان للكافر ذو رحم كافر هو أحق بميراثه لو كان مسلما لم يعتد به، وكان كمن لم يكن ويستحق الميراث من يجب له بعده ولا يحجب المؤمن بالكافر ولا الحر بالعبد، (الحواشي ص 187).

[ 386 ]

لا يتوارث أهل ملتين معناه: لا يرث هؤلاء هولاء، وهؤلاء هؤلاء، وكذلك قال أبو عبد الله (ع) إنما يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم، ومعنى يتوارث وتقديره في اللغة يتفاعل، ويتفاعل لا يكون إلا من فاعلين، لا يقال ذلك إذا فعله واحد دون واحد، لانه إذا ضرب رجل رجلا، قيل ضرب فلان فلانا، ولا يقال تضاربا حتى يضرب كل واحد منهما صاحبه. وعلى هذا مدار كلام العرب في كل ما جرى على وزن المفاعلة. وكذلك قال أهل اللغة، وهذا بين لمن تدبره ووفق لفهمه إن شاء الله تعالى. (1370) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا في العبد يعتق والمشرك يسلم على الميراث قبل أن يقسم، قالوا: لهما حقهما منه، وإن كان ذلك بعد موت الميت ما لم يقسم الميراث، فإذا قسم فلاحظ لهما فيه. (1371) وعن علي (ص) أنه كان يورث المجوسى من وجهين. ومعنى ذلك أن يكون المجوسي قد تزوج ابنته فتلد منه ثم يسلمان فتكون هذه المرأة أم الولد، وأخته وابنة الزوج وامرأته. (1372) وعنه (ع) أنه قال في المرتد إذا مات أو قتل فماله لورثته على كتاب الله (ع ج). (1373) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: لا يتوارث الحر والمملوك. (1374) وعن علي (ع) أنه قال: إذا مات الميت ولم يدع وارثا وله وارث مملوك، قال: يشتري من تركته، فيعتق، ويعطي باقي التركة بالميراث. (1375) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: القاتل لا يرث من قتله. وقال علي (ص): من قتل حميما له عمدا أو خطئا لم يرثه.


[ 387 ]

(1376) وعنه (ع) أنهم قالوا: يرث الدية أهل الميراث، قال أبو عبد الله وأبو جعفر (ع): خلا الاخوة من الام فإنهم لا يرثون من الدية شيئا. (1377) وعنه (ع) أنهم قالوا: الخنثى يرث ويورث على مباله، وكذلك تكون أحكامه، فإن بال من ذكره كان رجلا (1) له ما للرجل وعليه ما عليهم، وإن خرج البول من الفرج، كانت امرأة لها ما للنساء، وعليها ما عليهن، فإن بال منهما معا نظر إلى الذي سبق (2) منه البول أولا، ثم حكم بحكمه، فإن سبق منهما معا، فقد روينا في ذلك عن علي (ع) أن امرأة وقفت على شريح فقالت: أيها القاضي، إني مخاصمة، قال: أين خصمك؟ قالت: أنت خصمي، فأخل لي المجلس، فأخلاه، وقال: تكلمي، فقالت: إني امرأة، لي إحليل ولي فرج، قال: قد كانت لامير المؤمنين في مثلك قضية، ورث من حيث يجئ البول، قالت: إنه يجئ منهما جميعا، قال: وكذلك قضى أنه يحكم بحكم أيهما بدأ منه (3) البول، قالت: ليس منهما شئ (4) يسبق صاحبه، يجيئان معا في وقت واحد وينقطعان في وقت واحد، قال شريح: إنك لتخبريني بعجب، قالت: وأخبرك بأعجب من هذا، تزوجني ابن عم لي فأخدمني خادمة (5) فوطئتها فأولدتها، وإنما جئتك لما ولد لي لتنظر في أمري، فإن كنت رجلا فرقت بيني وبين زوجي. فقام شريح من مجلس القضاء، فدخل على أمير المؤمنين علي (ص) فقص


(1) ع، ز، ى – ذكرا، د، ط، س – رجلا. (2) ى – يسبق. (3) ى – يبدر منه. (4) س حذ (شئ). (5) ى – خادمة، ز، س – خاده.

[ 388 ]

عليه القصة (1) فأمر بالمرأة، فأدخلت إليه، فسألها فقالت مثل ما قال، فأحضر زوجها، فقال له: هذه امرأتك وابنة عنك، قال: نعم، فقال: أخدمتها خادمة؟ (2) فقال: نعم، فقال: فوطئتها فأولدتها؟ قال: نعم، قال: فوطئتها أنت بعد ذلك، قال: نعم، قال: لانت أجسر من خاصي الاسد. جيئوني بدينار الحجام وبامرأتين، فجئ بهما، فقال: ادخلوا بهذه المرأة إلى بيت وعدوا أضلاع جنبيها، ففعلوا ثم خرجوا إليه، فقالوا، قد عددنا، فقال: ما أصبتم؟ فقالوا: أصبنا جانب الايمن اثنتي عشرة ضلعا، والجانب الايسر إحدى عشرة ضلعا، فقال أمير المؤمنين: الله أكبر، جيئوني بالحجام فجاءه، فقال: جز شعر هذا الرجل، ثم نزع الرداء عنها، وألحفها به إلحاف الرجل وقال: اخرج، فلا سبيل لهذا عليك، فأنكح وتزوج من النساء ما يحل لك، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، امرأتي وابنة عمي، قد ألحقتها بالرجال، من أين أخذت هذا؟ قال من أبي آدم (ع) إن حوا خلقت من ضلعه، وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء. (1378) وروينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال في الخنثى إن بال منهما جميعا معا: نظر إلى أيهما يسبق البول منه، فإن خرج منهما معا ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة، وقد يشبه أن يكون ما جاء عنه في الرواية التي ذكرنا (3) فيها عدد الاضلاع أنه قال: ذلك لمكان الولد الذي كان منه، لانه قد ذكر أن البول يجئ منهما معا. فلما ذكر الولد كان لذلك حكم آخر، فأول من حكم في الخنثى في الاسلام علي (ص).


(1) س – القصص. (2) ى – خادمة، س – خادما. (3) ى – ذكر.

[ 389 ]

(1379) وعنه (ع) أنه كان جالسا في الرحبة (1) حتى وقف عليه خمسة رهط فسلموا عليه فرد عليهم ونكرهم، فقال: أمن أهل الشام أنتم، أم من أهل الجزيرة (2)؟ قالوا: من أهل الشام، يا أمير المؤمنين، قال: وما الذي جاء بكم؟ فقالوا: أمر شجر بيننا، قال: وما ذلك؟ قالوا: نحن إخوة، مات والدنا وترك مالا كثيرا، وهذا مباله (3) فرج كفرج المرأة، وذكر كذكر الرجل، فأعطيناه ميراث امرأة، فأبى إلا ميراث رجل، قال: فأين كنتم عن معاوية؟ ألا أتيتموه؟ قالوا: أردنا قضاءك، يا أمير المؤمنين، قال: ما كنت لاقضي بينكم أو (4) تخبروني بالخبر، قالوا: أتيناه فلم يدر ما يقضي بيننا، وقال: هذا مال كثير ولا أدري كيف الحكم ولكن امضوا إلى علي فإنه سيجعل لكم منه مخرجا، وسوف يسألكم: هل أتيتموني، فقولوا: ما أتيناه، فقال علي (ع): لعن الله قوما يرضون بقضائنا ويطعنون علينا في ديننا، انطلقوا (5) بصاحبكم، فاسقوه ثم انظروا ميل (6) البول من أين يخرج، فإن خرج من الذكر، فله ميراث الرجل، وإن خرج من الفرج فله ميراث امرأة، فبال من ذكره، فورثوه ميراث رجل منهم. (1380) وعنه (ع) أنه قال في الخنثى إذا بال منهما جميعا نظر، وورث بأيهما سبق.


(1) ى – بالرحبة. (2) حش ى – الجزيرة كورة إلى جنب أرض الشام، والجزيرة أرض بين البصرة والابلة. من الضياء. (3) ز. س، ى – مناله. (4) ط، د، ز، س – أو، ى – حتى. (5) ى – اذهبوا. (6) ى – سبيل.

[ 390 ]

(1381) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء، فقال (ع) (1) (فتبارك الله أحسن الخالقين) (يخلق (2) ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) هذا يقرع عليه الامام فيكتب على سهم عبد الله وعلى سهم آخر أمة الله، ثم يقول الامام المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، خلقت هذا الخلق كما أردت وصورته كيف شئت، اللهم وإنا لا ندري ما هو، ولا يعلم (3) ما هو إلا أنت، فبين لنا أمره وما يجب له فيما فرضت، ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة، ثم تجال فأيهما خرج ورث عليه. (1382) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا في الحرقى (4) والغرقى وأصحاب الهدم لا يدري أيهم مات قبل صاحبه، قالوا: يرث بعضهم بعضا، وقال أبو عبد الله (ع) وذلك لو أن رجلين أخوين ركبا في سفينة فغرقا فيها فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه ولكل واحد منهما ورثة وللواحد منهما مائة ألف وليس للاخر شئ فإن الذي لا شئ له يورث مائة ألف (5) فيرثها ورثته ولا يرث ورثة الاخر شيئا. فعلى هذا التمثيل ورث كل من قال بأن الغرقى يرث بعضهم بعضا إذا لم يعلم أيهم مات قبل صاحبه، فإن كان لهذا مال قليل ولهذا مال كثير أقيما معا مقام من يرث كل واحد منهما صاحبه، فجعل كأن صاحب المال الكثير قد مات قبل صاحب المال القليل، فإن كان هو يرثه وحده ورثه كله، وإن كان معه فيه شركاء ورث منه حصته،


(1) 23 / 14. (2) 28 / 68. (3) س. ى، ع – ما يدري، د، ز، – لا يدري ط، لا يعلم ولا يدري. (4) ز، ى – حذ. (5) ى – المائة الالف.

[ 391 ]

وكان ما بقي على حصصهم ثم يجعل كأنه هو كان حيا، وإن قليل المال مات قبله فيرثه هو كذلك ويرث ورثة كل واحد منهما ما جر إليه الميراث من صاحبه ويبقى ورثة كل واحد منهما على حصته إن كانت له مع صاحبه، وقد ذكرنا ميراث المكاتب في (باب المكاتب)، وذكرنا من ميراث المطلقات في (كتاب الطلاق) ما أشبه أن يكون فيه من ذلك. ونحن نذكر أيضا ما يشبه أن يكون ها هنا منه إن شاء الله تعالى. (1383) وروينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: من طلق امرأته للعدة أو للسنة، فهما يتوارثان ما كانت للرجل على المرأة رجعة، فإذا بانت منه فلا ميراث بينهما، هذا إذا كان الرجل صحيحا، فأما إن طلقها، وهو مريض، فقد قالا إنها إذا انقضت عدتها منه، لم يرثها. وهي ترثه إن مات من مرضه ذلك. إلا أن يصح منه أو تتزوج زوجا غيره، وقد ذكرنا في (باب الولاء) أن الولاء لمن أعتق، فإنه يرث المعتق من أعتقه، ويرث الولاء من يرث الميراث. (1384) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: إذا ترك المولى ذا رحم ممن سميت له فريضة أو لم تسم، فميراثه لذوي أرحامه دون مواليه، ولا يرث المولى شيئا مع ذوي الارحام، وتلوا قول الله (ع ج) (1): وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. (1385) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: يرث المولى من أعتقه، إن لم يدع وارثا غيره. (1386) وعن علي (ع) أنه قال: ما كان رسول الله (صلع) ينزل من منبره إلا قال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي، قال


(1) 8 / 75.

[ 392 ]

أبو جعفر (ع): على الامام مثل ذلك، قال أبو عبد الله (ع) من مات ولم يدع وارثا فما له من الانفال يوضع في بيت المال، لان جنايته على بيت المال، ومن ترك ورثة من أهل الكفر لم يرثوه، وهو كمن لم يدع وارثا. وسئل أبو جعفر (ع) في قول الله تعالى (1): يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول، قال: من مات وليس له قريب ولا مولى، فما له من الانفال. (1387) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أقر بعض الورثة بوارث لا يعرف جاز عليه في نصيبه، ولم يلحق نسبه ولم يورث بشهادته ويجعل كأنه وارث ثم ينظر ما نقص الذي أقر به بسببه، فيدفع مما صار إليه من الميراث مثل ذلك إليه. (1388) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أول شئ يبدأ به (2) من المال الكفن، ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث. وقال علي وأبو عبد الله (ع) الكفن من جميع ما يخلفه الميت لا يبدأ بشئ غيره. فصل (8) ذكر تفسير مسائل جاءت من الفرائض مجملة (1389) روينا عن أهل البيت صلوات الله عليهم مسائل جاءت عنهم في الميراث (3) مجملة، ولم نر أحدا فسرها، فدخلت على كثير من الناس الشبهة من أجلها، فرأينا إيضاح معانيها ليعلم المراد فيها، وبالله التوفيق. وإن كان لم نبن هذا الكتاب على فتح المقفل وإيضاح المشكل وبيان


(1) 8 / 1. (2) ى – يبتدى به. (3) ز، ى – المواريث.

[ 393 ]

المختلف فيه، وإنما قصدنا به قصد الاختصار والاقتصار على الثابت من المسائل والاخبار، دون ذكر ما لم يثبت منها، ورفض السقيم والمدخول فيها. ولكن لما كان ظاهر هذه المسائل يخالف الكتاب والسنة وإجماع الائمة والامة، ودخلت على كثير من أصحابنا من أجلها الشبهة ولمز (1) بها كثير من العامة، فرأينا إيضاحها وبالله نستعين. فمنها مسائل ذكرناها. ومنها مسائل نذكرها إن شاء الله، والبيان عليها. مثل الوصية للوارث وقد مضى ذكرها، وما خالفنا فيه الجميع فقد ذكرنا الحجة فيه بما هيأه الله وأقدرنا عليه بتوفيق الله تعالى، وغير ذلك مما يطول ذكره، وقد مر كثير منه ومما أوردنا في هذا الباب بيانه. (1390) مما روى عن علي (ع) أنه قضى في رجل هلك ولم يخلف وارثا غير امرأته فقضى لها بالميراث كله، وفي امرأة هلكت (2) ولم تدع وارثا غير زوج لها فقضى له بالميراث كله، وقد ذكرنا فيما تقدم أكثر سهام الزوجين من المواريث. وذلك ما لا اختلاف فيه. فهو بما بينه الله جل ذكره في كتابه، وأن أكثر ميراث الزوج من المرأة النصف، وأكثر ميراثها منه الربع، وأنه لا يرد إلا على ذوي الارحام، فهذا إذا حصلناه كان ما روى عن علي (ص) مما ذكرناه يخالفه. وكذلك يخالف ما ذكر في هذا عنه، لو حمل على ظاهر نص الكتاب وثابت السنة، وما ثبت عنه وعن سائر الائمة (ص) وليس هذا من دقيق القول فيخفى عند التحصيل، ولا بمشتبه فيحتاج إلى دليل. بل هو ظاهر مكشوف وبين معروف، والذي يشبه أنه مجمل يحتاج إلى التفسير بخلافه للشبه والنظير، فلا يخلو أن يكون الزوج والمرأة ها هنا كان كل واحد منهما ذا قرابة لصاحبه أو مولى لا وارث له معه، فورث المال


(1) ز، د، ى – لمزهم بها، س – لمزبها. (2) ى – توفيت.

[ 394 ]

كله بالزوجية والقرابة، وحذف تفسير ذلك عند ذكر المسألة اكتفاء بعلم السامع أن ذلك لا يكون إلا كذلك، أو يكون علي (ص) رأى الزوج أو المرأة أهلا لما فضل من ميراثهما فأعطاهما ذلك إذ كان من الانفال كما ذكرناه، وقد قال الله (ع ج) (1): يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول، وقد ذكرنا في غير موضع أن ما كان للرسول (صلع) فهو لامام الزمان من أهل بيته، فكان ذلك مالا مفوضا فيه إلى علي (ص) وضعه حيث أراه الله (تع) وضعه فيه. وقد جاء عن علي (ع) أن رجلا دفع إليه مالا أصابه من دفن الاولين، فقال: لنا فيه الخمس فهو عليك رد، فهذا لانه (ع) رآه أهلا لذلك. (1391) وعنه (ص) أنه قضى في رجل أسلم ثم قتل خطأ وليس له وارث، فقال: اقسموا الدية في عدة ممن كان أسلم، فهذا ومثله ما رويناه عنه، أنه قال في رجل مات وليس له ورثة فأوصى بماله للمساكين فأجاز وصيته، وإنما كان ذلك لان ثلثي المال إليه فرأى وضعه في المساكين. (1392) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه رفع إليه تراث رجل هلك من خزاعة (2) وليس له وارث، فأمر أن يدع إلى رجل من خزاعة. فهذا من ذلك وله نظائر كثيرة يطول بها الكتاب. (1393) ومن ذلك ما روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: إذا هلك الرجل وترك بنين، فللاكبر منهم السيف والدرع والخاتم والمصحف. فإن حدث به حدث فهو للذي (3) يليه منهم، فهذا قول لو حمل على ظاهره لكان خلاف الكتاب والسنة وقول الائمة والامة، وقد يترك


(1) 8 / 1. (2) حش ى – حى من اليمن من الازد. (3) ى – فللذي يليه منهم.

[ 395 ]

الرجل غير ولده الاكبر، البنين والبنات والابوين والزوجات، والله عز وجل يقول في كتابه (1): للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، فكيف يخص بعد هذا أحد من الورثة بشئ دون أحد منهم؟ أليس هذا خلاف كتاب الله عز وجل؟ والناس كلهم مجمعون على خلافه. وقد ذكرنا عن الائمة (ص) عند كل مسألة من الفرائض أن ما ترك الميت من شئ فلورثته على ما سموه لكل واحد منهم. فكيف ينبغي أن يعطى أحد منهم من جملته شيئا دون أحد؟ وقد رأيت بعض القضاة من أصحابنا علم على هذه المسالة، وغيرها من المسائل مما هو في معناها، فاسدة، وهذا أفل شئ يقوله العيى. وآخر كانت تقرأ عليه كتب أهل البيت (ع) فإذا مرت به مثل هذه المسائل فسئل عنها. فيقول تفسيرها يأتي بعد هذا، ويقرأ القارئ ثم لا يسمع الناس تفسير شئ. وقال آخر وقد رأى أنه ظفر بالمعنى وأصاب الجواب: في هذه المسألة يكون هذا لاكبر الولد بالقيمة. وهذا من قائله جهل، ومن أين يجوز أن يكون له بالقيمة دون غيره من إشراكه فيه؟ وإنما الحكم في المشترك فيه أن يقسم، إن احتمل القسم، أو يباع فيقسم ثمنه إن كان مثله لا ينقسم، وتداعى الشركاء أو بعضهم إلى قسمته (2)، وما علمنا أحدا أوجب لشريك شيئا دون شريكه بالقيمة، كما قال هذا القائل. ولا يجب لاحد من الشركاء شئ إلا وجب لشريكه مثله ما لم يكن بينهم فيه شرط يجب، ومعنى هذه الرواية عندي، والله أعلم أن يكون خاصة للائمة


(1) 4 / 7. (2) ط، ع، – وتداعا الشركاء إلى القسمة، أو طلبها بعضهم.

[ 396 ]

والاوصياء (ص) دون غيرهم من سائر الناس، ومما هو منقول من إمام إلى إمام، من خاتم الامامة ومصحف القرآن الثابت وكتب العلم والسلاح الذي ليس شئ من ذلك بملك لاحد منهم تجري فيه المواريث وإنما يدفعه الاول للآخر والفارط (1) للغابر (2). وقد ذكرنا في كتاب الوصايا أن رسول الله (صلعم) دفع إلى وصيه علي أمير المؤمنين (ص) كتبه وسلاحه. وأمره أن يدفع ذلك إلى ابنه الحسن وأمر الحسن أن يدفعه إلى الحسين. وأمر الحسين أن يدفعه إلى ابنه علي، وأمر علي بن الحسين أن يدفعه إلى ابنه محمد بن علي وأن يقرأ منه السلام، فهذا وجه ما جاء في الرواية التي لا تحتمل غيره. فإما أن يكون جاء مفسرا فحذف الرواة تفسيره أو جاء مجملا كما ذكرنا اكتفاء بعلم المخاطبين فيه، أو كان (3) رمزا من ولي الله (ص) الذي جاء ذلك عنه. (1394) ومن ذلك ما روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا: لا يرث النساء من الارض شيئا، إنما تعطى المرأة قيمة النقض. فهذا أيضا لو حمل على ظاهره وعلى العموم لكان يخالف كتاب الله جل ذكره والسنة وإجماع الائمة والامة، ويقتضي (4) بعض ما ذكرناه في المسألة التي قبل هذه المسألة، ويدخل فيه ما دخل فيها من الاقوال والاعتلال. ووجه ما جاء في هذه المسألة عندي، والله أعلم، أنها مجملة كالتي قبلها فإما رمز بها أو حذف تفسيرها. والوجه في هذه الارض التي لا ترث النساء شيئا


(1) حش ى – الفرط الذي يتقدم الانسان من ولده، يقال: اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا متقدما، والفرط الفارط وهو الذي يسبق الوارد إلى الماء، وفي الحديث: أنا فرطكم على الحوض أي أتقدمكم عليه، والفرط العلم من أعلام الارض يهتدى به. (2) حش ى – غبر الشئ غبورا فهو غابر إذا بقى وغبر إذا مضى وهو من الاضداد وعلى الوجهين يفسر قوله (تع): (إلا عجوزا في الغابرين) (36 / 171) قيل اي الباقين في العذاب وقيل في الماضين بالعذاب. (3) ى – كان ذلك (4) ع، د، س (نسخة)، ويقتضي بعض إلخ س، ز، ى – وبعض ما ذكرناه إلخ.

[ 397 ]

منها، أنها أرض جعلت وقفا على الرجال دون النساء. كالذي يفتح من الارض عنوة، وتوقف ردءا للجهاد وتقوية للرجال من المسلمين على عدوهم من المشركين. أو تكون كالذي ذكرناه من الاوقاف على قوم دون قوم ولا يكون للنساء فيها حظ ويشاركن الرجال في النقض، فيكون الرجال أحق بالارض فلا يكون للنساء فيها حظ إلا حظهن من قيمة النقض. فأما ما كان من الارض مملوكا للمورث فللنساء منه نصيب. كما قال الله عز وجل، وهذا الذي لا يجوز غيره. فصل (9) ذكر اختصار حساب الفرائض (1395) وقد ذكرنا فيما تقدم أن سهام الفرائض عن أهل البيت (صلع) ستة. وذكرناها من كتاب الله عز وجل، فمن أراد أن يخرج السهام صحاحا بلا كسر، ضرب ما ينكسر منها عند القسمة بعضه في بعض. (1396) والفرائض عن أهل البيت (ص) على أصلين: أحدهما فيه فرض مسمى والباقي لمن يبقى. والثاني فيه فرض مسمى والباقي رد على أهل تلك التسمية (1). فأما الاصل الذي فيه فرض مسمى والباقي لمن يبقى فإنه يؤخذ من أقل شئ يصح منه ذلك الفرض. فيؤخذ ما كان فيه نصف من اثنين، وما كان فيه ثلث من ثلاثة وربع من أربعة على مثله هذا. فإن كان فيه فريضتان أو ثلاث والباقي لمن يبقى، فإنه يؤخذ كذلك من أقل شئ تصح منه (2) تلك الفريضة (3) كفريضة فيها نصف وثلث والباقي لمن


(1) ع – القسمة. (2) س – حذ (منه). (3) ز، ى – الفرائض.

[ 398 ]

يبقى يؤخذ من ستة، لان أقل عدد له نصف وثلث ستة، وكذلك ما كان فيه نصف وسدس فهو من ستة أيضا وما كان فيه نصف وثمن فهو ثمانية. فهكذا تأخذ كل أصل فيه شئ مسمى والباقي لواحد. (1397) فإن كان الباقي لاثنين أو لجماعة سهامهم فيه بالسواء وانقسم الباقي عليهم قسمته، وإن لم ينقسم نظرت إلى ما يبقى بعد إخراج فرائض ذوي السهام، فإن وافق سهام من يبقى بشئ من الاجزاء فاضرب مخرج ذلك الجزء الذي يوافقه في أصل تلك المسألة، فإن الذي يخرج من ذلك تصح قسمته عليهم على أقرب شئ. فإن كان الذي يوافقه أنصافا فاضرب اثنين في تلك المسألة (1)، فإن وافقه أثلاثا فاضرب ثلاثة وإن وافقه أرباعا فاضرب أربعة في أصل الفريضة، ثم اقسم ذلك بينهم فإنه يصح. (1398) وذلك أن يقال لك: امرأة تركت زوجها وستة بنين، فقد علمت أن هذه فيها ربع وما يبقى فإذا أخرجتها من أربعة أعطيت الزوج الربع فبقيت ثلاثة على ستة لا تصح بينهم إلا بكسر فتنظر إلى الثلاثة فتجدها توافق الستة أنصافا فتأخذ اثنين وهو مخرج النصف فتضربه في أصل المسألة وهو أربعة فيكون ثمانية يصح لك الحساب للزوج الربع سهمان فيبقى ستة أسهم لكل ابن سهم، فقس على هذا ما ذكرناه وما يرد عليك مما يوافق معناه. (1399) فإذا لم يوافق عدد ما يبقى عدد سهام ذوي السهام (2) بشئ من الاجزاء فاضرب عدد رؤوس سهامهم في أصل المسألة فإنها تصح إن شاء الله تعالى. وذلك أن يقال لك: امرأة تركت زوجها وخمسة بنين، فهذه


(1) د، ع – في أصل الفريضة. (2) ى – وإذا لم يوافق عدد سهامه ذوي السهام إلخ.

[ 399 ]

أصلها من أربعة لان فيها ربعا وما يبقى، للزوج الربع واحد وما يبقى ثلاثة أسهم على خمسة لا تنقسم لا توافقها بشئ من الاجزاء فتضرب رؤوس سهامهم وهي خمسة في أصل المسألة وهي أربعة فتكون عشرين، للزوج خمسة ويبقى خمسة عشر سهما على خمسة لكل ابن ثلاثة أسهم. (1400) وكذلك لو قيل لك: امرأة تركت زوجها، وخمس أخوات لاب وأم، وجدا لاب، فهذه أصلها من اثنين لان فيها نصفا وما بقى، للزوج النصف واحد ويبقى واحد بين سبعة، وذلك أن لكل أخت سهما وللجد سهمين فتضرب سبعة في أصل المسألة فتكون أربعة عشر للزوج النصف سبعة ويبقى سبعة لكل أخت سهم وللجد سهمان فقس على هذا ما ورد عليك. (1401) فأما الاصل الثاني وهي مسائل الرد كما ورد عليك منها فانظر إلى السهام التي أحرزوها قبل أن يرد عليهم الباقي. فقل: المال من كذا وكذا على عدد السهام، إذا كان الباقي من المال ردا عليهم على قدر سهامهم. وذلك أن يقال لك: رجل هلك وترك ابنته وأباه أو أمه، فللبنت النصف ثلاثة أسهم وللاب أو للام السدس سهم والباقي رد عليهما على قدر سهامهما لا على قدر أصل الميراث لهما، فالمال كله من أربعة، ثلاثة أرباعه للبنت وربعه للام أو للاب، وإن كانا جميعا فهي من خمسة ثلاثة أخماس المال للبنت وخمسان للابوين لكل واحد الخمس، فما ورد عليك من هذا فقسه عليه ويصح لك إن شاء الله تعالى. (1402) فإن كان مع أحد من أهل الرد أحد من الزوجين فاضرب سهامهم التي منها ينقسم المال بينهم في المسألة التي يكون منها مخرج فرض أحد الزوجين، ثم اقسم ذلك بينهم، ومثل ذلك أن يقال لك: امرأة تركت زوجها وابنتها وأباها فقل: للزوج الربع واحد من أربعة وتبقى ثلاثة


[ 400 ]

لا تنقسم بين الاب والبنت على أربعة لان للبنت النصف ثلاثة أسهم وللاب السدس سهم فاضرب أربعة وهي سهام البنت والاب في أصل الفريضة التي كان منها مخرج الربع وهي أربعة تجدها ستة عشر سهما: فقل: للزوج الربع أربعة ويبقى اثنا عشر سهما ثلاثة أرباعها للبنت تسعة أسهم وربعها للاب ثلاثة أسهم. (1403) وكذلك لو كانت الام مكان الاب فما ورد عليك من هذا فقسه عليه. وكل مسألة ألقيت عليكم من مسائل الرد فيها زوج أو زوجة وكان أصحاب الرد عددا كثيرا فاعمل المسألة من فروض الزوج أو الزوجة كما ذكرنا واقسم المال الباقي على تلك السهام ثم احسبها فإن انقسمت وإلا فاضربها فيما ينكسر من رؤوس سهامهم. وذلك أن يقال لك: رجل ترك امرأته وعشرين بنتا وأبا، فقيل: هذه من ثمانية: للمرأة الثمن واحد وتبقى سبعة بين البنات والاب على خمسة لا تنقسم بينهم فاضرب خمسة في ثمانية تجدها أربعين فادفع للمرأة الثمن وهو خمسة وتبقى خمسة وثلاثون خمسها للاب وأربعة أخماسها للبنات ثمانية وعشرون، وهن عشرون لا تنقسم وتنكسر عليهن ولا يوافقهن (1) بشئ من الاجزاء فاضرب عدد رؤوس سهامهم في الاربعين تجدها ثمان مائة للمرأة الثمن مائة وللاب مما يبقى خمسه وهو مائة وأربعون، وللبنات أربعة أخماسه وهو خمسمائة وستون سهما بينهن لكل بنت ثمانية وعشرون سهما، فقس على هذا ما ورد عليك تصب إن شاء الله (تع).


(1) حش ى – بل يوافقه بربع وربع فاضرب ربع عدد رؤوسهم، وهو خمسة في الاربعين يكون مائتين للمرأة الثمن خمسة وعشرون، وللاب مما يبقى خمسه وهو خمسة وثلاثون، وللبنات أربعة أخماس وهو مائة وأربعون بينهن لكل بنت سبعة، حاشية.

[ 401 ]

(16) كتاب الديات فصل (1) ذكر تحريم سفك الدماء بغير الحق والتغليظ في ذلك (1404) قال الله (ع ج) (1): ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا. وقال (2): والذين لا يدعون مع الله إلها آخرا ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق. وقال (ع ج) (3): من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. وقال (ع ج) (4): يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا. وقال (ع ج) (5): ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. (1405) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله


(1) 17 / 33. (2) 25 / 68. (3) 5 / 32. (4) 4 / 29 – 30. (4) 4 / 93.

[ 402 ]

(صلع) قال: إن في جهنم واديا يقال له السعير (1) إذا فتح ذلك الوادي ضجت النيران منه، أعده الله للقاتلين. (1406) وعنه (ع) أنه قال: أعتى (2) الخلق على الله من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه، أو تولى غير مواليه أو ادعى إلى غير أبيه. (1407) وعنه (ع) عن رسول الله (صلع) أنه أتى بقتيل وجد بين دور الانصار فقال: هل يعرف؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، قال: لو أن الامة اجتمعت على قتل مؤمن لكبها الله على نار جهنم. (1408) روينا عن علي (ع) أنه قال: من الكبائر (3) قتل المؤمن عمدا والفرار من الزحف، وأكل الربا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلما، والتعرب (4) بعد الهجرة، ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات. (1409) وعن رسول الله (صلع) أنه خطب الناس يوم النحر بمنى فقال: أيها الناس، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلى يوم يلقون ربهم فيحاسبهم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد. وهذا قول مجمل والمشركون يقاتلون حتى يقروا بتوحيد الله جل ذكره وبأن محمدا عبده ورسوله ويتوبوا، وتوبتهم الاقرار بالبراءة من شركهم، واعتقاد ذلك بقلوبهم، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويقروا بفرائض الاسلام كلها، فهذه الشرائط، والتحديد والتأكيد


(1) س – السعير. ع، ط، – سعيرا. د، ى، ز – سعير. انظر القرآن الكريم 25 / 11 و 4 / 55. (2) حش ى – عنى عتوا إذا استكبر وعصى، قال الله (تع): 25 / 21 وعتوا عتوا كبيرا، وعتى الليل إذا اشتدت ظلمته، وعتا الشيخ عتيا إذا كبر وولى، وقال الله (تع) (19 / 69) من الكبر عتيا بضم العين وكسرها وأصله عتو فأبدل من الواو ياء للفرق بينه وبين عتو الاستكبار. (3) حش ى – الكبائر الشرك بالله وقتل المؤمن عمدا، من الايضاح. (4) حش ى – تعرب الرجل بعد الهجرة إذا صار أعرابيا.

[ 403 ]

كل ذلك موجود في كتاب الله جل ذكره، فإن أجابوا إليه قبل منهم وإلا عرض عليهم أن يكونوا ذمة ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن فعلوا، وإلا قوتلوا وقتلوا. (1410) وعنه (ع) أنه قال: من أحدث في المدينة حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله. قيل لابي عبد الله: ما الحدث؟ قال: القتل. وعنه (ع) أنه قال: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. (1411) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله تعالى حكاية عن أهل النار (1): ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين، قال: إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه. لان هذا أول من عصى من الجن وهذا أول من عصى من الانس. (1412) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في قول الله تعالى (2): من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، قال: له في جهنم مقعد لو قتل الناس جميعا لم يزد على ذلك العذاب فيه. (1413) وعنه (ع) أنه قال: إن الرجل ليأتي يوم القيامة (3) معه قدر محجمة من دم فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم. فيقال. بلى، ذكرت فلانا (4) فترقى ذلك حتى قتل فأصابك هذا من دمه.


(1) 41 / 39. (2) 5 / 32. (3) ى – ومعه. (4) س – فيترقى، ع، ز، د، ط، ى – فتزقى.

[ 404 ]

فصل (2) ذكر القصاص (1414) قال الله (ع ج) (1): ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب، الاية، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قبض يوما على لحيته ثم قال: والله لتخضبن هذه من هذه. وأومى بيده إلى لحيته وهامته، فقال قوم بحضرته: لو فعل هذا أحد يا أمير المؤمنين لابدنا عترته، فقال: آه آه هذا هو العدوان إنما هي النفس بالنفس كما قال الله (ع ج). (1415) روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم. فهذا يوجب القصاص في النفس وفيما دون النفس بين القوي والضعيف والشريف والمشروف والناقص والسوي والجميل والذميم (2) والمشوه والوسيم، لا فرق في ذلك بين المسلمين. (1416) وعن علي (ع) أنه كان يكتب إلى عماله لا تطل الدماء في الاسلام، وكتب إلى رفاعة: لا تطل الدماء ولا تعطل الحدود. (1417) وعنه (ع) أنه قال: ثلاثة إن فعلتموها لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوكم، وإذا رفعتم حدودكم إلى أئمتكم فحكموا فيها بالعدل، وما نصحتم لائمتكم. (1418) وعنه (ع) أنه دخل يوما إلى مسجد الكوفة من الباب القبلي، فاستقبله نفر فيهم فتى حدث يبكي والقوم يسكتونه، فوقف عليهم (3)


(1) 2 / 179. (2) ى، ز، ع، – الدميم، د، س، ط – الذميم. (3) ى – عطية.

[ 405 ]

أمير المؤمنين وقال للفتى: ما يبكيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن أبي خرج مع هؤلاء النفر في سفر لتجارة فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه فقالوا: مات، وسألتهم عن ماله، فقالوا لم يخلف مالا. فقدمتهم إلى شريح فلم يقض لي عليهم بشئ غير اليمين. وأنا أعلم يا أمير المؤمنين أن أبي كان معه مال كثير، فقال لهم أمير المؤمنين: ارجعوا. فردهم معه ووقف على شريح فقال: ما يقول هذا الفتى يا شريح؟ فقال شريح: يا أمير المؤمنين إن هذا الفتى ادعى على هؤلاء القوم دعوى، فسألته البينة فلم يحضر أحدا، فاستحلفتهم له، فقال أمير المؤمنين: هيهات يا شريح، ليس هكذا يحكم في هذا، فقال شريح: فكيف أحكم يا أمير المؤمنين فيه، فقال علي: أنا أحكم فيه. ولا حكمن اليوم فيه بحكم ما حكم به أحد بعد داود النبي (صلع)، ثم جلس في مجلس القضاء ودعا (1) بعبد الله بن أبي رافع، وكان كاتبه، وأمره أن يحضر صحيفة ودواة، ثم أمر بالقوم أن يفرقوا في نواحي المسجد، ويجلس كل رجل منهم إلى سارية، وأقام مع كل واحد منهم رجلا وأمر بأن تغطى رؤوسهم وقال لمن حوله: إذا سمعتموني كبرت فكبروا، ثم دعا برجل منهم فكشف عن وجهه ونظر إليه وتأمله، وقال: أتظنون أني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟ إني إذا لجاهل، ثم أقبل عليه فسأله، فقال: مات يا أمير المؤمنين، فسأله عن كيف كان مرضه وكم مرض وأين مرض وعن أسبابه في مرضه كلها وحين احتضر ومن تولى تغميضه ومن غسله وما كفن فيه ومن حمله ومن صلى عليه ومن دفنه. فلما فرغ من السؤال رفع صوته: الحبس الحبس، فكبر وكبر من كان معه. فارتاب القوم ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر، ثم دعا برجل


(1) س ى – دعى.

[ 406 ]

آخر فقال له مثل ما قال للاول فقال: يا أمير المؤمنين، إنما كنت واحد من القوم وقد كنت كارها للقتل (1) وأقر بالقتل، ثم دعاهم واحدا واحدا من القوم فأقروا أجمعون ما خلا الاول، وأقروا بالمال جميعا وردوه وألزمهم ما يجب من القصاص، فقال شريح: يا أمير المؤمنين كيف كان حكم داود (ع) في مثل هذا الذي أخذته عنه؟ فقال علي (ع) مر داود (ع) بغلمان يلعبون وفيهم غلام منهم ينادونه (يا مات الدين) فيجيبهم، فوقف عليهم داود (ع) فقال: يا غلام ما اسمك؟ فقال: مات الدين، قال: ومن سماك بهذا الاسم، قال: أمي، قال: أين أمك؟ قال: في بيتها، قال: امض بين يدي إليها، فمضى الغلام فاستخرج أمه، فقال لها داود: هذا ابنك، قالت: نعم، قال: ما اسمه؟ قالت: مات الدين، قال: ومن سماه بهذا الاسم؟ قالت: أبوه، قال: واين أبوه؟ قالت: خرج مع قوم في سفر لهم لتجارة، فرجعوا ولم يرجع، فسألتهم عنه فقالوا: مات. وسألتهم عن ماله فقالوا: مات وذهب ماله (2)، فقلت: هل أوصاكم في أمري بشئ، فقالوا: نعم، أوصانا وأعلمنا أنك حبلى، فمهما ولدت من ولد فسميه مات الدين، قال: وأين هؤلاء القوم، قالت: حضور، قال: امضى معي إليهم، فجمعهم وفعل في أمرهم مثل هذا الذي فعلته وحكم بما حكمت، وقال للمرأة سمي ابنك (عاش الدين). (1419) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه حج فوافى أبا جعفر (3) المنصور قد حج في تلك السنة فبينا (4) هو يطوف إذ ناداه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يعد،


(1) ز، ى – ولقد كنت علم الله كارها لقتله. (2) ى – فقالوا: ذهب. (3) ى – حش أي أبوالدوانق. (4) حش ى – أي بمعنى بينما.

[ 407 ]

ولم أدر ما صنعا به. فقال له أبو جعفر: وافني بهما عند صلاة العصر، فوافاه بهما، فقبض على يد أبي عبد الله جعفر بن محمد (ص) وقال: يا أبا عبد الله اقض بينهم، قال: بل أنت فاقض (1) بينهم، قال بحقي عليك ألا قضيت بينهم، فخرج أبو عبد الله (ص) فطرح له مصلى فجلس عليه، ثم جاء الخصمان فوقفا بين يديه فقال للطالب: ما تقول؟ فقال: يابن رسول الله إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله. فوالله ما رجع إلى منزله (2). فوالله ما أدري ما الذي صنعا به، فقال لهما: ما تقولان؟ قالا: يابن رسول الله كلمناه ثم رجع إلى منزله، فقال أبو عبد الله لغلام له: يا غلام اكتب، بسم الله الرحمن الرحيم، قال رسول الله (صلع): من طرق رجلا بليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه رده إلى منزله. وقال للطالب: يا غلام تخير (3) أيهما شئت فاضرب عنقه، فقال أحدهما: والله يابن رسول الله، ما أنا قتلته ولكن أمسكته ثم جاء هذا فوجأه، فقال جعفر بن محمد (ص): أنا ابن رسول الله، يا غلام، خذ (4) هذا فاضرب عنقه يعني الاخر، فقال: يابن رسول الله (5) ما عذبته ولكن قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه (6) فضرب عنقه وأمر بالاخر فضربت جنباه ثم حبس في السجن (7) ووقع على رأسه: يحبس عمره ويضرب كل سنة خمسين جلدة. (1420) وعن علي (ع) أنه رخص في تقرير المتهم بالقتل والتلطف في


(1) س – بل أنت قاض بينهم، ز، ى، ع، ط – بل أنت، فاقض بينهم، د – بل أنت قاض فاقض بينهم. (2) س – ما رجع إلي فوالله إلخ، ى – إليه. (3) ع، ز – اختر. (4) ع، س – تخير. (5) زيد في ى، ز – والله. (6) حش ى – المراد بالغلام. (7) ز، ع ى – الحبس، س، د، ط، – السجن.

[ 408 ]

استخراج ذلك منه، وقال لا يجوز على رجل قود ولا حد بإقرار بتخويف ولا حبس (1) ولا ضرب ولا قيد. (1421) وعنه (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة النساء (2) في الحدود ولا في القود. وكان يقول: شهادة الصبيان جائزة فيما بينهم في الجراح ما لم يفترقوا وينقلبوا إلى أهاليهم أو يلقاهم أحد ممن يلقنهم القول، فهذا إنما يكون شهادة الصبيان لطخا مع القسامة. (1422) وعن علي (ع) أنه أتى (3) برجل سمع وهو يتواعده بالقتل فقال: دعوه، فإن قتلني فالحكم فيه لولي الدم. (1423) وعن علي (ع) (4) أنه قال في رجل يقتل المرأة عمدا: يخير أولياء المرأة بين أن يقتلوا الرجل ويعطوه أولياءه نصف ديته، أو أن يأخذوا نصف الدية من الرجل القاتل إن بذل لهم ذلك. (1424) وعن أبي عبد الله (ع) (5): وإن قتلت امرأة رجلا عمدا قتلت به، وليس عليها ولا أحد بسببها أكثر من أن تقتل. قال أبو عبد الله: والمرأة تعاقل الرجل في الجراح ما بينها وبين ثلث الدية، فإذا جاوزت الثلث رجحت جراح المرأة على النصف من جراح الرجل. لو أن أحدا قطع أصبع امرأة كان فيه مائة دينار، فإن قطع لها أصبعين كان فيهما مائتا دينار، وكذلك في الثلاث ثلثمائة دينار، وفي الاربع مائتا دينار لانها لما جاوزت الثلث من الدية (6) كان في كل أصبع خمسون دينارا. لان


(1) ط، ولا بحبس. (2) حش ى، من مختصر المصنف، وإذا كانت الجناية عمدا لم يجز فيها إلا شهادة عدلين، فإن كانت خطأ جاز فيها شهادة رجل وامرأتين، وشهادة شاهد واحد ويمين. (3) س – أوتى. ع، د، ز، أتى. (4) ز، ع، ى – وعن علي وأبي عبد الله ص، أنهما قالا إلخ. (5) حذر، ى، ع. (6) ط – لما ورث ثلث الدية كان إلخ.

[ 409 ]

دية المرأة خمسمائة، وهي في الجراح ما لم تبلغ الثلث، ديتها كدية الرجل. (1425) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: إذا قتل الواحد جماعة ضربوه كلهم ولم يعلم من ضرب أيهم مات، متعمدين لذلك، فإن ولي الدم يتخير واحدا منهم فيقتله بوليه، ويكون على الباقين لاولياء المقتول بالقود حساب ذلك من الدية إن كانوا ثلاثة فقتل أحدهم بالقود ورد الاثنان الباقيان على أوليائه ثلثي الدية ويوجعان عقوبة وعلى هذا الحساب في الاقل والاكثر، وقالوا (ص): قال رسول الله (صلع): لا يقتل اثنان بواحد. (1426) وعن علي (ع) أنه قضى في رجل قتل رجلا وآخر يمسكه للقتل وآخر ينظر لهما لئلا يأتيهم أحد. فقضى بأن يقتل القاتل وأن يمسك الممسك في الحبس (1) بعد أن يجلد ويخلد في السجن حتى يموت (2) ويضرب كل عام خمسين سوطا نكالا وتسمل عينا الذي كان ينظر لهما. (1427) وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال: إذا قتل العبد حرا عمدا، قتل به. وإن قتله خطأ فإن شاء مولاه أن يسلمه بالجناية أسلمه. وإن شاء أن يفديه بالدية فداه. وإن قتل عبد عبدا عمدا، فإن شاء مولاه أن يسلمه بالجناية أسلمه إلى مولى العبد، وإن شاء أن يفديه بقيمة العبد فداه، ويوجع ضربا بما فعل. وإذا قتل الحر عبد عمدا كان عليه غرم ثمنه ويضرب ضربا شديدا ولا يجاوز بثمنه دية الحر، والشهادة على أكثر من دية الحر باطلة. وإذا قتل الرجل عبده أدبه السلطان أدبا بليغا. وعليه، فيما بينه وبين الله، أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين ويتوب إلى الله (ع ج) ولا يقتص له منه، فإن مثل به عوقب وعتق العبد عليه.


(1) ى – السجن. (2) ز، ى – بعد أن يجلد حتى يموت وخلدا في السجن.

[ 410 ]

(1428) وعنه (ع) أنه قال: إذا قتل المسلم اليهودي أو النصراني أدب أدبا بليغا وغرم (1) ديته وهي ثمانمائة درهم، فإن كان معتادا للقتل وأدى أولياء المشرك فضل ما بين ديته ودية المسلم قتل به، ويقتل ببعضهم بعض. (1429) وعنه (ع) أنه قال: من قتل ذا رحم له أو قريبا (2) قتل به، ومن قتل أمه قتل بها صاغرا ولم يرث ورثته تراثه عنها، ويقاد من القرابات إذا قتل بعضهم بعضا إلا من الوالد إذا قتل الولد. (1430) وعنه (ع) أنه قال: من قصد إلى ضرب أحد متعمدا بما كان فمات من ضربه فهو عمد يجب به القود، وإنما الخطأ أن يرمى شيئا غيره فيصيبه أو يعمل عملا لا يريده به فيصيبه. (1431) وعنه (ع) أنه قال: إذا قتل الرجل وله أولياء صغار وغيب (3) فطلب الحاضر من أوليائه القصاص فله ذلك، قال: وقد اقتص الحسن (ع) من ابن ملجم لعنة الله عليه، ولعلي عليه السلام يومئذ أولاد صغار لم ينتظر بهم أن يبلغوا. (1432) وعن علي (ع) أنه قال: ولي الدم بالخيار، يعني في قتل العمد، إن شاء قتل وإن شاء قبل الدية وإن شاء عفا، وقال: ولكن وارث عفو في الدم، إلا الزوج والمرأة، فإنه لا عفو لهما، ومن عفا عن دم فلا حق له في الدية إلا أن يشترط ذلك. (1433) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا عفا بعض الاولياء زال القتل، فإن قبل الباقون من الاولياء الدية وكان الاخرون قد عفوا عن


(1) د – أدب وغرم. (2) س – قريبة. (3) س، ع، ط، ى، د، ز، صغار أو غيب.

[ 411 ]

القتل والدية، زال عنه بمقدار ما عفوا عنه من حصصهم (1) وإن قبلوا الدية جميعا ولم يعف أحد منهم عن شئ منهما فهي لهم جميعا. (1434) وعنه (ع) أنه قال: إذا قتل رجل رجلا عمدا وليس للمقتول ولي من أهل الذمة قال: يعرض الامام على قرابته من أهل الذمة الاسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه، يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم من قرابته أحد كان الامام ولي أمره، فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وجعلها (2) في بيت مال المسلمين (3). (1435) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل قتل أو سرق ثم لجأ إلى الحرم، فقال: لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع، فإذا خرج إلى الحل أقيم عليه الحد. (1436) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من جهد البلاء أن يقدم الرجل فيقتل صبرا، والاسير ما دام في الوثاق، والرجل يجد على بطن امرأته رجلا. وقال (صلع): لا قود إلا بالسيف. وقال علي: (ع): لا يقاد من أحد إذا قتل إلا بالسيف، وإن قتل بغير ذلك. ويقتص من العين بأن يوضع على العين الصحيحة قطنة وتربط، ثم تحمى مرآة وتقدم إلى العين التي يقتص منها وتفتح إليها حتى تسيل، وإن فقأ المقتص منه عين الذي جنى عليه بغير ذلك. (1437) وعن رسول (صلع) أنه نهى عن المثلة، وعن علي (ع): من مثل بأحد مثل به.


(1) د، ط – بحصصهم. (2) ى يجعلها، ط، ع – فجعلها. (3) حش ى – من مختصر الايضاح – قلت: فإن عفا عنه الامام، قال: إنما هو حق لجميع الناس وإنما على الامام أن يقتل ويأخذ الدية وليس له أن يعفو.

[ 412 ]

فصل (3) ذكر الديات (1438) قال الله (ع ج) (1): ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (صلع) أنهم قالوا: تؤخذ الدية من كل قوم مما يملكون، من أهل الابل الابل، ومن أهل البقر البقر، ومن أهل الغنم الغنم، ومن أهل الحلل الحلل (2)، ومن أهل الذهب الذهب، ومن أهل الورق الورق، ولا (3) يكلف أحد ما ليس عنده. قال جعفر بن محمد (ع): والدية على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم، وعلى أهل البعير مائة بعير قيمة كل بعير عشرة دنانير، وعلى أهل البقر مائتا بقرة قيمة كل بقرة خمسة دنانير، وعلى أهل الغنم ألفا شاة قيمة كل شاة نصف دينار، وعلى أهل البز مائة حلة قيمة كل حلة عشرة دنانير -، هذه دية الرجل الحر المسلم، ودية المرأة على النصف من ذلك في النفس وفيما جاوز ثلث الدية من الجراح. (1439) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (4): فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان، الاية، قال هو الرجل يقبل الدية فأمر الله (ع ج) الذي له الحق أن يتبعه بمعروف ولا يعسر وأمر


(1) 4 / 92. (2) حش ى – وقال في المنتخبة مائتا حلة قيمة كل حلة خمسة دنانير، والمعنى واحد وكذلك ذكر في الاقتصار. (3) س، – ما، ى – لا يكلف الله أحدا إلخ. (4) 2 / 178.

[ 413 ]

الذي عليه الحق أن لا يظلمه وأن يؤدي إليه بإحسان (1). (1440) وعن علي (ع) أنه قال: من لقى الله تبارك وتعالى بدم خطأ، وقد جحد أهله، لقى الله به يوم القيامة. (1441) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (2): فمن تصدق به (3) فهو كفارة له، قال: يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا عنه. (1442) وعنه (ع) انه سئل عن قول الله (ع ج) (4) فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، قال: هو الرجل يقبل الدية ثم يقتل، فله عذاب أليم كما قال الله (تع) ويقتل ولا يعفى عنه. (1443) وعنه (ع) أنه قال: كفارة القتل عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين، إذا لم يجد ما يعتق، أو إطعام ستين مسكينا إن لم يستطع الصوم. (1444) وعنه (ع) قال: توبة القاتل الاقرار لاولياء المقتول ثم التوبة بينه وبين الله عز وجل، إن عفوا عنه أو قبلوا الدية منه.


(1) حش ى – من الينبوع، وإذا قتل رجل رجلا عمدا فعفا الولي عن القصاص وشرط الدية لزمت القاتل من ماله وإن أبى ذلك وعلى القاتل مع ذلك التوبة والكفارة، (2) 5 / 45. (3) حش ى – ضمير قصاص. (4) 2 / 178.

[ 414 ]

فصل (4) ذكر الدية على العاقلة (1) (1445) قال الله (ع ج) (2): وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قضى في قتل الخطأ بالدية على العاقلة وقال: تؤدى (3) في ثلاث سنين في كل سنة ثلث. (1446) وعنه (ع) أنه أوتى (4) برجل قتل رجلا خطأ فقال له: من عشيرتك وقرابتك؟ فقال: ما لي في هذا البلد من عشيرة ولا قرابة، قال: فمن أي أهل بلد أنت؟ قال: أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها، ولي بها قرابة وأهل بيت. فسال علي (ع) عنه فلم يجد له بالكوفة عشيرة ولا قرابة، فكتب إلى عامله على الموصل: أما بعد فإن فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأ وقد ذكر أنه رجل من أهل الموصل، وأن له بها قرابة وأهل بيت، وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان وحليته كذا وكذا. فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كتابي هذا، فافحص عن أمره، وسل عن قرابته من المسلمين، فاجمعهم إليك ثم انظر، فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في كتاب الله لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته


(1) ع، ط ى – ذكر المعاقل. س، د، – العاقلة. حش ى – العقل أصله عقل البعير وهو أن يجمع يديه بعقل وهو حبل يجمع يديه أو يشد به ساقه وذراعه، وتثنى ركبته فيبقى قائما على ثلاث قوائم ثم استعير العقل للدية لانهم كانوا يؤدونها إبلا يأتي بها من وجبت عليه فيعقلها بفنائه إلى أن يشهد على دفعها إليه، من ذات البيان. (2) 4 / 92. (3) حش ى – أي على الجماعة العاقلة. (4) ى – أتى.

[ 415 ]

فألزمه الدية وخذه بها نجوما في ثلاث سنين، وإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكان قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه. وقرابته من قبل أمه سواء في النسب فاقص الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المذكورين من المسلمين، ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية، وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال الثلث من الدية. فإن لم تكن له قرابة من قبل أبيه فاقض الدية على قرابته من قبل أمه من الرجال المذكورين من المسلمين، ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين، وإن لم تكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه فاقض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها، ولا تنأ، ولا تدخل فيهم غيرهم من أهل البلدان. ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفى إن شاء الله (تع)، وإن لم يكن لفلان ابن فلان من قرابة من أهل الموصل ولم يكن من أهلها فاردده إلي مع رسولي فلان فأنا وليه والمؤدى عنه. لا يطل (1) دم امرئ مسلم. (1447) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في القتل والجراحات التي يقتص منها: العمد فيه القود والخطأ فيه الدية على العاقلة (2). (1448) وعن علي (ع) أنه قال: ليس على العاقلة دية العمد إنما عليهم دية الخطأ ولا تؤدى العاقلة من الجراح إلا ما فيه الثلث من الدية فصاعدا وما كان دون ذلك ففي مال الجاني خاصة دون أوليائه.


(1) يطل (كذا في س). (2) س، ع، د، ط، ى، ز، – أنه قال في قتل العمد والجراح القصاص، وفي الخطأ الدية على العاقلة.

[ 416 ]

(1449) وعنه (ع) أنه قال: لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا. (1450) وعنه (ع) أنه قال: ليس بين أهل الذمة معاقل. ما جنوا من قتل أو جراح عمدا أو خطأ فهي في أموالهم. (1451) وعنه (ع) أنه قال: إذا أقر الرجل بقتل خطأ أو جراحة فعليه الدية في ماله في ثلاث سنين، فإن شهد شهود أن قتله خطأ فقد صدقوه والدية على عاقلته لا يكون الخطأ على العاقلة إلا بشهادة عدول ولا تؤدى باعتراف القاتل ولا بصلحه. فصل (5) ذكر الجنايات التي توجب العقل ولا توجب القود (1452) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال في الفارسين يتصادمان فيموتان جميعا أو أحدهما أو يناله كسر أو جراح (1) قال: إن تعمدا أو أحدهما قصد صاحبه، فعلى المتعمد القصاص فيما يقتص منه، والدية فيما تجب فيه الدية فيما أصاب صاحبه. وإن كان ذلك خطأ فالدية على عاقلة كل واحد منهما. فالذي يضمن كل واحد منهما إذا قصدا جميعا نصف الدية، لان الذي أصاب صاحبه من فعلهما معا، وكذلك تضمن العاقلة إذا اصطدما معا خطأ. فإن صدم أحدهما صاحبه فعلى الصادم الدية في العمد في ماله. وعلى عاقلته في الخطأ فيما


(1) س. ز، ى – جراحة.

[ 417 ]

أصاب من المصدوم، وما أصابه (1) فهو هدر لانه من فعل نفسه، وهو كمن سقط عن دابته أو صدمت به جدارا (2) أو ما أشبهه. (1453) وعنه (ع) أنه قال: ليس بين الصبيان قصاص وعمدهم خطأ فيه العقل. (1454) وعنه (ع) أنه قال: ما قتل المجنون المغلوب على عقله والصبي، فعمدهما خطأ على عاقلتهما. وقال أبو جعفر محمد بن علي (ص): إذا قتل رجل رجلا عمدا ثم خولط القاتل في عقله، بعد أن قتل وهو صحيح العقل، قتل إذا شاء ذلك ولي الدم. وما جنى الصبي والمجنون فعلى عاقلتهما (3). (1455) وعن علي (ع) أنه قال: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة ممن يلي له ذلك، وإلا فهو ضامن، يعني إذا لم يكن ماهرا. (1456) وعنه (ع) أنه ضمن ختانا قطع حشفة غلام، وضمن ختانة ختنت جارية فنزف (4) دمها فماتت، فقال لها: ويلك فهلا أبقيت من ذلك! فضمنها الدية وجعلها على عاقلة الختانة. وكذلك الختان إذا كان أخطأ (5) وإن تعمد (6) ذلك لم يكن على العاقلة. (1457) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا في الرجل يسقط على الرجل فيموتان أو يعتلان أو أحدهما، فما أصاب الساقط فهو هدر وما أصاب المسقوط عليه ففيه القود على الساقط إن تعمده (7) أو الدية على عاقلته إن كان خطأ، وإن دفعه دافع فعليه ما أصابهما معا إن


(1) ى – أصابه منه. (2) س، ز، ع، ط، ى، – جدارا، د، – جدار. (3) كما في س، ع، ى، ز. في د، ط جاءت هذه الرواية بعد 1455. (4) ى – فنزفت، س حش – نزف دمه إذا أخرج كله. (5) ى، ع، ط – خطأ س – أخطأ. (6) س – تعمد. (7) س – تعمده.

[ 418 ]

تعمد وعلى عاقلته إن أخطأ. (1458) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: من أحتفر بئرا أو وضع شيئا في طريق من طرق المسلمين في غير حقه فهو ضامن لما عطب فيه. (1459) وعن علي (ع) أنه اختصم إليه باليمن أولياء قوم وقفوا على زبية سقط فيها أسد، فوقفوا ينظرون إليه، فهوى أحدهم في الزبية (1) وتعلق بآخر وتعلق الاخر بالاخر والاخر بالاخر (2) حتى سقط أربعة على الاسد فافترسهم. فاختصم أولياؤهم إليه فقضى أن الاول فريسة الاسد وعليه ثلث دية الثاني، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابعة كاملة، وليس على الرابع شئ فاختلفوا فيما قضى به (ص) فاتوا إلى رسول الله (صلع) فاختصموا إليه وذكروا ما قضى بينهم فيه علي (ع) فقال: القضاء ما قضى فيه بينكم. (1460) وروينا عنه (ع) من طريق أخرى (3) أن الناس ازدحموا على زبية الاسد فسقط فيها أربعة تعلق الاول بالثاني والثاني بالثالث والثالث بالرابع فقضى للاول بربع الدية لانه مات من فوقه ثلاثة وللذي يليه بثلث الدية لانه مات من فوقه اثنان، وللثالث بنصف الدية لانه مات من فوقه واحد وللرابع بالدية كاملة. وجعل ذلك على جميع من حضر الزبية. وهذا على ما قدمنا ذكره في اصطدام الفارسين يموت كل واحد منهما من فعله وفعل غيره، وهذه الرواية خلاف الاولى. وكل واحدة منهما ثابتة في معناها،


(1) حش س – الزبية حفرة تحفر للاسد، حش ى – أيضا فيصاد فيها، والزبية أيضا يكمن فيها الصائد للصيد، والزبية الزابية، أي لا يعلوها الماء والجمع زبا وفي المثل قد بلغ السيل الزبا أي انتهى الامر في الشدة كما انتهى السبيل إلى الزابية. (2) ز، ع ى – بآخر. (3) ى – الطريق تذكر وتؤنث، من الغريب المنصف لابي عبيدة.

[ 419 ]

فالاولى ذكر فيها أن الاول منهم زل من قبل نفسه من غير أن يزحمه (1) أحد وأنه تعلق بالثاني والثاني بالثالث والثالث بالرابع، فكان الاول كما قال فريسة الاسد، وهو هدر لان أحدا لم يجن عليه والرابع فيه الدية كاملة لانه لم يجن على أحد والاخران حكمهما حكم ما تقدم ذكره فصارت الدية لاولياء الرابع كاملة على الثلاثة، على كل واحد منهم ثلث الدية، لانهم ثلاثتهم جذبوه فغرم أولياء الاول عن صاحبهم لاولياء الثاني ثلث الدية فأخذها أولياء الثاني وغرموا لاولياء الثالث ثلثى الدية فزادوا ثلثا على ما صار إليهم (2) فكملت الدية للرابع الذي لم يجن شيئا وإنما جنى عليه من تقدمه، فهذا معنى الرواية الاولى. ومعنى الرواية الثانية خلافها. لانه قال: ازدحم الناس على الزبية فسقط فيها أربعة، فجعل الدية فيهم كلهم على ما ذكر (3) وأوجبها على من حضر، لانهم لما ازدحموا اشتركوا كلهم في دفع من سقط. (1461) وعن علي (ع) أنه قال: يضمن صاحب الدابة ما أصابت ويضمن القائد والسائق (4) والراكب، فهذا قول مجمل، وقد فسره جعفر بن محمد (ع) فقال: من أوقف دابة في طريق أو سوق أو في غير حقه فهو ضامن لما أصابت بأي شئ أصابت (5). وقال في الراكب يضمن ما أصابت الدابة بيديها أو صدمت أو أخذت بفيها، فضمان ذلك عليه، لانه يملكها بإذن الله تعالى إلا أن تكون أثارث بيدها حجرا صغيرا لا يؤبه له ولا يستطاع التحفظ منه ولا يضمن مؤخرها مثل الرحل والذنب إلا ما كان من فعله


(1) ع، ط – يزد حمه. (2) زيد في ط وفي الهامش في ز وأخذ أولياء الثالث ثلثين فزادوا ثلثا على ما صار إليهم. (3) ع. ى – ذكروا. (4) ى – السابق والقائد. (5) حش ى – من مختصر الايضاح: عن علي (ص) أنه قال: إذا قال (الطريق، فاسمح) فلا ضمان عليه.

[ 420 ]

مثل أن يهمزها (1) فتنفح (2) أو يضر بها فتشيل ذنبها فتصيب به شيئا أو يكبحها (3) فترجع القهقرى فتصيب بها شيئا أو ما أشبه هذا، قال: والسائق يضمن ما أصابت كذلك وما سقط عنها من سرج أو إكاف (4) أو حمل (5) أو ما أشبه ذلك، فأصاب شيئا فالراكب والسائق ضامنان له. (1462) وعن علي (ع) أنه كان يجعل الضمان على الرديفين فيما أصابت الدابة بينهما سواء. وعن علي (ع) وأبي جعفر (6) أنهما قالا في الجدار المائل إذا تقدم إلى صاحبه فيه (7) أو كان مائلا بين الميل، لا يؤمن سقوطه. وقد علم ذلك صاحبه فأبقاه لا يهدمه ولا يدعمه فسقط فأصاب شيئا، فهو ضامن لما أصاب. (1463) وعن علي (ص) أنه قال: من استأجر أجيرا بالغا جائز الامر واستعانه أو استعمل (8) في عمل من الاعمال فأعانه فهلك في ذلك العمل من غير جناية من صاحب العمل عليه، فلا شئ عليه فيه، فهو هدر وإن استعان غلاما غير بالغ بغير إذن وليه الذي يلي عليه، يعني الذي يجوز أمره فيه أو عبدا بغير إذن مولاه أو استأجرهما (9) فهلكا ضمن، وإن كان بإذن الولي الجائز الامر أو المولى فلا ضمان عليه.


(1) ص حش همزة أي دفعه، وضربه. (2) حش س – نفحت الدابة إذا رمت بحافرها فضربت به، حش ى – نفحت الناقة ضربت برجلها. (3) حش ى – كبحت الدابة إذا جذبتها إليك باللجام لتقف، حش س – كبح الفرس قرعه باللجام ليقف ولا يجري. (4) حش ى – الا كاف للحمار بمنزلة السرج للفرس وجمعه الا كف، من الضياء. (5) أيضا – الحمل بكسر الحاء ما كان على ظهر، وبفتح الحاء ما كان في البطن أو على رأس شجر، من الضياء. (6) س. ز، ى، ع، ط – وعن علي (ص) وأبي عبد الله. د – وعن علي ع. (7) حذ ط – فيه زمان. (8) حذ ى. (9) ى – استأجره.

[ 421 ]

(1464) وعنه (ع) أنه قضى في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم، قال: لا ضمان عليهم، قيل فإن دخل بإذنهم؟ قال: يضمنون. (1465) وعنه (ع) أنه قال: لا يقتص من المنقلة (1) ولا من السمحاق (2) ولا مما هو دونهما، يعني عليه السلام، ما هو دونهما إلى الدماغ وداخل الرأس، قال: وفيها الدية ولا يقاد من المأمومة (3) ولا من الجائفة (4) ولا من كسر عظم وفي ذلك كله العقل، والاصل فيما يقتص منه من الجراحات والجنايات على أعضاء وغير ذلك أن كل ما يوصل إلى القصاص منه بلا زيادة ولا نقصان ويؤمن فيه الاعتداء ولا يخاف فيه (5) موت المقتص منه فالقصاص فيه مباح، وما عدا ذلك فالدية فيه من مال الجاني إذا كان حرا بالغا جائز الامر متعمدا للفعل، والدية فيما تجب فيه الدية على العاقلة من الخطأ (6). وقد ذكرنا ما تعقله العاقلة (7) من جراحات الخطأ. (1466) وعن علي (ع) أنه قال في امرأة قطعت ذكر رجل ورجل قطع فرج امرأة متعمدين، لا قصاص بينهما ويضمن كل واحد منهما الدية في ماله ويعاقب عقوبة موجعة ويجبر الرجل إن كان زوج المرأة على إمساكها. (1467) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الرجل يجامع امرأته


(1) حش ى – المنقلة الشجة التي تنقل منها قراش العظام وهي قشور تكون على العظم دون اللحم، من القاموس. (2) حش ى – السمحاق قشرة رقيقة فوق عظم الرأس وبها سميت الشجة إذا بلغت إليها سمحاقا. (3) حش ى – وشجة آمة ومأمومة بلغت أم الرأس. (4) حش ى – الجائفة الطعنة تبلغ الجوف. (5) ز، ى منه. (6) ز، ى – في. (7) ط، ز، ى، د، ع – من جراحات الخطأ، س – من الخطأ.

[ 422 ]

فيفضيها (1) فإذا نزلت بتلك المنزلة لم تمسك البول قال: إن كان مثلها لا يوطأ أو عنف عليها (2) فعليه الدية. (1468) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة افتضت (3) جارية بيدها، قال: عليها مهرها وتوجع عقوبة. (1469) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: الجنين على خمسة أجزاء ففي كل جزء منها جزء من الدية، فللنطفة عشرون دينارا لو أن امرأة ضربت فأسقطت نطفة قبل أن تتغير كان فيها عشرون دينارا، وفي العلقة (4) اربعون دينارا، وفي المضغة ستون دينارا، وفي العظم ثمانون دينارا، فإذا اكتسى (5) لحما وكمل خلقه ففيه مائة دينار وهي الغرة (6) فإن نشأ فيه الروح ففيه الدية كاملة ألف دينار، وهذا على قول الله (تع) (7): ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، إلى قوله: ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.


(1) حش ى – قال في مختصر الايضاح: وذلك لاقل من تسع سنين وإن وطئها بهذه الحال فأفضاها أو عيبت من وطئه فهو ضامن لما أصابها لانه وطئها ومثلها لا يوطأ، وإن كانت فوق ذلك ومثلها يوطأ فوطئها ولم يقصد ذلك وإنما كان قصده الوطء المباح لم يكن عليه شئ إذا أمسكها، فإن لم تكن امرأته ولكنه زنى بها مطاوعة أو غير مطاوعة فأفضاها فعليه الدية لان وطأها لم يكن له ويجلد الحد، وقال أمير المؤمنين: من بنى بامرأة فماتت في إصابته إياها فلا عقل لها فهذا يؤيد ما ذكرناه يعني إذا كانت ممن يوطأ لان النفس أعظم مما دونها، فإذا لم يحسب في النفس شئ كان ما دونها أجدر أن لا يجب فيه شئ. (2) ى – بها. (3) ى – وافترعت البكر افتضضتها وابتكرتها. (4) حش ى، س – العلق الدم الجامد قبل أن ييبس، والعلقة واحدة العلق من الدم. (5) س – اكتسى. ع، ز، ط، د، ى، كسى. (6) س – العشرة (العشراء)، ز، د، ع، ط، ى – الغرة. (7) 23 / 12 – 14.

[ 423 ]

(1470) وعن علي (ع) أنه قضى في جنين الامة بعشر ثمن أمه (1). (1471) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إن رسول الله (صلع) حرم من المسلم ميتا ما حرم منه حيا، فمن فعل بالميت ما يكون في ذلك الفعل هلاك الحي فعليه الدية، وما كان دون ذلك فبحسابه. والدية في الميت كالدية في الجنين قبل أن ينشأ فيه الروح. وما أصيب من أعضائه فعلى حساب ذلك، وليست تورث لانه فعل ما فعل به بعد موته، فلما مثل به كان الواجب في ذلك التمثيل له دون ورثته يقضى منه دين إن كان عليه ويحج منه (2) إن كان ضرورة، ويعتق ويتصدق ويجعل في أبواب البر عنه. (1472) وعن علي (ع) أنه قال: من مات في زحام فديته على القوم الذين ازدحموا عليه إن عرفوا وإن لم يعرفوا، ففي بيت المال (3). (1473) وعنه (ع) أنه قضى في رجل استسقى قوما ماء (4) فلم يسقوه وتركوه حتى مات عطشا (5) بينهم وهم يجدون الماء، فضمنهم ديته. (1474) وعن علي (ع) أنه قضى في ستة غلمة دخلوا ماء فغرق أحدهم فشهد ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه، وشهد اثنان على ثلاثة انهم غرقوه، فقضى بديته أخماسا، على الاثنين ثلاثة أخماس الدية وعلى الثلاثة خمساها. (1475) وعنه (ع) أنه قضى في أربعة نفر شربوا الخمر فتباعجوا (6)


(1) حش ى – ومن الايضاح عن علي (ص) أنه قال في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه، وفي الحديث قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة، قيل إنه عبر عن الجسم بالغرة، يقال فلان غرة ميمونة. (2) ع، ط، ز، ى – يحج منه عنه، س، د – يحج منه. (3) ى، ز، ع – بيت مال المسلمين. (4) ى حذ (ماء). (5) ى – وتركوه عطشا إلخ. (6) حش ى، (كجراتي) – بهوكا بهوك.

[ 424 ]

بالسكاكين فأتى بهم فحبسهم فمات منهم رجلان وبقى رجلان، فقال أهل المقتولين: أقدنا من هذين ولم يكن أحد منهم أقر ولم تقم (1) عليهم بينة فقال علي (ع) فلعل اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا: لا ندري. فقضى بدية المقتولين على الاربعة، وأخذ جراحة الباقيين من دية المقتولين. (1476) وعنه (ع) أنه قضى فيمن قتل دابة عبثا أو قطع شجرا أو أفسد زرعا أو هدم بيتا أو عور بئرا أو نهرا، أن يغرم قيمة ما أفسد (2) واستهلك، ويضرب جلدات نكالا وإن أخطأ لم يتعمد ذلك فعليه الغرم ولا حبس عليه ولا أدب. وما أصاب من بهيمة فعليه فيها ما نقص من ثمنها (3). (1477) وعن رسول الله (صلع) أن رجلا استعدى (4) عنده على رجل فقال: يا رسول الله إن ثورا لهذا قتل حمارا لي، فقال لهما: اذهبا إلى أبي بكر فاسألاه وارجعا إلي بما يقول، فسألاه (5) فقال: ليس على البهائم قود، فرجعا إلى رسول الله (صلع) فأخبراه، فقال: اذهبا إلى عمر فاسألاه وارجعا إلي بما يقول، فسألاه فقال مثل ما قال أبو بكر (6) فأخبرا النبي (صلع) فقال: اذهبا إلى علي فاسألاه وارجعا إلي بما يقول، فسألاه فقال: إن كان


(1) د – تقم. (2) حش ى – عور بعين مهملة عير (عور) الركية إذا كبسها فنضب ماؤها، يقال بعج البطن أي شقه وغار الماء غورا بغين معجمة إذا ذهب في الارض فهو غائر وغارت الشمس والنجوم غيارا إذا غابت. (3) حش ى – من الايضاح أن عليا (رض) قضى في عين فرس فقئت ربع ثمنها يوم فقئت العين. وعن أبي علامة (ع) أنه قال فيمن ضرب بهيمة موضحة قال عليه نصف عشر قيمتها، وعن قاسم بن إبراهيم العلوى أنه سئل عن جنين البهيمة قال فيه حكومة على ما عليه نصف عشر قيمتها، وسئل عن عين الدابة وذنبها فقال قد قيل في عين الدابة وذنبها ما نقص ثمنها وقال فيمن قطع فرج بهيمة من ذوات الدر قال عليه ثمن البهيمة، ويؤدب يعني إن ماتت من ذلك أو بعد أن تدفع إليه إن كانت حية. (4) حش ى – أي استنصر. (5) المتن ناقص في س، حذ من (فقال ليس) إلى (إن كان الثور). (6) ى – فقال: ليس على البهائم قود.

[ 425 ]

الثور دخل على الحمار في مكانه (1) حتى قتله فصاحبه ضامن، وإن كان الحمار هو الداخل على الثور فقتله فليس على صاحبه ضمان، فرجعا إلى النبي (صلعم) فأخبراه بما قال، فقال: الحمد لله الذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الانبياء (2). (1478) وعن علي (ع) أنه قضى باليمن في فرس أفلت فنفح (3) رجلا فقتله فأهدره علي (ع) (4) وقال: إن أفلت فليس على صاحبه شئ، وإن أرسله أو ربطه (5) في غير حقه ضمن، فلم يرض اليمانيون بحكمه. فأتوا إلى رسول الله (صلع) وقالوا: يا رسول الله إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا، وأخبروه الخبر فقال رسول الله (صلع): إن عليا ليس بظلام ولم يخلق للظلم، وحكم علي كحكمي، وقوله قولي وهو وليكم من بعدي ولا يرد قوله وحكمه إلا كافر، ولا يرضى بقوله وحكمه إلا مؤمن. فلما سمع اليمانيون قول رسول الله (صلع) قالوا: يا رسول الله رضينا بحكم علي. قال رسول الله (6): ذلك توبتكم. (1479) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في بهيمة الانعام: لا يغرم أهلها شيئا ما دامت مرسلة. يعني فيما يملكون أو تكون أفلتت منهم. (1480) وعنه (ع) أنه قال: في بختى (7) اغتلم فخرج من الدار


(1) ط، د، ز، مأمنه. س، ع، ى – مكانه. (2) حش ى – هذا حكم به داود عليه السلام في مثل هذه القضية بعينها، من ذات البيان. (3) حش ى – نفحت الناقة ضربت برجلها، حش س – نفحت الدابة إذا رمت بحافرها. (4) ى حذ على، ع، ز – فأهدره عليه السلام. (5) ى، أربطه. (6) ى، ز – قال: ذلك توبتكم. (7) حش ى – البختى واحد البخت من الابل، يقال هي لغة عربية ويقال هي عجمية معربة، من الضياء.

[ 426 ]

فقتل رجلا فجاء أخو المقتول فقتل البختى فقال: صاحب البختى ضامن لدية المقتول ويقبض ثمن بختيه، يعني إذا كان أرسله على ما قدمناه ذكره. فصل (6) ذكر ما لا دية فيه ولا قود (1481) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) (1) أنه قضى في رجل دخل على امرأة فاستكرهها على نفسها وجامعها وقتل ابنها. فلما خرج قامت المرأة إليه بفأس فأدركته فضربته به فقتلته فأهدر دمه، وقضى بعقرها (2) ودية ابنها في ماله، وقال جعفر بن محمد (ع): إذا راواد (3) الرجل المرأة عن نفسها فدفعته عن نفسها فقتلته فدمه هدر، قال: ودم اللص هدر، ولا شئ على من دفع عن نفسه. (1482) وعن علي (ع) أنه قضى في رجل عض رجلا فنتر يده من فيه فاقتلع ثناياه، فأبطلها علي (ع). (1483) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: إذا أراد الرجل أن يضرب رجلا فاتقاه بشئ فأصابه فما أصاب منه بما اتقاه به فهو هدر، وقال في رجل هم أن يوطئ دابته رجلا، فضرب الرجل الدابة فوقع الراكب،


(1) س. ى – عن آبائه عليهم السلام أن عليا صلوات الله عليه قضى إلخ. (2) حش ى – العقر مهر المرأة إذا وطئت على شبهة، ومن الضياء العقورية فرج المرأة إذا أغصبت نفسها، قيل اشتقاقه من العقر لان وطء البكر عقر لها وقد يسمى المهر عقرا على التوسع، د – عقرها. (3) س راود، ع، ط، ز، د، ى – أراد.

[ 427 ]

قال: لا شئ على ضارب الدابة، يعني إذا دفع عن نفسه بمثل ما يدفع الناس به عن أنفسهم (1) ولم يتعمد صرع الرجل (2) فأما إن تعمد (3) ذلك مثل أن يكبح الدابة ليصرعه أو يتعمد صرعه بأي وجه كان، فهو ضامن. (1484) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من تطلع من خلال دار قوم لينظر إلى عوراتهم ففقئوا عينه فهو هدر. (1485) وعن علي (ص) أنه قال: إذا وجد الرجل ميتا في القبيلة وليس به أثر فلا شئ عليهم لانه قد يكون مات موته (4). وعن علي أنه قال: من مات في حد أو قصاص فهو قتيل القرآن، ولا شئ فيه. فصل (7) ذكر القسامة (1486) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) قضى بالقسامة (5) واليمين مع الشاهد الواحد في الاموال خاصة، وقضى بذلك علي (ع) بالكوفة. وقضى الحسن (ع)، قال جعفر ابن محمد (ع): ولا يرضى بها، يعني القسامة، لنا عدو ولا ينكرها لنا ولي، قال والقسامة حق وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم


(1) ى، ز حذ (عن نفسهم). (2) س خه – المراكب. (3) س، ط. ع، د، ز، ى – تعدى. (3) ط، ع، – بموته، س، ز، د، ى – موته. (5) حش ى – القسامة الايمان تقسم على خمسين رجلا من أهل البلد أو القرية التي يوجد فيها قتيل لا يعلم قاتله ولا يدعى أولياؤه قتله على أحد بعينه، من الضياء.

[ 428 ]

بعضا ثم لم يكن شيئا (1) وإنما القسامة نجاة للناس، والبينة في الحقوق كلها على المدعى، واليمين على المدعى عليه إلا في الدم خاصة، فإن رسول الله (صلع) بينما هو جالس بخيبر (2) إذا افتقدت الانصار رجلا منهم فوجدوه قتيلا، فقالوا: يا رسول الله إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلع): أقيموا البينة رجلين عدلين من غيركم أقدمكم (3) به برمته (4). يعنى بعد أن أنكر، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقدكم به (5) برمته، فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهد، ونكره أن نقسم على شئ لم نره، قال: فتحلف (6) اليهود أنهم ما قتلوه ولا علموا له قاتلا، فقالوا: يا رسول الله هم يهود يحلفون: فوداه رسول الله (صلع) من عنده، ثم قال: إنما حقن الله دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة، حجزه مخافة القسامة أن يقتل فيكف عن القتل، وإذا وجد القتيل بين قوم فعليهم قسامة خمسين رجلا ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا، ثم يغرمون الدية إذا وجد قتيلا بين ظهرانيهم (7). يعني (صلع) إذا لم يكن لطخ يجب أن يقسم معه أولياء الدم ويستحقون القود. كما قال رسول الله (صلع) للانصار، وإنما قال ذلك لان الانصاري أصيب قتيلا في قليب (8) من قلب اليهود بخيبر، وقيل إنه عبد الله بن سهيل خرج هو


(1) د، ع، ط، ز – شي. س، ى – شيئا، ثم لم يكن (قتل) شيئا. (2) ى – هو بخيبر. (3) س، ى، د، – أقدكم، ع، ز، ط – أقيدكم. (4) س – الرمة قطعة من الحبل بالية والجمع رمام وقولهم دفع إليه الشئ برمته وأصله أن رجلا دفع إلى رجل بعيرا بحبل في عنقه، فقيل ذلك لكل من دفع شيئا بجملته من ص. (5) س – منه. (6) د – فتحلف. (7) س. ى – أظهرهم. (8) ى – القليب البئر قبل أن تطوى والقليب مذكر من الضياء، وقال في ص وتذكر وتؤنث، قال أبو عبد الله وهي البئر العادية القديمة.

[ 429 ]

ومحيصة بن سعود وهو ابن عمه إلى خيبر في حاجة، ويقال من جهد (1) أصابهما فتفرقا في حوائط خيبر ليصيبا من الثمار، وكان افتراقهما بعد العصر ووجد عبد الله قتيلا قبل الليل وكانت خيبر دار يهود محضة لا يخالطهم فيها غيرهم وكانت العداوة بين الانصار وبينهم ظاهرة، فإذا كانت هذه الاسباب (2) أو ما أشبهها فهي لطخ تجب معه القسامة وإن لم يكن ذلك ولا بينة فالايمان على من وجد القتيل بينهم. يقسم منهم خمسون رجلا ما قتلوا ولا عملوا قاتلا، ثم يغرم الجميع الدية كما جاء عن رسول الله (صلع). وإذا قال الميت فلان قتلني فهو لطخ تجب معه القسامة. (1487) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: كان علي، يعني أمير المؤمنين (ص)، إذا أوتى بالقتيل حمله على الصقب (قال أبو جعفر: يعني بالصقب أقرب القرية إليه) وإذا أوتى به على بابها حمله على أهل القرية، وإذا أوتى به بين قريتين قاس بينهما ثم حمله على أقربهما، فإذا وجد بفلاة من الارض ليس إلى قرية وداه (3) من بيت مال المسلمين، ويقول: الدم لا يطل في الاسلام. (1488) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: القسامة في النفس على العمد خمسون رجلا، وعلى الخطأ خمسة وعشرون رجلا. وعلى الجراح بحساب ذلك.


(1) س، ز – من. ى – في. (2) س – فإذا كانت هذه أو ما أشبهها. (3) د – أداه.

[ 430 ]

فصل (8) ذكر الجنايات على الجوارح (1489) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) قضى في شعر الرأس ينتف كله فلا ينبت، ففيه الدية كاملة، وإن نبت بعضه دون بعض فبحساب ذلك، قال جعفر بن محمد (ع): فإن نبت فيه عشرون (1) دينارا. وإن كانت امرأة فحلق رجل رأسها حبس في السجن حتى ينبت، ويخرج بين ذلك، ثم يضرب فيرد إلى السجن. فإذا نبت أخذ منه مثل مهر نسائها إلا أن يكون أكثر من مهر السنة، فإن كان أكثر من مهر السنة رد إلى السنة. (1490) وعن رسول الله (صلع) أنه قضى في جلدة الرأس إذا سلخت ففيها الدية كاملة. وفي الجبهة إذا كسرت ثم جبرت بغير عيب، مائة دينار. (1491) وعن علي (ع) أنه قضى في صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت حتى ينحرف، بنصف الدية، خمس مائة دينار. وما كان دون ذلك فبحسابه. (1492) وعنه (ع) أنه قضى في الحاجبين الدية، وفي كل واحد منهما نصف الدية إذا نتف فلم ينبت، فإن نبت فديته عشرة دنانير لكل حاجب. وما ذهب منه فبحساب ذلك.


(1) س – فعشرون.

[ 431 ]

(1493) وعنه (ع) أنه قال في شفر (1) العين الاعلى، إذا أصيب فشتر (2)، ففيه ثلث دية العين، وفي الاسفل نصف دية العين وما أصيب منه فبحساب ذلك، وإذا نتفت أشفار العينين كلها فلم ينبت ففيهما الدية، وفي كل واحد منهما ربع الدية، وهما سواء الاعلى والاسفل. (1494) وعنه (ع) أنه قال: في العينين الدية وفي كل واحدة منهما نصف الدية. (1495) وعنه (ع) أنه قال: في عين الاعور الصحيحة (3) الدية كاملة يعني إذا لم يأخذ دية العين التي عورت، وقال جعفر بن محمد (ع): إذا فقئت عين الاعور الصحيحة، يعني عمدا، فعمى فإن شاء فقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ الدية كاملة ولم يفقأ عين صاحبه. (1496) وعن علي (ع) أنه قال في الاعور إذا فقأ عين صحيح: تفقأ عينه الصحيحة. قيل لابي عبد الله: إذا يصير أعمى. قال: الحق أعماه. (1497) وعن علي (ع) أنه قضى في العين القائمة، يعني الصحيحة الحدقة (4) التي لا يرى صاحبها إذا فقئت، مائة دينار. (1498) وعنه (ع) أنه قال (5) في الرجل يضرب فيذهب بعض بصره قال: يعطى الدية بحساب ذلك، تؤخذ بيضة فيخرج ما في جوفها وتعلق بشعرة بيد رجل، وتربط عينه المصابة ثم يلوح له الرجل بالبيضة


(1) حش ى – شفر كل شئ حرفه وشفر العين منبت الهدب منها، والجمع أشفار، حش د – أي پابن (كجراتي). (2) ع شتر. (3) ز، د، ى – فيها. (4) حش ى – حدقة العين سوادها الاعظم والجمع حدق وحداق. (5) س. ز، ى قضى.

[ 432 ]

وهو يمشي ويتباعد منه، فكلما قال: أراها، زاد. حتى يقول لا أرى شيئا، فإذا قال ذلك علم ذلك المكان ثم انصرف إليه ومشى أيضا بين يديه، من ناحية أخرى حتى يقول: لا أراه فعلم (1) ذلك المكان، يفعل ذلك به من أربع جهات (2) ثم يقاس بعضها إلى بعض. فإن استوت صدق به، فإن زاد بعضها إلى (3) بعض، قيل له: قد كذبت، ويعاد عليه الامر من أوله حتى يستوى القياس من أربع جهات. وينبغي أن يستر ما بينه وبين الماشي بالبيضة، فلا يرى نقل قدميه لئلا يحسب الخطاء (4) فإذا اعتدل ذلك، علم أنه منتهى بصره الصحيح، ثم تربط عينه الصحيحة وترسل المضروبة، ويفعل به كما فعل به أولا. فإذا استوى قياسه نظر ما بينه وبين الاول وحسب له من الدية مثل ما نقص، وكذلك قال عليه السلام يفعل بالسمع (5) وينقر له بالدرهم (6). (1499) وعن أبي جعفر (ص) أنه سئل عن أعمى فقأ عين صحيح فقال يغرم الدية وينكل به إن كان تعمد ذلك. وإن كان خطأ فالدية على العاقلة. (1500) وعن علي (ع) أنه قال: إذا ضرب الرجل فذهب سمعه كله ففيه الدية كاملة، فإن اتهم (7) ضرب له بالشئ الذي له صوت بقربه من حيث لا يراه ولا يعلم به ويتغفل بذلك وبالصوت والكلام حتى يوقف على ذهاب سمعه.


(1) س – فيعلم. (2) د، س – مواضع. (3) ى – على. (4) س، ز – الخطئ. ع، ط، د، ى – الخطاء. (5) ى – وكذلك قال في السمح. (6) حش ى – ومن مختصر المصنف: ومن ذهب سمعه واستحق الدية فأخذها ثم سمع بعد ذلك لم يكن عليه رد ما أخذه. (7) كذا د – وهو الصحيح.

[ 433 ]

(1501) وعن رسول الله (صلع) أنه قضى في الاذنين إذا اصطلمتا بالدية كاملة، وفي كل واحدة منهما نصف الدية في الخطأ. ويقتص منها في العمل. وقضى في الانف إذا جدع خطأ ففيه الدية كاملة ويقتص منه في العمد، وكذلك العين، وإذا فطس الانف ففيه خمسون (1) دينارا. (1502) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في الشفتين إذا استؤصلتا الدية، وفي العليا نصف الدية وفي السفلى ثلثا الدية لانها تمسك الطعام والريق. (1503) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في دية الاسنان في الخطأ فيما كان منها في مقدم الفم وهي اثنتا عشرة سنا في كل سن منها خمسون دينارا، وهي الثنايا والرباعية والانياب. وفي مؤخر الفم وهي الاضراس، في كل ضرس خمسة وعشرون دينارا وهي ستة عشر ضرسا من كل جانب أربع، فذلك كمال الدية في الاسنان كلها، وعلى هذا العدد حسابها، ومن الناس من يكون له عشرون ضرسا من كل جانب خمس، وليس على ذلك حساب، إنما الحساب على ستة عشر. وإذا أصيب ضرس ممن له عشرون ضرسا ففيه (2) خمسة وعشرون دينارا. وإن أصيب العشرون كلها، ففيها أربع مائة دينار، وكذلك فيها إذا كانت ستة عشر. وما انكسر من السن أو الضرس فبحسابه. وإذا ضرب فاسود (3) فقد تم عقله.


(1) ى – كتب (ماية) على خمسون. (2) س، ز، ط – زيد في ى – ضرسا. (3) حش ى – من مختصر المصنف: فإذا ضرب الرجل من رجل فتحركت انتظر بها ما يعمله أهل العلم بمثلها، فإن سقطت أو اسودت ففيها الدية، وإن عادت إلى حالها ففيها ثلث ديتها بمنزلة البل (؟) تنفك وتنجبر، وإذا كانت الاسنان تامة فجنى عليها رجل فكسر منها أطراف حتى بقى منها ما لو كان لرجل كان أصلا معتدلا كان على الجاني بحسب ما ذهب، فإن جنى عليها بعد ذلك آخر وعلى بعضها كان عليه الدية يوضع منها ما كان أخذه من الاول، ولو كان عفى عن الاول وضع عن الثاني مقدار ذلك، حاشية.

[ 434 ]

(1504) وعن علي (ع) أنه قال: في سن الصبي الذي لم يثغر (1) إن لم ينبت ففيه ما في سن الكبير، وإن نبت ففيها عشرة دنانير. (1505) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: في اللسان الدية كاملة. يعني إذا اصطلم كله، وما قطع منه فبحسابه، وما نقص أيضا من الكلام فبحسابه. (1506) وعن علي (ع) أنه قال: من ضرب أو قطع من لسانه فلم يصب بعض الكلام فإنه ينظر إلى ما لا يصيبه من الحروف فيعطى الدية بحساب ذلك من حروف المعجم، وهي ثمانية وعشرون حرفا، في كل حرف منها خمسة وثلاثون دينارا وأربعة أخماس دينار. (1507) وعنه (ع) أنه قال: في لسان الاخرس ثلث الدية. (1508) وعنه (ع) أنه قال: في اللحية تنتف أو تحلق أو تسمط (2) فلا تنبت، ففيها الدية كاملة، وما نقص منها فبحساب ذلك، ودية الشارب إذا لم ينبت ثلث دية الشفة العليا، وما نقص منها فبحساب ذلك، فإن نبت فعشرون دينارا، هذا في الخطأ، وفي العمد القصاص. (1509) عن علي (ص) أنه قال في اللحيين إذا كسرا (3) ثم جبرا بغير عيب فديتهما مائة وأربعون دينارا، لكل لحى سبعون دينارا، إذا برئ بغير عيب. وإذا رض اللحى فربع الدية مائتان وخمسون دينارا، وإذا رض الذقن فثلث الدية، وإن كسر وجبر بغير عيب فديته مائة دينار، وإن عيب فمائة وثلاثون، وإذا انصدع فثلاثة أخماس ديته.


(1) حش ى – أثغر الصبي إذا ألقى أسنانه، حش ى – أيضا وإذا أسقطت رواضع الصبي قيل مثغور، وإذا نبتت قيل أثغر والراضعتان ثنيتا الصبي، حش ط – تمام نتهى تهيو (كجراتي). (2) د، ط – تشمط، حش ى – سمط الجدى نتف صوفه بالماء الحار. (3) إذا كسرا به ثم جبرا.

[ 435 ]

(1510) وعنه (ع) أنه قضى في الترقوة (1) إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا. فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها، اثنان وثلاثون دينارا. (1511) وعنه (ع) أنه قال: دية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار، فإن كان فيه صدع فثمانون دينارا. (1512) وعنه (ع) أنه قال: في العضد إذا كسرت فجبرت (2) على غير عيب فديته مائة دينار. (1513) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: في المرفق إذا كسر فجبر على غير عيب فديته مائة دينار. (1514) وعنه (ع) أنه قال: في الساعد إذا كسر فجبر على غير عيب فديته ثلث دية النفس، وفي إحدى القصبتين (3) خمس دية اليد. (1515) وعنه (ع) في المرفق إذا كسر فجبر على غير عيب فديته مائة دينار (4). (1516) وعنه (ع) أنه قال في دية الرسغ (5) إذا رض فجبر على غير عيب: ثلث دية اليد. (1517) وعنه (ع) أنه قال: في الكف إذا كسرت وجبرت على غير عيب فديتها خمس دية اليد، وفي فكها ثلث دية اليد.


(1) حش ى – الترقوة عظم ما بين ثغر النحر والعاتق، وقال في النظائر الترقوتان العظمان يكتنفان ثغر النحر. (2) ى – كسر وجبر إلخ. (3) حش س – القصب عظام اليد. (4) اختلف ترتيب الروايات في كل النسخ، وأساسنا. س. (5) حش ى – موصل الكف في الذراع والقدم في الساق.

[ 436 ]

(1518) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الاصابع: في كل أصبع مائة دينار، وفي كل مفصل ثلث دية الاصبع إلا الابهام، فإن في كل واحدة منهما مفصلين. (1519) وعن علي (ص) قال: في الاصبع إذا شلت فقد تم عقلها. (1520) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في اليد الشلاء والاصبع الشلاء (1) في كل واحدة منهما ثلث الدية. (1521) وعن رسول الله (صلع) أنه قضى في اليدين بالدية كاملة وفي كل يد نصف الدية. (1522) وعن علي (ع) (2) انه قضى في الصدر إذا رض فانثنى شقاه جميعا فديته نصف الدية خمسمائة دينار، وفي كل شق ربع الدية، وإن انثنى الصدر مع الكتفين ففي ذلك الدية كاملة. (1523) وعنه (ع) أنه قضى (3) في الصلب إذا كسر فلم ينجبر الدية كاملة، وكذلك إن انجبر على عثم (4) أي احدودب، ففيه الدية كاملة، فإن انجبر على غير عيب، فديته مائة دينار. (1524) وعنه (ع) أنه قال: فيما خالط الصدر من الاضلاع إذا كسر فديته خمسة وعشرون دينارا. أو في الاضلاع مما يلي العضدين، في ضلع منها عشرة دنانير.


(1) س حذ. (2) س – وعنه (صلع) كذا في ط، ى، ز، د، ع. (3) س – قضى. (4) حش س، ى – عثم العظم المكسور، أر يخص باليد انجبر على غير استواء.

[ 437 ]

(1525) وعنه (ع) أنه قال: في الجائفة وهي الطعنة (1) تنفذ إلى الجوف ثلث الدية، وإن نفذت من الجانب الاخر ففيها ثلثا الدية. قال جعفر بن محمد (ع): إنه في الفتق في البطن ثلث الدية، وإذا بجر (2) ولم ينفتق ففي مثل الجوزة (3) مائة وعشرون دينارا، وفي مثل التمرة مائة دينار، وفي مثل البيضة ثلث الدية، إذا قلقلت فتحركت. (1526) وعن علي (ع) أنه قال: في الورك إذا كسرت فجبرت على غير عيب فديتها (4) مائتا دينار، وفي صدعها مائة وستون دينارا. (1527) وعن رسول الله (صلع) أنه قضى في الذكر إذا اصطلم، بالدية كاملة. (1528) وعن علي أنه قال: في الحشفة الدية، وفي البيضتين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وهما سواء. فإن أصيب رجل فدرتا (5) أنثياه ففيهما أربعمائة دينار، وفي كل بيضة مائتا دينار. (1529) وعنه (ع) أنه قال: في الفرج الدية كاملة، وفي العصعص (6) إذا كسر فلا يملك نفسه الدية كاملة. (1530) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عيب مائتا دينار، فإن عثمت ففيها ثلث الدية.


(1) س، ط – الطعنة. د، ز، ى، ع – الضربة. (2) س، ز، ط – بحر. ى، ع، د – بجر، حش ى – أي كرة دارتها، وحش ع، البجرة خروج السرة. (3) حش ى – أكهروت (كجراتي). (4) ع، ز، س – كسر، جبر، مديته (غ). (5) س – فدرتا. (6) حش س – العصعص أصل الذنب، حش ى – أي عظم الدبر.

[ 438 ]

(1531) وعنه (ع) أنه قال: في الركبة إذا كسرت مائتا دينار. وفي صدعها أربعة أخماس كسرها، هذا إذا جبرت على غير عيب، وكذلك الساق. (1532) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في الكعب إذا رض فجبر على غير عيب ثلث الدية، ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث. (1533) عن علي (ع) أنه قال: في كل أصبع من أصابع الرجلين مائة دينار. وفي كل أنملة بحسابها، وتقدم ذكر ذلك. (1534) وعن رسول الله (صلع) أنه قضى في الرجل بنصف الدية. فصل (9) ذكر الشجاج (1) الجراح (1535) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قضى في الرجل يضرب وجهه فيحمر موضع الضربة، ففيه ديناران ونصف، وإن اخضرت أو اسودت فثلاثة دنانير، وإن كانت الضربة على العين فاحمرت وشرقت (2) فثلاثة دنانير، وإن اخضرت وما حولها فستة دنانير وما اخضر منها فبحسابه. وقضى في الدامعة (3) وهي الشجة تحك الجلد


(1) حش ى – من مختصر المصنف: الشجاج عشر، وهي الدامعة وتسمى الدامية الصغرى والدامية الكبرى، والفاقرة، والباضعة، والمتلاحمة، والسمحاق، والموضحة، والهاشمة، والمنقلة، والامة. (2) حش ى – خوب لال تهائى (كجراتي). (3) حش ى – الدامعة تسمى الحارصة وهى الشجة التي تحرص الجلد أي تشقه وهي الدامية الصغرى.

[ 439 ]

ويرشح الدم منه كالدمع وهي الدامعة الصغرى بخمسة دنانير، وفي الدامعة الكبرى وهي الاكبر منها يسيل منها الدم، بعشرة دنانير، وفي الفاقرة وهي التي تفقر الجلد ولا تقطع من اللحم شيئا، باثنى عشر دينارا ونصف دينار (1). وفي الباضعة وهي التي تقطع الجلد وتبضع اللحم، أي تقطع منه شيئا، بعشرين دينارا، وفي المتلاحمة وهي التي تخالط اللحم، وتبلغ فيه بثلاثين دينارا، وفي السمحاق وهي التي تقطع الجلد واللحم كله وتصل إلى جلد الرأس الذي على العظم. بأربعين دينارا. وفي الموضحة وهي التي توضح العظم بخمسين دينارا، والموضحة في الرأس والوجه أرشها واحد، وكل موضحة في الجسد على عظم من عظامه فديتها ربع دية كسره. وقد ذكرنا (2) ما في كسر كل عظم. (1536) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا: في الهاشمة مائة دينار، وهي التي تهشم (3) عظم الرأس. وفي المنقلة مائة وخمسون دينارا وهي التي تنقل منها العظام أي يخرج ما يتشظى (4) وينكسر منها عظم أو عظام قليلة أو كثيرة صغيرة أو كبيرة. (1537) وعن علي (ع) أنه قضى في نقل (5) كل عظم في الجسد إذا تشظى منه شئ فخرج من غير أن ينقصم (6) العظم باثنين، فدية ذلك


(1) حش ى – وذكر في مختصر الايضاح، وكتاب الاخبار (في الفقه)، والمنتخبة، والينبوع، أن في الفاقرة اثنى عشر دينارا ونصف دينار، وذكر في مختصر الاثار اثنى عشر دينارا. (2) س – ذكرناه. ز، ى، ع، د، ط – ذكرنا. (3) س حس – شكستن (فارسي). (4) حش ى – أي تكرى تهائى (كجراتي). (5) د – نقر. ز، ع – قضى في كل عظم إلخ. (6) حش ما – قطع.

[ 440 ]

مثل نصف دية كسره، وقد فسرنا ذلك فيما تقدم (1). (1538) وعنه (ع) أنه قضى في المأمومة بثلث دية النفس وهي التي تؤم الدماغ بكسر العظم (2) وتصل إليه، وقال: من خالفنا في كل ما كان دون الموضحة حكومة عدل ولم يوجبوا فيها شيئا معلوما غير أنهم قالوا يقوم المضروب إن كان مملوكا (3) قبل أن يضرب فما نقص من قيمته حسب مثله من الدية، وكذلك قالوا في اللحية إذا نتفت، وفي هذا القول خلاف قول رسول الله (صلع) (4) الذي نهى الله عز وجل عن خلافه، وحذر من خالفه الفتنة والعذاب الاليم لانه (صلع) قال: المسلمون تتكافأ دماؤهم، وقد نجد الحر الدميم الاسود يضرب الضربة فإذا قوم، لو كان عبدا قبل أن يضرب وبعد أن يضرب، لم ينقص من ثمنه، وربما كان ذلك يزيد (5) في ثمن من يراد من العبد (6) للحرب لانه تكون الاثار فيه دليلا على نكايته وشدته، وإن نقص لم ينقص منه كثير شئ. فإذا كان وسيما جميلا نقص النقص الكثير (7) فخالفوا بين دماء المسلمين الذين قال رسول الله (صلع) إنهم تتكافأ دماؤهم وقوموا الاحرار الذين لا قيمة لهم، ولا ينبغي تقويم ما لا يحل بيعه، وهذا خلاف لله ولرسوله (صلع)، ولكن من اتخذ إلهه


(1) حش ى – وقال في اختصار الاثار: وهذا كله فيما كان في الرأس والوجه، وما كان في الجسد فعلى النصف من ذلك، وما كان في عضو من الاعضاء كالاصبع وأشباهها ففيه بقدر حسابه من ديته، وقال في الاقتصار: وكل هذا هو بالرأس وما كان في عضو من الاعضاء حسب قدر ديته من الاصول. (2) كذا س. ع، ط، ز، ى – تكسر العظم، د – بكسر العظام. (3) ى – إن كان مملوكا، في كل المخطوطات: أن لو كان مملوكا. (4) د، ط، ى، ز – س – رسول الله، ونهى الله إلخ. (5) ى – زيادة. (6) ط، ز، ى – العبيد. (7) س – نقص نقص الكثير. ع، د، ط، ز، ى – نقص النقص الكثير.

[ 441 ]

هواه أضله الله وأعماه. عصمنا الله من اتباع الاهواء (1) والقول في الدين والاحكام بالاراء، وقولهم في هذا حكومة عدل أقرب إلى أن يكون حكومة جور وبه أشبه، ولا يكاد ذلك يخفى على من وفق لفهمه وأنصف إذا نوظر (2) من نفسه.


(1) د – الهواء. (2) د – نظر.

[ 442 ]

(17) كتاب الحدود فصل (1) ذكر إقامة الحدود والنهى عن تضييعها (1539) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) أتى بامرأة لها شرف في قومها قد سرقت فأمر بقطعها (1). فاجتمع إلى رسول الله (صلع) ناس من قريش فقالوا: يا رسول الله تقطع امرأة شريفة مثل فلانة في خطر (2) يسير؟ قال: نعم، إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا. كانوا يقيمون الحدود على ضعفائهم ويتركون أقوياءهم وأشرافهم فهلكوا. (1540) وعنه أنه نهى عن تعطيل الحدود وقال: إنما هلك بنو إسرائيل لانهم كانوا يقيمون الحدود على الوضيع دون الشريف. (1541) وعن علي (ع) أنه كتب إلى رفاعة أقم الحدود في القريب يجتنبها البعيد، لا تطل الدماء ولا تعطل الحدود. (1542) وعنه (ع) أنه حضر عثمان وقد أتى بالوليد بن عقبة، وقد وجب عليه حد، فقال عثمان: من رأى أن هذا الحد قد وجب عليه، فليقم وليحده (3). فكاع (4) الناس عنه وعلموا رأيه فيه، فقام إليه علي (ع)


(1) س، ز، ط – يقطعهما. ى – (بقطعها) وصحح بخط جديد (بقطع يدها)، ع، د – بقطع يدها. (2) حش ى – الخطر المنزلة والقدر. (3) ى – فليجده. (4) حش ى – أي جبن.

[ 443 ]

وتناول السوط وجلده الحد بيده. (1543) وعنه (ع) أنه قال لبعض من أوصاه: عليك بإقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله (ع ج) في الرضى والسخط والقسم بالعدل بين الاحمر والاسود. (1544) وعنه (ع) أنه كان يعرض السجون في كل يوم جمعة. فمن كان عليه حد أقامه ومن لم يكن عليه حد خلى سبيله. (1545) وعنه (ع) أنه قال: من (1) وجب عليه الحد أقيم، ليس في الحدود نظرة. (1546) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الشفاعة في الحدود وقال (2): من شفع (3) في حد من حدود الله ليبطله، وسعى في إبطال حدود الله (تع) عذبه الله يوم القيامة. (1547) وعن علي (ص) أنه أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن علي (ع) يستشفعون به، فأبى عليهم. فانطلقوا إلى علي (ص) فسألوه، فقال لا تسألوني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه. فخرجوا مسرورين. فمروا بالحسين فأخبروه بما قال، فقال: إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل أمره قد قضى، فانصرفوا إليه، فوجدوه (ص) قد أقام عليه الحد. قالوا: ألم تعدنا، يا أمير المؤمنين، قال: لقد وعدتكم بما أملكه، وهذا شئ لله، لست أملكه. (1548) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس بالشفاعة في الحدود إذا


(1) ط، د – متى. (2) حذ س. (3) د – شفع، س – من شفع في حد من حدود الله يعلمه به ليبطله إلخ.

[ 444 ]

كانت من حقوق الناس يسألون فيها قبل أن يرفعوها. وإذا رفع الخبر إلى الامام فلا شفاعة له. (1549) وعنه (ع) أنه قال: سرقت خميصة (1) لصفوان بن أمية، فأتى بالسارق إلى النبي فأمر بقطع يده، فقال صفوان: لم أظن الامر (2)، يا رسول الله، يبلغ هذا، قد وهبتها له، قال رسول الله: فهلا كان ذلك قبل أن تأتيني به (3)، إن الحد إذا انتهى إلى الوالي لم يدعه. قال أبو جعفر (4) (ع): لا يعفى عن شئ من الحدود التي لله دون الامام، وأما ما كان من حقوق الناس في حد، فلا بأس أن يعفى عنه دون الامام. قال جعفر بن محمد (ع): من عفا عن حد يجب له فليس له أن يرجع بعد أن عفا. (1550) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ظهر المؤمن حمى إلا من حد. ونهى أن يتعدى أحدا حدا من حدود الله إلى أكثر منه، وقال: إن الله (ع ج) بين الحدود وجعل على كل من تعدى الحد حدا. (1551) وعنه (ع) أنه قال: أبغض الخلق إلى الله (ع ج) من جرد ظهر مسلم بغير حق، ومن ضرب في غير حق من لم يضربه، أو قتل من لم يقتله. (1552) وعن علي (ع) أنه أمر قنبرا أن يضرب رجلا فغلظ قنبر فزاد ثلاثة أسواط، فأقاد علي (ع) الرجل المضروب من قنبر فضربه ثلاثة أسواط.


(1) حش س، ى – الخميصة كساء أسود مرقع له علمان، فإن لم يكن معلما فليس بخميصة. (2) ى – هذا الامر. (3) س، د، ط – تأتيني به، ع، ز، ى – أتي به. (4) س – أبو جعفر د، ع، ط، ز، ى – جعفر بن محمد.

[ 445 ]

(1553) وعنه (ع) أنه كتب إلى رفاعة: دارئ عن المؤمن ما استطعت، فإن ظهره حمى (1) الله، ونفسه كريمة على الله، وله أن يكون ثواب الله، وظالمه خصم الله، فلا يكن خصمك الله. (1554) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن إقامة الحدود في المساجد، وكان علي (ص) يأمر بإخراج من عليه حد من المسجد. (1555) وعن علي (ص) أنه قال في قوم امتنعوا بأرض العدو، وسألوا أن يعطوا عهدا ألا يطالبوا بشئ مما عليهم، قال: لا ينبغي ذلك لان الجهاد في سبيل الله إنما وضع لاقامة حدود الله ورد المظالم إلى أهلها، ولكن إذا غزا الجند أرض العدو فأصابوا حدا استؤنى بهم إلى أن يخرجوا من أرض العدو، فتقام عليهم الحدود لئلا تحملهم الحمية على أن يلحقوا بأرض العدو. (1556) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أذنب ذنبا فعوقب عليه في الدنيا، فالله أعدل من أن يثنى على عبده العقوبة، ومن أذنب ذنبا فستره الله عليه في الدنيا، فالله أكرم من أن يعود في شئ قد عفا الله عنه. (1557) وعن علي (ص) أنه قال: لما رجم شراحة (2) الهمدانية، كثر الناس فغلق أبواب الرحبة ثم أخرجها فأدخلت حفرتها ورجمت حتى ماتت، ثم أمر بفتح أبواب الرحبة، فخدل الناس فجعل كل من دخل يلعنها، فلما سمع ذلك علي (ع) أمر مناديا فنادى: أيها الناس، لم يقم الحد على أحد قط إلا كان ذلك كفارة لذلك الذنب كما يجزى الدين بالدين.


(1) حش ى – هذا شئ حمى أي محظور، لا يقرب، س – حمى الله (غ). (2) حش ى – شراحة بشين معجمة مضمومة وحاء مهملة، من الاكمال، وفي القاموس – سراقة الهمدانية، انظر في (شرح)، (وشراحة) في كتاب مجمع البحرين ومطلع النيرين.

[ 446 ]

(1558) وعن علي (ع) أنه قال: سمعت رسول الله (صلع) يقول: لله (ع ج) على عبده المؤمن اثنان وسبعون سترا، فإذا أذنب ذنبا انهتك عنه ستر من تلك الاستار، فإن تاب رده الله إليه ومعه سبعة أستار. وإن أبى إلا قدما قدما في المعاصي تهتكت أستاره، فإن تاب ردها الله إليه ومع كل ستر منها سبعة أستار، وإن أبى إلا قدما قدما في المعاصي تهتكت أستاره، وبقي بلا ستر وأمر الله الملائكة أن تستره بأجنحتها، فإن أبى إلا قدما قدما في المعاصي شكت الملائكة إلى ربها ذلك، فأمر الله (ع ج) أن يرفعوا عنه، فلو عمل خطيئة في سواد الليل أو وضح النهار أو في مغارة (1) أو في قعر بحر لاظهرها الله عليه، وأجراها على ألسنة الناس. فاسألوا الله أن لا يهتك أستاركم. (1559) وعن علي (ع) أنه قال: لو وجدت مؤمنا على فاحشة لسترته بثوبي هذا، أو (2) قال بثوبه فرفعه بيديه جميعا. إن التوبة فيما بين المؤمن وبين الله. (1560) وعنه (ع) أنه قال: ثلاث هن حق، والرابعة لو حلفت عليها لبررت، لا يتولى الله عبدا في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة، ولا يجعل الله من لهم سهم في الدين كمن لا سهم له، ولا يصحب امرؤ قوما في الاسلام في خير ولا شر إلا كان معهم يوم القيامة، والرابعة لو حلفت عليها لبررت (3)، لا يستر الله عبدا في الدنيا إلا ستره في الاخرة.


(1) س – مغازة. ى، ط، ع، ز – مغازة. د – مغارة. (2) س – وقال بثبوته فرفعه، ز – أو قال، ع، ى – أو قال: بثوبي هذا إلخ ط أو قال: بثوبه. (3) س – حلفت وعليها لبررت.

[ 447 ]

فصل (2) ذكر حد الزاني والزانية (1) (156 1) قال الله عز وجل (2): ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة (3) وساء سبيلا. وقال الله (تع) (4): الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، إلى قوله (5): وحرم ذلك على المؤمنين، وقال الله (ع ج) (6): والذين هم لفروجهم حفظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمنهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، وقال الله (ع ج) (7): والذين لا يدعون مع الله إلها آخرا ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب. الاية. (1562) وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) قال: اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم رجلا من غيرهم، فنظر إلى حرمهم ووطئ فرشهم. وأشد الناس عذابا يوم القيامة من أقر نطفته (8) في رحم محرم عليه.


(1) س. د، ط، ى – ذكر الحد في الزنى، ع – ذكر الحدود في الزنا. (2) 17 / 32. (3) زيد في د، ع، ز – ومقتا (غ). (4) 24 / 2. (5) 24 / 3. (6) 23 / 5 – 7، 70 / 29 – 31. (7) 25 / 68 – 70. (8) س – نطفته، ز، ع، ط، د، ى – نطفة.

[ 448 ]

(1563) وعنه (ع) أنه قال: يؤتى بالزاني يوم القيامة حتى يكون فوق أهل النار، فتقطر قطرة من فرجه، فيتأذى أهل جهنم (1) من نتنها ويقولون للخزان: ما هذه الرائحة المنتنة؟ فيقولون: هذه رائحة زان، ويؤتى بامرأة زانية فتقطر قطرة من فرجها فيتأذى كذلك أهل النار بها (2). (1564) وعنه (ع) أنه قال: ما من ذنب أعظم عند الله، بعد الشرك بالله (ع ج)، من نطفة حرام وضعها امرؤ في رحم لا يحل له. (1565) وعنه (ع) أنه قال: لا يجتمع الزنا والخير في بيت واحد. (1566) وعنه (ع) أنه قال: اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على أهل بيتها رجلا من غيرهم، فأكل من حرائبهم (3) ونظر إلى عوراتهم. (1567) وعنه (ع) أنه قال: ليس منا من خبب (4) امرأة رجل عليه. (1568) وعنه (ع) أنه صعد المنبر فقال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (5): شيخ زان، وملك جبار، ومقل مختال. (1569) وعنه (ع) أنه قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، قال جعفر بن محمد (ع): إذا دنا الزاني من الزانية وصار على بطنها، خرج منه روح الايمان، فإذا قام عنها عاد إليه (6) إن استغفر الله (ع ج). (1570) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ثلاثة (لا يكلمهم الله


(1) ى – أهل النار. (2) س، ط، د – بها، ز، ى، ع – منها. (3) س، ع، ى. د، ط، ز – خزائنهم (غ). حش ى، ع، س، – حريبة الرجل ماله الذي يعيش منه. (4) حش ى – أي خدعها وأفسدها، ويقال: خبب عليه عبده وأمته أي أفسد هما. من النظام. (5) 2 / 174. (6) س – عليه (غ).

[ 449 ]

ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (1) الشيخ الزاني، والديوث (2) وهو الذي لا يغار ويجتمع الناس في بيته على الفجور، والمرأة توطئ فراش زوجها. (1571) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: كان فيما أوحى الله (تع) إلى موسى بن عمران (3): يا موسى انه بنى إسرائيل عن الزنا، فإنه، من زنى زني به، أو بالعقب من بعده. يا موسى، عف يعف أهلك (4)، يا موسى إن أردت أن يكثر خير بيتك فإياك والزنا، يا موسى بن عمران كما تدين تدان. (1572) وعنه (ع) أنه قال: كانت آية الرجم في القرآن: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قد قضيا الشهوة. (1573) وعن علي (ع) أنه قضى في المحصن والمحصنة إذا زنيا بالرجم على كل واحد منهما وقال: إذا زنى المحصن والمحصنة جلد كل واحد منهما مائة جلدة ثم رجم. قال جعفر بن محمد (ع): لا يرجم الرجل ولا المرأة حتى يشهد عليهما أربعة رجال عدول مسلمين، أنهم رأوه يجامعها ونظروا إلى الايلاج والاخراج كالميل في المكحلة، وكذلك لا يحدان إذا لم (5) يكونا محصنين إلا بمثل هذه الشهادة، فإن وجدا في لحاف واحد جلد كل واحد منهما مائة جلدة إلا جلدا واحدا (6)، وكذلك (7) الرجلان والمرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد لغير علة إذا كانا يتهمان في الريبة دون الحد.


(1) 2 / 174. (2) ى – التدييث التليين والتذلل، ومنه سمى الديوث وهو الذي يرضى لاهله بالفاحشة. (3) ى زيد – أن. (4) د، عف، يعف أهلك. (5) ى – إن. (6) ز، ط، ى – مائة سوط غير سوط، واحد. (7) زيد في ى، د، ز، ع، ط – يضرب الرجلان وتضرب المرأتان.

[ 450 ]

(1574) وعن رسول الله (صلعم) أن رجلا أتاه، فقال: يا رسول الله، إني زنيت. فأعرض عنه ثلاث مرات، وقال لمن كان معه: أبصاحبكم جنة؟ قالوا: لا، فأقر الرابعة فأمر به أن يرجم فحفرت له حفرة (1) فرجموه، فلما وجد مس الحجارة خرج يشتد فلقيه الزبير فرماه بشدق بعير فقتله، فأخبر النبي (صلعم) فقال للزبير: ألا تركته؟ ثم قال (صلعم) لو استتر لكان خيرا له إذا تاب. (1575) وعن علي (ص) أنه رجم امرأة فحفرت لها حفرة (2) وجلعت فيها ثم ابتدأ هو عليه السلام فرجمها ثم أمر الناس بعده فرجموها، وقال: الامام أحق من ابتدأ بالرجم في الزنا، قال جعفر بن محمد (ع) يدفن المرجوم والمرجومة إلى أوساطهما (3) ثم يرمى الامام ويرمى الناس بعده بأحجار صغار لانه أمكن للرمي وأرفق بالمرجوم، ويجعل وجهه مما يلي القبلة ولا يرجم من قبل وجهه ويرجم حتى يموت. (1576) وعن علي (ع) أنه سئل عن حد الزانيين البكرين، فقال: جلد مائة (4) وتلا قول الله (5): الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة. قال جعفر بن محمد (ع): وجلد الزاني من أشد الجلد، وإذا جلد الزاني البكر نفى عن بلده سنة بعد الجلد، وإن كان أحد الزانيين بكرا والاخر ثيبا جلد كل واحد منهما مائة جلدة ونفى البكر منهما ورجم الثيب. والبكر هو الذي ليس له زوج من رجل أو امرأة، والثيب ذو الزوج منهما.


(1) ى – حفر له حفيرة. (2) س. د – حفر لها حفرة. (3) ز، ى، د، ط. س، ع – أوسطهما. (4) كما في ي. س – جلد مائة. (5) 24 / 2.

[ 451 ]

(1577) وعن علي (ع) أنه أتى برجل قد أقر على نفسه بالزنا، فقال له: أحصنت؟ قال: نعم، قال: إذا ترجم. فرفعه إلى السجن. فلما كان من العشى جمع الناس ليرجمه، فقال رجل منهم: يا أمير المؤمنين، إنه تزوج امرأة، ولم يدخل بها بعد، ففرح (1) علي (ص) وضربه الحد. قال جعفر بن محمد (ع): لا يقع الاحصان ولا يجب الرجم إلا بعد التزويج الصحيح والدخول. ومقام الزوجين بعضهما على بعض، فإن أنكر الرجل والمرأة الوطء بعد أن دخل بها لم يصدقا. وقال: ولا يكون الاحصان بنكاح متعة، وليس الغائب عن امرأته والمغيبة عنها زوجها، بمحصنين، إنما الاحصان الذي يجب به الرجم أن يكون الرجل مع امرأته والمرأة مع زوجها (2). (1578) وعنه (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا شهادة السماع، ولا يجوز في الزنا أقل من أربعة. كما قال الله عز وجل (3) وإن شهد عليه ثلاثة ولم يأت الرابع جلدوا حد القاذف. وإن شهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان وجب بهم (4) الحد، ولا يجب برجلين وأربع نسوة ويضربون (5) حد القاذف. (1579) وعن علي (ص) أنه قال في قول الله (6): وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين، قال: الطائفة من واحد إلى عشرة. (1580) وعنه (ع) أنه قال: في قول الله (7): لا تأخذكم بهما رأفة


(1) زيد في ى، ز كذلك. (2) حش ى – قال في اختصار، الاثار، ولا تحصن الامة الحر ولا المملوك الحرة. (3) انظر 4 / 15، و 24 / 4. (4) د، ى – بهما. (5) د، ط – يجلدون. (6) 24 / 2. (7) أيضا.

[ 452 ]

في دين الله (تع)، قال: إقامة الحدود إن وجد الزاني عريانا ضرب (1) عريانا، وإن وجد عليه ثياب ضرب وعليه ثيابه، ويجلد أشد الجلد، ويضرب الرجل قائما، والمرأة قاعدة، ويضرب كل عضو منه ومنها، ما خلا الوجه والفرج والمذاكير كأشد ما يكون من الضرب. (1581) وعن رسول (صلع) أنه أتى برجل عليل قد حبن (2) واستسقى بطنه وبدت عروقه وهو مريض مدنف قد أصاب حدا، فقال له: (صلع) لقد كان لك في نفسك شغل عن الحرام، فقال: يا رسول الله، أتاني (3) أمر لم أكن أملكه. فأمر (صلع) بعرجون (4) فيه مائة شمراخ (5) فضربه ضربة واحدة. قال جعفر بن محمد (ع): وذلك قول الله (6): وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث، هذا والله أعلم إنما يفعل بمن كان عليلا علة قد يئس من برئها، فأما إن كان ممن ترجى له الافاقة أمهل حتى يفيق، ثم أقيم (7) عليه الحد. (1582) روينا عن علي (ص): ليس على المجدر (8) ولا على صاحبة الحصبة حد حتى يبرأ. إني أخاف أن أقيم عليه الحد فتنكا قروحه ويموت، ولكن إذا برئ حددناه. (1583) وعنه أنه قال: ليس على الحبلى حد حتى تضع حملها،


(1) س، ز – ضرب. د، ع، ط – جلد. ى – حد. (2) حش س – الحبن عظم البطن. (3) ز – أتى. (4) حش ى – عرجون النخلة – عرقها إذا يبس وأعرج. (5) حش ى – الشمراخ واحد شماريخ النخل وهي العثاكيل التي عليها البسرة. (6) 38 / 44. (7) ز – يقام. (8) س – المجدر. ز، ى، ع، د، ط المجدور.

[ 453 ]

ولا على النفساء حد حتى تطهر (1) ولا على الحائض حتى تطهر. (1584) وعنه (ع) أنه نظر إلى امرأة يسار بها، فقال: ما هذه؟ قالوا: أمر بها عمر لترجم لانها حملت من غير زوج، قال: أو هي حامل (2)؟ قالوا: نعم. فاستنقذها من أيديهم، ثم جاء إلى عمر، فقال له: إن كان لك سبيل عليها، فليس لك سبيل على ما في بطنها. فقال عمر: لولا علي لهلك عمر. (1585) وعنه (ع) أنه قال: فجرت خادم (3) لال رسول الله (صلع) فقال لي: يا علي، انطلق، فأقم عليها الحد، فانطلقت بها فوجدت بها دما لم ينقطع بعد، فأخبرته، فقال (صلع): دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم. (1586) وعنه (ع) أنه قال: إذا أقر الرجل على نفسه بالزنا أربع مرات وكان محصنا رجم. قال جعفر بن محمد (ع): وإن رجع بعد (4) إقراره، ولكن يضرب الحد ويخلى سبيله. (1587) وعنه (ع) أنه قال: فيمن جامع وليدة (5) امرأته فعليه ما على الزاني، ولا أوتى برجل زنى بوليدة امرأته إلا رجمته بالحجارة. (1588) وعنه أن امرأة رفعت إليه زوجها وقالت: زنى بجاريتي، فأقر الرجل بوطء الجارية وقال: وهبتها لي، فسأله عن البينة فلم يجد بينة فأمر به ليرجم. فلما رأت ذلك قالت: صدق قد كنت وهبتها له، فأمر علي أن يخلى سبيل الرجل وأمر بالمرأة فضربت حد القاذف.


(1) زيد في ى، ز، د، ط، ع – ولا على المستحاضة حتى تطهر. (2) س – حمل (غ). (3) حش ى – بمعنى خادمة. (4) ى – عن. (5) حش ى – الوليدة الصبية الصغيرة، والوليدة الامة.

[ 454 ]

(1589) وعنه (ع) أنه قال في أمة بين رجلين وطئها أحد الرجلين. قال: يضرب خمسين جلدة. (1590) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في الصبي الصغير الذي لم يبلغ الحلم تفجر به المرأة الكبيرة، والرجل البالغ يفجر بالصبية الصغيرة التي لم تبلغ الحلم (1) قال: يحد البالغ منهما دون الطفل، إن كان بكرا، حد الزاني. ولا حد على الاطفال ولكن يؤدبون أدبا وجيعا. (1591) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج امرأة لها زوج ضرب الحد إن لم يكن أحصن. ورجمت المرأة بعد أن تجلد، وإن أحصنا جلدا جميعا ورجما. يعني إذا علم الرجل أن المرأة ذات زوج. وإن لم يعلم فلا حد عليه. (1592) عن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه سئل عن امرأة تزوجت في عدة طلاق لزوجها فيه الرجعة عليها، قال: عليها الرجم، وإن تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها فيها (2) رجعة، فإن عليها حد الزاني غير المحصن مائة جلدة، وكذلك إن تزوجت في عدة من موت زوجها. يعني إذا كان الزوج الثاني قد أصابها. قيل له: أرأيت إن كان ذلك منها بجهالة؟ قال: ما من نساء المسلمين اليوم امرأة إلا وهي تعلم أن عليها عدة في طلاق أو موت، ولقد كان نساء الجاهلية يعرفن ذلك من قبل. قيل له: فإن كانت لا تعلم؟ قال: قد لزمتها الحجة، تسأل حتى تعلم. (1593) وعنه (ع) أنه سئل عن امرأة تزوجت ولها زوج غائب قال: يفرق بينهما وبين الزوج الذي تزوجته، وتحد حد الزاني.


(1) ى، ع، ز، ط، د – التي لم تبلغ الحلم. س – حذ. (2) (فيها) حذ س.

[ 455 ]

(1594) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لما عمل قوم لوط ما عملوا، شكت السماء والارض إلى الله عز وجل فأوحى الله إلى السماء أن احصبيهم وإلى الارض أن اخسفى بهم (1). (1595) وعنه (ع) أنه قال: القرون أربعة وأنا في أفضلها قرنا ثم الثاني ثم الثالث. فإذا كان الرابع اكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، فإذا كان ذلك قبض الله تبارك وتعالى كتابه من صدور بني آدم، ثم يبعث ريحا سوداء لا تبقى أحدا هو ولي (2) لله تبارك وتعالى إلا قبضته ثم كان الخسف والمسخ. (1596) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: اللوطي إذا كان محصنا رجم، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة. (1597) وعن رسول الله (صلع) أنه لعن المخنثين من الرجال وقال: أخرجوهم من بيوتكم، ولعن المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال. (1598) وعن علي (ع) أنه قال: من أمكن من نفسه طائعا ألقيت عليه شهوة (3) النساء. (1599) وعنه (ع) أنه قال: إذا الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشى (4) النساء ويمكن من نفسه فينكح كما تنكح المرأة فارجموه ولا تستحيوه (5). (1600) وعنه (ع) أنه رجم بالكوفة رجلا كان يؤتى في دبره (6).


(1) انظر 17 / 68. (2) ع، ط، ز – ولي لله، ى، د، ولى الله. (3) ى – شهوات. (4) ز، د – مشيته مشية. (5) حش ى – باقي راكهيو (كجراتي). (6) حذفت في الرواية في ط.

[ 456 ]

(1601) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يرجم الذي يؤتي في دبره، الفاعل والمفعول به. (1602) وعنه (ع) أنه قال في اللوط: هو ذنب لم يعض الله به إلا أمة من الامم، فصنع الله بها ما ذكر في كتابه من رجمهم بالحجارة، فارجموهم كما فعل الله (تع) بهم (1). (1603) وعنه (ع) أنه قال: السحق في النساء كاللواط في الرجال. ولكن فيه جلد مائة، لانه ليس فيه إيلاج. (1604) وعنه (ع) أنه رفع إليه رجل زنى بامرأة أبيه ولم يكن أحصن. فأمر به فرجم. (1605) وعنه (ع) أنه قال: من أتى ذات محرم منه، قتل. (1606) وعنه (ع) أنه قال: من كابر امرأة على نفسها فوطئها غصبا قتل، ولا شئ على المرأة إذا كان أكرهها ولها مهر مثلها من ماله. (1607) وعنه (ع) أنه بلغه عن عمر أنه أمر بمجنونة زنت لترجم فأتاه علي (ص) فقال: أما علمت أن الله رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يكبر، وهذه مجنونة قد رفع الله عنها القلم. فأطلقها عمر.


(1) حش ى – وقال في الاختصار – ومن عمل عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به رجما كما يرجم الزانيان، وإذا انفخذا وجب الحد عليهما. وأيضا – من كتاب فيه جواب للقاضي النعمان قدس الله روحه، عن مسائل سأل عنها خطاب ابن وسيم الوزاعي مقدم ذواوة وحاكمهم قال: وسألت عن رجل زنى بامرأة ميتة وأقر بذلك، وأنه وطئ في الفرج، فهذا يجب عليه القتل، ومن اغتصب امرأة على نفسها ففجر بها قتل محصنا كان أو غير محصن، وفعل هذا بالمرأة الميتة كفعل من اغتصبها حية بل هو أشد جرما وجرأة على الله (ع ج) فأما حرمة ميت فهي كحرمة حي، كذلك قال رسول الله (صلع): حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا، وكذلك يقتل من أتى امرأة ميتة كما يقتل لو اغتصبها حية.

[ 457 ]

(1608) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أتى بهيمة جلد الحد وحرم لحم تلك البيهمة ولبنها، إن كانت مما يؤكل. فتذبح فتحرق بالنار لتتلف فلا يأكلها أحد، وإن لم تكن له كان ثمنها في ماله (1). (1609) وعن علي (ع) أنه قال: في العبد والامة إذا زنى أحدهما جلد خمسين جلدة، مسلما كان أو مشركا، وليس على العبد نفى ولا رجم. وقد ذكرنا في (باب المكاتبين) في المكاتب الذي يعتق بعضه أن يضرب الحد كاملا بحساب ما عتق منه ونصف الحد بحساب ما رق منه. فصل (3) ذكر الحد في القذف (1610) قال الله عز وجل (2): إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم، وقال (ع ج) (3): والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا: إلى قوله: وأولئك هم الفاسقون. إلا الذين تابوا، والايتين. (1611) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: الكبائر الشرك بالله (تع)، وقتل المؤمن عمدا، والفرار


(1) حش ى – من مختصر الاثار، ومن أتى بهيمة ضرب الحد وغرم ثمن البهيمة لصاحبها، فإن كانت مما يؤكل ذبحت ودفنت ولم يحل أكلها، وإن كانت مما لا يؤكل بيعت عليه وغربت حتى لا تعرف وتذكر بذلك. (2) 24 / 23. (3) 24 / 4 – 5.

[ 458 ]

عن الزحف إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة، وأكل الربا (1) بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلما، والتعرب (2) بعد الهجرة، ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات. (1612) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من سب مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما بعثه الله في طينة الخبال (3) حتى يأتي بالمخرج مما قال. (1613) وعنه (ع) أنه قال: إذا رأيتم المرء لا يستحيى مما قال، ولا مما قيل له فاعلموا أنه لعنة أو شرك شيطان. (1614) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه: ما فعل غريمك؟ فقال: ذلك ابن الفاعلة، فنظر إليه أبو عبد الله (ص) نظرا شديدا، فقال: جعلت فداك، إنه مجوسي نكح أخته، قال: أو ليس ذلك في دينهم النكاح؟ (1615) وعنه (ع) أنه قال في رجل قذف محصنة مسلمة فقال: يقام عليه الحد ويكذب نفسه على رءوس الناس، ويعلم الله منه التوبة، فإذا فعل ذلك وأشهد على نفسه وتاب قبلت شهادته. (1616) وعنه (ع) أنه قال: في حد القاذف ثمانون جلدة كما قال الله (تع) وجلد الزاني أشد من جلد القاذف، وجلد القاذف أشد من جلد الشارب،


(1) ط، د، س – الربا. ز، ى، ع، – الربى. (2) حش ى – تعرب الرجل بعد الهجرة أي صار أعرابيا، من الضياء. (3) حش ع – طينة الخبال مكان في جهنم ويقال إنه صديد أهل النار، حش ى – طينة الخبال الصديد الذي يخرج من فروج الزناة في النار، الخبال الفساد قال الله (تع): ما زادوكم إلا خبالا (9 / 47) وفي الحديث. من أكل الربا أطعمه الله طينة الخبال يوم القيامة يعني صديد أهل النار، من ضياء العلوم.

[ 459 ]

وجلد الشارب أشد من جلد التعزير (1). (1617) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: كان رجل من هذيل يسب النبي (صلع) فبلغه ذلك فقال: من لهذا؟ فقام رجلان من الانصار، فقالا: نحن، يا رسول الله، فركبا ناقتيهما وانطلقا حتى أتيا عرفة فسألا عنه فإذا هو قد ذهب يتلقى غنمه، فلحقاه بين أهله وبين غنمه، فلم يسلما عليه، فقال: من أنتما وما أنتما؟ فقالا: باغيان (2)، أأنت فلان ابن فلان؟ قال: نعم، فوثبا (3) عليه فضربا عنقه. (1618) وعنه (ع) أنه قال: من سب النبي (صلع) فليقتل (4) ولم يستتب. وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد (ع): من تناول النبي (5) فليقتله الادنى فالادنى، قيل له: أن يرفع إلى الوالي؟ قال: نعم، يفعل ذلك المسلمون إن أمنوا الولاة على أنفسهم. يعني (ص) من ولاة أهل الجور (6)، وإن لم يؤمن عليهم تركوه، فأما إذا كان إمام عدل لم يجب لاحد أن يمضي أمرا مثل هذا دونه (7). (1619) وعن علي (ع) أنه كتب إلى رفاعة: من تنقص نبيا فلا تناظره. (1620) وعن جعفر بن محمد (ع): أنه سئل عن رجل تناول عليا،


(1) حش ى – التعزير الضرب دون الحد كالتأديب، ومن الينبوع التعزير ما بين بضعة عشر سوطا إلى تسعة وثلاثين سوطا، والتأديب، ما بين ثلاثة إلى عشرة، ومن مختصر الايضاح: وقيل للصادق عليه السلام: ما حد التعزير؟ قال: ما بين عشرة أسواط إلى العشرين. (2) ز، ع – يا غبين في الهامش وهو ضعيف الرأي س – باغيان د – باغيان. ط – يا غيين ى – باغيين (أي طالبين). (3) ط – فقبضا. (4) س. ع، ز، قتل. (5) حش ى – أي سب. (6) س. ى – ولاة البغي الذين لا يؤمن عليهم تركه، (أي ترك قتله). (7) ط، د، د، ع – دون الامام، من، ى – دونه.

[ 460 ]

فقال: إنه لحقيق أن لا يقيم يوما (1) ويقتل من سب الامام كما يقتل من سب النبي (صلع). (1621) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من افترى على جماعة، يعني بكلمة واحدة، فأتوا به مجتمعين إلى السلطان، ضربه لهم حدا واحدا. وإن أتوا به متفرقين ضربه لكل من يأتيه منهم به، من واحد أو جماعة، حدا، وإن قذف كل واحد منهم على الانفراد حد له (2) أتوا به مجتمعين أو مفترقين. (1622) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي ولا يصلح للمسلم أن يقذف يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا بما لم يطلع عليه منه، وقال: أيسر ما في هذا أن يكون كاذبا. (1623) وعنه أنه قال: إذا قذف أهل الكتاب بعضهم بعضا حد القاذف للمقذوف، يعني إذا رفعه من أهل ملته أو من غيرهم من المشركين، وقال: تقام الحدود على أهل كل دين بما استحلوه (3). (1624) وعنه (ع) أنه قال: إذا قذف المسلم مشركة، وزوجها مسلم أو ابنها، أو قذف مشركا وله ولد مسلم، فقام المسلم يطلب الحد جلد القاذف حد القذف. (1625) وعنه (ع) أنه قال: إذا قذف المشرك مسلما ضرب الحد وحلق رأسه ولحيته، وطيف به على أهل ملته ونكل به ليكون عظة لغيره من المشركين. (1626) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي قذف المملوك، وقد جاء فيه


(1) زيد في ط – واحدة. وفي ع – واحدا. (2) ش. ى – به. (3) حش ى – من مختصر الاثار – ومن قذف مشركا فلا حد عليه إلا أن يكون للمشرك ولد مسلم فيقوم عليه بذلك فيحد لحرمة الاسلام ولا ينبغي أن يقذف مشركا ولا غير مشرك.

[ 461 ]

تغليظ وتشديد. سأل رجل من الانصار رسول الله (صلع) عن امرأة له قذفت مملوكة لها، فقال رسول الله (صلع): قل لها فلتصبر لها نفسها وإلا أقيدت منها يوم القيامة، وقال جعفر بن محمد (ع): ومن قذف مملوكا، يعني لغيره، نكل به. فإن كانت أم المملوك حرة، جلد الحد. يعني إذا قذفه بها، ومن قذف عبده فقد أثم، وينبغي له أن يسأله أن يحلله ويعفو عنه. (1627) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: إذا قذف المملوك حرا ضرب الحد كاملا، إنما هو حد الحر يؤخذ من ظهره. (1628) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يحد القاذف إذا قذف بأي لسان قذف به، عن عربي أو عجمي. (1629) وعنه (ع) أنه سئل عن (1) الرجلين يقذف كل واحد منهما صاحبه، قال: أتى إلي علي (ع) برجلين قذف كل واحد منهما صاحبه فدرأ عنهما الحد وعزرهما جميعا. (1630) وعنه (ع) أنه قال: إذا قذف الرجل امرأته فرفعته (2) ضرب الحد إلا أن يدعى الرؤية أو ينتفى من (3) الحمل فيلاعن فإن قال لها: يا زانية أنا زنيت بك، جلد حد القاذف، ولم يجب عليه حد الزاني حتى يقر به أربع مرات أو تقوم عليه فيه البينة (4).


(1) س – في ط، د، ع. ى ز – عن. (2) زد في د – إلى الوالي. (3) س – عن. (4) حش ى – من مختصر المصنف: وإذا قال رجل لرجل: يا زانية، فلا حد عليه، فإن قال رجل لامرأة يا زان فعليه الحد، وإذا قال رجل لامرأة أجنبية يا زانية فقالت: نعم أنا زنيت بك، فلا حد على الرجل لاقرارها، وتحد المرأة للرجل بقذفها إياه، وإذا قال لامرأة: زنيت بثور أو حمار أو ما أشبه ذلك فلا حد عليه لاحتماله الكلام، وإن قال لها: زنيت بنفرة أو ثوب أو ناقة أو دراهم أو ما أشبه ذلك، لزمه الحد، لان ذلك لا وجه له إلا أن يكون أجرا على الزنا، وإذا قال الرجل يا زان، فقال آخر: صدقت، حد القائل ولم يحد الاخر إلا أن يقول: صدقت فيما رميته به، أو ما أشبه ذلك.

[ 462 ]

(1631) وعن علي أنه قال: إذا قال الرجل لامرأته: لم أجدك عذراء، فلا حد عليه لان العذرة تذهب من غير الوطء. قال جعفر بن محمد (ع): ويؤدب، يعني إذا كان الامر على خلاف ما قال، أو أراد به الشتم والتعريض. مثل أن يكون ذلك في شر جرى بينهما أو مراجعة كلام كان فيه تعريض. (1632) وعن علي وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا: من قذف الملاعنة أو ابنها جلد حد القاذف. (1633) عن علي وأبي جعفر (ص) أنهما قالا: إذا عفا المقذوف عن القاذف قبل أن يرفعه إلى السلطان جاز عفوه، ولم يكن له الرجوع عليه، فإن رفعه إلى السلطان لم يجز عفوه. (1634) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يقذف الطفل أو الطفلة أو المجنون، فقال: لا حد لمن لا حد عليه، ولكن القاذف آثم، وأقل ما في ذلك أنه يكون قد كذب (1). (1635) وعن علي (ع) أنه قال: يحد الولد إذا قذف والده، ولا يحد الوالد إذا قذف الولد. (1636) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يقول للرجل: يا لوطي، قال: إن كان قال لم أرد قدفه بذلك، لم يكن عليه حد لانه إنما نسبه إلى لوط، وإن قال: إنك تعمل عمل قوم لوط ضرب الحد. (1637) وعن علي (ع) أنه قال: في الرجل يقذف الرجل بالابنة (2)


(1) حش ى – من مختصر الاثار: وإذا قذف الطفل أو المجنون، فلا شئ عليهما ويؤدب الطفل لان لا يتجرأ على القذف. (2) حش ى – الابنة التهمة بالفاحشة أي باللواطة.

[ 463 ]

فيقول له: يا منكوح أو يا معفوج (1)، قال: عليه الحد. (1638) وعنه (ع): من أتى حدا فقذف (2) بغيره، فعلى قاذفه الحد. (1639) وعنه (ع) أنه قال: من قذف ميتة (3) فقام المقذوف بها من أوليائها على القاذف ضرب له الحد. (1640) وعنه (ع) أنه قال: من نفى رجلا عن أبيه، ضرب حد القاذف، وإن نفاه من نسب قبيلته أدب. (1641) وعنه (ع) أنه قال: في الرجل يسب الرجل أو يعرض به القذف مثل أن يقول له: يا خنزير أو يا حمار أو يا فاسق أو يا فاجر أو يا خبيث أو ما أشبه هذا، أو يقول في التعريض احتلمت بأمك أو بأختك أو ما أشبه هذا، ففي هذا كله الادب ولا يبلغ به الحد. فصل (4) ذكر الحد في شرب المسكر (4) (1642) قد ذكرنا فيما تقدم في كتاب الاشربة تحريم الخمر والمسكر والتغليظ في شربهما. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه صلوات الله عليهم أنهم قالوا: الحد في الخمر في القليل والكثير منه، وفي


(1) حش ى – أي كناية عن الجماع، حش ع – العفج عمل قوم لوط. (2) حش ى – من أتى حدا أي يعمل عملا وجب به الحد. (3) د – بميتة، حش ى – أو غائبة من مختصر الاثار. (4) ط، د، ع، ى – ذكر الحد في الخمر والسكر.

[ 464 ]

السكر (1) من الاشربة المسكرة سواء، ثمانون جلدة، فإذا حد ثم عاد ثلاث مرات كل ذلك يحد فيه قتل. ويضرب شارب المسكر إذا شربه، وإن لم يسكر منه، ضربا وجيعا. (1643) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: حد السكران أن يستقرأ فلا يقرأ، وأن لا يعرف ثوبه من ثوب غيره. (1644) وعن علي (ص) أنه أتى بالنجاشي الشاعر، وقد شرب الخمر في شهر رمضان فجلده ثمانين جلدة، ثم حبسه ثم أخرجه من غد فضربه تسعة وثلاثين سوطا، فقال: ما هذه العلاوة (2) يا أمير المؤمنين قال: لتجرئك على الله وإفطارك في شهر رمضان. (1645) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من شرب الخمر وهو لا يعلم أنها محرمة وثبت ذلك، لم يحد. (1646) وعنه (ع) أنه قال: من أقر بشرب الخمر أو بالمسكر ضرب الحد، قال: قال رسول الله (صلع): من أقر على نفسه بشرب الخمر ثم جحد فاجلدوه. (1647) وعن علي (ع) أنه قال: يضرب الحر والعبد في الخمر والسكر من النبيذ ثمانين جلدة، وكذلك يضرب اليهودي والنصراني إذا أظهرا ذلك في مصر من أمصار المسلمين، إنما ذلك لهم في بيوتهم، فإذا أظهروه ضربوا الحد عليه (3)!


(1) حش ى – أي الذي يسكر. (2) حش ى – العلاوة الزيادة. حش ى – العلاوة ما عليت به على البعير بعد تمام الوقر، أو علقه عليه نحو الشفا والشفود. (3) حش ى – وإنما عوهدوا على أن لا يظهروا شيئا يحرم في دين الاسلام.

[ 465 ]

فصل (5) ذكر القضايا في الحدود (1648) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أن رجلا رفع إليه وذكر له أنه سرق درعا (1) وشهد عليه الشهود فجعل الرجل ينشد عليا (ص) في البينة ويقول: والله (2) لو جئ به إلى رسول الله (صلع) ما قطع يدي أبدا، قال علي: ولم ذلك؟ قال: يخبره ربه عز وجل أني برئ فتنفعني براءتي، فلما رأى علي (ص) مناشدته دعا الشاهدين فناشدهما وقال: إن التوبة قريب فاتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما فلم ينكلا، فقال: يمسك أحدكما يده ويقطع الاخر، فلما قال ذلك دخلا في غمار (3) الناس فهربا من بين يديه، يعني ولم يتما الشهادة ولم يثبتا، فقال عليه السلام: من يدلني على الشاهدين الكاذبين أنكل بهما (4). (1649) روينا عن رسول الله (5) (صلع) أنه قال: ادرءوا الحدود بالشبهات وأقيلوا الكرام (6) عثراتهم إلا في حد من حدود الله. (1650) وعنه (صلع) أنه قال: إذا كان في الحد لعل وعسى فالحد معطل. (1651) وعن علي (ع) أنه أتى بامرأة وجدت مع رجل يفجر بها،


(1) س – ذرعا. ز، ع، ط، د، ى – درعا. (2) ى حذ (والله). (3) حش ى – غمار الناس جماعتهم. (4) ز، ى، ع، د – أنكلهما، ط، س، أنكل (كما في س) بهما. (5) س – وعنه عن رسول الله. (6) س، د، ع – الكرام. ى، ط، ز، كرامكم.

[ 466 ]

فقالت: يا أمير المؤمنين والله ما طاوعته ولكنه استكرهني فدرأ عنها الحد. قال جعفر بن محمد (ع) ولو سئل هؤلاء عن ذلك لقالوا: لا تصدق، وقد والله فعله أمير المؤمنين. (1652) وعن علي (ع) أنه قال: لا كفالة في حد، ولا شهادة على شهادة في حد ولا يجوز كتاب قاض إلى قاض في حد. (1653) روينا عن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الايمان في الحدود. (1654) وعن علي (ع) أن رجلا ادعى على رجل عنده أنه قذفه، ولم يجئ ببينة وقال: استحلفه لي، يا أمير المؤمنين، فقال: لا يمين في حد. (1655) وعنه (ع) أنه قال: من أقر بحد على تخويف أو حبس أو ضرب لم يجز ذلك عليه ولا يحد. (1656) وعنه (ع) أنه قضى في رجل اعترف على نفسه بحد ولم يسمه، فأمر أن يضرب (1) حتى يستكف ضاربه، فلما بلغ ثمانين، قال: حسبك، فقال: خلوه. (1657) وعنه (ع) أنه قال: من أقيم عليه الحد فمات فلا دية فيه ولا قود. (1658) وعنه (ع) أن رجلا رفع إليه قد أصاب حدا وجب عليه القتل، فأقام عليه الحد فقتله. قال أبو جعفر (ع): وكذلك لو اجتمعت عليه حدود كثيرة فيها القتل لكان يبدأ (2) بالحدود التي دون القتل، ثم يقتل. (1659) وعن علي (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الحد


(1) ع – يضرب بإقراره. (2) د – يبتدئ.

[ 467 ]

لا يورث، يعنيان (صلع) بذلك. الحد يجب للرجل فلا يطلبه حتى يموت. أنه ليس لورثته أن يطلبوه. (1660) وعن علي (ع) أنه قال لم يكن يحبس أحدا بعد إقامة الحدود على إلا السارق في الثالثة بعد أن (1) تقطع يده ورجله، وسنذكر هذا في موضعه إن شاء الله تعالى. (1661) وعنه (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع): لا تسألوا المرأة (2) الفاجرة من فجر بك؟ فكما هان عليها الفجور يهون عليها أن ترمى الرجل المسلم البرئ، قال علي: (ع) وإذا قالت زنى بي فلان، فعليها حد القاذف. (1662) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ليس للرجل أن يقيم الحد على عبده ولا أمته دون السلطان. (1663) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ص) كذلك قال صاحب الحديث عن أحدهما انه قال في الرجل يبيع امرأته قال: تقطع يده، فإن كان الذي اشتراها علم بأنها حرة فوطئها رجم إن كان محصنا أو ضرب الحد إن لم يكن محصنا، وترجم هي إذا طاوعته. (1664) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من زنى في شهر رمضان ضرب الحد ونكل به لافطاره فيه، كما فعل علي (ع) بالنجاشي، فإن فعل ذلك ثلاث مرات قتل. (1665) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من قذف رجلا فضرب الحد، ثم قال له: ما كنت قلت فيك إلا حقا، لم يجب عليه حد ثان وإن عاد فقذفه ضرب الحد.


(1) ط، د – بعدما. (2) ى، ز، حذ (المرأة).

[ 468 ]

(18) كتاب السراق والمحاربين فصل (1) ذكر الحكم في السراق (1) (1666) قال الله عز وجل (2): والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: رأيت في النار صاحب العباءة (3) التي غلها، ورأيت في النار صاحب المحجن (4) الذي كان يسرق الحاج بمحجنه، ورأيت في النار صاحبة الهرة تنهشها مقبلة ومدبرة، وكانت أو ثقتها فلم تكن تطعمها ولم ترسلها، فتأكل من خشاش (5) الارض. (1667) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن. (1668) وعنه انه قال: من أخذ لصا يسرق متاعه فعفا عنه فلا بأس، وإن رفعه إلى السلطان قطعه وإن عفا عنه أو قال: قد وهبت له ما سرق بعد أن رفعه (6) إلى السلطان لم يجز (7) ذلك ويقطع.


(1) س – ذكر السراق والمحاربين. (2) 5 / 38. (3) حش س، ى – العباءة ضرب من الاكسية مخطط، وهي العباية بالياء، أيضا، من الضياء. (4) س – المحجن (بفتح م، غ). حش س، ى – المحجن خشبة في طرفها انعقاف وهي كالصولجان، والصولجان يضرب به الكرة. (5) س، ط، د – حشاس، ع، ز، ى – خشاش. (6) س، ع – يرفعه. ى، ط، ز، د، – رفعه (7) ز، ى – لم يجب.

[ 469 ]

(1669) وعن علي (ص) أنه أتى برجل اتهم بسرقة أظنه خاف عليه أن يكون إذا سأله تهيب بسؤاله (1) فأقر (2) بما لم يفعل، فقال له علي (ص) أسرقت؟ قل: لا، إن شئت، فقال: لا، ولم تكن عليه بينة فخلى سبيله. (1670) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: أدنى ما يقطع فيه السارق خمس دينار أو ما قيمته خمس دينار (3). (1671) وعن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: تقطع يد السارق من أصل الاصابع الاربع، وتدع له الراحة يعني راحة الكف، والابهام وتقطع الرجل من الكعب، وتدع له العقب يمشي عليها، فيكون القطع من نصف القدم. (1672) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: تقطع اليد اليمنى من السارق، وقال: قرأ علي (ع): السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (4). قال أبو عبد الله: فإن كان (5) أشل اليمنى أو اليسرى قطعت يمنى (6) على أي حال كانت. (1673) وعن علي (ع) أنه أمر بسارق أن تقطع يمينه، فقدم شماله فقطعوها، وظنوها يمينه، ثم علموا بعد ذلك فرفعوه إلى علي (ع)، فقال: دعوه فلست بقاطع يمينه، وقد قطعت شماله (7).


(1) ز – سواله. (2) ط، د، ز – فيقر. (3) د – خمس ودنانير أو ما قيمته خمس دينار. (4) 5 / 38. (5) ى – فإن أشل. (6) ى – يمناه. (7) حش ى – من مختصر الاثار: وإن أخطأ القاطع فقطع يده اليسرى أو رجله اليمنى، اكتفى بذلك ولم يقطع غيره.

[ 470 ]

(1674) وعنه (ع) أنه أتى بسارق فقطع يده اليمنى، ثم أتى به مرة أخرى وقد سرق فقطع رجله اليسرى. وقال: إني لاستحيى من الله (تع) أن لا أدع له يدا يأكل بها، ويستنجي بها، وقال: لم يزد رسول الله (صلع) على قطع يد ورجل، وكان علي (ع) إذا أتى بالسارق في الثالثة بعد أن قطع يده ورجله في المرتين خلده في السجن وأنفق عليه من فئ المسلمين، فإن سرق في السجن قتله. (1675) وعنه (ع) أنه كان إذا قطع السارق حسمه بالنار لئلا ينزف دمه فيموت. (1676) وعنه (ع) أنه قال: من قطعت يده أو رجله على سرقة فمات فلا دية له والحق قتله. (1677) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: إذا أخذ السارق قطع، فإن وجد ما سرق في يديه قائما أخذ منه ورد على أهله، فإن كان قد أتلفه نظر قيمته وضمنه في ماله (1). (1678) وعن علي (ص) أنه أمر بقطع سراق فلما قطعوا أمر بحسمهم فحسموا، ثم قال (2): يا قنبر خذهم إليك فداو كلومهم وأحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني، فلما برئوا أتاه، فقال: يا أمير المؤمنين، قد برئت جراحهم، فقال: اذهب فاكس كل واحد منهم ثوبين وأتنى بهم، ففعل وأتاه بهم كأنهم قوم محرمون قد ائتزر كل واحد منهم بثوب وارتدى بآخر، فمثلوا (3) بين يديه فأقبل على الارض ينكتها بأصبعه مليا،


(1) ز، ى – وإن كان أتلفه ضمنه في ماله، حش ى – وينبغي أن يوعظ السارق بعد القطع، فقد روى عن علي (ع) الحديث، من مختصر الاثار. (2) د، س – ثم قال قنبر: يا قنبر إلخ. (3) حش ى – المثول الانتصاب يقال مثل بين يديه قائما.

[ 471 ]

ثم رفع رأسه فقال: اكشفوا أيديكم فكشفوها، فقال: ارفعوها إلى السماء، ثم قولوا: اللهم إن عليا قطعنا، ففعلوا، فقال: اللهم (1) على كتابك وعلى سنة نبيك، ثم قال لهم: يا هؤلاء، إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن أنتم تبتم (2) انتزعتم أيديكم من النار وإلا لحقتم بها. (1679) وعنه (ع) أنه كان إذا قطع السارق وبرئ نفاه من الكوفة إلى بلد آخر. فصل (2) ذكر من يجب عليه القطع ومن يدرأ عنه (1680) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال: لا قطع على مختلس (3)، ولا قطع على ضيف يعني إذا سرق من مال من أضافه وهو ضيف عنده. (1681) وعنه (ع) أنه قال: لا قطع على أجيرك (4) ولا على من أدخلته بيتك إذا سرق منه، يعني في حين إدخالك إياه، قال (5) جعفر ابن محمد أنه قال: من أدخلته بيتك فهو مؤتمن، إذا سرق لم يقطع، ولكنه يضمن ما سرق. (1682) وعن علي (ع) (6) أنه قال: إذا سرق العبد من مال مولاه


(1) ز حذ (اللهم). (2) ز – فإن تبتم. (3) حش ى – اختلس الشئ إذا اختطفه، انظر 1686، 1690. (4) س – أجير. د، ى، ز، ع، ط – أجيرك. (5) س – وعن. (6) ى، ز، – وعنه، س، ط، د – وعن علي ص.

[ 472 ]

لم يقطع، وإذا سرق من مال غيره (1) يقطع (2). (1683) وعنه (ع) أنه قال: عبيد الامارة إذا سرقوا من مال الامارة لم يقطعوا، وإذا سرقوا من غير مال الامارة (3) قطعوا. (1684) وعنه (ع) أنه جمع أهل الكوفة ليقسم متاعا اجتمع عنده، فقام رجل منهم فاشتمل على (4) مغفر (5) فأخذه فرفع إلى علي (ع) فقال: ليس عليه قطع لانه شريك في المتاع فليس بسارق، ولكنه خائن. (1685) وعنه (ع) أنه قال: إذا سرق الرجل من مال ابنه. أو الابن من مال أبيه، أو المرأة من مال زوجها، أو الزوج من مال امرأته، أو الاخ من مال أخيه فلا قطع على واحد منهم. (1686) وعنه (ع) أنه قال في المختلس: لا يقطع ولكنه يضرب ويسجن ولا قطع على من اؤتمن (6) على شئ فخان فيه ولا قطع في الغلول (7). (1687) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ادرءوا الحدود بالشبهات. (1688) وعن علي (ص) أنه أتى برجل ومعه بز زعموا أنه سرقه لرجل ولم تقم عليه بينة، فقال الذي في يده البز: إنما أخذته أمزح معه، فقال لصاحب البز: أكنت تعرفه يعني الرجل؟ قال: نعم، فخلى سبيله (8) وقال: لا قطع عليه.


(1) س – من مال غير مولاه. (2) ى، ز، ع – قطع. (3) ى، د – من مال غيره. (4) حش ى – أي أحاط. (5) حش ى – المغفر ما يلبس تحت القلنسوة، وهو زدد ينسج من الدروع. (6) س، ى، – أوتمن. د، ز، ط، ع – ايتمن. (7) حش ى – مال الفئ. (8) د – قال – فخل سبيله ولا قطع عليه.

[ 473 ]

(1689) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه أتى برجل ومعه كارة من ثياب لرجل، فقال الذي هي في يديه: صاحبها أعطانيها، ولم يقر بالسرقة ولم تقم عليه بينة، قال: لا قطع عليه. (1690) وعنه (ص) أنه: لا يقطع الطرار (1) وهو الذي يقطع النفقة من كم الرجل أو ثوبه ولا المختلس، وهو الذي يختطف الشئ ولكن يضربان ضربا شديدا ويحبسان. (1691) وعن علي (ص) أنه أتى بلص نقب بيتا فعاجلوه وأخذوه، فقال: عجلتم عليه، وضربه وقال: لا يقطع من نقب بيتا ولا من كسر قفلا، ولا من دخل البيت وأخذ المتاع حتى يخرجه من الحرز، ولكن يضرب ضربا وجيعا، ويحبس ويغرم ما أفسده، قيل لابي عبد الله (ع): وإن وجد السارق في الدار وقد أخذ المتاع وأخرجه من البيت، أعليه قطع؟ قال: لا، حتى يخرجه من حرز الدار. (1692) وعن علي (ص) أنه أتى بمجنون سرق فأرسله وقال: لا قطع على مجنون. (1693) وعنه (ع) أنه قال: لا يقطع السارق في عام سنة (2) يعني مجاعة. (1694) وعنه (ع) أنه قال: سمعت (3) رسول الله (صلع) يقول: لا قطع على من سرق الحجارة غير الجوهر. وقال جعفر بن محمد (ع) يعني الرخام وأشباهه (4).


(1) حش ى، س – الطر الشق والقطع. (2) ى – في عام قحطة. (3) س – قال. وكذا في سائر النسخ. (4) حش ى – قال في اختصار الاثار، ولا قطع في شئ من الحجارة، غير الجوهر.

[ 474 ]

(1695) وعن علي (ع) أن رسول الله (صلع) قال: من سرق غنما من المرعى لم يقطع، ويعزر ويضمن ما سرق وأفسد. (1696) وعن علي (ص) أن رسول الله (صلع) قال: لا قطع في ثمر (1) ولا كثر والكثر الجمار (2). وقال يعزر من سرق ذلك ويغرم القيمة. (1697) وعن علي (ص) لا قطع في طعام (3). (1698) وعنه (ع) أنه قال: كل موضع يدخل فيه بغير إذن فما سرق منه فلا قطع فيه، كالمساجد والخانات والحمامات والارجاء (4) وما أشبهها. (1699) وعنه (ع) أنه رفع إليه رجل سرق نعامة قيمتها مائة درهم، ورجل سرق حمامة، فقال: لا قطع في طير ولا في شئ من الريش. (1700) وعنه (ع) أنه قال: لا يقطع من سرق الزرع ولا الغنم من المرعى حتى يحويها الحرز، ولا من سرق فاكهة، ولا من سرق شجرا ولا نخلا، ولا قطع على من سرق إبلا سائمة حتى يواريها الجدار (5). (1701) وعنه (ع) أن رجلا أتاه، فقال: إني سرقت فانتهره، فقال: يا أمير المؤمنين، إني سرقت، فقال: أتشهد (6) على نفسك مرتين؟ فقطعه.


(1) حش ى – إنما سمى ثمرا ما كان في شجرة، فإذا قطف سمى كل شئ باسمه ومن سرقه بعد ذلك وبعد أن يحرز قطع إذا بلغت قيمته ما يجب فيه القطع وهو خمس دينار فما فوقه، من ذات البيان. (2) حش ى – الجمار شحم النخل الذي في جوفه، من ضياء العلوم. (3) س، ز، د، ى، ع، ط – لا قطع في طعام يعني المطبوخ. (4) حش ى – نواحي البئر. (5) ى – الحرز. (6) ز، د، ع، ط. س، ى – تشهد.

[ 475 ]

(1702) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أقر بالسرقة ثم جحد قطع، ولم يلتفت إلى إنكاره. (1703) وعنه (ع) أنه قال: من سرق شيئا تنحى فلم يقدر عليه حتى سرق مرة أخرى فأخذ، قال: تقطع يده ويضمن ما أتلف. (1704) وعن علي (ص) أنه قال: من عرفت في يده سرقة فقال: اشتريتها ولم يقر بالسرقة ولم تقم عليه بينة لم يقطع، وتؤخذ السرقة من يده إذا قامت البينة لمدعيها عليه. (1705) وعن علي (ع) (1) أنه أوتى بغلام سرق فحك بطون أنملتيه الابهام والمسبحة حتى أدماهما، وقال: لئن عدت لاقطعنهما وقال: أما إنه ما عمل به أحد بعد رسول الله (صلع) غيري، وقال: الغلام لا يجب عليه الحد حتى يحتلم وتسطع رائحة (2) إبطيه. وقد جاء عنه (ع) أنه قطع من أنامله ويقع اسم القطع على الحك، وليس هذا بحد (3) وإنما هو أدب، ويجب على الغلام إذا فعل فعلا يجب الحد فيه على الكبير أن يؤدب (4)، وفي حكه أنامل الغلام مع ما تواعده به تغليظ مع الادب، وإيهام (5) أنه إن عاد قطعت يده، ويكون قد أضمر عليه السلام بقوله: إن عدت لاقطعنها، يعني إن عدت بعد أن تبلغ، فأجمل ذلك الوعيد له، وأبهمه تغليظا عليه وتشديدا لئلا يعود، وليس في هذا ومثله من الادب شئ محدود.


(1) ى – وعنه (جعفر بن محمد ع). (2) س، ز – ريح. ط، ى، د، ع، – رائحة. (3) ى – وليس بحد. (4) ط – يؤدى. (5) ى – إيهام له.

[ 476 ]

(1706) وعنه (ع) أنه قطع نباشا نبش قبرا وأخرج كفن الميت منه. (1707) وعنه أنه قال (ع): تقطع يد النباش إذا كان معتادا لذلك، وقال جعفر بن محمد (ع): لا تقطع يد النباش إلا أن يؤخذ وقد نبش مرارا ويعاقب في كل مرة عقوبة موجعة وينكل (1) ويحبس. (1708) وعن علي (ص) (2) أنه قضى في رجل سرق ناقة فنتجت عنده أن يردها ونتاجها. (1709) وعنه (ع) أنه قال: إذا اشترك النفر في السرقة قطعوا جميعا (3). فصل (3) ذكر أحكام المحاربين (1710) قال الله (ع ج) (4): إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض، الاية، وقد تقدم في غير موضع من هذا الكتاب أن كل ما في القرآن (أو أو) فصاحبه بالخيار. (1711) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) (5) قال: قدم على رسول الله (صلع) قوم من بني ضبة (6) مرضى، فقال لهم رسول الله (صلع) أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية فاستوخموا


(1) ط، ز، د، ع، ينكل به، س، ى – يتكل. (2) س، ز، د، ع. ى، ع – وعنه صلوات الله عليه. (3) حش ى – قال في مختصر المصنف: وإذا اشترك الجماعة في السرقة وبلغ نصيب كل واحد منهم حد القطع قطعوا جميعا. (4) 5 / 33. (5) ع، علي (ص) أنه قال: (6) وهو (ضبة بن أدعم تميم بن مر) من القاموس، د – ضبية.

[ 477 ]

المدينة فأخرجهم إلى إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها يتداوون بها، فلما برئوا واشتدوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الابل يرعونها واستاقوا الابل وذهبوا بها يريدون مواضعهم، فبلغ ذلك النبي (صلع) فأرسلني (1) في طلبهم، فلحقت بهم قريبا من أرض اليمن وهم في واد قد ولجوا (2) فيه ليس يقدرون على الخروج منه، فأخذتم وجئت بهم (3) إلى رسول الله (صلع) فتلا عليهم هذه الاية (4): إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا إلى آخر الاية، ثم قال: القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. (1712) قال جعفر بن محمد (ع) وأمر المحارب وهو الذي يقطع الطريق ويسلب الناس ويغير على أموالهم ومن كان في مثل هذه الحال، فالامر فيه إلى الامام، فإن شاء قتل وإن شاء صلب وإن شاء قطع وإن شاء نفى ويعاقبه الامام على قدر ما يرى من جرمه. (1713) وعن علي (ص) أنه أتى بمحارب فأمر بصلبه حيا وجعل خشبة قائمة مما يلي القبلة وجعل قفاه وظهره مما يلي الخشبة ووجهه مما يلي الناس مستقبل القبلة، فلما مات تركه ثلاثة أيام ثم أمر به فأنزل فصلى عليه ودفن، وقد ذكر (5) في ما مضى كيفية القطع وحده. (1714) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن نفي المحارب فقال: ينفى من مصر إلى مصر، إن عليا (ص) نفى رجلين من الكوفة إلى غيرها. وعن علي (ص) أنه قال: إذا قتل المحارب فأمره إلى الامام، فإن عفا ولي الدم إنما يأخذه الامام بجرمه.


(1) س، د، ط، – أرسلني ز، ى، ع، بعثني. (2) د – دخلوا فيه. (3) ذ – جئتهم. (4) 5 / 33. (5) س، ى – ذكرنا.

[ 478 ]

(1715) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من قتل دون ماله فهو شهيد، قال أبو جعفر: وإن ترك له المال فلا شئ عليه، وليس قتاله إياه بلازم له وصيانة نفسه أحب إلي إذا خاف القتل، وإن قاتل، فقتل دون ماله فهو شهيد كما قال رسول الله (صلع).


[ 479 ]

(19) كتاب الردة والبدعة فصل (1) ذكر أحكام المرتد (1716) قال الله (ع ج): (1) ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك الاية، وقال تبارك اسمه (2): كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم الاية، وقال جل ثناؤه (3): ومن يرتدد منكم (4) عن دينه فيمت وهو كافر الاية (5). وقد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) كان لا يزيد المرتد على تركه ثلاثة أيام يستتيبه، فإذا كان اليوم الرابع قتله من غير أن يستتاب ثم يقرأ (6): إن الذين ءامنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم الاية، ومعنى الارتداد الرجوع وإنما يقع اسم المرتد على من خرج من شئ ثم رجع إليه، فيقال ارتد أي رجع إلى ما خرج منه، وهذا كالمشرك يكون على دينه ثم يسلم ثم يرتد إلى الدين الذي (7) كان عليه، وهو الذي يستتاب.


(1) 39 / 65. (2) 3 / 68. (3) 2 / 217. (4) حش ى – من مختصر المصنف: وسواء كان حرا أو عبدا أو شيخا فانيا. (5) من مختصر الاثار: وقال رسول الله (صلع): لا يحل قتل امرئ مؤمن إلا بإحدى ثلاث بكفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل بغير نفس. (6) 4 / 132. (7) ى – إلى الذي.

[ 480 ]

(1717) روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: من بدل دينه فاقتلوه. (1718) وعن علي (ع) أنه كان يستتيب المرتد إذا أسلم ثم ارتد، ويقول: إنما يستتاب من دخل دينا ثم رجع عنه، فأما من ولد في الاسلام فإنا نقتله ولا نستتيبه. (1719) وعنه (ص) أنه أتى بمستورد العجلى، وقد قيل له إنه قد تنصر وعلق صليبا في عنقه، فقال له قبل أن يسأله وقبل أن يشهد عليه: ويحك يا مستورد، إنه قد رفع إلي أنك قد تنصرت فلعلك أردت أن تتزوج نصرانية فنحن نزوجك إياها، قال: قدوس، قدوس (1). فلعلك ورثت ميراثا من نصراني فظننت أن لا نورثك، فنحن نورثك لانا نرثهم ولا يرثوننا، قال: قدوس، قدوس، قال: فهل تنصرت كما قيل؟ فقال: نعم تنصرت، ثم قال الثانية: تنصرت، فقال: نعم، تنصرت، قال (2) على: الله أكبر، فقال مستورد: المسيح أكبر، فأخذ (3) بمجامع ثيابه فكبه لوجهه وقال: طئوا عباد الله، فوطئوه بأقدامهم حتى مات. (1720) وعن علي (ع) أنه قال: إذا ارتدت المرأة فالحكم فيها ان تحبس حتى تسلم أو تموت، ولا تقتل، وإن كانت أمة فاحتاج مواليها إلى خدمتها استخدموها وضيق عليها بأشد الضيق ولم تلبس إلا من خشن الثياب بمقدار ما يواري عورتها ويدفع عنها ما يخاف منه الموت من حر أو برد، وتطعم من خشن الطعام حسب ما يمسك رمقها وكذلك حكم


(1) حش ى – القدوس من أسماء الله عز وجل واشتقاقه من القدس أي المتقدس عما لا يليق به. ويقال قدوس بفتح القاف أيضا وسبوح، قال سيبويه: من أسماء الله (تع) وقال غيره هو بضم القاف. من الضياء. (2) س – قال، ى – فقال. (3) ى – فأخذ علي عليه السلام.

[ 481 ]

أم الولد، والعبد الذكر في ذلك كالحر، وقد تقدم ذكره (1). (1721) وعن علي (ع) أنه قال في المرتد: تعزل عنه امرأته، ولا تؤكل ذبيحته ما دام على ارتداده، وردته فرقة (2) فإن أسم قبل أن تنقضي عدتها فهو أحق بها، فإذا ارتدت المرأة ولحقت بأرض الحرب فلزوجها أن يتزوج أربعا ويتزوج أختها يعني إذا انقضت عدتها. (1722) وعنه (ع) أنه قال: ولد المرتد الصغار مسلمون (3). فصل (2) ذكر الحكم في أهل البدعة والزنادقة (1723) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) كان يستتيب الزنادقة ولا يستتيب من ولد في الاسلام، وكان يقبل شهادة الرجلين العدلين على الرجل أنه زنديق، ولو شهد له ألف بالبراءة ما التفت إلى شهادتهم. (1724) وعنه (ع) أنه أتى بزنادقة من البصرة فعرض عليهم الاسلام واستتابهم، فأبوا فحفر لهم حفيرا وقال: لاشبعنك اليوم شحما ولحما، ثم أمر بهم فضربت أعناقهم ثم رماهم في الحفير ثم أضرم عليهم النار فأحرقهم، وكذلك كان يفعل بالمرتد ومن بدل دينه، وأمر بإحراق نصراني


(1) ى – وقد قدمنا ذكره. (2) ى – فوقته. (3) زيد الرواية في ى، وفي هامش د، ط – وقال عليه السلام في المرتد إذا مات أو قتل فماله لورثته على كتاب الله. حش ى – قال في مختصر الاثار: وأي الوالدين أسلم فأولاده الاطفال ومن يلد بعد ذلك مسلمون بإسلامه، فإن كبروا وأبوا من الاسلام فهم في حال المرتدين، ويفعل بهم ما يفعل بالمرتد، وكذلك ولد المرتدة.

[ 482 ]

ارتد فبذل أولياء النصراني في جثته مائة ألف درهم فأبى عليهم، فأمر به فأحرق بالنار، وقال: ما كنت لاكون عونا للشيطان عليهم، ولاممن يبيع جثة كافر، ولما أحرق صلوات الله عليه الزنادقة الذين ذكرناهم وكان أمر قنبرا بحرقهم (1) قال: لما رأيت اليوم أمرا منكرا * أضرمت نار ودعوت قنبرا (1725) وعنه (ع) أن رسول الله (صلع) قال: ساحر المسلمين يقتل ولا يقتل ساحر الكفار، قيل: يا رسول الله، ولم ذلك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم، قال علي (ع): ولذلك لم يقتل رسول الله (صلع) ابن عاصم اليهودي الذي سحره، قال علي (ع): فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين أنه سحر قتل لانه كفر، والسحر كفر، وقد ذكره الله عز وجل في كتابه فقال جل ذكره (2): واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت ومارت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، الاية. فأخبر جل ذكره أن السحر كفر فمن سحر (3) كفر، فيقتل ساحر المسلمين لانه كفر وساحر المشركين لا يقتل لانه كافر بعد كما جاء عن رسول الله (صلع). قال علي (ص) (4): وهذا شاهد من القرآن. (1726) وعن علي أنه أتى برجل كان نصرانيا فأسلم ومعه لحم خنزير وقد شواه ولفه في ريحان فقال له: ويحك، ما حملك على ما صنعت؟


(1) ى – وكان قد أمر قنبرا بإحراقهم. (2) 2 / 102. (3) ى – فمن سحر فقد كفر. (4) حذ ى.

[ 483 ]

فقال: يا أمير المؤمنين، مرضت فقرمت إليه، قال: ويحك، فأين أنت عن لحم المعز، فإنه خلو منه، ثم قال: لو أنك أكلته لاقمت عليك الحد، ولكن سأضربك ضربا لا تعود بعده إليه أبدا، فضربه حتى شغر ببوله (1). (1727) وعن علي (ع) أنه قال: من جاء عرافا (2) فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما أنزل الله على محمد (صلع) وكان يقول. إن كثيرا من الرقى وتعليق التمائم شعبة من الاشراك. (1728) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: من كان مؤمنا يعمل خيرا ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب بعد كفره، كتب له كل شئ عمل في إيمانه فلا يبطله كفره إذا تاب بعد كفره.


(1) حش ى (كجراتي) – كهرا بول كيدى، حش س – رفع إحدى رجليه. والصحيح بالغين كما في مجمع البحرين: وفي الحديث ضربه حتى شغر ببوله أي دفع به. (2) حش س، ى – أي كاهن.

[ 484 ]

(20) كتاب الغصب والتعدي فصل (1) ذكر الغصب (1729) قال الله (ع ج) (1): ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الاية، قال الله تعالى (2): ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. روينا عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أن رسول الله (صلع) خطب يوم النحر بمنى في حجة الوداع، وهو على ناقته القصواء (3) فقال: أيها الناس، إني خشيت ألا ألقاكم بعد موقفي هذا بعد عامي هذا، فاسمعوا ما أقول لكم وانتفعوا به، ثم قال: أي يوم أعظم حرمة، قالوا: هذا اليوم، يا رسول الله. قال: فأي الشهور أعظم عند الله (4) حرمة، قالوا: هذا الشهر يا رسول الله، قال: فأي بلد أعظم حرمة، قالوا: هذا البلد، يا رسول الله، قال: فإن حرمة أموالكم عليكم وحرمة دمائكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، إلى أن تلقوا ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، وذكر باقي الحديث بطوله (5).


(1) 2 / 188، 4 / 29. (2) 2 / 190، 5 / 87. (3) س، ع، ى – القصوى، د – العضباء، ز – القصواء. ع – العضباء مشطوب وصحح القصباء (!). (4) (عند الله) حذ ى، ز، د، ع. س، ط – أعظم عند الله. (5) ى، ز، حذ (بطوله).

[ 485 ]

(1730) وعنه (صلع) أنه قال: كل ذي مال أحق بماله. (1731) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: أدوا الامانة ولو إلى قاتل الحسن بن علي: فمن نال (1) من رجل مسلم شيئا من عرض أو مال وجب عليه الاستحلال من ذلك، والتنصل (2) من كل ما كان منه إليه، وإن كان قد مات فليتنصل من المال إلى ورثته وليتب إلى الله (تع) مما أتى إليه حتى يطلع الله تعالى عليه بالندم والتوبة والتنصل، ثم قال (ع): ولست آخذ بتأويل الوعيد في أموال الناس ولكني أرى أن تؤدى إليهم إن كانت قائمة في يدي من اعتصبها ويتنصل (3) إليهم منها، وإن فاتها (4) المغتصب أعطى العوض منها فإن لم يعرف أهلها تصدق بها عنهم على الفقراء والمساكين وتاب إلى الله (ع) مما فعل. (1732) وعنه (ص) أنه قال: من اغتصب جارية فأولدها أخذها صاحبها والولد رقيقا، ومن اشترى جارية مغصوبة فأولدها، أخذها صاحبها وقيمة الولد، يعني إذا لم يعلم المشتري انها مغتصبة. (1733) وعنه (ع) أنه قال: من اغتصب ماشية فتناسلت في يديه وكثرت. فهي وما تناسل منها للمغصوبة منه، وكذلك إذا اغتصبت أمة فولدت. (1734) وعن أبي جعفر بن محمد علي (ع) أنه قال: إذا اغتصب الرجل أمة فهلكت عنده فهو ضامن لقيمتها، وإن كان قد وطئها فعلقت منه


(1) ط، د – تناول. (2) ط، ز، د، ع – ى – الانتصال، س – التنصل، حش س – تنصل منه أي برئ منه، وتنصل الشئ استخرج منه. (3) ى – يتنصل. (4) ى – فوتها، ولعل الصحيح: وإن فاتته المغتصبة إلخ.

[ 486 ]

ثم استحقها صاحبها، فأخذها وهي حبلى فماتت من النفاس، فالغاصب ضامن لقيمتها. (1735) وعنه (ع) أنه قال: إذا اغتصب الرجل عبدا فاستأجر أو استأجر العبد نفسه ثم استحقه مولاه أخذه وأخذ الاجرة ممن كانت في يديه. (1736) وعنه (ع) أنه سئل (1) في الغاصب يعمل العمل أو يزيد الزيادة فيما اغتصب، قال: ما عمل أو زاد فهو له، وما زاد مما ليس من عمله فهو لصاحب الشئ، وما نقص فهو على الغاصب. فصل (2) ذكر التعدي (1737) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال: من تعدى على شئ مما لا يحل كسبه فأتلفه، فلا شئ عليه فيه، ورفع إليه رجل كسر بربطا (2) فأبطله. (1738) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: من كسر بربطا أو لعبة من اللعب، أو بعض الملاهي، أو خرق زق مسكر أو خمر، فقد أحسن ولا غرم عليه. (1739) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نهى عن القمار والنهبة والنثار، يعني عليه السلام بالنثار ما نثر (3) على قوم لم يدعوا إليه ولم تطب


(1) س – ى – قال. (2) حش ى – تنبور، البربط العود الذي يضرب وليس من ملاهي العرب والكلمة في الاصل أعجمية، من الضياء. (3) ى – ما ينثر.

[ 487 ]

نفس ناثرة به، لمن صار إليه، وكان يؤخذ اختطافا وانتهابا فهو شبيه بالنهبة، فأما من دعا قوما ونثر عليهم طعاما أو طيبا، أباحهم إياه، وأخذ كل إنسان منهم من ما نثر بين يديه وصار إليه من غير اختطاف ولا مكابرة أحد عليه، فذلك مباح وهو كالطعام يدعى إليه القوم، ويوضع بين أيديهم، ويباح لهم أكله، فلا اختلاف بين الناس علمناه فيه، وفي أن لكل إنسان منهم أن يأكل منه مما يليه ويكره لهم انتهابه واختطاف بعضهم إياه من بعض، أو أن يأكل منهم من لم يدع إليه، والنثار على هذا التمثيل، والله أعلم (1). (1740) وعنه (ع) أنه نهى عن إخراج الجدار (2) في طرقات المسلمين، وقال من أخرج جدار الدار (3) إلى طريق ليس له فإن عليه رده إلى موضعه، وكيف يزيد إلى داره ما ليس له، ولمن يترك ذلك، وهل يترك فيها، بل يرحل عن قريب عنها، ويقدم على من لم يعذره ويدعها لمن لا يحمده ولا ينفعه ما أغفل (4) الوارث عما يحل بالموروث يسكن داره وينفق ماله وقد غلقت رهائن المسكين وأخذ منه بالكظم، فود أنه لم يفارق ما قد خلف. (1741) وعن علي (ص) أنه كتب إلى رفاعة: أد أمانتك ووف صفقتك، ولا تخن من خانك، وأحسن إلى من أساء إليك، وكاف من أحسن إليك، واعف عمن ظلمك، وادع لمن نصرك، وأعط من حرمك، وتواضع لمن أعطاك، واشكر الله كثيرا على ما أولاك، واحمده على ما أبلاك (5).


(1) ى – حذ. (2) ى – الجدر. (3) ز، ى – جدار داره. (4) حش ى – تعجب، حش س – أغفل الشئ إذ تركه. (5) حش ى – أبلاه الله (تع) بلاء حسنا أي اختبره، وأبلاه يمينا إذا طيب بها نفسه وأبلاه معروفا، قال: جزى الله بالاحسان ما فعلا بكم وابلاهما خير البلاء الذي يبلو

[ 488 ]

(1742) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يكون له على رجل حق فيجحده ثم يستودعه مالا أو يظفر به بمال، هل له أن يقبض ما جحده؟ قال: لا، هذه خيانة لا يأخذه منه إلا ما دفع إليه أو وجب له بالحكم عليه. (1743) وعنه (ع) أنه قال: الناس كلهم في دار الاسلام، المخالفون وغيرهم أهل هدنة ترد ضالتهم وتؤدى أمانتهم ويوفى بعهدهم، إن الامانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر، فأد الامانة إلى من ائتمنك، ولا تخن (1) من خانك، ولا تأخذ ممن جحدك مالا لك عليه شيئا بوجه خيانة.


(1) ى، ز، ع، ط. س، د، لا – تخن الامانة إلخ.

[ 489 ]

(21) كتاب العارية والوديعة فصل (1) ذكر العارية (1744) قال الله (ع ج) (1): ولا تنسوا الفضل بينكم الاية، روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: القرض والعارية وقرى الضيف من السنة. (1745) وعنه (ع) أنه قال: العارية لمن أعارها، ولا يملك المستعير منها شيئا إلا ما ملكه المعير وأباحه له ولا يزول شئ من ملكه عنها بعاريته إياها. (1746) وعنه (ع) أنه قال: العارية مؤداة، وللمستعير أن يستعملها فيما أذن له أن يستعملها فيه (2). (1747) وعنه (ع) أنه قال: إن جنى المستعير على العارية فأتلفها، أو شيئا منها أو أفسد فيها، ضمن ما أتلف وأفسد إذا كان قد تعدى. (1748) وعنه (ع) أنه قال: في العارية تتلف من غير جناية المستعير إن كان قد (3) ضمنه المعير إياها أو ضمنها هو وقت استعارتها كان عليه غرمها، وإن لم يكن ضمن ولا جنى عليها ولا تعدى ما أمر به لم يضمن. وقد استعار رسول الله (صلع) من صفوان بن أمية (4) في غزوة حنين ثمانين


(1) 2 / 237. (2) حش ى – قال في ذات البيان: والدنانير والدراهم والفلوس لا تجرى مجرى العارية لانها إذا غابت لم تعرف بعينها، وإنما تجرى مجرى القرض، ومن استقرض منها، ردها. (3) حذ س. ى، ز، د – قد ضمنه. (4) س. د، ز، ى، زد – الجحمى، ط، ع – الجمحى.

[ 490 ]

درعا، فقال له صفوان: عارية مضمونة (1) فقال (صلع): نعم، عارية مضمونة، ففي قوله عليه السلام: عارية مضمونة ما دل على أنها نكرة، ولو كانت معرفة، وكانت العوارى مضمونة لقال: (العارية مضمونة) ولكن قوله (صلع): (عارية مضمونة) ما دل على أن ثم (2) عارية غير مضمونة وايضا فإنه (صلع) ممن أمر بالبيان، فلو كانت العارية مضمونة، وإن لم تضمن، لقال لصفوان حين ضمنه إياها: (هي مضمونة)، قلت هذا أو لم تقله، أو يقول: العارية مضمونة، وفي تضمين صفوان إياه (صلع) العارية ما دل على أنه كان يعلم أنها لا تضمن إلا أن تضمن مع ترك إنكار النبي (صلع) قوله، فقد ذكرناه وفي هذا أدل دليل وأوضح تأويل لمن وفق لفهمه إن شاء الله (تع). (1749) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ادعى المستعير تلاف العارية ولم تكن له على ذلك بينة وكان ممن يتهم لم يصدق ويضمن. (1750) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل استعار عارية فارتهنها في مال يعني ولم يأذن له صاحبها في ذلك، ثم أفلس أو غاب أو مات، قال: يأخذ صاحب العارية عاريته ويطلب الرجل بدينه صاحبه.


(1) ع – عارية مردودة مضمونة. (2) س – ثمر، ط، ز، ى، د، ع، ثم.

[ 491 ]

فصل (2) ذكر الوديعة (1751) قال الله (ع ج) (1): إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها، وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الامانة تؤدى إلى البر والفاجر. وقد ذكرنا (2) في باب العارية من هذا وجوها. (1752) وعنه (ع) أنه أوصى قوما من شيعته بوصية طويلة قال فيها: اتقوا الله ربكم وأدوا الامانة إلى الابيض والاسود، وإن كان حروريا، وإن كان شاميا، وإن كان عدوا. (1753) وعنه (ع) أنه قال: إذا أحرز الرجل الوديعة (3) حيث يجب أن تحرز الودائع، ثم تلفت أو سقطت منه قبل أن يحرزها أو ضلت أو نسيها أو هلكت من غير جناية منه عليها ولا استهلاك لها فلا ضمان عليه. (1754) وعنه (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) قال: ليس على المستودع ضمان. (1755) وعن علي (ع) أنه قال: ليس على مؤتمن ضمان. (1756) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: صاحب الوديعة


(1) 4 / 58. (2) س – ذكر. ى، ز، ط، د، ع – ذكرنا. (3) حش ى – قال في الينبوع: ولا ضمان على مودع ومؤتمن، وعلى المودع أن يحرز كماله، فإن هلكت أو سقطت منه في ذهابه بها إلى الجور لم يضمن، حاشية. وقال في مختصر الاثار: ومن استودع وديعة فعليه أن يحتفظ بها ويحرزها حيث يحرز مثلها، فإن هلكت أو ضاعت من غير جناية عليها بعد أن فعل ذلك فلا ضمان عليه، وإن أوصلت أو جنى عليها أو تعدى ضمن، حاشية.

[ 492 ]

والبضاعة مؤتمنان، والقول قول المودع إذا قال قد ذهبت الوديعة، فإن اتهم استحلف. (1757) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل دفع إلى رجل وديعة، فقال المستودع: نعم، قد استودعتني إياها، ولكن أمرتني أن أدفعها إلى فلان فأنكر المستودع أن يكون أمره بذلك، قال: البينة على المستودع لان صاحب الوديعة أمره أن يدفعها، وعلى المستودع اليمين أنه ما أمره (1). (1758) وعنه (ع) أنه قال: في رجل أودع رجلا وديعة، وقال: إذا جاء فلان فادفعها إليه فدفعها إليه فيما ذكر، وأنكر الذي كان أمره بدفعها إليه أن يكون قبضها منه، قال: القول قوله إن دفعها (2) مع يمينه إن اتهم لان صاحب الوديعة قد أقر بأنه أمره بدفعها. (1759) وعن علي (ع) أن لصين أتيا في أيام عمر إلى امرأة موسرة من نساء قريش فاستودعاها مائة دينار (3)، وقالا لها: لا تدفعيها ولا شيئا منها إلى أحد منا دون أحد، فإذا اجتمعنا عندك جميعا أعدتها إلينا، وأضمرا المكر بها، ثم ذهبا وانصرف الواحد، وقال: إن صاحبي قد عرض له أمر لم يستطع الرجوع معي، وقد أمرني بأن آتيك بأن تدفعي المال إلى، وجعل لي إليك علامة كذا وذكر لها أمر كان بينها وبين الغائب، وكانت امرأة فيها سلامة وغفلة فدفعت إليه المال، فذهب به وجاء الثاني، فقال لها:


(1) ى حذ (أنه ما أمره). (2) (إنه دفعها) مشطوب في ى. (3) حش ى – من مختصر الاثار: إذا أودع الرجلان الرجل وديعة فجاء أحدهما يطلبها منه، وغاب الاخر أو هلك، كان للطالب بها نصفها، فإن أمرا حين أودعاه إياها أن لا يدفعها إلى أحدهما دون صاحبه، فجاء أحدهما يطلبها لم يكن له أن يأخذ شيئا منها حتى يحضر صاحبه، إلا أن يموت فيحضر ورثته فيدفعها إليهم.

[ 493 ]

المال (1)، قالت: قد جاء صاحبك بعلامة منك فدفعته إليه، فقال ما أرسلته وقدمها إلى عمر، فلم يدر ما يقضي بينهما، وبعث بهما إلى أمير المؤمنين علي (ص)، فقال للرجل: إذا كنتما قد أمرتماها جميعا أن لا تدفع شيئا إلى أحد دون صاحبه، فليس لك أن تقبض منها شيئا دون صاحبك، اذهب، فأت به، وخذا حقكما فسقط ما في يديه ومضى لسبيله. (1760) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من كانت عنده وديعة فلا ينبغي أن ينفق منها شيئا ولا أن يستلفه (2) ليرده، فإن اضطر إلى ذلك وكان مليا (3) فأخذه فليعجل رده، فإنه لا يدري ما بقي من أجله، وإن لم يكن مليا فلا ينبغي له ولا يحل له أكل شئ منها إلا بإذن صاحبها، وكذلك المضارب. (1761) وعنه (ع) أنه قال: من أودع صبيا (4) لم يبلغ الحلم وديعة فأتلفها فلا ضمان عليه، وإن استودعه غلاما فقتله فالضمان على عاقلته، والقول في القيمة قول العاقلة مع أيمانهم إلا أن يقيم مولى الغلام البينة على الاكثر فيأخذه. (1762) وعنه (ع) أنه قال: من استودع عبدا وديعة فأتلفها فلا ضمان عليه، وإن كان العبد مأذونا له في التجارة لم يلزم مولاه شئ إلا أن يكون أذن له في قبول الودائع، أو تكون الوديعة في ضرب من التجارة لكن تكون دينا على العبد، فمتى عتق طولب بها ولو أقر العبد بالوديعة لم يجز إقراره.


(1) س – المال. ى – هاتى المال.. (هاني) (بخط غير كاتبه)، ع، د، ز – هات المال ط كس، وزيد بخط غير كاتبه (هات). (2) ع، د، ز، س – يستلفه. ى – يسلفه. ط – يستسلفه. (3) ى حش – الملى بالشئ القادر. (4) حش ى – من مختصر الاثار: من أودع طفلا أو مجنونا فذهبت الوديعة فلا شئ له وقد غرر بماله.

[ 494 ]

(22) كتاب اللقطة واللقيطة والابق فصل (1) ذكر اللقطة (1) (1763) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) رأى ثمرة ملقاة في طريق فتناولها، ثم مر به سائل فناوله إياها، وقال: لو لم تأتها لاتتك (2). وعن علي (ص) أنه دخل يوما على فاطمة (ع) فوجد الحسن والحسين (ع) بين يديها يبكيان، فقال: ما لهما؟ فقالت يطلبان ما يأكلان، ولا شئ عندنا في البيت، قال: فلو أرسلت إلى رسول الله (صلع)؟ قالت: نعم، فأرسلت إليه تقول: يارسول الله ابناك يبكيان ولم نجد لهما شيئا، فإن كان عندك شئ فأبلغناه، فنظر رسول الله (صلع) في البيت فلم يجد شيئا غير تمر فدفعه إلى رسولها، فلم يقع منهما، فخرج علي (صلع) يبتغى أن يأخذ سلفا أو شيئا بوجهه من أحد فكلما أراد أن يكلم أحد احتشم وانصرف، فبينا هو يسير إذ وجد دينار، فأتى به فاطمة (ص) فأخبرها بالخبر، فقالت: لو رهنته لنا اليوم في طعام، فإن جاء طالبه رجونا أن نجد فكاكه إن شاء الله، فخرج به عليه السلام فاشترى دقيقا، ثم دفع الدينار رهنا بثمنه فأبى صاحب الدقيق عليه أن يأخذ رهنا، وقال متى تيسر ثمنه فجئ به، وأقسم أن لا يأخذه ثم مر بلحم فاشترى منه بدرهم ودفع الدينار إلى القصاب رهنا به


(1) حش ى – اللقطة ما التقط من مال ضائع، اللقيط المنبوذ يلتقط، وفي الحديث (؟) وسئل عن نفقة اللقيط، فقال: من بيت المال. (2) ى – أتيتك.

[ 495 ]

فامتنع أيضا عليه، وأقسم (1) ان لا يأخذ، فأقبل إلى فاطمة (ع) باللحم والدقيق، وقال عجليه، فإني أخاف أن رسول الله (صلع) ما بعث لابنيه بالتمر، وعنده اليوم طعام، فعجلته وأتى إلى رسول الله (صلع) فجاء به، فإنهم ليأكلون إذ سمعوا غلاما ينشد بالله وبالاسلام: من وجد دينارا، فأخبر علي (ع) رسول الله (صلع) بالخبر، فدعا بالغلام فسأله، فقال: أرسلني أهلي بدينار أشتري لهم به طعاما، فسقط مني ووصفه فرده عليه رسول الله (صلع)، فرفع اللقطة لمن ينشدها وينوي ردها إلى أهلها (2) ووضعها في موضعها مطلق مباح كما جاء عن رسول الله (صلع) ولا بأس بتركها إلى أن يأتي صاحبها. (1764) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: مر علي بن الحسين (ع) ومعه مولى له على لقطته، فأراد مولاه أخذها، فنهاه عنها وأبى وأخذها ومشى قليلا فوجد صاحبها، فردها عليه، وقال لعلي بن الحسين: أليس هذا خيرا (3)؟ فقال: إنك لو تركتها وتركها الناس، لجاء صاحبها حتى يأخذها. (1765) وعن علي (ع) أنه سئل عن اللقطة، فقال: إن تركتها فلم تعرض لها (4) فلا بأس إن أنت أخذتها فعرفها سنة، فإن جاء لها طالب (5) وإلا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك حتى يجئ لها طالب. (1766) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل وجد دينارا في


(1) ى – حلف. (2) ى – أد. ز – وردها إلى أهلها، أو وضعها في موضعها إلخ. (3) س، ى – خير (4) تخفيف (تتعرض). (5) يعني: فإن جاء لها طالب (فردها إليه) وإلا فاجعلها إلخ.

[ 496 ]

الحرم فأخذه، ما يصنع به؟ قال: بئس ما صنع إذا أخذه، إن اللقطة بالحرم لا ترفع، هي في حرم الله إلى أن (1) يأتي صاحبها فيأخذها، قيل: فإنه قد ابتلى به قال: فليعرفه. قيل: فإنه قد عرفه، قال: فليتصدق به على أهل بيت المسلمين فإن جاء طالبها فهو له ضامن، وقد ذكرنا فيما تقدم ما جاء من الامر بالنصيحة للمسلم، ومن النصيحة له حفظ ماله عليه، ورده إذا جاء وجد عليه، وما لم يوجد له طالب ويئس من أن يطرأ له من يطلبه فهو كمال لا مالك له، وسبيل ما كان كذلك أن يوضع في بيت المال، وقد ذكرنا مثل ذلك فيمن مات ولم يدع وارثا، والذي جاء عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد (ع) من التصدق باللقطة، فإنما ذلك لان بيت المال كان يومئذ في أيدي (2) المتغلبين، فلم يكن يرى أن يجعل فيه شئ، وكان الحكم في صرف (3) مثل ذلك إليه يصرفه حيث رأى صرفه صلوات الله عليه. (1767) وعنه (ع) أنه قال: لا يأكل الضوال (4) إلا الضالون. (1768) وعن جعفر بن محمد بن علي (ص) أنه قال: اللقطة لا تباع ولا توهب. (1769) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: اللقطة إذا وجدها الرجل عرفها سنة ثم يجعلها في عرض ماله يجرى عليها ما يجرى على ماله حتى يجد لها طالبا، وإن مات أوصى بها، وإن تصدق بها فهو لها ضامن. فإن جاء صاحبها وطالبه بها ردها عليه أو قيمتها.


(1) ى حذ (إلى أن). (2) ى – بأيدي. (3) س، د، ى، ز، ع، ط – حذ (حرف). (4) د – الضالة، حش ى – من مختصر المصنف: والضوال من الابل والبقر والغنم ينبغي حفظها لاصحابها، وينفق عليها بأمر الحاكم ويرجع بذلك على أربابها، وإلا حوط لمن يراد أمرها إلى إمام المسلمين.

[ 497 ]

(1770) وعن علي (ع) أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلعم) وقال: يا رسول الله إني وجدت شاة. فقال: هي لك أو لاخيك أو للذئب، قال: فإني وجدت بعيرا، قال: خفه حذاؤه، كرشه (1) سقاؤه، فلا تهجه (2). (1771) وعن علي (ع): أنه كان بنى للضوال مربدا (3) فكان يعلفها لا يسمنها ولا يهزلها يعلفها من بيت المال، فكانت تشرف بأعناقها، فمن أقام بينة على شئ منها أخذه، وإلا أقرها على حالها لا يبيعها. (1772) وعن رسول الله (صلع) أنه رجلا سأله، فقال: يا رسول الله، أصبت شاة في الصحراء، فقال: هي لك ولاخيك أو للذئب، خذها فعرفها حيث أصبتها، فإن عرفت فارددها (1) على صاحبها، وإن لم تعرف فكلها وأنت لها ضامن. (1773) وعن علي (ص) أنه سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير خبزها ولحمها وجبنها وبيضها، قال: يقوم ما فيها فتؤكل لانه يفسد وليس لما فيها بقاء، فإن جاء طالبها غرموا (5) له الثمن، فقالوا له: يا أمير المؤمنين، إنه لا يعلم أهي سفرة ذمي أو مجوسي؟ قال: هم في سعة من أكلها ما لم يعلموا. (1774) وعنه (ع) أنه سئل عن الورق (6) توجد في الدار، قال: إن كانت عامرة فهي لاهلها، وإن كانت خرابا فسبيلها سبيل اللقطة.


(1) حش ى – الكرش لكل مجتر بمنزلة المعدة للانسان. (2) حش د – خفه أي رجله، حذاؤه أي نعله، وكرشه بطنه، فلا تهجه (بفتح التاء وكسر الهاء) أي فلا تأخذ البعير، والاعراب في د بفتح التاء وفي ى بضم التاء. (3) حش ى – المربد الموضع الذي يحبس فيه الابل وغيرها، من ص، المربد موضع الابل مشتق من ربد أي أقام ومنه مربد المدينة، ومربد البصرة للوقوف بها، من الضياء. (4) ز، ع، ى – رددتها. (5) ى – غرموا (غ). (6) ى – أي الدراهم المضروبة.

[ 498 ]

فصل (2) ذكر اللقيط (1) والابق (1775) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: المنبوذ حر. وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: المنبوذ حر إن شاء جعل ولاءه للذي رباه، وإن شاء جعله إلى غيره، وإن طلب الذي رباه منه نفقته وكان موسرا رد عليه، وإن كان معسرا كان ما أنفق عليه صدقة. (1776) وقال: ولد الزنا لا خير فيه، ولا ينبغي للرجل أن يطلب الولد من جارية تكون ولد زنا، ولا ينجس الرجل نفسه بنكاح ولد الزنا، وإن كان ولد الزنا من أمة مملوكة، فحلال لمولاها ملكه وبيعه وخدمته ويحج بثمنه إن شاء. (1777) وعنه (ع) أنه سئل عن جعل (2) الابق، فقال: ليس ذلك بواجب، المسلم يرد على المسلم يعني إذا لم يكن استؤجر على ذلك. (1778) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ومن أتى بآبق فطلب الجعل فليس له شئ إلا أن يكون جعل له. (1779) وعنه (ع) أنه قال: من أخذ آبقا ليرده فأبق منه فليس عليه شئ.


(1) س، ط، ى، ع. ز – حذف، د – اللقيطة، حش ى – أي ولد الزنا. (2) د – عن رجل جعل الابق إلخ. ى – جعل (غ)، حش ى – الجعل ما يجعل للانسان على عمل يعمله.

[ 499 ]

(23) كتاب القسمة والبنيان فصل (1) ذكر القسمة (1780) كل شئ بين أشراك أو شريكين ينقسم بلا ضرر على أحد من الاشراك فيه يقسم إذا طلبوا أو طلب بعضهم قسمته، وقد ذكرنا فيما تقدم قسمة الفئ وغيره، وما كان فيه ضرر إذا قسم، أو كان لا ينقسم بيع وقسم ثمنه لان الله (تع) نهى عن الضرر في غير موضع من كتابه، فقال (1): ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن، وقال (2): ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا، وقال (3): ولا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده، ونهى رسول الله (صلع) عن إضاعة المال، وقد ذكرناه (4) فيما تقدم (5). (1781) روينا عن أبي جعفر محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أن رسول الله (صلع) قال: لا ضرر ولا إضرار (6). (1782) وعن علي (ع) أنه كتب إلى رفاعة بن شداد: لا قسمة فيما


(1) 65 / 6. (2) 2 / 231. (3) 2 / 233. (4) س – ذكرنا، ى، ز، ع، ط، د – ذكرناه. (5) حش ى – من مختصر المصنف: كل شئ من عقار وغيره بين أشراك ينقسم بلا ضرر على أحدهم فإنه يقسم بالحكم، وما فيه ضرر فإنه يقسم بالحكم ويقسم بالتراضي، وكذلك ما فيه كسر أو قطع يضر به، وإذا طلب بعض الاشراك قسمة ما لا ضرر فيه قسم بينهم، ويجبر الباقون على ذلك، وإن طلب أحدهم بيع الكل: فلا يقسم يجبر الباقون على البيع، وإذا اقتسم الرجلان دارا وأخذ أحدهما حدا أو الاخر حدا، فوقع لاحدهما جدار، والظاهر منه على عرض آجرتين واساسه على أربع، قد دخل في نصيب مقاسمه من ذلك عرض آجرة، فقال صاحب الحائط: أريد أن آخذ من نصيبك ما دخل فيه من حائطي، فليس له ذلك، وإنما له ما ظهر على وجه الارض من الحائط، حاشية. (6) س – ضرار. ى، د، ز، ع، ط – إضرار.

[ 500 ]

لا يتبعض، يعني ما لا يتجزأ (1) على أنصباء الشركاء. (1783) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قسمة مجرى الماء، فقال: هذا مما لا ينقسم. (1784) وعن علي (ص) أنه سئل عن قوم قسموا أرضا أو دارا على أنه لا طريق لواحد منهم، فقال: ليس هذا من قسمة المسلمين، تفسخ هذه القسمة وترد إلى الحق. (1785) وعن علي (ص) أنه قال: لا بد من قاسم ورزق للقاسم. (1786) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن دار بين رجلين اقتسماها فصار العلو لاحدهما والسفل للاخر، قال: جائز، إلا أن يكون بينهما غبن وظلم فتفسخ القسمة بينهما إلا أن يكونا علما ذلك ورضيا به. (1787) وعنه (ع) أنه سئل عن قوم اقتسموا دارا لها طريق، فجعل الطريق في حق أحدهم، وجعل لمن يبقى أن يمر برجله فيه، قال: لا بأس بذلك ولا بأس بأن يشتري الرجل ممره في دار رجل أو في أرضه دون سائرها. (1788) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم يقتسمون الدار فيرضى أحدهم بشقص منها دون حقه، ويدع الباقي للقوم يقتسمونه، قال: لا بأس إذا تراضوا به أجمعون. (1789) وعنه (ع) أنه سئل عن الدور تكون لقوم شتى فيقول بعضهم آخذ حصتي في كل دار. ويقول بعضهم: يجمع لكل واحد منا نصيبه في موضع واحد، قال: ينظر، فإن كانت الدور معتدلة في حالها ونفاقها (2) ورغبة الناس فيها، قسم (3) لكل إنسان حقه في مكان واحد وإن كانت


(1) س، د، ط. ى، ز، ع، يعني لا يتجرأ. (2) حش ى – رواج. (3) س – (المتن ناقص) تقسم.

[ 501 ]

مختلفه اختلافا بينا قسمت كل دار منها ناحية، وأخذ كل واحد منهم منها حقه. (1790) وعنه (ع) أنه قال: في الحوائط المفترقة في الاماكن تكون بينهم (1) مثل اليوم ونحوه (2) كيف تجوز قسمة ذلك بينهم؟ قال: يكون نصيب كل واحد منهم على حدة مفروزا (3) معلوما. (1791) وعنه (ع) أنه قال: إذا اشترك قوم في حوائط وأراض شتى أو بضعها قريب من بعض إن أحب كل واحد منهم أن يأخذ نصيبه في كل ناحية فلا بأس، وإن أحب أن يجمع له نصيبه في كل ناحية واحدة بقيمة عدل فلا بأس، وإذا كان كل شئ من ذلك لا ينقسم على الانصباء، أو إذا انقسم دخل منه (4) الضرر على بعض الشركاء، وكان حقه منه ما لا يكاد أن ينتفع به على الانفراد، كان الواجب أن تجمع حصة كل واحد منهم في (5) ناحية بقيمة عدل. (1792) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم تكون بينهم الجنات (6) فيها أنواع الثمار في مواضع مفترقة منها (7) كيف تقسم؟ قال: يجمع نصيب كل واحد في ناحية منه بقيمة عدل، فإن كان فيه زرع وثمار لم يقسم الزرع والثمار مع الاصل وتقسم ناحية. (1793) وعنه (ع) أنه سئل عن قسمة الزرع والثمار خرصا، قال: الخرص عندنا مثل الكيل وإنما الخرص في التمر والعنب والحبوب، وليس


(1) ى – يعني أظنه بينها. (2) ى – أي مسافة مثل اليوم ونحوه. (3) ى – أي مقطوعا. د – على حده مفردا معلوما إلخ. (4) ى – فيه. (5) ى – على. (6) س – الجنات. ى – الجنان. (7) ى – منهم. حش ى – مرادفة في مثال: إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة.

[ 502 ]

الخرص في التفاح والخوخ وأمثالهما مما يعد عدا وإنما الخرص فيما يكال ويوزن. (1794) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم يكون بينهم البقل كيف يقتسمونه قال: هذا لا ينقسم قائما ولكنه يباع فيقسم ثمنه أو يقتلع فيقسم كما يقسم مثله إلا أن يتفقوا على ذلك، أو تكون تستطاع قسمته بالعدل، وكذلك الرزع ما لم يبد صلاحه. (1795) وعنه (ع) أنه قال: إذا ورث قوم أرضا لها شرب (1) فإنهم يقسمونها، ويكون لكل ذي خط منها من الشرب بقدر حصته. (1796) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم تكون بينهم الارض، وفيها أشجار مفترقة، قال: تقسم كل شجرة منها بأرضها ولا ينبغي أن تكون شجرة لرجل في أرض غيره. (1797) وعنه (ع) أنه قال في الدار تكون بين القوم غائبة عنهم قد عرفوها، فاقتسموها على الصفة، وعرف كل واحد منهم حظة منها، قال: يجوز ذلك عليهم وهو (2) مثل بيع الدار الغائبة إذا عرفها المتبايعان، فإن لم يعرفوها أو عرفها بعضهم ولم يعرف بعضهم، لم يجز ذلك حتى يحضروا القسمة أو من يقوم مقامهم، وكذلك الارض والشجر. (1798) وعنه (ع) أنه سئل عن قوم اقتسموا دارا فاختلفوا في بيت منها تداعوه، وليس هو في يد واحد منهم، أو اختلفوا في الحدود، قال: إن لم تكن بينة تحالفوا وانفسخت القسمة.


(1) حش ى – بالكسر كالمشرب والحظ منه. (2) س – هي.

[ 503 ]

(1799) وعنه (ع) أنه قال في قسمة الدور: لا بأس بأن تقسم البيوت بالقيمة والساحة بالذرع، وأن يترك (1) من الساحة طريق شائع بين القوم. (1800) وعنه (ع) أنه سئل عن قسمة العلو والسفل على من يقوم (2) نقض السفل، قال: على صاحب السفل، وتكون كالارض لصاحب العلو ينتفع به، وليس لصاحب السفل أن يهدمه، ويكلف صاحب العلو أن يسقفه، بل على صاحب السفل إصلاحه إذا استرم إن لم يكن جنى عليه صاحب العلو. (1801) وعنه (ع) أنه قال: ما هلك أو استحق (3) مما هو بين الشركاء قبل القسم فهو على جميعهم، وما هلك بعد أن تقاسموا (4) فهو على من صار إليه وإن استحق سهم أحدهم أو شئ منه، أعادوا القسمة. (1802) وعنه (ع) أنه قال: إذا اعتل السفل وكان تعليق العلو يمكن ويستطاع، فعلى صاحب السفل تعليقه وإصلاح سفله، وإن كان ذلك لا يستطاع نقض صاحب العلو علوه، وعلى صاحب السفل إصلاح السفل، ثم إن شاء صاحب العلو أن يبني عليه بقدر ما كان له فعل، وكذلك إذا انهدم الجميع وما كان لكل واحد منهم من شئ بان به، فإصلاحه عليه إذا استرم، وما كان بينهما ينتفعان به معا (5)، فإصلاح ما استرم منه بينهما على قدر الانصباء إلا أن يكون في ذلك شرط، فالشرط أملك إذا كان فيما يحل ويجوز. (1803) وعنه (ع) أنه قال: إذا ادعى بعض الاشراك الغبن وأنكر


(1) د – تشرك (غ). (2) س – يقوم – ى – يقوم. (3) ى حش – أي استوجب. (4) ز – بعد ما تقاسموا. (5) س – معا ى – معافا.

[ 504 ]

الباقون فالبينة على مدعى ذلك، فإن قال المدعى للحاكم: سر معى، أو ابعث من تراه ليختبر هذا الغلط، فالحاكم بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، فإن فعل فوجد غبنا بينا أو غلطا فاحشا أعاد القسم، وكذلك إن شهد الشهود به. (1804) وعنه (ع) أنه قال: القسمة على وجهين: أحدهما قسمة التراضي، فإذا تراضى الشركاء وكانوا كلهم جائزي الامر، وعرف كل واحد منهم ما قسم عليه ورضيه، مضت القسمة عليهم. والوجه الثاني على الوجهين، أحدهما أن يقسم المقسوم بالزرع إذا استوت أجزاؤه، والوجه الثاني أن يقسم بالقيمة إذا اختلف وتفاضل. فصل (2) ذكر البنيان (1805) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن جدار لرجل (1) وهو سترة فيما بينه وبين جاره سقط فامتنع عن بنائه. قال: ليس يجبر على ذلك، إلا أن يكون وجب ذلك لصاحب الدار الاخرى بحق أو بشرط في أصل الملك، ولكن يقال لصاحب المنزل: استر على نفسك في حقك إن شئت، قيل له: فإن كان الجدار لم يسقط ولكنه هدمه أو أراد هدمه إضرارا بجاره لغير حاجة منه إلى هدمه، قال: لا يترك، وذلك أن رسول الله (صلع) قال: لا ضرر ولا إضرار. فإن هدمه كلف أن يبنيه. (1806) وعنه (ع) أنه قال: في جدار بين دارين لاحد صاحبي


(1) ى – جدار الرجل.

[ 505 ]

الدارين سقط فامتنع من أن يبنيه، وقام عليه صاحب الدار الاخرى في ذلك، وقال: كشفت عيالي، استر ما بيني وبينك، قال: عليه أن يستر ما بينهما ببنيان أو غيره مما لا يوصل منه إلى كشف شئ من عورته. (1807) وعنه (ع) أنه سئل عن الجدار بين الرجلين ينهدم فيدعو أحدهما صاحبه إلى بنيانه ويأبي الاخر قال: إن كان مما ينقسم (1) قسم بينهما، وبنى كل واحد منهما حقه إن شاء أو ترك إن لم يكن ذلك يضر بصاحبه وإن كان ذلك مما لا ينقسم، قيل له: ابن أو بع أو سلم لصاحبك إن رضى أن يبنيه، ويكون له دونك وإن اتفقا على أن يبنيه الطالب وينتفع به، فإن أراد الاخر الانتفاع به معه دفع إليه نصف النفقة. (1808) وعنه (ع) أنه قال: ليس لاحد أن يفتح كوة في جداره ينظر منها إلى شئ من داخل دار جاره، فإن فتح للضياء في موضع لا يرى منه لا يمنع من ذلك. (1809) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يطيل بنيانه فيمنع جاره الشمس، قال: ذلك له، وليس هذا من الضرر الذي يمنع منه، ويرفع جداره ما أحب إذا لم يكن فيه منظر ينظر منه إليهم (2). (1810) وعنه (ع) أنه قال: من أراد أن يحول باب داره عن موضعه، أو أن يفتح معه بابا غيره في شارع مسلوك نافذ، فذلك له إلا أن يتبين أن في ذلك ضررا (3) بينا، وإن كان ذلك في رائغة غير نافذة لم يفتح فيها


(1) س – ينقسم. (2) حش ى – من مختصر المصنف: لرب الساحة أن يرفع بناءه في حقه ما بدا له أن يتخذ فيها حماما أو تنورا، وإن كان لاحدهما فسقط كان عليه أن يبنيه، وإن تركه للاخر، فبناه لم يكن لمن تركه حق فيه. (3) د – ضرارا.

[ 506 ]

بابا ولم ينقله عن مكانه إلا أن يرضى (1) أهل الرائغة. (1811) وعنه (ع) أنه قال: ليس لاحد أن يغير طريقا عن حاله إذا كان سابلا (2) يمر عليه عامة المسلمين، فإن كان لقوم بأعيانهم فاتفقوا على نقله إلى موضع آخر لا يضرون فيه بأحد (3)، أو في ملك من أباحهم ذلك، فذلك جائز، وكذلك إن أرادوا أن يحظروا الطريق أو يجعلوا عليها غلقا، فذلك لهم إذا كان الطريق لقوم بأعيانهم، واتفقوا على ذلك، وليس لاحد أن يفعل ذلك بالسابلة. (1812) وعنه (ع) أنه قال: في الرجل يكون له الطريق في بستان لرجل (4) فيريد (5) أن يجعل عليها بابا، قال: ليس له ذلك إلا بإذن (6) صاحب الطريق.


(1) ى – إلا برضا. (2) حش ى – سبيل سابل أي واضح. (3) ز، ى – وفي، د، س – ولا في ملك من أباحهم ذلك. (4) ط، د، ز – في بستان الرجل. (5) ع، ى – فأراد، ز – وأراد. (6) ع إلا – أن يأذن.

[ 507 ]

(24) كتاب الشهادات فصل (1) ذكر الامر بإقامة الشهادة والنهى عن شهادة الزور (1813) قال الله (ع ج) (1): وأقيموا الشهادة لله، وقال (ع ج) (2): واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، وقال (ع ج) (3): وأشهدوا إذا تبايعتم. وقد ذكرنا (4) فيما تقدم من أبواب البيوع والنكاح والطلاق والحدود وغير ذلك وجوها من وجوه الشهادات. روينا (5) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أن رسول الله (صلع) قال: يبعث شاهد الزور يوم القيامة يدلع (6) لسانه في النار كما يدلع الكلب لسانه في الاناء. (1814) وعنه (صلع) أنه قال: إن ملك الموت إذ نزل لقبض (7) روح الفاجر. نزل معه بسفود (8) من نار، وقال علي (ع): يا رسول الله،


(1) 65 / 3. (2) 2 / 282. (3) 2 / 282، ى – تقدست أسماؤه. (4) حش س – في الينبوع: يجوز في الوكالة من الشهادة ما يجوز في غيرها من حقوق الناس، ولا تشهد بغير الحقوق باختلاف الشاهدين في الوقت والمكان. (5) ى – وعن. (6) حش ى – يقال دلع يدلع إذا أخرج لسانه، من ضياء العلوم. (7) ى – ليقبض. (8) حش ى – السفود بالتشديد الحديدة التي يشوي بها اللحم.

[ 508 ]

فهل يصيب ذلك أحدا من أمتك، قال: نعم، حاكم جائر، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور. (1815) وعنه (صلع) أنه قال: شاهد الزور من الضالين ومن المقبوحين (1). وعنه (صلع) أنه قال: تقوم الساعة على قوم يشهدون من غير أن يستشهدوا. (1816) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: ليؤد الشاهد ما أشهد عليه وليتق الله ربه (2) فمن الزور أن يشهد الرجل بما لم يعلم، أو ينكر ما يعلم، وقد قال الله (ع ج) (3): فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور، حنفاء لله غير مشركين به، فعدل تبارك الله وتعالى (4) شهادة الزور بالشرك. (1817) وعن حعفر بن محمد (ع) أنه قال: شاهد الزور لا تزول قدماه يعني من موضع شهادته حتى تجب له النار. (1818) وعنه (ع) أنه قال يجلد شاهد الزور جلدا ليس له توقيت، وذلك إلى الامام ويطاف به حتى يعرفه الناس، فإذا تاب بعد ذلك وأصلح قبلت شهادته. (1819) وعنه (ع) أنه قال: توبة شاهد الزور أن يؤدي ما أتلف بشهادته، وشاهد الزور إذا علم ذلك منه ضمن ما أتلفه بشهادته، ورد ما


(1) الرواية حذ ع، وز حذ (من الضالين). (2) 2 / 282، 283. (3) 22 / 30 – 31، س، ى، ع، ز، ط – واجتنبوا (غ)، د – واجتنبوا قول الرحمن من الاوثان (غ). (4) ى، ز – تبارك اسمه.

[ 509 ]

كان منه قائما على صاحبه (1). وعنه (ع) أنه قال: لا تأسروا أنفسكم وتذهبوا أموالكم بشهادة الزور فما على امرئ من وكف (2) في دينه، ولا مأثم من ربه أن يدفع ذلك عنه بما قدر عليه. فصل (2) ذكر من يجوز شهادته ومن لا يجوز شهادته (3) (1820) شهادة الرجل المؤمن البالغ الحر العاقل الناطق المعروف النسب فيما لا يجر إلى نفسه وليس بمتهم فيه ولا ظنين جائزة إذا كان عدلا. (1821) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شهادة الوالد لولده والولد لوالده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض، فقال: تجوز شهادة العدول منهم بعضهم لبعض. روينا ذلك عن علي (ص) وليس عندنا فيه اختلاف. (1822) وعنه (ع) أنه قال: من شهد شهادة له فيها حظ لم تجز شهادته له ولا لغيره ممن شهد له معه. (1823) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: شهادة الاعمى


(1) ز، ى – أنه قال: توبة شاهد الزور أن يؤدى ما أتلف بشهادته ورد ما كان منه إلخ. (2) حش س، ى – الوكف الاثم والعيب، يقال: ليس عليك في ذلك وكف. (3) س. ع، د – ومن ترد شهادته. ع، ى، ط – زد (إذا شهد).

[ 510 ]

على السماع جائزة كشهادة البصير على النظر، وكذلك ما شهد به على علمه (1). (1824) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: شهادة الاخرس جائزة إذا علمت إشارته وفهمت، وقد أتى إلى رسول الله (صلع) بجارية أعجمية شكوا (2) في أمرها، فقال لها: من أنا؟ فأومت بيدها إلى السماء وإليه وإلى الناس، أي أنك رسول الله إلى الخلق، فقال: هي مسلمة فعلموها الاسلام، وصلى (صلع) بالناس جالسا من علة، فقاموا خلفه فأومى إليهم بيده أن اجلسوا فجلسوا، فالايماء المفهوم إذا علم (3) يقوم مقام الكلام. (1825) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا: شهادة العبد لغير مواليه جائزة إذا كان عدلا، قال الله عز وجل (4): واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فالعبد من الرجال. (1826) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل هلك وترك أخاه فورث عنه جارية وغلامين، فأعتق الغلامين فشهدا بعد العتق أن المتوفى كان ينزل على (5) هذه الجارية وأنها ولدت غلاما مات بعده، قال: تجوز شهادتهما إن كانا عدلين للجارية، ويردان عبدين بحسب ما كانا. (1827) وعنه (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة الغلام حتى يحتلم. (1828) وعنه (ع) أنه قال: إذا شهد أهل البادية في حق فيما بينهم جازت شهادتهم إذا كانوا عدولا، وإذا شهدوا على أهل قرية فيما (6)


(1) س – على. د، ى، ع، ز – عن. ط – من. (2) ى – شكوا. (3) ز، ع،. ى حذ (إذا علم). (4) 2 / 282. (5) حش ى – كناية على الجماع. (6) حش ى – ما مصدرية.

[ 511 ]

يتباعد أن تكون شهادتهم فيه دون (1) غيرهم من أهل القرية مما ينبغي في مثله، فيكونون (2) في حال من يتهم، وقد روى أنه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، وفي ترك شهادة العدول (3) من أهل المصر، وجيرة المكان وأهل العدالة فيه، واستشهاد (4) من يبعد عنه من أهل البوادي ما يوجب الشبهة (5) والظنة التي تسقط الشهادة. (1829) وعن علي (ص) أنه قال: لا تجوز شهادة ولد الزنا. (1830) وعنه (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة الشريك لشريكه فيما هو بينهما، وتجوز في غير ذلك مما ليس فيه شركة، وفي المواريث والعتق والدماء والطلاق والنكاح والجنايات وأشباه ذلك. (1831) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شهادة الاجير والتابع، فقال: هذا ظنين لا تجوز شهادته. (1832) وروينا (6) عنه وعن أبيه وعن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) نهى أن تجاز شهادة الخصم والظنين والجار على نفسه (7). (1833) وعن علي (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة المتهم. (1834) وعنه (ص) أنه قال: لا تجوز شهادة أهل الاهواء على المؤمنين، قال أبو جعفر (ع) لا تجوز شهادة حرورى ولا قدري ولا


(1) حش ى – أي سوى. (2) حش ى – جواب (إذا شهدوا). (3) حش ى – خبر (4) حش ى – إنى أو شخص في شهادة طلب كرواما هي (كجراتي). (5) حش ى – مبتدأ. (6) ى، ط، ع – وروى. والمتن ناقص في د، ز حذ (عن) الاسناد، س – روينا. (7) ز، ى – لنفسه ع، ط، د، – إلى نفسه، س – على.

[ 512 ]

مرجئ (1) ولا أموي وناصب ولا فاسق، يعني من باين بذلك وظهرت عداوته ونصبه (2)، فأما من كتم ذلك وأسره (3) فظهر منه الخير وكان عدلا في مذهبه جازت شهادته، وعلى هذا العمل (4). (1835) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) (5) أنه قال: القاذف إذا تاب وكان عدلا جازت شهادته. وقد قال الله جل ذكره (6): إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، ولا وجه لرد شهادة من أحبه الله وكان عدلا، وقد استثنى الله (ع ج) في ذكر رد شهادة القاذف من تاب، فقال عز ذكره (7): ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، ثم استثنى الله عز وجل فقال (8): إلا الذين تابوا. (1836) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا تجوز شهادة المتهم ولا ولد الزنا ولا الابرص ولا شارب المسكر ولا الذين يجلسون مع البطالين (9) والمغنين وأهل المنكر في مجالس المنكر مع العواهر (10)، والاحداث


(1) حش ى (كجراتي) – جبريا أي أم كهى چه كه أمر بيد الله چه (وقدري) أي إنسان قادر چه، الامر بيده، (ومرجئ) أي أمير المؤمنين نى جوتها كئى چه. (2) حش ى – نصب بفتح النون أي عاداه، النصب بضم النون الشر، قال الله (تع): (بنصب وعذاب)، (38 / 41). (3) ط، د، ز، ع، ى – ستره، س، د – أسره. (4) ى – وعلى مثل هذا العمل. (5) د، ع، ط، ز، ى س – وعن علي ص. (6) 2 / 222. (7) 24 / 4، س. ط، ع – عز وجل. (8) 24 / 5. (9) حش ى – البطالة بالتحريك السحرة، والتبطل فعل البطالة، واتباع اللهو والجهالة. (10) حش ى – عهر إليها عهرا وعهورا أي زنى بها، وفي الحديث: الولد للفراش وللعاهر الحجر، من الضياء، والاحداث جمع حدث أي حديث السن، والريبة الشك، قال الله: (ريبة في قلوبهم) (9 / 110)،

[ 513 ]

في الريبة ويكشفون عوراتهم في الحمام وغيره وينامون جميعا (1) في لحاف واحد، ولا الذين يطففون الكيل والوزن، ولا الذين يختلفون إلى الكهان ولا الذين ينكرون السنن، ولا من مطل غريما وهو واجد، ولا من ضيع صلاة، ولا من منع زكاة ولا من أتى ما يوجب عليه الحد والتعزير، ولا من آذى جيرانه، ولا الذين يلعبون بالكلاب والحمام والديوك، ما كان أحد من هؤلاء مقيما على ما هو عليه. (1837) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من صلى صلوات الخمس في جماعة فظنوا به كل خير وأجيزوا شهادته، يعني (صلع) إذا لم يعلم منه ما يسقط الشهادات. (1838) وعن علي (ع) أنه قال: من تشبه بقوم عد منهم. (1839) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تقبل شهادة كافر على مسلم. (1840) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في قول الله (2): أو آخران من غيركم، قال: من أهل الكتاب، قال أبو جعفر محمد بن علي (ع): من كان في سفر فحضرته الوفاة فلم يجد مسلما يشهده فأشهد ذميين، جازت شهادتهما في الوصية، كما قال الله عز وجل. قال جعفر ابن محمد (ع): إذا كان الرجل بأرض غربة (3) ليس بها مسلم فحضرته الوفاة فأشهد شهودا من غير أهل القبلة على وصيته، حلف الشاهدان بالله، ما شهدنا إلا بالحق، وأن فلانا أوصى بكذا وكذا، وهو قول الله عز وجل (4):


(1) ز ط، ع، ى – جمامة، س، د – جميعا. (2) 5 / 106. (3) (غربة) حذ ى، ع. (4) 5 / 106.

[ 514 ]

اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم. إلى قوله: فيقسمان بالله الاية. (1841) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله (صلع) أنهم قالوا: إذا استشهد الكافر في حال كفره والطفل الصغير في حال صغره على شهادة، فشهد بها المشرك بعد أن أسلم والطفل الصغير بعد أن بلغ، وكانا مقبولين جازت شهادتهما. (1842) وعن علي بن الحسين (ع) أن عبد الملك كتب إليه يسأله عن شهادة أهل الذمة بعضهم لبعض وكتب إليه: حدثني أبي عن جدي رسول الله (صلع) أتاه اليهود برجل وامرأة قد زنيا، فشهدوا عليهما بالزنا والاحصان فرجمهما، فقال شهادة بعضهم على بعض جائزة إذا كانوا عدلوا عندهم، ولا تجوز شهادتهم على مسلم إلا فيما ذكره (1) الله (تع) من أمر الوصية. (1843) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام، أنهم قالوا: يجوز في النكاح من الشهود ما يجوز في الاموال من شهادة النساء والعبيد، ولا يجوز شهادة النساء في الطلاق ولا في الحدود، وتجوز في الاموال، وفيما لا يطلع عليه إلا النساء من النظر إلى النساء والاستهلال والنفاس (2) والولادة والحيض وأشباه ذلك، تجوز فيه شهادة القابلة إذا كانت مرضية. وشهادة النساء في القتل لطخ تكون (3) معه القسامة (4).


(1) س، ع، – ذكره الله (م). ى، ز، ط، د – ذكر الله. (2) ع – النفساء. (3) س، ى، د، ط – تكون. ز، ع، – تجب. (4) حش ى – (1) من الينبوع: إلا امرأتين مع ثلاثة رجال في الزنا، ويجوز مع الرجال في النكاح، ولا يجوز شهادتهن وحدهن إلا فيما لا ينظر إليه الرجل، ويجوز في هذه الحال امرأة واحدة حرة عدلة القابلة أو غيرها إن لم يحصر غير واحدة. (2) من مختصر الاثار: ولا تجوز شهادة النساء في هلال شهر رمضان فيصام بها أو يفطر.

[ 515 ]

(1844) وعن علي (ص) أنه كان لا يجيز شهادة على شهادة في حد. (1845) وعنه ص) أنه قال في الشهود إذا شهدوا على رجل بالزنى واختلفوا في الاماكن جلدوا، وقد ذكرنا اختلاف الشهادات في غير موضع مما مضى. (1846) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الشهادة على الخط، فقال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله (صلعم): لا تشهد بشهادة لا تذكرها فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما (1). (1847) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله، فقال: يا بن رسول الله، جاءني جيران لنا بكتاب زعموا أنهم أشهدوني على ما فيه، وفي الكتاب اسمي بخط يدي قد عرفته، ولا أشك فيه، ولست أذكر الشهادة فماذا ترى؟ قال: لا تشهد حتى تعلم أنك قد أشهدت، قال الله (ع ج) (3): إلا من شهد بالحق وهم يعلمون. (1848) وعن علي (ص) أن رجلا رفع إليه وقيل له إنه قد سرق وشهد شاهدان عليه، فقطع يده بشهادتهما، ثم جاءا برجل آخر، فقالا: إنا غلطنا بالاول، وإن هذا هو السارق، فأبطل شهادتهما على الثاني، وضمنهما دية يد الرجل الذي شهدا عليه، فقطعت يده (4) بشهادتهما، وقال: لو علمت بأنكما تعمدتما قطعتكما. (1849) وعنه (ع) أنه قال: في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجم،


(1) س، ى. ط، ع، د، زد – وكان لا يقطع بشهادة الخط (؟) كتب ومشطوب في ز. (2) س، د، ى، ز، ط، ع – فما ترى. (3) 43 / 86. (4) د – فقطع يده.

[ 516 ]

فرجع أحدهم قال: يغرم ربع الدية إذا قال: اشتبه علي، فإن رجع اثنان، وقالا: اشتبه علينا، غرما (1) نصف الدية، وإن رجعوا كلهم، فقالوا: شهدنا بالزور، وجب عليهم القود. (1850) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا شهد رجلان على رجل بمال، ثم رجعا عند الشهادة، فإن لم يكن قضى القاضي بطلت الشهادة، وإن كان قد قضى ضمنا ما قد قضى (2) بشهادتهما. (1851) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في الشاهدين شهدا على رجل أنه طلق امرأته وهو غائب، فقضى القاضي بشهادتهما، واعتدت المرأة وتزوجت، فرجع أحد الشاهدين قال: يفرق بينهما وبين الزوج الثاني، وتعتد منه وترجع إلى زوجها الاول، ولها الصداق من الثاني إن كان دخل بها، ويرجع به على الشاهد. (1852) وعن علي (ع) أنه قال: من شهد عندنا ثم رجع فاستقالنا (3) شهادته، أقلناه، يعني ما لم يقطع الحكم. (1853) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في قول الله (تع) (4): ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا، قال: حين يدعون قبل الكتاب لا ينبغي لاحد أن يقول إذا دعي إلى شهادة (5): لا أشهد لكم، وقال: إذا دعيت إلى الشهادة فأجب، فأما إذا أشهد فدعيت إلى أداء الشهادة، فلا يحل لك


(1) س – غرموا. (2) ع، ز، ط، ى – رد ما قضى. س، د – ما قد قضى. (3) حش ى – رجع. (4) 2 / 282. (5) س. ى – الشهادة.

[ 517 ]

أن تتخلف عن ذلك، وذلك قول الله عز وجل (1): ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه. (1854) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: إذا حضر الرجل حسابا بين قوم ثم طلبت شهادته على ما سمع فإن ذلك إليه، إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد إلا أن يستشهدوه، فإن شهد فقد شهد بحق، وإن لم يشهد فلا شئ عليه لانه لم يستشهد، ولا يشهد إلا أن يكون استوعب (2) الكلام وأثبته وأتقنه. (1855) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل في يديه دار فأقام فيها خمسين أو ستين سنة. فقام عليه رجل فادعاها، وثبت الاصل أنها له، وقال الذي هي في يديه: اشتريتها من قوم انقرضوا وانقرضت البينة، وجاء بقوم فشهدوا على السماع أنه اشتراها كما ذكر، فقال (ع): إن شهدوا أنه اشتراها من أهل هذا المدعى الذي يدعي الدار بسببهم سقطت دعواه، وإلا فهو على أصله وإنما تجوز الشهادة على السماع في الاشياء المتقدمة من الانساب والوفاة والاحباس (3) وما أشبه ذلك (4).


(1) 2 / 283. (2) حش س – استوعبه أي استأصله، وفي الحديث في الانفاذ: استوعب الدية أي قطع. (3) حش ى – أي أوقاف. (4) حش ى – ويجوز شهادة الشاهد الواحد مع يمين الطالب في الاموال كلها، وسواء كان المشهود به عينا أو عرضا أو حيوانا أو دارا أو غير ذلك مما يتموله الناس، وإذا شهد شاهد لطفل أو معتوه أو ذاهب العقل بشئ وقف الحق، فإن بلغ الطفل أو عقل المعتوه وحلف مع شاهده استحق ذلك، وإن مات قبل ذلك كان ورثته مقامه، وإن وجبت اليمين على أحد حلفه الحاكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية، وإن اكتفى بغير ذلك جاز، ولا يمين إلا بالله عز وجل، ويحلف اليهود بالله الذي أنزل التوراة على موسى بن عمران وفلق البحر لبني إسرائيل، ويحلف النصارى بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى بن مريم، والمجوس بالله الذي خلق النار، ولا يقطع بشاهد واحد ويمين في طلاق ولا نكاح ولا عتق ولا وكالة ولا مكاتبة، ولا شهادة على شهادة ولا إن فلانا إليه ولا في… ولا ما أشبه ذلك، ولو أتى رجل بامرأتين تشهدان له على حق لم يجز.

[ 518 ]

(25) كتاب الدعوى والبينات (1856) قال الله (تع) (1): ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) نهى عن اقتطاع (2) مال المسلم باليمين الكاذبة. (1857) وعنه (صلع) أنه قال: إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا يعلم أنه ليس له، فإنما أقطع له قطعة من النار. (1858) وعن علي عليه السلام أنه قال: إنما أقضي بينكم بالبينات وإن داود (3) صلى الله عليه وسلم قال: يا رب إني أقضي بين خلقك بما لعلي لا أقضي فيه بحقيقة علمك، فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود، اقض بينهم بالايمان والبينات وكلهم إلي فيما غاب عنك، فأنا أقضي بينهم فيه بالاخرة، قال داود: يا رب، فأطلعني على قضايا الاخرة (4) فأوحى الله إليه: يا داود إن الذي سألت، لم أطلع عليه أحدا من خلقي، ولا ينبغي أن يقضي به (5) أحد غيري من خلقي، فلم يمنعه ذلك أن عاد، فسأل الله إياه، فأوحى الله إليه: يا داود، سألتني ما لم يسأله نبي قبلك، وسأطلعك، وإنك لا تطيق ذلك، ولا يطيقه أحد من خلقي في الدنيا، فجاء إلى داود


(1) 2 / 188. (2) حش ش – اقتطع أي أخذ. (3) س – داود، ى – داؤد. (4) س – في الاخرة، ز، ى – بالاخرة. (5) ز، ى – فيه.

[ 519 ]

رجل يستعدى على رجل في بقرة يدعيها عليه، فأنكره وجاء ببينة، فشهدت أنها له وفي يديه، فأوحى الله إلى داود: خذ البقرة من الذي هي في يديه فادفعها إلى المدعى عليه، وأعطه سيفا، ومره أن يضرب عنق الذي وجد البقرة عنده، ففعل داود ما أمره الله (ع ج) به ولم يدر السبب فيه، وعظم ذلك عليه وأنكر بنو إسرائيل ما حكم به، ثم جاء شيخ قد تعلق بشاب ومع الشاب عنقود (1) من عنب، فقال الشيخ: يا نبي الله، إن هذا الشاب دخل بستاني وخرب كرمي، وأكل منه بغير إذني، وأخذ منه هذا العنقود بغير أمري. فقال داود (ع) للشاب: ما تقول؟ فأقر الشاب أنه قد فعل ذلك. فأوحى الله إلى داود أن: مر الغلام بأن يضرب عنق الشيخ وادفع إليه بستانه. ومره بأن يحفر في موضع كذا وكذا منه، فإنه يجد فيه أربعين الف درهم كان الشيخ قد دفنها فيه، فليأخذها الشاب، ففعل داود ذلك، وازداد غما، وتكلم بنو إسرائيل في ذلك، فأكثروا الانكار (2) عليه فيه، واجتمعوا إليه ليكلموه في ذلك، فهم عنده كذلك، وقد تهيئوا أن يكلموه إذ أقبل ثور قد ند (3) وهو يجري وهم ينظرون إليه إلى أن نظروا إلى رجل قد خرج من داره فأخذ الثور فربطه، ثم دخل البيت فاستخرج سكينا فذبحه وسلخه، وأقبل يقطع اللحم ويدخل إلى داره وهم ينظرون، فهم على ذلك إذ أقبل رجل يشتد فقال لبعضهم: لعلك رأيت ثورا مر بك، قال: نعم، وهو ذاك، قد ذبحه ذلك الرجل، فاشتد حتى أتاه، فقبض عليه وأتى به إلى داود، فقال يا نبي الله، أفلت لي ثور فوجدت هذا قد ذبحه وسلخه وهو يقطع لحمه، ويدخله إلى داره، وهذا رأس ثوري وجلده.


(1) حش ى – لوم (كجراتي). (2) س – فأكثروا الانكار. (3) حش ى – ند البعير ندا وندادا إذ نفر وهرب على وجهه.

[ 520 ]

وأقام بينة ممن حضر، فشهدوا له أنه له، فقال للرجل الذي ذبحه: ما تقول: قال: يا نبي الله، ما أدري ما يقولون، ولكنني خرجت يوما وما تركت في بيتي شيا لاهلي فأصبت ثورا نادا، فذبحته وأدخلت لحمه في بيتي كما قال، فما وجب علي في ذلك، فامضه، فأوحى الله إلى داود أن: مر هذا الرجل الذي جاء يطلب الثور أن يضجع وأمر الذي ذبح الثور أن يذبحه كما ذبح الثور، وملكه جميع ما يملكه، وما هو في يديه، ففعل وتضاعف غمه وقام عليه (1) بنو إسرائيل، فقالوا: يا نبي الله، ما هذه الاحكام، بلغنا عنك شئ فجئنا فيه إليك حتى رأينا ما هو أعظم منه، فقال: والله، ما أنا فعلت ذلك ولكن الله فعل وأمرني به، وقص عليهم ما سأل الله إياه، ثم دخل المحراب فسأل الله أن يطلعه على معاني ما حكم به ليخرج من ذلك إلى بني إسرائيل فأوحى الله إليه، يا داود، أما صاحب البقرة التي كانت في يديه فإنه لقى أبا الاخر فقتله، وأخذ البقرة منه، فعرف ابن المقتول البقرة، ولم يجد ممن (2) يشهد له ولم يعلم أن الذي هي في يديه قتل أباه وقد علمت ذلك فقضيت له بعلمي. وأما صاحب العنقود فكان الشيخ صاحب البستان قتل أباه وأخذ منه مالا فاشترى منه ذلك البستان، وبقى ما بقي منه في يديه فدفنه فيه ولم يعلم الشاب بشئ من ذلك وعلمته فقضيت له بعلمي. وأما صاحب الثور، فإنه قتل أبا الرجل الذي ذبح الثور وأخذ منه مالا كثيرا فكان أصل كسبه، ولم يعلم الرجل وعلمته فقضيت له بعلمي. وهذا، يا داود، من قضايا الاخرة، وقد أخرتها إلى يوم الحساب، فلا تسألني تعجيل ما أخرت واحكم بين خلقي بما أمرت. (1859) وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول


(1) ى. ز، س – قام إليه. (2) ى – من.

[ 521 ]

الله (صلع) قال: البينة في الاموال على المدعى واليمين على المدعى عليه (1). قال علي (ع): والبينة في الدماء على من أنكر براءة له مما ادعى عليه واليمين على من ادعى وقد ذكرنا الدعوى والبينات في الدماء في كتاب الديات. (1860) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحلف أحد بغير الله، وقال: من حلف له بالله فليرض ومن لم يفعل (2) فليس بمسلم (3). قال جعفر بن محمد (ع): لا يمين إلا بالله، قال: ويستحلف أهل الكتاب بكتابهم، وملتهم، يعني عليه السلام إذا كانوا لا يرون اليمين إلا بذلك، ولا يرون الحنث على من حلف بالله. (1861) وعنه (ع) أنه قال في الرجل يدعي الحق، ولا بينة له، فيقضي له باليمين، على المدعى عليه، فيرد المدعى عليه اليمين على المدعى أن حقه لحق كما ذكر على أن يعطيه ما حلف عليه، قال: ذلك له فإن أبى المدعى من اليمين، فلا حق له، وإذا وجب الحق على الرجل بالبينة وهو منكر فسأل يمين المدعى أن هذا الحق له لم يسقط عن المدعى عليه، كان له ذلك لان الحقوق قد تسقط من حيث لا يعلم من هي عليه، ومن جهل الواجب له في ذلك، فعلى الحاكم أن يوقفه على ما يجب له. فإن طلب اليمين كان له، وإذا ادعى الرجل بدعوى فأنكره واستحلفه


(1) حش ى – من مختصر المصنف: وكل من يطلب أخذ شئ وليس في يده أو براءة من شئ وجب عليه، فهو مدع، ومن ذات البيان: وبيان المدعى من المدعى عليه – هو من يطلب شيئا يدعوه، أو يبطل بها ما وجب عليه والمدعى عليه يطلب ما يؤخذ منه أو يحط عنه ما وجب عليه. (2) ى حش – أي من لم يرض. (3) حش ى – من مختصر الاثار: ومن حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليصدق، فمن لم يفعل ذلك فليس بمسلم.

[ 522 ]

فحلف له ثم جاء (1) ببينة على دعواه سمعت بينته (2). (1862) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يجيز (3) شهادة الشاهد الواحد مع يمين الطالب في الاموال خاصة، وهو قول علي وأبي جعفر وابي عبد الله (ص). (1863) وعن علي (ص) أنه قضى في البينتين تخلتفان في الشئ الواحد يدعيه الرجلان أنه يقرع بينهما فيه إذا عدلت بينة كل واحد منهما وليس في أيديهما، فأما إن كان في أيديهما فهو فيما بينهما نصفان بعد أن يستحلفا فيحلفا أم ينكلا عن اليمين، فإن حلف أحدهما ونكل الاخر كان ذلك لمن حلف منهما، وإن كان في يدي أحدهما فإنما البينة فيه على المدعى، وقد تقدم ذكر هذا أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. (1864) وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام أنهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما أشكل. وقد ذكرنا وجوها من ذلك فيما تقدم وما جانسها وشاكلها فهو يجري مجراها. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (ع): وأي حكم في الملتبس أثبت من القرعة؟ أليس هو التفويض إلى الله جل ذكره؟ وذكر أبو عبد الله (ع) قصة يونس (ع) وهو قول الله (ع ج) (4) فساهم فكان من المدحضين، وقصة زكريا (ع)، وقول الله (ع ج) (5):


(1) ى – وجاء. (2) حش ى – فإن لم يحلف لم يكن له شئ حتى يحلف، وإذا كانت الشهادة على طفل أو غائب لم يقض القاضي للمدعى عليه حتى يحلف مع بينة، من مختصر الاثار، ومنه أيضا – وإذا حلف المدعى عليه ثم حال المدعى ببينة عدل قضى له بحقه ولم يلتفت إلى يمين المدعى عليه. ط، د – سمعت شهادة بينة وقضى له، والمتن كما في س، ز، ع، ى. (3) د – أنه أجاز. (4) 37 / 141. (5) 3 / 44.

[ 523 ]

وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وذكر قصة عبد المطلب عليه السلما نذر ذبح من يولد له، فولد له عبد الله أبو رسول الله (صلعم) فألقى الله عليه محبته فألقى عليه السهام، وعلى إبل ينحرها يتقرب بها مكانه، فلم تزل السهام تقع عليه وهو يزيد حتى بلغت مائة، فوقع السهم على الابل فأعاد السهام مرارا، وهي تقع على الابل، فقال: الان علمت أن ربي قد رضى ونحرها. وحكى أبو عبد الله (ع) هذه القصص في كلام طويل، وحكى حكم علي (ص) في الخنثى المشكل (1) بالقرعة، وقد ذكرناه، وذكر عن علي (ص) أن ثلاثة من أهل اليمن أتوا إليه يختصمون في امرأة وقعوا عليها ثلاثتهم في طهر واحد، فأتت بولد فادعاه كل واحد منهم، فقرع بينهم وجعله للقارع، فبلغ ذلك النبي (صلع) فضحك حتى بدت نواجذه، وقال: لا أعلم فيها إلا ما قضى على (2). (1865) وعن علي (ص) أن رجلين اختصما إليه في حائط بين داريهما ادعاه كل واحد منهما دون صاحبه، ولا بينة لواحد منهما، فقضى به للذي


(1) حش ى – أشكل بكذا أي أشبهه. (2) حش ى – (ا) من مختصر الاثار: وإذا وقع الرجلان أو الجماعة على المرأة في طهر واحد، كانوا عبيدا أو أحرارا، أو مشركين، فعلقت فادعى كل واحد منهم الولد، تقارعوا عليه فمن خرج سهمه كان له نسب إليه، وإن خرج عليه سهم المشرك وأمه المسلمة فهو مسلم ولا سبيل للمشرك على المسلمة، وإن كانت مشركة، وخرجت عليها قرعة المشرك فهو على دينها، فإن خرج عليه سهم مسلم أو مملوك، فهو حر مسلم. (ب) من مختصر الايضاح: ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون وإني مقرع بينكم فمن قرع منكم فله الولد وعليه (؟) ثلث الدية. (ج) قال في مختصر الايضاح: وإنما يقرع على الولد إذا كان وطئ بنكاح أو ملك يمين، فأما من ادعى ولد امرأة (زنى؟) لا سبيل له عليها، لم يصدق في دعواه لان النبي (صلع) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

[ 524 ]

(يليه القمط اي الرباط والعقد إن كان ذلك باللبن أو بالحجر نظر، فإن كان معقودا ببناء أحدهما فهو له، وإن كان معقودا ببنائهما معا فهو بينهما معا، وكذلك إن لم يعقد (1) ببناء أحدهما (2) فإنه بينهما بعد أن يتحالفا، ومن حلف منهما ونكل صاحبه عن اليمين، كان لمن حلف إذا كان معقودا إليهما معا أو غير معقود، وإن كان من قصب نظر إلى الرباط (3) من قبل من هو فيقام مقام العقد. (1866) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا يمنع الجار جاره أن يضع (4) خشبة على جداره، وهذا والله أعلم، نهى تأديب وترغيب لا أنه أوجب ذلك إيجابا، وقد ذكرنا قوله (صلع): كل ذي ما أحق بماله، وكذلك. (1867) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: وهذا من رسول الله (صلع) دليل على وجوه الوصايا بالجار، وأمر رغب الناس فيه، وأمروا به لحق الجوار (5)، وليس يقضى به على من أباه. (1868) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يأذن لجاره أن يحمل على حائطه، هل له إذا شاء أن ينزع ذلك الحمل، قال: إن أراد أن ينزعه لحاجة نزلت به لا يريد بذلك الضرر، فذلك له وإن كان إنما يريد به الضرر لغير حاجة منه إليه، فلا أرى أن ينزعه. (1869) وعن أبي جعفر محمد بن علي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن جارية بنت سبع سنين تنازعها رجل وامرأة، زعم الرجل أنها أمته، وزعمت المرأة أنها ابنتها، قال أبو جعفر (ع): قد قضى في هذا علي (ص)، قيل:


(1) س، ط. ز، ى، د، – ينعقد. حذف السطر في ع. (2) ى – واحد منهما. (3) ى – السماط. (4) ز – يفتح. (5) ع، د، ى – الجار.

[ 525 ]

وما قضى به؟ قال: قال: الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالملك وهو بالغ أو من قامت عليه به بينة، فإن جاء الرجل بينة عدول يشهدون أنها مملوكته، لا يعلمون أنه باع ولا وهب ولا أعتق، أخذها، إلا أن تقيم المرأة البينة أنها ابنتها وولدتها. وهي حرة أو أنها كانت مملوكة لهذا الرجل أو لغيره حتى أعتقها. (1870) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل دفع إلى رجل دنانير أو دراهم فقبضها منه ومضى ثم عاد، فذكر إنها ردية ووجدت كذلك ردية (1) فقال الدافع: ما دفعت إلا جيدا، قال: فإن كانت له بينة أنها هي التي أعطاه ردية (2) ردها عليه، وأبدله بها (3)، وإن لم تكن له بينة حلف المعطى بالله: ما أعطيتك إلا طيبا يحلف على البت وأنه ما أعطاه هذه الردية. فإن أبى أن يحلف حلف الاخر أنها دراهمه بعينها، ثم ردها عليه وأخذ (4) مكانها جيادا (5)، وكذلك إن وجدها ناقصة. (1871) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الرجل والمرأة يتداعيان متاع البيت، قال: إن كانت لواحد (6) منهما بينة عليه فهو أحق به من الذي لا بينة له، وإن لم تكن بينهما بينة تحالفا، فأيهما حلف ونكل صاحبه عن اليمين فهو أحق به، فإن حلفا جميعا أو نكلا كان للرجل ما للرجال مما يعرف لهم، وللمرأة ما للنساء، والوارث يقوم مقام الميت منهما في ذلك.


(1) كذا في س – ويمكن أن يقرأ – وجدت كذلك ردية. (2) ى حذ (ردية). (3) ى – بدلها له. (4) ز، ى – فيرد عليه فيأخذ. (5) ى – جيدا. (6) س – لواحدة.

[ 526 ]

(1872) وعنه (ع) (1) أنه قال: في الثوب يدعيه الرجل في يدي الرجل، فيقول الذي هو في يديه، هو لك عندي رهن، ويقول الاخر: بل هو لي عندك وديعة، فقال: القول قوله، وعلى الذي هو في يديه البينة أنه رهن عنده (2). (1873) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يبيع السلعة ثم يدعي بعد البيع أنه قد غلط في ثمنها، قال: ينظر في حال السلعة، فإن كان مثلها يباع بذلك الثمن أو بقريب منه، مضى البيع، وإن كان أمرا بعيدا أو غبنا بينا حلف البائع أنه غلط في الثمن وأنها تقوم عليه بما ذكر، ثم يقال للمشتري: إن شئت فخذها بالذي ذكر وإن شئت فدع.


(1) د، ط، ع، ى، – وعنه (جعفر بن محمد) عليه السلام. ز – حذفت الاسناد. س – وعن على ص. (2) حش ى – ذكر في شرح الاخبار: أن رجلين اختصما إلى علي عليه السلام في ثوب فقال أحدهما: ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه، فقضى بالثوب للذي أقام البينة، وقال للاخر اطلب البائع منك.

[ 527 ]

(26) كتاب آداب القضاة (1874) قال الله (ع ج) (1): إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. وقال تباركت أسماؤه (2): وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم الاية. وقال (3): يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق. الاية. (1875) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يتعرض أحد للامارة والحكم بين الناس، فقال: من سأل الامارة لم يعن عليها ووكل إليها ومن أتته من غير مسألة أعين عليها. (1876) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ولاية أهل العدل الذين أمر الله بولايتهم، وتوليتهم وقبولها والعمل لهم فرض من الله (ع ج) وطاعتهم واجبة، ولا يحل لمن أمروه بالعمل لهم أن يتخلف عن أمرهم، وولاة أهل الجور واتباعهم (4) والعاملون لهم في معصية الله غير جائزة لمن دعوه إلى خدمتهم، والعمل لهم (5) وعونهم ولا القبول (6) منهم، وهذا قول لا ينفك من خالفنا في الامامة من الشهادة على الائمة الذين ينتحل قولهم


(1) 4 / 58. (2) 5 / 48. (3) 38 / 26. (4) س، ى – اتباعهم. (5) والعمل لهم. ى – وبالعمل لهم. (6) س – القبول. ى – القبول.

[ 528 ]

ويقتدى بهم بالظلم والعدوان واستحلال دماء المسلمين وأموالهم بغير الحق. وإباحة الفروج بالعدوان والظلم، لانهم يقبلون القضاء الذي يبيحون به هذه الامور كلها، ولا يرون أن يبيحها إلا مطلق اليد في النظر قد أطلقه من يجوز له ذلك بإطلاقه إياه، وهم يقبلون ذلك ممن يعلمون فسقه وظلمه وسوء حاله، وممن لو شهد عندهم في درهم لما رأوا أن يجيزوا شهادته، وكفاهم بهذا خزية ونكالا، وكفى بالمقتدين بهم جهلا وضلالا، ولقد بلغنا أن حاكما لبعض قضاة إفريقية قرئ عليه كتاب ليشهد بما فيه وحضر الشهود فلما قرأ القارئ: هذا كتاب القاضي فلان بن فلان تبسم بعض من حضر من أصحاب ذلك القاضي، ورآه القاضي فخلا به بعد ذلك، وقال: لم تبسمت عند قراءة الكتاب؟ هل سمعت فيه شيئا تنكره (1)، قال: أكبر شئ، قال: وما هو؟ قال: قولك (من القاضي)، قال: وما أنكرت من ذلك، قال: ومن استقضاك؟ قال: الامير إبراهيم بن أحمد، قال: فلو شهد عندك أكنت تقبل شهادته؟ قال: لا، قال: فمن أين لك أن تكون قاضيا؟ فأفحمه (2) ولم يحر جوابا. (1877) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من حكم في ما قيمته (3) عشرة دراهم فأخطأ حكم الله (ع ج) جاء يوم القيامة مغلولة يده، ومن أفتى (4) بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض (5).


(1) ى – منكرا. (2) حش س – أي خاموش شد (فارسي). (3) ع، س – في قيمته. د، ى، ز، ط، فيما قيمته. (4) ى، ع، ز، ط، د. س – وقال: من أفتى إلخ. (5) زيد في ز، ع، ط، رواية طويلة عن علي ص: أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فذمتي رهينة وأنا به زعيم إلخ، ولم يوجد في س، د، ى، وهذا الادخال غير جائز.

[ 529 ]

(1878) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الحكم حكمان، حكم الله وحكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية. (1879) وعنه (ع) أنه قال: من حكم بين اثنين فأخطأ في درهمين كفر، قال الله عز وجل (1): ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فقال له من أصحابه: يابن رسول الله، إنه ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشئ، فيتراضيان برجل منا، قال: ليس هذا من ذلك، إنما ذلك الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط، وقد ذكرنا فيما تقدم فضل العلم والعلماء والرغائب في طلب العلم. (1880) وعن علي (ص) أنه قال: بعثني رسول الله (صلع) إلى اليمن فقلت يا رسول الله، بعثتني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء، فضرب في صدري، وقال: اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه، فوالذي فلق الحبة وبرأ (2) النسمة فما شككت بعد ذلك في حكم بين اثنين. (1881) وعنه (ص) أنه قال: دخلت المسجد فإذا برجلين من الانصار يريدان أن يختصما إلى رسول الله (صلع)، فقال أحدهما لصاحبه: هلم نختصم إلى علي، فجزعت من قوله، فنظر إلى رسول الله (صلع)، فقال لي: انطلق فاقض بينهما، قلت: كيف (3) أقضي بحضرتك يا رسول الله؟ قال: نعم، فافعل، فانطلقت فقضيت بينهما، فما (4) رفع إلي قضاء بعد ذلك اليوم إلا وضح لي.


(1) 5 / 44. (2) س، ع – براء. د، ط، ز، ى – بزئ. (3) س. ع، ى ز – وكيف، ع، د – فكيف. (4) حش س – ما للنفي.

[ 530 ]

(1882) وعنه (ص) أنه كتب إلى رفاعة: لا تستعمل من لا يصدقك ولا يصدق قولك فينا، وإلا فالله خصمك وطالبك، لا تول أمر السوق ذا بدعة وإلا فأنت أعلم. (1883) وعن علي (ص) أنه قال: كل حاكم يحكم بغير قولنا أهل البيت فهو طاغوت، وقرأ قول الله (تع) (1): يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا، ثم قال: قد والله فعلوا، تحاكوا إلى الطاغوت وأضلهم الشيطان ضلالا بعيدا، فلم ينج من هذه الاية إلا نحن وشيعتنا، وقد هلك غيرهم فمن لم يعرف فعليه لعنة الله. (1884) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (2): ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام الاية، قال إن الله (ع ج) علم أن في الامة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام أهل العدل، ولكنه عنى حكام أهل الجور، أما إنه لو كان لاحدكم على رجل حق فدعاه إلى حكام أهل العدل، فأبى عليه أن يرفعه إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن تحاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عز وجل (3): ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، الاية. (1885) وعنه (ع) أنه قال يوما لاصحابه: إياكم وأن يخاصم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا


(1) 4 / 60. (2) 2 / 188. (3) 4 / 60.

[ 531 ]

من قضايانا، فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه. (1886) وعن علي (ص) أنه خطب الناس بالكوفة فقال في خطبته: إن مثل معاوية لا يجوز أن يكون أمينا على الدماء والاحكام والفروج والمغانم والصدقة، المتهم في نفسه ودينه، المجرب بالخيانة للامانة، الناقض للسنة، المستأصل للذمة، التارك للكتاب، اللعين ابن اللعين لعنه رسول الله (صلع) في عشرة مواطن، ولعن أباه وأخاه، ولا ينبغي أن يكون على المسلمين الحريص، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيهلكهم بجهله، ولا البخيل فيمنعهم حقوقهم، ولا الجافي فيحملهم بجنايته على الجفاء (1)، ولا الخائف للدول فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشي في الحكم (2) فيذهب بحقوق الناس، ولا المعطل للسنة فيهلك الامة. (1887) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من جار متعمدا أو مخطئا فهو في النار. (1888) وعن علي (ع) أنه قال: إذا فشى الزنا ظهر موت الفجاءة، وإذا جار الحاكم قحط المطر. (1889) وعنه (ع) أنه قال: القضاة ثلاثة، واحد في الجنة، واثنان في النار، رجل جار متعمدا فذلك في النار، ورجل أخطأ في القضاء فذلك في النار، ورجل عمل بالحق فذلك في الجنة. (1890) وعنه (ص) أنه كتب إلى رفاعة قاضيه على الاهواز: اعلم يا رفاعة أن هذه الامارة أمانة فمن جعلها خيانة فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة، ومن استعمل خائنا فإن محمدا (صلع) برئ منه في الدنيا والاخرة.


(1) س – بجنايته على الجفاء، ز، ط، ع، د ى – بجفائه، على الجفاء، ى. (2) س – للحكم، د، ز، ى، ط، س، في الحكم.

[ 532 ]

(1891) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أكل السحت (1) الرشوة في الحكم، قيل: يا بن رسول الله، وإن حكم بالحق؟ قال: وإن حكم بالحق، فأما الحكم بالباطل، فهو كفر، قال الله (ع ج) (2): ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هو الكافرون. (1892) وعن علي (ص) أنه استدرك على ابن (3) هرمة خيانة، وكان على سوق الاهواز، فكتب إلى رفاعة: إذا قرأت كتابي فنح ابن هرمة عن السوق وأوقفه للناس واسجنه وناد عليه واكتب إلى أهل عملك تعلمهم رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة، وأعيذك بالله من ذلك، فإذا كان يوم الجمعة فأخرجه من السجن واضربه خمسة وثلاثين سوطا وطف به إلى الاسواق فمن أتى عليه بشاهد فحلفه مع شاهده، وادفع إليه من مكسبه ما شهد به عليه، ومر به (4) إلى السجن مهانا مقبوحا منبوحا (5) واحزم رجليه بحزام وأخرجه وقت الصلاة، ولا تحل (6) بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب أو ملبس أو مفرش، ولا تدع أحدا يدخل إليه ممن يلقنه اللدد ويرجيه الخلوص (7) فإن صح عندك أن أحدا لقنه ما يضر به مسلما فاضربه بالدرة فاحبسه حتى يتوب، ومر بإخراج أهل السجن في الليل إلى صحن السجن ليتفرجوا (8)


(1) حش ى – السحت ما لا يحل كسبه. (2) 5 / 44. (3) س – استدرك على ابن هرمة خيانة د، ز، ع، ط، ى – على على ابن هرمة. (4) س (ناقص)، ز، (ناقص) ط، ع، مر به ى – مر به وسيره د – وصيره إلى السجن. (5) ى – المنبوح الذي يضرب له مثل الكلب، ط، متروحا. (6) س، ى، ط، ع، تحل، ز، د – تخل. (7) ز – الخلاص. (8) س – يفرجوا.

[ 533 ]

غير ابن هرمة أن تخاف موته فتخرجه مع أهل السجن إلى الصحن، فإن رأيت به طاقة أو استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوما خمسة وثلاثين سوطا بعد الخمسة والثلاثين الاولى، واكتب إلى بما فعلت (1) في السوق ومن اخترت بعد الخائن، واقطع عن الخائن رزقه. (1893) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحابى القاضي أحد الخصمين بكثرة النظر وحضور الذهن، ونهى عن تلقين الشهود ونبزهم (2). (1894) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: كان في بني إسرائيل قاض، وكان يقضي فيهم بالحق فلما حضره الموت قال لامرأته: إذا أنا مت ودليت في لحدي فانزلي إلي وانظري إلى وجهي، فإنك ترين ما يسرك إن شاء الله، ففعلت ورأت دودة عظيمة تعترض في منخره ففزعت من ذلك، فلما كان الليل رأته في منامها، فقال: أفزعك لما رأيت مني؟ قالت: أجل، لقد فزعت. قال: ما كان ذلك الذي رأيت (3) إلا من أجلك، خاصم إلي أخوك رجلا، فلما جلسا إلي قلت في نفسي اللهم اجعل الحق له، ووجه القضاء له على صاحبه، فأصابني من ذلك ما رأيت (3). (1895) وعن علي (ص) أنه كان يقول: ينبغي للحاكم أن يدع التلفت إلى خصم دون خصم، وأن يقسم النظر فيما بينهما بالعدل، ولا يدع خصما يظهر بغيا على صاحبه. (1896) وعن رسول الله (صلع) أنه لما بعث عليا (ع) للقضاء إلى اليمن، قال له: يا علي إذا قضيت بين الرجلين (4) فلا تقض للاول حتى


(1) د – صنعت. (2) ى – حش – نبزه نبزا إذا ألقنه، ى د – تنبيههم. (3) ز – كما أحببت ووجدت القضاء قد أصابني من ذلك إلخ. (4) س حد – والمتن ناقص.

[ 534 ]

تسمع ما يقول الاخر، ونهى (صلع) أن يتكلم القاضي قبل أن يسمع قول الخصمين، يعني يتكلم بالحكم. (1897) وعن علي (ع) أنه بلغه أن شريحا يقضي في بيته، فقال: يا شريح اجلس في المسجد، فإنه أعدل بين الناس، وإنه وهن بالقاضي أن يجلس في بيته (1). (1898) وعنه (ع) أنه لما استقضى شريحا اشترط عليه ألا ينفذ القضاء حتى يرفعه إليه. (1899) وعنه (ع) أنه كتب إلى رفاعة لما استقضاه على الاهواز كتابا كان فيه: ذر المطامع وخالف الهوى وزين العلم بسمت صالح، نعم عون الدين الصبر، لو كان الصبر رجلا لكان رجلا صالحا، وإياك والملالة (2) فإنها من السخف والنذالة، لا تحضر مجلسك من لا يشبهك وتخير لوردك، اقض بالظاهر، وفوض إلى العالم الباطن، دع عنك (أظن وأحسب وأرى) ليس في الدين إشكال، لا تمار سفيها ولا فقيها، أما الفقيه فيحرمك خيره، وأما السفيه فيحزنك شره، لا تجادل أهل الكتاب


(1) حش ى – قال في مختصر المصنف: وينبغي للقاضي أن يكون أكثر جلوسه للقضاء في المسجد، ولا بأس أن يقضي في منزله، ولا يقضي وهو يمشي أو يسير راكبا، وينبغي له أن يشهد الاملاك والجنازة، ويعود المريض ويشهد الدعوة العامة، ولا يستحب له أن يشهد الدعوة الخاصة، ولا بأس للقاضي أن يقدم الشهود إليه معا أو واحدا واحدا بحسب ما يراه في ذلك، وإذا أورد إليه أمر يستريب به، فلا بأس أن يفرق بينهم، فإن اختلفوا خلافا يفسد الشهادة أبطلها، وإن كان لا يفسدها أجازها ولا يطرحها، وينبغي للقاضي إذا سأل الشهود عن شئ وشهد أحدهم عنده بشهادة فلا يجزيه أن يقول الاخر: أنا أشهد بمثله حتى يبين ما شهد به، وإذا كان أحد الشاهدين أعجميا ترجم عنه، ورجلان أو رجل وامرأتان، وذلك بمنزلة الشهادة على الشهادة، ولا يجوز ترجمة من لا تجوز شهادته، وينبغي للقاضي أن يتخذ كاتبا من أهل العدالة ولا يكون ذميا ولا متهما، ولا يستحب للقاضي أن يشتري شيئا من أموال الايتام ولا يعامل أحدا من أمنائهم ببيع ولا شراء. (2) ع – الملامة.

[ 535 ]

إلا بالتي هي أحسن بالكتاب والسنة، لا تعود نفسك الضحك فإنه يذهب بالبهاء، ويجري الخصوم على الاعتداء، إياك وقبول التحف من الخصوم، وحاذر الدخلة (1)، من ائتمن امرأة حمقاء (2) ومن شاورها فقبل منها ندم، احذر من دمعة المؤمن، فإنها تقصف من دمعها (3) وتطفئ بحور النيران عن صاحبها، لا تنبز الخصوم، ولا تنهر السائل، ولا تجالس في مجلس القضاء غير ففيه، ولا تشاور في الفتيا، فإنما المشورة في الحرب ومصالح العاجل، والدين ليس هو بالرأي، إنما هو الاتباع، لا تضيع الفرائض وتتكل على النوافل، أحسن إلى من أساء إليك، واعف عمن ظلمك، وادع لمن نصرك، وأعط من حرمك، وتواضع لمن أعطاك، واشكر الله على ما أولاك، واحمده على ما أبلاك، العلم ثلاثة: آية محكمة وسنة متبعة وفريضة عادلة، وملاكهن (4) أمرنا. (1900) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عما يقضى به القاضي، قال: بالكتاب، قيل: فما لم يكن في الكتاب؟ قال بالسنة، قيل: فما لم يكن في الكتاب ولا في السنة؟ قال ليس شئ من دين الله إلا وهو في الكتاب والسنة، قد أكمل الله الدين، قال الله تعالى (5): اليوم أكملت لكم دينكم الاية، ثم قال (ع): يوفق الله ويسدد لذلك من يشاء من خلقه وليس كما تظنون. (1901) وعنه أنه قال: نهى رسول الله (صلع) عن الحكم بالرأى والقياس، وقال: إن أول من قاس إبليس، ومن حكم في شئ من دين الله (ع ج) برأيه خرج من دينه.


(1) ى – الدخلة (؟)، س – الدخلة والدخلة بضم الدال وكسرها صحيح. (2) س، ط – حمقاء. ز، ى، ع – حمق. (3) ى – أدمعها. (4) حش ى – قوام. (5) 5 / 3.

[ 536 ]

(1902) وعن أبي جعفر بن محمد بن علي (ع) أنه ذكر له عن عبيدة السلماني أنه روى عن علي (ع) بيع أمهات الاولاد. قال أبو جعفر كذبوا على عبيدة، أو كذب عبيدة على علي (ع) إنما أراد القوم أن ينسبوا إليه الحكم بالقياس، ولا يثبت لهم هذا أبدا، نحن أفراخ علي فما حدثناكم به عن علي، فهو قوله، وما أنكرناه فهو افتراء، فنحن نعلم أن القياس ليس من دين علي، وإنما يقيس من لا يعلم الكتاب ولا السنة فلا تضلنكم روايتهم (1)، فإنهم لا يدعون أن يضلوا، ولا يسركم أن تلقوا منهم مثل يغوث ويعوق ونسرا الذين ذكر الله (ع ج) أنهم أضلوا كثيرا (2) ألا لقيتموهم. (1903) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا يجوز لاحد أن يقول في دين الله برأيه، أو يأخذ فيه بقياسه، ويح أصحاب الكلام! يقولون: هذا ينقاس وهذا لا ينقاس. إن أول من قاس إبليس لعنه الله حين قال (3): أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فرأى في نفسه وقال بشركه إن النار أعظم قدرا من الطين، ففتح له بالقياس أن لا يسجد الاعظم للادنى فلعن من أجل ذلك، وصير شيطانا مريدا. ولو جاز القياس لكان كل قائس مخطئ في سعة إذ القياس مما يتم به الدين، فلا حرج على أهل الخلاف كأن يكون (4)، وأن أمر بني إسرائيل لم يزل معتدلا حتى نشأ فيهم المولدون من أبناء سبايا الامم فأخذوا بالرأي والقياس وتركوا سنن الانبياء صلوات الله عليهم فضلوا وأضلوا. (1904) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه: إياك وخصلتين


(1) ى – رواتهم. (2) 71 / 24، 5 / 77. (3) 7 / 12. (4) د، س – كأن يكون. ع، ز، ى – ط، – كان ما يكون.

[ 537 ]

مهلكتين، تفتى الناس برأيك، وتدين بما لا تعلم، إن أول من قاس إبليس، وإن أول من سن لهذه الامة القياس لمعروف. (1905) وعن رسول الله (صلع) أنه قال لاسامة، وقد سأله حاجة لبعض من خاصم إليه: يا أسامة، تسألني حاجة إذا جلست مجلس القضاء، فإن الحقوق ليس فيها شفاعة. (1906) وعنه (صلع) أنه نهى أن ينزل الخصم على قاض، ونزل رجل على علي (ص) بالكوفة فأضافه، ثم جاء في خصومه، فقال له علي: أخصم أنت؟ تحول عني، فإن رسول الله (صلع) نهى أن ينزل الخصم إلا ومعه خصمه. (1907) وعنه (صلع) أنه نهى أن يقضي القاضي وهو غضبان أو جائع أو ناعس وقال: يقول الله تبارك وتعالى: يابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب، وإلا أمحقك فيمن أمحق. (1908) وعنه (صلع) أنه قال: الغضب يفسد الايمان كما يفسد الصبر (1) العسل. (1909) وعن علي (ص) أنه قال: لرفاعة لا تقض وأنت غضبان ولا من النوم سكران. (1910) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا تبين للقاضي أنه قد حكم بغير الحق، نقض حكمه وحكم بالحق، وإن رفع إليه حكم لغيره


(1) الصبر والصبر الدواء المشهور ويقال له في الانكليسي Aloes كما فسر صديقي الدكتور محمد زبير أستاذ العربية والثقافة الاسلامية بجامة الكلكتة () Calcutta في الهند.

[ 538 ]

كذلك نقضه وحكم بالحق. (1911) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: كل من يريد الاخذ أو يطلب البراءة من شئ وجب عليه فهو مدع وعليه البينة. (1912) وعن علي (ص) أنه قال لا بد من إمارة ورزق للامير، ولا بد من عريف (1) ورزق للعريف، ولابد من حاسب ورزق للحاسب، ولا بد من قاض ورزق للقاضي، وكره أن يكون رزق القاضي على الناس الذين يقضي لهم، ولكن من بيت المال. (1913) وعن علي (ص) أنه كان يمشي في الاسواق وبيده درة يضرب بها من وجد من مطفف أو غاش في تجارة المسلمين، قال الاصبغ (2): قلت له يوما أنا أكفيك هذا، يا أمير المؤمنين، واجلس في بيتك، قال: ما نصحتني يا أصبغ، وكان يركب (3) بغلة رسول الله (صلع) الشهباء ويطوف في الاسواق سوقا سوقا فأتى يوما طاق اللحامين، فقال: يا معشر القصابين لا تعجلوا الانفس قبل أن تزهق، وإياكم والنفخ في اللحم، ثم أتى إلى التمارين فقال أظهروا من ردئ بيعكم ما تظهرون من جيده. ثم أتى السماكين، فقال: لا تبيعوا إلا طيبا وإياكم وما طفا (4) ثم أتى الكناسة (5)، وفيها من أنواع التجارة من نخاس (6) وقماط (7) وبائع إبل


(1) حش س – العريف كأمير من يعرف أمير القوم، ورئيس القوم (؟) وهو دون الرئيس حش ى – العريف من يعرف أصحابه – من القاموس، العريف النقيب وهو دون الرئيس، من ص، أي كامنا بتيل (كجراتي). (2) وهو أصبغ بن غياث الصحابي (القاموس). (3) ى – يركب على. (4) ز، ط، طغى. س، ع، ى، د – طفا. (5) حش س – الكناسة القمامة وموضع بالكوفة (ق). (6) حش ى – النخاس بياع الدواب والرقيق، من ق. (7) حش ى – القساط الحبل تشدد به القوائم عند الذبح.

[ 539 ]

وصيرفي، وبزاز، وخياط، فنادى بأعلى صوت: يا معشر التجار، إن أسواقكم هذه تحضرها الايمان فشوبوا (1) أيمانكم بالصدقة، وكفوا عن الحلف، فإن الله تبارك وتعالى لا يقدس من حلف باسمه كاذبا. (1914) وعن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: إن الخصومة تمحق الدين وتدرسه وتحبط العمل وتورث النفاق. (1915) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه أوصى رجلا فقال: ما استطعت من معروف تفعله فافعله، وإياك أن تدخل بين اثنين في خصومة، إني لك النذير، إني لك النذير، إني لك النذير. (1916) وعن علي (ع) أنه قال: لا حبس في تهمة إلا في دم والحبس بعد معرفة الحق ظلم. (1917) وعنه (ع) أنه قال: من خلد في السجن رزق (2) من بيت المال، ولا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمسك على الموت، والمرأة ترتد إلا أن (3) تتوب، والسارق بعد قطع اليد والرجل، يعني إذا سرق بعد ذلك في الثالثة. (1918) وعنه (ع) أنه قال: لا حبس على معسر في الدين. (1919) وعنه (ص) أنه قال: إذا شهد شهود على رجل بحق في مال، ولم يعرف القاضي عدالتهم، وكان في بلد آخر قاض آخر يعرف ذلك، فإن كانت الشهادة في طلاق أو حد، لم يقبل فيه كتاب قاض إلى القاضي ولا شهادة على شهادة ولا يقبل كتاب قاض إلى قاض في حد.


(1) في كل النسخ (فشوبوا) كما في المتن، ولعل الصحيح (فثوبوا) أيمانكم إلخ. (2) س – فرزقه ى، ز، ط، ع، د – رزق. (3) ى – حتى، ع – حتى تموت أو تتوب، س – إلا أن.

[ 540 ]

(1920) وعن علي (ص) أنه قال: لا ينفذ كتاب قاضي أهل البغي ولا يكاتب. (1921) وعنه (ص) أنه قال: من وكل وكيلا حكم على وكيله، وتجوز الوكالة بغير محضر (1) من الخصم. (1922) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عمن وجب عليه الحق فسأل التأخير: فقال أما الرجل الواجد الذي عليه الحق إنما يريد بذلك المطل، فلا يؤخر، وأما الذي يريد أن يكسر ماله (2) ويبيع فإنه ينظر بقدر ذلك. (1933) وعنه (ع) أنه قال: من امتنع من دفع الحق وكان موسرا حاضرا عنده ما وجب عليه، فامتنع من أدائه وأبى خصمه إلا أن يدفع إليه حقه، فإنه يضرب حتى يقضيه، وإن كان الذي عليه لا يحضره إلا في عروض، فإنه يعطيه كفيلا أو يحبس له إن لم يجد الكفيل إلى مقدار ما يبيع ويقضي. (1924) وعنه (ع) أنه كان يرى الحكم على الغائب ويترك على حجة إن كانت له حجة، فإن لم يوثق بالغريم المحكوم له أخذ عليه كفيلا بما يدفع إليه من مال الغائب، فإن كانت له حجة رد (3) إليه. (1925) وعنه (ع) أنه قال: إذا ترافع إلى القاضي أهل الكتاب


(1) حش ى – أي حاضر. (2) حش ى – كسر متاعه باعه ثوبا ثوبا. (3) ى، د – رده. س، ز، ع، ط، – رد إليه.

[ 541 ]

قضى بينهم بما أنزل الله كما قال الله (ع ج) (1): وأن احكم بينهم بما أنزل الله. (1926) وعن علي (ص) أنه خطب الناس بالكوفة، فقال: يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى جعل لي عليكم حقا بولايتي أمركم ومنزلتي التي أنزلني بها عز وجل من بينكم. ولكم علي النصيحة والعدل (2)، وإن الحق لا يجري لاحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له. (1927) وعنه عليه السلام أنه قال: من ضرب رجلا سوطا ظلما ضربه الله تبارك وتعالى بسوط من نار. (1928) وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: الامام العادل لا ترد له دعوة، والمظلوم لا ترد له دعوة، ومن قواصم الظهر سلطان جائر يعصي الله وأنت تطيعه! تم كتاب الدعائم في الحلال والحرام والقضايا والاحكام عن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام. كتب العبد الضعيف النحيف الراجي رحمة الله الكريم الوهاب [ اسمه مشطوب ] (3) غفر الله له ولوالديه ولقارئه ولناظره بحق محمد وآله.


[ 541 ]

قضى بينهم بما أنزل الله كما قال الله (ع ج) (1): وأن احكم بينهم بما أنزل الله. (1926) وعن علي (ص) أنه خطب الناس بالكوفة، فقال: يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى جعل لي عليكم حقا بولايتي أمركم ومنزلتي التي أنزلني بها عز وجل من بينكم. ولكم علي النصيحة والعدل (2)، وإن الحق لا يجري لاحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له. (1927) وعنه عليه السلام أنه قال: من ضرب رجلا سوطا ظلما ضربه الله تبارك وتعالى بسوط من نار. (1928) وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: الامام العادل لا ترد له دعوة، والمظلوم لا ترد له دعوة، ومن قواصم الظهر سلطان جائر يعصي الله وأنت تطيعه! تم كتاب الدعائم في الحلال والحرام والقضايا والاحكام عن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام. كتب العبد الضعيف النحيف الراجي رحمة الله الكريم الوهاب [ اسمه مشطوب ] (3) غفر الله له ولوالديه ولقارئه ولناظره بحق محمد وآله. وقد فرغ من كتاب دعائم الاسلام في يوم الجمعة من ثالث عشر من ذي الحجة سنة خمس وستين وثمان مائة، (13 ذي الحجة 865).


(1) 5 / 49. (2) ى، د، – والعدل بينكم. (3) وهو (سيدى سليمان) انظر مقدمة الكتاب

اترك تعليقاً