من لا يحضره الفقيه

الشيخ الصدوق ج 2


[ 1 ]

كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الجليل الاقدم الصدوق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى المتوفى سنه 381 صححه وعلق عليه على اكبر الغفاري الجزء الثاني منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة


[ 2 ]

بيان الرموز: نرمز إلى شرح المولى محمد تقي المجلسي – رحمه الله – المسمى بروضة المتقين في شرح أخبار الائمة المعصومين ب‍ (م ت). وإلى حاشية المولى مراد بن علي خان التفرشي – رحمه الله – ب‍ (مراد). وإلى حاشية سلطان العلماء: الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي – رحمه الله – ب‍ (سلطان). وإلى حاشية الحكيم الالهي السيد محمد باقر الحسيني المعروف بمير داماد – رحمه الله عليه – ب‍ (م ح ق). وإلى شرح العلامة المجلسي – قدس سره – على الكافي المعروف بمرآة العقول ب‍ (المرآة). ونعبر عن المجلسي الاول بالمولى المجلسي وعن الثاني بالعلامة المجلسي. حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق محفوظة للناشر


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين. أبواب الزكاة باب * (علة وجوب الزكاة) * قال [ الشيخ السعيد الفقيه ] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [ مصنف هذا الكتاب ] – رضي الله عنه وأسكنه جنته -: 1574 – روى عبد الله بن سنان (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن الله عزوجل فرض الزكاة كما فرض الصلاة، فلو أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب (2) وذلك أن الله عز وجل فرض للفقراء (3) في أموال الاغنياء ما يكتفون به، ولو علم أن الذي فرض لهم (4) لا يكفيهم لزادهم، وإنما يؤتى الفقراء فيما اتوا من منع من منعهم (5) حقوقهم، لا من الفريضة “.


(1) الطريق صحيح، وعبد الله بن سنان ثقة لا يطعن عليه. (2) في بعض النسخ ” عتب ” (3) تعليل لوجوب المقدار المخصوص لا لعدم العيب والاعلان كما توهم. (4) أي قدر لهم واوجب. (5) في القاموس: أتى عليه الدهر أهلكه. وقال في الوافى: ” اتوا ” على صيغة المجهول من الاتيان بمعنى المجيئ يعنى أن الفقراء لم يصابوا بالفقر والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الاغنياء وانما يصابون بالفقر والذلة ويدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الاغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم في أموالهم.

[ 4 ]

1575 – وروى مبارك العقرقوفي (1) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” إنما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لاموالهم ” (2). 1576 – وروى موسى بن بكر (3) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” حصنوا أموالكم بالزكاة ” (4). 1577 – وروى حريز، عن زرارة، ومحمد بن مسلم أنهما قالا لابي عبد الله عليه السلام: ” أرأيت قول الله عز وجل (5): ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله ” (6)


(1) هو مجهول الحال والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان، ورواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 3 ص 498 عن على عن أبيه عن اسماعيل بن مرار عن مبارك. (2) أي في أموال الاغنياء، وفى بعض النسخ ” في أموالكم ” بلفظ الخطاب كما في الكافي. (3) في بعض النسخ ” محمد بن بكر ” والصواب ما اخترناه في المتن طبقا للكافى ج 4 ص 61. (4) أي حصنوا أموالكم من السرقة والحرق والغرق باعطاء الزكاة وأدائها الى مستحقها. (5) السند صحيح، وقوله ” أرأيت قول الله ” أي أخبرني عن قوله الله تعالى. (6) المراد بالصدقات الزكوات، واللام في قوله ” للفقراء والمساكين ” للتمليك و يشمل من لا يملك مؤونة سنته فعلا وقوة له ولعياله الواجبى النفقة بحسب حاله في الشرف وغيره. والمراد بالعاملين عليها العاملين في تحصيلها بجباية وولاية وكتابة وحفظ وحساب وقسمة بدون شرط الفقر فيهم. ” والمؤلفة قلوبهم ” قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: أجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة، وانما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا، فقال الشيخ – رحمه الله – في المبسوط: والمؤلفة قلوبهم عندنا الكفار الذين يستمالون بشئ من مال الصدقات الى الاسلام ويتألفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك، ولا يعرف أصحابنا مؤلفة أهل الاسلام ” واختاره المحقق وجماعة – رحمهم الله – وقال المفيد – قدس سره -: المؤلفة قلوبهم ضربان مسلمون ومشركون وربما ظهر من كلام =

[ 5 ]

أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال: إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لانهم يقرون له بالطاعة، قال زرارة: قلت: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع (1)، وإنما يعطى من لا يعرف (2) ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من =


ابن الجنيد اختصاص التأليف بالمنافقين – انتهى. وقوله تعالى ” وفى الرقاب ” جعل الرقاب ظرفا للاستحقاق تنبيها على أن استحقاقهم ليس على وجه الملك أو الاختصاص كغيرهم وهم المكاتبون مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة، والعبيد تحت الشدة عند مولاهم يشترون من مال الزكاة ويعتقون بعد الشراء. والغارمون هم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا اسراف ولا يتمكنون من القضاء وعجزوا عن أدائه. ” وفى سبيل الله ” كمعونة الحاج وقضاء الديون عن الحى والميت وجميع سبل الخير والمصالح وعمارة المساجد والمشاهد واصلاح القناطر وغير ذلك من القربات. والمراد بابن السبيل المنقطع به في غير بلده، ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض عنه ببيع أو اقراض. (1) المراد بالمعرفة معرفة الامام عليه السلام أي لو كان يعطى من يعرف يعنى في ذلك الزمان لم يوجد لها موضع لقلة العارف يومئذ (الوافى) وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لعله اشارة الى مؤلفة قلوبهم فانهم من أرباب الزكاة وأجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة وانما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا. (2) يؤيد ذلك أنه ينقل أن أمير المؤمنين عليه السلام فرق في الصدقات بين من قال بخلافته عن رسول الله (ص) وبين من قال انه عليه السلام رابع الخلفاء (مراد) والمذهب مستقر على أنه لا يعطى الزكاة ألا أهل الولاية الا أن لا يوجدوا فيعطى المستضعفون. وهذا لا ينافى رواية محمد بن مسلم وزرارة من الامام عليه السلام يعطى من لا يعرف وما روى من فعل أمير المؤمنين عليه السلام لان الامام إذا كان مبسوط اليد يطيعه جميع الناس العارفون وغيرهم، فهم باقرارهم بالطاعة له خارجون عن النصب والبغى بعدم اطاعتهم لغير الامام الحق، لافئة لهم يرجعون إليها، ولا محالة زكاة أموالهم تصل الى الامام فيعطيها =

[ 6 ]

يعرف، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس، ثم قال: سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص (1)، قال: قلت: فإن لم يوجدوا؟ قال: لا تكون فريضة فرضها الله عز وجل [ و ] لا يوجد لها أهل، قال: قلت: فإن لم تسعهم الصدقات؟ قال: فقال: إن الله عز وجل فرض للفقراء في مال الاغنياء ما يسعهم، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عز وجل، ولكن أتوا من منع منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم، ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير “. فأما الفقراء فهم أهل الزمانة والحاجة (2)، والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة، والعاملون عليها هم السعاة، وسهم المؤلفة قلوبهم ساقط بعد رسول الله صلى الله عليه وآله (3)، وسهم الرقاب يعان به المكاتبون الذين يعجزون عن أداء المكاتبة (4)، والغارمون المستدينون في حق، وسبيل الله الجهاد (5)، وابن السبيل =


أمثالهم لكونها أكثر من احتياج العارفين، بخلاف ما إذا لم يكن مبسوط اليد، فان زكاة المخالفين له يصل الى أميرهم ولا يبقى لرفع حاجة العارفين الا زكاة العارفين فيجب تخصيصها بهم الا أن يزيد عن حاجتهم فتعطى المستضعفين الذين لا نصب لهم ولا مخالفة ولا يوالون غير الامام الحق ولا الامام الحق. (قاله الاستاذ في هامش الوافى). (1) كان المراد بعموم سهم المؤلفة قلوبهم شموله لسائر أصناف الكفار وللمسلمين أيضا. ” والباقى خاص ” يعنى بالعارف. (2) من كلام المؤلف – رحمه الله – وقال الشيخ محمد حفيد الشهيد – رحمه الله -: لم أقف على دليل ما قاله المصنف (ره). (3) قال الشيخ – رحمه الله – في المبسوط: وللمؤلفة سهم من الصدقات كان ثابتا في عهد النبي (ص) وكل من قام مقامه عليه السلام جاز له أن يتألفهم لمثل ذلك ويعطيهم السهم الذى سماه الله تعالى لهم ولا يجوز لغير الامام القائم مقام النبي (ص) ذلك وسهمهم مع سهم العامل ساقط اليوم. (4) ظاهر كلام المؤلف انحصار سهم الرقاب بالمكاتبين، والمشهور أن سهم الرقاب لثلاثة المكاتبين والعبيد الذين تحت الشدة والعبد يشترى ويعتق الا أن يقال غرض المصنف ليس هو الحصر وفيه ما فيه. (الشيخ محمد) (5) تصريح بأن سبيل الله الجهاد والمشهور ما تقدم.

[ 7 ]

الذي لا مأوى له ولا مسكن مثل المسافر الضعيف ومار الطريق. ولصاحب الزكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الاصناف كلها. (1) 1578 – وقال الصادق عليه السلام لعمار بن موسى الساباطي: ” يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: فتؤدي ما افترض الله عليك من الزكاة؟ فقال: نعم، قال: فتخرج الحق المعلوم من مالك (2)؟ قال: نعم، قال: فتصل قرابتك؟ قال: نعم، قال: فتصل إخوانك؟ قال: نعم، فقال: يا عمار إن المال يفنى، والبدن يبلى، والعمل يبقى، والديان حي لا يموت (3) يا عمار أما إنه ما قدمت فلن يسبقك وما أخرت فلن يلحقك ” (4). 1579 – وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي – رضي الله عنه – عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن أحمد، عن الفضل بن إسماعيل، عن معتب مولى الصادق عليه السلام قال: قال الصادق عليه السلام: ” إنما وضعت الزكاة اختبارا للاغنياء ومعونة للفقراء، ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا، و لاستغنى بما فرض الله عزوجل له، وإن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الاغنياء، وحقيق على الله عزوجل أن يمنع رحمته من منع حق الله في ماله، واقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق إنه ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة، وما صيد صيد في بر ولا بحر إلا بتركه التسبيح في ذلك اليوم وإن أحب الناس إلى الله عزوجل أسخاهم كفا، وأسخى الناس من أدى زكاة


(1) راجع الكافي ج 3 ص 554 والتهذيب ج 1 ص 157. (2) اشارة الى قوله تعالى ” وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم “. (3) الديان: المجازى على الاعمال، وقيل: المراد به القهار والحاكم والقاضى. (4) ” ما قدمت ” أي من الوقف والصدقة وأمثالها ” فلن يسبقك ” أي لن يفوتك ولا يتجاوز منك الى غيرك بل يصل ثوابه لا محالة اليك. ” وما أخرت ” أي ماتر كت بعدك ” فلن يلحقك ” بل يكون لوارثك يفعل فيه ما يشاء فان صرفه في الخيرات يصل ثوابه إليه دونك.

[ 8 ]

ماله (1) ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله عزوجل لهم في ماله “. 1580 – وكتب الرضا علي بن موسى عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله: ” إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء، وتحصين أموال الاغنياء لان الله عزوجل كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى (2) كما قال الله تبارك وتعالى: ” لتبلون في أموالكم وأنفسكم ” في أموالكم إخراج الزكاة وفي أنفسكم توطين الا نفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عزوجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لاهل الضعف (3)، والعطف على أهل المسكنة، والحث لهم على المواساة، وتقوية الفقراء، والمعونة لهم على أمر الدين، وهو عظة لاهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الآخرة بهم (4) و مالهم من الحث في ذلك على الشكر لله – تبارك وتعالى – لما خولهم (5) وأعطاهم، والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة (6) في أداء الزكاة


(1) الافضلية اضافية بالنسبة الى من لم يؤد الزكاة وان أعطى في غيرها كثيرا. وقال الفاضل التفرشى – رحمه الله -: لعل المراد بالاسخى من لم يكن فيه شئ من البخل وفى هذا المعنى يستوى جميع من أدى زكاة ماله سواء أتى بالعطايا زائدة على زكاة المال أم لا وان كان الاتى بالعطايا بعد أداء الزكاة أسخى ممن لم يأت بها بمعنى آخر. (2) الزمانة: آفة في الحيوانات ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة. (الصحاح) (3) أي من حيث الشكر كما قال الله تعالى ” لئن شكرتم لازيدنكم ” مع ما فيه من الزيادة أيضا من حيث خاصة الزكاة بخصوصها فلا تكرار، ويحتمل أنه اشارة الى تحقق المطموع قطعا أي في أداء الزكاة طمع الزيادة مع وقوعها البتة لا مجرد رجاء وقوع وان تخلف ويحتمل أن المراد باحديهما الزيادة الدنيوية وبالاخرى الزيادة الاخروية. (سلطان) (4) المراد بفقراء الاخرة من ليس له من أعمال صالحه وذخيرة في الاخرة أي عبرة للاغنياء من حيث انهم لما وقفوا من سوء حال الفقراء قاسوا عليهم أحوال فقر الاخرة وسوء أحوالهم وذلك موجب لتحصيل الاعمال والثواب والذخيرة في الاخرة. (سلطان) (5) خولهم أي أنعم عليهم. (6) ناظر الى شكر الله تعالى، وفى ” أداء الزكاة ” بدل منه (مراد) وقال في الوافى: يعنى ما ذكر من الامور في جملة أمور اخر كثيرة هي العلة في ذلك.

[ 9 ]

والصدقات، وصلة الارحام، واصطناع المعروف “. 1581 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” من أخرج زكاة ماله تامة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله ” (1). 1582 – وقال الصادق عليه السلام: ” إنما جعل الله عزوجل الزكاة في كل ألف خمسة وعشرين درهما لانه عزوجل خلق الخلق فعلم غنيهم وفقيرهم وقويهم وضعيفهم فجعل من كل ألف (2) خمسة وعشرين مسكينا [ و ] لولا ذلك لزادهم الله لانه خالقهم وهو أعلم بهم “. باب * (ما جاء في مانع الزكاة) * 1583 – روى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر (3) وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه (4) فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل (5) ثم يصير طوقا في عنقه، وذلك قول الله عزوجل


(1) أي يرتفع عنه مؤونة حساب ذلك المال، لا أنه لو اكتسبه من الحرام يرتفع منه اثم ذلك الكسب (مراد) والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 4. 5 في الحسن كالصحيح. (2) أي من كل ألف انسان كما صرح به في الكافي ج 3 ص 508. (3) في الصحاح القاع: المستوى من الارض. والقرقر: القاع الاملس. ولا يبعد أن يراد به هنا مالا شجر فيه ولا كلاء ولا ماء. (4) الشجاع والاشجع ضرب من الحيات أو الذكر منها، والاقرع من الحيات المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه يعنى قد تمعط وذهب شعر رأسها لكثرة سمها وطول عمرها ” وهو يحيد عنه ” أي يميل ويتنفر عنه. (5) القضم: كسر الشئ بأطراف الاسنان. وفى بعض النسخ ” كما يقضم الفحل ” بالحاء المهملة.

[ 10 ]

” سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة “، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر، يطأه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها (1) وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة إلا طوقه الله تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة ” (2). 1584 – وروى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال: ” أقيموا الصلوة وآتوا الزكوة ” فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة ” (3). 1585 – وروى أيوب بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء (4) تأكل من دماغه، وذلك قول الله عزوجل: ” سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة “. 1586 – روى مسعدة عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” ملعون ملعون مال لا يزكى ” (5). 1587 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ” ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عزوجل: ” سيطوقون ما بخلوا به


(1) ينهشه – كيمنعه – أي يلسعه وعضه أو أخذه بأضراسه. (2) المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التى فيها الكرم والنخل والزراعة الواجبة فيها الزكاة. أي تصير الارض طوقا في عنقه الى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الارض ” الى سبع أرضين ” أي الى منتهاها وفى الكافي ” قلده الله تربة أرضه “. (3) فيه دلالة على اشتراط قبول الصلاة بايتاء الزكاة. (4) القرعاء مؤنث الاقرع. (5) المراد باللعن هنا عدم البركة والرحمة من الله فيه. أو ليس له بركة بل يذهب بصاحبه الى النار كما في رواية.

[ 11 ]

يوم القيامة ” يعني ما بخلوا به من الزكاة ” (1). 1588 – وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه (2)، وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيامة “. 1589 – وروى أبان بن تغلب (3) عنه عليه السلام أنه قال: ” دمان في الاسلام حلال من الله تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد (4) حتى يبعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله عزوجل: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه ” (5). 1590 – وروى عنه عمرو بن جميع أنه قال (6): ” ما أدى أحد الزكاة فنقصت من ماله، ولا منعها أحد فزادت في ماله “. 1591 – وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من منع قيراطا من


(1) قوله ” يعنى ” من كلام الامام عليه السلام كما يظهر من الكافي وفيه ” قال: ما بخلوا به من الزكاة ” ج 3 ص 4. 5 ويحتمل كونه قول الراوى. (2) أي يمنع منه اللطف ويتسلط عليه الشيطان بان ينفقه في الباطل أو بأن يأخذ الظالم منه قهرا. (3) في الطريق أبو على صاحب الكلل وهو مجهول الحال ورواه الكليني بسند ضعيف. (4) قال المولى المجلسي – رحمه الله -: قوله ” لا يقضى فيهما أحد ” أي موافقا للحق والا فأبو بكر قاتل مانع الزكاة ومنعه عمر ولم يسمع قوله. (5) في المدارك نقلا عن التذكرة: أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة في جميع الاعصار وهى أحد أركان الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن على فطرة بل اسلم عقيب كفر استتيب – مع علمه بوجوبها ثلاثا فان تاب والا فهو مرتد وجب قتله وان كان ممن يخفى عليه وجوبها لانه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره – هذا كلامه – رحمه الله – وهو جيد، وعلى ما ذكره تحمل رواية أبان بن تغلب. (6) يعنى أبا عبد الله عليه السلام كما صرح به في الكافي.

[ 12 ]

الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قول الله عزوجل (1): حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ” (2). وفي رواية اخرى ” ولا تقبل له صلاة “. 1592 – وروى ابن مسكان (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر، فقال: اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون “. 1593 – وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وسأل الرجعة عند الموت، وهو قول الله عزوجل: ” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ” (4). 1594 – وقال الصادق عليه السلام: ” صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به في بر حتى ينفد، ثم قال: ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما، فقيل له: وما معنى خمسة وعشرين [ درهما ]؟ قال: من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي “. 1595 – وقال عليه السلام: ” ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بتضييع الزكاة، ولا يصاد


(1) لعل الاستشهاد بالاية الشريفة أن مانع الزكاة تتمنى الرجوع الى الدنيا كالكافر فكان مثله في ذلك. (مراد) (2) ” رب ارجعون ” على صيغة الجمع في قوة تكرير رب ارجعني، رب ارجعني على الحاح في سؤال الرجعة. (م ح ق) (3) فيه ارسال لان عبد الله بن مسكان لم يلق أبا جعفر عليه السلام بل قيل: انه لم يرو عن أبى عبد الله عليه السلام الا حديث ” من أدرك المشعر فقد أدرك الحج ” وفى رجال الكشى ” زعم ابو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبى عبد الله (ع) شفقة أن لا يوفيه حق اجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا واعظاما له عليه السلام “. وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، والخبر رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 523 باسناده عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن أبى جعفر عليه السلام. (4) متحد مع الخبر الاسبق ولعل وجه التكرار اختلاف اللفظ.

[ 13 ]

من الطير إلا ما ضيع تسبيحه ” (1). باب * (ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له) * 1596 – روى مروان بن مسلم، عن عبد الله بن هلال قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: تارك الزكاة وقد وجبت له (2) مثل مانعها وقد وجبت عليه “. باب * (الرجل يستحيى من أخذ الزكاة فيعطى على وجه آخر) * 1597 – روى عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ” الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا اسمي له أنها من الزكاة؟ فقال: أعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن ” (3). باب * (الاصناف التي تجب عليها الزكاة) * 1598 – روى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ” أنزلت إليه (4) آية الزكاة ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ” في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس أن الله تبارك وتعالى قد


(1) تقدم في ذيل حديث مسندا وفى الكافي ج 505. (2) أي صار مستحقا له، أوصار مضطرا الى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر، والاول أظهر لفظا والثانى معنى. (3) يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لاذلاله. (4) يعنى الى رسول الله صلى الله عليه وآله. وفى الكافي ج 3 ص 497 ” لما نزلت آية الزكاة: خذ من أموالهم – الاية “.

[ 14 ]

فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عليكم (1) من الذهب والفضة والابل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عما سوى ذلك، قال: ثم لم يتعرض لشئ من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا، فأمر عليه السلام مناديه فنادى في المسلمين أيها المسلمون (2) زكوا أموالكم تقبل صلاتكم، قال: ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق ” (3). فليس (4) على الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ففيه نصف دينار وعشر دينار، ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين أربعة أربعة (5)، ففي كل أربعة عشر إلى أن يبلغ أربعين مثقالا، فإذا بلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال (6). وليس على الفضة شئ حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم، ومتى زاد عليها أربعون درهما ففيها درهم (7)، وليس في النيف


(1) في الكافي ” عليهم “. (2) في بعض النسخ ” أيها الناس “. (3) الطسوق – بالفتح -: الوظيفة من الخراج أو ما يوضع من الخراج على الجربان جمع جريب، وقيل: الظاهر أن المراد بها الخراج المأخوذ من الارض المفتوح عنوة أجرة للارض. (4) من هنا كلام المصنف وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكافي والتهذيب ونص عليه الشراح لكن جعله العلامة – رحمه الله – في المختلف من تتمة الخبر. (5) كما في صحيح ابن بشار المدائني عن أبى الحسن الاول عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 516. وموثقة على بن عقبة عن الصادقين عليهما السلام. (6) كما في حسنة الفضلاء المروية في التهذيب ج 1 ص 350 والاستبصار ج 2 ص 23 على بيان الشيخ – رحمه الله -. (7) كما في موثقة زرارة وابن بكير عن أبى جعفر عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 352.

[ 15 ]

شئ حتى يبلغ أربعين (1). وليس في القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتى تباع و يحول على ثمنها الحول (2). فإذا اجتمعت للرجل مائتا درهم فحال عليها الحول فأخرج لزكاتها خمسة دراهم فدفعها إلى الرجل فرد درهما منها وذكر أنه شبه أو زيف (3) فليسترجع منه الاربعة الدارهم أيضا لان هذه لم تجب عليها الزكاة لانه كان عنده مائتا درهم إلا درهم، وليس على ما دون مائتي درهم زكاة. وليس على السبائك زكاة إلا أن تفربها من الزكاة فإن فررت بها فعليك الزكاة (4). وليس على الحلي زكاة وإن بلغ مائة ألف (5) ولكن تعيره مؤمنا إذا استعاره


(1) النيف – بالتشديد والتخفيف -: ما زاد على العقد الى أن يبلغ العقد الثاني. (2) كما في حسنة الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام وصحيحة عبد العزيز بن المهتدى عن أبى الحسن عليه السلام المرويتين في الكافي ج 3 ص 512. وصحيحه محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام ج 3 ص 511. (3) الشبه ضرب من الدراهم المغشوش بالنحاس. وفى الصحاح: الشبه – بكسر الشين المعجمة -: ضرب من النحاس. وفى القاموس الشبه – محركة -: النحاس الاصفر ويكسر. وفيه زاف الدراهم زيوفا أي صارت مردودة “. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 350 باسناده عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: الرجل يجعل لاهله الحلى من مائة دينار والمائتي دينار وأرانى قد قلت: ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال: ليس فيه الزكاة، قال: قلت فانه فربه من الزكاة؟ فقال: ان فربه من الزكاة فعليه الزكاة، وان كان انما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة “. (5) كما في حسنة رفاعة المروية في الكافي ج 3 ص 518 قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسأله بعضهم عن الحلى فيه زكاة؟ فقال: لا ولو بلغ مائة ألف “.

[ 16 ]

منك فهذه زكاته (1). وليس في النقير (2) زكاة إنما هي على الدنانير والدراهم (3). 1599 – وروى زرارة، وبكير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وإن كثر “. وليس في نقر الفضة زكاة (4) وليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فإن اتجربه ففيه الزكاة (5) والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال (6). وقد رويت رخصة في أن يجعل الربح بينهما (7).


(1) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن الصادق عليه السلام قال: ” زكاة الحلى عاريته “. (2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها ” وليس في التبر زكاة ” والفقير – على مافى هامش بعض الخطية -: القطعة الماذبة من الذهب والفضة. والتبر – بالكسر -: الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن يصاغا فإذا صيغا فذهب وفضة. (3) لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 518 باسناده عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا – مقطوعا – أنه قال: ” ليس في التبر زكاة، انما هي على الدنانير والدراهم “. (4) النقر – جمع النقرة -: السبيكة. (5) في الكافي ج 3 ص 540 في الصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام ” في مال اليتيم عليه زكاة؟ فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة وإذا عملت به فأنت له ضامن والربح لليتيم “. وفى الحسن عن محمد بن مسلم قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: هل على مال اليتيم زكاة؟ قال: لا الا أن يتجر به أو يعمل به، وحمل على النقدين يعنى ما لم يتجر بهما ليس فيهما زكاة فان اتجر بهما فعلى الولى اخراج الزكاة من مال اليتيم تولية كما قال الشيخ – رحمه الله – في كتابيه. (6) الظاهر أن المشهور إذا اتجر الولى أو الوصي لليتيم فالربح لليتيم والزكاة على الولى في المال اليتيم وان لم يكن مليا فالضمان على التاجر والربح لليتيم ولا زكاة فيه، أما إذا ضمن الولى المال بأن يقترضه وكان مليا فالزكاة عليه، والا فالربح لليتيم والضمان على التاجر ولا زكاة. (7) روى الشيخ – رحمه الله – في التهذيب ج 1 ص 356 في الموثق عن أبى الربيع =

[ 17 ]

وقال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي: لا يجزي في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار (1). 1600 – وقد روى محمد بن عبد الجبار ” أن بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق (2) إلى علي بن محمد العسكري عليهما السلام: أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب: إفعل إن شاء الله ” (3). وقد روي في تقديم الزكاة وتأخيرها أربعة أشهر وستة أشهر (4) إلا أن المقصود =


قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل في يده مال لاخ له يتيم وهو وصيه أيصلح له أن يعمل به؟ قال: نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما، قال: قلت: فهل عليه ضمان؟ قال: لا إذا كان ناظرا له “. (1) في التهذيب ج 1 ص 366 عن معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فانها أقل الزكاة “. وروى الكليني ج 3 ص 548 في الصحيح عن أبى ولاد عنه عليه السلام ” لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض الله عز وجل من الزكاة في أموال المسلمين فلا يعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا “. (2) أي دفع المكتوب الى أحمد ليوصل الى الهادى عليه السلام. (3) رواه نحوه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 366 وقال: محمول على النصاب الذى يلى النصاب الاول، لان النصاب الثاني والثالث وما فوق ذلك ربما كان الدرهمين والثلاثة حسب تزايد الامول فلا بأس باعطاء ذلك لواحد، فاما النصاب الاول فلا يجوز ذلك فيه. (4) في الكافي باسناد حسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه، انه ليس لاحد أن يصلى صلاة الا لوقتها وكذلك الزكاة، ولا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء، وكل فريضة انما تؤدى إذا حلت “. ج 3 ص 524 و روى الشيخ – رحمه الله – في الاستبصار ج 2 ص 32 باسناد صحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها الى محرم؟ قال: لا بأس، قال: قلت: فانها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال لا بأس “. باسناده عن حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس بتعجيل الزكاة =

[ 18 ]

منهما أن تدفعها إذا وجبت عليك، ولا يجوز لك تقديمها ولا تأخيرها لانها مقرونة بالصلاة ولا يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها ولا تأخيرها إلا أن تكون قضاء، وكذلك الزكاة فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئا تفرج به عن مؤمن فاجعله دينا عليه، فإذا حلت عليك فاحسبها له زكاة ليحسب لك من زكاة مالك ويكتب لك أجر القرض. 1601 – وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” نعم الشئ القرض إن أيسر قضاك وإن أعسر حسبته من الزكاة “. 1602 – وروي ” أن القرض حمى للزكاة ” (1).


شهرين وتأخيرها شهرين ” وقال الشيخ رحمه الله: فالوجه في الجميع بين هذه الاخبار أن نحمل جواز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها على أنه يجعلها قرضا على المعطى، فإذا جاء وقت الزكاة وهو على الحد الذى تحل له الزكاة وصاحبها على الحد الذى يجب عليه الزكاة احتسب به منها، وان تغير أحدهما عن صفته لم يحتسب بذلك، ولو كان التقديم جائزا على كل حال لما وجب عليه الاعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت، والذى يدل على ما قلناه ما رواه محمد بن على بن محبوب عن أحمد عن ابن أبى عمير عن ابن مسكان عن الاحول، عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال: قال: يعيد المعطى الزكاة ” انتهى، أقول: هذا الحمل وكذا حمل المصنف رحمه الله انما كان في وجه جواز التقديم وأما وجه جواز التأخير فلم يتعرضا له فلعله محمول على جواز تأخير التسليم بعد العزل أو لمانع كعدم حضور المستحق وأمثاله، وقال في المدارك: اختلف الاصحاب في هذه المسألة فأطلق الاكثر عدم جواز التأخير من وقت التسليم الا لمانع لان المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالوديعة والدين، وقال الشيخ في النهاية: فإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره، ثم قال: وإذا عزل ما يجب عليه فلا بأس أن يفرقه ما بين شهر وشهرين ولا يجعل ذلك أكثر منه. وقال ابن ادريس في سرائره: وإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحق فان أخر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضره فلا اثم عليه بغير خلاف الا أنه ان هلك قبل وصوله إلى من يريد اعطاءه اياه فيجب على رب المال الضمان. (1) لانه يدفع الفوت والتضييع عنها ويحفظها، أو يوفق لادائها، والخبر في الكافي =

[ 19 ]

وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك (1) قضاؤه فاحسبه من الزكاة إن شئت (2). ولا بأس أن يشتري الرجل مملوكا مؤمنا من زكاة ماله فيعتقه، فإن استفاد المعتوق مالا ومات فماله لاهل الزكاة لانه اشتري بمالهم (3). وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز (4). وإذا مات رجل مؤمن وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك فأعطها ورثته يكفنونه بها، فان لم يكن له ورثة فكفنه واحسبه من الزكاة، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ثمن كفن فكفنه أنت واحسبه من الزكاة إن شئت ويكون ما أعطاهم =


ج 3 ص 558 عن الصادق عليه السلام، وفيه في ج 4 ص 34 خبر آخر يقول: ” قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير إن أيسر أداه وإن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة “. (1) في بعض النسخ ” ولم يتهيأ له “. (2) كما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى الحسن الاول عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 558. (3) حمل على ما إذا لم يجد موضعا يدفع إليه. روى الكليني ج 3 ص 557 في الحسن عن عبيد بن زرارة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر الى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الالف درهم التى اخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك، قلت: فانه لما أن اعتق وصار حرا اتجر واحترف وأصاب مالا ثم مات وليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال: يرثه الفقراء المؤمنون الذى يستحقون الزكاة لانه انما اشترى بمالهم “. (4) في الكافي ج 3 ص 552 عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبى محمد الوابشى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة؟ زكاة ماله قال: اشترى خير رقبة، لا بأس بذلك ” وهذا الصحيح بعمومه يدل على جواز اعتاق الاب وان لم يكن مكاتبا ولا تحت شدة وان وجد المستحق. وفى المدارك: أما جواز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان لم يكن في شدة بشرط عدم المستحق فقال في المعتبر ان عليه فقهاء الاصحاب، وجوز العلامة في القواعد الاعتاق من الزكاة مطلقا وشراء الاب منها وقواه ولده في الايضاح ونقله عن المفيد وابن ادريس، وهو جيد لاطلاق الآية الشريفة وخبر الوابشى هذا.

[ 20 ]

القوم لهم يصلحون به شؤونهم، وإن كان على الميت دين لم يلزم ورثته قضاؤه مما أعطيتهم ولا مما أعطاهم القوم لانه ليس بميراث وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته (1). وإذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا حال عليه الحول، وإن لم يطلب منك المتاع برأس مالك فليس عليك زكاته (2). وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلى أن يرجع إليك مالك ويحول عليه الحول وهو في يدك، إلا أن يكون مالك على رجل متى أردت أخذه منه تهيأ لك فإن


روى الشيخ في التهذيب في باب زيادات أحكام الاموات ج 1 ص 124 في الصحيح عن الفضل بن يونس الكاتب قال: ” سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له: ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشترى له كفن من الزكاة؟ فقال: اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه، قلت: فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال: كان أبى عليه السلام يقول: ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا، فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة، وشيع جنازته، قلت: فان اتجر عليه بعض اخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضى دينه بالآخر؟ قال: لا، ليس هذا ميراثا تركه، انما هذا شئ صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذى اتجر عليه ويكون الاخر لهم يصلحون به شأنهم “. (2) اختلف الاصحاب في الزكاة التجارة فالاكثرون كما قيل على الاستحباب، والبعض على الوجوب وكلام المصنف – رحمه الله – يقتضيه (الشيخ محمد) وفى الكافي ج 3 ص 528 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى متاعا وكسد عليه وقد زكى ماله قبل أن يشترى المتاع، متى يزكيه؟ فقال: ان كان أمسك متاعه يبتغى به رأس ماله فليس عليه زكاة، وان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال، قال: وسألته عن الرجل يوضع عنده الاموال يعمل بها، فقال إذا حال الحول فليزكها “. أقول: اعتبر الفقهاء في زكاة المال التجارة مضى الحول من حين التجارة، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة، وبقاء قصد الاكتساب طول الحول، وأن تكون قيمته نصابا فصاعدا. كذا، وفى بعض النسخ ” اتجر به “.

[ 21 ]

عليك فيه الزكاة، فإن رجع إليك منفعته لزمتك زكاته (1). وإن بعث شيئا وقبضت فاشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر فإن ذلك جائز يلزمه من دونك (2). وإن استقرضت من رجل مالا وبقي عندك حتى حال عليه الحول فإن عليك فيه الزكاة (3).


(1) في الكافي ج 3 ص 519 باسناد ضعيف عن عمر بن يزيد عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ليس في الدين زكاة الا أن يكون صاحب الدين هو الذى يؤخره، فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه “. وفيه في موثق عن سماعة قال: ” سألته عن الرجل يكون له الدين على الناس يحتبس فيه الزكاة؟ قال: ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه فإذا قبضه فعليه الزكاة، وان هو طال حبسه على الناس حتى يتم لذلك سنون فليس عليه زكاة حتى يخرج فإذا هم خرج زكاه لعامه ذلك – الحديث “. ولعل حاصل الكلام بعد الاستثناء أن المال الغائب عنك إذا لم يكن لك عليه تسلط الاخذ متى أردت ولم يرجع اليك منفعته فليس زكاته، وان حصل أحد الامرين فعليك الزكاة فالمذكوران بعده بمنزلة المستثنيان. (سلطان) (2) قال الفاضل التفرشى قوله: ” فاشترطت على المشترى زكاة سنة ” ينبغى حمله على ما إذا كان الثمن قد تعلق به وجوب الزكاة والمشترى لم يخرجها منه فيصح أن يقبض البايع ذلك الثمن بشرط أن يشترط على المشترى أن يدفع تلك الزكاة المتعلقة بذلك الثمن من ماله الاخر فحينئذ يلزم المشترى أن يدفع تلك الزكاة الى مستحقه دون البايع. (3) يعنى إذا كان فيه فضل كما روى الكليني في الصحيح عن أبان بن عثمان عمن أخبره قال: ” سألت أحدهما عليهما الاسلام ” عن رجل عليه دين وفى يده مال وفى بدينه، والمال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: إذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه إذا كان فيه فضل “. وفى الحسن كالصحيح عن زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل دفع الى رجل مالا قرضا على من زكاته على المقرض أو على المقترض؟ قال: لا بل زكاتها ان كانت موضوعة عنده حولا على المقترض، قال: قلت: فليس على المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكى المال من وجهين في عام واحد – الحديث “. لا يخفى أن هذه مع المسألة الثانية المتقدمة من قبيل المطلق والمقيد وفيهما نوع منافاة من حيث أن المسألة السابقة أن الزكاة على المقرض دون المقترض وهذا يفيد أن الزكاة على المقترض، وربما يقال: ان المصنف يفرق بين القرض والدين ولا يخلو من اشكال. (الشيخ محمد)

[ 22 ]

ولا تعط زكاة مالك غير أهل الولاية (1)، ولا تعط من أهل الولاية الابوين والولد ولا الزوج ولا الزوجة ولا المملوك ولا الجد ولا الجدة وكل من يجبر الرجل على نفقته. ولا بأس أن يعطى الاخ والاخت والعم والعمة والخال والخالة من الزكاة (2). [ صدقة الانعام ] (3) 1603 – وقال زرارة: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل عنده مائة وتسعة و تسعون درهما وتسعة عشر دينارا (4) أ يزكيها؟ فقال: لا ليس عليك زكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتى تتم. قال زرارة: وكذلك هو في جميع الاشياء. قال: وقلت لابي عبد الله عليه السلام: رجل كانت عنده أربع أينق (5) وتسعة وثلاثون شاة، وتسعة وعشرون بقرة أيزكيهن؟ قال: لا يزكي شيئا منهن لانه ليس شئ منهن تاما فليس تجب فيه الزكاة ” (6).


(1) كما تدل عليه النصوص الكثيرة منها ما رواه الكليني ج 3 ص 547 في الصحيح عن الرضا عليه السلام ” قال: سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا ولا زكاة الفطرة “. ومنها ما في ذيل صحيحة الفضلاء ” انما موضعها أهل الولاية “. (2) يدل عليه قول الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ” خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الاب والام والولد والمملوك والمرأة وذلك أنهم عياله لازمون له “. وخبر زيد الشحام عنه عليه السلام ” قال: في الزكاة: يعطى منها الاخ والاخت والعم والعمة والخال والخالة، ولا يعطى الجد ولا الجدة “. (الكافي ج 3 ص 552 والتهذيب ج 1 ص 364). (3) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل. (4) رواه الشيخ في التهذيبين وفيهما ” تسعة وثلاثون دينارا ” بدل ” تسعة عشر ” والصواب ما في الفقيه حيث ان نصاب الدينار في كل عشرين دينارا. (5) ” أينق ” بسكون الياء بين الهمزة المفتوحة والنون المضمومة والقاف أخيرا جمع قلة لناقة، وأصله أنوق استثقلوا الضمة على الواو فقدموها وقالوا أونق ثم ابدلوا الواو ياء وقالوا أينق. (6) في بعض النسخ ” تجب فيها زكاة “.

[ 23 ]

1604 – وروى عمر بن اذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (1) قال ” ليس فيما دون الخمس من الابل شئ، فإذا كانت خمسا ففيها شاة إلى عشر، فإذا كانت عشرا ففيها شاتان، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها خمس من الغنم، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر، فإذا زادت على خمس وثلاثين بواحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة (وإنما سميت حقة لانها استحقت أن يركب ظهرها) إلى ستين فان زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فان زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فان زادت واحدة فحقتان إلى عشرين ومائة، فان زادت على العشرين والمائة واحدة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون ” (2). وكل من (3) وجبت عليه جذعة ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه حقة ولم تكن عنده وكانت عنده جذعة دفعها وأخذ من المصدق شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه حقه ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة مخاض دفعها وأعطى معها


(1) رواه الشيخ في التهذيب من حديث أبى بصير عن الصادق عليه السلام، ولاغر ولان مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب. وروى الكليني نحوه عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى عبد الله عليه السلام والشيخ عن زرارة عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام. (2) هذه النصب مجمع عليها بين علماء الاسلام كما نقله جماعة منهم المحقق في المعتبر سوى النصاب السادس فان ابن عقيل وابن الجنيد أسقطاه وأوجبا بنت المخاض (أي بنت أم من شأنها أن يكون ماخضا أي حاملا وهى ما دخلت في السنة الثانية) في خمس وعشرين الى ست وثلاثين وهو قول الجمهور والمعتمد ما عليه الاكثر. (المدارك) (3) من هنا كلام المؤلف وليس من تتمة خبر زرارة وأخذه من كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام لعامل الصدقات المروى في الكافي باب أدب المصدق تحت رقم 7.

[ 24 ]

شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما، ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكان عنده ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه ابن لبون وليس يدفع معه شيئا. 1605 – وروي عن رجل من ثقيف (1) أنه قال: ” استعملني علي بن أبي طالب عليه السلام على بانقيا (2) وسواد من سواد الكوفة فقال لي والناس حضور (3): ” انظر خراجك فجد فيه (4) ولا تترك منه درهما، فإذا أردت أن تتوجه إلى عملك فمر بي، قال: فأتيته فقال لي: إن الذي سمعته مني خدعة (5) إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج، أو تبيع دابة عمل (6) في درهم فإنا أمرنا أن نأخذ منه العفو ” (7).


(1) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 540 بسند ضعيف. (2) في السرائر ” بانقيا ” هي القادسية وما والاها من أعمالها، وانما سميت ” القادسية ” بدعوة ابراهيم عليه السلام لانه قال للقادسية: كونى مقدسة أي مطهرة من التقديس، وانما سميت ” بانقيا ” لان ابراهيم عليه السلام اشتراها بمائة نعجة منن غنمة فان ” باء ” مائة و ” نقيا ” شاة بلغة نبط، وقد ذكر بانقيا أعشى في شعره وفسرته اللغة بما ذكر – انتهى، وفى القاموس البانقيا اسم قرية من قرى الكوفة. (3) ” والناس حضور ” جمع حاضر كقعود وقاعد. (مراد) (4) في بعض النسخ ” فخذ فيه ” فهو من أفعال الشروع أي اشرع فيه. (5) أي مصلحة يعنى قلت هذا الكلام ليخاف المجوس ويسعوا في تحصيل الجزية و عبر عليه السلام بالخدعة لان مقصوده ليس العمل بمقتضاه بل انما أراد التهديد. (6) المراد ببيع دابة العمل أي دابة يحتاجون إليها في العمل ولا يجوز حملهم على بيعها، والمراد بالدرهم اما جنسه أو الدرهم الواحد أي لاجل درهم تطلب منهم. (7) في الكافي. منهم العفو ” والعفو الزيادة وما فضل من قوت السنة أو الوسط من غير اسراف ولا اقتار أو ما زاد عن نفقة الاهل والعيال وبكل من المعاني جاءت رواية عن المعصوم عليه السلام في قوله تعالى: ” يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو “.

[ 25 ]

1606 – وقال علي عليه السلام: ” لا تباع الصدقة حتى تعقل ” (1). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: أسنان الابل: من أول ما تطرحه امه إلى تمام السنة حوار (2)، فإذا دخل في الثانية سمي ابن مخاض لان امه قد حملت، فإذا دخل في الثالثة سمي ابن لبون، وذلك أن امه قد وضعت وصار لها لبن، فإذا دخل في الرابعة سمي الذكر حقا والانثى حقة لانه قد استحق أن يحمل عليه، فإذا دخل في الخامسة سمي جذعا، فإذا دخل في السادسة سمي ثنيا لانه ألقى ثنيته، فإذا دخل في السابعة ألقى رباعيته وسمي رباعا، فإذا دخل في الثامنة ألقى السن التي بعد الرباعية وسمي سديسا، فإذا دخل في التاسعة فطر نابه وسمي بازلا فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف (3) وليس له بعد هذا اسم (4). والاسنان التي تؤخذ في الصدقة من ابن مخاض إلى الجذع. وليس على الابل العوامل (5) شئ إنما ذاك على السائمة الراعية، وفي البخت السائمة مثل ما في الابل العربية (6).


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الموثق. ” حتى تعقل ” أي تؤخذ وتدرك و تقبض (الوافى) ولعل المعنى لا يجوز بيعها قبل أخذها كما كان يفعله العمال. (م ت) (2) الحوار – بالضم، وقد يكسر -: ولد الناقة ساعة تضعه، أو الى أن يفصل عن أمه فإذا انفصل عن أمه فهو فصيل. (3) فطر ناب البعير: طلع فهو بعير فاطر، وبزل البعير بزولا فطر نابه أي انشق بدخوله في السنة التاسعة فهو بازل ويستوى فيه المذكر والمؤنث، والمخلف: البعير تجاوز البازل ويستوى أيضا فيه الذكر والانثى. (4) اسنان الابل نقله المصنف في معاني الاخبار ص 328 وقال: وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد الله بن أبى خلف. (5) العوامل جمع عاملة وهى البقر التى يستقى عليها ويحرث وتستعمل في الاشغال، وهذا الحكم مطرد في الابل. والسائمة: المرسلة في مرعاها. (6) كما في صحيحة الفضلاء عن الصادقين عليهما السلام المروية في الكافي ج 3 ص 531. والبخت – بالضم – نوع من الابل غير العربية واحدها بختى جمعها بخاتى والمعروف الابل الخراسانية.

[ 26 ]

وليس على البقر شئ حتى يبلغ ثلاثين بقرة، فإذا بلغت ففيها تبيع حولي (1) وليس فيما دون الثلاثين بقرة شئ، فإذا بلغت أربعين بقرة ففيها مسنة إلى ستين (2) فإذا بلغت ستين ففيها تبيعتان إلى سبعين، ثم فيها تبيعة ومسنة إلى ثمانين، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع (3). فإذا كثر البقر سقط هذا كله، ويخرج صاحب البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعا ومن كل أربعين مسنة (4). وليس في البقر العوامل زكاة إنما الصدقات على السائمة الراعية، وكل ما لم يحل عليه الحول عند صاحبه فلا شئ عليه، فإذا حال عليه الحول فقد وجبت عليه (5). 1607 – وروى حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” قلت له: في الجواميس شئ؟ قال: مثل ما في البقر “. وليس على الغنم شئ حتى تبلغ أربعين شاة فإذا بلغت أربعين وزادت واحدة (6) ففيها


(1) في النهاية الاثيرية: التبيع: ولد البقر أول سنة، وبقرة متبع أي معها ولدها. (2) قال الازهرى – على المحكى -: البقر والشاة يقع عليهما اسم المسن وليس معناه كبرها كالرجل المسن، ولكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة. (3) من قوله: ” وليس على البقر شئ ” الى هنا مأخوذ كله مصحيحة الفضلاء المروية في الكافي ج 3 ص 534 والتهذيب ج 1 ص 354. (4) قوله ” فإذا كثر البقر سقط هذا – الى هنا ” خلاف ما هو المشهور، قال سلطان العلماء: لا يخفى أن هذا يشعر بأنه إذا كثر البقر لا يتعين المطابقة بين أحد العددين المذكورين وبين ما بلغ من عدد البقر كما اعتبر هو في المراتب السابقة وهو خلاف المشهور فان المشهور ملاحظة ذلك واعتبار ما هو عفوا. (5) مأخوذ من ذيل صحيحة الفضلاء دون لفظها. (6) الذى ذكره الصدوق من زيادة الواحدة على الاربعين لم نطلع عليه في غير كلامه في خبر ولا قول أحد، ويمكن حمل كلامه على ما يوافق الاخبار وكلام الاصحاب بأن يكون مراده من قوله: ” وزادت واحدة ” على الاقل من الاربعين بأن يكون تفسيرا لبلوغ الاربعين (م ت) أقول: في التهذيب ج 1 ص 355 باسناده عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس =

[ 27 ]

شاة (1) إلى عشرين ومائة، فإن زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاثه شياه إلى ثلاثمائة، فإذا كثر سقط هذا كله واخرج من كل مائة شاة. ويقصد المصدق الموضع الذي فيه الغنم فينادي يا معشر المسلمين هل لله عزوجل في أموالكم حق؟ فإن قالوا: نعم أمر أن يخرج إليه الغنم ويفرقها فرقتين ويخير صاحب الغنم إحدى الفرقتين ويأخذ المصدق صدقتها من الفرقة الثانية، فإن أحب صاحب الغنم أن يترك المصدق له هذه، فله ذلك ويأخذ غيرها (2) فإن أحب صاحب الغنم أن يترك هذه ويأخذه هذه أيضا فليس له ذلك، ولا يفرق المصدق بين غنم مجتمع (3) ولا يجمع بين متفرق. =


عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ليس في ما دون الاربعين من الغنم شئ فإذا كانت أربعين ففيها شاة الى عشرين ومائة – الخبر “. وكذا في صحيحة الفضلاء – زرارة ومحمد بن مسلم وبريد والفضيل عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام. (1) كما هو ظاهر خبر الفضلاء. وقال الفاضل التفرشى: المشهور عدم اعتبار الزيادة على الاربعين بل ادعوا الاجماع على كفاية الاربعين وجوب الزكاة، فلعل مقصود المؤلف – رحمه الله – من زيادة واحدة بقاء النصاب للسنة الاتية دون اشتراط النصاب للسنة الماضية بتلك الزيادة. (2) كما هو ظاهر حسنة بريد بن معاوية عن الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليه المروية في الكافي ” أدب المصدق ” ج 3 ص 536. وحسنة عبد الرحمن ابن الحجاج عن محمد بن خالد عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) لعل المراد أنه لا يفرق بين غنم مجتمع في الملك بمعنى أنه لو كان لمالك أربعون من الغنم في مكان وأربعون في موضع بعيد منه لا يفرق المصدق بينهما بأن يأخذ من كل واحد شاة بل يأخذ من المجموع شاة واحدة لانه لم يبلغ النصاب الثاني، وفيه رد على أحمد بن حنبل حيث فرق بينهما وجعل في كل أربعين شاة، وقوله: ” لا يجمع بين متفرق ” أي في الملك بمعنى أنه لو اختلط مال مالكين ولم يبلغ مال كل منهما نصابا وبلغ المجموع النصاب لا تجب فيه الزكاة وفيه رد على الشافعي حيث أوجب الزكاة في أربعين من الغنم إذا كانا لمالكين مع تحقق شرائط الخلط وهى اتحاد المرعى والمراح والمشرع، بل والراعي أو الرعاة، والفحل وموضع الحلب والحالب.

[ 28 ]

1608 – وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” ليس في الاكيلة ولا في الربى – التي تربى اثنتين – (1) ولا شاة لبن ولا فحل الغنم صدقة “. 1609 – وفي رواية سماعة (2) قال: ” لا تؤخذ الاكولة – والاكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم – ولا والد، ولا الكبش الفحل ” (3). 1610 – وسأله إسحاق بن عمار ” عن السخل متى تجب فيه الصدقة؟ قال: إذا أجذع ” (4).


(1) الاكيلة بمعنى الاكولة وهى الشاة التى تسمن وتعد للاكل، وقيل هي الخصى و الهرمة العاقر من الغنم كما في النهاية. والربى – بضم الراء المهملة وتشديد الباء الموحدة – هي التى تربى في البيت لاجل اللبن، وقيل هي الشاة القريبة العهد للولادة وهو قول الجوهرى في الصحاح، وشاة اللبن هي المعدة للشرب من لبنها. والظاهر أنها مثل الاكولة وذلك لانها تكون في الاغلب معلوفة وقد أفردت عن الشياه الى البيت. وقال سلطان العلماء: ظاهر الرواية أنه لا بعد المذكورات في النصاب وهو خلاف المشهور، بل قيل: انه خلاف الاجماع في الربى وشاة اللبن، فيمكن حمل الرواية على أن المراد عدم الاخذ أي أخذ المذكورات للصدقة كما هو صريح رواية سماعة (الاتية) ثم لا يخفى أن مفاد هذه الرواية عدم الصدقة مما يربى سخلتين، ومفاد رواية سماعة عدم أخذ الوالد مطلقا، فاما أن يحمل المطلق على المقيد، أو نقول: هذا في العد – وان كان خلاف المشهور – وذلك في الاخذ، وفى الاكولة أيضا نوع اجمال وفسرت في رواية بالكبيرة من الشاة والمشهور أنها ما يعد للاكل من السمينة كبيرا أولا. (2) رواه الكليني في الموثق ج 3 ص 535 عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) ” ولا والد ” قيل لانها مريضة. وقال سلطان العلماء: وهل العلة في عدم أخذ الربى كونها مريضة أو عدم الضرر بالولد؟ قال بكل جماعة وتظهر الفائدة في أن رضا المالك يوجب جواز الاخذ على الثاني دون الاول. (4) السخل – بفتح السين المهملة – في الاصل ولد الغنم. والجذع – بفتحتين – و الاجذع من الضأن قيل: ما بلغ سبعة أشهر. وفى القاموس ما دخل في السنة الثانية.

[ 29 ]

[ ضمان المزكى، وزكاة النقدين، ومستحق الزكاة ] (1) 1611 – وقال الرضا عليه السلام: ” إن بني تغلب (2) أنفوا من الجزية وسألوا عمر أن يعفيهم فخشي أن يلحقوا بالروم فصالحهم على أن صرف ذلك عن رؤوسهم وضاعف عليهم الصدقة فرضوا بذلك فعليهم ما صالحوا عليه ورضوا به إلى أن يظهر الحق ” (3). 1612 – وسأله يعقوب بن شعيب ” عن العشور التي تؤخذ من الرجل يحتسب بها من زكاته؟ قال: نعم إن شاء ” (4). 1613 – روى السكوني عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: ” ما أخذ منك العاشر فطرحه في كوزه فهو من زكاتك، وما لم يطرح في الكوز فلا تحسبه من زكاتك ” (5). 1614 – وروى سماعة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” الرجل يخلف لاهله نفقة ثلاثة آلاف درهم نفقة سنتين (6) عليه زكاة؟ قال: إن كان شاهدا فعليه زكاة وإن كان غائبا فليس فيها شئ ” (7).


(1) العنوان زائد منا. (2) هم نصارى العرب ” انفوا ” أي استنكوا من قبول الجزية. (3) الظاهر أن الغرض من ذكرهم أنهم ليسوا من أهل الذمة، وقد قال الله تعالى ” حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون ” وفعل عمر ليس بحجة على معتقد العامة أيضا لانه كان مجتهدا ومات قوله بموته. (م ت) (4) لعل المراد ما اخذ باسم الزكاة، والظاهر من الاحتساب جعله من الزكاة، و يحتمل أن المراد بالاحتساب الاحتساب من المؤن فيزكى المال بعد وضعه وهو بعيد (سلطان) أقول: الظاهر أن المراد بالعشور ما يؤخذ بعنوان الزكاة لا بعنوان الخراج، قال الشهيد (ر ه) في الدروس لا يكفى الخراج عن الزكاة. (5) رواه الكليني بسند ضعيف على المشهور كما قاله العلامة المجلسي رحمه الله – والمراد بالطرح في الكوز ضبطه للسلطان. ولعل الحكم مخصوص بزمانه عليه السلام. (6) في بعض النسخ ” نفقة سنين “. (7) يدل على أن النفقة المخرجة بمنزل التالف إذا كان غائبا لعدم التمكن من =

[ 30 ]

1615 – وسأله محمد بن النعمان الاحول (1) ” عن رجل عجل زكاة ماله، ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال: يعيد المعطي الزكاة. 1616 – وسئل عليه السلام (2) ” عن رجل أعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده موسرا؟ قال: لا يجزي عنه ” (3). 1617 – وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال له: ” رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال: إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها، فإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمانها لانها قد خرجت من يده، وكذلك الوصي الذي يوصى إليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه، فإن لم يجد فليس عليه ضمان ” (4). 1618 – وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا أخرج الرجل الزكاة =


التصرف (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء: قوله ” ان كان شاهدا – الخ ” هو المشهور وذهب ابن ادريس الى وجوب الزكاة مطلقا إذا كان مالكه متمكنا من التصرف فيه متى أراد (1) الطريق إليه حسن بابراهيم بن هاشم القمى وربما فيه محمد بن ماجيلويه ولم يوثق صريحا أيضا، ورواه الكليني والشيخ في الصحيح. (2) رواه الكليني ج 3 ص 545 بسند في ارسال لا يضر. (3) حمل على ما إذا قصر في التفحص عن فقره، وقال في المدارك: المشهور بين الاصحاب بل المقطوع به في كلامهم جواز الدفع الى مدعى الفقر إذا لم يعلم له أصل مال من غير تكليف بينة ولا يمين والمشهور أيضا ذلك فيما إذا علم له أصل مال. (المرآة) (4) رواه الكليني – رحمه الله – بسند حسن، واختلفوا في جواز النقل فذهب بعض الى تحريمه مع وجود المستحق وبه قال أكثر الفقهاء كمالك وأحمد وسعيد بن جبير، وقال أبو حنيفة بالجواز وبه قال المفيد – رحمه الله – وقال العلامة – رحمه الله – في المختلف: ” الاقرب عندي جواز النقل على كراهية مع وجود المستحق ويكون صاحب المال ضامنا “. و قال الشيخ – رحمه الله – في المبسوط: لا يجوز نقلها من البلد مع وجود المستحق الا بشرط الضمان والجواز مطلقا لا يخلو من قوة “. وفى الدروس: لا يجوز نقلها مع وجود المستحق فيضمن، وقيل: يكره ويضمن وقيل: يجوز بشرط الضمان وهو قوى ولو عدم المستحق و نقلها لم يضمن.

[ 31 ]

من ماله ثم سماها لقوم فضاعت أو أرسل بها إليهم فضاعت، فلا شئ عليه ” (1). 1619 – و ” كان (2) رسول الله صلى الله عليه وآله يقسصدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر، ولا يقسمها بينهم بالسوية، إنما يقسمها على قدر من يحضره منهم وما يرى، ليس في ذلك شئ موقت ” (3). 1620 – وفي رواية درست بن أبي منصور قال قال أبو عبد الله عليه السلام: ” في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده، فقال: لا بأس يبعث بالثلث أو الربع ” (4). 1621 – وروى عن هشام بن الحكم – رحمه الله – ” في الرجل يعطى الزكاة يقسمها أله أن يخرج الشئ منها من البلدة التي هو بها إلى غيرها؟ قال: لا بأس ” (5). 1622 – وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ” عن الرجل يعطي زكاته عن الدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم بالقيمة أيحل ذلك؟ قال: لا بأس به ” (6).


(1) يحمل على عدم وجود المستحق، وقال في المدارك: لا ريب في جواز النقل إذا عدم المستحق في البلد بل الظاهر وجوبه لتوقف الدفع الواجب عليه، وأما انتفاء الضمان فيدل عليه الاصل واباحة الفعل وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم، واما الضمان مع التفريط كما قال به في الشرايع فمعلوم من قواعد الامانات. (2) رواه الكليني ج 3 ص 554 بطريق حسن كالصحيح عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي الثقة عن أبى عبد الله (ع). (3) يدل على كراهة النقل واستحباب القسمة فيهم لانها أولى لانتظارهم وشركتهم. (الشيخ محمد) وقال في المدارك: استحباب صرف الزكاة في بلد المال هو مذهب العلماء كافة والمستند فيه من طريق الاصحاب رواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي. (4) رواه الكليني ج 3 ص 554 بسند حسن عن ابن أبى عمير أرسله عن درست والترديد من الراوى وهو أبو أحمد ابن أبى عمير كما في الكافي، ويمكن أن يكون تخييرا في الحكم. (5) ظاهره الجواز مطلقا ولا ينافى الضمان مع وجود المستحق في البلد، ويمكن الحمل على عدم وجوده. (6) اخراج القيمة في النقدين والغلات اجماعي والخلاف واقع في زكاة الانعام كما في المعتبر ص 264. وقال المفيد في المقنعة: ولا يجوز القيمة في زكاة الانعام الا أن يقدم الاسنان المخصوصة في الزكاة، ومال إليه صاحب المدارك، ويفهم من المعتبر الميل إليه و =

[ 32 ]

1623 – وكتب محمد بن خالد البرقي (1) إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: ” هل يجوز أن يخرج عما يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوي (2) أم لا يجوز إلا أن يخرج من كل شئ مما فيه؟ فأجاب عليه السلام: أيما تيسر يخرج “. 1624 – وسأل عمر بن يزيد أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل فر بماله من الزكاة فاشترى به أرضا أو دارا أعليه فيه شئ؟ فقال: لا ولو جعله حليا أو نقرا فلا شئ عليه، (3) وما منع نفسه من فضله فهو أكثر مما منع من حق الله الذي يكون فيه “. 1625 – وروى زرارة، ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه، قيل له: فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال: ليس عليه شئ إذا. وروى زرارة عنه أنه قال: إنما هذا (4) بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته، ثم يخرج في آخر النهار في سفر وأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه “. 1626 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” في التسعة الاصناف إذا حولتها في السنة فليس عليك فيها شئ ” (5). =


جوز الشيخ في اخراج القيمة في الزكاة كلها أي شئ كانت القيمة على وجه البدل لا على أنها أصل، والى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين. (المرآة) (1) رواه الكليني ج 3 ص 559 بسند صحيح. (2) أي الى القيمة السوقية، وفى الخبر دلالة على جواز اخراج القيمة في الزكاة ولا ينافى استحباب العين كما هو ظاهر الاخبار. (3) الطريق صحيح ويدل على أن الفرار مسقط للزكاة ويحمل على ما قبل الحول. (4) ” انه قال ” أي بعد ذلك القول ” انما هذا ” اشارة الى الفرار بعد حلول الحول، قال في المنتهى: ان مرجع الاشارة سقط من الرواية وفى الكلام الذى بعده شهادة لما قلناه ودلالة على أن المرجع هو حكم من وهب بعد الحول. (5) ” حولتها ” أي الاجناس التى فيها الزكاة من الغلات الاربع والنقدين والانعام الثلاثة، هذا في غير الغلات ظاهر لاشتراط الحول فيه وأما في الغلات فيحتاج الى التأويل =

[ 33 ]

1627 – وسئل أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام ” عن الرجل له دارو خادم وعبد (1) أيقبل الزكاة؟ قالا: نعم إن الدار والخادم ليسا بمال ” (). 1628 – ” وقد (3) تحل الزكاة لصاحب السبعمائة، وتحرم على صاحب الخمسين إذا كان (4) صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأما صاحب الخمسين فإنه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله تعالى “. ولا يجوز أن يعطى شارب الخمر من الزكاة شيئا (5). 1629 – وروى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال: نعم إلا أن تكون داره دار غلة فيدخل له من غلتها (6) =


لعدم اشتراط الحول فيها، ولعل المراد بالتحويل فيها نقلها عن الملك قبل تعلق الزكاة بها ببدو الصلاح وغيره. (سلطان) (1) في بعض النسخ ” وعبيد “. (2) رواه الكليني في الحسن عن عمر بن اذينة عن غير واحد عنهما عليهما السلام و قال في المدارك: ويلحق بهما فرس الركوب وثياب التجمل نص عليه في التذكرة وقال: انه لا يعلم في ذلك كله خلافا، وينبغى أن يلحق بذلك كل ما يحتاج إليه من الالات اللائقة بحاله وكتب العلم لمسيس الحاجة الى ذلك كله وعدم الخروج بملكه عن حد الفقر الى الغنى عرفا، وتدل عليه رواية عمر بن اذينة لان في التعليل اشعارا باستثناء ما ساوى الدار والخادم في المعنى. (3) هذا الكلام بلفظه في موثقة سماعة عن أبى عبد الله عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 562. (4) في الكافي ” على صاحب الخمسين درهما، فقلت له:. كيف هذا فقال: إذا كان – ” (5) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 563 باسناده عن داود الصرمى قال: ” سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا قال: لا “. (6) في بعض النسخ ” فيخرج له من غلتها ” والغلة ما يحصل من ريع أرض و كرائها أو أجرة غلام أو نحو ذلك، وفى النهاية ” الغلة: الدخل الذى يحصل من الزرع =

[ 34 ]

ما يكفيه [ لنفسه ] وعياله، فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم في غير إسراف فقد حلت له الزكاة، وإن كانت غلتها تكفيهم فلا “. 1630 – وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام ” عن الرجل يكون له ثمانمائة درهم وهو رجل خفاف وله عيال كثير أله أن يأخذ من الزكاة؟ فقال: يا أبا محمد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل؟ قال: نعم، كم يفضل؟ قال: لا أدري، قال: إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة، قال: قلت: فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال: بلى، قال: قلت: كيف يصنع؟ قال: يوسع بها على عياله في طعامهم وكسوتهم ويبقى منها شيئا (1) يناوله غيرهم، وما أخذ من الزكاة فضه على عياله (2) حتى يلحقهم بالناس “. ويجوز للرجل أن يعطي الرجل الواحد من زكاته حتى يغنيه، ويجوز أن يعطيه حتى يبلغ مائة ألف (3) ويفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل ” (4). =


والتمر واللبن والاجارة والنتاج ونحو ذلك. وقال الفاضل التفرشى: المستفاد من هذا الحديث أن دار الغلة أيضا – باعتبار قيمتها – لا يخرج المالك عن الاستحقاق ولو دل دليل على خلاف ذلك لامكن حملها على ماله مانع من البيع كالوقف. وقال سلطان العلماء: يدل على أن المناط في استحقاق الزكاة عدم كفاية الحاصل والغلة لا قيمة الملك فيجوز أخذ الزكاة إذا لم يكف حاصل الملك لقوت السنة وان كفى قيمته لو باع، صرح بهذه المسألة الشهيد الثاني – رحمه الله – في شرح اللمعة. (1) في الكافي ” ان بقى منها شئ “. (2) فضه – بالفاء وتشديد المعجمة – أي وزعه وقسمه عليهم حتى يلحقهم بالناس. (3) كما في الكافي ج 3 ص 548 في حسنة سعيد بن غزوان عن الصادق (ع)، ومرسل بشر بن بشار في العلل ص 130 وخبر اسحاق بن عمار في التهذيب ج 3 ص 367. (4) في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الكاظم (ع) ” سأله عن الزكاة أيفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره؟ قال: نعم يفضل الذى لا يسأل على الذى يسأل ” (الكافي ج 3 ص 550).

[ 35 ]

1631 – وقال عبد الله بن عجلان السكوني (1) لابي جعفر عليه السلام: ” إني ربما قسمت الشئ بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم؟ فقال: أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل “. [ زكاة الغلات ] (2) وليس على الحنطة والشعير شئ حتى يبلغ أوساق، والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد، والمد وزن مائتين واثنين وتسعين درهما ونصف، فإذا بلغ ذلك وحصل بعد خراج السلطان ومؤونة القرية أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان سيحا، وإن سقي بالدلاء والغرب (3) ففيه نصف العشر، وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير، فان بقي من الحنطة والشعير بعد ذلك ما بقي فليس عليه شئ حتى يباع ويحول على ثمنه الحول (4). [ الحج من مال الزكاة ] (2) 1632 – وسأل محمد بن مسلم أبا عبد الله عليه السلام ” عن الصرورة (5) أيحج من الزكاة؟ قال: نعم “. 1633 – وقال علي بن يقطين (6) لابي الحسن الاول عليه السلام: ” يكون عندي


(1) لم يذكر المصنف طريقه إلى عبد الله بن عجلان والظاهر أخذه من الكافي، وفيه ج 3 ص 549 باسناد فيه ضعف وجهالة. ورواه الشيخ في التهذيب عنه في الحسن كالصحيح. (2) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل. (3) السيح: الماء الجارى، والغرب كغضب: الماء السائل بين البئر والحوض يقطر من الدلاء والرواية والدلو العظيمة ولعل المراد الاخير. (4) راجع نصوص هذه الفتاوى الكافي ج 3 ص 512 باب ” أقل ما يجب فيه الزكاة من الحرث ” والتهذيب ج 1 ص 351 باب ” زكاة الحنطة والشعير “. (5) الصرورة هو الذى لم يحج بعد ومثله امرأة صرورة، وهى التى لم تحج بعد. و قوله ” أيحج ” في بعض النسخ ” فأحجج ” وفى اللغة أحججت فلانا إذا بعثته ليحج. (6) الطريق إليه صحيح.

[ 36 ]

المال من الزكاة فأحج به موالي وأقاربي؟ قال: نعم لا بأس ” (1). [ زكاة مال المملوك والمكاتب ] 1634 – وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سأله رجل وأنا حاضر عن مال المملوك أعليه زكاة؟ فقال: لا ولو كان له ألف ألف درهم، ولو احتاج لم يكن له من الزكاة شئ ” (2). 1635 – وفي خبر آخر عن عبد الله بن سنان قال: قلت له: ” مملوك في يده مال أعليه زكاة؟ قال: لا، قال: قلت: فعلى سيده؟ (3) فقال: لا لانه لم يصل إلى السيد وليس هو للمملوك ” (4). 1636 – وفي رواية وهب بن وهب القرشي عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: ” ليس في مال المكاتب زكاة ” (5).


(1) يمكن أن يكون الاعطاء من سهم الفقراء حتى يستطيع للحج ويحج واجبا أو مندوبا ان كان قد حج وأن يكون من سهم سبيل الله على تقدير العموم فالاعطاء من سهم الفقراء أحوط (م ت) لما رواه الكليني ج 3 ص 557 باسناده عن جميل عن اسماعيل الشعيرى عن الحكم ابن عتيبة قال: ” قلت لابي عبد الله (ع): رجل يعطى من زكاة ماله يحج بها؟ قال: مال الزكاة يحج به؟ فقلت له: انه رجل مسلم أعطى رجلا مسلما؟ فقال: ان كان محتاجا فليعطه لحاجته وفقره ولا يقول له: حج بها، يصنع بها بعد ما يشاء “. (2) في الكافي ” ولو احتاج لم يعط من الزكاة شئ “. (3) في الكافي ” قلت: ولا على سيده “. (4) قال في المدارك: لا ريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك لان ما بيده يكون ملكا لمولاه وعليه زكاته، بل لا وجه لاشتراط الحرية على هذا التقدير لان اشتراط الملك يغنى عنه، وانما الكلام في وجوب الزكاة على المملوك على القول بملكه والاصح أنه لا زكاة عليه لصحيحة عبد الله بن سنان وحسنته، وصرح المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بوجوب الزكاة على المملوك ان قلنا بملكه مطلقا، أو على بعض الوجوه وهو مدفوع بالرواية. (5) قال في المدارك: أما وجوب الزكاة على المكاتب المطلق إذا تحرر منه شئ و =

[ 37 ]

[ ما لبنى هاشم من الزكاة ] (1) 1637 – وروى أبو خديجة سالم بن مكرم (2) الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” اعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم فإنها تحل لهم، وإنما تحرم على النبي صلى الله عليه وآله وعلى الامام الذي بعده وعلى الائمة عليهم السلام ” (3). 1638 – وروى القاسم بن سليمان (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن صدقات =


بلغ جزؤه الحر نصابا فلا ريب فيه لان العموم يتناوله كما يتناول الاحرار، وأما السقوط عن المكاتب المشروط والمطلق الذى لم يؤد فهو المعروف في مذهب الاصحاب، واستدل عليه في المعتبر بأنه ممنوع من التصرف فيه الا بالاكتساب فلا يكون ملكه تاما، وبرواية أبى – البخترى وهب بن وهب بن القرشى. وفى الدليل الاول نظر، وفى سند الرواية ضعف مع أن مقتضى ما نقلناه عن المعتبر والمنتهى من وجوب الزكاة على المملوك ان قلنا بملكه الوجوب على المكاتب بل هو أولى بالوجوب (1) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل. (2) الطريق الى أبى خديجة فيه أبو سمينة وهو ضعيف، ورواه الكليني ج 4 ص 59 وفى طريقه معلى بن محمد وهو مضطرب الحديث والمذهب. (3) روى الشيخ هذا الخبر في التهذيب ج 1 ص 366 والاستبصار ج 2 ص 36 وحمله على حال الضرورة وقال: انهم عليهم السلام بأنفسهم لا يضطرون الى ذلك أبدا. وقال في الاستبصار بعد ذكر الخبر: فهذا الخبر لم يروه غير أبى خديجة وان تكرر في الكتب وهو ضعيف عند أصحاب الحديث لما لا أحتاج الى ذكره، ويجوز مع تسليمه أن يكون مخصوصا بحال الضرورة والزمان الذى لا يتمكنون فيه من الخمس، فحينئذ يجوز لهم أخذ الزكاة بمنزلة الميتة التى تحل عند الضرورة، ويكون النبي والائمة عليهم السلام منزهين عن ذلك لان الله تعالى يصونهم عن هذه الضرورة تعظيما لهم وتنزيها. والذى يدل على ذلك ما رواه على بن الحسن بن فضال عن ابراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبى عبد الله (ع) أنه قال: ” لو كان عدل ما احتاج هاشمى ولا مطلبي الى صدقة، ان الله تعالى جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم، ثم قال: ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة، والصدقة لا تحل لاحد منهم الا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة “. (4) الطريق إليه صحيح وكتابه معتمد. (م ت)

[ 38 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله وصدقات علي عليه السلام تحل لبني هاشم “. 1639 – وروى الحلبي عنه عليه السلام ” أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها لبني هاشم وبني المطلب ” (1). 1640 – وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: ” بعثت إلى الرضا عليه السلام بدنانير من قبل بعض أهلي وكتبت إليه اخبره أن فيها زكاة خمسة وسبعون والباقي صلة، فكتب عليه السلام بخطه قبضت، وبعثت إليه بدنانير لي ولغيري وكتبت إليه أنها من فطرة العيال فكتب عليه السلام بخطه: قبضت “. وصدقة غير بني هاشم لا تحل لبني هاشم إلا في وجهين إذا كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا، وصدقة بعضهم على بعض (2). أما قبض الامام لما قبضه فليس لنفسه وإنما قبضه لغيره من أهل الحاجة والمسكنة وهو مستغن عن أموال الناس بكفاية الله إياه، متى ناداه لباه، ومتى سأله أعطاه، ومتى ناجاه أجابه. باب * (نوادر الزكاة) * 1641 – روى [ عن ] علي بن يقطين قال: قلت لابي الحسن الاول عليه السلام: ” رجل مات وعليه زكاة وأوصى أن تقضى عنه الزكاة، وولده محاويج إن دفعوها أضر


(1) في بعض النسخ ” وبنى عبد المطلب ” وهو بعيد لان المطلب هو أخو هاشم وعبد المطلب ابنه وبنو هاشم كلهم من عبد المطلب، قال ابن قتيبة في المعارف ” هاشم بن عبد مناف اسمه عمرو، مات بغزة من أرض الشام، وولده عبد المطلب وأسد وغيرهما ممن لم يعقب، فأما أسد فولده، حنين ولم يعقب وهو خال على بن أبى طالب (ع)، وفاطمة بنت أسد وهى أم على بن أبى طالب وليس في الارض هاشمى الا من ولد عبد المطلب بن هاشم، لانه كان لهاشم ذكور لم يعقبوا ” وقال ابن حزم في جمهرة الانساب: ” ولد هاشم بن عبد مناف: شيبة و هو عبد المطلب وفيه العمود والشرف ولم يبق لهاشم عقب الا من عبد المطلب فقط “. فبنو – هاشم هم بنو عبد المطلب. (2) راجع التهذيب ج 1 ص 366 والكافي ج 4 ص 59.

[ 39 ]

بهم ذلك ضررا شديدا، فقال: يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم ويخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم ” (1). 1642 – وروى إسماعيل بن جابر قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” يحل للرجل أن يأخذ الزكاة وهو لا يحتاج إليها فيتصدق بها؟ قال: نعم، وقال: في الفطرة مثل ذلك “. 1643 – ورري عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” ما على الامام من الزكاة (2) فقال: يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز من الله عزوجل له ذلك، إن الامام لا يبيت ليلة أبدا ولله عزوجل في عنقه حق يسأله عنه ” (3). باب الخمس (4) 1644 – سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (5) ” عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال: إذا


(1) يدل على جواز اعطاء الزكاة لواجب النفقة بعد الموت لانهم خرجوا عن الوصف، وأما اعطاء قدر منه الى الغير فعلى الاستحباب على الظاهر، وان كان الوقوف مع النص أحوط بغير نية الوجوب والندب، بل ينوى القربة، ويدل أيضا على وجوب اخراج الواجبات المالية مع الوصية بل يجب مطلقا. (م ت) (2) لعل المراد من السؤال أنه هل يجب على الاما الزكاة أو كيف يؤدى والى من يؤدى. (3) يعنى ان الامام هو خليفة الله تعالى لا يفعل شيئا الا بأمره وارادته، فان وجب عليه شئ لا يؤخره عن وقت وجوبه. (4) الخمس حق مالى ثبت بالكاتب والسنة والاجماع لبنى هاشم بالاصل عوضا عن الزكاة ومرادنا بالاجماع هنا اجماع المسلمين. (5) رواه الكليني رحمه الله في الكافي ج 1 ص 547 بطريق صحيح عن البزنطى عن محمد بن على عنه (ع) ومحمد بن على مشترك لكن روايه أحمد بن أبى نصر البزنطى وهو من أصحاب الاجماع.

[ 40 ]

بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس “. (1) 1645 – وسأل عبيدالله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام ” عن الكنز كم فيه؟ فقال: الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ فقال: الخمس، وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها؟ فقال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة (2) “. 1646 – وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة ” (3). 1647 – وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ” سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، فقال: ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس (4) “.


(1) يدل على وجوب الخمس في المعادن إذا بلغ قيمتها دينارا وحمل على الاستحباب لما يأتي تحت رقم 1647 عن أبى الحسن الرضا (ع). وسيأتى الكلام فيه. (2) يدل على وجوب الخمس في الكنز والمعادن جميعا. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 383 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص، فقال: عليها الخمس جميعا “. وروى الكليني في الحسن كالصحيح نحوه. (3) في بعض النسخ ” خاصا ” وفى بعضها ” خاص ” بالرفع أي هو خاص بها. ان كان المراد غنائم دار الحرب فظاهر هذا الخبر التقية، ويمكن أن يكون المراد أن جميع ما فيه الخمس فهو غنيمة ونفع وداخل في كريمة ” واعلموا انما غنمتم ” أو المعنى أن الخمس المعتد به خمس غنائم دار الحرب والباقى قليل بالنسبة إليها. وقال الفاضل التفرشى: ان المراد بالغنائم المنافع المستفادة في السنة خاصة دون ما كان في ملك المالك قبلها وان حال عليها الحول، وهو مأخوذ من قوله تعالى ” واعلموا انما غنمتم – الاية “. (4) الطريق صحيح، ورواه الشيخ بسند صحيح عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا (ع) هكذا ” سألت أبا الحسن عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ؟ قال: ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا “. وسند الخبر الذى تقدم في أول الباب قاصر عن مكافئة هذا الصحيح، فلذا لم يعمل بالذى تقدم عامة المتأخرين وان عمل به أكثر القدماء وحملوه على الاستحباب، قال في المدارك: اختلف الاصحاب في اعتبار النصاب في المعادن وفى قدره، فقال الشيخ – رحمه الله – في =

[ 41 ]

1648 – وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام ” عن الملاحة فقال: وما الملاحة فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال: مثل المعدن فيه الخمس قلت: فالكبريت والنفط يخرج من الارض؟ فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس (1) “. 1649 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال (2) “. 1650 – وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ” أصلحك الله (3) ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم ” (4). =


الخلاف: يجب الخمس في المعادن ولا يراعى فيها نصاب، وبه قطع ابن ادريس في سرائره فقال: اجماع الاصحاب منعقد على وجوب اخراج الخمس من المعادن على اختلاف أجناسها قليلا كان أو كثيرا، ذهبا كان أو فضة، عن غير اعتبار مقدار، وهو اختيار ابن الجنيد و السيد المرتضى وابن أبى عقيل وابن زهرة وسلار وغيرهم، وقال أبو الصلاح: يعتبر بلوغ قيمته دينارا واحدا، ورواه ابن بابويه مرسلا في المقنع والفقيه، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط: لا يجب فيها شئ حتى يبلغ عشرين دينارا واختاره العلامة واليه ذهب عامة المتأخرين وهو المعتمد، ثم استدل بخبر الصفار المذكور، ورد على ابن ادريس وقال: دعوى الاجماع في موضع الخلاف ظاهرة البطلان، ثم طعن في سند الخبر المتقدم بجهالة الراوى ورجح سند الاخير بعدم الواسطة وجواز حمل الاول على الاستحباب جمعا. (1) الملاحة – بشد اللام -. والخبر يدل على وجوب الخمس مطلقا جامدا ومايعا. (2) الخبر رواه المصنف – رحمه الله – في الخصال باب الخمسة تحت رقم 51 باسناده عن عيسى بن عبد الله العلوى. وفيه ” ان الله الذى لا اله الا هو – الخ ” والمراد بالكرامة التحف و الهدايا، وفى الصحاح التكريم والاكرام بمعنى، والاسم منه الكرامة. (3) ” أصلحك الله ” أي جعلك الله متمكنا في الارض ظاهرا كما جعلك باطنا. ” وما أيسر ” سؤال بما الاستفهامية أي أي شئ أقل ما يدخل به العبد النار. (4) قال المؤلف بعد نقل الخبر في كمال الدين ص 522: معنى اليتيم هو المنقطع القرين في هذا الموضع، فسمى النبي صلى الله عليه وآله بهذا المعنى يتيما، وكذلك كل امام بعده يتيم بهذا المعنى، والاية في أكل أموال اليتامى ظلما نزلت فيهم وجرت بعدهم في سائر الايتام، والدرة اليتيمة انما سميت يتيمة لانها منقطعة القرين. أقول في الطريق على بن أبى حمزة البطائني.

[ 42 ]

1651 – وسأل زكريا بن مالك الجعفي (1) أبا عبد الله عليه السلام ” عن قول الله عزوجل ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل ” قال: أما خمس الله فللرسول يضعه في سبيل الله، وأما خمس الرسول صلى الله عليه وآله فلا قاربه (2) وخمس ذي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم (3) وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل ” (4). 1652 – وفي توقيعات الرضا عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد الهمداني ” إن الخمس بعد المؤونة ” (5). 1653 – وروى أبو عبيدة الحذاء (6) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ” أيما ذمي


(1) الطريق إليه فيه الحسين بن أحمد بن ادريس وهو من مشايخ الاجازة له ورواه في الخصال عن محمد بن ماجيلويه. (2) أي بالارث وقيامهم عليهم السلام مقامه صلى الله عليه وآله، وفيه اشعار بأن سهم الله عزوجل الذى كان للرسول (ص) أيضا لهم لقيامهم مقامه وسيصرح بذلك في قوله ” فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم “. (مراد) (3) قوله ” وخمس ذى القربى – الخ ” في قوة قوله وخمس ذى القربى أيضا لاقاربه صلى الله عليه وآله لان المراد بذوى القربى أقرباؤه فيكون قد جعل الله لهم. (مراد) (4) أي فلابد أن يكون لمسا كيننا وأبناء سبيلنا ما يعيشون به عوضا عن الصدقة فجعل الله عزوجل هذين السهمين لهم (مراد) أقول: راجع بيان هذا الخبر الشريف في الجزء الثالث (جزء الزكاة) من مصباح الفقيه للفقيه الهمداني – قدس سره – ص 145. (5) الظاهر أن المراد بالمؤونة مؤونة السنة كما تقدم وسيجئ (م ت) أقول: قد صرح جماعة كثيرة من الفقهاء بأن المراد من المؤونة كل ما ينفقه على نفسه وعياله وغيرهم للاكل والشرب واللباس والمسكن والتزويج والخادم وأثاث البيت والكتب وغير ذلك مما يعد مؤونة عرفا، فتعم مثل الهبة والصدقة والصلة والنذر من الامور الواجبة والمندوبة ما لم يتجاوز عن الحد ولم يعد اسرافا أو تبذيرا أو يكون فوق الشأن. (6) طريق المؤلف الى أبى عبيدة الحذاء وهو زياد بن عيسى الكوفى الثقة غير مذكور في المشيخة، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 389 بسند صحيح. وهو المعمول به عند فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم.

[ 43 ]

اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس “. 1654 – وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب خمسي. وقد طيبنا (1) ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم أو لتزكوا ولادتهم ” (2). 1655 – وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ” يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه أفلي توبة (3)؟ قال: ائتني بخمسه، فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه ” (4). 1656 – وسئل أبو الحسن عليه السلام (5) ” عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته، أو خمس ما يخرج له من المعادن أيحسب ذلك له في زكاته وخمسه؟ فقال: نعم ” (6). 1657 – وروي عن أبي علي بن راشد (7) قال: قلت لابي الحسن الثالث عليه السلام: ” إنا نؤتى بالشئ فيقال: هذا كان لابي جعفر عليه السلام عندنا، فكيف نصنع؟ فقال: ما كان لابي جعفر عليه السلام بسبب الامامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله


(1) في بعض النسخ ” وقد أحللنا “. (2) يمكن أن يكون الترديد من الراوى، ورواه الكليني ج 1 ص 546 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 388. وفى بعض النسخ الفقيه مكان ” ولادتهم ” ” أولادهم “. (3) أي ما لاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء، فخلطت الحلال بالحرام. (4) رواه الشيخ باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام مع اختلاف في اللفظ راجع التهذيب ج 1 ص 384 و 389 وحمل على ما إذا كان قدر المال وصاحبه مجهولين ولعل مصرفه مصرف الصدقات. (5) في بعض النسخ ” سئل أبو عبد الله عليه السلام “. (6) تقدم الكلام فيه في أبواب الزكاة. (7) هو من وكلاء الهادى عليه السلام أقامه مقام الحسين بن عبد ربه وكتب عليه السلام الى الموالى ببغداد والمدائن والسواد وما يليها: قد أقمت أبا على بن راشد مقام الحسين بن عبد ربه ومن قبله من وكلائي وأوجبت في طاعته طاعتي وفى عصيانه الخروج الى عصياني.

[ 44 ]

وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ” (1). 1658 – وروى عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا (2) ما اريد بذلك إلا أن تطهروا ” (3). 1659 – وروي عن يونس بن يعقوب قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين (4) فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الارباح والاموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون؟ فقال عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم ” (5). 1660 – وروي عن علي بن مهزيار أنه قال: ” قرأت في كتاب لابي جعفر عليه السلام إلى رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس، فكتب عليه السلام بخطه: من أعوزه شئ من حقي فهو في حل ” (6). 1661 – وروى أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يموت ولا وارث


(1) يعنى ما كان فيه من سهم الامام عليه السلام فهو للامام الذى بعده وما كان من الاموال الشخصية له دون السهم فهو لورثته يقسم فيهم على ما فرض الله وسن نبيه صلى الله عليه وآله وذلك لان مال الغنيمة لا يصير ملكا لاربابها ما لم يصل إليهم وكذا حصة الامام عليه السلام. (2) أي انى لمن الذين هم أكثر مالا في أهل المدينة. (مراد) (3) أي من الاثام التى تحصل بسبب منع الخمس أو مطلقا. ويمكن أن يقرء ” تطهروا ” بالتخفيف أي تطهروا من حقنا كما قال الفاضل التفرشى. (4) القماط – كشداد -: من يصنع القمط للصبيان والقمط – بضمتين -: الحبال. وقيل: القماط من يعمل بيوت القصب. (5) أي ما عملنا معكم بالعدل ان كلفناكم ذلك أي اعطاء حقنا ايانا اليوم الذى أنتم في التقية، وأيدي الظلمة. في الصحاح نصف أي عدل يقال: أنصفه من نفسه. (6) ” من الخمس ” أي فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الارباح. و ” اعوزه ” في الصحاح أعوزه الشئ إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه ولعل معنى الاعواز هنا الاحتياج الشديد أي أحوجه شئ من حقنا إليه والاسناد مجازى. (مراد)

[ 45 ]

له ولا مولى له؟ فقال: هو من أهل هذه الآية: ” يسألونك عن الانفال “. (1). 1662 – وروى عنه داود بن كثير الرقي أنه قال: ” إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك ” (2). 1663 – وروى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن جبرئيل عليه السلام كرى برجله خمسة أنهار (4) ولسان الماء يتبعه: الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهر بلخ (5) فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا ” وهو أفسيكون (6).


(1) يعنى وارثه الامام، فهو الوارث لمن لا وارث له. (2) الظاهر أن اضافة الفضل الى المظلمة بيانية أي فضل مال هو مظلمتنا. وفى الصحاح الظلامة والمظلمة والظليمة: ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك. (3) رواه المصنف – رحمه الله – في الخصال بسند صحيح. (4) كرى – كرضى -: استحدث نهره، وكريت النهر كريا: حفرته. (5) الفرات هو النهر المشهور الذى ينبع في ارمينيا ويمر بسوريا الى العراق حتى ينتهى الى الخليج الفارسى. ونهر دجلة مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن هناك معروف بحصن ذى القرنين ومن تحته تخرج عين دجلة وكلما امتد انضم إليه مياه جبال ديار بكر وغيرها وينتهى الى البحر بعد أن يقترن بالفرات ويشترك في مصبه في الخليج. والنيل نهر يخرج من بحيرة فيكتوريا فيجتاز السودان وينتهى الى بلاد النوبة ثم الى مصر حيث يبلغ القاهرة ومنها يتشعب بالدلتا فينصب في البحر المتوسط. ومهران شبهه الاصطخرى بالنيل في الكبر والنفع، مخرجه من ظهر جبل في الشمال وهو في بلاد السند وعليه كثير من المدن وأهمها الملتان. ونهر بلخ وهو جيحون ومنبعه منم بحيرة في التبت الصغرى وعليه روافد كثيرة، وهو يصب في جنوب بحر آرال ” بحيرة قزوين ” وهذه الانهار الخمسة هي التى يستقى منها كثير من الخلق. (6) هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 409 وليس فيه ” وهو أفسيكون ” والظاهر أنه من كلام الصدوق – رحمه الله – فسربه البحر المطيف بالدنيا، وقال بعض الشراح المراد بالمطيف بالدنيا المحيط بالدنيا وهو لا يلائم تفسير المؤلف ولا تساعد عليه الخرائط الجغرافية الحديثة لان أفسيكون معرب آبسكون وهو بحر الخزر، قال في المراصد ومعجم =

[ 46 ]

باب * (حق الحصاد والجذاذ (1)) * قال الله تعالى: ” وآتوا حقه يوم حصاده ” وهو أن تأخذ بيدك الضغث بعد الضغث (2) فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى تفرغ منه، وعند الصرام الحفنة بعد الحفنة (3) حتى تفرغ منه، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ منه (4) ويترك =


البلدان آبسكون – بفتح الهمزة وسكون الالف وفتح الباء الموحدة وسين مهملة ساكنة و كاف مضمونة وواو ساكنة ونون وقيل: بغير ألف ولا مد -: بليدة على ساحل بحر طبرستان وبينها وبين جرجان ثلاثة أميال ” فسمى البحر باسم البلدة. وقيل: المشهور أنه شعبة من البحر المحيط. والعلم عند الله. (1) الجذاذ بالعجمتين -: الصرام وهو قطع الثمرة وصرام النخل قطع ثمرتها. وفى بعض النسخ، الجداد – بالمهملتين – وهو بمعنى القطع أيضا وقال ابن ادريس هو الصواب ونسب قراءة الجذاذ بالذالين الى المتفقهة. (2) الضغث – بالكسر والفتح – قبضة من الحشيش يختلط فيها الرطب واليابس. (3) تقدم أن الصرام بمعنى القطع. والحفنة – بالفتح -: ملء الكفين ومنه اعطاء حفنة من دقيق (النهاية) وفى أقرب الموارد بضم الحاء وقالوا: الحفنة ملء الكف دون الكفين. (4) قال في المدارك: المشهور بين الاصحاب أنه ليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس، وقال الشيخ في الخلاف في المال حق سوى الزكاة المفروضة وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة. احتج الموجبون بالاخبار وقوله تعالى ” و آتوا حقه يوم حصاده ” وأجيب عن الاخبار بأنها انما تدل على الاستحباب لا الوجوب، وعن الآية باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة كما ذكره جمع من المفسرين وأن يكون المعنى فاعزموا على أداء الحق يوم الحصاد واهتموا به حتى لا تؤخروه عن أول وقت فيه يمكن الايتاء لان قوله: ” وآتوا حقه ” انما يحسن إذا كان الحق معلوما قبل ورود الآية، لكن ورد في أخبارنا انكار ذلك روى السيد المرتضى – رضى الله عنه – في الانتصار عن أبى جعفر (ع) في قوله تعالى ” وآتوا حقه يوم حصاده ” قال: ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه قال ” ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ” قال المرتضى -: وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر والزكاة مقدرة، وثانيا بحمل الامر على الاستحباب كما =

[ 47 ]

للحارس (1) يكون في الحائط أجرا معلوما، ويترك من النخلة معافارة، وأم جعرور (2) ويترك للحارس العذق والعذقين والثلاثة لحفظه له (3) وأما قوله تعالى: ” ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ” فالاسراف أن تعطي بيديك جميعا (4). 1664 – وقال الصادق عليه السلام: ” لا تحصد بالليل، ولا تصرم بالليل، ولا تجذ بالليل، ولا تضح بالليل (5) ولا تبذر بالليل لانك تعطي في البذر كما تعطي في الحصاد و متى فعلت ذلك بالليل لم يحضرك المساكين والسؤال ولا القانع ولا المعتر ” (6). 1665 – وروي عن مصادق قال: ” كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في أرض له وهم يصرمون فجاء سائل يسأل فقلت: الله يرزقك، فقال: مه ليس ذاك لكم حتى تعطوا ثلاثة فإن =


تدل عليه رواية معاوية بن شريح وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الكافي. وجه الدلالة أن المتبادر من قوله عليه السلام في حسنة الفضلاء ” هذا من الصدقة ” الصدقة المندوبة. (1) هو الذى يحرس الزرع ويحفظه، وفى بعض النسخ ” الخارص ” بالمعجمة والصاد وهو الذى يخرص الثمرة أي يقدرها، وصوبه بعض لكن في الكافي كما في المتن. (2) معافارة وأم جعرور: ضربان رديان من أردى التمر. (مجمع البحرين) (3) العذق: النخلة بحملها، والقنو من النخلة والعنقود من العنب (القاموس) والى هنا مأخوذ من خبر معاوية بن شريح وخبر الفضلاء: محمد بن مسلم وأبى بصير وزرارة المرويين في الكافي ج 3 ص 564 و 565. (4) كما في قرب الاسناد في حديث البزنظى عن الرضا عليه السلام قال: ” من الاسراف في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا قال وكان أبى عليه السلام إذا حضر حصد شئ ومن هذا فرأى أحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به وقال: أعطه بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل – الحديث ” ورواه العياشي في التفسير ج 1 ص 379. (5) من ضحى يضحى تضحية أي لا تذبح الاضحية بالليل ” ولا تبذر ” من البذر وبذر الحب بذرا ألقاه في الارض للزراعة. (6) الخبر في الكافي ج 3 ص 565 بسند قوى مع زيادة واختلاف في اللفظ. وفيه ” فقلت: ما القانع والمعتر؟ قال: القانع الذى يقنع بما أعطيته، والمعتر الذى يمر بك فيسألك – ” الخ.

[ 48 ]

أعطيتم بعد ذلك فلكم، وإن أمسكتم فلكم “. (1) باب * (الحق المعلوم والماعون) * 1666 – روى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الحق المعلوم ليس من الزكاة هو الشئ تخرجه من مالك إن شئت كل جمعة، وإن شئت كل شهر، ولكل ذي فضل فضله، وقول الله عزوجل: ” وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ” فليس من الزكاة، والماعون ليس من الزكاة هو المعروف تصنعه، والقرض تقرضه، ومتاع البيت تعيره، وصلة قرابتك ليس من الزكاة وقال عزوجل: ” والذين في أموالهم حق معلوم ” فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه أنه في ماله و نفسه، ويجب له أن يفرضه على قدر طاقته وسعته ” (2). باب * (الخراج والجزية) * 1667 – روي عن مصعب بن يزيد الانصاري قال: ” استعملني (3) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المداين (4) البهقباذات (5)، وبهر سير ونهر


(1) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 566 بسند ضعيف. (2) في بعض النسخ ” ووسعه “. والخبر في الكافي ج 3 ص 498 مع اختلاف وتقديم وتأخير وفيه ” فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله “. (3) أي جعلني عاملا. (4) رساتيق جمع رستاق معرب روستا. (5) البهقباذات: هي ثلاثة الاعلى والاوسط والاسفل، والاعلى يشمل بابل والفلوجتان العليا والسفلى وبهمن اردشير وأبز قباذ وعين التمر، والاوسط يشمل نهر البدأة وسورا +

[ 49 ]

جوبر، ونهر الملك (1) وأمرني أن أضع على كل جريب زرع غليظ درهما ونصفا وعلى كل جريب وسط درهما، وعلى كل جريب زرع رقيق ثلثي درهم، وعلى كل جريب كرم عشرة دراهم، وعلى كل جريب نخل عشرة دراهم، وعلى كل جريب البساتين التي تجمع النخل والشجرة عشرة دارهم، وأمرني أن ألقي كل نخل شاذ عن القرى لمارة الطريق وأبناء السبيل، ولا آخذ منه شيئا، وأمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين (2) ويتختمون بالذهب على كل رجل منهم ثمانية وأربعين درهما، وعلى أوساطهم والتجار منهم على كل رجل أربعة وعشرين درهما، وعلى سفلتهم وفقرائهم على كل إنسان منهم اثني عشر درهما، قال: فجبيتها (3) ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة “. 1668 – وروى فضيل بن عثمان الاعور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” ما من مولود يولد إلا على الفطرة (4) فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه (5) وإنما أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا =


وباروسما ونهر الملك، والاسفل يشمل خمسة طساسيج كانت على الفرات الاسفل حيث يدخل البطائح. (1) بهرسير – بفتح الموحدة وضم الهاء وفتح الراء وكسر السين – من نواحى بغداد، ونهر جوبر – بالنون والهاء والراء والجيم المفتوحة وفتح الموحدة والراء – من سواد بغداد وقيل من طساسيج كورة استان أردشير بابكان وهى على امتداد نهر كوثى والنيل، ولعل الاصل نهر جوبرة وهو نهر معروف بالبصرة. ونهر الملك هو أحد الانهر التى كانت تحمل من الفرات الى دجلة وأوله عند قرية الفلوجة ومصبه في دجلة أسفل من المدائن بثلاثة فراسخ. راجع المسالك والممالك. (2) الدهاقين جمع دهقان معرب والمراد هنا كبراء الفلاحين من المجوس، والبراذين جمع برذون مركب عراقى. (3) من الجباية أي جمعتها. (4) أي على فطرة التوحيد والاسلام كما قال الله عزوجل ” فطرة الله التى فطر الناس عليها “. (5) في القاموس مجسه تمجيسا صيره مجوسيا.

[ 50 ]

أولادهم ولا ينصروا، وأما أولاد أهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم “. (1). 1669 – وفي رواية علي بن رئاب، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الاخوات، ولا بنات الاخ، ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم [ فقد ] برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله، وقال: ليست لهم اليوم ذمة ” (2). 1670 – وروى حريز، عن زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” ما حد الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي أن يجوز (3) إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله وما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم أن لا يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية يؤخذ منهم على قدر ما يطيقون


(1) لان هؤلاء غير أولئك، أو لانهم لا يعملون بشرائط الذمة، وهو أظهر معنى، والاول لفظا (م ت) وقال سلطان العلماء: أي أهل الذمة في هذا العصر فانهم أولاد أهل الذمة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله، ولعل المراد بهذا الكلام أن الذمة التى أعطاها رسول الله (ص) لما كانت مخصوصة بأعيان تلك الاشخاص فلا ينفع في ذمة أولادهم فلابد لهم من ذمة اخرى من امام العصر، ولما لم يكن فلا ذمة لهم. وقال الفاضل التفرشى: قوله ” الا على الفطرة ” أي على فطرة الاسلام وخلقته أي المولود خلق في نفسه على الخلقة الصحيحة التى لو خلى وطبعه كان مسلما صحيح الاعتقاد والافعال وانما يعرض له الفساد من خارج فصيرورته يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا انما هي من قبل أبويه غالبا لانهما أشد الناس اختلاطا وتربية له، ولعل وجه انتفاء ذمتهم أن ذمة رسول الله (ص) لم تشملهم بل أعطاهم الذمة بسبب أن لا يفسدوا اعتقاد أولادهم ليحتاجوا الى الذمة. ولم يعطوا الذمة من قبل الاوصياء عليهم السلام لعدم تمكنهم في تصرفات الامامة و انما يعطوها من قبل من ليس له تلك الولاية فإذا ظهر الحق وقام القائم عليه السلام لم يقروا على ذلك ولا يقبل منهم الا الاسلام. وأخذ الجزية منهم في هذا الزمان من قبيل أخذ الخراج من الارض، والمنع عن التعرض لهم باعتبار الامان، وأما قوله في حديث زرارة الاتى ” ذلك الى الامام ” فمعناه أنه إذا كان متمكنا ويرى المصلحة في أخذ الجزية منهم كما وقع في زمان رسول الله (ص) وهو لا ينافى انتفاء الذمة عنهم اليوم. أقول: قوله ” ولا يقبل منهم الا الاسلام ” رجم بالغيب مبتن على الوهم. (2) لانهم لم يعملوا بالشروط المذكورة. (3) كذا، والصحيح ” أن يجوزوا “.

[ 51 ]

له أن يأخذهم به حتى يسلموا، فإن الله عزوجل قال: ” حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ” (1) وهو لا يكترث بما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما اخذ منه فيألم لذلك فيسلم “. 1671 – وقال محمد بن مسلم (2) قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس (3) من أرض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف؟ فقال: كان عليهم ما أجازوا على نفوسهم وليس للامام أكثر من الجزية، إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شئ، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شئ (4)، فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: إنما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ” (5). 1672 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية ” يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ سوى الجزية؟ قال: لا “.


(1) استشهاد على أن له أن يأخذ منهم قدر وسعهم ليتألموا فيسلموا (مراد) والصاغر الراضي بالذل، والغريب، وفى الصحاح ” يقال: ما أكترث له أي ما ابالى به ” يعنى لا يبالى لما يؤخذ منه حتى يجد أي ما لم يجد ذلا لما أخذ منه. وظاهر الاية وجوب أدائها بيده لا المبعث بيد وكيله بل يؤدى بيده الى أن يقول المصدق: بس. (م ت) أقول: سقطت هنا جملة ” وكيف يكون صاغرا ” وموجودة في الكافي ج 3 ص 566. (2) رواه الكليني في الحسن كالصحيح مع الذى تقدم في حديث راجع ج 3 ص 566. (3) أي من الذى وضع عمر على نصارى تغلب من تضعيف الزكاة ورفع الجزية. (4) كأن المراد أنهم وان أجازوا على أنفسهم لكن ليس للامام العدل أن يفعل ذلك، أو المراد أنه ليس لها مقدار مقدر مخصوص لكن كلما قدر لهم ينبغى أن يوضع اما على رؤوسهم واما على أموالهم (المرآة) والمشهور عدم جواز الجمع بين الرؤوس والاراضي وينافيه خبر مصعب المتقدم، وقيل يجوز. (5) قال بعض الشراح: الظاهر أنه عليه السلام بين أن هذا الخمس من فعل عمر أو من البدع وليس للامام أن يقرره عليهم ولم يفهم السائل ولما أعاد السؤال اضطر في أن يتقى فقال: انما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله (ص).

[ 52 ]

1673 – قال: (1) وسألت أبا عبد الله عليه السلام ” عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم؟ فقال: عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر وكلما أخذوا من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم ” (2). 1674 – وروى طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه (3)، ولا من المغلوب على عقله “. 1675 – روى حفص بن غياث قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال: لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلن وإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا (4) فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتلهن في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى (5) ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها ولو منع الرجال فأبوا أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم لان قتل الرجال مباح في دار الشرك والذمة، وكذلك المقعد من أهل الشرك والذمة (6) والاعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب من أجل ذلك


(1) رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه. (2) قال الفاضل التسترى – رحمه الله -: فيه دلالة على أن الكافر يؤخذ بما يستحله إذا كان حراما في شريعة الاسلام وأن ما يأخذونه على اعتقاد حل حلال علينا وان كان ذلك الاخذ حراما عندنا ولعل من هذا القبيل ما يأخذ الجائر من الخراج والمقاسمة وأشباههما. (3) عته عتها وهو معتوه من باب تعب: نقص عقله من غير جنون. (4) ” لم تخف خللا ” عطف على ” أمكنك ” فالامساك عن قتلها حين قاتلت مشروط بأمرين أحدهما امكان الاحتراز عن قتلها الى قتل الرجال فلو لم يمكن ذلك كما إذا تترس الرجال بهن جاز قتلها، والاخر أن ابقاءها لا يوجب خللا في قتال أهل الاسلام فإذا أورث ذلك خللا كما إذا كانت لها قوة وشجاعة بقتل أهل الاسلام جاز قتلها. (مراد) (5) لانها في دار الحرب كانت تعين أهل الحرب بخلاف دار الاسلام إذ لا حرب فيها. (6) أي مثل المرأة في رفع الجزية عنهم لامتناع قتلهم، فحينئذ يراد بأهل الشرك من =

[ 53 ]

رفعت عنهم الجزية “. 1676 – وورى ابن مسكان عن الحلبي قال: ” سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن الاعراب أعليهم جهاد؟ فقال: ليس عليهم جهاد إلا أن يخاف على الاسلام فيستعان بهم، فقال: فلهم من الجزية شئ؟ قال: لا “. (1) 1677 – وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن سير [ ة ] الامام في الارض التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي إمام لسائر الارضين، وقال: إن أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية وإنما الجزية عطاء المجاهدين، والصدقات لاهلها الذين سمى الله عزوجل في كتابه ليس لهم من الجزية شئ، ثم قال عليه السلام: ما أوسع العدل إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الارض بركتها بإذن الله عزوجل “. 1678 – والمجوس تؤخذ منهم الجزية لان النبي صلى الله عليه وآله قال: ” سنوا بهم سنة أهل الكتاب “. وكان لهم نبي اسمه دامسب (2) فقتلوه، وكتاب يقال له جاماسب (3) كان يقع في =


كان من احدى الفرق الثلاث قبل اعطاء الذمة ووضع الجزية على رؤوسهم وأموالهم فانه حين يوضع الجزية عليهم لا يوضع على هؤلاء منهم، وبهذا الاعتبار ذكرت المرأة فيهم فالمشبه به المرأة التى هي أهل الذمة والمشبه أعم من أن يكون من أهل الذمة أو من أهل الشرك بالمعنى المذكور. وفى الصحاح المقعد: الاعرج ولعل المراد هنا من لا يقدر على المشى. (مراد) (1) هذا الخبر يدل بظاهره على سقوط الجهاد عن سكان البادية وعلى أنهم لا يستحقون الجزية لانها للمجاهدين أو المهاجرين وليسوا منهما. (م ت) (2) في بعض النسخ ” داماست ” (3) في الكافي ج 3 ص 567 باسناد مرسل قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المجوس أكان لهم نبى؟ فقال: نعم أما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله الى أهل مكة أن أسلموا والا نابذتكم بحرب، فكتبوا الى رسول الله صلى الله عليه وآله أن خذمنا الجزية ودعنا على عبادة الاوثان، فكتب إليهم النبي صلى الله عليه وآله: أنى لست آخذ الجزية الا من أهل الكتاب فكتبوا إليه – يريدون بذلك تكذيبه -: زعمت أنك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب، =

[ 54 ]

اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه (1). 1679 – وسأل أبو الورد (2) أبا جعفر عليه السلام عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: نعم، قال: فيؤدي عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال: نعم إنما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدي عنه ” (3). وقد أخرجت ما رويت من الاخبار في هذا المعنى في كتاب الجزية. باب * (فضل المعروف) * 1680 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أول من يدخل الجنة المعروف وأهله و =


ثم أخذت الجزية من مجوس هجر، فكتب إليهم النبي صلى الله عليه وآله ان المجوس كان لهم نبى فقتلوه وكتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر ألف جلد ثور ” وفى شرح الارشاد: أن المجوس قوم كان لهم نبى وكتاب فحرقوه فاسم كتابهم جاماسب واسم نبيهم ذرادشت فقتلوه. (1) وقال الفاضل التفرشى: ” لعلهم كانوا جعلوا أوراق الكتاب من جلد ثور عوضا عن القرطاس للاستحكام “. وقال بعض الشراح: ظاهر هذا الخبر أن القرطاس لم يكن يومئذ وكانوا يكتبون على الجلود والالواح. (2) الطريق إليه صحيح. (3) اختلف علماؤنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليه وهو قول العامة بأسرهم لقوله صلى الله عليه وآله: ” لا جزية على العبد ” لانه مال فلا يؤخذ منه كغيره من الحيوان، وقال قوم لا يسقط لقول الباقر عليه السلام وقد ” سئل عن مملوك نصراني لرجل مسلم أعليه جزية؟ قال: نعم. قلت: فيؤدى عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال: نعم انما هو ماله يفديه إذا اخذ يؤدى عنه “. ولانه مشرك فلا يجوز أن يستوطن دار الاسلام بغير عوض كالحر ولا فرق بين أن يكون العبد لمسلم أو ذمى ان قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديه مولاه عنه (تذكرة الفقهاء) وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: يدل الخبر على جواز أخذ الجزية من المسلم لاجل مملوكه الذمي وهو مشكل بناء على عدم تملك العبد، ومن اذلال المسلم بأخذ الجزية عنه.

[ 55 ]

أول من يرد علي الحوض “. (1) 1681 – وقال عليه السلام: ” أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة ” (2). وتفسيره أنه إذا كان يوم القيامة قيل لهم: هبوا حسناتكم لمن شئتم وادخلوا الجنة. (3) 1682 – وقال عليه السلام: ” كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان “. (4) 1683 – وقال الصادق عليه السلام: ” اصنع المعروف إلى كل أحد، فإن كان أهله وإلا فأنت أهله “. 1684 – وقال عليه السلام: ” أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله “. 1685 – وقال عليه السلام: ” المعروف شئ سوى الزكاة فتقربوا إلى الله عزوجل بالبر وصلة الرحم “. 1686 – وقال عليه السلام: ” رأيت المعروف كاسمه، وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه، وذلك يراد منه، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه


(1) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 28 وفى النهاية ” المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب إليه والاحسان الى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع “. وقد يخص بما يتعدى الى الغير وهو المراد هنا ظاهرا، وقوله: ” أول من يدخل الجنة المعروف ” اما على تجسم الاعمال واما على أنه سبب لدخولها. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 29 وزاد في آخره ” يقال لهم: ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم “. (3) الظاهر أن المؤلف – رحمه الله – أخذ هذا التفسير من ذيل الحديث الذى نقلناه عن الكافي. (4) اللهفان: المتحسر والمكروب، والملهوف: المظلوم، واللهيف: المضطر.

[ 56 ]

وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهناك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه “. 1687 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” صنايع المعروف تقي مصارع السوء “. (1) 1688 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى (2) وابدأ بمن تعول، واليد العلياء خير من اليد السفلى، ولا يلوم الله عزوجل على الكفاف “. (3) 1689 – وقال صلى الله عليه وآله: ” إن البركة أسرع إلى البيت الذي يمتار منه المعروف من الشفرة في سنام البعير، أو السيل إلى منتهاه ” (4).


(1) أي تحفظ الانسان عن المهالك ومساقط السوء. (2) أي ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم فإذا أعطيتها غيرك مما فضل عن قوت عيالك كانت عن استغناء منك ومنهم. وقال الطريحي في المجمع في مادة ” ظهر “: لا بعد أن يراد بالغنى ما هو الاعم من غنى النفس والمال، فان الشخص إذا رغب في ثواب الاخرة أغنى نفسه عن أعراض الدنيا وزهد فيما يعطيه وساوى من كان غنيا بماله فيقال: انه تصدق عن ظهر غنى فلا منافاة بينه وبين قوله عليه السلام ” أفضل الصدقة جهد المقل “. والظهر قد يرد في مثل هذا اشباعا للكلام وتمكينا كان صدقته مستندة الى ظهر قوى من المال، ويقال ما كان ظهر غنى المراد نفس الغنى ولكنه أضيف للايضاح والبيان كما قيل: ظهر الغيب والمراد نفس الغيب ومنه نفس القلب ونسيم الصبا وهى نفس الصبا – انتهى. وفى بعض النسخ ” على ظهر غنى “. (3) أي لا يلوم على الادخار للعيال لان الانفاق على العيال اعطاء. يعنى إذا كان المال بقدر ما يكفى العيال فلا يلام على عدم الاعطاء، وقيل: إذا لم يكن عنده كفاف لايلام على المنع، والكفاف: الرزق. (4) يمتار أي يجلب وأكثر استعماله في جلب الطعام، والشفرة السكين العريض، و السنام: حدبة في ظهر البعير يقال له بالفارسية ” كوهان “. وفى الخبر دلالة على أن اصطناع المعروف سبب للزيادة في الدنيا والاخرة، والخبر في الكافي ج 4 ص 29 عن النبي (ص).

[ 57 ]

1690 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله ” (1) 1691 – وقال الصادق عليه السلام: ” رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال تصغيره وستره وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه، وإذا سترته تممته وإذا عجلته هنأته، وإن كان غير ذلك محقته ونكدته ” (2). 1692 – وقال عليه السلام للمفضل بن عمر: ” يا مفضل إذا أردت أن تعلم أشقي الرجل أم سعيد فانظر إلى معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه إلى خير، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله تعالى خير ” (3). 1693 – وقال عليه السلام: ” إنما أعطاكم الله هذه الفضول من الاموال لتوجهوها حيث وجهها الله عزوجل ولم يعطكموها لتكنزوها “. 1694 – وقال عليه السلام: ” لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق “. 1695 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من أتى إليه المعروف فليكاف به وإن عجز فليثن، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة ” (4). 1696 – وقال الصادق عليه السلام: ” لعن الله قاطعي سبيل المعروف، قيل: وما


(1) أي ان الثمرة مطلوبة من كل شئ وثمرة المعروف والمطلوب الاهم منه تعجيله وفى الكافي ج 4 ص 30 ” تعجيل السراح ” والسراح بالمهملات: الارسال والخروج من الامر بسرعة وسهولة وفى المثل ” السراح من النجاح ” يعنى إذا لم تقدر على قضاء حاجة أحد فآيسته فان ذلك من الاسعاف. (2) ” محقته ” أي أبطلت ثوابه. و ” نكدته ” أي ضيعته وقللته. (3) محمول على ما إذا علم أنه ليس من أهله فلا ينافى ما تقدم. والخبر يدل على وجوب رعاية وجه المصرف ومورد الاعطاء أفى حق أم باطل، وعلى حرمة تضييع المال. (4) يدل على رجحان شكر النعمة ولو بالثناء على المنعم.

[ 58 ]

قاطعي (1) سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره ” (2). باب * (ثواب القرض) * 1697 – قال الصادق عليه السلام: ” مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر “. 1698 – وقال عليه السلام: ” في قول الله عز وجل ” لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ” قال: المعروف القرض “. 1699 – وقال عليه السلام: ” ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله عزوجل إلا حسب له أجرها (3) بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه “. 1700 – وقال عليه السلام: ” قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير، إن أيسر أذاه وإن مات احتسب من زكاته ” (4). باب * (ثواب انظار المعسر) * 1701 – صعد (5) رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى


(1) في بعض النسخ ” قاطعوا ” كما في الكافي. (2) اخبار هذا الباب كلها مروية في الكافي مسندة. (3) الضمير المؤنث راجع الى القرض بتأويل الحسنة وفى الكافي ” أجره ” وهو أصوب، وقوله: ” حتى يرجع ماله إليه ” ظاهره أنه يثاب على ابقائه وقتا فوقتا مثل ثواب التصدق به فيرجع الى ما يجئ في الانظار. (مراد) (4) في بعض النسخ ” بزكاته “. وفى الكافي ” من الزكاة “. (5) رواه الكليني ج 4 ص 35 باسناده عن يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى عن الصادق عليه السلام.

[ 59 ]

على أنبيائه عليهم السلام ثم قال: ” أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب: من أنظر معسرا (1) كان له على الله عزوجل في كل يوم ثواب صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه (2) وقال أبو عبد الله عليه السلام (3): قال الله عزوجل: ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (أنه معسر) (4) ” فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم “. 1702 – وقال عليه السلام: ” خلوا سبيل المعسر كما خلاه الله تبارك وتعالى ” (5). 1703 – وقال عليه السلام: ” من أراد أن يظله الله عزوجل يوم لا ظل إلا ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه ” (6). باب * (ثواب تحليل الميت) * 1704 – قيل للصادق عليه السلام: ” إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل قد مات وكلمناه أن يحلله فأبى فقال: ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله


(1) الانظار: التأخير والامهال. (2) يدل بظاهره على أن انظار المعسر ثوابه أفضل من الصدقة. (3) في الكافي ” ثم قال أبو عبد الله عليه السلام “. (4) ظاهره ينافى ما سبق من أنه ان أنظر كان له في كل يوم ثواب الصدقة بمثله الا أن يخص ذلك بالصدقة على غير ذلك المعسر، وهذا بالصدقة عليه أو يحمل على تفاوت مراتب الصدقة والله أعلم، والظاهر في أمثال هذه المواضع المبالغة في كثرة الثواب لا خصوص المقدار الذى ذكر فلا بأس باختلاف المذكورات. (سلطان) (5) أي اتركوه وأعرضوا عنه كما تركه الله تعالى حيث قال: ” فنظرة الى ميسرة “. والخبر رواه الكليني باسناده عن يعقوب بن سالم عن أبى عبد الله عليه السلام. (6) ” من ” في قوله ” من حقه ” للتبعيض يعنى أو يخفف عنه ليتمكن من أدائه كما في الوافى أو يدع حقه رأسا.

[ 60 ]

وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم ” (1). باب * (استدامة النعمة باحتمال المؤونة) * (2) 1705 – قال الصادق عليه السلام: ” من عظمت نعمة الله عليه اشتدت مؤونة الناس عليه (3)، فاستديموا النعمة باحتمال المؤونة، ولا تعرضوها للزوال (4)، فقل من زالت عنه النعمة فكادت تعود إليه ” (5). 1706 – وقال عليه السلام: ” أحسنوا جوار نعم الله (6) واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها لن تنتقل (7) عن أحد قط فكادت ترجع إليه، وكان علي عليه السلام (8) يقول: قل ما أدبر شئ فأقبل “.


(1) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 36 باسناده عن الحسن بن خنيس قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: ان لعبد الرحمن بن سيابة – الحديث “. (2) أي من كان يريد أن تدوم نعم الله تعالى عليه فليتحمل مؤونة الخلائق في ماله حتى تدوم. (م ت) (3) اما بتكليفه تعالى في الزكاة والخمس وغيرهما من الواجبات أو من توقع الناس وسؤالهم وطلبهم منه. (4) ” فاستديموا – الخ ” أي اطلبوا دوام النعمة باعانة المؤمنين (سلطان) ” ولا تعرضوها للزوال ” أي بعدم القيام على الانفاق والاعانة وعدم الاحتمال لمؤونة الخلق. والخبر رواه الكليني بسند صحيح عنه عليه السلام. (5) يعنى أنه إذا زالت النعمة بسبب عدم تحمل مؤونات الناس فنادر أن تعود إليه بعد أن زالت. والخبر في الكافي ج 4 ص 38 بسند صحيح على ما في المرآة. (6) أي مجاورتها بأداء حقوق الخالق والمخلوق. (م ت). (7) في بعض النسخ ” لم تنتقل ” كما في الكافي. (8) في الكافي ” قال: وكان على عليه السلام “.

[ 61 ]

باب * (فضل السخاء والجود) * 1707 – قال الصادق عليه السلام: ” خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران (1)، ودخول الجنان، ثم قال لجميل: يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك (2)، قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون “. 1708 – وقال عليه السلام: ” شاب سخي مرهق في الذنوب (3) أحب إلى الله عزو جل من شيخ عابد بخيل “. 1709 – وروي ” أن الله عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي “. (4)


(1) ” مرغمة ” – بفتح الميم مصدر، وبكسرها – اسم آلة من الرغام – بفتح الراء – بمعنى التراب. والتزحزح: التباعد (الوافى) والخبر رواه الكليني باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول – الخبر “. (2) ” غرر ” بالغين المعجمة والمهملتين – النجباء جمع الاغر. وفى بعض النسخ هنا وما يأتي بالعين المهملة والزاءين المعجمتين – جمع العزيز. (3) المرهق: المفرط في الشر ومرتكب المحارم. وفى القاموس الرهق – محركة -: السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم. (4) رواه الكليني ج 4 ص 41 عن على بن ابراهيم رفعه قال: ” أوحى الله عزوجل الى موسى عليه السلام – الخ “.

[ 62 ]

1710 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس “. (1) 1711 – وقال الصادق عليه السلام: ” من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرا، وأنصف الناس من نفسك (2)، وافش السلام في العالم (3) واترك المراء وإن كنت محقا ” (4). 1712 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة “. (5) وقال الله عزوجل: ” وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين ” (6). 1713 – وقال الصادق عليه السلام: ” في قول الله عزوجل: ” كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ” (7) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فان عمل فيه بطاعة الله (8) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل (9) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل “. 1714 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من


(1) أي بالنسبة الى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ. (2) أي كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك، واكره لهم ما تكره لها. (3) أي سلم على من لقيت من اخوانك جهارا. (4) المراء: الجدال، أي اترك الجدال في الكلام وان كان الحق لك. والخبر مروى في الكافي بسند فيه ضعف ج 4 ص 44 عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام. (5) الخلف – بفتح المعجمة واللام -: العوض. وقوله ” سخت ” أي جادت وفى بعض نسخ الكافي ” سمحت “. (6) من كلام المؤلف – رحمه الله – كما يظهر من الكافي. (7) الحسرات جمع الحسرة وهى أشد الندامة. (8) في الكافي ” أو في معصية الله فان عمل به في طاعة الله – الخ “. (9) في بعض النسخ والكافي ” وان كان عمل به في معصية الله “.

[ 63 ]

ماله وأعطى البائنة في قومه (1) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك “. 1715 – وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال: ” قال لي أبو – عبد الله عليه السلام: أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال: الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل “. 1716 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ما محق الاسلام محق الشح شئ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك “. (2) 1717 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل “. (3) 1718 – ” وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم (4) فقال له: كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الضلامة على أهلها، والشحيح إذا شح منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف (5) والنفقة في سبيل الله


(1) البائنة العطية، سميت بها لانها ابينت من المال (الوافى) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لانها ابينت من المال. (2) الدبيب: المشى اللين أي حركة خفيفة لا تحس، والشرك – محركة -: حبائل الصيد. وقرأه الفاضل التفرشى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج إليه. (3) أي إذا كان غير منظور إليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل. (4) أي عذره أشد وأكثر من عذر الظالم. (5) اقراء الضيف: ضيافته وخدمته والاحسان إليه. هذه الاخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج 4 ص 44 و 45.

[ 64 ]

عزوجل وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح “. 1719 – وقال الصادق عليه السلام: ” المنجيات إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام “. [ فضل القصد ] 1720 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” ما عال امرء في اقتصاد ” (1) 1721 – وقال الصادق عليه السلام: ” ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر “. (2) وقال الله عزوجل: ” يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ” والعفو الوسط (3). وقال الله عزوجل: ” والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ” والقوام الوسط. باب * (فضل سقى الماء) * 1722 – قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء – يعني في الاجر – “. 1723 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” إن الله تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحرى (4)، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله “. 1724 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان


(1) العيلة والعالة: الفاقة، أي ما افتقر أحد إذا اقتصد في أمر معاشه. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 53 مسندا وكذا الذى قبله. (2) مروى في الكافي مسندا عن مدرك بن أبى الهزهاز عنه (ع). (3) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن أبى عبد الله عليه السلام ” في قول الله تعالى ” و يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو ” قال: العفو الوسط ” (الكافي ج 4 ص 52) (4) في القاموس: الحران العطشان، والانثى حرى مثل عطشى.

[ 65 ]

كمن أحيا نفسا، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا “. (1) باب * (ثواب اصطناع المعروف الى العلوية) * 1725 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة “. 1726 – وقال عليه السلام: ” إني شافع يوم القيامة لاربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا “. (2) 1727 – وقال الصادق عليه السلام: ” إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول: يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى اكافيه، فيقولون: بآبائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة (3) حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين “.


(1) هذه الاخبار الثلاثة في الباب مروية في الكافي ج 3 ص 57 مسندة. (2) التشريد: الطرد والتفريق، والخبر مروى في الكافي وفيه ” ورجل يسعى في حوائج ذريتي – الخ “. (3) الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة (القاموس) وفى معاني الاخبار ص 116 في حديث طويل عن النبي (ص) قال: ” الوسيلة هي درجتي في الجنة وهى ألف مرقاة – الخ “

[ 66 ]

باب * (فضل الصدقة) * 1728 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله “. 1729 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء “. 1730 – وقال الصادق عليه السلام: ” داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة، فإنها تفك من بين لحيي سبعمائة شيطان (1). وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد ” (2). 1731 – وقال عليه السلام: ” الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحيي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل “. 1732 – وقال عليه السلام: ” يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده، ويأمر السائل أن يدعو له “.


(1) قال بعض الشراح: كأن الصدقة دخلت في أفواههم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة فبعضهم يقول لا تتصدق فانك تصير فقيرا، وبعضهم يقول: لا تتصدق فانك أحوج منه، أو أن السائل غير مستحق، أو تصدق على آخر أحوج منه – انتهى. أقول يمكن أن يقرأ ” تفك ” بصيغة المعلوم فالمعنى أن الصدقة تفك الرزق من بين لحيى سبعمائة شيطان كلهم يمنعون وصوله اليك، أو بصيغة المجهول أي الصدقة تخرج من بين لحيى سبعمائة شيطان فيكون كناية عن كونها شاقة على النفس وحينئذ يكون تعليلا للجملة السابقة. وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض كما في النهاية. (2) كناية عن قبوله تعالى، ولعله اشارة الى قوله تعالى: ” أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات “.

[ 67 ]

1733 – وقال عليه السلام: ” باكروا بالصدقة (1) فإن البلايا لا تتخطاها (2) ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة “. 1734 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله لا إله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة (3) والحرق والغرق والهدم والجنون، وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر ” (4). 1735 – وقال صلى الله عليه وآله: ” صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله ” (5). 1736 – وروى عمار عن الصادق عليه السلام قال: ” قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية “. (6) 1737 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردوه “. (7) 1738 – وقال صلى الله عليه وآله: ” الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر (8) وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين “.


(1) أي ابتدؤوا النهار بالصدقة أو تصدقوا في أوله. وفى الكافي ” بكروا ” بتشديد الكاف. (2) أي ان البلايا لا تتجاوز الصدقة بل هي تسدها وتمنعها وحالت بين صاحبها وبين البلايا. (3) الدبيلة – كجهينة مصغرة -: الطاعون والخراج ودمل يظهر في البطن فيقتل. (4) في الكافي ج 4 ص 5 ” سبعين بابا من السوء ” وهو أصوب. (5) غضبة تعالى كناية عن العذاب والا فهو سبحانه منزه عن أن يكون محلا للحوادث. (6) في المحكى عن دروس الشهيد – رحمه الله – الصدقة سرا أفضل الا أن يتهم بترك المواساة، أو يقصد اقتداء غيره به، اما الواجبة فاظهارها أفضل مطلقا. (7) ” طرقكم ” أي نزل عليكم، وطرق فلان طروقا إذا جاء بليل. (8) وجه تفضيل القرض هو أن الصدقة تقع أحيانا في يد غير المحتاج والقرض غالبا لا يقع الا في يد المحتاج. وقيل: انما جعل الله جزاء الحسنة عشر أمثالها والقرض حسنة فإذا أخذ المقرض ما أعطاه قرضا فكأنه أخذ من العشر واحدة وبقيت له عند الله تسعة ووعد الله سبحانه أن يضاعفها له في قوله ” فيضاعفه له ” فتصير ثمانية عشر.

[ 68 ]

1739 – وسئل عليه السلام ” أي الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح ” (1). 1740 – وقال عليه السلام: ” لا صدقة وذو رحم محتاج ” (2). 1741 – قال عليه السلام ” ملعون ملعون من ألقى كله على الناس (3) ملعون ملعون من ضيع من يعول ” (4). 1742 – وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ” ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته “. (5) 1743 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن السائل يسأل ولا يدرى ما هو؟ فقال: أعط من وقعت في قلبك الرحمة له، وقال: اعطه دون الدرهم، قلت: أكثر ما يعطى؟ قال أربعة دوانيق ” (6). 1744 – وروى الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان فيما ناجى الله عزو جل به موسى عليه السلام أن قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير، أو برد جميل إنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك و يسألونك مما نولتك (7) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران “.


(1) في النهاية ” الكاشح “: العدو الذى يضمر لك عداوته ويطوى عليها كشحه أي باطنه وذلك لان الاخلاص فيها أتم بخلاف ذى المحبة. (2) حمل على الصدقة الكاملة أي لا صدقة كاملة. (3) الكل – بالفتح -: الثقل والعيال والمراد قوته وقوت عياله. (4) أي تركهم مهملين بلا قوت ولا نفقة. (5) مروى في الكافي باسناده عن معمر بن خلاد عنه عليه السلام وفيه ” كيلا يتمنوا موته وتلا هذه الاية ” ويطعمون الطعام على حبه – الآية ” وقال: الاسير عيال الرجل ينبغى للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراءه في السعة عليهم، ثم قال: ان فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها اسراءه وجعلها عند فلان فذهب الله بها، وقال معمر: وكان فلان حاضرا “. (6) الدوانيق جمع دانق – كصاحب -: سدس الدرهم. (7) خوله الله عزوجل أي أعطاه متفضلا. والنوال: العطاء، ونولته أي أعطيته نوالا.

[ 69 ]

1745 – وقال عليه السلام: ” اعط السائل ولو على ظهر فرس ” (1). 1746 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لا تقطعوا على السائل مسألته (2) فلولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من [ ي‍ ] ردهم “. 1747 – وروي عن الوليد بن صبيح قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه سائل فأعطاء، ثم جاءه آخر فأعطاء، ثم جاءه آخر فأعطاه، ثم جاءه آخر فقال: وسع الله، عليك ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقي منها شيئا إلا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال: قلت: من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في [ غير ] (3) وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل: ألم أرزقك؟ ورجل جلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق، ورجل له امرأة تؤذيه فيقول: يا رب خلصني منها فيقول الله عزوجل: ألم أجعل أمرها بيدك “. 1748 – وقال الصادق عليه السلام في السؤال (4): ” أطعموا ثلاثة وإن شئتم أن تزدادوا فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم “. 1749 – وقال عليه السلام: ” إذا اعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم “. 1750 – وقال الصادق عليه السلام: ” في الرجل يعطي غيره الدراهم يقسمها، قال: يجري له من الاجر مثل ما يجري للمعطي ولا ينقص من أجره شئ، ولو أن المعروف جرى على سبعين يدا لاوجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ ” (5).


(1) أي ولو كان السائل على ظهر فرس أي غنيا غير فقير، أو كنت على ظهر فرس غير متمكن حين السؤال من اعطاء شئ غير الفرس الذى أنت على ظهره. (م ح ق) (2) المراد بالقطع على السائل رده. (3) لفظة ” غير ” ليست في كثير من النسخ. (4) السؤال – كتجار: جمع سائل وهو الفقير. (5) رواه الكليني باختلاف في خبرين مسندين عن أبى نهشل وابن أبى عمير عن جميل.

[ 70 ]

1751 – وسئل الصادق عليه السلام ” أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل (1) أما سمعت قول الله عزوجل: ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ” هل ترى ههنا فضلا ” (2). 1752 – وقال علي بن الحسين عليهما السلام: ” ضمنت (3) على ربي عزوجل أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة “. 1753 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر “. 1754 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه الله عزوجل إليها ويكتب له بها النار “. (4) 1755 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى أحب شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض عزوجل لخلقه المسألة (5) وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شئ أحب إليه من أن يسأل، فلا يستحيي أحدكم أن يسأل الله عزوجل من فضله ولو شسع نعل “. (6) 1756 – وقال الصادق عليه السلام: ” إياكم وسؤال الناس فإنه ذل الدنيا وفقر تتعجلونه، وحساب طويل يوم القيامة “.


(1) في النهاية ” أفضل الصدقة جهد المقل ” أي قدر ما يحتمله حال قليل المال. (2) أي هل ترى في الاية تقييدا بالفضل عما يحتاجون إليه. (3) ذلك على سبيل التهكم وفيه مبالغة في أن السائل بلا حاجة يصير مآله الى الفقر. (4) قوله ” ما من عبد ” النفى راجع الى القيد الاخير وهو الموت، أي لا يموت عبد يسأل من غير حاجة حتى يحوجه الله تعالى (مراد) أقول: رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 19 وفيه ” يثبت الله له بها النار “. (5) يعنى أبغض لهم أن يسألوا وذلك لان مسؤوليتهم تمنع مسؤوليته سبحانه، وهو أحب لنفسه فأبغضها لهم. (الوافى) (6) الشسع – بكسر المعجمة وسكون المهملة وبكسرهما -: قبال النعل وهو زمام بين – الاصبع الوسطى والتى تليها.

[ 71 ]

1757 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا “. 1758 و ” جاءت فخذ من الانصار (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا: يا رسول الله لنا إليك حاجة، قال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنها حاجة عظيمة قال: هاتوا ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة، فنكس صلى الله عليه وآله رأسه ونكت في الارض (2) ثم رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لانسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول: ناولني حتى يقوم فيشرب “. 1759 – وقال عليه السلام: ” استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك ” (3). 1760 – وقال الصادق عليه السلام: ” المن يهدم الصنيعة “. 1761 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور “. 1762 – وروي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام ” أن أمير المؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة (4) وكان الرجل


(1) رواه الكليني باسناده عن هشام بن سالم عن أبى بصير عن الصادق عليه السلام (ج 4 ص 21) والفخذ: القبيلة. (2) نكت في الارض بقضيبه أي ضرب بها فأثر فيها. (3) الشوص – بالفتح ثم السكون: الغسل والتنظيف أي استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك أي بغسله وتنظيفه. ولا يقل أحد لاحد: اغسل سواكى أو نظفه. (4) البغيبغة – بباءين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء -: ضيعة أو عين بالمدينة كثيرة النخل لال الرسول (ص)، قال المسهودى في وفاء الوفاء: البغيبغة تصغير البغبغ وهى البئر القريبة الرشا، والبغبغات عيون عملها على بن أبى طالب عليه السلام بينبغ =

[ 72 ]

ممن يرجو نوافله ويرضى نائله ورفده (1) وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا، فقال رجل لامير المؤمنين عليه السلام: والله ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لاكثر الله في المؤمنين ضربك، أعطي أنا وتبخل أنت به (2) إذا أنا أعط الذي يرجوني إلا من بعد مسألتي ثم أعطيته بعد المسألة فلم اعطه إلا ثمن ما أخذت منه، وذلك لاني عرضته لان يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عزوجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عزوجل في دعائه له (3) حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: ” الله اغفر للمؤمنين والمؤمنات ” فإذا دعا له بالمغفرة فقد طلب له الجنة، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل ” (4). باب * (ثواب صلة الامام عليه السلام) * 1763 – سئل الصادق عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ” قال: نزلت في صلة الامام عليه السلام “. (5) =


أول ما صارت إليه وتصدق بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق ومنها خيف الاراك وخيف ليلى وخيف الطاس. (1) النوافل: العطايا، والنائل: العطاء، والرفد – بالكسر -: الصلة والعطاء. (2) ” ضربك ” أي مثلك، وفى الكافي ” أعطى أنا وتبخل أنت، لله أنت “. (3) ” فلم يصدق الله ” من الصدق المتعدى الى مفعولين. قال الله تعالى: ” لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ” أي أخبره بالحق. (سلطان) (4) أي لم يأت بالانصاف والعدل من قال بلسانه انى أطلب له الجنة واحب ذلك ولم يفعل باليد ما يدل على أن ما قال بلسانه كان موافقا لما في قلبه. (مراد) (5) رواه الكليني ج 1 ص 537 باسناد عن اسحاق بن عمار عن أبى ابراهيم عليه السلام.

[ 73 ]

1764 – وقال عليه السلام: ” درهم يوصل به الامام أفضل من ألف ألف درهم ينفق في غيره في سبيل الله عزوجل “. (1) 1765 – وقال الصادق عليه السلام: ” من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شعيتنا (2) يكتب له ثواب صلتنا، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا “. (كتاب الصوم) * (باب علة فرض الصيام) * 1766 – سأل هشام بن الحكم أبا عبد الله عليه السلام ” عن علة الصيام فقال: ” إنما فرض الله عزوجل الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد الله عزوجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والالم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع “. 1767 – وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: ” علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل، دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة “. 1768 – وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمد عليه السلام ” لم فرض الله الصوم؟ فورد في الجواب ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير “. (3) 1769 – وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال: ” جاء نفر من


(1) في الكافي ج 1 ص 538 وفيه ” أفضل من ألفى ألف درهم فيما سواه من وجوه البر “. (2) في بعض النسخ وثواب الاعمال ص 124 ” صالحي موالينا “. (3) أي يعطى، من عليه أي أنعم واصطنع عنده صنيعة.

[ 74 ]

اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له: ” لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض الله على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا هذه الآية: ” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ” قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال، أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام، والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله براءة من النار، والسابعة يطعمه الله عزوجل من طيبات الجنة، قال: صدقت يا محمد “. باب * (فضل الصيام) * 1770 – قال أبو جعفر عليه السلام: ” بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية ” (1) 1771 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الصوم جنة من النار ” (2). 1772 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما


(1) المراد بالولاية معرفة الامام الحق المنصوب من عند الله المنصوص عليه، والتصديق بكونه ولى أمر الامة، مفترض الطاعة كطاعة الرسول صلى الله عليه وآله. والولاية – بالكسر – بمعنى تولى الامر ومالكية التصرف فيه. (2) رواه الكليني عن على عن ابيه عن حماد عن حريز عن زرارة.

[ 75 ]

لم يغتب مسلما “. (1) 1773 – وقال صلى الله عليه وآله: ” قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به (2)، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل (3)، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم (4) عند الله أطيب من ريح المسك “. 1774 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: ” ألا اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله عزوجل والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه (5) ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام “. 1775 – وقال الصادق عليه السلام لعلي بن عبد العزيز: ” ألا اخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال: بلى، قال: أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله عزوجل، ألا أخبرك بأبواب الخير؟ الصوم جنة من النار ” (6).


(1) رواه الكليني ج 4 ص 64 باسناده عن عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله، ويدل على جواز النوم للصائم. (2) انما خص الصوم بالله من بين سائر العبادات وبأنه جازيه مع اشتراك الكل في ذلك لكونه خالصا له وجزاؤه من عنده خاصة من غير مشاركة أحد فيه لكونه مستورا عن أعين الناس مصونا عن ثنائهم عليه. (الوافى). (3) فرحه عند الافطار لاشعاره بان المولى وفقه لغلبة هواه ولعدم تزلزله في اتيان ما كلف به ومجيئه مظفرا من تلك الجهاد، وله فرح آخر وهو عند لقاء جزاء عمله بما فرض الله له. (4) الخلوف – بضم الخاء المعجمة قبل اللام، والفاء بعد الواو: رائحة الفم، أو الرائحة. الكريهة. (5) المؤازرة: المعاونة، وقطع الدابر كناية عن الاستيصال، والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (الوافى) (6) أي وقاية وحسن من الوقوع في كل معصية توجب دخول النار. وقال في الوافى: =

[ 76 ]

1776 – وقال عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” واستعينوا بالصبر والصلاة ” قال: يعني بالصبر الصوم “. 1777 – وقال عليه السلام: ” إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة (1) فليصم فإن الله عزوجل يقول: ” واستعينوا بالصبر والصلاة ” (2). 1778 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين وقال: أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه تعالى ذكره أنه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه “. 1779 – وقال الصادق عليه السلام: ” أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك “. 1780 – وقال الصادق عليه السلام: ” للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه عزوجل “. 1781 – وقال عليه السلام: ” من صام لله عزوجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر، قال الله عزوجل: ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له “. 1782 – وقال أبو الحسن الاول عليه السلام: ” قيلوا (3) فإن الله عزوجل يطعم الصائم ويسقيه في منامه “. 1783 – وقال الصادق عليه السلام: ” نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب “. =


لانه يدفع حر الشهوة والغضب اللتين بهما يصلى نار جهنم في باطن الانسان في الدنيا وتبرز له في الاخرة، كما أن الجنة تدفع عن صاحبها حر الحديد. (1) في الكافي ج 4 ص 64 ” بالرجل النازلة والشديدة – الخ “. (2) في الكافي ” يقول ” استعينوا بالصبر ” يعنى الصيام “. (3) من القيلولة وهى نوم الضحى، أمر من قال يقيل قيلولة بمعنى النوم قبل الظهر.

[ 77 ]

باب * (وجوه الصوم) * 1784 – روي عن الزهري أنه قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام يوما: ” يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: ففيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض، قلت: جعلت فداك فسرهن لي. قال: أما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال الله عزوجل: ” والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا (1) ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا “، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل: ” ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله (2) – إلى قوله تعالى – فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين “، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام (3) قال الله عزوجل: ” فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ” فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى حلق


(1) ” ثم يعودون ” أي يريدون الوطى ونقض قولهم، فعليهم الكفارة ” من قبل أن يتماسا ” أي يجامعا. (2) أي مدفوعة إلى أهل القتيل. (3) أي لم يجده مع اختيه من العتق والكسوة، وترك للظهور. (م ت)

[ 78 ]

الرأس واجب قال عزوجل: ” فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ” (1) فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة (2) واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تعالى: ” فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عزوجل: ” ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ” ثم قال: أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدرى قال: يقوم الصيد قيمة ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب (3)، وصوم الاعتكاف واجب (4). وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، ويوم الاضحى، وثلاثة أيام التشريق (5)، وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس (6)، فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من


(1) جمع نسيكة وهى الذبيحة. (2) أي الهدى الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه. (3) الظاهر أن المراد أعم منه ومن العهد واليمين وسيجئ اطلاقه في الاخبار عليهما ولو تجوزا. (م ت) (4) المراد به الوجوب الشرطي بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم ولا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان وصامه في اعتكافه صح والمراد وجوب اليوم الثالث والسادس والتاسع وهكذا كل ثالث بعد اعتكافه يومين. (م ت) (5) أي لمن كان بمنى، ولا خلاف في حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا والمشهور التحريم لمن كان فيها وان لم يكن ناسكا. (6) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح عند الناس أنه منه. (المرآة)

[ 79 ]

شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره، فقلت له: وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه، لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه (1)، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام (2)، وصوم نذر المعصية حرام (3)، وصوم الدهر حرام (4).


(1) أي أن الفرض أنما وقع على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لاجزأ عنه إذا كان جاهلا ولو كان نية التعيين شرطا لما أجزأ عنه، أو لان الفرض على اليوم بعينه ونية التعيين واجب مع العلم واما مع الجهل فلا لانه لا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه ونواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لانه لا يعلم أنه من رمضان فإذا نواه من شعبان فانكشف أنه كان من رمضان أجزأ عنه والمعتمد قوله عليه السلام لا استدلاله وهذه الاستدلالات كانت لاشكالات العامة. (م ت) (2) ذهب الشيخ – رحمه الله – في النهاية وأكثر الاصحاب الى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة الى السحر، وذهب هو في الاقتصاد وابن ادريس الى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما، وانما يحرم تأخير العشاء الى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك، واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. (المرآة) (3) هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا أو عكسهما جزاء. (م ت) (4) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة، وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على الاعتقاد أنه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى: ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضنون بين العامة قال المطرزى في المغرب: وفى الحديث انه عليه السلام ” سئل عن صوم الدهر فقال: لا صام ولا أفطر ” قيل انما دعا عليه لئلا يعتقد فريضته ولئلا يعجز فيترك الاخلاص أو لئلا يرد صيام السنة كلها فلا يفطر في الايام المنهى عنها – انتهى، وقال الجزرى في النهاية في الحديث انه ” سئل عمن يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر ” أي لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى: ” فلا صدق ولا صلى ” وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة، وقيل: دعاء عليه كراهة لصنيعه. (المرآة)

[ 80 ]

وأما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار (1) فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين وصوم البيض (2)، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان (3)، وصوم يوم عرفة، ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر. وأما صوم الاذن فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها (4)، والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم “. وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق (5) بالصوم تأديبا وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله


(1) معنى كون صاحب الصوم بالخيار أن ليس شئ من الصوم تركه ممنوعا لكنه لابد من كون الفعل راجحا على الترك (مراد) وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: أي يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أولا يجب صومه. (2) هو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لبياض الليالى فيها مع الايام، أو لابيضاض جسد آدم عليه السلام لصيامها. (م ت) (3) استحباب صيامها مشهور بين العامة وروى من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكانما صام الدهر لقوله تعالى ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ” ولو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجئ. (م ت) (4) المشهور بين الاصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهى زوجها عنه والمشهور أيضا عدم الجواز مع عدم الاذن. (المرآة) (5) راهق الغلام مراهقة: قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد (المصباح المنير) وفى المحكى عن الفاضل الاسترابادي أنه قال: اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فيصل وهو أن عبادات الصبى المميز تمرينية يعنى صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة، أو عبادة فلو نوى النيابة عن الميت لبرئت ذمة الميت، وجعله عليه السلام صوم الصبى قسيما للصوم الذى صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبى ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

[ 81 ]

امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض. وأما صوم الاباحة (1) فمن أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله عزوجل ذلك له وأجزأ عنه صومه. وأما صوم السفر والمرض فإن العامة اختلفت فيه فقال قوم: يصوم وقال قوم: لا يصوم وقال قوم: إن شاء صام وان شاء أفطر، فأما نحن فنقول: يفطر في الحالتين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك لان الله عزوجل يقول: ” فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر ” (2). باب * (صوم السنة) * 1785 – روى الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم، ثم صام يوما وأفطر يوما، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر: الخميس في أول الشهر، وأربعاء في وسط الشهر، وخميس في آخر الشهر، وكان صلى الله عليه وآله يقول: ذلك صوم الدهر وقد كان أبي عليه السلام يقول: ما من أحد أبغض إلى الله عزوجل من رجل يقال له: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل كذا وكذا فيقول: لا يعذبني الله عزوجل على أن أجتهد في الصلاة والصوم (3) كأنه يرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه “.


(1) أي صوم وقع فيه مفطر على وجه لم يفسد صومه وهو صوم قد أبيح له فيه شئ. (2) سند الخبر عامى ولا اعتماد على ما تفردوا به ومروى هنا وفى الكافي عن القاسم بن محمد الجوهرى، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة عن الزهري ورواه التهذيب عن الكليني. (3) لعله محمول على ما إذا زاد بقصد السنة بأن أدخلها في السنة أو على قصد الزيادة على عمل رسول الله صلى الله عليه وآله واستقلال عمله لئلا ينافى ما ورد من الفضل في سائر أنواع الصيام والصلاة. (المرآة)

[ 82 ]

1786 – وفي رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” صام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل: ما يصوم ثم صام صوم داود عليه السلام يوما ويوما (1)، ثم قبض عليه السلام على صيام ثلاثة أيام في الشهر، وقال: يعدلن صوم الدهر (2) ويذهبن بوحر الصدر (وقال حماد: الوحر الوسوسة) (3) فقال حماد: فقلت: وأي الايام هي؟ قال: أول خميس في الشهر وأول أربعاء بعد العشر منه وآخر خميس فيه، فقلت: وكيف صارت هذه الايام التي تصام؟ فقال لان من قبلنا من الامم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الايام فصام رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الايام لانها الايام المخوفة “. 1787 – وروى الفضيبل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا ولا يجهل (4) ولا يسرع إلى الحلف و الايمان بالله، فإن جهل عليه أحد فليحتمل “. (5) 1788 – وروى عبد الله بن المغيرة، عن حبيب الخثعمي فال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام أخبرني عن التطوع، وعن هذه الثلاثة الايام إذا أجنبت من أول الليل فأعلم أني قد أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر أصوم أولا أصوم؟ قال: صم “. (6)


(1) أي يوم يصوم ويوما لا يصوم كما في أخبار في الكافي وغيره ففيها ” يوما و يوما لا ” ولعل ” لا ” سقط من النساخ. (2) حيث ان كل يوم يحسب بعشرة أيام كما يستفاد من قوله عزوجل ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها “. (مراد) (3) في النهاية: الوحر – بالتحريك -: وسواس الصدر وغشه وقيل: العداوة، و قيل: أشد الغضب، وقيل: الغيظ. (4) ” لا يجهل ” أي لا يعمل عمل الجهال من الفحش والكذب والمعاصي. (5) لعل المراد منه أنه ان شتمه أحد بطريق الجهالة وآذاه فلا يتعرض لجوابه. وفى الكافي ” فليتحمل “. (6) يدل على عدم اشتراط ادراك الصبح طاهرا في الصوم النافلة وربما يخص بالنوم.

[ 83 ]

1789 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” صيام شهر الصبر (1) وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر، وصيام ثلاثة أيام في كل شهر صيام الدهر، إن الله عزوجل يقول: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها “. 1790 – وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء، فقال: أما الخميس فيوم تعرض فيه الاعمال، وأما الاربعاء فيوم خلقت فيه النار، وأما الصوم فجنة “. (2) 1791 – وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إنما يصام في يوم الاربعاء لانه لم تعذب امة فيما مضى إلا يوم الاربعاء وسط الشهر، فيستحب أن يصام ذلك اليوم “. (3) 1792 – وفي رواية عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما فإنه أفضل وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل “. 1793 – وسأل عيص بن القاسم (4) أبا عبد الله عليه السلام ” عمن لم يصم الثلاثة من كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء؟ فقال: مد من طعام في كل يوم “. (5)


(1) أي شهر رمضان. والبلابل: الوساوس، ففى النهاية بلبة الصدر: وساوسه. (2) سئل صلى الله عليه وآله عن علة تخصيص اليومين من بين أيام الاسابيع فأجاب بان أحدهما يوم عرض الاعمال فناسب أن يقع فيه الصوم ليصادف العرض العبادة، والاخر يوم خلق فيه النار فناسب أن يقع فيه الصوم الذى هو جنة من النار. (الوافى) (3) لا يخفى أن المستفاد من حصر العذاب للامم السابقة في الاربعاء ينافى بظاهره ما تدل عليه رواية حماد السابقة من أن نزول العذاب عليهم في الايام الثلاثة، ويمكن الجمع بان قوله عليه السلام ” وسط الشهر ” متعلق بقوله ” لم يعذب ” لا بيوم الاربعاء فالمعنى أنه لم يعذب امة وسط الشهر أو في العشر الوسط الا في يوم الاربعاء، فلا ينافى كون العذاب في غير العشر الاوسط في يوم الخميس كما ورد في رواية حماد. (سلطان) (4) هو ثقة والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة. (5) يدل على استحباب الفداء بدلا.

[ 84 ]

1794 – وروى ابن مسكان عن إبراهيم بن المثنى (1) قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني قد اشتد علي صوم ثلاثة أيام في كل شهر فما يجزي عني أن أتصدق مكان كل يوم بدرهم؟ فقال: صدقة درهم أفضل من صيام يوم ” (2). 1795 – وروى الحسن بن محبوب، عن الحسن بن أبي حمزة قال: قلت لابي جعفر أو لابي عبد الله عليهما السلام: ” صوم ثلاثة أيام في الشهر اؤخره في الصيف إلى الشتاء فإني أجده أهون علي، فقال: نعم فاحفظها ” (3). 1796 – وروى ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” بم جرت السنة من الصوم؟ فقال: ثلاثة أيام من كل شهر: الخميس في العشر الاول، والاربعاء في العشر الاوسط، والخميس في العشر الآخر، قال: قلت: هذا جميع ما جرت به السنة في الصوم (4)؟ فقال: نعم “. 1797 – وروى داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا “. (5) 1798 – وروى جميل بن دراج عنه عليه السلام أنه قال: ” من دخل على أخيه و


(1) ابراهيم بن المثنى مجهول الحال ولا يضر بصحة السند لان الطريق الى عبد الله بن مسكان صحيح وهو من أصحاب الاجماع. (2) الخبر كسابقه يدل على استحباب الفداء وقوله ” فما يجزى عنى ” أي أفما يجزى عنى أن أتصدق – الخ ” وكأن حرف الاستفهام محذوف. (3) ذهب الاصحاب الى استحباب قضاء صوم الثلاثة الايام في الشتاء لما فات منه في الصيف بسب المشقة بل قيل باستحباب قضائها مطلقا (المرآة) وقوله: ” فاحفظها ” أي لا تتركها مطلقا بل ان تركتها في الصيف فاقضها في الشتاء. (سلطان) (4) أي ما استقرت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وآله. (5) الترديد من الراوى والظاهر أن المراد بالضعف ضعف ثواب الصوم (مراد) واريد بالافطار هنا نقض الصيام. واحتمل بعض الافاضل ارادة الافطار بعد الغروب على وجه يصح معه الصوم لا في أثناء النهار، وهو غريب.

[ 85 ]

هو صائم فأفطر عنده (1) ولم يعلمه بصومه فيمن عليه، كتب الله له صوم سنة ” (2). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذا في السنة والتطوع جميعا (3). وقال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي إذا أردت سفرا وأردت أن تقدم من صوم السنة شيئا فصم ثلاثة أيام للشهر الذي تريد الخروج فيه ” (4). 1799 – وروي أنه سئل العالم عليه السلام ” عن خميسين يتفقان في آخر العشر فقال: صم الاول فلعلك لا تلحق الثاني (5). باب * (صوم التطوع وثوابه من الايام المتفرقة) * 1800 – سأل محمد بن مسلم، وزرارة بن أعين أبا جعفر الباقر عليه السلام ” عن صوم يوم عاشورا، فقال: كان صومه قبل شهر رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك ” (6).


(1) الظاهر أن الضمير المستتر راجع الى الداخل والبارز راجع الى المضيف والمراد كما يتبادر الى الذهن الافطار في اثناء النهار لان المنة انما يكون في الافطار ونقض الصوم قبل الغروب. (2) ينافى بظاهره عدد السبعين أو التسعين كما في الرواية السابقة والظاهر أن المراد في أمثال هذه العبارات ليس خصوص العدد والقدر بل المراد المبالغة في الكثرة. (سلطان) (3) غرضه – رحمه الله – من السنة ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله كالثلاثة من الشهر، ومن التطوع صيام سائر الايام المستحبة التى ليست بتلك المنزلة. وهذا مبنى على أن الافطار في اثناء النهار كما هو الظاهر. (4) بناء على كراهة الصوم المستحب في السفر. (5) ينافى بظاهره ما ذكره سابقا من أفضلية الخميس الاخر، ويمكن الجمع بحمل ذلك على من ظن بقاء السلامة الى الاخر وهذا على خلاف ذلك (سلطان) وقوله ” في آخر العشر ” أي العشر الاخر، وفى بعض النسخ ” في آخر الشهر “. (6) قال استادنا الشعرانى – مد ظله – في هامش الوافى: اعلم أن يوم عاشورا كان يوم صوم اليهود ولا يزالون يصومون الى الآن وهو الصوم الكبير ووقته اليوم العاشر من الشهر =

[ 86 ]

1801 – وقال علي عليه السلام: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة “. 1802 – وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ” (1). 1803 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من صام يوما في سبيل الله كان يعدل سنة يصومها ” (2). 1804 – وقال الصادق عليه السلام: ” من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يفقد =


الاول من السنة، ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة كان أول سنة اليهود مطابقا لاول المحرم وكذلك كان بعده الى أن حرم النسئ وترك في الاسلام وبقى عليه اليهود الى زماننا هذا فتخلف أول سنة المسلمين عن أول سنتهم وافترق يوم عاشورا عن يوم صومهم وذلك لانهم ينسئون الى زماننا فيجعلون في كل ثلاث سنين سنة واحدة ثلاثة عشر شهرا كما كان يفعله العرب في الجاهلية فصام رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون يوم عاشورا كما كان يصومون وقال: نحن أولى بموسى منهم الى أن نسخ وجوب صومه بصوم رمضان وبقى الجواز – انتهى. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: قد اختلفت الروايات في صوم يوم عاشورا وجمع الشيخ – رحمه الله – بينها بأن من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصائب آل محمد عليهم السلام فقد أصاب، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به فقد أثم وأخطأ، ونقل هذا الجمع عن الشيخ المفيد – رحمه الله – والاظهر عندي أن الاخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية وانما المستحب الامساك على وجه الحزن الى العصر لا الصوم كما رواه الشيخ في المصباح. (1) يعنى آخر أيامه يوم الصوم لا يوم الافطار. (سلطان) (2) أي لا يشوبه شئ آخر أصلا سوى وجه الله تعالى وان كان مما لا ينافى في الصحة ضمه مع القربة من طلب الجنة والهرب من النار مثلا فهو يعدل صوم سنة يكون فيه مثل الضميمة، فلا يرد أنه لو لم يكن صوم السنة في سبيل الله لم يكن صحيحا فلا مبالغة في معادلته و ان كان في سبيل الله كيف المعادلة. واحتمال كون ” سبيل الله ” أي حال كونه في سفر الحج والجهاد بعيدا جدا (سلطان) أقول: في بعض النسخ ” كان له كعدل سنة يصومها “.

[ 87 ]

عقله ” (1). 1805 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ما من صائم يحضر قوما يطعمون إلا سبحت له أعضاؤه، وكانت صلاة الملائكة عليه، وكانت صلاتهم استغفارا “. 1806 – وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” من صام أول يوم من عشر ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهرا، فإن صام التسع (2) كتب الله عزوجل له صوم الدهر “. 1807 – وقال الصادق عليه السلام: ” صوم يوم التروية (3) كفارة سنة، ويوم عرفة كفارة سنتين “. 1808 – وروي ” أن في أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام (4)، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة، وفي تسع من ذي الحجة انزلت توبة داود عليه السلام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين سنة “. 1809 – وروي عن يعقوب بن شعيب قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عرفة قال: إن شئت صمت وإن شئت لم تصم (5) وذكر أن رجلا أتى الحسن والحسين عليهما السلام فوجد أحدهما صائما والآخر مفطرا، فسألهما فقالا: إن صمت فحسن وإن لم تصم فجائز “. 1810 – وروى عبد الله بن المغيرة، عن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام وحده، وأوصى علي عليه السلام إلى الحسن والحسين


(1) ” يفقد ” على صيغة المجهول ورفع ” عقله ” أو على صيغة المعلوم ونصب ” عقله “. (2) يعنى من الاول الى التاسع. (3) يوم التروية هو اليوم الثامن من ذى الحجة. (4) سيأتي تحت رقم 1814 ما يخالفه. (5) يدل على عدم تأكده، وحمل على من يضعفه الصوم عن الدعاء، أو لئلا يتوهم أنه واجب أو سنة وكيدة وان كان الفضل في صومه كصحيحة سليمان بن جعفر عن أبى الحسن عليه السلام كما في التهذيب ج 1 ص 436. وخبر عبد الرحمن بن أبى عبد الله عنه عليه السلام.

[ 88 ]

عليهما السلام جميعا، وكان الحسن عليه السلام إمامه فدخل رجل يوم عرفة على الحسن عليه السلام و وهو يتغدى والحسين عليه السلام صائم، ثم جاء بعدما قبض الحسن عليه السلام فدخل على الحسين عليه السلام يوم عرفة وهو يتغدى وعلي بن الحسين عليهما السلام صائم، فقال له الرجل: إني دخلت على الحسن عليه السلام وهو يتغدى وأنت صائم، ثم دخلت عليك وأنت مفطر؟ فقال: إن الحسن عليه السلام كان إماما فأفطر لئلا يتخذ صومه سنة وليتأسى به الناس فلما أن قبض كنت أنا الامام فأردت أن لا يتخذ صومي سنة فيتأسى الناس بي “. 1811 – وروى حنان بن سدير، عن أبيه قال: ” سألته (1) عن صوم يوم عرفة فقلت: جعلت فداك إنهم يزعمون أنه يعدل صوم سنة قال: كان أبي عليه السلام لا يصومه، قلت: ولم جعلت فداك؟ قال: يوم عرفة يوم دعاء ومسألة فأتخوف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصومه، وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم الاضحى وليس بيوم صوم “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: إن العامة غير موفقين لفطر ولا أضحى و إنما كره عليه السلام صوم يوم عرفة لانه كان يكون يوم العيد في أكثر السنين (2) و تصديق ذلك:


(1) يعنى أبا جعفر عليه السلام كما صرح به في التهذيب ج 1 ص 436. (2) قال سلطان العلماء: ” الاشتباه وقع بين عرفة والعيد غضبا من الله تعالى على العامة وأكثر أيام عرفتهم يوم العيد في الواقع فافطر عليه السلام يوم عيدهم هربا من صوم العيد الواقعي وذلك لا ينافى استحباب صوم يوم عرفة الواقعي “. وقال استاذنا الشعرانى مد ظله: ” لا يخفى أن هذا مخالف لاصول مذهبنا لان اشتباه عرفة بالعيد ان كان من الله تعالى غضبا عليهم فلا مؤاخذة عليهم وان لم يكن بسب ذلك مؤاخذة عليهم فكيف يكون غضبا، وانما يصح ذلك على اصول المجبرة والغالب في عصرنا ان الاختلاف في رؤية الاهلة بين بلادنا وبلاد الحجاز انما هو في تقديم يوم عيدهم على عيدنا فلا يمكن أن يحمل مضمون الرواية على نظير هذا الاختلاف فإن مقتضى الرواية تأخير الرؤية عندهم عن الهلال الواقعي على عكس ما يقع في أيامنا، واعلم أنه يمكن تقديم الرؤية بيوم في البلاد الغربية بالنسبة الى الشرقية على ما هو مبين في علم التنجيم – انتهى كلامه لاضحى ظله -.

[ 89 ]

1812 – ما قاله الصادق عليه السلام: ” لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أمر الله عزوجل ملكا فنادى أيتها الامة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله تعالى لصوم و لافطر “. (1) 1813 – وفي حديث آخر: ” لا وفقكم الله لفطر ولا أضحى “. (2) ومن صام يوم عرفة فله من الثواب ما ذكرناه. 1814 – وروي عن الحسن بن علي الوشاء: قال: ” كنت مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال له: ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السلام (3)، وولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام وفيها دحيت الارض من تحت الكعبة (4) فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا “.


(1) لعله مضمون الخبر لا لفظه كما يظهر مما سيأتي تحت رقم 2059 في حديث عبد الله ابن لطيف التفليسى عن رزين وقال الفيض – رحمه الله – في الوافى بعد ذكر الخبر: لعل المراد بعدم التوفيق لهما عدم الفوز بجوائزهما وفوائدهما وما فيهما من الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة وربما يخطر ببعض الاذهان ان المراد به اشتباه الهلال عليهم، أو المراد عدم توفيقهم للاتيان بالصلاة على وجهها بآدابها وسننها وشرائطها كما كانت في عهد رسول الله (ص) وقد تهيأ لها ابو الحسن الرضا عليه السلام مرة في زمان مأمون الخليفة فحالوا بينه وبين اتمامها وفى كل زمن من المعنيين قصور أما الاول فلعدم مساعدته المشاهدة فان الاشتباه ليس بدائم مع أنه لا يضر لاستبانة حكمه وعدم منافاته لاكثر الصوم وعدم اختصاصه بالمدعو عليهم، وأما الثاني فلعدم مساعدة لفظ الخبر فان الصلاة غير الصوم والفطر وكيف كان فالدعوة مختصة بالمتحيرين الضالين من المخالفين، أو الظالمين القاتلين ومن رضى بفعالهم – انتهى. (2) كما في رواية رزين عن أبى عبد الله عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 170. (3) هذا ينافى ما تقدم تحت رقم 1808 حيث كان فيه ” ولادة ابراهيم عليه السلام في أول يوم من ذى الحجة ” وقيل: لعل المذكور في هذا الخبر ابراهيم بن رسول الله (ص) لعدم التصريح بالخليل وهو كما ترى آب عن السياق. (4) دحا الله الارض يدحوها دحوا: بسطها. (المصباح المنير)

[ 90 ]

1815 – وروي ” أن في تسع وعشرين (1) من ذي القعدة أنزل الله عزوجل الكعبة، وهي أول رحمة نزلت فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة “. 1816 – وروى الحسن بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن وأعظمهما وأشرفهما، قال: قلت له: فأي يوم هو؟ قال: هو يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام علما للناس، قلت: جعلت فداك وأي يوم هو؟ قال: إن الايام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة قال: قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن وتكثر فيه الصلاة على محمد وأهل بيته عليهم السلام، وتبرأ إلى الله عزوجل ممن ظلمهم حقهم، فإن الانبياء عليهم السلام كانت تأمر الاوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا، قال: قلت: ما لمن صامه منا؟ قال: صيام ستين شهرا، ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب فإنه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد صلى الله عليه وآله وثوابه مثل ستين شهرا لكم “. 1817 – وروى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” صوم يوم غدير خم كفارة ستين سنة “. وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمد ابن الحسن – رضي الله عنه – كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان كذابا غير ثقة (2) وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ – قدس الله روحه –


(1) سيأتي تحت رقم 2299 – عن موسى بن جعفر عليهما السلام مثله وفيه ” في خمسة و عشرين ” وقال في روضة المتقين: الظاهر تبديل خمس بتسع وقع من الناسخ. ولكن لا يبعد التعدد. (2) التهذيب ج 1 ص 294 عن الحسين بن الحسن الحسينى قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا على بن حسان الواسطي قال: حدثنا على بن الحسين العبدى قال: ” سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش انسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عزوجل في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات وهو عيد الله الاكبر – الى أن قال – ومن صلى فيه ركعتين =

[ 91 ]

ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح. 1818 – ” وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربه عزوجل فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام “. 1819 – وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام ” عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، قال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر، وإن مكث حتى العصر (1) ثم بدا له [ أن يصوم ] ولم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء ” (2). باب * (ثواب صوم رجب) * 1820 – روى أبان بن عثمان، عن كثير النوا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا ذلك اليوم، وقال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام سبعة أيام أغلقت عنه أبواب النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان =


يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل الله عزوجل يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة، وعشر مرات قل هو الله أحد، وعشر مرات آية الكرسي، وعشر مرات انا أنزلناه عدلت عند الله عزوجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة – الحديث ” وهو طويل جدا لا يسعنا ذكر تمامه، ومن أراد الاطلاع فليراجع. وأما محمد بن موسى الهمداني أبو جعفر السمان فهو ضعيف يروى عن الضعفاء ضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول: انه كان يضع الحديث، كما في الخلاصة والله أعلم. (1) أي لم يأت بمفطر ولم ينو الصوم. (2) يدل على كراهة الافطار بعد العصر وعلى جواز النية في المندوب بعد العصر، والمشهور بين القدماء جواز نية النافلة الى الزوال، والقول بامتداده الى المغرب للشيخ في المبسوط والمرتضى وجماعة من القدماء وجمهور المتأخرين.

[ 92 ]

الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما اعطي مسألته، ومن زاده زاده الله عزوجل “. 1821 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فمن صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر “. 1822 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة “. وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب فضائل رجب (1). باب * (ثواب صوم شعبان) * 1823 – روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” من صام شعبان كان له طهورا من كل زلة ووصمة وبادرة وقال: أبو حمزة فقلت لابي جعفر عليه السلام: ما الوصمة؟ قال: اليمين في المعصية والنذر، ولا نذر في المعصية، قلت: فما البادرة؟ قال: اليمين عند الغضب، والتوبة منها الندم عليها “. (2) 1824 – وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم الازدي قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة، ومن صام يومين نظر الله إليه في كل يوم وليلة في دار الدنيا وداوم نظره إليه في الجنة، ومن صام ثلاثة أيام زاره الله في عرشه من جنته في كل يوم “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: زيارة الله زيارة أنبيائه وحججه صلوات


(1) ذكر الحجة السيد حسن الموسوي الخرسان – مد ظله العالي – أن عنده نسخة من فضائل الاشهر الثلاثة للمؤلف مخطوطة وقال: نسختها لنفسي بيدى. أقول: راجع في ثواب صوم رجب ثواب الاعمال من ص 77 الى 83 طبع مكتبة الصدوق 1391. (3) الوصمة في اللغة العيب في الجسد، والبادرة الحدة والغضب.

[ 93 ]

الله عليهم من زارهم فقد زار الله عزوجل كما أن من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، ومن تابعهم فقد تابع الله عزوجل وليس ذلك على ما يتأوله المشبهة، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. 1825 – وقال الصادق عليه السلام: ” صوم [ شهر ] شعبان وشهر رمضان شهرين متتابعين توبة والله من الله ” (1). 1826 – وروى عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما، وكان يقول: هما شهر الله وهما كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب “. قوله عليه السلام: ” وينهى الناس أن يصلوهما ” هو على الانكار والحكاية لا على الاخبار (2)، وكأنه يقول: كان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما فمن شاء وصل ومن شاء فصل، وتصديق ذلك: 1827 – ما رواه زرعة، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان أبي عليه السلام يفصل ما بين شعبان وشهر رمضان بيوم، وكان علي بن الحسين عليهما السلام يصل ما بينهما ويقول: صوم شهرين متتابعين توبة من الله “. وقد صامه رسول الله صلى الله عليه وآله ووصله بشهر رمضان (3) وصامه وفصل بينهما ولم يصمه


(1) رواه المصنف في ثواب الاعمال مسندا عن الصادق عليه السلام وفيه ” صوم شعبان وشهر رمضان والله توبة من الله “. ولعل المعنى قبولا منه ورحمة أي شرع ذلك توبة منه وأكده بالقسم. (2) ” ينهى الناس حمله الشيخ – رحمه الله – على الوصال المحرم على غيره صلى الله عليه وآله بأن لا يفطر بين آخر شعبان وأول رمضان، ويمكن أن يقرأ على بناء الافعال بمعنى الاعلام والابلاغ، ويحتمل أيضا أن يكون ” الناس ” بالرفع ليكون فاعل ” ينهى ” أي لم يكن النبي (ص) ينهى عن الوصل بل كان يفعله والناس أي العامة ينهون عنه افتراء عليه، والاظهر الحمل على التقية. (المرآة). (3) كما تقدم في حديث عمرو بن خالد تحت رقم 1826.

[ 94 ]

كله في جميع سنيه إلا أن أكثر صيامه كان فيه. (1) 1828 – ” وكن نساء النبي (2) صلى الله عليه وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهية أن يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله حاجته، وإذا كان شعبان صمن وصام معهن، وكان عليه السلام يقول: شعبان شهري “. 1829 – وقال الصادق عليه السلام: ” من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب الله له صوم شهرين متتابعين “. 1830 – وروى حريز، عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ” ما تقول في ليلة النصف من شعبان؟ قال: يغفر الله عزوجل فيها من خلقه لاكثر من عدد شعر معزى كلب (3) وينزل الله عزوجل ملائكته إلى السماء الدنيا وإلى الارض بمكة “. وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب فضائل شعبان (4). باب * (فضل شهر رمضان وثواب صيامه) * 1831 – روى الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي الورد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد الله


(1) لم أجده من طريق الخاصة وروى البخاري ومسلم وأبو داود عن عائشة قالت في حديث ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط الاشهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ” وفى سنن النسائي والترمذي قالت ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه الا قليلا، بل كان يصومه كله ” وفى رواية للنسائي ” قالت لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشهر أكثر صياما منه لشعبان، كان يصومه أو عامته “. (2) رواه الكليني بسند حسن كالصحيح في الكافي ج 4 ص 90 والشيخ في الصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) ” كلب ” حى من قضاعة (الصحاح) وفى نسخة ” بنى كلب “. (4) راجع ثواب الاعمال، ص 83 الى 88.

[ 95 ]

وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنه قد أظلكم شهر (1) فيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر رمضان فرض الله صيامه، وجعل قيام ليلة فيه كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله عزوجل (2)، ومن أدى فريضة من فرائض الله كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، وهو شهر الصبر (3) وإن الصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة (4) وهو شهر يزيد الله فيه رزق المؤمن، ومن فطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فيما مضى، فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم لمن لم يقدر إلا على مذقة (5) من لبن يفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك، ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عزوجل عليه حسابه، وهو شهر أوله رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره إجابة والعتق من النار (6)، ولا غنى بكم فيه عن أربع خصال: خصلتين ترضون الله بهما، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما اللتان ترضون الله بهما فشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله عزوجل فيه حوائجكم والجنة وتسألون الله فيه العافية، وتتعوذون به من النار “.


(1) أي أقبل عليكم ودنا منكم كانه ألقى ظله عليكم. (النهاية) (2) يفهم منه فضل الفرائض على النوافل مطلقا. (3) أي الصبر في طاعة الله واتيان ما أمره من حفظ النفس عن تناول كل ما يشتهى من المباحات التى كانت له حلالا في غير هذا الشهر. (4) أي يساوى فيه الناس في الجوع والعطش غنيا كانوا أو فقيرا أو يساوى الناس في الحكم أي لا يجوز لاحدهم تناول شئ من المفطرات، أو هو شهر ينبغى فيه أن يشرك الاغنياء الفقراء وأهل الحاجة في معايشهم فيكون المعنى شهر المساهمة والمشاركة في المعاش. (5) المذقة: اللبن الممزوج بالماء وميمه أصلية. (6) أي في العشر الاول ينزل الله عزوجل الرحمات الدنيوية والاخروية على عباده، وفى العشر الاوسط يغفر ذنوبهم، وفى العشر الآخر يستجيب دعاءهم ويعتق رقابهم من النار.

[ 96 ]

1832 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (1) لما حضر شهر رمضان وذلك في ثلاث بقين من شعبان لبلال: ” ناد في الناس فجمع الناس ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ” أيها الناس إن هذا الشهر قد حضركم وهو سيد الشهور، فيه ليلة هي خير من ألف شهر، تغلق فيه أبواب النار، وتفتح فيه أبواب الجنان، فمن أدركه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن أدرك والديه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر له (2) فأبعده الله “. 1833 – وروى جابر (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا نظر إلى هلال شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه ثم قال: ” اللهم أهله علينا بالامن والايمان (4)، والسلامة والاسلام (5)، والعافية المجللة (6)، والرزق الواسع، ودفع الاسقام، وتلاوة القرآن، والعون على الصلاة والصيام، اللهم سلمنا لشهر رمضان وسلمه لنا وتسلمه (7) منا حتى ينقضي رمضان وقد غفرت لنا ” ثم يقبل بوجهه


(1) مروى في الكافي ج 4 ص 67 والتهذيب ج ص 406 وثواب الاعمال ص 90 بسند فيه ارسال عن أبى جعفر الباقر عليه السلام. (2) ليس في التهذيب قوله ” فلم يغفر له ” ههنا. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 68 مسندا. (4) أي اجعله طالعا لنا بالامن من الافات الدنيوية والاخروية. (م ت) (5) أي الانقياد لاوامرك وترك نواهيك. (م ت) (6) المجللة – بالكسر أو الفتح – أي الشاملة لجميع الاعضاء من الاسقام، أو الاعم من مكروهات الدارين. (م ت) (7) ” سلمنا ” أي بان نكون صحيحا حتى نصومه ونعبدك فيه. و ” سلمه لنا ” أي من الاشتباه في الصوم والفطر حتى لا يشتبه علينا يوم منه بغيره لاجل الهلال، و ” تسلمه منا ” أي تقبله منا يعنى تقبل منا ما نأتى فيه من العبادات والقربات.

[ 97 ]

على الناس فيقول: يا معشر الناس إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين (1) وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرحمة وغلقت أبواب النار (2) و استجيب الدعاء، وكان لله تبارك وتعالى عند كل فطر عتقاء يعتقهم من النار، وينادي مناد كل ليلة هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ ” اللهم أعط كل منفق خلفا، وأعط كل ممسك تلفا ” (3) حتى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون: أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: أما والذي نفسي بيده ما هي بجائزة الدنانير والدراهم “. (4) 1834 – وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ” أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما انصرف من عرفات وسار إلى منى دخل المسجد (5) فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر، فقام خطيبا فقال بعد الثناء على الله عزوجل: أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم لاني لم أكن بها عالما (6) اعلموا أيها الناس إنه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام وردا من ليله (7) وواظب على صلاته


(1) مردة جمع ما ورد وهو العاتى أو جمع مريد – بفتح الميم – وهو الذى لا ينقاد ولا يطيع. (2) فتح أبواب السماء كناية عن نزول الرحمة أو استجابة الدعاء أو كناية عن طريق التوجه الى الله سبحانه والسؤال والاستغفار. وفتح أبواب الجنان كناية عن كونه بحيث يأتي المكلف فيه بما يوجب فتحها له، وغلق أبواب النار كناية عن عدم اتيان العبد بما يوجب له النار. (3) ” حلفا ” بالتحريك أي عوضا عظيما في الدنيا والاخرة، وقوله: ” أعط كل ممسك ” ذكر الاعطاء هنا اما للمشاكلة أو التهكم، و ” تلفا ” أي تلف المال والنفس. (م ت) (4) يعنى ما هذه الجائزة دنيوية بل هي المغفرة والثواب والتوفيق. (5) يعنى مسجد الخيف. (6) أي ما كتمته عنكم أو ما أخفيته عنكم مع علمي بها بخلا عليكم أو ناشئا من عدم العلم بها بل لمصالح لا يعلمها الا الله تعالى. (7) الورد – بكسر الواو وسكون الراء المهملة -: الجزء ومن القرآن ما يقوم به =

[ 98 ]

وهجر إلى جمعته (1) وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب عزوجل “. 1835 – وقال أبو عبد الله عليه السلام: ” فازوا والله بجوائز ليست كجوائز العباد “. 1836 – وقال أبو جعفر عليه السلام لجابر (2): ” يا جابر من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره وقام وردا من ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغض بصره، وكف أذاه خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه، قال جابر: قلت له: جعلت فداك ما أحسن هذا من حديث؟ قال: ما أشد هذا من شرط “. 1837 – وقال علي عليه السلام: ” لما حضر شهر رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس كفاكم الله عدوكم من الجن والانس، وقال: ” ادعوني أستجب لكم ” ووعدكم الاجابة، ألا وقد وكل الله عزوجل بكل شيطان مريد سبعين من ملائكته فليس بمحلول حتى ينقضي شهركم هذا، ألا وأبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه، ألا والدعاء فيه مقبول “. 1838 – وروى محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إن لله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء من النار إلا من أفطر على مسكر، فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه ” (3). 1839 – وفي رواية عمر بن يزيد ” إلا من أفطر على مسكر، أو مشاحن، أو صاحب شاهين – وهو الشطرنج – ” (4). =


الانسان كل ليلة. وفى المصباح المنير: الورد الوظيفة من قراءة ونحو ذلك. والمعنى قام تاليا للقرآن في بعض الليل أو داعيا فيه. (1) في بعض النسخ ” وهاجر الى جمعته ” (2) هو الجعفي ورواه الكليني بسند ضعيف ج 4 ص 87. (3) رواه الكليني مسندا ج 4 ص 48. ومحمد بن مروان مجهول الحال. (4) رواه المصنف – رحمه الله – في ثواب الاعمال ص 92. باسناده عن عمر بن يزيد وفيه ” أو مشاحنا “. في بعض النسخ الكتاب ” مشاجرا ” والمشاحن: صاحب البدعة والمفارق للجماعة، والتارك للجمعة. والمشاجر: المنازع.

[ 99 ]

1840 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل ” (1). 1841 – وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل إلا أن يشهد عرفة “. (2) 1842 – وكان الصادق عليه السلام يوصي ولده ويقول: ” إذا دخل شهر رمضان فاجهدوا أنفسكم فإن فيه تقسم الارزاق، وتكتب الآجال، وفيه يكتب وفد الله الذين يفدون إليه (3) وفيه ليلة العمل فيها خير من العمل في ألف شهر “. 1843 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض “، فغرة الشهور (4) شهر الله وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان (5) فاستقبل الشهر بالقرآن “. (6) قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: تكامل نزول القرآن ليلة القدر. 1844 – وورى سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على أحد من الامم قبلنا، فقلت له: فقول الله عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم


(1) رواه المصنف – رحمه الله – بسند عامى عن ابن عباس في ثواب الاعمال ص 97. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 66 بسند مجهول لا يقصر عن الصحيح. (3) أي يقدر فيه حاج بيت الله، وفد جمع وافد – كصحب وصاحب -، يقال: وفد فلان على الامير أي ورد رسولا، فكان الحاج وفد الله وأضيافه نزلوا عليه رجاء بره واكرامه (المرآة) والسند كما في الكافي ج 4 ص 66 موثق. (4) ” فغرة الشهور ” الفاء للتعقيب الذكرى أي أولها أو أشرفها وأفضلها أو المنور من بينها. وفى النهاية غرة كل شئ أوله. (5) كأنه أراد أن ابتداء نزوله في أول ليلة منه وكماله في ليلة القدر. (6) المراد الامر بتلاوته عند وروده أو أول ليلة منه.

[ 100 ]

الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ” قال: إنما فرض الله صيام شهر رمضان على الانبياء دون الامم ففضل به هذه الامة وجعل صيامه فرضا على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى امته “. وقد أخرجت هذه الاخبار [ التي رويتها في هذا المعنى ] في كتاب فضائل شهر رمضان. (1) باب * (القول عند رؤية هلال شهر رمضان) * 1845 – قال أمير المؤمنين عليه السلام (2): ” إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل: اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وفتحه ونوره ونصره وبركته وطهوره ورزقه، وأسألك خير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده، اللهم أدخله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، والبركة والتقوى، والتوفيق لما تحب وترضى “. 1846 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أهل هلال شهر رمضان استقبل القبلة و رفع يديه وقال: ” اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، والعافية المجللة، والرزق الواسع، ودفع الاسقام، اللهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه، وسلمه لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه ” (3). وقال أبي – رحمه الله – في رسالته إلي: إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله عزوجل وخاطب الهلال وتقول: ” ربي وربك الله رب العالمين، اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام


(1) راجع ثواب الاعمال ص 88 الى 97. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 76 بسند مرفوع. (3) ” سلمه لنا ” أي لا يغيم الهلال في أوله أو آخره فيلتبس علينا الصوم والفطر وقد مر معنى الجملات ص 96 والخبر مروى في الكافي بسند ضعيف ج 4 ص 70.

[ 101 ]

والمسارعة إلى ما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا عونه وخيره واصرف عنا ضره وشره وبلاءه وفتنته “. 1847 – وكان من قول أمير المؤمنين عليه السلام عند رؤية الهلال: ” أيها الخلق المطيع الدائب السريع (1) المتردد في فلك التدبير، المتصرف في منازل التقدير (2)، آمنت بمن نور بك الظلم، وأضاء بك البهم (3)، وجعلك آية من آيات سلطانه (4) و امتهنك بالزيادة والنقصان (5) والطلوع والافول، والانارة والكسوف، في كل ذلك أنت له مطيع، وإلى إرادته سريع (6) سبحانه ما أحسن ما دبر وأتقن ما صنع في ملكه وجعلك الله هلال شهر حادث لامر حادث، جعلك الله هلال أمن وإيمان (7) وسلامة وإسلام، – هلال أمنة (8) من العاهات، وسلامة من السيئات – اللهم اجعلنا أهدى من


(1) الخلق بمعنى المخلوق كاللفظ بمعنى الملفوظ، ودأب في عمله من باب منع: جد وتعب، والدؤوب دوام العمل واستمراره على حالة أخذا من الدأب وهو العادة المستمرة كما في كريمة ” سخر لكم الشمس والقمر دائبين ” أي مستمرين. (2) ترددت الى فلان أي رجعت إليه مرة بعد اخرى. ولعل المراد بالفلك هنا السماء الدنيا. وفى الصحيفة السجادية ” المتردد في منازل التقدير، المتصرف في فلك التدبير ” وهو الاوفق بالاية حيث قال: ” والقمر قدرناه منازل ” ولعله من تصرف النساخ أو الرواة. (3) الظلم جمع ظلمة. والبهم جع بهمة – بالضم – وهى ما يصعب ادركه على الحاسة ان كان محسوسا وعلى الفهم ان كان معقولا. (4) الآية العلامة الظاهرة، والمراد بسلطانه تعالى استيلاؤه وقدرته على التصرف بالامر والنهى وغلبته التامة. (5) الامتهان افتعال من المهن، يقال. مهن مهنا من بابى قتل ونفع -: خدم غيره وامتهنه امتهانا: استخدمه أو ابتذله واستعمله في الخدمة. والمراد بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه في شكل الهلال والبدر بحسب ما يظهر للحس. (6) قوله ” في كل ذلك – الخ ” تقرير لانقياده وطاعته للمشيئة والارادة الالهية، وايثار الجملة الاسمية للاشعار بدوام الطاعة واستمرار سرعة الانقياد، وتقديم الظرف في الفقرتين للاهتمام ورعاية التقفية كما قاله السيد المدنى – رحمه الله – في رياض السالكين. (7) جملة دعائية أي أسأل الله أن يجعلك هلال أمن وايمان – الخ. (8) في بعض النسخ ” هلال أمن “.

[ 102 ]

طلع عليه وأزكى من نظر إليه، وصلى الله على محمد [ النبي ] وآله، اللهم افعل بي كذا وكذا – يا أرحم الراحمين “. باب * (ما يقال في أول يوم من شهر رمضان) * 1848 – روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة (1) وذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه، ووقاه الله شر ما يأتي به في تلك السنة ” اللهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ (2)، وبرحمتك التي وسعت كل شئ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ، وبعظمتك التي تواضع لها كل شئ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ، يا نور يا قدوس، يا أول قبل كل شئ، ويا باقي بعد كل شئ، يا الله يا رحمن، صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تديل الاعداء (3)، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء (4) واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام (5)، وعافني من شر


(1) أي حال دخول السنة، فان شهر رمضان أول السنة عند الاكثر. (2) أي أطاع وذل له جميع الاشياء. (3) الادالة: الغلبة، يقال: اللهم أدلني على فلان وانصرني. (4) وهى الجور في الحكم كما ورد في الاخبار منها خبر أبى ولاد الحناط المروى في الكافي ج 5 ص 290 حيث قضى أبو حنيفة في قضية بغير الحق فقال الصادق عليه السلام: ” في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الارض بركتها “. (5) ” تهتك العصم ” المراد اما رفع حفظ الله وعصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذى =

[ 103 ]

ما أحاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه، اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورب محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أسألك بك وبما تسميت به يا عظيم (1) أنت الذي تمن بالعظيم، وتدفع كل محذور، وتعطي كل جزيل، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل (2) وتفعل ما تشاء يا قدير. يا الله يا رحمن صل على محمد وآل محمد، وألبسني في مستقبل سنتي هذه سترك، وأضئ وجهي بنورك، وأحيني بمحبتك (3)، وبلغ بي رضوانك وشريف كرائمك، وجسيم عطائك من خير ما عندك، ومن خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك، وألبسني مع ذلك عافيتك، يا موضع كل شكوى، وشاهد كل نجوى وعالم كل خفية، ويا دافع ما تشاء من بلية، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز توفني على ملة إبراهيم وفطرته، وعلى دين محمد وسنته، وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لاوليائك، معاديا لاعدائك، اللهم وجنبني في هذه السنة كل عمل أو قول أو فعل يباعدني منك، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة يا أرحم الراحمين، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف سوء عاقبته ومقتك إياي عليه حذرا أن تصرف وجهك الكريم عني (4) وأستوجب به نقصا من =


ستره به عن الملائكة أو الثقلين. و ” التى لا ترام ” أي لا يقصد الاعادي الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر، أو لا تقصد هي بالهتك والرفع وهى عصمته تعالى وحفظه وعونه. (المرآة) (1) في بعض النسخ ” سميت ” كما في الكافي. (2) أي تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الاعمال وفى الكافي ” وتضاعف من الحسنات بالقليل والكثير ” أي تضاعف الاجر بسبب قليل الحسنات وكثيرها، وفى مصباح المتهجد مثل ما في الكافي. (3) في بعض النسخ ” وأحبنى بمحبتك ” وفى بعضها ” واحببنى “. (4) ” حذرا ” مفعول مطلق أي أحذر حذرا، وفى القاموس الحذر – بالكسر ويحرك -: الاحتراز والفعل كعلم. وفى بعض النسخ ” حذار “. (مراد)

[ 104 ]

حظ لي عندك يا رؤوف يا رحيم، اللهم اجعلني في مستقبل سنتي هذه في حفظك و جوارك وكنفك، وجللني ستر عافيتك، وهب لي كرامتك، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك. اللهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى (1) من أوليائك، وألحقني بهم، واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي خطيئتي وظلمي وإسرافي على نفسي وإتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي فيحول ذلك بيني و بين رحمتك ورضوانك فأكون منسيا عندك (2) متعرضا لسخطك ونقمتك، اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني وقربني إليك زلفى، اللهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه، وفرجت همه، وكشفت كربه، وصدقته وعدك (3) وأنجزت له عهدك، اللهم فبذلك فاكفني (4) هول هذه السنة وآفاتها وأسقامها وفتنها وشرورها وأحزانها وضيق المعاش فيها، وبلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام النعم عندي إلى منتهى أجلي، أسألك سؤال من أساء وظلم واستكان واعترف أن تغفر لي ما مضى من الذنوب التي حضرتها حفظتك، وأحصتها كرام ملائكتك علي وأن تعصمني اللهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي، يا الله يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد وآتني كلما سألتك ورغبت إليك فيه فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالاجابة يا أرحم الراحمين ” (5). 1849 – وكان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان (6) ” اللهم


(1) في بعض النسخ ” صالح من مضى “. (2) أي متروكا من رحمتك أو كالمنسي مجازا. (المرآة) (3) أي وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الاعداء. (4) أي بمثل ذلك الحفظ والكفاية، أو بحقه. (5) في بعض النسخ ” يا حميد يا مجيد ” مكان ” يا أرحم الراحمين “. (6) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 283 والكليني في الكافي ج 4 ص 75 بسند فيه ارسال وفيه ” اللهم ان هذا شهر رمضان وهذا شهر الصيام ” وزاد في بعض نسخه ” كان يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من شهر رمضان “.

[ 105 ]

هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر الانابة، و هذا شهر التوبة، وهذا شهر المغفرة والرحمة، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة اللهم فسلمه لي، وتسلمه مني، وأعني عليه بأفضل عونك، ووفقني فيه لطاعتك وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك، وأعظم لي فيه البركة، وأحسن لي فيه العافية، وصحح لي فيه بدني (1) وأوسع فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني، واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه رجائي، اللهم أذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة (2) والقسوة والغفلة والغرة، اللهم جنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، واصرف عني فيه السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء، إنك سميع الدعاء، اللهم أعذني فيه من الشيطان [ الرجيم ] وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه (3) ووسواسه وكيده ومكره وختله (4) وأمانيه وخدعه وغروره وفتنته وخيله ورجله (5) وشركائه [ وأحزابه ] وأعوانه وأتباعه وأخدانه (6) وأشياعه وأوليائه وجميع كيدهم، اللهم ارزقني فيه تمام صيامه، وبلوغ الامل في قيامه، واستكمال ما يرضيك عني صبرا وإيمانا ويقينا واحتسابا ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم، اللهم ارزقني فيه الجد و الاجتهاد، والقوة والنشاط، والانابة والتوبة، والرغبة والرهبة، والجزع والخشوع


(1) في الكافي ” وأحسن لى فيه العاقبة وأصح لى فيه بدنى “. وكذا في التهذيب. (2) الكسل: التثاقل. والسأمة: الملال. والفترة: الانكسار والضعف. (3) الهمز: النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم، واللمز: العيب والضرب والدفع وأصله الاشارة بالعين، والمراد بنفثه ما يلقى من الباطل في النفس، والنفخ، ايضا كذلك أو كبره وتعاظمه. (4) الختل: الخدعة. وفى بعض النسخ والكافي ” وحيله ” وفى بعض نسخه ” وحبائله “. ولعل ما في متن الكافي أصوب لعدم التكرار. (5) الرجل – بفتح الراء وكسر الجيم – اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب. وفى الكافي ” وشركه وأعوانه ” والشرك – محركة -: حبائل الصيد. (6) جمع خدين وهو الصديق والمصاحب.

[ 106 ]

والرقة وصدق اللسان والوجل منك (1) والرجاء لك والتوكل عليك والثقة بك، والورع عن محارمك مع صالح القول ومقبول السعي [ واستكمال ما يرضيك فيه عني صبرا ويقينا وإيمانا واحتسابا، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم اللهم ارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط والانابة والتوبة والرغبة والرهبة والجزع والرقة ] (2) ومرفوع العمل ومستجاب الدعاء، ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم برحمتك يا أرحم الراحمين ” (3). باب * (القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله الى آخره) * 1850 – كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أفطر قال: ” اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق وبقي الاجر ” (4). 1851 – وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” تقول كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى آخره: ” الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبل منا وأعنا عليه، وسلمنا فيه، وتسلمه منا في يسر منك وعافية، الحمد الله الذي قضى عنا (5) يوما من شهر رمضان “. 1852 – وقال عليه السلام: ” يستجاب دعاء الصائم عند الافطار “.


(1) الجزع الى الله محمود كالطمع والرغبة والرهبة والخشوع والكل الى غيره مذموم (الوافى) والوجل – محركة -: الخوف. (2) من قوله ” واستكمال ما يرضيك ” الى هنا موجود في جميع النسخ وليس في الكافي والظاهر أن هذه الجملة زيادة من النساخ سهوا وسبقت قبل سطرين. (3) وزاد في التهذيب تتمة طويلة مع اختلافه فيما تقدم. (4) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 95 بسند موثق عن أبى جعفر عن آبائه عليهم السلام. (5) أي وفقنا لاداء صومه.

[ 107 ]

باب * (آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه) * 1853 – روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال: الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء ” (1). 1854 – وفي رواية منصور بن يونس، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ” إن الكذب على الله وعلى الائمة عليهم السلام يفطر الصائم ” (2).


(1) قوله: ” لا يضر الصائم ” هذا عام يخصص بامور يدل دليل على نقضها الصوم، والمضاف في الثلاثة الاول محذوف أي أكل الطعام وشرب الشراب ووطى النساء، ويمكن حمل الحديث على أن تلك الاربعة هي العمدة في نقض الصوم، وأشق الامور اجتنابا وان كان في الارتماس منها مساهلة. (مراد) وفى مفطرية الارتماس اختلاف. (2) الظاهر أنه نقل بالمعنى فان الحديث رواه الكليني ج 4 ص 89 هكذا ” قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم، قال: قلت: هلكنا، قال: ليس حيث تذهب انما ذلك الكذب على الله عزوجل وعلى رسوله وعلى الائمة عليهم السلام ” وقال العلامة المجلسي: اختلف الاصحاب في فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله والائمة عليهم السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من انواع الكذب لا يفسد الصوم وان كان محرما، فقال الشيخان و المرتضى في الانتصار انه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة، وقال السيد في الجمل وابن ادريس لا يفسد، وهو الاقوى إذ الظاهر أن المراد بالافطار في هذا الخبر ابطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه الى الوضوء وهو غير مبطل له قطعا، فان قلت: مطلق الكذب ينقض ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع؟ قلت: لان النوع أشد تأثيرا في ذلك والله يعلم “. أقول: بعد رفع اليد عن الحصر المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم المذكور اقتر ان هذا الخبر وامثاله بنقض الكذب للوضوء لا يوهن ظهورها في الافطار إذ ليس الدليل منحصرا بها ففى التهذيب ج 1 ص 409 في الموثق عن سماعة قال ” سألته عن الرجل كذب في شهر رمضان فقال: قد أفطر وعليه قضاؤه فقلت: فما كذبته؟ قال يكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله ” وفى الخصال ص 286 عن ابن الوليد عن الصفار عن البرقى عن أبيه رفعه الى أبى عبد الله عليه السلام قال: ” خمسة أشياء تفطر الصائم: الاكل والشرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله وعلى الائمة =

[ 108 ]

1855 – وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال: ” إذا صمت فليصم سمعك و بصرك وشعرك وجلدك، وعدد أشياء غير هذا، وقال: لا يكون يوم صومك كيوم فطرك “. 1856 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي، أحدها الرفث في الصوم ” (1). 1857 – وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام (2) أنه قال: ” إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، إن مريم قالت: ” إني نذرت للرحمن صوما ” أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا أبصاركم، ولا تحاسدوا، ولا تنازعوا، فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب “. 1858 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام (3): ” عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع عنكم البلاء (4) وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم ” (5). 1859 – وقال الصادق عليه السلام: ” لا تنشد الشعر بليل (6) ولا تنشده في شهر =


عليهم السلام “. وكذا رواية المتن وامثالها فكلها متعرض لنقض الصوم فقط، فالقول بالافساد مع اشتهاره بين القدماء موافق للاحتياط. (1) الرفث: الجماع والفحش، والمراد هنا الثاني (الوافى) أقول: تمام الرواية في الخصال ص 327. (2) رواه الكليني مسندا من حديث جراح المدائني عنه عليه السلام. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 88 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام ” قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام “. (4) أي في جميع السنة لان التقدير فيه (المرآة) وفى بعض النسخ ” فيدفع به البلاء عنكم ” (5) في الكافي ” فيمحى ذنوبكم “. (6) الخبر في الكافي ج 4 ص 88 بسند حسن كالصحيح. والانشاد قراءة الشعر وهو ما غلب على المنظوم من القول وأصله الكلام التخييلى الذى أحد الصناعات الخمس، نظما كان أو نثرا ولعل المنظوم المشتمل على الحكمة والموعظة والمناجات مع الله سبحانه مما لم يكن فيه تخييل =

[ 109 ]

رمضان بليل ولا نهار، فقال له إسماعيل يا أبتاه: وإن كان فينا؟ قال عليه السلام: وإن كان فينا ” (1). 1860 – وقال النبي صلى الله عليه وآله (2): ” ما من عبد صائم يشتم فيقول: إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني إلا قال الرب تبارك وتعالى: استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد أجرته من النار ” (3). 1861 – و ” سمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جاريه لها وهي صائمة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب فقط ” (4). 1862 – وقال الصادق عليه السلام: ” إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، ودع المراء، وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ” (5). ولا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان كذلك رواه: 1863 – الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إنا إذا أردنا أن نحتجم في شهر =


شعرى مستثنى عن هذا الحكم وغير داخل فيه لما ورد أن ما لا بأس به من الشعر فلا بأس به. كما قاله الفيض – رحمه الله – في الوافى. (1) يدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفى شهر رمضان ليلا ونهارا وان كان في مدح الائمة عليهم السلام، ولعله في مدحهم عليهم السلام يرجع الى كونه أقل ثوابا من سائر الاوقات (المرآة) وقال الفيض – رحمه الله -: لان كونه في مدحهم عليهم السلام لا يخرجه عن التخييل الشعرى. (2) مروى في الكافي بسند ضعيف عن الصادق عن آبائه عليهم السلام. (3) المراد بقوله ” عبدى ” أولا المشتوم وبالثانى الشاتم أي استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها أو شر التشاجر والتشاتم بينهما بالصوم. وفى بعض النسخ ” من شتم عبدى “. (4) رواه الكليني ج 4 ص 87 ذيل حديث جراح المدائني. (5) رواه الكليني عن أبى بصير ج 4 ص 89.

[ 110 ]

رمضان احتجمنا بالليل “. 1864 – قال: ” وسألته أيحتجم الصائم؟ فقال: إني أتخوف عليه ما يتخوف به على نفسه، قال: قلت: ما [ ذا ] تتخوف عليه؟ قال: الغشي أن تثور به مرة (1) قلت: أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا؟ قال: نعم إن شاء “. 1865 – و ” كان أمير المؤمنين عليه السلام يكره أن يحتجم الصائم خشية أن يغشى عليه فيفطر ” (2). ولا بأس أن يكتحل الصائم بكحل فيه مسك (3) ولا بأس أن يكتحل بالحضض (4) ولا بأس بأن يستاك بالماء أو بالعود الرطب يجد طعمه، أي النهار شاء ” (5). 1866 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه ” سئل عن القلس (6) أيفطر الصائم؟ فقال لا “. ولا بأس بالمضمضة والاستنشاق للصائم، فإذا تمضمض واستنشق فلا يبلع ريقه


(1) المرة – بالكسر -: هي الصفراء والسوداء، وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: الخبر يدل على كراهة الحجامة من خوف ثوران المرة وطريان الغشى، ولا خلاف بين الاصحاب في عدم حرمة اخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا. (2) في بعض النسخ ” ففطر “. (3) المشهور كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك. (المرآة) (4) الحضض – بضمتين وقد يفتح العين وبالضادين وقيل بالظائين وقيل بضاد ثم ظاء -: عصارة شجرة معروفة وهو صنفان مكى وهندى (بحر الجواهر) في الكافي ج 4 ص 111 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام ” في الصائم يكتحل؟ قال: لا بأس به ليس بطعام ولا شراب “. (5) في الكافي ج 4 ص 111 باسناده عن الحسين بن أبى العلاء قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السواك للصائم، فقال: نعم يستاك أي النهار شاء “. (6) القلس: ما خرج من البطن الى الفم من الطعام أو الشراب فإذا غلب فهو القئ، وقال في النهاية: ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقئ فان عاد فهو القئ.

[ 111 ]

حتى يبزق ثلاثا (1)، وإن تمضمض فدخل الماء حلقه فإن كان ذلك لوضوء الصلاة فلا قضاء عليه (2). 1867 – وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه، قال: عليه قضاؤه، فإن كان في وضوء فلا بأس به “. 1868 – قال: ” وسألته عن القئ في شهر رمضان قال: إن كان شئ يذرعه (3) فلا بأس، وإن كان شئ يكره عليه نفسه فقد أفطر وعليه القضاء ” (4). 1869 – وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام ” عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان، فقال: الصائم لا يجوز له أن يحتقن ” (5).


(1) كما في مرسل حماد وخبر زيد الشحام المرويين في الكافي ج 4 ص 107. (2) روى الكليني ج 4 ص 107 باسناد حسن كالصحيح عن حماد عن الصادق عليه السلام ” في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال: ان كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وان كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء ” وفى رواية اخرى عن يونس ” قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شئ وقد تم صومه وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة، والافضل للصائم أن لا يتمضمض ” وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: المشهور بين الاصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فان كان متبردا فعليه القضاء وان كان للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه. (3) في بعض النسخ ” يبدره ” كما في التهذيب. (4) قال في المدارك: اختلف الاصحاب في حكم تعمد القئ بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه – أي سبقه بغير اختيار – لم يفطر، فذهب الشيخ وأكثر الاصحاب الى انه موجب للقضاء خاصة، وقال ابن ادريس انه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة، وحكى المرتضى عن بعض أصحابنا قولا بوجوب القضاء والكفارة والمعتمد الاول. (5) حمل على الاحتقان بالمايع.

[ 112 ]

ولايجوز للصائم أن يستعط (1) ولا بأس أن يصب الدواء في اذنه (2)، ولا بأس أن يزق الفرخ (3) ويمضغ الخبز للرضيع من غير أن يبلع شيئا (4) ولا بأس بأن يشم الطيب إلا المسحوق منه فإنه يصعد إلى دماغه (5)، ولا بأس بأن يذوق الطباخ المرق وهو صائم بلسانه من غير أن يبلعه ليعرف حلوه من حامضه (6). 1870 – وروي عن منصور بن حازم أنه قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يجعل النواة في فيه وهو صائم؟ قال: لا، قلت: فيجعل الخاتم؟ قال: نعم “. ومن احتلم بالنهار في شهر رمضان فليتم صيامه ولا قضاء عليه. 1871 – وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الصائم ينزع ضرسه؟ قال: لا، ولا يدمي فمه ” (7). 1872 – وروي عن الحسن بن راشد أنه قال: ” كان أبو عبد الله عليه السلام إذا صام


(1) كما في موثق ليث المرادى قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن؟ قال: لا بأس الا السعوط فانه يكره ” ويدل الخبر على كراهة صب الدواء في الاذن والمشهور كراهة التعسط بما يتعدى الى الحلق ونقل عن المفيد وسلار – رحمهما الله – أنهما أوجبا به القضاء والكفارة، واما السعوط بما لا يتعدى الى الحلق فالمشهور أن تعمده يوجب القضاء والكفارة ويمكن المناقشة بانتفاء ما يدل على كون مطلق الايصال الى الجوف مفسدا. (المرآة) والسعوط ادخال الدواء في الانف. (2) كما في صحيحة حماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 110. (3) زق الطائر فرخه: أطعمه بمنقاره. (4) كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام (ج 4 ص 114) والمشهور جواز مضغ الطعام للصبى وزق الطائر وذوق المرق مطلقا. (5) لما تقدم في السعوط. والمشهور استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب وانما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس. (6) كما في صحيحة الحلبي التى أشرنا إليها سابقا. (7) الظاهر الكراهة خوفا من دخول الدم، وقال الفاضل التفرشى: لعله محمول على الاستحباب.

[ 113 ]

تطيب بالطيب ويقول: الطيب تحفة الصائم ” (1). 1873 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه ” سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ فقال: لا بأس ما لم يخش ضعفا “. ولا بأس بالقبلة للصائم للشيخ الكبير، فأما الشاب الشبق فلا، فانه لا يؤمن أن تسبقه شهوته (2). 1874 – وقد سئل النبي صلى الله عليه وآله ” عن الرجل يقبل امرأته وهو صائم؟ قال: هل هي إلا ريحانة يشمها ” (3) وأفضل ذلك أن يتنزه الصائم عن القبلة. 1875 – فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” أما يستحيي أحدكم أن لا يصبر يوما إلى الليل، إنه كان يقال: إن بدء القتال اللطام ” (4). ولو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة (5). 1876 – وسأل رفاعة بن موسى أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل لامس جاريته في شهر رمضان فأمذى، قال: إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود أبدا ويصوم


(1) يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل يدل على استحبابه. (المرآة) (2) كما في صحيحة منصور بن حازم قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلى ومثلك فلا بأس، وأما الشاب الشبق فلا لانه لا يؤمن – الحديث ” الكافي ج 4 ص 104. والشبق – بالكسر مشتق من الشبق – محركة – أي شدة الشهوة. وفى صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام ” ان ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المنى “. (3) وشم الريحان للصائم مكروه مع الاسف. (4) أي كما أن اللطمة تنجر الى القتل كذلك القبلة تنجر الى الجماع. (م ت) (5) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 باسناده عن أبى بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق، فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة “.

[ 114 ]

يوما مكان يوم ” (1). 1877 – وسأله سماعة ” عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال: ما لم يخف على نفسه (2) فلا بأس “. 1878 – وروى محمد بن الفيض التيمي، عن ابن رئاب قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام ينهى عن النرجس للصائم، فقلت: جعلت فداك ولم؟ قال: لانه ريحان الاعاجم “. 1879 – و ” سئل الصادق عليه السلام عن المحرم يشم الريحان، قال: لا، قيل: فالصائم؟ قال: لا، قيل: يشم الصائم الغالية والدخنة؟ قال: نعم، قيل: كيف حل له أن يشم الطيب ولا يشم الريحان (3)؟ قال: لان الطيب سنة، والريحان بدعة للصائم ” (4). 1880 – و ” كان الصادق عليه السلام إذا صام لا يشم الريحان، فسئل عن ذلك فقال: أكره أن أخلط صومي بلذة “. 1881 – وروي ” أن من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يكد يفقد عقله “.


(1) حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 على الاستحباب لان المذى ليس مما يفسد الصيام. وعمل بظاهر الحديث ابن الجنيد وأوجب القضاء بالمذى. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 429 وزاد ” وان كان من حلال فليستغفر الله ولا يعود ويصوم يوما مكان يوم “. وقال: هذا حديث شاذ نادر ومخالف لفتيا مشايخنا كلهم، ولعل الراوى وهم في قوله في آخر الخبر ” ويصوم يوما مكان يوم ” لان مقتضى الخبر يدل عليه ألا ترى أنه شرع في الفرق بين أن يكون أمذى من مباشرة حرام وبين أن يكون الامذاء من مباشرة حلال وعلى الفتيا التى رواه لا فرق بينهما فعلم أنه وهم من الراوى. (2) أي من الانزال أو الجماع أو الاعم. (م ت) (3) احتمل الشيخ أن يكون المراد به النرجس لما تقدم من الاخبار، والمشهور كراهة مطلق الريحان وتتأكد في النرجس. (4) ظاهره التحريم ويحمل على الكراهة لما تعارضه. (سلطان)

[ 115 ]

1882 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه ” سأله (1) عن الرجل يجد البرد أيدخل مع أهله في لحاف وهصائم؟ قال: يجعل بينهما ثوبا “. وقد روى عبد الله بن سنان عنه عليه السلام (2) رخصة للشيخ في المباشرة. 1883 – وسأل حنان بن سدير أبا عبد الله عليه السلام ” عن الصائم يستنقع في الماء، قال: لا بأس ولكن لا يغمس، والمرأة لا تستنقع في الماء لانها تحمل الماء بقبلها ” (3). باب * (ما يجب على من أفطر أو جامع في) * * (شهر رمضان متعمدا أو ناسيا) * 1884 – روى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق “. (4) 1885 – وروى عبد المؤمن بن القاسم الانصاري (5) عن أبي جعفر عليه السلام ” أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: هلكت وأهلكت (6) فقال: وما أهلكك؟ قال: أتيت


(1) في بعض النسخ ” أنه سئل “. (2) ظاهره أبو جعفر الباقر (ع) لكن لم يرو عبد الله بن سنان عنه عليه السلام وهو من أصحاب الصادق سلام الله عليه، ولم أجد لفظ الخبر على وجهه فيما عندي من كتب الحديث. (3) الظاهر من الاستنقاع الجلوس في الماء من دون أن يخفى رأسه فيه، وبالانغماس اختفاء الرأس فيه. (مراد) (4) ظاهره كفاية كفارة واحدة بسبب الافطار في يوم واحد سواء وقع منه الاتيان بمفطر واحد أو مختلف لترك الاستفصال. (مراد) (5) في الطريق الحكم بن مسكين وأبو كهمس وهما مجهولان. (6) يقال لمن ارتكب أمرا عظيما: هلكت وأهلكت من باب التفعيل والافعال.

[ 116 ]

امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أطيق، قال: تصدق على ستين مسكينا، قال: لا أجد فأتي النبي صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل (1) فيه خمسة عشرا صاعا من تمر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: خذها فتصدق بها، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها (2) أهل بيت أحوج إليه منا، فقال: خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك ” (3). 1886 – وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام ” إن المكتل الذي اتي به النبي صلى الله عليه وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر ” (4). 1887 – وروى إدريس بن هلال (5) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، قال: عليه عشرون صاعا من تمر، فبذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك “. 1888 – وروى محمد بن النعمان عنه عليه السلام أنه ” سئل عن رجل أفطر يوما من


(1) العذق – بالكسر -: عنقود التمر أو العنب، والقنو من النخلة. والمكتل شبيه الزنبيل تسع خمسة عشر صاعا. (2) اللابة: الحرة، ولابتا المدينة حرتان تكتنفانها، والحرة – بالفتح – والتشديد أرض ذات أحجار سود. (3) استدل بهذا الخبر على وجوب الترتيب في الكفارة وحمل علل الاستحباب وان كان ظاهره الوجوب جمعا بينه وبين سائر الاخبار الظاهرة في التخيير. (4) يمكن تطبيق الروايتين بأن في رواية جميل انه كان في المكتل عشرون صاعا وذلك لا يدل على أنه صلى الله عليه وآله أعطى الرجل مجموع العشرين فجاز أن يكون (ص) أعطى الرجل منها خمسة عشر صاعا وليس في الرواية الاولى أنه لم يكن في المكتل أزيد من خمسة عشر صاعا لينافى ذلك، وأما رواية ادريس الآتية فينبغي أن يحمل العشرون فيها على الاستحباب، ولعل الرجل الذى أمره النبي (ص) بالعشرين غير الرجل الذى أعطاه خمسة عشر فيحمل الامر أيضا على الندب دون الوجوب وكذا الكلام في حديث محمد ابن النعمان. (مراد) (5) السند ضعيف لمكان محمد بن سنان في الطريق.

[ 117 ]

شهر رمضان، فقال: كفارته جريبان من طعام وهو عشرون صاعا ” (1). 1889 – وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة، فقال: إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا ” (2). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: لم أجد [ شيئا في ] ذلك في شئ من الاصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم (3). 1890 – وروى الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي قال: ” سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال: يسئل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال: لا فإن على الامام أن يقتله، وإن قال: نعم فعلى الامام أن ينهكه ضربا ” (4). 1891 – وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل اخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات، قال: فيقتل في الثالثة ” (5).


(1) الضمير يرجع الى الجريبين باعتبار أنهما مقدار من طعام. (مراد) (2) قال في المنتهى: الرواية وان كانت ضعيفة السند الا أن الاصحاب ادعوا الاجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها. (3) هكذا في جميع النسخ التى عندي والصواب ” تفرد به على بن محمد بن بندار ” كما في الكافي ج 4 ص 103 والتهذيب ج 1 ص 413. وقال المحقق – رحمه الله – في المعتبر ص 309 – بعد نقل الرواية وتضعيف السند -: ” قال ابن بابويه: لم يرو هذه غير المفضل ” فيظهر من هذا النقل أن في نسخته بدل على بن ابراهيم بن هاشم ” المفضل “. (4) يدل على أن مستحل افطار الصوم كافر يجب قتله، وفى القاموس نهكه السلطان – كسمعه – نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه. (المرآة) (5) هذه الموثقة تدل على وجوب القتل وذهب إليه جماعة وتدل عليه أخبار أخر، وقيل يقتل في الرابعة احتياطا للدماء، وهذا إذا لم يكن مستحلا والا فالقتل أولا إذا كان فطريا ومع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا. (م ت)

[ 118 ]

1892 – وقال الصادق عليه السلام: ” من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأنى له بمثله “. وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات (1) فإني افتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلك (2) في روايات أبي الحسين الاسدي – رضي الله عنه – (3) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري – قدس الله روحه -. 1893 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن رجل نسي فأكل وشرب، ثم ذكر، قال: لا يفطر إنما هو شئ رزقه الله فليتم صومه “. 1894 – وسأله عمار بن موسى ” عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال: يغتسل ولا شئ عليه ” (4). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روي عن الائمة عليهم السلام. 1895 – وروى علي بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: ” سألت أبا عبد الله


(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 411 في الموثق عن سماعة قال: ” سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا، فقال: عليه عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم “. (2) أي لوجداني ذلك، أو لانى قد وجدت ذلك. (3) يعد من البواب والوكلاء، قال الشيخ – رحمه الله – في كتاب الغيبة: ” وقد كان في زمن السفراء أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي – الى أن قال: ومات الاسدي على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه، في شهر ربيع الاخر سنة 312 من الهجرة “. والظاهر اتصال الرواية بصاحب الامر عليه السلام لاما ظنه بعض أنها لم يعلم أنها من الامام (الشيخ محمد) (4) رواه الشيخ – رحمه الله – في الموثق وحمله على ما إذا جامع ناسيا دون العمد.

[ 119 ]

عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة والصوم ” (1). 1896 – وروي في خبر آخر ” أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك ” (2). 1897 – وفي رواية ابن أبي نصر، عن أبي سعيد القماط أنه ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عمن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح (3) قال: لا شئ عليه وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال “. 1898 – وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ، ثم ينام، ثم يستيقظ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم صومه ويقضي يوما آخر، فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه


(1) أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه وانما الخلاف في قضاء الصوم، فذهب الاكثر الى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام ” سألته عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسى أن يغتسل حتى خرج رمضان قال: عليه أن يقضى الصلاة والصيام ” (التهذيب ج 1 ص 440 و 443) وقال ابن ادريس – رحمه الله -: لا يجب قضاء الصوم لانه ليس من شرطه الطهارة في الرجال الا إذا تركها الانسان متعمدا من غير اضطرار، وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرايع والنافع (المرآة) أقول: المراد بالجمعة الاسبوع. (2) هذا يؤيد كفاية الغسل المندوب عن الواجب والتداخل مطلقا كما هو قول بعض الاصحاب وعلى قول من خص التداخل بما إذا ضم إليه الواجب، ربما يؤيد وجوب غسل الجمعة كما هو مذهب المصنف (سلطان) وقد يحمل على من اغتسل بنية ما في الذمة وهو بعيد. (3) أي في النوم الاول أو الاعم، بل الاعم من أن يكون بنية الغسل أولا، بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها الله تعالى بقوله ” أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم ” ونومه أيضا حلال ولكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا. لكن يحمل على النومة الاولى جمعا بين الاخبار. (م ت)

[ 120 ]

وجاز له ” (1). 1899 – وسأله عبد الله بن سنان ” عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع، قال: لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره ” (2). 1900 – وسأله العيص بن القاسم ” عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم، ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل، قال: لا بأس ” (3). 1901 – وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم


(1) طريق المصنف الى عبد الله بن أبى يعفور حسن، ورواه الشيخ في الصحيح. وقوله ” يجنب ” أي يحتلم كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون المراد به يجامع ثم ينام ثم يستيقظ. وقوله ” فان لم يستيقظ ” أي من النومة الاولى. وقوله: ” أتم صومه ” في بعض النسخ ” أتم يومه ” (م ت) وقيل قوله ” يتم صومه ويقضى يوما آخر ” ينافى مذهب من قال بعدم اشتراط الصوم بالطهارة الا أن يحمل على الندب. (2) يدل على أن مع أدرك الصبح جنبا لا يصح له قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الاولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق، واحتمل الشهيد الثاني – قدس سره – جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح، ويحتمل مساواته لصوم شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الاولى خاصة، وقال السيد المحقق في المدارك: قال المحقق في المعتبر – بعد ايراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة -: ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام، وأقول: الحق أن قضاء شهر رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للاخبار الصحيحة، ويبقى الاشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للاصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته. (المرآة) (3) يدل على عدم حرمة النوم ثانيا ولا ينافيه وجوب القضاء بالاخبار المتقدمة، وان أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب. (م ت)

[ 121 ]

إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، قال: قدتم صومه ولا يقضيه ” (1). 1902 – وروى حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ” وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئا “. وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام (2). وبهذه الاخبار أفتي، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لانه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا (3).


(1) قال في المدارك ص 275: لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق الى العلم، وانما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن، فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وجمع من الاصحاب الى أنه غير واجب، وقال المفيد وأبو الصلاح بالوجوب واختاره المحقق في المعتبر والمعتمد الاول، ثم تمسك – رحمه الله – لمختاره بالروايات الاتية. (2) في التهذيب ج 1 ص 428 عن أبى جميلة عن الشحام عن أبى عبد الله عليه السلام نحو حديث أبى الصباح الكنانى المتقدم. (2) في الكافي ج 4 ص 100 عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن عثمان ابن عيسى عن سماعة قال: ” سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم ان السحاب انجلى فإذا الشمس، فقال: على الذى أفطر صيام ذلك اليوم، ان الله عزوجل يقول: ” ثم أتموا الصيام الى الليل ” فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لانه أكل متعمدا ” ورواه العياشي عن أبى بصير في التفسير ج 1 ص 82 فالطريق غير منحصر بسماعة. وفى الكافي أيضا عن أبى بصير وسماعة. وعلى أي حال نوقش في السند لاشتماله على محمد بن عيسى عن يونس وباشتراك أبى بصير بين الثقة والضعيف و قول المصنف ” لانه رواية سماعة ” يعنى من متفرداته أو المراد لا أعمل به عند التعارض والا فهو يروى عنه كثيرا، ويمكن حملها على الاستحباب جمعا وتوفيقا بين الادلة.

[ 122 ]

باب * (الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم) * 1903 – قال الصادق عليه السلام: ” الصبي يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع أو العطش أفطر ” (1). 1904 – وروى عنه إسماعيل بن مسلم أنه قال: ” إذا أطاق الغلام صوم ثلاثة أيام متتابعة فقد وجب عليه صيام شهر رمضان ” (2). 1905 – وسأله سماعة ” عن الصبي متى يصوم؟ قال: إذا قوي على الصيام “. 1906 – وفي رواية معاوية بن وهب قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال: ما بينه وبين خمس عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة (3)، فإن هو صام قبل ذلك فدعه، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته “. 1907 – وفي خبر آخر: ” على الصبي إذا احتلم الصيام، وعلى المرأة إذا حاضت الصيام ” (4). وهذه الاخبار كلها متفقة المعاني، يؤخذ الصبي بالصيام إذا بلغ تسع سنين إلى أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة وإلى الاحتلام، وكذلك المرأة إلى الحيض، ووجوب الصوم عليهما بعد الاحتلام والحيض، وما قبل ذلك تأديب.


(1) روى نحوه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام. (2) حمل على تأكد الاستحباب وكأن المراد أنه يجب على وليه تكليفه بالصوم. (3) العائد في ” بينه ” يرجع الى الصبى، يعنى وقت مؤاخذته بالصيام ووجوبه عليه بلوغه خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة وانما لم يعين أحدهما لاختلاف الصبيان في الحلم والاحتلام وكان أحدهما أقله والاخر أكثره. (الوافى) (4) أي الصيام الواجب الذى يعاقب بتركه. ورواه الشيخ ج 2 ص 444 من التهذيب بزيادة من حديث أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام.

[ 123 ]

باب * (الصوم للرؤية والفطر للرؤية) * 1908 – روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي والتظني (1) وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ينظرون فيقول واحد منهم: هو ذا [ هو ذا ]، وينظر تسعة فلا يرونه، ولكن إذا رآه واحد رآه ألف “. 1909 – وروى الفضل بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ” ليس على أهل القبلة إلا الرؤية، [ و ] ليس على المسلمين إلا الرؤية ” (2). 1910 – وفي رواية القاسم بن عروة، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الصوم للرؤية، والفطر للرؤية، وليس الرؤية أن يراه واحد ولا إثنان ولا خمسون ” (3). 1911 – وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا رأيتم الهلال فأفطروا، أو شهد عليه عدل من المسلمين (4)، وإن لم تروا


(1) في الصحاح التظنى اعمال الظن، وأصله التظنن أبدل احدى النونات ياء. (2) الحصر اضافي بالنسبة الى الجدول والحساب وأمثالها لا حقيقي فان الهلال يثبت بعدلين، ويمكن تصحيح كون الحصر حقيقيا بأن يكون المراد الحصر فيما ينتهى الى الرؤية وشهادة العدلين انما يعتبر إذا استند الى الرؤية لا الى الجدول ومثله، ويحتمل أن المراد بالحصر أن الروية تكفى ولا تتوقف على الثبوت عند الحاكم على ما زعم بعض العامة فحينئذ لا يكون المراد أنه لا يثبت بشئ آخر بل لا يتوقف على شئ آخر فتأمل. (سلطان) (3) أي ليس المناط ذلك ولا يكفى مجرد رؤية هؤلاء ان لم يفد علما بالرؤية أو ظنا متاخما للعلم حيث لم يكونوا عدولا. (4) قوله ” أو شهد عليه عدل من المسلمين ” استدل به على الاكتفاء بالعدل الواحد وأجاب عنه العلامة – رحمه الله – في التذكرة بان لفظ العدل يصح اطلاقه على الواحد فما زاد =

[ 124 ]

الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم افطروا “. 1912 – وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: ” ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين “. 1913 – وسأله سماعة ” عن اليوم في شهر رمضان يختلف فيه قال: ” إذا اجتمع أهل المصر على صيامه للرؤية فاقضه إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان “. 1914 – وقال علي عليه السلام: ” لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين ” (1). 1915 – وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ” عن الرجل يرى الهلال (2) في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله أن يصوم؟ قال: إذا لم يشك فليفطر (3)، وإلا فليصمه مع الناس “. 1916 – وروى محمد بن مرازم، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا تطوق الهلال فهو لليلتين (4)، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال “. =


لانه مصدر يطلق على القليل والكثير (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء: هذا مؤيد للمستدل على كفاية الواحد إذ صحة الاطلاق على الواحد يكفيه فعلى من ادعى الاثنين اثبات الزائد وكان مراد العلامة أن لنا دليلا على الزائد وهذا طريق الجمع – انتهى. أقول: الخبر في التهذيب ج 1 ص 396 كما في المتن لكن رواه في الاستبصار ج 2 ص 64 وفيه ” أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين ” وعليه فلا مجال للاستدلال به للواحد. (1) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 77 عن حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال على عليه السلام. (2) يعنى هلال شوال. (3) لانه كثيرا ما يخيل الانسان ورأى شعرة معلقة من حاجبه أو رأى غيمة هلالية محمرة زعم أنها هلال فبعد الدقة والتأمل ينكشف خطأه. وفى التهذيب ” إذا لم يشك فليصم ” فعليه المراد بالهلال هلال شهر رمضان. (4) نقل الاجماع على عدم اعتبار ذلك الا أن الشيخ في كتابي الاخبار حملها على ما إذا كان في السماء علة من غيم.

[ 125 ]

1917 – وروى حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن الحر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين “. 1918 – وقال الصادق عليه السلام: ” إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين ” (1). 1919 – وقال عليه السلام: ” إذا صمت شهر رمضان في العام الماضي في يوم معلوم فعد في العام المستقبل من ذلك اليوم خمسة أيام وصم يوم الخامس ” (2). 1920 – وروى أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو؟ قال: يصوم شهرا يتوخى ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر


(1) المشهور عدم اعتبار تلك الامور (المرآة) والخبر في الكافي ج 3 ص 77 رواه مرفوعا وحمل على ان المراد به استحباب صيام يوم الشك. (م ت) (2) مثلا إذا كان أول شهر رمضان يوم الاربعاء في سنة فهو في السنة التى بعدها يوم الاثنين لان السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثلث يوم تقريبا أي ثمان ساعات وبضع دقايق فإذا قسمنا عدد الايام على السبعة وهو عدد أيام الاسبوع بقى أربعة فيكون أول شهر رمضان في السنة المتأخرة بعد مضى أربعة أيام من غرة شهد رمضان في السنة الماضية فيكون اليوم الخامس من شهر رمضان مع قطع النظر عن ثلث يوم هو كسر السنة، وهذا حساب صحيح حكى في الجواهر عن عجائب المخلوقات للقزويني قال: قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا – انتهى، وقد عمل بذلك أن غمت شهور السنة الشيخ – رحمه الله – في المبسوط والفاضل في المحكى عن جملة من كتبه، والشهيدان في الدروس والروضة، وفى المختلف أن المعتمد في ذلك العادة لا الرواية، واعترض عليه بمالا حاجة الى ذكره هنا ولكن الحق أن العمل بهذا الحديث متعين مع غمة شهور السنة أو أكثرها إذ لو لا العمل به لزم عد كل شهر ثلاثين وهو مخالف للقطع واليقين، إذ لم يعهد في العادات توالى أكثر من ثلاثة أشهر تامة بل توالى الثلاثة أيضا قليل وأثبت المنجمون بالحساب أن غاية ما يتصور أن يكون تامة أربعة أشهر ولا يمكن أكثر من ذلك، وشرط الاستصحاب وكل حكم ظاهري أن لا يكون القطع بخلافه واقعا بل الظن المتأخم للعام، وبالجملة فاليوم الخامس بعد السنة الماضية أقرب =

[ 126 ]

رمضان لم يجزئه، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه ” (1). 1921 – وسأله العيص بن القاسم ” عن الهلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال: نعم ” (2). باب * (صوم يوم الشك) * 1922 – ” سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن اليوم المشكوك فيه، فقال: لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان ” (3). فيجوز أن يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه، وإن كان من شعبان لم يضره، ومن صامه وهو شاك فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان لانه لا يقبل شئ من الفرائض إلا باليقين، ولا يجوز أن ينوي من يصوم يوم الشك أنه من شهر رمضان. 1923 – لان أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” لئن افطر يوما من شهر رمضان =


شئ الى الحقيقة في الحساب والعادة والتجربة وقد وردت فيه الرواية فلا شبهة فيه ان شاء الله (ذلك من تحقيقات استادنا الشعرانى – مد ظله – ذكرها في هامش الوافى). (1) ما تضمنه هذا الخبر من وجوب التوخى – أي التحرى – والسعى في تحصيل الظن والاجتزاء بمع الموافقة والتأخر ووجوب القضاء مع التقدم مقطوع به في كلام الاصحاب. (2) هذه الاخبار حملها في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيمة ويكون فيها علة مانعة من الرؤية فيعتبر حينئذ في الليلة المستقبلة الغيبوبة والتطوق ورؤية الظل ونحوها دون أن تكون مصحية كما أن الشاهدين من خارج البلد (في خبر حبيب الخزاعى المروى في التهذيب) انما يعتبر مع العلة دون الصحو. (الوافى) (3) لعل اسم التفضيل هنا من قبيل قولهم: العسل أحلى من النحل. والمراد بافطار يوم من شهر رمضان افطار يوم يكون واقعا منه وان لم يكن مكلفا بصومه، ويدل على رجحان صوم يوم الشك والمشهور استحباب صومه بنية الندب مطلقا. (المرآة)

[ 127 ]

أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان ” (1). 1924 – وسأل بشير النبال أبا عبد الله عليه السلام ” عن صوم يوم الشك فقال: صمه (2) فإن كان من شعبان كان تطوعا، وإن كان من شهر رمضان فيوم وفقت له “. 1925 – وسأله عبد الكريم بن عمرو فقال: ” إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم عليه السلام، فقال: ” لا تصم في السفر (3)، ولا في العيدين، ولا [ في ] أيام التشريق (4) ولا اليوم الذي يشك فيه ” (5). ومن كان في بلد فيه سلطان فالصوم معه والفطر معه لان في خلافه دخولا في نهي الله عزوجل حيث يقول: ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة “. 1926 – وقد روي عن عيسى بن أبي منصور أنه قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه الناس فقال: يا غلام اذهب فانظر أصام الامير (6) أم لا؟ فذهب ثم عاد فقال: لا، فدعا بالغداء فتغدينا معه “. 1927 – وقال الصادق عليه السلام: ” لو قلت: إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا “.


(1) قال في الوافى: ” معنى الحديث السابق أن صيام يوم الشك بنية شعبان أحب الى من افطاره وذلك لانه ان صامه بنية شعبان وكان في الواقع من شهر رمضان فكان قد أفطر يوما من شهر رمضان وصيام يوم من شهر شعبان خير من الافطار يوم من شهر رمضان، ومعنى الحديث الاخير أن افطار يوم الشك بنية شعبان إذا لم يعلم أنه من شهر رمضان أحب الى من صيامه بنية أنه من شهر رمضان وذلك لان افطاره على تلك النية جائز مرخص فيه وصيامه على هذه النية بدعة منهى عنه فلا منافاة بين الحديثين بوجه “. (2) أي بنية الندب. (3) يدل على مرجوحية صوم النافلة في السفر. (4) يعنى إذا كانت بمعنى ناسكا. (5) حمل على الصوم بنية أنه من شهر رمضان. (6) في بعض النسخ ” هل صام الامير “.

[ 128 ]

1928 – وقال عليه السلام: ” لا دين لمن لا تقية له ” (1). 1929 – وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن سهل بن سعد قال: ” سمعت الرضا عليه السلام يقول: الصوم للرؤية، والفطر للرؤية، وليس منامن صام قبل الرؤية للرؤية وأفطر قبل الرؤية للرؤية (2)، قال: قلت له: يا ابن رسول الله فما ترى في صوم يوم الشك؟ فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لئن أصوم يوما من شهر شعبان أحب إلي من أن افطر يوما من شهر رمضان “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: وهذا حديث غريب لا أعرفه إلا من طريق عبد العظيم بن عبد الله الحسني المدفون بالري في مقابر الشجرة وكان مرضيا – رضي الله عنه -. باب * (الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان) * 1930 – ” سئل الصادق عليه السلام عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ فقال: ليس عليه أن يصوم إلا ما أسلم فيه، وليس عليه أن يقضي ما قد مضى منه ” (3).


(1) رواه الكليني ج 2 ص 217 في الحسن كالصحيح عن أبى عمر الاعجمي عنه عليه السلام في حديث. (2) أي لرؤية من لم يثبت الهلال برؤيته (مراد) وقوله: ” للرؤية ” في الموضعين ليس في بعض النسخ. (3) لا خلاف في سقوط القضاء عن الكافر بعد الاسلام والمراد الكافر الاصلى أما غيره كالمرتد ومن انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرها كالخوارج والغلاة فيجب عليهم القضاء قطعا، ولو استبصر المخالف وجب عليه قضاء ما فاته من العبادات دون ما أتى به سوى الزكاة. (المرآة)

[ 129 ]

1931 – وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر (1) “. باب * (الوقت الذى يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة) * 1932 – روى عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا غاب القرص (2) أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة “. وقال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي: يحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم وهي تطلع مع غروب الشمس (3). وهي رواية أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (4). 1933 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم (5) وإن


(1) هذا أحد القولين في المسألة ونقل عن الشيخ (ره) قال في المبسوط: وجوب الصوم إذا كان الاسلام قبل الزوال وقواه في المعتبر (سلطان) وقال العلامة المجلسي: يدل على أنه إذا أسلم في أثناء النهار لا يجب عليه صوم ذلك اليوم وان كان قبل الزوال وهو المشهور بين الاصحاب وقالوا باستحباب الامساك بقية اليوم وقال الشيخ في المبسوط بوجوب الاداء إذا أسلم قبل الزوال ومع الاخلال به فالقضاء، وقواه في المختلف. (2) المراد بغيبوبة القرص ذهاب الحمرة. (3) الظاهر أنه من كلام المصنف – رحمه الله – ذكره لتقوية مذهبه. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 باسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن وقت افطار الصائم، قال: حين يبدو ثلاثة أنجم الحديث “. (5) العشاء بالفتح الطعام الذى يؤكل في العشاء، يدل على استحباب تقديم الصلاة على الافطار الا مع الانتظار. (م ت)

[ 130 ]

كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر “. باب * (الوقت الذى يحرم فيه الاكل والشرب على الصائم) * * (وتحل فيه صلاة الغداة) * 1934 – روى عاصم بن حميد، عن أبي بصير ليث المرادي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة – صلاة الفجر -؟ فقال لي: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية (1) البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة – صلاة الفجر – قلت: أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال: هيهات أين تذهب بك تلك صلاة الصبيان “. 1935 – وروى أبو بصير (2)، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: ” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر (3) ” فقال: نزلت في خوات بن جبير الانصاري (4) وكان مع النبي صلى الله عليه وآله في الخندق وهو صائم وأمسى على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام


(1) القبطية واحدة القباطى – بفتح القاف ثياب رقاق من كتان تتخذ بمصر، وقد يضم لانهم يغيرون في النسبة (الصحاح) وقوله ” اعترض الفجر ” أي حصل البياض في عرض الافق وهو الصادق لا في طوله فانه الكاذب. (م ت) (2) هو أيضا ليث المرادى لما في الكافي عن ابن مسكان عنه. (3) مروى في الكافي ج 4 ص 98 وفيه في قول الله تعالى ” أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم الآية ” فقال: نزلت في خوات بن جبير الانصاري ” وهكذا في التهذيب. (4) خوات – بتشديد الواو – عده الشيخ في رجاله منم أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأنه بدرى. وفى اسد الغابة: خرج خوات بن جبير مع رسول الله (ص) الى بدر فلما بلغ الصفراء أصاب ساقه حجر فرجع فضرب له رسول الله بسهمه، وقال ابن اسحاق: لم يشهد خوات بدرا ولكن رسول الله (ص) ضرب بسهمه مع أصحاب بدر. ومثله قال ابن الكلبى.

[ 131 ]

فجاء خوات إلى أهله حين أمسى فقال: عندكم طعام؟ فقالوا: لا تنم (1) حتى نصنع لك طعاما فاتكى فنام، قالوا: قد فعلت؟ قال: نعم، فبات على تلك الحال وأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه، فمر به رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل الله عزوجل: ” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر “. 1936 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر فقال: بياض النهار من سواد الليل ” (2). 1937 – وقال في خبر آخر: ” وهو الفجر الذي لا شك فيه “. 1938 – وسأله سماعة بن مهران ” عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال: أحدهما هو ذا، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وليشرب لان الله عزوجل يقول: ” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ” قال سماعة: وسألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان، فقال: إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل، ثم أعاد النظر فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب، ثم نظر إلى الفجر فرآه قد طلع فليتم صومه ذلك ويقضي يوما آخر، لانه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الاعادة “. 1939 – وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع [ الفجر ] فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل، فقال: يتم ويقضي ” (3). 1940 – وروى محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: ” قلت لابي عبد الله


(1) في الكافي ” لا، لا تنم “. (2) رواه الشيخ في التهذيب والكليني ج 4 ص 98 بسند صحيح عن الحلبي عنه عليه السلام. (3) قيده بعض الاصحاب بما إذا لم يكن المخبر عدلين. (سلطان)

[ 132 ]

عليه السلام: آمر الجارية لتنظر إلى الفجر فتقول: لم يطلع بعد، فآكل ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت (1) قال: اقضه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شئ “. باب * (حد المرض الذى يفطر صاحبه) * 1941 – روى ابن بكير، عن زرارة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام؟ فقال: بل الانسان على نفسه بصيرة [ و ] هو أعلم بما يطيقه “. 1942 – وروى جميل بن دراج (2)، عن الوليد بن صبيح قال: ” حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان، فبعث إلي أبو عبد الله عليه السلام بقصعة فيها خل وزيت، وقال لي: أفطر وصل وأنت قاعد “. 1943 – وروى بكر بن محمد الازدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سأله أبي و أنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم، قال: إذا لم يستطع أن يتسحر ” (3). 1944 – وروى سليمان بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” اشتكت أم سلمة رضي الله عنها عبنها في شهر رمضان فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تفطر وقال: عشاء الليل لعينيك ردي ” (4). 1945 – وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الصائم إذا خاف على


(1) يعنى حين نظرت الجارية. (2) الطريق إليه صحيح، وفى الكافي حسن كالصحيح. (3) أي من شدة المرض، ونقل العلامة المجلسي عن والده – رحمهما الله – قال: المراد به ان لم يستطع أن يشرب الدواء في السحر ويصوم فليفطر. (4) أي مضر.

[ 133 ]

عينيه من الرمد أفطر “. 1946 – وقال عليه السلام: ” كلما أضر به الصوم فالافطار له واجب “. باب * (ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع) * 1947 – روى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: ” سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ” (1). 1948 – وروى عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه، قال: يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى يروي ” (2). 1949 – وفي رواية ابن بكير أنه ” سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل:


(1) أي لم يقدرا على التصدق. ويحتمل أن المراد أنه ان لم يقدرا على الصوم أي أصلا حتى مع المشقة فلا شئ عليهما من الكفارة والاثم بترك الصوم، فيكون المراد في أول الكلام من يقدر على الصوم لكن بمشقة ويؤيده لفظة ” لا حرج ” فانه مع عدم القدرة أصلا يجب الافطار فلا يلائمه نفى الحرج (سلطان) وظاهر الحديث الاكتفاء بالمد كما ذهب إليه جماعة، وذهب الشيخ في النهاية – على المحكى – الى وجوب مدين فان لم يقدر فمد لما في بعض الاخبار، وربما حمل المدين على الاستحباب. (2) قال في المدارك: هل يجب على ذى العطاش الاقتصار من الشرب على ما تندفع به الضرورة أم يجوز له التملى من الشراب وغيره؟ قيل بالاول لرواية عمار وقيل بالثاني وهو خيرة الاكثر لاطلاق سائر الاخبار، ولا ريب أن الاول أحوط – انتهى. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – ظاهر رواية عمار أنها فيمن أصابه العطش اتفاقا من غير أن تكون له علة مقتضية له مستمرة وظاهر أخبار الفدية أنها وردت في صاحب العلة فلا يبعد أن يكون حكم الاول جواز الشرب بقدر سد الرمق والقضاء بدون فدية، وحكم الثاني وجوب الفدية وسقوط القضاء وعدم وجوب الاقتصار على سد الرمق.

[ 134 ]

” وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ” قال: على الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد “. 1950 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سمعته يقول: الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لانهما لا تطيقان الصوم، وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرا فيه ثم تقضيانه بعد “. 1951 – وسأل عبد الملك بن عتبة الهاشمي أبا الحسن عليه السلام ” عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان، قال: يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة “. باب * (ثواب من فطر صائما) * 1952 – روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من فطر صائما فله أجر مثله “. 1953 – وقال الصادق عليه السلام: ” دخل سدير على أبي عليه السلام في شهر رمضان فقال له: يا سدير هل تدري أي ليال هذه؟ فقال له: نعم جعلت فداك إن هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك؟ فقال له أبي: أتقدر على أن تعتق كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير: بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك، فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة، في كل ذلك يقول: لا أقدر عليه، فقال له: أفما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له: بلى وعشرة، فقال له أبي عليه السلام: فذاك الذي أردت، يا سدير إن إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام “. 1954 – وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: ” تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك “. 1955 – و ” كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة


[ 135 ]

فتذبح وتقطع أعضاؤه وتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع (1) اغرفوا لآل فلان، اغرفوا لآل فلان، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه ” (2). 1956 – وقال النبي صلى الله عليه وآله (3) ” من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة (4) من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من ماء عذب، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك “. باب * (ثواب السحور) * 1957 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” السحور بركة، وقال صلى الله عليه وآله: لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة تمر “. (5) 1958 – وسأل سماعة أبا عبد الله عليه السلام ” عن السحور لمن أراد الصوم، فقال: أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء، وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل: ومن لم يفعل فلا بأس “.


(1) القصاع: جمع قصعة وهى الظرف الذى يؤكل فيه. (2) العشاء – بالفتح والمد – الطعام الذى يؤكل بالعشى. (3) جزء من الخطبة التى خطبها (ص) في آخر جمعة من شعبان. (4) المذق: اللبن الممزوج بالماء ومميه أصلية. (5) السحور – بالفتح -: ما يتسحر به من الطعام والشراب. وفى الكافي عن على عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: ” قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: السحور بركة، قال: وقال رسول الله (ص): لا تدع أمتى السحور ولو على حشفة “. والتاء للوحدة. والحشف: أردى التمر واليابس الفاسد منه. (النهاية)

[ 136 ]

1959 – وسأله أبو بصير ” عن السحور لمن أراد الصوم (1) أواجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء، فأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر، أحب (2) أن لا يترك في شهر رمضان “. 1960 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” تعاونوا بأكل السحور على صيام النهار، وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل “. 1961 – وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ” إن الله تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالاسحار فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء “. وأفضل السحور السويق والتمر (3)، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر (5). 1962 – وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال: ” آكل وأنا أشك في الفجر؟ فقال: كل حتى لا تشك “. 1963 – وقال عليه السلام: ” لو أن الناس تسحروا ثم لم يفطروا إلا على الماء لقدروا على أن يصوموا الدهر “. باب * (الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من الفرض) * وردت الاخبار والآثار عن الائمة عليهم السلام أنه لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام وعليه شئ من الفرض، وممن روى ذلك الحلبي وأبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام (5).


(1) كذا في بعض النسخ والكافي وفى أكثرها ” في أداء الصوم “. (2) في الكافي ج 4 ص 86 ” نحب ” كما هو نسخة في بعض النسخ. (3) رواه حفص بن البخترى عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 408. (4) كما في قوله تعالى ” فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر “. (5) في الكافي ج 4 ص 125 عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، =

[ 137 ]

باب * (الصلاة في شهر رمضان) * 1964 – سأل زرارة، ومحمد بن مسلم، والفضيل أبا جعفر الباقر وأبا عبد الله الصادق عليهما السلام ” عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل جماعة، فقالا: (1) إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلي، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام صلى الله عليه وآله في اليوم الثالث (2) على منبره فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ” أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة، وصلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل، ولا تصلوا صلاة الضحى فإن تلك معصية، ألا فإن كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها إلى النار، ثم نزل صلى الله عليه وآله وهو يقول: قليل في سنة خير من كثير في بدعة “. 1965 – وروى ابن مسكان، عن الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان، فقال: ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي، وأنا كذلك اصلي، ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى الله عليه وآله “. 1966 – وروى عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الصلاة في شهر رمضان فقال: ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان =


عن حماد، عن الحلبي، قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع؟ فقال: لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان “. وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن محمد بن اسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبى الصباح الكنانى قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أيتطوع؟ فقال: لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ” ورواهما الشيخ في التهذيب ج 1 ص 430. (1) في بعض النسخ ” فقالا: لا ” وجعل ” لا ” نسخة. (2) في بعض النسخ ” في اليوم الرابع “.

[ 138 ]

قبل صلاة الفجر ولو كان فضلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعمل به وأحق “. (1) وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان (2). 1967 – قال (3): ” سألته عن شهر رمضان كم يصلى فيه؟ قال: كما يصلى في غيره إلا أن لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوعه، فإن أحب وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلي قبل ذلك، يصلي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، وثمان ركعات بعد العتمة، ثم يصلي صلاة الليل التي كان يصليها قبل ذلك ثمان والوتر ثلاث يصلي ركعتين ويسلم فيهما ثم يقوم فيصلي واحدة، فيقنت فيها فهذا الوتر، ثم يصلي ركعتي الفجر حتى ينشق الفجر فهذه ثلاث عشرة ركعة، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة يصلي منها بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثمان ركعات بعد العتمة، ثم يصلي صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة كما وصفت لك. وفي ليلة إحدى و عشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما إذا قوي على ذلك مائة ركعة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة، وليسهر فيهما حتى يصبح فإن ذلك يستحب أن يكون في


(1) ظاهر هذه الاخبار نفى الصلاة رأسا وحملت على الجماعة للخبر المتقدم وأمثاله ولوجودها في الاخبار الكثيرة البالغة حد التواتر، ويمكن حمل أخبار النفى اما على نفى السنة وأخبار الاثبات على التطوع فان السنة لا تترك من النبي والائمة عليهم السلام والتطوع قد يترك، كما قاله المولى المجلسي – رحمه الله – وأما احاديث الاثبات فتحمل على التقية كما قاله بعض المحققين. واجيب عن رواية عبد الله بن سنان بتجوير أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أم لا. (2) في شرعية الزيادة روايات كثيرة كرواية أبى خديجة، ومحمد بن يحيى، وأبى بصير، وعبيد بن زرارة وجميل بن صالح جميعا عن أبى عبد الله عليه السلام. (الذكرى) (3) يعنى سماعة كما هو الظاهر.

[ 139 ]

صلاة ودعاء وتضرع فإنه يرجى أن يكون ليلة القدر في إحديهما “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروى ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأسا باستعماله. باب * (ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان) * 1968 – روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان، فقال: لا إلا فيما اخبرك به: خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل الله عزوجل، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه وإنه ليس بأخ من الاب والام ” (1). 1969 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا (2) ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت، فسألته غير مرة، فقال: يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لابد له من الخروج فيها، أو يتخوف على ماله “. قال مصنف هذا الكتاب – أسكنه الله جنته -: فالنهي عن الخروج في السفر في شهر رمضان نهي كراهية لا نهي تحريم، والفضل في المقام لئلا يقصر في الصيام. 1970 – وقد روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل ” عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام، فقال: لا بأس


(1) يعنى أن مرادى من الاخ من كان مؤمنا لا الاخ النسبى. (2) البراح – بالفتح -: المتسع من الارض التى لا زرع فيها ولا نبات، والبراح أيضا مصدر قولك: برح مكانه أي زال عنه وصار في البراح (الصحاح) ويمكن أن يقرأ ” نزاحا ” بالنون والزاى المعجمة – كما في بعض نسخ الكافي – من قولهم نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.

[ 140 ]

بأن يسافر ويفطر ولا يصوم (1) “. وقد روى ذلك أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام. 1971 – وسئل الصادق عليه السلام (2) ” عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة، فقال: إن كان في شهر رمضان فليفطر فسئل أيهما أفضل [ يقيم و ] يصوم أو يشيعه؟ قال: يشيعه إن الله عزوجل وضع الصوم عنه إذا شيعه “. 1972 – وروى الوشاء، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل من أصحابي قد جاءني خبره من الاعوص (3) وذلك في شهر رمضان أتلقاه (4) وافطر؟ قال: نعم، قلت: أتلقاه وافطر أو اقيم وأصوم؟ قال: تلقاه وأفطر “. باب * (وجوب التقصير في الصوم في السفر) * 1973 – روى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر، ثم قال: إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال: لا، فقال: يا رسول الله إنه علي يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى تصدق على مرضى امتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان، أيحب أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه “.


(1) يمكن الجواب عنه بأنه يشعر بضرورة السفر ومحل الخلاف السفر الاختياري. (سلطان) (2) الظاهر أن السائل محمد بن مسلم كما يظهر من الكافي ج 4 ص 129. (3) في المراصد: ” أعوص – بفتح الواو والصاد المهملة -: موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة، وأعوص واد في ديار باهلة لبنى حصن ويقال الاعوصين “: ونسخة في الجميع ” الاعراض ” وأعراض الحجاز: رساتيقة. (4) الهمزة للمتكلم والاصل ” تتلقاه ” فحذفت احدى التائين والكلام مسوق على وجه الاستفهام.

[ 141 ]

1974 – وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد الله عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” فمن شهد منكم الشهر فليصمه (1) ” قال: ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه ” 1975 – وروى محمد بن حكيم عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” لو أن رجلا مات صائما في السفر لما صليت عليه “. 1976 – وروى حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمى رسول – الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر وقصر: العصاة، قال: وهم العصاة إلى يوم القيامة، وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا “. 1977 – وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم (2) دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشرب وأفطر وأفطر الناس معه وتم اناس على صومهم فسماهم العصاة، وإنما يؤخذ بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ” (3). 1978 – وروى أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خيار امتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وشرار امتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به، يأكلون طيب الطعام، ويلبسون لين الثياب، وإذا تكلموا لم يصدقوا “.


(1) ” فمن شهد ” أي فمن حضر في موضع في هذا الشهر ولم يكن مسافرا ولا مريضا. (2) هو اسم موضع بين مكة والمدينة، والكراع جانب مستطيل من الحرة، تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق، والغميم – بالفتح – واد بالحجاز أمام عسفان. (3) بيان لوجه عصيانهم أي يجب الاخذ والعمل بأوامر الرسول (ص) فإذا أمر بالافطار وجب الافطار، فمن لم يفطر كان عاصيا، وانما يؤخذ الصوم بأمره فلما أفطر يجب الاطاعة (سلطان) أقول: كأن في سقطا والاصل ” انما يؤخذ بآخر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ” كما في الكافي ج 4 ص 127 ولعله من النساخ، وذلك لرفع توهم عدم كونهم عصاة لاخذهم بقوله السابق.

[ 142 ]

1979 – وروى ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن عمار بن مروان عن أبي – عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد (1) أو في معصية الله عزوجل، أو رسولا لمن يعص الله عزوجل، أو طلب عدو أو شحناء، أو سعاية (2) أو ضرر على قوم من المسلمين “. 1980 – وقال عليه السلام: ” لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا بسبيل حق ” (3). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: قد أخرجت تقصير المسافر في جملة أبواب الصلاة في هذا الكتاب، والحد الذي يجب فيه التقصير، والذين يجب عليهم التمام. فأما صوم التطوع في السفر 1981 – فقد قال الصادق عليه السلام: ” ليس من البر الصوم في السفر ” (4). 1982 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم، فقال: إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه ” (5). 1983 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان، وإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الاقامة بها فعليه صوم ذلك


(1) المراد بالصيد اللهوى منه، قال الشيخ في النهاية والمبسوط ” ان طلب الصيد للتجارة يقصر صومه ويتم صلاته ” وفى خصوص هذه المسألة اختلاف بين فقهائنا راجع مصباح الفقيه ص 744 من كتاب الصلاة. (2) سعى به الى الوالى: وشى به. والشحناء: العداوة. (3) أي مباح كما هو المشهور، أو راجح كما قيل. (المرآة) (4) ظاهره نفى صحة الصوم ومشروعيته في السفر إذ العبادة ليست غير البر، الا أن يكون المراد ليس من البر الكامل، ثم لا يخفى أن الحديث ليس صريحا في صوم التطوع إذ ربما كان المراد صوم شهر رمضان (سلطان) أقول: في بعض النسخ ” الصيام في السفر “. (5) في بعض النسخ ” فليتم صومه “.

[ 143 ]

اليوم، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه، وإن شاء صام ” (1). 1984 – وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل يقبل (2) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة (3) أو ارتفاع النهار، قال: إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر “. 1985 – وورى يونس بن عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: ” في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه – قال: (4) يعني إذا كانت جنابته من احتلام – “. 1986 – وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام ” عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر، فقال: ما عرف هذا حق شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا (5) قال: قلت له: أليس له أن يأكل ويشرب ويقصر؟ قال: إن الله عز وجل رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث السفر (6) ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان، وأوجب عليه قضاء


(1) المشهور وجوب الصوم إذا دخل قبل الزوال ولم يفطر، وحمل هذا الخبر وأمثاله على التخيير قبل الدخول ويؤيده خبر رفاعة الاتى. (2) فب الكافي ج 4 ص 132 ” يقدم ” (3) ضحوة النهار: بعد طلوع الشمس، والضحى ارتفاعه. (4) لعله كلام يونس وحملها على جنابة لم تخل بصحة الصوم فالمراد الاحتلام في اليوم أو في الليل ولم ينتبه الا بعد طلوع الفجر أو انتبه ونام بقصد الغسل (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: لعل مراده بالاحتلام في اليوم دون الليل وبقائه على الجنابة حتى يطلع الفجر إذ الظاهر عدم الفرق بين الاحتلام والجماع في الليل. (5) السبح: الفراغ والتصرف في المعاش كما قال قتادة في قوله تعالى ” ان لك في النهار سبحا طويلا “. أي فراغا طويلا. (الصحاح) (6) الوعث: المكان السهل الكثير الدهس، ووعثاء السفر مشتقة.

[ 144 ]

الصيام ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره، ثم قال: والسنة لا تقاس (1) وإني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل كل القوت (2) وما أشرب كل الري “. والنهي عن الجماع للمقصر في السفر إنما هو نهي كراهة لا نهي تحريم. 1987 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل صام في السفر فقال: إن كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن بلغه فلا شئ عليه “. باب * (صوم الحائض والمستحاضة) * 1988 – روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام ” في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء (3) حاضت أتفطر؟ قال: نعم وإن كان قبل المغرب فلتفطر، وعن امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال: إنما فطرها من الدم ” (4). 1989 – وروي عن علي بن مهزيار قال: كتبت إليه عليه السلام (5) ” امرأة طهرت


(1) ذكره هذه الجملة هنا كانه لبيان عدم صحة القياس حتى يقاس جواز الجماع بجواز الاكل والشرب، ثم الظاهر من الخبر حرمة الجماع بالنهار في السفر وحمله الاكثر على الكراهة جمعا (المرآة) وذهب الشيخ الى عدم الجواز في بعض كتبه وعمل بظاهر هذا الخبر وحمل ما يدل على الجواز على غلبة الشهوة وخوف وقوعه في المحظور أو على الوطى بالليل ولا يخفى بعدهما. (2) في الكافي ” الا القوت ” وما في المتن أظهر، ويدل على كراهة التملى من الطعام والشراب للمسافر كما هو مذهب الاصحاب فيه وفى سائر ذوى الاعذار. (المرآة) (3) العشاء هي الزوال الى المغرب والمشهور أنه آخر النهار. (المغرب) (4) أي لا صوم لها ولا بأس عليها. (5) يعنى أبا جعفر الجواد عليه السلام.

[ 145 ]

من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها ولا تقضي صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات (1) من نسائه بذلك ” (2). 1990 – وروي عن سماعة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام ” عن المستحاضة، قال: تصوم شهر رمضان إلا الايام التى كانت تحيض فيهن، ثم تقضيها من بعده “. 1991 – وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام ” عن المرأة تلد بعد العصر أتتم ذلك اليوم أم تفطر؟ فقال: تفطر ثم تقضي ذلك اليوم “. 1992 – وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن المرأة


(1) في الكافي ج 4 ص 136 والتهذيب ج 1 ص 440 ” يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك “. (2) هذا الخبر مع اضماره مخالف للاخبار الكثيرة والاجماع على اشتراط الصلاة بالطهارة، وفى هامش التهذيب ” السائل سأل عن حكم المستحاضة التى صلت وصامت في شهر رمضان ولم تعمل أعمال المستحاضة، والامام عليه السلام ذكر حكم الحائض وعدل عن جواب السائل من باب التقية لان الاستحاضة من باب الحدث الاصغر عند العامة فلا توجب غسلا عندهم. وقال الفيض – رحمه الله – في الوافى: هذا الخبر مع اضماره متروك بالاتفاق ولو كان الحكم بقضاء الصوم دون الصلاة متعاكسا لكان له وجه، على أنه قد ثبت عندنا أن فاطمة لم تر حمرة قط، اللهم الا أن يقال: ان المراد بفاطمة فاطمة بنت أبى حبيش فانها كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها في ذلك الزمان، ويحمل قضاء الصوم على قضاء صوم ايام حيضها خاصة دون سائر الايام وكذا نفى قضاء الصلاة – انتهى. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله: اعلم أن المشهور بين الاصحاب أن المستحاضة إذا أخلت بالاغسال تقضى صومها، واستدلوا بهذا الخبر وفيه اشكال لاشتماله على عدم قضاء الصلاة، ولم يقل به أحد ومخالف لسائر الاخبار قال: وقد وجه بوجوه (نقلنا بعضها): الاول ما ذكره الشيخ – رحمه الله – في التهذيب حيث قال: لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لا تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا أو لا يعلم ما يلزم المستحاضة فاما مع العلم بذلك والترك له =

[ 146 ]

تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال: تفطر حين تطمث “. 1993 – وروى علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج شهر رمضان =


على العمد يلزمها القضاء. وأورد عليه أنه ان بقى الفرق بين الصوم والصلاة فالاشكال بحاله وان حكم بالمساواة بينهما ونزل قضاء الصوم على حالة العلم وعدم قضاء الصلاة على حالة الجهل فتعسف ظاهر. الثاني ما ذكره المحقق الاردبيلى – قدس الله روحه – وهو أن المراد لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان منها ما كان واقعا في الحيض، وهو بعيد. الثالث ما ذكره صاحب المنتقى – روح الله روحه – قال: والذى يختلج بخاطر أن الجواب الواقع في الحديث غير متعلق بالسؤال المذكور فيه والانتقال إلى ذلك من وجهين أحدهما قوله فيه ” ان رسول الله (ص) كان يأمر فاطمة – الخ ” فان مثل هذه العبارة انما تستعمل فيما يكثر وقوعه ويتكرر وكيف يعقل كون تركهن لما تعمله المستحاضة في شهر رمضان جهلا والثانى أن هذه العبارة بعينها كانت في أخبار الحيض في كتاب الطهارة مرادا بها قضاء الحائض للصوم دون الصلاة – الى أن قال -: ولا يخفى أن للعبارة بذلك الحكم مناسبة ظاهرة تشهد بها السليقة لكثرة وقوع الحيض وتكرره والرجوع إليه (ص) في حكمه وبالجملة فارتباطها بذلك الحكم ومنافرتها لقضية الاستحاضة مما لا يرتاب فيه أهل الذوق السليم وليس بالمستبعد أن يبلغ الوهم الى موضع الجواب مع غير سؤاله فان من شأن الكتابة في الغالب أن تجمع الاسؤلة المتعددة فإذا لم ينعم الناقل نظره فيها يقع له نحو هذا الوهم – انتهى كلامه (ر ه) واحتمل سبطه الجليل احتمالا لعله قريب حاصله أن قوله ” تقضى صومها ولا تقضى صلاتها ” أصله ” تقضى صومها ولاء وتقضى صلاتها ” ثم ذكر في توجيهها كلاما لا يسعنا ذكره راجع مرآة العقول ج 3 ص 233. وأقول: قال المحقق التسترى صاحب الاخبار الدخيلة – مد ظله – فيما كتب الى: الظاهر أن على بن مهزيار في اصوله التى جمع منها كتابه خبران: خبر في السؤال عن حكم تاركة غسل الاستحاضة في شهر رمضان لصلاتها وصومها، وخبر في السؤال عن قضاء الحائض صلاتها وصومها فخلط بين الخبرين بنقل سؤال الخبر الاول وجواب الخبر الثاني في كتابه فنقله المشايخ الثلاثة عن كتابه مثل ما وجدوا ولم يأوله أحد منهم الا الشيخ – رحمه الله -.

[ 147 ]

هل يقضى عنها؟ قال: أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم ” (1). 1994 – وروى ابن مسكان، عن محمد بن جعفر قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: ” إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقدر (2) على الصوم، قال: فلتصدق مكان كل يوم بمد على مسكين ” (3). باب * (قضاء صوم شهر رمضان) * 1995 – روى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل مرض في شهر رمضان فلما برأ أراد الحج كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال: إذا رجع فليصمه ” (4). 1996 – وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله ” عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجة وقطعه قال: إقضه في ذي الحجة واقطعه إن شئت ” (5).


(1) عمل الشيخ – رحمه الله – في التهذيب بظاهره، والمشهور الاستحباب. (2) نسخة في الجميع ” لم تقو “. (3) المشهور بين الاصحاب أن مع العجز عن الصوم المنذور يسقط الصوم ولا يلزمه شئ وذهب جماعة الى لزوم الكفارة عن كل يوم بمد وجماعة بمدين لرواية أخرى، والقائلون بالمشهور حملوا تلك الاخبار على الاستحباب لكن العجز لا يتحقق في النذر المطلق الا باليأس منه في جميع العمر فهذا الخبر اما محمول على شهرين معينين أو على اليأس بأن يكون ظنها أنها تكون دائما اما في الحمل أو في الرضاع، مع أنه يحتمل أن يكون الكفارة في الخبر للتأخير مع عدم سقوط المنذور. (المرآة) (4) في بعض النسخ ” فليقضه “. ويدل على عدم جواز قضاء صوم شهر رمضان في السفر وعليه الاصحاب. (5) ليس التتابع شرطا في القضاء فلا بأس أن يقطع بالعيد أو غيره (سلطان) وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: الشرط متعلق بالامرين لا بخصوص القطع مع احتماله فيكون المراد القطع بغير العيد، ثم ان الخبر يدل على عدم مرجوحية القضاء في عشر ذى الحجة كما هو المشهور بين الاصحاب، وروى الشيخ – رحمه الله – في التهذيب بسند موثق عن غياث =

[ 148 ]

1997 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء، وليحص الايام، فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن “. 1998 – وسأل سليمان بن جعفر الجعفري أبا الحسن الرضا عليه السلام ” عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أيقضيها متفرقة؟ قال: لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان، إنما الصيام الذي لا يفرق صوم كفارة الظهار، وكفارة الدم وكفارة اليمين ” (1). 1999 – وروى جميل، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ” في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر، قال: يتصدق عن الاول ويصوم الثاني، وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الاول “. ومن فاته شهر رمضان حتى يدخل الشهر الثالث من مرض فعليه أن يصوم هذا الذي دخله وتصدق عن الاول لكل يوم بمد من طعام ويقضي الثاني (2). =


ابن ابراهيم عن أبى عبد الله عليه السلام المنع منه وحمله على ما إذا كان مسافرا ولعله محمول على التقية لان بعض العامة يمنعون من ذلك لفوات التتابع الذى يقولون بلزومه. وقال الشهيد – رحمه الله – في الدروس: لا يكره القضاء في عشر ذى الحجة والرواية عن على عليه السلام بالنهي عنه مدخولة. (1) الحصر اضافي بالنسبة الى قضاء شهر رمضان، أو المراد كفارة الظهار وأمثالها من الكفارات (سلطان) وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: تخصيص الثلاث بالذكر لكونها منصوصا عليها في القرآن أو لمزيد الاهتمام. (2) يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة وأن يكون قول الصدوق، ويؤيده عدم ذكر الكليني والشيخ لهذه الزيادة، وظاهره أن التصدق واجب للسنة الاولى ويجب القضاء فقط للسنة الثانية أو يكون هذا الحكم من خبر وصل إليه ان لم يكن جزء الخبر، والمشهور العمل بالاخبار الاولة، ويمكن حمله على ما إذا صح فيما بين الثاني والثالث ولم يقض ولم يتهاون بل كان في نيته القضاء ثم مرض ولم يقض ولم يصح فيما بين الاول والثانى، واختلف في وجوب =

[ 149 ]

2000 – وروى ابن محبوب، عن الحارث بن محمد، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام ” في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان، قال: إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم، وإن أتى أهله بعد زوال الشمس فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع ” (1). وقد روي أنه إن أفطر قبل الزوال فلا شئ عليه، وإن أفطر بعد الزوال فعليه الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان (2). 2001 – وروى سماعة، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار فقال: لا ينبغي (3) أن يكرهها بعد زوال الشمس “. 2002 – وسأله سماعة ” عن قوله: ” الصائم بالخيار إلى زوال الشمس ” قال: ” إن ذلك في الفريضة فأما في النافلة فله أن يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس “. 2003 – وروى ابن فضال، عن صالح بن عبد الله الخثعمي قال: ” سألت أبا عبد الله =


تعدد الكفارة بتعدد السنين والاحوط التعدد بمعنى أنه إذا مرض وتهاون في القضاء حتى مضى أربع سنين فهل يجب لكل يوم أربعة أم يكفى مد واحد. (م ت) (1) قال بعض الشراح تحريم الافطار بعد الزوال في قضاء رمضان هو مذهب الاصحاب لا يعلم فيه خلاف وأما الجواز قبله فمذهب الاكثر ونقل عن أبى الصلاح القول بوجوب اتمام كل صوم واجب، وعن ابن أبى عقيل عدم جواز الافطار في قضاء رمضان مطلقا هذا مع التوسعة وأما مع تضييق الوقت يحرم الافطار مطلقا لكن لا تجب الكفارة قبل الزوال. (2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 430 عن زرارة قال: ” سألت أبا جعفر (ع) عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء، قال: عليه من الكفارة ما على الذى أصاب في شهر رمضان ” وحمله الشيخ على الاستحباب وجوز فيه الحمل على الافطار مع الاستخفاف و يمكن الحمل على التشبيه في وجوب الكفارة لا في قدرها. (3) ظاهره الكراهة وحمل على الحرمة. (المرآة)

[ 150 ]

عليه السلام عن الرجل ينوي الصوم فيلقاه أخوه الذي هو على أمره (1) فيسأله أن يفطر أيفطر؟ قال: إن كان تطوعا أجزأه وحسب له، وإن كان قضاء فريضة قضاه ” (2). وإذا أصبح الرجل وليس من نيته أن يصوم ثم بدا له فله أن يصوم (3). 2004 – وسئل عليه السلام ” عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، فقال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن (4) نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (5) “. وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها بقية يوم صامت ذلك المقدار تأديبا وعليها قضاء ذلك اليوم، وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء (6).


(1) أي على دينه ومذهبه أو عليه أطاعته وقبول أمره. (2) ظاهر الخبر أن بدعوة المؤمن يستحب افطار صوم القضاء أيضا لكن لا يجزيه بل يلزمه فعله مرة اخرى، وأما حمله على أن المراد بالقضاء اتمام هذا الصوم وعدم الافطار فلا يخفى بعده. (المرآة) (3) يدل عليه أخبار منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى الحسن عليه السلام ” في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل: قال: نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا ” (الكافي ج 4 ص 122). (4) رواه الكليني ج 4 ص 122 بسند موثق عن أبى بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم – الخبر ” وفيه ” فان لم يكن ” وما في المتن أظهر. (5) قد قطع الاصحاب بأن وقت النية في الواجب غير المعين كالقضاء والنذر المطلق يستمر من الليل الى الزوال إذا لم يفعل المنافى نهارا ويدل عليه روايات كثيرة ويظهر من كلام ابن الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال أيضا وفى المعين المشهور أنه يجوز النية مع النسيان الى الزوال لا مع العمد وبعد الزوال لا يجوز الا على ظاهر ابن الجنيد، وفى النافلة ذهب جماعة الى امتداد وقت النية الى الغروب. (سلطان) (6) روى الشيخ – رحمه الله – عن أبى بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام =

[ 151 ]

وإذا وجب على الرجل صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ولم يصم من الشهر الثاني شيئا فعليه أن يعيد صومه ولم يجزئه الشهر الاول إلا أن يكون أفطر لمرض فله أن يبني على ما صام فان الله عزوجل حبسه (1)، فإن صام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما (2) ثم أفطر فعليه أن يبني على ما صام (3). =


عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت؟ قال: تفطر، قال: وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار؟ قال: تصلى وتتم صومها – أي تأديبا – ويقضى “. (1) أي منعه من الصوم وعموم التعليل ربما يدل على عموم الحكم لكل مانع من قبل الله كالحيض وغيره. وفى المدارك: اما وجوب البناء إذا كان قد صام من الشهر الثاني يوما فصاعدا فقال العلامة في التذكرة والمنتهى وولده في الشرح: انه قول علمائنا أجمع واختلف الاصحاب في جواز التفريق اختيارا بعد الاتيان بما يتحقق به التتابع فذهب الاكثر الى الجواز والمفيد – رحمه الله – الى المنع واختاره ابن ادريس – قدس سره -. (2) المشهور كفاية يوم واحد ومراد المصنف أعم منه لقوله سابقا ” ولم يصم من الشهر الثاني شيئا “. (3) روى الكليني ج 4 ص 138 في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران عن أبى عبد الله عليه السلام ” في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض، قال: يستقبل وان زاد على الشهر الاخر يوما أو يومين بنى على ما بقى ” ورواه الشيخ في التهذيب وحمل قوله ” يستقبل ” على مرض يمنعه من الصيام وان كان يشق عليه. ولعل حمله على الاستحباب أظهر. وروى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح والشيخ في الصحيح واللفظ له عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” صيام كفارة اليمين في الظهار شهران متتابعان، والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الشهر الاخر أياما أو شيئا منه فان عرض له شئ يفطر فيه أفطر ثم قضى ما بقى عليه وان صام شهرا ثم عرض له شئ فأفطر قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصيام كله “، وظاهر قوله ” فان عرض له شئ ” غير الاعذار الشرعية. وفى الموثق عن سماعة قال: ” سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أيفرق بين الايام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس، فان كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام “.

[ 152 ]

2005 – وروى موسى بن بكر، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” في رجل عليه (1) صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر، فقال: إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي، وإن كان صام أقل من خمسة عشر يوما لم يجزئه حتى يصوم شهرا تاما (2) “. 2006 – وروى منصور بن حازم عنه عليه السلام أنه قال ” في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان قال: يصوم شهر رمضان ثم يستأنف الصوم وإن هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته “. 2007 – وروى ابن محبوب، عن أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار فصام ذا القعدة ودخل عليه ذو الحجة، قال: يصوم ذا الحجة كله إلا أيام التشريق، ثم يقضيها في أول يوم من المحرم حتى يتم ثلاثة أيام فيكون قد صام شهرين متتابعين، قال: ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتى يقضي ثلاثة أيام التشريق التي لم يصمها، ولا بأس إن صام شهرا ثم صام من الشهر الذي يليه أياما ثم عرضت له علة أن يقطعها (3)، ثم يقضي بعد تمام الشهرين “. باب * (قضاء الصوم عن الميت) * 2008 – روى أبان بن عثمان، عن أبي مريم الانصاري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان، ثم لم يزل مريضا حتى مات فليس


(1) في التهذيب ج 1 ص 432 والكافي ج 4 ص 139 ” في رجل جعل عليه ” وكأنه سقط من النساخ. (2) ذلك لان الشهر قد يكون تسعة وعشرين فإذا صام خمسة عشر فقد جاوز النصف. ومضمون الخبر مشهور بين فقهائنا ومنهم من رده لضعف السند. (3) ظاهره عدم جواز الافطار بدون العذر وان كان العذر خفيفا، ولعله محمول على الافضلية بقرينة ” لا ينبغى “. (المرآة)

[ 153 ]

عليه قضاء، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد فان لم يكن له مال صام عنه وليه (1) “. وإذا مات رجل وعليه صوم شهر رمضان فعلى وليه أن يقضي عنه، وكذلك من فاته في السفر والمرض إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح بمقدار ما يقضي به صومه فلا قضاء عليه إذا كان كذلك (2) وإن كان للميت وليان فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه. فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء (3). 2009 – وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله “. 2010 – وكتب محمد بن الحسن الصفار – رضي الله عنه – إلى أبي محمد الحسن بن على عليهما السلام في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما


(1) يدل على أنه يجب على الولى قضاء الصلاة والصيام عن الميت سواء تمكن من القضاء أم لا وسواء فات بمرض أو غيره ويدل أيضا على أن الولى مطلق الوارث من الذكور وفى المسألة أقوال شتى ففى الدروس: لو مات قبل التمكن من القضاء فلا قضاء ولا كفارة ويستحب القضاء وفى التهذيب يقضى ما فات في السفر ولو مات في رمضان لرواية منصور بن حازم والسر فيه تمكن المسافر من الاداء وهو أبلغ من التمكن من القضاء إذا كان تركه للسفر سائغا، وان تمكن من القضاء ومات قبله فالمشهور وجوب القضاء على الولى سواء كان صوم رمضان أو لا، وسواء كان له مال أو لا. ومع عدم الولى يتصدق من أصل ماله عن كل يوم بمد، قال المرتضى يتصدق عنه فان لم يكن له مال صام وليه، وقال الحسن: يتصدق عنه لا غير، وقال الحلبي: مع عدم الولى يصام عنه من ماله كالحج والاول أصح، والمرأة هنا كالرجل على الاصح وأما العبد فمشكل والمساواة قريبة، ثم الولى عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير، وعند المفيد لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذكور فان فقدوا فالنساء وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار، ولو كان له وليان فصاعدا متساويان توزعوا الا أن يتبرع به بعضهم، وقال القاضى: يقرع بينهما، وقال ابن ادريس: لا قضاء والاول أثبت. (المرآة) (2) راجع الكافي ج 4 ص 123. (3) يمكن أن يكون الدليل الخبر الاتى أو العمومات.

[ 154 ]

أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الآخر؟ فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله (1) “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه عليه السلام. باب * (فدية صوم النذر) * 2011 – روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ” في رجل نذر على نفسه إن هو سلم من مرض أو تخلص من حبس أن يصوم كل يوم أربعاء وهو اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن ذلك لعلة أصابته أو غير ذلك فمد الله عزوجل للرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك؟ قال: تصدق لكل يوم مدا من حنطة أو بمد تمر (2) “. 2012 – وفي رواية إدريس بن زيد، وعلي بن إدريس عن الرضا عليه السلام ” تصدق عن كل يوم بمد من حنطة أو شعير (3) “. باب * (صوم الاذن) * 2013 – روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم، ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا شيئا فيفسد، ولا ينبغي لهم أن يصوموا


(1) الحكم بالتتابع محمول على الافضل. (الوافى) (2) اختلف الاصحاب فيمن عجز عن صوم النذر فقيل: يجب عليه القضاء دون الكفارة وقيل بالعكس، والكفارة اما مد على المشهور أو مدان كما ذهب إليه الشيخ وبعض الاصحاب فهذا الخبر يدل على الاكتفاء بالكفارة وأنها مد. (المرآة) (3) هذا الخبر في الكافي ج 4 ص 143 مثل خبر البزنطى بادنى اختلاف في اللفظ.

[ 155 ]

إلا بإذن الضيف لئلا يحتشمهم (1) ويشتهي فيتركه لهم “. 2014 – وروى نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره، ومن صلاح العبد و طاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا باذن مولاه، ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما، وإلا كان الضيف جاهلا، وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسدا عاصيا، وكان الولد عاقا (2) “. باب * (الغسل في الليالى المخصوصة في شهر رمضان وما جاء في) * * (العشر الاواخر وفى ليلة القدر) * 2015 – روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ” يغتسل في ثلاث ليال من شهر رمضان، في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وأصيب أمير المؤمنين عليه السلام في تسع عشرة، وقبض عليه السلام في إحدى وعشرين، قال:


(1) الاحتشام بمعنى الغضب وبمعنى الحياء وبمعنى الخجلة والانقباض. وقوله ” ويشتهي ” أي حالكونه يشتهى الطعام فيتركه لهم مع اشتهائه. (2) اختلف الاصحاب في صوم الضيف نافلة من دون اذن مضيفه فقال المحقق في الشرايع انه مكروه الا مع النهى فيفسد، وقال في النافع والمعتبر: انه غير صحيح، وأطلق العلامة وجماعة الكراهة وهو المعتمد كما هو الظاهر من سياق الرواية، وقوله صلى الله عليه وآله ” وكانت المرأة عاصية ” يدل على حرمة صومها بدون اذن زوجها مطلقا (المرآة) وقال ملاذنا وفقيه عصرنا الآية الخوانسارى – دامت بركاته -: وقد يفصل بين عدم الاذن والنهى لما في خبر هشام من التعبير بالعقوق والعصيان ويمكن أن يقال: لعل التعبير بالعقوق والعصيان للمبالغة في الكراهة مع حفظ اطلاق عدم الاذن لصورة عدم النهى (جامع المدارك ج 2 ص 230).

[ 156 ]

والغسل في أول الليل وهو يجزي إلى آخره (1) “. 2016 – وقد روي أنه ” يغتسل في ليلة سبع عشرة “. 2017 – وروى زرارة، وفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله، ثم يصلي ويفطر (2) “. 2018 – وروى سماعة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل العشر الاواخر شد المئزر (3) واجتنب النساء وأحيا الليل و تفرغ للعبادة “. 2019 – وروى سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: ” صل ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين مائة ركعة، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو الله أحد عشر مرات “. 2020 – وقال الصادق عليه السلام: ” في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها (4)، ولله عزوجل أن يفعل ما يشاء في خلقه “. 2021 – وروى رفاعة عنه عليه السلام أنه قال: ” ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها ” (5).


(1) يدل أن الغسل في أول الليل أفضل. (2) وجوب الشمس غروبها، في القاموس وجب الشمس وجبا ووجوبا غابت، و ” قبيلة ” أي قبل سقوط الشمس وغروبها بقليل. (3) شد المئزر كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة أو عن اجتناب النساء أو عنهما معا وعلى الاخيرين يكون العطف تفسيرا أو تخصيصا بعد التعميم والاول أظهر. (م ت) (4) هكذا جاء في هذه الرواية وفى الكافي ج 4 ص 159 مسندا عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” التقدير في ليلة تسع عشرة، والابرام في ليلة احدى وعشرين، والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين “. (5) الظاهر أن الاولية باعتبار التقدير أي أول السنة التى يقدر فيها الامور لليلة القدر =

[ 157 ]

2022 – ” واري (1) رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بني امية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا، فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال: يا جبرئيل إني رأيت بني امية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال: والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا لشئ ما اطلعت عليه، ثم عرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها: ” أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (2) ” وأنزل عليه ” إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر ” جعل ليلة القدر لنبيه صلى الله عليه وآله خيرا من ألف شهر من ملك بني امية ” (3). =


والاخرية باعتبار المجاورة فان ما قدر في السنة الماضية انتهى إليها كما سيجئ أن اول السنة التى يحل فيها الاكل والشرب يوم الفطر، أو أن عملها يكتب في آخر السنة الاولى وأول السنة الثانية كصلاة الصبح في أول الوقت، أو يكون أول السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الثانية وآخر السنة المقدر فيها الامور. (م ت) (1) في الكافي ج 4 ص 159 باسناده عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” رأى رسول الله (ص) – الخ “. (2) قال في المجمع معناه: أرأيت ان أنظرناهم أو أخرناهم سنين ومتعناهم بشئ من الدنيا ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متعوا في تلك السنين من النعيم لازديادهم في الاثام واكتسابهم من الاجرام. (3) قد حوسب مدة ملك بنى أمية فكانت ألف شهر من دون زيادة يوم ولا نقصان يوم وانما ارى اضلالهم للناس عن الدين القهقرى لان الناس كانوا يظهرون الاسلام وكانوا يصلون الى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الدين شيئا فشيئا كالذى يرتد عن الصراط السوى القهقرى ويكون وجهه الى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في جهنم (الوافى). أقول: في هامش الطبع الاول من الوافى الذى لم يتم طبعه ” أن المستفاد من كتب السير أن أول انفراد بنى امية بالامر كان عند ما صالح الحسن بن على عليهما السلام معاوية سنة 40 =

[ 158 ]

2023 – وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال: ” أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن ” (1). 2024 – وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” إنا أنزلناه في ليلة مباركة ” قال: هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الاواخر، ولم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عزوجل: ” فيها يفرق كل أمر حكيم ” قال: يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر، أو طاعة أو معصية، أو مولود أو أجل أو رزق، فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عزوجل فيه المشيئة، قال: قلت له: ليلة القدر خير من ألف شهر أي شئ عنى بذلك؟ فقال: العمل الصالح في ليلة القدر (2) ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا (3) ولكن الله عزوجل يضاعف لهم الحسنات “. 2025 – وسئل الصادق عليه السلام ” كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال: العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر “. (4) =


(1) من الهجرة وكان انقضاء ملكهم على يد أبى مسلم المروزى سنة 132 منها، فكانت تمام دولتهم اثنتان وتسعون سنة حذفت منها خلافة عبد الله بن الزبير وهى ثمان سنين وثمانية أشهر بقى ثلاث وثمانون سنة أربعة أشهر بلا زيادة ولا نقصان وهى ألف شهر – انتهى. أقول: ولعل المراد بألف شهر المبالغة في التكثير، لا حقيقة. (1) أي تبقى ليلة القدر الى انقضاء التكليف الذى علامته رفع القرآن الى السماء، ويحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن ومدلوله أي لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدل على استمراره فان قوله ” تنزل الملائكة والروح فيها ” يدل على الاستمرار التجددى ثم اعلم أنه لا خلاف بين الامامية في استمرار ليلة القدر وبقائها، واليه ذهب أكثر العامة وذهب شاذ منهم الى أنها كانت مختصة بزمن الرسول (ص) وبعد وفاته رفعت. (2) في الكافي ج 4 ص 158 ” العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ” ولعل هذه الزيادة سقطت من نسخة الفقيه. (3) أي غاية الفضل والثواب. (المرآة) (4) في الكافي هذا الخبر جزء من حديث حمران المتقدم كما أشرنا إليه.

[ 159 ]

2026 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان، ونزل الانجيل في اثنى عشرة مضت من شهر رمضان، ونزل الزبور في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان، ونزل القرآن [ الفرقان – خ‍ ل) في ليلة القدر “. 2027 – وروي عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال: علامتها أن تطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت (1) وإن كانت في حر بردت وطابت “. 2028 – وسئل عليه السلام ” عن ليلة القدر فقال: تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد وأمر عنده عزوجل موقوف له فيه المشيئة فيقدم منه (2) ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب “. 2029 – وروي عن علي بن أبي حمزة (3) قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى (4) أي ليلة هي؟ فقال: في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، قال: فإن لم أقو على كلتيهما، فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، قال: فقلت: ربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض اخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها، قلت: جعلت فداك ليلة


(1) بالدال المهملة مهموزة اللام من باب فرح أي سخنت. (2) الظاهر أن ” له ” خبر المشيئة قدم عليها، و ” فيه ” متعلق به، ولعل المراد بذلك الامر ما لم يطلع الكتبة على تفصيله فيكتبونه على وجه الاجمال وتفصيله موكول الى مشيئة الله تعالى ومعنى التقديم والتأخير أنه قد تراءى منه أنه يقدم وهو في علم الله تعالى الذى لم يطلع عليه أحد مؤخر فيؤخر أو بالعكس، ولعل ذلك هو معنى المحو والاثبات ومعنى البداء. (مراد) (3) السند ضعيف لانه البطائني تحقيقا. (4) يعنى من الرحمة والمغفرة وتضاعف الحسنات وقبول الطاعات يعنى بها ليلة القدر (الوافى) وفى بعض النسخ ” نرجو فيها ما نرجو “.

[ 160 ]

ثلاث وعشرين ليلة الجهني (1) قال: إن ذلك ليقال، قلت: جعلت فداك إن سليمان بن خالد روى أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج (2)، فقال: يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا (3) والبلايا والارزاق وما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلى النور (4) واغتسل فيهما، قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟ قال: فصل وأنت جالس، قلت: فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، قلت: فإن لم أستطع؟ فقال: لا عليك أن تكتحل أول الليل بشئ من النوم (5) إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين (6) وتقبل الاعمال – أعمال المؤمنين – نعم الشهر شهر رمضان كان يسمى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله المرزوق “. 2030 – وروى محمد بن حمران، عن سفيان بن السمط قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، وإحدى و عشرين، وثلاث وعشرين، قلت: فإن أخذت إنسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال: ثلاث وعشرين “. 2031 – وفي رواية عبد الله بن بكير، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان؟ فقال: ليلة تسع عشرة


(1) اشارة الى ما يأتي تحت رقم 2031 وقوله ” ما أيسر ” يدل على استحباب الاحتياط في الامور المستحبة عند اشتباه الهلال لئلا يقع في حرام كصوم يوم عرفة عند اشتباه الهلال في ذى الحجة لاحتمال العيد المحرم صومه. (2) وفد الحاج هم القادمون الى مكة للحج فان في تلك الليلة تكتب أسماء من قدر أن يحج في تلك السنة. (الوافى) (3) المنايا جمع المنية وهى الموت. والبلايا جمع البلية وهى الافات. (4) النور كناية عن انفجار الصبح بالفلق. (الوافى) (5) استعارة عن قلة النوم أول الليل. و ” لا عليك ” أي لا بأس عليك. (6) في القاموس صفده يصفده: شده وأوثقه كأصفده وصفده من باب التفعيل.

[ 161 ]

وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وقال: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني وحديثه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن منزلي ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها، فأمره بليلة ثلاث وعشرين “. قال مصنف هذا الكتاب (ره): واسم الجهني عبد الله بن انيس الانصاري. باب * (الدعاء في كل ليلة من العشر الاواخر من شهر رمضان) * 2032 – في نوادر محمد بن أبي عمير (1) أن الصادق عليه السلام قال: ” تقول في العشر الاواخر من شهر رمضان كل ليلة: ” أعوذ بجلال وجهك الكريم أن ينقضي عني شهر رمضان أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ولك قبلي تبعة أو ذنب تعذبني عليه [ يا رحمن يا رحيم ] “. الدعاء في الليلة الاولى وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان (2) ” يا مولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي يا رازق من يشاء بغير حساب، يا الله يا رحمن يا الله يا رحيم، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء أسألك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب به الشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار وارزقني فيها شكرك وذكرك والرغبة إليك والانابة والتوبة والتوفيق لما وفقت له


(1) رواه الكليني – رحمه الله – عن على، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 160 عن أحمد بن محمد، عن على بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن يقطين أو غيره عنهم عليهم السلام دعاء العشر الاواخر وفيه تقول في الليلة الاولى: ” يا مولج الليل – الدعاء “.

[ 162 ]

محمدا وآله صلواتك عليهم أجمعين “. الليلة الثانية: ” يا سالخ النهار من الليل فإذا نحن مظلمون، ومجري الشمس لمستقرها بتقديرك يا عزيز يا عليم، ومقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم، يا نور كل نور، ومنتهى كل رغبة، وولي كل نعمة، يا الله يا رحمن، يا قدوس يا أحد، [ يا واحد ] يا فرد يا صمد، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد (1) وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء حتى تنتهي إلى آخر الدعاء في أول ليلة (2) “. الليلة الثالثة – وهي ليلة القدر – (3) ” يا رب ليلة القدر وجاعلها خيرا من ألف شهر، ورب الليل والنهار و [ رب ] الجبال والبحار، والظلم والانوار، والارض و السماء، يا بارئ يا مصور، يا حنان يا منان، يا الله يا رحمن، يا الله يا قيوم، يا الله يا بديع، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء – إلى آخره – “. وتقول فيها (4): ” اللهم اجعل فيما تقضي وفيما تقدر من الامر المحتوم وفيما تفرق من الامر الحكيم في ليلة القدر وفي القضاء الذي لا يرد ولا يبدل أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم المكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما [ تقضي و ] تقدر أن تمد لي في عمري، وأن توسع لي في رزقي، وأن تفك رقبتي من النار يا أرحم الراحمين “. وتقول فيها: ” يا مدبر الامور، يا باعث من في القبور، يا مجري البحور،


(1) في بعض النسخ ” وأهل بيته “. (2) أي المذكور في الليلة الاولى. (3) قوله ” وهى ليلة القدر ” ليس في الكافي ولعله من كلام الصدوق. (4) من هنا الى قوله الليلة الرابعة ليس في الكافي نعم روى نحو الدعاء الاولى باسناده عن ابن أبى عمير، عن محمد بن عطية عن الصادق عليه السلام لكل ليلة من شهر رمضان.

[ 163 ]

يا ملين الحديد لداود صلى على محمد وآل محمد، وافعل بي – كذا وكذا – الليلة الليلة، الساعة الساعة ” وارفع يديك إلى السماء وقله وأنت ساجد وراكع وقائم وجالس وردده، وقله في آخر ليلة من شهر رمضان. الليلة الرابعة (1) ” يا فالق الاصباح ويا جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، يا عزيز يا عليم، يا ذا المن والطول، والقوة والحول، والفضل والانعام، يا ذا الجلال والاكرام، يا الله يا رحمن، يا الله يا فرد، يا الله يا وتر، يا الله يا ظاهر يا باطن، يا حي لا إله إلا أنت لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ” ثم تتمه بأول الدعاء (2). الليلة الخامسة: ” يا جاعل الليل لباسا، والنهار معاشا، والارض مهادا، و الجبال أوتادا، يا الله يا قاهر يا جبار، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد – ثم تتمه إلى آخره – “. الليلة السادسة: ” يا جاعل الليل والنهار آيتين، يا من محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلا من ربنا ورضوانا (3) يا مفصل كل شئ تفصيلا، يا الله يا ماجد، يا الله يا وهاب، يا الله يا جواد، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل اسمي في السعداء – ثم تتمه إلى آخره – “. الليلة السابعة ” يا ماد الظل ولو شئت لجعلته ساكنا وجعلت الشمس عليه دليلا ثم قبضته إليك قبضا يسيرا، يا ذا الجود والطول والكبرياء والآلاء، لا إله إلا أنت يا قدوس يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار يا متكبر، يا خالق يا بارئ يا مصور يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد – ثم تتمه [ إلى آخره ] – “.


(1) رواها الكليني أيضا. (2) أي بتتمة الدعاء الاول من قوله ” وأن تجعل في هذه الليلة – الخ “. (3) في الكافي ” لتبتغوا فضلا منه ورضوانا “

[ 164 ]

الليلة الثامنة: يا خازن الليل في الهواء، وخازن النور في السماء، ومانع السماء أن تقع على الارض إلا باذنك وحابسهما أن تزولا، يا عظيم يا غفور، يا دائم يا الله [ يا دائم ] يا وارث (1) يا باعث من في القبور، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد – ثم تتمه “. الليلة التاسعة: ” يا مكور الليل على النهار، يا مكور النهار على الليل، يا عليم يا حليم (2) يا حكيم، يا الله يا رب الارباب، وسيد السادات، لا إله إلا أنت، يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا الله يا الله يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد – ثم تتمه بأول الدعاء – “. الليلة العاشرة وهي ليلة الوداع ” الحمد لله الذي لا شريك له، الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وكما هو أهله، يا نور يا قدوس، يا نور يا قدوس (3) يا سبوح، يا منتهى التسبيح، يا رحمن يا فاعل الرحمة يا الله، يا عليم (4) يا الله، يا لطيف يا الله، يا جليل (5) يا الله، لك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد – ثم تتمه بأول الدعاء – “. باب * (وداع شهر رمضان) * 2033 – روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” تقول في وداع شهر رمضان ” اللهم إنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل – وقولك الحق – (6) ” شهر


(1) في الكافي ” يا عليم يا غفور يا دائم يا الله يا وارث “. (2) ليس في الكافي ” يا حليم “. (3) في الكافي ” يا قدوس يا نور القدس “. (4) زاد في الكافي هنا ” يا كبير “. (5) زاد هنا في الكافي ” يا الله يا سميع يا بصير يا الله يا الله “. (6) ليس في الكافي من قوله ” على نبيك ” الى هنا.

[ 165 ]

رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ” (1) وهذا شهر رمضان قد انصرم (2) فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامات إن كان بقي علي ذنب لم تغفره لي وتريد أن تحاسبني به (3) أو تعذبني عليه أو تقايسني به أن يطلع (4) فجر هذه الليلة أو ينصرم هذا الشهر (5) إلا وقد غفرته لي يا أرحم الراحمين، اللهم لك الحمد بمحامدك كلها، على نعمائك كلها، أولها وآخرها، ما قلت لنفسك منها وما قاله الخلائق الحامدون المجتهدون في ذكرك والشكر لك (6) الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك من الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وأصناف الناطقين [ و ] المسبحين لك من جميع العالمين على أنك بلغتنا شهر رمضان وعلينا من نعمك و عندنا من قسمك وإحسانك وتظاهر أمتنانك ما لا نحصيه، فلك الحمد الخالد الدائم الزائد (7) المخلد السرمد الذي لا ينفد طول الابد، جل ثناؤك أعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه وقيامه من صلاة، فما كان منافيه من بر أو شكر أو ذكر، اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك وتجاوزك وعفوك وصفحك وغفرانك وحقيقة رضوانك حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب، وجزيل عطاء موهوب، تؤمننا فيه من كل مرهوب، أو بلاء مجلوب، أو ذنب مكسوب (8)، اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك به أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك وخاصة دعائك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل


(1) ليس في الكافي ” هدى للناس – الى قوله – والفرقان “. (2) أي انقطع ومضى وفى الكافي. وقد تصرم “. (3) ليس في الكافي ” وتريد أن تحاسبني به “. (4) في المصباح ” أن لا يطلع ” وهو الظاهر. (5) في الكافي ” أو يتصرم هذا الشهر “. (6) في الكافي ” المجتهدون المعدون الموقرون ذكرك والشكر لك “. وفى بعض نسخه ” المعدودون ” أي الذين عددتهم في أوليائك. (7) في بعض النسخ ” الزاكى ” وفى الكافي ” الراكد “. (8) قوله ” من كل مرهوب ” كذا في الكافي ” وفى التهذيب ” كل أمر مرهوب ” وقوله: ” مجلوب ” أي جلبته المعاصي.

[ 166 ]

شهرنا هذا أعظم شهر مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في عصمة ديني (1) وخلاص نفسي، وقضاء حاجتي، وتشفيعي في مسائلي (2) وتمام النعمة علي، وصرف السوء عني، ولباس العافية لي، وأن تجعلني برحمتك ممن ادخرت له ليلة القدر (3) وجعلتها له خيرا من ألف شهر في أعظم الاجر، وأكرم الذخر، وأحسن الشكر، وأطول العمر، وأدوم اليسر (4). اللهم وأسألك برحمتك وعزتك وطولك وعفوك ونعمائك وجلالك وقديم إحسانك وامتنانك أن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان حتى تبلغناه من قابل على أحسن حال وتعرفنا هلاله مع الناظرين إليه والمتعرفين له، في أعفى عافيتك وأتم نعمتك وأوسع رحمتك، وأجزل قسمك. اللهم يا ربي الذي ليس لي رب غيره لا تجعل هذا الوداع مني له وداع فناء، ولا آخر العهد مني للقاء حتى ترينيه من قابل في أسبغ النعم، وأفضل الرجاء، و أنالك على أحسن الوفاء، إنك سميع الدعاء. اللهم اسمع دعائي وارحم تضرعي وتذللي لك، واستكانتي وتوكلي عليك، فأنا لك مسلم، لا أرجو نجاحا ولا معافاة إلا بك ومنك، فامنن علي جل ثناؤك وتقدست أسمائك، وبلغني شهر رمضان وأنا معافى من كل مكروه ومحذور، وجنبني من جميع البوائق، الحمد الله الذي أعاننا على صيام هذا الشهر حتى بلغنا آخر ليلة منه ” (5).


(1) ” بركة ” منصوب على التميز عن قوله ” أعظم “. (2) كذا في التهذيب وفى الكافي ” وتشفعني ” وما في المتن أظهر. وربما يقرء ” وتشفعتى ” بصيغة المصدر على وزن تفعلة. (3) في الكافي ” ممن خرت له ليلة القدر “. وفى بعض نسخه ” حزت ” بالحاء المهملة والزاى من حاز الشى يحوزه إذا قبضه وأحرزه. (4) في الكافي ” وحسن الشكر وطول العمر ودوام اليسر “. (5) راجع شرح هذه الادعية كلها مرآة العقول ج 3 ص 240.

[ 167 ]

باب * (التكبير ليلة الفطر ويومه وما يقال في سجدة الشكر بعد المغرب) * 2034 – روى سعيد النقاش (1) قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ” أما إن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون، قال: قلت: فأين هو (2)؟ قال: في ليلة الفطر في المغرب و العشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد – وفي غير رواية سعيد وفي الظهر والعصر – ثم تقطع، قال: قلت: كيف أقول: قال تقول: ” الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا (3)، والحمد لله على ما أبلانا ” وهو قول الله عزوجل: ” ولتكملوا العدة (يعني الصيام) ولتكبروا الله على ما هداكم “. 2035 – وروي أنه ” لا يقال فيه ” ورزقنا من بهيمة الانعام ” فإن ذلك في أيام التشريق “. 2036 – وروى القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن الناس يقولون إن المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر فقال: يا حسن إن القاريجار (4) إنما يعطى اجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد،


(1) سعيد النقاش مجهول وفى طريقه محمد بن سنان وهو ضعيف. (2) في بعض النسخ ” فأنى هو “. (3) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: استحباب التكبير في الفطر عقيب الفرائض الاربع مذهب أكثر الاصحاب، وظاهر المرتضى في الانتصار أنه واجب وضم ابن بابوية إليها صلاة الظهرين وابن الجنيد النوافل أيضا ومستند الحكم ظاهرا هذا الخبر وهى صريحة في الاستحباب وينبغى العمل بها في كيفية التكبير ومحله، وان ضعف سندها لانها الاصل في هذا الحكم وما ذكره الاصحاب غير موافق لهذا الخبر ثم ذكر لتأييده خبرا عن كتاب اقبال الاعمال للسيد رضى الله عنه. أقول: ليس في الكافي ” الحمد لله على ما أبلانا ” وليس فيهما ” وله الشكر على ما أولانا ” كما في النافع وغيره. (4) معرب ” كاريگر “. وصحف في كثير من النسخ وفيها ” القائل لحان ” وفى بعض نسخ المتن والكافي ” الفاريجان ” وهو بمعنى الحصاد الذى يحصد بالفرجون بمعنى الداس.

[ 168 ]

قلت: جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: إذا غربت الشمس (1) صليت الثلاث من المغرب وارفع يديك وقل: ” يا ذا الطول، يا ذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره صل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أذنبته (2) ونسيته أنا وهو عندك في كتاب مبين ” وتخر ساجدا وتقول مائة مرة: ” أتوب إلى الله ” وأنت ساجد وتسال حوائجك “. باب * (ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية) * * (يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمين) * 2037 – روى محمد بن قيس (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بإفطار ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس، وإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بإفطار ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد فيصلي بهم ” (4). 2038 – وفي خبر آخر (5) قال: ” إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدان على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم “.


(1) زاد في الكافي ” فاغتسل وإذا “. (2) زاد في الكافي ” أحصيته على “. (3) السند حسن لمكان ابراهيم بن هاشم في الطريق ورواه الكليني بسند صحيح. (4) ذكر الشيخ في التهذيب أخبارا تدل على عدم القضاء منها صحيحة زرارة أو حسنته ” ومن لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه ” وقال: من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ويجوز أن يصلى ان شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء – انتهى. أقول: يمكن الجمع بين هذه الاخبار بأن نقول: مفاد خبر زرارة أن من فاتته الصلاة مع الامام في جماعة لم يجب عليه تداركها ولو مع بقاء وقتها. وليس المراد بالقضاء القضاء المصطلح بل المراد مطلق فعلها ومفاد خبر محمد بن قيس والمرسل الاتى أنه إذا لم يثبت العيد الا بعد فوات وقت الصلاة فعلى الامام أن يؤخر الصلاة ويقيمها من الغد أداء لان وقتها بين طلوع الشمس الى الزوال فلا معارضة. راجع مصباح الفقيه ص 468 من كتاب الصلاة. (5) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 169 مرفوعا مضمرا.

[ 169 ]

وإذا رئي هلال شوال بالنهار قبل الزوال فذلك اليوم من شوال (1) وإذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان. * (باب النوادر) * 2039 – روى الحسين بن سعيد، عن ابن فضال قال: ” كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن قوم عندنا يصلون ولا يصومون شهر رمضان وربما احتجت إليهم يحصدون لي فإذا دعوتهم للحصاد لم يجيبوني حتى أطعمهم وهم يجدون من يطعمهم فيذهبون إليهم ويدعوني وأنا أضيق من إطعامهم في شهر رمضان؟ فكتب عليه السلام بخطه أعرفه: أطعمهم ” (2). 2040 – وفي رواية محمد بن سنان (3) عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا “. 2041 – وفي رواية حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير – ويقال له: معاذ بن مسلم الهراء – (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص والله


(1) هذا موافق لمذهب السيد المرتضى – رحمه الله – وقال: هذا مذهبنا، والشيخ وأكثر الاصحاب – قدس الله اسرارهم – على خلافه وقالوا: ان المعتبر هو الرؤية في الليلة السابقة مطلقا في هلال شهر رمضان وشوال ومارئى في النهار كان النهار من الشهر السابق وان كان قبل الزوال والعلامة في المختلف فرق بين هلال شوال ورمضان فاعتبر الرؤية قبل الزوال في رمضان احتياطا للصوم دون شوال وهذا الكلام ينافى ما اختاره (سلطان) أقول: مضمون كلام المؤلف مروى في الكافي ج 4 ص 78 عن على، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن حماد، عن أبى عبد الله عليه السلام. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: اختلف الاصحاب في الرؤية قبل الزوال والمشور أنها لليلة المستقبلة ونقل السيد – رحمه الله – القول بأنها لليلة الماضية. (2) محمول على مجرد اعطائهم الخبز. (3) ضعيف لا يعول عليه ولا يلتفت الى ما تفرد به. (جش) (4) ذكر الرجاليون معاذ بن كثير تحت عنوان، وقالوا: معاذ بن كثير الكسائي من أصحاب الصادق عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين. ومعاذ بن مسلم الهراء تحت =

[ 170 ]

أبدا ” (1). 2042 – وفي رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن يعقوب، عن شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” إن الناس يروون أن النبي صلى الله عليه وآله ما صام من شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين قال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله إلا تاما، ولا تكون الفرائض ناقصة إن الله تبارك وتعالى خلق السنة ثلاثمائة وستين يوما وخلق السماوات والارض في ستة أيام فحجزها (2) من ثلاثمائة وستين يوما فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وشهر رمضان ثلاثون يوما لقول الله عزوجل ” ولتكملوا العدة ” والكامل تام وشوال تسعة وعشرون يوما، وذو القعدة ثلاثون يوما لقول الله عزوجل: ” وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ” (3) فالشهر هكذا ثم هكذا =


عنوان آخر وقالوا: معاذ بن مسلم الهراء الانصاري النحوي الكوفى، وفى رجال ابن داود من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ممدوح وعنونه العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقه أقول: قيل ان كان قوله: ” ويقال له معاذ بن مسلم الهراء ” كلام حذيفة بن منصور كما هو ظاهر تعبير الصدوق – رحمه الله – فكان قوله باتحادهما مقدما على قول غيره، لكن الظاهر كونه من اجتهاد الصدوق (ر ه) لان الكليني (ر ه) رواه في الكافي ج 4 ص 79 عن معاذ بن كثير وليس فيه هذه الجملة، هذا وقد عنون السيوطي في طبقات النحاة ” معاذ بن مسلم ” وقال: شيعي من رواة جعفر ومن أعيان النحاة، وأول من وضع علم الصرف وقول الكافيجى: ان واضعه معاذ بن جبل خطأ، ويقال له: الهراء لانه كان يبيع الثياب الهروية. (1) عمل المصنف – رحمه الله – بهذه الاخبار ومعظم الاصحاب على خلافه وردوا تلك الاخبار اما بضعف السند أو بالشذوذ ومخالفة المحسوس والاخبار المستفيضة، أو حملوها على معان صحيحة وصنف في خصوص هذه المسألة غير واحد من الاكابر رسائل نفيا واثباتا وحاصل مقالهم منقول في مرآة العقول ج 3 ص 218، والوافى باب عدد أيام شهر رمضان، واقبال الاعمال لسيد بن طاووس – رحمه الله – فليراجع. والسند فيه محمد بن سنان كما في الكافي وتقدم الكلام فيه. (2) كذا في بعض النسخ وفى بعضها ” فحجرها ” بالراء وكل واحد منهما بمعنى المنع أي منع السنة من الدخول في ذلك العدد. وفى الكافي ” اختزلها ” والاختزال بمعنى الانقطاع. (3) لا يخفى ما في التعليل من الوهن لان اتفا تمامية ذى القعدة في أيام موسى عليه السلام لا يوجب تماميته في مستقبل الاوقات وهذا مما يكشف عن عدم كونه من كلام المعصوم عليه السلام.

[ 171 ]

أي شهر تام وشهر ناقص، وشهر رمضان لا ينقص أبدا وشعبان لا يتم أبدا ” (1). 2043 – وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام ” عن قول الله عزوجل ” ولتكملوا العدة ” قال: ثلاثين يوما “. 2044 – وروي عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا عليه السلام: ” هل يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما؟ فقال: إن شهر رمضان لا ينقص من ثلاثين يوما أبدا “. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: من خالف هذه الاخبار وذهب إلى الاخبار الموافقة للعامة في ضدها اتقي كما يتقى العامة ولا يكلم إلا بالتقية كائنا من كان إلا أن يكون مسترشدا فيرشد ويبين له فإن البدعة إنما تماث وتبطل بترك ذكرها ولا قوة إلا بالله. 2045 – وروي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صيام أيام التشريق، قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن صيامها بمنى، فأما بغيرها فلا بأس ” (2).


(1) قال استاذنا الشعرانى – مد ظله العالي – في هامش الوافى: عادة المنجمين أن يحاسبوا الشهور الهلالية أولا على الامر الاوسط ويرتبون الايام ويستخرجون مواضع الكواكب في تلك الايام ثم يرجعون ويستخرجون رؤية الاهلة ويرتبون الشهور ويعينون غرة كل شهر على حسب الرؤية فإذا بنوا على الامر الاوسط حاسبوا شهر محرم تاما وصفر ناقصا وهكذا فيكون شعبان ناقصا ورمضان تاما وهذا بحسب الامر الاوسط وهو عادتهم من قديم الدهر الا أن هذا عمل يبتدؤون به في الحساب قبل أن يستخرج الاهلة، فإذا استخرج الهلال بنوا على الرؤية وكان بعض الرواة سمع ذلك من عمل المنجمين فاستحسنه لان نسبة النقصان الى شهر رمضان وهو شهر الله الاعظم يوجب التنفير واساءة الادب فنسبه الى بعض الائمة عليهم السلام سهوا وزاد فيه، والعجب أن الصدوق – قدس الله سره – روى الاحاديث في الصوم للرؤية والافطار لها وروى أحاديث الشهادة على الهلال وروى أحكام يوم الشك، ولو كان شعبان ناقصا أبدا وشهر رمضان تاما أبدا لانتفى جميع هذه الاحكام وبطلت جميع تلك الروايات ولا يبقى يوم الشك ولم يحتج الى الرؤية. انتهى كلامه لاضحى ظله. (2) لا خلاف بين الاصحاب في صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا وأكثر الاصحاب =

[ 172 ]

2046 – ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله ” عن الوصال في الصيام، وكان يواصل فقيل له في ذلك، فقال عليه السلام: إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني “. 2047 – وقال الصادق عليه السلام: ” الوصال الذي نهي عنه هو أن يجعل الرجل عشاءه سحوره ” (1). 2048 – وسأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام ” عن صوم الدهر، فقال: لم يزل مكروها “. 2049 – وقال عليه السلام: ” لا وصال في صيام ولا صمت يوما إلى الليل “. 2050 – وروي عن البزنطي، عن هشام بن سالم، عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان (2) فإن رمضان اسم من أسماء الله عزوجل، لا يجئ ولا يذهب إنما يجئ ويذهب الزائل ولكن قولوا: شهر رمضان، فالشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عزوجل وهو الشهر الذي انزل فيه القرآن جعله الله عزوجل مثلا وعيدا ” (3). 2051 – وروى غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهما السلام قال: قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: ” لا تقولوا: رمضان ولكن قولوا =


لم يقيدوا بالناسك كما هو ظاهر الخبر، وانما يظهر من كلام بعض الاصحاب القول بعموم التحريم وهو شاذ لكن الظاهر من الاخبار الكراهة في سائر الامصار كما ذكره بعض المتأخرين. (م ت) (1) العشاء – بالفتح -: طعام العشى، والسحور – كصبور -: ما يتسحر به (الوافى) (2) لعله على الفضل والاولوية، فان الذى يقول رمضان ظاهرا أنه يريد شهر رمضان اما بحذف المضاف أو بأنه صار بكثرة الاستعمال اسما للشهر وان لم يكن في الاصل كذلك ويؤيده أنه ورد في كثير من الاخبار رمضان بدون ذكر الشهر وان أمكن ان يكون الاسقاط من الرواة والاحوط العمل بهذا الخبر. (المرآة) (3) أي الشهر أو القرآن مثلا أي حجة وعيدا أي محل سرور لاوليائه، والمثل بالثاني أنسب كما أن العيد بالاول أنسب. وقال الفيروز آبادى: ” العيد ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن ونحوه “. وعلى الاخير يحتمل كون الواو جزءا للكلمة. (المرآة)

[ 173 ]

شهر رمضان فإنكم لا تدرون ما رمضان ” (1). 2052 – وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ” يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عزوجل: احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (2). 2053 – وروى محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال لبعض مواليه يوم الفطر وهو يدعو له: ” يا فلان تقبل الله منك ومنا، قال: ثم أقام حتى كان يوم الاضحى فقال له: يا فلان تقبل الله منا ومنك، قال. فقلت له: يا ابن رسول الله قلت في الفطر شيئا وتقول في الاضحى شيئا غيره، فقال: نعم إني قلت له في الفطر تقبل الله منك ومنا لانه فعل مثل فعلي واستويت أنا وهو في الفعل (3)، وقلت له في الاضحى: تقبل الله منا ومنك لانا يمكننا أن نضحي ولا يمكنه أن يضحي فقد فعلنا غير فعله “. 2054 – وروى جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” اطعم يوم الفطر


(1) في المدارك ص 263: ” اختلف الاصحاب في رمضان، فقيل: انه اسم من أسماء الله تعالى وعلى هذا فمعنى شهر رمضان شهر الله، وقد ورد ذلك في عدة أخبار، وقيل: انه علم للشهر كرجب وشعبان ومنع الصرف للعلمية والالف والنون، واختلف في اشتقاقه فعن الخليل أنه من الرمض – بتسكين الميم – وهو مطر يأتي في وقت الخريف يطهر وجه الارض من الغبار، سمى الشهر بذلك لانه يطهر الابدان عن الاوضار والاوزار، وقيل: من الرمض بمعنى شدة الحر من وقع – الشمس، وقال الزمخشري في الكشاف: الرمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء سمى بذلك اما لارتماضهم فيه من حر الجوع كما سموه نابقا لانه كان ينبقهم أي يزعجهم بشدته عليهم، أو لان الذنوب ترمض فيه أي تحترق، وقيل انما سمى بذلك لان أهل الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أو طارهم في شوال قبل دخول الاشهر الحرم، وقيل: انهم لما نقلوا اسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالازمنة التى وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسميت بذلك. (2) لعل التعليل انما يتم بانضمام أن الله يحب المبادرة الى رخصه كما يحب المبادرة الى عزائمه. (المرآة) (3) في الكافي ج 4 ص 181 ” فعل مثل فعلى وتأسيت أنا وهو “.

[ 174 ]

قبل أن تصلي ولا تطعم (1) يوم الاضحى حتى ينصرف الامام ” (2). 2055 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتي بطيب يوم الفطر بدأ بلسانه ” (3). 2056 – وقال علي بن محمد النوفلي لابي الحسن عليه السلام ” إني أفطرت يوم الفطر على طين القبر وتمر، فقال له: جمعت [ بين ] بركة وسنة ” (4). 2057 – ونظر الحسن بن علي عليهما السلام (5) إلى الناس في يوم فطر يلعبون و يضحكون فقال لاصحابه والتفت إليهم: إن الله عزوجل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون، وأيم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسئ بإساءته ” (6). 2058 – وروى حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار (7) عن أبي جعفر عليه السلام


(1) في الكافي ج 4 ص 168 ” ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلى ولا يطعم – الخ “. (2) أي حتى فرغ من الصلاة وانصرف. (3) أي كان يفطر أولا من الطيب ثم يتطيب، وفى بعض النسخ ” بدء بنسائه ” كما في الكافي يعنى يعطيهن أولا ثم يعطى من أراد من أهله وأصحابه. (4) يعنى تربة الحسين عليه السلام ويدل على استحباب الافطار يوم الفطر بالتربة والتمر ولعل الاحوط أن ينوى في أكل الطين استشفاء داء ولو كان من الادواء الباطنة. (المرآة) (5) في بعض النسخ ” نظر الحسين بن على عليهما السلام ” وتقدم في صلاة العيدين تحت رقم 1479 كما في المتن. وفى الكافي ج 4 ص 181 باسناده عن أحمد بن عبد الرحيم رفعه الى أبى الحسن صلوات الله عليه قال: ” نظر الى الناس – الخ “. (6) أي لشغل كل محسن بالسعي في زيادة احسانه وكل مسئ بالسعي في تدارك اساءته عن ضروريات بدنه فكيف عن اللهو واللعب كما روى السيد بن طاووس في الاقبال من كتاب محمد ابن عمران المرزبانى باسناده عن الحسن عليه السلام مثل هذا الحديث وفى آخره هكذا ” ومسئ باساءته عن ترجيل شعره وتصقيل ثوبه ” وقيل: أي شغل المحسن بالتأسف لقلة احسانه والمسئ بالتأسف لاساءته. (المرآة) (7) في بعض النسخ ” عبد الله بن سنان “. وفى الكافي مثل ما في المتن وقد تقدم تحت رقم 1480 في المجلد الاول مرسلا.

[ 175 ]

أنه قال: ” يا عبد الله ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد لآل محمد فيه حزن، قال: قلت: ولم؟ قال: لانهم يرون حقهم في يد غيرهم “. 2059 – وروى عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لما ضرب الحسين بن علي عليهما السلام بالسيف وسقط ثم ابتدر ليقطع رأسه نادى مناد من بطنان العرش ألا أيتها الامة المتحيرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لاضحى ولا فطر ” (1). وفي خبر آخر ” لصوم ولا فطر ” قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثور ثائر الحسين بن علي عليهما السلام ” (2). 2060 – وروي عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه قال: ” إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال أبو – جعفر عليه السلام: يا جابر جوائز الله عزوجل ليست كجوائز هؤلاء الملوك ثم قال: هو يوم الجوائز “. * (باب الفطرة) * 2061 – روى ابن أبي نجران (3) وعلي بن الحكم، عن صفوان الجمال قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة فقال: على الصغير والكبير والحر والعبد عن كل إنسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب ” (4).


(1) تقدم تحت رقم 1812 نحوه. (2) أي من ينتقم من قتلته وهو صاحب الامر عليه السلام. والثائر الطالب بالثأر وهو طلب الدم، يقال: ثأرت القتيل فأنا ثائر أي قتلت قاتله. (3) الطريق إليه صحيح وهو ثقة اسمه عبد الرحمن. (4) لا خلاف بين الاصحاب في عدم وجوب الفطرة على الصغير والمجنون والعبد، فلفظة ” على ” في قوله: ” على الصغير – الخ ” بمعنى ” عن ” كما يدل عليه قوله: ” عن كل انسان ” (المرآة) وقال سلطان العلماء: المشهور أنه لا فطرة على الصغير والمجنون بل ادعى عليه الاجماع في التذكرة وحمل الخبر على منفقهما عنهما.

[ 176 ]

2062 – وروى محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ” سألته عن الفطرة كم تدفع عن كل رأس من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؟ قال: صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله ” (1). 2063 – وروى محمد بن أحمد بن يحيى، عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكان معنا حاجا قال: ” كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام على يد أبي (2) جعلت فداك إن أصحابنا اختلفوا في الصاع بعضهم يقول: الفطرة بصاع المدني، وبعضهم يقول: بصاع العراقي، فكتب عليه السلام إلي: الصاع ستة أرطال بالمدني، وتسعة أرطال بالعراقي، قال: وأخبرني أنه يكون بالوزن ألفا ومائة وسبعين وزنة ” (3). 2064 – وقال أبو عبد الله عليه السلام: ” من لم يجد الحنطة والشعير أجزأ عنه القمح والسلت والعلس والذرة ” (4).


(1) في بعض الاخبار أنه كان خمسة أمداد والاحوط العمل به. (2) كان هو الحامل للكتاب، وقيل: كان هو الكتاب وهو بعيد (المرآة) أقول: المراد بأبى الحسن الهادى عليه السلام. (3) أي درهما إذ روى الشيخ – رحمه الله – هذه الرواية عن ابراهيم بن محمد الهمداني على وجه أبسط وقال في آخره ” تدفعه وزنا ستة أرطال برطل المدينة والرطل مائة وخمسة و تسعون درهما فتكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما ” وتفسير الوزنة بالمثقال لقول الفيروز – آبادى ” الوزن المثقال ” غير مستقيم ومخالف لسائر الاخبار وأقوال الاصحاب وعلى ما ذكرنا يكون الصاع ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال بالمثقال الصيرفى إذ لا خلاف في أن عشرة دراهم توازن سبعة مثاقيل وأن المثقال الشرعي والدينار واحد والدينار لم يتغير في الجاهلية والاسلام وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفى. وقد بسطنا الكلام في ذلك في رسالتنا المعمولة لتقدير الاوزان. (المرآة) (4) القمح هو الحنطة وهذه الرواية تدل على أنه غيرها ولعله نوع منه خاص أدون. والسلت – بالضم فالسكون – ضرب من الشعير لا قشر فيه كانه الحنطة، والعلس – بالتحريك – نوع من الحنطة يكون حبتان منه في قشر وهو طعام أهل صنعاء، ورواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم في التهذيب ج 1 ص 370 وفيه ” العدس “.

[ 177 ]

وإذا كان الرجل في البادية لا يقدر على صدقة الفطرة فعليه أن يتصدق بأربعة أرطال من لبن (1). وكل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدي فطرته من ذلك القوت (2). 2065 – وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل البصري إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله ” عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟ فكتب عليه السلام: لا زكاة على يتيم ” (3). وليس على المحتاج صدقة الفطرة، من حلت له لم تجب عليه (4). 2066 – وروى سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل لا يكون عنده شئ من الفطرة إلا ما يؤدي عن نفسه وحدها أيعطيه عنها أو يأكل هو وعياله؟ قال: يعطي بعض عياله، ثم يعطي الآخر عن نفسه يرد دونها بينهم فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة ” (5).


(1) روى الكليني ج 4 ص 173 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 370 باسنادها المرفوع والمرسل عن أبى عبد الله عليه السلام ” قال: سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة قال: يتصدق بأربعة أرطال من لبن ” وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: ظاهر هذا الخبر أن هذا على الاستحباب لظهوره في كون المعطى فقيرا. (2) روى الكليني ج 4 ص 173 باسناده عن يونس، عمن ذكره، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” جعلت فداك هل على أهل البوادى الفطرة، قال: فقال: الفطرة على كل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدى من ذلك القوت “. وظاهره الوجوب ويدل على ما ذهب إليه ابن الجنيد من وجوب الاخراج من القوت الغالب أي شئ كان. (3) للرواية ذيل في الكافي سيأتي تحت رقم 2073 يفهم منه خلاف ما هو ظاهر الصدر وسيأتى الكلام فيه. (4) في بعض النسخ ” لم تحل عليه ” وفى التهذيب ج 1 ص 369 في خبر عن الفضيل عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: لمن تحل له الفطرة؟ قال: لمن لا يجد، ومن حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له ” وهو من باب محاز المشاكلة. بمعنى لم تجب عليه أيضا. (5) لا خلاف في استحباب ذلك على الفقير، وذكر الشهيد – رحمه الله – في البيان أن الاخير منهم يدفعه الى الأجنبي، وظاهر الاكثر عدم اشتراط ذلك. (المرآة)

[ 178 ]

2067 – وروى الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدي عنه الفطرة؟ فقال: نعم، الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو انثى، صغير أو كبير، حر أو مملوك ” (1). 2068 – وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن يعطي الرجل الرجل عن رأسين وثلاثة وأربعة ” يعني الفطرة -. 2069 – وفي خبر آخر قال: ” لا بأس بأن تدفع عن نفسك وعن من تعول إلى واحد “. ولا يجوز أن تدفع ما يلزم واحد [ ا ] إلى نفسين (2). وإن كان لك مملوك مسلم أو ذمي فادفع عنه الفطرة (3). وإن ولد لك مولود يوم الفطر قبل الزوال فادفع عنه الفطرة استحبابا، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه وكذلك الرجل إذا أسلم قبل الزوال أو بعده فعلى هذا (4)


(1) اختلف الاصحاب في قدر الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة على المضيف فاشترط الشيخ والمرتضى الضيافة طول الشهر، واكتفى المفيد بالنصف الاخير منه، واجتزأ ابن ادريس بليلتين في آخره والعلامة بالليلة الواحدة وحكى المحقق في المعتبر قولا بالاكتفاء بمسمى الضيافة في جزء من الشهر بحيث يهل الهلال وهو في ضيافته وقال: هذا هو الاولى، ولا يخلو من قوة. (المرآة) (2) كذا وروى الشيخ – ره – باسناده عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا تعط أحدا أقل من رأس “. ونقل عن المرتضى – رحمه الله – اجماع الامامية عليه، وذهب بعض الاصحاب الى الجواز وحمل الخبر على الاستحباب الا مع وجود من لا يسع فانه يستحب التفريق حينئذ لما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان (راجع التهذيب ج 1 ص 374). (3) روى الشيخ – رحمه الله – في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” يؤدى الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أعلق عليه بابه ” (التهذيب ج 1 ص 445). (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 445 والكليني في الكافي ج 4 ص 172 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر =

[ 179 ]

وهذا على الاستحباب والاخذ بالافضل، فأما الواجب فليست الفطرة إلا على من أدرك الشهر. 2070 – روى ذلك علي بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المولود يولد ليلة الفطر، واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر؟ قال: ليس عليهم فطرة، ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر “. 2071 – وروى محمد بن عيسى، عن علي بن بلال قال: ” كتبت إلى الطيب العسكري عليه السلام ” هل يجوز أن يعطى الفطرة عن عيال الرجل وهم عشرة أقل أو أكثر رجلا محتاجا موافقا؟ فكتب عليه السلام: نعم، افعل ذلك ” (1). 2072 – وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ” عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه وتجوز شهادته؟ قال: الفطرة عليه ولا تجوز شهادته ” (2). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: وهذا على الانكار لا على الاخبار، يريد بذلك [ أنه ] كيف تجب عليه الفطرة ولا تجوز شهادته أي أن شهادته جائزة كما أن الفطرة عليه واجبة ” (3). =


أعليه فطرة؟ قال: لا، خرج من الشهر قال: وسألته عن يهودى أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا ” والمشهور أنه تجب اخراج الفطرة عن الولد والمملوك ان حصلت الولادة والملك قبل رؤية الهلال، ويستحب لو كان قبل انتهاء وقتها. (المرآة) (1) في بعض النسخ ” نعم ذلك أفضل “. وقوله ” موافقا ” أي اماميا. (2) يدل باطلاقه أو عمومه على وجوب الفطرة على المكاتب مطلقا كان أو مشروطا، سواء كان على الانكار أو لا، ويمكن أن يكون للانكار ويكون المراد أنه إذا لم تقبل شهادته كيف يكون الفطرة واجبا عليه لان المدار فيهما على الحرية، ويكون للتقية، وحمله الاكثر على المطلق الذى أدى شيئا بقدر الحرية للعمومات التى تقدمت وان كان ظاهرها العيلولة ولا شك معها ولما في رواية حماد بن عيسى التى تقدمت. (م ت) (3) قال في المدارك: عدم الوجوب على المكاتب المشروط والمطلق الذى يتحرر منه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا سوى الصدوق في من لا يحضره الفقيه وهو جيد.

[ 180 ]

2073 – وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام ” يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة اخرى، وفي يده مال لمولاه و يحضر الفطر أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ فقال: نعم ” (1). 2074 – وقال الصادق عليه السلام: ” لان اعطي في الفطرة صاعا من تمر أحب إلي من أن أعطي صاعا من تبر ” (2). 2075 – وروى عنه هشام بن الحكم أنه قال: ” التمر في الفطرة أفضل من غيره لانه أسرع منفعة، وذلك أنه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه، قال: ونزلت الزكاة وليس للناس أموال وإنما كانت الفطرة ” (3). 2076 – وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن عليه السلام ” عن الفطرة، فقال: الجيران أحق بها، ولا بأس أن يعطى قيمة ذلك فضة “. 2077 – وسأل علي بن يقطين أبا الحسن الاول عليه السلام ” عن زكاة الفطرة أيصلح


(1) ينافى بظاهره ما تقدم سابقا تحت رقم 2065 عن مكاتبة محمد بن القاسم بن الفضيل أيضا أنه ” لا زكاة على يتيم ” فيمكن أن يحمل هنا على الاستحباب، وقال في المدارك: ” يستفاد من هذه الرواية أن الساقط عن اليتيم فطرته خاصة لا فطرة غلامه وأن للمملوك التصرف في مال اليتيم على هذا الوجه وكلا الحكمين مشكل “. ونقل المحقق والعلامة اجماع علمائنا على عدم وجوب زكاة الفطرة على الصبى المجنون. وقال المولى المجلسي: يمكن حمل الخبر على أن يكون موت المولى بعد الوجوب لان الواو لا يدل على الترتيب فعلى هذا يكون الزكاة دينا على المولى ويجوز اخراجها. (2) التبر – بالكسر -: الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن تصاغا، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة، وروى الشيخ في التهذيب في القوى عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لان اعطى صاعا من تمر أحب الى من أن أعطى صاعا من ذهب في الفطرة ” وكانه نقل بالمعنى. (3) أي نزلت آيات الزكاة: أولا في زكاة الفطرة لانه لم يكن حينئذ للمسلمين أموال تجب فيها الزكاة، ويحتمل أن يكون آيات الزكاة شاملة للزكاتين لكن كان في ذلك الوقت تحققها في ضمن زكاة الفطرة وتعلق وجوبها على الناس من تلك الجهة. (المرآة)

[ 181 ]

أن يعطى الجيران والظؤورة ممن لا يعرف ولا ينصب (1) فقال: لا بأس بذلك إذا كان محتاجا “. (2) 2078 – وروى إسحاق بن عمار، عن معتب أبي عبد الله عليه السلام قال: ” اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة وعن الرقيق واجمعهم ولا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت، قلت: وما الفوت؟ قال: الموت “. (3) 2079 – وروى صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته أيكون عليه فطرته؟ قال: لا إنما يكون فطرته على عياله صدقة دونه، وقال: العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد “. (4) 2080 – وروى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة، قال: إذا عزلتها فلا يضرك متى ما أعطيتها قبل الصلاة أو بعدها، وقال: الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وامك وولدك وامرأتك وخادمك ” (5).


(1) الظؤورة جمع ظئر وهى العاطفة على ولد غيرها والمرضعة. وقوله: ” لا يعرف ولا ينصب ” أي أنه لا يعرف المذهب وليس بناصبي بل يكون مستضعفا. (2) قال المحقق في الشرايع: مع عدم المؤمن يجوز صرف الفطرة خاصة الى المستضعفين وقال صاحب المدارك: نبه بقوله ” يجوز صرف الفطرة خاصة ” على أن زكاة المال لا يجوز دفعها الى غير المؤمن وان تعذر الدفع الى المؤمن – الى أن قال – وأما زكاة الفطرة فقد اختلف فيها كلام الاصحاب فذهب الاكثر ومنهم المفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن ادريس الى عدم جواز دفعها الى غير المؤمن مطلقا كالمالية ويدل عليه مضافا الى العمومات صحيحة اسماعيل بن سعد الاشعري [ المروية في الكافي ج 3 ص 547 ] وذهب الشيخ وأتباعه الى جواز دفعها مع عدم المؤمن الى المستضعف وهو الذى لا يعاند الحق من أهل الخلاف. (3) يدل على أن زكاة الفطرة وقاية للانسان كما أن زكاة المال وقاية له. (المرآة) (4) حصر العيال في المذكورات على سبيل الغالبية أي الغالب في العيال هؤلاء بدليل الحديث الاتى. (المرآة) (5) ينبغى أن يقيد وجوب فطره المذكورين بما إذا كانوا واجبى النفقة فلو كان الاب أو الام أو الولد ذا مال لم تجب فطرته وكذا الزوجة إذا كانت ناشزة. (مراد)

[ 182 ]

2081 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سألته عما يجب على الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد، أو صغير أو كبير، من أدرك منهم الصلاة ” (1). وقال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي: لا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره (2) وهي زكاة إلى أن تصلي العيد فإن أخرجتها بعد الصلاة فهي صدقة (3)، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان (4). 2082 – وروى محمد بن مسعود العياشي قال: ” حدثنا محمد بن نصير قال: حدثنا سهل بن زياد قال: حدثني منصور بن العباس قال: حدثنا إسماعيل بن سهل، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: ” رقيق بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال: إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدي عنه


(1) أي صلاة العيد بأن يصير عيالا قبلها أي قبل انقضاء وقتها، فينبغي أن يحمل على الوجوب ان أدركوا الشهر أيضا والا فعلى الاستحباب (مراد) وقال سلطان العلماء: المراد صلاة العيد وهى كناية عن ادراك العيد فمن مات قبل ادراك العيد لم تجب عنه الفطرة. (2) روى الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: ” على الرجل أن يعطى عن كل من يعول من حر وعبد وصغير وكبير يعطى يوم الفطر وهو أفضل وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان الى آخره فان أعطى تمرا فصاع لكل رأس وان لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير، والحنطة والشعير سواء، ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزى ” (التهذيب ج 1 ص 370) وحمل على الدفع قرضا كما تقدم في الزكاة. (3) كما في صحيحة عبد الله بن سنان المروية في الكافي ج 4 ص 170 عن الصادق عليه السلام ” قال اعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل وبعد الصلاة صدقة ” أي فات وقتها بل تكون صدقة مندوبة أو واجبة قضاء وليس لها الثواب والمشهور أن المراد بالصلاة وقتها هو الى الزوال. (م ت) (4) لعل مستنده صحيحة الفضلاء المتقدمة. والظاهر أنه منتهى جواز التقديم وظهر من الاخبار أن أفضل وقتها قبل صلاة العيد وأول وقتها من حين الغروب ليلة العيد والاحوط اخراجها قبل صلاة العيد مع أدائها الى المستحق فان لم يتيسر فمتى تيسر. (م ت)

[ 183 ]

فطرته، وإذا كان عدة العبيد وعدة الموالي سواء وكانوا جميعا فهم سواء (1) أدوا زكاتهم لكل واحد منهم على قدر حصته، وإن كان لكل إنسان منهم أقل من رأس فلا شئ عليهم ” (2). 2083 – وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: ” بعثت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنها من فطرة العيال، فكتب عليه السلام بخطه: قبضت ” (3). 2084 – وفي رواية السكوني باسناده أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” من أدى زكاة الفطرة تمم الله له بها ما نقص من زكاة ماله “. 2085 – وروى حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير، وزرارة قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة – يعني الفطرة – (4) كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من تمام الصلاة لانه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، إن الله عزوجل قد بدأ بها قبل الصلاة قال: ” قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه (5) فصلى ” (6).


(1) في بعض النسخ ” فيهم سواء “. (2) ظاهره عدم وجوب الزكاة على المولى إذا كان له أقل من رأس، وحمل على عدم وجوب الفطرة الكاملة، والمشهور أنها على الموالى بالحصص لعموم الاخبار المتقدمة ولا ريب في أنه أحوط هذا إذا لم يعله أحد من الموالى أو غيرهم لانه مع العيلولة زكاته على العايل بلا ريب لعموم الاخبار السابقة. (م ت) (3) يدل على رجحان حمل الزكاة الى الامام المعصوم المنصوص عليه عليه السلام كما في خبر الفضيل. وقيل: ومع غيبته الى الفقهاء المأمونين لانهم أبصر بمواقعها. وفى أبصريتهم بمواقعها موضوعا كلام كما لا يخفى. والخبر في الكافي بسند مجهول وفيه ” قبضت وقبلت “. (4) قيل: من هنا كأنه من كلام المصنف، لكن في التهذيب ج 1 ص 181 عن ابن أبى عمير عن زرارة عن أبى عبد الله نحوه الى قوله ” ربه فصلى “. (5) أي بالتكبير المعهود عند الخروج الى المصلى، أو الاعم بعد أربع صلوات كما تقدم. (6) رواه الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 343 باختلاف في اللفظ.

[ 184 ]

باب الاعتكاف 2086 – روى الحلبي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد الجامع ” (2). 2087 – قال: ” وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر (3) وطوى فراشه، وقال بعضهم: واعتزل النساء فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما اعتزال النساء فلا ” (4). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: معنى قوله عليه السلام: ” أما اعتزال النساء فلا ” هو أنه لم يمنعهن من خدمته والجلوس معه فأما المجامعة فإنه امتنع منها كما منع ومعلوم من معنى قوله: ” وطوى فراشه ” ترك المجامعة. 2088 – وقال أبو عبد الله عليه السلام: ” كانت بدر (5) في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين، عشرا لعامه وعشرا قضاء لما فاته ” (6). 2089 – وروى الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ قال: لا تعتكف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل جماعة، ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة


(1) الظاهر أنه عبد الله فالطريق إليه صحيح. (2) الاعتكاف هو اللبث في المسجد الجامع صائما للعبادة ثلاثة أيام فصاعدا. (م ت) (3) في النهاية: في حديث الاعتكاف ” كان إذا دخل العشر الاواخر شد المئزر ” الازار كنى بشدة عن اعتزال النساء، وقيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الامر مئزري أي شمرت له. (4) المراد به الاعتزال بالكلية بحيث يمنعن عن الخدمة والمكالمة والجلوس معه (المرآة) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 174 في الحسن كالصحيح. (5) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 175 بسند حسن كالصحيح. (6) ” عشرين ” الظاهر أنه بفتح العين بصيغة التثنية، وقال العلامة المجلسي: ولا ينافى وجوب كل ثالث لان عشر الاداء، وعشر القضاء كانا منفصلين في النية.

[ 185 ]

ومسجد المدينة ومسجد مكة ” (1). 2090 – وقد روي ” في مسجد المداين ” (2). 2091 – وروى البزنطي، عن داود بن سرحان (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام، أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، أو في مسجد جامع ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلا لحاجة لابد منها، ثم لا يجلس حتى يرحع، والمرأة مثل ذلك ” (4). 2092 – وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء، سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها ” (5). 2093 – وفي رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء، والمعتكف في غيرها لا يصلي إلا في المسجد الذي سماه “. 2094 – وروى الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها


(1) السند صحيح، والمراد بالعدل ما يقابل الجور فيشمل غير المعصوم ممن يصلح للقدوة الا أن يجعل تخصيص هذه المساجد بالذكر قرينة لارادة المعصوم عليه السلام كما في الوافى، لكن حصر صحة الاعتكاف في المساجد التى يصلى فيها الامام المعصوم جماعة يوجب حرمان جل الشيعة من هذه العبادة العظيمة، والمستفاد من الروايات مطلقها ومقيدها أن الجامع الذى لا ينعقد فيه الجماعة مع امام عدل لا يصلح فيه الاعتكاف والذى ليس بجامع وان انعقد فيه الجماعة معه لا يصلح أيضا. (2) ذلك لما روى أنه صلى فيه الحسن بن على عليهما السلام صلاة جماعة. (م ت) (3) السند صحيح، وقوله ” لا ينبغى ” من تتمة الخبر كما هو ظاهر الكافي والتهذيبين وأخطاء من زعم أنه من كلام المصنف، وظاهر الخبر الكراهة، وحمل على التحريم لنقل الاجماع في التذكرة والمعتبر بعدم جواز الخروج لغير الاسباب المبيحة له من المسجد الذى يعتكف فيه. (4) السند صحيح وما تضمنه الخبر مقطوع به في كلام الاصحاب واستثنى منه صلاة الجمعة إذا وقعت في غير ذلك المسجد فانه يخرج لادائها. (المرآة) (5) ورواه الكليني ج 4 ص 177 أيضا في الصحيح.

[ 186 ]

قدومه من المسجد الذي هي فيه فتهيأت لزوجها حتى واقعها، فقال: إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها فإن عليها ما على المظاهر ” (1). 2095 – وروى الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام، ومن اعتكف صام، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم ” (2). 2096 – وروى أبو أيوب، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا اعتكف الرجل يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج وأن يفسخ اعتكافه، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام ” (3). 2097 – وروى أبو أيوب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المعتكف لا يشم الطيب، ولا يتلذذ بالريحان، ولا يماري، ولا يشتري ولا يبيع، قال: ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أخرى وإن شاء خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام


(1) صحيح ويدل أولا على أن أقل الاعتكاف ثلاثة أيام ولا خلاف فيه، واختلفوا في دخول الليالى والمشهور دخول الليلتين المتوسطتين، وثانيا على مشروعية الاشتراط فيه وهو مقطوع به أيضا، وثالثا على أن كفارة ترك الاعتكاف كفارة الظهار، واختلفوا فيه والاكثر على التخيير، ولابد أن يحمل الخبر على مضى اليومين أو على النذر. (2) السند صحيح وتقدم الكلام فيه. (3) السند صحيح، ويدل على أنه لا يجب الاعتكاف المستحب بالدخول فيه وانه يجب اتمامه ثلاثة بعد مضى يومين، واختلف الاصحاب فيه فقال السيد وابن ادريس: لا يجب أصلا بل له الرجوع فيه متى شاء، وتبعهما جماعة، وقال الشيخ في المبسوط وأبو الصلاح: يجب بالدخول فيه كالحج، وقال ابن الجنيد وابن البراج وجمع من المتأخرين: لا يجب الا أن يمضى يومان فيجب الثالث وهو أقوى، وذهب الشهيد في الدروس وجماعة الى وجوب الثالث. (المرآة)

[ 187 ]

اخر ” (1). 2098 – ووري عن داود بن سرحان قال: ” كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لابي عبد الله عليه السلام: إني اريد أن أعتكف فماذا أقول وماذا أفرض على نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لابد منها (2) ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك “. 2099 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لابد منها، ثم لا يجلس حتى يرجع، ولا يخرج في شئ إلا لجنازة أو يعود مريضا (3) ولا يجلس حتى يرجع، قال: واعتكاف المرأة مثل ذلك “. 2100 – وفي رواية صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا مرض المعتكف أو طمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برء ويصوم ” (4).


(1) السند صحيح وقوله: ” لا يشم الطيب ” المشهور حرمة شم الطيب والريحان وذهب الشيخ (ر ه) في المبسوط الى الجواز، ولا خلاف في تحريم البيع والشراء، واستثنى من ذلك ما تدعو الحاجة إليه من المأكول والملبوس، والمشهور تحريم المراء أيضا بل قطعوا به وقال الشهيد الثاني (ر ه): المراد به هنا المجادلة على أمر دينى أو دنيوى، واستثنى منها ما إذا كانت في مسألة علمية لمجرد اظهار الحق، ونسب الى الشيخ (ر ه) أنه قال في الجمل بأنه يحرم على المعتكف جميع ما يحرم على المحرم وهو ضعيف. (المرآة) (2) لعل المراد بها أعم مما لابد منه عرفا وعادة ومما أكد الشارع فيه تأكيدا عظيما كشهادة الجنازة ونحوها. (المرآة) (3) ” أو يعود مريضا ” لا خلاف في جواز الخروج لها وذكر المحقق والعلامة جواز الخروج لتشييع المؤمن ولم أقف على رواية تدل عليه، والاولى تركه، وأما الخروج لقضاء حاجة المؤمن فقد قطع العلامة في المنتهى به من غير نقل خلاف ويدل عليه رواية ميمون بن مهران، وتوقف فيه بعض المحققين لضعف الرواية (المرآة) أقول: ستأتي رواية ميمون بن مهران تحت رقم 2108. (4) حملت الاعادة على الاستحباب الا أن يكون لازما بنذر وشبهه ويحصل العذر قبل مضى ثلاثة أيام فإذا مضت الثلاثة لا يعيد بل يبنى حتى يتم العدد الا إذا كان العدد أقل من ثلاثة أيام فيتمها من باب المقدمة. (م ت)

[ 188 ]

2101 – وفي رواية السكوني باسناده (1) قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين “. 2102 – وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع؟ قال: إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر ” (2). وقد روي أنه إن جامع بالليل فعليه كفارة واحدة، وإن جامع بالنهار فعليه كفارتان، روى ذلك: 2103 – محمد بن سنان، عن عبد الاعلى بن أعين قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وطئ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان؟ قال: عليه الكفارة، قال: قلت: فإن وطئها نهارا قال: عليه كفارتان ” (3).


(1) يعنى عن الصادق عن آبائه عليهم السلام. (2) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: اعلم أنه لا ريب في فساد الاعتكاف بكل ما يفسد الصوم وذهب المفيد والمرتضى – رضى الله عنهما – الى وجوب الكفارة بفعل المفطر في الاعتكاف الواجب، وقال في المعتبر: لا أعرف مستندهما، وذهب الشيخ وأكثر المتأخرين الى اختصاص الكفارة بالجماع دون ما عداه من المفطرات وان كان يفسد به الصوم ويجب به القضاء فيما قطع به الاصحاب، وهو أقوى، ثم ان هذه الرواية وغيرها تدل بظواهرها على عدم الفرق في الاعتكاف بين الواجب والمندوب ولا في الواجب بين المطلق والمعين وبمضمونها أفتى الشيخان وقال في المعتبر: ولو خصا ذلك باليوم الثالث أو بالاعتكاف الواجب كان أليق بمذهبهما، لكن لا يصح هذا على قول الشيخ في المبسوط فانه يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه، ثم ان هذا الخبر يدل على أن كفارة الاعتكاف مرتبة خلافا للاكثر الا أن يقال. التشبيه في أصل الخصال ولا ريب أن العمل بالترتيب أحوط. (3) لا خلاف في وجوب تعداد الكفارة للمعتكف إذا جامع في نهار شهر رمضان احداهما للاعتكاف والاخرى لصوم شهر رمضان ويدل عليه هذا الحديث، ونقل عن السيد المرتضى – رحمه الله – أنه أطلق وجوب الكفارتين على المعتكف إذا جامع نهارا والواحدة إذا جامع ليلا واستقرب الشهيد (ره) في الدروس هذا الاطلاق، وقال العلامة – قدس سره – في التذكرة: الظاهر أن مراد السيد رمضان. والخبر رواه الشيخ في التهذيب والكليني في الكافي بسند ضعيف كما هنا لكن ينجبر بعمل الاصحاب ويؤيده أصل عدم تداخل الكفارتين الثابتتين بالاخبار.

[ 189 ]

2104 – وروى ابن المغيرة، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن معتكف واقع أهله، فقال: هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان ” (1). 2105 – وروى داود بن الحصين، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” اعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله في شهر رمضان في العشر الاولى، ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى، ثم اعتكف في الثالثة في العشر الاواخر، ثم لم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يعتكف في العشر الاواخر ” (2). 2106 – وروى ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المعتكفة إذا طمثت قال: ترجع إلى بيتها فإذا طهرت رجعت فقضت ما عليها ” (3). 2107 – وروى الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن المعتكف يأتي أهله؟ قال: لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف ” (4). 2108 – وروي عن ميمون بن مهران قال: ” كنت جالسا عند الحسن بن علي


(1) السند حسن كالصحيح مروى في الكافي ج 4 ص 179 في صحيح. ويدل على المشهور من وجوب كفارة واحدة في غير شهر رمضان، وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: يدل على أن كفارته مثل كفارة شهر رمضان وقد تقدم أنه كالظهار فيجمع بينهما اما بحمل الخبرين السابقين على استحباب رعاية الترتيب وهذا الخبر على الوجوب، أو يحمل المماثلة في هذا الخبر على مجرد المماثلة في الخصال مع قطع النظر عن الترتيب أو التخيير وهو أحوط لكن ذكر في التهذيب (ج 1 ص 434) زيادة بعد قوله ” شهر رمضان ” ” متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ” ويمكن حمله على الترتيب بأن يقال عتق رقبة مع القدرة، أو صوم شهرين مع العجز عن العتق، أو اطعام ستين مع العجز عن الصيام كما فعله الاصحاب في موارد ستجيئ. (2) يدل على أن السنة استمرت واستقرت على الاعتكاف في العشر الاواخر. والطريق فيه مهمل، وفى الكافي ضعيف. (3) السند صحيح وتقدم الكلام فيه. (4) يدل على عدم جواز الجماع للمعتكف ليلا ونهارا ولا خلاف فيه.

[ 190 ]

عليهما السلام فأتاه رجل فقال له: يا ابن رسول الله إن فلانا له علي مال ويريد أن يحبسني، فقال: والله ما عندي مال فأقضي عنك، قال: فكلمه، قال: فلبس عليه السلام نعله فقلت له: يا ابن رسول الله أنسيت اعتكافك؟ فقال له: لم أنس ولكني سمعت أبي عليه السلام يحدث عن [ جدي ] رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنما عبد الله عزوجل تسعة آلاف سنة، صائما نهاره قائما ليله “. (1) باب علل الحج قال الشيخ مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: قد أخرجت أسانيد العلل التي أنا ذاكرها عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الائمة عليهم السلام في كتابي جامع علل الحج. 2109 – قال النبي صلى الله عليه وآله: ” سميت الكعبة كعبة لانها وسط الدنيا ” (2). 2110 – وقد روي (3) أنه إنما سميت كعبة لانها مربعة، وصارت مربعة


(1) قيل: يدل على جواز الخروج بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن، وروى الكليني في الكافي ج 2 ص 198 بسند قوى عن صفوان الجمال عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث قال: ” ان رجلا أتى الحسن بن على عليهما السلام فقال: بأبى أنت وأمى أعنى على قضاء حاجة، فانتعل وقام معه فمر على الحسين عليه السلام وهو قائم يصلى فقال له: أين كنت عن أبى عبد الله تستعينه على حاجتك؟ قال: قد فعلت فذكر أنه معتكف فقال له: اما انه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا “. قال المولى المجلسي – رحمه الله -: خبر صفوان يدل على جواز الخروج عن المسجد بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن. انتهى، ويمكن أن يقال قوله ” انه لو أعانك كان خيرا له – الخ ” يعنى لو كان غير معتكف واستعان على حاجتك كان ذلك خيرا له من اعتكافه شهرا، وأما بعد اعتكافه فلم يجز له الخروج. (2) رواه في الامالى والعلل هكذا ” جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه أن قال له أحدهم: لاى شئ سميت الكعبة كعبة؟ فقال النبي (ص) لانها وسط الدنيا “. ولعل المراد أنها مرتفعة شرفا وصورة في وسطها بالنظر الى المشرقي والمغربي (م ت) وفى النهاية الاثيرية: كل ما علا وارتفع فهو كعب ومنه سميت الكعبة للبيت الحرام وقيل: سميت لتكعيبها أي لتربيعها.

[ 191 ]

لانها بحذاء البيت المعمور وهو مربع وصار البيت المعمور مربعا لانه بحذاء العرش وهو مربع، وصار العرش مربعا لان الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع وهي: ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر “. 2111 – وسمي بيت الله الحرام لانه حرم على المشركين أن يدخلوه ” (1). 2112 – و ” سمي البيت العتيق لانه اعتق من الغرق ” (2). 2113 – وروي ” أنه سمي العتيق لانه بيت عتيق من الناس ولم يملكه أحد ” (3). 2114 – و ” وضع البيت في وسط الارض لانه الموضع الذي من تحته دحيت الارض، وليكون الفرض لاهل المشرق والمغرب في ذلك سواء ” (4). وإنما يقبل الحجر (5) ويستلم ليؤدي إلى الله عزوجل العهد الذي أخذ عليهم في الميثاق. وإنما وضع الله عزوجل الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يضعه في غيره لانه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق أخذه في ذلك المكان.


(1) رواه المصنف في علل الشرايع طبع النجف الاشرف ص 398 عن الصادق عليه السلام بسند فيه ارسال. (2) رواه في العلل ص 398 مسندا عن حنان عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) رواه في العلل مسندا عن أبى خديجة عن أبى عبد الله عليه السلام في ذيل حديث، وعن ذريح المحاربي في حديث آخر. (3) رواه في العلل مسندا عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبى جعفر (ع). (4) رواه في العلل ص 396 مسندا عن محمد بن سنان عن أبى الحسن الرضا عليه السلام في جواب مسائله. (5) من هنا الى قوله ” يوطأ قبرها ” مضمون عدة أخبار أوردها المصنف في العلل و الامالى والعيون، والكليني في الكافي وجلها عن الصادقين عليهما السلام في علل الشرايع ولم نتعرض لتخريجها لقلة الجدوى ولما لم تكن بالفظ الصادر عن المعصوم عليه السلام لم نرقمها انما نرقم ما كان منها بلفظ الخبر دون ما تصرف فيه.

[ 192 ]

وجرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا، لانه لما نظر آدم عليه السلام من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله عزوجل وهلله ومجده. وإنما جعل الميثاق في الحجر لان الله عزوجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولعلي عليه السلام بالوصية اصطكت فرائص الملائكة وأول من أسرع إلى الاقرار بذلك الحجر فلذلك اختاره الله عزوجل وألقمه الميثاق وهو يجئ يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق. وإنما اخرج الحجر من الجنة ليذكر آدم عليه السلام ما نسي من العهد والميثاق. وصار الحرم مقدار ما هو لم يكن أقل ولا أكثر لان الله تبارك وتعالى أهبط على آدم عليه السلام ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت فكان يطوف بها آدم عليه السلام وكان ضوؤها يبلغ موضع الاعلام فعلمت الاعلام على ضوئها فجعله الله عزوجل حرما. وإنما يستلم الحجر لان مواثيق الخلائق فيه، وكان أشد بياضا من اللبن فاسود من خطايا بني آدم، ولولا ما مسه من أرجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برء. 2115 – و ” سمي الحطيم حطيما لان الناس يحطم بعضهم بعضا هنالك ” (1) وصار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين لان الحجر الاسود والركن اليماني عن يمين العرش، وإنما أمر الله عزوجل أن يستلم ما عن يمين عرشه. 2116 – و ” إنما صار مقام إبراهيم عليه السلام عن يساره لان لابراهيم عليه السلام مقاما في القيامة ولمحمد صلى الله عليه وآله مقاما فمقام محمد صلى الله عليه وآله عن يمين عرش ربنا عزوجل ومقام إبراهيم عليه السلام عن شمال عرشه (2)، فمقام إبراهيم عليه السلام في مقامه يوم القيامة،


(1) رواه المصنف في العلل ص 400 من حديث معاوية بن عمار عن الصادق (ع). (2) في بعض النسخ ” يسار عرشه “.

[ 193 ]

وعرش ربنا تبارك وتعالى مقبل غير مدبر ” (1). وصار الركن الشامي متحركا في الشتاء والصيف والليل والنهار لان الريح مسجونة تحته (2). وإنما صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج لانه لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما أرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء فأتي الحجاج فأخبر فسأل الحجاج علي بن الحسين عليهما السلام عن ذلك فقال له: مر الناس أن لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا إلا رده فلما ارتفعت حيطانه أمر بالتراب فألقي في جوفه فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج. وصار الناس يطوفون حول الحجر ولا يطوفون فيه لان ام إسماعيل دفنت في الحجر ففيه قبرها فطيف كذلك كيلا يوطأ قبرها. 2117 – وروي ” أن فيه قبور الانبياء عليهم السلام ” (3). وما في الحجر شئ من البيت ولا قلامة ظفر (4). 2118 – و ” سميت بكة لان الناس يبك بعضهم بعضا فيها بالايدي ” (5). 2119 – وروي ” أنها سميت بكة لبكاء الناس حولها وفيها ” (6). وبكة هو موضع البيت والقرية مكة (7). وإنما لا يستحب الهدي (8) إلى الكعبة لانه يصير إلى الحجبة دون المساكين


(1) رواه في العلل ص 428 من حديث بريد العجلى عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) راجع العلل ص 448 رواية العرزمى عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) رواه الكليني ج 4 ص 210 في ذيل حديث عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله (ع). (4) جزء من خبر معاوية بن عمار ونقله بالمعنى. (5) رواه بلفظه المصنف في العلل ص 398 من حديث الحلبي عن أبى عبد الله (ع). (6) رواه في العلل ص 397 مسندا عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله (ع). (7) كما روى المصنف في العلل من حديث سعيد بن عبد الله الاعرج عن أبى عبد الله (ع). (8) في بعض النسخ بدون ” لا ” أي يستحب الهدى بشرط أن يصرف في الزوار، ولا يستحب =

[ 194 ]

والكعبة لا تأكل ولا تشرب وما جعل هديا لها فهو لزوارها وروي أنه ينادى على الحجر: ألا من انقطعت به النفقة فليحضر فيدفع إليه (1). 2120 – و ” إنما هدمت قريش الكعبة لان السيل كان يأتيهم من أعلى مكة فيدخلها فانصدعت ” (2). 2121 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” سواء العاكف فيه والباد ” فقال: لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب لان للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم، فإن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية “. ويكره المقام بمكة لان رسول الله صلى الله عليه وآله اخرج عنها، والمقيم بها يقسو قلبه حتى يأتي فيها ما يأتي في غيرها (3). =


بان يصرف الى الكعبة (م ت) والمراد هنا من الهدى كل ما يهدى الى الكعبة كما يظهر من قوله ” وما جعل هديا لها فهو لزوارها ” (1) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 242 باسناده عن على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة كيف يصنع؟ قال: ان أبى أتاه رجل قد جعل جاريته هديا للكعبة فقال له: قوم الجارية أو بعها، ثم مر مناديا يقوم على الحجر فينادى: ألا من قصرت به نفقته أو قطع به طريقه أو نفذ طعامه فليأت فلان بن فلان، ومره أن يعطى أولا فأولا حتى ينفد ثمن الجارية “. ونحوه في العلل وقرب الاسناد وبمضمونه أخبار أخر رواه في الكافي ج 4 باب ما يهدى الى الكعبة وفى العلل عن ابن الوليد عن الصفار عن ابراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن على (ع): قال: ” لو كان لى واديان يسيلان ذهبا وفضة ما أهديت الى الكعبة شيئا لانه يصير الى الحجبة دون المساكين “. (2) روى المؤلف باسناده عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن الصادق (ع) في العلل قال: ” انما هدمت – الخ ” والغرض أن قريش لم يتعمدوا خرابها بل انصدعت وانشقت بسب السيل فهدموها وبنوها من رأس. (3) راجع الكافي ج 4 ص 230.

[ 195 ]

ولم يعذب ماء زمزم لانها بغت على المياه فأجرى الله عزوجل إليها عينا من صبر (1). وإنما صار ماء زمزم يعذب في وقت دون وقت لانه يجري إليها عين من تحت الحجر فإذا غلبت ماء العين عذب ماء زمزم (2). وإنما سمي الصفا صفا لان المصطفى آدم عليه السلام هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم عليه السلام لقول الله عزوجل: ” إن الله اصطفى آدم ونوحا ” وهبطت حوا على المروة فسميت المروة لان المرأة هبطت عليه فقطع للجبل اسم من اسم المرأة (3). 2122 – و ” حرم المسجد لعلة الكعبة، وحرم الحرم لعلة المسجد، ووجب الاحرام لعلة الحرم ” (4). 2123 – و ” إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لاهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لاهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لاهل الدنيا ” (5). وإنما جعلت التلبية لان الله عزوجل لما قال لابراهيم عليه السلام: ” وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ” فنادى فاجيب من كل فج يلبون (6).


(1) روى البرقى في المحاسن ص 573 باسناده عن أبى عبد الله (ع) قال: ” كانت زمزم أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد، وكانت سائحة فبغت على المياه فأغارها الله وأجرت عليها عينا من صبر ” ورواه المصنف في العلل ص 415. (2) في العلل ص 415 والمحاسن باسنادهما عن على بن عقبة عن بعض أصحابنا، عن أبى عبد الله (ع) قال: ” ذكر ماء زمزم فقال: يجرى إليها عن تحت الحجر، فإذا غلب ماء العين عذب ماء زمزم “. (3) لما رواه الكليني ج 4 ص 192 في حديث ضعيف والمؤلف في العلل ص 432. (4) هذا الكلام بلفظه خبر مسند رواه في العلل ص 415. (5) هذا الكلام أيضا خبر بلفظه مروى مسندا في العلل وتقدم في المسجد الاول تحت رقم 844 مرسلا عن الصادق (ع) ورواه الشيخ بسند فيه ارسال. (6) كما في رواية الحلبي المروية في الكافي ج 4 ص 335 باب التلبية، ورواه المصنف في العلل. والفج هو الطريق الواسع بين الجبلين.

[ 196 ]

2124 – وفي رواية أبي الحسين الاسدي – رضي الله عنه – عن سهل بن زياد، عن جعفر بن عثمان الدارمي، عن سليمان بن جعفر قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن التلبية وعلتها، فقال: إن الناس إذا أحرموا ناداهم الله عزوجل فقال: ” عبادي وإمائي لاحرمنكم على النار كما أحرمتم لي ” فقولهم: ” لبيك اللهم لبيك ” إجابة لله عزوجل على ندائه لهم “. وإنما جعل السعي بين الصفا والمروة لان الشيطان تراءى لابراهيم عليه السلام في الوادي فسعى وهو منازل الشياطين (1). وإنما صار المسعى أحب البقاع إلى الله عزوجل لانه يذل فيه كل جبار (2). 2125 – وإنما سمي يوم التروية ” لانه لم يكن بعرفات ماء وكانوا يستقون من مكة من الماء لريهم وكان يقول بعضهم لبعض: ترويتم ترويتم، فسمي يوم التروية لذلك ” (3). وسميت عرفة عرفة لان جبرئيل عليه السلام قال لابراهيم عليه السلام هناك: اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة (4). وسمي المشعر مزدلفة لان جبرئيل عليه السلام قال لابراهيم عليه السلام بعرفات: يا


(1) روى المصنف باسناده عن الحلبي في العلل ص 433 قال: ” سألت أبا عبد الله (ع) لم جعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال: لان الشيطان تراءى لابراهيم (ع) في الوادي فسعى وهو منازل الشياطين “. (2) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 434 باسناده عن أبى بصير قال: ” سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ” ما من بقعة أحب الى الله من المسعى لانه يذل فيها كل جبار “. (3) رواه المؤلف في العلل ص 435 باسناده عن الحلبي عن أبى عبد الله (ع). (4) رواه في العلل باسناده عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله (ع) عن عرفات لم سميت عرفات؟ فقال: ان جبرئيل (ع) خرج بابرهيم (ع) يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل: يا ابراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك، فسميت عرفات لقول جبرئيل عليه السلام اعترف فاعترف “.

[ 197 ]

إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة لذلك (1). وسميت المزدلفة جمعا لانه يجمع فيها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين (2). 2126 – و ” سميت منى منى لان جبرئيل عليه السلام أتى إبراهيم عليه السلام فقال له: تمن يا إبراهيم وكانت تسمى منى فسماها الناس منى ” (3). 2127 – وروي أنها ” سميت منى لان إبراهيم عليه السلام تمنى هناك أن يجعل الله مكان ابنه كبشا يأمره بذبحه فدية له ” (4). 2128 – و ” سمي الخيف خيفا لانه مرتفع عن الوادي، وكل ما ارتفع عن الوادي سمي خيفا ” (5). 2129 – وإنما صير الموقف بالمشعر ولم يصير بالحرم ” لان الكعبة بيت الله والحرم حجابه والمشعر بابه، فلما قصده الزائرون أوقفهم بالباب يتضرعون حتى أذن لهم بالدخول، ثم أوقفهم بالحجاب الثاني وهو مزدلفة، فلما نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقرب قربانهم، فلما قربوا وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة ” (6). وإنما كره الصيام في أيام التشريق ” لان القوم زوار الله عزوجل فهم في


(1) روى في العلل من حديث معاوية بن عمار عن الصادق (ع) في حديث ابراهيم (ع) ” ان جبرئيل انتهى به الى الموقف فأقام به حتى غربت الشمس ثم أفاض به، فقال: يا ابراهيم ازدلف الى المشعر الحرام فسميت مزدلفة “. (2) رواه في العلل من رسالة أبيه، وجاء في فقه الرضا عليه السلام مثله. (3) رواه في العلل من حديث معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) رواه في العلل مسندا عن محمد بن سنان عن أبى الحسن الرضا (ع) وكذا في العيون ج 2 ص 90 قاله في جواب مسائل ابن سنان. (5) رواه في العلل من حديث معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام. (6) رواه في العلل من حديث محمد بن الحسن الهمداني عن ذى النون المصرى، وفى الكافي ج 4 ص 224 نحوه مرفوعا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

[ 198 ]

ضيافته ولا ينبغي لضيف أن يصوم عند من زاره وأضافه ” (1). 2130 – وروي ” أنها أيام أكل وشرب وبعال ” (2). ومثل التعلق بأستار الكعبة مثل الرجل يكون بينه وبين الرجل جناية فيتعلق بثوبه، ويستخذي له رجاء أن يهب له جرمه (3). وإنما صار الحاج لا يكتب عليه ذنب أربعة أشهر من يوم يحلق رأسه لان الله عزوجل أباح للمشركين الاشهر الحرم أربعة أشهر إذ يقول: ” فسيحوا في الارض أربعة أشهر ” فمن ثم وهب لمن يحج من المؤمنين البيت مسك الذنوب أربعة أشهر (4). 2131 – وإنما ” يكره الاحتباء في المسجد الحرام تعظيما للكعبة ” (5). 2132 – وإنما ” سمي الحج الاكبر لانها كانت سنة حج فيها المسلمون


(1) هذا ذيل خبر ذى النون ومضمون خبر الكافي المتقدم ذكره. (2) روى المؤلف في معاني الاخبار ص 300 باسناده عن عمرو بن جميع عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: ” بعث رسول الله (ص) بديل بن ورقاء على جمل فأمره أن ينادى في الناس أيام منى أن لا تصوم هذه الايام فانها أيام أكل وشرب وبعال ” والبعال: النكاح و ملاعبة الرجل أهله. (3) ذيل خبر ذى النون المتقدم ذكره. (4) مضمون رواية رواها الكليني في الكافي ج 4 ص 255، المسك – محركة -: الارتكاب. (5) في العلل باسناد صحيح عن حماد بن عثمان قال: ” رأيت أبا عبد الله (ع) يكره الاحتباء في المسجد الحرام اعظاما للكعبة ” وفى الكافي ج 4 ص 546 باسناده عن عبد الله ابن سنان عن أبى عبد الله (ع) قال: ” لا ينبغى لاحد أن يحتبى قبالة الكعبة “. وفى بعض نسخ الفقيه ” انما يكره الاحتذاء في المسجد ” والمراد به لبس النعل ولا ريب في منافاته للتعظيم وفى النهاية: الاحتباء هو أن يضم الانسان رجليه الى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب وانما نهى عنه لانه إذا لم يكن عليه الاثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته – انتهى، وقيل ان كراهته لاستقبال العورة بالكعبة لاسيما إذا لم يكن له سراويل.

[ 199 ]

والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة ” (1). 2133 – وإنما ” صار التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة وبالامصار في دبر عشرة صلوات لانه إذا نفر الناس في النفر الاول أمسك أهل الامصار عن التكبير وكبر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الاخير ” (2). وإنما صار في الناس من يحج حجة وفيهم من يحج أكثر، وفيهم من لا يحج لان إبراهيم عليه السلام لما نادى هلم إلى الحج أسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة، فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء لبيك داعي الله لبيك داعي الله، فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ومن لبى أكثر فبعدد ذلك، ومن لبى واحدا حج واحدا، ومن لم يلب لم يحج (3). 2134 – و ” سمي الابطح أبطحا لان آدم عليه السلام أمر أن ينبطح في بطحاء جمع فانبطح حتى انفجر الصبح (4). وإنما امر آدم عليه السلام بالاعتراف ليكون سنة في ولده (5). وأذن رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقاية الحاج. (6)


(1) رواه المصنف في المعاني ص 296 من حديث فضيل بن عياض وفى العلل من حديث حفص بن غياث عن الصادق (ع) في ذيل حديث. (2) رواه الكليني بأدنى اختلاف في الكافي ج 4 ص 516 عن زرارة عن أبى جعفر (ع). (3) كما في رواية عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 206. (4) رواه المؤلف في العلل ص 444 من حديث عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله (ع). (5) مضمون مأخوذ من جزء حديث طويل رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 191 باسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبى عبد الله (ع). (6) كما في العلل ص 452 في الصحيح عن مالك بن أعين عن أبى جعفر (ع). وذلك لان المبيت في ليالى التشريق بمنى واجب الا للضرورة، وسيأتى الكلام فيه.

[ 200 ]

وإنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله من الشجرة لانه لما اسري به إلى السماء فكان بالموضع الذي بحذاء الشجرة نودي يا محمد، قال: لبيك قال: ألم أجدك يتيما فآويت ووجدتك ضالا فهديت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلها (1). وأما تقليد البدن فليعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله الذي يقلدها به (2) والاشعار إنما أمر به ليحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها ولا يستطيع الشيطان أن يتسنمها. (3) 2135 – وإنما أمر برمي الجمار ” لان إبليس اللعين كان يتراءى لابراهيم عليه السلام في موضع الجمار فيرجمه إبراهيم عليه السلام فجرت بذلك السنة “. (4) وروي أن أول من رمى الجمار آدم عليه السلام ثم إبراهيم عليه السلام. (5) 2136 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إنما جعل الله هذا الاضحى لتشبع مساكينكم من اللحم، فأطعموهم “. (6) والعلة التي من أجلها تجزي البقرة عن خمسة نفر لان الذين أمرهم السامري


(1) كما في رواية الحسين بن الوليد عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه السلام المروية في العلل ص 433. (2) و (3) كما في رواية السكوني في العلل ص 434 عن أبى عبد الله (ع) وقوله: ” يتسنمها ” أي يركب على سنامها حقيقة أو مجازا بوسوسة ابدالها وركوبها والانتفاع بها أو ذبحها (م ت) وفى بعض النسخ ” يمسها “. (4) مروى في العلل ص 437 بسند صحيح عن على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام. (5) روى في العلل مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله قال: ” أول من رمى الجمار آدم (ع) وقال: أتى جبرئيل (ع) ابراهيم فقال ارم يا ابراهيم، فرمى جمرة العقبة، و ذلك أن الشيطان تمثل له عندها “. (6) رواه في العلل ص 437 مسندا عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي (ص) وفيه ” لتتسع مساكينكم – الخ “. وفى بعض النسخ ” هدى الاضحى “.

[ 201 ]

بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس وهم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله تبارك وتعالى بذبحها وهم أذينونة وأخوه ميذونة وابن أخيه وابنته وامرأته. (1) وإنما يجزي الجذع من الضأن في الاضحية ولا يجزي الجذع من المعز لان الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح (2). وإنما يجوز للرجل أن يدفع الضحية إلى من يسلخها بجلدها لان الله عزوجل قال: ” فكلوا منها وأطعموا ” والجلد لا يؤكل ولا يطعم ولا يجوز ذلك في الهدي (3). ولم يبت أمير المؤمنين عليه السلام بمكة بعد أن هاجر منها حتى قبض لانه كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها (4) [ رسول الله صلى الله عليه وآله ]. باب * (فضائل الحج) * قال الله تبارك وتعالى: ” ففروا إلى الله ” يعني حجوا إلى الله (5). 2137 – و ” من اتخذ محملا للحج كان كمن ارتبط فرسا في سبيل الله


(1) راجع الخصال ص 292 رواية الحسين بن خالد عن أبى الحسن عليه السلام وفيه ” الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل كانوا خمسة ” وهو خلاف ما رواه هنا. ثم الكل خلاف ما في الكتاب. راجع لتفصيله الاخبار الداخلية ج 2 ص 251. (2) راجع الكافي ج 4 ص 489 روى ما يدل عليه بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن الصادق (ع) وأورده المصنف في العلل بسند صحيح. (3) روى المصنف في العلل ص 439 باسناد حسن عن صفوان بن يحيى عن أبى ابراهيم عليه السلام ما يدل على ذلك، والضحية – على فعلية – والاضحية بمعنى واحد. (4) روى ما يدل عليه في العلل ص 452 باسناده عن جعفر بن عقبة عن أبى الحسن عليه السلام وزاد ” فكان يصلى العصر ويخرج منها ويبيت بغيرها “. (5) كما في الكافي ج 4 ص 256 عن الباقر عليه السلام.

[ 202 ]

عزوجل “. (1) ويقال: حج فلان أي أفلج (2)، والحج القصد إلى بيت الله عزوجل لخدمته على ما أمر به من قضاء المناسك. 2138 – وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس قال: ” سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث الناس بمكة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه الفجر ثم جلس معهم يحدثهم حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: قد علمت أن لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألاني قالا: بل تخبرنا أنت يا رسول الله، فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للايمان، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما أنت يا أخا الانصار فإنك من قوم يؤثرون على أنفسهم وأنت قروي وهذا الثقفي بدوي أفتؤثره بالمسألة؟ قال: نعم، قال: أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت تسألني عن وضوئك وصلاتك ومالك فيهما فاعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك، فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك بلفظه، فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك، فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئك (3). فإذا قمت إلى الصلاة وتوجهت وقرأت ام الكتاب وما تيسر لك من السور ثم ركعت فأتممت ركوعها وسجودها وتشهدت وسلمت غفر لك كل ذنب فيما بينك وبين الصلاة التي قدمتها إلى الصلاة المؤخرة فهذا لك في صلاتك.


(1) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 281 مسندا عن اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) في بعض النسخ ” أي فلج ” أي فاز. وهذا الكلام مضمون خبر رواه المصنف في العلل ص 411 عن أبى جعفر عليه السلام. (3) الى هنا رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 71.

[ 203 ]

وأما أنت يا أخا الانصار فإنك جئت تسألني عن حجك وعمرتك ومالك فيهما من الثواب فاعلم أنك إذا توجهت إلى سبيل الحج ثم ركبت راحلتك وقلت: بسم الله ومضت بك راحلتك لم تضع راحلتك خفا ولم ترفع خفا إلا كتب الله عزوجل لك حسنة، ومحا عنك سيئة، فإذا أحرمت ولبيت كتب الله تعالى لك في كل تلبية عشر حسنات، ومحا عنك عشر سيئات، فإذا طفت بالبيت اسبوعا كان لك بذلك عند الله عهد وذكر يستحيي منك ربك أن يعذبك بعده، فإذا صليت عند المقام ركعتين كتب الله لك بهما ألفي ركعة مقبولة، وإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند الله عزوجل مثل أجر من حج ماشيا من بلاده ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة، وإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فلو كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر لغفرها الله لك، فإذا رميت الجمار كتب الله لك بكل حصاة عشر حسنات فيما تستقبل من عمرك، فإذا حلقت رأسك كان لك بعدد كل شعرة حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك، فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك كان لك بكل قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك، فإذا طفت بالبيت اسبوعا للزيارة وصليت عند المقام ركعتين ضرب ملك كريم على كتفيك فقال: أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم “. 2139 – وروي ” أن بني إسرائيل كانت إذا قربت القربان تخرج نار فتأكل قربان من قبل منه، وإن الله تبارك وتعالى جعل الاحرام مكان القربان ” (1). 2140 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” ما من مهل يهل في التلبية إلا أهل من عن يمينه من شئ إلى مقطع التراب، وعن يساره إلى مقطع التراب، وقال له الملكان: أبشر يا عبد الله، وما يبشر الله عبدا إلا بالجنة ” (2).


(1) رواه في العلل ص 415 مسندا عن أبى المغرا عن الصادق (ع). (2) روى نحوه الترمذي وابن ماجة والبيهقي والحاكم كلهم من رواية سهل بن سعد عن النبي (ص).

[ 204 ]

2141 – و ” من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ملك ببراءة من النار، وبراءة من النفاق ” (1). ومن انتهى إلى الحرم فنزل واغتسل وأخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا لله عزوجل محا الله عنه مائة ألف سيئة، وكتب الله له مائة ألف حسنة، وبنى [ الله ] له مائة ألف درجة، وقضى له مائة ألف حاجة (2). ومن دخل مكة بسكينة [ ووقار ] غفر الله له ذنبه، وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر (3). ومن دخل المسجد حافيا على سكينة ووقار وخشوع غفر الله له (4). ومن نظر إلى الكعبة عارفا بحقها غفر الله له ذنوبه وكفى ما أهمه (5). 2142 – وقال الصادق عليه السلام: ” من نظر إلى الكعبة عارفا (6) فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها غفر الله له ذنوبه كلها وكفاه هم الدنيا والآخرة “.


(1) رواه الكليني ج 4 ص 337 مسندا عن أبى جعفر عليه السلام رفعه عن النبي صلى الله عليه وآله وفيه ” ألف ألفى ملك “. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 398 باسناده عن أبان بن تغلب قال: ” كنت مع أبى عبد الله (ع) مزامله فيما بين مكة والمدينة فلما انتهى الى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل الحرم حافيا فصنعت مثل ما صنع فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتنى صنعت تواضعا لله محا الله عنه – الخ “. (3) في الكافي ج 4 ص 401 مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله (ع) أنه قال: ” من دخلها بسكينة غفر له ذنبه قلت كيف يدخلها بسكينة؟ قال: يدخل غير متكبر ولا متجبر “. (4) رواه الكليني ج 4 ص 401 في حديثين عن اسحاق ومعاوية ابني عمار عن أبى عبد الله (ع). (5) راجع الكافي ج 4 ص 239 باب فضل النظر الى الكعبة. (6) مروى في الكافي ج 4 ص 241 وفيه ” من نظر الى الكعبة بمعرفة – الخ “.

[ 205 ]

2143 – وروي ” أن من نظر إلى الكعبة لم يزل تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة حتى يصرف ببصره عنها ” (1). 2144 – وروي ” أن النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة، والنظر في المصحف من غير قراءة عبادة (2) والنظر إلى وجه العالم عبادة، والنظر إلى آل محمد عليهم السلام عبادة “. 2145 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” النظر إلى علي عليه السلام عبادة “. 2146 – وفي خبر آخر قال صلى الله عليه وآله: ” ذكر علي عليه السلام عبادة “. 2147 – وقال الصادق عليه السلام: ” من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرءا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه، والكبر هو أن يجهل الحق ويطعن على أهله، ومن فعل ذلك فقد نازع الله رداءه ” (3). 2148 – وقال الصادق عليه السلام: ” في قول الله عزوجل: ” ومن دخله كان آمنا ” قال: من أم هذا البيت (4) وهو يعلم أنه البيت الذي أمر الله به وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنا في الدينا والآخرة “. وروي: أن من جنى جناية ثم لجأ إلى الحرم لم يقم عليه الحد، ولا يطعم ولا يشرب ولا يسقى ولا يؤوى (5) حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، فإن


(1) رواه الكليني ج 4 ص 240 عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) راجع الكافي ج 4 ص 240 وفيه ” والنظر الى الامام عبادة “. (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 453 والكليني في الكافي ج 4 ص 252، و فيهما بعد قوله ” ولدته أمه ” ثم قرأ ” فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى ” قلت ما الكبر قال: قال رسول الله (ص) ان أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق ” قلت: ما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله – الخ “. (4) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 545 باسناده عن عبد الخالق الصيقل. وقوله ” من أم هذا البيت ” أي قصده حاجا أو معتمرا مع الايمان. ولعل ذلك تأويل الاية وما ورد من أن المراد دخول الحرم والبيت فتفسيرها. (5) في أكثر النسخ ” ولا يؤذى “.

[ 206 ]

أتى ما يوجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمة (1). 2149 – وقال عليه السلام: ” دخول الكعبة (2) دخول في رحمة الله، والخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه “. 2150 – وقال عليه السلام: ” من دخل الكعبة بسكينة وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر غفر له “. 2151 – و ” من قدم حاجا فطاف بالبيت وصلى ركعتين كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وشفعه في سبعين ألف حاجة، وكتب له عتق سبعين ألف رقبة، قيمة كل رقبة عشرة آلاف درهم ” (3). 2152 – وفي خبر آخر (4) هذا الثواب ” لمن طاف بالبيت حتى تزول الشمس


(1) روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم؟ فقال: لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: يقام عليه الحد في الحرم صاغرا انه لم ير للحرم حرمة – الحديث “، (2) في الكافي ج 4 ص 527 والتهذيب ج 1 ص 533 مسندا عن عبد الله القداح عن أبيه قال: ” سألته عن دخول الكعبة؟ قال: الدخول فيها دخول في رحمة الله – الخبر “. (3) رواه الكليني ج 4 ص 411 عن العدة عن البرقى باسناده عن على بن ميمون الصائغ ” قال: قدم رجل على على بن الحسين عليهما السلام فقال: قدمت حاجا؟ فقال: نعم، فقال: أتدرى ما للحاج؟ قال: لا، قال من قدم حاجا – الحديث “. ولعل على بن الحسين تصحيف و الصواب أبى الحسن (ع) لكونه في المحاسن عنه (ع) وأيضا رواه المصنف في ثواب الاعمال مسندا عن محمد بن مسلم عن أبى الحسن (ع). (4) رواه الكليني ج 4 ص 412 عن أبى الحسن (ع) في حديث قال: ” قال رسول الله (ص) ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه، حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذى أحدا ولا يقطع ذكر الله عزوجل عن لسانه الا كتب الله له بكل خطوة سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع =

[ 207 ]

حاسرا عن رأسه حافيا، يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا، ولا يقطع ذكر الله عزوجل عن لسانه “. 2153 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن لله عزوجل حول الكعبة عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين ” (1). 2154 – وروي ” أن من طاف بالبيت خرج من ذنوبه ” (2). 2155 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” من صلى عند المقام ركعتين عدلتا عتق ست نسمات “. 2156 – ” وطواف قبل الحج أفضل من سبعين طوافا بعد الحج ” (3). 2157 – و ” من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة، ومن أقام سنتين خلط من ذا وذا، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة أفضل له ” (4). 2158 – وروي أن ” الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة، والصلاة لاهل مكة أفضل ” (5). =


له سبعين ألف درجة وأعتق عنه سبعين ألف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم، وشفع في سبعين من أهل بيته، وقضيت له سبعون ألف حاجة ان شاء فعالجه وان شاء فأجله “. (1) رواه في ثواب الاعمال مسندا ورواه الكليني في الكافي ج 4 ص 240. (2) روى المؤلف – رحمه الله – في ثواب الاعمال ص 71 باسناده عن جميل عن أبى عبد الله (ع) قال: ” قال رسول الله (ص): ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الا كتب الله له عشر حسنات – الى أن قال – وإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، وإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، وإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، وإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، وإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، فعد رسول الله (ص) كذا كذا موطنا كلها يخرجه من ذنوبه ثم قال: فأنى لك ان تبلغ ما بلغ الحاج “. (3) رواه الكليني ج 4 ص 412 بهذا اللفظ مسندا عن ابن القداح عن أبى عبد الله (ع) (4) رواه الكليني ج 4 ص 412 في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبى عبد الله (ع). (5) رواه الكليني ج 4 ص 412 بسند حسن كالصحيح عن حريز بن عبد الله عن أبى عبد الله عليه السلام.

[ 208 ]

ومن كان مع قوم وحفظ عليهم رحلهم حتى يطوفوا أو يسعوا كان أعظمهم أجرا (1). 2159 – وقال الصادق عليه السلام: ” قضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف وطواف وطواف – حتى عد عشرا – ” (2). 2160 – وقال الصادق عليه السلام: ” الركن اليماني بابنا الذي ندخل منه الجنة ” (3). 2161 – وقال عليه السلام: ” فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح. (4) 2162 – و ” فيه نهر من الجنة يلقى فيه أعمال العباد ” (5). 2163 – وروي أنه ” يمين الله في أرضه يصافح بها خلقه ” (6). 2164 – وقال الصادق عليه السلام: ” ماء زمزم شفاء لما شرب له “. 2165 – وروي ” أنه من روي من ماء زمزم أحدث له به شفاء، وصرف عنه داء “. 2166 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة ” (7). 2167 – وروي ” أن الحاج إذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه “. 2168 – وقال علي بن الحسين عليهما السلام: ” الساعي بين الصفا والمروة تشفع له


(1) رواه الكليني ج 4 ص 545 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن اسماعيل الخثعمي قال. ” قلت لابي عبد الله (ع): انا إذا قدمنا مكة ذهب أصحابنا يطوفون ويتركونى احفظ متاعهم قال: أنت أعظمهم أجرا “. (2) رواه الكليني ج 2 ص 194 ذيل حديث مسند عن اسحاق بن عمار، وفى حديث آخر عن أبان بن تغلب عنه عليه السلام. (3) مروى مسندا في الكافي ج 4 ص 409. (4) رواه الكليني ج 4 ص 409. (5) رواه المصنف في العلل ص 424. (6) رواه المصنف في العلل ص 424 في حديث. (7) استهدى الشئ أي طلب أن يهدى إليه.

[ 209 ]

الملائكة فتشفع فيه بالايجاب “. 2169 – وروي أن ” من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة ” (1). 2170 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن تهيأ لك أن تصلي صلواتك كلها الفرائض وغيرها عند الحطيم فافعل فإنه أفضل بقعة على وجه الارض “. والحطيم ما بين باب البيت والحجر الاسود وهو الموضع الذي فيه تاب الله عزوجل على آدم عليه السلام، وبعده الصلاة في الحجر أفضل، وبعد الحجر ما بين الركن العراقي وباب البيت وهو الموضع الذي كان فيه المقام، وبعده خلف المقام حيث هو الساعة، وما قرب من البيت فهو أفضل (2) إلا أنه لا يجوز لك أن تصلي ركعتي طواف النساء وغيره إلا خلف المقام حيث هو الساعة. 2171 – و ” من صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل الله عزوجل منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ” (3). 2172 – و ” الصلاه فيه بمائة ألف صلاة “. (4) 2173 – و ” إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى نادى مناد من قبل الله عزوجل إن أرادتم أن أرضى فقد رضيت “. (5) 2174 – وروي أنه ” إذا أخذ الناس منازلهم بمنى ناداهم مناد: لو تعلمون بفناء من حللتم لا يقنتم بالخلف بعد المغفرة “. (6)


(1) رواه الكليني ج 4 ص 433 بسند مرفوع عن أبى عبد الله (ع). (2) راجع الكافي ج 4 ص 525 باب الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه. (3) تقدم تحت رقم 681 في خبر أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر (ع). (4) تقدم تحت رقم 680 في خبر خالد بن ماد عن الصادق (ع). (5) رواه الكليني بلفظه باسناده عن داود بن أبى يزيد عن أبى عبد الله عليه السلام ج 4 ص 262. (6) في الكافي ج 4 ص 263 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق =

[ 210 ]

2175 – وروي ” أن الجبار جل جلاله يقول: إن عبدا أحسنت إليه وأجملت إليه فلم يزرني في هذا المكان في كل خمس سنين لمحروم “. (1) 2176 – وقد ” صلى في مسجد الخيف – بمنى – سبعمائة نبي. ” (2) 2177 – و ” كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحو ثلاثين ذراعا، [ و ] عن يمينها وعن يسارها وخلفها نحو ذلك “. (3) 2178 – و ” من صلى في مسجد منى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله في مسجد منى مائة تسبيحة كتب الله عزوجل له أجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة مرة عدلت إحياء نسمة، ومن حمد الله عزوجل فيه مائة مرة عدلت أجر خراج العراقين في سبيل الله عزوجل ” (4). 2179 – و ” الحاج إذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ” (5). 2180 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب الله له، فأما البر فيستجاب له في آخرته ودنياه، وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه “. =


عليه السلام، والخلف – محركة -: العوض يعنى عوض ما أنفقتم وهو ناظر الى قوله تعالى ” وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه “. (1) في الكافي ج 4 ص 278 عن ذريح المحاربي عن الصادق (ع) قال: ” من مضت له خمس سنين فلم يفد الى ربه وهو موسر انه لمحروم “، ورواية حمران عن الباقر (ع) قال: ” ان لله مناديا ينادى أي عبد أحسن الله إليه وأوسع عليه في رزقه فلم يفد إليه في كل خمسة أعوام مرة ليطلب نوافله ان ذلك لمحروم ” والمراد بالنوافل زوائد رحمته وعطاياه سبحانه. (2) تقدم بلفظه تحت رقم 688 في حديث جابر عن أبى جعفر (ع). (3) تقدم تحت رقم 690، ورواه الكليني ج 4 ص 519 باسناده عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع). (4) تقدم نحوه تحت رقم 689 عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه السلام. (5) رواه جميل عن الصادق عليه السلام وتقدم جزء منه تحت رقم 2154 وسيأتى بعضه.

[ 211 ]

2181 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما من رجل من أهل كورة وقف بعرفة من المؤمنين إلا غفر الله لاهل تلك الكورة من المؤمنين (1) وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلا غفر الله لاهل ذلك البيت من المؤمنين “. 2182 – و ” سمع علي بن الحسين عليهما السلام يوم عرفة سائلا يسأل الناس فقال له: ويحك أغير الله تسأل في هذا اليوم؟ إنه ليرجى لما في بطون الحبالى في هذا اليوم أن يكون سعيدا ” (2). 2183 – و ” كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان يوم عرفة لم يرد سائلا “. (3) ومن أعتق عبدا له عشية يوم عرفة فإنه يجزي عن العبد حجة الاسلام (4)، ويكتب للسيد أجران ثواب العتق وثواب الحج. وروي في العبد إذا اعتق يوم عرفة أنه إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج. (5) وأعظم الناس جرما من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفات وهو يظن أنه لم يغفر له (6) يعني الذي يقنط من رحمة الله عزوجل.


(1) الكورة – بالضم – المدينة والناحية. (2) أي يرجى من فضل الله لمن يكون حملا في هذا اليوم في هذا الموضع أن يجعل سعيدا وان كتب عليه شقاوته كما سيجئ أنه يكتب عليه في بطن أمه سعيد أو شقى فكيف تسأل من الناس شيئا ولك لسان يمكنك الطلب من الله تعالى. (3) وان كان الاولى بالنظر الى السائل أن لا يسأل فالاولى بالنظر الى المسئول ان لا يرده لكراهة الرد مطلقا لاسيما في ذلك اليوم. (م ت) (4) مضمون ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 276 باسناده عن السراد عن شهاب عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل أعتق عشية عرفه عبدا له أيجزى عن العبد حجة الاسلام قال: نعم – الحديث ” وسيجيئ إن شاء الله. (5) سيجيئ خبره على وجهه ان شاء الله تعالى. (6) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 541 في الحسن كالصحيح عن بعض الاصحاب عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سأله رجل في المسجد الحرام من أعظم الناس وزرا فقال =

[ 212 ]

2184 – وقال الصادق عليه السلام: ” إذا كان عشية عرفة بعث الله عزوجل ملكين يتصفحان وجوه الناس فإذا فقدا رجلا قد عود نفسه الحج، قال أحدهما لصاحبه: يا فلان ما فعل فلان؟ قال: فيقول: الله أعلم، قال: فيقول أحدهما: اللهم إن كان حبسه عن الحج فقر فأغنه، وإن كان حبسه دين فاقض عنه دينه، وإن كان حبسه مرض فاشفه، وإن كان حبسه موت فاغفر له وارحمه “. 2185 – وقال عليه السلام: ” إذا دعا الرجل لاخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله. وإذا دعا لنفسه كانت له واحدة، فمائة ألف مضمونة خير من واحدة لا يدرى يستجاب له أم لا ” (1). 2186 – و ” من دعا لاربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه “. (2) 2187 – و ” من مر بين مأزمي منى غير مستكبر غفر الله له ذنوبه “. (3) 2188 – و ” إن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوي كدوي النحل يقول الله عزوجل: أنا ربكم وأنتم عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد =


من يقف بهذين الموقفين عرفة والمزدلفة وسعى بين هذين الجبلين ثم طاف بهذا البيت وصلى خلف مقام ابراهيم (ع) ثم قال في نفسه أو ظن ان الله لا يغفر له فهو من أعظم الناس وزرا “. وقوله ” يعنى ” تفسير الصدوق – رحمه الله – لا مضمون الرواية. (1) روى الكليني ج 2 ص 508 نحوه عن عبد الله بن جندب عن موسى بن جعفر عليها السلام في حديث. (2) روى المؤلف في الصحيح أيضا عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من قدم أربعين رجلا من اخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفى نفسه “. (3) الظاهر أن المراد بهما مضيق مكة الى منى ومضيق منى الى عرفات وهو المزدلفة ويحتمل أن يكون المراد به المشعر فقط كما فهمه الاصحاب ويطلقون عليه في كتبهم، والاول أوفق بكلام أهل اللغة (م ت) أقول: في القاموس المأزم ويقال له: المأزمان: مضيق بين جمع وعرفة، وآخر بين مكة ومنى.

[ 213 ]

أن يعفر له ” (1). فإذا ازدحم الناس فلم يقدروا على أن يتقدموا ولا يتأخروا كبروا فإن التكبير يذهب بالضغاط (2). 2189 – و ” الحاج إذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه ” (3). والوقوف بعرفة سنة، وبالمشعر فريضة. (4) وما من عمل أفضل يوم النحر من دم مسفوك، أو مشي في بر الوالدين أو ذي – رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام، أو رجل أطعم من صالح نسكه ثم دعا إلى بقيته جيرانه من اليتامى وأهل المسكنة والمملوك وتعاهد الاسراء. (5) 2190 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” استفرهوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط “. (6) 2191 – وجاءت ام سلمة – رضي الله عنها – إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: ” يا رسول الله يحضر الاضحى وليس عندي ثمن الاضحية فأستقرض وأضحي؟ فقال: استقرضي [ وضحي ] فإنه دين مقضي “. (7)


(1) روى الكليني في باب ليلة المزدلفة والوقوف بالمشعر في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث أنه قال: ” ان استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فانه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوى كدوى النحل يقول الله تعالى أنا ربكم – الى قوله -. يغفر له “. (2) سيأتي الكلام فيه. (3) جزء من خبر جميل بن دراج الذى تقدم في الهامش. (4) الوقوف بعرفة ظهر وجوبه من السنة، وبالمشعر من الكتاب قوله تعالى ” فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام “. (5) هذه الاعمال مطلوبة يوم النحر مطلقا وان لم يكن بمنى. (م ت) (6) أي اختاروا الفارهة الجيدة منها غير المعيوبة، ورواه المؤلف في العلل ص 438 بسند قوى عن موسى بن جعفر عليه السلام رفعه عن النبي صلى الله عليه وآله. (7) رواه في العلل ص 440 بالسند الذى تقدم للخبر السابق.

[ 214 ]

2192 – و ” يغفر لصاحب الاضحية عند أول قطرة تقطر من دمها “. (1) 2193 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر الله له على ذلك “. (2) 2194 – و ” من كف بصره ولسانه ويده أيام التشريق كتب الله عزوجل له مثل حج [ من ] قابل “. (3) 2195 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” رمي الجمار ذخر يوم القيامة “. (4) 2196 – وقال صلى الله عليه وآله: ” الحاج إذا رمى الجمار خرج من ذنوبه “. 2197 – وقال الصادق عليه السلام: ” من رمى الجمار يحط عنه بكل حصاة كبيرة موبقة، وإذا رماها المؤمن التقفها الملك (5)، وإذا رماها الكافر قال الشيطان: بإستك ما رميت “. (6) 2198 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء يوم القيامة وكل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها “. 2199 – و ” استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة “. (7)


(1) رواه في العلل ص 440 مسندا عن شريح بن هاني، عن أمير المؤمنين (ع). (2) رواه باسناده عن جابر الجعفي عنه عليه السلام في العلل ص 434. (3) يشبه أن يكون خبرا مأثورا بلفظه ولم أجده، نعم روى ابن حبان في الثواب و البيهقى في شعب الايمان عن الفضل بن العباس عن النبي (ص) قال: من ” حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة الى عرفة ” كما في الجامع الصغير. (4) كما في رواية معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام في الكافي ج 4 ص 261. (5) في المحاسن ص 67 مسندا والتقف الشئ: تناولها بسرعة. والموبقة: المهلكة. (6) أي أنت من حزبى ومع ذلك ترمانى بالجمرة. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 480 مسندا عن حريز عن أبى عبد الله عليه السلام الى قوله ” موبقة “. (7) روى الشيخ – رحمه الله – في التهذيب ج 1 ص 516 في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية: اللهم اغفر للمحلقين =

[ 215 ]

2200 – وروي ” أن من حلق رأسه بمنى كان له بكل شعرة نور يوم القيامة “. (1) ولا يجوز للصرورة أن يقصر، وعليه الحلق. (2) 2201 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ” قال: يرجع مغفورا لا ذنب له “. 2202 – وروي ” يخرج من ذنوبه كنحو ما ولدته امه “. (3) 2203 – وقال عليه السلام: ” لا يزال العبد في حد الطائف بالكعبة ما دام شعر الحلق عليه “. (4) 2204 – وروي ” أن الحاج من حين يخرج من منزلة حتى يرجع بمنزلة الطائف بالكعبة “. (5) =


مرتين، قيل: وللمقصرين؟ قال: للمقصرين، وفى الصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” استغفر رسول الله (ص) للمحلقين ثلاث مرات “. وروى مثله مسلم في صحيحه. (1) في الكافي ج 4 ص 261 مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله ” وحلق الرأس لك بكل شعرة نور يوم القيامة “. (2) سيجيئ أخباره وحكمه ان شاء الله تعالى. (3) روى الكليني ج 4 ص 252 في الصحيح عن عبد الاعلى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” كان أبى يقول: من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرءا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ثم قرأ ” فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى ” قلت ما الكبر الحديث “. (4) أي عليه الشعر الذى نبت بعد الحلق بمنى، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا يزال العبد في حد الطواف بالكعبة ما دام حلق الرأس عليه ” أي إذا حلق رأسه بمنى فان له ثواب الطائف بالكعبة الى حلق آخر:. (5) يمكن أن يكون مأخوذا مما رواه الكليني ج 4 ص 428 في الحسن كالصحيح عن زياد القندى قال: ” قلت لابي الحسن عليه السلام جعلت فداك انى أكون في المسجد الحرام =

[ 216 ]

2205 – وقال الصادق عليه السلام: ” من حج حجة الاسلام فقد حل عقدة من النار من عنقه، ومن حج حجتين لم يزل في خير حتى يموت، ومن حج ثلاث حجج متوالية، ثم حج أو لم يحج فهو بمنزلة مدمن الحج ” (1). 2206 – وروى ” أن من حج ثلاث حجج لم يصبه فقر أبدا ” (2). 2207 – و ” أيما بعير حج عليه ثلاث سنين جعل من نعم الجنة “. وروي ” سبع سنين “. (3) 2208 – وقال الرضا عليه السلام: ” من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عزوجل بالثمن، ولم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام ” (4). =


وأنظر الى الناس يطوفون بالبيت وأنا قاعد فأغتم لذلك، فقال: يا زياد لا عليك، فان المؤمن إذا خرج من بيته يؤم الحج لا يزال في طواف وسعى حتى يرجع “. (1) مدمن الحج هو الذى إذا وجد سبيلا الى الحج حج كما أن مدمن الخمر هو الذى إذا وجد الخمر شربه، رواه الكليني باسناده عن فضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السلام في ج 4 ص 542، ومن قوله ” ومن حج حجتين الى قوله ” مدمن الحج ” رواه المصنف مسندا في الخصال ص 60 وص 117 من حديث صفوان بن مهران وحريز بن عبد الله. (2) رواه المصنف في الخصال ص 117 باسناده عن صفوان بن مهران عن الصادق عليه السلام. (3) روى المؤلف في ثواب الاعمال ص 74 في حديث عن يونس بن يعقوب عن على ابن الحسين عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ” ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج الا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله “. (4) نقله المؤلف مسندا في العيون وقال: يعنى بذلك أنه لم يسأله عما وقع في ماله من الشبهة، ويرضى عنه خصماءه بالعوض، ونقل الفيض – رحمه الله – هذا الكلام في الوافى وقال: لعل ذلك بشرط التوبة وعدم معرفة أصحاب المال بأعيانهم ليرده عليهم – انتهى. أقول: في طريق الرواية سلمة بن الخطاب وهو ضعيف، وأحمد بن على وهو مجهول والديلمي أعنى الحسن بن على وهو مهمل ولقد روى المؤلف – رحمه الله – في الفقيه كما سيجيئ وقال: روى عن الائمة عليهم السلام انهم قالوا: ” من حج بمال حرام نودى عند التلبية: لالبيك =

[ 217 ]

2209 – و ” من حج أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا، وإذا مات صور الله عزوجل الحجج التى حج في صورة حسنة أحسن ما يكون من الصور بين عينيه تصلي في جوف قبره حتى يبعثه الله عزوجل من قبره ويكون ثواب تلك الصلاة له واعلم أن الركعة من تلك الصلاة تعدل ألف ركعة من صلاة الآدميين ” (1). 2210 – و ” من حج خمس حجج لم يعذبه الله أبدا، ومن حج عشر حجج لم يحاسبه الله أبدا، ومن حج عشرين حجة لم ير جهنم ولم يسمع شهيقها ولا زفيرها ” (2). 2211 – و ” من حج أربعين حجة قيل له: اشفع فيمن أحببت ويفتح له باب من أبواب الجنة يدخل منه هو ومن يشفع له “. (3) 2212 – و ” من حج خمسين حجة بنى له مدينة في جنة عدن فيها ألف قصر، في كل قصر ألف حوراء من حور العين، وألف زوجة، ويجعل من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله في الجنة “. (4) 2213 – و ” من حج أكثر من خمسين حجة كان كمن حج خمسين حجة مع محمد والاوصياء صلوات الله عليهم، وكان ممن يزوره الله عزوجل كل جمعة =


عبدى ولا سعديك “. وروى الطبراني في الاوسط عن أبى هريرة والاصبهاني في الترغيب عن أسلم العدوى عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ” إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوصع رجله في الغرز فنادى لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، وحجك مأزور غير مبرور “. (1) رواه في الخصال ص 215 من حديث منصور بن حازم عن أبى عبد الله (ع). (2) رواه أيضا في الخصال ص 283 و 445 و 516 من حديث أبى بكر الحضرمي عن الصادق عليه السلام. (3) رواه في الخصال ص 548 من حديث أبى يحيى زكريا الموصلي كوكب الدم عن موسى بن جعفر عليهما السلام. (4) رواه في الخصال ص 571 من حديث هارون بن خارجة عن أبى عبد الله (ع).

[ 218 ]

وهو من يدخل جنة عدن التي خلقها الله عزوجل بيده ولم ترها عين، ولم يطلع عليها مخلوق، وما من أحد يكثر الحج إلا بنى الله عزوجل له بكل حجة مدينة في الجنة فيها غرف، في كل غرفة منها حوراء من حور العين، مع كل حوراء ثلاثمائة جارية، لم ينظر الناس إلى مثلهن حسنا وجمالا ” (1). 2214 – وقال الصادق عليه السلام: ” من حج سنة وسنة لا فهو ممن أدمن الحج “. 2215 – وقال إسحاق بن عمار قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إني قد وطنت نفسي على لزوم الحج كل عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي، فقال: وقد عزمت على ذلك؟ قلت: نعم [ قد عزمت على ذلك ] فقال: إن فعلت ذلك فأيقن بكثرة المال – أو أبشر بكثرة المال – “. 2216 – وروي أنه ” ما تقرب عبد إلى الله عزوجل بشئ أحب إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين، وإن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجة، و من مشى عن جمله كتب الله له ثواب ما بين مشيه وركوبه، والحاج إذا انقطع شسع نعله كتب الله له ثواب ما بين مشيه حافيا إلى متنعل ” (2). 2217 – ” والحج راكبا أفضل منه ماشيا، لان رسول الله صلى الله عليه وآله حج راكبا ” (3).


(1) لم أجده في مظانه والظاهر أنه خبر مأثور بلفظه مثل ما تقدم. (2) الظاهر الى هنا خبر واحد كما في الوسائل ولم أجده مسنده في المصادر التى عندي. (3) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 583 في الموثق عن رفاعة وابن بكير جميعا عن أبى عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن الحج ماشيا أفضل أو راكبا، فقال: بل راكبا، فان رسول الله صلى الله عليه وآله حج راكبا ” ورواه الكليني ج 4 ص 456. ويمكن الجمع بوجوه الاول أن يحمل أخبار المشى من مكة لافعال الحج كما يظهر من صحيحة رفاعة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مشى الحسن عليه السلام من مكة أو المدينة قال: من مكة، وسألته إذا زرت البيت أركب أو أمشى فقال: كان الحسن عليه السلام يزور راكبا ” (الكافي ج 4 ص 456). الثاني أن يحمل أخبار المشى على من لم يضعفه عن الدعاء والعبادة والركوب على =

[ 219 ]

والجمع ما بين الخبرين في هذا المعنى: 2018 – ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه سأله ” عن المشي أفضل أو الركوب؟ فقال: إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل “. 2219 – و ” كان الحسين بن علي عليهما السلام يمشي وتساق معه المحامل و الرحال “. 2220 – و ” جاء رجل (1) إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال: قد آثرت الحج على الجهاد، وقد قال الله عزوجل: ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة – إلى آخرها ” فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: فاقرأ ما بعدها فقال: ” التائبون العابدون الحامدون – إلى أن بلغ آخر الآية ” فقال: إذا رأيت هولاء فالجهاد معهم يؤمئذ أفضل من الحج “. وروي أنه عليه السلام: قرأ ” التائبين العابدين – إلى آخر الآية “. 2221 – و ” من حج يريد به وجه الله عزوجل لا يريد به رياء ولا سمعة غفر الله له البتة “. (2) 2222 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت “. =


غيره كما يظهر من صحيحة سيف التمار قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: انا كنا نحج مشاة فبلغنا عنك شئ فما ترى؟ قال: ان الناس ليحجون مشاة ويركبون، قلت: ليس عن ذلك أسألك، قال: فعن أي شئ سألت؟ قلت: أيهما أحب اليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحب الى، فان ذلك أقوى لكم على الدعاء والعبادة ” الكافي ج 4 ص 456. الثالث أن يحمل أخبار الركوب على ما إذا أخذ معه مركبا يتخذه لحاجته وضرورته والمشى على المشى معه كما يظهر من قوله عليه السلام فيما يأتي رقم 2219. (1) الرجل هو عباد البصري الصوفى والخبر رواه الكليني والشيخ – رحمهما الله -. (2) رواه المصنف في ثواب الاعمال ص 74 من حديث سيف التمار عن أبى عبد الله عليه السلام.

[ 220 ]

2223 – و ” من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره ” (1). 2224 – و ” من خرج من مكة وهو لا ينوي العود إليها فقد قرب أجله ودنا عذابه “. (2) 2225 – وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” ترون هذا الجبل – ثافلا – إن يزيد ابن معاوية لما رجع من حجه مرتحلا إلى الشام أنشأ يقول: إذا تركنا ثافلا يمينا فلن نعود بعده سنينا للحج والعمرة ما بقينا فأماته الله عزوجل قبل أجله ” (3). 2226 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة “. (4) 2227 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما تخلف رجل من الحج إلا بذنب (5) وما يعفو الله عزوجل أكثر “. 2228 – و ” سئل ” عن قول الله عزوجل: ” فأصدق وأكن من الصالحين ” قال: أصدق من الصدقة، وأكن من الصالحين أي أحج “. 2229 – وقال الرضا عليه السلام: ” العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما “. 2230 – وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ” الحجة ثوابها الجنة، والعمرة كفارة كل ذنب ” وأفضل العمرة رجب (6).


(1) رواه الكليني ج 4 ص 281 باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) رواه الكليني أيضا ج 4 ص 270 باسناده عن الحسين الاحمسي عن أبى عبد الله عليه السلام وفيه ” لا يريد العود “. (3) ذكر هذا الخبر لبيان الشاهد على تعجيل عذاب من لا ينوى العود. (4) ” على الحج ” أي حجة الاسلام. وهذا مجرب. (5) أي ذلك التخلف بسبب ذنب اكتسبه. (6) ستجيئ الاخبار في ذلك ان شاء الله.

[ 221 ]

2231 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” كل نعيم مسؤول عنه صاحبه إلا ما كان في غزو أو حج “. 2232 – وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: ” الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما من أضياف الله عزوجل إن أبقاه أبقاه ولا ذنب له وإن أماته أدخله الجنة “. 2233 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن رجل ذي دين يستدين ويحج؟ فقال: نعم هو أقضى للدين ” (1). 2234 – وروي عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن رجلا استشارني في الحج وكان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحج، فقال: ما أخلقك أن تمرض سنة، فقال: فمرضت سنة “. 2235 – وقال الصادق عليه السلام: ” ليحذر أحدكم أن يعوق أخاه من الحج فتصيبه فتنة في دنياه مع ما يدخر له في الآخرة “. 2236 – وقد روي ” أن الحج أفضل من الصلاة والصيام لان المصلي إنما يشتغل عن أهله ساعة. وأن الصائم يشتغل عن أهله بياض يوم، وأن الحاج يشخص بدنه ويضحى نفسه (2) وينفق ماله ويطيل الغيبة عن أهله، لا في مال يرجوه ولا إلى تجارة “. 2237 – وروي ” أن صلاة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به حتى ينفى “. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه – هذان الحديثان متفقان، غير مختلفين وذلك أن الحج فيه صلاة والصلاة ليس فيها حج فالحج بهذا الوجه أفضل من الصلاة


(1) رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 329 مسندا. (2) من الضحية يعنى يجعلها بارزة للشمس بالسير والسلوك في ضاحية النهار. (م ح ق)

[ 222 ]

وصلاة فريضة أفضل من عشرين حجة متجردة عن الصلاة (1). 2238 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ما من حاج يضحى ملبيا (2) حتى تزول الشمس إلا غابت ذنوبه معها، والحج والعمرة ينفيان الفقر كما ينفي الكير (3) خبث الحديد “. 2239 – و ” سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يحج عن آخر أله من الاجر والثواب شئ؟ فقال: للذي يحج عن الرجل أجر وثواب عشر حجج ويغفر له ولابيه ولامه ولابنه ولابنته ولاخيه ولاخته ولعمه ولعمته ولخاله ولخالته، إن الله واسع كريم “. 2240 – وقال الصادق عليه السلام: ” من حج عن إنسان اشتركا حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج “. 2241 – وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام ” عن رجل دفع إلى خمسة نفر حجة واحدة، فقال: يحج بها بعضهم، وكلهم شركاء في الاجر (4) فقال له: لمن الحج؟


(1) قال الشهيد في قواعده: لعل المعارضة بين الصلاة الواجبة والحج المندوب، وبين المتفضل في الصلاة والمستحق في الحج مع قطع النظر عن المتفضل في الحج، أو يراد به أن لو حج في ملة غير هذه الملة، وأما الصلاة المندوبة فيمكن أن لا يراد الواحدة أفضل من الحج إذ ليس في الحديث الا الفريضة، وأما حديث ” خير أعمالكم الصلاة – الخ ” فيمكن حمله على المعوهدة وهى الفرائض ويؤيده الاذان والاقامة لاختصاصهما بها أو نقول لو صرف زمان الحج والعمرة في الصلاة المندوبة كان أفضل منها، أو يختلف بحسب الاحوال والاشخاص كما نقل أنه صلى الله عليه وآله ” سئل أي الاعمال أفضل، فقال: الصلاة لاول وقتها، وسئل أيضا أي الاعمال أفضل، فقال: بر الوالدين، وسئل أي الاعمال أفضل فقال: حج مبرور ” فتخص بما يليق بالسائل من الاعمال فيكون لذلك السائل والدان محتاجان الى بره، والمجاب بالصلاة يكون عاجزا عن الحج والجهاد، والمجاب بالجهاد في الخبر السابق يكون قادرا عليه كذا ذكره بعض العلماء رفعا للتناقض. (2) أي يبرز في حر الشمس ويلبى. (3) هو الزق الذى ينفخ فيه الحديد. (4) أي أعطاهم جميعا ليذهب واحد منهم ويكون سائرهم شركاء في الثواب الحج =

[ 223 ]

فقال: لمن صلي في الحر والبرد “. فإن أخذ رجل من رجل مالا يحج عنه ومات ولم يخلف شيئا فإن كان الاجير قد حج اخذت حجته ودفعت إلى صاحب المال، وإن لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج (1). 2242 – وقال الصادق عليه السلام: ” لو أشركت ألفا في حجتك لكان لكل واحد حج من غير أن ينقص من حجتك شئ “. 2243 – وروي ” أن الله عزوجل جاعل له ولهم حجا وله أجر لصلته إياهم ” (2). ومن أراد أن يطوف عن غيره فليقل حين يفتتح الطواف: ” اللهم تقبل من فلان ” ويسمي الذي يطوف عنه (3). 2244 – ومن حج عن غيره فليقل ” اللهم ما أصابني من نصب أو تعب أو شعث فآجر فيه فلانا وآجرني في قضائي عنه ” (4). =


فالثواب الكامل لمن حج منهم ولكل واحد منهم حظ من الثواب، وفى الصحاح صلى بالامر إذا قاسى شدة حره. (المرآة) (1) لما رواه على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن بعض رجاله عن أبى عبد الله عليه السلام كما في الكافي ج 4 ص 311 وقوله ” اخذت حجته ” لعل هذا ينافى وجوب استيجار الحج ثانيا واستعادة الاجر مع الامكان كما هو المشهور. (المرآة) (2) روى الكليني ج 4 ص 315 باسناده الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: أشرك أبوى في حجتى؟ قال: نعم، قلت: أشرك اخوتى في حجتى؟ قال: نعم ان الله عزوجل جاعل لك حجا ولهم حجا ولك أجر لصلتك اياهم، قلت: فأطوف عن الرجل والمرأة وهم بالكوفة؟ فقال: نعم تقول حين تفتتح الطواف: ” اللهم تقبل من فلان ” الذى تطوف عنه ” أي تسميه باسمه. (3) كما في ذيل خبر ابن عمار. (4) رواه الكليني ج 4 ص 311 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا ” اللهم ما أصابني من نصب أو شعث أو شدة فاجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه “. والشعث تفرق البال ونحوه. وفى آخر عن الحلبي ” اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعث فاجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه “.

[ 224 ]

وقد روي أنه يذكره إذا ذبح (1)، وإن لم يقل شيئا فليس عليه شئ لان الله عزوجل عالم بالخفيات. ومن وصل قريبا بحجة أو عمرة كتب الله عزوجل له حجتين وعمرتين (2) وكذلك من حمل عن حميم يضاعف له الاجر ضعفين (3). 2245 – وروي ” أن حجة واحدة أفضل من عتق سبعين رقبة ” (4). 2246 – و ” ولما صد رسول الله صلى الله عليه وآله (5) أتاه رجل فقال يا رسول الله إني رجل ميل – يعني كثير المال – وإني في بلد ليس يصلح مالي غيري (6) فأخبرني يا رسول الله بشئ إن أنا صنعته كان لي مثل أجر الحاج، فقال له: انظر إلى الجبل – يعني أبا قبيس – لو أنفقت مثل هذا ذهبا تتصدق به في سبيل الله عزوجل ما أدركت أجر الحاج ” (7).


(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 566 والاستبصار ج 2 ص 326 بسند حسن عن أبى عبد الله عليه السلام ” في الرجل يحج عن الانسان يذكره في جميع المواطن كلها؟ قال: ان شاء فعل وان شاء لم يفعل، الله يعلم أنه قد حج عنه، ولكنه يذكره عند الاضحية إذا ذبحها “. (2) روى الكليني ج 4 ص 316 في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام ” في الرجل يشرك أباه وأخاه وقرابته في حجه؟ فقال: إذا يكتب لك حجا مثل حجهم وتزداد أجرا بما وصلت “. (3) ” حمل عن حميم ” بان قضى له دينا أو أدى دية كانت عليه والاخبار في ذلك مستفيضة. (4) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 452 عن عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام. وروى المصنف في ثواب الاعمال ص 72 باسناده عن عمر بن يزيد قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الحج أفضل من عتق عشر رقبات حتى عد سبعين رقبة، والطواف وركعتاه أفضل من عتق رقبة “. (5) أي منعه المشركون من دخول مكة في الحديبية من العمرة، والظاهر أن لفظة ” صد ” تصحيف وقع من الناسخ والصواب ” أفاض ” كما في الكافي والتهذيب وثواب الاعمال أو الصواب ” صدر رسول الله (ص) ” بمعنى أفاض وسقط حرف الراء من قلم الناسخ في الاوائل. (6) أن أنا ضابط مالى وليس أحد يقوم بأمرى، وفى بعض النسخ ” ليس يصلح لى غيرى ” (7) زاد في التهذيب ” ثم قال: ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الا كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، فإذا ركب =

[ 225 ]

2247 – وقال الصادق عليه السلام: ” من أنفق درهما في الحج كان خيرا له من مائة ألف درهم ينفقها في حق “. 2248 – وروي ” درهما في الحج خير من ألف ألف درهم في غيره، ودرهم يصل إلى الامام مثل ألف ألف درهم في الحج “. 2249 – وروي ” أن درهما في الحج أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه في سبيل الله عزوجل “. (1) 2250 – و ” الحاج عليه نور الحج ما لم يلم بذنب ” (2). وهدية الحاج من نفقة الحج (3). ولا تماكس في أربعة أشياء في ثمن الكفن وفي ثمن النسمة وفي شراء الاضحية وفي الكراء إلى مكة. (4) =


بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه الا كتب الله له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعد رسول الله (ص) كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه، ثم قال: أنى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاج “. (1) روى البرقى في المحاسن ص 64 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث ” ولدرهم ينفقه الحاج يعدل ألفى ألف درهم في سبيل الله “. (2) روى الكليني ج 4 ص 255 باسناده عن داود بن أبى يزيد عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” الحاج لا يزال عليه نور الحج ما لم يلم بذنب ” وقال الجوهرى: ألم الرجل من اللمم وهى صغار الذنوب، ويقال: هو مقاربة المعصية. (3) روى الكليني ج 4 ص 280 باسناده عن اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال: ” هدية الحج من الحج ” وفى مرفوعة ” الهدية من نفقة الحج ” ولعل المعنى أن ما يهدى الى أهله واخوانه بعد الرجوع من الحج له ثواب نفقة الحج، أو أنه ينبغى أن يحسب أولا عند نفقة الحج الهدية أيضا، أو لا يزيد في شراء الهدية على ما معه من النفقة. (المرآة) (4) هذا مضمون الحديث لا لفظه ورواه المصنف على وجهه في الخصال ص 245 في مرفوع عن أبى جعفر عليه السلام وفى خبر آخر مسند عن على عليه السلام عن النبي (ص) والنهى محمول على الكراهة.

[ 226 ]

2251 – وقال الصادق عليه السلام: ” ودمن في القبور لو أن له حجة بالدنيا و ما فيها ” (1). 2252 – وروي ” أن الحاج والمعتمر يرجعان كمولودين مات أحدهما طفلا لا ذنب له، وعاش الآخر ما عاش معصوما “. (2) 2253 – و ” الحاج على ثلاثة أصناف فأفضلهم نصيبا رجل يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووقاه الله عذاب القبر، وأما الذي يليه فرجل غفر له ذنبه ما تقدم منه ويستأنف العمل فيما بقي من عمره، وأما الذي يليه فرجل يحفظ في أهله وماله ” (3) وروي ” أنه هو الذي لا يقبل منه الحج ” (4). 2254 – وقال الصادق عليه السلام: ” الحج جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء “. (5) 2255 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش: دعوة الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر “. 2256 – و ” من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل أو أكثر كتب الله عزوجل له من الاجر والحسنات من أول جمعة في الدنيا إلى آخر جمعة


(1) الظاهر أنه يتمنى أنه ليت له كل الدنيا ويصرفه في حجة واحدة، أوليت له الدنيا بما فيها ويعطيها ويأخذ ثواب حجة في الاخرة. (م ت) (2) يمكن أن يكون على اللف والنشر المرتب، أو كل واحد لكل واحد ويكون الاختلاف باختلاف الاشخاص كما سيذكر. (م ت) (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 262 بهذا اللفظ مسندا عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ومعناه أنه لا يغفر له لكن يحفظ في أهله وماله فقط. (4) لم أجده. (5) مروى في الكافي ج 4 ص 259 مسندا عن جندب عن الصادق عليه السلام عن النبي (ص) قال ” الحج جهاد الضعيف، ثم وضع أبو عبد الله عليه السلام يده على صدر نفسه وقال: نحن الضعفاء ونحن الضعفاء ” يعنى استضعفنا أهل الجور وأخذوا حقنا ولا يمكننا الجهاد فأبدلناه بالحج.

[ 227 ]

تكون، وكذلك إن ختمه في سائر الايام ” (1). 2257 – وقال علي بن الحسين عليهما السلام: ” من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وآله ويرى منزله من الجنة ” (2). 2258 – و ” تسبيحة بمكة تعدل خراج العراقين ينفق في سبيل الله عزوجل ” (3). 2259 – و ” من صلى بمكة سبعين ركعة فقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد وإنا أنزلناه وآية السخرة وآية الكرسي لم يمت إلا شهيدا، والطاعم بمكة كالصائم فيما سواها، وصيام يوم بمكة يعدل صيام سنة فيما سواها، والماشي بمكة في عبادة الله عزوجل ” (4). 2260 – وقال الباقر أبو جعفر عليه السلام: ” من جاور سنة بمكة غفر الله له ذنبه ولاهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرانه ذنوب تسع سنين وقد مضت و عصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة “. والانصراف والرجوع أفضل من المجاورة 5).


(1) رواه المصنف في ثواب الاعمال ص 125 والكليني في الكافي ج 2 ص 612 مسندا عن أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام. (2) رواه البرقى في المحاسن ص 69 بسند مرسل عن أبى جعفر عليه السلام. (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 581 مسندا عن خالد بن ماد القلانسى عن أبى – عبد الله عليه السلام رواه عن جده على بن الحسين عليهما السلام في صدر الحديث المتقدم وفيه ” تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقيين ” ورواه البرقى في المحاسن ص 68 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام كما في المتن. (4) الظاهر أن من قوله ” ومن صلى بمكة ” الى ههنا تتمة رواية خالد بن ماد عن على ابن الحسين عليهما السلام. والمراد بآية السخرة ” ان ربكم الله الذى خلق السماوات والارض – الى قوله -: تبارك الله رب العالمين ” وقيل: الى قوله ” ان رحمة الله قريب من المحسنين “. (5) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 230 في الصحيح كالشيخ في التهذيب عن محمد ابن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” لا ينبغى للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها ” واعلم أن الفيض وسلطان العلماء – رحمهما الله – جعلا هذه الجملة تتمة لحديث الباقر عليه السلام وليس ببعيد.

[ 228 ]

2261 – و ” النائم بمكة كالمتهجد في البلدان “. (1) 2262 – و ” الساجد بمكة كالمتشحط بدمه في سبيل الله عزوجل ” (2). 2263 – و ” من خلف حاجا في أهله بخير كان له كأجره حتى كأنه يستلم الاحجار “. (3) 2264 – وقال علي بن الحسين عليه السلام: ” يا معشر من لم يحج استبشروا بالحاج إذا قدموا فصافحوهم وعظموهم فإن ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الاجر ” (4). 2265 – وقال عليه السلام: ” بادروا بالسلام على الحاج والمعتمرين ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب ” (5). 2266 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” وقروا الحاج والمعتمرين فإن ذلك واجب عليكم “. 2267 – و ” من أماط أذى عن طريق مكة (6) كتب الله عزوجل له حسنة “.


(1) مروى في المحاسن ص 68 من حديث خالد بن ماد عن أبى عبد الله عليه السلام عن على بن الحسين عليهما السلام وفيه ” كالمتشحط في البلدان “. (2) مروى في المحاسن ص 68 بسند فيه ارسال عن أبى جعفر الباقر عليه السلام. (3) مروى في المحاسن ص 70 من حديث خالد بن ماد عن على بن الحسين عليهما السلام بادنى اختلاف في اللفظ، ورواه المصنف في عقاب الاعمال ص 345 عن النبي صلى الله عليه وآله قاله في خطبة طويلة له. (4) مروى في المحاسن ص 71 والكافي ج 4 ص 264 مسندا عن أبى عبد الله عن على بن الحسين عليهما السلام، والخبر يدل على استحباب الاستبشار والتبسم وطلاقة الوجه والمصافحة والتعظيم لهم عند مجيئهم، ويحتمل الى انقضاء أربعة أشهر والاعم منه ومن الاستقبال والمعانقة والمبادرة بالسلام. (م ت) (5) رواه الكليني ج 4 ص 256 بسند مرسل عن على بن الحسين عليهما السلام. (6) أي كل ما يؤذى الناس من حجر أو شجر أو ضيق طريق وأمثال ذلك.

[ 229 ]

وفى خبر آخر ” من قبل الله منه حسنة لم يعذبه “. (1) 2268 – و ” من مات محرما بعث يوم القيامة ملبيا بالحج مغفورا له ” (2). 2269 – و ” من مات في طريق مكة ذاهبا أو جائيا أمن من الفزع الاكبر يوم القيامة “. (3) 2270 – و ” من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين ” (4). 2271 – و ” من مات بين الحرمين لم ينشر له ديوان ” (5). 2272 – و ” من دفن في الحرم أمن من الفزع الاكبر من بر الناس وفاجرهم ” (6). 2273 – و ” ما من سفر أبلغ في لحم ولادم ولا جلد ولا شعر من سفر مكة، وما من أحد يبلغه حتى تلحقه المشقة ” (7) وإن ثوابه على قدر مشقته. * (نكت في حج الانبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين) * 2274 – قال أبو جعفر عليه السلام: ” أتى آدم عليه السلام هذا البيت ألف أتية على قدميه منها سبعمائة حجة وثلاثمائة عمرة، وكان يأتيه من ناحية الشام، وكان يحج على ثور والمكان الذي يبيت فيه عليه السلام الحطيم – وهو ما بين باب البيت والحجر الاسود – وطاف


(1) رواه الكليني ج 4 ص 547 مع الخبر السابق كليهما في حديث عن الصادق عليه السلام. (2) كأنه مضمون رواية أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 256 حيث قال: ” الحاج والمعتمر في ضمان الله، فان مات متوجها غفر الله له ذنوبه، وان مات محرما بعثه الله ملبيا – الخ ” وروى الخطيب في تاريخه مسندا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ” من مات محرما حشر ملبيا “. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 263 مسندا عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 256 في ذيل خبر أبى بصير المتقدم. (5) لم أجده، وفى المحاسن ص 70 عن أبى عبد الله عليه السلام ” من مات بين الحرمين بعثه الله في الامنين “. (6) رواه البرقى في المحاسن ص 72 باسناده عن هارون بن خارجة عن أبى عبد الله عليه – السلام بأدنى اختلاف وكذا الكليني في الكافي ج 4 ص 258. (7) رواه الكليني ج 4 ص 262 في الصحيح في هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام والظاهر أن الباقي من كلام المؤلف.

[ 230 ]

آدم عليه السلام قبل أن ينظر حواء مائة عام، وقال له جبرئيل عليه السلام: حياك الله و بياك (1) – يعني أضحكك الله – “. 2275 – وقال الصادق عليه السلام: ” لما أفاض آدم عليه السلام من منى تلقته الملائكة بالابطح فقالوا: يا آدم بر حجك (2) أما إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام “. 2276 – و ” نزل جبرئيل عليه السلام (3) بمهاة من الجنة – وروي بياقوتة حمراء – فأدارها على رأس آدم وحلق رأسه بها ” (4). 2277 – وروي أنه ” كان طول سفينة نوح عليه السلام ألفا ومائتي ذراع وعرضها مائة ذراع وطولها في السماء ثمانين ذراعا فركب فيها فطافت بالبيت سبعة أشواط وسعت بين الصفا والمروة سبعا ثم استوت على الجودي (5) “. 2278 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن الذبيح من كان؟ فقال: إسماعيل عليه السلام لان الله عزوجل ذكر قصته في كتابه، ثم قال: ” وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين “. وقد اختلفت الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل، ومنها ما ورد


(1) ” حياك الله ” أي أبقاك أو فرحك أو سلم عليك، و ” بياك ” هو تابع حياك، معناه أصلحك أو أضحكك. وفى بعض النسخ ” حياك الله ولباك ” أي أجاب تلبيتك وقبل حجتك، (2) ” بر ” بفتح الباء وضمها وشد الراء – فهو مبرور من البر وهو الصلة والخير والاتساع في الاحسان وقيل: الحج المبرور مالا يخالطه شئ من المآثم وقيل هو المقبول المقابل بالبر و هو الثواب (الوافى) أقول: والمراد بحج الملائكة الطواف. (3) كما في الكافي ج 4 ص 195. والمهاة: البلورة أو الدرة كما سيفسرها المؤلف. (4) روى الكليني ج 4 ص 265 مسندا عن على بن محمد العلوى قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن آدم حيث حج بما حلق رأسه؟ فقال: نزل عليه جبرئيل عليه السلام بياقوتة من الجنة فأمرها على رأسه فتناثر شعره “. (5) في الكافي ج 4 ص 212 ” كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء مائتين ذراعا فطافت – الخ “.

[ 231 ]

بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها، وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه، وكان يصبر لامر الله عزوجل ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم الله عزوجل ذلك من قبله فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك، وقد ذكرت إسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق عليه السلام. 2279 – وسئل الصادق عليه السلام ” أين أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه؟ فقال: على الجمرة الوسطى “. ولما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه صلى الله عليهما قلب جبرئيل عليه السلام المدية واجتر الكبش من قبل ثبير (1) واجتر الغلام من تحته ووضع الكبش مكان الغلام و نودي من ميسرة مسجد الخيف: ” أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلؤا المبين. وفديناه بذبح عظيم ” يعني بكبش أملح يمشي في سواد، ويأكل في سواد، وينظر في سواد، ويبعر في سواد، ويبول في سواد، أقرن فحل، وكان يرتع في رياض الجنة أربعين عاما (2). قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: لم احب تطويل هذا الكتاب بذكر القصص لان قصدي كان بوضع هذا الكتاب على إيراد النكت وقد ذكرت القصص مشروحة في كتاب النبوة. 2280 – ” وإن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة (3) فكان الناس يحجون من مسجد الصفا ” (4).


(1) ثبير – كامير – جبل بمكة. وفى الكافي ج 4 ص 20 ” واجتر الغلام من تحته و تناول جبرئيل الكبش من قلة ثيبر فوضعه تحته “. (2) كما في الكافي ج 4 ص 209 عن أبى بصير ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام. (3) في لكافى ج 4 ص 209 مسندا عن حماد بن عثمان عن الحسن بن نعمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام بين الصفا والمروة “. (4) لعل المراد الطواف أي يطوفون حول الكعبة الى الصفا. والخبر في التهذيب ج 1 ص 576 الى هنا عن حماد عن الحسين بن نعيم عنه عليه السلام وهو الصواب.

[ 232 ]

2281 – وقد روي ” أن إبراهيم عليه السلام خط ما بين الحزورة إلى المسعى (1) “. وأول من كسا البيت إبراهيم عليه السلام (2) 2282 – وروي ” أن إبراهيم عليه السلام لما قضى مناسكه أمره الله عزوجل بالانصراف فانصرف “. وماتت ام إسماعيل فدفنها في الحجر وحجر عليه لئلا يوطأ قبرها (3). وبقي إسماعيل عليه السلام وحده، فلما كان من قابل أذن الله عزوجل لابراهيم عليه السلام في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب تحج البيت وكان ردما (4) إلا أن قواعده معروفة. وكان إسماعيل عليه السلام لما صدر الناس جمع الحجارة وطرحها في جوف الكعبة، فلما قدم إبراهيم عليه السلام كشف هو وإسماعيل عنها فإذا هو حجر واحد أحمر، فأوحى الله عزوجل إليه ضع بناءها عليه وأنزل عليه أربعة أملاك. فلما تم بناؤه قعد على كل ركن ثم نادى هلم إلى الحج هلم إلى الحج فلو ناداهم هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكنه نادى إلى الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء لبيك داعي الله لبيك داعي الله، فمن لبى مرة حج مرة، ومن لبى عشرا حج عشرا حجج، ومن لم يلب لم يحج (5). وكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يضعان الحجارة ويرفعان لها القواعد والملائكة


(1) الحزورة وزان قسورة – موضع كان به سوق مكة بين الصفا والمروة قريب من موضع النخاسين وهو معروف أو عند باب الحناطين. وقوله ” الى المسعى ” أي مبتدأ السعي هو الصفا. (2) سيأتي ما يدل على أن المراد أن ابراهيم عليه السلام أول من كسا البيت بالخصف وأن آدم عليه السلام أول من كساه وكساه بالشعر. (3) كما روى الكليني ج 4 ص 210 باسناده عن أبى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) كما في الكافي ج 4 ص 203، والردم ما يسقط من الجدار المنهدم، وردمت الثلمة ونحوها ردما سددتها. وفى مكة موضع يقال له الردم كأنه تسمية بالمصدر. (المصباح) (5) كما هو مروى عن أبى عبد الله عليه السلام في العلل ص 419 والكافي ج 4 ص 203.

[ 233 ]

يناولونهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا، فلما انتهى إلى موضع الحجر ناداه أبو قبيس يا إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، وهيأ له بابين بابا يدخل منه وبابا يخرح منه وجعلا عليه عتبا وشريجا (1) من جريد على أبوابها. وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم عليه السلام وقد سوى البيت وأقام إسماعيل عليه السلام فتزوج إسماعيل امرأة من العمالقة وخلى سبيلها، وتزوج اخرى حميرية فكانت عاقلة فتأملت بابي البيت فقالت لاسماعيل عليه السلام: هلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من ههنا وسترا من ههنا؟ فقال لها: نعم فعملت للبيت سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما إسماعيل عليه السلام على البابين فأعجبها ذلك فقالت: فهلا أحوك للكعبة ثيابا تسترها كلها فإن هذه الاحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل عليه السلام: بلى فأسرعت في ذلك وبعث إلى قومها تستغزلهم، وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذلك فكلما فرغت من شقة علقتها، فجاء الموسم وقد بقي وجه واحد من وجوه الكعبة فقالت لاسماعيل عليه السلام: كيف نصنع بهذا الوجه؟ فكسوه خصفا (2) فلما جاء الموسم نظرت العرب إلى أمر أعجبهم فقالوا: ينبغي أن نهدي إلى عامر هذا البيت فمن ثم وقع الهدي، فجعل يأتي الكعبة كل فخذ من العرب بشئ من ورق وغيره حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا الكسوة وعلقوا على البيت بابين. ولم تكن الكعبة مسقفة فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل الاعمدة التي ترون من خشب، وسقفها بالجرائد، وسواها بالطين، فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها فقالوا: ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد، فلما كان من قابل جاءه الهدي فلم يدر إسماعيل عليه السلام ما يصنع به، فأوحى الله عزوجل إليه أن انحره وأطعمه الحاج.


(1) الشريج ما يضم من القصب ويجعل على الحوانيت كالابواب. (المصباح) (2) الخصف شئ يعمل من الخوص والنخل. وقيل المراد به هنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها.

[ 234 ]

وانقطع ماء زمزم فشكى إسماعيل إلى إبراهيم عليهما السلام قلة الماء فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام وأمره بالحفر فحفر هو وإسماعيل وجبرئيل عليهم السلام حتى ظهر ماؤها (1) وضرب في أربع زوايا البئر، وقال في كل ضربة بسم الله، فتفجرت بأربعة أعين فقال له جبرئيل عليه السلام: اشرب يا إبراهيم وادع لولدك فيها بالبركة وأفض عليك من الماء، وطف بهذا البيت فهذه سقيا سقاها الله تعالى لاسماعيل وولده (2). وأما قول الله عزوجل ” فيه آيات بينات مقام إبراهيم ” فأحدها أن إبراهيم عليه السلام حين قام على الحجر أثر قدماه فيه، والثانية الحجر، والثالثة منزل إسماعيل عليه السلام (3). 2283 – وروي ” أن موسى عليه السلام أحرم من رملة مصر (4) وأنه مر في سبعين نبيا على صفائح الروحاء عليهم العباء القطوانية (5) يقول: لبيك عبدك وابن عبديك لبيك “. 2284 – وروي في خبر آخر ” أن موسى عليه السلام مر بصفائح الروحاء على جمل أحمر، خطامه من ليف عليه عباءتان قطوانيتان وهو يقول: ” لبيك يا كريم


(1) قال العلامة المجلسي في مرآة العقول: لعل ماء زمزم كان أول ظهوره بتحريك اسماعيل عليه السلام رجله على وجه الارض ثم يبس فحفر ابراهيم عليه السلام في ذلك المكان حتى ظهر الماء ويحتمل أن يكون الحفر لازدياد الماء فيكون المراد بقوله عليه السلام ” حتى ظهر ماؤها ” أي ظهر ظهورا بينا بمعنى كثر. (2) راجع الكافي حديث كلثوم بن عبد المؤمن الحرانى عن الصادق عليه السلام ج 4 ص 203 الى 205. (3) كما في الكافي ج 4 ص 223 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) في المراصد: الرملة واحدة الرمل: مدينة بفلسطين، كانت قصبتها، وكانت رباطا للمسلمين وبينها وبين بيت المقدس اثنا عشر ميلا وهى كورة منها – انتهى، وقال الجوهرى: رملة مدينة بالشام، وقال العلامة المجلسي يحتمل أن نسبتها الى مصر لكونها في ناحيتها، أو يكون في مصر أيضا رملة اخرى – انتهى. وقيل: موضع في طريق مصر. (5) الصفح الجانب ومن الجبل مضجعه والجمع صفاح، والصفائح: حجارة عراض رقاق. (القاموس)، والروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة. والقطوانية: عباءة بيضاء قصيرة الخمل.

[ 235 ]

لبيك ” ومر يونس بن متى عليه السلام بصفائح الروحاء وهو يقول لبيك كشاف الكرب العظام لبيك ” ومر عيسى بن مريم عليهما السلام بصفائح الروحاء وهو يقول: ” لبيك عبدك ابن أمتك، لبيك ” ومر محمد صلى الله عليه وآله بصفائح الروحاء وهو يقول: ” لبيك ذا المعارج لبيك ” (1). وكان موسى عليه السلام يلبي وتجيبه الجبال. (2) وسميت التلبية إجابة لانه أجاب موسى عليه السلام ربه عزوجل وقال: لبيك (3). 2285 – وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إن سليمان عليه السلام قد حج البيت في الجن والانس والطير والرياح وكسا البيت القباطي (4) “. 2286 – وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن آدم عليه السلام هو الذي بنى البيت ووضع أساسه وأول من كساه الشعر، وأول من حج إليه، ثم كساه تبع بعد آدم عليه السلام الانطاع (5) ثم كساه إبراهيم عليه السلام الخصف، وأول من كساه الثياب سليمان بن داود عليهما السلام كساه القباطي “. 2287 – وقال الصادق عليه السلام: ” لما حج موسى عليه السلام نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له موسى: يا جبرئيل ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة؟ قال: لا أدري حتى أرجع إلى ربي عزوجل، فلما رجع قال الله عزوجل: يا جبرئيل ما


(1) رواه الكليني ج 4 ص 213 من حديث هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) كما في العلل ص 418 رواه عن أبى جعفر عليه السلام. (3) في الكافي ج 4 ص 214 باسناده عن زيد الشحام عمن رواه عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” حج موسى بن عمران عليه السلام ومعه سبعون نبيا من بنى اسرائيل، خطم ابلهم من ليف، يلبون وتجيبهم الجبال، وعلى موسى عباءتان قطوانيتان يقول: لبيك عبدك ابن عبدك “. (4) القباطى جمع القبطى منسوب الى القبط – بالكسر -: ثوب يعمل في القبط و هي بلدة أو ناحية. (5) الانطاع جمع نطع وهو بساط من الاديم.

[ 236 ]

قال لك موسى؟ وهو أعلم بما قال، قال: يا رب قال لي: ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة، قال الله عزوجل: ارجع إليه وقل له: أهب له حقي وارضي عنه خلقي، قال: فقال: يا جبرئيل فما لمن حج هذا البيت بنية صادقة ونفقة طيبة؟ قال: فرجع إلى الله تعالى فأوحى الله إليه قل له: أجعله في الرفيق الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك وفيقا “. 2288 – ونزلت المتعة (1) على النبي صلى الله عليه وآله عند المروة بعد فراغه من السعي (2) فقال: يا أيها الناس هذا جبرئيل – وأشار بيده إلى خلفه – يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لقعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدي (3) وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (4) فقال: يا رسول الله علمتنا ديننا فكأننا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو للابد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا بل لابد الابد، وإن رجلا قام (5) فقال: يا رسول الله نخرج حاجا ورؤوسنا تقطر (6)


(1) راجع الكافي ج 4 ص 245 الى 247 رواه في الصحيح عن الصادق عليه السلام. (2) قال سلطان العلماء – رحمه الله: كان صلى الله عليه وآله محرما بالحج وهذه الواقعة قبل الوقوف بعرفات فالمراد بالسعي اما الندب فلا خلاف في جواز تقديمه وتقديم الطواف المندوب على الوقوفين إذا دخل المفرد والقارن مكة، أو الواجب بناء على مذهب الاكثر من تقديم الطواف والسعى الواجب لهما على الوقوفين إذا دخلا مكة. (3) يعنى لو جاءني جبرئيل بحج التمتع وادخال العمرة في الحج قبل سياقي الهدى كما جاءني بعد ما سقت الهدى لصنعت مثل ما أمرتكم يعنى لتمتعت بالعمرة وما سقت الهدى. (4) هو سراقة بن مالك بن جعشم بن ملك بن عمرو بن مالك ينتهى نسبه الى كنانة المدلجى يكنى أبا سفيان من مشاهير الصحابة وهو الذى لحق النبي صلى الله عليه وآله حين خرج مهاجرا الى المدينة وقصته معروفة مشهورة وقد صحف في بعض النسخ ” بسراقة بن مالك ابن خثعم “. (5) هو عمر بن الخطاب ثانى الخلفاء كما صرح به في غير واحد من المصادر العامية كالصحاح. (6) أي من ماء غسل الجنابة.

[ 237 ]

فقال: إنك لن تؤمن بهذا أبدا، وكان علي عليه السلام باليمن فلما رجع وجد فاطمة عليها السلام قد أحلت فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستفتيا ومحرشا على فاطمة عليها السلام (1)، فقال له: أنا أمرت الناس بذلك فبم أهللت (2) أنت يا علي؟ فقال: إهلالا كإهلال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كن على إحرامك مثلي فأنت شريكي في هديي، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساق معه مائة بدنة فجعل لعلي عليه السلام منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده ثم أخذ من كل بدنة جذوة (3) وطبخها في قدر وأكلا منها وتحسيا من المرق (4) فقال: قد أكلنا الآن منها جميعا ولم يعطيا الجزارين جلودها و لاجلالها ولا قلائدها ولكن تصدقا بها “. 2289 – و ” كان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول: من فيكم مثلي وأنا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هديه، من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هديي بيده “. 2290 – وروي ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غدا من منى في طريق ضب (5) ورجع من بين المأزمين (6) وكان عليه السلام إذا سلك طريقا لم يرجع فيه (7) “. 2291 – وروي ” أنه عليه السلام حج عشرين حجة مستسرا وفي كلها يمر بالمأزمين


(1) في النهاية: ومنه حديث على في الحج ” فذهبت الى رسول الله صلى الله عليه وآله محرشا على فاطمة عليها السلام ” أراد بالتحريش ههنا ذكر ما يوجب عتابه لها. (2) أي بم أحرمت؟ بالحج أو العمرة. (3) الجذوة القطعة وهى مثلثة. (4) أي شربا المرق شيئا بعد شئ، والحسوة – بالضم والفتح -: الجرعة من الشراب ملء الفم. وفى الكافي ” وحسيا من مرقها “. (5) الضب بفتح المعجمة وشد الباء الموحدة – واحد ضباب: اسم الجبل الذى مسجد الخيف في أصله. (6) المأزم: كل طريق ضيق بين جبلين، ومنه سمى الموضع الذى بين المشعر وبين عرفة مأزمين (الصحاح). (7) رواه الكليني ج 4 ص 248 في الصحيح عن اسماعيل بن همام عن أبى الحسن (ع).

[ 238 ]

فينزل ويبول (1) “. واعتمر عليه السلام تسع عمر (2) ولم يحج حجة الوداع إلا وقبلها حج. 2292 – وروى محمد بن أحمد السناني، وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق، قالا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله ابن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي (3) عن سليمان بن مهران قال: قلت لجعفر بن محمد عليهما السلام: ” كم حج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: عشرين حجة مستسرا في كل حجة يمر بالمأزمين فينزل فيبول، فقلت له: يا ابن رسول الله ولم كان ينزل هناك فيبول؟ قال: لانه موضع عبد فيه الاصنام ومنه اخذ الحجر الذي نحت منه هبل الذي رمى به علي عليه السلام من ظهر الكعبة لما علا ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر به فدفن عند باب بني شيبة فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنة لاجل ذلك، قال سليمان: فقلت: فكيف صار التكبير يذهب


(1) رواه الكليني ج 4 ص 244 في الحسن عن ابن أبى يعفور عن الصادق عليه السلام وفيه ” عشر حجات ” وفى الضعيف ج 4 ص 252 كما في المتن وروى في الموثق كالصحيح عن عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال: ” حج رسول الله صلى الله عليه وآله عشرين حجة ” وفى الموثق عن غياث بن ابراهيم عنه عليه السلام قال: ” لم يحج النبي صلى الله عليه وآله بعد قدومه المدينة الا واحدة وقد حج بمكة مع قومه حجات “. والظاهر أن المراد بالعشر بعد البعثة وبالعشرين ما يعم ما قبلها وما بعدها. وسبب الاستسرار النسئ الذى يعمله قريش. (2) لم نعثر على رواية تدل عليه، وفى الكافي ج 4 ص 251 ” ثلاث عمر ” ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ حيث فسرت في الكافي عمرة الحديبية وعمرة القضاء ومن الجعرانة حين أقبل من الطائف وكلهن في ذى القعدة. وفى الخصال ص 200 بسند عامى عن ابن عباس قال: ” ان النبي صلى الله عليه وآله اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة (يعنى حين منصرفه من غزوة الطائف)، والرابعة التى مع حجته ” – يعنى حجة الوداع – وهو غريب، وسيأتى من المؤلف في باب العمرة في أشهر الحج حديث بأنه صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذى القعدة. (3) في بعض النسخ ” أبى الحسن القندى ” والسند عامى.

[ 239 ]

بالضغاط هناك (1)؟ قال: لان قول العبد: ” الله أكبر ” معناه الله أكبر من أن يكون مثل الاصنام المنحوتة والالهة المعبودة دونه، وأن إبليس في شياطينه يضيق على الحاج مسلكهم في ذلك الموضع فإذا سمع التكبير طار مع شياطينه وتبعتهم الملائكة حتى يقعوا في اللجة الخضراء. قلت: وكيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ فقال: لان الصرورة قاضي فرض مدعو إلى حج بيت الله فيجب أن يدخل البيت الذي دعي إليه ليكرم فيه (2) فقلت: وكيف صار الحلق عليه واجبا دون من قد حج؟ فقال: ليصير بذلك موسما بسمة الامنين، ألا تسمع قول الله عزوجل يقول: ” لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون ” فقلت: فكيف صار وطأ المشعر الحرام عليه فريضة (3)؟ قال: ليستوجب بذلك وطأ بحبوحة الجنة “. 2293 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الذي كان على بدن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ناجية بن الخزاعي الاسلمي، والذي حلق رأسه عليه السلام يوم الحديبية خراش بن امية الخزاعي، والذي حلق رأسه في حجته معمر بن عبد الله ابن حارث (4) بن نصر بن عوف بن عويج بن عدي بن كعب فقيل له وهو يحلقه: يا معمر اذن رسول الله صلى الله عليه وآله في يدك (5) قال: والله إني لاعده فضلا علي من الله عظيما، و


(1) يدل على استحباب التكبير لرفع الضغاط بالازدحام. (2) يدل على استحباب دخول الكعبة للصرورة وعلى وجوب الحلق. (3) الظاهر أن المراد بالمشعر الحرام المسجد الذى على قزح أو أصل جبل قزح والمراد بوطئه أن يكون راجلا وان لم يكن حافيا فان لم يمكنه فراكبا ببعيره كما سيجيئ. (4) في الكافي ” الحراثة ” مكان حارث، وفى أسماء آباء معمر اختلاف راجع الاصابة واسد الغابة وجمهرة أنساب العرب لابن حزم وتهذيب التهذيب وغيرها. (5) زاد في الكافي ” وفى يدك الموسى ” وقال الفيض – رحمه الله – كأن قريشا كنوا بما قالوا عن قدرة معمر على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتمنوا أن لو كانوا مكانه فقتلوه، وربما يوجد في بعض نسخ الكافي ” أذى ” بدل ” أذن ” والمعنى حينئذ أن ما يوجب الاذى =

[ 240 ]

كان معمر بن عبد الله يرجل شعره (1) عليه السلام (2) وكان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار (3) وقطع التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة (4) “. 2294 – و ” قد أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله في ثوبي كرسف (5) “. 2295 – و ” إن رسول الله صلى الله عليه وآله طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة وقال: ” الحمد لله الذي شرفك وعظمك، والحمد لله الذي بعثني نبيا وجعل عليا إماما، اللهم اهد له خيار خلقك، وجنبه شرار خلقك (6) “. =


من شعر الرأس وشعثه منه صلى الله عليه وآله في يدك، كأنه تعيير منهم اياه بهذا الفعل في حسبه ونسبه وهذا أوفق للجواب من الاول. (1) في الكافي ج 4 ص 250 ” يرحل لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معمر ان الرحل الليلة لمسترخى ” وهكذا في التهذيب، وقال في الصحاح: رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل. ويمكن أن يكون أصل نسخة الفقيه ” يرحل بعيره ” فصحف بيد النساخ لقرب الكتابة. (2) الى هنا مروى في الكافي في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام في باب حج النبي صلى الله عليه وآله مع زيادة لم يذكرها المصنف – رحمه الله -. (3) العبر – بالكسر -: ما أخذ على غربي الفرات الى برية العرب يسمى العبر، واليه ينسب العبريون من اليهود لانهم لم يكونوا عبروا الفرات حينئذ، والظفار بفتح أوله والبناء على – الكسر كقطام وحذام -: مدينتان باليمن أحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفارى، بها كان مسكن ملوك حمير، وقيل: ظفار مدينة صنعاء نفسها. (المراصد) (4) الى هنا من حديث معاوية بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 339 و 462 والظاهر أن المصنف أخذه من كتاب حج معاوية بن عمار رأسا، لكن الكليني نقله بتقطيع في تضاعيف أبواب كتاب الحج في كل باب ما يناسبه. (5) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 339 بسند فيه ارسال عن بعض الائمة عليهم السلام. ويمكن أن يكون من تتمة خبر معاوية بن عمار. (6) رواه الكليني ج 4 ص 410 بسند مرسل عن أبى الحسن موسى عليه السلام.

[ 241 ]

باب * (ابتدا الكعبة وفضلها وفضل الحرم) * 2296 – قال أبو جعفر عليه السلام: ” لما أراد الله عزوجل أن يخلق الارض أمر الرياح [ الاربع ] (1) فضربن متن الماء حتى صار موجا، ثم أزبد (2) فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد ثم دحا الارض من تحته وهو قول الله عزوجل: ” إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ” (3) فأول بقعة خلقت من الارض الكعبة، ثم مدت الارض منها “. 2297 – وقال الصادق عليه السلام: ” إن الله تبارك وتعالى دحا الارض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات، ثم دحاها من عرفات إلى منى فالارض من عرفات، وعرفات من منى، ومنى من الكعبة (4)، وكذلك علمنا بعضه من بعض “. 2298 – و ” إن الله عزوجل أنزل البيت من السماء وله أربعة أبواب على كل باب قنديل من ذهب معلق (5) “. 2299 – وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: ” في خمسة وعشرين (6) من


(1) ما بين القوسين نسخة في جميع النسخ وليس في الكافي. (2) أزيد: أخرج الزبد وقذف به. (3) الرواية الى هنا في الكافي ج 4 ص 189 مسندا عن أبى حسان عنه عليه السلام وعن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليه السلام، وبكة لغة في مكة وقيل: مكة: البلد، وبكة موضع البيت. (4) الخبر في الكافي ج 4 ص 189 الى هنا رواه بسند ضعيف، ويمكن أن يكون المراد به أن ابتداء بسط الارض كان من كعبة الى منى ومنها الى عرفات وانتهى الى ما أراد الله تعالى من فوقها ثم دحاها من تحتها حتى انتهى الى منى فصارت كرة. (م ت) (5) يمكن أن يكون خبرا برأسه ولم أجده أو من تتمة الخبر السابق. (6) تقدم تحت رقم 1815 وفيه ” في تسع وعشرين “.

[ 242 ]

ذي القعدة أنزل الله عزوجل الكعبة البيت الحرام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة، وهو أول يوم انزلت فيه الرحمة من السماء على آدم عليه السلام “. 2300 – وقال الرضا عليه السلام: ” ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة دحيت الارض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا (1) “. 2301 – وسأل محمد بن عمران العجلي أبا عبد الله عليه السلام ” أي شئ كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله تعالى ” وكان عرشه على الماء “؟ قال: كانت مهاة بيضاء – يعني درة – “. 2302 – وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام ” إن الله عزوجل أنزله لآدم عليه السلام من الجنة وكان درة بيضاء (2) فرفعه الله تعالى إلى السماء وبقي اسه وهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر الله عز وجل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت على القواعد “. 2303 – وفي رواية عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: ” كان موضع الكعبة ربوة من الارض بيضاء (3) تضئ كضوء الشمس


(1) تقدم تحت رقم 1814 بزيادة عن الحسن بن على الوشاء عنه عليه السلام. (2) في الكافي ج 4 ص 188 باسناده عن أبى خديجة قال: ” ان الله عزوجل أنزل الحجر لآدم عليه السلام من الجنة وكان بيت درة بيضاء فرفعه الله – الخبر ” وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: والتغيير الذى من الصدوق هو التصريح دون الاضمار ويفهم منه أنه فهم أن معنى الخبرين واحد والذى يظهر من الخبرين وباقى الاخبار أنه كان هنا ثلاثة أشياء: موضع البيت حين كان عرشه على الماء وكان منيرا كاللؤلؤة، والبيت الذى أنزله الله لادم عليه السلام وكان من ياقوتة حمراء في الصفاء كالؤلؤة، والظاهر أنه البيت المعمور لقوله عليه السلام ” يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، كما ورد في الاخبار المتواترة ان البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يرجعون إليه الى يوم القيامة، والحجر الاسود الذى أنزله الله تعالى أيضا. (3) أي موضع أساس الكعبة، والربوة – بفتح الراء وكسرها -: ما ارتفع من الارض.

[ 243 ]

والقمر حتى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودت، فلما نزل آدم عليه السلام رفع الله عزوجل له الارض كلها حتى رآهائم قال: هذه لك كلها قال: يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيرة؟ قال: هي حرمي في أرضي، وقد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف “. 2304 – وروى سعيد بن عبد الله الاعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” أحب الارض إلى الله تعالى مكة، وما تربة أحب إلى الله عزوجل من تربتها، ولا حجر أحب إلى الله عزوجل من حجرها، ولا شجر أحب إلى الله عزوجل من شجرها، ولا جبال أحب إلى الله عزوجل من جبالها، ولا ماء أحب إلى الله عزوجل من مائها “. 2305 – وفي خبر آخر: ” ما خلق الله تبارك وتعالى بقعة في الارض أحب إليه منها – وأومأ بيده إلى الكعبة – ولا أكرم على الله عزوجل منها، لها حرم الله الاشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والارض “. 2306 – وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” إن الله عزوجل اختار من كل شئ شيئا [ و ] اختار من الارض موضع الكعبة “. 2307 – وقال عليه السلام: ” لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة “. 2308 – وقال زرارة بن أعين لابي جعفر عليه السلام: ” أدركت الحسين عليه السلام؟ قال: نعم أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوفون على المقام (1) يخرج الخارج فيقول: قد ذهب به السيل، ويدخل الداخل فيقول: هو مكانه، قال: فقال: يا فلان (2) ما يصنع هؤلاء؟ فقلت: أصلحك الله (3) يخافون أن يكون


(1) أي خافوا أن يذهب به السيل. وفى بعض النسخ ” يقومون “. (2) كذا في جميع النسخ والكافي أيضا كأنه دعا رجلا كان هناك وقوله ” فقلت ” مصحف ” فقال “. (3) قال المحقق التسترى صاحب ” الاخبار الداخلية ” فيما كتب الى ان فيه سقطا أو تصحيفا فان خطاب الامام عليه السلام ابن ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين بيا فلان وجوابه هو أيضا بأصلحك الله في غاية البعد، وفى الكافي ” فقال لى: يا فلان ” والظاهر أن الاصل ” فقال لرجل: يا فلان ما يصنع هؤلاء فقال: أصلحك الله ” فصحف.

[ 244 ]

السيل قد ذهب بالمقام، قال: (1) إن الله عزوجل قد جعله علما لم يكن ليذهب به، فاستقروا “. وكان (2) موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام، فلم يزل هناك إلى أن ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال له رجل (3): أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع (4) فهو عندي، فقال: ائتني به، فأتاه فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان. 2309 – وروي أنه ” قتل الحسين بن علي عليهما السلام ولابي جعفر عليه السلام أربع سنين ” (5). 2310 – وروي ” أن الكعبة شكت إلى الله عزوجل في الفترة بين عيسى و محمد صلوات الله عليهما فقالت: يا رب مالي قل زواري، مالي قل عوادي؟ فأوحى الله جل جلاله إليها أني منزل نورا جديدا على قوم يحنون إليك (6) كما تحن الانعام إلى أولادها ويزفون إليك (7) كما تزف النسوان إلى أزواجها – يعني امة محمد صلى الله عليه وآله “. 2311 – وروى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” وجد في حجر: إني أنا


(1) الشراح تكلفوا في معناه وكأن فيه سقطا وفى الكافي ” قال: ناد أن الله – الخ ” فحينئذ يستقيم المعنى بلا تكلف. (2) ظاهره من كلام أبى جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون من زرارة ذكره بالمناسبة. (3) هو المطلب بن أبى وداعة السهمى القرشى سبط حارث بن المطلب وامه أروى، راجع اتحاف الورى باخبار ام القرى حوادث سنة سبع عشرة وفى نسب الرجل جمهرة أنساب العرب لابن حزم الاندلسي ص 164. (4) النسع – بالكسر -: سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال و القطعة منه نسعة وسمى نسعا لطوله. (5) ذكر ذلك للتوجه بسن أبى جعفر عليه السلام. (6) أي يشتاقون، والحنين الشوق. (7) أي يجيئون اليك في نهاية الشوق.

[ 245 ]

الله ذو بكة صنعتها (1) يوم خلقت السماوات والارض، ويوم خلقت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حفا (2) مبارك لاهلها في الماء واللبن، يأتيها رزقها من سبل من أعلاها وأسفلها والثنية ” (3). 2312 – وروي أنه وجد في حجر آخر مكتوب: ” هذا بيت الله الحرام بمكة، تكفل الله عزوجل برزق أهله من ثلاثة سبل، مبارك لاهله في اللحم والماء “. 2313 – وروي عن أبي حمزة الثمالي قال: ” قال لنا علي بن الحسين عليهما السلام: أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أما أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه – ألف سنة إلا خمسين عاما – يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقي الله عزوجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا “. (4) 2314 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: ” إن الله تبارك وتعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والارض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لاحد قبلي


(1) في بعض النسخ ” خلقتها “. وفى الكافي في الصحيح عن سعيد الاعرج عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعدها حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته حتى دعوا رجلا فقرأه فإذا فيه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والارض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا ” وفى طرق العامة ” أملاك حنفاء “. (2) أي يحفظونها من الاشرار، وهذه أيضا من آياتها مع كثرة الكفرة المعاندين وفى بعض النسخ ” مباركا ” والبركة بمعنى الزيادة الصورية والمعنوية. (3) فمن طريق الطائف من التمر وسائر الثمار، ومن العراق ونجد من أصناف النعم، ومن طريق الثنية العقبة طريق المدينة المشرفة والشام ومصر من التمر والارز والحنطة وغيرها كما هو المشاهد أنها اكثر بلاد الله نعما وفوائد، وهذه أيضا من آياتها. (م ت) (4) يدل على أفضلية الحطيم للعبادة وعلى أن الايمان شرط في جميع العبادات كما هو مذهبنا معاشر الامامية. (م ت)

[ 246 ]

ولا تحل لاحد من بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار “. (1) 2315 – وروى كليب الاسدي عن أبي عبد الله عليه السلام ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله استأذن الله عزوجل في مكة (2) ثلاث مرات من الدهر فأذن الله له فيها ساعة من النهار ثم جعلها حراما ما دامت السماوات والارض “. 2316 – وقال عليه السلام: ” إن الله عزوجل حرم مكة يوم خلق السماوات والارض ولا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها، ولا يلتقط لقطتها الا لمنشد، فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال: يا رسول الله إلا الاذخر (3) فانه للقبر ولسقوف بيوتنا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة وندم العباس على ما قال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إلا الاذخر ” (4). 2317 – وقال الصادق عليه السلام: أساس البيت من الارض السابعة السفلى إلى الارض السابعة العليا “. 2318 – وروى أبو همام – إسماعيل بن همام – عن الرضا عليه السلام أنه قال لرجل: ” أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي، فقالوا: جعلنا الله فداك ما هي؟ قال: ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة الانسان تكون مع الانبياء عليهم السلام وهي التي انزلت على إبراهيم عليه السلام حين بنى الكعبة فأخذت تأخذ كذا وكذا وبنى


(1) في يوم الفتح، رواه الكليني ج 4 ص 216 في الصحيح عن معاوية بن عمار. و قوله: ” لا تحل لاحد قبلى ” أي الدخول فيه بغير احرام ويظهر من هذه الاخبار أنها فتحت عنوة. (2) أي في باب قتال مكة بأن يفتح له صلحا أو الاعم أو قهرا. (3) في النهاية في حديث تحريم مكة: ” لا يختلى خلاها ” الخلا مقصورا النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا واختلاه أي قطعه واختلت الارض كثر خلاها فإذا يبس فهو حشيش – انتهى ” وفى الصحاح: الاذخر – بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء: نبت، والواحدة اذخرة انتهى. ويعضده أي يقطعه وعضد الشجرة قطعها بالمعضد وقوله ” الا لمنشد ” أي لقاصد الانشاد لا للتملك. والخبر مروى نحوه في الكافي ج 4 ص 225 بزيادة عن حريز وطريق المصنف الى حريز صحيح. (4) كانه سكت صلى الله عليه وآله انتظارا لنزول الوحى كما في بعض الاخبار.

[ 247 ]

الاساس عليها “. 2319 – وقال الصادق عليه السلام: ” كان طول الكعبة تسعة أذرع، ولم يكن لها سقف، فسقفها قريش ثمانية عشر ذراعا، ثم كسرها الحجاج على ابن الزبير فبناها وجعلها سبعة وعشرين ذراعا “. (1) 2320 – وروي عن سعيد بن عبد الله الاعرج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بناءه حيل بينه وبينهم والقي في روعهم الرعب (2) حتى قال قائل منهم: ليأت كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام ففعلوا، فخلي بينهم وبين بنيانه، فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الاسود فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر في موضعه حتى كاد أن يكون بينهم شر، فحكموا أول من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه، ثم تناوله عليه السلام فوضعه في موضعه فخصه الله عزوجل به “. 2321 – وروي ” أن الحجاج لما فرغ من بناء الكعبة سأل علي بن الحسين عليهما السلام أن يضع الحجر في موضعه، فأخذه ووضعه في موضعه “. 2322 – وروي أنه ” كان بنيان إبراهيم عليه السلام الطول ثلاثين ذراعا، والعرض اثنين وعشرين ذراعا، والسمك تسعة أذرع، وإن قريشا لما بنوها كسوها الاردية “. 2323 – وروى البزنطي، عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام ” أن


(1) الظاهر أن المراد ببناء عبد الله بن الزبير تسقيفها وهدم الحجاج الكعبة من قبل عبد الملك بن مروان لما خرج ابن الزبير وادعى الامامة بعد زوال ملك بنى سفيان واستولى على العراقين عشر سنين وخطب باسمه على المنابر فبعث الحجاج بجند عظيم إليه فتحصن ابن الزبير بالمسجد الحرام فوضع المنجنيق عليه حتى هدم الكعبة وغلب الحجاج فأخذه وصلبه سنين حتى شفعت له أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبى بكر فأنزله ودفنه وقتل جماعة كثيرة بسبب خروجه. (م ت) (2) الروع – بالضم -: القلب أو موضع الفزع منه أو سواده، والذهن والعقل.

[ 248 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله ساهم قريشا في بناء البيت فصار لرسول الله صلى الله عليه وآله من باب الكعبة إلى النصف ما بين الركن اليماني إلى الحجر الاسود ” (1). 2324 – وفي رواية اخرى أنه ” كان لبني هاشم من الحجر الاسود إلى الركن الشامي “. [ من أراد الكعبة بسوء ] (2). وما أراد الكعبة أحد بسوء إلا غضب الله عزوجل لها، ونوى يوما تبع الملك أن يقتل مقاتلة أهل الكعبة ويسبي ذريتهم ثم يهدم الكعبة فسالت عيناه حتى وقعتا على خديه فسأل عن ذلك، فقالوا: ما نرى الذي أصابك إلا بما نويت في هذا البيت لان البلد حرم الله والبيت بيت الله، وسكان مكة ذرية إبراهيم خليل الله، فقال: صدقتم فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا في مكانهما، فدعا القوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ثم أتى البيت فكساه الانطاع وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الاعلاف للوحوش، ثم انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الانصار (3).


(1) المساهمة: العمل بالقرعة وصار لرسول الله صلى الله عليه وآله قريبا من ربع البيت (م ت) وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – قوله ” من باب الكعبة الى النصف ” أي الى منتصف الضلع الذى بين اليماني والحجر، ولا يخفى أنها تنافى الرواية الاخرى الا أن يقال: انهم كانوا أشركوه صلى الله عليه وآله مع بنى هاشم في هذا الضلع وخصوه بالنصف من الضلع الاخر فجعل بنو هاشم له صلى الله عليه وآله ما بين الحجر والباب. (2) العنوان زيادة منا وليس في الاصل. (3) راجع الكافي ج 4 ص 215 روى خبر ذلك على وجهه عن على عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن اسماعيل بن جابر عن أبى عبد الله عليه السلام. والنطع بساط من الاديم جمعه انطاع ونطوع. وراجع مفصل تاريخ تبع اخبار مكة الازرقي ج 1 ص 84 ط 1275.

[ 249 ]

وروي: أنه ذبح له ستة آلاف بقرة بشعب ابن عامر، وكان يقال لها مطابخ تبع (1) حتى نزلها ابن عامر فاضيفت إليه فقيل: شعيب ابن عامر، ولم يكن تبع مؤمنا ولا كافرا ولكنه كان ممن يطلب الدين الحنيف، ولم يملك المشرق إلا تبع وكسرى. وقصده أصحاب الفيل وملكهم أبو يكسوم: أبرهة بن الصباح الحميري ليهدمه. فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل (2) ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول. وإنما لم يجر على الحجاج ما جرى على تبع وأصحاب الفيل لان قصد الحجاج لم يكن إلى هدم الكعبة إنما كان قصده إلى ابن الزبير وكان ضدا لصاحب الحق، فلما استجار بالكعبة أراد الله أن يبين للناس أنه لم يجره فامهل من هدمها عليه. 2325 – وروي عن عيسي بن يونس قال: ” كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال: إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه، قال: ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج وكان يكره العلماء مساءلته إياهم ومجالسته لهم لخبث لسانه وفساد ضميره فأتى جعفر بن محمد عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثم قال له: إن المجالس أمانات ولابد لكل من كان به سعال أن يسعل (3) أفتاذن لي في الكلام؟ فقال: تكلم فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع


(1) أي قبل نزول ابن عامر فيها. (2) أبابيل جماعات في تفرقة، زمرة زمرة، وقيل: لا واحد لها، وقيل: كعباديد واحدها أبول وزان عجول، وقيل: واحدها ابالة وهى بكسر الهمزة: الجماعة. (3) السعال حركة للهواء تحدث في قصبة الرية تدفع الاخلاط المؤذية عنها.

[ 250 ]

بالطوب والمدر (1) وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فانك رأس هذا الامر وسنامه وأبوك اسه ونظامه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبه، استوخم الحق (2) فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الارض بألفي عام، وأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للارواح بالصور. فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت يا أبا عبد الله فأحلت على غائب، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويلك وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم، وإنما المخلوق (3) الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فانه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة، والبراهين الواضحة، وأيده بنصره، واختاره لتبليغ رسالته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه. فقام عنه ابن أبي العوجاء فقال لاصحابه: من ألقاني في بحر هذا، سألتكم


(1) الدوس: الوطأ على الرجل، والبيدر: الموضع الذى يداس فيه الطعام ويدق ليخرج الحب من السنبل، والطوب: الاجر. (2) الاستيخام: الاستثقال وعد الشئ غير موافق. واستوخمه أي وجده وخيما ثقيلا. وقوله ” لم يستعذبه ” أي لم يجده عذبا. (3) أي انما الغائب هو المخلوق الذى كذا أو انما المخلوق هو الذى.

[ 251 ]

أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة (1) قالوا له: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا فقال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون “. (2) 2326 – وقال الصادق عليه السلام في خبر آخر حديث يذكر فيه الاسلام والايمان: ” ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم، وضربت عنقه “. (3) 2327 – وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” ومن دخله كان آمنا ” قال: من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله عزوجل، وما دخل من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم “. [ الالحاد في الحرم والجنايات ] (4) ومن أتى بموجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمة. (5) 2328 – وروى معاوية بن عمار أنه ” اتي أبو عبد الله عليه السلام فقيل له: إن


(1) الخمرة – بالفتح بمعنى الخمر، وبالضم ألمها وصداعها، ومراد اللعين أنى سألتكم أن تأتوني الى من أجادله وألعب وأستهزى به وأضحك عليه لا الى من يحرقنى ببلاغة بيانه وبرهانه، وقال المولى المجلسي: الخمرة ما يخمر به وعكر النبيذ وحصيرة صغيرة من السعف والورس واشياء من الطيب تطلى به المرأة لتحسن وجهها ولكل مناسبة، والجمرة النار الموقدة، أي كنت أردت منكم أن تحصلوا لى شخصا لاباحث معه وأغلبه وحصلتم لى مباحثا الزمنى وأهلكنى وضيعني. (2) يعنى هذا هو ابن من أمر هذا الخلق الذى ترون بحلق الرأس فأطاعوه مع أن حلق الرأس عندهم عار عظيم وليس العجز لجهلي بل لاحتشامي اياه. (3) رواه الكليني بتمامه في الكافي ج 2 ص 27 وهذا الكلام في ذيله. (4) العنوان زيادة منا. (5) كما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام في الكافي ج 4 ص 228، وحسنة الحلبي عن أبى عبد الله (ع) ص 226.

[ 252 ]

سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه، فقال: انصبوا له واقتلوه فأنه قد ألحد ” (1). 2329 – قال: و ” سألته عن قول الله عزوجل: ” ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقة من عذاب أليم ” قال: كل ظلم إلحاد، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الالحاد ” (2). 2330 – وفي رواية أبي الصباح الكناني (3) عنه عليه السلام قال: ” كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم فإني أراه إلحادا، ولذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة “. [ اظهار السلاح بمكة ] (4) 2331 – وسأله أبو بصير ” عن رجل يريد مكة أو مدينة أيكره أن يخرج منه بالسلاح؟ فقال: لا بأس أن يخرج بالسلاح من بلده ولكن إذا دخل مكة لم يظهره “. 2332 – وفي رواية حريز بن عبد الله عنه عليه السلام قال: ” لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق (5) أو يغيبه – يعني حتى يلف على الحديد شيئا – “. (6) [ الانتفاع بثياب الكعبة ] 2333 – وسأل عبد الملك بن عتبة أبا عبد الله عليه السلام ” عما يصل إلينا من ثياب


(1) و (2) راجع الكافي ج 4 ص 227. (3) لم يذكر المصنف طريقه إليه والظاهر أنه مأخوذ من كتابه فيكون صحيحا ورواه الكليني عنه أيضا وفى الطريق محمد بن الفضيل الازدي الضعيف، فان كان محمد بن الفضيل الضبى فهو ثقة. (4) العنوان زيادة منا هنا وما يأتي. (5) الجوالق – بالضم والكسر -: العدل من صوف أو شعر جمع جالق معرب جوال. (6) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 228 عن على عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد عن حريز، قال في المنتقى: الظاهر أن ذكر ابن أبى عمير في هذا السند سهو، و النسخ التى عندي متفقة فيه. وقوله ” يغيبه ” أي يجعله غائبا.

[ 253 ]

الكعبة هل يصلح لنا أن نلبس شيئا منها؟ فقال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة تبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالى “. (1) [ كراهية أخذ تراب البيت وحصاه ] (2) 2334 – وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” أخذت سكا (3) من سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات، فقال: بئس ما صنعت أما التراب والحصى فرده “. (4) 2335 – وروي محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا ينبغي لاحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت وإن أخذ من ذلك شيئا رده “. (5) 2336 – وقال حذيفة بن منصور لابي عبد الله عليه السلام: ” إن عمي كنس الكعبة فأخذ من ترابها فنحن نتداوى به فقال: رده إليها “. (6) 2337 – وقال له زيد الشحام: ” أخرج من المسجد حصاة (7)، قال: فردها أو اطراحها في مسجد “. (8)


(1) يدل على جواز الانتفاع واستحباب التبرك بها وعلى جواز الباس الصبيان بها و يحمل على غير المميز جمعا بين الروايات، ولا يرد أنه وقف للكعبة فلا يجوز التصرف فيها لانه هكذا وقف بأن يكون سنة لباس الكعبة وبعدها يكون للخدمة. والابتغاء: الطلب. (م ت) (2) العنوان زيادة منا هنا وما يأتي. (3) السك – بالضم -: ضرب من الطيب ويطلق على كل طيب، وقيل: هو المسمار. (4) يدل على عدم جواز اخراج الحصى من المسجد الحرام وكذا قمامة الكعبة على الظاهر، ويمكن أن يكون المراد ترابه المحكوك. (م ت) (5) ظاهره الكراهة والمشهور الحرمة ووجوب الرد إليه مع الامكان. والخبر رواه الكليني في الصحيح والشيخ بسندين صحيحين. (6) ظاهر هذه الاخبار وجوب الرد الى الكعبة أو المسجد الحرام. (م ت) (7) في الكافي ” أخرج من المسجد وفى ثوبي حصاة “. (8) يدل على جواز الرد الى مسجد آخر مع امكان الرد إليه وهو خلاف المشهور. (المرآة)

[ 254 ]

[ كراهية المقام بمكة ] 2338 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها ولا ينبغي أن يرفع بناء فوق الكعبة “. (1) 2339 – وروي ” أن المقام بمكة يقسي القلب “. (2) 2340 – وروى داود الرقي (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إذا فرغت من نسكك فارجع فانه أشوق لك إلى الرجوع “. [ شجر الحرم ] 2341 – وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” شجرة أصلها في الحل وفرعها في الحرم؟ فقال: حرم أصلها لمكان فرعها، قلت: فان أصلها في الحرم وفرعها في الحل؟ قال: حرم فرعها لمكان أصلها “. 2342 – وروى حريز عنه عليه السلام أنه قال: ” كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته “. (4)


(1) يدل على كراهة المجاورة ورفع بناء فوق الكعبة بأن يكون سمكه ارفع من سمك الكعبة فلا يكره البناء في الجبال المرتفعة عليها كأبى قبيس مطلقا بل مع زيادة السمك، وروى الشيخ في الصحيح عن على بن مهزيار قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام المقام بمكة أفضل أو الخروج الى الامصار؟ فكتب عليه السلام: المقام عند بيت الله أفضل ” (م ت) أقول: المشهور كراهة المجاورة بمكة وعلل بخوف الملالة وقلة الاحترام أو الخوف من ملامسة الذنب لانه فيها أعظم أو بأن المقام فيها يقسى القلب. (2) رواه في الكافي ج 4 ص 230 مرسلا أيضا وفيه بدل القلب ” القلوب ” وكأنه محمول على الغالب كما هو المشاهد فيها وفى مشاهد الائمة صلوات الله عليهم. (3) طريق المصنف إليه غير نقى، لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن ذريح المحاربي عنه عليه السلام. (4) من قوله ” الا ما أنبته – ” ليس في الكافي وسيأتى تحت رقم 2047 تفصيله.

[ 255 ]

2343 – وقال عليه السلام: ” يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء “. (1) 2344 – و ” ما يأكله الابل فليس به بأس أن ينزعه “. (2) 2345 – وسأله سليمان بن خالد ” عن الرجل يقطع من الاراك الذي بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق به ولا ينزع من شجر مكة شيئا إلا النخل وشجر الفواكه “. 2346 – وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” قلت له: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ فقال: نعم، قلت: فمن الحرم؟ قال: لا “. (3) 2347 – وسأل إسحاق بن يزيد أبا جعفر عليه السلام ” عن الرجل يدخل مكة فيقطع من شجرها، فقال: اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك “. (4)


(1) قال في المدارك: يجوز للمحرم أن يترك ابله لترعى الحشيش وان حرم عليه قطعه، بل لو قيل بجواز نزع الحشيش للابل لم يكن بعيدا لصحيحة جميل ومحمد بن حمران (المشار إليها فيما يأتي). (2) كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النبت الذى في أرض الحرم أينزع؟ فقال: أما شئ يأكله الابل فليس به بأس أن تنزعه “. وحمله الشيخ على نزع الابل والاحوط الترك. (3) يدل على أن قطع الحشيش من محرمات الحرم لا الاحرام كما يظهر من الاخبار المتواترة من العامة والخاصة من أنه لا يختلى خلاها وقد تقدم بعضها ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 365 عن عبد الله بن سنان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال: نعم، قلت له: يحتش لدابته وبعيره؟ قال: نعم ويقطع ما شاء من الشجر حتى يدخل الحرم فإذا دخل الحرم فلا “. (4) ” ما كان داخلا ” ظاهره جواز قطع أغصان شجر دخل على الانسان في منزلة و ان لم ينبت فيه وهو خلاف المشهور، ويمكن أن يكون المراد جواز قطع ما نبت بعد اتخاذ الموضع منزلا وعدم جواز قطع ما نبت قبله (المرآة) أقول: روى الكليني في الكافي ج 4 ص 231 والشيخ في التهذيب بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام ” في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، قال: ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها =

[ 256 ]

2348 – وسأل منصور بن حازم أبا عبد الله عليه السلام ” عن الاراك يكون في الحرم فأقطعه، قال: عليك فداؤه “. (1) [ لقطة الحرم ] 2349 – وروى إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فإن وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها، ولقطة غير الحرم تعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك “. (2) =


وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها ” ويمكن حمل النهى في غير الداخل على الكراهة كما يظهر من رواية صحيحة رواها الشيخ في التهذيب عن جميل عن الصادق عليه السلام قال: ” رأني على بن الحسين عليهما السلام وأنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بنى ان هذا لا يقلع “. (1) أي ثمنه كما تقدم، والاراك شجر يتخذ ساقه للسواك. قال في مرآة العقول: اعلم أن تحريم قطع الشجر والحشيش على المحرم مجمع عليه في الجملة وقد استثنى من ذلك أربعة أشياء: الاول ما ينبت في ملك الانسان وفى دليله كلام، ولاريب في جواز ما أنبته الانسان لصحيحة حريز. الثاني شجر الفواكه وقد قطع الاصحاب بجواز قلعه مطلقا وظاهر المنتهى أنه موضع وفاق. الثالث شجر الاذخر ونقل الاجماع على جواز قطعه. الرابع عودا المحالة وهما اللذان يجعل عليهما المحالة ليستقى بها، ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش، واعلم أن قطع شجر الحرم كما يحرم على المحرم يحرم على المحل أيضا كما صرح به الاصحاب ودلت عليه النصوص. (2) الخبر صحيح وظاهره جواز أخذ لقطة الحرم وعدم جواز تملكها بعد التعريف و اختلف الاصحاب في ذلك اختلافا كثيرا فذهب الشيخ في النهاية وجماعة الى أنه لا تحل لقطة الحرم مطلقا، وذهب المحقق في النافع وجماعة الى الكراهة مطلقا، وذهب جماعة الى جواز القليل مطلقا، والكثير على كراهية مع نية التعريف، والقول بالكراهة لا يخلو من قوة، ثم اختلف في حكمها بعد الالتقاط فذهب المحقق وجماعة الى التخيير بين التصدق ولا ضمان، وبين ابقائها أمانة لانه لا يجوز التملك مطلقا وقال في موضع آخر يجوز تملك ما دون الزائد وخير بين ابقائها أمانة والتصدق ولا ضمان، ونقل عن أبى الصلاح أنه يجوز تملك الكبير أيضا والاظهر والاحوط وجوب التصدق بها بعد التعريف كما دل عليه هذا الخبر. (المرآة)

[ 257 ]

وروي أن في أسماء مكة أنها مكة وبكة وأم القرى وأم رجم والباسة كانوا إذا ظلموا بها بستهم – أي أهلكتهم – وكانوا إذا ظلموا رحموا. (1) باب * (تحريم صيد الحرم وحكمه) * 2350 – روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن تبلغ الظبي فعليه دم يهريقه، ويتصدق بمثل ثمنه أيضا (2) فإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه “. (3) 2351 – وسأل سليمان بن خالد أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل أغلق بابه على طير فمات، فقال: إن كان أغلق الباب عليه بعدما أحرم فعليه دم، وإن كان أغلقه قبل أن يحرم وهو حلال فعليه ثمنه “. (4)


(1) ” أم رجم ” بالجيم كما في أكثر النسخ والصواب كما في خبر أبى بصير ” ام رحم ” بالحاء المهملة هكذا ” وتسمى أم رحم كانوا إذا لزموها رحموا ” والظاهر أن ما ذكره المصنف مضمون هذا الخبر وكان التصحيف من النساخ، أو يكون خبرا آخر ولا منافاة بينهما. وفى النهاية ” الرحم ” بالضم – الرحمة ومنه حديث مكة ” هي ام رحم ” أي أصل الرحمة وفى حديث مجاهد: من أسماء مكة الباسة سميت بها لانها تحطم من أخطأ فيها. والبس: الحطم ويروى بالنون من النس أي الطرد (م ت) أقول روى الازرقي في أخبار مكة ج 1 ص 197 عن جده عن داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن مجاهد قال: من أسماء مكة هي مكه وهى بكة وهى أم رحم وهى أم القرى وهى صلاح وهى كوثا وهى الباسة. وفى آخر عن ابن أبى يحيى قال: بلغني أن أسماء مكة مكة وبكة وأم رحم وأم القرى والباسة والبيت العتيق والحاطمة تحطم من استخف بها، والباسة تبسهم بسا أي تخرجهم اخراجا إذا غشموا وظلموا. (2) ” الى أن تبلغ الظبى ” أي في الجثة، من الطيور وغيرها ” فعليه دم يهريقه ” أي باعتبار كونه محرما ” ويتصدق بمثل ثمنه ” باعتبار كونه في الحرم. (م ت) (3) ” فان أصاب منه ” أي من الصيد في الحرم أو من الحرم تجوزا ” وهو حلال ” أي غير محرم فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه والحاصل أن الفداء للاحرام والقيمة للحرم. (4) الطريق حسن بابراهيم بن هاشم وسليمان ثقة وهو الذى خرج مع زيد بن على بن =

[ 258 ]

2352 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات، قال: يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم “. (1) 2353 – وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو في الحرم غير محرم، فقال: عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، فإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة “. (2) 2354 – وروى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد الله عليه السلام ” فيمن أصاب طيرا في الحرم، قال: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه، وإن كان غير مستو [ ي الجناح ] نتفه وأطعمه وأسقاه، فإذا استوى جناحاه خلى عنه “. (4) =


الحسين عليهما السلام وقطع اصبعه، والخبر رواه الشيخ في الصحيح ويدل على أن الحكم في المحرم الفداء وفى الحرم القيمة، وعلى أن السبب كالمباشر في الضمان، والظاهر أن الضمان للموت لا بمجرد الاغلاق وان ورد الجواب بالاعم لان الظاهر انصراف الجواب الى السؤال ولو لم يكن ظاهرا فيه فليس بظاهر في العموم فلا يمكن الاستدلال به للاجمال (م ت) وقال سلطان العلماء قوله عليه السلام ” فعليه دم ” أي من حيث الاحرام فلا ينافى وجوب شئ آخر عليه لو كان في الحرم. (1) الظاهر أنه للمحرم وان وقع السؤال بالاعم، ويدل على أن الدرهم قيمة الحمامة شرعا وعلى التخيير بين الصدقة والعلف لحمام الحرم. (م ت) (2) الطريق ضعيف وفى الكافي ج 4 ص 233 في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: ” من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة، والقيمة درهم يشترى به علفا لحمام الحرم “. (3) الطريق إليه صحيح وهو ثقة. (4) ” نتفه ” أي نزع ريشه. والغرض من النتف أن يسرع نبات الريش وظاهره الوجوب لانه في المعنى فلينتف. وفى معنى الخبر ما رواه الكليني ج 4 ص 237 في الصحيح عن داود بن فرقد قال: كنا عند أبى عبد الله عليه السلام بمكة وداود بن على بها، فقال لى أبو عبد الله عليه السلام قال لى داود بن على: ما تقول يا أبا عبد الله في قماري اصطدناها وقصيناها؟ =

[ 259 ]

2355 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يحرم وعنده في أهله صيد إما وحش وإما طير، قال: لا بأس “. (1) 2356 – وروى ابن أبي عمير، عن خلاد عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم، قال: عليه الفداء، قال: قلت: فيأكله؟ قال: لا، قلت: فيطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر قال: قلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه “. (2) 2357 – وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: ” أرسلت إلى أبي الحسن عليه السلام ” إن أخا لي اشترى حماما من المدينة فذهبنا بها معنا إلى مكة فاعتمرنا وأقمنا إلى الحج، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شئ فقال للرسول: إني أظنهن كن فرهة (3) قل له: يذبح مكان كل طير شاة “. (4) 2358 – وروى صفوان، عن العيص بن القاسم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام =


فقلت: تنتف وتعلف فإذا استوت خلى سبيلها ” واصل قصيناها قصصناها ابدلت الثانية تاء و المراد بداود حاكم المدينة وهو عباسي. (1) يدل على أن الصيد لا يخرج عن ملك صاحبه بالاحرام، ويؤيده صحيح جميل المروى في الكافي [ ج 4 ص 382 ] قال: ” قلت لابي عبد الله (ع) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله؟ قال: لا بأس لا يضره ” ولا مناسبة لهذا الخبر في هذا الباب لانه من أحكام المحرم لا الحرم. (م ت) (2) عمل به جماعة من الاصحاب وقال الشهيد – رحمه الله – في الدروس: يدفن المحرم الصيد إذا قتله، فان أكله أو طرحه فعليه فداء آخر على الرواية. (المرآة) (3) جملة معترضة أي أظن نقلهن الى بلده لكونهن حاذقة سريعة السير (سلطان) ” فرهة ” جمع فاره التى لا عيب فيها، وفى القاموس فره – ككرم فراهة وفراهية -: حذق فهو فاره بين الفروهة والجمع فره – كركع وسكرة وسفرة، وغرضه عليه السلام أن سبب اخراجهن من مكة الى الكوفة لعله كان حذاقتهن في ايصال الكتب ونحو ذلك. (المرآة) (4) لعله محمول على ما إذا لم يمكن اعادتها وظاهر كلام الشيخ في التهذيب أن بمجرد الاخراج يلزمه الدم، وظاهر الاكثر انه انما يلزم إذا تلفت (المرآة) والامر بوجوب الفداء لانها وان كانت من المدينة لكن بادخالها الحرم صارت من الحرم ويحرم اخراجها منه. (م ت)

[ 260 ]

عن شراء القماري (1) بمكة والمدينة فقال: ما احب أن يخرج منها شئ “. (2) 2359 – وروى حريز، عن زرارة ” أن الحكم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل اهدي له في الحرم حمامة مقصوصة، فقال: انتفها وأحسن علفها (3) حتى إذا استوى ريشها فخل سبيلها “. 2360 – وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اهدي له حمام أهلي وجئ به وهو في الحرم محل، قال: إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه “. (4) 2361 – وروى صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا – عبد الله عليه السلام (5) عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد فأصابه في الحل فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال: ليس عليه جزاء إنما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحل إلى جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه لانه نصب حيث نصب وهو له حلال، ورمى حيث رمى وهو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شئ فقلت: هذا القياس عند الناس، فقال: إنما شبهت لك الشئ بالشئ لتعرفه “. 2362 – وروى المثنى، عن كرب الصيرفي قال: ” كنا جميعا فاشترينا طيرا فقصصناه فدخلنا به مكة فعاب ذلك أهل مكة فأرسل كرب إلى أبي عبد الله عليه السلام فسأله فقال: استودعوه رجلا من أهل مكة مسلما أو امرأة [ مسلمة ] فإذا استوى


(1) القمارى: طائر معروف حسن الصوت أصغر من الحمام، واحده قمرى. (2) ظاهره جواز اخراج القمارى مع كراهة وهو مشكل والحرام غير محبوب و اطلاقه على الحرام غير عزيز في الاخبار والاحتياط في الترك. (م ت) (3) لا خلاف فيه ولو أخرجه فتلف فعليه ضمانة اجماعا. (م ت) (4) يظهر منه وجوب القيمة ولو أتلفه بغير رضا صاحبه لزمه قيمته أيضا فانه لا منافاة بينهما. (م ت) (5) في الكافي ” سألت أبا الحسن موسى عليه السلام ” ويمكن أن يكون وقع سؤاله منهما.

[ 261 ]

خلوا سبيله “. (1) 2363 – وروى ابن مسكان، عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل نتف حمامة من حمام الحرم (2) فقال: يتصدق بصدقة على مسكين ويعطي باليد التي نتف بها فإنه قد أوجعه “. 2364 – وروى صفوان، عن منصور بن حازم قال: قلت ” لابي عبد الله عليه السلام اهدي لنا طير مذبوح بمكة فأكله أهلنا، فقال: لا يرى به أهل مكة بأسا، قلت: فأي شئ تقول أنت؟ قال: عليهم ثمنه “. 2365 – وروى صفوان، عن عبد الله بن سنان قال: أبو عبد الله عليه السلام: ” لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل “. 2366 – وروى النضر (3) عن عبد الله بن سنان قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في حمام مكة: الطير الاهلي من حمام الحرم (4) من ذبح منه طيرا فعليه أن يتصدق


(1) مقتضى الرواية جواز ايداعه المسلم ليحفظه الى أن يكمل واعتبر في المنتهى كونه ثقة لرواية المثنى. (المرآة) (2) كذا في الكافي أيضا، وفى التهذيب ” نتف ريشة حمامة من حمامة الحرم ” ولذا قطع الاصحاب بأن من نتف ريشة حمامة من حمام الحرم كان عليه صدقة ويجب أن يسلمها بتلك اليد الجانية، وتردد بعضهم فيما لو نتف أكثر من الريشة واحتمل الارش كقوله من الجنايات وتعدد الفدية بتعدده، واستوجه العلامة في المنتهى تكرر الفدية ان كان النتف متفرقا والارش ان كان دفعة، ويشكل الارش حيث لا يوجب ذلك نقصا أصلا، هذا على نسخة التهذيب، وأما على ما في الكافي والمتن يتناول نتف الريشة فما فوقها، ويحتمل أن يكون المراد نتف جميع ريشاتها أو أكثرها ولو نتف ريشة غير الحمامة أو غير الريش قيل: وجب الارش ولا يجب تسليمه باليد الجانية ولا تسقط الفدية بنبات الريش كما ذكره الاصحاب. (المرآة) (3) هو النضر بن سويد الثقة والطريق إليه صحيح. (4) في الكافي ج 4 ص 235 ” الطير الاهلى غير حمام الحرم ” ولعل المراد الطير الذى ادخل الحرم من خارجه، وما في المتن أظهر كما في المرآة.

[ 262 ]

بصدقة أفضل من ثمنه (1) فإن كان محرما فشاة عن كل طير “. 2367 – وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام ” عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم، فقال: [ لا يؤخذ ] ولا يمس لان الله عزوجل يقول: ” ومن دخله كان آمنا “. 2368 – وسأل محمد بن مسلم أحدهما عليهما السلام ” عن الظبي يدخل الحرم، فقال: لا يؤخذ ولا يمس لان الله عزوجل يقول: ” ومن دخله كان آمنا “. 2369 – وروى ابن مسكان، عن يزيد بن خليفة قال: ” كان في جانب بيتي مكتل (2) كان فيه بيضتان من حمام الحرم، فذهب غلامي فكب المكتل وهو لا يعلم أن فيه بيضتين فكسرهما، فخرجت فلقيت عبد الله بن الحسن فذكرت ذلك له فقال تصدق بكفين من دقيق، قال: فلقيت أبا عبد الله عليه السلام بعد فأخبرته فقال لي عليه السلام: عليه ثمن طيرين يطعم به حمام الحرم. فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته، فقال: صدق خذ به فإنه أخذ عن آبائه عليهم السلام “. 2370 – وروي عن شهاب بن عبد ربه قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إني أتسحر بفراخ اتي بها من غير مكة فتذبح في الحرم فأتسحر بها؟ فقال: بئس السحور سحورك أما علمت أن ما أدخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه وإمساكه (3) “. 2371 – وروى محمد بن حمران عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: ” كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام بالحرم فرآني أوذي الخطاطيف (4) فقال: يا بني لا تقتلهن ولا تؤذهن فإنهن لا يؤذين شيئا “.


(1) الظاهر أن المراد به الدرهم، حيث كان في ذلك الزمان أكثر من الثمن، فعلى القول بلزوم الثمن يكون الافضل محمولا على الفضل، وقوله ” فان كان محرما ” أي في الحل أو المعنى فشاة أيضا. (المرآة) (2) المكتل – كمنبر -: الزنبيل الكبير. (3) الذى صار سببا لتوهم شهاب هو أنه جيئ به من خارج الحرم فلا يكون من حمام الحرم كما أنه لو خرج من الحرم لا يجوز صيده لانه من الحرم. (م ت) (4) أي أريد أن أخرجها لتلويثها البيت غالبا وتعشيشها على أشيائه.

[ 263 ]

2372 – وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج (1) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فرخين مسرولين (2) ذبحتهما وأنا بمكة، فقال لي: لم ذبحتهما؟ فقلت: جاءتني بهما جارية من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أني بالكوفة ولم أذكر الحرم قال: تصدق بقيمتهما، قلت: كم؟ قال: درهما وهو خير منهما “. 2373 – وسأله زرارة ” عن رجل أخرح طيرا من مكة إلى الكوفة، فقال: يرده إلى مكة “. 2374 – وروى المثنى عن محمد بن أبي الحكم قال: قلت لغلام لنا: ” هيئ لنا غداءنا فأخذ لنا من أطيار مكة فذبحها وطبخها فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ادفنهن وأفد عن كل طير منهن “. 2375 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم، فقال: عليه شاة وقيمة الحمام درهم يعلف به حمام الحرم، وإن كان فرخا فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم “. 2376 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا تشترين في الحرم إلا مذبوحا قد ذبح في الحل، ثم جئ به إلى الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال (3) “. 2377 – وسأل سعيد بن عبد الله الاعرج أبا عبد الله عليه السلام ” عن بيضة نعامة أكلت في الحرم، فقال: تصدق بثمنها (4) “. 2378 – وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” في قيمة الحمامة درهم، وفي الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم (5) “.


(1) الطريق إليه حسن ورواه الشيخ والكليني في الكافي ج 4 ص 237 في الصحيح. (2) حمام مسرول الذى في رجليه ريش كأنه سراويل. (3) يدل على جواز أكل المحل في الحرم ما ذبح في الحل وأدخل الحرم وفى معناه أخبار كثيرة. (م ت) (4) حمل على ما إذا كان محلا وكانت البيضة من نعام الحرم. (المرآة) (5) رواه الكليني ج 4 ص 234 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن حفص بن =

[ 264 ]

باب * (ما يجوز أن يذبح في الحرم ويخرج به منه) * 2379 – روى ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا يذبح في الحرم إلا الابل والبقر والغنم والدجاج (1) “. 2380 – وسأله معاوية بن عمار ” عن دجاج الحبش، فقال: ليس من الصيد إنما الطير ما طار بين السماء والارض وصف (2) “. 2381 – وقال جميل بن دراج، ومحمد بن مسلم: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم؟ فقال: نعم لانها لا تستقل بالطيران ” وفي خبر آخر ” أنها تدف دفيفا ” (3). 2382 – وسأله (4) الحسين بن الصيقل ” عن دجاج مكة وطيرها، فقال: ما لم يصف فكله، وما كان يصف فخل سبيله “. 2383 – و ” سئل الصادق عليه السلام عن رجل أدخل فهده إلى الحرم أله أن يخرجه؟ فقال: هو سبع فكلما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه “. =


البخترى عنه عليه السلام. (1) أي مما يؤكل لحمه كما هو الظاهر فلا ينا في جواز قتل بعض ما لا يؤكل لحمه و اما استثناء الاربعة فموضع وفاق. (المرآة) (2) ” دجاج الحبش ” قيل انه طائر أغبر اللون في قدر الدجاج الاهلى أصله من البحر ويظهر من كلام بعض أن كل دجاج أصله من الحبش ” فقال ليس من الصيد ” بل هو ما كان ممتنعا بالطيران. والدجاج وان كان يطير لكن ليس له صفيف مثل ما للحمام بل له دفيف فقط. (م ت) (3) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام ” ما كان يصف من الطير فليس لك أن تخرجه وما كان لا يصف فلك أن تخرجه ” فان كان مراده هذا الخبر فالنقل بالمعنى ويمكن أن يكون خبرا آخر. (م ت) (4) هذه الاضمارات من المصنف اختصارا لا أنه مضمر كما فهمه بعض. (م ت)

[ 265 ]

2384 – وروى عنه عليه السلام معاوية بن عمار أنه قال: ” لا بأس بقتل النمل (1) والبق في الحرم، وقال: لا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره “. 2385 – وروى عبد الله بن سنان عنه عليه السلام أنه قال: ” كلما لم يصف من الطير فهو بمنزلة الدجاج “. باب * (ما جاء في السفر الى الحج وغيره من الطاعات) * 2386 – روى عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” في حكمة آل داود عليه السلام: أن على العاقل أن لا يكون ظاعنا (2) إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش (3)، أو لذة في غير محرم “. 2387 – وروى السكوني باسناده (4) قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سافروا تصحوا وجاهدوا تغنموا، وحجوا تستغنوا “. 2388 – وروى جعفر بن بشير (5) عن إبراهيم بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا سبب الله عزوجل لعبد الرزق في أرض جعل له فيها حاجة “.


(1) في بعض النسخ ” النحل ” لكن في التهذيب بسندين صحيحين ” النمل ” وهو أظهر، وسيجيئ النهى عن قتل النحل مطلقا. ويمكن أن يكون القمل وهو بالتخفيف ما يكون في بدن الانسان. والقملة – بالتشديد – ما يكون في الحيوان وسيجيئ حكمها. (2) أي مسافرا أو يخرج من منزله. (3) أي اصلاح لما يعيش به والعيش الحياة. (4) يعنى عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم السلام. (4) الطريق إليه صحيح وهو ثقة وابراهيم بن الفضل أسند عنه ولم يوثق لكن اعتمد عليه الفضلاء.

[ 266 ]

باب * (الايام والاوقات التى يستحب فيها السفر، والايام) * * (والاوقات التى يكره فيها السفر) * 2389 – روى حفص بن غياث النخغي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أراد سفرا فليسافر يوم السبت، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده الله عزوجل الى مكانه، ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله عزوجل فيه الحديد لداود عليه السلام (1) “. 2390 – وروى إبراهيم بن أبي بحيى المديني عنه عليه السلام أنه قال: ” لا بأس بالخروج في السفر ليلة الجمعة “. 2391 – وروى عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسافر يوم الخميس “. 2392 – وقال عليه السلام: ” يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته “. 2393 – وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني عليه السلام ” يسأله عن الخروج يوم الاربعاء لا يدور (2) فكتب عليه السلام: من خرج يوم الاربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة، وعوفي من كل عاهة، وقضى الله عزوجل له حاجته “. 2394 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” عليكم بالسير بالليل، فإن الارض تطوى بالليل “. 2395 – وفي رواية جميل بن دراج، وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الارض تطوى من آخر الليل “.


(1) رواه المصنف الى هنا في الخصال عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن المنقرى، عن حفص بن غياث وكان عاميا. ورواه الكليني في الروضة ص 143 مسندا عن القاسم بن محمد عن المنقرى عن حفص. (2) الاربعاء لا يدور آخر أربعاء من الشهر والجملة صفة ليوم الاربعاء. وقيل: هو أربعاء آخر الصفر.

[ 267 ]

2396 – وروى محمد بن يحيى الخثعمي عنه عليه السلام: ” لا تخرج يوم الجمعة في حاجة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك “. 2397 – وسأل أبو أيوب الخزاز، وعبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله ” فقال عليه السلام: الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت (1) “. 2398 – وقال عليه السلام: ” السبت لنا والاحد لبني امية “. 2399 – وقال عليه السلام: ” لا تسافر يوم الاثنين ولا تطلب فيه حاجة “. 2400 – وروي عن أبي أيوب الخزاز أنه قال: ” أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبد الله عليه السلام فقال: كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا: نعم، قال: فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين فقدنا فيه نبينا صلى الله عليه وآله وارتفع الوحي عنا، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء “. 2401 – وروى محمد بن حمران، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى “. 2402 – وروى [ عن ] عبد الملك بن أعين قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي (2)؟ قلت: نعم: قال: أحرق كتبك (3) “.


(1) تقدم الحديث ج 1 تحت رقم 1253. (2) أي تحكم بأن للنجوم تأثيرا تعلمه أو لذلك الطالع أثرا، أو صنعت في ذلك كتبا. (3) أي لا تعتقد بما تظن من ذلك وان كان للنجوم تأثيرا ما لكن لا تعلمه أنت ولا أقرانك لانكم لا تحيطون بذلك علما ” وما اوتيتم من العلم الا قليلا ” قال المولى المجلسي – رحمه الله – اعلم أنه ورد في الاخبار الكثيرة في الكافي وغيره بأن للنجوم تأثيرا وروى في أخبار كثيرة تهديدات شديدة في تعليمها وتعلمها ولا أعلم خلافا بين أصحابنا في حرمتها، والذى يظهر =

[ 268 ]

2403 – وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: ” الشؤم للمسافر في طريقه في ستة (1) الغراب الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه (2) والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوي ثم يرتفع (3) ثم ينخفض ثلاثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال (4) والبومة الصارخة، والمرأة الشمطاء (5) تلقى فرجها، والاتان العضباء يعني الجدعاء (6) فمن أوجس في =


من الاخبار أن النهى اما لسد باب الاعتقاد فانه يفضى بانها مستبدة في التأثير وهى المؤثرة كما قاله كفرة المنجمين وهم طائفتان فطائفة لا يقولون بالواجب بالذات بل يقولون انها الواجب، وطائفة يقولون بهما وهم مشركون، فلما كان هذا العلم يفضى الى هذه الاعتقادات الفاسدة نهى الشارع عن تعلمها وتعليمها لئلا يفضى إليها، واما بالنظر الى الموحدين الذين يقولون بحدوثها وأن لها تأثير السقمونيا والفلفل ولا شعور لها أو قيل بشعورها وتأثيرها لكنها مسخرات بتسخير الواجب بالذات، فالظاهر أن هذا الاعتقاد على سبيل الاجمال لا يضر، واما بالتفضيل الذى يقوله المنجمون فانه وهم محض وقول بما لا يعلم لانه لا يمكن الاحاطة به الا من علمه الله تعالى من الانبياء والائمة صلوات الله عليهم أجمعين ولهذا ورد عن الصادق عليه السلام قال: ” انكم تنظرون في شئ كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع “. (1) كذا مع أن المعدود سبعة وفى الخصال والمحاسن خمسة. (2) أي الرافع لذنبه. (3) أي نفسه أو ذنبه أو صوته ” ثم ينخفض ثلاثا ” أي إذا فعل الفعلات ثلاث مرات فهو شوم. (4) سنح لى الظبى يسنح سنوحا إذا مر من مياسرك الى ميامنك، والعرب تتيمن بالسانح وتتشأم بالبارح. (الصحاح) (5) الشمطاء هي التى اختلط شيبها بالشباب، أو بياض شعرها بالسواد وذهب خيرها. وقوله ” تلقى فرجها ” في الكافي ج 8 ص 315 ” تلقاء فرجها ” وهو في الجميع تصحيف والصواب ” تلقاء وجهها ” أي شعر ناصيتها بياض مخلوط بالسواد. وقيل في معنى لفظ المتن أقوال لا يخلو جميعها من الركاكة. (6) الجدعاء أي المقطوعة الاذن وفسرها بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشوقة الاذن.

[ 269 ]

نفسه منهن شيئا فليقل: ” اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك ” قال: فيعصم من ذلك “، باب * (افتتاح السفر بالصدقة) * 2404 – روى الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” تصدق واخرج أي يوم شئت “. 2405 – وروي عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” أيكره السفر في شئ من الايام المكروهة مثل الاربعاء وغيره؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدالك، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدالك (1) “. 2406 – وروي عن ابن أبي عمير أنه (2) قال: ” كنت أنظر في النجوم وأعرفها (3) وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك شئ فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، فقال: إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين ثم امض، فإن الله عز وجل يدفع عنك (4) “. 2407 – وروى كردين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عزوجل عنه نحس ذلك اليوم “.


(1) في الكافي والمحاسن والتهذيب عن حماد عنه عليه السلام ” افتتح سفرك بالصدقة و اقرأ آية الكرسي إذا بدالك ” فيكون قراءتها للسفر لا للحجامة، ويمكن أن يكون حماد سمعه مرتين، والذى رواه المصنف – رحمه الله – غير مارووه. (2) فيه سقط وفى المحاسن ص 349 باسناده عن ابن أبى عمير، عن ابن اذينة، عن سفيان ابن عمر قال: كنت أنظر في النجوم – الخ “. (3) التعبير بالماضي اشارة الى أنه تارك له. (4) ظاهر الخبر أنه عليه السلام لا ينهى عنه، ويمكن أن يكون عدم النهى لعدم المفسدة في مثله.

[ 270 ]

2408 – وروى هارون بن خارجة، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزوجل بما تيسر له، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا سلمه الله عزوجل وانصرف حمد الله تعالى وشكره وتصدق بما تيسر له “. باب * (حمل العصا في السفر) * 2409 – قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من خرج في سفر ومعه عصا لوزمر (1) وتلا هذه الآية: ” ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل – إلى قول الله عزوجل – والله على ما نقول وكيل ” آمنه الله عز وجل من كل سبع ضار (2) ومن كل لص عاد، وكل ذات حمة (3) حتى يرجع إلى أهله و منزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات (4) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها “. 2410 – وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان ” (5) 2411 – وقال عليه السلام: ” من أراد أن تطوى له الارض فليتخذ النقد من العصا والنقد عصا لوزمر – “. 2412 – وقال عليه السلام: ” تعصوا فإنها من سنن إخواني النبيين وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم “.


(1) أعم من الجبلى والبستاني والمسموع من المشايخ الاول. (م ت) (2) أي معتاد الصيد خصوصا بالانسان كالاسد. (3) مخففة: السم، وقرء بالتشديد، والتخفيف أفصح، وقيل: المراد بالحمة ابرة العقرب ونحوها. (4) المعقبات الملائكة الذين يجيئ بعضهم عقيب بعض للحفظ. (5) ” لا يجاوره ” في بعض النسخ بالحاء المهملة.

[ 271 ]

باب * (ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج) * 2413 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله (1): ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول: ” اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي (2) ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي ” فما قال ذلك أحد إلا أعطاه الله عزوجل ما سأل “. وسيأتي ذلك في أول باب سياق المناسك في هذا الكتاب عند انتهائي إليه إن شاء الله تعالى. باب * (ما يستحب للمسافر من الدعاء عند خروجه في السفر) * 2414 – روى موسى بن القاسم البجلي، عن صباح الحذاء قال: ” سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لو كان الرجل منكم إذا أراد سفرا أقام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقراء فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم قال: ” اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن ” لحفظه الله ولحفظ ما معه وسلمه الله وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه، قال: ثم قال: يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبغ ما معه؟ قلت: بلى جعلت فداك “. 2415 – و ” كان الصادق عليه السلام إذا أراد سفرا قال: ” اللهم خل سبيلنا وأحسن


(1) رواه الكليني باسناده عن السكوني ج 4 ص 283 والشيخ في التهذيب. (2) في التهذيب ” مالى وديني ودنياى وآخرتي “.

[ 272 ]

تسييرنا وأعظم عافيتنا “. 2416 – وروى علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (1) قال: قال لي: ” إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: ” بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ” فتلقاه الشياطين (2) فتضرب الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه (3) وقد سمى الله عزوجل وآمن به وتوكل على الله، وقال ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله “. 2417 – وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” من قال حين يخرج من باب داره (4): ” أعوذ بالله مما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم، ومن شر الشياطين، ومن شر من نصب لاولياء الله عزوجل، ومن شر الجن والانس، ومن شر السباع والهوام ومن شر ركوب المحارم كلها اجير نفسي بالله من كل شر ” غفر الله له، وتاب عليه (5) وكفاه المهم، وحجزه عن السوء وعصمه من الشر “. باب * (القول عند الركوب) * 2418 – ” كان الصادق عليه السلام (6) إذا وضع رجله في الركاب يقول: ” سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ” (7) ويسبح الله سبعا، ويحمد الله سبعا، ويهلل الله سبعا. 2419 – وروي عن الاصبغ بن نباتة أنه قال: ” أمسكت لامير المؤمنين عليه السلام


(1) رواه الكليني ج 2 ص 543 باسناده عن الحسن بن الجهم عنه عليه السلام. (2) فيه حذف يعنى من قال ذلك تلقاه الشياطين، وفى الكافي ” فتنصرف وتضرب الملائكة “. (3) الضمير المؤنث في ” وجوهها ” للشياطين و ” ما ” موصولة أي أي سلطة لكم عليه. (4) في السفر والحضر كما يقتضيه الاطلاق. (5) أي قبل توبته أو وفقه للتوبة، والحجز: المنع والفعل كينصر. (6) رواه البرقى بسند قوى في المحاسن ص 353. (7) أي مطيقين لتسخيره، قادرين عليه بدون تسخيرك اياه لنا. (م ت)

[ 273 ]

بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم فقلت: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك وتبسمت، قال: نعم يا أصبغ أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه [ إلى السماء ] وتبسم، فسألته كما سألتني وساخبرك كما أخبرني أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت فقال: يا علي إنه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة (1) ثم يقول: ” أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ” إلا (2) قال السيد الكريم: يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه “. باب * (ذكر الله عزوجل والدعاء في المسير) * 2420 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله في سفره إذا هبط سبح، وإذا صعد كبر (3) “. 2421 – وروى العلاء، عن أبي عبيدة عن أحدهما عليهما السلام قال: ” إذا كنت في سفر فقل: ” اللهم اجعل مسيري عبرا، وصمتي تفكرا، وكلامي ذكرا “. 2422 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (4): ” والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل


(1) ” آية السخرة ” هي قوله تعالى ” ان ربكم الله الذى خلق السموات والارض – الى قوله: – رب العالمين “. والمشهور الى قوله. ” انه لا يحب المعتدين ” للتصريح في بعض الروايات (م ت) وهى في الاعراف 54 ولعل المراد هنا ما ذكر في الخبر السابق قوله تعالى ” سبحان الذى سخر ” وقيل: المراد من آية السخرة آيتان في آخر حم السجدة: ” سنريهم آياتنا ” ولا يخفى أن الضمير الجمع البارز في قوله ” سنريهم ” راجع الى المشركين الضالين المعاندين، لا المسلمين الموحدين والآية في مقام التخويف بلا مرية كما صرح به في الكافي والارشاد وتفسير على ابن ابراهيم في روايات عن الصادق والكاظم عليهما السلام فسراها بالاسقام والآفات الدنيوية وعليه فلا مناسبة لها ههنا وقول القيل مبتن على الوهم. (2) استثناء من قوله: ” ليس من أحد “. (3) لا يخفى مناسبة التسبيح في الهبوط والتكبير في الصعود. (م ت) (4) مروى في المحاسن ص 353 بسند مرفوع عن الصادق عن النبي صلى الله عليه وآله بأدنى اختلاف.

[ 274 ]

[ الله ] مهلل، ولا كبر [ الله ] مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب “. باب * (ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة، وكظم) * * (الغيظ، وحسن الخلق، وكف الاذي، والورع) * 2423 – روي عن أبي الربيع الشامي قال: ” كنا عند أبي عبد الله عليه السلام والبيت غاص بأهله (1) فقال: ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه، ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه، ومخالقة من خالقه (2) “. 2424 – وروى صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان أبي عليه السلام يقول: ما يعبؤ بمن يؤم هذا البيت (3) إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، وحلم يملك به غضبه، وورع يحجزه عن محارم الله عزوجل “. 2425 – وقال الصادق عليه السلام: ” ليس من المروءة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر ” (4). 2426 – وروي عن عمار بن مروان الكلبي (5) قال: أوصاني أبو عبد الله عليه السلام


(1) أي ممتلئ بأهله. وقوله: ” ليس منا ” أي من شيعتنا أو من خواصهم. (2) في المغرب ” الممالحة: المؤاكلة، ومنها قولهم ” بينهما حرمة الملح والممالحة وهى المراضعة “. والمخالقة: المعاشرة. وفى بعض النسخ ” مخالفة من خالفه ” وقال المولى المجلسي: أي مخالفة من خالفه في الدين الا مع التقية ولو لم يكن في الدين فينبغي أن لا يخالف الى حد لا يبقى طريق الاصلاح. (3) أي ما أبالى به ولا أرى به وزنا. (4) أي من خير صنعه هو لغيره ومن شر صنعه غيره به، أو يكون ذكر الخير استتباعا للشر، فان ذكر محاسن الرفقاء حسن وانما يقبح نقل مساويهم. (5) بنو كلب قبيلة من العرب ووصفه بالكلبى موجود في المحاسن وليس في الكافي، و في الرجال اليشكرى، والخبر صحيح.

[ 275 ]

فقال: ” أوصيك بتقوى الله، وأداء الامانة، وصدق الحديث، وحسن الصحبة لمن صحبك، ولا قوة إلا بالله “. 2427 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” من خالطت فإن استطعت أن يكون يدك العليا عليه (1) فافعل “. باب * (تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له) * 2428 – ” لما شيع أمير المؤمنين عليه السلام أبا ذر – رحمة الله عليه – شيعه الحسن والحسين عليهما السلام، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وعمار بن ياسر، قال أمير المؤمنين عليه السلام: ودعوا أخاكم فإنه لابد للشاخص (3) أن يمضي وللمشيع من أن يرجع، فتكلم كل رجل منهم على حياله (4) فقال الحسين بن علي عليهما السلام: رحمك الله يا أبا ذر إن القوم إنما امتهونك بالبلاء (5) لانك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك، فقال أبو ذر: رحمكم الله من أهل بيت فمالي شجن (6) في الدنيا غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم جدكم رسول الله صلى الله عليه وآله (7) “.


(1) بأن تزيد عليه في المال والخدمة والتواضع فافعل بشرط أن لا تذله ولا تفقره. (2) رواه البرقى في المحاسن ص 353 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) الشاخص: المسافر. (4) أي منفردا أو تلقاء وجهه. (5) كذا في النسخ وفى المحاسن ص 354، أيضا والامتهان الابتذال للخدمة. وفى الكافي ج 8 ص 207 تحت رقم 251 نحوه بتفصيل وفيه ” امتحنوك بالبلاء “. (6) في الكافي ” ومالى بالمدينة شجن ولا سكن ” والشجن – بالتحريك -: الحاجة، والسكن – بالتحريك – ما يسكن إليه. (7) في الكافي نقل كلام أمير المؤمنين عليه السلام أولا، ثم كلام عقيل، ثم الحسن، الحسين عليهما السلام وفى آخره كلام عمار فبعد ذلك كلام أبى ذر جوابا لهم.

[ 276 ]

2429 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ودع المؤمنين قال: زودكم الله التقوى، ووجهكم إلى كل خير، وقضى لكم كل حاجة، وسلم لكم دينكم ودنياكم، وردكم سالمين إلى سالمين (1) “. 2430 – وفي خبر آخر (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ودع مسافرا أخذ بيده، ثم قال: أحسن الله لك الصحابة، وأكمل لك المعونة، وسهل لك الحزونة (3) وقرب لك البعيد، وكفاك المهم، وحفظ لك دينك وأمانتك و خواتيم عملك، ووجهك لكل خير، عليك بتقوى الله، أستودع الله نفسك، سر على بركة الله عزوجل “. باب * (ما يقول من خرج وحده في سفر) * 2431 – روى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” من خرج وحده في سفر (4) فليقل: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آنس وحشتي، وأعني على وحدتي، وأد غيبتي ” (5). باب * (كراهة الوحدة في السفر) * 2432 – روى علي بن أسباط، عن عبد الملك بن مسلمة، عن السري بن خالد


(1) رواه البرقى في المحاسن ص 354 باسناده عن ابن مسكان عن أبى عبد الله (ع)، وقوله ” سالمين الى سالمين ” أي ردكم بالسلامة الى عيالاتكم وهم سالمون أو الينا ونحن سالمون. (2) رواه البرقى ص 354 أيضا باسناده عن عبد الرحيم عن أبى جعفر عليه السلام. (3) الحزونة – بضم المهملة – غلاظة الارض. (4) أي خرج ولم يكن له رفيق يسافر معه. (5) بأن أرجع سالما عنها، مجاز في الاسناد أي أدنى عن غيبتى. (م ت)

[ 277 ]

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من سافر وحده، ومنع رفده (1) وضرب عبده “. 2433 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام لا تخرج في سفر وحدك فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، يا علي إن الرجل إذا سافر وحده فهو غاو، والاثنان غاويان، والثلاثة نفر – وروى بعضهم: سفر – ” (2). 2434 – وروى إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ” لعن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة: الآكل زاده وحده، والنائم في بيت وحده، والراكب في الفلاة وحده (3) “. 2435 – وروى محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة إذ جاءه رجل من المدينة فقال له: من صحبك؟ فقال: ما صحبت أحدا فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما لو كنت تقدمت إليك لاحسنت أدبك (4) ثم قال: واحد شيطان، واثنان شيطانان، وثلاثة صحب، وأربعة رفقاء (5) “.


(1) الرفد – بالكسر -: العطاء أي عطاه من الواجبات أو الاعم (م ت) و ” ضرب عبده ” أي من غير سيئة. (2) النفر – بالتحريك -: عدة رجال من الثلاثة الى العشرة (الصحاح) والسفر – بفتح المهملة وسكون الفاء -: جمع سافر مثل صحب وصاحب. (النهاية) (3) مبالغة في النهى عن تلك الافعال لكونها خلاف المروءة والحزم. (4) أي لو كنت رأيتك قبل السفر لعلمتك آدابه (م ت) أو المعنى لو كنت عندك حين أقدمت على السفر بدون صاحب لضربتك، وفيه مبالغة في أنه ارتكب أمرا شنيعا. (مراد) (5) روى الكليني في الكافي ج 6 ص 533 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان حين يكون وحده خاليا لا أرى أن يرقد وحده “. وعن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده فلا تبيتن وحدك ولا تسافرن وحدك ” (ج 6 ص 534).

[ 278 ]

باب * (الرفقاء في السفر ووجوب حق بعضهم على بعض) * 2436 – روى السكوني باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الرفيق ثم السفر (1) “. 2437 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا و أحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما لصاحبه (2) “. 2438 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك (3) “. 2439 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم فإن ذلك أطيب لانفسهم وأحسن لاخلاقهم (4) “. 2440 – وروى إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان يقول: اصحب من تتزين به (5)، ولا تصحب من يتزين بك “. 2441 – وروى شهاب بن عبد ربه قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” قد عرفت


(1) رواه الكليني ج 4 ص 286 عن على عن أبيه عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله – الخ “. وفى المحاسن ” الرفيق ثم الطريق ” كما هو المشهور في الالسنة. (2) رواه الكليني ج 2 ص 669 والبرقي في المحاسن ص 357 عن النوفلي عن السكوني عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم السلام. (3) رواه الكليني عن السكوني بالسند المتقدم ذكره. أي اصحب من يعتقد أنك أفضل منه كما تعتقد أنه أفضل منك، وهذا من صفات الكمال لمؤمنين (م ت) وقيل: يحتمل أن يكون الفضل بمعنى الاحسان والتفضل والاول أظهر. (4) رواه في المحاسن ص 359 بالسند المذكور سابقا والظاهر أن المراد أن يخرج كل منهم مثل ما يخرج الاخر فيتركون المجموع عند أحد وينفقون منه لئلا يتوهم أحد منهم أنه أنفق زائدا عما أنفق صاحبه. (5) أي من كان أفضل منك ويصير سببا لكمالك وتزيينك. (مراد)

[ 279 ]

حالي وسعة يدي وتوسيعي على إخواني، فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم، قال: لا تفعل يا شهاب فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم (1)، وإن هم أمسكوا أذللتهم، فاصحب نظراءك، اصحب نظراءك ” (2). 2442 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحب من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن (3) “. 2443 – وروى أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” البائت في البيت وحده شيطان، والاثنان لمة، والثلاثة أنس (4) “. 2444 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أحب الصحابة إلى الله عزوجل أربعة، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم (5) “. 2445 – وقال الصادق عليه السلام: ” حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا (6) “. 2446 – وروى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من نفقة أحب إلى الله من نفقة قصد، ويبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة (7) “.


(1) أجحفت بهم بتقديم الجيم أي أفقرتهم وأحوجتهم بسبب صرفهم الزيادة عن شأنهم. (2) ” اصحب نظراءك ” تأكيد للاول وليس في الكافي والمحاسن. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 286 والبرقي في المحاسن بسند فيه ارسال. و قوله ” نحوك ” أي مثلك في الغنى والفقر، ولا تصحب من يكفيك مؤونتك. (4) اللمة – بالضم -: الصاحب والاصحاب في السفر، والانس – محركة -: الجماعة الكثيرة، ومن تأنس به جمع أناس. (5) رواه الكليني في الروضة تحت رقم 464 مسندا، واللغط صوت وضجة لا يفهم معناه. رواه الكليني ج 2 ص 670 في الصحيح عن يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله. وقوله ثلاثا أي ثلاثة أيام بلياليها بقرينة التأنيث ولا يلزم أكثر من ذلك للحرج ولان لهم أيضا حقا، هذا إذا كان في بلدة أو سفر يمكنهم الاقامة. (م ت) (7) القصد: القوام والوسط. ولا اسراف في الحج لانه لا اسراف في الخير والحج من أعظم الخيرات بشرط أن لا يتعدى حتى يحتاج الى السؤال.

[ 280 ]

باب * (الحداء والشعر في السفر) * 2447 – روى السكوني باسناده قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنا ” (1). باب * (حفظ النفقة في السفر) * 2448 – روي عن صفوان الجمال قال ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن معي أهلي وأنا اريد الحج فأشد نفقتي في حقوي؟ قال: نعم فإن أبي عليه السلام كان يقول: من قوة المسافر حفظ نفقته (2) “. 2449 – وروى علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” تكون معي الدراهم فيها تماثيل وأنا محرم فأجعلها في همياني وأشده في وسطي؟ قال: لا بأس أو ليس هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل؟ “. باب * (اتخاذ السفرة في السفر) * 2450 – قال الصادق عليه السلام: ” إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (3) “.


(1) الحداء نوع من الغناء المجوز تقوله العرب لسوق الابل. والخنا: الفحش، أي الذى لا يكون فيه هجو للمؤمن أو مدح لامرأة مغنية. (2) الحقو: معقد الازار أي أشده في وسطى. وقال المجلسي: ترك استفصاله يدل على جواز الصلاة معها ولو كان دنانير مع أنه لم يرد نهى فيه وليس بتزين للذهب حتى يكون حراما والظاهر من النهى على تقدير صحته هو التزين، وربما يقال بالجواز لانه موضع الضرورة. (3) ” سفرة ” أي طعاما من الخبز والحلو والطير المشوى أو مع الجلد الذى يكون الاطعمة فيه. ” تنوقوا ” أي تجودوا وبالغوا في جودة الطعام أو مع السفرة. (م ت)

[ 281 ]

2451 – وروي عن نصر الخادم قال: ” نظر العبد الصالح أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر (1) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام “. باب * (السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة) * 2452 – قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبد الله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن (2) “. 2453 – وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: ” بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة (3) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا “. باب * (الزاد في السفر) * 2454 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر (4) “.


(1) الحلق – كعنب – حلقة والحديد يدفع الهوام. (2) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبد الله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص 129 مسندا. (3) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل ” الحلاوة “، والخبيص حلواء من التمر. (4) رواه الكليني ج 8 ص 303 تحت رقم 467 عن على، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله (ص) الحديث ” وشرف الرجل: مجده وأصالته

[ 282 ]

2455 – و ” كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى “. 2456 – وروي أنه ” قام أبو ذر – رحمة الله عليه – عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه “. 2457 – وقال لقمان لابنه: ” يا بني إن الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله (1) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك “. باب * (حمل الآلات والسلاح في السفر) * 2458 – روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك (2)


(1) رواه الكليني ج 1 ص 16 في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه ” فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل ” والشراع – ككتاب – ما يقال له بالفارسية بادبان. (2) الحبال: الرسن. ورواه الكليني في الروضة ص 303 تحت رقم 466، وفيه ” وخبائك ” والخباء: الخيمة.

[ 283 ]

وسقائك وخيوطك ومخرزك (1) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل – وزاد فيه بعضهم: وفرسك – (2) “. باب * (الخيل وارتباطها وأول من ركبها) * 2459 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (3) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ” (4). فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم (5).


(1) في الكافي ” وسقائك وأبرتك وخيوطك ” والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود. (2) في بعض النسخ ” وقوسك ” كما في المحاسن ص 360. ولعله الاصوب. (3) الى هنا رواه الكليني ج 5 ص 48 في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص 631 وفيهما ” الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيامة ” وهكذا رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة. (4) رواه أبو داود السجستاني باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله، ورواه الطبراني في الاوسط – على ما في الجامع الصغير – عن أبى هريرة عن النبي (ص) هكذا ” الخير معقود بنواصي الخيل الى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها “. (5) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله (ص) ” خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية ” وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبي (ص) قال: ” إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم ” ونحوه في المحاسن ص 431. والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه – بالضم – وهى بياض يسير، والارثم – بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة – هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا =

[ 284 ]

2460 – وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم ” (1). 2461 – قال: وسمعته يقول: ” من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات (2) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا (3) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط برذونا (4) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات. (5) ومن (6) ارتبط فرسا =


(1) أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه الى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل. والكميت – بضم الكاف وفتح الميم – هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه. وقوله ” محجل الثلاثة ” أي يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض. والاغر ما يكون في جبهته بياض. (1) رواه الكليني ج 6 ص 539 من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه ” فليسم الله عزوجل “، وهكذا في المحاسن. (2) في المحاسن والكافي ج 5 ص 48 ” ثلاث سيئات “. والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق – ككريم – وزنا ومعنى. (3) الهجين هو الذى أبوه عربي وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربي. (4) البرذون – بالكسر – ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية) (5) الى هنا في الكافي ج 5 ص 48 والمحاسن ص 631 وثواب الاعمال ص 226 عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفري عن أبى الحسن عليه السلام. (6) من هنا في المحاسن ص 631 وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفري.

[ 285 ]

أشقر أغر أو أقرح – فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه (1) فهو أحب إلي – لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف ” (2). 2462 – قال (3): وسمعته يقول: ” أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها (4) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها أشقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم (5) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الخيل في ذوات الاوضاح “. 2463 – قال (3): وسمعته يقول: ” من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضى الله عزوجل حاجته (6) “.


(1) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص. (2) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ ” حيق ” والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال ” لا يدخل في بيته حنق “. والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفري أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكليني متفرقا في تضاعيف الابواب. (3) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام. (4) في الكافي ج 6 ص 538 والمحاسن ” فقال: سمها لى “. (5) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم. (6) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام. ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

[ 286 ]

2464 – وقال الصادق عليه السلام: ” كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقيادة وأمكن من ناصيته (1) “. باب * (حق الدابة على صاحبها) * 2465 – روى إسماعيل بن أبي زياد (2) باسناده قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق “. 2466 – وسأل رجل أبا عبد الله عليه السلام ” متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها (3) “. 2467 – وروي أنه قال: ” اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون (4) “. 2468 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:


(1) رواه البرقى في المحاسن ص 630 بسند مرفوع عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) يعنى السكوني، ورواه الكليني ج 6 ص 527 بتقديم وتأخير. (3) المذود – بالذال أخت الدال كمنبر -: معتلف الدابة. (4) في الكافي ج 6 ص 538 باسناده عن مسمع بن عبد الملك عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار ” و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: ” لعل ما في الكافي أوفق وأظهر ” والتعليل لا يلائمه. وفى المحاسن كما في الكافي.

[ 287 ]

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب (1) “. 2469 – وقال علي عليه السلام ” في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها (2) ” وفي خبر آخر: ” لا تقبحوا الوجوه “. 2470 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة (3) “. 2471 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس (4) “.


(1) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسي في المرآة: لعل المراد بالرب المالك. في الكافي ج 6 ص 538 رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله. (2) روى البرقى ص 633 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” لا تضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها “. وفى حديث آخر ” لا تسموها في وجوهها ” وهكذا مروى في الكافي ج 6 ص 538. ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الاتى. وقال المولى المجلسي قوله ” ولا تقبحوا الوجوه ” أي الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه. وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في ” لا تضربوا الوجوه ” بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك. ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا. (3) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا. (4) رواه الكليني ج 6 ص 535 باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله. والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادى تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أي ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافي ” لا تتوكؤوا “. و قوله ” لا تتخذوا ظهورها مجالس ” أي بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

[ 288 ]

2472 – وقال الباقر عليه السلام: ” لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها (1) “. باب * (ما لم تبهم عنه البهائم) * 2473 – روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: ” ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت (2)، ومعرفتها بالاثنى من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب “. 2474 – وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط ” فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون. باب * (ثواب النفقة على الخيل) * 2475 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله ” في قول الله عزوجل: ” الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ” قال: نزلت في النفقة على الخيل “. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية (3). والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك (4).


(1) الخبر في الكافي والمحاسن عن أبى عبد الله عليه السلام مسندا. (2) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم. (3) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشي. (4) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

[ 289 ]

باب * (علة الرقعتين في باطن يدى الدابة) * 2476 – روى حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين (1) في باطن يديها مثل الكي (2) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه “. باب * (حسن القيام على الدواب) * 2477 – روي عن أبي ذر – رحمة الله عليه – أنه قال: ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق (3) “. 2478 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما ” (4). 2479 – وروى عنه عبد الله بن سنان أنه قال: ” اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل “. 2480 – وروى السكوني باسناده (5) قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك


(1) الرقعة – بالضم – مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب. (مراد) (2) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية ” داغ “. (3) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكليني بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج 6 ص 537. (4) في المحاسن ص 626 مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: ” ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: ” اللهم اجعله بى رحيما “. (5) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

[ 290 ]

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف (1) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا (2) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها “. 2481 – وقال علي صلوات الله عليه (3): ” من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها “. 2482 – وقال أبو جعفر عليه السلام: ” إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير “. باب * (ما جاء في الابل) * 2483 – قال الصادق عليه السلام: ” إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا (4) “. 2484 – وقال عليه السلام: ” إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه (5) “. 2485 – وقال أبو عبد الله عليه السلام: ” اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا (6) “. 2486 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الابل عز لاهلها (7) “.


(1) العجف – بالتحريك -: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح) (2) أي أسرعوا، ونجوت أي أسرعت وسبقت. (3) مروى في المحاسن ص 361 مسندا. (4) مروى في الكافي ج 6 ص 543 عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام. (5) أي استعمله وذلله واستفد منه. (6) مروى في الكافي ج 6 ص 543 في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبد الله عليه السلام وقال فيه: ” اشتر لى جملا وخذه أشوه – الخ “. وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبد الله عليه السلام. (7) رواه البرقى ص 635 باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

[ 291 ]

2487 – و ” نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار (1) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان “. 2488 – و ” سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير (2) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل (3) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة (4) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة (5) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة (6) “. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: ” لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم ” هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر (7).


(1) أي التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال. (2) أي تحلب منها اللبن في الغداة أي أول اليوم والرواح أي آخره. (م ت) (3) أي الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به. (4) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالي. (5) أي أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات. (مراد) (6) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال ” انهم الظلمة “. (7) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

[ 292 ]

2489 – وقال عليه السلام: ” في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت (1)، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت “. باب * (ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه) * 2490 – روى السكوني باسناده ” أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة ” (2). 2491 – وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: ” أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة “. 2492 – وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: ” مر قطار لابي عبد الله عليه السلام فرأى زاملة (3) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل “. 2493 – وروى أيوب بن أعين قال: ” سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبد الله عليه السلام: إن أبا حنيفة (4) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،


(1) أي إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها. (2) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فإذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبي حتى ظلمتني فينتصف الله سبحانه منك لها. (3) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل الى جانب سبب لدبر الدابة. (4) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمداني ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة الى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف الى عرفات في ثمانية أيام وشئ. وروى العياشي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: =

[ 293 ]

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة ” (1). 2494 – و ” حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط ” (2). 2495 – وقال الصادق عليه السلام: ” أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة ” وروى ” سبع سنين ” (3). باب * (ما جاء في ركوب العقب) * (4) 2496 – روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر “. باب * (ثواب من أعان مؤمنا مسافرا) * 2497 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم ” وفي خبر آخر ” حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم “. =


” أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج إليه فاطرده “. (1) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختياري لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة. (2) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبد الله بن سنان نحوه في أحدهما ” ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط “. (3) تقدم تحت رقم 2207 ونحوه مروى في المحاسن ص 635. (4) أي الركوب بالنوبة.

[ 294 ]

باب * (المروءة في السفر) * 2498 – تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: ” تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروءة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروءة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروءة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروءة مروءتان مروءة في الحضر ومروءة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج (1) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروءة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء “. باب * (ارتياد المنازل والامكنة التى يكره النزول فيها) * 2499 – روى السكوني باسناده (2) قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس (3) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات “. 2500 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على


(1) راجع معاني الاخبار ص 258 روى نحوه مسندا. (2) يعنى عن أبى عبد الله عن آبائه عن على عليهم السلام. (3) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

[ 295 ]

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع ” إلا أمن (1) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى “. باب * (المشى في السفر) * 2501 – روى منذر بن جيفر (2)، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبو عبد الله عليه السلام: ” سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم ” (3). 2502 – وروي ” أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل ” (4). 2503 – وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم (5) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ ذلك ] فذهب ذلك عنهم “. 2504 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: قول الله عزوجل: ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [ شئ ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي


(1) أي لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن. (2) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربي صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء. وطريق الصدوق إليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح. (3) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أي أسرع. (4) في النهاية وفى رواية ” شكوا إليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان ” أي الاسراع في المشى. (5) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

[ 296 ]

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم ” (1). باب * (آداب المسافر) * 2505 – روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك


(1) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص 318 ” أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” وقال عزوجل ” لا يكلف الله نفسا الا وسعها ” قال في المنتهى وقد اتفق علماءنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا الى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي قال: ” سأل حفص الكناسى أبا عبد الله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل ” ولله على الناس – الاية ” ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج ” وصحيحة محمد بن مسلم قال: ” قلت لابي جعفر عليه السلام قوله تعالى ” ولله على الناس – الى قوله – إليه سبيلا ” قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل ” قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب الى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاج إليها. وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع الى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا. (2) في المحاسن ” عن حماد بن عثمان ” وفى الكافي ” عن حماد ” بدون ذكر الاب وعلى أي حال هما ثقتان.

[ 297 ]

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن ” لا ” عي (1) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى. فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج (2) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها (3) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل (4)، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.


(1) بكسر العين أي جهل وبفتحها أي عجز. (م ت) (2) الزج – بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة. (3) الدبر – بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة. (4) لاسترخاء المفاصل أي إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

[ 298 ]

وعليك (1) بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [ عملا ] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك “. باب * (دعاء الضال عن الطريق) * 2506 – روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا ضللت عن الطريق فناد ” يا صالح – أو يا أبا صالح – أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله “. 2507 – وروي ” أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة ” (2). باب * (القول عند نزول المنزل) * 2508 – قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ” يا علي إذا نزلت منزلا فقل: ” اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ” ترزق خيره ويدفع عنك شره “. باب * (القول عند دخول مدينة أو قرية) * 2509 – كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ” يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: ” اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم


(1) احتمل بعض الاعلام أن من هنا الى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته ” وعليك بقراءة القرآن ” مكان ” عليك بقراءة كتاب الله ” كما صرح هو بذلك. (2) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

[ 299 ]

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا ” (1). باب * (الموت في الغربة) * 2510 – روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به “. 2511 – وقال عليه السلام: ” إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك (3) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي “. باب * (تهنئة القادم من الحج) * 2512 قال الصادق عليه السلام: ” إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك “. باب * (ثواب معانقة الحاج) * 2513 في رواية أبي الحسين الاسدي – رضي الله عنه – قال: قال الصادق عليه السلام


(1) كذا وفى المحاسن ص 374 ” اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا الى أهلها، وحبب صالحي أهلها الينا “. وفى بعض نسخه ” اطعمنا من خانها ” وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان. (2) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبد الله بن سعيد. (3) أي المرض المقدر عليه كالعقدة.

[ 300 ]

” من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود “. باب النوادر 2514 – روي عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: ” نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم ” (1). 2515 – وقال عليه السلام: ” السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله ” (2). 2516 – وقال الصادق عليه السلام: ” سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر ” (3). 2517 وروى عبد الله بن ميمون باسناده (4) قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا ” (5).


(1) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم. وروى ” أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبي فقتله، فلما سمعه (ص) نهى عن ذلك “. (2) رواه البرقى ص 377 عن النوفلي عن السكوني باسناده قال قال رسول الله (ص). (3) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه السلام. والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير الى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت) (4) يعنى عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص 362. (5) ” فتيامنوا ” أي توجهوا الى جانب يمينكم. (م ت)

[ 301 ]

2518 – وروى جعفر بن القاسم (1) عن الصادق عليه السلام قال: ” إن على ذروة كل جسر شيطانا (2)، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله، يرحل عنك “. 2519 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت حنكه ثلاثا ألا يصيبه السرق والغرق والحرق ” (3). باب * (توفير الشعر للحج والعمرة) * 2520 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة، ومن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا ” (4).


(1) كذا في النسخ والطريق إليه فيه أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه عنه كما في المشيخة، وفى الكافي ج 4 ص 287 عن حفص بن القاسم وهكذا في المحاسن ص 373. (2) في الصحاح ” الجسر – بكسر الجيم – واحد الجسور التى يعبر عليها. والجسر – بالفتح – العظيم من الابل وغيرها والانثى جسرة – اه‍ ” والمراد هنا الاول بقرينة قوله ” إذا انتهيت إليه “. ويرحل أي يبعد. (3) رواه البرقى في المحاسن ص 373 بسند ضعيف. وقوله ” معتما تحت حنكه ” أي حين الذهاب الى السفر لا في جميع السفر كما يفهم من الارادة. وقوله ” ثلاثا ” أي أنا ضامن له ثلاثة أمور وهى التى يذكرها بعد. وفى بعض النسخ ” الشرق ” بالشين المعجمة وهو الشجى والغصة، وشرق بريقة أي غص. (3) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: استحباب توفير شعر الرأس للمتمتع من أول ذى القعدة وتأكده عند هلال ذى الحجة قول الشيخ في الجمل وابن ادريس وسائر المتأخرين، وقال الشيخ في النهاية: ” فإذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فعليه أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذى القعدة ولا يمس شيئا منهما ” وهو يعطى الوجوب. ونحوه قال في الاستبصار: وقال المفيد في المقنعة إذا أراد الحج فليوفر شعر رأسه في مستهل ذى القعدة فان حلقه في ذى القعدة كان عليه دم يهريقه، وقال السيد في المدارك: لا دلالة لشئ من الروايات على اختصاص الحكم بمن يريد حج التمتع فالتعميم أولى.

[ 302 ]

وقد يجزي الحاج بالرخص أن يوفر شعره شهرا، روى ذلك هشام بن الحكم وإسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام (1). ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (2). 2521 – وروي عن سماعة قال: ” سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج قال: لا بأس، ولا بأس بالنورة والسواك ” (3). باب * (مواقيت الاحرام) * 2522 – روى عبيدالله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله، لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها، وقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة (4) كان يصلي فيه ويفرض


(1) في التهذيب ج 1 ص 460 باسناده الصحيح عن اسماعيل بن جابر قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: كم أوفر شعرى إذا أردت هذا السفر؟ قال: اعفه شهرا “. (2) في التهذيب ج 1 ص 460 في الموثق عنه قال: ” قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: مرنى كم أوفر شعرى إذا أردت العمرة، فقال: ثلاثين يوما “. (3) قال الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 160: فالوجه في هذا الخبر أن نحمل جواز ذلك على أشهر الحج التى هي شوال قال: لا بأس يأخذ الانسان من شعر رأسه ولحيته في هذا الشهر كله الى غرة ذى القعدة، ثم استدل بخبر الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبد الله عليه السلام حيث قال: ” سألته عن الرجل يريد الحج أيأخذ من شعره في شوال كله ما لم ير الهلال؟ قال: نعم لا بأس به “. وقال المولى المجلسي: في خبر سماعة: ظاهره الضرورة أو يحمل عليها أو على شوال جمعا بين الاخبار. (4) ذو الحليفة موضع على ستة أميال من المدينة. وقال في مرآة العقول: ” قال سيد المحققين: ظاهر المحقق والعلامة في كتبه: ان ميقات أهل المدينة نفس مسجد الشجرة، و جعل بعضهم الميقات الموضع المسمى بذى الحليفة ويدل على اطلاق عدة من الاخبار الصحيحة =

[ 303 ]

الحج (1)، فإذا خرج من المسجد فسار واستوت به البيداء حين يحازي الميل الاول أحرم (2). ووقت لاهل الشام الجحفة (3) ووقت لاهل نجد العقيق (4) ووقت لاهل الطائف قرن المنازل (5) ووقت لاهل اليمن يلملم (6) ولا ينبغي لاحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله صلى الله عليه وآله “. 2523 – وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” وقت =


لكن مقتضى صحيحة الحلبي أن ذا الحليفة عبارة عن نفس المسجد، وعلى هذا فتصير الاخبار متفقة ويتعين الاحرام من المسجد – انتهى. ويحتمل أن يكون المراد هو الموضع الذى فيه مسجد الشجرة ولا ريب أن الاحرام من المسجد أولى وأحوط “. (1) في الكافي ج 4 ص 319 ” يفرض فيه الحج ” وهكذا في التهذيب وليس فيهما لفظة ” كان ” (2) ليس في التهذيب والكافي من قوله ” فإذا خرج – الى قوله – أحرم “. ومعنى قوله: ” فسارت واستوت به البيداء ” أي دخل فيها لان مسجد الشجرة في المنخفضة والبيداء مستعلية عليها فما لم يدخل فيها لم يستويه البيداء كما قاله المولى المجلسي – رحمه الله -. (3) تسمى برابغ وفي المراصد الجحفة – بالضم ثم السكون والفاء – كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكة على أربع مراحل وهى ميقات أهل مصر والشام، ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها مهيعة وسميت الجحفة لان السيل جحفها، وبينها وبين البحر ستة أميال، وبينها وبين غدير خم ميلان “. وفى القاموس الجحفة ميقات أهل الشام وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة، وكانت تسمى مهيعة فنزل بها بنو عبيل وهم اخوة عادو كان أخرجهم العماليق من يثرب فجاءهم سيل الجحاف فاجتحفهم فسميت الجحفة. (4) هو موضع قريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين، وفى بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق، وكل موضع شققته من الارض فهو عقيق. (النهاية) (5) في المراصد: قرن المنازل هو ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة. وقال في القاموس: هو قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله. (6) في القاموس: يلملم وألملم ميقات اليمن جبل على مرحلتين من مكة. وفى المراصد: موضع على ليلتين من مكة وفيه مسجد لمعاذ بن جبل.

[ 304 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله العقيق لاهل نجد، وقال: هو وقت لما أنجدت الارض (1) وأنتم منهم ووقت لاهل الشام الجحفة ويقال لها: مهيعة “. 2524 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والاعراب عن ذلك ” (2). 2525 – وقال الصادق عليه السلام: ” أول العقيق بريد البعث (3) وهو بريد من دون بريد غمرة “. 2526 – وقال الصادق عليه السلام: ” وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة (4) وآخره ذات عرق، وأوله


(1) أي هو ميقات لمن أدخلته الارض في نجد وأنتم أهل العراق منهم، وفى القاموس النجد ما أشرف من الارض أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق. (2) يدل على الاعتماد عليهم في تحقيق المواضع والمشاعر، ولعله مع حصول العلم بالتواتر أو الاستفاضة. (م ت) (3) قال العلامة المجلسي – رحمه الله – في المرآة: ” في النسخ [ يعنى الكافي ] بالغين المعجمة وهو غير مذكور في اللغة وصحح بعض الافاضل البعث بالعين المهملة بمعنى الجيش وقال: لعله كان موضع بعث الجيوش – انتهى، وقال والده (ر ه): البعث هو أول العقيق. وفى هامش الفقيه المطبوع بالنجف: ” البعث بالعين المهملة والثاء المثلثة وهو مكان دون المسلخ بستة أميال مما يلى العراق ” وقال الشيخ حسن في المنتقى: لم أقف على ضبط لغة النغب الا في خط العلامة في المنتهى، فانه – ضبطه بالنون ثم الغين المعجمة والباء الموحدة -. وفى القاموس ” الثغب: الغدير في ظل جبل “. وربما يقال يريد النغب بالنون قبل الغين المعجمة والباء الموحدة أخيرا ويحكى الضبط كذلك أيضا بخط العلامة في المنتهى. وكيف كان في الكافي عن معاوية بن عمار ” بريد البعث دون غمرة ببريدين ” ولعل رواية المصنف هذا هو رواية معاوية بن عمار والاختلاف من النساخ. وقيل الغمرة – بفتح المعجمة بئر بمكة قديمة. (4) قال العلامة المجلسي (ر ه) قال السيد – رحمه الله -: انا لم نقف على ضبط المسلخ وغمرة على شئ يعتد به وقال في التنقيح: المسلح – بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهى المواضع العالية، ونقل جدى عن بعض الفقهاء أنه ضبطه بالخاء المعجمة من السلخ وهو =

[ 305 ]

أفضل ” (1). ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات (2)، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية (3). وإذا كان الرجل عليلا أو اتقى فلا بأس بأن يؤخر الاحرام إلى ذات عرق (4). =


نزع الثياب للاحرام، ومقتضى ذلك تأخير التسمية عن وضعه ميقاتا. وأما ذات عرق ففى القاموس ” انها بالبادية ميقات العراقيين ” وقيل: انها كانت قرية فخربت. (1) قال المولى المجلسي – رحمه الله -: لم نجده مسندا ولكنه عمل أكثر الاصحاب عليه وأكثر الاخبار على خلافه كما تقدم، نعم روى الشيخ في الموثق عن أبى بصير قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: حد العقيق أوله مسلخ وآخره ذات عرق ” أي في الفضيلة لما رواه الكليني في الصحيح عن صفوان عن اسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن الاحرام من غمرة، قال: ليس به بأس وكان بريد العقيق أحب الى ” وحملها على التقية أظهر لان ذات عرق ميقات قرره الثاني من الخلفاء. (2) راجع الكافي ج 4 ص 321 باب من أحرم دون الميقات، وفيه في الحسن كالصحيح عن ابن أذينة قال قال أبو عبد الله عليه السلام: ” من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له، ومن أحرم دون الميقات فلا احرام له ” وفى آخر عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام ” مثل ذلك مثل من صلى في السفر أربعا وترك الثنتين “. (3) روى الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 4 ص 323 في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: ” كتبت إليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل وعليهم في ذلك مؤونة شديدة ويعجلهم أصحابهم و جمالهم ومن وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذى ينزلون فيه فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقه بهم وخفته عليهم؟ فكتب ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لاهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة فلا يجاوز الميقات الا من علة “. والتقية علة بل أعظم العلل. (4) كأنه مخالف لما تقدم من جواز تأخير الاحرام الى ذات عرق الا أن يحمل على الاستحباب أو نفى الكراهة ويشعر بكونها ميقاتا. (م ت)

[ 306 ]

2527 – وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال: لا بأس ” (1). 2528 – وروي عن أبي بصير (2) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إنا نروى بالكوفة أن عليا عليه السلام قال: إن من تمام حجك إحرامك من دويرة أهلك، فقال: سبحان الله لو كان كما يقولون لما تمتع (3) رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه إلى الشجرة ” (4). 2529 – وسأل ميسر الصادق عليه السلام ” عن رجل أحرم من العقيق وآخر أحرم من الكوفة أيهما أفضل عملا؟ فقال: يا ميسر تصلي العصر أربعا أفضل (5) أو تصليها ستا؟ فقلت: أصليها أربعا، قال: فكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من غيرها “. 2530 – وسئل [ الصادق ] عليه السلام ” عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال: من منزله “. 2531 – وفي خبر آخر ” من كان منزله دون المواقيت ما بينها وبين مكة فعليه أن يحرم من منزله ” (6).


(1) يدل بظاهره على جواز التأخير اختيارا الى الجحفة لاهل المدينة ويفهم من المصنف – رحمه الله – أنه يعمل به كما ظهر سابقا لكنه محمول على الجهل أو النسيان جمعا بين الاخبار. (م ت) (2) كذا، وفى الكافي ج 4 ص 322 في الضعيف وفى التهذيب ج 1 ص 463 في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن مهران بن أبى نصر، عن رباح بن أبى نصر. وكأنه كان عن ابن أبى نصر فغيره النساخ تصحيفا ويمكن أن يكون السؤال منهما. (3) في الكافي ” ما كان يمنع ” وفى التهذيب ” لم يتمتع “. (4) أي الى المسجد الشجرة، قال في التهذيب، وانما معنى دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات الى مكة. (5) الافضل هنا ما يأتي بمعنى الصواب وهو نوع من الموعظة في التخطئة. (م ت) (6) روى نحوه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 463.

[ 307 ]

2532 – وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها ” (1). باب * (التهيؤ للاحرام) * 2533 – روى معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام – إن شاء الله – فانتف إبطيك (2) وقلم أظفارك، واطل عانتك، وخذ من شاربك، ولا يضرك بأي ذلك بدأت، ثم استك واغتسل، والبس ثوبيك (3) وليكن فراغك من ذلك – إن شاء الله تعالى – عند زوال الشمس، وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك


(1) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: إذا حج المكلف على طريق لا يفضى الى أحد المواقيت فقد ذكر جمع من الاصحاب أنه يجب عليه الاحرام إذا غلب على ظنه محاذاة الميقات لهذا الخبر، فقيل: يحرم على محاذاة أقرب المواقيت الى طريقه ولو سلك طريقا لم يؤد الى محاذاة ميقات قيل يحرم من مساواة أقرب الاماكن إلى مكة، واستقرب العلامة – رحمه الله – وجوب الاحرام من أدنى الحل وهو حسن. وقال السيد – رحمه الله -: لولا ورود الرواية بالمحاذاة لامكن المناقشة فيه أيضا مع أن الرواية انما تدل على محاذاة مسجد الشجرة والحاق غيره يحتاج الى دليل – انتهى. وفى الكافي بعد نقله: وفى رواية اخرى ” يحرم من الشجرة يأخذ أي طريق شاء ” وظاهرها عدم جواز الاكتفاء بالمحاذاة. (2) يمكن أن يكون المراد بالنتف مطلق الازالة فعبر عنه بما هو الشايع، فان الظاهر أن الحلق أفضل من النتف والطلى أفضل من الحلق كما صرح به جماعة من الاصحاب. (المرآة) (3) يعنى للاحرام مقدما عليه ويظهر منه ومن غيره من الاخبار أن لبس ثوبي الاحرام واجب فيه لا أنه جزء حقيقة حتى يكون المقارنة مع الاحرام شرطا في صحته. (م ت)

[ 308 ]

إلا أن ذلك أحب إلي أن يكون عند زوال الشمس ” (1). 2534 – وروى معاوية بن وهب قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام – ونحن بالمدينة – عن التهيؤ للاحرام، فقال: اطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد، واغتسل إن شئت (2)، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة “. 2535 – وسأل (3) معاوية بن عمار ” عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بست ليال؟ قال: لا بأس [ به ]. وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتي مكة بسبع ليال أو ثمان ليال؟ قال لا بأس به “. 2536 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: ” سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إذا اطليت للاحرام الاول كيف لي أن أصنع في الطلية الاخيرة وكم حد ما بينهما؟ فقال: إن كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل ” (4). 2537 – وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: ” أرسلنا إلى أبي – عبد الله عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة: إنا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أبو عبد الله عليه السلام أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز الماء عليكم بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة (5) والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها، ثم تعالوا فرادى ومثاني (6)،


(1) هذه المقدمات كلها مستحبة كما قطع به الاصحاب الا الغسل فانه ذهب به ابن أبى عقيل الى الوجوب والمشهور فيه الاستحباب أيضا. (المرآة) (2) في التهذيب ج 1 ص 464 ” واغتسل ” بدون قوله ” ان شئت “. (3) كذا، والظاهر ” سأله ” والسهو من النساخ بقرينة ما يأتي. (4) ظاهر الاكتفاء بأقل من خمسة عشر يوما وعدم استحبابه لاقل من ذلك كما هو ظاهر المحقق وجماعة، وذهب العلامة وجماعة الى أن المراد به نفى تأكد الاستحباب ويستحب قبل ذلك أيضا لغيره من الاخبار وهو أظهر. (المرآة) (5) عز الماء يعز عزازة إذا قل ولا يكاد يوجد فهو عزيز. ولا خلاف في جواز تقديم الغسل على الميقات مع خوف عوز الماء ويظهر من بعض الاخبار الجواز مطلقا، والمشهور استحباب الاعادة إذا وجد الماء في الميقات وهذا الخبر يدل على الحكمين معا. (6) يدل على استحباب لبس ثوبي الاحرام بعد الغسل (م ت) ولعل منعهم عن الاتيان مجتمعين مبنى على التقية والخوف من الاعداء. (مراد)

[ 309 ]

قال: فاجتمعنا عنده فقال له ابن أبي يعفور: ما تقول في دهنة (1) بعد الغسل للاحرام فقال: قبل وبعد ومع ليس به بأس، وقال: ثم دعا بقارورة بان سليخة (2) ليس فيها شئ فأمرنا فادهنا منها، فلما أردنا أن نخرج قال: لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة ” (3). 2538 – وسأله محمد الحلبي ” عن دهن الخيرى (4) والبنفسج أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ قال: نعم. وسأله عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه فقال: يجزيه ذلك


(1) ” دهنه ” اما بتاء الوحدة أو بالضمير الراجع الى المحرم. (2) أي الدهن المتخذ من ثمر البان قبل أن يربب، وقوله ” ليس فيها شئ ” أي من الطيب الذى تبقى رائحته بعد الاحرام، ولا خلاف بين الاصحاب في حرمة استعمال الدهن المطيب بعد الاحرام، وكذا غير المطيب على المشهور وجوزه جماعة، وأما قبل الاحرام فالمشهور عدم جواز استعمال دهن تبقى رائحته بعد الاحرام. قال في المدارك: أما تحريم استعمال أدهان الطيبة كدهن الورد والبنفسج والبان في حال الاحرام فقال في المنتهى: انه قول عامة أهل العلم ويجب به الفدية اجماعا، وأما تحريم استعمالها قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى الى وقت الاحرام فهو قول الاكثر وجعله ابن حمزة مكروها والاصح التحريم لورود النهى عنه في عدة روايات كحسنة الحلبي [ المروية في الكافي ج 4 ص 329 ] عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل “. ورواية على بن أبى حمزة [ الاتية تحت رقم 2540 ] ومقتضى الروايتين جواز التدهن بغير المطيب قبل الاحرام ونقل عليه في التذكرة الاجماع، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين ما يبقى أثره الى حال الاحرام وغيره، واحتمل بعض الاصحاب تحريم الادهان مما يبقى أثره بعد الاحرام قياسا على المطيب وهو بعيد، ولا يخفى أن تحريم الادهان بالمطيب قبل الاحرام انما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته والا لم يكن الادهان محرما وان حرم إنشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح. (3) يدل على جواز الادهان بعد الغسل وعلى استحباب الغسل في الميقات مع التمكن. (4) كذا في بعض النسخ، وفى بعضها ” دهن الحسنى ” وفى أكثرها ” دهن الحناء ” =

[ 310 ]

من الغسل بذي الحليفة ” (1). 2539 – وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: ” الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس (2) قبل أن يغتسل للاحرام قال: ولا تجمر ثوبا لاحرامك “. 2540 – وروى القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: ” سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم؟ فقال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعدما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل “. 2541 – وروى حماد، عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” كان لا يرى بأسا بأن تكتحل المرأة وتدهن وتغتسل بعد هذا كله للاحرام ” (3). 2542 – وفي رواية جميل أنه قال: ” غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك ” (4). 2543 – وسئل أبو جعفر عليه السلام ” عن رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره، =


كما في التهذيب ج 2 ص 533 والاستبصار ج 2 ص 182. والظاهر أن الصواب ما أخترناه وهو بكسر الخاء المعجمة دهنه معروف ويقال له بالفارسية (شب بو). (1) يدل على جواز الادهان بأمثال هذه الادهان وعلى الاكتفاء بغسل المدينة. (2) الورس: نبات كالسمسم ليس الا باليمن. (3) يحمل على الدهن الذى لا يكون فيه الطيب الذى يبقى ريحه بعد الاحرام وكذا الاكتحال. (م ت) (4) هذا الخبر وان لم يذكر فيه أنه للاحرام لكن ذكره المؤلف في هذا الباب كما ذكر الاصحاب نحوه أيضا وذلك اما لعمومه أو معلوم عندهم بالقرائن أن المراد غسل الاحرام ويمكن أن يستنبط منه حكم غسل الزيارات وغيرها. وروى الكليني ج 4 ص 327 في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك “.

[ 311 ]

قال: يمسحها بالماء (1) ولا يعيد الغسل “. ولا بأس أن يغتسل الرجل بكرة ويحرم عشية. وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة، وإن كنت جاهلا فلا شئ عليك (2). وإذا اغتسل الرجل للاحرام فلا بأس أن يمسح رأسه بمنديل وإزار (3). وإذا اغتسل الرجل للاحرام ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل استحبابا لانه قد: 2544 – روى العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين، ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: ليس عليه غسل ” (4).


(1) أي استحبابا لكراهة الحديد. (2) روى الكليني في الكافي في الحسن كالصحيح ج 4 ص 348 والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وغير واحد عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل أحرم وعليه قميص، قال: ينزعه ولا يشقه وان كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلى رجليه ” والظاهر أنه لئلا يغطى رأسه. وفى الكافي ج 4 ص 328 باسناده عن على بن أبى حمزة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يحرم قال: قد انتقض غسله “. والمشهور استحباب اعادة الغسل بعد لبس المحرم ما لا يجوز له. وفيه أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” من لبس ثوبا لا ينبغى له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم “. (3) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 329 في الحسن كالصحيح عن ابن دراج عن أحدهما عليهما السلام ” في الرجل يغتسل للاحرام ثم يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به “. (4) في الكافي ج 4 ص 328 في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: عليه اعادة الغسل “. وقال في المدارك: الاصح عدم انتقاض الغسل بالنوم وان استحب الاعادة بل لا يبعد تأكد استحباب الاعادة لصحيحة العيص بن القاسم.

[ 312 ]

ومن اغتسل أول الليل ثم أحرم آخر الليل أجزأه غسله (1). باب * (وجوه الحاج) * 2545 – روى منصور الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الحاج عندنا على ثلاثة أوجه: حاج متمتع، وحاج مفرد للحج، وسائق للهدي – والسائق هو القارن – ” (2). ولا يجوز لاهل مكة ولا حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لهم إلا القران أو الافراد لقول الله عزوجل: ” فمن تمتع بالعمرة إلى الحج (3) فما استيسر من الهدي ” ثم قال بعد ذلك: ” ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام ” وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل الله غيره. 2546 – وروى ابن بكير، عن زرارة قال: ” سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل إن أحب أو كره (4) ” إلا من اعتمر في عامه ذلك أو


(1) تقدم الكلام فيه وروى الكليني ج 4 ص 328 عن البطائني عن أبى بصير قال: ” سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذى الحليفة؟ قال: نعم فأتاه رجل وأنا عنده فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى، قال: يعيد الغسل، يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته ” ويحمل على ما لو لم ينم. (2) ما يدل عليه من انقسام الحج الى الاقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء. وأما انكار عمر التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الاجماع بعده على جوازه. (3) أي تمتع بعد العمرة من النساء والثياب والطيب وغيرها من محرمات الاحرام الى الاحرام بالحج. (م ت) (4) الخبر الى هنا في الكافي ج 4 ص 299 والتهذيب. وما بعده من كلام الراوى ظاهرا.

[ 313 ]

ساق الهدي وأشعره وقلده (1). 2547 – وروى ابن اذينة، عن زرارة قال: ” جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وهو خلف المقام فقال: إني قرنت بين حجة وعمرة، فقال: هل طفت بالبيت؟ فقال: نعم (2) قال: هل سقت الهدي؟ قال: لا، فأخذ أبو جعفر عليه السلام بشعره، ثم قال:


(1) لا أعلم له معنى صريحا ويمكن أن يكون فيه سقطا أو تصحيفا، وقال الفيض – رحمه الله – في الوافى: بناء استثناء المعتمر على عدم جواز عمرتين في عام فانه إذا كان كذلك لم يكن طوافه من عمرة صحيحة فلا عقد لا حل. ومورد الكلام في هذا الحديث طواف المفردين المقدمين وان عم حكمه في الحج مطلقا. وقال الشيخ محمد: الغرض رد العامة الذين يدخلون مكة محرما ويطوفون قاصدين طواف القدوم من دون احلال بل يبقون على احرامهم فقال: هم محلون كرهوا أو أحبوا الا من اعتمر لعامه ليتمتع فانه يحل باختياره وسائق الهدى إذا قدم الطواف لا يحل فالاستثناء من قوله ” أحب أو كره ” اه‍. وقال الفاضل التفرشى مثله. (2) اريد بالطواف البيت والمسعى معا (الوافى) وقال المولى المجلسي – رحمه – الله -: قوله ” انى قرنت بين حجة وعمرة ” أي قلت حين التلبية لبيك بحجة وعمرة، وهذا الكلام لو قاله المتمتع كان معناه أنى أعتمر عمرة أتمتع بعدها الى الحج، وان قاله القارن الذى ساق الهدى كان معناه أنى أحج ان أمكن ولا أعتمر بعمرة مفردة، وان قاله المفرد فان كان لا يدرى أن التمتع عليه واجب أو لم يجب عليه بان كان من أهل مكة وحواليها فان لم يلب بعد صلاة الطواف ولم يعقد احرامه بالتلبية تصير حجه عمرة أو يمكنه أن يجعله عمرة بالنية بل لو كان عامدا وكان التمتع عليه واجبا يمكنه النقل كما يظهر من الاخبار ويدل عليه اطلاق هذا الخبر أيضا وان كان قصده من الطواف المستحب القدومى لا التقديمى. وقال استاذنا الشعرانى: يحتمل أن يكون المقصود القران على مذهب العامة بأن ينوى الجمع بين العمرة والحج في احرام واحد وهو غير جائز عندنا، فان خالف ونوى الجمع اختلف الفقهاء فقال بعضهم: لا يقع حجا ولا عمرة، وقال بعضهم: يصح حجا مفردا ويجوز له أن يعدل الى عمرة التمتع قال الشيخ – رحمه الله – في الخلاف: إذا قرن بين العمرة والحج في احرامه لم ينعقد احرامه الا بالحج، فان أتى بافعال الحج لم يلزمه دم، وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم، ومثله في المبسوط، والرواية موافقة لهذا القول وذلك لان احرامهم لو كان باطلا لوجب على الامام ردعهم لاتركهم على الباطل وتقريرهم على ما أتوا به ويحتمل استفادة البطلان كما قاله المراد – رحمه الله – قوله قال ” ثم أحللت ” لعله كناية عن بطلان احرامه ولعل السؤال عن الطواف والسياق لبيان الحال لا لان لهما دخلا في الحكم – انتهى.

[ 314 ]

أحللت الله ” (1). 2548 – وروى أبو أيوب بن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن أحدهم (2) يقرن ويسوق فأدعه عقوبة بما صنع “. 2549 – وروي عن يعقوب بن شعيب (3) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يحرم بحجة وعمرة وينشئ العمرة أيتمتع (4)؟ قال: نعم “. 2550 – وروى إسحاق بن عمار، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له ” (5).


(1) الظاهر أن هذا كناية عن التقصير أي قصر أو أخذ عليه السلام من شعره. وقيل: الضمير راجع إليه عليه السلام تأكيدا للقسم أي أخذ عليه السلام بلحية نفسه وقال: أحللت والله. وهو بعيد. وقال في الوافى اريد بالاخذ بشعره التقصير أو تعليمه اياه. (2) من المخالفين ومعنى ” أدعه ” أي لا ابين لهم أفضلية التمتع عقوبة لترك متابعته امام الحق. (3) السند صحيح على ما في الخلاصة. (4) يعنى مع أنه قال: لبيك بحجة وعمرة وقدم الحجة في النية ولما قدم مكة قلبها تمتعا أيجوز ذلك، قال: نعم وذلك لان الواو لا يدل على الترتيب. وقال الفاضل التفرشى المراد أنه نوى في أحرامه الحج والعمرة ثم عدل عنه الى الاحرام بالعمرة. وفى بعض النسخ ” ينسى ” بالسين المهملة فينبغي أن يراد بيحرم يريد الاحرام للحجة المتمتع بها فنسى أن يحرم بالعمرة فمعنى أيتمتع أله أن يعدل عنه الى العمرة ويتمتع. وقال استاذنا الشعرانى: الاظهر أن السؤال عن القران على مذهب العامة والجواب أنه صحيح يقع حجا مفردا يجوز له العدول الى العمرة موافقا لقول الخلاف، ولا يبعد أن يكون ” ينسئ ” مهموز اللام من الانساء بمعنى التأخير لان العامة يجوزون في القران أن ينوى الحج والعمرة نية واحدة عند الاحرام وأن ينوى الاحرام بالحج أولا، ثم يدخل العمرة في احرامه بعد مضى مدة. وقال الفيض – رحمه الله -: اريد بهذه الاخبار جواز العدول عن الافراد الى التمتع ما لم يسق الهدى فيقصر ويحرم بحج التمتع الا أنه ان كان قد لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له كما يأتي. (5) ذلك لانه أبطل عمرته بالتلبية قبل اكمالها. (الوافى)

[ 315 ]

2551 – وكتب علي بن ميسر إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله ” عن رجل اعتمر في شهر رمضان (1) ثم حضر الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام إليه: يتمتع ” (2). 2552 – وروى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة إلى يوم القيامة (3) “. 2553 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال ابن عباس: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة “. 2554 – وسأل أبو أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز أبا عبد الله عليه السلام ” أي أنواع الحج أفضل؟ فقال: المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعل الناس “. والمتمتع هو الذي يحج في أشهر الحج ويقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة فإذا دخل مكة طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة سبعا وقصر وأحل فهذه عمرة يتمتع بها من الثياب والجماع والطيب وكل شئ يحرم على المحرم إلا الصيد لانه حرام على المحل في الحرم وعلى المحرم في الحل والحرم، ويتمتع بما سوى ذلك إلى الحج. والحج ما يكون بعد يوم التروية من عقد الاحرام الثاني بالحج المفرد، والخروج إلى منى (4) ومنها إلى عرفات، وقطع التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة (5) والجمع فيها بين الظهر والعصر (6) بأذان واحد وإقامتين، والوقوف بها إلى غروب


(1) أي لم يكن من أشهر الحج حتى يتمتع بعمرته. (م ت) (2) في الكافي ج 4 ص 292 ” يتمتع أفضل “. (3) أي لم ينسخ كما قاله بعض المخالفين تقوية لقول عمر. (4) للبيتوتة بها استحبابا ومنها الى عرفات وجوبا. (5) ونية الوقوف عنده على المشهور. (9) أي استحبابا، و ” بأذان واحد ” أي للظهر.

[ 316 ]

الشمس، والافاضة إلى المشعر الحرام (1) والجمع بين المغرب والعشاء بها بأذان واحد وإقامتين، والبيتوتة بها (2) والوقوف بها بعد الصبح إلى تطلع الشمس على جبل ثبير (3) والرجوع إلى منى، والذبح والحلق والرمي (4) ودخول مسجد الحصباء (5) والاستلقاء فيه على القفا، وزيارة البيت وطواف الحج وهو طواف الزيارة، وطواف النساء (6) فهذه صفة المتمتع بالعمرة إلى الحج. والمتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت: طواف للعمرة، وطواف للحج، وطواف للنساء (7) وسعيان بين الصفا والمروة (8) كما ذكرناه. وعلى القارن والمفرد طوافان بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة (9) ولا يحلان بعد العمرة، يمضيان على إحرامهما الاول، ولا يقطعان التلبية إذا نظرا إلى بيوت مكة كما يفعل المتمتع بالعمرة ولكنهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس. والقارن والمفرد صفتهما واحدة إلا أن القارن يفضل على المفرد بسياق الهدي.


(1) أي الذهاب الى المشعر وهو بين المأزمين. (2) أي الى طلوع الشمس وجوبا تأسيا بالنبي والائمة عليهم السلام أو استحبابا على المشهور والاحتياط تقربا الى الله تعالى بدون نيتهما. (م ت) (3) ثبير كأمير جبل مشرف على مسجد منى وهو مقابل للحاج عند انتظار طلوع الشمس في أول وادى محسر ولا يشاهد الشمس في المشعر للجبال. (م ت) (4) يعنى الرجوع الى منى للمناسك وهو الذبح والحلق والرمى وكأنه لا يرى الترتيب وان كان الواو لا تدل عليه لكن يبتدى برمى جمرة العقبة ثم يذبح هديه ويأكل منه ثم يحلق رأسه أو يقصر. (م ت) (5) بالابطح لمن نفر في الاخير، والاستلقاء فيه على القفا استحبابا ويأتى الكلام فيه مفصلا. (6) لم يذكر المبيت في الليالى الثلاث ورمى الجمار فيها اما لما سيجئ واما لاعتقاده أنها ليست من أجزاء الحج أو لندبها عنده. (م ت) (7) أي للحج وليس في العمرة طواف النساء. (8) سعى للحج وسعى للعمرة. (9) الظاهر أن لفظة ” سعيان ” من سهو النساخ والصواب سعى كما في الاخبار (م ت) أو كون التثنية باعتبار الصفا والمروة لكنه بعيد.

[ 317 ]

2555 – وروى درست (1) عن محمد بن الفضل الهاشمي قال: ” دخلت مع إخواني علي أبي عبد الله عليه السلام فقلنا له: إنا نريد الحج وبعضنا صرورة، فقال عليه السلام: عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج، واجتناب المسكر، والمسح على الخفين “. باب * (فرائض الحج) * فرائض الحج (2) سبع: الاحرام، والتلبيات الاربع التي يلبى بها سرا، وهي ” لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ” والطواف بالبيت، والركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشعر الحرام، والهدي للمتمتع. 2556 – وقال الصادق عليه السلام: ” والوقوف بعرفة سنة (3) وبالمشعر فريضة، وما سوى ذلك من المناسك سنة ” (4). باب * (ما جاء فيمن حج بمال حرام) * 2557 – روي عن الائمة عليهما السلام أنهم قالوا: ” من حج بمال حرام نودي


(1) درست واقفى ولم يوثق وهو من أصحاب أبى الحسن موسى عليه السلام. (2) المراد بالفرائض هنا الاركان ظاهرا. (3) أي ليس في الكتاب العزيز ما يدل على وجوبه صريحا بل وجوبه انما يستفاد من عمل النبي صلى الله عليه وآله، وأما قوله تبارك وتعالى ” ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ” وكذا قوله ” فإذا أفضتم من عرفات ” فانما يدلان على وقوع الافاضة منها ووقوع ما يلزمه من الكون بها دون وجوبه. وقوله ” وبالمشعر فريضة ” يعنى وجوبه ثابت بالقرآن صريحا حيث يقول ” فاذكروا الله عند المشعر الحرام ” والامر ظاهره الوجوب. (4) يعنى ما سوى المذكور وان كان بكل اشارة في الكتاب لكن لا يكون بحيث يدل =

[ 318 ]

عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك (1) “. باب * (عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له) * 2558 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال ” لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة (2) صليت ركعتين وأحرمت في دبرها، فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد الله عزو جل واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: ” اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك، فاني عبدك وفي قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك [ صلى الله عليه وآله ] وتقويني على ما ضعفت عنه وتتسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية، واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم إني خرجت من شقة بعيدة، وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك (3) اللهم فتمم لي حجي، اللهم إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحسبني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ” يجزيك (4) أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم، ثم قم فامش هنيئة، فإذا =


على الوجوب صريحا وانما يستفاد الوجوب من عمل النبي صلى الله عليه وآله. (1) يدل على عدم كمال حجه الا أن يكون ثوبا احرامه مغصوبين أو أحدهما، وكذا الهدى أو اشتراها بعين المال الحرام. (م ت) (2) قال الفيض – رحمه الله -: يعنى وان لم يكن وقت صلاة مكتوبة وتكون صلاتك للاحرام نافلة صليت ركعتين. (3) من قوله ” اللهم انى خرجت ” الى هنا ليس في الكافي والتهذيب. (4) في الكافي والتهذيب ” قال: يجزيك – الخ “.

[ 319 ]

استوت بك الارض (1) ماشيا كنت أو راكبا فلب ” (2). 2559 – وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه السلام ” أليلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أم نهارا؟ فقال: نهارا، فقلت: أي ساعة؟ قال: صلاة الظهر، فسألته متى ترى أن نحرم، قال: سواء عليكم (3) إنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الظهر لان الماء كان قليلا، كان يكون في رؤوس الجبال فيهجر الرجل (4) إلى مثل ذلك من الغد (5) فلا يكادون يقدرون على الماء، وإنما احدثت هذه المياه حديثا “. 2560 – وروى ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إني اريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ فقال: ” اللهم


(1) أي سلكت فيها ودخلت في الطريق. (2) قال في المدارك: التلبيات الاربع وعدم انعقاد الاحرام للتمتع الا بها فقال العلامة في التذكرة والمنتهى: انه قول علمائنا أجمع والاخبار فيه مستفيضة، وانما الكلام في اشتراط مقارنتها للنية كمقارنة التحريم لنية الصلاة وبه قطع الشهيد في اللمعة لكن ظاهر كلامه في الدروس التوقف وكلام باقى الاصحاب خال من الاشتراط بل صرح كثير منهم بعدمه، وينبغى الجزم بجواز تأخير التلبية عن نية الاحرام للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة معاوية بن عمار (يعنى هذا الخبر) وغيرها، بل يظهر من صحيحة معاوية تعين ذلك لكن الظاهر أنه للاستحباب والذى يقتضيه الجمع بين الاخبار التخيير بين التلبية في موضع عقد الاحرام وبعد المشى هنيئة، وبعد الوصول الى البيداء وان كان الاولى العمل بما تضمنه صحيحة معاوية بن عمار. (3) أي مثل ذلك الوقت الى نصف النهار. وقال العلامة المجلسي: لعله محمول على التقية أو على عدم تأكد الاستحباب. (4) في المغرب: هجر: إذا سار في الهاجرة وهى نصف النهار في القيظ خاصة ثم قال: قيل هجر الى الصلاة: إذا بكر ومضى إليها في أول وقتها. (5) يعنى يذهب في طلب الماء اليوم فلا يأتي به الا أن يمضى به من الغد مقدار ما مضى من اليوم. والمراد أن السبب في احرام النبي صلى الله عليه وآله وقت الظهر انما كان حصول الماء له في ذلك الوقت. (الوافى)

[ 320 ]

إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك ” وإن شئت أضمرت الذي تريد “. 2561 – وسأله حمران بن أعين (1) ” عن الرجل يقول: حلني حيث حبستني قال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل “. 2562 – وروى حفص بن البختري: ومعاوية بن عمار، وعبد الرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم، ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء، فإذا استوت بك البيداء فلب ” (2). وإن أهللت (3) من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء (4) وتلبي قبل أن تصير إلي الابطح (5).


(1) طريق المؤلف إليه غير مذكور في المشيخة والخبر في الكافي والتهذيب عن حمزة ابن حمران وسيأتى من المؤلف بعينه في باب الحصر عن حمزة بن حمران ولعل السهو من النساخ. وطريق الصدوق الى حمزة صحيح. (2) يدل على استحباب تأخير التلبية الى البيداء لمن أحرم من الشجرة كما يدل عليه غيره من الاخبار الكثيرة. (م ت) (3) لما ذكر موضع الاحرام بالعمرة ذكر هنا موضع الاحرام بالحج. (4) الرقطاء موضع دون الردم، والردم هو الحاجز الذى يمنع السيل عن البيت المحرم ويسمى المدعى، ويظهر من بعض الاخبار أنه ملتقى طريق الجبل وطريق العام الى منى. وقال الفاضل الاستر آبادي: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها ان يكون الرقطاء اسم موضع بمكة. واما الردم فالمراد منه المدعا – بفتح الميم وسكون الدال المهملة والعين المهملة بعدها ألف – والعلة في التعبير عن المدعا بالردم أن الجائى من الابطح الى المسجد الحرام كان يشرف الكعبة من موضع مخصوص وكان يدعو هناك وكانت هناك عمارة ثم طاحت وصار موضعها تلا، والظاهر عندي ” الرمضاء ” بالراء المفتوحة والميم الساكنة والضاد المعجمة بعدها الف – انتهى كلامه رفع مقامه. وفى الكافي ” الرفضاء ” وفى بعض نسخة ” الروحاء “. (5) روى الكليني ج 4 ص 454 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل، وألبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا =

[ 321 ]

2563 – وفي رواية هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أحرمت من غمرة (1) أو بريد البعث صليت وقلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك وإن شئت لبيت من موضعك، والفضل أن تمشي قليلا ثم تلب ” (2). 2564 – وفي رواية ابن فضال عن أبي الحسن عليه السلام ” في الرجل يأتي ذا الحليفة أو بعض الاوقات بعد صلاة العصر أو في غير وقت صلاة؟ قال: لا، ينتظر حتى تكون الساعة التي يصلي فيها – وإنما قال ذلك مخافة الشهرة – ” (3). 2565 – وروى حفص بن البختري (4) عن أبي عبد الله عليه السلام ” فيمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة، ثم وقع على أهله قبل أن يلبي، قال: ليس عليه شئ ” (5). =


وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، وأحرم بالحح، ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت الى الرفضاء دون الردم فلب، فإذا انتهيت الى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى “. (1) أوسط وادى العقيق أو آخره كما تقدم، وبريد البعث أوله. (م ت) (2) قوله ” صليت ” أي للاحرام ” قلت ما يقول المحرم ” من نية العمرة المتمتع بها الى الحج لفظا مع القصد (م ت) (3) الظاهر أن هذه الجملة من كلام المؤلف – رحمه الله – وحمل الخبر على الاتقاء عليهم أو التقية ويدل عليه خبر ادريس بن عبد الله في التهذيب ج 1 ص 468 قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال: يقيم الى المغرب، قلت: فان أبى جماله أن يقيم عليه، قال: ليس له أن يخالف السنة، قلت: أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال: لا بأس به ولكني أكرهه للشهرة وتأخير ذلك أحب – الخ ” (4) الطريق إليه صحيح وهو ثقة. (5) يدل على أن الاحرام هو نية التحريم، ولا ينعقد الا بالتلبية ويجوز الجماع قبلها (م ت) وهو مجمع عليه بين الاصحاب.

[ 322 ]

2566 – وفي رواية أبان، عن علي بن عبد العزيز (1) قال: اغتسل أبو عبد الله عليه السلام بذي الحليفة للاحرام وصلى، ثم قال: هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد فاتي بحجلتين (2) فأكلهما قبل أن يحرم ” (3). 2567 – وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه السلام ” أنه صلى ركعتين وعقد في مسجد الشجرة، ثم خرج فاتي بخبيص (4) فيه زعفران فأكل – قبل أن يلبي – منه “. 2568 – وروى عنه وهب بن عبد ربه (5) ” في رجل كانت معه أم ولدله فأحرمت قبل سيدها أله أن ينقض إحرامها ويطأها قبل أن يحرم؟ قال: نعم ” (6). 2569 – وكتب بعض أصحابنا إلى أبي إبراهيم عليه السلام ” في رجل دخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم، ثم خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي [ أله ] أن ينقض ذلك بمواقعة النساء؟ فكتب عليه السلام: نعم – أو لا بأس به – ” (7).


(1) رواه الكليني في الصحيح عن ابن مسكان، عن على بن عبد العزيز. (2) الحجل الذكر من القبج معرب كبك. (3) استدل به على عدم انتقاض الغسل بأكل لحم الصيد، ويمكن أن يكون عليه السلام اغتسل بعد ذلك، نعم يدل على جواز الاكل منه بعدهما وأن كان الظاهر الاول. (م ت) (4) الخبيص – وزان فعيل بمعنى مفعول -: طعام يعمل من التمر والزيت والسمن. (5) طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة لكنه ثقة ورواه الكليني في القوى عن ابن محبوب عنه. (6) يدل ظاهرا على عدم انعقاد احرام المملوك بدون اذن مولاه، وعلى جواز نقضه لو قيل بالانعقاد ولا مدخل لهذا الخبر في هذا الباب وكأن المصنف – رحمه الله – حمله على الاحرام بدون التلبية وهو خلاف ظاهر المقام. (م ت) (7) مروى في الكافي ج 4 ص 331 عن النظر بن سويد في الصحيح، ويدل على ما هو المقطوع به في كلام الاصحاب من أنه إذا عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ولم يلب ثم فعل ما لا يحل للمحرم فعله لم يلزمه بذلك كفارة.

[ 323 ]

باب * (الاشعار والتقليد) * (1) 2570 – روى عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر الله عزوجل له على ذلك ” (2). 2571 – وروى حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” كان الناس يقلدون الغنم والبقر (3) وإنما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط أو بسير ” (4). 2572 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل ساق هديا ولم يقلده ولم يشعره، قال: قد أجزأ عنه (5) ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا


(1) الاشعار مختص بالبدن بشق سنامها من الجانب الايمن ولطخه بدمها، والتقليد مشترك بين الانعام الثلاثة بأن يقلد في رقبتها نعل خلق قد صلى فيها أو غيره، أو خيط أو سير على ما يظهر من الاخبار، والبدن جمع للبدنة – ككتب للكتبة – وهى الابل الجسيم ذو البدن وسيجئ أنها الثنى منها، وهى ما دخل في السادسة وقد تطلق على البقرة لكن في غير أخبارنا اعلامها بشق سنامها ولطخها بالدم. (م ت) (2) ” استحسنوا اشعار البدن ” أي مع اشتماله على الاضرار بها، ولعل مرجع الضمير الخواص والعوام وضمير ” له ” لصاحب البدن. (مراد) (3) لعل المراد كانوا يقلدونها بالنعل التى يصلون فيها لان تقليدها به هو الشايع المتعارف. (مراد) (4) السير كالخيط من الجلد. (5) لعل المراد بعد ما وقع عنه التلبية فانه حينئذ يستحب التقليد والاشعار (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: لعل المراد اجزاء التلبية عن عقد الاحرام بهما، و ” ما أكثر ” فعل التعجب و ” ما ” الثانية عبارة عن الهدى. واسناد لا يحلل – على بناء الفاعل من التحليل – إليه مجازى أي كثيرا ما من الهدى هدى لا يقلد ولا يشعر ولا يوجب ذلك أن يكون صاحبه حلالا لم ينعقد احرامه. ويجوز أن يكون ” ما ” بمعنى ” من ” أي كثير من الناس يعقد احرامه بغير الاشعار والتقليد ولا يلزم من ذلك أن يكون حلالا فاسد الاحرام.

[ 324 ]

يجلل ” (1). 2573 – وروى الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل أحرم من الوقت (2) ومضى ثم إنه اشترى بدنة بعد ذلك بيوم أو يومين فأشعرها وقلدها وساقها، فقال: إن كان ابتاعها قبل أن يدخل الحرم فلا بأس، قلت: فإنه اشتراها قبل أن ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها وقلدها أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال: لا ولكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم، ثم يشعرها ويقلدها فإن تقليده الاول ليس بشئ ” (3). 2574 – وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: ” سألت أبا – عبد الله عليه السلام عن البدن كيف تشعر؟ فقال: تشعر وهي باركة من شق سنامها الايمن وتنحر وهي قائمة من قبل الايمن “. 2575 – وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” تقلدها (4) نعلا خلقا قد صليت فيها (5) والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية “. 2576 – وفي رواية عبد الله بن سنان عنه عليه السلام ” إنها تشعر وهي معقولة “. 2577 – وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: ” خرجت في عمرة (6)


(1) تجليل الهدى: ستره بثوب، ومنه الجل للفرس وروى أنهم كانوا يجللون بالبرد. وقال سلطان العلماء: قد ضبطه بعضهم بالحاء المهملة على صيغة المجهول أي كثيرا ما لا يبلغ الهدى محله من التحليل أي تبليغ الهدى محله، وقيل: المراد كثيرا ما لا يقلد ولا يشعر ولا يصير بذلك المكلف حلالا أي لا يبطل احرامه ولا يخفى بعد ذلك كله. (2) أي من الميقات وكذا ما يأتي في الموضعين. (3) يدل على جواز الاشعار والتقليد بعد الاحرام لو كان قبل دخول الحرم، وعلى أن الاحرام والتقليد والاشعار قبل الميقات بمنزلة العدم. (م ت) (4) في بعض النسخ ” يقلدها ” بالياء. (5) الخلق: البالى، وقوله ” صليت ” على نسخة ” تقلدها ” يقرء معلوما وعلى نسخة ” يقلدها ” يقرء مجهولا، والذى ذهب إليه أكثر الفقهاء ضيغة المعلوم يعنى كون المحرم صلى فيها. (6) أي عمرة التمتع بقرينة قوله ” من عرفة “.

[ 325 ]

فاشتريت بدنة وأنا بالمدينة فأرسلت إلى أبي عبد الله عليه السلام فسألته كيف أصنع بها؟ فأرسل إلى ما كنت تصنع بهذا فإنه كان يجزيك أن تشتري منه من عرفة، وقال: انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فاستقبل بها القبلة وأنخها ثم ادخل المسجد فصل ركعتين ثم اخرج إليها فأشعرها في الجانب الايمن، ثم قل: ” بسم الله اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني ” فإذا علوت البيداء فلب ” (1). * (باب التلبية) * 2578 – روى النضر بن سويد (2) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لما لبى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد (3) والنعمة لك والملك، لا شريك لك [ لبيك ]، لبيك ذا المعارج لبيك ” وكان عليه السلام يكثر من ذي المعارج (4) وكان يلبي كلما لقي راكبا أو علا أكمة (5) أو هبط واديا، ومن آخر الليل، وفي أدبار الصلوات ” (6). 2579 – وفي رواية حريز ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أحرم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: مر أصحابك بالعج والثج، فالعج رفع الصوت بالتلبية، والثج نحر البدن ” (7)


(1) يدل ظاهرا على عدم استحباب السياق من التمتع أو عدم تأكده ولهذا رخص له (م ت) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 296 مع اختلاف ويمكن أن يكون هذا غيره. (2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة. (3) يجوز الفتح والكسر في الهمزة والكسر أولى، لانه يدل على العموم بخلاف الفتح لما يدل على خصوص المقام لانه يصير كالعلة في اختصاص التلبية به تعالى وفى الكسر يدل عليه وعلى غيره من المحامد. (م ت) (4) أي كان صلى الله عليه وآله يقول: ” لبيك ذا المعارج لبيك ” كثيرا. (م ت) (5) الاكمة – محركة -: التل وهى دون الجبال. (6) رواه الكليني في حديث مفصل في باب حج النبي صلى الله عليه وآله ج 4 ص 250. (7) في الكافي ج 4 ص 336 ” على بن ابراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز رفعه قال ” ان رسول الله (ص) – الخ ” وزاد في آخره ” قال جابر بن عبد الله: ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا ” أي خشنت أصواتنا. والروحاء على نحو أربعين ميلا من المدينة.

[ 326 ]

2580 – وروى أبو سعيد المكاري (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن الله عزوجل وضع عن النساء أربعا: الاجهار بالتلبية، والسعي بين الصفا والمروة – يعني الهرولة – ودخول الكعبة، واستلام الحجر الاسود ” (2). 2581 – وروى الحلبي (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” لا بأس أن تلبي وأنت على غير طهر، وعلى كل حال ” (4). 2582 – وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ” لا بأس أن يلبي الجنب ” (5). 2583 – وقال الصادق عليه السلام: ” يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي وهو محرم “. 2584 – وفي خبر آخر ” إذا نودي المحرم فلا يقل لبيك ولكن يقول: يا سعد ” (6). 2585 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: إن التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية ” لبيك اللهم لبيك لبيك


(1) لم يذكر المؤلف طريقه إليه وهو ضعيف ورواه الشيخ بسند فيه ارسال. (2) روى الكليني عن على، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن أبى أيوب الخزاز، عن أبى سعيد المكارى، عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ليس على النساء جهر بالتلبية ” وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: في بعض نسخ الكافي الصحيحة بزيادة ” ولا استلام الحجر ولا دخول البيت ولا سعى بين الصفا والمروة – يعنى الهرولة – “. وفى طريق هذا الخبر ابن أبى عمير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فالسند معتبر لصحته عنه. (3) الطريق إليه صحيح وهو عبيدالله بن على الحلبي وكان ثقة. (4) يدل على عدم اشراط الطهارة في التلبية وان كانت أحسن كما سيجئ. (م ت) (5) كذا في النسخ التى عندي وقد قرأه بعضهم: ” لا بأس أن يلبى المجيب “. (6) محمول على الكراهة ولعل المراد ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 366 في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ليس للمحرم أن يلبى من دعاه حتى يقضى احرامه، قلت: كيف يقول قال يقول: يا سعد ” وهو أيضا، محمول على الكراهة. والحكمة فيه واضحة لان التلبية هنا اجابة لله تعالى فيكره أن يشرك غيره فيها ما دام في احرامه.

[ 327 ]

لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك [ لبيك ] ” (1). 2586 – وروى لي محمد بن القاسم الاسترابادي (2)، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن يسار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [ عن أبيه ] عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما بعث الله عزوجل موسى ابن عمران واصطفاه نجيا، وفلق له البحر، ونجى بني اسرائيل، وأعطاه التوراة والالواح رأى مكانه من ربه عزوجل فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي، فقال الله جل جلاله، يا موسى أما علمت أن محمدا صلى الله عليه وآله أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي، فقال موسى: يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الانبياء أكرم من آلي؟ قال الله عزوجل: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال: يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الانبياء أفضل عندك من امتي ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله عزوجل: يا موسى أما علمت أن فضل امة محمد على جميع الامم كفضله على جميع خلقي، فقال موسى عليه السلام: يا رب ليتني كنت أراهم، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى إنك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد، في نعيمها يتقلبون، وفي خيراتها يتبجحون (3) أفتحب أن اسمعك كلامهم؟ قال: نعم يا إلهي قال الله عزوجل: قم بين يدي واشدد مئزرك


(1) يدل على كيفية التلبية، وعلى أنها شعار المحرم وعلامته، وعلى استحباب الجهر فيها. (م ت) (2) هو صاحب التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه السلام قال العلامة في الخلاصة انه ضعيف كذاب روى الصدوق عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والاخر على بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبى الحسن الثالث عليه السلام والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير – انتهى. (3) بتقديم المعجمة على المهملة أي يتنعمون.

[ 328 ]

قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، ففعل ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عزوجل يا امة محمد! فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم ” لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك [ لبيك ] ” قال: فجعل الله عزوجل تلك الاجابة شعار الحج “. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته في تفسير القرآن. باب * (ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال (1)) * * (في الحج) * 2587 – روى محمد بن مسلم، والحلبي جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ” (2) فقال: ” إن الله عزوجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا، فمن وفى له وفى الله له، فقالا له: فما الذي اشترط عليهم وما الذي شرط لهم؟ فقال: أما الذي اشترط عليهم فإنه قال: ” الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج “. وأما ما شرط لهم فإنه قال: ” فمن تعضل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ” قال يرجع ولا ذنب له، فقالا له: أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ فقال: لم يجعل الله عزوجل له حدا يستغفر الله ويلبي، فقالا له: فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ فقال: إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة، وعلى المخطئ بقرة ” (3) وقال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي (4): إتق في إحرامك الكذب


(1) الرفث هو الجماع أو الاعم منه ومن الفحش والكلام القبيح، والفسوق: الكذب، والجدال هو قول: ” لا والله وبلى والله “. (2) أي لاجماع ولا كذب ولا سباب ولا جدال في أيام الحج. (3) يعنى يجب على الصادق في يمينه دم شاة يهريقه ويطعمها على المساكين، وعلى المخطئ بقرة. (4) اكتفى في هذه الاحكام بقول أبيه ولم ينقل الاخبار الواردة فيها اختصارا.

[ 329 ]

واليمين الكاذبة والصادقة وهو الجدال، والجدال قول الرجل: (لا والله وبلى والله) فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ عليك، فإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم شاة، فإن جادلت مرة كاذبا فعليك دم شاة، وإن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة، وإن جادلت كاذبا ثلاثا فعليك بدنة (1)، والفسوق الكذب فاستغفر الله منه، والرفث الجماع، فإن جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة والحج من قابل، ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تقضيا المناسك، ثم تجتمعان، فإن أخذتما على طريق غير الذي كنتما أخذتما عليه عام أول لم يفرق بينكما، وتلزم المرأة بدنة إذا جامعها الرجل، فإن أكرهها لزمته بدنتان ولم يلزم


(1) في الكافي ج 4 ص 338 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أحرمت فعليك بتقوى الله، وذكر الله كثيرا، وقلة الكلام الا بخير فان من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه الا من خير كما قال الله عزوجل فان الله عزوجل يقول: ” فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ” والرفث: الجماع، والفسوق: الكذب والسباب، والجدال: قول الرجل ” لا والله وبلى والله ” واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به، وقال: اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فان الله عزوجل يقول: ” ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ” قال أبو عبد الله: من التفث أن تتكلم في احرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة، قال: وسألته عن الرجل يقول: لا لعمري وبلى لعمري، قال: ليس هذا من الجدال انما الجدال لا والله وبلى والله “. وفيه بسند ضعيف، عن أبان بن عثمان، عن أبى بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: ” إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم، وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم “. وفيه بسند صحيح عن سليمان بن خالد قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” في الجدال شاة، وفى السباب والفسوق بقرة، والرفث فساد الحج “.

[ 330 ]

المرأة شئ، فإن كان جماعك دون الفرج فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل. (1) 2588 – وقال الصادق عليه السلام (2): ” إن وقعت على أهلك بعد ما تعقد للاحرام


(1) في الكافي ج 4 ص 373 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” في المحرم يقع على أهله، قال: ان كان أفضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل، وان لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل، قال: وسألته عن رجل وقع على امرأته وهو محرم، قال: ان كان جاهلا فليس عليه شئ وان لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة وعليه الحج من قابل، فإذا انتهى الى المكان الذى وقع بها فرق محملهما فلم يجتمعا في خبأ واحد الا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله “. وفيه في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل باشر امرأته وهما محرمان ما عليهما؟ فقال: ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدى جميعا ويفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك وحتى يرجعا الى المكان الذى أصابا فيه ما أصابا وان كانت المرأة لم تعن بشهوة واستكرهها صاحبها فليس عليها شئ “. وفيه ج 4 ص 373 في الحسن كالصحيح عن زرارة قال: ” سألته عن محرم غشى امرأته وهى محرمة، قال: جاهلين أو عالمين؟ قلت: أجنبي في الوجهين جميعا، قال: ان كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ، وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذى أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحج من قابل، فإذا بلغا المكان الذى أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما ويرجعا الى المكان الذى أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأى الحجتين لهما، قال: الاولى التى أحدثا فيها ما أحدثا والاخرى عليهما عقوبة “. وقال في المدارك ص 451 اطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في الزوجة بين الدائم والمستمتع بها، ولا في الوطى بين القبل والدبر، ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه أوجب بالوطى في الدبر البدنة دون الاعادة وهو ضعيف لان المواقعة المنوط بها الاعادة يتناول الامرين، وألحق العلامة في المنتهى بوطى الزوجة الزنا ووطى الغلام لانه أبلغ في هتك الاحترام فكانت العقوبة عليه أولى بالوجوب، وهو غير بعيد وان أمكن المناقشة في دليله، ولا فرق في الحج بين كونه واجبا أو مندوبا لاطلاق النص ولان الحج المندوب يجب اتمامه بالشروع فيه كما يجب اتمام الحج الواجب، وانما يفسد الحج بالجماع إذا وقع قبل الوقوف بالمشعر كما سيجئ التصريح به. وقال في ص 453 ” ان من جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النساء كان حجه صحيحا ووجب عليه بدنة لا غير. (2) احتمل المولى المجلسي – رحمه الله – أن يكون هذا من تتمة كلام أبيه ويكون ملفقا من أخبار. وقال: ان كان من كلام المصنف لم نطلع عليه في غير هذا الكتاب.

[ 331 ]

وقبل أن تلبي فلا شئ عليك، وإن جامعت وأنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة والحج من قابل، وإن جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل، وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليك “. 2589 – وسأله أبو بصير ” عن رجل واقع امرأته (1) وهو محرم، قال، عليه السلام: عليه جزور كوماء (2) فقال: لا يقدر، قال عليه السلام: ينبغي لاصحابه أن يجمعوا له ولا يفسدوا عليه حجه ” (3). وإن نظر محرم إلى غير اهله فانزل فعليه جزورا أو بقرة، فان لم يقدر فشاة. (3) وإذا نظر المحرم إلى المرأة (5) نظر شهوة فليس عليه شئ، فإن لمسها فعليه


(1) في بعض النسخ ” واقع أهله “. (2) أي الناقة العظيمة السنام. (3) ” ينبغى ” أي يستحب. والخبر يحمل على ما إذا كان بعد الوقوف بالمشعر. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 540 في الصحيح عن زرارة قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر الى غير أهله فأنزل، قال عليه جزور أو بقرة، فان لم تجد فشاة “. وفى الكافي ج 4 ص 377 في الصحيح عن معاوية بن عمار ” في محرم نظر الى غير أهله فأنزل، قال: عليه دم لانه نظر الى غير ما يحل له، وان لم يكن أنزل فليتق الله ولا يعد وليس عليه شئ “. وهذا الخبر مجمل يفسره الخبر الاول أو يحمل الاول على الاستحباب عينا والوجوب تخييريا كما قاله المولى المجلسي. (5) أي امرأته دون الاجنبية روى الكليني في الكافي ج 4 ص 375 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن محرم نظر الى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم، قال: لا شئ عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربه وان حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى فلا شئ عليه وان حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم، قال في المحرم ينظر الى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل قال: عليه بدنة “. وفيه في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته، قال: نعم يصلح عليها خمارها ويصلح عليها ثوبها ومحملها. قلت: أفيمسها وهى محرمة؟ قال: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال: يهريق دم شاة، قلت: فان قبل؟ قال: هذا أشد ينحر بدنة “.

[ 332 ]

دم شاة، فان قبلها فعليه دم شاة (1). فإن أتى المحرم أهله ناسيا فلا شئ عليه إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس (2). 2590 – وسأل أبو بصير (3) أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل محرم نظر إلى ساق امرأة أو إلى فرجها فأمنى، فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة، وإن كان وسطا فعليه بقرة، وإن كان فقيرا فعليه شاة، وقال: إني لم أجعل عليه هذا لانه أمنى ولكني جعلته عليه لانه نظر إلى ما لا يحل له “. 2591 – وسأله محمد بن مسلم ” عن الرجل يحمل امرأته أو يمسها فأمنى أو أمذى؟ فقال: إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أو أمذى أو لم يمذ فعليه دم شاة يهريقه، وإن حملها أو مسها بغير شهوة فليس عليه شئ أمنى أو لم يمن، أمذى أو لم يمذ “. وإذا وجبت على الرجل بدنة في كفارة فلم يجدها فعليه سبع شياه، فإن لم


(1) في الكافي في الصحيح عن مسمع أبى سيار قال: قال لى أبو عبد الله عليه السلام: ” يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة فمن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة، ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربه، ومن مس امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة، ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، ومن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه ” ويأتى تحت رقم 2715 عن الحلبي ما يدل على كلام المؤلف. (2) روى المؤلف في العلل عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبى جعفر عليه السلام ” في المحرم يأتي أهله ناسيا؟ قال: لا شئ عليه انما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس ” ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 381 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام – في حديث -: ” وليس عليك فداء ما أتيته بجهالة الا الصيد، فان عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد ” وكذا ما روى في تحف العقول في مرسل عن أبى جعفر الثاني عليه السلام في حديث طويل قال: وكلما أتى به المحرم بجهالة أو خطا فلا شئ عليه الا الصيد – الحديث “. (3) طريق المؤلف الى أبى بصير ضعيف بعلى بن أبى حمزة البطائني، لكن الخبر رواه الكليني ج 4 ص 377 في الموثق كالصحيح.

[ 333 ]

يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله (1). وإن طفت بالبيت وبالصفا والمروة وقد تمتعت ثم عجلت فقبلت أهلك قبل أن تقصر من رأسك فإن عليك دما تهريقه، وإن جامعت فعليك جزور أو بقرة (2) 2592 – وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له أصحابه: والله لا تعلمه (3) فيقول: والله لاعملنه فيحالفه مرارا، فيلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ فقال: لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما يلزمه ما كان لله عزوجل معصية “. 2593 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله عزوجل فإن الله عزوجل يقول: ” ثم ليقضوا تفثهم ” ومن التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت


(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 584 في الصحيح عن ابن محبوب، عن داود الرقى عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء، قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما “. ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن محمد، عن داود الرقى. (2) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 440 في الحسن كالصحيح والشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبي واللفظ للكليني قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثم بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه، فقال: عليه دم يهريقه، وان جامع فعليه جزور أو بقرة ” وقال العلامة المجلسي – ره -: ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة وهو اختيار ابن ادريس، وقال ابن أبى عقيل: عليه بدنة، وقال سلار: عليه بقرة. والمعتمد الاول، وقال في التحرير: ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور ان كان موسرا وان كان متوسطا فبقرة، وان كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته، والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ، ولو قبل أمرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة. (3) أي يريد أن يخدمهم على وجه الاكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع ان لا تفعل. (المرآة)

[ 334 ]

بالبيت تكلمت بكلام طيب وكان ذلك كفارة لذلك ” (1). باب * (ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز) * 2594 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن ” (2). 2595 – وروى حماد، عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كل ثوب تصلي فيه فلا بأس تحرم فيه (3) “. 2596 – وسأله حماد النواء (4) أو سئل وهو حاضر ” عن المحرم يحرم في برد (5) قال: لا بأس به وهل كان الناس يحرمون إلا في البرود (6) “. 2597 – وروى خالد بن أبي العلاء (7) الخفاف قال: ” رأيت أبا جعفر عليه السلام


(1) هذا جزء من الحديث الذى تقدم تمامه في الهامش على الكليني والشيخ – رحمهما الله -. (2) العبر – بالكسر -: ما أخذ على غربي الفرات الى برية العرب، وقبيلة (القاموس) وظفار – بفتح أوله والبناء على الكسر – كقطام وحذام مدينتان باليمن احداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفارى، بها كان مسكن ملوك حمير، وقيل: ظفار هي مدينة صنعاء نفسها. (المراصد) (3) في بعض النسخ ” تصلى فيه ” وكيف كان يستدل به على أنه يشترط أن يكونا من جنس ما يصلى فيه فلا يجوز في الحرير ولا النجس عدا النجاسة المعفو عنها في الصلاة ولا في جلد مالا يؤكل لحمه وشعره ووبره بل استشكل بعضهم في الجلد مطلقا بأنه لم يعهد من النبي (ص) ومن الائمة (ع) وفيه أن الخبر كاف في المعهودية مع تأيده بأخبار اخر مثله نعم الافضل أن يكون قطنا محضا لما رواه الكليني من فعل النبي (ص). (م ت) (4) الطريق إليه ضعيف كما في الخلاصة. (5) أي مع كونه مغشوشا بالحرير. (م ت) (6) مبالغة في كثرة الاحرام في البرد ومثله شايع في المبالغة. (مراد) (7) كذا، وهكذا في المشيخة لكن في كتب الرجال خالد بن بكار أبو العلاء الخفاف، وفى الكافي عن خالد أبى العلاء الخفاف.

[ 335 ]

وعليه برد أخضر وهو محرم (1) “. 2598 – وروي عن عمرو بن شمر [ عن أبيه ] (2) قال: ” رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه برد مخفف (3) وهو محرم “. 2599 – وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه ” سئل عن الرجل يحرم في الثوب الوسخ فقال: لا ولا أقول إنه حرام، ولكن أحب ذلك إلي أن يطهر [ ه ] وطهره غسله (4) ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شئ فيغسله (5) “. 2600 – وروى ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ ممشق (6) “. 2601 – وروي عن أبي بصير قال: ” سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام معه بعض صبيانه (7) فمر عليه عمر فقال: ما هذان الثوبان المصبوغان وأنت


(1) يدل على جواز الاحرام في الاخضر إذا كان بردا بغير كراهية الا أن يكون لبيان الجواز. (م ت) (2) ما بين القوسين زيادة في أكثر النسخ، ورواية عمرو بن شمر عن أبيه غريب لم نعهده الا هنا ولم يذكر في كتب الرجال. ولعله من زيادة النساخ. (3) في بعض النسخ ” مخفق ” أي لماع شفاف، وأخفق الرجل بثوبه لمع به. وعلى نسخة المتن يحتمل أن يكون المراد رقة الثواب أو قلة قيمته كما قاله سلطان العلماء – ره -. (4) لعل ذلك اشارة الى الثواب الذى يحرم فيه ومعنى أن يطهر كونه خاليا عن الوسخ وفى بعض النسخ أن يطهره أي يزيل وسخه بالغسل فذلك اشارة الى الثواب الوسخ وعلى التقديرين فضمير غسله للوسخ. (مراد) (5) المشهور بين الاصحاب كراهة الاحرام في الثياب الوسخة كما دلت عليه الرواية وكذا كراهة الغسل للثوب الذى أحرم فيه وان توسخ الا مع النجاسة. (المرآة) (6) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 467 عن ابن مسكان عن الحلبي نحوه في حديث. والممشق – كمعظم: المصبوغ بالمشق وهو بالكسر: طين أحمر يقال له بالفارسية ” گل أرمنى “. (7) في بعض النسخ ” بعض أصحابه ” لكن في التهذيب كما في المتن في حديث مفصل.

[ 336 ]

محرم؟ فقال علي عليه السلام ما نريد أحدا يعلمنا بالسنة إن هذين الثوبين صبغا بطين “. 2602 – وروي عن الحسين بن المختار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” أيحرم الرجل في الثوب الاسود؟ قال: لا يحرم في الثوب الاسود، ولا يكفن فيه الميت (1) “. 2603 – وروى حنان بن سدير قال: ” كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل أيحرم في ثوب فيه حرير، قال: فدعا بإزار له فرقبي (2) فقال: أنا احرم في هذا وفيه حرير “. 2604 – وروي عن الحلبي قال: ” سألته عن الرجل يحرم في ثوب له علم؟ فقال: لا بأس به ” (3). 2605 – وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم، وتركه أحب إلي إذا قدر على غيره “. 2606 – وسأله ليث المرادي ” عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل؟ قال: نعم إنما يكره الملحم (4) “. 2607 – وسأله الحسين بن أبي العلاء ” عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال: لا بأس به إذا ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض


(1) ظاهر الشيخ – رحمه الله – في النهاية حرمة الاحرام في السواد وحمل على تأكد الكراهة. (2) هو ثوب مصرى أبيض من كتان، قال الزمخشري: الفرقبية: ثياب مصرية بيض من كتان. وفى بعض النسخ ” قرقبى ” منسوب الى قرقوب حذف منه الواو كما حذف في السابرى حيث ينسب الى سابور، وقرقوب – بالضم ثم السكون وقاف اخرى وواو ساكنة وآخره باء موحدة -: بلدة متوسطة بين واسط والبصرة والاهواز كما في المراصد. (3) ” في ثوب له علم ” أي لون يخالف لونه. (4) في الصحاح الملحم – كمكرم -: جنس من الثياب. وقد قطع المحقق وجمع من الاصحاب بكراهة الاحرام في الملحم. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: الخبر محمول على الكراهة وعلى أن المراد بالملحم ما كان من الحرير المحض. وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: الظاهر أن المراد بالملحم ما كان لحمته حريرا كالقطنى المعروف بيننا فان حريره ظاهر شفاف بخلاف مثل الخزفان سداه أبريشم ولا يظهر.

[ 337 ]

وغسل فلا بأس (1) “. 2608 – وروى القاسم بن محمد الجوهري (2) عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن اضطر المحرم إلى أن يلبس قباء من برد ولا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا، ولا يدخل يديه في يدي القباء “. 2609 – وروي عن الكاهلي قال: ” سأله رجل وأنا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر (3) ثم يغسل ألبسه وأنا محرم؟ فقال: نعم ليس العصفر من الطيب، ولكني أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس “. 2610 – و ” سأله إسماعيل بن الفضل (4) عن المحرم أيلبس الثوب قد أصابه الطيب؟ فقال: إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه “. 2611 – وروي عن أبي الحسن النهدي قال: ” سأل سعيد الاعرج أبا عبد الله


(1) أي لا يكون مشبعا بلونه فانه لا يكاد يذهب ريحه غالبا وإذا ضرب الى البياض ان غسل حتى يذهب ريحه يجوز والا فلا يجوز لان الزعفران طيب بلا خلاف. (م ت) (2) ضعيف واقفى كعلى بن أبى حمزة، ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 466 في الصحيح عن موسى بن القاسم، عن ابن أبى عمير، عن حماد، عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام، وفى المدارك: هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق ويستفاد من الروايات أن معنى قلب الثوب تنكيسه وجعل الذيل على الكتفين كما ذكره ابن ادريس، وفسره بعضهم بجعل باطن القباء ظاهرا، واجتزأ العلامة في المختلف بكل من الامرين، أما التنكيس فلما تقدم، وأما جعل الباطن ظاهرا فلقوله عليه السلام ” ولا يدخل يديه ” فان هذا النهى انما يتحقق مع القلب بالتفسير الثاني، ولخبر محمد بن مسلم والاحتياط يقتضى الجمع بينهما – انتهى. أقول: أراد بخبر محمد بن مسلم ما يأتي تحت رقم 2616. (3) المشهور بين الاصحاب كراهة المعصفر (أي المصبوغ بالعصفر وهو صبغ أصفر اللون) وكل ثوب مصبوغ مفدم، وقال في المنتهى: لا بأس بالمعصفر من الثياب ويكره إذا كان مشبعا وعليه علماؤنا، والاظهر عدم كراهة المعصفر مطلقا إذ الظاهر من الاخبار أن أخبار النهى محمولة على التقية كما يومى إليه آخر هذا الخبر. (المرآة) (4) السند حسن كالصحيح.

[ 338 ]

عليه السلام وأنا عنده عن الخميصة (1) سداها إبريسم ولحمتها مرعزي (2) فقال: لا بأس بأن تحرم فيها، إنما يكره الخالص منها (3) “. 2612 – وسأل حماد بن عثمان أبا عبد الله عليه السلام ” عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الاحرام، فقال: لا بأس بهما هما طهوران (4) “. 2613 – وسأله سماعة ” عن الرجل يصيب ثوبه زعفران الكعبة وهو محرم، فقال: لا بأس به وهو طهور فلا تتقه أن يصيبك “. 2614 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المحرم يلبس الطيلسان المزرر؟ قال: نعم في كتاب علي عليه السلام: لا تلبس طيلسانا حتي تحل أزراره، وقال:


(1) الخميصة: كساء أسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة (الصحاح) وفى النهاية: ثوب خز أو صوف معلم، وقيل: لا تسمى بها الا أن تكون سوداء معلمة. (2) رواه الكليني عن أبى بصير وفيه ” ولحمتها من غزل “. والمرعزى – بكسر الميم وتشديد الياء وبفتح الميم وتخفيف الياء -: صغار شعر العنز الذى ينسج منه الصوف. (3) لعل المراد بالكراهة الحرمة. (4) أراد بالقبر قبر النبي (ص) فان القبر كثيرا ما يطلق في كلامهم عليهم السلام ويراد به قبره صلى الله عليه وآله، فان أضافوا إليه الطين فالمراد قبر الحسين عليه السلام، وانما كانا طهورين لشرفهما المستفاد من المكان الشريف فتطهيرهما معنوى عقلي، لا صوري حسى كتطهير الماء (الوافى) وفى النهاية الاثيرية: الخلوق طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ويغلب عليه الحمرة والصفرة – ا ه‍. وقيل: خلوق الكعبة ما يتخذ من زعفران الكعبة أي يكون غالب أخلاطه الزعفران، وخلوق القبر – بكسر القاف وسكون الموحدة ما يكون غالب أخلاطه القبر وهو كما في القاموس موضع متأكل في عود الطيب. وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: الظاهر أن الخلوق كان طيبا مركبا من أشياء منها الزعفران وكانوا يرشونها على الكعبة وعلى القبر فكان يصيب المحرم فرخص فيه للعسر والغرض من ذكر القبر بيان الخلوق المتخذ لهما إذا كان في الكعبة أو إذا أحرموا من مسجد الشجرة ورجعوا الى زيارته صلى الله عليه وآله.

[ 339 ]

إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه (1) “.


(1) قال في المدارك: ” لم أقف في كلام أهل اللغة على معنى طيلسان، وعرفه المحقق بأنه ثوب منسوج محيط بالبدن، ومقتضى العبارة جواز لبسه اختيارا، وبه صرح العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الدروس، واعتبر العلامة في الارشاد في جواز لبسه الضرورة والمعتمد الجواز مطلقا للاصل والاخبار الكثيرة. وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: الظاهر أنه ثوب يشمل البدن وليس له كم، ويكون فوق الثياب ويكون في بلاد الهند مخيطا وعندنا من اللبد للمطر، والظاهر تجويز الجميع بشرط ان لا يزر أزراره عليه، والاحوط نزع الازرار لئلا يزر الجاهل عليه أو ناسيا وان لم يلزم الناسي شئ لكن لما كانت المقدمة اختيارية فهو بمنزلة العمد، وأما الفقيه العالم فلا بأس لان تقواه مانع من النسيان كما هو المجرب. أقول: قال في النافع في المحرمات على المحرم ” ولبس المخيط للرجال وفى النساء قولان أصحهما الجواز “. ولم توجد رواية دالة على الحرمة وانما نهى عن القميص والقباء والسراويل وعن ثوب تزره أو تدرعه. ويمكن التمسك بما ورد في كيفية الاحرام من قول المحرم ” أحرم لك شعرى وبشرى ولحمي ودمى وعظامي وعصبي من النساء والطيب والثياب ” وقد ورد الترخيص في بعض الاخبار قال العلامة في التذكرة: ” ألحق أهل العلم بما نص النبي (ص) ما في معناه، فالجبة والدراعة وشبههما تلحق بالقميص، والتبان والران ملحق بالسراويل، والقلنسوة وشبهها مسا وللبرنس، والساعدان والقفازين وشبهها مسا وللخفين إذا عرفت هذا فيحرم لبس الثياب المخيط وغيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج والمعقق كجبة الملبد، والملصق بعضه ببعض حملا على المخيط ولمشابهته له في المعنى من الرفه “. وقال فقيه عصرنا مد ظله العالي في جامع المدارك: ” الظاهر أن مراده من النص ما روى العامة ” أن رجلا سأل رسول الله (ص) ما يلبس المحرم من الثياب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف الا أحدا لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ” (رواه أبو داود في السنن ج 2 ص 423 ومسلم في صحيحه ج 4 ص 2) ثم قال: والحق أن يقال: ان اندرج شئ من المذكورات في النص المذكور وقلنا باعتباره من جهة أخذ الفقهاء – رضوان الله عليهم – به أو تحقق اجماع فلا اشكال والا فما الوجه في حرمته كما أنه قد يوهن دعوى الاجماع من جهة ذكر مدرك المجمعين، الا أن يتمسك بقول المحرم في حال الاحرام ” أحرم لك شعرى – الخ “. (بقية الحاشية في الصفحة الاتية) =

[ 340 ]

2615 – وسأله رفاعة بن موسى (1) ” عن المحرم يلبس الجوربين، فقال: نعم، والخفين إذا اضطر إليهما (2) “. 2616 – وروى محمد بن مسلم (3) عن أبي جعفر عليه السلام ” في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟ قال: نعم ولكن يشق ظهر القدم، ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء، ويقلب ظهره لباطنه “. 2617 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه، ولا ثوبا تدرعه (4)، ولا سراويل إلا أن لا يكون =


وهذا كله للرجال وأما النساء ففى حرمة لبس المخيط عليهن خلاف ففى المحكى عن المنتهى ” ويجوز للمرأة لبس المخيط اجماعا لانها عورة وليست كالرجال ولا نعلم فيه خلافا الا قولا شاذا للشيخ – رحمه الله -. وهذا القول ذهب إليه الشيخ في النهاية في ظاهر كلامه حيث قال: ويحرم على المرأة في حال الاحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجل ويحل لها ما يحل له. مع أنه قال بعد ذلك: وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء والافضل ما قدمناه، وفى بعض نسخه. ” والاصل ما قدمناه ” وأما لبس السراويل فلا بأس بلبسه لهن على كل حال. (1) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة حسن الطريقة. (2) ظاهره عدم وجوب الشق. وفى المدراك ص 373: لا خلاف في جواز لبسهما عند الضرورة، انما الخلاف في وجوب شقهما، فقال الشيخ وأتباعه بالوجوب لرواية محمد ابن مسلم وأبى بصير وفى طريقهما ضعف، وقال ابن ادريس وجماعة: لا يجب الشق، واختلف في كيفية الشق، فقيل: يشق ظهر قدميها كما هو ظاهر الرواية، وقيل: يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، وقال ابن حمزة: يشق ظاهر القدمين وان قطع الساقين أفضل – انتهى ملخصا. (3) في طريق المصنف إليه على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبى عبد الله، عن أبيه وهما غير مذكورين. (4) أي يكون كالقميص والقباء وان لم يكن مخيطا (م ت) وفى الوافى: ” تدرعه ” – بحذف احدى التائين – أي تلبسه بادخال يديك في يدى الثوب.

[ 341 ]

لك إزار ولا خفين إلا أن يكون لك نعلان “. 2618 – وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عما يكره للمحرم أن يلبسه، فقال: يلبس كل ثوب إلا ثوبا [ واحدا ] يتدرعه “. 2619 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه، ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما، وكره أن يبيعهما “. وقد رويت رخصة في بيعهما (1). 2620 – وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سمعته يقول: أكره أن ينام المحرم على الفراش الاصفر [ أ ] والمرفقة (2) “. 2621 – وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام ” عن المحرم يلبس الخز؟ فقال: لا بأس به “. 2622 – وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المحرم إذا خاف لبس السلاح (3) “. 2623 – وروى محمد بن مسلم (4) عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب مختلفة، فقال عليه السلام: عليه كل صنف منها فداء (5) “. 2624 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن المحرم تصيب ثوبه الجنابة، قال: لا يلبسه حتى يغسله وإحرامه تام (6) “.


(1) لم أجدها في خبر وقد تفهم من ظاهر ما ورد من الاخبار لانها وردت بلفظ الكراهة. (2) المرفقة – بتقديم الموحدة على المثناة – المخدة، وقد حمل على ما إذا كان مسبوقا بالزعفران أو بغيره من الطيب. (المرآة) (3) المشهور بين الاصحاب حرمة لبس السلاح للمحرم بغير الضرورة، وذهب جماعة الى الكراهة. (4) تقدم ضعف الطريق إليه ورواه الكليني في الحسن كالصحيح. (5) هذا أحد الاقوال في المسألة وذهب جماعة الى أن مع اتحاد المجلس لا يتكرر و مع الاختلاف يتكرر، وقيل يتكرر بتكرر اللبس. (6) يدل على لزوم الطهارة دائما في الثوبين، وقوله ” واحرامه تام ” أي لا يصير الاحتلام سببا لبطلان الاحرام أو النزع للغسل، أو لو لم يغسل وفعل حراما لا يبطل احرامه. (م ت)

[ 342 ]

2625 – وفي رواية حماد [ بن عثمان ] عن حريز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المحرمة تسدل الثوب (1) على وجهها إلى الذقن (2) “. 2626 – وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: ” تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة “. 2627 – وروى عبد الله بن ميمون عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: ” المحرمة لا تتنقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه “. 2628 – و ” مر (3) أبو جعفر عليه السلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بقضيبه عن وجهها (4) “.


(1) سدل ثوبه يسدله – بالضم – سدلا أي أرخاء. (الصحاح) (2) لما كان احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها بمعنى لزوم كشفها حالة الاحرام، رخص للمرأة سدل قناعها الى أنفها والى ذقنها والى نحرها، وحمل على الراجلة وعلى الراكبة على الحمار وشبهه وعلى راكبة البعير بالترتيب، أو على مراتب الفضل على الترتيب فانه كلما كان وجهها مكشوفة كان أحسن في احرامها فان أمكنها ما يسترها كالمحمل فتكشف وجهها فيه وان لم يتيسر لها فالكشف أفضل (م ت) وقال الفاضل التفرشى: لا منافاة بينه وبين المنع عن التنقب والاستتار بالمروحة فيما يأتي إذ لا اسدال في شئ منهما. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 346 عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام و في طريقه سهل بن زياد. (4) أجمع الاصحاب على أن احرام المرأة في وجهها فلا يجوز لها تغطيته بل قال في المنتهى انه قول علماء الامصار والاصل فيه قول النبي (ص) ” احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها ” وما رواه الكليني (في الكافي ج 4 ص 344) في الحسن (كالصحيح) عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” مر أبو جعفر عليه السلام بامرأة متنقبة وهى محرمة فقال: أحرمى واسفرى وأرخى ثوبك من فوق رأسك فانك ان تنقبت لم يتغير لونك، فقال رجل الى أين ترخيه؟ فقال تغطى عينيها، قال: قلت: يبلغ فمها؟ قال: نعم ” وذكر جمع من الاصحاب أنه لا فرق في التحريم بين أن تغطيه بثوب وغيره وهو مشكل وينبغى القطع بجواز وضع اليدين عليه وجواز نومها على وجهها لعدم تناول الاخبار المانعة لذلك، و =

[ 343 ]

2629 – وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” تلبس المرأة =


يستثنى من الوجه ما يتوقف عليه ستر الرأس فيجب ستره في الصلاة تمسكا بمقتضى العمومات المتضمنة لوجوب ستره، السالمة عما يصلح للتخصيص. وقد أجمع الاصحاب وغيرهم على أنه يجوز للمحرمة سدل ثوبها فوق رأسها على وجهها الى طرف أنفها قاله في التذكرة. وقال في المنتهى: لو احتاجت على ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها سدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها. ولا نعلم فيه خلافا ويستفاد من الروايات جواز سدل الثوب الى النحر، واعلم أن اطلاق الروايات يقتضى عدم اعتبار مجافاة الثواب عن الوجه وبه قطع في المنتهى واستدل عليه بأنه ليس بمذكور في الخبر مع أن الظاهر خلافه فان سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الاصابة فلو كان شرطا لبين لانه موضع الحاجة، ونقل عن الشيخ أنه أوجب عليها مجافاة الثوب عن وجهها بخشبة وشبهها بحيث لا يصيب البشرة وحكم بلزوم الدم إذا أصاب الثوب وجهها ولم يزله بسرعة وكلا الحكمين مشكل لانتفاء الدليل عليه، ثم ان قلنا بعدم انتفاء المجافاة فيكون المراد بتغطية الوجه المحرمة تغطيته بالنقاب خاصة إذ لا يستفاد من الاخبار أزيد منه أو تغطيته بغير السدل وكيف كان فاطلاق الحكم بتحريم تغطية الوجه مع الحكم بجواز سدل الثوب عليه وان أصاب البشرة غير جيد والامر في ذلك هين بعد وضوح المأخذ (المدارك) وقال فقيه عصرنا – مد ظله العالي – في شرحه على المختصر النافع المسمى بجامع المدارك ج 2 ص 410: قد يقع الاشكال في كيفية الجمع بين الحكمين (جواز السدل أو وجوبه بناء على وجوب ستر المرأة وجهها) من جهة أن السدل خصوصا الى النحر مناف للسفور الواجب عليها وقد يجمع بأن المحرم هو تغطية الوجه بحيث يكون الغطاء مباشرة للوجه، والسدل الجائز أو الواجب ما كان غير مباشرة له، واستشكل عليه بأن الدليل خال عن ذكر التغطية وانما فيه الاحرام بالوجه والامر بالاسفار عن الوجه، والسدل سواء كان بالمباشرة أو بغيرها تغطية عرفا فالجمع باخراج السدل بقسمية وغير السدل أعم من أن يكون بالنقاب أو المروحة أو غيرهما محرم عليها، ويشكل بأنه علل الامام عليه السلام في حسن الحلبي عدم جواز التنقيب بعدم تغير اللون وعلى هذا فالسدال الذى يكون بنحو المباشرة مسا وللتنقب في عدم حصول تغير اللون فاللازم على هذا اختياره بالنحو الآخر كما هو الغالب ولعل الغلبة صارت باعثة لعدم ذكر الخصوصية – انتهى.

[ 344 ]

المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة ” (1). 2630 – وروى يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام ” أنه كره للمحرمة البرقع والقفازين (2) “. 2631 – وسأله محمد بن علي الحلبي ” عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل؟ فقال: نعم إنما تريد بذلك الستر (3) “. 2632 – وروى الكاهلي عنه عليه السلام أنه قال: ” تلبس المرأة المحرمة الحلي كله إلا القرط المشهور والقلادة المشهورة (4) “. 2633 – وسأله عامر بن جذاعة ” عن مصبغات الثياب تلبسها المرأة المحرمة، فقال: لا بأس إلا المفدم المشهور (5) “. 2634 – وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المحرمة أنها تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا لزينة (6) “. 2635 – وسأله سماعة ” عن المحرمة تلبس الحرير فقال: لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه، فأما الخز والعلم في الثوب فلا بأس بأن تلبسه وهي محرمة وإن مر بها رجل استترت منه بثوبها، ولا تستر بيدها من الشمس، وتلبس الخز،


(1) الغلالة – بالكسر – ثوب يلبس تحت الثياب لمنع الحيض عن التعدي، واختلف الاصحاب في وجوب اجتناب المرأة عن المخيط أما الغلالة فلا خلاف بينهم في جواز لبسها للنص والضرورة (م ت) بل ادعى عليه الاجماع. (2) القفاز – كرمان – شئ يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسه المرأة للبرد، أو ضرب من الحلى اليدين والرجلين (الوافى) وقال المولى المجلسي – رحمه الله – قوله ” كره ” أي حرم أو الاعم فان البرقع – بضمتين – أعم من النقاب والسدل. (3) يدل على جواز لبس السراويل لها بدون الكراهة كالغلالة. (م ت) (4) القرط – بالضم -: ما يعلق في أعلى الاذن أو شحمتها، والمشهورة: الظاهرة بأن تظهرها لزوجها أو غيره، والقلادة – بالكسر مشهورة – (م ت) (5) ثوب مفدم – ساكنة الفاء – إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا، وصبغ مفدم أيضا أي خاثر مشبع (الصحاح) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 346 في الصحيح. (6) كذا وفى التهذيب ” للزينة ” أي تلبسه للزينة أي غير المعتادة أو مع اظهارها. (م ت)

[ 345 ]

أما إنهم سيقولون: إن في الخز حريرا [ و ] إنما يكره الحرير المبهم “. 2636 – وسأله أبو بصير المرادي ” عن القز تلبسه المرأة في الاحرام؟ قال: لا بأس إنما يكره الحرير المبهم (1) “. 2637 – وسأله يعقوب بن شعيب (2) ” عن المرأة تلبس الحلي؟ قال: تلبس المسك والخلخالين (3) “. 2638 – وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب والخز، وليس يكره إلا الحرير المحض (4) “. 2639 – وفي رواية حريز قال: ” إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للاحرام لم تنزع حليها “. 2640 – وروي عن أبي الحسن النهدي (5) قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن المرأة تحرم في العمامة ولها علم؟ قال: لا بأس (6) “. 2641 – وسأله سعيد الاعرج (7) ” عن المحرم يعقد إزاره في عتقه (8)؟ قال: لا “.


(1) أي الخالص، ويدل على مغايرة حكم القز لحكم الحرير الخالص. (2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة. (3) المسك – بفتحتين – السوار أو الاعم منه ومن الخلخال أو السوار من قرون تيس الجبل والعاج، وقيل: جلود دابة بحرية. (م ت) (4) يدل على جواز احرامهن في الذهب والخز، وعلى كراهة الحرير. (م ت) (5) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة. وهو لم يوثق صريحا وله كتاب عنه ابن محبوب كما في الفهرست للشيخ – رحمه الله -. (6) يظهر منه ومن غيره من الاخبار اطلاق العمامة على اليسير مثل ثلاثة أذرع ونحوها ويفهم منه أن المعلم بمعنى ذو اللونين كما يكون الغالب فيها وان احتمل الملون أيضا. (م ت) (7) ثقة والطريق إليه فيه عبد الكريم بن عمرو وفيه كلام. (8) المراد به عقد الرداء في عنقه اختيارا، ويدل على جوازه ان كان قصيرا. وفى بعض النسخ ” أزراره ” أي أزرار قباه أو قميصه في صورة جواز لبسهما. ويؤيد ما في المتن ما رواه الكليني ج 4 ص 347 – بسند فيه سهل بن زياد – عن القداح عن جعفر عليه السلام ” أن عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلى [ فيه ] وان كان محرما ” وقد =

[ 346 ]

2642 – وسأله محمد بن مسلم ” عن المحرم يضع عصام القربة (1) على رأسه إذا استقى؟ فقال: نعم “. 2643 – وسأله يعقوب بن شعيب ” عن الرجل المحرم يكون به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة؟ فقال: نعم (2) “. 2644 – وروى عمران الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المحرم يشد على بطنه العمامة وإن شاء يعصبها على موضع الازار، ولا يرفعها إلى صدره (3) “. 2645 – وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” عن [ الرجل ] المحرم يشد الهميان في وسطه (4)؟ فقال: نعم وما خيره بعد نقفته؟ (5) “. 2646 – وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام أنه قال: ” كان أبي عليه السلام يشد على بطنه نفقته يستوثق بها فإنها تمام حجة (6) “. =


ذكر العلامة وغيره أنه يحرم على المحرم عقد الرداء وزره وتخليله، واستدلوا عليه بهذه الرواية أعنى صحيح الاعرج وحملها في المدارك على الكراهة لقصورها من حيث السند على اثبات التحريم والاحتياط في الترك الا مع الضرورة. (1) أي رباطها وسيرها الذى تحمل به وهو مستثنى من ستر الرأس للضرورة. (م ت) (2) الظاهر ان المراد بها القرحة في الرأس بقرينة العصابة، وعلى العموم فيشمل الرأس أيضا وهذا مستثنى أيضا للضرورة (م ت) (3) يدل على جواز شد الحيزوم في الاحرام ولا يرفع الى الصدر والظاهر أنه على الاستحباب كما ذكره الاصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت) (4) الهميان – بالكسر – كيس للنفقة يشد في الوسط. (5) يدل على جواز شد الهميان في الوسط، وبعمومه على جواز الصلاة معه وان كان فيه الدينار والذهب، وما يدل على النهى على تقدير صحته فالظاهر التزين به ” وما خيره ” أي أي خير أو مال له بعد ذهاب نفقته فانه يحتاج الى السؤال. (م ت) (6) رواه الكليني ج 4 ص 344 في ذيل خبر عنه عليه السلام.

[ 347 ]

باب * (ما يجوز للمحرم اتيانه واستعماله ومالا يجوز من جميع الانواع) * 2647 – روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينيه، وتكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله إلا كحلا أسود لزينة (1) “. 2648 – وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” يكتحل المحرم عينيه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران ولا ورس (2) “. 2649 – وروى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا تنظر في المرآة وأنت محرم من الزينة (3) “. 2650 – وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” في المحرم يستاك؟ قال: نعم، قال: قلت: فإن أدمى يستاك (4)؟ قال: نعم هو من السنة “.


(1) يدل على جواز الاكتحال بما ليس فيه المسك والكافور مع الضرورة، والظاهر أن مطلق الطيب المحرم مضر وتخصيصهما لكثرة وقوعهما، ويدل أيضا على جواز اكتحال المرأة بجميع أنواع الكحل وما يذر في العين الا الكحل الاسود للزينة لا للسنة أو لانه زينة فلا يكتحل مطلقا والاكتحال أعم من أن يكون بالسواد وغيره لغة وشرعا. (م ت) (2) الصبر – ككتف – دواء معروف مبرد هو عصارة جامدة من نبات، والورس نبات كالسمسم ليس الا باليمن يزرع فيبقى عشرين سنة. (3) يدل على عدم جواز نظر المحرم في المرآة، وقد اختلف الاصحاب فيه فذهب الاكثر الى التحريم وقال الشيخ في الخلاف: انه مكروه والاصح التحريم، ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة كما يقتضيه اطلاق الخبر. (المرآة) (4) يدل على مذهب من قال بعدم تحريم الادماء مطلقا، ومن قال بالتحريم حمله على حال الضرورة، وقال الشهيد في الدروس بكراهة المبالغة في السواك إذا لم يفض الى الادماء (المرآة) ويدل على جواز السواك بل استحبابه.

[ 348 ]

2651 – وروى حماد، عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقلع الشعر (1) “. واحتجم الحسن بن علي عليهما السلام وهو محرم (2). 2652 – وسأل ذريح أبا عبد الله عليه السلام ” عن المحرم يحتجم؟ فقال: نعم إذا خشي. الدم “. 2653 – وسأل الحسن الصيقل أبا عبد الله عليه السلام ” عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه؟ قال: نعم لا بأس به (3) “.


(1) حمله الشيخ – رحمه الله – على حال الضرورة لورود النهى فيه ففى الكافي ج 4 ص 360 في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يحتجم؟ قال: لا الا أن لا يجد بدا فليحتجم ولا يلحق مكان المحاجم “. وفى الموثق عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال ” لا يحتجم المحرم الا أن يخاف على نفسه أن لا يستطيع الصلاة “. وقال في المرآة: ذهب جماعة من الاصحاب الى حرمة اخراج الدم سواء كان بالحجامة أو بالحك أو بالسواك، وقيل بالكراهة مطلقا جمعا بين الاصحاب، واختلف في الفداء، فقيل: لا فدية، وقيل: شاة، وعن الحلبي أنه قال في الادماء بالحك اطعام مسكين، هذا كله مع انتفاء الضرورة وأما معها فقال في التذكرة: انه جائز بلا خلاف ولا فدية فيه اجماعا. أقول: في التهذيب ج 1 ص 534 عن الحسن الصقيل عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” فإذا اضطر الى حلق القفا للحجامة فليحلق وليس عليه شئ “. واما في حال الاختيار فلا يجوز له ذلك، وروى عن موسى بن القاسم باسناده عن مهران بن أبى نصرو على بن اسماعيل بن عمار عن أبى الحسن عليه السلام قالا: ” سألناه فقال في حلق القفا للمحرم ان كان أحد منكم يحتاج الى الحجامة فلا بأس به والا فليزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق ” (2) الظاهر أنه من كلام المصنف ويمكن أن يكون من تتمة الخبر وان لم يذكره غيره لكن روى في العلل عن مقاتل قال: ” رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم جمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم ” وروى في القوى عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن على عليه السلام ” أن رسول الله صلى الله عليه وآله يحتجم وهو صائم محرم “. (م ت) (3) يدل على جواز القلع مع الضرر ولا ينافيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان ” أن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ محرم قلع ضرسه فكتب صلوات الله عليه – أي الرضا عليه السلام – يهريق دما ” =

[ 349 ]

2654 – وروى عمران الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء زعفران؟ فقال: إن كان الزعفران غالبا على الدواء فلا، وإن كانت الادوية غالبة عليه فلا بأس “. 2655 – وسأله معاوية بن عمار ” عن المحرم يعصر الدمل ويربط عليه الخرقة؟ فقال: لا بأس “. 2656 – وقال عليه السلام: ” إذا اشتكى المحرم فليتداوى بما يحل له أن يأكل و هو محرم (1) “. 2657 – وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا خرج بالمحرم الخراج والدمل فليبطه (2) وليداويه بزيت أو سمن “. 2658 – وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام ” في المحرم تشقق يداه، فقال: يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة (3) “. 2659 – وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة أرادت أن تحرم فتخوفت الشقاق (4) تخصب بالحناء قبل ذلك؟ =


لانه لا ينافى الجواز كما في كثير من محرمات الاحرام، مع امكان حمله على الاستحباب لقصور السند عن افادة الوجوب. (1) رواه الكليني بسند فيه جهالة عن أبى الصباح الكنانى عنه عليه السلام وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – قوله ” وهو محرم ” الظاهر أنه حال عن فاعل ” يأكل ” أي يتداوى بما يجوز له أكله في حال الاحرام، هذا إذا لم ينحصر الدواء في غيره، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل ” فليتداو ” أي يجوز له أكل أي دواء كان في حال الاحرام، والاول أظهر بل يتعين. (2) أي يشقه، والبط: شق الجرح والدمل ونحوها، والخراج – بضم الخاء المعجمة والجيم في آخره – كل ما يخرج بالبدن كالدمل، الواحدة خراجة جمعها خراجات. وفى الكافي ” فليربطه “. (3) في بحر الجواهر: قال أبو زيد: الاهالة – بكسر الهمزة -: كل دهن من الادهان مما يؤتدم به وقيل: الشحم وما اذيب منه، وقيل: الدسم الجامد. (4) الشقاق – بالضم – هنا بمعنى الداء الذى يتناثر منه الشعر، وقد يأتي بمعنى تشقق الجلد من برد وغيره في اليدين والوجه كما في بحر الجواهر.

[ 350 ]

قال: ما يعجبني أن تفعل (1) “. [ الطيب للمحرم ] (2) 2660 – و ” كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تجهز إلى مكة قال لاهله: إياكم أن تجعلوا في زادنا شيئا من الطيب ولا الزعفران نأكله (3) أو نطعمه (4) “. 2661 – وقال الصادق عليه السلام: ” يكره من الطيب أربعة أشياء للمحرم: المسك والعنبر والزعفران والورس، وكان يكره من الادهان الطيبة الريح (5) “. 2662 – وروي عن الحسن بن هارون قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: أكلت خبيصا فيه زعفران (6) حتى شبعت منه وأنا محرم، فقال: إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمرا وتصدق به (7) فيكون كفارة لذلك ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم “. 2663 – وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه “. 2664 – وروي عن الحسين بن زياد (8) قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: وضأني


(1) يمكن أن يكون الكراهة مخصوصة بها لئلا يفتتن الرجل بزينتها والا فلا بأس به لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 356 وسيأتى تحت رقم 2638. (2) العنوان زائد منا. (3) في بعض النسخ ” بآكله “. (4) أي لئلا نأكله نسيانا أو نطعمه غيرنا، وذلك بالنظر الى أعوانه وأنصاره وأصحابه والا فهو عليه السلام في عصمة عن النسيان والخطأ من جانب الله. (5) رواه الشيخ بسند موثق عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام. (6) الخبيص: طعام يعمل من التمر والسمن وقد تقدم. (7) محمول على الاستحباب للاخبار الكثيرة المتضمنة لسقوط الكفارة عن الناسي والجاهل الا في الصيد. (8) في طريقه من لم يوثق صريحا.

[ 351 ]

الغلام وأنا لا أعلم بدستشان (1) فيه طيب فغسلت يدي وأنا محرم، فقال: تصدق بشئ لذلك ” (2). 2665 – وكتب إبراهيم بن سفيان إلى أبي الحسن عليه السلام: ” المحرم يغسل يده باشنان فيه الاذخر؟ فكتب: لا أحبه لك ” (3). 2666 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل مس الطيب ناسيا وهو محرم، قال: يغسل يديه ويلبي عليه شئ “. وفي خبر آخر: ” ويستغفر ربه ” (4). 2667 – وروى حمران عن أبي جعفر عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” ثم ليقضوا تفثهم [ وليوفوا نذورهم ] ” قال: التفث حفوف الرجل من الطيب (5) فإذا قضى نسكه حل له الطيب “. 2668 – وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام ” عن الحناء، فقال: إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وما هو بطيب وما به بأس “. 2669 – وقال عليه السلام: ” لا بأس أن يغسل الرجل الخلوق عن ثوبه وهو محرم “. وإذا اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك من ريح يعرض له في وجهه وعلة تصيبه فلا بأس بأن يستعط به فقد سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال: استعط به (6).


(1) معرب دستشو، ويمكن أن يكون مصحف ” باشنان ” كما في نسخة ويظهر من الكافي. (2) محمول على الاستحباب للتصريح بعدم العلم. (3) الاذخر – بكسر الهمزة والخاء -: نبات معروف، ذكى الرائحة وإذا جف ابيض، ويدل الخبر على استحباب الاجتناب من غسل اليد بالاذخر. (4) يمكن أن يكون المراد بهذا الخبر ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 354 عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام. (5) حف رأسه يحف حفوفا – بالمهملة والفاء – بعد عهده بالدهن. (القاموس) (6) رواه الشيخ في الصحيح في الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن اسماعيل ابن جابر – وكانت عرضت له ريح في وجهه من علة أصابته وهو محرم – ” قال: فقلت لابي عبد الله عليه السلام: ان الطبيب الذى يعالجنى وصف لى سعوطا فيه مسك فقال: استعط به “.

[ 352 ]

2670 – وروى الحلبي، ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة، ولا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة “. 2671 – وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولا يمسك على أنفه ” (1). 2672 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” لا بأس أن تشم الاذخر والقيصوم والخزامى والشيح (2) وأشباهه وأنت محرم “. وروى علي بن مهزيار قال: ” سألت ابن أبي عمير عن التفاح والاترج والنبق وما طاب من ريحه، فقال: تمسك عن شمه وأكله ” (3) ولم يرو فيه شيئا. [ الظلال للمحرم ] (4) 2673 – وروي عن عبد الله بن المغيرة قال: ” قلت لابي الحسن الاول عليه السلام:


(1) ” لا يمسك ” أي لا يجب، أو يجب أن لا يمسك وهو أظهر. (م ت) (2) قد مر معنى الاذخر آنفا، والقيصوم – فيعول – من نبات البادية معروف، والخزامى – بألف التأنيث – من نبات البادية، قال الفارانى هو خيرى البرى، وقال الازهرى: بقلة طيبة الرائحة لها نور كنور البنفسج (المصباح) وقال الجوهرى: الشيح – بكسر المعجمة -: نبت. وقال في بحر الجواهر: هو ضرب من الحشايش وهو تركي وأرمني حار يابس. (3) كذا وهكذا في الكافي ج 4 ص 356 ولكن رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 534 والاستبصار ج 2 ص 183 عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبى عمير، عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: ولعله من اشتباه الشيخ. ويؤيده قول المصنف – رحمه الله -: ” ولم يرو فيه شيئا “. ويمكن أن يكون مرويا لابن أبى عمير لكن أفتى بالمروى وهو الاظهر لما هو المعهود من دأبهم، والاترج – بضم الهمزة وتشديد الجيم – فاكهة معروفة، الواحدة أترجة، وفى لغة ضعيفة ” ترنج “، وقال الازهرى الاولى هي التى تكلم بها الفصحاء وارتضاها النحويون (المصباح) والنبق – بفتح النون وكسر الباء الموحدة وقد يسكن -: ثمر السدر. وفيه دلالة على عدم البأس بأكل ما لم يتخذ لطيب وان كان له رائحة طيبة. (4) العنوان زيادة منا وليس في الاصل أصفناه للتسهيل.

[ 353 ]

اظلل وأنا محرم (1)؟ قال: لا، قلت: فاظلل واكفر (2)؟ قال: لا، قلت: فإن مرضت؟ قال: ظلل وكفر (3)، ثم قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من حاج يضحى ملبيا (4) حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها “. 2674 – وروي عن الحسين بن مسلم (5) عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه ” سئل ما فرق ما بين الفسطاط وبين ظل المحمل، قال: لا ينبغي أن يستظل في المحمل، والفرق بينهما أن المرأة تطمث في شهر رمضان فتقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، قال: صدقت جعلت فداك “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: معنى هذا الحديث أن السنة لا تقاس. 2675 – وروى علي بن مهزيار، عن بكر بن صالح (6) قال: ” كتبت إلى


(1) أي بالهودج ونحوه. (م ت) (2) أي أيجوز لى أن أظلل اختيارا وأكفر عنه؟. (3) يدل على جواز التظليل للمضطر والعليل بشرط التزام الكفارة. (4) أي يبرز للشمس في حال التلبية. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: المشهور بين الاصحاب عدم جواز تظليل المحرم عليه سائرا بل قال في التذكرة: يحرم على المحرم الاستظلال حالة السير فلا يجوز الركوب في المحمل وما في معناه كالهودج وأشباه ذلك عند علمائنا أجمع، وقال في المنتهى يجوز للمحرم الاستظلال بالسقف والشجر والخباء وغيرها حالة النزول اجماعا، ويجوز للمحرم المشى تحت الظلال كما نص عليه الشيخ وغيره وقال في المدارك: مقتضى كلام العلامة تحريم الاستظلال في حالة المشى بالثوب إذا جعله فوق رأسه لكن الاقتصار في المنع على حالة الركوب لا يخلو من قوة، وعلى التقادير الحكم مختص بالرجال، أما المرأة فيجوز لها ذلك اجماعا. (5) كذا في أكثر النسخ وفى الرجال أيضا وقالوا هو من أصحاب الجواد عليه السلام وفى بعض النسخ ” الحسين بن سالم ” ولعله هو الصواب لما كان في المشيخة من عنوانه وعدم عنوان الاول وفى طريقه أبو عبد الله الخراساني وهو مجهول واسمه غير معلوم، وفيه عبد الله ابن جبلة وهو واقفى موثق. (6) بكر بن صالح الرازي الضبى مولى بنى ضبة ضعيف جدا من أصحاب الكاظم عليه السلام كثير التفرد بالغرائب (صه، جش)

[ 354 ]

أبي جعفر الثاني عليه السلام: إن عمتي معي وهي زميلتي (1) ويشتد عليها الحر إذا أحرمت فترى أن اظلل علي وعليها؟ فكتب عليه السلام: ظلل عليها وحدها “. 2676 – وروى البزنطي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: ” سألته عن المرأة تضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ فقال: نعم، قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: نعم إذا كانت به شقيقة (2) ويتصدق بمد لكل يوم “. 2677 – وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه ” سئل أبو الحسن عليه السلام وأنا أسمع (3) عن الظل للمحرم في أذى من مطر أو شمس – أو قال: من علة – فأمر بفداء شاة يذبحها بمنى (4)، وقال: نحن إذا أردنا ذلك ظللنا وفدينا “. 2678 – وفي رواية حريز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون، ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم ” (5). 2679 – وروي عن منصور بن حازم قال: ” رأيت أبا عبد الله عليه السلام وقد توضأ وهو محرم ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه ” (6). 2680 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه، ولا بأس أن يمد المحرم ثوبه حتى يبلغ أنفه ” (7) يعني


(1) الزميل: الرفيق والعديل والذى يعادلك في المحمل. (2) في النهاية: الشقيقة: نوع من الصداع يعرض في مقدم الرأس والى جانبيه، وفى الصحاح: وجع يأخذ في نصف الرأس والوجه. (3) في بعض النسخ ” سأل محمد بن اسماعيل بن بزيع أبا الحسن عليه السلام وأنا أسمع ” والظاهر أنه تصحيف لموافقة ما في المتن مع الكافي والتهذيبين، وعدم مرجع للضمير. (4) الى هنا في الكافي والتهذيبين وليس الباقي فيها. (5) يدل على أن حكم الصبيان في التظليل حكم النساء، وعدم جواز الارتماس مقطوع به في كلام الاصحاب. (6) الطريق صحيح كما في الخلاصة، ويدل على جواز ستر الوجه بمقدار مسح المنديل عليه (م ت) وقد يحمل على ما إذا لم يصل الى رأسه أو يقال: هذا القدر معفو عنه. (7) في ستر الانف كراهة وتتأكد في التجاوز عنه. (م ت)

[ 355 ]

من أسفل (1)، وذلك: 2681 – أن حفص بن البختري، وهشام بن الحكم رويا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” يكره للمحرم أن بجوز ثوبه أنفه من أسفل وقال: أضح لمن احرمت له ” (2) 2682 – وروي عن عبد الله بن سنان قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لابي – وشكى إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به – وقال: ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال: لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك ” (3). 2683 – وسأله سعيد الاعرج ” عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده، فقال: لا إلا من علة “. 2684 – وسأله الحلبي ” عن المحرم يغطي رأسه ناسيا أو نائما، فقال: يلبي إذا ذكر ” (4). 2685 – وفي رواية حريز ” يلقي القناع ويلبي وليس عليه شئ ” (5).


(1) فانه إذا كان من الاعلى فاما أن يستر الرأس فهو حرام واما أن يستر الوجه فهو مناف للبروز للشمس المندوب إليه في الاخبار وقد تقدم بعضهما. (م ت) (2) أي ابرز للشمس لمن أحرمت له وهو الله تعالى. والخبر المطلق يحمل على المقيد (م ت) وفى المدارك: اختلف الاصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه فذهب الاكثر الى جواز بل قال في التذكرة: انه قول علمائنا أجمع، ومنعه ابن أبى عقيل وجعل كفارته اطعام مسكين في يده، وقال الشيخ في التهذيب ص 534 وأما تغطية الوجه فيجوز مع الاختيار غير أنه يلزمه الكفارة ومتى لم ينو الكفارة لم يجز له ذلك، وقد وردت بالجواز مطلقا روايات كثيرة. (3) في بعض النسخ ” ما لم يصبك رأسك ” بدل البعض من الكل. (4) حمل التلبية على الاستحباب لعدم القائل بالوجوب، وقال المولى المجلسي: هذا الحمل بلا وجه والاحتياط ظاهر. (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 534 مسندا عن حريز قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا، قال: يلقى القناع و – الحديث “.

[ 356 ]

2686 – وسأله (1) ” عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته، فقال: لا بأس بذلك “. 2687 – وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام ” عن المحرم يقع الذباب على وجهه حين يريد النوم فيمنعه من النوم أيغطي وجهه إذا أراد أن ينام؟ قال: نعم “. 2688 – وروى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ” أن المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها ” (2). [ المحرم يقص ظفرا أو شعرا ] (3) 2689 – وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم، قال: عليه مد من طعام حتى يبلغ عشرة، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة، قلت: فإن قلم أظافير يديه ورجليه جميعا؟ فقال: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان ” (4). 2690 – وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ” أن من فعل ذلك ناسيا أو ساهيا (5) أو جاهلا فلا شئ عليه “.


(1) يعنى الحلبي كما هو الظاهر من الكتاب وتصريح الكليني في الكافي. (2) تقدم تحت رقم 2626 في صحيحة معاوية بن عمار اشتراط ركوبها. (3) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل وليس في الاصل. (4) قال في المدارك ما حاصله: أفتى بمضمون هذه الرواية الاصحاب الامن شذ، وقال ابن الجنيد في الظفر مد أو قيمته حتى تبلغ خمسة فصاعدا فدم ان كان في مجلس واحد فان فرق بين يديه ورجليه فليديه دم ولرجليه دم، وقال الحلبي في قص ظفر كف من طعام وفى أظفار احدى يديه صاع وفى أظفار كلتيهما شاة، وكذا حكم أظفار رجليه وان كان الجميع في مجلس فدم. ولم نقف لهذين القولين على مستند. (5) قيل: الفرق بين الناسي والساهى بحمل أحدهما على المسألة والاخر على الاحرام أو أحدهما على الشك.

[ 357 ]

2691 – وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام ” عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك، قال: لا يقص منها شيئا إن استطاع فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام ” (1). 2692 – وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام ” عن رجل نسي أن يقلم أظافيره عند الاحرام حتى أحرم، قال: يدعها، قلت: فإن رجلا من أصحابنا أفتاه أن يقلم أظافيره ويعيد إحرامه ففعل، فقال: عليه دم ” (2). 2693 – وروى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا نتف الرجل إبطه (3) بعد الاحرام فعليه دم “. 2694 – وفي خبر آخر: ” من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه ” (4). 2695 – وقال عليه السلام: ” لا بأس أن يدخل المحرم الحمام ولكن لا يتدلك ” (5) 2696 – وقال عليه السلام: ” لا يأخذ الحرام من شعر الحلال ” (6).


(1) المشهور بين الاصحاب أن في كل ظفر مدا من طعام وفى أظفار اليدين والرجلين في مجلس واحد دم ولو كان كل وحد منهما في مجلس لزمه دمان (المرآة) وقال المولى المجلسي: يدل الخبر على لزوم القبضة مع الضرورة فيحمل المد على غيرها. (2) الظاهر ارجاع ضمير ” عليه ” الى المقلم وأرجعه الاكثر الى المفتى، وعمل به الشيخ وجماعة، وصرح في الدروس بعدم اشتراط احرام المفتى ولا كونه من أهل الاجتهاد واعتبر الشهيد الثاني صلاحية الافتاء بزعم المستفتى. (3) في التهذيب ” ابطيه ” والمشهور أن في نتف الابطين معا شاة وفى أحدهما اطعام ثلاثة مساكين، وظاهر بعض الاصحاب أن فيه مطلقا شاة. (4) رواه الشيخ والكليني ج 4 ص 361 في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام وزادا ” ومن فعله متعمدا فعليه دم “. (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 537 في الصحيح عن معاوية بن عمار، وحمل على الكراهة. (6) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 544 ورواه الكليني ج 4 ص 361 في الحسن =

[ 358 ]

2697 – و ” مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كعب بن عجرة الانصاري (1) وهو محرم وقد أكل القمل رأسه وحاجبيه وعينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كنت أرى أن الامر يبلغ ما أرى فأمره فنسك عنه نسكا (2) وحلق رأسه بقول الله عزوجل: ” فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ” فالصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر (وروي مد من تمر (3)) والنسك شاة، لا يطعم منها أحد إلا المساكين ” (4). 2698 – وقال عبد الله بن سنان لابي عبد الله عليه السلام: ” أرأيت إن وجدت علي =


كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام والمراد بالحرام المحرم، وفى الكافي ” لا يأخذ المحرم – الخ ” أي لا يلحق المحرم رأس المحل. (1) كنيته أبو محمد كان من بنى سالم بن عوف حليف بنى الخزرج قال الواقدي: استأخر اسلامه ثم أسلم وشهد المشاهد وهو الذى نزلت فيه بالحديبية الرخصة في حلق رأس المحرم والفدية. وتوفى سنة 51 أو 52 كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. وعجرة بضم العين المهملة وفتح الراء كما في القاموس. (2) النسك – بالضم وبضمتين وكسفينة – الذبيحة. (القاموس) (3) ما بين القوسين لم أجده في مظانه والبقية تتمة الخبر. (4) رواه الكليني ج 4 ص 358 والشيخ في التهذيبين باختلاف في اللفظ وزيادة وفيها ” لكل مسكين مدان ” وسند الكافي حسن كالصحيح وفى التهذيبين حسن. ولعل ما نقله المصنف غيره وما ذكره من الصاع محمول على الاستحباب ويدل الخبر على أحكام منها: جواز الخلق في حال الاضطرار مع الالتزام بالكفارة والعلماء أجمعوا على وجوب الكفارة وهى الفدية على المحرم إذا حلق رأسه سواء كان متعمدا أو لاذى أو غيره كما في المنتهى، والآية وكذا الرواية علقتا الحكم على الحلق للاذى الا أن ذلك تقتضي وجوب الكفارة على غيره بطريق أولى، ومنها أن الصدقة اطعام ستة مساكين وهو المشهور بين الاصحاب، وذهب بعض الاصحاب الى وجوب اطعام عشرة لكل مسكين مد لرواية عمر بن يزيد المروية في التهذيب ج 1 ص 542، ومنها أن النسك المذكور في الاية شاة وهو المقطوع به في كلام الاصحاب.

[ 359 ]

قرادا أو حملة (1) أطرحها عني وأنا محرم؟ قال: نعم وصغارا لهما إنهما رقيا في غير مرقاهما ” (2). 2699 – وقال له معاوية بن عمار: ” المحرم يحك رأسه فتسقط القملة والثنتان (3) فقال: لا شئ عليه ولا يعيدها (4)، قال: كيف يحك المحرم؟ قال: بأظفاره ما لم يدم ولا يقطع شعره “. 2700 – وسأله ” عن المحرم يبعث بلحيته فيسقط منها الشعرة والثنتان؟ قال: يطعم شيئا “. 2701 – وفي خبر آخر: ” مدا من طعام أو كفين ” (5). والاولى أن لا يحك المحرم رأسه إلا حكا رفيقا بأطراف الاصابع (6).


(1) قيل: القراد – كغراب -: دويبة تلصق بجسم البعير، والحلمة – محركة -: الدودة الصغيرة تقع في الجلد فتأكله. (2) ” وصغار لهما ” أي ذل يعنى لا بأس باذلا لهما بالطرح فانهما فعلا ما ليس لهما لانهما يكونان في الابل لا في الانسان (الوافى). وقال في المدارك: قطع أكثر الاصحاب بجواز القاء القراد والحلم عن نفسه وعن بعيره ولا دلالة في الروايات على جواز القاء الحلم عن البعير، وقال الشيخ في التهذيب: ولا بأس أن يلقى المحرم القراد عن بعيره وليس له أن يلقى الحلمة وهو لا يخلو من قوة. (3) كذا في النسخ، وقيل الصواب ” قملة وثنتان ” كما لا يخفى. (4) كذا في جميع النسخ ولكن في التهذيب ” ولا يعود ” وهو تصحيف لما روى فيه ج 1 ص 543 عن الحلبي قال: ” حككت رأسي وأنا محرم فوقع منه قملات فأردت ردهن فنهاني (يعنى أبا عبد الله عليه السلام) وقال: تصدق بكف من طعام “. (5) روى الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 198 في القوى كالصحيح عن منصور عن أبى عبد الله عليه السلام ” في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة، قال: يطعم كفا من طعام أو كفين ” والظاهر أن هذا هو الخبر الذى أشار إليه المصنف لكن صحف فيه ” كفا ” وصار ” مدا ” ولا مناسبة بين المد والكفين ظاهرا. (6) في الكافي ج 4 ص 365 باسناد ضعيف عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا حككت رأسك فحكه رفيقا ولا تحكن بالاظفار ولكن باطراف الاصابع ” وحمل على الاستحباب لما رواه ذيل عنوان أدب المحرم والظاهر كونه في المستحبات والمكروهات.

[ 360 ]

2702 – وفي رواية هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا وضع أحدكم يده على رأسه وعلى لحيته وهو محرم فسقط شئ من الشعر فليتصدق بكف من كعك أو سويق ” (1). 2703 – وروى أبان، عن أبي الجارود (2) قال: ” سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو محرم، قال: بئس ما صنع، قال: فما فداؤها؟ قال: لا فداء لها “. 2704 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة من جسده، فإذا أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره “. 2705 – وروى أبان، عن زرارة قال: ” سألته عن المحرم هل يحك رأسه أو يغسل بالماء؟ فقال: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا، فإن كان ملبدا (3) فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام “. 2706 – وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد الله عليه السلام ” عن المحرم يغتسل؟ فقال: نعم ويفيض الماء على رأسه ولا يدلكه ” (4).


(1) الكعك: خبز معروف، معرب كاك. والسويق طعام معروف وهو الدقيق المشوى من أصناف الحبوب. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 544 والاستبصار ج 2 ص 199 وفيهما ” فليتصدق بكف من طعام أو كف من سويق “. (2) ضعيف جدا. وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” ما تقول في محرم قتل قملة، قال: لا شئ عليه في القمل ولا ينبغى أن يتعمد قتلها “. والمشهور في القاء القملة أو قتلها كفا من الطعام وربما قيل بالاستحباب كما هو ظاهر الكليني ولعله أقوى وحمله بعضهم على الضرورة. (المرآة) (3) في النهاية الاثيرية: تلبيد الشعر: أن يجعل فيه شئ من صمغ عند الاحرام لئلا يشعث ويقمل ابقاء على الشعر، وانما يلبد من يطول مكثه في الاحرام. (4) ولا يدلكه لرفع الوسخ لئلا يسقط الشعر ولا يدمى. (م ت)

[ 361 ]

2707 – وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ويميز الشعر بأنامله بعضه من بعض ” (1). [ المحرم يتزوج أو يزوج أو يطلق ] (2) 2708 – وقال عليه السلام ” في المحرم يشهد نكاح محلين؟ قال عليه السلام: لا يشهد (3)، ثم قال: يجوز للمحرم يشير بصيد على محل؟ ” (4). قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: وهذا على الانكار لذلك لا على أنه يجوز. 2709 – وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج محلا، فان تزوج أو زوج فتزويجه باطل “. 2710 – و ” إن رجلا من الانصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول الله صلى الله عليه وآله نكاحه ” (5). 2711 – وقال عليه السلام (6): ” من تزوج امرأة في إحرامه فرق بينهما، ولم


(1) ليصل الماء الى أصول الشعر بالرفق (م ت) ومازه يميزه ميزا: عزله. (2) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل. (3) لا خلاف في عدم جواز الشهادة سواء كانت لمحل أو لمحرم وكذا في الاقامة على المشهور، وقيد الشيخ تحريم الاقامة بما إذا تحملها وهو محرم، والمشهور عموم المنع كما في المدارك. (4) استفهام انكاري، وليس هذا من القياس بل هو تشبيه حكم بحكم للتفهيم أو للمباحثة مع العامة. (م ت) (5) رواه الكليني ج 4 ص 372 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 541 في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله عليه السلام. (6) يعنى الصادق عليه السلام كما رواه الكليني في الموثق عن ابراهيم بن الحسن عنه عليه السلام ج 4 ص 372 وفيه ” ثم لا يتعاودان أبدا ” ومثله في التهذيب ج 1 ص 541.

[ 362 ]

تحل له أبدا ” (1). 2712 – وفي رواية سماعة ” لها المهر إن كان دخل بها ” (2). 2713 – وفي رواية عاصم بن حميد، عن أبي بصير: قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المحرم يطلق ولا يتزوج ” (3). 2714 – وسأل سعيد الاعرج أبا عبد الله عليه السلام ” عن الرجل ينزل المرأة من المحمل فيضمها إليه وهو محرم؟ فقال: لا بأس إلا أن يتعمد وهو أحق أن ينزلها من غيره ” (4). 2715 – وروي عن محمد بن الحلبي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” المحرم ينظر إلى امرأته وهي محرمة؟ قال: لا بأس ” (5).


(1) قال الشيخ – رحمه الله -: فان كان غير عالم بتحريم ذلك جاز له العقد عليها بعد الاحلال ويدل على ذلك ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان وابن أبى عمير، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل، فقضى أن يخلى سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل فإذا أحل خطبها ان شاء، فان شاء أهلها زوجوه وان شاؤوا لم يزوجوه “. وقال في المدارك: مقتضى الرواية انها لا تحرم مؤبدا بالعقد، وحملها الشيخ على الجاهل جمعا بينها وبين خبرين ضعيفين وردا بالتحريم المؤبد بذلك مطلقا وحملا على العالم وهو مشكل. وفى المدارك ظاهر المنتهى أن الحكم مجمع عليه بين الاصحاب فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال. (2) يحمل على جهل المرأة، والظاهر أن المراد بالمهر مهر المثل كما في كل عقد باطل بعد الدخول. (م ت) (3) الطريق حسن كالصحيح، ورواه الكليني في الصحيح، ويدل على جواز الطلاق دون التزويج وعليه فتوى الاصحاب. (4) قوله ” ينزل المرأة ” الظاهر كونها امرأته دون الاجنبية. وقوله عليه السلام ” الا أن يتعمد ” أي الا أن يكون ذلك لاجل الشهوة دون الضرورة للنزول. (5) يدل باطلاقه على جواز النظر ولو بشهوة، وقيل: حمل على ما إذا كان بغير شهوة.

[ 363 ]

2716 – وروي عن خالد بياع القلانس قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أتى أهله وعليه طواف النساء، قال: عليه بدنة، ثم جاءه آخر فسأله عنها فقال: عليه بقرة، ثم جاءه آخر فسأله عنها، فقال: عليه شاة، فقلت: بعد ما قاموا أصطلحك الله كيف قلت عليه بدنة؟ فقال: أنت موسر (1) وعليك بدنة، وعلى الوسط بقرة، وعلى الفقير شاة ” (2). [ ما يجوز للمحرم قتله ] (3) 2717 – وقال عليه السلام: ” لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل ” (4). 2718 – وروى حنان بن سدير (5) عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل الفأرة في الحرم والافعي والعقرب والغراب الابقع ترميه فإن أصبته فأبعده الله عزوجل وكان يسمي الفأرة الفويسقة، وقال: إنها توهي السقا، وتضرم البيت على أهله ” (6).


(1) لعل الامام عليه السلام علم أن الرجل الذى سأل الرسول عن حاله هو الراوى نفسه فلذا خاطبه بالحكم وقال: أنت موسر. (2) المشهور أنه لو جامع قبل الوقوف بالمشعر يفسد على حجه ويلزمه بدنة وان كان بعد الوقوف وقبل طواف النساء لا يفسد حجه ولزمه بدنة وان جامع بعد الوقوف وقبل طواف الزيارة لزمه بدنة فان عجر فبقرة أو شاة. (3) العنوان زيادة منا. (4) تقدم تحت رقم 2365. (5) الظاهر أنه سقط ” عن أبيه ” فانه لم يدرك أبا جعفر عليه السلام كما نص عليه الكشى. (6) يدل على جواز قتل هذه الحيوانات في الحرم كما يجوز قتلها للمحرم. والغراب الابقع أي الابلق ” ترميه ” عن ظهر بعيرك لئلا يؤذيه بأكل سنامه المجروح ” فان أصبته ” بالرمي و قتلته ” فأبعده الله ” برميك واصابته وان قتلته وقع القتل موقعه فلعنه الله. و ” توهى السقاء ” أي تخرقه وتشقه أو تضعفه بمضغ حبله ورباطه ويذهب الماء في الموضع الذى هو فيه كالحياة، وتضرم البيت على أهله ” بجر فتيلة السراج وكانه وقع مرة أو مرات فاشتهرت بذلك والمراد بالبيت ما فيه أو بيوت العرب فانها من القصب والجلد غالبا، والظاهر استواء حكم المحرم والحرم في ذلك. (م ت)

[ 364 ]

2719 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن ألقى المحرم القراد عن بعيره فلا بأس، ولا يلقي الحملة ” (1). 2720 – وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن القراد ليس من البعير، والحلمة من البعير ” (2). 2721 – وفي رواية علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: ” سألته عن المحرم ينزع الحلمة عن البعير؟ فقال: لا هي بمنزلة القملة من جسدك ” (3) 2722 – وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن المحرم وما يقتل من الدواب؟ قال: يقتل الاسود والافعي والفأرة والعقرب وكل حية، وإن أرادك السبع فاقتله، وإن لم يردك فلا تقتله، والكلب العقور إن أرادك فاقتله، ولا بأس للمحرم أن يرمي الحدأة، وإن عرض له اللصوص امتنع منهم ” (4). باب * (ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد) * 2723 – روى جميل، عن محمد بن مسلم، وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ” في محرم


(1) لا بأس بالقاء القراد عن البعير لانه ليس منه ولا يجوز القاء الحملة لانها منه كما في الرواية الاتية وقد أفتى الشيخ في التهذيب بمضمون الرواية وقال في المدارك: ولا يخلو من قوة لصحة المستند. (2) و (3) كأن فيهما خلطا، رواهما الكليني ج 4 ص 364 باختلاف. (4) الظاهر أن من قوله: ” والكلب العقور ” الى هنا من تتمة الحديث ويمكن أن يكون من كلام المصنف أخذه من صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 363 حيث قال فيه ” والكلب العقور والسبع إذا أراداك فاقتلهما وان لا يريداك فلا تردهما والاسود الغدر فاقتله على كل حال، وارم الغراب رميا، والحدأة على ظهر بعيرك ” وفى آخر حسن كالصحيح عن الحلبي ” ويرجم الغراب والحدأة رجما فان عرض لك لصوص امنتعت منهم “. وقال صاحب الوافى ينبغى حمل الامتناع من اللصوص على ما إذا لم يريدوه، أو اريد بالامتناع عدم التمكين ودفع الشر مهما أمكن. وقال المولى المجلسي: امتنع منهم بالمحاربة والدفع عن النفس والمال للعمومات.

[ 365 ]

قتل نعامة، قال: عليه بدنة لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من [ ا ] طعام ستين مسكينا لم يزد على [ ا ] طعام ستين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقل من [ ا ] طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة ” (1). 2724 – وروى الحسن بن محبوب، عن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء، فقال: إذا لم يجد فسبع شياة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزلة ” (2). 2725 – وروى عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير (3) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش، قال: عليه بدنة، قلت: فإن لم يقدر؟ قال: يطعم ستين مسكينا، قلت: فان لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوما، قلت: فان أصاب بقرة ما عليه؟ قال: عليه بقرة، قلت: فان لم يقدر؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكينا، قلت: فان لم يقدر على ما يتصدق به؟ قال: فليصم تسعة أيام، قلت: فإن أصاب ظبيا ما عليه؟ قال: عليه شاة، قلت: فان لم يجد؟ قال: فعليه إطعام عشرة مساكين، قلت: فإن لم يحد ما يتصدق به؟ قال: فعليه صيام ثلاثة أيام (4) “.


(1) البدنة هي الناقة على ما نص عليه الجوهرى ومقتضاه عدم اجزاء الذكر وقيل بالاجزاء وهو اختيار الشيخ وجماعة نظرا الى اطلاقه اسم البدنة عليه ولقول الصادق عليه السلام في رواية أبى الصباح ” وفى النعامة جزور ” وليس في هذه الرواية تعيين المدين لكل مسكين بل ربما ظهر منها الاكتفاء بالمد لانه المتبادر من الاطعام ومن ثم ذهب ابن بابوية وابن أبى عقيل الى الاكتقاء بذلك، ثم اعلم أنه ليس في الروايات تعيين لاطعام البر ومن ثم اكتفى جماعة بمطلق الطعام وهو غير بعيد الا أن الاقتصار على اطعام البر أولى لانه المتبادر من الطعام. (المدارك) (2) قال الشيخ وجماعة من الاصحاب – قدس الله أسرارهم: من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد كان عليه سبع شياه، واستدلوا بهذه الرواية مع أنها مختصة بالفداء، وعلى أي حال يجب تخصيصه بما إذا لم يكن للبدنة بدل منصوص كما في النعامة. (المدارك) (3) السند صحيح ورواه الشيخ في الموثق والكليني في الضعيف. (4) يشتمل على أحكام كثيرة: الاول في قتل النعامة بدنة وهذا قول علمائنا أجمع و وافقنا عليه أكثر العامة. الثاني أن مع العجز عن البدنة يتصدق على ستين مسكينا وبه قال ابن بابويه وابن أبى عقيل. الثالث: أنه يكفى مطلق الاطعام. الرابع: أنه مع العجز =

[ 366 ]

2726 – وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب على وجهه فلا يدري ما صنع، قال: فداؤه، قلت: فإن رآه بعد ذلك قد رعى ومشى، قال: عليه ربع قيمته “. 2727 – وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا، قال: في الارنب دم شاة (1) “. 2728 – وفى رواية ابن مسكان، عن الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الارنب يصيبه المحرم، فقال: شاة هديا بالغ الكعبة “. 2729 – وفي رواية البزنطي، عن علي بن أبي حمزة (2) عن أبي بصير فقال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن محرم قتل ثعلبا، قال: عليه دم، فقلت: فأرنب؟ فقال: مثل ما في الثعلب (3) “. =


عن الاطعام يصوم ثمانية عشر يوما. الخامس: أن حمار الوحش حكمه حكم النعامة والمشهور أن حكمه حكم البقرة. السادس: أن في بقرة الوحش بقرة أهلية وبه قطع الاصحاب. السابع: أنه مع العجز يطعم ثلاثين مسكينا والمشهور أنه يفض ثمنها على البر. الثامن: أنه مع العجز يصوم تسعة أيام والمشهور أنه يصوم من كل مدين يوما. التاسع: في قتل الظبى شاة ولا خلاف فيه بين الاصحاب. العاشر: أنه مع العجز يطعم عشرة مساكين والمشهور أنه يفض ثمنها على البر لكل مسكين مدان، وقيل: مد كما هو ظاهر الخبر، ولا يلزم ما زاد عن عشرة. الحادى عشر: أنه مع العجز يصوم ثلاثة أيام وهو مختار الاكثر وذهب المحقق وجماعة الى أنه مع العجز يصوم عن كل مدين يوما فان عجز صام ثلاثة أيام، ويمكن حمله في جميع المراتب على الاستحباب جمعا بين الاخبار. الثاني عشر: أن الابدال الثلاثة في الاقسام الثلاثة على الترتيب ويظهر من قول الشيخ في الخلاف وابن الدريس التخيير لظاهر الاية، والترتيب أظهر وان أمكن حمل الترتيب على الاستحباب. (المرآة) (1) لا خلاف في لزوم الشاة في قتل الارنب والثعلب. (المدارك) (2) هو البطائني الضعيف قائد أبى بصير المكفوف. (3) لو لم يكن وجوب الشاة في الثعلب اجماعيا لامكن المناقشة لضعف المستند كما ذكره السيد المحقق محمد بن على بن الحسين الجبعى صاحب المدارك – رحمه الله -.

[ 367 ]

2730 – وروى محمد بن الفضيل قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو محرم، فقال: إن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة درهم، وإن قتلها في الحرم وهو غير محرم فعليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وإن قتلها وهو محرم في غير الحرم فعليه دم شاة (1). فإن قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم فعليه حمل قد فطم، وليس عليه قيمته لانه ليس في الحرم (2). ويذبح الفداء إن شاء في منزله بمكة وإن شاء بالحزورة (3) بين الصفا والمروة قريبا من موضع النخاسين وهو معروف (4).


(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 546 الى هنا باختلاف وتغيير. (2) من قوله ” فان قتل فرخا ” الى هنا يمكن أن يكون تتمة للحديث السابق أعنى خبر أبى الحسن عليه السلام ويمكن أن يكون قول المصنف أخذه من حديث أبى جعفر الجواد مع يحيى بن أكثم بلفظه كما رواه على بن ابراهيم في تفسيره ص 170 عن محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبى عنه عليه السلام، ورواه ابن شعبة الحرانى في تحف العقول مرسلا، وفى الصحاح الفرخ ولد الطائر والانثى فرخة وجمع القلة أفرخ وأفراخ والكثير فراخ – بالكسر -. و في المصباح: الحمل – بفتحتين -: ولد الضائنة في السنة الاولى والجمع حملان. (3) قال في المراصد: الحزورة – بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء – كانت سوق مكة ودخلت في المسجد لما زيد، وباب الحزورة معروف من أبواب المسجد الحرام والعامة تقول: عرورة – بالعين. (4) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 384 في الصحيح عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام ” من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم فان كان حاجا نحر هديه الذى يجب عليه بمنى وان كان معتمرا نحر بمكة قبالة الكعبة وفى الضعيف عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال ” في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره ان كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس فان كان في عمرة نحره بمكة وان شاء تركه الى أن يقدم فيشتريه فانه يجزى عنه ” ورواه الشيخ – رحمه الله – وقال بعد ايراده قوله ” وان شاء تركه الى أن يقدم فيشتريه ” رخصة لتأخير شراء الفداء الى مكة ومنى لان من وجب عليه كفارة الصيد فان الافضل أن يفديه من حيث أصابه. وقال في المدارك: هذه الروايات كما ترى مختصة بفداء الصيد أما غيره فلم أقف على نص يقتضى تعيين ذبحه في هذين الموضعين – انتهى. =

[ 368 ]

فإن قتله وهو محرم في الحرم فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم (1). وفي القطاة حمل قد فطم من اللبن ورعى من الشجر (2). وإذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل بيضة شاة بقدر عدد البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فان لم يقدر فإطعام عشرة مساكين (3). =


وروى الكليني ج 4 ص 384 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” يفدى المحرم فداء الصيد من حيث أصابه ” والظاهر أن المراد به شراؤه وسوقه الى مكة كما يشعر به ظاهر الاية حيث يقول الله تعالى ” هديا بالغ الكعبة “، ويؤيده مرسلة أحمد بن محمد البزنطى في الكافي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من وجب عليه هدى في احرامه فله أن ينحره حيث شاء الافداء الصيد فان الله عزوجل يقول: ” هديا بالغ الكعبة ” وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 554 في الموثق كالصحيح عن اسحاق بن عمار ” أن عباد البصري جاء الى أبى عبد الله عليه السلام وقد دخل (يعنى الامام عليه السلام) مكة بعمرة مبتولة وأهدى هديا، فأمر به فنحر في منزله بمكة، فقال له عباد: نحرت في منزلك و تركت أن تنحره بفناء الكعبة وأنت رجل يؤخذ منك؟ فقال له: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله نحر هديه بمنى في المنحر وأمر الناس فنحروا في منازلهم، وكان ذلك موسعا عليهم، فكذلك هو موسع على من ينحر الهدى بمكة في منزله إذا كان معتمرا ” ويدل على أن الامر بفناء الكعبة للاستحباب وفعله عليه السلام لبيان الجواز. (1) في حديث أبى جعفر الجواد عليه السلام ” في الفرخ نصف درهم وفى البيضة ربع درهم “. (2) روى الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” وجدنا في كتاب على عليه السلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجرة ” (التهذيب ج 1 ص 545) وروى نحوه الكليني بسند فيه ضعف. (3) روى الكليني ج 4 ص 387 عن البزنطى بسند ضعيف عن على بن أبى حمزة عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم، قال: يرسل الفحل في الابل على عدد البيض، قلت: فان البيض يفسد كله ويصلح كله قال: ما ينتج من الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وان لم ينتج فليس عليه شئ فمن لم يجد ابلا فعليه لكل بيضة شاة، فان لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام “. وقال العلامة =

[ 369 ]

وإذا وطئ بيض نعام ففدغها وهو محرم وفيها أفراخ تتحرك فعليه أن يرسل فحولة من البدن على الاناث بقدر عدد البيض فما لقح وسلم حتى ينتج فهو هدي لبيت الله الحرام، فإن لم ينتج شيئا فليس عليه شئ (1). وإن وطئ بيض قطاة فشدخه فعليه أن يرسل فحولة من الغنم على عددها من الاناث بقدر عدد البيض فما سلم فهو هدي لبيت الله الحرام (2). 2731 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما وطئت أو وطئه بعيرك وأنت محرم فعليك فداؤه (3) “. وإذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد =


المجلسي: لا خلاف فيه بين الاصحاب غير أنه محمول على ما إذا لم يتحرك الفرخ، فان تحرك فعليه بكارة من الابل وهو أيضا اجماعي – انتهى. وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 549 بسند فيه ضعف عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” في بيضة النعام شاة، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام فمن لم يستطع فكفارته اطعام عشرة مساكين إذا أصابه وهو محرم ” وترتيب ما في المتن كترتيب هذا الخبر. (1) في الكافي ج 4 ص 389 في الصحيح عن أبى الصباح الكنانى عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث قال ” في رجل وطئ بيض نعامة ففدغها وهو محرم فقال: قضى على عليه السلام أن يرسل الفحل على مثل عدد البيض من الابل فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة “. والفدغ كالشدخ: الكسر. (2) في الكافي ج 4 ص 389 في الصحيح عن سليمان بن خالد قال: ” سألته عن محرم وطئ بيض قطاة فشدخه، قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الابل “. وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 549 في الصحيح عن سليمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” في كتاب على عليه السلام: في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام ” وأعلم أن الفيض – رحمه الله – جعل كل هذه الاحكام أعنى من قوله ” فان قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم ” الى هنا – جزء الخبر الذى رواه محمد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السلام. (3) مروى في الكافي ج 4 ص 383 بسند حسن كالصحيح، وقال الكليني بعده: اعلم أنه ليس عليك فداء شئ أتيته وأنت جاهل به وأنت محرم في حجك ولا في عمرتك الا الصيد فان عليك فيه الفداء بجهالة كان أو بعمد

[ 370 ]

فقتل صيدا آخر متعمدا فليس عليه جزاؤه وهو ممن ينتقم الله منه والنقمة في الآخرة وهو قول الله عزوجل: ” عفى الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه “، فإذا أصاب الصيد ثم عاد خطأ فعليه كلما عاد كفارة (1). وكلما أتاه المحرم بجهالة فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فداؤه، فان تعمد كان عليه فداؤه وأثمه (2). ولا بأس أن يصيد المحرم السمك ويأكل طريه ومالحه ويتزوده، فإن قتل


(1) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أي عبد الله عليه السلام ” في محرم أصاب صيدا، قال: عليه الكفارة، قلت: فان أصاب آخر، قال: إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة وهو ممن قال الله عزوجل: ” ومن عاد فينتقم الله منه “. أقول: اتفق الاصحاب في تكرر الكفارة بتكرر الصيد على المحرم إذا كان وقع منه خطأ أو نسيانا، لكن اختلفوا في تكررها مع العمد والقصد، واستدل القائلون بعدم تكرر في العامد بهذه الرواية والاية إذ تدلان على أن ما وقع ابتداء هو حكم المبتدى ولا يشمل العائد فلا يجرى ما ذكر فيه من الجزاء في العائد، وأجاب الآخرون بأن تخصيص العائد بالانتقام لا ينافى ثبوت الكفارة فيه أيضا مع أنه يمكن أن يشمل الانتقام الكفارة أيضا. وقد روى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” في المحرم يصيد الطير قال: عليه الكفارة في كل ما أصاب ” ويدل على وجوب الكفارة في كل طير وعلى تكرر الكفارة في تكرر الصيد مطلقا. وقال ابن أبى عمير عن بعض أصحابه ” إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب الكفارة وإذا أصابه متعمدا فان عليه الكفارة، فان عاد فأصاب ثانيا متعمدا فليس عليه الكفارة وهو ممن قال الله عزوجل: ومن عاد فينتقم الله منه “. وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 553 بسندين صحيحين عن الحلبي عن أبى – عبد الله عليه السلام قال ” في المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه والنقمة في الاخرة ” ويدل هذا الخبر زائدا على ما مر على أن صيد المحرم لا يصير ميتة بل هو حرام على المحرم. (2) تقدم الاخبار فيه.

[ 371 ]

جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة (1) فان كان كثيرا فعليه دم شاة (2). 2732 – ومر أبو جعفر عليه السلام على الناس وهم يأكلون جرادا فقال ” سبحان الله وأنتم محرمون؟ قالوا: إنما هو من البحر، قال: فارمسوه في الماء إذن (3) “. والجراد لا يأكله المحرم (4). ولا يأكله الحلال في الحرم (5).


(1) الى هنا كلام المؤلف أخذه من حديث حريز الذى رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس بأن يصيد المحرم السمك ويأكل مالحه وطريه ويتزوده – الخ ” وفى آخر بهذا السند أيضا عنه عليه السلام ” في محرم قتل جرادة قال: يطعم تمرة والتمرة خير من جرادة ” وقوله عليه السلام ” والتمرة خير من جرادة ” مثل للعرب استعمله عليه السلام هنا. (2) روى الكليني أيضا ج 4 ص 393 عن البزنطى بسند فيه ضعف عن العلاء عن محمد ابن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” سألته من محرم قتل جرادة قال: كف من طعام وان كان كثيرا فعليه دم شاة ” ورواه الشيخ ج 1 ص 551 من التهذيب بسند صحيح. (3) كذا وروى الكليني ج 4 ص 393 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: مر على صلوات الله عليه على قوم يأكلون جرادا فقال: سبحان الله وأنتم محرمون؟ فقالوا: انما هو من صيد البحر، فقال لهم: ارمسوه في الماء اذن “. وروى الشيخ – رحمه الله – في التهذيب ج 1 ص 151 من كتاب الحسين بن سعيد في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام ” أنه مر على ناس – وساق مثل ما في المتن – ” وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: الظاهر أنه كان قبل ذلك الخبر خبر عن أمير المؤمنين عليه السلام ولما ذكر بعده هذا الخبر أضمر فتوهم المصنف أن المار أبو جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون وقع منه عليه السلام أيضا لكن الظاهر الاول. وقوله ” فارمسوه في الماء ” أي إذا ادخلتموه في الماء يموت فكيف يكون من البحر والبحري ما يكون عيشه في الماء. وتؤيد الحرمة أخبار كثيرة وتوهم العامة أنه من صيد البحر لانه يحصل من ذرق السمك أو من الحيتان التى تنبذه الماء على الشط وتتعفن ويخلق منها الجراد وعلى تقدير الصحة لا يصير من البحر لان صيد البحر ما يبيض ويفرخ فيه. (4) يدل عليه سوى ما مر ما في التهذيب ج 1 ص 551 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ليس للمحرم أن يأكل جرادا ولا يقتله – الخ “. (5) لانه ثبت بالاخبار أنه صيد وثبت أيضا ان كل صيد دخل الحرم لا يجوز قتله لقوله تعالى =

[ 372 ]

فإن قتل عظاية فعليه أن يتصدق بكف من طعام (1). وإن قتل زنبورا خطأ فلا شئ عليه، وإن كان عمدا فعليه أن يتصدق بكف من طعام (2). وإن أصاب المحرم صيدا خارجا من الحرم فذبحه ثم أدخله الحرم مذبوحا وأهدى إلى رجل محل فلا بأس أن يأكله إنما الفداء على الذي أصابه (3). 2733 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن المحرم يصيب الصيد فيفديه يطعمه أو يطرحه، قال: إذا يكون عليه فداء آخر، قيل: فأي شئ يصنع به؟ قال: =


” ومن دخله كان آمنا ” والظاهر أنه خبر (م ت) أقول: روى الكليني ج 4 ص 381 في الصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ولا أنت حلال في الحرم – الخ “. (1) العظاية نوع من الوزغ أكبر منه تمشى مشيا سريعا. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 545 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: محرم قتل عظاية؟ قال: كف من طعام “: (2) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 364 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن محرم قتل زنبورا قال: ان كان خطأ فليس عليه شئ قلت: لا بل متعمدا؟ قال. يطعم شيئا من طعام، قلت: انه أرادنى، قال: كل شئ أرادك فاقتله ” ونحوه في التهذيب ج 1 ص 551. (3) تقدم ما فيه دلالة ما على ذلك تحت رقم 2376، وذهب اكثر الاصحاب الى أن ما قتله المحرم يحرم على المحل والمحرم، بل قال في المنتهى – على المحكى – أنه قول علمائنا أجمع واستدل عليه برواية وهب واسحاق، والظاهر من كلام المصنف أن مذبوح المحرم في – غير الحرم لا يحرم على المحل مطلقا، ويؤيده ما روى الكليني في الكافي ج 4 ص 382 في الصحيح عن منصور بن حازم قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: رجل أصاب من صيد أصابه محرم وهو حلال، قال: فليأكل منه الحلال وليس عليه شئ انما الفداء على المحرم ” وما رواه في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فانه ينبغى أن يدفنه ولا يأكله أحد، وإذا أصابه في الحل فان الحلال يأكله وعليه – هو – الفداء “.

[ 373 ]

يدفنه ” (1). وكل من وجب عليه فداء شئ أصابه وهو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى، وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة (2). وإذا اضطر المحرم إلى الصيد وميتة فإنه يأكل الصيد ويفدي (3)، وإن [ كان ] أكل الميتة فلا بأس إلا (4): 2734 – أن أبا الحسن الثاني عليه السلام قال: ” يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب إلي من الميتة ” (5). 2735 – وروى يوسف الطاطري (6) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” صيد


(1) تقدم تحت رقم 2356 نحوه ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 555 في الصحيح و حمل على ما كان في الحرم لرواية معاوية بن عمار التى تقدمت في الهامش آنفا. (2) روى الكليني ج 4 ص 384 في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم – وساق مثل ما في المتن بلفظه – ” وقد تقدم مثله. (3) روى الكليني ج 4 ص 383 في الصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام في رجل اضطر الى ميتة وصيد وهو محرم، قال: يأكل الصيد ويفدى ” وروى في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام قال: ” سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل، قال: يأكل من الصيد، ما يحب أن يأكل من ماله؟ قلت بلى، قال: انما عليه الفداء فليأكل وليفده “. (4) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لا خلاف بين الاصحاب في أنه لو اضطر المحرم الى الصيد يأكل ويفدى، واختلف فيما إذا كان عنده صيد وميتة، فذهب جماعة الى أنه يأكل الصيد ويفدى مطلقا، وأطلق آخرون أكل الميتة، وقيل: يأكل الصيد ان أمكنه الفداء و الا يأكل الميتة. (5) روى المؤلف نحوه في العلل ج 2 ب 195 عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن. العمركى، عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام. (6) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ورواه الكليني ج 4 ص 391 بسند مجهول.

[ 374 ]

أكله قوم محرمون، قال: عليهم شاة شاة، وليس على الذي ذبحه إلا شاة ” (1). 2736 – وروى علي بن رئاب، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام ” في قوم حجاج محرمين أصابوا أفراخ نعام فأكلوا جميعا، قال: عليهم مكان كل فرخ أكلوه بدنة يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال ” (2). 2737 – وروى زرارة، وبكير عن أحدهما عليهما السلام ” في محرمين أصابا صيدا فقال عليه السلام: على كل واحد منهما الفداء ” (3). 2738 – وسأل أبو بصير (4) أبا عبد الله عليه السلام ” عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه فقالت امرأة رفيقة لهم: إجعلوا لي منه بدرهم فجعلوا لها، فقال: على كل إنسان منهم شاة ” (5). 2739 – وقال الله عزوجل: ” احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم و للسيارة ” وقال الصادق عليه السلام: ” هو مليحه الذي تأكلون، وقال: فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر ويفرخ في البر فهو صير البر، وما كان من طير يكون في البر ويبيض في البحر ويفرخ في البحر فهو من صيد البحر ” (6).


(1) يدل على ضمان كل من الشركاء الفداء كاملا وعلى وجوب الفداء بالاكل ويمكن حمله على الاستحباب، واعترض في المدارك بانه انما يدل على وجوب الفداء مع مغايرة الذابح للاكل لا مطلقا. (2) الطريق صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح وزاد ” قلت: فان منهم من لا يقدر على شئ، قال: يقوم بحساب ما يصيبه من البدن ويصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما،. (3) الطريق صحيح وعليه فتوى الاصحاب. (4) رواه الكليني ج 4 ص 392 بسند فيه ضعف عن البزنطى عن البطائني عن أبى بصير والظاهر أنه يحيى بن القاسم بقرينة رواية البطائني عنه. (5) قال العلامة المجلسي: لعله محمول على أنهم ذبحوه أو حبسوه حتى مات وظاهره أن بمحض الشراء يلزمهم الفداء ولم أربه قائلا. (6) لهذا الحديث صدر تقدم ص 370 ورواه الكليني ج 4 ص 392 عن حماد عن حريز عمن أخبره. ويستفاد منه أن ما كان من طيور يعيش في البر والبحر يعتبر بالبيض فان كان =

[ 375 ]

2740 – و ” المحرم لا يدل على الصيد فإن دل عليه فقتل فعليه الفداء ” (1). باب * (تقصير المتمتع وحلقه واحلاله ومن نسى التقصير) * * (حتى يواقع أو يهل بالحج) * 2741 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعر رأسك من جوانبه ولحيتك، وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم (2) فطف بالبيت تطوعا ما شئت ” (3). 2742 – وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قلت له: ” الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج، فقال: عليه دم “. وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ” يستغفر الله تعالى “. (4) =


يبض في البر فهو صيد البر وان كان ملازما للماء كالبط ونحوه وان كان مما يبيض في البحر فهو صيد البحر، وقال في المنتهى: لا نعلم فيه خلافا الا من عطاء. (1) هذا الكلام بلفظه مروى في الكافي ج 4 ص 381 في الحسن كالصحيح عن منصور بن حازم عن أبى عبد الله عليه السلام وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: يشمل باطلاقه ما إذا كان المدلول محلا في الحل كما ذكره الاصحاب. (2) زاد هنا في الكافي ” وأحرمت منه “. (3) يدل على وجوب التقصير وانه يحل له به كل شئ مما حرمه الاحرام، وعلى استحباب الجمع بين أخذ الشعر من الرأس واللحية والشارب وقص الاظفار وعدم المبالغة فيها ليبقى شئ للحج، وعلى مرجوحية الطواف المندوب قبل التقصير (المرآة) أقول: روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا يطوف المعتمر بالبيت بعد طواف الفريضة حتى يقصر “. (4) رواه الكليني ج 4 ص 440 بسند صحيح عنه عن أبى عبد الله عليه السلام ” عن رجل متمتع نسى أن يقصر حتى أحرم بالحج قال: يستغفر الله “.

[ 376 ]

قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: والدم على الاستحباب والاستغفار يجزي عنه، والخبران غير مختلفين (1). 2743 – وسأل عمران الحلبي أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل طاف بالبيت و بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه، قال: عليه دم يهريقه، وإن جامع فعليه جزور أو بقرة ” (2). 2744 – وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل عقص (3) رأسه وهو متمتع فقدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه وقصر وادهن وأحل، قال:


(1) الظاهر من كلام الشيخ في الاستبصار أنه حمل الخبر الاول على ظاهره والثانى على أنه تمت عمرته ولا شئ عليه من العقاب. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – في خبر ابن سنان: لعل الاستغفار للتقصير في مباديه أو للذنوب الاخرى لتدارك ما دخل عليه من النقص بسبب النسيان، ثم ان ظاهر الخبر صحة احرامه وأنه لا يلزمه سوى الاستغفار، ولا خلاف بين الاصحاب – على ما ذكر في المنتهى – في أنه لا يجوز انشاء احرام آخر قبل أن يفرغ من أفعال ما أحرم له، وأما المتمتع إذا أحرم ناسيا بالحج قبل تقصير العمرة فقد اختلف فيه الاصحاب فذهب ابن ادريس وسلار وأكثر المتأخرين الى أنه يصح حجه ولا شئ عليه، وقال الشيخ و على بن بابويه: يلزمه بذلك دم، وحكى في المنتهى قولا لبعض أصحابنا ببطلان الاحرام الثاني والبناء على الاول، مع أنه قال في المختلف لو أحل بالتقصير ساهيا وأدخل احرام الحج على العمرة سهوا لم يكن عليه اعادة الاحرام وتمت عمرته اجماعا وصح احرامه ثم نقل الخلاف في وجوب الدم خاصة، والاول أقوى. (2) ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة، وهو اختيار ابن ادريس، وقال ابن أبى عقيل: عليه بدنة، وقال سلار: عليه بقرة، والمعتمد الاول، قال في التحرير: ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور ان كان موسرا وان كان متوسطا فبقرة وان كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ، ولو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة (المرآة) (3) العقص: جمع الشعر وجعله في وسط الرأس وشده.

[ 377 ]

عليه دم شاة “. 2745 – وسأله معاوية بن عمار ” عن رجل متمتع وقع على امرأته ولم يقصر، قال: ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه، قال: وقلت له: متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمشقص، فقال: لا بأس به ليس كل أحد يجد الجلم ” (1). 2746 – وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن متمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه، قال: عليه دم يهريقه، فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق (2) “. 2747 – وروى أبوالمغرا (3) عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ” رجل أحل من إحرامه ولم تحل امرأته فوقع عليها، قال: عليها بدنة يغرمها زوجها “. 2748 – وقال الصادق عليه السلام: ” ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل أن لا يلبس قميصا وأن يتشبه بالمحرمين ” (4).


(1) المشقص – كمنبر -: نصل عريض، والجلم – بالتحريك -: الذى يجز به الشعر و الصوف وما يقال له المقراض (2) ظاهره أن حلق الرأس وقع نسيانا فيحمل الدم على الاستحباب والاحوط الدم مطلقا أما وجوب التقصير وعدم جواز الحلق فلا ريب فيه للاخبار المتواترة بالامر بالتقصير، والاحوط امرار الموسى على رأسه يوم النحر فان كان عليه شعر فيكفى عن التقصير وان لم يكن فليقصر معه، وظاهر الخبر الاكتفاء بالحلق الذى وقع منه نسيانا لانه مشتمل على التقصير والاحوط أن يقصر معه سيما إذا وقع منه عمدا. (م ت) (3) في الطريق عثمان بن عيسى وهو واقفى من المستبدين بمال موسى بن جعفر عليهما – السلام. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 492 بسند صحيح عنه، وأبو المغرا هو حميد بن المثنى العجلى الصيرفى كان ثقة له أصل كما في الخلاصة. (4) رواه الكليني ج 4 ص 441 بسند قوى عنه عليه السلام والمراد بالتشبه بالمحرمين عدم لبس المخيط كما في الدروس أو مطلقا كما قال الشهيد الثاني – قدس سره -.

[ 378 ]

2749 – وروى حفص وجميل وغيرهما عن أبي عبد الله عليه السلام ” في يحرم يقصر من بعض ولا يقصر من بعض، قال: يجزيه ” (1). 2750 – وسأله جميل بن دراج ” عن متمتع حلق رأسه بمكة، فقال: إن كان جاهلا فليس عليه شئ (2) فإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن تعمد ذلك بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر (3) للحج فإن عليه دما يهريقه ” (4). 2751 – وروي عن حماد بن عثمان قال: قال رجل لابي عبد الله عليه السلام: ” جعلت فداك إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر، قال: عليك بدنة قال: فاني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها قال: رحمها الله إنها كانت أفقه منك، عليك بدنة وليس عليها شئ ” (5) باب * (المتمتع يخرج من مكة ويرجع) * 2752 – قال الصادق عليه السلام: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض


(1) يدل على عدم وجوب التقصير من كل شعر. (2) تحريم الحلق على من اعتمر عمرة التمتع ووجوب الدم بذلك هو المشهور بين الاصحاب ونقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال: الحلق مجز والتقصير أفضل وهو ضعيف، وذكر العلامة في المنتهى أن الحلق مجز وان قلنا انه محرم وهو ضعيف. (المرآة) (3) قوله ” التى يوفر فيها ” صفة لقوله ” بعد ” ظاهرا بتأويل الازمنة أو الاشهر، و يحتمل أن يكون صفة للثلاثين بأن يكون توفير الشعر في شوال مستحبا (المرآة) (4) المشهور بين الاصحاب استحباب توفير الشعر من أول ذى القعدة للتمتع فان حلقه يستحب له اهراق دم، وذهب المفيد وبعض الاصحاب الى وجوبهما واستدل له بهذا الخبر لانه عليه السلام حكم بجواز ذلك في أول أشهر الحج الى ثلاثين وحكم بلزوم الكفارة بعد الثلاثين كما في المرآة (5) يدل كالاسبق على جواز الاكتفاء بالمسمى لاسيما مع الضرورة. (م ت)

[ 379 ]

المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج، فإذا علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما ” (1). 2753 – وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام ” هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال: لا، إلا مريض أو من به بطن ” (2). 2754 – وروى القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين والثلاث كيف يصنع؟ قال: إذا دخل فليدخل ملبيا، وإذا خرج فليخرج محلا “.


(1) قال في الشرايع ” لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة حتى يأتي بالحج لانه صار مرتبطا به الا على وجه لا يفتقر الى تجديد عمرة “. وقال استاذنا في هامش الوافى: المتمتع إذا أراد الخروج من مكة يجب عليه إما أن يحرم بالحج فيخرج ويبقى على احرامه الى موسم الحج وإما أن يخرج محلا ويرجع محلا قبل أن يمضى شهر من عمرته السابقة وأنكر صاحب الجواهر الوجه الثاني وقال: على كل حال فالمتجه الاقتصار في الخروج على الضرورة وأن لا يخرج منها الا محرما، وأما النصوص الفارقة بين ما إذا رجع قبل مضى الشهر أو بعده فقال ان هذه النصوص غير جامعة لشرايط الحجية ولا شهرة محققة جابرة لها، بل لم نعرف ذلك الا للمحقق والفاضل – انتهى. أقول: استشكل العلامة في القواعد احتساب الشهر من حين الاحرام أو الاحلال وقال المحقق في النافع: ولو خرج بعد احرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه وان عاد في غيره أحرم ثانيا. ومقتضى ذلك عدم اعتبار مضى الشهر من حين الاحرام أو الاحلال بل الاكتفاء في سقوط الاحرام بعوده في شهر خروجه إذا وقع بعد احرام متقدم كما في المدارك وظاهر هذا الخبر وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن عثمان عن رجل عن أبى عبد الله عليه السلام ” في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم قال: ان رجع في الشهر الذى خرج فيه دخل بغير احرام وان دخل في غيره دخل باحرام ” صريح في اعتبار الدخول في شهر الخروج وما يفهم من بعض الاخبار من اعتبار مضى الشهر فقاصر من حيث السند. (2) ادعى الاجماع على عدم جواز دخول مكة بغير احرام الا في موارد الاستثناء فان تم الاجماع على لزوم الاحرام فهو والا فالنصوص قاصرة اما من حيث الدلالة واما من حيث السند راجع جامع المدارك ج 2 ص 421 الى ص 424.

[ 380 ]

باب * (احرام الحائض والمستحاضة) * 2755 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بالبيداء لاربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسلت واحتشت وأحرمت ولبت مع النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه فلما قدموا مكة لم تطهر حتى نفروا من منى وقد شهدت الموقف كلها: عرفات وجمعا ورمت الجمار ولكن لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة، فلما نفروا من منى أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسلت وطافت بالبيت وبالصفا والمروة (1) وكان جلوسها في أربع بقين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة وثلاثة أيام التشريق “. 2756 – وروي عن درست (2) عن عجلان أبي صالح قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن متمتعة دخلت مكة فحاضت، فقال: تسعى بين الصفا والمروة، ثم تخرج مع الناس حتى تقضي طوفها بعد “. 2757 – وسأله معاوية بن عمار ” عن امرأة طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما فقال: تتم سعيها (3)، وسأله عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى، قال: تسعى “. 2758 – وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن المحرمة إذا


(1) ظاهره أنها حجت التمتع وقضت الطواف والسعى مع احتمال الافراد. (م ت) (2) الطريق إليه صحيح وهو ابن أبى منصور الواسطي وهو واقفى ولم يوثق صريحا. و عجلان أبو صالح مشترك والظاهر هو الواسطي الخباز ولم يوثق كما في جامع الرواة وقد عنون الكشى عجلان أبا صالح ونقل عن محمد بن مسعود أنه قال: سمعت على بن الحسن بن على ابن فضال يقول: عجلان أبو صالح ثقة. (3) يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف ولو لم تصل سواء كان قبل السعي أو في أثنائه تتم عمرتها ولا ريب فيه. (م ت)

[ 381 ]

طهرت تغسل رأسها بالخطمي؟ فقال: يجزيها الماء ” (1). 2759 – وروى جميل عنه عليه السلام أنه قال ” في الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية إنها تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة ” (2). 2760 – وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات، فقال: تصير حجة مفردة وعليها دم اضحيتها ” (3). 2761 – وروى صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلي فلم تطهر إلا يوم التروية وطهرت وطافت بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة (4) حتى شخصت إلى عرفات هل تعتد بذلك الطواف أو تعيد قبل الصفا والمروة؟ قال: تعتد بذلك الطواف الاول وتبني عليه ” (5). 2762 – وروى أبان، عن زرارة قال: ” سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت


(1) يدل على استحباب اجتناب المحرمة من الخطمى. (م ت) (2) يدل على أنها إذا قدمت مكة وهى حائض تجعل عمرتها حجة وتحج وتعتمر بعده. (3) رواه الشيخ – ره – في الاستبصار ج 2 ص 310: وفيه ” عليها دم تهريقه وهى اضحيتها ” وقال الشيخ محمولة على الاستحباب دون الوجوب لانه إذا فاتتها المتعة صارت حجتها مفردة وليس على المفرد هدى – انتهى، وقيل: لعل في العدول عن الهدى الى الاضحية اشعارا بان ذلك على الاستحباب. (4) اما لضيق الوقت أو لنسيان، وقيل: ظاهر العبارة مشعر بأنه لم يفت منها من أفعال العمرة الا السعي فتكون قد قصرت وأحرمت بالحج. (5) الظاهر أنها قصرت وأحلت وأهلت بالحج ولم تسع فحينئذ تقضى السعي ولو طافت وذهبت الى عرفات فيمكن أن تصير حجها مفردا ويكون عدم الاحتياج الى الطواف لذلك، أو يكون مغتفرا بالنظر الى المعذور الجاهل أو أحدهما وهو الاظهر من الخبر. (م ت)

[ 382 ]

قبل أن تصلي الركعتين فقال: ليس عليها إذا طهرت إلا الركعتين وقد قضت الطواف ” (1). 2763 – وروى أبان، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاءت ” (3). 2764 – وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت فاستحيت أن تعلم أهلها وزوجها حتى قضت المناسك وهي على تلك الحالة وواقعها زوجها ورجعت إلى الكوفة، فقالت لاهلها: قد كان من الامر كذا وكذا، فقال: عليها سوق بدنة والحج من قابل (3) وليس على زوجها شئ “. 2765 – وروى فضالة بن أيوب، عن الكاهلي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء في إحرامهن، فقال: يصلحن ما أردن أن يصلحن (4) فإذا وردن الشجرة أهللن بالحج ولبين عند الميل أول البيداء، ثم يؤتى بهن مكة يبادر بهن الطواف السعي (5) فإذا قضين طوافهن وسعيهن قصرن وجازت (6) متعة، ثم أهللن يوم التروية بالحج


(1) يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل الصلاة صحت متعتها. (2) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لعل الاوفق باصول الاصحاب حمله على الاستنابة في بقية الطواف وان كان ظاهر الخبر الاجتزاء بذلك كظاهر كلام الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 560 والعلامة في التحرير والاحوط الاستنابة. (3) سوق بدنة حمل على ما إذا كانت عالمة بالحكم واستحيت عن اظهار ذلك (المرآة) والحج بسبب أنها كانت محرمة لم تحل لان الطوافين اللذين وقع منها كانا باطلين لعدم الطهارة لكن الجماع وقع بعد الموقفين الا أن يقال عمرة التمتع بمنزلة جزء الحج فكأنها كانت في العمرة لعدم التحلل فيكون قبل المشعر كما في الرواية وقبل الموقفين كما قاله الاصحاب أو لان حجها كانت باطلة فليزم عليها حجة الاسلام لا حج العقوبة وهو الاظهر. (م ت) (4) يعنى من حلق العانة أو نتفها والنورة وغير ذلك ولما قبح ذكر بعض هذه الاشياء عبر عنه بهذه العبارة. (م ت) (5) لئلا يحصل الحيض بالتأخير. (م ت) (6) في بعض النسخ ” صارت “.

[ 383 ]

وكانت عمرة وحجة، وإن اعتللن كن على حجهن (1) ولم يفردن حجهن “. 2766 – وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أطوف أو أقل من ذلك ثم رأت دما، فقال: تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى ” (2). وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام مثله. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: وبهذا الحديث افتي دون الحديث الذي رواه: 2767 – ابن مسكان، عن إبراهيم بن إسحاق، عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام ” عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت، قال: تتم طوافها وليس عليها غيره، ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف بعد الحج فان أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعر انة أو إلى التنعيم فلتعتمر ” (3). لان هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الاول رخصة ورحمة، وإسناده متصل وإنما لا تسعى الحائض التي حاضت قبل الاحرام بين الصفا والمروة وتقضي المناسك


(1) أي حج التمتع بقرينة ” ولم يفردن حجهن ” ويحتمل أن يكون المراد حج الافراد وقوله ” ولم يفردن ” أي في أول الامر بل ان حصل العذر أفردن. (م ت) (2) قال المولى المجلسي – رحمه الله -: يدل على الاكتفاء بالثلاث وان لم يتجاوز النصف. وحمله الشيخ على طواف النافلة وقال: ان طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استينافه من أوله ولا يجوز البناء عليه ان كان أقل من النصف ويجوز في النافلة البناء. (3) ذكر المصنف للمعارضة خبرا واحدا مع أنه وردت أخبار كمرسل الكليني عن أحمد بن عمر الحلال عن أبى الحسن عليه السلام وما رواه في الضعيف عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام في الكافي ج 4 ص 448 و 449، وما رواه الشيخ في الضعيف عن سعيد الاعرج عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 559.

[ 384 ]

كلها لانها لا تقدر أن تقف بعرفة إلا عشية عرفة ولا بالمشعر (1) إلا يوم النحر ولا ترمي الجمار إلا بمنى (2) وهذا إذا طهرت قضته. باب * (الوقت الذى إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع) * (3) 2768 – روى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومرازم، وشعيب عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم (4) فيأتي منى فقال: لا بأس “. 2769 – وروى الحسين بن سعيد (5) عن حماد، عن محمد بن ميمون قال: ” قدم أبو الحسن عليه السلام متمتعا ليلة عرفة فطاف وأحل وأتى بعض جواريه، ثم أهل


(1) لعل مراده أنه إذا حاضت قبل السعي أو قبل احرام الحج انما تؤخر السعي وتقضيه بعد، بخلاف مناسك الحج فانها تفعلها حائضا لان لافعال الحج أوقاته معينة لا يمكن تجاوزها فليس لها أن تؤخرها الى أن تطهر فهى مقدورة فيها بخلاف السعي (سلطان) أقول: روى الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 314 مسندا عن عمر بن يزيد قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطامث، قال تقضى المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا والمروة، قال: قلت: فان بعض ما تقضى من المناسك أعظم من الصفا والمروة والموقف فما بالها تقضى المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال: لان الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاءت، وان هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتها “. (2) كل ذلك في الايام المخصوصة. (3) وسيأتى الكلام فيه ان شاء الله تعالى. (4) في الكافي ج 4 ص 443 ثم يحل ثم يحرم “. (5) في أكثر النسخ ” روى الحلبي عن أحدهما عن حماد، عن محمد بن ميمون ” وهو تصحيف والصواب ما في بعض النسخ كما في الكافي والتهذيب ولذا اخترناه في المتن.

[ 385 ]

بالحج وخرج ” (1). 2770 – وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة، فقال عليه السلام: إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف وتحل من إحرامها وتلحق الناس بمنى فلتفعل “. 2771 – وروى النضر، عن شعيب العقر قوفي قال: ” خرجت أنا وحديد فانتهينا إلى البستان (2) يوم التروية فتقدمت على حمار فقدمت مكة وطفت وسعيت وأحللت من تمتعي، ثم أحرمت بالحج، وقدم حديد من الليل فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام استفتيته في أمره، فكتب إلي: مره يطوف ويسعى ويحل من متعته ويحرم بالحج ويلحق الناس بمنى ولا يبيتن بمكة ” (3). 2772 – وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سألته عن رجل خرج متمتعا بعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويلحق رأسه ويذبح شاته، ثم ينصرف إلى أهله، ثم قال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه، فإن لم يشترط فإن عليه الحج والعمرة من قابل ” (4).


(1) أي خرج الى منى والخبر يدل على ادراك التمتع بادراك ليلة عرفة. (2) هو وادى فاطمة أو قرية النارنج أو غيرهما، ويوم التروية هو الثامن من ذى الحجة. (م ت) (3) النهى للكراهة لاستحباب البيتوتة بمنى مهما أمكن ولو ببعض الليل. (4) ذكر هذا الخبر في باب الاشتراط في الاحرام أو في الباب الذى بعده أنسب، و قال في المدارك: استشكل العلامة في المنتهى بان الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط، وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط، قال: والوجه في هذه الرواية حمل الزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب وهو حسن وقوله: ” ويحلق رأسه ” أي يأتي بعمرة مفردة، وقوله ” ويذبح شاته ” الظاهر أن المراد بهادم الاضحية.

[ 386 ]

باب * (الوقت الذى متى أدركه الانسان كان مدركا للحج) * 2773 – روى ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أدرك المشعر الحرام على خمسة من الناس فقد أدرك الحج ” (1). 2774 – وروى ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ” (2). 2775 – وروى عبد الله بن المغيرة، عن إسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أدرك المشعر الحرام (3) قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج “. ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (4). 2776 – وروى معاوية بن عمار قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أدرك الزوال (5) فقد أدرك الموقف “.


(1) الظاهر أنه كناية عن ادراك آخر وقت الوقوف بالمشعر حيث ذهب الناس، ويدل على ادراك الحج باضطرارى المشعر. وفى بعض النسخ ” وعليه خمسة من الناس “. (2) يعنى أنه لا يفوت حجه من حيث فوت الوقوف بالمشعر حيث أدرك وقوفه الاضطراري وهو بعد طلوع الشمس الى الزوال، لا أنه يكفى عن جميع المناسك. قال العلامة – رحمه الله – في القواعد: لو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا أو بالعكس أو أحدهما اختيارا صح حجه، ولو أدرك الاضطراريين فالاقرب الصحة، ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل ويتخلل من فاته الحج بعمرة مفردة ثم يقضيه واجبا مع وجوبه كما فاته والاندبا ويسقط باقى الافعال عنه لكن يستحب له الاقامة بمنى أيام التشريق ثم يعتمر للتخلل. (3) رواه الكليني ج 4 ص 476 بزيادة ههنا وهى ” وعليه خمسة من الناس “. (4) لعله رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 530 في الصحيح عن محمد بن أبى عمير عن عبد الله بن المغيرة قال: ” جاءنا رجل بمنى فقال: انى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا فقال عبد الله بن المغيرة: فلا حج لك وسأل اسحاق بن عمار فلم يجبه، فدخل اسحاق على أبى الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج “. (5) أي كان قبل الزوال في المشعر.

[ 387 ]

باب * (تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعي وقبل الخروج) * * (الى منى) * (1) 2777 – روى إسحاق بن عمار، عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: ” سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجة ” (2). 2778 – وروى بان أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي الحسن عليه السلام ” في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال: هما سواء أخر ذلك أو قدمه (3) ” يعني المتمتع (4). 2779 – وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وروى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام أنهما سألاهما ” عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج، فقالا: هما سيان قدمت أو أخرت “. 2780 – وروى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا إبراهيم


(1) دأب المصنف غير دأب الاصحاب في ذكر المناسك أولا ثم بيان أحكامها بل ذكر أولا أحكامها ثم ساق المناسك لاشتمالها على الادعية والاداب الكثيرة. (م ت) (2) حمل على الناسي وفى الجاهل خلاف ويمكن الاستدلال بهذا الخبر على عدم وجوب الاعادة عليه أيضا (المرآة) وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: يدل على عدم الاعتداد بطواف النساء إذا وقع قبل السعي، ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 512 عن أحمد بن محمد عمن ذكره قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: ” جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف النساء ثم سعى؟ فقال: لا يكون السعي الا قبل طواف النساء، فقلت: عليه شئ؟ فقال: لا يكون السعي الا قبل طواف النساء “. (3) قد حمل على ذوى الاعذار (4) الظاهر أنه من كلام حفص ويحتمل كونه من المصنف، والاول أظهر.

[ 388 ]

عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل الطواف للحج قبل أن يأتي منى؟ قال: نعم من هو هكذا يعجل. قال: وسألته عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شئ؟ فقال: لا ” (1). باب * (تأخير الزيارة) * (2) 2781 – روي عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث (3)؟ فقال: تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخرته (4) “. 2782 – وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر ” (5). 2783 – وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته


(1) المشهور أنه يجوز للمفرد والقارن تقديم الطواف على الوقوف بعرفة اختيارا ويجوز للمتمتع اضطرارا كخوف الحيض والنفاس للاخبار: إذ الروايات المذكورة مطلقة الا رواية اسحاق بن عمار فانها تشعر بجواز ذلك للمضطر، ويمكن حمل ما في الروايات عليها أيضا (سلطان) أقول: روى الكليني ج 4 ص 457 خبر اسحاق وفيه زيادة ” قلت: المفرد بالحج إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة يعجل طواف النساء؟ فقال: لا انما طواف النساء بعد ما يأتي منى ” والخبر يدل على جواز التقديم بل على وجوبه مع العذر وظاهر التتمة الاطلاق. (2) يسمى طواف الزيادة زيارة لان الحاج يأتي من منى فييزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع الى منى. والاولى أن يطوف بالبيت يوم النحر بعد الاتيان بمناسك منى ولو لم يتيسر فالحادي عشر، ولا ينبغى تأخيره عنه وقيل بالحرمة كما في روضة المتيقن. (3) أي ثالث النحر وهو الثاني عشر. (4) يدل على جواز التأخير واستحباب التعجيل. (م ت) (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 518 بزيادة وهى ” انما يستحب تعجيل ذلك مخافة الاحداث والمعاريض “.

[ 389 ]

عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح، فقال: لا بأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب ” (1). 2784 – وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عمن نسي زيارة البيت حتى يرجع إلى أهله، فقال: لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه ” (2). 2785 – وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب “. باب * (حكم من نسى طواف النساء) * 2786 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال: يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإنه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ” (3).


(1) قال الشيخ بعد نقله في الاستبصار ج 2 ص 291: فالوجه في هذه الاخبار أن نحملها على غير المتمتع فانه موسع له تأخير ذلك عن النحر وغده، يدل على ذلك ما رواه الحسين ابن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال: يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر، والمفرد والقارن ليسا سواء موسع عليهما ” على أنه يكره للمتمتع تأخير ذلك أكثر من يومين وان لم يكن ذلك مفسدا للحج يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام ” في زيارة البيت يوم النحر قال: زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا تؤخر أن تزور من يومك فانه يكره للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره “. (2) يدل على اغتفار النسيان في ترك الطواف. ولعل المراد أنه لا يفسد حجه فيعود إليه وجوبا مع المكنة ومع التعذر يستنيب كما في شرح اللمعة، وقد حمل على طواف الوداع (3) مروى في الكافي ج 4 ص 513 بتقديم وتأخير وزيادة فيه هكذا ” قال لا تحل له النساء حتى يزور البيت وقال: يأمر أن يقضى عنه ان لم يحج فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره “.

[ 390 ]

2787 – وروى ابن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز قال: ” كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة فدخل عليه رجل فقال: أصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبى الجمال أن يقيم عليها، قال: فاطرق وهو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن اصحابها ولا يقيم عليها جمالها، ثم رفع رأسه إليه فقال: تمضى. فقد تم حجها ” (1). 2788 – وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام ” في رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط بالبيت ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله فنفض (2) ثم غشي جاريته؟ قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود ” (3).


(1) لعله محمول على الاستنابة للعذر كما هو المقطوع به في كلام الاصحاب (المرآة) و قال سلطان العلماء: لعله محمول على عدم استطاعتها الاستنابة وعدم قدرتها على العود، ويمكن أن يكون المراد عدم فساد حجها وان لزم عليها قضاء الطواف. (2) في بعض النسخ ” فشخص ” أي خرج من مكة، وفى بعضها ” فنقض ” أي وضوءه، وفى بعضها ” فشقص ” وفى الكافي مثل ما في المتن وقال الفيض – رحمه الله – ” فنفض ” بالفاء والضاد المعجمة كناية عن قضاء الحاجة – انتهى. ولعل النفض كناية عن التغوط كانه ينفض عن نفسه النجاسة أو عن الاستنجاء. في النهاية ” ابغنى أحجارا أستنفض بها ” أي أستنجى بها وهو من نفض الثوب لان المستنجى ينفض عن نفسه الاذى بالحجر أي يزيله ويدفعه. (3) زاد في الكافي ج 4 ص 379 ” وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا ” وقال في المدارك بعد ايراد تلك الرواية: هي صريحة في انتفاء الكفارة بالوقاع بعد الخمسة بل مقتضى مفهوم الشرط في قوله ” وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ” الانتفاء إذا وقع ذلك بعد تجاوز الثلاثة، وما ذكره في المنتهى من أن هذا المفهوم معارض بمفهوم الخمسة غير جيد إذ ليس هناك مفهوم وانما وقع السؤال عن تلك المادة والاقتصار في الجواب على بيان حكم المسئول عنه لا يقتضى نفى الحكم عما عداه، والقول بالاكتفاء في ذلك بمجاوزه النصف للشيخ في النهاية ونقل عن ابن ادريس انه اعتبر مجاوزة النصف في صحة الطواف والبناء عليه لا سقوط الكفارة، وما ذكره ابن ادريس من ثبوت الكفارة قبل اكمال السبع لا يخلو من قوة وان كان اعتبار الخمسة لا يخلو من رجحان.

[ 391 ]

2789 – وروى ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل نسي طواف النساء، قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف ” (1). وروي فيمن ترك طواف النساء أنه إن كان طاف طواف الوداع فهو طواف النساء (2). باب * (انقضاء مشى الماشي) * 2790 – روى الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام المكي، عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ” في الذي عليه المشي إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا ” (3).


(1) أي لا يفسد حجه بالمواقعة لما تقدم. (2) روى الكليني ج 4 ص 513 في الموثق كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب عن اسحاق ابن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام. قال: ” لو لا ما من الله عزوجل على الناس من طواف النساء لرجع الرجل الى أهله وليس يحل له أهله ” ومعناه ظاهر والاظهر طواف الوداع بدل طواف النساء كما في التهذيب ويظهر من كلام المصنف هنا. وحمل على من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع، وقال الفيض – رحمه الله -: يعنى أن العامة وان لم يوجبوا طواف النساء ولا يأتون به الا أن طوافهم للوداع ينوب مناب طواف النساء وبه تحل لهم النساء، وهذا مما من الله تعالى به عليهم، أو المراد من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع فهو قائم له مقامه بفضل الله ومنه في حل النساء وان لزمه التدارك – انتهى، وقال الاستاذ: الالتزام به بالنسبة الى العارف المعتقد وجوب هذا الطواف مشكل، وقال في كشف اللثام ” يمكن اختصاصه بالعامة الذين لا يعرفون وجوب طواف النساء والمنة على المؤمنين بالنسبة الى نسائهم الغير العارف منهن ” أقول: وهكذا بالنسبة الى طهارة مولد من يستبصر منهم وقد كان متولدا من أب لم يطف طواف النساء. (3) زاد في الكافي ج 4 ص 457 ” وليس عليه شئ “. وقوله ” زار البيت راكبا ” هذا =

[ 392 ]

2791 – وروي ” أن من نذر أن يمشي إلى بيت الله حافيا مشى، فإذا تعب ركب ” (1). 2792 – وروي ” أنه يمشي من خلف المقام ” (2). باب * (حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها) * 2793 – روى يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رأيت في ثوبي شيئا من دم وأنا أطوف، قال: فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله، ثم عد فابن =


يحتمل أمرين أحدهما أراد زيارة البيت لطواف الحج لانه المعروف بطواف الزيارة وهذا يخالف القولين معا (أن آخره منتهى أفعاله الواجبة وهى رمى الجمار، والآخر – وهو المشهور – أن آخره طواف النساء) فليزم اطراحها، والثانى أن يحمل رمى الجمار على الجميع، ويحتمل زيارة البيت على معناه اللغوى أو على طواف الوداع ونحوها وهذا هو الاظهر. كذا ذكره سلطان العلماء – رحمه الله – في حواشى شرح اللمعة. وقال المولى المجلسي – رحمه الله – ظاهره جمرة العقبة كما رواه على بن أبى حمزة (في الكافي ج 4 ص 456) عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته متى ينقطع مشى الماشي؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا ” ويمكن أن يكون الوجه خروجه من الاحرام وكان الركوب مرجوحا فتحلل منه أيضا. (1) رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 458 عن أبى عبد الله عليه السلام، وظاهره عدم انعقاد النذر في الحفاء لعدم رجحانه، بل يجب عليه المشى على أي وجه كان لرجحانه، ويحتمل على بعد أن يكون المراد فليمش حافيا والاول موافق لما فهمه الاصحاب وقال في الدروس: لا ينعقد نذر الحفاء في المشى (المرآة) وقال المولى المجلسي: يدل على مرجوحية الحفاء وعلى تعلق النذر بالمطلق إذا كان القيد مرجوحا. (2) قال الفيض – رحمه الله – لعل المراد بالمشى من خلف المقام مشيه من خلف مقام ابراهيم نحو البيت والاجتزاء به فانه أقل ما يفى به نذره ولهذا اقتصر عليه. وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: يمكن أن يكون المراد به أنه إذا تعلق النذر بالحج فلا يجب عليه المشى في العمرة بل يمشى بعدما أحرم بالحج من مقام ابراهيم عليه السلام الى أن يرمى الجمرة =

[ 393 ]

على طوافك ” (1). 2794 – وروى ابن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء (2) فاقيمت الصلاة، قال: يصلي معهم الفريضة (3) فإذا فرغ بنى من حيث بلغ ” (4). 2795 – وفي نوادر ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه =


وأن يكون المراد به أنه ما لم يأت الى المسجد الحرام للطواف فهو في الاحرام وهو مقدمة الحج فإذا وصل الى الطواف فيطوف ماشيا ويصلى ثم يشرع في المشى الى انقضائه، هذا إذا لم يكن مراده في النذر مشى الطريق كما هو المتعارف أن من ينذر الحج ماشيا يقصد به الطريق بل لا يخطر بباله أصل العمرة والحج. (1) يدل على وجوب طهارة الثوب أو استحبابها في الطواف وعدم الاعادة في صورة الجهل أو النسيان وفى هامش الوافى: ” يمكن أن يستأنس به لاشتراط الطهارة من الخبث واختلفوا فيه وذهب ابن الجنيد وابن حمزة الى كراهيه الطواف في الثوب النجس سواء كانت النجاسة معفوا عنها أم لا قاله الفاضل التونى في حاشية الروضة ” وفى التهذيب باسناده عن يونس بن يعقوب قال ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف، قال: ينظر الموضع الذى رأى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله، ثم يعود فيتم طوافه ” و عن البزنطى، عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلى في ثوب طاهر ” وقوله ” فابن على طوافك ” سواء تجاوز عن النصف أو لا، ويمكن تخصيصه بالاول. (2) في الكافي ج 4 ص 415، في طواف الفريضة ” لكن مروى في التهذيب عن محمد بن يعقوب كما في المتن. (3) يعنى مع العامة تقية ولا يدل على الجواز أو الرجحان بدونها وظاهره الوجوب (م ت) وصرح المحقق في النافع بجواز القطع لصلاة الفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف وربما ظهر من كلام العلامة في المنتهى دعوى الاجماع على ذلك فما ذكره الشهيد من نسبة هذا القول الى الندرة عجيب. (المدارك). (4) كذا في جميع النسخ التى عندنا ” والصواب ” من حيث قطع ” كما في الكافي والتهذيب ج 1 ص 481 وهامش نسخة مما عندي من نسخ الفقيه.

[ 394 ]

قال: ” في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة، قال: لا بأس بأن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإذا أراد أن يستريح في طوافه (1) ويقعد فلا بأس به فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف ” (2). 2796 – وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه (3) فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر فيرجع فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الاسفار؟ فقال: ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ثم ائت الطواف ” (4). 2797 – وروى ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام ” فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها، قال: يستقبل طوافه ” (5).


(1) قوله ” في طوافه ” كذا، وليس في التهذيبين ولا في روضة المتقين. (2) قوله ” فإذا رجع بنى على طوافه ” مبنى على كون طوافه طواف نافلة لورود أخبار بأن من قطع طواف الفريضة ان كان تجاوز النصف فليبن وان لم يتجاوز فليستأنف، منها حسنة أبان بن تغلب عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة، فقال: ان كان طواف نافلة بنى عليه وان كان طواف فريضة لم يبن عليه ” واطلاق بعض الاخبار يقتضى جواز القطع في طواف الفريضة والبناء مطلقا ان كان لحاجة ولعل الاستيناف في طواف الفريضة أحوط وأحوط منه الاتمام ثم الاستيناف ان لم يتجاوز النصف. (3) زاد في الكافي ج 4 ص 415 ههنا ” فيطلع الفجر ” ولعل المراد به الفجر الاول. (4) في الكافي والتهذيب ” ثم أتم الطواف ” ولعل السهو من النساخ، فيدل على جواز القطع للوتر إذا خاف فوت الوقت بالاسفار والتنوير، وعلى البناء على الطواف وان لم يتجاوز النصف. (م ت) (5) يدل على اعادة الطواف لو قطعه لدخول البيت سواء كان قبل مجاوزة النصف أو بعده ويؤيده ما في الكافي ج 4 ص 414 في الموثق كالصحيح عن عمران الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع؟ فقال: يقضى طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه ” والسؤال وان كان قبل مجاوزة النصف لكن الاعتبار بعموم الجواب، والتقييد بمخالفة السنة أي لم يقطعه رسول الله =

[ 395 ]

2798 – وروى حماد بن عثمان، عن حبيب بن مظاهر (1) قال: ” ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته، ثم جثت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لابي عبد الله عليه السلام فقال: بئسما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: إما أنه ليس عليك شئ ” (2). 2799 – وروي عن صفوان الجمال قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف، فقال: يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على على طوافه ” (3). باب * (السهو في الطواف) * 2800 – روى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه بالبيت، قال: يرجع إلى البيت ويتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي ” (4). =


صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام لدخول البيت، ويمكن أن يكون المراد بمخالفة السنة القطع قبل مجاوزة النصف وهكذا فهمه أكثر الاصحاب وحملوا الاطلاق عليه، لكن الاول أظهر وان كان الاحوط البناء بعد المجاوزة والاعادة خروجا من الخلاف وعملا بالاخبار مهما أمكن (م ت) (1) مجهول لكن لا يضر لاجماع العصابة على صحة ما صح عن حماد. وتوهم أن المراد بأبى عبد الله، الحسين بن على عليهما السلام وبحبيب حبيب بن مظاهر المشهور في غاية البعد. (2) يدل على البناء لازالة النجاسة ولو كان قبل المجاوزة وعلى معذورية الجاهل فانه لو لم يكن معذورا لكان الواجب عليه الاعادة لزيادة الشوط عمدا كما سيجيئ. (م ت) (3) حمل على النافلة لما في الكافي ج 4 ص 413 في الحسن كالصحيح عن أبان بن تغلب وقد تقدم ص 394. (4) يدل على البناء في الطواف والسعى وان لم يتجاوز النصف وهو أحد القولين في المسألة ذهب إليه الشيخ في التهذيب والمحقق في النافع والعلامة في جملة من كتبه. والقول =

[ 396 ]

2801 – وروي عن أبي أيوب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة قال: فليضم إليها ستا ثم يصلى أربع ركعات ” (1). وفي خبر آخر (2) إن الفريضة هي الطواف الثاني والركعتان الاوليان لطواف الفريضة، والركعتان الاخريان والطواف الاول تطوع (3). 2802 – وفي رواية القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سئل وأنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط، فقال: نافلة أو فريضة؟ فقال: فريضة، قال: يضيف إليها ستة فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ثم يخرج إلى الصفا والمروة ويطوف بهما، فإذا فرغ صلى ركعتين اخراوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة “. 2803 – وروي عن الحسن بن عطية (4) قال: ” سأله سليمان بن خالد وأنا =


الاخر – وهو الاشهر بين المتأخرين – أنه ان تجاوز النصف في الطواف والسعى يبنى عليهما والا يستأنفهما، ثم ان ظاهر الخبر أنه لا يعيد ركعتي الطواف مع البناء وكلام الاكثر في ذلك مجمل. (المرآة) (1) ” فليضم إليها ستا ” ليصير طوافين ويكون الاول فريضة والثانى نافلة، ” ثم يصلى أربع ركعات ” أي بعد الطواف أو ركعتين للفريضة بعده وركعتين للنافلة بعد السعي، وحمل على الزيادة ناسيا. (م ت) (2) يعنى يستفاد من خبر آخر. (3) قال صاحب المدارك: لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها الى رواية زرارة. وهى ما رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 219 في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام أو أبى عبد الله عليه السلام (كما في التهذيب) قال: ” ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج الى الصفا والمروة فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الاول “. ثم قال السيد (ره): مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الامام عليه السلام وقد قطع ابن بابوية بامكانه. وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعي وصلاة النافلة بعده. (4) الحسن بن عطية الحناط كوفى مولى ثقة روى عن أبى عبد الله عليه السلام. ولم يذكر المصنف طريقه إليه لكن رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 487 في الصحيح والكليني في الكافي ج 4 ص 418 في الحسن كالصحيح.

[ 397 ]

معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال أبو عبد الله عليه السلام: وكيف يطوف ستة أشواط؟ فقال: استقبل الحجر، فقال: الله أكبر وعقد واحدا (1)، فقال: يطوف شوطا، قال سليمان: فإن فاته ذلك حتى أتى أهله؟ قال: يأمر من يطوف عنه ” (2). 2804 – وروى عنه رفاعة أنه قال ” في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة، قال: يبني على يقينه ” (3). 2805 – وسئل (4) ” عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة، قال: طواف نافلة أو فريضة؟ قال: أجبني فيهما جميعا قال: إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف “. فان طفت بالبيت طواف الفريضة ولم تدر ستة طفت أو سبعة فأعد طوافك، فإن خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ (5)


(1) أي كان منشأ غلطه أنه حين ابتدأ الشوط عقد واحدا، فلما كملت الستة عقد السبعة فظن أنه قد أكمل السبعة. (2) يدل على أنه إذا ترك الشوط الواحد ناسيا ورجع الى أهله لا يلزمه الرجوع ويأمر من يطوف عنه، وعدى المحقق وجماعة هذا الحكم الى كل من جاز النصف وقال في المدارك: هذا هو المشهور ولم أقف على رواية تدل عليه، والمعتمد البناء ان كان المنقوص شوطا واحدا وكان النقص على وجه الجهل والنسيان والاستيناف مطلقا في غيره – انتهى، ويظهر من كلام العلامة في التحرير أنه أيضا اقتصر على مورد الرواية ولم يتعد (المرآة) وقال المولى المجلسي: قوله ” حتى أتى أهله ” أي رجع الى بلده ولا يمكنه أو يتعسر عليه الذهاب الى مكة فيستنيب من يطوف عنه هذا الشوط المنسى، والاحوط أن يبلى النائب به محرما. (3) أي على الاقل ويحمل على النافلة أو على البطلان والاعادة حتى يحصل له اليقين. (م ت) (4) يمكن أن يكون تتمة خبر رفاعة فيكون صحيحا وأن يكون خبرا آخر. (م ت) (5) يؤيده في الكافي ج 4 ص 416 في الصحيح عن منصور بن حازم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة أم سبعة، قال: فليعد طوافه، قلت: ففاته؟ قال: ما أرى عليه شيئا والاعادة أحب الى وأفضل “. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لا خلاف بين الاصحاب في أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ من الطواف =

[ 398 ]

باب * (ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر) * (1) 2806 – روى ابن مسكان، عن الحلبي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع؟ قال: يعيد الطواف الواحد ” (2). 2807 – وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: ” من اختصر في الحجر =


مطلقا، والمشهور أنه لو شك في النقصان في أثناء الطواف يعيد طوافه ان كان فرضا وذهب المفيد وعلى بن بابويه وأبو الصلاح وابن الجنيد وبعض المتأخرين الى أنه يبنى على الاقل وهو قوى، ولا يبعد حمل أخبار الاستيناف على الاستحباب بقرينة قوله عليه السلام ” ما أرى عليه شيئا ” بأن يحمل على أنه قد أتى بما شك فيه أو على أن حكم الشك غير حكم ترك الطواف رأسا، وربما يحمل على أنه لا يجب عليه العود بنفسه بل يبعث نائبا وعوده بنفسه أفضل، ولا يخفى بعده. وقال المحقق الاردبيلى – قدس سره -: لو كانت الاعادة واجبة لكان عليه شئ ولم يسقط بمجرد الخروج وفوته فالحمل على الاستحباب حمل جيد. (1) المراد به أنه يجب أن يكون الطواف حول البيت والحجر، لا بمعنى أن الحجر داخل في البيت لما تقدم في الاخبار الصحيحة أنه ليس من البيت ولا قلامة ظفر منه بل لانه كما يجب على الطائف الطواف بالبيت كذلك يجب أن يطوف على حجر اسماعيل تعبدا أو تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام، فلو دخل في الحجر وخرج منه وطاف على الكعبة فقط كان ذلك الشوط باطلا ويجب الاتيان بشوط آخر من الركن الذى فيه الحجر الاسود كما ابتدء أولا ويختم به. (م ت) (2) مروى في التهذيب ج 1 ص 477 وفيه ” يعيد ذلك الشوط “، قال في المدارك: هل يجب على من اختصر شوطا في الحجر اعادة ذلك الشوط وحده أو اعادة الطواف من رأس، الاصح الاول لصحيحة الحلبي حيث قال: ” يعيد ذلك الشوط ” ونحوه روى الحسن بن عطية (في المصدر) ولا يكفى اتمام الشوط من موضع سلوك الحجر بل يجب البداءة من الحجر الاسود لانه الظاهر من الشوط، ولقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار ” فليعد طوافه من الحجر الاسود “، ولا ينافى ما ذكرنا من الاكتفاء باعادة الشوط خاصة رواية ابراهيم بن =

[ 399 ]

الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود ” (1). 2808 – وروى الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن سفيان قال: ” كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى؟ فكتب عليه السلام: تعيد ” (2). باب * (ما جاء في الطواف خلف المقام) * (3) 2809 – روى أبان، عن محمد بن علي الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطواف خلف المقام، قال: ما أحب ذلك وما أرى به بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا ” (4). باب * (ما يجب على من طاف أو قضى شيئا من المناسك على غير وضوء) * 2810 – روي عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لا بأس بأن =


سفيان الاتية لانه غير صريح في توجه الامر الى اعادة الطواف من أصله فيحتمل تعلقه باعادة ذلك الشوط. (1) ظاهره الاكتفاء باعادة الشوط، ويدل على أنه لا يكفى اتمام الشوط من حيث سلوك الحجر بل لا بد من الرجوع الى الحجر واستيناف الشوط كما ذكره الاصحاب. (المرآة) (2) يحتمل تعلقه باعادة الطواف من أصله أو باعادة ذلك الشوط كما مر. (3) المشهور بين الاصحاب أنه لا بد أن يكون الطواف بين البيت والمقام ويكون من المسافة من الجوانب الثلاثة الاخر أيضا بمقدار تلك المسافة، والمسافة جانب الحجر من الحجر لا من الكعبة فلو بعد عن تلك المسافة ولو بخطوة كان باطلا. (م ت) (4) ” ما أرى به بأسا ” أي في الضرورة أو مطلقا ” الا أن لا تجد منه بدا ” ظاهره كراهة الخروج عن الحد وحمل على الحرمة، أو في النافلة والاحتياط ظاهر. (م ت)

[ 400 ]

تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف بالبيت، والوضوء أفضل ” (1). 2811 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن رجل طاف الفريضة وهو على غير طهر، قال: يتوضأ ويعيد طوافه، فان كان تطوعا توضأ (2) وصلى ركعتين “. 2812 – وفي رواية عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه قال: ” لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي، وإن طاف متعمدا على غير وضوء فليتوضأ وليصل ” (3) ومن طاف تطوعا وصلى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف. 2813 – وروى صفوان، عن يحيى الازرق قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: ” رجل سعى بين الصفا والمروة فسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء، فقال: لا بأس ولو أتم مناسكه بوضوء كان أحب إلي ” (4).


(1) أجمع الاصحاب على اشتراط الطهارة في الطواف الواجب، واختلفوا في المندوب والمشهور عدمه والاستحباب كما في سائر المناسك، وقوله: ” والوضوء أفضل ” أي في غير الطواف بقرينة استثناء الطواف (م ت) ونقل عن أبى الصلاح الاشتراط لاطلاق بعض الروايات. (2) يدل كالسابق على اشتراط الطهارة في الواجب دون المندوب وعلى اشتراطها للصلاة المندوبة. (م ت) (3) لعل هذا لرفع توهم أن الكلام السابق مخصوص بالسهو (سلطان) والخبر في التهذيب ج 1 ص 480 الى هنا. والباقى يمكن أن يكون من تتمة الخبر أو من كلام المصنف أخذه من صحيحة حريز عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء، فقال: يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف ” راجع التهذيب ج 1 ص 480. (4) نقل عن ابن أبى عقيل القول بوجوب الطهارة للسعى والمشهور الاستحباب.

[ 401 ]

باب * (ما جاء في طواف الاغلف) * 2814 – روى حريز، وإبراهيم بن عمر قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لا بأس بأن تطوف المرأة غير مخفوضة فأما الرجل فلا يطوف الا مختونا ” (1). 2815 – وروى ابن مسكان، عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل الذي يسلم فيريد أن يختتن وقد حضر الحج أيحج أو يختتن؟ قال: لا يحج حتى يختتن ” (2). باب * (القران بين الاسابيع) * (3) 2816 – روى ابن مسكان، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” انما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين (3) والطوافين في الفريضة، فأما في النافلة فلا بأس ” (4)


(1) اشتراط الاختتان مقطوع به في كلام الاصحاب، ونقل عن ابن ادريس أنه توقف في هذا الحكم، وقيل يسقط مع التعذر ويحتمل اشتراطه مطلقا فتأمل (سلطان) والخبر يدل على الوجوب للرجال والاستحباب للنساء، وخفض الجوارى بمنزلة الختان للرجال. (2) ظاهره الاشتراط لان النهى عن العبادة مستلزم للفساد. (م ت) (3) المراد بالقران على ما ذكره الاصحاب الزيادة على السبع وان كان خطوة أو أقل وقالوا بحرمتها في الفريضة وكراهتها في النافلة، وظاهر الاخبار يدل على أن المراد الاتيان بطوافين بدون صلاته في البين. (م ت) (3) في النهاية: في الحديث انه طاف بالبيت اسبوعا أي سبع مرات ومنه الاسبوع للايام السبعة ويقال له: سبوع – بلا ألف – لغة فيه قليلة، وقيل: هو جمع سبع أو سبع كبرد وبرود وضرب وضروب. (4) قال في المدارك: حكم المحقق في النافع وغيره بكراهة القران في النافلة وعزى تحريمه وبطلان الطواف به في الفريضة الى الشهرة. ونقل عن الشيخ رحمه الله أنه حكم بالتحريم =

[ 402 ]

2817 – وقال زرارة: ” ربما طفت مع أبي جعفر عليه السلام وهو ممسك بيدي الطوافين والثلاثة ثم ينصرف ويصلي الركعات ستا ” (1). وكلما قرن الرجل بين طواف النافلة صلى لكل اسبوع اسبوع ركعتين ركعتين (2). باب * (طواف المريض والمحمول من غير علة) * 2818 – روى محمد بن مسلم قال: ” سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه (3) وسعى عليها بين الصفا والمروة “. 2819 – وفي خبر آخر ” إنه كان يقبل المحجن ” (4). =


خاصة في الفريضة، وعن ابن ادريس أنه حكم بالكراهة، والمستفاد من صحيحة زرارة كراهة القران في الفريضة دون النافلة، ويمكن أن يقال بالكراهة في النافلة أيضا وحمل هذا الخبر وخبر عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام ” انما يكره القران في الفريضة فأما النافلة فلا والله ما به بأس ” على التقية كما تدل عليه صحيحة صفوان والبزنطي قالا: ” سألناه عن قران الطواف السبوعين والثلاثة، قال: لا انما هو سبوع وركعتان، وقال: كان أبى يطوف مع محمد بن ابراهيم فيقرن وانما كان ذلك منه لحال التقية “. (1) كذا في جميع النسخ وفى التهذيب ج 1 ص 581 في الصحيح عن زرارة قال: ” طفت مع أبى جعفر عليه السلام ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا وهو آخذ بيدى ثم خرج فتنحى ناحية فصلى ستا وعشرين ركعة وصليت معه ” والظاهر الصواب ما في التهذيب لعدم التناسب بين قوله ” الطوافين والثلاثة ” وبين قوله: يصلى ست ركعات. (2) تقدم في الاخبار ما يدل عليه. (3) المحجن – كمنبر – عصا معوجة الرأس كالصولجان. (4) في الكافي ج 4 ص 429 في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلى قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: طاف رسول الله صلى الله عليه وآله على ناقته العضباء وجعل يستلم الاركان بمحجنه ويقبل المحجن ” وفى بعض نسخ الفقيه ” يقبل الحجر ” وزاد في بعضها ” بمحجنه “.

[ 403 ]

2820 – وروي عن أبي بصير ” أن أبا عبد الله عليه السلام مرض فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به، فأمرهم أن يخطوا برجله الارض حتى تمس الارض قدماه في الطواف “. وفي رواية محمد بن الفضيل، عن الربيع بن خثيم (1) أنه كان يفعل ذلك كلما بلغ إلى الركن اليماني (2). 2821 – وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام ” عن المريض المغلوب يطاف عنه بالكعبة؟ فقال: لا ولكن يطاف به ” (3). وقد روى عنه حريز رخصة في أن يطاف عنه وعن المغمى عليه ويرمى عنه (4).


(1) ضبطه المولى المجلسي – كزبير – وهو اما أن يكون الذى هو من الزهاد الثمانية فالمراد بأبى عبد الله السبط الشهيد المفدى عليه السلام لانه مات قبل السبعين ولم يدرك الصادق عليه السلام واما أن يكون غيره فهو مجهول وعلى الاول يكون مرسلا عن محمد بن الفضيل وهو بعيد جدا. (2) الخبر في الكافي ج 4 ص 422 عن محمد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم قال ” شهدت أبا عبد الله عليه السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالارض، فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الارض ثم يقول ارفعوني، فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط، قلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله ان هذا يشق عليك. فقال: انى سمعت الله عزوجل يقول: ” ليشهدوا منافع لهم ” فقلت: منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكل “. والخبر كما ترى مفاده مغاير لخبر أبى بصير المتقدم وكأن المؤلف رضوان الله عليه غفل عن عدم توافق الخبرين. (3) يحمل المغلوب على من اشتد مرضه وغلب عليه لا المغلوب على عقله لكنه بعيد. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 481 و 482 في الصحيح عن حريز عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” المريض المغمى عليه يرمى عنه ويطاف به، قال: وسألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه قال: نعم إذا كان لا يستطيع “. وقال في المرآة لا خلاف بين الاصحاب في أن من لم يتمكن من الطواف بنفسه يطاف به فان لم يمكن ذلك اما لانه لا يستمسك الطهارة أو لانه يشق عليه مشقة شديدة يطاف عنه، وحمل المبطون والكسير الواردين في خبر عمار على ما هو الغالب =

[ 404 ]

2822 – وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: ” الكسير يحمل فيرمي الجمار، والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه “. وقد روى معاوية عنه عليه السلام رخصة في الطواف والرمي عنهما (1). 2823 – وقال: ” في الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم ” (2). باب * (ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف وأخر السعي) * (3) 2824 – روى صفوان، عن اسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت، فقال: يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي، قلت: فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت؟ قال: يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة، قلت: فما الفرق بين هذين؟ قال: لان هذا قد دخل في شئ من الطواف وهذا لم يدخل في شئ منه ” (4). =


فيهما من أن الاول لا يستمسك الطهارة والثانى يشق عليه تحريكه مشقة شديدة ويحمل ما ورد من أنه يطاف بالكسير على ما إذا لم يكن كذلك رفعا للتنافى بين الاخبار. (1) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 422 في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ومعاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما الجمار “. (2) في الكافي ج 4 ص 422 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم – الى آخر الحديث “. (3) لا ريب في وجوب الابتداء بالطواف قبل السعي للتأسي ولاخبار كثيرة تقدمت، والمشهور بين الاصحاب جواز تأخير السعي للاستراحة الى يوم آخر. (م ت) (4) هو صريح في أنه إذا تلبس بشئ من الطواف ثم دخل في السعي سهوا لا يستأ نفهما كما مر، واما إذا لم يتلبس بالطواف وبدأ بالسعي فيدل الخبر على أنه لا يعتد بالسعي ويأتى بالطواف ويعيد السعي، وقطع به في الدروس وقال فيه: قال ابن الجنيد: لو بدأ بالسعي =

[ 405 ]

2825 – وسأله عبد الله بن سنان ” عن الرجل يقدم حاجا وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي إلى أن يبرد، فقال: لا بأس به وربما فعلته ” (1) 2826 – وفي حديث آخر: ” يؤخره إلى اليل ” (2). 2827 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال: لا ” (3). 2828 – وسأله رفاعة ” عن الرجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر أ يسعى قبل أن يصلي أو يصلي قبل أن يسعى؟ قال: لا بأس أن يصلي ثم يسعى ” (4). =


قبل الطواف أعاده بعده فان فاته ذلك قدم. والمشهور وجوب الاعادة مطلقا (المرآة) وقال في المدارك في قوله ” لان هذا قد دخل في شئ “: هذا التعليل كالصريح في عدم الفرق بين تجاوز النصف وعدمه لكن الرواية قاصرة من حيث السند فيمكن المصير الى ما اعتبره القوم من التقييد إذ الظاهر أنه لا خلاف في البناء مع تجاوز النصف ومع ذلك فلا ريب أن الاتمام ثم الاستيناف طريق الاحتياط. (1) يدل على تأخير السعي مع ايقاعه في يوم الطواف ولا خلاف فيه، قال في الدروس لا يجوز تأخير السعي عن يوم الطواف الى الغد في المشهور الا لضرورة فلو أخره أثم وأجزأ، و قال المحقق يجوز تأخيره الى الغد ولا يجوز عن الغد، والاول مروى وفى خبر عبد الله بن سنان يجوز تأخيره الى الليل. (المرآة) (2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 483 خبر عبد الله بن سنان وزاد ” قال – يعنى عبد الله -: ربما رأيته يؤخر السعي الى الليل ” وقال المولى المجلسي: يمكن أن يكون في كتاب عبد الله خبرين أحدهما مع الزيادة والآخر بدونها كما يقع كثيرا، منها خبر اسحاق المتقدم فان المشايخ الثلاثة ذكروه في كتبهم مع الزيادة وبدونها. (3) رواه الكليني عن العلاء فيمكن أن يكون سمعه من شيخه أولا وبعد ما أدرك الامام عليه السلام سأله عنه أيضا، ويدل الخبر على عدم التأخير من يوم الى آخر، ويحتمل الكراهة كما قال بها بعض الاصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت) (4) كذا وفى الكافي ج 4 ص 421 ” لا بل يصلى ثم يسعى ” ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في الفقيه يدل على جواز تقديم الصلاة، وما في الكافي يدل على وجوبه.

[ 406 ]

باب * (الرجل يطوف عن الرجل وهو غائب أو شاهد (1)) * 2829 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إذا أردت أن تطوف عن أحد (2) من إخوانك فائت الحجر الاسود وقل: ” بسم الله اللهم تقبل من – فلان – ” (3). 2830 – وسأله يحيى الازرق (4) ” عن الرجل يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال: إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء ” (5). ولا يجوز للرجل إذا كان مقيما بمكة ليست به علة أن يطوف عنه غيره (6).


(1) يجوز الطواف تبرعا عن الحاضر والغائب لعموم الاخبار، وكذا صلاة الطواف ولا يطوف نيابة في الواجب الا مع العذر وقد تقدم. (م ت) (2) مطلقا مستحبا كان أو واجبا. (3) ويسمى باسمه، وان أضمر جاز لما سيجيئ. (4) رواه الكليني ج 4 ص 311 في الصحيح عن يحيى عن أبى الحسن عليه السلام وهو الكاظم ولم يتقدم ذكره عليه السلام فلا يصح الاضمار، ولعله سأله عن أبى عبد الله عليه السلام مرة وعنه مرة اخرى فيصح الاضمار. (5) قال المولى المجلسي: الخبر يدل على استحباب الطواف عن الاقارب وغيره بعد قضاء المناسك لا قبله بمفهوم الشرط المعتبر عند المحققين. (6) روى الكليني ج 4 ص 423 في الحسن عن اسماعيل بن عبد الخالق قال: ” كنت الى جنب أبى عبد الله عليه السلام وعنده ابنه عبد الله وابنه الذى يليه فقال له رجل: – أصلحك الله – يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال: لا، لو كان ذلك يجوز لامرت ابني فلانا فطاف عنى – سمى الاصغر – وهما يسمعان ” ويشمل الواجب والمندوب ويدل على أنه لا يجوز نيابة الطواف في المندوب أيضا لمن حضر بمكة من غير عذر.

[ 407 ]

باب * (السهو في ركعتي الطواف) * (1) 2831 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر قال: يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ثم يعود إلى مكانه (1). (وقد رخص له أن يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام روى ذلك محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فبأي الخبرين أخذ جاز (3)) قال: قلت له: رجل نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة، قال: فليصلهما حيث ذكر، وإن ذكرهما وهو بالبلد فلا يبرح حتى يقضيهما ” (4).


(1) ان تعلق الشك والسهو بالركعات أو الافعال فحكمه حكم اليومية والنظر هنا الى سهو الاصل. (م ت) (2) المشهور بين الاصحاب أنه إذا سهى ركعتي الطواف فان أمكنه الرجوع يرجع ويصلى في المقام وان لم يمكنه الرجوع أو يمكن مع المشقة الشديدة فلا يجب بل يتخير بين أن يصلى حيث يذكر أو يرجع أو يستنيب، لكن ان أمكنه الرجوع فهو أولى منهما والاحوط الرجوع مع الامكان ومع عدمه الصلاة بنفسه والاستنابة خروجا من الخلاف وجمعا بين الاخبار، ولو فاته فالاحوط للولى أن يقضى عنه في المقام ان أمكنه والا حيث أمكن. (م ت) (3) قال المولى المجلسي – رحمه الله -: لم نطلع على الرخصة. بل تقدم خلافه – انتهى وقوله ” أن يتم طوافه ” أي بين الصفا والمروة. وما بين القوسين توضيح من المؤلف توسط بين رواية معاوية بن عمار، وقوله ” قال: وقلت ” تتمة كلام ابن عمار. (4) يدل على أن مع الخروج من مكة يجوز له ايقاع الصلاة في أي مكان ذكرها وان أراد الرجوع الى مكة بعد ذلك، ويمكن حمله على ما إذا لم يرد الرجوع. واما إذا كان بمكة صلى عند مقام ابراهيم عليه السلام ويؤيد ذلك ما رواه الكليني ج 4 ص 425 في الصحيح عن أبى الصباح الكنانى قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسى أن يصلى الركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام في طواف الحج والعمرة، فقال: ان كان بالبلد صلى ركعتين =

[ 408 ]

وفي رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام ” إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه ” (1). 2833 – وروى الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عمر (2) قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل نسي ركعتي طواف الفريضة وقد طاف بالبيت حتى يأتي منى، قال: يرجع إلى مقام إبراهيم عليه السلام فليصلهما ” (3). وقد رويت رخصة في أن يصليهما بمنى رواها ابن مسكان، عن عمر بن البراء عن أبي عبد الله عليه السلام (4). 2834 – وفي رواية جميل بن دراج (5) عن أحدهما عليهما السلام ” إن الجاهل في =


عند مقام ابراهيم عليه السلام فان الله عزوجل يقول ” واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ” وان كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع “. (1) حمل على ما إذا لم يتعسر عليه الرجوع. والطريق صحيح. (2) الطريق صحيح وأحمد بن عمر الحلال ثقة من أصحاب الرضا عليه السلام. (3) يدل على وجوب الرجوع أو استحبابه من منى. (م ت) (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 486 والاستبصار ج 2 ص 235 بطريق فيه جهالة عن ابن مسكان قال: حدثنى عمر بن يزيد أو عمر بن البراء عن أبى عبد الله عليه السلام أنه سأل ” عن رجل نسى أن يصلى الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام ابراهيم عليه السلام حتى أتى منى؟ قال: يصليهما بمنى “. وروى الكليني ج 4 ص 426 عن هشام بن المثنى وحنان قال: ” طفنا بالبيت طواف النساء ونسينا الركعتين فلما صرنا بمنى ذكرناهما فأتينا أبا – عبد الله عليه السلام فسألناه، فقال: صلياهما بمنى ” وحمل الشيخ هذين الخبرين على ما إذا شق عليه الرجوع، وحمل المؤلف على الرخصة. (5) جميل بن دراج من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام والظاهر أن الواسطة محمد ابن مسلم أو زرارة أو يكون المراد بأحدهما الصادق والكاظم عليهما السلام لا الباقر والصادق صلوات الله عليهما كما هو المتعارف في كتب الحديث وعلى أي حال لا يضر لاجماع العصابة.

[ 409 ]

ترك الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام بمنزلة الناسي ” (1). باب * (نوادر الطواف) * 2835 – روى عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يطوف ويسعى، ثم يطوف بالبيت تطوعا قبل أن يقصر؟ قال: ما يعجبني ” (2). 2836 – وروى صفوان بن يحيى، عن هيثم التميمي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل كانت معه صاحبته لا تستطيع القيام على رجلها، فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت وبالصفا والمروة أيجزيه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال: إيها والله إذا ” (3).


(1) يدل على أن الناسي والجاهل سيان في حكم صلاة الطواف. (2) الطريق صحيح ويدل على كراهة الطواف المندوب قبل التقصير (م ت). (3) قال في المنتقى ج 2 ص 494 اتفق في النسخ التى رأيتها للكافى ومن لا يحضره الفقيه اثبات الجواب هكذا ” ايها الله إذا ” وفى بعضها ” اذن ” وهو موجب لالتباس المعنى واحتمال صورة لفظ ” ايها ” لغير المعنى المقصود المستفاد من رواية الحديث بطريقى الشيخ ولولاها لم يكد يفهم الغرض بعد وقوع هذا التصحيف، قال الجوهرى: و ” ها ” للتنبيه قد يقسم بها، يقال: ” لاها الله ما فعلت ” أي لا والله. أبدلت الهاء من الواو، وان شئت حذفت الالف التى بعد الهاء وان شئت أثبت، وقولهم ” لاها الله ذا ” أصله لا والله هذا، ففرقت بين ” ها و ” ذا ” وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه والتقدير لا والله ما فعلت هذا فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم، وقدم ” ها ” كما قدم في قولهم ” ها هو ذا، وها أنا ذا “. ومن هذا الكلام يتضح معنى الحديث بجعل كلمة ” أي ” فيه مكسورة الهمزة بمعنى نعم، أي نعم واقعة، مكان قولهم في الكلام الذى حكاه الجوهرى لا وبقية الكلمات متناسبة فيكون معناها متحدا والاختلاف بارادة النفى في ذلك الكلام والايجاب في الحديث فالتقدير فيه على =

[ 410 ]

2837 – وروى ابن مسكان عن الهذيل (1) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يتكل على عدد صاحبته في الطواف أيجزيه عنهما، وعن الصبي؟ فقال: نعم ألا ترى أنك تأتم بالامام إذا صليت خلفه، وهو مثله ” (2). 2838 – وسأله سعيد الاعرج ” عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه قال: نعم “. 2839 – وروى صفوان، عن يزيد بن خليفة (3) قال: ” رآني أبو عبد الله عليه السلام أطوف حول الكعبة وعلي برطلة (4) فقال بعد ذلك: تطوف حول الكعبة وعليك =


موازنة ما ذكره الجوهرى نعم والله يجزيه هذا، وأما على الصورة المصحفة فالمعنى في ” ايها ” على ضد المقصود، قال الجوهرى إذا كففت الرجل قلت ” ايها عنا ” بالكسر، وإذا أردت التبعيد قلت أيها – بفتح الهمزة – بمعنى هيهات. وباقى الكلمات لا يتحصل لها معنى الا بالتكلف التام مع منافاة الغرض – انتهى. وقال العلامة المجلسي: العجب منه – رحمه الله – كيف حكم بغلط النسخ مع اتفاقها من غير ضرورة وقرأ أي ها الله ذا، مع أنه قال في الغريبين ” أيها ” تصديق وارتضاء. وقال في النهاية: ” قد ترد ايها ” منصوبة بمعنى التصديق والرضا بالشئ ومنه حديث ابن الزبير لما قيل له ” يا ابن ذات النطاقين ” فقال: ” ايها والاله ” أي صدفت ورضيت بذلك ” فقوله ” ايها كلمة تصديق و ” الله ” مجرور بحذف حرف القسم، و ” إذا ” بالتنوين ظرف والمعنى مستقيم من غير تصحيف وتكلف. (1) مجهول لكن جهله لا يضر. (م ت) (2) سياق الكلام يشعر باشتراط العدالة في المتكل عليه والتمثيل للتفهيم لا القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام، واطلاق الكلام يقتضى عدم الفرق في الحافظ بين الذكر والانثى لكن يشترط فيه البلوغ والعقل إذ لا اعتداد بخبر المجنون والصبى ولا يبعد اعتبار عدالته للامر بالتثبت عند خبر الفاسق كما قاله صاحب المدارك – رحمه الله -. (3) يزيد بن خليفة الخولانى واقفى ولم يوثق ولكن لا يضر. (4) البرطلة – بضم الباء والطاء واسكان الراء وتشديد اللام المفتوحة -: قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما على ما ذكره جماعة.

[ 411 ]

برطلة، لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود ” (1). 2840 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستين اسبوعا عدد أيام السنة، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطا، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف ” (2). 2841 – وسأل أبان (3) أبا عبد الله عليه السلام ” أكان لرسول الله صلى الله عليه وآله طواف يعرف به؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع (4)، ثلاثة أول الليل، وثلاثة آخر الليل، واثنين إذا أصبح. واثنين بعد الظهر، وكان فيما بين ذلك راحته “. 2842 – وسأله سعيد الاعرج ” عن المسرع والمبطئ في الطواف، فقال: كل واسع ما لم يؤذ أحدا “. 2843 – وروى علي بن النعمان عن يحيى الازرق قال: ” قلت لابي الحسن عليه السلام: إني طفت أربعة أسابيع فعييت أفاصلي ركعاتها وأنا جالس (5)؟ قال: لا، قلت: وكيف يصلي الرجل صلاة الليل إذا أعيا أو وجد فترة وهو جالس؟ فقال:


(1) قد اختلف الاصحاب في حكم لبس البرطلة في الطواف فقال الشيخ: لا يجوز الطواف فيها وقال في التهذيب بالكراهة، وقال ابن ادريس: ان لبسها مكروه في طواف الحج، محرم في طواف العمرة نظرا الى تحريم تغطية الرأس فيه. (المرآة) (2) على مضمونه عمل الاصحاب ومقتضى استحباب الثلاثمائة والستين شوطا أن يكون الطواف الاخير عشرة أشواط وقد قطع المحقق بعدم كراهة الزيادة هنا وهو كذلك لظاهر النص ونقل العلامة في المختلف عن ابن زهرة أنه استحب زيادة أربعة أشواط ليصير الاخير طوافا كاملا حذرا من كراهة القران ولتوافق عدد أيام السنة الشمسية ونفى عنه البأس وهو حسن الا أنه خلاف مدلول الرواية. (المرآة) (3) ان كان ابن عثمان وهو الاظهر فموثق كالصحيح، وان كان ابن تغلب فقوى وفى طريقه في الكافي أبى الفرج وهو مجهول. (4) في بعض النسخ ” عشرة أسباع “. (5) في بعض النسخ ” فأعييت أفاصلى ركعتيها وأنا جالس “.

[ 412 ]

يطوف الرجل جالسا؟ (1) فقلت: لا، قال: فتصليهما وأنت قائم “. 2844 وروى علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام ” أنه سئل عن رجل سها أن يطوف بالبيت حتى يرجع إلى أهله، فقال: إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة ” (2). 2845 وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أقام بمكة سنة فالطواف له أفضل من الصلاة، ومن أقام سنتين خلط من ذاوذا، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة له أفضل ” (3). 2846 وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: ” يستحب أن تحصي اسبوعك في كل يوم وليلة ” (4). 2847 – وروى صفوان، عن عبد الحميد بن سعد قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن باب الصفا (5) فقلت: إن أصحابنا قد اختلفوا فيه فبعضهم يقول: الذي يلى السقاية، وبعضهم يقول: الذي يستقبل الحجر الاسود، فقال: هو الذي يستقبل الحجر، والذي


(1) لعل غرضه عليه السلام تنبيهه على عدم جواز المقايسة في الاحكام لا مقايسة الصلاة بالطواف، ولا يبعد حمل الخبر على الكراهة وان كان الاحوط الترك. (المرآة) (2) لعل المراد الجاهل بالحكم فانه كالعامد بخلاف الناسي فانه يصح حجه ويجب عليه تداركه اما بنفسه ان أمكن والا فبالنائب (سلطان) وقال المولى المجلسي – رحمه الله – حمل اعادة الحج على اعادة الطواف أو الاستحباب. (3) يدل على أفضلية الطواف على الصلاة في السنة الاولى عكس الثالثة والتساوي في الثانية. (م ت) (4) بأن يكون لطوافك عدد مقدر كعشرة وعشرين، والفائدة فيه أنه لا يحصل الكسل لان كلما صار عادة لا يتعسر فعله ولا ينخدع النفس عن الشيطان بانك أكثرت أو تحسبها حتى تكون في الزيادة لا في النقصان كما هو المجرب أن من يعد اذكاره بالسبحة ونحوها يزداد يوما فيوما. (م ت) (5) لانه يستحب أن يخرج منه الى الصفا للسعى كما سيجئ (م ت)

[ 413 ]

يلي السقاية محدث صنعه داود، وفتحه داود ” (1). باب * (السهو في السعي بين الصفا والمروة) * 2848 – روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة، قال: يطاف عنه ” (2). 2849 – وسئل أبو عبد الله عليه السلام ” عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه إنما طاف ستة، قال: عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر ” (3). ومن لم يدر ما سعى فليبتدئ السعي (4).


(1) يعنى داود بن على بن العباس الذى كان واليا على مكة. (2) أي يستنيب مع تعسر الرجوع (م ت) وقال سلطان العلماء: لا خلاف في أن السعي ركن يبطل بتركه الحج والعمرة عمدا وأما إذا ترك سهوا يجب الاتيان به والعود لاستدراكه أن أمكن أي بدون مشقة شديدة والا استناب – انتهى وقال الشيخ في الاستبصار بعد نقل خبر المتن الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من لا يتمكن من الرجوع الى مكة فانه يجوز له أن يستنيب غيره في ذلك ومن تمكن فلا يجوز له غير الرجوع على ما تضمنه خبر معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل نسى السعي بين الصفا والمروة، فقال: يعيد السعي، قلت: فانه يخرج قال: يرجع فيعيد السعي، ان هذا ليس كرمى الجمار ان الرمى سنة والسعى بين الصفا والمروة فريضة – الخ “. (3) رواه الشيخ في القوى في التهذيب ج 1 ص 490. وقال صاحب المدارك: لا يحل لمن أخل بالسعي ما يتوقف عليه من المحرمات كالنساء حتى يأتي به كملا بنفسه أو بنائبه، وهل يلزمه الكفارة لو ذكر ثم واقع؟ لم أقف فيه على نص لكن الحكم بوجوبها على من ظن اتمام السعي فواقع ثم تبين النقص كما سيأتي يقتضى الوجوب هنا بطريق أولى، وفى الحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان أظهرهما الاول – انتهى. (4) قال بعض الشراح: قد قطع الاصحاب بأن الشك في النقيصة في السعي يبطل، وأما =

[ 414 ]

ومن سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فعليه أن يعيد، وإن سعى بينهما تسعة أشواط فلا شئ عليه (1). وفقه ذلك أنه إذا سعى ثمانية أشواط يكون قد بدأ بالمروة وختم بها وكان ذلك خلاف السنة، وإذا سعى تسعة يكون قد بدأ بالصفا وختم بالمروة، ومن بدأ بالمروة قبل الصفا فعليه أن يعيد. =


إذا كان بين الاكمال والزيادة فيقطع ويصح سعيه. وقال فقيه عصرنا – مد ظله العالي – في جامع المدارك ج 2 ص 527: لزوم الاعادة مع عدم تحصيل العدد انما خصص بصورة حصول الشك في الاثناء قبل الفراغ وعدم احراز السبعة لدوران الامر بين الزيادة والنقيصة الموجبتين للبطلان والاعتماد على أصالة الاقل، واستدل أيضا بالصحيح قال سعيد بن يسار: قلت لابي عبد الله عليه السلام “: رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع الى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط؟ فقال لى: يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فان كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما، فقلت: دم ماذا؟ قال: بقرة، قال: وان لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد فليبتدء السعي حتى يكمل سبعة أشواط، ثم ليرق دم بقرة “. ويمكن أن يقال: أما صورة الشك بعد الفراغ فمقتضى القاعدة عدم الالتفات بالشك لكن بعد التجاوز عن المحل الشرعي بالدخول فيما رتب على العمل لا مجرد الانصراف بناء على اعتبار الموالات في الاشواط، ومع ذلك مقتضى اطلاق الصحيح المذكور لزوم الاعادة، ولا استبعاد في تخصيص القاعدة بالصحيح المذكور مع فرض الخروج عن العمل في الصحيح، وأما صورة حصول الشك في الاثناء فلولا الصحيح المذكور لامكن التصحيح بدون لزوم محذور بأن يسعى عدة أشواط يقطع معها بحصول المأمور به بقصر حصول المأمور به بما كان لازما مع الغاء ما كان زائدا نظير ما قيل في الطواف لاحراز البدأة بأول البدن مع أول الحجر الاسود مع عدم تيسر احراز الجزء الاول منهما فالحكم بالاستيناف في الصحيح يمكن أن يكون من جهة عدم الاعتداد بما ذكر، ويمكن أن يكون من جهة عدم سهولة الاستيناف وعدم الاعتداد بالاشواط السابقة فالمتعين الاخذ به. (1) روى الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 2 ص 490 عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ان طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على =

[ 415 ]

ومن ترك شيئا من الرمل (1) في سعيه فلا شئ عليه (2). 2850 – وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام ” في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط، فقال إن كان خطأ طرح واحدا واعتد بسبعة ” (3) =


واحد ويطرح ثمانية وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستانف السعي، وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا “. وقال المولى المجلسي: هذا الخبر يحتمل وجوها منها أن يجعل السبعة مندوبا ويبنى على واحد ويتمه بستة كما فهمه الشيخ لان الشوط الذى وقع من المروة الى الصفا باطل فيبنى على التاسع ويتمه بستة، ولو بنى على السبعة و أبطل الزائد كان صحيحا لما سيجيئ من الاخبار وعلى هذا يكون في المروة ويكون الثمانية باطلا لانه ينكشف أنه كان الابتداء منها، والظاهر أن المصنف عمل بابطال الزائد لانه قال لا شئ عليه. ومنها أن يكون على المروة ويكون باطلا للزيادة التى وقعت منه عمدا أو جهلا ويحمل الصحة على ما وقع منه نسيانا ولا يضر حينئذ البناء على التاسع باعتبار أنه لم ينوه لانه مشترك بين الجميع، ويدل هذا الخبر أيضا على المساهلة فيها شرعا لانها هي القصد لله ولا يخلو العبد منه سيما في أفعال الحج، يحتمل أن يكون على المروة وكان لم يحسب الشوط الذى من المروة الى الصفا أولا أو ثانيا كما ذكر سابقا في الزيادة سهوا. (1) الرمل – بالتحريك -: الهرولة وهى المشى بالاسراع من تقارب الخطا دون الوثب والعدو. (2) روى الكليني ج 4 ص 436 في الصحيح عن سعيد الاعرج قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة، قال: لا شئ عليه – الحديث “. يدل على أنه إذا زاد على السعي سهوا لا يبطل سعيه، وبمفهومه يدل على أنه إذا كان عامدا يبطل سعيه، والثانى مقطوع به في كلام الاصحاب وحكموا في الاول بالتخيير بين طرح الزائد والاعتداد بالسبعة وبين اكمالها اسبوعين فيكون الثاني مستحبا، وقالوا: انما يتخير إذا لم يتذكر الا بعد اكمال الثامن والا تعين القطع ولم يحكموا باستحباب السعي الا هنا (المرآة) وقال صاحب جامع المدارك: استشكل في المقام بأن التخيير المذكور في كلام الاصحاب مستلزم لامرين يشكل الالتزام بهما، أحدهما وقوع السعي كالطواف واجبا ومستحبا وهذا غير معهود ولم نقف على دليل يدل عليه غير الخبر المذكور في هذا الباب، والثانى كون الابتداء من المروة واطلاق الاخبار وكلمات الاصحاب يقتضى كون الابتداء من الصفا، واجب =

[ 416 ]

وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: يضيف إليها ستة (1). باب * (السعي راكبا والجلوس بين الصفا والمروة) * 2851 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: المرأة تسعى بن الصفا والمروة على دابة أو على بعير، قال: لا بأس بدلك، قال: وسألته عن الرجل يفعل ذلك، قال: لا بأس به والمشي أفضل ” (2). 2852 – وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه السلام ” عن النساء يطفن على الابل والدواب بين الصفا والمروة أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة حيث يرين البيت؟ فقال: نعم ” (3). =


بأن ما ذكر كالاجتهاد في قبال النص فانه بعد وجود الدليل نلتزم بما ذكر، قلت: مقتضى صحيح معاوية بن عمار المتقدم عدم الاعتداد بالشوط المبتدأة من المروة فيكون هذا صحيح معارضا في المقام لما دل على الاعتداد به فبعد المعارضة يكون عموم ما دل على لزوم البدأة من الصفا مرجعا أو مرجحا، وبالجملة المسألة غير خالية عن شوب الاشكال – انتهى كلامه أدام الله ظله -. (1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 489 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” ان في كتاب على عليه السلام قال: إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليها ستا وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أشواط أضاف إليها ستا – الخ ” وقال في الاستبصار بعد نقله: الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من فعل ذلك ساهيا على ما قدمناه ويكون مع ذلك إذا سعى ثمانية يكون عند الصفا، فأما إذ علم أنه سعى ثمانية وهو عند المروة فتجب عليه الاعادة على كل حال لانه يكون بدأ بالمروة ولا يجوز لمن فعل ذلك البناء عليه، ثم استدل له بخبر معاوية بن عمار المتقدم. (2) يدل على جواز الركوب واستحباب المشى ولا خلاف فيه بين الاصحاب (3) مروى في الكافي ج 4 ص 437 في الصحيح وفيه ” أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة قال: نعم بحيث يرين البيت ” ويدل على جواز الركوب سيما على نسخة الكافي وعلى تأكد استحباب رؤية البيت في ابتداء السعي. (م ت) 26

[ 417 ]

2853 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ليس على الراكب سعي ولكن ليسرع شيئا ” (1). 2854 – وروى عنه عليه السلام عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: ” لا تجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد “. باب * (حكم من قطع عليه السعي لصلاة أو غيرها) * 2855 – روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة أيخفف أو يصلي ثم يعود أو يلبث كما هو على حاله حتى يفرغ؟ فقال: أو ليس عليهما مسجد له (2)، لا بل يصلي ثم يعود، قلت: ويجلس على الصفا والمروة؟ قال: نعم ” (3). 2856 – وروى علي بن النعمان، وصفوان، عن يحيى الارزق (4) قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة فيسعي ثلاثة أشواط أو أربعة فيلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام، قال: إن أجابه فلا بأس، ولكن يقضي حق الله عزوجل أحب إلي من أن يقضي حق صاحبه ” (5).


(1) يدل على أنه يستحب للراكب تحريك دابته في مقام الهرولة كما ذكره الاصحاب (2) أي موضع صلاة له. وقيل: المراد به المسجد الحرام وكونه عليهما كناية عن قرية وظهوره للساعين. ولا يخفى بعده (المرآة) وقوله: ” لا ” أي لا يسعى معجلا ولا مخففا بل يصلى ثم يعود. (3) في الكافي ج 4 ص 438 ” قلت: جلس عليهما؟ قال: أو ليس هو ذا يسعى على الدواب ” أي يجلس عليها وهو شايع وجائز فكيف لا يكون الجلوس جائزا. (م ت) (4) طريق على بن نعمان صحيح وطريق صفوان حسن كالصحيح، ويحيى بن عبد الرحمن الازرق ثقة والمراد بأبى الحسن أبو الحسن الاول لعدم روايته عن الثاني صلوات الله عليهما. (5) يدل على جواز القطع لقضاء الحاجة وعلى أن الاتمام أفضل، ويحتمل أن يكون لاجل عدم مجاوزة النصف. (م ت)

[ 418 ]

2857 – وروي عن ابن فضال قال: سأل محمد بن علي أبا الحسن عليه السلام فقال له: ” سعيت شوطا ثم طلع الفجر، فقال: صل ثم عد فأتم سعيك ” (1). باب * (استطاعة السبيل الى الحج) * (2) 2858 – روي عن أبي الربيع الشامي (3) قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” فقال: ما يقول الناس فيها (4)؟ فقيل له: الزاد والراحلة، فقال عليه السلام: قد سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا فقال: هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه (5) فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذا (6)، فقيل له: فما السبيل؟ فقال:


(1) قال المحقق: لو دخل وقت الفريضة وهو في السعي قطعه وصلى ثم أتمه، وكذا لو قطعه لحاجة له أو لغيره. وقال في المدارك: ما اختاره المحقق من جواز قطع السعي في هاتين الصورتين والبناء مطلقا هو المشهور بين الاصحاب بل قال في التذكرة: انه لا يعرف فيه خلافا ونقل عن المفيد وأبى الصلاح وسلار أنهم جعلوا ذلك كالطواف في اعتبار مجاوزة النصف والمعتمد الاول للاصل وخبر معاوية بن عمار وابن فضال ويحيى الازرق، ولم يتعرض الاكثر لجواز قطعه اختيارا في غير هاتين الصورتين لكن مقتضى الاجماع المنقول على عدم وجوب الموالاة فيه الجواز مطلقا ولا ريب أن الاحتياط يقتضى عدم قطعه في غير المواضع المنصوصة. (2) أي حجة الاسلام وهى ما أوجبه الاسلام بأصل الشرع على المستطيع دون ما أوجبه المكلف على نفسه بالنذر وشبهه. (م ت) (3) في القوى كالكليني والشيخ والمصنف لكن طريق المصنف والكليني بل الشيخ صحيح الى الحسن بن محبوب وهو في الطريق ولا يضر جهالة ما بعده فيكون الخبر صحيحا ولهذا تلقاه الاصحاب بالقبول ولم يرده أحد سوى بعض المتأخرين ممن لا معرفة له بطرق الاخبار، وعلى أي حال فالشهرة بين الاصحاب كافية في العمل به. (م ت) (4) أي في الاية أو في الاستطاعة. (5) أي الى الحج، وقوله ” فيسلبهم اياه ” يعنى يسلب عياله ما يقوتون به. (6) أي لقد هلك إذا عياله لانه أنفق زادهم ونفقتهم في سبيل الحج وتركهم معدمين.

[ 419 ]

السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض لقوت عياله (1) أليس قد فرض الله عزوجل الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم “. 2859 – وروى هشام بن سالم، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” من عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع – مقطوع الذنب – فأبى فهو مستطيع للحج ” (2). باب * (ترك الحج) * 2860 – روى حنان بن سدير (3) قال: ذكرت لابي جعفر عليه السلام البيت، فقال: ” لو عطلوه سنة واحدة لم يناظروا ” (4) وفي خبر آخر: لينزل عليهم العذاب (5).


(1) اعلم أن المشهور بين الاصحاب أنه لا يشترط في الاستطاعة الرجوع الى كفاية من صناعة أو مال أو حرفة، وقال الشيخان وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة باشتراطه مستدلين بهذا الخبر، واجيب عنه أو لا بالطعن في السند بجهالة الرواى وثانيا بالقول بالموجب فانا نعتبر زيادة على الزاد والراحلة بقاء النفقة لعياله مدة ذهابه وعوده، ثم قال العلامة المجلسي بعد كلام: الحق أن هذه الرواية ظاهرة في اعتبار ما ذهبوا إليه من الاشتراط، لكن تخصيص الاية والاخبار المستفيضة بها مع جهالة سندها وعدم صراحة متنها لا يخلو من اشكال. (2) أي العرض عليه موجب لوجوب الحج والاباء لا يسقطه فهو مستطيع أي في حكم المستطيع فيجب عليه ولو بالمشقة، ولعله محمول على من يكفيه ذلك حيث ليس له عيال و حصل له نفقة نفسه (سلطان) والاجدع – بالدال المهملة -: مقطوع الاذن. وقيل: ظاهره عدم اعتبار مناسبة حاله في الشرف وهو المشهور. (3) سقطت هنا لفظة ” عن أبيه ” لعدم رواية حنان بلا واسطة عن أبى جعفر عليه السلام والخبر في الكافي ج 4 ص 271 في الموثق عنه عن أبيه عن أبى جعفر عليه السلام. (4) المراد بالمناظرة ههنا الانظار بمعنى المهملة فالمعنى: لم يمهلوا من العذاب ولو تضرعوا الى الله بأن يمهلوا للمفاعلة. (5) في الكافي في الحسن كالصحيح عن الحسين بن عثمان الاحمسي الثقة عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذاب – أو قال: أنزل عليهم العذاب – “.

[ 420 ]

باب * (الاجبار على الحج وعلى زيارة النبي صلى الله عيله وآله) * 2861 – روى حفص بن البختري، وهشام بن سالم، ومعاوية بن عمار، وغيرهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده، ولو تركوا زيارة النبي صلى الله عليه وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده، فإن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين ” (1). باب * (علة التخلف عن الحج) * 2862 – روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ما تخلف رجل عن الحج إلا بذنب، وما يعفو الله عزوجل أكثر “. 2863 – وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ” ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة ” (2).


(1) يدل على كون عمارة البيت وعمارة روضة النبي وزيارته صلى الله عليه وآله وتعاهدها من الواجبات الكفائية فان الاجبار لا يتصور في الامر المستحب، وربما يقال: انما يجبر لان ترك الناس كلهم ذلك يتضمن الاستخفاف والتحقير وعدم الاعتناء بشأن تلك الاماكن ومشرفيها وذلك ان لم يكن كفرا يكون فسقا. والجواب أن ذلك مما يؤيد الوجوب الكفائي ولا ينافيه (المرآة) وقوله: ” وعلى المقام عنده ” أي يجب على الامام أن يجبر جماعة على الاقامة في الحرمين، وان لم يكن لهم مال ينفق عليهم من بيت المال. (2) اعلم أن التأكيدات المتقدمة شاملة للحج والعمرة معا، وذكر الحج فقط اما لشموله للعمرة لغة بل شرعا كما جاءت به روايات راجع الكافي (ج 4 ص 264) =

[ 421 ]

باب * (دفع الحج الى من يخرج فيها) * (1) 2864 – روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن كان موسرا (2) حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله عزوجل فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له ” (3). 2865 – وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن أمير المؤمنين عليه السلام أمر شيخا كبيرا لم يحج قط ولم يطق الحج لكبره أن يجهز رجلا يحج عنه ” (4). =


باب الحج والعمرة، منها ما فيه في الصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع لان الله تعالى يقول: ” وأتموا الحج والعمرة لله ” – الحديث “. (1) أي الحجة والامر في التذكير والتأنيث سهل قال الزمخشري في الكشاف عن ابن روبة: الامر في التذكير والتأنيث بيدك. (2) أي المكلف. (3) الصرورة – بالفتح -: الذى لم يتزوج أو لم يحج، وهذه الكلمة من النوادر التى وصف بها المذكر والمؤنث (المصباح المنير) والخبر صحيح ويدل على الوجوب مطلقا سواء استقر قبل عروض المانع في ذمته أم لا، وسواء كان المانع مرضا أو غيره من ضعف أصلى أو هرم أو عدو أو غيرها، وظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الاسلام كما في المرآة. (4) أجمع الاصحاب على أنه إذا وجب الحج على كل مكلف ولم يحج حتى استقر في ذمته ثم عرض له مانع يمنعه عن الحج لا يرجى زواله عادة من مرض أو كبر أو خوف أو نحو ذلك يجب عليه الاستنابة، واختلف فيما إذا عرض له مانع قبل استقرار الوجوب، فذهب الشيخ و أبو الصلاح وابن الجنيد وابن البراج الى وجوب الاستنابة، وقال ابن ادريس: لا يجب و استقر به في المختلف، وانما يجب الاستنابة مع اليأس من البرء وإذا رجا البرء لم تجب عليه الاستنابة اجماعا. وربما لاح من كلام الشهيد في الدروس وجوب الاستنابة مع عدم اليأس من =

[ 422 ]

2866 – وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام ” عن رجل حج عن غيره أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال: نعم ” (1). 2867 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة، فان أيسر بعد ذلك كان عليه الحج، وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن قد حج ” (2). 2868 – وروى سعد بن عبد الله، عن موسى بن الحسن، عن أبي علي أحمد بن محمد بن مطهر (3) قال: ” كتبت إلى أبي محمد عليه السلام إني دفعت إلى ستة أنفس مائة دينار =


البرء على التراخي وهو ضعيف نعم قال في المنتهى باستحباب الاستنابة مع عدم اليأس من البرء والحال هذه ولو حصل له اليأس بعد الاستنابة وجب عليه، الاعادة، ولو اتفق موته قبل حصول اليأس لم يجب القضاء عنه. (المرآة) (1) حمل على أنه يجزيه ان كان معسرا الى وقت اليسار، أي ان له ثواب حجة الاسلام الى أن يستطيع لها فيحجها كما يأتي، وروى الشيخ في القوى عن آدم بن على عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” من حج عن انسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج ويجب عليه الحج ” (التهذيب ج 1 ص 448) وقال سلطان العلماء: الظاهر أن ضمير يجزيه راجع الى الغير ويكون محمولا على من لا يقدر على الذهاب بنفسه. (2) حمل اعادة المعسر والناصب على الاستحباب، والمشهور بين الاصحاب أن المخالف إذا استبصر لا يعيد الحج الا أن يخل بركن منه، ونقل عن ابن الجنيد وابن البراج أنهما أوجبا الاعادة على المخالف وان لم يخل بشئ، وربما كان مستندهما مضافا الى ما دل على بطلان عبادة المخالف هذه الرواية واجيب أولا بالطعن في السند لمقام البطائني وثانيا بالحمل على الاستحباب جمعا بين الادلة، وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: يمكن القول بالفرق بين الناصب والمخالف فان الناصب كافر لا يجرى عليه شئ من أحكام الاسلام. ثم قال: اعلم أنه اعتبر الشيخ وأكثر الاصحاب في عدم اعادة الحج أن لا يكون المخالف قد أخل بركن منه والنصوص خالية من هذا القيد. (3) طريق المؤلف الى سعد بن عبد الله صحيح وموسى بن الحسن هو أبو الحسن الاشعري وكان ثقة، وأحمد بن محمد بن مطهر حسن.

[ 423 ]

وخمسين دينارا ليحجوا بها، فرجعوا ولم يشخص بعضهم (1) وأتاني بعض فذكر أنه قد أنفق بعض الدنانير وبقيت بقية وانه يرد علي ما بقي، وإني قدرمت مطالبة من لم يأتني (2) بما دفعت إليه، فكتب عليه السلام: لا تعرض لمن لم يأتك، ولا تأخذ ممن أتاك شيئا مما يأتيك به، والاجر قد وقع على الله عزوجل ” (3). 2869 – وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن رجل أخذ حجة من رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل حجة اخرى أيجوز له ذلك (4)؟ فقال: جائز له ذلك محسوب للاول والآخر (5)، وما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجة “. 2870 – وروى جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحج؟ فقال: يجزي عنهما ” (6). 2871 – وقيل لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يأخذ الحجة من الرجل


(1) يمكن أن يكون المراد ذهبوا جميعا الى الحج وحجوا ثم رجعوا، وأن يكون المراد أنه لم يذهب بعضهم، والاول أظهر بقرينة قوله ” فرجعوا “. (2) يعنى أتانى بعضهم فرد على ما زاد من نفقة حجه ولم يراجعني بعضهم فقصدت مطالبة من لم يأتنى. (3) ربما يحمل على هبته اياهم مالا ليحجوا بدون شرط واستيجار، ويدل على كراهة أخذ ما زاد أو استحباب عدم الاخذ. (4) أي مع كونه مشغول الذمة بالاولى. (5) لعل المراد حساب الثواب لهما في الاخرة حيث لا يقدر على غير ذلك فهو محمول على استحباب الحجتين. (سلطان) (6) لعل الضمير راجع الى المنوبين المذكورين أي يجزى عنهما فقط لا عن النائب ورجوع الضمير الى المنوب والنائب كما هو ظاهر العبارة خلاف الفتوى بالتسبة الى النائب كما لا يخفى (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: لعل الفرق بين الذى حج عنه والذى أحج أن الاول ميت والثانى حى.

[ 424 ]

فيموت فلا يترك شيئا، فقال: أجزأت عن الميت، وإن كانت له عند الله حجة أثبتت لصاحبه ” (1). 2872 – وسأل سعيد بن عبد الله الاعرج أبا عبد الله عليه السلام ” عن الصرورة أيحج عن الميت؟ فقال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به، وإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله وهو يجزي عن الميت (2) كان له مال أو لم يكن له مال ” (3). 2873 – وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب (4) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة، فحج بها عنه من البصرة، قال:


(1) روى الكليني 4 ص 311 في الحسن عن ابن أبى عمير عن بعض رجاله عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل أخذ من رجل مالا ولم يحج عنه ومات لم يخلف شيئا، قال: ان كان حج الاجير أخذت حجته ودفعت الى صاحب المال وان لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج “. فان كان مراد المصنف هذا الخبر فلا يدل على براءة ذمة الميت. وان كان غيره فالمراد به الاجزاء في الثواب أو إذا كان الحج مندوبا والا فالظاهر أنه لا يبرى ذمة الميت ما لم يحج عنه الحج الصحيح الا بفضل الله تبارك وتعالى (م ت) وقال علماؤنا: لا تبرء ذمة المنوب والنائب الا باحرام النائب ودخول الحرم وفى بعض الروايات الاجزاء ان مات في الطريق ولا يفتى به أحد. (2) كذا في النسخ وفى الكافي والتهذيب في نظير هذا الخبر عن موسى بن جعفر عليهما السلام ” وهى تجزى عن الميت ” فالضمير لا محالة راجع الى حج الصرورة. (3) يعنى ان حج الصرورة من مال ميت عن الميت يجزى عن الميت سواء كان للصرورة مال أم لا، ولا يجزى عن نفسه الا إذا لم يجد ما يحج به عن نفسه فحينئذ يجزى عنهما أي يجزى عن الميت ويوجر هو فيه وهذا لا ينافى وجوب الحج عليه إذا أصر، وظاهر قوله عليه السلام: ” فليس له ذلك حتى يحج عن نفسه ” يدل أن مشغول الذمة بالحج الواجب لا يجوز له أن يحج عن غيره مع امكانه عن نفسه. وان أتم فحج عن الغير كان مجزيا عن الغبر. وارجاع ضمير ” له ” الى الميت بعيد جدا. (4) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 307 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن على ابن رئاب، عن حريز عنه عليه السلام.

[ 425 ]

لا بأس إذا قضى جميع مناسكه فقدتم حجه ” (1). 2874 – وروى ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام ” في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم إنما خالفه إلى الفضل والخير ” (2). 2875 – وقال وهب بن عبد ربه (3) للصادق عليه السلام: ” أيحج الرجل عن الناصب؟


(1) قال الشيخ – رحمه الله – في جملة من كتبه والمفيد – قدس سره – في المقنعة بجواز العدول عن الطريق الذى عينه المستأجر الى طريق آخر مطلقا مستدلين بهذه الرواية. وأورد عليه بأنها لا تدل على جواز المخالفة لاحتمال أن يكون قوله ” من الكوفة ” صفة لرجل لا صلة ليحج. (المرآة) وقال الاستاذ الشعرانى: يحمل الحديث على عدم تعلق غرض بالكوفة وأما إذا كان الذكر على التقييد وعلم أو احتمل تعلق غرض به فالظاهر عدم جواز المخالفة، نعم يقع الحج عن المنوب مع المخالفة قطعا وان لم يستحق الاجرة ويجزى عنه. (2) المشهور بين الاصحاب أنه يجب على المؤجر أن يأتي بما شرط عليه من تمتع أو قران أو افراد، وهذه الرواية تدل على جواز العدول عن الافراد الى التمتع، ومقتضى التعليل الواقع فيها اختصاص هذا الحكم بما إذا كان المستأجر مخيرا بين الانواع كالمتطوع وذى المنزلين وناذر الحج مطلقا لان التمتع لا يجزى مع تعين الافراد فضلا عن أن يكون أفضل منه، وقال المحقق (قده) في المعتبر: ان الرواية محمولة على حج مندوب فالغرض به تحصيل الاجر فيعرف الاذن من قصد المستاجر ويكون ذلك كالمنطوق به انتهى (المرآة) وقال الاستاذ الشعرانى في بيان الحديث: الاصل أن لا يخالف الاجير مورد الاجارة، ويحمل الحديث على أن المذكور في الاجارة كان من التصريح بأقل ما يكتفى به لا من التقييد، ويتفق مثله كثيرا مثل أن يستأجر الكاتب للكتابة من غير مقابلة أو اعراب فزاد الاجير في العمل، أو الحفار على حفر البئر فقط فحفرها وطواها ولو علم التقييد فلا يجوز أن يخالف، وأما أجر الميت تفضلا ان لم يوص واستحقاقا ان أوصى ولو مع المخالفة فمتجه بل الاجزاء عنه وسقوط الاعادة عن الولى أو النائب أيضا متجه وان خالف الاجير ولم يستحق الاجرة بمخالفته. (3) رواه الكليني ج 4 ص 309 عن على، عن أبيه، عن وهب والمؤلف لم يذكر طريقه الى وهب فان كان أخذه عن كتابه فصحيح وان أخذه عن الكافي فحسن كالصحيح.

[ 426 ]

فقال: لا، قلت: فإن كان أبي؟ فقال: إن كان أباك فحج عنه ” (1). 2876 – وروي ” أن الصادق عليه السلام أعطى رجلا ثلاثين دينارا فقال له: حج عن إسماعيل وافعل وافعل، ولك تسع وله واحدة ” (2). 2877 – وروى أبان بن عثمان، عن يحيى الازرق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من حج عن إنسان اشتركا حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج “. 2878 – وقال عليه السلام ” في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فحج عن نفسه فقال: هي عن صاحب المال ” (3). ولا بأس أن تحج المرأة عن المرأة، والمرأة عن الرجل (4)، والرجل عن المرأة


(1) المشهور عدم جواز الحج عن المخالف الا إذا كان أبا، وتردد في المعتبر في عدم الجواز وأنكر ابن ادريس النيابة عن الاب أيضا وادعى عليه الاجماع. (2) قوله عليه السلام ” وافعل وافعل “: أي افعل كذا وكذا وعد عليه المناسك من العمرة الى الحج واشترط عليه كلها حتى السعي في وادى محسر، كما في الكافي ج 4 ص 312 والتهذيب ج 1 ص 576 حيث رويا عن عبد الله بن سنان – قال: ” كنت عند أبى عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن اسماعيل ولم يترك شيئا من العمرة الى الحج الا اشترط عليه حتى اشترط عليه أن يسعى [ في ] وادى محسر ثم قال: يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لاسماعيل حجة بما أنفق من ماله وكان لك تسع بما أتعبت من بدنك “. (3) ان المقطوع به في كلام الاصحاب أنه لا يجوز للنائب عدول النية الى نفسه، واختلفوا فيما إذا عدل النية، فذهب أكثر المتأخرين الى أنه لا يجزى عن واحد منهما فيقع باطلا، وقال الشيخ بوقوعه عن المستأجر، واختاره المحقق في المعتبر، وهذا الخبر يدل على مختارهما، وطعن فيه بضعف السند ومخالفة الاصول، ويمكن حمله على الحج المندوب ويكون المراد أن الثواب لصاحب المال. (المرآة) (4) في الكافي ج 4 ص 307 والتهذيب ج 1 ص 565 في الحسن كالصحيح عن معاوية ابن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يحج عن المرأة والمرأة تحج عن الرجل قال: لا بأس “.

[ 427 ]

والرجل عن الرجل. ولا بأس أن يحج الصرورة عن الصرورة (1)، والصرورة عن غير الصرورة، وغير الصرورة عن الصرورة. 2879 – وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصرورة أيحج من مال الزكاة؟ قال: نعم ” (2).


(1) إذا لم يكن على النائب حج واجب وكذا إذا حج عن غير الصرورة، وتقدم أنه إذا أثم وحج برء ذمة المنوب وظهر من بعض الاخبار استحباب استنابة الصرورة للصرورة روى الكليني ج 4 ص 406 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال؟ قال: يحج عنه صرورة لا مال له “. وقال في المدارك: منع الشيخ في الاستبصار عن نيابة المرأة الصرورة عن الرجل، وفى النهاية أطلق المنع من نيابة المرأة الصرورة وهو ظاهر اختياره في التهذيب والمعتمد الاول، لنا أن الحج مما تصح فيه النيابة ولها أهلية الاستقلال بالحج فتكون نيابتها جائزة وما رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب (ج 1 ص 565) عن رفاعة عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال ” المرأة تحج عن أخيها وعن أختها؟ قال: تحج المرأة عن أبيها ” وفى حسنة معاوية بن عمار المتقدمة واحتج الشيخ بما رواه عن زيد الشحام عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سمعته يقول: يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ولا يحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة ” وعن مصادف قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام تحج المرأة عن الرجل قال: نعم إذا كانت فقيهه مسلمة وقد كانت قد حجت، رب امرأة خير من رجل ” والجواب عن الروايتين أولا بالطعن في السند لاشتمال سند الاولى على المفضل وهو مشترك بين عدة من الضعفاء وبان راوي الثانية وهو صادف نص العلامة على ضعفه، وثانيا بالحمل على الكراهة كما يشعر به رواية سليمان بن جعفر قال: ” سألت الرضا عليه السلام عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة، قال: لا ينبغى ” ولفظ ” لا ينبغى ” صريح في الكراهة. (2) الطريق صحيح. ويدل على جواز اعطاء سهم سبيل الله أو الفقراء الصرورة الذى لا مال له بقدر ما صار به مستطيعا ويجوز له الاخذ واتيان الحج به.

[ 428 ]

2880 – وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يخرج في تجارة إلى مكة أو يكون له إبل فيكريها، حجته ناقصة أو تامة؟ قال: لا با حجته تامة ” (1). باب * (حج الجمال والاجير) * 2881 – روي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” حجة الجمال تامة أم ناقصة (2)؟ قال: تامة، قلت: حجة الاجير تامة أو ناقصة؟ قال: تامة ” (3). باب * (من يموت وعليه حجة الاسلام وحجة في نذر عليه) * 2882 – روى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي


(1) يدل على أنه لا يضر بصحة الحج نية التجارة والكراية وغيرهما إذا كان الحج لله أو منضما بل لا يضر التجارة في أصله كالنائب فانه لو لم يكن مال الاجارة لا يذهب الى الحج لكن لما آجر نفسه صار الحج واجبا عليه (م ت) أقول: المناسب للحديث أن يذكر في الباب التالى المعقود لمثله. (2) الجمال هو الذى له الجمل وكان مستطيعا للحج أو حج حجة الاسلام ويحج ندبا لكن بنية ليست بخالصة، ويطلق على خدمة الجمل أيضا، وقوله ” تامة ” أي مبرئة للذمة أو صحيحة وقوله عليه السلام ” تامة ” أي في المستطيع بالبراءة وفى غيره بالصحة. (م ت) (3) الاجير من يوجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة أو من يوجر نفسه للحج نيابة أو الاعم. واعلم أن بعض العلماء استدل بالخبر على وجوب الحج لمن آجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة لكن الاجمال في الاجير والتمامية يمنعان من الدلالة، والاستدلال بالاية باعتبار شمول الاستطاعة له أولى.

[ 429 ]

قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر (1) ليحجن به رجلا إلى مكة، فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن كان ترك مالا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجل لنذره وقد وفى بالنذر وإن لم يكن ترك مالا إلا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك ويحج عنه وليه حجة النذر إنما هو مثل دين عليه ” (2). باب * (ما جاء في الحج قبل المعرفة) * 2883 – روى عمر بن اذينة قال: ” كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الامر، ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الاسلام؟ قال: قد قضى فريضة الله عزوجل والحج أحب إلي ” (3).


(1) السند صحيح والنذر في الشكر ما كان متعلقه طاعة مشروطة بوصول نعمة أو دفع بلية أو فعل طاعة أو ترك معصية. (م ت) (2) يدل على وجوب اخراج حجة الاسلام من الاصل، والنذر من الثلث مع وفاء المال، و مع عدمه يحج الولى حجة النذر وهو محمول على الاستحباب والاحتياط ظاهر (م ت) وذهب جماعة الى وجوب قضاء الحج المنذور من أصل المال إذا لم يتمكن من فعله وتأخر، وذهب جماعة الى وجوب قضائه من الثلث واعترض عليهم صاحب المدارك بعدم المستند، وقيل بعدم وجوب القضاء مطلقا، وقال في المدارك في موضع آخر بعدم دلالة هذا الخبر على مدعى من ذهب الى وجوب قضائه من الثلث إذ مدعاهم مالو نذر أن يحج بنفسه والخبر يدل على بذل المال للحج والفرق ظاهر لان الثاني مالى صرف. ويمكن أن يستدل به على مدعاهم بالطريق الاولى فتأمل. (3) السند صحيح والمراد بالمعرفة معرفة الائمة صلوات الله عليهم بالامامة والخبر يدل على الاجزاء واستحباب الاعادة وقد تقدم قول المشهور من عدم وجوب الاعادة على المخالف ما لم يخل بركن، والمحكى عن ابن الجنيد وابن البراج وجوب الاعادة مطلقا.

[ 430 ]

2884 – وروي عن أبي عبد الله الخراساني عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال قلت له: ” إني حججت وأنا مخالف وحججت حجتي هذه وقد من الله عز وجل علي بمعرفتكم وعلمت أن الذي كنت فيه كان باطلا فما ترى في حجتي؟ قال: اجعل هذه حجة الاسلام وتلك نافلة ” (1). باب * (ما جاء في حج المجتاز) * 2885 – روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام: قال: نعم ” (2) باب * (حج المملوك والمملوكة) * (3) 2886 – روى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كلما أصاب العبد المحرم في إحرامه فهو على السيد إذا أذن له في الاحرام ” (4).


(1) يدل على جواز القلب بعد الفعل كما مر في صلاة الجماعة، وعلى استحباب الاعادة كما دل عليه الاخبار منها ما تقدم. (2) حمل على الاستطاعة في البلد، وظاهر الخبر أعم من ذلك، ويشمله عموم الاية إذ كان مستطيعا حين الارادة. (3) لا خلاف بين الاصحاب في اشتراط حجة الاسلام بالحرية، وفى صحة حجهما وفى أن لهما ثواب حجة الاسلام إذا حجا الى أن يعتقا، فإذا اعتقا وحصل الشرائط يجب عليهما حجة الاسلام. (م ت) (4) يدل على أن جنايات العبد كلها على المولى إذا أذن له في الاحرام وبه قال المحقق في المعتبر وجماعة، وقال الشيخ: انه يلزم ذلك العبد لانه فعله بدون اذن مولاه، ويسقط الدم =

[ 431 ]

2887 – وروى الحسن بن محبوب، عن الفضل بن يونس قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت: تكون عندي الجواري وأنا بمكة فأمرهن أن يعقدن بالحج (1) يوم التروية فأخرج بهن فيشهدن المناسك أو اخلفهن بمكة؟ قال: فقال: إن خرجت بهن فهو أفضل، وإن خلفتهن عند ثقة فلا بأس، فليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق ” (2). 2888 – وروى مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ” (3). 2889 – وفي رواية النضر (4) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إن المملوك إن حج وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، وإن اعتق فعليه الحج “. =


الى الصوم، وقال المفيد على السيد الفداء في الصيد وهذا في جناياته، وأما دم الهدى فمولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم اتفاقا (المرآة) أقول: ربما حمل الخبر على الاستحباب لما رواه الشيخ (في التهذيب ج 1 ص 556) في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبى نجران قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شئ من الفداء؟ قال: لا شئ على مولاه “. (1) حرف الاستفهام محذوف أي أفآمرهن. (مراد) (2) يدل على عدم وجوب الحج على المملوك وعليه اجماع الاصحاب. (م ت) (3) يدل على اشتراط حجة الاسلام للعبد بالاستطاعة بعد العتق (م ت) أقول: هذا القول مبنى على كون المراد بالعبد المملوك كما فهمه المصنف ولم يثبت، والظاهر من الكليني أن المراد بالعبد غير المملوك حيث رواه في باب ما يجزى من حجة الاسلام ومالا يجزى ” وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: ليس المراد بالعبد المملوك وحمل الخبر على الحج المندوب بدون الاستطاعة ويؤيد نظر العلامة المجلسي ذيل الخبر في الكافي (ج 4 ص 278) حيث ذكر فيه بعده حج الغلام قبل أن يحتلم ثم حج المملوك قبل أن يعتق. ولم ينقله المصنف – رحمه الله -. (4) الطريق صحيح ورواه الشيخ في الصحيح أيضا عن صفوان وابن أبى عمير جميعا عن عبد الله بن سنان.

[ 432 ]

2890 – وروى إسحاق بن عمار (1) قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن أم ولد تكون للرجل قد أحجها أيجوز ذلك عنها من حجة الاسلام؟ قال: لا، قلت: لها أجر في حجها؟ قال: نعم “. باب * (ما يجزى عن المعتق عشية عرفة من حجة الاسلام) * 2891 – روى الحسن بن محبوب، عن شهاب عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له، قال: يجزي عن العبد حجة الاسلام ويكتب للسيد أجران: ثواب العتق وثواب الحج ” (2). 2892 – وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” مملوك اعتق يوم عرفة، قال: إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج ” (3).


(1) الطريق إليه صحيح وهو ثقة بل من الاجلاء، وفى بعض النسخ ” روى عن اسحاق “. (2) الطريق إليه صحيح والخبر رواه الكليني ج 4 ص 276 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 447 والاستبصار ج 2 ص 148 هكذا ” في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزى عن العبد حجة الاسلام؟ قال: نعم، قلت: ام ولد أحجها مولاها أيجزى عنها؟ قال: لا، قلت: أله أجر في حجتها؟ قال نعم – الى آخر الحديث ” ويحتمل التعدد أو يكون من قوله ” ويكتب الخ ” من كلام المصنف والمراد بعشية عرفة بعد الظهر الى المغرب أو مع الليل حتى يشهد اضطرارى عرفة وقال المولى المجلسي: السؤال منه لا يدل على عدم الاكتفاء بالمشعر إذ الظاهر أن شهابا توهم الاحتياج الى وقوف عرفة في الاجزاء فسأل عنه. (3) ” إذا أدرك ” أي العبد معتقا أو الاعم كما هو الواقع ولا يعتبر خصوص السؤال بل العبرة بالجواب وخصوصه أو عمومه. والظاهر أن ادراك أحد الموقفين شامل للاختياري والاضطراري كل منهما فحينئذ الحاق الصبى والمجنون به ليس من باب القياس بل هما داخلان في هذا العموم و غيره من العمومات بانهما إذا بلغا أو عقلا مع ادراك احد الموقفين كان مجزيا عن حجة الاسلام كما قاله أكثر الاصحاب بل لا مخالف لهم ظاهرا. (م ت)

[ 433 ]

باب * (حج الصبيان) * 2893 – روى زرارة (1) عن أحدهما عليهما السلام قال: ” إذا الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج، فإن لم يحسن أن يلبي لبي عنه (2) ويطاف به ويصلى عنه، قلت: ليس لهم ما يذبحون عنه؟ (3) قال: يذبح عن الصغار ويصوم الكبار (4) ويتقى عليهم (5) ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب، فإن قتل صيدا فعلى أبيه ” (6). 2894 – وروي عن أيوب أخي اديم (7) قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام من أين يجرد الصبيان؟ فقال: كان أبي عليه السلام يجردهم من فخ ” (8).


(1) كذا في أكثر النسخ فيكون صحيحا وفى بعض النسخ ” روى عن زرارة ” فرواه الكليني عن العدة، عن سهل، عن البزنطى، عن المثنى، عن زرارة فيكون ضعيفا على المشهور لمقام سهل. (2) في بعض النسخ والتهذيب ج 1 ص 564 ” لبوا عنه ” بصيغة الجمع فيدل على جواز التلبية عنه لغير الولى. (3) في الكافي والتهذيب بدون لفظ ” عنه “. (4) يحتمل أن يكون المراد بالكبار المميزين من الاطفال أو البلغ – بشد اللام – أي يصومون لانفسهم ويذبحون لاطفالهم والاول أظهر (المرآة) وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: أي يجوز للولى أن يأمرهم بالصوم وأن يذبح عنهم من ماله. (5) في بعض النسخ ” يتقى عليه ” وفى الكافي والتهذيب كما في المتن. (6) لانه صار سببا لاحرامه، والمشهور لزوم جميع الكفارات على الولى وهذا الخبر يدل على خصوص كفارة الصيد، وقيل: يلزمه في ماله لكونه صادرا عن جنايته، وأيضا اختلف في أنه هل يختلف عمده وخطاؤه أو يكون عمده في قوة الخطأ كما هو حكمه في باب الديات. (7) طريق المصنف الى أيوب بن الحر صحيح، وهو ثقة لكن قوله ” روى ” يشعر بكونه مأخوذا من الكافي أو غيره وفيه في طريقه سهل بن زياد فيكون السند ضعيفا على المشهور. (8) الظاهر أن المراد بالتجريد الاحرام كما فهمه الاكثر، وفخ: بئر معروف على فرسخ =

[ 434 ]

2895 – وروي عن يونس بن يعقوب (1) عن أبيه قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون؟ فقال: ائت بهم العرج (2) فليحرموا منها فإنك إذا أتيت العرج وقعت في تهامة (3) ثم قال: فإن خفت عليهم فائت بهم الجحفة (4) “. 2896 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر (5) ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويرمى عنهم، ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه، وكان علي بن الحسين عليهما السلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح (6) “. 2897 – وسأله سماعة ” عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال: عليه أن يضحي =


من مكة، وقد نص الشيخ وغيره على أن الافضل الاحرام بالصبيان من الميقات لكن رخص في تأخير الاحرام بهم حتى يصيروا الى فخ وتدل على أن الافضل الاحرام بهم من الميقات روايات (المرآة) وقال المولى المجلسي: ذهب جماعة الى أنه لا يدل على أكثر من التجريد وهو واجب من الاحرام فيمكن أن يكون احرامهم من الميقات سوى التجريد ويكون تجريدهم منه جمعا بينه و بين ما سيأتي. (م ت) (1) يونس بن يعقوب ثقة وفى طريق المصنف إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا وهو حسن، ويعقوب بن قيس أبوه لم يوثق أيضا ورواه الكليني بطريق قوى عن يونس عن أبيه في الكافي ج 4 ص 303. (2) العرج – كفلس -: عقبة بين مكة والمدينة (المراصد) وقيل قرية من أعمال الفرع على أيام من المدينة. (3) المراد أعمال مكة وتوابعها التى لا يجوز لاحد أن يدخلها بدون الاحرام. وتهامة أرض أولها ذات عرق من قبل نجد الى مكة وما وراءها بمرحلتين (المصباح المنير). (4) الجحفة – بضم الجيم هي مكان بين مكة والمدينة محاذية لذى الحليفة من الجانب الشامي قريب من رابغ بين بدر وخليص وهى أقرب من العرج الى مكة. (5) بطن مر موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة. (6) قوله ” كان على بن الحسين عليهما السلام – الخ ” داخل في حديث معاوية كما في الكافي ج 4 ص 304، ووضع السكين في يد الصبى على المشهور محمول على الاستحباب (المرآة)

[ 435 ]

عنهم (1) قلت: فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم وصام، قال: قد أجزأ عنهم وهو بالخيار إن شاء تركها (2) قال: قال: ولو أنه أمرهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم (3) “. 2898 – وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين يحج؟ قال: عليه حجة الاسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت (4) “. 2899 – وروي عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الفضيل قال: ” سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن الصبي متى يحرم به؟ قال: إذا أثغر ” (5). 2900 – وروى أبان، عن الحكم (6) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” الصبي إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر، والعبد إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق (7) “.


(1) الظاهر أن المراد بالغلمان العبيد وحمله المصنف على الصبيان وهو بعيد. والخبر في الكافي أيضا مضمر. (2) أي ان شاء ترك الدراهم لمن صام وان شاء أخذها منه واكتفاه بالشق الاول أولى. (مراد) (3) يدل على اجزاء الصوم عنهم مع التمكن. (4) يدل على اشتراط البلوغ في حجة الاسلام والطمث دليل البلوغ في الزمان المحتمل له (م ت) (5) ثغر – مجهولا – وأثغر، واثغر – بشد المثلثة – الغلام ألقى سنة أو نبت والقاء السن غالبا يكون في سن يحصل فيه تميز ما وهو السبع، ويحمل على الحج التمريني والا فالظاهر استحبابه في أقل من هذا كما تقدم، وقال العلامة المجلسي: لعله محمول على تأكد الاستحباب أو على احرامهم بأنفسهم دون أن يحرم عنهم. (6) يعنى به حكم بن حكيم الصيرفى الثقة كما في التهذيب. (7) بهذا الخبر يجمع بين الاخبار الدالة على جواز حجهما وعدم اجزائها عن حجة الاسلام يعنى أن العبد تكفيه ما دام عبدا فلا بد له من حجة اخرى بعد العتق والاستطاعة وكذا الصبى.

[ 436 ]

باب * (الرجل يستدين ويحج، ووجوب الحج على من عليه الدين) * 2901 – روي عن يعقوب بن شعيب (1) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يحج بدين وقد حج حجة الاسلام، قال: نعم إن الله عزوجل سيقضي عنه إن شاء الله تعالى (2) “. 2902 – وروي عن عبد الملك بن عتبة (3) قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل عليه دين يستقرض ويحج؟ قال: إن كان له وجه في مال فلا بأس (4) “. 2903 – وروى موسى بن بكر (5) عنه عليه السلام قال: قلت له: ” هل يستقرض الرجل ويحج إذا كان خلف ظهره ما يؤدي به عنه إذا حدث به حدث؟ قال: نعم “. 2904 – وروي عن أبي همام (6) قال: قلت للرضا عليه السلام: ” الرجل يكون عليه الدين ويحضره الشئ (7) أيقضي دينه أو يحج؟ قال: يقضي ببعض ويحج ببعض قلت: فإنه لا يكون إلا بقدر نفقة الحج، قال: يقضي سنة ويحج سنة، قلت: اعطي


(1) الطريق الى يعقوب بن شعيب صحيح كما في الخلاصة ورواه الكليني في الصحيح أيضا. (2) لعله محمول على ما إذا كان له وجه لاداء الدين لما سيأتي. (المرآة) (3) طريق المصنف الى عبد الملك قوى بحسن بن على بن فضال، ورواه الكليني ج 4 ص 279 في الصحيح. (4) يدل على الجواز بدون الكراهة مع الوجه. (م ت) (5) طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة ورواه الكليني في الضعيف على المشهور وكذا الشيخ. (6) طريق المصنف الى أبى همام وهو اسماعيل بن همام صحيح وهو ثقة. (7) الظاهر أن المراد بالشئ مستغل تحصل له في كل سنة، بقرينة ما يجيئ من قوله عليه السلام: ” يقضى سنة ويحج سنة. (مراد)

[ 437 ]

المال من ناحية السلطان، قال: لا بأس عليكم (1) “. 2905 – وسال رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال له: ” إني رجل ذو دين فأتدين وأحج؟ فقال: نعم هو أقضى للدين (2) “. 2906 – وروى ابن محبوب، عن أبان، عن الحسن بن زياد العطار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يقع شيئا (3) أفأحج أو أوزعها بين الغرماء؟ قال: حج بها وادع الله أن يقضي عنك دينك إن شاء الله تعالى (4) “. باب * (ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة الاسلام أو حجة تطوع) * 2907 – روى أبان، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سألته عن امرأة لها


(1) يدل على جواز الحج مع الدين وكذا جواز أخذ جوائز السلطان للشيعة و الحج بها. (2) رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 329 وحمله على ما إذا كان له وجه يقضى ينه منه، وربما حمل على المندوب أو على استقرار الوجوب. وقال الفاضل التفرشى قوله ” هو أقضى للدين ” يدل على أن الاستدانة للحج تصير سببا لان يقضى الله تعالى دينه هذا وغيره من الديون، وقال يمكن التوفيق بين منطوق هذا الخبر والذى يأتي وما في معناهما وبين مفهوم حديث عبد الملك بن عتبة بحمل الاستدانة للحج عند عدم ما يؤدى به عنه على الكراهة، وأما قوله: ” هو أقضى للدين ” فلا يوجب رفع الكراهة فان معناه أنه مقتضى لذلك وان توقف تأثيره على تحقق الشرائط وارتفاع الموانع، والاستدانة اشتغال الذمة ناجزا بما ليس عنده بالفعل ما يبرء الذمة، فمجرد اتيانه بما يقتضى حصول ما يبرء الذمة لا يرتفع تلك الكراهة. (3) كذا في النسخ ولعله ضمن فيه معنى فعل معتد أي لم يقع التوزيع والتقسيم مبقيا شيئا أو تاركا شيئا، وفى الكافي ج 4 ص 279 ” لم يبق شئ ” فيستقيم المعنى بدون تكلف، ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ. (4) قوله: ” حج بها وادع الله ” أي مع رضاهم أو مع كونه مستجاب الدعوة. (م ت)

[ 438 ]

زوج وهي صرورة ولا يأذن لها في الحج، قال: تحج وإن لم يأدن لها (1) “. 2908 – وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (2) عن الصادق عليه السلام قال: ” تحج وإن رغم أنفه (3) “. 2909 – وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: ” سألته عن المرأة الموسرة قد حجت الاسلام فتقول لزوجها: أحجني مرة اخرى أله أن يمنعها؟ قال: نعم (4)، يقول لها: حقي عليك أعظم من حقك علي في ذا (5) “. باب * (حج المرأة مع غير محرم أو ولى) * 2910 – روي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي، فقال: لا بأس تخرج مع قوم ثقات “.


(1) طريق المصنف الى أبان بن عثمان صحيح وهو مقبول الرواية، ورواه الكليني في ج 4 ص 282 وفى طريقه معلى بن محمد البصري وقال ابن الغضائري: نعرف حديثه وننكره ويجوز أن يخرج شاهدا. (2) طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة. (3) أي تحج بدون اذنها إذا كانت صرورة وان ذل الزوج بخروجها. (4) يدل على اشتراط اذن الزوج في المندوب. (م ت) (5) ادعى الاجماع على أنه لا يصح حجها تطوعا الا باذن زوجها بل قال في المنتهى انه لا نعلم فيه مخالفا بين أهل العلم ثم استدل بهذا الخبر، وقال فقيه عصرنا – مد ظله – في جامع المدارك: لا يخفى أن جواز المنع لا يترتب عليه الفساد ما لم يستلزم الخروج بغير اذن الزوج كما لو كان الخروج مع الزوج وباذنه وقارن معه الحج، نعم الحج مضاد للاستمتاع ومجرد هذا لا يوجب الفساد، ولو أحرمت بغير اذنها وقلنا بصحة احرامها يشكل تحللها بغير ما يوجب التحلل من أفعال الحج والعمرة، وأما التمسك بالاية الشريفة ” الرجال قوامون على النساء ” فمشكل لاثبات عدم صحة أعمالها بدون اجازة الزوج بحيث يحتاج في كل عمل يصدر منها الى مراجعته، ألا ترى أنه لا مجال للشك في صحة الصلوات المندوبة منها بدون الاذن.

[ 439 ]

2911 – وفي رواية هشام، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المرأة تريد الحج وليس معها محرم هل يصلح لها الحج؟ فقال: نعم إذا كانت مأمونة (1) “. 2912 – وروى البزنطي، عن صفوان الجمال قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” قد عرفتني بعملي (2)، تأتيني المرأة أعرفها باسلامها وحبها إياكم وولايتها لكم ليس لها محرم، قال: إذا جاءت المراة المسلمة فاحملها (3) فإن المؤمن محرم المؤمنة، ثم تلا هذه الآية: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض “. باب * (حج المرأة في العدة) * 2913 – روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” المطلقة تحج في عدتها ” (3).


(1) يمكن أن يراد بذلك كونها مع قوم ثقات ” أو أن يكون لها سيرة يأمن عليها الزوج فحينئذ ليس للزوج منعها عن الحج (مراد) وقال العلامة المجلسي: ظاهره أن هذا الشرط لعدم جواز منع أهاليها من حجها فانهم إذا لم يعتمدوا عليها في ترك ارتكاب المحرمات وما يصير سببا لذهاب عرضهم يجوز لهم أن يمنعوها إذا لم يمكنهم بعث أمين معها، ويحتمل أن يكون المراد مأمونة عند نفسها أي آمنة من ذهاب عرضها فيوافق الاخبار الاخر. (2) أي كنت عرفت أنى جمال. (3) أي يجوز لك كرايتها والتولى لامورها. وقال في المدارك: الظاهر أن المراد من قوله عليه السلام ” المؤمن محرم المؤمنة ” أن المؤمن كالمحرم في جواز مرافقته للمرأة، ومقتضى هذه الروايات الاكتفاء في المرأة بوجود الرفقة المأمونة وهى التى يغلب ظنها بالسلامة معها فلو انتفى الظن المذكور بان خافت على النفس أو البضع أو العرض فلم يندفع ذلك الا بالمحرم اعتبر وجوده قطعا لما في التكليف بالحج مع الخوف من فوات شئ من ذلك من الحرج والضرر. (4) محمول على الحج الواجب في الرجعية، فتكون مستثناة من منع خروجها عن البيت الذى طلق فيه. (مراد)

[ 440 ]

2914 – وروى ابن بكير، عن زرارة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة التي يتوفى عنها زوجها أتحج في عدتها؟ قال: نعم “. باب * (الحاج يموت في الطريق) * 2915 – روى علي بن رئاب (1)، عن ضريس عن أبي جعفر عليه السلام ” في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق، فقال: إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام ” (2) 2916 – وروى علي بن رئاب، عن بريد العجلي (3) قال: ” سألت أبا – جعفر عليه السلام عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق، قال: إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام، وإن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم (4) جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام،


(1) الطريق الى ابن رئاب صحيح وهو ثقة جليل، وضريس الكناسى ثقة خير فاضل. (2) ينبغى حمله على ما إذا كانت الحجة عليه مستقرة وكان له مال يفى بالحج (مراد) وقال في المدارك ما حاصله: لا ريب في وجوب القضاء لو مات قبل الاحرام ودخول الحرم وقد استقر الحج في ذمته بأن يكون قد وجب قبل تلك السنة وتأخر، وقد قطع المتأخرون بسقوط القضاء إذا لم تكن الحجة مستقرة في ذمته بأن كان خروجه في عام الاستطاعة، و أطلق المفيد في المقنعة والشيخ في جملة من كتبه وجوب القضاء إذا مات قبل دخول الحرم ولعلهما نظرا الى اطلاق الامر بالقضاء في بعض الروايات واجيب عنهما بالحمل على من استقر الحج في ذمته. (3) بريد بن معاوية العجلى من وجوه أصحابنا ثقة فقيه له محل عند الائمة عليهم السلام. (4) قال في المدارك: ذهب علماونا الى أنه إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأ عنه، واختلفوا فيما إذا كان بعد الاحرام وقبل دخول الحرم والاشهر عدم الاجزاء، و ذهب الشيخ في الخلاف وابن ادريس الى الاجتزاء وربما أشعر به مفهوم قوله عليه السلام ” قبل أن يحرم ” لكنه معارض بمنطوق قوله عليه السلام ” وان كان مات دون الحرم “.

[ 441 ]

فان فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين، قلت: أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقة وما معه؟ قال: يكون جميع ما معه وما ترك للورثة، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه “. باب * (ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام، أوصى أو لم يوص) * 2917 – روى هارون بن حمزة الغنوي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل مات ولم يحج حجة الاسلام (2) ولم يترك إلا قدر نفقة الحج وله ورثة (3)، قال: هم أحق بميراثه إن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه ” (4). 2918 – وروي عن حارث بياع الانماط (5) أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام ” عن رجل أوصى بحجة، فقال: إن كان صرورة فهي من صلب ماله إنما هي دين عليه، وإن كان قد حج فهي من الثلث ” (6).


(1) الطريق إليه صحيح وهو ثقة عين كما في الخلاصة. (2) مع عدم وجوبها عليه واستقرارها. أو لم تستقر بأن يكون الموت في سنة الاستطاعة قبل الاتيان بالحج. (م ت) (3) ولم يترك نفقة العيال ولم يكن مستقرا وله ورثة. (4) فالحاصل يحمل على سنة الاستطاعة إذا لم تكن له نفقة العيال أو كانت ولم يصر مستطيعا بأن يكون قد مات قبل أوان الحج بمقدار ما يمكن الاتيان به أو قبل دخول الحرم كما قاله بعض. (م ت) (5) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان وروى نحوه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه، قال: ان كان صرورة فمن جميع المال وان كان تطوعا فمن ثلثه “. (6) يدل على أن حجة الاسلام من الاصل كسائر الديون المالية، وغيرها من الثلث ويشمل النذر. والخبر بكتاب الوصية أنسب من هذا الكتاب.

[ 442 ]

2919 – وروي عن الحارث بن المغيرة (1) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن ابنتي أوصت بحجة ولم تحج، قال: فحج عنها فإنها لك ولها، قلت: إن امي ماتت ولم تحج، قال: حج عنها فإنها لك ولها ” (2). 2920 – وروي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق، فقال: ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة ” (3). 2921 – وروي عن بشير النبال (4) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن والدتي توفيت ولم تحج، قال: يحج عنها رجل أو امرأة، قال: قلت: أيهم أحب إليك؟ قال: رجل أحب إلي ” (5). 2922 – وروي عن عاصم بن حميد (6)، عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم ” (7).


(1) الطريق إليه صحيح على ما في الخلاصة الا أن فيه أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه ومحمد بن ماجيلوية وتوثيقه من تصحيح العلامة نحو هذا الطرق (جامع الرواة). (2) أي لك ثوابا ولها أصالة ان كانت واجبة عليها دونه وبالعكس لو كان الامر بالعكس أو كان لهما أصالة كما يفهم من اخبار كثيرة وقد تقدم بعضها، وروى الشيخ في الصحيح عن معاويه بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه “. وحمل على الاجزاء في الثواب حتى يجب عليه الحج ويحج عن نفسه “. (م ت) (3) يدل على تقديم الحج لكونه مفروضا والتعليل يشعر بتقديم الفرائض لو وقعت مع غيرها وربما يقيده بالمالية كما في المعلل. (م ت) (4) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان. (5) يدل على جواز نيابة المرأة وأفضلية الرجل. (م ت) (6) الطريق إليه حسن كالصحيح وهو ثقة عين. (7) يدل على وجوب قضاء الحج عن الميت وان لم يوص، ويؤيده ما في الكافي ج 4 ص 277 في الصحيح عن رفاعة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم “.

[ 443 ]

باب * (الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة) * 2923 – روى ابن مسكان (1) قال: حدثني أبو سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام ” أنه سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة، قال: يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما أوصى فإن الله عزوجل يقول: ” فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ” (2). باب * (الحج عن أم الولد إذا ماتت) * 2924 – روى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: ” أرسلت إلى أبي – عبد الله عليه السلام أن أم امرأة كانت أم ولد فماتت فأرادت المرأة أن تحج عنها، قال: أو ليس قد عتقت بولدها (3) تحج عنها “. باب * (الرجل يوصى إليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال، فيحل له أن) * * (يأخذ لنفسه حجة منها) * 2925 – كتب عمرو بن سعيد الساباطي (4) إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله ” عن رجل أوصى إليه رجل أن يحج عنه ثلاثة رجال فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: حج عنه إن شاء الله تعالى فان لك مثل أجره،


(1) الطريق إليه صحيح والظاهر أن أبا سعيد هو القماط الثقة. (2) يدل على ضمان الوصي إذا غير الوصية. (3) أي بموت مولاها والامر بالحج عنها اما وجوبا مع الاستقرار أو استحبابا مع عدمه، وقال سلطان العلماء: لعله اشارة الى عدم بقائها على الرقية فينبغي الحج عنها. (4) في الطريق إليه أحمد بن الحسن بن على بن فضال وهو فطحى ثقة.

[ 444 ]

ولا ينقض من أجره شئ إن شاء الله تعالى ” (1). باب * (من يأخذ حجة فلا تكفيه) * 2926 – روى علي بن مهزيار (2) عن محمد بن إسماعيل قال: أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام ” عن الرجل يأخذ من الرجل حجة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة اخرى فيتسع بها فتجزي عنهما جمعيا أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحدهما؟ فذكر أنه قال: أحب إلي أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذها “. باب * (من أوصى في الحج بدون الكفاية) * 2927 – روى ابن مسكان، عن أبي بصير (3) عمن سأله قال: قلت له: ” رجل أو صى بعشرين دينارا في حجة، فقال: يحج بها رجل من حيث يبلغه ” (4). 2928 – وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام: ” اعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة – صير ربعها لك – حجة في كل سنة بعشرين دينارا وإنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المؤونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا، وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجتين (5) فكتب عليه السلام:


(1) مع أن ظاهر الوصية ارسال الغير أو لانه يشترط التعدد في الموجب والقابل ولعل ذلك مبنى على أن العبارة عامة والتغاير الاعتباري كاف. (2) الطريق إليه صحيح وهو ومحمد بن اسماعيل ثقتان. (3) كذا في جميع النسخ وفى الكافي ج 4 ص 308 والتهذيب ” عن أبى سعيد ” و هو الصواب. (4) لعل المراد به موضع يفى به ذلك المال وهو أيضا في الوصية. (المرآة) (5) في الكافي ج 4 ص 310 ” وكذلك أوصى عدة من مواليك في حججهم “.

[ 445 ]

يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله تعالى ” (1). 2929 – وكتب إليه علي بن محمد الحضيني: ” أن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكفي فما تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام: تجعل حجتين في حجة إن شاء الله، إن الله عالم بذلك “. باب * (الحج من الوديعة) * 2930 – روى سويد القلاء، عن أيوب بن حر، عن بريد العجلي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام، قال: حج عنه وما فضل فأعطهم ” (3).


(1) اعلم أن الاصحاب قد قطعوا بأنه إذا أوصى أن يحج عنه سنين متعددة وعين لكل سنة قدرا معينا اما مفصلا كمائة أو مجملا كغلة بستان فقصر عن أجرة الحج جمع مما زاد على السنة ما يكمل به اجرة المثل لسنة ثم يضم الزائد الى ما بعده وهكذا، واستدلوا بهذه الرواية والرواية الاتية، ولعلهم حملوا هذه الرواية على أنه عليه السلام علم في تلك الواقعة أنه لا تكمل اجرة المثل الا بضم نصف أجر السنة الثانية بقرينة أن حكم في الحديث الاخر بجعل حجتين حجة لعلمه بأنه في تلك الواقعة لا تكمل الاجرة الا بضم مثل ما عين لكل سنة إليه ويظهر منهما أن اجرة الحج في تلك السنين كانت ثلاثين دينارا فلما كان على بن مهريار أوصى لكل سنة بعشرين فبانضمام نصف اجرة السنة الثانية تم الاجرة ولما كان الاخر أوصى بخمسة عشر أمر بتضعيفها لتمام الاجرة فتأمل (المرآة) أقول: ويظهر من هذا الخبر أن وفاة على بن مهزيار الاهوازي في حياة أبى محمد العسكري عليه السلام فما رواه المصنف رحمه الله – في كمال الدين باب من شاهد القائم عليه السلام من ملاقاته اياه عليه السلام في زمان الغيبة ففيه ما فيه وبسطنا الكلام هناك (راجع كمال الدين ص 466 طبع مكتبة الصدوق). (2) طريق الرواية صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح. (3) قال في المدارك ص 338: اعتبر المحقق وغيره في جواز الاخراج علم المستودع أن الورثة لا يؤدون والا وجب استيذانهم وهو جيد لان مقدار أجرة الحج وان كان خارجا عن ملك الورثة الا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة و =

[ 446 ]

باب * (الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا) * 2931 – سئل أبو عبد الله عليه السلام (1) ” عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا، قال: يحج عنه، فإن كان أبوه قد حج كتب لابيه نافلة وللابن فريضة، وإن لم يكن حج أبوه كتب لابيه فريضة وللابن نافلة ” (2). باب * (المتمتع عن أبيه) * 2932 – روى جعفر بن بشير (3)، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر =


الاستيجار بدون اجرة المثل فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز له ذلك وهو حسن، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم واثبات الحق عنده والاوجب استيذانه، وحكى الشهيد في اللمعة قولا باعتبار اذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده، وذكر الشارح أن وجه البعد اطلاق النص الوارد بذلك وهو غير جيد فان الرواية انما تضمنت أمر الصادق عليه السلام لبريد في الحج عمن له عنده الوديعة وهو اذن وزيادة، ولا ريب أن استيذان الحاكم مع امكانه اولى أما مع التعذر فلا يبعد سقوطه حذرا من تعطيل الحق الذى يعلم من بيده المال ثبوته، ومورد الرواية الوديعة وألحق بها غيرها من الحقوق المالية حتى الغصب والدين ويقوى اعتبار استيذان الحاكم في الدين فانه انما يتعين بقبض المالك أو ما في معناه، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستيجار ربما كان اولى خصوصا إذا كان الاجير أنسب لذلك من الودعى. (1) رواه الكليني ج 4 ص 277 بسند مرفوع عنه عليه السلام. (2) قال العلامة المجلسي: لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الاب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال، ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فان لم يكن أبوه حج كان لابيه مكان الفريضة والا فللابن، فلا ينافى هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة. (3) الطريق إليه صحيح وهو ثقة والمراد بالعلاء العلاء بن رزين القلاء وهو الذى صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليلا.

[ 447 ]

عليه السلام قال: ” سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع (1)؟ قال: نعم، المتعة له والحج عن أبيه ” (2). باب * (تسويف الحج) * 2933 – روى محمد بن الفضيل قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ” فقال: نزلت فيمن سوف الحج (3) – حجة الاسلام – وعنده ما يحج به، فقال: العام أحج، العام أحج حتى يموت قبل أن يحج “. 2934 – وروي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال، فقال: هو ممن قال الله عزوجل: ” ونحشره يوم القيمة أعمى ” فقلت: سبحان الله أعمى؟! فقال: أعماه الله عزوجل عن طريق الخير “. 2935 – وروى صفوان بن يحيى (4) عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق منه الحج (5) أو سلطان يمنعه منه، فليمت يهوديا أو نصرانيا “. (6)


(1) مع أنه لا فائدة للاب في التمتع لانه لا يمكن له التمتع بالنساء والثياب والطيب الذى هو فائدة حج التمتع. (م ت) (2) لعله محمول على أنه كان على أبيه حج الافراد والمطلق فإذا تفضل الابن بالتمتع كان الفضيلة له وأصل الحج للاب. (سلطان) (3) التسويف: التأخير، يقال: سوفته أي مطلته، فكأن الانسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه. (المرآة) (4) طريق المصنف الى صفوان حسن كالصحيح ورواه الكليني والشيخ في الصحيح. وصفوان وذريح ثقتان. (5) في بعض النسخ ” معه الحج “. (6) يعنى كان حشره معهم أو يكون مثلهم في ترك الحج.

[ 448 ]

2936 – وروى علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام أنه قال: ” من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت فقد ضيع شريعة من شرايع الاسلام “. باب * (العمرة في أشهر الحج) * 2937 – روى سماعة بن مهران (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من حج معتمرا (2) في شوال ومن نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة، فان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فان هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق (3)، أو يجاوز عسفان (4) فيدخل متمتعا بعمرة إلى


(1) الطريق إليه حسن قوى وهو واقفى ثقة. (2) أي قصد العمرة، وكونه بمعنى الحج الاصطلاحي بعيد. قد ذكر سابقا أخبار تدل على وجوب العمرة على الناس مثل الحج كما في قوله تعالى: ” وأتموا الحج والعمرة لله “. ومن تمتع بالعمرة الى الحج لا يجب عليه عمرة اخرى، ويجب العمرة المفردة على القارن والمفرد مقدما على الحج أو مؤخرا عنه، واستطاعة العمرة مثل استطاعة الحج ومن استطاع العمرة المفردة فقط لا يجب عليه الحج الا أن يستطيع له بعد فيجب عليه الحج متمتعا على قول. (3) ذات عرق موضع أول تهامة وآخر عقيق وهو على نحو مرحلتين من مكة. (4) وعسفان – كعثمان – موضع بين مكة والمدينة، بينه وبين مكة مرحلتان. و قال بعض الشراح: ان لم يكن التجاوز بمعنى الوصول الى الجحفة يمكن أن يكون الاحرام منه للمحاذاة.

[ 449 ]

الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها ” (1). 2938 – وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية ” (2) 2939 – وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” العمرة في العشر متعة ” (3).


(1) قال في المراصد: ” الجعرانة ” لا خلاف في كسر أوله، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه، وأهل الادب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، و الصحيح أنهما لغتان جيدتان، قال على بن المدينى: أهل المدينة يثقلون الجعرانة والحديبية وأهل العراق يخففونهما -: منزل – أوماء – بين الطائف ومكة وهى الى مكة أقرب، نزله النبي عليه السلام وقسم بها غنائم حنين وأحرم منه بالعمرة، وله فيه مسجد وبه بئار متقاربة – انتهى وقال سلطان العلماء: لعل المراد أنه أراد افراد الحج عن هذه العمرة التى أراد فعلها فليخرج الى الجعرانة لاحرام هذه العمرة المفردة فالخروج إليها للعمرة التى أحب افراد الحج عنها لا للحج كما توهم العبارة، فان ميقات حج الافراد اما مكة أو دويرة أهلها ولا دخل للجعرانة فيها هذا على المشهور، وأما على ما في روايتين صحيحتين احديهما عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام والاخرى عن سالم الحناط عنه عليه السلام: ان المجاور إذا أراد الحج فليخرج الى الجعرانة. فيمكن حمل هذا أيضا عليهما – انتهى، أقول: لعل المراد برواية عبد الرحمن بن الحجاج ما في التهذيب ج 1 ص 459 وأما رواية سالم فما عثرت عليها. (2) ظاهره أنه يصح له التمتع بتلك العمرة فيشترط وقوعها في أشهر الحج، ولعل المراد بادراكه خروج الناس يوم التروية وقوعه في العشر من ذى الحجة فيكون في معنى ما يجيئ من قوله عليه السلام ” وان كان في ذى الحجة فلا يصلح الا الحج ” والظاهر أن الاتيان بالحج الذى يفهم من الاستثناء على سبيل الوجوب اما من حيث انه حينئذ يستطيع الحج فيكون داخلا في عموم الاية فيكون ذلك بالنسبة إليه حجة الاسلام ان كان مستطيعا من منزله، ولا ينافى ذلك وجوبه على غير المستطيع مرة أخرى لو استطاع لدليل آخر واما من حيث انه أتى بالعمرة فيكون ذلك حجة الاسلام بالنسبة الى المستطيع من منزله دون من لا يستطيع منه فلو استطاع بعد ذلك وجب عليه كما هو المشهور. (مراد) (3) يدل على تأكد استحباب جعل العمرة في العشر من ذى الحجة تمتعا أو وجوبه إذا قصد بها التمتع سواء كان في العشر أو في أشهر الحج. (م ت)

[ 450 ]

2940 – وروى معاوية بن عمار قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أفرد الحج هل له أن يعتمر بعد الحج؟ فقال: نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن ” (1). 2941 – وروى المفضل بن صالح (2) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” العمرة مفروضة مثل الحج، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة “. 2942 – وسأله عبد الله بن سنان ” عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثم يخرج، فقال: إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن، وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج ” (3). 2943 – ” واعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة (4)


(1) وفى الكافي عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله مثله. ولعله كناية عن الاحلال فينتقل الذهن من تمكينه الموسى من رأسه الى الحلق ومنه الى الاحلال (مراد) وقال المولى المجلسي هذا الخبر يدل على عدم الاحتياج الى الفصل بين العمرة المفردة وحجها بشهر بل يكفى اليومين والثلاثة – انتهى، وقال السيد – رحمه الله – في المدارك: محل العمرة المفردة بعد الفراغ من الحج وذكر جمع من الاصحاب أنه يجب تأخيرها الى انقضاء أيام التشريق، و نص العلامة وغيره على جواز تأخيرها الى استقبال المحرم واستشكل جدى – رحمه الله – هذا الحكم بوجوب ايقاع الحج والعمرة المفردة في عام واحد، قال: الا أن يراد بالعام اثنى عشر شهرا مبدؤها زمان التلبس بالحج، وهو محتمل مع أنه لا دليل على اعتبار هذا الشرط وأوضح ما وقفت عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قلت له: العمرة بعد الحج؟ قال إذا أمكن الموسى من الرأس “. (2) طريق المصنف إليه غير مذكور وهو ضعيف. (3) فيه نوع منافاة مع خبر عمر بن يزيد المتقدم تحت رقم 2938 ويمكن الجمع بحمل ذى الحجة وتقييده بادراك يوم التروية والتفصيل في كتاب منتقى الجمان ج 2 ص 597 فلتراجع. (4) رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام، و ينافى ما تقدم ص 238 عن المصنف أن النبي صلى الله عليه وآله اعتمر تسع عمر ولم يحج حجة الوداع الا وقبلها حج.

[ 451 ]

عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية، وعمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزوة حنين ” (1). باب * (اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها) * 2944 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء ” (2).


(1) ” أهل ” أي رفع صوته بالتلبية، وعسفان – كعثمان -: موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة. (2) ظاهره موافق لمذهب الجعفي من عدم وجوب طواف النساء في العمرة المفردة وهو الظاهر من كلام المصنف – رحمه الله – كما سيأتي خلافا للمشهور بل الاجماع على ما نقل في المنتهى (سلطان) وقال المولى المجلسي – قدس سره -: ” لم يذكر فيه التقصير وطواف النساء لا يدل على عدم الوجوب لانهما للاحلال وليسا من الاركان والنسك مع وجودهما في أخبار أخر والمثبت مقدم – الى آخر ما قال – ” أقول: روى الكليني ج 4 ص 538 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن اسماعيل بن رباح عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال نعم ” ورواه الشيخ في كتابيه. وفيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن اسماعيل، عن ابراهيم ابن عبد الحميد، عن عمر بن يزيد أو غيره عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” المعتمر يطوف ويسعى ويحلق، قال: ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر ” ونقله الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 232 وقال: أما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن على بن محمد بن عبد الحميد، عن أبى خالد مولى على بن يقطين قال: ” سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ فقال: ليس عليه طواف النساء ” فلا ينافى ما قدمناه لان هذا الخبر محمول على من دخل معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج، ثم أراد أن يجعلها متعة للحج =

[ 452 ]

2945 – وروى عنه عليه السلام أنه قال: ” من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق رأسه، قال: ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة ” (1). 2946 – وروى علي بن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه (2)، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله =


جاز له ذلك، ولم يلزمه طواف النساء لان طواف النساء انما يلزم المعتمر العمرة المفردة عن الحج، فإذا تمتع بها الى الحج سقط عنه فرضه. يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: كتب أبو القاسم مخلد ابن موسى الرازي الى الرجل ” سأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء، والعمرة التى يتمتع بها الى الحج؟ فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، واما التى يتمتع بها الى الحج فليس على صاحبها طواف النساء ” واما ما رواه محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف، عن يونس عمن رواه قال: ” ليس طواف النساء الا على الحاج ” فلا ينافى ما ذكرناه لان هذه الرواية موقوفة غير مسندة الى أحد من الائمة عليهم السلام وإذا لم تكن مسندة لم يجب العمل بها لانه يجوز أن يكون ذلك مذهبا ليونس اختاره على بعض آرائه كما اختار مذاهب كثيرة لا يلزمنا المصير إليها لقيام الدلالة على فسادها. (1) ما اشتمل عليه من ذبح ما ساقه في العمرة بالحزورة محمول على الاستحباب كما هو المشهور بين الاصحاب. والحزورة – كقسورة – موضع بمكة عند باب الحناطين بين الصفا والمروة. (2) المنع فيه من الاتيان بالعمرة التى للافساد في الشهر الاول لا ينافى ما يجيئ من تجويز الاتيان بالعمرة بعد مضى عشرة أيام من العمرة الاولى لان ذلك لعل بطريق الاستحباب أو بخصوص صورة الافساد.

[ 453 ]

لاهله فيحرم منه ويعتمر “. 2947 – وقد روى علي بن رئاب، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام ” أنه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر “. ولا يجب طواف النساء إلا على الحاج (1) والمعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم (2). 2948 – وروى صفوان بن يحيى، عن سالم بن الفضيل (3) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” دخلنا بعمرة فنقصر أو نحلق؟ فقال: احلق (4) فإن رسول الله صلى الله عليه وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات وعلى المقصرين مرة “. فإن أحل رجل من عمرته فقصر من شعره ونسي أظفاره فإنه يجز به ذلك وإن تعمد ذلك أو هو جاهل فليس عليه شئ (5). باب * (العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما) * 2949 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل أي العمرة


(1) تقدم الكلام فيه آنفا من أنه مذهب المؤلف خلافا للمشهور وظاهر أكثر النصوص ويمكن أن نقول بان الحصر اضافي بالنسبة الى عمرة التمتع بها الى الحج كما هو المشهور. (2) ستجيئ الاخبار في هذا الحكم عن قريب. (3) هكذا في النسخ التى بأيدينا وسالم بن الفضيل مجهول وعد صاحب المدارك هذه الرواية من الصحاح، ولعل في نسخته سالم أبى الفضل وهو الصواب والمراد سالم الحناط وكنيته أبو الفضل ورواية صفوان عنه كثيرة في التهذيب والاستبصار والفقيه. (4) لعل المراد العمرة المفردة فان فيها التخيير بين الحلق والتقصير، والحلق فيها أفضل على المشهور بخلاف عمرة التمتع فان التقصير فيها متعين. (سلطان) (5) سيجئ أن الواجب فيها الحلق أو التقصير ويكفى في التقصير مسماه، فلو اكتفى بقلم الاظفار أو بتقصير الشعر جاز والجمع أفضل ومع الحلق أكمل. (م ت)

[ 454 ]

أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا بل عمرة في شهر رجب أفضل “. 2950 – وروى عنه عليه السلام عبد الرحمن بن الحجاج ” في رجل أحرم في شهر وأحل في آخر، قال: يكتب له في الذي نوى، وقال (1): يكتب له في أفضلهما “. 2951 – وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية “. باب * (مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر) * 2952 – روى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما، ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة ” (2).


(1) في الكافي ” أو يكتب له في أفضلهما ” فان كان هو الصواب بالترديد من الراوى، أو المراد أنه ان لم يكن في أحدهما فضل على الاخر يكتب في الذى نوى والا ففى الافضل. وقال الفاضل التفرشى: قوله ” في الذى نوى ” ظاهره أن عمرته يحسب في الفضل من عمرة الشهر الذى نوى وأهل فيه، ولعل مقصود السائل أن يسأل عمن أحرم في رجب وأحل في شعبان وقد علم عليه السلام ذلك من قصده فأجاب بأن عمرته هذه رجبية ثم ذكر لتتميم الافادة أن تلك العمرة وان اختلف احرامها واحلالها بحسب الشهر تحسب من أفضل الشهرين عمرة فلا منافاة بين القولين، ويمكن أن يراد بالقول الاول أنها معدودة من عمرة الشهر الذى أهل فيه وبالقول الثاني أنه يثاب بثواب أفضل الشهرين، وأن يراد بقوله عليه السلام ” في الذى نوى ” في الشهر الذى هو المقصود بالذات من تلك العمرة. (2) قال الشيخ بعد نقله في التهذيب ج 1 ص 473: يجوز أن تكون هذه الرواية مخصوصة بمن خرج من مكة للعمرة دون من سواه.

[ 455 ]

2953 – وروي أنه ” يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام ” (1). 2954 – وروي أنه ” يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم ” (2). 2955 – وفي رواية الفضيل (3) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت: دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ فقال: بحيال العقبة – عقبة المدنيين -، قلت: أين عقبة المدنيين؟ قال: بحيال القصارين ” (4). 2956 – وروي عن يونس بن يعقوب (5) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، فقال: إذا رأيت ذا طوى فاقطع التلبية ” (6). 2957 – وفي رواية مرازم (7) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يقطع صاحب العمرة


(1) روى الكليني ج 4 ص 537 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر الى المسجد ” والتنعيم موضع بمكة خارج الحرم وهو أدنى الحل إليها على طريق المدينة. (2) روى الكليني ج 4 ص 537 في الموثق عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم “. (3) المراد بالفضيل الفضيل بن يسار كما صرح به في التهذيب ج 1 ص 473، وفى طريقه على بن الحسين السعد آبادى وهو قوى. (4) خص ذلك بمن جاء من المدينة كما قال الشيخ – رحمه الله – وقال المولى المجلسي: ويمكن القول بالتخيير بينه وبين دخول الحرم وهو مشترك بين الجانبين، ويمكن حمله على عمرة التمتع كما سيجئ أنه موضع قطعها من طريق المدينة وان كان الاظهر المفردة. (5) في الطريق إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب عنه بسند حسن، ويونس بن يعقوب كوفى ثقة له كتب. (6) ذوطوى موضع بمكة داخل الحرم على نحو فرسخ من مكة ترى منه بيوت مكة، وحمل الشيخ الخبر على من جاء من طريق العراق. (7) طريق المصنف إليه حسن بابراهيم بن هاشم وهو كالصحيح وفى الكافي ج 4 ص 537 أيضا في الحسن كالصحيح، ومرازم بن حكيم ثقة.

[ 456 ]

المفردة التلبية إذا وضعت الابل أخفافها في الحرم ” (1). 2958 – وروي أنه ” يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة ” (2). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذه الاخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء (3)، ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء، وهو موسع عليه، ولا قوة إلا بالله [ العلي العظيم ] “. باب * (أشهر الحج وأشهر السياحة والاشهر الحرم) * 2959 – روى زرارة (4) عن أبي جعفر عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” الحج


(1) محمول على من أحرم من المواقيت الخمسة لعمرة التمتع أو من دويرة الاهل غير خارج الحرم من التنعيم والحديبية والجعرانة. (م ت) (2) روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 399 عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” المتمتع إذا نظر الى بيوت مكة قطع التلبية “. وفى خبر آخر عن سدير قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: ” إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية “. (3) حمله على التخيير باعتبار فهم المنافاة في الجميع ولا منافاة بينها على ما ذكرنا ولا تفهم منها الا في بعضها، مع أنه لا معنى للتخيير للمحرم من خارج الحرم كالتنعيم فانه أول الحرم بين القطع ومن دخول الحرم وبين النظر الى المسجد والى الكعبة لان ظاهر الابتداء والقطع يقتضى الفصل ولا فاصلة هنا وكذا ما ذكره الشيخ – رحمه الله – من عدم المنافاة بين الجميع أيضا بحمل القطع عند دخول الحرم لمن أحرم من خارجه، والقطع عند النظر الى المسجد والى الكعبة لمن أحرم من أول الحرم، والقطع عند العقبة لمن جاء من طريق المدينة. وعند ذى طوى لمن جاء من قبل العراق فانه يبقى المنافاة بين النظر الى المسجد والى الكعبة وبين القطع عند أول الحرم والقطع عند ذى طوى والعقبة فالاولى الجمع بالتخيير في موضع المنافاة كما ذكرنا والله تعالى يعلم. (م ت) (4) كذا في بعض النسخ وفى بعضها ” أبان ” ولعل المراد ابن تغلب لعدم رواية أبان بن عثمان عن أبى جعفر عليه السلام ولكن الصواب النسخة التى جعلناها في المتن يعنى ” زرارة ” لما في الكافي ج 4 ص 289 ومعانى الاخبار ص 294 طبع مكتبة الصدوق مروى عنه.

[ 457 ]

أشهر معلومات ” (1) قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة، ليس لاحد أن يحرم بالحج فيما سواهن “. 2960 – وفي رواية اخرى ” وشهر مفرد لعمرة رجب ” (2). 2961 – وقال عليه السلام: ” ما خلق الله عزوجل في الارض بقعة أحب إليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها ولها حرم الله عزوجل الاشهر الحرم الاربعة في كتابه يوم خلق السماوات والارض ثلاثة منها متوالية للحج وشهر مفرد للعمرة رجب ” (3). 2962 – وقال عليه السلام: ” في قول الله عزوجل: ” فسيحوا في الارض أربعة أشهر ” قال: عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرة أيام من شهر


(1) قال الطبرسي في المجمع: يعنى وقت الحج أشهر معلومات لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير كما يفعلهما النساء الذين انزل فيهم ” انما النسئ – الاية ” وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة على ما روى عن أبى جعفر عليه السلام وبه قال ابن عباس وانما صارت هذه الاشهر أشهر الحج لانه لا يصح الاحرام بالحج الا فيها. (2) الظاهر أنه تتمة خبر مثل الخبر المتقدم [ أو ما يأتي ] ويكون فيه هذه الزيادة فتصير المعنى أن أشهر الحج ثلاثة وشهر مفرد قرره الله تعالى لعمرة رجب، ويمكن أن يكون من كلام المعصوم تتمة لقول الله تعالى (م ت) وقال الفاضل التفرشى: ينبغى أن يقرأ ” رجب ” بالرفع على أن يكون بيانا لشهر ويجعل تنوين عمرة للتعظيم، ويؤيده ما يجيئ من قوله عليه السلام ” وشهر مفرد للعمرة رجب “. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 239 في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في ذيل حديث، وأما الاشهر الحرم فهى الاشهر الذى حرم الله تعالى فيها القتال والجهاد وهى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد يخطر بالبال اشكال في الكلام حيث قال ” ولها حرم الله الاشهر الحرم ” يعنى لحرمة الكعبة والحج فان اريد بالاشهر المتوالية شوال وتالياه فليس شوال من الاشهر الذى حرم فيه القتال وعلى تقديره كانت الاربعة متوالية لا ثلاثة منها ولم يكن رجب منها، وان اريد ذو القعدة وتالياه فليس للمحرم دخل في الحج فلم يكن تحريم القتال فيه للحج، ويمكن رفع الاشكال بأن يقال: لما كان الحج في ذى الحجة حرم الله قبله شهر للمجيئ وبعده شهر لعود الحاج الى أوطانهم حتى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل.

[ 458 ]

ربيع الآخر، ولا يحسب في الاربعة الاشهر عشرة أيام من أول ذي الحجة ” (1). 2963 – وروي أبو جعفر الاحول عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج، قال: يجعلها عمرة (2) “. باب * (العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون) * 2964 – روى إسحاق بن عمار (3) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة (4) “. 2965 – وروى علي بن أبي حمزة (5) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: ” لكل شهر عمرة، قال: فقلت له: أيكون أقل من ذلك؟ قال: لكل عشرة أيام عمرة (6) “.


(1) لا مناسبة بين الحديث والباب لان الاية نزلت في أمر آخر لا صلة له بأشهر الحج وهو امهال المشركين الناكثين أربعة أشهر من يوم الابلاغ كما في الخبر غير الاشهر الحرم المشهورة. (2) الطريق حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم. وقوله: ” فرض الحج ” أي أحرم وقيل: أي أراد، وقوله ” يجعلها عمرة ” أي أحرم بالعمرة دون الحج. (3) الطريق إليه صحيح وهو ثقة على المشهور. (4) يدل على استحباب العمرة في كل شهر ويشعر بكراهة الاقل. (5) الظاهر أنه البطائني الواقفى وهو ضعيف. (6) اختلف الاصحاب في حد الفصل بين العمرتين فقال ابن أبى عقيل: لا يجوز عمرتان في عام واحد، وقال أبو الصلاح وابن حمزة والمحقق في النافع والعلامة في المختلف: أقله شهر، وقال الشيخ في المبسوط: أقل ما بين العمرتين عشرة أيام، وقال السيد المرتضى وابن ادريس وجماعة الى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقا، وأما القول بأنه ” لا يجوز عمرتان في عام واحد ” فلعله لصحيح الحلبي في التهذيب ج 1 ص 571 عن الصادق عليه السلام ” العمرة في كل سنة مرة ” وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيح حريز وزرارة ” لا يكون عمرتان في سنة ” وقد حملا على خصوص عمرة التمتع للاخبار المستفيضة بجواز الاكثر بل استحبابها. وأما القول =

[ 459 ]

2966 – وروى أبان، عن أبي الجارود (1) عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة، قال: حسن (2) “. باب * (يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه) * 2967 – روى ابن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الرجل يقضي عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس الحج هل ينبغي له أن يتكلم بشئ؟ قال: نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم: ” اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدة أو بلاء أو شعث (3) فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه (4) “. =


بأن أقل الفصل شهر فلرواية اسحاق بن عمار وما رواه الكليني ج 4 ص 534 في الحسن عن يونس بن يعقوب قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام كان يقول: في كل شهر عمرة ” وصحيحة ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال: ” في كتاب عى عليه السلام في كل شهر عمرة ” ويمكن المناقشة بعدم صراحتها في المنع من تكرر العمرة في الشهر الواحد إذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد الاستحباب، وأما القول بعدم الحد فلعله من جهة الاطلاق مع أنه يشكل استفادته من الاخبار أو النبوى المشهور ” والعمرة الى العمرة كفارة لما بينهما ” وهو كما ترى لا يستفاد منه عدم الحد، غير أنه من طرق العامة ورواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج 3 ص 447 وج 2 ص 246 و 462 من حديث عامر بن ربيعة. (1) الطريق الى أبان بن عثمان صحيح وهو الذى روى كثيرا في الكافي والتهذيب والاستبصار عن أبى الجارود زياد بن المنذر الضعيف. (2) يدل على جواز العمرة في ذى الحجة بعد الحج وقد تقدمت الاخبار الصحيحة في ذلك. (3) الشعث – محركة -: انتشار الامر، وقد يطلق على ما يعرض للشعر من ترك الترجيل والتدهين. وفى بعض النسخ ” أو شغب ” أي جوع. (4) المشهور بين الاصحاب أنه انما يجب تعيين المنوب عنه عند الافعال قصدا، وحملوا التكلم به لاسيما الالفاظ المخصوصة على الاستحباب.

[ 460 ]

2968 – وفي رواية معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فائت الحجر الاسود وقل: بسم الله، اللهم تقبل من فلان (1) “. 2969 – وروي عن البزنطي أنه قال: ” سأل رجل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه؟ قال: الله عزوجل لا تخفى عليه خافية (2) “. 2970 – وروى مثنى بن عبد السلام (3) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يحج عن الانسان يذكره في المواطن كلها؟ قال: إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الاضحية إذا هو ذبحها (4) “. باب * (الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه) * 2971 – روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إن أبي قد حج ووالدتي قد حجت، وإن أخوي قد حجا، وقد أردت أن ادخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي، فقال: اجعلهم معك فإن الله عزوجل جاعل لهم حجا ولك حجا، ولك أجرا بصلتك إياهم (5) “. 2972 – وقال عليه السلام: ” يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج


(1) أي يسمى المنوب. (2) يدل على عدم وجوب التلفظ والاجتزاء بالقصد الذى هو لازم لفعل المختار. (3) الطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم، والمثنى لا بأس به. (4) يدل على عدم الاستحباب الا عند الذبح، وتحمل الاخبار الاولة على الادعية لا النية. (م ت) (5) يدل على عدم استحباب تشريك ذوى القرابة في ثواب الحج والاولى أن يكون بعد الحج لو كان واجبا. (م ت)

[ 461 ]

والصدقة والعتق ” (1). 2973 – وقال رجل للصادق عليه السلام: ” جعلت فداك إني كنت نويت أن اشرك


(1) تقدم نحوه ج 1 ص 185 وتقدم الكلام في وجه انتفاع الميت بما أهدى إليه هناك ونزيدك ههنا بيانا وهو ما قاله استاذنا الشعرانى في هامش الوافى قال – مد ظله – في جملة كلامه ما حاصله: ” مستحق الاجر العامل وما يصل الى الميت تفضل من الله تعالى وذلك لان ما يصل الى العبد في الاخرة ثلاثة أقسام ثواب وعوض وتفضل، لانه اما أن يكون على سبيل الاستحقاق أو لا، والثانى هو التفضل، والاول اما أن يكون على العمل الاختياري أو على غير الاختياري، والاول هو الثواب مثل ما يستحقه على الصلاة والصوم، والثانى هو العوض مثل ما يستحقه على الالام والامراض والفقر وغيرها، والميت لا يستحق بعمل الغير شيئا لانه اما أن يكون عاصيا فرفعه عنه بفعل الغير تفضل، وهو واضح، وان كان معذورا لا يستحق عقابا سواء أتى الولى أو الغير بقضاء ما فات عنه أو عصى ولم يأت وهذا شئ يوافق أصول مذهبنا ومذهب أهل العدل، ويصح دعوى الاجماع بل ضرورة المذهب عليه، وببالي أنى رأيت دعوى الاجماع من ابن شهر – آشوب عليه الرحمة ولكن يظهر من كلام شيخنا الانصاري – قدس سره – أن في المسألة خلافا بين الامامية فالمشهور على أن الثواب للميت، والسيد المرتضى والعلامة – قدس سرهما – على أن الثواب للعامل، ثم انه سرد أحاديث كثيرة وتعجب من السيد واستبعد أن تكون تلك الاخبار مخفية عن مثله، والحق أن مذهب السيد – رحمه الله – اجماعي موافق لاصول المذهب لان الثواب كما ثبت في علم الكلام بل العوض أيضا انما هما على الكلفة التى يحتملها المكلف من جانب المولى والواجب في مذهب أهل العدل ايصال نفع إليه جبرا لتلك المشقة والكلفة واما من لم يتكلف شيئا فلا يجب على المولى اثابته. وأما الاحاديث التى سردها (ره) فلا يدل الا على انتفاع الميت بالعمل وهذا مما لا ريب فيه ولكنه تفضل لا استحقاق ولم يدل على كونه مستحقا لاجر عمل تكلفه غيره الا إذا أوصى فله ثواب الوصية سواء عمل الاوصياء بوصيته أو لا، وقال بعض أساتيدنا ان الشيخ – رحمه الله – حمل الثواب على مطلق انتفاع الميت وفهم من عدم الثواب عدم الانتفاع مطلقا ولذلك تعجب من السيد – قدس سره – وجعل مفاد الاخبار ردا عليه. وهو بعيد لان الفرق بين الثواب والتفضل والعوض معروف في الكتب الاعتقادية وكون الثواب في مذهب أهل العدل واجبا لاستحقاق العبد بسبب الكلفة أيضا معروف، والسيد العلامة وغيرهما كانوا معتنين بهذه المسائل أشد اعتناء أكثر =

[ 462 ]

في حجتي (1) العام امي أو بعض أهلي فنسيت، فقال عليه السلام: الآن فأشركهما “. باب * (التعجيل قبل التروية الى منى) * 2974 – روي عن إسحاق بن عمار (2) قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: ” يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس؟ فقال: لا بأس ” (3). 2975 – وقال (4) في خبر آخر: ” لا يتعجل بأكثر من ثلاثة أيام (5) “. 2976 – وروى جميل بن دراج (6) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” على الامام أن =


من اعتنائهم بالمسائل الفرعية أو مثلها لابتلائهم بالمحاجة مع المخالفين، فإذا أطلقوا لفظ الثواب ما كان ينصرف أذهانهم الا الى المعنى المصطلح عليه في علم الكلام الذى صرفوا عمرهم في اثباته ورد أهل الجبر من مخالفيهم ولا يحتمل البتة أن يريدوا بالثواب مطلق الانتفاع بل المراد منه في كلامهم الاستحقاق قطعا ولا ريب أن المستحق للثواب هو العامل وانتفاع الميت تفضل. ثم ان مطلق انتفاع الميت بعمل الاحياء ليس مما يحتاج في اثباته الى هذه الاحاديث بل هو مما اتفق عليه أهل الملل وليس الصلاة على الميت الا لذلك وكذلك زيارة القبور والاستغفار لهم، ويدل عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى ” ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ” وقوله: ” استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ” وقوله ” ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ” الى غير ذلك، ولكن جميع ذلك لا يدل على أن الميت يستحق ثواب الصلاة والاستغفار بل يدل على ايصال نفع إليه تفضلا. والله العالم. (1) في بعض النسخ ” أن أدخل في حجتى “. (2) الطريق إليه صحيح وهو ثقة. (3) يدل على جواز التعجيل بيوم أو يومين للمعذور. (4) أي قال اسحاق بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 460 وهو فيه تتمة للخبر الاول. (5) يدل على عدم جواز التعجيل للمعذور أكثر من ثلاثة أيام ولعله محمول على ما إذا لم يكن العذر شديدا بحيث يضطره الى ذلك. (المرآة) (6) الطريق إليه صحيح وهو ثقة جليل.

[ 463 ]

يصلي الظهر بمنى ثم يبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس، ثم يخرج إلى عرفات (1) “. 2977 – وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام ” هل صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر بمنى يوم التروية قال: نعم والغداة يوم عرفة “. باب * (حدود منى وعرفات وجمع) * 2978 – روى معاوية بن عمار، وأبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” حد منى من العقبة إلى وادي محسر (2) ” و ” حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف ” (3). 2979 – وقال عليه السلام: ” حد عرفة من بطن عرنة، وثوية، ونمرة (4) و


(1) المشهور بين المتأخرين أنه يستحب للمتمتع أن يخرج الى عرفات يوم التروية بعد أن يصلى الظهرين الا المضطر كالشيخ والهم والمريض من يخشى الزحام، وذهب المفيد والمرتضى الى استحباب الخروج قبل الفريضتين وايقاعهما بمنى (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: قوله ” على الامام أن يصلى الظهر بمنى ” أي ظهر يوم التروية، ويمكن أن يراد بالامام امام الاصل وامام قوم يأتمون به في الصلاة. (2) الى هنا صحيحة معاوية بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 461 رواها في الحسن ذيل حديث، والباقى من حديث أبى بصير كما في الكافي ج 4 ص 462 رواه في الصحيح. والمراد من العقبة هي التى فيها جمرة العقبة. (3) محسر بضم الميم وكسر السين المهملة وتشديدها واد بين منى ومزدلفة وهو الى منى أقرب وحد من حدودها، والمأزمين: موضع بين عرفة والمشعر وطريق بين جبلى المشعر الذى في جانب عرفة وهو مخالف للمشهور ولما يأتي الا أن يقال توابع عرفة، وقرأ بعض الافاضل المأرمين – بالراء – المهملة – وفسره بالميلين المنصوبين لحد الحرم، قال في النهاية الارام الاعلام وهى حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها، واحدها ارم – كعنب -. (4) نمرة – كفرحة -: ناحية بعرفات أو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجا من المازمين تريد الموقف ومسجدها، و ” عرفة ” بضم العين وفتح الراء – قال في =

[ 464 ]

ذى المجاز وخلف الجبل موقف – إلى وراء الجبل (1) – “. وليست عرفات من الحرم والحرم أفضل منها (2). وحد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض وإلى وادي محسر (3). 2980 – و ” وقف النبي (4) صلى الله عليه وآله بعرفة في ميسرة الجبل فجعل الناس يبتدرون =


القاموس: ” بطن عرنة بعرفات وليس من الموقف “، وثوية – بفتح الثاء المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء المفتوحة – كذا ضبطه الاكثر. وفى الصحاح ” ثوية – بهيئة التصغير -: اسم موضع “. وهو كالسابق من حدود عرفة وليس منها، في المراصد ” ونمرة – بالفتح ثم الكسر -: ناحية بعرفة، كانت منزل النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، وقيل: نمرة هو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف، وذو المجاز: موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب عن يمين الامام على فرسخ، كانت به تقوم في الجاهلية ثمانية أيام “. (1) مروى في الكافي ج 4 ص 462 الى قوله ” وخلف الجبل موقف ” والظاهر أن ” الى وراء الجبل ” من توضيح المصنف. (2) لما روى الكليني ج 4 ص 462 في الحسن كالصحيح عن حفص وهشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قيل له: ” أيما أفضل الحرم أو عرفة؟ فقال: الحرم، فقيل: وكيف لم تكن عرفات في الحرم؟ فقال: هكذا جعلها الله عزوجل “. (3) هذا الكلام رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 1 ص 501 عن معاوية بن عمار ولم ينسبه الى المعصوم ويمكن أن يكون مقطوعا أو مضمرا. وروى في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه ” قال للحكم بن عتيبة: ما حد المزدلفة؟ فسكت. فقال أبو جعفر عليه السلام: حدها ما بين المأزمين الى الجبل الى حياض محسر ” والظاهر أن المراد بالحياض حياض وادى محسر فيكون التحديد من ابتداء المأزمين من جانب عرفات الى منتهى المازمين وهو وادى محسر، وتقدم أن المأزم هو ما بين الجبلين، والمأزمين أحدهما المشعر والاخر من جمرة العقبة الى الابطح وهما مأزما منى من الجانبين، لكن اشتهر اطلاق المأزمين على مأزم المشعر اما باعتبار جانبيه واما باعتبار اطلاق المأزم على الجبل دون مضيقه كما قال المولى المجلسي – رحمه الله – ويؤيده ما في الكافي في الموثق كالصحيح عن اسحاق بن عمار عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن حد جمع فقال: ما بين المأزمين الى وادى محسر “. (4) هذا هو حديث معاوية بن عمار رواه الكليني ج 4 ص 463 في الصحيح عن أبى – عبد الله عليه السلام

[ 465 ]

أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك فقال: أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله موقف وأشار بيده، وقال عليه السلام: عرفة كلها موقف ولو لم يكن إلا ما تحت خف ناقتي لم يسع الناس ذلك، وفعل عليه السلام في المزدلفة مثل ذلك، فإذا رأيت خللا فتقدم فسده بنفسك وراحلتك فإن الله تعالى يحب أن تسد تلك الخلال (1) وانتقل عن الهضاب واتق الاراك (2) ونمرة وهي بطن عرنة، وثوية وذا المجاز فإنه ليس من عرفات “. 2981 – وفي خبر آخر قال: ” أصحاب الاراك لاحج لهم – وهم الذين يقفون


(1) المراد سد الفرج الكائنة على الارض برحله أو بنفسه بأن لا يدع بينه وبين الاصحاب فرجة لتستر الارض التى يقفون عليها وربما علل بأنها إذا بقيت فربما يطمع أجنبي في دخولها فيشتغلون بالتحفظ منه عن الدعاء ويؤذيهم في شئ من أمورهم، واحتمل بعض الاصحاب كون متعلق الجار في ” به ” و ” بنفسه ” محذوفا صفة للخلل والمعنى أنه يسد الخلل الكائن بنفسه و برحله بأن يأكل ان كان جائعا ويشرب ان كان عطشانا وهكذا يصنع ببعيره ويزيل الشواغل المانعة عن الاقبال والتوجه والدعاء، وهو اعتبار حسن، الا أن معنى الاول هو المستفاد من النقل. (2) كذا في بعض النسخ والمعنى أنه لا يرتفع الجبال، والمشهور الكراهة ونقل عن ابن البراج وابن ادريس أنهما حرما الوقوف على الجبل الا لضرورة، ومع الضرورة كالزحام وشبهه ينتفى الكراهة والتحريم اجماعا. وفى بعض النسخ ” واسفل عن الهضاب ” وفى القاموس: الهضبة: الجبل المنبسط على الارض أو جبل خلق من صخرة واحدة وفى التهذيب ” وابتهل عن الهضاب ” وقال المولى المجلسي: يستحب أن يكون الوقوف في سفح الجبل والمكان المستوى. وقوله: ” واتق الاراك ” الاراك – كسحاب -: القطعة من الارض وموضع بعرفة كما في القاموس ولا خلاف في أن الاراك من حدود عرفة وليس بداخل فيها. والخبر الى هنا من خبر معاوية بن عمار والبقية يمكن أن يكون من تتمة هذا الخبر أو يكون في خبر آخر عن معاوية بن عمار أيضا كما نقل نحوه الشيخ في ذيل خبر في التهذيب عن معاوية بن عمار، وأيضا روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 497 في حديث عن سماعة بن مهران عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا ” اتق الاراك ونمرة وهى بطن عرنة وثوية وذا المجاز، فانه ليس من عرفة فلا تقف فيه “.

[ 466 ]

تحت الاراك – ” (1). 2982 – و ” وقف النبي صلى الله عليه وآله بجمع فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فأهوى بيده وهو واقف فقال: إني وقفت وكل هذا موقف (2) “. 2983 – وقال الصادق عليه السلام: ” كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت (3) “. ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو يطأه ببعيره (4). ويستحب للصرورة أن يدخل البيت (5). باب * (التقصير في الطريق الى عرفات) * 2984 – روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن أهل مكة


(1) روى الكليني ج 4 ص 463 بسند ضعيف عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ان النبي صلى الله عليه وآله قال: ان أصحاب الاراك لا حج لهم – يعنى الذين يقفون عند الاراك – ” وروى الشيخ في الموثق عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا ينبغى الوقوف تحت الاراك فاما النزول تحته حتى تزول الشمس وتنهض الى الموقف فلا بأس ” (التهذيب ج 1 ص 498). (2) تقدم الكلام فيه. (3) يدل على الاستحباب لما رواه الكليني ج 4 ص 469 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” اصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت – الخبر “. (4) روى الكليني ج 4 ص 468 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث قال: ” ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله – الحديث ” وفى آخر حسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام في حديث ” ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الابل موضع أخفافها “. (5) روى الكليني ج 4 ص 469 في مرسل عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” يستحب للصرورة أن طأ المشعر الحرام وأن يدخل البيت “.

[ 467 ]

يتمون الصلاة بعرفات، فقال: ويلهم – أو ويحهم – وأي سفر أشد منه، لا يتم (1) “. باب * (اسم الجبل الذى يقف عليه الناس بعرفة) * 2985 – سئل الصادق عليه السلام ” ما اسم جبل عرفة الذي يقف عليه الناس؟ فقال: ألال (2) “. باب * (كراهة المقام عند المشعر بعد الافاضة) * 2986 – روى أبان، عن عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام ” أنه كره أن يقيم عند المشعر بعد الافاضة “. ولا يجوز للرجل الافاضة منها قبل طلوع الشمس (3)، ولا من عرفات قبل قبل غروبها فيلزمه دم شاة (4).


(1) تقدم تحت رقم 1301 مع بيانه في المجلد الاول ص 447. (2) ” الال ” بالفتح وآخره لام بوزن حمام ويروى بالكسر بوزن بلال -: جبل بعرفات. قيل: جبل رمل بعرفات عليه يقوم الامام. وقيل: عن يمين الامام، وقيل: هو جبل عرفة نفسه، وقيل: سمى ألالا لان الحجيج إذا رأوه ألو – أي اجتهدوا – ليدركوا الوقوف. (المراصد) قال النابغة: بمصطحبات من لصاف وثبرة يزرن ألالا سيرهن التدافع (3) روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا تجاوز وادى محسر حتى تطلع الشمس ” وفى الموثق عن اسحاق بن عمار قال: ” سألت أبا ابراهيم عليه السلام أي ساعة أحب اليك أن أفيض من جمع فقال: قبل أن يطلع الشمس بقليل فهى أحب الساعات الى، قلت: فان مكثنا حتى تطلع الشمس، قال: ليس به بأس ” وتقدم خبر معاوية بن عمار ” ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الابل موضع أخفافها “. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 499 عن ضريس الكناسى عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة ينحرها يوم =

[ 468 ]

باب * (السعي في وادى محسر) * 2987 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا مررت بوادي محسر (1) – وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب – فاسع فيه حتى تجاوزه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حرك ناقته فيه وقال: اللهم سلم عهدي (2) واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي (3) “. 2988 – وروى محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: ” الحركة في وادي محسر مائة خطوة (4) “. 2989 – وفي حديث آخر ” مائة ذراع (5) “. =


النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوم بمكة أو في الطريق أو في أهله ” وفى الصحيح عن مسمع ابن عبد الملك عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس، قال: ان كان جاهلا فلا شئ عليه وان كان متعمدا فعليه بدنة ” والمشهور لزوم البدنة ومستندهم الخبران وأمثالهما ونسبت الشاة الى ابن بابويه، وروى المؤلف تحت رقم 2994 ما يدل على أن من أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة “. (1) ” محسر ” – بالضم ثم الفتح وكسر السين المشددة وراء – واد بين منى ومزدلفة ليس من منى ولا من مزدلفة. المراصد) (2) في الكافي ج 4 ص 471 ” اللهم سلم لى عهدي ” أي اجعل ايمانى الذى عهدت معك في الميثاق سالما من شوائب الشرك الخفى والجلى ومن الالحاد في دينك، أو عهدي في المجئ الى بيتك اجعله سالما من الفساد الصوري والمعنوي. (م ت) (3) أي بعد مجيئي الى بيتك أو بعد مفارقتي للحياة (م ت) وقال في المدارك: المراد بالسعي هنا الهرولة وهى الاسراع في المشى للماشي، وتحريك الدابة للراكب، وأجمع العلماء كافة على استحباب ذلك، ولو ترك السعي فيه رجع فسعى استحبابا – انتهى، وقال العلامة – المجلسي: قوله ” حرك ناقته ” يدل على أن الراكب يركض دابته قليلا. (4) ظاهره أن طول وادى محسر مائة خطوة. (المرآة) (5) روى الكليني ج 4 ص 471 بسند مجهول عن عمر بن يزيد مقطوعا قال: ” الرمل في وادى محسر قدر مائة ذراع ” والرمل – محركة – الهرولة.

[ 469 ]

وترك رجل السعي في وادي محسر فأمره أبو عبد الله بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى (1). باب * (ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر) * 2990 في رواية علي بن رئاب أن الصادق عليه السلام قال: ” من أفاض من عرفات مع الناس فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة ” (2). 2991 – وروى يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” رجل أفاض من عرفات فمر بالمشعر فلم يقف حتى انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم


(1) روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن عن حفص بن البخترى وغيره عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال لبعض ولده. ” هل سعيت في وادى محسر؟ فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتى يسعى: قال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سل الناس ” وفى آخر مرسل قال: ” مر رجل بوادي محسر فأمره أبو عبد الله عليه السلام بعد الانصراف الى مكة أن يرجع فيسعى “. (2) رواه الكليني ج 4 ص 473 عن سهل بن زياد عن على بن رئاب عن حريز عنه عليه السلام، وقال الشهيد في الدروس: الوقوف بالمشعر ركن أعظم من عرفة عندنا فلو تعمد تركه بطل حجه، وقول ابن الجنيد بوجوب البدنة لا غير ضعيف ورواية حريز بوجوب البدنة على متعمد تركه أو المستخف به متروكة محمولة على من وقف به ليلا قليلا ثم مضى ولو تركه نسيانا فلا شئ عليه إذا كانت وقف بعرفات اختيارا فلو نسيهما بالكلية بطل حجه وكذا الجاهل، ولو ترك الوقوف بالمشعر جهلا بطل حجه عند الشيخ في التهذيب ورواية محمد بن يحيى بخلافه وتأولها الشيخ على تارك كمال الوقوف جهلا وقد أتى باليسير منه – انتهى. روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 473 عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال ” في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتى منى فقال: ألم ير الناس ولم ينكر [ يذكر خ‍ ل ] منى حين دخلها؟ قلت: فان جهل ذلك، قال: يرجع، قلت: ان ذلك قد فاته، قال: لا بأس “.

[ 470 ]

حتى ارتفع النهار، قال: يرجع إلى المشعر فيقف، ثم يرمي الجمرة ” (1). 2992 – وروى محمد بن حكيم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل الاعمى (2) والمرأة الضعيفة يكونان مع الجمال الاعرابي فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى ولم ينزل بهم جمعا، فقال: أليس قد صلوا بها، فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلوا بها؟ قال: ذكروا الله عزوجل فيها فان كانوا قد ذكروا الله عزوجل فيها فقد أجزأهم ” (3). وروي فيمن جهل الوقوف بالمشعر أن القنوت في صلاة الغداة بها يجزيه وأن اليسير من الدعاء يكفي (4). باب * (من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر) * 2993 – روى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:


(1) يدل على أن الجاهل معذور والرجوع لادراك اضطرارى المشعر يكون قبل الزوال. (2) في بعض النسخ ” الاعجمي “. (3) يدل على معذورية الجاهل والضعيف عن معارضة الجمال والاجتزاء بالصلاة في المشعر أو الذكر كما قال الله تعالى ” فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام “. (4) روى الكليني ج 4 ص 472 بسند فيه محمد بن سنان عن ابن مسكان، عن أبى بصير قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ان صاحبي هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة فقال: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة: قلت: فانه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس، قال: فنكس رأسه ساعة ثم قال: أليسا قد صليا الغداة بالمزدلفة؟ قلت: بلى فقال: أليسا قد قنتا في صلاتهما؟ قلت: بلى، فقال: تم حجهما، ثم قال: المشعر من المزدلفة والمزدلفة من المشعر وانما يكفيهما اليسير من الدعاء ” قال العلامة المجلسي: قوله عليه السلام ” من المزدلفة ” لفظ ” من ” اما للابتداء أي لفظ المشعر مأخوذ من المكان المسمى بالمزدلفة وكذا العكس، أو للتبعيض أي لفظ المشعر من أسماء المزدلفة أي المكان المسمى بها وبالعكس وعلى التقديرين المراد أن المشعر الذى هو الموقف مجموع المزدلفة لا خصوص المسجد وان كان قد يطلق عليه.

[ 471 ]

لا بأس بأن تقدم النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر الحرام ساعة، ثم ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة (1) ثم يصبرن ساعة، ثم يقصرن وينطلق بهن إلى مكة فيطفن إلا أن يكن يردن أن يذبح عنهن فإنهن يوكلن من يذبح عنهن ” (2). 2994 – وروى علي بن رئاب، عن مسمع عن أبي إبراهيم عليه السلام ” في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس، قال: إن كان جاهلا فلا شئ عليه وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة ” (3). باب * (ما جاء فيمن فاته الحج) * 2995 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من أدرك جمعا فقد


(1) أي جمرة العقبة. (2) روى الكليني ج 4 ص 474 في الصحيح عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” رخص رسول الله (ص) للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل ويرموا الجمار بليل وأن يصلوا الغداة في منازلهم فان خفن الحيض مضين الى مكة ووكلن من يضحى عنهن ” وفى الحسن عن أبى بصير عنه عليه السلام قال: ” رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والضعفاء أن يفيضوا من جمع بليل وأن يرموا الجمرة بليل، فان أرادوا أن يزوروا البيت وكلوا من يذبح عنهن “. وفى الشرايع: ” و يجوز الاضافة قبل الفجر للمرأة ومن يخاف على نفسه من غير جبران ” وقال في المدارك: هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب بل قال في المنتهى ويجوز للخائف والنساء ولغيرهم من أصحاب الاعذار ومن له ضرورة الافاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة، وهو قول من يحفظ عنه العلم، ثم استدل بهذه الروايات وما شاكلها. (3) رواه الكليني ج 4 ص 473 في الصحيح عن مسمع عن أبى عبد الله عليه السلام ولعل السهو من النساخ. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: اختلف الاصحاب في أن الوقوف بالمشعر ليلا واجب أو مستحب وعلى التقديرين يتحقق به الركن، فلو أفاض قبل الفجر عامدا بعد أن كان به ليلا ولو قليلا لم يبطل حجه وجبره بشاة على المشهور بين الاصحاب، وقال ابن ادريس: من أفاض قبل الفجر عامدا مختارا يبطل حجه. ولا خلاف في عدم بطلان حج الناسي بذلك وعدم وجوب شئ عليه ولا في جواز افاضة اولى الاعذار قبل الفجر واختلف في الجاهل وهذا الخبر يدل على أنه كالناسي.

[ 472 ]

أدرك الحج (1)، وقال: أيماء قارن أو مفرد أو متمتع قدم وقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل، قال: وقا في رجل أدرك الامام وهو بجمع، فقال: إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها (2)، فإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتيها (3) وقد تم حجه “. 2996 – وروى ابن محبوب عن داود الرقي قال: ” كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بمنى إذ جاء رجل فقال: إن قوما قدموا (4) وقد فاتهم الحج، فقال عليه السلام: نسأل الله العافية، أرى أن يهريق كل رجل منهم شاة ويحلوا (5) وعليهم الحج من قابل


(1) ” أدرك جمعا ” أي وقوقه الاختياري أو الاعم منه ومن الاضطراري ولعله أظهر و أقسام الوقوفين بالنسبة الى الاختياري والاضطراري ثمابية، أربعة مفردة وأربعة مركبة والصور كلها مجزية الا اضطرارى عرفة فانه غير مجز قولا واحدا وكذا الاختياري على الاظهر وان كان الاشهر الاجزاء وفى الاضطراريين واضطراري المشعر خلاف وظاهر الاخبار الصحيحة الاجزاء. (2) فليأت عرفات حيث انه يدرك الموقف الاضطراري في عرفات والاختياري في المشعر. (3) في الكافي ” فلا يأتها وليقم بجمع فقد تم حجه ” فيستفاد منه أن اختياري المشعر مقدم على اضطرارى عرفة، وقال العلامة المجلسي: ولا ريب فيه وانما الاشكال فيما إذا تعارض الاضطراريان ولعل تقديم اضطرارى المشعر أولى لدلالة الاخبار على ادراك الحج بادراكه دون اضطرارى عرفة. (4) في الكافي ج 4 ص 475 ” قدموا يوم النحر وقد فاتهم – الحديث ” فاختلف الحكم فيه لان من قدم يوم النحر وأدرك المشعر الحرام قبل الزوال فقد أدرك الحج لان اضطرارى المشعر (يعنى الوقوف فيه آناما) كان من طلوع الشمس الى زوال يوم النحر. (5) أجمع علماؤنا على أن من فاته الحج تسقط عنه بقية أفعاله ويتحلل بعمرة مفردة، وصرح في المنتهى وغيره بأن معنى تحلله بالعمرة أنه ينقل احرامه بالنية من الحج الى العمرة المفردة ثم يأتي بأفعالها، ويحتمل قويا انقلاب الاحرام إليها بمجرد الفوات كما هو الظاهر القواعد والدروس، ولا ريب أن العدول أولى وأحوط، وهذه العمرة واجبة بالفوات فلا تجزى عن عمرة الاسلام، وهل يجب الهدى على فائت الحج؟ قيل: لا وهو المشهور وحكى الشيخ قولا بالوجوب للامر به في رواية الرقى ولم يعمل به أكثر المتأخرين لضعف الخبر عندهم. (المرآة)

[ 473 ]

إن انصرفوا إلى بلادهم (1)، وإن أقاموا حتى تمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا (2) إلى وقت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل “. باب * (أخذ حصى الجمار من الحرم وغيره) * 2997 – روى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله إلا من مسجد الحرام ومسجد الخيف ” (2).


(1) حمله الشيخ على حج التطوع وحمل الحج من قابل على الاستحباب، واحتمل في الاستبصار ج 2 ص 308 حمله على من اشترط في حال الاحرام فانه إذا كان كذلك لم يلزمه الحج من قابل. وقال الفيض: ” ذلك لانه لا بد لمن أتى مكة من اتيانه باحدى العبادتين ولهذا يقول في شرطه حين يحرم ” وان لم يكن حج فعمرة ” أقول: استدل الشيخ في الاستبصار على حمله هذا بصحيحة ضريس بن أعين قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة الى الحج فلم يبلغ مكة الا يوم النحر، فقال: يقيم على احرام ويقطع التلبية حين يدخل مكة ويطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه وينصرف الى أهله ان شاء، وقال: هذا لمن اشترط على ربه عند احرامه، فان لم يكن فان عليه الحج من قابل ” واعترض عليه العلامة – رحمهما الله – بأن الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط بمجرد الاشتراط وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط. وقال الفاضل التفرشى: في هذا الحديث منافاة للحديث السابق حيث كان فيه ان من فاته الحج كان احلاله بالعمرة، وفى هذا الحديث انه يحل بالشاة، وفيه اشكال آخر وهو أن هذا الحج ان كان واجبا فكيف يسقط عنهم بالعمرة وان لم يكن واجبا فكيف يجب عليهم من قابل إذا انصرفوا الى بلادهم، ويمكن دفع المنافاة بحمل فوت الحج في هذا الحديث على فوته بالمرض وفى الحديث الاول على فوته بمنع العدو عنه، ويمكن دفع الاشكال بحمل الحج على المندوب وحمل قوله عليه السلام ” وعليهم الحج من قابل ” على تأكيد الاستحباب لتحصيل ثواب الحج دون الوجوب وحمل قوله عليه السلام ” وان أقاموا – الخ ” على أن ثواب تلك العمرة يقوم مقام ثواب الحج من قابل. (2) في الكافي ” ثم يخرجوا “. وقوله ” وقت ” أهل مكة أي ميقاتهم. (3) ظاهره جواز الاخذ من غيرهما من المساجد، لكن الوجه في تخصيص المسجدين =

[ 474 ]

باب * (ما جاء فيمن خالف الرمى أو زاد أو نقص) * 2998 – روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” ذهبت أرمي فإذا في يدي ست حصيات، فقال: خذ واحدة من تحت رجليك ” (1). 2999 – وفي خبر آخر: ” ولا تأخذ من حصى الجمار – (2) الذي قد رمي – “. 3000 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها وزادت واحدة ولم يدر أيهن نقصت، قال: فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة، وإن سقطت من رجل حصاة ولم يدر أيتهن هي فليأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها، قال: فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها، وإن أصابت إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك (3). وقال في رجل رمى الجمار فرمى الاولى بأربع حصيات ثم رمى الاخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمى الاولى بثلاث وقد فرغ (4)، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثم رمى الاخرى فليرم الوسطى =


لانهما الفرد المعروف من المساجد التى كانت في الحرم أو لكونهما موردين للحاج لا انحصار الحكم فيهما، وفى الكافي ج 4 ص 478 في القوى عن حريز عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته من أين ينبغى أخذ حصى الجمار؟ قال: لا تأخذه من موضعين: من خارج الحرم، ومن حصى الجمار، ولا بأس بأخذه من سائر الحرم ” وهذا الخبر وخبر المتن كل منهما مخصص للاخر بوجه، ويدل على وجوب كون الحصاة أبكارا لم يرم بها صحيحا قبل ذلك وعليه فتوى الاصحاب. (1) محمول على ما إذا لم يعلم أنها من حصيات المرمية، وعدم العلم كاف ولا يحتاج الى العلم بالعدم. (2) رواه الكليني في القوى من حديث عبد الاعلى عن الصادق عليه السلام في خبر بهذا اللفظ والظاهر أن التوضيح من المصنف. وتقدم نحوه في خبر حريز المنقول في الهامش. (3) لانه بفعلك بخلاف ما تممت بفعل آخر. (4) لا خلاف بين الاصحاب ظاهرا في عدم لزوم استيناف ما جاوز النصف ولا ما بعده إذا =

[ 475 ]

بسبع (1)، وإن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث (2) قال: قلت: الرجل يرمي الجمار منكوسة، قال: يعيدها على الوسطى وجمرة العقبة ” (3) 3001 – وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الخائف: ” لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل، ويضحي بالليل، ويفيض بالليل ” (4). 3002 – وسأله معاوية بن عمار ” عن امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكة، قال: فلترجع فترمي الجمار كما كانت ترمي، والرجل كذلك ” (5). =


كان ناسيا أو جاهلا، ولو لم يتجاوز في الاول النصف فلا خلاف في استيناف ما بعده، والمشهور استيناف الاول أيضا، وذهب ابن ادريس الى عدم وجوب استيناف الاول بل يكفى البناء على الاول عنده والخبر في الكافي بزيادة ههنا وهى ” وان كان رمى الاولى بثلاث ورمى الاخيرتين بسبع سبع فليعد وليرمهن جميعا بسبع سبع “. (1) أي لا يحتاج الى رمى الاولى فانها قد تمت، لا أنها لا تحتاج الى رمى الاخرى لانه لم يحصل الترتيب بين الوسطى والعقبة بخلاف مالو تجاوز النصف. (م ت) (2) فلا يحتاج الى رمى الاخير. (م ت) (3) قوله ” قلت الرجل – الخ ” نقله الكليني بلفظ أبسط وزاد في آخره بعد قوله ” وجمرة العقبة ” ” وان كان من الغد “. (4) يدل على أنه يجوز لذوى الاعذار ايقاع تلك الافعال في الليل وظاهره الليلة المتقدمة (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: الظاهر أن المراد بالليل الحادى عشر وما بعدها إذ لو كان المراد ليلة النحر كانت الافاضة من المشعر بالليل فكان المناسب تقديم الافاضة على الرمى و التضحية – انتهى، أقول: تعميم الحكم لذوى الاعذار مطلقا وحمل الاخبار على المثال من دون لحاظ الخصوصية مشكل حيث ان بعض المذكورات التى تأتى تحت رقم 3004 في خبر أبى بصير كالحاطبة والمملوك وما في موثق سماعة في التهذيب ج 1 ص 521 من الراعى والعبد ليس معذورا بنظر العرف فالتعدي عن مورد النصوص الى كل عذر عرفى مشكل. (5) اطلاق الرواية يقتضى وجوب الرجوع من مكة والرمى وان كان بعد انقضاء أيام التشريق، لكن صرح الشيخ وغيره بأن الرجوع انما يجب مع بقاء أيام التشريق ومع خروجها يقضى في القابل، وظاهر الاكثر أن القضاء في القابل على الاستحباب، وقال جماعة بالوجوب بنفسه ان أمكن والا استناب. قاله في المدارك.

[ 476 ]

3003 – ورو عنه عبد الله بن سنان ” في رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى فعرض له شئ فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس، قال: يرمي إذا أصبح مرتين إحديهما بكرة وهي للامس، والاخرى عند زوال الشمس ” (1). باب * (الذين آطلق لهم الرمى بالليل) * 3004 – روى وهيب بن حفص (2) عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بالليل من هو؟ قال: الحاطبة (3) والمملوك الذي لا يملك من أمره شئ، والخائف، والمدين، والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الجمار فإن قدر على أن يرمي وإلا فارم عنه وهو حاضر ” (4). باب * (الرمى عن العليل والصبيان) * 3005 – روى معاوية بن عمار، وعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الكسير والمبطون يرمى عنهما، قال: والصبيان يرمى عنهم “. 3006 – وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن موسى عليه السلام ” عن المريض يرمى


(1) الطريق صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح وزاد في آخره ” وهى ليومه ” و الخبر يدل على وجوب القضاء والابتداء بالفائت وعليه الاصحاب، وعلى استحباب الفصل بينه وبين الاداء. (2) في الطريق إليه محمد بن على والظاهر كما نص عليه الاردبيلى أنه أبو سمينة الصيرفى وهو ضعيف لا يعتمد على شئ كما في الخلاصة. (3) كذا في بعض النسخ بمعنى الحطاب الذى يجلب الحطب، وفى بعضها بالخاء المعجمة. وقال سلطان العلماء: ولعل المراد من خطبها رجل فيستحيى فيكون اسم الفاعل بمعنى المفعول. وقال الفاضل التفرشى نظيره. (4) المريض مبتدأ خبره ” يحمل الى الجمار “.

[ 477 ]

عنه الجمار؟ قال: نعم يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه، قلت: لا يطيق ذلك، فقال: يترك في منزله ويرمى عنه ” (1). باب * (ما جاء فيمن بات ليالى منى بمكة) * (2) 3007 – روى ابن مسكان، عن جعفر بن ناجية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عمن بات ليالي منى بمكة، فقال: عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن ” (3).


(1) المشهور وجوب الاستنابة مع العذر وحملوا الحمل الى الجمرة على الاستحباب جمعا. (المرآة) (2) يجب أن يبيت المتقى عن الصيد والنساء في احرامه ليلة الحادى عشر والثانى عشر بمنى وغير المتقى الليلتين مع ليلة الثالث، ولا يجوز أن يبيت في غيرها فليزمه لكل ليلة دم شاة الا أن يكون مشتغلا بالعبادة بمكة أو كان فيها أكثر الليل. (م ت) (3) حمل على من غربت الشمس في الليلة الثالثة وهو بمنى أو من لم يتق الصيد والنساء وادعى الاجماع على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادى عشر والثانى عشر، وقد حكى عن تبيان الشيخ ومجمع الطبرسي – قدس سرهما – القول باستحباب المبيت وهو نادر فان تم الاجماع فلا كلام فيه والا فاستفادة الوجوب من كثير من الاخبار التى استدلوا بها مشكلة حيث يظهر من بعضها كالخبر الاتى أنه مع الاشتغال بطاعة الله تعالى ولو كان بالعبادات المستحبة لا شئ عليه ولا يسقط الفرض بالنفل كما هو المعروف، ولا تنافى بين لزوم الدم وعدم وجوب المبيت وفى الحج موارد تجب فيها الكفارة مع عدم حرمة ما يوجبها نعم ما روى من طريقنا وطرق العامة ” أنه لم يرخص النبي صلى الله عليه وآله لاحد أن يبيت بمكة الا للعباس من أجل سقايته ” بمفهومه في الجملة يؤيد القول بالوجوب وكذا صحيح معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” لا تبت ليالى التشريق الا بمنى فان بت في غيرها فعليك دم – الخ ” و أما ما روى الشيخ ج 1 ص 520 من التهذيب في الصحيح عن العيص بن القاسم عن أبى – عبد الله عليه السلام ” عن رجل فاتته ليلة من ليالى منى، قال: ليس عليه شئ وقد أساء ” فلا يدل على الوجوب لجواز حمل الاساءة على الكراهة كما يظهر من صحيحة سعيد بن يسار قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل، فقال: لا بأس “. راجع علل الشرايع ج 2 ب 207 وصحيح مسلم ج 4 ص 86 والبخاري كتاب 25 ب 75 وموطأ مالك باب البيتوتة بمكة ليالى منى وسنن أبى داود ج 1 ص 454.

[ 478 ]

3008 – وسأله معاوية بن عمار ” عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر، قال: ليس عليه شئ (1) كان في طاعة الله عزوجل “. 3009 – وروى عنه جميل بن دراج أنه قال: ” إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بها “. 3010 – وروى عنه عليه السلام جعفر بن ناجية أنه قال: ” إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى (2)، وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها “. 3011 – وقال الصادق عليه السلام: ” لا تدخلوا منازلكم بمكة إذا زرتم – يعني أهل مكة – ” (3). 3012 – وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاز بيوت مكة (4) فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شئ عليه ” (5).


(1) الظاهر أن يكون النظر الى الدم، ولا يبعد أن يكون النظر الى سقوط المبيت و يؤيده ترخيص النبي صلى الله عليه وآله للعباس. (2) قوله ” فلا ينتصف ” على صيغة نهى الغائب من قبيل ” لا تمت وأنت ظالم ” أي ليكن على حال لا ينتصف الليل الا وهو بمنى. (مراد) (3) رواه الكليني في الموثق كالصحيح ج 4 ص 515 عن ابن بكير عمن أخبره وحمله الشيخ في التهذيبين على الفضل والاستحباب دون الحظر والايجاب (الوافى) وقال صاحب الوسائل: محمول على الكراهة أو على الدخول مع النوم. (4) أي حالكونه جائيا من منى الى مكة للزيارة فزار وخرج من مكة فجاز بيوتها. (5) اعلم أن أقصى ما يستفاد من الروايات ترتب الدم على مبيت الليالى المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل الى آخره بل أكثر الاخبار المعتبرة انما يدل على ترتب الدم على مبيت هذه الليالى بمكة كرواية هشام بن الحكم وغيرها والمسألة قوية الاشكال. (المدارك) =

[ 479 ]

باب * (اتيان مكة بعد الزيارة للطواف) * 3013 – روى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” لا بأس أن يأتي الرجل مكة فيطوف أيام منى ولا يبيت بها “. 3014 – وسأله ليث المرادي (1) ” عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوعا؟ فقال: المقام بمنى أحب إلي ” (2). باب * (النفر الاول والاخير) * 3015 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أردت أن تنفر في يومين (3) فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس (4)، فإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عيلك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده “. 3016 – قال (5): ” وسمعته يقول: في قول الله عزوجل: ” فمن تعجل في يومين إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ” فقال: يتقى الصيد حتى ينفر


(1) لم يذكر المصنف طريقه إليه ورواه الكليني ج 4 ص 515 عن المفضل بن صالح الضعيف عنه عن أبى عبد الله عليه السلام وكذا الشيخ في التهذيبين. (2) في الكافي والتهذيبين ” المقام بمنى أفضل وأحب الى “. (3) أي بعد مضى يومين من يوم النحر وهو يوم الثاني عشر من ذى الحجة. (4) فلا يجوز قبله وهو المشهور بل قيل انه اجماع. لكن في خبر زرارة المروى في التهذيب ج 1 ص 524 عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الاول قبل الزوال ” وحمله الشيخ على حال الضرورة دون حال الاختيار، وفى سنده ضعف و جهالة ولم يثبت الجابر. (5) أي قال معاوية بن عمار.

[ 480 ]

أهل منى في النفر الاخير ” (1). 3017 – وفي رواية ابن محبوب، عن أبي جعفر الاحوال، عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ” لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في إحرامه ” (2). 3018 – وفي رواية علي بن عطية، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” لمن اتقى الله عزوجل (3) “. 3019 – وروي أنه ” يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه ” (4). 3020 – وروي ” من وفى [ لله ] وفى الله له ” (5). 3021 – وفي رواية سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة عن أبي – عبد الله عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ” يعني من مات فلا إثم عليه، ومن تأخر أجله فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر ” (6).


(1) أي يجوز أن يعجل إذا اتقى الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الاخير، والمشهور أن المراد أن التخيير لمن اتقى في احرامه عن الصيد والنساء، ويمكن تعميم هذا الخبر بحيث يشمل ما قبله أيضا. (م ت) (2) أي عدم الاثم، أو التخيير، أو التعجيل لمن اتقى الرفث وأخويه وسائر المحرمات في حال الاحرام. (3) أي التخيير أو التعجيل أو عدم الاثم لمن كان متقيا قبل حجه أو مطلقا كقوله تعالى ” انما يتقبل الله من المتقين “. (4) يؤيد عدم الاثم، ورواه الكليني ج 4 ص 252 باسناده عن عبد الاعلى عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث. (5) يعنى وفى لله بقوله تعالى ” فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ووفى الله له ” بقوله ” فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ” فعلى هذا يكون المراد بالتقوى تقوى الاحرام فيكون كخبر سلام بن المستنير الذى رواه الكليني بلفظ آخر في باب ما ينبغى تركه للمحرم من الجدال. (6) رواه الكليني ج 4 ص 522 في ضمن حديث طويل.

[ 481 ]

3022 – وسأله أبو بصير ” عن الرجل ينفر في النفر الاول قال: له أن ينفر ما بينه وبين أن تصفر الشمس (1)، فإن هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر وليبت بمنى حتى إذا أصبح فطلعت الشمس فلينفر متى شاء “. 3023 – وروي الحلبي أنه ” سئل عن الرجل ينفر في النفر الاول قبل أن تزول الشمس فقال: لا ولكن يخرج ثقله إن شاء ولا يخرج هو حتى تزول الشمس ” (2). وروي أن من فعل ذلك (3) فهو ممن تعجل في يومين. 3024 – وروى عنه معاوية بن عمار قال: ” ينبغي لمن تعجل في يومين أن يمسك عن الصيد حتى ينقضي اليوم الثالث ” (4). 3025 – وروى عنه جميل بن دراج أنه قال: ” لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الاول ثم يقيم بمكة (5) وقال: كان أبي عليه السلام يقول: من شاء رمى الجمار


(1) أي بعد الزوال بقرينة الحديث السابق واللاحق. (مراد) (2) يدل على عدم جواز النفر قبل الزوال في النفر الاول، وجواز تقديم الثقل – و هو بالتحريك -: متاع المسافر وحشمه. (م ت) (3) أي أخرج ثقله ونفر بعد الزوال. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 586 باسناده عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن على، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال ” في رجل بعث بثقله يوم النفر الاول وأقام الى الاخير قال: هو ممن تعجل في يومين “. (4) تقدم نحوه تحت رقم 3016. (5) ظاهره جواز النفر في الاول مطلقا وخص بمن اتقى الصيد والنساء في احرامه، ولا خلاف في أنه يجوز للمتقى النفر في الاول الا ما نقل عن أبى الصلاح أنه لا يجوز للصرورة النفر في الاول، ومستنده غير معلوم، وقد قطع الاصحاب بأن من لم يتق الصيد والنساء في احرامه لا يجوز النفر في الاول، وفيه اشكال من حيث المستند والمراد بعدم اتقاء الصيد في حال الاحرام قتله، وبعدم اتقاء النساء جماعهن، وفى الحاق باقى المحرمات المتعلقة بالقتل والجماع وجهان ونقل عن ابن ادريس اشتراط اتقاء كل محظور يوجب الكفارة (المرآة) وقال المولى المجلسي (ره): أي لا يكره له الاقامة بعد النفر وان كانت قبله مكروهة، أقول: الخبر الى هنا في الكافي والتهذيب والظاهر أن البقية من خبر جميل ولم يذكراها.

[ 482 ]

ارتفاع النهار (1) ثم ينفر، قال: فقلت له (2): إلى متى يكون رمي الجمار؟ فقال: من ارتفاع النهار إلى غروب الشمس (3) ومن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الاول “. 3026 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن قول الله عزوجل ” فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ” قال: ليس هو (4) على أن ذلك واسع إن شاء صنع ذا وإن شاء صنع ذا، لكنه يرجع مغفورا له لا إثم عليه ولا ذنب له “. باب * (نزول الحصبة) * (5) 3027 – روي أبان، عن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ” سئل عن الحصبة فقال: كان أبي عليه السلام ينزل الابطح قليلا (6) ثم يدخل البيوت من غير أن ينام بالابطح


(1) مع أن المستحب أن يكون عند الزوال (م ت) وقد حمل على ذوى الاعذار. (2) أي قال جميل: فقلت لابي عبد الله عليه السلام. (3) أي مستحبا الى غروب الشمس. (4) أي ليس هو على التعيين بل كلاهما مراد الله عزوجل كما تقدم في الاخبار، وفى بعض النسخ ” ليبين ” أي ليعلم أنه مع التقديم والتأخير مغفور له والظاهر الاول والتصحيف من النساخ (م ت) وقرأه الفاضل التفرشى ” لينبئن ” على صيغة المجهول المؤكد بالنون المصدر بلام الامر من النبأ من باب التفعيل أي ليخبر هو أي الحاج بتلك البشارة، وقال: في بعض النسخ ” ليبشر ” من التبشير وفى بعضها ” ليبين ” من التبيين والمعنى واحد. (5) أي النزول بالمحصب وهو في الاصل كل موضع كثر حصبها والمراد الشعب الذى أحد طرفيه منى والاخر متصل بالابطح وينتهى عنده، وفى المراصد هو بين مكة ومنى وهو الى منى أقرب وهو بطحاء مكة سمى بذلك للحصباء التى في أرضه – انتهى، والظاهر أن الحصبة مسجد في الابطح ولم يبق أثره كما يأتي. (6) في بعض النسخ بدون قليلا وفى بعضها ” ينزل الابطح ليلا “.

[ 483 ]

فقلت له: أرأيت من تعجل في يومين (1) عليه أن يحصب؟ قال: لا ” (2). 3028 – وقال: ” كان أبي عليه السلام: ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل، وهو دون خبط وحرمان ” (3). باب * (باب قضاء التفث) * (4) 3029 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يستحب للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في


(1) زاد هنا في الكافي ” ان كان من أهل اليمن “. (2) قال في الدروس: يستحب للنافر في الاخير التحصيب تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وهو النزول بمسجد الحصبة بالابطح الذى نزل به رسول الله صلى الله عيله وآله و يستريح فيه قليلا ويستلقى على قفاه، وروى ” أن النبي صلى الله عليه وآله صلى فيه الظهرين والعشائين وهجع هجعة ثم دخل مكة وطاف، وليس من سنن الحج ومناسكه وانما هو فعل مستحب اقتداء برسول الله (ص). (3) كذا، وقال في منتقى الجمان: هاتان الكلمتان من الغريب ولم أقف لهما على تفسير في شئ مما يحضرني من كتب اللغة – انتهى، واحتمل المولى المجلسي – رحمه الله – تصحيفهما وقال: في بعض كتب العامة ” دون حائط حرمان ” وذكر أنه كان هناك بستان، و مسجد الحصباء كان قريبا منه وهو أظهر. أقول: يخطر بالبال ان المراد بهذا الكلام الاشارة الى حدود الحصبة والضمير المذكر باعتبار المسجد والصواب ” حائط حرمان ” كما استظهره ويؤيده ما حكى عن الازرقي أنه قال: ” ان حد المحصب من الحجون مصعدا في الشق الايسر وأنت ذاهب الى منى الى حائط حرمان مرتفعا عن بطن الوادي “. وقال العلامة المجلسي: ذكر الشيخ في المصباح وغيره ” أن التحصيب النزول في مسجد الحصبة “. وهذا المسجد غير معروف الان بل الظاهر اندراسه من قرب زمان الشيخ كما اعترف به جماعة منهم ابن ادريس حيث قال: ليس من المسجد أثر الان. (4) مأخوذ من قوله تعالى: ” ثم ليقضوا تفثهم ” أي ليزيلوا وسخهم بقص الشارب و الاظفار، ونتف الابط، وفى الصحاح: التفث في المناسك: ما كان من نحو قص الاظفار و =

[ 484 ]

إحرامهما، ولما كان في حرم الله عزوجل ” (1). 3030 – وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ” في قول الله عزوجل ” ثم ليقضوا تفثهم ” قال: ما يكون من الرجل في إحرامه، فإذا دخل مكة وطاف تكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه “. 3031 – وروى ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” ثم ليقضوا تفثهم ” قال: التفث لقاء الامام ” (2). =


الشارب وحلق الرأس والعانة ورمى الجمار ونحر البدن وأشباه ذلك، وقال أبو عبيدة: ولم يجئ فيه شعر يحتج به – انتهى. وفى النهاية ” التفث ” وهو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والاظفار ونتف الابط وحلق العانة، وقيل: هو اذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا – انتهى. وفى المغرب: التفث الوسخ والشعث ومنه رجل تفث – بكسر الفاء – أي مغبر شعث لم يدهن ولم يستحد عن ابن شميل، وقضاء التفث قضاء ازالته بقص الشارب والاظفار. وفى المصباح بعد ذكر نحو مما مر وقيل: هو استباحة ما حرم عليهم بالاحرام بعد التحلل. وفى تفسير التبيان: التفث مناسك الحج من الوقوف والطواف والسعى ورمى الجمار والحلق بعد الاحرام من الميقات، وقال ابن عباس وابن عمر: التفث جميع المناسك وقيل: التفث قشف الاحرام وقضاؤه بحلق الرأس والاغتسال ونحوه، وقال الازهرى: لا يعرف التفث في لغة العرب الا من قول ابن عباس – انتهى، أقول: جميع ما ذكر يرجع الى تطهير الظاهر والباطن جميعا كما يأتي في روايات الباب وبهذا الوجه يجمع بين الاخبار. (1) أي لما لعله دخل عليه في حجه واحرامه من المنافيات. (2) أصل الخبر كما رواه الكليني ج 4 ص 549 باسناده عن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي هكذا قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: ان الله أمرنى في كتابه بأمر وأحب أن أعمله، قال: وما ذاك؟ قلت: قول الله عزوجل ” ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم ” قال: ” ليقضوا تفثهم ” لقاء الامام ” وليوفوا نذورهم ” تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك قول الله عزوجل ” ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم ” قال: أخذ الشارب وقص الاظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلت فداك ان ذريح المحاربي حدثنى عنك بأنك قلت له ” ليقضوا تفثهم ” لقاء الامام ” وليوفوا نذورهم ” تلك المناسك، =

[ 485 ]

3032 – وروى ربعي، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ” في قوله عزوجل ” ثم ليقضوا تفثهم ” قال: الشارب والاظفار “. 3033 – وفي رواية النضر، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ” أن التفث هو الحلق وما في جلد الانسان ” (1). 3034 – وروى زرارة، عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام ” أن التفث حفوف الرجل من الطيب، فإذا قضى نسكه حل له الطيب ” (2). 3035 – وفي رواية البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: ” التفث تقليم الاظفار وطرح الوسخ، وطرح الاحرام عنه ” (3). 3036 – وروي عن عبد الله بن سنان قال: ” أتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلني الله فداك ما معنى قول الله عزوجل: ” ثم ليقضوا تفثهم ” قال: أخذ الشارب وقص الاظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلت فداك فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك أنك قلت: ” ليقضوا تفثهم ” لقاء الامام ” وليوفوا نذورهم ” تلك =


فقال: صدق ذريح وصدقت، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ” فروى المصنف صدره ههنا وذيله تحت رقم 3036، ووجه الاشتراك التطهير فان ما قاله عليه السلام لذريح فهو تطهير الباطن وما قاله لعبد الله بن سنان هو تطهير الظاهر والاول هو التأويل والباطن والثانى هو التفسير والظاهر. (1) أي من الوسخ والشعر. (2) الحفوف – بالمهملة والفائين يقال، حف رأسه يحف – بالكسر – حفوفا أي بعد عهده بالدهن. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: مقتضى الجمع بين الاخبار حمل قضاء التفث على ازالة كل ما يشين الانسان في بدنه وقلبه وروحه ليشمل ازالة الاوساخ البدنية بقص الاظفار وأخذ الشارب ونتف الابط وغيرها، وازالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب و الكفارة ونحوهما وازالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الامام عليه السلام ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم. (3) أي ثوبي الاحرام الوسخين. أو لوازم الاحرام. (سلطان)

[ 486 ]

المناسك، قال: صدق ذريح وصدقت، إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح “. وأما قوله عزوجل: ” وليطوفوا بالبيت العتيق ” فإنه: روي أنه طواف النساء (1). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذه الاخبار كلها متفقة غير مختلفة والتفث معناه كل ما وردت به هذه الاخبار، وقد أخرجت الاخبار في هذا المعنى في كتاب تفسير المنزل في الحج. باب * (أيام النحر) * 3037 – روى عمار بن موسى الساباطي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الاضحى بمنى، قال: أربعة أيام، وعن الاضحى في سائر البلدان؟ قال: ثلاثة أيام، وقال: لو أن رجلا قدم إلى أهله بعد الاضحى بيومين ضحى اليوم الثالث الذي يقدم فيه ” (3). 3038 – وروى كليب الاسدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن النحر


(1) روى الكليني ج 4 ص 412 باسناده عن أحمد بن محمد قال: ” قال أبو الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل ” وليطوفوا بالبيت العتيق ” قال طواف الفريضة طواف النساء ” وبسند آخر فيه ارسال عن حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ” قال: طواف النساء “. (2) الطريق إليه قوى على ما في الخلاصة باحمد بن الحسن بن على بن فضال وعمرو بن سعيد المدائني ومصدق بن صدقة. (3) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 504 في الصحيح عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: ” سألته عن الاضحى كم هو بمنى؟ قال: أربعة أيام، وسألته عن الاضحى في غير منى، فقال ثلاثة أيام، فقلت: فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الاضحى بيومين أله أن يضحى في اليوم الثالث؟ قال: نعم “.

[ 487 ]

فقال: أما بمنى فثلاثة أيام، وأما في البلدان فيوم واحد ” (1). قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذان الحديثان متفقان غير مختلفين وذلك أن خبر عمار هو الضحية وحدها وخبر كليب للصوم وحده (2)، وتصديق ذلك: 3039 – ما رواه سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سمعته يقول: النحر بمنى ثلاثة أيام، فمن أراد الصوم لم يصم حتى تمضي الثلاثة الايام، والنحر بالامصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد ” (3). 3040 – وروي ” أن الاضحى ثلاثة أيام وأفضلها أولها ” (4).


(1) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن جميل عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” الاضحى يومان بعد يوم النحر ويوم واحد بالامصار ” وقال العلامة المجلسي: هذا الخبر وخبر كليب خلاف المشهور من جواز التضحية بمنى أربعة أيام وفى الامصار ثلاثة أيام وحملهما الشيخ في التهذيب على أيام النحر التى لا يجوز فيه الصوم، والاظهر حملهما على تأكد الاستحباب. (2) فيكون معنى قوله ” سألته عن النحر ” سألته عن حرمة صوم يوم ينحر فيه، و لعل معنى قوله عليه السلام ” أما بمنى فثلاثة أيام ” أن الثلاثة الايام لا ينفك عن حرمة صومها للحاج وهى العيد والحادي عشر والثانى عشر، وأما الثالث عشر فانما يحرم على من لم ينفر في النفر الاول فقد تنفك عن الحرمة (مراد) وقال سلطان العلماء: فيه بعد ذلك اشكال إذ النحر بالنظر الى الصوم أيضا أربعة لمن كان بمنى: يوم العيد وثلاثة أيام التشريق فان صوم تلك الاربعة حرام على من كان بمنى اجماعا مع اجتماع اشتراط النسك على قول، ومطلقا على قول آخر، اللهم الا أن يقال: المراد الثلاثة بعد العيد وهو بعيد عن العبارة، ويمكن حمل رواية كليب ومثلها على التقية لموافقتها لقول بعض العامة مثل جابر بن زيد وأحمد ومالك وابن عمر. (3) قال في المدارك ص 400: يمكن حمل رواية منصور على أن المراد بالصوم ما كان بدلا عن الهدى لما سبق أن الاظهر جواز صوم يوم الحصبة وهو يوم النفر في ذلك، والاجود حمل روايتي محمد بن مسلم وكليب الاسدي على أن الافضل ذبح الاضحية في الامصار يوم النحر وفى منى في يوم النحر وفى اليومين الاولين من أيام التشريق. (4) رواه الشيخ ج 1 ص 504 من التهذيب في الصحيح عن غياث بن ابراهيم الموثق عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على عليهم السلام.

[ 488 ]

باب * (الحج الاكبر والحج الاصغر) * 3041 – روي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن يوم الحج الاكبر، فقال: هو يوم النحر، والاصغر هو العمرة ” (1). 3042 – وفي رواية سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام في آخر حديث يقول فيه: ” إنما سمي الحج الاكبر لانها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة “. (باب الاضاحي) 3043 – روى سويد القلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” الاضحية واجبة على من وجد (3) من صغير أو كبير، وهي سنة “. 3044 – وروي عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام ” أن رجلا سأله عن الاضحى فقال: هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد، فقال له السائل: فما ترى في العيال؟ قال: إن شئت فعلت وإن شئت لم تفعل، وأما أنت فلا تدعه ” (4).


(1) ” هو النحر ” أي يحج فيه بالطواف والسعى بخلاف العمرة فانها ليس لها يوم معين. وتقدم تحت رقم 2132 معنى الحج الاكبر. (2) رواه المصنف في العلل والمعاني عن سليمان عن حفص بن غياث. وفضيل بن عياض صوفي بصرى وحفص بن غياث عامى له كتاب معتمد كما في فهرست الشيخ والخلاصة. (3) أي سنة مؤكدة والاحتياط عدم تركها للواجد. (4) يؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 487 في الحسن كالصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سئل عن الاضحى أواجب على من وجد لنفسه وعياله؟ فقال: أما لنفسه فلا يدعه وأما لعياله ان شاء تركه ” ويدل ظاهرا على ما ذهب إليه ابن الجنيد من وجوب الاضحية وربما كان مستنده خبر محمد بن مسلم أو هذا الخبر واجيب بمنع كون المراد بالوجوب المعنى المتعارف عند الفقهاء، وقوله ” اما أنت فلا تدعه ” معارض بقوله في خبر محمد بن مسلم ” وهى سنة ” فان المتبادر من السنة المستحب.

[ 489 ]

3045 – وجاءت أم سلمة – رضي الله عنها – إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: ” يا رسول الله يحضر الاضحى وليس عندي ثمن الاضحية فأستقرض واضحي؟ قال: فاستقرضي فإنه دين مقضي ” (1). 3046 – و ” ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله بكبشين ذبح واحدا بيده فقال: ” اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أهل بيتي ” وذبح الآخر، وقال: ” اللهم هذا عني وعن من لم يضح من امتي ” (2) وكان أمير المؤمين عليه السلام يضحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل سنة بكبش فيذبحه ويقول: ” بسم الله وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين اللهم منك ولك ” ثم يقول: ” اللهم هذا عن نبيك ” ثم يذبحه ويذبح كبشا آخر عن نفسه “. 3047 – وقال علي عليه السلام: ” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله في الاضاحي ألا نستشرف العين والاذن، ونهانا عن الخرقاء، والشرقاء، والمقابلة، والمدابرة (3) “.


(1) أي يقضى الله تعالى ألبتة، ورواه المصنف في القوى عن أبى الحسين عليه السلام قال: ” قال رسول الله (ص) لام سلمة وقد قالت له: يا رسول الله يحضر الاضحى وليس عندي ما أضحى به فأستقرض – الحديث “. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 495 في الحسن كالصحيح عن عبد الله بن سنان مقطوعا هكذا ” قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يذبح يوم الاضحى كبشين أحدهما عن نفسه والاخر عمن لم يجد من أمته وكان أمير المؤمنين عليه السلام يذبح كبشين أحدهما عن رسول الله (ص) والاخر عن نفسه “. ويدل على استحباب التذكية عن الغير وان كان حيا. (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 507 مسندا عن شريح بن هانئ، عن على عليه السلام وفى النهاية في الحديث ” أمرنا أن نستشرف العين والاذن ” أي، نتأمل سلامتهما من آفة يكون بهما، وفى المصباح المنير الخرقاء من الشاة ما كان في أذنها خرق وهو ثقب مستدير، وشرقت الشاة شرقا من باب تعب إذا كانت مشقوقة الاذن باثنتين فهى شرقاء، و المقابلة على صيغة اسم المفعول – الشاة التى يقطع من اذنها قطعة ولا تبين وتبقى معلقة من قدم، فان كانت من أخر فهى المدابرة، و ” قدم ” بضمتين بمعنى المقدم، و ” أخر ” بضمتين أيضا بمعنى المؤخر.

[ 490 ]

3048 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لا يضحى بعرجاء بين عرجها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالعجفاء ولا بالجرباء ولا بالجدعاء ولا بالعضباء ” (1) وهي المكسورة القرن، والجدعاء المقطوعة الاذن. 3049 – وروي عن داود الرقي قال: ” سألني بعض الخوارج عن هذه الآية من كتاب الله تعالى: ” ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين – إلى قوله تعالى -: ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين ” ما الذي أحل الله عزوجل من ذلك؟ وما الذي حرم فلم يكن عندي فيه شئ فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا حاج فأخبرته بما كان فقال: إن الله تبارك وتعالى أحل في الاضحية بمنى الضأن والمعز الاهلية، وحرم أن يضحى فيه بالجبلية، وأما قوله عزوجل: ” ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين ” فإن الله تبارك وتعالى أحل في الاضحية بمنى الابل العراب وحرم فيها البخاتي (2)


(1) رواه الكليني ج 4 ص 491 في القوى وكذا الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مع اختلاف نشير إليه. وعرج في مشيه من باب تعب إذا كان من علة لازمة فهو أعرج والانثى عرجاء، فان كان من غير علة لازمة بل من شئ أصابه حتى غمز في مشيه قيل عرج يعرج من باب قتل فهو عارج كما في المصباح للفيومي، والعور – محركة – ذهاب احدى العينين، والعجفاء: المهزولة من الغنم وغيرها، والجرباء: ذات الجرب وهو داء معروف يسقط به الشعر والصوف وفى الكافي والتهذيب بعد قوله ” الجرباء ” ” ولا بالخرقاء ولا بالحذاء ولا بالعضباء ” والحذاء هي التى قصر عن شعر ذنبها، والظاهر أن قوله ” وهى – الخ كلام المؤلف، والعضباء أيضا المشقوقة الاذن والقصيرة اليد. والجدعاء – بالجيم و الدال والعين المهملتين – وفى المصباح ” جدعت الشاة جدعا من باب تعب قطعت اذنها من أصلها فهى جدعاء، ولا خلاف في عدم اجزاء العوراء والعرجاء البين عرجها والمشهور عدم اجزاء المكسور القرن الداخل ولا مقطوع الاذن ولا الخصى وفى المشقوق والمثقوب اختلاف. (2) العراب – بالكسر – الابل العربية، والبخت – بالضم – الابل الخراسانية و الجمع البخاتى، وفسر عليه السلام الزوجين بالأهلي والوحشي وذكر أن الله تعالى حرم أن يضحى بالجبلية من الضأن والمعر والبقر وأحل الاهلية منها وحرم البخاتى من الابل وأحل العراب وأطلق المفسرون الازواج على الذكر والانثى من كل صنف من الاصناف الثمانية.

[ 491 ]

وأحل البقر الاهلية أن يضحى بها، وحرم الجبلية، فانصرفت إلى الرجل وأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شئ حملته الابل من الحجاز ” (1). 3050 – وروى أبان، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” الكبش يجزي عن الرجل، وعن أهل بيته يضحي به ” (2). 3051 – وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد الله عليه السلام ” عن البقرة يضحى بها؟ فقال: تجزي عن سبعة نفر ” (3). 3052 – وروى وهيب بن حفص (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البقرة والبدنة تجزيان عن سبعة نفر إذا كان كانوا من أهل بيت أو من غيرهم ” (5).


(1) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 492 بسند مجهول. (2) يدل على جواز الاكتفاء بكبش عن نفسه وأهل بيته. (م ت) (3) رواه الشيخ في الموثق كالصحيح في التهذيب ج 1 ص 506 رواه المصنف في الخصال ص 356 طبع مكتبة الصدوق. (4) سقط هنا ” عن أبى بصير ” كما هو موجود في الخصال ص 356 والعلل ج 2 ب 184 والتهذيب ج 1 ص 506، ووهيب يروى كثيرا عن أبى بصير عنه عليه السلام ولم يعهد روايته عنه بلا واسطة والتعبير بروى وان صح أن يكون مع الواسطة لكن مراد المصنف غير هذا كما هو دأبة. (5) هذا الخبر والسابق يدلان على الاجتزاء بالبقرة عن سبعة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو لم يكونوا وقد حمل على الضرورة لما روى الكليني في الصحيح ج 4 ص 496 عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن قوم غلت عليهم الاضاحي وهم متمتعون وهم مترافقون وليسوا بأهل بيت واحد، وقد اجتمعوا في مسيرهم، ومضربهم واحد، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ فقال: لا أحب ذلك الا من ضرورة ” وظاهره كراهة الاكتفاء بالواحد في غير الضرورة، وقال العلامة المجلسي: اختلف الاصحاب فيه فقال الشيخ في موضع من الخلاف: الهدى الواجب لا يجزى الا واحد عن واحد. وعليه الاكثر، وقال في النهاية والمبسوط وموضع من الخلاف يجزى الواحد عند الضرورة عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين، وقال المفيد: تجزى البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت ونحوه قال ابن =

[ 492 ]

وروي أن الجزور يجزي عن عشرة نفر متفرقين وإذا عزت الاضاحي أجزأت شاة عن سبعين (1). ولا يجوز في الاضاحي من البدن إلا الثني وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة، ويجزي من المعز والبقر الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذع لنسة (2). =


بابوية، وقال سلار: تجزى البقرة عن خمسة وأطلق، والمسألة محل اشكال وان كان القول باجزاء البقرة عن خمسة غير بعيد كما قواه بعض المحققين، ويمكن حمل هذا الخبر على المستحب بعد ذبح الهدى الواجب وان كان بعيدا. (1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 506 في القوى عن السكوني عن أبى عبد الله، عن أبيه، عن على عليهم السلام قال: ” البقرة الجدعة تجزى عن ثلاثة من أهل بيت واحد و المسنة تجزى عن سبعة نفر متفرقين، والجزور تجزى عن عشرة متفرقين ” وفى الموثق كالصحيح عن سوادة القطان وعلى بن أسباط عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قالا: ” قلنا له جعلنا فداك عزت الاضاحي علينا بمكة أفيجزي اثنين أن يشتركا في شاة؟ فقال: نعم وعن سبعين “. (2) هذا الكلام بلفظه في الشرايع وأفتى به وقال السيد – رحمه الله – في المدارك: مذهب الاصحاب أنه لا يجزى في الهدى من غير الضأن الا الثنى، أما الضأن فلا يجزى الا الجذع ووافقنا على ذلك أكثر العامة، وقال بعضهم: لا يجزى الا الثنى من كل شئ، وقال آخرون يجزى الجذع من الكل الا المعز والمستند فيما ذكره الاصحاب ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يجزى من الضأن الجذع ولا يجزى من المعز الا الثنى ” وفى الصحيح عن عيص بن القاسم عن أبى عبد الله عليه السلام – رفعه – عن على عليه السلام أنه كان يقول: ” الثنية من الابل والثنية من البقر والثنية من المعز والجذع من الضأن “. وفى الصحيح عن حماد بن عثمان قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أدنى ما يجزى من أسنان الغنم في الهدى، فقال: الجذع من الضأن، قلت: فالمعز؟ قال: لا يجوز الجذع من المعز، قلت: ولم؟ قال: لان الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح “.

[ 493 ]

3053 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن قول الله عزوجل: ” فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ” قال: القانع هو الذي يقنع بما تعطيه، والمعتر الذي يعتريك ” (1). 3054 – و ” كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدقان بثلث على جيرانهم وبثلث على السؤال، وبثلث يمسكانه لاهل البيت ” (2). 3055 – و ” كره أبو عبد الله عليه السلام أن يطعم المشرك من لحوم الاضاحي ” (3). 3056 – وقال الصادق عليه السلام: ” كنا ننهى الناس عن إخراج لحوم الاضاحي من منى بعد ثلاث لقلة اللحم وكثرة الناس، فأما اليوم فقد كثر اللحم وقل الناس فلا بأس باخراجه ” (4).


(1) رواه الكليني ج 4 ص 500 والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وزادا بعد قوله ” يعتريك ” ” والسائل: الذى يسألك في يديه. والبائس هو الفقير “. والاعتراء طلب المعروف. وفى الصحاح المعتر: الذى يتعرض للمسألة ولا يسأل، وفى المصباح: المتعرض للسؤال من غير طلب. (2) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 499 في القوى كالصحيح عن أبى الصباح الكنانى قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لحوم الاضاحي، فقال: كان على بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدقان – الحديث ” والسؤال – ككفار – جمع سائل. (3) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 585 في الصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام أنه كره أن يطعم – الحديث ” قيل: الاولى اعتبار الايمان في المستحق حملا على الزكاة وان كان في تعينه نظر، وروي الشيخ في الصحيح عن صفوان عن هارون بن خارجة عن أبى عبد الله عليه السلام ” أن على بن الحسين عليهما السلام كان يطعم من ذبيحته الحرورية، قلت: وهو يعلم أنهم حرورية؟ قال: نعم ” وحمل على التقية أو على التضحية المستحبة لكن الحمل على التقية بعيد وأما الحمل على المستحبة فلا ضرورة له وان القضايا الشخصية تقصر عن معارضة النصوص، ويمكن أن يكون فعله عليه السلام لبيان الجواز أو لتأليف قلوبهم. (4) رواه الكليني ج 4 ص 500 في الحسن كالصحيح بلفظ آخر.

[ 494 ]

ولا بأس باخراج الجلد والسنام من الحرم، ولا يجوز إخراج اللحم منه (1). 3075 – وسئل الصادق عليه السلام ” عن فداء الصيد يأكل صاحبه من لحمه؟ فقال: يأكل من أضحيته ويتصدق بالفداء ” (2) 3058 – وقال الصادق عليه السلام: ” لا يضحى ألا بما يشترى في العشر ” (3). والخصي لا يجزي في الاضحية (4)


(1) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 511 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن اللحم أيخرج به من الحرم، فقال: لا يخرج منه بشئ الا السنام بعد ثلاثة أيام ” وفى الموثق عن اسحاق بن عمار عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: ” سألته عن الهدى أيخرج شئ منه عن الحرم؟ فقال: الجلد والسنام والشئ ينتفع به، قلت: انه بلغنا عن أبيك أنه قال: لا يخرج من الهدى المضمون شيئا، قال، بل يخرج بالشئ ينتفع به، وزاد فيه في رواية أحمد بن محمد: ولا يخرج بشئ من اللحم من الحرم “. (2) رواه الكليني ج 4 ص 500 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام. (3) لم أجده مسندا ولعل ذلك لاجل أن لا يصير مربى لما رواه الكليني ج 4 ص 544 في القوى عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” قلت: جعلت فداك كان عندي كبش سمين لاضحى به فلما أخذته وأضجعته نظر الى فرحمته ورققت عليه ثم انى ذبحته قال: فقال لى: ما كنت أحب لك أن تفعل، لاتربين شيئا من هذا ثم تذبحه ” فيدل على كراهة التضحية بما رباه الانسان كما ذكره الاصحاب. (4) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 505 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه ” سئل عن الاضحية، فقال: أقرن فحل – الى أن قال: وسألته أيضحى بالخصى؟ فقال: لا ” وفى آخر عنه قال: ” سألته عليه السلام عن الاضحية بالخصى، فقال لا “. وفى الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يشترى الهدى فلما ذبحه إذا هو خصى مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصى لا يجزى في الهدى هل يجزيه أم يعيده؟ قال: لا بجريه الا أن يكون لا قوة به عليه “. وفى الصحيح عنه قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترى الكبش فيجده خصيا مجبوبا؟ قال: ان كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه “.

[ 495 ]

وذبح رسول الله صلى الله عليه وآله عن نسائه البقر (1). وإذا اشترى الرجل اضحية فماتت قبل أن يذبحها فقد أجزأت عنه (2). وإن اشترى الرجل أضحية فسرقت فإن اشترى مكانها فهو أفضل، فإن لم يشتر فليس عليه شئ (3). ويجوز أن ينتفع بجلدها أو يشترى به متاع أو يدبغ فيجعل منه جراب أو مصلى، وأن تصدق به فهو أفضل (4).


(1) روى الكليني ج 4 ص 491 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو – عبد الله عليه السلام: ” إذا رميت الجمرة فاشتر هديك ان كان من البدن أو من البقر والا فاجعل كبشا سمينا فحلا فان لم تجد فموجوء من الضأن، فان لم تجد فتيسا فحلا، فان لم تجد مما استيسر عليك، وعظم شعائر الله عزوجل، فان رسول الله صلى الله عليه وآله ذبح عن أمهات المؤمنين بقرة بقرة ونحر بدنة “. (2) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 508 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى في كتابه عن غير واحد من أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل اشترى شاة فسرقت منه أو هلكت؟ فقال: ان كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه “. (3) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 493 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى اضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها، فقال: لا بأس وان أبدلها فهو أفضل وان لم يشتر فليس عليه شئ ” وفى المقنعة (ص 71) قال. ” سئل عليه السلام عن رجل اشترى اضحية فسرقت منه، فقال: ان اشترى مكانها فهو أفضل، وان لم يشتر مكانها فلا شئ عليه “. (4) في الكافي ج 4 ص 501 وفى رواية معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” يننفع بجلد الاضحية ويشترى به المتاع وان تصدق به فهو أفضل – الخ ” وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 511 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الارهاب؟ فقال: تصدق به أو تجعله مصلى تنتفع به في البيت ولا تعطه الجزارين وقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعطى جلالها وقلائدها الجزارين، وأمره أن يتصدق بها “. =

[ 496 ]

وإذا نسي الرجل أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم نحرها فلا بأس قد أجزأ عنه (1). 3059 – وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ” عن الرجل يشتري الضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل تجزي عنه؟ قال: نعم إلا أن يكون هديا فإنه لا يجوز [ أن يكون ] ناقصا ” (2). 3060 – وسئل أبو جعفر عليه السلام ” عن هرمة قد سقطت ثناياها هل تجزي في الاضحية؟ فقال: لا بأس أن يضحى بها ” (3). 3061 – وقال علي عليه السلام: ” لا يضحى عمن في البطن ” (4). 3062 – وروى جميل (5) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الاضحية يكسر قرنها، قال: إذا كان القرن الداخل صحيحا فهي تجزي “. وسمعت شيخنا محمد بن الحسن – رضي الله عنه – يقول: سمعت محمد بن الحسن الصفار – رضي الله عنه – يقول: إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس =


وروى في الصحيح عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: ” سألته عن جلود الاضاحي هل يصلح لمن يضحى أن يجعلها جرابا؟ قال: لا يصلح أن يجعلها جرابا الا أن يتصدق بثمنها ” وفى قرب الاسناد ص 106 مثله. (1) روى الكليني ج 4 ص 505 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل نسى أن يذبح بمنى حتى زار البيت – الى آخر الكلام بلفظه “. (2) يدل على عدم اجزاء المعيوب بالعيب الظاهر في الهدى بخلاف الهزال فانه قد يخفى كما سيجيئ، وفى حسنة معاوية بن عمار المروية في الكافي ج 4 ص 490 عن أبى عبد الله عليه السلام ” في رجل يشترى هديا وكان به عيب – عور أو غيره – فقال: ان كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، وان لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره – الخ “. (3) روى نحوه الكليني في الصحيح عن عيض بن القاسم عن أبى عبد الله عليه السلام بزيادة راجع ج 4 ص 492. (4) يدل بمفهومه على استحباب التضحية عمن ولد حيا ويدل عليه العمومات. (م ت) (5) الطريق إليه صحيح ورواه الكليني في الحسن كالصحيح كالشيخ على الظاهر.

[ 497 ]

بأن يضحى به (1). 3063 – وروي عن عبد الله بن عمر (2) قال: ” كنا بمكة فأصابنا غلاء في الاضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين، ثم بلغت سبعة، ثم لم نجد بقليل ولا كثير، فوقع هشام المكاري إلى أبي الحسن عليه السلام بذلك، فوقع إليه انظروا الثمن الاول والثاني والثالث فاجمعوه ثم تصدقوا بمثل ثلثه ” (3). 3064 – وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” لا يضحى بشئ من الدواجن ” (4). 3065 – وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ” عن الاضحية يخطئ الذي يذبها فيسمي غير صاحبها أتجزي عن صاحب الاضحية؟ قال: نعم إنما له ما نوى ” (5). وذبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كبشا أقرن، ينظر في سواد، ويمشي في سواد (6).


(1) قال في الدروس – على المحكى -: ولا يجزى مكسور القرن الداخل وان بقى ثلثه خلافا للصفار – انتهى. وقال المولى المجلسي: الظاهر أنوصل الى الصفار خبر بذلك ولهذا اعتمد الصدوقان عليه. (2) عبد الله بن عمر مجهول. (3) في الكافي والتهذيب مثله، وعليه عمل الاصحاب، وروى أنه يخلف ثمنه عند من يشترى له ويذبح عنه طول ذى الحجة وسيجئ. (4) الدواجن هي الشاة التى يعلفها الناس في بيوتهم، وكذلك الناقة والحمامة و أشباههما، والظاهر أن المراد هنا النعم المرباة، وحمل على الكراهة. (5) يدل على أن المعتبر النية لا اللفظ ويمكن الاستدلال به على لزوم النية في العبادات مطلقا وان كان المورد خاصا. (م ت) (6) روى الشيخ في الصحيح ج 1 ص 505 من التهذيب عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضحى بكبش أقرن فحل ينظر في سواد، ويمشى في سواد ” وقال في المنتقى: لم أقف فيما يحضرني من كتب اللغة على تفسير لما في الحديث. نعم ذكر العلامة في المنتهى أن الاقرن معروف وهو ماله قرنان، وقوله =

[ 498 ]

3066 – وقال علي عليه السلام: ” إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلا تجزي عنه وإن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه، وفي هدي المتمتع مثل ذلك ” (1). 3067 – وسأل محمد الحلبي أبا عبد الله عليه السلام ” عن النفر تجزيهم البقرة؟ فقال: أما في الهدي فلا، وأما في الاضحى فنعم، ويجزي الهدي عن الاضحية ” (2). 3068 – وروى البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سعيد بن يسار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن اشترى شاة ولم يعرف بها، فقال: لا بأس عرف بها =


” ينظر في سواد – الخ ” اختلف في تفسيره قال ابن الاثير في النهاية: في الحديث ” انه ضحى بكبش يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك سواد ” أي أسود القوائم والمرابض والمحاجز – انتهى، والمراد بالمحاجز الاوساط فان الحجزة معقد الازار وهذا المعنى اختيار ابن ادريس، وقيل: السواد كناية عن المرعى والنبت فانه يطلق عليه ذلك لغة والمعنى حينئذ كان يرعى وينظر ويبرك في خضرة، وقيل: كونه من عظمه شحمه ينظر في شحمه ويمشى في فيئه ويبرك في ظل شحمه. (1) في الاشعثيات ص 73 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام عن أبيه عن على عليهما السلام قال: ” من اشترى بدنة وهو يراها حسنة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ومن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء لم يجز عنه ” وهو كما ترى، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه وان اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فانها لا تجزى عنه ” وقال العلامة المجلسي: تفصيل القول فيه أنه لو اشتراها مهزولة فبانت كذلك فلا يجزى ولو بانت سمينة قبل الذبح فلا ريب في الاجزاء، ولو بانت سمينة بعد الذبح فذهب الاكثر الى الاجزاء، وقال ابن أبى عقيل: ولم اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة بعد الذبح فهو مجز، ولو بانت مهزولة قبله، فقيل بالاجزاء والمشهور عدمه ولعل الخبر باطلاقه يشمله. (2) في الشرايع ” يجزى الهدى عن الاضحية، والجمع بينها أفضل ” وفى التهذيب ج 1 ص 514 ” والهدى يجزى عن الفرض وعن الاضحية على طريق التطوع روى ذلك محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبى عمير، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” يجزيه في الاضحية هديه ” وفى نسخة ” يجزيك من الاضحية هديك “.

[ 499 ]

أو لم يعرف بها ” (1). باب * (الهدى يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محله) * * (وما جاء في الاكل منه) * 3069 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل ساق بدنة فنتجت قال: ينحرها وينحر ولدها، وإن كان الهدي مضمونا (2) فهلك اشترى مكانها ومكان ولدها “. 3070 – وروى منصور بن حازم (3) عن أبي عبد الله عليه السلام ” في الرجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره، فقال: إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه


(1) قال في المقنعة ” لا يجوز أن يضحى الا بما قد عرف به، وهو الذى أحضر عشية عرفة بعرفة ” وقال الشيخ في التهذيب ج 1 ص 504: روى ذلك الحسين بن سعيد عن حماد ابن عيسى، عن شعيب، عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا يضحى الا بما قد عرف به ” ثم روى نحوه عن البزنطى وقال: لا ينافى هذا ما رواه عبد الله بن مسكان عن سعيد بن يسار وذكر خبر المتن وقال: هذا الخبر محمول على أنه إذا لم يعرف بها المشترى وذكر البايع أنه قد عرف بها فانها يصدقه في ذلك ويجزى عنه والذى يدل على ذلك ما رواه الحسين بن سعيد عن صفوان عن سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” انا نشترى الغنم بمنى ولسنا ندرى عرف بها أم لا، فقال. انهم لا يكذبون، لا عليك ضح بها ” قال في المدارك قوله ” لا يجوز أن يضحى الا بما قد عرف ” المشهور أن ذلك على الاستحباب بل قال التذكرة: ويستحب أن يكون مما عرف به وهو الذى أحضر عرفة عشية عرفة اجماعا ” وقال المفيد في المقنعة ” لا يجوز أن يضحى – الخ ” وظاهره أن ذلك على الوجوب، لكن قال في المنتهى ” ان الظاهر أنه أراد تأكد الاستحباب. ويكفى في ثبوت التعريف اخبار البايع بذلك لصحيحة سعيد بن يسار. (2) كاكفارات والنذور. (3) الطريق إليه فيه محمد بن على ماجيلويه ولم يوثق صريحا ورواه الكليني ج 4 ص 495 في الحسن كالصحيح والشيخ في الصحيح.

[ 500 ]

الذي ضل عنه (1)، وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه “. 3071 – وروى عبد الرحمن بن الحجاج أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا عرف بالهدي ضل بعد ذلك فقد أجزأ ” (2). 3072 – وروي عن حفص بن البختري (3) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” رجل ساق الهدي فعطب (4) في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه، ولا يعلم أنه هدي، فقال: ينحره ويكتب كتابا يضعه عليه ليعلم من مر به أنه صدقة ” (5). 3073 – وروى القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة (6) قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلها أو عرض لها موت أو هلاك، قال: يذكيها إن قدر على ذلك ويلطخ نعلها التي قلدت بها حتى يعلم من مر


(1) حمل على ما إذا ذبحه عن صاحبه فلو ذبحه عن نفسه لا يجزى عن أحدهما كما صرح به الشيخ وجمع من الاصحاب ودلت عليه مرسلة جميل المروية في الكافي ج 4 ص 495 عن أحدهما عليهما السلام ” في رجل اشترى هديا فنحره فمر به رجل فعرفه فقال: هذه بدنتى ضلت منى بالامس وشهد له رجلان بذلك، فقال: له لحمها ولا يجزى عن واحد منهما – الحديث ” واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق بين أن يكون الهدى متبرعا أو واجبا بنذر أو كفارة أو للتمتع، وفى الدروس لو ضل هدى التمتع فذبح عن صاحبه قيل: لا يجزى لعدم تعينه وكذا لو عطب سواء كان في الحل أو الحرم، بلغ محله أم لا، والاصح الاجزاء لرواية سماعة ” إذا تلفت شاة المتعة أو سرقت أجزأت ما لم يفرط ” وفى رواية ابن حازم ” لو ضل وذبحه غيره أجزأ “. (2) يدل على أن حضور الهدى بعرفات كاف في الاجزاء وحمل على المستحب (م ت) أو على هدى القران. والطريق الى عبد الرحمن صحيح في الخلاصة، وفيه أحمد بن محمد ابن يحيى العطار ولم يوثق صريحا. (3) الطريق إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة. (4) أي صار بحيث لا يقدر على المشى. (مراد) (5) فيه دلالة على جواز العمل بالكتابة، وقال المولى المجلسي: يدل على جواز الاكتفاء بالظن في حلية اللحم المطروح. (6) هما واقفيان والثانى ضعيف، ورواه المصنف في العلل بسند صحيح.

[ 501 ]

بها أنها قد ذكيت فيأكل من لحمها إن أراد، فإن كان الهدي مضمونا فإن عليه أن يعيده، يبتاع مكان الهدي إذا انكسر أو هلك – والمضمون الواجب عليه في نذر أو غيره – فان لم يكن مضمونا وإنما هو شئ تطوع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلا أن يشاء أن يتطوع “. 3074 – وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل اشترى هديا لمتعته فأتى به منزله فربطه ثم انحل فهلك هل يجزيه أو يعيد؟ قال: لا يجزيه إلا أن يكون لا قوة به عليه ” (1). 3057 – وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى كبشا فهلك منه، قال: يشتري مكانه آخر، قلت: فان اشترى مكانه ثم وجد الاول، قال: إن كانا جمعيا قائمين فليذبح الاول وليبع الآخر وإن شاء ذبحه وإن كان قد ذبح الآخر فليذبح الاول معه ” (2). 3076 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أصاب الرجل بدنة ضالة (3) فلينحرها ويعلم أنها بدنة ” (4).


(1) رواه الكليني ج 4 ص 494 في الصحيح وظاهره الاجزاء مع تعذر البدل وهو مخالف للمشهور، ويمكن حمله على الانتقال الى الصوم. (المرآة) (2) حمل على الاستحباب الا أن يكون الاول منذورا أو إذا أشعره لما روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترى البدنة ثم تضل قبل أن يشعرها ويقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر فيجد هديه، قال: ان لم يكن قد أشعرها فهى من ماله ان شاء نحرها وان شاء باعها وان كان أشعرها نحرها “. (3) أي منقطعة، لا يمكنها الحركة. (4) أي فلينحرها عن صاحبها ويسمها بعلامة الذبيحة كالكتابة أو لطخ السنام بالدم ليعلم من مر بها أنها بدنة، والظاهر لزوم الحفظ والتعريف مع الامكان لما روى الكليني في الصحيح ج 4 ص 494 والشيخ واللفظ له عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر والثانى والثالث ثم يذبحه عشية الثالث – الحديث ” و قطع به في المنتهى.

[ 502 ]

3077 – وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ” سألته عن الهدي الواجب إن أصابه كسر أو عطب أيبيعه؟ وإن باعه ما يصنع بثمنه؟ قال: إن باعه فليتصدق بثمنه ويهدي هديا آخر ” (1). 3078 – وفي رواية حماد، عن حريز في حديث يقول في آخره: ” إن الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب فإن أكل منه غرم (2) “. باب * (الذبح والنحر وما يقال عند الذبيحة) * 3079 – روي معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” النحر في اللبة (3)


(1) رواه الشيخ ج 1 ص 508 في الصحيح مع زيادة هكذا ” قال: سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدى؟ قال: لا يبيعه، فان باعه فليتصدق بثمنه وليهد هديا آخر ” ورواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 494 عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا قال: ” سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدى آخر؟ قال: يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدى هديا آخر ” وقال في الدروس: ولو كسر جاز بيعه فيتصدق بثمنه أو يقيم بدله ندبا ولو كان الهدى واجبا وجب البدل، وفى رواية الحلبي يتصدق بثمنه ويهدى بدله، وقال في المدارك ص 398 مورد الرواية الهدى الواجب ومقتضاه أنه إذا بيع يتصدق بثمنه ويقيم بدله وجوبا، وأما الهدى المتبرع به فلم أقف على جواز بيعه وأفضلية التصدق بثمنه واقامة بدله على رواية تدل عليه والاصح تعين ذبحه مع العجز عن الوصول وتعليمه بما يدل على أنه هدى سواء كان عجزه بواسطة الكسر أو غيره. (2) روى الكليني ج 4 ص 500 باسناده عن أبى بصير قال: ” سألته عن رجل أهدى هديا فانكسر، فقال: ان كان مضمونا – والمضمون ما كان في يمين يعنى نذر أو جزاء – فعليه فداؤه، قلت: أيأكل منه؟ فقال: لا انما هو للمساكين فان لم يكن مضمونا فليس عليه شئ، قلت أيأكل منه؟ قال: يأكل منه ” وروى أيضا ” أنه يأكل منه مضمونا كان أو غير مضمون ” وقال في المدارك: ربما يجمع بحمل المنع على الكراهة أو بحمل المضمون على غير الفداء والمنذور، بل على ما لزم بالسياق والاشعار والتقليد. (3) اللبة – بالفتح والتشديد -: المنحر وموضع القلادة، والنحر في الابل والذبح في البقر والغنم.

[ 503 ]

والذبح في الحلق “. 3080 – وقال الصادق عليه السلام: ” كل منحور ومذبوح حرام، وكل مذبوح منحور حرام (1) “. 3081 – وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: ” لا يذبح لك اليهودي ولا النصراني اضحيتك، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها وتستقبل القبلة (2) وتقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما (3) اللهم منك ولك “. 3082 – وروي عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل ” فاذكروا اسم الله عليها صواف ” قال: ذلك حين تصف للنحر (4)، وتربط يديها ما بين الخف إلى الركبة، ووجوب جنوبها إذا وقعت إلى الارض (5) “. 3083 – وسأله أبو الصباح الكناني ” كيف تنحر البدنة؟ قال: تنحر وهي قائمة من قبل اليمين (6) “. 3084 – وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: ” إذا اشتريت هديك فاستقبل


(1) أي كل ما يجب نحره لو ذبح بدل النحر فهو حرام وكذا العكس. (سلطان) (2) ” فلتذبح لنفسها ” أي فلتذبح جوازا لنفسها لا لغيرها كراهة، و ” تستقبل القبلة ” أي بالذبيحة أو معها، وكأنه الخطاب ويمكن الغيبة. (3) يكمن أن يكون على سبيل الاختصار يعنى الى آخر الايات ليوافق الخبر السابق تحت 3046 والاتي تحت رقم 3084 والمجزى ذلك والزائد فضل، وقوله ” منك ” أي هذه النعمة منك، و ” لك ” أي لاغيرك. (4) في القاموس: صفت الابل قوائمها فهى صافة وصواف وفى التنزيل ” فاذكروا اسم الله عليها صواف ” أي مصفوفة، فواعل بمعنى مفاعل، وقيل مصطفة. (5) الوجوب بمعنى السقوط، وفسروا وجوب الجنوب بما في الخبر لكن صرحوا بأنه كناية عن خروج الروح وهو المشهور بين الاصحاب والاحوط في العمل. (المرآة) (6) أي الذى ينحرها يقف من جانبها الايمن ويطعنها في موضع النحر. (سلطان)

[ 504 ]

به القبلة (1) وانحره أو اذبحه وقل: ” وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني ” ثم أمر السكين ولا تنخعها حتى تموت (2) “. باب * (نتايج البدنة وحلابها وركوبها) * 3085 – روى حماد، عن حريز أن أبا عبد الله عليه السلام قال: ” كان علي عليه السلام إذا ساق البدنة ومر على المشاة حملهم على بدنة، وإن ضلت راحلة رجل ومعه بدنة ركبها غير مضر ولا مثقل “. 3086 – وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد الله عليه السلام ” عن الرجل أيركب هديه إن احتاج إليه؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يركبها غير مجهد ولا متعب (3) “. 3087 – وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” كان علي عليه السلام يحلب البدنة ويحمل عليها غير مضر (4) “. 3088 – وروى أبو بصير عنه عليه السلام ” في قول الله عزوجل: ” لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ” قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها


(1) ظاهره جعل الذبيحة مقابلة للقبلة وربما يفهم منه استقبال الذابح أيضا وقال العلامة – المجلسي: فيه نظر. (2) أي لا تقطع رقبتها، وقال بعض الشارحين: أي لا تقطع نخاعها قبل موتها والنخاع هو الخيط الابيض الذى في جوف القفار ممتدا من الرقبة الى أصل الذنب، وفى الوافى: نخع الذبيحة جاوز منتهى الذبح فأصاب نخاعها. (3) بأن يركبها قليلا ولا يركب معه غيره ولا يحمل عليها فوق طاقتها ويرفق بها. (م ت) (4) أي غير مضر في الحلب والحمل، وفى بعض النسخ ” غير مصر ” بالمهملة.

[ 505 ]

لبن حلبها حلابا لا ينهكها ” (1). باب * (بلوغ الهدى محله) * 3089 – روى علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا اشترى الرجل هديه وقمطه في بيته فقد بلغ محله فإن شاء فليحلق (2) “. باب * (الرجل يوصى من يذبج عنه ويلقى هو شعره بمكة) * 3090 – روى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” الرجل يوصي من يذبح عنه ويلقي هو شعره بمكة، فقال: ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى (3) “. باب * (تقديم المناسك وتأخيرها) * 3091 – روى بن أبي عمير (4)، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:


(1) العنف – مثلثة العين -: ضد الرفق، ونهلك الضرع نهكا: استوفى جميع ما فيه كما في القاموس، والخبر كسابقيه يدل على جواز ركوب الهدى ما لم يضربه، والشرب ما لم يضر بولده. (2) في القاموس قمطه يقمطه: شد يديه ورجليه كما يفعل بالصبى في المهد – انتهى، و يدل على جواز الحلق بعد شراء الهدى وربطه في منزله كما هو الظاهر من كريمة ” لا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدى محله ” وبه قال الشيخ في جملة من كتبه، والمشهور عدم جوازه قبل الذبح والنحر. (3) قال المحقق: يجب أن يحلق بمنى فلو رحل رجع فحلق بها، فان لم يتمكن حلق أو قصر مكانه وبعث بشعره ليدفن بها ولو لم يتمكن لم يكن عليه شئ. (4) طريق المصنف الى محمد بن أبى عمير صحيح ورواه الكليني في الحسن كالصحيح.

[ 506 ]

” سألته عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه اناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه، ولا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا حرج (1) “. 3092 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة، ثم نحرها، قال: لا بأس قد أجزأ عنه “. باب * (فيمن نسى أو جهل أن يقصر أو يحلق حتى ارتحل من منى) * 3093 – روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل جهل أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى، قال: فليرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا، وعلى الصرورة الحلق (2) “.


(1) فيه دلالة على ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف وابن أبى عقيل وأبو الصلاح وابن ادريس من أن ترتيب مناسك منى مستحب لا واجب، واختاره العلامة في المختلف على ما هو المحكى عنه، ويفهم من كلام الشهيد الثاني الميل إليه، وذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار الى وجوب الترتيب واليه ذهب أكثر المتأخرين فلو قدم بعضها على بعض أثم ولا اعادة، قال في المدارك: لا ريب في حصول الاثم بناء على القول بوجوب الترتيب وانما الكلام في الاعادة وعدمها فالاصحاب قاطعون بعدم وجوب الاعادة وأسنده في المنتهى الى علمائنا مستدلا عليه بصحيحة جميل وما في معناها، وهو مشكل لانها محمولة على الناسي والجاهل عند القائلين بالوجوب ولو قيل بتناولها للعامد لدلت على عدم وجوب الترتيب والمسألة محل تردد – انتهى وقال في المنتهى: هذا كما يتناول مناسك منى كذلك يتناول مناسك منى مع الطواف. (2) يدل على أنه لا بد للجاهل أن يرجع الى منى للحلق والتقصير، ولعله محمول على الامكان ويدل على تعين الحلق على الصرورة وحمل في المشهور على تأكد الاستحباب، وقال الشيخ بتعينه على الصرورة وعلى الملبد. (المرآة)

[ 507 ]

وروي أنه يحلق بمكة ويحمل شعره إلى منى (1). 3094 – و ” كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر يحلق رأسه ويقلم أظفاره ويأخذ من شاربه ومن أطراف لحيته (2) “. باب * (ما يحل للمتمتع والمفرد إذا ذبح وحلق قبل أن يزور البيت) * 3095 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء، فإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد ” (3). 3096 – وروى علي بن النعمان (4)، عن سعيد الاعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ فقال: إن كان متمتعا فلا (5)، وإن كان مفردا للحج فنعم “.


(1) أصل الخبر كما رواه الكليني ج 4 ص 503 في الحسن كالصحيح عن حفص البخترى الثقة عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا ” في رجل يحلق رأسه بمكة؟ قال: يرد الشعر الى منى ” ولا يخفى اختلاف المفهومين. (2) رواه الكليني مسندا في الكافي ج 4 ص 502 عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) المراد بالصيد هنا الحرمى لا الاحرامي كما هو واضح، لكن أفتى ابن الجنيد بخلافه ويؤيده ظاهر بعض الروايات التى تدل على أنه لا يجوز للمحرم الصيد الا بعد النفر الثاني، وفى شرح اللمعة. الاقوى حل الاحرام من الصيد بطواف النساء. (4) الطريق الى على بن النعمان صحيح كما في الخلاصة وسعيد الاعرج لم يوثق وله أصل عنه على بن النعمان وصفوان بن يحيى. (5) لعله محمول على الكراهة فلا ينافى ما سبق. (سلطان)

[ 508 ]

وقد روي أنه يجوز له أن يضع الحناء على رأسه، إنما يكره السك و ضربه (1) إن الحناء ليس بطيب، ويجوز أن يغطي رأسه لان حلقه له أعظم من تغطيته إياه (2). باب * (ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدى) * روي عن الائمة عليهم السلام أن المتمتع إذا وجد الهدي ولم يجد الثمن صام ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة لجزاء الهدي، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الايام تسحر ليلة الحصبة (3) وهي ليلة النفر وأصبح صائما وصام يومين من بعد، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الايام حتى يخرج وليس له مقام صام هذه الثلاثة في الطريق إن شاء و إن شاء صام العشرة في أهله ويفصل بين الثلاثة والسبعة بيوم وإن شاء صامها متتابعة. (4)


(1) السك – بالضم -: نوع من الطيب، وضربه أي نحوه. (2) في الكافي ج 4 ص 505 في الصحيح عن سعيد بن يسار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء؟ قال: نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء – رددها على مرتين أو ثلاثة -، وقال: وسألت أبا الحسن عليه السلام عنها فقال: نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء ” وفى الموثق عن يونس ابن يعقوب قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: المتمتع يغطى رأسه إذا حلق، فقال: يا بنى حلق رأسه أعظم من تغطيته اياه “. (3) أي يأكل السحور أو يخرج في السحر ليجوز له صوم اليوم. (4) روى الكليني ج 4 ص 506 بسند فيه ارسال لا يضر بصحة السند كما نقلنا تحقيقه في هامش الكافي وكذا رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدى، قال: يصوم قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، قلت فانه قدم يوم التروية؟ قال: يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق، قلت: لم يقم عليه جماله قال: يصوم يوم الحصبة وبعده يومين، قال: قلت: وما الحصبة؟ قال: يوم نفره، قلت: يصوم وهو مسافر؟ قال: =

[ 509 ]

ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق (1)، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق (2) فأمره أن يتخلل الفساطيط وينادي في الناس أيام منى ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبعال (3). =


نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا، انا أهل بيت نقول ذلك لقول الله عزوجل: ” فصيام ثلاثة أيام في الحج ” يقول في ذى الحجة “، وفى الصحيح عن معاوية بن عمار، عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” سألته عن متمتع لم يجد هديا قال: يصوم ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة، قال: قلت فان فاته ذلك؟ قال: يتسحر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم، ويومين بعده، قلت: فان لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق؟ قال: ان شاء صامها في الطريق وان شاء إذا رجع الى أهله “. وفى الموثق كالصحيح كالشيخ عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ” من لم يجد هديا وأحب أن يقدم الثلاثة الايام في أول العشرة فلا بأس “. ويستفاد مما تقدم جواز صيام اليوم الثالث عشر في هذه الصورة ولا بأس به فيخص المنع من صيام أيام التشريق بغيرها لتخصيص منع الصيام في السفر بغير الثلاثة الايام كما قاله الفيض – رحمه الله – في الوافى. وفى الشرايع ” ولو فاته يوم التروية أخره الى بعد النفر ” وقال في المدارك: بل الاظهر جواز يوم النفر وهو الثالث عشر ويسمى يوم الحصبة كما اختاره الشيخ في النهاية وابنا بابويه وابن ادريس للاخبار الكثيرة وان كان الافضل التأخير الى بعد أيام التشريق كما يدل عليه صحيحة رفاعة وقد ظهر من الروايات أن يوم الحصبة هو الثالث من أيام التشريق ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه جعل ليلة التحصيب ليلة الرابع، والظاهر أن مراده الرابع من يوم النحر لصراحة الاخبار، وربما يظهر من كلام أهل اللغة أنه اليوم الرابع عشر، ولا عبرة به. (1) أي بمنى وما تقدم من أنه يصوم يوم الثالث فمحمول على من نفر في الثاني عشر. (م ت) (2) الاورق من الابل ما لونه لون الرماد. (3) روى المؤلف في معاني الاخبار ص 300 مسندا عن عمرو بن جميع، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: ” بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بديل بن ورقاء الخزاعى على جمل أورق فأمره أن ينادى في الناس أيام منى ألا تصوموا هذه الايام فانها أيام أكل وشرب وبعال – والبعال: النكاح وملاعبة الرجل أهله – “، وروى الشيخ في الصحيح نحوه في التهذيب ج 1 ص 512.

[ 510 ]

ومن جهل صيام ثلاثة أيام في الحج صامها بمكة إن أقام جماله، وإن لم يقم صامها في الطريق أو بالمدينة إن شاء، فإذا رجع إلى أهله صام السبعة الايام (1). فإذا مات قبل أن يرجع إلى أهله ويصوم السبعة فليس على وليه القضاء (2). 3097 – وروى صفوان (3)، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليه “. قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه -: هذا على الاستحباب لا على الوجوب وهو إذا لم يصم الثلاثة في الحج أيضا (4).


(1) روى الشيخ في الصحيح ج 1 ص 513 عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجع الى أهله، فان فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة أيام بمكة، وان لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله “، وقوله ” في الطريق ” قيد بما إذا لم يخرج ذو الحجة فإذا خرج وجب عليه الهدى من قابل لما رواه الكليني ج 4 ص 509 في الحسن كالصحيح عن منصور عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من لم يصم في ذى الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة وليس له صوم ويذبحه بمنى “. (2) روى الكليني ج 4 ص 509 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه – السلام أنه ” سئل عن رجل يتمتع بالعمرة الى الحج ولم يكن له هدى فصام ثلاثة أيام في الحج ثم مات بعدما رجع الى أهله قبل أن يصوم السبعة الايام أعلى وليه أن يقضى عنه؟ قال: ما أرى عليه قضاء ” وقال العلامة المجلسي: ذهب أكثر المتأخرين الى قضاء الجميع وذهب الشيخ وجماعة الى وجوب قضاء الثلاثة فقط لهذا الخبر، وحمل في المنتهى على ما إذا مات قبل التمكن من الصيام، وربما ظهر من كلام الصدوق استحباب قضاء الثلاثة أيضا وهو ضعيف. (3) يعنى صفوان بن يحيى والطريق إليه حسن ورواه الكليني ج 4 ص 509 في الصحيح عن معاوية بن عمار. (4) كأنه حمل عليه قوله عليه السلام في صحيح الحلبي ” ما أرى عليه قضاء ” وهو عام وان كان المورد خاصا والمشهور وجوب الثلاثة دون السبعة بحمل الوجوب على الثلاثة والعدم على السبعة. (م ت)

[ 511 ]

3098 – وروي عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: ” سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام، فلما قضى نسكه بداله أن يقيم سنة، قال: فلينظر منهل أهل بلده (1) فإذا ظن أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الايام ” (2) 3099 – وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” أنه إن كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثم صام ” (3). وإن لم يصم الثلاثة الايام فوجد بعد النفر ثمن هدي فانه يصوم الثلاثة لان أيام الذبح قد مضت (4). 3100 – وقد روى زراة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من لم يجد ثمن


(1) المنهل: المشرب والموضع الذى فيه المشرب والمورد وتسمى المنازل التى في المفاوز على طرق السفار مناهل لان فيها الماء. وفى الكافي ” ينتظر مقدم أهل بلده “. (2) المشهور بين الاصحاب أن المقيم بمكة ينتظر أقل الامرين من مضى الشهر ومن مدة وصوله الى أهله على تقدير الرجوع. (المرآة) (3) قال في المدارك: من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدى إذا أقام بمكة انتظر لصيامها مضى مدة يمكن أن يصل فيها الى بلده ان لم يزد تلك المدة على شهر فإذا زادت على تلك كفى مضى الشهر، ومبدء الشهر من انقضاء أيام التشريق. (4) روى الكليني ج 4 ص 509 في الموثق كالصحيح عن أبى بصير عن أحدهما عليهما – السلام قال: ” سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدى [ به ] حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت ” وهو خلاف المشهور وحمله الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 260 على من لم يجد الهدى ولا ثمنه وصام الثلاثة الايام ثم وجد ثمن الهدى فعليه أن يصوم السبعة. وقال الشهيد في الدروس: مكان هدى التمتع منى و زمانه يوم النحر فان فات أجزأ في ذى الحجة، وفى رواية أبى بصير تقييده بما قبل يوم النفر و حملت على من صام ثم وجد ويشكل بأنه احداث قول ثالث الا أن يبنى على جواز صيامه في التشريق – انتهى، والمشهور جواز المضى في الصوم لمن لم يجد الهدى وصام ووجدها بعد صوم الثلاثة وقالوا: الهدى أفضل، واستقرب العلامة في القواعد وجوب الهدى إذا وجده في وقت الذبح، وقال ابن ادريس بسقوط الهدى بمجرد التلبس بالصوم وان لم يتم الثلاثة.

[ 512 ]

الهدي فأحب أن يصوم الثلاثة الايام في العشر الاواخر فلا بأس بذلك ” (1). 3101 – وسأل يحيى الازرق (2) أبا إبراهيم عليه السلام ” عن رجل دخل يوم التروية متمتعا وليس له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة، فقال: يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق بيوم (3) قال: وسألته عن متمتع كان معه ثمن هدي وهو يجد بمثل الذي معه هديا فلم يزل يتوانى ويؤخر ذلك (4) حتى كان آخر أيام التشريق وغلت الغنم فلم يقدر أن يشتري بالذي معه هديا، قال: يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشرق ” (5) 3102 – وروى عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” الصبي يصوم عنه وليه إذا لم يجد هديا ” (6)


(1) يدل على جواز التأخير الى الاواخر اختيارا. (2) طريق المصنف إليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم، وروى الشيخ صدر الخبر في التهذيب ج 1 ص 512 في الصحيح والكليني ج 4 ص 508 ذيله في الصحيح عن يحيى وهو يحيى بن عبد الرحمن الازرق ثقة كوفى من أصحاب الكاظم عليه السلام وفى المشيخة يحيى بن حسان ولعله نسبة الى الجد. (3) يدل على حصول التتابع الواجب بصيام اليومين إذا كان الفاصل العيد وأيام التشريق (م ت) وقال في المدارك: أما وجوب التتابع في الثلاثة في غير هذه الصورة – وهى غير ما إذا كان الثالث العيد – فقال في المنتهى: انه مجمع عليه بيه الاصحاب. وانما الكلام في استثناء هذه الصورة فان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد وفى مقابلها أخبار كثيرة دالة على خلاف ما تضمنته وهى أقوى منها اسنادا وأوضح دلالة لكن نقل العلامة في المختلف الاجماع على الاستثناء فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال، ونقل عن ابن حمزة أنه استثنى أيضا ما إذا أفطر يوم عرفة لضعفه عن الدعاء وقد صام يومين قبله ونفى عنه البأس في المختلف وهو بعيد – انتهى أقول: قوله – قدس سره – ” ان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد ” منها خبر المتن وقد عرفت أن سنده في هذا الكتاب حسن كالصحيح وفى الكافي والتهذيب صحيح. (4) قوله ” وهو يجد مثل الذى معه ” أي يجد بقدر الثمن الذى معه هديا يشتريه بهذا الثمن. وقوله ” يؤخر ذلك ” بمنزلة التفسير لقوله ” يتوانى “. (مراد) (5) أي متتابعا لما تقدم وروى الشيخ في القوى عن اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” لا تصوم الثلاثة الايام متفرقة ” (التهذيب ج 1 ص 512). (6) تقدم نحوه تحت رقم 2896 عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام، وقال الفاضل التفرشى: ظاهره ان الولى لم يجد هديا من ماله.

[ 513 ]

3103 – وروي عن عمران الحلبي أنه قال: ” سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الايام التي على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم إلى أهله قال: يبعث بدم ” (1). باب * (ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدى ولم يجد الهدى) * قال أبي – رضي الله عنه – في رسالته إلي: إن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة ليشتري لك في ذي الحجة ويذبحه عنك، فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر أخره إلى قابل ذي الحجة لان أيام الذبح قد مضت. (2)


(1) قال الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 283: انه يبعث بدم إذا خرج ذو الحجة ولم يصم وانما يجوز له صيام الثلاثة الايام ما دام في ذى الحجة – انتهى، ويستفاد من هذه الرواية أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون تأخير الصوم عن ذى الحجة لعذر أو لغيره كما قاله صاحب المدارك. (2) روى الكليني ج 5 ص 508 في الحسن كالصحيح عن حماد، عن حريز عن أبى عبد الله عليه السلام ” في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشترى له ويذبح عنه وهو يجزى عنه، فان مضى ذو الحجة أخر ذلك الى قابل من ذى – الحجة “، وفى التهذيب ج 1 ص 457 في الصحيح عن البزنطى عن النضر بن قراوش قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة الى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه وهو موسر حسن الحال وهو يضعف عن الصيام فما ينبغى له أن يصنع؟ قال يدفع ثمن النسك الى من يذبحه بمكة ان كان يريد المضى الى أهله وليذبح في ذى الحجة، فقلت: فانه دفعه الى من يذبحه عنه فلم يصب في ذى الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك، قال: لا يذبحه عنه الا في ذى الحجة ولو أخره الى قابل ” وما تعارضه من اختيار الصوم في ذى الحجة وان أصاب الثمن فيها فمحمولة على التخيير أو على أنه وجد الثمن بعد صيام الثلاثة أو بعد التلبس بالصيام.

[ 514 ]

باب * (المحصور والمصدود) * (1) 3104 – روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” المحصور غير المصدود، وقال: المحصور هو المريض، والمصدود هو الذي يرده المشركون (2) كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء ” (3). وإذا قرن الرجل الحج والعمرة فاحصر بعث هديا مع هديه (4) ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله، فإذا بلغ محله أحل وانصرف إلى منزله وعليه الحج من قابل ولا يقرب النساء، وإذا بعث بهديه مع أصحابه فعليه أن يعدهم لذلك يوما فإذا كان ذلك اليوم فقد وفى فإن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء الله تعالى (5).


(1) المحصور هو الممنوع بعد الاحرام عن الوصول والاتمام بالمرض، والمصدود هو الممنوع بعد الاحرام من مكة أو الموقفين بالعدو. (2) لعله كناية عن العدو، وخصوص ذكر المشركين من باب التمثيل. (3) أي بعد الذبح والتقصير والحلق، والخبر رواه الشيخ والكليني ج 4 ص 369 في الصحيح مع زيادة ورواه المصنف في معاني الاخبار ص 222 باسناده عن ابن أبى عمير وصفوان ابن يحيى رفعاه الى أبى عبد الله عليه السلام كما في المتن بدون الزيادة. (4) اختلف الاصحاب في أنه هل يكفى هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فذهب ابنا بابويه وجمع من الاصحاب الى عدم الاكتفاء والمشهور الاكتفاء، ففى الدروس: قال ابنا بابويه لا يجزى هدى السياق عن هدى التحلل وأطلق المعظم التداخل. (5) روى المصنف في المقنع ص 77 عن سماعة قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل احصر في الحج قال: فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه، ومحله منى يوم النحر إذا كان في حج وان كان في عمرة نحر بمكة فانما عليه أن يعدهم لذلك يوما، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفى، فان اختلفوا في الميعاد لم يضره ان شاء الله ” ورواه الشيخ في الموثق ج 1 ص 568 من التهذيب عن زرعة. وقوله ” وعليه الحج من قابل ” أي وجوبا ان كان واجبا عليه وندبا ان كان ندبا، لكن يجب طواف النساء لتحليلها.

[ 515 ]

3105 – وقال الصادق عليه السلام: ” المحصور والمضطر ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطر ان فيه ” (1). 3106 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ” في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسك ويرجع، قيل: فان لم يجد هديا؟ قال: يصوم ” (2). وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جائر بمكة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر فإن عليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، فإن خلي عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ويسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة، وإن كان دخل مكة مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه (3).


(1) لعل المراد بالمضطر هنا المصدود وحكمه واضح، وأما المحصور ففيه اشكال من حيث وجوب بعث الهدى عليه كما هو المشهور ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله، ويمكن حمله على عدم امكان البعث أو على التخيير كما هو مذهب ابن الجنيد فانه خير المحصور بين البعث والذبح حيث حصر، وقال سلار: المتطوع ينحر حيث يحصر ويتحلل حتى من النساء والمفترض يبعث ولا يتحلل من النساء. (سلطان) (2) أي يذبح أو ينحر هناك ويرجع، وفى الكافي ” فان لم يجد ثمن هدى صام ” والخبر يدل على أن الصوم في المحصور بدل من الهدى مع العجز عنه وهو خلاف المشهور، وفى المدارك: المعروف من مذهب الاصحاب أنه لا بدل لهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه بقى على احرامه ونقل عن ابن الجنيد أنه حكم بالتحلل بمجرد النية عند عدم الهدى، نعم ورد بعض الروايات في بدلية الصوم في هدى الاحصار كحسنة معاوية بن عمار وهى مجملة المتن. (3) روى الكليني في الموثق كالصحيح عن الفضل بن يونس عن أبى الحسن عليه السلام قال: ” سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف فبعث به الى مكة فحسبه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف الى منى فيرمى ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، قلت: فان خلى عنه يوم النفر كيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحج ان كان دخل مكة متمتعا بالعمرة الى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ثم يسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذيح شاة، فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه ” =

[ 516 ]

3107 – وروى رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم (1) فحلق رأسه ونحرها مكانه ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب، فقال علي عليه السلام: ابني ورب الكعبة افتحوا له وكانوا قد حموا له الماء فأكب عليه فشرب، ثم اعتمر بعد ” (2). والمحصور لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بن الصفا والمروة. (3) والقارن إذا احصر وقد اشترط وقال: فحلني حيث حبستني فلا يبعث بهديه ولا يتمتع من قابل ولكن يدخل في مثل ما خرج منه (4). =


ولزوم الهدى على من صد عن التمتع حتى فاته الموقفان خلاف المشهور، وحكى عن الشيخ أنه نقل في الخلاف قولا بوجوب الدم على فائت الحج. وظاهر الخبر عدم لزوم العمرة لو فات عنه الافراد للتحلل وهو خلاف ما عليه الاصحاب. (1) البرسام – بالكسر – علة شديدة، برسم الرجل فهو مبرسم أي أصيب بالبرسام. (2) روى الكليني ج 4 ص 369 في الصحيح في ذيل حديث رواه عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام ” فان الحسين بن على صلوات الله عليهما خرج معتمرا فمرض في – الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا وهو مريض بها، فقال: يا بنى ما تشتكى؟ فقال: أشتكى رأسي، فدعا على عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده الى المدينة، فلما برأ من وجعه اعتمر، قلت: أرأيت حين برء من وجعه قبل أن يخرج الى العمرة حلت له النساء؟ قال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، قلت: فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء كان النبي صلى الله عليه وآله مصدودا والحسين عليه السلام محصورا “. (3) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار التى تقدمت. (4) قوله ” فلا يبعث بهديه ” أي لا حاجة الى البعث بل يذبح هناك وهذا فائدة الاشتراط، وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 568 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام وعن فضالة عن ابن أبى عمير عن رفاعة عن أبى عبد الله عليه السلام أنهما قالا ” القارن يحصر وقد قال واشترط فحلنى حيث حبستنى، قال: يبعث بهديه، قلنا: هل، يتمتع في قابل؟ قال: لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه ” والمشهور استحباب القضاء قارنا الا إذا كان واجبا عليه =

[ 517 ]

3108 – وسأل حمزة بن حمران أبا عبد الله عليه السلام ” عن الذي يقول: حلني حيث حبستني، فقال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل (1) ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل ” (2). باب * (الرجل يبعث بالهدى ويقيم في أهله) * 3109 – روي عن معاوية بن عمار قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبعث بالهدي تطوعا وليس بواجب (3) فقال: يواعد أصحابه يوما فيقلدونه (4) فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه (5)، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل ورجع =


بالنذر وشبهه، وفى المحكى عن المنتهى قال: ونحن نحمل هذه الرواية على الاستحباب أو على أنه قد كان القران متعينا عليه لانه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء فعدم وجوب الكيفية أولى. وقال في المدارك وهو حسن والقول بوجوب الاتيان بما كان واجبا عليه والتخيير في المندوب لابن ادريس وجماعة وقوته ظاهرة. (1) أي سواء قال باللفظ أو نوى، قال سلطان العلماء: يكمن أن يراد بذلك أن القول ليس له دخل بل الاعتداد بالقصد. (2) أي ان كان الحج واجبا عليه لا يسقط بالاشتراط. (3) أي يبعث بالهدى للقران أو التمتع على تقدير ان كان يحج قارنا أو تمتعا تطوعا وليس بواجب عليه بالنذر وشبهه أو الكفارة أو القضاء. (م ت) (4) أي يقلدون الهدى الذى بعثه الرجل فيعلقون في عنقه النعل في ذلك اليوم الموعود فيصير ذلك بمنزلة احرام الرجل بالتقليد. (مراد) (5) أي أجزأ عن حجه أو أجزأ الاجتناب ولا يلزم الاجتناب الى يوم النفر الاول والثانى لان أركان الحج يمكن حصولها يوم النحر فالاولى أن يكون المنتهى منتهى اليوم (م ت) أقول: والخبر في الكافي ج 4 ص 540 الى هنا، ورواه الشيخ – رحمه الله – في التهذيب ج 1 ص 568 بتمامه. وروى أيضا في الصحيح عن الحلبي قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث بهديه مع قوم يساق وواعدهم يوما يقلدون فيه هديهم ويحرمون، فقال: يحرم عليه ما يحرم =

[ 518 ]

إلى المدينة ” (1). 3110 – وقال الصادق عليه السلام: ” ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة؟ فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا، فقال: أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن اضحية ويأمره أن يطوف عنه اسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس ” (2). =


على المحرم في اليوم الذى واعدهم فيه حتى يبلغ الهدى محله، قلت: أرأيت ان اختلفوا في الميعاد وأبطؤوا في المسير عليه وهو يحتاج أن يحل هو في اليوم الذى واعدهم فيه قال: ليس عليه جناح أن يحل في اليوم الذى واعدهم فيه ” وروى الكليني في القوى نحوه عن أبى الصباح الكنانى عن أبى عبد الله عليه السلام، وفى الشرايع ” روى أن باعث الهدى تطوعا يواعد أصحابه وقتا لذبحه أو نحره ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم، فإذا كان وقت المواعدة أحل لكن لا يلبى ولو أتى بما يحرم على المحرم كفر استحبابا ” وقال في المدارك: ذكر الشارح أن ملابسة تروك الاحرام بعد المواعدة أو الاشعار مكروه لا محرم، ويشكل بان مقتضى روايتي الحلبي وأبى الصباح التحريم ولا معارض لهما، وأما ما ذكره من استحباب التكفير بملابسة ما يوجبه على المحرم فلم أقف له على مستند، وغاية ما يستفاد من صحيحة هارون بن خارجة (يعنى ما يأتي في الهامش) أن من لبس ثيابه للتقية كفر ببقرة، وهى مختصة باللبس ومع ذلك فحملها على الاستحباب يتوقف على وجود معارض. (1) لعله تعليل للاجزاء عنه بان رسول الله صلى الله عليه وآله فعل بالحديبية وأجزأ عنه فبعثه ونحره يوم النحر بمكة أو منى أجزأ بطريق أولى. (سلطان) (2) قيل: مقتضى هذا الخبر مغاير لمقتضى الخبر الاول، وقال الفاضل التفرشى: هذا طريقة اخرى لادراك ثواب الحج قريبة من الطريق الاولى ولا منافات بين الحديثين – انتهى وروى الكليني ج 4 ص 540 في الصحيح عن هارون بن خارجة قال: ” ان مرادا بعث ببدنة وأمر أن تقلد وتشعر في يوم كذا وكذا، فقلت له: انما ينبغى أن لا يلبس الثياب فبعثني الى أبى عبد الله عليه السلام بالحيرة فقلت له: ان مرادا صنع كذا وكذا وانه لا يستطيع أن يترك الثياب لمكان زياد فقال: مره أن يلبس الثياب وليذبح بقرة يوم الاضحى عن نفسه ” وكان زياد واليا في الكوفة وكان مراد يتردد إليه ويتقى منه.

[ 519 ]

باب * (نوادر الحج) * 3111 – روي عن بكير بن أعين، عن أخيه زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاما فتفتيني (1)، فقال: يا زرارة بيت يحج قبل آدم عليه السلام بألفي عام (2) تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاما “. 3112 – وقال الصادق عليه السلام: ” أودية الحرم تسيل في الحل، وأودية الحل لا تسيل في الحرم ” (3). وروي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت أنه قال: لو لا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم. 3113 – وذكر الماء عند الصادق عليه السلام في طريق مكة وثقله قال: ” الماء لا يثقل إلا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه غير الماء ” (4).


(1) أي أسألك مع أبيك أو كان سأل عنه عليه السلام في زمان أبيه أيضا والا فالظاهر أنه كان في زمان امامته عليه السلام اربعا وثلاثين سنة أو على المبالغة والتجوز، وقوله ” في الحج ” أي عن مسائله منذ أربعين عاما فتفتيني وما يفنى مسائله. (م ت) (2) أي كان يحجه الملائكة أو مع بنى الجان. (م ت) (3) لعل المراد انه تعالى رفعه صورة كما رفعه معنى. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 540 باسناده عن أصرم بن حوشب وهو عامى موثق له كتاب، ولعله مخصوص بما إذا جرى السيل من غير عمل فلا ينافى جريان الماء من عرفات الى مكة. (4) رواه الكليني ج 4 ص 542 بسند فيه ارسال. ولعل المراد أن الماء لا يبقى ثقله ولا يحس به إذا كان في حمل البعير مع غيره من الاحمال فينبغي أن لا ينفرد به البعير (مراد) وقال سلطان العلماء: أي لا ينبغى اكثار حمله وثقله على الجمل مزيدا على سائر ما حمله فانه ظلم عليه، نعم لو انفرد بحمله فلا بأس، وقال العلامة المجلسي: لعله محمول على المياه القليلة التى تشرب في الطريق وما يعلق على الاحمال منها.

[ 520 ]

3114 – و ” كان علي عليه السلام يكره الحج والعمرة على الابل الجلالات ” (1). 3115 – وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: ” إذا كان أيام الموسم بعث الله تبارك الله تعالى ملائكة في صور الآدميين يشترون متاع الحاج والتجار، قيل: ما يصنعون به؟ قال: يلقونه في البحر ” (2). وروي عن محمد بن عثمان العمري – رضي الله عنه – أنه قال: والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه. وروي عن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان العمري – رضي الله عنه – فقلت له: رأيت صاحب هذا الامر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: ” اللهم انجز لي ما وعدتني ” قال محمد بن عثمان – رضي الله عنه وأرضاه -: ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: ” الهم انتقم لي من أعدئك “. 3116 – وروي عن داود الرقي قال: ” دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ولي على رجل مال قد خفت تواه (3) فشكوت ذلك إليه، فقال لي: إذا صرت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن عبد الله طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن آمنة [ أم محمد ] طوافا وصل عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا، وصل عنها ركعتين، ثم ادع الله عز و جل أن يرد عليك مالك، قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمي


(1) مروى في الكافي ج 4 ص 543 في الموثق عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن آبائه عليهم السلام. (2) رواه الكليني ج 4 ص 547 عن أحمد بن محمد، عن على بن ابراهيم التيملى عن ابن اسباط، عن رجل من أصحابنا، وعلى بن ابراهيم التيملى مجهول الحال وليس له عنوان في كتب الرجال والتيملى المعروف هو الحسن بن على بن فضال فان صح فيدل على كون الملائكة أجسام لطيفه يمكنهم التشكل بشكل الادميين وأنه يمكن لغير النبي والوصى أن يراهم ولا يعرفهم وعلى استحباب التجارة بمنى ومكة وان أمكن المناقشة فيه كما قاله العلامة المجلسي. (3) توى – يتوى توى – المال: هلك وضاع وتلف.

[ 521 ]

واقف، يقول: يا داود حبستني تعال فاقبض مالك ” (1). 3117 – وقال أبو عبد الله عليه السلام وأبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ” من سهى عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله، ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب منه السعي ” (2). 3118 – وروى سعد بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: قلت: ” المحرم يشتري الجواري أو يبيع؟ فقال: نعم ” (2). 3119 – وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه السلام ” في رجل قدم مكة في وقت العصر، فقال: يبدأ بالعصر ثم يطوف ” (4). 3120 – وروى السكوني باسناده قال: قال علي عليه السلام ” في امرأة نذرت أن تطوف على أربع، فقال: تطوف اسبوعا ليديها واسبوعا لرجليها ” (5). 3121 – وقيل للصادق عليه السلام: ” رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله


(1) الخبر رواه الكليني ج 4 ص 544 بسند مجهول، ويدل على استحباب الطواف عن الموتى لاسيما الاكابر، ويدل على ايمان هؤلاء المذكورين كما هو مذهب الامامية وعلى جلالة مقامهم ورفعة شأنهم، وكذا يدل على أن الطواف عنهم يوجب استجابة الدعاء وتيسر الامور. (2) يدل على أنه من نسى الهرولة رجع القهقرى ولم نطلع على سنده وعمل به الاصحاب (م ت) أقول: ورواه الشيخ والتهذيب ج 1 ب 576 هكذا مرسلا. (3) رواه الكليني ج 4 ص 373 في الصحيح وعليه الفتوى. (4) الطريق صحيح ويدل على تقديم اليومية على الطواف. (م ت) (5) الطريق الى السكوني فيه النوفلي ولم يوثق ورواه الكليني ج 4 ص 429 بسند مجهول وعمل به الشيخ وجماعة في الرجل والمرأة وقالوا بوجوب الطوافين، وقال ابن ادريس ببطلان النذر، وفى المنتهى بالبطلان في الرجل والتوقف في المرأة لورود النص فيها، ولا يبعد القول بوجوب طواف واحد على الهيئة الشرعية لانعقاد النذر في أصل الطواف وعدمه في الهيئة لمرجوحيتها ولم أر من قال به هنا وان قيل في نظائره. (المرآة)

[ 522 ]

فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر ” (1) 3122 – وقال الصادق عليه السلام: ” دع الطواف وأنت تشتهيه ” (2). 3123 – وقال الهيثم بن عروة التميمي (3) لابي عبد الله عليه السلام ” إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة وإني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزيني؟ فقال: نعم “. 3124 – وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: ” إن أصحابنا يروون أن حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة، فقال:


(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 482 في الصحيح عن البزنطى عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه السلام والمشهور اشتراط طهارة الثوب والبدن في الطواف الواجب والمندوب وذهب بعض الاصحاب الى العفو ههنا عما يعفى عنه في الصلاة، ونقل عن ابن الجنيد وابن حمزة أنهما كرها الطواف في الثوب النجس، وقال في المدارك: هنا مسائل: الاول من طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لم يعف عنها مع العلم بها يبطل طوافه وهو موضع وفاق من القائلين باعتبار طهارة الثوب والجسد. الثانية من لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من طوافه كان طوافه صحيحا، وهو مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا. الثالثة من لم يعلم بالنجاسة ثم علم في أثناء الطواف وجب عليه ازالة النجاسة واتمام الطواف، واطلاق عبارة المحقق يقتضى عدم الفرق بين أن يقع العلم بعد اكمال أربعة أشواط أو قبل ذلك، وجزم الشهيدان بوجوب الاستيناف ان توقفت الازالة على فعل يستدعى قطع الطواف ولما يكمل أربعة أشواط نظرا الى ثبوت ذلك مع الحدث في أثناء الطواف، ولو قيل بوجوب الاستيناف مطلقا مع الاخلال بالموالاة الواجبة بدليل التأسي وغيره أمكن لقصور الروايتين المتضمنتين للبناء من حيث السند والاحتياط في البناء والاكمال ثم الاستيناف مطلقا. (2) أي لا تبالغ في كثرته حيث تمله فتطوف من غير نشاط، ورواه الكليني ج 4 ص 429 في الصحيح عن ابن أبى عمير عن محمد بن أبى حمزة عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام. (3) هو ثقة وتقدم الخبر مع بيانه تحت رقم 2836 في باب نوادر الطواف بنحو آخر ورواه الكليني ج 4 ص 428 نحوه في الصحيح عنه.

[ 523 ]

كان أبو الحسن عليه السلام إذا قضى نسكه عدل إلى قرية يقال لها ساية فحلق ” (1). 3125 – وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لاعدائكم وجمال لكم ” (2). 3126 – وروى محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” من ركب زاملة (3) ثم وقع منها فمات دخل النار ” (4). قال مصنف هذا الكتاب – رضي الله عنه – كان الناس يركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع عن راحلته من غير أن يتعلق بشئ من الرحل فنهوا عن ذلك لئلا يسقط أحدهم متعمدا فيموت فيكون قاتل نفسه ويستوجب بذلك دخول النار، فهذا معنى الحديث، وذلك أن الناس في أيام النبي صلى الله عليه وآله والائمة صلوات الله عليهم كانوا يركبون الزوامل فلا يمنعون ولا ينكر عليهم ذلك. 3127 – وأما الحديث الذي روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من ركب زاملة فليوص ” (5). فليس بنهي عن ركوب الزاملة، وإنما هو أمر بالاحتراز من السقوط وهذا مثل قول القائل: من خرج ألى الحج أو إلى الجهاد في سبيل الله فليوص، ولم يكن فيما مضى إلا الزوامل وإنما المحامل محدثة، ولم تعرف فيما مضى.


(1) قوله ” مثلة ” أي قبيح كالعقوبة والنكال، أو لا يكون الا في العقوبة كما في حلق رأس الزانى، فقال عليه السلام: لو كان مثلة لما فعله أبو الحسن موسى عليه السلام مع أنه كان دأبه أن يحلق رأسه بعد المراجعة عن مكة في قرية يقال لها: ساية مع قربها من مكة. (م ت) (2) تقدم تحت رقم 288 وللمؤلف بيان له هناك. (3) الزاملة: ما يحمل عليه من المطايا سواء كان من الابل أو من غيره، وفى النهاية الزاملة: البعير الذى يحمل عليه الطعام والمتاع. (4) ربما يحمل على ما إذا استكراه للحمل لا للركوب. (5) رواه الكليني ج 4 ص 542 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب ابن يزيد، عن ابن أبى عمير، عن بعض رجاله عن أبى عبد الله عليه السلام وفيه ” من ركب راحلة فليوص “.

[ 524 ]

3128 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن رجل أفرد الحج فلما دخل مكة طاف بالبيت ثم أتى أصحابه وهم يقصرون فقصر معهم ثم ذكر بعد ما قصر أنه مفرد للحج، فقال: ليس عليه شئ إذا صلى فليجدد التلبية ” (1). 3129 – وروي عن علي بن يقطين قال: ” سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن رجل يعطي خمسة نفر حجة واحدة، ويخرج فيها واحد منهم ألهم أجر؟ قال: نعم لكل واحد منهم أجر حاج. قال: فقلت: فأيهم أعظم أجرا؟ فقال: الذي نابه الحر والبرد (2)، وإن كان صرورة لم يجز ذلك عنهم، والحج لمن حج “. 3130 وروي عن منصور بن حازم قال: ” سأل سلمة بن محرز أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إني طفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أتيت منى فوقعت على أهلي ولم أطف طواف النساء، فقال: بئس ما صنعت فجهلني، فقلت: ابتليت فقال: لا شئ عليك ” (3). 3131 وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” امرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم ” (4).


(1) يدل على وجوب تجديد التلبية لو فعل ذلك ناسيا وتقدم. (2) الى هنا تقدم بلفظ آخر باب فضائل الحج تحت رقم 2241 مع بيانه وروى الكليني نحوه في الكافي ج 4 ص 312 الى قوله ” والبرد ” ويحتمل قريبا أن يكون الباقي من كلام المؤلف. (3) تقدم وقوله ” فجهلني ” أي نسبنى الى الجهل وقال: ان فعلك هذا وقع بسبب الجهالة ويمكن أن يراد بالابتلاء توجه ضرر لا يندفع الا بالجماع، وأن يراد به الفقر وعجزه عن – البدنة (مراد) أقول: روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 585 في الموثق كالصحيح عن زرارة قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال: عليه جزور سمينة، قلت: رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي، قال: عليه دم يهريقه من عنده “. وعليه الفتوى. (4) يمكن أن يكون التخيير بالنظر الى من يجب عليه أحدهما أو وقع تقية أو اخبارا بأنكم لا تبالون وان كان الواجب على المجاور تقديم الحج وعلى غيره تقديم العمرة وما ذكره المصنف أيضا حسن. (م ت)

[ 525 ]

قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: يعني العمرة المفردة فأما العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فلا يجوز إلا أن يبدأ بها قبل الحج، ولا يجوز أن يبدأ بالحج قبلها إلا أن لا يدرك المتمتع ليلة عرفة فيبدأ بالحج ثم يعتمر من بعده. 3132 وقال الصادق عليه السلام: ” أول ما يظهر القائم عليه السلام من العدل أن ينادي مناديه أن يسلم أصحاب النافلة لاصحاب الفريضة الحجر الاسود والطواف بالبيت ” (1) 3133 وروي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” مقام يوم قبل الحج أفضل من مقام يومين بعد الحج ” (2). وقد أخرجت هذه النوادر مسندة مع غيرها من النوادر في كتاب جامع نوادر الحج. باب * (سياق مناسك الحج) * إذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك وصل ركعتين (3) ومجد الله كثيرا وصل على محمد وآله، وقل: ” اللهم إني أستودعك اليوم ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي (4) الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي،


(1) رواه الكليني ج 4 ص 427 مسندا عن البزنطى عن رجل عن أبى عبد الله عليه السلام ويدل على استحباب عدم مزاحمة من يطوف مستحبا لمن يطوف واجبا في استلام الحجر وفى أصل الطواف إذا كان الطائف كثيرا. (م ت) (2) أي بمكة، ولعل وجه ذلك أنه حينئذ اما محرم باحرام العمرة أو مرتبط باحرام الحج (مراد) وقال سلطان العلماء: لعله لاجل التلبس بالاحرام وما في حكمه – انتهى، أقول: روى الكليني ج 4 ص 430 في الصحيح عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج ” يعنى بالعشر عشر ذى الحجة. (3) راجع الكافي ج 4 ص 283. (4) الحزانة – بضم المهملة والتخفيف -: عيال الرجل الذين يحزنه أمرهم.

[ 526 ]

اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك، عز جارك (1) وجل ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا “. فإذا خرجت من منزلك فقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب (2) وسوء المنظر في الاهل والمال والولد، اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني، اللهم اقطع عني بعده ومشقته وأصحبني فيه واخلفني في أهلى بخير ” (3). فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل: ” الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وعلمنا القرآن، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل على الظهر، والمستعان على الامر، وأنت الصاحب في السفر، والخليفة في الاهل والمال والولد (4)، اللهم أنت عضدي وناصري “. فإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك: ” خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني وقوة ولكن بحول الله وقوته، برئت إليك يا رب من الحول والقوة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي وأنا خائض في عافية بقوتك وقدرتك، اللهم إني سرت في سفري بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك


(1) أي عز من أجرته من أن يظلمه ظالم. (2) وعثاء السفر: مشقته، وكآبة المنقلب: الرجوع من السفر بالغم والحزن والانكسار. (3) أي كن عوضي في أهلى في ايصال الخيرات إليهم ومنع السوء عنهم. (4) هاتان الصفتان مما لا يجتمعان في واحد سوى الله تعالى وفى كلام أمير المؤمنين عليه السلام ” اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الاهل ولا يجمعهما غيرك لان المستخلف لا يكون مستصحبا والمستصحب لا يكون مستخلفا “.

[ 527 ]

ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا ” (1). وعليك في طريقك بتقوى الله تعالى وإيثار طاعته واجتناب معصيته واستعمال مكارم الاخلاق والافعال، وحسن الخلق، وحسن الصاحبة لمن صحبك، وكظم الغيظ وأكثر من تلاوة القرآن وذكر الله عزوجل والدعاء. فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه عليه السلام وقت لاهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة وآخر ذات عرق وأوله أفضل، ووقت لاهل الطائف قرن المنازل، ووقت لاهل اليمن يلملم ولاهل الشام المهيعة وهي الجحفة ولاهل المدينة ذا الحليفة وهي مسجد الشجرة، فاغتسل بعد أن تقلم أظافيرك وتأخذ من شاربك وتنتف إبطيك وتتنور. وقل إذا اغتسلت: ” بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف، وشفاء من كل داء وسقم، اللهم طهرني وطهر لي قلبي واشرح لي صدري، وأجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك فإنه لا قوة لي إلا بك، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لامرك والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله ” ثم البس ثوبي إحرامك وقل: ” الحمد لله الذي رزقني ما اواري به عورتي واؤدي به فرضي وأعبد فيه ربي وأنتهي فيه إلى ما أمرني، الحمد لله الذي قصدته فبلغني وأردته فأعانني، وقبلني ولم يقطع بي، ووجه أردت فسلمني، فهو حصني وكهفي وحرزي وظهري وملاذي وملجأي ومنجاي وذخري وعدتي في شدتي ورخائي “. وصل للاحرام ست ركعات وتوجه في الاولي منها واقرأ في كل ركعتين في الاولى الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون وتقنت في الثانية من كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة، وتسلم في كل ركعتين. وإن شئت صليت ركعتين للاحرام على ما وصفت. وأفضل الساعات للاحرام عند زوال الشمس فلا يضرك في أي الساعات أحرمت عند طلوع الشمس وعند غروبها (2). وإن كان وقت صلاة فريضة فصل هذه الركعات


(1) حتى ترضى بالواجبات وبعد الرضا بالمندوبات والنوافل. (م ت) (2) في الكافي ج 3 ص 288 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: ” سمعت أبا عبد الله =

[ 528 ]

قبل الفريضة ثم صل الفريضة وأحرم في دبرها ليكون أفضل، فإذا فرغت من صلاتك فاحمد الله عزوجل واثن عليه بما هو أهله وصل على نبيه محمد وآله وسلم، ثم قل: ” اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك فاني عبدك وفي قبضتك، لا اوقي إلا ما وقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت، اللهم إني اريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه و آله، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي اللهم وإن لم يكن حجة فعمرة احرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي و مخي وعصبي من النساء والطيب أبتغي بذلك وجهك الكريم والدار الآخرة ” (1) و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم. * (التلبية) * ثم لب بالتلبيات الاربع سرا (2) وهي المفروضات (3) تقول ” لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك ” هذه الاربع مفروضات، ثم قم فامض هنيئة فإذا استوت بك الارض راكبا كنت أو ماشيا فأعلن التلبية وارفع صوتك بها، وإن كنت أخذت على طريق المدينة وأحرمت من مسجد =


عليه السلام يقول: خمس صلوات لا تترك على كل حال: إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة ” وفى الموثق عن أبى بصير عنه عليه السلام قال: ” خمس صلوات تصليهن في كل وقت: صلاة الكسوف، والصلاة على الميت، وصلاة الاحرام، والصلاة التى تفوت، وصلاة الطواف من الفجر الى طلوع الشمس وبعد العصر الى الليل “. (1) تقدم مسندا راجع ص 318 الى 327. (2) كما هو المشهور بين الاصحاب من أن التلبية بمنزلة التكبيرة للاحرام في وجوب المقارنة وحملوا ما ورد في الاخبار الصحيحة في التأخير الى البيداء وغيرها على التلبية جهرا فالاحواط أن يلبى سرا بعد النية ويجهر بها بعده في المواضع التى تقدمت. (م ت) (3) يظهر منه أنه يقول بوجوب الزيادة وتقدم الكلام فيه.

[ 529 ]

الشجرة فلب سرا بهذه التلبيات الاربع المفروضات حتى تأتي البيداء وتبلغ الميل الذي على يسار الطريق، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية ولا تجز الميل إلا ملبيا وتقول: ” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك بيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك ذا المعارج، لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك، لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام، لبيك لبيك غفار الذنوب، لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك، لبيك لبيك أنت الغنى ونحن الفقراء إليك، لبيك لبيك ذا الجلال ولاكرام لبيك لبيك إله الحق، لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل، لبيك لبيك كشاف الكرب العظام، لبيك لبيك عبدك وابن عبديك، لبيك لبيك يا كريم، لبيك لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد، لبيك لبيك بحجة وعمرة معا لبيك لبيك هذه عمرة متعة إلى الحج، لبيك لبيك أهل التلبية، لبيك لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك لبيك “. تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك، أو علوت شرفا، أو هبطت واديا، أو لقيت راكبا، أو استيقظت من منامك، أو ركبت أو نزلت وبالاسحار، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أنها أفضل إلا المفروضات فلا تترك منها شيئا، وأكثر من ” ذي المعارج “. فإذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون (1) أو من فخ وإن اغتسلت في منزلك بمكة فلا بأس، وقل عند دخول الحرم: ” اللهم إنك قلت في كتابك المنزل وقولك الحق ” وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق “


(1) روى الكليني ج 4 ص 400 باسناده القوى عن عجلان أبى صالح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا انتهيت الى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل واخلع نعليك وامش حافيا وعليك السكينة والوقار ” وفى الحسن كالصحيح عن الحلبي قال: ” أمرنا أبو عبد الله عليه السلام أن نغتسل من فخ قبل أن ندخل مكة “. وبئر ميمون بمكة عندها قبر أبى جعفر المنصور. وفخ بئر قريبة من مكة على نحو فرسخ عندها كانت واقعة فخ حيث استشهد الحسين ابن على بن الحسين عليهما السلام مع جماعة من أهل البيت في أيام الهادى العباسي.

[ 530 ]

اللهم وإني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك، وقد جئت من شقة بعيدة ومن فج عميق سامعا لندائك ومستجيبا لك، مطيعا لامرك، وكل ذلك بفضلك علي وإحسانك إلي فلك الحمد على ما وفقتني له، أبتغي بذلك الزلفة عندك، والقربة إليك، والمنزلة لديك، والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي منها بمنك، اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار، وآمني من عذابك وعقابك برحمتك [ يا أرحم الراحمين ] “. فإذا نظرت إلى بيوت مكه فاقطع التلبية، وحدها عقبة المدنين أو بحذائها (1). ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلي عريش مكة وهي عقبة ذي طوى وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح والصلاة على النبي [ محمد ] وآله. * (دخول مكة) * فإذا إردت دخول مكة فاجهد أن تدخلها على غسل بسكينة ووقار (2). * (دخول المسجد الحرام) * فإذا أردت أن تدخل المسجد الحرام فادخل من باب بني شيبة حافيا، وأدخل رجلك اليمنى قبل اليسرى، وعليك السكينة والوقار فإنه من دخله بخشوع غفر له، وقل وأنت على باب المسجد: ” السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله، والسلام على رسول الله وآله، والسلام على إبراهيم وآله، والسلام على أنبياء الله ورسله، والحمد لله رب العالمين ” (3). * (النظر الى الكعبة) * فإذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل: ” الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك وجعلك مثابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين “.


(1) كما في خبر معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 399. (2) كما تقدم في خبر عجلان آنفا. (3) راجع صحيحة معاوية بن عمار المروية في الكافي ج 4 ص 401.

[ 531 ]

* (النظر الى الحجر الاسود) * ثم انظر إلى الحجر الاسود واستقبله بوجهك وقل ” الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، ويميت ويحيي وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير، اللهم صل على محمد وآل محمد (1)، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلام على جميع النبين والمرسلين والحمد الله رب العالمين، اللهم إني اومن بوعدك، واصدق رسلك، وأتبع كتابك “. * (استلام الحجر الاسود) * ثم استلم الحجر الاسود وقبله في كل شوط، فان لم تقدر عليه فافتح به واختم به، فان لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى وقبلها، فإن لم تقدر عليه عليه فأشر إليه بيدك وقبلها وقل: ” أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وعبادة الشيطان وعبادة الاوثان وعبادة كل ند يدعى من دون الله عزوجل (2) “. * (الطواف) * ثم طف بالبيت سبعة أشواط وقبل الحجر في كل شوط وقارب بين خطاك، فإذا بلغت باب البيت فقل: ” سائلك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة اللهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ المستجير


(1) كما روى أبو بصير عن أبى عبد الله عليه السلام راجع الكافي ج 4 ص 403. (2) راجع الكافي ج 4 ص 404 وقال في الدروس: يستحب استلام الحجر ببطنه وبدنه أجمع، فان تعذر فبيده فان تعذر أشار إليه بيده يفعل ذلك في ابتداء الطواف وفى كل شوط، ويستحب تقبيله، وأوجبه السلار، ولو لم يتمكن من تقبيله استلمه بيده ثم قبلها ويستحب وضع الخد عليه وليكن ذلك في كل شوط وأقله الفتح والختم. (المرآة)

[ 532 ]

بك من النار، فأعتقني ووالدي وأهلي وولدي وإخواني المؤمنين من النار، يا جواد يا كريم “. فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: ” اللهم أعتق رقبتي من النار، ووسع علي من الرزق الحلال، وادرأ عني شر فسقه العرب والعجم وشر فسقه الجن والانس ” (1) وتقول وأنت تجوز: ” اللهم إني إليك فقير، وإني منك خائف ومستجير فلا تبدل اسمي، ولا تغير جسمي ” (2). * (القول في الطواف) * وتقول في طوافك: ” اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء كما يمشي به على جدد الارض (3)، وأسألك باسمك المخزون المكنون عندك، وأسألك باسمك الاعظم الاعظم الاعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به اعطيت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي – كذا وكذا – “. فإذا بلغت الركن اليماني فالتزمه وقبله (4) وصل على النبي محمد وآله في كل شوط.


(1) في الكافي ج 4 ص 407 عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” كان على بن الحسين عليهما السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثم يقول: اللهم أدخلني الجنة برحمتك – وهو ينظر الى الميزاب – وأجرني برحمتك من النار وعافنى من السقم وأوسع على من الرزق الحلال وادرأ عنى شر فسقة الجن والانس وشر فسقة العرب والعجم “. (2) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 407. (3) الطل – بالطاء المهملة – محركة -: الظهر، ومشى على طلل الماء أي على ظهره (القاموس) والجدد – محركة -: الارض الغليظة المستوية، والى هنا رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 406 من حديث معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) كما في خبر زيد الشحام قال: ” كنت أطوف مع أبى عبد الله عليه السلام وكان إذا انتهى الى الحجر مسحه بيده وقبله وإذا انتهى الى الركن اليماني التزمه، فقلت: جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أتيت الركن اليماني الا وجدت =

[ 533 ]

* (القول بين الركن اليماني والركن الذى فيه الحجر الاسود) * وقل بين هذين الركنين: ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا برحمتك عذاب النار ” (1). * (الوقوف بالمستجار) * فإذا كنت في الشوط السابع فقف بالمستجار – وهو مؤخر الكعبة مما يلي الركن اليماني بحذاء باب الكعبة – فابسط يديك على البيت وألزق خدك وبطنك بالبيت وقل: ” اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار، اللهم إني حللت بفنائك فاجعل قراي مغفرتك، وهب لي ما بيني وبينك، واستوهبني من خلقك ” وادع بما شئت ثم أقر لربك بذنوبك وقل ” اللهم من قبلك الروح والراحة والفرح والعافية، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك، أستجير بالله من النار ” وتكثر لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم استلم الركن الذي فيه الحجر الاسود (2) وقبله واختم به وإن لم تستطع =


جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه “. وباسناده عن غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: ” كان رسول الله (ص) لا يستلم الا الركن الاسود واليماني ثم يقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبى يفعله “. (1) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 407، وفى صحيحة عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: يستحب أن تقول بين الركن والحجر ” اللهم آتنا في الدنيا – ثم ذكر نحوه “. (2) روى الكليني ج 4 ص 411 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة – وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل – فابسط يديك على البيت والصق بطنك وخدك بالبيت وقل:: اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ بك من النار ” ثم أقر لربك بما عملت فانه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان الا غفر الله له ان شاء الله، وتقول: ” اللهم من قبلك الروح والفرح والعافية، اللهم ان عملي ضعيف فضاعفه لى واغفر لى ما اطلعت عليه منى وخفى على خلقك ” ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء، ثم استلم الركن اليماني، ثم ائت الحجر الاسود “.

[ 534 ]

ذلك فلا يضرك غير أنه لا بد من أن تفتح بالحجر الاسود وتختم به وتقول، ” اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني “. * (مقام ابراهيم عليه السلام) * ثم ائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل فيه ركعتين واجعله أمامك (1) وأقرأ في الاولى منهما الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، ثم تشهد وسلم واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله، واسأل الله تعالى أن يتقبله منك وأن لا يجعله آخر العهد منك، فهاتان الركعتان هما الفريضة وليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها، فإنما وقتهما عند فراغك من الطواف ما لم يكن وقت صلاة مكتوبة، فإن كان وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها ثم صل ركعتي الطواف، فإذا فرغت من الركعتين فقل: ” الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهى الحمد إلى ما يحب ربي ويرضى، اللهم صل على محمد وآل محمد، وتقبل منى، وطهر قلبي وزك عملي ” واجتهد في الدعاء واسأل الله عزوجل أن يتقبل منك، ثم ائت الحجر الاسود واستلمه وقبله أو امسحه بيدك، أو أشر إليه وقل ما قلته أو لا فإنه لابد من ذلك (2). * (الشرب من ماء زمزم) * فان قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل وتقول حين تشرب: ” اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء وسقم (3) إنك قادر يا رب العالمين “.


(1) في الكافي ج 4 ص 423 في صحيحة معاوية بن عمار ” إذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم عليه السلام فصل ركعتين واجعله أماما واقرأ – الخ “. (2) راجع الكافي ج 4 ص 430 صحيحة معاوية بن عمار. (3) في الكافي ذيل صحيحة معاوية بن عمار قال: ” ان قدرت أن تشرب – ثم ساق الى هنا وقال بعد ذلك -: ” قال: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين نظر الى زمزم: لو لا أن أشق على أمتى لاخذت منه ذنوبا أو ذنوبين “. والذنوب الدلو العظيم.

[ 535 ]

* (الخروج الى الصفا) * ثم اخرج إلى الصفا وقم عليه حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحج واحمد الله عزوجل واثن عليه واذكر من آلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت عليه ثم قل: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ” ثلاث مرات وتقول: ” اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة ” ثلاث مرات، وتقول: ” اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” ثلاث مرات، وتقول: الحمد لله – مائة مرة – والله أكبر – مائة مرة – وسبحان الله – مائة مرة – ولا إله إلا الله – مائة مرة – وأستغفر الله وأتوب إليه – مائة مرة -. وصل على محمد وآل محمد – مائة مرة – (1)، وتقول: ” يا من لا يخيب سائله ولا ينفد نائله صل على محمد وآل محمد، وأعذني من النار برحمتك ” وادع لنفسك ما أحببت، وليكن وقوفك على الصفا أول مرة أطول من غيرها.


(1) في الكافي ج 4 ص 431 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ” ثم اخرج الى الصفا من الباب الذى خرج منه رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الباب الذى يقابل الحجر الاسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار فاصعد على الصفا حتى تنظر الى البيت وتستقبل الركن الذى فيه الحجر الاسود واحمد الله واثن عليه ثم اذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع اليك ما قدرت على ذكره، ثم كبر الله سبعا واحمده سبعا وهلله سبعا، وقل: لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حى لا يموت وهو على كل شئ قدير – ثلاث مرات – ” ثم صل على النبي (ص) وقل ” الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا، والحمد لله الحى القيوم، والحمد لله الحى – الدائم ثلاث مرات – وقل ” أشهد أن لا اله الا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون – ثلاث مرات – اللهم انى اسألك الى قوله – وقنا عذاب النار ثلاث مرات، ثم كبر الله مائة مرة وهلل مائة مرة واحمد مائة مرة وسبح مائة مرة، وتقول: ” لا اله الا الله وحده، انجز وعده ونصر عبده وغلب الاحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده وحده، اللهم بارك لى في الموت وفى ما بعد الموت اللهم انى أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته اللهم أظلنى في ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك “.

[ 536 ]

ثم انحدر وقف على المرقاة الرابعة حيال الكعبة وقل: ” اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته وغربته ووحشته وظلمته وضيقه وضنكه، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك “. ثم انحدر عن المرقاة وأنت كاشف عن ظهرك وقل: ” يا رب العفو، يا من أمر بالعفو، يا من هو أولى بالعفو، يا من يثيب على العفو، العفو العفو العفو، يا جواد يا كريم يا قريب يا بعيد اردد علي نعمتك، واستعملني بطاعتك ومرضاتك ” ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تصير إلى المنارة وهي طرف المسعى فاسع ملء فروجك (1) وقل: ” بسم الله والله أكبر، اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، انك انت الاعز الاكرم (2) واهدني للتي هي أقوم اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، وتقبل مني، اللهم لك سعيي وبك حولي وقوتي، فتقبل عملي يا من يقبل عمل المتقين ” فإذا جزت زقاق العطارين فاقطع الهرولة وامش على سكون ووقار وقل: ” يا ذا المن والطول والكرم والنعماء والجود صل على محمد وآل محمد واغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا كريم “. فإذا أتيت المروة فاصعد عليها وقم حتى يبدو لك البيت وادع كما دعوت على الصفا واسأل الله عزوجل حوائجك وقل في دعائك: ” يامن أمر بالعفو، يامن يجزي على العفو، يامن دل على العفو، يامن زين العفو، يامن يثيب على العفو يامن يحب العفو، يامن يعطي على العفو، يامن يعفو على العفو، يا رب العفو العفو العفو العفو ” وتضرع إلى الله عزوجل وابك، فإن لم تقدر على البكاء فتباك واجهد أن تخرج من عينيك الدموع ولو مثل رأس الذباب، واجتهد في الدعاء، ثم انحدر عن المروة إلى الصفا وأنت تمشي، فإذا بلغت زقاق العطارين فاسع ملء فروجك إلى المنارة الاولى التي تلي الصفا، فإذا بلغتها فاقطع الهرولة وامش حتى


(1) يعنى اسرع في مسيرك، جمع فرج وهو ما بين الرجلين، يقال للفرس ملا فرجه و فروجه إذا عدى وأسرع وبه سمى فرج الرجل والمرأة لانه ما بين الرجلين. (الوافى) (2) راجع الكافي ج 4 ص 434 حسنة معاوية بن عمار.

[ 537 ]

تأتي الصفا وقم عليه (1)، واستقبل البيت بوجهك وقل مثل ما قلته في الدفعة الاولى، [ ثم انحدر إلى المروة فافعل ما كنت فعلته، وقل مثل ما كنت قلته في الدفعة الاولى ] حتى تأتي المروة، فطف بين الصفا والمروة سبعة أشواط يكون وقوفك على الصفا أربعا وعلى المروة أربعا والسعي بينهما سبعا تبدأ بالصفا وتختم بالمروة. ومن ترك الهرولة في السعي حتى صار في بعض المكان لم يحول وجهه ورجع القهقرى حتى يبلغ الموضع الذي ترك معه الهرولة، ثم يهرول منه إلى الموضع الذي ينبغي له أن يقطها فيه إن شاء الله تعالى. * (التقصير) * فإذا فرغت من سعيك فانزل من المروة وقصر من شعر رأسك من جوانبه ومن حاجبيك ومن لحيتك وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه، ويجوز لك أن تطوف بالبيت تطوعا ما شئت، ولا بأس أن تصلي ركعتي طواف التطوع حيث شئت من المسجد وإنما لا يجوز أن تصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند المقام (2). فإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك، وادخل المسجد الحرام حافيا، وعليك السكينة والوقار فطف بالبيت اسبوعا تطوعا، وإن شئت فصل ركعتين لطوافك


(1) روى الكليني عن سماعة في الموثق قال: ” سألته عن السعي بين الصفا والمروة، قال: إذا انتهيت الى الدار التى على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهى الى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي الى المروة فإذا انتهيت إليه فكف عن السعي وامش مشيا، وإذا جئت من عند المروة فابدء من عند الزقاق الذى وصفت لك، فإذا انتهيت الى الباب الذى من قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا، فانما السعي على الرجال وليس على النساء سعى “، يعنى بالسعي السرعة دون العدو. (2) في الكافي ج 4 ص 424 عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ” لا ينبغى أن تصلى ركعتي طواف الفريضة الا عند مقام ابراهيم عليه السلام، فاما التطوع فحيث شئت من المسجد ” وقوله ” لا ينبغى ” ظاهره الكراهة وحمل في المشهور على الحرمة. (المرآة)

[ 538 ]

عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر، واقعد تزول الشمس، فإذا زالت الشمس فصل ست ركعات قبل الفريضة، ثم صل الفريضة واعقد الاحرام في دبر الظهر وإن شئت في دبر العصر بالحج مفردا تقول: ” لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع كتابك وأمرك فاني عبدك وفي قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، اللهم إني اريد ما أمرت به من الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله فقوني على ما ضعفت عنه ويسره لي وتقبلة مني وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك وحجاج بيتك الذين رضيت عنهم وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم ارزقني قضاء مناسكي في يسر منك وعافية وأعني عليه وتقبله مني، اللهم وإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي واصرف عني سوء القضاء وسوء القدر أحرم لك وجهي وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظامي وعصبي من النساء والطيب والثياب اريد بذلك وجهك الكريم، والدار الآخرة ” ثم لب سرا بالتلبيات الاربع المفروضات إن شئت قائما، وإن شئت قاعدا، وإن شئت على باب المسجد وأنت خارج عنه مستقبل الحجر الاسود، تقول: ” لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ” ثم توجه وعليك السكينة والوقار بالتسبيح والتهليل وذكر الله عزوجل، فإذا بلغت الرقطاء دون الردم وهو ملتقى الطريقين حتى تشرف على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى (1).


(1) روى الكليني ج 4 ص 454 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل والبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس وصل المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحج =

[ 539 ]

ولب مثل ما لبيت في العمرة وأكثر من ” ذي المعارج “، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر منها، وتقول وأنت متوجه إلى منى اللهم إياك أرجو، وأياك أدعو فبلغني أملي، وأصلح لي عملي “. فإذا أتيت منى فقل: ” الحمد الله الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان، اللهم وهذه منى وهي مما مننت به على أوليائك من المناسك فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك ” ثم صل بها المغرب والعشاء الآخرة والفجر في مسجد الخيف (1)، ولتكن صلاتك فيه عند المنارة التي في وسط المسجد وعلى ثلاثين ذراعا من جميع جوانبها فذاك مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومصلى الانبياء الذين صلوا فيه قبله عليهم السلام، وما كان خارجا من ثلاثين ذراعا حولها من كل جانب فليس من =


ثم امض وعليك السكينة والوقار، فإذا انتهيت الى الرفضاء (وفى التهذيب الرقطاء) دون الردم فلب، فإذا انتهيت الى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى “. وفى رواية أبى بصير ” اغتسل والبس ثوبيك ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم وتدعو الله وتسأله العون وتقول: ” اللهم انى أريد الحج فيسره لى وحلنى حيث حسبتني لقدرك الذى قدرت على ” وتقول: ” أحرم لك شعرى وبشرى ولحمي ودمى من النساء والطيب والثياب اريد بذلك وجهك والدار الاخرة وحلنى حيث حبستنى لقدرك الذى قدرت على ثم تلب من المسجد الحرام كما لبيت حين أحرمت – الخ “، وفى الصحيح عن عمرو بن حريث الصيرفى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” من أين أهل بالحج؟ فقال: ان شئت من رحلك وان شئت من الكعبة وان شئت من الطريق “. (1) روى الكليني ج 4 ص 461 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا انتهيت الى منى فقل: ” اللهم هذه منى وهى مما مننت بها علينا من المناسك فأسألك أن تمن علينا بما مننت به على أنبيائك، فانما أنا عبدك وفى قبضتك ” ثم تصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة والفجر، والامام يصلى بها الظهر لا يسعه الا ذلك وموسع عليك أن تصلى بغيرها ان لم تقدر ثم تدركهم بعرفات، قال: وحد منى من العقبة الى وادى محسر “.

[ 540 ]

المسجد (1). * (الغدو الى عرفات) * (2) ثم امض إلى عرفات وقل أنت متوجه إليها: ” اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك أردت، وقولك صدقت، وأمرك اتبعت، اسألك أن تبارك لي في أجلي (3)، وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني ” ثم تلب وأنت مار إلى عرفات، ولا تخرج من منى قبل طلوع الفجر بوجه (4). فإذا اتيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة قريبا من المسجد فإن ثم ضرب النبي صلى الله عليه وآله خبأه وقبته، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية (5) واغتسل وصل به الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، وإنما تتعجل في الصلاة وتجمع بينهما


(1) روى الكليني ج 4 ص 519 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه – السلام قال: ” صل في مسجد الخيف وهو مسجد منى وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التى في وسط المسجد وفوقها الى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك، فقال: فتحر ذلك فان استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فانه قد صلى فيه ألف نبى، وانما سمى الخيف لانه مرتفع عن الوادي وما ارتفع عنه يسمى خيفا “. (2) يعنى المضى في الغداة إليها. (3) كذا هو الصواب. (4) تقدم أن المستحب أن لا تخرج الا بعد طلوع الشمس ويجوز التقديم للمشاة والخائف من الزحام وغيرهما من أصحاب الاعذار. (م ت) (5) روى الكليني ج 4 ص 462 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال: ” الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس ” وفى الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام: ” قطع رسول الله صلى الله عليه وآله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة، وكان على بن الحسين عليهما السلام يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة، قال أبو عبد الله عليه السلام: فإذا قطعت التلبية فعليك بالتهليل والتحميد والتمجيد والثناء على الله عزوجل “.

[ 541 ]

لتفرغ للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة (1). ثم ائت الموقف وعليك السكينة والوقار، فقف بسفح الجبل (2) في ميسرته وادع بدعاء الموقف (3) وادع لابويك كثيرا واستوهبهما من ربك عزوجل، ولا تقف إلا وأنت على طهر وقد اغتسلت ولا تفض منها حتى تغيب الشمس، فإنك إن أفضت قبل غروبها لزمك دم شاة (4). * (دعاء الموقف) * 3134 – روى زرعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت وسبح الله تعالى مائة مرة، وكبر الله تعالى مائة مرة، وتقول: ” ما شاء الله لا قوة إلا بالله ” مائة مرة، وتقول: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، بيده خير وهو على كل شئ قدير ” مائة مرة، ثم تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة، ثم تقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرأت، وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها، ثم تقرأ آية السخرة


(1) في الكافي ج 4 ص 461 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا غدوت الى عرفة فقل وأنت متوجه إليها: ” اللهم اليك صمدت، واياك اعتمدت، ووجهك أردت، فأسألك أن تبارك لى في رحلتي، وأن تقضى لى حاجتى، وأن تجعلني اليوم ممن تباهى به من هو أفضل منى ” ثم تلب وأنت غاد الى عرفات، فإذا انتهيت الى عرفات فاضرب خبأك بنمرة – ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة – فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر والعصر بأذان واحد واقامتين، وانما تعجل العصر ويجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فانه يوم دعاء ومسألة “. (2) أي المواضع السوية تحته ولا تقف فوقه ولا على التلال كما تقدم (م ت) وفى رواية مسمع عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” عرفات كلها موقف وأفضل الموقف سفح الجبل “، وفى الكافي ج 4 ص 463 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قف في ميسرة الجبل فان رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بعرفات في ميسرة الجبل الخبر “. (3) راجع الكافي ج 4 ص 464 وفيه دعاء غير ما يأتي عن زرعة عن أبى بصير. (4) تقدم أخبار في أن عليه بدنة وهو أحوط راجع ص 467 الهامش الرابع.

[ 542 ]

” إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا – إلى آخرها ” ثم تقرأ: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس حتى تفرغ منهما، ثم تحمد الله عزوجل على كل نعمة أنعم عليك وتذكر أنعمه واحدة واحدة ما أحصيت منها، وتحمده على ما أنعم عليك من أهل أو مال، وتحمد الله عزوجل على ما أبلاك وتقول: ” اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد ولا تكافى بعمل ” وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، وتكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن، وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر منه وتجتهد فيه، وتدعو الله عزوجل بكل اسم سمى به نفسه في القرآن وبكل اسم تحسنه، وتدعوه بأسمائه التي في آخر الحشر، وتقول: ” اسالك يا الله يا رحمن بكل اسم هو لك وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك، وبجميع ما أحاط به علمك، وبجمعك وبأركانك كلها، وبحق رسولك صلواتك عليه وآله وباسمك الاكبر الاكبر، وباسمك العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن تجيبه وباسمك الاعظم الاعظم الاعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده وأن تعطيه ما سأل أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في ” وتسأل الله تعالى حاجتك كلها من أمر الآخرة والدنيا، وترغب إليه في الوفادة في المستقبل وفي كل عام، وتسأل الله الجنة سبعين مرة، وتتوب إليه سبعين مرة وليكن من دعائك ” اللهم فكني من النار وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عنى شر فسقة الجن والانس، وشر فسقة العرب والعجم “. فإن نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخرة ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة. 3135 – وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ألا اعلمك دعاء يوم عرفة وهو دعاء من كان قبلي من الانبياء؟ فقال علي عليه السلام: بلى يا رسول الله، قال: فتقول: ” لا إله إلا الله وحده


[ 543 ]

لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شئ قدير، اللهم لك، الحمد أنت كما تقول وخير ما يقول القائلون، اللهم لك صلاتي وديني ومحياي ومماتي، ولك تراثي وبك حولي ومنك قوتي، اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن وسواس الصدر ومن شتات الامر ومن عذاب النار ومن عذاب القبر، اللهم إني أسألك من خير ما تأتي به الرياح وأعوذ بك من شر ما تأتي به الرياح، وأسألك خير الليل وخير النهار “. 3136 – وفي رواية عبد الله بن سنان: ” اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي [ نورا ] وفي بصري نورا وفي لحمي ودمي وعظامي وعروقي ومفاصلي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نورا، وأعظم لي نورا يا رب يوم ألقاك إنك على كل شئ قدير “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذا الدعاء تام كاف لموقف عرفة وقد أخرجت دعاء جامعا لموقف عرفة في كتاب دعاء الموقف فمن أحب أن يدعو به دعا به إن شاء الله تعالى. * (الافاضة من عرفات) * فإذا غربت الشمس يوم عرفة فامش وعليك السكينة والوقار، وأفض بالاستغفار فإن الله عز وجل يقول: ” ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ” (1). 3137 – وروى زرعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل: ” اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه أبدا ما ابقيتني، واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي، مرحوما مغفورا لي بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام، واجعلني اليوم من أكرم وفدك عليك، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة [ والعافية ] والرحمة والرضوان والمغفرة، وبارك لي فيما أرجع إليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير وبارك لهم في ” (2).


(1) كما في خبر معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 467. (2) الخبر الى هنا في التهذيب ج 1 ص 499 باب الافاضة من عرفات.

[ 544 ]

فإذا أفضت فاقتصد في السير وعليك بالدعة واترك الوجيف (1) الذي يصنعه كثير من الناس في الجبال والاودية، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكف ناقته حتى تبلغ رأسها الورك ويأمر بالدعة، وسنتة السنة التي تتبع. (2) فإذا انتهيت إلى الكثيب الاحمر وهو عن يمين الطريق فقل: ” اللهم ارحم موقفي، وبارك لي في علمي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي “. فإذا أتيت مزدلفة وهي جمع فانزل في بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر الحرام، فإن لم تجد فيه موضعا فلا تجاوز الحياض التي عند وادي محسر فإنها فصل ما بين جمع ومنى، وصل المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ثم صل نوافل المغرب بعد العشاء، ولا تصل المغرب ليلة النحر إلا بالمزدلفة، وإن ذهب ربع الليل إلى ثلثه وبت بمزدلفة، وليكن من دعائك فيها (3) ” اللهم هذه جمع فاجمع لي فيها جوامع الخير كله، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي وعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي وهب لي جوامع الخير واليسر كله ” وإن استطعت أن لا تنام تلك الليلة فافعل، فإن أبواب السماء لا تغلق لاصوات المؤمنين لها (4) دوي


(1) الوجيف: الاضطراب والسرعة في المشى. (2) الورك: ما فوق الفخذ، وهى مؤنثة. والدعة: الخفض والسعة والسير اللين والسكينة والوقار. (3) روى الكليني ج 4 ص 46 9 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال: ” لا تصل المغرب حتى تأتى جمعا فتصلى بها المغرب والعشاء الآخرة باذان واحد واقامتين، وانزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر، ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله ولا يجاوز الحياض ليلة المزدلفة، وتقول: ” اللهم هذه جمع، اللهم انى أسألك أن يجمع لى فيها جوامع الخير، اللهم لا تؤيسنى من الخير الذى سألتك أن تجمعه لى في قلبى وأطلب اليك أن تعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي هذا، وأن تقيني جوامع الشر ” وان استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فانه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوى كدوى النحل يقول الله جل ثناؤه، أنا ربكم وأنتم عبدى أديتم حقى وحق على أن أستجيب – الى آخر ما في المتن “. (4) أي للاصوات.

[ 545 ]

كدوي النحل يقول الله تبارك وتعالى: ” أنا ربكم وأنتم عبادي يا عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه [ ذنوبه ] ويغفر ذنوبه لمن أراد أن يغفر له. * (أخذ حصى الجمار من جمع) * وخذ حصى الجمار من جمع، وإن شئت أخذتها من رحلك بمنى، ولا تأخذ من حصى الجمار الذي قد رمي، ولا تكسر الاحجار كما يفعل عوام الناس، ولا بأس أن تأخذ حصى الجمار من حيث شئت من الحرم إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف وتكون منقطة كحلية مثل الانملة أو مثل حصى الخذف (1) واغسلها وهي سبعون حصاة وشدها في طرف ثوبك واحتفظ بها (2). * (الوقوف بالمشعر الحرام) * فإذا طلع الفجر فصل الغداة وقف بها بسفح الجبل (3). ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو براحلته إن كان راكبا قال الله تعالى: ” فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ” وليكن وقوفك وأنت على غسل (4) وقل: ” اللهم رب المشعر الحرام، و رب الركن والمقام، ورب الحجر الاسود وزمزم، ورب الايام المعلومات فك رقبتي من النار وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس و


(1) تقدم الكلام والاخبار في ذلك. (2) قال المولى المجلسي: أما الغسل والشد فلم نطلع على خبر يدل عليهما والظاهر أنه رآه في خبر كما هو دأبهم. (3) هو الوقوف الواجب الذى هو ركن ويجب النية عند طلوع الصبح بأن يقف في المشعر الى طلوع الشمس. (4) الظاهر أنه فهم الغسل من لفظ الطهر في رواية ابن عمار والاظهر أن المراد به الطهر من الحدث بأن لا يكون محدثا بالحدث الاصغر والاكبر، لكن الغسل مستحب لكونه يوم الاضحى. (م ت)

[ 546 ]

شر فسقة العرب والعجم، اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي، وتقبل معذرتي، وتتجاوز عن خطيئتي، وتجعل التقوى من الدنيا زادي، وتقلبني مفلحا، منجحا، مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام ” (1) وادع الله عزوجل كثيرا لنفسك ولوالديك وولدك وأهلك ومالك وإخوانك المؤمنين و المؤمنات فإنه موطن شريف عظيم والوقوف فيه فريضة، فإذا طلعت الشمس فاعترف لله عز وجل بذنوبك سبع مرات واسأله التوبة سبع مرات، وإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم ارتفعوا إلى المأزمين. * (الافاضة من المشعر الحرام) * فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير ورأت الابل مواضع أخفافها فأفض، و إياك أن تفيض منها قبل طلوع الشمس فيلزمك دم شاة (2) وأفض وعليك السكينة والوقار، واقصد في مشيك إن كنت راجلا، وفي مسيرك ان كنت راكبا، وعليك بالاستغفار فإن الله عزوجل يقول: ” ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا


(1) روى الكليني ج 4 ص 469 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” اصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد الله واثن عليه واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله وليكن من قولك ” اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار، وأوسع على من رزقك الحلال، وادرأ عنى شر فسقة الجن والانس، اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطنى هذا أن تقيلنى عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي، ثم أفض حين تشرق لك ثبير وترى الابل الابل موضع أخفافها “. وما اشتمل عليه من الطهارة والوقوف والذكر والدعاء فالمشهور استحبابها وانما الواجب النية والكون بها ما بين الطلوعين. (2) تقدم، وتقدم أيضا استحباب الافاضة قبله بقليل ولكن لا يجاوز وادى محسر حتى تطلع الشمس، وتقدم لزوم الدم وغيره (م ت) أقول: ثبير جبل بين مكة ومنى على يمين الداخل منها الى مكة. (المصباح المنير).

[ 547 ]

الله إن الله غفور رحيم “، ويكره المقام عند المشعر بعد الافاضة (1). فإذا انتهيت إلى وادي محسر – وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو الذي إلى منى أقرب – فاسع فيه مقدار مائة خطوة وإن كنت راكبا فحرك راحلتك قليلا وقل: ” رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز الاكرم ” كما قلت في المسعى بمكة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحرك ناقتة فيه ويقول: ” اللهم سلم عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني فيمن تركت بعدي (2) “. ومن ترك السعي في وادي محسر فعليه أن يرجع حتى يسعى فيه، فمن لم يعرف موضعه سأل الناس عنه (3)، ثم امض إلى منى. * (الرجوع الى منى ورمى الجمار) * فإذا أتيت رحلك بمنى فاقصد إلى جمرة العقبة وهي القصوى وأنت على طهر (4)


(1) أي بعد افاضة الناس. (مراد) (2) روى الكليني ج 4 ص 471 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا مررت بوادي محسر – وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو الى منى أقرب – فاسع فيه حتى تجاوزه فان رسول الله صلى الله عليه وآله حرك ناقته وقال: ” اللهم سلم لى عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني فيمن ترك بعدى “. (3) روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير، عن حفص بن البخترى وغيره عن أبى عبد الله عليه السلام ” أنه قال لبعض ولده: هل سعيت في وادى محسر، فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتى يسعى، قال: فقال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سل الناس “. (4) روى الكليني ج 4 ص 482 في الصحيح عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجمار، فقال: لا ترم الا وأنت على طهر ” وحمل على تأكد الاستحباب إذا أمكن وتيسر، وهذا قول العلماء أجمع سوى المفيد والمرتضى وابن الجنيد – رحمهم الله – فانهم ذهبوا الى الوجوب، ويؤيد الاستحباب ما رواه الشيخ في التهذيب باسناده القوى عن حميد بن مسعود قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رمى الجمار على غير طهور؟ قال: الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان ان طفت بينهما على غير طهور لم يضرك والطهر أحب الى فلا تدعه وأنت قادر عليه “، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سألته عن الغسل إذا رمى الجمار، فقال: ربما فعلت وأما السنة فلا ولكن من الحر والعرق “.

[ 548 ]

وأخرج مما معك من حصى الجمار سبع حصيات، وتقف في وسط الوادي مستقبل القبلة، يكون بينك وبين الجمرة عشر خطوات أو خمس عشرة خطوة وتقول وأنت مستقبل القبلة (1) والحصى في كفك اليسرى ” اللهم هذه حصياتي فأحصهن لي وارفعهن في عملي ” ثم تتناول منها واحدة وترمي الجمرة من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها، وتقول مع كل حصاة إذا رميتها: ” الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان وجنوده، اللهم اجعله حجا مبرورا، وعملا مقبولا، وسعيا مشكورا، و ذنبا مغفورا، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله (2) ” حتى ترميها بسبع حصيات، ويجوز أن تكبر مع كل حصاة ترميها تكبيرة (3) فإن سقطت منك حصاة في الجمرة أو في طريقك فخذ مكانها من تحت رجليك ولا تأخذ من حصى –


(1) الظاهر أن هذا من سهو النساخ أو المصنف إذ لا يمكن الاستقبال مع الرمى من الاسفل والظاهر من كلام الشهيد في الدروس أنه حمل الاستقبال للقبلة في كلام ابن بابويه على الاستقبال في حال الدعاء لاحالة الرمى فقال: ” فيوافق المشهور الا في الدعاء ” (سلطان) وفى الشرايع ” و في جمرة العقبة يستقبلها ويستدبر القبلة ” والمراد كونه مقابلا لها عاليا عليها إذ ليس لها وجه خاص يتحقق به الاستقبال. وفى نسخة مصححة عندي صححها بالحك والاصلاح ” مستدبر القبلة ” وجعل ما في المتن نسخة. (2) روى الكليني ج 4 ص 478 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التى عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها وتقول – والحصى في يدك -: ” اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لى وارفعهن في عملي ” ثم ترمى وتقول مع كل حصاة ” الله اكبر ” اللهم ادحر عنى الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك (ص) للهم اجعله حجا مبرورا، وعملا مقبولا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا ” وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا، فإذا أتيت رحلك ورجعت من الرمى فقل. ” اللهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب ونعم المولى و نعم النصير ” قال: ويستحب أن يرمى الجمار على طهر “. (3) في الكافي ج 4 ص 48 1 في الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن أبى عبد الله عليه السلام قال قلت: ” ما أقول: إذا رميت؟ فقال: كبر مع كل حصاة “.

[ 549 ]

الجمار الذي قد رمي بها (1) وإذا رميت جمرة العقبة حل لك كل شئ إلا النساء والطيب (2) وترمي يوم الثاني والثالث والرابع في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة، و ترمي إلى الجمرة الاولى بسبع حصيات وتفق عندها وتدعو، وإلى الجمرة الثانية بسبع حصيات وتقف عندها وتدعو، وإلى الجمرة الثالثة بسبع حصيات ولا تقف عندها، فإذا رجعت من رمي الجمار يوم النحر إلى رحلك بمنى فقل: ” اللهم بك وثقت، وعليك توكلت، فنعم الرب أنت، ونعم المولى ونعم النصير (3) “. * (الذبح) * واشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر أو من الغنم وإلا فاجعله كبشا سمينا فحلا، فإن لم تجد فحلا فموجوءا من الضأن (4) فإن لم تجد فتيسا فحلا، وإن لم تجد فما تيسر لك، وعظم شعائر الله عزوجل فإنها من تقوى القلوب، ولا تعط الجزار جلودها ولا قلائدها ولا جلالها ولكن تصدق بها، ولا تعط السلاخ منها شيئا (5).


(1) تقدم الاخبار والكلام فيه. (2) هذا خلاف المشهور من أنه يحل بعد الحلق، بل خلاف ما أفتى به المصنف سابقا بنقل رواية معاوية بن عمار أن الحل المذكور يحصل بعد الذبح ونسب في المدارك الى المصنف مخالفة المشهور في هذه المسألة وقال: ” قال ابن بابويه: انه يتحلل بالرمي الا من الطيب والنساء ولا يخفى أنه ينافى ما روى سابقا عن معاوية بن عمار ان التحلل يحصل بالذبح والحلق فانه – رحمه الله – يفتى بما يروى في هذا الكتاب “. (3) تقدم آنفا في خبر معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) في الكافي ج 4 ص 491 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال، ” إذا رميت الجمرة فاشتر هديك – الخ ” والموجوء هو الذى وجئت خصيتاه. والتيس: الذكر من المعز. (5) في الكافي ج 4 ص 501 في الحسن كالصحيح عن حفص بن البخترى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعطى الجزار من جلود الهدى وأجلالها شيئا “. وعن معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: ” نحر رسول الله صلى الله عليه وآله بدنة ولم يعط الجزارين جلودها ولا قلائدها ولا جلالها، ولكن تصدق به، ولا تعط السلاخ منها شيئا =

[ 550 ]

فإذا اشتريت هديك فاستقبل القبلة وانحره أو اذبحه وقل: ” وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني ” ثم اذبح ولا تنخع حتى يموت ويبرد ثم كل وتصدق وأطعم وأهد إلى من شئت، ثم احلق رأسك (1). وقد ذكرت الاضاحي في هذا الكتاب وأنا اعيد ذكر ما لا بد من إعادته في هذا الموضع. لا يجوز في الاضاحي من البدن إلا الثني وهو الذي تم له خمس سنين و دخل في السادسة، ويجزى من البقر والمعز الثنى وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذغ لسنة، وتجزي البقرة عن سبعة نفر بالامصار، و بمنى عن واحد (2)، والبدنة تجزي عن سبعة، والجزور تجزي عن عشرة متفرقين، والكبش يجزي عن الرجل وعن أهل بيته، وإذا عزت الاضاحي أجزأت شاة عن سبعين (3). * (الحلق) * وإذا أردت أن تحلق رأسك فاستقبل القبلة وابدأ بالناصية واحلق رأسك إلى العظمين النابتين من الصدغين قبالة وتد الاذنين (4) فإذا حلقت، فقل: ” اللهم أعطني =


ولكن أعطه من غير ذلك ” والاجلال جمع جل وقد يجمع على جلال أيضا، وقال في الدروس: يستحب الصدقة بجلودها وجلالها وقلائدها تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله، ويكره بيع الجلود واعطاؤها الجزار أجرة لا صدقة. (1) تقدم الكلام والاخبار فيه ص 503. 504. (2) كما تقدم راجع ص 491 و 492. (3) راجع ص 492 الهامش. (4) في الكافي في الصحيح عن غياث بن ابراهيم عن جعفر عن آبائه عن على عليهم السلام قال: ” السنة في الحلق أن يبلغ العظمين ” والظاهر أن المراد به منتهى الرأس لابيان انتهاء الحلق إليه ويحمل كلام المصنف أيضا عليه.

[ 551 ]

بكل شعرة نورا يوم القيامة (1) ” وادفن شعرك بمنى (2). * (زيارة البيت) * وزر البيت يوم النحر أو من الغد وأنت على غسل ولا تؤخر أن تزوره من يومك أو من الغد فانه ليس للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره، وقل في طريقك وأنت متوجه إلى الزيارة من تمجيد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله ما قدرت عليه، فإذا بلغت باب المسجد فقم عليه وقل: ” اللهم أعني على نسكي وسلمه لي وسلمني منه، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي، اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأبتغي مرضاتك (3) متبعا لامرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك المطيع لامرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أسألك أن تلقيني عفوك (4) و تجيرني برحمتك من النار “. * (اتيان الحجر الاسود) * ثم تأتي الحجر الاسود فتستلمه فإن لم تستطع فامسحه بيدك وقبل يدك، فان لم تستطع فاستقبله وأشر إليه بيدك وقبلها وكبر وقل مثل ما قلت يوم طفت بالبيت يوم قدمت مكة، وطف بالبيت سبعة أشواط كما وصف لك، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام تقرأ فيهما في الاولى الحمد وقل هو الله أحد وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، ثم ارجع إلى الحجر الاسود فقبله إن استطعت أو استلمه وكبر (5).


(1) روى الشيخ في التهذيب مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى جعفر عليه السلام قال: ” أمر الحلاق أن يضع الموسى على قرنه الايمن ثم أمره أن يحلق وسمى هو وقال:: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة “. (2) في الكافي ج 4 ص 502 باسناده عن أبى شبل عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” ان المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء يوم القيامة وكل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها “. (3) في بعض النسخ ” وأبتغى طاعتك “. (4) في بعض النسخ ” تبلغني عفوك “. (5) في الكافي ج 4 ص 511 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله =

[ 552 ]

* (الخروج الى الصفا) * ثم اخرج إلى الصفا واصنع عليه كما صنعت يوم قدمت مكة، وطفت بينهما سبعة أشواط، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه إلا النساء (1). * (طواف النساء) * صم ارجع إلى البيت وطف به اسبوعا وهو طواف النساء، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو حيث شئت من المسجد (2) وقد حل لك النساء و [ قد ] فرغت من =


عليه السلام قال: ” ينبغى للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ولا يؤخر ذلك “. و في الصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر، قال: زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا تؤخره أن تزور من يومك فانه يكره للمتمتع أن يؤخره، وموسع للمفرد أن يؤخره، فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت: ” اللهم أعنى على نسكك وسلمنى له وسلمه لى، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لى ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي، اللهم انى عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، متبعا لامرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر اليك، المطيع لامرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك وتجيرنى من النار برحمتك، ثم تأتى الحجر الاسود فتسلمه وتقبله، فان لم تستطع فاستلمه بيدك وقبل يدك، فان لم تستطع فاستقبله وكبر وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة، ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة، ثم صل عند مقام ابراهيم عليه السلام ركعتين تقرأ فيهما بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، ثم ارجع الى الحجر الاسود فقبله ان استطعت واستقبله وكبر، ثم اخرج الى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة، ثم ائت المروة فاصعد عليهما وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروه، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه الا النساء، ثم ارجع الى البيت وطف به اسبوعا آخر ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام، ثم أحللت من كل شئ وفرغت من حجك كله وكل شئ أحرمت منه “. (1) هذا خلاف المشهور فإن المحلل الثاني على المشهور هو طواف الزيارة. (2) وجوب صلاة ركعتي الفريضة خلف المقام أو الى أحد جانبيه بحيث لا يتباعد عنه =

[ 553 ]

حجك كله إلا رمي الجمار وأحللت من كل شئ أحرمت منه “. * (الرجوع الى منى) * ولا تبت ليالي التشريق إلا بمنى، فإن بت في غيرها فعليك دم شاة لكل ليلة وإن خرجت أول الليل من منى فلا ينتصف الليل إلا وأنت بمنى، أو قد خرجت من مكة إلا أن تكون في شغل من طوافك وسعيك وأصبحت بمكة فلا شئ عليك وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك أن تصبح في غيرها (1). * (رمى الجمار) * وارم الجمار في كل يوم بعد طلوع الشمس إلي الزوال وكلما قرب من الزوال فهو أفضل (2). =


عرفا مع الاختيار قول معظم الاصحاب، وقال الشيخ في الخلاف: يستحب فعلهما خلف المقام فان لم يفعل وفعل في غيره أجزأ، ونقل عن أبى الصلاح أنه جعل محلهما المسجد الحرام مطلقا ووافقه ابنا بابويه في ركعتي طواف النساء خاصة وهما مدفوعان بالاخبار المستفيضة المتضمنة لوجوب ايقاعهما خلف المقام أو عنده السليمة من المعارضة، وهذا الحكم مختص بصلاة طواف الفريضة أما النافلة فيجوز فعلها حيث شاء من المسجد للاصل واختصاص الروايات المتضمنة للصلاة خلف المقمام بطواف الفريضة ولما رواه الشيخ – رحمه الله – عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ” لا ينبغى أن يصلى ركعتي طواف الفريضة الا عند مقام ابراهيم عليه السلام فأما التطوع فحيث شئت من المسجد. (المدارك) (1) روى الكليني ج 4 ص 514 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” لا تبت ليالى التشريق الا بمنى، فان بت في غيرها فعليك دم، وان خرجت أول الليل فلا ينتصف لك الليل الا وأنت بمنى الا أن يكون شغلك بنسكك أو قد خرجت من مكة و ان خرجت نصف الليل فلا يضرك أن تصبح بغيرها، قال: وسألته عن رجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه وفى السعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر؟ قال: ليس عليه شئ كان في طاعة الله “. (2) وقت الرمى ما بين طلوع الشمس الى غروبها كما هو ظاهر النصوص والمشهور بين الاصحاب، وذهب إليه الشيخ في النهاية والمبسوط وقال في الخلاف: لا يجوز الرمى =

[ 554 ]

وقد رويت رخصة من أول النهار إلى آخره (1). وقل ما قلت يوم رميت جمرة العقبة وابدأ بالجمرة الاولى وأرمها بسبع حصيات من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها، ثم قف على يسار الطريق واحمد الله عزوجل و اثن عليه وصل على النبي وآله، ثم تقدم قليلا وادع الله عزوجل واسأله أن يتقبل منك، ثم تقدم قليلا وادع الله ثم تقدم قليلا ثم افعل ذلك عند الوسطى ترميها بسبع حصيات واصنع كما صنعت في الاولى وتقف عندها وتدعو، ثم امض إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار وارمها بسبع حصيات ولا تقف عندها. * (التكبير أيام التشريق) * والتكبير في الاضحى (2) من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع (3) يكون ذلك في خمس عشرة صلاة وذلك بمنى، وبالامصار في دبر عشرة صلوات من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث (4)، والتكبير أن تقول: ” الله أكبر، ألله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام “. =


أيام التشريق الا بعد الزوال واختاره ابن زهرة، وقال ابن حمزة: وقت الرمى طول النهار و الفضل في الرمى عند الزوال، وبه قال ابن ادريس وقال في المدارك المعتمد الاول. (1) راجع التهذيب ج 1 ص 521 والاستبصار ج 2 ص 296 والكافي ج 4 ص 481. (2) المشهور استحباب هذا التكبير وقال ابن الجنيد والسيد بالوجوب وما ورد في الاخبار بلفظ الوجوب محمول على تأكد الاستحباب. (3) كذا. (4) روى الكليني ج 4 ص 516 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل ” واذكرو الله في أيام معدودات ” قال: التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر الى صلاة الفجر من يوم الثالث وفى الامصار عشر صلوات – الخ ” وفى الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” التكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر الى صلاة العصر (كذا في جميع نسخه وفى التهذيب ” الى صلاة الفجر ” وهو الصواب) من آخر ايام التشريق ان أنت أقمت بمنى وان أنت خرجت فليس عليك التكبير والتكبير أن تقول: ” الله أكبر، الله أكبر، لا اله =

[ 555 ]

* (النفر من منى) * فإذا أردت أن تنفر من منى يوم الرابع (1) من يوم النحر نفرت إذا طلعت الشمس ولا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده، فإذا أردت أن تنفر في النفر الاول وهو اليوم الثالث فانفر إذا زالت الشمس فإنه ليس لك أن تنفر قبل زوال الشمس، وإن أنت أقمت إلى أن تغيب الشمس فليس لك أن تخرج من منى ووجب عليك المقام إلى اليوم الرابع من يوم النحر وهو النفر الاخير، وأفض إلى مكة مهللا وممجدا وداعيا فإذا بلغت مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو مسجد الحصباء دخلته واستلقيت فيه على قفاك بقدر ما تستريح (2). ومن نفر في النفر الاول فليس عليه أن يحصب (3). =


الا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام، والحمد لله على ما أبلانا ” وفى الحسن كالصحيح عن زرارة قال: قلت لابي – جعفر عليه السلام: ” التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات، فقال: التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة وفى سائر الامصار في دبر عشر صلوات وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر يقول فيه: ” الله أكبر، الله أكبر، لا اله الا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من البهيمة الانعام ” وانما جعل في سائر الامصار في دبر عشر صلوات لانه إذا نفر الناس في النفر الاول أمسك أهل الامصار عن التكبير وكبر أهل منى ما داموا بمنى الى النفر الاخير ” وقال العلامة المجلسي: الاولى في كيفية التكبير اتباع هذا الخبر المعتبر وان كان خلاف ما ذكره الاكثر. (1) كذا. (2) روى الكليني ج 4 ص 520 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس وان تأخرت الى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده، فإذا نفرت وانتهيت الى الحصبة وهى البطحاء فشئت أن تنزل قليلا فان أبا عبد الله عليه السلام قال: كان أبى ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير أن ينام بها ” وفيه في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فان أدركه المساء بات ولم ينفر “. (3) ذلك لان التحصيب كما تقدم عن الدروس ليس من سنن الحج انما هو فعل مستحب اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وروى أنه صلى الله عليه وآله نزل بمسجد الحصبة بالابطح في النفر الاخير.

[ 556 ]

* (دخول مكة) * ثم ادخل مكة وعليك السكينة والوقار وقد فرغت من كل شئ لزمك في حج وعمرة وابتع بدرهم تمرا وتصدق به ليكون كفارة لما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم (1). * (دخول الكعبة) * وإن أحببت أن تدخل الكعبة فادخلها وإن شئت لم تدخلها (2) إلا أن تكون صرورة فلا بد لك من دخولها (3) واغتسل قبل أن تدخلها وقل إذا دخلتها ” اللهم إنك قلت في كتابك: ” ومن دخله كان آمنا ” فآمني من عذابك عذاب النار ” ثم صل بين الاسطوانتين على البلاطة الحمراء ركعتين، تقرأ في الاولى الحمد وحم السجدة وفي الثانية الحمد وعدد آيها من القرآن، وتصلي في زواياه وتقول: ” اللهم من تهيا أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده ونوافله وجوائزه فاليك يا سيدي (4)


(1) روى الكليني ج 4 ص 533 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن حماد عن الحلبي، وعن معاوية بن عمار وحفص عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال: ” ينبغى للحاج إذا قضى نسكه وأراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما لعله دخل عليه في حجه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك ” وبسند مرسل عن أبى بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أردت أن تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به قبضة قبضة، فيكون لكل ما كان منك في احرامك وما كان منك بمكة “. (2) روى الكليني ج 4 ص 527 في الموثق كالصحيح عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: ” سألته عن دخول الكعبة، قال: الدخول فيها دخول في رحمة الله، والخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقى من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه “. (3) المراد تأكد الاستحباب له، روى الكليني ج 4 ص 469 عن أبان بن عثمان، عن رجل عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، وأن يدخل البيت “. (4) روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: =

[ 557 ]

تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك فلا تخيب اليوم رجائي، يامن لا يخيب عليه سائل، ولا ينقصه نائل، ولا يبلغ مدحته قائل، فإني لم آتك بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوتها، لكني أتيتك مقرا بالظلم و الاساءة على نفسي، أتيتك بلا حجة ولا عذر، فاسالك يا من هو كذلك ان تعطيني منيتى وتقلبني برحمتك ولا تردني محروما ولا خائبا يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم ” ولا تدخلها بحذاء ولا خف ولا تبزق فيها ولا تمتخط. * (وداع البيت) * فإذا أردت وداع البيت فطف به اسبوعا، وصل ركعتين حيث أحببت من الحرم وائت الحطيم – والحطيم ما بين باب الكعبة والحجر الاسود – فتعلق بأستار الكعبة وأنت قائم واحمد الله عزوجل واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله ثم قل ” اللهم إني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، حملته على داوبك وسيرته في بلادك وأقدمته المسجد الحرام، اللهم وقد كان في أملي ورجائي أن تغفر لي فان كنت يا رب قد فعلت ذلك فازدد عني رضا وقربني إليك زلفى، وإن لم تكن فعلت يا رب ذلك فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى داري عن بيتك غير راغب عنه ولا مستبدل به، هذا أو ان انصرافي إن كنت قد أذنت لي، اللهم فاحفظني من بين يدي ومن خلفي ومن تحتي ومن فوقي و عن يميني وعن شمالي حتى تقدمني أهلي صالحا، فإذا اقدمتني أهلي فلا تتخل مني وأكفني مؤونة عيالي ومؤونة خلقك ” (1). =


” إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها ولا تدخلها بحذاء وتقول إذا دخلت ” اللهم انك قلت ” ومن دخله كان آمنا ” فآمنى من عذاب النار، ثم تصلى ركعتين بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء تقرأ في الركعة الاولى حم السجدة وفى الثانية عدد آياتها من القرآن وتصلى في زواياه وتقول: ” اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة الى مخلوق رجاء رفده ونوافله وفواضله فاليك يا سيدى – الى آخر ما في المتن “. (1) راجع الكافي ج 4 ص 530 في باب وداع البيت صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام.

[ 558 ]

فإذا بلغت باب الحناطين (1) فاستقبل الكعبة بوجهك وخر ساجدا واسأل الله عزوجل أن يتقبله منك ولا يجعله آخر العهد منك ثم تقول وأنت مار: ” آئبون تائبون حامدون لربنا شاكرون، إلى الله راغبون، وإلى الله راجعون، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل ” (2). * (باب الابتداء بمكة والختم بالمدينة) * 3138 – روى هشام بن المثنى (3)، عن سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال له: ” ابدأوا بمكة واختموا بنا ” (4). 3139 – وروى عمر بن اذينة (5)، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” إنما امر الناس أن يأتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم ” (6). 3140 – وسأل بعض أصحابنا أبا جعفر عليه السلام (7) فقال له: ” أبدأ بمكة أو


(1) ذكر الشهيد في الدروس أن هذا الباب بازاء الركن الشامي وأنه باب بنى جمع قبيلة من قريش سمى بذلك لبيع الحنطة عنده وقيل لبيع الحنوط (المدارك) وقال الفاضل التفرشى: ولا يكاد يوجد من يعرف موضع هذا الباب لان المسجد زيد فيه. (2) في الكافي في ذيل صحيحة ابن عمار التى اشرنا إليه ” ثم ائت زمزم فاشرب من مائها ثم اخرج وقل: ” أئبون تائبون عابدون لربنا حامدون الى ربنا، راغبون الى الله، راجعون ان شاء الله “، وقوله: ” آئبون ” خبر مبتدأ محذوف أي نحن آئبون. (3) وكذا في الكافي، وفى الرجال هاشم بن المثنى الحناط وهو ثقة والسدير ممدوح والطريق في الكافي حسن كالصحيح. (4) يدل على استحباب تأخير الزيارة عن الحج ولعله مخصوص بمن لا ينتهى طريقهم الى المدينة كاهل العراق، كما يأتي في حديث صفوان. (5) الطريق إليه صحيح وهو ثقة من أصحاب أبى الحسن موسى عليه السلام. (6) ظاهره لقاؤهم حيا ويحتمل شموله للزيارة بعد الموت أيضا. (المرآة) (7) المراد أبو جعفر الثاني لما رواه الكليني ج 4 ص 550 عن على بن محمد، عن أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه عنه عليه السلام فالسائل هو البرقى.

[ 559 ]

بالمدينة؟ فقال [ له ]: ابدأ بمكة واختم بالمدينة فإنه أفضل “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: هذه الاخبار إنما وردت فيمن يملك الاختيار ويقدر على أن يبدأ بأيهما شاء من مكة أو المدينة، فأما من يؤخذ به على أحد الطريقين فاحتاج إلى الاخذ فيه شاء أو أبي فلا خيار له في ذلك، فإن اخذ به على طريق المدينة بدأ بها وكان ذلك أفضل له لانه لا يجوز له أن يدع دخول المدينة وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام بها وإتيان المشاهد انتظار لرجوعه، فربما لم يرجع أو اخترم دون ذلك (1)، والافضل له أن يبدأ بالمدينة، وهذا معنى حديث 3141 – صفوان، عن العيص بن القاسم قال: ” سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجاج من الكوفة يبدؤون بالمدينة أفضل أو بمكة؟ فقال: بالمدينة “. * (الصلاة في مسجد غدير خم) * فإذا انتهيت إلى مسجد غدير خم فأدخله وصل فيه ما بدالك. 3142 – فإن أحمد بن محمد بن أبي نصر روى عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبي صلى الله عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام وهو موضع أظهر الله فيه الحق “. 3143 – وروى صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الصلاة في مسجد غدير خم بالنهار وأنا مسافر، فقال: صل فيه فإن فيه فضلا، وقد كان أبي عليه السلام يأمر بذلك. 3144 – وروي عن حسان الجمال (2) قال: ” حملت أبا عبد الله عليه السلام من المدينة إلى مكة فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد فقال: ذاك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” ثم نظر إلى الجانب


(1) أي مات قبل ذلك، وفى القاموس واخترم فلان عنا – مبنيا للمفعول -: مات، واخترمته المنية أخذته. (2) هو ثقة ولم يذكر المصنف طريقه إليه ورواه الكليني في الصحيح عنه ج 4 ص 566.

[ 560 ]

الآخر فقال: ذاك موضع فسطاط المنافقين وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح، فلما رأوه رافعا يده قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية ” وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين “. * (نزول معرس النبي صلى الله عليه وآله) * 3145 – روى معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا انصرفت من مكة إلى المدينة وانتهيت إلى ذي الحليفة وأنت راجع إلى المدينة من مكة فائت معرس النبي صلى الله عليه وآله (1) فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصل، وإن كان غير وقت صلاة فانزل فيه قليلا فإن النبي صلى الله عليه وآله قد كان يعرس فيه ويصلي فيه “. 3146 – وروى علي بن مهزيار، عن محمد بن القاسم بن الفضيل قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: ” جعلت فداك أن جمالنا مر بنا ولم ينزل المعرس، فقال: لابد أن ترجعو إليه فرجعنا إليه ” (2). 3147 – وسأل العيص بن القاسم أبا عبد الله عليه السلام ” عن الغسل في المعرس فقال: ليس عليك فيه غسل، والتعريس هو أن يصلى فيه ويضطجع فيه ليلا مر به أو نهارا ” (3)


(1) قال الجوهرى: التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون، وأعرسوا لغة فيه قليلة والموضع معرس ومعرس – انتهى، والمراد النزول في مسجد النبي (ص) الذى عرس به وهو على فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة، وفى المراصد: المعرس: مسجد ذى الحليفة على ستة أميال من المدينة وهو منهل أهل المدينة كان رسول الله عليه السلام يعرس فيه ثم يرحل. (2) في بعض النسخ والكافي ” فرجعت إليه ” والخبر يدل على تأكد الاستحباب، وفى الكافي ج 4 ص 565 في الصحيح عن على بن أسباط عن بعض أصحابنا ” أنه لم يعرس فأمره الرضا عليه السلام أن ينصرف فيعرس “. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: أجمع الاصحاب على استحباب النزول والصلاة في معرس النبي (ص) تأسيا به، ويستفاد من الاخبار أن التعريس انما يستحب في العود من مكة الى المدينة. (3) يدل على عدم استحباب الغسل وعلى استحباب التعريس أي وقت كان. (م ت)

[ 561 ]

باب * (تحريم المدينة وفضلها) * 3148 – روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ما بين لا بتيها صيدها، حرم عليه السلام ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح ” (1). 3149 – وروي ” أن لا بتيها ما أحاطت به الحرار ” (2). 3150 – وروي في خبر آخر: ” أن ما بين لابتيها ما بين الصورين إلى الثنية ” (3) والذي حرمه من الشجر ما بين ظل عائر إلى فيئ وعير وهو الذي حرم وليس


(1) لابتا المدينة: حرتاها اللتان تكتنفان بها من الشرق والغرب، والخلى مقصورة: الرطب من النبات واحدته خلاة، أو كل بقلة قلعتها، واختلاه جزه أو نزعه، ويختلى خلاها أي يجز عشبها، ويعضد أي يقطع، وعودا الناضح ما يستقى عليهما الماء، والناضح الابل يستقى به، واختلف في هذا الحكم فذهب جماعة من أصحابنا الى أنه لا يجوز قطع شجر هذه المحدودة ولا قتل صيدها، وقال في المدارك: أسنده في المنتهى الى علمائنا، وقيل بالكراهة و هو اختيار المحقق بل هو الاشهر وربما قيل بتحريم قطع الشجر وكراهة الصيد، وقال العلامة المجلسي: المعتمد الاول، وأنكر أبو حنيفة تحريم الصيد وحرمه الشافعي ومالك. (2) رواه الكليني ج 4 ص 564 والشيخ في الصحيح عن ابن مسكان، عن الحسن الصقيل عن أبى عبد الله عليه السلام، والحرار جمع حرة: ارض ذات حجارة سود. وسيأتى الكلام فيها. (3) رواه الكليني في ذيل صحيحة ابن مسكان، و ” الصورين ” تثنية الصور – بالفتح ثم السكون – موضع في أقصى بقيع الغرقد مما يلى طريق بنى قريظة، والثنية – بتشديد الياء – هو اسم موضع ثنية مشرفة على المدينة وفى الاصل كل عقبة في جبل مسلوكة، وللمدينة ثنيتان احديهما ثنية مدران – بكسر الميم -: موضع في طريق تبوك من المدينة في شمالها الغربي فيه مسجد للنبى عليه السلام. واخرى ثنية الوداع وهو ثنية مشرفة على المدينة في جنوبها الغربي يطؤها من يريد مكة.

[ 562 ]

صيدها كصيد مكة، يؤكل هذا، ولا يؤكل ذاك (1). 3151 – وروى أبو بصير (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” حد ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة من رباب (3) إلى واقم والعريض، والنقب (4) من قبل مكة “. 3152 – وفي رواية عبد الله بن سنان (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يحرم من


(1) في الكافي ج 4 ص 564 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان مكة حرم الله حرمها ابراهيم عليه السلام، و ان المدينة حرمى ما بين لابتيها حرم، لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عائر الى وعير، و ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك ” وقيل المراد بالظل والفيئ أصل الجبل الذى منه الظل الفيئ. ولكن تقدم شرح ذلك مفصلا في المجلد الاول ص 448، وقوله ” يؤكل ” يومى الى الكراهة كما لا يخفى. (2) الظاهر هو ليث المرادى ولم يذكر المصنف طريقه إليه ويشتبه كثيرا، ورواه الكليني ج 4 ص 564 في الصحيح عن ابن مسكان عنه. (3) كذا وهو بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة الاولى: جبل بين المدينة و فيد على طريق كان يسلك قديما. وفى الكافي ” ذباب ” – بضم المعجمة – وهو جبل بالمدينة. (4) واقم – بالقاف -: أطعم من آطام المدينة في شرقيها عند منازل بنى عبد الاشهل الى جانبه حرة نسبت إليه، والاطم الحصن. والعريض – ومصغرا – واد في شرقي المدينة قرب وادى قناة، والنقب في غربي المدينة قرب وادى عقيق يقال: نقب المدينة وقد سلكه النبي صلى الله عليه وآله في مسيره الى بدر قال ابن هشام قال ابن اسحاق ” فسلك صلى الله عليه وآله طريقه من المدينة الى مكة على نقب المدينة ثم على العقيق ثم على ذى الحليفة ثم على اولات الجيش – أو ذات الجيش – ثم على تربان ثم على ملل – الخ ” والجار في قوله عليه السلام ” من قبل مكة ” متعلق بالاخير، ويحتمل أن يكون العريض معطوفا على واقم لان كلاهما في الجهة الشرقي، والنقب في الجهة الغربي. وان أردت أن تكون على بصيرة من الامر راجع الخريطة التقريبية للمدينة المنورة التى نشرت مع كتاب قصص الانبياء طبع مكتبتنا. (5) طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.

[ 563 ]

صيد المدينة ما صيد بين الحرتين ” (1). 3153 – وسأله يونس بن يعقوب قال: ” يحرم علي في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يحرم علي في حرم الله تعالى؟ قال: لا ” (2). 3154 – وروى أبان، عن أبي العباس – يعني الفضل بن عبد الملك – قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ” حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة؟ فقال: نعم حرم بريدا في بريد عضاها، قلت: صيدها؟ قال: لا، يكذب الناس ” (3).


(1) الحرتان هما حرة واقم التى كانت في مشرق المدينة ممتدة من الشمال الى الجنوب دون وادى العريض، وحرة وبرة التى كانت في مغربها وهى أيضا ممتدة من الشمال الى الجنوب دون وادى عقيق، ويستفاد من هذا الخبر الفرق بين صيد حرم مكة وصيد حرم المدينة لان صيد مكة يحرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لان الذى يحرم منها هو القدر المخصوص وهو ما بين الحرتين فقط. (2) يدل على عدم المساواة في جميع الاحكام ولا ينافى مساواته لها في بعض الاحكام كالصيد وقطع الحشيش والشجر، أو يحمل الحرمة على الكراهة الشديدة كما ذهب إليه جماعة وفى المدارك: قال العلامة في المنتهى: ” حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور أحدها أنه لا كفارة فيما يقتل فيه من صيد أو قطع شجر، الثاني أنه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف، الثالث أنه لا يجب دخولها الا بالاحرام، الرابع أن من أدخل صيدا الى المدينة لم يجب ارساله. انتهى كلامه – رحمه الله – ” وهو جيد لمطابقة ما ذكر لمقتضى الاصل وان أمكن المناقشة في جواز الاحتشاش. (3) العضاه – بكسر العين المهملة، والضاد المعجمة وبعد الالف هاء -: جمع عضاهة وهى شجرة الخمط، وقيل: بل كل شجرة ذات شوك، وقيل: ما عظم منها، قال الجوهرى في باب الهاء فصل العين المهملة: العضاه: كل شجر يعظم وله شوك، وفى باب الياء فصل الغين المعجمة: الغضى: شجر – انتهى، وقال صاحب المنتقى: قد ضبطت في الكافي والتهذيب بالغين المعجمة ولا يخلو من نظر إذ ظاهر أن المراد ههنا مطلق الشجر، والغضى شجر مخصوص – انتهى، أقول: روى مسلم باسناده عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” انى أحرم ما بين لابتى المدينة أن يقطع عضاهها، أو يقتل صيدها ” وهكذا رواه البغوي في المصابيح، وقوله ” لا يكذب الناس ” قال الفيض – رحمه الله – يحتمل =

[ 564 ]

3155 – ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة قال: ” اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وبارك في صاعها ومدها، وانقل حماها ووباها إلى الجحفة ” (1). 3156 – وروي أن الصادق عليه السلام ذكر الدجال فقال: ” لا يبقى منها سهل إلا وطئه إلا مكة والمدينة فإن على كل نقب من أنقابهما ملك يحفظهما من الطاعون والدجال ” (2) والله الموفق. =


معنيين أحدهما أن يكون ” لا ” كلاما برأسه، و ” يكذب الناس ” كلاما آخر على حدة من الكذب، والثانى أن يكونا كلاما واحدا من التكذيب على سبيل التقية فان العامة روت في التحريم رواية – انتهى، وقال الشيخ: التكذيب انما هو للتعميم بل لا يحرم الا ما بين الحرتين. (1) روى البغوي في مصابيح السنة ج 1 ص 187 عن عائشة قالت: ” لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة وعك أبو بكر وبلال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: اللهم حبب الينا المدينة – وساق كما في المتن – ” ورواه البخاري و مسلم أيضا، وفى اللمعات الجحفة – بضم الجيم وسكون الحاء موضع بين مكة والمدينة و كان ساكنوها يومئذ اليهود، وقال النووي: فيه دليل للدعاء على الكفار بالامراض والاسقام والهلاك، وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها وكشف الضر والشدائد عنهم وهذا مذهب العلماء كافة. وفى هذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا (ص) فان الجحفة من يومئذ مجتنبة ولا يشرب أحد من مائها الاحم – انتهى، وقال المنذرى في الترغيب: يقال للجحفة قديما ” مهيعة ” بفتح الميم واسكان الهاء وفتح الياء، وهى اسم لقرية قديمة كانت بميقات الحج الشامي على اثنين وثلاثين ميلا من مكة، فلما اخرج العماليق بنى عبيل اخوة عاد من يثرب نزلوها فجاءهم سيل الجحاف – بضم الجيم – فجحفهم وذهب بهم فسميت حينئذ الجحفة. (2) رواه الشيخ ج 2 ص 5 من التهذيب في الموثق كالصحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه باب صيانة المدينة في كتاب الحج عن أبى هريرة هكذا قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ” على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال “.

[ 565 ]

باب * (ما جاء فيمن حج ولم يزر النبي صلى الله عليه وآله) * * (وفيمن مات بمكة أو المدينة) * 3157 – روى محمد بن سليمان الديلمي، عن إبراهيم بن أبي حجر الاسلمي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم بحاسب ومات مهاجرا إلى الله عزوجل وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر “. * (اتيان المدينة) * إذا دخلت المدينة (2) فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها، ثم ائت قبر –


(1) كذا في جميع النسخ، وفى الكافي ” عن أبى حجر الاسلمي ” وفى التهذيب نقلا عن محمد بن يعقوب ” عن أبى يحيى الاسلمي ” ولعل الصواب ما في التهذيب الا أن فيه سقطا والصواب ” ابن أبى يحيى ” وهو نسبة الى الجد والظاهر أن الرجل هو ابراهيم بن محمد بن أبى يحيى الاسلمي المذكور في رجال العامة كنيته أبو إسحاق وضعفه جماعة منهم وقالوا كان كذابا قدريا رافضيا وفى المحكى عن الشافعي قال: انه ثقة، وأنت خبير بأن تضعيف القوم بعض الرواة كثيرا ما يكون من جهة الرفض أو التشيع فلا عبرة به، وبالجملة توفى ابراهيم 184 أو 191 على اختلاف. (2) رواه الكليني ج 4 ص 550 في الصحيح عن معاوية عمار أبى عبد الله عليه السلام، و اعلم – أيدك الله – أن جماعة قليلة من العامة ينكرون علينا زيارة المشاهد لاسيما مشاهد العترة الطاهرة والدعاء عندها والصلاة فيها والتوسل والتبرك بها قال استاذنا الاميني – رضوان الله تعالى عليه – في كتابه الغدير الاغر: قد جرت السيرة المطردة من صدر الاسلام منذ عهد الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان على زيارة قبور ضمنت في كنفها نبيا مرسلا، أو اماما طاهرا، أو وليا صالحا أو عظيما من عظماء الدين وفى مقدمها قبر النبي الاقدس صلى الله عليه وآله. وكانت الصلاة لديها، والدعاء عندها، والتبرك والتوسل بها، والتقرب الى الله وابتغاء =

[ 566 ]

النبي صلى الله عليه وآله وادخل المسجد من باب جبرئيل عليه السلام، فإذا دخلت فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قم عند الاسطوانة المقدمة من جانب القبر من عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة، ومنكبك الايسر إلى جانب القبر ومنكبك الايمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى الله عليه وآله، ثم تقول: ” أشهد أن لا إله إلا الله =


الزلفة لديه باتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين من دون أي نكير من أحادهم وأى غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم حتى ولد الدهر ابن تيمية الحرانى، فجاء كالمغمور مستهترا يهذى ولا يبالى، فتره وأنكر تلك السنة الجارية سنة الله التى لا تبديل لها ولن تجد لسنة الله تحويلا، وخالف هاتيك السيرة المتبعة وشذ عن تلك الآداب الاسلامية الحميدة، وشدد النكير عليها بلسان بذى وبيان تافه ووجوه خارجة عن نطاق العقل السليم، بعيدا عن أدب العلم، أدب الكتابة، أدب العفة، وأفتى بحرمة شد الرحال لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وعد السفر لاجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن الشديد فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفا حافلا (كشفاء السقام في زيارة خير الانام للسبكي) و (الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية) له أيضا، والمقالة المرضية لقاضي القضاة المالكية تقى الدين أبى عبد الله الاخنائى، ونجم المهتدى ورجم المقتدى للفخر ابن المعلم القرشى، ودفع الشبه لتقى الدين الحصنى، والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهانى، وتأليف أبى عبد الله محمد بن عبد المجيد الفاسى. وجاء ذلك يزيف آراءه ومعتقداته في طى تآليفه القيمة كالصواعق الالهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبد الوهاب في الرد على أخيه محمد بن عبد الوهاب النجدي، والفتاوى الحديثة لابن حجر، والمواهب اللدنية للقسطلاني، وشرحه للزرقاني. وهناك آخر يترجمه بعجره وبجره ويعرفه للملاء ببدعه وضلالاته. ثم قال: وقد أصدر الشاميون فتيا بتكفيره وعرضت الفتيا هذه على قاضى القضاة بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى ” الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قول ابن تيمية ” ان زيارة الانبياء والصالحين بدعة وما ذكره من نحو ذلك ومن أنه لا يرخص بالسفر لزيارة الانبياء ” باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي صلى الله عليه وآله فضيلة وسنة مجمع عليها، وهذا المفتى المذكور – يعنى ابن تيمية – ينبغى أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الائمة والعلماء ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به، راجع الغدير ج 5 ص 87.

[ 567 ]

وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله (1)، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة، اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والارضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الاولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك و خاصتك وصفوتك من بريتك وخيرتك من خلقك، اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه بن الاولون والآخرون، اللهم إنك قلت وقولك الحق: ” ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ” وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي “. وإن كانت لك حاجة فاجعل النبي صلى الله عليه وآله خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك فإنك حري أن تقضى لك إن شاء الله تعالى (2). ثم قل وأنت مسند ظهرك إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر وأنت مسند إليه مستقبل القبلة: ” اللهم إليك ألجأت أمري وإلى قبر محمد عبدك رسولك صلواتك عليه وآله أسندت ظهري والقبلة التي رضيت لمحمد صلى الله عليه وآله اسقبلت، اللهم


(1) أي المبشر به في كتب الله وعلى لسان أنبيائه عليهم السلام. (المرآة) (2) الى هنا تمام الخبر وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: استدبار النبي (ص) وان كان خلاف الادب لكن لا بأس به إذا كان التوجه الى الله تعالى، وقال العلامة المجلسي (ره) يحتمل أن يكون المراد الاستدبار فيما بين القبر والمنبر بأن لا يكون استدبارا حقيقيا كما يدل عليه بعض القرائن فالمراد بالقبر في الثاني الجدار الذى أدير على القبر فانه المكشوف والقبر مستور، والله يعلم.

[ 568 ]

إني أصحبت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها، وأصبحت الامور بيدك، فلا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير فقير، اللهم ارددني منك بخير، لا راد لفضلك، اللهم إني أعوذ بك من أن تبدل اسمي، وأن تغير جسمي، أو تزيل نعمتك عني، اللهم زيني بالتقوى، وجملني بالنعمة، و اغمرني بالعافية، وارزقني شكرك ” (1). * (اتيان المنبر) * ثم ائت المنبر فامسح عينيك ووجهك برمانتيه فانه يقال: إنه شفاء للعين، وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسل حاجتك. 3158 – فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة وإن منبري على ترعة من ترع الجنة “. – قوائم المنبر ربت في الجنة، والترعة هي الباب الصغير – “. ثم ائت مقام النبي صلى الله عليه وآله فصل عنده ما بدالك، ومتى دخلت المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وآله وكذلك إذا خرجت (2).


(1) روى الكليني ج 4 ص 551 باسناده عن على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: ” كان أبى على بن الحسين عليهم السلام يقف على قبر النبي صلى الله عليه وآله فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ ويدعوا بما حضره، ثم يسند ظهر الى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلى القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره الى القبر ويستقبل القبلة و يقول ” اللهم – الخ ” الا أن فيه ” ألجأت ظهرى ” وقال الفيض (ر ه) لعل ما في الفقيه أصوب، وفيه أيضا ” اللهم كرمني بالتقوى ” مكان ” اللهم زينى بالتقوى ” وفيه وفى بعض نسخ الفقيه ” وارزقني شكر العافية ” مكان ” ارزقني شكرك “. والمروة في القاموس المرو حجارة بيض براقة تورى النار أو أصلب الحجارة وفى بعض نسخه ” أو أصل الحجارة “. (2) روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلا وان وامسح عينيك ووجهك به فانه يقال: انه شفاء للعين وقم عنده فاحمد الله واثن عليه وسل حاجتك فان رسول الله صلى الله عليه وآله: قال ما بين منبرى وبيتي روضة من رياض =

[ 569 ]

ثم ائت مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب، فانه كان مقامه إذا استأذن على نبي الله صلى الله عليه وآله ثم قل: ” أي جواد أي كريم أي قريب أي أسألك (1) أن ترد علي نعمتك “. وذلك مقام لا تدعو فيه حائض فتستقبل القبلة إلا رأت الطهر، ثم تدعو بدعاء الدم تقول: ” اللهم إني أسألك بكل اسم هولك أو تسميت به لاحد من خلقك، أو هو مأثور في علم الغيب عندك، وأسألك باسمك الاعظم الاعظم الاعظم، وبكل حرف أنزلته على موسى، وبكل حرف أنزلته على عيسى، وبكل حرف أنزلته على محمد صلواتك عليه وآله وعلى أنبياء الله إلا فعلت بي كذ وكذا ” والحائض تقول: ” إلا أذهبت عني هذا الدم ” (2). =


الجنة ومنبرى على ترعة من ترع الجنة – والترعة هي الباب الصغير – ثم تأتى مقام النبي صلى الله عليه وآله فتصلى فيه ما بدا لك فإذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وآله، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله “. وقال الفيض – رحمه الله -: الترعة – بضم المثناة الفوقانية ثم المهملتين – في الاصل هي الروضة على المكان المرتفع خاصة فإذا كانت في المطمئن فهى روضة، قال القتيبى في معنى الحديث: ان الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان الى الجنة فكأنه قطعة منها، وقيل: الترعة: الدرجة: وقيل: الباب كما في هذا الحديث، وكان الوجه فيه أن بالعبادة هناك يتيسر دخول الجنة كما أن بالباب يتمكن من الدخول. (1) في الكافي ” أسألك أن تصلى على محمد وأهل بيته، وأسألك – الى آخر الدعاء “. (2) في الكافي ج 4 ص 452 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهى حائض فلتغتسل ولتحتش بالكرسف ولتقف هي و نسوة خلفها فيؤمن على دعائها وتقول: ” اللهم انى أسألك بكل اسم هو لك أو تسميت به لاحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الاعظم الاعظم وبكل حرف أنزلته على موسى وبكل حرف أنزلته على عيسى وبكل حرف أنزلته على محمد صلى الله عليه وآله الا أذهبت عنى هذا الدم ” وإذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فعلت مثل ذلك، قال: وتأتى مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب فانه كان مكانه إذا استأذن على نبى الله (ص) قال: فدلك مقام لا تدعوا الله فيه حائض تستقبل القبلة وتدعو بدعاء الدم – =

[ 570 ]

* (الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الاساطين) * إن كان لك بالمدينة مقام ثلاثة أيام (1) صمت يوم الاربعاء وصليت ليلة الاربعاء =


الا رأت الطهر ان شاء الله “. وباسناده عن عمر بن يزيد قال ” حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة وكان ميعاد جمالنا وابان مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر، ولم تقرب المسجد ولا القبر ولا المنبر، فذكرت ذلك لابي عبد الله عليه السلام، فقال: مرها فلتغتسل ولتأت مقام جبرئيل عليه السلام فان جبرئيل كان يجيئ فيستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وان كان على حال لا ينبغى أن يأذن له قام في مكانه حتى يخرج إليه وان اذن له دخل عليه، فقلت: وأين المكان؟ فقال: حيال الميزاب الذى إذا خرجت من الباب الذى يقال له باب فاطمة بحذاء القبر إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب، والميزاب فوق رأسك والباب من وراء ظهرك وتجلس في ذلك الموضع وتجلس معها نساء ولتدع ربها ويؤمن على دعائها، قال: فقلت: وأى شئ تقول؟ قال: تقول: ” اللهم انى أسألك بأنك أنت الله ليس كمثلك شئ أن تفعل بى كذا وكذا ” قال: فصنعت صاحبتي الذى أمرنى فطهرت – الخ ” وروى ص 453 باسناده عن بكر بن عبد الله الازدي قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ان امرأة مسلمة صحبتني حتى انتهيت الى بستان بنى عامر فحرمت عليها الصلاة فدخلها من ذاك أمر عظيم فخافت أن تذهب متعتها فأمرتني أن أذكر ذلك لك وأسألك كيف تصنع، فقال قل لها فلتغتسل نصف النهار وتلبس ثيابا نظافا وتجلس في مكان نظيف وتجلس حولها نساء يؤمن إذا دعت وتعاهد لها زوال الشمس فإذا زالت فمرها فلتدع بهذا الدعاء وليؤمن النساء على دعائها حولها كلما دعت تقول: ” اللهم انى أسألك بكل اسم هو لك وبكل اسم تسميت به لاحد من خلقك وهو مرفوع مخزون في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الاعظم الاعظم الذى إذا سئلت به كان حقا عليك أن تجيب أن تقطع عنى هذا الدم ” فان انقطع الدم والا دعت بهذا الدعاء الثاني فقل لها فلتقل: ” اللهم انى أسألك بكل حرف أنزلته على محمد صلى الله عليه – وآله، وبكل حرف أنزلته على موسى عليه السلام وبكل حرف أنزلته على عيسى عليه السلام وبكل حرف أنزلته في كتاب من كتبك، وبكل دعوة دعاك بها ملك من ملائكتك أن تقطع عنى هذا الدم ” فان انقطع فلم تر يومها ذلك شيئا والا فلتغتسل من الغد في مثل الساعة التى اغتسلت فيها بالامس فإذا زالت الشمس فلتصل ولتدع بالدعاء وليؤمن النسوة إذا دعت، ففعلت ذلك المرأة فارتفع عنها الدم حتى قضت متعتها وحجها وانصرفنا راجعين، فلما انتهينا الى بستان بنى عامر عاودها الدم، فقلت له: أدعو بهذين الدعائين في دبر صلاتي؟ فقال: ادع بالاول ان أحببت، وأما الاخر فلا تدع به الا في الامر الفظيع ينزل بك “. (1) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 6 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى =

[ 571 ]

عند اسطوانة التوبة وهي اسطوانة أبي لبابة (1) التي ربط نفسه إليها وتقعد عندها يوم الاربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس الاسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله =


عبد الله عليه السلام قال: ” ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الاربعاء – وساق مثل ما في المتن بادنى اختلاف في اللفظ وزاد في آخره ” فانك حرى أن تقضى حاجتك ان شاء الله “، وقال المولى المجلسي – رحمه الله -: فيستحب الاعتكاف الشرعي بالشرائط المتقدمة، وظاهر كلام المصنف الاعتكاف اللغوى وهو ملازمة المسجد، وعلى أي حال يجوز الصوم في السفر بخصوص هذه الثلاثة الايام وان قلنا بحرمة صيام النافلة فيه، ولو تيسر أن يكون اقامته فيها في الاربعاء والخميس والجمعة كان أحسن، وربما قيل باختصاص الصوم بهذه الثلاثة لانها مورد الروايات وهو أحوط – انتهى. (1) هو أبو لبابة بن عبد المنذر الانصاري المدنى، واختلف في اسمه، فقيل: رفاعة، و قيل مبشر، وقيل بشير، وهو أحد النقباء وقصته معروفة في التواريخ والتفاسير، ذيل قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” وهى أن بنى قريظة لما حوصروا بعثوا الى رسول الله (ص) أن ابعث الينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف – وكانوا حلفاء الاوس – لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله (ص) إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم، و قالوا له: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد، قال: نعم وأشار بيده الى حلقه – أنه الذبح – قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماى من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله (ص) ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله (ص) فذهب الى المسجد وارتبط نفسه الى عمود من عمده وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على وعاهد الله أن لا أطأ بنى قريظة أبدا، فانزل الله تعالى الاية، فلما بلغ خبره رسول الله (ص) قال: أما انه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذا قد فعل ما فعل فما أنا بالذى اطلقه حتى يتوب الله عليه، فلم يزل مرتبطا بالجذع ست ليال وتأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط، ونزلت توبته ورسول الله في بيت أم سلمة قالت: سمعت رسول الله في السحر وهو يضحك، فسألته مم تضحك أضحك الله سنك؟ قال: تيب على أبى لبابة، قلت: أفلا أبشره! قال: بلى ان شئت، قالت: فقمت الى باب الحجرة وقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول – الله (ص) هو الذى أطلقني بيده فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حين خرج لصلاة الصبح وأطلقه. ووهم بعض الشراح فعده من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.

[ 572 ]

فتقعد عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة، وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ هذه الايام إلا بما لا بد منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار إلا القليل فافعل، واحمد الله عزوجل يوم الجمعة واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله، ثم سل حاجتك، ثم قل: ” اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت في طلبها والتماسها أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة في قضاء حوائجى صغيرها وكبيرها “. * (زيارة فاطمة بنت النبي صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) * قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام، فمنهم من روى أنها دفنت في البقيع (1)، ومنهم من روى أنها دفنت بين القبر والمنبر وأن النبي صلى الله عليه وآله إنما قال: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة لان قبرها بين القبر والمنبر (2)، ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها فلما زادت بنو امية في المسجد صارت في المسجد (3) وهذا هو الصحيح عندي، وإني لما حججت بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله تعالى ذكره، فلما فرغت من زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله قصدت إلى بيت فاطمة عليها السلام وهو من عند الاسطوانة التي تدخل إليها من باب جبرئيل عليه السلام إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقمت عند الحظيرة ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلها بوجهي وأنا على


(1) راجع مناقب ابن شهر آشوب. (2) روى المصنف في معاني الاخبار ص 267 مسندا عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بين قبري ومنبرى روضة من رياض الجنة ومنبرى على ترعة من ترع الجنة لان قبر فاطمه صلوات الله عليها بين قبره ومنبره، وقبرها روضة من رياض الجنة واليه ترعة من ترع الجنة “. (3) كما تقدم تحت رقم 685 ورواه الكليني عن البزنطى عن الرضا عليه السلام ج 1 ص 461 من الكافي.

[ 573 ]

غسل وقلت: ” السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين الله، السلام عليك يا بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام عليك يا ابنة خير البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله، السلام عليك يا ام الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية، السلام عليك أيتها الحورية الانسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة، السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة (1)، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك مضيت على بينة من ربك وأن من سرك فقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن آذاك فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لانك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه، كما قال عليه أفضل سلام الله وصلواته اشهد الله ورسله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه، ساخط على من سخطت عليه، متبرئ ممن تبرأت منه، موال لمن واليت، معاد لمن عاديت، مبغض لمن أبغضت، محب لم أحببت، وكفى بالله شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا “. ثم قلت: ” اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله خاتم النبيين وخير الخلائق أجمعين، وصل على وصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخير الوصيين، وصل على فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين، وصل على سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، وصل على زين العابدين على بن –


(1) في اللغة أضهده وأضهد به واضطهده: قهره وجار عليه، وآذاه وأضر به بسبب المذهب أو الدين.

[ 574 ]

الحسين، وصل على محمد بن علي باقر علم النبيين، وصل على الصادق عن الله جعفر ابن محمد، وصل على كاظم الغيظ في الله موسى بن جعفر، وصل على الرضا علي بن موسى، وصل على التقي محمد بن علي، وصل على النقي علي بن محمد، وصل على الزكي الحسن بن علي، وصل على الحجة القائم ابن الحسن بن علي، اللهم أحي بن العدل، وأمت به الجور، وزين بطول بقائه الارض، وأظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق واجعلنا من أعوانه و أشياعه والمقبولين في زمرة أوليائه يا رب العالمين، اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتم تطهيرا “. قال مصنف هذا الكتاب – رحمه الله -: لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليها السلام فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي والله الموفق للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل. * (اتيان المشاهد وقبور الشهداء) * ولا تدع أن تأتي المشاهد كلها: مسجد قبا، ومشربة ام إبراهيم، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء، ومسجد الاحزاب وهو مسجد الفتح، وتطوع فيها بما أحببت من الصلاة. وإذا أتيت قبور الشهداء فقل: ” السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” وإذا أتيت مسجد الفتح فقل: ” يا صريخ المكروبين ويا مجيب [ دعوة ] المضطرين اكشف عني غمي وهمي وكربي كما كشفت عن نبيك صلواتك عليه وآله همه وغمه وكربه وكفيته هول عدوه في هذا المكان ” (1).


(1) في الكافي ج 4 ص 560 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لا تدع اتيان المشاهد كلها مسجد قبا فانه المسجد الذى اسس على التقوى من أول يوم، ومشربة ام ابراهيم، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ومسجد الاحزاب وهو مسجد الفتح، قال: وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أتى قبور الشهداء قال: ” السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح: ” يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين – الى آخره

[ 575 ]

* (توديع قبر النبي صلى الله عليه وآله ومنبره) * فإذا أردت أن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلم عليه، ثم ائت المنبر وصل عنده على النبي صلى الله عليه وآله ما استطعت وادع لنفسك بما أحببت للدين والدنيا، ثم ارجع إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وألزق منكبك الايسر بالقبر قريبا من الاسطوانة التي دون الاسطوانة المخلفة عند رأس النبي صلى الله عليه وآله فصل ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كل ركعة الحمد وسورة واقنت في كل ركعتين، فإذا فرغت منها استقبلت رسول الله صلى الله عليه وآله وقلت مودعا له عليه السلام: ” صلى الله عليك السلام عليك لا جعله الله آخر تسليمي عليك، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله وإن توفيتني قبل ذلك فاني أشهد في مماتي على ما أشهد في حياتي أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك ” (1). * (زيارة قبور الائمة) * * (الحسن بن على بن أبي طالب، وعلى بن الحسين، ومحمد بن) * * (على الباقر، وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام بالبقيع) * فإذا أتيت قبور الائمة عليهم السلام بالبقيع فاجعلها بين يديك (2)، ثم قل: ” السلام عليكم يا أئمة الهدى، السلام عليكم يا أهل التقوى، السلام عليكم يا حجج الله على أهل الدنيا، السلام عليكم أيها القوامون في البرية بالقسط، السلام عليكم يا أهل الصفوة، السلام عليكم يا أهل النجوى، أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في


(1) جمع المؤلف بين الخبرين المرويين في الكافي ج 4 ص 563 أحدهما عن معاوية بن عمار والاخر عن يونس بن يعقوب عن أبى عبد الله عليه السلام. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 559 موقوفا مرسلا والظاهر كونه من تتمة خبر معاوية بن عمار الذي تقدم ذكره سابقا في الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الاساطين كما يظهر من سياق الكلام في الكافي، ورواه ابن قولويه في الكامل ص 54 عن حكيم بن – داود، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن أحمد، عن بكر بن صالح، عن عمرو بن هاشم [ أو هشام ] عن بعض أصحابنا عن أحدهم [ أو أحدهما ] عليهما السلام، نقله العلامة المجلسي في مزار البحار وشرحه مجملا.

[ 576 ]

ذات الله عزوجل وكذبتم، واسئ إليكم فغفرتم، وأشهد أنكم الائمة الراشدون (1) وأن طاعتكم مفروضة، وأن قولكم الصدق، وأنكم دعوتم فلم تجابوا، وأمرتم فلم تطاعوا، وأنكم دعائم الدين، وأركان الارض، لم تزالوا بعين الله، ينسخكم في أصلاب المطهرين (2)، وينقلكم في أرحام المطهرات، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن الاهواء (3)، طبتم وطابت منبتكم، أنتم الذين من بكم علينا ديان الدين (4) فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلواتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا إذا اختاركم لنا، وطيب خلقنا بما من علينا من ولايتكم، وكنا عنده بفضلكم معترفين، وبتصديقنا إياكم مقرين (5) وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى، ورجا بمقامه الخلاص، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من النار (6) فكونوا لي شفعاء، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا، واتخذوا آيات الله هزوا، واستكبروا عنها، يامن هو قائم لا يسهو ودائم لا يلهو ومحيط بكل شئ، لك المن بما وفقتني وعرفتني بما ائتمنتني عليه إذ صد عنه عبادك، وجهلوا، معرفتهم، واستخفوا بحقهم، ومالوا إلى سواهم، فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي مكتوبا، فلا تحرمني ما رجوت، ولا تخيبني فيما دعوت ” وادع لنفسك بما أحببت (7).


(1) زاد في الكافي والكامل ” المهديون ” وفى نسخة في الكامل ” المهتدون “. (2) النسخ في الاصل النقل، ونسخت الريح آثار الدار أي غيرتها. (3) دنس ثوبه: وسخه، ووصف الجاهلية بالجهلاء من قبيل ليل أليل تأكيد. والفتن جمع فتنة – بالكسر -: الحيرة والضلالة. (4) الديان: القهار والقاضى والحاكم والسايس الحاسب والمجازي الذى لا يضيع عملا بل يجزى بالخير والشر. (القاموس) (5) في الكافي ” وكنا عنده مسمين بفضلكم معترفين بتصديقنا اياكم “. (6) الهلكى – بفتح الهاء وسكون اللام – جمع هالك. (7) الى هنا تمام الخبر الذى في الكافي وقد أشرنا إليه.

[ 577 ]

ثم صل ثمان ركعتان (1) في المسجد الذي هناك وتقرا فيها ما أحببت وتسلم في كل ركعتين. ويقال: إنه مكان صلت فيه فاطمة عليها السلام. باب * (ثواب زيارة النبي والائمة صلوات الله عليهم أجمعين) * 3159 – قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: ” يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني من زارني حيا أو ميتا أوزار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة واخلصه من ذنوبه ” (2). 3160 – وروى الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ” إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة ” (3). 3161 – وروى علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ما من نبي ولا وصي يبقى في الارض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنما يؤتى مواضع آثارهم ويبلغونهم من بعيد السلام، ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب ” (4).


(1) انما يصلى ثمان ركعات لان الائمة عليهم السلام هناك أربعة: المجتبى والسجاد والباقر والصادق عليهم السلام فيصلى لكل منهم ركعتين. (2) رواه الكليني ج 4 ص 548 في الموثق عن عثمان بن عيسى، عن المعلى أبى – شهاب. (3) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 567. وقال الفاضل التفرشى: قوله ” ان لكل امام عهدا، المراد بالعهد ما يشبه العهد فان من قال بامامة الائمة، وبأنهم أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله، أن الله عزوجل فرض طاعتهم فكأنه عهد إليه أن يطيعه ويخلص له عقيدته ويزوره الى غير ذلك. (4) هنا شبهة مشهورة وهى أن نوح عليه السلام نقل عظام آدم عليه السلام من الماء أو =

[ 578 ]

3162 – وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” من تمام الحج لقاء الامام ” (1). 3163 – وروى صالح بن عقبة، عن زيد الشحام قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ” ما لمن زار واحدا منكم، قال: كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله “. 3164 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ” يا علي من زارني في حياتي أو بعد مماتي، أو زارك في حياتك أو بعد مماتك، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد مماتهما ضمنت له يوم القيامة أن اخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي =


سر نديب الى الغرى، وكذا موسى عليه السلام نقل عظام يوسف عليه السلام من مصر الى بيت المقدس، ورأس الحسين عليه السلام نقل من كربلا الى الشام ومن الشام الى النجف أو كربلاء وأن بعض أهل الكتاب كان يأخذ عظم نبى من الانبياء عليهم السلام بيده ويستسقى وكان باذن الله ينزل المطر حتى اخذ منه ذلك العظم فما نزل بعد ذلك باستسقائه، وقد نطقت الاحاديث بتلك الوقايع. ووجه بامكان العود بعد تلك الايام ولا يخفى ما فيه ومنافاته لتتمة الخبر. واحتمل الفيض – قدس سره – في الوافى بأن يكون المراد باللحم والعظم المرفوعين المثاليين منهما أعنى البرزخيين وذلك لعدم تعلقهم بهذه الاجساد العنصرية فكأنهم وهم بعد في جلابيب من أبدانهم قد نفضوها وتجردوا عنها فضلا عما بعد وفاتهم، والدليل على ذلك من الحديث قولهم عليهم السلام ” ان الله خلق أرواح شيعتنا مما خلق منه أبداننا ” فأبدانهم عليهم السلام ليست الا تلك الاجساد اللطيفة المثالية، وأما العنصرية فكأنها أبدان الابدان – ثم أيد قوله بما تقدم من اخراج نوح (ع) عظام آدم (ع)، وكذا خبر موسى واخراجه عظام يوسف عليهما السلام، وقال: فلو لا أن الاجسام العنصرية منهم تبقى في الارض لما كان لاستخراج العظام ونقلها من موضع الى آخر بعد سنين مديدة معنى، وانما يبلغونهم من بعيد السلام لانهم في الارض وهم عليهم السلام في السماء – الخ، وقيل: لعل صدور أمثال هذا الخبر لنوع مصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج وبنى امية وأضرابهم بالنبش والله يعلم. (1) تقدم أنه من قضاء التفث، وذلك لان ابراهيم (ع) حين رفع قواعد البيت وجعل لذريته عندها مسكنا قال: ” ربنا انى أسكنت من ذريتي بواد غير ذى ذرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوة فاجعل أفئدة من الناس تهرى إليهم ” فاستجاب دعاءه وأمر الناس بالاتيان الى الحج من كل فج عميق ليتحببوا الى ذريته.

[ 579 ]

في درجتي ” (1). 3165 – وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” موضع قبر الحسين عليه السلام منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنة “. 3166 – وقال عليه السلام: ” موضع قبر الحسين عليه السلام ترعة من ترع الجنة ” (2) 3167 – وقال عليه السلام: ” حريم قبر الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر ” (3). 3168 – وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” ما بين قبر الحسين عليه السلام إلى السماء السابعة مختلف الملائكة ” (4).


(1) رواه الكليني كالخبر السابق في الكافي ج 4 ص 579 بسند مرفوع. (2) رواه المصنف مع الخبر السابق كليهما في ثواب الاعمال ص 120 في خبر عن اسحاق بن عمار وهكذا ابن قولويه في الكامل ص 271. وفى نسخة ” نزعة من نزع الجنة ” ولعله تصحيف. (3) رواه ابن قولويه في الكامل ص 272 بسند مرفوع ونقله الشيخ في التهذيب ج 2 ص 25 عنه، وروى عن محمد بن اسماعيل عمن رواه عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” حرم الحسين فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر ” بأن يكون من القبر الى فرسخ حريمه من الجوانب الاربعة، وروى الكليني ج 4 ص 588 والمؤلف في ثواب الاعمال ص 119 في الصحيح عن اسحاق بن عمار قال: ” سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير، فقلت: صف لى موضعها؟ قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من قدامة وخمسة وعشرين ذراعا عند رأسه وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه – الخ ” وروى أيضا ج 4 ص 588 باسناده عن سليمان بن عمر السراج، عن بعض أصحابنا قال: ” يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعا ” وجمع الشيخ وغيره بين الاخبار المختلفة الواردة في ذلك على اختلاف مراتب الفضل. (4) أي محل ترددهم بالصعود والنزول كما روى المصنف في ثواب الاعمال ص 121 عن ابن المتوكل عن الحميرى عن أحمد عن السراد عن اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ” سمعته يقول: ليس ملك في السماوات والارض الا وهم يسألون الله =

[ 580 ]

3169 – وروى صالح بن عقبة، عن بشير الدهان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” ربما فاتني الحج فاعرف عند قبر الحسين عليه السلام (1)، قال: أحسنت يا بشير أيما مؤمن اتى قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عيد كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر إلي شبه المغضب، ثم قال: يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة [ عارفا بحقه ] فاغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتب الله عزوجل له بكل خطوة حجة بمناسكها – ولا أعلمه إلا قال – وعمرة “. 3170 – وروي عن داود الرقي قال: ” سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد وأبا الحسن موسى بن جعفر، وأبا الحسن علي بن موسى عليهم السلام وهم يقولون: ” من أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام بعرفة قلبه الله تعالى ثلج الصدر ” (2). 3171 وقال الصادق عليه السلام: ” إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة، قيل له: قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال: نعم، قيل له وكيف ذاك؟ قال: لان في اولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا ” (3). =


أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام ففوج ينزل وفوج يعرج ” ومثله في الكامل ص 272 (1) أي أعمل أعمال عرفة من الغسل والدعاء وغيرهما في يوم عرفة عند قبره عليه السلام (2) رواه المصنف – رحمه الله – في ثواب الاعمال مسندا وفيه ” ثلج الفؤاد ” وقال المولى المجلسي – رحمه الله – أي أعطاه الله تعالى يقينا بالائمة المعصومين حتى يصير نفسه مطمئنة لا يدخلها شك ولا ريبة، أو أذهب الله عنه غمه، أو رجع من المحشر الى الجنة بعد زوال أهوال يوم القيامة عنه، أو الجميع. وفى بعض النسخ ” أبلج الوج ” واليلوج الاشراق كما في قوله تعالى ” يوم تبيض وجوه “. (3) رواه المصنف في الصحيح في ثواب الاعمال ص 115 عن على بن أسباط يرفعه الى أبى عبد الله عليه السلام.

[ 581 ]

3172 – وقال عليه السلام: ” من زار قبر الحسين بن علي عليهما السلام جعل ذنوبه جسرا على باب داره، ثم عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبره ” (1). 3173 – وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” وكل الله عزوجل بالحسين صلوات الله عليه سبعين ألف ملك يصلون عليه في كل يوم شعثا غبرا ويدعون لمن زاره ويقولون: يا رب هؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم “. 3174 وقال عليه السلام: ” من أتى [ قبر ] الحسين عليه السلام عارفا بحقه كتبه الله عز وجل في أعلى عليين ” (2). 3175 وسأله زيد الشحام فقال له: ” ما لمن زار واحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله ” (3). 3176 – وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: ” أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله عليه السلام بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ” (4).


(1) رواه المصنف في الثواب ص 116 عن شيخه ابن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن بعض رجاله عنه عليه السلام بلفظ آخر. وقيل قوله ” جعل ذنوبه جسرا ” كناية عن أنه يغفر جميع ذنوبه بحيث إذا دخل داره لم يبق له ذنب وكأنه اشارة الى أن ذنوبه التي يقع منه في العود تغفر أيضا. وأقول: المذنب إذا توجه الى زيارة قبر الحسين عليه السلام مع عرفانه به كأنه مال الى الحق وأناب ورجع إليه وذلك بمنزلة التوبة ومن تاب غفر الله له ان شاء الله. (2) رواه المصنف في ثواب الاعمال ص 110 بسند صحيح عن عبد الله بن مسكان الثقة عن أبى عبد الله عليه السلام، وقوله ” في أعلى عليين ” أي بأن يكون ممن يسكن أعلى غرف الجنان، أو يكتب اسمه في أعلى عليين أنه من أهل الجنة. (م ت) (3) رواه الكليني والشيخ عنه وفى معناه أخبار كثيرة. (4) رواه في ثواب الاعمال ص 111 والمراد بما تقدم من ذنبه وما تأخر اما القديم والحديث أو الاثام التى لها أثر حين الارتكاب راجع الى المرتكب فقط والتى آثارها باقية بعده في الناس نظير ما قاله المفسرون في قوله تعالى ” ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر ” ولعل المراد بيان كثرة الثواب من باب المبالغة.

[ 582 ]

3177 – وروى الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: ” مرو شيعتنا بزيارة الحسين بن علي عليهما السلام فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقر للحسين عليه السلام بالامامة من الله عزوجل “. 3178 – وروى هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا كان النصف من شعبان نادى مناد من الافق الاعلى: يا زائري قبر الحسين ارجعوا مغفورا لكم ثوابكم على ربكم ومحمد نبيكم “. (1) 3179 – وروى الحسين بن محمد القمي عن الرضا عليه السلام أنه قال: ” من زار قبر أبي عليه السلام ببغداد كان كمن زار قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقبر أمير المؤمنين عليه السلام إلا أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فضلهما ” (2). 3180 – وروي عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ” سألته عن زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام مثل زيارة الحسين عليه السلام؟ قال: نعم “. 3181 – وروى علي بن مهزيار عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام قال قلت له: ” جعلت فداك زيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام؟ قال: زيارة أبي عليه السلام أفضل، وذلك أن أبا عبد الله عليه السلام يزوره كل الناس وأبي عليه السلام لا يزوره إلا الخواص من الشيعة ” (3). 3182 – وروي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: ” قرأت كتاب أبي –


(1) يدل على تأكد استحباب زيارته عليه السلام في خصوص منتصف شعبان. (2) يعنى وان كانا أفضل مرتبة لكنه في ثواب الزيارة متساوون. (3) وذلك لان جل الشيعة يومئذ في العراق والحجاز وزيارتهم للرضا عليه السلام يستلزم تحمل المشقة العظيمة للبعد، والثواب على قدر المشقة، وقيل: لانه لا يزوره الا الاثنا عشرى بخلاف أبى عبد الله الحسين عليه السلام فانه يزوره جميع فرق الشيعة بل بعض العامة، والاول أظهر.

[ 583 ]

الحسن الرضا عليه السلام: أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله تعالى ألف حجة، قال قلت لابي جعفر – يعني ابنه عليه السلام – ألف حجة! قال: أي والله وألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه ” (1). 3183 – وروى الحسين بن زيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” سمعته يقول: يخرج رجل من ولد موسى اسمه اسم أمير المؤمنين عليه السلام فيدفن في أرض طوس وهي من خراسان، يقتل فيها بالسم فيدفن فيها غريبا، فمن زاره عارفا بحقه أعطاه الله عزوجل أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل ” (2). 3184 – وروى البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: ما زارني أحد من أوليائي عارفا بحقي إلا شفعت فيه يوم القيامة “. 3185 – وقال أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام: ” إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار ” (3). 3186 – وقال عليه السلام: ” ضمنت لمن زار قبر أبي بطوس عارفا بحقه الجنة على الله عزوجل ” (4). 3187 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ستدفن بضعة مني بخراسان ما زارها مكروب إلا نفس الله عزوجل كربه، ولا مذنب إلا غفر الله له ذنوبه ” (5).


(1) رواه المصنف في الصحيح في ثواب الاعمال ص 123. (2) فان ثواب من جاهد في سبيل الله وأنفق ماله في سبيل الله قبل فتح مكة لا يحصى كثرة كما قال الله عزوجل ” لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ” لما في قبل الفتح من الشدة والعسر وكذلك زيارته عليه السلام. (م ت) (3) رواه المصنف في الصحيح عن أبى هاشم الجعفري عنه عليه السلام في العيون ص 362. (4) رواه في العيون ص 362 باسناده عن القمى عن أبيه عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عنه عليه السلام. (5) رواه في العيون ص 364 مسندا عن جابر الجعفي عن أبى جعفر عن أبيه عن آبائه =

[ 584 ]

3188 – وروى النعمان بن سعد، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: ” سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السلام، ألا فمن زاره في غربته غفر الله عزوجل له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الامطار وورق الاشجار ” (1). 3189 – وروى حمدان الديواني عن الرضا عليه السلام أنه قال: ” من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى اخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان ” (2). 3190 – وروى حمزة بن حمران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ” يقتل حفدتي (3) بأرض خراسان في مدينة يقال لها: طوس، من زاره إليها عارفا بحقه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنة وإن من أهل الكبائر، قال: قلت: جعلت فداك وما عرفان حقه؟ قال: يعلم أنه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد من زاره عارفا بحقه أعطاه الله عزوجل أجر سبعين شهيدا ممن استشهد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله على حقيقة ” (4). 3191 – وروى الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام أنه ” قال له رجل من أهل خراسان: يا ابن رسول الله رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي، وغيب في ثراكم نجمي، فقال له الرضا عليه السلام: أنا المدفون في أرضكم، أنا بضعة من نبيكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما =


عن أمير المؤمنين عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله. وهذا الخبر من جملة معجزاته صلى الله عليه وآله واخباره عن المغيبات: وكذا الخبر الاتى يعد من جملة معجزات أمير المؤمنين عليه السلام واخباره بالمغيبات. (1) رواه في العيون ص 364 مسندا. (2) مروى في العيون مسندا ص 361. (3) حفدة الرجل بناته وأولاده. (4) رواه في العيون ص 365 مسندا.

[ 585 ]

أوجب الله عزوجل من حقي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس، ولقد حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من رآني في منامه فقد رآني لان الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة واحدة من شيعتهم وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة “. 3192 وروي عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: ” سمعت الرضا عليه السلام يقول: والله ما منا إلا مقتول شهيد، فقيل له: فمن يقتلك يا ابن رسول الله؟ قال: شر خلق الله في زماني يقتلني بالسم ثم يدفنني في دار مضيقة (1) وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عز وجل له أجر مائة ألف شهيد، ومائة ألف صديق، ومائة ألف حاج ومعتمر، ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا “. 319 3 – وروى الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: ” إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فقال: فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور، فقيل له: يا ابن رسول الله وأية بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس فهي والله روضة من رياض الجنة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وكتب الله تبارك وتعالى له ثواب ألف حجة مبرورة، وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة “. 3194 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة وحرم جسده على النار ” (2).


(1) كذا في العيون ص 363 وفى بعض النسخ ” دار مضيعة ” وقال المولى المجلسي أي هوان وضاع معنوى. (2) رواه في العيون ص 362 مسندا عن محمد بن عمارة عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله.

[ 586 ]

باب * (موضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام) * 3195 – روى صفوان بن مهران الجمال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ” سار وأنا معه في القادسية حتى أشرف على النجف فقال: هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح عليه السلام فقال: ” سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ” فأوحى الله عزوجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني أحد، فغار في الارض وتقطع إلى الشام، ثم قال عليه السلام: اعدل بنا، قال: فعدلت به فلم يزل سائرا حتى أتى الغري فوقف على القبر فساق السلام من آدم على نبي نبي عليهم السلام وأنا أسوق السلام معه حتى وصل السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، ثم خر على القبر فسلم عليه وهلا نحيبه ثم قام فصلى أربع ركعات (وفي خبر آخر: ست ركعات) وصليت معه، وقلت له: يا ابن رسول الله. ما هذا القبر؟ قال: هذا القبر قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام ” (1). * (زيارة قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه) * 3196 – إذا أتيت الغري بظهر الكوفة فاغتسل وامش على سكون ووقار حتى تأتي أمير المؤمنين عليه السلام فتستقبله بوجهك. وتقول (2): ” السلام عليك يا ولي الله


(1) اختلف العامة في موضع قبره عليه السلام، فقيل: انه دفن في مسجد الكوفة، وقيل الرحبة، وقيل: في الغرى، وكان سبب الاختلاف انه صلى الله عليه دفن سرا لاجل الا خوارج وبنى امية، وكان القبر مختفيا الى مجيئ الصادق عليه السلام الى الكوفة فزاره عليهما السلام واخبر أصحابنا بموضع القبر ولم يعرفه غير الشيعة الى زمان هارون الرشيد لما خرج من الكوفة للصيد فذهب الظباء الى موضع القبر ولم يذهب الكلب والبازى في طلبها، فلما سأل المشايخ الذين كانوا هناك عن حاله أخبروه أنا سمعنا من آبائنا أنه موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام فزاره هارون وعلم الناس به واشتهر، وروى ابن طاووس في كتابه فرحة الغرى أخبارا كثيرة في أن موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام هو المكان المعروف اليوم. (2) من هنا منقول في الكافي ج 4 ص 569 رواه عن عدة من أصحابنا عن سهل عن =

[ 587 ]

أنت أول مظلوم، وأول من غصب حقه، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين، وأشهد أنك لقيت الله عزوجل، وأنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب، وجدد عليه العذاب، جئتك عارفا بحقك، مستبصرا بشأنك، معاديا لاعدائك ومن ظلمك، ألقى على ذلك ربي أن شاء الله، إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي عند ربك فإن لك عند الله تبارك وتعالى مقاما معلوما، وإن لك عند الله جاها وشفاعة وقد قال الله عزوجل: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى “. 3197 – وتقول عند أمير المؤمنين عليه السلام (1) أيضا: ” الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته ومعرفة رسوله ومن فرض طاعته رحمة منه لي وتطولا منه علي، ومن علي بالايمان، الحمد لله الذي سيرني في بلاده، وحملني على دوابه، وطوى لي البعيد، =


محمد بن اورمة عمن حدثه عن أبى الحسن الثالث عليه السلام، وعن محمد بن جعفر الرازي عن العبيدي عن رجل من أصحابنا عنه عليه السلام، ونقله ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات ص 41 عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ذكره في كتابه المسمى بالجامع. وقال العلامة الرازي – قدس سره – في كتابه الكبير الذريعة ج 5 ص 29: ” الجامع في الحديث ” لابي جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القميين المعروف بابن الوليد، والمتوفى 343 روى الشيخ الطوسى في التهذيب زيارة على بن موسى الرضا عليهما السلام عن الكتاب المترجم بالجامع تأليف أبى جعفر محمد بن الحسن بن الوليد، والظاهر من السيد ابن طاووس المتوفى 664 أن ” الجامع ” هذا كان عنده، قال في الاقبال في نوافل شهر رمضان: ” روى عبد الله الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه ” بل الظاهر من ميرزا كمالا صهر العلامة المجلسي أنه كان موجودا في عصره حيث انه يأمر ولده بالرجوع الى هذا الكتاب في المجموعة التى مرت في ج 3 ص 170 بعنوان ” بياض الكمالى ” – انتهى. أقول: الظاهر من تسمية الكتاب أن كل ما فيه مأثور عن الائمة عليهم السلام والله يعلم لكن المولى المجلسي توقف في صدور جميع أخباره عن المعصوم عليه السلام فلذا قال في جميع الموارد الاتية لا بأس به لكن الاولى الزيارة المنقولة عنهم عليهم السلام. (1) روى نحوه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 9 مسندا عن يونس بن ظبيان عن أبى عبد الله عليه السلام، وابن قولويه في الكامل أيضا.

[ 588 ]

ودفع عني المكروه حتى أدخلني حرم أخي نبيه وأرانيه في عافية، الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصي رسوله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنتهدي لو لا أن هدانا الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عنده، وأشهد أن عليا عبد الله وأخو رسوله، اللهم عبدك وزائرك متقرب إليك بزيارة قبر أخي رسولك، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره، وأنت خير مأتي وأكرم مزور فأسألك يا الله يا رحمن يا رحيم يا جواد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل تحفتك إياي من زيارتي في موقفي هذا فكاك رقبتي من النار، واجعلني ممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا، واجعلني من الخاشعين، اللهم [ إنك ] بشرتني على لسان نبيك صلواتك عليه وآله فقلت: ” فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ” وقلت: ” وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ” اللهم وإني بك مؤمن وبجميع أنبيائك فلا تقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني به على رؤوس الخلائق بل قفني معهم وتوفني على التصديق بهم، فإنهم عبيدك وأنت خصصتهم بكرامتك وأمرتني باتباعهم “. ثم تدنو من القبر وتقول: ” السلام من الله، السلام على محمد أمين الله وعلى رسوله وعزائم أمره ومعدن الوحي والتنزيل الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله والشاهد على خلقه والسراج المنير، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صلى على محمد وأهل بيته المظلمومين أفضل وأكمل وأرفع وأشرف ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك وأصفيائك، اللهم صلى على علي أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك ووصي رسولك الذي انتجبته من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صلى على الائمة من ولده، القوامين بأمرك من بعده، المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وحفظة لسرك وشهداء على خلقك وأعلاما لعبادك “


[ 589 ]

وتصلي عليهم ما استطعت وتقول: ” السلام على الائمة المستودعين، السلام على خالصة الله من خلقه، السلام على الائمة المتوسمين، السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمرك ووازروا أولياء الله وخافوا لخوفهم، السلام على ملائكة الله المقربين “. ثم تقول: ” السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا عمود الدين ووارث علم الاولين والآخرين، وصاحب الميسم والصراط المستقيم، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، واتبعت الرسول، وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله وجدت بنفسك صابرا محتسبا ومجاهد عن دين الله موقيا لرسوله، طالبا ما عند الله وراغبا فيما وعد الله عز وجل ومضيت للذي كنت عليه شهيدا وشاهدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله. وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء، ولعن الله من قتلك ولعن الله من خالفك ولعن الله من افترى عليك وظلمك ولعن الله من غصبك ومن بلغه ذلك فرضى به، أنا إلى الله منهم برئ، لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدتك وجحدت ولايتك وامة تظاهرت عليك وامة قتلتك وامة حادت عنك وخذلتك، الحمد الله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، وبئس ورد الواردين، وبئس الدرك المدرك، اللهم العن قتلة انبيائك، وقتله أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك: وأصلهم حر نارك، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت، وكل ند يدعى من دون الله، وكل مفتر، اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعنا كثيرا، اللهم العن قتلة أمير – المؤمنين – ثلاثا – اللهم العن قتله الحسن والحسين – ثلاثا – اللهم العن قتله الائمة – ثلاثا – اللهم عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين وضاعف عليهم عذابك كما شاقوا ولاة أمرك وأعد لهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك، اللهم وادخل على قتلة أنصار رسولك، وقتله أنصار أمير المؤمنين، وعلى قتلة أنصار الحسن والحسين، وعلى قتلة من قتل في ولاية آل محمد أجمعين عذابا مضاعفا في أسفل درك من الجحيم، لا يخفف


[ 590 ]

عنهم من عذابهم وهم فيها مبلسون ملعونون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم،، قد عاينوا الندامة والخزي الطويل لقتلهم عترة أنبيائك ورسلك وأتباعهم من عبادك الصالحين، اللهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية في سمائك وأرضك، اللهم اجعل لى لسان صدق في أوليائك وأحبب إلي مستقرهم ومشاهدهم حتى تلحقني بهم، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين “. ثم اجلس عند رأسه وقل: ” سلام الله وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك بقلوبهم، الناطقين بفصلك، الشاهدين على أنك صادق أمين صديق عليك يا مولاي صلى الله على روحك وبدنك، وأشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر أشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والاداء، أشهد أنك جنب الله، وأنك باب الله، وأنك وجه الله الذي يؤتى منه، وأنك سبيل الله (1) وأنك عبد الله وأخو رسول الله، أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله عزوجل وعند رسوله، أتيتك متقربا إلى الله عزوجل بزيارتك في خلاص نفسي، متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي، أتيتك انقطاعا إليك وإلى وليك الخلف من بعدك على بركة الحق (2)، فقلبي لكم مسلم وأمري لكم متبع ونصرتي لكم (3) معدة، وأنا عبد الله ومولاك في طاعتك، الوافد إليك، ألتمس بذلك كمال المنزلة عند الله عزوجل، وأنت ممن أمرني الله بصلته، وحثني على بره، ودلني على فضله، وهداني لحبه، ورغبني في الوفادة إليه، وألهمنى طلب الحوائج عنده، أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم، ولا يخيب من أتاكم، ولا يخسر من يهواكم، ولا يسعد من عاداكم، ولا أجد أحدا أفزع


(1) المراد بالجنب اما القرب فالمعنى أنت أقرب أفراد الخلق الى الله تعالى من باب تسمية الحال باسم المحل، واما الطاعة فالمراد أن طاعتك طاعة الله عزوجل، والمراد بالباب الذي لا يؤتى الا منه أي لا يوصل الى الله والى معرفته وعبادته الا بمتابعتك، وكذا الكلام في الوجه والسبيل. (2) في بعض النسخ ” على تزكية الحق ” وهكذا في التهذيب. (3) في بعض النسخ ” لك ” مكان ” لكم ” في المواضع الثلاثة.

[ 591 ]

إليه خيرا لي منكم، أنتم أهل بيت الرحمة، ودعائم الدين، وأركان الارض، والشجرة الطيبة، اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وآل رسولك واستشفاعي بهم، اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي وولايته ومعرفته، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به، و من علي بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة، اللهم إنى أحيى على ما حيي عليه علي ابن أبي طالب عليه السلام، وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب عليه السلام ” (1). 3198 – وإذا أردت أن تودعه فقل (2): ” السلام عليك ورحمة الله وبركاته أستودعك الله، وأسترعيك، وأقرأ عليك السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جاءت به ودلت عليه فاكتبنا مع الشاهدين (3) أشهد في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي، أشهد أنكم الائمة واحدا بعد واحد، وأشهد أن من قتلكم وحاربكم مشركون، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم، وأشهد أن من حاربكم لنا أعداء ونحن منهم برآء وأنهم حزب الشيطان، اللهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم أن تصلي على محمد وآل محمد – وتسميهم عليهم السلام – ولا تجعله آخر العهد من زيارته فإن جعلته فاحشرني مع هؤلاء الائمة المسمين، اللهم وثبت قلوبنا بالطاعة والمناصحة والمحبة وحسن المؤازرة والتسليم “. وسبح تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلام وهو سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم سبحان ذي العز الشامخ المنيف، سبحان ذي الملك الفاخر القديم، سبحان ذي البهجة والجمال، سبحان من تردى بالنور والوقار، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ووقع الطير في الهواء “.


(1) الظاهر أن من قوله ” الحمد لله الذى أكرمنى – الى هنا – ” كما يظهر من كامل الزيارات منقول من كتاب الجامع تأليف محمد بن الحسن بن الوليد. (2) رواه ابن قولويه ص 46 عن جامع ابن الوليد وهو رواه عن أبى الحسن الثالث عليه السلام، ورواه الشيخ في المصباح ص 519 الى قوله ” والتسليم “. (3) زاد هنا في الكامل ” اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي اياه فان توفيتنى قبل ذلك فانى أشهد في مماتي – الخ “.

[ 592 ]

* (زيارة أخرى لامير المؤمنين عليه السلام) * 3199 – تقول (1): ” السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا إمام الهدى، السلام عليك يا علم التقى، السلام عليك أيها الوصي البار التقي، السلام عليك يا أبا الحسن، السلام عليك يا عمود الدين، ووارث علم الاولين والآخرين وصاحب الميسم (2) والصراط المستقيم، أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة، و أمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، واتبعت الرسول، وتلوت الكتاب حق تلاوته وبلغت عن الله عزوجل، ووفيت بعهد الله، وتمت بك كلمات الله، وجاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ولرسوله، وجدت بنفسك صابرا ومجاهدا عن دين الله مؤمنا برسول الله، طالبا ما عند الله، راغبا فيما وعد الله، ومضيت للذي كنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله من صديق أفضل الجزاء. كنت (3) أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم


(1) الظاهر أنه مأخوذ من كتاب الجامع المذكور ومروى عن المعصوم عليه السلام ولعله عن أبى الحسن الثالث عليه السلام وذلك لان المؤلف قال سابقا ” لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليهما السلام فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي ” فيدل بالمفهوم أن هذه الزيارات التى نقل في الكتاب كلها مأثورة عنهم عليهم السلام. (2) الميسم بكسر الميم: اسم الالة التى يكوى بها ويعلم وأصله الواو وجمعه مياسم ومواسم، الاوالى على اللفظ والثانية على الاصل. (3) من هنا رواه الكليني ج 1 ص 454 مع اختلاف باسناده عن البرقى عن أحمد ابن زيد النيشابوري قال: حدثنى عمر بن ابراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمر عن اسيد ابن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما كان اليوم الذى قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى الله عليه وآله وجاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب =

[ 593 ]

لله، وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسوله، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، و أرفعهم درجة، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه. قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، كنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين، وغيظ الكافرين، وكره الحاسدين، وضغن الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا (1)، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فمن اتبعك فقد هدي، كنت أقلهم كلاما، وأصوبهم منطلقا، وأكثرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعناهم بالامور (2). كنت للدين يعسوبا أولا (3) حين تفرق الناس، وأخيرا حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذا [ ا ] جتمعوا، وشهدت إذ جمعوا، وعلوت إذ هلعوا (4)، وصبرت أذ جزعوا، كنت على الكافرين عذابا صبا، وللمؤمنين غيثا و خصبا لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، و لم تهن، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف (5)، وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله عزوجل، كبيرا في الارض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز (6) ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة (7) الضعيف الذليل =


البيت الذى فيه أمير المؤمنين عليه السلام: ” رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم اسلاما – وساق نحوا مما يكون في المتن باختلاف، وقيل الرجل هو الخضر عليه السلام والله يعلم. (1) التعتعة في الكلام: التردد من حصر أوعى. (2) في الكافي ” وأعرفهم بالامور “. (3) اليعسوب: السيد والرئيس والمقدم وأمير النحل. (النهاية) (4) الهلع: أفحش الجزع والحرص والفزع. (5) العاصف: الشديد، والقاصف شديد الصوت. (6) الهمز: العيب والنقص، والغمز: الطعن والاتهام. (7) الهوادة: الميل واللين والرفق، وما يرجى به الصلاح بين القوم.

[ 594 ]

عندك قوي عزير حتى تأخذ بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في سواء، شأنك الحق والصدق و الرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، اعتدل بك الدين، وسهل بك العسير، واطفئت بك النيران، وقوي بك الايمان، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، سبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن النكال (1)، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الانام، فانا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ” (2). وتصلي عنده ست ركعات تسلم في كل ركعتين لان في قبره عظام آدم، وجسد نوح (3) وأمير المؤمنين عليهم السلام فمن زار قبره فقد زار آدم ونوحا وأمير المؤمنين عليهم السلام فتصلي لكل زيارة ركعتين. * (زيارد قبر أبى عبد الله الحسين بن على بن أبى) * * (طالب عليهما السلام المقتول بكربلا) * 3199 – قال الصادق عليه السلام (4) ” إذا أتيت أبا عبد الله الحسين عليه السلام فاغتسل على


في بعض النسخ ” البكاء “. (2) الى هنا تم ما في الكافي (3) يؤيد ما مر من القول ببقاء أجسادهم عليهم السلام في الارض. (4) روى الكليني في الكافي ج 4 ص 575 والشيخ عنه في التهذيب ج 2 ص 19 واللفظ للكافى عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير قال: ” كنت أنا ويونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبى عبد الله عليه السلام وكان المتكلم منا يونس وكان أكبرنا سنا فقال له: جعلت فداك انى أحضر مجلس هؤلاء القوم يعنى ولد العباس فما أقول؟ فقال إذا حضرت فذكرتنا فقل: ” اللهم أرنا الرخاء والسرور ” فانك تأتى على ما تريد، فقلت: جعلت فداك انى كثيرا ما أذكر الحسين عليه السلام فأى شئ أقول: ” فقال: قل: ” صلى الله عليك يا أبا عبد الله ” تعيد ذلك ثلاثا فان السلام يصل إليه من قريب ومن بعيد، ثم قال: =

[ 595 ]

شاطئ الفرات ثم البس ثيابا طاهرة، ثم امش حافيا، فإنك في حرم من حرم الله عزوجل [ وحرم ] رسول صلى الله عليه وآله، وعليك بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله عزوجل كثيرا والصلاة على محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم حتى تصير إلى باب الحائر ثم تقول: ” السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليكم يا ملائكة الله وزوار قبر ابن نبي الله ” ثم اخط عشر خطى، ثم قف وكبر الله ثلاثين تكبيرة، ثم امش إليه حتى تأتيه من قبل وجهه واستقبل وجهه بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك ثم قل: ” السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليك يا ثار الله في الارض وابن ثاره، السلام عليك يا وتر الله الموتور في السماوات والارض، أشهد أن دمك سكن في الخلد، واقشعرت له أظلة العرش، وبكى له جميع الخلائق، وبكت له السماوات السبع والارضون [ السبع ] وما فيهن وما بينهن، ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا، وما يرى وما لا يرى، أشهد أنك حجة الله وابن حجته، وأشهد أنك ثار الله وابن ثاره، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السموات والارض، وأشهد أنك بلغت عن الله ونصحت ووفيت وأوفيت، وجاهدت في سبيل ربك، ومضيت للذي كنت عليه شهيدا ومستشهدا وشاهدا ومشهودا، أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك، والوافد إليك، ألتمس بذلك كمال المنزلة عند الله عزوجل، وثبات القدم في الهجرة إليك، والسبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي امرت بها، من أراد =


ان أبا عبد الله الحسين عليه السلام لما قضى بكت عليه السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن ينقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى بكى على أبى – عبد الله الحسين عليه السلام الا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: جعلت فداك وما هذه الثلاثة الاشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان، قلت: جعلت فداك انى اريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع؟ قال: إذا أتيت أبا عبد الله عليه السلام فاغتسل – ثم ساق الى آخر الزيارة – ” والظاهر من الكافي والكامل أن قوله ” فقلت جعلت فداك أنى كثيرا ما أذكر الحسين ” يعنى قال الحسين بن ثوير الثقة فقلت له كذا وكذا لكن ظاهر التهذيب المتكلم يونس بن ظبيان. (1) في بعض النسخ ” وما نرى ومالا نرى “.

[ 596 ]

الله بدأ بكم، من أراد الله بدأ بكم، من أراد الله بدأ بكم (1)، بكم يبين الله الكذب، وبكم يباعد الله الزمان الكلب (2) وبكم يفتح الله وبكم يختم الله، وبكم يمحو الله ما يشاء، وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا، وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن ومؤمنة تطلب، وبكم تنبت الارض أشجارها، وبكم تخرج الاشجار أثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها، وبكم يكشف الله الكرب، وبكم ينزل الله الغيث، وبكم تسبح الارض التي تحمل أبدانكم (3) لعنت امة قتلتكم، وامة خالفتكم، وامة جحدت ولايتكم، وامة ظاهرت عليكم، وامة شهدت ولم تنصركم (4) الحمد لله الذي جعل النار مأواهم وبئس ورد الواردين، وبئس الورد المورود، والحمد لله رب العالمين. صلى الله عليك يا أبا عبد الله، أنا إلى الله ممن خالفك برئ، أنا إلى الله ممن خالفك برئ، أنا إلى الله ممن خالفك برئ “. ثم ائت عليا ابنه عليهما السلام (5) وهو عند رجليه وتقول: ” السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن علي أمير المؤمنين، السلام عليك با ابن الحسن و الحسين (6)، السلام عليك يا ابن خديجة وفاطمة عليهما السلام، صلى الله عليك، صلى الله عليك، صلى الله عليك، لعن الله من قتلك، لعن الله من قتلك، لعن الله من قتلك، أنا إلى الله منهم برئ، أنا إلي الله منهم برئ، أنا إلى الله منهم برئ ” [ ثم تقوم


(1) قوله ” من أراد الله بدأ بكم ” ليس في الكافي الامرة واحدة وكذا في التهذيب ومعناه أنه لا يمكن معرفته تعالى ولا عبادته بدون متابعتكم والتكرير ثلاثا للتأكيد. (2) الكلب – بكسر اللام -: الشديد. (3) زاد في الكافي ” وتستقر جبالها عن مراسيها ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم وتصدر في بيوتكم والصادر عما فصل من أحكام العباد وما بين منها، أو ما يفصل بينهم في قضاياهم، أو ما يميز به بين الحق والباطل، أو ما خرج من الوحى منها يؤخذ منكم. وفى بعض نسخ الكافي ” وبكم تسيخ الارض – الخ “. (4) في الكافي ” ولم تستشهد “. (5) في الكافي ” ثم تقوم فتأتى ابنه عليا عليه السلام “. (6) بناء على أن العم قد يسمى أبا.

[ 597 ]

فتؤمي بيدك إلى الشهداء وتقول ] (1): ” السلام عليكم، السلام عليكم، السلام عليكم، فزتم والله، فزتم الله، فزتم الله، يا ليتني كنت معكم فأفوز عظيما “. ثم تدور فتجعل قبر أبي عبد الله عليه السلام بين يديك فتصل ست ركعات وقد تمت زيارتك. هذه الزيارة رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير عن الصادق عليه السلام (2). * (الوداع) * 3200 – من رواية يوسف الكناسي (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” إذا أردت أن تودعه فقل: ” السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ونستودعك الله ونقرأ عليك السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جاء به ودل عليه، واتبعنا الرسول يا رب فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم لا تجعله آخر العهد منا ومنه، اللهم إنا نسألك أن تنفعنا بحبه اللهم ابعثه مقاما محمودا، تنصر به دينك، وتقتل به عدوك وتبير به (4) من نصب حربا لآل محمد، فإنك وعدته ذلك وأنت لا تخلف الميعاد، السلام عليك ورحمة الله و بركاته، أشهد أنكم شهداء نجباء، جاهدتم في سبيل الله وقتلتم على منهاج رسول –


(1) ما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وفى بعضها مكانه ” ثم ائت الشهداء وقل ” والظاهر أنه من زيادات النساخ لتوهمهم أن الخطاب بصيغة الجمع يكون للشهداء. (2) كما رواه ابن قولويه في الكامل ص 197 عن أبيه وعلى الحسين، ومحمد بن الحسن جميعا عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير بن أبى فاختة. (3) في الكامل ص 253 حدثنى أبى ومحمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، وحدثني أبى وعلى بن الحسين ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، وحدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن بن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ابن أيوب، عن نعيم بن الوليد، عن يوسف الكناسى وفى بعض ألفاظه اختلاف نشير إليها. (4) أي تهلك، وأباره أي أهلكه.

[ 598 ]

الله صلى الله عليه واله وابن رسوله كثيرا (1)، والحمد لله الذي صدقكم وعده، وأراكم ما تحبون وصلي الله على محمد وآل محمد وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته، اللهم لا تشغلني في الدنيا عن شكر نعمتك ولا باكثار فيها فتلهيني عجائب بهجتا، وتفتنني زهرتها (2)، ولا بإقلال يضر بعملي ضره، (3) ويملا صدري همه، أعطني من ذلك غنى عن شرار خلقك، وبلاغا أنال به رضاك يا أرحم الراحمين “. وقد أخرجت في كتاب الزيارات، وفي كتاب مقتل الحسين عليه السلام أنواعا من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب لانها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية. * (زيارة قبور الشهداء) * فإذا أردت زيارة قبور الشهداء فقل: ” السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” (4). باب * (ما يجزى من زيارة الحسين عليه السلام في حال التقية) * 3201 – إذا أتيت الفرات فاغتسل والبس ثوبيك الطاهرين، ثم اتت القبر و قل: ” صلى الله عليك يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله ” وقد تمت زيارتك هذه في حال التقية. روى ذلك يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السلام.


(1) زاد هنا في الكامل ” أنتم السابقون والمهاجرون والانصار، أشهد أنكم أنصار الله وأنصار رسوله “. (2) في الكامل: ” اللهم لا تشغلني في الدنيا عن ذكر نعمتك لا باكثار تلهيني عجائب بهجتها وتفتننى زهرات زينتها “. (3) في الكامل ” يضر بعملي كده “. (4) راجع لزيارة عباس بن على عليهما السلام كامل الزيارات ص 256.

[ 599 ]

باب * (ما يقوم مقام زيارة الحسين وزيارة غيره) * * (من الائمة عليهم السلام لمن لا يقدر على قصده لبعد المسافة) * 3202 – روي ابن أبي عن هشام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليصعد أعلى منزله فليصل ركعتين وليؤم بالسلام إلى قبورنا فإن ذلك يصل إلينا “. 3203 – وفي رواية حنان بن سدير عن أبيه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ” يا سدير تزور قبر الحسين عليه السلام في كل يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قال: ما أجفاكم فتزوره في كل شهر؟ قلت: لا، قال: فتزوره، في كل سنة؟ قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير ما أجفاكم للحسين عليه السلام أما علمت أن الله تبارك وتعالى ألف ألف ملك شعث غبر، يبكون ويزورون ولا يفترون، وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه السلام في كل جمعة (1) خمس مرات أو في كل يوم مرة، قلت: جعلت فداك بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك ثم التفت يمنة ويسرة، ثم ارفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر فتقول: ” السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ” تكتب لك بذلك، زورة الزورة حجة وعمرة، قال سدير: فربما فعلت ذلك في الشهر أكثر من عشرين مرة “. باب * (فضل تربة الحسين عليه السلام وحريم قبره) * 3204 – قال الصادق عليه السلام: ” في طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كل داء


(1) المراد بالجمعة الاسبوع كما هو الظاهر.

[ 600 ]

وهو الدواء الاكبر ” (1). 3205 – وقال عليه السلام: ” إذا أكلته فقل: اللهم رب التربة المباركة ورب الوصي الذي وارته صل على محمد وآل محمد واجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء ” (2). 3206 – وقال الصادق عليه السلام: ” حريم قبر الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر ” (3). 3207 – وروي إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” موضع قبر الحسين عليه السلام منذ يوم دفن [ فيه ] روضة من رياض الجنة ” (4). 3208 – وقال عليه السلام: ” موضع قبر الحسين عليه السلام ترعة من ترع الجنة ” (5) باب * (زيارة الامامين أبى الحسن موسى بن جعفر وأبى جعفر) * * (محمد بن على الثاني عليهما السلام ببغداد في مقابر قريش) * 3209 – إذا أردت بغداد إن شاء الله فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين وزر قبريهما وقل حين تصير إلى قبر موسى بن جعفر عليهما السلام: ” السلام عليك يا ولي الله،


(1) رواه ابن قولويه ص 275، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمد بن سليمان البصري، عن أبيه عنه عليه السلام، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 26 عنه. (2) في الكامل ص 284 عن أبيه وجماعة عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى ابن عبيد قال: وروى لى بعض أصحابنا نسيت اسناده قال: إذا أكلته تقول.. “. (3) و (4) و (5) كل ذلك تقدم تحت رقم 3167 و 3165 و 3166 على الترتيب.

[ 601 ]

السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الارض (1) أتيتك زائرا عارفا بحقك، معاديا لاعدائك، مواليا لاوليائك، فاشفع لي عند ربك ” ثم سل حاجتك ثم تسلم على أبي جعفر عليه السلام بهذه الاحرف والنداء (2). وإذا أردت زيارته عليه السلام فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين وقل: ” اللهم صل على محمد بن علي الامام التقي النقي الرضي المرضي، وحجتك على من فوق الارض ومن تحت الثرى، صلاة كثيرة نامية زاكية مباركة متواصلة متواترة مترادفة كأفضل ما صليت على أحد من أوليائك، والسلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا نور الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا إمام المتقين، (3) ووارث علم النبيين، وسلالة الوصيين (4)، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الارض أتيتك زائرا عارفا بحقك، معاديا لاعدائك، مواليا لاوليائك، فاشفع لي عند ربك ” ثم سل حاجتك (5).


(1) في الكافي ج 2 ص 578 والكامل والتهذيب هنا ” السلام عليك يامن بد الله في شأنه ” ويمكن عدم كون هذه الجملة في النسخة التى نقل عنها المؤلف وانما زيدت بعد، أو أسقطها المصنف وهو الاظهر لانه لا يعتقد الخبر الذى نقل عن الصادق عليه السلام أنه قال، ” ما بد الله بداء كما بداله في اسماعيل ابني ” فانه قال بعد نقله في كتاب التوحيد باب البداء: وقد روى لى من طريق أبى الحسين الاسدي في ذلك شئ غريب وهو أنه روى أن الصادق عليه السلام قال: ” ما بد الله بداء كما بداله في اسماعيل أبى إذا أمر أباه ابراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم “. ثم قال: في الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر، الا أننى أوردته لمعنى لفظ البداء. (2) الزيارة رواها ابن قولويه ص 301 من الكامل، عن محمد بن جعفر الرزاز الكوفى عن محمد بن عيسى بن عبيد عمن ذكره عن أبى الحسن عليه السلام. (3) في بعض النسخ ” امام المؤمنين “. (4) السلالة – بضم السين المهملة -: الولد. (5) مروى في الكامل ص 302 بالسند المتقدم.

[ 602 ]

ثم صل في القبة التي فيها محمد بن علي عليهما السلام أربع ركعات بتسليمتين عند رأسه، ركعتين لزيارة موسى عليه السلام، وركعتين لزيارة محمد بن علي عليهما السلام، ولا تصل عند رأس موسى عليه السلام فإنه يقابلك قبور قريش ولا يجوز اتخاذها قبلة إن شاء الله. باب * (زيارة قبر الرضا أبى الحسن على بن موسى عليهما السلام بطوس) * 3210 – إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن علي بن موسى عليهما السلام بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل (1) ” اللهم طهرني، وطهر لي قلبي، واشرح لي صدري، وأجر على لساني مدحتك، والثناء عليك، فإنه لا قوة إلا بك، اللهم اجعله لى طهورا وشفاء ” وتقول حين تخرج: ” بسم الله وبالله وإلى الله وإلى ابن رسول الله حسبي الله، توكلت على الله، اللهم إليك توجهت، وإليك قصدت، وما عندك أردت “. فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل: ” اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي وما خولتني، وبك وثقت فلا تخيبني، يامن لا يخيب من أراده، ولا يضيع من حفظه صل على محمد وآل محمد، واحفظني بحفظك فإنه لا يضيع من حفظت “. فإذا وافيت سالما فاغتسل وقل حين تغتسل ” اللهم طهرني، وطهر لي قلبي واشرح لي صدري، وأجر على لساني مدحتك ومحبتك والثناء عليك، فإنه لا قوة إلا بك فقد علمت أن قوام ديني التسليم لامرك، والاتباع لسنة نبيك، والشهادة على جميع خلقك، اللهم اجعله لي شفاء ونورا، إنك على كل شئ قدير “. والبس أطهر ثيابك وامش حافيا، وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل


(1) نقل هذه الزيارة الشيخ الطوسى – رحمه الله – في التهذيب ج 2 ص 30 عن كتاب الجامع لمحمد الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ المصنف – رحمهما الله – ورواها ابن قولويه ص 309 قال: وروى عن بعضهم قال: ” إذا أتيت قبر على بن موسى عليهما السلام بطوس فاغتسل قبل خروجك من منزلك وقل حين تغتسل: اللهم طهرني – الخ “.

[ 603 ]

والتمجيد وقصر خطاك وقل حين تدخل: ” بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن عليا ولي الله “. وسر حتى تقف على قبره (1) وتستقبل وجهه بوجهك، واجعل القبلة بين كتفيك وقل: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنه سيد الاولين والآخرين، وأنه سيد الانبياء والمرسلين، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وسيد خلقك أجمعين، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك، اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك، الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديان الدين بعدلك، وفصل قضائك بين خلقك، والمهيمن على ذلك كله، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على فاطمة بنت نبيك وزوجة وليك وأم السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، والطهرة الطاهرة المطهرة، والتقية النقية الرضية الزكية، سيدة نساء أهل الجنة أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك، اللهم صل على الحسن والحسين سبطي نبيك وسيدي شباب أهل الجنة القائمين في خلقك والدليلين على من بعثت برسالاتك ودياني الدين بعدلك، وفصلي قضائك بين خلقك اللهم صل على علي بن الحسين عبدك القائم في خلقك والدليل على من بعثت برسالاتك وديان الدين بعدك وفصل قضائك بين خلقك، سيد العابدين، اللهم صل على محمد بن علي عبدك وخليفتك في أرضك باقر علم النبيين، اللهم صل على جعفر بن محمد الصادق عبدك وولي دينك، وحجتك على خلقك أجمعين، الصادق البار اللهم صل على موسى بن جعفر عبدك الصالح، ولسانك في خلقك، الناطق بحكمك والحجة على بريتك، اللهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى، عبدك و ولي دينك، القائم بعدلك، والداعي إلى دينك ودين آبائه الصادقين، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك، اللهم صل على محمد بن علي عبدك ووليك، القائم بأمرك، والداعى


في الكامل ” ثم أشر على قبره ” وهو تصحيف وما في المتن صحيح.

[ 604 ]

إلى سببلك، اللهم صل على علي بن محمد عبدك وولي دينك، اللهم صل على الحسن ابن علي العامل بأمرك، القائم في خلقك، وحجتك المؤدي عن نبيك، وشاهدك على خلقك، المخصوص بكرامتك، الداعي إلى طاعتك وطاعة رسولك، صلواتك عليهم أجمعين اللهم صل على حجتك ووليك القائم في خلقك صلاة تامة نامية باقية تعجل بها فرجه وتنصره بها، وتجعلنا معه في الدينا والآخرة، اللهم إني أتقرب إليك بحبهم واوالي وليهم وأعادي عدوهم، فارزقني بهم خير الدنيا والآخرة، واصرف عني بهم شر الدنيا والآخرة، وأهوال يوم القيامة “. ثم تجلس عند رأسه وتقول: ” السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الارض، السلام عليك يا عمود الدين، السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله (1)، السلام عيك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد رسول الله، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين علي ولي الله ووصي رسول رب العالمين، السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء، السلام عليك يا وارث الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك يا وارث علي بن الحسين سيد العابدين، السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علم الاولين والآخرين، السلام عليك يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار، السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر، السلام عليك أيها الصديق الشهيد، السلام عليك أيها الوصي البار التقي أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته إنه حميد مجيد “. ثم تنكب على القبر وتقول: ” اللهم إليك صمدت من أرضي، وقطعت البلاد رجاء رحمتك فلا تخيبني ولا تردني بغير قضاء حوائجي، وارحم تقلبي على قبر ابن


في التهذيب ” نجى الله “.

[ 605 ]

أخي رسولك صلواتك عليه وآله، بأبي أنت وامي أتيتك زائرا وافدا عائذا مما جنيت على نفسي، واحتطبت على ظهري، فكن لي شافعا إلى الله يوم فقري وفاقتي، فلك عند الله مقام محمود وأنت [ عنده ] وجيه “. ثم ترفع يدك اليمنى وتبسط اليسرى على القبر وتقول: ” اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وبولايتهم، أتولى آخرهم بما توليت به أولهم، وأبرأ من كل وليجة دونهم (1) اللهم العن الذين بدلوا نعمتك، واتهموا نبيك، وجحدوا بآياتك، وسخروا بإمامك، وحملوا الناس على أكتاف آل محمد، اللهم إنى أتقرب إليك باللعنة عليهم والبراءة منهم في الدنيا والآخرة يا رحمن “. ثم تحول إلى عند رجليه وقل: ” صلى الله عليك يا أبا الحسن، صلى الله على روحك وبدنك، صبرت وأنت الصادق المصدق، قتل الله من قتلك بالايدي والالسن “. ثم ابتهل (2) في اللعنة على قاتل أمير المؤمنين وعلى قتله الحسن والحسين وعلى جميع قتله أهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله، ثم تحول إلى عند رأسه من خلفه وصل ركعتين وتقرأ في إحديهما الحمد ويس وفي الاخرى الحمد والرحمن، وتجتهد في الدعاء والتضرع، وأكثر من الدعاء لنفسك ولوالديك ولجميع إخوانك وأقم عند رأسه ما شئت، ولتكن صلاتك عند القبر. * (الوداع) * فإذا أردت أن تودعه فقل: ” السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله و بركاته أنت لنا جنة من العذاب وهذا أو ان انصرافنا عنك (3) غير راغب عنك، ولا مستبدل بك، ولا مؤثر عليك، ولا زاهد في قربك، وقد جدت بنفسي للحدثان (4)،


الوليجة: من تتخذه معتمدا من غير أهلك، أي أبرأ من كل من لم يحذو حذوهم ولم يقل بامامتهم. (2) الابتهال هو أن تمد يديك جميعا وأصله التضرع والمبالغة في السؤال. (النهاية) (3) الجنة – بصم الجيم -: كل ما وقى، والاوان: الحين وقد يكسر. (القاموس) (4) جدت أي بذلت وهو من الجود، وحدثان الدهر: نوائبه وحوادثه.

[ 606 ]

وتركت الاهل والاوطان والاولاد، فكن لي شافعا يوم حاجتي وفقري وفاقتي، يوم لا يغني عني حميمي (1) ولا قريبي، يوم لا يغني عني والدي، أسأل الله الذي قدر رحيلي إليك أن ينفس بك كربتي، وأسال الله الذي قدر علي فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد من رجوعي، وأسأل الله الذي إبكى عليك عيني أن يجعله لي سببا وذخرا، وأسال الله الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك وزيارتي إياك أن يوردني حوضكم، ويرزقني مرافقتكم في الجنان، السلام عليك يا صفوة الله [ السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين ] (2) السلام على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين، وقائد الغر المحجلين، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام علي الائمة – وتسميهم عليهم السلام – ورحمة الله وبركاته، السلام على ملائكة الله الحافين، السلام على ملائكة الله المقيمين (3) المسبحين الذين هم بأمره يعملون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه، فإن جعلته فاحشرني معه ومع آبائه الماضين، وإن أبقيتني يا رب فارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني إنك على كل شئ قدير “. وتقول: ” أستودعك الله وأسترعيك وأقرأ عليك السلام آمنا بالله وبما دعوت إليه، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم ارزقني حبهم ومودتهم أبدا [ ما أبقيتني السلام على ملائكة الله وزوار قبر ابن بني الله، السلام مني أبدا ] (4) ما بقيت ودائما إذا فنيت، السلام علينا وعلى عبد الله الصالحين “. فإذا خرجت من القبة فلا تول وجهك عنه حتى يغيب عن بصرك.


(1) في بعض النسخ ” عنى حبيبي “. (2) ما بين القوسين زيادة في بعض النسخ. (3) في بعض النسخ كما في التهذيب ” المقربين ” مكان (المقيمين “. (4) ما بين القوسين زيادة في بعض النسخ والتهذيب.

[ 607 ]

باب * (زيارة الامامين أبى الحسن علي بن محمد وأبي محمد) * * (الحسن بن على عليهم السلام بسر من رأى) * 3211 – إذا أردت زيارة قبريهما فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين فإن وصلت إلى قبريهما وإلا أو مأت من عند الباب الذي على الشارع إن شاء الله و تقول (1): ” السلام عليكما ياوليي الله، السلام عليكما يا حجتي الله، السلام عليكما يا نوري الله في ظلمات الارض، أتيتكما عارفا بحقكما، معاديا لاعدائكما، مواليا لاوليائكما، مؤمنا بما آمنتما به، كافرا بما كفرتما به، محققا لما حققتما، مبطلا لما أبطلتما، أسأل الله ربي وربكما أن يجعل حظي من زيارتي إياكما الصلاة على محمد وآله، وأن يرزقني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار، وأن يرزقني شفاعتكما ومصاحبتكما، ولا يفرق بيني وبينكما (2) ولا يسلبني حبكما وحب آبائكما الصالحين، وأن لا يجعله آخر العهد من زيارتكما وأن يجعل محشري معكما في الجنة برحمته، اللهم ارزقني حبهما وتوفني على ملتهما، اللهم العن ظالمي آل محمد حقهم، وانتقم منهم، اللهم العن الاولين منهم والآخرين، وضاعف عليهم العذاب الاليم، وبلغ بهم وبأشياعهم ومحبيهم وشيعتهم أسفل درك من الجحيم إنك على كل شئ قدير، اللهم عجل فرج وليك وابن وليك واجعل فرجنا مع فرجه يا أرحم الراحمين “. وتجتهد في الدعاء لنفسك ولوالديك وصل عندهما لكل زيارة ركعتين ركعتين وإن لم تصل إليهما دخلت بعض المساجد وصليت لكل إمام لزيارته ركعتين وادع الله بما أحببت إن الله قريب مجيب.


(1) هذه الزيارة نقلها الشيخ في التهذيب ج 2 ص 32 عن كتاب المترجم بالجامع لمحمد بن الحسن بن أحمد الوليد شيخ المصنف – رحمهم الله – وتقدم الكلام فيه ص 587. (2) في بعض النسخ ” ويعرف بينى وبينكما “.

[ 608 ]

باب * (ما يجزي من القول عند زيارة جميع الائمة عليهم السلام) * 3212 – روي عن علي بن حسان قال: ” سئل الرضا عليه السلام في إتيان قبر أبي الحسن موسى عليه السلام فقال: صلوا في المساجد حوله، ويجزي في المواضع كلها أن تقول (1): ” السلام على أولياء الله وأصفيائه، السلام على أمناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه، السلام على محال معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على مظهري أمر الله ونهيه، السلام على الدعاة إلى الله، السلام على المستقرين في مرضات الله، السلام على المخلصين في طاعة الله، السلام على الادلاء على الله، السلام على الذين من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله عزوجل، واشهد الله أني سلم لمن سالمتم، وحرب لمن حاربتم، مؤمن بسركم وعلانيتكم، مفوض في ذلك كله إليكم، لعن الله عدو آل محمد من الجن والانس، وأبرأ إلى الله منهم و صلى الله على محمد وآل محمد “. [ و ] هذا يجزي في الزيارات كلها، وتكثر من الصلاة على محمد وآله الائمة وتسميهم واحدا واحدا بأسمائهم، وتبرأ من أعدائهم، وتخير من الدعاء ما شئت لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات.


(1) في الكافي ج 4 ص 578 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن هارون بن مسلم، عن على بن حسان، عن الرضا عليه السلام قال: ” سئل أبى عن اتيان قبر الحسين عليه السلام فقال: صلوا في المساجد حوله ويجزى في المواضع كلها أن تقول: ” السلام على اولياء الله – وساق الى آخر ما في المتن بأدنى اختلاف في اللفظ، وفى التهذيب ج 2 ص 35 عن محمد بن يعقوب بالسند المتقدم قال: ” سئل الرضا عليه السلام عن اتيان قبر أبى الحسن عليه السلام – الخ ” ولعل ما في الكافي تصحيف.

[ 609 ]

* (زيارة جامعة لجميع الائمة عليهم السلام) * 3213 – روى محمد بن إسماعيل البرمكي (1) قال: ” حدثنا موسى بن عبد الله النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله، بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم، فقال: إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين وأنت على غسل، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل: ” الله أكبر، الله أكبر – ثلاثين مرة -، ثم امش قليلا، وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثم قف وكبر الله عزوجل – ثلاثين مرة – ثم ادن من القبر وكبر الله – أربعين مرة – تمام مائة تكبيرة، ثم قل:


(1) المعروف بصاحب الصومعة يكنى أبا عبد الله سكن قم وليس أصله منها ووثقه النجاشي وقال: انه ثقه مستقيم، واعتمد على توثيقه اياه العلامة ويروى عنه محمد بن جعفر بن عون الاسدي المعروف بمحمد بن أبى عبد الله الكوفى وكان ثقة صحيح الحديث الا أنه يروى عن الضعفاء كما في فهرست النجاشي، ويروى المصنف عنه بواسطة ثلاثة رجال من مشايخه 1 – على بن أحمد بن موسى الدقاق، 2 – محمد بن أحمد السنانى وهو ابن أحمد بن محمد بن سنان، 3 – الحسين ابن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وهؤلاء الثلاثة من مشايخ الاجازة ولم يذكرهم المصنف في جميع كتبة الا مع الترضية واعتمد عليهم وكفى باعتماده عليهم مدحا واجتماعهم لا يقصر عن ثقة فالطريق صحيح أو حسن كالصحيح. وأما موسى بن عبد الله النخعي وان لم يذكره الرجاليون بمدح ولا قدح لكن روايته هذه الزيارة الكاملة التى هي أكمل الزيارة المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام تعطينا خبرا بأن الرجل كان من المخلصين لهم والمتفانين في محبتهم بل صاحب أسرارهم عليهم السلام فالسند حسن كالصحيح ويؤيده اعتماد الصدوق – ره – عليه حيث قال في مقدمة هذا الكتاب لم أقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع مارووه، بل قصدت الى ايراد ما أفتى به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بينى وبين ربى – تقدس ذكره وتعالت قدرته – وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع “، ثم اعلم أن المؤلف روى هذه الزيارة في العيون ص 375 عن على بن أحمد الدقاق ومحمد بن أحمد السنانى وعلى بن عبد الله الوراق والحسين بن ابراهيم المكتب جميعا عن محمد بن أبى عبد الله الكوفى وأبى الحسين الاسدي عن محمد بن اسماعيل البرمكى عن موسى بن عمران النخعي ولعل عمران تصحيف عبد الله أو يكون نسبة الى أحد أجداده والعلم عند الله وفى التهذيب كما في الفقيه.

[ 610 ]

” السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة وخزان العلم، ومنتهى الحلم، واصول الكرم، و قادة الامم، وأولياء النعم، وعناصر الابرار، ودعائم الاخيار، وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الايمان، وامناء الرحمن، وسلالة النبيين، وصفوة المرسلين، و عترة خيرة رب العالمين، ورحمة الله وبركاته، السلام على أئمة الهدى، ومصابيح الدجى وأعلام التقى، وذوي النهى، وأولي الحجى، وكهف الورى (1)، وورثة الانبياء، والمثل الاعلى، والدعوة الحسنى (2)، وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والاولى، ورحمة الله وبركاته (3)، السلام على محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله، وحملة كتاب الله، وأوصياء نبي الله، وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته، السلام على الدعاة إلى الله، والادلاء على مرضات الله، والمستقرين في أمر الله (4) والتامين في محبة الله (5)، والمخلصين في توحيد الله، والمظهرين لامر الله ونهيه، وعباده المكرمين، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ورحمة الله وبركاته، السلام على الائمة الدعاة، والقادة الهداة، والسادة الولاة، والذادة الحماة، وأهل


(1) الدجى جمع الدجية: الظلمة أو هي مع غيم، والمعنى انكم الهادون للناس من ظلمة الشرك والكفر والضلالة الى نور الايمان والطاعة. والاعلام جمع العلم: العلامة والمنار، والنهى جمع النهية وهى العقل لانها تنهى عن القبائح وذلك لانهم أولى العقول الكاملة، والحجى – كالى -: العقل والفطنة، و ” كهف الورى ” أي ملجأ الخلائق في الدين والدنيا والاخرة. (2) يمكن أن يكون المراد أنهم حصلوا بدعاء ابراهيم وغيره من الانبياء عليهم السلام كما قال النبي صلى الله عليه وآله ” أنا دعوة أبى ابراهيم عليه السلام “. (3) بالرفع عطف على السلام، ويمكن أن يقرأ – بالكسر – عطفا على الجمل السابقة أي أنتم رحمته تعالى وبركاته لكنه بعيد. (4) في بعض النسخ ” المستوفرين في أمر الله ” أي الساعين في الايتمار بأوامره الواجبة والمندوبة مطلقا، أوفى أمر الامامة، وما في المتن أظهر. (م ت) (5) أي مراتبها الثلاث من محبة الذات لذاته سبحانه وتعالى ولصفاته الحسنى ولافعاله الكاملة. (م ت)

[ 611 ]

الذكر، وأولي الامر (1)، وبقية الله وخيرته وحزبه، وعيبة علمه، وحجته وصراطه ونوره، ورحمة الله وبركاته، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ورسوله المرتضى، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أنكم الائمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم بعلمه، وارتضاكم لغبيه (2)، واختاركم لسره، واجتباكم بقدرته، وأعزكم بهداه، وخصكم ببرهانه، وانتجبكم بنوره، وأيدكم بروحه، ورضيكم خلفاء في أرضه، وحججا على بريته، وأنصارا لدينه وحفظة لسره، وخزنة لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجمة لوحيه، وأركانا لتوحيده، وشهداء على خلقه، وأعلاما لعباده، ومنارا في بلاده، وأدلاء على صراطه، عصمكم الله من الزلل، وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس، وأذهب عنكم الرجس [ أهل البيت ] وطهركم تطهيرا، فعظمتم جلاله، وأكبرتم شأنه، ومجدتم


(1) القادة جمع القائد والهداة جمع الهادى والمراد أنتم الذين قال الله سبحانه ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمره ” والسادة جمع السيد وهو الافضل الاكرم، والولاة جمع الوالى فانهم عليهم السلام يقودون السالكين الى الله والاولى بالتصريف في الخلق من أنفسهم كما في قوله تعالى ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ” وقوله ” انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ” وقول النبي (ص) ” من كنت مولاه فهذا على مولاه “. والذادة جمع الذائد من الذود بمعنى الدفع، والحماة جمع الحامى، فانهم حماة الدين يدفعون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين أو يدفعون عن شيعتهم الاراء الفاسدة والمذاهب الباطلة،. أهل الذكر الذين قال الله سبحانه ” فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ” والذكر اما القرآن فهم أهله أو الرسول فهم عترته. ” وأولى الامر ” الذين قال الله تعالى ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم “. (2) كما في قوله تعالى ” فلا يظهر على غيبة أحدا الا من ارتضى من رسوله ” و ” من ” في قوله ” من رسول ” غبر بيانية أي من ارتضاه الرسول للوصاية والامامة بأمر الله تعالى.

[ 612 ]

كرمه، وأدمنتم ذكره ووكدتم ميثاقه (1)، وأحكمتم عقد طاعته، ونصحتم له في السر والعلانية، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه (2)، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم في الله حق جهاده حتى أعلنتم دعوته، وبينتم فرائضه وأقتم حدوده، ونشرتم شرائع أحكامه (3)، وسننتم سنته، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا، وسلمتم له القضاء، وصدقتم من رسله من مضى، فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق، والمقصر في حقكم زاهق (4) والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه، وميراث النبوة عندكم، وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم (5) وفصل الخطاب عندكم، وآيات الله لديكم، وعزائمه فيكم (6) ونوره وبرهانه عندكم


(1) في بعض النسخ ” وذكرتم ميثاقة “. والادمان الادامة، أي كنتم مداومين على ذكره ومواظبين عليه. (2) أي في أمره ورضاه وقربه، وفى بعض النسخ ” في حبه “. (3) في بعض النسخ ” فسرتم شرايع أحكامه “. وقوله ” وسننتم سنته ” أي بينتم والمراد سنة الله، أو المعنى سلكتم طريقة وفى اللغه سن الطريق سارها. (4) المارق: الخارج يعنى من رغب عن طريقتكم خرج من الدبن ومن لزمها لحق بكم، والزاهق: الباطل والهالك. (5) أي رجوعهم لاخذ المسائل والاحكام من الحلال والحرام اليكم في الدنيا. وحسابهم عليكم في الاخرة كما قال الله تعالى ” ان الينا ايابهم ثم أن علينا حسابهم ” أي الى أوليائنا المأمورين بذلك بقرينة الجمع. (6) فصل الخطاب هو الذى يفصل بين الحق والباطل، وقوله ” عزائمه فيكم ” قال المولى المجلسي أي الجد والصبر والصدع بالحق، أو كنتم تأخذون بالعزائم دون الرخص، أو الواجبات اللازمة غير المرخص في تركها من الاعتقاد بامامتهم وعصمتهم ووجوب متابعتهم ومولاتهم بالايات والاخبار المتواترة، أو الاقسام التى أقسم الله تعالى بها في القرآن كالشمس والقمر والضحى بكم أو لكم، أو السور العزائم أو آياتها فيكم، أو قبول الواجبات اللازمة بمتابعتكم، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الالهية في متابعتكم. (م ت)

[ 613 ]

وأمره إليكم، من ولاكم فقد والى الله ومن عاداكم فقد عادى الله، ومن أحبكم فقد أحب الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله، أنتم الصراط الاقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء، والرحمة الموصولة، والآية المخزونة والامانة المحفوظة، والباب المبتلى به الناس، من أتاكم نجى، ومن لم يأتكم هلك إلى الله تدعون، وعليه تدلون، وبه تؤمنون، وله تسلمون، وبأمره تعملون، وإلى سبيله ترشدون، وبقوله تحكمون، سعد من والاكم، وهلك من عاداكم، وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ إليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي (1) وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة، طابت وطهرت بعضها من بعض، خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلواتنا عليكم، وما خصنا به (2) من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لانفسنا وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا، فكنا عنده مسلمين بفضلكم (3)، ومعروفين بتصديقنا إياكم، فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع، حتى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صديق ولا شهيد، ولا عالم ولا جاهل، ولا دني ولا فاضل، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح، ولا جبار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم


(1) يعنى أن هذا الحكم أي وجوب المتابعة أو كل واحد من المذكورات سابق لكم فيما مضى من الازمنة، وجار لكم فيما يأتي. (2) مفعول ثان لجعل، أو يكون عطفا على ” من علينا ” وهو أظهر. (3) في بعض النسخ ” مسمين ” وهو الاوفق بالباء.

[ 614 ]

وكبر شأنكم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم (1) وثبات مقامكم، وشرف محلكم ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه، وخاصتكم لديه، وقرب منزلتكم منه، بأبي أنتم وامي وأهلي ومالي واسرتي (2)، اشهد الله واشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم، موال لكم ولاوليائكم، مبغض لاعدائكم ومعاد لهم، سلم لمن سالمكم [ و ] حرب لمن حاربكم محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مطيع لكم، عارف بحقكم، مقر بفضلكم، محتمل لعلمكم، محتجب بذمتكم (3) معترف بكم، ومؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لامركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم، مستجير بكم، زائر لكم، لا ئذ عائذ بقبوركم، مستشفع إلى الله عزوجل بكم، ومتقرب بكم إليه، ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي واموري مؤمن بسركم وعلانيتكم، وشاهدكم وغائبكم، وأولكم وآخركم، ومفوض في ذلك كله إليكم (4) ومسلم فيه معكم، وقلبي لكم سلم (5)، ورأيي لكم تبع، ونصرتي لكم معدة، حتى يحيي الله دينه بكم ويردكم في أيامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه، فمعكم معكم لا مع عدوكم (6) آمنت بكم، وتوليت آخركم بما توليت به أولكم، وبرئت إلى الله عزوجل من أعدائكم، ومن الجبت والطاغوت، والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، والجاحدين لحقكم، المارقين من ولايتكم، والغاصبين لارثكم


(1) الخطر: القدر والمنزلة، والمقاعد: المراتب والمعنى أنكم صادقون في هذه المرتبة وأنها حقكم كما في قوله تعالى ” في مقعد صدق عند مليك مقتدر ” (2) الاسرة – بالضم -: عشيرة الرجل ورهطه الادنون. (3) أي مستتر أو داخل في الداخلين تحت أمانكم، والذمة: العهد والامان والحق والحرمة. (4) أي أعتقد الجميع بقولكم، ” ومسلم فيه معكم ” أي كما سلمتم لله تعالى أوامره عارفين اياها فأنا أيضا مسلم وان لم يصل عقلي إليها. (5) في بعض النسخ ” فقلبي لكم مسلم ” من باب التفعيل. (6) في بعض النسخ ” لا مع غيركم “.

[ 615 ]

الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم، ومن كل وليجة دونكم، وكل مطاع سواكم، ومن الائمة الذين يدعون إلى النار، فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم، ووفقني لطاعتكم، ورزقني شفاعتكم، وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه، وجعلني ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرف في عافيتكم، ويمكن في أيامكم، وتقر عينه غدا برؤيتكم، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي، من أراد الله بدأ بكم، ومن وحده قبل عنكم، ومن قصده توجه بكم (1) موالي لا احصي ثناءكم (2) ولا أبلغ من المدح كنهكم، ومن الوصف قدركم، وأنتم نور الاخيار، وهداة الابرار، وحجج الجبار، بكم فتح الله وبكم يختم (3) وبكم ينزل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه (4) وبكم ينفس الهم ويكشف الضر، وعندكم ما نزلت به رسله، وهبطت به ملائكتة، وإلى جدكم بعث الروح الامين (وان كانت الزيارة لامير المؤمنين عليه السلام فقل: ” والى أخيك بعث الروح الامين “) آتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين، طأطأ كل شريف لشرفكم، وبخع كل


(1) أي كل من يقول بتوحيد الله على وجهه يقبل قولكم، فان البرهان كما يدل على التوحيد يدل على وجوب نصب الامام من عند الله الحكيم. أو المعنى على ما قاله بعض الشراح أن من قال أو اعتقد بالتوحيد الصحيح أخذ عنكم لان كثيرا ممن يدعى العلم في الصدر الاول كان يقول بالتشبيه والتجسيم دون أن يعلم فساد اعتقاده حتى أن جماعة كثيرة منهم يقولون بامكان الرؤية في الدنيا وما كانوا يفهمون وجود موجود غير جسماني ولا يتعقلون روحانيا مجردا أصلا فبتعليمهم عليهم السلام اياهم يعرفون التوحيد. (2) ” موالى ” منادى، و ” لا احصى ثناءكم ” لانه لا يمكن لنا أن نعرف جميع كمالاتهم المعنوية. (3) أي بكم فتح الله الولاية الكبرى في الاسلام وبكم يختم. (4) ” بكم ينزل الغيث ” أي من أجلكم ينزل الله الغيث لعباده وهكذا من أجلكم يمسك الله السماء أن تقع على الارض والا ” لو يؤاخذ الله الناس بظلم ما ترك على ظهرها من دابة “.

[ 616 ]

متكبر لطاعتكم (1)، وخضع كل جبار لفضلكم، وذل كل شئ لكم، وأشرقت الارض بنوركم (2) وفاز الفائزون بولايتكم، بكم يسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي، ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الاسماء، وأجسادكم في الاجساد، وأرواحكم في الارواح، وأنفسكم في النفوس، وآثاركم في الآثار، وقبوركم في القبور، فما أحلى أسماءكم (3) وأكرم أنفسكم، وأعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم، كلامكم نور، وأمركم رشد، ووصيتكم التقوى، وفعلكم الخير وعادتكم الاحسان، وسجيتكم الكرم، وشأنكم الحق والصدق والرفق، وقولكم حكم وحتم، ورأيكم علم وحلم وحزم، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه، بأبي أنتم وامي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم، واحصي جميل بلائكم، وبكم أخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار، بأبي أنتم وامي ونفسي، بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا، وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة، والدرجات الرفيعة، والمقام المحمود، والمقام المعلوم عند الله عزوجل، والجاه العظيم، والشأن كبير، والشفاعة المقبولة، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، يا ولي الله إن بيني وبين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها (4) إلا رضاكم، فبحق من ائتمنكم على سره، واسترعاكم أمر خلقه، وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي، وكنتم شفعائي


(1) البخوع – بالموحدة والخاء المعجمة والعين المهملة -: الخضوع والاقرار. (2) أي بنور وجودكم وهدايتكم وتعاليمكم الناس. (3) أي وان كان بحسب الظاهر ذكركم مذكورا بين الذاكرين ولكن لا نسبة ولا ربط بين ذكركم وذكر غيركم فما أحلى أسماءكم وكذا البواقى (م ت) وقال الفاضل التفرشى: لعل الخبر محذوف أي أحسن الذكر وكذا في نظائره بقرينة قوله بعد ذلك ” فما أحلى أسماءكم “. (4) أي لا يهلكها ولا يمحوها. وأتى عليه الدهر أي أهلكه.

[ 617 ]

فاني لكم مطيع، من أطاعكم فقد أطاع الله، ومن عصاكم فقد عصى الله، ومن أحبكم فقد أحب الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الاخيار الائمة الابرار لجعلتهم شفعائي، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم، إنك أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم [ تسليما ] كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل “. (الوداع) إذا أردت الانصراف فقل: ” السلام عليك سلام مودع لاسئم ولا قال ولا مال (1) ورحمة الله وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة، إنه حميد مجيد، سلام ولي لكم غير راغب عنكم، ولا مستبدل بكم، ولا مؤثر عليكم، ولا منحرف عنكم، ولا زاهد في قربكم، لا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم، وإتيان مشاهدكم، والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم، وأوردني حوضكم، وجعلني في حزبكم، وأرضاكم عني ومكنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملكني في أيامكم، وشكر سعيي بكم وغفر ذنبي بشفاعتكم، وأقال عثرتي بمحبتكم، وأعلى كعبي بموالاتكم، وشر فني بطاعتكم، وأعزني بهداكم، وجعلني ممن انقلب مفلحا منجحا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان الله وفضله وكفايته بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم، ورزقني الله العود ثم العود أبدا ما أبقاني ربي، بنية صادقة وإيمان وتقوى وإخبات، ورزق واسع حلال طيب، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم، وأوجب لي المغفرة والرحمة والخير والبركة والفوز والنور والايمان، وحسن الاجابة كما أوجبت لاوليائك العارفين بحقهم، الموجبين طاعتهم، الراغبين في زيارتهم، المتقربين إليك وإليهم، بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي


(1) سئم الشئ – كفرح -: مل من الملالة، ومنه قوله ” مال “.

[ 618 ]

ومالي اجعلوني في همكم (1) وصيروني في حزبكم، وأدخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربكم، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل “. باب الحقوق 3214 – روى إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار (2) عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ” حق الله الاكبر (3) عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك


(1) أي فيمن تهتمون به في الشفاعة في الدنيا والاخرة. (2) هو أبو حمزة الثمالى والسند قوى. (3) رواه المصنف في الخصال أبواب الخمسين عن شيخه على بن أحمد بن موسى – رضى الله عنه – عن محمد بن أبى عبد الله الكوفى، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزارى، قال: حدثنا خيران بن داهر، عن أحمد بن على بن سليمان الجبلى، عن أبيه، عن محمد ابن على، عن محمد بن فضيل، عن أبى حمزة الثمالى قال: هذه رسالة على بن الحسين (ع) الى بعض أصحابه: اعلم أن الله عزوجل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها، أو حال حلتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو الة تصرفت فيها. فأكبر حقوق الله تبارك وتعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حق الذى هو أصل الحقوق. ثم ما أوجب الله عزوجل عليك لنفسك من قرنك الى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل عزوجل للسانك عليك حقا، ولسمعك عليك حقا، ولبصرك عليك حقا، وليدك عليك حقا، ولرجلك عليك حقا، ولبطنك عليك حقا، ولفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التى بها تكون الافعال. ثم جعل عزوجل لافعالك عليك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا ولصومك عليك حقا، ولصدقتك عليك حقا، ولهديك عليك حقا، ولافعالك عليك حقوقا. ثم يخرج الحقوق منك الى غيرك من ذوى الحقوق الواجبة عليك، فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك، فهذه حقوق تتشعب منها حقوق، فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك، وكل سائس امام. وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق =

[ 619 ]

بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة. وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزوجل. وحق اللسان إكرامه عن الخنى (1)، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم. وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة، وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به. وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزلا بك فتردى في النار. وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع. وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه. وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عزوجل، وأنت فيها قائم بين يدي =


رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيتك بالملك من الازواج وما ملكت الايمان، وحقوق رعيتك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة، وأوجبها عليك حق امك، ثم حق أبيك ثم حق ولدك، ثم حق أخيك، ثم الاقراب فالاقراب والاولى فالاولى، ثم حق مولاك المنعم عليك، ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك، ثم حق ذوى المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك ثم حق امامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذى تطالبه، ثم حق غريمك الذى يطالبك، ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعى عليك، ثم حق خصمك الذى تدعى عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق مستنصحك، ثم حقا لناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك، ثم الحقوق الجارية بقدر علل الاحوال وتصرف الاسباب. فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه لذلك وسددة. فأما حق الله الاكبر عليك – الى آخر الحديث. (1) الخنى – محركه -: الفحش في الكلام.

[ 620 ]

الله عزوجل، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها. وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله تعالى عليك. وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله عزوجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك. وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها، وكنت (1) لما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع عنك البلايا والاسقام في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة. وحق الهدي أن تريد به الله عزوجل (2) ولا تريد به خلقه، ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه. وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله عزوجل له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء. وحق سائسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله عزوجل بأنك قصدته، و تعلمت علمه لله جل وعز اسمه لا للناس. وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزوجل


(1) في الخصال ” فإذا علمت ذلك كنت – الخ “. (2) في الخصال ” أن تريد به وجه الله عزوجل “.

[ 621 ]

فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزوجل على ما آتاك من القوة عليهم. وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزوجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم (1) ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزوجل أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك. وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا وانسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزوجل عليك فتكرمها، وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها. وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وامك، ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عزوجل كفاك ذلك، ثم سخره لك، وائتمنك عليه، واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به، ولم تعذب خلق الله عزوجل، ولا قوة إلا بالله. وأما حق امك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لاجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.


(1) الخرق – بالضم والتحريك -: ضد الرفق وأن لا يحسن الرجل العمل.

[ 622 ]

وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن (1) فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله. وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه. وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله (2) ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه (3) والنصيحة له، فان أطاع الله تعالى وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها، فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه، وحجابا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك، وفي الآجل الجنة. وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه (4) المقالة


(1) في الخصال ” فانه لولاه لم تكن “. (2) أي لا تجعلهم عونا لك على المعصية بالجور والغلبة على أعدائك، أو بالاجتماع معهم بالغيبة وأمثالها ويؤيده قوله ” ولا عدة ” أي مهيأة وان احتمل التأكيد. (م ت) (4) أي تذكر معروفه عند الناس حتى يذكر بالمعروف فكأنك جعلت كسبه، والكسب بمعنى الجمع أيضا.

[ 623 ]

الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزوجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شركته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافئته. وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عزوجل، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عليك فاشكر على ذلك شكرك للمحسن إليك. وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزوجل، وتكلم ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزوجل، فإن كان نقص كان عليه دونك، وإن كان تماما كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك. وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجازاة اللفظ (1)، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرا. وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا، ونصرته إذ كان مظلوما، ولا تتبع له عورة (2) فان علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته. وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا الله. وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافئته، وتوده كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية (3) وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الشريك فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه


(1) أي ان تواضع لك بالكلمات الحسنة فتواضع بمثلها ولا تتكلم معه الا بما تريد أن يتكلم معك وان حصل لك خطأ فتداركه. (م ت) (2) أي لا تجسس عيوبه. (3) من قوله: ” ولا تدعه ” الى هنا ليس في الخصال.

[ 624 ]

ولا برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخنه فيما عز أوهان من أمر، فان يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل به بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة، ولا قوة إلا بالله. وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردا لطيفا (1). وأما حق الخليط أن (2) لا تغره، ولا تغشه، ولا تخدعه، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره. وأما حق الخصم المدعي عليك فان كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره، ولا قوة الا بالله. وأما حق خصمك الذي تدعي عليه فان كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزوجل، وتبت إليه، وتركت الدعوى. وأما حق المستشير فان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم. وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عزوجل. وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به.


(1) ليس في النسخ ولا في الخصال ولا في تحف العقول حق الغريم الذى تطالبه و الظاهر أنه سقط من الجميع أو زيد من النساخ في أول الخبر. (2) كذا في النسخ والظاهر أن الصواب ” فأن ” لان جواب ” أما ” يذكر مع الفاء.

[ 625 ]

وحق الناصح أن تلين له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عزوجل، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه، وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله. وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام حرمته. وحق الصغير رحمته في تعليمه، والعفو عنه والستر عليه، والرفق به والمعونة له (1). وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته. وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفصله، وإن منع فاقبل عذره. وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله تعالى أولا ثم تشكره. وحق من أساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تبارك وتعالى: ” ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل “. وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم وكف الاذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبانهم، بمنزلة إخوتك وعجائزهم بمنزلة امك، والصغار بمنزلة أولادك. وحق الذمة (2) أن تقبل منهم ما قبل الله عزوجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا


في تحف العقول هكذا ” وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به، والستر على جرائر حداثته فانه سبب للتوبه، والمداراة له، وترك مما حكته، فان ذلك أدنى لرشده “. (2) أي حق أهل الذمة.

[ 626 ]

لله عزوجل بعهده (1). باب * (الفروض على الجوارح) * 3215 – قال أمير المؤمنين عليه السلام (2) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي الله عنه: ” يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها، وذكرها و وعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى، فقال الله عزوجل: ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا ” وقال عزوجل: ” إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ” ثم استعبدها بطاعته فقال عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ” فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال عزوجل: ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ” يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين، وقال عزوجل: ” وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ” يعني بالجلود الفروج. ثم خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونص عليها، ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال عزوجل: ” وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذ اسمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ” وقال عزوجل: ” وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره “، ثم استثنى عزوجل موضع النسيان فقال: ” وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ” وقال عزوجل: ” فبشر


(1) اعلم أن هذه الرسالة بتمامها منقولة في تحف العقول لحسن بن على بن شعبة الحرانى مع زيادات في بيان كل حق وقد أشرت إليها في حق الصغير فقط. (2) رواه المصنف في الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه السلام كما نص عليه في المشيخة.

[ 627 ]

عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم أولوا الالباب ” وقال عزوجل: ” وإذ امروا باللغو مروا كراما ” وقال عزوجل: ” والذين إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ” فهذا ما فرض الله عزوجل على السمع و هو عمله. وفرض علي البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عزوجل عليه فقال عز من قائل: ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ” فحرم أن ينظر أحد إلى فرج غيره. وفرض على اللسان الاقرار والتعبير عن القلب بما عقد عليه فقال عزوجل: ” قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا – الآية ” وقال عزوجل: ” وقولوا للناس حسنا ” (1). وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل: ” إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان – الآية ” وقال تعالى حين أخبر عن قوم أعطوا الايمان بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم فقال تعالى: ” الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ” وقال عزوجل: ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” وقال عزوجل: ” وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء “. وفرض على اليدين أن لا تمدهما إلى ما حرم الله عزوجل عليك وأن تستعملهما بطاعته فقال عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ” وقال عزوجل ” فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب “. وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمش بهما مشية عاص فقال عزوجل: ” ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ” وقال عزوجل: ” اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ” فأخبر عنها أنها تشهد


(1) يدل على وجوب الاقرار بالاعتقادات، ولا يدل على اشتراط الايمان به كما قاله بعض، نعم يشترط عدم الانكار باللسان لقوله تعالى ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم “. (م ت)

[ 628 ]

على صاحبها يوم القيامة، فهذا ما فرض الله تبارك وتعالى على جوارحك فاتق الله يا بني واستعملها بطاعته، ورضوانه، وإياك أن يراك الله تعالى عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجد به (1) وتلاوته في ليلك و نهارك فانه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية، واعلم أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين أرفع درجة منه ” (3). والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي بعض، نعم يشترط عدم الانكار باللسان لقوله تعالى ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم “. (م ت)


[ 628 ]

على صاحبها يوم القيامة، فهذا ما فرض الله تبارك وتعالى على جوارحك فاتق الله يا بني واستعملها بطاعته، ورضوانه، وإياك أن يراك الله تعالى عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجد به (1) وتلاوته في ليلك و نهارك فانه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية، واعلم أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين أرفع درجة منه ” (3). والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين. ثم الجزء الثاني من كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ الامام السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [ نزيل الري ] قدس الله روحه ونور ضريحه، ويتلوه [ في ] الجزء الثالث أبواب القضايا والاحكام و الحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبي بعده.


(1) هجد أي نام، وتهجد: سهر، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. (الصحاح) (2) ستجئ البقية في المجلد الرابع باب النوادر آخر أبواب الكتاب ان شاء الله. الى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجز والحمد لله رب العالمين، ونسأله أن يفرج عنا الهم ويكشف الغم لئلا نشتغل بهما عن تعاهد فروضه واستعمال سننه. على اكبر الغفاري 7 ع – 1 – 1393 ه‍ ق

اترك تعليقاً