الإختصاص

الشيخ المفيد


[ 1 ]

الاختصاص تأليف فخر الشيعة ابى عبد الله محمد بن النعمان العكبرى البغدادي الملقب بالشيخ المفيد ره المتوفى 413 صححه وعلق عليه على اكبر الغفاري رتب فهارسه السيد محمود الزرندى المجرمى منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة


[ 2 ]

حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق والحواشي والتقدمة والفهارس وغيرها محفوظة


[ 3 ]

كلمة المصحح بسم الله الرحمن الرحيم حمدا ” لك ياولي النعم، وصلاة عليك وآلك يا سيد ولد آدم. أعد من سعادتي الخالدة وقوفي على سفر كريم ألفته يمنى فذ من أئمة الدهر وأوحدي من زعماء العالم وعلم مفرد من أعلام الدين وكبير من جهابذة العلم وفطاحل الفضيلة، شيخ الشيعة وزعيمها الأكبر ومعلمها المناضل المجاهد: أبي عبد الله محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد – رضوان الله عليه – عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن عبد الدار بن الريان بن فطر بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن زيد بن كعب بن غلة بن خالد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن بن يشجب بن يعرب بن القحطان (1) المعروف بابن المعلم (2). كان – قدس سره – في الرعيل الأول من أعاظم علماء الإمامية في القرن الرابع، انتهت إليه رئاسة متكلمي الشيعة في عصره وأصفقت الأمة المسلمة على تقدمه في كل فضيلة يتحلى بها الإنسان من مآثر العلم والعمل، ضع يدك على أي مأثرة ومزية تجده ابن بجدتها، تقصر ألسنة البلاغة دون وصفه، وتكل أسنة الأقلام مهما حاولت الإفاضة حول نعته، ويقل كل ثناء بليغ عن التبسط في شخصيته. أنى ثم أنى يسع البيان استكناه عظمته، كان – رحمة الله عليه – أعلم علماء عصره وإمام من تأخر عنه، منار الحق والدين نادرة الدنيا، حسنة الدهر، اعجوبة الزمان، آية محكمة في العبادة والنسك والورع والتقى والزهد. قال ابن حجر: كان كثير التقشف والتخشع والإكباب على العلم، تخرج على


(1) رجال النجاشي باب الميم وفي ذكر نسبه بعد سعيد بن جبير إلى قحطان في النسخ اختلاف كثير لا يسعنا تصحيحه. (2) فهرست الشيخ ص 158.

[ 4 ]

جماعة وبرع في مقالة الإمامية حتى يقال: له على كل إمام منة، كان أبوه معلما بواسط وولد بها وقتل بعكبرى ويقال: إن عضد الدولة كان يزوره في داره ويعوده إذا مرض. وقال الشريف أبو يعلى الجعفري – وكان تزوج بنت المفيد -: ما كان المفيد ينام من الليل إلا هجعة ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو. يتلو القرآن (1). اه‍. ونقل العماد الحنبلي عن ابن أبي طي الحلبي في تاريخه أنه قال: هو شيخ مشايخ الإمامية رئيس الكلام والفقه والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية، قال: وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، حسن اللباس. كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد وكان شيخا ” ربعة نحيفا ” أسمر، عاش ستا ” و سبعين سنة وله أكثر من مائتي مصنف جنازته مشهورة شيعه ثمانون ألفا من الرافضة و الشيعة، وكان موته في رمضان – رحمه الله – (2). وقال ابن النديم: ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت رئاسة متكلمي الشيعة إليه، مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعا ” وله كتب انتهى (3). وقال أيضا ” في موضع آخر: ابن المعلم أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في زماننا إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الإمامية في الفقه والكلام والآثار، مولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. وقال اليافعي في وقايع سنة 413: وفيها توفي عالم الشيعة وإمام الرافضة صاحب التصانيف الكثيرة، شيخهم المعروف با لمفيد وبابن المعلم، البارع في الكلام والفقة والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية (4). راجع ترجمة مقدمة البحار الطبع الحروفي الحديث ومقدمة التهذيب أيضا ” الطبع الحديث.


(1) لسان الميزان ج 5 ص 368. (2) شذ رات الذهب ج 3 ص 199. (3) الفهرست ص 266 وص 293 طبع مطبعة الاستقامة. (4) مرآة الجنان. (*)

[ 5 ]

(الاختصاص) أما تأليفه هذا الذي أوقفني حظي عليه وساعدتني السعادة لتخريجة وتصحيحة و نشره (الاختصاص) فهو كما قال مؤلفة الفحل البطل: ” مجموعة تحتوي فنونا ” من الأحاديث وعيونا ” من الأخبار، ومحاسن من الآثار والحكايات في معان كثيرة من مدح الرجال و فضلهم، وأقدار العلماء وفقههم “. والكتاب هو بما في طيه من الغرر والدرر والدروس العالية والأبحاث القيمة يعرف عن نفسه ويعرب عن قيمته الغالية ولايحتاج إلى سرد جميل الثناء عليه وتسطير الكلم في إطرائه. بذلت – ولله الحمد – وسعي في تصحيحه وتخريج أخباره من الاصول المعتبرة المعتمدة عليها وأشرت إلى المنقول منه المبثوث في مجلدات ” البحار ” وأجزاء ” تفسير البرهان ” وغيرهما، وكان يهمني ذلك كله لدفع توهم أن كان الكتاب عسى ألا يكون هو الاختصاص المعروف الذي نقل منه العلامة المجلسي وغيره من الأعاظم، ولما في غضونه من الحقائق والدقائق والرقائق، ونوادرمن غرائب الأخبار الواردة في شأن الأئمة عليهم السلام التي يثقل بعضها على البعداء من عرفان الحديث ولا يكاد يتحملها ضعفاء الأفهام وحديثهم ” صعب مستصعب لا يتحملة إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبة للايمان ” وقد قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ” لو جلست احدثكم ما سمعت من فم أبي القاسم صلى الله عليه وآله لخرجتم من عندي وأنتم تقولون: إن عليا ” من أكذب الكاذبين (1) “. ولعل من هذه الجهة سماه مؤلفه الفذ الاختصاص فأوضحت مشكله، وفسرت غريبه، وشرحت معضله، وتصديت لذلك مستعينا ” بالله وأنا قصير الباع، وبضاعتي مزجاة، ومنتي قليلة، والعمل خطير فادح عبؤه، وكانت النسخ


(1) الغدير ج 7 ص 35 من منح المنه للشعراني ص 14. (*)

[ 6 ]

الموجودة لدينا قد لعبت بها يد النساخ وصحفها قلم الكتاب، فقاسيت ما قاسيت في ترصيفه وتحملت من المشاق في تصحيحه ولست بمستعظم عملي وما ابرء نفسي عن زوغ البصر، وأرجو من القراء الكرام إذا مروا فيه بعثرة أو غفلة أو هفوة مروا كراما ” والعصمة من الله لرسله وحججه عليهم السلام. هذا ولا ننسي الثناء على زميلي المحترم الشريف السيد محمود المحرمى الزرندى حيث عاضدني وأعانني في تخريج بعض الأحاديث وتفضل ورتب للكتاب ستة فهارس: للمطالب والآيات والأشعار والأعلام والأماكن وغير ذلك وعلى الله بره ودره. علي أكبر الغفاري


[ 7 ]

التعريف بنسخ الكتاب عندي من الكتاب نسختان: أحدها نسخة الفاضل الشريف المحترم السيد محمود الزرندي المحرمي وهي تقع في 156 ورقة 24 في 14 سانتيمترا ” فيها 23 سطرا ” في طول 8 سانتيمترات، بلون أبيض يميل إلى السمرة، تشغل الكتابة من الورقة 18 في 9 سانتيمترات كاتبها محمد بن علي بن الحر ولم يؤرخها. وزاد في آخرها حكاية عن الشيخ البهائي ذكرها في أربعينه. صورة منها تحت رقم – 1 – ثانيها – نسخة لمكتبة العالم البارع الحاج الشيخ حسن المصطفوي التبريزي نزيل طهران وهي تقع 244 ورقة ” طولها 5 / 19 في عرض 50 / 13 سانتيمترا “، في كل صحيفة 18 سطرا ” في طول 50 / 7 سانتيمترات، لونها أبيض، تشغل الكتابة من الورقة 50 / 8 في 17 سانتيمترا “، كاتبها علي بن الشيخ محمد علي الشهير بشالي، القزويني مسكنا ” الجبل عاملي أصلا “. تاريخها شهر رجب سنة 1307 الهجري. صورتان فتوغرافيتان منها تحت رقم – 2 و 3 – وقد راجعت في في موارد الاختلاف النسخة الموجودة في (كتابخانهء رضوي) ومنها صورتان فتو غرافيتان تحت رقم – 4 – و 5 – تفضل بإرسالهما الشريف الماجد المحترم السيد محمد علي الميلاني – دام عزه – وأحيانا ” راجعت نسخة (مدرسهء سپهسالار) ونسخة (كتابخانهء دانشكدهء حقوق) بطهران.


[ 8 ]

– 1 نسخة الشريف المحترم السيد المحري


[ 9 ]

2 – نسخة الاستاذ المصطفوي


[ 10 ]

3 – نسخة الاستاذ المصطفوي


[ 11 ]

4 – نسخة (آستان قدس)


[ 12 ]

5 – نسخة (آستان قدس)


[ 1 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الذي علا بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وارتفع عن شبه الخليقة، وقام بالقسط في خلقه، و عدل فيهم بحكمه، وأحسن إليهم في قسمه، ولا إله إلا هو، الواحد القهار، العزيز الجبار، الذي يتناهى في الأوهام بتحديد، ولم تدركه الأفكار بتصوير، ولم تنله مقائيس المقدرين فقدرته مكيفة في عقول الناظرين. (1) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أخلصها له وأدخرها عنده، وصلى الله على رسوله محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين أجمعين. هذا كتاب ألفته وصنفته وألعجت في جمعه وإسباغه وأقحمته فنونا ” من الأحاديث و عيونا ” من الأخبار (2) ومحاسن من الآثار والحكايات في معان كثيرة من مدح الرجال و فضلهم وأقدار العلماء ومراتبهم وفقههم. قال محمد بن محمد النعمان: حدثني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري (3) رفعه، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في بعض خطبه: أيها


(1) قوله: ” مكيفة ” بصيغة اسم الفاعل من باب التفعيل، فالمعنى أن المقائيس لما لم تنل ساحة عظمته تعالى فقدرته في العقول مقرونا ” بالكيفيات التى أضافتها إليه تعالى. (2) قوله: ” العجت ” على بناء المفعول من لعجه بمعنى آلمه أي وقعت في جمعه في الالم و والمشقة. وفي بعض النسخ [ ابعجت ] وهو من بعج الحب فلانا أي أوقعه في الحزن. وقوله: ” أقحمته ” أي أدخلت فيه. (3) الغلابى – بالغين المعجمة والباء الموحدة – نسبة إلى غلاب – كسحاب لانه كان مولى لبنى غلاب وهم قبيلة بالبصرة. وفي بعض النسخ [ عن ابن عائشة النصرى ] وهو تصحيف.

[ 2 ]

الناس إعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم. (1) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن المعلمى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا ” بعثه الله يوم القيامة عالما ” فقيها ” (2). رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كانوا شرطة الخميس ستة آلاف رجل أنصاره. (3) محمد بن الحسين، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن أبي عبد الله قال: قال علي بن الحكم: أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الذين قال لهم: تشرطوا فأنا اشارطكم على الجنة ولست اشارطكم على ذهب ولا فضة (4)، إن نبينا صلى الله عليه وآله فيما مضى قال لأصحابه: تشرطوا فإني


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 50. وقال المجلسي – رحمه الله – قال الجوهرى: أزعجه أي أقلعه وقلعه من مكانه فانزعج انتهى. أي العاقل لا يضطرب ولا ينقلع من مكانه بسبب سماع قول الزور والكذب و البهتان فيه لانه لا يضره بل ينفعه. والحيكم لا يرضى بثناء الجاهل بحاله ومعايبه عليه لانه لا ينفعه بل يضره. وقوله: ” أبناء ما يحسنون ” من الاحسان بمعنى العلم يقال: أحسن الشئ أي تعلمه فعلمه حسنا. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في أماليه باسناده عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام. ونقله المجلسي – قدس سره – في البحار باب من حفظ أربعين حديثا من المجلد الاول. وسيأتي مثله أيضا. (3) الظاهر رجوع الضمير في ” رفعه ” إلى ابن قولويه ونقل هذا الخبر والذي بعده المجلسي (ره عن الكتاب ج 8 ص 725 من البحار: وقال في النهاية: شرطة السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده. والشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة. وقال: في حديث ابن مسعود ” وتشرط شرطة للموت، لا يرجعون الا غالبين ” اه‍. وقال في القاموس: الشرطة – بالضم – هم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت وطائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لانهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها اه‍. والضمير في ” انصاره ” يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام. (4) روى الكشى في رجاله ص 4 عن محمد بن مسعود العياشي وابى عمرو بن عبد العزيز قالا: حدثنا محمد بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن العرنى، عن غياث الهمداني، عن بشر بن عمرو الهمداني قال مر بنا أمير المؤمنين عليه السلام وقال: البثوا في هذه الشرطة فو الله لا تلى بعدهم ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية ” (*)

[ 3 ]

لست اشارطكم إلا على الجنة، وهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وأبو ساسان، وأبو عمرو الأنصاريان، وسهل بدري، وعثمان ابنا حنيف الأنصاري، وجابر بن عبد الله الأنصاري. ومن أصفياء أصحابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عربي (1)، وميثم التمار، وهو ميثم بن يحيى مولى، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظهر الأسدي، (2) ومحمد بن أبي بكر. ومن أوليائه: العلم الأزدي (3) وسويد بن غفلة الجعفي، والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، وأبو عبد الله الجدلي (4) وأبو يحيى حكيم بن سعد الحنفي. وكان من شرطة الخميس أبو الرضي عبد الله بن يحيى الحضرمي، وسليم بن قيس الهلالي، وعبيدة السلماني المرادي عربي (5)


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” الا شرطة النار الا من عمل بمثل أعمالهم. وروى أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لعبدالله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فانك وأباك من شرطة الخميس حقا، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله باسمك واسم ابيك في شرطة الخميس والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيه صلى الله عليه وآله، وذكر أن شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف. اه‍. و المراد بالخميس: الجيش سمى به لانه مقسوم بخمسة أقسام: المقدمة والساقة والميمنة والميسرة والقلب. (1) ” الحمق ” بفتح الحاء المهملة وكسر الميم، والقاف. (2) ” رشيد ” مصغرا “. و ” الهجرى ” بفتح الهاء والجيم وكسر الراء والهجر – محركة – بلدة من بلاد اليمن أو قاعدة البحرين وقيل: ناحيه البحرين كلها. والمظهر كما في الخلاصة – بضم الميم وفتح الظاء والهاء المشددة المفتوحة ثم الراء ا ه‍. وقيل: مظاهر. (3) الظاهر ان المراد منه مالك بن الحارث الاشتر النخعي المعروف كما يأتي ص 7. (4) نسبة إلى جديلة وهم بطن من قيس عيلان من أهل الكوفة ومنهم قيس بن مسلم الجدلي الذى روى عن سعيد بن جبير وروى عنه سفيان الثوري ومنهم أبو عبد الله الجدلي. (كذا في اللباب في تهذيب الانساب للجزري). (5) قال الجزرى في اللباب: السلمانى بفتح السين وسكون اللام وفتح الميم – نسبة إلى سلمان ابن يشكر بن ناجية بن مراد وهو حى من مراد والمشهور بهذه النسبة عبيد ة بن عمرو، وقيل: عبيدة ابن قيس السلماني، صحب عليا وابن مسعود رضي الله عنهما – وروى عنهما وعن غيرهما من الصحابة اسلم قبل وفات النبي صلى الله عليه وآله بسنتين.

[ 4 ]

ومن خواصه: تميم بن حذيم الناجي ” (1) وقد شهد مع علي عليه السلام، قنبر مولى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، أبو فاختة مولى بني هاشم، وعبيدالله بن أبي رافع وكان كاتبه. وعنه، عن محمد بن الحسن (2)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” فليظر الإنسان إلى طعامه ” ما طعامه ؟ قال: علمه الذي يأخذه عمن يأخذه (3). وعنه، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن العلماء (4) لم يورثوا درهما ” ولا دينارا ” وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا ” وافرا “، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين (5).


(1) تميم بن حذيم – بكسر الحاء المهملة وسكون الذال وفتح الياء كمنبر تابعي كما في القاموس. (2) يعني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القميين وفقيههم ووجههم. (3) رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 50 والكشى في رجاله ص 3 والبرقي في المحاسن ص 220 ونقله المجلسي في البحار ج 1 باب 14. وقال بعده: هذا أحد بطون الاية الكريمة وعلى هذا التأويل المراد بالماء العلوم الفائضة منه تعالى فانها سبب لحياة القلوب وعمارتها وبالارض القلوب والارواح وبتلك الثمرات ثمرات تلك العلوم. ا ه‍ أقول: يريد بالماء والارض والثمرات ما وقع ذكره في الايات التالية ” انا صببنا الماء صبا ” * ثم شققنا الارض شقا ” * فانبتنا فيها حبا ” * وعنبا ” وقضبا ” * وزيتونا ” ونخلا “. سورة عبس: 24 إلى 29. (4) كذا في النسختين والصحيح كما في غيره من الكتب ” ان الانبياء ” وهو تصحيف من الكتاب جدا “. (5) رواه الصفار في بصائر الدرجات والكليني في الكافي ج 1 ص 32 عن البرقى رحمهم الله ونقله المجلسي عن البصائر والاختصاص في البحار باب من يجوز أخذ العلم منه من المجلد الاول وقال في المرآة: العلماء ورثة الانبياء أي يرثون منهم العلوم والمعارف و الحكم إذ هذه عمدة ما يتمتعون به في دنياهم ولذا علله بقوله: ان الانبياء لم يورثوا درهما ” ولا دينارا “. ا ه‍. وقال الجزرى الخلف – بالتحريك والسكون – كل ما يجيئ بعد ما مضى الا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر. وقال الجوهري: الخلف – بالسكون -: القرن بعد القرن ا ه‍. وقال المجلسي – رحمه الله -: التحريف صرف الكلام عن وجهه. والغالين: المجاوزين الحد. والانتحال أن يدعى لنفسه ما لغيره كأن يدعى الاية أو الحديث الوارد في غيره أنه فيه، أو يدعى العلم ولم يكن عالما، أو يدعى التقوى ولم يكن متقيا ” أو يظهر الصدق ولم يكن صادقا “. والمبطلين: الذين جاؤوا بالباطل وقرروه و ذهبوا بالحق وضيعوه و أخفوه. وتأويل الجاهلين تنزيل الكلام على غير الظاهر وتبيين مرجعه و هذا انما يجوز ويصح من العالم بل الراسخ في العلم. ا ه‍.

[ 5 ]

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: ” فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (1) ” قال: هم المسلمون لآل محمد صلى الله عليهم وسلم إذا سمعوا الحديث أدوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون. عبيد بن نضلة الخزاعي روى عن ابن الأعمش أنه قال لأبيه: على من قرأت القرآن ؟ فقال: على يحيى بن الوثاب وقرأ يحيى على عبيد بن نضلة كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة (2). يحيى بن وثاب كان مستقيما “. أبو أحيحة واسمه عمرو بن محصن اصيب بصفين وهو الذي جهز أمير المؤمنين عليه السلام بمائة ألف درهم في مسيره إلى الجمل (3). حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن – رحمه الله – عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: خلقت الارض لسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، وحذيفة، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة صلوات الله عليها. (4) أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث


(1) الزمر: 17 و 18. والحديث رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 51 عن علي بن ابراهيم و نقله المجلسي في البحار ج 1 باب آداب الرواية. (2) رواه الشيخ في رجاله أيضا ” على ما في التنقيح للمامقاني. والنضلة – بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وفتح اللام بعدها هاء – وفي الخلاصة بعد نقل الرواية عن الشيخ قال: وكان يحيى بن وثاب مستقيما ذكره الاعمش. (3) ذكره الشيخ في رجاله والعلامة في القسم الاول من الخلاصة. واحيحة – بضم الهمزة و فتح الحائين المهملتين بينهما ياء ساكنة ثم الهاء -. (4) رواه الكشى في رجاله ص 4 وفيه ” ضاقت الارض بسبعة “. ورواه الصدوق أيضا في الخصال في ابواب السبعة. وفرات بن ابراهيم في تفسيره ص 215 معنعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام كما في المتن. (*)

[ 6 ]

قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله عليه السلام فلم يزل يسأله حتى قال: فهلك الناس إذا ” ؟ فقال: إي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون، قلت: أهل الشرق والغرب ؟ قال: إنها فتحت على الضلال، إي والله هلكوا إلا ثلاثة نفر: سلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد ولحقهم عمار، وأبو ساسان الأنصاري، وحذيفة، وأبو عمرة فصاروا سبعة. (1) عدة من أصحابنا، عن محمد بن الحسن (2)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن مثنى بن الوليد الحناط، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ارتد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة نفر: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، ثم إن الناس عرفوا ولحقوا بعد. وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عمرو بن ثابت قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله لما قبض ارتد الناس على أعقابهم كفارا ” إلا ثلاثا “: سلمان والمقداد، وأبو ذر الغفاري، إنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله جاء أربعون رجلا ” إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا: لا والله لا نعطي أحدا ” طاعة بعدك أبدا “، قال: ولم ؟ قالوا: إنا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله فيك يوم غدير [ خم ]، قال: وتفعلون ؟ قالوا: نعم قال: فأتوني غدا ” محلقين، قال: فما أتاه إلا هؤلاء الثلاثة، قال: وجاءه عمار بن ياسر بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثم قال له: مالك أن تستيقظ من نومة الغفلة، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس فكيف تطيعوني في قتال جبال الحديد، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم. (3) * (ذكر السابقين المقربين من امير المؤمنين عليه السلام) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب: الأركان الأربعة سلمان، والمقداد


(1) روى الكليني في الروضة تحت رقم 356 هذا الخبر إلى قوله ثلاثا ” والمراد بالحارث هو ابن المغيرة. وذكر الكشى مثله في رجاله ص 5. (2) يعني محمد بن الحسن بن الوليد والحديث رواه الكشى في رجاله في ص 5. ونقله المجلسي في البحار عن الكتاب ج 8 ص 725. (3) روى نحوه الكشى في رجاله وأوردهما المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 47 و 51.

[ 7 ]

وأبو ذر، وعمار هؤلاء الصحابة. ومن التابعين: أويس بن أنيس القرني الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر (1)، عمرو بن الحمق الخزاعي – وذكر جعفر بن الحسين أنه كان (2) من أمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة سلمان من رسول الله صلى الله عليه وآله – رشيد الهجري، ميثم التمار، كميل بن زياد النخعي، قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، محمد بن أبي بكر، مزرع مولى أمير المؤمنين عليه السلام (3)، عبد الله بن يحيى، قال له أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فأنت وأبوك من شرطة الخميس سماكم الله به في السماء (4)، جندب بن زهير العامري، وبنو عامر شيعة علي عليه السلام على الوجه، حبيب بن مظهر الأسدي، الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، مالك بن الحارث الأشتر العلم الأزدي، أبو عبد الله الجدلي، وجويرية بن مسهر العبدي (5) أصحاب الحسن بن علي عليهما السلام: سفيان بن أبي ليلى الهمداني، حذيفة بن أسيد الغفاري أبو رزين الأسدي. أصحاب الحسين بن علي عليهما السلام جميع من استهشد معه ومن أصحاب أمير المؤمنين


(1) روى الكشى في رجاله ص 65 حديثا ” طويلا فيه: قال النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم لاصحابه: أبشروا برجل من امتى يقال له: أويس القرنى فانه يشفع لمثل ربيعة و مضر. الخ. (2) يعنى اويس بن أنيس. (3) قال المامقانى – رحمه الله – في التنقيح: مزرع صاحب على بن ابى طالب عليه السلام، نقل ابن ابى الحديد عن كتاب الغارات أنه قال: روى أبو داود الطيالسي عن سليمان بن زريق عن عبد العزيز ابن صهيب قال: حدثني أبو العالية قال: حدثنى مزرع صاحب على بن أبى طالب عليه السلام أنه قال: ” ليقبلن جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ” قال أبو العالية: فقلت له: انك لتحدثني بالغيب، فقال: احفظ ما اقوله لك فانما حدثنى الثقة على بن ابى طالب عليه السلام وحدثني ايضا ” شيئا آخر ” ليؤخذن رجل فليقتلن وليصلبن بين شرافتين من شرف المسجد ” فقلت له: انك لتحدثني بالغيب، فقال: احفظ ما اقوله لك قال أبو العالية: فوالله ما أتت علينا جمعة حتى اخذ مزرع فقتل وصلب بين شرافتين من المسجد. وأقول: الظاهر بقرينة ذكره وذكر مقتله بعد ميثم التمار وجويرية ورشيد الهجرى ان قتل الرجل لاخلاصه في الولاء لامير المؤمنين عليه السلام ولكونه من اصحاب سره وعلمه علم المنايا والبلايا عنه فهو من اكمل رجال الشيعة ولذلك عبر عنه بصاحب على عليه السلام كما وقع في التعبير بنحو ذلك عن ميثم وكميل وقنبر وامثالهم. انتهى (4) قد مر ان الكشى رواه عن العياشي وابى عمرو بن عبد العزيز. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 725 و 726

[ 8 ]

عليه السلام: حبيب مظهر، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وسليم بن قيس الهلالي وأبو صادق وأبو سعيد عقيصا. (1) أصحاب علي بن الحسين عليهما السلام: أبو خالد الكابلي كنكر ويقال اسمه: وردان (2)، يحيى بن ام الطويل، المطعم، (3) سعيد بن المسيب المخزومي، حكيم بن جبير. أصحاب محمد بن علي عليهما السلام: جابر بن يزيد الجعفي، حمران بن أعين، وزرارة، وعامر ابن عبد الله بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبد الله بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري سلام بن المستنير، بريد بن معاوية العجلي، الحكم بن أبي نعيم (4). أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: عبد الله بن أبي يعفور، بكر بن أعين، محمد بن مسلم الثقفي الطائفي، محمد بن نعمان. أصحاب أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: علي بن يقطين، علي بن سويد السائي. في الخبر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يكون من شيعتنا في دولة القائم سنام الأرض وحكامها، يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلا “. (5) في المقداد بن الأسود: وكنية المقداد أبو معبد وهو مقداد بن عمرو البهراني، (6) وكان


(1) عقيصا اسمه دينار وكنيته أبو سعيد ذكره الشيخ تارة في اصحاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه واخرى من أصحاب الحسين عليه السلام. (2) اسمه وردان ولقبه كنكر – كجعفر – وكنيته أبو خالد. عده الشيخ في رجاله تارة من اصحاب على بن الحسين عليهما السلام واخرى من اصحاب الباقر عليه السلام. (3) هو محمد بن جبير بن مطعم – كمحسن – روى الكشى في رجاله ص 76 عن الفضل بن شاذان أنه لم يكن في زمن على بن الحسين عليهما السلام في أول امره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد ابن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن ام طويل، أبو خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر. الخ. أقول: حكيم بن جبير وسعيد بن جبير كلاهما من اصحاب على بن الحسين عليهما السلام. (4) عد الشيخ في رجاله حكم بن عبد الرحمن بن ابى نعيم البجلى الكوفى تارة من اصحاب الباقر وأخرى من اصحاب الصادق عليهما السلام. والنسبة إلى الجد شايع عندهم. (5) روى الكليني – رحمه الله – نحوه في روضة الكافي تحت رقم 449. (6) قال في اللباب: ” البهرانى ” – بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء وفتح الراء وفى آخرها النون – هذه النسبة إلى بهراء وهى قبيلة نزل، اكثرها مدينة حمص من الشام ينسب إليها عبد الله ابن دينار. وقال ابن الاثير: وهم من قبيلة قضاعة وهو بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ومنهم المقداد بن عمرو البهراني المعروف بابن أسود الزهري، كان له فيهم حلف فنسب إليهم. ا ه‍

[ 9 ]

الأسود بن عبد يغوث الزهري تبنا ه (1) فنسب إليه – رحمة الله عليه -. حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى يرفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سلمان كان منه إلى ارتفاع النهار فعاقبه الله أن وجئ في عنقه حتى صيرت كهيئة السلعة حمراء (2) وأبو ذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكل لحم إليتيه وطرده عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله حتى فارق الدنيا طرفة عين، فالمقداد بن الأسود لم يزل قائما ” قابضا ” على قائم السيف عيناه في عيني أمير المؤمنين عليه السلام ينتظر متى يأمره فيمضي. (3) وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ قال: علي ابن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ قال علي بن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب، والمقداد بن أسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي (4).


(1) أي اتخذه ابنا ” له. (2) في بعض النسخ [ كهيئة السلعاء حمراء ]. (3) لم نعثر على هذه الرواية في غيره من الكتب. وأوردها المجلسي – رحمه الله – في المجلد الثامن من البحار ص 52 ولم يتعرض لتوجيهها. ونقلها المحدث النوري – قدس سره – في نفس الرحمن باب الخامس عشر وذكر في توجيهها بيانا ” فمن اراد الاطلاع فليراجع هناك. والسلعة بكسر السين: الضواة، وهي زيادة تحدث في الجسد مثل الغدة وقال الازهري: هي الجدرة تخرج بالرأس وسائر الجسد تمور بين الجلد واللحم إذا حركتها وقد تكون لسائر البدن في العنق وغيره وقد تكون من حمصة إلى بطيخة. والسلع البرص والاسلع: الابرص، والسلع: آثار النار بالجسد ورجل اسلع: تصيبه النار فيحترق فيرى اثرها فيه. (لسان العرب) (4) رواه المؤلف في أماليه مسندا ” في المجلس الخامس عشر منه ورواه الصدوق أيضا ” في الخصال أبواب الاربعة. واورد مثله ابن عبد البرفي الاستيعاب ورواه ايضا عبد الله بن جعفر الحميرى في قرب الاسناد ص 27 الطبع الحجرى.

[ 10 ]

علي بن الحسين بن يوسف، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر، و المقداد. قال: فقلت: فعمار ؟ فقال: قد كان جاض جيضة (1)، ثم رجع ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض، أن عند ذا يعني أمير المؤمنين عليه السلام اسم الله الاعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا، فلبسب ووجئت في عنقه حتى تركت كالسلعة (2) و مر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع، فبايع، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم، فأبى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري وأبو عمرة وفلان حتى عقد سبعة، ولم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام، إلا هؤلاء السبعة. (3) وحدثنا أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي القاسم الأيادي، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنما منزلة المقداد بن الأسود في هذه الامة كمنزلة ألف في القرآن لا يلزق بها شئ (4). جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله


(1) جاض – بالجيم والضاد – وقد يقرأ – بالحاء والصاد المهملتين – وكلاهما بمعنى الحيود والزيغ. كذا ذكره السيد الداماد في الرواشح. وقال المجلسي – رحمه الله – بعد نقل الخبر عن رجال الكشى: جاض عنه: حاد ومال وفى بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين بمعناه وحاصوا عن العدو: انهزموا. انتهى. والخبر في رجال الكشى ص 8. (2) في القاموس: لببه أي جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره. ا ه‍. ووجأ يوجأ وجأ فلانا بالسكين أو بيده: ضربه في أي موضع كان، فهو موجوء. والسلعة كما مر – بالكسر – كالغدة في الجسد و يفتح ويحرك أو غدة فيها أو زيادة في البدن كالغدة تتحرك إذا حركت. على ما في القاموس. (3) رواه الكشى في رجاله ص 8 عن على بن الحكم. (4) نقله المجلسي في البحار ج 6 باب احوال مقداد قائلا بعده: بيان: لعل المراد في بعض الصفات الممتازة لا يلحقه أحد فلا تنافى كون سلمان أفضل منه مع أنه يحتمل أن يكون الحصر اضافيا. ا ه‍

[ 11 ]

البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن كرام، [ و ] عن إسماعيل بن جابر، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما بايع الناس أبا بكر أتى بأمير المؤمنين عليه السلام ملببا ” ليبايع قال سلمان أتضع ذا بهذا ؟ والله لو أقسم على الله لا نطبقت ذه على ذه قال: وقال أبو ذر وقال: المقداد [ والله ] هكذا أراد الله أن يكون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان المقداد أعظم الناس إيمانا ” تلك الساعة. (1) حدثني محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بقي أحد بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلا وقد جال جولة إلا المقداد فإن قلبه كان مثل زبر الحديد. (2) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه. عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: إن سلمان علم الإسم الأعظم (3). جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، ومحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أدرك سلمان العلم الاول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزح (4) وهو منا أهل البيت بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط فقال له: يا عبد الله تب إلى الله من الذي عملت في بطن بيتك البارحة واتق الله، فقال الرجل: أستغفر الله وأتوب إليه، قال: ثم مضى وقال له القوم: لقد ر ماك بأمر وما دفعته عن نفسك قال: إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه أحد إلا الله رب العالمين وأنا (5). وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان: يا


(1) نقله المجلسي في المجلد الثامن من البحار 52. ولبب فلانا “: أخذه بتلبيبه وجره. (2) رواه الكشى في رجاله ص 7. (3) رواه الكشى في رجاله ص 8. (4) كذا. (5) رواه الكشى في رجاله ص 8 وزاد في آخره ” وفى خبر آخر مثله ” وزاد في آخره إن الرجل كان ابا بكر بن ابى قحافة، ونقله المجلسي عن الكتابين في البحار ج 6 ص 790.

[ 12 ]

سلمان لو عرض علمك على المقداد لكفر، يا مقداد لو عرض صبرك على سلمان لكفر (1). حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن موسى ابن جعفر البغدادي، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن عيسى بن حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الحديث الذي جاء في الأربعة، قال: وما هو ؟ قلت، الأربعة التي اشتاقت إليهم الجنة، قال: نعم منهم سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار، قلت: فأيهم أفضل ؟ قال: سلمان، ثم أطرق، ثم قال: علم سلمان علما ” لو علمه أبو ذر كفر (2). وحدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن عيسى أو غيره، عن بعض أصحابنا، عن عباس بن حمزة الشهرزوري (3) رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سلمان يطبخ قدرا ” فدخل عليه أبو ذر فانكبت القدر فسقطت على وجهها ولم يذهب منها شئ فردها على الأثافي (4) ثم انكبت الثانية فلم يذهب منها شئ فردها على الأثافي، فمر أبو ذر إلى أمير المؤمنين عليه السلام مسرعا ” قد ضاق صدره مما رأى وسلمان يقفو أثره حتى انتهى إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فنظر أمير المومنين إلى سلمان فقال له: يا أبا عبد الله أرفق بأخيك (5). وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح عن أحمد بن إسماعيل الفراء عن رجل


(1) رواه الكشى في رجاله ص 7 وفيه ” يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر ” وقال المحدث النوري في نفس الرحمن الباب الخامس بعد نقل الحديث عن الكتابين: الظاهر بقرينة الراوى والمروى عنه والامام عليه السلام اتحاد المتن فيتعين التحريف في آخر أحدهما ولعله في الثاني [ أي الاختصاص ] أولى وإن امكن التوجيه بما يأتي في باب سيرة سلمان بعد النبي بما صبت عليه وعلى أقرانه من المصائب أنه عرض في قلب كلهم شئ إلا مقداد فان قلبه كان كالزبر الحديد فكان اصبر منهم و ذلك لا ينافى أفضلية سلمان منهم. أقول: أراد بما ياتي ما مضى في ص 10. وهذا الخبر أورده المجلسي – ره – في البحار ج 6 ص 785. (2) نقله المجلسي – ره – عن الكتاب في البحار ج 6 ص 783. (3) الشهر زور: بلدة بين الموصل وهمدان مشهورة بناها زور بن الضحاك. وقيل: شهرزور معناه مدينة زور. كذا في اللباب. (4) الا ثافى جمع أثفية وهى الحجر الذى توضع عليه القدر. (5) في بعض النسخ [ ارفق بصاحبك ]. وهكذا نقله المجلسي في البحار ج 6 ص 793.

[ 13 ]

قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في أبي ذر: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ؟ قال: بلى، قلت: فأين رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام ؟ قال: فقال لي: كم فيكم السنة شهرا ” ؟ قلت: اثنا عشر شهرا “، قال: كم منها حرام ؟ قلت: أربعة أشهر، قال: شهر رمضان منها ؟ قلت: لا، قال إن في شهر رمضان ليلة العمل فيها أفضل من ألف شهر إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد (1). حدثنا محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أوحى إلي أن احب أربعة: عليا وأبا ذر وسلمان والمقداد – مختصر – (2). وعنه (3)، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي، عن نصر بن أحمد، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن إبراهيم، عن عبد الرحمن ابن عوف قال: حدثني شيخ من أسلم شهد صفين مع القوم قال: والله إن الناس على سكناتهم فما راعنا إلا صوت عمار بن ياسر حين اعتدلت الشمس أو كادت أن تعتدل وهو يقول: أيها الناس من رائح إلى الجنة كالظمآن يروي الماء ؟ ما الجنة إلا تحت أطراف العوالي (4)، اليوم ألقي الأحبة محمد وحزبه، يا معشر المسلمين ! اصدقوا الله فيهم فإنهم والله أبناء الاحزاب دخلوا في هذا الدين كارهين حين أذلتهم حد السيوف وخرجوا منه طائعين حتى أمكنتم الفرصة. وكان يومئذ ابن تسعين سنة قال: فوالله ما كان إلا الالجام و


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في باب 155 من معاني الاخبار بتمامه. والكشى في ص 16 من رجاله إلى قوله: ” أصدق لهجة من أبى ذر ” وأخرجه ايضا ” ابن الاثير في جامع الاصول برواية الترمذي عن أنس تارة واخرى عن ابن عمرو بن العاص. وثالثة عن ابى ذر نفسه – رضى الله عنه -. وذكره المجلسي في البحار ج 8 ص 324 وأخرجه ايضا ابن عبد البر في الاستيعاب وابن حجر في الاصابة بطرق كثيرة. وأقلته الرعدة أي أصابته. (2) هكذا نقله المجلسي – رحمه الله – عن الكتاب في المجلد السادس من البحار ص 83. وأخرج نحوه ابن الاثير في جامع الاصول عن الترمذي. (3) الضمير في ” عنه ” راجع إلى جعفر بن الحسين. (4) العوالي جمع العالية وهى اعلا الرمح.

[ 14 ]

الاسراج. وقال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص: إن هذه الراية قد قاتلتنا ثلاث عركات (1) وما هي بأشدهن، ثم حمل وهو يقول نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله – ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله – أو يرجع الحق إلى سبيله * يا رب إني مؤمن بقيله – ثم استسقى عمار واشتد ظمأوه فأتته امرأة طويلة اليدين، ما أدري أعسل معها أم إداوة فيها ضياح من لبن وقال: الجنة تحت الأسنة، اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر (2) لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ثم حمل وحمل عليه ابن جوين السكسكي وأبو العادية الفزاري (3) فأما أبو العادية فطعنه وأما ابن جوين إجتز رأسه – لعنهم الله – (4). * (في عمرو بن الحمق الخزاعى) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين عليه السلام: والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لأنك ابن عم رسول الله


(1) في الصحاح لقيته عركة – بالتسكين – أي مرة ولقيته عركات أي مرات. (2) قال في مجمع البحرين: في حديث الجمل: والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات من هجر لعلمنا انا على الحق. السعفات جمع سعفة بالتحريك جريدة النخل ما دامت بالخوص فان زال عنها قيل: جريدة. وقيل: إذا يبست سميت سعفة انتهى. قال بعض الشارحين وخص هجر لبعد المسافة ولكثرة النخل بها. اقول الهجر – بالتحريك – قاعدة البحرين أو ناحيته – سبق ذكره في ص 3 نقلا من المراصد. (3) ابن جوين في بعض النسخ ابن جون وفى كامل ابن الاثير ابن حوى. وأبو العادية الفزارى في الكامل أبو الغازية – بالغين والزاى المعجمتين ولكن في زيارت امير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير هكذا ” وعمار يجاهد وينادى بين الصفين الرواح الرواح إلى الجنة ولما استسقى فسقى اللبن كبر وقال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله: آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن وتقتلك الفئة الباغية فاعترضه أبو العادية الفزارى فقتله. الخ. وقال في اللباب: السكسكى – بفتح السين وسكون الكاف وفتح السين الثانية وفى آخرها كاف أخرى – هذه النسبة إلى سكاسك وهى بطن من كندة. (4) روى نحوه نصر بن مزاحم في كتاب الصفين ص 178 الطبع الحجرى.

[ 15 ]

صلوات الله عليهما وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام وأبو الذرية التى بقيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وأعظم سهما ” للإسلام من المهاجرين والأنصار، والله لو كلفتني نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي (1) أبدا حتى يأتي علي يومي وفي يدي سيفي أهز به عدوك (2) وأقوي به وليك ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك (3) ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلك (4). وحدثنا أحمد بن هارون، وجعفر بن محمد بن قولويه، وجماعة، عن علي بن الحسين، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن النضر، عن صباح، عن الحارث ابن الحصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري (5)، عمن حدثه أنه سمع عمرو بن الحمق يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام أو في مسجد المدينة يقول: يا عمرو وهل لك في أن اريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق وآية النار يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي فأرنيهما، فأقبل علي عليه السلام يمشي حتى سلم فجلس، فقال صلى الله عليه وآله: يا عمرو هذا وقومه آية الجنة، ثم أقبل معاوية حتى سلم، ثم جلس، فقال صلى الله عليه وآله: يا عمرو هذا وقومه آية النار. وذكر أن بدء إسلامه أنه كان في إبل لأهله وكانوا أهل عهد لرسول الله صلى الله عليه وآله وإن اناسا ” من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مروا به وقد بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله في بعث، فقالوا: يا رسول اله ما معنا زاد ولا نهتدي الطريق، فقال: إنكم ستلقون رجلا ” صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ويهديكم الطريق، هو من أهل


(1) الطوامى: الممتلئ، طمى البحر إذا امتلاء ماء. (2) أهز في بعض النسخ [ اهزم ]. وهززت الشئ هزا فاهتز أي حركته فتحرك. (3) الكعب: الشرف والمجد ورجل عالى الكعب أي شريف. والفلج: الفوز والظفر (4) رواه نصر بن مزاحم في كتاب الصفين ص 56 من الطبع الحجرى بأدنى تفاوت في اللفظ واورده المجلسي – رحمه الله – عن الكتابين في البحار ج 8 ص 475 و 726. (5) لم نعثر على ترجمة لصخر في كتب التراجم وفى بعض النسخ [ الحارث بن الحصيرة بن صخر ابن الحكم ].

[ 16 ]

الجنة فأقبلوا حتى انتهو ا إلي من آخر النهار فأمرت فتياني فنحروا جزورا وحلبوا من اللبن فبات القوم يطعمون من اللحم ما شاؤوا ويسقون من اللبن، ثم أصبحوا، فقلت: ما أنتم بمنطلقين حتى تطعموا أو تزودوا، فقال رجل منهم وضحك إلى صاحبه، فقلت: ولم ضحكت ؟ فقال: أبشر ببشرى الله ورسوله، فقلت: وما ذاك ؟ قال: فقال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الفج وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا هداية الطريق، فقال: ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم الطعام ويسقيكم من الشراب ويد لكم على الطريق من أهل الجنة فلم نلق من يوافق نعت رسول الله صلى الله عليه وآله غيرك، قال: فركبت معهم فأرشدتهم الطريق ثم انصرفت إلى فتياني وأوصيتهم بإبل ثم سرت كما أنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بايعت وأسلمت و أخذت لنفسي ولقومي أمانا ” من رسول الله صلى الله عليه وآله، إنا آمنون على أموالنا ودمائنا إذا شهدنا أن لا إله إلا الله وأن محمدا ” رسول الله، وأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة فأقمنا سهم الله و رسوله فإذا فعلتم ذلك فأنتم آمنون على أموالكم ودمائكم، لكم بذلك ذمة الله ورسوله لا يعتدى عليكم في مال ولا دم، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسوله صلى الله عليه وآله (1). قال: كان عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام فلما صار الأمر إلى معاوية انحاز إلى شهر زور من الموصل وكتب إليه معاوية: أما بعد فإن الله أطفأ النائرة، وأخمد الفتنة، و جعل العاقبة للمتقين، ولست بأبعد أصحابك همة ولا أشدهم في سوء الأثر صنعا، كلهم قد أسهل (2) بطاعتي وسارع إلى الدخول في أمري وقد بطؤ بك ما بطؤ فادخل فيما دخل فيه الناس يمح عنك سالف ذنوبك ومحى داثر حسناتك ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووقيت وأحسنت فاقدم علي آمنا في ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله محفوظا ” من حسد القلوب وإحن الصدور (3) وكفي بالله شهيدا “.


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار المجلد الثامن ص 726 عن الكتاب. (2) اسهل بطاعتي أي رفع عن نفسه الشدة. يقال: أسهل القوم أي صاروا إلى السهل. وفى بعض النسخ [ استهل ] أي رفع صوته أو صار إليها فرحا من قولهم: استهل فرحا. قاله المجلسي. (3) الاحنة: الحقد والعداوة جمعه إحن – كعصم -. الاختصاص – 1 –

[ 17 ]

فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق فبعث إليه من قتله وجاء برأسه وبعث به إلى امرأته فوضع في حجرها فقالت: سترتموه عني طويلا ” وأهديتموه إلي قتيلا ” فأهلا ” وسهلا ” من هدية غير قالية ولا مقلية، بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول: طلب الله بدمه وعجل الوبيل من نقمه (1) فقد أتى أمرا فريا وقتل بارا ” تقيا “، فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت. فبلغ الرسول ما قالت، فبعث إليها فقال لها: أنت القائلة ما قلت ؟ قالت: نعم غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه، قال لها: اخرجي من بلادي قالت: أفعل فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سجن، ولقط طال بها سهري واشتد بها عبري (2) وكثر فيها ديني من غير ما قرت به عيني، فقال عبد الله بن أبي سرح الكاتب: يا أمير المؤمنين إنها منافقة فألحقها بزوجها، فنظرت إليه فقالت: يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ألا قلت من أنعمك خلعا ” واصفاك كساء ؟ إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب و اتخذ العباد كالأرباب فانزل كفره في الكتاب، فأومى معاوية إلى الحاجب بإخراجها، فقالت: واعجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه، أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أو ما أنا بآمنة بنت الشريد. (3) عن أبي عبد الله عليه السلام (4) قال: المفقود ينتظر أهله أربع سنين فإن عاد وإلا تزوجت فإن قدم زوجها خيرت فإن اختارت الأول اعتدت من الثاني ورجعت إلى الأول وإن


(1) الوبيل: الشديد. والوخيم: سوء العاقبة. وفي بعض النسخ [ عجل الويل من نقمه ]. (2) ” أحن فيها ” أي اشتاق. وفى بعض النسخ [ إلى شجن ] والشجن: الهم والحزن. و في بلاغات النساء ” إلى سكن “. والعبر: الدمعة. (3) ذكره صاحب بلاغات النساء ص 59 من كتابه بصورة مفصلة قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الزهري وسهل بن أبي سهل التميمي عن ابيه قال لما قتل علي بن أبى طالب وساق إلى آخر المقال ونقله صاحب دائرة المعارف (محمد فريد وجدى) ج 1 ص 595. (4) هكذا في النسختين ولعل هنا سقطا أو هذا نشأ من اختلال نظم الاوراق وترتيبها بسبب تقديم بعض الورقات وتأخير بعضها في نسخة الاصل أو نسخة التى استنسخت منها النسخ المتأخرة.

[ 18 ]

اختارت الثاني فهو زوجها. (1) عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا ” أفضل من محمد صلى الله عليه وآله ولا خلق خلقا ” بعد محمد أفضل من علي عليه السلام. (2) محمد بن الفضيل: قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الانبياء. (3) عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ” قال: يجلسه على العرش معه. (4) الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال لي: مالي أراك مصفرا ؟ فقلت: هذا الحمى الربع قد ألحت علي (5)، قال: فدعا بدواة وقرطاس ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم أبجد هوز حطي عن فلان بن فلانة، ثم دعا بخيط فاتي بخيط مبلول، فقال: ائتني بخيط لم يمسه الماء فاتي بخيط يابس فشد وسطه وعقد على الجانب الأيمن أربعة وعقد على الأيسر ثلاث عقد وقرأ على كل عقدة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي،


(1) نقله المجلسي في البحار ج 23 ص 130 من الكتاب. وقال العلامة – رحمه الله – في القواعد ج 2 ص 71 في المفقود عنها زوجها: إذا غاب الرجل عن امرأته فان عرف خبره بانه حى وجب الصبر ابدا ” وكذا إن انفق عليها و ليه ولو جهل خبره ولم يكن من ينفق عليه فان صبرت فلا كلام والا رفعت أمرها إلى الحاكم فيؤجلها أربع سنين ويبحث عنه الحاكم هذه المدة فان عرف حياته صبرت أبدا ” وعلى الامام أن ينفق عليها من بيت المال وان لم يعرف حياته أمرها بالاعتداد عدة الوفاة بعد الاربع ثم حلت للازواج ولو صبرت بعد الاربع غير معتدة لانتظار خبره جاز لها بعد ذلك الاعتداد متى شاءت. وقال في فروع تلك المسألة: لو جاء الزوج وقد خرجت من العدة ونكحت فلا سبيل له عليها وان جاء وهى في العدة فهو املك بها ولو جاء بعد العدة قبل التزويج فقولان الاقرب أنه لا سبيل له عليها. ولو نكحت بعد العدة ثم ظهر موت الزوج كان العقد الثاني صحيحا ” ولا عدة سواء كان موته قبل العدة أو بعدها لسقوط اعتبار عقد الاول في نظر الشرع. (2) نقله المجلسي في البحار ج 6 ص 182 من الكتاب. (3) رواه الصفار في البصائر الباب الثاني من الجزء الثامن وزاد في آخره ” ولن يبعث الله نبيا الا بنبوة محمد وولاية وصيه على عليه السلام “. (4) نقله المجلسي في البحار ج 6 ص 182 بدون ذكر ” معه ” وعلى فرض كونه يكون المراد نهاية قربه صلى الله عليه وآله إليه تعالى والاية في سورة الاسراء: 78. (5) في بعض النسخ [ ألحف على ].

[ 19 ]

ثم دفعه إلي وقال: شده على عضدك الأيمن ولا تشده على الأيسر. (1) عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. (2) * (حديث الغار) * محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مروان، عن يونس بن صهيب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وقد ذهب به إلى الغار فقال: مالك أليس الله معنا ؟ تريد أن اريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون واريك جعفر بن أبي طالب وأصحابه في سفينة يغوصون ؟ فقال: نعم أرنيهم. فمسح رسول الله صلى الله عليه وآله وجهه وعينيه فنظر إليهم فأضمر في نفسه أنه ساحر. (3) أحمد بن محمد بن عيسى، عن سهل بن زياد، عن أبي يحيى الواسطي قال: حدثني علي بن بلال قال: حدثني محمد بن محمد الواسطي قال: كنت ببغداد عند محمد بن سماعة القاضي وعنده رجل، فقال له: إني دخلت مسجد الكوفة فجلست إلى بعض أساطينه لاصلي ركعتين فإذا خلفي امرأة أعرابية بدوية وعليها شملة وهي تنادي: يا مشهورا ” في الدنيا ويا مشهورا ” في الآخرة ويا مشهورا ” في السماء ويا مشهورا ” في الأرض ! جهدت الجبابرة على إطفاء نورك وإخمادذ كرك فأبى الله لنورك إلا ضياء ولذكرك إلا علوا ولو كره المشركون، قال، فقلت: يا أمة الله ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة ؟ قالت: ذاك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته، قال: فالتفت إليها فلم أر أحدا. (4)


(1) نقله المجلسي في البحار ج 19 ص 189 من الكتاب. (2) نقله المجلسي في البحار ج 17 ص 125 من الكتاب. (3) نقله في البحار ج 8 ص 227 من الكتاب. والسند هكذا. (4) رواه الصدوق في أماليه في المجلس الثالث والستين عن الطالقاني عن محمد بن جرير الطبري، عن الحسن بن محمد، عن الحسن بن يحيى الدهان قال: كنت ببغداد عند قاضى بغداد واسمه سماعة إذ دخل عليه رجل من كبار أهل بغداد فقال له: اصلح الله القاضى انى حججت في السنين الماضية فمررت بالكوفة فدخلت في مرجعي إلى مسجدها فبينا أنا واقف في المسجد اريد الصلاة إذا أمامى امرأة اعرابية بدوية مرخية الذوائب عليها شملة وهى تنادى وتقول: يا مشهورا ” في السماوات ويا مشهورا ” في الارضين ويا مشهورا ” في الاخرة الخ. ونقله المجلسي في البحار ج 9 ص 382.

[ 20 ]

. (1)…….. *….. *…. *… لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر – أيقنت أني لا محا * لة حيث صار القوم صائر – فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله قسا كان أمة واحدة. وعنه، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي، عن رجل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيما أفضل نحن أو اصحاب القائم عليه السلام ؟ قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم وذلك أنكم تمسون وتصبحون خائفين على إمامكم و


(1) هكذا بياض في الاصل وروى الصدوق خطبة قس بن ساعدة في كمال الدين ص 100 ونقل ابن عبد ربه في كتاب الخطب ص 128 من الجزء الرابع من العقد الفريد خطبة قس بن ساعدة الايادي هكذا. ابن عباس قال: قدم وفد أياد على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أيكم يعرف قس ابن ساعدة الايادي ؟ قالوا: كلنا نعرفه. قال: فما فعل ؟ قالوا: هلك. قال: ما أنساه بسوق عكاظ في الشهر الحرام على جمل له أحمر وهو يخطب الناس، ويقول: اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ان في السماء لخبرا “، وان في الارض لعبرا “، سحائب تمور ونجوم تغور في فلك يدور، ويقسم قس قسما “، ان لله لدينا ” هو أرضى من دينكم هذا. ثم قال: مالى أرى الناس يذهبون ولا يرجعون ؟ أرضوا بالاقامة فاقاموا، أم تركوا فناموا ؟ أيكم يروى من شعره ؟ فانشد بعضهم: في الذاهبين الاولين * من القرون لنا بصائر – لما رأيت موارد * للموت ليس لها مصادر – ورأيت قومي نحوها * يمضى الاكابر والاصاغر – لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر – أيقنت أنى لا محا * لة حيث صار القوم صائر أقول: نقلها صاحب جمهرة خطب العرب في كتابه ج 1 ص 35 عن صبح الاعشى والبيان و التبيين وإعجاز القرآن والاغانى ومجمع الامثال والعقد الفريد وزاد بعد قوله: ” كل ما هو آت آت “، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، و أرض مدحاة، وانهار مجراة، ان في السماء لخبر – ثم ساق نحو ما مر عن العقد -.

[ 21 ]

على أنفسكم من أئمة الجور، إن صليتم فصلاتكم في تقية وإن صمتم فصيامكم في تقية وإن حججتم فحجكم في تقية وإن شهدتم لم تقبل شهادتكم وعد أشياء من نحو هذا مثل هذه، فقلت: فما نتمني القائم عليه السلام إذا كان على هذا، قال: فقال لي: سبحان الله أما تحب أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم. (1) محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: الأئمة في كتاب الله إمامان قال الله عزوجل: ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا (2) ” لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال تعالى: ” وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ” (3) يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلافا لما في الكتاب. (4) محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك وكذلك جرى للأئمة الهداة واحدا ” بعد واحد، جعلهم الله اركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى. (5)


(1) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الثالث عشر من البحار باب فضل انتظار الفرج. ص 140 (2) الانبياء: 73. (3) القصص: 41. (4) رواه الصفار في بصائر الدرجات الباب الخامس عشر من الجزء الاول بسند آخر عن طلحة بن زيد عن ابى عبد الله عن أبيه عليهما السلام. ورواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 216 وقوله تعالى ” بأمرنا ” أي ليس هدايتهم للناس وإمامتهم بنصب الناس وأمرهم بل هم منصوبون لذلك من قبل الله تعالى ومأمورون بأمره (قاله المجلسي في المرآة). وقال الطبرسي – رحمه الله – في قوله تعالى: ” وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار “: هذا يحتاج إلى تأويل لان ظاهره يوجب أنه تعالى جعلهم أئمة يدعون إلى النار كما جعل الانبياء أئمة يدعون إلى الجنة وهذا ما لا يقول به أحد فالمعنى أنه أخبر عن حالهم بذلك وحكم بانهم كذلك وقد تحصل الاضافة على هذا الوجه بالتعارف ويجوز أن يكون أراد بذلك انه لما أظهر حالهم على لسان أنبيائه حتى عرفوا فكأنه جعلهم كذلك ومعنى دعائهم إلى النار انهم يدعون إلى الافعال التى يستحق بها دخول النار من الكفر والمعاصي. (5) رواه الصفار في البصائر الباب التاسع من الجزء الرابع. (*)

[ 22 ]

محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن عبد الحميد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يستكمل عبد الإيمان حتى يعرف أنه يجري لآخرهم ما جرى لأولهم، وهم في الحجة والطاعة والحلال والحرام سواء ولمحمد وأمير المؤمنين فضلهما. (1) وبهذا الإسناد قال قال: أبو عبد الله عليه السلام: كلنا نجري في الطاعة والأمر مجرى واحد وبعضنا أعلم من بعض. (2) عن أبي الحسين الاسدي، عن أبي الحسين صالح بن حماد الرازي يرفعه قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: إن الله اتخذ إبراهيم عبدا ” قبل أن يتخذه نبيا ” وإن الله اتخذه نبينا ” قبل أن يتخذه رسولا ” وإن الله اتخذه رسولا ” قبل أن يتخذه خليلا ” وإن الله اتخذه خليلا ” قبل أن يتخذه إماما ” فلما جمع له الأشياء قال: ” إني جاعلك للناس إماما ” قال: فمن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام قال: ” ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين (3) ” قال: لا يكون السفيه إمام التقي. أبو محمد بن الحسن بن حمزة الحسيني، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبى يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، ودرست بن أبي منصور عنهم عليهم السلام (4) قال: إن الأنبياء والمرسلين على أربع طبقات فنبي منبئ في نفسه لا يعدو غيره ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاين في اليقظة ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم عليه السلام على لوط، ونبي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين الملك


(1) رواه الحميرى في قرب الاسناد عن احمد بن محمد بن عيسى، عن البزنطى، عن الرضا، عن أبي جعفر عليهما السلام ص 153 من الطبع الحجرى. وروى نحوه الصفار في البصائر الباب الثامن من الجزء العاشر. وفى البحار ج 9 ص 366 وج 6 ص 178. ورواه أيضا الكليني في الكافي ج 1 ص 275. (2) رواه الصفار في البصائر الباب السابع من الجزء العاشر. (3) البقرة: 122. والخبر في الكافي ج 1 ص 175. (4) نقله المجلسي في البحار ج 7 ص 231 من الكتاب وروى نحوه الكليني في الكافي ج 1 ص 175 عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابى يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، ودرست عنه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام الخ.

[ 23 ]

وقد ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا كما قال الله عزوجل ليونس: ” وأرسلناه مائة ألف أو يزيدون ” (1) قال: يزيدون ثلاثين ألفا ” وعليه إمام، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل اولي العزم وقد كان إبراهيم نبيا ” وليس بإمام حتى قال الله تبارك وتعالى: ” إني جاعلك للناس إماما ” قال ومن ذريتي ” فقال الله تبارك وتعالى: ” لا ينال عهدي الظالمين ” من عبد صنما ” أو وثنا ” أو مثالا ” لا يكون إماما “. (2) عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله اتخذ إبراهيم عبدا ” قبل أن يتخذه نبيا ” واتخذه نبيا ” قبل أن يتخذه رسولا ” واتخذه رسولا ” قبل أن يتخذه خليلا “، وإن الله اتخذ إبراهيم خليلا ” قبل أن يتخذه إماما ” فلما جمع له الأشياء وقبض يده قال له: يا إبراهيم ” إني جاعلك للناس إماما ” فمن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام قال: يا رب ” ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ” (3). أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الحجة قبل الخلق ومع الخلق. (4)


(1) الصافات: 147. (2) نقله المجلسي في البحار ج 7 ص 231 من الكتاب. والكليني في الكافي ج 1 ص 175. (3) نقله في البحار ج 7 ص 231 من الكتاب. وقال بعده: قوله: ” قبض يده ” من كلام الراوى والضميران المستتر والبارز راجعان إلى الباقر عليه السلام أي لما قال عليه السلام: ” فلما جمع له هذه الاشياء قبض يده ” أي ضم أصابعه إلى كفه لبيان اجتماع تلك الخمسة له أي العبودية والنبوة والرسالة والخلة والامامة وهذا شايع في امثال هذه المقامات. وقيل: أي أخذ الله يده ورفعه من حضيض الكمالات إلى أوجها هذا إذا كان الضمير في ” يده ” راجعا إلى ابراهيم عليه السلام. و ان كان راجعا إلى الله فقبض يده كناية عن اكمال الصنعة واتمام الحقيقة في اكمال ذاته وصفاته أو تشبيه للمعقول بالمحسوس للايضاح فان الصانع منا إذا اكمل صنعة الشئ رفع يده عنه ولا يعمل فيه شيئا لتمام صنعته. وقيل: فيه اضمار أي قبض ابراهيم عليه السلام هذه الاشياء بيده أو قبض المجموع في يده. انتهى (4) رواه الكليني – رحمه الله في الكافي ج 1 ص 177 مسندا عن ابان بن تغلب عن الصادق عليه السلام. بزيادة ” بعد الخلق ” بعد قوله: ” مع الخلق ” والصدوق – قدس سره – في كمال الدين أيضا ” مسندا ” عن أبان تارة وعن محمد بن مسلم اخرى. والصفار أيضا في البصائر عن خلف بن حماد عنه عليه السلام وقال المجلسي – رحمه الله – في المرآة: الحجة: البرهان والمراد بها هنا الامام عليه السلام إذ به يقوم حجة الله على الخلق قبل الخلق أي قبل جميعهم من المكلفين كادم عليه السلام ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 24 ]

وعنه، عن ربعي، عن بريد العجلي قال: قيل لأبي جعفر الباقر عليه السلام: إن أصحابنا بالكوفة جماعة كثيرة فلو أمرتهم لأطاعوك واتبعوك، فقال: يجيئ أحدهم إلى كيس أخيه فيأخذ منه حاجته ؟ فقال: لا، قال: فهم بدمائهم أبخل، ثم قال: إن الناس في هدنة تناكحهم وتوارثهم ويقيم عليهم الحدود وتؤدى أماناتهم حتى إذا قام القائم جاءت المزايلة ويأتي الرجل إلى كيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه. (1) عنه، عن القاسم بن بريد العجلي عن أبيه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك قد كان الحال حسنة وإن الأشياء اليوم متغيرة، فقال: إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم فإن لم تصبها فبع وسادة من وسايدك بعشرة دراهم، ثم ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاما ” فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك، قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها حتى بعت وسادة ” لي بعشرة دراهم كما قال وجعلت لهم طعاما ” ودعوت أصحابي عشرة فلما أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي فما مكثت حتى مالت علي الدنيا. (2) وعنه، عن ربعى، عن رجل، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن الله خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وخلق أبدانهم من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم فخلط الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ومن ههنا يصيب الكافر


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” إذ كان قبل خلق حواء وخلق ذريته ومع الخلق لعدم خلو الارض من امام وبعدهم إذ القائم أو أمير المؤمنين عليهما السلام آخر من يموت من الخلق. أو يكون الحجة قبل كل أحد ومعه وبعده. انتهى وقال الفيض – رحمه الله – في معنى الحديث: يعنى انها تكون قبل الخلق وبعدهم كما تكون معهم ولهذا بدأ الله سبحانه أولا بخلق الخليفة ثم خلق الخليقة كما قال عزوجل: ” انى جاعل في الارض خليفة ” – إلى أن قال -: والغرض من هذا الحديث بيان وجوب استمرار وجود الحجة في العالم وابتناء بقاء العالم عليه. (1) نقله المجلسي في البحار ج 13 ص 195 من الكتاب. (2) روى نحوه الكليني في الكافي باب النوادر من كتاب المعيشة.

[ 25 ]

الحسنة فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه. (1) عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: ” ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ” (2) قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة ” ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم “. (2) عن أبي الحسن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن الله عزوجل قال: أمركم بالورع والإجتهاد وأداء الأمانة وصدق الحديث وطول السجود والركوع والتهجد بالليل وإطعام الطعام وإفشاء السلام. (3) وقال الصادق عليه السلام من حلف بالله كاذبا ” كفر ومن حلف بالله صادقا ” أثم، إن الله يقول: ” ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ” (4). وقال الباقر عليه السلام: ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع حقه إلا كتب الله مكانه صكا ” إلى النار. (5) وقال: حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة. (6) وقال الصادق عليه السلام: ما من طير يصاد إلا بتركه التسبيح، وما من مال يصاب إلا بترك الزكاة. (7) وقال محمد بن حمران: سألت الصادق عليه السلام من أي شئ خلق الله طينة المؤمن ؟ قال: من طينة عليين، قال: قلت: فمن أي شئ خلق المؤمن ؟ قال: من طينة الأنبياء فلن


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 2. والصفار أيضا في البصائر الباب التاسع من الجزء الاول ونقله المجلسي في البحار ج 15 ص 22. (2) فصلت: 34. (3) روى نحوه الكليني في الكافي ج 2 ص 77. (4) البقرة: 223. ورواه الكليني في الكافي كتاب الايمان والنذور باب كراهة اليمين تحت رقم 4. (5) رواه الكليني في الكافي كتاب الشهادات باب من شهد بالزور تحت رقم 1 والصك: الكتاب معرب ” چك “. (6) رواه الحميرى في قرب الاسناد ص 55 والكليني في الكافي ج 4 ص 61. (7) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 55.

[ 26 ]

ينجسه شئ. (1) قال الصادق عليه السلام: قضاء حاجة المؤمن خير من حملان ألف فرس في سبيل الله وعتق ألف نسمة. (2) وقال: ما من مؤمن يغسل مؤمنا ” وهو يقلبه ويقول: ” رب عفوك ” إلا عفا الله عن الغاسل. (3) جابر: عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي عليهما السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: حدثني جبرئيل أن الله عزوجل أهبط ملكا ” إلى الأرض فأقبل ذلك الملك يمشى حتى وقع إلى باب دار رجل فإذا رجل يستأذن على باب الدار، فقال له الملك: ما حاجتك إلى رب هذه الدار ؟ قال: أخ لي مسلم زرته في الله، قال: والله ما جاء بك إلا ذاك ؟ قال: جاءني إلا ذاك، قال: فإني رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ويقول: وجبت لك الجنة، قال: فقال: إن الله تعالى يقول: ما من مسلم زار مسلما ” فليس إياه يزور بل إياي يزور وثوابه [ علي ] الجنة. (4) وقال الصادق عليه السلام: مشى المسلم في حاجة المؤمن المسلم خير من سبعين طوافا ” بالبيت الحرام. (5) قال: وقال أبو جعفر عليه السلام القي الرعب في قلوب شيعتنا من عدونا فإذا وقع أمرنا وخرج مهدينا كان أحدهم أجزأ من الليث، أمضى من السنان، يطاء عدونا بقدميه ويقتله بكفيه. (6) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل خيرا “


(1) رواه البرقى في المحاسن ص 133 عن الباقر عليه السلام. والكليني نحوه في الكافي ج 2 ص 3 عن الصادق صلوات الله عليه. (2) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 193. (3) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 164. (4) روى نحوه الصدوق في المجلس السادس والثلاثين من أماليه والكليني في الكافي ج 2 ص 167. والشيخ في مجالسه عن جماعة عن أبى المفضل على ما نقله المجلسي في البحار ج 14 ص 230 وج 16 ص 101. (5) نقله في البحار ج 16 ص 88 من الكتاب. (6) نقله في البحار من الكتاب ج 13 ص 195.

[ 27 ]

استزاد الله منه وحمد الله عليه وإن عمل شيئا ” شرا ” استغفر الله وتاب إليه (1). وقال الصادق عليه السلام: المؤمن أخو المؤمن وعينه ودليله لا يخونه ولا يخذله، و قال: المؤمن بركة على المؤمن، وقال: وما من من مؤمن يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما (2) إلا كان ذلك أفضل من عتق نسمة، وما من مؤمن يقرض مؤمنا ” يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة، وما من مؤمن يمشي لأخيه في حاجة إلا كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفع في عشر حاجات، وما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكل الله به ملكا ” يقول: ولك مثل ذلك، وما من مؤمن يفرج عن أخيه كربة إلا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة، وما من مؤمن يعين مؤمنا ” مظلوما إلا كان له أفضل من صيام شهر و اعتكاف في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلا نصره الله في الدنيا والآخرة، وقال: ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة. (3) وقال: المسلم أخو المسلم وحق المسلم على أخيه المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكسى ويعرى أخوه فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم، وقال: أحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك وإذا احتجت فسله وإن سألك فأعطه لا يمله خيرا ” ولا يمله لك (4)، وكن له ظهيرا ” [ فإنه لك ظهرا ” ] فإذا غاب فاحفظه في غيبته وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه وإن كان عليك عاتبا ” فلا تفارقه حتى تسأل سميحته (5) وإن أصابه خير فاحمد الله وإن ابتلي فاعضده وتمحل له وأعنه وإذا قال الرجل


(1) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 453. (2) الشبع بالفتح وكعنب: سد الجوع وبالكسر وكعنب: اسم ما أشبعك. (القاموس) (3) نقله المجلسي في البحار ج 16 ص 88 من الكتاب. (4) قال الفيض – رحمه الله – في الوافى: لعل المراد بقوله: ” لا تمله خيرا ” ولا يمله لك ” أي لا تسأمه من جهة اكثارك الخير ولا يسأم هو من جهة اكثاره الخير لك. يقال: مللته ومللت منه إذا سأمه. (5) أي تطلب منه السماحة والعفو والكرم والمساهلة بالتجاوز لئلا تستقر في قلبه فيوجب التنافر والتباغض. وفى بعض النسخ [ تسل سخيمته ] أي تستخرج حقده وغضبه برفق ولطف وتدبير والسل: انتزاع الشئ برفق.

[ 28 ]

لأخيه اف انقطع ما بينهما من الولاية، وإذا قال الرجل: انت عدوى فقد كفر أحدهما فإذا اتهمه إنماث في قلبه الإيمان كما ينماث الماء الملح، وقال: إنه بلغني أنه قال: كذا والله إن المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما يزهر (1) نجوم السماء لأهل الأرض وقال: إن المؤمن ولي الله يعينه وينصره ويصنع له ولا يقول عليه إلا بالحق ولا يخاف غيره. (2) عن ابي حمزة الثمالي قال: من أطعم مؤمنا ” من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا ” من ظماء سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كسا مؤمنا ” كساه الله من الثياب الخضر – وقال في حديث آخر – لا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك (3). وقال: إن المؤمنين ليلتقيان فيتصافحان فلا يزال الله مقبلا ” عليهما بوجهه والذنوب تتحات عن وجوههما حتى يفترقا، وبلغنا أنه قال: والله ما عبد الله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن، وقال: والله إن المؤمن لأعظم حقا ” من الكعبة، وقال: دعاء المؤمن للمؤمن يدفع عنه البلاء ويدر عليه الرزق. (4) عن عبد الأعلى، عن المعلى بن خنيس، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: ما حق المؤمن على المؤمن ؟ قال: إني عليك شفيق أخاف أن تعلم ولا تعمل وتضيع ولا تحفظ، قال: قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: للمؤمن على المؤمن سبع حقوق واجبات ليس منها حق إلا واجب على أخيه، إن ضيع منها حقا ” خرج من ولاية الله وترك طاعته ولم يكن له فيها يوم القيامة (5) حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وأن تكره له ما تكره لنفسك. والثاني أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك. والثالث أن تتبع رضاه


(1) قوله: ” تمحل له ” أي يطلب له حيلة في توسيع رزقه أو نجاة ما ابتلى به. يقال: رجل محل أي ذو كيد ومحل بفلان إذا سعى به إلى السلطان والمحال – بالكسر -: الكيد. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 170 والشيخ والصدوق في أماليهما بأدنى تفاوت وعلى ما أورده المجلسي في البحار بتمامه ج 16 باب حقوق الاخوان ص 67 وذيله في باب فضائل الشيعة ص 119 من المجلد الخامس عشر. (3) رواه الكليني في المجلد الثاني من الكافي ص 201 و 205 عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ابراهيم بن عمر، عن ابى حمزة، عن على بن الحسين عليهما السلام. (4) رواه الكليني في المجلد الثاني من الكافي ص 179 و 170 و 507 عن ابى عبد الله عليه السلام. (5) في بعض نسخ الحديث ” لم يكن لله عزوجل فيه نصيب “.

[ 29 ]

وتجتنب سخطه وتطيع أمره. والرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته. والخامس أن لا تشبع ويجوع وتروي ويظمأ وتلبس ويعرى. والسادس إن كان لك خادم أو لك امرأة تقوم عليك وليس له امرأة تقوم عليه أن تبعث خادمك يغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه. والسابع أن تبر قسمه (1) وتجيب دعوته وتعود مرضه وتشهد جنازته وإن كان له حاجة فبادر إليها مبادرة إلى قضائها ولا تكلفه أن يسألكها فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته. (2) وعن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول لخيثمة: يا خيثمة اقرأ موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيهم على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد أحياهم جنائز موتاهم و ان لا يتلاقوا في بيوتهم فإن لقاءهم حياة لأمرنا، ثم رفع يده فقال: رحم الله من أحيا أمرنا (3). وعنه، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عبد الملك قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل يتخوف اللصوص والسبع كيف يصنع بالصلاة إذا خشى أن يفوت الوقت ؟ قال: فليؤمي برأسه وليتوجه إلى القبلة ويتوجه دابته حيث ما توجهت به (4).


(1) الظاهر أن قسمه – بفتحتين – وهو اسم من الاقسام وان المراد ببر قسمه قبوله واصل البر الاحسان ثم استعمل في القبول، يقال: بر الله عمله إذا كان قبله كان أحسن إلى عمله بان قبله ولم يرده. كذا في الفائق. وقبول قسمه وإن لم يكن واجب شرعا ” لكنه مؤكد لئلا يكسر قلبه ولا يضيع حقه. [ قاله المولى صالح في هامش الكافي ]. (2) رواه الصدوق في الخصال أبواب السبعة والكليني في الكافي ج 2 ص 169. والشيخ في أماليه ونقله المجلسي في البحار ج 16 ص 61. (3) رواه المؤلف في آخر الفصول المختارة من العيون والمحاسن مسندا “. والكليني في الكافي ج 2 ص 175. والشيخ في مجالسه ص 84. (4) قال المحقق في المعتبر ص 250 كل اسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشى مع الايماء وان كان الخوف من لص أو سبع أو غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا ثم استدل بقوله تعالى: ” وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ” وقال: هو دال بمنطوقه على خوف العدو و بفحواه على ما عداه من المخوفات. ثم قال: ومن طريق الاصحاب ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخاف من لص أو عدو أو سبع كيف يصنع ؟ قال يكبر ويؤمى برأسه. وعن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: الذى يخاف اللص والسبع يصلى صلاة ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 30 ]

وعن ربعي، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما عذب الله قرية فيها سبعة من المؤمنين. (1) وبهذا الإسناد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لكل شئ شئ يستريح إليه وإن المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطائر إلى شكله، أو ما رأيت ذاك. (2) وقال أبو جعفر عليه السلام: من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة (3). وقال: المعونة تنزل من السماء على العبد بقدر المؤونة. (4) عن ربعي، عن الفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الشياطين على المؤمنين أكثر من الزنابير على اللحم، ثم قال – هكذا بيده -: إلا ما دفع الله. (5) عن ربعي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أطعم أخا ” له في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما ” من الناس، قلت: جعلت فداك ما الفئام من الناس ؟ قال: مائة ألف


” بقية الحاشية من الصحفة الماضية ” المواقفة ايماء على دابته، قلت: أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء ولا يقدر على النزول ؟ قال: يتيمم من لبد سرجه أو من مغرفة دابته فان فيها غبارا ” ويصلى ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن اين ما دارت دابته ويستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وعن على ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: يستقبل الاسد ويصلى ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وان كان الاسد على غير القبلة. (1) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 247. (2) نقله المجلسي في البحار ج 16 ص 101 من الكتاب. وروى نحوه الكليني في الكافي ج 2 ص 247. (3) روى نحوه الكليني في الكافي ج 4 ص 2 عن النبي صلى الله عليه وآله والصدوق في الامالى والعيون أيضا ” عن أمير المؤمنين عليه السلام. (4) رواه الحميرى في قرب الاسناد مسندا ” عن الصادق عن ابيه عليهما السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وزاد في آخره ” وينزل الصبر على قدر شدة “. ونقله المجلسي في البحار ج 23 ص 108. (5) نقله المجلسي في البحار ج 15 ص 63. وقال: قوله: ” هكذا بيده ” كانه عليه السلام اشار إلى جهة السماء اه‍. وفي معنى القول توسع.

[ 31 ]

من الناس (1). وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: رفع عن هذه الامة ست: الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه (2). وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: كل شئ لم يخرج من هذا البيت فهو وبال. (3) وقال يا فضيل: إن لهذا الدين حدا ” مثل حد بيتي هذا (4) وقال الصادق عليه السلام: من حب الرجل دينه حبه أخاه (5). قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: ما ثبات الإيمان ؟ قال: الورع قيل: فما زواله ؟ قال: الطمع. (6) وقال: لا تنال ولايتنا إلا بالورع (7). وقال الصادق عليه السلام: من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته أو مسلما ” فحجبه لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة (8). وقال الباقر عليه السلام: إن العبد يسأل الحاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن الله قضاءها إلى أجل قريب أو وقت بطيئ فيذنب العبد عند ذلك ذنبا ” فيقول الله للملك الموكل


(1) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 202، والفئام – بالفاء مهموزا ” -: الجماعة من الناس. (2) نقله المجلسي في البحار باب 14 من كتاب العدل والمعاد من المجلد الثالث عن كتاب الحسين بن سعيد الاهوازي. (3) نقله صاحب الوسائل في كتاب القضاء باب عدم جواز تقليد غير المعصوم عن كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمى وبصائر الدرجات للصفار مسندا ” وفيه ” فهو باطل ” مكان ” فهو وبال “. (4) رواه البرقى في المحاسن ص 272 بادنى تفاوت في اللفظ. (5) نقله المجلسي في البحار ج 16 ص 78 من الكتاب. (6) روى نحوه الكليني في الكافي ج 2 ص 320 عن الصادق عليه السلام. (7) رواه الكليني عن الصادق عليه السلام في ذيل حديث في باب الطاعة والتقوى من الكافي ج 2 ص 75. (8) نقله المجلسي في البحار ج 16 ص 169 من الكتاب. وقوله: ” صار ” هكذا في النسختين والبحار والظاهر أنه تصحيف ” سار ” بالسين والمعنى ظاهر.

[ 32 ]

بحاجته: لا تنجز حاجته واحرمه إياها فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني. (1) وقال الصادق عليه السلام: من لقى المؤمنين بوجه وغابهم بوجه أتى يوم القيامة وله لسانان من نار. (2) وقال أبو الحسن الماضي عليه السلام: قل الحق وإن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك و دع الباطل وإن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك. (3) وقال الصادق عليه السلام: ليس منا من أذاع حديثنا، فإنه قتلنا قتل عمد لا قتل خطاء. (4) وقال: من اطلع من مؤمن على ذنب أو سيئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ولم يستغفر الله له كان عند الله كعاملها وعليه وزر ذلك الذي أفشاه عليه وكان مغفورا ” لعاملها، وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا مستور عليه في الآخرة ثم لا يجد الله أكرم من أن يثني عليه عقابا ” في الآخرة. (5) وقال الصادق عليه السلام: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا وجد ألم ذلك في سائر جسده وإن روحهما من روح الله وإن روح المؤمن لأشد إتصالا ” بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها. (6) وقال الصادق عليه السلام: من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس أخرج الله ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان (7). وقال: أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا ” فقد أوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (8). * (هامش صفحه 32) * (1) نقله المجلسي في المجلد الخامس عشر من البحار ص 158 باب الذنوب وآثارها من الكتاب. وفى الجزء الثاني من المجلد التاسع عشر منه ص 58 عن كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلى. (2) رواه الصدوق في الخصال في باب الاثنين تحت رقم 19. وروى ايضا ” نحوه في المجالس والمعاني ونقله المجلسي من الكتابين في المجلد السادس عشر من البحار ص 172. (3) رواه الحسن بن على بن شعبة في تحف العقول ص 408 مرسلا. (4) روى نحوه الكليني في الكافي ج 2 ص 371. (5) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد السادس عشر من البحار ص 176. (6) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 155. (7) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 358 ونقله المجلسي من الكتاب في المجلد السادس عشر ص 176. (8) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 27. الاختصاص – 2 –


[ 33 ]

(فيه مسائل اليهودي التى ألقاها على) * (النبي صلى الله عليه وآله بسم الله الرحمن الرحيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الحسين بن مهران قال: حدثني الحسين بن عبد الله (1)، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أنت الذي تزعم أنك رسول الله وأنه يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران ؟ قال: نعم أنا سيد ولد آدم ولا فخر، أنا خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين. فقال: يا محمد إلى العرب ارسلت أم إلى العجم أم إلينا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني رسول الله إلى الناس كافة. فقال: إني أسألك عن عشر كلمات أعطاها الله موسى في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب. فقال النبي صلى الله عليه وآله: سل عما بدا لك. فقال: يا محمد أخبرني عن الكلمات التي اختارها الله لإبراهيم عليه السلام حين بنى هذا البيت ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: نعم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فقال: يا محمد لأي شئ بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة مر بعا ” ؟ قال: لأن الكلمات أربعة. قال: فلأي شئ سميت الكعبة كعبة ؟. * (هامش صفحه 33) * (1) في بعض النسخ [ الحسن بن عبد الله ].


[ 34 ]

قال: لأنها وسط الدنيا. قال: فأخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: علم الله أن ابن آدم والجن يكذبون على الله تعالى، فقال: ” سبحان الله ” يعنى برئ مما يقولون.، وأما قوله: ” الحمد لله ” علم الله أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه عز وجل قبل أن يحمده الخلائق وهي أول الكلام لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بالنعمة.، وأما قوله: ” لا إله إلا الله ” وهي وحدانيته لا يقبل الله الأعمال إلا به ولا يدخل الجنة أحد إلا به وهي كلمة التقوى سميت التقوى لما تثقل بالميزان يوم القيامة وأما قوله: ” الله أكبر ” فهي كلمة ليس أعلاها كلام وأحبها إلى الله يعني ليس أكبر منه لأنه يستفتح الصلوا ت به لكرامته على الله وهو اسم من أسماء الله الأكبر. فقال: صدقت يا محمد، ما جزاء قائلها ؟ قال: إذا قال العبد: ” سبحان الله ” سبح كل شئ معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: ” الحمد لله ” أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد وذلك قولهم: ” تحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (1) ” وأما ثواب ” لا إله إلا الله ” فالجنة وذلك قوله: ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان (2) وأما قوله: ” الله أكبر ” فهي أكبر درجات في الجنة وأعلاها منزلة عند الله. فقال اليهودي: صدقت يا محمد أديت واحدة، تأذن لي أن أسألك الثانية ؟ فقال: النبي صلى الله عليه وآله: سلني ما شئت – وجبرئيل عن يمين النبي صلى الله عليه وآله وميكائيل عن يساره يلقنانه -. فقال اليهودي لأي شئ سميت محمدا ” وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ” ونذيرا ” وداعيا ” ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما محمد فإني محمود في السماء.، وأما أحمد فإني محمود في الأرض (3).، وأما أبو القاسم فإن الله تبارك وتعالى يقسم يوم القيامة قسمة النار بمن كفر بي * (هامش صفحه 34) * (1) يونس: 11. (2) الرحمن: 60. (3) في أمالى الصدوق ” أما محمد فأنى محمود في الارض وأما أحمد فانى محمود في السماء “.


[ 35 ]

أو يكذبني من الأولين والآخرين، (1) وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي إلى الإسلام، وأما النذير فإني انذر بالنار من عصاني، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الثالث لأي شئ وقت الله هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على امتك في ساعات الليل والنهار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن الشمس إذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخل فيها زالت الشمس فسبحت كل شئ ما دون العرش لربي وهي الساعة التي يصلى على ربي (2) فافترض الله علي وعلى امتي فيه الصلاة إذ قال: ” أقم الصلوة لدلوك الشمس (3) ” وهي الساعة التي تؤتى بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوافق في تلك الساعة ساجدا ” أو راكعا ” أو قائما في صلاته إلا حرم الله جسده على النار. وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام من الشجرة ونقص عليه الجنة (4) فأمر الله لذريته إلى يوم القيامة بهذه الصلاة واختارها وافترضها فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل فأوصاني ربي أن أحفضها من بين الصلوات كلها قال: ” حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى ” فهي صلاة العصر وأما صلاة العشاء (5) فهي الساعة التي تاب الله على آدم عليه السلام فكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة مما تعدون فصلى آدم صلوات الله عليه ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته فتاب الله عليه وفرض الله على امتي هذه الثلاث ركعات وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعوة ووعدني ربي أن لا يخيب من سأله حيث قال: ” فسبحان الله


(1) في الامالى زاد هنا ” ويقسم قسمة الجنة فمن آمن بى وأقر بنبوتي ففى الجنة “. (2) قوله: ” إذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ” لا يخفى ان زوال الشمس كان باعتبار كل قوم ولعل المراد بالحلقة حلقة نصف النهار. (3) الاسراء: 77. والدلوك: زوالها وميلها وقيل: غروبها. (4) في الامالى ” فأخرجه الله تعالى من الجنة “: (5) يعنى المغرب بقرينة العشاء الاخرة.

[ 36 ]

حين تمسون وحين تصبحون (1) ” وأما صلاة العتمة فإن للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة أمر الله لي ولامتي بهذه الصلاة، وما من قدم مشيت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله عليه قعور النار وينور الله قبره ويعطى يوم القيامة نورا ” تجاوز به الصراط وهي الصلاة التي اختارها للمرسلين قبلي، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع من قرن الشيطان فأمر الله لي أن اصلي الفجر قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد الكفار لها يسجدون امتي لله و سرعتها أحب إلى الله وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الرابع، لأي شئ أمر الله غسل هذه الأربع جوارح وهي أنظف المواضع من الجسد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: لما أن وسوس الشيطان فدنى آدم إلى الشجرة فنظر إليها ذهب بماء وجهه ثم قام فهي أول قدم مشيت إلى الخطيئة، ثم تناولها، ثم شقها فأكل منها فلما أن أكل منها طارت منه الحلل والنور من جسده ووضع آدم يده على رأسه وبكى، فلما أن تاب الله على آدم افترض الله عليه وعلى ذريته اغتسال هذه الأربع جوارح وأمر أن يغسل الوجه لما نظر آدم إلى الشجرة، وأمر أن يغسل الساعدين إلى المرافق لما مد يديه إلى الخطيئة، وأمر أن يمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه، وأمر أن يمسح القدم بما مشيت إلى الخطيئة، ثم سننت على امتي المضمضة والاستنشاق والمضمضة تنقي القلب من الحرام والاستنشاق يحرم رائحة النار. فقال: صدقت يا محمد، ما جزاء من توضأ كما أمرت ؟ قال: أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان وإذا مضمض نور الله لسانه وقلبه بالحكمة وإذا استنشق أمنه الله من فتن القبر ومن فتن النار، فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تسود الوجوه، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه غلول النار، وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته، وإذا مسح قدميه جاوزه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الخامس بأي شئ أمر الله الاغتسال من النطفة و لم يأمر من البول والغائط والنطفة أنظف من البول والغائط ؟.


(1) الروم: 17.

[ 37 ]

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لأن آدم لما أكل من الشجرة تحول ذلك في عروقه وشعره وبشره وإذا جامع الرجل المرأة خرجت النطفة من كل عرق وشعر فأوجب الله الغسل على ذرية آدم إلى يوم القيامة، والبول والغائط لا يخرج إلا من فضل ما يأكل ويشر ب الإنسان كفى به الوضوء. فقال اليهودي: ما جزاء من اغتسل من الحلال ؟ قال: بنى الله له بكل قطرة من ذلك الماء قصرا ” في الجنة وهو شئ بين الله وبين عباده من الجنابة. فقال اليهودي: يا محمد، فأخبرني عن السادس عن ثمانية أشياء في التوراة مكتوبة أمر الله بني إسرائيل أن يعبدونه بعد موسى. فقال النبي صلى الله عليه وآله: انشدك الله إن أخبرتك أن تقربه ؟ فقال اليهودي: بلى يا محمد. فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن أول ما في التوراة مكتوب: محمد رسول الله وهي مما اساطه ثم صار قائما “، (1) ثم تلا هذه الآية ” يجدونه مكتوبا ” عندهم في التورية والإنجيل (2) ” ” ومبشرا ” برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد (3) ” وأما الثاني والثالث والرابع فعلي و فاطمة وسبطيهما وهي سيدة نساء العالمين، في التوراة ” إيليا وشبرا ” وشبيرا ” وهليون ” يعني فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن فضلك على النبيين وفضل عشيرتك على الناس ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما فضلي على النبيين فما من نبي إلا دعا على قومه وأنا اخترت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة، وأما فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريتي كفضل الماء على كل شئ، بالماء يبقى كل ويحيى كما قال ربي تبارك وتعالى: ” وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون (4) ” ومحبة أهل بيتي وعشيرتي وذريتي يستكمل الدين. * (هامش صفحه) * (1) في الامالى ” فهى بالعبرانية ” طاب “. (2) الاعراف: 157. (3) الصف: 6. (4) الانبياء: 30.


[ 38 ]

قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن السابع ما فضل الرجال على النساء ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: كفضل السماء على الأرض وكفضل الماء على الأرض، بالماء يحيى كل شئ وبالرجال يحيى النساء لولا الرجال ما خلق الله النساء وما مرأة تدخل الجنة إلا بفضل الرجال، قال الله تبارك وتعالى: ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض (1) ” فقال: يا محمد لأي شئ هذا هكذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: خلق آدم صلوات الله عليه من طين ومن صلبه ونفسه خلق النساء وأول من أطاع النساء آدم صلوات الله عليه فأنزله من الجنة وقد بين الله فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى النساء كيف يحضن فلا يمكنهن العبادة من القذارة والرجال لا يصيبهم ذلك. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الثامن لأي شئ افترض الله صوما ” على امتك ثلاثين يوما ” وافترض على سائر الامم اكثر من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن آدم صلوات الله عليه لما أن أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما ” فافترض على ذريته ثلاثين يوما ” الجوع والعطش وما يأكلونه بالليل فهو تفضل من الله على خلقه وكذلك كان لآدم صلوات الله عليه ثلاثين يوما ” كما على أمتي ثم تلا هذه الآية ” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (2) ” قال: صدقت يا محمد فما جزاء من صامها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم يوما ” من شهر رمضان حاسبا ” محتسبا ” إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال أول الخصلة يذوب الحرام من جسده والثاني يتقرب إلى رحمة الله والثالث يكفر خطيئته ألا تعلم أن الكفارات في الصوم يكفر والرابع يهون عليه سكرات الموت والخامس أمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة والسادس براءة من النار والسابع أطعمه الله من طيبات الجنة.


(1) النساء: 33. (2) البقرة: 182.

[ 39 ]

قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن التاسع، لأي شئ أمر الله الوقوف بعرفات بعد العصر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: لأن بعد العصر ساعة عصى آدم صلوات الله عليه ربه فافترض الله على امتي الوقوف والتضرع والدعاء، في أحب المواضع إلى الله وهو موضع عرفات وتكفل بالإجابة والساعة التي ينصرف وهي الساعة التي تلقى آدم صلوات الله عليه من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قال: صدقت يا محمد، فما ثواب من قام بها ودعا وتضرع إليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق بشيرا ” ونذيرا ” إن لله تبارك وتعالى في السماء سبعة أبواب: باب التوبة، وباب الرحمة، وباب التفضل، وباب الإحسان، وباب الجود، وباب الكرم، وباب العفو لا يجتمع أحد إلا يستأهل (1) من هذه الأبواب وأخذ من الله هذه الخصال فإن لله تبارك وتعالى مائة ألف ملك مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك ولله مائة رحمة ينزلها على أهل عرفات فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بعتق رقاب أهل عرفات فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بأنه أوجب لهم الجنة وينادي مناد انصرفوا مغفورا ” لكم فقد أرضيتموني ورضيت لكم. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن العاشر تسعة خصال أعطاك الله من بين النبيين وأعطى أمتك من بين الامم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: فاتحة الكتاب، والأذان، والإقامة، والجماعة في مساجد المسلمين، ويوم الجمعة، واإلجهار في ثلاث صلوات والرخصة لامتي عند الأمراض والسفر والصلاة على الجنائز والشفاعة في أصحاب الكبائر من امتي. قال: صدقت يا محمد، فما ثواب من قرأ فاتحة الكتاب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله من الأجر بعدد كل كتب أنزل من السماء قرأها وثوابها، وأما الأذان فيحشر مؤذن امتي مع النبيين و الصديقين والشهداء، وأما الجماعة فإن صفوف امتي كصفوف الملائكة في السماء الرابعة والركعة * (هامش صفحه 39) * (1) في الامالى ” لا يجتمع بعرفات أحد إلا يستأهل “.


[ 40 ]

في الجماعة أربعة وعشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة، وأما يوم الجمعة فهو يوم جمع الله فيه الأولين والآخرين يوم الحساب، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة إلا خفف الله عليه أهوال يوم القيامة بعدما يخطب الإمام وهي ساعة يرحم الله فيه المؤمنين والمؤمنات، وأما الإجهار فما من مؤمن يغسل ميتا ” إلا يتباعد عنه لهب النار (1) ويوسع عليه الصراط بقدر ما يبلغ الصوت ويعطي نورا ” حتى يوافي الجنة، وأما الرخصة فإن الله يخفف أهوال القيامة على من رخص من امتي كما رخص الله في القرآن، وأما الصلاة على الجنائز فما من مؤمن يصلي على جنازة إلا يكون شافعا ” أو مشفعا “، وأما شفاعتي في أصحاب الكبائر من امتي ما خلا الشرك والمظالم. قال: صدقت يا محمد، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا ” عبده ورسوله وأنك خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين. ثم أخرج ورقا ” أبيض من كمه مكتوب عليه جميع ما قال النبي صلى الله عليه وآله حقا “، فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ” ما استنسختها إلا من الألواح الذي كتب الله لموسى ابن عمران فقد قرأت في التوراة مائة ألف آية فما من آية قرأتها إلا وجدتك مكتوبا ” فيها و قد قرأت في التوراة فضيلتك حتى شككت فيها، يا محمد فقد كنت أمحي اسمك في التوراة أربعين سنة فكلما محوت وجدت اسمك مكتوبا ” فيها ولقد قرأت في التوراة هذه المسائل لا يخرجها غيرك وإن ساعة ترد جواب هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك. فقال النبي صلى الله عليه وآله: جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري. وصلى الله على محمد وآله [ وسلم كثيرا ” ]. (2)


(1) كذا في النسختين وفيه تصحيف وفى أمالى الصدوق ” واما الاجهار فانه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته “. (2) رواه الصدوق في أماليه المجلس الخامس والثلاثين. بأدنى تفاوت في اللفظ وزيادات وزاد فيه بعد قوله: ” وميكائيل عن يسارك ” ” ووصيك بين يديك ” وزاد بعد قوله صلى الله عليه وآله: ” وميكائيل عن يسارى ” ” ووصيي على بن ابى طالب بين يدى “. وأيضا رواه في مطاوى العلل والخصال والمعاني.

[ 41 ]

قال: قال عبد الله بن المبارك رأيت رجلا ” متعلقا ” بأستار الكعبة وهو يقول: سيدي لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بكرمك ولئن ناقشتني في الحساب لاطالبنك بعفوك ولئن حبستني في النار لاخبرن أهل النار بحبي لك سيدي، قال عبد الله بن المبارك (1): فدخلت على الفضيل بن عياض فأخبرته بذلك، فقال لي: يا أبا عبد الرحمن عرفت الرجل ؟ قلت: اللهم لا، فقال: ذاك من قوم خدموا الله فتذللوا.


(1) عبد الله بن المبارك هو أبو عبد الرحمن بن واضح المروزى مولى بنى حنظلة عامى كان فيهم من كبار العلماء واجلاء الزهاد اخذ الفقه عن سفيان الثوري ومالك بن أنس وروى عنه الموطأ. وكان شديد التورع، كثير الانقطاع يحكى عن أبيه انه كان يعمل في بستان لمولاه وأقام فيه زمانا ” ثم ان مولاه جاءه يوما ” وقال له: اريد رمانا حلوا فمضى إلى بعض الشجر واحضر منها رمانا ” فكسره فوجده حامضا فحرد عليه وقال: اطلب الحلو فتحضر لى الحامض هات حلوا ” فمضى وقطع من شجرة اخرى فلما كسره وجده أيضا ” حامضا ” فاشتد حرده عليه وفعل ذلك دفعة ثالثة فقال له بعد ذلك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض ؟ فقال: لا، فقال: كيف ذلك ؟ قال: لاني ما اكلت منه شيئا حتى أعرفه. فقال ولم لم تأكل ؟ قال: لانك ما اذنت لى فكشف عن ذلك فوجده حقا ” فعظم في عينه وزوجه ابنته و يقال: ان عبد الله رزق من تلك الابنة فنمت على بركة ابيه. وفضيل بن عياض ايضا عامى زاهد بصرى كوفى ثقة روى عن أبى عبد الله عليه السلام ويحكى انه كان في اول امره يقطع الطريق بين ابيورد وسرخس وعشق جارية، فبينما يرتقى الجدران إليها سمع تاليا يتلو ” ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ” فقال: يا رب قد آن فرجع وأوى إلى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل وقال بعضهم حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا فتاب الفضيل وأمنهم.

[ 42 ]

* (مسائل عبد الله بن سلام) * (1) بسم الله الرحمن الرحيم عن ابن عباس أنه لما بعث محمد صلى الله عليه وآله أمر أن يدعو الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأسرع الناس إلى الإجابة وأنذر النبي صلى الله عليه وآله الخلق فأمره جبرئيل بأن يكتب إلى أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى ويكتب كتابا ” وأملى جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله كتابه وكان كاتبه يومئذ سعد بن أبي وقاص فكتب إلى يهود خيبر: بسم الله الر حمن الرحيم من محمد بن عبد الله الامي رسول الله إلى يهود خيبر: أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم وجه الكتاب إلى يهود خيبر فلما وصل الكتاب إليهم، حملوه وأتوا به رئيسا ” لهم يقال له: عبد الله بن سلام إن هذا كتاب محمد إلينا فتقرأ ه علينا، فقرأه فقال لهم: ما ترون في هذا الكتاب ؟ قالوا: نرى علامة ” وجدنا ها في التوراة فإن كان هذا محمدا الذي بشر به موسى وداود وعيسى عليهم السلام سيعطل التوراة ويحل لنا ما حرم علينا من قبل، فلو كنا على ديننا كان أحب إلينا، فقال عبد الله بن سلام: يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة والعذاب على الرحمة ؟ قالوا: لا، قال: وكيف لا تتبعون داعي الله ؟ قالوا: يا ابن سلام ما علمنا أن محمدا ” صادق فيما يقول، قال: فإذا نسأله عن الكائن والمكون والناسخ والمنسوخ فإن كان نبيا ” كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الأنبياء من قبل، قالوا: يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه وتنظر كيف يرد عليك الجواب، فقال: إنكم قوم تجهلون لو كان هذا محمدا الذي بشرنا به موسى وداود وعيسى ابن مريم فكان خاتم النبيين فلو اجتمع الثقلان الإنس والجن


(1) عبد الله بن سلام من بنى قينقاع وكان من أحبارهم وعلمائهم واسمه الحصين فلما اسلم سماه النبي صلى الله عليه وآله عبد الله. وذلك في السنة الثانية من الهجرة.

[ 43 ]

على أن يردوا على محمد حرفا ” واحدا ” أو آية ما استطاعوا بإذن الله، قالوا: صدقت يا ابن سلام فما الحيلة ؟ قال: علي بالتوراة، فحملت التوراة إليه فاستنسخ منها ألف مسألة و أربع مسائل ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله حتى دخل عليه يوم الاثنين بعد صلاة الفجر، فقال: السلام عليك يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته، من أنت ؟ فقال: أنا عبد الله بن سلام من رؤساء بني إسرائيل وممن قرأ التوراة وأنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها نراك من المحسنين، فقال النبي صلى الله عليه وآله: الحمد لله على نعمائه يا ابن سلام أجئتني سائلا ” أو متعنتا ” ؟ قال: بل سائلا ” يا محمد، قال: على الضلالة أم على الهدى ؟ قال: بل على الهدى يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: فسل عما تشاء، قال: أنصفت يا محمد، فأخبرني عنك أنبي أنت أم رسول ؟ قال: أنا نبي ورسول وذلك قوله في القرآن: ” منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك (1) ” قال: صدقت يا محمد فأخبرني كلمك الله قبلا ” ؟ قال: ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا ” أو من وراء حجاب، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني تدعو بدينك أم بدين الله ؟ قال: بل أدعو بدين الله ومالي بدين إلا ما ديننا الله، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني إلى ما تدعو ؟ قال: إلى الإسلام والإيمان بالله، قال: وما الإسلام ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا ” عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني كم دين لرب العالمين ؟ قال: دين واحد والله واحد لا شريك له، قال: وما دين الله ؟ قال: الإسلام، قال: وبه دان النبيون [ و ] من قبلك ؟ قال: نعم، قال: فالشرائع ؟ قال: كانت مختلفة وقد مضت سنة الأولين، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن أهل الجنة يدخلون فيها بالإسلام أو بالإيمان أو بالعمل ؟ قال: منهم من يدخل بالثلاثة يكون مسلما ” مؤمنا ” عاملا ” فيدخل الجنة بثلاثة أعمال أو يكون نصرانيا ” أو يهوديا ” أو مجوسيا ” فيسلم بين الصلاتين ويؤمن بالله ويخلع الكفر من قلبه فيموت على مكانه ولم يخلف من الأعمال شيئا ” فيكون من أهل الجنة فذلك إيمان بلا عمل ويكون يهود يا ” أو نصرانيا ” يتصدق وينفق في غير ذات الله فهو على الكفر والضلالة، يعبد المخلوق


(1) المؤمن: 79.

[ 44 ]

من دون الخالق فإذا مات على دينه كان فوق عمله في النار يوم القيامة لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني هل أنزل عليك كتابا ” ؟ قال: نعم، قال: وأي كتاب هو ؟ قال: الفرقان، قال: ولم سماه ربك فرقانا ” ؟ قال: لأنه متفرق الآيات والسور انزل في غير الألواح وغير الصحف، والتوراة و الإنجيل والزبور انزلت كلها جملا ” في الألواح والأوراق، فقال: صدقت يا محمد، فأخبرني أي شئ مبتدأ القرآن وأئ شئ مؤخره ؟ قال: مبتدؤه بسم الله الرحمن الرحيم ومؤخره……… (1) أبجد، قال: فما تفسير أبجد ؟ قال: الألف آلاء الله والباء بهاء الله والجيم جمال الله والدال دين الله وإدلاله على الخير وهوز الهاوية وحطى حطوط الخطايا و الذنوب. سعفص صاعا ” بصاع حقا ” بحق فصا ” بفص يعني جورا ” بجور، قرشت سهم الله المنزلة في كتابه المحكم (3).


(1) كذا بياض في الاصل ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 4 ص 90 من الكتاب ونحوه في ج 14 ص 346 عن بعض الكتب القديمة رآه وايضا ” وجده في كتاب ذكر الاقاليم والبلدان والجبال والانهار والاشجار مع اختلاف يسير في المضمون وتباين كثير في الالفاظ. فمن اراد الاطلاع فليراجع هناك. (2) كذا في النسختين والبحار ج 4 ص 90. (3) وروى الصدوق المجلس الثاني والخمسين من اماليه مسندا ” عن الاصبغ عن امير المؤمنين عليه السلام قال: سأل عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير أبجد فقال صلى الله عليه وآله: أما الالف فآلاء الله حرف من اسمائه واما الباء فبهجة الله واما الجيم فجنة الله وجلال الله وجماله واما الدال فدين الله واما هوز فالهاء هاء الهاوية فويل لمن هوى في النار واما الواو فويل لاهل النار واما الزاى فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعنى زوايا جهنم واما حطى فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر واما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب وهى شجرة غرسها الله عزوجل ونفخ فيها من روحه وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلى والحلل متدلية على افواههم واما الياء فيد الله فوق خلقه سبحانه وتعالى عما يشركون واما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا ” واما اللام فالمام اهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام وتلاوم ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 45 ]

.. (1) بسم الله الرحمن الرحيم سنة الله سبقت رحمة الله غضبه قال: لما عطس آدم عليه السلام قال: الحمد لله رب العالمين فأجابه ربه: يرحمك ربك يا آدم فسبقت له ذلك الحسنى من ربه من قبل أن يعصي الله في الجنة، فقال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن أربعة أشياء خلقهن الله بيده، قال: خلق الله جنات عدن بيده، ونصب شجرة طوبى في الجنة بيده، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، قال: صدقت يا محمد، قال: فمن أخبرك بهذا ؟ قال: جبرئيل، قال: جبرئيل عمن ؟ قال: عن ميكائيل، قال: ميكائيل عمن ؟ قال: عن إسرافيل، قال: إسرافيل عمن ؟ قال: عن اللوح المحفوظ، قال: اللوح عمن ؟ قال: عن القلم، قال: القلم عمن ؟ قال: عن رب العالمين. قال: صدقت يا محمد. قال: فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور ؟ قال: في زي الذكور ليس في زي الإناث، قال: فأخبرني ما طعامه وشرابه ؟ قال: طعامه التسبيح وشرابه التهليل، قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني ما طول جبرئيل ؟ قال: إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني، له ثمانون ذؤابة وقصة جعدة وهلال بين عينيه، أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل، له أربع وعشرون جناحا ” خضرا ” مشبكة با لدر والياقوت، مختمة باللؤلؤ وعليه وشاح (2)، بطانته الرحمة، أزراره الكرامة، ظهارته الوقار، ريشه الزعفران، واضح الجبين، أقنى الأنف، سائل الخدين مدور اللحيين، حسن القامة، لا يأكل ولا يشرب ولا يمل ولا يسهو قائم بوحي الله إليه


” بقية الحاشية من الصفحه الماضية ” اهل النار فيما بينهم واما الميم فملك الله الذى لا يزول ودوام الله الذى لا يغنى واما النون فنون والقلم وما يسطرون فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون وكفى بالله شهيدا ” واما سعفص فالصاد صاع بصاع وفص بفص يعنى الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان ان الله لا يريد ظلما ” للعباد واما قرشت يعنى قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون. (1) هكذا بياض في النسختين. (2) الوشاح شبه القلادة من نسيج عريض يرصع بالجوهر.

[ 46 ]

إلي يوم القيامة. قال: صدقت يا محمد (1). قال: فأخبرني ما الواحد وما الاثنان وما الثلاثة وما الأربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة وما الأحد عشر وما الاثنى عشر وما الثلاثة عشر وما الأربعة عشر وما الخمسة عشر وما الستة عشر وما السبعة عشر و ما الثمانية عشر وما التسعة عشر وما العشرون وما الأحد والعشرون وما الاثنان والعشرون وثلاثة وعشرون وأربعة وعشرون وخمسة وعشرون وستة وعشرون وسبعة وعشرون وثمانية وعشرون وتسعة وعشرون وما الثلاثون وما الأربعون وما الخمسون وما الستون وما السبعون وما الثمانون وما التسعة والتسعون وما المائة ؟ قال: نعم يا ابن سلام أما الواحد فهو الله الواحد القهار لا شريك له ولا صاحبة له ولا ولد له، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأما الاثنان فآدم وحواء كانا زوجين في الجنة قبل ان اخرجا منها، وأما الثلاثة فجبرئيل وميكائيل و إسرافيل وهم رؤساء الملائكة وهم على وحي رب العالمين وأما الأربعة فالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان في كتب أكمل وفيه الأحكام، وأما الخمسة انزل علي وعلى امتي خمس صلوات لم تنزل على من قبلي ولا تفترض على امة بعدي لأنه لا نبي بعدي، وأما الستة خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام وأما السبعة فسبع سماوات شداد وذلك قوله: ” وبنينا فوقكم سبعا ” شدادا ” (2) وأما الثمانية ” ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ” (3)


(1) نقل المجلسي – رحمه الله – هذه القطعة اعني من قوله: ” فمن أخبرك هذا ؟ قال: جبرئيل ” إلى هنا في المجلد الرابع عشر من البحار ص 245. وقال في بيانه: القصة – بالضم – شعر الناصية. والغرة – بالضم -: بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم، يقال: فرس أغر، و الاغر: الابيض، ورجل أغر أي شريف. والدعج: شدة سواد العين مع سعتها والادعج من الرجال الاسود. والتحجيل: بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر بعدان يجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين لانها مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود، يقال: فرس محجل. والوشاح ينسج من اديم عريضا ” ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها (إلى هنا نقله عن الجوهرى) ثم قال: والمراد بالوشاح اما المعنوي فالصفات ظاهرة أو الصوري فالمعنى ان بطانته علامة رحمة الله له أو للعباد وكذا الباقيتان. والقنى احد يداب في الانف. انتهى (2) النباء: 12. (3) الحاقة: 17.

[ 47 ]

وأما التسعة ” آتينا موسى تسع آيات بينات (1) “، وأما العشرة ” تلك عشرة كاملة ” (2) وأما الأحد عشر قول يوسف: لأبيه ” يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا ” (3) “، وأما الاثنا عشر فالسنة تأتي كل عام اثنى عشر شهرا ” جديدا ” وهو أيضا ” قول يوسف: ” والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين “، وأما الثلاثة عشر فهم إخوة يوسف فأما الشمس والقمر فالام والأب (4)، وأما الأربعة عشر فهي أربعة عشر قنديلا ” من نور معلق بين العرش و الكرسي طول كل قنديل مسيرة مائة سنة، وأما الخمسة عشر فإن الفرقان انزل على آيات مفصلات في خمسة عشر يوما ” خلا من شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وأما الستة عشر فستة عشر صفا ” من الملائكة حافين من حول العرش وذلك قوله تعالى: ” حافين من حول العرش (5) “، وأما السبعة عشر فسبعة عشر اسما ” من أسماء الله تعالى مكتوبا ” بين الجنة والنار ولولا ذلك لزفرت جهنم زفرا ” فتحرق من في السماوات ومن في الأرض وأما الثمانية عشر وثمانية عشر فثمانية عشر حجابا ” من نور معلق بين الكرسي والحجب ولولا ذلك لذابت صم الجبال الشوامخ فاحترقت الجن والإنس من نور الله. قال: صدقت يا محمد، قال: وأما التسعة عشر فهي سقر ” لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر (6) “، وأما العشرون انزل الزبور على داود في عشرين يوما ” خلون من شهر رمضان (7) وذلك قوله في القرآن: ” وآتينا داود زبورا ” (8) ” وأما أحد وعشرون ميلاد سليمان بن داود وسبحت معه الجبال و اما الاثنان والعشرون تاب الله على داود وغفر له ذنبه ولين له الحديد، يتخذ منه السابغات وهي


(1) الاسراء: 100. (2) البقرة: 195. (3) يوسف: 3. (4) تفسير للاية. (5) الزمر 75. ونقل المجلسي – رحمه الله – من الكتاب هذه القطعة والتى يأتي في الثمانية عشر في المجلد الرابع عشر ص 100. والسبعة عشر في المجلد الثالث من البحار ص 382. (6) المدثر 28 إلى 31. (7) في الكافي ج 4 ص 157 في حديث ” نزل الزبور في ليلة ثمانى عشرة مضت من شهر رمضان “. (8) الاسراء: 55.

[ 48 ]

الدروع، وأما الثلاثة والعشرون ميلاد عيسى ابن مريم وتنزيل المائدة (1)، وأما الأربعة و العشرون كلم الله موسى تكليما “، وأما الخمسة والعشرون فلق البحر لموسى ولبني إسرائيل وأما الستة والعشرون أنزل الله على موسى التوراة، وأما السبعة والعشر ون ألقت الحوت يونس بن متى من بطنها، وأما الثمانية والعشرون رد الله بصر يعقوب عليه، و أما التسعة والعشرون رفع الله إدريس مكانا ” عاليا “، وأما الثلاثون ” وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة (2) “، وأما الخمسون يوما ” كان مقداره خمسين ألف سنة، وأما الستون فالأرض لها ستون عرقا ” والناس خلقوا على ستين لونا “، وأما السبعون اختار موسى قومه سبعين رجلا “، وأما الثمانون فشارب الخمر يجلد بعد تحريمه ثمانين سوطا “، وأما التسعة والتسعون آتينا داود تسعة وتسعين نعجة وأما المائة ” الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (3) “. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن آدم كيف خلق ومن أي شئ خلق ؟ قال: نعم إن الله سبحانه وتعالى وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من الصورة والصورة من الياقوتة والياقوتة من كن وكن من لا شئ. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني كم للعبد من الملائكة ؟ قال: لكل عبد ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله، الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات. قال: فأين مقعد الملكان وما قلمهما وما دواتهما وما لو حهما ؟ قال: مقعدهما كتفاه وقلمهما لسانه ودواتهما حلقه ومدادهما ريقه ولوحهما فؤاده يكتبون أعماله إلى مماته وقال سبحانه: ” اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ” (4) “. قال: صدقت يا محمد.


(1) في البحار ج 4 ص 91 ” فاما ثلاثة والعشرون أنزل المائدة فيه من شهر الصيام على عيسى عليه السلام “. (2) اعراف: 141. (3) النور: 3. (4) الاسراء: 14. الاختصاص – 3 –

[ 49 ]

* (صفة القلم واللوح المحفوظ) * قال: فأخبرني ما خلق الله بعد ذلك ؟ قال: ن والقلم. قال: وما تفسير ن والقلم ؟ قال: النون اللوح المحفوظ والقلم نور ساطع وذلك قوله: ” ن والقلم وما يسطرون (1) ” قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني وما طوله وما عرضه وما مداده وأين مجراه ؟ قال: طول القلم خمس مائة سنة وعرضه مسيرة ثمانين سنة له ثمانون سنا ” يخرج المداد من بين أسنانه يجرى في اللوح المحفوظ بأمر الله وسلطانه، قال: صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو ؟ قال: من زمردة خضراء، أجوافه اللؤلؤ، بطانته الرحمة، قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح المحفوظ في كل يوم وليلة ؟ قال: ثلاثمائة وستون لحظة (2) [ يمضى ويرفع ]….. (3) قال: خمسة حبات. قال: وما كان صفة حبة ؟ قال: كان بمنزلة البيض الكبار. قال: الحبة التي بقيت من آدم ما صنع بها ؟ قال: انزلت مع آدم من الجنة وفركت ست مائة قطعة، فزرع تلك الحبة فنسل البر والحبوب كلها من تلك الحبة وبزر القطاع. قال: فأين هبط آدم ؟ قال: بالهند، قال: حواء ؟ قال: بجدة، قال: إبليس ؟ قال: باصفهان والحية بسقطرى، (4) قال: فما كان لباس آدم حيث انزل من الجنة ؟ قال: ثلاث ورقات من ورق الجنة كان متزرا بواحدة ومرتديا ” بالاخرى ومعتما بالثالث. قال: فما كان لباس


(1) القلم: 2. (2) نقل المجلسي – رحمه الله – في المجلد الرابع عشر من البحار ص 90 هذه القطعة من الكتاب اعني من قوله: ” قال: فاخبرني ما خلق الله بعد ذلك ؟ قال ن والقلم ” إلى هنا. (3) هكذا بياض في النسختين ومن هنا إلى قوله: ” فأين هبط آدم ” مسقوط في البحار ج 4 ص 91 واما في ج 14 ص 346 موجود لكن لا يسعنا تصحيحه وان عثرنا على الحديث موافقا لما في الكتاب نورده بتمامه في آخر الكتاب. (4) سقطرى – بضمتين وطاء ساكنة وراء والف مقصورة ويروى بالمد -: جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى ومدن يناوح عدن جنوبية وهى إلى بر العرب أقرب من بر الهند والسالك إلى بلاد الزنج يمر عليها واكثر أهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر ودم الاخوين وهو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر. قيل: طولها ثمانون فرسخا.

[ 50 ]

حواء ؟ قال: شعرها كان يبلغ الأرض، قال: فأين اجتمعا ؟ قال: بعرفات، قال: صدقت يا محمد. قال فأخبرني عن أول ركن وضع الله تعالى في الأرض: قال: الركن الذي بمكة وذلك قوله في القرآن: ” إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ” (1) قال: صدقت يا محمد. قال: فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو حواء خلقت من آدم ؟ قال: بل خلقت حواء من آدم ولو أن آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال، قال: من كله أو من بعضه ؟ قال: بل من بعضه ولو خلقت حواء من كله لجاز القضاء في النساء كما يجوز في الرجال، قال: فمن ظاهره أو من باطنه ؟ قال بل من باطنه ولو خلقت من ظاهره لكشفت النساء عما ينكشف الرجال فلذلك النساء مستترات، قال: من يمينه أو من شماله ؟ قال بل من شماله ولو خلقت من يمينه لكان حظ الذكر والانثى واحدا ” فلذلك للذكر سهمان وللانثى سهم وشهادة امرأتين برجل واحد، قال: فمن أي موضع خلقت من آدم ؟ قال: من ضلعه الأيسر. قال: من سكن الأرض قبل آدم ؟ قال: الجن، قال: وقبل الجن ؟ قال: الملائكة قال: وقبل الملائكة ؟ (2) قال: آدم، قال: فكم كان بين الجن وبين الملائكة ؟ قال: سبعة آلاف سنة، قال: فبين الملائكة وبين آدم ؟ قال: ألفي ألف سنة، قال: صدقت يا محمد. قال: فأخبرني عن آدم حج البيت ؟ قال: نعم، قال: من حلق رأس آدم، قال: جبرئيل قال: من ختن آدم ؟ قال: اختتن بنفسه، قال: ومن اختتن بعد آدم ؟ قال:


(1) آل عمران: 96. (2) في بعض النسخ وفى البحار [ قال: وبعد الجن ؟ قال: الملائكة، قال وبعد الملائكة ؟ قال: آدم ] وما في المتن أصح وان كان المعنى على النسختين واحد والخبر يدل على كون الارض مسكنا ” لبنى آدم قبل الملائكة ويؤيده قول الملائكة حيث قال الله تعالى ” إذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء – الاية ” لانه يعلم منه أن الملائكة عالمون بكيفية سلوك بنى آدم في الارض وافسادهم فيها وهذا لا يمكن الا أن يسبقوا الملائكة و ان كانوا من نسل آدم اخرى غير أبونا.

[ 51 ]

إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام قال: صدقت يا محمد. قال: فأخبرني عن رسول لا من الإنس ولا من الجن ولا من الوحش ؟ قال: ” بعث الله غرابا ” يبحث في الأرض ” قال: صدقت يا محمد. قال: فأخبرني عن بقعة أضاءته الشمس مرة ولا تعود اخرى إلى يوم القيامة ؟ قال: لما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق البحر باثنى عشر قطعة وأضاءت الشمس على أرضه فلما اغرق الله فرعون وجنوده أطبق البحر ولا تضيئ الشمس إلى تلك البقعة إلى يوم القيامة، قال: صدقت يا محمد. قال فأخبرني عن بيت له اثنا عشر بابا ” اخرج منه اثنى عشر رزقا ” لاثنى عشر ولدا ” ؟ قال: لما دخل موسى البحر مر بصخرة بيضاء مربعة كالبيت فشكا بنو إسرائيل العطش إلى موسى فضربها بعصاه فانفجر منها اثنا عشر عينا ” من اثنى عشر بابا “. وحدثني جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال: سألت عبد الله بن محمد بن خالد عن محمد بن مسلم قال: كان رجلا ” شريفا موسرا ” فقال له أبو جعفر عليه السلام: تواضع يا محمد، فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع وجعل ينادي عليه فأتاه قومه فقالوا له: فضجتنا، فقال: إن مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه ولن أبرح حتى افرغ من بيع ما في هذه القوصرة فقال له قومه: أما إذا أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين فهيأ رحى و جملا ” وجعل يطحن. (1) وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد البرقي أنه كان مشهورا ” في العبادة وكان من العباد في زمانه. (1) وحدثني جعفر بن محمد، عن أحمد بن شاذان بن نعيم، عن الفضل بن شاذان قال: أخبرني أبي عن غير واحد من أصحابنا، وحدثني هارون بن موسى، عن علي بن محمد بن يعقوب، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن أبيه محمد بن حكيم وصاحب له قال أبو محمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي قالا: رأينا شريكا ” واقفا ” في


(1) رواه الكشى في رجاله ص 110 ونقله المجلسي – رحمه الله – في ج 11 ص 223.

[ 52 ]

حائط من حيطان فلان قال أحدنا لصاحبه: هل لك في خلوة من شريك فأتيناه فسلمنا عليه فرد السلام فقلنا: يا أبا عبد الله مسألة، قال: في أي شئ ؟ فقلنا: في الصلاة قال: سلوا عما بدا لكم فقلنا: لا نريد أن تقول قال فلان وقال فلان إنما نريد أن تسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: أليس في الصلاة ؟ قلنا: بلى، فقال: سلوا عما بدا لكم، فقلنا: في كم يجب التقصير ؟ قال: كان ابن مسعود يقول: لا يغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان، فقلنا: إنا قد استثنينا عليك أن لا تحدثنا إلا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: والله إنه لقبيح لشيخ يسأل عن مسألة في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله لا يكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، قلنا: فمسألة اخرى، فقال: أليس في الصلاة ؟ فقلنا: بلى قال: فسلوا عما بدا لكم فقلنا: على من تجب الجمعة ؟ قال: عادت المسألة خدعة ما عندي في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ، قال: فأردنا الانصراف، فقال: إنكم لم تسألوا عن هذا إلا وعندكم منه علم قال: قلنا: نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله، فقال: الثقفي الطويل اللحية ؟ قلنا: نعم فقال: أما إنه لقد كان مأمونا ” على الحديث ولكن كانوا يقولون: إنه خشبي ثم قال: ماذا رووا ؟ قلنا: رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أن التقصير تجب في بريدين فإذا اجتمع خمسة أحدهم الإمام فلهم أن يجمعوا (1). وحدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مدلج، عن محمد بن مسلم قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل فقيل له: محمد بن مسلم وجع ثقيل فأرسل إلي أبو جعفر عليه السلام بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه فأنه قد أمرني أن لا أرجع حتى تشربه فتناولت فإذا ” رائحة المسك منه وإذا شراب طيب الطعم بارد فلما شربته قال لي الغلام يقول لك إذا شربت فتعال إلي، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك


(1) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 111 ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 227 وقوله: ” انه خشبي ” قال في اللباب: الخشبى – بفتح الخاء والشين المعجمتين وفى آخرها الباء الموحدة – هذه النسبة إلى الخشبية وهم طائفة من الشيعة يقال لكل واحد منهم: خشبي وقال منصور بن المعتمر إن كان من يحب على بن أبي طالب خشبي فاشهدوا انى ساجه. وفى النهاية: في حديث ابن عمر انه كان يصلى خلف الخشبية، هم اصحاب المختار.

[ 53 ]

على رجلي فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما انشطت من عقال (1) فأتيت بابه فاستأذنت عليه فصوت بي صحيح الجسم ادخل ادخل فدخلت وأنا باك فسلمت وقبلت يده ورأسه فقال لي: وما يبكيك يا محمد ؟ فقلت: جعلت فداك أبكى على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك، فقال لي: أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا “، وأما ما ذكرت من الغربة فلك بأبي عبد الله عليه السلام اسوة بأرض ناء عنا بالفرات صلى الله عليه (2)، وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذا الدنيا غريب وفي هذا الخلق منكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وإنك لا تقدر على ذلك فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه (3) – مختصر -. حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير أن هشام بن سالم قال له: ما اختلفت أنا وزرارة قط فأتينا محمد بن مسلم فسألناه عن ذلك إلا قال لنا: قال أبو جعفر عليه السلام فيها كذا وكذا وقال أبو عبد الله عليه السلام فيها كذا وكذا. (4) (5)…. اسري بن إلى السماء فسح لي في بصري غلوة كمثال ما يرى الراكب خرق


(1) نشطت العقدة: عقدتها. وأنشطتها: حللتها ومنه كانما انشط من عقال أي حال (الدر النثير) (2) ناء عنا أي بعيد عنا. (3) رواه الكشى في رجاله ص 112 وايضا ” ابن شهر آشوب في المناقب ونقله المجلسي – رحمه الله – من الكتاب في ج 11 ص 96. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 222 من الكتاب. (5) هكذا بياض في الاصل ونقله المجلسي من كتاب الاستدراك في البحار ج 4 ص 141 ورواه الصدوق في المجلس التاسع والثمانين من الامالى باسناده عن جعفر بن عبد الله النما عن عبد الجبار عن داود الشعيرى عن الربيع صاحب المنصور عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل أن المنصور قال للصادق عليه السلام: حدثني عن فضائل جدك حديثا ” لم تروه العامة، فقال الصادق عليه السلام حدثني أبى عن ابيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بى الخ. وروى نحوه المؤلف في اماليه والشيخ ايضا ” في مجالسه وعلى بن عيسى الاربلي في كشف الغمة ص 117.

[ 54 ]

الإبرة مسيرة يوم وعهد إلى ربي في علي كلمات فقال: يا محمد قلت: لبيك ربي، فقال: إن عليا ” أمير المؤمنين وإمام المتقين قائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهي الكلمة التي ألزمتها المتقين فكانوا أحق بها وأهلها فبشره بذلك، قال: فبشره النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال علي: يا رسول الله فإني اذكر هناك ؟ فقال: نعم إنك لتذكر في الرفيع الأعلى، فقال المنصور: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. * (حديث داود الرقى مع الخارجي) * محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، والحسن بن متيل، عن إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن السلمي، عن داود الرقي قال: سألني بعض الخوارج عن قول الله تبارك وتعالى: ” ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين – إلى قوله -: ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين – الآية (1) ” ما الذي أحل الله من ذلك ؟ وما الذي حرم الله ؟ قال: فلم يكن عندي في ذلك شئ فحججت فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت: جعلت فداك إن رجلا ” من الخوارج سألني عن كذا وكذا، فقال عليه السلام: إن الله عزوجل: أحل في الاضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية وحرم فيها الجبلية وذلك قوله عزوجل: ” ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين ” وإن الله عزوجل أحل في الاضحية بمنى الإبل العراب وحرم فيها البخاتي وأحل فيها البقر الأهلية وحرم فيها الجبلية فذلك قوله: ” ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ” قال: فانصرفت إلى صاحبي فأخبرته بهذا الجواب، فقال هذا شئ حملته الإبل من الحجاز. (2) * (حديث ابى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام) * محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: لما أمرهم هارون الرشيد بحملي دخلت عليه فسلمت فلم يرد السلام وأريته


(1) الانعام: 143. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 492: والعراب: الابل العربية. والبخت – بالضم – الابل الخراسانية والجمع البخاتى.

[ 55 ]

مغضبا ” فرمى إلي بطومار فقال: اقرأه فإذا فيه كلام قد علم الله عزوجل براءتي منه وفيه: أن موسى بن جعفر يجبى إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بإمامته يدينون الله بذلك ويزعمون أنه فرض عليهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويزعمون أنه من لم يوهب إليه العشر ولم يصل بإمامتهم ويحج بإذنهم ويجاهد بأمرهم ويحمل الغنية إليهم ويفضل الأئمة على جميع الخلق ويفرض طاعتهم مثل طاعة الله وطاعة رسوله فهو كافر حلال ماله ودمه وفيه كلام شناعة مثل المتعة بلا شهود، واستحلال الفروج بأمره ولو بدرهم، و البراءة من السلف ويلعنون عليهم في صلاتهم، ويز عمون أن من يتبرء منهم فقد بانت امرأته منه، ومن أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك وتعالى: ” أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ” (1) “، يزعمون أنه واد في جهنم. والكتاب طويل وأنا قائم أقرأ وهو ساكت فرفع رأسه وقال: قد اكتفيت بما قرأت فكلم بحجتك بما قرأته، قلت: يا أمير المؤمنين والذي بعث محمدا ” صلى الله عليه وآله بالنبوة ما حمل إلي قط أحد درهما ” ولا دينارا ” من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه عليه السلام في قوله ” لو أهدي إلي كراع لقبلته ولو دعيت إلى ذراع لأجبت “. وقد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، وكثرة عدونا وما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب فضاق بنا الأمر وحرمت علينا الصدقة وعوضنا الله عزوجل منها الخمس فاضطررنا إلى قبول الهدية وكل ذلك مما علمه أمير المؤمنين، فلما تم كلامي سكت، ثم قلت: إن أرى أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله فكأنه اغتنمها فقال: مأذون لك هاته، فقلت: حدثني أبي، عن جدي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله أن الرحم إذا مست رحما ” تحركت واضطربت فإن رأيت أن تناولني يدك فأشار بيده إلي، ثم قال: ادن فدنوت فصافحني وجذبني إلى نفسه مليا “، ثم فارقني وقد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسى فليس عليك بأس صدقت وصدق جدك وصدق النبي صلى الله عليه وآله لقد تحرك دمي واضطربت عروقي واعلم أنك لحمي ودمي وأن الذي حدثتني به صحيح وأني اريد أن أسألك عن مسألة فإن أجبتني أعلم أنك قد صدقتني وخليت عنك ووصلتك ولم اصدق ما


(1) مريم: 59.

[ 56 ]

قيل فيك، فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه. فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: ” يا ابن رسول الله ” وأنتم ولد علي وفاطمة إنما هي وعاء والولد ينسب إلى الأب لا إلى الأم ؟. فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل. فقال: لست أفعل أو أجبت. فقلت: فأنا في أمانك ألا تصيبني من آفة السلطان شيئا ” ؟ فقال: لك الأمان، قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الر حيم ” ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا ” هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى (1) ” فمن أبو عيسى ؟ فقال: ليس له أب إنما خلق من كلام الله عزوجل وروح القدس. فقلت: إنما الحق عيسى بذراري الأنبياء عليهم السلام من قبل مريم والحقنا بذراري الأنبياء من قبل فاطمة عليها السلام لا من قبل علي عليه السلام. فقال: أحسنت يا موسى زدني من مثله. فقلت: اجتمعت الامة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلى الله عليه وآله إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فقال الله تبارك وتعالى: ” فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ا ندع أبناءنا و أبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم (2) ” فكان تأويل أبنائنا الحسن والحسين و نسائنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال: أحسنت، ثم قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث ؟ فقلت: أسألك يا أمير المؤمنين بحق الله وبحق رسوله صلى الله عليه وآله أن تعفيني من تأويل هذه الآية وكشفها وهي عند العلماء مستورة. فقال: إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك ولست أعفيك.


(1) الانعام: 84. (2) آل عمران: 55.

[ 57 ]

فقلت: فجدد لي الأمان، فقال: قد أمنتك. فقلت: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر وإن عمي العباس قدر على الهجرة فلم يهاجر وإنما كان في عدد الاسارى عند النبي صلى الله عليه وآله وجحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك وتعالى على النبي صلى الله عليه وآله يخبره بدفين له من ذهب فبعث عليا ” عليه السلام فأخرجه من عند ام الفضل، أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك وتعالى فأذن لعلي وأعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه فقال العباس عند ذلك: يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر وأشهد أنك رسول رب العالمين، فلما أحضر علي الذهب فقال العباس: أفقرتني يا ابن أخي فأنزل الله تبارك وتعالى: ” إن يعلم الله في قلوبكم خيرا ” يؤتكم خيرا ” مما أخذ منكم ويغفر لكم ” (1) وقوله: ” والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا ” ثم قال: ” وإن استنصرو كم في الدين فعليكم النصر (2) “، فرأيته قد اغتم. ثم قال: أخبرني من أين قلتم: إن الاسنان يدخله الفساد من قبل النساء لحال الخمس الذي لم يدفع إلى أهله ؟ فقلت: اخبرك يا أمير المؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لأحد ما دمت حيا ” و عن قريب يفرق الله بيننا وبين من ظلمنا وهذه مسألة لم يسألها أحد من السلاطين غير أمير المؤمنين. قال: ولا تيم ولا عدي ولا بنو امية ولا أحد من أبائنا ؟ قلت: ما سئلت ولا سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد عنها. قال: الله، قلت: الله. قال: فإن بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما أمنتك منه. فقلت: لك علي ذلك. فقال: أحب أن تكتب لي كلاما ” موجزا ” له اصول وفروع يفهم تفسيره ويكون


(1) الانفال: 71. (2) الانفال: 73.

[ 58 ]

ذلك سماعك من أبي عبد الله عليه السلام ؟ فقلت: نعم وعلى عيني يا أمير المؤمنين قال: فإذا فرغت فارفع حوائجك، وقال: و كل بي من يحفظني وبعث إلي في كل يوم بمائدة سرية فكتبت: بسم الله الرحمن جميع امور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها وأخبار المجمع عليها المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها على كل حادثة، وأمير يحتمل الشك والإنكار وسبيله استيضاح (1) أهل الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها ووجب عليه قبولها والإقرار والديانة بها وما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة وعامها الشك فيه والإنكار له كذلك هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه إلى أرش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته وما غمض عنك ضوءه نفيته ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل. فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته فأخبره فخرج وعرضت عليه فقال: أحسنت هو كلام موجز جامع فارفع حوائجك يا موسى فقلت: يا أمير المؤمنين أول حاجتي إليك أن تأذن لي في الانصراف إلى أهلي فإني تركتهم باكين آئسين من أن يروني، فقال: مأذون لك ازدد، فقلت: يبقى الله أمير المؤمنين لنا معاشر بني عمه، فقال: ازدد، فقلت: علي عيال كثير وأعيننا بعد الله تعالى ممدودة إلى فضل أمير المؤمنين وعادته فأمر لي بمائة ألف درهم وكسوة وحملني وردني إلى أهلي مكرما “. (2)


(1) في بعض النسخ [ وسبيله استنصاح اهل الحجة عليه ]. (2) رواه الحسن بن على بن شعبة في كتاب تحف العقول ص 406 بزيادة وادنى اختلاف في اللفظ ونقله المجلسي – رحمه الله – عن الاختصاص في ج 11 ص 268. وقال في بيانه: رواه في كتاب الاستدراك أيضا عن هارون موسى التلعكبرى باسناده إلى على بن حمزة عنه عليه السلام بالاختصار وأدنى تغيير.

[ 59 ]

* (حديث أبى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام) * وهارون الرشيد والفضل بن الربيع حمدان بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثني أحمد بن إسماعيل أبو عمر قال: حدثني عبد الله بن صالح قال: حدثني الفضل بن الربيع قال: كنت في فراشي وقد خلوت في بعض المقاصير مع جاريتي فسمعت وقعا ” فقلت: من هذا ؟ قالت: الريح فتحركت له إذا دخل مسرور الكبير وقال: أجب أمير المؤمنين (1) فبرزت إليه مرعوبا ” فقال لي: يا فضل أطلق موسى بن جعفر الساعة وهب له ثمانون ألف درهم واخلع عليه خمسة خلع وأحمله على خمسة من الظهر، فقلت: يا أمير المؤمنين موسى ابن جعفر ؟ قال: نعم ويلك تريد أن أنقض العهد، فقلت: يا أمير المؤمنين وما العهد ؟ قال: بينا أنا في مرقدي إذ ساورني أسود (2) ما رأيت في السودان أعظم منه فقعد على صدري وقبض على حلقي وقال: أحبست موسى بن جعفر عليهما السلام ظالما ” له ؟ قلت: أنا أطلقه الساعة فأخذ علي عهد الله عزوجل أن أطلقه ثم قام من صدري وكادت نفسي أن تخرج، قال الفضل: فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر عليهما السلام في مصلاه فأبلغته سلام أمير المؤمنين وأعلمته ما أمرني به فقال: لا حاجة في المال والخلع والحملان (3) إذا كان فيه حقوق الامة فقلت: أنشدك الله أن ترده فيغتاظ عليك، فقال: افعل ما شئت فأخذت بيده فأخرجته من الحبس وقلت له: يا ابن رسول الله قد وجب حقي عليك لمشاركتي إياك ولما أجراه الله عزوجل على يدي فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم ليلة الأربعاء فقال لي: يا موسى محبوس مظلوم، قلت: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله محبوس مظلوم فكرر علي ثلاث مرات ثم قال: لعله فتنة لهم ومتاع إلى حين، وأصبح غدا ” صائما ” وأتبعه بصيام الخميس والجمعة فإذا كان وقت إفطارك فصل اثنى عشر ركعة تقول في كل ركعة: ” الحمد ” و ” قل هو الله أحد ” اثنى عشر مرة وكذلك في الركعة الثانيه فإذا انصرفت من صلاتك فقل: ” اللهم


(1) يعني هارون الرشيد. (2) ساورني أي واثبنى. (3) الحملان: المتاع واسباب السفر.

[ 60 ]

يا ساتر العيوب وسامع كل صوت “. (1) * (حديث موسى بن جعفر عليهما السلام مع يونس بن عبد الرحمن) * قال يونس بن عبد الرحمن يوما ” لموسى بن جعفر عليهما السلام: أين كان ربك حين لا سماء مبنية ولا أرضا ” مدحية ؟ قال: كان نورا ” في نور ونورا ” على نور، خلق من ذلك النور ماء منكدرا ” فخلق من ذلك الماء ظلمة فكان عرشه على تلك الظلمة قال: إنما سألتك عن المكان، قال: قال: كلما قلت: أين فأين هو المكان، قال: وصفت فأجدت إنما سألتك عن المكان الموجود المعروف قال: كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه، قال: إنما سألتك عن المكان قال: يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه (2).


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في العيون بأدنى تغيير في اللفظ وفيه ” قال لى: سر إلى حبسنا فاخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع إليه ثلاثين ألف درهم واخلع عليه خمس خلع واحمله على ثلاثة مراكب وخيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أي بلد اراد واحب ” ورواه المجلسي في البحار ج 11 ص 396. (2) لم نعثر على تلك الرواية في مظانه من كتب الاصحاب. وقوله: ” يا لكع ” اللكع: العبد، الاحمق، الصبى، الصغير. ومعنى الرواية على ما أفاده الاستاذ المعظم العلامة الطبا طبائى هو أن السائل يسأل عن المكان المعروف وهو ما يستقر فيه الاجسام ويحويها أو ما يستقر عليه الاجسام، وقد كرر السؤال في الرواية مرات حتى صرح به أخيرا ” وأجابه عليه السلام فيما سأل عنه، غير أنه جرد معنى المكان بحسب التحليل إلى ما ” يستقر فيه الشئ أو يستقر عليه الشئ ” كائنا ما كان. ثم ذكر أن لله سبحانه مكانا بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه بنفسه فهو معلوم لعلم نفسه مستقر فيه، فهو مكانه لا يسعه علم غير علمه بنفسه، وأن له سبحانه مكانا ” بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو عرشه الذى هو علمه الفعلى بجميع مخلوقاته (على ما فسر به العرش في روايات اخر) فله تعالى مكان بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه الذى بنفسه، ومكان بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو علمه الذى هو عرشه الذى يحكم عليه ويدبر به أمر خلقه. والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الاول قوله عليه السلام: ” كان نورا في نور ” وقوله ثانيا وهو تكرار قوله الاول بمعناه: ” كان في علمه لعلمه ” وقوله ثالثا: ” يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه – الخ – “. والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الثاني قوله عليه السلام: ” ونورا ” على نور، خلق من ذلك النور – الخ – ” فقد استقر عرشه على الظلمة وعرشه نور لانه علم (وقد سمى عليه السلام العلم نورا “) وهو تعالى على عرشه فهو نور على نور، وهو مكانه تعالى وتقدس عن الجسم والجسمانيات فافهم ذلك. وأما قوله عليه السلام: ” فقصر علم العلماء عند علمه ” فانما ذكره دفعا ” لان يتوهم أنه تعالى كما يتمكن في علم نفسه كذلك يتمكن في علم غيره. فذكر عليه السلام أن علم غيره محدود يقصر عن الاحاطة به تعالى.

[ 61 ]

حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الحميد، عن عبد السلام بن سالم، عن ميسر بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: حديث يأخذه صادق عن صادق خير من الدنيا وما فيها. (1) وعنه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن عبد الله قال: حدثني موسى بن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من حفظ من امتى أربعين حديثا ” مما يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها ” عالما “. (2) حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم قال: قال أبو الحسن موسى ابن جعفر عليهما السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه ؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر. قال: ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد و أويس القرني. قال: ثم ينادي المنادي أين حواري الحسين بن علي وابن فاطمة (3) بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقوم سفيان بن أبى ليلى الهمداني وحذيفة بن اسيد الغفاري. قال: ثم ينادي أين حواري الحسين بن علي ؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف عنه. قال: ثم ينادي أين حواري علي بن الحسين ؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن ام الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب. ثم ينادي أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد ؟ فيقوم عبد الله بن شريك


(1) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الاول من البحار باب فضل كتابة الحديث وروايته. (2) رواه الصدوق في الخصال ونقله المجلسي منه ومن الاختصاص في المجلد الاول من البحار باب من حفظ اربعين حديثا “. وموسى بن إبراهيم معلم ولد سندى بن شاهك وله كتاب. (3) كذا.

[ 62 ]

العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم الثقفي وليث بن البختري المرادي وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جذاعة وحجر بن زائدة وحمران بن أعين. ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الأئمة صلوات الله عليهم يوم القيامة فهؤلاء أول الشيعة الذين يدخلون الفردوس وهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورة من التابعين. (1) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن بشير، عن هشام بن سالم قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إن لأبي مناقبا ” ليست لأحد من آبائي إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجابر بن عبد الله: إنك تدرك محمدا ” ابني فاقرأه مني السلام، فأتى جابر علي بن الحسين عليهما السلام يطلبه منه فقال: ترسل إليه فيدعوه لك من الكتاب، فقال: اذهب إليه فأتاه فاقرأه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله فقبل رأسه والتزمه فقال: وعلى جدي السلام وعليك يا جابر قال: فسأله أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة فقال له: أفعل ذلك يا جابر (2). محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار رفعه، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله و كان منقطعا ” إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر يا باقر فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنك ستدرك رجلا ” اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا ” فذلك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بكتاب فيه محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر فقال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفس جابر بيده يا غلام ما اسمك ؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل


(1) رواه الكشى في رجاله ص 6 ونقله المجلسي من الاختصاص في البحار ج 8 ص 726. (2) رواه الكشى في رجاله ص 28. ونقله المجلسي من الاختصاص في البحار ج 11 ص 64.

[ 63 ]

رأسه فقال: بأبي أنت وامي أبوك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك، قال: فرجع محمد بن علي إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر (1) فأخبره الخبر، فقال: يا بني ألزم بيتك وكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر ما بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين عليهما السلام وكان محمد بن علي عليهما السلام يأتيه على وجه الكرامة لصحبته برسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فجلس محمد بن علي عليهما السلام يحدثهم عن الله تبارك وتعالى فكان أهل المدينة يقولون: ما رأينا أحدا ” قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أهل المدينة: وما رأينا أحدا ” قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله فصدقوه وكان والله جابر يأتيه ويتعلم منه. (2) حدثني جعفر بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن أبي الحسن الليثي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام، أنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله ” قل لا أسئلكم عليه أجرا ” إلا المودة في القربى ” (3) قام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا ” فهل أنتم مؤدوه ؟ قال: فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال: مثل ذلك فلم يتكلم منهم أحد فلما كان يوم الثالث قام فيهم بمثل ذلك فقال: يا أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب، قالوا: فألقه، إذا، قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي ” قل لا أسئلكم عليه أجرا ” إلا المودة في القربى ” قالوا: أما هذه فنعم، قال: أبو عبد الله عليه السلام فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد وجابر بن عبد الله ومولى لرسول الله صلى الله عليه وآله يقال له شبيب وزيد بن أرقم (4).


(1) أي خائف. (2) رواه الكشى في رجاله ص 27. والراوندي في الخرائج. والكليني في الكافي ج 1 ص 469 ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 64 وفى الخرائج والكافي ” معتجر ” مكان ” معتم ” وقال الجزرى: الاعتجار هو ان يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه. (3) الشورى: 23. (4) رواه الحميرى في قرب الاسناد ص 38. ونقله المجلسي في البحار ج 6 ص 778.

[ 64 ]

* (في خزيمة بن ثابت) * حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله اشترى فرسا ” من أعرابي فأعجبه فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ما أخذ منه فقالوا للأعرابي: لو تبلغت بيه إلى السوق بعته بأضعاف هذا فدخل الأعرابي الشره فقال، ألا أرجع فأستقيله ؟ فقالوا: لا ولكنه رجل صالح فإذا جاءك بنقدك فقل: ما بعتك بهذا فانه سيرده عليك فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله أخرج إليه النقد فقال: ما بعتك بهذا فقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق لقد بعتني بهذا فقام خزيمة بن ثابت فقال يا أعرابي أشهد لقد بعت رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الثمن الذي قال: فقال الأعرابي: لقد بعته وما معنا من أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لخزيمة: كيف شهدت بهذا ؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدقك ولا نصدقك في ثمن هذا فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين (1). حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتد الناس بعد الحسين عليه السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي ويحيى بن ام الطويل وجبير بن مطعم ثم إن الناس لحقوا وكثروا وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: ” كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ” (2). وعنه، عن محمد بن جعفر المؤدب قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمران، عن عبد الله بن يزيد الغساني يرفعه قال: قدم وفد العراقين على معاوية فقدم في وفد أهل الكوفة عدي ابن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الأحنف بن قيس وصعصة بن صوحان فقال: عمرو بن العاص لمعاوية هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل


(1) رواه الكليني في النوادر من كتاب الشهادات من الكافي. بادنى تغيير في اللفظ. (2) نقله المجلسي من الكتاب في البحار ج 11 ص 42 ورواه الكشى ص 81 من رجاله. الاختصاص – 4 – (*)

[ 65 ]

القوم بالكرامة فلما دخلوا عليه قال لهم: أهلا ” وسهلا ” قدمتم أرض المقدسة والأنبياء والرسل والحشر والنشر، فتكلم صعصعة وكان من أحضر الناس جوابا ” فقال: يا معاوية أما قولك: ” أرض المقدسة ” فإن الارض لا تقدس أهلها وإنما تقد سهم الأعمال الصالحة، وأما قولك: ” أرض الأنبياء والرسل ” فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الأنبياء والرسل، وأما قولك: ” أرض الحشر والنشر ” فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر والمنافق لا ينفعه قربه. فقال معاوية: لو أن الناس كلهم أولدهم أبو سفيان لما كان فيهم إلا كيسا ” رشيدا ” فقال صعصعة: قد أولد الناس من كان خيرا ” من أبي سفيان فأولد الأحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون – آدم أبو البشر -. فخجل معاوية. (1) * (الاصبغ بن نباتة) * وكان من شرطة الخميس وكان فاضلا “. حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسين صالح بن أبي حماد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة قال: قلت للأصبغ ماكان منزلة هذا الرجل (2) فيكم ؟ فقال: ما أدري ما تقول إلا أن سيوفنا كان على عواتقنا ومن أومأ إليه ضربناه. (3) جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي ابن الحسين، عن مروك بن عبيد قال: حدثني إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل، عن الأصبغ قال: قلت له: كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ ؟ فقال: إنا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح. (4) محمد بن الحسن الشحاذ (5)، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، * (هامش *) (1) نقله المجلسي في المجلد العاشر من البحار ص 129. (2) يعنى أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام. (3) نقله المجلسي في المجلد الثامن من البحار ص 727. (4) نقله في البحار المجلد التاسع ص 643. (5) كذا في النسختين وفى البحار ايضا “.


[ 66 ]

عن جعفر بن الهيثم الحضرمي، عن علي بن الحسين الفزاري، عن آدم التمار الحضرمي عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه لاسلم عليه فجلست أنتظره فخرج إلي فقمت إليه فسلمت عليه فضرب على كفي ثم شبك أصابعه في أصابعي، ثم قال: يا أصبغ بن نباتة ! قلت: لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين، فقال: إن ولينا ولي الله فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الأعلى وسقاه من النهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد وألين من الزبد، فقلت: بأبي أنت وامي وإن كان مذنبا ” ؟ فقال: نعم وإن كان مذنبا “، أما تقرأ القرآن ” اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا ” رحيما ” (1) يا أصبغ إن ولينا لو لقى الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ومثل عدد الرمل لغفرها الله له إن شاء الله تعالى. (2) حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الأقطع قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما أجد أحدا ” أحيا ذكرنا وأحاديث أبي عليه السلام إلا زرارة وأبو بصير المرادي ومحمد ابن مسلم وبريد بن معاوية ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفاظ الدين وامناء أبي عليه السلام على حلال الله وحرامه وهو السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة. (3) وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لاندرست آثار النبوة أحاديث أبي عليه السلام (4) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل ابن مهران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: حدثني أبو جعفر عليه السلام سبعين ألف حديثا ” لم احدث بها أحدا ” قط ولا احدث بها أحدا ” أبدا “


(1) الفرقان: 71. (2) نقله المجلسي في المجلد الثامن ص 727. (3) رواه الكشى في رجاله ص 90. (4) رواه الكشى في رجاله ص 90.

[ 67 ]

قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنك حملتني وقرا ” عظيما ” بما حدثتني به من سركم الذي لا احدث به أحدا ” وربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا. (1) محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن النعمان بن بشير قال: زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج فلما خرجنا إلى المدينة ذهب إلى أبي جعفر الباقر عليهما السلام فودعه ثم خرجنا فما زلنا حتى نزلنا الاخيرجة (2) فلما صلينا الاولى ورحلنا واستوينا في المحمل إذا دخل رجل طوال آدم شديد الادمة ومعه كتاب طينه رطب من محمد بن علي الباقر عليهما السلام إلى جابر بن يزيد الجعفي فتناوله جابر وأخذه وقبله، ثم قال: متى عهدك بسيدي قبل الصلاة أو بعد الصلاة ؟ قال: بعد الصلاة الساعة قال: ففك الكتاب وأقبل يقرأه ويقطب (3) وجهه فما ضحك ولا تبسم حتى وافينا الكوفة وقد كان قبل ذلك يضحك ويتبسم ويحدث، فلما نزلنا الكوفة دخل البيت فأبطأ ساعة ثم خرج علينا قد علق الكتاب في عنقه وركب القصب ودار في أزقة الكوفة وهو يقول: منصور بن جمهور أمير غير مأمور (4). ونحو هذا من الكلام وأقبل يدور في أزقة الكوفة والناس يقولون: جن جابر جن جابر فلما كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام ابن عبد الملك على يوسف بن عثمان بأن انظر رجلا ” من جعف يقال له: جابر بن يزيد فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فلما قرأ يوسف بن عثمان الكتاب التفت إلى جلسائه فقال: من جابر بن يزيد ؟ فقد أتاني من أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه وأن أبعث إليه برأسه ؟ فقالوا: أصلح الله الأمير هذا رجل علامة صاحب حديث وورع وزهد وأنه جن وخولط في عقله و ها هو ذا في الرحبة يلعب مع الصبيان فكتب إلى هشام بن عبد الملك: أنك كتبت إلي في أمر هذا الرجل الجعفي وأنه جن ؟ فكتب إليه دعه، قال: فما مضت الأيام حتى جاء


(1) رواه الكشى في رجاله ص 128 وفى البحار ج 11 ص 97 عن الكتاب. (2) اسم موضع في طريق مكة إلى المدينة. (3) أي يفيض وجهه. (4) كان واليا بالمدينة من قبل يزيد بن الوليد بعد عزل يوسف بن عمر سنة 126.

[ 68 ]

منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عثمان فصنع ما صنع (1). * (عيسى بن أعين) * قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيها الحوائج إلى الله عزوجل أقبلت على الدعاء لإخوانك وتركت نفسك ؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي وفي شك من الدعاء لنفسي. (2) وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب عنه قال: كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمد عليهما السلام في بعض أزقتها فقال: يا يونس فإن بالباب رجل منا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله القمي جالس على الباب، قال: فقلت له: من أنت ؟ فقال: أنا رجل من أهل قم قال: فلم يكن بأسرع إذ أقبل أبو عبد الله عليه السلام على حمار فدخل على الحمار الدار ثم التفت إلينا فقال: ادخلا ثم قال: يا يونس أحسبك أنكرت قولي لك أن عيسى بن عبد الله منا أهل البيت ؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك لأن عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم، قال: يا يونس بن يعقوب عيسى بن عبد الله منا حيا ” وهو منا ميتا “. (3) * (عمران بن عبد الله القمى) * حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن بعض الكوفيين قال: كنت بمنى إذ أقبل عمران بن عبد الله القمي ومعه مضارب للرجال والنساء وفيها كنف فضربها في مضرب أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل


(1) رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 396 بادنى تفاوت في اللفظ. ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 81 من الكافي وفى ج 7 ص 363 من الاختصاص. (2) رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 465. (3) رواه الكشى في رجاله ص 213. والمؤلف في مجالسه ص 83 بهذا السند أيضا “.

[ 69 ]

أبو عبد الله عليه السلام ومعه نساؤه فقال: ما هذا ؟ فقلت: جعلت فداك هذه مضارب ضربها لك عمران بن عبد الله القمي، قال: فنزل بها ثم قال: يا غلام عمران بن عبد الله ؟ قال: فأقبل فقال: جعلت فداك هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك، فقال: بكم ارتفعت ؟ فقال له: جعلت فداك إن الكرابيس من صنعتي وعملتها لك فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية وقد رددت المال الذي اعطيتنيه قال: فقبض أبو عبد الله عليه السلام على يده ثم قال: أسأل الله تعالى أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله. (1) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي بن محمد، عن الحسين بن عبد الله، عن عبد الله علي، عن أحمد بن حمزة بن عمران القمي عن حماد الناب قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام بمنى ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي فسأله وبره وبشه فلما أن قام قلت لأبي عبد الله عليه السلام: من هذا الذي بررته هذا البر ؟ فقال: هذا من أهل بيت النجباء ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله. (2) وعنه بهذا الإسناد، عن أحمد بن حمزة، عن المرزبان بن عمران، عن ابان بن عثمان قال: أقبل عمران بن عبد الله القمي على أبي عبد الله عليه السلام فقر به أبو عبد الله عليه السلام فقال: كيف أنت وكيف ولدك وكيف أهلك وكيف بنو عمك وكيف أهل بيتك ؟ ثم حدثه مليا ” فلما خرج قيل لأبي عبد الله عليه السلام: من هذا ؟ قال: نجيب من قوم النجباء ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله (3). * (محمد بن أبى بكر رحمه الله) * ابن الطيار قال: ذكر محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام:


(1) رواه الكشى في رجاله ص 213 ونقله في البحار ج 11 ص 205 من الكتابين. والكنف جمع الكنيف. (2) رواه الكشى في رجاله ص 214 ونقله في البحار ج 11 ص 205 من الاختصاص. و قوله: ” بشه ” في اللغة بش به: سر وبش له: اقبل عليه وفرح به والبشر والبشاشة: طلاقة الوجه وحسن اللقاء. وقوله: ” قصمه الله ” أي أهلكه. (3) رواه الكشى في رجاله ص 114 ونقله المجلسي من الاختصاص في البحار ج 11 ص 205

[ 70 ]

رحمه الله وصلى الله عليه قال لأمير المؤمنين عليه السلام يوما ” من الأيام: ابسط يدك أبايعك فقال: أو ما فعلت ؟ فقال: بلى فبسط يده، فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك وأن أبي في النار فقال أبو عبد الله عليه السلام: كانت النجابة (1) من قبل امه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه (2). وحدثنا أحمد بن هارون الفامي – رحمه الله -، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام أن محمد بن أبي بكر بايع عليا ” على البراءة من أبيه. (3) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من قريش خمسة نفر وكان ثلاثة عشرة قبيلة مع معاوية فأما الخمسة: فمحمد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل امه أسماء بنت عميس وكان معه هشام بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي وكان أمير المؤمنين عليه السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة: لو كان لك خال مثل خالي لنسيت أباك. ومحمد بن أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة والخامس سلف أمير المؤمنين عليه السلام ابن أبي العاص بن الربيعة (4). * (ابن ليلى وشتير) * حدثنا جعفر بن الحسن المؤمن وأحمد بن هارون الفامى وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار القلانسي، عن الحارث بن المغيرة النضري قال: قال لي


(1) في اكثر النسخ [ كان أنجابه ]. (2) رواه الكشى في رجاله ص 43. ونقله المجلسي في البحار ج 8 ص 656. (3) رواه الكشى في رجاله ص 43. ونقله المجلسي في البحار ج 8 ص 656. (4) رواه الكشى في رجاله ص 42. وفى القاموس السلف – ككبد – من الرجال زوج اخت امرأته. ونقله المجلسي في البحار ج 8 ص 727.

[ 71 ]

أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ تقولون أنتم ؟ فقال: نقول: هلك الناس إلا ثلاثة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأين ابن ليلى وشتير فسألت حماد بن عيسى عنهما قال: كانا موليين أسودين لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه (1). * (عبد الله بن العباس بن عبد المطلب) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح بن محمد المحاربي، عن أبي عبد الله، وعن ابن جريح وغيره من ثقيف أن ابن عباس لما مات واخرج به خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم وقال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي يحبه حبا ” شديدا ” وكان أبي عليه السلام وهو غلام تلبسه امه ثيابه فينطلق في غلمان بني عبد المطلب قال: فأتاه فقال: من أنت ؟ – بعدما اصيب بصره – فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي، فقال: حسبك من لم يعرف فلا عرفك (2). وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتى رجل أبي عليه السلام فقال: إن رجلا ” – يعني عبد الله بن عباس – يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيما نزلت، قال: فاسأله فيمن نزلت


(1) نقله المجلسي في البحار ج 9 ص 643 من الكتاب، والظاهر أن ابى ليلى هو عبد الرحمن ابن أبي ليلى الانصاري من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومن خواصه من اليمن، روى الكشى في رجاله ص 67 باسناده عن الاعمش انه قال: رأيت عبد الرحمن بن أبى ليلى وقد ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه ثم اقامه للناس على سب على والجلاوزة معه يقولون: سب الكذابين، فجعل يقول: ألعن الكذابين على وابن الزبير والمختار. قال ابن شهاب: يقول أصحاب العربية: سمعك تعلم ما يقول لقوله: ” على ” أي هو ابتداه الكلام. انتهى. اقول: مراد بن شهاب أنه لو كانت ” على ” بدلا من قوله: ” الكذابين ” فيجب أن يكون منصوبا ” فإذا رفعه فو مبتدء وخبره محذوف. واما شتير – بالشين المعجمة المضمومة والتاء المثناة من فوق المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة والراء المهملة – وهو شتير بن شكل العبسى كان من خواص امير المؤمنين عليه السلام. (2) رواه الكشى في رجاله ص 38. نقله المجلسي في البحار ج 9 ص 643 من الاختصاص. (*)

[ 72 ]

” من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ” (1) ” وفيمن نزلت ” ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم (2) ” وفيمن نزلت: ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا (3) ” فأتاه الرجل فغضب وقال: وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله ولكن سله مما العرش ومتى خلق وكيف هو ؟ فانصرف الرجل إلى أبي عليه السلام فقال له ما قال، فقال عليه السلام: فهل أجابك في الآيات ؟ قال: لا، قال أبي: ولكن اجيبك فيها بنور وعلم غير المدعي ولا المنتحل أما الأولتان فنزلتا في أبيه وأما الأخيرة فنزلت في أبي وفينا ولم يكن الرباط الذي امرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط (4) وأما ما سأل عنه مما العرش فإن الله جعله أرباعا ” لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ونور أحمر احمرت منه الحمرة ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين وليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ولو سمع واحد منها شي مما تحته لانهدم الجبال (5) والمدائن * (هامش) (1) الاسراء: 72. (2) هود: 34. (3) آل عمران: 200. (4) المرابط: المواظب ثغر العدو والمرابطة أن يربط كل الفريقين خيولهم في ثغره وكل معد لصاحبه وسمى المقام في الثغر رباطا. (كذا في القاموس) (5) هكذا في النسختين وكذا أيضا ” في رجال الكشى ص 36 و فيه قوله: ” غلط كل طبق كأول العرش – الخ – ” ” غلط كل طبق يحاول العرش ” و رواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره وفيه ” لو أذن للسان واحد فأسمع شيئا ما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون وكشف البحار ولهلك ما دونه ” ورواه الصدوق أيضا في التوحيد من قوله عليه السلام. ” فان الله خلق العرش – إلى قوله -: وليس وراء هذا مقال ” وفيه ” ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون و لخسف البحار ولاهلك ما دونه ” ورواه ايضا محمد بن ابراهيم النعماني في كتاب الغيبة ص 107 بوجه آخر وفيه ان ابن عباس بعث إلى على بن الحسين عليهما السلام من يسأله عن قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا – الآية ” فغضب على بن الحسين عليهما السلام وقال للسائل: وددت أن الذى أمرك بهذا واجهنى به ثم قال: نزلت في أبى وفينا إلى آخر الحديث بادنى اختلاف.


[ 73 ]

والحصون ولخسف البحار ولهلك ما دونه، له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلا الله يسبحون الليل و النهار ولا يفترون ولو أحس شيئا ” مما فوقه ما أقام لذلك طرفة عين بينه وبين الإحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة وليس (1) وراء هذا مقال ولقد طمع الحائر (2) في غير مطمع أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم يستخرجون أقواما ” من دين الله كما دخلوا فيه وستصبغ الأرض بدماء الفراخ من فراخ آل محمد صلى الله عليه وآله تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير مدرك ويرابط الذين آمنوا [ ويصبرون ] ويصابرون (3) حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. وكان بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله لزم بيته ولم يؤذن لأحد من الخلفاء وقال فيه أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: رحم الله بلالا ” فإنه كان يحبنا أهل البيت لعن الله صهيبا ” فإنه كان يعادينا وفي خبر آخر: كان يبكى على رم ع (4). * (قنبر مولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه) * حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن عليا ” عليه السلام قال: إذا رأيت أمرا ” منكرا ” * أوقدت نارا ” ودعوت قنبرا ” (5). وفي رواية العامة: سئل قنبر مولى من أنت ؟ فقال: أنا مولى من ضرب بسيفين و طعن برمحين وصلى القبلتين و بايع البيعتين وهاجر الهجرتين ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا مولى صالح المؤمنين ووارث النبيين وخير الوصيين وأكبر المسلمين ويعسوب المؤمنين


(1) قوله: ” لو احس شيئا ” مما فوقه ” أي لو احس حاس أو كل ملك من الملائكة. وفى بعض النسخ [ لو أحس حس شيئا ] وهو أظهر وفى بعضها [ لو أحس حس شى منها ] وزاد في رجال الكشى وتفسير القمى والتوحيد ” والعلم ” بعد قوله: والرحمة. (2) في بعض النسخ [ ولقد طمع الخائن ] وهكذا ايضا ” في الكتب التى أشرنا إليه. (3) في الكتب هنا ” الذين آمنوا ويصبرون ويصابرون “. (4) روى نحوه الكشى في رجاله ص 26 وقوله: ” رم ع ” كما قاله الطريحي مقلوبة فلا تغفل. (5) كذا ونقله المجلسي في البحار ج 9 ص 629. ورواه الكشى في رجاله ص 48.

[ 74 ]

ونور المجاهدين ورئيس البكائين وزين العابدين وسراج الماضين وضوء القائمين وأفضل القانتين ولسان رسول رب العالمين وأول الوصيين من آل يس والمؤيد بجبرئيل الأمين و المنصور بميكائيل المتين المحمود عند أهل السماء أجمعين والمحامي عن حرم المسلمين والمجاهد أعداءه الناصبين ومطفئ نيران الموقدين وأفخر من مشى من قريش أجمعين وأول من حارب و استجلب، أمير المؤمنين ووصي نبيه في العالمين وأمينه على المخلوقين وخليفة من بعث إليها أجمعين سيد المسلمين والسابقين وقاتل الناكثين والقاسطين ومبيد المشركين وسهم من مرام الله على المنافقين [ ولسان كلمة العابدين، ناصر دين الله وولي الله ] ولسان كلمة الله وناصره في أرضه وعيبة علمه وكهف دينه إمام الأبرار مرضي عند العلي الجبار، سمح، سخي، حيي، بهلول، سنحنحي، زكي، مطهر أبطحي، بازل جري (1) همام، صابر، صوام، مهدي، مقدام، قاطع الأصلاب مفرق الأحزاب عالي الرقاب، أربطهم عنانا ” وأثبتهم جنانا ” وأشدهم شكيمة، باسل، صنديد، هزبر ضرغام، حازم، عزام، حصيف، خطيب، محجاج، كريم الأصل، شريف الفصل (2) فاضل القبيلة، نقي العترة، زكي الركانة، مؤدي الأمانة من بني هاشم وابن عم النبي، الإمام المهدي الرشاد، مجانب الفساد، الأشعث الحاتم، البطل الجماجم (3)..


(1) الحيى: الكثير الحياء. والبهلول – بالضم -: الضحاك والسيد الجامع لكل خير. ورجل سنحنح الذي لا ينام بالليل والياء للمبالغة. والبازل: الرجل الكامل في تجربته والهمام: الملك العظيم الهمة والسيد الشجاع السخى. (2) عالى الرقاب أي يعلوها ويسلط عليها. وربط العنان كناية عن التقييد بقوانين الشريعة أو حمل الناس عليها. والشكيمة: الطبع، وفى اللجام: الحديدة المعترضة في فم الفرس. والباسل الاسد والشجاع. والصنديد: السيد الشجاع. والهزبر – بكسر الهاء وفتح الزاى وسكون الباء -: الاسد والشديد الصلب. والضرغام – بالكسر -: الاسد. والحصيف: من استكمل عقله. والمحجاج – بالكسر -: الجدل الكامل في الحجاج. والفصل: القضاء بين الحق والباطل ويحتمل أن يكون المراد هنا المحل الذى انفصل منه من الوالدين والاجداد. (3) الركانة: الوقار. والاشعث الاغبر والحاتم – بالكسر -: القاضي. و – بالفتح -: الجواد والجماجم: السادات والعظماء. أقول: أخذت معاني اللغات من البحار والحديث ناقص في النسختين اللتين كانتا عندي ورواه الكشى في رجاله ص 49 وأوردها المجلسي – رحمه الله – في ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 75 ]

…. (1) فبكيت فقال لي: بكيت من القول دون الفعل فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل ولكني بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. قال: وما قال لك ؟ قال: أتيت الباب فقيل لي: نائم فناديت: انتبه أيها النائم فو الله (هامش) ” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” المجلد التاسع ص 632 من البحار عنه وعن الاختصاص وفيه بعد قوله: ” الجماجم ” ” والليث المزاحم بدرى، مكى، حنفى، روحاني، شعشعانى من الجبال شواهقها ومن ذى الهضاب رؤوسها ومن العرب سيدها ومن الوغا ليثها، البطل الهمام والليث المقدام والبدر التمام، محك المؤمنين ووارث المشعرين وابو السبطين الحسن والحسين والله أمير المؤمنين حقا ” حقا ” على بن ابى طالب عليه من الله الصلوات الزكية والبركات السنية “. (1) هكذا بياض في النسختين والحديث رواه الكشى في رجاله ص 57 عن ابى الحسن الرضا عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: اتى ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام وقيل له: انه نائم فنادى بأعلى صوته: انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ادخلوا ميثما فقال له: أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صدقت وانت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التى في الكناسة فتشق أربع قطع فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدى على ربعها ومحمد بن أكتم على ربعها وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت والله في نفسي وقلت: إن عليا ليخبرنا بالغيب فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: أي ورب الكعبة كذا عهده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال: فقلت: لم يفعل ذلك بى يا أمير المؤمنين ؟ فقال ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد، قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لى: يا ميثم أن لك ولها شأنا من الشأن قال: فلما ولى عبيدالله ابن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التى بالكناسة فتخرق فتطير من ذلك فأمر بقطعها فاشتراها رجل من النجارين فشقها اربع قطع قال ميثم: فقلت لصالح ابني: فخذ مسمارا ” من حديد فانقش عليه اسمى واسم أبى ودقه في بعض تلك الاجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتونى قوم من اهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشتكي إليه عامل السوق فنسأله أن يعزله عنا ويولى علينا غيره قال: وكنت خطيب القوم فنصت لى وأعجبه منطقى فقال له عمرو بن حريث: اصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم ؟ قال: ومن هو ؟ قال: ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن ابى طالب ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “


[ 76 ]

لتخضبن لحيتك من رأسك فقال: صدقت وأنت والله ليقطعن يديك ورجليك ولسانك و لتصلبن فقلت: ومن يفعل ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: ليأ خذنك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد، قال: فامتلأ غيظا ” – رجع إلى الحديث الأول قال -: فدعاني فقال: ما يقول هذا ؟ قال: قلت: بل أنا الصادق ومولى الصادق وهو الكذاب الأشر فقال ابن زياد: لأقتلنك قتلة ما قتل أحد مثلها في الإسلام قال: فقلت: والله لقد أخبرني مولاي أن يقتلني العتل الزنيم فيقطع يدي ورجلي ولساني ثم يصلبني، قال: فقال: وما العتل الزنيم فإني أجده في كتاب الله ؟ قال: قلت: أخبرني مولاي أنه ابن المرأة الفاجرة، قال: فقال: والله لأكذبنك ولاكذبن مولاك، فقال لصاحب حرسه: أخرجه فاقطع يديه ورجليه ودع لسانه حتى يعلم أنه كذاب مولى الكذاب، قال: فأخرجه ففعل ذلك به قال صالح: فأتيت أبي متشحطنا ” بدمه ثم استوى جالسا ” فنادى بأعلى صوته من أراد الحديث المكتوم عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام فليستمع فاجتمع الناس فأقبل يحدثهم بالعجائب قال: وخرج الأشقى على نعته ذلك (1) فلما رأى الناس حوله يكتبون رجع إلى ابن زياد فقال: أصلح الله الأمير تركت أخبث شئ منه، قال: وما هو ؟ قال: لسانه إنه ليحدث بالعجب، قال: فبادروه فاقطعوا لسانه، قال: فبادر الحرسي فقال: أخرج لسانك قال: فقال ميثم: ألا زعم ابن الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي هلك فأخرج لسانه فقطعه فقال صالح بن ميثم: فأرسل إلى جذع من تلك النخلة فصلب أبي عليه قال: وقد كان أخبره علي عليه السلام على أي ربع يصلب قال: فأخذ أبي مسمارا ” وكتب عليه اسمه فسمره في الجذع الذي أخبره به بلا علم النجار فلما أتى بالخشبة رأيت المسمار على قامة منه عليه اسمه رحم الله ميثم. (هامش) ” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” قال: فاستوى جالسا ” فقال لى: ما تقول ؟ فقلت: كذب أصلح الله الامير بل أنا الصادق مولى الصادق على بن ابى طالب امير المؤمنين عليه السلام حقا ” فقال لى: لتبرأن من على ولتذكرن مساويه وتتولى عثمان وتذكر محاسنه أو لاقطعن يديك ورجليك ولاصلبنك فبكيت فقال لى: بكيت من القول دون الفعل. الحديث. (1) في بعض النسخ [ فخرج الاشعثى على بقية ذلك ]. وفى الرجال ” وخرج عمرو بن حريث “.


[ 77 ]

* (ما جاء في رشيد الهجرى) * (1) حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد بن عبد الله الخياط، عن وهيب بن حفص الحريري، عن أبي حسان العجلي، عن قنوا بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك، قالت: سمعت من أبي يقول: قال: حدثني أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة ؟ قال: بلى يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام فأبى أن يتبرأ منه فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت ؟ قال: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرء منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لاكذبن قوله فيك، قدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه فحملت طوائفه (2) لما قطعت يداه و رجلاه فقلت له: يا أبه كيف تجد ألما ” لما أصابك ؟ فقال: لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة فإن للقوم بقية لم يأخذوها مني بعد فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم. (3) وذهب لعين فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا فكان في حياته إذا القى الرجل قال له: يا فلان تموت بميتة كذا وكذا وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون


(1) رشيد – بالراء المضمومة والشين المعجمة المفتوحة وسكون المثناة من تحت والدال – والهجرى – بفتح الهاء والجيم – نسبة إلى هجر وهى بلدة من بلاد اليمن، مدينة معروفة وقال ابن الاثير في اللباب: ينسب إليها رشيد الهجرى. (2) أي جمعت اطراف يديه ورجليه لما قطعت كما في رجال الكشى ص 50. (3) رواه ابن الشيخ في أماليه ص 103 عن أبيه عن المفيد مسندا ” عن وهيب بادنى تغيير في اللفظ وفيه ههنا ” فأتوه بصحيفة ودواة فجعل يذكر ويملى عليهم اخبار الملاحم والكاينات ويسندها إلى امير المؤمنين عليه السلام فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه. الخ “.

[ 78 ]

كما يقول الرشيد، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول له: أنت رشيد البلايا أنك تقتل بهذه القتلة فكان كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه (1). وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الجارود قال: سمعت القنوا بنت رشيد الهجري تقول: قال أبي: يا بنية أميتي الحديث بالكتمان واجعلي القلب مسكن الأمانة. (1) في وجه عن قنوا بنت رشيد الهجري قالت: قلت لأبي: ما أشد اجتهادك ؟ قال: يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا (2). جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن الحسن محبوب، عن عبد الكريم يرفعه إلى رشيد الهجري قال: لما طلب زياد أبو عبيد الله رشيد الهجري اختفى رشيد فجاء ذات يوم إلى أبي أراكة وهو جالس على بابه في جماعة من أصحابه فدخل منزل أبي أراكة ففزع لذلك أبو أراكة وخاف فقام فدخل في إثره فقال: ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم، قال: وما ذاك ؟ قال: أنت مطلوب وجئت حتى دخلت داري وقد رآك من كان عندي، فقال: ما رآني أحد منهم، قال: وستجربن أيضا ” فأخذه وشده كتافا ” ثم أدخله بيتا ” وأغلق عليه با به ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم: إنه خيل إلى أن رجلا ” شيخا ” قد دخل آنفا ” داري قالوا: ما رأينا أحدا ” فكرر ذلك عليهم كل ذلك يقولون: ما رأينا أحدا ” فسكت عنهم ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيرهم فدخل مجلس زياد ليتجسس هل يذكرونه فإن هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده ورفعه إليهم قال: فسلم على زياد وقعد عنده وكان الذي بينهما لطيف قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل رشيد على بغلة أبي أراكة مقبلا ” نحو مجلس زياد قال: فلما نظر إليه أبو أراكة تغير لونه وأسقط في يديه وأيقن بالهلاك، فنزل رشيد عن البغلة وأقبل إلى زياد فسلم عليه وقام إليه زياد فاعتنقه وقبله ثم أخذ يسأله كيف قدمت ؟ وكيف من خلفت ؟ وكيف كنت في مسيرك ؟


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 633. (2) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد التاسع من البحار ص 633 وأيضا ” من المحاسن في ص 629.

[ 79 ]

وأخذ لحيته ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب فقال أبو أراكة لزياد: أصلح الله الأمير من هذا الشيخ ؟ قال: هذا أخ من إخواننا من أهل الشام قدم علينا زائرا “، فانصرف أبو أراكة إلى منزله فإذا رشيد بالبيت كما تركه فقال له أبو أراكة: أما إذا كان عندك من العلم ما أرى فاصنع ما بدا لك وادخل علينا كيف شئت. (1) * (زيد بن صوحان) * حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحمير ي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن معبد، عن عبيدالله بن عبد الله الدهقان، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين عليه السلام حتى جلس عند رأسه فقال: يرحمك الله يا زيد فقد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة قال: فرفع زيد رأسه إليه ثم قال: وأنت فجزاك الله خيرا ” يا أمير المؤمنين ما علمتك إلا بالله عليما ” وفى ام الكتاب عليا ” حكيما ” و أن الله في صدرك لعظيم والله ما قاتلت معك على جهالة ولكني سمعت ام سلمة زوجه رسول الله صلى الله عليه وآله تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله “. وكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله. (2) * (مالك الاشتر) * حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد العلوي المحمدي، وأحمد بن علي بن الحسين بن زنجويه جميعا ” قالا: حدثنا أبو القاسم حمزة بن القاسم العلوي قال: حدثنا بكر بن عبد الله ابن حبيب، عن سمرة بن علي، عن أبي معاوية الضرير، عن مجالد، عن الشعبي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ذو الجناحين قال لما جاء علي بن أبي طالب صلوات الله عليه مصاب محمد بن أبي بكر حيث قتله معاوية بن خديج السكوني بمصر جزع عليه جزعا ” شديدا ” وقال: ما أحلق مصر أن يذهب آخر الدهر فلوددت أني وجدت رجلا ” يصلح لها فوجهته إليها


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 633 من الكتاب. (2) رواه الكشى في رجاله ص 44. ونقله المجلسي في المجلد الثامن من ص 432.

[ 80 ]

فقلت: تجد، فقال: من ؟ فقلت: الأشتر قال: ادعه لي فدعوته فكتب له عهده وكتب معه بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى الملاء من المسلمين الذين غضبوا لله حين عصي في الأرض وضرب الجور بأرواقه (1) على البر والبحر فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه سلام عليكم أما بعد فإني قد وجهت إليكم عبدا ” من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشد على الفجار من حريق النار وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج (2) فاسمعوا له وأطيعوا فأنه سيف من سيوف الله لا يأتي الضريبة ولا كليل الحد فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا فإنه لا يقدم إلا بأمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم، عصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين ثم قال له: لا تأخذ على السماوة فإني أخاف عليك من معاوية وأصحابه ولكن الطريق الأعلى في البادية حتى تخرج إلى أيلة (3) ثم ساحل مع البحر حتى تأتيها، ففعل فلما انتهى إلى أيلة وخرج منها صحبه نافع مولى عثمان بن عفان فخدمه وألطفه حتى أعجبه شأنه، فقال له: ممن أنت ؟ قال: من أهل المدينة قال: من أيهم ؟ قال: مولى عمر بن الخطاب قال: وأين تريد ؟ قال: مصر قال: وما حاجتك بها ؟ قال: اريد أشبع من الخبز فإنا لا نشبع بالمدينة فرق له الأشتر وقال له: ألزمني فإني ساصيبك بخبز، فلزمه حتى بلغ القلزم (4) وهو من مصر على ليلة فنزل على امرأة من جهينة فقالت: أي الطعام أعجب بالعراق فاعالجه لكم ؟ قال: الحيتان الطرية فعالجتها له فأكل وقد كان ظل صائما ” في يوم حار فأكثر من شرب الماء فجعل لا يروي فأكثر منه حتى نغريعني انتفخ بطنه من كثرة شربه (5) فقال له نافع: إن هذا


(1) الارواق: الفساطيط، يقال: ضرب فلان روقه بموضع كذا إذا نزل به وضرب خيمته (2) فيه كلام لا مجال ههنا لذكره وكان اعزامه قبل قتل محمد على بعض الاقوال. (3) – بفتح الهمزة – مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام. وقيل: هي آخر الحجاز و أول الشام وهى مدينة اليهود الذين اعتدوا في السبت واليها يجتاز حجاج مصر. (مراصد الاطلاع) (4) القلزم هي مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر ينسب البحر إليها. (المراصد) (5) في النهاية: نغرت القدر تنغر إذا غلت. وفى القاموس: نغر من الماء كفرح: اكثر. وما في الخبر بيان حاصل المعنى. الاختصاص – 5 –

[ 81 ]

الطعام الذي أكلت لا يقتل سمه إلا العسل فدعا به من ثقله، فلم يوجد فقال له نافع: هو عندي فأتيك به ؟ قال: نعم فأتني به فأتى رحله فحاضر شربة من عسل بسم قد كان معه أعده له فأتاه بها فشربها فأخذه به الموت من ساعته وانسل نافع في ظلمة الليل فأمر به الأشتر أن يطلب فطلب فلم يصب. قال عبد الله بن جعفر: وكان لمعاوية بمصر عين يقال له: مسعود بن جرجة فكتب إلى معاوية بهلاك الأشتر فقام معاوية خطيبا ” في أصحابه فقال: إن عليا ” كانت له يمينان قطعت إحداهما بصفين – يعني عمارا ” – واخرى اليوم، إن الأشتر مر بأيلة متوجها ” إلى مصر فصحبه نافع مولى عثمان فخدمه وألطفه حتى أعجبه واطمأن إليه فلما نزل القلزم حاضر له شربة من عسل بسم فسقاها فمات، ألا وإن لله جنودا ” من عسل (1). وحدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا أبو القاسم حمزة بن القاسم العلوي، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن سمرة بن علي قال: حدثني المنهال بن جبير الحميري قال: حدثنا عوانة قال: لما جاء هلاك الأشتر إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه صعد المنبر فخطب الناس ثم قال: ألا إن مالك بن الحارث قد مضي نحبه وأوفى بعهده ولقى ربه فرحم الله مالكا ” لو كان جبلا ” لكان فذا ولو كان حجرا ” لكان صلدا “، لله مالك (2) وما مالك ؟ وهل قامت النساء عن مثل مالك ؟ وهل موجود كمالك ؟ ! قال: فلما نزل ودخل القصر أقبل عليه رجال من قريش فقالوا: لشد ما جزعت عليه ولقد هلك، قال: أما والله هلاكه فقد أعز أهل المغرب وأذل أهل المشرق، قال: وبكى عليه أياما ” وحزن عليه حزنا ” شديدا ” وقال: لا أرى مثله بعده أبدا “. (3) أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: شهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام من التابعين


(1) نقله المجلسي في البحار ج 8 ص 657. وروى نحوه المؤلف في أماليه ص 50. (2) في بعض نسخ الحديث ” لله در مالك “. (3) نقله المجلسي في البحار ج 8 ص 658.

[ 82 ]

ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة ولم يرهم: اويس القرني وزيد بن صوحان العبدي وجندب الخير الأزدي رحمة الله عليهم (1). * (سفيان بن ليلى الهمداني) * حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء رجل من اصحاب الحسن عليه السلام يقال له: سفيان بن ليلى وهو على راحلة له فدخل على الحسن عليه السلام وهو محتب (2) في فناء داره فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال له الحسن: أنزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، ثم أقبل يمشي حتى انتهى إليه قال: فقال له الحسن عليه السلام: ما قلت ؟ قال قلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال وما علمك بذلك ؟ قال: عمدت إلى أمر الامة فحللته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله، قال: فقال الحسن عليه السلام: سأخبرك لم فعلت ذلك سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لن تذهب الأيام والليالي حتى يلي على امتي رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل ولا يشبع وهو معاوية، فلذلك فعلت ما جاء بك، قال: حبك ؟ قال: الله، قال: الله، قال: فقال الحسن عليه السلام: والله لا يحبنا عبد أبدا ” ولو كان أسيرا ” با لديلم إلا نفعه الله بحبنا وإن حبنا ليساقط الذنوب من ابن آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر (3). * (تسمية من شهد مع الحسين بن علي عليهما السلام بكربلاء) * العباس بن علي بن أبي طالب وهو السقاء قتله حكم بن الطفيل وام العباس ام البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن عامر، وجعفر بن علي، وعبد الله بن علي بن أبي طالب عليه السلام وامهما ام البنين، ومحمد بن علي وامه ام ولد، وأبو بكر بن علي وامه ليلى بنت مسعود، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وامه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود


(1) نقله المجلسي في البحار ج 8 ص 522 مع توضيح وبيان. (2) احتبى بالثوب: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوه. (القاموس) (3) نقله المجلسي في البحار ج 10 ص 105.

[ 83 ]

وعبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب وامه الرباب بنت امرء القيس بن عدي، وعون ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن مسلم بن عقيل ابن أبي طالب، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن يقطر رضيع الحسين بن علي ابن أبي طالب، وسليمان مولى الحسين، ومنجح مولى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فجميع من استشهد مع أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما بكربلاء من ولد علي وجعفر وعقيل وولد الحسين ومواليهم عليهم السلام. روى محمد بن جعفر المؤدب أن أبا إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي أنه صلى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة وكان يختم القرآن في كل ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاص والعام وكان من ثقات علي بن الحسين عليهما السلام وولد في الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقبض وله تسعون سنة و هو من همدان اسمه عمرو بن عبد الله بن علي بن ذي حمير بن السبيع بن يبلغ الهمداني ونسب إلى السبيع لأنه نزل فيهم (1). زياد بن المنذر الأعمى وهو أبو الجارود، وزياد بن أبي رجاء وهو أبو عبيدة الحذاء، وزياد بن سوقة، وزياد مولى أبي جعفر عليه السلام، وزياد بن أبي زياد المنقري وزياد الأحلام من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، ومن أصحابه أبو بصير ليث بن البختري المرادي، وأبو بصير يحيى ابن أبي القاسم مكفوف مولى لبني أسد واسم أبي القاسم إسحاق، وأبو بصير كان يكنى بأبي محمد (2). * (سورة بن كليب) * حدثنا محمد بن الحسن.. .. (3)


(1) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 33 من الكتاب. (2) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 98 من الكتاب. (3) هكذا في النسختين وروى أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الاملي في دلائل الامامة ص 118 ط النجف عن الحسين بن سعيد قال أخبرني أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن على بن محمد عن صندل، عن سورة بن كليب قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا سورة كيف حججت العام ؟ قال قلت: استقرضت حجتى. الحديث بأدنى تغيير في اللفظ. ونقله المجلسي في المجلد الحادي عشر ص 140 عن المناقب لابن شهر آشوب بأدنى تفاوت في اللفظ أيضا “.

[ 84 ]

العام قال: قلت: استقرضت حجتي ووالله إني لأعلم أن الله تعالى سيقضيها عني وما كان أعظم حجتي بعد المغفرة إلا شوقا ” إليك وإلى حديثك قال: أما حجتك فقد قضاها الله من عندي ثم رفع مصلى تحته فأخرج دنانير وعد عشرين دينارا ” وقال: هذه حجتك وعد عشرين دينارا ” وقال: هذه معونة لك حياتك حتى تموت، قلت: جعلت فداك أخبرني أن أجلي قد دنى ؟ قال: يا سورة أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان ؟ قلت: نعم، قال صندل: فما لبث إلا تسعة أشهر حتى مات. * (ابراهيم بن شعيب) * حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن القاسم الكوفي المحاربي قال: حدثني علي بن محمد بن يعقوب الكوفي قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن أبي البلاد – أو عبد الله بن جندب – قال: كنت في الموقف فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه وكان مصابا ” بإحدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم، فقلت له: قد اصبت بإحدى عينيك وأنا مشفق لك على الاخرى فلو قصرت من البكاء قليلا “، فقال: لا والله يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة، فقلت: فلمن دعوت ؟ قال: دعوت لاخواني، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله به ملكا ” يقول: ولك مثلاه، فأردت أن أكون أنا أدعو لإخواني ويكون الملك يدعو لي لأني في شك من دعائي لنفسي ولست في شك من دعاء الملك لي (1). * (عبد الله بن المغيرة الخزاز الكوفى) * حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن ابن علي بن فضال، قال: قال عبد الله بن المغيرة: كنت واقفا ” (2) فحججت على تلك الحالة فلما صرت بمكة اختلج في صدري شئ فتعلقت بالملتزم ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الأديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت للغلام: قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداءه: ادخل يا عبد الله بن


(1) رواه الكليني – ره – في المجلد الرابع من الكافي ص 465. ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 284. (2) أي كنت على مذهب الوقف. وفى بعض النسخ [ كنت واقفيا ” ].

[ 85 ]

المغيرة، فدخلت فلما نظر إلي قال: قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينك فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه (1). حدثنا محمد بن الحسن قال: حمل إلى محمد بن موسى بن المتوكل رقعة من أبي الحس الأسدي قال: حدثني سهل بن زياد الأدمي لما أن صنف عبد الله بن المغيرة كتابه وعد أصحابه أن يقرأ عليهم في زاوية من زوايا مسجد الكوفة وكان له أخ مخالف فلما أن حضروا لاستماع الكتاب جاء الأخ وقعد، قال: فقال لهم: انصرفوا اليوم فقال الأخ: أين ينصرفون فإني أيضا ” جئت لما جاؤوا، قال: فقال له: لما جاؤوا ؟ قال: يا أخي اريت فيما يرى النائم أن الملائكة تنزل من السماء فقلت: لماذا ينزلون هؤلاء ؟ فقال: قائل: ينزلون يستمعون الكتاب الذي يخرجه عبد الله بن المغيرة فانا أيضا ” جئت لهذا وأنا تائب إلى الله، قال: فسر عبد الله بن المغيرة بذلك (2) * (سعد بن عبد الملك الاموى) * حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد الكوفي الخزاز قال: حدثني أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن ابن فضال، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي مسروق النهدي، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: دخل سعد بن عبد الملك وكان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان على أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء (3) قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: ما يبكيك يا سعد ؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن، فقال له: لست منهم أنت اموي منا أهل البيت أما سمعت قول الله عزوجل يحكي عن إبراهيم: ” فمن تبعني فإنه مني (4) “. * (اسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي) * أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثني محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثني محمد


(1) رواه الكشى في رجاله ص 365. والصدوق في العيون و الراوندي في الخرائج والاربلى في كشف الغمة ص 269 عن دلائل الحميرى. ونقله المجلسي في ج 12 ص 12 من الكتاب. (2) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 285. (3) نشج الباكى: غص بالبكاء من غير انتحاب. (4) الاية في سورة ابراهيم آية 39. والخبر نقله المجلسي من الكتاب في البحار ج 11 ص 97.

[ 86 ]

ابن فضل بن إبراهيم، عن أبيه، عن النعمان بن عمرو الجعفي قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي قال: دخلت أنا وعمي الحصين بن عبد الرحمن علي أبي عبد الله عليه السلام فأدناه وقال: ابن من هذا معك ؟ قال: ابن أخي إسماعيل، فقال: رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سيئ عمله، كيف خلفتموه ؟ قال: بخير ما آتاه الله لنا من مودتكم، فقال: يا حصين لا تستصغروا مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات، قال: يا ابن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله عليها (1) * (أبو أحمد محمد بن ابى عمير) * قال: وحدثنا محمد بن المحسن السجاد (2) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: كان ابن أبي عمير حبس سبع عشر سنة فذهب ماله وكان له على رجل عشرة آلاف درهم قال: فباع داره وحمل إليه حقه، فقال له أبن أبي عمير: من أين لك هذا المال وجدت كنزا ” أو ورثت عن إنسان ؟ لا بد من ان تخبرني، قال: بعت داري، فقال: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين أنا محتاج إلى درهم و ليس يدخل ملكي (3). واسم أبي عمير زياد من مولى الأزد، أوثق الناس عند الشيعة والعامة وأنسكهم نسكا ” وأورعهم وأعبدهم وكان واحدا ” في زمانه في الأشياء كلها، أدرك أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام ولم يرو عنه وروى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (4). * (زكريا بن أدم وأبى جرير زكريا بن ادريس بن عبد الله القميين) * حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة بن اليسع، عن زكريا بن آدم قال: دخلت على الرضا عليه السلام من أول الليل في حدثان ما مات أبو جرير رحمه الله فسألني عنه وترحم عليه ولم يزل يحدثني واحدثه حتى طلع الفجر، ثم قام صلى الله عليه وصلى صلاة الفجر (4).


(1) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 206 من الكتاب. (2) كذا. (3) نقله في البحار ج 12 ص 82. (3) نقله المجلسي من الكتاب في البحار ج 12 ص 82.

[ 87 ]

وعنه عن أبيه، وسعد جميعا “، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة، عن زكريا ابن آدم، قال: قلت للرضا عليه السلام: إني اريد الخروج عن أهل بيتي، فقد كثر السفهاء، فقال: لا تفعل فإن أهل قم يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن عليه السلام (1). وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن الوليد، عن علي بن المسيب (2) قال: قلت للرضا عليه السلام: شقتي بعيدة ولست أصل إليك كل وقت فممن آخذ معالم ديني ؟ فقال: من زكريا ابن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا، قال ابن المسيب: فلما انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه (3). وعن أحمد بن محمد بن عيسى القمي قال: بعث أبو جعفر عليه السلام غلامه معه كتابه فأمرني أن أصير إليه فأتيته وهو بالمدينة نازل في دارخان بزيع فدخلت فسلمت فذكر في صفوان ومحمد بن سنان وغيرهما ما قد سمعه غير واحد فقلت في نفسي: أستعطفه على زكريا ابن آدم لعله أن يسلم مما قال في هؤلاء القوم، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أنا أن أتعرض في هذا وشبهه لمولاي وهو أعلم بما صنع، فقال لي: يا أبا علي ليس على مثل أبي يحيى (4) تعجل وقد كان من خدمته لأبي صلى الله عليه ومنزلته عنده وعندي من بعده غير أني قد احتجت إلى المال الذي عنده، فقلت: جعلت فداك هو باعث إليك بالمال وقال: إن وصلت إليه فأعلمه أن الذي منعني من بعث المال اختلاف ميمون ومسافر (5)، قال: احمل كتابي إليه ومره أن يبعث إلي بالمال، فحملت كتابه إلى زكريا بن آدم فوجه إليه بالمال (6). وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسن بن بنان، عن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن بعض القميين، عن محمد بن إسحاق، والحسن بن محمد قالا: خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم إلى الحج فتلقانا كتابه عليه السلام في بعض الطريق ما جرى من قضاء الله


(1) يعني بأبى الحسن الكاظم عليه السلام كما هو المصرح به فيما رواه الكشى في رجاله ص 366 (2) في بعض النسخ [ على بن الميثم ]. (3) نقله المجلسي في البحار ج 12 ص 82 من الكتاب ورواه الكشى في رجاله ص 366. (4) كنية زكريا بن آدم القمى. (5) في هامش التنقيح كلاهما من أصحاب الرضا عليه السلام انتهى. والظاهر هما ميمون بن يوسف النخاس كما احتمله المحقق الوحيد – رحمه الله – وأبو مسلم مسافر خادم الرضا عليه السلام. (6) رواه الكشى في رجاله ص 367 ونقله المجلسي في البحار ج 12 ص 82 من الكتاب.

[ 88 ]

في الرجل المتوفى في رحمة الله يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا “، فقد عاش أيام حياته عارفا ” بالحق، قائلا به، صابرا ” محتسبا للحق قائما ” بما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وآله ومضى رحمة الله عليه غير ناكث ولا مبدل، فجزاه الله أجر نيته وأعطاه جزاء سعيه (1) وذكرت الرجل الموصى إليه فلم أجد فيه رأينا وعندنا من المعرفة به أكثر ما وصفت – يعني الحسن بن محمد بن عمران – (2). * (المرزبان بن عمران القمى الأشعري) * حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، وأحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن علي، عن المرزبان بن عمران القمي الأشعري قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: أسألك عن أهم الأشياء والأمور إلي، أمن شيعتكم أنا: فقال: نعم، قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: واسمي مكتوب عندك ؟ قال: نعم (3). * (صفوان بن يحيى) * وذكر محمد بن جعفر المؤدب أن صفوان بن يحيى يكنى بأبي محمد مولى بجيلة، بياع السابري، أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم كان يصلي في كل يوم خمسين و مائة ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويخرج زكاة ماله كل سنة ثلاث مرات وذلك أنه اشترك هو وعبد الله بن جندب وعلي بن نعمان في بيت الله الحرام تعاقدوا جميعا ” إن مات واحد منهم يصلي من بقي منهم صلاته ويصوم عنه ويحج عنه ويزكي عنه ما دام حيا “، فمات صاحباه وبقي صفوان بعدهما فكان يفي لهما بذلك، يصلي عنهما ويزكي عنهما ويحج عنهما وكل شئ من البر والصلاح لنفسه كذلك يفعله لصاحبيه، وقال بعض جيرانه من أهل الكوفة بمكة: يا أبا محمد تحمل لي إلى المنزل دينارين ؟ فقال له: إن جمالي يستكري حتي


(1) في رجال الكشى ” أعطاه خير امنيته “. (2) رواه الكشى في رجاله ص 366. ونقله المجلسي من الاختصاص في المجلد الثاني عشر ص 125 وفى رواية الكشى مكان قوله عليه السلام: ” فلم أجد فيه رأينا ” ” ولم تعرف فيه رأينا “، وفى بعض نسخ الكتاب [ فلم بعد فيه رأينا ]. (3) رواه الكشى في رجاله ص 314، ونقله المجلسي في البحار ج 12 ص 80 من الاختصاص.

[ 89 ]

استأمر فيه جمالي (1). * (على بن عبيدالله بن على بن الحسين عليهما السلام) * حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر قال: قال لي علي بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام: أشتهي أن أدخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام اسلم عليه، قلت: فما يمنعك من ذلك ؟ قال: الإجلال والهيبة له وأبقي عليه قال: فاعتل أبو الحسن عليه السلام علة خفيفة وقد عاده الناس فلقيت علي بن عبيدالله فقلت: قد جاءك ما تريد قد اعتل أبو الحسن عليه السلام علة خفيفة وقد عاده الناس فإن أنت أردت الدخول عليه فاليوم، قال: فجاء إلى أبي الحسن عليه السلام عائدا ” فلقيه أبو الحسن عليه السلام بكل ما يحب من المكرمة والتعظيم ففرح بذلك علي بن عبيدالله فرحا ” شديدا ” ثم مرض علي بن عبيدالله فعاده أبو الحسن عليه السلام وأنا معه فجلس حتى خرج من كان في البيت (2). الحسن بن محبوب، عن علي بن حمزة قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام مبتدئا ” من غير أن أسأله: يلقاك غدا ” رجل من أهل المغرب يقال له: يعقوب يسألك عني فقل له: هو الإمام الذي قال لنا أبو عبد الله عليه السلام وإذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه عني، قلت: جعلت فداك وما علامته ؟ قال: رجل طوال جسيم، فإن أتاك فلا عليك أن تدله علي (3) وإن أحب أن تدخله علي فأدخله علي، فقال: فوالله إني لفي الطواف إذ أقبل إلي رجل طوال جسيم فقال لي: إني اريد أن أسألك عن صاحبك ؟ فقلت: عن أي صاحبي ؟ فقال: عن فلان بن فلان، قلت: وما اسمك ؟ قال: يعقوب،


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 2 ص 81. (2) رواه الكشى في رجاله ص 365. وزاد بعد قوله: ” في البيت ” فلما خرجنا أخبرتني مولاة لنا ان ام سلمة امرأة على بن عبيدالله كانت وراء الستر تنظر إليه فلما خرج خرجت وانكبت على الموضع الذي كان أبو الحسن عليه السلام فيه جالسا ” فقبلته وتتمسح به قال سليمان: ثم دخلت على على بن عبيد الله فأخبرني بما فعلت ام سلمت فخبرت به أبا الحسن عليه السلام فقال: يا سليمان ان على ابن عبيدالله وامرأته وولده من أهل الجنة، يا سليمان ان ولد على وفاطمة عليهما السلام إذا عرفهم الله هذا الامر لم يكونوا كالناس. انتهى ونقله المجلسي في البحار ج 12 ص 67. (3) أي لا جناح عليك ولا بأس بذلك.

[ 90 ]

قلت: ومن أين أنت ؟ قال: من أهل المغرب، قلت: فمن أين عرفتني ؟ قال: أتاني آت في المنام فقال: لي ألق علي بن حمزة فسله عن جميع ما تحتاج إليه، فسألت عنك فدللت عليك، فقلت له: اقعد في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي وآتيك إن شاء الله، فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا ” عاقلا “، ثم طلب إلي أن أدخله على أبي الحسن عليه السلام، فأخذت بيده فأتيت أبا الحسن عليه السلام فلما رآه قال: يا يعقوب ! قال: لبيك، قال: قدمت أمس ووقع بينك و بين إسحاق أخيك [ شر ] في موضع كذا ثم شتم بعضكم بعضا ” وليس هذا من ديني ولا من دين آبائي ولا يأمر به أحد من الناس فاتقيا الله وحده لا شريك له فإنكما ستفترقان جميعا ” بموت، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله وستندم أنت على ما كان منك وذاك أنكما تقاطعتما فبترت أعماركما، فقال له الرجل: متى أجلي ؟ قال: كان أجلك قد حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به فأنسى الله في أجلك عشرين سنة قال: فاخبر الرجل أن أخاه لم يصل إلى منزله حتى دفن في الطريق. (1) قال: قال أبو حنيفة يوما ” لموسى بن جعفر عليه السلام: أخبرني أي شئ كان أحب إلى أبيك العود أم الطنبور ؟ قال: لا بل العود فسئل عن ذلك فقال: يحب عود البخور ويبغض الطنبور (2). أبو الفرج، عن أبي سعيد بن زياد، عن رجل، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي المغراء عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سمعته يقول: من كانت له إلى الله حاجة وأراد أن يرانا و أن يعرف موضعه من الله فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا فإنه يرانا ويغفر له بنا ولا يخفى عليه موضعه، قلت: سيدي ! فإن رجلا ” رآك في منامه وهو يشرب النبيذ ؟ قال: ليس النبيذ يفسد عليه دينه إنما يفسد عليه تركنا وتخلفه عنا. إن أشقى أشقياءكم من يكذبنا في الباطن بما يخبر عنا، يصدقنا في الظاهر ويكذبنا في الباطن، نحن أبناء نبي الله وابناء رسول الله صلوات الله عليه وأبناء أمير المؤمنين عليه السلام و أحباب رب العالمين، نحن مفتاح الكتاب فبنا نطق العلماء ولولا ذلك لخرسوا، نحن رفعنا


(1) رواه الكشى في رجاله كما في البحار والراوندي في الخرائج وابن شهر آشوب في المناقب والطبري في الدلائل ص 166 بادنى تغيير في اللفظ. وفى البحار ج 11 ص 241. (2) نقله في البحار ج 11 ص 286.

[ 91 ]

المنار وعرفنا القبلة، نحن حجر البيت في السماء والأرض، بنا غفر لآدم وبنا ابتلي أيوب وبنا افتقد يعقوب وبنا حبس يوسف وبنا دفع البلاء، بنا أضاءت الشمس، نحن مكتوبون على عرش ربنا، مكتوبون: محمد خير النبيين وعلي سيد الوصيين وفاطمة سيدة نساء العالمين (1) أنا خاتم الأوصيا أنا طالب الباب أنا صاحب الصفين أنا المنتقم من أهل البصرة أنا صاحب كربلاء من أحبنا وتبرأ من عدونا كان معنا وممن في الظل الممدود والماء المسكوب – و الحديث طويل وفي آخر – إن الله اشترك بين الانبياء والأوصياء في العلم والطاعة – وفي حديث آخر – إن الله خلقنا قبل الخلق بألفي ألف عام فسبحنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا وهو حديث طويل يرويه محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن موسى بن محمد بن علي بن موسى سأله ببغداد في دار الفطن قال: قال موسى (2): كتب إلي يحيى بن اكثم يسألني عن عشر مسائل أو تسعة فدخلت على أخي فقلت له: جعلت فداك إن ابن أكثم كتب إلي يسألني، عن مسائل افتيه فيها فضحك، ثم قال: فهل أفتيته ؟ قلت: لا، قال: ولم ؟ قلت: لم أعرفها، قال: وما هي ؟ قلت: كتب إلي أخبرني عن قول الله عزوجل: ” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك (3) ” أنبي الله كان محتاجا ” إلى علم آصف ؟


(1) إلى هنا نقله في البحار ج 7 ص 336. (2) هو أبو أحمد موسى المبرقع أخو أبى الحسن الهادى عليه السلام من طرف الاب والام كان امهما ام ولد تسمى بسمانة المغربية وكان موسى جد سادات الرضوية، قدم قم سنة 256 وهو أول من انتقل من الكوفة إلى قم من السادات الرضوية وكان يسدل على وجهه برقعا ” دائما ” ولذلك سمى بالمبرقع. فلم يعرفه القميون فانتقل عنهم إلى كاشان فأكرمه أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجلى فرحب به وأكرمه وأهدى إليه خلاعا فاخرة وأفراسا جيادا ” ووظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب وفرسا ” مسرجا ” فلما عرفه القميون أرسلوا رؤساءهم إلى كاشان بطلبه وردوه إلى قم واعتذروا منه وأكرموه واشتروا من مالهم ووهبوا له سهاما من القرى واعطوه عشرين الف درهم واشترى ضياعا ” كثيرة. فأتته أخواته زينب وام محمد وميمونة بنات محمد بن الرضا عليهما السلام ونزلن عنده، فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام واقام موسى بقم حتى مات سنة 266 ودفن في داره وقيل: في دار محمد بن الحسن بن ابى خالد الاشعري وهو المشهد المعروف اليوم. ويظهر من بعض الروايات أن المتوكل الخليفة العباسي يحتال في أن ينادمه. وقد أفرد المحدث النوري – رحمه الله – في أحواله رسالة سماها: ” البدر المشعشع في أحوال موسى المبرقع “. (3) النمل: 40.

[ 92 ]

وأخبرني عن قول الله عزوجل: ” ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ” (1) ” أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء ؟. وأخبرني عن قول الله عزوجل: ” فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك (2) ” من المخاطب بالآية ؟ فإن كان المخاطب رسول الله صلوات الله عليه أليس قد شك فيما انزل إليه ؟ وإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا ” انزل القرآن. وأخبرني عن قوله تعالى: ” ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله (3) ” ما هذه الأبحر ” وأين هي ؟. وأخبرني عن قول الله: ” فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين (4) ” فاشتهت نفس آدم البر فأكل وأطعم، فكيف عوقبا فيها على ما تشتهى الأنفس ؟. وأخبرني عن قول الله: ” أو يزوجهم ذكرانا ” وإناثا ” (5) ” فهل زوج الله عباده الذكران وقد عاقب الله قوما ” فعلوا ذلك. وأخبرني عن شهادة امرأة جازت وحدها وقد قال الله عزوجل: ” واشهدوا ذوي عدل منكم (6) “. وأخبرني عن الخنثى وقول علي فيها: ” تورث الخنثى من المبال ” من ينظر إذا بال ؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا ” وقد نظر إليه النساء وهذا ما لا يحل فكيف هذا ؟. وأخبرني عن رجل أتى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو على شاة منها فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها فانسابت (7) بين الغنم لا يعرف الراعي أيها كانت ولا يعرف صاحبها أيها يذبح.


(1) يوسف: 100. (2) يونس: 94. (3) لقمان: 26. (4) الزخرف: 71. (5) الشورى: 49. (6) الطلاق: 3. (7) سابت الدابة: مرت حيث شاءت.

[ 93 ]

وأخبرني عن قول علي لابن جرموز: ” بشر قاتل ابن صفية (1) بالنار ” فلم لم يقتله وهو إمام ومن ترك حدا ” من حدود الله فقد كفر إلا من علة ؟. وأخبرني عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار وإنما يجهر في صلاة الليل ؟ وأخبرني عنه لم قتل أهل صفين وأمر بذلك مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم ويوم الجمل غير حكمه لم يقتل من جريحهم ولا من دخل دارا ” ولم يجز على جريحهم ولم يأمر بذلك ومن ألقى سيفه آمنه، لم فعل ذلك ؟ فإن كان الأول صوابا ” كان الثاني خطاء ؟ فقال عليه السلام: اكتب، قلت: وما أكتب ؟ قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم وأنت فألهمك الله الرشد، ألقاني كتابك بما امتحنتنا به من تعنتك لتجد إلى الطعن سبيلا ” قصرنا فيها والله يكافئك على نيتك وقد شرحنا مسائلك فاصغ إليها سمعك وذلل لها فهمك واشتغل بها قلبك فقد ألزمتك الحجة والسلام. سألت عن قول الله عزوجل في كتابه: ” قال الذي عنده علم من الكتاب ” فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، لكنه أحب أن يعرف امته من الجن والإنس أنه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته كما فهم سليمان في حياة داود ليعرض امامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق. وأما سجود يعقوب وولده ليوسف فإن السجود لم يكن ليوسف كما أن السجود من الملائكة لآدم، لم يكن لآدم إنما كان منهم طاعة لله وتحية لآدم فسجد يعقوب وولده شكرا ” لله باجتماع شملهم، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت: ” رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث – إلى آخر الآية – (2). وأما قوله: ” فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من


(1) ابن صفية هو الزبير بن العوام الصحابي المعروف الذى نكث بيعة على عليه السلام وأوقد نيران الحرب بين المسلمين في وقعة الجمل. (2) يوسف: 102.

[ 94 ]

قبلك ” فإن المخاطب في ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن في شك مما انزل إليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا ” من ملائكته أم كيف لم يفرق بينه وبين خلقه بالاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق ؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله ” فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك ” تفحص بمحضر كذا من الجهلة هل بعث الله رسولا ” قبلك إلا وهو يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة وإنما قال: ” إن كنت في شك ” ولم يكن للنصفة كما قال صلى الله عليه وآله: ” قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ” ولو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة (1) وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالاته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصفهم من نفسه. وأما قوله: ” ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ” فهو كذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مداد له بعد سبعة مدد البحر حتى فجرت الأرض عيونا ” فغرق أصحاب الطوفان لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عزوجل وهي عين الكبريت وعين اليمن وعين برهوت وعين الطبرية وحمة ماسبذان وتدعى المنيات وحمة إفريقية وتدعى بسلان وعين باحروان (2) وبحر بحر، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى. وأما الجنة ففيها من المآكل والمشارب والملاهي والملابس ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأباح الله ذلك كله لادم والشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد عهد إليهما أن لا ينظر إلى من فضل الله عليهما وعلى كل خلائقه بعين الحسد فنسي ونظر بعين الحسد ولم يجد له عزما “. وأما قوله: ” أو يزوجهم ذكرانا ” وإناثا ” فإن الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا ” من الحور ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك تطلب الرخص


(1) في بعض نسخ الحديث ” لم يجيبوا المباهلة “. (2) في بعض نسخ الحديث ” وتدعى لسان وعين بحرون ” والحمة – بالفتح فالتشديد -: العين الحارة التى يستشفى بها الاعلاء والمرضى وأراد بها وبالعين ههنا كل ماء له منبع ولا ينقص منه شئ كالبحار وليس منحصرا ” فيها فكان ذكرها على سبيل التمثيل ولانها معهودة عند السائل.

[ 95 ]

لارتكاب المآثم ” ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا ” إن لم يتب (1) “. وأما قول علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار. لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: بشر قاتل ابن صفية بالنار وكان ممن خرج يوم النهروان ولم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان. وأما قولك: ” علي قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم ويوم الجمل لم يتبع موليا ” ولم يجز على جريح ومن ألقى سيفه آمنه ومن دخل داره آمنه ” فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا محتالين ولا متجسسين ولا منابذين (2) وقد رضوا بالكف عنهم فكان الحكم رفع السيف والكف عنهم إذا لم يطلبوا عليه أعوانا ” وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام لهم منتصب يجمع لهم السلاح من الدروع والرماح والسيوف ويستعد (3) لهم العطاء ويهيئ لهم الأنزال (4) ويتفقد جريحهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل رجلتهم ويكسو حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم لا يساوي بين الفريقين في الحكم ولولا علي عليه السلام وحكمه لأهل صفين والجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم فمن رغب عنه يعرض على السيف أو يتوب من ذلك. وأما شهادة المرأة التي جازت وحدها: فهي القابلة جائز شهادتها مع الرضا وإن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم مقامها بدل الرجل للضرورة لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها فإن كانت وحدها قبل مع يمينها. وأما قول علي عليه السلام في الخنثى: إنه يورث من المبال، فهو كما قال وينظر إليه قوم عدول فيأخذ كل واحد منهم المرأة فيقوم الخنثى خلفهم عريانا ” وينظرون في المرآة فيرون الشبح فيحكمون عليه.


(1) الفرقان: 68 و 69. (2) في نسخة [ مبارزين ]. (3) زاد في نسخة من الحديث [ يستعد لهم ويسنى ] (4) الانزال الارزاق.

[ 96 ]

وأما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة فإن عرفها ذبحها وأحرقها وإن لم يعرفها قسمها بنصفين ساهم بينهما (1) فإن وقع السهم على أحد النصفين فقد نجى الآخر ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين بينهما بسهم فإن وقع على أحد النصفين نجى النصف الآخر فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم لها تذبح وتحرق وقد نجت سائرها. وأما صلاة الفجر والجهر فيها بالقراءة: لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس (2) بها فقراءتها من الليل. وقد أنبأتك بجميع ما سألتنا فاعلم ذلك يولي الله حفظك والحمد لله رب العالمين (3). * (حديث هشام بن الحكم ودلائله على أفضلية على عليه السلام) * أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله قال: قال هارون الرشيد لجعفر بن يحيى البرمكي: إني احب أن أسمع كلام المتكلمين من حيث لا يعلمون بمكاني فيحتجون عن بعض ما يريدون، فأمر جعفر المتكلمين فاحضروا داره وصار هارون في مجلس يسمع كلامهم وأرخى بينه وبين المتكلمين سترا ” فاجتمع المتكلمون وغص المجلس بأهله ينتظرون هشام ابن الحكم فدخل عليهم هشام وعليه قميص إلى الركبة وسراويل إلى نصف الساق فسلم على الجميع ولم يخص جعفرا ” بشئ فقال له رجل من القوم: لم فضلت عليا ” على أبي بكر والله يقول: ” ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا (4) ” فقال هشام: فأخبرني عن حزنه في ذلك الوقت أكان لله رضى أم غير رضى ؟ فسكت فقال هشام: إن زعمت أنه كان لله رضى فلم نهاه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ” لا تحزن ” أنهاه عن طاعة الله ورضاه ؟ وإن زعمت أنه كان لله غير رضى فلم تفتخر بشئ كان لله غير رضى ؟ وقد علمت ما قد قال الله تبارك و


(1) أي قارع بينهما. (2) ” يغلس بها ” أي يصلى بالغلس وهو بالتحريك ” ظلمة آخر الليل. (3) رواه الحسن بن علي بن شعبة الحرانى في تحف العقول مرسلا ص 476 وابن شهر آشوب في المناقب ونقله المجلسي من التحف في المجلد الرابع من البحار ص 581 ومن المناقب في المجلد الثاني عشر ص 138 باختلاف غير يسير وفيه بعد قوله عليه السلام: ” وعين باحورا ن ” ” ونحن الكلمات التى لا تدرك فضائلنا – الخ – “. (4) التوبة: 40. الاختصاص – 6 –

[ 97 ]

تعالى حين قال: ” فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين (1) ” ولكنكم قلتم وقلنا. وقالت العامة: الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وأبي ذرالغفاري، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الذابين عن الإسلام أربعة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام والزبير بن العوام وأبو دجانة الأنصاري وسلمان الفارسي، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن القراء أربعة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله ابن مسعود وابي بن كعب وزيد بن ثابت، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن المطهرين من السماء أربعة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فأرى صاحبنا قد دخل مع هولاء في هذه الفضيلة و تخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الأبرار أربعة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الشهداء أربعة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام وجعفر وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء


(1) الفتح: 26: اشارة إلى أن آية الغار صفحا ” عن عدم دلالته على أي منقبة لابي بكر انما تدل على طعن صريح له وهو حزنه المنهى عنه وعدم نزول السكينة عليه حيث إن الله تعالى انزل في غير موضع سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وخص في هذه الاية رسوله فقط وما قيل من رجوع الضمير اليهما غير مقبول واجاب عنه المؤلف في الفصول المختارة ص 22 فليراجع.

[ 98 ]

في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. قال: فحرك هارون الستر وأمر جعفر الناس بالخروج فخروج فخرجوا مرعوبين وخرج هارون إلى المجلس فقال: من هذا ابن الفاعلة فو الله لقد هممت بقتله وإحراقه بالنار. (1) قال: كتب المأمون إلى الرضا عليه السلام فقال: عظني، فكتب عليه السلام إليه: إنك في دنيا لها مدة * يقبل فيها عمل العامل – أما ترى الموت محيطا ” بها * يسلب منها أمل الآمل – تعجل الذنب بما تشتهي * وتأمل التوبة من قابل – والموت يأتي أهله بغتة * ما ذاك فعل الحازم العاقل (2) * (حديث التزويج) * علي بن إبراهيم بن هشام يرفعه قال: لما أراد المأمون أن يزوج أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم السلام ابنته ام الفضل اجتمع إليه أهل بيته الأدنون فقالوا: يا أمير المؤمنين ننشدك الله أن تخرج عنا أمرا ” قد ملكناه وتنزع عنا عزا قد ألبسناه وقد علمت الأمر الذي بيننا وبين آل علي قديما ” وحديثا “، فقال المأمون: اسكتوا فوالله ما قبلت من أحدكم في أمره، فقالوا: يا أمير المؤمنين أتزوج قرة عينك صبيا ” لم يتفقه في دين الله ولا يعرف فريضة من سنة ولا يميز بين الحق والباطل ولأبي جعفر عليه السلام يومئذ عشر سنين أو إحدى عشرة سنة فلو صبرت عليه حتى يتأدب ويقرأ القرآن و يعرف فرضا ” من سنة، فقال لهم المأمون: والله إنه لأفقه منكم وأعلم بالله وبرسوله و سننه وفرائضه وحلاله وحرامه منكم وأقرء لكتاب الله وأعلم بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وظاهره وباطنه وخاصه وعامه وتأويله وتنزيله منكم، فاسألوه فإن كان الأمر كما وصفتم قبلت منكم في أمره وإن كان الأمر كما قلت علمتم أن الرجل خير منكم، فخرجوا من عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم (3) وكان قاضي القضاة فجعلوا حاجتهم إليه


(1) نقله المجلسي في البحار ج 4 ص 160 من الكتاب. (2) رواه الصدوق في العيون ونقله المجلسي في المجلد الثاني عشر من البحار ص 32. (3) هو من قضاة العامة ومحبوب المأمون لم يقدم عليه أحدا ” وكان قاضيا ” في العراقين ومعروفا بعمل قوم لوط واحياء طريقتهم وتسبب لتحريم المأمون المتعة كما نقله ابن خلكان في الوفيات ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 99 ]

وأطمعوه في الهدايا على أن يحتال على أبي جعفر عليه السلام في مسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتزويج، فلما حضروا وحضر أبو جعفر عليه السلام قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له يسأل أبا جعفر، فقال المأمون: يا يحيى سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه، فقال يحيى: يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيدا ” ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: قتله في حل أو حرم ؟ عالما ” كان أو جاهلا ” ؟ عمدا ” أو خطأ ؟ عبدا ” أو حرا ” ؟ صغيرا ” أو كبيرا ” ؟ مبدئا ” أو معيدا ” ؟ من ذوات الطير أو من غيرها ؟ من صغار الصيد أو من كبارها ؟ مصرا ” عليها أو نادما ” ؟ بالليل في وكرها أو با لنهار عيانا ” ؟ محرما ” للعمرة أو للحج ؟ قال: فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعا ” لم يخف على أهل المجلس وتحير الناس تعجبا ” من جوابه ونشط المأمون، فقال: يخطب أبو جعفر ؟ فقال أبو جعفر: نعم يا أمير المؤمنين، ثم قال: الحمد لله إقرارا ” بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا ” لعظمته وصلى الله على محمد عند ذكره وقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال جل ذكره: ” وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ” ثم إن محمد بن علي خطب أم الفضل بنت عبد الله وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، فقال: المأمون: قد زوجت فهل قبلت ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: قد قبلت هذا لتزويج بهذا الصداق. ثم أولم المأمون وجاء الناس على مراتبهم في الخاص والعام، قال: فبينما نحن كذلك


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” ج 5 ص 199 ونقل عن تاريخ الخطيب أن المأمون قال له يوما “: يا يحيى لمن هذا الشعر ؟ قاض يرى الحد في الزناء ولا * يرى على من يلوط من بأس قال: أو ما يعرف الامير من القائل ؟ قال المأمون: لا، قال: يقوله الفاجر الذى قال: لا أحسب الجور ينقضى وعلى * الامة وال من آل عباس قال: فأفحم المأمون خجلا. انتهى. وكان هو قاضيا ” في البصرة في أيام هارون وبعده إلى أن يعزله المأمون توفى في الربذة سنة 242 وقيل: 243 وذلك بعد أن غضب عليه المتوكل وأمر بقبض املاكه والزم منزله ثم حج وحمل اخته معه وعزم أن يجاور فلما اتصل به رجوع المتوكل له بداله في المجاورة ورجع يريد العراق فلما وصل إلى الربذة هلك ودفن هناك وله يومئذ ثلاث وثمانون يوما “.

[ 100 ]

إذ سمعنا كلاما ” كأنه كلام الملاحين في مجاوباتهم فإذا بالخدم يجرون سفينة من فضة فيها نسائج من أبريسم مكان القلوس (1) مملوة غالية فخضبوا لحى أهل الخاص بها، ثم مدوا إلى دار العامة فطيبوهم. فلما تفرقوا قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الأصناف التي ذكرت من قتل الصيد، فقال أبو جعفر عليه السلام: نعم يا أمير المؤمنين إن المحرم إذا قتل صيدا ” في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة فإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا ” وإذا قتل فرخا ” في الحل فعليه حمل قد فطم وليس عليه قيمته لأنه ليس في الحرم فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته لأنه في الحرم وإذا كان من الوحش فعليه في حمار الوحش بدنة وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا ” فإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما “، وإن كانت بقرة فعليه بقرة، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا “، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام، وإن كان ظبيا ” فعليه شاة فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا ” هديا ” بالغ الكعبة حقا ” واجبا ” أن ينحره في حج إن كان بمنى حيث ينحر الناس وإن كان في عمرة ينحر بمكة ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا ” وكذلك إذا أصاب أرنبا ” فعليه شاة يتصدق وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم أو يشتري به طعاما ” لحمام الحرم، وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم وكل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطاء فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فيه الفداء بجهالة كان أم بعلم، خطاء كان أو تعمدا “، وكلما أتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه وكلما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ عليه وإن كان ممن عاد فينتقم الله منه ليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة في الآخرة والنادم عليه لا شئ عليه في الآخرة بعد الفداء فإذا أصاب الطير ليلا ” وفي وكره خطاء فلا شئ عليه إلا أن يتعمد فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء بمنى (2)


(1) القلس – بالفتح -: حبل ضخم للسفينة من خوص أو غيره جمعه قلوس – بضم القاف -. (2) كذا في النسختين. وفى تفسير على بن ابراهيم بعد قوله ” فعليه الفداء ” ” والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى “.

[ 101 ]

حيث ينحر الناس والمحرم للعمرة ينحر بمكة. فأمر المأمون أن يكتب ذلك ثم دعا أهل بيته فقرأ عليهم ذلك وقال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب، قالوا: لا والله ولا القاضي، فقالوا: يا أمير المؤمنين صدقت كنت أعلم به منا، ثم قال: ويحكم إن أهل هذا البيت خلوا من هذا الخلق أو ما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله بايع الحسن والحسين عليهما السلام وهما صبيان غير بالغين ولم يبايع طفلا ” غيرهما، أو ما علمتم أن عليا ” آمن بالنبي وهو ابن عشر سنين (1) فقبل الله ورسوله منه إيمانه ولم يقبل من طفل غيره ولا دعا النبي صلى الله عليه وآله طفلا ” غيره إلى الإيمان أو ما علمتم أنها ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم، قال: ثم أمر المأمون أن ينثر على أبي جعفر عليه السلام ثلاثة أطباق بنادق زعفران ومسك معجون بماء الورد في جوفهما رقاع على طبق رقاع عمالات والثاني ضياع طعمة لمن أخذها والثالث فيه بدر (2) ثم أمر أن يفرق طبق العمالات على بني هاشم خاصة والذي عليه ضياع طعمة على الوزراء والذي عليه البدر على القواد، وما زال مكرما ” لأبي جعفر عليه السلام أيام حياته حتى كان يقدمه على ولده – تم الخبر – (3). وروى عن علي بن محمد العسكري، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ لها أربعة أركان وأربعة أبواب كلها من استبرق أخضر، قلت: يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها ؟ فقال: حبيبي محمد هذه صورة مدينة يقال لها: قم يجتمع فيها عباد الله المؤمنون ينتظرون محمدا ” وشفاعته للقيامة والحساب يجري عليهم الغم والهم والأحزان و


(1) في بعض نسخ الحديث [ وهو ابن اثنى عشر سنة ] وفى بعضها [ وهو ابن تسع سنين ]. (2) البدر – بكسر الباء وفتح الدال -: جمع بدرة وهى كيس يجعل فيه الدرهم والدينار. (3) رواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره ص 169 ط ايران 1313 ورواه المؤلف في الارشاد في ذكر فضائل الجواد عليه السلام باب طرف الاخبار والطبرسي في الاحتجاج ص 245 ط النجف والطبري في دلائل الامامة ص 206 والاربلى في كشف الغمة ص 285. والمسعودي في اثبات الوصية ص 169 ط طهران 1320 – وط النجف ص 183 عن على بن ابراهيم عن ابيه عن ريان ابن شبيب خال المأمون.

[ 102 ]

المكاره، قال: فسألت علي بن محمد العسكري عليه السلام متى ينتظرون الفرج ؟ قال: إذا ظهر الماء على وجه الأرض (1). حديث محمد بن على بن موسى الرضا عليهم السلام وعمه عبد الله بن موسى علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: لما مات أبو الحسن الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا على أبي جعفر عليه السلام وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفر عليه السلام فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخا ” كبيرا ” نبيلا ” عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة فجلس، وخرج أبو جعفر عليه السلام من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل جدد بيضاء فقام عبد الله فاستقبله وقبل بين عينيه وقام الشيعة وقعد أبو جعفر عليه السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض وقد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة ؟ فقال: تقطع يمينه ويضرب الحد فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه فقال: يا عم اتق الله اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم، فقال له عمه: أستغفر الله يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا فإن حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي وأنا أستغفر الله، فتعجب الناس وقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا ان نسألك ؟ قال: نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة (2) فأجابهم فيها وله تسع سنين (3). محمد بن الحسن، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزاز


(1) رواه الحسن بن محمد بن الحسن القمى المتوفى سنة 378 في تاريخ قم ص 96 [ من ترجمته المطبوع ] عن أبى مقاتل سبل الديلمى نقيب الرى عن أبى الحسن على بن محمد عليهما السلام. ونقله المجلسي من الاختصاص في المجلد الرابع عشر من البحار ص 337. (2) يستبعد أن يكون في وسع السائلين أن يسألوا عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد و إن كان الامام عليه السلام يقدر على جواب أزيد منها ومن المحتمل أن يكون لفظه ” ألف ” من زيادة النساخ. (3) رواه السيد المرتضى في عيون المعجزات والسروى في المناقب على ما في التنقيح. ونقله المجلسي في البحار ج 12 ص 120. (*)

[ 103 ]

عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة درهم ؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويسبحه مائة تسبيحة ويحمده مائة تحميدة ويهلله مائة تهليلة ويصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم يقول: اللهم زوجني من حور العين إلا زوجه حوراء وجعل ذلك مهرها فمن ثم أوحى الله إلى نبيه أن سن مهر المؤمنات خمسمائة ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله. (1) محمد بن عبد الله عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سواه من رغبة فيما حرم عليهم ولا رهبة فيما أحل لهم ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم تفضلا ” منه عليهم لمصلحتهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك (2). ثم قال: أما الميتة فإنها لا يدنوا منها أحد ولا يأكل إلا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته (3) وانقطع نسله ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث أكله الماء الأصفر (4) ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق ويورث الكلب (5) والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه. وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما ” في صورة شئ شبه الخنزير والقرد والدب وكان من الأمساخ ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته.


(1) رواه الكليني في الكافي المجلد الخامس ص 376. وفيه عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل عن الحسين بن خالد. ورواه الصدوق في العلل ص 170 وفيه على ابراهيم عن ابيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد ورواه ايضا ” في العيون في باب علل الاشياء. (2) البلغة – بالضم -: ما تبلغ به من العيش. (النهاية) (3) في بعض النسخ [ وأوهنت قوته ]. (4) ولعل المراد بالماء الاصفر الاستسقاء. (5) الكلب – بالتحريك -: داء يعرض الانسان شبه الجنون. (النهاية)

[ 104 ]

وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته ويهدم مروءته ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء و ركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه (1). محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسن بن متيل، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي، عن أبي بصير (2) قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام بعد أن كبرت سني وقد أجهدني النفس فقال: يا أبا محمد ما هذا النفس ؟ فقلت له: جعلت فداك كبر سني ورق عظمي واقترب أجلي مع أني لست أدري ما أصير إليه في آخرتي، فقال: يا أبا محمد إنك لتقول هذا القول ؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أقوله ؟ فقال: أما علمت أن الله تبارك وتعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول ؟ قلت: جعلت فداك كيف يكرم الشباب منا ويستحيى من الكهول ؟ قال: يكرم الشباب منكم أن يعذبهم و يستحيي من الكهول أن يحاسبهم، فهل سررتك ؟ قال قلت: جعلت فداك زدني فإنا قد نبزنا نبزا ” (3) انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت به الولاة دماءنا في حديث رواه فقهاؤهم هؤلاء، قال: فقال: الرافضة ؟ قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم بل الله سماكم، أما علمت أنه كان مع فرعون سبعون رجلا ” من بني إسرائيل يدينون بدينه فلما استبان لهم ضلال فرعون وهدى موسى رفضوا فرعون ولحقوا بموسى فكانوا في عسكر موسى أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم اجتهادا ” إلا أنهم رفضوا فرعون فأوحى الله إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد نحلتهم ثم ذخر الله هذا الاسم حتى


(1) رواه الكليني في الكافي كتاب الاطعمة الحديث الاول. ورواه الصدوق في العلل ص 165. وفى الامالى في المجلس الخامس والتسعين. ورواه العياشي في تفسيره على ما في ج 1 ص 434 من تفسير البرهان ج 14 ص 772 من البحار. وقوله ” يثب على حرمه ” الوثوب كناية عن الجماع. وزاد في جميع نسخ الحديث بعد قوله: ” على حرمه ” ” وهو لا يعقل ذلك والخمر لا يزداد صاحبها الا كل شر “. (2) هو أبو محمد يحيى بن القاسم الاسدي الكوفى من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام تابعي مات سنة خمسين ومائة بعد أبى عبد الله عليه السلام. وقد يطلق على ليث بن البخترى والظاهر المراد ههنا الاول. (3) النبز: اللمز بما يقبح ومنه قوله تعالى: ” لا تنابزوا بالالقاب “. – وبالتحريك -: اللقب

[ 105 ]

سماكم به إذ رفضتم فرعون وهامان وجنودهما واتبعتم محمدا ” وآل محمد يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال: قلت جعلت فداك زدني، قال: افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة فاستشيعتم مع أهل بيت نبيكم فذهبتم حيث ذهب الله واخترتم ما اختار الله وأحببتم من أحب الله وأردتم من أراد الله فأبشروا ثم ابشروا فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم و المتجاوز عن مسيئكم من لم يلق الله بمثل ما أنتم عليه لم يتقبل [ الله ] منه حسنة ولم يتجاوز عنه سيئة، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال ؟ قلت: جعلت فداك زدني، فقال: إن الله وملائكته يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق عن الشجر في أوان سقوطه وذلك قول الله تعالى: ” والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض (1) ” فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال: ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (2) ” والله ما عنى غيركم إذ وفيتم فيما أخذ عليكم ميثاقكم من ولايتنا وإذ لم تبدلوا بنا غيرنا ولو فعلتم لعيركم الله كما عير غيركم في كتابه إذ يقول: ” وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (3) “، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال: ” الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين (4) ” فالخلق والله غدا ” أعداء غيرنا وشيعتنا، وما عنى بالمتقين غيرنا وغير شيعتنا، فهل سررتك يا أبا محمد ؟.


(1) الشورى: 3 أي ينزهونه تعالى عما لا يجوز عليه من الصفات متلبسا ” بحمد ربهم. (2) الاحزاب: 23. والنحب: الموت والنذر. و ” قضى نحبه ” أي أدرك ما تمنى من الموت أو القتل فذلك قضاء النحب. (3) الاعراف: 102. ” ان وجدتا ” ” إن ” مخففة من المثقلة واللام للفارقة أي علمنا وعند الكوفيين ” إن ” للنفي واللام بمعنى الا. (4) الزخرف: 67.

[ 106 ]

قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال: ” ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ” (1) فمحمد صلى الله عليه وآله النبيين ونحن الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله فوالله ما عنى غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد جمعنا الله وولينا وعدونا في آية من كتابه فقال: قل يا محمد: ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الألباب (2) ” فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال: ” وقالوا ما لنا لا نرى رجالا ” كنا نعدهم من الاشرار (3) ” فأنتم في النار تطلبون وفي الجنة والله تحبرون (4) فهل سررتك يا أبا محمد ؟. قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فأعاذكم من الشيطان فقال: ” إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ” (5) والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله لقد ذكركم الله في كتابه فأوجب لكم المغفرة فقال: ” يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ” (6) ” قال: قلت: جعلت فداك ليس هكذا نقرؤه إنما نقرء ” يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ” (7) ” قال: يا أبا محمد فإذا


(1) النساء: 71، وقوله تعالى ” رفيقا ” تميز ولذلك لم يجمع. قوله ” فمحمد صلى الله عليه وآله النبيين ” كذا في نسخة من النسختين وفى الاخرى ” فمحمد وأهل بيته عليهم السلام في هذا الموضع النبيين ” وعلى كلتا النسختين ” النبيين ” كان على سبيل الحكاية. (2) الزمر: 9. وروى البرقى في المحاسن في حديث قال عليه السلام: ” نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا اولوا الألباب “. (3) ص: 62. (4) أي تكرمون وتتنعمون وتسرون. (5) الحجر: 42. والاسراء 65. (6) الزمر: 53. (7) هكذا في النسختين وليست هذه الزيادة في منقوله في البحار ولا في روضة الكافي وعلى فرضه لعل المراد انا فهمنا من الاية أن الله يغفر ذنوب الجميع فأجاب عليه السلام أنه إذا غفر الله ذنوب جميع الخلق فمن يعذب بعدئذ. والعلم عند الله

[ 107 ]

غفر الله الذنوب جميعا ” فمن يعذب، والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا، وإنها لخاصة لنا ولكم فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله ما استثنى الله أحدا ” من الأوصياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته إذ يقول: ” يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ” ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (1) ” والله ما عنى بالرحمة غير أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام ليس على فطرة الإسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء فهل شفيتك يا أبا محمد (2). أبو أحمد، عن رجل، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: اجتمع رجلان يتغديان مع أحد ثلاثة أرغفة ومع واحد خمسة أرغفة قال: فمر بهما رجل فقال: السلام عليكما فقالا: وعليك السلام الغداء رحمك الله، فقال: فقعد وأكل معهما فلما فرغ قام فطرح إليهما ثمانية دراهم، فقال: هذه عوض لكما بما أكلت من طعامكما قال: فتنازعا بها فقال صاحب الثلاثة: النصف لي والنصف لك وقال صاحب الخمسة: لي خمسة بقدر خمستي ولك ثلاثة بقدر ثلاثتك، فأبيا وتنازعا حتى ارتفعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فاقتصا عليه القصة فقال: إن هذا الأمر الذي أنتما فيه دني ولا ينبغي أن ترفعا فيه إلى حكم، ثم أقبل علي عليه السلام إلى صاحب الثلاثة فقال: أرى أن صاحبك قد عرض عليك أن يعطيك ثلاثة وخبزه أكثر من خبزك فارض به، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين لا أرضي إلا بمر الحق، قال: فإنما لك في مر الحق درهم فخذ درهما ” وأعطه سبعة، فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين عرض علي ثلاثة فأبيت وآخذ واحدا ” ؟ ! قال: عرض ثلاثة للصلح فحلفت أن لا ترضى إلا بمر الحق وإنما لك بمر الحق درهم، قال: فأوقفني على هذا، قال: أليس تعلم أن ثلاثتك تسعة أثلاث ؟ قال: بلى، قال: أو ليس تعلم أن خمسته خمسة عشر ثلثا ” ؟ قال: بلى


(1) الدخان: 42 و 43. (2) رواه الكليني في روضة الكافي ص 33. ونقله المجلسي من الاختصاص في المجلد الحادي عشر ص 223. وقوله: ” براء ” – ككرام – وفى بعض النسخ [ برآء ] – كفقهاء – وكلاهما جمع برئ.

[ 108 ]

قال: فذلك أربعة وعشرون ثلثا “، أكلت أنت ثمانية وأكل الضيف ثمانية وأكل هو ثمانية فبقي من تسعتك واحد أكله الضيف وبقي من خمسة عشره سبعة أكلها الضيف فله بسبعته سبعة ولك بواحدك الذي أكله الضيف واحد (1). * (حديث أمير المؤمنين عليه السلام مع ابليس) * القاسم بن محمد الهمداني قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن [ أحمد بن ] إبراهيم الكوفي قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن محمد الفارسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة وبين يدي قنبر فقلت له: يا قنبر ترى ما أرى ؟ فقال ضوء الله عزوجل لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه بصري، فقلت: يا أصحابنا ترون ما أرى ؟ فقالوا: لا قد ضوء الله لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه أبصارنا، فقلت: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لترونه كما أراه و لتسمعن كلامه كما أسمع فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة، مديد القامة، له عينان بالطول فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقلت: من أين أقبلت يا لعين ؟ قال: من الانام فقلت: وأين تريد ؟ قال: الانام، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال: لم تقول هذا يا أمير المؤمنين ؟ فوالله لاحدثنك بحديث عني عن الله عزوجل ما بيننا ثالث، فقلت: يا لعين عنك عن الله عزوجل ما بينكما ثالث ؟ قال: نعم إنه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا ” هو أشقى مني ؟ فأوحى الله تبارك وتعالى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السلام يقرء عليك السلام ويقول: أرني من هو أشقى مني فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الأعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا ” فقال لها: اهدئي فهدأت ثم انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشد من تلك سوادا ” وأشد حمى فقال لها: أخمدي فخمدت إلى أن انطلق بي إلى


(1) رواه الكليني في باب النوادر من كتاب القضايا من الكافي الحديث العاشر. ورواه المؤلف أيضا في الارشاد فصل قضايا على عليه السلام. ونقله المجلسي في البحار ج 24 ص 15 من الاختصاص.

[ 109 ]

الطبق السابع وكل نار تخرج من طبق هي أشد من الاولى فخرجت نار ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا ” وجميع ما خلقه الله عزوجل فوضعت يدي على عيني وقلت: مرها يا مالك أن تخمد وإلا خمدت، فقال: إنك لن تخمد إلى الوقت المعلوم فأمرها فخمدت فرأيت رجلين في أعنا قهما سلاسل النيران معلقين بها إلى فوق وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك من هذان ؟ فقال: أوما قرأت على ساق العرش و كنت قبل قد قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته ونصرته بعلي، فقال: هذان من أعداء اولئك أو ظالميهم – الوهم من صاحب الحديث. (1) * (باب القياس) * المعلى بن محمد [ بن جعفر ]، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أول من قاس إبليس فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين ولو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه. ثم قال: إن الله عزوجل خلق الملائكة من النور وخلق الجان من النار وخلق الجن – صنفا ” من الجان – من الريح وخلق صنفا ” من الجن من الماء وخلق آدم من صفحة الطين ثم أجرى في آدم النور والنار والريح والماء فبالنور أبصر وعقل وفهم وبالنار أكل وشرب ولولا أن النار في المعدة لم تطحن المعدة الطعام ولولا أن الريح في جوف ابن آدم يلهب نار المعدة لم يلتهب، ولولا أن الماء في جوف ابن آدم يطفئ حر نار المعدة لأحرقت النار جوف ابن آدم، فجمع الله ذلك في آدم الخمس الخصال و كانت في إبليس خصلة فافتخر بها على آدم عليه السلام (2). * (مناظرة مؤمن الطاق مع أبى حنيفة في الطلاق) * يعقوب بن يزيد البغدادي، عن محمد بن أبي عمير قال: قال أبو حنيفة لأبي جعفر مؤمن الطاق: ما تقول في الطلاق الثلاث ؟ قال: أعلى خلاف الكتاب والسنة ؟ قال: نعم، قال أبو جعفر: لا يجوز ذلك، قال أبو حنيفة: ولم لا يجوز ذلك ؟ قال: لأن التزويج عقد


(1) نقله المجلسي من الكتاب في البحار ص 388 من المجلد التاسع. (2) نقله المجلسي في البحار ج 14 ص 477 من الاختصاص.

[ 110 ]

عقد بالطاعة ولا يحل بالمعصية، وإذا لم يجز التزويج بجهة المعصية لم يجز الطلاق بجهة المعصية وفى إجازة ذلك طعن على الله عزوجل فيما أمر به وعلى رسوله فيما سن، لأنه إذا كان العمل بخلافهما فلا معنى لهما وفي قولنا من شذ عنهما رد إليهما وهو صاغر. قال أبو حنيفة: قد جوز العلماء ذلك، قال أبو جعفر: بئس العلماء الذين جوزوا للعبد العمل بالمعصية و استعمال سنة الشيطان في دين الله ولا عالم أكبر من الكتاب والسنة، فلم تجوزون للعبد الجمع بين ما فرق الله من الطلاق الثلاث في وقت واحد ولا تجوزون له الجمع بين ما فرق الله من الصلوات الخمس ؟ وفي تجويز ذلك تعطيل الكتاب وهدم السنة، وقد قال الله عز وجل: ” ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ” (1) المتعدي لحدود الله بإفراقه. ما تقول يا أبا حنيفة في رجل طلق امرأته على سنة الشيطان، أيجوز له ذلك الطلاق ؟ قال أبو حنيفة: خالف السنة وبانت منه امرأته وعصى ربه، قال أبو جعفر: فهو كما قلنا إذا خالف سنة الله عمل بسنة الشيطان ومن أمضى سنته فهو على ملته ليس له في دين الله نصيب، قال أبو حنيفة: هذا عمر بن الخطاب وهو من أفضل أئمة المسلمين، قال: إن الله جل ثناؤه جعل لكم في الطلاق أناة فاستعجلتموه و أجزنا لكم ما استعجلتموه. (2) قال أبو جعفر: إن عمر كان لا يعرف أحكام الدين، قال أبو حنيفة: وكيف ذلك ؟ قال أبو جعفر: ما أقول فيه ما تنكره، أما أول ذلك فإنه قال: لا يصلي الجنب حتى يجد الماء ولو سنة والأمة على خلاف ذلك. وأتاه أبو كيف العائذي (3) فقال: يا أمير المؤمنين إني غبت فقدمت وقد تزوجت امرأتي ؟ فقال: إن كان قد دخل بها فهو أحق بها وإن لم يكن دخل بها فأنت أولى بها وهذا حكم لا يعرف، والامة على خلافه. وقضى في رجل غاب عن أهله أربع سنين أنها تتزوج إن شاءت والامة على خلاف ذلك، إنها لا تتزوج أبدا ” حتى تقوم البينة أنه مات أو كفر أو طلقها.


(1) الطلاق: 2. (2) نقله الحجة الاميني في الغدير المجلد السادس ص 178 الطبع الثاني من مسند أحمد ج 1 ص 314 وصحيح مسلم ج 1 ص 574 وسنن البيهقي ج 7 ص 336 ومستدرك الحاكم ج 2 ص 196. وتفسير القرطبى ج 3 ص 130. (3) في بعض النسخ [ أبو كيف العابدى ].

[ 111 ]

وإنه قتل سبعة نفر من أهل اليمن برجل واحد، وقال: لولا ما عليه أهل صنعاء لقتلتهم به. والامة على خلافه. واتي بامرأة حبلى شهدوا عليها بالفاحشة فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام: إن كان لك السبيل عليها فما سبيلك على ما في بطنها، فقال: لولا علي لهلك عمر. واتي بمجنونة وقد زنت فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام: أما علمت أن القلم قد رفع عنها حتى تصح، فقال: لولا علي لهلك عمر. وإنه لم يدر الكلالة فسأل النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بها فلم يفهم عنه فسأله ابنته حفصة أن تسأل النبي صلى الله عليه وآله عن الكلالة فسألته، فقال لها: أبوك أمرك بهذا ؟ قالت: نعم، فقال صلى الله عليه وآله لها: إن أباك لا يفهمها حتى يموت، فمن لم يعرف الكلالة كيف يعرف أحكام الدين (1). * (جزء فيه اخبار من روايات اصحابنا وغيرهم) * روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة إلا دخلوا أجمعين الجنة قيل: وكيف ذلك ؟ قال: يشفع فيهم فيشفع حتى يبقى الخادم فيقول يا رب خويدمتي قد كانت تقيني الحر والقر فيشفع فيها. (2) وروي (3) ما من أهل بيت إلا وفيهم نجيب وأنجب النجباء من أهل بيت النبوة. وروي أن للمنافق أربع علامات: قساوة القلب، وجمود العين، والإصرار على الذنب، والحرص على الدنيا. (4) حدثني سهل بن زياد الأدمي قال: حدثني عروة بن يحيى، عن أبي سعيد المدائني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما معنى قول الله عزوجل في محكم كتابه: ” وما كنت بجانب


(1) نقله المجلسي من الكتاب في البحار المجلد الرابع ص 144. (2) رواه العياشي في تفسيره ونقل منه المجلسي في المجلد الثالث من البحار ص 307. و أيضا في ص 305 من الاختصاص. والقر: البرد. (3) أي عن الصادق عليه السلام. (4) نقله المجلسي في البحار الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر ص 23. وروى الصدوق في الخصال أبواب الاربعة من علامات الشقاء جمود العين. الحديث.

[ 112 ]

الطور إذ نادينا ” (1) فقال: عليه السلام كتابا ” لنا كتبه الله يا أبا سعيد في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام صيره معه في عرشه أو تحت عرشه فيه يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية آل محمد أسكنته جنتي برحمتي. (2) حدثني محمد بن جعفر بن أبي شاكر، عمن حدثه، عن بعض الرجال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جزى الله المعروف إذا لم يكن يبدأ عن مسألة فأما إذا أتاك أخوك في حاجة كاد يرى دمه في وجهه مخاطرا ” لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله ثم والله لو خرجت له من جميع ما تملكته ما كافيته. (3) بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن موسى بن شاذان البزاز قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز المعروف بابن المطبقي، وجعفر الدقاق قالا: حدثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثنا معمر بن راشد قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده قال: لما قدم السيد والعاقب اسقفا نجران في سبعين راكبا ” وافدا ” على النبي صلى الله عليه وآله كنت معهم فبينا كرز يسير – وكرز صاحب نفقاتهم – إذ عثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه الأ بعد يعني النبي صلى الله عليه وآله (4) فقال له صاحبه وهو العاقب: بل تعست وانتكست (5)


(1) القصص: 46. (2) نقله المجلسي من الكتاب في البحار الجزء الاول ص 119 من المجلد الخامس عشر. (3) روى نحوه الكليني في الكافي ج 4 ص 23. (4) التعس: الهلاك والعثار والسقوط والشر والانحطاط. والفعل كمنع وسمع. فإذا خاطبت قلت: تعست – كمنعت – وإذا حكيت قلت: تعس – كسمع -. وفى بعض نسخ الحديث [ فقال كرز: تعس الابعد يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله ] والابعد: الخائن والمتباعد من الخير. (5) انتكس فلان أي وقع على رأسه. الاختصاص – 7 –

[ 113 ]

فقال: ولم ذلك ؟ قال: لأنك أتعست النبي الأمي أحمد، قال: وما علمك بذلك ؟ قال: أما تقرأ من المفتاح الرابع (1) من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل: ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم و أجوافكم عندي كالجيفة المنتنة يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان صاحب الوجه الأقمر والجمل الأحمر المشرب بالنور، ذي الجناب الحسن والثياب الخشن، سيد الماضين عندي وأكرم الباقين علي، المستن بسنتي، والصائر في دارجتي، والمجاهد بيده المشركين من أجلي، فبشر به بني إسرائيل ومر بني إسرائيل أن يعزروه وأن ينصروه، قال عيسى صلى الله عليه: قدوس قدوس، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني ؟ قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك على امك، قليل الأولاد، كثير الأزواج، يسكن مكة من موضع أساس وطى إبراهيم، نسله من مباركة وهي ضرة امك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس (2) حيث يغرب، فيه شرابان من الرحيق والتسنيم، (3) فيه أكاويب عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ” وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوبى له وطوبى لامته، الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون، آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني، فترخى السماء عزاليها (4) حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وابارك فيما يضع فيه يده، قال: إلهي سمه، قال: نعم هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة، وأقربهم مني منزلة وأحضرهم عندي شفاعة، لا يأمر إلا بما احب وينهى لما أكره.


(1) في بعض النسخ [ من المصباح الرابع ]. (2) في بعض النسخ [ مغرب الشمس ]. (3) التسنيم هو عين في الجنة وهو اشرف شراب في الجنة. (4) الجدب – كالقتل – مصدر: ضد الخصب. وأصابهم الجدب أي الفقر والقحط. ” فترخى السماء عزاليها ” اشارة إلى شدة وقع المطر. والعزالى جمع عزلاء وهى مصب الماء من القربة ونحوها.

[ 114 ]

قال له صاحبه: فأنى تقدم بنا على من هذه صفته (1) ؟ قال: نشهد أحواله وننظر آياته فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا وإن يكن كاذبا ” كفيناه بكذبه على الله عزوجل، قال: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه ؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرمونا، ومولونا ونصبوا لنا الكنائس وأعلوا فيه ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوصيع، فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأينا وفدا ” من وفود العرب كانوا أجمل منهم، لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله تلقاء المشرق فهم بهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بمنعهم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: دعوهم فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه، فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى، قال: هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فقال أحدهما: بل هو ولده وثاني اثنين وقال آخر: بل هو ثالث ثلاثة: أب وابن وروح القدس وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا ولو كان واحدا ” لقال: خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبي صلى الله عليه وآله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها ” فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم و نساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم – إلى آخر الآية – ” فقص عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل قد أمرني بمباهلتكم، فقالوا: إذا كان غدا ” باهلناك فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا ” بكثرة أتباعه من أوباش الناس أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة (2) ؟ فإنهم وشيج الأنبياء وموضع نهلهم (3) فلما كان


(1) في بعض النسخ [ فأين تعدينا على من هذه صفته ]. (2) في بعض النسخ [ أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة ]. (3) الوشيج هو ما التف من الشجر والوشيجة: عرق الشجرة وليف يفتل ثم يشد به ما يحمل والوشيج جمع وشيجة ووشجت العروق والاغصان: اشتبكت وفى القاموس الوشيج: اشتباك القرابة والواشجة: الرحم المشتبكة.

[ 115 ]

من غد غدا النبي صلى الله عليه وآله بيمينه علي وبيساره الحسن والحسين عليهما السلام ومن ورائهم فاطمة صلى الله عليها، عليهم النمار النجرانية (1) وعلى كتف رسول الله صلى الله عليه وآله كساء قطواني رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين، (2) فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما (3) ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء، معتمدا ” على قوسه النبع (4) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة واشرأب الناس ينظرون واصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كاد أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله ؟ قال: أوما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا ” فنشأ صغيرهم [ أ ] وبقي كبيرهم ولكن أره أنك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد، فإن الرجل محارب وقل له: أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبي صلى الله عليه وآله يده إلى السماء للمباهلة قال: أحدهما لصاحبه: وأي رهبانية ؟ ! دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال، فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا ؟ قال: نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عزوجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة، قال: فبصبصا (5) يعني ارتعدا وكرا وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من وراءنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا و شاهدنا فيكون الأمر على ملاء منهم فإما الإسلام وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام، فقال النبي صلى الله عليه وآله: قد قبلت ذلك منكما أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عزوجل عليكم الوادي نارا ” تأجج حتى يساقها إلى من وراءكم في أسرع من طرفة العين فأحرقتم تأججا “، فهبط عليه جبرئيل الروح الأمين عليه السلام فقال:


(1) النمرة – كفرحة -: الحبرة، وشملة فيها خطوط بيض وسود. (القاموس). (2) القطوان – بالتحريك وآخره نون موضع بالكوفة منه الاكسية. وفى بعض النسخ [ قرطف ] وفى القاموس القرطف – كجعفر -: القطيفة. وفى بعضها [ قرطق ] بالقافين وفى القاموس: القرطق – كجندب -: ليس معروف، معرب كرته. (3) كسح البيت: كنسه والشئ قطعه وأذهبه. (4) النبع – بتقديم النون على الباء الموحدة -: شجر للقسى وللسهام. (القاموس) (5) في اللغة: بصبص الكلب أي أدخل ذنبه بين رجليه، وبصبص فلان: تملق.

[ 116 ]

يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لوباهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الأرض لساقطت السماء كسفا ” متهافتة ولتقطعت الأرضون زبرا ” سائحة فلم تستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبي صلى الله عليه وآله يديه حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الأجر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة (1). حدثني محمد بن علي بن شاذان وقال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي أبو العباس ثعلب قال: حدثنا أحمد بن سهل أبو عبد الرحمن قال: حدثنا يحيى بن محمد بن إسحاق بن موسى قال: حدثنا أحمد بن قتيبة أبو بكر، عن عبد الحكم القتيبي، عن أبي كيسة ويزيد بن رومان قالا: لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت ام سلمة رضي الله عنها وكانت بمكة فقالت: يا بنت أبي امية كنت كبيرة امهات المؤمنين وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقمؤ (2) في بيتك، وكان يقسم لنا في بيتك، وكان ينزل الوحي في بيتك، قالت لها: يا بنت أبي بكر لقد زرتني وما كنت زوارة ولأمر ما تقولين هذه المقالة ؟ قالت: إن ابني وابن أخي أخبراني أن الرجل (3) قتل مظلوما ” وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون، فهل لك أن أخرج أنا وأنت لعل الله أن يصلح بين فئتين مشاجرتين ؟ فقالت: يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين ؟ فلقد كنت أشد الناس عليه وأن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد تابعه المهاجرون والأنصار، إنك سدة بين رسول الله عليه السلام وبين امته وحجابة مضروبة على حرمه، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه (4)، وسكني عقيراك فلا تضحى بها،


(1) أخرجه رضى الدين احمد بن ابى القاسم بن سعد الدين سيد بن طاووس في كتابه سعد السعود ص 91 عن كتاب تأويل ما انزل من القرآن الكريم في النبي صلى الله عليه وآله تأليف ابى عبد الله محمد ابن العباس المعروف بالحجام بهذا السند أيضا “. (2) في النهاية فيه أنه صلى الله عليه وآله كان يقمؤ إلى منزل عائشة كثيرا “. أي يدخل. (3) اريد به عثمان بن عفان. (4) البذخ – من باب تعب -: التكبر والفخر والعلو وباذخه فاخره وما يأتي من المؤلف من أنه بمعنى النفخ ليس في كتب اللغة ولعله استعمل في الاصل بهذا المعنى ثم استعمل في الكبر تجوزا ” ثم صار حقيقة فيه كما أشار إليه المجلسي. وفى رواية ابن أبى الحديد في شرح النهج ” فلا تندحيه ” ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 117 ]

الله من وراء هذه الامة، قد علم رسول الله صلى الله عليه وآله مكانك ولو أراد أن يعهد إليك فعل، قد نهاك رسول الله صلى الله عليه وآله عن الفراطة في البلاد (1)، إن عمود الإسلام لا ترأبه النساء إن انثلم، ولا يشعب بهن إن انصدع (2) حماديات النساء غض بالأطراف، وقصر الوهادة (3) وما كنت قائله لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصا ” من منهل إلى آخر، إن بعين الله مهواك وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله تردين قد وجهت سدافته وتركت عهيداه، (4)


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” وقال في شرحه: أي لا تفتحيه ولا توسيعه بالحركة والخروج، يقال: ندحت الشئ إذا وسعته، ومنه يقال: فلان في مندوحة عن كذا أي في وسعة. تريد قول الله تعالى: ” وقرن في بيوتكن ” في سورة الاحزاب: 33. وفى بعض النسخ [ تبدحيه ] بالباء فأنه من البداح وهو المتسع من الارض. و عقيراك من عقر الدار وهو أصلها. وقولها: ” وسكنى عقيراك فلا تضحى بها ” في شرح النهج ومعانى الاخبار واحتجاج الطبرسي ” وسكن عقيراك فلا تصحريها ” أي لا تبرزيها، أو لا تجعليها بالصحراء وهو الاظهر (1) الفراطة في البلاد، السعي والذهاب كما يأتي معناه من المؤلف وفى شرح النهج والمعاني والاحتجاج ” الفرطة ” وقال ابن أبى الحديد: الفرطة في البلاد: أي عن السفر والشخوص من الفرط وهو السبق والتقدم، ورجل فارط أتى الماء أي سابق. (2) قولها: ” عمود الاسلام لا ترأبه النساء ان انثلم ” يعنى لا تصلحه إذا انشق وانصدع. و في شرح النهج ” عمود الاسلام لا يثأب بالنساء ان مال ولا يرأب بهن ان صدع “. وفى رواية المؤلف في كتاب الجمل ” عمود الاسلام لا يقام بالنساء ان انثلم ولا يشعب بهن ان انصدع “. (3) كذا لكن الصحيح كما في شرح النهج ” وحماديات النساء غض الاطراف وخفر الاعراض وقصر الوهازة ” وفى معاني الاخبار ” حماديات النساء غض الابصار وخفر الاعراض وقصر الوهازة “. وفى كتاب الجمل ” غض الاطراف وخفر الاعطاف وقصر الوهادة وضم الذيول ” وفى الاحتجاج ” غض الاطراف وضم الذيول والاعطاف ” وقال ابن أبي الحديد: غض الاطراف: جمعها. وقولها ” خفر الاعراض ” الخفر: الحياء والاعراض جمع عرض وهو الجسد، يقال: فلان طيب العرض أي طيب ريح البدن. وقال: ومن رواه الاعراض – بكسر الهمزة – جعله مصدرا ” من أعراض عن كذا. وقولها: ” قصر الوهازة ” قال ابن قتيبة: سألت عن هذا فقال لى من سألته: سألت عنه أعرابيا ” فصيحا ” فقال: الوهازة الخطوة. والوهادة يأتي معناها من المؤلف لكن لا مناسبة لها بسياق الكلام وإن كان في لسان العرب. (4) قال ابن ابى الحديد: ناصة قلوصا ” أي رافعة لها في السير. والنص: الرفع ومنه يقال: حديث منصوص أي مرفوع. والقلوص من النوق: الشابة وهى بمنزلة الفتاة من النساء. والمنهل: الماء ترده الابل. قولها: ” إن بعين الله مهواك ” أي ان الله يرى سيرك وحركتك. والهوى: الانحدار في السير من النجد إلى الغور. قولها: ” وعلى رسوله تردين ” أي تقدمين في القيامة. قولها: ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 118 ]

اقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي: ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمد صلى الله عليه وآله هاتكة حجابا ” قد ضربه علي، اجعلي حصنك بيتك وقاعة الستر (1) قبرك حتى تلقيه وأنت على ذلك أطوع، ثم قالت: لو ذكرتك من رسول الله صلى الله عليه وآله خمسا ” في علي صلوات الله عليه لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب (2) أتذكرين إذ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا ” فأقرع بينهن فخرج سهمي وسهمك فبينا نحن معه وهو هابط من قديد (3) ومعه علي عليه السلام ويحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك: رسول الله صلى الله عليه وآله معه ابن عمه ولعل له إليه حاجة فعصيتني ورجعت باكية فسألتك، فقلت: بأنك هجمت عليها فقلت له: يا علي إنما لي من رسول الله يوم من تسعة أيام وقد شغلته عني فأخبرتني أنه قال لك: أتبغضيه فما يبغضه أحد من أهلي ولا من امتي إلا خرج من الإيمان أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت: نعم. ويوم أراد رسول الله صلى الله عليه وآله سفرا ” وأنا أجش له جشيشا ” (4) فقال: ليت شعري أيتكن


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” ” وجهت سدافته ” السدافة: الحجاب والستر، هي من أسدف الليل إذا ستر بظلمته كأنها أرخى ستورا ” من الظلام، ويروى بفتح السين. و ” وجهت ” أي نظمتها بالخرز والوجيهة: خرزة معروفة وعادت العرب ان تنضم على المحمل خرزات إذا كان للنساء. قولها: ” وتركت عهيداه ” لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لما سلف من قولها: عقيراك. انتهى. وفى النهاية في حديث ام سلمة لعائشة ” وتركت عهيداه ” العهيدى – بالتشديد والقصر – فعيلى من العهد كالجهيدى من الجهد والعجيلى من العجلة. (1) ” قاعة الستر ” يأتي معناها من المؤلف. (2) الحية الرقشاء: الافعى التى في ظهرها خطوط ونقط وتوصف بالاطراق كما يوصف به الاسد والنمر والرجل الشجاع. وذلك لان الحية تقع على الذكر والانثى كما قاله الجزرى ولعله كناية عن سمها أو استغفالها وأخذها دفعة كما قاله المجلسي – رحمه الله -. والحبب تنضد الاسنان وفى بعض النسخ [ ذات الخبب ] ولعله تصحيف. (3) القديد – كزبير – اسم موضع قرب مكة. (مراصد الاطلاع). (4) جشه: دقه وكسره كأجشه. وبالعصا: ضربه بها، والجشيش: السويق وحنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر ويلقى فيه لحم أو تمر فيطبخ. (القاموس)

[ 119 ]

صاحبة الجمل الأدب تنبحها كلاب الحوأب، (1) فرفعت يدي من الحشيش وقلت: أعوذ بالله أن أكونه، فقال: والله لابد لأحد كما أن يكونه، اتقي الله يا حميرا أن تكونيه أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت: نعم. ويوم تبذلنا لرسول الله صلى الله عليه وآله (2) فلبست ثيابي ولبست ثيابك فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فجلس إلى جنبك، فقال: أتظنين يا حميرا أني لا أعرفك أما إن لامتي منك يوما ” مرا أو يوما ” حمرا ” (3) أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت: نعم. ويوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فجاءك أبوك وصاحبه يستأذن فدخلت الخدر فقالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر مقامك فينا فلو جعلت لنا إنسانا ” نأتيه بعدك، قال: أما إني أعرف مكانه وأعلم موضعه ولو أخبرتكم به لتفرقتم عنه كما تفرقت بنوا إسرائيل عن عيسى ابن مريم، فلما خرجا خرجت إليه أنا وأنت وكنت حزينة عليه، فقلت له: من كنت جاعلا ” لهم ؟ فقال: خاصف النعل وكان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يصلح نعل رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تخرقت ويغسل سل ثوبه إذا اتسخ، فقلت: ما أرى إلا عليا “، فقال: هو ذاك، أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت: نعم. قالت: ويوم جمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله في بيت ميمونة فقال: يا نسائي اتقين الله ولا يسفر بكن أحد (4) أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت: نعم ما أقبلني لوعظك وأسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج وإن أقعد ففي غير بأس وخرجت فخرج رسولها فنادى في الناس من أراد أن يخرج فليخرج فإن أم المؤمنين غير خارجة فدخل عيها عبد الله بن الزبير فنفث في اذنها وقلبها في الذروة (5) فخرج رسولها فنادى من أراد أن يسير فليسر فإن


(1) الادب: الجمل الكثير الشعر. وفى بعض النسخ [ الادبب ] بفك الادغام. والنبح: صوت الكلب. والحوأب – بالفتح ثم السكون وهمزة مفتوحة وباء موحدة -: موضع في طريق البصرة. (المراصد) (2) التبذل: ترك التزين ولبس ثياب المهنة. (3) أي يوما ” صعبا ” شديدا ” وعبر عن الشدة بالحمرة. (4) سفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهى سافر، وسفر يسفر سفورا “: خرج إلى السفر ولعل ههنا بمعنى الثاني وإن كان الاول محتملا، قاله المجلسي. (5) في النهاية: في حديث الزبير: سأل عائشة الخروج إلى البصرة فأبت عليه فما زال يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته. جعل فتل وبر ذروة البعير وغاربه مثلا لازالتها عن رأيها كما يفعل بالجمل النفور إذا اريد تأنيسه وازالة نفاره. انتهى.

[ 120 ]

ام المؤمنين خارجة، فلما كان من ندمها أنشأت ام سلمة تقول: لو أن معتصما ” من زلة أحد * كانت لعائشة العتبى على الناس (1) – كم سنة لرسول الله تاركة * وتلو آي من القرآن مدراس – قد ينزع الله من ناس عقولهم * حتى يكون الذي يقضي على الناس – فيرحم الله ام المؤمنين لقد * كانت تبدل إيحاشا ” بإيناس – قال أبو العباس ثعلب: (2) قوله: ” يقمؤ في بيتك ” يعني يأكل ويشرب ” وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه ” البذخ: النفخ والرياء والكبر ” سكني عقيراك “: مقامك، و بذلك سمي العقار لأنه أصل ثابت، وعقر الدار: أصلها، وعقر المرأة: ثمن بضعها. ” فلا تضحى بها ” قال الله عزوجل: ” وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى ” (3) لا تبرز للشمس، قال النبي صلى الله عليه وآله لرجل محرم: ” أضح لمن أحرمت له ” أي اخرج إلى البراز والموضع الظاهر المنكشف من الاغطية والسقوف. ” الفراطة في البلاد “: السعي والذهاب. ” لاترأبه النساء “: لا تضمه النساء. حمادي النساء: ما يحمد منهن. ” غض بالأطراف ” لا يبسطن أطرافهن في الكلام ” قصر الوهادة ” جمع وهد ووهاد والوهاد الموضع المنخفض (4) ” ناصة قلوصا ” النص: السوق بالعنف ومن ذلك الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان إذا وجد فجوة نص أي أسرع ومن


(1) في بعض النسخ [ كانت لعائشة الرتبا على الناس ]. (2) أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد النحوي الشيباني بالولاء، شيخ أديب بارع كان امام الكوفيين في النحو واللغة قرأ على ابن الاعرابي والزبير بن بكار وكان الشيوخ يقدمونه عليهم وهو حديث السن لعلمه وفضله وهو صاحب كتاب الفصيح في اللغة الذى نسب إليه الفصيحى لكثرة تكراره عليه ودرسه اياه وسمى الرجل ثعلب لانه كان إذا سئل عن مسألة أجاب من ههنا وههنا فشبهوه بثعلب إذا أغار، توفى سنة 201 من الهجرة ببغداد وله إحدى وتسعون سنة وكان سبب وفاته على ما يحكى انه خرج يوم جمعة بعد العصر من الجامع وفى يده كتاب ينظر إليه في الطريق فصدمته فرس فألقته في هوة كانت هناك فأخرجوه منها وهو كالمختلط فحمل إلى منزله وكان يتأوه من رأسه فمات بعد يومين ودفن في مقابر الشام في حجرة اشتريت له. (الكنى للمحدث القمى). (3) طه: 119. (4) قد مر أنه تصحيف وكان ذلك في نسخة أبى العباس أو نسخة المؤلف ولذا ذكره في كتاب الجمل أيضا ” مصحفا ” وفى لسان العرب في مادة ” حمد ” ” حماديات النساء غض الطرف وقصر الوهادة ” وهو أيضا ” تصحيف لانه لا مناسبة له بالكلام وقد مر.

[ 121 ]

ذلك نص الحديث أي رفعه إلى أهله بسرعة. ” من منهل إلى آخر ” المنهل: الذي يشرب فيه الماء. ” مهواك “: الموضع الذي تهوين وتستقرين فيه قال الله عزوجل: ” والنجم إذا هوى (1) ” أي نزل. ” سدافته ” من السدفة وهي شدة الظلمة. ” قاعة الستر ” قاعة الدار: صحنها. السدة: الباب. (2) وقال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: أخبرني العكلي الحرماري، (3) عن صالح بن أسود بن صنعان الغنوي قال: حدثني مسمع بن عبد الله البصري (4) عن رجل قال: لما بعث علي بن أبي طالب صلوات الله صعصعة بن صوحان إلى الخوارج قالوا له: أرأيت لو كان علي معنا في موضعنا أتكون معه ؟ قال: نعم، قالوا: فأنت إذا مقلد عليا ” دينك، ارجع فلا دين لك، فقال لهم صعصعة: ويلكم ألا اقلد من قلد الله فأحسن التقليد فاضطلع بأمر الله صديقا ” لم يزل أولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اشتدت الحرب قدمه في لهواتها فيطؤ صماخها بأخمصه (5) ويخمد لهبها بحده، مكدودا ” في ذات الله عنه، يعبر رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون فأنى تصرفون ؟ وأين تذهبون ؟ وإلى من ترغبون وعمن تصدفون ؟ عن القمر الباهر، والسراج الزاهر، وصراط الله المستقيم، وحسان الأعد المقيم (6) قاتلكم الله أنى تؤفكون ؟ أفي الصديق الأكبر والغرض الأقصى ترمون، طاشت عقولكم وغارت حلومكم وشاهت وجوهكم، (7) لقد علوتم القلة من الجبل وباعدتم العلة


(1) النجم: 2. (2) رواه الصدوق في كتاب معاني الاخبار ص 106 والطبرسي في الاحتجاج ص 73 من الطبعة الاولى وص 88 من طبع النجف وأخرجه ابن أبى الحديد عن غريب الحديث لابي محمد عبد الله ابن مسلم بن قتيبة في المجلد الثاني من شرح النهج ص 79 من الطبعة الاولى وص 123 من الطبعة الثانية وروى المؤلف شطرا ” منه في كتاب الجمل ص 112. وأخرجه ابن قتيبة في الامامة والسياسة ج 1 ص 45 وابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2 ص 227 بعنوان كتاب ام سلمة إلى عائشة. (3) العكلى – بالعين المهملة المضمومة والكاف الساكنة واللام – نسبة إلى ابي قبيلة من العدنانية والرجل لم أتحقق من هو. (4) في بعض النسخ [ سبيع بن عبد الله ]. (5) ” يطؤ صماخها بأخمصه ” الاخمص من باطن القدم ما لم يبلغ الارض وهو كناية عن الاستيلاء على الحرب واذلال أهلها. (6) في بعض النسخ [ وسبيل الله المقيم ]. (7) الطيش: الخفة. وشاهت الوجوه أي قبحت.

[ 122 ]

من النهل (1) أتستهدفون أمير المؤمنين صلوات الله عليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ لقد سولت لكم أنفسكم خسرانا ” مبينا “. فبعدا ” وسحقا ” للكفرة الظالمين، عدل بكم عن القصد الشيطان وعمى لكم عن واضح المحجة الحرمان، فقال له عبد الله بن وهب الراسبي (2): نطقت يا ابن صوحان بشقشقة بعير وهدرت فأطنبت في الهدير، أبلغ صاحبك أنا مقاتلوه على حكم الله والتنزيل، فقال عبد الله بن وهب أبياتا ” قال العكلي الحرماري: ولا أدري أهي له أم لغيره: نقاتلكم كي تلزموا الحق وحده * ونضربكم حتى يكون لنا الحكم – فإن تبتغوا حكم الإله نكن لكم * إذا ما اصطلحنا الحق والأمن والسلم – وإلا فإن المشرفية محذم * بأيدي رجال فيهم الدين والعلم (3) – فقال صعصعة: كأني أنظر إليك يا أخا راسب مترملا ” بدمائك، يحجل الطير بأشلائك، (4) لا تجاب لكم داعية ولا تسمع لكم واعية، يستحل ذلك منكم إمام هدى، قال الراسبي: سيعلم الليث إذا التقينا * دور الرحى عليه أو علينا أبلغ صاحبك أنا غير راجعين عنه أو يقر لله بكفره أو يخرج عن ذنبه فإن الله قابل التوب، شديد العقاب، وغافر الذنب، فإذا فعل ذلك بذلنا المهج. فقال صعصعة: ” عند الصباح يحمد القوم السرى “. (5) ثم رجع إلى علي صلوات الله عليه فأخبره بما جرى بينه وبينهم فتمثل علي عليه السلام:


(1) العل: الشربة الثاني أو الشرب بعد الشرب تباعا “. والنهل – محركة -: أول الشرب. (2) كان هو رأس الخوارج والراسبي منسوب إلى بنى راسب وهى قبيلة نزلت البصرة. وانما هو رأس الخوارج لانه أول من بايعه الخوارج بعد التحكيم في الكوفة وذلك اول نبوغ الخوارج على وجه الارض. (3) المشرفى: المنسوب إلى مشارف الشام وقرى من ارض العرب تدنو من الريف، وسيف مشرفى باللفظ المفرد وسيوف مشرفية بهاء منسوبة إليها. والمحذم، والحذم – بفتح الحاء وكسر الذال – من السيوف: القاطع. (4) يقال: حجل الطائر إذا نزى في مشيته. والاشلاء: الاعضاء. (5) قال الميداني: هو مثل يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة.

[ 123 ]

أراد رسولاي الوقوف فراوحا * يدا ” بيد ثم اسهما لي على السواء بؤسا ” للمساكين يا ابن صوحان، أما لقد عهد إلي فيهم وإني لصاحبهم وما كذبت ولا كذبت وإن لهم ليوما ” يدور فيه رحى المؤمنين على المارقين فيها فياويحها حتفا “، ما أبعدها من روح الله، ثم قال: إذا الخيل جالت في الفتى وتكشفت * عوابس لا يسألن غير طعان – فكرت جميعا ” ثم فرق بينها * سقى رمحه منها بأحمر قان – فتى لا يلاقي القرن إلا بصدره * إذا أرعشت أحشاء كل جبان – ثم رفع رأسه ويديه إلى السماء وقال: ” اللهم اشهد – ثلاثا ” – قد أعذر من أنذر وبك العون وإليك المشتكى وعليك التكلان وإياك ندرء في نحورهم أبى القوم إلا تماديا ” في الباطل ويأبى الله إلا الحق، فأين يذهب بكم عن حطب جهنم وعن طيب المغنم. وأشار إلى أصحابه وقال: استعدوا لعدوكم فإنكم غالبوهم بإذن الله، ثم تلا عليهم آخر سورة آل عمران. (1) حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، عن عمه الأصمعي قال: حدثني بعض أصحابنا، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي الحسن جمهور مولى المنصور قال: أخرج إلي بعض ولد سليمان بن علي كتابا ” بخط عبد المطلب وإذا شبيه بخط النساء (2) بسمك اللهم ذكر حق عبد المطلب بن هاشم من أهل مكة على فلان بن فلان الحميرى من أهل زول صنعاء (3) عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا ” بالجديد (4) ومتى دعاه بها أجابه شهد الله والملكان (5). حدثنا أبو الحسن علي بن زنجويه الدينوري قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن زياد في قرية رام قال: حدثني أبي زياد بن قيد، عن أبيه قيد بن زياد، عن جده زياد بن أبي هند،


(1) نقله المجلسي في البحار ج 8 ص 614 من الاختصاص. (2) في بعض النسخ [ بخط الصبيان ]. (3) زول: مكان باليمن. (4) الجديد ضرب من المسكوكات. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في المجلد السادس من بحار الانوار ص 36.

[ 124 ]

عن أبي هند الداري قال: اهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طبقا ” مغطى فكشف الغطاء عنه ثم قال: كلوا بسم الله نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب بالوصب (1) ويطفئ الغضب ويرضى الرب ويذهب بالبلغم ويطيب النكهة ويصفي اللون (2). حدثنا علي بن زنجويه قال: حدثنا سلمة بن مسيب قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى. وقال في الغربة: يا غريبا يسير بين الجبال * يا جبال ترفقي بالغريب – يا غريبا ” من أهله والليالي * ردك الله سالما ” يا غريب * (كتاب محمد بن أبى بكر إلى معاوية) * من محمد بن أبي بكر – رضي الله عنه – إلى معاوية بن أبي سفيان سلام على أهل طاعة الله ممن هو سلم لأهل ولاية الله. أما بعد فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقه بلا عبث منه ولا ضعف في قوته ولا من حاجة به إليهم ولكنه خلقهم عبيدا “، فجعل منهم غويا ” ورشيدا ” وشقيا ” و سعيدا “، ثم اختار على علم فاصطفى وانتخب محمدا ” صلى الله عليه وآله فانتجبه واصطفاه برسالاته وأرسله بوحيه وئتمنه (وائتمنه) على أمره وبعثه رسولا ” مصدقا ” ودليلا “، فكان أول من أجاب وأناب وصدق وآمن وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب صدقه بالغيب المكتوم، وآثره على كل حميم، ووقاه كل هول وواساه بنفسه في كل خوف، حارب من حاربه وسالم من سالمه، ولم يزل باذلا ” نفسه في ساعات الخوف والجوع والجد والهزل (3) حتى أظهر الله دعوته و أفلج حجته (4) وقد رأيتك أيها الغاوي تسأميه وأنت أنت وهو هو المبرز السابق في كل حين


(1) الوصب: المرض والوجع الدائم. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في المجلد الرابع عشر من البحار ص 845. (3) في بعض النسخ [ ولم يزل مبتذلا لنفسه في ساعات الازل ومقامات الروع حتى برز سابقا “، لا نظير له فيمن اتبعه ولا مقارب له في فعله ] والازل: الضيق والشدة. (4) أفلج حجته أي أظفر حجته وبرهانه وغلبه على عدوه ونصره.

[ 125 ]

أول الناس إسلاما ” وأصدق الناس نية وأطيب الناس ذرية وخير الناس زوجة وأفضل الناس إخوة، وابن عمه ووصيه وصفيه وأخوه الشاري لنفسه يوم مؤتة وعمه سيد الشهداء يوم أحد وأبوه الذاب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وعن حوزته وأنت اللعين بن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان على رسول الله صلى الله عليه وآله الغوائل وتجهدان على إطفاء نوره وتجمعان عليه الجموع وتؤلبان عليه القبائل (1) وتبذلان فيه المال، هلك أبوك على ذلك وعلى ذلك خلفك، والشاهد عليك بفعلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤوس النفاق وأهل الشقاق لرسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته والشاهد لعلي بن أبي طالب عليه السلام بفضله المبين وسبقه القديم أنصاره الذين معه الذين ذكروا بفضلهم في القرآن أثنى الله عليهم من المهاجرين والانصار، فهم معه كتائب وعصائب من حوله يجالدون بأسيافهم ويهريقون دماءهم دونه يرون الحق في اتباعه والشقاء في خلافه، فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي وعلي أخو رسول الله صلى الله عليه وآله و وصيه وأبو ولده وأول الناس له اتباعا ” وآخرهم به عهدا “، يخبره بسره ويشركه في أمره وأنت عدوه، وابن عدوه، فتمتع ما استطعت بباطلك وليمددك ابن العاصي في غوايتك وكأن أجلك قد انقضى وكيدك قد وهى، ثم تستبين لمن تكون العاقبة العليا، واعلم أنك إنما تكايد ربك. الذي قد أمنت كيده في نفسك، وأيست من روحه، وهو لك بالمرصاد، وأنت منه في غرور وبالله ورسوله وأهل رسوله عنك الغنى والسلام على من اتبع الهدى. وكتب محمد بن أبي بكر – رضي الله – عنه بهذا الشعر إلى معاوية: معوي ما أمسى هوى يستقيدني * إليك ولا اخفى الذي لا اعالن – ولا أنا في الاخرى إذا ما شهدتها * بنكس ولا هيابة في المواطن (2) – حللت عقال الحرب جبنا ” وإنما * يطيب المنايا خائنا ” وابن خائن – فحسبك من إحدى ثلاث رأيتها * بعينك أو تلك التي لم تعاين –


(1) أي تجمعان عليه القبائل. والالب – بكسر الهمزة – القوم تجمعهم عداوة واحد. (2) النكس – بكسر النون -: السهم الذى ينكسر فوقه فيجعل أعلاه اسفله. وأيضا “: القصير، والرجل الضعيف، والدنى الذى لا خير فيه، والمقصر عن غاية النجدة والكرم. وهابه: خافه و اتقاه وهو هائب وهيوب وهيوبة وهياب وهيبان وهيبان وهيابة.

[ 126 ]

ركوبك بعد الأمن حربا ” مشارفا ” * وقد دميت أظلافها والسناسن (1) – وقدحك بالكفين توري ضريمة * من الجهل أدتها إليك الكهائن (2) – ومسحك أقراب الشموس كأنها * تبس بإحدى الداحيات الحواضن (3) – تنازع أسباب المروءة أهلها * وفي الصدر داء من جوى الغل كامن – فلما قرأ معاوية كتاب محمد كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن أبي سفيان إلى محمد بن أبي بكر الزاري على أبيه (4). أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه ما الله أهله من سلطانه وقدرته واصطفاه رسوله مع كلام ألفته ووضعته، لرأيك فيه تضعيف، ولأبيك فيه تعنيف، وذكرت فضل علي بن أبي طالب وقديم سوابقه وقرابته لرسول الله صلى الله عليه وآله ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول، فكان احتجاجك علي وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فأحمد ربا ” صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وآله نرى حق ابن أبي طالب لازما ” لنا، وفضله مبرزا ” علينا حتى اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله ما عنده، وأتم له وعده، وأظهر له دعوته وأفلج له حجته، ثم قبضه الله إليه فكان أول من ابتزه حقه أبوك وفاروقه، (5) وخالفاه في أمره، على ذلك اتفقا واتسقا، ثم إنهما


(1) ” مشارفا ” حال من المضاف إليه في ركوبك بمعنى مفاخرا ” أو مقاربا ” أو مدانيا “. وأظلاف جمع ظلف – بكسر الظاء – وهو لما اجتز من الحيوانات كالبقرة والظبى بمنزلة الحافر للفرس. والسناسن جمع سنسن وسنسنة وهو طرف فقار الظهر ورأس المحالة وطرف الضلع التى في الصدر. (2) قدح واقتدح بالزند: حاول اخراج النار منه وروى الزند – كوعى – خرجت ناره ومنه قوله تعالى: ” فالموريات قدحا “. والضريم: الحريق، وضرمت النار اشتعلت. (3) الاقراب جمع قرب – كاقفال وقفل – وقرب – بضم الراء ايضا ” – كاعناق وعنق بمعنى الخاصرة أو من الخاصرة إلى السرة، والشموس من الخيل: الشامس وهو الفرس الذى تمنع ان يمكن أحدا ” من امتطائه ومن اسراجه أو إلجامه وكاد لا يستقر. وقوله: ” تبس ” أي تسوق و الحواضن جمع حاضن يقال: حمامة حاضن وحمام حواضن أي جواثم. والداحيات هكذا في النسخ ولعل المراد بها الادحيات – والادحى ككرسي -: مبيض النعام. (4) زرى عليه: عابه. (5) ” ابتزه حقه ” أي سلبه اياه.

[ 127 ]

دعواه ليبايعهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما (1)، فهما به الهموم، وأرادا به العظيم، ثم إنه بايع لهما وسلم فلم يشركاه في آمرهما ولم يطلعاه على سرهما حتى قبضا على ذلك، [ وانقضى أمرهما ] ثم قام ثالثهما من بعدهما عثمان بن عفان فاقتدى بهديهما [ وسار بسيرتهما ] فعتبه أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي وبطنتما له و أظهر تماله العداوة حتى بلغتما فيه منا كما، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر وقس شبرك بفترك (2) فكيف توازي من يوازن الجبال حلمه، ولا تعب من مهد له أبوك مهاده، وطرح لملكه وساده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك فيه أول، ونحن فيه تبع، وإن يكن جورا ” فأبوك أول من أسس بناه، فبهديه اقتدينا، وبفعله احتذينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا عليا ” ولسلمنا إليه ولكن عب أباك بما شئت أو دعه والسلام على من أناب ورجع عن غوايته. (3) وروي عن زيد بن علي عليهما السلام أنه كان يقول في قول الله تبارك وتعالى: ” وريشا ” ولباس التقوى (4) “: السيف. وروي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام في قوله: ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ” قال نزلت فينا أهل البيت (5). وروي عن أبي معمر قال: جاء كثير النوا فبايع زيد بن علي ثم رجع فاستقال فأقاله ثم قال: للحرب أقوام لها خلقوا * وللتجارة والسلطان أقوام –


(1) تلكأ عليه: اعتل. وعن الامر: أبطأ وتوقف. (2) الشبر – بكسر الشين -: ما بين طرف الابهام وطرف الخنصر ممتدين. والفتر – بالكسر أيضا -: مابين طرف الابهام وطرف السبابة إذا فتحتهما. (3) روى الكتاب دون الاشعار، والجواب أيضا ” نصر بن مزاحم في كتاب الصفين ص 63. وابن ابى الحديد في شرح النهج ج 1 ص 283 من ط مصر. و 350 من ط بيروت. والطبرسي في الاحتجاج ونقله المجلسي في البحار ج 8 ص 654. (4) اعراف: 26. (5) نقله البحراني في التفسير عن كتاب ما انزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام تأليف الشيخ محمد بن العباس بن مروان بن الماهيار ابن عبد الله البزاز مسندا ” عن ابى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام من الاختصاص ايضا “. والاية في سورة العنكبوت: 69.

[ 128 ]

خير البرية من أمسى تجارته * تقوى الإله وضرب يجتلي الهام (1) وروي عن حكم بن جبير قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام: إن الشعبي يروي عندنا بالكوفة أن عليا قال: خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر، فقال: إن الرجل يفضل على نفسه من ليس هو مثله، حبا ” وتكرما “، ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام فأخبرته ذلك، فضرب على فخذي وقال: هو أفضل منهما كما بين السماء والأرض. وروي عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت لأبي نعيم الفضل بن الدكين: كان زهير بن معاوية يحرس خشبة زيد بن علي ؟ قال نعم وكان فيه شر من ذلك، وكان جده الرحيل فيمن قتل الحسين عليه السلام، وكان زهير يختلف إلى قائده وقائده يحرس الخشبة وهو زهير بن معاوية بن خديج بن الرحيل (2). وروي عن سعيد بن عبد العزيز قال: كان الغالب على مكحول علم علي بن أبي طالب عليه السلام وكان إذا ذكر عليا ” لا يسميه ويقول: أبو زينب (3). وروي عن ابن عباس أنه كان يقول: إن بني امية وطئوا على صماخ الدين و ذبحوا كتاب الله بشفرة (4). وروي عن ابن كدينة الأودي (5) قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (6) ” فيمن نزلت قال: في رجلين من قريش. وروي عن جابر الجعفي قال: كنت ليلة من بعض الليالي عند أبي جعفر عليه السلام


(1) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 50 من الاختصاص. (2) نقله المجلسي في البحار ج 11 ص 50 من الاختصاص والمامقاني في التنقيح ج 1 ص 453 وقال بعد نقل الرواية من الكتاب: أقول: كان أبوه معاوية بن خديج صاحب معاوية فهو قاتل محمد بن أبي بكر بمصر فيكون نسبه أعرق في الخبث. (3) قال المامقانى: مكحول غير مذكور في رجالنا وانما عده أبو موسى من الصحابة واصفا ” له بمولى رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر ابن أبى الحديد في شرح النهج أنه كان من المبغضين لامير المؤمنين عليه السلام وروى هو عن زهير بن معاوية عن الحسن بن الحسن قال: لقيت مكحولا فإذا هو مضليع يعنى مملوء بغضا لامير المؤمنين عليه السلام فلم أزل به حتى لان وسكن. انتهى (4) الشفرة: السكين العظيمة العريضة. (5) كذا والظاهر أنه أبو كريبة الازدي. (6) الحجرات: 2 ونقله البحراني في تفسير البرهان عن الكتاب. الاختصاص – 8 –

[ 129 ]

فقرأت هذه الآية ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ” (1) قال: فقال عليه السلام: مه يا جابر كيف قرأت ؟ ! قال: قلت: ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ” قال: هذا تحريف يا جابر، قال: قلت: فكيف أقرء – جعلني الله فداك – ؟ قال: فقال: ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله ” هكذا نزلت يا جابر لو كان سعيا ” لكان عدوا ” لما كرهه رسول الله صلى الله عليه وآله لقد كان يكره أن يعدو الرجل إلى الصلاة، يا جابر لم سميت يوم الجمعة جمعة ؟ قال: قلت: تخبرني جعلني الله فداك، قال: أفلا اخبرك بتأويله الأعظم ؟ قال: قلت: بلى جعلني الله فداك، قال: فقال: يا جابر سمى الله الجمعة جمعة لأن الله عزوجل جمع ذلك اليوم الأولين والآخرين وجميع ما خلق الله من الجن والإنس وكل شئ خلق ربنا والسموات والأرضين والبحار والجنة والنار وكل شئ خلق الله في الميثاق فأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولعلي عليه السلام بالولاية وفي ذلك اليوم قال الله للسماوات والأرض: ” ائتيا طوعا ” أو كرها ” قالتا أتينا طائعين ” (2) فسمى الله ذلك اليوم الجمعة لجمعه فيه الأولين والآخرين، ثم قال عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة ” من يومكم هذا الذي جمعكم فيه والصلاة أمير المؤمنين عليه السلام يعني بالصلاة الولاية وهي الولاية الكبرى ففي ذلك اليوم أتت الرسل والأنبياء والملائكة وكل شئ خلق الله والثقلان الجن والإنس والسماوات والأرضون والمؤمنون بالتلبية لله عزوجل ” فامضوا إلى ذكر الله ” وذكر الله أمير المؤمنين ” وذروا البيع ” يعني الأول ” ذلكم ” يعني بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وولايته ” خير لكم ” من بيعة الأول وولايته ” إن كنتم تعلمون “، ” فإذا قضيت الصلاة ” يعني بيعة أمير المؤمنين ” فانتشروا في الأرض ” يعني بالأرض: الأوصياء، أمر الله بطاعتهم وولايتهم كما أمر بطاعة الرسول وطاعة أمير المؤمنين عليه السلام كنى الله في ذلك عن أسمائهم فسماهم بالأرض ” وابتغوا فضل الله ” قال جابر: ” وابتغوا من فضل الله ” قال: تحريف هكذا انزلت وابتغوا فضل الله على الأوصياء ” واذكروا الله كثيرا ” لعلكم تفلحون ” ثم خاطب الله عزوجل في ذلك الموقف صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد


(1) الجمعة: 9. (2) فصلت: 11.

[ 130 ]

” إذا رأوا ” الشكاك والجاحدون ” تجارة ” يعني الأول ” أو لهوا ” يعني الثاني انصرفوا إليها قال: قلت: ” انفضوا إليها ” قال: تحريف هكذا نزلت ” وتركوك ” مع علي ” قائما “، قل ” يا محمد ” ما عند الله ” من ولاية علي والأوصياء ” خير من اللهو ومن التجارة ” يعني بيعة الأول والثاني للذين اتقوا، قال: قلت: ليس فيها للذين اتقوا، قال: فقال: بلى هكذا نزلت الآية وأنتم هم الذين اتقوا ” والله خير الرازقين ” (1). وروي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن يوم الجمعة وليلتها فقال: ليلتها غراء ويومها أزهر وليس على الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معتقا ” من النار من يوم الجمعة، فمن مات يوم الجمعة عارفا ” بحق أهل البيت كتب له براءة من النار وبراءة من عذاب القبر، ومن مات ليلة الجمعة اعتق من النار. (2) وروى علي بن مهزيار رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات ليلة الجمعة عارفا ” بحقنا عتق من النار وكتب له براءة من عذاب القبر (3). الحمد لله وحده والصلاة على محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيرا “. قرن إسرافيل برسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث سنين يسمع الصوت ولا يرى شيئا ” ثم قرن به جبرئيل عليه السلام عشرين سنة وذلك حيث اوحي إليه فأقام بمكة عشر سنين، ثم هاجر إلى المدينة فأقام بها عشر سنين وقبض صلى الله عليه وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة (4). ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين سنة وولي الأمر سنتين وستة أشهر. (5) وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة وولي الأمر عشر سنين وستة أشهر. وقتل عثمان وهو ابن إحدى وثمانين سنة وولي اثنى عشر سنة. (6)


(1) نقله البحراني من الكتاب في تفسير البرهان ج 4 ص 334. وفى جميع المواضع التى قال عليه السلام: ” هكذا نزلت ” أي بذلك التأويل نزلت كما هو الظاهر لمن تدبر أو تتبع أخبار التحريف. (2) رواه الكليني مسندا ” في الكافي ج 3 ص 415 ونقله المجلسي من دعائم الاسلام في ج 18 ص 747. (3) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الثامن عشر ص 747. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في المجلد السادس ص 553. (5) نقله المجلسي في البحار ص 272. (6) نقله المجلسي في البحار ج 8 ص 375.

[ 131 ]

وقتل أمير المؤمنين صلوات عليه عليه وهو ابن ثلاث وستين سنة، تزعم العامة أنه قتل وهو ابن سبعة وخمسين سنة وولي الأمر خمس سنين (1). وهلك معاوية لعنه الله وهو ابن ثمانية وسبعين سنة وولي الأمر عشرين سنة. (2) وهلك ابنه يزيد لعنه الله لعنا ” وبيلا ” وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وولي الأمر أربعة سنين. وهلك معاوية بن يزيد وهو ابن إحدى وعشرين سنة وولي الأمر أربعين ليلة. (3) مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر عبد العزيز بن مروان، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك، الوليد بن يزيد بن عبد الملك، يزيد بن الوليد بن عبد الملك، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، مروان ابن محمد الحمار. (4)


قال الكليني في المجلد الاول من الكافي ص 452: ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقتل عليه السلام في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الاحد سنة اربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة، بقى بعد قبض النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة وقال المسعودي في اثبات الوصية ص 118 من الطبع الحجرى وص 126 من طبع النجف: قبض عليه السلام في ليلة الجمة لتسع ليال بقين من شهر رمضان فكان عمره خمسا ” وستين سنة وروى ثلاثا ” وستين سنة منها مع النبي خمس وثلاثون سنة وبعده ثلاثون سنة. أقول: ذكر المجلسي – رحمه الله – اختلافات العامة في مدة حياته عليه السلام في مرآة العقول ج 1 ص 374 فليراجع. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 562. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 34. (4) كذا. والظاهر أن المؤلف – رحمه الله – عنون هذه الاسماء ليذكر تاريخهم ومدة خلافتهم بعد فانصرف أو نسى أو لم يمهله الاجل.

[ 132 ]

(أحاديث وصايا النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام) بسم الله الرحمن الرحيم أحمد قال: حدثنا عمرو بن حفص، (1) وأبو نصر، عن محمد بن الهيثم، عن إسحاق بن نجيح، عن حصيب، عن مجاهد، عن الخدري قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام: فقال: يا علي إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفها حين تجلس واغسل رجليها و صب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين نوعا ” من الفقر، وأدخل سبعين نوعا ” من البركة، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس (2) حتى تنال بركتها كل زاوية في بيتك وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص وأن لا تصيبها ما دامت في تلك الدار وامنع العروس في اسبوعها الأول من الألبان والخل والكزبرة والتفاحة الحامضة من هذه الأربعة الأشياء. قال علي عليه السلام: يا رسول الله ولأي شئ أمنعها هذه الأربعة الأشياء ؟ قال: لأن الرحم يعقم ويبرد بهذه الأشياء عن الولد، والحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد. قال علي عليه السلام: يا رسول الله فما بال الخل منع منه ؟ قال: إذا حاضت على الخل لم تطهر أبدا ” بتمام، والكزبرة تبور الحيض (3) في بطنها وتشد عليها الولادة، والتفاحة الحامضة تقطع حيضها فيصير ذلك داء عليها. ثم قال: يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره فإن الجنون والجذام والبرص يسرع إليها وإلى ولدها.


(1) كذا في نسخة وفى الاخرى ” احمد: قال: حدثنا عمر بن حفص “. (2) ترفرف أي تبسط. (3) بار يبور بورا ” وبوارا ” أي هلك. والسوق أو السلعة: كسدت. والعمل: بطل. وفى بعض نسخ الحديث ” تثير الحيض في بطنها “.

[ 133 ]

يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالأحول من الإنسان. يا علي لا تتكلم عند الجماع فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس ولا تنظر إلى فرج امرأتك وغض بصرك عند الجماع فإنه يورث العمى – يعنى للولد -. يا علي لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مخنثا ” مؤنثا ” (1) متذللا “. يا علي إذا كنت جنبا ” في الفراش فلا تقرأ القرآن فإني أخشى أن تنزل عليكما نار من السماء فتحرقكما. يا علي لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فيقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق. يا علي لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير وإن قضى بينكما ولد يكون بوالا ” في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان. يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر فإنه إذا قضى بينكما ولد ينكث ذلك الولد (2) ولا يصيب ولدا ” إلا على كبر السن. يا علي لا تجامع في ليلة الأضحى فإنه إن قضى بينكما ولد أخشى أن يكون له ست أصابع أو أربع أصابع. يا علي لا تجامع أهلك في وجه الشمس وتلألوئها إلا أن ترخي سترا ” فإنه إن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت. يا علي لا تجامع أهلك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضى بينكما ولد يكون جلادا ” أو قتالا ” أو عريفا ” (3). يا علي لا تجامع أهلك بين الأذان والإقامة، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حريصا ” على هراقة الدماء.


(1) المؤنث والمخنث كلاهما بمعنى. (2) في بعض النسخ [ ينكد ذلك الولد ]. وفى بعضها [ ينكب ذلك الولد ]. (3) العريف – كامير -: رئيس القوم والقيم بامورهم ومن يتعرف الحاكم منه أحوالهم.

[ 134 ]

يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضى بينكما ولد (1) يكون أعمى القلب، بخيل اليد. يا علي لا تجامع امرأتك في نصف من الشعبان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مشوما ” ذا شامة في شعره ووجهه. يا علي لا تجامع أهلك في آخر الشهر – يعني إذا بقي يومان – فإنه إن قضى بينكما ولد يكون معدما “. (2) يا علي لا تجامع أهلك في شهوة اختها فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عشارا ” أو عونا ” للظالم أو يكون هلاك فئام الناس على يده. (3) يا علي إذا جامعت أهلك فقل: ” اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان مما رزقتني ” فإنه إن قضى بينكما ولد لم يضره الشيطان أبدا “. يا علي لا تجامع أهلك في سقوف البنيان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا ” مرائيا ” مبتدعا “. يا علي إذا خرجت في السفر فلا تجامع أهلك تلك الليلة فإنه إن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق وقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين “. يا علي لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا ” لكل ظالم. يا علي عليك بالجماع ليلة الاثنين فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظا ” لكتاب الله، راضيا ” بما قسم الله عزوجل. يا علي إن جامعت أهلك في ليلة الثلثاء فقضى بينكما ولد يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا ” رسول الله، ولا يعذبه الله عز وجل مع المشركين ويكون طيب النكهة من الفم (4) رحيم القلب، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان.


(1) كذا ونسخ الحديث ايضا ” هكذا ولعل جملة ” فانه ان قضى بينكما ولد ” زائدة من النساخ. (2) المعدم: الفقير المحتاج. (3) فئام الناس: جماعة منهم. (4) النكهة: ريح الفهم.

[ 135 ]

يا علي وإن جامعت أهلك في ليلة الخميس فقضى بينكما ولد يكون حكيما ” من الحكماء أو عالما ” من العلماء وإن جامعتها في كبد الشمس (1) فقضى بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون فقيها ويرزقه الله السلامة في الدين والدنيا، وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد يكون خطيبا ” قوالا ” مفوها ” (2)، وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر وقضى بينكما ولد يكون معروفا ” مشهورا ” عالما “، وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة فإنه يرجى أن يكون ولدك من الأبدال إن شاء الله (3). يا علي لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا “، كاهنا “، مؤثرا ” للدنيا على الآخرة (4). يا علي احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن جبرئيل عليه السلام، (5) كمل الحديث بحمد الله ومنه.


(1) كبدت الشمس السماء: صارت في كبيدانها أي وسطها وكبد الشئ وسطها ومعظمها. (2) المفوه: المنطيق، البليغ الكلام، يقال: ” خطيب مفوه “. (3) البدل – بكسر الباء واسكان الدال – والبدل – بالتحريك – والبديل – بفتح الباء و كسر الدال -: الخلف، الكريم، الشريف يقال: ” رجل بدل وبدل ” الجمع أبدال وبدلاء. (4) آثره ايثارا “: اكرمه واختاره وفضله وقدمه على غيره. (5) رواه الصدوق في الفقيه ص 456. وفى العلل ص 174. وفي الامالى المجلس الرابع والثمانين.

[ 136 ]

(حديث منطق بعض الحيوانات) بسم الله الرحمن الرحيم قال: قال ابن عباس شهدنا مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فإذا نحن بعدة من العجم، فسلموا عليه فقالوا: جئناك لنسألك عن ست خصال فإن أنت أخبرتنا آمنا وصدقنا وإلا كذبنا وجحدنا، فقال علي عليه السلام: سلوا متفقهين ولا تسألوا متعنتين، قالوا: أخبرنا ما يقول الفرس في صهيله، والحمار في نهيقه، والدراج في صياحه، و القنبرة في صفيرها، والديك في نعيقه، والضفدع في نقيقه ؟ فقال علي عليه السلام: إذا التقى الجمعان ومشى الرجال إلى الرجال بالسيوف يرفع الفرس رأسه فيقول: ” سبحان الملك القدوس ” و يقول الحمار في نهيقه: ” اللهم العن العشارين “. ويقول الديك في نعيقه بالأسحار: ” اذكروا الله يا غافلين ” ويقول الضفدع في نقيقه: ” سبحان المعبود في لجج البحار “. ويقول الدراج في صياحه: ” الرحمن على العرش استوى “. وتقول القنبرة في صفيرها: ” اللهم العن مبغضي آل محمد “. قال: فقالوا: آمنا وصدقنا وما على وجه الارض من هو أعلم منك، فقال عليه السلام: ألا افيدكم ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: إن للفرس في كل يوم ثلاث دعوات مستجابات تقول في أول نهاره ” اللهم وسع على سيدي الرزق ” وتقول في وسط النهار ” اللهم اجعلني أحب إلى سيدي من أهله وماله ” ويقول في آخر نهاره: ” اللهم ارزق سيدى على ظهري الشهادة ” (1). * (المسوخ وسبب مسخها) * بسم الله الرحمن الرحيم محمد بن أبي عاتكة الدمشقي قال: حدثني الوليد بن سلمة الأزدي، عن عبد الرحمن القرشي، عن حذيفة بن اليمان قال: كنامع رسول الله صلى الله عليه وآله


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار المجلد الرابع عشر ص 660 من الاختصاص.

[ 137 ]

إذ قال: إن الله تبارك وتعالى مسخ من بني آدم اثنى عشر جزءا “، فمسخ منهم القردة، و الخنازير، والسهيل، والزهرة، والعقرب والفيل، والجري – وهو سمك لا يؤكل -، والدعموص، والدب، والضب، والعنكبوت والقنفذ. قال حذيفة: بأبي أنت وامي يا رسول الله صلى الله عليه وآله فسر لنا هذا كيف مسخوا ؟ قال: نعم، أما القردة فمسخوا لأنهم اصطادوا الحيتان في السبت على عهد داود النبي عليه السلام، وأما الخنازير فمسخوا لأنهم كفروا بالمائدة التي نزلت من السماء على عيسى ابن مريم عليهما السلام، وأما السهيل فمسخ لأنه كان رجلا ” عشارا ” فمر به عابد من عباد ذلك الزمان فقال العشار: دلني على اسم الله الذي يمشى به على الماء ويصعد به إلى السماء فدله على ذلك، فقال العشار: قد ينبغي لمن عرف هذا الاسم أن لا يكون في الأرض بل يصعد به إلى السماء فمسخه الله وجعله آية للعالمين، وأما الزهرة فمسخت لأنها هي المرأة التي افتتنت، هاروت وماروت الملكين، وأما العقرب فمسخ لأنه كان رجلا ” نماما ” يسعى بين الناس بالنميمة ويغري بينهم العداوة وأما الفيل فإنه كان رجلا ” جميلا ” فمسخ لانه كان تنكح البهائم والبقر والغنم شهوة من دون النساء، وأما الجري فمسخ لأنه كان رجلا ” من التجار وكان يبخس الناس بالمكيال والميزان، وأما الدعموص فمسخ لأنه كان رجلا ” إذا حضر النساء لم يغتسل من الجنابة ويترك الصلاة فجعل الله قراره في الماء إلى يوم القيامة من جزعه على البرد، وأما الدب فمسخ لأنه كان رجلا ” يقطع الطريق، لا يرحم غنيا ” ولا فقيرا ” إلا سلبه، وأما الضب فمسخ لأنه كان رجلا ” من الأعراب وكانت خيمته على ظهر الطريق وكان إذا مرت القافلة يقول له: يا عبد الله كيف نأخذ الطريق إلى كذا وكذا، فإن أراد القوم المشرق ردهم إلى المغرب وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق وتركهم يهيمون (1) لم يرشدهم إلى سبيل الخير، وأما العنكبوت فمسخت لأنها كانت خائنة للبعل، وكانت تمكن فرجها سواه، وأما القنفذ فإنه كان رجلا ” من صناديد العرب (2) فمسخ لأنه كان إذا نزل به الضيف رد الباب في وجهه ويقول


(1) هام يهيم هيما ” على وجهه: ذهب لا يدرى أين يتوجه. (2) الصناديد جمع الصنديد وهو السيد الشجاع

[ 138 ]

لجاريته اخرجي إلى الضيف فقولي له: إن مولاي غائب عن المنزل فيبيت الضيف بالباب جوعا ” ويبيت أهل البيت شباعا ” مخصبين (1). * (كتاب معاوية إلى على عليه السلام وجواب على عليه السلام) * * (على يد الطرماح إليه) * كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لأضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح (2) ولا يطفئه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب و السلام. فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية فقد كذبت، أنا علي بن أبي طالب، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم احد، وذلك السيف بيدي، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي، لم أستبدل بالله ربا ” وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا ” وبالسيف بدلا ” والسلام على من اتبع الهدى. ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا ” مفوها ” طوالا ” (3)، فقال له: خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه، فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته، ثم ركب جملا ” بازلا ” فتيقا ” مشرفا ” عاليا ” في الهواء (4)، فسار


(1) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الرابع عشر من البحار ص 786. (2) كذا وفى بعض النسخ [ لا يذكيه الريح ]. (3) طرماح – بكسر الطاء وشد الميم – هو أخو حجر بن عدى كان من كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه – السلام كما عده الشيخ تارة منهم قائلا رسوله عليه السلام إلى معاوية أو من اصحاب الحسين عليه السلام كما قاله الشيخ أيضا “: والمفوه: المنطيق. (4) قال الجوهري: بزل البعير فطر نابه أي انشق فهو بازل ذكرا ” كان أو انثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة. وقال: يقال: جمل فتيق إذا انفتق سمنا ” وفى بعض النسخ [ الفنيق ] بالنون وهو الفحل المكرم.

[ 139 ]

حتى نزل مدينة دمشق فسأل عن قواد معاوية، فقيل له: من تريد منهم ؟ فقال: اريد جرولا ” وجهضما ” وصلادة وقلادة وسوادة وصاعقة (1) أبا المنايا، وأبا الحتوف، وأبا الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وشمر بن ذي الجوشن والهدى بن [ محمد بن ] الأشعث الكندي (2)، فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء، فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به، فقال واحد منهم: يا أعرابي أعندك خبر من السماء ؟ قال: نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعلي في القضاء فقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت ؟ قال: من عند التقي النقي إلى المنافق الردي، قالوا له: يا أعرابي فما تنزل إلى الأرض حتى نشاورك ؟ قال: والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم، قالوا: يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم، فكتبوا إليه: أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل، ويكثر فما يكل والسلام. فلما قرأ يزيد الكتاب أمر أن يهول عليه وأن يقام له سماطان بالباب بأيديهم أعمدة الحديد فلما توسطهم الطرماح قال: من هؤلاء كأنهم زبانية مالك في ضيق المسالك عند تلك الهوالك ؟ قالوا: اسكت هؤلاء أعدوا ليزيد، فلم يلبث أن خرج يزيد، فلما نظر إليه قال: السلام عليك يا أعرابي، قال: الله السلام المؤمن المهيمن وعلى ولد أمير المؤمنين، قال: إن أمير المؤمنين يقرء عليك السلام، قال: سلامه معي من الكوفة، قال: إنه يعرض عليك الحوائج، قال: أما أول حاجتي إليه فنزع روحه من بين جنبيه وأن يقوم من مجلسه حتى يجلسه فيه من هو أحق به وأولى منه، قال له: يا أعرابي فإنا ندخل عليه، فما فيك حيلة والسرير قال: السلام عليك أيها الملك، قال: وما منعك أن تقول: يا أمير المؤمنين ؟ قال: نحن * (هامش) (1) الجرول – كجعفر -: الحجارة. والجهضم – كجعفر أيضا ” -: الضخم الهامة، المستدير الوجه والرحب الجنبين، الواسع الصدر، والاسد، وصلد يصلد – كشرف يشرف -: بخل وصلد أي صلب ورجل صلد أي بخيل ولعل اراد بتلك الاسماء خواص معاوية أو خدمه ويكون ذلك نبزا ” واستهزاء لهم. أو الجرول صفة أبي المنايا وجهضم صفة أبى الحتوف وهلم جرا “. (2) كذا.


[ 140 ]

المؤمنون فمن أمرك علينا ؟ فقال: ناولني كتابك، قال: إني لأكره أن أطأ بساطك، قال فناوله وزيري، قال: خان الوزير وظلم الأمير، قال: فناوله غلامي، قال: غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله، قال: فما الحيلة يا أعرابي ؟ قال: ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغرا ” فخذه، فقام معاوية صاغرا ” فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال: يا أعرابي كيف خلفت عليا ” ؟ قال: خلفته والله جلدا “، حريا “، ضابطا “، كريما “، شجاعا “، جوادا “، لم يلق جيشا ” إلا هزمه ولا قرنا ” إلا أرداه ولا قصرا ” إلا هدمه، قال: فكيف خلفت الحسن والحسين ؟ قال: خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين، فصيحين، كريمين، شجاعين، جوادين، شابين، طريين مصلحان للدنيا والآخرة، قال: فكيف خلفت أصحاب علي ؟ قال: خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا، فقال له: يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك، قال: ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت، كيف لو رأيت الفصحاء الادباء النطقاء، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي، قال: الويل لأمك، قال: بل طوبى لها ولدت مؤمنا ” يغمز منافقا ” مثلك، قال له: يا أعرابي هل لك في جائزة ؟ قال: أرى استنقاص روحك، فكيف لا أرى استنقاص مالك (1)، فأمر له بمائة ألف درهم، قال: أزيدك يا أعرابي ؟ قال اسد يدا ” سد أبدا ” (2)، فأمر له بمائة ألف اخرى، فقال ثلثها فإن الله فرد، ثم ثلثها، فقال: الآن ما تقول ؟ فقال: أحمد الله وأذمك، قال: ولم ويلك ؟ قال: لأنه لم يكن لك ولأبيك ميراثا “، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه. ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال اكتب للأعرابي جوابا ” فلا طاقة لنا به فكتب أما بعد يا علي فلأوجهن إليك بأربعين حملا ” من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات، فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له: سوءة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك ؟ ويلك لو جمعت الجن والإنس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت، قال: ما كتبه عن أمري، قال:


(1) في غيره من نسخ الحديث ” اريد استقباض روحك من جسدك فكيف باستقباض مالك “. (2) كذا وفى البحار أي اعط نعمة تكون أبدا ” سيدا ” للقوم. وفى بعض النسخ [ سديدا ” سديدا ” ].

[ 141 ]

إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب، أمن أيهما تعتذر ومن أيهما تعتبر ؟ أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكا ” أشتر جيد العنصر (1) يلتقط الخردل لجيشه وجيوشه، فيجمعه في حوصلته، قال: و من ذلك يا أعرابي ؟ قال: ذلك مالك بن الحارث الأشتر، ثم أخذ الكتاب والجائزة و انطلق به إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فأقبل معاوية على أصحابه فقال: نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه – كمل الخبر – (2). * (ما قرأه أبو عبد الله عليه السلام بعد قراءة القرآن) * روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه إذا قرأ القرآن قال: ” اللهم إنني قد قرأت ما قضيت لي من كتابك الذي أنزلته على نبيك الصادق، فلك الحمد ربنا، اللهم اجعلني ممن أحل حلاله وحرم حرامه وآمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي انسا ” في قبري وانسا ” في حشري وانسا ” في نشري، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأتها لي درجة في أعلى عليين آمين رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم، بسم الله اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله صلواتك عليه وآله وكلامك الناطق على لسان رسولك، فيه حكمك وشرائع دينك، أنزلته على نبيك وجعلته عهدا ” منك إلى خلقك وحبلا ” متصلا ” فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة وقراءتي فيه فكرا ” وفكري اعتبارا “، واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي كتابك على قلبي، ولا على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها بل اجعلني أتدبر آياته و أحكامه آخذا ” بشرائع دينك ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي منه هذرا ” إنك أنت الرؤوف الرحيم.


(1) في بعض النسخ [ جيدا ” أخضر ]. (2) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الثامن ص 587 من البحار.

[ 142 ]

روي هذا الخبر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان إذا أخذ المصحف ونشره قال هذا – كمل الخبر – (1). * (ثمانية لا يقبل الله صلاتهم) * ثمانية لا يقبل الله صلاتهم: الإمام الجائر، والإمام الذي يصلي بالقوم وهم له كارهون، والسكران، ومانع الزكاة، وتارك الوضوء، والزبين، والمرأة تبيت وزوجها عليها ساخط، والحرة تصلي بغير قناع (2). روي عن العالم عليه السلام أنه قال: المستتر بالحسنة له سبعون ضعفا ” والمذيع له واحد والمستتر بالسيئة مغفور لها والمذيع لها مخذول، المقر بذنبه كمن لا ذنب له، وإذا كان الرجل في جوف الليل في صلاته يقر لله بذنوبه ويسأله التوبة وفي ضميره أن لا يرجع إليه فالله يغفر إن شاء الله. قال: رفع رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كتابا ” فيه سعاية فنظر إليه أمير المؤمنين ثم قال عليه السلام: يا هذا إن كنت صادقا ” مقتناك وإن كنت كاذبا ” عاقبناك وإن أحببت القيلة أقلناك (3)، قال: بل تقيلني يا أمير المؤمنين. قول الله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون (4) ” اصبروا على مصائبكم وصابروا على دينكم ورابطوا لإمامكم. * (خلق الانسان) * قال العالم عليه السلام: خلق الله عالمين متصلين، فعالم علوي وعالم سفلي، وركب العالمين جميعا ” في ابن آدم وخلقه كرويا ” مدورا ” فخلق الله رأس ابن آدم كقبة الفلك، وشعره كعدد


(1) نقله المجلسي في المجلد التاسع عشر من البحار ص 52 عن مصباح الانوار وقال بعد نقله: وفى الاختصاص عن ابى عبد الله عليه السلام مثله. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال أبواب الثمانية بتقديم وتأخير وأدنى اختلاف بهذا السند حدثنا أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن احمد بن محمد بن خالد باسناده رفعه إلى ابى عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثمانية لا يقبل لهم صلاة وساق إلى أن قال: قالوا: يا رسول الله: وما الزبين ؟ قال: الذي يدافع الغائط والبول. (3) الاقالة: فسخ البيع، وأقلني عثرتي أي تجاوز عن سيئتى. (4) آل عمران: 200 (*)

[ 143 ]

النجوم، وعينيه كالشمس والقمر، ومنخريه كالشمال والجنوب، واذنيه كالمشرق و المغرب، وجعل لمحه كالبرق وكلامه كالرعد ومشيه كسير الكواكب وقعوده كشرفها، وغفوه كهبوطها (1) وموته كاحتراقها، و خلق في ظهره أربعة وعشرين فقرة كعدد ساعات الليل والنهار، وخلق له ثلاثين معى كعدد الهلال ثلاثين يوما “، وخلق له اثنى عشر عضوا ” وهو مقدار ما تقيم الجنين في بطن امه (2)، وعجنه من مياه أربعة فخلق المالح في عينيه فهما لا يذوبان في الحر ولا يخمدان في البرد، وخلق المر في اذنيه لكيلا تقر بها الهوام، وخلق المني في ظهره لكيلا يعتريه الفساد، وخلق العذب في لسانه فشهد آدم أن لا إله إلا الله (3) وخلقه بنفس وجسد وروح، فروحه التي لا تفارقه إلا بفراق الدنيا و بنفسه التي يرى بها الأحلام والمقامات وجسمه هو الذي يبلى ويرجع إلى التراب – كمل الحديث – (4). يروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: المؤمن هاشمي لأنه هشم الضلال والكفر والنفاق والمؤمن قرشي لأنه أقر للشئ ونحن الشئ وأنكر اللاشئ الدلام وأتباعه، والمؤمن نبطي لأنه استنبط الأشياء فعرف الخبيث من الطيب، والمؤمن عربي لأنه أعرب عنا أهل البيت، والمؤمن أعجمي لأنه أعجم عن الدلام فلم يذكره بخير والمؤمن فارسي لأنه يفرس في الايمان لو كان الايمان منوطا ” بالثريا لتناوله أبناء فارس يعني به المتفرس فاختار منها أفضلها واعتصم بأشرفها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله (5).


(1) غفوه أي نومه، والغفوة: النومة الخفيفة. (2) اكثر الحمل على الاشهر اثنى عشر شهرا ” كما ذكره المجلسي – رحمه الله -. وروى الكليني في باب النوادر من كتاب العقيقة الحديث الثالث عن أبي جعفر عليه السلام سئل عن غاية الحمل بالولد في بطن امه وكم هو ؟ فان الناس يقولون: ربما بقى في بطنها سنين، فقال: كذبوا أقصى حد الحمل تسعة اشهر لا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل امه قبل ان يخرج. (3) في بعض النسخ [ وخلق العذب في لسانه ليجد طعم الطعام والشراب ]. وهكذا في البحار. (4) نقله في البحار ج 14 ص 461. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في الجزء الاول من المجلد الخامس عشر من البحار ص 17 وذكر في توضيحه المراد بالشئ الحق الثابت وباللاشئ الباطل المضمحل ويمكن أن يكون بمعنى المشى أي ما يصلح أن تتعلق به المشية والحق كذلك و ” الدلام ” للاشئ ويكنى به غالبا ” عن المنافق.

[ 144 ]

(من كتاب ابن دأب في فضل امير المؤمنين عليه السلام فيه سبعون منقبة) (له ليس لاحد فيها نصيب) بسم الله الرحمن الرحيم حدثنا عبد الله – رحمه الله – قال: حدثنا أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان قال: روى لنا أبو الحسين محمد بن علي بن الفضل بن عامر الكوفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الفرزدق فزاري البزاز قراءة عليه قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن علي بن عمرويه الطحان وهو الوراق قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن موسى قال: حدثنا علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب (1) قال: لقيت الناس يتحدثون أن العرب كانت تقول: إن يبعث الله فينا نبيا ” يكون في بعض أصحابه سبعون خصلة من مكارم الدنيا والآخرة، فنظروا وفتشوا هل يجتمع عشر خصال في واحد فضلا ” عن سبعين، فلم يجدوا خصالا ” مجتمعة للدين والدنيا ووجدوا عشر خصال مجتمعة في الدنيا وليس في الدين منها شئ ووجدوا زهير بن حباب الكلبي ووجدوه شاعرا “، طبيبا “، فارسا “، منجما “، شريفا “، أيدا “، كاهنا “، قائفا “، عائفا “، زاجرا ” (2) وذكروا أنه عاش ثلاث مائة سنين وأبلى أربعة لحم.


(1) قال المحدث القمى – رحمه الله – في الكنى والالقاب، أبو الوليد عيسى بن يزيد بن بكر ابن دأب – كفلس – كان من أهل الحجاز من كنانة معاصرا ” لموسى الهادى العباسي وكان أكثر أهل عصره أدبا ” وعلما ” ومعرفة بأخبار الناس وأيامهم وكان موسى الهادى يدعو له متكئا ولم يكن غيره يطمع منه في ذلك وكان يقول له: يا عيسى ما استطلت بك يوما ” ولا ليلة ولا غبت عنى الا ظننت أنى لا أرى غيرك، ذكر المسعودي في مروج الذهب بعض أخباره مع الهادى ثم قال: ولابن دأب مع الهادى أخبار حسان يطول ذكرها ويتسع علينا شرحها ولا يتأتى لنا ايراد ذلك في هذا الكتاب لاشتراطنا فيه على انفسنا الاختصار والايجاز انتهى قلت: ويظهر من رواية نقلها صاحب الاختصاص عنه في الخصال الشريفة التى جمعت في امير المؤمنين عليه السلام ولم تجتمع في أحد غيره تشيعه والرواية طويلة أوردها العلامة المجلسي في البحار ج 9 ص 450 لا يحتمل المقام ذكرها. قال ابن قتيبة ولابن دأب عقب بالبصرة وأخوه يحيى بن يزيد وكان أبوهما يزيد أيضا ” عالما ” بأخبار العرب واشعارها وكان شاعرا ” أيضا ” وأغلب على آل دأب الاخبار. انتهى. (2) الايد – ككيس -: القوى. والقائف: الذى يعرف النسب بفراسته ته ونظره إلى اعضاء المولود. والعائف: المتكهن بالطير أو غيرها. الاختصاص – 9 –

[ 145 ]

قال ابن دأب: ثم نظروا وفتشوا في العرب وكان الناظر في ذلك أهل النظر، فلم يجتمع في أحد خصال مجموعة للدين والدنيا بالاضطرار على ما أحبوا وكرهوا إلا في علي بن أبي طالب عليه السلام فحسدوه عليها حسدا أنغل القلوب (1) وأحبط الأعمال، وكان أحق الناس وأولاهم بذلك إذ هدم الله عزوجل به بيوت المشركين ونصر به الرسول صلى الله عليه وآله واعتز به الدين في قتله من قتل من المشركين في مغازي النبي صلى الله عليه وآله. قال ابن دأب: فقلنا لهم: وما هذه الخصال ؟ قالوا: المواساة للرسول صلى الله عليه وآله وبذل نفسه دونه، والحفيظة، ودفع الضيم عنه، والتصديق للرسول صلى الله عليه وآله بالوعد، والزهد و ترك الأمل، والحياء، والكرم، والبلاغة في الخطب، والرئاسة، والحلم، والعلم، والقضاء بالفصل، والشجاعة، وترك الفرح عند الظفر، وترك إظهار المرح، وترك الخديعة والمكر والغدر، وترك المثلة وهو يقدر عليها، والرغبة الخالصة إلى الله، وإطعام الطعام على حبه، وهو ان ما ظفر به من الدنيا عليه، وتركه أن يفضل نفسه وولده على أحد من رعيته و طعامه أدنى ما تأكل الرعية، ولباسه أدنى ما يلبس أحد من المسلمين، وقسمه بالسوية و عدله في الرعية، والصرامة في حربه (2) وقد خذله الناس، وكان في خذل الناس وذهابهم عنه بمنزلة اجتماعهم عليه طاعة لله وانتهاء إلى أمره، والحفظ وهو الذي تسميه العرب العقل حتى سمي اذنا ” واعية، والسماحة، وبث الحكمة، واستخراج الكلمة، والإبلاغ في الموعظة، وحاجة الناس إليه إذا حضر، حتى لا يؤخذ إلا بقوله، وانغلاق كلما في الأرض (3) على الناس حتى يستخرجه، والدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف، والمروءة، وعفة البطن والفرج، وإصلاح المال بيده ليستغني به عن مال غيره، وترك الوهن والاستكانة وترك الشكاية في موضع ألم الجراحة، وكتمان ما وجد في جسده من الجراحات من قرنه إلى قدمه وكانت ألف جراحة في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود ولو على نفسه، وترك الكتمان فيما لله فيه الرضا على ولده، وإقرار الناس بما


(1) انغل القلوب أي أفسدها. (2) الصرامة – بفتح الصاد – ورجل صرامة أي مستبد برأيه، ماض في اموره. (3) في بعض النسخ [ وانفلاق ما في الارض ].

[ 146 ]

نزل به القرآن من فضائله وما يحدث الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله من مناقبه واجتماعهم على أنه لم يرد على رسول الله صلى الله عليه وآله كلمة قط، ولم ترتعد فرائصه في موضع بعثه فيه قط، وشهادة الذين كانوا في أيامه أنه وفر فيئهم وظلف نفسه عن دنياهم، (1) ولم يرتشي في أحكامهم، وزكاء القلب، وقوة الصدر عندما حكمت الخوارج عليه – وهرب كل من كان في المسجد وبقي على المنبر وحده – وما يحدث الناس أن الطير بكت عليه، وما روي عن ابن شهاب الزهري أن حجارة أرض بيت المقدس قلبت عند قتله فوجد تحتها دم عبيط والأمر العظيم حتى تكلمت به الرهبان وقالوا فيه، ودعاؤه الناس إلى أن يسألوه عن كل فتنة تضل مائة أو تهدي مائة، وما روى الناس من عجائبه في إخباره عن الخوارج وقتلهم، وتركه مع هذا أن يظهر منه استطالة أو صلف (2)، بل كان الغالب عليه إذا كان ذلك غلب البكاء عليه، والاستكانة لله حتى يقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا البكاء يا علي ؟ فيقول: أبكي لرضاء رسول الله عني، قال: فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله وملائكته ورسوله عنك راضون، وذهاب البرد عنه في أيام البرد، وذهاب الحر عنه في أيام الحر، فكان لا يجد حرا ” ولا بردا “، والتأييد بضرب السيف في سبيل الله، والجمال قال: أشرف يوما ” على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ما ظننت إلا أنه أشرف علي القمر ليلة البدر، ومباينته للناس في احكام خلقه، قال: وكان له سنام كسنام الثور، بعيد ما بين المنكبين، وإن ساعديه لا يستبينان من عضديه من إدماجهما من إحكام الخلق، لم يأخذ بيده أحدا ” قط إلا حبس نفسه، فإن زاد قليلا ” قتله. قال ابن دأب: فقلنا: أي شئ معنى أول خصاله المواساة ؟ قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله له: إن قريشا ” قد أجمعوا على قتلي فنم علي فراشي، فقال: بأبي أنت وأمي السمع والطاعة لله ولرسوله فنام على فراشه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله لوجهه، وأصبح علي وقريش يحرسه فأخذوه فقالوا: أنت الذي غدرتنا منذ الليلة ؟ فقطعوا له قضبان الشجر فضرب حتى كادوا يأتون على نفسه، ثم أفلت من أيديهم وأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الغار


(1) ظلف نفسه عن الشئ أي كف عنه. ورجل ظلف النفس: مترفع عن الدنايا. (2) الصلف – محركة -: الادعاء ما فوق القدر اعجابا ” وتكبرا “، ومجاوزة قدر الظرف.

[ 147 ]

أن أكثر ثلاثة أباعر: واحدا ” لي وواحدا ” لأبي بكر وواحدا ” للدليل واحمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي، ففعل. قال: فما الحفيظة والكرم ؟ قالوا: مشى على رجليه وحمل بنات رسول الله صلى الله عليه وآله على الظهر، وكمن النهار وسار بهن الليل ماشيا ” على رجليه، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تعلقت قدماه دما ” ومدة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: هل تدري ما نزل فيك ؟ فأعلمه بما لا عوض له لو بقي في الدنيا ما كانت الدنيا باقية، قال: يا علي نزل فيك ” فاستجاب لهم ربي أني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى (1) ” فالذكر أنت والإناث بنات رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الله تبارك وتعالى: ” فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا ” من عند الله والله عنده حسن الثواب (2) “. قال: فما دفع الضيم ؟ قالوا: حيث حصر رسول الله صلى الله عليه وآله في الشعب، حتى أنفق أبو طالب ماله ومنعه في بضع عشرة قبيلة من قريش وقال أبو طالب في ذلك لعلي عليه السلام (3) وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله في اموره وخدمته وموازرته ومحاماته. قال: فما التصديق بالوعد ؟ قالوا: قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بالثواب والذخر، وجزيل المآب لمن جاهد محسنا ” بماله ونفسه ونيته، فلم يتعجل شيئا ” من ثواب الدنيا عوضا ” من ثواب الآخرة، ولم يفضل نفسه على أحد للذي كان عنده وترك ثوابه ليأخذه مجتمعا ” كاملا ” يوم القيامة، وعاهد الله أن لا ينال من الدنيا إلا بقدر البلغة، ولا يفضل له شئ مما أتعب فيه بدنه، ورشح فيه جبينه، إلا قدمه قبله فأنزل الله ” وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ” (4). قال: فقيل لهم: فما الزهد في الدنيا ؟ قالوا: لبس الكرابيس وقطع ما جاوز من أنامله وقصر طول كمه، وضيق أسفله، كان طول الكم ثلاثة أشبار وأسفله اثنى عشر شبرا ” وطول البدن ستة أشبار (5).


(1) آل عمران: 194. (2) آل عمران: 195. (3) كذا. يعنى قال لعلى عليه السلام ما قال وأوصاه به صلى الله عليه وآله. (4) البقر: 110. (5) كذا. وفى الكافي عن زرارة قال: رأيت قميص على عليه السلام الذى قتل فيه عند ابى جعفر عليه السلام فإذا أسفله اثنى عشر شبرا ” وبدنه ثلاثة اشبار.

[ 148 ]

قال: قلنا: فما ترك الأمل ؟ قالوا: قيل له: هذا قد قطعت ما خلف أناملك فمالك لا تلف كمك ؟ قال الأمر أسرع من ذلك، فاجتمعت إليه بنو هاشم قاطبة ” وسألوه وطلبوا إليه لما وهب لهم لباسه، ولبس لباس الناس، وانتقل عما هو عليه من ذلك، فكان جوابه لهم البكاء والشهيق (1)، وقال: بأبي وامي من لم يشبع من خبز البر حتى لقى الله، وقال لهم: هذا لباس هدى يقنع به الفقير ويستر به المؤمن. قال: فما الحياء ؟ قالوا: لم يهجم على أحد قط أراد قتله فأبدا عورته إلا انكفأ عنه حياء منه. قال: فما الكرم ؟ قالوا: قال له سعد بن معاذ وكان نازلا ” عليه في العزاب في أول الهجرة: ما منعك أن تخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ابنته ؟ فقال عليه السلام: أنا أجتري أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ والله لو كانت أمة له ما اجترأت عليه، فحكى سعد مقالته لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قل له يفعل فإني سأفعل، قال: فبكى حيث قال له سعد، قال: ثم قال: لقد سعدت إذا ” ان جمع الله لي صهره مع قرابته، فالذي يعرف من الكرم هو الوضع لنفسه وترك الشرف على غيره وشرف أبي طالب ما قد علمه الناس وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله لأبيه وامه أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم التي خاطبها رسول الله صلى الله عليه وآله في لحدها، وكفنها في قميصه، ولفها في ردائه، وضمن لها على الله أن لا تبلى أكفانها، وأن لا تبدي لها عورة، ولا يسلط عليها ملكي القبر، وأثنى عليها عند موتها، وذكر حسن صنيعها به وتربيتها له، وهو عند عمه أبي طالب وقال: ما نفعني نفعها أحد. ثم البلاغة مال الناس إليه حيث نزل من المنبر فقالوا: ما سمعنا يا أمير المؤمنين أحدا ” قط أبلغ منك ولا أفصح، فتبسم وقال: وما يمنعني ؟ وأنا مولد مكي، ولم يزدهم على هاتين الكلمتين. ثم الخطب فهل سمع السامعون من الأولين والآخرين بمثل خطبه وكلامه، وزعم أهل الدواوين لولا كلام علي بن أبي طالب عليه السلام وخطبه وبلاغته في منطقه ما أحسن أحد


(1) الشهيق: تردد البكاء في الصدر.

[ 149 ]

أن يكتب إلى أمير جند ولا إلى رعية. ثم الرئاسة فجميع من قاتله ونابذه على الجهالة والعمى والضلالة، فقالوا: نطلب دم عثمان ولم يكن في أنفسهم ولا قدروا من قلوبهم أن يدعوا رئاسته معه، وقال هو: أنا أدعوكم إلى الله وإلى رسوله بالعمل بما أقررتم لله ورسوله من فرض الطاعة، وإجابة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الإقرار بالكتاب والسنة. ثم الحلم قالت له صفية بنت عبد الله بن خلف الخزاعي: أيم الله نساءك منك كما أيمت نساءنا وأيتم الله بنيك منك كما أيتمت أبناءنا من آبائهم، فوثب الناس عليها، فقال: كفوا عن المرأة فكفوا عنها، فقالت لأهلها: ويلكم الذين قالوا هذا سمعوا كلامه قط عجبا ” من حلمه عنها (1). ثم العلم، فكم من قول قد قاله عمر: ” لولا علي لهلك عمر “. ثم المشورة في كل أمر جرى بينهم حتى يجيبهم بالمخرج. ثم القضاء لم يقدم إليه أحد قط فقال له: عد غدا ” أو دفعه، إنما يفصل القضاء مكانه، ثم لو جاءه بعد لم يكن إلا ما بدر منه أولا “. ثم الشجاعة كان منها على أمر لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون من النجدة والبأس ومباركة الأخماس علي أمر لم ير مثله، لم يول دبرا ” قط، ولم يبرز إليه أحد قط إلا قتله ولم يكع عن أحد قط (2) دعاه إلى مبارزته ولم يضرب أحدا ” قط في الطول إلا قده، ولم يضربه في العرض إلا قطعه بنصفين، وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله حمله على فرس، فقال: بأبي أنت وامي مالي وللخيل أنا لا أتبع أحدا ” ولا أفر من أحد وإذا ارتديت سيفي لم أضعه إلا للذي أرتدي له. ثم ترك الفرح وترك المرح، أتت البشرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تترى بقتل من قتل يوم أحد من أصحاب الألوية فلم يفرح ولم يختل وقد اختال أبو دجانة ومشى بين الصفين مختالا ” فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع.


(1) كذا في النسختين وفيه تصحيف. وأوردنا القضية بتفصيلها في آخر الكتاب فليراجع. (2) كع يكع كعسا “: ضعف وجبن.

[ 150 ]

ثم لما صنع بخيبر ما صنع من قتل مرحب، وفرار من فر بها قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاعطين الراية رجلا ” يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، فإخباره أنه ليس بفرار معرضا ” عن القوم الذين فروا قبله، فافتتحها وقتل مرحبا ” و حمل بابها وحده فلم يطقه دون أربعين رجلا “، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فنهض مسرورا ” فلما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أقبل إليه انكفأ إليه (1) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بلغني بلاؤك فأنا عنك راض فبكى علي عليه السلام عند ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أمسك ما يبكيك ؟ فقال: ومالي لا أبكي ورسول الله عني راض ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله وملائكته ورسوله عنك راضون، وقال له: لولا أن يقول فيك الطوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك اليوم مقالا ” لا تمر بملأ من المسلمين قلوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يطلبون بذلك البركة. ثم ترك الخديعة والمكر والغدر، اجتمع الناس عليه جميعا “، فقالوا له: اكتب يا أمير المؤمنين إلى من خالفك بولايته ثم اعزله (2)، فقال: المكر والخديعة والغدر في النار. ثم ترك المثلة قال لا بنه الحسن عليه السلام: يا بني اقتل قاتلي وإياك والمثلة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كرهها ولو بالكلب العقور. ثم الرغبة بالقربة إلى الله بالصدقة، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما عملت في ليلتك ؟ قال: ولم يا رسول الله ؟ قال: نزلت فيك أربعة معالي، قال: بأبي أنت وامي كانت معي أربعة دراهم فتصدقت بدرهم ليلا ” وبدرهم نهارا ” وبدرهم سرا ” وبدرهم علانية، قال: فإن الله أنزل فيك ” الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (3) ” ثم قال له: فهل عملت شيئا ” غير هذا فإن الله قد أنزل علي سبعة عشر آية يتلو بعضها بعضا ” من قوله: ” إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ” – إلى قوله: – إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ” ” قوله:


(1) انكفأ إلى كذا أي مال إليه. (2) يعنون معاوية بن أبي سفيان. (3) البقرة: 273.

[ 151 ]

” ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ” ويتيما ” وأسيرا ” (1) ” قال: فقال العالم: أما إن عليا ” لم يقل في موضع: ” إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ” ولكن الله علم من قلبه أنما أطعم لله فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به. ثم هو ان ما ظفر به من الدنيا عليه، أنه جمع الأموال ثم دخل إليها فقال: هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه (2) ابيضي واصفري وغري غيري أهل الشام غدا ” إذا ظهروا عليك، وقال: أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة (3)، ثم ترك التفضيل لنفسه وولده على أحد من أهل الإسلام دخلت عليه اخته ام هاني بنت أبي طالب فدفع إليها عشرين درهما “، فسألت أم هاني مولاتها العجمية فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فقالت: عشرين درهما ” فانصرفت مسخطة، فقال لها: انصرفي رحمك الله ما وجدنا في كتاب الله فضلا ” لإسماعيل على إسحاق، وبعث إليه من خراسان بنات كسرى فقال لهن: ازوجكن ؟ فقلن له: لا حاجة لنا في التزويج فإنه لا أكفاء لنا إلا بنوك، فإن زوجتنا منهم رضينا فكره أن يؤثر ولده بما لا يعم به المسلمين، وبعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا يدرى ما قيمتها فقالت له ابنته ام كلثوم: يا أمير المؤمنين أتجمل به ؟ ويكون في عنقي ؟ فقال: يا أبا رافع أدخله إلى بيت المال ليس إلى ذلك سبيل، حتى لا تبقي امرأة من المسلمين إلا ولها مثل ذلك. وقام خطيبا ” بالمدينة حين ولي فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار يا معشر قريش اعلموا والله أني لا أرزؤكم من فيئكم شيئا ” ما قام لي عذق بيثرب (4)، أفتروني مانعا ” نفسي و ولدي ومعطيكم، ولاسوين بين الأسود والأحمر ؟ فقام إليه عقيل بن أبي طالب فقال: لتجعلني وأسودا ” من سودان المدينة واحدا ” ؟ فقال له: اجلس رحمك الله تعالى أما كان ههنا من يتكلم غيرك ؟ وما فضلك عليهم إلا بسابقة أو تقوى.


(1) الدهر: 4 إلى 21. (2) الجنى: ما يجنى من الثمرة من جنى يجنى فهو جان. وخيار الشئ افضله. (3) اليعسوب: الرئيس الكبير، يقال: هو يعسوب قومه أي رئيسهم. (4) رزأه ماله – كجعله – رزءا “: اصاب منه شيئا. والعذق – بالكسر -: كل غصن له شعب.

[ 152 ]

ثم اللباس استعدى زياد بن شداد الحارثي (1) صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله على أخيه عبيدالله بن شداد فقال: يا أمير المؤمنين ذهب أخي في العبادة وامتنع أن يساكنني في داري ولبس أدنى ما يكون من اللباس (2)، قال: يا أمير المؤمنين تزينت بزينتك، ولبست لباسك، قال: ليس لك ذلك إن إمام المسلمين إذا ولي امورهم لبس لباس أدنى فقيرهم لئلا يتبيغ بالفقير فقره فيقتله (3) فلا علمن ما لبست إلا من أحسن زي قومك، ” وأما بنعمة ربك فحدث ” فالعمل بالنعمة أحب إلي من الحديث بها. ثم القسم بالسوية والعدل في الرعية، ولى بيت مال المدينة عمار بن ياسر وأبا الهيثم ابن التيهان فكتب: العربي والقرشي والأنصاري والعجمي وكل من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم [ سواء ] فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود فقال: كم تعطي هذا فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كم أخذت أنت ؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس قال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير، فلما عرف الناس أنه لافضل لبعضهم على بعض إلا بالتقوى عند الله، أتى طلحة والزبير عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فقالا: يا أبا اليقظان استأذن لنا على صاحبك قال: وعلى صاحبي إذن قد أخذ بيد أجيره واخذ مكتله ومساحته وذهب يعمل في نخلة في بئر الملك، وكانت بئر ينبع سميت بئر الملك فاستخرجها علي بن أبي طالب عليه السلام وغرس عليها النخل، فهذا من عدله في الرعية وقسمه بالسوية. قال ابن دأب: فقلنا: فما أدنى طعام الرعية ؟ فقال: يحدث الناس أنه كان يطعم الخبز واللحم، ويأكل الشعير والزيت، ويختم طعامه مخافة أن يزاد فيه، وسمع


(1) استعدى الرجل استعان به واستنصره. (2) كذا. (3) بيغ وتبيغ أي هاج، والتبيغ: الهيجان والغلبة. وروى مثله الكليني في المجلد الاول من الكافي ص 411 وفيه مكان ” عبيد الله بن شداد ” ربيع بن زياد ومكان ” زياد بن شداد الحارثى ” عاصم بن زياد الحارثى ومثله في النهج قبل كلامه عليه السلام في احاديث البدع واختلاف الخبر وقال ابن ابى الحديد: ان الذى رويته عن الشيوخ ورأيته بخط احمد بن عبد الله الخشاب ان الربيع بن زياد الحارثى اصابه نشابة في جبينه – إلى ان قال: – قال الربيع يا امير المؤمنين: الا اشكو اليك عاصم بن زياد اخى ؟ قال: لبس العباء وترك الملاء وغم اهله الخ راجع ج 3 ص 19 من طبع بيروت.

[ 153 ]

مقلى في بيته فنهض وهو يقول: في ذمة علي بن أبي طالب مقلى الكراكر، قال: ففزع عياله وقالوا: يا أمير المؤمنين إنها امرأتك فلانة نحرت جزورا ” في حيها فأخذ لها نصيب منها فأهدى أهلها إليها، قال: فكلوا هنيئا ” مريئا “، قال: فيقال: إنه لم يشتك ألما إلا شكوى الموت وإنما خاف أن يكون هدية من بعض الرعية وقبول الهدية لوالي المسلمين خيانة للمسلمين. قال: قيل: فالصرامة ؟ قال: انصرف من حربه فعسكر في النخيلة، وانصرف الناس إلى منازلهم واستأذنوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين كلت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا (1) فإذن لنا ننصرف فنعيد بأحسن من عدتنا، وأقام هو بالنخيلة وقال: إن صاحب الحرب الأرق (2) الذي لا يتوجد من سهر ليله وظمأ نهاره ولا فقد نسائه وأولاده، فلا الذي انصرف فعاد فرجع إليه، ولا الذي أقام فثبت معه في عسكره أقام، فملا رأى ذلك دخل الكوفة فصعد المنبر فقال: لله أنتم ! ما أنتم إلا أسد الشرى (3) في الدعة، وثعالب رواغة، ما أنتم بركن يصال به (4) ولا زوافر عز يفتقر إليها، أيها المجتمعة أبدانهم والمختلفة أهواؤهم ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم (5)، مع أي إمام بعدي تقاتلون


(1) كان ذلك بعد منصرفه عليه السلام من نهروان. والاسنة: جمع سنان. و ” نصلت اسنة رماحنا ” أي زال اثرها. (2) الارق: السهر بالليل، وفى النهاية: رجل – ارق ككتف -: إذا سهر لعلة فان كان السهر من عادته قيل: ارق بضم الهمزة والراء -. (3) الشرى: موضع تنسب إليه الاسد، وقيل: هو شرى الفرات وناحيته وبه غياض وآجام و مأسدة. والاسد: جمع أسد. والدعة: خفض العيش أي في وقت الدعة والخفض. والرواغ: كثير الخداع والمكر، يقال: هو ثعلب رواغ وهم ثعالب رواغة. (4) في النهج ” بركن يمال بكم ” أي يمال إلى العدو بقوتكم. وفى تاريخ الطبري والامامة والسياسة ” بركن يصال بكم “. وقوله ” زوافر عز يفتقر إليها ” في الطبري والامامة ” ذى عز يعتصم إليه “. والزوافر جمع زافرة وهى من البناء: ركنه ومن الرجل: عشيرته وانصاره وخاصته وفى بعض خطب النهج ” ولا زوافر عز يعتصم إليها “. (5) ” المختلفة اهواؤهم ” في البيان والتبيين للجاحظ ج 2 ص 56 ” المختلفة اهواؤكم ” وهذا على الالتفات. يعنى المختلفة اراؤهم وميولهم وما تميل إليه قلوبهم. والعزة في الاصل الغلبة و القوة واسناد المنفى إلى الدعوة توسع والمراد ذلة من دعاهم لعدم الاجابة. وقوله: ” قاساكم ” في بعض النسخ [ ماشاكم ].

[ 154 ]

وأي دار بعد داركم تمنعون، فكان في آخر حربه أشد أسفا ” وغيظا ” وقد خذله الناس. (1) قال: فما الحفظ ؟ قال: هو الذي تسميه العرب العقل، لم يخبره رسول الله صلى الله عليه وآله بشئ قط إلا حفظه، ولا نزل عليه شئ قط إلا وعى به، ولا نزل من أعجايب السماء شئ قط إلى الأرض إلا سأل عنه حتى نزل فيه ” وتعيها اذن واعية ” (2). وأتى يوما ” باب النبي صلى الله عليه وآله وملائكته يسلمون عليه وهو واقف حتى فرغوا، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله سلم عليك أربع مائة ملك ونيف، قال: وما يدريك ؟ قال: حفظت لغاتهم. فلم يسلم عليك ملك إلا بلغة غير لغة صاحبه. قال السيد: (3) فظل يعقد بالكفين مستمعا ” * كأنه حاسب من أهل دارينا – أدت إليه بنوع من مفادتها * سفائن الهند يحملن الربا بينا (4) قال ابن دأب: وأهل دارينا قرية من قرى أهل الشام [ أ ] وأهل جزيرة أهلها أحسب قوم. ثم الفصاحة، وثب الناس إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين ما سمعنا أحدا ” قط أفصح منك ولا أعرب كلاما ” منك، قال: وما يمنعني وأنا مولدي بمكة. قال ابن دأب: فأدركت الناس وهم يعيبون كل من استعان بغير الكلام الذي يشبه الكلام الذي هو فيه (5) ويعيبون الرجل الذي يتكلم ويضرب بيده على بعض جسده أو على الأرض أو يدخل في كلامه ما يستعين به فأدركت الاولى وهم يقولون: كان عليه السلام يقوم فيتكلم بالكلام منذ ضحوة (6) إلى أن تزول الشمس، لا يدخل في كلامه غير الذي تكلم


(1) هذه الخطبة مروية في البيان والتبيين ج 2 ص 56 وتاريخ الطبري ج 4 ص 67 ونهج البلاغة بتغييرات. (2) الحاقة: 11. (3) اراد به السيد اسماعيل الحميرى المعروف مادح اهل البيت. (4) الربا بين جمع ربان – بضم الراء وشد الباء الموحدة – هو رئيس الملاحين. وفى بعض النسخ [ سفائن الهند يعلقن الربا بينا ]. (5) هكذا في النسختين وفى البحار. (6) الضحوة: ارتفاع النهار بعد طلوع الشمس.

[ 155 ]

به ولقد سمعوه يوما ” وهو يقول: والله ما أتيتكم اختيارا ” ولكن أتيتكم سوقا ” (1)، أما والله لتصيرن بعدي سبايا سبايا يغيرونكم ويتغاير بكم، أما والله إن من ورائكم الأدبر، لا تبقى ولا تذر، والنهاس الفراس القتال الجموح (2)، يتوارثكم منهم عدة يستخرجون كنوزكم من حجالكم ليس الآخر بأرأف بكم من الأول، ثم يهلك بينكم دينكم و دنياكم، والله لقد بلغني أنكم تقولون: إني أكذب فعلى من أكذب أعلى الله ؟ ! فأنا أول من آمن بالله أم على رسوله ؟ ! فأنا أول من صدق به، كلا والله أيها اللهجة عمتكم شمسها (3) ولم تكونوا من أهلها، وويل لامه، كيلا ” بغير ثمن، لو أن له وعاء (4) ولتعلمن نبأه بعد حين، إني لو حملتكم على المكروه الذي جعل الله عاقبته خيرا ” إذا كان فيه وله، فإن استقمتم هديتم، وإن تعوجتم أقمتكم، وإن أبيتم تداركتكم، لكانت الوثقى التي لا تعلى، ولكن بمن ؟ وإلى من ؟، اداويكم بكم واعاتبكم بكم (5)، كناقش الشوكة بالشوكة أن ضلعها معها (6)، يا ليت لي من بعد قومي قوما “، وليت أن أسبق يومي. هنالك لو دعوت أتاك منهم * رجال مثل أرمية الحميم (7)


(1) في بعض نسخ النهج ” والله ما اتيتكم اختيارا ولا جئت اليكم شوقا “. (2) النهاس: الاسد والذئب وبمعنى النهاش. والفراس: الاسد. والجموح معرب (جموش)، وفى الاحتجاج والارشاد ” النهاس الفراس الجموع المنوع “. (3) كذا وفى النهج [ كلا والله ولكنها لهجة غبتم عنها ]. وفى الاحتجاج للطبرسي ” كلا ولكنها لهجة خدعة كنتم عنها اغنياء “. وهكذا في الارشاد ولعل ما في الكتاب تصحيف. (4) في النهج ” ويلمه كيلا بغير ثمن لو كان له وعاء ” ويلمه مخفف ” ويل لامه “. (5) في النهج ” اريد أن اداوى بكم وانتم دائي “. (6) الضلع – بفتح الضاد وسكون اللام -: الميل وهو مثل يضرب لمن يستعان به على خصم و كان ميله وهواه مع الخصم، وفى الاصل ” لا تنقش الشوكة بالشوكة فان ضلعها معها ” ونقش الشوكة اخراجها من العضو تدخل فيه. (7) قال الشريف الرضى في النهج ذيل خطبة 26: الارمية جمع رمى وهو السحاب والحميم ههنا وقت الصيف، وانما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر لانه اشد جفولا واسرع خفوفا “، لانه ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “

[ 156 ]

اللهم إن الفرات ودجلة نهران (1) أعجمان أصمان أعميان أبكمان، اللهم سلط عليهما بحرك وانزع منهما نصرك، لا النزعة بأشطان الركي (2)، أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه وقرؤوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الرماح زحفا ” زحفا “، وصفا ” صفا “، صف هلك وصف نجا، لا يبشرون بالنجاة، ولا يعزفون عن الفناء، اولئك إخواني الذاهبون فحق لنا أن نظمأ إليهم. ثم رأيناه وعيناه تذرفان وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون إلى عيشة بمثل بطن الحية، متى ؟ لامتي لك منهم، لامتي. قال ابن دأب: هذا ما حفظت الرواة الكلمة بعد الكلمة وما سقط من كلامه أكثر وأطول، مما لا يفهم عنه. ثم الحكمة واستخراج الكلمة بالفطنة التي لم يسمعوها من أحد قط بالبلاغة في الموعظة فكان مما حفظ من حكمته وصف رجلا ” أن قال: ينهى ولا ينتهي ويأمر الناس بما لا يأتي ويبتغي الإزدياد فيما بقي ويضيع ما اوتي، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض المسيئين وهو منهم، يبادر من الدنيا ما يفنى، ويذر من الآخرة ما يبقى، يكره الموت لذنوبه ولا يترك الذنوب في حياته. قال ابن دأب: فهل فكر الخلق إلى ما هم عليه من الوجود بصفته إلى ما قال غيره. ثم حاجة الناس إليه وغناه عنهم إنه لم ينزل بالناس ظلماء عمياء كان لها موضعا ” غيره مثل مجيئ اليهود يسألونه ويتعنتونه ويخبر بما في التوراة وما يجدون عندهم، فكم من يهودي قد أسلم وكان سبب إسلامه هو.


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” لا ماء فيه وانما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء وذلك لا يكون في الاكثر إلا زمان الشتاء، وانما اراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا والاغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: ” هنالك لو دعوت اتاك منهم ” انتهى. اقول: قوله: ” خفوفا ” مصدر غريب لخف بمعنى انتقل وارتحل مسرعا ” والمصدر المعروف الخف. (1) في بعض النسخ [ دجلة نهروان ]. (2) الاشطان جمع شطن وهو الحبل. والركى جمع ركية وهى البئر. وفى النهج ” اللهم قد ملت اطباء هذا الداء الدوى وكلت النزعة بأشطان الركى “.

[ 157 ]

وأما غناه عن الناس فإنه لم يوجد على باب أحد قط يسأله عن كلمة ولا يستفيد منه حرفا “. ثم الدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف، قال: ذكر الكوفيون ان سعيد بن القيس الهمداني رآه يوما ” في شدة الحر في فناء حائط فقال: يا أمير المؤمنين بهذه الساعة ؟ قال: ما خرجت إلا لاعين مظلوما ” أو اغيث ملهوفا “، فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها، لا تدري أين تأخذ من الدنيا حتى وقفت عليه، فقالت: يا أمير المؤمنين ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني فاذهب معي إليه، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول: لا والله حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع (1) وأين منزلك ؟ قالت: في موضع كذا وكذا، فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها، فقالت: هذا منزلي، قال: فسلم فخرج شاب عليه إزار ملونة فقال: اتق الله فقد أخفت زوجتك، فقال: وما أنت وذاك والله لاحرقنها بالنار لكلامك، قال: وكان إذا ذهب إلى مكان أخذ الدرة بيده والسيف معلق تحت يده فمن حل عليه حكم بالدرة ضربه ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله، فلم يعلم الشاب إلا وقد أصلت السيف وقال له: آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر وترد المعروف تب وإلا قتلتك، قال: وأقبل الناس من السكك يسألون عن أمير المؤمنين عليه السلام حتى وقفوا عليه قال: فاسقط في يد الشاب (2) وقال: يا أمير المؤمنين اعف عني عفا الله عنك والله لأكونن أرضا تطأني، فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول: ” لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ” الحمد لله الذي أصلح بي بين مرأة وزوجها، يقول الله تبارك وتعالى: ” لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا ” عظيما ” (3). ثم المروءة وعفة البطن والفرج وإصلاح المال، فهل رأيتم أحدا ” ضرب الجبال بالمعاول فخرج منها مثل أعناق الجزر كلما خرجت عنق قال: بشر الوارث ثم يبدو له فيجعلها صدقة


(1) تعتعه: حركه بعنف وقلقلة، وتعتع في الكلام: تردد فيه من عى. (2) اسقط في يده – على المجهول – أي ندم على فعله. (3) النساء: 114.

[ 158 ]

بتلة (1) إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ليصرف النار عن وجهه ويصرف وجهه عن النار، ليس لأحد من أهل الأرض أن يأخذوا من نبات نخلة واحدة حتى يطبق كلما ساخ عليه ماؤه. قال ابن دأب: فكان يحمل الوسق فيه ثلاث مائة ألف نواة، فيقال له: ما هذا ؟ فيقول: ثلاث مائة ألف نخلة إن شاء الله، فيغرس النوى كلها فلا تذهب منه نواة ينبع وأعاجيبها (2). ثم ترك الوهن والاستكانة، أنه انصرف من احد وبه ثمانون جراحة يدخل الفتائل من موضع ويخرج من موضع فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله عائدا ” وهو مثل المضغة على نطع (3) فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى فقال له: إن رجلا ” يصيبه هذا في الله لحق على الله أن يفعل به ويفعل، فقال مجيبا ” له وبكى: بأبي أنت وامي الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك ولا فررت، بأبي وامي كيف حرمت الشهادة ؟ قال: إنها من ورائك إن شاء الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبا سفيان قد أرسل موعدة بيننا وبينكم حمراء الأسد، فقال: بأبي أنت و امي والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك، قال: فنزل القرآن ” وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (4) ” ونزلت الآية فيه قبلها ” وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا ” مؤجلا ” ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (5) “. ثم ترك الشكاية في ألم الجراحة شكت المرأتان (6) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما يلقى و قالتا، يا رسول الله قد خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع. وكتمانه ما يجد من الألم، قال: فعد ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا فكانت


(1) أي قطعية بحيث لا خيار ولا عود فيها. (2) كذا. (3) النطع – بكسر النون وفتحها وسكون الطاء ومحركة وبكسر النون وفتح الطاء -: بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب. (4) آل عمران: 145. (5) آل عمران: 144. (6) احداهما نسيبة الجراحة والاخرى امرأة غيرها تتصديان معالجة الجرحى في الغزوات.

[ 159 ]

ألف جراحة من قرنه إلى قدمه صلوات الله عليه. ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: خطب الناس وقال: أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرب أجلا ” ولا يؤخر رزقا “، وذكروا أنه توضأ مع الناس في ميضأة المسجد (1) فزحمه رجل فرمى به فأخذ الدرة فضربه به ثم قال له: ليس هذا لما صنعت بي ولكن يجيئ من هو أضعف مني فتفعل به مثل هذا فتضمن، قال: واستظل يوما ” في حانوت من المطر فنحاه صاحب الحانوت. ثم إقامة الحدود ولو على نفسه وولده، أحجم الناس (2) عن غير واحد من أهل الشرف والنباهة وأقدم هو عليهم بإقامة الحدود فهل سمع أحد أن شريفا ” أقام عليه أحد حدا غيره منهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب ومنهم قدامة بن مظعون ومنهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط شربوا الخمر فأحجم الناس عنهم وانصرفوا وضربهم بيده حيث خشي أن تعطل الحدود. ثم ترك الكتمان على ابنته ام كلثوم أهدى لها بعض الأمراء عنبرا ” فصعد المنبر فقال: أيها الناس إن ام كلثوم بنت علي خانتكم عنبرا ” وأيم الله لو كانت سرقته لقطعتها من حيث أقطع نساءكم. ثم القرآن وما يوجد فيه من مغازي النبي صلى الله عليه وآله مما نزل من القرآن وفضائله وما يحدث الناس مما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله من مناقبه التي لا تحصى. ثم أجمعوا أنه لم يرد على رسول الله صلى الله عليه وآله كلمة قط ولم يكع عن موضع بعثه وكان يخدمه في أسفاره ويملأ رواياه وقربه ويضرب خباءه ويقوم على رأسه بالسيف حتى يأمره با لقعود والانصراف، ولقد بعث غير واحد في استعذاب ماء من الجحفة وغلظ عليه الماء فانصرفوا ولم يأتوا بشئ، ثم توجه هو بالرواية فأتاه بماء مثل الزلال واستقبله أرواح فأعلم بذاك النبي صلى الله عليه وآله فقال: ذلك جبرئيل في ألف وميكائيل في ألف ويتلوه إسرافيل في ألف فقال السيد الشاعر: (3) ذاك الذي سلم في ليلة * عليه ميكال وجبريل –


(1) الميضأة – بكسر الميم وسكون الياء وفتح الضاد -. موضع يتوضأ فيه. (2) أحجم عن الشئ: كف أو نكس هيبة. (3) أراد به السيد اسماعيل الحميرى المعروف مادح اهل البيت عليهم السلام.

[ 160 ]

ميكال في ألف وجبريل في * ألف ويتلوهم سرافيل ثم دخل الناس عليه قبل أن يستشهد بيوم فشهدوا جميعا ” أنه قد وفر فيئهم وظلف عن دنياهم ولم يرتشي في [ إجراء ] أحكامهم، ولم يتناول من بيت مال المسلمين ما يساوي عقالا “، ولم يأكل من مال نفسه إلا بقدر البلغة، وشهدوا جميعا ” أن أبعد الناس منهم بمنزلة أقربهم منه. هذا آخر كتاب ابن دأب والحمد لله والمنة وصلى الله على محمد وآله. (1) قال الفزاري: وحدثنا أبو عيسى قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن موسى قال: حدثنا محمد بن عمر الأنصاري، عن معمر، عن أبيه، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من طنت اذنه فليصل علي، ومن ذكرني بخير ذكره الله بخير. وبمثل إسناده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا توضأ للصلاة حرك خاتمه ثلاثا “. * (آفة العلامات في السنة) * إعلم أنه إذا قرنت الزهرة مع المريخ في برج واحد هلك ملك الروم أو يكون بالروم مصيبات عظيمة أو بلايا. وإذا قرنت الزهرة مع زحل كان في العامة شدة وضيق. وإذا قرنت الزهرة مع المشتري أصاب الناس رخاء من العيش. وإذا قرنت زهرة مع عطارد يكون إهراق الدماء وفتح عظيم. وإذا قرن بهرام مع زحل في برج واحد هلك ملك حدث في أرض ذلك البرج. وإذا اجتمع بهرام والمشتري في برج واحد مات ملك عظيم الشأن. وإذا اجتمع زحل وعطارد وقع في التجار الخوف والحزن، وكذلك في أهل الأدب. وإذا اجتمع زحل والمشتري في برج واحد تغيرت الدنيا في سائر الأحوال، ويتغير امور الناس، وتخرج الخوارج من النواحي كلها وخاصة من جيلان ومن


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 450 إلى 454. الاختصاص – 10 –

[ 161 ]

الديالم والأكراد، ويقتلون الناس قتالا ” شديدا ” ويشتد الأمر عليهم من الخوف والحزن وترتفع السفلة شأنهم، وتغير طبائع الناس كلهم، ويذهب عنهم الحياء والإنسانية ويطمع كل واحد في آخره، ويزيد فيهم كثرة الفساد خاصة في النساء وإسقاط الوالدات أولاد الحرام، وإهراق الدماء، والقتل، والجوع. وإذا اجتمع المشتري وعطارد أصاب الأرض طاعون، ويقع فيما بين الناس العداوة والبغض. وإذا ركب القمر فوق زحل ذهب ملك ملك. وإذا اجتمع بهرام وعطارد في العقرب فذلك آية قتل ملك بابل. وإذا اجتمع المشتري والزهرة في العقرب فذلك آية فزع ومرض بأرض بابل. وإذا اجتمعت الشمس في شولة العقرب فذلك آية اختلاف الروم وقتل ملكهم. وإذا اجتمع المريخ وعطارد في شولة العقرب فذلك آية خراب بيت ملك بابل [ وفارس ]. وإذا اجتمعت الشمس والقمر في شولة العقرب وبهرام في السرطان فإن استطعت أن تتخذ سربا ” لتدخل فيه فافعل. وإذا اجتمعت الزهرة والمشتري فإن النساء يخشين أزواجهن عداوة. وإذا نزل كيوان الطرفة أو الدبران وقع الطاعون بالعراق ومات كثير من الناس. وإذا نزل الطرفة على آخره يكون في أرض العراق قتال وفتنة. وإذا نزل النثرة بدلت أعمال العراق ولقوا بلاء وشدة. وإذا نزل كيوان الغفر يكون بأرض العراق قتال وفتنة وإذا نزل كيوان جبهة وقع الموت في البقر والسباع والوحش. وإذا نزل كيوان والمشتري الإكليل والقلب والشولة يقع في المشرق والمغرب طاعون شديد، ويموت من الناس اناس كثيرة ويقع الفساد والبلايا في الإرض كلها، ويكون


[ 162 ]

بلايا عليهم كلها في الناس، ويقتل الملوك والعلماء، وترتفع سفلة من الناس. واعلم أن مع الشمس كواكب لها أذناب بعضها فوق بعض نفر (1)، فإذا بدا كوكب منها في برج من البروج وقع في أرض ذلك البرج شر وبلاء وفتنة، وخلع الملوك. وإذا رأيت كوكبا ” أحمر لا تعرفه وليس على مجاري النجوم ينتقل في السماء من مكان إلى مكان يشبه العمود وليس به، فإن ذلك آية الحرب والبلايا وقتل العظماء و كثرة الشرور والهموم والآشوب في الناس (2). قوبل ونسخ من خط ابن الحسن بن شاذان رحمه الله (3).


(1) كذا. وفى بعض النسخ [ ففر ]. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في المجلد الرابع عشر من البحار ص 173 من الاختصاص وقال: لما ذكر الشيخ المفيد – رحمه الله – هذه الاحكام في الاختصاص أوردته ولم يسنده إلى رواية، وأخذه من كتب اصحاب علم النجوم بعيد. انتهى. (3) كذا في النسختين ولم أتحقق من هو والظاهر أنه ابن الحسن بن شاذان الواسطي وأن أباه الحسن من أصحاب الرضا عليه السلام ويظهر من رواية رواها الكليني في روضة الكافي ص 247 جلالته.

[ 163 ]

(كتاب محنة) * (امير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام) * بسم الله الرحمن الرحيم روي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كان قاعدا ” في المسجد وعنده جماعة، فقالوا له: حدثنا يا أمير المؤمنين، فقال لهم: ويحكم إن كلامي صعب مستصعب، لا يعقله إلا العالمون، قالوا: لا بد من أن تحدثنا، قال: قوموا بنا فدخل الدار، فقال: أنا الذي علوت فقهرت، أنا الذي أحيي واميت، أنا الأول والآخر و الظاهر و الباطن، فغضبوا وقالوا: كفر وقاموا، فقال علي صلوات الله عليه وآله للباب: يا باب استمسك عليهم، فاستمسك عليهم الباب، فقال: ألم أقل لكم: إن كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلا العالمون ؟ تعالوا افسر لكم. أما قولي: أنا الذي علوت فقهرت، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتى آمنتم بالله ورسوله. وأما قولي: أنا احيي واميت، فأنا احيي السنة واميت البدعة. وأما قولي: أنا الأول، فأنا أول من آمن بالله وأسلم. وأما قولي: أنا الآخر، فأنا آخر من سجى على النبي ثوبه ودفنه. وأما قولي: أنا الظاهر والباطن فأنا عندي علم الظاهر والباطن. قالوا: فرجت عنا فرج الله عنك (1). جعفر بن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن


(1) نقله المجلسي في البحار ج 9 ص 645 من الكتاب.

[ 164 ]

يعقوب الكوفي قال: حدثنا موسى بن عبيد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وعن جابر، عن أبي جعفر، عن محمد بن الحنفية قال: أتى رأس اليهود علي بن أبي طالب صلوات الله عليه عند منصرفه من وقعة النهروان وهو جالس في مسجد الكوفة، فقال: يا أمير المؤمنين إني اريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي، فقال: سل عما بدا لك يا أخا اليهود، قال: إنا نجد في الكتاب أن الله عزوجل إذا بعث نبيا ” أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر ربه في امته من بعده وأن يعهد إليه فيهم عهدا ” يحتذيه ويعمل به في امته من بعده، وإن الله عزوجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ويمتحنهم بعد وفاتهم، فأخبرني كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء من مرة ؟ وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة ؟ وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء إذا رضي الله محنتهم ؟ فقال له علي عليه السلام: فوالذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه لتقرن به ؟ قال: نعم، قال: فوالذي لا إله غيره لئن صدقتك لتسلمن ؟ قال: نعم، قال علي صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى ذكره يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي محنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم فصير طاعة الأوصياء في أعناق الامم موصولة بطاعة الأنبياء عليهم السلام، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء في سبعة مواطن ليبلو صبرهم فإذا رضي محنتهم ختم له بالشهادة ليلحقهم بالأنبياء، فقد أكمل الله لهم السعادة. قال له رأس اليهود: صدقت يا أمير المؤمنين فأخبرنا كم امتحنك الله عزوجل في حياة محمد صلى الله عليه وآله من مرة ؟ وكم امتحنك بعد وفاته من مرة ؟ وإلى ما يصير آخر أمرك ؟ فأخذ علي عليه السلام بيده، وقال: انهض بنا أنبئك بذلك يا أخا اليهود، فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك معه، فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال: لامور بدت لي من كثير منكم، فقام إليه الأشتر فقال: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك، فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك، وإنا لنعلم أن الله لم يبعث بعد نبينا نبيا ” سواه وأن طاعتك على أعناقنا موصولة بطاعة نبينا، فجلس علي عليه السلام وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود إن الله تعالى


[ 165 ]

ذكره امتحنني في حياة نبينا صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن – من غير تزكية لنفسي بنعمة الله – له مطيعا، قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين ؟ قال: أما أولهن فإن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وآله بالنبوة وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتي سنا “، أخدمه في بيته وأسعى بين يديه في أمره، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه وجحدوه ونابذوه واعتزلوه واجتنبوه وسائر الناس معصية له وخلافا ” عليه (1) واستعظاما ” لما أورد عليهم مما لم يحتمله قلوبهم ولم تدركه عقولهم، وأجبت رسول الله صلى الله عليه وآله وحدي إلى ما دعا إليه، مسرعا ” مطيعا ” موقنا “، لم تتخالجني في ذلك الأخاليج، فمكثنا بذلك ثلاث حجج، ليس على ظهر الأرض خلق يصلي ويشهد لرسول الله صلى الله عليه وآله بما آتاه الله غيري وغير ابنة خويلد – رحمها الله -. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الثانية يا أخا اليهود فإن قريشا ” لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه وآله حتى إذا كان آخر يوم اجتمعت فيه في دار الندوة وإبليس الملعون لحاضر في صورة أعور ثقيف فلم يزل يضرب أمرها ظهورا ” وبطونا ” حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه، ثم يأتوا النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم على فراشه فيضربوه بأسيافهم جميعا ” ضربة رجل واحد فيقتلوه، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمه فيمضي دمه هدرا “، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون له فيها والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار وأنبأني رسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر وأمرني أن أضطجع مضجعه وأن أقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعا ” له مسرورا ” به ولنفسي على أن افتك موطنا “، فمضى عليه السلام لوجهه واضطجعت مضجعه وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها بقتل النبي صلى الله عليه وآله فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه نهضت بسيفي، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الناس. ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.


(1) في الخصال ” وسائر الناس مقصين له ومخالفين عليه “.

[ 166 ]

وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعه وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق فأنهضني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحبي وأنا أحدث أصحابي سنا ” وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله بيدي وليدا ” وشيبة (1) سوى ما قتلت من جحاجحة (2) قريش في ذلك اليوم وسوى من أسرت وكان مني أكثر مما كان من أحد من أصحابي فاستشهد ابن عمي في ذلك اليوم – رحمه الله -. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن قريشا ” والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا ” و ميثاقا ” ألا ترجع من وجوهها حتى تقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب


(1) قال ابن هشام في وقعة بدر بعد ذكر مقتل الاسود المخزومى: ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الانصار ثلاثة وهم: عوف ومعوذ ابنا الحارث ورجل آخر يقال: هو عبد الله بن رواحة فقالوا: من أنتم ؟ فقالوا: رهط من الانصار، قالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج الينا اكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة، وقم يا على، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم ؟ قال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال على: على، قالوا: نعم أكفاء كرام، فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة.، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة.، وبارز على الوليد بن عتبة. فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما على فلم يمهل الوليد ان قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما اثبت صاحبه [ أي جرحه جراحة لم يقم معها ] وكر حمزة وعلى باسيافهما على عتبة فدففا [ أي اسرعا قتله ] واحتملا صاحبهما فحازاه إلى اصحابه. انتهى. ونحوه في تاريخ الطبري وقال المؤلف – رحمه الله – في رواية في الارشاد: بارز الوليد امير المؤمنين عليه السلام فلم يلبثه حتى قتله وبارز عتبة حمزة رضى – الله عنه، فقتله حمزة وبارز شيبة عبيدة – رحمه الله – فاختلف بينهما ضربتان قطعت احداهما فخذ عبيدة، فاستنفذه امير المؤمنين عليه السلام بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه في ذلك حمزة – رضى الله عنه -. ونقل عن الواقدي مثله وقال ابن ابى الحديد في شرح كتاب امير المؤمنين إلى معاوية بعد شرح كتابه إلى جرير بن عبد الله البجلى لما ارسله إلى معاوية بعد نقل كلام الواقدي ومحمد بن اسحاق قال: قال البلاذرى: ان حمزة قتل عتبة وان عليا ” عليه السلام قتل الوليد وشرك في قتل شيبة. قال: وهذا هو المناسب لاحوالهم من طريق السن الخ. (2) قال في النهاية: الجحاجحة: جمع جحجاح وهو السيد الكريم والهاء فيه لتأكيد الجمع.

[ 167 ]

ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة (1) واثقة في أنفسها بما توجهت، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه الخبر فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين والأنصار، فقدمت قريش وأقامت على الخندق محاصرة ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف تبرق وترعد، ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوها ويناشدها القرابة والرحم فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبدود، يهدر كالبعير المغتلم (2) يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع لا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه فأنهضني إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا وضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا ” علي من ابن عبدود العامري، فقتله الله بيدي، والعرب لا تعد لها فارسا ” غيره وضربني هذه الضربة – وأومأ بيده إلى هامته – فهزم الله قريشا ” والعرب بذلك و بما كان مني فيهم من النكاية (3). ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم استحاشوا من يليهم (4) من قبائل العرب وقريش طالبين بثار مشركي قريش في يوم بدر ويوم الخندق فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه ذلك فتأهب النبي صلى الله عليه وآله لهم وعسكر بأصحابه في سفح احد (5) وأقبل المشركون إلينا بحملة رجل واحد فاستشهد من المسلمين من استشهد وكان ممن بقي منهم ما كان من الهزيمة عفا الله عنهم وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى المهاجرون


(1) الحد من السيف: مقطعه ومن الانسان: بأسه ومعنى الاخير انسب والحديد من السيف: القاطع ويقال: رجل حديد أي ذو حدة في الفهم أو الغضب. وأناخ الابل: أبركها. (2) اغتلم البعير: هاج من شهوة الضراب. (القاموس) (3) قال الجزرى: نكيت في العدو أنكى نكاية فأنا ناك إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك وقد يهمز لعة فيه. (4) حاش الصيد: جاءه من حواليه ليصرفه إلى الحبالة كأحاشه وأحوشه، وحاش الابل جمعها وساقها والتحويش: التجميع وحاوشته عليه: حرضته. (5) في بعض النسخ [ في سد احد ] وهكذا في الخصال ايضا ” ولعله الاصح.

[ 168 ]

والأنصار إلى منازلهم من المدينة، كل يقول: قتل النبي صلى الله عليه وآله وقتل أصحابه، ثم ضرب الله بوجوه المشركين وقد جرحت بين يدي النبي صلى الله عليه وآله نيفا ” وسبعين جراحة ومنها هذه ومنها هذه – ثم ألقى رداءه وأمر بيده على جراحاته – وكان مني في ذلك اليوم ما كان الله على ثوابه إن شاء الله. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما السادسة يا أخا اليهود فإنا وردنا مع رسول الله مدينة أصحابك خيبر على رجال اليهود وفرسانها من قريش وغيرها فلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح في أمنع دار وأكثر عدد، كل ينادي إلى البراز ويبادر في القتال، فلم يبرز لهم من أصحابنا أحد إلا وهم قتلوه حتى إذا احمرت الحدق ودعيت إلى البراز وأهمت كل رجل منهم نفسه (1) والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول: – أوجلهم – يا أبا الحسن انهض فأنهضني رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته ولا ثبت لي فرس إلا طعنته، ثم شددت عليهم شد الليث على فريسته، حتى إذا أدخلتهم جوف مدينتهم، يكسع بعضهم بعضا (2) فرددت باب مدينتهم وهو مسدود عليهم، ثم التفت إلى أصحابه فقال: وهو ما قد رأيتم فاقتلعته بيدي ثم دخلت عليهم مدينتهم وحدي أقتل من ظهر فيها من رجالهم وأسبي من أجد من نسائهم حتى افتتحتها وحدي لم يكن لي معاون إلا الله وحده. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما توجه بفتح مكة أحب أن يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله عزوجل آخرا ” كما دعاهم أولا “، فكتب إليهم كتابا ” يحذرهم وينذرهم عذاب ربهم ويعدهم الصفح فيهم، ويمنيهم مغفرة ربهم، ونسخ لهم في آخره سورة براءة ليتلو عليهم، ثم عرض على جميع أصحابه المضي إليهم بالكتاب وكلهم يرى فيه التثاقل فلما رأى ذلك ندب منهم رجلا ” ليوجهه به فأتاه جبرئيل فقال: يا محمد إنه لا يؤدي عنك إلا رجل منك، فأنبأني رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ووجهني بكتابه ورسالته إلى أهل مكة فأتيت مكة وأهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا ولو قدر على أن يضع مني على كل


(1) في بعض النسخ [ كل امرئ نفسه ]. وهكذا في الخصال. (2) أي يطرده. (*)

[ 169 ]

جبل إربا ” لفعل ولو ببذل ماله ونفسه وأهله وولده، فبلغتهم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وقرأت عليهم كتابه فكل تلقاني بالتهدد والوعيد ويبدى البغضاء ويظهر الشحناء من رجالهم ونسائهم وكان مني في ذلك ما قد رأيتم. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. قال: يا أخا اليهود هذه المواطن التي امتحنني فيهن ربي مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فوجدني فيهن كلها بمنه مطيعا “، ليس لأحد فيها مثل الذي لي ولو وصفت ذلك لاتسع لي فيه القول ولكن الله نهى عن التزكية. فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين فوالله لقد أعطاك الله الفضيلة بالقرابة من نبينا صلى الله عليه وآله وأسعدك بأن جعلك أخاه، تنزل منه بمنزلة هارون من موسى، وفضلك بالمواقف التي باشرتها، والأهوال التي ركبتها، وذخرك الذي ذكرت وأكثر منه مما لم تذكره مما ليس لأحد من المسلمين مثله، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا ومن شهدك منا بعده فأخبرنا يا أمير المؤمنين بما امتحنك الله بعد نبينا صلى الله عليه وآله فاحتملته وصبرت عليه، فإنا لو شئنا أن نصف ذلك لك لوصفناه علما ” منا به وظهورا ” عليه إلا أنا نحب أن نسمع منك ذلك كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته فأطعته فيه. قال: يا أخا اليهود إن الله تبارك وتعالى امتحنني بعد وفاة نبيه صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه ونعمته صبورا “. أما أولهن فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به ولا أعتمد عليه ولا أستنيم إليه (1) ولا أتقرب إلى الله بطاعته ولا أنهج به في السراء ولا أستريح إليه في الضراء غير رسول الله صلى الله عليه وآله وهو رباني صغيرا ” وبوأني كبيرا ” وكفاني العيلة وجبرني من اليتم و أغناني عن الطلب ووقاني المكسب وعال لي النفس والأهل والولد هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله (2) فنزل بي


(1) استنام الرجل: نام وطلب النوم وتظاهر بالنوم كذبا “، واستنام إليه: سكن إليه سكون النائم، واستنام إلى الشئ: استأنس به. (2) الحظوة – بالضم والكسر -: المكانة والمنزلة عند الناس.

[ 170 ]

بوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظن أن الجبال لو حملت عنوة (1) كانت لتنهض به، فرأيت الناس من أهلي من بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوي على حمل فادح (2) ما نزل به قد أذهب الجزع صبره وأذهل عقله وحال بينه وبين الفهم والإفهام والقول والاستمتاع و سائر الناس من [ غير ] بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر وبين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم، وحملت نفسي على الصبر بعد وفاته لزمت الصمت والاشتغال بما أمرني الله به من تجهيزه وتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ووضعه في حفرته وجمع أمانة الله وكتابه وعهده الذي حملناه إلى خلقه واستودعناه فيهم لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ولا هائج زفرة ولا لاذع حرقة ولا جليل مصيبة (3) حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله علي، وبلغت منه الذي أمرني به، فاحتملته صابرا ” محتسبا “. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الثانية يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني في حياته على جميع امته و أخذ على من حضره منهم البيعة بالسمع والطاعة لأمري، وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب في ذلك، فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره إذا حضرته والأمير على من حضرني منهم إذا فارقته لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شئ من الأمور في حياة النبي صلى الله عليه وآله ولا بعد وفاته، ثم أمر الله رسوله بتوجيه الجيش الذي وجهه مع اسامة بن زيد عند الذي أحدث الله له من المرض الذي توفاه فيه فلم يدع النبي صلى الله عليه وآله أحدا ” من قبائل العرب و قريش والأوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممن يخاف علي نقضه أو منازعته ولا أحدا ” ممن يراني بعين البغضاء ممن قد قهرته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش ولا من المهاجرين والأنصار والمسلمين وغيرهم من المؤلفة قلوبهم والمنافقين لتصفو قلوب من يبقي معي بحضرته ولئلا يقول قائل شيئا ” مما أكره في جواره ولا يدفعني دافع عن الولاية والقيام


(1) العنوة: أخذ الشئ قهرا ” وقسرا “. وفى نسخة [ ما لم أكن أظن أن الجبال لو حملت عشره كانت لتنهض به ]. (2) الفادح: الصعب المثقل، يقال: نزل به امر فادح وركبه دين فادح. (3) ” بادر دمعة ” أي الدمعة التى تبدو بغير اختيار. والزفرة – بالفتح وقد يضم -: النفس الطويل. ولذع الحب قلبه: آلمه، والنار الشى: لفحته. واوعز إليه في كذا أي تقدم.

[ 171 ]

بأمر رعيته وامته من بعده، ثم كان آخر ما تكلم به في شئ من أمر امته أن يمضي جيش اسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن انهض معه وتقدم في ذلك الجيش أشد التقدم وأو عز فيه أبلغ الإيعاز وأكد فيه أكثر التأكيد، فلم أشعر بعد أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلا برجال ممن بعث مع اسامة وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم، وأخلوا مواضعهم، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أنهضهم له وأمرهم به وتقدم إليهم في ملازمة أميرهم والمسير معه تحت لوائه ينفذ لوجهه الذي نفذه إليه فخلفوا أميرهم مقيما ” في عسكره وأقبلوا يتبادرون على الحيل ركضا ” إلى حل عقدة عقدها الله لي ورسوله صلى الله عليه وآله في أعناقهم فحلوها، وعهد عاهد الله ورسوله فنكثوه، وعقدوا لأنفسهم عقدا ” ضجت به أصواتهم واختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب، أو مشاركة في رأي أو استقامة لما في أعناقهم من بيعتي فعلوا ذلك وأنا برسول الله صلى الله عليه وآله مشغول وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود، فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها، فكانت هذه يا أخا اليهود أفدح (1) ما يرد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية، ومفاجع المصيبة، وفقد من لا خلف له إلا الله، فصبرت عليها إذ أتت بعد اختها على تقاربها وسرعة اتصالها. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبي صلى الله عليه وآله كان يلقاني معتذرا ” في كل أيامه ويلزم غيره ما ارتكبه من أخذ حقي ونقض بيعتي ويسألني تحليله فكنت أقول تنقضي أيامه ثم يرجع إلي حقي الذي جعله الله لي عفوا ” هينا ” (2) من غير أن أحدث في الإسلام مع حدثه وقرب عهده بالجاهلية حدثنا في طلب حقي بمنازعة، لعل قائلا ” يقول فيها: نعم وقائلا ويقول: لا، فيؤول ذلك من القول إلى الفعل، وجماعة من خواص أصحاب رسول الله أعرفهم بالنصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله ولكتابه ودينه، الإسلام. يأتونني عودا ” وبدءا “، وعلانية وسرا ” فيدعونني إلى أخذ حقي، ويبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلي بذلك حق بيعتي في أعناقهم، فأقول: رويدا ” وصبرا ” قليلا ” لعل الله أن يأتيني بذلك عفوا ” بلا منازعة ولا إراقة الدماء، فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وطمع في الأمر بعده من ليس له


(1) أي أثقل. (2) العفو: السهل المتيسر.

[ 172 ]

بأهل، فقال كل قوم: منا أمير، وما طمع القائلون في ذلك إلا ليتناول الأمر غيري، فلما دنت وفاة القائم وانقضت أيامه صير الأمر من بعده لصاحبه وكانت هذه اخت اختها ومحلها مني مثل محلها وأخذها مني ما جعل الله لي مثل أخذها واجتمع إلي نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ممن مضى – رحمه الله – وممن بقي أخره الله ممن اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا لي في اختها، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول صبرا ” واحتسابا ” ويقينا ” وإشفاقا ” من أن تفنى عصبة تألفها رسول الله صلى الله عليه وآله باللين مرة وبالشدة اخرى. وبالبذل مرة وبالسيف اخرى، حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في السكن والقرار والشبع و الري واللباس والوطاء والدثار ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله لا سقوف لبيوتنا ولا أبواب ولا سور إلا الجرائد وما أشبهها ولا وطاء لنا ولا دثار علينا تداولنا الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا ونطوي الأيام والليالي جوعا ” عامتنا فربما أتانا الشئ مما أفاءه الله وصيره لنا خاصة دون غيرنا ونحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول الله صلى الله عليه وآله أرباب النعم و الأموال تألفا ” منه لهم واستكانة منه لهم فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها دون بلوغها أو فناء آجالها لأني لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي كانوا مني وفي أمري على إحدى منزلتين إما متبع مقاتل أو مقتول إن لم يتبع الجميع، وما خاذل يكفر بخذلانه إن قصر عن نصرتي أو أمسك عن طاعتي، وقد علم أني منه صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، يحل به في مخالفتي و الإمساك عن نصرتي ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفتهم هارون وترك طاعته، ورأيت تجرع الغصص ورد أنفاس الصعداء ولزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب أزيد لي في حظي من الله وأرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم وكان أمر الله قدرا ” مقدورا “، ولو لم أتق هذه الحال يا أخا اليهود ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ومن بحضرتك منهم، إني كنت أكثر عددا ” وأعز عشيرة وأمنع رجالا ” وأطوع أمرا ” وأوضح حجة وأكثر في هذا مناقبا ” وآثارا ” بسوابقي وقرابتي ووراثتي فضلا ” عن استحقاقي في ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها والبيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها، ولقد قبض صلى الله عليه وآله وأن ولاية الأمة في يده وفي بيته، لا في أيدي الذين تناولوها ولا في بيوتهم،


[ 173 ]

ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الأمور ويصدرها عن أمري ويناظرني في غوامضها (1) فيمضيها على رأيي، لا أعلم أحدا ” ولا يعلم أصحابي يناظره في ذلك غيري (2) ولا يطمع في الأمر بعده سواي، فلما أتته منيته على فجأة بلا مرض كان قبله ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه، لم أشك أني قد استرجعت حقي في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها والعاقبة التي كنت التمسها وأن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت وأفضل ما أملت، وكان من فعله أن ختم أمره بأن سمى قوما ” أنا سادسهم ولم يساورني بواحد منهم ولا ذكر مني حالا ” في وراثة الرسول صلى الله عليه وآله ولا قرابة ولا صهر ولا نسب ولا كان لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي ولا أثر من آثاري، وصيرها شورى بيننا: وصير ابنه فيها حاكما ” علينا، وأمره أن يصرب أعناق النفر الستة الذين صير الأمر فيهم إن لم ينفذوا أمره، وكفى بالصبر على هذا يا أخا اليهود صبرا “، فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطبها لنفسه وأنا ممسك، فإذا سألوني عن أمري فناظرتهم في أيامي وأيامهم وآثاري وآثارهم، وأوضحت لهم ما جهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لي إليهم وتأكيده ما أكد من البيعة لي في أعناقهم، دعاهم حب الإمارة وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي والركون إلى الدنيا بالإقتداء بالماضين إلى تناول ما لم يجعل الله لهم، فإذا خلوت بالواحد منهم بعد الواحد ذكرته أيام الله وحذرته ما هو قادم عليه وصائر إليه، التمس مني شرطا ” بطائفة الدنيا أصيرها له، فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء والحمل على الكتاب ووصية الرسول صلى الله عليه وآله من إعطاء كل امرئ منهم ما جعل الله له ومنعه مما لم يجعل الله له شد من القوم


(1) في بعض النسخ [ يناظرني في كوارثها ]. (2) في بعض النسخ [ فيمضيها على رأى لا اعلم أحدا ” ولا يعلمه أصحابي مناظرة في ذلك عندي ]. وفى الخصال [ فيمضيها عن رأيى لا أعلم أحدا ولا يعلمه أصحابي يناظره في ذلك غيرى ].

[ 174 ]

مستبد فأزالها عني إلى ابن عفان طمعا ” في الشحيح ما معه فيها وابن عفان رجل لم يستو به وبواحد ممن حضر حال قط فضلا ” عمن دونهم، لا ببدر القوم التي هي واحدة القوم و سنام فخرهم (1) ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وآله ومن اختصه معه من أهل بيته، ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم ونكصوا على أعقابهم وأحال بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالأمر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤوا منه ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه و آله عامة يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته، وكانت هذه يا أخا اليهود أكبر من اختيها وأفظع (2)، وأحرى ألا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه ولا يحد وقتها، ولم يكن عندي إلا الصبر على ما أمض (3) وأبلغ منها ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم، كل راجع عما كان منه يسألني خلع ابن عفان والوثوب عليه في أخذ حقي ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي أو يرد الله علي حقي. ثم بعد ذلك مرة اخرى أمتحن القوم فيها بألوان المحن، مرة بحلق الرؤوس ومرة بمواعيد الخلوات ومرة بموافاة الأماكن، كل ذلك بقي القوم بوعدهم، فوالله يا أخا اليهود ما منعني منها إلا الذي منعني من اختيها قبلها ورأيت الإبقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته وأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدى (4) ولقد كنت عاهدت الله ورسوله صلى الله عليه وآله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله ولرسوله صلى الله عليه وآله فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله عزوجل فأنزل الله فينا ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر وما


(1) كذا. (2) في بعض النسخ [ أقطع ]. (3) أمض أي أوجع. (4) الصدى: العطش الشديد.

[ 175 ]

بدلوا تبديلا ” (1) ” فمن قضى نحبه حمزة وعبيدة وجعفر وأنا المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا “. وما سكتني عن ابن عفان (2) وحثني عن الإمساك عنه إلا أني عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه ما لم يدعه حتى يستدعي الأباعد إلى قتله وخلعه فضلا ” عن الأقارب وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك لم أنطق فيه بحرف من ” لا ” ولا ” نعم ” ثم أتاني القوم وأنا – علم الله – كاره لمعرفتي ما تطاعموا (3) به من اعتقال الأموال (4) والمرح في الأرض وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي وشديد [ ولهم ] عادة منتزعة (5)، فلما لم يجدوها عندي تعللوا الأعاليل. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن المبايعين لما لم يطمعوا في ذلك مني وثبوا بامرأة علي وأنا ولي أمرها والوصي عليها، فحملوها على الجمل وشدوها على الرحال وأقبلوا بها تخبط الفيافي (6) وتقطع البراري وتنبح عليها كلاب الحوأب وتظهر لهم علامات الندم في كل ساعة وعلى كل حال، في عصبة قد بايعوني ثانية بعد بيعتهم الأولى في حياة النبي صلى الله عليه وآله حتى أتت أهل بلدة، قصيرة أيديهم، طويلة لحاهم، قليلة عقولهم، عازبة آراؤهم جيران بدو ووراد بحر فأخرجتهم يخبطون بسيوفهم بغير علم، يرمون بسهامهم بغير فهم، فوقفت من أمرهم على اثنتين كلتاهما في محلة المكروه، إن كففت لم يرجعوا ولم يصلوا وإن أقمت كنت قد صرت إلى الذي كرهت، (7) فقدمت الحجة بالاعذار و


(1) الاحزاب: 23. (2) في بعض النسخ [ ما أسكنني ]. (3) وفى بعض النسخ والخصال ” يطمعون “. (4) أي بما أوصل كل منهم إلى صاحبه في دولة الباطل طعمه ولذته. وقوله: ” من اعتقال الاموال ” أي اكتسابها وضبطها من قولهم: ” عقل البعير واعتقله ” إذا شد يديه. (قاله المجلسي) (5) كذا في النسخ وفى بعض نسخ الخصال [ وشديد ولهم عادة مسرعة ]. (6) خبط البعير الارض بيده خبطا “: ضربها، ومنه قيل: خبط عشواء وهى الناقة التى في بصرها ضعف إذا مشت لا تتوقى شيئا “، وخبطه: ضربه شديدا “، والقوم بسيفه: جلدهم، والشجر: شدها ثم نفض ورقها. والفيافي جمع الفيفى والفيفاء والفيفاة وهى المفازة لا ماء فيها والمكان المستوى. (7) في الخصال [ إلى التى كرهت ].

[ 176 ]

الانذار ودعوت المرأة إلى بيتها والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي والترك لنقضهم عهد الله عزوجل في وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه وناظرت بعضهم فرجع وذكرته فذكر، ثم أقبلت على الناس بمثل ذلك فلم يزدادوا إلا جهلا ” وتماديا ” وغيا “، فلما أبوا إلا هي ركبتها منهم فكانت عليهم الدبرة (1) وبهم الهزيمة ولهم الحسرة وفيهم الفناء والقتل وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدا ” ولم يسعني إذ [ ا ] فعلت ذلك و أظهرته آخرا ” (2) مثل الذي وسعني فيه أولا ” من الإغضاء والإمساك ورأيتني إن أمسكت كنت معينا ” لهم بإمساكي على ما صاروا إليه وطمعوا فيه من تناول الأطراف و سفك الدماء وقتل الرعية وتحكيم النساء النواقص العقول والحظوظ على كل حال كعادة بني الأصفر (3) ومن مضى من ملوك سبأ والامم الخالية فأصير إلى ما كرهت أولا ” آخرا ” وقد أهملت المرأة وجندها يفعلون ما وصفت بين الفريقين من الناس وألقي ما حذرت، ولم أهجم على الأمر إلا بعدما قدمت وأخرت وتأنيت وراجعت وراسلت وشافهت وأعذرت وأنذرت وأعطيت القوم كل شئ التمسوه مني بعد أن عرضت عليهم كل شئ لم يلتمسوه، فلما أبوا إلا تلك أقدمت فبلغ الله بي وبهم (4) ما أراد وكان لي عليهم بما كان مني إليهم شهيدا “. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما السادسة يا أخا اليهود فتحكيم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الأكباد وهو طليق معاند لله ولرسوله والمؤمنين منذ بعث الله رسوله صلى الله عليه وآله إلى أن فتح عليه مكة عنوة، فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعده وأبوه بالأمس أول من سلم علي بإمرة المؤمنين ويحضني على النهوض (5) في أخذ حقي من الماضين قبلي يجدد


(1) الدبرة – بالتحريك -: الهزيمة وفى بعض النسخ [ عليهم الدائرة ]. (2) في بعض النسخ [ ولم يسعنى إذ تقلدت الامر آخرا ” ] وهو الاصح. (3) المراد ببنى الاصفر اهل الروم لان اباهم الاول كان اصفر اللون وهو روم بن عيص بن اسحاق بن ابراهيم. (النهاية) (4) في بعض النسخ [ فبلغ الله فيهم ]. (5) يعنى أبا سفيان في اول خلافة أبى بكر. الاختصاص – 11 –

[ 177 ]

لي بيعته كل ما أتاني ثم يتثاءب علي بما يطعم (1) من أموال المسلمين والتحكيم عليهم ليستديم قليل ما يفنى بما يفوته من كثير ما يبقى، وأعجب العجب أنه لما رأى ربي تبارك وتعالى قد رد إلي حقي وأقره في معدنه وانقطع طمعه أن يصبح في دين الله رابعا ” (2) وفي أمانته التي حملناها حاكما ” كر علي العاصي ابن العاصي فاستماله فمال إليه، ثم أقبل به بعد أن أطعمه مصر وحرام عليه أن يأخذ من الفيئ فوق قسمه درهما ” وحرام على الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه والإغضاء له على ما يأخذه، فأقبل يخبط البلاد بالظلم ويطؤها بالغشم، (3) فمن بايعه أرضاه ومن خالفه ناواه. ثم توجه إلي ناكثا ” علينا، مغيرا ” في البلاد، شرقا ” وغربا ” ويمينا ” وشمالا ” و الأنباء تأتيني والأخبار ترد علي بذلك، فأتاني أعور ثقيف (4) فأشار علي بأن اوليه الناحية التي هو بها لاداريه بما الذي اوليه منها، وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عند الله في توليته لي مخرجا ” وأصبت لنفسي فيما أتى من ذلك عذرا “، فما عملت الرأي في ذلك وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله ولي وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد كرأيي، ينهاني عن توليته ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليعلم أني أتخذ من المضلين عضدا “، فوجهت إليه أخا بجيلة مرة وأخا الأشعريين مرة اخرى، فكلاهما (5) ركن إلى دنياه وتابع هواه فيما أرضاه، فلما رأيته لم يزد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا ” شاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله البدريين والذين ارتضى الله أمرهم ورضي عنهم عند بيعتهم وغيرهم من صلحاء المسلمين [ و ] التابعين فكل يوافق رأيه رأيي [ في غزوته ومحاربته ومنعه مما نالت يده ] فنهضت إليه بأصحابي، أنفذ إليه من كل موضع كتبي وأوجه إليه رسلي وأدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس معي، فكتب يتحكم علي ويتمنى علي الأماني ويشترط علي شروطا ” لا يرضاها الله عزوجل ولا رسوله صلى الله عليه وآله ولا المسلمون ويشترط علي في بعضها أن أدفع إليه أقواما “


(1) كذا والظاهر ” بما يطمع “. وتثاءب أي استرخى ففتح فاه واسعا ” من غير قصد فهو مثؤوب. (2) في بعض النسخ [ راتعا ” ]. وفى الخصال ” أن يصير في دين الله رابعا “. (3) الغشم – بالفتح -: الظلم. والغاشم: الظالم والغاصب. (4) أعور ثقيف هو المغيرة بن شعبة الثقفى. وقوله عليه السلام: ” فأشار على ” أي أمرني. (5) كذا. ولعل الصحيح ” فكل منهما “.

[ 178 ]

من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أخيارا ” وأبرارا ” منهم عمار بن ياسر وأين مثل عمار فوالله لقد أتينا مع النبي صلى الله عليه وآله (1) ولا يعد منا خمسة إلا كان سادسهم ولا أربعة إلا كان عمار خامسهم، اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان ولعمر الله ما ألب (2) على عثمان ولا أجمع الناس على قتله إلا هو وأشباهه من أهل بيته أصحاب الشجرة الملعونة في القرآن، (3) فلما لم أجبه إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا ” في نفسه بطغيانه وبغيه، بحمير لا عقول لهم ولا بصائر، فموه لهم أمرا ” فاتبعوه وأعطاهم من الدنيا ما أمالهم به إليه، فناجزناهم إلى الله بعد الإعذار والإنذار، فلما لم يزده ذلك إلا تماديا وبغيا ” لقيناه بعادة الله التي عودناه من النصر على أعدائه وعدونا وراية رسول الله صلى الله عليه وآله بأيدينا لم يزل الله تبارك وتعالى يفل حزب الشيطان بها حتى أفضى الموت إليه فحل منه محل السحا (4) وهو معلم رايات أبيه التي لم أزل اقاتلها مع رسول الله صلى الله وآله في كل المواطن، فلم يجد من الموت منجى إلا الهرب، فركب فرسه وقلب رايته، لا يدري كيف يحتال، فاستعان برأي ابن العاص فأشار إليه بإظهار المصاحف ورفعها على الأعلام والدعاء إلى ما فيها فقال له: إن ابن أبي طالب وحزبه أهل بصيرة ورحمة ومعنى، وقد دعوك إلى كتاب الله أولا وهم مجيبوك إليه آخرا “، فأطاعه فيما أشار به إليه إذ رأى أنه لا منجى من القتل غيره، فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه، فمالت إلى المصاحف قلوب من بقي من أصحابي بعد فناء خيارهم وجدهم في قتال أعداء الله وأعدائهم على بصائرهم وظنوا أن ابن آكلة الأكباد له الوفاء بما دعا إليه والتمام على ما يفارقهم عليه، فأصغوا إلى دعوته وأقبلوا علي بأجمعهم في إجابته فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص معه وأنهما إلى المكر أقرب منهما إلى الوفاء، فلم يقبلوا قولي ولم يطيعوا أمري وأبوا إلا إجابته، كرهت أم هويت، شئت أم أبيت، حتى أخذ بعضهم يقول لبعض: إن لم يفعل فألحقوه بابن عفان أو ادفعوه إلى ابن هند برمته، فجهدت – علم الله جهدي – ولم أدع غاية في نفسي إلا بلغتها في أن يخلوني ورأيي، فلم يفعلوا وراودتهم


(1) كذا وفى الخصال [ لقد رايتنا مع النبي صلى الله عليه وآله ]. (2) ألب عليه – بالتخفيف – وتألب – بالتشديد – أي تجمع وتحشد. (3) في الخصال ” اغصان الشجرة الملعونة في القرآن “. (4) في الخصال ” يقضى الموت إليه “. و ” السحا ” لم نجد معنى مناسبا ” له في اللغة ولعله تصحيف.

[ 179 ]

على الصبر على مقدار فواق الناقة أو ركضة الفرس، فلم يفعلوا ما خلا هذا الشيخ – وأومأ بيده إلى الأشتر – وعصبة من أهل بيتي فو الله ما منعني أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذان – وأومأ بيده إلى الحسن والحسين عليهما السلام – فينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته من امته ومخافة أن يقتل هذان – وأومأ بيده إلى عبد الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما – فإني أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف، فلذلك صبرت على ما أراد القوم مع ما سبق فيه من علم الله، فلما أن رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الامور وتخيروا الأحكام والآراء وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن فأبيت أن احكم في دين الله أحدا إذ كان التحكيم في ذلك الخطأ الذي لا شك فيه ولا امتراء، فلما أبوا إلا ذلك أردت أن احكم رجلا ” من أهل بيتي أو من أرضى رأيه وعقله وأوثق بنصيحته ومودته ودينه وأقبلت لا اسمي أحدا ” إلا امتنع ابن هند منه ولا أدعوه إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه وأقبل ابن هند يسومنا عسفا ” (1)، وما ذاك إلا باتباع أصحابي له على ذلك، فلما أبوا إلا غلبتي على التحكيم تبرأت إلى الله عزوجل منهم وفوضت ذلك إليهم فقلدوه امرءا ” كان أصغر في العلم. ثم اخرج منه قد عرف وعرف الاولى مثله إلى واحد من دنياه (2) فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الأرض وغربها وأظهر المخدوع عليها ندما ” قليل غناؤه. ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان عهد إلي أن اقاتل في اخر أيامي قوما ” من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويتلون كتاب الله، يمرقون من الدين بخلافهم لي ومحاربتهم إياي مروق السهم من الرمية (3)، فيهم ذو الثدية، يختم لي بقتلهم بالسعادة، فلما انصرفت إلى موضعي هذا – يعني بعد الحكمين – أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحيكم الحكمين ولم يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا: كان ينبغي لأميرنا ألا يبايع من أخطأ منا وأن يمضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه (4) وقتل من


(1) سامه الامر وسومه: كلفه اياه. والعسف: الظلم وفى نسخة [ خسفا ” ]. (2) كذا. وليست هذه الجملة في الخصال ولا يمكننا تصحيحه. (3) أي يمرقون بسبب خلافهم لى ومحاربتهم اياى من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وذو الثدية كسمية – لقب حرقوص بن زهير وهو رئيس الخوارج كما في القاموس. (4) في الخصال ” أو أن يفضى بحقيقة رأيه على قتل نفسه “.

[ 180 ]

خالفه منا، فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته في الخطأ لنا وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه فتجمعوا على ذلك من حالهم وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم: لا حكم إلا لله، ثم تفرقوا فرقا ” فرقا “، فرقة ” بالنخيلة وفرقة بحروراء واخرى راكبة رأسها تخبط الأرض شرقا حتى عبرت دجلة فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن بايعها استحيت ومن خالفها قتلت، فخرجت إلى الاوليين واحدة بعد اخرى، أدعوهم إلى طاعة الله ومتابعة الحق والرجوع إليه، فأبيا إلا السيف لا يقنعهما غيره، فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عزوجل، فقتل الله هذه وهذه، وكانوا يا أخا اليهود لولا ما فعلوا ركنا ” لي قويا ” وسدا منيعا “، فأبى الله إلا ما صاروا إليه، ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى وكانوا من أجلة أصحابي وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا. فأبت إلا اتباع اختيها والاحتذاء على مثالهما وأسرعت في قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت إلي الأخبار بفعلها – فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة واوجه السفراء النصحاء وأطلب العتبى بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة – وأومأ بيده إلى الأشتر والأحنف بن قيس أو سعيد بن قيس الكندي – فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا اليهود عن آخرهم وهم أربعة آلاف ويزيدون حتى لم يفلتني منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من يرى، له ثدي كثدي المرأة. ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين. قال: قد وفيتك سبعا ” وسبعا ” يا أخا اليهود وبقيت الاخرى وأوشك بها وكان قد قربت، قال: فبكي أصحاب علي صلوات الله عليه وبكى رأس اليهود وقالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا بالاخرى، فقال: الاخرى أن تخضب هذه – وأومأ بيده إلى لحيته – من هذه – وأومأ إلى هامته – قال: فارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بضجة البكاء حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا ” وأسلم رأس اليهود على يدي أمير المؤمنين عليه السلام من ساعته ولم يزل مقيما ” حتى قتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما قتل واخذ ابن ملجم لعنه الله أقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه السلام والناس حوله وابن ملجم بين يديه وقال: يا أبا محمد اقتله قتله الله، فإني قرأت في الكتب التي انزلت على موسى بن عمران أن هذا أعظم (*)


[ 181 ]

عند الله جرما ” من ابن آدم قاتل أخيه ومن قدار عاقر ناقة ثمود. – تم الخبر – (1) أبو محمد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمعة في المسجد بعد العصر إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي فسلم عليه، فقال له علي عليه السلام: ما فعل جنيك الذي كان يأتيك ؟ قال: إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين، قال علي عليه السلام: فحدث القوم بما كان منه، فجلس وسمعنا له، فقال: إني لراقد باليمن قبل أن يبعث الله نبيه صلى الله عليه وآله فإذا جني أتاني نصف الليل، فرفسني برجله (2) وقال: اجلس، فجلست ذعرا “، فقال: اسمع، قلت: وما أسمع ؟ قال: عجبت للجن وأبلاسها * وركبها العيس بأحلاسها (2) – تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما طاهر الجن كأنجاسها – فارحل إلى الصفوة من هاشم * وارم بعينيك إلى رأسها (4) – قال: فقلت: والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لأرجو أن يفصح لي، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا “، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال: اجلس، فجلست ذعرا “، فقال: اسمع، فقلت: وما أسمع ؟ قال: عجبت للجن وأخبارها * وركبها العيس بأكوارها (5) – تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنوا الجن ككفارها – فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين رواسيها وأحجارها فقلت: والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لأرجو أن يفصح


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في كتاب الخصال أبواب السبعة ونقله المجلسي – قدس سره – في البحار ج 9 ص 300 إلى ص 305. (2) رفسه رفسا ورفاسا: ضربه في صدره. (3) العيس – بالكسر -: الابل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة. والاحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير. (4) ” إلى رأسها ” الضمير راجع إلى القبيلة. (5) الاكوار جمع الكور – بالضم – وهو الرحل بأداته.

[ 182 ]

لي، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا “، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد، فرفسني برجله وقال: اجلس، فجلست وأنا ذعر، فقال: اسمع، قلت: وما أسمع ؟ قال: عجبت للجن وألبابها * وركبها العيس بأقتابها – تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما صادقوا الجن ككذابها – فارحل إلى الصفوة من هاشم * أحمد إذ هو خير أربابها قلت: قد والله أفصحت، فأين هو ؟ قال: ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا ” رسول الله، فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة، فأول ما دخلتها لقيت أبا سفيان – وكان شيخا ” ضالا ” – فسلمت عليه وسألته عن الحي، فقال: والله إنهم مخصبون (1) إلا أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا، قلت: وما اسمه ؟ قال: محمد أحمد (2)، قلت: وأين هو ؟ قال: تزوج بخديجة ابن خويلد فهو عليها نازل، فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ثم ضربت الباب، فأجابتني: من هذا ؟ فقلت: أنا أردت محمدا “، فقالت: اذهب إلى عملك ما تذرون محمدا ” يأويه ظل بيت قد طردتموه وهربتموه وحصنتموه، اذهب إلى عملك، قلت: رحمك الله إني رجل أقبلت من اليمن وعسى الله أن يكون قد من علي به فلا تحرميني النظر إليه وكان رحيما ” صلى الله عليه وآله – فسمعته يقول: يا خديجة افتحي الباب، ففتحت فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا ” نور في نور، ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة مختوم على كتفه الأيمن فقبلته، ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول: أتاني بجني بعد هدو ورقدة * ولم يك فيما قد تلوت بكاذب (3) – ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب – فشمرت من ذيلي الأزار ووسطت * بي الذعلب الوجناء بين السباسب (4) – فمرنا بما يأتيك يا خير قادر * وإن كان فيما جا تشيب الذوائب (5) –


(1) أي أنهم في رغد العيش. (2) كذا. (3) الهدو: السكون. وفى بعض النسخ [ فيما بلوت ]. (4) الذعلب: الناقة القوية. والوجناء: الناقة الصلبة. والسباسب جمع سبسب وهو الارض البعيدة المستوية. (5) الذوائب جمع الذؤابة: الناصية وهى شعر في مقدم الرأس والمعنى إنا صدقناك وآمنا بما يأتيك من الوحى وان كان فيه شدائد تشيب منه الذوائب. و ” جا ” مخفف ” جاء “.

[ 183 ]

وأشهد أن الله لا شئ غيره * وأنك مأمور على كل غائب – وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطائب – وكن لي شفيعا ” يوم لاذو شفاعة * إلى الله يغني عن سواد بن قارب – وكان اسم الرجل سواد بن قارب – فرجعت (1) والله مؤمنا ” به صلى الله عليه وآله، ثم خرج إلى صفين فاستشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام. (2) * (حديث فدك) * أبو محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس أبو بكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة صلوات الله عليها فأخرجه من فدك فأتته فاطمة عليها السلام فقالت: يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه وأنك بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك وقد تعلم أن رسول الله الله صلى الله عليه و آله صدق بها علي وأن لي بذلك شهودا “، فقال لها: إن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته، فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث وورث سليمان داود وورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي ؟ فقال عمر: أنت معلمة، قالت: وإن كنت معلمة فإنما علمني ابن عمي و بعلي، فقال أبو بكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول إن النبي لا يورث، فقالت: هذا أول شهادة زور شهدا بها في الإسلام، ثم قالت: فإن فدك إنما هي صدق بها علي رسول الله صلى الله عليه وآله ولي بذلك بينة فقال لها: هلمي ببينتك قال: فجاءت بام أيمن وعلي عليه السلام، فقال أبو بكر: يا ام أيمن إنك سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في فاطمة ؟ فقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ثم قالت ام أيمن: فمن كانت سيدة نساء أهل الجنة تدعي ما ليس لها ؟ وأنا امرأة من أهل الجنة ما كنت لأشهد إلا بما سمعت (3) من رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال عمر: دعينا يا ام أيمن من هذه القصص، بأي شئ تشهدان ؟ فقالت: كنت جالسة في بيت فاطمة عليها السلام


(1) في بعض النسخ [ فرحت ]. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 6 ص 320 وج 14 ص 592 من الاختصاص. (3) في بعض النسخ ؤ [ ما كنت لاشهد بما لم أكن سمعت ].

[ 184 ]

ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس حتى نزل عليه جبرئيل فقال: يا محمد قم فإن الله تبارك وتعالى أمر ني أن أخط لك فدكا ” بجناحي، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله مع جبرئيل عليه السلام فما لبثت أن رجع فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبه أين ذهبت ؟ فقال: خط جبرئيل عليه السلام لي فدكا ” بجناحه وحد لي حدودها، فقالت يا أبه إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك فصدق بها علي، فقال: هي صدقة عليك فقبضتها قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ام أيمن اشهدي ويا علي اشهد، فقال عمر: أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها، وأما علي فيجر إلى نفسه، قال: فقامت مغضبة وقالت: اللهم إنهما ظلما ابنة محمد نبيك حقها فاشدد وطأتك عليهما، ثم خرجت وحملها علي على أتان عليه كساء له خمل، فدار بها أربعين صباحا ” في بيوت المهاجرين والانصار والحسن والحسين عليهما السلام معها وهي تقول: يا معشر المهاجرين والأنصار انصروا الله فإني ابنة نبيكم وقد بايعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بايعتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ففوا لرسول الله صلى الله عليه وآله ببيعتكم، قال: فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها، قال: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل إني قد جئتك مستنصرة وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله على أن تنصره وذريته وتمنعه مما تمنع منه نفسك وذريتك وأن أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها قال: فمعي غيري ؟ قالت: لا ما أجابني أحد، قال: فأين أبلغ أنا من نصرتك ؟ قال: فخرجت من عنده ودخل ابنه (1) فقال: ما جاء بابنة محمد إليك، قال: جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنه أخذ منها فدكا “، قال: فما أجبتها به ؟ قال: قلت: وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي ؟ قال: فأبيت أن تنصرها ؟ قال: نعم، قال: فأي شئ قالت لك ؟ قال: قالت لي: والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله (2)، قال: فقال: أنا والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله إذ لم تجب ابنة محمد صلى الله عليه وآله، قال: وخرجت فاطمة عليها السلام من عنده وهي تقول: والله لا اكلمك كلمة حتى اجتمع أنا وأنت عند


(1) يعنى ابن معاذ وهو غير سعد لانه توفى في حياة النبي صلى الله عليه وآله. (2) في بعض النسخ [ لانازعنك الفصيح حتى أرد ] وهكذا في البحار وقال العلامة المجلسي رحمه الله: أي لانازعنك بما يفصح عن المراد أي بكلمة من رأسي فان محل الكلام في الرأس. أو المراد بالفصيح اللسان.

[ 185 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انصرفت، فقال علي عليه السلام لها: ائت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر وقولي له: ادعيت مجلس أبي وأنك خليفته وجلست مجلسه ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علي فلما أتته وقالت له ذلك، قال: صدقت، قال: فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك، فقال: فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك، فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك، فقال: هلميه إلي، فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في اذنها حين نقفت (1) ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما ” مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت فلما حضرته الوفاة دعت عليا ” صلوات الله عليه فقالت: إما تضمن وإلا أوصيت إلى ابن الزبير فقال علي عليه السلام: أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد، قالت: سألتك بحق رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أنامت ألا يشهداني ولا يصليا علي، قال: فلك ذلك، فلما قبضت عليها السلام دفنها ليلا ” في بيتها وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبو بكر وعمر كذلك، فخرج إليهما علي عليه السلام فقالا له: ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن ؟ فقال علي عليه السلام: قد والله دفنتها، قالا: فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها ؟ قال: هي أمرتني، فقال عمر: والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها، فقال علي عليه السلام: أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي، إنك لا تصل إلى نبشها فأنت أعلم، فقال أبو بكر: اذهب فانه أحق بها منا وانصرف الناس – تم الخبر -. (2) * (حديث سقيفة بنى ساعدة) * أبو محمد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده قال: ما أتاني على علي عليه السلام يوم قط أعظم من يومين أتياه، فأما أول يوم فاليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر: يا هذا لم تصنع شيئا ” ما لم يبايعك علي فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك، قال: فبعث قنفذا “، فقال له: أجب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال علي عليه السلام: لأسرع


(1) ” نقفت ” على بناء المجهول أي كسر من لطم عمر. (2) نقله المجلسي في المجلد الثامن من البحار ص 103 من الاختصاص.

[ 186 ]

ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله ما خلف رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا ” غيري، فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة علي عليه السلام فقال أبو بكر: انطلق إليه فقل له: يدعوك أبو بكر ويقول: تعال حتى تبايع فإنما أنت رجل من المسلمين، فقال علي عليه السلام: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا أخرج بعده من بيتي حتى اؤلف الكتاب فإنه في جرائد النخل وأكتاف الإبل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة علي عليه السلام، فقال عمر: قم إلى الرجل، فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد ابن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقمت معهم و ظنت فاطمة عليها السلام أنه لا تدخل بيتها إلا بإذنها، فأجافت الباب (1) وأغلقته، فلما انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره – وكان من سعف – فدخلوا على علي عليه السلام و أخرجوه ملببا “. (2) فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت: يا أبا بكر وعمر تريدان أن ترملاني (2) من زوجي والله لئن لم تكفا عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ولآتين قبر أبي ولاصيحن إلى ربي، فخرجت وأخذ بيد الحسن والحسين عليهما السلام متوجهة إلى القبر فقال علي عليه السلام لسلمان: يا سلمان أدرك ابنة محمد صلى الله عليه وآله فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، فوالله لئن فعلت لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها، قال: فلحقها سلمان فقال: يا بنت محمد صلى الله عليه وآله إن الله تبارك وتعالى إنما بعث أباك رحمة فانصرفي، فقالت: يا سلمان ما علي صبر فدعني حتى آتي قبر أبي، فأصيح إلى ربي، قال سلمان: فإن عليا ” بعثني إليك وأمرك بالرجوع فقالت: أسمع له وأطيع فرجعت، وأخرجوا عليا ” ملببا ” قال: وأقبل الزبير مخترطا ” سيفه (4) وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر ومر علي عليه السلام على قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال: ” يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ” واتي بعلي عليه السلام إلى السقيفة إلى مجلس أبي بكر، فقال له


(1) أجاف الباب: رده. (2) لبب فلانا: أخذه بتلبيبه وجره. (3) الارملة: المرأة التى ليس لها زوج ورملت المرأة من زوجها صارت أرملة ولم يذكر في اللغة أرمل ورمل متعديا. وفى بعض النسخ [ تريدان أن تزيلاني من زوجي ]. (4) أي أخرج سيفه.

[ 187 ]

عمر: بايع، قال: فإن لم أفعل فمه ؟ قال: إذا ” والله نضرب عنقك، قال علي عليه السلام: إذا ” والله أكون عبد الله وأخي رسول الله صلى الله عليه وآله المقتول، فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم وأما أخا رسول الله صلى الله عليه وآله فلا – حتى قالها ثلاثا ” – وأقبل العباس فقال: يا أبا بكر ارفقوا بابن أخي، فلك علي أن يبايعك فأخذ العباس بيد علي عليه السلام فمسحها على يدي أبي بكر وخلوا عليا ” مغضبا ” فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أن النبي الامي – صلى الله عليه وآله – قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك: ” فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ” اللهم إنهم لم يتموا – حتى قالها ثلاثا ” – ثم انصرف. (1) عن بعض الهاشميين رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن أعرابيا ” أتاه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله أيدالك الرجل امرأته ؟ قال: نعم إذا كان ملفجا “، (2) فقال: يا رسول الله من أدبك ؟ قال: الله أدبني وأنا أفصح العرب ميد أني من قريش وربيت في حجر من هوازن بني سعد بن بكر، ونشأت سحابة فقالوا: هذه سحابة قد أظلتنا، فقال: كيف ترون قواعد ها ؟ فقالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها، قال: وكيف ترون رحاها ؟ فقالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها، قال: وكيف ترون البرق فيها وميضا “، أم خفوا “، أم بواسقها (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد جاءكم الحيا (4)، فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما رأينا أفصح منك، قال: وما يمنعني وأنا أفصح العرب وأنزل الله القرآن بلغتي وهي أفضل اللغات بيد أني ربيت في بني سعد بن بكر. (5) ” قواعدها ” يريد أسافلها المعترضة في آفاق السماء و ” بواسقها ” المستطيلة في


(1) روى نحوه أبو النضر العياشي في تفسيره ونقله المجلسي في البحار ج 8 ص 44. (2) ” يدالك ” أي أيماطل، قال الجزرى: ” في حديث الحسن ” وسئل أيدالك الرجل امرأته ؟ قال: نعم إذا كان ملفجا “. المدالكة المماطلة يعني مطله إياه بالمهر إذا كان فقيرا “. والملفج – بكسر الفاء أيضا -: الذي أفلس وغلبه الدين. (3) في بعض النسخ مكان ” ام بواسقها ” [ أم يشق شقا ” ]. (4) قال الجزرى: الحيا مقصورا ” المطر لاحيائه الارض وقيل: الخصب وما يحيا به الناس. (5) روى الصدوق مثله في معاني الاخبار مسندا ” مع بيانه على ما نقله المجلسي في البحار ج 6 ص 230.

[ 188 ]

وسط السماء إلى الافق الآخر. وخفو البرق: اعتراضه في نواحي الغيم. والوميض: أن تلمع قليلا ثم تسكن. وشق البرق: استطالته في السماء ومعظمه. ورحى القوم: سيدها ورحى الأرض: معظمها. (1) و ” بيد ” و ” ميد ” لغتان وفيه ثلاث لغات في معنى سوى أني من قريش وإلا أني من قريش. وفي معنى غير أني من قريش. وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه قال: المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لأني أشرف من أبي والنبي صلى الله عليه وآله أشرف من أبيه وإبراهيم أشرف من تارخ. قيل: وبم الإفتخار ؟ قال: بإحدى ثلاث: مال ظاهر. أو أدب بارع أو صناعة لا يستحيي المرء منها. قيل لأمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ؟ قال صلوات الله عليه: أصبحت آكل رزقي وأنتظر أجلي، قيل له: فما تقول في الدنيا ؟ قال عليه السلام: فما أقول في دار أولها غم وآخرها الموت، من استغنى فيها افتقر ومن افتقر فيها حزن، في حلالها حساب وفي حرامها النار. قيل: فمن أغبط الناس ؟ قال عليه السلام: جسد تحت التراب قد أمن من العقاب و يرجو الثواب. وقال عليه السلام: من زار أخاه المسلم في الله ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة. وقال عليه السلام: ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله عزوجل علي ثوابك ولا أرضي لك بدون الجنة. وقال عليه السلام: ثلاثة يضحك الله إليهم يوم القيامة: رجل يكون على فراشه ومعه زوجته وهو يحبها فيتوضأ ويدخل المسجد فيصلي ويناجي ربه. ورجل أصابته جنابة، فلم يصب ماء فقام إلى الثلج فكسره، ثم دخل فيه واغتسل. ورجل لقى عدوا وهو مع أصحابه فجاءهم مقاتل فقاتل حتى قتل.


(1) قال الجزرى: ” في حديث صفة السحاب ” كيف ترون رحاها أي استدارتها أو ما استدار منها.

[ 189 ]

وقال عليه السلام: التعزية تورث الجنة. وقال عليه السلام: إذا حملت بجوانب سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك. وقال عليه السلام: من اشترى لعياله لحما ” بدرهم كان كمن أعتق نسمة من ولد إسماعيل. وقال عليه السلام: من شرب من سؤر أخيه تبركا ” به خلق الله بينهما ملكا ” يستغفر لهما حتى تقوم الساعة. وقال عليه السلام: في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. (1) * (مناظرة أبى حنيفة مع أبى عبد الله عليه السلام) * محمد بن عبيد، عن حماد، عن محمد بن مسلم قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له: إني رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم، وفيه ما فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام: ادع لي موسى، فلما جاءه قال: يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك تصلي والناس يمرون بين يديك فلا تنهاهم، قال: نعم يا أبه إن الذي كنت اصلي له كان أقرب إلي منهم، يقول الله تعالى: ” نحن أقرب إليه من حبل الوريد (2) ” قال: فضمه أبو عبد الله عليه السلام إلى نفسه وقال: بأبي أنت وامي يا مودع الأسرار (3). فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا حنيفة القتل عندكم أشد أم الزنا ؟ فقال بل القتل، قال: فكيف أمر الله في القتل بشاهدين وفي الزنا بأربعة ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟، يا أبا حنيفة ترك الصلاة أشد أم ترك الصيام ؟ قال: بل ترك الصلاة، قال: فكيف تقضي المرأة صيامها ولا تقضي صلاتها، كيف يدرك هذا بالقياس ؟، ويحك يا أبا حنيفة النساء أضعف على المكاسب أم الرجال ؟ قال: بل النساء، قال: فكيف جعل الله للمرأة سهما ” و للرجل سهمين ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟، يا أبا حنيفة الغائط أقذر أم المني ؟ قال: بل الغائط، قال: فكيف يستنجى من الغائط و يغتسل من المني ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟،


(1) نقله المجلسي من الاختصاص في المجلد السابع عشر من البحار ص 125. (2) ق: 16. (3) رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 297 عن على بن ابراهيم.

[ 190 ]

ويحك يا أبا حنيفة تقول سأنزل مثل ما أنزل الله ؟ قال أعوذ بالله أن أقوله، قال: بلى تقوله أنت وأصحابك من حيث لا تعلمون. قال أبو حنيفة: جعلت فداك حدثني بحديث نحدث به عنك، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام، عن أبيه الحسين بن علي عليهما السلام، عن أبيه علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إن الله أخذ ميثاق أهل البيت من أعلى عليين وأخذ طينة شيعتنا منا ولو جهد أهل السماء وأهل الأرض أن يغيروا من ذلك شيئا ” ما استطاعوه، قال: فبكى أبو حنيفة بكاء ” [ شديدا ” ] وبكى أصحابه ثم خرج وخرجوا. * (حديث بغلة أبى حنيفة) * وعنه عن سماعة قال: سأل رجل أبا حنيفة عن الشئ وعن لا شئ وعن الذي لا يقبل الله غيره، فأخبر عن الشئ (1) وعجز عن لا شئ، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة فبعها منه بلا شئ واقبض الثمن، فأخذ بعذارها وأتى بها أبا عبد الله عليه السلام فقال له أبو عبد الله عليه السلام: استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة، قال: قد أمرني ببيعها، قال: بكم ؟ قال: بلا شئ، قال له: ما تقول ؟ قال: الحق أقول، فقال: قد اشتريتها منك بلا شئ، قال: وأمر غلامه أن يدخله المربط. قال: فبقي محمد بن الحسن (2) ساعة ينتظر الثمن فلما أبطأه الثمن قال: جعلت فداك الثمن ؟ قال: الميعاد إذا كان الغداة، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر بذلك فرضيه منه فلما كان من الغد وافى أبو حنيفة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: جئت لتقبض ثمن البغلة لا شئ ؟ قال: نعم ولا شئ ثمنها ؟ قال: نعم، فركب أبو عبد الله عليه السلام البغلة وركب أبو حنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا “، فلما ارتفع النهار نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى السراب يجرى قد ارتفع كأنه الماء الجاري فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا حنيفة ماذا عند الميل كأنه يجري ؟ قال: ذاك الماء يا ابن رسول الله فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد فقال أبو عبد الله عليه السلام: اقبض ثمن البغلة، قال الله تعالى: ” كسراب بقيعة يحسب الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده


(1) في بعض النسخ [ فأخرج الشئ ]. (2) كذا.

[ 191 ]

شيئا ووجد الله عنده (1) ” قال: فخرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا ” حزينا ” فقالوا له: مالك يا أبا حنيفة ؟ قال: ذهبت البغلة هدرا “، وكان قد أعطى بالبغلة عشرة آلاف درهم (2). * (حديث قصيدة الفرزدق لعلى بن الحسين صلوات الله عليهما) * حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن – رحمه الله – عن حيدر بن محمد بن نعيم ويعرف بأبي أحمد السمرقندي تلميذ أبي النضر محمد بن مسعود، عن محمد بن مسعود قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني أبو الفضل محمد بن أحمد بن مجاهد قال: حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة (3) قال: حدثني أبي أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك والوليد، فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر، فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه، وأطاف به أهل الشام فبينا هو كذلك إذ أقبل علي ابن الحسين عليهما السلام وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها “، وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة، كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه، هيبة له وإجلالا “، فغاظ هشاما ” فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر ؟ فقال هشام: لا أعرفه، لأن لا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق – وكان حاظرا ” – لكني أعرفه: فقال الشامي: من هو يا أبا فراس ؟ فقال: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم – هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم – هذا علي رسول الله – صلى الله عليه وآله – والده * أمسى بنور هداه تهتدى الظلم (4) – إذا رأته قريش قال قائلها: * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم – ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم –


(1) النور: 39. (2) نقله المجلسي من الكتاب في البحار ج 11 ص 176. والبحراني في التفسير ج 3 ص 140. (3) كذا في النسختين وفى البحار ورجال الكشى أيضا كذلك والصحيح هكذا ” حدثنا الغلابى محمد بن زكريا البصري عن عبيدالله بن محمد بن عائشة ” كما في الاغانى ج 14 ص 75. (4) كذا. وفى بعض النسخ [ أمست بنور هداه تهتدى الامم ].

[ 192 ]

يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم (1) – يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم (2) – ينشق نور الدجى عن نور غرته * كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم (3) – بكفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم (4) – مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم (5) – حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم (6) – هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا – هذا ابن فاطمة الغراء نسبته * في جنة الخلد يجري باسمه القلم – الله فضله قدما ” وشرفه * جرى بذاك له في لوحه القلم – من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل امته دانت لها الامم – عم البرية بالإحسان فانقشعت * عنها الغيابة والاملاق والظلم (7) – كلتا يديه غياث عم نفعهما * تستوكفان ولا يعروهما عدم (8) –


(1) ” عرفان ” مفعول لاجله. (2) الاغضاء: ادناء الجفون، واغضى على الشئ: سكت. (3) انجابت السحابة: انكشفت. (4) عبق به الطيب يعبق عبقا وعباقة وعباقية: لزق به. والرائحة في الشئ: بقيت. و المكان بالطيب: انتشرت رائحته فيه. ورجل عبق إذا تطيب بادنى طيب لم يذهب عنه أياما “. والعرنين – بالكسر -: الانف. وفى القاموس – الشمم محركة -: ارتفاع قصبة الانف وحسنها واستواء اعلاها وانتصاب الارنبة أو ورود الارنبة في حسن استواء القصبة وارتفاعها اشد من ارتفاع الذلف أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته فهو أشم. انتهى، وقوله: ” من كف ” فيه تجريد مضاف إلى الاروع والاروع: من يعجبك بحسنه وجهارة منظره. (5) النبعة بمعنى الاصل يقال: هو من نبعة كريمة أي من أصل كريم. والخيم – بالكسر -: السجية. والشيم – بكسر الشين وفتح الياء المثناة جمع شيمة – بالكسر – وهى الطبيعة. (6) فدحه الدين: أثقله. (7) انقشع عنه السحاب: زال وانكشف. والبلاء عن البلاد: زال، وكذلك الهم عن القلب. والغيابة – كسحابة – من كل شئ ما سترك منه وايضا قعر الوادي وقعر الجب. وفى بعض نسخ القصيدة ” عنها العماية والاملاق والظلم “. (8) استوكف: استقطر. الاختصاص – 12 –

[ 193 ]

سهل الخليقة لا تشخى بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والكرم (1) – لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعترم (2) – من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم – يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويستزاد به الإحسان والنعم – مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم – إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل: من خير أهل الأرض ؟ قيل هم – لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا – هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والاسد أسد الشري والنار تحتدم (3) – يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى هضم (4) لا ينقص العسر شيئا ” من أكفهم * سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا (5) – أي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم – من يعرف الله يعرف أولية ذا * والدين من بيت هذا ناله الامم قال: فذهب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السلام، فبعث إليه باثنتي عشرة ألف درهم وقال: أعذرنا يا أبا فراس


(1) البوادر جمع البادرة وهى ما يبدو من الانسان عند حدة الغضب من قول أو فعل. (2) النقيبة: النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأى والطبيعة. ” رحب الفناء ” أي متسع العناية والاريب: العاقل. و ” يعترم ” – على المجهول – من العرام بمعنى الشدة أي هو في الشدة والبأس عاقل. وفى بعض النسخ [ يعتزم ] ولعله الاصح واعتزم الامر وعليه: اراد فعله. (3) الازمة: الشدة. و ” أزمت ” أي لزمت. والشرى مأسدة جانب الفرات يضرب به المثل واحتدام النار التهابها. وفى بعض نسخ الحديث ” والاسد اسد الشرى والناس يحتدم ” وفى بعضها ” والبأس محتدم ” (4) الخيم: السجية والطبيعة. ” هضم ” – ككتب – جمع هضوم، يقال: يد هضوم أي جواد بما فيها. وفى بعض النسخ [ ديم ]. (5) ” سيان ” تثنية السى وهو المثل، يقال: هما سيان أي مثلان. وأثرى أي كثر ماله. و المعنى أن اكفهم في حال الغنا والفقر سواء. وفى بعض نسخ الحديث ” لا يقبض العسر بسطا ” من اكفهم ” وفى بعضها ” لا يقبض العسر قسطا من اكفهم “

[ 194 ]

لو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت إلا غضبا ” لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وما كنت لأرزأ عليه شيئا ” فردها إليه وقال له: بحقي عليك لما قبلتها فقد أنار الله مكانك وعلم نيتك فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاما ” وهو في الحبس فكان مما هجاه به قوله: أتحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس تهوي منيبها – يقلب رأسا ” لم يكن رأس سيد * وعينا ” له حولاء باد عيوبها (1) وحدثنا علي بن الحسن بن يوسف، عن محمد بن جعفر العلوي، عن الحسين بن محمد بن جمهور العمي قال: حدثني أبو عثمان المازني قال: حدثنا كيسان، عن جويرية ابن أسماء، عن هشام بن عبد الأعلى قال: حدثني فرعان وكان من رواة الفرزدق قال: حججت سنة مع عبد الملك بن مروان فنظر إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأراد أن يصغر منه، فقال: من هذا ؟ فقال الفرزدق: فقلت على البديهة القصيدة المعروفة: هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم حتى أتمها، قال: وكان عبد الملك يصله في كل سنة بألف دينار فحرمه تلك السنة، فشكى ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام وسأله أن يكلمه فقال: أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبد الملك وصني عن كلامه، فقال: والله يا ابن رسوله الله لارزأتك شيئا ” ولثواب الله عزوجل في الآجل أحب إلي من ثواب الدنيا في العاجل، فاتصل ذلك بمعاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار وكان أحد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره وأحد ادبائها وظرفائها فقال له: يا أبا فراس كم تقدر الذي بقي من عمرك ؟ قال: قدر عشرين


(1) رواه الكشى في رجاله ص 86 ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 36 منه ومن المناقب والاختصاص ورواه ايضا أبو الفرج في الاغاني ج 14 ص 76. وج 19 ص 40. وابن الجوزى في صفة الصفوة ج 2 ص 54 وسبطه في التذكرة ص 186 نقلا عن أبى نعيم في حلية الاولياء ونقله ابن خلكان في الوفيات ج 5 ص 145 بزيادات منها مال قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاءه نعم ونقله محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول ص 79.

[ 195 ]

سنة قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيكها من مالي واعف أبا محمد أعزه الله عن المسألة في أمرك، فقال: لقد لقيت أبا محمد وبذل لي ماله فأعلمته أني أخرت ثواب ذلك لأجر الآخرة. (1) * (عبد الله بن ابى يعفور) * عدة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن ابي نجران، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال: أردت الخروج إلى مكة فأتيت ابن أبي يعفور مودعا ” له فقلت: ألك حاجة ؟ قال: نعم تقرأ أبا عبد الله عليه السلام السلام، قال: فقدمت المدينة فدخلت عليه، فسائلني ثم قال: ما فعل ابن أبي يعفور ؟ قال: قلت: صالح جعلت فداك آخر عهدي به، وقد أتيته مودعا ” له فسألني أن اقرئك السلام، قال: وعليه السلام اقرأه السلام صلى الله عليه وقل: كن على ما عهدتك عليه (2). جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني سليمان الفراء، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه فكان يقسمها فيهم وهو يبكى، قال سليمان: فأقول له: ما يبكيك ؟ قال: فيقول: أخاف أن يرو أنها من قبلي (2). * (عيسى بن عبد الله القمى) * حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن يونس بن يعقوب قال: دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد الله عليه السلام فلما انصرف قال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم قال: يا عيسى بن عبد الله إن الله يقول: ” وأمر أهلك بالصلوة ” وإنك منا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من ههنا مقدارها من ههنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين عينى عيسى


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 37 من الاختصاص. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 217 من الاختصاص. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 218 من الاختصاص.

[ 196 ]

وانصرف (1). قال يونس بن يعقوب: فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لعيسى بن عبد الله. المجهولون من أصحاب أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام: محمد بن مسكان، يوسف الطاطري عمر الكردي – روى عنه المفضل -، هشام بن المثنى الرازي (2). * (في حمران بن اعين) * عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حجر بن زائدة، عن حمران بن أعين (3) قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إني أعطيت الله عهدا ” أن لا أخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك عنه، قال: فقال لي: سل، قال: فقلت: أمن شيعتكم أنا ؟ قال: فقال: نعم في الدنيا والآخرة. (4) وحدثنا أحمد بن محمد، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن مروك بن عبيد، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: نعم الشفيع أنا و أبي لحمران بن أعين يوم القيامة، نأخذه بيده ولا نزايله حتى ندخل الجنة جميعا “. (5) وروى محمد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القندي، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه قال في حمران: إنه رجل من أهل الجنة. (6) * (فضائل امير المؤمنين عليه السلام) * [ حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي – رضي الله عنه – قال: حدثني أبي، عن علي بن أحمد بن علي الأنصاري قال: حدثني علي بن ميثم، عن أبيه قال: لما اشتريت لحميدة ام موسى بن جعفر عليهما السلام ام الرضا عليه السلام نجمة، ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لها: يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيولد له


(1) إلى هنا نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 209 من الاختصاص. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 210. والمامقاني في التنقيح ج 3 ص 184. (3) حمران – بفتح المهملة وسكون الميم وفتح الراء والالف والنون -. (4) رواه الكشى في رجاله ص 117. ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 97 من الاختصاص. (5) رواه الكشى في رجاله صفحة 120 وفيه ” نعم الشفيع أنا وآبائي لحمران بن اعين. الخ ” ونقله المجلسي – رحمه الله – من الاختصاص في البحار ج 11 ص 210. (6) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 117 عن ابن عيسى عن زياد الكندى ولعله تصحيف و نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 210 من الاختصاص.

[ 197 ]

منها خير أهل الأرض، فوهبتها له، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة وكانت لها أسماء منها نجمة وأروى وسكن وسمانة وتكتم وهو آخر أساميها، قال ميثم: سمعت أبي يقول: كانت نجمة بكرا ” لما اشترتها حميدة (1). حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب بن إسحاق، عن أبي زكريا الواسطي، عن هشام بن أحمر قال: قال أبو الحسن الأول عليه السلام: هل علمت أحدا ” من أهل المغرب قدم ؟ قلت: لا، فقال: بلى فانطلق بنا، فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق (2)، فقال له: أعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبو الحسن عليه السلام: لا حاجة لي فيها، ثم قال له: أعرض علينا، قال ما عندي شئ، فقال: بلى أعرض علينا، قال: لا والله ما عندي إلا جارية مريضة فقال له: ما عليك أن تعرضها، فأبى عليه ثم انصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه فقال لي: قل له: كم غايتك فيها فإذا قال كذا وكذا فقل: فقد أخذتها، فأتيته فقال: ما اريد أن أنقصها من كذا وكذا، قلت: قد أخذتها وهو لك فقال: هي لك ولكن من الرجل الذي كان معك بالأمس ؟ فقلت: رجل من بني هاشم، فقال: من أي بني هاشم ؟ فقلت: من نقبائهم، فقال: اريد أكثر منه، فقلت: ما عندي أكثر من هذا فقال: اخبرك عن هذه الوصيفة (3) إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك، فقلت: اشتريتها لنفسي، فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إذ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلا قليلا ” حتى تلد منه غلاما ” يدين له شرق الارض وغربها، فقال: فأتيته بها فلم تلبث عنده قليلا ” حتى ولدت عليا ” عليه السلام (4). حدثنا أبو أحمد هانئ بن محمد بن محمود العبدي – رضي الله عنه – قال: حدثني أبي


(1) الظاهر أن المصنف – رحمه الله – رواه عن الصدوق – رضى الله عنه – عن تميم ويؤيد ذلك أن الصدوق – رحمه الله – رواه في العيون ص 12 بعينه سندا ” ومتنا “. (2) الرقيق: المملوك واحد وجمع. (الصحاح). (3) الوصيف: الخادم غلاما ” كان أو جارية وقد يقال للجارية: الوصيفة. (4) رواه الصدوق – رحمه الله – بعينه في العيون ص 12.

[ 198 ]

بإسناده رفعه أن موسى بن جعفر عليه السلام دخل على الرشيد فقال له الرشيد: يا ابن رسول الله أخبرني عن الطبائع الأربع، فقال موسى عليه السلام: أما الريح فإنه ملك يداري، وأما الدم فإنه عبد عارم وربما قتل العبد مولاه، وأما البلغم فإنه خصم جدل إن سدد من جانب انفتح من آخر، وأما المرأة فإنها أرض إذا اهتزت رجعت بما فوقها فقال له هارون: يا ابن رسول الله تنفق على الناس من كنوز الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله. (1) قال الراوي: ذكر عند الرضا عليه السلام الجبر والتفويض فقال: ألا اعطيكم في هذا أصلا ” لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه، قلنا: إن رأيت ذلك، فقال: إن الله تعالى لم يطع بإكراه ولم يعص بغلبة ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعة لم يكن الله عنها صادا ” ولا منها مانعا “، وإن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه، ثم قال عليه السلام: من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من يخالفه – تم الخبر – (2).


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في العيون ونقله العلامة المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 14 ص 474 قائلا ” بعده: بيان يحتمل أن يكون المراد بالريح المرة الصفراء لحدتها ولطافتها وسرعة تأثيرها فينبغي ان يدارى لئلا تغلب وتهلك أو المراد بها الروح الحيوانية وبالمرة الصفراء و السوداء معا ” فانه تطلق عليها المرة فيكون اصطلاحا ” آخر في الطبايع وتقسيما ” آخر لها. والعارم سيئ الخلق الشديد، يقال عرم الصبى علينا أي اشر ومرح أو بطر أو فسد، ولعل المعنى أنه خادم للبدن نافع لكن ربما كانت غلبته سببا ” للهلاك فينبغي أن يكون الانسان على حذر منه فانه خصم جدل كناية عن بطوء علاجه وعدم اندفاعه بسهولة. ” إذا اهتزت ” أي غلبت وتحركت رجعت بما فوقها كما في حمى النائبة من الغب والربع وغيرهما فانها تزلزل البدن وتحركها. ورأيت مثل هذا الكلام في كتب الاطباء والحكماء الاقدمين. انتهى (2) رواه – الصدوق رحمه الله – مسندا ” في التوحيد باب الجبر والتفويض ص 370 والعيون ص 82. ونقله المجلسي – رحمه الله – منهما في البحار ج 3 ص 6 ومن الاحتجاج [ ص 225 و 226 ] مثله وقال: لعل ذكر الائتمار ثانيا للمشاكلة أو هو بمعنى الهم أو الفعل من غير مشاورة كما ذكر في النهاية والقاموس. انتهى أقول: وفى اللغة ائتمر الامر: امتثله قال امرؤ القيس: أحار بن عمرو كأنى خمر * ويعدو على المرء ما يأتمر أي ما يأتمر به نفسه.

[ 199 ]

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عمن حدثه، عن عبد الرحيم القصير قال: ابتدأني أبو جعفر عليه السلام فقال: أما إن ذا القرنين خيرا السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب، فقلت: وما الصعب ؟ فقال: ماكان من سحاب فيه رعد وصاعقة وبرق فصاحبكم يركبه أما أنه سير كب السحاب ويرقى في الأسباب أسباب السماوات السبع والأرضين السبع خمس عوامر واثنتان خرابان (1). وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عثمان، عن سماعة بن مهران – أو غيره – عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن عليا ” عليه السلام ملك ما فوق الأرض وما تحتها فعرضت له ساحبتان إحداهما السهلة والاخرى الذلول وكان في الصعبة ملك ما تحت الأرض، وفي الذلول ملك ما فوق الأرض فاختار الصعبة على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاثا ” خرابا ” وأربعة عوامر (2). وعنه، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، وأبي سلام الحناط، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: أما إن ذا القرنين قد خير السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب قال: قلت: وما الصعب ؟ فقال: ما كان من سحاب فيه رعد أو صاعقة أو برق فصاحبكم يركبه أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الأسباب أسباب السماوات السبع والأرضين السبع خمس عوامر واثنان خرابان – تم الخبر وكمل – (3). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية ابن عمار، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في غزوة الطائف دعا عليا ” عليه السلام فناجاه فقال الناس وأبو بكر وعمر: انتجاه دوننا، فقام النبي صلى الله عليه وآله في الناس خطيبا ” فحمد الله وأثنى عليه: ثم قال: أيها الناس أنتم تقولون: إني انتجيت عليا “


(1) رواه الصفار – ره – في البصائر الجزء الثامن. ونقله المجلسي – في البحار ج 13 ص 183. (2) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس عشر. (3) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن باب الخامس عشر الا أن فيه ” عن أبي خالد، وابو سلام عن سورة ” وهكذا في البحار ج 13 ص 183 وهو تصحيف. ولكن في المجلد الخامس ص 161 ” عن أبى خالد وأبى سلام عن سورة “.

[ 200 ]

وإني والله ما انتجيته ولكن الله انتجاه قال معاوية: فعرضت الحديث على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ذلك ليقال (1). علي بن محمد بن علي بن سعد، عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع، عن يونس، عن علي بن أعين، عن أبيه، عن جده، عن أبي رافع قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ببراءة مع أبي بكر أنزل الله تبارك وتعالى عليه تترك من ناجيته غير مرة وتبعث من لم اناجه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ البراءة منه ودفعها إلى علي عليه السلام فقال له علي عليه السلام: أوصني يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يوصيك ويناجيك فناجاه يوم البراءة من قبل صلاة الاولى إلى صلاة العصر (2) وروي بهذا الإسناد، عن أبي رافع أن الله ناجا عليا ” عليه السلام يوم غسل رسول الله صلى الله عليه وآله (3). محمد بن عيسى بن عبيد، عن القاسم بن عروة، عن عاصم بن حميد، عن معاوية بن عمار، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: لما كان يوم الطائف انتجى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” عليه السلام فقال أبو بكر وعمر: انتجيته دوننا فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه (4). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، والحسن ابن علي بن فضال، عن المثنى ابن الوليد الحناط، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله انتجى عليا ” عليه السلام يوم الطائف فقال أصحابه: يا رسول الله انتجيت عليا ” من بيننا وهو أحدثنا سنا ” فقال: ما أنا اناجيه بل الله يناجيه (5). وعنه بهذا الاسناد، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل الطائف: يا أهل الطائف لابعثن إليكم رجلا ” كنفسي، يفتح الله به الخير سيفه سوطه فيشرف الناس له، فلما أصبح دعا عليا ” عليه السلام فقال: اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبي صلى الله عليه وآله أن يرحل إليها بعد دخول علي عليه السلام فلما صار إليها كان علي عليه السلام على رأس الجبل.


(1 – 5) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء الثامن الباب السادس عشر. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 380 من الاختصاص.

[ 201 ]

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أثبت فثبت فسمعنا صوتا ” مثل صرير الزجل (1)، فقال: يا رسول الله ما هذا ؟ فقال: إن الله عزوجل يناجي عليا ” عليه السلام – تم الخبر – ] (2). * (ما روى في محمد بن مسلم) * الطائفي الثقفي القصير الطحان الكوفي الأعور، عربي مات سنة خمسين و مائة. (3) حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ياسين الضرير البصري، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: ما شجرني في قلبي شئ قط إلا سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ستة عشر ألف حديث (4). جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان عن علي بن عطية الزيات الملقب بالبواب، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أخبرني بركود الشمس (5)، قال: ويحك يا محمد ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك، ثم سكت عني ثلاثة أيام، ثم قال لي في اليوم الرابع: إنك لأهل للجواب. – والحديث معروف – (6). حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكنني القدوم ويجيئ الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فإنه قد


(1) أي صوت الرعد. (2) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء الثامن الباب السادس عشر. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 380 من الاختصاص. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار 11 ص 95 من الاختصاص. (4) رواه الكشى في رجاله ص 109. ونقله المجلسي من الاختصاص في البحار ج 11 ص 94. (5) الركود: السكون والثبات. (6) روى الصدوق – رحمه الله – تمام الحديث في الفقيه ص 60.

[ 202 ]

سمع من أبي وكان عنده مرضيا ” وجيها ” (1). وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال العبدي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: شهد أبو كريبة الأزدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض فنظر في وجههما مليا ” ثم قال: جعفريان فاطميان، فبكيا. فقال لهما: ما يبكيكما ؟ فقالا له: نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا أن نكون من إخوانهم لما يرون من سخيف ورعنا ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا أن نكون من شيعته فإن تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل قديما “، فتبسم شريك ثم قال: إذا كانت الرجال فلتكن أمثالكم، يا وليد أجزهما هذه المرة ولا يعودا ثانية، قال: فحججنا فخبرنا أبا عبد الله عليه السلام بالقصة فقال: وما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار (2). وحدثنا أحمد بن هارون، وجعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن فضال، عن علي بن عقبة أو غيره، عن أبي كهمش قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: لي شهد محمد بن مسلم الواسطي القصير عند ابن أبي ليلي بشهادة فرد شهادته ؟ فقلت: نعم، فقال: إذا صرت إلى الكوفة فائت ابن أبي ليلى وقل له: أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقل: قال أصحابنا، ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الأولتين من الفريضة وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصات فتسقط منها واحدة كيف يصنع ؟ فإذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك وأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله منك. فقال أبو كهمش: فلما قدمت الكوفة أتيت ابن أبي ليلي قبل أن أصير إلى المنزل فقلت له:


(1) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 108 ونقله المجلسي – رحمه الله – من الاختصاص في المجلد الحادى عشر ص 95 من البحار. (2) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 108 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 224 من الاختصاص. والشراك: سير النعل على ظهر القدم أي جعل الله له يوم القيامة شراكين من النار. (*)

[ 203 ]

أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقل: قال أصحابنا، قال: هات، قلت: ما تقول في الرجل يشك في الركعتين الأولتين من الفريضة ؟ فأطرق ثم رفع رأسه إلي فقال: قال أصحابنا، فقلت له: هذا شرطي عليك أن لا تقول: قال أصحابنا، فقال: ما عندي فيها شئ، فقلت له: ما تقول في الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك، فقال: ما عندي فيها شئ، فقلت: فرجل رمي الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصنع ؟ فطأطأ رأسه ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: أصلحك الله هذا شرطي عليك، فقال: ليس عندي فيها شئ، فقلت: يقول لك جعفر بن محمد عليه السلام: ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك وأعرف بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله منك ؟ فقال: ومن هو ؟ فقلت: محمد بن مسلم الواسطي القصير، قال: فقال: الله، جعفر بن محمد قال لك هذا ؟ قال: فقلت: الله، لقال لي جعفر بن محمد عليه السلام هذا، قال: فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فأجاز شهادته (1). أحمد بن محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أقام محمد بن مسلم أربع سنين بالمدينة يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله ثم كان يدخل بعده على أبي عبد الله عليه السلام يسأله، قال ابن أبي عمير: سمعت عبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان يقولان: ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم (2). وعنه عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن محمد بن مسلم، قال: إني ذات ليلة لنائم على السطح إذ طرق الباب طارق، فقلت: من هذا ؟ فقال: اشرف رحمك الله، فأشرفت فإذا امرأة، فقالت: لى ابنة عروس يضربها الطلق (3) فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجيئ فما أصنع ؟


(1) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 109 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج الحادى عشر ص 227. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – من الكتاب في البحار ج 11 ص 224. (3) الطلق: وجع الولادة. طلقت [ على المجهول ] المرأة طلقا “: أصابها وجع الولادة.

[ 204 ]

فقلت: لها يا أمة الله سئل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليهم السلام عن مثل هذا فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، يا أمة الله، إني رجل في ستر، من وجهك إلي ؟ قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صا حب الرأي فقال لي: ما عندي فيها شئ ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فإنه يخبرك، فما أفتاك به من شئ فعودي إلي فأعلمينه، فقلت لها: امضي بسلام، فلما كان الغد خرجت إلى المسجد فإذا أبو حنيفة يسأل أصحابه عنها فتنحنحت، فقال: اللهم غفرا ” دعنا نعيش. (1) * (أبو جعفر الأحول محمد بن النعمان مؤمن الطاق) * محمد بن النعمان بن أبي طريقة أبو جعفر الأحول مولى لبجيلة وكان صيرفيا ” ولقبه الناس شيطان الطاق وذلك أنهم شكوا في درهم فعرضوه عليه فقال لهم: ستوق (2) فقالوا: ما هو إلا شيطان الطاق وأصحابنا يلقبونه مؤمن الطاق، وكان من متكلمي الشيعة، مدحه أبو – عبد الله عليه السلام على ذلك. (3) * (جابر بن يزيد الجعفي صاحب التفسير) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال: اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي فقلت: أنا أسأل أبا عبد الله الله عليه السلام، فلما دخلت ابتدأني فقال: رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا، لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا (4). حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد


(1) التنحنح: تردد الصوت في الصدر. وفى بعض النسخ ” فتبحبحت ” والغفر: الستر. والخبر رواه الكشى في رجاله ص 108 ونقل في البحار ج 11 ص 230 منه ومن الاختصاص. (2) الستوق: درهم زيف ملبس بالفضة. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 224. والكشى – ره – في رجاله ص 122. (4) رواه الكشى – ره – في رجاله ص 126 ونقله المجلسي – ره – من الاختصاص في البحار ج 11 ص 97. والمغيرة بن سعيد مولى بجيلة عنونه العلامة في القسم الثاني من الخلاصة قائلا المغيرة بن سعيد بالدال مولى بجيلة خرج أبو جعفر عليه السلام فقال: انه كان يكذب علينا وكان يدعو إلى محمد ابن عبد الله بن الحسن في أول أمره. انتهى.

[ 205 ]

ابن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتد الناس بعد الحسين عليه السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن ام الطويل، وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقوا وكثروا (1). وعنه، عن أحمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليهما السلام وكان علي يثني عليه وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر، وكان مستقيما ” وذكر أنه لما ادخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: أنت شقي بن كسير ؟ قال: امي كانت أعرف باسمي سمتني سعيد بن جبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر أهما في الجنة أو في النار ؟ قال: لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها [ ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها ] قال: فما تقول في الخلفاء ! قال: ليست عليهم بوكيل، قال: فأيهم أحب إليك ؟ قال: أرضاهم لخالقي، قال: فأيهم أرضى للخالق ؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني ؟ قال: بلى لم أحب أن أكذبك (2). * (ما روى في حماد بن عيسى الجهنى البصري) * وكان أصله كوفيا ” ومسكنه البصرة وعاش نيفا ” وتسعين ولحق بأبي عبد الله عليه السلام ومات بوادي قناة بالمدينة وهو وادي يسيل من الشجرة إلى المدينة ومات سنة تسع ومائتين. حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن – رحمه الله -، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى قال: دخلنا على أبي الحسن الأول عليه السلام فقلت له: جعلت فداك ادع الله لي أن يرزقني دارا ” وزوجة وولدا ” وخادما ” والحج في


(1) رواه الكشى – رحمه ا لله – في رجاله ص 82 ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 42 من الاختصاص بزيادة وهى ” وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء “. (2) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 79 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحارج 11 ص 39 عن روضة الواعظين لابن فتال النيسابوري.

[ 206 ]

كل سنة فقال اللهم صلى على محمد وآل محمد وارزقه دارا ” وزوجة وولدا ” وخادما ” والحج خمسين سنة. قال: حماد فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة، قال حماد: وحججت ثمان وأربعين حجة وهذه داري قد رزقتها وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي وهذا ابني وهذه خادمتي قد رزقت كل ذلك فحج بعد هذا الكلام حجتين تمام الخمسين ثم خرج بعد الخمسين حاجا ” فزامل (1) أبا العباس النوفلي القصير، فلما صار في موضع الإحرام دخل يغتسل في الوادي فحمله فغرقه الماء – رحمة الله عليه – وأتاه قبل أن يحج زيادة على خمسين عاش إلى وقت الرضا عليه السلام وتوفي سنة تسع ومائتين وكان من جهينة (2). * (حريز بن عبد الله وابن مسكان) * وعنه، عن حيدر بن محمد بن نعيم، وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود جميعا “، عن محمد بن مسعود العياشي قال: حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب، عن العمركي قال: حدثني أحمد بن شيبة (3)، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بينه وبيني فقال لي: هذه الكتب كلها في الطلاق واليمين فأقبل يقلب بيديه قال: فقلت: نحن نجمع هذا كله في كلمة واحدة في حرف قال: وما هو ؟ قلت: قوله: ” يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة (4) ” فقال لي: فأنت لا تعمل شيئا إلا برواية ؟ قلت: أجل، فقال لي: ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم وادى تسعمائة وتسعة وتسعين ثم أحدث يعني الزنا كيف تحده ؟ فقلت: عندي بعينها حديث حدثني محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أن عليا ” عليه السلام كان يضرب بالسوط وبثلثه وبنصفه وببعضه بقدر استحقاقه فقال لي: أما إني أسألك عن مسألة لا يكون عندك فيها شئ ما تقول في جمل اخرج من البحر ؟ فقلت: إن شاء فليكن


(1) الزميل: الرفيق. (2) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 204 ونقله المجلسي في البحار ج 11 ص 286 من الاختصاص وفى ص 244 من قرب الاسناد للحميري. وفى ص 137 من المناقب لابن شهر آشوب والخرائج للراوندي. (3) في بعض النسخ [ احمد بن بشير ] وفى بعضها [ أحمد بن يسير ]. (4) الطلاق: 2 –

[ 207 ]

جملا ” وإن شاء فبقرة إن كانت عليه فلوس أكلناه وإلا فلا. (1). وذكر أبو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لايدخل على أبي عبد الله عليه السلام شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه إجلالا ” له وإعظاما ” له عليه السلام، وذكر يونس بن عبد الرحمن أن ابن مسكان كان رجلا ” مؤمنا ” وكان يتلقى أصحابه إذا قدموا فيأخذ ما عندهم (2). وحريز بن عبد الله انتقل إلى سجستان وقتل بها وكان سبب قتله أنه كان له أصحاب يقولون بمقالته، وكان الغالب على سجستان الشراة (3) وكان أصحاب حريز يسمعون منهم ثلب (4) أمير المؤمنين عليه السلام وسبه فيخبرون حريزا ” ويستأمرونه في قتل من يسمعون منه ذلك، فأذن لهم فلا يزال الشراة يجدون منهم القتيل بعد القتيل، فلا يتوهمون على الشيعة لقلة عددهم ويطالبون المرجئة ويقاتلونهم فلا يزال الأمر هكذا حتى وقفوا عليه فطلبوهم فاجتمع أصحاب حريز إلى حريز في المسجد فعرقبوا (5) عليهم المسجد وقلبوا أرضه – رحمهم الله – (6). (في اثبات امامة الائمة الاثنى عشر عليهم السلام) أبو جعفر محمد بن أحمد العلوي قال: حدثني أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن جده إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن أبيه، عن الصادق عليه السلام قال: قال سلمان الفارسي – رحمة الله عليه -: رأيت الحسين بن علي صلوات الله عليهما في حجر النبي صلى الله عليه وآله وهو يقبل عينيه ويلثم شفتيه (7) ويقول: أنت سيد بن سيد أبو سادة، أنت حجة


(1) رواه الكشى – رحمه الله – في رجاله ص 244. ونقله المجلسي – ره – في البحار ج 11 ص 229. (2) رواه الكشى، رحمه الله – في رجاله ص 243. بتقديم وتأخير ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 224 من الاختصاص. (3) الشراة: الخوارج. (4) الثلب: الطعن والسب. (5) عرقب الرجل: احتال. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 224. (7) أي يقبل شفتيه.

[ 208 ]

ابن حجة أبو حجج، أنت الإمام ابن الإمام ابو الأئمة التسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم (1). قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن معقل القرميسيني (2) قال: حدثنا محمد بن عبد الله البصري قال: حدثنا إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اثنا عشر من أهل بيتي من أعطاهم الله فهمي وعلمي، خلقوا من طينتي، فويل للمنكرين حقهم بعدي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي (3). وحدثنا أبو الحسن محمد بن معقل قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثني علي بن الحسين، عن محمد بن مرزوق، عن عامر السراج، عن سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: سمعت حذيفة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا كان عند خروج القائم ينادي مناد من السماء أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين وولي الأمر خير امة محمد فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر والأبدال من الشام وعصائب العراق، رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن و المقام، قال عمران بن الحصين: يا رسول الله صف لنا هذا الرجل، قال: هو رجل من ولد الحسين كأنه من جرال شنوءة (4)، عليه عباءتان قطوانيتان، اسمه اسمي فعند ذلك تفرخ الطيور في أوكارها والحيتان في بحارها، وتمد الأنهار، وتفيض العيون وتنبت


(1) اخرجه الاربلي في كشف الغمة ونقله المجلسي – في البحار ج 9 ص 158 من الاختصاص. (2) القرميسينى – بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم وسكون الياء تحتها نقطتان و كسر السين بعدها ياء ثانية ثم نون – هذه النسبة إلى قرميسين وهى مدينة بجبال العراق على ثلاثين فرسخا ” من همذان عند الدينور ويقال لها: كرمانشاهان. (اللباب). (3) رواه الصدوق بهذا السند في كمال الدين ص 164 الباب الرابع والعشرون وفى العيون ص 38 الباب السادس. ونقله المجلسي في البحار ج 9 ص 131. (4) قال الجوهري: الشنوءة على فعولة: التفرز وهو التباعد من الا دناس. تقول: رجل فيه شنوءة، ومنه ازد شنوءة. وهم حى من اليمن ينسب إليهم شنئى. وقال: قال ابن السكيت: ربما قالوا: أزد شنوة – بالتشديد غير مهموز. وينسب إليها شنوى وقال: نحن قريش وهم شنوة * بنا قريشا ” ختم النبوة الاختصاص – 13 –

[ 209 ]

الارض ضعف اكلها، ثم يسير مقدمته جبرئيل وساقيه إسرافيل فيملأ عدلا ” و قسطا ” كما ملئت جورا ” وظلما ” (1). قال: حدثنا محمد بن قولويه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن خالد الطيالسي عن المنذر بن محمد، عن النصر بن السندي (2)، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة، قال سعد بن عبد الله: وحدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي قال: حدثنا الحسن ابن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا ” ينكت في الأرض (3)، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا ” تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها ؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما ” قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي (4) هو المهدي الذي يملأها (5) عدلا وقسطا ” كما ملئت ظلما ” وجورا “، يكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون (6)، فقلت: إن هذا لكائن ؟ قال: نعم كما أنه مخلوق فأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ، اولئك خيار هذه الامة مع خيار أبرار هذه العترة، قلت: وما يكون بعد ذلك ؟ قال: الله يفعل ما يشاء فإن لله إرادات وبداءات وغايات ونهايات (7).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في المجلد الثالث عشر من البحار ص 179 من الاختصاص. (2) في بعض النسخ [ النضر بن السدى ]. (3) النكت أن يضرب في الارض بقضيب ونحوه فيؤثر فيها. (4) قوله: ” من ولدى ” ليس بيانا للحادي عشر فان المهدى عليه السلام هو ابن التاسع من ولده عليه السلام بل ” من ” تبعيضية أي ان الامام الحادى عشر هو من ولدى (كذا في هامش كتاب الغيبة للطوسي – رحمه الله -) وفى بعض نسخ الحديث ” يكون من ظهرى الحادى عشر من ولدى “. (5) الضمير راجع إلى الارض. (6) زاد في الكافي هنا ” فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين “. (7) رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 337. وقوله عليه السلام ” له ارادات ” أي له تعالى في اظهار أمره واخفائه ارادات وله تعالى أيضا في ذلك امور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره ونهايات مختلفة في ظهوره وغيبته عجل الله فرجه.

[ 210 ]

حدثنا محمد بن معقل قال: حدثنا أبي، عن عبد الله بن جعفر الحميري عند قبر الحسين عليه السلام في الحائر سنة ثمان وتسعين ومائتين قال: حدثنا الحسن بن ظريف بن ناصح، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبي محمد لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ قال له جابر: في أي وقت شئت يا سيدي فخلا به أبي في بعض الأيام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي امي فاطمة صلوات الله عليها وما أخبرتك امي أنه مكتوب في اللوح ؟ فقال جابر: اشهد بالله أني دخلت على فاطمة امك صلوات الله عليها في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين عليه السلام، فرأيت في يدها لوحا ” أخضر، فظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابا ” أبيض شبه نور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وامي ما هذا اللوح ؟ قالت: هذا لوح أهداه الله تبارك وتعالى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسمي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليسرني به، قال جابر: فأعطتنيه امك فقرأته واستحسنته فقال أبي عليه السلام: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي ؟ قال: نعم، فمشى معه أبي حتى أتى منزل جابر فأخرج أبي من كمه صحيفة من رق (1) فقال: يا جبار انظر في كتابك لأقرأ أنا عليك فنظر (2) في نسخته فقرأه عليه فما خالف حرف حرفا “، فقال جابر اشهد بالله أني كذا رأيته في اللوح مكتوبا “:


(1) الرق – بالفتح والكسر -: الرقيق الذي يكتب فيه. (2) هذا يدل على أن جابر الانصاري لم يكن أعمى في ايام الباقر عليه السلام خلافا للمشهور حيث قالوا: انه كان اعمى يوم الاربعين ويؤيد ذلك تبليغه سلام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبى جعفر عليه السلام على ما رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 469 في حديث طويل قال: ” فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن على فلما نظر إليه قال يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فادبر ثم قال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله و الذى نفسي بيده يا غلام ما اسمك قال: اسمى محمد بن على بن الحسين فأقبل عليه يقبل رأسه ويقول بأبى أنت وامى ابوك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام. الحديث “

[ 211 ]

[ بسم الله الرحمن الرحيم ] هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نبيه وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد صلى الله عليه وآله أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين ومديل المظلومين (1) وديان يوم الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذبته عذابا ” لا اعذب به أحدا ” من العالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا ” قط فأكملت أيامه وأنقضت مدته إلا وجعلت له وصيا ” وقد فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك بعده وسبطيك (2) الحسن والحسين، فجعلت حسنا ” معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا ” خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء عندي درجة، جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، انتجبت بعده موسى واتيحت (3) فتنة عمياء صماء حندس لأن خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى، ألا ومن جحد واحدا ” منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي وويل للمكذبين الجاحدين بعد انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي، فإن المكذب لأحدهم المكذب


(1) في بعض نسخ الحديث ” مذل الظالمين “. والادالة: اعطاء الدولة والغلبة والمراد بالمظلومين أئمة المؤمنين وشيعتهم الذين ينصرهم الله في آخر الزمان. (2) ” بشبليك ” أي بولديك في القاموس الشبل – بالكسر -: ولد الاسد إذا ادرك الصيد انتهى وشبههما بولد الاسد في الشجاعة. (3) ” اتيحت ” بالمثناة الفوقية ثم التحتية ثم الحاء المهملة – من الاتاحة بمعنى تهية الاسباب وفى بعض نسخ الحديث ” ابيحت ” وفى بعضها ” انبحت ” والحندس – بالكسر -: المظلم و انما كانت الفتنة به عليه السلام عمياء حندس لخفاء أمره اكثر من اخفاء أمر آبائه عليهم السلام لشدة الخوف الذى كان من جهة طاغي زمانه.

[ 212 ]

لكل أوليائي، وعلي وليي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها (1) يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها الغبد الصالح (2) إلى جنب شر خلقي لأقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه فهو معدن علمي وموضع سري و حجتي على خلقي، جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين ألفا من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وختمت بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي أخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب، سيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون و يحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشوا الويل و الرنة في نسائهم، هؤلاء أوليائي حقا “، بهم أدفع كل بلية وفتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الأصار والأغلال (3) أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة واولئك هم المهتدون. قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله (4). حدثنا محمد بن علي، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان الأحمر قال: قال الصادق عليه السلام: يا أبان كيف ينكر الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام


(1) أعباء جمع عبء – بالكسر – وهى الاثقال وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: المراد بها هنا العلوم التى أوحى بها الانبياء، أو الصفات المشتركة بين الانبياء والاوصياء عليهم السلام من العصمة والعلم والشجاعة والسخاوة وأمثالها وفى القاموس الضلاعة القوة وشدة الاضلاع، وهو مضلع لهذا الامر ومضطلع أي قوى عليه. (2) المراد به ذو القرنين لان طوس من بنائه وقد صرح به في رواية النعماني. (3) المراد بالزلازل رجفات الارض أو الشبهات المزلزلة المضلة. والاصار: الاثقال أي الشدائد والبلايا العظيمة والفتن الشديدة اللازمة في اعناق الخلق كالاغلال. (4) رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 527 والصدوق في كمال الدين ص 178 وفى العيون ص 25 والنعماني في الغيبة ص 29 وأمين الدين الطبرسي في اعلام الورى ص 225 وأبو منصور الطبرسي في الاحتجاج طبع النجف ص 41 وطبع طهران ص 36، ونقله المجلسي في البحار ج 9 ص 121.

[ 213 ]

لما قال: ” لو شئت لرفعت رجلي هذه فضربت بها صدر ابن أبي سفيان بالشام فنكسته عن سريره ” ولا ينكرون تناول آصف وصي سليمان عرش بلقيس وإتيانه سليمان به قبل أن يرتد إليه طرفه، أليس نبينا صلى الله عليه وآله أفضل الأنبياء ووصيه عليه السلام أفضل الأوصياء، أفلا جعلوه كوصي سليمان، حكم الله بيننا وبين من جحد حقنا وأنكر فضلنا. (1) أحمد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد العبسي قال: أخبرني حماد بن سلمة، عن الأعمش، عن زياد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال: أتيت فاطمة صلوات الله عليها، فقلت لها: أين بعلك ؟ فقالت: عرج به جبرئيل عليه السلام إلى السماء، فقلت: فيماذا ؟ فقالت: إن نفرا ” من الملائكة تشاجروا في شئ فسألوا حكما ” من الآدميين فأوحى الله تعالى إليهم أن تخيروا، فاختاروا علي بن أبي طالب عليه السلام (2). محمد بن علي قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن عثمان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: إن الأنبياء وأولاد الأنبياء وأتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال: السقم في الابدان، و خوف السلطان، والفقر (3). محمد بن أحمد العلوي قال: حدثنا أحمد بن زياد، عن علي بن إبراهيم، عن محمد ابن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب. الآية (4) ” فقال: إن للشمس أربع سجدات كل يوم وليلة قال: فأول سجدة إذا صارت [ في طرف الافق حين يخرج الفلك من الأرض إذا رأيت البياض المضئ ] (5) في طول [ السماء ] قبل أن يطلع الفجر، قلت: بلى جعلت فداك، قال: ذاك الفجر الكاذب لأن الشمس تخرج ساجدة وهي في


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 360 وج 7 ص 364. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار المجلد التاسع ص 379 من الاختصاص. (3) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب شدة ابتلاء المؤمن. (4) الحج: 18. (5) ما بين القوسين كان في احدى النسختين ولم تكن في منقوله في البحار.

[ 214 ]

طرف الأرض، فإذا ارتفعت من سجودها طلع الفجر ودخل وقت الصلاة، وأما السجدة الثانية فإنها إذا صارت [ في وسط القبة وارتفع النهار ركدت قبل الزوال فإذا صارت ] بحذاء العرش ركدت وسجدت، فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القبة فيدخل وقت صلاة الزوال، وأما السجدة الثالثة أنها إذا غابت من الافق خرت ساجدة، فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل كما أنها حين زالت وسط السماء دخل وقت الزوال، زوال النهار (1). محمد بن علي، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن علي بن جميل الغنوي، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان رجل من أبناء النبيين له ثروة من مال وكان ينفق على أهل الضعف وأهل المسكنة وأهل الحاجة فلم يلبث أن


(1) نقله العلامة المجلسي – رحمه الله – في المجلد الربع عشر من البحار ص 129 وقال بعده بيان: السجود في الاية بمعنى غاية الخضوع والتذلل والانقياد، سواء كان بالارادة والاختيار أو بالقهر والاضطرار، فالجمادات لما لم يكن لها اختيار وارادة وهى كاملة في الانقياد والخضوع لما اراد الرب تعالى منها، فهى على الدوام في السجود والانقياد للمعبود والتسبيح والتقديس له سبحانه بلسان الذل والامكان والافتقار وكذا الحيوانات العجم واما ذووا العقول فلما كانوا ذوى ارادة و اختيار فهم من جهة الامكان والافتقار والانقياد للامور التكوينية كالجمادات في السجود والتسبيح ومن حيث الامور الارادية والتكليفية منقسمون بقسمين منهم الملائكة وهم جميعا ” معصومون الساجدون منقادون من تلك الجهة أيضا “، ولعل المراد بقوله: ” من في السموات والارض ” وهم اما الناس فهم قسمان قسم مطيعون من تلك الجهة أيضا ” ومنهم عاصون من تلك الجهة وان كانوا مطيعين من الجهة الاخرى فلم يتأت منهم غاية ما يمكن منهم من الانقياد فلذا قسمهم سبحانه إلى قسمين فقال: ” وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ” فإذا حققت الاية هكذا لم تحتج إلى ما تكلفه المفسرون من التقديرات والتأويلات وسيأتى بعض ما ذكروه في هذا المقام واما الخبر فلعله كان ثلاث سجدات أو سقط الرابع من النساخ ولعله بعد زوال الليل إلى وقت الطلوع أو قبل زوال الليل كما في النهار، وانما خص عليه السلام السجود بهذه الاوقات لانه عند هذه الاوقات تظهر للناس انقيادها لله لانها تتحول من حالة معروفة إلى حالة اخرى ويظهر تغير تام في أوضاعها، وأيضا ” انها أوقات معينة يترصدها الناس لصلاتهم وصيامهم وسائر عباداتهم ومعاملاتهم، وأيضا ” لما كان هبوطها وانحدارها وافولها من علامات امكانها وحدوثها كما قال الخليل عليه السلام: ” لا احب الافلين ” خص السجود بتلك الاحوال أو بما يشرف عليها والله يعلم أسرار الايات والاخبار وحججه الابرار عليهم السلام.

[ 215 ]

مات، فقامت امرأته في ماله كقيامه، فلم يلبث المال أن نفد ونشأ له ابن فلم يمر على أحد إلا ترحم على أبيه ويسأل الله أن يخيره، فجاء إلى امه فقال: ما كان حال أبي ؟ فإني لا أمر على أحد إلا يرحم عليه ويسأل الله أن يخيرني، فقالت: إن أباك كان رجلا ” صالحا ” وكان له مال كثير فكان ينفق على أهل الضعف وأهل المسكنة وأهل الحاجة، فلما أن مات قمت في ماله كقيامه فلم يلبث المال أن نفد، قال لها: يا امه إن أبي كان مأجورا ” فيما ينفق وكنت آثمة، قالت: ولم يا بني ؟ فقال: كان أبي ينفق ماله وكنت تنفقين مال غيرك، قالت: صدقت يا بني وما أراك تضيق علي، قال: أنت في حل وسعه، فهل عندك شئ نلتمس به من فضل الله ؟ قالت: عندي مائة درهم، فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه فأعطته المائة الدرهم فأخذها، ثم خرج يلتمس من فضل الله عزوجل، فمر برجل ميت على ظهر الطريق من أحسن ما يكون هيئة فقال: ما اريد تجارة بعد هذا أنا آخذه و اغسله واكفنه واصلي عليه واقبره، ففعل فأنفق عليه ثمانين درهما ” وبقيت معه عشرون درهما “، فخرج على وجهه يلتمس به من فضل الله، فاستقبله شخص فقال: أين تريد يا عبد الله ؟ فقال: اريد ألتمس، قال: وما معك شئ تلتمس به من فضل الله ؟ قال: نعم معي عشرون درهما “، قال: وأين يقع منك عشرون درهما ” ! قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه، قال: صدقت، ثم قال له: فارشدك وتشركني ؟ قال: نعم قال: فإن أهل هذه الدار يضيفونك ثلاثا فاستضفهم، فإنه كلما جاءك الخادم معه هر أسود، فقل له: تبيع هذا الهر وألح عليه فإنك ستضجره، فيقول لك: أبيعكه بعشرين درهما ” فإذا باعكه فأعطه العشرين درهما ” وخذه فاذبحه وخذ رأسه فأحرقه، ثم خذ دماغه ثم توجه إلى مدينة كذا وكذا فإن ملكهم أعمى فأخبرهم أنك تعالجه ولا يرهبنك ما ترى من القتلى والمسلوبين فإن اولئك كان يخبرهم على علاجه فإذا لم ير شيئا ” قتلهم فلا تهولنك وأخبر بأنك تعالجه واشترط عليه فعالجه ولا تزده أول يوم من كحلة فإنه سيقول لك: زدني فلا تفعل ثم اكحله من الغد اخرى فإنك سترى ما تحب، فيقول لك: زدني، فلا تفعل فإذا كان الثالث فاكحله فانك سترى ما تحب، فيقول لك: زدني، فلا تفعل، فلما أن فعل ذلك برئ، فقال:


[ 216 ]

أفدتني ملكي ورددته علي وقد زوجتك ابنتي، قال: إن لي اما، قال: فأقم معي ما بدالك، فإذا أردت الخروج فاخرج، قال: فأقام في ملكه سنة يدبره بأحسن تدبيره و أحسن سيرة، فلما أن حال عليه الحول قال له: إني اريد الانصراف فلم يدع شيئا ” إلا زوده من كراع وإبل وغنم وآنية ومتاع، ثم خرج حتى انتهى إلى الموضع الذي رأى فيه الرجل فإذا الرجل قاعد على حاله فقال: أما وفيت ؟ فقال الرجل: فاجعلني في حل مما مضى، قال: ثم جمع الأشياء ففرقها فرقتين، ثم قال: تخير فتخير أحدهما، ثم قال: وفيت ؟ قال: لا قال: ولم ؟ قال: المرأة مما أصبت، قال: صدقت فخذ ما في يدي لك مكان المرأة، قال: لا ولا آخذها ما ليس لي ولا أتكثر به، قال: فوضع على رأسها المنشار، ثم قال: أجذ (1)، فقال: قد وفيت وكلما معك وكلما جئت به فهو لك وإنما بعثني الله تبارك وتعالى لاكافيك عن الميت الذي كان على الطريق فهذا مكافاتك عليه (2). * (حديث المفضل وخلق أرواح الشيعة من الائمة عليهم السلام) * محمد بن علي قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي أحمد الأزدي (3)، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل المفضل بن عمر، فلما بصر به ضحك إليه، ثم قال: إلي يا مفضل، فوربي إني لاحبك واحب من يحبك، يا مفضل لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان، فقال له المفضل: يا ابن رسول الله لقد حسبت أن أكون قد انزلت فوق منزلتي، فقال عليه السلام: بل انزلت المنزلة التي أنزلك الله بها، فقال: يا ابن رسول الله فما منزلة جابر بن يزيد منكم ؟ قال: منزلة سلمان من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فما منزلة داود بن كثير الرقي منكم ؟ قال: منزلة المقداد من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ثم أقبل علي فقال: يا عبد الله بن لفضل إن الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا، فنحن نحن إليكم وأنتم تحنون إلينا، والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلا ” أو ينقصوا


(1) المنشار آلة ذات أسنان ينشر بها الخشب ونحوه. والجذ: القطع. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 117. (3) المراد به محمد بن ابى عمير.

[ 217 ]

منهم رجلا ” ما قدروا على ذلك وأنهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وأنسابهم، يا عبد الله بن الفضل ولو شئت لأريتك اسمك في صحيفتنا، قال: ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة، فقلت: يا ابن رسول الله ما أرى فيها أثر الكتابة، قال: فمسح يده عليها فوجدتها مكتوبة ووجدت في أسفلها اسمي فسجدت لله شكرا ” (1). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن حمزة [ بن عبد المطلب ] ابن عبد الله الجعفي (2) قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام ومعي صحيفة أو قرطاس فيه عن أبي عبد الله عليه السلام: أن الدنيا تمثل لصاحب هذا الأمر في مثل فلقة الجوز، فقال: يا حمزة ذا والله حق فانقلوه إلى أديم. (3) محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الدنيا لتمثل للإمام في مثل فلقة الجوز، فلا يعزب عنه منها شئ وإنه ليتناولها من أطرافها كما يتناول أحدكم من فوق مائدته ما يشاء. (4). وعنه، عن عبد الله بن محمد، عمن حدثه، عن محمد بن خالد البرقي، عن حمزة ابن عبد الله الجعفري قال: كتبت في ظهر قرطاس أن الدنيا ممثلة للإمام كفلقة الجوزة فدفعته إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت له: إن أصحابنا رووا حديثا ” ما أنكرته غير أني احب أن أسمعه منك، قال: فنظر فيه ثم طواه حتى ظننت قد شق عليه، ثم قال عليه السلام: هو حق فحوله في أديم (5) – تم الخبر وكمل -. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين.


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 224. وشطرا ” منه في ج 7 ص 307. (2) كذا والظاهر أنه حمزة بن عبد الله الجعفري كما في الخبر الاتى. (3) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء الثامن باب قدرة الائمة عليهم السلام وما اعطوا من ذلك ونقله المجلسي – رحمه الله – منه ومن الاختصاص في البحار ج 7 ص 269. (4) مروى في البصائر ومنقول في البحار كما في الخبر السابق (5) كالخبر السابق.

[ 218 ]

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الأخيار وجمع الشر في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار (1). وقال عليه السلام: الصبر صبران: فالصبر عند المصيبة حسن جميل وأكبر من ذلك ذكر الله عند محرم الله فيكون ذلك حاجزا ” (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم وكثرة النوم فإن كثرة النوم يدع صاحبه فقيرا ” يوم القيامة (3). * (حديث في اوقات المكروهة للجماع) * محمد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن أسلم الجبلي، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أيكره الجماع في وقت من الأوقات وإن كان حلالا ” ؟ قال: نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي اليوم والليلة اللذين يكون فيهما الريح السوداء، أو الريح الحمراء، أو الريح الصفراء، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة، ولقد بات رسول الله صلى الله عليه وآله عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر ولم يكن منه في تلك الليلة ما كان يكون منه في غيرها حتى أصبح، فقالت له بعض نسائه: يا رسول الله البغض كان هذا منك في هذه الليلة ؟ قال: لا ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذذ وألهو فيها، وقد عير الله عزوجل أقواما “، فقال في كتابه: ” و إن يروا كسفا ” من السماء ساقطا ” يقولوا سحاب مركوم * فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (4) ” ثم قال أبو جعفر عليه السلام: وأيم الله لا يجامع أحد فيرزق ولدا ” في شئ


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 باب فضل كتمان السر وذم الاذاعة ص 137. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الصبر واليسر بعد العسر. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 باب ذم كثرة النوم. (4) الطور: 44. وقوله تعالى: ” كسفا ” أي قطعة. وقوله تعالى ” مركوم ” أي تراكم بعضها على بعض. وقوله تعالى: ” يصعقون ” أي يهلكون بوقوع الصاعقة.

[ 219 ]

من هذه الأوقات التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وقد انتهى إليه الخبر فيرى في ولده ذلك ما يحب (1). عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الدعاء يرد ما قدر وما لم يقدر، قال: قلت أما ما قدر فقد عرفته فكيف ما لم يقدر ؟ فقال: حتى لا يكون (2) وعنه، عن هشام بن سالم، عن حسن بن الجلال قال أخبرني جدي قال: سمعت الحسين بن علي صلوات الله عليه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: إبدء بمن تعول، امك وأباك واختك وأخاك. ثم أدناك فأدناك: وقال: لا صدقة وذو رحم محتاج (3). صفوان، عن أبي الصباح الكناني زعم أن أبا سعد عقيصا حدثه أنه سار مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه نحو كربلاء وأنه أصابنا عطش شديد وأن عليا ” صلوات الله عليه نزل في البرية فحسر عن يديه، ثم أخذ يحثو التراب ويكشف عنه حتى برز له حجر أبيض، فحمله فوضعه جانبا ” وإذا تحته عين من ماء من أعذب ما طعمته وأشده بياضا “، فشرب وشربنا، ثم سقينا دوابنا، ثم سواه ثم سار منه ساعة ثم وقف، ثم قال: عزمت عليكم لما رجعتم فطلبتموه، فطلبه الناس حتى ملوا فلم يقدروا عليه، فرجعوا إليه فقالوا: ما قدرنا على شئ (4). أبو جعفر، عن أبيه، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن زياد، عن سيف بن عميرة قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: من لم يبال بما


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 5 ص 498 والبرقي في المحاسن ص 301 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 23 ص 67 من المحاسن والاختصاص (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج ج 2 ص 469 عن عمر بن يريد عن ابى الحسن عليه السلام والضمير في ” لا يكون ” راجع إلى التقدير أي لا يحصل التقدير (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 0 ص 39 (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 575 من الاختصاص

[ 220 ]

قال وما قيل فيه فهو شرك شيطان (1)، ومن شغف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو شرك شيطان. ثم قال عليه السلام: إن لولد الزنا علامات، أحدها بغضنا أهل البيت، وثانيها أن يحن إلى الحرام الذي خلق منه، وثالثها الاستخفاف بالدين، ورابعها سوء المحضر للناس ولا يسيئ محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه أو من حملت به امه في حيضها (2). وبهذا الإسناد قال: قال الصادق عليه السلام: إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جنة، فمتى أذنب ذنبا ” كبيرا ” رفع عنه جنة فإذا اغتاب أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه ويبقى مهتوك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة، وفي الأرض على ألسنة الناس، ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه ويقول الملائكة الموكلون به: يا ربنا قد بقي عبدك مهتوك الستر وقد أمرتنا بحفظه، فيقول عزوجل: ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيرا ” ما فضحته فارفعوا أجنحتكم عنه فو عزتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا ” (3). * (هامش) (1) رواه الصدوق – رحمه الله – عن جعفر بن محمد بن مسرور في معاني الاخبار ص 113 وزاد هنا ” ومن لم يبال أن يراه الناس فهو شرك شيطان ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة فهو شرك شيطان ” وقوله: ” شغف بمحبة ” أولع بها. ونقل في البحار ج 15 باب جوامع مساوى الاخلاق. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال باب خصال الاربعة عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر الخ. وفى المعاني ص 113 ايضا “. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الذنوب وآثارها. (3) الجنة – بالضم -: السترة وجمعها جنن بضم الجيم وفتح النون – وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: كان المراد بالجنن ألطافه سبحانه التى تصير سببا ” لترك المعاصي وامتناعه فبكل كبيرة – كانت من نوع واحداو أنواع مختلفة – يستحق منع لطف من ألطافه أو رحماته تعالى وعفوه وغفرانه فلا يفضحه الله بها، فإذا استحق غضب الله سلبت عنه لكن يرحمه سبحانه ويأمر الملائكة بستره ولكن ليس سترهم كستر الله تعالى. أو المراد بالجنن ترك الكبائر فان تركها موجب لغفران الصغائر عند الله وسترها عن الناس فإذا عمل بكبيرة لم يتحتم على الله مغفرة صغائره ” بقية الحاشية في الصفحة الاتية “


[ 221 ]

قال أبو جعفر: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي الربيع الشامي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أعجب بنفسه هلك، ومن أعجب برأيه هلك، وإن عيسى ابن مريم عليه السلام قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله وأبرأت الأكمه و الأبرص بإذن الله وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل يا روح الله وما الأحمق ؟ قال: المعجب برأيه ونفسه، الذي يرى الفضل كله له لا عليه ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقا فذاك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته (1). محمد بن علي قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثني عبد الله بن جعفر قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه قال: حدثني أبو أحمد الأزدي، (2) عن أبان الأحمر، عن أبان بن تغلب قال: حدثني سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: سألت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن سلمان الفارسي – رحمة الله عليه – وقلت: ما تقول فيه ؟ فقال: ما أقول في رجل خلق من طينتنا، وروحه مقرونة بروحنا، خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها، وظاهرها وباطنها، وسرها وعلانيتها، ولقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمان بين يديه فدخل أعرابي فنحاه عن مكانه وجلس


” بقية الحاشية من الصفحة الماضية ” وشرع الناس في تجسس عيوبه. أو اراد بالجنن الطاعات التى هي مكفرة لذنوبه عند الله وساترة لعيوبه عند الناس ويؤيده ما ورد عن الصادق عليه السلام الصلاة سترة وكفارة لما بينها من الذنوب فهذه ثلاثة وجوه خطر بالبال على سبيل الامكان والاحتمال. انتهى وقال الفيض – رحمه الله -: كان الجنن كناية عن نتائج أخلاقه الحسنة وثمرات اعماله الصالحة التى تخلق منها الملائكة واجنحة الملائكة كناية عن معارفه الحقة التى بها يرتقى في الدرجات وذلك لان العمل اسرع زوالا من المعرفة. انتهى والحديث نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الذنوب وآثارها من الاختصاص. (1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار 15 باب استكثار الطاعة والعجب بالاعمال من الاختصاص. (2) المراد به محمد بن أبى عمير.

[ 222 ]

فيه فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى در العرق بين عينيه واحمرتا عيناه، ثم قال: يا أعرابي أتنحى رجلا ” يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ويحبه رسوله في الأرض، يا أعرابي أتنحى رجلا ” ما حضرني جبرئيل إلا أمرني عن ربي عزوجل أن أقرئه السلام، يا أعرابي إن سلمان مني، من جفاه فقد جفاني، ومن آذاه فقد آذاني، ومن باعده فقد باعدني ومن قربه فقد قربني، يا أعرابي لا تغلظن في سلمان فإن الله تبارك وتعالى قد أمرني أن اطلعه على علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، قال: فقال الأعرابي يارسول الله ما ظننت أن يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت أليس كان مجوسيا ” ثم أسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أعرابي اخاطبك عن ربي وتقاولني، إن سلمان ما كان مجوسيا ” ولكنه كان مظهرا ” للشرك مصمرا ” للإيمان، يا أعرابي أما سمعت الله عزوجل يقول: ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ” مما قضيت ويسلموا تسليما ” (1) ” أما سمعت الله عزوجل يقول: ” ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا (2) ” يا أعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذبين وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين (3). * (أيضا ” في سلمان وابى ذر والمقداد وعمار) * وعنه قال: حدثنا محمد بن علي، عن عمه محمد بن أبي القاسم (4) قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثني ابن أبي نجران، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلمان الفارسي فقال صلى الله عليه وآله: سلمان بحر العلم لا يقدر على نزحه، سلمان مخصوص بالعلم الأول والآخر. أبغض الله من أبغض سلمان، وأحب من أحبه،


(1) النساء 65 (2) الحشر 7. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 6 باب أحوال سلمان (4) أراد به ما جيلويه القمى صهر احمد بن أبى عبد الله البرقى – رحمة الله عليهما -.

[ 223 ]

قلت: فما تقول في أبي ذر ؟ قال: وذاك منا، أبغض الله من أبغضه وأحب الله من أحبه، قلت: فما تقول في المقداد ؟ قال: وذاك منا، أبغض الله من أبغضه وأحب الله من أحبه، قلت: فما تقول في عمار ؟ قال: وذاك منا، أبغض الله من أبغضه وأحب من أحبه، قال جابر: فخرجت لابشرهم فلما وليت، قال: إلي إلي يا جابر وأنت منا أبغض الله من أبغضك وأحب من أحبك، قال، فقلت: يا رسول الله فما تقول في علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال: ذاك نفسي، قلت: فما تقول في الحسن والحسين عليهما السلام ؟ قال: هما روحي وفاطمة امهما ابنتي، يسوؤني ما ساءهما ويسرني ما سرها، اشهد الله أني حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم، يا جابر إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فإنها أحب الأسماء إلى الله عزوجل (1). * (حديث في الدعاء وأوقاتها) * عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان جدي عليه السلام يقول: تقدموا في الدعاء فإن العبد إذا كان دعاء فنزل به البلاء قيل: صوت معروف، وإذا لم يكن دعاء فنزل به البلاء قيل: أين كنت قبل اليوم (2). وقال الصادق عليه السلام: من لم يسأل الله من فضله افتقر (3). وقال: يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر وبعد طلوع الفجر وبعد الظهر وبعد المغرب (4). * (حديث في الائمة عليهم السلام) * عنه (5) قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، [ عن سالم ابن دينار ]، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت ابن عباس يقول:


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 6 ص 784. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 472. (3) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 467 مسندا “. (4) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 477 مسندا “. (5) يعنى الصدوق.

[ 224 ]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله. ذكر الله عزوجل عبادة، وذكري عبادة، وذكر علي عبادة، وذكر الأئمة من ولده عبادة، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إن وصيي لأفضل الأوصياء وإنه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه ومن ولده الأئمة الهداة بعدي، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج النبات، اولئك أولياء الله حقا ” وخلفائي صدقا “، عدتهم عدة الشهور وهي اثنا عشر شهرا ” وعدتهم عدة نقباء موسى بن عمران، ثم تلا عليه السلام هذه الآية ” والسماء ذات البروج ” ثم قال: أتقدر يا ابن عباس إن الله يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها، قلت: يا رسول الله فما ذاك ؟ قال: أما السماء فأنا وأما البروج فالأئمة بعدي أولهم علي وآخرهم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين (1). * (حديث في زيارة المؤمن لله) * عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: استأذن ملك ربه أن ينزل إلى الدنيا في صورة آدمي فأذن له فمر برجل على باب قوم يسأل عن رجل من أهل الدار فقال الملك: يا عبد الله أي شئ تريد من هذا الرجل الذي تطلبه ؟ قال: هو أخ لي في الإسلام أحببته في الله جئت لاسلم عليه، قال: وما بينك وبينه رحم ماسة ولا يرغبنك إليه حاجة ؟ قال: لا إلا الحب في الله عزوجل جئت لاسلم عليه، قال: فإني رسول الله إليك وهو يقول: قد غفرت لك بحبك إياه في (2). عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال الصادق عليه السلام: أيما مسلم سئل عن مسلم فصدق فأدخل على ذلك المسلم مضرة كتب من الكاذبين ومن سئل عن مسلم فكذب فأدخل على ذلك المسلم منفعة كتب عند الله من الصادقين (3).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 161. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في الامالى على ما في المجلد السادس عشر من البحار ص 101. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الصدق ولزوم اداء الامانة. الاختاص – 14 – (*)

[ 225 ]

وقال الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه عليهما السلام قال: إن رجلا ” من أهل الكوفة كتب إلى أبي الحسن بن علي عليهما السلام يا سيدي أخبرني بخير الدنيا والآخرة، فكتب صلوات الله عليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام (1). قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عزوجل: ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ” قال: سمعنا النبي صلى الله عليه وآله: يقول إن الله عزوجل يقول: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنكم إن لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم (3). قال صلى الله عليه وآله: الأخلاق منائح من الله عزوجل فإذا أحب عبدا ” منحه خلقا ” حسنا ” و إذا أبغض عبدا ” منحه خلقا ” سيئا ” (4). وقال: نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى رجل يغتاب رجلا ” عند الحسن ابنه عليه السلام فقال: يا بني نزه سمعك عن مثل هذا فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفزعه في وعائك (5) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين وتتبعوا عوراتهم (6) فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته (7). عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: من عرف من عبد من عبيدالله


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب اداء الفرائض واجتناب المحارم. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في التوحيد باب ثواب الموحدين. (3) رواه الصدوق – رحمه الله – في العيون والامالي ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب حسن الخلق. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الحلم والعفو وكظم الغيظ. (5) نقله المجلسي – رحمه الله -: في البحار ج 16 ص 189. (6) التتبع: التطلب شيئا ” فشيئا ” في مهلة. والعورة كل امر قبيح والمراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره ومنع الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه فهو يفتضح في السماء والارض ولو اهتم باخفائها في بيته قاله المجلسي – رحمه الله -. (7) رواه الكليني – رحمه الله -: في الكافي ج 2 ص 354. ونقله المجلسي في البحار ج 16 ص 189.

[ 226 ]

كذبا ” إذا حدث، وخلفا ” إذا وعد، وخيانة إذا ائتمن، ثم ائتمنه على أمانة كان حقا ” على الله أن يبتليه فيها ثم لا يخلف عليه ولا يأجره (1). عن رفاعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: في التوراة أربع مكتوبات وأربع إلى جانبهن: من أصبح على الدنيا حزينا ” أصبح على الله ساخطا “. ومن شكى مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، ومن أتى غنيا ” فتضعضع له لشئ يصيبه منه ذهب ثلثا دينه، ومن دخل من هذه الامة النار ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزؤا ” والأربعة إلى جانبهن: كما تدين تدان، ومن ملك استأثر، ومن لم يستشر يندم، والفقر هو الموت الأكبر (2). عن محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن بعض رجاله، عن أبي الجارود يرفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أوقف نفسه موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده، وكل حديث جاوز اثنين فشا، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من اخيك سوءا ” وأنت تجد بها في الخير محملا “، وعليك بإخوان الصدق فكثر في اكتسابهم، عدة عند الرخاء، و جندا ” عند البلاء، وشاور حديثك الذين يخافون الله وأحبب الإخوان على قدر التقوى، واتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهن حتى لا يطمعن في المنكر. (3) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الغيبة أشد من الزنا، فقيل: ولم ذلك يارسول الله: فقال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحلله (4).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 23 ص 23. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار 17 ص 170 عن امالي الشيخ – قدس سره – عن المفيد عن الكليني عن علي بن ابراهيم – رحمهم الله – مسندا ” عن رفاعة قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: اربع في التوراة وساق مثل ما في المتن. (3) كذا. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 17 ص 125. (4) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 187.

[ 227 ]

وقال الصادق أو الباقر عليهما السلام: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ” ما (1). عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لحمران بن أعين: يا حمران انظر إلى من هو دونك في المقدرة ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فإن ذلك أنفع لك مما قسم لك وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك عزوجل، واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله عزوجل من العمل الكثير على غير يقين. واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله عزوجل والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم. ولا عيش أهنؤ من حسن الخلق. ولا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي. ولاجهل أضر من العجب (2). عن الباقر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال على المنبر: والله الذي لا إله إلا هو ما أعطى مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله عزوجل والكف عن اغتياب المؤمن، والله الذي لا إله إلا هو لا يعذب الله عزوجل مؤمنا ” بعذاب بعد التوبة والاستغفار له إلا بسوء ظنه بالله عزوجل واغتيابه للمؤمنين (3). وقال الصادق عليه السلام: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عزوجل: ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم (4) “. وقال النبي صلى الله عليه واله: من أكل بأخيه المؤمن أو شرب أو لبس به ثوبا أطعمه الله بها أكلة من نار جهنم وسقاه سقية من حميم جهنم وكساه ثوبا ” من سرابيل جهنم، ومن قام بأخيه


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 354. ونقله المجلسي في البحار ج 16 ص 176 قائلا بعده: بيان (أقرب) مبتدء، و (ما) مصدرية، و (يكون) من الافعال التامة، و (إلى) متعلق بأقرب، و (أن) مصدرية وهو في موضع ظرف الزمان، مثل رأيته مجئ الحاج وهو خبر المبتدء: والعثرة: الكبوة في المشى استعير للذنب مطلقا ” أو الخطأ منه وقريب منه الزلة ويمكن تخصيص أحدهما بالذنوب والاخرى بمخالفة العادات والاداب. والتعنيف: التعيير واللوم وهذا من اعظم الخيانة في الصداقة والاخوة. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب جوامع المكارم من الاختصاص وايضا ” في المجلد السابع عشر ص 171. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار 16 ص 189. (4) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 357.

[ 228 ]

المسلم مقاما ” شانئا ” أقامه الله مقام السمعة والرياء، ومن جدد أخا ” في الإسلام بنى الله له برجا ” في الجنة من جوهرة (1). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: إن شرار الناس يوم القيامة المثلث، قيل: وما المثلث يا رسول الله ؟ قال: الرجل يسعى بأخيه إلى إمامه فيقتله فيهلك نفسه وأخاه وإمامه (2). وقال: الغيبة أسرع في جسد المؤمن من الآكلة في لحمه (3). قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خطب قال في آخر خطبته: طوبى لمن طاب خلقه و طهرت سجيته وصلحت سريرته وحسنت علانيته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من كلامه وأنصف الناس من نفسه (4). عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر، وعلي بن الحسين عليهم السلام قالا: إن أفضل العبادة عفة البطن والفرج وليس شئ أحب إلى الله من أن يسأل. والدعاء يرد القضاء الذي أبرم إبراما “، وأسرع الخير البر وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا ” أن يبصر من عيوب غيره ما يعمي عنه من عيب نفسه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه أو ينهى الناس عما لا يستطيع تركه (5). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أكثر ما يرد به امتي النار البطن والفرج، وأكثر ما يلج به امتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق (6). وقال الصادق عليه السلام: أربع من علامات النفاق: قساوة القلب، وجمود العين، و الإصرار على الذنب، والحرص على الدنيا (7).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 189. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 191. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 189 من الاختصاص. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب جوامع المكارم وآفاتها. (5) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 79 و 460 و 470 ورواه المؤلف – رحمه الله – في المجالس ص 41 ونقله المجلسي – رحمه الله – من المجالس في البحار ج 16 ص 176 ومن الخصال ج 17 ص 39. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الطاعة والتقوى من كمال الدين للصدوق. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب النفاق. (*)

[ 229 ]

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصيامهم وكثرة الحج والزكاة وكثرة المعروف وطنطنتهم بالليل انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة (1). عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية: و اعلم أن اللسان كلب عقور إن خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك (2). من سيب عذاره قاده إلى كل كريهة (3). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: رحم الله عبدا ” استحيى من ربه حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وذكر القبر والبلى وذكر أن له في الآخرة معادا “. (4) وقال الصادق عليه السلام: من روى على أخيه رواية يريد بها شينه وهدم مروءته أوقفه الله في طينة خبال حتى يبتعد مما قال (5). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عير مؤمنا ” بشئ لم يمت حتى يرتكبه (6). وقال الصادق عليه السلام: إذا وقع بينك وبين أخيك هنة فلا تعيره بذنب (7). وقال الباقر عليه السلام: من كف عن أعراض الناس أقاله الله نفسه يوم القيامة. ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة (8).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 149 من الاختصاص وفى ص 148 عن الامالى والعيون للشيخ الصدوق – رحمه الله -. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما. (3) كذا. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكينة والوقار من الاختصاص. (5) نقله المجلسي – رحمه ا لله – في البحار ج 16 ص 189 من الاختصاص. والخبال: عصارة أهل النار وفى الاصل الفساد ويكون في الافعال والابدان والعقول. (النهاية). (6) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 356. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 176 من ثواب الاعمال للصدوق والمحاسن للبرقي وص 189 من الاختصاص. (7) كذا ولم نعثر عليه في أحد من المآخذ ولا في البحار. (8) رواه الصدوق – رحمه الله – في ثواب الاعمال ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب ذم الغضب.

[ 230 ]

عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم ؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب بك ونعاقب بك. (1) معاوية بن وهب قال: قال الصادق عليه السلام: كان أبي عليه السلام يقول: قم بالحق ولا تعرض لما نابك واعتزل عما لا يعنيك وتجنب عدوك، واحذر صديقك من الأقوام إلا الأمين الذي خشي الله، ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرك. (2). وقال الصادق عليه السلام: إياك وعداوة الرجال فإنها تورث المعرة وتبدي العورة (3). وقال: كثرة المزاح يذهب بماء الوجه وكثرة الضحك يمحو الإيمان محوا ” (4). وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قال سلمان الفارسي – رحمه الله -: عجبت لست ثلاثة أضحكتني وثلاثة أبكتني: فأما التي أبكتني ففراق الأحبة محمد صلى الله عليه وآله (5) وهول المطلع، والوقوف بين يدي الله عزوجل، وأما التي أضحكتني فطالب الدنيا والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول عنه وضاحك ملأ فيه لا يدري أرضي له ربه أم سخط (6). وقال الصادق عليه السلام لإسحاق بن عمار: يا إسحاق صانع المنافق بلسانك واخلص ودك للمؤمن وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته. (7).


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 115 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما من الاختصاص. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 53 من الاختصاص. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 176 من الاختصاص. (4) روى نحوه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 665، ونقله المجلسي – رحمه الله – من الاختصاص ج 16 ص 259. وقال الشاعر وأجاد: أفد طبعك المصدود بالجد راحة * يصم وعلله بشئ من المزح – ولكن إذا أعطيته المزح فليكن * بمقدار ما يعطى الطعام من الملح (5) زاد هنا في الخصال (وحزبه). (6) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال باب الستة. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 17 ص 248 من الاختصاص. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 43 من الاختصاص.

[ 231 ]

وقال أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية: لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلما تعلم (1). وقال الصادق عليه السلام: لا يغرنك الناس من نفسك فإن الأمر يصل إليك دونهم، ولا تقطع عنك النهار بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك، ولا تستقل قليل الخير فإنك تراه غدا ” بحيث يسرك، ولا تستقل قليل الشر فإنك تراه غدا ” بحيث يسوؤك، وأحسن فإني لم أر شيئا ” أشد طلبا ” ولا أسرع دركا ” من حسنة لذنب قديم، إن الله عزوجل يقول: ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ” (2). وقال الصادق عليه السلام: استمعوا مني كلاما ” هو خير من الدراهم المدقوقة: لا تكلمن بما لا يعنيك، ودع كثيرا ” من الكلام فيما يعنيك حتى تجد له موضعا “، فرب متكلم بحق في غير موضعه فعنت ولا تمارين سفيها ” ولا حليما ” فإن الحليم يغلبك والسفيه يرديك واذكر أخاك إذا تغيب عنك بأحسن مما تحب أن يذكرك به إذا تغيبت عنه واعلم أن هذا هو العمل، واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالأحسان مأخوذ بالأجرام (3). الحسن بن محبوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يكون المؤمن بخيلا ” ؟ قال: نعم، قال: قلت: فيكون جبانا ” ؟ قال: نعم، قلت: فيكون كذابا ” ؟ قال لا ولا جافيا “، ثم قال: يجبل المؤمن على كل طبيعة إلا الخيانة والكذب (4). عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر، والسكوت، والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرة، وسكوته فكرة، وكلامه ذكرا “، وبكى على خطيئته، وأمن الناس شره (5).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب صفات الشيعة من كتابي الحسين بن سعيد الاهوازي والاختصاص في باب تضاعف الحسنات وتأخير اثبات الذنوب من مجالس المفيد – رحمه الله -. والاية في سورة هود: 114. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما ورواه ابن شعبة في التحف. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 164 من الاختصاص. (5) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال باب الثلاثة.

[ 232 ]

وقال النبي صلى الله عليه واله: لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه وأصل السخرية الطمأنينة إلى أهل الكذب (1). عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال عيسى ابن مريم: طوبى لمن كان صمته فكرا “، ونظره عبرا “، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته وسلم الناس من يديه ولسانه (2). وقال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصمت لا من عي والمهذار له سقطات (3). داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الصمت كنز وافر وزين الحليم و ستر الجاهل. وقال الرضا عليه السلام: الصمت باب من أبواب الحكمة، وإن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير (4). وقال عليه السلام من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت (5). فرات بن أحنف قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: تبذل لا تشهر، ووار شخصك لاتذكر وتعلم واكتم، واصمت تسلم، قال: وأومأ بيده إلى صدره فقال: يسر الأبرار ويغيظ الفجار (6). وقال الصادق عليه السلام: لا يزال الرجل المؤمن يكتب محسنا ” ما دام ساكتا ” فإذا تكلم كتب محسنا ” أو مسيئا “، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: الرجل الصالح يجيئ بخبر صالح و الرجل السوء يجيئ بخبر سوء (7). عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: يا داود لأن تدخل يدك في فم


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الاعراض عن الحق. (2، 3، 4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما. وأهذر في كلامه: أكثر. (5) رواه الحميرى – رحمه الله – في قرب الاسناد ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام. (6) نقله المجلسي في المجلد الاول من البحار باب صفات العلماء. وقال الجزرى في حديث الاستسقاء: (فخرج متبذلا) التبذل ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة على جهة التواضع. انتهى والايماء إلى الصدر لتعيين المصداق الكامل من المراد. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام وموقعهما.

[ 233 ]

التنين إلى المرفق خير لك من طلب الحوائج ممن لم يكن فكان (1). عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره (2). عن أبي حمزة قال: سمعت فاطمة بنت الحسين عليهما السلام تقول: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ثلاث من كن فيه استكمل خصال الإيمان الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له (3). عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الأئمة بعد نبينا صلى الله عليه وآله اثنا عشر نجباء مفهمون، من نقص منهم واحدا ” [ أ ] وزاد فيهم واحدا ” خرج من دين الله ولم يكن من ولايتنا على شئ (4). عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أسبغ وضوءه وأحسن صلاته وأدى زكاة ماله وكف غضبه وسجن لسانه واستغفر لذنبه وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه فقد استكمل حقائق الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له (5). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: اطلبوا الخيرات عند حسان الوجوه (6). عن الحارث، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: للمسلم على


(1) رواه الحسن بن علي بن شعبة – رحمه الله – في تحف العقول ص 365. ونقله المجلسي في البحار ج 23 ص 23 من الاختصاص. والتنين – كسكيت: الحوت والحية العظيمة كنيته أبو مرداس وقيل: إنه شر من الكوسج وفى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق، احمر العينين مثل الدم، واسع الفم والجوف، براق العينين. (2) رواه الحسن بن على – رحمه الله – في التحف ص 49. (3) رواه الصدوق – رحمه الله – في الخصال باب الثلاثة، ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 125. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب كفر المخالفين والنصاب. (5) رواه البرقي – رحمه الله – في المحاسن ص 11 وص 290 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 بأب صفات الشيعة من مشكاة الانوار والمحاسن. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 23 ص 23 من امالي الصدوق والاختصاص.

[ 234 ]

المسلم ست. يسلم عليه إذا لقيه ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويجيبه إذا دعاه و يشهده إذا توفي ويحب له ما يحب لنفسه وينصح له بالغيب (1). عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أن الله عزوجل يعذب ستة بستة: العرب بالعصبية والدهاقين بالكبر والأمراء بالجور والفقهاء بالحسد والتجار بالخيانة وأهل الرساتيق بالجهل (2). وقال الصادق عليه السلام: حسب البخيل من بخله سوء الظن بربه، من أيقن بالخلف جاد بالعطية (3). أبو حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: والله ما برء الله من برية أفضل من محمد ومني ومن أهل بيتي وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطلبة العلم من شيعتنا (4). قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام أي ذنب أعجل عقوبة لصاحبه ؟ فقال: من ظلم من لا ناصر له إلا الله وجاور النعمة بالتقصير واستطال بالبغي على الفقير (5). وقال الصادق عليه السلام: إذا كان عند غروب الشمس وكل الله بها ملكا ينادي أيها الناس أقبلوا على ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى وملك موكل بالشمس عند طلوعها ينادي يا ابن آدم لد للموت وابن للخراب واجمع للفناء (6). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: الصائم في عبادة وإن كان نائما ” على فراشه ما لم يغتب مسلما ” (7).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 63. (2) رواه الصدوق في الخصال باب الستة ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب جوامع مساوى الاخلاق وأيضا في باب درجات الايمان وحقائقه من امالي الصدوق – رحمه الله -. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الذنوب وآثارها. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – ج 1 باب العلم ووجوب طلبه حديث 69. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 25 من الاختصاص. (6) روى نحوه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 131. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 186 من أمالى الصدوق وج 20 ص 76 من الاختصاص.

[ 235 ]

عن الصادق، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من ظلم أحد ” ففاته فليستغفر الله فإنه كفارة له (1). وقال الصادق عليه السلام: أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه السلام قل للملاء من بني إسرائيل: إياكم وقتل النفس الحرام بغير حق فإن من قتل نفسا ” في الدنيا قتلته في النار مائة ألف قتلة مثل قتلة صاحبه (2). علي بن محمد الشعراني، عن الحسن بن علي بن شعيب، عن عيسى بن محمد العلوي، عن محمد بن العباس بن بسام، عن محمد بن أبي السري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يونس (3)، عن سعد الكناني، عن الاصبغ بن نباتة قال: لما جلس أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما ” بعمامة رسول الله صلى الله عليه واله، لابسا ” بردة رسول الله، متنعلا ” نعل رسول الله، متقلدا ” سيف رسول الله صلى الله عليه واله فصعد المنبر فجلس عليه متكئا “، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه، ثم قال: يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله صلى الله عليه واله، هذا ما زقني ر سول الله فاسألوني فإن عندي علم الأولين و الآخرين، أما والله لوثنيت لي وسادة وجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون الكتاب ليلا ” ونهارا ” فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه، ولولا آية في كتاب الله عزوجل لأخبرتكم بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وهي آية ” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب (4) “.


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 334. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 205. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 24 ص 38. (3) في الامالى والتوحيد والبحار (أحمد بن أبي عبد الله بن يونس). (4) الرعد: 39.

[ 236 ]

ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة لو سألتموني عن أية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها محكمها ومتشأبهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم به. فقام إليه رجل يقال له: ذعلب وكان ذرب اللسان، بليغا ” في الخطب، شجاع القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟ فقال: ويلك ياذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره، قال: فكيف رأيته صفه لنا، قال عليه السلام: ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد، ولا بالحركة، ولا بالسكون، ولا بقيام – قيام انتصاب – ولا بجيئة ؟ ولا بذهاب، لطيف اللطافة، لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسة (1)، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شئ ولا يقال: شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لا كشئ في شئ داخل، خارج منها لا كشئ من شئ خارج، فخر ذعلب مغشيا ” عليه: ثم قال: بالله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت إلى مثلها أبدا “. ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله تعالى عليهم كتابا ” وبعث إليهم نبيا ” وكان لهم ملك سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا [ إلى بابه ] فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا فأهلكته فاخرج نطهرك ونقم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم أن الله عزوجل لم يخلق خلقا ” أكرم عليه من أبينا آدم وامنا حواء ؟ قالوا: صدقت أيها الملك قال: أو ليس قد زوج بنيه بناته وبناته


(1) المجسة: موضع اللمس، أي مدرك لا بالحواس.

[ 237 ]

من بنيه ؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة (1) يدخلون النار بغير حساب والمنافقون أشد حالا ” منهم فقال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها أبدا “. ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا ” على عكازه، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنى منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل إن أنا عملته نجاني الله تعالى من النار، فقال له: اسمع يا هذا ثم افهم، ثم استيقن قامت الدنيا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه وبغني لا يبخل بما له عن أهل دين الله وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله، أن الدار قد رجعت إلى بدئها – أي إلى الكفر بعد الإيمان -. أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا أتاه ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فان أدرك منها شيئا ” صرف عنها نفسه بما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أو من حرام قال: يا أمير المؤمنين وما علامات المؤمن في ذلك الزمان ؟ قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالف فيتبرء منه وإن كان حبيبا ” قريبا “، قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل ولم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم عليه السلام على المنبر، ثم قال: مالكم هذا أخي الخضر عليه السلام. ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني فلم يقم إليه أحد فحمد الله وأثنى عليه وصلى


(1) انما كان فعل المجوس بعد مجئ الحكم بالتحريم كما في رواية الحميرى عن ابن عيسى عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام في قرب الاسناد ص 161 قال سألته عن الناس كيف تناسلوا عن آدم عليه السلام قال: حملت حواء هابيل واختا ” له في بطن ثم حملت في البطن الثاني قابيل واختا ” له في بطن فزوج هابيل التى مع قابيل وتزوج قابيل التى مع هايبل ثم حدث التحريم بعد ذلك انتهى وكما نص عليه على بن الحسين عليهما السلام على ما في الاحتجاج ص 171 طبع النجف.

[ 238 ]

على نبيه صلى الله عليه واله ثم قال للحسن عليه السلام: يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسن لا يحسن شيئا “، قال: يا أبه كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى ؟ فقال: بأبي أنت وامي أواري نفسي منك وأسمع وأرى ولا تراني. فصعد الحسن عليه السلام المنبر فحمد الله. بمحامد بليغة شريفة وصلى على النبي صلى الله عليه واله صلاة موجزة، ثم قال: أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه واله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها وهل يدخل المدينة إلا من الباب ثم نزل عليه السلام فوثب علي عليه السلام فتحمله و ضمه إلى صدره، ثم قال للحسين عليه السلام: يا بني قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسين لا يبصر شيئا وليكن كلامك تبعا ” لكلام أخيك. فصعد الحسين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله صلاة موجزة، ثم قال: يا معاشر الناس سمعت رسول الله صلى الله عليه واله هو يقول: إن عليا ” هو مدينة هدى، فمن دخلها نجى ومن تخلف عنها هلك، فوثب علي عليه السلام فضمه إلى صدره فقبله، ثم قال: معاشر الناس إنهما فرخا رسول الله صلى الله عليه واله ووديعته التي استودعنيها وأنا أستود عكموها معاشر الناس ورسول الله صلى الله عليه واله سائلكم عنها (1). عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذنوب التي تغير النعم البغي والذنوب التي تورث الندم القتل، والذنوب التي تنزل النقم الظلم، والذنوب التي تهتك الستر شرب الخمر، والذنوب التي تحبس الرزق الزنا، والذنوب التي تعجل الفناء قطيعة الرحم، والذنوب التي تظلم الهواء وتحبس الدعاء عقوق الوالدين (2). وقال الصادق عليه السلام: من روع مؤمنا ” بسلطان ليصيبه منه مكروها ” فلم يصبه فهو


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في التوحيد ص 319 والامالي المجلس الخامس والخمسون. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 4 ص 171. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 448. ونقله المجلسي في البحار ج 15 باب علل المصائب والمحن من الاختصاص والمعاني.

[ 239 ]

في النار ومن روع مؤمنا ” بسلطان ليصيبه منه مكروها فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار (1). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من بالغ في الخصومة ظلم ومن قصر ظلم ولا يستطيع أن يبقى لله من يخاصم (2). وقال عليه السلام: خير الناس للناس خيرهم لنفسه. عن محمد بن مسلم، عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: قال أبي علي بن الحسين عليهما السلام: يا بني أنظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق فقال: يا أبه من هم ؟ عرفنيهم، قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة أو أقل من ذلك، وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا ” في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع قال الله عزوجل: ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله إلى – آخر الآية – (3) ” وقال عزوجل: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (4) ” وقال في البقرة: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض اولئك هم الخاسرون ” (5). عمار بن موسى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحب


رواه الصدوق – رحمه الله – في ثواب الاعمال. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 157. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 157. (3) محمد: 23. (4) الرعد: 25. (5) البقرة: 27 والحديث رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 641. ونقله المجلسي – رحمه الله – من الاختصاص في البحار ج 16 ص 53.

[ 240 ]

الفجار للأبرار فضيلة للأبرار وبغض الفجار للأبرار زين للأبرار وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجار (1). وقال الصادق عليه السلام: أحب إخواني إلي من أهدى إلي عيوبي (2). وقال عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث بسرية فلما رجعوا قال: مرحبا ” بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي لهم الجهاد الأكبر قيل: يارسول الله وما الجهاد الأكبر ؟ قال: جهاد النفس (3). عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: إن الله تبارك وتعالى جعل الرحمة في قلوب رحماء خلقه فاطلبوا الحوائج منهم ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم، فإن الله تبارك وتعالى أحل غضبه بهم (4). وقال: من عاب أخاه بعيب فهو من أهل النار. (5) عنه عليه السلام قال: اصنع المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس بأهله فإن لم يكن أهله فأنت أهله (6). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان (7). وقال الباقر عليه السلام: صنائع المعروف تدفع مصارع السوء (8). وقال الصادق عليه السلام: أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة يقال لهم:


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 641. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 78 من الاختصاص. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 639. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 79 من الاختصاص. (3) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 5 ص 12. ورواه الصدوق في المعاني والعلل ونقله المجلسي في البحار ج 15 باب مراتب النفس وعدم الاعتماد عليها. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 20 ص 41 من الاختصاص. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 189. (6 و 7) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 4 ص 27. (8) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 4 ص 29 وفيه ” تقى مصارع السوء “. الاختصاص – 15 –

[ 241 ]

إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم، والمعروف واجب على كل أحد بقلبه ولسانه ويده، فمن لم يقدر على اصطناع المعروف بيده فبقلبه ولسانه، فمن لم يقدر عليه بلسانه فينوه بقلبه (1). وقال الصادق عليه السلام: لعن الله قاطعي سبيل المعروف وهو الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره (2). وقال الصادق عليه السلام: مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآجرهم الله مرتين (3). وقال عليه السلام: إذا كان العبد على معصية الله عزو جل وأراد الله به خيرا ” أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية، وإن الرؤيا الصادق جزءا ” من سبعين جزءا ” من النبوة (4). وقال الصادق عليه السلام: أدوا الأمانة إلى البر والفاجر، فلو أن قاتل علي عليه السلام ائتمنني على أمانة لأديتها إليه، وقال: أدوا الأمانة ولو إلى قاتل الحسين بن علي عليهما السلام (5). وقال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أوجب عليكم حبنا وموالاتنا وفرض عليكم طاعتنا، ألا فمن كان منا فليقتدبنا، وإن من شأننا الورع، والاجتهاد، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر، وصلة الرحم، وإقراء الضيف (6) والعفو عن المسيئ، ومن لم يقتد بنا فليس منا، وقال لا تسفهوا فإن أئمتكم ليسوا بسفهاء (7).


(1) روى الكليني – رحمه الله – صدر الحديث في الكافي ج 4 ص 29 ونقل المجلسي – رحمه الله – تمامه في البحار ج 16 ص 118 من الاختصاص. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 130. (3) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 448 والصدوق في المعاني ص 83. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 14 ص 435. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار: ج 16 ص 149. (6) اقراء الضيف: اكرامه. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 148 من امالي الصدوق وص 1 49 من الاختصاص.

[ 242 ]

الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أحب العباد إلى الله عز و جل رجل صدوق في حديثه، محافظ على صلاته وما افترض الله عليه مع أداء الأمانة، ثم قال: من ائتمن على أمانة فأداها فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار، فبادروا بأداء الأمانة فإنه من ائتمن على أمانة وكل إبليس به مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلوه ويوسوسوا إليه حتى يهلكوه إلا من عصمه الله (1). وقال الصادق عليه السلام: إن الله عزوجل علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب، لولا ذلك ما ابتلى الله مؤمنا ” بذنب أبدا ” (2). إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: مامن مؤمن ضيع حقا ” إلا أعطى في باطل مثليه، وما من مؤمن يمتنع من معونة أخيه المسلم والسعي له في حوائجه قضيت أو لم تقض إلا ابتلاه الله بالسعي في حاجة من يأثم عليه ولا يؤجر به، وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما رضي الله إلا ابتلى أن ينفق أضعافا ” فيما يسخط الله (3). محمد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله ما بال المؤمن إذا دعا ربما استجيب له وربما لم يستجيب له وقد قال الله عزوجل: ” وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (4) ” فقال عليه السلام: إن العبد إذا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة وقلب مخلص استجيب له بعد وفائه بعهد الله عزوجل وإذا دعاالله عزوجل لغير نية وإخلاص لم يستجب له، أليس الله تعالى يقول: ” أوفوا بعهدي اوف بعهدكم ” فمن وفي أوفى له (5). وقال الرضا عليه السلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له (6). وقال عليه السلام: من بارز الله بالأيمان الكاذبة برئ الله منه (7).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 149. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 313. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب العجب عن امالي الشيخ – رحمه الله -. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 164. (4) المومن: 60. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 19 ص 58. والاية في البقرة: 40. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 189. (7) نقله المجلسي – رحمه الله في البحار ج 24 ص 11.

[ 243 ]

وقال الصادق عليه السلام: من قضى حق من لا يقضي حقه فكأنما قد عبده من دون الله، وقال عليه السلام: أخدم أخاك فإن استخدمك فلا ولا كرامة، قال: وقيل: اعرف لمن لا يعرف لي ؟ فقال: ولا كرامة، قال: ولا كرامتين (1). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: خير الناس من انتفع به الناس وشر الناس من تأذى به الناس وشر من ذلك من أكرمه الناس إتقاء شره، وشر من ذلك من باع دينه بدنيا غيره (2). وقال الصادق عليه السلام: من ازداد في الله علما ” وازداد للدنيا حبا ” ازداد من الله بعدا ” وازداد الله عليه غضبا ” (3). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو عدلت الدنيا عند الله عزوجل جناح بعوضة لما سقي الكافر منها شربة (4). وقال الصادق عليه السلام: كان أبي محمد عليه السلام يقول: أي شئ أشر من الغضب ! إن الرجل إذا غضب يقتل النفس ويقذف المحصنة (5). وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل خيرا ” استزاد الله وحمد الله عليه وإن عمل شرا ” استغفر الله منه وتاب إليه (6). وعن أبي جعفر الباقر عليهما السلام: ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإن أذنب وثنى خرج من تلك النكتة سواد فإن تمادى في الذنوب اتسع ذلك السواد حتى يغطي البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا “، وهو قول الله: ” كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ” (7). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا خير في القول إلا مع العمل، ولا في المنظر إلا مع


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 49. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 164 (3 و 4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب حب الدنيا وذمها. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب ذم الغضب. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار – ج 15 باب ترك الشهوات. (7) المطففين: 14. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب آثار الذنوب.

[ 244 ]

المخبر، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الفقه إلا مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع النية، ولا في الحياة إلا مع الصحة، ولا في الوطن إلا مع الأمن والمسرة (1). وقال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا ” أعز علي منك اؤيد من أحببته بك (2). وقال عليه السلام: أربع خصال يسود بها المرء: العفة والأدب والجود والعقل (3). وقال عليه السلام: أفضل طبائع العقل العبادة، وأوثق الحديث له العلم، وأجزل حظوظه الحكمة، وأفضل ذخائره الحسنات (4). وقال عليه السلام: يغوص العقل على الكلام فيستخرجه من مكنون الصدر كما يغوص الغائص على اللؤلؤ المستكنة في البحر (5). وقال عليه السلام: كمال العقل في ثلاثة: التواضع لله، وحسن اليقين، والصمت إلا من، خير (6). وقال عليه السلام: الجهل في ثلاث: الكبر، وشدة المراء، والجهل بالله، فاولئك هم الخاسرون (6). وقال عليه السلام: خلق الله تعالى العقل من أربعة أشياء: من العلم والقدرة والنور والمشيئة بالأمر فجعله قائما ” بالعلم دائما ” في الملكوت (2). وقال عليه السلام: يزيد عقل الرجل بعد الأربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك (6).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب جوامع المكارم وآفاتها. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب حقيقة العقل ص 33. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ابواب العقل والجهل ص 32. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب علامات العقل وجنوده ص 43. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب فضل العقل وذم الجهل ص 32. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب جنود العقل ص 43.

[ 245 ]

وقال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث إلى آدم عليه السلام ثلاثة أشياء يختار منها واحدا ” العقل والحياء والسخاء فاختار العقل، فقال جبرئيل عليه السلام للحياء والسخاء: اعرجا فقالا: امرنا أن لا نفارق العقل. وقال الصادق عليه السلام: إذا أردت أن تختبر عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون فإن أنكره فهو عاقل وإن صدقه فهو أحمق (1). وقال عليه السلام: إذا أراد الله أن يزيل من عبد نعمة كان أول ما يغير منه عقله (2). وقال الصادق عليه السلام: لا يلسع العاقل من جحر مرتين (1). وقال أمير المؤمنين عليه السلام الناس أعداء لما جهلوا (2). وقال الباقر عليه السلام: الروح عماد الدين والعلم عماد الروح والبيان عماد العلم (3). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: المتعبد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور، ولا يبرح وركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل لأن العالم تأتيه الفتنة، فيخرج منها بعلمه وتأتي الجاهل فينسفه نسفا “، وقليل العمل مع كثير العلم خير من كثير العمل مع قليل العلم والشك والشبهة (4). وقال الباقر عليه السلام: تذاكر العلم ساعة خير من قيام ليلة (5). وقال عليه السلام: إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ولا تقطع على أحد حديثه (6). وقال الرضا عليه السلام: لا تمارين العلماء فيرفضوك ولا تمارين السفهاء فيجهلوا عليك (7).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب جنود العقل ص 43. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ابواب العقل والجهل ص 32. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب فرض العلم ص 54. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب العمل بغير علم ص 65. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب مذاكرة العلم ص 64. (6) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب آداب طلب العلم ص 68. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 باب ما جاء في تجويز المجادلة ص 106.

[ 246 ]

وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صبر على ما ورد عليه فهو الحليم، وقال لقمان: عدو حليم خير من صديق سفيه (1). وقال الصادق عليه السلام: لا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا قائد خير من التوفيق ولا قرين خير من حسن الخلق، ولا ميراث خير من الأدب (2). وقال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواضع. لا يعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا يعرف الشجاع إلا في الحرب ولا تعرف أخاك إلا عند حاجتك إليه (3). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا كنتم بالنهار (4)…………. على سريره ووضع إكليله على رأسه ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي عبد الله،


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب فضل الفقر والفقراء. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 أبواب العقل والجهل ص 32. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الحلم والعفو وج 16 ص 49 من الاختصاص. (4) هكذا بياض في جميع النسخ الخمس التى رأيناها: اثنتان عندنا ونسخة في المكتبة الرضوية – بمشهد – ونسخة في مكتبة مدرسة سپهسالار بطهران ونسخة في مكتبة (دانشكده حقوق) بطهران وأما الساقط فهو قسمان تتمة لكلام أمير المؤمنين عليه السلام وهى التى نقلها المؤلف في حديث في أماليه ص 69 وصدر لقصة أبى عبد الله عليه السلام مع ابى جعفر الدوانيقي. وأما رواية الامالى فهكذا (إذا كنتم بالنهار تحلفون وبالليل تنامون وفى خلال ذلك عن الاخرة تغفلون فمتى تحرزون الزاد وتفكرون في المعاد، فقال رجل: يا امير المومنين انه لا بدلنا من المعاش فكيف نصنع ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الاخرة، فان قلت: لا بد لنا من الاحتكار لم تكن معذورا ” فولى الرجل باكيا “، فقال له امير المؤمنين عليه السلام: أقبل على أزدك بيانا “، فعاد الرجل إليه، فقال له: اعلم يا عبد الله ان كل عامل في الدنيا للاخره لا بدان يوفى أجر عمله في الاخرة وكل عامل في الدنيا للدنيا عمالته في الاخرة نار جهنم ثم تلا أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالى: ” فاما من طغى وآثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى ” انتهى. وقوله: ” عمالته ” – بفتح العين وضمها – اجرته. واما قصة ابى عبد الله عليه السلام مع الدوانيقي فقد رواها الطبري – رحمه الله – في دلائل الامامة ص 144 ولا يسعنا نقل تمام ما سقط لطوله ونقلها البحراني في مدينة المعاجز ص 326 منه ومن الاختصاص.

[ 247 ]

فبعث إليه، فقام حتى دخل فلما بصر به وبهم وقد استعدوا له رفع يده إلى السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهرا ” وبعضه خفيا “، ثم قال: ويلكم أنا الذي أبطلت سحر آبائكم أيام موسى، وأنا الذي ابطل سحركم، ثم نادى يرفع صوته قسورة ! فوثب كل واحد منهم على صاحبه فافترسه في مكانه، ووقع أبو جعفر المنصور من سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني، فوالله لاعدت إلى مثلها أبدا “، فقال: قد أقلتك: قال: فرد السباع كما كانت، قال: هيهات إن رد عصا موسى فستعود السباع. وروى عن عبد العظيم، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (1): قال: يا عبد العظيم أبلغ عني أوليائي السلام وقل لهم أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا “، ومرهم بالصدق في الحديث وأداء الأمانة، ومرهم بالسكوت وترك الجدال فيما لا يعنيهم وإقبال بعضهم على بعض والمزاورة فإن ذلك قربة إلي. ولا يشتغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا ” فإني آليت على نفسي (2) أنه من فعل ذلك وأسخط وليا ” من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب وكان في الآخرة من الخاسرين وعرفهم أن الله قد غفر لمحسنهم وتجاوز عن مسيئهم إلا من أشرك به أو آذى وليا ” من أوليائي، أو أضمر له سوءا ” فإن الله لا يغفر له حتى يرجع عنه فإن رجع وإلا نزع روح الإيمان عن قلبه وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيبا ” في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك (3). سعد بن عبد الله عن بعض أصحابه قال: تبع حكيم حكيما ” سبع مائة فرسخ فلما لحقه قال: يا هذا ما أرفع من السماء ؟ وما أوسع من الأرض ؟ وما أغنى من البحر ؟ وما أقسى من الحجر ؟ وما أشد حرارة من النار ؟ وما أشد بردا ” من الزمهرير ؟ وما أثقل من الجبال الراسيات ؟ فقال: الحق أرفع من السماء، والعدل أوسع من الأرض، وغنى النفس أغنى من البحر، وقلب الكافر أقسى من الحجر، والحريص الجشع اشد حرارة من النار، واليأس من قريب أشد بردا ” من الزمهرير، والبهتان على البريئ أثقل من الجبال الراسيات (4).


(1) رواية عبد العظيم عن الرضا عليه السلام بعيد ولعل المراد ابو الحسن الثالث فاشتبه على الرواة (2) أي حلفت وجعلت على نفسي كذا وكذا. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 63. (4) روى نحوه الصدوق – رحمه الله – في المعاني ص 55 ونقله المجلسي في البحار ج 17 ص 248.

[ 248 ]

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أول ما ينزع من العبد الحياء فيصير ماقتا ” ممقتا “، ثم ينزع الله منه الأمانة فيصير خائنا ” مخونا “، ثم ينزع الله منه الرحمة فيصير فظا ” غليظا “، ويخلع دين الإسلام من عنقه فيصير شيطانا ” لعينا ” ملعونا ” (1). علي بن عباس، عن صالح بن حمزة، عن الحسن بن عبد الله، عن الصادق عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال فيما يقول: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، أيها الناس أنا قلب الله الواعي، ولسانه الناطق، وأمينه على سره، وحجته على خلقه، وخليفته على عباده، وعينه الناظرة في بريته ويده المبسوطة بالرأفة والرحمة، ودينه الذي لا يصدقني إلا من محض الايمان محضا ” ولا يكذبني إلا من محض الكفر محضا ” (2) وعن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا الهادي والمهتدي، وأبو اليتامى، وزوج الأرامل والمساكين، وأنا ملجأ كل ضعيف، و مأمن كل خائف، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة، وأنا حبل الله المتين، وأنا عروة الله الوثقى وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده، وأنا جنب الله الذي تقول نفس: يا حسرتي على فرطت في جنب الله، وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة، وأنا باب حطة من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه لأني وصي نبيه في أرضه وحجته على خلقه لا ينكر هذا إلا راد على الله ورسوله (3). وقال رسول الله صلى الله عليه واله: ليس منا من يحقر الأمانة – يعني يستهلكها إذا استودعها – وليس منا من خان مسلما ” في أهله وماله (4). وقال صلى الله عليه وآله: من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن،


(1) رواه الصدوق في المعاني ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الحياء. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 336 من الاختصاص. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 131 من المعاني والتوحيد للصدوق – قدس سره – ص 336 من الاختصاص. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 164.

[ 249 ]

ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن. وقال صلى الله عليه وآله: من ترك معصية من مخافة الله عزوجل أرضاه الله يوم القيامة. وقال صلى الله عليه وآله: إن كان الشؤم في شئ ففي اللسان (1). وقال صلى الله عليه وآله: من اكتسب مالا ” من غير حله كان راده إلى النار. وقال صلى الله عليه وآله: أيضا “: قال الله عزوجل: من لم يبال من أي باب اكستب الدينار والدرهم لم ابال يوم القيامة من أي أبواب النار أدخلته. عن عمران بن يسار اليشكري، عن أبي حفص المدلجي، عن شريف بن ربيعة، عن قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا أشتهي بطيخا “، قال: فأمرني أمير المؤمنين عليه السلام بشراء بطيخ، فوجهت بدرهم فجاؤونا بثلاث بطيخات، فقطعت واحدة فإذا هو مر فقلت: مر يا أمير المؤمنين، فقال: إرم به من النار وإلى النار، قال: وقطعت الثاني فإذا هو حامض فقلت: حامض يا أمير المؤمنين، فقال: ارم به من النار وإلى النار، قال: فقطعت الثالث فإذا هو مدودة فقلت: مدودة يا أمير المؤمنين، فقال: ارم به من النار وإلى النار، قال ثم وجهت بدرهم آخر فجاؤونا بثلاث بطيخات فوثبت على قدمي فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين عن قطعه – كأنه تأشم بقطعه – فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: اجلس يا قنبر فإنها مأمورة، فجلست فقطعت واحدة فإذا هو حلو. فقلت: حلو يا أمير المؤمنين، فقال كل وأطعمنا فأكلت ضلعا ” وأطعمته ضلعا ” وأطعمت الجليس ضلعا “، فالتفت إلي أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا قنبر إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والإنس والثمر وغير ذلك فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب وما لم يقبل منه خبث وردى ونتن (2). عن أبان بن تغلب الكندي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن روح الإيمان واحدة خرجت من عند واحد وتتفرق في أبدان شتى فعليه ائتلفت وبه تحابت وستخرج من شتى


(1) نفله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكوت والكلام. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 419.

[ 250 ]

ويعود واحدا ” ويرجع عند واحد (1). ابن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك و تعالى توحد بملكه فعرف عباده نفسه، ثم فوض إليهم أمره وأباح لهم جنته فمن أراد الله أن يطهر قلبه من الجن والإنس عرفه ولايتنا ومن أراد أن يطمس على قلبه امسك عنه معرفتنا. ثم قال يا مفضل والله ما استوجب آدم أن يخلقه الله بيده وينفخ فيه من روحه إلا بولاية علي عليه السلام، وما كلم الله موسى تكليما ” إلا بولاية علي عليه السلام، ولا أقام الله عيسى ابن مريم آية للعالمين إلا بالخضوع لعلي عليه السلام، ثم قال: أجمل الأمر ما استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية لنا (2). عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سمعته يقول: من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله تبارك وتعالى وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلط الله تبارك وتعالى عليه شجاعا ” من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا ” له أو معذبا “، فإن عذره الطالب كان أسوء حالا ” (3). وقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يتكلم الرجل بكلمة هدى فيؤخذ بها إلا كان له مثل أجر


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب السكينة وروح الايمان قائلا بعده بيان: فيه ايماء إلى روح الايمان هي قوة الايمان والملكة الداعية إلى الخير فهى معنى واحد وحقيقة واحدة اتصفت بافرادها النفوس وبعد ذهاب النفوس ترد إلى الله والى علمه فيجازيهم بحسبها ويحتمل أن تكون خلقا ” واحدا ” تعين جميع النفوس على الطاعة بحسب ايمانهم وقابليتهم و استعدادهم كما تقول الحكماء في العقل الفعال. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 344 من الاختصاص. والعبودية هنا بمعنى الاطاعة. (3) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 196. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 165 وقوله: ” أسوء حالا ” انما كان المعذور أسوء حالا لان العاذر لحسن خلقه وكرمه أحق بقضاء الحاجة ممن لا يعذر فرد قضاء حاجته أشنع والندم عليه اعظم والحسرة عليه أدوم. ويجوز وجه آخر وهو أنه إذا عذره لا يشكوه ولا يغتابه فبقى حقه عليه سالما إلى يوم الحساب.

[ 251 ]

من أخذ بها ولا يتكلم بكلمة ضلالة إلا كان عليه مثل وزر من أخذ بها (1). وعن العالم عليه السلام من استن بسنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من اجورهم شئ، ومن استن بسنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تعلم علما ” ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ويصرف به الناس إلى نفسه يقول: أنا رئيسكم فليتبوء مقعده من النار، ثم قال: إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها، فمن دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة (3). عن الحارث بن المغيرة قال: لقيني أبو عبد الله عليه السلام في بعض طرق المدينة قبلا فقال: حارث ! قلت: نعم فقال: لأحملن ذنوب سفهائكم على حلمائكم، قلت: ولم جعلت فداك ؟ قال: ما يمنعكم – إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون ما يدخل علينا منه العيب عند الناس والأذى – أن تأتوه وتعظوه وتقولوا له قولا ” بليغا ” ؟ ! قلت: إذا لا يقبل منا ولا يطيعنا. قال فإذا ” فاهجروه واجتنبوا مجالسته. عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الإخوان، فقال: الإخوان صنفان إخوان الثقة وإخوان المكاشرة فأما إخوان الثقة فهم كالكف والجناح والأهل والمال فإذا كنت من أخيك على الثقة بذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل إنهم أعز من الكبريت الأحمر، وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء


(1) رواه الصدوق – رحمه الله – في ثواب الاعمال ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ص 75 منه. وج 17 ص 188. من التحف. (2) رواه الصدوق – رحمه الله – في ثواب الاعمال – ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب ثواب من سن سنة حسنة وما يلحق الرجل بعد موته منه وج 1 ص 76 من الاختصاص. (3) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 47. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ص 199 من الاختصاص.

[ 252 ]

ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان (1). وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الذين تراهم لك أصدقاء إذا بلوتهم وجدتهم على طبقات شتى، فمنهم كالأسد في عظم الأكل وشدة الصولة، ومنهم كالذئب في المضرة، ومنهم كالكلب في البصبصة ومنهم كالثعلب في الروغان والسرقة (2) صورهم مختلفة والحرفة واحدة ما تصنع غدا ” إذا تركت فردا ” وحيدا ” لا أهل لك ولا ولد إلا الله رب العالمين (3). وقال الصادق عليه السلام: صديق عدو علي عليه السلام عدو علي عليه السلام (4). وقال الرضا عليه السلام: إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عزوجل وهو قوله: ” ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها (5). قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا تبدين عن واضحة وقد عملت الفاضحة فلا تأمنن البيات من عمل السيئات (6). محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن موسى عن أبي سعيد الزنجاني، عن محمد بن عيسى، عن أبي سعيد المدائني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اقرء موالينا السلام وأعلمهم أن يجعلوا حديثنا في حصون حصينة وصدور فقيهة وأحلام رزينة، والذي فلق الحبة وبرء النسمة ما الشاتم لنا عرضا ” والناصب لنا حربا ” أشد مؤونة من المذيع علينا حديثنا عند من لا يحتمله (7). روي عن العالم عليه السلام أنه قال: السخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 248 والصدوق – رحمه الله – في الخصال ونقله المجلسي – رحمه الله – منه ومن الاختصاص في البحار ج 16 ص 79. (2) تبصبص الكلب: حرك ذنبه، وفلان: تملق. والروغان: المكر والخديعة. (3) منقول في البحار ج 16 ص 49 من الاختصاص. (4) منقول في البحار ج 16 ص 53 من الاختصاص. (5) منقول في البحار الجزء الثاني من المجلد التاسع عشر ص 68 من الاختصاص والاية في سورة الاعراف: 180. (6) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 66 والواضحة: الاسنان تبدوا عند الضحك. والبيات: العذاب يأتي ليلا. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ص 89.

[ 253 ]

تعلق بغصن منها أدته إلى الجنة والبخل شجرة في النار وأغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن منها أدته إلى النار (1). وقال رسول الله صلى الله عليه واله لعدي بن حاتم: إن الله دفع عن أبيك العذاب الشديد لسخاء نفسه (2). وروي أن قوما ” اسارى جئ بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بضرب أعناقهم، ثم أمره بإفراد واحد منهم وأن لا يقتله فقال الرجل: لم أفردتني من أصحابي والجناية واحدة ؟ فقال: إن الله عزوجل أوحى إلي أنك سخي قومك و [ أن ] لا أقتلك، فقال الرجل: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: فقاده سخاؤه إلى الجنة (3). وروي أن الشاب السخي المقترف للذنوب أحب إلى الله عزوجل من الشيخ العابد البخيل (4). وروي ما من شئ يتقرب به إلى الله عزوجل أحب إليه من إطعام الطعام وإراقة الدماء (5). وروي أطيلوا الجلوس على الموائد فإنها أوقات لا تحسب من أعماركم (6). وروي لو عمل طعام بمائة ألف درهم ثم أكل منه مؤمن واحد لم يعد مسرفا ” (7). وروي عن العالم عليه السلام أنه قال: أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصلوا والناس نيام وادخلوا الجنة بسلام (8). وروي إياك والسخي فإن الله عزوجل يأخذ بيده (9). وروي أن الله عزوجل يأخذ بناصية الصبي إذا عثر (10).


(1) منقول في البحار ج 15 باب السخاء والسماحة والجود من الاختصاص. ونحوه من امالي الشيخ – رحمه الله -. (2) إلى (6) منقول في البحار ج 15 باب السخاء والسماحة والجود من الاختصاص. (7) منقول في البحار ج 15 باب السخاء والسماحة من الاختصاص وج 14 ص 894 من طب الرضا عليه السلام. (8) إلى (10) منقول في البحار ج 15 باب السخاء والسماحة من الاختصاص.

[ 254 ]

وقال: قال الله عزوجل: ارض بما آتيتك تكن أغنى الناس. أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهرى، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: سر الله أسره إلى جبرئيل وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله وأسره محمد إلى علي عليه السلام وأسره علي عليه السلام إلى من شاء الله واحدا ” بعد واحد. الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك الله إن بعض الناس له في فمه اثنان وثلاثون سنا ” وبعضهم له ثمانية وعشرون فعلى كم تقسم دية الأسنان ؟ فقال: الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سنا “: اثنا عشر في مقاديم الفم وستة عشر سنا ” في مؤاخيره، فعلى هذا قسمت دية الأسنان. فدية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى يذهب فإن ديتها خمسمائة درهم وهي اثنا عشر سنا ” فديتها كلها ستة آلاف درهم ودية كل سن من الأضراس حتى يذهب على النصف من دية المقاديم ففي كل سن كسر حتى يذهب فإن ديته مائتان وخمسون درهما ” وهي ستة عشر ضرسا ” فديتها كلها أربعة آلاف درهم، فجميع دية المقاديم والمؤاخير من الأسنان عشرة آلاف درهم وإنما وضعت الدية على هذا، فما زاد على ثمانية وعشرون سنا ” فلا دية له، وما نقص فلا دية له وهكذا اوجدناه في كتاب علي قال الحكم فقلت: إن الديات إنما كان تؤخذ قبل اليوم من الإبل والغنم، قال: فقال: إنما كان ذلك في البوادي قبل الإسلام فلما ظهر الإسلام وكثر الورق في الناس قسمها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على الورق، قال الحكم: فقلت له: أرأيت من كان من أهل البوادي ما الذي يؤخذ منه في الدية الإبل أو ورق ؟ قال: فقال: الإبل اليوم مثل الورق بل هي أفضل من الورق في الدية، إنهم إنما كان يؤخذ منهم في دية الخطأ مائة من الإبل يحسب لكل بعير مائة درهم فذلك عشرة آلاف درهم قلت له: فما أسنان المائة البعير ؟ قال: فقال: ما حال عليه الحول ذكران كلها (1)، قال الحكم: فسألته ما تقول في العمد والخطأ في القتل والجراحات ؟ قال: فقال: ليس الخطأ مثل العمد، العمد في القتل والجراحات فيها القصاص والخطأ في القتل والجراحات فيها الديات قال: ثم قال: يا حكم إذا كان


(1) إلى هنا مروى في الكافي والتهذيب ومنقول في البحار ج 24 ص 50 من الاختصاص.

[ 255 ]

الخطأ من القاتل أو الجارح وكان بدويا ” فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه من البدويين. قال: وإذا كان القاتل أو الجارح قرويا ” فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه القرويين (1). وعنه، عن الحكم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أصابع اليدين وأصابع الرجلين أرأيت ما زاد فيها على عشرة أصابع أو نقص من عشرة فيها دية ؟ قال: فقال لي: يا حكم الخلقة التي قسمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين فما زاد أو نقص فلا دية له و عشرة أصابع في الرجلين فما زاد أو نقص فلا دية له وفي كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم وفي كل إصبع من أصابع الرجلين ألف درهم وكلما كان منها شلل فهو على الثلث من دية الصحاح (2). هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أعمى فقأ عين رجل صحيح متعمدا ” فقال: يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية من ماله فإن لم يكن له مال فإن دية ذلك على الإمام ولا يبطل حق مسلم. عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا جابر ألزم الأرض ولا تحرك يدا ” ولا رجلا ” حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها: أولها اختلاف ولد فلان (3) وما أراك تدرك ذلك ولكن حدث به بعدي، ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمى الجابية (4) وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحية الترك، و


(1) رواه الكليني والشيخ ونقله المجلسي – رحمهم الله – في البحار ج 24 ص 46 و 50 من الاختصاص. (2) رواه الكليني والشيخ ونقله المجلسي – رحمهم الله – في البحار ج 24 ص 50 من الاختصاص. (3) يعنى بنى العباس كما صرح به في رواية النعماني في الغيبة. (4) الجابية – بكسر الباء وياء خفيفة -: قرية من اعمال دمشق، ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالى حوران إذا وقف الانسان في الصنمين واستقبل الشمال ظهرت له، ويظهر من نوى ايضا ” وبالقرب منها تل يسمونه تل الجابية، كثير الحيات. ويقال لها: جابية الجولان. (مراصد الاطلاع)

[ 256 ]

يعقبها مرج الروم (1)، ويستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، ويستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة، فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب فأول أرض المغرب [ أرض ] تخرب الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات راية الأصهب وراية الأبقع، وراية السفياني فيلقي السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله ومن معه ويقتل الأصهب، ثم لا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا (2) فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين، ويبعث السفياني جيشا ” إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألف رجل فيصيبون من أهل الكوفة قتلا ” وصلبا ” وسبيا “، فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوى المنازل طيا ” حثيثا ” ومعهم نفر من أصحاب القائم عليه السلام وخرج رجل من موالى أهل الكوفة فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ويبعث السفياني بعثا ” إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة، فبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة، فيبعث جيشا ” على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا ” يترقب على سنة موسى بن عمران عليه السلام، وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء يا بيداء أبيدي القوم فيخسف بهم البيداء فلا يفلت منهم إلا ثلاثة، يحول الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية ” يا أيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا ” لما معكم من قبل أن نطمس وجوها ” فنردها على أدبارها – الآية – (3) ” قال: والقائم يومئذ بمكة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا ” به ينادي: يا أيها الناس إنا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله عليه وآله، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم عليه السلام ومن حاجني في محمد صلى الله عليه وآله فأنا أولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين. أليس الله يقول في محكم كتابه ” إن الله اصطفى آدم ونوحا ” وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية


(1) في الغيبة ” هرج الروم “. (2) في المراصد ” قرقيسياء ” بزيادة ياء اخرى: بلد على الخابور عند مصبه وهى على الفرات جانب منها على الخابور وجانب على الفرات، وفوق رحبة مالك بن طوق. (3) النساء: 47. الاختصاص – 16 –

[ 257 ]

بعضها من بعض والله سميع عليم (1) ” فأنا بقية من آدم، و [ ذ ] خيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمد صلى الله عليه واله ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله ألا ومن حاجني في سنة رسول الله وسيرته فأنا أولى الناس بسنة رسول الله وسيرته، فانشد الله من سمع كلامي اليوم لما أبلغه الشاهد منكم الغائب وأسألكم بحق الله وحق رسوله وحقي فإن لي عليكم حق القربى برسول الله لما أعنتمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا فقد اخفنا وظلمنا وطردنا من ديارنا وأبناءنا وبغي علينا ودفعنا عن حقنا وآثر علينا أهل الباطل. فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله، فيجمع الله له أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ” فيجمعهم الله له على غير ميعاد قزع كقزع الخريف وهي يا جابر الآية التي ذكرها الله ” أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا ” إن الله على كل شئ قدير (2) ” فيبايعونه بين الركن و المقام ومعه عهد من رسول الله صلى الله عليه واله قد توارثه الأنبياء عن الآباء، والقائم يا جابر رجل من ولد الحسين بن علي صلى الله عليهما يصلح الله له أمره في ليلة فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر ولا يشكلن عليهم ولادته من رسول الله صلى الله عليه وآله ووراثته العلماء عالما ” بعد عالم فإن أشكل عليهم هذا كله فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه واسم امه (3). عمرو بن ثابت، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: والله ليملكن رجل منا أهل البيت بعد موته ثلاث مائة سنة ويزداد تسعا “، قال: فقلت: فمتى يكون ذلك ؟ قال: فقال: بعد موت القائم، قلت له: وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت ؟ قال: فقال: تسعة عشر سنة من يوم قيامه إلى يوم موته، قال: قلت له فيكون بعد موته الهرج، قال: نعم خمسين سنة، ثم يخرج المنتصر إلى الدنيا فيطلب بدمه ودماء أصحابه فيقتل و يسبى حتى يقال: لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كل هذا القتل، فيجتمع عليه الناس أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه إلى حرم الله، فإذا اشتد


(1) آل عمران: 34. (2) البقرة: 148. (3) رواه النعماني – رحمه الله – في الغيبة ص 150 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 13 ص 164 منه ومن الاختصاص وتفسير العياش.

[ 258 ]

البلاء عليه وقتل المنتصر خرج السفاح إلى الدنيا غضبا ” للمنتصر فيقتل كل عدو لنا، وهل تدري من المنتصر ومن السفاح يا جابر ؟ المنتصر الحسين بن علي والسفاح علي بن أبي طالب عليهما السلام (1). علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لادين لمن دان بطاعة من يعص الله ولا دين لمن دان بفرية باطل ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام إنما مثل علي بن أبي طالب عليه السلام ومثلنا من بعده في هذه الامة كمثل موسى النبي والعالم عليهما السلام حيث لقيه واستنطقه وسأله الصحبة فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه وذلك أن الله قال لموسى عليه السلام: ” إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ” ثم قال: ” وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا ” لكل شئ (2) ” وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح وكان موسى صلى الله عليه يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في نبوته وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم علماء فقهاء وأنهم قد اوتوا جميع الفقه والعلم في الدين مما يحتاج هذه الامة إليه وصح ذلك لهم عن رسول الله صلى الله عليه واله وعلموه وحفظوه وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه واله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عرفوه، وذلك أن الشئ من الحلال والحرام والأحكام قد يرد عليهم فيسألون عنه فلا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه واله ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبون فطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله تركوا الآثار ودانوا الله بالبدع وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: كل بدعة ضلالة. فلو أنهم إذ سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ردوه إلى الله وإلي الرسول وإلى اولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد والذين يمنعهم من طلب العلم منا العداوة لنا والحسد ولا والله ما حسد موسى العالم وموسى نبي الله يوحى إليه حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم بل


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 13 ص 225. (2) الاعراف: 144.

[ 259 ]

أقر له بعلمه ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة فيتعلم منه العلم ويرشده، فلما أن سأل العالم ذلك علم العالم أن موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه فعند ذلك قال له العالم: إنك لن تستطيع معي صبرا ” فقال له موسى عليه السلام: ولم لا أصبر ؟ فقال له العالم: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ” ؟ ! فقال له موسى وهو خاضع له يستعطفه على نفسه كي يقبله: ستجدني إن شاء الله صابرا ” ولا أعصي لك أمرا “، وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه وكذلك والله يا إسحاق حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم لا يحتملون والله علمنا، ولا يقبلونه، ولا يطيقونه ولا يأخذون به، ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى صلى الله عليه على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه، وكان ذلك عند موسى مكروها ” وكان عند الله رضى وهو الحق و كذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ به وهو عند الله الحق (1). أبو أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام وقال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن في تلك الحال، ومن دخل على مؤمن في منزله بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال، ومن جحد نبيا ” مرسلا ” نبوته وكذبه فدمه مباح. قال: قلت: أرأيت من جحد الإمام منكم ما حاله ؟ قال: فقال: من جحد إماما ” من الله وبرئ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الإسلام لأن الإمام من الله ودينه دين الله ومن برئ من دين الله فهو كافر دمه مباح في تلك الحال إلا أن يرجع و يتوب إلى الله مما قال، قال: ومن فتك بمؤمن يريد ماله ونفسه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال. محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: لاعذبن كل رعية في الإسلام أطاعت كل


(1) رواه العياشي – رحمه الله – ونقله البحراني – قدس سره – في تفسيره ج 2 ص 474 والمجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ص 134 من الاختصاص وتفسير العياشي والمحدث النوري في مستدرك الوسائل ج 3 ص 177 من الاختصاص.

[ 260 ]

إمام ليس من الله وإن كانت الرعية بارة تقية ولأعفون عن كل رعية في الإسلام أطاعت كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعية ظالمة مسيئة (1). السياري، عن محمد بن جمهور قال: كان النجاشي (2) وهو رجل من الدهاقين عاملا ” على الأهواز وفارس، قال: فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله عليه السلام: إن في ديوان النجاشي علي خراجا ” وهو ممن يدين بطاعتك فإن رأيت أن تكتب إليه كتابا “، قال: فكتب إليه ” بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك سرك الله ” قال: فلما ورد عليه الكتاب دخل عليه و هو في مجلسه فلما خلا ناوله الكتاب، وقال: هذا كتاب أبي عبد الله عليه السلام، فقبله و وضعه على عينيه، وقال له: ما حاجتك ؟ فقال: خراج علي في ديوانك، فقال له: كم هو ؟ فقال: عشرة آلاف درهم، قال: فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه، ثم أخرج منها (3) فأمره أن يثبتها له لقابل، ثم قال له: سررتك ؟ فقال له: نعم، قال: فأمر له بعشرة آلاف درهم اخرى فقال له: هل سررتك ؟ فقال: نعم جعلت فداك، قال: ثم أمر له بمركب و جارية وغلام، ثم أمر له بتخت ثياب (4) في كل ذلك يقول له: هل سررتك ؟ فكلما قال له: نعم زاده حتى فرغ (5)، ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا ” فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي الذي ناولتني فيه وارفع إلي جميع حوائجك، قال: ففعل وخرج الرجل فصار إلى أبي عبد الله عليه السلام بعد ذلك فحدثه بالحديث على جهته وجعل يسره بما فعل (6) فقال له الرجل: يا ابن رسول الله كأنه قد سرك بما فعل بي، فقال: إي والله لقد


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 15 باب الصفح عن الشيعة وقال: رواه الصدوق – رحمه الله – في كتاب فضائل الشيعة باسناده عن السجستاني وفيه ” دانت لولاية كل امام ” في الموضعين. (2) النجاشي – بفتح النون وكسرها وتخفيف الياء وقيل بشدها – وهو أبو التاسع لاحمد بن على بن احمد بن العباس صاحب الرجال، والدهقان معرب يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر و على من له مال وعقار وداله مكسور (قاله المولى صالح المازندرانى شارح الكافي). (3) أي أخرج اسمه من دفاتر الديوان. (4) البخت، وعاء يصان فيه الثيان. (5) أي فرغ النجاشي من العطاء. (6) أي شرع الامام يسر – على بناء المجهول -.

[ 261 ]

سر الله ورسوله (1). إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ألا ابشرك ؟ قلت: بلى جعلني الله فداك، قال: أما إنه ما كان من سلطان جور فيما مضى ولا يأتي بعد إلا ومعه ظهير من الله يدفع عن أوليائه شرهم (2). محمد بن الحسين، عن عيسى بن هشام، عن عبد الكريم، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال. العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قل (3). عن محمد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى، عن إسحاق بن عمار قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن الدخول في عمل السلطان، فقال: هم الداخلون عليكم أم أنتم الداخلون عليهم ؟ فقال: لا بل هم الداخلون علينا. قال: فما بأس بذلك (4). علي بن إبراهيم الجعفري، عن مسلم مولى أبي الحسن عليه السلام قال: سأله رجل فقال له: الترك خير أم هؤلاء ؟ قال: فقال: إذا صرتم إلى الترك يخلون بينكم وبين دينكم ؟ قال: قلت: نعم جعلت فداك، قال: فقال: هؤلاء يخلون بينكم وبين دينكم ؟ قال: قلت: لا بل يجهدون على قتلنا، قال: فإن غزوهم أولئك فاغزوهم معهم أو أعينوهم عليهم – الشك من أبي الحسن عليه السلام (5). إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من مشى إلى سلطان جائر فأمر بتقوى الله ووعظه وخوفه كان له مثل أجر


(1) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 2 ص 190 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 217 منه ومن الاختصاص. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 220. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 214. (4) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 220. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 21 ص 98 والشك في قوله: ” الشك من أبى الحسن عليه السلام ” ليس بمعنى المتعارف والمراد ان كلا الحكمين اعني الغزاء معهم اعانتهم عليهم منه عليه السلام، هذا ويمكن أن يكون سقط كلمة ” مولى ” والتقدير هكذا ” والشك من مولى ابى الحسن عليه السلام “.

[ 262 ]

الثقلين من الجن والإنس ومثل أعمالهم (1). عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العدل أحلى من الشهد وألين من الزبد وأطيب ريحا ” من المسك (2). أحمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أباه كان يقول: من دخل على إمام جائر فقرأ عليه القرآن يريد بذلك عرضا ” من عرض الدنيا لعن القارئ بكل حرف عشر لعنات ولعن المستمع بكل حرف لعنة (3). عبد الله بن محمد السائي، عن الحسن بن موسى، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن محمد بن سابق ابن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن عليه السلام حين دخل عليه: ما هذه الدار ؟ فقال: هذه دار الفاسقين، قال: ” سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ” وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ” – الآية – (4) ” فقال له هارون: فدارمن هي ؟ قال: هي لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها ؟ فقال: أخذت منه عامرة ولا يأخذها إلا معمورة. قال: فأين شيعتك فقرء أبو الحسن صلى الله عليه وآله ” لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (5) ” قال: فقال له: فنحن كفار ؟ قال لا ولكن كما قال الله: ” الذين بدلوا نعمة الله كفرا ” وأحلوا قومهم دار البوار (6) ” فغضب عند ذلك وغلظ عليه. فقد لقيه أبو الحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة وما رهبه وهذا خلاف قول من زعم أنه


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 230. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 214. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 220. (4) الاعراف: 146. (5) البينة: 1. (6) إبراهيم 28.

[ 263 ]

هرب منه من الخوف (1). وقد روي بعضهم عن أحدهم أنه قال: الدين والسلطان إخوان توأمان لابد لكل واحد منهما من صاحبه والدين اس والسلطان حارس ومالا اس له منهدم ومالا حارس له ضائع (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن جعفر بن محمد الصوفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي ابن الرضا عليهما السلام قلت له: يا ابن رسول الله لم سمي رسول الله صلى الله عليه وآله الامي ؟ فقال: ما يقول الناس ؟ قلت: جعلت فداك يقولون: إنما سمي الامي لأنه لم يكن يكتب فقال عليه السلام: كذبوا عليهم لعنة الله أنى يكون ذلك ويقول الله عزوجل في كتابه: وهو الذي بعث في الاميين رسولا ” منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة (3) ” فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن، والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرء ويكتب باثنتين وسبعين أو ثلاث وسبعين لسانا ” وإنما سمي الامي لأنه من أهل مكة ومكة من امهات القرى وذلك قول الله في كتابه: ” لتنذر ام القرى ومن حولها ” (4). جماعة من أصحابنا، عن محمد بن جعفر المؤدب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن زياد، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي يا صفوان هل تدري كم بعث الله من نبي ؟ قال: قلت: ما أدري قال: بعث الله مائة ألف نبي وأربعة وأربعين ألف نبي ومثلهم أوصياء بصدق الحديث وأداء الأمانة والزهد في الدنيا وما بعث الله نبيا ” خيرا ” من محمد صلى الله عليه وآله ولا وصيا ” خيرا ” من وصيه (5).


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 279. وج 15 باب كفر المخالفين. وقوله: ” فقد لقيه ابو الحسن عليه السلام ” من كلام المؤلف. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 16 ص 214. (3) الجمعة: 2. (4) الانعام: 92. والخبر رواه الصدوق بهذا السند في معاني الاخبار ص 20 من الطبع الحجرى وص 53 من الطبعة الحروفية الحديثة وفى العلل ص 53 الطبع الحجرى. ونقله المجلسي في البحار ج 6 ص 128 منهما ومن الاختصاص وبصائر الدرجات للصفار. (5) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 16 وج 6 ص 176 من الاختصاص.

[ 264 ]

قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن علي بن مظهر، عن الحسن [ بن ] الميثمي، عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو ذر: يارسول الله كم بعث الله من نبي ؟ فقال: ثلاث مائة ألف نبي و عشرين ألف نبي، قال: يارسول الله فكم المرسلون ؟ فقال: ثلاث مائة وبضعة عشر، قال: يارسول الله فكم أنزل الله تعالى من كتاب ؟ فقال: مائة وأربعة وعشرون كتابا ” أنزل على إدريس خمسين صحيفة وهو أخنوخ وهو أول من خط بالقلم وأنزل على نوح [ عشر صحائف ] وأنزل على إبراهيم عشرا ” وأنزل التوراة على موسى والزبور على داود والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد صلى الله عليه وآله (1). روي عن ابن عباس أنه قال: أول المرسلين آدم عليه السلام وآخرهم محمد صلى الله عليه وعليهم وكانت الأنبياء مائة ألف وأربعة و عشرين ألف نبي، الرسل منهم ثلاث مائة وخمسة ومنهم خمسة اولوا العزم صلوات الله عليهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وخمسة من العرب: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد صلى الله عليهم وخمسة عبرانيون (2). آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم عليهم السلام، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى، والكتب التي انزلت على الأنبياء عليهم السلام مائة كتاب وأربعة كتب، منها على آدم خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون، وعلى إبراهيم عشرون، وعلى موسى التوراة، و على داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد الفرقان صلى الله عليهم (3). محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال عن عمر بن أبان، عن بعضهم قال: كان خمسة من الأنبياء سريانيون آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم عليهم السلام وكان لسان آدم عليه السلام العربية وهو لسان أهل الجنة فلما أن عصى ربه أبدله بالجنة ونعيمها الأرض والحرث وبلسان العربية السريانية، وقال: كان خمسة عبرانيون: إسحاق ويعقوب وموسى وداود وعيسى عليهم السلام، من العرب هود وصالح و


(1) كذا. وهكذا نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 16 من الاختصاص وقوله: ” انزل على نوح عشر صحائف ” ليست في بعض النسخ التى عندنا. (2) في منقوله في البحار كذا ” وخمسة سريانيون ” والظاهر هو الصحيح. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 12.

[ 265 ]

شعيب وإسماعيل ومحمد عليهم السلام، وخمسة بعثوا في زمن واحد: إبراهيم وإسحاق وإسماعيل و يعقوب ولوط عليهم السلام، بعث الله إبراهيم وإسحاق عليهما السلام إلى الأرض المقدسة، وبعث يعقوب عليه السلام إلى أرض مصر وإسماعيل عليه السلام إلى أرض جرهم وكانت جرهم حول الكعبة سكنت بعد العماليق وسموا عماليق لأن أباهم كان عملاق بن لودبن سام (1) بن نوح صلى الله عليه، وبعث لوط إلى أربع مدائن سدوم وعامور وصنعا وداروما، وثلاثة من الأنبياء ملوك: يوسف وداود وسليمان عليهم السلام، وملك الدنيا مؤمنان وكافران فالمؤمنان ذو القرنين و سليمان عليهما السلام وأما الكافران فنمرود بن كوش بن كنعان وبخت نصر (2). محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما انتهى بهم موسى إلى الأرض المقدسة قال لهم: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين – وقد كتبها الله لهم – قالوا: إن فيها قوما ” جبارين، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون، قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، قالوا: إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون: قال: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين فلما أبوا أن يدخلوها حرمها الله عليهم فتاهوا في أربع فراسخ أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين (3) قال أبو عبد الله عليه السلام: وكانوا إذا أمسوا نادى مناديهم أمسيتم الرحيل فيرتحلون بالحداء والزجر (4) حتى إذا أسحروا أمر الله الأرض فدارت بهم فيصبحوا في منزلهم الذي ارتحلوا منه. فيقولون: قد أخطأتم الطريق فمكثوا بهذا أربعين سنة ونزل عليهم المن والسلوى حتى هلكوا جميعا ” إلا رجلين: يوشع بن نون و


(1) كذا والظاهر انه عملاق بن لاود – اولاوذ – بن سام كما يظهر من مروج الذهب وتاريخ الطبري. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 16 (3) مضمون مأخوذ من الايات الواردة في سورة المائدة 21 إلى 26. (4) حدا الرجل: تغنى وراء الابل وزجرها وساقها. وفى بعض النسخ [ بالجد والزجر ].

[ 266 ]

كالب بن يوفنا وأبناؤهم وكانوا يتيهون في نحو من أربع فراسخ فإذا أرادوا أن يرتحلوا ثبت ثيابهم (2) عليهم وخفافهم، قال: وكان معهم حجر إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا “، لكل سبط عين، فإذا ارتحلوا رجع الماء فدخل في الحجر ووضع الحجر على الدابة (2). وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله أمر لبني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم ثم بداله فدخلها أبناء الأنبياء (3). وقال الصادق عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” قد اجيبت دعوتكما (4) ” قال: كان بين أن قال: قد اجيبت دعوتكما وبين أخذ فرعون أربعون سنة (5). عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال جبرئيل عليه السلام نازلت ربي في فرعون منازلة فقلت: يا رب تدعه وقد قال: أنا ربكم الأعلى فقال: إنما يقول هذا مثلك (6). عن عبد الله بن جندب، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان على مقدمة فرعون ستمائة ألف ومائتي ألف وعلى ساقته ألف ألف. قال لما صار موسى في البحر أتبعه فرعون وجنوده، قال: فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر فتمثل له جبرئيل على ماذيانة، فلما رأى فرس فرعون الماذيانة أتبعها فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا (7). عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن زياد قالا: قلنا له عليه السلام: الأئمة بعضهم أعلم من


(1) في تفسير البرهان ” يبست ثيابهم “. (2) نقله البحراني – رحمه الله – في البرهان ج 1 ص 456 والمجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 264 من الاختصاص. (3) نقله البحراني في البرهان أيضا “. (4) يونس: 89. (5) رواه العياش – رحمه الله – في تفسيره ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 255. (6) في بعض النسخ [ قال: انما يقول هذا لمثلك ]. ورواه الطبرسي – رحمه الله – في المجمع في بيان الاية الخامس والعشرين من الذاريات هكذا: ” روى أبو بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال جبرئيل: قلت: يا رب تدع فرعون وقد قال: ” انا ربكم الاعلى ” فقال انما يقول هذا مثلك من يخاف الفوت. (7) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 5 ص 253 ونقله ايضا البحراني في التفسير ج 3 ص 183 من الاختصاص.

[ 267 ]

بعض ؟ قال: نعم وعلمهم بالحلال والحرام وتفسير القرآن واحد (1). وعن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس شئ يخرج من عند الله إلا بدء برسول الله ثم بأمير المؤمنين ثم بمن بعده ليكون علم آخرهم من عند أولهم ولا يكون آخرهم أعلم من أولهم (2). وعنه، عن أبيه، عن محمد بن الحسين: عن أبي داود المسترق، عن ثعلبة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: أولنا دليل على آخرنا وآخرنا مصدق لأولنا والسنة فينا سواء، وإذ حكم الله حكما ” أجراه (3). عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في الأمر والنهي والحلال والحرام نجري مجرى واحدا ” فأما رسول الله وعلي عليهما السلام فلهما فضلهما (4). أحمد بن محمد بن يحيى، عن الحميري، عن محمد بن الوليد، ومحمد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أولنا دليل على آخرنا وآخرنا مصدق لأولنا والسنة فينا سواء، إن الله إذا حكم حكما ” أجراه (5). عن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو، عن أبي الصباح مولى آل سام، قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا وأبو المغرا إذ دخل علينا رجل من أهل السواد فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، قال له أبو عبد الله: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ثم اجتذبه


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في بصائر الدرجات الباب الثامن من الجزء العاشر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 267. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 267. (3) رواه المؤلف – رحمه الله – في اماليه بسند آخر عن ابى عبد الله عليه السلام ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 267 منه ومن الاختصاص. (4) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 267 منه ومن الاختصاص. (5) رواه المؤلف – رحمه الله – في أماليه ونقله المجلسي – رحمه الله – كما في الحديث الاسبق.

[ 268 ]

وأجلسه إلى جنبه، فقلت لأبي المغرا أو قال لي أبوالمغرا: إن هذا الاسم ما كنت أرى أحدا ” يسلم به إلا على أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح إنه لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما لآخرنا ما لأولنا (1). عن مالك بن عطية قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الأئمة يتفاضلون ؟ قال: أما في الحلال والحرام فعلمهم فيه سواء، وهم يتفاضلون فيما سوى ذلك (2). عن أحمد بن عمر الحلبي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يستكمل عبد الإيمان حتى يعرف أنه يجري لآخرنا ما يجري لأولنا وهم في الطاعة والحجة والحلال والحرام سواء ولمحمد وأمير المؤمنين عليهما السلام فضلهما (3). عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الحجة لا يقوم لله على خلقه إلا بإمام حي يعرف (4). عن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حي يعرف (5). عن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سمعته يقول: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية، إمام حي يعرفه، فقلت: لم أسمع أباك يذكر هذا – يعني إماما “


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 267 من الاختصاص ونقل – رحمه الله – عن الكراجكى – قدس سره – في البحار ج 7 ص 268 انه قال في كتاب كنز الفوائد [ ص 112 ] فيما عد من عقائد الشيعة الامامية: ويجب ان يعتقد ان افضل الائمة امير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام وانه لا يجوز ان يسمى بأمير المؤمنين احد سواه وان بقية الائمة صلوات الله عليهم يقال لهم: الائمة والخلفاء والاوصياء والحجج وانهم كانوا في الحقيقة امراء المؤمنين فانهم لم يمنعوا من هذا الاسم لاجل معناه لانه حاصل لهم على الاستحقاق وانما منعوا من لفظه حشمة لامير المؤمنين عليه السلام. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 268. (3) رواه الحميرى – رحمه الله – في قرب الاسناد ص 153 ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 366 منه، وص 268 من الاختصاص. وقد مر مثله ص 22. (4) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 177. (5) رواه الصفار – رحمه الله – في بصائر الدرجات الباب العاشر من الجزء العاشر. والحميري – رحمه الله – في قرب الاسناد والكليني – رحمه الله – أيضا ” في الكافي ج 1 ص 177. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 7.

[ 269 ]

حيا ” – فقال: قدوالله قال ذاك رسول الله صلى الله عليه واله، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية (1). عن محمد بن علي الحلبي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية (2). عن أبي الجارود قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية، قال: قلت: إمام حي جعلت فداك ؟ قال: إمام حي (3). عن داود الرقي، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حي يعرف (4). أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن الحسين بن أحمد الخيبري عن يونس بن ظبيان، والمفضل بن عمر، وأبي سلمة السراج، والحسين بن ثوير بن أبي فاختة قالوا: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: لنا خزائن الأرض ومفاتيحها ولو أشاء أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب (5)، ثم قال: بإحدى رجليه فخطها في الأرض خطا ” فانفرجت الأرض، ثم قال بيده (6) فأخرج سبيكة ذهب قد رشبر فتناولها، ثم قال: انظروا فيها حسنا ” حسنا ” حتى لا تشكون، ثم قال: انظروا في الأرض فإذا سبائك في الأرض كثيرة بعضها على بعض تتلألأ فقال له بعضنا: اعطيتم ما اعطيتم وشيعتكم محتاجون ؟ فقال: إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ويدخلهم جنات النعيم و يدخل عدونا نار الجحيم (7). أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع، عن مجاشع، عن المعلى، عن محمد بن الفيض، عن محمد بن علي عليه السلام قال: كانت عصا موسى لآدم سقطت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى و


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 20. (2 و 3) نقلهما المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 20. (4) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 177. (5) كذا في النسخ وفى البصائر ايضا “. وزاد هنا في البحار ” لاخرجت “. (6) أي أشاره (7) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الباب الثاني من الجزء الثامن. ونقله المجلسي – رحمه الله – منه ومن الاختصاص في البحار ج 11 ص 128.

[ 270 ]

إنها لعندنا وإن عهدي بها آنفا “، وإنها لخضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، و إنها لتنطق إذا استنطقت، اعدت لقائمنا يصنع بها ما كان موسى عليه السلام يصنع بها، وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر، فكان حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، ففتحت لها شفتان كانت إحداهما في الأرض والاخرى في السقف وبينهما أربعون ذراعا “، فتلقف ما يأفكون بلسانها (1). أحمد بن محمد، وفضالة، عن أبان، عن أبي بصير، وزرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما زاد العالم على النظر إلى ما خلفه وما بين يديه مد بصره، ثم نظر إلى سليمان ثم مد بيده فإذا هو ممثل بين يديه (2). وذكر علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما زاد صاحب سليمان على أن قال بإصبعه هكذا فإذا قد جاء بعرش صاحبة سبأ، فقال له حمران: كيف هذا أصلحك الله ؟ فقال: إن أبي كان يقول: إن الأرض طويت له إذا أراد طواها (3). محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن حمزة بن القاسم قال: أخبرني إبراهيم بن موسى، قال: ألححت على أبي الحسن الرضا عليه السلام في شئ أطلبه منه وكان يعدني، فخرج ذات يوم يستقبل والى المدينة وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان، فنزل تحت شجرات و نزلت معه أنا وهو ليس معنا ثالث، فقلت له: جعلت فداك هذا العيد قد أظلنا ولا والله ما أملك درهما ” فما سواه. فحك بسوطه الأرض حكا ” شديدا “، ثم ضرب بيده فتناول منها سبيكة ذهب فقال: استنفع بها واكتم ما رأيت (4). عمر بن علي بن عمر بن يزيد، عن علي بن ميثم التمار، عمن حدثه، عن أمير المؤمنين


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 328 منه ومن الاختصاص. (2) نقله البحراني – رحمه الله – في البرهان ج 3 ص 305. (3) نقله البحراني – رحمه الله – في البرهان ج 3 ص 305. (4) رواه الصفار – رحمه الله – في بصائر الدرجات الجزء الثامن الباب الثاني. ورواه المؤلف في الارشاد في باب طرف من دلائل الرضا عليه السلام واخباره ونقله المجلسي – منهما ومن الاختصاص في البحار ج 12 ص 14. وايضا ” رواه الراوندي في الباب التاسع من الخرائج.

[ 271 ]

عليه السلام أنه كان مع بعض أصحابه في مسجد الكوفة، فقال له رجل: بأبي أنت وامي إني لأتعجب من هذه الدنيا في أيدي هؤلاء القوم وليست عندكم، فقال: يا فلان أترى نريد الدنيا فلا نعطاها، ثم قبض قبضة من الحصى فإذا هي جواهر، فقال: ما هذا ؟ فقلت: هذا من أجود الجواهر، فقال: لو أردنا لكان ولكن لا نريده، ثم رمى بالحصى فعادت كما كانت (1). حدثني علي بن إبراهيم الجعفري قال: حدثني أبو العباس، عن محمد بن سليمان الحذاء البصري، عن رجل، عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: أتانا أمير المؤمنين عليه السلام وكنت يومئذ غلاما ” قد أيفعت (2) فدخل منزله – والحديث طويل -، ثم خرج و تبعه الناس فلما صار إلى الجبانة نزل واكتنفه الناس فخط بسوطه خطة فأخرج دينارا ” ثم خط خطة اخري فأخرج دينارا ” حتى أخرج ثلاثة دنانير (3) فقلبها في يده حتى أبصرها الناس ثم ردها وغرسها بإبهامه ثم قال: ليبليك بعدي (4) محسن أو مسئ، ثم ركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وانصرف إلى منزله فأخذنا العلامة وصرنا إلى الموضع فحفرناه حتى بلغنا الرسخ فلم نصب شيئا “، فقيل للحسن: يا أبا سعيد ما ترى ذلك من أمير المؤمنين، فقال: أما أنا فلا أدري أن كنوز الأرض تستر إلا بمثله (5) وعنه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن مسلمة اللؤلؤي (6)، عن محمد بن المثنى، عن


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في الجزء الثامن الباب الثاني من البصائر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 570. (2) ايفع الغلام أي ترعرع وناهز البلوغ. (3) في البصائر والبحار ” ثلاثين دينارا “. (4) في المصادر هنا اختلاف ففى بعضها [ ليأتك بعدى ] وفى بعضها [ لبانك بعدى ] وفى بعضها [ ليبلبل بعدى ]. (5) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر في الجزء الثامن الباب الثاني ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 570. (6) في البصائر ” الحسن بن احمد بن محمد بن سلمة ” وفى البحار ” الحسن بن محمد ابن سلمة “.

[ 272 ]

أبيه، عن عثمان بن يزيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلت عليه فشكوت إليه الحاجة، فقال: يا جابر ما عندنا درهم، قال: فلم ألبث أن دخل عليه الكميت (1) فقال له: جعلت فداك أرأيت أن تأذن لي في أن انشدك قصيدة ؟ فقال: أنشد، فأنشده قصيدة، فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، فقال له: جعلت فداك أرأيت أن تأذن لي أن انشدك اخرى ؟ فقال: أنشد، فأنشده اخري، فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، فأخرج الغلام بدرة فدفعها إليه، فقال: جعلت فداك أرأيت أن تأذن لي أن انشدك ثالثة ؟ فقال له: أنشد، فأنشده، فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، فقال له الكميت: والله ما امتدحتكم لغرض دنيا أطلبه منكم وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله صلى الله عليه واله وما أوجبه الله لكم على من الحق، قال: فدعا له أبو جعفر عليه السلام، ثم قال: يا غلام ردها مكانها، قال جابر: فوجدت في نفسي وقلت: قال لي ليس عندي درهم وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم ؟ ! فقال: يا جابر قم فادخل ذلك البيت، قال فقمت ودخلت البيت فلم أجد فيه شيئا ” فخرجت إليه، فقال لي: يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم، ثم أخذ بيدي فأدخلني البيت فضرب برجله فإذا شبيه بعنق البعير قد خرج من ذهب، فقال: يا جابر انظر إلى هذا ولا تخبر به أحدا ” إلا ممن تثق به من إخوانك، إن الله قد أقدرنا على ما نريد فلو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها (2). سعد قال: حدثنا عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان، عن عثيم ابن اسلم، عن معاوية بن عمار الدهني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل أبو بكر على علي عليه السلام فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يحدث إلينا في أمرك حدثا ” بعد يوم الولاية (3) وأنا


(1) راجع مفصل ترجمة هذا الرجل المؤيد بروح القدس في كتاب ” الغدير ” تأليف الآية الحجة العلامة الاميني ج 2 ص 195 إلى 212. (2) رواه الصفار – رحمه الله – في الباب المذكور سابقا ” ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 11 ص 67 منه ومن الاختصاص والمناقب. (3) في بعض النسخ [ بعد أيام الولاية ]. الاختصاص – 17 –

[ 273 ]

أشهد أنك مولاي مقر لك بذلك وقد سلمت عليك على عهد رسول الله صلى الله عليه واله بإمرة المؤمنين وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنك وصيه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه [ ولم يحل بينك وبين ذلك. وصار ميراث رسول الله صلى الله عليه واله إليك وأمر نسائه ] ولم يخبرنا بأنك خليفته من بعده ولا جرم لنا في ذلك فيما بيننا وبينك ولا ذنب بيننا وبين الله عزوجل فقال له علي عليه السلام: إن أريتك رسول الله صلى الله عليه واله حتى يخبرك بأني أولى بالمجلس الذي أنت فيه وأنك إن لم تنح عنه كفرت فما تقول ؟ فقال: إن رأيت رسول الله صلى الله عليه واله حتى يخبرني ببعض هذا اكتفيت به، قال: فوافني إذا صليت المغرب، قال: فرجع بعد المغرب فأخذ بيده و أخرجه إلى مسجد قبا، فإذا رسول الله صلى الله عليه واله جالس في القبلة، فقال: يا عتيق وثبت على علي وجلست مجلس النبوة وقد تقدمت إليك في ذلك، فانزع هذا السربال الذي تسربلته فخله لعلي وإلا فموعدك النار، قال: ثم أخذ بيده فأخرجه فقال النبي صلى الله عليه وآله عنهما وانطلق أمير المؤمنين عليه السلام إلى سلمان فقال له: يا سلمان أما علمت أنه كان من الأمر كذا وكذا ؟ فقال سلمان: ليشهرن بك وليبدينه إلى صاحبه وليخبرنه بالخبر، فضحك أمير المؤمنين وقال: أما إن يخبر صاحبه فسيفعل، ثم لا والله لا يذكر انه أبدا ” إلى يوم القيامة هما أنظر لأنفسهما من ذلك، فلقى أبو بكر عمر فقال: إن عليا ” أتى كذا وكذا وصنع كذا وكذا و قال لرسول الله كذا وكذا فقال له عمر: ويلك ما اقل عقلك فوالله ما أنت فيه الساعة إلا من بعض سحر ابن أبي كبشة قد نسيت سحر بني هاشم ومن أين يرجع محمد ولا يرجع من مات إن ما أنت فيه أعظم من سحر بني هاشم فتقلد هذا السربال ومر فيه (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام لقي أبا بكر فقال له: أما أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تطيع لي ؟ فقال: لا ولو إمرني لفعلت، فقال: سبحان الله أما أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تطيع لي ؟ فقال: لا ولو أمرني لفعلت، قال: فامض بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فانطلق به إلى مسجد قبا فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي فلما انصرف قال له علي: يارسول الله إني قلت لأبي بكر: أما أمرك رسول الله أن تطيعني ؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرتك فأطعه


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار – ج 8 ص 81 من الاختصاص والبصائر وفى ج 9 ص 563 من الاختصاص والخصائص عن البصائر لسعد بن عبد الله القمى.

[ 274 ]

قال: فخرج ولقى عمر وهو ذعر، فقام عمر وقال له: مالك ؟ فقال له: قال رسول الله كذا و كذا فقال له عمر: تبا ” لامة ولوك أمرهم، أما تعرف سحر بني هاشم. (1) أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن خالد بن ماد القلانسي، ومحمد بن حماد، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما استخلف أبو بكر أقبل عمر على علي عليه السلام فقال له: أما علمت أن أبا بكر قد استخلف ؟ فقال له علي عليه السلام: فمن جعله لذلك ؟ قال: المسلمون رضوا بذلك، فقال له علي عليه السلام: والله لأسرع ما خالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله ونقضوا عهده ولقد سموه بغير اسمه والله ما استخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له عمر: [ كذبت – فعل الله بك وفعل – فقال له: إن تشأ أن اريك برهان ذلك فعلت ] فقال عمر: ما تزال تكذب على رسول الله في حياته وبعد موته فقال له: انطلق بنا يا عمر لتعلم أينا الكذاب على رسول الله صلى الله عليه واله في حياته وبعد موته، فانطلق معه حتى أتى القبر إذا ” كف فيها مكتوب ” أكفرت يا عمر بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا ” فقال له علي عليه السلام: أرضيت ؟ والله لقد فضحك الله في حياته وبعد موته (2). وعنه عن محمد بن حماد، عن أبي علي، عن أحمد بن موسى، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لقى أمير المؤمنين عليه السلام أبا بكر في بعض سكك المدينة فقال له: ظلمت وفعلت فقال: ومن يعلم ذلك ؟ قال: يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: وكيف لي برسول الله حتى يعلمني ذلك لو أتاني في المنام فأخبرني لقبلت ذلك، قال: فأنا ادخلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأدخله مسجد قبا فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد قبا فقال له صلى الله عليه وآله: اعتزل عن ظلم أمير المؤمنين، قال: فخرج من عنده فلقيه عمر فأخبره بذلك، فقال: اسكت أما عرفت قديما ” سحر بني هاشم بن عبد المطلب (3). أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 87. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 563. (3) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 81 منه ومن الاختصاص.

[ 275 ]

ابن سليمان، (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اخرج علي عليه السلام ملببا ” وقف عند قبر النبي صلى الله عليه واله فقال: يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، قال: فخرجت يد من قبر رسول الله صلى الله عليه واله يعرفون أنها يده وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر: يا هذا ” أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا ” (2). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله كان يملي على علي عليه السلام صحيفة، فلما بلغ نصفها وضع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه في حجر علي، ثم كتب علي عليه السلام حتى امتلأت الصحيفة، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه قال: من أملى عليك يا علي ؟ فقال: أنت يارسول الله، قال: بل أملى عليك جبرئيل. (3) محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وأحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” عليه السلام ودعا بدفتر فأملى عليه رسول الله صلى الله عليهما بطنه واغمي عليه، فأملى عليه جبرئيل ظهره فانتبه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: من أملى عليك هذا يا علي ؟ فقال: أنت يا رسول الله، فقال: أنا أمليت عليك بطنه وجبرئيل أملى عليك ظهره وكان قرآنا ” يملي عليه. (3) أيوب بن نوح، والحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، عن العباس بن عامر القصباني، عن أبان بن عثمان، عن بشير النبال، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت خلف أبي عليه السلام وهو على بغلته فنظرت فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال: يا علي بن الحسين اسقني، فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه الله، وكان معاوية لعنه الله (4).


(1) محمد بن سليمان حاله مجهول. (2) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 44 منه ومن الاختصاص. (3) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 379. (4) كذا والظاهر أنه سقط منها شئ كما يظهر من الاخبار الاتية.

[ 276 ]

علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك بن عبد الله القمي، عن أخيه إدريس بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا أنا وأبي متوجهين إلى مكة وأبي قد تقدمني في موضع يقال له: ضجنان (1) إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها فأقبل علي فقال: اسقني اسقني، فصاح بي أبي: لا تسقه لا سقاه الله، قال: وفي طلبه رجل يتبعه، فجذب سلسلته جذبة طرحه بها في أسفل درك من النار. (2) أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن أبان بن عثمان، عن بشير النبال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كنت مع أبي بعسفان في وادبها (3) أو بضجنان فنفرت بغلته فإذا رجل في عنقه سلسلة وطرفها في يد آخر يجرها فقال: اسقني فقال الرجل: لا تسقه لاسقاه الله، فقلت لأبي: من هذا ؟ فقال: هذا معاوية. (4) وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن علي بن المغيرة، قال: نزل أبو جعفر عليه السلام بضجنان، فقال ثلاث مرات: لا غفر الله لك، فلما قال: قال: أتدرون لمن قلت ؟ (5) أو قال له بعض أصحابنا، فقال: مر بي معاوية بن أبي سفيان يجر سلسلته قد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له، ثم قال: إنه واد من أودية جهنم. وعنه، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت أسير مع أبي في طريق مكة ونحن على ناقتين فلما صرنا بوادي ضجنان خرج علينا رجل في عنقه سلسلة يسحبها (6) فقال: يا ابن رسول الله اسقني سقاك الله فتبعه رجل آخر فاجتذب


(1) ضجنان – بالتحريك – جبل بتهامة. (مراصد الاطلاع). (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 3 ص 161 من الاختصاص ونحوه من البصائر. (3) عسفان – كعثمان – قيل: منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. (المراصد) (4) كالخبر المتقدم. (5) كذا. وظاهر المعنى أنه عليه السلام لما قال: ” لا غفر الله لك ” قال عقيب ذلك: أتدرون لمن قلت ما قلت، أو قال ذلك له بعض أصحابنا. (6) سحبه أي جره على وجه الارض.

[ 277 ]

السلسلة وقال: يا ابن رسول الله لا تسقه لاسقاه الله، فالتفت إلي أبي فقال: يا جعفر عرفت هذا ؟ هذا معاوية لعنه الله. (1) أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الصخر أحمد بن عبد الرحيم، عن الحسن بن علي رجل كان في جباية (2) مأمون قال: دخلت أنا ورجل من أصحابنا على أبي طاهر عيسى بن عبد الله العلوي، قال أبو الصخر: وأظنه من ولد عمر بن علي وكان نازلا ” في دار الصيديين فدخلنا عليه عند العصر وبين يديه ركوة من ماء وهو يتمسح، فسلمنا عليه فرد علينا السلام، ثم ابتدأنا فقال: معكما أحد ؟ فقلنا: لا، ثم التفت يمينا ” وشمالا ” هل يرى أحدا ” ثم قال: أخبرني أبي جندي أنه كان مع أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام بمنى وهو يرمي الجمرات وأن أبا جعفر رمى الجمرات فاستتمها وبقي في يديه بقية، فعد خمس حصيات فرمى ثنتين في ناحية وثلاثة في ناحية، فقلت له: أخبرني جعلت فداك ما هذا فقد رأيتك صنعت شيئا ” ما صنعه أحد قط، إنك رميت بخمس بعد ذلك ثلاثة في ناحية وثنتين في ناحية ؟ قال: نعم إنه إذا كان كل موسم اخرجا الفاسقان (3) غضيين طريين فصلبا ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول ثنتين والآخر بثلاث لأن الآخر أخبث من الأول. (4) أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ فقال: هم الذين قال الله: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم ” (5) وهم الذين قال الله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنو الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون (6) “.


(1) منقول في البحار ج 11 ص 80. (2) أي الجماعة الذين يأخذون الزكاة. (3) كذا وهكذا أيضا ” في البصائر والبحار. (4) منقول في البحار ج 8 ص 214 من البصائر والاختصاص. (5) النساء: 59. (6) المائدة: 55. والخبر منقول في البحار ج 7 ص 62.

[ 278 ]

وعنه، عن معمر بن خلاد قال: سأل رجل فارسي أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال: طاعتكم مفترضة ؟ فقال: نعم، فقال: مثل طاعة علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال: نعم. (1) أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن ميمون، عن عمار بن مروان، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق (2). محمد بن حماد الكوفي، عن أخيه أحمد بن حماد، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنحن نعرف بذلك حب المحب وإن أظهر خلاف ذلك بلسانه ونعرف بغض المبغض وإن أظهر حبنا أهل البيت (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل ابن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” الله نور السموات والأرض مثل نوره (4) ” فهو محمد صلى الله عليه وآله فيها مصباح وهو العلم. ” المصباح في زجاجة ” فزعم أن الزجاجة أمير المؤمنين عليه السلام وعلم نبي الله عنده (5). وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن آدم بن الحسن، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بلغني أن الله تبارك وتعالى قد ناجى عليا ” عليه السلام ؟ فقال: أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرئيل عليه السلام وقال: إن الله علم رسوله الحرام والحلال والتأويل فعلم رسول الله عليا ” ذلك كله. (6)


(1) منقول في البحار ج 7 ص 62. (2) منقول في البحار ج 7 ص 306 من الاختصاص والبصائر. (3) منقول في البحار ج 7 ص 306 من الاختصاص والبصائر. (4) النور: 35. (5) منقول في البحار ج 7 ص 64 من الاختصاص والبصائر. (6) منقول في البحار ج 9 ص 474 من البصائر.

[ 279 ]

أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير الهجري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد صلى الله عليه وآله، ورث علم الأوصياء و علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين. (1) محمد بن عبد الحميد العطار، عن منصور بن يونس، عن عمر بن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة فلقيه علي عليه السلام فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك ؟ فقال: أما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم، ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه واله فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها، ثم قال: أنت شريكي وأنا شريكك فيه، فلم يعلم والله رسول الله حرفا ” مما علمه الله إلا علمه عليا ” عليه السلام ثم انتهى العلم إلينا ووضع يده على صدره (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبي يعقوب الأحول قال: خرجنا مع أبي بصير ونحن عدة فدخلنا معه على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا محمد إن علم علي بن أبي طالب عليه السلام [ من ] علم رسول الله صلى الله عليه وآله فعلمناه نحن فيما علمناه فالله فاعبد وإياه فارج. (3) أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا حذو القذة بالقذة. (4) محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عنبسة بن بجاد العابد، عن المغيرة الحواري مولى عبد المؤمن الأنصاري، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ ابن نباتة قال: سمعت عليا ” عليه السلام يقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وعرفت قائدها و


(1) منقول في البحار ج 7 ص 318. (2) منقول في البحار ج 7 ص 317 من الاختصاص والبصائر وقال العلامة المجلسي بعد نقل الخبر: لعل المراد أن احدى الرمانتين بازاء النبوة والاخرى بازاء العلم ويحتمل أن يكون لاحدهما مدخل في تقوية النبوة والاخرى في تقوية العلم. (3) منقول في البحار ج 7 ص 317 من الاختصاص والبصائر. (4) منقول في البحار ج 7 ص 319.

[ 280 ]

سائقها، وقد أخبرت بهذا رجلا ” من أهل بيتي يخبر بها كبيرهم صغيرهم إلى أن تقوم الساعة (1). أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن سويد بن غفلة قال: كنت أنا عند أمير المؤمنين عليه السلام إذ أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى وقد مات خالد بن عرفطة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إنه لم يمت، فأعاد عليه الرجل، فقال عليه السلام له: لم يمت، وأعرض عنه بوجهه، فأعاد عليه الثالثة، فقال: سبحان الله اخبرك أنه قد مات وتقول: لم يمت ؟ فقال علي عليه السلام: والذي نفسي بيده لا يموت حتى يقود جيش ضلالة حمل رايته حبيب بن جماز قال: فسمع ذلك حبيب بن جماز (2) فأتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أنشدك الله في فإني لك شيعة وقد ذكرتني بأمر لا والله لا أعرفه من نفسي، فقال له علي عليه السلام: ومن أنت ؟ قال: أنا حبيب بن جماز، فقال له علي عليه السلام: إن كنت حبيب بن جماز فلا يحملها غيرك – أو فلتحملنها – فولى عنه حبيب وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن كنت حبيب لتحملنها، قال أبو حمزة: فوالله ما مات خالد بن عرفطة حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين ابن علي عليهما السلام وجعل خالد بن عرفطة على مقدمته وحبيب بن جماز صاحب رايته (3). حمزة بن يعلى، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا جابر إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما يكنز هؤلاء ذهبهم و ورقهم (4). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن جميل بن


(1) منقول في البحار ج 7 ص 319. (2) في بعض النسخ [ حبيب بن حماد ] هنا وفيما يأتي. (3) رواه المؤلف في الارشاد، ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 9 ص 578 من الاختصاص وقال: رواه ابن أبى الحديد عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفى، عن ابن محبوب، عن الثمالى، عن ابن غفلة، ونقله الطبرسي في إعلام الورى ص 177 من الطبع الحروفى الحديث. (4) منقول في البحار ج 1 ص 115 من الاختصاص وج 7 ص 281 منه ومن البصائر.

[ 281 ]

دراج، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إنا على بينة من ربنا بينها لنبيه فبينها نبيه صلى الله عليه وآله لنا ولولا ذلك لكنا كهؤلاء الناس (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف ابن عميرة، عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قلت: أكل شئ في كتاب الله وسنته أم تقولون فيه ؟ فقال: بل كل شئ في كتاب الله وسنته (2). وعنه، عن محمد بن خالد البرقي، عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن من عندنا ممن يتفقه يقولون: يرد علينا مالا نعرفه في الكتاب والسنة فنقول فيه برأينا، فقال: كذبوا ليس شئ إلا وقد جاء في الكتاب وجاءت فيه السنة (3). وعنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبى المغرا، عن سماعة، عن العبد الصالح قال: سألته فقلت: إن اناسا ” من أصحابنا قد لقوا أباك وجدك وسمعوا منهما الحديث فربما كان شئ يبتلي به بعض أصحابنا وليس في ذلك عندهم شئ يفتيه وعندهم ما يشبهه، يسعهم أن يأخذوا بالقياس ؟ فقال: لا إنما هلك من كان قبلكم بالقياس، فقلت له: لم لا يقبل (4) ذلك ؟ فقال: لأنه ليس من شئ إلا وجاء في الكتاب والسنة.


(1) منقول في البحار ج 7 ص 281. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 62 والصفار – ره – في البصائر، ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 1 ص 115 من الاختصاص والبصائر. (3) منقول في البحار ج 1 ص 163. (4) في البصائر ” لم تقول ذلك ” وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – بعد نقل الخبر في البحار المجلد الاول ص 163: قوله: ” لم تقول ذلك ” لعل مراده به أن هذا يضيق الامر على الناس فأجاب عليه السلام بانه لا اشكال فيه إذ مامن شئ الا وقد ورد فيه كتاب أو سنة، أو مراده السؤال من علة عدم جواز القياس فأجاب عليه السلام بأنه لا حاجة إليه أو يصير سببا ” لمخالفة ما ورد في الكتاب والسنة الخ.

[ 282 ]

السندي بن محمد البزاز، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قلت له: تفقهنا بكم في الدين وروينا عنكم الحديث وربما ورد علينا رجل قد ابتلي بالشئ الصغير الذي ليس عندنا فيه شئ نفتيه وعندنا ما هو مثله ويشبهه أفنقيسه بما يشبهه ؟ فقال: لا. ومالكم وللقياس ؟ ! في ذلك هلك من هلك، فقلت: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به ؟ فقال: أتى والله رسول الله الناس بما استغنوا به في عهده وبما يكتفون به من بعده إلى يوم القيامة، فقلت: فضاع منه شئ ؟ فقال: لا، هو عند أهله (1). يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” ألف باب يفتح كل باب ألف باب (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: إن الشيعة يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا ” عليه السلام بابا ” يفتح منه ألف باب، فقال أبو عبد الله: يا أبا محمد علم والله ورسول الله عليا ” ألف باب يفتح له من كل باب ألف باب، فقلت له: هذا والله العلم ؟ فقال: إنه لعلم وليس بذلك (3). وعنه، ومحمد بن عبد الجبار، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الله بن هلال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” عليه السلام بابا ” يفتح له منه ألف باب، كل باب يفتح له ألف باب. (4) وعنه، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا ” بابا ” يفتح له ألف باب، كل باب يفتح له ألف باب. (5)


(1) منقول في البحار ج 1 ص 163. (2) منقول في البحار ج 7 ص 281. (3) منقول في البحار ج 7 ص 281 من البصائر والاختصاص. (4) و (5) منقول في البحار ج 7 ص 281. (*)

[ 283 ]

يعقوب بن يزيد، وإبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: لقد علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب كل باب يفتح ألف باب. (1) محمد بن عيسى بن عبيد وإبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحارث بن الحصيرة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من الحلال والحرام مما كان ومما هو كائن إلى يوم القيامة كل باب منها يفتح ألف باب فذلك ألف ألف باب حتى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب. (2) أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبيه عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يثق به قال: سمعت عليا ” عليه السلام يقول: إن في صدري هذا لعلما ” جما ” علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله لو أجد له حفظة يرعونه حق رعايته ويروونه عني كما يسمعونه عني إذا لأودعتهم بعضه فعلم به كثيرا ” من العلم، إن العلم مفتاح كل باب وكل باب يفتح ألف باب. المعلى بن محمد البصري، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسن العبدي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام بالمسير إلى المدائن من الكوفة فسرنا يوم الأحد وتخلف عمرو بن حريث في سبعة نفر (3) فخرجوا إلى مكان بالحيرة يسمى الخورنق (4) فقالوا: نتنزه فإذا كان يوم الأربعاء خرجنا فلحقنا عليا ” عليه السلام قبل أن يجمع، فبيناهم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فصادوه فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفه فقال: بايعوا هذا أمير المؤمنين فبايعه


(1) و (2) منقول في البحار ج 7 ص 281. (3) رواه الراوندي في الخرائج وذكر منهم شبث بن ربعى واشعث بن قيس وجرير بن عبد الله. (4) الخورنق: قصر بناه نعمان بن المنذر قرب الكوفة كما في المراصد.

[ 284 ]

السبعة وعمرو ثامنهم وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة وأمير المؤمنين يخطب ولم يفارق بعضهم بعضا “، كانوا جميعا ” حتى نزلوا على باب المسجد، فلما دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله أسر إلي ألف حديث في كل حديث ألف باب لكل باب ألف مفتاح وإني سمعت الله يقول: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم ” وإني اقسم لكم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر بإمامهم وهو ضب ولو شئت أن اسميهم فعلت، قال: فلو رأيت عمرو بن حريث سقط كما تسقط السعفة وجيبا ” (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن عمران بن علي بن علي الحلبي، عن أبان بن تغلب قال: حدثني أبو عبد الله عليه السلام أنه كان في ذؤابة سيف علي عليه السلام صحيفة إن عليا ” دعا إليه الحسن فرفعها إليه ودفع إليه سكينا ” وقال له: افتحها فلم يستطيع أن يفتحها ففتحها له، ثم قال له: اقرء فقرء الحسن عليه السلام الألف والباء والسين واللام والحرف بعد الحرف، ثم طواها فدفعها إلى أخيه الحسين فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له، ثم قال له: اقرء فقرأها كما قرء الحسن ثم طواها فدفعها إلى محمد بن الحنفية فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له علي عليه السلام فقال له: اقرء فلم يستخرج منها شيئا ” فأخذها وطواها، ثم علقها من ذؤابة السيف فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: وأي شئ كان في تلك الصحيفة ؟ فقال: هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف، قال أبو بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام: فما خرج منها إلى الناس حرفان إلى الساعة (2). وعنه، ومحمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” عليه السلام ألف حرف يفتح ألف حرف والألف حرف كل حرف منها يفتح ألف حرف.


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 8 ص 615 من الاختصاص وقال: الوجيب: الاضطراب. (2) منقول في البحار ج 7 ص 288 من الاختصاص والبصائر.

[ 285 ]

وعنه، وإبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” حرفا ” يفتح ألف حرف كل حرف منها يفتح ألف حرف (1). أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي ابن الحسين عليهما السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” كلمة تفتح ألف كلمة والألف كلمة تفتح كل كلمة ألف كلمة (2). علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، وعبد الكريم بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي بألف كلمة يفتح كل كلمة ألف كلمة (3). يعقوب بن يزيد، وإبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” كلمة تفتح ألف كلمة والألف كلمة يفتح كل كلمة ألف كلمة (4). أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد البرقي، عن فضالة ابن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن مولاه حمزة بن رافع، عن ام سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله قالت: قال رسول الله صلى الله عليه واله في مرضه الذي توفي فيه: ادعوا لي خليلي فأرسلت عائشة إلى أبيها، فلما جاء غطى رسول الله صلى الله عليه وآله وجهه وقال: ادعوا لي خليلي فرجع أبو بكر وبعثت حفصة إلى أبيها، فلما جاء غطى رسول الله صلى الله عليه وآله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي فرجع عمر، وأرسلت فاطمة إلى علي عليه السلام فلما جاء قام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل ثم جلل عليا ” بثوبه. قالت: قال: علي عليه السلام فحدثني بألف حديث حتى عرقت وعرق رسول الله صلى الله عليه وآله فسال علي عرقه وسال عليه عرقي (5). أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مصدق بن


(1) إلى (4) منقول في البحار ج 7 ص 282. (5) منقول في البحار ج 6 باب وصايا النبي صلى الله عليه وآله وج 9 ص 475 من البصائر.

[ 286 ]

صدقة المدائني، عن عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام، [ أ ] و، عن أبي عبيدة المدائني، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام أيعلم الغيب ؟ فقال: لا، ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن أحمد بن الحسن – الميثمي، عن محمد بن أبي حمزة، عن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: علم عالمكم سماع أم إلهام ؟ فقال: قد يكون سماعا ” ويكون إلهاما ” ويكونان معا ” (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما علم عالمكم أجملة يقذف في قلبه أو ينكت في اذنه ؟ فقال: وحي كوحي ام موسى (3). يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سفيان بن السمط عن عبد الله بن النجاشي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: فينا والله من ينقر في اذنه وينكت في قلبه وتصافحه الملائكة، قلت: كان أو اليوم ؟ قال: بل اليوم، [ فقلت: كان أو اليوم ؟ قال: بل اليوم ] والله يا ابن النجاشي – حتى قالها ثلاثا ” – (4). الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، عن عبيس بن هشام الأسدي، عن كرام بن عمرو الخثعمي، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نقول: إن عليا ” كان ينكت في اذنه ويوقر في صدره (5) فقال: إن عليا ” عليه السلام كان محدثا ” ولما رآني قد كبر علي قوله فقال: إن عليا ” يوم بني قريظة والنضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدثانه. (6) أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن الحارث بن المغيرة النضري، عن حمران قال: قال لي أبو جعفر


(1) منقول في البحار ج 7 ص 288 من الاختصاص والبصائر. (2) إلى (4) منقول في البحار ج 7 ص 289 من الاختصاص والبصائر. (5) يوقر أي يسكن. (6) منقول في البحار ج 7 ص 292 من البصائر بسند آخر عن ابن أبى يعفور.

[ 287 ]

عليه السلام: إن عليا ” كان محدثا “، فخرجت إلى أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة، قالوا: ما هي ؟ قلت: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان علي محدثا “، فقالوا: ما صنعت شيئا ” إلا سألته من يحدثه، فرجعت إليه فقلت له: إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا: ما صنعت شيئا ” إلا سألته من يحدثه، فقال لي: يحدثه ملك، قلت: فتقول نبي ؟ فحرك يده هكذا (1) فقال: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: و فيكم مثله. (2) موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت أنا والمغيرة بن سعيد جالسين في المسجد فأتانا الحكم بن عتيبة فقال: لقد سمعت من أبي جعفر عليه السلام حديثا ” ما سمعته منه قط، فسألناه عنه فأبى أن يخبرنا به، فدخلنا عليه فقلنا: إن الحكم بن عتيبة أتانا وذكر أنه سمع منك حديثا ” ما سمعه منك قط وأنه لم يسمعه منك أحد قط، فسألناه عنه فأبى أن يخبرنا به، فقال: نعم وجدنا علم علي عليه السلام في آية من كتاب الله عزوجل قوله: ” ما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) (3) ” فقلنا: ليست هكذا هي، فقال: هي في كتاب علي ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته ” قلت: وأي شئ المحدث ؟ قال: ينكت في اذنه فيسمع طنينا ” كطنين الطست أو يقرع على قلبه فيسمع وقعا ” كوقع السلسلة يقع في الطست، فقلت: نبي ؟ فقال: لا، مثل الخضر وذي القرنين (4). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لأتكلم على سبعين وجها ” لي من كلها المخرج (5). أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: دخلت أنا وعلي بن حنظلة على أبي


(1) أي حركها إلى الفوق نفيا لقوله: ” إنآ نبى ” و ” أو ” هنا بمعنى بل كما في قوله تعالى: ” مائة ألف أو يزيدون ” (البحار). (2) منقول في البحار ج 7 ص 292 من الاختصاص والبصائر. (3) الحج: 53. (4) منقول في البحار ج 7 ص 292 من الاختصاص والبصائر. (5) منقول في البحار ج 1 ص 131.

[ 288 ]

عبد الله عليه السلام فسأله علي بن حنظلة عن مسألة فأجابه فيها، فقال له علي: فإن كان كذا كان كذا، فأجابه بوجه آخر، فقال له: وإن كان كذا كان كذا، فأجابه بوجه آخر، حتى أجابه فيها بأربع وجوه فالتفت إلي علي بن حنظلة فقال: يا أبا محمد قد أحكمناها، فمنعه أبو عبد الله عليه السلام فقال: لا تقل هكذا يا أبا الحسن فإنك رجل ورع، إن من الأشياء أشياء ضيقة ليس تجري إلا على وجه واحد، منها وقت الجمعة ليس لها إلا وقت واحد حين تزول الشمس، ومن الأشياء أشياء موسعة تجري على وجوه كثيرة وهذا منها، والله إن له لعندي سبعين وجها ” (1). محمد بن عيسى بن عبيد، ويعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنا لنتكلم بالكلمة لها سبعون وجها ” لي من كلها المخرج (2). أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنتم أفقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا، إن كلامنا ينصرف على سبعين وجها ” (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأتكلم بالكلمة الواحدة لها سبعون وجها “، وإن شئت أخذت كذا وإن شئت أخذت كذا (4). أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين أبي الخطاب ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن سنان، وعلي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم يدع الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان في الأرض، وإذا زاد المؤمنون شيئا ” ردهم وإذا نقصوا أكمله لهم، فقال: خذوه كاملا ” و


(1) قال العلامة المجلسي – رحمه الله – بعد نقل الخبر في البحار ج 1 ص 131: بيان لعل ذكر وقت الجمعة على سبيل التمثيل والغرض بيان أنه لا ينبغى مقائسة بعض الامور ببعض في الحكم فكثيرا ” ما يختلف الحكم في الموارد الخاصة وقد يكون في شئ واحد سبعون حكما ” بحسب الفروض المختلفة. (2) إلى (4) منقول في البحار ج 1 ص 132. من الاختصاص والبصائر. الاختصاص – 18 –

[ 289 ]

لولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل (1). الحسن بن علي بن النعمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: لن تخلو الأرض إلا وفيها رجل منا يعرف الحق، فإذا زاد الناس فيه قال: قد زادوا و إذا نقصوا منه قال: قد نقصوا وإذا جاؤوا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل (1). محمد بن عيسى بن عبيد، وإبراهيم بن مهزيار، عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام غلامي وكان صقلابيا ” (2) فرجع الغلام إلي متعجبا “، فقلت له: مالك يا بني ؟ قال: وكيف لا أتعجب ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا، فظننت أنه إنما أراد بهذا اللسان كيلا يسمع بعض الغلمان ما دار بينهم (3). أحمد بن محمد، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن حماد الكوفي، وعبد الله بن عمران، عن محمد بن بشير، عن رجل، عن عمار بن موسى الساباطي قال: قال لي [ أبو عبد الله عليه السلام: يا عمار ] أبو مسلم فظلله وكساه وكسيحه بساطورا. قال: فقلت له: ما رأيت نبطيا ” أفصح منك بالنبطية، فقال: يا عمار وبكل لسان (4). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر ابن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أخي مليح قال: حدثني أبو يزيد فرقد قال:


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب العاشر، والصدوق – رحمه الله – في العلل باب 153، ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 6 و 7 منه ومن البصائر والاختصاص. (2) صقلب – بالفتح ثم السكون وفتح اللام وآخره باء موحدة -: جيل حمر الالوان، صهب الشعور يتاخمون بلاد الخزر في أعالي جبال الروم وقيل: صقالبة بلاد بين بلغار وقسطنطينية. (المراصد) (3) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الحادى عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 321 من الاختصاص. (4) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر ومنقول في البحار كالخبر السابق من الاختصاص وأبو مسلم هو المروزى.

[ 290 ]

كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وقد بعث غلاما ” أعجميا ” في حاجة، فرجع إليه فجعل يغير الرسالة فلا يحيرها حتى ظننت أنه سيغضب عليه، فقال: تكلم بأي لسان شئت، فإني أفهم عنك (1). أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد البرقي، عن فضالة بن أيوب، عن رجل من المسامعة اسمه مسمع بن عبد الملك ولقبه كردين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه وعنده إسماعيل ابنه ونحن إذ ذاك نأتم به بعد أبيه فذكر في حديث له طويل أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول فيه خلاف ما ظننا فيه. فأتيت رجلين من أهل الكوفة يقولان به فأخبرتهما فقال واحد منهما: سمعت وأطعت ورضيت، وقال الآخر – وأهوى إلى جيبه بيده فشقه – ثم قال: لا والله لا سمعت ولا رضيت ولا أطعت حتى أسمعه منه، ثم خرج متوجها ” نحو أبي عبد الله عليه السلام فتبعته فلما كنا بالباب استأذنا فأذن لي فدخلت قبل، ثم أذن له فلما دخل قال له أبو عبد الله عليه السلام: يا فلان أيريد كل امرئ منكم أن يؤتي صحفا ” منشرة ؟ إن الذي أخبرك فلان الحق، فقال: جعلت فداك إني احب أن أسمعه منك، فقال: إن فلانا ” إمامك وصاحبك من بعدي – يعني أبا الحسن موسى عليه السلام – لا يدعيها فيما بيني وبينه إلا كاذب مفتر، فالتفت إلى الكوفي وكان يحسن الكلام النبطية وكان صاحب قبالات فقال: درقه (2) فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إن درقه بالنبطية خذها أجل فخذها (3). محمد بن جزك، عن ياسر الخادم قال: كان غلمان أبي الحسن عليه السلام في البيت سقالبة وروم فكان أبو الحسن عليه السلام قريبا ” منهم فسمعهم بالليل يتراطنون بالسقلبية و الرومية (4)


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الثاني عشر ومنقول في البحار كالخبر السابق من الاختصاص. و يحيرها أي يجيبها. (2) في بعض النسخ [ درفه ] وفى بعضها [ دزفه ] وفى بعضها [ ذرقه ] وكذا ما يأتي ولا نعلم صحيحه. (3) مروى في البصائر الجزء السابع الباب الثاني عشر، ومنقول في البحار ج 11 ص 237 من البصائر والاختصاص. (4) تراطن القوم وتراطنوا فيما بينهم: تكلموا بالاعجمية.

[ 291 ]

ويقولون: إنا كنا نفتصد في بلادنا في كل سنة ثم لم نفتصد ههنا: فلما كان من الغد وجه أبو الحسن عليه السلام إلى بعض الأطباء فقال له: افصد فلانا ” عرق كذا وكذا وافصد فلانا ” عرق كذا وكذا، ثم قال: يا ياسر لا تفتصد أنت، قال: فافتصدت فورمت يدي واخضرت، فقال: يا ياسر مالك ؟ فأخبرته، فقال: ألم أنهك عن ذلك هلم يدك، فمسح يده عليها وتفل فيها، ثم أوصاني أن لا أتعشى، فكنت بعد ذلك بكم شاء الله أتغافل وأتعشى فيضرب علي (1). يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام: إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل مدينة ألف ألف مصرا عين من ذهب و فيهما سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف صاحبتها وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري وغير أخي الحسين (2). موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن سماعة بن مهران عن شيخ من أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جئنا نريد الدخول عليه فلما صرنا في


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الثاني عشر ومنقول في البحار ج 7 ص 321. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 322 ونقل عن المصنف – رحمه الله – أنه قال في كتاب المسائل: القول في معرفة الائمة عليهم السلام بجميع الصنائع وسائر اللغات ليس بممتنع ذلك منهم عليهم السلام ولا واجب من جهة العقل والقياس، وقد جاءت اخبار عمن يجب تصديقه بأن أئمة آل محمد عليهم السلام قد كانوا يعلمون ذلك فان ثبت وجب القطع به من جهتها على الثبات ولى في القطع به منها نظر، والله الموفق للصواب وعلى قولى هذا جماعة من الامامية وقد خالف فيه بنو نوبخت – رحمهم الله – واوجبوا ذلك عقلا وقياسا ” ووافقهم فيه المفوضة كافة وسائر الغلات انتهى. أقول: أما كونهم عالمين باللغات فالاخبار فيه قريبة من حد التواتر وبانضمام الاخبار العامة لا يبقى فيه مجال شك و أما علمهم بالصناعات فعمومات الاخبار المستفيضة دالة عليه حيث ورد فيها ان الحجة لا يكون جاهلا في شئ يقول: لا أدرى مع ما ورد أن عندهم علم ما كان وما يكون وأن علوم جميع الانبياء وصل إليهم مع ان أكثر الصناعات منسوبة إلى الانبياء عليهم السلام وقد فسر تعليم الاسماء لادم عليه السلام بما يشتمل جميع الصناعات، وبالجملة لا ينبغي للمتتبع الشك في ذلك أيضا “. وأما حكم العقل بلزوم الامرين ففيه توقف وإن كان القول به غير مستبعد انتهى.

[ 292 ]

الدهليز سمعنا قراءة سريانية بصوت حسن يقرء ويبكي حتى أبكى بعضنا (1). إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس، عن هشام بن الحكم في حديث بريهة النصراني أنه جاء مع هشام حتى لقي أبا الحسن موسى عليه السلام فقال: يا بريهة كيف علمك بكتابك قال: أنا به عالم، قال: كيف ثقتك بتأويله ؟ قال: ما أوثقني بعلمي فيه، فابتدء موسى عليه السلام بقراءة الإنجيل، فقال بريهة: والمسيح لقد كان يقرؤها هكذا وما قرء هذه القراءة إلا المسيح عليه السلام، ثم قال بريهة: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة فأسلم على يديه (2). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان الفزاري، عن موسى بن أكيل النميري قال: جئنا إلى باب أبي جعفر عليه السلام نستأذن عليه فسمعنا صوتا ” يقرء بالعبرانية، فبكينا حيث سمعنا الصوت، فظننا أنه بعث إلى رجل من أهل الكتاب ليقرء عليه فدخلنا فلم نر عنده أحدا “، فقلنا: أصلحك الله سمعنا صوتا ” بالعبرانية فظننا أنك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب استقرأته، فقال: لا ولكني ذكرت مناجاة اليا فبكيت من ذلك، قلنا: وما كانت مناجاته ؟ فقال: جعل يقول: يا رب أتراك معذبي بعد طول قيامي لك وعبادتي إياك ومعذبي بعد صلاتي لك، وجعل يعدد أعماله فأوحى الله إليه أني لست أعذبك، فقال: يا رب وما يمنعك أن تقول: لا بعد نعم وأنا عبدك وفي قبضتك، فأوحى الله إليه أني إذا قلت قولا ” وفيت به (3). يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عمن رواه، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام في داره وفيها شجرة فيها عصافير وهن يصحن، فقال: أتدري ما يقلن هؤلاء ؟ فقلت: لا أدري، فقال: يسبحن ربهن ويطلبن رزقهن (4).


(1) منقول في البحار ج 7 ص 319 من البصائر والاختصاص. (2) كالخبر السابق. (3) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الثالث عشر، ومنقول في البحار كالخبر المتقدم. (4) مروى في البصائر الجزء السابع الباب الرابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 415 وتفسير البرهان ج 3 ص 199 من الاختصاص والبصائر.

[ 293 ]

أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن إسماعيل بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام فلما انتشرن العصافير وصوتن فقال: يا أبا حمزة أتدري ما يقلن ؟ فقلت: لا، قال: يقدسن ربهن ويسألنه قوت يومهن، ثم قال: يا أبا حمزة علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن بعض رجاله يرفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فتلا رجل عنده هذه الآية ” علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ (2) ” فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس فيها ” من ” ولكن هو اوتينا كل شئ (3). وعنه، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن داود الحداد عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام عنده فهدل الذكر على الأنثى فقال: أتدري ما يقول ؟ يقول: يا سكني وعرسي ما خلق الله خلقا ” أحب إلي منك إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد عليهما السلام (4). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمر وبن سعيد الزيات، عن أبيه، عن الفيض بن المختار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن سليمان بن داود عليهما السلام قال: ” علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ ” وقد والله علمنا منطق الطير واوتينا كل شئ (5). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عمر بن خليفة، عن شيبة، عن الفيض، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا أيها الناس علمنا


(1) مروى في البصائر ومنقول في البحار ج 7 ص 416 وج 1 1 ص 8 منه ومن الاختصاص والمناقب لابن شهر آشوب. (2) النمل: 16. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم ومنقول في البحار ج 7 ص 415. وقوله عليه السلام: ” ليس فيها من ” أي في الاية مطلقا أو بالنسبة إليهم كما يأتي. (4) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الرابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 416. من الاختصاص بدون ذكر ” جعفر بن محمد عليهما السلام “. (5) رواه الصفار في البصائر كالخبر السابق ونقله البحراني في التفسير ج 3 ص 200. (*)

[ 294 ]

منطق الطير واوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن [ علي بن ] أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه قال: اهدي إلى أبي عبد الله عليه السلام فاختة وورشان وطير راعبي فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما الفاختة فتقول: فقدتكم فقدتكم فافقدوها قبل أن تفقدكم، وأمر بها فذبحت وأما الورشان فيقول: قدستم قدستم، فوهبه لبعض أصحابه، والطير الراعبي يكون عندي انسي به (2). أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن ناضحا ” (3) كان لرجل من الأنصار فلما استسن قال بعض أهله: لو نحرتموه، فجاء البعير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل يرغو (4)، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحبه فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وآله: إن هذا يزعم أنه كان لكم شابا ” حتى إذا هرم وأنه قد نفعكم ثم إنكم أردتم نحره، فقال: صدق فقال: لا تنحروه و دعوه. فدعوه (5). وعنه عن العباس بن معروف، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن محمد ابن الحسن بن أبي خالد (6) قال: خرجت مع علي بن الحسين عليهما السلام إلى مكة فلما دخلنا الأبواء كان على راحلته وكنت أمشي فوافى غنما ” وإذا ” نعجة قد تخلفت عن الغنم وهي تثغو ثغاء شديدا ” وتلتفت وإذا ” رخلة (7) خلفها تثغو ويشتد في طلبها، فلما قامت الرخلة


(1) كالخبر السابق. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 14 ص 735 من االاختصاص و البصائر، وقال الدميري: الفاختة واحدة الفواخت من ذوات الاطواق زعموا أن الحيات تهرب من صوتها وهى عراقية وليس بحجازية وفيها فصاحة وحسن صوت وصوتها يشبه بالمثلث وفى طبعها الانس بالناس وتعيش في الدور والعرب تصفها بالكذب فان صوتها عندهم هذا أوان الرطب، تقول ذلك والنخل لم تطلع فأطال الكلام إلى أن قال: وقد ظهر منه ما عاش خمسة وعشرين سنة وما عاش اربعين سنة. (3) الناضح: البعير الذى يستقى عليه. (الصحاح) (4) رغا البعير أو النعام أو الضبع: صوت وضج. (5) مروى في البصائر الجزء السابع الباب الخامس عشر، ومنقول في البحار ج 14 ص 660. (6) في السند سقط كما يدل عليه ما في البصائر. (7) الثغاء: صياح الغنم. والرخل – بكسر الراء – الانثى من سخال الضأن.

[ 295 ]

ثغت النعجة فتبعته الرخلة فقال علي بن الحسين عليهما السلام: يا عبد العزيز أتدري ما قالت النعجة ؟ قلت: لا والله ما أدري، قال: فإنها قالت: ألحقي بالغنم، فإن اختها عام الأول تخلفت في هذا الموضع فأكلها الذئب (1). أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن الحسين بن فضال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الذئاب جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه واله تطلب أرزاقها فقال لأصحابه: إن شئتم صالحتها على شئ تخرجوه إليها ولا ترزء من أموالكم شيئا ” وإن تركتموها تعدوا وعليكم حفظ أموالكم ؟ قالوا: بل نتركها كما هي تصيب ما أصابت ونمنعها ما استطعنا (2). علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن علي بن ثابت، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بينا نحن قعود مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل بعير حتى برك بين يديه ورغا وتناثرت دموعه من عينيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لمن هذا البعير ؟ فقيل: لفلان الأنصاري، فقال: علي به فاتي به فقال له: بعيرك هذا يشكوك ويقول، فقال الأنصاري: وما يقول قال: يزعم أنك تستكده (3) وتجوعه فقال: [ يارسول الله نخفف عنه ونشبعه ] وقد صدق يا رسول الله وليس لنا ناضح غيره وأنا رجل معيل، قال: فإنه يقول لك: استكدني وأشبعني، فقال: نعم يارسول الله نخفف عنه و نشبعه فقام البعير وانصرف. (4) وبهذا الإسناد، عن جابر بن عبد الله قال: بينا نحن يوما ” من الأيام عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل بعير حتى برك بين يديه ورغا وتسيل دموعه فقال صلى الله عليه وآله: لمن هذا البعير ؟


(1) مروى في البصائر كالخبر السابق عن محمد بن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبى بصير، عن رجل قال خرجت اه‍ ” ومروى في دلائل الامامة ص 88، ومنقول في البحار ج 11 ص 8 من الاختصاص والبصائر وج 14 ص 660 من الاختصاص. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم ومنقول في البحار ج 14 ص 661. (3) استكده أي طلب منه الكد والشدة والالحاح في العمل. (4) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الخامس عشر، ومنقول في البحار ج 6 باب ما ظهر من اعجازه في الحيوانات وانواعها من البصائر والاختصاص.

[ 296 ]

قالوا: لفلان قال: هاتوه، فجاء فقال له: إن بعيرك هذا يزعم أنه ربا صغيركم وكد على كبيركم ثم أردتم أن تنحروه، فقال: يارسول الله إن لنا وليمة فأردنا أن ننحره فيها قال: فدعوه لي فدعوه فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله فكان يأتي دور الأنصار مثل السائل يشرف على الحجر فكان العواتق يجبين له العلف حتى يجيئ وقلن: هذا عتيق رسول الله صلى الله عليه وآله فسمن حتى تضايق به جلده. (1) الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم قاعدا ” في أصحابه إذ مر به بعير فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله حتى ضرب بجرانه الأرض ورغا فقال رجل من القوم: يارسول الله أيسجد لك هذا الجمل ؟ [ فإن سجد لك ] فنحن أحق أن نفعل ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا، بل اسجدوا لله إن هذا الجمل جاء يشكو أربابه وزعم أنهم انتجوه صغيرا ” واعتملوا عليه فلما كبر وصار عودا ” كبيرا ” أرادوا نحره فشكا ذلك، فدخل رجل من القوم ما شاء الله أن يدخله من الإنكار لقول رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أبو بصير: أكان عمر ؟ قال: أنت تقول ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أمرت شيئا ” أن يسجد لشئ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ثم أنشأ أبو عبد الله عليه السلام يقول: ثلاثة من البهائم تكلموا في عهد النبي صلى الله عليه وآله: تكلم الجمل وتكلم الذئب وتكلمت البقرة فأما الجمل فكلامه الذي سمعت منه وأما الذئب فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكا إليه الجوع فدعا أصحابه فكلمهم فيه فشحوا ثم جاء الثانية فشكا إليه، فدعاهم فشحوا، ثم جاء الثالثة فشكا فدعاهم فشحوا فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله أصحاب الغنم فقال: افرضوا للذئب شيئا ” ثم أعاد عليهم الثانية فشحوا ثم أعاد عليهم الثالثة فشحوا فقال عليه السلام للذئب: اختلس – أي خذ – ولو أن رسول الله صلى الله عليه وآله فرض للذئب شيئا ” ما زاد عليه شيئا ” حتى تقوم الساعة. أما البقرة فإنها آذنت النبي صلى الله عليه وآله وكانت في نخل لبني سالم فقال: يا آل ذريح عمل نجيح، صائح يصيح بلسان عربي فصيح بأن لا إله إلا الله رب العالمين ومحمد رسول الله سيد المرسلين وعلي سيد الوصيين صلى


(1) كالخبر المتقدم.

[ 297 ]

الله عليهما (1). يعقوب بن يزيد، عن عبد الحميد بن سالم العطار، عن هارون بن خارجة أو غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قالت الناقة ليلة نفروا بالنبي صلى الله عليه وآله لرسول الله: ولا والله لاأزلت خفا ” عن خف ولو قطعت إربا ” إربا ” (2). عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم قال: حدثني بشر وإبراهيم ابنا محمد، عن أبيهما، عن حمران بن أعين، عن أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام قال: كان قاعدا ” في جماعة من أصحابه إذا جاءته ظبية فبصبصت عنده (3) وضربت بيديها فقال أبو محمد عليه السلام: أتدرون ما تقول هذه الظبية ؟ قالوا: لا، قال: تزعم هذه الظبية أن فلان بن فلان – رجلا ” من قريش – اصطاد خشفا ” (4) لها في هذا اليوم وإنما جاءت أن أسأله أن يضع الخشف بين يديها فترضعه، ثم قال أبو محمد لأصحابه: قوموا بنا، فقاموا بأجمعهم فأتوه فخرج إليهم فقال لأبي محمد: فداك أبي وامي ما جاء بك ؟ فقال: أسألك بحقي عليك ألا أخرجت إلي الخشف الذي اصطدتها اليوم، فأخرجها فوضعها بين يدي امها فأرضعتها فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أسألك يا فلان لما وهبت لنا الخشف، قال: قد فعلت، فأرسل الخشف مع الظبية فمضت الظبية فبصبصت وحركت ذنبها فقال علي بن الحسين: تدرون ما قالت الظبية ؟ قالوا: لا، قال: قالت: رد الله عليكم كل غائب لكم وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي (5). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي سليمان سالم ابن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام مع أصحابه في


(1) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار إيضا ” ج 6 باب ما ظهر من اعجازه في الحيوانات من كتاب قصص الانبياء. ثم قال المجلسي – رحمه الله – وفي الاختصاص مثله. (2) مروى في البصائر ومنقول في البحار كالخبر المتقدم منه ومن الاختصاص. (3) بصبص الكلب: حرك ذنبه. (4) الخشف – مثلثة -: ولد الضبي اول ما يولد أو أول مشيه، أو التي نفرت من اولادها و تشردت. (5) مروى في البصائر الجزء السابع الباب الخامس عشر، وفي دلائل الامامة ص 89 مع زيادة، ومنقول في البحار ج 11 ص 9 وج 14 ص 661 من الاختصاص والبصائر.

[ 298 ]

طريق مكة فمر به ثعلب وهم يتغدون فقال علي بن الحسين عليهما السلام لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا ” من الله لا تهيجون هذا الثعلب حتى أدعوه فيجيئ إلينا ؟ فحلفوا له، فقال: يا ثعلب تعال – أو قال: ائتنا – فجاء الثعلب حتى وقع بين يديه فطرح إليه عراقا ” فولى به ليأكله فقال لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا ” من الله وأدعوه أيضا ” فيجيئ، فأعطوه فدعا فجاء، كلح رجل منهم في وجهه فخرج يعدو، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أيكم الذي خفر ذمتي فقال رجل منهم: يا ابن رسول الله أنا كلحت (1) في وجهه ولم أدر فأستغفر الله فسكت (2). أحمد بن الحسن، عن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن بكير، عن عمر بن توبة، عن سليمان بن خالد قال: بينا أبو عبد الله البلخي مع أبي عبد الله عليه السلام ونحن معه إذا هو بظبي ينتحب ويحرك ذنبه فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أفعل إن شاء الله ثم أقبل علينا فقال: هل علمتم ما قال الظبي ؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال: إنه أتاني فأخبرني أن بعض أهل المدينة نصب شبكة لانثاه فأخذها ولها خشفان لم ينهضا ولم يقويا للرعي فسألني أن أسألهم أن يطلقوها وضمن لي إذا أرضعت خشفيها حتى يقويان على النهوض و الرعي أن يردها عليهم قال: فاستحلفته على ذلك فقال: برئت من ولايتكم أهل البيت إن لم أف وأنا فاعل ذلك إن شاء الله، فقال له البلخي: هذه سنة فيكم كسنة سليمان عليه السلام (3). الحسن بن محمد القاشاني، عن أبي الأحوص داود بن أسد المصري، عن محمد بن جميل قال: حدثني أحمد بن هارون بن موفق مولى أبي الحسن عليه السلام قال: أتيت أبا الحسن عليه السلام لاسلم عليه فقال لي: اركب ندور في أموال له قال: فركبت فأتيت فازة له (4) قد ضربت على جداول ماء كانت عنده خضرة، فأستنزه ذلك فضربت له الفازة هناك، فجلست حتى أتى وهو على فرس فقمت فقبلت فخذه ونزل وأخذت ركابه وأمسكت عليه فلما


(1) الخفر: نقض العهد، وكلح وجهه أي عبس وتكسر. (2) مروى في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 14 ص 749. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 7 ص 415 منه ومن الاختصاص. (4) الفازة: مظلة تمد بعمود. (*)

[ 299 ]

نزل أهويت لأخذ العنان فأبى، وأخذه هو فأخرجه من رأس الدابة وعلقه في طنب من أطناب الفازة ثم جلس فسأل عن مجيئي، وذلك عند المغرب فأعلمته مجيئي من العصر (1) إلى أن جمح الفرس وخلى العنان ومر يتخطى الجداول والزرع إلى برا (2) حتى بال وراث ورجع فنظر إلي أبو الحسن عليه السلام فقال: لم يعط داود وآل داود شئ إلا وقد اعطي محمد وآل محمد أكثر (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد الحناط، عن محمد بن [ م‍ ] سكين، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا علي بن الحسين عليهما السلام مع أصحابه إذ أقبل ظبي من الصحراء حتى قام حذاه وحمحم فقال بعض القوم: يا ابن رسول الله ما تقول هذه الظبية ؟ قال: تقول إن فلانا ” القرشي أخذ خشفها بالأمس وإنها لم ترضعه من أمس شيئا “، فبعث إليه علي بن الحسين عليهما السلام أرسل إلي بالخشف فبعث به فلما رأته حمحمت وضربت بيديها، ثم رضع عنها، فوهبه علي بن الحسين عليهما السلام لها وكلمها بكلام نحو كلامها فتحمحمت وضربت بيديها واطلقت والخشف معها فقالوا له: يا ابن رسول الله ما الذي قالت فقال: دعت الله لكم وجزتكم خيرا ” (4). السندي بن محمد البزاز، عن أبان بن عثمان، عن عمرو بن صهبان، عن عبد الله بن الفضل، عن جابر بن عبد الله قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه واله عن غزوة ذات الرقاع وهي غزوة بني ثعلبة من غطفان أقبل حتى إذا كان قريبا ” من المدينة إذا ” بعير قد أقبل من قبل البيوت حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فوضع جرانه على الأرض، ثم جرجر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل تدرون ما يقول هذا البعير ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنه أخبرني أن صاحبه عمل عليه حتى إذا أكبره (5) وأدبره وأهزله أراد نحره وبيع لحمه، ثم قال


(1) في البصائر ” فأعلمته بمجيئى من القصر “. (2) البرا: التراب. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم مع زيادة، ومنقول في البحار ج 7 ص 416 من الاختصاص. (4) مروى في البصائر كالخبر المتقدم وفى دلائل الامامة ص 86 مع زيادة، ومنقول في البحار ج 11 ص 9 وج 14 ص 752 من الاختصاص والبصائر. (5) أي وجده كبيرا ” أو جعله كبيرا ” في السن مجازا “.

[ 300 ]

رسول الله عليه السلام: يا جابر اذهب به إلى صاحبه وائتني به فقلت: لا أعرف صاحبه فقال: هو يدلك عليه، قال: فخرجت معه حتى انتهت إلى بني واقف فدخل في زقاق فإذا ” أنا بمجلس فقالوا: يا جابر كيف تركت رسول الله صلى الله عليه وآله وكيف تركت المسلمين ؟ قلت: هم صالحون فقالوا ولكن أيكم صاحب هذا البعير ؟ فقال بعضهم: أنا فقلت: أجب رسول الله، فقال: مالي ؟ قلت: استعدى عليك بعيرك، فجئت أنا والبعير وصاحبه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: إن بعيرك يخبرني أنك عملت عليه حتى إذا أكبرته وأدبرته وأهزلته أردت نحره وبيع لحمه، فقال الرجل: قد كان ذاك يارسول الله، قال: فبعنيه، قال: هو لك يارسول الله قال: بل بعنيه فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله منه ثم ضرب على صفحته فتركه يرعى في ضواحي المدينة، فكان الرجل منا إذا أراد الروحة أو الغدوة منحه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال جابر: رأيته بعد وقد ذهب دبره وصلح (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله القاسم الحضرمي، عن هشام بن سالم الجواليقي، عن محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لي وهو على بغلة له إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر عليه السلام فحبس البغلة ودنا الذئب منه حتى وضع يده على قربوس سرجه و مد عنقه إلى اذنه وأدنى أبو جعفر عليه السلام اذنه منه ساعة ثم قال له: إمض فقد فعلت فرجع مهرولا “، فقلت له: رأيت عجبا ” قال: وتدري ما قال ؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: قال: يا ابن رسول الله إن زوجتي في ذلك الجبل وقد تعسر عليها ولادها فادع الله أن يخلصها وأن لا يسلط شيئا ” من نسلي على أحد من شيعتكم فقلت: قد فعلت (2). أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كانت لعلي بن الحسين عليه السلام ناقة قد حج


(1) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 6 باب ما ظهر من اعجازه في الحيوانات وج 14 ص 688 من البصائر والاختصاص. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم وفى دلائل الامامة ص 98 نحوه، ومنقول في البحار ج 11 ص 67 وج 14 ص 750 من الاختصاص والبصائر.

[ 301 ]

عليها اثنتين وعشرين حجة ما قرعها قرعة قط، قال: فما جاءتني بعد موته إلا وقد جاءني بعض الموالي فقالوا: إن الناقة قد خرجت فأتت قبر علي بن الحسين عليهما السلام فانبركت عليه فدلكته بجرانها وهي ترغو، فقلت: أدركوها أدركوها فجيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: وما كانت رأت القبر قط (1). وعنه، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص ابن البختري، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما مات علي بن الحسين عليهما السلام جاءت ناقة له من الرعي حتى ضربت بجرانها القبر وتمرغت عليه وإن أبي كان يحج عليها و يعتمر ولم يقرعها قرعة قط (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن كرام ابن عمرو الخثعمي، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الوزغ قال: هو الرجس وهو مسخ فإذا قتلته فاغتسل، ثم قال: إن أبي عليه السلام كان قاعدا ” في الحجر ومعه رجل يحدثه فإذا هو بوزغ يولول بلسانه فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ ؟ فقال الرجل: لا علم لي بما يقول، قال: فإنه يقول: والله لئن ذكرت عثمان لأسبن عليا ” حتى تقوم من ههنا (3). علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن فضيل الأعور قال: حدثني بعض أصحابنا قال: كان عند أبي جعفر عليه السلام رجل من هذه العصابة وهو يحادثه وهو في شئ من ذكر عثمان فإذا قد قرقر وزغ من فوق الحائط فقال له أبو جعفر عليه السلام أتدري ما يقول هذا الوزغ ؟ قال: قلت: لا، قال: فيقول: لتكفن عن ذكر عثمان أو لأسبن عليا ” (4).


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء السابع الباب الخامس عشر. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 416. منه ومن الاختصاص. (2) مروى في البصائر ومنقول في البحار كالخبر السابق وج 14 ص 688 من الاختصاص. (3) مروى في البصائر الجزء السابع الباب السادس عشر، ومنقول في البحار ج 14 ص 786 (4) كالخبر السابق.

[ 302 ]

السندي بن الربيع البغدادي، عن الحسن بن علي بن الفضال، عن علي بن غراب عن أبي بكر بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إنه ليس من مخلوق إلا بين عينيه مكتوب مؤمن أو كافر، ذلك محجوب عنكم وليس بمحجوب عن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلا عرفوه مؤمن أو كافر، ثم تلا هذه الآية ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” فهم المتوسمون (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وإبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذ جاءت امرأة تستعدي على زوجها فقضى لزوجها عليها فغضبت فقال: لا والله ما الحق فيما قضيت وما تقضي بالسوية ولا تعدل في الرعية ولا قضيتك عند الله بالمرضية، فنظر إليها مليا ” ثم قال لها: كذبت يا جريئة، يابذيئة، يا سلفع، يا سلقلقية (2) يا التي لا تحمل من حيث تحمل النساء (3)، قال: فولت المرأة هاربة مولولة وتقول: ويلي ويلي ويلي لقد هتكت يا ابن أبي طالب سترا ” كان مستورا “، قال: فلحقها عمرو بن حريث فقال: يا أمة الله لقد استقبلت علينا بكلام سررتني به، ثم إنه نزع لك بكلام فوليت عنه هاربة تولولين ؟ فقالت: إن عليا ” والله أخبرني بالحق و بما أكتمه من زوجي منذ ولي عصمتي ومن أبوي، فعاد عمرو إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بما قالت له المرأة وقال له فيما يقول: ما أعرفك بالكهانة ؟ فقال له علي عليه السلام: ويلك إنها ليست بالكهانة مني ولكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فلما ركب الأرواح في أبدانها كتب بين أعينهم كافر ومؤمن وما هم مبتلين وما هم عليه من سيئ عملهم وحسنه في قدر اذن الفارة، ثم أنزل بذلك قرآنا ” على نبيه صلى الله عليه وآله فقال: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” فكان رسول الله صلى الله عليه وآله المتوسم ثم أنا من بعده والأئمة من ذريتي هم


(1) رواه الصفار في البصائر الجزء السابع الباب السابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 117 من الاختصاص والبصائر. (2) السلفع: الصخابة، البذية، السيئة الخلق (القاموس). وسلقه بالكلام: آذاه، وفلانا ” طعنه والسلقلق – كسفرجل -: التي تحيض من دبرها و – بهاء -: المرأة الصخابة. (3) في البصائر ” لا تحبل من حيث تحبل النساء “.

[ 303 ]

المتوسمون، فلما تأملتها عرفت ما فيها وما هي عليه بسيمائها (1). الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، وأحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، والحسن بن البراء، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فإني معه في بعض الطريق إذ صعد على جبل فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج ؟ ! فقال له داود بن كثير الرقي: يا ابن رسول الله هل يستجيب الله دعاء الجمع الذي أرى ؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان إن الله لا يغفر أن يشرك به إن الجاحد لولاية علي عليه السلام كعابد وثن فقلت له: جعلت فداك هل تعرفون محبيكم من مبغضيكم ؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان إنه ليس من عبد يولد إلا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر وإن الرجل ليدخل إلينا يتولانا ويتبرء من عدونا فيرى مكتوبا ” بين عينيه مؤمن، قال الله عزوجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” فنحن نعرف عدونا من ولينا (2). يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أسباط بن سالم بياع الزطي (3) قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل من أهل هيت (4) عن قول الله عزوجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لسبيل مقيم (5) ” فقال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم (6). أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن غير واحد من أصحابنا


(1) رواه الصفار في البصائر الجزء السابع الباب السابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 117 وج 9 ص 579 من الاختصاص والبصائر. (2) كالخبر السابق وفى البحار ج 7 ص 116. (3) الزط – بالضم -: جيل من الهند ولعل المراد الثياب المنسوبة إلى الزط. (4) الهيت – بالكسر -: اسم بلد على شاطئ الفرات. (5) الحجر: 75، 76. (6) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 218 والصفار في البصائر الجزء السابع الباب السابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 117 وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لعل المعنى أن تلك الايات حاصلة في سبيل مقيم ثابت فينا وهى الامامة ومتلبسة به أو ان الايات منصوبة على سبيل ثابت هو السبيل إلى الله والدين الحق وعلى التقادير لعل ذلك إشارة إلى القرآن.

[ 304 ]

منهم بكار بن كردم، وعيسى بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قالوا: سمعناه وهو يقول: جاءت امرأة شنيعة وأمير المؤمنين عليه السلام على المنبر وقد قتل أخاها وأباها فقالت: هذا قاتل الأحبة فنظر إليها أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا سلفع يا جريئة، يابذية، يا منكرة، يا التي لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على ههنا شئ بين مدلى، فمضت وتبعها عمرو بن حريث – وكان عثمانيا ” – فقال: يا أيتها المرأة إنا لا نزال يسمعنا العجائب ما ندري حقها من باطلها وهذه داري فادخلي فإن لي امهات أولاد حتى ينظرن حقا ” ما قال أم باطلا ” ؟ وأهب لك شيئا “، فدخلت فأمر امهات أولاده فنظرن إليها فإذا شئ على ركبها مدلى فقالت: يا ويلها اطلع منها علي بن أبي طالب على شئ لم يطلع إلا امي أو قابلتي، قال: و وهب لها عمرو بن حريث شيئا ” (1). إبراهيم بن هاشم، [ عن محمد بن سليمان ] عن أبيه سليمان الديلمي، عن معاوية بن عمار الدهني، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ” (2) فقال: يا معاوية ما يقولون في هذا ؟ قلت: يزعمون إن الله تبارك وتعالى يعرف المجرمون بسيماهم في القيامة فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار، فقال لي و [ كيف ] يحتاج الجبار تبارك وتعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم وهو خلقهم ؟ قلت: فما ذاك، جعلت فداك ؟ فقال: ذلك لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء فيأمر بالكافر فيؤخذ بالنواصي والأقدام ثم يخبط بالسيف خبطا ” (3). محمد بن عيسى بن عبيد، وإبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة قال: كنا وقوفا ” على أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة وهو يعطي العطاء في المسجد إذ جاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين أعطيت العطاء جميع الأحياء ما خلا هذا الحي من مراد لم تعطهم شيئا ” فقال: اسكتي يا جريئة،


(1) مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 9 ص 580 منه ومن الاختصاص. (2) الرحمن: 41 و ” يعرف ” في قراءة الامام بصيغة المعلوم وفى المصاحف بالمجهول. (3) الخبط: الضرب الشديد. والرواية مروية في البصائر كالخبر المتقدم ومنقولة في البحار ج 13 ص 183. الاختصاص – 19 –

[ 305 ]

يا بذية، يا سلفع، يا سلقلق يامن لا تحيض كما تحيض النساء، قال: فولت فخرجت من المسجد فتبعها عمرو بن حريث فقال لها: أيتها المرأة قد قال علي فيك ما قال أيصدق عليك ؟ فقالت: والله ما كذب وإن كل ما رماني به لفي، وما اطلع علي أحد إلا الله الذي خلقني وامي التي ولدتني، فرجع عمرو بن حريث فقال: يا أمير المؤمنين تبعت المرأة فسألتها عما رميتها به في بدنها فأقرت بذلك كله، فمن أين علمت ذلك ؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من الحلال والحرام يفتح كل باب ألف باب حتى علمت المنايا والوصايا وفصل الخطاب وحتى علمت المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال (1). الحسين بن علي الدينوري، عن محمد بن الحسن قال: حدثني إبراهيم بن غياث، عن عمرو بن ثابت، عن ابن أبي حبيب، عن الحارث الأعور قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام في مجلس القضاء إذ أقبلت امرأة مستعدية على زوجها فتكلمت بحجتها وتكلم الزوج بحجته فوجه القضاء عليها، فغضبت غضبا ” شديدا ” ثم قالت: والله يا أمير المؤمنين لقد حكمت علي بالجور وما بهذا أمرك الله، فقال لها: يا سلفع، يا مهيع، يا قردع بل حكمت عليك بالحق الذي علمته، فلما سمعت منه الكلام ولت هاربة فلم ترد عليه جوابا “، فأتبعها عمرو بن حريث فقال لها: والله يا أمة الله لقد سمعت اليوم منك عجبا ” وسمعت أمير المؤمنين قال لك قولا ” فقمت من عنده هاربة مولية ما رددت عليه جوابا “، فقالت: يا عبد الله لقد أخبرني بأمر لم يطلع عليه أحد إلا الله وأنا، وما قمت من عنده إلا مخافة أن يخبرني بأعظم مما رماني به فصبري على واحدة كان أجمل من أن أصبر على واحدة بعد واحدة، قال لها عمرو: فأخبرني عافاك الله ما الذي قال لك ؟ قالت: يا عبد الله إني لا أقول لك ذلك لأنه قال ما في وما أكره وبعد فإنه قبيح أن يعلم الرجال ما في النساء من العيوب، فقال لها: والله ما تعرفيني ولا أعرفك ولعلك لا تريني ولا أراك بعد يومي هذا، قال عمرو: فلما رأتني قد ألححت عليها قالت: أما قوله: يا سلفع فوالله ما كذب علي إني لا أحيض من حيث تحيض النساء، وأما قوله: يا مهيع فإني والله صاحبة نساء وما أنا بصاحبة رجال، وأما قوله: يا قردع فإني المخربة بيت زوجي وما أبقي عليه، فقال لها: ويحك وما علمه بهذا ؟ أتراه ساحرا ” أو كاهنا ” أو مخدوما ” ؟


(1) مروى في البصائر الجزء السابع الباب السابع عشر، ومنقول في البحار ج 9 ص 459.

[ 306 ]

أخبرك بما فيك ؟ وهذا علم كثير فقالت له: بئس ما قلت يا عبد الله إنه ليس بساحر ولا كاهن ولا مخدوم ولكنه من أهل بيت النبوة وهو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ووارثه وهو يخبر الناس بما ألقاه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه لإنه حجة الله علي هذا الخلق بعد نبيه صلى الله عليه وآله، فأقبل عمرو بن حريث إلى مجلسه، فقال له أمير المؤمنين: يا عمرو وبما استحللت أن ترمني بما رميتني به أما والله لقد كانت المرأة أحسن قولا ” في منك ولأقفن أنا وأنت من الله موقفا ” فانظر كيف تتخلص من الله، فقال: يا أمير المؤمنين أنا تائب إلى الله وإليك مما كان فاغفره لي غفر الله لك، فقال: لا والله لاأغفر لك هذا الذنب أبدا ” حتى أقف أنا وأنت بين يدي من لا يظلمك شيئا ” (1). الحسن ين علي بن المغيرة، عن عيسى بن هشام، عن عبد الصمد بن بشير، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الإمام أفوض الله إليه كما فوض إلى سليمان ؟ فقال: نعم وذلك أن رجلا ” سأله عن مسألة فأجابه وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول ثم سأله آخر عنها فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: ” هذا عطاؤنا فامسك أو أعط بغير حساب ” وهكذا هي في قراءة علي عليه السلام، قلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام ؟ فقال: سبحان الله أما تسمع الله يقول في كتابه ” إن ذلك لآيات للمتوسمين ” وهم الأئمة ” وإنها لبسبيل مقيم ” لا يخرج منهم أبدا “، ثم قال لي: نعم إن الإمام إذا نظر إلى الرجل عرفه وعرف ما هو عليه وعرف لونه وإن سمع كلامه من وراء حائط عرفه وعرف ما هو إن الله يقول: ” ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين (2) ” فهم العلماء وليس يسمع شيئا ” من الألسن تنطق إلا عرفه ناج أو هالك فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم به (3). العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمد بن مسلم


(1 مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 9 ص 579 منه ومن الاختصاص. (2) الروم: 22. (3) مروى في البصائر الجزء السابع في نادر الباب السابع عشر. ومنقول في البحار ج 7 ص 116 منه ومن الاختصاص.

[ 307 ]

عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” قال: هم الأئمة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ” (1). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن محمد بن حمزة ابن أبيض قال: حدثنا علي بن عطية (2) قال: بينا أنا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل علينا رجل فغمز اناسا ” من الشيعة، فأعرض عنه أبو عبد الله عليه السلام بوجهه، ثم أقبل أبو عبد الله عليه السلام بوجهه، فرأى الرجل أن أبا عبد الله عليه السلام لم يفهم منه فأعاد الكلام فتناول أبو عبد الله عليه السلام بيده اليسرى لحيته ثم هزها حتى ظننت أنها ستبقى في يده، ثم قال: إن كنت أنا أتولى الرجال وأبرء منهم على ما يبلغني عنهم لبئست الشيبة لشيبتي هذه (3). الحسن بن علي الزيتوني، عن أحمد بن هلال، عن علي بن الحكم، عن ضريس الكناسي قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابنا إذ دخل عليه رجل أعرفه فذكر رجلا ” من أصحابنا ولمزه عنه أبي عبد الله عليه السلام فلم يجبه بشئ فظن الرجل أن أبا عبد الله عليه السلام لم يسمع فأعاد عليه أيضا “، فلم يلتفت إليه، فظن الرجل أنه لم يسمع، فأعاد الثالثة فمد أبو عبد الله يده إلى لحية الرجل فقبض عليها فهزها ثلاثا ” حتى ظننت أن لحيته قد صارت في يده ثم قال: إن كنت لا أعرف الرجال إلا بما أبلغ عنهم فبئست الشيبة شيبتي ثم أرسل لحيته من يده ونفخ ما بقي من الشعر في كفه (4). أحمد بن محمد بن عيسى، والحسن بن علي بن النعمان، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أنال في الناس وأنال وأنال وإنا أهل بيت عندنا معاقل العلم وأبواب الحكم


(1) مروى في البصائر، كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 7 ص 118 منه ومن الاختصاص. (2) في البصائر ” على بن حنظلة “. (3) مروى في البصائر الجزء السابع الباب الثامن عشر ومنقول في البحار ج 7 ص 307 منه ومن الاختصاص وفيهما ” فبئس النسب نسبي “. (4) مروى في البصائر، ومنقول في البحار كالخبر المتقدم وفيهما ” لبئست النسبة نسبتى “.

[ 308 ]

وضياء الأمر (1). يعقوب بن يزيد، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القندي، عن هشام ابن سالم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عند العامة من أحاديث رسول الله شئ يصح ؟ فقال: نعم إن رسول الله صلى الله عليه وآله أنال الناس وأنال وأنال وعندنا معاقل العلم وفصل ما بين الناس (2). أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الجبار، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن علي بن حماد، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أنال في الناس وأنال وأنال – يشير كذا وكذا – وعندنا أهل البيت اصول العلم وعراه وضياؤه وأواخيه (3). يعقوب بن يزيد، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نجد الشئ من أحاديثنا في أيدي الناس فقال: لعلك لا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنال الناس وأنال – أو أومأ بيده عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه – وإنا أهل بيت عندنا معاقل العلم وضياء الأمر وفصل ما بين الناس (4).


(1) مروى في البصائر الجزء السابع الباب التاسع عشر، ومنقول في البحار ج 1 ص 136 منه وقال المجلسي – رحمه الله -: قوله: أنال أي اعطى وأفاد في الناس العلوم الكثيرة، لكن عند اهل البيت معيار ذلك والفصل بين ما هو حق أو مفترى وعندهم تفسير ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله فلا ينتفع بما في ايدى الناس الا بالرجوع إليهم صلوات الله عليهم، والمعاقل جمع معقل وهو الحصن والملجأ، أي نحن حصون العلم وبنا يلجأ الناس فيه، وبنا يوصل إليه وبنا يضئ الامر للناس. (2) مروى في البصائر ومنقول في البحار ج 1 ص 136 وج 8 ص 282. (3) مروى في البصائر ومنقول في البحار كالخبر المتقدم، والعروة: ما يتمسك به من الحبل و غيره، والاخية – كأبية -: عود في الحائط، أو حبل يدفن طرفاه في الارض وبرز وسطه كالحلقة تشد فيها الدابة والجمع أخايا وأواخي (القاموس) وقال المجلسي – رحمه الله – بعد نقل هذا الكلام منه: أي بنا يشد ويستحكم امر الدين ولا يفارقنا علمه. (4) قال العلامة المجلسي – رحمه الله – بعد نقل الخبر من البصائر في البحار ج 1 ص 136: الاشارة لبيان أنه صلى الله عليه وآله وسلم نشر العلم من كل جانب وعلمه كل أحد فكيف لا يكون في الناس علمه ؟ !.

[ 309 ]

إبراهيم بن هاشم، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنا أهل بيت عندنا معاقل العلم وآثار النبوة وعلم الكتاب وفصل ما بين الناس (1). محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن، عن عبد الله بن مسكان، وأبي خالد القماط، وأبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن رسول الله أنال في الناس وأنال، وعندنا عرى العلم وأبواب الحكم ومعاقل العلم وضياء الأمر وأواخيه، فمن عرفنا نفعته معرفته وقبل منه عمله، ومن لم يعرفنا لم ينفعه الله بمعرفة ما علم ولم يقبل منه عمله (2). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما موضع العلماء ؟ فقال: مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب موسى (3). يعقوب بن يزيد، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القندي، عن محمد بن عمار، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام كيف كان يصنع أمير المؤمنين عليه السلام بشارب الخمر ؟ فقال كان يحده، قلت: فإن عاد ؟ قال: كان يحده، قلت: فإن عاد ؟ قال: كان يقتله (4)، قلت: فكيف كان يصنع بشارب المسكر، فقال: مثل ذلك، قلت: فمن شرب شربة مسكر كمن شرب شربة خمر ؟ فقال: سواء، فاستعظمت ذلك فقال لي: يا فضيل لا تستعظم ذلك فإن الله إنما بعث محمدا ” صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وإن الله أدب نبيه عليه السلام فأحسن أدبه فلما تأدب فوض إليه، فحرم الله الخمر وحرم رسول الله كل مسكر فأجاز الله ذلك


(1) مروى في البصائر الجزء السابع الباب التاسع عشر عن محمد بن عيسى بن عبيد عن النضر و منقول في البحار ج 7 ص 282 منه ومن الاختصاص. (2) مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 1 ص 136 من البصائر وج 7 ص 282 من الاختصاص. (3) مروى في البصائر الجزء السابع الباب العشرون وفيه ” وصاحب داود ” مكان ” صاحب موسى “. ومنقول في البحار ج 7 ص 293. (4) في البصائر ” قال: كان يحده ثلاث مرات فان عاد كان يقتله “.

[ 310 ]

له حرم الله مكة وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة فأجاز الله ذلك له، وفرض الله الفرائض من الصلب وأطعم رسول الله صلى الله عليه وآله الجد فأجاز الله ذلك له، ثم قال: يا فضيل حرف وما حرف ! ومن يطع الرسول فقد أطاع الله. (1) أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام إذا أورد عليه أمر لم ينزل به كتاب ولا سنة رجم فأصاب، قال أبو جعفر: وهي المعضلات. (2) أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن عيسى بن عمران الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الرحيم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا ” كان إذا ورد عليه أمر لم يجئ فيه كتاب ولم تجئ به سنة رجم فيه – يعني ساهم – فأصاب، ثم قال: يا عبد الرحيم وتلك من المعضلات (3). أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماد، عن سعد بن طريف الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إن شيعتنا من طينة مخزونة قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، لا يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل وإني لأعرفهم حين أنظر إليهم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله لما تفل في عيني وكنت أرمد قال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد وبصره صديقه من عدوه فلم يصبني رمد ولا حر ولا برد، وإني لاعرف صديقي من عدوي، فقام رجل من الملأ فسلم، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأدين الله بولايتك، وإني لأحبك في السر كما أظهر لك في العلانية، فقال له علي عليه السلام: كذبت فوالله ما أعرف اسمك في الأسماء ولا وجهك في الوجوه، وإن طينتك لمن غير تلك الطينة، فجلس الرجل قد فضحه الله وأظهر عليه،


(1) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الرابع، ومنقول في البحار ج 7 ص 262 منه ومن الاختصاص. (2) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب السابع ومنقول في البحار ج 1 ص 116 وج 7 ص 282 مع بيانه. (3) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن الباب السابع ونحوه في الجزء الخامس الباب التاسع، ومنقول في البحار ج 1 ص 116 وج 7 ص 282 من الاختصاص.

[ 311 ]

ثم قام آخر فقال: يا أمير المؤمنين إني لأدين الله بولايتك وإني لأحبك في السر كما احبك في العلانية، فقال له: صدقت طينتك من تلك الطينة وعلى ولايتنا اخذ ميثاقك و إن روحك من أرواح المؤمنين فاتخذ للفقر جلبابا ” (1) فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الفقر أسرع إلى محبينا من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله (2) وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام فأتاه رجل فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين إني والله لأحبك في الله، واحبك في السر كما احبك في العلانية، وأدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية، وبيد أمير المؤمنين عود طأطأ ” رأسه ثم نكت بالعود ساعة في الأرض، ثم رفع رأسه إليه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني بألف حديث لكل حديث ألف باب وإن أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشم و تتعارف فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وبحق الله لقد كذبت فما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء، ثم دخل عليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية قال: فنكت الثانية بعوده في الأرض ثم رفع رأسه فقال له: صدقت إن طينتنا طينة مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فلم يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل من غيرها، اذهب فاتخذ للفقر جلبابا ” فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي بن أبي طالب والله للفقر أسرع إلى محبينا من السيل إلى بطن الوادي (3).


(1) قال الجزري: في حديث على رضى الله عنه ” من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا ” أي ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر والقلة. والجلباب: الازار و الرداء: وقيل: الملحفة، و قيل: هو كالمقنعة تغطى به المرأة رأسها وظهرها وصدرها وجمعه جلابيب كنى به عن الصبر لانه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن. وقيل: انما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس ازار الفقر ويكون منه على حالة تعمه وتشمله لان الغنى من احوال اهل الدنيا ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت. (2) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثامن، وذيله منقول في البحار ج 7 ص 304 من مجالس الشيخ بسند آخر عن الاصبغ، و تمامه ص 307 من البصائر والاختصاص. (3) مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 14 ص 426.

[ 312 ]

عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي، عن هارون بن الجهم، عن سعد بن طريف الخفاف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يوما ” جالسا ” في المسجد وأصحابه حوله فأتاه رجل من شيعته فقال له: يا أمير المؤمنين إن الله يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه في العلانية، وأتولاك في السر كما أتولاك في العلانية، فقال له أمير المؤمنين: صدقت أما فأتخذ للفقر جلبابا “، فإن الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي، قال: فولى الرجل وهو يبكي فرحا ” لقول أمير المؤمنين عليه السلام: ” صدقت “، قال: وكان هناك رجل من الخوارج وصاحبا ” له قريبا ” من أمير المؤمنين عليه السلام فقال أحدهما: تالله إن رأيت كاليوم قط إنه أتاه رجل فقال له: إني احبك فقال له: صدقت، فقال له الآخر: ما أنكرت ذلك أتجد بدا من أن إذا قيل له: إني احبك أن يقول: صدقت ؟ أتعلم أني احبه ؟ فقال: لا، قال: فأنا أقوم فأقول له مثل ما قال له الرجل فيرد علي مثل مارد عليه، قال: نعم، فقام الرجل فقال له مثل مقالة الرجل الأول، فنظر إليه مليا “، ثم قال له: كذبت لا والله ما تحبني ولا احبك، قال: فبكى الخارجي، ثم قال: يا أمير المؤمنين تستقبلني بهذا وقد علم الله خلافه، ابسط يدك ابايعك، فقال علي: على ماذا ؟ قال: على ما عمل به زريق وحبتر، فقال له: اصفق لعن الله الاثنين والله لكأني بك قد قتلت على ضلال ووطئ وجهك دواب العراق ولا يعرفك قومك، قال: فلم يلبث أن خرج عليه أهل النهروان وأن خرج الرجل معهم فقتل (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لولا أنا نزداد لانفدنا، فقلت: تزدادون شيئا ” لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه واله ؟ فقال: إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلى الله عليه واله وعلى الأئمة عليهم السلام ثم انتهى إلينا (2). وعنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن الربيع، عن عبد الله بن بكير،


(1) مروى في البصائر كالخبر المتقدم ومنقول في البحار ج 9 ص 580 من الاختصاص. (2) رواه الكليني – رحمه الله – في الكافي ج 1 ص 255، والصفار – رحمه الله – في البصائر الجزء الثامن الباب التاسع، ومنقول في البحار ج 7 ص 298.

[ 313 ]

عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لولا أنا نزداد لأنفدنا، فقلت: تزدادون شيئا ” ليس عند رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال: إذا كان ذلك أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبر [ ه ] ثم أتى عليا ” عليه السلام فأخبره، ثم إلى واحد بعد واحد حتى ينتهي إلى صاحب هذا الأمر (1). موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه جعفر بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري، عن محمد بن سليمان الديلمي مولى أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له: سمعتك وأنت تقول غير مرة: لولا أنا نزداد لأنفدنا فقال: أما الحلال والحرام فقد أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله بكماله وما يزاد الإمام في حلال ولا حرام، قلت له: فما هذه الزيادة ؟ فقال: في سائر الأشياء سوى الحلال والحرام، قلت: تزدادون شيئا ” يخفى على رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يعلمه ؟ فقال: لا إنما يخرج العلم من عند الله فيأتي به الملك رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: يا محمد ربك يأمرك بكذا وكذا فيقول: انطلق به إلى علي فيأتي به عليا ” عليه السلام فيقول: انطلق به إلى الحسن فلا يزال هكذا ينطلق به إلى واحد بعد واحد حتى يخرج إلينا، ومحال أن يعلم الإمام شيئا ” لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام من قبله (2). محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس شئ يخرج من عند الله عزوجل حتى يبدء برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بعلي عليه السلام ثم بواحد واحد لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله علمين: علما ” أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فذلك قد علمناه وعلما ” استأثر به فإذا بدا له في شئ منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا قبلنا (4).


(1) رواه الصفار في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 7 ص 296 من امالي الشيخ و ص 297 من البصائر والاختصاص. (2) مروى في البصائر مع زيادة، ومنقول في البحار كالخبر المتقدم منه ومن الاختصاص. (3) مروى في البصائر الكافي ومنقول في البحار كالخبر المتقدم. (4) مروى في البصائر والكافي ومنقول في البحار كالخبر المتقدم.

[ 314 ]

محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كلام قد سمعته من أبي الخطاب، فقال: أعرضه علي، فقلت: يقول: إنكم تعلمون الحلال والحرام وفصل ما بين الناس، فسكت، فلما أردت القيام أخذ بيدي فقال: يا محمد كذا علم القرآن والحلال والحرام يصير في جنب العلم الذي يحدث في الليل والنهار (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قلت له: كل ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقد اعطيه أمير المؤمنين عليه السلام، ثم الحسن عليه السلام بعد أمير المؤمنين، ثم الحسين عليه السلام بعده، ثم كل إمام إلى أن تقوم الساعة مع الزيادة التي تحدث في كل سنة وفي كل شهر ؟ فقال: إي والله وفي كل ساعة (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن الحارث بن المغيرة النصري قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اتقو الكلام فإنا نؤتى به (3). محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن، عن الحكم بن أيمن، عن الحارث بن المغيرة، وأبي بكر محمد الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ما يحدث قبلكم إلا علمنا به، قلت: وكيف ذاك ؟ فقال: يأتينا به راكب يضرب (4). أبو الحسن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن معبد، عن علي بن الحسن ابن رباط، عن علي بن عبد العزيز، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما ولي عبد الملك بن مروان فاستقامت له الأشياء كتب إلى الحجاج كتابا ” وخطه بيده كتب فيه بسم الله الرحمن الرحيم


(1) مروى في البصائر ومنقول في البحار ج 7 ص 318. (2) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب العاشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 297، منه و من الاختصاص. (3) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الحادى عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 312 منه ومن الاختصاص. (4) كالخبر السابق.

[ 315 ]

من عبد الله: عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف: أما بعد فحسبي دماء بني عبد المطلب فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلا قليلا ” والسلام، وكتب الكتاب سرا ” لم يعلم به أحد وبعث به مع البريد، وورد خبر ذلك من ساعته على علي بن الحسين وأخبر أن عبد الملك قد زيد في ملكه برهة من دهره لكفه عن بني هاشم وأمر أن يكتب إلى عبد الملك ويخبره بأن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه في منامه فأخبره بذلك فكتب علي بن الحسين بذلك إلى عبد الملك بن مروان (1). أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن إسماعيل بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عروة ابن موسى الجعفي قال: قال لنا أبو عبد الله عليه السلام يوما ” ونحن نتحدث عنده: اليوم انفقأت عين هشام بن عبد الملك في قبره، قلنا: ومتى مات ؟ فقال اليوم الثالث فحسبنا موته وسألنا عن ذلك فكان كذلك (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا ” منا صلى العتمة بالمدينة وأتى قوم موسى في أمر فتشا جروا فيه فيما بينهم وعاد من ليلته فصلى الغداة بالمدينة (3). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن جابر بن يزيد قال: كنت يوما ” عند أبي جعفر عليه السلام جالسا ” فالتفت إلي فقال: يا جابر أمالك حمار تركبه فتقطع ما بين المشرق والمغرب في ليلة ؟ فقلت له: لا فقال: إني لأعرف رجلا ” بالمدينة له حمار يركبه فيأتي المشرق والمغرب في ليلة (4).


(1) رواه الصفار – رحمه الله – في البصائر كالخبر السابق ونقله المجلسي – رحمه الله في البحار ج 11 ص 34. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم ومنقول في اعلام الورى ص 269 ط 1379 من كتاب نوادر الحكمة، وفى البحار ج 7 ص 147. (3) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثاني عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 270 من الاختصاص. (4) مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 7 ص 270 ومن الاختصاص.

[ 316 ]

عبد الله بن عامر بن سعيد، عن الربيع، عن جعفر بن بشير البجلي، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا ” منا أتى قوم موسى في شئ كان بينهم فأصلح بينهم ورجع (1). أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن بالمدينة رجلا ” قد أتى المكان الذي به ابن آدم فرآه معقولا ” معه عشرة موكلين به يستقبلون به الشمس حيث ما دارت في الصيف ويوقدون حوله النار، فإذا كان الشتاء صبوا عليه الماء البارد، كلما هلك رجل من العشرة أخرج أهل القرية رجلا ” فيجعلونه مكانه، فقال له: يا عبد الله ما قصتك لأي شئ ابتليت بهذا ؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، إنك لأحمق الناس أو إنك لأكيس الناس، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: أيعذب في الآخرة ؟ قال: فقال: ويجمع الله عليه عذاب الدنيا والآخرة (2). سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، وعبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم ابن الحارث، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الأوصياء لتطوى لهم الأرض ويعلمون ما عند أصحابهم (3). علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن العلا بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأعرف رجلا ” من أهل المدينة أخذ قبل انطاق الأرض (4) إلى الفئة التي قال الله عزوجل في كتابه:


(1) كالخبر السابق. (2) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثاني عشر، ومنقول في البحار ج 11 ص 68 منه ومن الاختصاص وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: حكمه باحد الامرين لان السؤال عن غرائب الامور قد يكون لغاية الكياسة وقد يكون لنهاية الحماقة. (3) مروى في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 7 ص 270 منه ومن الاختصاص. (4) قال العلامة المجلسي – رحمه الله – قوله عليه السلام: ” قبل انطاق الارض ” كأنه جمع النطاق والمراد بها الجبال التى احيطت بالارض كالمنطقة، وقد عبر في بعض الاخبار عن جبل قاف بالنطاقة الخضراء، وفى بعض النسخ [ قبل انطباق الارض ] أي من جهة انطباق الارض بعضها على بعض كناية عن طيها والاول أظهر انتهى.

[ 317 ]

” ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون (1) ” لمشاجرة كانت فيما بينهم ورجع (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابنا، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا ” منا أتى قوم موسى في شئ كان بينهم، فأصلح بينهم فمر برجل معقول عليه ثياب مسوح، معه عشرة موكلين به، يستقبلون به في الشتاء الشمال ويصبون عليه الماء البارد، ويستقبل به في الحر عين الشمس يدار به معها حيثما دارت، ويوقد حوله النيران، كلما مات من العشرة واحد أضاف أهل القرية إليهم آخر، فالناس يموتون والعشرة لا ينقصون، فقال له: ما أمرك ؟ قال: إن كنت عالما ” فما أعرفك بي، قال العلاء: قال محمد بن مسلم: ويروون أنه (3) ابن آدم ويروون أنه (4) أبا جعفر عليه السلام كان صاحب هذا الأمر (5). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل ابن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا جابر ألك حمار يسير بك فيبلغ بك من المشرق إلى المغرب في يوم واحد ؟ فقلت: جعلت فداك يا أبا جعفر وأني لي هذا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: ذاك أمير المؤمنين ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام: والله لتبلغن الأسباب والله لتركبن السحاب (6). علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن سدير الصيرفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الفضل إني لأعرف رجلا ” من أهل المدينة أخذ قبل مطلع الشمس وقبل مغربها إلى الفئة التي قال الله تعالى


(1) الاعراف: 159. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 7 ص 270. (3) يعنى الرجل المعقول. (4) يعنى الرجل الذى قال أبو عبد الله عليه السلام: ” ان رجلا منا “. (5) مروى في البصائر كالخبر المتقدم. (6) كالخبر السابق.

[ 318 ]

” ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ” لمشاجرة كانت فيما بينهم فأصلح بينهم ورجع ولم يقعد فمر بنطفكم (1) فشرب منه ومر على بابك فدق عليك حلقة بابك ثم رجع إلى منزله ولم يقعد (2). علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن أبيه، عن عبد الله بن مسكان، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إني لأعرف رجلا ” من أهل المدينة الذي اخذ قبل انطاق الأرض إلى الفئة التي قال الله في كتابه: ” ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ” لمشاجرة كانت فيما بينهم، فأصلح بينهم ورجع ولم يقعد فمر بنطفكم فشرب منه – يعني الفرات – ثم مر عليك يا أبا الفضل فقرع عليك بابك، ومر برجل عليه المسوح معقول به عشرة موكلون يستقبل به في الصيف عين الشمس ويوقد حوله النيران، ويدورون به حذاء الشمس حيث دارت، كلما مات من العشرة واحد أضاف إليهم أهل القرية واحدا ” آخر، فالناس يموتون والعشرة لا ينقصون فمر به الرجل فقال له: ما قصتك ؟ فقال له الرجل المعقول: إن كنت عالما ” فما أعرفك بي وبأمري، ويقال: إنه ابن آدم القاتل، وقال محمد بن مسلم: وكان الرجل أبا جعفر عليه السلام (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال، كنت عند أبي عبد الله عليه السلام حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يايماني أفيكم علماء ؟ قال: نعم، قال: فأي شئ يبلغ من علم عالمكم ؟ قال: إنه يسير في ليلة واحدة مسيرة شهر، يزجر الطير ويقفوا الآثار، فقال له: فعالم المدينة أعلم من عالمكم، قال: فأي


(1) النطفة – بالضم -: الماء الصافي قل أو كثر، والجمع نطاف ونطف، والنطفتان في الحديث: بحر المشرق والمغرب أو ماء الفرات أو ماء بحر جدة أو بحر الروم أو بحر الصين. كما في (القاموس). (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 11 ص 68 منه ومن الاختصاص. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 11 ص 68 منه ومن الاختصاص و الخرائج.

[ 319 ]

شئ يبلغ من علم عالم المدينة ؟ قال: إنه يسير في صباح واحد مسيرة سنة كالشمس إذا امرت فإنها اليوم غير مأمورة ولكن إذا امرت تقطع اثنى عشر مغربا “، واثنى عشر مشرقا “، واثنى عشر شمسا “، واثنى عشر قمرا “، واثنى عشر برا “، واثنى عشر عالما “، قال: فما بقي في يدي اليماني فما درى ما يقول وكف أبو عبد الله عليه السلام (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز، عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال له: يا أخا اليمن أعندكم علماء ؟ قال: نعم، قال: فما يبلغ من علم عالمكم ؟ قال: يسير في الليلة مسيرة شهر، يزجر الطير ويقفوا الأثر، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عالم المدينة أعلم من عالمكم، قال: فما يبلغ من علم عالم المدينة ؟ قال: يسير في ساعة من النهار مسيرة الشمس سنة حتى يقطع اثنى عشر عالما ” مثل عالمكم هذا، ما يعلمون إن الله خلق آدم ولا إبليس، قال: فيعرفونكم ؟ قال: نعم ما افترض الله عليهم إلا ولايتنا والبراءة من عدونا (2). أحمد بن الحسين قال: حدثني الحسن بن براء (3)، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم فرد عليه السلام ثم قال له: عندكم علماء ؟ قال: نعم، قال: فما بلغ من علم عالمكم ؟ قال: يزجر الطير ويقفوا الأثر في الساعة الواحدة مسيرة شهر للراكب المحث، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إن عالم المدينة أعلم من عالمكم، قال: وما بلغ من علم عالم المدينة ؟ قال: إن علم عالم المدينة ينتهي إلى أن لا يقفوا الأثر ولا يزجر الطير ويعلم في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس يقطع اثنى عشر برجا “، واثنى عشر برا “، واثنى عشر بحرا “، واثنى عشر عالما “، فقال له اليماني: جعلت فداك ما ظننت أن أحدا ” يعلم هذا وما أدري ما هن وخرج (4). محمد بن عبد الله الرازي الجاموراني، عن إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده،


(1) مروى في البصائر كالخبر السابق منقول في البحار ج 7 ص 270 من الاختصاص. (2) مروى في البصائر كالخبر المتقدم. (3) كذا ولعله الحسن بن على الكوفى الراوى عن على بن حسان. (4) منقول في البحار ج 7 ص 368، وفى النهاية الزجر للطير هو التيمن والتشأم والتفأل لطيرانها كالسانح والبارح وهو نوع من الكهانة والعيافة.

[ 320 ]

عن عبد الصمد بن علي قال: دخل رجل على علي بن الحسين عليهما السلام فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: من أنت ؟ قال: أنا رجل منجم قائف عراف، قال: فنظر إليه ثم قال: هل أدلك على رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر عالما ” كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه ؟ قال من هو ؟ قال: أنا وإن شئت أنبأتك بما أكلت وما ادخرت في بيتك (1). حدثني محمد بن حسان الرازي قال: حدثني علي بن خالد – وكان زيديا ” – قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجلا ” محبوسا ” اتي به من ناحية الشام مكبولا ” (2) وقالوا: إنه تنبأ قال علي بن خالد فأتيت الباب وداريت البوابين حتى وصلت إليه، فإذا رجل له فهم (3) فقال: كنت عند رأس قبر الحسين بن علي عليهما السلام فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي: قم بنا، فقمت معه فبينا أنا معه إذ أنا معه في مسجد الكوفة، فقال: تعرف هذا المسجد ؟ فقلت له: نعم هذا مسجد الكوفة: قال: فصلى وصليت معه، فبينا أنا معه إذا نحن في مسجد المدينة فصلى وصليت معه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا له، فبينا أنا معه إذا نحن بمكة فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه، فبينا أنا معه إذ أنا بموضعي الذي كنت أ عبد الله فيه بالشام ومضى الرجل، فلما كان في العام المقبل أيام الموسم إذ أنا به ففعل بي مثل فعلته الاولى فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا ما أخبرتني من أنت ؟ قال: فأطرق طويلا ” ثم نظر إلي فقال: أنا محمد بن علي بن موسى، قال: فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات فبعث إلي فأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبسني قال: فقلت له: فارفع قصتك إلى محمد بن عبد الملك ؟ فقال: ومن لي يأتيه بالقصة ؟ قال: فأتيته بدواة وقرطاس فكتب قصته إلى محمد بن عبد الملك وذكر في قصته ما كان، فوقع في


(1) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثاني عشر، ومنقول في البحار ج 11 ص 9 منه ومن الاختصاص. (2) أي مقيدا “. (3) في البصائر والكافي والخرائج والارشاد ” له فهم وعقل. فقلت له: ما قصتك ؟ قال انى كنت بالشام أ عبد الله في الموضع الذى يقال: انه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام “. الإختصاص – 20 –

[ 321 ]

قصته قل: للذي أخرجك في ليلة من الشام إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردك من مكة إلى المكان الذي كنت فيه أن يخرجك من حبسك، قال علي بن خالد: فغمني أمره ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر، ثم بكرت عليه يوما ” فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله قد اجتمعوا، فقلت: ما هذا ؟ فقال: المحمول من الشام الذي تنبأ افتقد البارحة ولا ندري خسفت به الأرض أو اختطفته الطير في الهواء (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن حفص الأبيض التمار قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام أيام قتل معلى بن خنيس وصلبه – رحمه الله – فقال لي: يا حفص إني أمرت المعلى بن خنيس بأمر فخالفني فابتلى بالحديد، وإني نظرت إليه يوما ” وهو كئيب حزين فقلت: مالك يا معلى كأنك ذكرت أهلك ومالك وعيالك ؟ فقال: أجل، فقلت: ادن مني فدنى مني فمسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني في بيتي، هذه زوجتي وهؤلاء ولدي فتركته حتى يملأ منهم واستترت منهم حتى نال ما ينال الرجل من أهله ثم قلت له: ادن مني فدنى مني فمسحت وجهه فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني معك في المدينة وهذا بيتك فقلت له: يا معلى إن لنا حديثا ” من حفظه علينا حفظه الله عليه دينه ودنياه يا معلى لا تكونوا اسراء في أيدي الناس بحديثنا إن شاؤوا أمنوا عليكم وإن شاؤوا قتلوكم، يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا ” بين عينيه ورزقه الله العزة في الناس ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت كبلا “، يا معلى وأنت مقتول فاستعد (2). الحسن بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن بقاح، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحوض فقال لي: هو حوض ما بين بصرى إلى صنعاء، أتحب أن تراه ؟ فقلت له: نعم، قال: فأخذ بيدي وأخرجني إلى


(1) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثالث عشر، والكافي ج 1 ص 492، والخرائج الباب العاشر ورواه المؤلف في الارشاد أيضا “، ومنقول في البحار ج 12 ص 108. (2) رواه الكشى في رجاله ص 240 والصفار في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 7 ص 272 من الاختصاص وج 11 ص 129 منه ومن البصائر والرجال.

[ 322 ]

ظهر المدينة، ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج، ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت، فما رأيت شيئا ” أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء، فقلت له: جعلت فداك من أين يخرج هذا ومن أين مجراه ؟ فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر يجري في هذا النهر ورأيت حافتيه عليهما شجر فيهن جوار معلقات برؤوسهن، ما رأيت شيئا ” أحسن منهن، وبأيديهن، آنية ما رأيت أحسن منها، ليست من آنية الدنيا، فدنى من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمال الشجر فاغترفت ثم ناولته فشرب ثم ناولها وأومأ إليها فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فناولني فشربت، فما رأيت شرابا ” كان ألين منه ولا ألذ وكانت رائحته رائحة المسك، ونظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط وما كنت أرى الأمر هكذا فقال: هذا من أقل ما أعده الله تعالى لشيعتنا، إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر، ورعت في رياضه، وشربت من شرابه، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت، فأخلدت في عذابه، واطعمت من زقومه وسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي (1). وعنه، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين (2) ” قال: وكنت مطرقا ” إلى الأرض فرفع يده إلى فوق، ثم قال: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، وحار بصري دونه، ثم قال لي: رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض هكذا، ثم قال لي: أطرق فأطرقت، ثم قال: ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله، ثم أخذ بيدي فقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه وأدخلني بيتا ” آخر فخلع


(1) مروى مع زيادة البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 7 ص 272 من الاختصاص وج 11 ص 129 منه ومن البصائر. (2) الانعام: 75. ولعل الارض في قراءتهم (ع) بالنصب كما هو ظاهر من ذيل الخبر فتأمل.

[ 323 ]

ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا ” غيرها، ثم قال لي: غض بصرك فغضضت بصري فقال: لا تفتح عينيك، فلبثت ساعة ثم قال لي: تدري أين أنت ؟ قلت: لا، قال: أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين، فقلت له: جعلت فداك أتأذن لي أن أفتح عيني فأراك ؟ فقال لي: افتح فإنك لا ترى شيئا “، ففتحت عيني فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي، ثم سار قليلا ” ووقف، فقال: هل تدري أين أنت ؟ فقلت: لا أدري، فقال: أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر عليه السلام، وسرنا فخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا هذا في بنائه ومساكنه وأهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول والثاني حتى وردنا على خمسة عوالم، قال: ثم قال لي: هذه ملكوت الأرض ولم يرها إبراهيم عليه السلام وإنما رأى ملكوت السموات وهي اثنا عشر عالما ” كل عالم كهيئة ما رأيت، كلما مضى منا إمام سكن إحدى هذه العوالم حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه ثم قال لي: غض بصرك، ثم أخذ بيدي فإذا في البيت الذي خرجنا منه فنزع ذلك الثياب ولبس ثيابه التي كانت عليه وعدنا إلى مجلسنا، فقلت له: جعلت فداك كم مضى من النهار فقال: ثلاث ساعات (1). أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن المعلى بن خنيس قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام في بعض حوائجه فقال لي: مالي أراك كئيبا ” حزينا ” ؟ فقلت: ما بلغني من أمر العراق وما فيها من هذه الوباء فذكرت عيالي فقال: أيسرك أن تراهم ؟ فقلت: وددت والله قال: فاصرف وجهك فصرفت وجهي، ثم قال: أقبل بوجهك فإذا داري متمثلة نصب عيني، فقال لي: ادخل دارك فدخلت فإذا أنا لا أفقد من عيالي صغيرا ” ولا كبيرا ” إلا وهو في داري بما فيها فقضيت وطري ثم خرجت، فقال: اصرف وجهك فصرفته فلم أر شيئا ” (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن


(1) مروى في البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 11 ص 129 وتفسير البرهان ج 1 ص 532 من البصائر والاختصاص. (2) مروى في البصائر ومنقول في البحار كالخبر السابق.

[ 324 ]

الأسود بن سعيد قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا أسود بن سعيد إن بيننا وبين كل أرض ترا مثل تر البناء فإذا أمرنا في الأرض بأمر جذبنا ذلك التر فأقبلت الأرض إلينا بقليبها وأسواقها ودورها حتى ننفذ فيها ما نؤمر به من أمر الله تبارك وتعالى (1). إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عمرو بن سعيد الثقفي، عن يحيى بن الحسن بن فرات عن يحيى بن المساور، عن أبي الجارود المنذر بن الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله الغار طلبه علي بن أبي طالب عليه السلام وخشي أن يغتاله المشر كون، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله على حراء وعلي عليه السلام بثبير (2) فبصر به النبي صلى الله عليه وآله فقال: مالك يا علي ؟ فقال: بأبي أنت وامي خشيت أن يغتالك المشركون فطلبتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ناولني يدك يا علي، فرجف الجبل حتى يخطى برجله إلى الجبل الآخر، ثم رجع الجبل إلى قراره (3). المعلى بن محمد البصري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يحيى، عن صالح ابن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام (4) فقلت له: جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك، فقال: ههنا أنت يا ابن سعيد (5) ؟ ! ثم أومأ بيده وقال: انظر، فنظرت فإذا أنا بروضات أنقات وروضات ناضرات، فيهن خيرات (6) عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري والها ” وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد ولسنا في خان الصعاليك (7).


(1) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الثالث عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 269 وقال: وفى الخرائج مثله. والتر – بالضم -: الخيط الذى يقدر به البناء ويقال له بالفارسية: (ريسمانكار) والقليب: البئر أو العادية القديمة منها. (2) ثبير جبل بمكة. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم. (4) يعنى الثالث. (5) أي أنت في هذا المقام من معرفتنا ؟. (6) خيرات مخفف خيرات لان الخير الذى بمعنى أخير لا يجمع. (البحار) (7) مروى في الكافي ج 1 ص 498، وفى البصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار مع بيان مفصل له ج 12 ص 130 والعتيد أي الحاضر والمهيأ.

[ 325 ]

وعنه، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد، عن إسحاق الجلاب قال: اشتريت لأبي الحسن غنما ” كثيرة فدعاني وأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به، فبعث إلى أبي جعفر (1) وإلى والدته وغيرهما ممن أمرني، ثم استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي وكان ذلك يوم التروية، فكتب إلي تقيم غدا ” عندنا ثم تنصرف قال: فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الأضحى في رواق له فلما كان في السحر أتاني فقال: يا إسحاق قم، قال: فقمت وفتحت عيني فإذا أنا على بابي بغداد فدخلت على والدي وأتاني أصحابي، فقلت لهم: عرفت بالعسكر وخرجت ببغداد إلى العيد (2). جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن أحمد بن المؤدب من ولد الأشتر، عن محمد بن عمار الشعراني، عن أبيه، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده رجل من أهل خراسان وهو يكلمه بلسان لا أفهمه ثم رجع إلى شئ فهمته، فسمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اركض برجلك الأرض فإذا بحر تلك الأرض على حافتيها فرسان قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هؤلاء أصحاب القائم عليه السلام (3). الحسن بن علي الزيتوني.، ومحمد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن الحسن ابن محبوب، عن الحسن بن عطية قال: كان أبو عبد الله عليه السلام واقفا ” على الصفا فقال له عباد البصري: حديث يروى عنك، قال: وما هو ؟ قال: قلت: حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنية، قال: قد قلت ذلك إن المؤمن لو قال لهذه الجبال: أقبلي أقبلت قال: فنظرت إلى الجبال قد أقبلت فقال لها: على رسلك إني لم أردك (4). الحسين بن الحسن بن أبان قال: حدثني الحسين بن سعيد وكتبه لي بخطه


(1) هذا هو ابنه المرجو الامامة. (2) مروى في الكافي والبصائر كالخبر المتقدم، ومنقول في البحار ج 12 ص 130، وقوله: ” عرفت ” أي أمضيت العرفة، قوله: ” إلى العيد ” أي إلى صلاته. (3) منقول في البحار ج 1 1 ص 129. (4) كالخبر السابق وقوله: ” على رسلك ” أي على مهلك وتأن: والرسل: التمهل والتؤدة والرفق.

[ 326 ]

بحضرة أبي الحسن بن أبان قال: حدثني محمد بن سنان، عن حماد البطحي، عن زميله – وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام – قال: إن نفرا ” من أصحابه قالوا: يا أمير المؤمنين إن وصي موسى كان يريهم العلامات بعد موسى وإن وصي عيسى كان يريهم العلامات بعد عيسى فلو أريتنا ؟ فقال: لا تقرون، فألحوا عليه وقالوا: يا أمير المؤمنين (1) فأخذ بيد تسعة وخرج بهم قبل أبيات الهجريين حتى أشرف على السبخة فتكلم بكلام خفي، ثم قال بيده: اكشفي غطاءك، فإذا كل ما وصف الله في الجنة نصب أعينهم مع روحها وزهرتها فرجع منهم أربعة يقولون: سحرا ” سحرا ” وثبت رجل منهم بذلك ما شاء الله، ثم جلس مجلسا ” فنقل منه شيئا ” من الكلام في ذلك فتعلقوا به فجاؤوا به إلى أمير المؤمنين وقالوا: يا أمير المؤمنين اقتله ولا تداهن في دين الله قال: وما له ؟ قالوا: سمعناه يقول: كذا وكذا، فقال له: ممن سمعت هذا الكلام ؟ قال: سمعته من فلان بن فلان فقال أمير المؤمنين: رجل سمع من غيره شيئا ” فأداه، لا سبيل على هذا، فقالوا. داهنت في دين الله والله لنقتلنه، فقال: والله لا يقتله منكم رجل إلا أبرت عترته (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك بن عبد الله القمي قال: حدثني أخي إدريس بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن منا أهل البيت لمن الدنيا عنده مثل هذه – وعقد بيده عشرة (3) -. محمد بن هارون، عن أبي يحيى سهيل بن زياد الواسطي، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله تبارك وتعالى خير ذا القرنين السحابتين الذلول والصعب فاختار الذلول وهو ما ليس فيه برق ولا رعد ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأن الله ادخره للقائم عليه السلام (4).


(1) كذا. (2) منقول في مدينة المعاجز ص 88. (3) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الرابع عشر، ومنقول في البحار ج 7 ص 269. وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: عقد العشرة بحساب العقود هو أن تضع رأس ظفر السبابة على مفصل أنملة الابهام ليصير الاصبعان معا كحلقة مدورة أي الدنيا عند الامام عليه السلام كهذه الحلقة في أن له أن يتصرف فيها باذن الله تعالى كيف شاء أو في علمه بما فيها وإحاطته بها. (4) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس عشر.

[ 327 ]

إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير – أو غيره – عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن عليا ” عليه السلام حين خير ملك ما فوق الأرض وما تحتها عرضت له سحابتين إحداهما صعبة والاخرى ذلول، وكانت الصعبة ملك ما تحت الأرض وفي الذلول ملك ما فوق الأرض فاختار الصعبة على الذلول فركبها فدارت به سبع أرضين فوجد فيه ثلاثا ” خرابا ” وأربعا ” عوامر (1). المعلى بن محمد البصري (2)، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن سماعة ابن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأرعدت السماء وأبرقت فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم قلت: من صاحبنا ؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام. أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أديم بن الحر، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بلغني أن الرب تبارك وتعالى قد ناجى عليا ” عليه السلام، فقال: أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرئيل (3). إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن سلمه بن كهيل يروي في علي أشياء كثيرة قال: ما هي ؟ قلت: حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان محاصرا ” أهل الطائف وإنه خلا بعلي عليه السلام يوما “، فقال رجل من أصحابه: عجبا ” لما نحن فيه من الشدة وإنه يناجي هذا الغلام منذ اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا بمناجيه إنما يناجي ربه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: نعم إنما هذه أشياء يعرف بعضها من بعض (4). علي بن محمد بن علي بن سعد، عن حمدان بن سليمان النيشابوري قال: حدثني عبد الله ابن محمد اليماني، عن منيع، عن يونس، عن علي بن أعين، عن أبيه، عن جده، عن أبي رافع


(1) مر نحوه ص 199. (2) مضطرب الحديث والمذهب (صه) (3) منقول في البحار ج 9 ص 380. (4) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب السادس عشر، ومنقول في البحار ج 9 ص 380 منه ومن الاختصاص وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لعل مراده أن فضائله ومناقبه يشهد بعضها لبعض بالصحة ففيه تصديق مع برهان أو المعنى أن هذه المناقب تدل على امامته.

[ 328 ]

قال: لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ” عليه السلام يوم خيبر فتفل في عينيه قال له: إذا أنت فتحتها فقف بين الناس، فإن الله أمرني بذلك، قال أبو رافع: فمضى علي عليه السلام وأنا معه فلما أصبح بخيبر وافتتحها وقف بين الناس فأطال الوقوف فقال اناس: إن عليا ” يناجي ربه، فلما مكث ساعة أمر الناس بانتهاب المدينة التي فتحها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يارسول الله: إن عليا ” وقف بين الناس كما أمرته فسمعت قوما ” منهم يقولون: إن الله ناجاه، فقال: نعم، إن الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر (1). أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه.، ومحمد بن خالد البرقي.، والعباس بن معروف، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام (2) عن الرسول والنبي والمحدث فقال: الرسول الذي تأتيه الملائكة ويعاينهم وتبلغه عن الله تعالى، و النبي الذي يرى في منامه فما رأى فهو كما رأى.، والمحدث الذي يسمع الكلام – كلام الملائكة – وينقر في اذنيه وينكت في قلبه (3). وعنه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” وكان رسولا ” نبيا ” (4) ” علمنا الرسول ومن النبي ؟ فقال: النبي هو الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك والرسول يعاين الملك ويكلمه، قلت: فالإمام ما منزلته ؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك.، ثم تلا هذه الآية ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) ” (5). الهيثم بن أبي مسروق النهدي.، وإبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مهران قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام جعلت فداك أخبرني ما الفرق


(1) كالخبر المتقدم. (2) في البحار من البصائر ” سألت أبا عبد الله عليه السلام ” وفى الكافي ج 1 ص 177 عنهما عليهما السلام. (3) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس، ومنقول في البحار ج 7 ص 293. (4) مريم: 54. (5) مروى في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في تفسير البرهان ج 3 ص 16 من الاختصاص ومروى نحوه في الكافي ج 1 ص 176 ومنقول في البحار ج 7 ص 293.

[ 329 ]

بين الرسول والنبي والإمام فكتب إليه – أو قال له -: الفرق بين الرسول والنبي و الإمام أن الرسول هو الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويكلمه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما اوتي في منامه نحو رؤيا إبراهيم.، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع الكلام.، والإمام يسمع الكلام ولا يرى الشخص (1). إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني إسماعيل بن يسار (2)، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) ” فقال: الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا ” فيكلمه فيراه كما يرى الرجل صاحبه.، وأما النبي فهو الذي يؤتى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان يرى محمد صلى الله عليه وآله ومنهم من يجتمع له الرسالة والنبوة وكان محمد صلى الله عليه وآله ممن جمعت له الرساله والنبوة، وأما المحدث فهو الذي يسمع كلام الملك ولا يراه و لا يأتيه في المنام (3). وعنه قال: حدثني إسماعيل بن يسار قال: حدثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم بن قيس الشامي أنه سمع عليا ” عليه السلام يقول: إني وأوصيائي من ولدي أئمة مهتدون كلنا محدثون، قلت: يا أمير المؤمنين من هم ؟ قال: الحسن والحسين، ثم ابني علي بن الحسين – قال: وعلي يومئذ رضيع – ثم ثمانية من بعده واحدا ” بعد واحد وهم الذين أقسم الله بهم فقال: ” ووالد وما ولد ” أما الوالد فرسول الله صلى الله عليه وآله وما ولد يعني هؤلاء الأوصياء فقلت: يا أمير المؤمنين أيجتمع إمامان ؟ فقال: لا إلا واحدهما مصمت لا ينطق حتى يمضي الأول قال سليم: سألت محمد بن أبي بكر فقلت: أكان علي عليه السلام محدثا ” ؟ فقال: نعم، قلت: ويحدث الملائكة الأئمة ؟ فقال: أو ما تقرء ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) ” قلت: فأمير المؤمنين محدث ؟ فقال: نعم وفاطمة كانت محدثة ولم تكن نبية (4). أحمد بن محمد بن عيسى، وأخوه عبد الله بن محمد، عن أبيهما محمد بن عيسى، عن عبد الله بن


(1) كالخبر السابق. (2) في بعض النسخ [ بشار ] وهكذا فيما يأتي. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم ومنقول في البحار ج 7 ص 294. (4) كالخبر السابق.

[ 330 ]

سنان، عن موسى بن أشيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن مسألة فأجابني فيها بجواب: فأنا جالس إذ دخل رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني، فدخل رجل آخر فسأله بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني وخلاف ما أجابه به صاحبي، ففزعت من ذلك وعظم علي فلما خرج القوم نظر الي وقال: يا ابن أشيم كأنك جزعت فقلت: جعلت فداك إنما جزعت في ثلاثة أقاويل في مسألة واحدة، فقال: يا ابن أشيم إن الله فوض إلى داود أمر ملكه فقال: هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وفوض إلى محمد صلى الله عليه وآله أمر دينه فقال: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا ” وإن الله فوض إلى الأئمة منا وإلينا ما فوض إلى محمد صلى الله عليه وآله فلا تجزع (1). وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي، وحدثني محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من أحللنا له شيئا ” أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال لأن الأئمة منا مفوض إليهم فما أحلوا فهو حلال وما حرموا فهو حرام (2). أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله أدب نبيه صلى الله عليه وآله على محبته فقال: ” إنك لعلى خلق عظيم ” ثم فوض إليه فقال ” ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا ” وقال: ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ” وإن رسول الله صلى الله عليه وآله فوض إلى علي عليه السلام وائتمنه فسلمتم وجحد الناس ونحن فيما بينكم وبين الله، ما جعل الله لأحد من خير في خلاف أمرنا فإن أمرنا أمر الله عزوجل (3). محمد بن عيسى بن عبيد، عن النضر بن سويد، عن علي بن صامت، عن اديم بن الحر


(1) مروى في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس. (2) مروى في البصائر كالخبر السابق ومنقول في البحار ج 7 ص 260 منه ومن الاختصاص. (3) مروى في البصائر كالخبر المتقدم مع زيادة.

[ 331 ]

قال: سأل موسى بن أشيم أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن آية من كتاب الله فخبره بها، فلم يبرح حتى دخل رجل فسأله عن تلك الآية بعينها فخبره بخلاف ما خبر به موسى ابن أشيم، ثم قال ابن أشيم: فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كان قلبي يشرح بالسكاكين وقلت: تركنا أبا قتاده بالشام لا يخطئ في الحرف الواحد الواو وشبهها وجئت ثم يخطئ هذا الخطأ كله، فبينا أنا في ذلك إذ دخل عليه رجل آخر فسأله عن تلك الآية بعينها فخبره بخلاف ما خبرني وخلاف الذي خبر به الذي سأله بعدي فتجلى عني وعلمت أن ذلك تعمدا “، فحدثت نفسي بشئ فالتفت إلي أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا ابن أشيم لا تفعل كذا وكذا، فبان حديثي عن الأمر الذي حدثت به نفسي، ثم قال: يا ابن أشيم إن الله فوض إلى سليمان بن داود فقال: ” هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ” وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا ” فما فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا، يا ابن أشيم ” من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا ” حرجا ” أتدري ما الحرج ؟ قلت: لا، فقال بيده وضم أصابعه كالشئ المصمت الذي لا يخرج منه شئ ولا يدخل فيه شئ (1). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا والله ما فوض الله عزوجل إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام فقال في كتابه: ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أريك الله ” وهي جارية في الأوصياء (2). محمد بن خالد الطياليسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن رفيد مولى


(1) مروى في البصائر كالخبر السابق، ومنقول في البحار ج 7 ص 260. (2) كالخبر السابق وفيه عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، عنه عليه السلام، وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد بقوله تعالى: ” بما اريك الله ” بما عرفك الله وأوحى به إليك، ومنهم من زعم أنه يدل على جواز الاجتهاد عليه عليه السلام ولا يخفى ضعفه، وظاهر الخبر أنه عليه السلام فسر الاراء بالالهام وما يلقى الله في قلوبهم من الاحكام لتدل على التفويض ببعض معانيه.

[ 332 ]

ابن هبيرة قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام: إذا رأيت القائم قد أعطى رجلا ” مائة ألف درهم و أعطاك درهما ” فلا يكبرن ذلك في صدرك فإن الأمر مفوض إليه (1). محمد بن خالد الطيالسي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد قال: تلوت على أبي جعفر عليه السلام هذه الآية من قوله الله تعالى: ” ليس لك من الأمر شئ ” قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حرص أن يكون علي ولي الأمر من بعده وذلك الذي عنى الله ” ليس لك من الأمر شئ ” وكيف لا يكون له من الأمر شئ وقد فوض إليه فقال: ما أحل النبي صلى الله عليه وآله فهو حلال وما حرم النبي صلى الله عليه وآله فهو حرام (2). وروي أن لله عزوجل ضنائن من عباده يحييهم في عافية، ويميتهم في عافية، ويدخلهم الجنة في عافية (3). وفي الدعاء اللهم لا تجعلنا من الذين تقدموا فمرقوا ولا من الذين تأخروا فمحقوا واجعلنا من النمرقة الأوسط (4). هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله لما أخرج ذرية آدم عليه السلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي كان أول من أخذ عليهم الميثاق بالنبوة نبوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، ثم قال الله تعالى لآدم عليه السلام: انظر ماذا ترى، قال: فنظر آدم إلى ذريته وهم ذر قد ملؤوا السماء، فقال آدم: يا رب ما أكثر ذريتي ولأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذ الميثاق عليهم ؟ قال الله تعالى: يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ” ويؤمنون برسلي ويتبعونهم، قال آدم: يا رب مالي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور ؟ قال الله عزوجل: كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم، قال آدم: يا رب فتأذن لي في الكلام فأتكلم ؟ قال جل جلاله له: تكلم فإن روحك من روحي و


(1) مروى في البصائر، ومنقول في البحار ج 7 ص 261. (2) منقول في تفسير البرهان ج 1 ص 314 من الاختصاص. (3) ضنائن الله: خواص خلقه. (4) منقول في البحار ج 7 ص 258 من الاختصاص.

[ 333 ]

طبيعتك من خلاف كينونتي، قال آدم: يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وأعمار واحدة وأرزاق سوي لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الأشياء، فقال الله: يا آدم بوحيي نطقت ولضعف طبعك تكلفت مالاعلم لك به وأنا الله الخالق العليم، بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيتي يمضي فيهم أمري، وإلى تقديري وتدبيري هم صائرون لا تبديل لخلقي وإنما خلقت الجن والإنس ليعبدوني و خلقت الجنة لمن عبدني وأطاعني منهم واتبع رسلي ولا ابالي [ وخلقت النار لمن عصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي ] وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم، وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا ” في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم، و كذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار و كذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم و أعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم فجعلت منهم السعيد والشقي والبصير والأعمى و القصير والطويل والجميل والقبيح والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا علة به فينظر الصحيح إلى ذوي العاهة فيحمد ني على ما عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني العافية أو يصبر على بلائي فأتيته جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء وفيما عافيتهم وفيما ابتليتهم وفيما أعطيتهم وفيما منعتهم وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت، ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت وأقدم من ذلك ما أخرت واؤخر من ذلك ما قدمت، وأنا الله الفعال لما اريد لا اسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون (1). هشام، عن يزيد الكناسي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ابنك أولى بك من ابن ابنك وابن ابنك أولى بك من أخيك، قال: وأخوك لأبيك وامك أولى بك من أخيك لأبيك، قال: وأخوك من أبيك أولى بك من أخيك من امك، قال: وابن أخيك من أبيك


(1) مروى في علل الشرايع، ومنقول في البحار ج 3 ص 62 منه ومن الاختصاص.

[ 334 ]

وامك أولى بك من ابن أخيك من أبيك، قال: وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمك، قال: وعمك أخو أبيك من أبيه وامه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه، قال: وعمك أخو أبيك لأبيه أولى بك من بني عمك، قال: وابن عمك أخي أبيك لأبيه وامه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك من أبيه، قال: وابن عمك أخي أبيك من أبيه وامه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لامه (1). عمرو بن ثابت قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: ” ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ” يحبونهم كحب الله (2) ” قال: فقال: هم والله أولياء فلان وفلان و فلان اتخذوهم أئمة دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما ” فذلك قول الله تعالى: ” ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا ” وأن الله شديد العذاب * إذ تبرء الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأو العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا: لو أن لنا كرة فنتبرء منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (3) ” ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم (4). أبو القاسم الشعراني يرفعه، عن يونس بن ظبيان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الصادق عليه السلام قال: إذا قام القائم أتى رحبة الكوفة فقال (5) برجله هكذا وأومأ بيده إلى موضع ثم قال: احفروا ههنا، فيحفرون فيستخرجون اثنى عشر ألف درع واثنى عشر ألف سيف واثنى عشر ألف بيضة لكل بيضة وجهين، ثم يدعو اثنى عشر ألف رجل من الموالي من العرب والعجم فيلبسهم ذلك، ثم يقول: من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه (6). وقال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى جعلنا حججه على خلقه وامناء علمه،


(1) منقول في البحار ج 24 ص 24. وفيه سقط راجع لتمامه الكافي ج 7 ص 76. (2) البقرة: 160. (3) البقرة: 161 إلى 163. (4) رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 374 ونقله البحراني في التفسير ج 1 ص 172 منه ومن الاختصاص. (5) أي اشار. (6) منقول في البحار ج 13 ص 197.

[ 335 ]

فمن حجدنا كان بمنزلة إبليس في تعنته على الله حين أمره بالسجود لآدم ومن عرفنا و اتبعنا كان بمنزلة الملائكة الذين أمرهم الله بالسجود لآدم فأطاعوه. وقال موسى بن جعفر عليه السلام: محادثة العالم على المزبلة خير من محادثة الجاهل على الزرابي. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تجلسوا عند كل عالم يدعوكم إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الريا إلى الإخلاص، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرغبة إلى الزهد. وقال الحكيم: من لم ينتفع بيسير الحكمة ضره كثيرها وإنما منزلة من يسمع باذنيه ما لا يعي قلبه بمنزلة من يقدح النار في الماء فلا ينال منه حاجته أبدا “. وقال: قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقول الحكمة، فإذا فقدت العقول قوتها من الحكمة هلكت هلاك الأجساد عند فقد الطعام. وقال صلى الله عليه وآله: حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا البلاء بالدعا فإنه لن يهلك مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة. وقال الحكيم: مثل الذي يطلب الدواء يستغني فيها كمثل الذي يطفئ النار بالحلفاء لا يزداد عليه إلا اشتعالا “. وقال بعض الحكماء: إن البدن إذا سقم لم ينجع بطعام ولا شراب ولا راحة وكذلك القلب إذا علقه حب الدنيا لم ينجع فيه المواعظ. وقال الله لداود: يا داود احذر القلوب المعلقة بشهوات الدنيا، عقولها محجوبة عني. وقال سلمان رضي الله عنه: إني أخشى عليكم ثلاثا “: زلة العالم، وجدال المنافق، ودنيا مطغية. وقال بعض الحكماء: من خصال أهل الجنة أربعة: وجه منبسط، ولسان لطيف وقلب رحيم، ويد معطية.


[ 336 ]

بعض وصايا لقمان الحكيم لابنه عليهما السلام (بسم الله الرحمن الرحيم) عن الأوزاعي أن لقمان الحكيم – رحمه الله – لما خرج من بلاده نزل بقرية بالموصل يقال لها: كومليس (1) قال: فلما ضاق بها ذرعه واشتد بها غمه ولم يكن بها أحد يعينه على أمره، أغلق الباب وأدخل ابنه يعظه فقال: يا بني إن الدنيا بحر عميق هلك فيها بشر كثير، تزود من عملها واتخذ سفينة حشوها تقوى الله ثم اركب لجج الفلك تنجو وإني لخائف أن لا تنجو. يا بني السفينة إيمان وشراعها التوكل وسكانها الصبر ومجاذيفها (2) الصوم و الصلاة والزكاة. يا بني من ركب البحر من غير سفينة غرق. يا بني أقل الكلام واذكر الله عزوجل في كل مكان فإنه قد أنذرك وحذرك و بصرك وعلمك. يا بني اتعظ بالناس قبل أن يتعظ الناس بك. يا بني اتعظ بالصغير قبل أن ينزل بك الكبير. يا بني أملك نفسك عند الغضب حتى لا تكون لجهنم حطبا “. يا بني الفقر خير من أن تظلم وتطغى. يا بني إياك أن تستدين فتخون من الدين. يا بني إياك أن تستذل فتخزي. يا بني إياك أن تخرج من الدنيا فقيرا ” وتدع أمرك وأموالك عند غيرك قيما، فتصيره أميرا “. يا بني إن الله تعالى رهن الناس بأعمالهم فويل لهم مما كسبت أيديهم و أفئدتهم.


(1) في بعض النسخ [ كوماس ]. (2) المجذاف: ما تدفع به السفينة كالمجذاف. الاختصاص – 21 –

[ 337 ]

يا بني لا تأمن الدنيا والذنوب والشيطان فيها. يا بني إنه قد افتتن الصالحون من الأولين فكيف ينجو منه الآخرون. يا بني اجعل الدنيا سجنك فتكون الآخرة جنتك. يا بني إنك لم تكلف أن تشيل الجبال (1) ولم تكلف مالا تطيقه، فلا تحمل البلاء على كتفك ولا تذبح نفسك بيدك. يا بني إنك كما تزرع تحصد وكما تعمل تجد. يا بني لا تجاورن الملوك فيقتلوك ولا تطيعهم فتكفر. يا بني جاور المساكين واخصص الفقراء والمساكين من المسلمين. يا بني كن لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالزوج العطوف. يا بني إنه ليس كل من قال: اغفر لي غفر له، إنه لا يغفر إلا لمن عمل بطاعة ربه. يا بني الجار ثم الدار. يا بني الرفيق ثم الطريق. يا بني لو كانت البيوت على العجل ما جاور رجل سوء أبدا “. يا بني الوحدة خير من صاحب السوء. يا بني الصاحب الصالح خير من الوحدة. يا بني نقل الحجارة والحديد خير من قرين السوء. يا بني إني نقلت الحجارة والحديد فلم أجد شيئا ” أثقل من قرين السوء. يا بني إنه من يصحب قرين السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم. يا بني من لا يكف لسانه يندم. يا بني المحسن تكافي بإحسانه والمسيئ يكفيك مساويه، لو جهدت أن تفعل به أكثر مما يفعله بنفسه ما قدرت عليه. يا بني من ذا الذي عبد الله فخذله، ومن ذا الذي ابتغاه فلم يجده. يا بني ومن ذاالذي ذكره فلم يذكره، ومن ذا الذي توكل على الله فوكله إلى غيره، ومن ذاالذي تضرع إليه جل ذكره فلم يرحمه.


(1) أشال الشئ: رفعه وحمله.

[ 338 ]

يا بني شاور الكبير ولا تستحيي من مشاورة الصغير. يا بني إياك ومصاحبة الفساق، هم كالكلاب إن وجدوا عندك شيئا ” أكلوه وإلا ذموك وفضحوك، وإنما حبهم بينهم ساعة. يا بني معاداة المؤمنين خير من مصادقة الفاسق. يا بني المؤمن تظلمه ولا يظلمك، وتطلب عليه فيرضى عنك، والفاسق لا يراقب الله فكيف يراقبك. يا بني استكثر من الأصدقاء ولا تأمن من الأعداء فإن الغل في صدورهم مثل الماء تحت الرماد. يا بني إبدء الناس بالسلام والمصافحة قبل الكلام. يا بني لا تكالب الناس فيمقتوك، ولا تكن مهينا ” فيذلوك، ولا تكن حلوا ” فيأكلوك، ولا تكن مرا ” فيلفظوك، – ويروى ولا تكن حلوا ” فتبلع – ولا مرا فترمى. يا بني لا تخاصم في علم الله فإن علم الله لا يدرك ولا يحصى. يا بني خف الله مخافة لا تيأس من رحمته وارجه رجاء لا تأمن من مكره. يا بني انه النفس عن هواها فإنك إن لم تنه النفس عن هواها لم تدخل الجنة ولم ترها. – ويروى انه نفسك عن هواها فإن في هواها رداها -. يا بني إنك منذ يوم هبطت من بطن امك استقبلت الآخرة واستدبرت الدنيا فإنك إن نلت مستقبلها أولى بك أن تستدبرها. يا بني إياك والتجبر والتكبر والفخر فتجاور إبليس في داره يا بني دع عنك التجبر والكبر ودع عنك الفخر، واعلم أنك ساكن القبور. يا بني اعلم أنه من جاور إبليس وقع في دار الهوان، لا يموت فيها ولا يحيى. ياني ويل لمن تجبر وتكبر، كيف يتعظم من خلق من طين وإلى طين يعود ثم لا يدري إلى ماذا يصير إلى الجنة فقد فاز، أو إلى النار فقد خسر خسرانا ” مبينا ” وخاب، – ويروى كيف يتجبر من قد جرى في مجرى البول مرتين -. يا بني كيف ينام ابن آدم والموت يطلبه، وكيف يغفل ولا يغفل عنه.


[ 339 ]

يا بني إنه قد مات أصفياء الله عزوجل وأحباؤه وأنبياؤه صلوات الله عليهم فمن ذا بعد هم يخلد فيترك. يا بني لا تطأ أمتك ولو أعجبتك وانه نفسك عنها وزوجها. يا بني لا تفشين سرك إلى امرأتك ولا تجعل مجلسك على باب دارك. يا بني إن المرأة خلقت من ضلع أعوج إن أقمتها كسرتها وإن تركتها تعوجت، ألزمهن البيوت فإن أحسن فاقبل إحسانهن وإن أسأن فاصبر إن ذلك من عزم الامور. يا بني النساء أربعة: ثنتان صالحتان وثنتان ملعونتان فأما إحدى الصالحتين فهي الشريفة في قومها الذليلة في نفسها، التي إن اعطيت شكرت وإن ابتليت صبرت، القليل في يديها كثير الصالحة في بيتها، والثانية الودود الولود، تعود بخير على زوجها، هي كالام الرحيم تعطف على كبيرهم وترحم صغيرهم وتحب ولد زوجها وإن كانوا من غيرها، جامعة الشمل، مرضية البعل، مصلحة في النفس، والأهل والمال والولد، فهي كالذهب الأحمر طوبى لمن رزقها، إن شهد زوجها أعانته وإن غاب عنها حفظته، وأما إحدى الملعونتين فهي العظيمة في نفسها، الذليلة في قومها، التي إن اعطيت سخطت وإن منعت عتبت وغضبت، فزوجها منها في بلاء وجيرانها منها في عناء، فهي كالأسد إن جاورته أكلك وإن هربت منه قتلك، و الملعونة الثانية فهي عند زوجها وميلها في جيرانها، فهي سريعة السخطة، سريعة الدمعة إن شهد زوجها لم تنفعه وإن غاب عنها فضحته، فهي بمنزلة الأرض النشاشة (1) إن اسقيت أفاضت الماء وغرقت، وإن تركتها عطشت، وإن رزقت منها ولدا ” لم تنتفع به. يا بني لا تتزوج بأمة فيباع ولدك بين يديك وهو فعلك بنفسك. يا بني لو كانت النساء تذاق كما تذاق الخمر ما تزوج رجل امرأة سوء أبدا “. يا بني أحسن إلى من أساء إليك ولا تكثر من الدنيا فإنك على غفلة (2) منها وانظر إلى ما تصير منها. يا نبي لا تأكل مال اليتيم فتفتضح يوم القيامة وتكلف أن ترده إليه.


(1) كذا وفي بعض النسخ [ النسو ان ]. (2) كذا وفي بعض النسخ [ على رحلة ].

[ 340 ]

يا بني إنه إن أغنى أحد عن أحد لأغنى الولد عن والده. يا بني إن النار تحيط بالعالمين كلهم فلا ينجو منها أحد إلا من رحمه الله و قربه منه. يا بني لا يغرنك خبيث اللسان فإنه يختم على قلبه وتتكلم جوارحه وتشهد عليه. يا بني لا تشتم الناس فتكون أنت الذي شتمت أبويك. يا بني لا يعجبك إحسانك ولا تتعظمن بعملك الصالح فتهلك. يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور. يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. يا بني ولا تمشي في الأرض مرحا ” إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا “. يا بني إن كل يوم يأتيك يوم جديد، يشهد عليك عند رب كريم. يا بني إنك مدرج في أكفانك ومحل قبرك ومعاين عملك كله. يا بني كيف تسكن دار من قد أسخطته ؟ أم كيف تجاور من قد عصيته ؟. يا بني عليك بما يعنيك ودع عنك مالا يعنيك فإن القليل منها يكفيك والكثير منها لا يعنيك. يا بني لا تؤثرون على نفسك سواها، ولا تورث مالك أعدائك. يا بني إنه قد احصى الحلال الصغير فكيف بالحرام الكثير ؟. يا بني اتق النظر إلى مالا تملكه وأطل التفكر في ملكوت السماوات والأرض والجبال وما خلق الله فكفى بهذا واعظا ” لقلبك. يا بني أقبل وصية الوالد الشفيق. يا بني بادر بعلمك قبل أن يحضر أجلك وقبل أن تسير الجبال سيرا “، وتجمع الشمس والقمر. يا بني إنه (1) حين تتفطر السماء وتطوى وتنزل الملائكة صفوفا ” خائفين حافين مشفقين وتكلف أن تجاوز الصراط وتعاين حينئذ عملك وتوضع الموازين وتنشر الدواوين.


(1) أي يوم القيامة.

[ 341 ]

في حكم لقمان فيما أوصى به ابنه أنه قال: يا بني تعلمت بسبعة آلاف من الحكمة فاحفظ منها أربعة ومر معي إلى الجنة: أحكم سفينتك فإن بحرك عميق، وخفف حملك فإن العقبة كؤود، وأكثر الزاد فإن السفر بعيد، وأخلص العمل فإن الناقد بصير (1). بلغنا أن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فعظموه وقدموه وصدروه إجلالا ” لحقه وإعظاما ” لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله، فدخل عمر فنظر إليه فقال: من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال: إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى، سلمان بحر لا ينزف، وكنز لا ينفد، سلمان منا أهل البيت، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان (2). قال: جرى ذكر سلمان وذكر جعفر الطيار بين يدي جعفر بن محمد صلى الله عليهم وهو متكئ، ففضل بعضهم جعفرا ” عليه وهناك أبو بصير فقال بعضهم: إن سلمان كان مجوسيا ” ثم أسلم فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا ” مغضبا ” وقال: يا أبا بصير جعله الله علويا ” بعد أن كان مجوسيا ” وقرشيا ” بعد أن كان فارسيا ” فصلوات الله على سلمان وإن لجعفر شأنا ” عند الله يطير مع الملائكة في الجنة – أو كلام يشبهه -. أبو عبد الله البرقي قال: لقيت أبا غيث الإصبهاني وكان من أصحاب ضرار فقلت له: ما حجتك على من خالفك ؟ فقال: الإجماع فقلت: لم يفهم المسألة فأعدتها عليه ثلاث مرات كل ذلك يقول: الإجماع، فقلت: لم لم تفهم ؟ فقال لي: وكيف ذاك ؟ فقلت له: إني سألتك الحجة على من خالفك فقلت: الإجماع ولو كان الإجماع لم يخالفك أحد فقال: أردها عليك * (هامش) (1) منقول في البحار ج 1 ص 325. (2) نقله المحدث النوري في الباب الثاني من كتاب نفس الرحمن من كتاب الاختصاص وقال: السلسل كجعفر – الماء العذب أو البارد. ونقله المجلسي في البحار ج 6 باب احوال سلمان وقال: لا يبعد أن يكون ” سلسل ” تصحيف ” سلمان ” اه‍ لكنه بعيد لما حكى ان أمير المؤمنين عليه السلام سماه سلسل كما قاله المحدث النوري – ره – في مقدمة نفس الرحمن.


[ 342 ]

فقلت: زدها، فقال: ما حجتك على من خالفك ؟ فقلت: رجل مأمون معدوم مطهر عالم لا يضل ولا يضل ولا يخطئ ولا يجهل، الناس محتاجون إليه وهو مستغن عنهم لما جعل الله عنده من العلم والفضل، فقال: هذا لا يوجد في الامة فقلت: أليس إذا كان مثل هذا في الامة فهو أصلح لها ؟ قال: بلى ولكن لا يوجد، فقلت له: ما يدريك له أنه لا يوجد في الامة أو ليس في الامة أو لم يخلق الله مثله وفيه صلاح الخلق وأنت لم تمتحن الخلق جميعا ” ولم تطف برا ولا بحرا ” ولا سهلا ” ولا جبلا ” ولا عرفت الخيار من الشرار، فمن أين رفعته وأنت جاهل بالخلق ؟. قال: قال أبو الحسن البصري: مسكين ابن آدم مكتوم الأجل أسير جوع ورهين شبع، إن من تؤلمه البقة وتنتنه العرقة وتقتله الشرقة لضعيف. قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام يشكو إليه حاله فقال: مسكين ابن آدم له في كل يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهن ولو اعتبر لهانت عليه المصائب وأمر الدنيا فأما المصيبة الاولى فاليوم الذي ينقص من عمره قال: وإن ناله نقصان في ماله اغتم به، والدرهم يخلف عنه والعمر لا يرده، والثانية أنه يستوفي رزقه فإن كان حلالا ” حوسب عليه وإن كان حراما ” عوقب عليه، قال: والثالثة أعظم من ذلك، قيل: وما هي ؟ قال: مامن يوم، يسمي إلا وقد دنى من الآخرة، رحلة لا يدري على الجنة أم على النار. وقال: أكبر ما يكون ابن آدم اليوم الذي يلد من امه، قالت الحكماء: ما سبقه إلى هذا أحد. قال: خطب النبي صلى الله عليه وآله لما أراد الخروج إلى تبوك بثنية الوداع فقال: بعد أن حمد الله وأثنى عليه أيها الناس أن أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم عليه السلام، وخير السنن سنة محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، و أحسن القصص القرآن، وخير الامور عزائمها، وشر الامور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف القتل قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس


[ 343 ]

من لا يأت الجمعة إلا نذرا “، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا “، ومن أعظم الخطايا للسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما ألقى في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جمر جهنم (1) والسكر جمر النار، والشعر من إبليس والخمر جماع الآثام، والنساء حبالات إبليس والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع والأمر إلى آخره، وملاك العمل خواتيمه وأربى الربا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يبالى على الله يكذبه، ومن يعف يعفو الله عنه، ومن كظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يبتغ السمعة يسمع الله به، ومن يصم بصره ومن يعصى الله يعذبه الله، اللهم اغفر لي ولامتي، اللهم اغفر لي ولامتي استغفر الله لي ولكم. ابن محبوب عن الفضيل بن يونس الكاتب: قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر ابن محمد عليهم السلام: أبلغ خيرا “، وقل خيرا “، ولا تكونن أمعة، قلت: وما الأمعة ؟ قال: تقول: أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا أيها الناس إنهما نجدان: نجد خير ونجد شر فما بال نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير. أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة الخزاز، عن أبي حفص العبدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعته يقول: يا علي ما بعث الله نبيا ” إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعا ” أو كارها “. وعنه، عن أبيه، والعباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة قال: حدثني عبد الله ابن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة من المدينة فنزل منزلا ” يقال له: عسفان ثم مررنا بجبل أسود على يسار


(1) الغلول: الخيانة.

[ 344 ]

الطريق وحش، فقلت: يا ابن رسول الله ما أو حش هذا الجبل ما رأيت في الطريق جبلا ” أوحش منه، فقال: يا ابن بكر تدري أي جبل هذا ؟ قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له: الكمد وهو على واد من أودية جهنم، فيه قتلة أبى الحسين بن علي عليهما السلام استودعوه، يجري من تحته مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم الآن وما يخرج من جهنم، وما يخرج من الفلق، وما يخرج من آثام، وما يخرج من طينة خبال، وما يخرج من لظى، وما يخرج من الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الجحيم، وما يخرج من الهاوية، وما يخرج من السعير، وما مررت بهذا الجبل قط في مسيري فوقفت إلا رأيتهما يستغيثان بي ويتضرعان إلي وإني لأنظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: إن هؤلاء إنما فعلوا بنا ما فعلوا لما أسستمالم ترحمونا لما وليتم وقتلتمونا وحرمتمونا ووثبتم على حقنا واستبددتم بالأمر دوننا فلا رحم الله من يرحمكما صنعتما وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا ” واستكانة الثاني فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما يعرض في قلبي، وربما طويت الجبل الذي هما فيه وهو جبل الكمد، قلت: جعلت فداك فإذا طويت الجبل فما تسمع ؟ قال: أسمع أصواتهم ينادون عرج إلينا نكلمك فإنا نتوب وأسمع صارخا ” من الجبل يقول: لا تكلمهم وقل لهم: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، قلت: جعلت فداك ومن معهم ؟ قال: كل فرعون عتا على الله وحكى الله عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر، قلت: من هم ؟ قال: نحو قورس (2) الذي علم اليهود أن عزيرا ” ابن الله، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن المسيح ابن الله وقال لهم: هم ثلاثة، ونحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الأعلى، ونحو نمرود الذي قال: قهرت أهل الأرض وقتلت من في السماء، وقاتل أمير المؤمنين عليه السلام وقاتل فاطمة عليها السلام وقاتل المحسن وقاتل الحسن والحسين عليهم السلام فأما معاوية وعمرو بن العاص فما يطعمان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة وعاون علينا بلسانه ويده، قلت: جعلت فداك: إلى أين هذا الجبل ؟ قال: إلى الأرض السادسة وفيها جهنم وهو على واد من أوديتها عليها ملائكة حفظة أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ماء البحار


(2) في بعض النسخ [ بولس ]. (*).

[ 345 ]

وعدد الثرى وقد وكل الله كل ملك منهم بشئ فهو مقيم عليه لا يفارقه (1). كتاب صفة الجنة والنار بسم الله الرحمن الرحيم حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح (2)، عن عوف بن عبد الله الأزدي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا أراد الله تبارك وتعالى قبض روح المؤمن قال: يا ملك الموت أنطلق أنت وأعوانك إلى عبدي، فطال ما نصب نفسه من أجلي فأتني بروحه لاريحه عندي، فيأتيه ملك الموت بوجه حسن وثياب طاهرة وريح طيبة فيقوم بالباب فلا يستأذن بوابا ” ولا يهتك حجابا ” ولا يكسر بابا “، معه خمسمائة ملك أعوان معهم طنان الريحان (3) والحرير الأبيض والمسك الأذفر فيقولون: السلام عليك يا ولي الله أبشر فإن الرب يقرئك السلام أما إنه عنك راض غير غضبان، وأبشر بروح وريحان وجنة نعيم. قال: أما الروح فراحة من الدنيا وبلائها، والريحان من كل طيب في الجنة فيوضع على ذقنه، فيصل ريحه إلى روحه، فلا يزال في راحة حتى يخرج نفسه، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة فيسقيه شربة من الجنة لا يعطش في قبره ولا في القيامة حتى يدخل الجنة ريانا “، فيقول: يا ملك الموت رد روحي حتى يثني على جسدي وجسدي على روحي، قال: فيقول ملك الموت: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول الروح:


(1) روى الصدوق صدر الخبر في ثواب الاعمال وابن قولويه تمامه في الكامل ص 326 بسند آخر عن عبد الله الاصم مع زيادة بعد قوله: ” لا يفارقه ” نحو 28 سطرا ” وهكذا رواه الصفار في البصائر. ونقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 7 ص 270 وج 8 ص 213. (2) قال النجاشي – رحمه الله -: سعيد بن جناح أصله كوفى، نشأ ببغداد ومات بها مولى الازد ويقال: مولى جهينة وأخوه أبو عامر روى عن أبى الحسن والرضا عليهما السلام وكانا ثقتين، له كتاب صفة الجنة والنار وكتاب قبض روح المؤمن والكافر. الخ. وأما عوف بن عبد الله فمجهول. (3) الطن – بضم الطاء -: حزمة القصب وبدن الانسان والجمع أطنان وطنان بكسر الطاء.

[ 346 ]

جزاك الله من جسد خير الجزاء، لقد كنت في طاعته مسرعا ” وعن معاصيه مبطئا “، فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء، فعليك السلام إلى يوم القيامة، ويقول الجسد للروح مثل ذلك. قال: فيصيح ملك الموت بالروح أيتها الروح الطيبة اخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة، قال: فرقت به الملائكة وفرجت عنه الشدائد، وسهلت له الموارد، وصار لحيوان الخلد. قال: ثم يبعث الله له صفين من الملائكة غير القابضين لروحه، فيقومون سماطين (1) ما بين منزله إلى قبره، ويستغفرون له ويشفعون له، قال: فيعلله ملك الموت ويمنيه ويبشره عن الله بالكرامة والخير كما تخادع الصبي امه تمرخه بالدهن والريحان (2) وبقاء النفس وتفديه بالنفس والوالدين. قال: فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه: يا ملك الموت ارؤف بصاحبنا وارفق، فنعم الأخ كان ونعم الجليس، لم يمل علينا ما يسخط الله قط، فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء وضعت في مسكة بيضاء ومن كل ريحان في الجنة فأدرجت إدراجا ” وعرج بها القابضون إلى السماء الدنيا، قال: فيفتح له أبواب السماء ويقول لها البوابون: حياها الله من جسد كانت فيه، لقد كان يمر له علينا عمل صالح ونسمع حلاوة صوته بالقرآن قال: فبكى له أبواب السماء والبوابون لفقدها، ويقول: يا رب قد كان لعبدك هذا عمل صالح وكنا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن، ويقولون: اللهم ابعث لنا مكانه عبدا ” يسمعنا ما كان يسمعنا ويصنع الله ما يشاء فيصعد به إلى عيش رحبت به ملائكة السماء كلهم أجمعون ويشفعون له ويستغفرون له ويقول الله تبارك وتعالى: رحمتي عليه من روح، ويتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه، فيقول بعضهم لبعض: ذروا هذه الروح حتى تفيق (3) فقد خرجت من كرب عظيم وإذا هو استراح أقبلوا عليه يسائلونه ويقولون:


(1) أي صفين منظمين. (2) مرخت الرجل بالدهن: إذا أدهنته به ثم دلكته. (3) من الافاقة.

[ 347 ]

ما فعل فلان وفلان ؟ فإن كان قد مات بكوا واسترجعوا ويقولون: ذهبت به امه الهاوية فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال: فيقول الله: ردوها عليه، فمنها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اخرى، قال: فإذا حمل سريره حملت نعشه الملائكة واندفعوا به اندفاعا ” والشياطين سماطين ينظرون من بعيد ليس لهم عليه سلطان ولا سبيل فإذا بلغوا به القبر توثبت إليه بقاع الأرض كالرياض الخضر، فقالت كل بقعة منها: اللهم اجعله في بطني، قال: فيجاء به حتى يوضع في الحفرة التي قضاها الله له، فإذا وضع في لحده مثل له أبوه وامه وزوجته وولده وإخوانه قال: فيقول لزوجته: ما يبكيك ؟ قال: فتقول: لفقدك تركتنا معولين. قال: فتجئ صورة حسنة، قال: فيقول: ما أنت ؟ فيقول: أنا عملك الصالح أنا لك اليوم حصن حصين وجنة وسلاح بأمر الله، قال: فيقول: أما والله لو علمت أنك في هذا المكان لنصبت نفسي لك وما غرني مالي وولدي، قال: فيقول: ياولي الله أبشر بالخير، فوالله إنه ليسمع خفق نعال القوم إذا رجعوا ونفضهم أيديهم من التراب إذا فرغوا قد رد عليه روحه وما علموا، قال: فيقول له الأرض: مرحبا ” ياولي الله مرحبا ” بك أما والله لقد كنت احبك وأنت على متني فأنا لك اليوم أشد حبا ” إذا أنت في بطني، أما وعزة ربي لاحسنن جوارك ولا بردن مضجعك، ولا وسعن مدخلك، إنما أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار. قال: ثم يبعث الله إليه ملكا ” فيضرب بجناحيه عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه فيوسع له من كل طريقة أربعين نورا “، فإذا قبره مستدير بالنور. قال: ثم يدخل عليه منكر ونكير وهما ملكان أسودان يبحثان القبر بأنيابهما ويطئان في شعورهما، حدقتاهما مثل قدر النحاس، وأصواتهما، كالرعد القاصف، وأبصارهما مثل البرق اللامع، فينتهرانه (1) ويصيحان به ويقولان: من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ ومن إمامك ؟ فإن المؤمن ليغضب حتى ينتقض من الإدلال (2)


(1) أي يزجرانه. (2) الا دلال: الانبساط والوثوب بمحبة الغير.

[ 348 ]

توكلا ” على الله من غير قرابة ولا نسب، فيقول ربي وربكم ورب كل شئ الله، ونبيي ونبيكم محمد خاتم النبيين، وديني الإسلام الذي لا يقبل الله معه دينا “، وإمامي القرآن مهيمنا ” على الكتب (1) وهو القرآن العظيم، فيقولان: صدقت ووفقت وفقك الله وهداك انظر ما ترى عند رجليك فإذا هو بباب من نار، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ما كان هذا ظني برب العالمين، قال: فيقولان له: ياولي الله لا تحزن ولا تخشى وأبشر واستبشر فليس هذا لك ولا أنت له إنما أراد الله تبارك وتعالى أن يريك من أي شئ نجاك ويذيقك برد عفوه قد أغلق هذا الباب عنك ولا تدخل النار أبدا “، انظر ما ترى عند رأسك فإذا هو بمنازله من الجنة وأزواجه من الحور العين، قال: فيثب وثبة لمعانقة الحور العين الزوجة من أزواجه، فيقولان له: ياولي الله إن لك إخوة وأخوات لم يلحقوا فنم قرير العين كعاشق في حجلته إلى يوم الدين، قال: فيفرش له ويبسط ويلحد، قال: فوالله ما صبي قد نام مدللا ” بين يدي امه وأبيه بأثقل نومة منه، قال: فإذا كان يوم القيامة يجيئه عنق من النار فتطيف به، فإذا كان مدمنا ” على (2) ” تنزيل – السجدة – ” و ” تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير ” وقفت عنده ” تبارك ” وانطلقت ” تنزيل – السجدة – ” فقالت: أنا آت بشفاعة رب العالمين، قال: فتجيئ عنق من العذاب من قبل يمينه فتقول الصلاة: إليك عن ولي الله (3) فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فيأتيه من قبل يساره فتقول الزكاة: إليك عن ولي الله، فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فيأتيه من قبل رأسه فيقول القرآن: إليك عن ولي الله، فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فقد وعاني في قبله، وفي اللسان الذي كان يوحد به ربه فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فتخرج عنق من النار مغضبا ” فيقول: دونكما ولي الله، وليكما (4) قال: فيقول الصبر وهو في ناحية القبر: أما والله ما منعني أن ألي من ولي الله اليوم، إلا أني نظرت ما عندكم فلما أن جزتم (5) عن ولي الله عذاب القبر ومؤونته فأنا لولي الله ذخر وحصن عند الميزان وجسر جهنم والعرض عند الله.


(1) المهيمن الذى يقوم بأمر جماعة، ويأتى بمعنى الشاهد والمؤتمن ايضا “. (2) أدمن الشئ: أدامه ومدمن الشئ مداومه. (3) أي ابعد. (4) الظاهر أن مرجع الضمير إلى السورتين. (5) كذا. (*)

[ 349 ]

فقال علي أمير المؤمنين عليه السلام يفتح لولي الله من منزله من الجنة إلى قبره تسعة وتسعون بابا “، يدخل عليها روحها وريحانها وطيبها ولذتها ونورها إلى يوم القيامة، فليس شئ أحب إليه من لقاء الله، قال: فيقول: يا رب عجل علي قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي، فإذا كانت صيحة القيامة خرج من قبره مستورة عورته، مسكنة روعته قد اعطي الأمن والأمان، وبشر بالرضوان، والروح والريحان، والخيرات الحسان، فيستقبله الملكان اللذان كانا معه في الحياة الدنيا فينفضان التراب عن وجهه وعن رأسه ولا يفارقانه، ويبشرانه ويمنيانه ويفرجانه كلما راعه شئ من أهوال القيامة قالا له: يا ولي الله لا خوف عليك اليوم ولا حزن، نحن الذين ولينا عملك في الحياة الدنيا ونحن أولياؤك اليوم في الآخرة، انظرتلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون، قال: فيقام في ظل العرش فيدنيه الرب تبارك وتعالى حتى يكون بينه وبينه حجاب من نور فيقول له: مرحبا “، فمنها يبيض وجهه ويسر قلبه ويطول سبعون ذراعا ” من فرحته فوجهه كالقمر وطوله طول آدم وصورته صورة يوسف ولسانه لسان محمد صلى الله عليه وآله وقلبه قلب أيوب، كلما غفر له ذنب سجد، فيقول: عبدي اقرء كتابك فيصطك فرائصه شفقا وفرقا ” (1) قال: فيقول الجبار: هل زدنا عليك سيئاتك ونقصنا عليك من حسناتك ؟ قال: فيقول: يا سيدي بل أنت قائم بالقسط وأنت خير الفاصلين. قال: فيقول: عبدي أما استحييت ولا راقبتني ولا خشيتني، قال: فيقول: يا سيدي قد أسأت فلا تفضحني، فإن الخلايق ينظرون إلي، قال: فيقول الجبار: وعزتي يا مسيئ لا أفضحك اليوم قال: فالسيئات فيما بينه وبين الله مستورة والحسنات بارزة للخلائق، قال: فكلما كان عيره بذنب قال: سيدي لتبعثني إلى النار أحب إلي من أن تعيرني، قال: فيضحك الجبار (2) تبارك وتعالى لا شريك له ليقر بعينه (3)، قال: فيقول: أتذكر يوم كذا وكذا أطعمت جائعا ” ووصلت أخا ” مؤمنا “، كسوت يوما ” أعطيت سعيا ” حججت في الصحاري تدعوني محرما “، أرسلت عينيك فرقا “، سهرت ليلة شفقا “، غضضت طرفك مني


(1) أي خوفا “. (2) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: الضحك كناية عن اظهار ما يدل على رضاه عنهم من خلق صوت يشبه الضحك أو غيره والله تعالى يعلى وحججه صلوات الله عليهم أجمعين. (3) في بعض النسخ [ لتفريعه ] في بعضها [ لتفزيعه ].

[ 350 ]

فرقا “، فذابذا وأما ما أحسنت فمشكور، وأما ما أساءت فمغفور، حول بوجهك فإذا حوله رأى الجبار فعند ذلك ابيض وجهه وسر قلبه ووضع التاج على رأسه وعلى يديه الحلي والحلل. ثم يقول: يا جبرئيل انطلق بعبدي فأره كرامتي فيخرج من عند الله قد أخذ كتابه بيمينه فيد حو به مد البصر فيبسط صحيفته للمؤمنين والمؤمنات وهو ينادي ” هاؤم اقرؤا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية ” فإذا انتهى إلى باب الجنة قيل له: هات الجواز، قال: هذا جوازي مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا جواز جائز من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان من رب العالمين، فينادي مناد يسمع أهل الجمع كلهم: ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا “، قال: فيدخل فإذا هو بشجرة ذات ظل ممدود، وماء مسكوب، وثمار مهدلة تسمى رضوان، يخرج من ساقها عينان تجريان، فينطلق إلى إحداهما وكلما مر بذلك فيغتسل منها فيخرج وعليه نضرة النعيم، ثم يشرب من الاخرى فلا تكن في بطنه مغص (1) ولا مرض ولا داء أبدا ” وذلك قوله تعالى: ” وسقاهم ربهم شرابا ” طهورا ” (2) ” ثم تستقبله الملائكة فتقول له: طبت فادخلها مع الداخلين (3)، فيدخل فإذا هو بسماطين من شجر أغصانها اللؤلؤ، وفروعها الحلي والحلل، وثمارها مثل ثدي الجواري الأبكار، فتستقبله الملائكة معهم النوق والبراذين والحلي والحلل، فيقولون: ياولي الله اركب ما شئت، والبس ما شئت، وسل ما شئت، قال: فيركب ما اشتهى ويلبس ما اشتهى وهو على ناقة أو برذون من نور وثيابه من نور، وحليته من نور، يسير في دار النور، معه ملائكة من نور وغلمان من نور، ووصايف من نور حتى تهابه الملائكة مما يرون من النور فيقول بعضهم لبعض: تنحوا فقد جاء وفد الحليم الغفور. قال: فينظر إلى أول قصر له من فضة مشرقا ” بالدر والياقوت (4)، فتشرف عليه


(1) النضرة: البهجة، والمغص: وجع وتقطيع في الامعاء. (2) الانسان: 21. (3) في بعض النسخ [ مع الخالدين ]. (4) وفى بعض النسخ [ مشرفا بالدر ] بالفاء وقال العلامة المجلسي – رحمه الله -: أي جعل شرفه من الدر.

[ 351 ]

أزواجه، فيقلن مرحبا ” مرحبا ” أنزل بنا فيهم أن ينزل بقصره، قال: فتقول الملائكة: سر ياولي الله فإن هذا لك وغيره. حتى يتنهي إلى قصر من ذهب مكلل بالدر والياقوت فتشرف عليه أزواجه فيقلن: مرحبا ” مرحبا ” ياولي الله أنزل بنا، فيهم أن ينزل بهن فتقول له الملائكة: سر ياولي الله فإن هذا لك وغيره. قال: ثم ينتهي إلى قصر مكلل بالدر والياقوت فيهم أن ينزل بقصره فتقول له الملائكة: سر ياولي الله فإن هذا لك وغيره. قال: ثم يأتي قصرا ” من ياقوت أحمر مكللا ” بالدر والياقوت فيهم بالنزول بقصره فتقول له الملائكة: سر ياولي الله فإن هذا لك وغيره. قال: فيسير حتى يأتي تمام ألف قصر، كل ذلك ينفذ فيه بصره ويسير في ملكه أسرع من طرفة العين، فإذا انتهى إلى أقصاها قصرا ” نكس رأسه فتقول الملائكة: مالك ياولي الله ؟ قال: فيقول: والله لقد كاد بصري أن يختطف، فيقولون: ياولي الله أبشر فإن الجنة ليس فيها عمى ولا صمم، فيأتي قصرا ” يرى باطنه من ظاهره وظاهره من باطنه لبنة من فضة ولبنة من ذهب ولبنة من ياقوت ولبنة در، ملاطه المسك قد شرف بشرف من نور يتلالؤ، ويرى الرجل وجهه في الحائط وذا قوله: ” ختامه مسك ” يعني ختام الشراب. ثم ذكر النبي صلى الله عليه وآله الحور العين، فقالت ام سلمة: بأبي أنت وامي يارسول الله أمالنا فضل عليهن ؟ قال: بلى بصلاتكن وصيامكن وعبادتكن لله بمنزلة الظاهرة على الباطنة (1)، وحدث أن الحور العين خلقهن الله في الجنة مع شجرها وحبسهن على أزواجهن في الدنيا، على كل واحد منهن سبعون حلة يرى بياض سوقهن من وراء الحلل السبعين كما ترى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء وكالسلك الأبيض في الياقوت الحمراء، يجامعها في قوة مائة رجل في شهوة مقدار أربعين سنة وهن أتراب أبكار عذارى كلما


(1) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: لعل المراد بالظاهرة والباطنة الظهارة والبطانة من الثوب لانهن لباس.

[ 352 ]

نكحت صارت عذراء، ” لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان “، يقول: لم يمسهن إنسي ولا جني قط ” فيهن خيرات حسان ” يعني خيرات الأخلاق حسان الوجوه ” كأنهن الياقوت والمرجان ” يعني صفاء الياقوت وبياض اللؤلؤ. قال: وإن في الجنة لنهرا ” حافتاه الجواري، قال: فيوحي إليهن الرب تبارك و تعالى: أسمعن عبادي تمجيدي وتسبيحي وتحميدي فيرفعن أصواتهن بألحان وترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط، فتطرب أهل الجنة وإنه لتشرف على ولي الله المرأة ليست من نسائه من السجف (1) فتملأ قصوره ومنازله ضوءا ” ونورا “. فيظن ولي الله أن ربه أشرف عليه أو ملك من ملائكته فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نور ها نور عينيه قال: فتناديه قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة، قال: فيقول لها: ومن أنت ؟ قال: فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: ” لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ” فيجامعها في قوة مائة شاب ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين، وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلفها أم إلى ساقها، فما من شئ ينظر إليه منها إلا رأى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها وصفائها، ثم تشرف عليه اخرى أحسن وجها ” وأطيب ريحا ” من الاولى فتناديه فتقول: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة، قال: فيقول لها: ومن أنت ؟ فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: ” فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون “، قال: وما من أحديد خل الجنة إلا كان له من الأزواج خمسمائة حوراء، مع كل حور اء سبعون غلاما ” وسبعون جارية كأنهم اللؤلؤ المنثور، وكأنهن اللؤلؤ المكنون – وتفسير المكنون بمنزلة اللؤلؤ في الصدف لم تمسه الأيدي ولم تره الأعين، وأما المنثور فيعني في الكثرة، وله سبع قصور في كل قصر سبعون بيتا “، وفي كل بيت سبعون سريرا “، على كل سرير سبعون فراشا ” عليها زوجة من الحور العين ” تجري من تحتهم الأنهار ” من ماء غير آسن صاف ليس بالكدر ” وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ” لم يخرج من ضرع المواشي ” وأنهار من عسل مصفى ” لم يخرج من بطون النحل ” وأنهار من خمر لذة للشاربين ” لم يعصره الرجال بأقدامهم، فإذا اشتهوا الطعام جاء بهم طيور بيض يرفعن أجنحتهن، فيأكلون من أي الألوان


(1) السجف – بالفتح وقد يكسر -: الستر. الإختصاص – 22 –

[ 353 ]

اشتهوا جلوسا ” إن شاؤوا أو متكئين، وإن اشتهوا الفاكهة تسعبت (1) إليهم أغصان فأكلوا من، إيها اشتهوا، قال: ” والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” فبينا هم كذلك إذ يسمعون صوتا ” من تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون: خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا، قد سمعنا الصوت و اشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد، فيأمر الله الحجب، فيقوم سبعون ألف حجاب، فيركبون على النوق والبراذين، عليهم الحلي والحلل فيسيرون في ظل الشجر حتى يتنهوا إلى دار السلام وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة، فيسمعون الصوت، فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك فأرنا نور وجهك فيتجلى لهم سبحانه وتعالى حتى ينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى المكنون من عين كل ناظر، فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا “، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم (2)، قال: فيقول: عبادي ! ارفعوا رؤوسكم ليس هذه بدار عمل إنما هي دار كرامة ومسألة ونعيم، قد ذهبت عنكم اللغوب (3) والنصب، فإذا رفعوها رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا “. ثم يقول تبارك وتعالى: يا ملائكتي أطعموهم وأسقوهم، فيؤتون بألوان الأطعمة لم يروا مثلها قط في طعم الشهد وبياض الثلج ولين الزبد، فإذا أكلوه قال بعضهم لبعض: كان طعامنا الذي خلفناه في الجنة عند هذا حلما “. قال: ثم يقول الجبار تبارك وتعالى: يا ملائكتي اسقوهم قال: فيؤتون بأشربة، فيقبضها ولي الله فيشرب شربة لم يشرب مثلها قط. قال: ثم يقول: يا ملائكتي طيبوهم، فتأتيهم ريح من تحت العرش بمسك أشد بياضا ” من الثلج تغير (4) وجوههم وجباههم وجنوبهم يسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى نور


(1) أي تمددت. (2) قال العلامة المجلسي – رحمه الله -: المراد من الرؤية اما مشاهدة نور من أنواره المخلوقة له، أو النبي وأهل بيته الذين جعل رؤيتهم بمنزلة رؤيته، أو غاية المعرفة التى يعبر عنها بالرؤية، والاول أنسب بهذا المقام. (3) اللغوب: التعب والاعياء. (4) في بعض النسخ [ تعبر ] وفى بعضها [ تغر ].

[ 354 ]

وجهه فيقولون: يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى نور وجهك لا نريد به بدلا ” ولا نبتغي به حولا “، فيقول الرب تبارك وتعالى: إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون و أن أزواجكم إليكم مشتاقات، فيقولون: يا سيدنا ما أعلمك بما في نفوس عبادك ؟ فيقول: كيف لا أعلم وأنا خلقتكم وأسكنت أرواحكم في أبدانكم، ثم رددتها عليكم بعد الوفاة، فقلت اسكني في عبادي خير مسكن ارجعوا إلى أزواجكم، قال: فيقولون: يا سيدنا اجعل لنا شرطا “، قال: فإن لكم كل جمعة زورة ما بين الجمعة إلى الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدون. قال: فينصرفون فيعطي كل رجل منهم رمانة خضراء، في كل رمانة سبعون حلة لم يرها الناظرون المخلوقون، فيسيرون فيتقدمهم بعض الولدان حتى يبشروا أزواجهم وهن قيام على أبواب الجنان، قال: فلما دنا منها نظرت إلى وجهه فإنكرته من غير سوء فقالت: حبيبي لقد خرجت من عندي وما أنت هكذا، قال: فيقول: حبيبتي تلوميني أن أكون هكذا ؟ وقد نظرت إلى نور وجه ربي تبارك وتعالى فأشرق وجهي من نور وجهه، ثم يعرض عنها فينظر إليها نظرة، فيقول: حبيبتي لقد خرجت من عندك وما كنت هكذا ؟ فيقول: حبيبي تلومني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه الناظر إلى نور وجه ربي فأشرق وجهي من وجه الناظر إلى نور وجه ربي سبعين ضعفا “، فتعانقه من باب الخيمة والرب تبارك وتعالى يضحك إليهم، فينادون بأصواتهم (1) الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. قال: ثم إن الرب تبارك وتعالى يأذن للنبيين فيخرج رجل في موكب فصفت به الملائكة والنور أمامهم فينظر إليه أهل الجنة فيمدون أعناقهم إليه، فيقولون: من هذا إنه لكريم على الله ؟ قال، فتقول الملائكة: هذا المخلوق بيده والمنفوخ فيه من روحه و المعلم للأسماء هذا آدم قد اذن له على الله. قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، قال: فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا ؟ فتقول الملائكة: هذا الخليل


(1) كذا وفى نسخة [ باصابعهم ] وما اخترناه انسب ومر معنى الضحك من الله سبحانه آنفا “.

[ 355 ]

إبراهيم قد اذن له على الله. قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، [ قال: ] فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا ؟ فتقول الملائكة: هذا موسى بن عمران الذي كلم الله تكليما “، قد اذن له على الله. قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا الذي قد اذن له على الله ؟ فتقول الملائكة: هذا روح الله وكلمته، هذا عيسى ابن مريم. قال: ثم يخرج رجل في موكب في مثل جميع مواكب من كان قبله سبعين ضعفا ” حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم، فيقولون: من هذا الذي قد اذن له على الله ؟ فتقول الملائكة: هذا المصطفى بالوحي، المؤتمن على الرسالة، سيد ولد آدم، هذا النبي محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم كثيرا ” قد اذن له على الله. قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم، فيقولون: من هذا ؟ فتقول الملائكة: هذا أخو رسول الله في الدنيا والآخرة. قال: ثم يؤذن للنبيين والصديقين والشهداء، فيوضع للنبيين منابر من نور، و للصديقين سرير من نور، وللشهداء كراسي من نور، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: مرحبا ” بوفدي وزواري وجيراني، يا ملائكتي أطعموهم فطال ما أكل الناس وجاعوا، و طال ما روى الناس وعطشوا، وطال ما نام الناس وقاموا، وطال ما أمن الناس وخافوا، قال: فيوضع لهم أطعمة لم يروا مثلها قط على طعم الشهد ولين الزبد وبياض الثلج، ثم يقول: يا ملائكتي فكهوهم فتفكهونهم بألوان من الفاكهة لم يروا مثلها قط ورطب عذب دسم (1) على بياض الثلج ولين الزبد. قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إنه لتقع الحبة من الرمان فتستر وجوه الرجال بعضهم عن بعض، ثم يقول: يا ملائكتي اكسوهم، قال: فينطلقون إلى شجر في الجنة


(1) الدسم – بالتحريك -: الورك من لحم أو شحم.

[ 356 ]

فيجنون (1) منها حللا ” مصقولة بنور الرحمن، ثم يقول: طيبوهم فتأتيهم ريح من تحت العرش تسمى المثيرة أشد بياضا ” من الثلج تغير وجوههم وجباههم وجنوبهم ثم يتجلى تبارك وتعالى سبحانه حتى ينظروا إلى نور وجهه المكنون من عين كل ناظر، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم، ثم يقول الرب سبحانه تبارك وتعالى لا إله غيره: لكم كل جمعة زورة ما بين الجمعة إلى الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدون (2). وعنه، عن عوف بن عبد الله، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها، ومحرمة على الامم حتى يدخلها شيعتنا أهل البيت (3). وعنه، عن عوف بن عبد الله، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الرب تبارك وتعالى يقول: ادخلوا الجنة برحمتي، وانجوا من النار بعفوي، وتقسموا الجنة بأعمالكم فوعزتي لانزلنكم دار الخلود ودار الكرامة، فإذا دخلوها صاروا على طول آدم ستين ذراعا “، وعلى ملد (4) عيسى ثلاثا ” وثلاثين سنة، وعلى لسان محمد العربية وعلى صورة يوسف في الحسن، ثم يعلو وجوههم النور، وعلى قلب أيوب في السلامة من الغل (5). وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الجنان أربع وذلك قول الله: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان ” وهو أن الرجل يهجم على شهوة من شهوات الدنيا وهي معصية فيذكر مقام ربه فيدعها من مخافته فهذه الآية فيه، فهاتان جنتان للمؤمنين و السابقين، وأما قوله: ” ومن دونهما جنتان ” يقول: من دونهما في الفضل وليس من دونهما في القرب، وهما لأصحاب اليمين وهي جنة النعيم وجنة المأوى، وفي هذه الجنان الأربع


(1) في بعض النسخ [ فيحبون ]. (2) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار ج 3 ص 350 من الاختصاص. وأخرجه البحراني في غير موضع من تفسيره منها ج 4 ص 277 وص 278 وص 378 وأيضا ” كتابه معالم الزلفى من كتاب صفة الجنة والنار. (3) منقول في البحار ج 3 ص 353، وتفسير البرهان سورة الواقعة. (4) الملد – محركة -: الشباب والنعمة والاهتزاز، وفى بعض النسخ [ على ميلاد عيسى ]. (5) منقول في البحار كالخبر السابق.

[ 357 ]

فواكه في الكثرة كورق الشجر والنجوم، وعلى هذه الجنان الأربع حائط محيط بها طوله مسيرة خمسمائة عام، لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، ولبنة در، ولبنة ياقوت، و ملاطه المسك والزعفران، وشرفه نور يتلالؤ، يرى الرجل وجهه في الحائط، وفي الحائط ثمانية أبواب، على كل باب مصراعان عرضهما كحضر الفرس الجواد سنة (1). وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أرض الجنة رخامها فضة وترابها الورس والزعفران، وكنسها المسك، ورضراضها الدر (2) والياقوت. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أسرتها من در وياقوت وذلك قول الله: ” على سرر موضونة ” يعني الوصم يغاسل أوساط السرر من قضبان الدر والياقوت مضروبة عليها الحجال، والحجال من در وياقوت، أخف من الريش وألين من الحرير، وعلى السرر من الفرش على قدر ستين غرفة من غرف الدنيا بعضها فوق بعض وذلك قول الله: ” وفرش مرفوعة ” وقوله ” على الأرائك ينظرون ” يعني بالأرائك السرر الموضونة عليها الحجال. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أنهار الجنة تجري في غير اخدود، أشد بياضا ” من الثلج وأحلى من العسل، وألين من الزبد، طين النهر مسك أذفر، وحصاه الدر والياقوت، تجري في عيونه وأنهاره حيث يشتهي ويريد في جناته ولي الله فلو أضاف من في الدنيا من الجن والإنس لأوسعهم طعاما ” وشرابا ” وحللا ” وحليا “، لا ينقصه من ذلك شئ. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن نخل الجنة جذوعها ذهب أحمر، وكربها زبرجد أخضر (3)، وشماريخها در أبيض، وسعفها حلل خضر، ورطبها أشد بياضا ” من الفضة وأحلى من العسل وألين من الزبد، ليس فيه عجم، طول العذق اثنا عشر ذراعا “، منضودة من أعلاه إلى أسفله، لا يؤخذ منه شئ إلا


(1) منقول في البحار كالخبر السابق والحضر: عدو الفرس. (2) الرضراض: الحصى أو صغارها. (3) الكرب – بالتحريك -: أصول السعف الغلاظ القرض.

[ 358 ]

أعاده الله كما كان، وذلك قول الله: ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” وإن رطبها لأمثال القلال و موزها ورمانها أمثال الدلي (1) وأمشاطهم ومجامرهم الدر. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله في قول الله تبارك وتعالى: ” طوبى لهم وحسن مآب ” يعني وحسن مرجع، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة ساقها في دار محمد صلى الله عليه وآله ولو أن طائرا ” طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم، على كل ورقة منها ملك يذكر الله، وليس في الجنة دار إلا فيها غصن من أغصانها وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تحمل لهم ما يشاؤون من حليها وحللها وثمارها لا يؤخذ منها شئ إلا أعاده الله كما كان، بأنهم كسبوا طيبا ” وأنفقوا قصدا ” وقدموا فضلا ” فقد أفلحوا وأنجحوا. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الجنة جرد مرد مكحلين، مكللين، مطوقين، مسورين مختمين، ناعمين، محبورين، مكرمين، يعطى أحدهم قوة مائة رجل في الطعام والشراب والشهوة والجماع، قوة غذائه قوة مائة رجل في الطعام والشراب ويجد لذة غدائه مقدار أربعين سنة، ولذة عشائه مقدار أربعين سنة، قد ألبس الله وجوههم النور وأجسادهم الحرير بيض الألوان، صفر الحلي، خضر الثياب. وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الجنة يحيون فلا يموتون أبدا “، ويستيقظون فلا ينامون أبدا “، ويستغنون فلا يفتقرون أبدا “، ويفرحون فلا يحزنون أبدا “، ويضحكون فلا يبكون أبدا “، ويكرمون فلا يهانون أبدا “، ويفكهون ولا يقطبون أبدا ” (2) ويحبرون ويسرون أبدا “، ويأكلون فلا يجوعون أبدا “، ويروون فلا يظمؤون أبدا “، ويكسون فلا يعرون أبدا “، ويركبون ويتزاورون أبدا “، يسلم عليهم الولدان المخلدون أبدا “، بأيديهم أباريق الفضة وآنية الذهب أبدا “، متكئين على سرر أبدا ” على الأرائك ينظرون أبدا “، تأتيهم التحية والتسليم من الله أبدا “، نسأل الله الجنة برحمته إنه على كل شئ قدير (3).


(1) الدلى – بضم الدال وكسر اللام وتشديد الياء -: جمع دلو وهو معروف. (2) يفكهون أي يمزحون، والقطب ضده. (3) هذه الاخبار كلها منقولة من الاختصاص في البحار ج 3 ص 353.

[ 359 ]

(باب صفة النار) سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أراد الله قبض روح الكافر قال: يا ملك الموت انطلق أنت و أعوانك إلى عدوي، فإني قد ابتليته فأحسنت البلاء، ودعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني، وكفر بي وبنعمتي، وشتمني على عرشي فاقبض روحه حتى تكبه في النار، قال: فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار رأسه في السماء الدنيا ورجل في المشرق و رجل في المغرب، وقدماه في الهواء معه سفود (1) كثير الشعب، معه خمسمائة ملك معهم سياط من قلب جهنم، تلتهب تلك السياط وهي من لهب جهنم، ومعهم مسح أسود وجمرة من جمر جهنم، ثم يدخل عليه ملك من خزان جهنم يقال له: سحقطائيل فيسقيه شربة من النار، لا يزال منها عطشانا ” حتى يدخل النار، فإذا نظر إلى ملك الموت شخص بصره وطار عقله، قال: يا ملك الموت ارجعون، قال: فيقول ملك الموت: ” كلا إنها كلمة هو قائلها ” قال: فيقول: يا ملك الموت فإلى من أدع مالي وأهلي وولدي وعشيرتي وما كنت فيه من الدنيا فيقول: دعهم لغيرك واخرج إلى النار، وقال: فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقى منه شعبة إلا أنشبها في كل عرق (2) ومفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه بسطا ” فإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا “، ثم يرفعه عنه فيذيقه سكراته وغمراته قبل خروجها، كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوه الجن والإنس لاشتكى كل عرق منه على حياله بمنزلة سفود كثير الشعب القي على صوف مبتل، ثم يطوقه (3) فلم يأت على شئ إلا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق وعضو ومفصل وشعرة، فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه ودبره وقيل: ” أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ” وذلك قوله: ” يوم يرون الملائكة لابشرى


(1) السفود – بالفتح وتشديد الفاء -: حديدة يشوى بها اللحم. (2) أنشب في كذا أي علقه وأعلقه، ومنه أنشب البازى مخاليبه. (3) لعل الصحيح ” يدار فيه “.

[ 360 ]

يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا ” محجورا ” (1) ” فيقولون: حراما ” عليكم الجنة محرما “، و قال: تخرج روحه فيضعها ملك الموت بين مطرقة وسندان فيفضخ أطراف أنامله وأخرما يشدخ منه العينان (2)، فيسطع لها ريح منتن يتأذى منه أهل السماء كلهم أجمعون فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا، فيلعنه الله ويلعنه اللاعنون، فإذا اتي بروحه إلى السماء الدنيا اغلقت عنه أبواب السماء وذلك قوله: ” لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ” يقول الله: ردها عليه فمنها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اخرى، فإذا حمل سريره حملت نعشه الشياطين فإذا انتهوا به إلى قبره قالت كل بقعة منها: اللهم لا تجعله في بطني حتى يوضع في الحفرة التي قضاها الله فإذا وضع في لحده قالت له الأرض: لا مرحبا ” بك يا عدو الله أما والله لقد كنت ابغضك وأنت على متني وأنا لك اليوم اشد بغضا ” وأنت في بطني، أما وعزة ربي لاسيئن جوارك ولاضيقن مدخلك ولأوحشن مضجعك ولابدلن مطعمك إنما أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، ثم ينزل عليه منكر ونكير وهما ملكان أسودان أزرقان يبحثان القبر بأنيابهما و يطئان في شعورهما، حد قتاهما مثل قدر النحاس وكلامهما مثل الرعد القاصف وأبصارهما مثل البرق اللامع فينتهرانه ويصيحان به فيتقلص نفسه حتى يبلغ حنجرته فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك ومن إمامك ؟ فيقول: لا أدري قال: فيقولان: شاك في الدنيا و شاك اليوم، لا دريت ولا هديت، قال: فيضربانه ضربة فلا يبقى في المشرق ولا في المغرب شئ إلا سمع صيحته إلا الجن والإنس، قال: فمن شدة صيحته، يلوذ الحيتان باالطين وينفر الوحش في الخياس (3) ولكنكم لا تعلمون. قال: ثم يسلط عليه حيتين سوداوتين زرقاوتين تعذبانه بالنهار خمس ساعات وبالليل ست ساعات لأنه كان يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله فبعدا ” لقوم لا يؤمنون، قال: ثم يسلط الله عليه ملكين أصمين أعميين معهما مطرقتان من حديد من نار، يضربانه فلا يخطئانه،


(1) الفرقان: 24. (2) الفضخ والشدخ: الكسر. (3) الخياس: غابة الاسد.

[ 361 ]

ويصيح فلا يسمعانه إلى يوم القيامة. فإذا كانت صيحة القيامة اشتعل قبره نارا ” فيقول: لي الويل إذا اشتعل قبري نارا “، فينادي مناد ألا الويل قد دنا منك والهوان، قم من نيران القبر إلى نيران لا تطفأ، فيخرج من قبره مسودا ” وجهه مزرقة عيناه، قد طال خرطومه وكسف باله، منكسا ” رأسه يسارق النظر فيأتيه عمله الخبيث فيقول: والله ما علمتك إلا كنت عن طاعة الله مبطئا ” وإلى معصيته مسرعا ” قد كنت تركبني في الدنيا فأنا اريد أن أركبك اليوم كما كنت تركبني وأقودك إلى النار، قال: ثم يستوي على منكبيه فيركل قفاه حتى ينتهي إلى عجزة جهنم، فإذا نظر إلى الملائكة قد استعدو له بالسلاسل والأغلال قد عضوا على شفاههم من الغيظ و الغضب، فيقول: ” يا ويلتي ليتني لم اوت كتابيه ” ويناد الجليل جيئوا به إلى النار، فصارت الأرض تحته نارا ” والشمس فوقه نارا “، وجاءت نار فأحدقت بعنقه، فنادى وبكى طويلا ” يقول: واعقباه، قال: فتكلمه النار فتقول: أبعد الله عقبيك عقبا ” مما أعقبت (1) في طاعة الله، قال: ثم تجيئ صحيفة تطير من خلف ظهره وتقع في شماله، ثم يأتيه ملك فيثقب صدره إلى ظهره، ثم يفتل شماله إلى خلف ظهره. ثم يقال له: اقرء كتابك، قال: فيقول: أيها الملك كيف أقرء وجهنم أمامي ؟ قال: فيقول الله: دق عنقه واكسر صلبه وشد ناصيته إلى قدميه، ثم يقول: خذوه فغلوه قال: فيبتدره لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد، فمنهم من ينتف لحيته، ومنهم من يحطم عظامه قال: فيقول: أما ترحموني ؟ قال: فيقولون: يا شقي كيف نرحمك ولا يرحمك أرحم الراحمين، أفيؤذيك هذا ؟ قال: فيقول: أشد الأذى، قال: فيقولون: يا شقي وكيف لو قد طرحناك في النار ؟ قال: فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوي سبعين ألف عام قال: فيقولون: ” يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول ” قال: فيقرن معه حجر عن يمينه وشيطان عن يساره، حجر كبريت من نار، يشتعل في وجهه ويخلق الله له سبعين جلدا ” كل جلد غلظته أربعون ذراعا ” بذراع الملك الذي يعذ به وبين الجلد إلى الجلد أربعون ذراعا ” وبين الجلد إلى الجلد حيات وعقارب من نار وديدان من نار رأسه مثل الجبل العظيم، وفخذاه مثل جبل ورقان


(1) أي اورثت من العقوبة بسبب التقصير في طاعة الله، أو من قولهم. عقب الرجل إذا بغيته بشر (البحار). (*)

[ 362 ]

– وهو جبل بالمدينة – مشفره أطول من مشفر الفيل، فيسحبه سحبا ” واذناه عضوضان (1) بينهما سرادق من نار تشتعل، قد أطلعت النار من دبره على فؤاده، فلا يبلغ درين سامهما (2) حتى يبدل له سبعون سلسلة للسلسلة سبعون ذراعا “، ما بين الذراع إلى الذراع حلق عدد القطر والمطر، لو وضعت حلقة منها على جبال الأرض لأذابتها، قال: وعليه سبعون سربالا ” من قطران من نار، وتغشي وجوههم النار، وعليه قلنسوة من نار، وليس في جسده موضع فتر إلا وفيه حلقة من نار، وفي رجليه قيود من نار، على رأسه تاج ستون ذراعا ” من نار، قد نقب رأسه ثلاث مائة وستين نقبا “، يخرج من ذلك النقب الدخان من كل جانب وقد غلى منها دماغه حتى يجري على كتفيه يسيل منها ثلاث مائة نهر وستون نهرا ” من صديد، يضيق عليه منزله كما يضيق الرمح في الزج، فمن ضيق منازلهم عليهم ومن ريحها وشدة سوادها وزفيرها وشهيقها وتغيظها ونتنها، اسودت وجوههم، وعظمت ديدانهم فينبت لها أظفار كأظفار السنور والعقبان تأكل لحمه، وتقرض عظامه، وتشرب دمه، ليس لهن مأكل ولا مشرب غيره. ثم يدفع في صدره دفعة فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة فإذا واقعها دقت عليه وعلى شيطانه وجاذبه الشيطان بالسلسلة (3) كلما وقع رأسه نظر إلى قبح وجهه، كلح في وجهه، قال: فيقول: ” ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ” ويحك بما أغويتني أحمل عني من عذاب الله من شئ فيقول: يا شقي كيف أحمل عنك من عذاب الله من شئ وأنا وأنت اليوم في العذاب مشتركون. ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى عين يقال لها: آنية يقول الله تعالى: ” تسقى من عين آنية ” وهي عين ينتهي حرها وطبخها وأوقد عليها مذ خلق الله جهنم، كل أودية النار تنام وتلك العين لا تنام من حرها وتقول الملائكة: يا معشر الأشقياء ادنوا فاشربوا منها، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، و قيل لهم: ” ذوقو ا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد “.


(1) العضوض: البئر البعيدة القعر. (2) كذا وفى نسخة [ دوين سائهما ] وفى تفسير البرهان ” دوين بنيانهما “. (3) وقد يقرء في بعض النسخ [ جاز به الشيطان السلسلة ].

[ 363 ]

قال: ثم يؤتون بكأس من حديد فيه شربة من عين آنية، فإذا ادني منهم تقلصت شفاههم وانتثرت لحوم وجوههم فإذا شربوا منها وصار في أجوافهم يصهر به ما في بطونهم والجلود. ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوى سبعين ألف عام حتى يواقع السعير، فإذا واقعها سعرت في وجوههم، فعند ذلك غشيت أبصارهم من نفحها. ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى شجرة الزقوم ” شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤس الشياطين ” عليها سبعون ألف غصن من نار في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة كأنها رأس الشيطان قبحا ” ونتنا ” تنشب على صخرة مملسة سوخاء (1) كأنها مرآة زلقة، بين أصل الصخرة إلى الصخرة (2) سبعون ألف عام، وأغصانها تشرب من نار، ثمارها نار، وفروعها نار، فيقال له: يا شقي اصعد، فكلما صعد زلق، وكلما زلق صعد، فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب، وإذا أكل منها ثمرة يجدها أمر من الصبر، وأنتن من الجيف، وأشد من الحديد، فإذا واقعت بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم، فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام، فبينا هم كذلك إذ تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا ” في ظلم متراكبة، فإذا استقروا في النار سمع لهم صوت كصيح السمك على المقلى (3) أو كقضيب القصب، ثم يرمى نفسه من الشجرة في أودية مذابة من صفر من نار وأشد حرا ” من النار تغلي بهم الأودية وترمي بهم في سواحلها، ولها سواحل كسواحل بحركم هذا، فأبعدهم منها باع والثاني ذراع والثالث فتر (4) فتحمل عليهم هوام النار الحيات والعقارب كأمثال البغال الدلم (5) لكل عقرب ستون فقارا “، في كل فقار قلة من سم، وحيات سود زرق، مثال


(1) السوخاء: الأرض التى تسيخ فيها الرجل أي ترسب ولعله ان صحت النسخة هنا كناية عن زلق الاقدام إلى أسفل. (البحار). (2) في بعض النسخ [ إلى الشجرة ]. (3) المقلى: وعاء يقلي فيه الطعام. (4) الباع قدر مد اليدين. والفتر – بالكسر -: ما بين طرف الابهام والمشيرة. (5) الدلم – بالضم -: جمع أدلم وهو الشديد السواد.

[ 364 ]

البخاتي، فيتعلق بالرجل سبعون ألف حية وسبعون ألف عقرب، ثم كب في النار سبعين ألف عام، لا تحرقه قد اكتفى بسمها، ثم تعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني ولا ينكسر، فتدخل النار أدبارهم فتطلع على الأفئدة.، تقلص الشفاه وتطير الجنان، تنضج الجلود وتذوب الشحوم. ويغضب الحي القيوم فيقول: يا مالك قل لهم: ذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا “، يا مالك سعر سعر قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي و استخف بحقي وأنا الملك الجبار، فينادي مالك: يا أهل الضلال والاستكبار و النعمة في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر ؟ قال: فيقولون: قد أنضجت قلوبنا، وأكلت لحومنا، وحطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، ولا لنا معين، قال. فيقول مالك: وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا “، فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا “، قال: فيقول ما لك: ” فاعترفوا بذنبهم فسحقا ” لأصحاب السعير يعني بعدا ” لأصحاب السعير. ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك سعر سعر، فيغضب مالك فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم وآخرهم وأفضلهم وأدناهم، فيقول: ماذا تريدون أن أمطركم ؟ فيقولون: الماء البارد واعطشاه ! واطول هواناه ؟ فيمطرهم حجارة وكلاليبا “، وخطاطيفا ” (1)، وغسلينا “، وديدانا ” من نار، فينضج وجوههم وجباههم و يعمى أبصارهم (2) ويحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون واثبوراه ! فإذا بقيت العظام عوارى من اللحوم اشتد غضب الله فيقول: يا مالك اسجرها عليهم كالحطب في النار، ثم يضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا ” في النار، ثم يطبق عليهم أبوابها، من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، وغلظ الباب مسيرة خمسمائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد من النار بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلاما ” أبدا ” إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال، وزفير مثل نهيق الحمير، وعواء كعواء الكلاب، صم


(1) الكلاليب جمع كلاب – بالضم والشد – معرب ” قلاب ” وهى حديدة معطوفة الرأس يجربها الجمر أو يعلق عليها اللحم، ويشبهها الخطاف وجمعه خطاطيف. (2) في بعض النسخ [ يغضا أبصارهم ] أي يظلم ابصارهم.

[ 365 ]

بكم عمي، فليس لهم فيها كلام إلا أنين، فيطبق عليهم أبوابها ويسد عليهم عمدها فلا يدخل عليهم روح أبدا “، و لا يخرج منهم الغم أبدا “، وهي عليهم مؤصدة – يعني مطبقة – ليس لهم الملائكة شافعون ولا من أهل الجنة صديق حميم، وينساهم الرب ويمحو ذكرهم من قلوب العباد فلا يذكرون أبدا “. فنعوذ بالله العظيم الغفور الرحمن الرحيم من النار و ما فيها ومن كل عمل يقرب من النار إنه غفور رحيم، جواد كريم (1)… ما تقول في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له ؟ قال: يجزئ عن العبد حجة الإسلام و يكتب للسيد أجران: ثواب العتق وثواب الحج. (2) وروى عن البراء بن عازب قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فقال: أتدرون أي عرى الإيمان أوثق ؟ قلنا: الصلاة، قال: إن الصلاة لحسنة وما هي بها، قلنا: الزكاة فقال: لحسنة وما هي بها، فذكرنا شرائع الإسلام، فقال: صلى الله عليه وآله: أوثق عرى الإيمان أن تحب الرجل في الله وتبغض في الله (3). وروى عن بعضهم بإسناد له قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الجنة لعمود ا ” من ذهب عليه مدائن من زبرجد أخضر يضيئ لأهل الجنة كما تضيئ الكواكب الدري في افق السماء، قلنا: لمن هذا يارسول الله ؟ فقال للمتحابين في الله. وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لسان الصدق خير للمرء من المال يأكله ويورثه.


(1) نقله المجلسي – رحمه الله – في البحار من الاختصاص، والبحراني في مواضع من تفسيره منهاج 4 ص 466 من كتاب الجنة و النار لسعيد بن جناح. (2) كذا في جميع النسخ التى رأيناه والخبر رواه الصدوق في الفقيه ص 261 باسناده عن ابن محبوب، عن شهاب، عن ابى عبد الله عليه السلام، الحديث. (3) روى نحوه الكليني في الكافي ج 2 ص 125. ونقله المجلسي – رحمه الله – منه ومن المحاسن في المجلد الخامس عشر (باب الحب في الله والبغض في الله) مع بيان له.

[ 366 ]

وروى عن النبي صلى الله عليه وآله قال: اختبروا الناس فإن الرجل يجاذب من يعجبه. وقال الشاعر: امحض مودتك الكريم فإنما * يرعي ذوي الاحسان كل كريم – واخ أشراف الرجال مروة * و الموت خير من أخ لئيم تم الكتاب بعون الله تعالى (استدراك) قد وعدنا في ص 149 أن نورد قضية زوجة عبد الله بن الخلف الخزاعي في آخر الكتاب وقد حان وقته فنقول: نقل العلامة المجلسي – رحمه الله – هذه القضية في البحار ج 8 ص 451 من تفسير الفرات معنعنا عن الاصبغ بن نباتة هكذا قال: لما هزمنا أهل البصرة جاء علي بن أبي طالب عليه السلام حتى استند إلى حائط من حيطان البصرة فاجتمعنا حوله وأمير المؤمنين عليه السلام راكب والناس نزول، فيدعو الرجل باسمه فيأتيه، ثم يدعو الرجل باسمه فيأتيه، ثم يدعو الرجل باسمه فيأتيه حتى و افاه منا ستون شيخا ” كلهم قد صغروا اللحى و عقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام طريقا من طرق البصرة ونحن معه وعلينا الدرع و المغافر، متقلدي السيوف، متنكبي الأترسة حتى انتهى إلى دار قوراء فدخلنا فإذا فيها نسوة يبكين فلما رأينه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الأحبة، فأمسك عنهن، ثم قال: أين منزل عائشة ؟ فأومأوا إلى حجرة في الدار فحملنا عليا ” عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي عليه السلام شيئا إلا أن عائشة كانت امرأة عالية الصوت فسمعنا كهيئة المعاذير: إني لم أفعل، ثم خرج علينا أمير المؤمنين فحملناه على دابته فعارضته امرأة من قبل الدار فقال: أين صفية ؟ قالت: لبيك يا أمير المؤمنين قال: ألا تكفين عني هؤلاء الكلبات التي يزعمن أني قاتل الأحبة لو قتلت الأحبة


[ 367 ]

لقتلت من في تلك الدار وأو مأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أومأ إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلا سكتت ولا قائمة إلا جلست، قلت: يا ابا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر ؟ قال: أما واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ” ومعه شباب قريش جرحى، وأما الثانية فكان فيها عبد الله بن الزبير ومعه، آل الزبير جرحى، وأما الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أين ما دارت، قلت: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف ؟ قال: يا ابن أخي أمير المؤمنين عليه السلام كان أعلم منك، وسعهم أمانه، إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه: لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن، سنة يستن بها بعد يومكم هذا ثم مضى ومضينا معه حتى انتهينا إلى العسكر فقام – إلى آخر الخبر -. وفي المجلد التاسع من البحار ص 584 في حديث طويل نقله عن المناقب قالت صفية بنت الحارث الثقفية زوجة عبد الله بن خلف الخزاعي لعلي عليه السلام يوم الجمل بعد الوقعة: يا قاتل الأحبة، يا مفرق الجماعة، فقال عليه السلام: إني لا ألومك إن تبغضيني يا صفية وقد قتلت جدك يوم بدر وعمك يوم أحد وزوجك الآن ولو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه البيوت، ففتش فكان فيها مروان وعبد الله بن الزبير انتهى. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 628 ط بيروت: وقالت امرأة عبد الله بن الخلف الخزاعي بالبصرة لعلي عليه السلام بعد ظفره: يا علي يا قاتل الأحبة لا مرحبا ” بك أيتم الله منك ولدك كما أيتمت بني عبد الله بن خلف فلم يرد عليها ولكنه وقف وأشار إلى ناحية من دارها – ففهمت إشارته فسكتت وانصرفت وكانت قد سترت عندها عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فأشار إلى الموضع الذي كانا فيه – ولو شئت أخرجتهما، فلما فهمت انصرفت وكان عليه السلام حليما ” كريما “. اقول: وذكرها جماعة من المؤرخين في كتبهم بألفاظ تقرب ما نقلناه.


[ 368 ]

(استدراك آخر) قد مرت في ص 246 معجزة لأبي عبد الله عليه السلام مع المنصور الدوانيقي وسقط من الخبر في جميع ما رأينا من النسخ صدره وقلنا في هامش الصحيفة: رواه الطبري – رحمه الله – في دلائل الإمامة ص 144 بتمامه لكن لا يسعنا هناك نقل تمام الخبر، وأوردنا ههنا لمزيد الفائدة قال الطبري: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد ابن هذيل، عن محمد بن سنان قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل فدعاهم فقال لهم: عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فأشار إلى الموضع الذي كانا فيه – ولو شئت أخرجتهما، فلما فهمت انصرفت وكان عليه السلام حليما ” كريما “. اقول: وذكرها جماعة من المؤرخين في كتبهم بألفاظ تقرب ما نقلناه.


[ 368 ]

(استدراك آخر) قد مرت في ص 246 معجزة لأبي عبد الله عليه السلام مع المنصور الدوانيقي وسقط من الخبر في جميع ما رأينا من النسخ صدره وقلنا في هامش الصحيفة: رواه الطبري – رحمه الله – في دلائل الإمامة ص 144 بتمامه لكن لا يسعنا هناك نقل تمام الخبر، وأوردنا ههنا لمزيد الفائدة قال الطبري: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد ابن هذيل، عن محمد بن سنان قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل فدعاهم فقال لهم: ويحكم إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى وإنكم تفرقون بين المرء و زوجه وإن أبا عبد الله جعفر بن محمد ساحر مثلكم ! ! ! فاعملوا شيئا ” من السحر فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور وصوروا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون، وإنما كانت صورا “، وجلس كل واحد تحت صورته وجلس المنصور على سريره ووضع إكليله على رأسه، ثم قال لحاجبه: إبعث إلى أبي عبد الله، فقام فدخل عليه فلما أن نظر إليه وإليهم و بما قد استعدوا له رفع بيده إلى السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهرا ” وبعضه خفيا ” ثم قال: ويحكم أنا الذي أبطلت سحركم، ثم نادى برفيع صوته: قسورة ! خذهم، فوثب كل سبع منها على صاحبه وافترسه في مكانه ووقع المنصور من سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا “، فقال له: قد أقلتك، قال: يا سيدي فرد السباع إلى ما أكلوا، قال هيهات إن عادت عصا موسى فستعود السباع، ا ه‍

اترك تعليقاً