الأمالي

الشيخ الصدوق


[ 1 ]

الامالي للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي تحقيق قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة


[ 2 ]

مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة الامالي تأليف: الشيخ الصدوق تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة – قم الطبعة: الاولى 1417 ه‍. ق الكمية: 1000 نسخة التوزيع: مؤسسة البعثة طهران – شارع سمية – بين شارعي الشهيد مفتح وفرصت هاتف: 8822244 – 8822374، فاكس: 8821370، ص. ب: 1361 / 15815 بيروت – ص. ب: 124 / 24، تلكس: 40512 كمك جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة البعثة شابك ISBN 469 – 903 – 860 – X 469 – 903 – 860 – X


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة المؤلف اسمه ونسبه: هو الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، أبو جعفر القمي. ولادته: ولد في قم، ولم نعلم على وجه الدقة سنة ولادته، ولكن يستفاد من كتابه (كمال الدين) ومن (غيبة الشيخ الطوسي) المتوفى سنة 460 ه‍ و (رجال النجاشي) المتوفى سنة 450 ه‍ أن ولادة الشيخ الصدوق كانت بعد وفاة محمد بن عثمان العمري ثاني السفراء الاربعة والمتوفى سنة 305 ه‍ وفي أول سفارة أبي القاسم الحسين بن روح ثالث السفراء الاربعة المتوفى سنة 326 ه‍. قال الشيخ الصدوق في كتابه (كمال الدين وتمام النعمة): حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود (رضي الله عنه) قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (رضي الله عنه) بعد موت محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أن يدعو الله عزوجل أن يرزقه ولدا ذكرا، قال: فسألته فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا لعلي بن الحسين وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله تعالى به وبعده أولاد. قال أبو جعفر محمد بن علي الاسود (رضي الله عنه): فولد لعلي بن


[ 4 ]

الحسين (رضي الله عنه) محمد بن علي وبعده أولاد (1). وروى مثله الشيخ الطوسي في (الغيبة) (2). وذكر أبو العباس النجاشي في ترجمة والد الشيخ الصدوق علي بن الحسين بن موسى (رضي الله عنه) أنه قدم العراق واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله) وسأله مسائل ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الاسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام) ويسأله فيها الولد فكتب إليه: قد دعونا الله لك بذلك وسترزق ولدين ذكرين خيرين. فولد له أبو جعفر وأبو عبد الله من أم ولد (3). وروى الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن أبي العباس بن نوح، عن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن سورة القمي، قال: حدثني علي بن الحسين بن يوسف الصائغ القمي، ومحمد بن أحمد بن محمد الصيرفي المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل قم: أن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمه محمد ابن موسى بن بابويه فلم يرزق منها ولدا، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) أن يسأل الحضرة أن يدعو الله أن يرزقه أولادا فقهاء، فجاء الجواب: أنك لا ترزق من هذه، وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين (4)، وروى مثله الشيخ قطب الدين الراوندي في (الخرائج) (5) والطبرسي في (إعلام الورى) (6). ويظهر مما تقدم أن الشيخ الصدوق ولد بعد وفاة محمد بن عثمان العمري، أي بعد سنة 305 ه‍، وفي أوائل سفارة الحسين بن روح، حيث قدم والده الشيخ علي ابن الحسين إلى العراق واجتمع بأبي القاسم وسأله مسائل، ثم رجع إلى قم وكاتبه


(1) كمال الدين: 502 / 31. (2) الغيبة: 320 / 266. (3) رجال النجاشي: 261 / 684. (4) الغيبة: 308 / 261. (5) الخرائج والجرائح 2: 790 / 113. (6) إعلام الورى: 450.

[ 5 ]

بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الاسود كما في (رجال النجاشي)، أو على يد أبي جعفر محمد بن علي الاسود كما روي عن شيخنا الصدوق نفسه في (كمال الدين)، وسأله أن يوصل رقعته إلى الصاحب (عليه السلام) ليدعو له أن يرزقه الله ولدا، وعليه فولادته تكون نحو سنة 306 ه‍، ويكون مقامه مع والده ومع شيخه الكليني في الغيبة الصغرى نيفا وعشرين سنة، لان وفاتهما سنة 329 ه‍ وهي السنة التي توفي فيها السمري آخر السفراء. وكان الشيخ الصدوق (رحمه الله) يفتخر بولادته ويقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الامر (عليه السلام) (1)، وكان يقول أيضا: كان أبو جعفر محمد بن علي الاسود (رضي الله عنه) كثيرا ما يقول – إذا رآني اختلف إلى مجالس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، وأرغب في كتب العلم وحفظه -: ليس بعجب أن تكون لك هذه في العلم وأنت ولدت بدعاء الامام (عليه السلام) (2). وكان أبو عبد الله بن سورة يقول: كلما روى أبو جعفر وأبو عبد الله (3) ابنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الامام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم (4). نشأته: نشأ الشيخ الصدوق في بيت علم وتربى في أحضان فضيلة، فقد كان أبوه علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه شيخ القميين في عصره ومتقدمهم وفقيههم


(1) رجال النجاشي: 261 / 684. (2) كمال الدين: 503 / 31، الغيبة: 320 / 266. (3) وهو الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، أبو عبد الله القمي، أخو الشيخ الصدوق، كان فقيها صالحا ماهرا في الحفظ، توفي سنة 418 ه‍، قال النجاشي: 68 / 163، ثقة روى عن أبيه إجازة، له كتب، منها: كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب أبي القاسم بن عباد. (4) الغيبة: 309 / 261.

[ 6 ]

وثقتهم (1). وقد عاش شيخنا الصدوق في كنف أبيه وظل رعايته نيفا وعشرين سنة ينهل من معارفه ويستمد من فيض علومه ويقتبس من أخلاقه وآدابه. وكانت نشأة شيخنا الصدوق الاولى في بلدة قم من بلاد إيران، وهي إحدى مراكز العلم يومئذ، حيث كانت تعج بالعلماء وحملة الحديث، وكانت مهبط شيوخ الرواية، يقصدونها من شتى ديار الاسلام. وقد أكثر الشيخ الصدوق من مجالسة العلماء في قم والسماع منهم والرواية عنهم، أمثال الشيخ محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وحمزة بن محمد بن أحمد ابن جعفر بن محمد بن زيد بن علي (عليه السلام) وغيرهما. وفي مثل هذه الاجواء، بدت في شيخنا الصدوق ملامح النبوغ والرقي، وذلك بدعاء الامام (عليه السلام) له ونعته بالفقه والبركة وانتفاع الناس به، ولم تمض برهة حتى أصبح الشيخ الصدوق آية في الحفظ والذكاء، ففاق أقرانه بالفضل والعلم وطار صيته حتى أشير إليه بالبنان. وقد كانت الفترة التي عاشها شيخنا الصدوق هي فترة حكم الديالمة آل بويه وأمرائهم المعروفين بحسن خدمتهم لاهل العلم وتأييدهم لهم والمبالغة في إكرامهم وتبجيلهم، مما له بالغ الاثر في مسيرة شيخنا الصدوق العلمية، وتوجهاته وأسفاره، وقد كان أمراء البلاد الاسلامية في تلك الفترة جلهم من الشيعة فاضافة إلى الديالمة في إيران (321 – 447 ه‍) هناك الدولة العبيدية الفاطمية في شمال أفريقيا (296 – 567 ه‍) والحمدانية في الموصل وبلاد الشام (333 – 394 ه‍). رحلاته وأسفاره: لم تكن همة الشيخ الصدوق مقصورة على الاخذ من مشايخ بلدته قم


(1) رجال النجاشي: 261 / 684.

[ 7 ]

فحسب، بل تعالت همته حتى تحمل وعثاء السفر طلبا للعلم، فغادر بيئته وطاف البلاد ورحل إلى الامصار، وتتابعت أسفاره في أمهات الحواضر العلمية آنذاك، واجتمع في تلك الرحلات مع مشيخة العلم والحديث ممن كانت تشد إليهم الرحال لتحمل الرواية والعلم. ويمكن إجمال مجموع أسفاره ورحلاته بما يلي: 1 – الري: استدعاه إلى الري ركن الدولة البويهي المتوفى سنة 366 ه‍ بطلب من أهالي البلد، فلبى طلبهم وسافر إلى الري وأقام هناك، ولا نعرف على وجه التحديد السنة التي انتقل فيها الشيخ الصدوق إلى الري إلا أنه يمكن تحديدها بين سنة 339 و 347 ه‍، حيث روى بقم عن الشيخ حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في رجب سنة 339 ه‍ (1)، وحدث بالري عن الشيخ أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي، المعروف بابن جرادة البردعي في رجب سنة 347 ه‍ (2)، ومهما يكن الامر فانه أصبح بعد سنة 347 ه‍ مصدر الفتيا والاحكام لابناء الري، والتف حوله ذوو الفضل والعلم فأفاض عليهم من علومه ومعارفه، وأخذ هو عن شيوخهم وعلمائهم، حيث سمع من الشيخ ابن جرادة البردعي ويعقوب بن يوسف بن يعقوب، وأحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل، وأبي علي أحمد بن الحسن القطان وغيرهم. 2 – خراسان: قال الشيخ الصدوق: لما استأذنت الامير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا (عليه السلام) فأذن لي في ذلك في رجب من سنة 352 ه‍ (3). والظاهر أن هذه أولى زياراته لمشهد الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام). وله زيارة أخرى في سنة 367 ه‍ حيث أملى بها المجلس (25) من كتاب


(1) الخصال: 11 / 40. (2) الخصال: 641 / 20. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 279.

[ 8 ]

(الامالي) بمشهد الرضا (عليه السلام) يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقين من ذي الحجة، وأملي المجلس (26) يوم غدير خم لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي الحجة من نفس السنة المذكورة، ورجع من زيارته سنة 368 ه‍ حيث أملى المجلس (27) في يوم الجمعة غرة المحرم من سنة 368 ه‍ بعد رجوعه من المشهد المقدس. والظاهر أن له زيارة ثالثة لمشهد الامام الرضا (عليه السلام)، وذلك عند خروجه إلى بلاد ما وراء النهر، حيث أملى المجالس (94، 95، 96) يوم الثلاثاء والاربعاء والخميس من (17 – 19) من شعبان سنة 368 ه‍ في مشهد الامام الرضا (عليه السلام). وخلال طريقه إلى خراسان مر باستراباد وجرجان (1) وسمع بهما من الشيخ أبي الحسن محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي الخطيب، ومن الشيخ أبي محمد القاسم بن محمد الاسترابادي، ومن الشيخ أبي محمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني، ومن الشيخ محمد بن علي الاسترابادي. وبعد منصرفه من زيارته لمشهد الرضا (عليه السلام) أقام في نيسابور مدة، قال في مقدمة كتابه (كمال الدين): إني لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) رجعت إلى نيسابور وأقمت بها، فوجدت أكثر المختلفين إلي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم (عليه السلام) الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الآراء والمقاييس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة (صلوات الله عليهم) (2). وحدث في نيسابور عن كثير من مشايخها، منهم الشيخ أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي حدثه بداره فيها، والشيخ عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري، والشيخ أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي، والشيخ أبو سعيد


(1) أسترآباد: بلدة مشهورة من أعمال طبرستان بين سارية وجرجان. وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان. ” مراصد الاطلاع 1: 70 و 323 “. (2) كمال الدين: 2.

[ 9 ]

محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر النيسابوري المعروف بأبي سعيد المعلم، والشيخ أبو الطيب الحسين بن أحمد بن محمد الرازي، والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السجزي، والشيخ أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي المرواني النيسابوري وغيرهم. ومر أيضا بمرو الروذ (1) وأخذ عن جماعة، منهم الشيخ محمد بن علي المرو الروذي، والشيخ أبو يوسف رافع بن عبد الله بن عبد الملك. وورد سرخس (2) أيضا، وحدث بها عن الشيخ أبي نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه. 3 – بغداد: سافر إلى بغداد سنة 352 ه‍ وسمع منه جملة من شيوخها، كما أنه حدث بها عن الشيخ أبي الحسن علي بن ثابت الدواليبي. وورد بغداد سنة 355 ه‍ أيضا كما في رجال النجاشي (3)، والظاهر أنه وردها بعد منصرفه من الحج حيث أقام بها وسمع من شيوخها، منهم الشيخ أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الحسيني العلوي المعروف بابن أبي طاهر، والشيخ إبراهيم بن هارون الهيتي وغيرهما. 4 – مكة والمدينة: تشرف شيخنا الصدوق بحج بيت الله الحرام سنة 354 ه‍، وزار قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وقبور أهل البيت (عليهم السلام). وفي طريقه إلى الحج ورد الكوفة سنة 354 ه‍، وسمع بمسجدها من جماعة، كالشيخ محمد بن بكران النقاش، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامي، والشيخ الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، والشيخ أبي الحسن علي بن عيسى المجاور، وحدث بالكوفة أيضا عن الشيخ أبي ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز،


(1) مرو الروذ: مدينة من مرو الشاهجان، ومرو الشاهجان، هي أشهر مدن خراسان. ” مراصد الاطلاع 3: 1262 “. (2) سرخس: مدينة قديمة، من نواحي خراسان كبيرة، بين نيسابور ومرو، في وسط الطريق. ” مراصد الاطلاع 2: 705 “. (3) رجال النجاشي: 389 / 1049.

[ 10 ]

والشيخ أبي القاسم الحسن بن محمد السكوني المذكر الكوفي، وسمع من الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة. وبعد منصرفه من بيت الله الحرام ورد فيد (1) وحدث بها عن الشيخ أبي علي أحمد بن أبي جعفر البيهقي. وورد همدان (2) بعد منصرفه من الحج أيضا سنة 354 ه‍ وحدث بها، وسمع من شيوخها، منهم الشيخ أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد بن عبدويه السراج الزاهد الهمداني، وأجازه بها الشيخ أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي الهمداني، ومحمد بن الفضل بن زيدويه الجلاب الهمداني. 5 – بلاد ما وراء النهر: ويظهر أنه سافر إليها خلال زيارته الثالثة لمشهد سنة 368 ه‍، حيث أملى المجلس (94) يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة 368 ه‍ في مشهد الامام الرضا (عليه السلام) عند خروجه إلى ديار ما وراء النهر. وقد رحل إلى إيلاق وبلخ وسمرقند وفرغانة، وفي مدة إقامته بإيلاق (3) اجتمع بالشريف أبي عبد الله محمد بن الحسن الموسوي المعروف بنعمة، ووقف الشريف نعمة على جملة مصنفات الشيخ الصدوق والبالغة آنذاك (245) كتابا، وقد نسخ وسمع منه أكثرها ورواها عنه، وسأله أن يصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام والشرائع والاحكام، ويسميه (من لا يحضره الفقيه)، فأجابه الشيخ الصدوق وصنفه له، قال في مقدمته: ” لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة، وحصلني القدر منها بأرض بلخ من قصبة إيلاق، وردها الشريف الدين أبو عبد الله المعروف بنعمة، وهو محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن


(1) فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. ” مراصد الاطلاع 3: 1049 “. (2) همدان: مدينة في إيران جنوب غربي طهران. ” المنجد في الاعلام: 730 “. (3) إيلاق: من قرى بخارى. ” مراصد الاطلاع 1: 138 “.

[ 11 ]

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فدام بمجالسته سروري، وأنشرح بمذاكرته صدري، وعظم بمودته تشرفي لاخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح، وسكينة ووقار، وديانة وعفاف، وتقوى وإخبات، فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب الرازي، وترجمه بكتاب (من لا يحضره الطبيب) وذكر أنه شاف في معناه، وسألني أن اصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام، والشرائع والاحكام، موفيا على جميع ما صنفت في معناه، واترجمه بكتاب (من لا يحضره الفقيه) ليكون إليه مرجعه، وعليه معتمده، وبه أخذه، ويشترك في أجره من ينظر فيه، وينسخه ويعمل بمودعه، هذا مع نسخه لاكثر ما صحبني من مصنفاتي وسماعه لها وروايتها عني، ووقوفه على جملتها، وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتاب، فأجبته أدام الله توفيقه إلى ذلك لاني وجدته أهلا له وصنفت له هذا الكتاب “. وروى بايلاق عن الشيخ أبي الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري، والشيخ أبي نصر محمد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب، والشيخ أبي محمد بكر بن علي بن محمد بن الفضل الحنفي الشاشي الحاكم، والشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الاسواري وغيرهم. وسمع من مشايخ بلخ (1) أيضا، منهم الشيخ أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل والشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل والشيخ أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن عمرو العطار والشيخ أبو القاسم عبد الله بن أحمد الفقيه، والشيخ طاهر بن محمد بن يونس بن حيوة الفقيه، والشيخ أبو الحسن محمد بن سعيد بن عزيز السمرقندي الفقيه، والحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي وغيرهم.


(1) بلخ: مدينة ذات شأن في العصور القديمة والعصور الوسطى، هي اليوم قرية صغيرة في أفغانستان. ” المنجد في الاعلام: 140 “.

[ 12 ]

وحدثه بسمرقند (1) أبو محمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني، والشيخ أبو أسد عبد الصمد بن شهيد الانصاري وغيرهما. وحدثه بفرغانة (2) الشيخ تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، والشيخ أبو أحمد محمد بن جعفر البندار الشافعي الفرغاني، والشيخ إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار، والشيخ أبو محمد محمد بن أبي عبد الله الشافعي وغيرهم. مرجعيته: يتضح من جملة الكتب التي أثبتها النجاشي في رجاله أن الشيخ الصدوق (رحمه الله) كان يجيب على مسائل ورسائل ترده من مختلف الاطراف والبلدان، مما يدل على سعة وامتداد مرجعيته في الفتيا والاحكام في حواضر إسلامية مختلفة، قال أبو العباس النجاشي: وله كتب كثيرة، منها: كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من واسط، كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من قزوين، كتاب جوابات مسائل وردت من مصر، كتاب جوابات مسائل وردت من البصرة، كتاب جوابات مسائل وردت من الكوفة، جواب مسألة وردت عليه من المدائن في الطلاق، كتاب جواب مسألة نيسابور، كتاب رسالته إلى أبي محمد الفارسي في شهر رمضان، كتاب الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في شهر رمضان (3)، وله أيضا رسالة في الغيبة إلى أهل الري والمقيمين بها وغيرهم (4). تقريظه: قرظ الشيخ الصدوق جملة من العلماء والمورخين وعلى فترات تاريخية


(1) سمرقند: بلد معروف مشهور، قيل: إنه من بناء ذي القرنين بما وراء النهر. ” مراصد الاطلاع 2: 736 “. (2) فرغانة: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر، متاخمة لبلاد تركستان. ” مراصد الاطلاع 3: 1029 “. (3) رجال النجاشي: 392 / 1049. (4) الفهرست: 157 / 695.

[ 13 ]

متعاقبة، وهم كثيرون لا يسعنا ذكرهم جميعا، بل سنقتصر على ذكر المتقدمين منهم: 1 – قال النجاشي المتوفى سنة 450 ه‍ في رجاله: ” أبو جعفر القمي، نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد سنة 355 ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، وله كتب كثيرة ” (1). 2 – وقال شيخ الطائفة المتوفى سنة 460 ه‍ في رجاله: ” جليل القدر حفظة بصبر بالفقه والاخبار والرجال ” (2). وقال في الفهرست: ” جليل القدر، يكنى أبا جعفر، كان جليلا حافظا للاحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف وفهرست كتبه معروفة ” (3). 3 – وقال الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 ه‍ في تاريخه: “… نزل بغداد وحدث بها عن أبيه، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة، حدثنا عنه محمد ابن طلحة النعالي ” (4). 4 – وقال ابن شهر آشوب المتوفى سنة 588 ه‍ في معالم العلماء: “… مبارز القميين، له نحو من ثلاثمائة مصنف… ” (5). 5 – وقال ابن إدريس المتوفى سنة 598 ه‍ في السرائر في كتاب النكاح: ” فانه – أي ابن بابويه – كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالاخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، وهو استاذ شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان ” (6). 6 – وقال الحسن بن علي بن داود المتوفى سنة 707 ه‍ في رجاله: ” أبو جعفر،


(1) رجال النجاشي: 389 / 1049. (2) رجال الطوسي: 495 / 25. (3) الفهرست: 157 / 695. (4) تاريخ بغداد 3: 89. (5) معالم العلماء: 111 / 764. (6) السرائر 2: 529.

[ 14 ]

جليل القدر، حفظة، بصير بالفقه والاخبار، شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها بخراسان، كان ورد بغداد سنة 355 ه‍، سمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، له مصنفات كثيرة، لم ير في القميين مثله في الحفظ وفي كثرة علمه ” (1). 7 – وقال العلامة الحلي المتوفى سنة 726 ه‍ في الخلاصة: ” أبو جعفر، نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد سنة 355 ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، كان جليلا حافظا للاحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو ثلاثمائة مصنف، ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير، مات (رضي الله عنه) في الري سنة 381 ه‍ ” (2). 8 – وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي المتوفى سنة 985 ه‍ والد الشيخ البهائي -: ” وأما كتاب مدينة العلم ومن لا يحضره الفقيه فهما للشيخ الجليل النبيل أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، وكان هذا الشيخ جليل القدر، عظيم المنزلة في الخاصة والعامة، حافظا للاحاديث، بصيرا بالفقه والرجال، والعلوم العقلية والنقلية، ناقدا للاخبار، شيخ الفرقة الناجية وفقيهها ووجهها بخراسان وعراق العجم، وله أيضا كتب جليلة، لم ير في عصره مثله في حفظه وكثرة علمه، ورد بغداد سنة 355 ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، ومات في الري سنة 381 ه‍ ” (3). وفاته: توفي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في الري سنة 381 ه‍، وقبره بها بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني (رضي الله عنه)، وهو مزار يرده الناس ويتبركون به، وقد جدد


(1) رجال ابن داود: 179 / 1455. (2) الخلاصة: 147 / 44. (3) الدراية: 70.

[ 15 ]

عمارة المرقد الشريف السلطان فتح علي شاه القاجاري حدود سنة 1238 ه‍ على أثر ما شاع من حصول كرامة من صاحب المرقد بعد وفاته (رحمه الله)، وقد ذكر تفصيلها الخوانساري في (الروضات) (1)، والمامقاني في (تنقيح المقال) (2)، والقمي في (الفوائد الرضوية) (3). مشايخه ومن روى عنهم: لقد رحل الشيخ الصدوق في طلب العلم لمختلف ديار الاسلام، واجتمع خلال رحلاته مع مشيخة العلم والحديث، فقرأ عليهم وسمع منهم واستجازهم في مختلف الفنون، وأدناه قائمة بأسماء المشايخ مأخوذة من الكتب التي ترجمت للشيخ الصدوق، ومن كتبه المطبوعة كالامالي، ومن لا يحضره الفقيه، والتوحيد، وثواب الاعمال، وعقاب الاعمال، وعلل الشرائع، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام)، وكمال الدين، ومعاني الاخبار، ومصادقة الاخوان، وفضائل الشيعة وغيرها، وهذه القائمة مرتبة وفقا للحرف الاول فالثاني: 1 – أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الحافظ (4). 2 – أبو الحسن إبراهيم بن هارون الهيتي (5). 3 – أحمد بن إبراهيم بن إسحاق. 4 – أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي (6).


(1) روضات الجنات 6: 132. (2) تنقيح المقال 3: 154 / 11104. (3) الفوائد الروضوية: 560. (4) كذا في الخصال: 410، 417، وفي خاتمة مستدرك الوسائل 3: 713: ابن أبي حمزة. (5) في معاني الاخبار: الهيسي، وفي خاتمة المستدرك 3: 713: الهيبستي، وكلاهما تصحيف صحيحه ما أثبتناه من التوحيد: 157 و 158. (6) كذا في الخصال: 324 و 343، وفي التوحيد: 22 و 376: الخوري، ولعله تصحيف الجوري، نسبة إلى جور، =

[ 16 ]

5 – أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامي. 6 – أحمد بن إبراهيم بن الوليد السلمي. 7 – أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبي. 8 – أحمد بن أبي جعفر البيهقي. 9 – أحمد بن الحسن العطار. 10 – أحمد بن الحسن القطان. 11 – أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن مهران الازدي الآبي العروضي. 12 – أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي المرواني النيسابوري. 13 – أبو حامد أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي الحاكم. 14 – أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني. 15 – أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي. 16 – أبو حامد أحمد بن علي بن الحسين الثعالبي. 17 – أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الهرمزي البيهقي. 18 – أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الحاكم. 19 – أحمد بن محمد بن أحمد السناني المكتب. 20 – أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الانماطي. 21 – أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري القاضي. 22 – أحمد بن محمد بن إسحاق المعاذي. 23 – أحمد بن محمد الاسدي. 24 – أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين البزاز النيسابوري. 25 – أحمد بن محمد بن حمدان المكتب.


= وهي محلة بنيسابور.

[ 17 ]

26 – أبو عبد الله أحمد بن محمد الخليلي. 27 – أحمد بن محمد بن رزمة القزويني. 28 – أبو الحسن أحمد بن محمد الصقر الصائغ العدل شيخ لاهل الري. 29 – أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المقرئ الحاكم. 30 – أبو الحسن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين [ بن علي بن الحسين ] بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 31 – أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي. 32 – أحمد بن محمد بن يحيى العطار الاشعري القمي. 33 – أحمد بن هارون الفامي. 34 – أحمد بن يحيى المكتب (1). 35 – أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر. 36 – إسماعيل بن حكيم العسكري. 37 – إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار. 38 – الحاكم أبو محمد بكر بن علي بن محمد بن الفضل الحنفي الشاشي. 39 – أبو المفضل تميم بن عبد الله بن تميم القرشي الحيري. 40 – أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي الفقيه المروزي الايلاقي. 41 – جعفر بن الحسين. 42 – جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي. 43 – جعفر بن محمد بن مسرور. 44 – أبو القاسم جعفر بن محمد بن موسى بن قولويه القمي. 45 – أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان الحاكم النيسابوري.


(1) كذا في الامالي مجلس (1) الحديث (5) ومعاني الاخبار: 308، وفي معاني الاخبار: 84: أبو علي أحمد بن يحيى المؤدب، والظاهر اتحادهما.

[ 18 ]

46 – الحسن بن أبي علي أحمد بن إدريس الاشعري القمي. 47 – أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب. 48 – أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 49 – أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن (1) بن إسماعيل بن حكيم العسكري. 50 – الحسن بن علي بن أحمد الصائغ. 51 – أبو محمد الحسن بن علي بن شعيب الجوهري. 52 – أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن عمرو العطار القزويني. 53 – الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي. 54 – أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني المذكر الكوفي. 55 – أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 56 – الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (2). 57 – الحسين بن إبراهيم بن ناتانه 58 – الحسين بن أحمد بن إدريس. 59 – أبو عبد الله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل (3). 60 – أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي الحاكم. 61 – الحسين بن أحمد المالكي. 62 – أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد الاشناني الدارمي الفقيه


(1) كذا، والظاهر زيادة الحسن، مع بعض الاختلاف في آخر نسبه، انظر معجم الادباء 8: 233، ومعجم البلدان 4: 124، وأعلام الزركلي 2: 196. (2) كذا في مواضع مختلفة من مصنفاته، وفي التوحيد: 224، 289: المؤدب. (3) كذا في الخصال: 311، ولعله متحد مع رقم (62).

[ 19 ]

العدل. 63 – أبو الطيب الحسين بن أحمد بن محمد الرازي. 64 – أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر (1) بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 65 – أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الكندي. 66 – الحسين بن الحسن بن محمد. 67 الحسين بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري. 68 – الحسين بن علي بن أحمد الصائغ، تقدم في الحسن. 69 – أبو محمد الحسين بن علي بن شعيب الجوهري، تقدم في الحسن. 70 – الحسين بن علي الصوفي. 71 – الحسين بن علي بن محمد القمي، المعروف بأبي علي البغدادي. 72 – أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل. 73 – الحسين بن موسى. 74 – أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي. 75 – حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 76 – القاضي أبو سعيد الخليل بن أحمد السجزي. 77 – أبو يوسف رافع بن عبد الله بن عبد الملك. 78 – سليمان بن أحمد أيوب اللخمي. 79 – أبو الحسن صالح بن شعيب الطالقاني. 80 – صالح بن عيسى بن أحمد بن محمد العجلي. 81 – طاهر بن محمد بن يونس بن حيوة أبو الحسن الفقيه.


(1) زاد في معاني الاخبار: 105: بن عبد الله بن جعفر.

[ 20 ]

82 – الحاكم عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الحسين النيسابوري الفقيه. 83 – عبد الرحمن بن محمد بن حامد البلخي. 84 – عبد الرحمن بن محمد بن خالد البرقي. 85 – أبو أسد عبد الصمد بن شهيد الانصاري. 86 – أبو القاسم عبد الله بن أحمد الفقيه. 87 – أبو محمد عبد الله بن حامد. 88 – أبو الهيثم عبد الله بن محمد. 89 – أبو القاسم عبد الله بن محمد الصائغ. 90 – عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي الاصفهاني. 91 – عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر بن عبد الوهاب بن عطاء بن واصل السجزي. 92 – عبد الله بن نضر بن سمعان التميمي الخرقاني. 93 – عبد الواحد بن محمد بن عبد وس العطار النيسابوري. 94 – أبو محمد عبد وس بن علي بن العباس الجرجاني. 95 – أبو القاسم عتاب بن محمد بن عتاب الوراميني الحافظ. 96 – علي بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني. 97 – علي بن إبراهيم الرازي. 98 – أبو الحسين علي بن أحمد الجيرفتي النسابة. 99 – علي بن أحمد الرازي. 100 – علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن خالد البرقي. 101 – علي بن أحمد بن محمد بن إسماعيل البرمكي. 102 – علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق. 103 – علي بن أحمد بن مهزيار.


[ 21 ]

104 – علي بن أحمد بن موسى الدقاق (1). 105 – أبو الخير علي بن أحمد النسابة. 106 – علي بن بندار. 107 – أبو الحسن علي بن ثابت الدواليبي. 108 – علي بن حاتم القزويني. 109 – علي بن حبشي بن قوني. 110 – علي بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 111 – علي بن الحسن بن الفرج المؤذن أبو الحسن. 112 – علي بن الحسين البرقي. 113 – علي بن الحسين بن سفيان (2) بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني. 114 – علي بن الحسين بن شاذويه. 115 – علي بن الحسين بن الصلت. 116 – علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو الحسن، والد الشيخ الصدوق. 117 – علي بن سهل. 118 – أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمد الاصفهاني الاسواري المذكر. 119 – أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد المذكر. 120 – علي بن عبد الله الوارق. 121 – أبو الحسن علي بن عيسى المجاور. 122 – علي بن الفضل بن العباس البغدادي المعروف بأبي الحسن الخيوطي.


(1) لعله الدقاق المتقدم في (102) إذ في بعض أسانيده ورد علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن عمران الدقاق. (2) في الامالي المجلس (1) حديث (6) والمجلس (61) حديث (2): علي بن الحسين بن شقير.

[ 22 ]

123 – أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن القزويني. 124 – علي بن محمد بن عبد الله الوراق الرازي. 125 – أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني. 126 – الشريف أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 127 – علي بن محمد بن موسى الدقاق. 128 – أبو محمد عمار بن الحسين بن يحيى الاسروشي. 129 – أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي الهمداني. 130 – أبو سعيد الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر النيسابوري. 131 – أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد بن عبدويه الزاهد السراج الهمداني. 132 – أبو محمد القاسم بن محمد الاسترابادي. 133 – محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي. 134 – أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي الغرائمي. 135 – أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب الطالقاني. 136 – محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي. 137 – محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري. 138 – أبو الفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي النيسابوري. 139 – محمد بن أحمد البغدادي الوراق. 140 – أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه. 141 – محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي الوراق (1). 142 – محمد بن أحمد السناني المكتب.


(1) لعله متحد مع محمد بن أحمد البغدادي الوراق.

[ 23 ]

143 – محمد بن أحمد الشيباني المكتب (1). 144 – محمد بن أحمد الصيرفي. 145 – أبو الحسن بن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي، المعروف بابن جرادة البردعي. 146 – أبو عبد الله محمد بن أحمد القضاعي. 147 – الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 148 – أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي النيسابوري. 149 – محمد بن إسحاق بن أحمد الليثي. 150 – محمد بن بكران النقاش. 151 – أبو أحمد محمد بن جعفر البندار الفرغاني الشافعي الفقيه. 152 – محمد بن جعفر بن الحسن البغدادي. 153 – أبو نصر محمد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب. 154 – أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي. 155 – الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين ابن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، بن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام). 156 – محمد بن الحسن بن سعيد الهاشمي الكوفي. 157 – الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي. 158 – محمد بن الحسين. 159 – أبو نصر محمد بن الحسين بن الحسن الديلمي الجوهري.


(1) الظاهر اتحاده مع السناني المتقدم، وأن الشيباني مصحف عنه.

[ 24 ]

160 – أبو الحسن محمد بن سعيد بن عزيز السمرقندي الفقيه. 161 – أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي. 162 – أبو محمد محمد بن أبي عبد الله الشافعي الفرغاني. 163 – أبو جعفر محمد بن عبد الله بن طيفور الدامغاني الواعظ. 164 – أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد بن بزرج بن عبد الله بن منصور بن يونس. 165 – محمد بن علي بن أحمد بن محمد. 166 – محمد بن علي الاسترابادي (1). 167 – أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل. 168 – أبو جعفر محمد بن علي بن الاسود. 169 – محمد بن علي بن بشار القزويني. 170 – محمد بن علي بن شيبان (2) القزويني. 171 – محمد بن علي بن الفضل الكوفي. 172 – محمد بن علي ماجيلويه القمي. 173 – أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي الكرماني. 174 – محمد بن علي بن متيل. 175 – محمد بن علي المرو الروذي. 176 – محمد بن علي بن مشاط. 177 – محمد بن علي بن مهرويه. 178 – محمد بن علي الموصلي. 179 – أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقرئ.


(1) كذا في الامالي، المجلس (3 3) الحديث (1) ولعله متحد مع محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي، الآتي في (187) بدليل رواية حديث الامالي المتقدم في عيون أخبار الرضا 1: 300 / 59 عن محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي. (2) لعله مصحف بن بشار المتقدم.

[ 25 ]

180 – محمد بن علي بن هاشم. 181 – أبو بكر محمد بن عمر بن عثمان بن الفضل العقيلي الفقيه. 182 – محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار أبو بكر التميمي، المعروف بابن الجعابي. 183 – أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري. 184 – محمد بن الفضل بن زيدويه الجلاب الهمداني. 1 85 – محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر النيسابوري، المعروف بأبي سعيد المعلم. 186 – أبو جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الفضل التميمي الهروي. 187 – محمد بن القاسم المفسر، المعروف بأبي الحسن الاسترابادي. 188 – أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي. 189 – محمد بن محمد بن عصام الكليني. 190 – محمد بن محمد بن غالب الشافعي. 191 – أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه. 192 – محمد بن موسى البرقي. 193 – محمد بن موسى بن المتوكل. 194 – أبو الحسين محمد بن هارون الزنجاني، كتب إليه على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق. 195 – أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). 196 – أبو أحمد هانئ بن محمد بن محمود العبدي (1). 197 – أبو ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز.


(1) في الخصال: 510: هانئ بن محمود بن هانئ العبدي، أبو أحمد.

[ 26 ]

198 – يعقوب بن يوسف بن يعقوب الفقيه شيخ أهل الري. تلامذته والراوون عنه: لا يمكن استقصاء جميع من روى عن الشيخ الصدوق، ذلك لانه حدث وروي عنه وهو حدث السن، وقد امتد عمره الشريف إلى نيف وسبعين سنة قضى أكثرها في السفر والترحال إلى أمهات الحواضر العلمية، ولم تذكر كتب التراجم من تلامذته إلا النزر اليسير ممن ذاع صيتهم أو كانوا من قرابته، ومنهم: 1 – أبو العباس أحمد بن علي بن محمد بن العباس بن نوح. 2 – أبو الحسن أحمد بن محمد الرهاوي. 3 – أبو محمد أحمد بن محمد المعمري. 4 – جعفر بن أحمد بن علي، أبو محمد القمي، نزيل الري، الذي تقدم في مشايخه. 5 – جعفر بن أحمد المريسي. 6 – أبو الحسن جعفر بن الحسن بن حسكة القمي. 7 – أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي الرازي. 8 – الحسن بن الحسين بن علي بن موسى بن بابويه القمي. 9 – الحسن بن عنبس بن مسعود بن سالم بن محمد بن شريك أبو محمد الرافقي. 10 – أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الشيباني القمي. 11 – أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري. 12 – أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، أخو المترجم. 13 – عبد الصمد بن محمد التميمي. 14 – علي بن أحمد بن العباس النجاشي، والد الرجالي الكبير. 15 – السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوزي الحلي الحسيني.


[ 27 ]

16 – السيد المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى. 17 – أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز. 18 – أبو القاسم علي بن محمد المقرئ. 19 – أبو الحسن علي بن هبة الله الموصلي. 20 – محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي. 21 – أبو بكر محمد بن أحمد بن علي. 22 – أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي. 23 – أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد القصار الرازي. 24 – السيد الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) المعروف بنعمة، وقد تقدم في مشايخه أيضا. 25 – أبو زكريا محمد بن سليمان الحمراني. 26 – محمد بن طلحة بن محمد النعالي البغدادي وهو من شيوخ الخطيب البغدادي. 27 – أبو عبد الله محمد بن النعمان المفيد. 28 – أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري. مصنفاته: صنف الشيخ الصدوق في شتى فنون العلم وأنواعه، وكان غزير التأليف، حتى قال الشيخ الطوسي في (الفهرست): (له نحو من ثلاثمائة مصنف، وفهرست كتبه معروف) (1) وعد منها (40) كتابا، وذكر ذلك ابن شهر آشوب في (معالم العلماء) (2)


(1) الفهرست: 157. (2) معالم العلماء: 111.

[ 28 ]

وعد منها (59) كتابا، وقال النجاشي: له كتب كثيرة وعد منها نحو (197) كتابا (1). وتقدم خلال ذكرنا لرحلاته وأسفاره أنه التقى بإيلاق من بلاد ما وراء النهر بالشريف أبي عبد الله المعروف بنعمة (2)، وأن الشريف نسخ أكثر ما كان مع الشيخ الصدوق من مصنفاته وهي (245) كتابا. وفيما يلي قائمة بأسماء مؤلفات ومصنفات الشيخ الصدوق مرتبة حسب الحرف الاول فالثاني مع الاشارة إلى المطبوع منها، جمعناها من خلال تتبع مصادر ترجمته سيما ما ذكره النجاشي والشيخ الطوسي وابن شهر آشوب من فهرس مصنفاته، وما أورده الشيخ آغا بزرك في (الذريعة): 1 – إبطال الاختيار وإثبات النص. 2 – إبطال الغلو والتقصير. 3 – إثبات الخلافة لامير المؤمنين (عليه السلام). 4 – إثبات النص على الائمة (عليهم السلام). 5 – إثبات النص على أمير المؤمنين (عليه السلام). 6 – إثبات الوصية لعلي (عليه السلام). 7 – أخبار أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه). 8 – أخبار سلمان (رضي الله عنه) وزهده وفضائله. 9 – أدعية الموقف. 10 – الاستسقاء. 11 – الاعتقادات، ويسمى أيضا دين الامامية، وهو مطبوع. 12 – الاعتكاف. 13 – الاغسال.


(1) رجال النجاشي: 389. (2) من لا يحضره الفقيه 1: 3.

[ 29 ]

14 – الامالي، وهو المعروف بالمجالس، أو عرض المجالس، وهو كتابنا هذا، وسيأتي تفصيل القول فيه في هذه المقدمة لاحقا، وهو مطبوع. 15 – الامامة. 16 – امتحان المجالس. 17 – الانابة. 18 – الاوائل. 19 – الاواخر. 20 – الاوامر. 21 – أوصاف النبي (صلى الله عليه وآله). 22 – التاريخ. 23 – التجارات. 24 – التعريف. 25 – تفسير القرآن. 26 – تفسير قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام). 27 – التقية. 28 – التيمم. 29 – ثواب الاعمال، وهو مطبوع. 30 – جامع آداب المسافر للحج. 31 – جامع أخبار عبد العظيم بن عبد الله الحسني. 32 – جامع التفسير المنزل في الحج. 33 – جامع الحج. 34 – جامع حجج الائمة (عليهم السلام). 35 – جامع حجج الانبياء (عليهم السلام). 36 – جامع زيارة الرضا (عليه السلام).


[ 30 ]

37 – جامع علل الحج. 38 – جامع فرض الحج والعمرة. 39 – جامع فضل الكعبة والحرم. 40 – جامع فقه الحج. 41 – جامع نوادر الحج. 42 – الجزية في الفقه. 43 – الجمعة والجماعة. 44 – الجمل. 45 – جواب رسالة وردت في شهر رمضان. 46 – جواب مسألة وردت عليه من المدائن في الطلاق. 47 – جواب مسألة نيسابور. 48 – جوابات مسائل وردت عليه من البصرة. 49 – جوابات المسائل الواردة من قزوين. 50 – جوابات مسائل وردت من الكوفة. 51 – جوابات مسائل وردت عليه من مصر. 52 – جوابات المسائل الواردة عليه من واسط. 53 – حجج الائمة (عليهم السلام). 54 – الحدود. 55 – الحذاء والخف. 56 – حذو النعل بالنعل. 57 – حق الجداد. 58 – الحيض والنفاس. 59 – الخصال، وهو مطبوع. 60 – الخطاب.


[ 31 ]

61 – خلق الانسان. 62 – الخمس. 63 – الخواتيم (الخاتم). 64 – دعائم الاسلام في معرفة الحلال والحرام. 65 – دعائم الاعتقاد. 66 – دلائل الائمة (عليهم السلام). 67 – الديات. 68 – دين الامامية، وهو كتاب الاعتقادات المتقدم. 69 – ذكر المجلس الذي جرى له بين يدي ركن الدولة. 70 – ذكر مجلس آخر. 71 – ذكر مجلس ثالث. 72 – ذكر مجلس رابع. 73 – ذكر مجلس خامس. 74 – الرجال. 75 – الرجال المختارين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله). 76 – الرجعة. 77 – الرسالة الاولى في الغيبة إلى أهل الري والمقيمين بها وغيرهم. 78 – الرسالة الثانية في الغيبة. 79 – الرسالة الثالثة في الغيبة. 80 – الرسالة الاولى في شهر رمضان، كتبها إلى أبي محمد الفارسي في جواب رسالته إليه. 81 – الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في معنى شهر رمضان. 82 – الرسالة الثالثة في شهر رمضان. 83 – رسالة في أركان الاسلام.


[ 32 ]

84 – الروضة في الفضائل. 85 – الزكاة. 86 – زهد النبي (صلى الله عليه وآله). 87 – زهد أمير المؤمنين (عليه السلام). 88 – زهد فاطمة (عليها السلام). 89 – زهد الحسن (عليه السلام). 90 – زهد الحسين (عليه السلام). 91 – زهد علي بن الحسين (عليهما السلام). 92 – زهد أبي جعفر (عليه السلام). 93 – زهد الصادق (عليه السلام). 94 – زهد أبي إبراهيم (عليه السلام). 95 – زهد الرضا (عليه السلام). 96 – زهد أبي جعفر الثاني (عليه السلام). 97 – زهد أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام). 98 – زهد أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام). 99 – زيارات قبور الائمة (عليهم السلام) (الزيارات). 100 – السر المكتوم إلى الوقت المعلوم. 101 – السكنى والعمرى. 102 – السلطان. 103 – السنة. 104 – السهو. 105 – السواك. 106 الشعر. 107 – الشورى.


[ 33 ]

108 – الصدقة والنحلة والهبة. 109 – صفات الشيعة، وهو مطبوع. 110 – صلاة الحاجات. 111 – الصلوات سوى الخمس. 112 – الصوم. 113 – الضيافة. 114 – الطرائف. 115 – العتق والتدبير والمكاتبة. 116 – عقاب الاعمال، وهو مطبوع. 117 – علامات آخر الزمان. 118 – العلل. 119 – علل الحج. 120 – علل الشرائع، وهو مطبوع. 121 – عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، وهو مطبوع. 122 – غريب حديث النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام). 123 – الغيبة، وهو كمال الدين الآتي. 124 – فرائض الصلاة. 125 – الفرق. 126 – الفضائل. 127 – فضائل الاشهر الثلاثة، وهو ثلاثة كتب: كتاب فضائل شهر رجب، وكتاب فضائل شهر شعبان، وكتاب فضائل شهر رمضان، وهو مطبوع. 128 – فضائل جعفر الطيار (عليه السلام). 129 – فضائل الشيعة (فضل الشيعة). 130 – فضائل الصلاة.


[ 34 ]

131 – فضائل العلوية (فضل العلوية). 132 – فضل الحسن والحسين (عليهما السلام). 133 – فضل الصدقة. 134 – فضل العلم. 135 – فضل المساجد. 136 – فضل المعروف. 137 – الفطرة. 138 – فقه الصلاة. 139 – الفوائد. 140 – القربان. 141 – القضاء والاحكام. 142 – كتاب في تحريم الفقاع. 143 – كتاب فيه ذكر من لقيه من أصحاب الحديث، وعن كل واحد منهم حديث. 144 – كتاب في زيد بن علي (عليه السلام). 145 – كتاب في زيارة موسى ومحمد (عليهما السلام). 146 – كتاب في عبد المطلب وعبد الله وأبي طالب وآمنة بنت وهب. 147 – كمال الدين وتمام النعمة (إكمال الدين وإتمام النعمة) تقدم باسم الغيبة، وهو مطبوع. 148 – اللباس. 149 – اللعان. 150 – اللقاء والسلام. 151 – المتعة. 152 – المحافل. 153 – المختار بن أبي عبيدة الثقفي.


[ 35 ]

154 – مختصر تفسير القرآن. 155 – مدينة العلم. 156 – المدينة وزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام). 157 – المرشد. 158 – المسائل. أ – مسائل الوضوء. ب – مسائل الصلاة. ج‍ – مسائل الزكاة. د – مسائل الخمس. ه‍ – مسائل الحج. و – مسائل الوقف. ز – مسائل النكاح. ح – مسائل العقيقة. ط – مسائل الرضاع. ي – مسائل الطلاق. ك – مسائل الوصايا. ل – مسائل المواريث. م – مسائل الحدود. ن – مسائل الديات. 159 – مصادقة الاخوان (1).


(1) قال الشيخ آغا بزرك في (الذريعة: ” والكتاب الموجود اليوم والمعروف بهذا العنوان، الظاهر أن الموجود ليس (مصادقة الاخوان) بل هو كتاب (الاخوان) لوالد الصدوق، يعني الشيخ أبا الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى سنة 329 ه‍ وقد نسب كتاب (الاخوان) إليه النجاشي والشيخ في الفهرست، وأول رواياته عن محمد بن يحيى العطار الذي هو من مشايخ الكليني وعلي بن بابويه، وفيه الرواية عن علي بن =

[ 36 ]

160 – المصابيح، وهي عدة كتب في الرجال حسب الطبقات على الترتيب الآتي. أ – المصباح الاول، ذكر من روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) من الرجال. ب – المصباح الثاني، ذكر من روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) من النساء. ج‍ – المصباح الثالث، ذكر من روى عن أمير المؤمنين (عليه السلام). د – المصباح الرابع، ذكر من روى عن فاطمة (عليها السلام). ه‍ – المصباح الخامس، ذكر من روى عن أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام). و – المصباح السادس، ذكر من روى عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام). ز – المصباح السابع، ذكر من روى عن علي بن الحسين (عليهما السلام). ح – المصباح الثامن، ذكر من روى عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام). ث – المصباح التاسع، ذكر من روى عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام). ي – المصباح العاشر، ذكر من روى عن موسى بن جعفر (عليهما السلام). ك – المصباح الحادي عشر، ذكر من روى عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام). ل – المصباح الثاني عشر، ذكر من روى عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام). م – المصباح الثالث عشر، ذكر من روى عن أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام). ن – المصباح الرابع عشر، ذكر من روى عن أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام). س – المصباح الخامس عشر، ذكر الرجال الذين خرجت إليهم التوقيعات. 161 – مصباح المصلي (المصباح). 162 – معاني الاخبار، وهو مطبوع. 163 – المعايش والمكاسب. 164 – المعراج.


= إبراهيم القمي مكررا وبعضها بلفظ حدثني مع أنه أيضا من مشايخ الكليني وعلي بن باويه، وفيه أيضا الرواية عن سعد بن عبد الله الاشعري الذي يروي عنه الصدوق بواسطة شيخه محمد بن الحسن بن الوليد، وبالجملة لا يروي الصدوق عن هؤلاء بلا واسطة، فهذا الموجود هو كتاب (الاخوان) لوالد الصدوق “. الذريعة 21: 97.

[ 37 ]

165 – المعرفة بالفضائل، في فضل النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام). 166 – المعرفة برجال البرقي. 167 – مقتل الحسين (عليه السلام). 168 – المقنع في الفقه، وهو مطبوع. 169 – الملاهي. 170 – المناهي. 171 – من لا يحضره الفقيه، وهو أحد الاصول الاربعة التي عليها مدار الشيعة ومعول علمائنا في أخذ الاحكام، وهو مطبوع. 172 – المواريث في الفقه. 173 – المواعظ والحكم. 174 – مواقيت الصلاة. 175 – الموالاة. 176 – مولد أمير المؤمنين (عليه السلام). 177 – مولد فاطمة (عليها السلام). 178 – المياه. 179 – الناسخ والمنسوخ. 180 – النبوة. 181 – النص. 182 – النكاح. 183 – النهج. 184 – نوادر الصلاة. 185 – نوادر الطب. 186 – نوادر الفضائل.


[ 38 ]

187 – نوادر النوادر. 188 – نوادر الوضوء. 189 – الهداية في الفقه، وهو مطبوع. 190 – الوصايا. 191 – الوضوء. 192 – الوقف. مصادر ترجمته: فيما يلي أهم المصادر التي ترجمت للشيخ الصدوق مع ذكر صفحاتها وطبعاتها. 1 – الاعلام للزركلي 6: 274، طبع دار العلم للملايين، بيروت. 2 – أعيان الشيعة، للسيد محسن الامين 10: 24، طبع دار التعارف / بيروت. 3 – أمل الآمل للحر العاملي 2: 283، طبع دار الكتاب الاسلامي / قم. 4 – الانساب للسمعاني 4: 544، طبع دار الكتب العلمية / بيروت. 5 – إيضاح المكنون لاسماعيل الباباني، طبع مكتبة المثنى / بغداد، في مواضع مختلفة 6 – بحار الانوار، للمجلسي 1: 35 / المقدمة لعبد الرحيم الرباني، طبع دار الكتب الاسلامية / طهران. 7 – تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي 3: 89، طبع دار الكتب العلمية / بيروت. 8 – تحفة الاحباب للشيخ عباس القمي 468، طبع دار الكتب الاسلامية / طهران. 9 – تنقيح المقال للمامقاني 3: 154، طبع المطبعة المرتضوية / النجف. 10 – جامع الرواة للاردبيلي 2: 154، طبع مكتبة السيد المرعشي / قم. 11 – الخلاصة للعلامة الحلي: 147، طبع مكتبة الرضي / قم. 12 – دائرة المعارف الاسلامية 1: 94، طبع دار الفكر / بيروت. 13 – الدراية، للشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي: 70، طبع إيران. 14 – الذريعة، لآغا بزرك الطهراني، طبع دار الاضواء / بيروت، في مواضع مختلفة.


[ 39 ]

15 – رجال الحسن بن علي بن داود الحلي: 179، طبع المكتبة الحيدرية / النجف. 16 – رجال الشيخ الطوسي: 495، طبع المكتبة الحيدرية / النجف. 17 – رجال النجاشي: 389، طبع جماعة المدرسين / قم. 18 – روضات الجنات، للخوانساري 6: 132، طبع مكتبة إسماعيليان / قم. 19 – رياض العلماء للميرزا عبد الله أفندي 5: 119، طبع مكتبة السيد المرعشي / قم. 20 – ريحانة الادب، للمدرس التبريزي 3: 434، طبع مكتبة الخيام / طهران. 21 – سفينة البحار، للشيخ عباس القمي 2: 22، طبع مؤسسة فراهاني / طهران. 22 – سير أعلام النبلاء، للذهبي 16: 303، طبع مؤسسة الرسالة / بيروت. 23 – الفوائد الرضوية، للشيخ عباس القمي: 560، طبع إيران. 24 – الفهرست، للنديم: 277، طبع دار المعرفة / بيروت. 25 – الكنى والالقاب، للشيخ عباس القمي 2: 416، طبع مكتبة الصدر / طهران. 26 – لؤلؤة البحرين، ليوسف البحراني: 372، طبع مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) / قم. 27 – مستدرك الوسائل، للنوري: 547، طبع مؤسسة إسماعيليان / قم. 28 – المشتركات (هدية العارفين) للكاظمي: 245، طبع مكتبة السيد المرعشي / قم. 29 – معالم العلماء، لابن شهر آشوب: 111، طبع مكتبة الحيدرية، النجف. 30 – معاني الاخبار / المقدمة لعبد الرحيم الرباني، طبع جماعة المدرسين / قم. 31 – معجم المطبوعات، ليوسف إليان سركيس 1: 43، طبع مكتبة السيد المرعشي / قم. 32 – معجم المفسرين، لعادل نويهض 2: 577، طبع مؤسسة نويهض الثقافية / بيروت. 33 – معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11: 3، طبع دار إحياء التراث العربي / بيروت. 34 – من لا يحضره الفقيه / المقدمة للسيد حسن الخرسان، طبع دار الكتب الاسلامية / النجف. 35 – نوابغ الرواة، لآغا بزرك الطهراني: 287، طبع دار الكتاب العربي / بيروت. 36 – هدية العارفين، لاسماعيل باشا البغدادي 2: 52، طبع مكتبة المثنى / بغداد. 37 – الوجيزة، للمجلسي: 309، طبع مؤسسة الاعلمي / بيروت.


[ 40 ]

38 – وسائل الشيعة، للحر العاملي 30: 478، طبع مؤسسة آل البيت (عليهم السلام). كتاب الامالي: قال الشيخ آغا بزرك الطهراني: كتاب الامالي: المعروف بالمجالس، أو عرض المجالس، للشيخ الصدوق، طبع بطهران سنة 1300 ه‍، وهو في سبعة وتسعين مجلسا، والحديث الاول من المجلس الاول بالاسناد عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في فضل القول الحسن. إلي أن قال: والنسخة العتيقة منه بخط الشيخ الجليل المعروف بابن السكون، وهو علي بن محمد بن محمد بن علي السكون، رأيتها في المشهد الرضوي عند المحدث الشيخ عباس القمي، تاريخ كتابتها يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة سنة 563 ه‍، وتوجد في كتب مدرسة فاضل خان بالمشهد الرضوي نسخة من المجلس الحادي والخمسين إلى آخر الكتاب بخط الشيخ المحدث الحر العاملي (1). وهذا الكتاب عبارة عن مجالس عقدها الشيخ الصدوق للاملاء على طلابه في الري ونيسابور ومشهد الامام الرضا (عليه السلام)، ويضم 97 مجلسا، أملاها في الفترة الواقعة بين 18 رجب سنة 367 ه‍ و 19 شعبان 368 ه‍، والغالب على طريقة إملائه أنه يملي مجلسين في كل أسبوع، الاول في يوم الثلاثاء، والثاني في يوم الجمعة، مما يدل على تنظيم الشيخ الصدوق واحترامه للوقت، وجدولة أيام الاسبوع وتوزيعها وفقا لمهامه وأعماله المتشعبة، بل ونلمس مثل هذا التنظيم الرائع في أسفاره أيضا، حيث يلتزم بالاملاء في يوم الثلاثاء والجمعة غالبا. ولم يكن إملاؤه للمجالس في بلد واحد، فقد أملى بعضا منها في الري، وأملى المجلس (25) في طوس بمشهد الامام الرضا (عليه السلام) يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقين من ذي الحجة سنة 367 ه‍، وأملى المجلس (26) لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي


(1) الذريعة 2: 315.

[ 41 ]

الحجة سنة 367 ه‍، وأملى المجلس (27) في غرة المحرم سنة 368 ه‍ بعد رجوعه من المشهد، وأملى المجلس (93) يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة 368 ه‍ في نيسابور، وأملى المجلس (94) يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة 368 ه‍ في مشهد الامام الرضا (عليه السلام)، وهكذا بقية المجالس. ويحتوي كتاب الامالي للشيخ الصدوق على طائفة من الاحاديث النبوية الشريفة وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) في موضوعات مختلفة، منها أحاديث في بعض جوانب السيرة المحمدية، وأحاديث في الاسراء والمعراج، وعلى أدعية ومواعظ مأثورة، وعلى فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وأحوالهم ومناقبهم، هذا فضلا عن الموضوعات التاريخية والاخلاقية والعقائدية المختلفة التي تناولها الشيخ في كتابه هذا. وطبع هذا الكتاب مرارا حيث طبع بطهران سنة 1300 ه‍، وأخرى سنة 1374 ه‍، وأخرى سنة 1373 ه‍ في مطبعة الحكمة بقم، وأخرى سنة 1400 ه‍ في مؤسسة الاعلمي ببيروت، وله ترجمة بالفارسية للسيد علي الامامي، وأخرى للسيد صادق ابن السيد حسين التوشخانلي فرغ منها سنة 1301 ه‍، وترجمة أخرى للشيخ محمد باقر كوه كمره اي المتوفي في 5 محرم سنة 1416 ه‍، وهي مطبوعة مع الاصل العربي من منشورات المكتبة الاسلامية، طهران. أسانيد وطرق رواية الامالي: هناك طرق كثيرة في رواية هذا الكتاب، متصلة الاسناد إلى المصنف (رحمه الله)، يوجد بعض منها في إجازات ومصنفات علمائنا المتأخرين عنه، أو في مصادر ترجمة المؤلف والكتاب، أو مثبتة على الصفحات الاول للنسخ المخطوطة من الكتاب، وفيما يلي خمسة أسانيد أثبتناها من النسخ المخطوطة وبعض التراجم: 1 – السند الذي أثبته الشيخ آغا بزرك الطهراني في (الذريعة) حيث قال: السند العالي إلى هذا الكتاب كما رأيته في صدر نسخة السيد محمد الطباطبائي اليزدي


[ 42 ]

هكذا: حدثني الشيخ أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي، عن جده محمد بن موسى، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن أحمد، عن مؤلفه الشيخ الصدوق. والشيخ عبد الله هذا ممن أدرك أوائل المائة السابعة كما في عنوان دوريست في (معجم البلدان) قال: (أنه توفي بعد الستمائة بيسير) فروايته عن الصدوق المتوفى سنة 381 ه‍ بثلاث وسائط سند عال كما لا يخفى (1). 2 – السند المثبت في نسخة ابن السكون ونسخة الروضاتي ونسخة الشيخ رضا الاستادي والامالي المطبوع، وهو: أخبرني سيدنا الشيخ الجليل العالم أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين القمي (أدام الله تأييده) سنة سبع وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي (رحمه الله) سنة أربع وسبعين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة والسيد أبو البركات علي بن الحسين الحسيني سنة ست وعشرين وأربعمائة (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه) يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب من سنة سبع وستين وثلاثمائة. 3 – السند المثبت في بداية نسخة مكتبة مجلس الشورى، وهو: أخبرنا الشيخ الامام الناقد، عين الدين، جمال الائمة، فريد العصر، أبو القاسم أحمد بن حمزة النعيمي (أطال الله بقاءه)، أخبرنا الشيخ الامام العالم الزاهد موفق الدين ركن الاسلام أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي (رضي الله عنه) (2)، أخبرنا


(1) الذريعة 2: 315. (2) قال الشيخ آغا بزرك: هو الشيخ علي بن أبي الحسن محمد بن الفقيه أبي الحسن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي النيسابوري من العلماء الاعلام وأهل الدراية والرواية. وهو من بيت العلم، كان جده الاعلى عبد الصمد من تلاميذ الشيخ الصدوق، وجده الادنى علي بن عبد الصمد من تلاميذ شيخ الطائفة الطوسي، ويروى عن جمع من تلاميذ الصدوق أيضا، ووالده أبو الحسن محمد بن علي هو أخو ركن الدين علي بن علي =

[ 43 ]

الشيخ الفقيه العالم زين الدين والدي، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم الوالد أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي، أخبرنا السيد الجليل العالم أبو البركات علي ابن الحسين العلوي الجوري (نور الله ضريحه) (1) والشيخ أبو بكر محمد بن أحمد بن علي (رحمه الله) (2)، قالا: أخبرنا الشيخ الفقيه السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه وأرضاه). 4 – السند المثبت في بداية نسخة الحاج أفضل، وهو: يقول علي بن محمد بن أبي الحسن [ علي بن ] عبد الصمد التميمي كاتب هذه النسخة، والشيخ أبو بكر أحمد ابن علي (رحمه الله): حدثنا بجميع ما في هذا الكتاب الشيخ الفقيه العالم الزاهد المفيد والدي (طيب الله تربته) قراءة عليه، وخطه عندي حجة في شهور سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، قال: حدثنا الشيخ الفقيه والدي، قال: حدثني السيد العالم أبو البركات علي بن الحسين الجوري، قال: حدثنا الشيخ الفقيه الجليل أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (قدس الله روحهم ونور ضريحهم).


= ابن عبد الصمد، وهو يروي عن والده سنة 533 كما صرح به في أول سند (الامالي) الذي استنسخه بنفسه وذكر أنه يروي عن والده في التاريخ، وهو عن والده أبي الحسن الفقيه علي بن عبد الصمد، عن أبي البركات علي ابن الحسين الجوري سنة 414 ه‍، عن الشيخ الصدوق (المصنف له والمتوفى 381). ” الثقات العيون: 204 “. (1) قال الشيخ آغا بزرك: هو علي بن الحسين الحسيني الجوري، أبو البركات، من تلاميذ الصدوق المتوفي سنة 381 ه‍، روى عنه تصانيفه (الامالي) وغيره، وروى عنه الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي النيسابوري قراءة عليه في سنة 414 ه‍ كما يظهر من أسانيد (منية الداعي)، ويظهر من صدر بعض نسخ (المجالس) للصدوق أنه قرأه الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الصمد على أبي البركات في سنة 426 ه‍. (النابس في القرن الخامس: 119). (2) قال الشيخ آغا بزرك: من تلاميذ الصدوق الذي توفي سنة 381 ه‍، ويروى عنه الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الصمد التميمي، كما يروى عن جمع من تلاميذ الصدوق، ومنهم أبو البركات الجوري الذي قرأ عليه في 414 ه‍، كما في (منية الداعي) ويظهر من أول بعض نسخ (المجالس) للصدوق أنه قرأه الفقيه أبو الحسن التميمي النيسابوري المذكور على صاحب الترجمة في سنة 423 ه‍، وعلى أبي البركات في سنة 426 ه‍. (النابس في القرن الخامس: 150).

[ 44 ]

5 – السند المثبت في ترجمة علي بن محمد بن علي بن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي (1) في كتاب (الثقات العيون) وهو بما لفظه: حدثنا بجميع الكتاب والدي (قدس سره) وخطه شاهد عندي في سنة 533 ه‍، قال: حدثني والدي، قال: حدثني السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوري، والشيخ أبو بكر محمد بن أحمد ابن علي (رضي الله عنه)، عن الشيخ الصدوق. منهج التحقيق: عمد قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة إلى تحقيق كتاب الامالي للشيخ الصدوق، وذلك لانه لم يحظ بما يستحقه من التصحيح والضبط على نسخه المخطوطة، وبقيت جميع طبعاته تتوالى على النسخة المطبوعة الاولى دون الاهتمام بالمقابلة والضبط وإعداد الفهارس وغيرها من مراحل التحقيق ومهامه المختلفة، وبقي الكتاب في كثير من مواضعه يعاني من مشكلات التصحيف والتحريف والاوهام في رجال السند ومتون الاحاديث، وهو ما بذلنا أقصى الجهد في سبيل تنقيته منها وتصحيحه على النسخ التالية: 1 – نسخة السيد موسى الزنجاني، وهي النسخة المطبوعة في قم سنة 1373 ه‍، وقد قابلها بخمسة نسخ مخطوطة: أولا: نسخة الشيخ رضا الاستادي، وقد رمز لها ب‍ (دى). ثانيا: نسخة الحاج أفضل، وقد رمز لها ب‍ (ضل).


(1) قال الشيخ آغا بزرك: هو علي بن محمد بن علي بن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي، وهو يروي عن محمد بن علي بن عبد الصمد مصرحا بأنه عم أبيه في كتابه (منية الداعي)، كما يروي عن علي بن علي بن عبد الصمد مصرحا بأنه جده، وقد كتب صاحب الترجمة نسخة (الامالي) للصدوق، واستنسخ صاحب (المعالم) نسخة عن خطه ونقل صورة خطه في آخر النسخة. ” الثقات العيون: 205 “.

[ 45 ]

ثالثا: نسخة ابن السكون (1)، وقد رمز لها ب‍ (س). رابعا: نسخة الروضاتي، وقد رمز لها ب‍ (ض). خامسا: نسخة مكتبة مجلس الشورى، وقد رمز لها ب‍ (ش). 2 – نسخة السيد عبد العزيز الطباطبائي (رحمه الله)، وهي النسخة المطبوعة في بيروت سنة 1400 ه‍، وقد قابلها بنسخة ابن السكون أيضا. ويمكن إجمال عملنا في هذا الكتاب بالنقاط التالية: 1 – مقابلة نسخة السيد عبد العزيز الطباطبائي بنسخة السيد الزنجاني، وتثبيت كافة الاختلافات على نسخة واحدة، ومن ثم قابلنا هذه النسخة بالمنقول من كتاب الامالي في (بحار الانوار) للعلامة المجلسي. 2 – تقويم النص بتخليصه من التصحيف والتحريف والسقط وشرح غريبه وضبط الآيات القرآنية وتخريجها، وقد أثبتنا ما هو صحيح من مجموع النسخ. 3 – ترقيم الاحاديث برقم عام مسلسل، ورقم آخر خاص لكل مجلس. 4 – إلحاق فهارس فنية متعددة تسهل الاستفادة من الكتاب. شكر وثناء: يتقدم قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة بوافر الشكر والتقدير ومزيد الامتنان لسماحة العلامة السيد موسى الزنجاني، وبخالص الدعاء بالرحمة والمغفرة لفقيد العلم السيد عبد العزيز الطباطبائي (رحمه الله) لتفضلهما بنسختيهما الخاصتين من الكتاب والمقابلتين بالنسخ المخطوطة، مع الاستفادة من ملاحظاتهما


(1) وهو أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي الحلي النحوي اللغوي الشاعر الفقيه من ثقات علماء الامامية، كان (رحمه الله) حسن الفهم جيد الضبط حريصا على تصحيح الكتب، توفي في حدود سنة 606 ه‍. ” الكنى والالقاب 1: 314 “.

[ 46 ]

القيمة المثبتة عليهما. ويتقدم أيضا بمزيد من الثناء والتقدير للاخوة المساهمين في إنجاز تحقيق هذا الكتاب وإخراجه بشكل يناسب مقام مؤلفه (رحمه الله) ويكون أكثر فائدة لمريديه، ونخص بالذكر منهم: السيد إسماعيل الموسوي، السيد عباس بني هاشمي، السيد عبد الحميد الرضوي، الاخ علي الكعبي، الاخ عصام البدري، الشيخ كريم الزريقي، الاخ كريم راضي الواسطي، الاخ زهير جواد. وفق الله العاملين في سبيل إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) وسدد خطاهم. قسم الدراسات الاسلامية مؤسسة البعثة – قم


[ 49 ]

[ 1 ] الحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين المجلس الاول وهو يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة 1 / 1 – أخبرنا الشيخ الامام الناقد، عين الدين، جمال الائمة، فريد العصر، أبو القاسم أحمد بن حمزة النعيمي (أطال الله بقاءه)، أخبرنا الشيخ الامام العالم الزاهد موفق الدين، ركن الاسلام، أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي (رضي الله عنه)، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم زين الدين والدي، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم الوالد أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن محمد التميمي، أخبرنا السيد الجليل العالم أبو البركات علي بن الحسين العلوي الجوري (نور الله ضريحه) والشيخ أبو بكر محمد ابن أحمد بن علي (رحمه الله) (1)، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه) يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة، قال: حدثنا الشيخ يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز بالكوفة، قال: حدثنا عمي علي بن العباس، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد العبدي، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسئ في الاجل،


(1) كذا في نسخة مكتبة مجلس الشورى، وهناك أسانيد وطرق اخرى في رواية الكتاب مر ذكرها في المقدمة.

[ 50 ]

ويحبب إلى الاهل، ويدخل الجنة (1). 2 / 2 – حدثنا الحسن بن محمد بن الحسن بن إسماعيل السكوني في منزله بالكوفة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا أبو جعفر ابن السري وأبو نصر بن موسى بن أيوب الخلال، قال: حدثنا علي بن سعيد، قال: حدثنا ضمرة بن شوذب، عن مطر، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة، كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم، لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: يا أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال له عمر: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم) (2). 3 / 3 – حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني، قال: حدثنا الحضرمي، قال: حدثنا يحيى الحماني، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي ولي كل مؤمن بعدي. 4 / 4 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن العتبي – يعني محمد بن عبيد الله – عن أبيه، قال: وأخبرنا عبد الله بن شبيب البصري، قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري، قال: حدثنا العلاء بن الفضل (3)، عن أبيه، عن جده، قال: قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فدخلت وعنده الصلصال بن الدلهمس (4)، فقلت: يا نبي الله، عظنا موعظة ننتفع بها، فإنا قوم نعمر (5)


(1) الخصال: 317 / 100، بحار الانوار 71: 310 / 1. (2) روضة الواعظين: 350، إثبات الهداة 3: 375 / 211، والآية من سورة المائدة 5: 3. (3) في النسخ: العلاء بن محمد بن الفضل، وصوابه ما أثبتناه، انظر الخصال، تهذيب التهذيب 8: 189 / 342. (4) انظر خبره وترجمته في الاصابة 2: 193 / 4098. (5) أي نقيم، وفي نسخة: نعبر، وفي اخرى: نعير، أي نتردد.

[ 51 ]

في البرية. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا قيس، إن مع العز ذلا، وإن مع الحياة موتا، وإن مع الدنيا آخرة، وإن لكل شئ حسيبا، وعلى كل شئ رقيبا، وإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، ولكل أجل كتابا، وإنه لا بد لك – يا قيس – من قرين يدفن معك وهو حي، وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريما أكرمك، وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تبعث إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا، فإنه إن صلح أنست به، وإن فسد لا تستوحش إلا منه، وهو فعلك. فقال: يا نبي الله، أحب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر، نفخر به على من يلينا من العرب، وندخره. فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) من يأتيه بحسان. قال: فأقبلت أفكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر، فاستتب لي القول قبل مجئ حسان، فقلت: يا رسول الله، قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما تريد. فقلت لقيس (1): تخير خليطا من فعالك إنما * * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل ولا بد بعد الموت من أن تعده * * ليوم ينادى المرء فيه فيقبل فإن كنت مشغولا بشئ فلا تكن * * بغير الذي يرضى به الله تشغل فلن يصحب الانسان من بعد موته * * ومن قبله إلا الذي كان يعمل ألا إنما الانسان ضيف لاهله * * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل (2) 5 / 5 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا محمد بن الضحاك، عن نوفل بن عمارة، قال: أوصى قصي بن كلاب بنيه، فقال: يا بني، إياكم


(1) الذي في الاصابة 2: 193 / 4098: أن القائل هو الصلصال. (2) الخصال: 114 / 93، معاني الاخبار: 232 / 1، بحار الانوار 71: 170 / 1.

[ 52 ]

وشرب الخمر، فإنها إن أصلحت الابدان، أفسدت الاذهان (1). 6 / 6 – حدثنا علي بن الحسين بن شقير (2) بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي، قال: حدثنا علي بن بزرج الحناط، قال: حدثنا عمرو بن اليسع، عن شعيب الحداد، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، أو مدينة حصينة. قال عمرو: فقلت لشعيب: يا أبا الحسن، وأي شئ المدينة الحصينة؟ قال: فقال: سألت الصادق (عليه السلام) عنها، فقال لي: القلب المجتمع (3). 7 / 7 – أخبرنا أبو الحسين محمد بن هارون الزنجاني، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي وائل، عن وهب بن منبه، قال: وجدت في بعض كتب الله عز وجل: أن يوسف (عليه السلام) مر في موكبه على امرأة العزيز وهي جالسة على مزبلة، فقالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا، أصابتنا فاقة فتصدق علينا. فقال يوسف (عليه السلام): غموط النعم (4) سقم دوامها، فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة، فإن محل الاستجابة قدس القلوب وطهارة الاعمال.


(1) روضة الواعظين: 464. (2) كذا في النسخ، ويأتي أيضا بهذا العنوان في المجلس (61) حديث (2)، وفي معاني الاخبار، والخصال، وعلل الشرائع: 309 / 4 باب 262: علي بن الحسين بن سفيان. (3) معاني الاخبار: 189 / 1، الخصال: 207 / 27، بحار الانوار 2: 183 / 1، قال المجلسي (رحمه الله): المراد بالقلب المجتمع: القلب الذي لا يتفرق بمتابعة الشكوك والاهواء ولا تدخل فيه الاوهام الباطلة والشبهات المضلة. (4) غمط النعمة: تحقيرها والبطر بها وترك شكرها.

[ 53 ]

فقالت: ما اشتملت بعد على هيئة التأثم (1)، وإني لاستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف ولما تهريق العين عبرتها، ويؤدي الجسد ندامته. فقال لها يوسف: فجدي، فالسبيل هدف الامكان قبل مزاحمة العدة (2) ونفاد المدة. فقالت: هو عقيدتي، وسيبلغك إن بقيت بعدي. فأمر لها بقنطار من ذهب، فقالت: القوت بتة (3)، ما كنت لارجع إلى الخفض وأنا مأسورة في السخط. فقال بعض ولد يوسف ليوسف: يا أبه، من هذه التي قد تفتت لها كبدي، ورق لها قلبي؟ قال: هذه دابة الترح (4) في حبال الانتقام. فتزوجها يوسف (عليه السلام)، فوجدها بكرا، فقال: أنى وقد كان لك بعل؟! فقالت: كان محصورا بفقد الحركة وصرد (5) المجاري (6). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) التأثم: التوبة والاستغفار وتجنب الاثم. (2) قال المجلسي (رحمه الله): العدة، بالكسر، أي قبل انتهاء الاجل وعدد أيام العمر وساعاته، ويحتمل الضم أيضا، من الاستعداد، أي قبل نفاد القوى والجوارح والادوات التي بها يتيسر العمل. (3) أي على قدر الحاجة. (4) الترح: الحزن والغم. (5) الصرد: البرد، وكلامها كناية عن أن زوجها الاول عنين. (6) بحار الانوار 12: 254 / 18.

[ 54 ]

[ 2 ] المجلس الثاني وهو يوم الثلاثاء لسبع بقين من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة 8 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى البصري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثني جابر بن سلمة، قال: حدثنا حسين بن حسن، عن عامر السراج، عن سلام الخثعمي، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر (عليه السلام)، قال: من صام من رجب يوما واحدا، من أوله أو وسطه أو آخره، أوجب الله له الجنة، وجعله معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن صام يومين من رجب، قيل له: استأنف العمل، فقد غفر لك ما مضى، ومن صام ثلاثة أيام من رجب، قيل له: قد غفر لك ما مضى وما بقي، فاشفع لمن شئت من مذنبي إخوانك وأهل معرفتك، ومن صام سبعة أيام من رجب، أغلقت عنه أبواب النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام من رجب، فتحت له أبواب الجنة الثمانية، فيدخلها من أيها شاء (1). 2 / 9 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 19 / 4، بحار الانوار 97: 31 / 3.

[ 55 ]

جماعة من مشايخنا، منهم أبان بن عثمان، وهشام بن سالم، ومحمد بن حمران، عن الصادق (عليه السلام)، قال: عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع: عجبت لمن خاف العدو كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: (حسبنا الله ونعم الوكيل) (1)! فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) (2)، وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: (لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) (3)! فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) (4)، وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: (وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد) (5)! فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) (6)، وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) (7)! فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا * فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك) (8) وعسى موجبة (9). 10 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أبي، عن الريان بن الصلت، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على


(1) آل عمران 3: 173. (2) آل عمران 3: 174. (3) الانبياء 21: 87. (4) الانبياء 21: 88. (5) غافر 40: 44. (6) غافر: 40: 45. (7) الكهف 18: 39. (8) الكهف 18: 39 و 40. (9) الخصال: 218 / 43، بحار الانوار 93: 184 / 1.

[ 56 ]

ديني. من استعمل القياس في ديني (1). 11 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم ابن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي، ثم قال (صلى الله عليه وآله): إنما شفاعتي لاهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، فما معنى قول الله عز وجل: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) (2)؟ قال: لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه (3). 12 / 5 – حدثنا الحسين بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد ابن أبي الصهبان، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، قال: حدثني أبان الاحمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أنه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، علمني موعظة. فقال (عليه السلام): إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق، فاهتمامك لماذا؟ وإن كان الرزق مقسوما، فالحرص لماذا؟ وإن كان الحساب حقا، فالجمع لماذا؟ وإن كان الثواب من الله، فالكسل لماذا؟ وإن كان الخلف من الله عز وجل حقا، فالبخل لماذا؟ وإن كانت العقوبة من الله عز وجل النار، فالمعصية لماذا؟ وإن كان الموت حقا، فالفرح لماذا؟ وإن كان العرض على الله عز وجل حقا، فالمكر لماذا؟ وإن كان الشيطان عدوا، فالغفلة لماذا؟ وإن كان الممر على الصراط حقا، فالعجب لماذا؟ وإن كان كل شئ بقضاء وقدر، فالحزن


(1) التوحيد: 68 / 23، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 116 / 4، الاحتجاج: 410، بحار الانوار 2: 297 / 17، و 3: 291 / 9. (2) الانبياء 21: 28. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 136 / 35، بحار الانوار 8: 19 / 4.

[ 57 ]

لماذا؟ وإن كانت الدنيا فانية، فالطمأنينة إليها لماذا (1)؟ 13 / 6 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا أحمد بن علي الرملي، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق المروزي، قال: حدثنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي هارون العبدي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأصحهم دينا، وأفضلهم يقينا، وأحلمهم حلما، وأسمحهم كفا، وأشجعهم قلبا، وهو الامام والخليفة بعدي (2). 14 / 7 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا إبراهيم بن عمروس الهمداني بهمدان، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن إسماعيل القحطبي، قال: حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن أبيه، عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن مرة، عن سلمة بن قيس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الارض، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الارض، أعطى الله عليا من الفضل جزءا لو قسم على أهل الارض لوسعهم، وأعطاه من الفهم جزءا لو قسم على أهل الارض لوسعهم، شبهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيوب، وسخاءه بسخاء إبراهيم، وبهجته ببهجة سليمان بن داود، وقوته بقوة داود. له اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة، بشرني به ربي وكانت له البشارة عندي، علي محمود عند الحق، مزكى عند الملائكة، وخاصتي وخالصتي، وظاهرتي (3) و مصباحي، وجنتي ورفيقي، آنسني به ربي عز وجل، فسألت ربي أن لا


(1) التوحيد: 376 / 21، الخصال: 450 / 55، بحار الانوار 73: 157 / 1 و: 160 / 1، و: 300 / 1، و 75: 284 / 1، و 78: 190 / 1. (2) بحار الانوار 38: 90 / 1. (3) ظاهرة الرجل: عشيرته.

[ 58 ]

يقبضه قبلي، وسألت أن يقبضه شهيدا، أدخلت الجنة فرأيت حور علي أكثر من ورق الشجر، وقصور علي كعدد البشر. علي مني وأنا من علي، من تولى عليا فقد تولاني، حب علي نعمة، واتباعه فضيلة، دان به الملائكة، وحفت (1) به الجن الصالحون، لم يمش على الارض ماش بعدي إلا كان هو أكرم منه عزا وفخرا ومنهاجا، لم يك قط عجولا، ولا مسترسلا لفساد، ولا متعندا (2)، حملته الارض فأكرمته، لم يخرج من بطن أنثى بعدي أحد كان أكرم خروجا منه، ولم ينزل منزلا إلا كان ميمونا، أنزل الله عليه الحكمة، ورداه (3) بالفهم، تجالسه الملائكة ولا يراها، ولو أوحي إلى أحد بعدي لاوحي إليه، فزين الله به المحافل، وأكرم به العساكر، وأخصب (4) به البلاد، وأعز به الاجناد، مثله كمثل بيت الله الحرام، يزار ولا يزور، ومثله كمثل القمر (5) إذا طلع أضاء الظلمة، ومثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت الدنيا، وصفه الله في كتابه، ومدحه بآياته، ووصف فيه آثاره، وأجرى (6) منازله، فهو الكريم حيا والشهيد ميتا (7). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) حفي بالرجل حفاوة: تلطف به وبالغ في إكرامه، وأظهر السرور والفرح به. (2) في نسخة: متعقدا، وفي اخرى: منعقدا. (3) في نسخة: وزاده. (4) في نسخة: أخضب. (5) في نسخة: الفجر. (6) في نسخة: وأجزل. (7) بحار الانوار 39: 37 / 7.

[ 59 ]

[ 3 ] المجلس الثالث وهو يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة سبع وستين ثلاثمائة 15 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن خالد، قال: حدثنا محمد ابن درستويه الفارسي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني حماد بن أبي سليمان، عن أنس، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا، جعل الله تبارك وتعالى بينه وبين النار سبعين خندقا، عرض كل خندق ما بين السماء والارض (1). 16 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي ابن موسى الرضا (عليه السلام) قال: من صام أول يوم من رجب رغبة في ثواب الله عز وجل وجبت له الجنة، ومن صام يوما في وسطه شفع في مثل ربيعة ومضر، ومن صام يوما في آخره جعله الله عز وجل من ملوك الجنة، وشفعه في أبيه وأمه،


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 17 / 2، بحار الانوار 97: 32 / 4.

[ 60 ]

وابنه وابنته، واخيه وأخته، وعمه وعمته، وخاله وخالته، ومعارفه وجيرانه، وإن كان فيهم مستوجب للنار (1). 17 / 3 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد (2) بن حمدان القشيري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد بن المهلب، قال: حدثنا عبد الغفار بن محمد بن كثير الكلابي الكوفي، عن عمرو بن ثابت، عن جابر، عن أبي جعفر محمد ابن علي بن الحسين، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن، أهو الهن عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط (3). 18 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن جعفر النخعي، عن محمد بن مسلم وغيره، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن خيار العباد، فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا (4). 19 / 5 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن زرعة، عن سماعة بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، أنه قال: أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبالها، أعطاه الله عز وجل أجر مائة جمعة


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 17 / 1، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 291 / 40، بحار الانوار 97: 32 / 5. (2) في النسخ: عمر بن أحمد، والصواب ما أثبتناه، انظر: كمال الدين: 237 / 54، الخصال: 360 / 49، معاني الاخبار: 90، ميزان الاعتدال 3: 463 / 7169. (3) الخصال: 360 / 49، بحار الانوار 27: 158 / 3. (4) الكافي 2: 188 / 31، الخصال: 317 / 99، تحف العقول: 445، بحار الانوار 69: 305 / 26.

[ 61 ]

للمقيم (1). 20 / 6 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المخالف على علي بن أبي طالب بعدي كافر، والمشرك به مشرك، والمحب له مؤمن، والمبغض له منافق، والمقتفي لاثره لاحق، والمحارب له مارق، والراد عليه زاهق، علي نور الله في بلاده، وحجته على عباد، علي سيف الله على أعدائه، ووارث علم أنبيائه، علي كلمة الله العليا، وكلمة أعدائه السفلى، علي سيد الاوصياء، ووصي سيد الانبياء، علي أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وإمام المسلمين، لا يقبل الله الايمان إلا بولايته وطاعته (2). 21 / 7 – حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي ابن محمد بن يسار، عن أبو يهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله الله عليه وآله) لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد الله، أحبب في الله وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادون، وعليها يتباغضون، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا. فقال له: وكيف لي أن أعلم أني قد واليت وعاديت في الله عز وجل، فمن ولي الله عز وجل حتى أو إليه، ومن عدوه حتى أعاديه؟ فأشار له رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام)، وقال: أترى هذا؟ فقال: بلى. قال: ولي هذا ولي الله فواله، وعدو هذا عدو الله فعاده، وال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدو هذا ولو أنه


(1) ثواب الاعمال: 37، روضة الواعظين: 331، بحار الانوار 89: 166 / 6. (2) بشارة المصطفى: 18، 161، بحار الانوار 38: 90 / 3.

[ 62 ]

أبوك وولدك (1). 22 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن زياد الازدي، عن أبان وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إني لارحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا: عزيز قوم أصابته مذلة بعد العز، وغني أصابته حاجة بعد الغنى، وعالم يستخف به أهله والجهلة (2). 23 / 9 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم (3). 24 / 10 – حدثنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي بن يحيى، قال: حدثنا أبو بكر بن نافع، قال: حدثنا أمية بن خالد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن علي بن الحسين، قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنك لافضل الخليقة بعدي. يا علي، أنت وصيي وإمام أمتي، من أطاعك أطاعني، ومن عصاك عصاني (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) علل الشرائع: 140 / 1، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 291 / 41، معاني الاخبار: 399 / 58، صفات الشيعة: 125 / 65، بحار الانوار 69: 236 / 1. (2) الخصال: 86 / 18، من لا يحضره الفقيه 4: 281 / 13، بحار الانوار 74: 405 / 1. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 53 / 204، بحار الانوار 71: 383 / 19، و: 384 / 22. (4) بحار الانوار 38: 90 / 2.

[ 63 ]

[ 4 ] المجلس الرابع وهو يوم الثلاثاء سلخ رجب من سنة سبع وستين وثلاثمائة 25 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الاسود اليشكري، عن محمد بن عبيد الله، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وصيك من امتك، فإنه لم يبعث نبي إلا كان له وصي من أمته؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم يبين لي بعد. فمكثت ما شاء الله أن أمكث، ثم دخلت المسجد، فناداني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا سلمان، سألتني عن وصيي من امتي، فهل تدري من كان وصي موسى من أمته؟ فقلت: كان وصيه يوشع بن نون فتاه. قال: فهل تدري لم كان أوصى إليه؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: أوصى إليه لانه كان أعلم أمته بعده، ووصيي أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب (1). 26 / 2 – حدثنا أحمد بن زياد، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال:


(1) بحار الانوار 38: 18 / 34.

[ 64 ]

حدثنا جعفر بن سلمة الاهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ومحرز بن هشام، قالا: حدثنا مطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) كلهم يقول: أنا أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). فأخذ (صلى الله عليه وآله) فاطمة مما يلي بطنه، وعليا مما يلي ظهره، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، ثم قال (صلى الله عليه وآله): أنتم مني وأنا منكم (1). 27 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد ابن هلال، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ (قل هو الله أحد) (2) حين يأخذ مضجعه، غفر الله عز وجل له ذنوب خمسين سنة (3). 28 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق ابن هارون، عن هارون بن حمزة الغنوي (4)، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: وكل الله تبارك وتعالى بقبر الحسين (عليه السلام) أربعة آلاف ملك، شعثا غبرا، يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفا بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشيا، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم


(1) بحار الانوار 37: 35 / 1. (2) زاد في ثواب الاعمال: مائة مرة. (3) الكافي 2: 454 / 4، ثواب الاعمال: 128، التوحيد: 94 / 12، بحار الانوار 76: 192 / 2. (4) كذا، ولم نجد إسحاق بن هارون كما لم نجد روايته عن هارون بن حمزة الغنوي، وقد روي هذا الحديث بطرق كثيرة، وفي آخرها: إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، وفي اخرى: إسحاق بن إبراهيم، عن هارون، والظاهر صوابه، أنظر الحديث (8) من المجلس (29) من هذا الكتاب، ثواب الاعمال، كامل الزيارات: 189 / 1 و: 191 / 8، الكافي.

[ 65 ]

القيامة (1). 29 / 5 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ارج الله رجاء لا يجرئك على معاصيه، وخف الله خوفا لا يؤيسك من رحمته (2) 30 / 6 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله) عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن عامر بن كثير السراج النهدي، عن أبي الجارود، عن ثابت بن أبي صفية، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد الشهداء الحسين بن علي، عن سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن سيد النبيين محمد بن عبد الله خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الله تبارك وتعالى فرض عليكم طاعتي، ونهاكم عن معصيتي، وأوجب عليكم اتباع أمري، وفرض عليكم من طاعة علي بعدي ما فرضه من طاعتي، ونهاكم من معصيته عما نهاكم عنه من معصيتي، وجعله أخي ووزيري ووصيي ووارثي، وهو مني وأنا منه، حبه إيمان وبغضه كفر، ومحبه محبي، ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وإياه أبوا هذه الامة (3). 31 / 7 – حدثنا محمد بن أحمد السناني المكتب (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في رجب وقد بقيت منه أيام، فلما نظر إلي قال لي: يا سالم، هل صمت في هذا الشهر شيئا؟ قلت: لا والله يا بن رسول الله. فقال لي: لقد فاتك من


(1) كامل الزيارات: 189 / 1، الكافي 4: 581 / 6، ثواب الاعمال: 88، بحار الانوار 101: 63 / 44 – 46. (2) بحار الانوار 70: 384 / 39. (3) بحار الانوار 38: 91 / 4.

[ 66 ]

الثواب ما لم يعلم مبلغه إلا الله عز وجل، إن هذا شهر قد فضله الله وعظم حرمته، وأوجب للصائمين فيه كرامته. قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فإن صمت مما بقي شيئا، هل أنال فوزا ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال: يا سالم، من صام يوما من آخر هذا الشهر، كان ذلك أمانا له من شدة سكرات الموت، وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر، كان له بذلك جواز على الصراط، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر، أمن يوم الفزع الاكبر من أهواله وشدائده، وأعطي براءة من النار (1). 32 / 8 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي (2)، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن عبد الله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، قال: حدثنا شريك، عن سالم الافطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، ومن أهانك فقد أهانني، ومن أهانني أدخله الله نار جهنم خالدا فيها وبئس المصير. يا علي، أنت مني وأنا منك، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبهم فقد أحبنا، ومن أبغضهم فقد أبغضنا، ومن عاداهم فقد عادانا، ومن ودهم فقد ودنا. يا علي، إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب. يا علي، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود، فبشرهم بذلك.


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 18 / 3، بحار الانوار 97: 32 / 6. (2) روى في معاني الاخبار: 29 – 32 أربعة أحاديث بالاسناد إلى علي بن حاتم المنقري بعين السند المذكور في هذا الحديث، إلا أن فيها: عبد الرحمن بن محمد الحسيني، عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم.

[ 67 ]

يا علي، شيعتك شيعة الله، وأنصارك أنصار الله، وأولياؤك أولياء الله وحزبك حزب الله. يا علي، سعد من تولاك، وشقي من عاداك، يا علي لك كنز في الجنة، وأنت ذو قرنيها (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) بشارة المصطفى: 162، بحار الانوار 68: 7 / 1.

[ 68 ]

[ 5 ] المجلس الخامس وهو يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان سنة سبع وستين ثلاثمائة 33 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوبه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة، وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلا أصلح الله له أمر معيشته، وكفاه شر عدوه، وإن أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان أن تجب له الجنة (1). 34 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرة، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم (2). 35 / 3 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 43 / 19، بحار الانوار 97: 68 / 5. (2) فضائل الاشهر الثلاثة: 44 / 21، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 291 / 42، بحار الانوار 97: 90 / 1.

[ 69 ]

الكوفي، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا الحسن بن علي بن يوسف، عن عمرو بن جميع، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يلقى الله عز وجل يوم القيامة وفي صحيفته شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وتفتح له أبواب الجنة الثمانية، ويقال له: يا ولي الله، ادخل من أيها شئت، فليقل إذا أصبح: الحمد لله الذي ذهب بالليل بقدرته، وجاء بالنهار برحمته خلقا جديدا، مرحبا بالحافظين، وحياهما (1) الله من كاتبين، ويلتفت عن يمينه، ثم يلتفت عن شماله، ويقول اكتبا: بسم الله الرحمن الرحيم، إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، على ذلك أحيا وعليه أموت، وعلى ذلك ابعث إن شاء الله، اللهم اقرأ محمدا وآله مني السلام (2). 36 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الواحد الخزاز، قال: حدثني إسماعيل ابن علي السندي، عن منيع بن الحجاج، عن عيسى بن موسى، عن جعفر الاحمر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنة مدبجت (3) الجنين، خطامها من لؤلؤ رطب، قوائمها من الزمرد الاخضر، ذنبها من المسك الاذفر، عيناها ياقوتتان حمراوان، عليها قبة من نور يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، داخلها عفو الله، وخارجها رحمة الله، على رأسها تاج من نور، للتاج سبعون ركنا، كل ركن مرصع بالدر والياقوت، يضئ كما يضئ الكوكب الدري في افق السماء، وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن شمالها سبعون ألف


(1) في نسخة: وحياكما. (2) عدة الداعي: 267، بحار الانوار 86: 246 / 5. (3) المدبج، المزين.

[ 70 ]

ملك،، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة، ينادي بأعلى صوته: غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد. فلا يبقى يومئذ نبي ولا رسول ولا صديق ولا شهيد، إلا غضوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة بنت محمد، فتسير حتى تحاذي عرش ربها جل جلاله، فتزج (1) بنفسها عن ناقتها وتقول: إلهي وسيدي، احكم بيني وبين من ظلمني، اللهم احكم بيني وبين من قتل ولدي. فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: يا حبيبتي وابنة حبيبي، سليني تعطى، واشفعي تشفعي، فوعزتي وجلالي لاجازني ظلم ظالم. فتقول: إلهي وسيدي ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي، ومحبي ومحبي ذريتي. فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: أين ذرية فاطمة وشيعتها ومحبوها ومحبو ذريتها؟ فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة، فتقدمهم فاطمة حتى تدخلهم الجنة (2). 37 / 5 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك. بالعروة الوثقي، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليا بعدي، وليعاد عدوه، وليأتم بالائمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي، وسادة أمتي، وقادة الاتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان (3). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) أي تلقي وترمي. (2) بحار الانوار 43: 219 / 1. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 292 / 43، بشارة المصطفى: 15، بحار الانوار 38: 92 / 5.

[ 71 ]

[ 6 ] المجلس السادس وهو يوم الثلاثاء لسبع ليال خلون من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 38 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن أبي عبد الرحمن المسعودي، عن العلاء بن يزيد القرشي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام): حدثني أبي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شعبان شهري، وشهر رمضان شهر الله عز وجل، فمن صام يوما من شهري كنت شفيعه يوم القيامة، ومن صام يومين من شهري غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام ثلاثة أيام من شهري قيل له: استأنف العمل، ومن صام شهر رمضان فحفظ فرجه ولسانه وكف أذاه عن الناس، غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر وأعتقه من النار، وأحله دار القرار، وقبل شفاعته في عدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد (1). 39 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله


(1) روضة الواعظين: 402، بحار الانوار 96: 356 / 24.

[ 72 ]

الحسني، عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: دخل موسى بن جعفر (عليهما السلام) على هارون الرشيد، وقد استخفه الغضب على رجل، فقال له: إنما تغضب لله عز وجل، فلا تغضب له بأكثر مما غضب لنفسه (1). 40 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف، قال: حدثنا محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوم يربعون (2) حجرا، قال: ما هذا؟ قالوا: نعرف بذلك أشدنا وأقوانا. فقال (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بأشدكم وأقواكم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق (3). 41 / 4 – حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، أنه قال: الاشهار (4) بالعبادة ريبة، إن أبي حدثني عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أعبد الناس من أقام الفرائض، وأسخى الناس من أدى زكاة ماله، وأزهد الناس من اجتنب الحرام، وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه، وأعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، وكره لهم ما يكره لنفسه، وأكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب ويرجو الثواب، وأغفل الناس من لم يتعظ بتغير


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 292 / 44، بحار الانوار 73: 262 / 1، و 100: 76 / 26. (2) ربع الرجل: رفع الحجر بيده امتحانا لقوته. (3) معاني الاخبار: 366 / 1، من لا يحضره الفقيه 4: 291 / 878، بحار الانوار 75: 28 / 16. (4) في نسخة: الاشتهار.

[ 73 ]

الدنيا من حال إلي حال، وأعظم الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا، وأعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه، وأشجع الناس من غلب هواه، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علما، وأقل الناس قيمة أقلهم علما، وأقل الناس لذة الحسود، وأقل الناس راحة البخيل، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عز وجل عليه، وأولى الناس بالحق أعلمهم (1) به. وأقل الناس حرمة الفاسق، وأقل الناس وفاء الملوك، وأقل الناس صديقا الملك وأفقر الناس الطمع، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا، وأفضل الناس إيمانا أحسنهم خلقا، وأكرم الناس أتقاهم، وأعظم الناس قدرا من ترك ما لا يعنيه، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقا، وأقل الناس مروءة من كان كاذبا، وأشقى الناس الملوك، وأمقت الناس المتكبر، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب. وأحلم الناس من فر من جهال الناس، وأسعد الناس من خالط كرام الناس، وأعقل الناس أشدهم مداراة للناس، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة، وأعتى الناس من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأحق الناس بالذنب السفيه المغتاب، وأذل الناس من أهان الناس، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ، وأصلح الناس أصلحهم للناس، وخير الناس من انتفع به الناس (2). 42 / 5 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى اصطفاني واختارني وجعلني رسولا، وأنزل علي سيد الكتب، فقلت: إلهي وسيدي، إنك أرسلت موسى إلى فرعون، فسألك أن تجعل معه أخاه هارون


(1) في المعاني: أعملهم. (2) معاني الاخبار: 195 / 1، الغايات: 65، بحار الانوار 77: 111 / 2.

[ 74 ]

وزيرا، تشد به عضده، وتصدق به قوله، وإني أسألك يا سيدي وإلهي أن تجعل لي من أهلي وزيرا، تشد به عضدي. فجعل الله لي عليا وزيرا وأخا، وجعل الشجاعة في قلبه، وألبسه الهيبة على عدوه، وهو أول من آمن بي وصدقني، وأول من وحد الله معي، وإني سألت ذلك ربي عز وجل فأعطانيه. فهو سيد الاوصياء، اللحوق به سعادة، والموت في طاعته شهادة، واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي، وزوجته الصديقة الكبرى ابنتي، وابناه سيدا شباب أهل الجنة ابناي، وهو وهما والائمة بعدهم حجج الله على خلقه بعد النبيين، وهم أبواب العلم في أمتي، من تبعهم نجا من النار، ومن اقتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم، لم يهب الله عز وجل محبتهم لعبد إلا أدخله الله الجنة (1). وصلى الله على رسوله محمد وعلى أهل بيت الاخيار


(1) إثبات الهداة 2: 419 / 281، بحار الانوار 92: 38 / 6.

[ 75 ]

[ 7 ] المجلس السابع وهو يوم الجمعة لعشر ليال خلون من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 43 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي، قال: حدثنا الحسن بن محمد المروزي، عن أبيه، عن يحيى بن عياش، قال: حدثنا علي بن عاصم الواسطي، قال: أخبرني عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان، فقال: شهر شريف، وهو شهري، وحملة العرش تعظمه وتعرف حقه، وهو شهر تزاد فيه أرزاق المؤمنين كشهر رمضان، وتزين فيه الجنان، وإنما سمي شعبان لانه تتشعب فيه أرزاق المؤمنين، وهو شهر العمل فيه مضاعف، الحسنة بسبعين، والسيئة محطوطة، والذنب مغفور، والحسنة مقبولة، والجبار جل جلاله يباهي فيه بعباده، وينظر إلى صوامه وقوامه، فيباهي بهم حملة العرش. فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، صف لنا شيئا من فضائله لنزداد رغبة في صيامه وقيامه، ولنجتهد للجليل عز وجل فيه. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): من صام أول يوم من شعبان كتب الله له سبعين حسنة، الحسنة


[ 76 ]

تعدل عبادة سنة، ومن صام يومين من شعبان حطت عنه السيئة الموبقة، ومن صام ثلاثة أيام من شعبان رفع له سبعون درجة في الجنان من در وياقوت، ومن صام أربعة أيام من شعبان وسع عليه في الرزق، ومن صام خمسة أيام من شعبان حبب إلى العباد، ومن صام ستة أيام من شعبان صرف عنه سبعون لونا من البلاء، ومن صام سبعة أيام من شعبان عصم من إبليس وجنوده دهره وعمره، ومن صام ثمانية أيام من شعبان لم يخرج من الدنيا حتى يسقى من حياض القدس، ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عند ما يسائلانه، ومن صام عشرة أيام من شعبان وسع الله عليه قبره سبعين ذراعا. ومن صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب على قبره إحدى عشرة منارة من نور، ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم تسعون ألف ملك إلى النفخ في الصور، ومن صام ثلاثة عشر يوما من شعبان استغفرت له ملائكة سبع سماوات، ومن صام أربعة عشر يوما من شعبان ألهمت الدواب والسباع حتى الحيتان في البحور أن يستغفروا له، ومن صام خمسة عشر يوما من شعبان ناداه رب العزة: وعزتي وجلالي لا أحرقك بالنار، ومن صام ستة عشر يوما من شعبان أطفئ عنه سبعون بحرا من النيران، ومن صام سبعة عشر يوما من شعبان غلقت عنه أبواب النيران كلها، ومن صام ثمانية عشر يوما من شعبان فتحت له أبواب الجنان كلها، ومن صام تسعة عشر يوما من شعبان أعطي سبعين ألف قصر من الجنان من در وياقوت، ومن صام عشرين يوما من شعبان زوج سبعين ألف زوجة من الحور العين. ومن صام أحدا وعشرين يوما من شعبان رحبت به الملائكة ومسحته بأجنحتها، ومن صام اثنين وعشرين يوما من شعبان كسي سبعين ألف حلة من سندس وإستبرق، ومن صام ثلاثة وعشرين يوما من شعبان أتي بدابة من نور عند خروجه من قبره، فيركبها طيارا إلى الجنة، ومن صام أربعة وعشرين يوما من شعبان شفع في سبعين ألفا من أهل التوحيد، ومن صام خمسة وعشرين يوما من شعبان أعطي براءة من النفاق، ومن صام ستة وعشرين يوما من شعبان كتب الله عزوجل له


[ 77 ]

جوازا على الصراط، ومن صام سبعة وعشرين يوما من شعبان كتب الله له براءة من النار، ومن صام ثمانية وعشرين يوما من شعبان تهلل وجهه يوم القيامة، ومن صام تسعة وعشرين يوما من شعبان نال رضوان الله الاكبر، ومن صام ثلاثين يوما من شعبان ناداه جبرئيل من قدام العرش: يا هذا، استأنف العمل عملا جديدا، فقد غفر لك ما مضى وتقدم من ذنوبك والجليل عز وجل يقول: لو كان ذنوبك عدد نجوم السماء وقطر الامطار وورق الشجر، وعدد الرمل والثرى، وأيام الدنيا لغفرتها لك وما ذلك على الله بعزيز بعد صيامك شهر شعبان (1). قال ابن عباس: هذا لشهر شعبان (2). 44 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم على منبر الكوفة: أنا سيد الوصيين، ووصي سيد النبيين، أنا إمام المسلمين، وقائد المتقين، ومولى (3) المؤمنين، وزوج سيدة نساء العالمين، أنا المتختم باليمين، والمعفر للجبين، أنا الذي هاجرت الهجرتين، وبايعت البيعتين، أنا صاحب بدر وحنين، أنا الضارب بالسيفين، والحامل على فرسين، أنا وارث علم الاولين، وحجة الله على العالمين بعد الانبياء، ومحمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين، أهل موالاتي مرحومون، وأهل عداوتي ملعونون، ولقد كان حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يقول لي: يا علي، حبك تقوى وإيمان، وبغضك كفر ونفاق، وأنا بيت الحكمة، وأنت مفتاحه، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك (4). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) في نسخة: رمضان. (2) ثواب الاعمال: 61، فضائل الاشهر الثلاثة: 46 / 24، بحار الانوار 97: 68 / 7. (3) في نسخة: ولي. (4) بحار الانوار 39: 341 / 12.

[ 78 ]

45 / 3 – وفي هذا اليوم بعد المجلس حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قلت: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة. فقال: يا ابن سمرة، إذا اختلفت الاهواء، وتفرقت الآراء، فعليك بعلي بن أبي طالب، فإنه إمام أمتي، وخليفتي عليهم من بعدي، وهو الفاروق الذي يميز بين الحق والباطل، من سأله أجابه، ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحق من عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليه آمنه، ومن استمسك به نجاه، ومن اقتدى به هداه. يا بن سمرة، سلم من سلم له ووالاه، وهلك من رد عليه وعاداه. يا بن سمرة، إن عليا مني، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي وأنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، إن منه إمامي أمتي، وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائم أمتي، يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله أجمعين


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 256 / 1، بحار الانوار 36: 226 / 2.

[ 79 ]

[ 8 ] المجلس الثامن وهو يوم الثلاثاء الرابع عشر من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 46 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه الفقيه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن ليلة النصف من شعبان. قال: هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار، ويغفر فيها الذنوب الكبائر. قلت: فهل فيها صلاة زيادة على سائر الليالي؟ فقال: ليس فيها شئ موظف، ولكن إن أحببت أن تتطوع فيها بشئ فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)، وأكثر فيها من ذكر الله عز وجل، ومن الاستغفار والدعاء، فإن أبي (عليه السلام) كان يقول: الدعاء فيها مستجاب. قلت له: إن الناس يقولون: إنها ليلة الصكاك؟ فقال (عليه السلام): تلك ليلة القدر في شهر رمضان (1). 47 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 45 / 22، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 292 / 45، بحار الانوار 97: 84 / 2، 3.

[ 80 ]

يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر، والسكوت، والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرا، وسكوته فكرا، وكلامه ذكرا، وبكى على خطيئته، وأمن الناس شره (1). 48 / 3 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال حدثنا محمد بن سعيد بن أبي شحمة، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن هاشم القناني البغدادي سنة خمس وثمانين ومائتين، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا حسان بن عبد الله الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان من زهد يحيى بن زكريا (عليهما السلام) أنه أتى بيت المقدس، فنظر إلى المجتهدين من الاحبار والرهبان، عليهم مدارع الشعر وبرانس الصوف، وإذا هم قد خرقوا تراقيهم، وسلكوا فيها السلاسل، وشدوها إلى سواري المسجد، فلما نظر إلى ذلك أتى أمه فقال: يا أماه، انسجي لي مدرعة من شعر وبرنسا من صوف حتى آتي بيت المقدس، فأ عبد الله مع الاحبار والرهبان. فقالت له امه: حتى يأتي نبي الله واؤامره (2) في ذلك. فلما دخل زكريا (عليه السلام) أخبرته بمقالة يحيى، فقال له زكريا: يا بني، ما يدعوك إلى هذا وإنما أنت صبي صغير! فقال له: يا أبه، أما رأيت من هو أصغر سنا مني وقد ذاق الموت؟ قال: بلى، ثم قال لامه: انسجي له مدرعة من شعر وبرنسا من صوف، ففعلت.


(1) المحاسن: 5 / 10، ثواب الاعمال: 177، الخصال: 98 / 47، معاني الاخبار: 344 / 1، بحار الانوار 71: 275 / 2، و: 324 / 15، و 77: 406 / 37، و 78: 54 / 98، و 93: 332 / 18، ويأتي في المجلس (23) الحديث (6). (2) آمر فلانا في الامر: شاوره.

[ 81 ]

فتدرع المدرعة على بدنه، ووضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس، فأقبل يعبد الله عز وجل مع الاحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه، فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه فبكى، فأوحى الله عز وجل إليه: يا يحيى، أتبكي مما قد نحل من جسمك! وعزتي وجلالي لو اطلعت على النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلا عن المنسوج (1)، فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه، وبدا للناظرين أضراسه، فبلغ ذلك أمه، فدخلت عليه، وأقبل زكريا واجتمع الاحبار والرهبان، فأخبروه بذهاب لحم خديه، فقال: ما شعرت بذلك. فقال زكريا: يا بني، ما يدعوك إلى هذا؟ إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك عيني. قال: أنت أمرتني بذلك يا أبه، قال: ومتى ذلك يا بني؟ قال: ألست القائل: إن بين الجنة والنار لعقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله؟ قال: بلى، فجد واجتهد وشأنك غير شأني. فقام يحيى، فنفض مدرعته، فأخذته أمه، فقالت: أتأذن لي – يا بني – أن أتخذ لك قطعتي لبود (2) تواريان أضراسك، وتنشفان دموعك؟ فقال لها: شأنك. فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه، وتنشفان دموعه، فبكى حتى ابتلتا من دموع عينيه، فحسر عن ذراعيه، ثم اخذهما فعصرهما، فتحدرت الدموع من بين أصابعه، فنظر زكريا إلى ابنه وإلى دموع عينيه، فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إن هذا ابني، وهذه دموع عينيه، وأنت أرحم الراحمين. وكان زكريا (عليه السلام) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا وشمالا، فإن رأى يحيى (عليه السلام) لم يذكر جنة ولا نارا، فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل، وأقبل يحيى قد لف رأسه بعباءة، فجلس في غمار الناس (3)، والتفت زكريا يمينا وشمالا فلم


(1) في نسخة: المسوح. (2) اللبود: جمع لبد، وهو كل شعر أو صوف متلبد، سمي به للصوق بعضه ببعض. (3) غمار الناس: جمعهم المزدحم المتكاثف.

[ 82 ]

ير يحيى، فأنشأ يقول: حدثني حبيبي جبرئيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى: أن في جهنم جبلا يقال له السكران، في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان، يغضب لغضب الرحمن تبارك وتعالى، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام، في ذلك الجب توابيت من نار، في تلك التوابيت صناديق من نار، وثياب من نار، وسلاسل من نار، وأغلال من نار، فرفع يحيى (عليه السلام) رأسه فقال: واغفلتاه من السكران، ثم أقبل هائما على وجهه، فقام زكريا (عليه السلام) من مجلسه فدخل على ام يحيى، فقال لها: يا ام يحيى، قومي فاطلبي يحيى، فإني قد تخوفت أن لا نراه إلا وقد ذاق الموت. فقامت فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل، فقالوا لها: يا ام يحيى، أين تريدين؟ قالت: أريد أن أطلب ولدي يحيى، ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه، فمضت ام يحيى والفتية معها حتى مرت براعي غنم، فقالت له: يا راعي، هل رأيت شابا من صفته كذا وكذا؟ فقال لها: لعلك تطلبين يحيى بن زكريا؟ قالت: نعم، ذاك ولدي، ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه، فقال: إني تركته الساعة على عقبة ثنية كذا وكذا، ناقعا قدميه في الماء رافعا بصره إلى السماء، يقول: وعزتك مولاي، لا ذقت بارد الشراب حتى أنظر إلى منزلتي منك. وأقبلت أمه، فلما رأته ام يحيى دنت منه، فأخذت برأسه فوضعته بين ثدييها، وهي تناشده بالله أن ينطلق معها إلى المنزل، فانطلق معها حتى أتى المنزل، فقالت له ام يحيى: هل لك أن تخلع مدرعة الشعر وتلبس مدرعة الصوف، فإنه ألين؟ ففعل، وطبخ له عدس، فأكل واستوفى ونام، فذهب به النوم فلم يقم لصلاته، فنودي في منامه: يا يحيى بن زكريا، أردت دارا خيرا من داري وجوارا خيرا من جواري! فاستيقظ فقام فقال: يا رب اقلني عثرتي، إلهي فو عزتك لا استظل بظل سوى بيت المقدس. وقال لامه: ناوليني مدرعة الشعر، فقد علمت أنكما ستورداني المهالك. فتقدمت امه فدفعت إليه المدرعة وتعلقت به فقال لها زكريا: يا ام يحيى، دعيه فإن ولدي قد كشف له عن قناع قلبه، ولن ينتفع بالعيش. فقام يحيى فلبس مدرعته، ووضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس،


[ 83 ]

فجعل يعبد الله عزوجل مع الاحبار، حتى كان من أمره ما كان (1). 49 / 4 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس، من أحسن من الله قيلا، وأصدق من الله حديثا؟ معاشر الناس، إن ربكم جل جلاله أمرني أن اقيم لكم عليا علما وإماما وخليفة ووصيا، وأن أتخذه أخا ووزيرا. معاشر الناس، إن عليا باب الهدى بعدي، والداعي إلى ربي، وهو صالح المؤمنين (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين) (2). معاشر الناس إن عليا مني، ولده ولدي، وهو زوج حبيبتي، أمره أمري، ونهيه نهيي. معاشر الناس، عليكم بطاعته واجتناب معصيته، فإن طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي. معاشر الناس، إن عليا صديق هذه الامة وفاروقها ومحدثها، إنه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها، إنه باب حطتها، وسفينة نجاتها، وإنه طالوتها وذو قرنيها. معاشر الناس، إنه محنة الورى، والحجة العظمى، والآية الكبرى، وإمام أهل الدنيا، والعروة الوثقى. معاشر الناس، إن عليا مع الحق، والحق معه، وعلى لسانه. معاشر الناس، إن عليا قسيم النار، لا يدخل النار ولي له، ولا ينجو منها عدو له، إنه قسيم الجنة، لا يدخلها عدو له، ولا يزحزح عنها ولي له. معاشر أصحابي، قد نصحت لكم، وبلغتكم رسالة ربي، ولكن لا تحبون الناصحين. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم (3). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين


(1) تنبيه الخواطر 2: 158، بحار الانوار 14: 165 / 4. (2) فصلت 41: 33. (3) بشارة المصطفى: 153، بحار الانوار 38: 93 / 7.

[ 84 ]

[ 9 ] المجلس التاسع وهو يوم الجمعة السابع عشر من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 50 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثني إبراهيم بن عبيد الله، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام) قال: سادة الناس في الدنيا الاسخياء، وفي الآخرة الاتقياء (1). 51 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله عز وجل عليه: الاجلال له في عينه، والود له في صدره، والمواساة له في ماله، وأن يحرم غيبته، وأن


(1) صحيفة الامام الرضا (عليه السلام): 261 / 199، تحف العقول: 212، روضة الواعظين: 384، بحار الانوار 71: 350 / 1.

[ 85 ]

يعوده في مرضه، وأن يشيع جنازته، وأن لا يقول فيه بعد موته إلا خيرا (1). 52 / 3 – حدثنا الحسين (2) بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سنان، قال: حدثنا أبو الجارود زياد بن المنذر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولاية علي بن أبي طالب ولاية الله، وحبه عبادة الله، واتباعه فريضة الله، وأوليائه أولياء الله، وأعداؤه أعداء الله، وحربه حرب الله، وسلمه سلم الله عزوجل (3). 53 / 4 – حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، عن عبيد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الحسني، عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: حدثني أبي، عن أبيه، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد الشهداء الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) برجل يتكلم بفضول الكلام، فوقف عليه، ثم قال: إنك تملي على حافظيك كتابا إلى ربك، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك (4). 54 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن عروة بن أخي شعيب العقرقوقي، عن شعيب، عن أبي بصير، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يحدث عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما لاصحابه: أيكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان (رحمة الله عليه): أنا يا رسول الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأيكم يحيي الليل؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله. قال: فأيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال سلمان: أنا


(1) الخصال: 351 / 27، من لا يحضره الفقيه 4: 284 / 846، بحار الانوار 74: 222 / 3. (2) في نسخة: الحسن. (3) بحار الانوار 40: 4 / 5. (4) بحار الانوار 71: 276 / 4.

[ 86 ]

يا رسول الله. فغضب بعض أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن سلمان رجل من الفرس، يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش، قلت: أيكم يصوم الدهر؟ فقال: أنا، وهو أكثر أيامه يأكل. وقلت: أيكم يحيي الليل؟ فقال: أنا، وهو أكثر ليله نائم. وقلت: أيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال: أنا، وهو أكثر نهاره صامت. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): مه يا فلان، أنى لك بمثل لقمان الحكيم، سله فإنه ينبئك. فقال الرجل لسلمان: يا أبا عبد الله، أليس زعمت أنك تصوم الدهر؟ فقال: نعم. فقال: رأيتك في أكثر نهارك تأكل! فقال: ليس حيث تذهب، إني أصوم الثلاثة في الشهر، وقال الله عزوجل: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (1) وأصل شعبان بشهر رمضان، فذلك صوم الدهر، فقال: أليس زعمت أنك تحيي الليل؟ فقال: نعم. فقال: أنت أكثر ليلك نائم! فقال: ليس حيث تذهب، ولكني سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من بات على طهر فكأنما أحيا الليل كله، فأنا أبيت على طهر. فقال: أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم؟ قال: نعم، قال: فأنت أكثر أيامك صامت! فقال: ليس حيث تذهب، ولكني سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، مثلك في أمتي مثل سورة التوحيد (قل هو الله أحد) (2) فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثا فقد ختم القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد كمل له ثلث الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الايمان، والذي بعثني بالحق يا علي، لو أحبك أهل الارض كمحبة أهل السماء لك لما عذب أحد بالنار، وأنا أقرأ (قل هو الله أحد) في كل يوم ثلاثا مرات. فقام وكأنه قد ألقم حجرا (3).


(1) الانعام 6: 160. (2) الاخلاص 112: 1. (3) فضائل الاشهر الثلاثة: 49 / 25، معاني الاخبار: 234 / 1، بحار الانوار 22: 317 / 2، و 76: 181 / 1.

[ 87 ]

55 / 6 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا، كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة، من كانت الآخرة همه كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله عزوجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (1). 56 / 7 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد ابن عيسى، عن منصور، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها، فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له (2). 57 / 8 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الاهوازي، عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسين علي بن المعلى الاسدي، قال أنبئت عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: إن لله بقاعا تسمى المنتقمة، فإذا أعطى الله عبدا مالا لم يخرج حق الله عزوجل منه، سلط الله عليه بقعة من تلك البقاع، فأتلف ذلك المال فيها، ثم مات وتركها (3). 58 / 9 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، وسعد بن عبد الله، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن علي بن


(1) الخصال: 129 / 133، ثواب الاعمال: 181، بحار الانوار 71: 181 / 36. (2) تحف العقول: 363، بحار الانوار 104: 99 / 80. (3) معاني الاخبار: 235 / 1، من لا يحضره الفقيه 4: 299 / 904، بحار الانوار 96: 11 / 14.

[ 88 ]

النعمان، عن محمد بن فضيل، عن غزوان الضبي، قال: أخبرني عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: أنا حجة الله، وأنا خليفة الله، وأنا صراط الله، وأنا باب الله، وأنا خازن علم الله، وأنا المؤتمن على سر الله، وأنا إمام البرية بعد خير الخليقة محمد نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) (1). 59 / 10 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثني سليمان بن مقبل المديني، قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في مسجد قبا وعنده نفر من أصحابه، فلما بصر بي تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت إلى بياض أسنانه تبرق، ثم قال: إلي يا علي، إلي يا علي، فما زال يدنيني حتى ألصق فخذي بفخذه، ثم أقبل على أصحابه، فقال: معاشر أصحابي، أقبلت إليكم الرحمة بإقبال علي أخي إليكم. معاشر أصحابي، إن عليا مني وأنا من علي، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي ووصيي، وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، من أطاعه أطاعني، ومن وافقه وافقني، ومن خالفه خالفني (2). 60 / 11 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان، قال: حدثنا أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويدخل


(1) بحار الانوار 39: 335 / 1. (2) بحار الانوار 40: 4 / 6.

[ 89 ]

جنة عدن منزلي، ويمسك قضيبا غرسه ربي عزوجل، ثم قال له: كن فيكون (1)، فليتول علي بن أبي طالب، وليأتم بالاوصياء من ولده، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، إلى الله أشكو أعداءهم من امتي، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وايم الله ليقتلن بعدي ابني الحسين، لا أنالهم الله شفاعتي (2). و صلى الله على رسوله محمد وآله


(1) في نسخة فكان. (2) بحار الانوار 44: 257 / 6.

[ 90 ]

[ 10 ] المجلس العاشر وهو يوم الثلاثاء لعشر بقين من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 61 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن سيف التمار، عن أبي بصير، قال: قال الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عزوجل إلى ملكيه: إني قد عمرت عبدي عمرا، فغلظا وشددا وتحفظا، واكتبا عليه قليل عمله وكثيره، وصغيره وكبيره (1). 62 / 2 – وسئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) (2) فقال: توبيخ لابن ثماني عشرة سنة (3). 63 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) الكافي 8: 108 / 84، الخصال: 545 / 24، بحار الانوار 73: 388 / 5. (2) فاطر 35: 37. (3) من لا يحضره الفقيه 1: 118 / 561.

[ 91 ]

محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن الحسن، عن أحمد بن محمد المؤدب، عن عاصم بن حميد، عن خالد القلانسي، قال: قال الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام): يؤتى بشيخ يوم القيامة فيدفع إليه كتابه، ظاهره مما يلي الناس، لا يرى إلا مساوئ، فيطول ذلك عليه، فيقول: يا رب، أتأمر بي إلى النار! فيقول الجبار جل جلاله: يا شيخ، إني أستحيي أن أعذبك وقد كنت تصلي في دار الدنيا، اذهبوا بعبدي إلى الجنة (1). 64 / 4 – حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمر العدني بمكة، عن أبي العباس بن حمزة، عن أحمد بن سوار، عن عبيد (2) الله بن عاصم، عن سلمة، بن وردان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم، تكون تلك الورقة يوم القيامة سترا فيما بينه وبين النار، وأعطاه الله تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات، وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم، إلا ناداه ربه عزوجل: جلست إلى حبيبي، وعزتي وجلالي لاسكننك الجنة معه ولا ابالي (3). 65 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد السناني المكتب، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): إن الناس يعبدون الله عزوجل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفا (4) من النار فتلك عبادة العبيد، وهي رهبة، ولكني أعبده حبا له عزوجل فتلك


(1) الخصال: 546 / 26، بحار الانوار 82: 204 / 4. (2) في نسخة: عبد. (3) بحار الانوار 1: 198 / 1. (4) في نسخة: فرقا.

[ 92 ]

عبادة الكرام، وهو الامن، لقوله عزوجل: (وهم من فزع يومئذ ءامنون) (1)، ولقوله عز وجل: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) (2) فمن أحب الله أحبه الله، ومن أحبه الله عزوجل كان من الآمنين (3). 66 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبد الله بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حسب المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزوجل (4). 67 / 7 – حدثنا الحسين بن إبراهيم المؤدب، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشار، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن عبد الحميد بن أبي العلاء، عن ثابت بن دينار، عن سعد بن طريف الخفاف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه، أنا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه، أنا صفي رسول الله وصاحبه، أنا ابن عم رسول الله وزوج ابنته وأبو ولده، أنا سيد الوصيين ووصي سيد النبيين، أنا الحجة العظمى والآية الكبرى والمثل الاعلى وباب النبي المصطفى، أنا العروة الوثقى، وكلمة التقوى، وأمين الله تعالى ذكره على أهل الدنيا (5). 68 / 8 – حدثنا أحمد بن هارون (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن جعفر بن جامع، عن أحمد بن محمد البرقي، عن هارون بن الجهم، عن


(1) النمل 27: 89. (2) آل عمران 3: 31. (3) الخصال: 188 / 259، علل الشرائع: 12 / 8، بحار الانوار 70: 17 / 9، و: 204 / 13. (4) من لا يحضره الفقيه 4: 284 / 847، الخصال: 27 / 96، بحار الانوار 71: 414 / 33، ويأتي في المجلس (58) الحديث (13). (5) بحار الانوار 39: 335 / 2.

[ 93 ]

الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة (1). 69 / 9 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبريل من قبل ربي جل جلاله، فقال: يا محمد، إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول: بشر أخاك عليا بأني لا اعذب من تولاه، ولا أرحم من عاداه (2). 70 / 10 – حدثنا محمد بن أحمد الاسدي البردعي، قال: حدثتنا رقية بنت إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيها، عن آبائه (عليهم السلام): قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت (3). 71 / 11 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثني أحمد (4) بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا عبد الله بن صالح بن أبي سلمة النصيبيني، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة، قالت: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبل علي بن أبي طالب، فقال: هذا سيد العرب، فقلت: يا رسول الله، ألست سيد العرب؟ قال: أنا


(1) بحار الانوار 75: 253 / 32. (2) بحار الانوار 39: 297 / 100. (3) الخصال: 253 / 125، تحف العقول: 56، بحار الانوار 7: 258 / 1. (4) زاد في النسخ: بن محمد، والصواب ما أثبتناه، انظر: معجم رجال الحديث 2: 363، الجامع في الرجال: 196، وللسند نظائر في مصنفات الشيخ الصدوق، منها: الخصال: 361 / 51، و 362 / 52، و 407 / 6، و 478 / 46، التوحيد: 178 / 11، و 194 / 8، و 277 / 3.

[ 94 ]

سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، فقلت: وما السيد؟ قال: من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي (1). 72 / 12 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق، قال: حدثنا علي بن الحسين القاضي العلوي العباسي، قال: حدثني الحسن بن علي الناصر (قدس الله روحه)، قال: حدثني أحمد بن رشيد (2)، عن عمه أبي معمر سعيد بن خثيم، عن أخيه معمر، قال: كنت جالسا عند الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، فجاء زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) فأخذ بعضادتي الباب، فقال له الصادق (عليه السلام): يا عم، أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة. فقالت له أم زيد: والله ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني. فقال (عليه السلام): يا ليته حسد، يا ليته حسد، ثلاثا. ثم قال: حدثني أبي، عن جدي (عليهما السلام): أنه يخرج من ولده رجل يقال له زيد، يقتل بالكوفة، ويصلب بالكناسة، يخرج من قبره نبشا، تفتح لروحه أبواب السماء، يبتهج به أهل السماوات، تجعل روحه في حوصلة طير أخضر يسرح في الجنة حيث يشاء (3). 73 / 13 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا الاشعث بن محمد الضبي، قال: حدثني شعيب بن عمر، عن أبيه، عن جابر الجعفي، قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) وعنده زيد أخوه (عليه السلام)، فدخل عليه معروف بن خربوذ المكي، فقال أبو جعفر (عليه السلام): يا معروف، أنشدني من طرائف ما عندك، فأنشده: لعمرك ما إن أبو مالك * * بوان ولا بضعيف قواه ولا بألد (4) لدى قوله * * يعادي الحكيم إذا ما نهاه


(1) معاني الاخبار: 103 / 1، 2، بحار الانوار 38: 93 / 8. (2) في نسخة: رشد. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 250 / 4، بحار الانوار 46: 168 / 12. (4) الالد: الخصيم المعاند الذي لا يميل إلى الحق.

[ 95 ]

ولكنه سيد بارع * * كريم الطبائع حلو نثاه (1) إذا سدته سدت مطواعة * * ومهما وكلت إليه كفاه قال: فوضع محمد بن علي (عليهما السلام) يده على كتفي زيد وقال: هذه صفتك يا أبا الحسين (2). وصلى الله على ومحمد وآله


(1) النثا: ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيئ. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 251 / 5، بحار الانوار 46: 168 / 14.

[ 96 ]

[ 11 ] المجلس الحادي عشر وهو يوم الجمعة لست بقين من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 74 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس في آخر جمعة من شعبان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر رمضان، فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله، ومن أدى فيه فريضة من فرائض الله، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، وهو شهر الصبر، وإن الصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، وهو شهر يزيد الله فيه في رزق المؤمن، ومن فطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فيما مضى. فقيل له: يا رسول الله، ليس كلنا يقدر على أن يفطر صائما. فقال: إن الله تبارك


[ 97 ]

وتعالى كريم، يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة (1) من لبن يفطر بها صائما، أو شربه من ماء عذب، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك، ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عنه حسابه، وهو شهر أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره إجابة والعتق من النار، ولا غنى بكم فيه عن أربع خصال: خصلتين ترضون الله بهما، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما اللتان ترضون الله بهما: فشهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الله حوائجكم والجنة، وتسألون الله فيه العافية وتتعوذون به من النار (2). 75 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن حمزة بن محمد، قال: كتبت إلى أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): لم فرض الله عزوجل الصوم؟ فورد في الجواب: ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير (3). 76 / 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا أحمد بن صالح بن سعد التميمي، قال: حدثنا موسى ابن داود، قال: حدثنا الوليد بن هشام، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، عن عبد الرحمن بن غنم الدوسي، قال: دخل معاذ بن جبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) باكيا، فسلم فرد عليه السلام، ثم قال: ما يبكيك يا معاذ؟ فقال: يا رسول الله، إن بالباب شابا طري الجسد، نقي اللون، حسن الصورة، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها يريد الدخول عليك. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أدخل علي الشاب يا معاذ. فأدخله عليه، فسلم فرد


(1) المذقة: الطائفة من اللبن الممزوج بالماء. (2) فضائل الاشهر الثلاثة: 71 / 51، من لا يحضره الفقيه 2: 58 / 254، الخصال: 259 / 135، ثواب الاعمال: 66، التهذيب 3: 57 / 198، و 4: 152 / 423، بحار الانوار 96: 359 / 26. (3) الكافي 4: 181 / 6، من لا يحضره الفقيه 2: 43 / 194، بحار الانوار 96: 369 / 50.

[ 98 ]

عليه السلام، ثم قال: ما يبكيك يا شاب؟ قال: كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا إن أخذني الله عزوجل ببعضها أدخلني نار جهنم، ولا أراني إلا سيأخذني بها، ولا يغفر لي أبدا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل أشركت بالله شيئا؟ قال: أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئا. قال: أقتلت النفس التي حرم الله؟ قال: لا، فقال: النبي (صلى الله عليه وآله): يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي، قال الشاب: فإنها أعظم من الجبال الرواسي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق. قال: فإنها أعظم من الارضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات السبع ونجومها ومثل العرش والكرسي. قال: فإنها أعظم من ذلك. قال: فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) إليه كهيئة الغضبان ثم قال: ويحك يا شاب، ذنوبك أعظم أم ربك. فخر الشاب لوجهه وهو يقول: سبحان ربي! ما شئ أعظم من ربي، ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم! قال الشاب: لا والله، يا رسول الله، ثم سكت الشاب. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ويحك يا شاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك. قال: بلى، أخبرك أني كنت أنبش القبور سبع سنين، أخرج الاموات وأنزع الاكفان، فماتت جارية من بعض بنات الانصار، فلما حملت إلى قبرها ودفنت وانصرف عنها أهلها وجن عليها الليل، أتيت قبرها فنبشتها، ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها، وتركتها متجردة على شفير قبرها، ومضيت منصرفا، فأتاني الشيطان، فأقبل يزينها لي ويقول: أما ترى بطنها وبياضها؟ أما ترى وركيها؟ فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت إليها ولم أملك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها، فإذا أنا بصوت من ورائي يقول: يا شاب، ويل لك من ديان يوم الدين، يوم يقفني وإياك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى، ونزعتني من حفرتي، وسلبتني أكفاني، وتركتني


[ 99 ]

أقوم جنبة إلى حسابي، فويل لشبابك من النار، فما أظن أني أشم ريح الجنة أبدا، فما ترى لي يا رسول الله؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): تنح عني يا فاسق، إني أخاف أن أحترق بنارك، فما أقربك من النار، فما أقربك من النار! ثم لم يزل (صلى الله عليه وآله) يقول ويشير إليه، حتى أمعن من بين يديه، فذهب فأتى المدينة، فتزود منها، ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها، ولبس مسحا (1)، وغل يديه جميعا إلى عنقه، ونادى: يا رب، هذا عبدك بهلول، بين يديك مغلول، يا رب أنت الذي تعرفني، وزل مني ما تعلم. يا سيدي يا رب، إني أصبحت من النادمين، وأتيت نبيك تائبا، فطردني وزادني خوفا، فأسألك باسمك وجلالك وعظمة سلطانك أن لا تخيب رجائي، سيدي ولا تبطل دعائي، ولا تقنطني من رحمتك. فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما وليلة، تبكي له السباع والوحوش، فلما تمت له أربعون يوما وليلة رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي، فأوح إلى نبيك، وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي وأردت عقوبتي، فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله): (والذين إذا فعلوا فاحشة) يعني الزنا (أو ظلموا أنفسهم) يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا ونبش القبور وأخذ الاكفان (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) يقول: خافوا الله فعجلوا التوبة (ومن يغفر الذنوب إلا الله) يقول عزوجل: أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته، فأين يذهب، وإلى من يقصد، ومن يسأل أن يغفر له ذنبا غيري؟ ثم قال عزوجل: (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) يقول: لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الاكفان (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات


(1) المسح: كساء من شعر.

[ 100 ]

تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) (1). فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، خرج هو يتلوها ويتبسم، فقال لاصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب؟ فقال معاذ: يا رسول الله، بلغنا أنه في موضع كذا وكذا. فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل، فصعدوا إليه يطلبون الشاب، فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين، مغلولة يداه إلى عنقه، وقد اسود وجهه، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء وهو يقول: سيدي، قد أحسنت خلقي، وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي، أفي النار تحرقني؟ أو في جوارك تسكنني؟ اللهم إنك قد أكثرت الاحسان إلي، وأنعمت علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري، إلى الجنة تزفني، أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والارض، ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم، فليت شعري تغفر لي خطيئتي، أم تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه، وقد أحاطت به السباع، وصفت فوقه الطير، وهم يبكون لبكائه، فدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأطلق يديه من عنقه، ونفض التراب عن رأسه، وقال: يا بهلول، أبشر فإنك عتيق الله من النار. ثم قال (صلى الله عليه وآله) لاصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول، ثم تلا عليه ما أنزل الله عزوجل فيه وبشره بالجنة (2). 77 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، قال حدثنا أحمد بن صالح، عن حكيم بن عبد الرحمن، قال: حدثني مقاتل بن سليمان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، أنت مني بمنزلة هبة الله من آدم، وبمنزلة سام من نوح، وبمنزلة إسحاق من إبراهيم،


(1) آل عمران 3: 135، 136. (2) بحار الانوار 6: 23 / 26.

[ 101 ]

وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، إلا أنه لا نبي بعدي. يا علي، أنت وصيي وخليفتي، فمن جحد وصيتك وخلافتك فليس مني ولست منه، وأنا خصمه يوم القيامة. يا علي، أنت أفضل أمتي فضلا، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأوفرهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا. يا علي أنت الامام بعدي والامير، وأنت الصاحب بعدي والوزير، ومالك في أمتي من نظير. يا علي، أنت قسيم الجنة والنار، بمحبتك يعرف الابرار من الفجار، ويميز بين الاشرار والاخيار، وبين المؤمنين والكفار (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بحار الانوار 37: 254 / 1.

[ 102 ]

[ 12 ] المجلس الثاني عشر وهو يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة 78 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا نظر إلى هلال شهر رمضان، استقبل القبلة بوجهه، ثم قال: اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، والعافية المجللة، والرزق الواسع، ودفع الاسقام، وتلاوة القرآن، والعون على الصلاة والصيام، اللهم سلمنا لشهر رمضان وسلمه لنا وتسلمه منا حتى ينقضي شهر رمضان وقد غفرت لنا. ثم يقبل بوجهه على الناس فيقول: يا معشر المسلمين، إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين، وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرحمة، وغلقت أبواب النار، واستجيب الدعاء، وكان لله عزوجل عند كل فطر عتقاء يعتقهم من النار، ونادى مناد كل ليلة: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ اللهم أعط كل منفق خلفا، وأعط كل ممسك تلفا، حتى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون أن اغدوا إلى


[ 103 ]

جوائزكم، فهو يوم الجائزة. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما والذي نفسي بيده، ما هي بجائزة الدنانير والدراهم (1). 79 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن حيويه (2) الجرجاني المذكر، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن بلال (3)، قال: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن كرام، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس: ما لمن صام شهر رمضان وعرف حقه؟ قال: تهيأ – يا بن جبير – حتى أحدثك بما لم تسمع أذناك، ولم يمر على قلبك، وفرغ نفسك لما سألتني عنه، فما أردته هو علم الاولين والآخرين. قال سعيد بن جبير: فخرجت من عنده، فتهيأت له من الغد، فبكرت إليه مع طلوع الفجر، فصليت الفجر، ثم ذكرت الحديث، فحول وجهه إلي، فقال: اسمع مني ما أقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لو علمتم ما لكم في رمضان لزدتم لله تعالى ذكره شكرا، إذا كان أول ليلة غفر الله عزوجل لامتي الذنوب كلها، سرها وعلانيتها، ورفع لكم ألفي ألف درجة، وبنى لكم خمسين مدينة. وكتب الله عزوجل لكم يوم الثاني بكل خطوة تخطونها في ذلك اليوم عبادة سنة، وثواب نبي، وكتب لكم صوم سنة. وأعطاكم الله عزوجل يوم الثالث بكل شعرة على أبدانكم قبة في الفردوس من درة بيضاء، في أعلاها اثنا عشر ألف بيت من النور، وفي أسفلها اثنا عشر ألف بيت، في كل بيت ألف سرير، على كل سرير حوراء، يدخل عليكم كل يوم ألف ملك، مع كل ملك هدية. وأعطاكم الله عزوجل يوم الرابع في جنة الخلد سبعين ألف


(1) من لا يحضره الفقيه 2: 59 / 256، ثواب الاعمال: 64، بحار الانوار 96: 360 / 27. (2) في نسخة: حبويه. (3) في نسخة: هلال.

[ 104 ]

قصر، في كل قصر سبعون ألف بيت، في كل بيت خمسون ألف سرير، على كل سرير حوراء، بين يدي كل حوراء ألف وصيفة، خمار إحداهن خير من الدنيا وما فيها. وأعطاكم الله يوم الخامس في جنة المأوى ألف ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف مائدة، على كل مائدة سبعون ألف قصعة، في كل قصعة ستون ألف لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا. وأعطاكم الله عزوجل يوم السادس في دار السلام مائة ألف مدينة، في كل مدينة مائة ألف دار، في كل دار مائة ألف بيت، في كل بيت مائة ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألف ذراع، على كل سرير زوجة من الحور العين، عليها ثلاثون ألف ذؤابة منسوجة بالدر والياقوت، تحمل كل ذؤابة مائة جارية. وأعطاكم الله عزوجل يوم السابع في جنة النعيم ثواب أربعين ألف شهيد، وأربعين ألف صديق. وأعطاكم الله عزوجل يوم الثامن عمل ستين ألف عابد وستين ألف زاهد. وأعطاكم الله عزوجل يوم التاسع ما يعطي ألف عالم وألف معتكف وألف مرابط. وأعطاكم الله عزوجل يوم العاشر قضاء سبعين ألف حاجة، ويستغفر لكم الشمس والقمر والنجوم والدواب والطير والسباع وكل حجر ومدر، وكل رطب ويابس، والحيتان في البحار، والاوراق على الاشجار. وكتب الله عزوجل لكم يوم أحد عشر ثواب أربع حجات وعمرات، كل حجة مع نبي من الانبياء، وكل عمرة مع صديق أو شهيد. وجعل الله عزوجل لكم يوم اثني عشر أن يبدل الله سيئاتكم حسنات ويجعل حسناتكم أضعافا، ويكتب لكم بكل حسنة ألف ألف حسنة. وكتب الله عزوجل لكم يوم ثلاثة عشر مثل عبادة أهل مكة والمدينة، وأعطاكم الله بكل حجر ومدر ما بين مكة والمدينة شفاعة، ويوم أربعة عشر فكأنما لقيتم آدم ونوحا وبعدهما إبراهيم وموسى، وبعدهما داود وسليمان، وكأنما عبدتم الله عزوجل مع كل نبي مائتي سنة. وقضى لكم عزوجل يوم خمسة عشر حوائج من حوائج الدنيا والآخرة وأعطاكم الله عزوجل ما يعطي أيوب، واستغفر لكم حملة العرش، وأعطاكم الله عزوجل يوم القيامة أربعين نورا: عشرة عن يمينكم،


[ 105 ]

وعشرة عن يساركم وعشرة أمامكم، وعشرة خلفكم. وأعطاكم الله عزوجل يوم ستة عشر، إذا خرجتم من القبر، ستين حلة تلبسونها وناقة تركبونها، وبعث الله إليكم غمامة تظلكم من حر ذلك اليوم. ويوم سبعة عشر يقول الله عزوجل: إني قد غفرت لهم ولآبائهم، ورفعت عنهم شدائد يوم القيامة. وإذا كان يوم ثمانية عشر أمر الله تبارك وتعالى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش والكروبيين أن يستغفروا لامة محمد (صلى الله عليه وآله) إلى السنة القابلة، وأعطاكم الله عزوجل يوم القيامة ثواب البدريين. فإذا كان يوم التاسع عشر لم يبق ملك في السماوات والارض إلا استأذنوا ربهم في زيارة قبوركم كل يوم، ومع كل ملك هدية وشراب. فإذا تم لكم عشرون يوما بعث الله عزوجل إليكم سبعين ألف ملك يحفظونكم من كل شيطان رجيم، وكتب الله عزوجل لكم بكل يوم صمتم صوم مائة سنة، وجعل بينكم وبين النار خندقا، وأعطاكم ثواب من قرأ التوراة والانجيل والزبور والفرقان، وكتب الله عزوجل لكم بكل ريشة على جبرئيل (عليه السلام) عبادة سنة، وأعطاكم ثواب تسبيح العرش والكرسي، وزوجكم بكل آية في القرآن ألف حوراء. ويوم أحد وعشرين يوسع الله عليكم القبر ألف فرسخ، ويرفع عنكم الظلمة والوحشة، ويجعل قبوركم كقبور الشهداء، ويجعل وجوهكم كوجه يوسف بن يعقوب (عليهما السلام). ويوم اثنين وعشرين يبعث الله عز وجل إليكم ملك الموت، كما يبعث إلى الانبياء. ويدفع عنكم هول منكر ونكير، ويدفع عنكم هم الدنيا وعذاب الآخرة. ويوم ثلاثة وعشرين تمرون على الصراط مع النبيين و الصديقين والشهداء، وكأنما أشبعتم كل يتيم من امتي، وكسوتم كل عريان من امتي. ويوم أربعة وعشرين لا تخرجون من الدنيا حتى يرى كل واحد منكم مكانه من الجنة، ويعطى كل واحد منكم ثواب ألف مريض وألف غريب خرجوا في طاعة الله عز وجل، وأعطاكم ثواب عتق ألف رقبة من ولد إسماعيل. ويوم خمسة وعشرين بنى الله عز وجل لكم تحت العرش ألف قبة خضراء، على رأس كل قبة خيمة من نور، يقول الله تبارك وتعالى: يا امة محمد، أنا ربكم وأنتم عبيدي وإمائي، استظلوا بظل عرشي في هذه القباب،


[ 106 ]

وكلوا واشربوا هنيئا، فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. يا امة محمد، وعزتي وجلالي لابعثنكم إلى الجنة يتعجب منكم الاولون والآخرون، ولا توجن كل واحد منكم بألف تاج من نور، ولاركبن كل واحد منكم على ناقة خلقت من نور، وزمامها من نور، وفي ذلك الزمام ألف حلقة من ذهب، وفي كل حلقة ملك قائم عليها من الملائكة، بيد كل ملك عمود من نور حتى يدخل الجنة بغير حساب. وإذا كان يوم ستة وعشرين ينظر الله إليكم بالرحمة، فيغفر الله لكم الذنوب كلها إلا الدماء والاموال، وقدس بيتكم كل يوم سبعين مرة من الغيبة والكذب والبهتان، ويوم سبعة وعشرين فكأنما نصرتم كل مؤمن ومؤمنة وكسوتم سبعين ألف عار، وخدمتم ألف مرابط، وكأنما قرأتم كل كتاب أنزله الله عز وجل على أنبيائه، ويوم ثمانية وعشرين جعل الله لكم في جنة الخلد مائة ألف مدينة من نور، وأعطاكم الله عز وجل في جنة المأوى مائة ألف قصر من فضة، وأعطاكم الله عز وجل في جنة الفردوس مائة ألف مدينة، في كل مدينة ألف حجرة، وأعطاكم الله عز وجل في جنة الجلال مائة ألف منبر من مسك، في جوف كل منبر ألف بيت من زعفران، في كل بيت ألف سرير من در وياقوت، على كل سرير زوجة من الحور العين، فإذا كان يوم تسعة وعشرين أعطاكم الله عز وجل ألف ألف محلة، في جوف كل محلة قبة بيضاء، في كل قبة سرير من كافور أبيض، على ذلك السرير ألف فراش من السندس الاخضر، فوق كل فراش حوراء عليها سبعون ألف حلة، وعلى رأسها ثمانون ألف ذؤابة، كل ذؤابة مكللة بالدر والياقوت، فإذا تم ثلاثون يوما كتب الله عز وجل لكم بكل يوم مر عليكم ثواب ألف شهيد وألف صديق، وكتب الله عز وجل لكم عبادة خمسين سنة، وكتب الله عز وجل لكم بكل يوم صوم ألفي يوم، ورفع لكم بعدد ما أنبت النيل درجات، وكتب الله عز وجل لكم براءة من النار، وجوازا على الصراط، وأمانا من العذاب. وللجنة باب يقال له: الريان، لا يفتح ذلك إلى يوم القيامة، ثم يفتح للصائمين والصائمات من امة محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم ينادي رضوان خازن الجنة: يا امة محمد،


[ 107 ]

هلموا إلى الريان، فتدخل امتي في ذلك الباب إلى الجنة، فمن لم يغفر له في شهر رمضان، ففي أي شهر يغفر له! ولا حول ولا قوة إلا بالله (1). وصلى الله على محمد وآله 80 / 3 – وفي هذا اليوم أيضا حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمة الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي، قال: حدثنا مهلهل العبدي، قال: حدثنا كديرة (2) بن صالح الهجري، عن أبي ذر جندب بن جنادة (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) كلمات ثلاث، لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: اللهم أعنه واستعن به، اللهم انصره وانتصر به، فإنه عبدك وأخو رسولك. ثم قال أبو ذر (رحمه الله): أشهد لعلي بالولاء والاخاء والوصية. وقال كديرة بن صالح: وكان يشهد له بمثل ذلك سلمان الفارسي، والمقداد وعمار، وجابر بن عبد الله الانصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبو أيوب صاحب منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهاشم بن عتبة المرقال، كلهم من أفاضل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3). وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 81 / 63، ثواب الاعمال: 68، بحار الانوار 96: 351 / 23. (2) في نسخة: كريزة، وفي اخرى: كريرة (في الموضعين)، والصواب ما أثبتناه، انظر: ميزان الاعتدال 4: 198 / 8837، التاريخ الكبير للبخاري 7: 241 / 1032، الاكمال 7: 129. (3) بحار الانوار 22: 318 / 3.

[ 108 ]

[ 13 ] المجلس الثالث عشر وهو يوم الجمعة غرة شهر رمضان من سنة سبع وستين وثلاثمائة 81 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه الفقيه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن جمهور، وعن (1) محمد بن زياد، عمن سمع محمد بن مسلم الثقفي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهم السلام) يقول: إن لله تعالى ملائكة موكلين بالصائمين، يستغفرون لهم في كل يوم من شهر رمضان إلى آخره، وينادون الصائمين كل ليلة عند إفطارهم: أبشروا – عباد الله – فقد جعتم قليلا وستشبعون كثيرا، بوركتم وبورك فيكم، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نادوهم: أبشروا – عباد الله – فقد غفر الله لكم ذنوبكم، وقبل توبتكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون (2). 82 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي


(1) في نسخة: محمد بن جمهور عن. (2) فضائل الاشهر الثلاثة: 72 / 52، بحار الانوار 96: 361 / 28.

[ 109 ]

الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن شهر رمضان شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات، من تصدق في هذا الشهر بصدقة غفر الله له، ومن أحسن فيه إلى ما ملكت يمينه غفر الله له، ومن حسن فيه خلقه غفر الله له، ومن كظم فيه غيظه غفر الله له، ومن وصل فيه رحمه غفر الله له. ثم قال (عليه السلام): إن شهركم هذا ليس كالشهور، إنه إذا أقبل إليكم أقبل بالبركة والرحمة، وإذا أدبر عنكم أدبر بغفران الذنوب، هذا شهر الحسنات فيه مضاعفة، وأعمال الخير فيه مقبولة، من صلى منكم في هذا الشهر لله عز وجل ركعتين يتطوع بهما غفر الله له. ثم قال (عليه السلام): إن الشقي حق الشقي من خرج عنه هذا الشهر ولم تغفر ذنوبه، فحينئذ يخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الرب الكريم (1). 83 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: من كبر الله تبارك وتعالى عند المساء مائة تكبيرة، كان كمن أعتق مائة نسمة (2). 84 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، قال: حدثني محمد ابن حمران، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، أنه قال: من سبح الله كل يوم ثلاثين مرة دفع الله تبارك وتعالى عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الفقر (3). 85 / 5 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن


(1) فضائل الاشهر الثلاثة: 73 / 53، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 293 / 46، بحار الانوار 96: 361 / 29. (2) ثواب الاعمال: 163، بحار الانوار 86: 252 / 17. (3) بحار الانوار 93: 178 / 8.

[ 110 ]

محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن عمرو بن نهيك، عن سلام المكي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: أتى رجل النبي (صلى الله عليه وآله) يقال له شيبة الهذلي (1)، فقال: يا رسول الله، إني شيخ قد كبرت سني، وضعفت قوتي عن عمل كنت قد عودته نفسي من صلاة وصيام وحج وجهاد، فعلمني – يا رسول الله – كلاما ينفعني الله به، وخفف علي يا رسول الله. فقال: أعدها. فأعادها ثلاث مرات، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما حولك شجرة ولا مدرة إلا وقد بكت من رحمتك، فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات: سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله عز وجل يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم. فقال: يا رسول الله، هذا للدنيا، فما للآخرة؟ قال: تقول في دبر كل صلاة: اللهم اهدني من عندك، وأفض علي من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك. قال: فقبض عليهن بيده ثم مضى، فقال رجل لابن عباس: ما أشد ما قبض عليها خالك! فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما إنه إن وافى بها يوم القيامة، لم يدعها متعمدا، فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخلها من أيها شاء (2). 86 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد ابن زياد، عن أبان وغيره، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح تقبل الله منه صيامه. فقيل له: يا بن رسول الله، ما القول الصالح؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، والعمل الصالح: أخراج الفطرة (3).


(1) كذا في النسخ وثواب الاعمال، وفي التهذيب: شيبة الهذيل، ولم نجده، وفي الخصال: قبيصة بن مخارق الهلالي. (2) ثواب الاعمال: 159، الخصال: 220 / 45، التهذيب 2: 106 / 404، بحار الانوار 86: 19 / 18. (3) التوحيد: 22 / 16، معاني الاخبار: 235 / 1، بحار الانوار 96: 103 / 1، ويأتي في المجلس (21) =

[ 111 ]

87 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: من جالس لنا عائبا، أو مدح لنا قاليا، أو واصل لنا قاطعا، أو قطع لنا واصلا، أو والى لنا عدوا، أو عادى لنا وليا فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم (1). 88 / 8 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن طال عمره وحسن عمله فحسن منقلبه إذ رضي عنه ربه عز وجل، وويل لمن طال عمره وساء عمله، فساء منقلبه إذ سخط عليه ربه عز وجل (2). 89 / 9 – حدثنا الحسين (3) بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن زياد، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحسن فيما بقي من عمره، لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه، ومن أساء فيما بقي من عمره أخذ بالاول والآخر (4). 90 / 10 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن


= حديث (9). (1) بحار الانوار 27: 52 / 4. (2) بحار الانوار 71: 171 / 2، و 77: 113 / 3. (3) في نسخة: الحسن. (4) بحار الانوار 77: 113 / 4.

[ 112 ]

عليا وصيي وخليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن ناوأهم فقد ناوأني، ومن جفاهم فقد جفاني، ومن برهم فقد برني، وصل الله من وصلهم، وقطع من قطعهم، ونصر من أعانهم، وخذل من خذلهم، اللهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت، فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بشارة المصطفى: 16، بحار الانوار 35: 210 / 11، و 37: 35 / 2.

[ 113 ]

[ 14 ] المجلس الرابع عشر وهو يوم الثلاثاء الخامس من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 91 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن لله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء من النار إلا من أفطر على مسكر، فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه (1). 92 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد ابن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن عبيد الله بن عبد الله، عمن سمع أبا جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حضر شهر رمضان، وذلك لثلاث بقين من شعبان، قال لبلال: ناد


(1) ثواب الاعمال: 65، فضائل الاشهر الثلاثة: 74 / 54، التهذيب 4: 193 / 551، أمالي الطوسي: 497 / 1091، بحار الانوار 96: 362 / 30.

[ 114 ]

في الناس، فجمع الناس، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن هذا الشهر قد حضركم، وهو سيد الشهور، فيه ليلة خير من ألف شهر، تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، فمن أدركه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن أدرك والديه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر له فأبعده الله (1). 93 / 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن سعيد العسكري، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الاسود العجلي، قال: حدثنا عبد الحميد بن يحيى أبو يحيى الحماني (2)، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل (3). 94 / 4 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني عثمان بن عيسى، عن العلاء ابن المسيب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال الحسن بن علي (عليهما السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبه، ما جزاء من زارك؟ فقال: من زارني أو زار أباك أو زارك أو زار أخاك، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة حتى أخلصه من ذنوبه (4).


(1) ثواب الاعمال: 65، فضائل الاشهر الثلاثة: 74 / 55، التهذيب 4: 192 / 549، بحار الانوار 96: 362 / 31. (2) كذا في النسخ، ولم نجده بهذا العنوان، فلعله عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبو يحيى الحماني، المذكور في تهذيب الكمال 16: 452 / 3725 وتهذيب التهذيب 6: 120 / 241، ولعل الجمع بين (بن يحيى) و (أبو يحيى) من مواضع الجمع بين الشئ وبدل النسخة الشائع نظيره في التحريفات. (3) فضائل الاشهر الثلاثة: 75 / 56، من لا يحضره الفقيه 2: 61 / 263، بحار الانوار 96: 263 / 32. (4) كامل الزيارات: 11 / 2، 5، و: 14 / 18، الكافي 4: 548 / 4، ثواب الاعمال: 82، علل الشرائع: 460 / 5، بحار الانوار 100: 140 / 7 – 11، و: 141 / 12، 13.

[ 115 ]

95 / 5 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: لكل شئ ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان (1). 96 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: الحافظ للقرآن العامل به، مع السفرة الكرام البررة (2). 97 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا، أصغرها مثل جبل احد، وأكبرها ما بين السماء والارض (3). 98 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: من أوتر بالمعوذتين و (قل هو الله أحد) قيل له: يا عبد الله،


(1) الكافي 2: 461 / 10، ثواب الاعمال: 103، معاني الاخبار: 228 / 1، بحار الانوار 92: 213 / 9، و 96: 386 / 1، 2. (2) الكافي 2: 441 / 2، ثواب الاعمال: 101، بحار الانوار 92: 177 / 1. (3) ثواب الاعمال: 103، معاني الاخبار: 147 / 2، بحار الانوار 92: 196 / 2.

[ 116 ]

أبشر فقد قبل الله وترك (1). 99 / 9 – حدثنا الحسين بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وإنه ليستعفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض، حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الانبياء، إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر (2). 100 / 10 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الله الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة (3). 101 / 11 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة، قال: حدثني أبي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) ثواب الاعمال: 129، بحار الانوار 87: 194 / 1. (2) بصائر الدرجات: 23 / 2، ثواب الاعمال: 131، بحار الانوار 1: 164 / 2. (3) ثواب الاعمال: 132، الخصال: 5 / 12، بحار الانوار 1: 199 / 2. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 293 / 47، بحار الانوار 8: 19 / 5، و 39: 211 / 1، و 40: 4 / 7.

[ 117 ]

[ 15 ] المجلس الخامس عشر وهو يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 102 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي، قال: حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاصحابه: ألا أخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى. قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه (1)، ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام (2). 103 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن موسى الكمنداني (3)، قال:


(1) الوتين: عرق في القلب يغذي جسم الانسان بالدم النقي. (2) الكافي 4: 62 / 2، فضائل الاشهر الثلاثة: 75 / 57، من لا يحضره الفقيه 2: 45 / 199، بحار الانوار 63: 261 / 140، و 93: 276 / 1. (3) في نسخة: الكميداني، وفي اخرى: الكمذاني، والصواب ما أثبتناه، وسيأتي في الحديث (1) من المجلس (89) بعنوان الكمنداني أيضا، قال في معجم البلدان 4: 480، كمندان: اسم قم في أيام الفرس، =.

[ 118 ]

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عبيد، عن عبيد بن هارون، قال: حدثنا أبو يزيد، عن حصين، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع عنكم به البلاء، وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم (1). 104 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عليه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن (2) بن موسى، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال وكرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي: العبث في الصلاة، والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور (3). 105 / 4 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشامي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض) (4) فغرة الشهور شهر الله عز وجل، وهو شهر رمضان،


= فلما فتحها المسلمون اختصروا اسمها قما وكذا عنونه التستري في القاموس 7: 66، والسيد الخوئي في معجم رجال الحديث 12: 191 / 8534، وقال: هو أحد العدة الذين يروي محمد بن يعقوب عنهم عن أحمد بن محمد بن عيسى، وفي رجال النجاشي طبعة دار الاضواء 2: 337 / 1078 في ترجمة أبيه ذكره بعنوان الكمداني أيضا. (1) الكافي 4: 88 / 7، فضائل الاشهر الثلاثة: 76 / 59، بحار الانوار 96: 378 / 2. (2) في النسخ: الحسين، والصواب الحسن، وهو الحسن بن موسى الخشاب، انظر: معجم رجال الحديث 5: 141 / 3153، الخصال، الكافي 4: 22 / 1، و 89 / 11، التهذيب 4: 195 / 559. (3) المحاسن: 10 / 31، من لا يحضره الفقيه 1: 120 / 575، الخصال: 327 / 19، بحار الانوار 81: 61 / 35، و 84: 238 / 19. (4) التوبة 9: 36.

[ 119 ]

وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن (1). 106 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص ابن غياث، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عز وجل: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان) (2)، كيف أنزل القرآن في شهر رمضان، وإنما أنزل القرآن في مدة عشرين سنة، أوله وآخره؟ فقال (عليه السلام): أنزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم أنزل من البيت المعمور في مدة عشرين سنة (3). 107 / 6 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستدفن بضعة مني بأرض خراسان، لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله عز وجل له الجنة، وحرم جسده على النار (4). 108 / 7 – حدثنا محمد بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال: إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفح في الصور. فقيل له: يا بن رسول الله، وأية بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس، وهي والله روضة من رياض الجنة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله)،


(1) الكافي 4: 65 / 1، فضائل الاشهر الثلاثة: 87 / 66، بحار الانوار 97: 11 / 13. (2) البقرة: 2: 185. (3) تفسير القمي 1: 66، فضائل الاشهر الثلاثة: 87 / 67، بحار الانوار 97: 11 / 14. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 255 / 4، بحار الانوار 49: 284 / 3، و 102: 31 / 1.

[ 120 ]

وكتب الله تبارك وتعالى له بذلك ثواب ألف حجة مبرورة وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة (1). 109 / 8 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: والله ما منا إلا مقتول شهيد. فقيل له: فمن يقتلك يا بن رسول الله؟ قال: شر خلق الله في زماني، يقتلني بالسم، ثم يدفنني في دار مضيعة (2) وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عز وجل له أجر مائة ألف شهيد ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا (3). 110 / 9 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام): أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله عزوجل ألف حجة. قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): ألف حجة؟ قال: إي والله، وألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه (4). 111 / 10 – حدثنا محمد بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 255 / 5، بحار الانوار 102: 31 / 2. (2) أي دار ضياع وانقطاع. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 256 / 9، من لا يحضره الفقيه 2: 351 / 1609، بحار الانوار 49. 283 / 2، و 102: 32 / 2. (4) كامل الزيارات: 306 / 9، ثواب الاعمال: 98، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 257 / 10، من لا يحضره الفقيه 2: 349 / 1599، بشارة المصطفى: 22، بحار الانوار 102: 33 / 4 – 6، ويأتي في المجلس (25) الحديث (3).

[ 121 ]

موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال له رجل من أهل خراسان: يا بن رسول الله، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي، وغيب في ثراكم نجمي؟ فقال له الرضا (عليه السلام): أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس. ولقد حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رآني في منامه فقد رآني، لان الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة (1). 112 / 11 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ثابت بن كنانة، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن العباس أبو جعفر الخزاعي، قال: حدثنا حسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس، قال: صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فخطب، واجتمع الناس إليه، فقال (صلى الله عليه وآله): يا معشر المؤمنين، إن الله عزوجل أوحى إلي أني مقبوض، وأن ابن عمي عليا مقتول، وإني – أيها الناس – أخبركم خبرا، إن عملتم به سلمتم، وإن تركموه هلكتم، إن ابن عمي عليا هو أخي ووزيري، وهو خليفتي، وهو المبلغ عني، وهو إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، إن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن خالفتموه ضللتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم. إن الله عزوجل أنزل علي القرآن، وهو الذي من خالفه ضل، ومن ابتغى


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 257 / 11، من لا يحضره الفقيه 2: 350 / 1608، بحار الانوار 49: 283 / 1.

[ 122 ]

علمه عند غير علي هلك. أيها الناس، اسمعوا قولي، واعرفوا حق نصيحتي، ولا تخلفوني في أهل بيتي إلا بالذي أمرتم به من حفظهم، فإنهم حامتي (1) وقرابتي وإخوتي وأولادي، وإنكم مجموعون ومساءلون عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. إنهم أهل بيتي، فمن آذاهم آذاني، ومن ظلمهم ظلمني، ومن أذلهم أذلني، ومن أعزهم أعزني، ومن أكرمهم أكرمني، ومن نصرهم نصرني، ومن خذلهم خذلني، ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذبني أيها الناس، اتقوا الله، وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه، فإني خصم لمن آذاهم، ومن كنت خصمه خصمته، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) الحامة: الخاصة من الاهل والولد. (2) بشارة المصطفى: 16، بحار الانوار 38: 94 / 10.

[ 123 ]

[ 16 ] المجلس السادس عشر وهو يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 113 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن وهب البصري، قال: حدثني ثوابة بن مسعود، عن أنس بن مالك، قال: توفي ابن لعثمان بن مظعون (رضي الله عنه)، فاشتد حزنه عليه حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له: يا عثمان، إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية، إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل الله. يا عثمان بن مظعون، للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفما يسرك أن لا تأتي باب منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك (1)، يشفع لك إلى ربك؟ قال: بلى. فقال المسلمون: ولنا – يا رسول الله – في فرطنا (2) ما لعثمان؟ قال: نعم، لمن صبر منكم واحتسب. ثم قال: يا عثمان، من صلى صلاة الفجر في جماعة ثم جلس يذكر


(1) الحجزة: موضع التكة من السراويل، ويقال: أخذ بحجزته، أي التجأ إليه واستعان به. (2) الفرط: السابق المتقدم، والمراد هنا موتانا الذين سبقونا.

[ 124 ]

الله عزوجل حتى تطلع الشمس، كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر (1) الفرس الجواد المضمر (2) سبعين سنة، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كل منهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر (3). 114 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح بن سعد التميمي، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن هشام، قال: حدثنا منصور بن مجاهد، عن الربيع بن بدر، عن سوار بن منيب، عن وهب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لله تبارك وتعالى ملكا يسمى سخائيل يأخذ البروات (4) للمصلين عند كل صلاة من رب العالمين جل جلاله، فإذا أصبح المؤمنون وقاموا وتوضؤوا وصلوا صلاة الفجر، أخذ من الله عز وجل براءة لهم، مكتوب فيها: أنا الله الباقي، عبادي وإمائي في حرزي جعلتكم، وفي حفظي، وتحت كنفي صيرتكم، وعزتي لا خذلتكم، وأنتم مغفور لكم ذنوبكم إلى الظهر. فإذا كان وقت الظهر فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزوجل البراءة الثانية، مكتوب فيها: أنا الله القادر، عبادي وإمائي بدلت سيئاتكم حسنات، وغفرت لكم السيئات، وأحللتكم برضاي عنكم دار الجلال. فإذا كان وقت العصر فقاموا وتوضؤوا وصلوا أخذ لهم من الله عزوجل البراءة الثالثة، مكتوب فيها أنا الله الجليل، جل ذكري وعظم سلطاني، عبيدي وإمائي حرمت


(1) الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه. (2) ضمر الفرس للسباق: ربطه وعلفه وسقاه كثيرا مدة، ثم يركضه في الميدان حتى يخف ويدق ويقل لحمه. (3) بحار الانوار 70: 114 / 1، و 82: 114 / 1. (4) كذا، ولعلها: البراءات.

[ 125 ]

أبدانكم على النار، وأسكنتكم مساكن الابرار، ودفعت عنكم برحمتي شر الاشرار. فإذا كان وقت المغرب فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزوجل البراءة الرابعة، مكتوب فيها: أنا الله الجبار الكبير المتعال، عبيدي وإمائي صعد ملائكتي من عندكم با لرضا، وحق علي أن أرضيكم وأعطيكم يوم القيامة منيتكم. فإذا كان وقت العشاء فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزوجل البراءة الخامسة، مكتوب فيها: إني أنا الله لا إله غيري، ولا رب سواي، عبادي وإمائي في بيوتكم تطهرتم، وإلى بيوتي مشيتم، وفي ذكري خضتم، وحقي عرفتم، وفرائضي أديتم، أشهدك يا سخائيل وسائر ملائكتي أني قد رضيت عنهم. قال: فينادي سخائيل بثلاث أصوات كل ليلة بعد صلاة العشاة: يا ملائكة الله، إن الله تبارك وتعالى قد غفر للمصلين الموحدين. فلا يبقى ملك في السماوات السبع إلا استغفر للمصلين، ودعا لهم بالمداومة على ذلك، فمن رزق صلاة الليل من عبد أو أمة، قام لله عزوجل مخلصا، فتوضأ وضوءا سابغا، وصلى لله عزوجل بنية صادقة وقلب سليم وبدن خاشع وعين دامعة، جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة، في كل صف ما لا يحصي عددهم إلا الله تبارك وتعالى، أحد طرفي كل صف بالمشرق والآخر بالمغرب. قال: فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات. قال منصور: كان الربيع بن بدر إذا حدث بهذا الحديث يقول: أين أنت – يا غافل – عن هذا الكرم؟ وأين أنت عن قيام هذا الليل؟ وعن جزيل هذا الثواب، وعن هذه الكرامة (1)؟ 115 / 3 – حدثنا الحسين بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: إن المأمون قال للرضا (عليه السلام): يابن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني. فقال الرضا (عليه السلام): بالعبودية لله عزوجل افتخر، وبالزهد في الدنيا


(1) فلاح السائل: 189، بحار الانوار 82: 203 / 3.

[ 126 ]

أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزوجل. فقال له المأمون: إني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا (عليه السلام): إن كانت الخلافة لك وجعلها الله لك، فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك. فقال له المأمون: يا بن رسول الله، لا بد لك من قبول هذا الامر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله. فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك، فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي. فقال الرضا (عليه السلام): والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الارض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد. فبكى المأمون، ثم قال له: يا بن رسول الله، ومن الذي يقتلك، أو يقدر على الاساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا (عليه السلام): أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت. فقال المأمون: يا بن رسول الله، إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الامر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا. فقال الرضا (عليه السلام): والله ما كذبت منذ خلقني ربي عزوجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لاعلم ما تريد. فقال المأمون: وما أريد؟ قال: لي الامان على الصدق؟ قال: لك الامان. قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة. فغضب المأمون، ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطواتي، فبالله أقسم لان قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك. فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله عزوجل أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك، على أني لا اولي أحدا، ولا أعزل


[ 127 ]

أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الامر من بعيد مشيرا. فرضي منه بذلك، وجعله ولي عهده على كراهة منه (عليه السلام) لذلك (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 139 / 3، علل الشرائع: 237 / 1، بحار الانوار 49: 128 / 3.

[ 128 ]

[ 17 ] المجلس السابع عشر وهو يوم الجمعة النصف من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 116 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن مالك بن أنس، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: جاء الفقراء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، إن للاغنياء ما يعتقون به وليس لنا، ولهم ما يحجون به وليس لنا، ولهم ما يتصدقون به وليس لنا، ولهم ما يجاهدون به وليس لنا. فقال (صلى الله عليه وآله): من كبر الله تبارك وتعالى مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمد الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها، ومن قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم إلا من زاد. قال: فبلغ ذلك الاغنياء فصنعوه، قال: فعادوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، قد بلغ الاغنياء ما قلت فصنعوه. فقال (صلى الله عليه وآله): ذلك فضل الله يؤتيه


[ 129 ]

من يشاء (1). 117 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أبو طالب عبد الله بن الصلت القمي، قال حدثنا يونس بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: إن اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صحف إبراهيم: الماحي، وفي توراة موسى: الحاد، وفي إنحيل عيسى: أحمد، وفي الفرقان: محمد. قيل: فما تأويل الماحي؟ فقال: الماحي صورة الاصنام، وماحي الاوثان والازلام وكل معبود دون الرحمن. قيل: فما تأويل الحاد قال: يحاد من حاد الله ودينه، قريبا كان أو بعيدا. قيل: فما تأويل أحمد؟ قال: حسن ثناء الله عزوجل عليه في الكتب بما حمد من أفعاله. قيل: فما تأويل محمد؟ قال: إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه، وإن اسمه لمكتوب على العرش: محمد رسول الله. وكان (صلى الله عليه وآله) يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة (2) ذات الاذنين في الحرب، وكانت له عنزة (3) يتكئ عليها ويخرجها في العيدين، فيخطب بها، وكان له قضيب يقال له الممشوق، وكان له فسطاط يسمى الكن، وكانت له قصعة تسمى المنبعة (4)، وكان له قعب (5) يسمى الري، وكان له فرسان، يقال لاحدهما: المرتجز، وللآخر: السكب، وكانت له بغلتان، يقال لاحدهما: دلدل، وللاخرى:


(1) ثواب الاعمال: 10، تنبيه الخواطر 2: 155، بحار الانوار 93: 170 / 11. (2) في نسخة: المضرية. (3) العنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، في أسفلها زج كزج الرمح، يتوكأ عليها. (4) في نسخة: السعة، وفي اخرى: المنيعة. (5) القعب: قدح من خشب مقعر.

[ 130 ]

الشهباء، وكانت له ناقتان، يقال لاحدهما: العضباء، وللاخرى: الجدعاء، وكان له سيفان، يقال لاحدهما: ذو الفقار، وللآخر: العون، وكان له سيفان آخران، يقال لاحدهما: المخذم، وللآخر: الرسوم (1)، وكان له حمار يسمى يعفور، وكانت له عمامة تسمى السحاب، وكانت له درع تسمى ذات الفضول، لها ثلاث حلقات فضة: حلقة بين يديها، وحلقتان خلفها، وكانت له راية تسمى العقاب، وكان له بعير يحمل عليه يقال له: الديباج، وكان له لواء يسمى المعلوم، وكان له مغفر يقال له: الاسعد. فسلم ذلك كله إلى علي (عليه السلام) عند موته، وأخرج خاتمه وجعله في إصبعه، فذكر علي (عليه السلام) أنه وجد في قائمة سيف من سيوفه (صلى الله عليه وآله) صحيفة فيها ثلاثة أحرف: صل من قطعك، وقل الحق ولو على نفسك، وأحسن إلى من أساء إليك (2). قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع العبيد، وركوبي الحمار مؤكفا (3)، وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتسليم على الصبيان لتكون سنة من بعدي (4). 118 / 3 – حدثنا أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا! فقال (عليه السلام): قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا رسولا، فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له:


(1) كذا في النسخ: وفي النهاية 2: 220 كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) سيف يقال له: الرسوب، أي يمضي في الضريبة ويغيب فيها. (2) من لا يحضره الفقيه 4: 130 / 454. (3) يقال: أكف الحمار: شد عليه الاكاف، والاكاف أو الوكاف: البرذعة والكساء يلقى على ظهر الحمار وغيره. (4) بحار الانوار 16: 98 / 37.

[ 131 ]

اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان (1). 119 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السلام): من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (2). 120 / 5 – قال: وقال الرضا (عليه السلام) في قول الله عزوجل: (إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها) (3) رب يغفر لها (4). 121 / 6 – قال وقال الرضا (عليه السلام) في قول الله عزوجل: (فاصفح الصفح الجميل) (5)، قال: العفو من غير عتاب (6). 122 / 7 – قال: وقال الرضا (عليه السلام) في قول الله عزوجل: (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا (7)، قال: خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم (8). 123 / 8 – قال: وقال الرضا (عليه السلام): من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدما (9).


(1) علل الشرائع: 239 / 3، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 139 / 2، بحار الانوار 49: 130 / 4. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 294 / 48، بحار الانوار 44: 278 / 1، 2. (3) الاسراء 17: 7. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 294 / 49، بحار الانوار 71: 244 / 8. (5) الحجر 15: 85. (6) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 294 / 50. (7) الرعد 13: 12. (8) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 294 / 51. (9) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1: 294 / 52.

[ 132 ]

124 / 9 – وقال (عليه السلام): الصلاة على محمد وآله تعدل عند الله عزوجل التسبيح والتهليل والتكبير (1). 125 / 10 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا علي بن زياد، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن الاعمش، عن يونس بن أبي إسحاق، قال: حدثنا أبو الصقر، عن عدي بن أرطاة، قال: قال معاوية يوما لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله، أينا أدهى؟ قال عمرو: أنا للبديهة، وأنت للروية. قال معاوية: قضيت لي على نفسك، وأنا أدهى منك في البديهة. قال عمرو: فأين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف؟ قال: بها غلبتني يا أبا عبد الله، أفلا أسألك عن شئ تصدقني فيه؟ قال: والله إن الكذب لقبيح، فسل عما بدا لك أصدقك. فقال: هل غششتني منذ نصحتني؟ قال: لا. قال: بلى والله، لقد غششتني، أما إني لا أقول في كل المواطن، ولكن في موطن واحد، قال: وأي موطن هذا؟ قال: يوم دعاني علي بن أبي طالب للمبارزة فاستشرتك، فقلت: ما ترى يا أبا عبد الله؟ فقلت: كفؤ كريم، فأشرت علي بمبارزته وأنت تعلم من هو، فعلمت أنك غششتني. قال: يا أمير المومنين، دعاك رجل إلى مبارزته عظيم الشرف جليل الخطر، فكنت من مبارزته على إحدى الحسنيين، إما أن تقتله فتكون قد قتلت قتال الاقران، وتزداد به شرفا إلى شرفك وتخلو بملكك، وإما أن تعجل إلى مرافقة الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. قال معاوية: هذه شر من الاول، والله إني لاعلم أني لو قتلته دخلت النار، ولو قتلني دخلت النار. قال له عمرو: فما حملك على قتاله؟! قال: الملك عقيم، ولن يسمعها مني


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 294 / 52.

[ 133 ]

أحد بعدك (1). 126 / 11 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من دان بديني وسلك منهاجي واتبع سنتي، فليدن بتفضيل الائمة من أهل بيتي على جميع امتي، فإن مثلهم في هذه الامة مثل باب حطة في بني إسرائيل (2). 127 / 12 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: أوحى الله عزوجل إلى رسوله (صلى الله عليه وآله): أني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال، فدعاه النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره، فقال: لو لا أن الله أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قط، لاني علمت أن لو شربتها زال عقلي، وما كذبت قط، لان الكذب ينقص (3) المروءة، وما زنيت قط، لاني خفت أني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنما قط لاني علمت أنه لا يضر ولا ينفع. قال: فضرب النبي (صلى الله عليه وآله) يده على عاتقه، فقال: حق لله عزوجل أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم


(1) بحار الانوار 33: 49 / 393. (2) بحار الانوار 23: 119 / 39. (3) في نسخة: ينقض. (4) علل الشرائع: 558 / 1، بحار الانوار 22: 272 / 16.

[ 134 ]

[ 18 ] المجلس الثامن عشر مجلس يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 128 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي شيخ لاصحاب الحديث، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب الضبي التمتامي وأبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة. قالا: حدثنا يحيى بن سالم، ابن عم الحسن بن صالح، وكان يفضل على الحسن بن صالح، قال: حدثنا مسعر، عن عطية، عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله، قبل أن يخلق الله السماوات والارض بألفي عام (1). 129 / 2 – حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي، قال: قرأت على أحمد ابن محمد بن سليمان بن الحارث، قلت: حدثكم محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا حسين الاشقر، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكلمات التي تلقى آدم من


(1) الخصال: 638 / 11، بحار الانوار 8: 131 / 34، و 27: 2 / 2.

[ 135 ]

ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب عليه (1). 130 / 3 – حدثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب الفقيه شيخ لاهل الري، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار البغدادي، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة الكندي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: حدثنا أبي، عن الاعمش، عن عطاء، قال: سألت عائشة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقالت: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر (2). 131 / 4 – حدثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب، قال: أخبرنا عبد الرحمن الخيطي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن شريك، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، أنه سئل عن علي (عليه السلام)، فقال: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا منافق (3). 132 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد الصيرفي وكان من أصحاب الحديث، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن العباس بن بسام مولى بني هاشم، قال: حدثنا أبو الخير، قال: وحدثنا محمد بن يونس البصري، قال: حدثنا عبد الله بن يونس وأبو الخير قالا: حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثنا أبو بكير (4) النخعي، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: علي ابن أبي طالب خير البشر، ومن أبى فقد كفر (5). 133 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد


(1) الخصال: 270 / 8، معاني الاخبار: 125 / 1، بحار الانوار 11: 176 / 22، و 26: 324 / 4. (2) بحار الانوار 38: 5 / 7. (3) بحار الانوار 38: 5 / 8. (4) في نسخة: أبو بكر. (5) بحار الانوار 38: 6 / 9.

[ 136 ]

ابن السندي، عن علي بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير المكي، قال: رأيت جابرا متوكئا على عصاه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول: علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر. يا معشر الانصار، أدبوا أولادكم على حب علي، فمن أبى فانظروا في شأن أمه (1). 134 / 7 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي بن العباس الرازي، قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد بن علي بن العباس بن هارون التميمي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أخي الحسن بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله): أنت خير البشر، ولا يشك فيك إلا كافر (2). 135 / 8 – حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، قال: حدثني إبراهيم بن علي والحسن بن يحيى، قالا: حدثنا نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: كان لي عشر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي، قال لي: يا علي، أنت أخي في الدنيا وفي الآخرة، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، وأنت الوصي، وأنت الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك


(1) علل الشرائع: 142 / 4، بحار الانوار 39: 300 / 108. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 59 / 225، بحار الانوار 38: 4 / 3.

[ 137 ]

وليي ووليي ولي الله عز وجل (1). 136 / 9 – حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد المكي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق المدائني، عن محمد بن زياد، عن المغيرة، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، قال: كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبو الدرداء: يا قوم، ألا أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا: من؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: فو الله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم انتدب له رجل من الانصار، فقال له: يا عويمر، لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها فقال أبو الدرداء: يا قوم، إني قائل ما رأيت، وليقل كل قوم منكم ما رأوا، شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام): بشويحطات (2) النجار، وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه، واستتر بمغيلات (3) النخل، فافتقدته وبعد علي مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: إلهي، كم من موبقة حملت عني فقابلتها (4) بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك. فشغلني الصوت واقتفيت الاثر، فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعينه،


(1) الخصال: 429 / 7، أمالي الطوسي: 137 / 222، بحار الانوار 39: 337 / 7. (2) الشوحط: شجر يتخذ منه القسي. (3) المغيل: النابت في الغيل والداخل فيه، والغيل: الشجر الكثير الملتف. وفي نسخة: ببعيلات النخل، قال المجلسي (رحمه الله): هي جمع بعيل، مصغر بعل: وهو كل نخل وشجر لا يسقى، والذكر من النخل. ” بحار الانوار 41: 13 “. (4) في نسخة: حلمت عن مقابلتها، وهما بمعنى واحد، يقال حمل عنه: أي حلم وصفح وستر.

[ 138 ]

فاستترت له، وأخملت (1) الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله أن قال: إلهي، أفكر في عفوك، فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي. ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشريته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملا إذا أذن فيه بالنداء. ثم قال: آه من نار تنضج الاكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى (2)، آه من غمرة من ملهبات (3) لظى. قال: ثم أنعم (4) في البكاء، فلم أسمع له حسا ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، أو قظه لصلاة الفجر. قال أبو الدرداء فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك وزويته (5) فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله علي ابن أبي طالب. قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه ومن قصته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله – يا أبا الدرداء – الغشية التي تأخذه من خشية الله، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه، فأفاق ونظر إلي وأنا أبكي، فقال: مم بكاؤك، يا أبا الدرداء؟ فقلت: مما أراه تنزله بنفسك. فقال: يا أبا الدرداء، فكيف لو رأيتني ودعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني (6) ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ (7)! فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الاحباء، ورحمني أهل الدنيا، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية.


(1) أي أخفيت. (2) الشوى: جمع شواة، وهي جلدة الرأس، والشوى أيضا: الاطراف. (3) في نسخة: لهبات. (4) أي أطال وزاد، وفي نسخة: انغمر. (5) زوى الشئ: جمعة وقبضه. (6) احتوش القوم القاسي.

[ 139 ]

فقال أبو الدرداء: فو الله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). 137 / 10 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين ابن سعيد، عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبي يسأل أبا عبد الله الصادق (عليه السلام): متى يدخل وقت المغرب؟ فقال: إذا غاب كرسيها. قال: وما كرسيها؟ قال: قرصها. قال: متى يغيب قرصها؟ قال: أذا نظرت فلم تره (2). 138 / 11 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى وموسى بن جعفر بن أبي جعفر البغدادي، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب (3). 139 / 12 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي أسامة زيد الشحام أو غيره، قال: صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب، فرأيت الشمس لم تغب، وإنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت، إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت، ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلها، فإنما عليك مشرقك ومغربك، وليس على الناس أن يبحثوا (4). 140 / 13 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رحمه الله)، قالا: حدثنا سعد بن


(1) تنبيه الخواطر 2: 156، بحار الانوار 41: 11 / 1، و 87: 194 / 2. (2) علل الشرائع: 350 / 4، بحار الانوار 83: 56 / 13، و: 65 / 30. (3) بحار الانوار 83: 56 / 12. (4) التهذيب 2: 264 / 1053، بحار الانوار 83: 57 / 14، وفي نسخة: يتجسسوا.

[ 140 ]

عبد الله، عن موسى بن الحسن، والحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان، عن سماعة بن مهران، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) في المغرب: إنا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل، أو قد سترها منا الجبل؟ فقال: ليس عليك صعود الجبل (1). 141 / 14 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي المغرب ويصلي معه حي من الانصار يقال لهم: بنو سلمة، منازلهم على نصف ميل، فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع نبلهم (2). 142 / 15 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر، فكنت أنا أصلي المغرب إذا غربت (3) الشمس، واصلي الفجر إذا أستبان لي الفجر، فقال لي الرجل: ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع، فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على آخرين بعد؟ قال: فقلت: إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا، وإذا طلع الفجر عندنا، ليس علينا إلا ذلك، وعلى اولئك أن يصلوا إذا غربت عنهم (4). 143 / 16 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن وأحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي


(1) من لا يحضره الفقيه 1: 141 / 656، التهذيب 2: 264 / 1054، بحار الانوار 83: 57 / 15. (2) بحار الانوار 83: 58 / 16. (3) في نسخة: وجبت، وكلاهما بمعنى. (4) بحار الانوار 83: 58 / 17.

[ 141 ]

الخطاب، عن موسى بن بشار العطار (1)، عن المسعودي، عن عبد الله بن الزبير، عن أبان بن تغلب والربيع بن سليمان وأبان بن أرقم وغيرهم، قالوا: أقبلنا من مكة حتى إذا كنا بوادي الاجفر (2) إذا نحن برجل يصلي، ونحن ننظر إلى شعاع الشمس، فوجدنا (3) في أنفسنا، فجعل يصلي ونحن ندعو عليه، حتى صلى ركعة ونحن ندعو عليه ونقول: هذا من شباب أهل المدينة، فلما أتيناه إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فنزلنا فصلينا معه، وقد فاتتنا ركعة، فلما قضينا الصلاة قمنا إليه، فقلنا: جعلنا فداك، هذه الساعة تصلي؟ فقال: إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وسلم كثيرا


(1) كذا في النسخ: وفي الكافي 2: 466 / 3 كتاب العشرة، باب 3، روى موسى بن يسار القطان عن المسعودي، فالظاهر إتحاده مع ما هنا ووقوع التحريف في أحد الموضعين. (2) الاجفر: موضع بين فيد والخزيمية، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. ” معجم البلدان 1: 102 “. (3) وجد: غضب. (4) بحار الانوار 83: 59 / 18.

[ 142 ]

[ 19 ] المجلس التاسع عشر وهو يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 144 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن عيسى وأبي إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، قال: حدثنا عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أقبل جيران أم أيمن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله: إن أم أيمن لم تنم البارحة من البكاء، لم تزل تبكي حتى أصبحت، قال: فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أم أيمن فجاءته، فقال لها: يا أم أيمن، لا أبكى الله عينيك، إن جيرانك أتوني وأخبروني أنك لم تزلي الليل تبكين أجمع، فلا أبكى الله عينيك، ما الذي أبكاك؟ قالت: يا رسول الله، رأيت رؤيا عظيمة شديدة، فلم أزل أبكى الليل أجمع. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقصيها على رسول الله، فإن الله ورسوله أعلم. فقالت: تعظم علي أن أتكلم بها. فقال لها: إن الرؤيا ليست على ما ترى، فقصيها على رسول الله. قالت: رأيت في ليلتي هذه، كأن بعض أعضائك ملقى في بيتي. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): نامت عينك يا أم أيمن، تلد فاطمة الحسين، فتربينه وتلينه، فيكون بعض أعضائي في بيتك.


[ 143 ]

فلما ولدت فاطمة الحسين (عليهما السلام)، فكان يوم السابع، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحلق رأسه وتصدق بوزن شعره فضة وعق عنه، ثم هيأته أم أيمن ولفته في برد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أقبلت به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال (صلى الله عليه وآله): مرحبا بالحامل والمحمول، يا أم أيمن، هذا تأويل رؤياك (1). 145 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إبراهيم بن رجاء الجحدري، عن علي بن جابر، قال: حدثني عثمان بن داود الهاشمي، عن محمد بن مسلم، عن حمران بن أعين، عن أبي محمد شيخ لاهل الكوفة، قال: لما قتل الحسين بن علي (عليهما السلام) أسر من معسكره غلامان صغيران، فأتي بهما عبيد الله بن زياد، فدعا سجانا له، فقال: خذ هذين الغلامين إليك، فمن طيب الطعام فلا تطعمهما، ومن البارد فلا تسقهما، وضيق عليهما سجنهما، وكان الغلامان يصومان النهار، فإذا جنهما الليل أتيا بقرصين من شعير وكوز من الماء القراح (2). فلما طال بالغلامين المكث حتى صارا في السنة، قال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد طال بنا مكثنا، ويوشك أن تفنى أعمارنا وتبلى أبداننا، فإذا جاء الشيخ فأعلمه مكاننا، وتقرب إليه بمحمد (صلى الله عليه وآله) لعله يوسع علينا في طعامنا، ويزيد في شرابنا. فلما جنهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير وكوز من الماء القراح، فقال له الغلام الصغير: يا شيخ، أتعرف محمدا؟ قال: فكيف لا أعرف محمدا وهو نبيي! قال: أفتعرف جعفر بن أبي طالب؟ قال: وكيف لا أعرف جعفرا، وقد أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء! قال: أفتعرف علي بن أبي طالب؟ قال: وكيف لا أعرف عليا، وهو ابن عم نبيي وأخو نبيي! قال له: يا شيخ، فنحن من عترة


(1) بحار الانوار 43: 242 / 15. (2) القراح من كل شئ: الخالص.

[ 144 ]

نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب، بيدك أسارى، نسألك من طيب الطعام فلا تطعمنا، ومن بارد الشراب فلا تسقينا، وقد ضيقت علينا سجننا، فانكب الشيخ على أقدامهما يقبلهما ويقول: نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء، يا عترة نبي الله المصطفى، هذا باب السجن بين يديكما مفتوح، فخذا أي طريق شئتما، فلما جنهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من الماء القراح ووقفهما على الطريق، وقال لهما: سيرا – يا حبيبي – الليل، واكمنا النهار حتى يجعل الله عز وجل لكما من أمركما فرجا ومخرجا. ففعل الغلامان ذلك. فلما جنهما الليل، انتهيا إلى عجوز على باب، فقالا لها: يا عجوز، إنا غلامان صغيران غريبان حدثان غير خبيرين بالطريق، وهذا الليل قد جننا أضيفينا سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق. فقالت لهما: فمن أنتما يا حبيبي، فقد شممت الروائح كلها، فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما، فقالا لها: يا عجوز، نحن من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل قالت العجوز: يا حبيبي، إن لي ختنا (1) فاسقا، قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد، أتخوف أن يصيبكما هاهنا فيقتلكما. قالا: سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق. فقالت: سأتيكما بطعام، ثم أتتهما بطعام فأكلا وشربا. فلما ولجا الفراش قال الصغير للكبير: يا أخي، إنا نرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه، فتعال حتى أعانقك وتعانقني وأشم رائحتك وتشم رائحتي قبل أن يفرق الموت بيننا. ففعل الغلامان ذلك، واعتنقا وناما. فلما كان في بعض الليل أقبل ختن العجوز الفاسق حتى قرع الباب قرعا خفيفا، فقالت العجوز: من هذا؟ قال: أنا فلان. قالت: ما الذي أطرقك هذه الساعة، وليس هذا لك بوقت؟ قال: ويحك افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشق مرارتي في جوفي، جهد البلاء قد نزل بي. قالت: ويحك ما الذي نزل بك؟ قال: هرب غلامان صغيران من


(1) الختن: كل من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها، وكذلك زوج البنت أو زوج الاخت.

[ 145 ]

عسكر عبيد الله بن زياد، فنادى الامير في معسكره: من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم، ومن جاء برأسيهما فله ألفا درهم، فقد أتعبت وتعبت ولم يصل في يدي شئ. فقالت العجوز: يا ختني، احذر أن يكون محمد خصمك في يوم القيامة. قال لها: ويحك إن الدنيا محرص عليها. فقالت: وما تصنع بالدنيا، وليس معها آخرة؟ قال: إني لاراك تحامين عنهما، كأن عندك من طلب الامير شيئا، فقومي فإن الامير يدعوك. قالت: وما يصنع الامير بي، وإنما أنا عجوز في هذه البرية؟ قال: إنما لي طلب، افتحي لي الباب حتى أريح وأستريح، فإذا أصبحت بكرت في أي الطريق آخذ في طلبهما. ففتحت له الباب، وأتته بطعام وشراب فأكل وشرب. فلما كان في بعض الليل سمع غطيط (1) الغلامين في جوف البيت، فأقبل يهيج كما يهيج البعير الهائج، ويخور كما يخور الثور، ويلمس بكفه جدار البيت حتى وقعت يده على جنب الغلام الصغير، فقال له: من هذا؟ قال: أما أنا فصاحب المنزل، فمن أنتما؟ فأقبل الصغير يحرك الكبير ويقول: قم يا حبيبي، فقد والله وقعنا فيما كنا نحاذره. قال لهما: من أنتما؟ قالا له: يا شيخ، إن نحن صدقناك فلنا الامان؟ قال: نعم. قالا: أمان الله وأمان رسوله، وذمة الله وذمة رسوله؟ قال: نعم. قالا: ومحمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين؟ قال: نعم. قالا: والله على ما نقول وكيل وشهيد؟ قال: نعم. قالا له: يا شيخ، فنحن من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل. فقال لهما: من الموت هربتما، وإلى الموت وقعتما، الحمد لله الذي أظفرني بكما. فقام إلى الغلامين فشد أكتافهما، فبات الغلامان ليلتهما مكتفين. فلما انفجر عمود الصبح، دعا غلاما له أسود، يقال له: فليح، فقال: خذ هذين الغلامين، فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات، واضرب عنقيهما، وائتني برأسيهما لانطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم.


(1) الغطيط: الصوت الذي يخرج مع نفس النائم.

[ 146 ]

فحمل الغلام السيف، ومشى أمام الغلامين، فما مضى إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين: يا أسود، ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! قال: إن مولاي قد أمرني بقتلكما، فمن أنتما؟ قالا له: يا أسود، نحن من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل: أضافتنا عجوزكم هذه، ويريد مولاك قتلنا. فانكب الاسود على أقدامهما يقبلهما ويقول: نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء، يا عترة نبي الله المصطفى، والله لا يكون محمد (صلى الله عليه وآله) خصمي في القيامة. ثم عدا فرمى بالسيف من يده ناحية، وطرح نفسه في الفرات، وعبر إلى الجانب الآخر، فصاح به مولاه: يا غلام عصيتني! فقال: يا مولاي، إنما أطعتك ما دمت لا تعصي الله، فإذا عصيت الله فأنا منك برئ في الدنيا والآخرة. فدعا ابنه، فقال: يا بني، إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك، والدنيا محرص عليها، فخذ هذين الغلامين إليك، فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات، فاضرب عنقيهما وائتني برأسيهما، لانطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم. فأخذ الغلام السيف، ومشى أمام الغلامين، فما مضى إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين: يا شاب، ما أخوفني على شبابك هذا من نار جهنم! فقال: يا حبيبي، فمن أنتما؟ قالا: من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، يريد والدك قتلنا. فانكب الغلام على أقدامهما يقبلهما، وهو يقول لهما مقالة الاسود، ورمى بالسيف ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر، فصاح به أبوه: يا بني عصيتني! قال: لان أطيع الله وأعصيك أحب إلى من أن أعصي الله وأطيعك. قال الشيخ: لا يلي قتلكما أحد غيري، وأخذ السيف ومشى أمامهما، فلما صار إلى شاطئ الفرات سل السيف من جفنه، فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا اغرورقت أعينهما، وقالا له: يا شيخ، انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا، ولا ترد أن يكون محمد خصمك في القيامة غدا. فقال: لا، ولكن أقتلكما وأذهب برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم. فقالا له: يا شيخ، أما تحفظ قرابتنا من


[ 147 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما لكما من رسول الله قرابة. قالا له: يا شيخ، فائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره. قال: ما إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما. قالا له: يا شيخ، أما ترحم صغر سننا؟ قال: ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئا. قالا: يا شيخ إن كان ولا بد، فدعنا نصلي ركعات. قال: فصليا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة. فصلى الغلامان أربع ركعات، ثم رفعا طرفيهما إلى السماء فناديا: يا حي يا حليم (1) يا أحكم الحاكمين، أحكم بيننا وبينه بالحق. فقام إلى الاكبر فضرب عنقه، وأخذ برأسه ووضعه في المخلاة، وأقبل الغلام الصغير يتمرغ في دم أخيه، وهو يقول: حتى ألقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مختضب بدم أخي. فقال: لا عليك سوف ألحقك بأخيك، ثم قام إلى الغلام الصغير فضرب عنقه، وأخذ رأسه ووضعه في المخلاة، ورمى ببدنيهما في الماء، وهما يقطران دما. ومر حتى أتى بهما عبيد الله بن زياد وهو قاعد على كرسي له، وبيده قضيب خيزران، فوضع الرأسين بين يديه، فلما نظر إليهما قام ثم قعد ثم قام ثم قعد ثلاثا، ثم قال: الويل لك، أين ظفرت بهما؟ قال: أضافتهما عجوز لنا. قال: فما عرفت لهما حق الضيافة؟ قال: لا. قال: فأي شئ قالا لك؟ قال: قالا: يا شيخ، اذهب بنا إلى السوق فبعنا وانتفع بأثماننا فلا ترد أن يكون محمد (صلى الله عليه وآله) خصمك في القيامة. قال: فأي شئ قلت لهما؟ قال: قلت: لا، ولكن أقتلكما وأنطلق برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم. قال: فأي شئ قالا لك؟ قال: قالا: ائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره. قال: فأي شئ قلت؟ قال: قلت: ليس إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما. قال: أفلا جئتني بهما حيين، فكنت أضعف لك الجائزة، وأجعلها أربعة آلاف درهم؟


(1) في نسخة: يا حكيم. وكذا في الموضع الآتي.

[ 148 ]

قال: ما رأيت إلى ذلك سبيلا إلا التقرب إليك بدمهما. قال: فأي شئ قالا لك أيضا؟ قال: قال لي: يا شيخ، احفظ قرابتنا من رسول الله. قال: فأي شئ قلت لهما. قال: قلت: ما لكما من رسول الله قرابة. قال: ويلك، فأي شئ قالا لك أيضا؟ قال: قالا: يا شيخ، ارحم صغر سننا. قال: فما رحمتهما؟ قال: قلت: ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئا. قال: ويلك، فأي شئ قالا لك أيضا؟ قال: قالا: دعنا نصلي ركعات. فقلت: فصليا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة، فصلى الغلامان أربع ركعات. قال: فأي شئ قالا في آخر صلاتهما؟ قال: رفعا طرفيهما إلى السماء، وقالا: يا حي يا حليم، يا أحكم الحاكمين، أحكم بيننا وبينه بالحق. قال عبيد الله بن زياد: فإن أحكم الحاكمين قد حكم بينكم، من للفاسق؟ قال: فانتدب له رجل من أهل الشام، فقال: أنا له. قال: فانطلق به إلى الموضع الذي قتل فيه الغلامين، فاضرب عنقه، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما وعجل برأسه، ففعل الرجل ذلك، وجاء برأسه فنصبه على قناة، فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة وهم يقولون: هذا قاتل ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وسلم كثيرا


(1) بحار الانوار 45: 100 / 1.

[ 149 ]

[ 20 ] المجلس العشرون مجلس يوم الثلاثاء لاربع ليال بقين من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 146 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، قال: حدثنا أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا جعفر بن الحسن، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن محمد بن علي السلمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الانصاري، أنه قال: لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في علي خصالا، لو كانت واحدة منها في جميع الناس لاكتفوا بها فضلا: قوله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي مني كهارون من موسى. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا منه. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي مني كنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي. وقوله (صلى الله عليه وآله): حرب علي حرب الله، وسلم علي سلم الله. وقوله (صلى الله عليه وآله): ولي علي ولي الله، وعدو علي عدو الله. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي حجة الله وخليفته على عباده.


[ 150 ]

وقوله (صلى الله عليه وآله): حب علي إيمان، وبغضه كفر. وقوله (صلى الله عليه وآله): حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض. وقوله (صلى الله عليه وآله): علي قسيم الجنة والنار. وقوله (صلى الله عليه وآله): من فارق عليا فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عزوجل. وقوله (صلى الله عليه وآله): شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة (1). 147 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي في داره بمدينة السلام، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي، عن أبي شيبة الجوهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تقبلوا لي بست أتقبل لكم بالجنة: إذا حدثتم فلا تكذبوا، وإذا وعدتم فلا تخلفوا، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم وألسنتكم (2). 148 / 3 – حدثنا أحمد بن زياد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته كأنه قد ألقم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الانبياء؟ قال: بلى. قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: (وعصئ ادم ربه فغوى) (3)، وقوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب


(1) الخصال: 496 / 5، بشارة المصطفى: 19، بحار الانوار 38: 95 / 11. (2) الخصال: 321 / 5، بحار الانوار 69: 372 / 16، و 77: 113 / 5. (3) طه 20: 121.

[ 151 ]

مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) (1)، وقوله في يوسف: (ولقد همت به وهم بها) (2)، وقوله عز وجل في داود: (وظن داود أنما فتناه) (3) وقوله في نبيه محمد (صلى الله عليه وآله): (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) (4). فقال مولانا الرضا (عليه السلام): ويحك – يا علي – اتق الله، ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش، ولا تتأول كتاب الله عز وجل برأيك، فإن الله عز وجل يقول: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) (5). أما قوله عز وجل في آدم (عليه السلام): (وعصى آدم ربه فغوى) فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده، لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض تتم مقادير أمر الله عز وجل، فلما أهبط إلى الارض وجعل حجة وخليفة، عصم بقوله عز وجل: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (6). وأما قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) إنما ظن أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز وجل: (وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه) (7) أي ضيق عليه، ولو ظن أن الله تبارك وتعالى لا يقدر عليه لكان قد كفر. وأما قوله عزوجل في يوسف: (ولقد همت به وهم بها) فإنها همت بالمعصية، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته، لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها


(1) الانبياء 21: 87. (2) يوسف 12: 24. (3) سورة ص 38: 24. (4) الاحزاب 33: 37. (5) آل عمران 3: 7. (6) آل عمران 3: 33. (7) الفجر 89: 16.

[ 152 ]

والفاحشة، وهو قوله: (كذلك لنصرف عنه السوء) يعني القتل (والفحشاء) (1) يعني الزنا. وأما داود، فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال علي بن الجهم: يقولون: إن داود كان في محرابه يصلي، إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار، فخرج في أثره، فطار الطير إلى السطح، فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان (2)، فاطلع داود في أثر الطير، فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، وكان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه: أن قدم أوريا أمام الحرب، فقدم فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية: أن قدمه أمام التابوت، فقتل أوريا (رحمه الله)، وتزوج داود بامرأته. قال: فضرب الرضا (عليه السلام) بيده على جبهته، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل! فقال: يا بن رسول الله، فما كانت خطيئته؟ فقال: ويحك، إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عزوجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عزوجل إليه الملكين فتسورا المحراب، فقالا: (خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى في الخطاب) فعجل داود (عليه السلام) على المدعى عليه، فقال: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) (3)، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة حكمه، لا ما ذهبتم


(1) يوسف 12: 24. (2) في نسخة: حيان، وفي اخرى: جنان. (3) سورة ص 38: 22 – 24.

[ 153 ]

إليه، ألا تسمع قول الله عزوجل يقول: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق) (1) إلى آخر الآية؟ فقلت: يا بن رسول الله، فما قصته مع أوريا؟ فقال الرضا (عليه السلام): إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، وأول من أباح الله عزوجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود (عليه السلام)، فذلك الذي شق على [ الناس ] من قبل (2) أوريا. وأما محمد نبيه (صلى الله عليه وآله) وقول الله عزوجل له: (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) فإن الله عزوجل عرف نبيه (صلى الله عليه وآله) أسماء أزواجه في دار الدنيا، وأسماء أزواجه في الآخرة، وأنهن أمهات المؤمنين، وأحد من سمى له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفى (صلى الله عليه وآله) اسمها في نفسه ولم يبده (3)، لكيلا يقول أحد من المنافقين: إنه قال في امرأة في بيت رجل إنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين، وخشي قول المنافقين، قال الله عزوجل: (والله أحق أن تخشاه) في نفسك، وإن الله عزوجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم، وزينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله): وفاطمة من علي (عليهما السلام). قال: فبكى علي بن الجهم، وقال: يا بن رسول الله، أنا تائب إلى الله عزوجل أن أنطق في أنبياء الله عزوجل بعد يومي هذا إلا بما ذكرته (4). 149 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر محمد بن علي، عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد


(1) سورة ص 38: 26. (2) أثبتناه من العيون. (3) زاد في نسخة: له. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 191 / 1، بحار الانوار 11: 72 / 1.

[ 154 ]

الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم، فقال: أيها الناس، إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الايام، وليا له أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابة، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عزوجل فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويعطيهم إذا سألوه، ويستجيب لهم إذا دعوه. أيها الناس، إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أو زاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. أيها الناس، من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر، كان له بذلك عند الله عتق نسمة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل: يا رسول الله، وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال (صلى الله عليه وآله): اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة من ماء. أيها الناس، من حسن منكم في هذا الشهر خلقه، كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام، ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله


[ 155 ]

عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور. أيها الناس، إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة، فاسألوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة، فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقمت فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الاعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزوجل، ثم بكى، فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال: يا علي، أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث أشقى الاولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك. ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني، لانك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك، واصطفاني وإياك، فاختارني للنبوة، واختارك للامامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي. يا علي، أنت وصيي، وأبو ولدي، وزوج ابنتي، وخليفتي على امتي في حياتي وبعد مماتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره وخليفته على عباده (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وسلم كثيرا


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 295 / 53، فضائل الاشهر الثلاثة: 77 / 61، بحار الانوار 96: 356 / 25.

[ 156 ]

[ 21 ] المجلس الحادي والعشرون مجلس يوم الجمعة سلخ شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة 150 / 1 – حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا محمد بن ثواب، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، عن كادح – يعني أبا جعفر البجلي -، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن – يعني ابن زياد -، عن سلمة بن يسار، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفتح خيبر، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم قولا لا تمر بملا إلا أخذوا التراب من تحت رجليك ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وإنك تبرئ، ذمتي وتقاتل على سنتي، وإنك غدا على الحوض خليفتي، وإنك أول من يرد علي الحوض، وإنك أول من يكسى معي، وإنك أول داخل الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور، مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، يكونون غدا في الجنة جيراني، وإن حربك حربي، وسلمك سلمي، وإن سرك سري، وعلانيتك علانيتي، وإن سريرة صدرك كسريرتي، وإن ولدك ولدي، وإنك


[ 157 ]

تنجز عداتي، وإن الحق معك، وإن الحق على لسانك وقلبك وبين عينيك، الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وإنه لن يرد علي الحوض مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك حتى يرد الحوض معك. قال: فخر علي (عليه السلام) ساجدا، ثم قال: الحمد لله الذي أنعم علي بالاسلام، وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين، إحسانا منه وفضلا منه علي. قال: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لولا أنت لم يعرف المؤمنون بعدي (1). 151 / 2 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا العباس بن الفضل المقرئ، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الفرات الاصبهاني، قال: حدثنا أحمد بن محمد البصري، قال: حدثنا جندل بن والق، قال: حدثنا علي بن حماد، عن سعيد، عن ابن عباس: أنه مر بمجلس من مجالس قريش وهم يسبون علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال لقائده: ما يقول هؤلاء؟ قال: يسبون عليا. قال: قربني إليهم، فلما أن أوقف عليهم، قال: أيكم الساب الله؟ قالوا: سبحان الله! من يسب الله فقد أشرك بالله. قال: فأيكم الساب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: من يسب رسول الله فقد كفر. قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب؟ قالوا: قد كان ذلك. قال: فأشهد بالله وأشهد لله، لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله عزوجل، ثم مضى. فقال لقائده: فهل قالوا شيئا حين قلت لهم ما قلت؟ قال: ما قالوا شيئا. قال: كيف رأيت وجوههم؟ قال: نظروا إليك بأعين محمرة * * نظر التيوس إلى شفار الجازر قال: زدني فداك أبوك. قال: خزر الحواجب، ناكسو أذقانهم * * نظر الذليل إلى العزيز القاهر قال: زدني فداك أبوك. قال: ما عندي غير هذا. قال: لكن عندي.


(1) إعلام الورى: 186، بشارة المصطفى: 155، بحار الانوار 39: 18.

[ 158 ]

أحياؤهم خزي على أمواتهم * * والميتون فضيحة للغابر (1) 152 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: من صلى أربع ركعات بمائتي مرة (قل هو الله أحد) في كل ركعة خمسين مرة، لم ينفتل وبينه وبين الله عزوجل ذنب إلا غفر له (2). 153 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: ما من عبد يقول كل يوم سبع مرات: أسأل الله الجنة، وأعوذ بالله من النار، إلا قالت النار: يا رب أعذه مني (3). 154 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن معاذ ابن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافئ من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه (4). 155 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن جعفر الازدي، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: من قرأ آية الكرسي مرة، صرف الله عنه ألف مكروه من مكروه الدنيا وألف مكروه من مكروه الآخرة،


(1) مناقب ابن شهر آشوب 3: 221، فرائد السمطين 1: 302 / 241، كفاية الطالب: 82، كشف الغمة 1: 109، بحار الانوار 39: 311 / 1. (2) ثواب الاعمال: 40، بحار الانوار 91: 171 / 2، 3. (3) بحار الانوار 87: 1 / 1. (4) الخصال: 20 / 71، بحار الانوار 71: 416 / 38.

[ 159 ]

أيسر مكروه الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر (1)؟ 156 / 7 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن الهزهاز، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): يا مدرك، رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلينا، فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون (2). 157 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن داود (عليه السلام) خرج ذات يوم يقرأ الزبور، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر ولا سبع إلا جاوبه، فما زال يمر حتى انتهى إلى جبل، فإذا على ذلك الجبل نبي عابد، يقال له: حزقيل، فلما سمع دوي الجبال وأصوات السباع والطير، علم أنه داود (عليه السلام)، فقال داود: يا حزقيل، أتأذن لي فأصعد إليك. قال: لا. فبكى داود (عليه السلام)، فأوحى الله جل جلاله إليه: يا حزقيل: لا تعير داود، وسلني العافية، فقام حزقيل، فأخذ بيد داود فرفعه إليه، فقال داود: يا حزقيل: هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا. قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عزوجل؟ قال: لا. قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها ولذتها؟ قال: بلى، ربما عرض بقلبي. قال: فماذا تصنع إذا كان ذلك؟ قال: ادخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه. قال: فدخل داود (عليه السلام) ذلك الشعب، فإذا سرير من حديد، عليه جمجمة بالية وعظام فانية، وإذا لوح من حديد فيه كتابة، فقرأها داود (عليه السلام) فإذا هي: أنا أروى شلم (3)، ملكت ألف سنة، وبنيت ألف مدينة، وافتضضت ألف بكر، فكان آخر


(1) بحار الانوار 92: 262 / 1. (2) الخصال: 25 / 89، بحار الانوار 2: 65 / 4. (3) في نسخة: سلم، وفي اخرى: بن أسلم.

[ 160 ]

أمري أن صار التراب فراشي، والحجارة وسادتي، والديدان والحيات جيراني، فمن رآني فلا يغتر بالدنيا (1). 158 / 9 – حدثنا أحمد بن زياد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان وغيره، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح، تقبل الله منه صيامه. فقيل له: يا بن رسول الله، ما القول الصالح؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، والعمل الصالح: إخراج الفطرة (2). 159 / 10 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرني أحمد ابن محمد الهمداني، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكوفي، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الناس يوم الفطر، فقال: أيها الناس، إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المسيئون، وهو أشبه يوم بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الاجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة أو النار، واعلموا – عباد الله – أن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: ابشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون (3). 160 / 11 – وقال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) لبعض أصحابه: إذا كان ليلة الفطر، فصل المغرب ثلاثا، ثم اسجد وقل في سجودك، يا ذا الطول، يا ذا الحول،


(1) كمال الدين: 524 / 6، بحار الانوار 14: 25 / 3. (2) التوحيد: 22 / 16، معاني الاخبار: 325 / 1، بحار الانوار 96: 103 / 1، و 313 / 8، وتقدم في المجلس (13) الحديث (6). (3) بحار الانوار 90: 362 / 13.

[ 161 ]

يا مصطفي محمد وناصره، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته وهو عندك في كتاب مبين. ثم تقول مائة مرة: أتوب إلى الله. وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة وصلاة العيد كما تكبر أيام التشريق، تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا. ولا تقل فيه: ورزقنا من بهيمة الانعام، فإن ذلك إنما هو في أيام التشريق (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين


(1) الهداية: 52، بحار الانوار 91: 127 / 24.

[ 162 ]

[ 22 ] المجلس الثاني والعشرون وهو يوم العيد غرة شهر شوال سنة سبع وستين وثلاثمائة 161 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: عبادي كلكم ضال إلا من هديته، وكلكم فقير إلا من أغنيته، وكلكم مذنب إلا من عصمته (1). 162 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان ابن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فادعى عليه سبعين درهما ثمن ناقة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): يا أعرابي، ألم تستوف مني ذلك؟ فقال: لا. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إني قد أوفيتك. قال الاعرابي: قد رضيت برجل يحكم بيني وبينك.


(1) بحار الانوار 5: 198 / 16.

[ 163 ]

فقام النبي (صلى الله عليه وآله) معه، فتحاكما إلى رجل من قريش. فقال الرجل للاعرابي: ما تدعي على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه. فقال: ما تقول يا رسول الله؟ فقال: قد أوفيته. فقال القرشي: قد أقررت له يا رسول الله بحقه، فإما أن تقيم شاهدين يشهدان بأنك قد أوفيته، وإما أن توفيه السبعين التي يدعيها عليك. فقام النبي (صلى الله عليه وآله) مغضبا يجر رداءه، وقال: والله لاقصدن من يحكم بيننا بحكم الله تعالى ذكره، فتحاكم معه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال للاعرابي: ما تدعي على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه. فقال: ما تقول يا رسول الله. قال: قد أوفيته. فقال يا أعرابي، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: قد أوفيتك، فهل صدق؟ قال: لا، ما أوفاني. فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) سيفه من غمده وضرب عنق الاعرابي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، لم قتلت الاعرابي؟ قال: لانه كذبك يا رسول الله، ومن كذبك فقد حل دمه ووجب قتله. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي، والذي بعثني بالحق نبيا، ما أخطأت حكم الله تبارك وتعالى فيه، فلا تعد إلى مثلها (1). 163 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان ابن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح، عن علقمة، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، وقد قلت له: يا بن رسول الله، أخبرني من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته. فقال: يا علقمة، كل من كان على فطرة الاسلام جازت شهادته. قال: فقلت له: تقبل شهادة المقترف للذنوب؟ فقال: يا علقمة، لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الانبياء والاوصياء (صلوات الله عليهم) لانهم هم المعصومون دون سائر الخلق، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه


(1) بحار الانوار 40: 241 / 18.

[ 164 ]

بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنبا، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عزوجل داخل في ولاية الشيطان. ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه، لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا، ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه، فقد انقطعت العصمة بينهما، وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير. قال علقمة: فقلت للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله، إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الامور، وقد ضاقت بذلك صدورنا. فقال (عليه السلام): يا علقمة، إن رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، فكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام)؟ ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب (عليه السلام) إلى أنه ابتلى بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها؟ وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها؟ ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا، وكان عند الله وجيها؟ ألم ينسبوا جميع أنبياء الله إلى أنهم سحرة طلبة الدنيا؟ ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليهما السلام) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف؟ ألم ينسبوا نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى أنه شاعر مجنون؟ ألم ينسبوه إلى أنه هوى امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه؟ ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء؟ حتى أظهره الله عزوجل على القطيفة وبرأ نبيه (صلى الله عليه وآله) من الخيانة، وأنزل بذلك في كتابه: (وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) (1)، ألم ينسبوه إلى أنه (صلى الله عليه وآله) ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (عليه السلام)؟ حتى كذبهم الله عزوجل، فقال سبحانه: (وما ينطق عن


(1) آل عمران 3: 161.

[ 165 ]

الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (1) ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله: إنه رسول من الله إليهم؟ حتى أنزل الله عزوجل عليه: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) (2)، ولقد قال يوما: عرج بي البارحة إلى السماء. فقيل: والله ما فارق فراشه طول ليلته. وما قالوا في الاوصياء (عليهم السلام) أكثر من ذلك، ألم ينسبوا سيد الاوصياء (عليه السلام) إلى أنه كان يطلب الدنيا والملك، وأنه كان يؤثر الفتنة على السكون، وأنه يسفك دماء المسلمين بغير حلها، وأنه لو كان فيه خير ما أمر خالد بن الوليد بضرب عنقه؟ ألم ينسبوه إلى أنه (عليه السلام) أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة (عليها السلام)، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) شكاه على المنبر إلى المسلمين، فقال: إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله، ألا إن فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن سرها فقد سرني، ومن غاظها فقد غاظني؟ ثم قال الصادق (عليه السلام): يا علقمة، ما أعجب أقاويل الناس في علي (عليه السلام)! كم بين من يقول: إنه رب معبود، وبين من يقول: إنه عبد عاص للمعبود! ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية. يا علقمة، ألم يقولوا لله عزوجل: إنه ثالث ثلاثة؟ ألم يشبهوه بخلقه؟ ألم يقولوا: إنه الدهر؟ ألم يقولوا: إنه الفلك؟ ألم يقولوا: إنه جسم؟ ألم يقولوا: إنه صورة؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. يا علقمة، إن الالسنة التي تتناول ذات الله تعالى ذكره بما لا يليق بذاته كيف تحبس عن تناولكم بما تكرهونه! فاستعينوا بالله واصبروا، إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين، فإن بني اسرائيل قالوا لموسى (عليه السلام): (أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا)، فقال الله عزوجل: قل لهم يا موسى: (عسى


(1) النجم 53: 3، 4. (2) الانعام 6: 34.

[ 166 ]

ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون) (1). 164 / – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني، قال: حدثنا جعفر الوراق، قال: حدثنا محمد بن الحسن الاشج، عن يحيى بن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وصلى الفجر، ثم قال: معاشر الناس، أيكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا (2) باللات والعزى ليقتلوني، وقد كذبوا ورب الكعبة. قال فأحجم الناس وما تكلم أحد، فقال: ما أحسب علي بن أبي طالب فيكم؟ فقام إليه عامر بن قتادة فقال: إنه وعك في هذه الليلة ولم يخرج يصلي معك، أفتأذن لي أن أخبره؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): شأنك، فمضى إليه فأخبره، فخرج أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كأنه أنشط من عقال (3)، وعليه إزار قد عقد طرفيه على رقبته، فقال: يا رسول الله، ما هذا الخبر؟ قال: هذا رسول ربي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إلي لقتلي، وقد كذبوا ورب الكعبة. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أنا لهم سرية وحدي، هو ذا ألبس علي ثيابي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل هذه ثيابي، وهذه درعي، وهذا سيفي، فدرعه وعممه وقلده وأركبه فرسه. وخرج أمير المؤمنين (عليه السلام)، فمكث ثلاثة أيام، لا يأتيه جبرئيل بخبره، ولا خبر من الارض، فأقبلت فاطمة بالحسن والحسين على وركيها، تقول: أوشك أن ييتم هذين الغلامين، فأسبل النبي (صلى الله عليه وآله) عينه يبكي، ثم قال: معاشر الناس، من يأتيني بخبر علي ابشره بالجنة. وافترق الناس في الطلب لعظم ما رأوا بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وخرج العواتق، فأقبل عامر بن قتادة يبشر بعلي (عليه السلام)، وهبط جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره بما كان فيه، وأقبل أمير المؤمنين


(1) بحار الانوار 70: 2 / 4، والآية من سورة الاعراف 7: 129. (2) أي حلفوا. (3) أي حل وهو يقال للآخذ بسرعة في أي عمل كان.

[ 167 ]

علي (عليه السلام) ومعه أسيران ورأس وثلاثة أبعرة وثلاثة أفراس. فقال النبي (على الله عليه وآله): تحب أن أخبرك بما كنت فيه يا أبا الحسن؟ فقال المنافقون: هو منذ ساعة قد أخذه المخاض، وهو الساعة يريد أن يحدثه! فقال النبي (صلى الله عليه وآله): بل تحدث أنت – يا أبا الحسن – لتكون شهيدا على القوم. قال: نعم – يا رسول الله – لما صرت في الوادي، رأيت هؤلاء ركبانا على الاباعر، فنادوني: من أنت؟ فقلت: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله. فقالوا: ما نعرف لله من رسول، سواء علينا وقعنا عليك أو على محمد، وشد علي هذا المقتول، ودارت بيني وبينه ضربات، وهبت ريح حمراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله وأنت تقول: قد قطعت لك جربان (1) درعه، فاضرب حبل عاتقه. فضربته فلم أحفه (2)، ثم هبت ريح صفراء، سمعت صوتك فيها يا رسول الله، وأنت تقول: قد قلبت لك الدرع عن فخذه، فاضرب فخذه. فضربته وكزته وقطعت رأسه ورميت به. وقال لي هذان الرجلان: بلغنا أن محمدا رفيق شفيق رحيم، فاحملنا إليه ولا تعجل علينا، وصاحبنا كان يعد بألف فارس. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا علي، أما الصوت الاول الذي صك مسامعك فصوت جبرئيل (عليه السلام)، وأما الآخر فصوت ميكائيل (عليه السلام)، قدم إلي أحد الرجلين. فقدمه، فقال: قل لا إله إلا الله، واشهد أني رسول الله، فقال: لنقل جبل أبي قبيس أحب إلي من أن أقول هذه الكلمة. فقال: يا علي، أخره واضرب عنقه. ثم قال: قدم الآخر. فقال: قل لا إله إلا الله، واشهد أني رسول الله، فقال: ألحقني بصاحبي. قال: يا علي، أخره واضرب عنقه. فأخره، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ليضرب عنقه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، ويقول لك: لا تقتله فإنه حسن الخلق سخي في قومه.


(1) الجريان: جيب القميص. (2) الاحفاء: المبالغة في الاخذ.

[ 168 ]

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي، أمسك، فإن هذا رسول ربي عزوجل يخبرني أنه حسن الخلق سخي في قومه. فقال المشرك تحت السيف هذا رسول ربك يخبرك! قال: نعم. قال: والله ما ملكت درهما مع أخ لي قط، ولا قطبت وجهي في الحرب، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا ممن جره حسن خلقه وسخاؤه إلى جنات النعيم (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وسلم كثيرا


(1) الخصال: 94 / 41، بحار الانوار 41: 73 / 4.

[ 169 ]

[ 23 ] المجلس الثالث والعشرون وهو يوم الاثنين لليلتين خلتا من شوال سنة سبع وستين ثلاثمائة 165 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن المغيرة بن توبة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: لما أشرف أمير المؤمنين (عليه السلام) على المقابر، قال: يا أهل التربة، ويا أهل القربة، أما الدور فقد سكنت، وأما الازواج فقد نكحت، وأما الاموال فقد قسمت، فهذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: لو أذن لهم في الكلام لاخبروكم أن خير الزاد التقوى (1). 166 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال علي (عليه السلام): ما من يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم: يا بن آدم، أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فقل في خيرا، واعمل


(1) كامل الزيارات: 320 / 7، بحار الانوار 102: 296 / 10.

[ 170 ]

في خيرا، أشهد لك به يوم القيامة، فإنك لن تراني بعده أبدا (1). 167 / 3 – حدثنا محمد بن علي (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، قال: حدثنا هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): إن للمرء المسلم ثلاثة أخلاء: فخليل يقول له: أنا معك حيا وميتا، وهو عمله، وخليل يقول له: أنا معك حتى تموت، وهو ماله، فإذا مات صار للورثة، وخليل يقول له: أنا معك إلى باب قبرك ثم أخليك، وهو ولده (2). 168 / 4 – حدثنا جعفر بن علي الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله ابن المغيرة، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال علي (عليه السلام): ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله (3). 169 / 5 – حدثنا محمد بن علي، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب بالبصرة، فقال بعد ما حمد الله عزوجل وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله: المدة وإن طالت قصيرة، والماضي للمقيم عبرة، والميت للحي عظة، وليس لامس إن مضى عودة، ولا المرء من غد على ثقه، الاول للاوسط رائد، والاوسط للآخر قائد، وكل لكل مفارق، وكل بكل لاحق، والموت لكل غالب، واليوم الهائل لكل آزف، وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ثم قال (عليه السلام): معاشر شيعتي، اصبروا على عمل لا غنى بكم عن ثوابه،


(1) بحار الانوار 71: 181 / 35، و 77: 379 / 3. (2) الخصال: 114 / 92، معاني الاخبار: 232 / 1، بحار الانوار 82: 174 / 9. (3) الزهد: 81 / 217، بحار الانوار 6: 130 / 22، و 73: 166 / 28.

[ 171 ]

واصبروا عن عمل لا صبر لكم على عقابه، إنا وجدنا الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله عزوجل، اعلموا أنكم في أجل محدود وأمل ممدود ونفس معدود، ولا بد للاجل أن يتناهى، وللامل أن يطوى، وللنفس أن يحصى، ثم دمعت عيناه وقرأ: (وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون) (1). 170 / 6 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي أيوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر، والسكوت، والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرة، وسكوته فكرة، وكلامه ذكرا، وبكى على خطيئته، وأمن الناس شره (2). 171 / 7 – حدثنا الحسين بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: اغتمنوا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن، وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم، فإنها ليس لها حجاب دون العرش (3). 172 / 8 – حدثنا محمد بن (4) القاسم الاسترابادي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن


(1) بحار الانوار 77: 380 / 4، والآية في سورة الانفطار 82: 10 – 12. (2) المحاسن: 5 / 10، ثواب الاعمال: 177، الخصال: 98 / 47، معاني الاخبار: 344 / 1، بحار الانوار 71: 275 / 2، و 324 / 15، و 77: 406 / 37، و 78: 54 / 98، و 93: 332 / 18، وتقدم في المجلس (8) الحديث (2). (3) بحار الانوار 93: 343 / 1. (4) زاد في النسخ: أبي، والصواب حذفها، انظر: نوابغ الرواة: 299.

[ 172 ]

علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه، وإنما هو كفنه، ويبني بيتا (1) ليسكنه، وإنما هو موضع قبره (2). 173 / 9 – وقيل لامير المؤمنين (عليه السلام): ما الاستعداد للموت؟ قال: أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت، أم وقع الموت عليه (3). 174 / 10 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه: أيها الناس، إن الدنيا دار فناء، والآخرة دار بقاء، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفي عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففي الدنيا حييتم (4)، وللآخرة خلقتم، إنما الدنيا كالسم يأكله من لا يعرفه، إن العبد إذا مات قالت الملائكة: ما قدم؟ وقال الناس: ما أخر؟ فقدموا فضلا يكن لكم، ولا تؤخروا كلا يكن عليكم، فإن المحروم من حرم خير ماله، والمغبوط من ثقل بالصدقات والخيرات موازينه، وأحسن في الجنة بها مهاده، وطيب على الصراط بها مسلكه (5). 175 / 11 – حدثنا أحمد بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبي أحمد محمد بن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان، عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد الشهداء الحسين بن علي، عن سيد الاوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول


(1) في نسخة: بناء. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 297 / 54 تنبيه الخواطر 2: 158، بحار الانوار 6: 132 / 27، و 73: 88 / 56. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 297 / 55، تنبيه الخواطر 2: 158، بحار الانوار 71: 263 / 1. (4) في نسخة: حبستم. (5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 298 / 56، بحار الانوار 73: 88 / 56.

[ 173 ]

الله (صلى الله عليه وآله): الائمة من بعدي اثنا عشر، أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الارض ومغاربها (1). 176 / 12 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد القبطي، قال: قال الصادق جعفر ابن محمد (عليه السلام): أغفل الناس قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم مشربة (2) أم إبراهيم، كما أغفلوا قوله فيه يوم غدير خم، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في مشربة أم إبراهيم وعنده أصحابه، إذ جاء علي (عليه السلام) فلم يفرجوا له، فلما رآهم لا يفرجون له قال: يا معشر الناس، هؤلاء (3) أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم، أما والله لئن غبت عنكم فإن الله لا يغيب عنكم، إن الروح والراحة والبشر والبشارة لمن ائتم بعلي وتولاه، وسلم له وللاوصياء من ولده، حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي لانهم أتباعي، فمن تبعني فإنه مني، سنة جرت في من إبراهيم (عليه السلام)، لاني من إبراهيم وإبراهيم مني، وفضلي له فضل، وفضله فضلي، وأنا أفضل منه، تصديق ذلك قول ربي: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) (4). وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثئت (5) رجله في مشربة أم إبراهيم حتى عاده الناس (6). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم تسليما


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 65 / 34، كمال الدين وتمام النعمة: 282 / 35، بحار الانوار 36: 226 / 1. (2) المشربة: الغرفة. (3) في النسخ: هذا، وما أثبتناه من البصائر، وفي بشارة المصطفى: هذا علي من أهل بيتي وتستخفون بهم… والرواية في البشارة عن الشيخ الصدوق، فلعل في نسخ الامالي سقطا. (4) آل عمران 3: 34. (5) يقال: وثئت رجله، أو وثئت: أي أصابها وهن، دون الخلع والكسر. (6) بصائر الدرجات: 73 / 1، فضائل الشيعة: 69 / 28، بشارة المصطفى: 20، بحار الانوار 36: 248 / 65، و 38: 95 / 12.

[ 174 ]

[ 24 ] المجلس الرابع والعشرون يوم الاربعاء الرابع من شوال سنة سبع وستين وثلاثمائة 177 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن يوسف بن الحارث، عن محمد بن مهران، عن علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن معاوية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة زين عرش رب العالمين بكل زينة، ثم يؤتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل، فيوضع أحدهما عن يمين العرش، والآخر عن يسار العرش، ثم يؤتى بالحسن والحسين عليهما السلام)، فيقوم الحسن على أحدهما، والحسين على الآخر، يزين الرب تبارك وتعالى بهما عرشه كما يزين المرأة قرطاها (1). 178 / 2 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن


(1) إرشاد القلوب: 294، بحار الانوار 43: 261 / 3، والقرط: ما يعلق في شحمة الاذن من در أو ذهب أو فضة أو نحوها.

[ 175 ]

يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن (عليه السلام)، فلما رآه بكى، ثم قال: إلي يا بني، فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى، ثم أقبل الحسين (عليه السلام)، فلما رآه بكى، ثم قال: إلي يا بني، فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى، ثم أقبلت فاطمة (عليها السلام)، فلما رآها بكى، ثم قال: إلى يا بنية، فأجلسها بين يديه، ثم أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما رآه بكى، ثم قال: إلي يا أخي، فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الايمن، فقال له أصحابه: يا رسول الله، ما ترى واحدا من هؤلاء إلا بكيت، أو ما فيهم من تسر برؤيته! فقال (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالنبوة، واصطفاني على جميع البرية، إني وإياهم لاكرم الخلق على الله عزوجل، وما على وجه الارض نسمة أحب إلي منهم. أما علي بن أبي طالب فإنه أخي وشفيقي، وصاحب الامر بعدي، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولى كل مسلم، وإمام كل مؤمن، وقائد كل تقي، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وبولايته صارت أمتي مرحومة، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة، وإني بكيت حين أقبل لاني ذكرت غدر الامة به بعدي حتى إنه ليزال عن مقعدي، وقد جعله الله له بعدي، ثم لا يزال الامر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهو نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الانسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر (1) نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض، ويقول الله عز وجل لملائكته: يا


(1) أي تلالا وأشرق.

[ 176 ]

ملائكتي، انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي، قائمة بين يدي ترتعد فرائصها (1) من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار. وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها (2)، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه، فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)، يا فاطمة (اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) (3). ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض، فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران، تمرضها وتؤنسها في علتها، فتقول عند ذلك: يا رب، إني قد سئمت الحياة، وتبرمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي. فيلحقها الله عز وجل بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وأذل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين. وأما الحسن فإنه ابني وولدي، ومني، وقرة عيني، وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الامة، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فليس مني، وإني لما نظرت إليه تذكرت ما يجرى عليه من الذل بعدي، فلا يزال الامر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا، فعند ذلك تبكي الملائكة


(1) الفرائص: جمعه فريصة، وهي لحمة بين الكتف والصدر ترتعد عند الفزع. (2) في نسخة: جبينها، وفي اخرى: جنبتها. (3) آل عمران 3: 42، 43.

[ 177 ]

والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شئ حتى الطير في جو السماء، والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمي العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره، في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الاقدام. وأما الحسين فإنه مني، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة رب العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجيرين، وحجة الله على خلقه أجمعين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وباب نجاة الامة، أمره أمري، وطاعته طاعتي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فليس مني، وإني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري (1) فلا يجار، فأضمه في منامه إلى صدري، وآمره بالرحلة على دار هجرتي، وأبشره بالشهادة، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه أرض كرب وبلاء وقتل وفناء، تنصره عصابة من المسلمين، أولئك من سادة شهداء امتي يوم القيامة، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما. ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبكى من حوله، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، ثم قام (صلى الله عليه وآله): وهو يقول: اللهم إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي، ثم دخل منزله (2). 179 / 3 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن يحيى (3)، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): أن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) دخل يوما إلى الحسن (عليه السلام)، فلما نظر إليه بكى، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكى لما يصنع بك. فقال له الحسن (عليه السلام): إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فاقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من


(1) في نسخة: وقربي. (2) بحار الانوار 28: 37 / 1. (3) كذا والظاهر أنه أحمد بن محمد بن عيسى، انظر معجم رجال الحديث 10: 143.

[ 178 ]

أمة جدنا محمد (صلى الله عليه وآله)، وينتحلون دين الاسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رمادا ودما، ويبكي عليك كل شئ حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار (1). 180 / 4 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى (2)، قال: حدثنا العباس بن معروف، [ عن عبد الله بن المغيرة ] (3)، قال: حدثنا أبو حفص العبدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا سألتم الله عز وجل فاسألوه لي الوسيلة. فسألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن الوسيلة، فقال: هي درجتي في الجنة، وهي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد شهرا، وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد، ومرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، فهي في درج النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته، فيأتي النداء من عند الله عز وجل، يسمع النبيين وجميع الخلق: هذه درجة محمد. فاقبل وأنا يومئذ متزر بريطة (4) من نور، علي تاج الملك وإكليل الكرامة، وعلي ابن أبي طالب أمامي، وبيده لوائي، وهو لواء الحمد، مكتوب عليه: لا إله إلا الله، المفلحون هم الفائزون بالله. وإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما، وإذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان نبيان مرسلان، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني، حتى إذا صرت في أعلى درجة منها، وعلي أسفل مني بدرجة، فلا يبقى


(1) اللهوف في قتلى الطفوف: 11، بحار الانوار 45: 218 / 44. (2) في النسخ: أحمد بن محمد بن يحيى، وما أثبتناه من العلل، والمعاني، وانظر معجم رجال الحديث 8: 80 و 9: 241. (3) أثبتناه من المعاني والعلل، وانظر معجم رجال الحديث 9: 241، و 10: 342. (4) الريطة: كل ثوب لين رقيق.

[ 179 ]

يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لهذين العبدين، ما أكرمهما على الله! فيأتي النداء من قبل الله جل جلاله، يسمع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين: هذا حبيبي محمد، وهذا وليي علي، طوبى لمن أحبه، وويل لمن أبغضه وكذب عليه. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلا يبقى يومئذ أحد أحبك – يا علي – إلا استروح إلى هذا الكلام، وابيض وجهه، وفرح قلبه، ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه. فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك يا أحمد. فأقول: السلام عليك أيها الملك، من أنت؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، وهذه مفاتيح الجنة، بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد. فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب. ثم يرجع رضوان، فيدنو مالك فيقول: السلام عليك يا أحمد. فأقول: السلام عليك أيها الملك من أنت، فما أقبح وجهك، وأنكر رؤيتك! فيقول: أنا مالك خازن النار، وهذه مقاليد النار، بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد. فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب. ثم يرجع مالك، فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على عجزة جهنم وقد تطاير شررها، وعلا زفيرها، واشتد حرها، وعلي آخذ بزمامها، فتقول له جهنم: جزني يا علي، فقد أطفأ نورك لهبي. فيقول لها علي: قري يا جهنم، وخذي هذا، واتركي هذا، خذي هذا عدوي، واتركي هذا وليي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة، وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق (1). وصلى الله على سيدنا محمد وآله


(1) بصائر الدرجات: 436 / 11، تفسير القمي 2: 324، معاني الاخبار: 116 / 1، علل الشرائع: 164 / 6، بحار الانوار 7: 326 / 2.

[ 180 ]

[ 25 ] المجلس الخامس والعشرون مما أملاه علينا بطوس بمشهد الرضا علي بن موسى (صلوات الله عليه وعلى آبائه) يوم الجمعة السابع عشر من ذي الحجة سنة سبع وستين وثلاثمائة 181 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد، عن عبد الله بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد (1)، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: يخرج رجل من ولد ابني موسى، اسمه اسم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيدفن في أرض طوس وهي بخراسان، يقتل فيها بالسم، فيدفن فيها غريبا، من زاره عارفا بحقه أعطاه الله عز وجل أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل (2). 182 / 2 – حدثنا أحمد بن زياد الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثنا محمد بن سليمان البصري، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي حجر الاسلمي، قال: حدثنا قبيصة، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت وصي الاوصياء ووارث علم الانبياء أبا جعفر محمد بن علي


(1) كذا، وفي البحار: الحسين بن زيد. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 255 / 3، من لا يحضره الفقيه 2: 349 / 1600، بحار الانوار 102: 33 / 9.

[ 181 ]

ابن الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: حدثني سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب، عن سيد الاوصياء أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستدفن بضعة مني بخراسان، ما زارها مكروب إلا نفس الله كربته، ولا مذنب إلا غفر الله ذنوبه (1). 183 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام): أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله ألف حجة. قال: فقلت لابي جعفر ابنه (عليه السلام): ألف حجة؟ قال: إي والله، وألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه (2). 184 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ما زارني أحد من أوليائي عارفا بحقي إلا شفعت فيه يوم القيامة (3). 185 / 5 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثنا عمران بن موسى، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن محمد بن فضيل بن غزوان (4) الضبي، قال: أخبرني عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه): سيقتل رجل من ولدي


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 257 / 14، فرائد السمطين 2: 190 / 467، بحار الانوار 102: 33 / 10. (2) تقدم في المجلس (15) الحديث (9). (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 258 / 16، من لا يحضره الفقيه 2: 349 / 1601 بحار الانوار 102: 33 / 7، وفي نسخة: تشفعت فيه. (4) في النسخ: عن غزوان، تصحيف صوابه ما أثبيناه، انظر تهذيب الكمال 26: 293، ومعجم رجال الحديث 17: 148.

[ 182 ]

بأرض خراسان بالسم ظلما، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم ابن عمران موسى (عليه السلام)، ألا فمن زاره في غربته غفر الله ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الامطار وورق الاشجار (1). 186 / 6 – حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا الحسين بن محمد، عن عمه عبد الله بن عامر، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: من زار قبر ولدي علي (عليه السلام) كان له عند الله عز وجل سبعون حجة مبرورة (2). قلت: سبعون حجة مبرورة؟ قال: نعم، وسبعون ألف حجة. قلت: سبعون ألف حجة مبرورة؟ قال: فقال: رب حجة لا تقبل، من زاره أو بات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه. قلت: كمن زار الله في عرشه؟ قال: نعم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله جل جلاله أربعة من الاولين وأربعة من الآخرين، فأما الاولون: فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأما الاربعة الآخرون: فمحمد وعلي والحسن والحسين، ثم يمد المطمر (3)، فيقعد معنا زوار قبور الائمة، إلا أن أعلاها درجة وأقربهم حبوة (4) زوار قبر ولدي علي (عليه السلام) (5). قال الشيخ الفقيه أبو جعفر (رحمه الله): معنى قوله (عليه السلام): كان كمن زار الله في عرشه، ليس بتشبيه، لان الملائكة تزور العرش، وتلوذ به، وتطوف حوله، وتقول: نزور الله في عرشه، كما يقول الناس: نحج بيت الله، ونزور الله، لا أن الله عز وجل موصوف بمكان، تعالى عن ذلك علوا كبيرا (6).


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 258 / 17، من لا يحضره الفقيه 2: 349 / 1605، بحار الانوار 102: 34 / 11. (2) أي مقبولة. (3) المطمر: خيط للبناء يقدر به. (4) الحبوة: العطية. (5) الكافي 4: 585 / 4، بحار الانوار 102: 35 / 16. (6) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 259 / 20.

[ 183 ]

187 / 7 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) يقول: من زار قبر أبي (عليه السلام) بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإذا كان يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يفرغ الله تعالى من حساب عباده (1). 188 / 8 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها طوس، من زاره إليها عارفا بحقه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنة، وإن كان من أهل الكبائر. قلت: جعلت فداك، وما عرفان حقه؟ قال: يعلم أنه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد، من زاره عارفا بحقه أعطاه الله عز وجل أجر سبعين شهيدا ممن استشهد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) على حقيقة (2). 189 / 9 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي، عن حمدان الديواني، قال: قال الرضا (عليه السلام): من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان (3). وصلى الله على رسول محمد وآله الطاهرين


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 259 / 19، بحار الانوار 7: 291 / 3، و 102: 34 / 12. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 259 / 18، من لا يحضره الفقيه 2: 350 / 1607، بحار الانوار 102: 35 / 17، 18. (3) التهذيب 6: 85 / 169، الخصال: 167 / 220، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 255 / 2، بحار الانوار 102: 34 / 13، 14.

[ 184 ]

[ 26 ] المجلس السادس والعشرون بمشهد الرضا (عليه السلام) يوم غدير خم، وهو يوم السبت الثامن عشر من ذي الحجة سنة سبع وستين وثلاثمائة 190 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي الجارود، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن قدام منبركم هذا أربعة رهط من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، منهم: أنس بن مالك، والبراء بن عازب الانصاري، والاشعث ابن قيس الكندي، وخالد بن يزيد البجلي، ثم أقبل بوجهه على أنس بن مالك، فقال: يا أنس، إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة. وأما أنت يا أشعث، فإن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك.


[ 185 ]

وأما أنت يا خالد بن يزيد، إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله إلا ميتة جاهلية. وأما أنت يا براء بن عازب، إن كنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية، فلا أماتك الله إلا حيث هاجرت منه. قال جابر بن عبد الله الانصاري: والله رأيت أنس بن مالك وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره، ولقد رأيت الاشعث بن قيس وقد ذهبت كريمتاه، وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علي بالعمي في الدنيا، ولم يدع علي بالعذاب في الآخرة فاعذب. فأما خالد بن يزيد فإنه مات، فأراد أهله أن يدفنوه، وحفر له في منزله، فدفن، فسمعت بذلك كندة، فجاءت بالخيل والابل فعقرتها على باب منزله، فمات ميتة جاهلية، وأما البراء بن عازب فإنه ولاه معاوية اليمن، فمات بها، ومنها كان هاجر (1). 191 / 2 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف، قال: حدثنا سهل بن عامر، قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن شريك، عن أبي إسحاق، قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: أخبرهم أنه الامام بعده (2). 192 / 3 – حدثنا الحسين بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن جعفر بن سلمة الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا القناد (3)، قال: حدثنا


(1) الخصال: 219 / 44، بحار الانوار 31: 446 / 3 و 4. (2) معاني الاخبار: 65 / 1، بحار الانوار 37: 223 / 96. (3) في نسخة: القتاد، والصواب ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 21: 591، تهذيب التهذيب 8: 22، ميزان الاعتدال 3: 254، الطبقات الكبرى 6: 408.

[ 186 ]

علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، قال: سئل زيد بن علي (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه. قال: نصبه علما ليعلم به حزب الله عند الفرقة (1). 193 / 4 – أخبرني علي بن حاتم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا) الآية، قال: إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا، فأتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا نبي الله، إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله، ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (2). ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوموا. فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل، أما أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاك؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) وكبر أهل المسجد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب وليكم بعدي، قالوا: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبعلي بن أبي طالب وليا. فأنزل الله عز وجل: (ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (3). فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع، لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب (عليه السلام) فما نزل (4). 194 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن


(1) معاني الاخبار: 66 / 3، بحار الانوار 37: 223 / 98. (2) المائدة 5: 55. (3) المائدة 5: 56. (4) مناقب ابن شهر آشوب 3: 3، تأويل الآيات 1: 152 / 10، بحار الانوار 35: 183 / 1.

[ 187 ]

أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، عن سليمان بن عبد الله الهاشمي، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، أنت أخي ووصيي ووارثي، وخليفتي على امتي في حياتي وبعد وفاتي، محبك محبي، ومبغضك مبغضي، وعدوك عدوي، ووليك وليي (1). 195 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن محمد ابن عبد الجبار، عن أبي أحمد الازدي، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى آخى بيني وبين علي بن أبي طالب، وزوجه ابنتي من فوق سبع سماواته، وأشهد على ذلك مقربي ملائكته، وجعله لي وصيا وخليفة، فعلي مني وأنا منه، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وإن الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبته (2). 196 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن أبي إسحاق، عن الحسن بن زياد العطار، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): قول رسول الله: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، أسيدة نساء عالمها؟ قال: ذاك مريم، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الاولين والآخرين. فقلت: فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة؟ قال: هما والله سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والآخرين (3). 197 / 8 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن


(1) بشارة المصطفى: 23. (2) بشارة المصطفى: 23، بحار الانوار 43: 98 / 9. (3) بحار الانوار 43: 21 / 10.

[ 188 ]

إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن ظهير، قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لامتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم على امتي فيه النعمة، ورضي لهم الاسلام دينا. ثم قال (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس، إن عليا مني وأنا من علي، خلق من طينتي، وهو إمام الخلق بعدي، يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيين، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو الائمة المهديين. معاشر الناس، من أحب عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته، ومن عادى عليا عاديته. معاشر الناس، أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحتني ويبغض عليا. معاشر الناس، والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية، ما نصبت عليا علما لامتي في الارض حتى نوه الله باسمه في سماواته، وأوجب ولايته على ملائكته (1). وصلى الله على رسول محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما


(1) بحار الانوار 378: 109 / 2.

[ 189 ]

[ 27 ] المجلس السابع والعشرون وهو يوم الجمعة غرة المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة أملاه بعد رجوعه من مشهد الرضا (عليه السلام) 198 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن أرطاة بن حبيب، عن فضيل الرسان، عن جبلة المكية، قالت: سمعت ميثما التمار (قدس الله روحه) يقول: والله لتقتلن هذه الامة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، وإن ذلك لكائن، قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلم ذلك بعهد عهده إلي مولاي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شئ حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار، والطير في جو السماء، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والارض، ومؤمنو الانس والجن، وجميع ملائكة السماوات، ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دما ورمادا. ثم قال: وجبت لعنة الله على قتلة الحسين (عليه السلام)، كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه


[ 190 ]

الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم بركة! فبكى ميثم (رضي الله عنه)، ثم قال سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم (عليه السلام)، وإنما تاب الله على آدم (عليه السلام) في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود (عليه السلام)، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس (عليه السلام) من بطن الحوت، وإنما أخرجه الله تعالى من بطن الحوت في ذي القعدة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وإنما كان ذلك في ربيع الاول. ثم قال ميثم: يا جبلة، اعلمي أن الحسين بن علي (عليهما السلام) سيد الشهداء يوم القيامة، ولاصحابه على سائر الشهداء درجة. يا جبلة، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط، فاعلمي أن سيدك الحسين قد قتل. قالت جبلة: فخرجت ذات يوم، فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، فصحت حينئذ وبكيت، وقلت: قد والله قتل سيدنا الحسين بن علي (عليهما السلام) (1). 199 / 2 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا (عليه السلام): إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا، بأرض (2) كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء يحط


(1) علل الشرائع 227 / 3، بحار الانوار 45: 202 / 4. (2) في نسخة: يا أرض.

[ 191 ]

الذنوب العظام. ثم قال (عليه السلام): كان أبي (صلوات الله عليه) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (صلوات الله عليه) (1). 200 / 3 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال حدثني محمد بن الحسين بن زيد، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد، قال: حدثنا زياد بن المنذر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله، إنك لتحب عقيلا؟ قال: إي والله إني لاحبه حبين: حبا له، وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون. ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى جرت دموعه على صدره، ثم قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي (2). 201 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشورا قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبة وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرت بنا في الجنان عينه، ومن سمى يوم عاشوراء يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد (لعنهم الله) إلى أسفل درك من النار (3).


(1) بحار الانوار 44: 283 / 17. (2) بحار الانوار 22: 288 / 58، و 44: 287 / 27. (3) علل الشرائع: 227 / 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 298 / 57، بحار الانوار 44: 284 / 18، و 101: 102 / 1، 2.

[ 192 ]

202 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرم، فقال لي: يا بن شبيب، أصائم أنت؟ فقلت: لا. فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا (عليه السلام) ربه عز وجل، فقال: (رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) (1) فاستجاب به، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب: (أن الله يبشرك بيحيى) (2) فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب الله له، كما استجاب لزكريا (عليه السلام). ثم قال: يا بن شبيب، إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها (صلى الله عليه وآله)، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا. يا بن شبيب، إن كنت باكيا لشئ، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الارض شبيه، ولقد بكت السماوات السبع والارضون لقتله، ولقد نزل إلى الارض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث قبر إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم: يا لثارات الحسين. يا بن شبيب، لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده (عليه السلام): أنه لما قتل جدي الحسين (صلوات الله عليه)، مطرت السماء دما وترابا أحمر. يا بن شبيب، إن بكيت على الحسين (عليه السلام) حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيرا كان أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا. يا بن شبيب، إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك، فزر


(1) آل عمران 3: 38. (2) آل عمران 3: 39.

[ 193 ]

الحسين (عليه السلام). يا بن شبيب، إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله (صلوات الله عليهم)، فالعن قتلة الحسين. يا بن شبيب، إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين (عليه السلام) فقل متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. يا بن شبيب، إن سرك أن تكون معنا في الدرجاب العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة (1). 203 / 6 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمر بن سعد، عن أبي شعيب التغلبي، عن يحيى بن يمان، عن إمام لبني سليم، عن أشياخ لهم، قالوا: غزونا بلاد الروم، فدخلنا كنيسة من كنائسهم، فوجدنا فيها مكتوبا: أيرجو معشر قتلوا حسينا * * شفاعة جده يوم الحساب قالوا فسألنا منذ كم هذا في كنيستكم؟ فقالوا: قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام (2). 204 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن سالم، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام)، قال: كان للحسين بن علي (عليه السلام) خاتمان، نقش أحدهما: لا إله إلا الله، عدة للقاء الله. ونقش الآخر: إن الله بالغ أمره، وكان نقش خاتم علي بن


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 299 / 58، إقبال الاعمال: 544، بحار الانوار 101: 102 / 3. (2) روضة الواعظين: 193، بحار الانوار 44: 224 / 3.

[ 194 ]

الحسين (عليهما السلام): خزي وشقي قاتل الحسين بن علي (عليهما السلام) (1). 205 / 8 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، أنه جاء إليه رجل، فقال له: يا أبا الحسن، إنك تدعى أمير المؤمنين، فمن أمرك عليهم؟ قال (عليه السلام): الله جل جلاله أمرني عليهم. فجاء الرجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، أيصدق علي فيما يقول إن الله أمره على خلقه، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إنا عليا أمير المؤمنين بولاية من الله عز وجل، عقدها له فوق عرشه، وأشهد على ذلك ملائكته، أن عليا خليفة الله، وحجة الله، وأنه لامام المسلمين، طاعته مقرونة بطاعة الله، ومعصيته مقرونة بمعصية الله، فمن جهله فقد جهلني، ومن عرفه فقد عرفني، ومن أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي، ومن جحد إمرته فقد جحد رسالتي، ومن دفع فضله فقد تنقصني، ومن قاتله فقد قاتلني، ومن سبه فقد سبني، لانه مني، خلق من طينتي، وهو زوج فاطمة ابنتي، وأبو ولدي الحسن والحسين. ثم قال (صلى الله عليه وآله) أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعداؤنا أعداء الله، وأولياؤنا أولياء الله (2). 206 / 9 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن جعفر الاسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قال يزيد بن قعنب: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت حاملة به لتسعة


(1) بحار الانوار 43: 247 / 22. (2) بحار الانوار 36: 227 / 5.

[ 195 ]

أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: رب إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وإنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي. قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز وجل ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قالت: إني فضلت على من تقدمني من النساء، لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، وإن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سميه عليا، فهو علي، والله العلي الاعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الاصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) علل الشرائع: 135 / 3، معاني الاخبار: 62 / 10، روضة الواعظين: 76، بحار الانوار 35: 8 / 11.

[ 196 ]

[ 28 ] المجلس الثامن والعشرون وهو يوم الثلاثاء الخامس من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة بعد منصرفه من مشهد الرضا (عليه السلام) 207 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني (1)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن عبيد الله (2) السمين، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب الناس وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله لا تسألوني عن شئ مضى ولا عن شئ يكون إلا أنبأتكم به. فقام إليه سعد بن أبي وقاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة؟ فقال له: أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنك ستسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس، وإن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني، وعمر بن سعد


(1) في نسخة: الكميداني، وفي اخرى الكميذاني، انظر هامش الحديث (2) من المجلس (15). (2) في نسخة: عبيد، وفي اخرى: عبيد الله بن.

[ 197 ]

يومئذ يدرج بين يديه (1). 208 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا أبو عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن عتبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا التفت إلينا فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أبكي مما يصنع بكم بعدي. فقلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدها، وطعنة الحسن في الفخذ، والسم الذي يسقى، وقتل الحسين. قال: فبكى أهل البيت جميعا، فقلت: يا رسول الله، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء! قال: ابشر يا علي، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (2). 209 / 3 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا حرب ابن ميمون، عن أبي حمزة الثمالي، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: لما ولدت فاطمة الحسن (عليهما السلام)، قالت لعلي (على السلام): سمه. فقال: ما كنت لاسبق باسمه رسول الله. فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخرج إليه في خرقة صفراء، فقال: ألم أنهكم أن تلفوه في [ خرقة ] صفراء، ثم رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها، ثم قال لعلي (عليه السلام): هل سميته؟ فقال: ما كنت لاسبقك باسمه؟ فقال (صلى الله عليه وآله): وما كنت لاسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط وأقرئه السلام وهنئه، وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمة باسم ابن هارون.


(1) كامل الزيارات: 74 / 12، بحار الانوار 42: 146 / 6، و 44: 256 / 5. (2) بحار الانوار 28: 51 / 20.

[ 198 ]

فهبط جبرئيل (عليه السلام) فهنأه من الله عز وجل، ثم قال: إن الله عز وجل يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون. قال: وما كان اسمه؟ قال: شبر. قال: لساني عربي. قال: سمه الحسن، فسماه الحسن. فلما ولد الحسين (عليه السلام) أوحى الله عز وجل إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن، فاهبط إليه وهنئه، وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون. قال: فهبط جبرئيل فهنأه من الله تبارك وتعالى، ثم قال: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون. قال: وما اسمه؟ قال: شبير. قال: لساني عربي. قال: سمه الحسين، فسماه الحسين (1). 210 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، قال: حدثنا الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل موته بثلاث: سلام الله عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا، فعن قليل ينهد ركناك، والله خليفتي عليك. فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام): هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فلما ماتت فاطمة (عليهما السلام) قال علي (عليه السلام): هذا الركن الثاني الذي قال رسول (صلى الله عليه وآله) (2). 211 / 5 – حدثنا أحمد بن الحسن المعروف بأبي علي بن عبدويه، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا العباس ابن بكار، قال: حدثني الحسين بن يزيد، عن عمر بن علي بن الحسين، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت أبي بكر، عن صفية بنت عبد المطلب، قالت: لما سقط الحسين (عليه السلام) من بطن أمه وكنت وليتها، قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا عمة، هلمي


(1) علل الشرائع: 137 / 5، بحار الانوار 43: 238 / 3. (2) معاني الاخبار: 403 / 69، بحار الانوار 43: 262 / 4.

[ 199 ]

إلي ابني. فقلت: يا رسول الله، إنا لم ننظفه بعد. فقال (صلى الله عليه وآله): يا عمة، أنت تنظفينه! إن الله تبارك وتعالى قد نظفه وطهره (1). 212 / 6 – قال: وحدثنا أحمد بن الحسن بهذا الاسناد، عن صفية بنت عبد المطلب، قالت: لما سقط الحسين (عليه السلام) من بطن أمه، فدفعته إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فوضع النبي لسانه في فيه، وأقبل الحسين على لسان رسول الله يمصه، فما كنت أحسب رسول الله يغذوه إلا لبنا أو عسلا. قالت: فبال الحسين (عليه السلام)، فقبل النبي بين عينيه، ثم دفعه إلي، وهو يبكي ويقول: لعن الله قوما هم قاتلوك يا بني. يقولها ثلاثا، قالت: فقلت: فداك أبي وامي، ومن يقتله؟ قال: بقية الفئة الباغية من بني أمية (لعنهم الله) (2). 213 / 7 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا قيس بن حفص الدارمي، قال: حدثني حسين الاشقر، قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود (3)، عن أبي حسان التيمي، عن نشيط بن عبيد، عن رجل منهم، عن جرداء بنت سمين، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم، قال: غزونا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) صفين، فلما انصرفنا نزل كربلاء فصلى بها الغداة، ثم رفع إليه من تربتها فشمها، ثم قال: واها لك أيتها التربة، ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب. فرجع هرثمة إلى زوجته، وكانت شيعة لعلي (عليه السلام) فقال: ألا أحدثك عن وليك أبي الحسن؟ نزل بكربلا فصلى، ثم رفع إليه من تربتها، وقال: واها لك أيتها التربة ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب، قالت: أيها الرجل، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا. فلما قدم الحسين (عليه السلام) قال هرثمة: كنت في البعث الذين بعثهم عبيد الله


(1) بحار الانوار 43: 243 / 16. (2) بحار الانوار 43: 243 / 17. (3) في بعض النسخ: منصور بن الاسود، والصواب ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 28: 518.

[ 200 ]

ابن زياد، فلما رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث، فجلست على بعيري، ثم صرت إلى الحسين (عليه السلام)، فسلمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين (عليه السلام) فقال: معنا أنت أم علينا؟ فقلت: لا معك ولا عليك، خلفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد. قال: فامض حيث لا ترى لنا مقتلا، ولا تسمع لنا صوتا، فو الذي نفس الحسين بيده، لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا كبه الله لوجهه في جهنم (1). 214 / 8 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أبو عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام): أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر (2). 215 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا موسى بن عمر، عن عبد الله بن صباح (3) المزني، عن إبراهيم بن شعيب الميثمي، قال: سمعت الصادق أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الحسين بن علي (عليهما السلام) لما ولد أمر الله عز وجل جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الله ومن جبرئيل، قال: فهبط جبرئيل، فمر على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له: فطرس، كان من الحملة، بعثه الله عز وجل في شئ فابطأ عليه، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة، فعبد الله تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال الملك لجبرئيل: يا جبرئيل، أين تريد؟ قال: إن الله عز وجل أنعم على محمد بنعمة، فبعثت أهنئه من الله ومني، فقال: يا جبرئيل، احملني معك،


(1) وقعة صفين: 140، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 169، بحار الانوار 44: 255 / 4. (2) كامل الزيارات: 108 / 3، بحار الانوار 44: 284 / 19. (3) في نسخة: عبد الله بن صالح.

[ 201 ]

لعل محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعو لي. قال: فحمله، قال: فلما دخل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) هنأه من الله عز وجل ومنه، وأخبره بحال فطرس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قل له: تمسح بهذا المولود وعد إلى مكانك، قال: فتمسح فطرس بالحسين بن علي (عليهما السلام) وارتفع، فقال: يا رسول الله، أما إن امتك ستقتله، وله علي مكافاة، ألا يزوره زائر إلا أبلغته عنه، ولا يسلم عليه مسلم إلا أبلغته سلامه، ولا يصلي عليه مصل إلا أبلغته صلاته، ثم ارتفع (1). 216 / 10 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى البصري (2)، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن [ جعفر بن ] (3) محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن آبائه الصادقين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى جعل لاخي علي بن أبي طالب فضائل لا يحصي عددها غيره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) كامل الزيارات: 66 / 1، بحار الانوار 43: 243 / 18. (2) زاد في النسخ: عن يحيى البصري، والصواب حذفه، لان عبد العزيز يروي عن محمد بن زكريا بلا واسطة، كما في أسانيد الشيخ الصدوق المتكررة، انظر الخصال: 190 / 263، نوابغ الرواة: 271. (3) أثبتناه من الخصال، ونوابغ الرواة، ومائة منقبة. (4) مائة منقبة: 176 / 100، روضة الواعظين: 114، مناقب الخوارزمي: 2، كفاية الطالب: 252، كشف الغمة 1: 112، جامع الاخبار: 54 / 70، فرائد السمطين 1: 19، ميزان الاعتدال 3: 467، المحتضر: 98، بحار الانوار 38: 196 / 4.

[ 202 ]

[ 29 ] المجلس التاسع والعشرون مجلس يوم الجمعة الثامن من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 217 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أبي البختري وهب ابن وهب، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام). عن أم سلمة (رضي الله عنها)، أنها أصبحت يوما تبكي، فقيل لها: مالك؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين (عليه السلام)، وما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ مات إلا الليلة، فقلت: بأبي أنت وأمي، ما لي أراك شاحبا! فقال: لم أزل منذ الليلة أحفر قبر الحسين وقبور أصحابه (1). 218 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله)، قالت: ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي (صلى الله عليه وآله) إلا الليلة، ولا أراني إلا وقد أصبت بابني.


(1) أمالي الطوسي: 90 / 140، أمالي المفيد: 319 / 6، روضة الواعظين: 170.

[ 203 ]

قالت: وجاءت الجنية منهم تقول: ألا يا عين فانهملي بجهد * * فمن يبكي على الشهداء بعدي على رهط تقودهم المنايا * * إلى متجبر في ملك عبد (1) 219 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا حبيب بن الحسين التغلبي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة (رضي الله عنه)، فقال لها: لا يدخل علي أحد. فجاء الحسين (عليه السلام) وهو طفل، فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي (صلى الله عليه وآله)، فدخلت أم سلمة على أثره، فإذا الحسين على صدره، وإذا النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي، وإذا في يده شئ يقلبه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة، إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول، وهذه التربة التي يقتل عليها، فضعيها عندك، فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي، فقالت أم سلمة: يا رسول الله، سل الله أن يدفع ذلك عنه. قال: قد فعلت، فأوحى الله عز وجل إلي: أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين، وأن له شيعة يشفعون فيشفعون، وأن المهدي من ولده، فطوبى لمن كان من أولياء الحسين، وشيعته هم والله الفائزون يوم القيامة (2). 220 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عمر ابن حفص، عن زياد بن المنذر، عن سالم بن أبي جعدة (3)، قال: سمعت كعب الاحبار يقول: إن في كتابنا: أن رجلا من ولد محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقتل، ولا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلوا الجنة، فيعانقوا الحور العين، فمر بنا الحسن (عليه السلام)، فقلنا: هو هذا؟ قال: لا. فمر بنا الحسين (عليه السلام)، فقلنا: هو هذا؟


(1) كامل الزيارات: 93 / 1، روضة الواعظين: 170، مناقب ابن شهر آشوب 4: 62، بحار الانوار 45: 238 / 8. (2) بحار الانوار 44: 225 / 5. (3) كذا، وفي ميزان الاعتدال 2: 109، والجامع في الرجال: 830: بن أبي الجعد.

[ 204 ]

قال: نعم (1). 221 / 5 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن محمد بن سهل البحراني (2)، رفعه إلى أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: البكاءون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، وعلي ابن الحسين (عليهما السلام). فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل له (تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين) (3). وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن، فقالوا: إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل، وإما أنا تبكي بالليل وتسكت بالنهار، فصالحهم على واحد منهما. وأما فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، فبكت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تأذى بها أهل المدينة، وقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف، وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين (عليهما السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين. قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله مالا تعلمون، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة (4).


(1) بحار الانوار 44: 224 / 2. (2) في نسخة: محمد بن سهيل، وفي جميع النسخ: النجراني، وما أثبتناه من قاموس الرجال 8: 208، والخصال، وبحار الانوار 11: 204 / 2، و 82: 86 / 33. (3) يوسف 12: 85. (4) الخصال: 272 / 15، بحار الانوار 82: 86 / 33.

[ 205 ]

222 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة (1) المنشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: يا أبا عمارة، أنشدني في الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: فأنشدته فبكى، ثم أنشدته فبكى، قال: فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار، قال: فقال لي: يا أبا عمارة، من أنشد في الحسين بن علي (عليهما السلام) فأبكى خمسين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرة فله الجنة، ومن أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة، ومن أنشد في الحسين فبكى فله الجنة، ومن أنشد في الحسين فتباكى فله الجنة (2). 223 / 7 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ استسقى الماء، فلما شربه رأيته وقد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه، ثم قال: يا داود، لعن الله قاتل الحسين، فما أنغص (3) ذكر الحسين للعيش! إني ما شربت ماء باردا إلا وذكرت الحسين، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (عليه السلام) ولعن قاتله إلا كتب الله له مائة ألف حسنة، ومحا عنه مائة ألف سيئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكان كأنما أعتق مائة ألف نسمة، وحشره الله يوم القيامة أبلج (4) الوجه (5).


(1) في النسخ: عمار، في كل المواضع، والصواب من أثبتناه، انظر معجم رجال الحديث 21: 257 / 14596. (2) كامل الزيارات: 104 / 2، ثواب الاعمال: 84، بحار الانوار 44: 282 / 15. (3) يقال: أنغص فلان عليه العيش، أي كدره. (4) الابلج: المشرق المضئ. (5) كامل الزيارت: 106 / 1، الكافي 6: 391 / 6 بحار الانوار 44: 303 / 16.

[ 206 ]

224 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد الاهوازي، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: وكل الله عز وجل بقبر الحسين (عليه السلام) أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفا بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشيا، وإن مات شهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة (1). 225 / 9 – حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد ابن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن فائد الحناط، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: من زار قبر الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (2). 226 / 10 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقر للحسين بالامامة من الله عزوجل (3). 227 / 11 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ربما فاتني الحج فأعرف (4) عند قبر الحسين. قال: أحسنت يا بشير، أيما مؤمن أتى قبر الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه في


(1) كامل الزيارات: 189 / 1، الكافي 4: 581 / 6، بحار الانوار 101: 63 / 44. (2) كامل الزيارات: 138 / 5، روضة الواعظين: 194، ثواب الاعمال: 85، بحار الانوار 101: 21 / 1. (3) التهذيب 6: 42 / 86، من لا يحضره الفقيه 2: 348 / 1594، بحار الانوار 101: 1 / 1. (4) عرف الحجاج: وقفوا بعرفات.

[ 207 ]

غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عيد كتبت له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عرفة عارفا بحقه كتبت له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل. قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر إلي شبه المغضب، ثم قال: يا بشير، إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين (عليه السلام) يوم عرفة واغتسل بالفرات ثم توجه إليه، كتب الله عز وجل له بكل خطوة حجة بمناسكها، ولا أعلمه إلا قال: وغزوة (1). 228 / 12 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا ابن عائشة والحكم والعباس، قالوا: حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن ابن أبي نعم (2) قال: شهدت ابن عمر وأتاه رجل فسأله عن دم البعوضة، فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراف. قال: أنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوضة، وقد قتلوا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنهما ريحانتي من الدنيا، يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) (3). 229 / 13 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي نجران، عن المثنى، عن محمد بن مسلم، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن خاتم الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى من صار؟ وذكرت له أني سمعت أنه أخذ من إصبعه فيما اخذ. قال (عليه السلام): ليس كما قالوا، إن الحسين (عليه السلام) أوصى إلى ابنه


(1) كامل الزيارات: 169 / 1، ثواب الاعمال: 89، من لا يحضره الفقيه 2: 346 / 1586، أمالي الطوسي: 201 / 342، روضة الواعظين: 194، بحار الانوار 101: 85 / 1 – 3. (2) في نسخة: ابن أبي نعيم، والصواب ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 17: 456. (3) مناقب ابن شهر آشوب 4: 75، بحار الانوار 43: 262 / 5.

[ 208 ]

علي بن الحسين (عليهما السلام) وجعل خاتمه في إصبعه، وفوض إليه أمره، كما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وفعله أمير المؤمنين بالحسن (عليهما السلام)، وفعله الحسن بالحسين (عليهما السلام)، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي (عليه السلام) بعد أبيه، ومنه صار إلي، فهو عندي وإني لالبسه كل جمعة وأصلي فيه. قال محمد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي، فلما فرغ من الصلاة مد إلي يده، فرأيت في إصبعه خاتما نقشه: لا إله إلا الله عدة للقاء الله، فقال: هذا خاتم جدي أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) (1). 230 / 14 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يقف عند طلوع كل فجر على باب علي وفاطمة (عليهما السلام)، فيقول: الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل، الذي بنعمته تتم الصالحات، سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه عندنا (2)، نعوذ بالله من النار، نعوذ بالله من صباح النار، نعوذ بالله من مساء النار، الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3). 231 / 15 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين، عن الحسن بن


(1) بحار الانوار 43: 247 / 23، و 46: 17 / 1. (2) قال الجزري: أي ليسمع السامع، وليشهد الشاهد حمدنا لله على ما أحسن إلينا وأولانا من نعمه. وحسن البلاء: النعمة، والاختيار بالخير ليتبين الشكر، وبالشر ليظهر الصبر. (النهاية 2: 401). (3) بحار الانوار 37: 36 / 3، و 86: 246 / 6، والآية من سورة الاحزاب 33: 33، وزاد في الطبعة الحروفية فقط: هذه الاخبار كانت مكتوبة بعد المجلس الثامن والعشرين. وكتب في حاشية إحدى النسخ: من هنا إلى المجلس الآتي مكانه مقدم على مجلس يوم الجمعة غرة المحرم [ أي على المجلس (27) ].

[ 209 ]

محبوب، عن محمد بن القاسم النوفلي، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): المؤمن يرى الرؤيا فتكون كما رآها، وربما رأى الرؤيا فلا تكون شيئا؟ فقال: إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء، فكل ما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير والتدبير فهو الحق، وكل ما رآه في الارض فهو أضغاث أحلام. فقلت له: أو تصعد روح إلى السماء؟ قال: نعم. قلت: حتى لا يبقى منها شئ في بدنه؟ فقال: لا، لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شئ إذن لمات. قلت: فكيف تخرج؟ فقال: أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوؤها وشعاعها في الارض، فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة إلى السماء (1). 232 / 16 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال: حدثني بعض أصحابنا، عن زكريا بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي جعفر، قال: إن العباد إذا ناموا خرجت أرواحهم إلى السماء، فما رأت الروح في السماء فهو الحق، وما رأت في الهواء فهو الاضغاث، ألا وإن الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها إختلف، فإذا كانت الروح في السماء تعارفت وتباغضت، فإذا تعارفت في السماء تعارفت في الارض، وإذا تباغضت في السماء تباغضت في الارض (2). 233 / 17 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربما كانت حقا، وربما


(1) بحار الانوار 61: 32 / 6. (2) بحار الانوار 61: 31 / 4.

[ 210 ]

كانت باطلا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا علي، ما من عبد ينام إلا عرج بروحه إلى رب العالمين، فما رأى عند رب العالمين فهو حق، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء والارض، فما رأته فهو أضغاث أحلام (1). 234 / 18 – وعنه، بإسناده عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، قال: وحدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محسن بن أحمد الميثمي، عن أبان ابن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: إن لابليس شيطانا يقال له هزع، يملا ما بين المشرق والمغرب في كل ليلة، يأتي الناس في المنام (2). 235 / 19 – بسم الله الرحمن الرحيم (3)، حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه) قراءة عليه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن أحمد بن عبد الله الفروي (4)، عن أبيه، قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح، فقال لي: ادن مني، فدنوت حتى حاذيته، ثم قال لي: أشرف إلى البيت في الدار، فأشرفت فقال: ما ترى في البيت؟ قلت: ثوبا. مطروحا. فقال: انظر حسنا، فتأملت ونظرت فتيقنت، فقلت: رجل ساجد. فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا. قال: هذا مولاك. قلت: ومن مولاي؟ فقال: تتجاهل علي؟ فقلت: ما أتجاهل، ولكن لا أعرف في مولى.


(1) بحار الانوار 61: 158 / 1. (2) بحار الانوار 61: 159 / 2. (3) زاد في إحدى النسخ قبل البسملة (المجلس الثلاثون) وباقي النسخ خالية منه، وقد تقدم أن هذه الاحاديث من حديث (15) إلى المجلس (30) كانت مكتوبة بعد المجلس (28) على ما في الطبعة الحروفية، أو بعد المجلس (26) على ما في حاشية بعض النسخ، ولذا أبقينا ترتيب الاحاديث والمجالس على ما في سائر النسخ. (4) في نسخة: الغروي، وفي البحار: القروي.

[ 211 ]

فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، إني أتفقده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الاوقات إلا على الحال التي أخبرك بها، أنه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس، وقد وكل من يترصد له الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس! إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدد وضوءا، فأعلم أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى، فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلى العصر سجد سجدة، فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا، فلا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوي (1) يؤتى به، ثم يجدد الوضوء، ثم يسجد، ثم يرفع رأسه، فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام: إن الفجر قد طلع! إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حول إلي. فقلت: اتق الله، ولا تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءا إلا كانت نعمته زائلة. فقال: قد أرسلوا إلي في غير مرة يأمرونني بقتله، فلم أجبهم إلى ذلك، وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني. فلما كان بعد ذلك حول إلى الفضل بن يحيى البرمكي، فحبس عنده أياما، وكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كل ليلة مائدة، ومنع أن يدخل إليه من عند غيره، فكان لا يأكل ولا يفطر إلا على المائدة التي يؤتى بها حتى مضى على تلك الحال ثلاثة أيام ولياليها، فلما كانت الليلة الرابعة قدمت إليه مائدة للفضل بن يحيى، قال: فرفع (عليه السلام) يده إلى السماء، فقال: يا رب، إنك تعلم أني لو أكلت قبل اليوم كنت قد أعنت على نفسي. قال: فأكل فمرض، فلما كان من غد بعث إليه بالطيب ليسأله عن


(1) الشوي: ما شوي من اللحم.

[ 212 ]

العلة. فقال له الطبيب: ما حالك؟ فتغافل عنه، فلما أكثر عليه أخرج إليه راحته فأراها الطبيب، ثم قال: هذه علتي، وكانت خضرة في وسط راحته، تدل على أنه سم، فاجتمع في ذلك الموضع، قال: فانصرف الطبيب إليهم، وقال: والله لهو أعلم بما فعلتم به منكم، ثم توفي (عليه السلام) (1). 236 / 20 – وحدثني الشيخ أبو جعفر قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، قال: استدعى الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ويقطعه (2) ويخجله في المجلس، فانتدب له رجل معزم (3)، فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا (4) على الخبز، فكان كلما رام خادم أبي الحسن (عليه السلام) تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه، واستفز هارون الفرح والضحك (5) لذلك، فلم يلبث أبو الحسن (عليه السلام) أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور، فقال له: يا أسد الله، خذ عدو الله. قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع، فافترست ذلك المعزم، فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم، وطارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه، فلما أفاقوا من ذلك بعد حين، قال هارون لابي الحسن (عليه السلام): أسألك بحقي عليك، لما سألت الصورة أن ترد الرجل. فقال: إن كانت عصى موسى (عليه السلام) ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم، فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل، فكان ذلك أعمل الاشياء في إفاقة (6)


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 106 / 10، بحار الانوار 48: 210 / 9. (2) أي يسكته عن حجته ويبطلها. (3) المعزم: الراقي الذي يعمل بالعزيمة والرقى. (4) الناموس: ما يتنمس به من الاحتيال. (5) استفزه الضحك: استخفه وغلب عليه حتى جعله يضطرب لشدة ضحكه. (6) في نسخة: إقامة.

[ 213 ]

نفسه (1). 237 / 21 – قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن الحسن بن محمد بن بشار، قال: حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة، ممن كان يقبل قوله، قال: قال لي: قد رأيت بعض من يقرون بفضله من أهل هذا البيت، فما رأيت مثله قط في نسكه وفضله. قال: قلت: من؟ وكيف رأيته؟ قال: جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه، ممن ينسب إلى الخير، فأدخلنا إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقال لنا السندي: يا هؤلاء، انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث، فإن الناس يزعمون أنه قد فعل به مكروه، ويكثرون في ذلك، وهذا منزله وفرشه، موسع عليه غير مضيق، ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا، وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره أمير المؤمنين، وها هو ذا صحيح موسع عليه في جميع أمره، فسلوه، قال: ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل وإلى فضله وسمته. فقال: أما ما ذكر من التوسعة وما أشبه ذلك، فهو على ما ذكر، غير أني أخبركم أيها النفر، أني قد سقيت السم في تسع تمرات، وإني أحضر (2) غدا، وبعد غد أموت، قال: فنظرت إلى السندي بن شاهك يرتعد ويضطرب مثل السعفة. قال: الحسن، وكان هذا الشيخ من خيار العامة، شيخ صدوق، مقبول القول، ثقة جدا عند الناس (3). 238 / 22 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن دينار، قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 95 / 1، مناقب ابن شهر آشوب 4: 299، بحار الانوار 48: 41 / 17، 18. (2) أي يحضرني الموت. (3) قرب الاسناد: 333 / 1236، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 96 / 2، غيبة الطوسي: 31 / 7، بحار الانوار 48: 212 / 10 – 12.

[ 214 ]

الله جل جلاله: هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى الله عن ذلك. قلت: فلم أسرى بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السماوات، وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه. قلت: فقول الله عزوجل: (ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى) (1)؟ قال: ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنا من حجب النور، فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه وآله) فنظر من تحته إلى ملكوت الارض حتى ظن أنه في القرب من الارض كقاب قوسين أو أدنى (2). وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين


(1) النجم 53: 8، 9. (2) علل الشرائع: 131 / 1، بحار الانوار 3: 314 / 8.

[ 215 ]

[ 30 ] المجلس الثلاثون مجلس يوم السبت التاسع من المحرم، سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) 239 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل الفاضل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري من كتابه، قال: حدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن موسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قاضي بلخ، قال: حدثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي إسحاق وكانت عمتي، قالت: حدثتني صفية بنت يونس بن أبي إسحاق الهمدانية وكانت عمتي، قالت: حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبد الله التغلبي، عن خالها عبد الله بن منصور وكان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي (عليه السلام)، قال: سألت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، فقلت: حدثني عن مقتل ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد (لعنه الله) فأجلسه بين يديه، فقال له: يا بني، إني قد ذللت لك الرقاب الصعاب، ووطدت لك البلاد، وجعلت الملك وما فيه لك طعمة، وإني أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم، وهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، فأما عبد الله بن عمر فهو معك فالزمه ولا تدعه، وأما عبد الله بن الزبير فقطعه إن ظفرت


[ 216 ]

به إربا إربا، فإنه يجثو لك كما يجثو الاسد لفريسته، ويواربك مواربة (1) الثعلب للكلب، وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول الله، وهو من لحم رسول الله ودمه، وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يخذلونه ويضيعونه، فإن ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول الله، ولا تؤاخذه بفعله، ومع ذلك فإن لنا به خلطة (2) ورحما، وإياك أن تناله بسوء، أو يرى منك مكروها. قال: فلما هلك معاوية، وتولى الامر بعده يزيد (لعنه الله)، بعث عامله على مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو عمه عتبة بن أبي سفيان، فقدم المدينة وعليها مروان بن الحكم، وكان عامل معاوية، فأقامه عتبة من مكانه وجلس فيه، لينفذ فيه أمر يزيد، فهرب مروان فلم يقدر عليه، وبعث عتبة إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال: إن أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له. فقال الحسين (عليه السلام): يا عتبة، قد علمت أنا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحق الذي أودعه الله عزوجل قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله عزوجل، ولقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا. فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين، من عتبة بن أبي سفيان. أما بعد، فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة ولا بيعة، فرأيك في أمره والسلام. فلما ورد الكتاب على يزيد (لعنه الله) كتب الجواب إلى عتبة: أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه وبين لي في كتابك كل من في طاعتي، أو خرج عنها، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي. فبلغ ذلك الحسين (عليه السلام)، فهم بالخروج من أرض الحجاز ألى أرض العراق، فلما أقبل الليل راح إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ليودع القبر، فلما وصل إلى القبر


(1) واربه: داهاه وخاتله وخادعه. (2) الخلطة: العشرة، وفي نسخة: خلة.

[ 217 ]

سطع له نور من القبر فعاد إلى موضعه، فلما كانت الليلة الثانية راح ليودع القبر، فقام يصلي فأطال، فنعس وهو ساجد، فجاءه النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في منامه، فأخذ الحسين (عليه السلام) وضمه إلى صدره، وجعل يقبل بين عينيه، ويقول: بأبي أنت، كأني أراك مرملا بدمك بين عصابة من هذه الامة، يرجون شفاعتي، مالهم عند الله من خلاق، يا بني إنك قادم على أبيك وامك وأخيك، وهم مشتاقون إليك، وإن لك في الجنة درجات لا تنالها إلا بالشهادة. فانتبه الحسين (عليه السلام) من نومه باكيا، فأتى أهل بيته، فأخبرهم بالرؤيا وودعهم، وحمل أخواته على المحامل وابنته وابن أخيه القاسم ابن الحسن بن علي (عليهم السلام)، ثم سار في أحد وعشرين رجلا من أصحابه وأهل بيته، منهم أبو بكر بن علي، ومحمد بن علي، وعثمان بن علي، والعباس بن علي، وعبد الله بن مسلم بن عقيل، وعلي بن الحسين الاكبر، وعلي بن الحسين الاصغر. وسمع عبد الله بن عمر بخروجه، فقدم راحلته، وخرج خلفه مسرعا، فأدركه في بعض المنازل، فقال: أين تريد يا بن رسول الله؟ قال: العراق. قال: مهلا إرجع إلى حرم جدك. فأبى الحسين (عليه السلام) عليه، فلما رأى ابن عمر إباءه قال: يا أبا عبد الله، اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبله منك. فكشف الحسين (عليه السلام) عن سرته، فقبلها ابن عمر ثلاثا وبكى، وقال: استودعك الله يا أبا عبد الله، فإنك مقتول في وجهك هذا. فسار الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فلما نزلوا الثعلبية (1) ورد عليه رجل يقال له: بشر بن غالب، فقال: يا بن رسول الله، أخبرني عن قول الله عزوجل: (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) (2). قال: إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، وهو قوله عزوجل: (فريق في الجنة


(1) الثعلبية: من منازل طريق مكة. (2) الاسراء: 17: 71.

[ 218 ]

وفريق في السعير) (1). ثم سار حتى نزل العذيب (2)، فقال فيها قائلة (3) الظهيرة، ثم انتبه من نومه باكيا، فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبه؟ فقال: يا بني، إنها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها، وإنه عرض لي في منامي عارض فقال: تسرعون السير، والمنايا تسير بكم إلى الجنة. ثم سار حتى نزل الرهيمة (4)، فورد عليه رجل من أهل الكوفة، يكنى أبا هرم، فقال: يا بن النبي، ما الذي أخرجك من المدينة؟ فقال: ويحك يا أبا هرم، شتموا عرضي فصبرت، وطلبوا مالي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وايم الله ليقتلني، ثم ليلبسنهم الله ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وليسلطن عليهم من يذلهم. قال: وبلغ عبيد الله بن زياد (لعنه الله) الخبر، وأن الحسين (عليه السلام) قد نزل الرهيمة، فأسرى إليه الحر بن يزيد في ألف فارس، قال الحر: فلما خرجت من منزلي متوجها نحو الحسين (عليه السلام) نوديت ثلاثا: يا حر أبشر بالجنة، فالتفت فلم أر أحدا، فقلت: ثكلت الحر أمه، يخرج إلى قتال ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويبشر بالجنة! فرهقه (5) عند صلاة الظهر، فأمر الحسين (عليه السلام) ابنه، فأذن وأقام، وقام الحسين (عليه السلام) فصلى بالفريقين جميعا، فلما سلم وثب الحر بن يزيد فقال: السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال الحسين (عليه السلام): وعليك السلام، من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا الحر بن يزيد. فقال: يا حر، أعلينا أم لنا؟ فقال الحر: والله يا بن رسول الله، لقد بعثت لقتالك، وأعوذ بالله أن أحشر من قبري وناصيتي مشدودة إلى (6)، ويدي


(1) الشورى 42: 7. (2) العذيب: ماء عن يمين القادسية، بينه وبين القادسية أربعة أميال. (3) أي نام القيلولة. (4) الرهيمة: ضيعة قرب الكوفة. (5) أي لحقه ودنا منه. (6) في نسخة: إلى رجلي.

[ 219 ]

مغلوقة إلى عنقي، وأكب على حر وجهي (1) في النار. يا بن رسول الله، أين تذهب؟ ارجع إلى حرم جدك، فإنك مقتول، فقال الحسين (عليه السلام): سأمضي فما بالموت عار على الفتى * * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * * وفارق مثبورا وخالف مجرما فإن مت لم أندم وإن عشت لم ألم * * كفى بك ذلا أن تموت وترغما ثم سار الحسين (عليه السلام) حتى نزل القطقطانة (2)، فنظر إلى فسطاط مضروب، فقال: لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لعبيد الله بن الحر الجعفي (3) فأرسل إليه الحسين (عليه السلام) فقال: أيها الرجل، إنك مذنب خاطئ وإن الله عزوجل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه، فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى. فقال: يا بن رسول الله، والله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك، ولكن هذا فرسي خذه إليك، فو الله ما ركبته قط وأنا أروم شيئا إلا بلغته، ولا أرادني أحد إلا نجوت عليه، فدونك فخذه. فأعرض عنه الحسين (عليه السلام) بوجهه، ثم قال: لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك، وما كنت متخذ المضلين عضدا، ولكن فر، فلا لنا ولا علينا، فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يجبنا، كبه الله على وجهه في نار جهنم. ثم سار حتى نزل كربلاء، فقال: أي موضع هذا؟ فقيل: هذا كربلاء يا بن رسول الله. فقال: هذا والله يوم كرب وبلاء، وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا، ويباح فيه حريمنا. فأقبل عبيد الله بن زياد بعسكره حتى عسكر بالنخيلة، وبعث إلى الحسين (عليه السلام) رجلا يقال له عمر بن سعد قائدة في أربعة آلاف فارس، وأقبل عبد الله بن الحصين التميمي في ألف فارس، يتبعه شبث بن ربعي في ألف فارس،


(1) الحر من الوجه: ما بدا من الوجنة. (2) القطقطانة: موضع قرب الكوفة. (3) في نسخة: عبد الله بن الحر الحنفي.

[ 220 ]

ومحمد بن الاشعث بن قيس الكندي أيضا في ألف فارس، وكتب لعمر بن سعد على الناس، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه. فبلغ عبيد الله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر (1) الحسين (عليه السلام) ويحدثه ويكره قتاله، فوجه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس، وكتب إلى عمر ابن سعد: إذا أتاك كتابي هذا، فلا تمهلن الحسين بن علي، وخذ بكظمه، وحل بين الماء وبينه، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار. فلما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد (لعنه الله)، أمر مناديه فنادى: إنا قد أجلنا حسينا وأصحابه يومهم وليلتهم، فشق ذلك على الحسين (عليه السلام) وعلى أصحابه، فقام الحسين (عليه السلام) في أصحابه خطيبا، فقال: اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحابا هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما قد ترون، وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وتفرقوا في سواده، فإن القوم إنما يطلبونني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري. فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فقال: يا بن رسول الله، ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيدنا وابن سيد الاعمام، وابن نبينا سيد الانبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برمح! لا والله أو نرد موردك، ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا مما لزمنا. وقام إليه رجل يقال له زهير بن القين البجلي، فقال: يا بن رسول الله، ووددت أني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين معك مائة قتلة، وإن الله دفع بي عنكم أهل البيت. فقال له ولاصحابه: جزيتم خيرا. ثم إن الحسين (عليه السلام) أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق، وأمر


(1) في نسخة: يسار.

[ 221 ]

فحشيت حطبا، وأرسل عليا ابنه (عليه السلام) في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليستقوا الماء، وهم على وجل شديد، وأنشأ الحسين (عليه السلام) يقول: يا دهر أف لك من خليل * * كم لك في الاشراق والاصيل من طالب وصاحب قتيل * * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الامر إلى الجليل * * وكل حي سالك سبيلي ثم قال لاصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم، وتوضؤوا واغتسلوا، واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم. ثم صلى بهم الفجر وعبأهم تعبئة الحرب، وأمر بحفيرته التي حول عسكره فأضرمت بالنار، ليقاتل القوم من وجه واحد. وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له، يقال له: ابن أبي جويرية المزني، فلما نظر إلى النار تتقد صفق بيده، ونادى: يا حسين وأصحاب حسين، أبشروا بالنار، فقد تعجلتموها في الدنيا! فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟ فقيل: ابن أبي جويرية المزني. فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا. فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار فاحترق. ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر، يقال له: تميم بن حصين الفزاري، فنادى: يا حسين ويا أصحاب حسين، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات؟ والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جرعا (1). فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟ فقيل: تميم بن حصين. فقال الحسين (عليه السلام): هذا وأبوه من أهل النار، اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. قال: فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه، فوطئته الخيل بسنابكها فمات. ثم أقبل رجل آخر من عسكر عمر بن سعد، يقال له محمد بن الاشعث به قيس الكندي، فقال: يا حسين بن فاطمة، أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك؟ فتلا الحسين (عليه السلام) هذه الآية (إن الله اصطفئ ادم ونوحا وءال إبراهيم وءال


(1) في نسخة: جزعا.

[ 222 ]

عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض) (1) الآية، ثم قال: والله إن محمدا لمن آل إبراهيم، وإن العترة الهادية لمن آل محمد. من الرجل؟ فقيل: محمد بن الاشعث بن قيس الكندي، فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه إلى السماء، فقال: اللهم أر محمد بن الاشعث ذلا في هذا اليوم، لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا. فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز، فسلط الله عليه عقربا فلدغته، فمات بادي العورة فبلغ العطش من الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له: برير بن خضير (2) الهمداني – قال إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث: هو خال أبي إسحاق الهمداني – فقال: يا بن رسول الله، أتأذن لي فاخرج إليهم، فأكلمهم. فأذن له فخرج إليهم، فقال: يا معشر الناس، إن الله عزوجل بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابنه. فقالوا: يا برير (3)، قد أكثرت الكلام فاكفف، فوالله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله. فقال الحسين (عليه السلام): اقعد يا برير (4). ثم وثب الحسين (عليه السلام) متوكئا على سيفه، فنادى بأعلى صوته، فقال: أنشدكم الله، هل تعرفوني؟ قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله وسبطيه. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد، أول نساء هذه الامة إسلاما؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عم أبي؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن جعفرا الطيار في الجنة عمي؟ قالوا: اللهم نعم. قال:


(1) آل عمران 3: 33، 34. (2) في نسخة: يزيد بن الحصين. (3) و (4) في نسخة: يزيد.

[ 223 ]

فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا متقلده؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا لابسها؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن عليا كان أولهم إسلاما، وأعلمهم علما، وأعظمهم حلما، وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فبم تستحلون دمي، وأبي الذائد عن الحوض غدا، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادي (1) عن الماء، ولواء الحمد في يدي جدي يوم القيامة؟ قالوا: قد علمنا ذلك كله، ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا. فأخذ الحسين (عليه السلام) بطرف لحيته، وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة، ثم قال: اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير بن الله، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح بن الله، واشتد غضب الله على المجوس حين عبدوا النار من دون الله، واشتد غضب الله على قوم قتلوا نبيهم، واشتد غضب الله على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم. قال: فضرب الحر بن يزيد فرسه، وجاز عسكر عمر بن سعد (لعنه الله) إلى عسكر الحسين (عليه السلام)، واضعا يده على رأسه، وهو يقول: اللهم إليك أنيب فتب علي، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك. يا بن رسول الله، هل لي من توبة؟ قال: نعم تاب الله عليك. قال: يا بن رسول الله، أتأذن لي فأقاتل عنك؟ فأذن له، فبرز وهو يقول: أضرب في أعناقكم بالسيف * * عن خير من حل بلاد الخيف فقتل منهم ثمانية عشر رجلا، ثم قتل، فأتاه الحسين (عليه السلام) ودمه يشخب، فقال: بخ بخ يا حر، أنت حر كما سميت في الدنيا والآخرة، ثم أنشأ الحسن (عليه السلام) يقول: لنعم الحر حر بني رياح * * ونعم الحر مختلف الرماح (2)


(1) أي العطشان. (2) منصوب على الظرفية، أي عند مختلف الرماح. وفي مقتل أبي مخنف: 124: صبور عند مشتبك الرماح.

[ 224 ]

ونعم الحر إذ نادى حسينا * * فجاد بنفسه عند الصباح ثم برز من بعده زهير بن القين البجلي، وهو يقول مخاطبا للحسين (عليه السلام): اليوم نلقى جدك النبيا * * وحسنا والمرتضى عليا فقتل منهم تسعة عشر رجلا، ثم صرع وهو يقول: أنا زهير وأنا ابن القين * * أذبكم بالسيف عن حسين ثم برز من بعده حبيب بن مظهر (1) * الاسدي (رضوان الله عليه)، وهو يقول: أنا حبيب وأبي مظهر * * لنحن أزكى منكم وأطهر ننصر خيرا الناس حين يذكر فقتل منهم أحدا وثلاثين رجلا ثم قتل (رضوان الله تعالى عليه). ثم برز من بعده عبد الله بن أبي عروة الغفاري وهو يقول: قد علمت حقا بنو غفار * * أني أذب في طلاب الثار بالمشرفي (2) والقنا (3) الخطار فقتل منهم عشرين رجلا ثم قتل (رحمه الله). ثم برز من بعده برير بن خضير الهمداني، وكان أقرأ أهل زمانه وهو يقول: أنا برير وأبي خضير * * لا خير فيمن ليس فيه خير فقتل منهم ثلاثين رجلا ثم قتل (رضوان الله عليه). ثم برز من بعده مالك بن أنس الكاهلي وهو يقول: قد علمت كاهلها ودودان * * والخندفيون وقيس عيلان


(1) في نسخة: مظاهر، وفي اخرى: مطهر، وضبطه العلامة في الخلاصة: 61: مظهر، وكذا ابن حجر في الاصابة 1: 373 / 1949، أما الشيخ الطوسي فقد ضبطه في الرجال: 72 / 1: مظاهر، وفي الكامل في التاريخ في عدة مواضع: مطهر. (2) المشارف: قرى من أرض اليمن، وقيل: من أرض العرب تدنو من الريف، والسيوف المشرفية منسوبة إليها. (3) القنا: جمع قناة، وهي الرمح، ورمح خطار: ذو اهتزاز.

[ 225 ]

بأن قومي قصم (1) الاقران * * يا قوم كونوا كأسود الجان آل علي شيعة الرحمن * * وآل حرب شيعة الشيطان فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثم قتل (رضوان الله عليه). وبرز من بعده زياد بن مهاصر (2) الكندي، فحمل عليهم، وأنشأ يقول: أنا زياد وأبي مهاصر * * أشجع من ليث العرين الخادر يا رب إني للحسين ناصر * * ولابن سعد تارك مهاجر فقتل منهم تسعة ثم قتل (رضوان الله عليه). وبرز من بعده وهب بن وهب، وكان نصرانيا أسلم على يدي الحسين (عليه السلام) هو وامه، فاتبعوه إلى كربلاء، فركب فرسا وتناول بيده عود الفسطاط، فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية، ثم استؤسر، فأتي به عمر بن سعد (لعنه الله) فأمر بضرب عنقه، فضربت عنقه، ورمي به إلى عسكر الحسين (عليه السلام) وأخذت أمه سيفه وبرزت، فقال لها الحسين (عليه السلام): يا أم وهب، اجلسي فقد وضع الله الجهاد عن النساء، إنك وابنك مع جدي محمد (صلى الله عليه وآله) في الجنة. ثم برز من بعده هلال بن حجاج وهو يقول: أرمي بها معلمة أفواقها (3) * * والنفس لا ينفعها إشفاقها فقتل منهم ثلاثة عشر رجلا ثم قتل (رضوان الله عليه). وبرز من بعده عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وأنشأ يقول: أقسمت لا أقتل إلا حرا * * وقد وجدت الموت شيئا مرا أكره أن أدعى جبانا فرا * * إن الجبان من عصى وفرا فقتل منهم ثلاثة ثم قتل (رضوان الله عليه ورحمته).


(1) القسم: من يحطم كل ما يلقاه. (2) في نسخة: مصاهر. (3) الافواق: جمع فوق، وهو مشق رأس السهم حيث يقع الوتر.

[ 226 ]

وبرز من بعده علي بن الحسين الاصغر (عليهما السلام)، فلما برز إليهم دمعت عين الحسين (عليه السلام) فقال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم ابن رسولك، وأشبه الناس وجها وسمتا به، فجعل يرتجز وهو يقول: أنا علي بن الحسين بن علي * * نحن وبيت الله أولى بالنبي أما ترون كيف أحمي عن أبي فقتل منهم عشرة، ثم رجع إلى أبيه، فقال: يا أبه العطش، فقال الحسين (عليه السلام): صبرا يا بني، يسقيك جدك بالكأس الاوفى. فرجع فقاتل حتى قتل منهم أربعة وأربعين رجلا، ثم قتل (صلى الله عليه). وبرز من بعده القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو يقول: لا تجزعي نفسي فكل فان * * اليوم تلقين ذرى الجنان فقتل منهم ثلاثة، ثم رمي عن فرسه (رضوان الله عليه وصلواته). ونظر الحسين (عليه السلام) يمينا وشمالا ولا يرى أحدا، فرفع رأسه إلى السماء، فقال: اللهم إنك ترى ما يصنع بولد نبيك. وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره، وخر عن فرسه، فأخذ السهم فرمى به، وجعل يتلقى الدم بكفه، فلما امتلات لطخ بها رأسه ولحيته وهو يقول: ألقى الله عز وجل وأنا مظلوم متلطخ بدمي. ثم خر على خده الايسر صريعا، وأقبل عدو الله سنان بن أنس الايادي، وشمر ابن ذي الجوشن العامري (لعنهما الله) في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين (عليه السلام)، فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون؟ أريحوا الرجل. فنزل سنان بن أنس الايادي (لعنه الله) وأخذ بلحية الحسين (عليه السلام) وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول: والله إني لاحتز رأسك، وأنا أعلم أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخير الناس أبا وأما. وأقبل فرس الحسين (عليه السلام) حتى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين (عليه السلام)، وجعل يركض ويصهل، فسمع بنات النبي (صلى الله عليه وآله) صهيله، فخرجن فإذا الفرس بلا راكب، فعرفن أن حسينا (صلى الله عليه) قد قتل، وخرجت أم كلثوم بنت


[ 227 ]

الحسين (عليه السلام) واضعة يدها على رأسها، تندب وتقول: وا محمداه، هذا الحسين بالعراء، قد سلب العمامة والرداء. وأقبل سنان (لعنه الله) حتى أدخل رأس الحسين بن علي (عليهما السلام) على عبيد الله ابن زياد (لعنه الله) وهو يقول: املا ركابي فضة وذهبا * * إني (1) قتلت الملك المحجبا قتلت خيرا الناس أما وأبا * * وخيرهم إذ ينسبون نسبا فقال له عبيد الله بن زياد: ويحك! فإن علمت أنه خير الناس أبا وأما، لم قتلته إذن؟! فأمر به فضربت عنقه، وعجل الله بروحه إلى النار، وأرسل ابن زياد (لعنه الله) قاصدا إلى أم كلثوم بنت الحسين (عليه السلام) فقال لها: الحمد لله الذي قتل رجالكم، فكيف ترون ما فعل بكم؟ فقالت: يا بن زياد، لئن قرت عينك بقتل الحسين (عليه السلام) فطالما قرت عين جده (صلى الله عليه وآله) به، وكان يقبله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه. يا ابن زياد، أعد لجده جوابا، فإنه خصمك غدا (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) في نسخة: أنا. (2) بحار الانوار 44: 310 / 1.

[ 228 ]

[ 31 ] المجلس الحادي والثلاثون في بقية المقتل، يوم الاحد وهو يوم عاشوراء، لعشر خلون من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 240 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي الجارود وابن بكير وبريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: أصيب الحسين بن علي (عليهما السلام) ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرون طعنة برمح أو ضمرة بسيف أو رمية بسهم، فروي أنها كانت كلها في مقدمه لانه (عليه السلام) كان لا يولي (1). 241 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن عبد الله بن الحسن المثنى، عن أمه فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، قالت: دخلت الغاغة (2) علينا الفسطاط، وأنا جارية صغيرة، وفي


(1) بحار الانوار 45: 82 / 7. (2) الغاغة: الكثير المختلط من الناس.

[ 229 ]

رجلي خلخالان من ذهب، فجعل رجلا يفض الخلخالين من رجلي وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك، يا عدو الله؟! فقال: كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله! فقلت: لا تسلبني. قال: أخاف أن يجئ غيري فيأخذه. قالت: وانتهبوا ما في الابنية حتى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا (1). 242 / 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى البصري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثني أبو نعيم، قال: حدثني حاجب عبيد الله بن زياد، أنه لما جيئ برأس الحسين (عليه السلام) أمر فوضع بين يديه في طست من ذهب، وجعل يضرب بقضيب في يده على ثناياه ويقول: لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله. فقال رجل من القوم: مه، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلثم حيث تضع قضيبك. فقال: يوم بيوم بدر. ثم أمر بعلي بن الحسين (عليه السلام) فغل، وحمل مع النسوة والسبايا إلى السجن، وكنت معهم، فما مررنا بزقاق إلا وجدناه ملئ رجالا ونساء، يضربون وجوههم ويبكون، فحبسوا في سجن وطبق (2) عليهم. ثم إن ابن زياد (لعنه الله) دعا بعلي بن الحسين (عليه السلام) والنسوة، وأحضر رأس الحسين (عليه السلام)، وكانت زينب بنت علي (عليه السلام) فيهم، فقال ابن زياد: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أحاديثكم. فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا، إنما يفضح الله الفاسق ويكذب الفاجر. قال: كيف رأيت صنع الله بكم أهل البيت؟ قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاكمون عنده. فغضب ابن زياد (لعنه الله) عليها، وهم بها، فسكن منه عمرو بن حريث، فقالت زينب: يا بن زياد، حسبك ما ارتكبت منا، فلقد قتلت رجالنا، وقطعت أصلنا، وأبحت حريمنا، وسبيت نساءنا وذرارينا، فإن كان ذلك للاشتفاء فقد


(1) بحار الانوار 45: 82 / 9. (2) في نسخة: وضيق.

[ 230 ]

اشتفيت. فأمر ابن زياد بردهم إلى السجن، وبعث البشائر إلى النواحي بقتل الحسين (عليه السلام). ثم أمر بالسبايا ورأس الحسين (عليه السلام) فحملوا إلى الشام، فلقد حدثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة: أنهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن على الحسين (عليه السلام) إلى الصباح، وقالوا: فلما دخلنا دمشق أدخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه، فقال أهل الشام الجفاة: ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء، فمن أنتم؟ فقالت سكينة بنت الحسين (عليه السلام): نحن سبايا آل محمد. فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا، وفيهم علي بن الحسين (عليهما السلام)، وهو يومئذ فتى شاب، فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام، فقال لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرن الفتنة. فلم يأل عن شتمهم، فلما انقضى كلامه، قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم. قال: أما قرأت هذه الآية (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (1)؟ قال: بلى. قال: فنحن أولئك. ثم قال: أما قرأت (وءات ذا القربى حقه) (2)؟ قال: بلى. قال: فنحن هم. قال: فهل قرأت هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3)؟ قال: بلى. قال: فنحن هم. فرفع الشامي يده إلى السماء، ثم قال: اللهم إني أتوب إليك. ثلاث مرات، اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد، ومن قتلة أهل بيت محمد، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم. ثم أدخل نساء الحسين (عليه السلام) على يزيد بن معاوية، فصحن نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله، وولو لن وأقمن المأتم، ووضع رأس الحسين (عليه السلام) بين يديه، فقالت سكينة: والله ما رأيت أقسى قلبا من يزيد، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرا منه


(1) الشورى 42: 23. (2) الاسراء 17: 26. (3) الاحزاب 33: 33.

[ 231 ]

ولا أجفى منه، وأقبل يقول وينظر إلى الرأس: ليت أشياخي ببدر شهدوا * * جزع الخزرج من وقع الاسل ثم أمر برأس الحسين (عليه السلام)، فنصب على باب مسجد دمشق، فروي عن فاطمة بنت على (عليه السلام)، أنها قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا أول شئ وألطفنا، ثم إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية. يعنيني، وكنت جارية وضيئة، فأرعبت وفرقت (1)، وظننت أنه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي، وهي أكبر مني وأعقل، فقالت: كذبت والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له. فغضب يزيد (لعنه الله) فقال: بل كذبت والله، لو شئت لفعلته. قالت: لا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا. فغضب يزيد (لعنه الله)، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا؟! إنما خرج من الدين أبوك وأخوك. فقالت: بدين الله ودين أخي وأبي وجدي اهتديت أنت وجدك وأبوك. قال: كذبت يا عدوة الله. قالت: أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه. قالت: فكأنه (لعنه الله) استحيى فسكت، فأعاد الشامي (لعنه الله) فقال يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية. فقال له: اغرب (2)، وهب الله لك حتفا قاضيا (3). 243 / 4 – حدثني بذلك محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي (صلوات الله عليهما): ثم إن يزيد (لعنه الله) أمر بنساء الحسين (عليه السلام) فحبسن مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في محبس لا يكنهم من حر ولا قر حتى تقشرت وجوههم، ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الارض إلا


(1) فرق: اشتد خوفه. (2) أي تنح وابعد، وفي نسخة: اعزب، وهي بمعناها. (3) بحار الانوار 45: 154 / 3.

[ 232 ]

وجد تحته دم عبيط، وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة، إلى أن خرج علي بن الحسين (عليهما السلام) بالنسوة، ورد رأس الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء (1). 244 / 5 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن الديلمي، وهو سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي (2)، قال: قال الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): لما ضرب الحسين بن علي (عليهما السلام) بالسيف، ثم ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من قبل رب العزة تبارك وتعالى من بطنان العرش، فقال: ألا أيتها الامة المتحيرة الضالة (3) بعد نبيها، لا وفقكم الله لاضحى ولا فطر. قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون أبدا حتى يقوم ثائر الحسين (عليه السلام). (4) وصلى الله على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين


(1) بحار الانوار 45: 140. (2) رواه في الكافي: عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، ورواه في الفقيه باسناده عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، فالظاهر وجود سقط، كما أن تفسير الديلمي بسليمان سهو، وصحيحه محمد بن سليمان كما في البحار 91: 134. (3) في نسخة: الظالمة. (4) الكافي 4: 170 / 3، من لا يحضره الفقيه 2: 114 / 488 و 489، بحار الانوار 45: 217 / 42، و 91: 134 / 1.

[ 233 ]

[ 32 ] المجلس الثاني والثلاثون يوم الثلاثاء الثاني عشر من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 245 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، عن أحمد ابن محمد بن عبد الله، عن عمرو بن زياد، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد هالله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء (1). 246 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن شعيب الصيرفي، عن الهيثم أبي كهمس، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: ست خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته: ولد صالح يستغفر له، ومصحف يقرأ منه، وقليب (2) يحفره، وغرس يغرسه، وصدقة


(1) من لا يحضره الفقيه 4: 284 / 749، بحار الانوار 2: 14 / 26، و 7: 226 / 144. (2) القليب: البئر.

[ 234 ]

ماء يجريه، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده (1). 247 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، قال: سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فيقدم لي مخدة (2)، ويعرف لي قدرا، ويقول لي: يا مالك، إني أحبك، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه. قال: وكان (عليه السلام) رجلا لا يخلو من ثلاث خصال: إما صائما، وإما قائما، وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اخضر مرة، واصفر أخرى، حتى ينكره من يعرفه. ولقد حججت معه سنة، فلما استوت به راحلته عند الاحرام كان كلما هم بالتلبية، انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخر من راحلته، فقلت: قل يا بن رسول الله، ولابد لك من أن تقول. فقال: يا بن أبي عامر، كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن يقول عز وجل لي: لا لبيك ولا سعديك (3)! 248 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد ابن زياد الازدي، عن مالك بن أنس، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): أعجب لمن يبخل بالدنيا وهي مقبلة عليه، أو يبخل عليها وهي مدبرة عنه، فلا الانفاق مع الاقبال يضره، ولا الامساك مع الا دبار ينفعه (4). 249 / 5 – قال مالك بن أنس: وسمعت الصادق (عليه السلام) يقول: قيل لامير


(1) الخصال: 323 / 9، بحار الانوار 71: 257 / 2، و 103: 64 / 3، و: 181 / 1. (2) المخدة: الوسادة. (3) الخصال: 167 / 219، علل الشرائع: 234 / 4، بحار الانوار 99: 181 / 1. (4) بحار الانوار 73: 300 / 3.

[ 235 ]

المؤمنين (عليه السلام): لم لا ت‍ شتري فرسا عتيقا (1)؟ قال: لا حاجة لي فيه، فأنا لا أفر ممن كر علي، ولا أكر على من فر مني (2). 250 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد الصائغ العدل، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الواحد، قال: حدثنا حرب بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (3) قام رجلان من مجلسهما، فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الانجيل؟ قال: لا. قالا فهو القرآن؟ قال: لا. قال: فأقبل أمير المؤمنين علي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو هذا، إنه الامام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شئ (4). 251 / 7 – حدثنا محمد بن هارون الزنجاني، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء (5)، قال: حدثنا جويرية (6)، عن سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن وهب، قال: وجدت في بعض كتب الله عز وجل: أن ذا القرنين لما فرغ من عمل السد انطلق على وجهه، فبينا هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي، فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من صلاته، فقال له ذو القرنين: كيف لم يرعوك ما حضرك من جنودي؟ قال: كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك، وأعز سلطانا، وأشد قوة، ولو صرفت وجهي إليك لم أدرك حاجتي قبله. فقال له ذو القرنين: هل لك في أن تنطلق معي فاواسيك بنفسي، وأستعين بك على بعض أمري؟ فقال:


(1) العتيق من الخيل: النجيب الاصيل. (2) بحار الانوار 41: 75 / 5. (3) يس 36: 12. (4) معاني الاخبار: 95 / 1، بحار الانوار 35: 427 / 2. (5) منسوب إلى الجد، فهو عبد الله بن محمد بن أسماء. انظر تهذيب التهذيب 6: 5 / 3. (6) في بعض النسخ: جويرية، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 16: 44.

[ 236 ]

نعم، إن ضمنت لي أربع خصال: نعيما لا يزول، وصحة لا سقم فيها، وشبابا لا هرم فيه، وحياة لا موت فيها. فقال له ذو القرنين وأي مخلوق يقدر على هذه الخصال! فقال الشيخ: فإني مع من يقدر عليها ويملكها وإياك. ثم مر برجل عالم، فقال لذي القرنين: أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله عز وجل قائمين، وعن شيئين جاريين، وعن شيئين مختلفين، وشيئين متباغضين؟ فقال له ذو القرنين: أما الشيئان القائمان فالسماوات والارض، وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر، وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار، وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة. فقال: انطلق فإنك عالم. فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتى مر بشيخ يقلب جماجم الموتى، فوقف عليه بجنوده، فقال، له أخبرني – أيها الشيخ – لاي شئ تقلب هذه الجماجم؟ قال: لاعرف الشريف من الوضيع، والغني من الفقير، فما عرفت، وإني لاقلبها منذ عشرين سنة، فانطلق ذو القرنين وتركه، وقال: ما عنيت بهذا أحدا غيري. فبينا هو يسير إذ وقع على الامة العالمة من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، فلما رآهم قال لهم: أيها القوم، أخبروني بخبركم، فإني قد درت الارض شرقها غربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ونورها وظلمتها، فلم ألق مثلكم، فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا: فعنا ذلك لئلا ننسي الموت، ولا يخرج ذكره من قلوبنا. قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا: ليس فينا لص ولا ظنين (1)، وليس فينا إلا أمين. قال: فما بالكم ليس عليكم أمراء؟ قالوا: لا نتظالم. قال: فما بالكم ليس بينكم حكام؟ قالوا: لا نختصم. قال: فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا: لا نتكاثر. قال: فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون؟ قالوا: من قبل أنا متواسون متراحمون. قال: فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا: من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا. قال: فما بالكم لا تستبون ولا تقتتلون؟ قالوا: من قبل أنا غلبنا طبائعنا


(1) أي متهم.

[ 237 ]

بالعزم، وسسنا أنفسنا بالحلم. قال: فما بالكم كلمتكم واحدة، وطريقتكم مستقيمة؟ قالوا: من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا. قال: فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير؟ قالوا: من قبل أنا نقسم بالسوية. قال: فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ؟ قالوا: من قبل الذل والتواضع. قال: فلم جعلكم الله عز وجل أطول الناس أعمارا؟ قالوا: من قبل أنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل. قال: فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا: من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار. قال: فما بالكم لا تحزنون؟ قالوا: من قبل أنا وطنا أنفسنا على البلاء فعزينا أنفسنا. قال: فما بالكم لا تصيبكم الآفات؟ قالوا: من قبل أنا لا نتوكل على غير الله عز وجل، ولا نستمطر بالانواء والنجوم. قال: فحدثوني أيها القوم، هكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا: وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم، ويواسون فقيرهم، ويعفون عمن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويستغفرون لمسيئهم، ويصلون أرحامهم، ويؤدون أمانتهم، ويصدقون ولا يكذبون، فأصلح الله لهم بذلك أمرهم. فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض، وكان له خمسمائة عام (1). 252 / 8 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزياز، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم بنو المصطلق من بني جذيمة، وكان بينهم وبين بني مخزوم إحنة (2) في الجاهلية، فلما ورد عليهم كانوا قد أطاعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأخذوا منه كتابا، فلما ورد عليهم خالد أمر مناديا فنادي بالصلاة فصلى وصلوا، فلما كانت صلاة الفجر أمر مناديه فنادى فصلى وصلوا، ثم أمر الخيل فشنوا فيهم الغارة، فقتل وأصاب، فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به


(1) علل الشرائع: 472 / 34، بحار الانوار 12: 175 / 2. (2) الاحنة: الحقد والضغن.

[ 238 ]

النبي (صلى الله عليه وآله)، وحدثوه بما صنع خالد بن الوليد، فاستقبل القبلة، ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. قال: ثم قدم على رسول الله تبر (1) ومتاع، فقال لعلي (عليه السلام): يا علي، أئت بني جذيمة من بني المصطلق، فأرضهم مما صنع خالد. ثم رفع (صلى الله عليه وآله) قدميه فقال: يا علي، اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك. فأتاهم علي (عليه السلام)، فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله، فلما رجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: يا علي، أخبرني بما صنعت. فقال: يا رسول الله، عمدت فأعطيت لكل دم دية، ولكل جنين غرة (2)، ولكل مال مالا، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة (3) كلابهم وحبلة (4) رعاتهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه و آله): يا علي، أعطيتهم ليرضوا عني، رضي الله عنك يا علي، إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (5). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين


(1) التبر: فتات الذهب أو الفضة قبل أن يصاغا. (2) قال الجزري: وفي الحديث: (أنه جعل في الجنين غرة عبدا أو أمة) الغرة: العبد نفسه أو الامة، وأصل الغرة: البياض الذي يكون في وجه الفرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرة: عبد أبيض أو أمة بيضاء، وسمي غرة لبياضه، فلا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء. وليس ذلك شرطا عند الفقهاء، وإنما الغرة عندهم ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والاماء. وإنما تجب الغرة في الجنين إذا سقط ميتا، فإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة. ” النهاية 3: 353 “. (3) الميلغة: الاناء الذي يلغ فيه الكلب. (4) الحبلة: الرسن، وبالتحريك: الجنين الساقط من الدوات والمواشي. (5) بحار الانوار 21: 142 / 5، و 104: 423 / 1.

[ 239 ]

[ 33 ] المجلس الثالث والثلاثون وهو يوم الجمعة النصف من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 253 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن علي الاسترابادي (1) رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبو يهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: (بسم الله الرحمن الرحيم) قال الله جل جلاله: بدأ عبدي باسمي، وحق علي أن أتمم له أموره. وابارك له في أحواله، فإذا قال: (الحمد لله رب العالمين) قال الله جل جلاله: حمدني عبدي وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي دفعت (2) عنه


(1) كذا، ورواه في العيون عن محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي، ويؤيد صحة ما في العيون سند الحديث الثالث. (2) في نسخة: رفعت.

[ 240 ]

فبتطولي، أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع (1) عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله جل جلاله: شهد لي بأني الرحمن الرحيم، أشهدكم لاوفرن من رحمتي حظه، ولاجزلن من عطائي نصيبه، فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله عز وجل: أشهدكم، كما اعترف لي أني أنا مالك يوم الدين، لاسهلن يوم الحساب حسابه، ولا تقبلن حسناته، ولا تجاوزن عن سيئاته، فإذا قال: (إياك نعبد) قال الله عز وجل: صدق عبدي إياي يعبد، أشهدكم لاثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: (وإياك نستعين) قال الله عز وجل: بي استعان وإلي التجأ، أشهدكم لاعيننه على أمره، ولاغيثنه في شدائده، ولآخذن بيده يوم نوائبه، فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم) (2) إلى آخر السورة، قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل، قد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمل، وآمنته مما منه وجل (3). 254 / 2 – وقيل لامير المؤمنين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن (بسم الله الرحمن الرحيم) أهي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأها ويعدها آية منه، ويقول: فاتحة الكتاب؟ هي السبع المثاني (4). 255 / 3 – حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه


(1) في نسخة: وارفع. (2) الفاتحة 1: 1 – 6. (3) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري: 58 / 30، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 300 / 59، بحار الانوار 85: 59 / 47، و 92: 226 / 3. (4) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري: 58 / 30، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 300 / 59، بحار الانوار 85: 59 / 47، و 92: 226 / 3.

[ 241 ]

الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن (بسم الله الرحمن الرحيم) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها (بسم الله الرحمن الرحيم) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني والقرءان العظيم) (1) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عزوجل خص محمدا وشرفه بها. ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان (عليه السلام)، فإنه أعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم)، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت (إنى ألقى إلى كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) (2)؟ ألا فمن قرأها معتقد لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لامرهما، مؤمنا بظاهرهما وباطنهما (3)، أعطاه الله عز وجل بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة، لا يذهبن أوانه، فتبقى في قلوبكم الحسرة (4). 256 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لما نزلت هذه الآية (وجائ يومئذ بجهنم) (5) سئل عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: أخبرني الروح الامين أن الله لا إله غيره، إذا جمع الاولين والآخرين أتي بجهنم تقاد بألف زمام، آخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ


(1) الحجر 15: 87. (2) النمل 27: 29، 30. (3) في نسخة: منقادا لامرهم، مؤمنا بظاهرها وباطنها. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 301 / 60، بحار الانوار 92: 227 / 5. (5) الفجر 89: 23.

[ 242 ]

الشداد، لها هدة (1) وتغيظ وزفير، وإنها لتزفر الزفرة، فلولا أن الله عز وجل أخرهم إلى الحساب لاهلكت الجمع، ثم يخرج منها عنق (2) يحيط بالخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عز وجل عبدا من عباده ملكا ولا نبيا إلا نادى: رب نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي: أمتي أمتي. ثم يوضع عليها صراط أدق من حد السيف، عليه ثلاث قناطر: أما واحدة فعليها الامانة والرحم، وأما الاخرى فعليها الصلاة، وأما الاخرى فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره، فيكلفون الممر عليه فتحبسهم الرحم والامانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين عز وجل، وهو قوله تبارك وتعالى: (إن ربك لبالمرصاد) (2). والناس على الصراط، فمتعلق، وقدم تزل، وقدم تستمسك والملائكة حولهم ينادون: يا حليم اغفر واصفح، وعد بفضلك وسلم، والناس يتهافتون فيها كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله عز وجل، نظر إليها فقال: الحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه وفضله، إن ربنا لغفور شكور (4). 257 / 5 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: الناس يمرون على الصراط طبقات، والصراط أدق من الشعر ومن حد السيف، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر حبوا، ومنهم من يمر مشيا، ومنهم من يمر


(1) الهدة: صوت وقوع الحائط ونحوه. (2) أي طائفة منها. (3) الفجر 89: 14. (4) تفسير القمي 2: 421، بحار الانوار 7: 125 / 1.

[ 243 ]

متعلقا، قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا (1). 258 / 6 – حدثنا أحمد بن زياد الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن الصادق جعفر ابن محمد (عليه السلام)، قال: إذا أراد الله عز وجل أن يبعث الخلق أمطر السماء على الارض أربعين صباحا، فاجتمعت الاوصال ونبتت اللحوم (2). 259 / 7 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا من شيعته بعد عهد طويل، وقد أثر السن فيه، وكان يتجلد في مشيته، فقال (عليه السلام): كبر سنك يا رجل. قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. فقال (عليه السلام): إنك لتتجلد؟ قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين. فقال (عليه السلام): أجد فيك بقية: قال: هي لك يا أمير المؤمنين (3). 260 / 8 – قال الريان بن الصلت: وأنشدني الرضا (عليه السلام) لعبد المطلب: يعيب الناس كلهم زمانا * * وما لزماننا عيب سوانا نعيب زماننا والعيب فينا * * ولو نطق الزمان بنا هجانا وإن الذئب يترك لحم ذئب * * ويأكل بعضنا بعضا عيانا (4) 261 / 9 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن القاسم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال:


(1) بحار الانوار 8: 1 / 64. (2) بحار الانوار 7: 33 / 1. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 302 / 61، بحار الانوار 42: 186 / 1. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 177 / 5، بحار الانوار 15: 125 / 64.

[ 244 ]

كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران (عليه السلام) خرج يقتبس لاهله نارا، فكلمه الله عز وجل فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان (عليه السلام)، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين (1). 262 / 10 – حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه (عليهما السلام): أن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حج حج ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور (2) بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا) إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شئ من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا. ولقد قبل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن علي بن أبي طالب، فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه. فدعاه فقال له: اصعد المنبر وتكلم بكلمات تعظنا بها. فقام (عليه السلام) فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنا ابن خير خلق الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا


(1) من لا يحضره الفقيه 4: 284 / 850، بحار الانوار 71: 134 / 9. (2) في نسخة: في النشور.

[ 245 ]

المدفوع عن حقي، أنا وأخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات. فقال له معاوية: يا أبا محمد، خذ في نعت الرطب ودع هذا. فقال (عليه السلام): الريح تنفخه، والحر ينضجه، والبرد يطيبه. ثم عاد (عليه السلام) في كلامه، فقال: أنا إمام خلق الله، وابن محمد رسول الله، فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن (1) به الناس، فقال: يا أبا محمد، انزل فقد كفى ما جرى، فنزل (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله.


(1) في نسخة: يفتن. (2) بحار الانوار 43: 331 / 1.

[ 246 ]

[ 34 ] المجلس الرابع والثلاثون مجلس يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 263 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثني محمد بن تسنيم، عن العباس بن عامر، عن ابن بكير، عن سلام بن غانم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من قم مسجدا (1) كتب الله له عتق رقبة، ومن أخرج منه ما يقذي عينا كتب الله عز وجل له كفلين (2) من رحمته (3). 264 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: بينا موسى بن عمران (عليه السلام) يناجي ربه عز وجل إذ رأى رجلا تحت ظل عرش


(1) أي كنسه. (2) أي ضعفين. (3) المحاسن: 56 / 87، بحار الانوار 83: 383 / 56.

[ 247 ]

الله عز وجل، فقال: يا رب، من هذا الذي قد أظله عرشك؟ فقال: هذا كان بار بوالديه، ولم يمش بالنميمة (1). 265 / 3 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (علهيم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عجب لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار (2)! 266 / 4 – حدثنا الحسين (3) بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري (4)، عن محمد بن علي، عن عيسى بن عبد الله العلوي العمري، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم ارحم خلفائي، ثلاثا. قيل: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يبلغون (5) حديثي وسنتي، ثم يعلمونها أمتي (6). 267 / 5 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن طلحة وإسماعيل بن جابر وعمار بن مروان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أن عيسى بن مريم (عليه السلام) توجه في بعض حوائجه ومعه ثلاثة نفر من أصحابه، فمر بلبنات ثلاث من ذهب على ظهر الطريق، فقال عيسى (عليه السلام) لاصحابه: إن هذا يقتل الناس. ثم مضى، فقال أحدهم: إن لي


(1) بحار الانوار 74: 65 / 30، و 75: 263 / 2. (2) بحار الانوار 73: 347 / 34. (3) في نسخة: الحسن. (4) زاد في نسخة: عن محمد بن حسان الرازي، انظر معجم رجال الحديث 15: 45. (5) في البحار: يتبعون. (6) بحار الانوار 2: 144 / 3.

[ 248 ]

حاجة. قال: فانصرف، ثم قال آخر: إن لي حاجة. فانصرف، ثم قال الآخر: لي حاجة. فانصرف، فوافوا عند الذهب ثلاثتهم، فقال اثنان لواحد: اشتر لنا طعاما. فذهب ليشتري لهما طعاما، فجعل فيه سما ليقتلهما كي لا يشاركاه في الذهب، وقال الاثنان: إذ جاء قتلناه كي لا يشاركنا. فلما جاء قاما إليه فقتلاه، ثم تغذيا فماتا، فرجع إليهم عيسى (عليه السلام) وهم موتى حوله، فأحياهم بإذن الله تعالى ذكره، ثم قال: ألم أقل لكم: إن هذا يقتل الناس؟! (1). 268 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن أبي الهزهاز، عن علي بن السري، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه (2). 269 / 7 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم (رحمه الله)، قال حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: درهم ربا أعظم عند الله من ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل خالة وعمة (3). 270 / 8 – حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا جندل بن والق، قال: حدثنا محمد ابن عمر المازني، عن عباد الكليبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن علي، عن أمه فاطمة بنت محمد (صلوات الله عليهم)، قالت: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشية عرفة فقال: إن الله تبارك وتعالى باهى


(1) بحار الانوار 14: 284 / 5. (2) الكافي 5: 84 / 4، التهذيب 6: 328 / 905، من لا يحضره الفقيه 3: 101 / 395، التوحيد: 402 / 8، بحار الانوار 93: 289 / 7. (3) بحار الانوار 103: 116 / 5.

[ 249 ]

بكم وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته وبعد موته، وأن الشقي كل الشقي حق الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد وفاته (1). 271 / 9 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو سعيد السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا عبد الله بن المثنى، عن عمه ثمامة بن عبد الله، عن أنس بن مالك، عن أمه، قالت: ما رأت فاطمة (عليهما السلام) دما في حيض ولا في نفاس (2). 272 / 10 – حدثنا أحمد بن زياد الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لما حضرت علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره، ثم قال: يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي (عليه السلام) حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به، فقال: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله (3). 273 / 11 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أربعين مرة في دبر كل صلاة فريضة قبل أن يثني رجليه، ثم سأل الله أعطي ما سأل (4). 274 / 12 – حدثنا أحمد بن محمد بن حمدان المكتب، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الصفار، قال: حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني، قال:


(1) بحار الانوار 27: 74 / 1. (2) بحار الانوار 43: 21 / 9. (3) الخصال: 16 / 59، بحار الانوار 75: 308 / 1، 2. (4) بحار الانوار 86: 21 / 19.

[ 250 ]

حدثنا يحيى بن المغيرة، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي، فأدخلني الجنة، وأجلسني على درنوك (1) من درانيك الجنة، فناولني سفرجلة، فانفلقت بنصفين، فخرجت منها حوراء كأن أشفار عينيها مقاديم (2) النسور، فقالت: السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد. فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، وأعلاي من الكافور، ووسطى من العنبر، وعجنت بماء الحيوان، قال الجليل: كوني، فكنت، خلقت لابن عمك ووصيك ووزيرك علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3). 275 / 13 – حدثنا الحسين بن علي بن شعيب الجوهري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا الفضل بن الصقر العبدي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الاعمش، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه خميصة (4) وقد اشتمل بها، فقيل: يا رسول الله، من كساك هذه القميصة؟ فقال: كساني حبيبي وصفيي، وخاصتي وخالصتي، والمؤدي عني، ووصيي ووارثي وأخي، وأول المؤمنين إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأسمح الناس كفا، سيد الناس بعدي، قائد الغر المحجلين، إمام أهل الارض علي بن أبي طالب، فلم يزل يبكي حتى ابتل الحصى من دموعه شوقا إليه (5). 276 / 14 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن


(1) الدرنوك: ماله خمل من بساط أو ثوب. (2) المقاديم: الريش الذي في مقدم جناح الطائر، وتسمى القوادم أيضا. (3) بحار الانوار 18: 332 / 35، و 40: 4 / 8. (4) المخميصة: كساء أسود مربع له علمان. (5) بحار الانوار 38: 96 / 13.

[ 251 ]

إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبو الصلت عبد السلام بن صالح، قال: حدثني محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن حبيب بن الجهم، قال: لما رحل بنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بلاد صفين، نزل بقرية يقال لها صندوداء، ثم أمرنا فعربنا عنها، ثم عرس (1) بنا في أرض بلقع (2)، فقام إليه مالك بن الحارث الاشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، أتنزل الناس على غير ماء! فقال: يا مالك، إن الله عز وجل سيسقينا في هذا المكان ماء أعذب من الشهد، وألين من الزبد الزلال، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فتعجبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم أقبل يجر رداءه، وبيده سيفه، حتى وقف على أرض بلقع، فقال: يا مالك، احتفر أنت وأصحابك. فقال مالك: احتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة، فيها حلقة تبرق كاللجين (3)، فقال لنا: روموها، فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها، فدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) رافعا يده إلى السماء يدعو، وهو يقول: طاب طاب مريا عالم طيبوا ثابوثه شمثيا (4) كوبا حاحانو ثاتو ديثابر حوثا، آمين آمين رب العالمين، رب موسى وهارون، ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعا. قال مالك بن الحارث الاشتر: فظهر لنا ماء أعذب من الشهد، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فشربنا وسقينا، ثم رد الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب، ثم ارتحل، فما سرنا إلا غير بعيد، قال: من منكم يعرف موضع العين؟ فقلنا: كلنا، يا أمير المؤمنين. فرجعنا فطلبنا العين فخفي مكانها علينا أشد خفاء، فظننا أن أمير


(1) عرس المسافرون: نزلوا آخر الليل للراحة. (2) أي خالية من كل شئ. (3) اللجين: الفضة. (4) في نسخة: شتميا، وفي اخرى: شميتا.

[ 252 ]

المؤمنين (عليه السلام) قد رهقه العطش، فأومأنا بأطرافنا، فإذا نحن بصومعة (1) راهب فدنونا منها، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقلنا: يا راهب، عندك ماء نسقي منه صاحبنا. قال: عندي ماء قد استعذبته منذ يومين. فأنزل إلينا ماء مرا خشنا (2)، فقلنا: هذا قد استعذبته منذ يومين! فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا؟ وحدثناه بالامر، فقال: صاحبكم هذا نبي؟ قلنا: لا، ولكنه وصي نبي. فنزل إلينا بعد وحشته منا، وقال: انطلقوا بي إلى صاحبكم. فانطلقنا به، فلما بصر به أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: شمعون؟ قال الراهب: نعم شمعون، هذا اسم سمتني به أمي، ما أطلع عليه أحد إلا الله تبارك وتعالى، ثم أنت، فكيف عرفته، فأتم حتى أتمه لك؟ قال: وما تشاء يا شمعون؟ قال: هذا العين واسمه. قال: هذا عين راحوما وهو من الجنة، شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيا وأنا آخر الوصيين شربت منه. قال الراهب: هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي محمد (صلى الله عليه وآله). ثم رحل أمير المؤمنين (عليه السلام) والراهب يقدمه حتى نزل صفين، ونزل معه بعابدين (3) والتقى الصفان، فكان أول من أصابته الشهادة الراهب، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) وعيناه تهملان وهو يقول: المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة، ورفيقي في الجنة (4). 277 / 15 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا الفضل بن الصقر العبدي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن سليمان بن مهران الاعمش، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال:


(1) الصومعة: متعبد الناسك، وبيت العبادة عند النصارى. (2) في نسخة: خشينا. (3) في نسخة: بعاندين. (4) بحار الانوار 33: 39 / 381.

[ 253 ]

نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه، وبنا يمسك الارض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة، ويخرج بركات الارض، ولولا ما في الارض منا لساخت بأهلها. قال (عليه السلام): ولم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب (1). 278 / 16 – وأنشدنا الشيخ الجليل أبو جعفر لبعضهم: العالم العاقل ابن نفسه * * أغناه جنس علمه عن جنسه كم بين من تكرمه لغيره * * وبين من تكرمه لنفسه (2) وصلى الله على رسوله محمد المصطفى وآله الطاهرين وسلم تسليما


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 207 / 22، بحار الانوار 23: 5 / 10. (2) بحار الانوار 2: 14.

[ 254 ]

[ 35 ] المجلس الخامس والثلاثون مجلس يوم الجمعة الثاني والعشرين من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 279 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا محمد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله، وأنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران (عليه السلام)؟ فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) ساعة، ثم قال: نعم، أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين. قالوا: إلى من، إلى العرب، أم إلى العجم، أم إلينا؟ فأنزل الله عزوجل هذه الآية (قل) يا محمد (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) (1). قال اليهودي الذي كان أعلمهم: يا محمد، إني أسألك عن عشر كلمات أعطى


(1) الاعراف 7: 158.

[ 255 ]

الله عزوجل موسى بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه، لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب. قال النبي (صلى الله عليه وآله): سلني. قال: أخبرني – يا محمد – عن الكلمات التي اختارهن الله لابراهيم حيث بنى البيت. قال: النبي (صلى الله عليه وآله): نعم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. قال اليهودي: فبأي شئ بنى هذه الكعبة مربعة؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): بالكلمات الاربع. قال: لاي شئ سميت الكعبة؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): لانها وسط الدنيا. قال اليهودي: أخبرني عن تفسير: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. قال النبي (صلى الله عليه وآله): علم الله عزوجل أن بني آدم يكذبون على الله، فقال: سبحان الله، تبريا مما يقولون، وأما قوله: الحمد لله، فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته، فحمد نفسه قبل أن يحمدوه، وهو أول الكلام، لو لا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته، وقوله: لا إله إلا الله، يعني وحدانيته، لا يقبل الله الاعمال إلا بها، وهي كلمة التقوى، ويثقل الله بها الموازين يوم القيامة، وأما قوله: والله أكبر، فهي كلمة أعلى الكلمات وأحبها إلى الله عزوجل، يعني أنه ليس شئ أكبر مني، لاتفتتح الصلوات إلا بها لكرامتها على الله وهو الاسم الاكرم. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء قائلها؟ قال (صلى الله عليه وآله): إذا قال العبد: سبحان الله، سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: الحمد لله، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله، وذلك قوله عزوجل: (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وءاخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (1). وأما قوله: لا إله


(1) يونس 10: 10.

[ 256 ]

إلا الله، فالجنة جزاؤه، وذلك قوله عزوجل: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) (1) يقول: هل جزاء لا إله إلا الله إلا الجنة. فقال اليهودي: صدقت يا محمد، قد أخبرت واحدة، فتأذن لي أن أسألك الثانية. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): صلني عما شئت، وجبرئيل عن يمين النبي (صلى الله عليه وآله): وميكائيل عن يساره يلقنانه، فقال اليهودي: لاي شئ سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما محمد فإني محمود فإني في الارض، وأما أحمد فإني محمود في السماء، وأما أبو القاسم فإن الله عزوجل يقسم يوم القيامة قسمة النار، فمن كفر بي من الاولين والآخرين ففي النار، ويقسم قسمة الجنة، فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة، وأما الداعي فإني أدعوا الناس إلى دين ربي، وأما النذير فإني أنذر بالنار من عصاني، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الله عزوجل، لاي شئ وقت هذه الخمس صلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الشمس إذا طلعت عند الزوال، لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس، فيسبح كل شئ دون العرش لوجه ربي، وهي الساعة التي يصلي علي فيها ربي، ففرض الله عزوجل علي وعلى أمتي فيها الصلاة، وقال: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) (2) وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عزوجل جسده على النار. وأما صلاة العصر، فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة، فأخرجه الله من الجنة، فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة، واختارها لامتي، فهي من أحب


(1) الرحمن 55: 60. (2) الاسراء 17: 78.

[ 257 ]

الصلوات إلى الله عزوجل، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات. وأما صلاة المغرب، فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم، وكان بين ما أكل من الشجرة، وبين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة، من وقت صلاة العصر إلى العشاء، فصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته، وركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، فافترض الله عزوجل هذه الثلاث ركعات على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها، وهذه الصلاة التي أمرني بها ربي عزوجل، فقال (سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) (1). وأما صلاة العشاء الآخرة، فإن للقبر ظلمة، وليوم القيامة ظلمة، أمرني الله وأمتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت، لتنور لهم القبور، وليعطوا النور على الصراط، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله جسدها على النار، وهي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي. وأما صلاة الفجر، فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان، فأمرني الله عزوجل أن أصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، وقبل أن يسجد لها الكافر، فتسجد أمتي لله، وسرعتها أحب إلى الله، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني لاي شئ توضأ هذه الجوارح الاربع، وهي أنظف المواضع في الجسد؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): لما أن وسوس الشيطان إلى آدم، ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها، ذهب ماء وجهه، ثم قام، وهو أول قدم مشت إلى الخطيئة، ثم تناول بيده، ثم مسها فأكل منها، فطار الحلي والحلل عن جسده، ثم وضع يده على أم رأسه وبكى، فلما تاب الله عز وجل عليه، فرض الله عز وجل عليه وعلى ذريته الوضوء


(1) الروم 30: 17.

[ 258 ]

على هذه الجوارح الاربع، وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة، وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة، ثم سن على أمتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء عاملها؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان، فإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة، فإذا استنشق آمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنة، فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار، وإذا مسح رأسه مسح الله عنه سيئاته، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الاقدام. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الخامسة، لاي شئ أمر الله بالاغتسال من الجنابة، ولم يمر من البول والغائط؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن آدم لما آكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره، فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة، فأوجب الله على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله، فعليهم منهما الوضوء. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه، وتنزل الرحمة، فإذا اغتسل بنى الله له بكل قطرة بيتا في الجنة، وهو سر فيما بين الله وبين خلقه – يعني الاغتسال من الجنابة -. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني عن السادسة، عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة، أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده. قال النبي (صلى الله عليه وآله): فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقر لي؟ قال اليهودي:


[ 259 ]

نعم يا محمد. قال: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أول ما في التوراة مكتوب محمد رسول الله، وهي بالعبرانية: طاب، ثم تلا رسول الله هذه الآية (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل) * (1)، و * (مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) (2)، وفي السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والثالث والرابع سبطي الحسن والحسين، وفي السطر الخامس أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين، وفي التوراة اسم وصيي أليا، واسم سبطي شبر وشبير، وهما نورا فاطمة. فقال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني عن فضلكم أهل البيت. قال النبي (صلى الله عليه وآله): لي فضل على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة، وأنا أخرت دعوتي لامتي لاشفع لهم يوم القيامة، وأما فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شئ، وبه حياة كل شئ وحب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين، وتلا رسول الله هذه الآية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (3) إلى آخر الآية. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني بالسابع: ما فضل الرجال على النساء؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): كفضل السماء على الارض، وكفضل الماء على الارض، فبالماء تحيا الارض، وبالرجال تحيا النساء، لولا الرجال ما خلق النساء، لقول الله عز وجل: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) (4). قال اليهودي: لاي شئ كان هكذا؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): خلق الله عز وجل آدم من طين، ومن فضلته وبقيته


(1) الاعراف 7: 157. (2) الصف 61: 6. (3) المائدة 5: 3. (4) النساء 4: 34.

[ 260 ]

خلقت حواء، وأول من أطاع النساء آدم فأنزله الله من الجنة، وقد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن ولا يمكنهن العبادة من القذارة، والرجال لا يصيبهم شئ من الطمث! قال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني لاي شئ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض على الامم أكثر من ذلك؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله عز وجل على امتي ذلك، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياما معدودات) (1). قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال: أولها: يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله، والثالثة: يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم، والرابعة: يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة: أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة: يعطيه الله براءة من النار، والسابعة: يطعمه الله من ثمرات الجنة. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن التاسعة، لاي شئ أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن العصر هي الساعة التي عصى فيها آدم ربه، ففرض الله عز وجل على امتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إليه، وتكفل لهم بالجنة، والساعة التي ينصرف فيها الناس هي الساعة التي تلقى فيها آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم.


(1) البقرة 2: 183، 184.

[ 261 ]

ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا، إن لله بابا في السماء الدنيا يقال له: باب الرحمة، وباب التوبة، وباب الحاجات، وباب التفضل، وباب الاحسان، وباب الجود، وباب الكرم، وباب العفو، ولا يجتمع بعرفات أحد إلا استأهل من الله في ذلك الوقت هذه الخصال، وإن لله عز وجل مائة ألف ملك، مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك، ولله رحمة على أهل عرفات ينزلها على أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله ملائكته بعتق أهل عرفات من النار، وأوجب الله عز وجل لهم الجنة، ونادى مناد: انصرفوا مغفورين، فقد أرضيتموني ورضيت عنكم. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فأخبرني عن العاشرة، عن سبع خصال أعطاك الله من بين النبيين، وأعطى امتك من بين الامم. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أعطاني الله عز وجل فاتحة الكتاب، والاذان، والجماعة في المسجد، ويوم الجمعة، والاجهار في ثلاث صلوات، والرخصة لامتي عند الامراض والسفر، والصلاة على الجنائز، والشفاعة لاصحاب الكبائر من أمتي. قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت من السماء، فيجزى بها ثوابها، وأما الاذان فإنه يحشر المؤذنون من أمتي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأما الجماعة فإن صفوف امتي كصفوف الملائكة في السماء، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة، كل ركعة أحب إلى الله عز وجل من عبادة أربعين سنة، وأما يوم الجمعة فيجمع الله فيه الاولين والآخرين للحساب، فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلا خفف الله عز وجل عليه أهوال يوم القيامة ثم يأمر به إلى الجنة، وأما الاجهار فإنه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته، ويجوز على الصراط، ويعطى السرور حتى يدخل الجنة، وأما السادس فإن الله عز وجل يخفف أهوال يوم القيامة لامتي، كما ذكر الله عز وجل في القرآن، وما من مؤمن يصلي على الجنائز إلا أوجب الله له الجنة، إلا أن يكون منافقا أو عاقا، وأما شفاعتي فهي لاصحاب الكبائر، ما خلا أهل الشرك والظلم!


[ 262 ]

قال: صدقت يا محمد وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين. فلما أسلم وحسن إسلامه أخرج رقا أبيض، فيه جميع ما قال النبي (صلى الله عليه وآله)، وقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق نبيا، ما استنسختها إلا من الالواح التي كتبها الله عز وجل لموسى بن عمران (عليه السلام)، ولقد قرأت في التوراة فضلك حتى شككت فيها يا محمد، ولقد كنت أمحو اسمك منذ أربعين سنة من التوراة، كلما محوته وجدته مثبتا فيها، ولقد قرأت في التوراة أن هذه المسائل لا يخرجها غيرك، وأن في الساعة التي ترد عليك فيها هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك، وميكائيل عن يسارك، ووصيك بين يديك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدقت، هذا جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، ووصيي علي بن أبي طالب (عليه السلام) بين يدي، فآمن اليهودي وحسن إسلامه (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين


(1) الخصال: 355 / 36 ” قطعة منه “، الاختصاص: 33 ” نحوه “، بحار الانوار 9: 294 / 5.

[ 263 ]

[ 36 ] المجلس السادس والثلاثون مجلس يوم الثلاثاء السادس والعشرين من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة 280 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود (عليه السلام) ما لي أراك وحدانا؟ قال: هجرت الناس وهجروني فيك. قال: فما لي أراك ساكتا؟ قال: خشيتك أسكتتني. قال: فما لي أراك نصبا (1)؟ قال: حبك أنصبني. قال: فما لي أراك فقيرا وقد أفدتك؟ قال: القيام بحقك أفقرني. قال: فما لي أراك متذللا؟ قال: عظيم جلالك الذي لا يوصف ذللني، وحق ذلك لك يا سيدي. قال الله جل جلاله: فأبشر بالفضل مني، فلك ما تحب يوم تلقاني، خالط الناس، وخالقهم بأخلاقهم، وزايلهم في أعمالهم، تنل ما تريد مني يوم القيامة. وقال الصادق (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام): يا داود، بي


(1) النصب: التعب.

[ 264 ]

فافرح، وبذكر فتلذذ، وبمناجاتي، فتنعم، فعن قريب أخلي الدار من الفاسقين، وأجعل لعنتي على الظالمين (1). 281 / 2 – قال يونس بن ظبيان: وحدثني الصادق: عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: لما أراد الله تبارك وتعالى قبض روح إبراهيم (عليه السلام)، أهبط إليه ملك الموت، فقال: السلام عليك يا أبراهيم. قال: وعليك السلام يا ملك الموت: أداع أم ناع؟ قال: بل داع يا إبراهيم. فأجب. قال إبراهيم (عليه السلام): فهل رأيت خليلا يميت خليله؟ قال: فرجع ملك الموت حتى وقف بين يدي الله جل جلاله، فقال: إلهي قد سمعت ما قال خليلك إبراهيم. فقال الله جل جلاله: يا ملك الموت، اذهب إليه وقل له: هل رأيت حبيبا يكره لقاء حبيبه؟ إن الحبيب يحب لقاء حبيبه (2). 282 / 3 – حدثنا أحمد بن محمد الصائغ العدل، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيع الخزاز، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن معروف بن خربوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حذيفة، إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، والشرك به شرك بالله، والشك فيه شك في الله، والالحاد فيه إلحاد في الله، والانكار له إنكار لله، والايمان به إيمان بالله، لانه أخو رسول الله، ووصيه، وإمام امته ومولاهم، وهو حبل الله المتين، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها، وسيهلك فيه اثنان ولا ذنب له: محب غال، ومقصر. يا حذيفة: لا تفارقن عليا فتفارقني، ولا تخالفن عليا فتخالفني، إن عليا مني


(1) قصص الانبياء للراوندي: 199 / 254، بحار الانوار 14: 34 / 3. (2) علل الشرائع: 36 / 9، بحار الانوار 12: 78 / 7.

[ 265 ]

وأنا منه، من أسخطه فقد أسخطني، ومن أرضاه فقد أرضاني (1). 283 / 4 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: إن موسى بن عمران (عليه السلام) قال: يا رب، رضيت بما قضيت، تميت الكبير وتبقي الطفل الصغير، فقال الله جلاله: يا موسى، أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا؟ قال: بلى يا رب، فنعم الوكيل أنت، ونعم الكفيل (2). 284 / 5 – حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن بن عيسى، عن يونس بن ظبيان، قال: قال الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس، فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد الذي يطير في أرض القفار، ويأكل من رؤوس الاشجار، ويشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل أوى وحده، ولم يأو مع الطيور، استأنس بربه واستوحش من الطيور (3). 285 / 6 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن سلام بن غانم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله، مائة مرة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن استغفر حين يأوي إلى فراشه مائة مرة تحاتت ذنوبه كما يسقط


(1) بحار الانوار 38: 97 / 14. (2) بحار الانوار 71: 134 / 10. (3) بحار الانوار 70: 108 / 1.

[ 266 ]

ورق الشجر (1). 286 / 7 – قال الحسين بن سيف: حدثني أخي علي بن سيف، عن أبيه سيف ابن عميرة، عن الحسن بن الصباح، قال: حدثني أنس بن مالك، عن النبي (صلى الله عليه وآله): قال: كل جبار عنيد من أبى أن يقول لا إله إلا الله (2). 287 / 8 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمد، عن عمران الزعفراني، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: ما من رجل دعا فختم دعاءه يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، إلا اجيب صاحبه (3). 288 / 9 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إن ملكا من الملائكة مر برجل قائم على باب دار، فقال له الملك: يا عبد الله، ما يقيمك على باب هذه الدار؟ قال: أخ لي فيها، أردت أن اسلم عليه. فقال الملك: هل بينك وبينه رحم ماسة، أو نزعتك إليه حاجة؟ قال: فقال: لا، ما بيني وبينه قرابة، ولا نزعتني إليه حاجة إلا أخوة الاسلام وحرمته، وأنا أتعاهده واسلم عليه في الله رب العالمين. فقال الملك: إني رسول الله إليك، وهو يقرئك السلام ويقول: إنما إياي أردت، ولي تعاهدت، وقد أوجبت لك الجنة، واعفيتك من غضبي، وأجرتك من النار (4). 289 / 10 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن


(1) ثواب الاعمال: 4، الخصال: 594 / 6، بحار الانوار 87: 175. (2) ثواب الاعمال: 6، التوحيد: 20 / 9، بحار الانوار 3: 5 / 11، و 93: 192 / 1. (3) ثواب الاعمال: 9، بحار الانوار 93: 308 / 6، وفي ثواب الاعمال: اجيبت حاجته. (4) ثواب الاعمال: 171، الاختصاص: 224 ” نحوه ” أمالي الطوسي: 596 / 1236 ” نحوه “، بحار الانوار 74: 351 / 19، و: 354 / 30.

[ 267 ]

عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني أبي، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم جل جلاله وتقدست أسماؤه: يا أهل معصيتي، لولا من فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي، والمستغفرين بالاسحار خوفا مني، لانزلت بكم عذابي ثم لا أبالي (1). 290 / 11 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن (2). 291 / 12 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع، عن أبيه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين سيد العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أبيه علي بن أبي طالب سيد الاوصياء (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى علي ولم يصل على آلي، لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام (3). 292 / 13 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن أبي الصهبان، جميعا، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: إن أعرابيا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرج إليه


(1) علل الشرائع: 522 / 3، بحار الانوار 74: 390 / 1. (2) الخصال: 47 / 49، بحار الانوار 71: 259 / 1. (3) بحار الانوار 94: 56 / 29.

[ 268 ]

في رداء ممشق (1)، فقال: يا محمد، لقد خرجت إلي كأنك فتى! فقال (صلى الله عليه وآله): نعم يا أعرابي، أنا الفتى بن الفتى أخو الفتى. فقال: يا محمد، أما الفتى فنعم، فكيف ابن الفتى، وأخو الفتى؟ فقال (صلى الله عليه وآله): أما سمعت الله عز وجل يقول: (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) (2) فأنا ابن إبراهيم، وأما أخو الفتى فإن مناديا نادى من السماء يوم أحد: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي، فعلي أخي وأنا أخوه (3). 293 / 14 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن يحيى بن أبي القاسم، عن الصادق جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: كتب رجل إلى الحسين بن علي (عليه السلام): يا سيدي، أخبرني بخير الدنيا والآخرة. فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإنه من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس، ومن طلب رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام (4). 294 / 15 – حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني يحيى بن الحسين (5) بن جعفر، قال: حدثني شيخ من أهل اليمن يقال له عبد الله بن محمد، قال: سمعت عبد الرزاق يقول: جعلت جارية لعلي بن الحسين (عليهما السلام) تسكب الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة، فسقط الابريق من يد الجارية على وجهه فشجه، فرفع علي


(1) الممشق: المصبوغ بالمشق، أي المغرة، وهي لون يميل إلى الحمرة. (2) الانبياء 21: 60. (3) معاني الاخبار: 119 / 1، بحار الانوار 42: 64 / 6. (4) بحار الانوار 71: 371 / 3. (5) كذا في النسخ، والظاهر الحسن، إذ أكثر روايات الحسن بن محمد بن يحيى هي عند جده يحيى بن الحسن ابن جعفر.

[ 269 ]

ابن الحسين (عليهما السلام) رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله عز وجل يقول: (والكاظمين الغيظ). فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت: (والعافين عن الناس). قال: قد عفا الله عنك. قالت: (والله يحب المحسنين) (1). قال: اذهبي فأنت حرة (2). 295 / 16 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لي: اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس، وأرض بقسم الله تكن أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما (3). 296 / 17 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: إن أول درهم ودينار ضربا في الارض نظر إليهما إبليس، فلما عاينهما أخذهما فوضعهما على عينيه، ثم ضمهما إلى صدره، ثم صرخ صرخة، ثم ضمهما إلى صدره، ثم قال: أنتما قرة عيني وثمرة فؤادي، ما أبالي من بني آدم إذا أحبوكما أن لا يعبدوا وثنا، وحسبي من بني آدم أن يحبوكما (4). 297 / 18 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن


(1) آل عمران 3: 34. (2) بحار الانوار 46: 67 / 36، و 71: 413 / 30، و 80: 329 / 1. (3) أمالي المفيد: 350 / 1، أمالي الطوسي: 120 / 187، بحار الانوار 69: 368 / 4، و 71: 206 / 12، و 77: 114 / 6. (4) بحار الانوار 73: 137 / 3.

[ 270 ]

مهران، عن عبيس بن هشام، عن غير واحد، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستجر به الملوك وأستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، وأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره، وقام به في مساجده، وتجافى به عن فراشه، فبأولئك يدفع الله عز وجل البلاء، وبأولئك يديل الله من الاعداء، وبأولئك ينزل الله الغيث من السماء، والله لهؤلاء في قراءة القرآن أعز من الكبريت الاحمر (1). 298 / 19 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك ابن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف عليه، فقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب ثمرا وأبقى إنفاقا؟ قال: بلى، فداك أبي وامي يا رسول الله. فقال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. فإن لك بذلك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهن من الباقيات الصالحات (2). قال: فقال الرجل: أشهدك يا رسول الله، أن حائطي هذه صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين من أهل الصفة (3)، فأنزل الله تبارك وتعالى: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) (4).


(1) بحار الانوار 92: 178 / 4. (2) المحاسن: 37 / 38. (3) الصفة: مكان مظلل في مسجد المدينة، كان يأوي إليه فقراء المهاجرين ويرعاهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وهم أهل الصفة. (4) الكافي 2: 367 / 4، بحار الانوار 22: 122 / 90، و 86: 257 / 27، 93: 167 / 2، والآية في سورة الليل 92: 5 – 7.

[ 271 ]

299 / 20 – حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله) قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن علي بن عثمان، عن محمد بن الفرات، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفة الله وخليفتي، وحجة الله وحجتي، وباب الله وبابي، وصفي الله وصفيي، وحبيب الله وحبيبي، وخليل الله وخليلي، وسيف الله وسيفي، وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، ووليه وليي، وعدوه عدوي، وحربه حربي وسلمه سلمي، وقوله قولي، وأمره أمري، وزوجته ابنتي، وولده ولدي، وهو سيد الوصيين، وخير أمتي أجمعين (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بشارة المصطفى: 31، بحار الانوار 38: 137 / 96.

[ 272 ]

[ 37 ] المجلس السابع والثلاثون مجلس يوم الجمعة سلخ المحرم من سنة ثمان وستين وثلاثمائة 300 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمر، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما مضى لعيسى (عليه السلام) ثلاثون سنة، بعثه الله عز وجل إلى بني إسرائيل، فلقيه إبليس (لعنه الله) على عقبة بيت المقدس، وهي عقبة أفيق (1)، فقال الله يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أن تكونت من غير أب؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي كونني، وكذلك كون آدم وحواء. قال إبليس: يا عيسى، فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا؟ قال عيسى (عليه السلام): يا إبليس. بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لابكمني.


(1) أفيق: قرية من حوران في طريق الغور في أول العقبة المعروفة بعقبة أفيق، والعامة تقول: فيق ” معجم البلدان 1: 233 “.

[ 273 ]

قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير، فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي. قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشقي المرضى؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم، وإذا شاء أمرضني. قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي بإذنه أحييهم، ولا بد من أن يميت ما أحييت، ويميتني. قال إبليس: يا عيسى، فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تعبر البحر فلا تبتل قدماك ولا ترسخ فيه؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي ذلله لي ولو شاء أغرقني. قال إبليس: يا عيسى، فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والارض ومن فيهن دونك، وأنت فوق ذلك كله تدبر الامر وتقسم الارزاق؟ فأعظم عيسى (عليه السلام) ذلك من قول إبليس الكافر اللعين، فقال عيسى (عليه السلام): سبحان الله ملء سماواته وأرضيه، ومداد كلماته، وزنة عرشه، ورضا نفسه. قال: فلما سمع إبليس (لعنه الله) ذلك ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتى وقع في اللجة الخضراء. قال ابن عباس، فخرجت امرأة من الجن تمشي على شاطئ البحر، فإذا هي بإبليس ساجدا على صخرة صماء تسيل دموعه على خدية، فقامت تنظر إليه تعجبا، ثم قالت له: ويحك يا إبليس، ما ترجو بطول السجود؟ فقال لها: أيتها المرأة الصالحة، ابنة الرجل الصالح، أرجو إذا أبر ربي عز وجل قسمه، وأدخلني نار جهنم، أن يخرجني من النار برحمته (1). 301 / 2 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم


(1) بحار الانوار 14: 270 / 1، و 63: 239 / 83.

[ 274 ]

ابن زياد الكرخي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): إذا كان يوم القيامة نشر الله تبارك وتعالى رحمته حتى يطمع إبليس في رحمته (1). 302 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عثمان، عن الحسين بن مهران، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من أساء خلقه عذب نفسه (2). 303 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد ابن أبي عمير، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: من قسم له الخرق (3) حجب عنه الايمان (4). 304 / 5 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي، عن عمير بن الحارث، عن عمران بن ميثم، عن أبي سخيلة، قال: أتيت أبا ذر (رحمه الله) فقلت: يا أبا ذر، إني قد رأيت اختلافا، فبماذا تأمرني؟ قال: عليك بهاتين الخصلتين: كتاب الله، والشيخ علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه آله) يقول: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل (5). 305 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد


(1) بحار الانوار 7: 287 / 1، و 63: 236 / 77. (2) بحار الانوار 73: 296 / 2. (3) الخرق: الجهل والحمق. (4) الكافي 2: 242 / 1، بحار الانوار 73: 398 / 4. (5) بحار الانوار 40: 5 / 9.

[ 275 ]

ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: شكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) نساءه، فقام (عليه السلام) خطيبا، فقال: معاشر الناس، لا تطيعو النساء على حال، ولا تأمنوهن على مال، ولا تذروهن يدبرن أمر العيال، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك، وعدون أمر المالك، فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن، ولا صبر لهن عند شهوتهن، البذخ لهن لازم وإن كبرن، والعجب بهن لا حق وإن عجزن، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان، ويتمادين بالطغيان، ويتصدين للشيطان، فداروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال، لعلهن يحسن الفعال (1). 306 / 7 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن عبد الله البطل، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو يقول: يا معشر الانصار، يا معشر بني هاشم، يا معشر بني عبد المطلب، أنا محمد رسول الله، ألا إني خلقت من طينة مرحومة في أربعة من أهل بيتي: أنا وعلي، وحمزة وجعفر. فقال قائل: يا رسول الله: هؤلاء معك ركبان يوم القيامة؟ فقال: ثكلتك أمك، إنه لن يركب يومئذ إلا أربعة: أنا، وعلي، وفاطمة، وصالح نبي الله، فأما أنا فعلى البراق، وأما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء، وأما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت، وأما علي فعلى ناقة من نوق الجنة، زمامها من ياقوت، عليه حلتان خضراوان، فيقف بين الجنة والنار، وقد ألجم الناس العرق يومئذ، فتهب ريح من قبل العرش، فتنشف عنهم عرقهم، فيقول الملائكة المقربون والانبياء والصديقون: ما هذا إلا ملك مقرب أو نبي مرسل. فينادي مناد من قبل العرش: معشر الخلائق، إن هذا ليس بملك مقرب ولا نبي


(1) علل الشرائع: 512 / 1، بحار الانوار 103: 223 / 1.

[ 276 ]

مرسل، ولكنه علي بن أبي طالب، أخو رسول الله في الدنيا والآخرة (1). 307 / 8 – حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما كلم الله عز وجل موسى بن عمران (عليه السلام)، قال موسى: إلهي، ما جزاء من شهد أني رسولك ونبيك، وأنك كلمتني؟ قال: يا موسى، تأتيه ملائكتي فتبشره بجنتي. قال موسى (عليه السلام): إلهي، فما جزاء من قام بين يديك يصلي؟ قال: يا موسى، أباهي به ملائكتي راكعا وساجدا، وقائما وقاعدا، ومن باهيت به ملائكتي لم أعذبه. قال موسى (عليه السلام): إلهي، فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك؟ قال: يا موسى، آمر مناديا ينادي يوم القيامة على رؤوس الخلائق: إن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار. قال موسى (عليه السلام): إلهي، فما جزاء من وصل رحمه؟ قال: يا موسى، أنسأ (2) له أجله، وأهون عليه سكرات الموت، ويناديه خزنة الجنة: هلم إلينا فادخل من أي أبوابها شئت. قال موسى (عليه السلام): إلهي، فما جزاء من كف أذاه عن الناس وبذل معروفه لهم؟ قال: يا موسى، تناديه النار يوم القيامة: لا سبيل لي عليك. قال: إلهي، فما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى، أظله يوم القيامة بظل عرشي، وأجعله في كنفى. قال: إلهي، فما جزاء من تلا حكمتك سرا وجهرا؟ قال: يا موسى، يمر على الصراط كالبرق.


(1) بحار الانوار 11: 380 / 6. (2) نسا الشئ: أخره.

[ 277 ]

قال: إلهي، فما جزاء من صبر على أذى الناس وشتمهم فيك؟ قال: أعينه على أهوال يوم القيامة. قال: إلهي، فما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك؟ قال: يا موسى، أقي وجهه من حر النار، وأومنه يوم الفزع الاكبر. قال: إلهي، فما جزاء من ترك الخيانة حياء منك؟ قال: يا موسى، له الامان يوم القيامة. قال: إلهي، فما جزاء من أحب أهل طاعتك؟ قال: يا موسى، أحرمه على ناري. قال: إلهي، فما جزاء من قتل مؤمنا متعمدا؟ قال: لا أنظر إليه يوم القيامة، ولا أقيل عثرته. قال: إلهي، فما جزاء من دعا نفسا كافرة إلى الاسلام؟ قال: يا موسى، آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد. قال: إلهي، فما جزاء من صلى الصلوات لوقتها، قال: أعطيه سؤله، وأبيحه جنتي. قال: إلهي، فما جزاء من أتم الوضوء من خشيتك، قال: أبعثه يوم القيامة وله نور بين عينيه يتلالا. قال: إلهي، فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا؟ قال: يا موسى، أقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه. قال: إلهي، فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس؟ قال: يا موسى، ثوابه كثواب من لم يصمه (1). 308 / 9 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي، قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وهو في رحبة مسجد الكوفة، فقلت: السلام عليك يا أمير


(1) بحار الانوار: 69: 383 / 46.

[ 278 ]

المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: وعليك السلام يا نوف ورحمة الله وبركاته. فقلت له: يا أمير المؤمنين، عظني. فقال: يا نوف، أحسن يحسن إليك. فقلت: زدني يا أمير المؤمنين. فقال: يا نوف، ارحم ترحم. فقلت: زدني يا أمير المؤمنين. قال: يا نوف، قل خيرا تذكر بخير. فقلت: زدني يا أمير المؤمنين. قال: اجتنب الغيبة، فانها إدام كلاب النار. ثم قال: يا نوف، كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يبغضني ويبغض الائمة من ولدي، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا، وكذب من زعب أنه يعرف الله عز وجل وهو مجترئ على معاصي الله كل يوم وليلة. يا نوف، اقبل وصيتي، لا تكونن نقيبا ولا عريفا ولا عشارا ولا بريدا. يا نوف، صل رحمك يزيد الله في عمرك، وحسن خلقك يخفف الله حسابك. يا نوف، إن سرك أن تكون معي يوم القيامة فلا تكن للظالمين معينا. يا نوف، من أحبنا كان معنا يوم القيامة، ولو أن رجلا أحب حجرا لحشرة الله معه. يا نوف، إياك أن تتزين للناس وتبارز الله بالمعاصي، فيفضحك الله يوم تلقاه. يا نوف: احفظ عني ما أقول لك، تنل به خير الدنيا والآخرة (1). 309 / 10 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التاجر، قال: حدثنا علي بن مهران، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن زياد بن المنذر، عن بدر بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يدخل عليكم من هذا الباب خير الاوصياء، وسيد الشهداء، وأدنى الناس منزلة من الانبياء، فدخل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما لي لا أقول هذا يا أبا الحسن، وأنت صاحب حوضي، والموفي بذمتي، والمؤدي عني ديني (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بحار الانوار 77: 382 / 9. (2) بحار الانوار 38: 16 / 25.

[ 279 ]

[ 38 ] المجلس الثامن والثلاثون مجلس يوم الثلاثاء الرابع من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 310 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن العباس والعباس ابن عمرو الفقيمي، قالا: حدثنا هشام بن الحكم، عن ثابت بن هرمز، عن الحسن بن أبي الحسن، عن أحمد بن عبد الحميد، عن عبد الله بن علي، قال: حملت متاعا من البصرة إلى مصر، فقدمتها، فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طوال (1) شديد الادمة أصلع أبيض الرأس واللحية، عليه طمران (2): أحدهما أسود، والآخر أبيض، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا بلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله). فأخدت ألواحي وأتيته، فسلمت عليه، ثم قلت له: السلام عليك أيها الشيخ. فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. قلت: رحمك الله، حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: وما يدريك من أنا؟ فقلت: أنت بلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: فبكى


(1) أي طويل. (2) الطمر: الثوب الخلق البالي.

[ 280 ]

وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي. قال: ثم قال لي: يا غلام، من أي البلاد أنت؟ قلت: من أهل العراق، فقال لي: بخ بخ. فمكث ساعة، ثم قال: اكتب يا أخا أهل العراق: بسم الله الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم، ولحومهم ودمائهم، لا يسألون الله عز وجل شيئا إلا أعطاهم، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا. قلت: زدني رحمك الله. قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا، عملا مبرورا متقبلا. قلت: زدني رحمك الله. قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أذن عشرين عاما بعثه الله عز وجل يوم القيامة وله من النور مثل النور السماء الدنيا. قلت: زدني رحمك الله. قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أذن عشر سنين أسكنه الله عز وجل مع إبراهيم في قبته، أو في درجته. قلت: زدني رحمك الله. قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أذن سنة واحدة بعثه الله عز وجل يوم القيامة، وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت، ولو كانت مثل زنة جبل أحد. قلت: زدني رحمك الله. قال: نعم، فاحفظ واعمل واحتسب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله) يقول: من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عز وجل، غفر له ما سلف من ذنوبه، ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة. قلت: رحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت. قال: ويحك يا غلام، قطعت أنياط قلبي، وبكى وبكيت حتى إني والله لرحمته. ثم قال: اكتب بسم الله الرحمن


[ 281 ]

الرحيم: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الناس في صعيد واحد، بعث الله عز وجل إلى المؤذنين بملائكة من نور معهم ألوية وأعلام من نور، يقودون نجائب أزمتها زبرجد أخضر، وحقائبها المسك الاذفر، ويركبها المؤذنون، فيقومون عليها قياما، تقودهم الملائكة، ينادون بأعلى أصواتهم بالاذان. ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت وبكيت، فلما سكت قلت: مم بكاؤك؟ قال: ويحك ذكرتني أشياء، سمعت حبيبي وصفيي (صلى الله عليه وآله) يقول: والذي بعثني بالحق نبيا، إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب، فيقولون: الله أكبر، الله أكبر. فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا، فسأله أسامة بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال: الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل، فإذا قالوا: أشهد أن لا إله إلا الله، قالت أمتي: إياه كنا نعبد في الدنيا، فيقال: صدقتم. فإذا قالوا: أشهد أن محمد رسول الله. قالت: أمتي: هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله، آمنا به ولم نره، فيقال لهم: صدقتم، هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين، فحقيق على الله أن يجمع بينكم وبين نبيكم. فينتهي بهم إلى منازلهم، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ثم نظر إلي فقال لي: إن استطعت – ولا قوة إلا بالله – أن لا تموت إلا مؤذنا فافعل. فقلت: رحمك الله، تفضل علي وأخبرني، فإني فقير محتاج، وأد إلي ما سمعت من رسول الله، فإنك قد رأيته ولم أره، وصف لي كيف وصف لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بناء الجنة. قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن سور الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ولبنة من ياقوت، وملاطها المسك الاذفر، وشرفها الياقوت الاحمر والاخضر والصفر، قلت: فما أبوابها؟ قال: أبوابها مختلفة، باب الرحمة من ياقوته حمراء. قلت: فما حلقته؟ قال: ويحك كف عني، فقد كلفتني شططا. قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك.


[ 282 ]

قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما باب الصبر فباب صغير، له مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان، مسيرة ما بينهما خمسمائة عام، له ضجيج وحنين، يقول: اللهم جئني بأهلي. قلت: هل يتكلم الباب! قال: نعم ينطقه ذو الجلال والاكرام. وأما باب البلاء، قلت: أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال: لا قلت: فما البلاء؟ قال: المصائب والاسقام والامراض والجذام، وهو باب من ياقوتة صفراء، له مصراع واحد، ما أقل من يدخل منه! قلت: رحمك الله، زدني وتفضل علي فإني فقير. قال: يا غلام لقد كلفتني شططا، أما الباب الاعظم فيدخل منه العباد الصالحون، وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عز وجل المستأنسون به. قلت: رحمك الله، فإذا دخلوا الجنة ماذا يصنعون؟ قال: يسيرون على نهرين في مصاف في سفن الياقوت، مجاذيفها اللولؤ، فيها ملائكة من نور، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها. قلت: رحمك الله، هل يكون من النور أخضر؟ قال: إن الثياب هي خضر، ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله، يسيرون على حافتي ذلك النهر. قلت: فما اسم ذلك النهر؟ قال: جنة المأوى. قلته: هل وسطها غير هذا؟ قال: نعم، جنة عدن، وهي في وسط الجنان، فأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر، وحصباؤها اللؤلؤ. قلت: فهل فيها غيرها؟ قال: نعم، جنة الفردوس. قلت: وكيف سورها؟ قال: ويحك. كف عني، قد حيرت علي قلبي. قلت: بل أنت الفاعل بي ذلك، ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها. قال: سورها نور. فقلت: والغرف التي هي فيها؟ قال: هي من نور رب العالمين. قلت: زدني


[ 283 ]

رحمك الله. قال: ويحك، إلى هذا انتهى إلي نبأ (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله)، طوبى لك إن أنت وصلت إلى بعض هذه الصفة، وطوبى لمن يؤمن بهذا. قلت: يرحمك الله، أنا والله من المؤمنين بهذا. قال: ويحك، إنه من يؤمن أو يصدق بهذا الحق والمنهاج، لم يرغب في الدنيا، ولا في زهرتها (2)، وحاسب نفسه قلت: أنا مؤمن بهذا. قال: صدقت، ولكن قارب وسدد ولا تيأس، واعمل ولا تفرط، وارج وخف واحذر. ثم بكى وشهق ثلاث شهقات، فظننا أنه قد مات. ثم قال: فداكم أبي وأمي، لو رأكم محمد (صلى الله عليه وآله) لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة، ثم قال: النجا النجا، الوحا (3) الوحاء الرحيل الرحيل، العمل العمل، وأياكم والتفريط. ثم قال: ويحكم، اجعلوني في حل مما فرطت. فقلت له: أنت في حل مما فرطت، جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك. ثم ودعني، وقال لي: اتق الله، وأد إلى أمة محمد (صلى الله عليه وآله) ما أديت إليك، فقلت: أفعل إن شاء الله. قال: استودع الله دينك وأمانتك، وزودك التقوى، وأعانك على طاعته بمشيئته (4). 311 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من سمع المؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فقال: مصدقا محتسبا: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، اكتفي بها عن كل من أبى وجحد، وأعين


(1) في نسخة: انتهى بنا. (2) زهرة الدنيا: بهجتها ونضارتها. (3) النجا والوحى: كلاهما بمعنى السرعة والبدار. (4) بحار الانوار 84: 123 / 21.

[ 284 ]

بها كل من أقر وشهد، كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد، وعدد من أقر وشهد (1). 312 / 3 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الاهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا عبد الواحد بن أبي عمرو، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا، وحدي لا شريك لي، ومحمد عبدي ورسولي، أيدته بعلي. فأنزل الله عز وجل (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (2) فكان النصر عليا (عليه السلام)، ودخل مع المؤمنين، فدخل في الوجهين جميعا (صلى الله عليه) (3). 313 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عامر بن معقل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: يا أبا حمزة، لا تضعوا عليا دون ما وضعه الله، ولا ترفعوا عليا فوق ما رفعه الله، كفى بعلي أن يقاتل أهل الكرة، وأن يزوج أهل الجنة (4). 314 / 5 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى ابن أخت الواقدي شيخ من الانصار، قال: حدثنا أبو قتادة الحراني، عن عبد الرحمن بن أبي العلاء (5) الحضرمي، عن سعيد بن المسيب، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رأيت ليلة الاسراء مكتوبا على قائمة من قوائم العرش: أنا الله، لا إله إلا أنا، خلقت جنة عدن بيدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته


(1) المحاسن: 49 / 69، ثواب الاعمال: 31، بحار الانوار 84: 175 / 5. (2) الانفال 8: 62. (3) بحار الانوار 27: 2 / 3. (4) بصائر الدرجات: 435 / 5، بحار الانوار 25: 283 / 29، و 40: 5 / 10. (5) في نسخة: عبد الرحمن بن العلاء.

[ 285 ]

بعلي، ونصرته بعلي (1). 315 / 6 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي: أنه سمع أبا جعفر الباقر (عليه السلام): يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الارض مسجدا وطهورا، وأحل لي المغنم، ونصرت بالرعب، وأعطيت جوامع الكلم، وأعطيت الشفاعة (2). 316 / 7 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رحمهما الله)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن جعفر بن محمد بن سماعة، عن عبد الله بن مسكان، عن الحكم بن الصلت، عن أبي جعفر الباقر، عن آبائه (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذوا بحجزة (3) هذا الانزاع – يعني عليا – فإنه الصديق الاكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أبغضه الله، ومن تخلف عنه محقه الله، ومنه سبطا أمتي الحسن والحسين، وهما ابناي، ومن الحسين أئمة هداة: أعطاهم الله علمي وفهمي، فتولوهم ولا تتخذوا وليجة (4) من دونهم فيحل عليكم غضب من ربكم، ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (5). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بحار الانوار 27: 2 / 4. (2) الخصال: 292 / 56، بحار الانوار 8: 38 / 17، و 16: 313 / 1، و: 323 / 14، و 83: 276 / 1، و 100: 55 / 5. (3) الحجزة: موضع شد الازار من الوسط، ويقال: أخذ بعجزته: أي إلتجأ إليه واستعان به. (4) وليجة الرجل: بطانته وخاصته. (5) بصائر الدرجات: 73 / 2، بحار الانوار 23: 129 / 60 و 36: 228 / 7.

[ 286 ]

[ 39 ] المجلس التاسع والثلاثون مجلس يوم الجمعة السابع من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 317 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره، وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك من المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره (1). 318 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: صل على من مات من أهل القبلة، وحسابه على الله عز وجل (2). 319 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 81: 257 / 1. (2) بحار الانوار 81: 345 / 10.

[ 287 ]

محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن ميسر، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: من شيع جنازة امرئ مسلم، أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، ولم يقل شيئا إلا قال الملك: ولك مثل ذلك (1). 320 / 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن الفضل بن دكين، عن معمر بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام): يقول: أتى يهودي النبي (صلى الله عليه وآله)، فقام بين يديه يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي، ما حاجتك؟ قال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر، وأظله بالغمام؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه، ولكني أقول: إن آدم (عليه السلام) لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، لما غفرت لي، فغفرها الله له، وإن نوحا (عليه السلام) لما ركب في السفينة وخاف الغرق، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، لما أنجيتني من الغرق. فنجاه الله منه، وإن إبراهيم (عليه السلام): لما ألقي في النار قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، لما أنجيتني منها: فجعلها الله عليه بردا وسلاما، وإن موسى (عليه السلام) لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، لما أمنتني منها. فقال الله جل جلاله: (لا تخف إنك أنت الاعلى) (2). يا يهودي: إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتي، ما نفعه إيمانه شيئا، ولا نفعته النبوة. يا يهودي، ومن ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، فقدمه


(1) بحار الانوار 81: 257 / 2. (2) طه 20: 68.

[ 288 ]

وصلى خلفه (1). 321 / 5 – حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التيمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد المكي، قال: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن عمرو الاطروش الحراني، قال: حدثنا صالح بن زياد أبو شعيب السوسي (2)، قال: حدثنا أبو ثمان السكري واسمه عبد الله بن ميمون (3)، قال: حدثنا عبد الله بن معز (4) الاودي، قال: حدثنا عمران بن سليم، عن سويد بن غفلة، عن طاوس اليماني، قال: مررت بالحجر فإذا أنا بشخص راكع وساجد، فتأملته فإذا هو علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقلت: يا نفس، رجل صالح من أهل بيت النبوة، والله لاغتنمن دعاءه، فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل يقول: سيدي، سيدي، هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوءة، وعيناي بالرجاء ممدودة، وحق لمن دعاك بالندم تذللا أن تجيبه بالكرم تفضلا. سيدي، أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي؟ سيدي، الضرب المقامع خلقت أعظائي، أم لشرب الحميم خلقت أمعائي؟ سيدي، لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك، لكني أعلم أني لا أفوتك. سيدي، لو أن عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه، غير أني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين، ولا ينقص منه معصية العاصين. سيدي، ما أنا وما خطري، هب لي خطاياي بفضلك، وجللني بسترك، واعف


(1) جامع الاخبار: 44: 48، بحار الانوار 26: 319 / 1. (2) في جميع النسخ: أبو سعيد، تصحيف صوابه أبو شعيب، واختلفت النسخ في نسبته كما يلي: السوسي، الشوقي، الشوتي، السوني، التنوقي، وصوابه: الشوشي أو السوسي، منسوب إلى سوس، معرب شوش: بلدة بخوزستان، انظر: سير أعلام النبلاء 12: 380 / 194، تهذيب الكمال 13: 50 / 2813، تهذيب التهذيب 4: 392 / 660، طبقات الحنابلة 1: 176 / 235، معجم البلدان 3: 280. (3) في نسخة: عبد بن ميمون. (4) في نسخة: عبد الله بن مغرا.

[ 289 ]

عن توبيخي بكرم وجهك. إلهي وسيدي، ارحمني مصروعا على الفراش، تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الاقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي. قال طاوس فبكيت حتى علا نحيبي، فالتفت إلي، فقال: ما يبكيك يا يماني؟ أو ليس هذا مقام المذنبين؟ فقلت: حبيبي حقيق على الله أن لا يردك وجدك محمد (صلى الله عليه وآله). قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل نفر من أصحابه، فالتفت إليهم فقال: معاشر أصحابي، أوصيكم بالآخرة، ولست أوصيكم بالدنيا، فإنكم بها مستوصون، وعليها حريصون، وبها مستمسكون. معاشر أصحابي، إن الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة والقرون الماضية؟ ألم تروا كيف فضح مستورهم وأمطر مواطر الهوان عليهم، بتبديل سرورهم، بعد خفض عيشهم ولين رفاهيتهم، صاروا حصائد النقم، ومدراج المثلات؟ أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم (1). 322 / 6 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي ابن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان بالمدينة رجل بطال يضحك الناس منه، فقال: قد أعياني هذا الرجل أن أضحكه – يعني علي بن الحسين (عليهما السلام) – قال: فمر علي (عليه السلام) وخلفه موليان له، فجاء الرجل حتى انتزع رداءه من رقبته، ثم مضى، فلم يلتفت إليه علي (عليه السلام)، فاتبعوه وأخذوا الرداء منه، فجاءواه به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟ فقالوا له: هذا رجل بطال يضحك منه أهل المدينة. فقال: قولوا له:


(1) بحار الانوار 78: 146 / 7.

[ 290 ]

قولوا له: إن لله يوما يخسر فيه المبطلون (1). 323 / 7 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لاهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الامانة، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق، وسعة الخلق، واتباع العلم وما يقرب إلى الله عز وجل (طوبى لهم وحسن مئاب) (2) وطوبى شجرة في الجنة، أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله)، وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها، لا تخطر على قلبه شهوة شئ إلا أتاه به ذلك الغصن، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن المؤمن نفسه منه في شغل والناس منه في راحة، وإذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا هكذا فكونوا (3). 324 / 8 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله تبارك وتعالى خص رسوله (صلى الله عليه وآله) بمكارم الاخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله عز وجل وارغبوا إليه في الزيادة منها، فذكرها عشرة: اليقين، والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم، وحسن الخلق، والسخاء، والغيرة، والشجاعة، والمروءة (4). 325 / 9 – حدنثا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد بن


(1) بحار الانوار 46: 68 / 39. (2) الرعد 13: 29. (3) بحار الانوار 67: 289 / 11. (4) معاني الاخبار: 191 / 3، الخصال: 431 / 12، بحار الانوار 69: 368 / 5.

[ 291 ]

محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: لما حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الوفاة بكى، فقيل له: يا بن رسول الله، أتبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال، وقد حججت عشرين حجة ماشيا، وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل؟! فقال (عليه السلام): إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع، وفراق الاحبة (1). 326 / 10 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن ظهير، قال: حدنثا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أخي يونس البغدادي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب النهشلي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن الله جل جلاله: أنه قال: أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي، وأخترت من جميعهم محمدا حبيبا وخليلا وصفيا، فبعثته رسولا إلى خلقي، واصطفيت له عليا، فجعلته له أخا ووصيا ووزيرا ومؤديا عنه من بعده إلى خلقي، وخليفتي على عبادي، ليبين لهم كتابي، ويسير فيهم بحكمي، وجعلته العلم الهادي من الضلالة، وبابي الذي أوتى منه، وبيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري، وحصني الذي من لجأ إليه حصنه من مكروه الدنيا والآخرة، ووجهي الذي من توجه إليه لم أصرف وجهي عنه، وحجتي في السماوات والارضين على جميع من فيهن من خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلا


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 303 / 62، بحار الانوار 6: 159 / 22، و 43: 332 / 2، و 82: 175 / 11.

[ 292 ]

بالاقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي، وهو يدي المبسوطة على عبادي، وهو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من عبادي، فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومعرفته، ومن أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه عن معرفته وولايته، فبعزتي حلفت، وبجلالي أقسمت إنه لا يتولى عليا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 49 / 191، بحار الانوار 38: 98 / 17.

[ 293 ]

[ 40 ] المجلس الاربعون مجلس يوم الثلاثاء الحادي عشر من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 327 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن حماد البغدادي، عن بشر بن غياث المريسي، قال: حدثني أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن أبي حنيفة، عن عبد الرحمن السلماني، عن حنش بن المعتمر، عن علي بن أبي طالب) عليه السلام)، قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجهني إلى اليمن لاصلح بينهم، فقلت: يا رسول الله، إنهم قوم كثير، ولهم سن، وأنا شاب حدث، فقال: يا علي، إذا صرت بأعلى عقبة أفيق، فناد بأعلى صوتك: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد رسول الله يقرئكم السلام. قال: فذهبت، فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي مشرعون رماحهم، مسوون أسنتهم، متنكبون قسيهم، شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي، يا شجر: يا مدر، يا ثرى، محمد رسول الله يقرئكم السلام. قال: فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلا ارتج بصوت واحد: وعلى محمد رسول الله وعليك السلام. فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم، ووقع


[ 294 ]

السلاح من أيديهم، وأقبلوا إلي مسرعين، فأصلحت بينهم وانصرفت (1). 328 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أحمد بن النصر، قال: حدثني أبو جميلة المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: إن اليهود أتت امرأة منهم يقال لها: عبدة، فقالوا: يا عبدة، قد علمت أن محمدا قد هد ركن بني إسرائيل، وهدم اليهودية، وقد غالى الملا من بني إسرائيل بهذا السم له، وهم جاعلون لك جعلا (2) على أن تسميه في هذه الشاة، فعمدت عبدة إلى الشاة فشوتها، ثم جمعت ثم الرؤساء في بيتها، وأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت: يا محمد، قد علمت ما توجب لي [ من حق الجوار ] (3)، وقد حضرني رؤساء اليهود فزيني بأصحابك. فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه علي (عليه السلام) وأبو دجانة وأبو أيوب وسهل ابن حنيف وجماعة من المهاجرين، فلما دخلوا وأخرجت الشاة، سدت اليهود آنافها بالصوف، وقاموا على أرجلهم وتوكؤوا على عصيهم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): اقعدوا، فقالوا: إنا إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما يتأذى به. وكذبت اليهود عليها لعنة الله، إنما فعلت ذلك مخافة سورة السم (4) ودخانه، فلما وضعت الشاة بين يديه تكلمت كتفها، فقالت: مه يا محمد، لا تأكلني فإني مسمومة. فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدة، فقال لها: ما حملك على ما صنعت! فقالت: قلت: إن كان نبيا لم يضره، وإن كان كاذبا أو ساحرا أرحت قومي منه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: السلام يقرئك السلام، ويقول: قل بسم الله الذي يسميه به كل


(1) بحار الانوار 17: 371 / 23. (2) الجعل: ما يجعل على العمل من أجر أو رشوة. (3) أثبتناه من البحار. (4) أي شدته وحدته.

[ 295 ]

مؤمن، وبه عز كل مؤمن، وبنوره الذي أضاءت به السماوات والارض، وبقدرته التي خضع لها كل جبار عنيد، وانتكس كل شيطان مريد من شر السم والسحر واللمم (1)، بسم العلي (2) الملك الفرد الذي لا إله إلا هو (وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (3). فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك، وأمر أصحابه فتكلموا به، ثم قال: كلوا، ثم أمرهم أن يحتجموا (4). 329 / 3 – حدثنا صالح بن عيسى بن أحمد بن محمد العجلي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن علي، قال: حدثنا أبو نصر الشعراني في مسجد حميد، قال: حدثنا سلمة بن الوضاح (5)، عن أبيه، عن أبي إسرائيل، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم بن ضمرة، عن الحارث الاعور، قال: بينا أنا أسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الحيرة، إذا نحن بديراني (6) يضرب الناقوس، قال: فقال علي ابن أبي طالب (عليه السلام): يا حارث، أتدري ما يقول هذا الناقوس، قلت: الله ورسوله وابن عم رسوله أعلم. قال: إنه يضرب مثل الدنيا وخرابها، ويقول: لا إله إلا الله حقا حقا صدقا صدقا، إن الدنيا قد غرتنا وشغلتنا، واستهوتنا واستغوتنا، يا بن الدنيا مهلا مهلا، يا بن الدنيا دقا دقا، يا بن الدنيا جمعا جمعا، تفنى الدنيا قرنا قرنا، ما من يوم يمضي عنا إلا أوهى (7) منا ركنا، قد ضيعنا دارا تبقى، واستوطنا دارا تفنى، لسنا ندري ما فرطنا فيها إلا لو قد متنا. قال الحارث: يا أمير المؤمنين، النصارى يعلمون ذلك؟ قال: لو علموا ذلك لما


(1) اللمم: طرف من الجنون يلم بالانسان. (2) في نسخة: بسم الله العلي. (3) الاسراء 17: 82. (4) بحار الانوار 17: 395 / 7، و 95: 140 / 1، وزاد في نسخة: فما يضرهم. (5) في المعاني: سلمة بن صالح الوضاح. (6) الدير: مقام الرهبان، والديراني: نسبة إليه. (7) في نسخة: أوهن.

[ 296 ]

اتخذوا المسيح إلها من دون الله. قال: فذهبت إلى الديراني، فقلت له: بحق المسيح عليك، لما ضربت بالناقوس على الجهة التي تضربها. قال: فأخذ يضرب وأنا أقول حرفا حرفا حتى بلغ إلى موضع: إلا لو قد متنا. فقال: بحق نبيكم. من أخبركم بهذا؟ قلت: هذا الرجل الذي كان معي أمس. فقال: وهل بينه وبين النبي من قرابة؟ قلت: هو ابن عمه. قال: بحق نبيكم أسمع هذا من نبيكم؟ قال: قلت: نعم. فأسلم، ثم قال لي: والله إني وجدت في التوراة أنه يكون في آخر الانبياء نبي، وهو يفسر ما يقول الناقوس (1). 330 / 4 – حدثنا صالح بن عيسى العجلي، قال: حدثنا محمد بن علي بن علي، قال: حدثنا محمد بن مندة الاصبهاني، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجلان من أصحابه في ليلة ظلماء مكفهرة (2)، إذ قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): إئتوا باب علي، فأتينا باب علي (عليه السلام) فنقر أحدنا الباب نقرا خفيا، إذ خرج علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) متزرا بإزار من صوف، مرتديا بمثله، في كفه سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لنا: أحدث حدث؟ قلنا: خير، أمرنا رسول الله أن نأتي بابك وهو بالاثر، إذ أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي. قال: لبيك. قال: أخبر أصحابي بما أصابك البارحة، قال علي (عليه السلام): يا رسول الله، إني لاستحيي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله لا يستحيي من الحق. قال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول الله، فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء، فبعث الحسن كذا والحسين كذا، فأبطئا علي، فاستلقيت على قفاي، فإذا أنا بهاتف من سواد البيت: قم يا علي، وخذ السطل واغتسل، فإذا أنا بسطل من ماء مملوء، عليه منديل من سندس، فأخذت السطل


(1) معاني الاخبار: 230 / 1، بحار الانوار 2: 321 / 6، و 14: 334 / 1. (2) اكفهر الليل: تراكم واشتد ظلامه.

[ 297 ]

واغتسلت، ومسحت بدني بالمنديل، ورددت المنديل على رأس السطل، فقام السطل في الهواء، فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي، فوجدت بردها على فؤادي. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت وخادمك جبرئيل، أما الماء فمن نهر الكوثر، وأما السطل والمنديل فمن الجنة، كذا أخبرني جبرئيل، كذا أخبرني جبرئيل، كذا أخبرني جبرئيل (1). 331 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن حازم، قال: حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن برد بن سنان، عن مكحول، عن واثلة بن الاسقع، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك (2). 332 / 6 – حدثنا محمد بن أحمد الاسدي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن المرزبان، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني (3)، عن عبد الله بن الصامت، قال: قال أبو ذر (رحمه الله): قلت: يا رسول الله، الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمنين (4). 333 / 7 – حدثنا محمد بن أحمد الاسدي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن العامري، قال: حدثنا إبراهيم بن عيسى بن عبيد السدوسي، قال: حدثنا سليمان بن عمرو، عن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن صلاح أول هذه الامة بالزهد واليقين، وهلاك آخرها بالشح والامل (5).


(1) الخرائج والجرائج 2: 837 / 52 (نحوه)، بحار الانوار 39: 114 / 1. (2) أمالي المفيد: 269 / 4، أمالي الطوسي: 33 / 32، بحار الانوار 75: 213 / 5، 6. (3) في النسخ: الجدي، صوابه ما أثبتناه، انظر: تهذيب الكمال 18: 2 99، تهذيب التهذيب 6: 389. (4) معاني الاخبار: 322 / 1، بحار الانوار 71: 370 / 1. (5) الخصال: 79 / 128، بحار الانوار 70: 173 / 24، و: 311 / 7، و 73: 164 / 20، و: 300 / 4.

[ 298 ]

334 / 8 – حدثنا محمد بن علي بن الفضل الكوفي، قال: حدثنا محمد بن جعفر المعروف بابن التبان، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد المقرئ الكسائي، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة، إذ قال: يا أهل الكوفة، لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب به أحدا، ففضل مصلاكم، وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل، ومصلى أخي الخضر (عليه السلام)، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا أحد الاربعة مساجد التي اختارها الله عز وجل لاهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم، يشفع لاهله ولمن صلى فيه، فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الايام حتى ينصب الحجر الاسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الارض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه، وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لاتوه من أقطار الارض ولو حبوا على الثلج (1). 335 / 9 – حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سلمة بن البراء الحافظ البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله (2) الثقفي أبو العباس، قال: حدثنا عيسى بن محمد الكاتب، قال: حدثني المدائني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهم (3). 336 / 10 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال حدثنا محمد بن أحمد القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال: حدثنا موسى


(1) بحار الانوار 100: 389 / 14. (2) في النسخ: أحمد بن عبد الله، وفي المعاني: أحمد بن عبيد الله، وهو الصواب، انظر تاريخ بغداد 4: 252، و 3: 26، نوابغ الرواة: 295. (3) معاني الاخبار: 234 / 1، بحار الانوار 1: 82 / 1.

[ 299 ]

ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، في قول الله عز وجل: (ولا تنس نصيبك من الدنيا) (1)، قال: لا تنس صحتك وقوتك و فراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة (2). 337 / 11 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن منصور ابن أبي الجهم وأبو يزيد القرشي، قالا: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أخي موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد الحسن و الحسين (عليهما السلام) فقال: من أحب هذين وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة (3). 338 / 12 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني و الحسن بن عبد الله ابن سعيد العسكري، جميعا، قالا: حدثنا عبد الغزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، حدثني علي بن حكيم، عن الربيع بن عبد الله، عن عبد الله ابن الحسن، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، قال: يقول الله عز وجل: إذا عصاني من خلقي من يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني (4). 339 / 13 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثني بشر بن سعيد بن قلبويه (5) المعدل بالرافقة، قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني، قال: سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: العافية نعمة خفية،


(1) القصص 28: 77. (2) معاني الاخبار: 325 / 1، بحار الانوار 71: 177 / 18، و 73: 73. (3) بحار الانوار 37: 37 / 5. (4) بحار الانوار 73: 347 / 35. (5) في نسخة: بشر بن سعيد بن قيلويه.

[ 300 ]

إذا وجدت نسيت، وإذا فقدت ذكرت (1). 340 / 14 – قال: وسمعت الصادق (عليه السلام) يقول: العافية نعمة يعجز الشكر عنها (2). 341 / 15 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد الازدي العماني، قال: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثني أبو زيد النحوي الانصاري، قال: سألت الخليل بن أحمد العروضي، فقلت: لم هجر الناس عليا (عليه السلام)، وقرباه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قرباه، وموضعه من المسلمين موضعه، وعناؤه في الاسلام عناؤه؟ فقال: بهر والله نوره أنوارهم، وغلبهم على صفو كل منهل، والناس إلى أشكالهم أميل، أما سمعت الاول حيث يقول: وكل شكل لشكله آلف * * أما ترى الفيل يألف الفيلا قال: وأنشدنا الرياشي – في معناه – عن العباس بن الاحنف: وقائل كيف تهاجرتما * * فقلت قولا فيه انصاف لم يك من شكلي فهاجرته * * والناس أشكال وآلاف (3) وصلى الله على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا


(1) بحار الانوار 81: 172 / 5. (2) بحار الانوار 81: 172 / 5. (3) علل الشرائع: 145 / 1.

[ 301 ]

[ 41 ] المجلس الحادي والاربعون مجلس يوم الجمعة الرابع عشر من صفر من سنة ثمان وستين وثلاثمائة 342 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا صالح بن عيسى العجلي، قال: حدثنا محمد ابن علي بن علي، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا محمد بن بكير، قال: حدثنا عباد بن عباد المهلبي، قال: حدثنا سعد (1) بن عبد الله، عن هلال بن عبد الرحمن، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن ابن سمرة، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما، فقال: إني رأيت البارحة عجائب. قال: فقلنا: يا رسول الله، وما رأيت؟ حدثنا به فداك أنفسنا وأهلونا وأولادنا. فقال: رأيت رجلا من أمتي، وقد أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فمنعه منه، ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وضوؤه فمنعه منها، ورأيت رجلا من أمي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله عز وجل فنجاه من بينهم، ورأيت رجلا من أمتي يلهث قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته فمنعته منهم، ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، كلما ورد حوضا منع منه، فجاءه


(1) في نسخة: سعيد.

[ 302 ]

صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه. ورأيت رجلا من أمتي والنبيون حلقا حلقا، كلما أتى حلقة طرد، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأجلسه إلى جنبي، ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفة ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن تحته ظلمة مستنقعا في الظلمة، فجاءه حجة وعمرته فأخرجاه من الظلمة، وأدخلاه النور، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه، فجاءه صلته للرحم، فقال: يا معشر المؤمنين، كلموه فإنه كان واصلا لرحمه، فكلمه المؤمنون وصافحوه وكان معهم، ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النيران وشررها بيده ووجهه، فجاءته صدقته فكانت ظلا على رأسه وسترا على وجهه، ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلصاه من بينهم وجعلاه مع ملائكة الرحمة، ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين رحمة الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده وأدخله في رحمة الله، ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته قبل شماله، فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه، ورأيت رجلا من أمتي قد خفت موازينه، فجاءه أفراطه فثقلوا موازينه (1). ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم، فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار، فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله فاستخرجته من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يرتعد كما ترتعد السعفة في يوم ريح عاصف، فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى على الصراط، ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه ومضى على الصراط، ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة كلها، كلما انتهى إلى باب أغلق دونه، فجاءته شهادة أن لا


(1) قال المجلسي رحمه الله: قول فجاءه أفراطه: أي أولاده الذين ماتوا قبله، وفي نسخة: فجاءه إفراطه في صلاته فثقلت موازينه.

[ 303 ]

إله إلا الله صادقا بها، ففتحت له الابواب ودخل الجنة (1). 343 / 2 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني بوفاة موسى بن عمران (عليه السلام): فقال إنه لما أتاه أجله واستوفى مدته وانقطع أكله، أتاه ملك الموت، فقال له: السلام عليك يا كليم الله. فقال موسى: وعليك السلام، من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت: قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت لاقبض روحك: فقال له موسى (عليه السلام): من أين تقبض روحي؟ قال: من فمك، قال له موسى (عليه السلام) كيف وقد كلمت به ربي جل جلاله! قال: فمن يديك. قال: كيف وقد حملت بهما التوراة! قال: فمن رجليك. قال: كيف وقد وطئت بهما طور سيناء! قال: فمن عينيك؟ قال: كيف ولم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة! قال: فمن أذنيك. قال: كيف وقد سمعت بهما كلام ربي عز وجل! قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك. وخرج ملك الموت، فمكث موسى (عليه السلام) ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، ودعا يوشع بن نون، فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره، وبأن يوصي بعده إلى من يقوم بالامر، وغاب موسى (عليه السلام) عن قومه، فمر في غيبته برجل وهو يحفر قبرا، فقال له: ألا أعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى. فأعانه حتى حفر القبر وسوى اللحد، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران (عليه السلام)، لينظر كيف هو، فكشف له عن الغطاء، فرأى مكانه من الجنة، فقال: يا رب، اقبضني إليك. فقبض ملك الموت روحه مكانه، ودفنه في القبر، وسوى عليه التراب، وكان الذي يحفر القبر ملكا في صورة آدمي، وكان ذلك في التيه (2)، فصاح صائح من السماء: مات موسى كليم الله، فأي نفس لا تموت؟


(1) بحار الانوار 7: 290 / 1. (2) التيه: المفازة.

[ 304 ]

فحدثني أبي، عن جدي، عن أبيه (عليهم السلام)، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عن قبر موسى بن عمران (عليه السلام) أين هو؟ فقال: هو عند الطريق الاعظم، عند الكثيب الاحمر (1). 344 / 3 – حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي بالري في رجب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، قال: حدثني محمد بن أبي أيوب، قال: حدثنا جعفر بن سنيد بن داود، قال: حدثني أبي، قال حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قالت أم سليمان بن داود لسليمان (عليه السلام): يا بني، إياك وكثره النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة (2). 345 / 4 – حدثنا محمد بن أحمد الاسدي، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان وعلي بن العباس البجليان، قالا: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا شيبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رجل: يا رسول الله، أسرع إليك الشيب، قال: شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسائلون (3). 346 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد الاسدي، قال: حدثنا محمد بن جرير والحسن بن عروة وعبد الله بن محمد الوهبي، قالوا: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا زافر بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس (4). 347 / 6 – حدثنا محمد بن أحمد البردعي، قال: حدثنا عمر بن أبي عيلان


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 153 / 17، بحار الانوار 13: 365 / 8 (2) الخصال: 28 / 99، بحار الانوار 87: 152 / 29. (3) الخصال: 199 / 10، بحار الانوار 16: 192 / 28. (4) معاني الاخبار: 178 / 2، الخصال: 7 / 20، بحار الانوار 75: 105 / 2، و 77: 19 / 3، و 87: 138 / 5.

[ 305 ]

الثقفي وعيسى بن سليمان بن عبد الملك القرشي، قالا: حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: حدثنا سعد بن سعيد الجرجاني، قال: حدثني نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشراف امتي حملة القرآن، وأصحاب الليل (1). 348 / 7 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا حسن بن صالح بن أبي الاسود، قال: حدثنا أبو معشر، عن محمد ابن قيس، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة (عليها السلام) فدخل عليها، فأطال عندها المكث، فخرج مرة في سفر فصنعت فاطمة (عليها السلام) مسكتين من ورق (2) وقلادة وقرطين وسترا لباب البيت لقدوم أبيها وزوجها (عليهما السلام)، فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه السلام) دخل عليها فوقف أصحابه على الباب لا يدرون أيقفون أو ينصرفون لطول مكثه عندها، فخرج عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس عند المنبر، فظنت فاطمة (عليها السلام) أنه إنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رأى من المسكتين والقلادة والقرطين والستر، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها، ونزعت الستر، فبعثت به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقالت للرسول: قل له (صلى الله عليه وآله): تقرأ عليك ابنتك السلام، وتقول: اجعل هذا في سبيل الله. فلما أتاه وخبره، قال (صلى الله عليه وآله): فعلت فداها أبوها – ثلاث مرات – ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما أسقى منها كافرا شربة ماء ثم قام فدخل عليها (3). 349 / 8 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن


(1) معاني الاخبار: 177 / 1، الخصال: 7 / 21، بحار الانوار 87: 138 / 6، و 92: 177 / 2. (2) المسكة: السوار والخلخال، والورق: الفضة. (3) بحار الانوار 43: 20 / 7، و 73: 86 / 50.

[ 306 ]

إبراهيم، عن أبيه، عن يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه، قال: لما وافى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) نيسابور، وأراد أن يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول الله، ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك، وقد كان قعد في العمارية (1) فأطلع رأسه، وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول: سمعت الله عز وجل يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن عذابي. فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من (2) شروطها (3). 350 / 9 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني (4)، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن محمد الفزاري، قال: حدثني عبد الله ابن يحيى الاهوازي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور، قال: حدثني علي بن بلال، عن علي بن موسى الرضا، عن موسى ابن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللوح، عن القلم، قال: يقول الله تبارك وتعالى: ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن ناري (5).


(1) العمارية: هودج يجلس فيه. (2) في نسخة: في. (3) معاني الاخبار: 370 / 1، التوحيد: 25 / 23، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 135 / 4، ثواب الاعمال: 6، أمالي الطوسي: 279 / 536، بحار الانوار 3: 7 / 16، و 49: 123 / 4. (4) في نسخة: الحسيني. (5) معاني الاخبار: 371 / 1، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 136 / 1، جامع الاخبار: 52 / 58، بحار الانوار 39: 246 / 1، وفي العيون والبحار: عذابي، بدل: ناري.

[ 307 ]

351 / 10 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي بن العباس التميمي الرازي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (1)، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلقت أنا وعلي من نور واحد (2). 352 / 11 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي الوراق قال: حدثنا علي بن محمد بن عنبسة مولى الرشيد، قال: حدثنا دارم بن قبيصة بن نهشل بن مجمع الصنعاني، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي ابن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: خلق الله عز وجل مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي أنا أكرمهم على الله ولا فخر، وخلق الله عز وجل مائة ألف وصي وأربعة وعشرين ألف وصي فعلي أكرمهم على الله وأفضلهم. قال الشيخ: وحدثني بهذا الحديث محمد بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا علي بن محمد مولى الرشيد، قال: حدثني دارم بن قبيصة، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) (3). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) زاد في نسخة: قال: حدثني أخي الحسن بن علي. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 58 / 219، الخصال: 31 / 108، بحار الانوار 35: 34 / 33. (3) الخصال: 641 / 18 و 19، بحار الانوار 11: 30 / 21، و 38: 4 / 2.

[ 308 ]

[ 42 ] المجلس الثاني والاربعون مجلس يوم الثلاثاء الثامن عشر من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 353 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد، عن سهيل (1) بن زياد الواسطي، عن أحمد ابن محمد بن ربيع، عن محمد بن سنان، عن أبي الاغر النخاس، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: قضاء حاجة المؤمن أفضل من ألف حجة متقبلة بمناسكها، وعتق ألف رقبة لوجه الله، وحملان ألف فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها (2). 354 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: الشتاء ربيع المؤمن، يطول فيه ليله، فيستعين به


(1) في نسخة: سهل، انظر معجم رجال الحديث 8: 357. (2) بحار الانوار 74: 285 / 5.

[ 309 ]

على قيامه (1)، ويقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه (2). 355 / 3 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن عمه محمد ابن عبد الله بن الحسن، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: من أتى قبر الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (3). 356 / 4 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: حدثني عنبسة بن بجاد العابد، قال: لما مات إسماعيل بن جعفر بن محمد وفرغنا من جنازته جلس الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وجلسنا حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه فقال: أيها الناس، إن هذه الدنيا دار فراق، ودار التواء لا دار استواء، على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع ولوعة لا ترد، وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء وصحة الفكر (4)، فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد. ثم تمثل (عليه السلام) بقول أبي خراش الهذلي يرثي أخاه: فلا تحسبي أني تناسيت عهده * * ولكن صبري يا أميم جميل (5) 357 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان الاحمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما،


(1) صفات الشيعة: 109 / 49. (2) معاني الاخبار: 228 / 1، بحار الانوار 83: 133 / 102، و 87: 152 / 28، و 96: 249 / 13. (3) كامل الزيارات: 138 / 4 و 5،: 139 / 7 و 9 و 11، و: 140 / 12 و 13، ثواب الاعمال: 86، بحار الانوار 101: 22 / 4 – 11. (4) في نسخة: الفكرة، وفي أخرى: الذكر. (5) كمال الدين وتمام النعمة: 73، بحار الانوار 47: 245 / 3، و 82: 73 / 5.

[ 310 ]

فقال: يا علي، خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوبا ألبسه. قال علي (عليه السلام): فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثني عشر درهما، وجئت به إلى رسول الله، فنظر إليه فقال: يا علي، قميص دونه يكفيني (1)، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: أنظر، فجئت إلى صاحبه، فقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد كره هذا، يريد ثوبا دونه، فأقلنا فيه. فرد علي الدراهم، وجئت بها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصا، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما شأنك؟ قالت: يا رسول الله، إن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لاشتري لهم بها حاجة فضاعت، فلا أجسر أن أرجع إليهم. فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعة دراهم وقال: ارجعي إلى أهلك. ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السوق، فاشترى قميصا بأربعة دراهم، ولبسه وحمد الله، وخرج فرأى رجلا عريانا يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قميصه الذي اشتراه وكساه السائل، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالاربعة التي بقيت قميصا آخر، فلبسه وحمد الله. ورجع إلى منزله فإذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لك لا تأتين أهلك؟ قالت: يا رسول الله، إني قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): مري بين يدي ودليني على أهلك. فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى وقف على باب دراهم، ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار. فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام، فقالوا: عليك السلام – يا رسول الله – ورحمة الله وبركاته. فقال لهم: ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟ قالوا: يا رسول الله، سمعنا سلامك فأحببنا أن نستكثر منه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها. فقالوا: يا رسول الله، هي حرة لممشاك. فقال رسول الله: الحمد لله، ما رأيت اثني عشر درهما أعظم


(1) في نسخة: يا علي، غير هذا أحب إلي.

[ 311 ]

بركة من هذه، كسا الله بها عريانين، وأعتق بها نسمة (1). 358 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن سالم، عن المفضل، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إذا قام العبد نصف الليل بين يدي ربه جل جلاله، فصلى له أربع ركعات في جوف الليل المظلم ثم سجد سجدة الشكر بعد فراغه، فقال: ما شاء الله، ما شاء الله، مائة مرة، ناداه الله جل جلاله من فوقه، عبدي إلى كم تقول: ما شاء الله، ما شاء الله! أنا ربك وإلي المشيئة قد شئت قضاء حاجتك فسلني ما شئت (2). 359 / 7 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثني عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: تذاكروا الشؤم عنده، فقال: الشؤم في ثلاثة: في المرأة، والدابة، والدار، فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها، وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهرها، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها (3). 360 / 8 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني أبو سعيد الآدمي، قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، ما حد التوكل؟ فقال لي: أن لا تخاف مع الله أحدا. قال: قلت: فما حد التواضع؟ قال: أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله.


(1) الخصال: 490 / 69، بحار الانوار 16: 214 / 1. (2) بحار الانوار 91: 341 / 1. (3) معاني الاخبار: 152 / 1، الخصال: 100 / 53، بحار الانوار 64: 198 / 43، و 76: 149 / 6، و 103: 229 / 2.

[ 312 ]

قال: قلت: جعلت فداك، أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟ فقال: أنظر كيف أنا عندك (1). 361 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل ابن دراج، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أصل الانسان لبه وعقله ودينه (2) ومروءته حيث يجعل نفسه، والايام دول، والناس إلى آدم شرع سواء (3). 362 / 10 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من آل محمد؟ قال: ذريته. فقلت: من أهل بيته؟ قال: الائمة الاوصياء. فقلت: من عترته؟ قال: أصحاب العباء. فقلت: من أمته؟ قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل، المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله، وعترته أهل بيته، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهما الخليفتان على الامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4). 363 / 11 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن يزيد النيسابوري، قال: حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ارتج الموضع بالبكاء، ودهش الناس كيوم قبض فيه


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 49 / 192، بحار الانوار 71: 134 / 11، و 75: 118 / 2. (2) في نسخة: وعقله دينه. (3) بحار الانوار 1: 82 / 2. (4) معاني الاخبار: 94 / 3، بحار الانوار 25: 216 / 13.

[ 313 ]

النبي (صلى الله عليه وآله). وجاء رجل باك وهو متسرع مسترجع، وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: رحمك الله أبا الحسن، كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله عز وجل، وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله)، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا. قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسوله إذ هم أصحابه، كنت خليفته حقا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وضغن الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا (1)، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا. وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم فوتا (2)، وأقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وأكثرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور. كنت والله للدين يعسوبا، أولا حين تفرق الناس، وآخرا حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ووعيت (3) ما أهملوا، وشمرت إذ اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدركت ما عنه (4) تخلفوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا. كنت للكافرين عذابا صبا، وللمؤمنين غيثا وخصبا، فطرت والله بنعماها، وفزت بحبائها وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك.


(1) التعتعة: التردد في الكلام. (2) في النسخ: فرقا، تصحيف صوابه ما أثبتناه من كمال الدين. (3) في نسخة: ورعيت. (4) في نسخة: وأدركت إذ.

[ 314 ]

ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخن، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف. وكنت كما قال (صلى الله عليه وآله): ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله عز وجل، كبيرا في الارض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة. الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، فاقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، فاعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الانام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا. كنت للمؤمنين كهفا حصينا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا حرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه، وبكى وأبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم طلبوه فلم يصادفوه (1). 364 / 12 – حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال: أخبرني أبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني وأبو طالب بن أبي عوانة، قالا: حدثنا أبو داود سليمان بن سيف الحراني، قال: حدثنا عبد الله بن واقد، عن عبد العزيز الماجشون، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: استبشرت الملائكة يوم بدر وحنين بكشف علي (عليه السلام) الاحزاب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن لم يستبشر


(1) الكافي 1: 378 / 4، كمال الدين وتمام النعمة: 387 / 3، بحار الانوار 42: 303 / 4، و 100: 354 / 1.

[ 315 ]

برؤية علي (عليه السلام) فعليه لعنة الله (1). 365 / 1 – حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال: أخبرني عبد الله ابن محمد بن زياد النيسابوري، قال: حدثنا أحمد بن منصور المروزي، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن عبد الله بن عمرو بن هند الجملي، قال: قال علي (عليه السلام): كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاني، وإذا سكت ابتدأني (2). 366 / 14 – حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن أبي بشر، قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، أنه كان إذا حدثنا عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد (عليه السلام) (3). 367 / 15 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الكوفي، قال: حدثني محمد بن أبي بشر، قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، عن سليمان بن داود المنقري، قال: كان علي بن غراب إذا حدثنا عن جعفر بن محمد قال: حدثنا الصادق عن الله جعفر بن محمد (عليه السلام) (4). 368 / 16 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن ابن علي العدوي (5)، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن عمار الجارودي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، عن أبي الجارود، عن أبي الهيثم، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى يبعث أناسا وجوههم من نور، على


(1) بحار الانوار 39: 93 / 2. (2) بحار الانوار 40: 185 / 67. (3) علل الشرائع: 234 / 2، بحار الانوار 47: 18 / 9. (4) علل الشرائع: 234 / 3، بحار الانوار 47: 18 / 10. (5) في النسخ: العبدي، تصحيف صوابه ما أثبتناه، انظر: تاريخ بغداد 7: 381، ميزان الاعتدال 1: 506، لسان الميزان 2: 228.

[ 316 ]

كراسي من نور، عليهم ثياب من نور، في ظل العرش، بمنزلة الانبياء وليسوا بالانبياء، وبمنزلة الشهداء وليسوا بالشهداء. فقال رجل: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: لا. قال آخر: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: لا. قيل: من هم يا رسول اله؟ قال: فوضع يده على رأس علي (عليه السلام) وقال: هذا وشيعته (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا


(1) بحار الانوار 40: 5 / 11.

[ 317 ]

[ 43 ] المجلس الثالث والاربعون مجلس يوم الجمعة الحادي والعشرين من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 369 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثني أبو عبد الله الرازي واسمه عبد الله بن أحمد، عن سجادة واسمه الحسن بن علي بن أبي عثمان، واسم أبي عثمان حبيب، عن محمد بن أبي حمزة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: تبع حكيم حكيما سبعمائة فرسخ في سبع كلمات، فلما لحق به قال له: يا هذا، ما أرفع من السماء، وأوسع من الارض، وأغنى من البحر، وأقسى من الحجر، وأشد حرارة من النار، وأشد بردا من الزمهرير، وأثقل من الجبال الراسيات. فقال له: يا هذا، الحق أرفع من السماء، والعدل أوسع من الارض، وغنى النفس أغنى من البحر، وقلب الكافر أقسى من الحجر، والحريص الجشع أشد حرارة من النار، واليأس من روح الله عز وجل أشد بردا من الزمهرير، والبهتان على البرئ أثقل من الجبال الراسيات (1).


(1) الخصال: 348 / 21، الغايات: 95، بحار الانوار 78: 190 / 2.

[ 318 ]

370 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد الشحام، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس، كان حقا على الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة ويدخله الجنة (1). 371 / 3 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثني صالح بن أبي حماد، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر ابن محمد (عليه السلام): إذا أراد الله عز وجل برعية خيرا، جعل لها سلطانا رحيما، وقيض له وزيرا عادلا (2). 372 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن مصعب الهمداني، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: أدوا الامانة ولو إلى قاتل الحسين بن علي (عليهما السلام) (3). 373 / 5 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: اتقوا الله، وعليكم بأداء الامانة إلى من ائتمنكم، فلو أن قاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ائتمنني على أمانة لاديتها إليه (4). 374 / 6 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن


(1) بحار الانوار 75: 340 / 18. (2) بحار الانوار 75: 340 / 19. (3) بحار الانوار 75: 113 / 1. (4) بحار الانوار 75: 114 / 2.

[ 319 ]

الحكم، عن حمران بن أعين، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت سيد العابدين علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول لشيعته: عليكم بأداء الامانة، فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو أن قاتل أبي الحسين بن علي (عليهما السلام) ائتمنني على السيف الذي قتله به لاديته إليه (1). 375 / 7 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكوفي الهمداني البزاز (2)، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبان بن تغلب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما أصاب آل يعقوب ما أصاب الناس من ضيق الطعام، جمع يعقوب (عليه السلام) بنيه، فقال لهم: يا بني، إنه بلغني أنه يباع بمصر طعام طيب وأن صاحبه رجل صالح لا يحبس الناس، فاذهبوا إليه واشتروا منه طعاما، فإنه سيحسن إليكم إن شاء الله. فتجهزوا وساروا حتى وردوا مصر فادخلوا على يوسف (عليه السلام) فعرفهم وهم له منكرون، فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، ونحن من جبل كنعان، قال يوسف: ولدكم إذن ثلاثة أنبياء، وما أنتم بحكماء (3)، ولا فيكم وقار ولا خشوع، فلعلكم جواسيس لبعض الملوك جئتم إلى بلادي. فقالوا: أيها الملك، لسنا بجواسيس، ولا أصحاب حرب، ولو تعلم بأبينا إذن لكرمنا عليك، فإنه نبي الله وابن أنبيائه، وإنه لمحزون. قال لهم يوسف (عليه السلام): فمما حزنه وهو نبي الله وابن أنبيائه، والجنة مأواه، وهو ينظر إليكم في مثل عددكم وقوتكم! فلعل حزنه إنما هو من قبل سفهكم وجهلكم وكذبكم وكيدكم ومكركم.


(1) بحار الانوار 75: 114 / 3. (2) في نسخة: البزار. (3) في نسخة: بحلماء.

[ 320 ]

فقالوا: أيها الملك لسنا بجهال ولا سفهاء، ولا أتاه الحزن من قبلنا، ولكن كان له ابن كان أصغرنا سنا يقال له: يوسف، فخرج معنا إلى الصيد فأكله الذئب، فلم يزل بعده كئيبا حزينا باكيا. فقال لهم يوسف (عليه السلام): كلكم من أب واحد؟ فقالوا أبونا واحد، وأمهاتنا شتى. قال: فما حمل أباكم على أن سرحكم كلكم، ألا حبس منكم واحدا يأنس به ويستريح إليه. قالوا: قد فعل، قد حبس منا واحدا، وهو أصغرنا سنا. قال: ولم أختاره لنفسه من بينكم؟ قالوا: لانه أحب أولاده إليه بعد يوسف. فقال لهم يوسف (عليه السلام): إني أحبس منكم واحدا يكون عندي، وارجعوا إلى أبيكم وأقرئوه مني السلام، وقولوا له: يرسل إلي بابنه الذي زعمتم أنه حبسه عنده، ليخبرني عن حزنه، وعن سرعة الشيب إليه قبل أوان مشيبه، وعن بكائه وذهاب بصره. فلما قال هذا اقترعوا بينهم، فخرجت القرعة على شمعون فأمر به فحبس. فلما ودعوا شمعون، قال لهم: يا اخوتاه، انظروا ماذا وقعت فيه، وأقرئوا والدي مني السلام، فودعوه وساروا حتى وردوا الشام، ودخلا على يعقوب (عليه السلام)، وسلموا عليه سلاما ضعيفا، فقال لهم: يا بني، ما لكم تسلمون سلاما ضعيفا، ومالي لا أسمع فيكم صوت خليلي شمعون؟ قالوا: يا أبانا، إنا جئناك من عند أعظم الناس ملكا، لم ير الناس مثله حكما وعلما وخشوعا وسكينة ووقارا، ولئن كان لك شبيه، فإنه لشبيهك، ولكنا أهل بيت خلقنا للبلاء، أتهمنا الملك، وزعم أنه لا يصدقنا حتى ترسل معنا ابن يامين برسالة منك، يخبره عن حزنك وعن سرعة الشيب إليك قبل أوان المشيب، وعن بكائك وذهاب بصرك. فظن يعقوب (عليه السلام) أن ذلك مكر منهم. فقال لهم: يا بني، بئس العادة عادتكم، كلما خرجتم في وجه نقص منكم واحد، لا أرسله معكم. فلما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم بغير علم منهم، فأقبلوا إلى أبيهم فرحين، قالوا: يا أبانا، ما رأى الناس مثل هذا الملك أشد اتقاءا للاثم منه، رد علينا بضاعتنا مخافة الاثم، وهي بضاعتنا ردت إلينا، ونمير أهلنا، ونحفظ أخانا،


[ 321 ]

ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير. قال يعقوب: قد علمتم أن ابن يامين أحبكم إلي بعد أخيكم يوسف، وبه أنسي، وإليه سكوني من بين جماعتكم، فلن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم. فضمنه يهودا، فخرجوا حتى وردوا مصر، فدخلوا على يوسف (عليه السلام)، فقال لهم: هل بلغتم رسالتي؟ قالوا: نعم، وقد جئناك بجوابها مع هذا الغلام فسله عما بدا لك. قال له يوسف: بما أرسلك أبوك إلي يا غلام؟ قال: أرسلني إليك يقرئك السلام، ويقول: إنك أرسلت إلي تسألني عن حزني، وعن سرعة الشيب إلي قبل أوان المشيب، وعن بكائي وذهاب بصري، فإن أشد الناس حزنا وخوفا أذكرهم للمعاد، وإنما أسرع الشيب إلي قبل أوان المشيب لذكر يوم القيامة، وأبكاني وبيض عيني الحزن على حبيبي يوسف، وقد بلغني حزنك بحزني واهتمامك بأمري، فكان الله لك جازيا ومثيبا، وإنك لن تصلني بشئ أنا أشد فرحا به من أن تعجل علي ولدي ابن يامين، فإنه أحب أولادي إلي بعد يوسف، فأونس به وحشتي، وأصل به وحدتي، وتعجل علي بما أستعين به على عيالي. فلما قال هذا خنقت يوسف (عليه السلام) العبرة حتى قام فدخل البيت وبكى ساعة، ثم خرج إليهم وأمر لهم بطعام، وقال: ليجلس كل بني ام على مائدة. فجلسوا وبقي ابن يامين قائما، فقال له يوسف: ما لك لم تجلس؟ فقال له: ليس لي فيهم ابن ام. فقال له يوسف (عليه السلام): أفما كان لك ابن ام؟ فقال له ابن يامين: بلى. فقال له يوسف (عليه السلام) فما فعل؟ قال: زعم هؤلاء أن الذئب أكله. قال: فما بلغ من حزنك عليه؟ قال: ولد لي اثني عشر ابنا كلهم اشتق لهم اسما من اسمه. فقال له يوسف (عليه السلام): أراك قد عانقت النساء، وشممت الولد من بعده! فقال له ابن يامين: إن لي أبا صالحا، وإنه قال لي: تزوج، ولعل الله عز وجل يخرج منك ذرية تثقل الارض بالتسبيح. فقال له يوسف (عليه السلام): تعال فاجلس على مائدتي. فقال إخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى إن الملك قد أجلسه معه على مائدته.


[ 322 ]

فأمر يوسف (عليه السلام) أن يجعل صواع (1) الملك في رحل ابن يامين، فلما تجهزوا (أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون * قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا: نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم * قالوا: تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين). وكان الرسم فيهم والحكم أن السارق يسترق ولا يقطع (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) فحبسه، فقال إخوته لما أصابوا الصواع في وعاء ابن يامين (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون * قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن تأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون * فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الارض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين أرجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التى كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون). فلما رجعوا إلى أبيهم، قالوا ذلك له، قال: إن ابني لا يسرق (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم) (2). ثم أمر بنيه بالتجهيز إلى مصر، فساروا حتى أتوا مصر، فدخلوا على يوسف (عليه السلام) ودفعوا إليه كتاب من يعقوب يستعطفه فيه ويسأله رد ولده عليه، فلما نظر فيه خنقته العبرة، ولم يصبر حتى قام فدخل البيت فبكى ساعة، ثم خرج إليهم فقالوا له: (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين) فقال لهم يوسف: (هل علمتم ما فعلتم


(1) الصواع: مكيال يكال به. (2) يوسف 12: 70 – 83.

[ 323 ]

بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أءنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين * قالوا تالله لقد ءاثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين * قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين). ثم أمرهم بالانصراف إلى يعقوب (عليه السلام) وقال لهم (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين) (1). فهبط جبرئيل (عليه السلام) على يعقوب (عليه السلام) فقال: يا يعقوب، ألا أعلمك دعاء يرد الله عليك به بصرك، ويرد عليك ابنيك؟ قال: بلى. قال: قل ما قاله أبوك آدم فتاب الله عليه، وما قاله نوح فاستوت به سفينته على الجودي ونجا من الغرق، وما قاله أبوك إبراهيم خليل الرحمن حين ألقي في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما. فقال يعقوب (عليه السلام): وما ذاك يا جبرئيل؟ فقال: قل: يا رب، أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، أن تأتيني بيوسف وابن يامين جميعا، وترد علي عيني. فما استتم يعقوب (عليه السلام) هذا الدعاء حتى جاء البشير، فألقى قميص يوسف عليه فارتد بصيرا. فقال لهم: ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم) (2) فروي في خبر عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: أخرهم إلى السحر، فأقبل يعقوب إلى مصر، وخرج يوسف ليستقبله، فهم بأن يترجل ليعقوب، ثم ذكر ما هو فيه من الملك فلم يفعل، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا يوسف، إن الله عز وجل يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح؟ ما كنت فيه؟ أبسط يدك، فبسطها فخرج من بين أصابعه نور، فقال له: ما هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا إنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه.


(1) يوسف 12: 88 – 92. (2) يوسف 12: 97 و 98.

[ 324 ]

فقال يوسف: (ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين * ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا)، فقال يوسف ليعقوب: (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا – إلى قوله – توفنى مسلما وألحقني بالصالحين) (1). 376 / 8 – وروي في خبر عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: دخل يوسف السجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ومكث فيه ثمان عشرة سنة، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة، فذلك مائة سنة وعشر سنين (2). وصلى الله على محمد وآله أجمعين وسلم كثيرا 377 / 9 – وفي هذا اليوم أيضا بعد المجلس حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي بن الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو غسان النهدي، قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجبة، عن علي (عليه السلام) أنه قيل له: حدثنا عن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، حدثنا عن أبي ذر الغفاري. قال: علم العلم ثم أوكاه، وربط عليه رباطا شديدا. قالوا: فعن حذيفة، قال: تعلم أسماء المنافقين. قالوا: فعن عمار بن ياسر. قال: مؤمن ملئ مشاشه إيمانا، نسي، إذا ذكر ذكر. قيل: فعن عبد الله بن مسعود. قال: قرأ القرآن فنزل عنده. قالوا: فحدثنا عن سلمان الفارسي. قال: أدرك العلم الاول والآخر، وهو بحر لا ينزح، وهو منا أهل البيت. قالوا: فحدثنا عنك، يا أمير المؤمنين. قال: كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت (3).


(1) بحار الانوار 12: 256 / 23، والآية من سورة يوسف 12: 99 – 101. (2) بحار الانوار 12: 256 / 23. (3) بحار الانوار 22: 318 / 4.

[ 325 ]

[ 44 ] المجلس الرابع والاربعون مجلس يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 378 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: ما أحسن الحسنات بعد السيئات! وما أقبح السيئات بعد الحسنات (1). 379 / 2 – حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: الظلم ثلاثة: ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره الله، وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفر الله عز وجل فالشرك بالله، وأما الظلم الذي يغفره الله عز وجل فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل، وأما الظلم


(1) بحار الانوار 71: 242 / 1.

[ 326 ]

الذي لا يدعه الله عز وجل فالمداينة بين العباد (1). 380 / 3 – وقال (عليه السلام): ما يأخذ المظلوم من دين الظالم، أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم (2). 381 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن يحيى الحلبي، عن أبيه، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنه قال لرجل: يا فلان، لا تجالس الاغنياء، فإن العبد يجالسهم وهو يرى أن لله عليه نعمة، فما يقوم حتى يرى أن ليس لله عليه نعمة (3). 382 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (وقولوا للناس حسنا) (4)، قال: قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله عز وجل يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش، السائل الملحف، ويحب الحيي الحليم، العفيف المتعفف (5). 383 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسين بن سعيد، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي البلاد، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة، وأول أهل الجنة


(1) الخصال: 118 / 105، بحار الانوار 75: 311 / 15. (2) بحار الانوار 75: 311 / 15. (3) بحار الانوار 74: 194 / 21. (4) البقرة 2: 83. (5) تفسير العياشي 1: 48 / 63، بحار الانوار 74: 161 / 19.

[ 327 ]

دخولا إلى الجنة أهل المعروف، وإن أول أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر (1). 384 / 7 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي (رحمه الله)، في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلي سنة سبع وثلاثمائة، قال: حدثنا أبي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى، خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك، واذكرني في خلواتك وعند سرور لذاتك اذكرك عند غفلاتك، واملك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي، وأكتم مكنون سري في سريرتك، وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي، ولا تستسب لي عندهم بإظهارك مكنون سري، فتشرك عدوك وعدوي في سبي (2). 385 / 8 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في سجوده: أناجيك يا سيدي كما يناجي العبد الذليل مولاه، وأطلب إليك طلب من يعلم أنك تعطي ولا ينقص مما عندك شئ، واستغفرك استغفار من يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وأتوكل عليك توكل من يعلم أنك على كل شئ قدير (3). 386 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني أبو حفص عمرو بن خالد، عن أخيه سفيان بن خالد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من استغفر الله عز وجل بعد العصر سبعين مرة غفر الله له ذلك


(1) أمالي الطوسي: 603 / 1249، بحار الانوار 74: 407 / 1. (2) أمالي المفيد: 210 / 46، بحار الانوار 13: 328 / 6. (3) بحار الانوار 86: 227 / 47.

[ 328 ]

اليوم سبعمائة ذنب، فإن لم يكن له فلابيه، فإن لم يكن لابيه فلامه، فإن لم يكن لامه فلاخيه، فإن لم يكن لاخيه فلاخته، فإن لم يكن لاخته فللاقرب فالاقرب (1). 387 / 10 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن أبي الصهبان، عن أبي عمران الارمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن قوما إذا ذكروا بشئ من القرآن أو حدثوا به صعق أحدهم حتى يرى أنه لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك. فقال: سبحان الله! ذاك من الشيطان، ما بهذا أمروا، إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل (2). 388 / 11 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: من صلى الصلوات المفروضات في أول وقتها فأقام حدودها، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية، وهي تهتف به: حفظك الله كما حفظتني، واستودعك الله كما استودعتني ملكا كريما، ومن صلاها بعد وقتها من غير علة فلم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة، وهي تهتف به: ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني، ولا رعاك الله كما لم ترعني. ثم قال الصادق (عليه السلام): إن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله الصلوات المفروضات، وعن الزكاة المفروضة، وعن الصيام المفروض، وعن الحج المفروض، وعن ولايتنا أهل البيت، فإن أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عز وجل منه شيئا من أعماله (3).


(1) بحار الانوار 86: 78 / 2. (2) بحار الانوار 70: 112 / 1. (3) بحار الانوار 27: 167 / 2، و 83: 10 / 7.

[ 329 ]

389 / 12 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز، عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها أبدا، ثم اصرف ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لاحسنت صلاتك، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه (1). 390 / 13 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيي الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا القاسم بن بهرام عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا الحسن بن مهران، قال: حدثنا سلمة بن خالد (2)، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله عز وجل: (يوفون بالنذر) (3)، قال: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن، لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما. فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل، وكذلك قالت فاطمة (عليها السلام)، وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام، وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام. فانطلق علي (عليه السلام) إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف،


(1) ثواب الاعمال: 35، بحار الانوار 83: 10 / 8، 9. (2) في نسخة: مسلمة بن خالد، وهو مذكور في الجرح والتعديل 8: 267 / 1220، ولم تذكر روايته عن الصادق (عليه السلام)، والذي في رجال الشيخ: 212 / 157: سلمة بن خالد الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السلام)، ولعله مسلم بن خالد المكي، فقد روى عنه (عليه السلام) في الحديث (14) من المجلس (46). (3) الانسان 76: 7.

[ 330 ]

فقال: هل لك أن تعطيني جزة (1) من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم. فأعطاه فجاء بالصوف والشعير، وأخبر فاطمة (عليها السلام) فقبلت وأطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذت صاعا من الشعير، فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى منزله، فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا مسكين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة. فوضع اللقمة من يده، ثم قال: فاطم ذات المجد واليقين * * يا بنت خير الناس أجمعين أما ترين البائس المسكين * * جاء إلى الباب له حنين يشكو إلى الله ويستكين * * يشكو إلينا جائعا حزين كل امرئ بكسبه رهين * * من يفعل الخير يقف سمين موعده في جنة رحيم * * حرمها الله على الضنين وصاحب البخل يقف حزين * * تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم والغسلين فأقبلت فاطمة (عليها السلام) تقول: أمرك سمع يا بن عم وطاعة * * ما بي من لؤم ولا وضاعة (2) غذيت باللب وبالبراعة (3) * * أرجو إذا أشبعت من مجاعة أن ألحق الاخيار والجماعة * * وأدخل الجنة في شفاعة وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعا، (هامش) (1) الجزة: صوف شاة في سنة. (2) في نسخة: ولا ضراعة. (3) في نسخة: وبالبراءة.


[ 331 ]

وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح (1). ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم أتى منزله، فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين، قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة. فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده، ثم قال: فاطم بنت السيد الكريم * * بنت نبي ليس بالزنيم قد جاءنا الله بذا اليتيم * * من يرحم اليوم فهو رحيم موعده في جنة النعيم * * حرمها الله على اللئيم وصاحب البخل يقف ذميم * * تهوي به النار إلى الجحيم شرابها الصديد والحميم فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: فسوف أعطيه ولا أبالي * * وأؤثر الله على عيالي أمسوا جياعا وهم أشبالي * * أصغرهما يقتل في القتال بكربلاء يقتل باغتيال * * لقاتليه الويل مع وبال يهوي في النار إلى سفال * * كبوله زادت على الاكبال ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف، وطحنت الصاع الباقي وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم أتى منزله، فقرب إليه الخوان، وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا أسير من أسراء


(1) أي الخالص.

[ 332 ]

المشركين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا! فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده، ثم قال: فاطم يا بنت النبي أحمد * * بنت النبي سيد مسود قد جاءك الاسير ليس يهتد * * مكبلا في غله مقيد يشكو إلينا الجوع قد تقدد * * من يطعم اليوم يجده في غد عند العلي الواحد الموحد * * ما يزرع الزارع سوف يحصد فأعطني لا تجعليه ينكد فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: لم يبق مما كان غير صاع * * قد دبرت كفي معه الذراع شبلاي والله هما جياع * * يا رب لا تتركهما ضياع أبوهما للخير ذو اصطناع عبل (1) الذراعين طويل الباع وما على رأسي من قناع * * إلا عبا نسجتها بصاع وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه، وباتو جياعا، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شئ. قال شعيب في حديثه: وأقبل علي بالحسن والحسين (عليهما السلام) نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر بهم النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا أبا الحسن، شد ما يسوءني ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضمها إليه وقال: واغوثاه بالله، أنتم منذ ثلاث فيما أرى! فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك. قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ قال: (هل أتى على الانسان حين من الدهر) حتى إذا بلغ (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) (2).


(1) أي ضخم. (2) الانسان 76: 1 – 22.

[ 333 ]

وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم، ثم انكب عليهم يبكي ويقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى، وأنا غافل عنكم! فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآيات (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا)، قال: هي عين في دار النبي (صلى الله عليه وآله) تفجر إلى دور الانبياء والمؤمنين (يوفون بالنذر) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجاريتهم (ويخافون يوما كان شره مستطيرا)، يقول: عابسا كلوحا (ويطعمون الطعام على حبه) يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له (مسكينا) من مساكين المسلمين (ويتيما) من يتامى المسلمين (وأسيرا) من أسارى المشركين ويقولون إذا أطعموهم: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)، قال: والله ما قالوا هذا لهم، ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون: لا نريد منكم جزاء تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه. قال الله تعالى ذكره: (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة) في الوجوه (وسرورا) في القلوب (وجزاهم بما صبروا جنة) يسكنونها (وحريرا) يفترشونه ويلبسونه (متكئين فيها على الارائك) والاريكة السرير عليه الحجلة (1) (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا). قال ابن عباس: فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان، فيقول أهل الجنة: يا رب، إنك قلت في كتابك: (لا يرون فيها شمسا)؟ فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل. فيقول: ليس هذه بشمس، ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت (هل أتى) فيهم إلى قوله تعالى: (وكان سعيكم مشكورا) (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) الحجلة: ساتر كالقبة يزين بالثياب والستور للعروس. (2) بحار الانوار 35: 237 / 1.

[ 334 ]

[ 45 ] المجلس الخامس والاربعون مجلس يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 391 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي جهم، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب، قال: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني، فأتيت كاهنة قريش، وعلي مطرف (1) خز، وجمتي (2) تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، فاستوت، وأنا يومئذ سيد قومي، فقال: ما شأن سيد العرب متغير اللون! هل رابه من حدثان الدهر (3) ريب؟ فقلت لها: بلى، إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر، كأن شجرة قد نبتت على


(1) المطرف: رداء أو ثوب من خز مربع ذو أعلام. (2) الجمة: ما ترامى من شعر الرأس على المنكبين. (3) أي نوائبه وحوادثه.

[ 335 ]

ظهري، قد نال رأسها السماء، وضربت بأغصانها الشرق والغرب، ورأيت نورا يزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم ساجدة لها، وهي كل يوم تزداد عظما ونورا، ورأيت رهطا من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن الناس وجها، وأنظفهم ثيابا، فيأخذهم ويكسر ظهورهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لا تناول غصنا من أغصانها، فصاح بي الشاب: مهلا، ليس لك منها نصيب. فقلت: لمن النصيب والشجرة مني؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها، وستعود إليها: فانتبهت مذعورا فزعا متغير اللون. فرأيت لون الكاهنة قد تغير، ثم قالت: لئن صدقت (1) ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق والغرب، وينبأ في الناس – فتسرى عني غمي – فانظر أبا طالب لعلك تكون أنت. وكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث، والنبي (صلى الله عليه وآله) قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الامين (2). 392 / 2 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن سعيد بن مسلم مولى لبني مخزوم، عن سعيد بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: سمعت أبي العباس يحدث، قال: ولد لابي عبد المطلب عبد الله، فرأينا في وجهه نورا يزهر (3) كنور الشمس، فقال أبي: إن لهذا الغلام شأنا عظيما. قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طائر أبيض، فطار فبلغ المشرق والمغرب، ثم رجع راجعا حتى سقط على بيت الكعبة، فسجدت له قريش كلها، فبينما الناس يتأملونه إذ صار نورا بين السماء والارض، وامتد حتى بلغ المشرق والمغرب. فلما انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم فقالت: يا عباس، لئن صدقت رؤياك ليخرجن من


(1) أي الرؤيا. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 173 / 30، بحار الانوار 15: 254 / 7. (3) أي يشرق ويتلالا.

[ 336 ]

صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعا له. قال أبي: فهمني أمر عبد الله إلى أن تزوج بآمنة، وكانت من أجمل نساء قريش، وأتمها خلقا، فلما مات عبد الله وولدت آمنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتيته، فرأيت النور بين عينيه يزهر، فحملته وتفرست في وجهه، فوجدت منه ريح المسك، وصرت كأني قطعة مسك من شدة ريحي، فحدثتني آمنة وقالت لي: إنه لما أخذني الطلق واشتد بي الامر، سمعت جلبة (1) وكلاما لا يشبه كلام الآدميين، ورأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والارض، ورأيت نورا يسطع من رأسه حتى بلغ السماء، ورأيت قصور الشامات كأنها شعلة نار نورا، ورأيت حولي من القطاة أمرا عظيما، قد نشرت أجنحتها حولي، ورأيت شعيرة الاسدية قد مرت وهي تقول: آمنة، ما لقيت الكهان والاصنام من ولدك! ورأيت رجلا شابا من أتم الناس طولا، وأشدهم بياضا، وأحسنهم ثيابا، ما ظننته إلا عبد المطلب، قد دنا مني فأخذ المولود، فتفل في فيه، ومعه طست من ذهب مضروب بالزمرد، ومشط من ذهب، فشق بطنه شقا، ثم أخرج قلبه فشقه، فأخرج منه نكتة سوداء فرمى بها، ثم أخرج صرة من حريرة خضراء ففتحها، فإذا فيها كالذريرة (2) البيضاء فحشاه، ثم رده إلى ما كان، ومسح على بطنه، واستنطقه فنطق، فلم أفهم ما قال، إلا أنه قال: في أمان الله وحفظه وكلاءته، قد حشوت قلبك إيمانا وعلما وحلما ويقينا وعقلا وشجاعة، أنت خير البشر، طوبى لمن اتبعك، وويل لمن تخلف عنك. ثم أخرج صرة أخرى من حريرة بيضاء ففتحها فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفيه، ثم قال: أمرني ربي أن أنفخ فيك من روح القدس. فنفخ فيه، وألبسه قميصا، وقال: هذا أمانك من آفات الدنيا. فهذا ما رأيت – يا عباس – بعيني. قال العباس: وأنا يومئذ أقرأ، فكشفت عن ثوبه، فإذا خاتم النبوة بين كتفيه، فلم


(1) الجلبة: الصياح والصخب. (2) الذريرة: ما يذر في العين وعلى الجرح من دواء يابس وعلى الطعام من ملح مسحوق.

[ 337 ]

أزل أكتم شأنه، وأنسيت الحديث فلم أذكره إلى يوم إسلامي حتى ذكرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). 393 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام)، قال: اغتنموا الدعاء عند خمس: عند قراءة القرآن، وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم ليس لها حجاب دون العرش (2). 394 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة النهدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة لا ترد لهم دعوة، وتفتح لها أبواب السماء وتصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر (3). 395 / 5 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام): كان يقول: ما من أحد ابتلي، وإن عظمت بلواه، بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (4). 396 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال:


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 175 / 33 بحار الانوار 15: 256 / 8. (2) بحار الانوار 93: 343 / 1. (3) فضائل الاشهر الثلاثة: 111 / 104، بحار الانوار 93: 354 / 1، و 96: 256 / 39. (4 بحار الانوار 93: 380 / 2.

[ 338 ]

كان رسول الله (صلى الله عليه وآله إذا رأى الفاكهة الجديدة قبلها ووضعها على عينيه وفمه، ثم قال: اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية (1). 397 / 7 – حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله)، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن مالك الجهني، قال: ناولت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) شيئا من الرياحين، فأخذه فشمه ووضعه على عينيه، ثم قال: من تناول ريحانة فشمها ووضعها على عينيه ثم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، لم تقع على الارض حتى يغفر له (2). 398 / 8 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا لبست ثوبا جديدا أن أقول: الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أتجمل به في الناس، اللهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها بمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك، فإنه من فعل ذلك لم يتقمصه (3) حتى يغفر له (4). 399 / 9 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن عباس مولى الرضا، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: كان أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من قال حين يسمع أذان الصبع: اللهم إني أسألك بإقبال نهارك، وإدبار ليلك، وحضور صلاتك (5)، وأصوات دعاتك (6)، أن تتوب علي، إنك أنت التواب الرحيم، ومن قال مثل ذلك إذا سمع أذان المغرب ثم مات من يومه،


(1) بحار الانوار 95: 347 / 1. (2) بحار الانوار 95: 347 / 2. (3) يقال: تقمص القميص، إذا لبسه. (4) وسائل الشيعة 3: 373 / 2. (5) في نسخة: صلواتك. (6) زاد في نسخة: وتسبيح ملائكتك أن تصلي على محمد وآل محمد و.

[ 339 ]

أو من ليلته تلك، كان تائبا (1). 400 / 10 – حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثني علي ابن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن السراج، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من قطع ثوبا جديدا وقرأ (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ستا وثلاثين مرة، فإذا بلغ (تنزل الملائكة) (2) أخرج شيئا من الماء ورش بعضه على الثوب رشا خفيفا، ثم صلى فيه ركعتين، ودعا ربه، وقال في دعائه: الحمد لله الذي رزقني مما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي، وأصلي فيه لربي، وحمد الله (3)، لم يزل يأكل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب (4). 401 / 11 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا أو أحدا على غير ملة الاسلام، فقال: الحمد لله الذي فضلني عليك بالاسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبمحمد نبيا، وبعلي إماما، وبالمؤمنين إخوانا، وبالكعبة قبلة، لم يجمع الله بينه وبينه في النار أبدا (5). 402 / 12 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من نظر إلى ذي عاهة، أو من قد مثل به، أو صاحب بلاء، فليقل سرا في نفسه من غير أن يسمعه. الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء لفعل بي ذلك، ثلاث مرات،


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1: 253 / 1، ثواب الاعمال: 152، بحار الانوار 84: 173 / 1. (2) القدر 97: 4. (3) في نسخة: والحمد لله. (4) ثواب الاعمال: 25، وسائل الشيعة 3: 371 / 3. (5) قرب الاسناد: 70 / 227، ثواب الاعمال: 26، بحار الانوار 93: 217 / 1.

[ 340 ]

فإنه لا يصيبه ذلك البلاء ابدا (1). 403 / 13 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن عيسى، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقالوا: علامة. قال: وما العلامة؟ قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، وبالاشعار والعربية. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه (2). 404 / 14 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: بني الاسلام على خمس دعائم: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده (صلوات الله عليهم) (3). 405 / 15 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد البزاز، قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الفراء، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الايمان إقرار باللسان، ومعرفة


(1) بحار الانوار 93: 217 / 2. (2) الكافي 1: 24 / 1 بزيادة: عوالي اللآلئ 4: 79 / 75 بزيادة، بحار الانوار 1: 211 / 5، وزاد في نسخة: ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل. (3) بحار الانوار 68: 376: 22.

[ 341 ]

بالقلب، وعمل بالاركان. قال حمزة بن محمد: وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: سمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث، عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) باسناد مثله، قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لبرئ (1). 406 / 16 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان القندي، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن مبارك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاسلام عريان، فلباسه الحياء، وزينته الوفاء، ومروءته العمل الصالح، وعماده الورع، ولكل شئ أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت (2). 407 / 17 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن خالد بن ماد القلانسي، عن القندي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، أكل من قال لا إله إلا الله، مؤمن؟ قال: إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى، إنكم لا تدخلون الجنة حتى تحبوني، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا، يعني عليا (عليه السلام) (3). 408 / 18 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن غياث بن


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 227 / 5، الخصال: 179 / 242، بحار الانوار 69: 63 / 9. (2) الكافي 2: 38 / 2، المحاسن: 286 / 427، بحار الانوار 68: 343 / 15. (3) بحار الانوار 27: 75 / 2.

[ 342 ]

إبراهيم، عن ثابت بن دينار، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، أنا مدينة الحكمة، وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لانك مني وأنا منك لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك سريرتي، وعلانيتك علانيتي، وأنت إمام امتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الائمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 241 / 65، بحار الانوار 23: 125 / 53.

[ 343 ]

[ 46 ] المجلس السادس والاربعون مجلس يوم الثلاثاء الثاني من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 409 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: من رأى أخاه على أمر يكرهه، فلم يرده عنه، وهو يقدر عليه، فقد خانه، ومن لم يجتنجب مصادقة الاحمق أوشك أن يتخلق بأخلاقه (1). 410 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن عبد الجبار، عن أبي أحمد الازدي، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل آخى بيني وبين علي بن أبي طالب، وزوجه ابنتي فوق سبع سماواته، وأشهد على ذلك مقربي ملائكته، وجعله لي وصيا وخليفة، فعلي مني وأنا منه، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وإن الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبته (2).


(1) بحار الانوار 74: 190 / 2، و 75: 65 / 2. (2) بحار الانوار 43: 98 / 9.

[ 344 ]

411 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، أنه قال: إن الله تبارك وتعالى رضي لكم الاسلام دينا، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق (1). 412 / 4 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك تمحو الايمان، وكثرة الكذب تذهب بالبهاء (2). 413 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان مسلما فلا يمكر ولا يخدع، فإني سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول: إن المكر والخديعة في النار (3). 414 / 6 – ثم قال: (صلى الله عليه وآله): ليس منا من غش مسلما، وليس منا من خان مسلما (4). 415 / 7 – ثم قال: (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل الروح الامين نزل علي من عند رب العالمين، فقال: يا محمد، عليك بحسن الخلق، فإن سوء الخلق يذهب بخير الدنيا والآخرة، ألا وإن أشبهكم بي أحسنكم خلقا (5).


(1) بحار الانوار 71: 350 / 2، و: 391 / 50. (2) بحار الانوار 76: 58 / 1. (3) بحار الانوار 71: 387 / 35، وسائل الشيعة 8: 570 / 1. (4) بحار الانوار 75: 284 / 2 وسائل الشيعة 8: 570 / 1. (5) بحار الانوار 73: 296 / 3، وسائل الشيعة 8: 570 / 1.

[ 345 ]

416 / 8 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من صلى صلاة مكتوبة ثم سبح في دبرها ثلاثين مرة، لم يبق على بدنه شئ من الذنوب إلا تناثر (1). 417 / 9 – حدثنا جعفر بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أتي النبي (صلى الله عليه وآله) بأسارى فأمر بقتلهم خلا رجل من بينهم، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي – يا محمد – كيف أطلقت عني من بينهم؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أن فيك خمس خصال يحبها الله عز وجل ورسوله: الغيره الشديدة على حرمك، والسخاء، وحسن الخلق، وصدق اللسان، والشجاعة، فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه، وقاتل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتالا شديدا حتى استشهد (2). 418 / 10 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى الجلودي، قال: [ حدثنا محمد بن عطية، قال: حدثنا عبد الله بن عمرو بن سعيد البصري، قال: حدثنا ] (3) هشام بن جعفر، عن حماد، عن عبد الله بن سليمان (4)، وكان قارئا للكتب، قال: قرأت في الانجيل: يا عيسى، جد في أمري ولا


(1) وسائل الشيعة 4: 1032 / 5. (2) الخصال: 282 / 28، بحار الانوار 69: 383 / 45، و 71: 384 / 25. (3) أثبتناه من كمال الدين: 159 / 18، وللسند نظائر في الخصال: 59 / 80 وكمال الدين: 385 / 1، و: 392 / 5. (4) في نسخة: عن حماد بن عبد الله بن سليمان، وكذا في كمال الدين: 159 / 18، وفي الخصال 59 / 80 وكمال الدين: 385 / 1، عن حماد، عن عبد الله بن سليمان، وفي: 394 / 5 هشام بن جعفر بن حماد، عن عبد الله بن سليمان، والظاهر أنه مصحف هشام بن سنبر، عن حماد بن أبي سليمان، انظر تهذيب الكمال، 7: 271 و 30: 216.

[ 346 ]

تهزل، واسمع وأطع، يا بن الطاهرة الطهر البكر البتول، أتيت (1) من غير فحل، أنا خلقتك آية للعالمين، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل، خذ الكتاب بقوة، فسر لاهل سوريا السريانية، وبلغ من بين يديك أني أنا الله الدائم الذي لا أزول، صدقوا النبي (صلى الله عليه وآله) الامي صاحب الجمل والمدرعة (2) والتاج – وهي العمامة – والنعلين والهراوة – وهي القضيب – الانجل العينين (3)، الصلت الجبين (4)، الواضح (5) الخدين، الاقنى الانف، المفجل (6) الثنايا، كأن عنقه إبريق فضة، كأن الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من صدره إلى سرته، ليس على بطنه ولا على صدره شعر، أسمر اللون، دقيق المسربة (7)، شثن (8) الكف والقدم، إذا التفت التفت جميعا، وإذا مشى كأنما يتقلع (9) من الصخرة وينحدر من صبب (10)، وإذا جاء مع القوم بذهم (11)، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، وريح المسك ينفح منه، لم ير قبله مثله ولا بعده، طيب الريح، نكاح النساء ذو النسل القليل، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب، يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك، لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الاسلام، وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه، وشهد أيامه، وسمع كلامه.


(1) في نسخة: أنت. (2) المدرعة: ثوب صوف، وجبة مشقوقة المقدم. (3) العين النجلاء: الواسعة الحسنة. (4) جين صلت: واضح في سعة وبريق. (5) الواضح: الابيض. (6) قنى الانف: ارتفاع وسط قصبته وضيق منخريه، وفلج الاسنان: تباعدها. (7) المسربة: الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة. (8) الشسن: الغليظ الخشن. (9) في نسخة: ينقلع، والمراد قوة مشيه، أي كأنه يرفع رجليه من الارض رفعا قويا، لا كمن يمشي اختيالا ويقارب خطاه، فإن ذلك من مشي النساء. (10) الصيب: الموضع المنحدر. (11) أي غلبهم وسبقهم.

[ 347 ]

قال عيسى (عليه السلام): يا رب، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، أنا غرستها، تظل الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، وطعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظلما بعدها أبدا. فقال عيسى (عليه السلام): اللهم اسقني منها. قال: حرام – يا عيسى – على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتى تشرب أمة ذلك النبي، أرفعك إلي ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب، ولتعينهم على العين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم إنهم أمة مرحومة (1). 419 / 11 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن دبيس بن عبد الله المفسر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي البهلول المروزي، قال: حدثنا الفضل بن هرمز ديار الطبري، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن شجاع البلخي، قال: حدثنا سليمان بن الربيع، قال: سمعت كادح بن أحمد يقول: سمعت مقاتل بن سليمان يقول: سمعت الضحاك، قال: سأل رجل ابن عباس: ما الذي أخفى الله تبارك وتعالى من الجنة، وقد أخبر عن أزواجها، وعن خدمها، وطيبها وشرابها وثمرها، وما ذكر الله تبارك وتعالى من أمرها وأنزله في كتابه؟ فقال ابن عباس: هي جنة عدن، خلقها الله يوم الجمعة، ثم أطبق عليها، فلم يرها مخلوق من أهل السماوات والارض حتى يدخلها أهلها، قال لها عز وجل ثلاث مرات: تكلمي. فقالت: طوبى للمؤمنين. قال جل جلاله: طوبى للمؤمنين، وطوبى لك. قال مقاتل: قال الضحاك: قال ابن عباس: فقال النبي (صلى الله عليه وآله) إلا من كان فيه ست خصال فإنه منهم: من صدق حديثه، وأنجز وعده، وأدى أمانته، وبر والديه، ووصل رحمه، واستغفر من ذنبه، فهو مؤمن (2). 420 / 12 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 14: 284 / 6. (2) بحار الانوار 67: 290 / 13.

[ 348 ]

أبو بكر محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدينوري، قال: حدثنا أحمد بن أبي المقدام العجلي، قال: يروى أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي إليك حاجة. فقال: اكتبها في الارض، فإني أرى الضر فيك بينا. فكتب في الارض: أنا فقير محتاج. فقال علي (عليه السلام): يا قنبر اكسه حلتين. فأنشأ الرجل يقول: كسوتني حلة تبلى محاسنها * * فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة * * ولست تبقي بما قد نلته بدلا إن الثناء ليحيي ذكر صاحبه * * كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا لا تزهد الدهر في عرف (1) بدأت به * * فكل عبد سيجزى بالذي فعلا فقال علي (عليه السلام): أعطوه مائة دينار، فقيل له: يا أمير المؤمنين، لقد أغنيته. فقال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنزلوا الناس منازلهم. ثم قال علي (عليه السلام): إني لاعجب من أقوام يشترون المماليك بأموالهم، ولا يشترون الاحرار بمعروفهم! (2). 421 / 13 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا علي بن سعيد بن بشير، قال: حدثنا ابن كاسب، قال: حدثنا عبد الله بن ميمون المكي، قال: حدثنا جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام)، أنه دخل عليه رجلان من قريش، فقال: ألا أحدثكما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقالا: بلى، حدثنا عن أبي القاسم. قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: لما كان قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أيام هبط عليه جبرئيل، فقال: يا أحمد، إن الله أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة، يسألك عما هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك يا محمد؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): أجدني – يا جبرئيل – مغموما وأجدني – يا جبرئيل – مكروبا.


(1) العرف: المعروف. (2) بحار الانوار 74: 407 / 2.

[ 349 ]

فلما كان اليوم الثلاث هبط جبرئيل وملك الموت، ومعهما ملك يقال له: إسماعيل في الهواء علي سبعين ألف ملك، فسبقهم جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا أحمد، إن الله عز وجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة، يسألك عما هو أعلم به منك. فقال: كيف تجدك يا محمد؟ قال: أجدني – يا جبرئيل – مغموما، وأجدني – يا جبرئيل – مكروبا. فاستأذن ملك الموت، فقال جبرئيل: يا أحمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك، لم يستأذن على أحد قبلك، ولا يستأذن على أحد بعدك. قال: ائذن له. فأذن له جبرئيل (عليه السلام)، فأقبل حتى وقف بين يديه، فقال: يا أحمد، إن الله أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك فيما تأمرني، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أتفعل ذلك يا ملك الموت؟ قال: نعم، بذلك أمرت أن أطيعك فيما تأمرني. فقال له جبرئيل (عليه السلام): يا أحمد، أن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا ملك الموت، امض لما أمرت به. فقال جبرئيل (عليه السلام): هذا آخر وطئي الارض، إنما كنت حاجتي من الدنيا. فلما توفي رسول الله (صلى الله على روحه الطيب)، جاءت التعزية، جاءهم آت يسمعون حسه، ولا يرون شخصه، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) (1) إن في الله عز وجل عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): هل تدرون من هذا؟ هذا الخضر (عليه السلام) (2). 422 / 14 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو العباس أحمد


(1) آل عمران 3: 185. (2) بحار الانوار 22: 504 / 4.

[ 350 ]

ابن إسحاق المادري (1) بالبصرة في رجب سنة ثمان عشرة وثالث مائة، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا غانم بن الحسن السعدي، قال: حدثنا مسلم ابن خالد المكي، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قالت فاطمة (عليها السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه، أين ألقاك يوم الموقف الاعظم، ويوم الاهوال، ويوم الفزع الاكبر؟ قال: يا فاطمة، عند باب الجنة، ومعي لواء الحمد، وأنا الشفيع لامتي إلى ربي. قالت: يا أبتاه، فإن لم ألقك هناك؟ قال: القيني على الحوض وأنا أسقي أمتي. قالت: يا أبتاه، فإن لم ألقك هناك؟ قال: القيني على الصراط وأنا قائم أقول: رب سلم أمتي، قالت: فإن لم ألقك هناك؟ قال: القيني وأنا عند الميزان أقول: رب سلم أمتي. قالت: فإن لم ألقك هناك؟ قال: القيني عند شفير جهنم أمنع شررها ولهبها عن أمتي. فاستبشرت فاطمة بذلك (صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) (2). 423 / 15 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الازدي سنة ست عشرة ومائتين، قال: حدثنا قيس بن الربيع ومنصور بن أبي الاسود، عن الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، قال: قال علي (عليه السلام): ما نزلت من القرآن آية إلا وقد علمت أين نزلت، وفيمن نزلت، وفي أي شئ نزلت، وفي سهل نزلت، أو في جبل نزلت. قيل: فما نزل فيك؟ فقال: لولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، نزلت في هذه الآية: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (3)، فرسول الله المنذر، وأنا الهادي إلى ما جاء به (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) في نسخة: الماردي، وفي اخرى: المادرائي. (2) بحار الانوار 43: 21 / 11. (3) الرعد 13: 7. (4) بحار الانوار 92: 79 / 2.

[ 351 ]

[ 47 ] المجلس السابع والاربعون مجلس يوم الجمعة الخامس من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 424 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد المعروف بعلان، عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم، وهشام بن سالم في الصورة، فكتب (عليه السلام): دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان (1). 425 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الصقر بن دلف (2)، قال سألت أبا الحسن علي بن محمد بن علي ابن موسى الرضا (عليهم السلام) عن التوحيد، وقلت له إني أقول بقول هشام بن الحكم، فغضب (عليه السلام)، ثم قال: مالكم ولقول هشام، إنه ليس منا من زعم أن الله جسم،


(1) التوحيد: 97 / 2، بحار الانوار 3: 288 / 3. (2) كذا في النسخ، وفي معجم رجال الحديث 9: 139، والخصال: 395 / 102: الصقر بن أبي دلف.

[ 352 ]

ونحن منه براء في الدنيا والآخرة. يا بن دلف، إن الجسم محدث، والله محدثه ومجسمه (1). 426 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام): جعلت فداك أصلي خلف من يقول بالجس، ومن يقول بقول يونس بن عبد الرحمن؟ فكتب (عليه السلام): لا تصلوا خلفهم، ولا تعطوهم من الزكاة، وابرءوا منهم، برئ الله منهم (2). 427 / 4 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن واصل، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: حضرت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، ودخل عليه رجل من الخوارج، فقال: يا أبا جعفر، أي شئ تعبد؟ قال: الله. قال: رأيته؟ قال: لم تره العيون بمشاهدة العيان، ورأته القلوب بحقائق الايمان، لا يعرف بالقياس، ولا يشبه بالناس، موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه، ذلك الله لا إله إلا هو. قال: فخرج الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته (3). 428 / 5 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (4)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الفضل بن سليمان الكوفي، عن الحسين بن خالد، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول: لم يزل الله تبارك وتعالى عالما قادرا، حيا قديما، سميعا بصيرا. فقلت له: يا بن رسول الله: إن قوما يقولون: إنه عز وجل لم يزل عالما بعلم، وقادرا بقدرة، وحيا بحياة، وقديما بقدم، وسميعا بسمع، وبصيرا ببصر.


(1) التوحيد: 104 / 20، بحار الانوار 3: 291 / 10. (2) بحار الانوار 3: 292 / 13، و 88: 79 / 34. (3) التوحيد: 108 / 5، الاحتجاج: 321، بحار الانوار 4: 26 / 1. (4) في العيون، والتوحيد: علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، وكلاهما واحد، انظر نوابغ الرواة: 173.

[ 353 ]

فقال (عليه السلام): من قال بذلك ودان به، فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى، وليس من ولايتنا على شئ. ثم قال (عليه السلام) لم يزل الله عز وجل عالما قادرا، حيا قديما، سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما يقول المشركون المشبهون علوا كبيرا (1). 429 / 6 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة (2)، عن أبيه، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، أخبرني عن الله، هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه (3). 430 / 7 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الاسدي الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان، ولا مكان، ولا حركة، ولا انتقال، ولا سكون، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون والانتقال، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا (4). 431 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن صباح بن عبد الحميد وهشام وحفص وغير واحد، قالوا: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إنا لا نقول جبرا ولا تفويضا (5). 432 / 9 – حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، قال: حدثنا عمي محمد بن أبي


(1) التوحيد: 139 / 3، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 119 / 10، الاحتجاج: 410، بحار الانوار 4: 62 / 1. (2) في النسخ: محمد بن عمارة، والصواب ما أثبتناه من التوحيد، انظر الجامع في الرجال: 402، نوابغ الرواة: 271، في ترجمة محمد بن زكريا الغلابي، (3) التوحيد: 170 / 4، بحار الانوار 4: 63 / 3. (4) بحار الانوار 3: 309 / 1. (5) بحار الانوار 5: 4 / 1.

[ 354 ]

القاسم، قال: حدثنا محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله جل جلاله أوحى إلى الدنيا: أن أتعبي من خدمك، واخدمي من رفضك، وإن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه، أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال: يا رب يا رب، ناداه الجليل جل جلاله: لبيك عبدي، سلني أعطك، وتوكل علي أكفك، ثم يقول جل جلاله لملائكته: يا ملائكتي، أنظروا إلى عبدي، فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم، والبطالون لا هون، والغافلون نيام، اشهدوا أني قد غفرت له. ثم قال (عليه السلام): عليكم بالورع والاجتهاد والعبادة، وزوهدوا في هذه الدنيا الزاهدة فيكم، فإنها غرارة، دار فناء وزوال، كم من مغتر بها قد أهلكته، وكم من واثق بها قد خانته، وكم من معتمد عليها قد خدعته وأسلمته، واعلموا أن أمامكم طريقا مهولا، وسفرا بعيدا، وممركم على الصراط، ولا بد للمسافر من زاد، فمن لم يتزود وسافر عطب وهلك، وخير الزاد التقوى، ثم اذكروا وقوفكم بين يدي الله جل جلاله، فإنه الحكم العدل، واستعدوا لجوابه إذا سألكم، فإنه لابد سائلكم عما عملتم بالثقلين من بعدي، كتاب الله، وعترتي، فانظروا أن لا تقولوا: أما الكتاب فغيرنا وحرفنا، وأما العترة ففارقنا وقتلنا، فعند ذلك لا يكون جزاؤكم إلا النار، فمن أراد منكم أن يتخلص من هول ذلك اليوم، فليتول وليي، وليتبع وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب، فإنه صاحب حوضي، يذود عنه أعداءه، ويسقي أولياءه، فمن لم يسق منه لم يزل عطشان ولم يرو أبدا، ومن سقي منه شربة لم يشق ولم يظمأ أبدا، وإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لصاحب لوائي في الآخرة، كما كان صاحب لوائي في الدنيا، وإنه أول من يدخل الجنة، لانه يقدمني وبيده لوائي، تحته آدم ومن دونه من الانبياء (1).


(1) بحار الانوار 38: 99 / 18.

[ 355 ]

433 / 10 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، قال: جاء رجل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فقال له: يا بن رسول الله، أخبرني بمكارم الاخلاق. فقال: العفو عمن ظلمك، وصلة من قطعك، وإعطاء من حرمك، وقول الحق ولو على نفسك (1). 434 / 11 – حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران والحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله السجستاني، عن أبان بن تغلب، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): أنه قال: من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين، أعاذه الله من ضغطة القبر (2). 435 / 12 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال حدثنا سعد ابن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة بن بجاد العابد: أن رجلا قال للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): أوصني. فقال: أعد جهازك، وقدم زادك لطول سفرك، وكن وصي نفسك، ولا تأمن غيرك أن يبعث إليك بما يصلحك (3). 436 / 13 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني جعفر بن بشير البجلي، قال: حدثني حماد بن واقد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: من قال سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم: ثلاثين مرة، استقبل الغنى، واستدبر الفقر، وقرع باب الجنة (4).


(1) معاني الاخبار: 191 / 1، بحار الانوار 69: 368 / 6. (2) ثواب الاعمال: 194، بحار الانوار 6: 221 / 17، و 89: 265 / 1. (3) مستطرفات السرائر: 146 / 19، بحار الانوار 78: 270 / 111. (4) بحار الانوار 93: 177 / 5.

[ 356 ]

437 / 14 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنه قال: والله إن كان علي (عليه السلام) ليأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين (1)، فيخير غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإذا جاز كعبه حذفه، ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعا، ولا أورث بيضاء ولا حمراء، وإن كان ليطعم الناس خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخل، وما ورد عليه أمران كلاهما لله رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه، ولقد أعتق ألف مملوك من كد يده، تربت فيه يداه، وعرق فيه وجهه، وما أطاق عمله أحد من الناس، وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وإن كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسين (عليهما السلام)، وما أطاق عمله أحد من الناس بعده (2). 438 / 15 – وسمع رجل من التابعين أنس بن مالك يقول، نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام): (أمن هو قانت ءاناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه) (3) قال الرجل: فأتيت عليا (عليه السلام) لانظر إلى عبادته، فأشهد بالله لقد أتيته وقت المغرب فوجدته يصلي بأصحابه المغرب، فلما فرغ منها جلس في التعقيب إلى أن قام إلى عشاء الآخرة، ثم دخل منزله فدخلت معه، فوجدته طول الليل يصلي ويقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر، ثم جدد وضوءه وخرج إلى المسجد وصلى بالناس صلاة الفجر، ثم جلس في التعقيب إلى أن طلعت الشمس، ثم قصده الناس فجعل يختصم إليه رجلان، فإذا فرغا قام آخران، إلى أن قام إلى صلاة الظهر، قال: فجدد لصلاة الظهر وضوءه، ثم صلى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أن


(1) القميص السنبلاني: السابغ الطول، وقيل: هو منسوب إلى بلد بالروم. (2) بحار الانوار 41: 102 / 1. (3) الزمر 39: 9.

[ 357 ]

صلى بهم العصر، ثم أتاه الناس، فجعل يقوم رجلان ويقعد آخران، يقضي بينهم ويفتيهم إلى أن غابت الشمس، فخرجت وأنا أقول: أشهد بالله أن هذه الآية نزلت فيه (1). 439 / 16 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن كساه من عري كساه الله من استبرق وحرير، ومن سقاه شربة على عطش سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن أعانه أو كشف كربته أظله الله في ظل عرشة يوم لا ظل إلا ظله (2). 440 / 17 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي، عن الاصبغ بن نباتة، أنه قال: كان أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) إذا اتي بالمال أدخله بيت مال المسلمين، ثم جمع المستحقين، ثم ضرب يده في المال فنثره يمنة ويسرة، وهو يقول: يا صفراء، يا بيضاء، لا تغريني، غري غيري: هذا جناي وخياره فيه * * إذ كل جان يده إلى فيه (3) ثم لا يخرج حتى يفرق ما في بيت مال المسلمين ويؤتي كل ذي حق حقه، ثم يأمر أن يكنس ويرش، ثم يصلي فيه ركعتين، ثم يطلق الدنيا ثلاثا، يقول بعد التسليم:


(1) بحار الانوار 41: 13 / 3. (2) بحار الانوار 74: 382 / 88. (3) هذا البيت لعمرو بن عدي اللخمي ابن اخت جذيمة الابرش، وكان جذيمة قد نزل منزلا، وأمر الناس أن يجتنوا له الكمأة، فكان بعضهم إذا وجد منها شيئا يعجبه فربما آثر نفسه به على جذيمة، وكان عمرو بن عدي يأتيه بخير ما يجد، ويقول هذا البيت، فذهب مثلا، قال ابن سلام: والذي أراد علي (رضي الله عنه) أني اعطي المال غيري، وامنعه نفسي. كتاب الامثال: 174 / 495.

[ 358 ]

يا دنيا لا تتعرضي لي ولا تتشوقي ولا تغريني، فقد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي عليك (1). 441 / 18 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أنه سئل ما العقل؟ فقال: التجرع للغصة، ومداهنة الاعداء، ومداراة الاصدقاء (2). 442 / 19 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد الاشعري، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن سعيد الازدي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن صباح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد، فتغشاهم ظلمة شديدة، فيضجون إلى ربهم ويقولون: يا رب، اكشف عنا هذه الظلمة. قال: فيقبل قوم، يمشي النور بين أيديهم، قد أضاء أرض القيامة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء أنبياء الله؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بإنبياء. فيقول أهل الجمع: فهؤلاء ملائكة؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بملائكة. فيقول أهل الجمع: هؤلاء شهداء؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بشهداء. فيقولون: من هم؟ فيجيئهم النداء: يا أهل الجمع، سلوهم من أنتم. فيقول أهل الجمع: من أنتم؟ فيقولون: نحن العلويون، نحن ذرية محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، نحن أولاد علي ولي الله، نحن المخصوصون بكرامة الله، نحن الآمنون المطمئنون. فيجيئهم النداء من عند الله عز وجل: اشفعوا في محبيكم وأهل مودتكم وشيعتكم، فيشفعون ويشفعون (3). 443 / 20 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا سلمة


(1) بحار الانوار 41: 103 / 2. (2) بحار الانوار 75: 393 / 3. (3) بحار الانوار 7: 100 / 4، و 96: 217 / 1.

[ 359 ]

ابن الخطاب، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الوراق، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم لاصحابه: معاشر أصحابي، إن الله جل جلاله يأمركم بولاية علي بن أبي طالب، والاقتداء به، فهو وليكم وإمامكم من بعدي، لا تخالفوه فتكفروا، ولا تفارقوا فتضلوا، إن الله جل جلاله جعل عليا علما بين الايمان والنفاق، فمن أحبه كان مؤمنا، ومن أبغضه كان منافقا، إن الله جل جلاله جعل عليا وصيي ومنار الهدى بعدي، وموضع سري، وعيبة علمي، وخليفتي في أهلي، إلى الله أشكو ظالميه من أمتي من بعدي (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) بحار الانوار 38: 97 / 15.

[ 360 ]

[ 48 ] المجلس الثامن والاربعون مجلس يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 444 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: كان إبليس (لعنه الله) يخترق السماوات السبع، فلما ولد عيسى (عليه السلام) حجب عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سماوات، فلما ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجب عن السبع كلها، ورميت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن أمية، وكان من أزجر أهل الجاهلية: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها، ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث. وأصبحت الاصنام كلها صبيحة مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه، وارتجس (1) في تلك الليلة أيوان كسرى، وسقطت منه أربعة


(1) الارتجاس: الاضطراب والتزلزل.

[ 361 ]

عشر شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى المؤبذان (1) في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصتم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز، ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب، وسموا آل الله عز وجل. قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إنما سموا آل الله عز وجل لانهم في بيت الله الحرام. وقالت آمنة: إن ابني والله سقط فاتقى الارض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ، وسمعت في الضوء قائلا يقول: إنك قد ولدت سيد الناس، فسميه محمدا، وأتي به عبد المطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه، فأخذ فوضعه في حجره، ثم قال: الحمد لله الذي أعطاني * * هذا الغلام الطيب الاردان قد ساد في المهد على الغلمان ثم عوذه بأركان الكعبة (2)، وقال: فيه أشعارا. قال: وصاح أبليس (لعنه الله) في أبالسته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم، لقد أنكرت السماء والارض منذ الليلة، لقد حدث في الارض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه، فقالوا: ما وجدنا شيئا. فقال إبليس: أنا لهذا الامر. ثم انغمس في الدنيا، فجالها حتى انتهى إلى الحرم، فوجد الحرم


(1) المؤبذ: فقيه الفرس وحاكم المجوس، وقيل: المؤبذان كقاضي القضاة للمسلمين، والمؤبذ كالقاضي. (2) أي مسحه بها، أو دعا له عندها.

[ 362 ]

محفوفا (1) بالملائكة، فذهب ليدخل، فصاحوا به فرجع، ثم صار مثل الصر – وهو العصفور – فدخل من قبل حراء، فقال له جبرئيل: وراءك لعنك الله. فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الارض؟ فقال له: ولد محمد (صلى الله عليه وآله). فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا. قال: ففي أمته؟ قال: نعم. قال: رضيت (2). 445 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن معاذ الجوهري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل (عليه السلام)، قال: قال الله جل جلاله: من أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا، وهو لا يعلم أن لي أن أعذبه أو أعفو عنه، لا غفرت له ذلك الذنب أبدا، ومن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا، وهو يعلم أن لي أن أعذبه أو أعفو عنه، عفوت عنه (3). 446 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني علي بن الحكم، قال: حدثني الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): دخلت أم أيمن على النبي (صلى الله عليه وآله) وفي ملحفتها شئ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما معك، يا أم أيمن؟ فقالت: إن فلانة أملكوها، فنثروا عليها، فأخذت من نثارها. ثم بكت أم أيمن وقالت: يا رسول الله، فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شيئا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم أيمن، لم تكذبين؟ فإن الله تبارك وتعالى لما زوجت فاطمة عليا، أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها


(1) في نسخة: محفوظا. (2) بحار الانوار 15: 257 / 9. (3) بحار الانوار 73: 348 / 36.

[ 363 ]

وزمردها واستبرقها، فأخذوا منها مالا يعلمون، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة، فجعلها في منزل علي (1). 447 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يجوز على الصراط كالريح العاصف ويلج الجنة بغير حساب، فليتول وليي ووصيي وصاحبي وخليفتي على أهلي وأمتي علي بن أبي طالب، ومن سره أن يلج النار فليترك ولايته، فوعزة ربي وجلاله إنه لباب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وإنه الصراط المستقيم، وإنه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة (2). 448 / 5 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحم الله امرءا أعان والده على بره، رحم الله والدا أعان ولده على بره، رحم الله جارا أعان جاره على بره، رحم الله رفيقا أعان رفيقه على بره، رحم الله خليطا أعان خليطه على بره، رحم الله رجلا أعان سلطانه على بره (3). 449 / 6 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن الحسن بن علي (4) بن رباط، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال الصادق جعفر بن


(1) تفسير العياشي 2: 211 / 45، بحار الانوار 43: 98 / 10، و 103: 279 / 1. (2) بحار الانوار 38: 97 / 16. (3) ثواب الاعمال: 186، بحار الانوار 74: 65 / 32. (4) في النسخ: علي بن الحسن، صوابه ما أثبتناه، انظر معجم رجال الحديث 9: 31 والخصال والكافي 5: 95 / 1، والتهذيب 6: 185 / 384.

[ 364 ]

محمد (عليهما السلام): بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم (1). 450 / 7 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمن ظلمنا (2) 451 / 8 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن عبد العزيز ابن عمر، عن أحمد بن عمر الحلبي، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): أي الخصال بالمرء أجمل؟ قال: وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدنيا (3). 452 / 9 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من بات كالا من طلب الحلال، بات مغفورا له (4). 453 / 10 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن يحيى العطار، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن أحمد بن عبد الله، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن ذي الفقار سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من أين هو؟ فقال: هبط به جبرئيل من السماء، وكانت حليته من فضة، وهو عندي (5).


(1) الخصال 55: 75، بحار الانوار 74: 65 / 31. و 79: 18 / 2. (2) بحار الانوار 71: 414 / 31. (3) التمحيص: 68 / 166، الكافي 2: 188 / 33، الخصال: 92 / 36، بحار الانوار 69: 367 / 2، و 369 / 7، و 71: 377 / 1. (4) بحار الانوار 103: 2 / 1. (5) بصائر الدرجات: 200 / 21، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 50 / 195، بحار الانوار 42: 65 / 8.

[ 365 ]

454 / 1 1 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، عن الحسن (1) بن علي (عليهما السلام) أنه قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ما ثبات الايمان؟ فقال: الورع. فقيل له: ما زواله؟ قال: الطمع (2). 455 / 12 – حدثنا علي بن حاتم القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثني علي بن الحسين النحوي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، أنه قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا أدخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه، ويقولان له: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله، ومحمد نبيي، والاسلام ديني. فيفسحان له في قبره مد بصره، ويأتيانه بالطعام من الجنة، ويدخلان عليه الروح والريحان، وذلك قول الله عز وجل: (فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان) يعني في قبره (وجنت نعيم) (3) يعني في الآخرة. ثم قال (عليه السلام): إذا مات الكافر شيعه سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره، وإنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شئ إلا الثقلان ويقول: لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين ويقول: ارجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت. فتجيبه الزبانية: كلا إنها كلمة أنت قائلها. ويناديهم ملك: لو رد لعاد لما نهي عنه. فإذا أدخل قبره وفارقه الناس، أتاه منكر ونكير في أهول صورة فيقيمانه، ثم يقولان له: من ربك، وما دينك،


(1) في نسخة: الحسين. (2) بحار الانوار 70: 305 / 23. (3) الواقعة 56: 88، 89.

[ 366 ]

ومن نبيك؟ فيتلجلج لسانه ولا يقدر على الجواب، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شئ، ثم يقولان له: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري. فيقولان له: لا دريت، ولا هديت، ولا أفلحت. ثم يفتحان له باب إلى النار، وينزلان إليه الحميم من جهنم، وذلك قول الله عز وجل: (وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم) يعني في القبر (وتصلية جحيم) (1) يعني في الآخرة (2). 456 / 13 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: إن لله عز وجل حرمات ثلاثا ليس مثلهن شئ: كتابه وهو حمكته ونوره، وبيته الذي جعله قبلة للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره، وعترة نبيكم (صلى الله عليه وآله) (3). 457 / 14 – حدثنا علي بن عيسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عمرو بن ثابت، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل، ومن أسفلها خيل بلق (4)، مسرجة ملجمة، ذوات أجنحة، لا تروث ولا تبول، فيركبها أولياء الله، فتطير بهم في الجنة حيث شاءوا، فيقول الذين أسفل منهم: يا ربنا، ما بلغ بعبادك هذه الكرامة؟ فيقول الله جل جلاله: إنهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون، ويصومون النهار ولا يأكلون، ويجاهدون العدو ولا يجبنون، ويتصدقون ولا


(1) الواقعة 56: 92 – 94. (2) بحار الانوار 6: 222 / 22. (3) معاني الاخبار: 117 / 1، الخصال: 146 / 174، بحار الانوار 24: 185 / 1. (4) الابلق من الخيل: الذي فيه سواد وبياض.

[ 367 ]

يبخلون (1). 458 / 15 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع. قيل: وما هن، يا بن رسول الله؟ قال: الدين، والعقل، والحياء، وحسن الخلق، وحسن الادب. وخمس من لم تكن فيه لم يتهن بالعيش: الصحة، والامن، والغنى، والقناعة، والانيس الموافق (2). 459 / 16 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني، عن محمد بن الليث، عن جابر بن إسماعيل، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (علهيما السلام): أن رجلا سأل علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قيام الليل بالقرآن. فقال له: أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله مخلصا ابتغاء مرضاة الله، قال الله عز وجل لملائكته: اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل (3) من حبة وورقة وشجرة، وعدد كل قصبة وخوط (4) ومرعى، ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات وأعطاه كتابه بيمينه يوم القيامة، ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية وشفع في أهل بيته، ومن صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر حتى يمر على الصراط مع الآمنين، ومن صلى سدس ليلة كتب من الاوابين وغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين حتى يمر على الصراط كالريح العاصف، ويدخل الجنة بغير حساب، ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك إلا غبطه بمنزلته من الله عز وجل، وقيل له: ادخل من أي


(1) بحار الانوار 87: 139 / 7، و 96: 115 / 4. (2) بحار الانوار 1: 83 / 3، و 69: 369 / 8. (3) في نسخة: النيل. (4) الخوط: الغسن الناعم لسنته، وقيل: كل قضيب.

[ 368 ]

أبواب الجنة الثمانية شئت، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطي ملء الارض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاءه، وكان له ذلك أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (1) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات، ومن صلى ليلة تامة تاليا لكتاب الله عز وجل راكعا وساجدا وذاكرا، أعطي من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته أمه، ويكتب له عدد ما خلق الله من الحسنات ومثلها درجات، ويثبت النور في قبره، وينزع الاثم والحسد من قلبه، ويجار من عذاب القبر، ويعطى براءة من النار، ويبعث من الآمنين، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته: ملائكتي، انظروا إلى عبدي أحيا ليلة ابتغاء مرضاتي، أسكنوه الفردوس وله فيها مائة ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين، وما لا يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) عالج: رمال معروفة في البادية. (2) ثواب الاعمال: 43، بحار الانوار 87: 170 / 4.

[ 369 ]

[ 49 ] المجلس التاسع والاربعون مجلس يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 460 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الروح الامين جبرئيل أخبرني عن ربي تبارك وتعالى: أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، وأعلموا أن الرزق رزقان: فرزق تطلبونه، ورزق يطلبكم، فاطلبوا أرزاقكم من حلال، فإنكم آكلوها حلالا إن طلبتموها من وجوهها، وإن لم تطلبوها من وجوهها أكلتموها حراما، وهي أرزاقكم لابد لكم من أكلها (1). 461 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: النظر إلى ذريتنا عبادة.


(1) بحار الانوار 103: 28 / 44.

[ 370 ]

فقيل له: يا بن رسول الله، النظر إلى الائمة منكم عبادة، أم النظر إلى جميع ذرية النبي (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: بل النظر إلى جميع ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) عبادة (1). 462 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا النضر بن شعيب، عن خالد القلانسي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي، فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي (2). 463 / 4 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن سماعة بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، أنه قال: إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفرها به، ابتلاه الله عز وجل بالحزن في الدنيا ليكفرها به، فإن فعل ذلك به وإلا أسقم بدنه ليكفرها به، فإن فعل ذلك به وإلا شدد عليه عند موته ليكفرها به، فإن فعل ذلك به وإلا عذبه في قبره ليلقى الله عز وجل يوم يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من ذنوبه (3). 464 / 5 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة (4)، عن أبيه، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، والمسألة في القبر، والشفاعة (5).


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 51 / 196 بزيادة، بحار الانوار 96: 218 / 2، 3. (2) بحار الانوار 96: 218 / 4. (3) بحار الانوار 5: 315 / 9. (4) في النسخ: محمد بن عمارة، والصواب ما أثبتناه، انظر نوابغ الرواة: 271، الجامع في الرجال: 402. (5) صفات الشيعة: 129 / 69، بحار الانوار 6: 223 / 23، و 8: 196 / 186.

[ 371 ]

465 / 6 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كاد الفقر أن يكون كفرا، وكاد الحسد أن يغلب القدر (1). 466 / 7 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، قال: حدثني أبي، قال: حدثني هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم (2). 467 / 8 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن آدم، عن الحسن بن علي الخزار، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أحب العباد إلى الله عز وجل رجل صدوق في حديثه، محافظ على صلواته وما افترض الله عليه، مع أداء الامانة. ثم قال (عليه السلام)، من اؤتمن على أمانة فأداها فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار، فبادروا بأداء الامانة، فإن من اؤتمن على أمانة وكل به إبليس مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلوه ويوسوسوا إليه حتى يهلكوه إلا من عصم الله عز وجل (3). 468 / 9 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن هشام بن سالم، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من الجور قول الراكب للماشي: الطريق (4).


(1) الخصال: 11 / 40، بحار الانوار 73: 251 / 9. (2) الخصال: 4 / 10، بحار الانوار 2: 46 / 2. (3) بحار الانوار 69: 384 / 46، و 75: 114 / 4. (4) الخصال: 3 / 3، بحار الانوار 76: 298 / 35.

[ 372 ]

469 / 10 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الانصاري، عن الحسين بن يحيى بن الحسين، عن عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق بشيرا، لا يعذب الله بالنار موحدا أبدا، وإن أهل التوحيد ليشفعون فيشفعون. ثم قال (عليه السلام): إنه إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى بقوم ساءت أعمالهم في دار الدنيا إلى النار، فيقولون: يا ربنا، كيف تدخلنا النار وقد كنا نوحدك في دار الدنيا، وكيف تحرق بالنار ألسنتنا وقد نطقت بتوحيدك في دار الدنيا، وكيف تحرق قلوبنا وقد عقدت على أن لا إله إلا أنت، أم كيف تحرق وجوهنا وقد عفرناها لك في التراب، أم كيف تحرق أيدينا وقد رفعناها بالدعاء إليك؟ فيقول الله جل جلاله: عبادي، ساءت أعمالكم في دار الدنيا فجزاؤكم نار جهنم. فيقولون يا ربنا، عفوك أعظم أم خطيئتنا؟ فيقول عز وجل: بل عفوي. فيقولون: رحمتك أوسع أم ذنوبنا؟ فيقول عز وجل. بل رحمتي. فيقولون: إقرارنا بتوحيدك أعظم أم ذنوبنا؟ فيقول عز وجل: بل إقراركم بتوحيدي أعظم. فيقولون: يا ربنا، فليسعنا عفوك ورحمتك التي وسعت كل شئ. فيقول الله جل جلاله: ملائكتي، وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أحب إلي من المقرين بتوحيدي، وأن لا إله غيري، وحق علي أن لا أصلي بالنار أهل توحيدي، ادخلوا عبادي الجنة (1). 470 / 11 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثني محمد بن عمران، عن أبيه عمران بن إسماعيل، قال: حدثني أبو علي الانصاري، عن محمد بن جعفر التميمي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام):


(1) التوحيد: 29 / 31، بحار الانوار 3: 1 / 1.

[ 373 ]

بينا إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام) في جبل بيت المقدس يطلب مرعى لغنمه، إذ سمع صوتا، فإذا هو برجل قائم يصلي طوله اثنا عشر شبرا، فقال له: يا عبد الله لمن تصلي؟ قال: لاله السماء. فقال له إبراهيم (عليه السلام): هل بقي أحد من قومك غيرك؟ قال: لا. قال: فمن أين تأكل؟ قال: أجتني من هذا الشجر في الصيف وآكله في الشتاء. قال له: فأين منزلك؟ قال: فأومأ بيده إلى جبل. فقال له إبراهيم (عليه السلام): هل لك أن تذهب بي معك فأبيت عندك الليلة؟ فقال: إن قدامي ماء لا يخاض. قال: كيف تصنع؟ قال: أمشي عليه. قال: فاذهب بي معك، فلعل الله أن يرزقني ما رزقك. قال: فأخذ العابد بيده، فمضيا جميعا حتى انتهيا إلى الماء، فمشى ومشى إبراهيم (عليه السلام) معه حتى انتهيا إلى منزله، فقال له إبراهيم (عليه السلام: أي الايام أعظم؟ فقال له العابد: يوم الدين، يوم يدان الناس بعضهم من بعض. قال: فهل لك أن ترفع يدك وأرفع يدي، فتدعو الله عز وجل أن يؤمننا من شر ذلك اليوم؟ فقال: وما تصنع بدعوتي؟ فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاثين سنة (1) ما أجبت فيها بشئ. فقال له إبراهيم (عليه السلام): أولا أخبرك لاي شئ احتبست دعوتك؟ قال: بلى. قال له: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ويطلب إليه، وإذا أبغض عبد عجل له دعوته، أو ألقى في قلبه اليأس منها. ثم قال له: وما كانت دعوتك؟ قال: مربي غنم ومعه غلام له ذؤابة، فقلت: يا غلام، لمن هذا الغنم؟ فقال: لابراهيم خليل الرحمن. فقلت: اللهم إن كان لك في الارض خليل فأرنيه. فقال له إبراهيم (عليه السلام): فقد استجاب الله لك، أنا إبراهيم خليل الرحمن، فعانقه، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) جاءت المصافحة (2). 471 / 12 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر أبو الحسين الاسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا


(1) في نسخة: ثلاث سنين. (2) بحار الانوار 76: 19 / 1.

[ 374 ]

جعفر بن أحمد بن محمد التميمي، عن أبيه، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير الشيباني، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا سيد الانبياء والمرسلين، وأفضل من الملائكة المقربين، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين، وذريتي أفضل ذريات النبيين والمرسلين، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين. وأمتي خير أمة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة، ولي حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء فيه من الاباريق عدد نجوم السماء، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا. فقيل: ومن ذاك، يا رسول الله؟ قال: إمام المسلمين، وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب، يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء. ثم قال (صلى الله عليه وآله): من أحب عليا و أطاعه في دار الدنيا، ورد علي حوضي غدا، وكان معي في درجتي في الجنة، ومن أبغض عليا في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني، واخذ به ذات الشمال إلى النار (1). 472 / 13 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: من ذكر اسم الله على الطعام، لم يسأل عن نعيم ذلك الطعام أبدا (2). 473 / 14 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)،


(1) بحار الانوار 8: 22 / 15. (2) المحاسن: 434 / 269، ثواب الاعمال: 184، بحار الانوار 66: 367 / 1.

[ 375 ]

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وجد كسرة أو تمرة فأكلها، لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له (1). 474 / 15 – حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التميمي، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد المكي، قال: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن عمرو الحراني، قال: حدثنا صالح بن زياد، قال: حدثنا أبو عثمان عبد الله بن ميمون (2) السكري، قال: حدثنا عبد الله بن معز (3) الاودي، قال: حدثنا عمران بن سليم، عن طاوس اليماني، قال: كان علي بن الحسين سيد العابدين (عليه السلام) يدعو بهذا الدعاء: إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الابد بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصرا في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك علي، ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي، وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والارضين دما وصديدا، لكان ذلك قليلا في كثير ما يجب من حقك علي، ولو أنك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملات جهنم وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعد لك علي قليلا في كثير ما استوجبته من عقوبتك (4). 475 / 16 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الاسدي الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت


(1) بحار الانوار 66: 432 / 17. (2) في نسخة: عبد بن ميمون. (3) في نسخة: عبد الله بن مغزا. (4) بحار الانوار 94: 90 / 2.

[ 376 ]

إمام المسلمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وحجة الله بعدي على الخلق أجمعين، وسيد الوصيين ووصيي سيد النبيين. يا علي، إنه لما عرج بي إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وأكرمني ربي جل جلاله بمناجاته، قال لي: يا محمد؟ قلت: لبيك ربي وسعديك، تباركت وتعاليت، قال: إن عليا إمام أوليائي، ونور لمن أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، فبشره بذلك. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، بلغ من قدري حتى إني اذكر هناك! فقال: نعم يا علي، فاشكر ربك، فخر علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله على ما أنعم به عليه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ارفع رأسك يا علي، فإن الله قد باهى بك ملائكته (1). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 18: 337 / 39، و 38: 100 / 19.

[ 377 ]

[ 50 ] المجلس الخمسون مجلس يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 476 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل الفاضل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن هارون بن مسلم بن سعدان، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا عطس المرء المسلم ثم سكت لعلة تكون به، قالت الملائكة عنه: الحمد لله رب العالمين، فإن قال: الحمد لله رب العالمين، قالت الملائكة: يغفر الله لك (1). 477 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي جميلة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: يا عبادي الصديقين، تنعموا بعبادتي في الدنيا، فإنكم بها تتنعمون في الجنة (2). 478 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن


(1) بحار الانوار 76: 53 / 4. (2) الكافي 2: 68 / 2، وسائل الشيعة 1: 61 / 3.

[ 378 ]

عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن القرشي، عن سليمان ابن جعفر البصري، عن عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى كره لكم – أيتها الامة – أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها: كره لكم العبث في الصلاة، وكره المن في الصدقة، وكره الضحك بين القبور، وكره التطلع في الدور، وكره النظر إلى فروج النساء، وقال: يورث العمي، وكره الكلام عند الجماع، وقال: يورث الخرس، وكره النوم قبل العشاء الآخرة، وكره الحديث بعد العشاء الآخرة، وكره الغسل تحت السماء بغير مئزر، وكره المجامعة تحت السماء، وكره دخول الانهار إلا بمئزر، وقال: في الانهار عمار وسكان من الملائكة، وكره دخول الحمامات إلا بمئزر، وكره الكلام بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة حتى تقضى الصلاة، وكره ركوب البحر في هيجانه، وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر، وقال: من نام على سطح غير محجر فبرئت منه الذمة. وكره أن ينام الرجل في بيت وحده، وكره للرجل أن يغشى امرأته وهي حائض، فإن غشيها وخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه، وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فإن فعل وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع، وقال: فر من المجذوم فرارك من الاسد. وكره البول على شط نهر جار، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت – يعني أثمرت – وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه سراج أو نار، وكره النفخ في الصلاة (1). 479 / 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان


(1) الخصال: 520 / 9، بحار الانوار 76: 337 / 2.

[ 379 ]

عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله عز وجل أنعم على قوم بالمواهب، فلم يشكروا، فصارت عليهم وبالا، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا، فصارت عليها نعمة (1). 480 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الله بن محمد المزخرف، عن علي بن عقبة، عن ابن بكير، قال: أخذ الحجاج موليين لعلي (عليه السلام)، فقال لاحدهما: ابرأ من علي. فقال: ما جزائي إن لم أبرأ منه؟ قال: قتلني الله إن لم أقتلك، فاختر لنفسك قطع يديك أو رجيلك. قال: فقال له الرجل: هو القصاص، فاختر لنفسك. قال: تالله إني لارى لك لسانا، وما أظنك تدري من خلقك، أين ربك؟ قال: هو بالمرصاد لكل ظالم. فأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه. قال: ثم قدم صاحبه الآخر، فقال: ما تقول؟ فقال: أنا على رأي صاحبي. قال: فأمر أن يضرب عنقه ويصلب (2). 481 / 6 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أحمد بن علي التفليسي، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن محمد بن علي الهادي، عن علي بن موسى الرضا، عن الامام موسى بن جعفر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن الباقر محمد بن علي، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد شباب أهل الجنة الحسين، عن سيد الاوصياء علي (عليه السلام)، عن سيد الانبياء محمد (صلى الله عليه وآله)، قال: لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج والمعروف، وطنطنتهم بالليل، انظروا إلى صدق الحديث وأداء الامانة (3). 482 / 7 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن


(1) بحار الانوار 71: 41 / 31. (2) بحار الانوار 46: 140 / 32. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 51 / 197، بحار الانوار 71: 9 / 13.

[ 380 ]

أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن عيسى النهر يري، عن أبي عبد الله الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عرف الله وعظمه، منع فاه من الكلام، وبطنه من الطعام، وعنى نفسه بالصيام والقيام. قالوا: بآبائنا وأمهاتنا – يا رسول الله – هؤلاء أولياء الله؟ قال: إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم فكرا، وتكلموا فكان كلامهم ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب (1). 483 / 8 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة بيده، وكل حديث جاوز اثنين فشا، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا، وعليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنهم عدة عند الرخاء وجنة عند البلاء، وشاور في حديثك الذين يخافون الله، وأحبب الاخوان على قدر التقوى، واتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، إن أمرنكم بالمعروف فخالوهن، كيلا يطمعن منكم في المنكر (2). 484 / 9 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن (3) بن أحمد المالكي، عن أبيه، عن علي بن المؤمل، قال: لقيت موسى بن جعفر (عليهما السلام) وكان يخضب


(1) الكافي 2: 186 / 25، بحار الانوار 69: 288 / 23، وسيأتي في المجلس 82 الحديث 6 بزيادة. (2) بحار الانوار 74: 186 / 7. (3) في نسخة: الحسين.

[ 381 ]

بالحمرة، فقلت: جعلت فداك، ليس هذا من خضاب أهلك. فقال: أجل، كنت أخضب بالوسمة فتحرك علي أسناني، إن الرجل كان إذا أسلم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك، ولقد خضب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالصفرة، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك، فقال: إسلام. فخضبه بالحمرة، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك، فقال: إسلام وإيمان. فخضبه بالسواد، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك، فقال: إسلام وإيمان ونور (1). 485 / 10 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: تقليم الاظافر، وأخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة، أمان من الجذام (2). 486 / 11 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين بن سعيد، عن الحارث بن محمد بن النعمان الاحول صاحب الطاق، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند الله عز وجل أوثق منه بما في يده. ثم قال (صلى الله عليه وآله): ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: من أبغض الناس وأبغضه الناس. ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: الذي لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنبا. ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله؟ قال: من لا يؤمن شره،


(1) وسائل الشيعة 1: 405 / 2. (2) الخصال: 39 / 24، وسائل الشيعة 5: 49 / 10، بحار الانوار 76: 110 / 4.

[ 382 ]

ولا يرجى خيره، إن عيسى بن مريم (عليه السلام) قام في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم الامور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عز وجل (1). 487 / 12 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام): يا داود، كما لا تضيق الشمس على من جلس فيها، كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها، وكما لا تضر الطيرة من لا يتطير منها، كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون، وكما أن أقرب الناس مني يوم القيامة المتواضعون، كذلك أبعد الناس مني يوم القيامة المتكبرون (2). 488 / 13 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن الحسين بن سعيد عن محمد بن جمهور العمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عصام بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه (3). 489 / 14 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثني هارون بن إسحاق الهمداني، قال: حدثني عبدة بن سليمان، قال: حدثنا كامل بن العلاء، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا


(1) معاني الاخبار: 196 / 2، بحار الانوار 72: 203 / 1. (2) بحار الانوار 14: 34 / 4. (3) بحار الانوار 2: 153 / 1.

[ 383 ]

علي، أنت صاحب حوضي، وصاحب لوائي، ومنحز عداتي، وحبيب قلبي، ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الانبياء، وأنت أمين الله في أرضه، وأنت حجة الله على بريته، وأنت ركن الايمان، وأنت مصباح الدجى، وأنت منار الهدى، وأنت العلم المرفوع لاهل الدنيا، من تبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح، وأنت الصراط المستقيم، وأنت قائد الغر المحجلين، وأنت يعسوب المؤمنين، وأنت مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، لا يحبك إلا طاهر الولادة، ولا يبغضك إلا خبيث الولادة، وما عرج بي ربي عز وجل إلى السماء قط وكلمني ربي إلا قال لي: يا محمد، اقرأ عليا مني السلام، وعرفه أنه إمام أوليائي، ونور أهل طاعتي، فهنيئا لك – يا علي – على هذه الكرامة (1). 490 / 15 – حدثنا أبي (رضي الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا علي بن أسباط، قال: حدثنا علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: يا أبا بصير، نحن شجرة العلم، ونحن أهل بيت النبي، وفي دارنا مهبط جبرئيل، ونحن خزان علم الله، ونحن معادن وحي الله، من تبعنا نجا، ومن تخلف عنا هلك، حقا على الله عز وجل (2). 491 / 16 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، قال حدثنا علي بن رئاب، قال: حدثنا موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تستخفوا بفقراء شيعة علي وعترته من بعده، فإن الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر (3). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 38: 100 / 20. (2) بحار الانوار 26: 240 / 1. (3) بحار الانوار 72: 35 / 27.

[ 384 ]

[ 51 ] المجلس الحادي والخمسون مجلس يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 492 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل: (وقيل من راق): قال: ذاك قول ابن آدم إذا حضره الموت، قال: هل من طبيب، هل من دافع؟ قال: (وظن أنه الفراق) يعني فراق الاهل والاحبة عند ذلك، قال: (والتفت الساق بالساق)، قال: التفت الدنيا بالآخرة، قال: (إلى ربك يومئذ المساق) (1) إلى رب العالمين يومئذ المصير (2). 493 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أما إنه ليس من سنة أقل مطرا من سنة، ولكن الله يضعه حيث يشاء، إن الله جل جلاله إذا عمل


(1) القيامة 75: 27 – 30. (2) بحار الانوار 6: 159 / 20.

[ 385 ]

قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيافي والبحار والجبال، وإن الله ليعذب الجعل (1) في جحرها بحبس المطر عن الارض التي هي بمحلتها لخطايا من بحضرتها، وقد جعل الله لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل المعاصي. قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): فاعتبروا يا أولى الابصار. ثم قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ظهر الزنا كثر موت الفجأة وإذا طفف المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الاحكام تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهود سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعوا الارحام جعلت الاموال في أيدي الاشرار، وإذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يتبعوا الاخيار من أهل بيتي، سلط الله عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم (2). 494 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إن في التوراة مكتوبا: يا موسى، إني خلقتك واصطنعتك وقويتك، وأمرتك بطاعتي، ونهيتك عن معصيتي، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي، وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي. يا موسى، ولي المنة عليك في طاعتك لي، ولي الحجة عليك في معصيتك لي (3). 495 / 4 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد (4) بن يزيد المروزي بالري في شهر ربيع الاول سنة اثنتين وثلاثمائة،


(1) الجعل: حيوان كالخنفساء يكثر في المواضع الندية. (2) بحار الانوار 73: 372 / 5. (3) بحار الانوار 13: 328 / 5. (4) في نسخة: أبو يزيد محمد بن يحيى بن خلف، انظر سير أعلام النبلاء 14: 532.

[ 386 ]

قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين وهو المعروف بإسحاق بن راهويه، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: حدثنا هشام (1)، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، قال: بينا نحن عند عبد الله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه، إذ يقول له فتى شاب: هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: إنك لحدث السن، وإن هذا الشئ ما سألني عنه أحد قبلك، نعم عهد إلينا نبينا (صلى الله عليه وآله) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة، بعدة نقباء بني إسرائيل (2). 496 / 5 – حدثنا أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن عبدويه، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال البغدادي، قال: حدثنا محمد بن عبدوس الحراني، قال: حدثنا عبد الغفار بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن مطرف، عن الشعبي، عن عمه قيس بن عبد، قال: كنا جلوسا في حلقة فيها عبد الله بن مسعود، فجاء أعرابي، قال: أيكم عبد الله؟ قال عبد الله بن مسعود: أنا عبد الله، قال: هل حدثكم نبيكم (صلى الله عليه وآله) كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم، اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل (3). 497 / 6 – حدثنا عتاب بن محمد بن عتاب الوراميني، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن المفضل ومحمد بن عبيد الله ابن سوار، قالا: حدثنا عبد الغفار بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن مطرف، عن الشعبي. وحدثنا عتاب بن محمد، قال: حدثنا إسحاق بن محمد الانماطي، عن يوسف


(1) في نسخة: ميثم، والظاهر أن الصحيح: هشيم كما في تهذيب الكمال 27: 221، و 30: 272، وسير أعلام النبلاء 6: 284 ولم نعثر على رواية هشام، عن مجالد. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 48 / 10، الخصال: 466 / 6، كمال الدين وتمام النعمة: 270 / 16، بحار الانوار 36: 229 / 8. (3) كمال الدين وتمام النعمة: 271 / 17، الخصال: 467 / 7، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 48 / 9، بحار الانوار 36: 230 / 9.

[ 387 ]

ابن موسى، قال: حدثني جرير، عن أشعث بن سوار عن الشعبي. وحدثنا عتاب بن محمد، قال: حدثنا الحسين بن محمد الحراني، قال: حدثنا أيوب بن محمد الوزان، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة، قال: حدثنا أشعث بن سوار عن الشعبي، كلهم قالوا عن عمه قيس بن عبد، قال عتاب: وهذا حديث مطرف، قال: كنا جلوسا في المسجد، ومعنا عبد الله بن مسعود فجاء أعرابي، فقال: أفيكم عبد الله؟ قال: نعم، أنا عبد الله، فما حاجتك؟ قال: يا عبد الله، أخبركم نبيكم (صلى الله عليه وآله) كم يكون من خليفة؟ قال: لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد منذ قدمت العراق، نعم، اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل. قال أبو عروبة في حديثه: قال: نعم عدة نقباء بني إسرائيل (1). 498 / 7 – وقال جرير، عن أشعث، عن ابن مسعود، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر، كعدة نقباء بني إسرائيل (2). 499 / 8 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن عبدة النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم هارون بن إسحاق، قال: حدثنا عمي إبراهيم بن محمد، عن زياد بن علاقة وعبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: يكون بعدي اثنا عشر أميرا، ثم أخفى صوته، فقلت لابي: ما الذي أخفى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: قال: كلهم من قريش (3). 500 / 9 – حدثنا عبد الله بن محمد الصائغ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الغضراني، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن الليث بن بهلول الموصلي (4)، قال: حدثنا غسان بن الربيع، قال: حدثنا سليم بن عبد الله مولى عامر الشعبي، عن عامر،


(1) و (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 49 / 11، كمال الدين وتمام النعمة: 271 / 18، بحار الانوار 36: 230 / 10. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 50 / 12، كمال الدين وتمام النعمة: 272 / 19، بحار الانوار 36: 230 / 11. (4) في تاريخ بغداد 8: 87، أبو علي الحسين بن كميت بن البهلول بن عمر الموصلي.

[ 388 ]

أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر أمتي ظاهرا حتى يمضي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش (1). 501 / 10 – حدثنا صالح بن عيسى بن أحمد بن محمد العجلي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن الفرج الروياني، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد العجلي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبيه، عن أبان مولى زيد بن علي، عن عاصم بن بهدلة، قال: قال لي شريح القاضي: اشتريت دارا بثمانين دينارا، وكتبت كتاب، وأشهدت عدولا، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فبعث إلي مولاه قنبرا فأتيته، فلما أن دخلت عليه قال: يا شريح، اشتريت دارا، وكتبت كتابا، وأشهدت عدولا، ووزنت مالا؟ قال: قلت: نعم. قال: يا شريح، اتق الله، فإنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك ولا يسأل عن بينتك حتى يخرجك من دارك شاخصا، ويسلمك إلى قبرك خالصا، فانظر أن لا تكون اشتريت هذه الدار من غير مالكها، ووزنت مالا من غير حله، فإذن أنت قد خسرت الدارين جميعا الدنيا والآخرة. ثم قال (عليه السلام): يا شريح، فلو كنت عند ما اشتريت هذه الدار أتيتني، فكتبت لك كتاب على هذه النسخة، إذن لم تشترها بدرهمين. قال: قلت: وما كنت تكتب، يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت أكتب لك هذا الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت أزعج بالرحيل، اشترى منه دارا في دار الغرور، من جانب الفانين إلى عسكر الهالكين، وتجمع هذه الدار حدودا أربعة: فالحد الاول منها ينتهي إلى دواعي الآفات، والحد الثاني منها ينتهي إلى دواعي العاهات، والحد الثالث منها ينتهي إلى دواعي المصيبات، والحد الرابع منها ينتهي إلى الهوى


(1) بحار الانوار 36: 231 / 12.

[ 389 ]

المردي والشيطان المغوي، وفيه يشرع باب هذه الدار، اشترى هذا المفتون بالامل من هذا المزعج بالاجل جميع هذه الدار، بالخروج من عز القنوع والدخول في ذل الطلب، فما أدرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك، فعلى مبلي أجسام الملوك، وسالب نفوس الجبابرة مثل كسرى وقيصر وتبع وحمير، ومن جمع المال إلى المال فأكثر، وبنى فشيد، ونجد (1) فزخرف، وأدخر بزعمه للولد، إشخاصهم جميعا إلى موقف العرض لفصل القضاء، وخسر هنا لك المبطلون، شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى ونظر بعين الزوال لاهل الدنيا، وسمع منادي الزهد ينادي في عرصاتها: ما أبين الحق لذي عينين! إن الرحيل أحد اليومين، تزودوا من صالح الاعمال، وقربوا الآمال بالآجال، فقد دنت الرحلة والزوال (2). 502 / 11 – حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الجارودي، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري والاعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لله ملائكة سياحين في الارض يبلغوني عن أمتي السلام (3). 503 / 12 – حدثنا محمد بن علي بن الفضل الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمار القطان، قال: حدثني الحسين بن علي بن الحكم الزعفراني، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم العبدي، قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا أنا برجل عند الاسطوانة السابعة قائما يصلي، يحسن ركوعه وسجوده، فجئت لانظر إليه، فسبقني إلى السجود، فسمعته يقول في سجوده: اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في


(1) نجد البيت: زينه بستور وفرش. (2) نهج البلاغة: 365، الكتاب 3، بحار الانوار 77: 277 / 1. (3) بحار الانوار 100: 181 / 1.

[ 390 ]

أحب الاشياء إليك، وهو الايمان بك، منا منك به علي لا منا به مني عليك، ولم أعصك في أبغض الاشياء إليك، لم أدع لك ولدا، ولم أتخذ لك شريكا، منا منك علي لا منا مني عليك، وعصيتك في أشياء على غير مكاثرة مني ولا مكابرة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي وأزلني الشيطان بعد الحجة والبيان، فإن تعذبني فبذنبي غير ظالم لي، وإن ترحمني فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين. ثم انفتل وخرج من باب كندة فتبعته حتى أتى مناخ (1) الكلبيين، فمر بأسود فأمره بشئ لم أفهمه، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا علي بن الحسين. فقلت: جعلني الله فداك، ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال: الذي رأيت (2). 504 / 13 – حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم المعاذي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الفرج الشروطي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن المهلب، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني عوف، عن ميمون، قال: أخبرني البراء بن عازب، قال: لما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحفر الخندق، عرضت له صخرة عظيمة شديدة في عرض الخندق، لا تأخذ فيها المعاول، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآها وضع ثوبه وأخذ المعول، وقال: بسم الله، وضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لابصر قصورها الحمراء الساعة. ثم ضرب الثانية فقال: بسم الله، ففلق ثلثا آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لابصر قصر المدائن الابيض. ثم ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لابصر أبواب صنعاء [ من ] (3) مكاني هذا (4). 505 / 14 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثني محمد


(1) المناخ: مبرك الابل. (2) بحار الانوار 85: 139 / 25، و 86: 195 / 2. (3) أثبتناه من الخصال. (4) الخصال: 162 / 212، بحار الانوار 20: 241 / 4.

[ 391 ]

ابن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) باكيا، وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): مه يا علي. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، ماتت أمي فاطمة بنت أسد. قال: فبكى النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: رحم الله أمك يا علي، أما إنها إن كانت لك اما فقد كانت لي أما، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين، فكفنها فيهما، ومر النساء فليحسن غسلها، ولا تخرجها حتى أجئ فألي أمرها. قال: وأقبل النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ساعة، وأخرجت فاطمة أم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فصلى عليها النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، ثم كبر عليها أربعين تكبيرة، ثم دخل إلى القبر، فتمدد فيه، فلم يسمع له أنين ولا حركة، ثم قال: يا علي ادخل، يا حسن ادخل، فدخلا القبر، فلما فرغ مما احتاج إليه، قال له: يا علي اخرج، يا حسن اخرج، فخرجا، ثم زحف النبي (صلى الله عليه وآله) حتى صار عند رأسها، ثم قال: يا فاطمة، أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر، فإن أتاك منكر ونكير فسألاك: من ربك؟ فقولي: الله ربي، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، والقرآن كتابي، وابني إمامي ووليي. ثم قال: اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت. ثم خرج من قبرها، وحثا عليها حثيات، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما، ثم قال: والذي نفس محمد بيده، لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي. فقام إليه عمار بن ياسر، فقال: فداك أبي وامي يا رسول الله، لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة؟ فقال: يا أبا اليقظان، وأهل ذلك هي مني، لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير، ولقد كان خيرهم كثيرا، وكان خيرنا قليلا، فكانت تشبعني وتجيعهم، وتكسوني وتعريهم، وتدهنني وتشعثهم. قال: فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة، يا رسول الله؟ قال: نعم يا عمار، التفت عن


[ 392 ]

يميني فنظرت إلى أربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة. قال: فتمددك في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة؟ قال: إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة، فلم أزل أطلب إلى ربي عز وجل أن يبعثها ستيرة، والذي نفس محمد بيده، ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها، ومصباحين من نور عند يديها، ومصباحين من نور عند رجليلها، وملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة (1). 506 / 15 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن قتيبة بن سعيد، عن عمرو بن غزوان، عن أبي مسلم، قال: خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتى أتينا باب ام سلمة (رضي الله عنها)، فقعد أنس على الباب، ودخلت مع الحسن البصري، فسمعت الحسن وهو يقول: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته. فقالت له: وعليك السلام، من أنت يا بني؟ فقال: أنا الحسن البصري. فقالت: فيما جئت، يا حسن؟ فقال لها: جئت لتحدثيني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقالت: ام سلمة: والله لاحدثنك بحديث سمعته اذناي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا فصمتا، ورأته عيناي وإلا فعميتا، ووعاه قلبي وإلا فطبع الله عليه، وأخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي ابن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلا لقي الله بعبادة صنم أو وثن. قال: فسمعت الحسن البصري وهو يقول: الله أكبر، أشهد أن عليا مولاي ومولى المؤمنين، فلما خرج قال له أنس بن مالك: ما لي أراك تكبر؟ قال: سألت أمنا أم سلمة أن تحدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام)،


(1) بحار الانوار 81: 250 / 22.

[ 393 ]

فقالت لي كذا وكذا، فقلت: الله أكبر، أشهد أن عليا مولاي ومولى كل مؤمن. قال: فسمعت عند ذلك أنس بن مالك وهو يقول: أشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال هذه المقالة ثلاث مرات، أو أربع مرات (1). وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين


(1) بحار الانوار 42: 142 / 4.

[ 394 ]

[ 52 ] المجلس الثاني والخمسون وهو يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 507 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنا كثير بن عياش القطان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: لما ولد عيسى بن مريم (عليه السلام) كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذت والدته بيده، وجاءت به إلى الكتاب، وأقعدته بين يدي المؤدب، فقال له المؤدب: قل بسم الله الرحمن الرحيم. فقال عيسى (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له المؤدب: قل أبجد. فرفع عيسى (عليه السلام) رأسه فقال: وهل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة ليضربه، فقال: يا مؤدب، لا تضربني، إن كنت تدري وإلا فسلني حتى أفسر لك. فقال: فسر لي. فقال عيسى (عليه السلام): الالف آلاء الله، والباء بهجة الله، والجيم جمال الله، والدال دين الله، هوز الهاء هول جهنم، والواو ويل لاهل النار، والزاي زفير جهنم،


[ 395 ]

حطي حطت الخطايا عن المستغفرين، كلمن كلام الله لا مبدل لكلماته، سعفص صاع بصاع والجزاء بالجزاء، قرشت قرشهم فحشرهم. فقال المؤدب: أيتها المرأة، خذي بيد ابنك، فقد علم، ولا حاجة له في المؤدب (1). 508 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن زيد، قال: حدثني محمد بن سالم، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سأل عثمان بن عفان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، ما تفسير أبجد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعلموا تفسير أبجد، فإن فيه الاعاجيب كلها، ويل لعالم جهل تفسيره. فقيل: يا رسول الله، ما تفسير أبجد؟ قال: أما الالف فآلاء الله حرف من أسمائه، وأما الباء فبهجة الله، وأما الجيم فجنة الله وجلال الله وجماله، وأما الدال فدين الله، وأما هوز فالهاء هاء الهاوية، فويل لمن هوى في النار، وأما الواو فويل لاهل النار، وأما الزاي فزاوية في النار، فنعوذ بالله مما في الزاوية، يعني زوايا جهنم، وأما حطي فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر، وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر، وأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب، وهي شجرة غرسها الله عز وجل، ونفخ فيها من روحه، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلي والحلل، متدلية على أفواههم، وأما الياء فيد الله فوق خلقه، سبحانه وتعالى عما يشركون، وأما كلمن فالكاف كلام الله، لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا، وأما اللام فإلمام أهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام، وتلاوم أهل النار فيما بينهم، وأما الميم فملك الله الذي لا يزول،


(1) التوحيد: 236 / 1، معاني الاخبار: 45 / 1، بحار الانوار 14: 286 / 8.

[ 396 ]

ودوام الله الذي لا يفنى، وأما النون فنون والقلم وما يسطرون، فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ، يشهده المقربون، وكفى بالله شهيدا، وأما سعفص فالصاد صاع بصاع وفص بفص، يعني الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان، إن الله لا يريد ظلما للعباد، وأما قرشت، يعني قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة، فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون (1). 509 / 3 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى، قال: حدثنا القاسم بن يحيى (2)، عن جده الحسن بن راشد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إذا ظلم الرجل فظل يدعو على صاحبه، قال الله جل جلاله: إن ها هنا آخر يدعو عليك، يزعم أنك ظلمته، فإن شئت أجبتك وأجبت عليك، وإن شئت أخرتكما فيوسعكما عفوي (3). 510 / 4 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي حمزة الثمالي، عن حبيب بن عمرو، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مرضه الذي قبض فيه، فحل عن جراحته، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما جرحك هذا بشئ، وما بك من بأس. فقال لي: يا حبيب، أنا والله مفارقكم الساعة. قال: فبكيت عند ذلك، وبكت أم كلثوم، وكانت قاعدة عنده، فقال لها: ما يبكيك يا بنية؟ فقالت: ذكرت يا أبه أنك تفارقنا الساعة فبكيت. فقال لها: يا بنية لا تبكين، فوالله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت.


(1) التوحيد: 236 / 2، معاني الاخبار: 46 / 2، الخصال: 331 / 30، بحار الانوار 2: 317 / 2. (2) في النسخ: القاسم بن عيسى، وما أثبتناه هو الصحيح، انظر: معجم رجال الحديث 14: 64. (3) وسائل الشيعة 4: 1176 / 2.

[ 397 ]

قال حبيب: فقلت له: وما الذي ترى يا أمير المؤمنين؟ فقال: يا حبيب، أرى ملائكة السماوات والنبيين بعضهم في أثر بعض وقوفا إلى أن يتلقوني، وهذا أخي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس عندي، يقول: أقدم، فإن أمامك خير لك مما أنت فيه. قال: فما خرجت من عنده حتى توفي (عليه السلام)، فلما كان من الغد، وأصبح الحسن (عليه السلام)، قام خطيبا على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، في هذه الليلة نزل القرآن، وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الاوصياء إلى الجنة، ولا من يكون بعده، وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وما ترك صفراء ولا بيضاء، إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه، كان يجمعها ليشتري بها خادما لاهله (1). 511 / 5 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن مسكان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (علهيما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الهين القريب اللين السهل (2). 512 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي،


(1) بحار الانوار 42: 201 / 6. (2) بحار الانوار 75: 51 / 4.

[ 398 ]

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): حديث يروى عن أبيك (عليه السلام) أنه قال: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خبز بر قط، أهو صحيح؟ فقال: لا، ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) خبز بر قط، ولا شبع من خبز شعير قط (1). 513 / 7 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن وهب بن وهب القاضي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: يا بن آدم، أطعني فيما أمرتك، ولا تعلمني ما يصلحك (2). 514 / 8 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: يا بن آدم، اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما أهمك (3). 515 / 9 – حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن علي بن معز (4)، قال: حدثنا محمد بن علي ابن عاتكة (5)، عن الحسين بن النضر الفهري، عن عمرو الاوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة خطبها بعد موت


(1) بحار الانوار 16: 216 / 4، و 66: 275 / 5. (2) بحار الانوار 71: 135 / 12، و 85: 319 / 3. (3) ثواب الاعمال: 45، بحار الانوار 85: 319 / 3. (4) في نسخة: معن، وفي معجم رجال الحديث 16: 333، و 17: 29: معمر. (5) كذا، وفي معجم رجال الحديث 16: 333، و 17: 29: عكاية.

[ 399 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) بتسعة (1) أيام، وذلك حين فرغ من جمع القرآن، فقال: الحمد لله الذي أعجز الاوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول عن أن تتخيل ذاته، في امتناعها من الشبه والشكل، بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته، ولم يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الاشياء لا على اختلاف الاماكن، وتمكن منها لا على الممازجة، وعلمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره. إن قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل: لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا. نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه، وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادتان ترفعان وتضاعفان العمل، خف ميزان ترفعان منه، وثقل ميزان تواضعان فيه، وبهما الفوز بالجنة، والنجاة من النار، والجواز على الصراط، وبالشهادتين تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيكم وآله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (2). أيها الناس: إنه لا شرف أعلى من الاسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الادب، ولا نسب أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوءة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت. أيها الناس، إنه من مشى على وجه الارض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار مسرعان في هدم الاعمار، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت،


(1) في التوحيد: بسبعة. (2) الاحزاب 33: 56.

[ 400 ]

وإن من عرف الايام لم يغفل عن الاستعداد، لن ينجو من الموت غني بماله، لا فقير لاقلاله. أيها الناس، من خاف ربه كف ظلمه، ومن لم يرغ في كلامه أظهر هجره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا! هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعيم! وما شر بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية (1). 516 / 10 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بكر بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن عبد الرحمن، عن عمه عبد العزيز بن علي، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أدلكم على شئ يكفر الله به الخطايا، ويزيد في الحسنات؟ قيل: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى هذه المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وما منكم أحد يخرج من بيته متطهرا فيصلي الصلاة في الجماعة مع المسلمين، ثم يقعد ينتظر الصلاة الاخرى، إلا والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. فإذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وأقيموها، وسدوا الفرج، وإذا قال إمامكم: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، إن خير الصفوف صف الرجال المقدم، وشرها المؤخر (2).


(1) التوحيد: 72 / 27، بحار الانوار 77: 380 / 5. (2) بحار الانوار 80: 301 / 2.

[ 401 ]

517 / 11 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن أبان بن عبد الملك، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إن موسى بن عمران (عليه السلام) حين أراد أن يفارق الخضر (عليه السلام) قال له: أوصني، فكان مما أوصاه أن قال له: إياك واللجاجة، أو أن تمشي في غير حاجة، أو أن تضحك من غير عجب، واذكر خطيئتك، وإياك وخطايا الناس (1). 518 / 12 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، قال: دعا حذيفة بن اليمان ابنه عند موته، فأوصى إليه، وقال: يا بني، أظهر اليأس مما في أيدي الناس، فإن فيه الغنى، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر، وكن اليوم خيرا منك أمس، وإذا صليت فصل صلاة مودع للدنيا، كأنك لا ترجع إليها، وإياك وما يعتذر منه (2). 519 / 13 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنه قال: احبب أخاك المسلم، واحبب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، إذا احتجت فسله، وإذا سألك فأعطه، ولا تدخر عنه خيرا فإنه لا يدخر عنك. كن له ظهرا فإنه لك ظهر، إن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فزره، وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه، وإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسل سخيمته (3) وما


(1) بحار الانوار 13: 294 / 7. (2) بحار الانوار 78: 447 / 8. (3) السخيمة: الحقد والضغينة.

[ 402 ]

في نفسه، وإذا أصابه خير فاحمد الله عليه، وإن ابتلي فاعضده وتمحل له (1). 520 / 14 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي سنة سبع عشرة وثلاث مائة وهو ابن مائة وسبع سنين، قال: حدثنا الحسين بن أحمد الطفاوي، قال: حدثنا قيس بن الربيع، قال: حدثنا سعد الخفاف، عن عطية العوفي، عن مخدوج بن زيد الذهلي، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين المسلمين، ثم قال: يا علي، أنت أخي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. أما علمت – يا علي – أنه أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بأبينا إبراهيم (عليه السلام) فيقوم عن يمين العرش في ظله، فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش في ظله، ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة. ألا وإني أخبرك – يا علي – أن أمتي أول الامم يحاسبون يوم القيامة، ثم أبشرك – يا علي – أن أول من يدعى يوم القيامة يدعى بك، هذا لقرابتك مني ومنزلتك عندي، فيدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، وإن آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظل لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبة (2) فضة بيضاء، زجه (3) درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور، ذوابة في المشرق، وذؤابة في المغرب، وذؤابة في وسط الدنيا مكتوب عليها ثلاثة أسطر، الاول: بسم الله الرحمن الرحيم، والآخر: الحمد لله رب العالمين، والثالث: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. طول كل سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة.


(1) بحار الانوار 74: 222 / 5، تمحل له: تكلفه وسعى له. (2) في نسخة: قضيبه، والقصب: ما كان مستطيلا أجوف من الذهب والفضة ونحوهما. (3) الزج: الحديدة في أسفل الرمح.

[ 403 ]

فتسير باللواء والحسن عن يمينك، والحسين عن يسارك، حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، فتكسي حلة خضراء من حلل الجنة، ثم ينادي مناد من عند العرش: نعم الاب أبوك إبراهيم، ونعم الاخ أخوك علي، ألا وإني ابشرك – يا علي – أنك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيا إذا حييت (1). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) بحار الانوار 8: 1 / 1.

[ 404 ]

[ 53 ] المجلس الثالث والخمسون وهو يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة 521 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن بكران النقاش بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: إن أول ما خلق الله عز وجل ليعرف به خلقه الكتابة حروف المعجم، وإن الرجل إذا ضرب على رأسه بعصا، فزعم أنه لا يفصح ببعض الكلام، فالحكم فيه أن تعرض عليه حروف المعجم، ثم يعطى الدية بقدر ما لم يفصح منها. ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في ألف ب ت ث، أنه قال: الالف آلاء الله، والباء بهجة الله، والتاء تمام الامر بقائم آل محمد (صلى الله عليه وآله)، والثاء ثواب المؤمنين على أعمالهم الصالحة، ج ح خ فالجيم جمال الله وجلال الله، والحاء حلم الله عن المذنبين، والخاء خمول ذكر أهل المعاصي عند الله عز وجل، د ذ فالدال دين الله، والذال من ذي الجلال والاكرام، ر ز فالراء من الرؤوف الرحيم، والزاي زلازل القيامة، س ش فالسين سناء الله، والشين شاء الله ما شاء وأراد ما أراد، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.


[ 405 ]

ص ض فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط وحبس الظالمين عند المرصاد والضاد ضل من خالف محمدا وآل محمد، ط ظ فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب، والظاء ظن المؤمنين بالله خيرا وظن الكافرين به سوءا، ع غ فالعين من العالم، والغين من الغني، ف ق فالفاء فوج من أفواج النار، والقاف قرآن على الله جمعه وقرآنه، ك ل فالكاف من الكافي، واللام لغو الكافرين في افترائهم على الله الكذب، م ن فالميم ملك الله يوم لا ملك غيره، ويقول الله عز وجل: (لمن الملك اليوم) ثم ينطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون: (لله الواحد القهار) فيقول الله، جل جلاله: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب) (1)، والنون نوال الله للمؤمنين ونكاله بالكافرين، وه فالواو ويل لمن عصى الله، والهاء هان على الله من عصاه، لا ي لام ألف لا إله إلا الله، وهي كلمة الاخلاص، ما من عبد قالها مخلصا إلا وجبت له الجنة، ي يد الله فوق خلقه باسطة بالرزق سبحانه وتعالى عما يشركون. ثم قال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب، ثم قال: (لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (2). 522 / 2 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان القشيري، قال: حدثنا أحمد بن عيسى الكلابي، قال حدثنا موسى ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) سنة خمس ومائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول


(1) المؤمن 40: 16، 17. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 129 / 26، التوحيد: 232 / 1، معاني الاخبار: 43 / 1، بحار الانوار 2: 318 / 3، والآية من سورة الاسراء 17: 88.

[ 406 ]

الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ في دبر صلاة الجمعة بفاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) سبع مرات، وفاتحة الكتاب مرة و (قل أعوذ برب الفلق) سبع مرات وفاتحة الكتاب مرة و (قل أعوذ برب الناس) سبع مرات لم تنزل به بلية، ولم تصبه فتنة إلى يوم الجمعة الاخرى، فإن قال: اللهم اجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة وعمارها ملائكة مع نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وأبينا إبراهيم (عليه السلام)، جمع الله عز وجل بينه وبين محمد وإبراهيم في دار السلام (صلى الله على محمد وإبراهيم وعلى آلهما الطاهرين) (1). 523 / 3 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي حمزة الثمالي، عن زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور، فاعتل جار له فخاف الموت، فبعث إلى النباش، فقال له: كيف كان جواري لك؟ قال: أحسن جوار. قال: فإن لي إليك حاجة. قال: قضيت حاجتك. قال: فأخرج إليه كفنين، فقال: أحب أن تأخذ أحبهما إليك، وإذا دفنت فلا تنبشني. فامتنع النباش من ذلك، وأبى أن يأخذه، فقال له الرجل: أحب أن تأخذه، فلم يزل به حتى أخذ أحبهما إليه. ومات الرجل، فلما دفن قال النباش: هذا قد دفن، فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته، لآخذنه، فأتى قبره فنبشه، فسمع صائحا يقول ويصيح به: لا تفعل، ففزع النباش من ذلك، فتركه وترك ما كان عليه، وقال لولده: إي أب كنت لكم؟ قالوا: نعم الاب كنت لنا. قال: فإن لي إليكم حاجة. قالوا: قل ما شئت، فإنا سنصير إليه إن شاء الله. قال: فأحب إذا أنا مت أن تأخذوني فتحرقوني بالنار، فإذا صرت رمادا فدقوني (2)، ثم تعمدوا بي ريحا عاصفا، فذروا نصفي في البر، ونصفي في البحر، قالوا: نفعل.


(1) ثواب الاعمال: 38، بحار الانوار 90: 65 / 9. (2) في نسخة: فدفوني، دف الشئ: نسفه.

[ 407 ]

فلما مات فعل به ولده ما أوصاهم به، فلما ذروه قال الله جل جلاله للبر: اجمع ما فيك، وقال للبحر: اجمع ما فيك. فإذا الرجل قائم بين يدي الله جل جلاله. فقال الله عز وجل: ما حملك على ما أوصيت به ولدك أن يفعلوه بك؟ قال: حملني على ذلك – وعزتك – خوفك. فقال الله جل جلاله: فإني سأرضي خصومك وقد آمنت خوفك، وغفرت لك (1). 524 / 4 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذ أعد الرجل كفنه، كان مأجورا كلما نظر إليه (2). 525 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، يسكنها من أمتي من أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، ومن يطيق هذا من أمتك؟ فقال: يا علي، أو ما تدري ما إطابة الكلام؟ من قال إذا أصبح وأمسى: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، عشر مرات. وإطعام الطعام: نفقة الرجل على عياله، وأما الصلاة بالليل والناس نيام: فمن صلى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد في جماعة، فكأنما أحيا الليل كله، وإفشاء السلام: أن لا يبخل بالسلام على أحد من المسلمين (3).


(1) بحار الانوار 70: 377 / 22. (2) بحار الانوار 81: 314 / 11. (3) معاني الاخبار: 250 / 1، بحار الانوار 69: 369 / 9.

[ 408 ]

526 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): ما ضعف بدن عما قويت عليه النية (1). 527 / 7 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن غالب بن عثمان، عن شعيب العقرقوفي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من ملك نفسه إذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، وإذا رضي، حرم الله جسده على النار (2). 528 / 8 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن مبارك مولى الرضا، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، قال: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه، وسنة من نبيه، وسنة من وليه، فأما السنة من ربه فكتمان سره، قال الله جل جلاله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول) (3)، وأما السنة من نبيه فمداراة الناس، فإن الله عز وجل أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بمداراة الناس، فقال: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (4)، وأما السنة من وليه فالصبر في البأساء والضراء، يقول الله عز وجل: (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) (5). 529 / 9 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين


(1) بحار الانوار 70: 205 / 14. (2) بحار الانوار 71: 358 / 1. (3) الجن 72: 26، 27. (4) الاعراف 7: 199. (5) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 256 / 9، بحار الانوار 67: 280 / 5، والآية من سورة البقرة 2: 177.

[ 409 ]

ابن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن داود بن عبد الجبار، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للحسين (عليه السلام): يا حسين، يخرج من صلبك رجل يقال له زيد، يتخطى وهو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس، غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب (1). 530 / 10 – حدثنا أحمد بن محمد بن رزمة القزويني، قال: حدثنا أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: حدثنا حبيب بن أرطاة، عن محمد بن ذكوان (2)، عن عمرو بن خالد، قال: حدثني زيد بن علي (عليه السلام) وهو آخذ بشعره، قال: حدثني أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو آخذ بشعره، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذ بشعره، قال: من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله لعنه الله ملء السماء وملء الارض (3). 531 / 11 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية ابن ربعي، قال: إن شابا من الانصار كان يأتي عبد الله بن عباس، وكان عبد الله يكرمه ويدنيه، فقيل له: إنك تكرم هذا الشاب وتدنيه، وهو شاب سوء يأتي القبور فينبشها بالليالي! فقال عبد الله بن عباس: إذا كان ذلك فأعلموني. قال: فخرج الشاب في بعض الليالي يتخلل القبور، فاعلم عبد الله بن عباس


(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام) 1: 249 / 2، بحار الانوار 46: 170 / 19. (2) في أمالي الطوسي: أرطاة بن حبيب الاسدي، عن عبيد بن ذكوان. (3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 250 / 3، بحار الانوار 27: 206 / 13، أمالي الطوسي: 451 / 1006.

[ 410 ]

بذلك، فخرج لينظر ما يكون من أمره، ووقف ناحية ينظر إليه من حيث لا يراه الشاب، قال: فدخل قبرا قد حفر، ثم اضطجع في اللحد، ونادى بأعلى صوته: يا ويحي إذا دخلت لحدي وحدي، ونطقت الارض من تحتي، فقالت: لا مرحبا بك ولا أهلا، قد كنت أبغضك وأنت على ظهري، فكيف وقد صرت في بطني! بل ويحي إذا نظرت إلى الانبياء وقوفا، والملائكة صفوفا، فمن عدلك غدا من يخلصني؟ ومن المظلومين من يستنقذني؟ ومن عذاب النار من يجيرني؟ عصيت من ليس بأهل أن يعصى، عاهدت ربي مرة بعد اخرى فلم يجد عندي صدقا ولا وفاء. وجعل يردد هذا الكلام ويبكي. فلما خرج من القبر التزمه ابن عباس وعانقه، ثم قال له: نعم النباش، نعم النباش، ما أنبشك للذنوب والخطايا، ثم تفرقا (1). 532 / 12 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد ابن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا جعفر ابن إسماعيل، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب يخطر (2) بين الصفوف (3) 533 / 13 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد، قال: حدثنا القاسم بن سليمان، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن علاقة، عن أبي سعيد عقيصا، عن سيد الشهداء الحسين بن علي بن


(1) بحار الانوار 6: 130 / 24. (2) خطر في مشيه: اهتز وتمايل. (3) علل الشرائع: 229 / 1، بحار الانوار 46: 2 / 1، 2.

[ 411 ]

أبي طالب (عليهم السلام)، عن سيد الاوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت أخي، وأنا أخوك، أنا المصطفى للنبوة، وأنت المجتبى للامامة، وأنا صاحب التنزيل، وأنت صاحب التأويل، وأنا وأنت أبوا هذه الامة. يا علي، أنت وصيي وخليفتي، ووزيري ووارثي، وأبو ولدي، شيعتك شيعتي، وأنصارك أنصاري، وأولياؤك أوليائي، وأعداؤك أعدائي. يا علي، أنت صاحبي على الحوض غدا، وأنت صاحبي في المقام المحمود، وأنت صاحب لوائي في الآخرة، كما أنت صاحب لوائي في الدنيا، لقد سعد من تولاك، وشقي من عاداك، وإن الملائكة لتتقرب إلى الله – تقدس ذكره – بمحبتك وولايتك، والله إن أهل مودتك في السماء لاكثر منهم في الارض. يا علي، أنت أمين (1) أمتي، وحجة الله عليها بعدي، قولك قولي، وأمرك أمري، وطاعتك طاعتي، وزجرك زجري، ونهيك نهيي، ومعصيتك معصيتي، وحزبك حزبي، وحزبي حزب الله (ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) في نسخة: أمير. (2) بحار الانوار 39: 93 / 3، والآية من سورة المائدة 5: 56.

[ 412 ]

[ 54 ] المجلس الرابع والخمسون مجلس يوم الثلاثاء غرة ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 534 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن نصر بن علي الجهضمي، عن علي ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وخزن لسانه، وكف غضبه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لاهل بيت رسوله، فقد استكمل حقائق الايمان، وأبواب الجنة مفتحة له (1). 535 / 2 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد، قال: حدثنا حنان بن سدير، قال: حدثنا سديف المكي، قال: حدثني محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وما رأيت محمديا قط يعدله، قال: حدثنا جابر بن عبد الله الانصاري، قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: أيها الناس، من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قال: قلت: يا


(1) المحاسن: 11 / 32، و: 290 / 438، ثواب الاعمال: 26، بحار الانوار 69: 168 / 8، و 80: 304 / 10.

[ 413 ]

رسول الله، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم؟ فقال: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم (1). 536 / 3 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه، قيل: يا رسول الله، وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحق وإن قلوا (2). 537 / 4 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد ابن موسى، قال: حدثنا خلف بن سالم، قال: حدثنا غندر، قال: حدثنا عوف، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم، قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبواب شارعة في المسجد، فقال يوما: سدوا هذه الابواب إلا باب علي. فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أمرت بسد هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني أمرت بشئ فاتبعته (3). 538 / 5 – حدثنا محمد بن عمر البغدادي، قال: حدثني الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ومن كان من أهلي فإنهم مني (4). 539 / 6 – وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):


(1) بحار الانوار 27: 218 / 1. (2) بحار الانوار 27: 67 / 1. (3) بحار الانوار 39: 19 / 1. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 60 / 236، بحار الانوار 39: 20 / 2، و 81: 48 / 18.

[ 414 ]

سدوا الابواب الشارعة في المسجد إلا باب علي (1). 540 / 7 – حدثنا أجمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي بمصر، قال: أخبرني محمد بن وهب، قال: حدثنا مسكين بن بكير، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي (عليه السلام) (2). 541 / 8 – حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال: أخبرني محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن العلاء، عن ابن عمر: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: سدوا الابواب إلى المسجد إلا باب علي (3). 542 / 9 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا محمد بن تميم، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته، وذاتي أحب إليه من ذاته. قال: فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن، ما تزال تجئ بالحديث يحيي الله به القلوب (4). 543 / 10 – حدثنا أحمد بن محمد بن رزمة القزويني، قال: حدثنا أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، قال: حدثنا أبو سعيد عباد بن


(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 67 / 302، بحار الانوار 39: 20 / 3. (2) بحار الانوار 39: 20 / 4. (3) بحار الانوار 39: 20 / 5. (4) بحار الانوار 27: 75 / 4.

[ 415 ]

يعقوب، قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبيد الله (1)، قال: كنت مع محمد بن علي بن الحنفية في فناء داره، فمر به زيد ابن الحسن، فرفع طرفه إليه، ثم قال: ليقتلن من ولد الحسين رجل يقال له زيد بن علي، وليصلبن بالعراق، ومن نظر إلى عورته (2) فلم ينصره أكبه الله على وجهه في النار (3). 544 / 11 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: إني لجالس عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) إذ أقبل زيد بن علي (عليه السلام)، فلما نظر إليه أبو جعفر (عليه السلام) وهو مقبل، قال: هذا سيد من أهل بيته، والطالب بأوتارهم، لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد (4). 545 / 12 – حدثنا محمد بن بكران النقاش (رضي الله عنه) بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثني أحمد بن رشيد، عن عمه سعيد بن خثيم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: حججت فأتيت علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال لي: يا أبا حمزة، ألا أحدثك عن رؤيا رأيتها؟ رأيت كأني ادخلت الجنة، فاوتيت بحوراء لم أر أحسن منها، فبينا أنا متكئ على أريكتي إذ سمعت قائلا يقول: يا علي بن الحسين، ليهنئك زيد، يا علي بن الحسين ليهنئك زيد، فيهنئك زيد. قال أبو حمزة: ثم حججت بعده، فأتيت علي بن الحسين (عليهما السلام) فقرعت الباب، ففتح لي فدخلت، فإذا هو حامل زيدا على يده – أو قال حامل غلاما على


(1) في النسخ: محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبيد الله، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر: تهذيب الكمال 21: 164 و 26: 37. (2) في نسخة: صورته. (3) بحار الانوار 46: 170 / 16. (4) بحار الانوار 46: 170 / 17.

[ 416 ]

يده. فقال لي: يا أبا حمزة (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) (1). 546 / 13 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ألف دينار، وأمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي (عليه السلام) فقسمتها، فأصاب عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير (2). 547 / 14 – حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن القاسم الحسني، قال: حدثني أبو حصين محمد بن الحسين الوادعي القاضي، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال لي علي ابن الحسين زين العابدين (عليه السلام) في قول الله عز وجل (فأصفح الصفح الجميل) (3)، قال: العفو من غير عتاب (4). 548 / 15 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن حمران بن أعين، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: قال سلمان الفارسي (رحمه الله): كنت ذات يوم جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له: يا علي، ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله قال: هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى محبيك وشيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والامن عند الفزع، والقسط عند الميزان والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس من الامم


(1) بحار الانوار 61: 240 / 6، والآية من سورة يوسف 12: 100. (2) بحار الانوار 46: 170 / 18. (3) الحجر 15: 85. (4) معاني الاخبار: 373 / 1، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 294 / 50، بحار الانوار 71: 421 / 56.

[ 417 ]

بثمانين عاما (1). 549 / 16 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أيوب بن نوح، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، قال: حدثني محمد بن حمران، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو ممن قال الله عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) (2). 550 / 17 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وإن من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه (3). 551 / 18 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا، ويأكله غائبا، إن أعطى حسده، وإن ابتلي خذله (4). 552 / 19 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا موسى بن عمر (5) البغدادي، عن ابن سنان، عن عون بن معين بياع القلانس، عن عبد الله بن أبي يعفور، (هامش) * (1) بحار الانوار: 68: 9 / 4. (2) تفسير القمي 2: 100، بحار الانوار 75: 248 / 14، والآية من سورة النور 24: 19. (3) بحار الانوار 75: 248 / 15. (4) عقاب الاعمال: 269، الخصال: 38 / 20، معاني الاخبار: 185 / 1، بحار الانوار 75: 202 / 1. (5) في المعاني: موسى بن عمران.


[ 418 ]

قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من لقي الناس بوجه وعابهم بوجه، جاء يوم القيامة وله لسانان من نار (1). 553 / 20 – حدثنا محمد بن علي بن بشار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم القطان، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا أحمد بن بكر، قال: حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عز وجل ودخل في نهيه، إن الله عز وجل يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (2). 554 / 21 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه قال لشيعته: يا معشر الشيعة، لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله إبقاءه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لانفسكم واكرهوا له ما تكرهون لانفسكم (3). 555 / 22 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن زياد الازدي، عن إبراهيم ابن زياد الكرخي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: علامات ولد الزنا ثلاث: سوء المحضر، والحنين إلى الزنا، وبغضنا أهل البيت (4). 556 / 23 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من


(1) الخصال: 38 / 19، معاني الاخبار: 185 / 2، بحار الانوار 75: 203 / 3، 4. (2) بحار الانوار 75: 368 / 1، والآية في سورة البقرة 2: 195. (3) بحار الانوار 75: 369 / 2. (4) بحار الانوار 27: 145 / 2.

[ 419 ]

صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة، فظنوا به خيرا، وأجيزوا شهادته (1). 557 / 24 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه) وعلي بن عبد الله الوراق جميعا، قالا: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا أبو تراب عبيد الله ابن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: دخلت على سيدي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فلما بصر بي قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم، أنت ولينا حقا. قال: فقلت له: يا بن رسول الله، إني أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل. فقال: هات يا أبا القاسم. فقلت: إني أقول أن الله تعالى واحد ليس كمثله شئ، خارج من الحدين: حد الابطال، وحد التشبيه، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الاجسام، ومصور الصور، وخالق الاعراض والجواهر، ورب كل شئ ومالكه وخالقه، وجاعله ومحدثه، وإن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، وأن شريعته خاتمة الشرائع، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، وأقول إن الامام والخليفة وولي الامر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم أنت يا مولاي. فقال علي (عليه السلام): ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟ قال: فقلت: وكيف ذاك، يا مولاي؟ قال: لانه لا يرى شخصه، ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. قال: فقلت: أقررت. وأقول إن وليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وأقول إن المعراج حق، والمسألة في القبر حق،


(1) بحار الانوار 70: 2 / 3، و 88: 35 و 104: 315 / 4.

[ 420 ]

وإن الجنة حق، والنار حق، والصراط حق، والميزان حق، وإن الساعة آتية لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور، وأقول إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقال علي بن محمد (عليهما السلام)، يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (1). 558 / 25 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، أنه ذكر عنده الغضب، فقال: إن الرجل ليغضب حتى ما يرضى أبدا ويدخل بذلك النار، فأيما رجل غضب وهو قائم فليجلس، فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان، وإن كان جالسا فليقم، وأيما رجل غضب على ذي رحمه فليقم إليه وليدن منه وليمسه، فإن الرحم إذا مست الرحم سكنت (2). 559 / 26 – حدثنا أبي، (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مثنى، عن ليث بن أبي سليم، قال: سمعت رجلا من الانصار يقول: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر، إذ جاء رجل فنزع ثيابه، ثم جعل يتمرغ في الرمضاء، يكوي ظهره مرة، وبطنه مرة، وجبهته مرة، ويقول: يا نفس ذوقي، فما عند الله عزوجل أعظم مما صنعت بك، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ينظر إلى ما يصنع. ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل، فأومأ إليه النبي (صلى الله عليه وآله) بيده ودعاه، فقال له: يا عبد الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت أحدا من الناس صنعه، فما حملك


(1) كفاية الاثر: 282، كمال الدين وتمام النعمة: 379 / 1، بحار الانوار 36: 412 / 2 و 69: 1 / 1. (2) بحار الانوار 73: 264 / 9، و: 272.

[ 421 ]

على ما صنعت؟ فقال الرجل: حملني على ذلك مخافة الله عزوجل، وقلت لنفسي: يا نفس ذوقي، فما عند الله أعظم مما صنعت بك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لقد خفت ربك حق مخافته، وإن ربك ليباهي بك أهل السماء. ثم قال لاصحابه: يا معشر من حضر، ادنوا من صاحبكم حتى يدعو لكم. فدنوا منه فدعا لهم، وقال: اللهم اجمع أمرنا على الهدى، واجعل التقوى زادنا، والجنة مآبنا (1). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 70: 378 / 23.

[ 422 ]

[ 55 ] المجلس الخامس والخمسون مجلس يوم الجمعة الرابع من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 560 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق ومحمد بن أحمد السناني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد ابن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن أبي السري، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عن سعد بن طريف الكناني، عن الاصبغ بن نباتة، قال: لما جلس علي (عليه السلام) في الخلافة وبايعه الناس، خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لابسا بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله) منتعلا نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر، فجلس عليه متمكنا، ثم شبك بين أصابعه، فوضعها أسفل بطنه، ثم قال: يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الاولين والآخرين، أما والله لوثنيت لي وسادة، فجلست عليها، لافتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الانجيل بإنجيلهم حتى ينطق الانجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد


[ 423 ]

أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله عزوجل لاخبرتكم بما كان وبما يكون، وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (1). ثم قال: (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو سألتموني عن أية آية، في ليل أنزلت، أو في نهار أنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، إلا أخبرتكم. فقال إليه رجل يقال له ذعلب، وكان ذرب اللسان، بليغا في الخطب، شجاع القلب، فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة، لاخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه. فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟ فقال: ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره. قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا. قال: ويلك! لم تره العيون بمشاهدة الابصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، ويلك يا ذعلب، إن ربي لا يوصف بالعبد ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بقيام – قيام انتصاب – ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسة (2)، قائل لا بلفظ، هو في الاشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال له أمام، داخل في الاشياء لا كشئ في شئ داخل، وخارج منها لا كشئ من شئ خارج. فخر ذعلب


(1) الرعد 13: 39. (2) المجسة: ما يجس به.

[ 424 ]

مغشيا عليه، ثم قال: تا لله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها. ثم قال (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني. فقام إليه الاشعث بن قيس، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب، ولم يبعث إليهم نبي؟ فقال: بلى يا أشعث، قد أنزل الله عليهم كتابا، وبعث إليهم نبيا، وكان لهم ملك سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه، فاجتمعوا إلى بابه، فقالوا: أيها الملك، دنست علينا ديننا فأهلكته، فاخرج نطهرك ونقم عليك الحد. فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي، فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم. فاجتمعوا، فقال لهم: هل علمتم أن الله عز وجل لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟ قالوا: صدقت أيها الملك. قال: أفليس قد زوج بنيه من بناته، وبناته من بينه؟ قالوا: صدقت، هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك، فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة، يدخلون النار بلا حساب، والمنافقون أشد حالا منهم. فقال الاشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها أبدا. ثم قال (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني. فقام إليه رجل من أقصى المسجد، متوكئا على عكازة، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين، دلني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار. فقال له: اسمع يا هذا، ثم افهم، ثم استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله عزوجل، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني، ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى بدئها، أي إلى الكفر بعد الايمان. أيها السائل، فلا تغترن بكثرة المساجد، وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى. أيها الناس، إنما الناس ثلاثة: زاهد، وراغب، وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا أتاه، ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من


[ 425 ]

حل أصابها أم من حرام. قال: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه وإن كان حبيبا قريبا. قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل فلم نره، وطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسم علي (عليه السلام) على المنبر ثم قال: ما لكم، هذا أخي الخضر (عليه السلام). ثم قال (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني. فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه (صلى الله عليه وآله)، ثم قال للحسن (عليه السلام): يا حسن، قم فاصعد المنبر، فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسن لا يحسن شيئا. قال الحسن (عليه السلام): يا أبه، كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى؟ قال: بأبي وأمي أواري نفسي عنك، وأسمع وأرى ولا تراني. فصعد الحسن (عليه السلام) المنبر، فحمد الله بمحامد بليغة شريفة، وصلى على النبي وآله صلاة موجزة، ثم قال: أيها الناس، سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهل تدخل المدينة إلا من بابها، ثم نزل، فوثب إليه علي (عليه السلام) فتحمله، وضمه إلى صدره. ثم قال للحسين (عليه السلام): يا بني، قم فاصعد فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا، وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك، فصعد الحسين (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه وآله صلاة موجزة، ثم قال: معاشر الناس، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: إن عليا مدينة هدى، فمن دخلها نجا، ومن تخلف عنها هلك. فوثب علي (عليه السلام) فضمه إلى صدره وقبله، ثم قال: معاشر الناس، اشهدوا أنهما فرخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووديعته التي استودعنيها، وأنا استودعكموها. معاشر الناس، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) سائلكم عنهما (1).


(1) التوحيد: 304 / 1، الاختصاص: 235، بحار الانوار 10: 117 / 1.

[ 426 ]

561 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن مثنى بن الوليد الحناط، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): أما تحزن، أما تهتم، أما تألم؟ قلت: بلى والله. قال: فإذا كان ذلك منها فاذكر الموت، ووحدتك في قبرك، وسيلان عينيك على خديك، وتقطع أوصالك، وأكل الدود من لحمك، وبلاك، وانقطاعك عن الدنيا، فإن ذلك يحثك على العمل، ويردعك عن كثير من الحرص على الدنيا (1). 562 / 3 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن أبا ذر (رحمه الله)، مر برسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده جبرئيل (عليه السلام) في صورة دحية الكلبي، وقد استخلاه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآهما انصرف عنهما، ولم يقطع كلامهما. فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، هذا أبو ذر قد مر بنا، ولم يسلم علينا، أما لو سلم علينا لرددنا عليه. يا محمد، إن له دعاء يدعو به معروفا عند أهل السماء، فسله عنه إذا عرجت إلى السماء. فلما ارتفع جبرئيل (عليه السلام) جاء أبو ذر إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما منعك – يا أبا ذر – أن تكون قد سلمت علينا حين مررت بنا؟ فقال: ظننت – يا رسول الله – أن الذي كان معك دحية الكلبي، قد استخليته لبعض شأنك. فقال: ذاك كان جبرئيل (عليه السلام) يا أبا ذر، وقد قال: أما لو سلم علينا لرددنا عليه. فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل (عليه السلام) دخله من الندامة ما شاء الله حيث لم يسلم. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا الدعاء الذي تدعو به؟ فقد أخبرني أن لك دعاء معروفا في السماء. قال: نعم يا رسول الله، أقول: اللهم إني أسألك الايمان بك، والتصديق بنبيك، والعافية من جيمع البلاء، والشكر على العافية، والغنى عن


(1) بحار الانوار 76: 322 / 5.

[ 427 ]

شرار الناس (1). 563 / 4 – حدثنا سليمان بن أحمد اللخمي، قال: حدثنا الحضرمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا ثابت بن حماد، عن موسى بن صهيب، عن عبادة ابن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه وترك عليا (عليه السلام)، فقال له: آخيت بين أصحابك وتركتني؟ فقال: والذي نفسي بيده، ما أخرتك إلا لنفسي، أنت أخي ووصيي ووارثي. قال: ما أرث منك، يا رسول الله؟ قال: ما أورث النبيون قبلي، أورثوا كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت وابناك معي في قصري في الجنة (2). 564 / 5 – حدثنا عبد الله بن محمد الصائغ (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن عيسى بن محمد الوسقندي، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل، قال: حدثنا الحكم بن سليمان الجبلي أبو محمد، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن مطير بن ميمون، أنه سمع أنس بن مالك يقول: حدثني سلمان الفارسي (رحمه الله)، أنه سمع نبي الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3). 565 / 6 – حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد العلوي من ولد محمد بن علي ابن أبي طالب، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثني أبو علي الحسن بن إبراهيم بن علي العباسي، قال: حدثني أبو سعيد عمير بن مرداس الدولقي (4)، قال: حدثني جعفر بن بشير المكي، قال: حدثنا وكيع، عن المسعودي رفعه، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، قال: مر إبليس بنفر يتناولون أمير المؤمنين (عليه السلام)، فوقف أمامهم، فقال القوم: من الذي وقف أمامنا؟


(1) الكافي 2: 427 / 25، بحار الانوار 22: 400 / 9. (2) بحار الانوار 38: 334 / 6. (3) بحار الانوار 40: 6 / 12. (4) في الانساب 2: 509، ومعجم البلدان 2: 489: الدونقي.

[ 428 ]

فقال: أنا أبو مرة. فقالوا: يا أبا مرة أما تسمع كلامنا؟ فقال: سوءة لكم، تسبون مولاكم علي بن أبي طالب! فقالوا له: من أين علمت أنه مولانا؟ فقال: من قول نبيكم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقالوا له: فأنت من مواليه وشيعته؟ فقال: ما أنا من مواليه ولا من شيعته، ولكني أحبه، وما يبغضه أحد إلا شاركته في المال والولد. فقالوا له: يا أبا مرة، فتقول في علي شيئا؟ فقال لهم: اسمعوا مني معاشر الناكثين والقاسطين والمارقين، عبدت الله عزوجل في الجان اثني عشر ألف سنة، فلما أهلك الله الجان شكوت إلى الله عزوجل الوحدة، فعرج بي إلى السماء الدنيا، فعبدت الله عزوجل في السماء الدنيا اثني عشر ألف سنة أخرى في جملة الملائكة، فبينا نحن كذلك نسبح الله عزوجل ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني، فخرت الملائكة لذلك النور سجدا، فقالوا: سبوح قدوس، نور ملك مقرب أو نبي مرسل، فإذا النداء، من قبل الله عزوجل: لا نور ملك مقرب ولا نبي مرسل، هذا نور طينة علي بن أبي طالب (1). 566 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن إبراهيم بن الحكم، عن عمرو بن جبير، عن أبيه، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) إلى اليمن، فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن، فنفح (2) رجلا برجله فقتله، وأخذه أولياء المقتول، فرفعوه إلى علي (عليه السلام)، فأقام صاحب الفرس البينة أن الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله، فأبطل علي (عليه السلام) دم الرجل، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يشكون عليا (عليه السلام) فيما حكم عليهم، فقالوا: إن عليا ظلمنا، وأبطل دم صاحبنا. فقال رسول


(1) علل الشرائع: 143 / 9، بحار الانوار 39: 162 / 1. (2) نفحت الدابة الشئ: ضربته بحد حافرها.

[ 429 ]

الله (صلى الله عليه وآله): إن عليا ليس بظلام، ولم يخلق علي للظلم، وإن الولاية من بعدي لعلي، والحكم حكمه، والقول قوله، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر، ولا يرضى بحكمه وقوله وولايته إلا مؤمن. فلما سمع اليمانيون قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) قالوا: يا رسول الله، رضينا بقول علي وحكمه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو توبتكم مما قلتم (1). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 38: 101 / 22.

[ 430 ]

[ 56 ] المجلس السادس والخمسون مجلس يوم الثلاثاء الثامن من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 567 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن سنان، عن الفضيل بن يسار، قال: انتهيت إلى زيد بن علي (عليه السلام) صبيحة يوم خرج بالكوفة فسمعته يقول: من يعينني منكم على قتال أنباط أهل الشام؟ فو الذي بعث محمدا بالحق بشيرا، لا يعينني منكم على قتالهم أحد إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة بإذن الله. قال: فلما قتل اكتريت راحلة، وتوجهت نحو المدينة، فدخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقلت في نفسي: لا أخبرته بقتل زيد بن علي فيجزع عليه، فلما دخلت عليه قال لي: يا فضيل، ما فعل عمي زيد؟ قال: فخنقتني العبرة، فقال لي: قتلوه؟ قلت: إي والله، قتلوه. قال: فصلبوه؟ قلت: إي والله صلبوه. قال: فأقبل يبكي ودموعه تنحدر على ديباجتي خده كأنها الجمان. ثم قال: يا فضيل، شهدت مع عمي قتال أهل الشام؟ قلت: نعم. قال: فكم


[ 431 ]

قتلت منهم؟ قلت: ستة. قال: فلعلك شاك في دمائهم؟ قال: فقلت: لو كنت شاكا ما قتلتهم. قال: فسمعته وهو يقول: أشركني الله في تلك الدماء، مضى والله زيد عمي وأصحابه شهداء، مثلما مضى عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأصحابه (1). 568 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه، وأدى حقه يوم حصاده. قيل: يا رسول الله، فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه، قد تبع بها مواضع القطر، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. قيل: يا رسول الله، فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير. قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات في الوحل، والمطعمات في المحل، نعم الشئ النخل، من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدت به الريح في يوم عاصف، إلا أن يخلف مكانها. قيل: يا رسول الله، فأي المال بعد النخل خير، فسكت. فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة، ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم (2)، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة (3). 569 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن الصادق جعفر بن


(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 252 / 7، بحار الانوار 46: 171 / 20. (2) زاد في نسخة: قيل: فيترك الناس الابل حينئذ، قال: كلا. (3) الخصال: 245 / 105، معاني الاخبار: 196 / 3، بحار الانوار 64: 121 / 5.

[ 432 ]

محمد (عليهما السلام)، قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس في حجة الوداع بمنى في مسجد الخيف، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل (1) عليهن قلب امرء مسلم: اخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم المسلمون إخوة تتكافا دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، هم يد على من سواهم (2). 570 / 4 – حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي، الاسلام هو التسليم، والتسليم هو التصديق، والتصديق هو اليقين، واليقين هو والاداء هو العمل، إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ولم يأخذه عن رأيه. أيها الناس، دينكم دينكم، تمسكوا به، لا يزيلكم أحد عنه، لان السيئة فيه خير من الحسنة في غيره، لان السيئة فيه تغفر، والحسنة في غيره لا تقبل (3). 571 / 5 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: دخل أبو شاكر الديصاني على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فقال له: إنك أحد النجوم الزواهر، وكان آباؤك بدورا بواهر، وأمهاتك عقيلات عباهر (4)، وعنصرك من أكرم


(1) هو من الاغلال: الخيانة في كل شئ. ويروى (يغل) بفتح الياء، من الغل: وهو الحقد والشحناء، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق. وروي (يغل) بالتخفيف، من الوغول: الدخول في الشر. والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر ” النهاية 3: 381 “. (2) الخصال: 149 / 182، بحار الانوار 27: 67 / 3. (3) معاني الاخبار: 185 / 1، بحار الانوار 68: 309 / 1. (4) في نسخة: أباهر، والعباهر: العظيم من كل شئ، والعبهرة من النساء: التي تجمع الحسن في الجسم والخلق.

[ 433 ]

العناصر، وإذا ذكر العلماء فبك تثني الخناصر، فخبرني أيها البحر الخضم الزاخر، ما الدليل على حدث العالم؟ فقال الصادق (عليه السلام): يستدل عليه بأقرب الاشياء، قال: وما هو؟ قال: فدعا الصادق (عليه السلام) ببيضة، فوضعها على راحته، ثم قال: هذا حصن ملموم، داخله غرقئ (1) رقيق، تطيف به فضة سائلة، وذهبة مائعة، ثم تنفلق عن مثل الطاوس، أدخلها شئ؟ قال: لا. قال: فهذا الدليل على حدث العالم. قال: أخبرت فأوجزت، وقلت فأحسنت، وقد علمت أنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا، أو سمعناه بآذاننا، أو لمسناه بأكفنا، أو شممناه بمناخرنا، أو ذقناه بأفواهنا، أو تصور في القلوب بيانا، واستنبطته الروايات إيقانا. فقال الصادق (عليه السلام): ذكرت الحواس الخمس، وهي لا تنفع شيئا بغير دليل، كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح (2). 572 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه دخل عليه رجل، فقال له: يابن رسول الله، ما الدليل على حدث العالم؟ قال: أنت لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك من هو مثلك (3). 573 / 7 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم وهو في


(1) الغرقئ: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض (2) التوحيد: 292 / 1، بحار الانوار 3: 39 / 13. (3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 134 / 32، التوحيد: 293 / 3، الاحتجاج: 396، بحار الانوار 3: 36 / 11.

[ 434 ]

مسجد قباء والانصار مجتمعون: يا علي، أنت أخي وأنا أخوك، يا علي أنت وصيي، وخليفتي، وإمام امتي بعدي، وإلى الله من والاك، وعادى الله من عاداك، وأبغض الله من أبغضك، ونصر الله من نصرك، وخذل الله من خذلك. يا علي، أنت زوج ابنتي، وأبو ولدي. يا علي، إنه لما عرج بي إلى السماء عهد إلي ربي فيك ثلاث كلمات، فقال: يا محمد. قلت: لبيك ربي وسعديك، تبارك وتعاليت. فقال: إن عليا إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين (1). 574 / 8 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن على الباقر (عليه السلام)، قال: سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان ذات يوم في منزل أم إبراهيم، وعنده نفر من أصحابه، إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا معشر الناس، أقبل إليكم خير الناس بعدي، وهو مولاكم، طاعته مفروضة كطاعتي، ومعصيته محرمة كمعصيتي. معاشر الناس، أنا دار الحكمة، وعلي مفتاحها، ولن يوصل إلى الدار إلا بالمفتاح، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا (2). 575 / 9 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ذات يوم لجابر بن عبد الله الانصاري: يا جابر، إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف في التوراة بالباقر فإذا لقيته فأقرئه مني السلام.


(1) بحار الانوار 38: 102 / 23. (2) بحار الانوار 36: 102 / 24.

[ 435 ]

فدخل جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فوجد محمد بن علي (عليهما السلام) عنده غلاما، فقال له، يا غلام، أقبل. فأقبل، ثم قال له: أدبر. فأدبر، فقال جابر: شمائل رسول الله ورب الكعبة، ثم أقبل على علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له، من هذا؟ قال: هذا ابني، وصاحب الامر بعدي محمد الباقر. فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما، ويقول: نفسي لنفسك الفداء يا بن رسول الله، اقبل سلام أبيك، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ عليك السلام. قال: فدمعت عينا أبي جعفر (عليه السلام)، ثم قال: يا جابر، على أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام ما دامت السماوات والارض، وعليك – يا جابر – بما بلغت السلام (1). 576 / 10 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء، انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور، وهو قول الله عز وجل: (خلق الظلمات والنور) (2)، فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال: له جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منه، فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر. فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتي انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: تقدم يا محمد. فقال له: يا جبرئيل، ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدم


(1) بحار الانوار 46: 223 / 1. (2) كذا، وفي سورة الانعام 6: 1: (وجعل الظلمات والنور).

[ 436 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله أن يتقدم، حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى: أنا المحمود، وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتلته (1) انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك. فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكره أن يحدث الناس بشئ كراهية أن يتهموه، لانهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) (2)، فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (3)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تهديد بعد وعيد، لامضين أمر الله عز وجل، فإن يتهموني ويكذبوني، فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة. قال: وسلم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أسمع الكلام ولا أحس الرؤية. فقال: يا علي، هذا جبرئيل، أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني. ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين، ثم قال: يا بلال، ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم، فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجماعة أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة، وإني ضقت بها ذرعا مخافة ان تتهموني وتكذبوني حتى أنزل الله علي وعيدا بعد وعيد،


(1) في نسخة: بتكته، وكلاهما بمعنى قطعته. (2) هود 11: 12. (3) المائدة 5: 67.

[ 437 ]

فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي وأسمعني وقال: يا محمد، أنا المحمود، وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتلته (1)، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك. ثم أخذ (صلى الله عليه وآله) بيدي علي بن أبي طالب، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، ولم ير قبل ذلك، ثم قال: أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى مولاي، وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيع: نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية. فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (2)، فكرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا، ثم قال: إن كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب بإرسالي إليكم، بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (3). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) في نسخة: بتكته. (2) المائدة 5: 3. (3) بحار الانوار 37: 109 / 3.

[ 438 ]

[ 57 ] المجلس السابع والخمسون مجلس يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 577 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت مولاي الصادق (عليه السلام) يقول: كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (عليه السلام) أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه، ها أنا ذا – يا بن عمران – مطلع على أحبائي، إذا جنهم الليل حولت أبصارهم من قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور. يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع في ظلم الليل، وادعني فإنك تجدني قريبا مجيبا (1). 578 / 2 – وبهذا الاسناد قال: كان الصادق (عليه السلام) يدعو بهذا الدعاء: إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفت حبك في قلبي! وإن كنت


(1) بحار الانوار 13: 329 / 7.

[ 439 ]

عاصيا مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة، وعينا بالرجاء ممدودة، مولاي أنت عظيم العظماء، وأنا أسير الاسراء، أنا أسير بذنبي مرتهن بجرمي، إلهي لئن طالبتني بذنبي لاطالبنك بكرمك، ولئن طالبتني بجريرتي لاطالبنك بعفوك، ولئن أمرت بي إلى النار لاخبرن أهلها أني كنت أقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، اللهم إن الطاعة تسرك، والمعصية لا تضرك، فهب لي ما يسرك، واغفر لي ما لا يضرك، يا أرحم الراحمين (1). 579 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن خالد ابن نجيح الجواز، عن وهب بن عبد ربه، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من قال يعلم الله لما لا يعلم الله، اهتز العرش إعظاما لله عز وجل (2). 580 / 4 – حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي بن الناصر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن الزاهر في الدنيا. قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه، ويترك حرامها مخافة عذابه (3). 581 / 5 – وبهذا الاسناد، قال: رأى الصادق (عليه السلام) رجلا قد اشتد جزعه على ولده، فقال: يا هذا، جزعت للمصيبة الصغرى، وغفلت عن المصيبة الكبرى، لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدا لما اشتد عليه جزعك، فمصابك بتركك الاستعداد له أعظم من مصابك بولدك (4). 582 / 6 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى


(1) بحار الانوار 94: 92 / 5. (2) بحار الانوار 104: 207 / 5. (3) معاني الاخبار: 287 / 1، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 52 / 199، بحار الانوار 70: 310 / 6. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 5 / 10، وسائل الشيعة 2: 649 / 6.

[ 440 ]

الله عز وجل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال الحق فيما عليه وله (1). 583 / 7 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): بم يعرف الناجي؟ فقال: من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع (2). 584 / 8 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: عليكم بأتيان المساجد، فإنها بيوت الله في الارض، ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه، وكتب من زواره، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء، وصلوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة (3). 585 / 9 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا الحسن ابن محبوب، قال: حدثنا معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم (4). 586 / 10 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن محمد بن


(1) بحار الانوار 69: 370 / 10. (2) بحار الانوار 2: 26 / 1. (3) بحار الانوار 83: 384 / 59. (4) بحار الانوار 2: 41 / 2.

[ 441 ]

سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: عليكم بمكارم الاخلاق فإن الله عز وجل يحبها، وإياكم ومذام الافعال فإن الله عز وجل يبغضها، وعليكم بتلاوة القرآن فإن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فكلما قرأ آية رقي درجة، وعليكم بحسن الخلق فإنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وعليكم بحسن الجوار فإن الله أمر بذلك، وعليكم بالسواك فإنها مطهرة وسنة حسنة، وعليكم بفرائض الله فأدوها، وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها (1). 587 / 11 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنة، فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا رب على ما أوقف؟ فو عزتك انك لتعلم أنك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالا فأودي منه حقا أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفاف على ما علمت وقدرت لي. فيقول الله جل جلاله: صدق عبدي، خلوا عنه يدخل الجنة. ويبقى الآخر حتى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثم يدخل الجنة، فيقول له الفقير: ما حبسك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي، ثم أسأل عن شئ آخر حتى تغمدني الله عز وجل منه برحمته، وألحقني بالتأئبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا. فيقول: لقد غيرك النعيم بعدي (2). 588 / 12 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين


(1) بحار الانوار 69: 370 / 11. (2) بحار الانوار 7: 259 / 4.

[ 442 ]

ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن سليمان ابن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت أخي وأنا أخوك، يا علي أنت مني وأنا منك، يا علي أنت وصيي وخليفتي وحجة الله على أمتي بعدي، لقد سعد من تولاك، وشقي من عاداك (1). 589 / 13 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة (2). 590 / 14 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو رجاء قتيبة ابن سعيد، عن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة يؤتي بك – يا علي – على نجيب من نور، وعلى رأسك تاج، قد أضاء نوره، وكاد يخطف أبصار أهل الموقف، فيأتي النداء من عند الله جل جلاله: أين خليفة محمد رسول الله؟ فتقول: ها أنا ذا. قال: فينادي المنادي: يا علي، أدخل من أحبك الجنة، ومن عاداك النار، فأنت قسيم الجنة، وأنت قسيم النار (3). وصلى الله على محمد وآله


(1) بحار الانوار 38: 102 / 25. (2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 52 / 201، بحار الانوار 68: 9 / 5. (3) بحار الانوار 7: 232 / 3.

[ 443 ]

[ 58 ] المجلس الثامن والخمسون مجلس يوم الثلاثاء النصف من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 591 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن القاسم الاستر آبادي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الملك بن أحمد بن هارون، قال: حدثنا عمار بن رجاء، قال: حدثنا يزيد ابن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، أما رأيت فلانا ركب البحر ببضاعة يسيرة وخرج إلى الصين، فأسرع الكرة، وأعظم الغنيمة حتى قد حسده أهل وده، وأوسع قراباته وجيرانه؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن مال الدنيا كلما ازداد كثرة وعظما، ازداد صاحبه بلاء، فلا تغبطوا أصحاب الاموال إلا بمن جاد بماله في سبيل الله، ولكن ألا أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة، وأسرع منه كرة، وأعظم منه غنيمة، وما أعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا إلى هذا المقبل إليكم. فنظرنا فإذا رجل من الانصار رث الهيئة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذا لقد صعد له في هذا اليوم إلى العلو من الخيرات والطاعات ما لو قسم على جميع أهل السماوات والارض،


[ 444 ]

لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه ووجوب الجنة له. قالوا: بماذا، يا رسول الله؟ فقال: سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم. فأقبل عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقالوا له: هنيئا لك بما بشرك به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب؟ فقال الرجل: ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي، وأردت حاجة كنت أبطأت عنها، فخشيت أن تكون فاتتني، فقلت في نفسي لاعتاضن منها النظر إلى وجه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: النظر إلى وجه علي عبادة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إي والله عبادة، وأي عبادة! إنك – يا عبد الله – ذهبت تبتغي أن تكتسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك، فاعتضت منه النظر إلى وجه علي، وأنت له محب، ولفضله معتقد، وذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله، ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مصيرك إليه في ألف رقبة يعتقهم الله من النار بشفاعتك (1). 592 / 2 – حدثنا محمد بن بكران النقاش (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم، قال: حدثني المنذر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بادروا إلى رياض الجنة. قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر (2). 593 / 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب، قال: حدثنا أبي،


(1) بحار الانوار 38: 197 / 5. (2) معاني الاخبار: 321 / 1، بحار الانوار 93: 155 / 20.

[ 445 ]

قال: حدثنا الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن الحسين بن علي (علهيم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وأن عليا (عليه السلام) قضى به بالعراق (1). 594 / 4 – وبهذا الاسناد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأمره أن يأخذ باليمين مع الشاهد (2). 595 / 5 – حدثنا الحسين بن علي الصوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن الحسن الوزان، عن يحيى بن سعيد الاهوازي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد ابن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك: اللهم انزع عني ربقة النفاق، وثبتني على الايمان. فإذا دخلت البيت الاول فقل: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وأستعيذ بك من أذاه. وإذا دخلت البيت الثاني فقل: اللهم أذهب عني الرجس النجس، وطهر جسدي وقلبي. وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك، وصب منه على رجليك، وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل، فإنه ينقي المثانة، والبث في البيت الثاني ساعة، فإذا دخلت البيت الثالث فقل: نعوذ بالله من النار، ونسأله الجنة. ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام فإنه يفسد المعدة، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن، وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك، فإذا لبست ثيابك فقل: اللهم ألبسني التقوى، وجنبني الردى، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء (3).


(1) بحار الانوار 104: 277 / 1. (2) بحار الانوار 104: 277 / 2. (3) بحار الانوار 76: 70 / 3.

[ 446 ]

596 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن جعفر بن محمد الفزاري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا منصور بن أبي نويرة، عن أبي بكر بن عياش، عن قرن أبي سليمان الضبي (1)، قال: أرسل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى لبيد العطاردي (2) بعض شرطه، فمروا به على مسجد سماك (3)، فقام إليه نعيم بن دجاجة الاسدي، فحال بينهم وبينه، فأرسل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى نعيم فجئ به، قال: فرفع أمير المؤمنين (عليه السلام) شيئا ليضربه، فقال نعيم: والله إن صحبتك لذل، وإن خلافك لكفر. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): وتعلم ذلك؟ قال: نعم. قال: خلوه (4). 597 / 7 – حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا محمد بن أيوب، قال: أخبرنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله عز وجل، وأحبوا أهل بيتي لحبي (5). 598 / 8 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم المكتب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله، قال: حدثنا المأمون، عن أبيه الرشيد، عن المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن


(1) في نسخة: ابن أبي سليمان الضبي، وفي الغارات: 72: قدم الضبي. (2) في الغارات: لبيد بن عطارد التميمي، وقد ترجم له بهذا العنوان ابن حجر في الاصابة 3: 328، وابن عبد البر في الاستيعاب 3: 328 (في هامش الاصابة). (3) مسجد سماك: بالكوفة منسوب إلى سماك بن مخرمة بن حمين بن بلث الاسدي. ” مجمع البلدان 5: 125 “. (4) بحار الانوار 42: 186 / 2. (5) أمالي الطوسي: 278 / 531، بحار الانوار 27: 76 / 5، 6.

[ 447 ]

عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت وارثي (1). 599 / 9 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن اللؤلؤي، قال: حدثنا علي بن نوح الجنائي، قال: حدثني أبي، عن محمد بن مروان، عن أبي داود، عن معاذ بن سالم، عن بشر بن إبراهيم الانصاري، عن خليفة بن سليمان الجهني، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: غزا النبي (صلى الله عليه وآله) غزاة، فلما رجع إلى المدينة، وكان علي (عليه السلام) تخلف على أهله، فقسم المغنم، فدفع إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) سهمين فقال الناس: يا رسول الله، دفعت إلى علي بن أبي طالب سهمين وهو بالمدينة متخلف! فقال: معاشر الناس، ناشدتكم بالله وبرسوله، ألم تروا إلى الفارس الذي حمل على المشركين من يمين العسكر فهزمهم، ثم رجع إلي فقال: يا محمد، إن لي معك سهما، وقد جعلته لعلي بن أبي طالب؟ وهو جبرئيل (عليه السلام). معاشر الناس، ناشدتكم بالله وبرسوله، هل رأيتم الفارس الذي حمل على المشركين من يسار العسكر فهزمهم، ثم رجع فكلمني، وقال لي: يا محمد، إن لي معك سهما، وقد جعلته لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ وهو ميكائيل، فوالله ما دفعت إلى علي إلا سهم جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) فكبر الناس بأجمعهم (2). 600 / 10 – حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن أحمد، عن أبي أحمد الازدي، عن عبد الله بن جندب، عن أبي عمر العجمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الملوك،


(1) بحار الانوار 40: 6 / 13. (2) علل الشرائع: 172 / 1، 2، بحار الانوار 39: 94 / 4.

[ 448 ]

وقلوبهم بيدي، فأيما قوم أطاعوني جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة، وأيما قوم عصوني جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، توبوا إلي أعطف قلوبهم عليكم (1). 601 / 11 – حدثنا جعفر بن علي الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد الشعيري، عن الصادق جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي: الامراء والقراء (2). 602 / 12 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن بشار بن يسار، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا أردت شيئا من الخير فلا تؤخره، فإن العبد ليصوم اليوم الحار يريد به ما عند الله عز وجل، فيعتقه الله من النار، ويتصدق بصدقة يريد بها وجه الله، فيعتقه الله من النار (3). 603 / 13 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال عيسى بن مريم (عليه السلام) لبعض أصحابه: ما لا تحب أن يفعل بك فلا تفعله بأحد، وإن لطم أحد خدك الايمن فأعط الايسر (4). 604 / 14 – حدثنا الحسن بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبد الله بن


(1) بحار الانوار 75: 340 / 21. (2) نوادر الراوندي: 27، بحار الانوار 92: 178 / 7. (3) بحار الانوار 71: 215 / 14. (4) بحار الانوار 14: 287 / 10.

[ 449 ]

بكير، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): حسب المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عز وجل (1). 605 / 15 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): ما من قدم سعت إلى الجمعة إلا حرم الله جسدها على النار (2). 606 / 16 – وقال (عليه السلام): من صلى معهم في الصف الاول، فكأنما صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الصف الاول. (3). 607 / 17 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن عمرو بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن صدقة النهار تميث (4) الخطيئة كما يميث الماء الملح، وإن صدقة الليل تطفئ غضب الرب جل جلاله (5). 608 / 18 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال علي (عليه السلام): إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه (6). 609 / 19 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي


(1) تقدم في المجلس (10) الحديث (6). (2) بحار الانوار 89: 184 / 19. (3) بحار الانوار 88: 87 / 48. (4) أي تذيب. (5) بحار الانوار 96: 176 / 1. (6) بحار الانوار 2: 227 / 4.

[ 450 ]

عمير، عن أبان الاحمر، عن سعد الكناني، عن الاصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت خليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، وأنت مني كشيث من آدم، وكسام من نوح، وكاسماعيل من إبراهيم، وكيوشع من موسى، وكشمعون من عيسى. يا علي، أنت وصيي ووارثي وغاسل جثتي، وأنت الذي تواريني في حفرتي، وتؤدي ديني، وتنجز عداتي. يا علي، أنت أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وقائد الغر المجلين، ويعسوب المتقين. يا علي، أنت زوج سيدة النساء فاطمة ابنتي، وأبو سبطي الحسن والحسين. يا علي، إن الله تبارك وتعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه، وجعل ذريتي من صلبك. يا علي، من أحبك ووالاك أحببته وواليته، ومن أبغضك وعاداك أبغضته وعاديته، لانك مني وأنا منك. يا علي، إن الله طهرنا واصطفانا، لم يلتق لنا أبوان على سفاح قط من لدن آدم، فلا يحبنا إلا من طابت ولادته. يا علي، أبشر بالشهادة فإنك مظلوم بعدي ومقتول. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك. يا علي، إنك لن تضل ولم تزل، ولولاك لم يعرف حزب الله بعدي (1). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 38: 103 / 26.

[ 451 ]

[ 59 ] المجلس التاسع والخمسون مجلس يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 610 / 1 حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل. وحق اللسان إكرامه عن الخنا (1)، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم. وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به. وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، فبهما (2) تقف على الصراط، فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار. وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع. وحق


(1) الخنا: الفحش في الكلام. (2) في نسخة: فيهما.

[ 452 ]

فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه. وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل، أنك فيما قائم بين يدي الله عز وجل، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها. وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله عز وجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك. وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها، وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع البايا والاسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة. وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل، ولا تريد به خلقه، وتريد به التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه. وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عز وجل له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه، فتلقي بيدك إلى التهلكة، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء. وحق سايسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله – جل اسمه – لا للناس. وأما حق سايسك بالملك، فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما حق رعيتك بالسلطان، فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك،


[ 453 ]

فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله على ما آتاك من القوة عليهم. وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت في تعليم الناس، ولم تخرق بهم (1)، ولم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك، كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك. وأما حق الزوجة، فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكونا وأنسا، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عز وجل عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب، فإن لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها. وأما حق مملوكك، فأن تعلم أنه خلق ربك، وابن أبيك وأمك، ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا أخرجت له رزقا، ولكن الله عز وجل كفاك ذلك، ثم سخره لك، وائتمنك عليه، واستودعك إياه، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به، ولم تعذب خلق الله، ولا قوة إلا بالله. وأما حق أمك، فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولن تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك، وتظلك وتضحى (2)، وتهجر النوم لاجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك، فأن تعلم أنه أصلك، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على


(1) خرق بالشئ: جهله ولم يحسن عمله. (2) ضحى: برز للشمس فأصابه حرها.

[ 454 ]

قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله. وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الادب، والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه. وأما حق أخيك، فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك المنعم عليك، فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها، فأطلقك من أسر الملكية، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وبعد موتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه، فأن تعلم أن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه، وحجابا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه، إذا لم يكن له رحم، مكافأة بما أنفقت من مالك، وفي الآجل الجنة. وأما حق ذي المعروف عليك، فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه القالة (1) الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافأته. وأما حق المؤذن، فأن تعلم أنه مذكر لك بربك عز وجل، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عليك، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك. وأما حق إمامك في صلاتك، فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين


(1) القالة: اسم للقول الفاشي في الناس، خيرا كان أو شرا.

[ 455 ]

ربك عز وجل، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عز وجل، فإن كان [ به ] (1) نقص كان به دونك، وإن كان تماما كنت به شريكه، ولم يكن له عليك فضل، فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك. وأما حق جليسك، فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرا. وأما حق جارك، فحفظه غائبا، وإكرامه شاهدا، ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الصاحب، فأن تصحبه بالتفضل والانصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، وإن سبق كافيته، وتوده كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الشريك، فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، تحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره، فإن يد الله عز وجل على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلا بالله. وأما حق مالك، فأن لا تأخذه إلا منحله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة، ولا قوة إلا بالله. وأما حق غريمك الذي يطالبك، فإن كنت موسرا أعطيته، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردا لطيفا.


(1) من الخصال.

[ 456 ]

وحق الخليط أن لا تغره، ولا تغشه، ولا تخدعه، وتتقي الله في أمره. وحق الخصم المدعي عليك، فان كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه و أوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، و لم تسخط ربك في أمره، ولا قوة إلا بالله. وحق خصمك الذي تدعي عليه، إن كنت محقا في دعواك، أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك، اتقيت الله وتبت إليه، وتركت الدعوى. وحق المستشير، إن علمت له رأيا حسنا أشرت عليه، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم، وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عز وجل. وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به. وحق الناصح أن تلين له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل، وإن لم يوفق رحمته ولم تتهمه، وعلمت أنه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك، إلا أن يكون مستحقا للتهمة، ولا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله. وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته بحق الاسلام وحرمته، وحق الصغير رحمته وتعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له. وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته. وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وإن منع فاقبل عذره. وحق من سرك الله به أن تحمد الله أولا ثم تشكره. وحق من ساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو يضره انتصرت، قال الله عز وجل: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) (1). وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم، والرحمة بهم، والرفق بمسيئهم،


(1) الشورى 42: 41.

[ 457 ]

وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم، وكف الاذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة إخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار بمنزلة أولادك (1)، وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده، ولا قوة إلا بالله (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) في نسخة: إخوانك. (2) الخصال: 564 / 1، بحار الانوار 74: 2 / 1.

[ 458 ]

[ 60 ] المجلس الستون مجلس يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 611 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت أحب أهل البيت (عليهم السلام)، وأظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه، فلما حج الرشيد كنت أنا ومحمد والقاسم معه، فلما كان بالمدينة استأذن عليه الناس، فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فدخل، فلما نظر إليه الرشيد تحرك ومد بصره وعنقه إليه حتى دخل البيت الذي كان فيه، فلما قرب منه جثا الرشيد على ركبتيه وعانقه، ثم أقبل عليه، فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن، كيف عيالك، كيف عيال أبيك، كيف أنتم، ما حالكم؟ فما زال يسأله عن هذا وأبو الحسن (عليه السلام) يقول: خير خير، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض، فأقسم عليه أبو الحسن (عليه السلام) فقعد، وعانقه وسلم عليه وودعه. قال المأمون: وكنت أجرأ ولد أبي عليه، فلما خرج أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قلت لابي: يا أمير المؤمنين، لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلت بأحد من أبناء المهاجرين والانصار ولا ببني هاشم! فمن هذا الرجل؟ فقال: يا بني، هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمد، إن أردت العلم


[ 459 ]

الصحيح فعند هذا. قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي حبهم (1). 612 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، قال: رفع (2) الخبر إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وعنده جماعة من أهل بيته، بما عزم عليه موسى بن المهدي في أمره، فقال لاهل بيته: ما تشيرون؟ قالوا: نرى أن تتباعد عن هذا الرجل، وأن تغيب شخصك منه، فإنه لا يؤمن شره. فتبسم أبو الحسن (عليه السلام)، ثم قال: زعمت سخينة أن ستغلب ربها * * وليغلبن مغالب الغلاب (3) ثم رفع (عليه السلام) يده إلى السماء، فقال: إلهي، كم من عدو شحذ لي ظبة مديته (4)، وأرهف لي سنان حده، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوائح (5)، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك لا بحولي ولا بقوتي، فألقيته في الحفير الذي احتفره لي، خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك. سيدي اللهم فخذه بعزتك، وافلل حده عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عمن يناويه، اللهم وأعدني عليه عدوى (6) حاضرة، تكون من غيظي


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 93 / 12، بحار الانوار 48: 134 / 6. (2) في نسخة: وقع. (3) البيت لكعب بن مالك، وقيل: لحسان بن ثابت، وسخينة: لقب قريش، لانها كانت تعاب بأكل السخينة، وهي طعام يتخذ من الدقيق، وإنما يأكلونها في شدة الدهر وغلاء السعر. (4) الظبة: حد السيف ونحوه: والمدية: الشفرة الكبيرة. (5) الجائحة: المصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله. (6) أعداه: نصره وأعانه وقواه، والعدوى: طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه.

[ 460 ]

شفاء، ومن حقي عليه وفاء (1)، وصل اللهم دعائي بالاجابة، وانظم شكاتي بالتغيير، وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت في إجابة المضطرين، إنك ذو الفضل العظيم والمن الكريم. قال: ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى بن المهدي (2). 613 / 3 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر (عليه السلام)، جن عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدد موسى (عليه السلام) طهوره، واستقبل بوجهه القبلة، وصلى لله عز وجل أربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات، فقال: يا سيدي نجني من حبس هارون، وخلصني من يديه، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء، خلصني من يدي هارون. قال: فلما دعا موسى (عليه السلام) بهذه الدعوات، رأى هارون رجلا أسود في منامه، وبيده سيف قد سله، واقفا على رأس هارون، وهو يقول: يا هارون، أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا. فخاف هارون من هيبته، ثم دعا لحاجبه، فجاء الحاجب، فقال له: اذهب إلى السجن، وأطلق عن موسى بن جعفر. قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟ قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر، فأخرجه من سجنك، وأطلق عنه. فصاح السجان، يا موسى، إن الخليفة يدعوك. فقام موسى (عليه السلام) مذعورا فزعا، وهو


(1) في نسخة: ومن حنقي عليه وقاء. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 79 / 7، أمالي الطوسي: 421 / 944، مهج الدعوات: 28، بحار الانوار 48: 217 / 17 – 19 و 94: 337 / 6.

[ 461 ]

يقول: لا يدعوني في جوف هذه الليلة إلا لشر يريد بي. فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته، فجاء إلى عند هارون، وهو ترتعد فرائصه، فقال: سلام على هارون. فرد عليه السلام، ثم قال له هارون: ناشدتك بالله، هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟ فقال: نعم. قال: وما هن؟ قال: جددت طهورا، وصليت لله عز وجل أربع ركعات، ورفعت طرفي إلى السماء، وقلت: يا سيدي خلصني من يدي هارون و شره، وذكر له ما كان من دعائه، فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك. يا حاجب، أطلق عن هذا. ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا، وحمله على فرسه، وأكرمه، وصيره نديما لنفسه. ثم قال: هات الكلمات حتى أثبتها. ثم دعا بداوة وقرطاس، وكتب هذه الكلمات. قال: فأطلق عنه، وسلمه إلى حاجبه ليسلمه إلى الدار، فصار موسى بن جعفر (عليهما السلام) كريما شريفا عند هارون، وكان يدخل عليه في كل خميس (1). 614 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، وعلي بن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة (2). 615 / 5 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 93 / 13، أمالي الطوسي: 422 / 945، بحار الانوار 48: 219 / 20 – 22، و 95: 210 / 2. (2) نوادر أحمد بن عيسى: 26 / 17، الكافي 5: 443 / 5، من لا يحضره الفقيه 3: 227 / 1070، أمالي الطوسي: 423 / 946، تحف العقول: 381، بحار الانوار 78:: 267 / 180، و 96: 262 / 4، و 104 / 217 / 8 و 9، و 232 / 78.

[ 462 ]

محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد التوسل إلي، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم (1). 616 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال: صلى الله على محمد وآله، قال الله جل جلاله: صلى الله عليك، فليكثر من ذلك. ومن قال: صلى الله على محمد، ولم يصل على آله، لم يجد ريح الجنة، وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام (2). 617 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا أبي، عن علي بن النعمان، عن فضل بن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): من قال كل يوم خمسا وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى، وبعدد كل مؤمن بقي إلى يوم القيامة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة (3). 618 / 8 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من قدم أربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه (4). 619 / 9 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن


(1) أمالي الطوسي: 423 / 947، بحار الانوار 26: 227 / 1. (2) أمالي الطوسي: 424 / 948، بحار الانوار 94: 48 / 4. (3) أمالي الطوسي: 424 / 949، بحار الانوار 93: 384 / 5. (4) أمالي الطوسي: 424 / 950، بحار الانوار 93: 383 / 3.

[ 463 ]

يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن معاوية بن عمار، قال: ذكرت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بعض الانبياء، فصليت عليه، فقال: إذا ذكر أحد من الانبياء فابدأ بالصلاة على محمد ثم عليه (صلى الله على محمد وآله، وعلى جميع الانبياء) (1). 620 / 10 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: بلغ أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) أن مولى لها يتنقص عليا (عليه السلام) ويتناوله، فأرسلت إليه، فلما أن صار إليها قالت له: يا بني، بلغني أنك تتنقص عليا وتتناوله. قال لها: نعم، يا أماه. قالت: اقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم اختر لنفسك، إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) وهو متهلل (2)، أصابعه في أصابع علي، واضعا يده عليه، فقال: يا أم سلمة، اخرجي من البيت، وأخليه لنا، فخرجت واقبلا يتناجيان، اسمع الكلام، وما أدري ما يقولان، حتى إذا انتصف النهار، أتيت الباب، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: لا. فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة، أو نزل في شئ من السماء، ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: لا. فكبوت كبوة أشد من الاولى. ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي يا أم سلمة. فدخلت وعلي (عليه السلام) جاث بين يديه، وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟ قال: آمرك بالصبر. ثم أعاد عليه القول الثانية، فأمره بالصبر، فأعاد عليه القول الثالثة، فقال له: يا علي يا أخي، إذا كان ذاك منهم فسل


(1) أمالي الطوسي: 424 / 951، بحار الانوار 94: 48 / 5. (2) في مناقب الخوارزمي والبحار 38: مخلل.

[ 464 ]

سيفك، وضعه على عاتقك، واضرب به قدما قدما (1)، حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثم التفت (عليه السلام) إلي، فقال لي: ما هذا الكآبة يا أم سلمة؟ قلت: للذي كان من ردك لي يا رسول الله. فقال لي: والله ما رددتك من موجدة (2)، وإنك لعلى خير من الله ورسوله، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني، وعلي عن يساري، وجبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون من بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليا. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، أخي في الدنيا وأخي في الآخرة. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، حامل لوائي في الدنيا وحامل لوائي غدا في القيامة. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، وصيي وخليفتي من بعدي، وقاضي عداتي، والذائد عن حوضي، يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. قلت: يا رسول الله، من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة، وينكثون بالبصرة. قلت: من القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام. قلت: من المارقون؟ قال: أصحاب النهروان. فقال مولى أم سلمة: فرجت عني فرج الله عنك، والله لا سببت عليا أبدا (3). 621 / 11 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن القاسم بن الوليد، عن شيخ من ثمالة، قال:


(1) القدم: المضي إلى أمام. (2) الموجدة: الغضب. (3) أمالي الطوسي: 424 / 952، المناقب للخوارزمي: 89 (نحوه)، بحار الانوار 22: 221 / 1، و 38: 305 / 5، و 309 / 9 (نحوه).

[ 465 ]

دخلت على امرأة من تميم عجوز كبيرة وهي تحدث الناس، فقلت لها: يرحمك الله، حدثيني في بعض فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام). قالت: أحدثك وهذا شيخ كما ترى بين يدي نائم. فقلت لها: ومن هذا؟ فقالت: أبو الحمراء، خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله). فجلست إليه، فلما سمع حسي استوى جالسا، فقال: مه. فقلت: رحمك الله، حدثني بما رأيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنعه بعلي (عليه السلام)، فإن الله يسألك عنه. فقال: على الخبير وقعت، أما ما رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) يصنعه بعلي (عليه السلام)، فإنه قال: لي ذات يوم: يا أبا الحمراء، انطلق فادع لي مائة من العرب، وخمسين رجلا من العجم، وثلاثين رجلا من القبط، وعشرين رجلا من الحبشة. فأتيت بهم، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصف العرب، ثم صف العجم خلف العرب، وصف القبط خلف العجم، وصف الحبشة خلف القبط، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله، ثم قال: يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة، أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقالوا: نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا، فقال في الثلاثة: أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وأني محمدا عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي، فقالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا. ثم قال لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، انطلق فأتني بصحيفة ودواة، فدفعها إلى علي بن أبي طالب، وقال: اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة، أقروا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي، ثم ختم الصحيفة، ودفعها إلى علي (عليه السلام) فما رأيتها إلى الساعة. فقلت: رحمك الله. زدني. فقال: نعم، خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم عرفة، وهو آخذ بيد علي (عليه السلام)، فقال: يا معشر الخلائق، إن الله تبارك وتعالى باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ثم التفت إلى علي (عليه السلام)، فقال له: وغفر لك – يا


[ 466 ]

علي – خاصة. ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي ادن مني. فدنا منه، فقال: إن السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك، وإن الشقي كل الشقي من عاداك ونصب لك وأبغضك. يا علي، كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك. يا علي، من حاربك فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل. يا علي، من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، وأتعس الله جده، وأدخله نار جهنم (1). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) أمالي الطوسي: 426 / 953 (نحوه) بحار الانوار 38: 108 / 38.

[ 467 ]

[ 61 ] المجلس الحادي والستون مجلس يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 622 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز (رضي الله عنه) بالكوفة، قال: حدثنا عمي علي بن العباس، قال: حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا عبد الله بن سالم، عن حسين بن زيد، عن علي بن عمر بن علي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: يا فاطمة، إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغبضك، ويرضى لرضاك، قال: فجاء صندل، فقال لجعفر ابن محمد (عليهما السلام): يا أبا عبد الله، إن هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة! فقال له جعفر (عليه السلام): وما ذاك يا صندل؟ قال: جاءنا عنك أنك حدثتهم أن الله يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها؟ قال: فقال جعفر (عليه السلام): يا صندل، ألستم رويتم فيما تروون أن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه؟ قال: بلى. قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة (عليها السلام) مؤمنة، يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها! قال: فقال: الله


[ 468 ]

أعلم حيث يجعل رسالته (1). 623 / 2 – حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن شقير (2) بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي، قال: حدثنا علي بن بزرج الحناط، قال: حدثنا عمرو بن اليسع، عن عبد الله بن اليسع، عن عبد الله (3) بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، قال: أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: إن سعد بن معاذ قد مات. فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب (4)، فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره، تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحده وسوى اللبن عليه وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لاعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه. فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد، هنيئا لك الجنة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم سعد مه، لا تجزمي على ربك، فإن سعدا قد أصابته ضمة. قال: فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء؟ فقال (صلى الله عليه وآله): إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة؟ قال: كانت يدي في يد


(1) أمالي الطوسي: 427 / 954، بحار الانوار 43: 21 / 12. (2) تقدم في المجلس (1) حديث (6) بهذا العنوان، وفي الخصال: 207 / 27، ومعاني الاخبار: 189 / 1، وعلل الشرائع: 309 / 4، باب 262: بن سفيان. (3) (بن اليسع، عن عبد الله) لم يرد في نسخة، وفي العلل وأمالي الطوسي: عمرو بن اليسع. (4) عضادتا الباب: الخشبتان المثبتتان على جانبي الباب.

[ 469 ]

جبرئيل (عليه السلام) آخذ حيث يأخذ. قالوا: أمرت بغسله، وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: إن سعدا قد أصابته ضمة؟ قال: فقال (صلى الله عليه وآله): نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء (1). 624 / 3 – حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي بالري في رجب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان، وعبد الله بن محمد الوهبي، وأحمد بن عمير ومحمد بن أبي أيوب، قالوا: حدثنا عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن عمه إبراهيم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه (2)، عنده قوت يومه، فكأنما خيرت له الدنيا. يا بن جعشم، يكفيك منها ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فإن يكن بيت يكنك فذاك، وإن تكن دابة تركبها فبخ بخ، وإلا فالخبز وماء الجر (3)، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب (4). 625 / 4 – حدثنا محمد بن علي بن الفضل الكوفي (رضي الله عنه) في مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن جعفر المعروف بابن التبان، قال: حدثنا محمد بن القاسم النهمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا توبة بن الخليل، قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: حدثنا هارون بن خارجة، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): كم بين منزلك وبين مسجد الكوفة؟ فأخبرته، فقال: ما بقي ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح دخل الكوفة إلا وقد صلى فيه، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر به ليلة


(1) علل الشرائع: 309 / 4، أمالي الطوسي: 427 / 955، بحار الانوار 6: 220 / 14، و 22: 107 / 67. (2) السرب: النفس والقلب يقال: هو آمن السرب، وآمن في سربه، أي آمن النفس والقلب، أو آمن على ماله من أهل ومال. (3) الجر: جمع جرة، وهي إناء من خزف. (4) الخصال: 16 1 / 211، أمالي الطوسي: 428 / 956، بحار الانوار 70: 313 / 15، و 77: 114 / 7.

[ 470 ]

أسري به، فاستأذن له الملك فصلى فيه ركعتين، والصلاة الفريضة فيه ألف صلاة، والنافلة فيه خمسمائة صلاة، والجلوس فيه من غير تلاوة قرآن عبادة، فاته ولو زحفا (1). 626 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيت كعب بن عجرة، فقال، ألا أهدي لك هدية؟ إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله، قد علمتنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حممد مجيد (2). 627 / 6 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البرقي: قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: قرأت على أبي عمر الصنعاني، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدقع (3) بالابواب، لو أقسم على الله لابره (4). 628 / 7 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان بن المغيرة القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) سنة خمسين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قول


(1) أمالي الطوسي: 428 / 957، بحار الانوار 100: 391 / 16، 17. (2) أمالي الطوسي 429 / 958، بحار الانوار 94: 48 / 6. (3) في نسخة: مدفع، والمدقع: الفقير الذي قد لصق بالتراب من الفقر. (4) أمالي الطوسي: 429 / 959، بحار الانوار 72: 36 / 29.

[ 471 ]

الله عز وجل: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) (1)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله عز وجل قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة (2). 629 / 8 – حدثنا جعفر بن الحسين (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلاء، لان الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب، لان الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم، فأصبح أهل البخيل يتمنون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس، وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب، وفي السفه المكافأة بالذنوب (3). 630 / 9 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس في الجمعة على ثلاث منازل: رجل شهدها بإنصات وسكون قبل الامام وذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية وزيادة ثلاثة أيام، لقول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (4)، ورجل شهدها بلغط (5) وملق وقلق فذلك حظه، ورجل شهدها والامام يخطب فقام يصلي فقد أخطأ السنة، وذاك ممن إذا سأل الله عز


(1) الرحمن 55: 60. (2) التوحيد: 28 / 29، أمالي الطوسي: 429 / 960، و: 569 / 1177، بحار الانوار 3: 2 / 2. (3) الخصال: 152 / 188، أمالي الطوسي: 430 / 961، بحار الانوار 73: 300 / 5. (4) الانعام 6: 160. (5) اللغط: الصوت والجلبة.

[ 472 ]

وجل، إن شاء أعطاه، وإن شاء حرمه (1). 631 / 10 – حدثنا محمد بن بكران النقاش (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثني عبيد بن حمدون الرؤاسي، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: شكوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) دينا كان علي، فقال: يا علي، قل اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، فلو كان عليك مثل صبير دينا قضاه الله عنك. وصبير: جبل باليمن، ليس باليمين جبل أجل ولا أعظم منه (2). 632 / 11 – حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا أحمد بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر، عن علي بن الحسين، عن الحسين ابن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة – وهي الجنة – وأنت يا علي بابها، فكيف يهتدي المهتدي إلى الجنة، ولا يهتدى إليها إلا من بابها؟ (3). 633 / 12 – حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن جده، قال: وقع رجل في علي بن أبي طالب بمحضر من عمر بن الخطاب، فقال له عمر: تعرف صاحب هذا القبر؟ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب، لا تذكرن عليا إلا بخير، فإنك إن تنقصته آذيت هذا في


(1) قرب الاسناد: 34 / 111، أمالي الطوسي: 430 / 962، بحار الانوار 89: 189 / 28. (2) أمالي الطوسي: 430 / 963، بحار الانوار 95: 301 / 1. (3) أمالي الطوسي: 431 / 964، بحار الانوار 40: 200 / 2.

[ 473 ]

قبره (1). 634 / 13 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، واسمه سليمان بن سفيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): يقوم الناس عن فرشهم على ثلاثة أصناف: فصنف له ولا عليه، وصنف عليه ولا له، وصنف لا عليه ولا له، فأما الصنف الذي له ولا عليه، فهو الذي يقوم من منامه ويتوضأ ويصلي ويذكر الله عز وجل، والصنف الذي عليه ولا له، فهو الذي لم يزل في معصية الله حتى نام فذاك الذي عليه ولا له، والصنف الذي لا له ولا عليه، فهو الذي لا يزال نائما حتى يصبح، فذاك لا له ولا عليه (2). 635 / 14 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، قال: أخبرني داود بن كثير الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبدا (3). 636 / 15 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن علي بن ميمون الصائغ، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من أراد أن يدخله الله عز وجل في رحمته ويسكنه جنته، فليحسن خلقه، وليعط النصفة (4) من نفسه، وليرحم اليتيم، وليعن الضعيف، وليتواضع لله الذي خلقه (5). 637 / 16 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) أمالي الطوسي: 431 / 965، بحار الانوار 40: 117 / 1. (2) أمالي الطوسي: 431 / 966، بحار الانوار 87: 169 / 1. (3) أمالي الطوسي: 432 / 967، بحار الانوار 74: 66 / 33. (4) النصفة: الانصاف. (5) أمالي الطوسي: 432 / 968، بحار الانوار 75: 2 / 1، و 18 / 6، 7.

[ 474 ]

محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن سعد الاسكاف، [ عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود ] (1)، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، أنه كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء (2). 638 / 17 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم ابن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة، ووضعها عن تسعة: عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة والمريض، والاعمى، ومن كان على رأس فرسخين (3). 639 / 18 – وبهذا الاسناد، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة، تقول في دعاء القنوت: اللهم تم نورك فهديت، فلك الحمد ربنا، وبسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربنا، وعظم حلمك فعفوت، وفلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطيات وأهنأها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب العظيم، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعماءك قول قائل. اللهم إليك رفعت الابصار، ونقلت الاقدام، ومدت الاعناق، ورفعت الايدي، ودعيت بالالسن، وتحوكم إليك في الاعمال، ربنا اغفر لنا وارحمنا، وافتح بيننا وبين


(1) أثبتناه من ثواب الاعمال، والخصال، والتهذيب. (2) قرب الاسناد: 68 / 219 ” نحوه “، المحاسن: 48 / 66 ” نحوه ” ثواب الاعمال: 27، الخصال: 409 / 10. التهذيب 3: 248 / 681، أمالي الطوسي: 432 / 969، بحار الانوار 83: 351 / 4. (3) أمالي الطوسي: 432 / 970، بحار الانوار 89: 153 / 1.

[ 475 ]

خلقك بالحق، وأنت خير الفاتحين. اللهم إليك نشكو غيبة نبينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن، وتظاهر الاعداء، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، فافرج ذلك يا رب بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره، إله الحق رب العالمين. ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا: استغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة، وتعوذ بالله من النار كثيرا، وتقول في دبر الوتر بعد التسليم: سبحان ربي الملك القدوس العزيز الحكيم، ثلاث مرات. الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الاصباح، ثلاث مرات (1). 640 / 19 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن معبد، عن بندار بن حماد، عن عبد الله بن فضالة، عن أبي عبد الله – أو أبي جعفر – (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات: قل لا إله إلا الله، ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما، فيقال له: قل محمد رسول الله، سبع مرات، ويترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له سبع مرات: قل صلى الله على محمد وآله، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك، وأيهما شمالك؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القلبة ويقال له: اسجد، ثم يترك حتى يتم له ست سنين، فإذا تم له ست سنين صلى وعلم الركوع والسجود، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين، فإذا تم له سبع سنين، قيل: له اغسل وجهك وكفيك، فإذا غسلهما قيل له: صلى، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين، فإذا تمت له علم الوضوء وضرب عليه، وأمر بالصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه إن شاء الله تعالى (2). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) أمالي الطوسي: 432 / 971، بحار الانوار 87: 198 / 6، و 89: 190 / 29، إلى قوله: إله الحق رب العالمين. (2) أمالي الطوسي: 433 / 972، بحار الانوار 104: 100 / 82.

[ 476 ]

[ 62 ] المجلس الثاني وستون مجلس يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة 641 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن هارون بن مسلم، عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، قال: أخبرني أبو أسامة زيد الشحام، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من أخر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير علة، فأنا إلى الله منه برئ (1). 642 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عبد الله بن سنان، قال: قال الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام): لا تتخللوا بعود الريحان، ولا بقضيب الرمان، فإنهما يهيجان عرق الجذام (2).


(1) بحار الانوار 83: 59 / 19. (2) المحاسن: 564 / 966، الخصال: 63 / 94، علل الشرائع: 533 / 1، بحار الانوار 66: 437 / 3.

[ 477 ]

643 / 3 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، قال: دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال لي: يا حمزة، من أين أقبلت؟ قلت له: من الكوفة. قال: فبكى (عليه السلام) حتى بلت دموعه لحيته، فقلت له: يا بن رسول الله، ما لك أكثرت البكاء؟ فقال: ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت. فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله، وقد أصاب جبينه سهم، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه، وقال له: أبشر يا أبتاه، فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم). قال: أجل يا بني، ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه، فكانت نفسه معه، فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن، وأجرى عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم، فذهب إلى يوسف ابن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه، فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثم أمر به فأحرق بالنار، وذري في الرياح، فلعن الله قاتله وخاذله، وإلى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته، وبه نستعين على عدونا، وهو خير مستعان (1). 644 / 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن القاسم قراءة، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم للحرب، إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل: هو ذا. فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إني أتيتك من ناحية الشام، وأنا شيخ كبير، قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله. قال (عليه السلام): نعم يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته


(1) بحار الانوار 46: 172 / 22.

[ 478 ]

اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال بما زرى (1) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له. يا شيخ، إن الدنيا خضرة حلوة ولها أهل، وإن الآخرة لها أهل ظلفت (2) أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا، لا يتنافسون في الدنيا، ولا يفرحون بغضارتها، ولا يحزنون لبؤسها. يا شيخ، من خاف البيات قل نومه، ما أسرع الليالي والايام في عمر العبد! فاخزن لسانك وعد كلامك، يقل كلامك إلا بخير. يا شيخ، أرض للناس ما ترضى لنفسك، وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك. ثم أقبل على أصحابه، فقال: أيها الناس، أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد ين صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين، أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال: الهوى. قال: فأي ذل أذل؟ قال: الحرص على الدنيا. قال: فأي فقر أشد؟ قال: الكفر بعد الايمان. قال: فأي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون قال: فأي عمل أفضل؟ قال: التقوى. قال: فأي عمل أنجح؟ قال: طلب ما عند الله. قال: فأي صاحب شر؟ قال: المزين لك معصية الله، قال: فأي الخلق أشقى؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره. قال: فأي الخلق أقوى؟ قال: الحليم، قال: فأي الخلق أشح؟ قال: من أخذ المال من غير حله، فجعله في غير حقه. قال: فأي الناس أكيس؟ قال: من أبصر رشده من غيه، فمال إلى رشده. قال: فمن أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. قال: فأي الناس أثبت


(1) أي تهاون وقصر، وفي نسخة: رزأ، وفي أخرى: رزئ. (2) ظلفت نفسه عن الشئ: كفت، فهو ظلف، أي مترفع عن الدنايا.

[ 479 ]

رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها (1). قال: فأي الناس أحمق؟ قال: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيه من تقلب أحوالها. قال: فأي الناس أشد حسرة؟ قال: الذي حرم الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. قال: فأي الخلق أعمى؟ قال: الذي عمل لغير الله يطلب بعلمه الثواب من عند الله عز وجل. قال: فأي القنوع أفضل؟ قال: القانع بما أعطاه الله. قال: فأي المصائب أشد؟ قال: المصيبة بالدين. قال فأي الاعمال أحب ألى الله عز وجل؟ قال: انتظار الفرج. قال: فأي الناس خير عند الله عز وجل؟ قال: أخوفهم لله، وأعملهم بالتقوى، وأزدهم في الدنيا. قال: فأي الكلام أفضل عند الله عز وجل؟ قال: كثرة ذكره والتضرع إليه ودعاؤه. قال: فأي القول أصدق؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله. قال: فأي الاعمال أعظم عند الله عز وجل؟ قال: التسليم والورع. قال: فأي الناس أكرم؟ قال: من صدق في المواطن. ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ، فقال: يا شيخ، إن الله عز وجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله عز وجل، وأبغضوا في الله عز وجل، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة، والسلام. فقال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة، وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين؟ جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك. فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) سلاحا وحمله، فكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدما، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يعجب مما يصنع، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى


(1) التشوف: التزين.

[ 480 ]

قتل (رحمه الله) وتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فوجده صريعا، ووجد دابته، ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بدابته وسلاحه، وصلى أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه، وقال: هذا والله السعيد حقا، فترحموا على أخيكم (1). 645 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى على سعد بن معاذ، فقال: لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك، وفيهم جبرئيل يصلون عليه. فقلت: يا جبرئيل، بما استحق صلاتكم عليه؟ قال: بقراءته (2) (قل هو الله أحد) قائما وقائدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا (3). 646 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن داود بن سرحان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها، ولو أن تعلق في عنقها قلادة، ولا ينبغي أن تدع يدها من الخضاب، ولو أن تمسها بالحناء مسا، وإن كانت مسنة (4). 647 / 7 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن مفضل ابن عمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إذا كان حين (5) يبعث الله تبارك وتعالى شأنه العباد أتي بالايام، تعرفها الخلائق باسمها وحليتها، ويقدمها يوم الجمعة له نور ساطع، تتبعه سائر الايام كأنها عروس كريمة ذات وقار تهدى إلى


(1) الغايات: 66، معاني الاخبار: 197 / 4، أمالي الطوسي: 434 / 974، بحار الانوار 77: 376 / 1. (2) في نسخة: بقراءة. (3) التوحيد: 95 / 13، ثواب الاعمال: 128، أمالي الطوسي: 437 / 975، بحار الانوار 92: 346 / 6. (4) أمالي الطوسي: 437 / 976، بحار الانوار 103: 288 / 21. (5) في نسخة: حيث.

[ 481 ]

ذي حلم ويسار، ثم يكون يوم الجمعة شاهدا وحافظا لمن سارع إلى الجمعة، ثم يدخل المؤمنون إلى الجنة على قدر سبقهم إلى الجمعة (1). 648 / 8 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا جعفر بن بشير البجلي، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنه قال: لقد غفر الله عز وجل لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما، قال: اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت، فغفر الله له (2). 649 / 9 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: كان أبي (عليه السلام)، يقول: ما شئ أفسد للقلب من الخطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به حتى تغلب عليه، فيصير أسفله أعلاه، وأعلاه أسفله (3). 650 / 10 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كان غلام من اليهود يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) كثيرا حتى استحبه (4)، وربما أرسله في حاجة، وربما كتب له الكتاب إلى قوم، فافتقده أياما، فسأل عنه، فقال له قائل: تركته في آخر يوم من أيام الدنيا. فأتاه النبي (صلى الله عليه وآله) في ناس من أصحابه، وكان (عليه السلام) بركة لا يكاد يكلم أحدا إلا أجابه، فقال: يا فلان، ففتح عينيه، وقال: لبيك يا أبا القاسم، قال: اشهد أن لا


(1) أمالي الطوسي: 437 / 977، بحار الانوار 89: 184 / 20. (2) أمالي الطوسي: 437 / 978، بحار الانوار 94: 91 / 3. (3) أمالي الطوسي: 438 / 979، بحار الانوار 70: 54 / 22. (4) في نسخة: استخفه.

[ 482 ]

إله إلا الله، وأني رسول الله، فنظر الغلام إلى أبيه، فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثانية، وقال له مثل قوله الاول، فالتفت الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا، ثم ناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثالثة فالتفت الغلام إلى أبيه، فقال أبوه: إن شئت فقل: وإن شئت فلا. فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمدا رسول الله، ومات مكانه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابيه: اخرج عنا. ثم قال (صلى الله عليه وآله) لاصحابه: غسلوه وكفنوه، واتوني به أصلي عليه، ثم خرج وهو يقول: الحمد لله الذي أنجى بي اليوم نسمة من النار (1). 651 / 11 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل المنقري، عن جده زياد بن أبي زياد، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: من أكل الطين فإنه تقع الحكة في جسده، ويورثه البواسير، ويهيج عليه داء السوء، ويذهب بالقوة من ساقيه وقدميه، وما نقص من عمله فيما بينه وبين صحته قبل أن يأكله حوسب عليه وعذب به (2). 652 / 12 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع لا تدخل بيتا واحدة منهن إلا خرب ولم يعمر بالبركة: الخيانة، والسرقة، وشرب الخمر، والزنا (3). 653 / 13 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي،


(1) أمالي الطوسي: 438 / 980، بحار الانوار 81: 234 / 10. (2) المحاسن: 565 / 980، عقاب الاعمال: 245، أمالي الطوسي: 438 / 981، بحار الانوار 60: 150 / 1. (3) الخصال: 230 / 73، عقاب الاعمال: 242، أمالي الطوسي: 439 / 982، بحار الانوار 75: 170 / 2، و 79: 19 / 4.

[ 483 ]

عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو ابن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن أبي حمزة، عن علي بن الحزور، عن القاسم، عن أبي سعيد الخدري، قال: أتت فاطمة (عليها السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) فذكرت عنده ضعف الحال، فقال لها: أما تدرين ما منزلة علي عندي؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة، وقتل الابطال وهو ابن تسع عشرة سنة، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة، ورفع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وكان لا يرفعه خمسون رجلا، قال: فأشرق لون فاطمة (عليها السلام) ولم تقر قدماها حتى أتت عليا (عليه السلام) فأخبرته، فقال: كيف لو حدثك (1) بفضل الله علي كله! (2) 654 / 14 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن أحمد، عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد، عن عمه محمد بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وصل أحدا من أهل بيتي في دار هذه الدنيا بقيراط، كافيته يوم القيامة بقنطار (3). 655 / 15 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن مجبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ينال شفاعتي غدا من أخر الصلاة المفروضة بعد وقتها (4). 656 / 16 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن زكريا المؤمن، عن ابن ناجية، عن داود بن النعمان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن ناجية، قال: قال أبو جعفر


(1) في نسخة: حدثتك. (2) أمالي الطوسي: 439 / 983، بحار الانوار 40: 6 / 14. (3) أمالي الطوسي: 439 / 984، بحار الانوار 96: 215 / 1. (4) أمالي الطوسي: 440 / 985، بحار الانوار 83: 11 / 11.

[ 484 ]

الباقر (عليه السلام): إذا صليت العصر يوم الجمعة، فقل: اللهم صل على محمد وآل محمد الاوصياء المرضيين، بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. فإن من قالها بعد العصر كتب الله عز وجل له مائة ألف حسنة، ومحا عنه مائة ألف سيئة، وقضى له بها مائة ألف حاجة، ورفع له بها مائة ألف درجة (1). 657 / 17 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا جعفر بن عثمان الاحول، قال: حدثنا سليمان بن مهران، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وعنده نفر من الشيعة، فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة، كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول (2). 658 / 18 – حدثنا أبي (رحمه الله)، ومحمد بن موسى بن المتوكل، ومحمد بن علي ماجيلويه، وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي هدبة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، وطوبى لمن رأى من رأى من رآني. وقد أخرج علي بن إبراهيم هذا الحديث وحديث الطير، بهذا الاسناد، في كتاب (قرب الاسناد) (3). وصلى الله على رسوله محمد وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) الكافي 3: 429 / 4 ” نحوه “، ثواب الاعمال: 38 و: 158، أمالي الطوسي: 440 / 986، بحار الانوار 90: 92 / 5. (2) أمالي الطوسي: 440 / 987. (3) أمالي الطوسي: 440 / 988، بحار الانوار 22: 305 / 3.

[ 485 ]

[ 63 ] المجلس الثالث والستون مجلس يوم الجمعة الثالث من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 659 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لامير المؤمنين (عليه السلام): اكتب ما أملي عليك. فقال: يا نبي الله، أتخاف علي النسيان؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك. قال: قلت: ومن شركائي، يا نبي الله؟ قال: الائمة من ولدك، بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف الله عنهم البلاء، وبهم ينزل الرحمة من السماء، وهذا أولهم. وأومى بيده إلى الحسن بن علي (عليه السلام)، ثم أومى بيده إلى الحسين (عليه السلام)، ثم قال: الائمة من ولده (1).


(1) بصائر الدرجات: 187 / 22، كمال الدين وتمام النعمة: 206 / 21، أمالي الطوسي: 441 / 989، بحار الانوار 36: 232 / 14.

[ 486 ]

660 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحسين الكناني، عن جده، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله عز وجل أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله) كتابا قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمد، هذا الكتاب وصيتك إلى النجيب من أهلك. فقال: ومن النجيب من أهلي، يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب. وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام)، وأمره أن يفك خاتما منها، ويعمل بما فيه، ففك (عليه السلام) خاتما، وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السلام)، ففك خاتما، وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين (عليه السلام)، ففك خاتما، فوجد فيه: أن اخرج بقوم (1) إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك، واشتر نفسك لله عز وجل، ففعل، ثم دفعه إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، ففك خاتما فوجد فيه: اصمت، والزم منزلك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل، ثم دفعه إلى محمد بن علي (عليهما السلام)، ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وافتهم، ولا تخافن إلا الله، فإنه لا سبيل لاحد عليك، ثم دفعه إلي ففككت خاتما، فوجدت فيه: حدث الناس وافتهم، وانشر علوم أهل بيتك، وصدق آبائك الصالحين، ولا تخافن أحدا إلا الله، وأنت في حرز وأمان، ففعلت، ثم أدفعه إلى موسى بن جعفر، وكذلك يدفعه موسى إلى الذي من بعده، ثم كذلك أبدا إلى قيام المهدي (عليه السلام) (2). 661 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول


(1) في كمال الدين: بقومك. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 669 / 15، أمالي الطوسي: 441 / 990، بحار الانوار 36: 192 / 1.

[ 487 ]

الله (صلى الله عليه وآله): أنا سيد النبيين، ووصيي سيد الوصيين، وأوصياؤه سادة الاوصياء، إن آدم (عليه السلام) سأل الله عز وجل أن يجعل له وصيا صالحا، فأوحى الله عز وجل إليه: أني أكرمت الانبياء بالنبوة، ثم اخترت خلقي، وجعلت خيارهم الاوصياء. ثم أوحى الله عز وجل إليه: يا آدم، أوص إلى شيث، فأوصى آدم إلى شيث، وهو هبة الله بن آدم، وأوصى شيث إلى ابنه شبان (1)، وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنة، فزوجها ابنه شيثا، وأوصى شبان إلى مجلث (2)، وأوصى مجلث إلى محوق، وأوصى محوق إلى غثميشا (3)، وأوصى غثميشا إلى أخنوخ، وهو إدريس النبي (عليه السلام)، وأوصى إدريس إلى ناحور (4) ودفعها ناحور إلى نوح النبي (عليه السلام)، وأوصى نوح إلى سام، وأوصى سام إلى عثامر، وأوصى عثامر إلى برعيثاشا (5)، وأوصى برعيثاشا إلى يافث، وأوصى يافث إلى برة، وأوصى برة إلى جفسيه (6) وأوصى جفسيه إلى عمران، ودفعها عمران إلى إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام)، وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق، وأوصى إسحاق إلى يعقوب، وأوصى يعقوب إلى يوسف، وأوصى يوسف إلى بثرياء (7)، وأوصى بثرياء إلى شعيب (عليه السلام)، ودفعها شعيب إلى موسى بن عمران (عليه السلام)، وأوصى موسى بن عمران (عليه السلام) إلى يوشع بن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى داود (عليه السلام)، وأوصى داود (عليه السلام) إلى سليمان (عليه السلام)، وأوصى سليمان (عليه السلام) إلى آصف بن برخيا، وأوصى آصف بن برخيا إلى


(1) في نسخة: شتبان. (2) في نسخة: محلث. (3) في نسخة: عثميشا. (4) في نسخة: ناخور. (5) في نسخة: برعيثاثا. (6) في نسخة: جفيسه، وفي أخرى: خفيسه، وفي أخرى: حفيسه. (7) وفي نسخة: يثريا.

[ 488 ]

زكريا (عليه السلام)، ودفعها زكريا (عليه السلام) إلى عيسى بن مريم (عليه السلام)، وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصفا، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا، وأوصى يحيى بن زكريا إلى منذر، وأوصى منذر إلى سليمة، وأوصى سليمة إلى بردة. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ودفعها إلي بردة، وأنا أدفعها إليك يا علي، وأنت تدفعها إلى وصيك، ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد، حتى تدفع إلى خير أهل الارض بعدك، ولتكفرن بك الامة، ولتختلفن عليك اختلافا شديدا، الثابت عليك كالمقيم معي، والشاذ عنك في النار، والنار مثوى الكافرين (1). 662 / 4 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عبد الجبار، قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): ما كان دعاء يوسف (عليه السلام) في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟ فقال: إن يوسف (عليه السلام) لما صار في الجب، وأيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك، فلن ترفع لي إليك صوتا، ولن تستجيب لي دعوة، فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه، واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكى أبو عبد الله الصادق (عليه السلام)، ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك، فلن ترفع لي إليك صوتا، فإني أسألك بك، فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله. قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): قولوا هذا، وأكثروا منه، فإني كثيرا ما أقوله


(1) أمالي الطوسي: 442 / 991، بحار الانوار 17: 148 / 43.

[ 489 ]

عند الكرب العظام (1). 663 / 5 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي سعيد هاشم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: أربعة لا يدخلون الجنة: الكاهن، والمنافق، ومدمن الخمر، والقتات، وهو النمام (2). 664 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، رفعه، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عمه أبي طالب وهو مسجى، فقال: يا عم، كفلت يتيما، وربيت صغيرا، ونصرت كبيرا، فحزاك الله عني خيرا. ثم أمر عليا (عليه السلام) بغسله (3). 665 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن إبراهيم بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن مسعود الملائي، عن حبة العرني، قال: أبصر عبد الله بن عمر رجلين يختصمان في رأس عمار (رضي الله عنه)، يقول هذا: أنا قتلته، ويقول هذا: أنا قتلته، فقال ابن عمر: يختصمان أيهما يدخل النار أولا! ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: قاتله وسالبه في النار. فبلغ ذلك معاوية فقال: ما نحن قتلناه، وإنما قتله من جاء به. قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رضي الله عنه)، على هذا أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قاتل حمزة (رضي الله عنه)، وقاتل الشهداء معه، لانه (صلى الله عليه وآله) هو الذي جاء بهم (4). 666 / 8 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن الحكم، عن عبد الله بن موسى، عن


(1) بحار الانوار 95: 184 / 2. (2) بحار الانوار 75: 263 / 1. (3) بحار الانوار 35: 68 / 1. (4) روضة الواعظين: 286، بحار الانوار 22: 319 / 5، و 33: 8 / 365.

[ 490 ]

سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى العبسي، قال: لما قتل عمار (رضي الله عنه)، أتوا حذيفة، فقالوا: يا أبا عبد الله، قتل هذا الرجل، وقد اختلف الناس، فما تقول؟ قال: أما إذا أبيتم فأجلسوني. قال: فأسندوه إلى صدر رجل منهم، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أبو اليقظان على الفطرة – ثلاث مرات – لن يدعها حتى يموت (1). 667 / 9 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن الحكم، عن عبيد الله بن موسى، عن عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خير عمار بن ياسر بين أمرين إلا اختار أشدهما (2). 668 / 10 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا شعيب بن راشد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قام علي (عليه السلام) يخطب الناس بصفين يوم جمعة، وذلك قبل الهرير بخمسة أيام، فقال: الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع خلقه البر والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من عصاه وأطاعه، إن يعف فبفضل منه، وإن يعذب فبما قدمت أيديهم، وما الله بظلام للعبيد. أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، واستعينه على ما نابنا من أمر ديننا، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا. ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودينه الذي ارتضاه، وكان أهله، واصطفاه على جميع العباد بتبليغ رسالته وحججه على خلقه، وكان كعلمه فيه رؤوفا رحيما، أكرم خلق الله حسبا، وأجملهم منظرا، وأشجعهم نفسا، وأبرهم بالوالد، وآمنهم على عقد، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط، بل كان يظلم فيغفر، ويقدر فيصفح ويعفو، حتى مضى


(1) روضة الواعظين: 286، بحار الانوار 22: 320 / 6. (2) روضة الواعظين: 286، بحار الانوار 22: 320 / 7.

[ 491 ]

مطيعا لله، صابرا على ما أصابه، مجاهدا في الله حق جهاده، عابدا لله حتى أتاه اليقين، فكان ذهابه (صلى الله عليه وآله) أعظم المصيبة على جميع أهل الارض البر والفاجر، ثم ترك فيكم كتاب الله، يأمركم بطاعة الله، وينهاكم عن معصيته. وقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهدا لن أخرج عنه، وقد حضركم عدوكم، وقد عرفتم من رئيسهم، يدعوهم إلى باطل، وابن عم نبيكم (صلى الله عليه وآله) بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر، لم يسبقني بالصلاة غير نبي الله، وأنا والله من أهل بدر، والله إنكم لعلى الحق، وإن القوم لعلى الباطل، فلا يصبر القوم على باطلهم، ويجتمعوا عليه، وتتفرقوا عن حقكم، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، فإن لم تفعلوا ليعذبنهم الله بأيدي غيركم. فأجابه أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انهض إلى القوم إذا شئت، فوا الله ما نبغي بك بدلا، نموت معك ونحيا. فقال لهم مجيلا لهم: والذي نفسي بيده، ينظر إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أضرب قدامه بسيفي، فقال: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. ثم قال لي: يا علي، أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وحياتك – يا علي – وموتك، معي فوالله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت ما عهد إلي، إني إذن لنسي، وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه (صلى الله عليه وآله)، فبينها لي، وإني لعلى الطريق الواضح، ألقطه لقطا. ثم نهض إلى القوم يوم الخميس، فاقتتوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق، ما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة، فقتل علي (عليه السلام) يومئذ بيده خمسمائة وستة نفر من جماعة القوم، فأصبح أهل الشام ينادون: يا علي، اتق الله في البقية، ورفعوا المصاحف على أطراف القنا (1). 669 / 11 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن


(1) بحار الانوار 32: 616 / 482.

[ 492 ]

إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن ظهير، قال: حدثنا الحسين بن علي العبدي المعروف بابن القاري، قال: حدثنا محمد بن عبد الواحد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن ربيعة، عن إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على المنبر، يقول وقد بلغه عن أناس من قريش إنكار تسميته لعلي أمير المؤمنين، فقال: معاشر الناس، إن الله عز وجل بعثني إليكم رسولا، وأمرني أن استخلف عليكم عليا أميرا، ألا فمن كنت نبيه، فإن عليا أميره، تأمير أمره الله عز وجل عليكم، وأمرني أن أعلمكم ذلك، لتسمعوا له وتطيعوا، إذا أمركم تأتمرون، وإذا نهاكم عن أمر تنتهون. ألا فلا يأتمرن أحد منكم علي في حياتي ولا بعد وفاتي، فإن الله تبارك وتعالى أمره عليكم، وسماه أمير المؤمنين، ولم يسم أحدا من قبله بهذا الاسم، وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم في علي، فمن أطاعني فيه فقد أطاع الله، ومن عصاني فيه فقد عصى الله عز وجل، ولا حجة له عند الله عز وجل، وكان مصيره إلى ما قال الله عز وجل في كتابه: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) (1). 670 / 12 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن جرير الطبري، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن المخزومي، قال: حدثني محمد بن أبي يعفور، عن موسى بن أبي أيوب التميمي، عن موسى بن المغيرة، عن الضحاك بن مزاحم، قال: ذكر علي (عليه السلام) عند ابن عباس بعد وفاته، فقال: وا أسفاه على أبي الحسن، مضى والله ما غير ولا بدل ولا قصر ولا جمع ولا منع ولا آثرا إلا الله، والله لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله، ليث في الوغى، بحر في المجالس، حكيم في الحكماء، هيهات قد مضى إلى الدرجات


(1) بحار الانوار 37: 294 / 9، والآية من سورة النساء 4: 14.

[ 493 ]

العلى (1). 671 / 13 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن جرير الطبري، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثني الحسن بن يحيى الدهقان، قال: كنت ببغداد عند قاضي بغداد، واسمه سماعة، إذ دخل عليه رجل من كبار أهل بغداد، فقال له: أصلح الله القاضي، إني حججت في السنين الماضية، فمررت بالكوفة، فدخلت في مرجعي إلى مسجدها، فبينا أنا واقف في المسجد أريد الصلاة إذا أمامي امرأة أعرابية بدوية مرخية الذوائب عليها شملة، وهي تنادي وتقول: يا مشهورا في السماوات، يا مشهورا في الارضين، يا مشهورا في الآخرة، يا مشهورا في الدنيا، جهدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك وإخماد ذكرك، فأبى الله لذكرك إلا علوا، ولنورك إلا ضياء وتماما، ولو كره المشركون. قال: فقلت: يا أمة الله، ومن هذا الذي تصفينه بهذا الصفة؟ قالت: ذلك أمير المؤمنين. قال: فقلت لها: أي أمير المؤمنين هو؟ قالت: علي بن أبي طالب، الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته. قال: فالتفت إليها فلم أر أحدا (2). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) بحار الانوار 41: 103 / 3. (2) بحار الانوار 39: 163 / 2.

[ 494 ]

[ 64 ] المجلس الرابع والستون مجلس يوم الثلاثاء السادس من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 672 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) (1)، قال: يعني مشرقة، تنتظر ثواب ربها (2). 673 / 2 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي، قال: حدثني محمد بن إسماعيل ابن بزيع، قال: قال أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز وجل:


(1) القيامة 75: 22، 23. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 114 /، التوحيد: 116 / 19، الاحتجاج 409، بحار الانوار 4: 28 / 3.

[ 495 ]

(لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) (1)، قال: لا تدركه أوهام القلوب، فكيف تدركه أبصار العيون! (2) 674 / 3 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد موسى بني هاشم، قال: حدثنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى، هل يرى في المعاد؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا! يا بن الفضل، إن الابصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الالوان والكيفية (3). 675 / 4 – حدثنا محمد بن أحمد السناني المكتب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الامام علي بن محمد، عن أبي محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى (عليهم السلام)، قال: خرج أبو حنيفة ذات يوم من عند الصادق (عليه السلام)، فاستقبله موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقال له: يا غلام، ممن المعصية؟ فقال: لا تخلو من ثلاثة: إما أن تكون من الله عز وجل وليست منه، فلا ينبغي للكريم أن يعذب عبده بما لم يكتسبه، وإما أن تكون من الله عز وجل ومن العبد، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وإما أن تكون من العبد وهي منه، فإن عاقبه الله فبذنبه، وإن عفا عنه فيكرمه وجوده (4). 676 / 5 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الراوياني، عن عبد العظيم ابن عبد الله الحسني، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا بن


(1) الانعام 6: 103. (2) بحار الانوار 4: 29 / 4. (3) بحار الانوار 4: 31 / 5. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 138 / 37، التوحيد: 96 / 2، بحار الانوار 5: 4 / 2.

[ 496 ]

رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا؟ فقال (عليه السلام): لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه، والله ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك، إنما قال (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الاخير، وليلة الجمعة في أول الليل، فيأمره فينادي: هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له. يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء، حدثني بذلك أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). 677 / 6 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل ابن زياد الآدمي، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عبد الله، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا قال العبد وهو ساجد: يا الله، يا رباه، يا سيداه. ثلاث مرات، أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل حاجتك (2). 678 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم ابن مسكين، قال: حدثني أبو خالد الكعبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع إلى موضع تريد به صلاحا، نظر الله عز وجل إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه. فقالت أم سلمة (رضي الله عنها): ذهب الرجال بكل خير، فأي شئ للنساء المساكين؟ فقال (صلى الله عليه وآله): بلى، إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا وضعت كان لها من الاجر ما لا تدري ما هو لعظمه،


(1) التوحيد: 176 / 7، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 126 / 21، بحار الانوار 3: 314 / 7. (2) بحار الانوار 81: 227 / 47.

[ 497 ]

فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل، فإذا فرغت من رضاعة ضرب ملك على جنبها، وقال: استأنفي العمل، فقد غفر لك (1). 679 / 8 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: ثلاث من لم تكن فيه فلا يرجى خيره أبدا: من لم يخش الله في الغيب، ولم يرعو (2) عند الشيب، ولم يستحي من العيب (3). 680 / 9 – حدثنا أحمد بن زياد بن الجعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام، وإنه لينظر إلى أزواجه وإخوانه في الجنة (4). 681 / 10 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن وهب بن وهب القرشي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لا تنقش الارض عن أحد يوم القيامة إلا وملكان آخذان بضبعيه (5) يقولان: أجب رب العزة (6). 682 / 11 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي،


(1) بحار الانوار 104: 106 / 1. (2) ارعوي: كف وارتدع. (3) بحار الانوار 72: 193 / 10. (4) بحار الانوار 73: 348 / 38. (5) الضبع: ما بين الابط إلى نصف العضد من أعلاها. (6) بحار الانوار 7: 106 / 22.

[ 498 ]

عن محمد بن أحمد العلوي، قال: حدثني أحمد بن القاسم، عن أبي هاشم الجعفري، قال: أصابتني ضيقة شديدة، فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام)، فأذن لي، فلما جلست قال: يا أبا هاشم، أي نعم الله عز وجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبو هاشم: فوجمت (1)، فلم أدر ما أقول له، فابتدأ (عليه السلام) فقال: رزقك الايمان، فحرم به بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل. يا أبا هاشم، إنما ابتدأتك بهذا، لاني ظننت أنك تريد أن تشكو إلي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار، فخذها (2). 683 / 12 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: لا صلاة لحاقن، ولا لحاقب، ولا الحازق. فالحاقن: الذي به البول: والحاقب: الذي به الغائط، والحازق: الذي قد ضغطه الخف (3). 684 / 13 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم ابن هاشم، عن حماد بن عيسى، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) يوما: تحسن أن تصلي، يا حماد؟ قال: فقلت: يا سيدي، أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة، قال: فقال: لا عليك قم صل، قال: فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة، فاستفحت الصلاة، وركعت وسجدت، فقال: يا حماد، لا تحسن أن تصلي، ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة، فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة! قال حماد: فأصابني في نفسي الذل، فقلت: جعلت فداك، فعلمني الصلاة.


(1) وجم: أطرق وسكت عن الكلام. (2) بحار الانوار 72: 326 / 7. (3) بحار الانوار 84: 319 / 7.

[ 499 ]

فقام أبو عبد الله (عليه السلام) مستقبل القبلة منتصبا، فأرسل يديه جميعا على فخذيه، قد ضم أصابعه، وقرب بين قدميه حتى كان بينهما قدر ثلاث أصابع مفرجات، واستقبل بأصابع رجليه جميعا، لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة، وقال: الله أكبر. ثم قرأ الحمد بترتيل، و (قل هو الله أحد)، ثم صبر هنيئة بقدر ما تنفس وهو قائم، ثم قال: الله أكبر. وهو قائم، ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه منفرجات، ورد ركبتيه إلى خلف حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره، ومدا عنقه، وغمض عينيه، ثم سبح ثلاثا بترتيل، فقال: سبحان ربي العظيم وبحمده، ثم استوى قائما، فلما استمكن من القيام قال: سمع الله لمن حمده، ثم كبر وهو قائم، ورفع يديه حيال وجهه، ثم سجد، ووضع كفيه مضمومتي الاصابع بين ركبتيه حيال وجهه، فقال: سبحان ربي الاعلى وبحمده. ثلاث مرات، ولم يضع شيئا من بدنه على شئ، وسجد على ثمانية أعظم: الجبهة، والكفين، وعيني الركبتين، وأنامل إبهامي الرجلين، فهذه السبعة فرض، ووضع الانف على الارض سنة، وهو الارغام. ثم رفع رأسه من السجود، فلما استوى جالسا، قال: الله أكبر، ثم قعد على جانبه الايسر، قد وضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، وقال: استغفر الله ربي وأتوب إليه. ثم كبر وهو جالس، وسجد السجدة الثانية، وقال كما قال في الاولى، ولم يستعن بشئ من جسده على شئ في ركوع ولا سجود، كان مجنحا، ولم يضع ذراعيه على الارض، فصلى ركعتين على هذا، ثم قال: يا حماد، هكذا صل: ولا تلتفت، ولا تعبث بيديك وأصابعك، ولا تبزق عن يمينك، ولا عن يسارك، ولا بين يديك (1). 685 / 14 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن أبي الصادق، قال: قال علي (عليه السلام): ديني دين النبي (صلى الله عليه وآله)، وحسبي حسب


(1) بحار الانوار 84: 185 / 1.

[ 500 ]

النبي، فمن تناول ديني وحسبي فإنما يتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). 686 / 15 – حدثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شريك، عن ركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، ألا وهما الخليفتان من بعدي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض (2). 687 / 16 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن عوف بن الاحمر، قال: لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) المسير إلى النهروان أتاه منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تسر في هذه الساعة، وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ولم ذاك؟ قال: لانك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كل ما طلبت. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): تدري ما في بطن هذه الدابة، أذكر أم أنثى؟ قال: إن حسبت علمت. قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): من صدقك على هذا القول كذب بالقرآن (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير) (3) ما كان محمد (صلى الله عليه وآله) يدعي ما ادعيت، أتزعم أنك تهدي إلى الساعة


(1) بحار الانوار 39: 335 / 3. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 239 / 60، بحار الانوار 23: 126 / 54. (3) لقمان 31: 34.

[ 501 ]

التي من سار فيها صرف عنه السوء، والساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟ من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله عز وجل في ذلك الوجه، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه، وينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه عز وجل، فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا وضدا. ثم قال (عليه السلام): اللهم لا طير إلا طيرك، ولا ضير إلا ضيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك. ثم التفت إلى المنجم، فقال: بل نكذبك ونخالفك، ونسير في الساعة التي نهيت عنها (1). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 58: 224 / 4، وسائل الشيعة 8: 269 / 4.

[ 502 ]

[ 65 ] المجلس الخامس والستون مجلس يوم الجمعة التاسع من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 688 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، عن الخمر، فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أول ما نهاني عنه ربي عز وجل عن عبادة الاوثان، وشرب الخمر، وملاحاة الرجال، إن الله تبارك وتعالى بعثني رحمة للعالمين، ولامحق المعازف والمزامير، وأمور الجاهلية وأوثانها وأزلامها وأحداثها، أقسم ربي جل جلاله فقال: لا يشرب عبد لي خمرا في الدنيا إلا سقيته يو القيامة مثل ما شرب منها من الحميم، معذبا بعد أو مغفورا له. وقال (عليه السلام): لا تجالسوا شارب الخمر ولا تزوجوه، ولا تتزوجوا إليه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشيعوا جنازته، إن شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مائلا شدقه، سائلا لعابه، دالعا لسانه من قفاه (1).


(1) بحار الانوار 79: 125 / 4.

[ 503 ]

689 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا زياد، إياك والخصومات، فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم الرجل بالشئ لا يغفر له. يا زياد، إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به، وطلبوا علما كفوه، حتى انتهى بهم الكلام إلى الله عز وجل فتحيروا، فإن كان الرجل ليدعي من بين يديه فيجيب من خلفه، أو يدعى من خلفه فيجيب من بين يديه (1). 690 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي اليسع، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم والتفكر في الله، فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها، إن الله عز وجل لا تدركه الابصار، ولا يوصف بمقدار (2). 691 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجيز الكذب (3). 692 / 5 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: لما خلق الله عز وجل العقل


(1) المحاسن: 238 / 20، بحار الانوار 3: 259 / 3. (2) بحار الانوار 3: 259 / 4. (3) بحار الانوار 2: 128 / 6.

[ 504 ]

استنطقه، ثم قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، ولا أكملك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب (1). 693 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثني محمد بن يعقوب، قال: حدثني علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): فلان من عبادته ودينه وفضله كذا وكذا. قال: فقال: كيف عقله؟ فقلت: لا أدري. فقال: إن الثواب على قدر العقل، إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله عز وجل في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر طاهرة الماء، وإن ملكا من الملائكة مر به فقال: يا رب، أرني ثواب عبدك هذا. فأراه الله عز وجل ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله عز وجل إليه: أن اصحبه. فأتاه الملك في صورة إنسي، فقال له: من أنت؟ قال: أنا رجل عابد، بلغنا مكانك وعبادتك بهذا المكان، فجئت لا عبد الله معك. فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك، إن مكانك لنزهة. قال: ليت لربنا بهيمة، فلو كان لربنا حمار لرعيناه في هذا الموضع، فإن هذا الحشيش يضيع. فقال له الملك: وما لربك حمار؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى الله عز وجل إلى الملك، إنما أثيبه على قدر عقله. وقال الصادق (عليه السلام): ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الانبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم (2). 694 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) المحاسن: 192 / 6، الكافي 1: 8 / 1، بحار الانوار 1: 96 / 1. (2) بحار الانوار 1: 84 / 6، 7.

[ 505 ]

محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن بكر بن محمد الازدي، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): أصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فإن آدم (عليه السلام) حين نهي عن الشجرة حمله الحرص إلى أن أكل منها، وأما الاستكبار فإبليس حين أمر بالسجود لآدم استكبر، وأما الحسد فابنا آدم حين قتل أحدهما صاحبه حسدا (1). 695 / 8 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: أركان الكفر أربعة: الرغبة، والرهبة، والسخط، والغضب (2). 696 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان القندي، عن أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور، عن علي (عليه السلام)، قال: لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له، إن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال أحدكم يكذب حتى يقال: كذب وفجر وما يزال أحدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق، فيسمى عند الله كذابا (3). 697 / 10 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن غير واحد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: لا تغتب فتغتب، ولا تحفر لاخيك حفرة فتقع فيها، فإنك كما تدين تدان (4). 698 / 11 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا الحسين بن


(1) الكافي 2: 219 / 1 (نحوه)، الخصال: 90 / 28، بحار الانوار 72: 121 / 16. (2) الكافي 2: 219 / 2، بحار الانوار 72: 105 / 2، و: 121 / 17. (3) بحار الانوار 72: 259 / 24. (4) بحار الانوار 75: 248 / 16.

[ 506 ]

يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث. قيل: يا رسول الله، وما الحدث؟ قال: الاغتياب (1). 699 / 12 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قال العبد: علم الله، فكان كاذبا، قال الله عز وجل: أما وجدت أحدا تكذب عليه غيري؟! (2). 700 / 13 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن وهب، عن شهاب بن عبد ربه، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من قال الله يعلم، فيما لم يعلم، اهتز العرش إعظاما له (3). 701 / 14 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد البصري، عن علي بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام): ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون (4). 702 / 15 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله تبارك وتعالى عير عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا، قال الله عز وجل: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) (5)، وقال: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه (هامش) * (1) بحار الانوار 75: 249 / 17. (2) بحار الانوار 104: 207 / 6. (3) بحار الانوار 104: 207 / 7. (4) بحار الانوار 2: 113 / 2. (5) الاعراف 7: 169.


[ 507 ]

ولما يأتهم تأويله) (1). 703 / 16 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن فرقد، عن ابن شبرمة، قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمد (عليه السلام) إلا كاد أن يتصدع له قلبي، سمعته يقول حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) – قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب على أبيه، ولا كذب أبوه على جده، ولا كذب جده على رسول الله – قال: من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك (2). 704 / 17 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قام عيسى بن مريم (عليه السلام) خطيبا في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم (3). 705 / 18 – حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ولا يزيده سرعه السير من الطريق إلا بعدا (4). 706 / 19 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن


(1) بحار الانوار 2: 113 / 3، والآية من سورة يونس 10: 39. (2) بحار الانوار 2: 298 / 18. (3) بحار الانوار 2: 66 / 8. (4) المحاسن: 198 / 24، الكافي 1: 34 / 1، بحار الانوار 1: 206 / 1.

[ 508 ]

زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: لا يقبل الله عز وجل عملا إلا بمعرفة، ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إن الايمان بعضه من بعض (1). وصلى الله على محمد وآله


(1) المحاسن: 198 / 25، بحار الانوار 1: 206 / 2.

[ 509 ]

[ 66 ] المجلس السادس والستون مجلس يوم الثلاثاء الثالث عشر من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 707 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني أبو عبد الله عبد العزيز بن محمد بن عيسى الابهري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا الحسين بن يزيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الاكل على الجنابة، وقال: إنه يورث الفقر، ونهى عن تقليم الاظافير بالاسنان، وعن السواك في الحمام، والتنخع في المساجد، ونهى عن أكل سؤر الفأر. وقال: لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين، ونهى أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق، ونهى أن يأكل الانسان بشماله، وأن يأكل وهو متكئ، ونهى أن تجصص المقابر ويصلى فيها، وقال: إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الارض فليحاذر على عورته، ولا يشربن أحدكم الماء من عند عروة الاناء فإنه مجتمع الوسخ، ونهى أن يبول أحد في الماء الراكد فإنه يكون منه ذهاب العقل،


[ 510 ]

ونهى أن يمشي الرجل في فرد نعل، أو يتنعل وهو قائم، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو للقمر، وقال: إذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة، ونهى عن الرنة عند المصيبة، ونهى عن النياحة والاستماع إليها، ونهى عن اتباع النساء الجنائز، ونهى أن يمحى شئ من كتاب الله عز وجل بالبزاق أو يكتب منه، ونهى أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا، وقال: يكلفه الله عز وجل يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها. ونهى عن التصاوير، وقال: من صور صورة كلفه الله يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ، ونهى أن يحرق شئ من الحيوان بالنار، ونهى عن سب الديك، وقال: إنه يوقظ للصلاة، ونهى أن يدخل الرجل في سوم (1) أخيه المسلم، ونهى أن يكثر الكلام عند المجامعة، وقال: منه يكون خرس الولد، وقال: لا تبيتوا القمامة في بيوتكم وأخرجوها نهارا، فإنها مقعد الشيطان، وقال لا يبيتن أحدكم ويده غمرة (2)، فإن فعل فأصابه لمم (3) الشيطان فلا يلومن إلا نفسه. ونهى أن يستنجي الرجل بالروث، ونهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شئ تمر عليه من الجن والانس حتى ترجع إلى بيتها، ونهى أن تتزين المرأة لغير زوجها، فإن فعلت كان حقا على الله عز وجل أن يحرقها بالنار، ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها وغير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لا بد لها منه، ونهى أن تباشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب، ونهى أن تحدث المرأة المرأة بما تخلو به مع زوجها، ونهى أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة أو على طريق عامر، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ونهى أن يقول الرجل للرجل: زوجني أختك حتى أزوجك أختي. ونهى عن إتيان العراف، وقال: من أتاه وصدقه فقد برئ مما أنزل الله على


(1) السوم: المساومة بين البائع والمشتري على السلعة لفصل ثمنها. (2) غمرت اليد: تعلق بها دسم اللحم أو ريحه. (3) اللمم: جنون خفيف، أو طرف من الجنون يلم بالانسان.

[ 511 ]

محمد (صلى الله عليه وآله)، ونهى عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة – يعني الطبل والطنبور – والعود، ونهى عن الغيبة والاستماع إليها، ونهى عن النميمة والاستماع إليها، وقال: لا يدخل الجنة قتات، يعني نماما. ونهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم، ونهى عن اليمين الكاذبة، وقال: إنها تترك الديار بلاقع (1)، وقال: من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع، ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام، وقال: لا يدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر، ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله، ونهى عن تصفيق الوجه (2)، ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال، فأما للنساء فلا بأس. ونهى أن تباع الثمار حتى تزهو – يعني تصفر أو تحمر -، ونهى عن المحاقلة، – يعني بيع التمر بالرطب، والزبيب بالعنب وما أشبه ذلك -. ونهى عن بيع النرد والشطرنج، وقال: من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير، ونهى عن بيع الخمر، وأن تشترى الخمر، وأن تسقى الخمر، وقال (عليه السلام): لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها، وشاربها وساقيها، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها، وحاملها والمحمولة إليه. وقال (عليه السلام): من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، وإن مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال، وهو صديد أهل النار، وما يخرج من فروج الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنم، فيشربها أهل النار، فيصهر به ما في بطونهم والجلود. ونهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا، وقال (عليه السلام): إن الله عز وجل لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، ونهى عن بيع وسلف، ونهى عن


(1) البلقع: الارض القفر التي لا شئ بها. (2) أي الضرب عليه باليد.

[ 512 ]

بيعين في بيع، ونهى عن بيع ما ليس عندك، ونهى عن بيع ما لم يضمن، ونهى عن مصافحة الذمي، ونهى أن ينشد الشعر، أو تنشد الضالة في المسجد، ونهى أن يسل السيف في المسجد، ونهى عن ضرب وجوه البهائم، ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، وقال: من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة، ونهى أن ينفخ في طعام أو في شراب، أو ينفخ في موضع السجود، ونهى أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والارحية والاودية ومرابط الابل وعلى ظهر الكعبة. ونهى عن قتل النحل، ونهى عن الوسم في وجوه البهائم، ونهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: من حلف بغير الله فليس من الله في شئ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها يمين، فمن شاء بر، ومن شاء فجر، ونهى أن يقول الرجل للرجل: لا وحياتك وحياة فلان، ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب، ونهى عن التعري بالليل والنهار، ونهى عن الحجامة يوم الاربعاء والجمعة، ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب، فمن فعل ذلك فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له، ونهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد، ونهى أن ينقش شئ من الحيوان على الخاتم. ونهى عن الصلاة في ثلاث ساعات: عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند استوائها، ونهى عن صيام ستة أيام: يوم الفطر، ويوم الشك، ويوم النحر، وأيام التشريق، ونهى أن يشرب الماء كرعا كما تشرب البهائم، وقال: اشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم، ونهى عن البزاق في البئر التي يشرب منها، ونهى أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته، ونهى عن الهجران، فإن كان لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، فمن كان مهاجرا لاخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به. ونهى عن بيع الذهب والفضة بالنسية، ونهى عن بيع الذهب بالذهب زيادة إلا وزنا بوزن، ونهى عن المدح وقال: احثوا في وجوه المداحين التراب، وقال (صلى الله عليه وآله): من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها، ثم نزل به ملك الموت، قال


[ 513 ]

له: أبشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير، وقال: من مدح سلطانا جائرا وتخفف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه إلى النار، وقال (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (1). وقال (صلى الله عليه وآله): من دل جائرا على جور، كان قرين هامان في جهنم، ومن بنى بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة من الارض السابعة وهو نار تشتعل، ثم يطوق في عنقه، ويلقى في النار، فلا يحبسه شئ منها دون قعرها، إلا أن يتوب. قيل: يا رسول الله، كيف يبني رياء وسمعة، قال: يبني فضلا على ما يكفيه استطالة منه على جيرانه، ومباهاة لاخوانه. وقال (صلى الله عليه وآله): من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام، ومن خان جاره شبرا من الارض جعلها الله طوقا في عنقه من تخوم الارضين السابعة، حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا، إلا أن يتوب ويرجع. ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا، لقي الله يوم القيامة مغلولا، يسلط الله عليه بكل آية منه حية تكون قرينه إلى النار، إلا أن يغفر له، وقال (صلى الله عليه وآله): من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حبا للدنيا وزينتها، استوجب عليه سخط الله، إلا أن يتوب، ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجة القرآن يوم القيامة، فلا يزايله إلا مدحوضا. ألا ومن زنا بامرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية، حرة أو أمة، ثم لم يتب ومات مصرا عليه، فتح الله له في قبره ثلاثمائة باب، تخرج منها حيات وعقارب وثعبان النار، فهو يحترق إلى يوم القيامة، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه، فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا، حتى يؤمر به إلى النار. ألا إن الله حرم الحرام، وحد الحدود، وما أحد أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش، ونهى أن يطلع الرجل في بيت جاره، وقال: من نظر إلى عورة أخيه المسلم


(1) هود 11: 113.

[ 514 ]

أو عورة غير أهله متعمدا، أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات المسلمين، ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله، إلا أن يتوب. وقال (صلى الله عليه وآله): من لم يرض بما قسم الله له من الرزق، وبث شكواه، ولم يصبر ولم يحتسب، لم ترفع له حسنة، ويلقى الله وهو عليه غضبان، إلا أن يتوب، ونهى أن يختال الرجل في مشيته، وقال: من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان قرين قارون، لانه أول من اختال فخسف الله به وبداره الارض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته. وقال (صلى الله عليه وآله): من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان، يقول الله عز وجل يوم القيامة: عبدي زوجتك أمتي على عهدي، فلم توف بعهدي، وظلمت أمتي، فيؤخذ من حسناته، فيدفع إليها بقدر حقها، فإذا لم تبق له حسنة أمر به إلى النار بنكثه للعهد (إن العهد كان مسئولا) (1). ونهى (صلى الله عليه وآله) عن كتمان الشهادة، وقال: من كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، وهو قول الله عز وجل: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه ءاثم قلبه) (2)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة، ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيع حق جاره فليس منا، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت اعتقوا، وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة، وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا. ألا ومن استخف بفقير مسلم، فقد استخف بحق الله، والله يستخف به يوم القيامة، إلا أن يتوب، وقال (صلى الله عليه وآله): من أكرم فقيرا مسلما، لقي الله يوم القيامة وهو عنه راض. وقال (صلى الله عليه وآله): من عرضت له فاحشة أو شهوة، فاجتنبها من


(1) الاسراء 17: 34. (2) البقرة 2: 283.

[ 515 ]

مخافة الله عز وجل، حرم الله عليه النار، وآمنه من الفزع الاكبر، وأنجز له ما وعده في كتابه، في قوله: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (1). ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة، فاختار الدنيا على الآخرة، لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار، ومن اختار الآخرة على الدنيا (2) رضي الله عنه وغفر له مساوئ عمله، ومن ملا عينه من حرام ملا الله عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع. وقال (صلى الله عليه وآله): من صافح امرأة تحرم عليه، فقباء بسخط من الله، ومن التزم امرأة حراما، قرن في سلسلة من النار مع الشيطان، فيقذفان في النار، ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود، لانهم أغش الخلق للمسلمين، ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يمنع أحد الماعون، وقال: من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومن وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله! وقال (صلى الله عليه وآله): أيما امرأة آذت زوجها بلسانها، لم يقبل الله منها صرفا ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضيه، وإن صامت نهارها، وقامت ليلها، واعتقت الرقاب، وحملت على جياد الخيل في سبيل الله، وكانت أول من يرد النار، وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما. ألا ومن لطم خد مسلم أو وجهه، بدد الله عظامه يوم القيامة، وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم، إلا أن يتوب، ومن بات وفي قلبه غش لاخيه المسلم بات في سخط الله، وأصبح كذلك حتى يتوب. ونهى عن الغيبة، وقال: من اغتاب امرءا مسلما، بطل صومه، ونقض وضوؤه، وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة، يتأذى به أهل الموقف، فإن


(1) الرحمن 55: 46. (2) في نسخة: اختار الآخرة فترك الدنيا.

[ 516 ]

مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله. وقال (صلى الله عليه وآله): من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه، أعطاه الله أجر شهيد، ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه، رد الله عنه ألف باب من السوء في الدنيا والآخرة، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها، كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة. ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الخيانة، وقال: من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها، ثم أدركه الموت، مات على غير ملتي، ويلقى الله وهو عليه غضبان. وقال (صلى الله عليه وآله): من شهد شهادة زور على أحد من الناس، علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار، ومن اشترى خيانة وهو يعلم، فهو كالذي خانها، ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حق حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب. ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها، ومن احتاج إليه أخوه المسلم في قرض وهو يقدر عليه، فلم يفعل، حرم الله عليه ريح الجنة. ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق، واحتسب في ذلك الاجر، أعطاه الله ثواب الشاكرين في الآخرة. ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها، وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق، لم تقبل منها حسنة، وتلقى الله وهو عليها غضبان. ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عز وجل. ونهى رسول الله (صلى الله عليه آله) أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم، وقال: من أم قوما بإذنهم وهم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقرائته وركوعه وسجوده وقعوده، فله مثل أجر القوم، ولا ينقص من أجورهم شئ. ألا ومن أم قوما بأمرهم ثم لم يتم بهم الصلاة، ولم يحسن في خشوعه وركوعه وسجوده وقراءته ردت عليه صلاته ولم تجاوز ترقوته، وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتد، لم يصلح إلى رعية، ولم يقم فيهم بحق، ولا قام فيهم بأمر. وقال: من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله، ليصل رحمه، أعطاه الله عز وجل أجر مائه شهيد، وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة، ويمحى عنه أربعون ألف سيئة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وكأنما عبد الله مائة سنة صابرا محتسبا، ومن كفى ضريرا حاجة من حوائج الدنيا، ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجة، أعطاه الله


[ 517 ]

براءة من النفاق وبراءة من النار، وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا، ولا يزال يخوض في رحمة الله عز وجل حتى يرجع. ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده، بعثه الله يوم القيامة مع خليله إبراهيم خليل الرحمن حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع، ومن سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فقال رجل من الانصار: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فإن كان المريض من أهل بيته، أو ليس ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته؟ قال: نعم. ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه اثنتين وسبعين كربة من كرب الآخرة، واثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا أهونها المغص. قال: ومن يبطل على ذي حق حقه، وهو يقدر على أداء حقه، فعليه كل يوم خطيئة عشار، ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلط عليه في نار جهنم وبئس المصير، ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فأمتن به، أحبط الله عمله، وثبت وزره، ولم يشكر له سعيه، ثم قال (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات، وهو النمام. ألا ومن تصدق بصدقة، فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة، ومن مشى بصدقه إلى محتاج، كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شئ، ومن صلى على ميت صلى عليه وسبعون ألف ملك، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه، فإن أقام حتى يدفن ويحثي عليه التراب، كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر، والقيراط مثل جبل أحد. ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله، كان له بكل قطرت قطرت من دموعه قصر في الجنة مكلل بالدر والجوهر، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة، كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك، وكل الله به سبعين


[ 518 ]

ألف ملك يعودونه (1) في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يبعث. ألا ومن أذن محتسبا، يريد بذلك وجه الله عز وجل، أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صديق، ويدخل في شفاعته أربعون ألف مسئ من أمتي إلى الجنة، ألا وإن المؤذن إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، صلى عليه تسعون ألف ملك، واستغفروا له، وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ من حساب الخلائق، ويكتب ثواب قوله: أشهد أن محمدا رسول الله، أربعون ألف ملك، ومن حافظ على الصف الاول، والتكبيرة الاولى، لا يؤذي مسلما، أعطاه الله من الاجر ما يعطى المؤذنون في الدنيا والآخرة. ألا ومن تولى عرافة قوم، حبسه الله عز وجل على شفير جهنم، بكل يوم ألف سنة، وحشر يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه، فإن قام فيهم بأمر الله أطلقه الله، وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس المصير. وقال (صلى الله عليه وآله): لا تحقروا شيئا من الشر، وإن صغر في أعينكم، ولا تستكثروا الخير، وإن كثر في أعينكم، فانه لا كبير مع الاستغفار، ولا صغير مع الاصرار. قال محمد بن زكريا الغلابي، سألت عن طول هذا الاثر شعيبا المزني، فقال لي: يا أبا عبد الله، سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث، فقال: حدثني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) في نسخة: يعوذونه. (2) بحار الانوار 76: 328 / 1.

[ 519 ]

[ 67 ] المجلس السابع والستون مجلس يوم الجمعة السادس عشر من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 708 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا أحمد بن رشيد، قال: حدثنا أبو معمر سعيد بن خيثم (1)، قال: حدثني سعد، عن الحسن البصري، أنه بلغه أن زاعما يزعم أنه ينتقص عليا (عليه السلام)، فقام في أصحابه يوما، فقال: لقد هممت أن أغلق بابي ثم لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي، بلغني أن زاعما منكم يزعم أني أنتقص خير الناس بعد نبينا (صلى الله عليه وآله)، وأنيسه وجليسه، والمفرج للكرب عنه عند الزلازل، والقاتل للاقران يوم التنازل، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقره، وأخذ العلم فوفره وحاز البأس فاستعمله في طاعة ربه، صابرا على مضض الحرب، شاكرا عند اللاواء (2) والكرب، فعمل بكتاب ربه، ونصح لنبيه وابن عمه وأخيه، آخاه دون أصحابه، وجعل عنده سره، وجاهد عنه صغيرا، وقاتل معه كبيرا، يقتل الاقران،


(1) في نسخة: خيثم. (2) اللاواء: ضيق المعيشة، وشدة المرض.

[ 520 ]

وينازل الفرسان دون دين الله، حتى وضعت الحرب أوزارها، متمسكا بعهد نبيه (صلى الله عليه وآله)، لا يصده صاد، ولا يمالي عليه مضاد، ثم مضى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو عنه راض. أعلم المسلمين علما، وأفهمهم فهما، وأقدمهم في الاسلام، لا نظير له في مناقبه، ولا شبيه له في ضرائبه، فظلفت (1) نفسه عن الشهوات، وعمل لله في الغفلات وأسبغ الطهور في السبرات (2)، وخشع في الصلوات، وقطع نفسه عن اللذات، مشمرا عن ساق، طيب الاخلاق، كريم الاعراق، اتبع سنن نبيه، واقتفى آثار وليه، فكيف أقول فيه ما يو بقني؟! وما أحد أعلمه يجد فيه مقالا، فكفوا عنا الاذى، وتجنبو طريق الردى (3). 709 / 2 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق، ومحمد بن أحمد السناني، وعبد الله بن محمد الصائغ (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني علي بن محمد، قال: حدثنا الفضل بن العباس، قال: حدثنا عبد القدوس الوراق، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن الاعمش. وحدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني عبد الله بن محمد ابن باطويه، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن الاعمش. وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، فيما كتب إلينا من أصبهان، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ست وثمانين ومائتين، قال: حدثنا الوليد بن الفضل العنزي، قال: حدثنا مندل بن علي العنزي، عن الاعمش.


(1) أي كفت وترفعت. (2) السبرات: جمع سبرة، الغداة الباردة. (3) بحار الانوار 40: 117 / 2.

[ 521 ]

وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا علي بن عيسى الكوفي، قال: حدثنا جرير ابن عبد الحميد، عن الاعمش، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ، وقال بعضهم ما لم يقل بعض، وسياق الحديث لمندل بن علي العنزي، عن الاعمش، قال: بعث إلي أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب، قال: فبقيت متفكرا فيما بيني وبين نفسي، وقلت: ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل علي (عليه السلام)، ولعلي إن أخبرته قتلني، قال: فكتبت وصيتي، ولبست كفني، ودخلت عليه، فقال: ادن، فدنوت وعنده عمرو بن عبيد، فلما رأيته طابت نفسي شيئا، ثم قال: ادن، فدنوت حتى كادت تمس ركبتي ركبته، قال: فوجد مني رائحة الحنوط، فقال: والله لتصدقني أو لاصلبنك. قلت: ما حاجتك، يا أمير المؤمنين؟ قال: ما شأنك متحنطا؟ قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب، فقلت: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إلي في هذه الساعة ليسأنلي عن فضائل علي (عليه السلام) فلعلي إن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي، ولبست كفني. قال: وكان متكئا، فاستوى قاعدا، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، سألتك بالله يا سليمان كم حديثا ترويه في فضائل علي؟ قال: فقلت: يسيرا، يا أمير المؤمنين. قال: كم؟ قلت: عشرة آلاف حديث، وما زاد. فقال: يا سليمان، والله لاحدثنك بحديث في فضائل علي (عليه السلام) تنسى كل حديث سمعته، قال: قلت: حدثني، يا أمير المؤمنين. قال: نعم، كنت هاربا من بني أمية، وكنت أتردد في البلدان، فأتقرب إلى الناس بفضائل علي، وكانوا يطعموني ويزودوني حتى وردت بلاد الشام، وإني لفي كساء خلق ما علي غيره، فسمعت الاقامة وأنا جائع، فدخلت المسجد لاصلي، وفي نفسي أن أكلم الناس في عشاء يعشوني، فلما سلم الامام دخل المسجد صبيان، فالتفت الامام إليهما، وقال: مرحبا بكما، ومرحبا بمن اسمكما على اسمهما، فكان إلى جنبي شاب، فقلت: يا شاب، ما الصبيان من الشيخ؟ قال: هو جدهما، وليس بالمدينة أحد يحب عليا غير هذا الشيخ،


[ 522 ]

فلذلك سمى أحدهما الحسن، والآخر الحسين، فقمت فرحا، فقلت للشيخ: هل لك في حديث أقر به عينك؟ قال: إن أقررت عيني أقررت عينك. قال: فقلت: حدثني والدي، عن أبيه، عن جده، قال: قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا جاءت فاطمة (عليها السلام) تبكي، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك، يا فاطمة؟ قالت: يا أبه، خرج الحسن والحسين، فما أدري أين باتا؟ فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) يا فاطمة، لا تبكي، فالله الذي خلقهما هو ألطف بهما منك. ورفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء، فقال: اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما، فنزل جبرئيل (عليه السلام) من السماء، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، وهو يقول: لا تحزن ولا تغتم لهما، فإنهما فاضلان في الدنيا، فاضلان في الآخرة، وأبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حظيرة بني النجار، وقد وكل الله بهما ملكا. قال: فقام النبي (صلى الله عليه وآله) فرحا ومعه أصحابه حتى أتوا حظيرة بني النجار، فإذا هم بالحسن معانقا للحسين (عليهما السلام)، وإذا الملك الموكل بهما قد افترش أحد جناحيه تحتهما وغطاهما بالآخر، قال: فمكث النبي (صلى الله عليه وآله) يقبلهما حتى انتبها، فلما استيقظا حمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن، وحمل جبرئيل الحسين فخرج من الحظيرة وهو يقول: والله لا شرفنكما كما شرفكم الله عزوجل. فقال له أبو بكر: ناولني أحد الصبيين أخفف عنك. فقال: يا أبا بكر، نعم الحاملان، ونعم الراكبان، وأبوهما أفضل منهما. فخرج حتى أتى باب المسجد، فقال: يا بلال، هلم علي بالناس، فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المدينة، فاجتمع الناس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد، فقام على قدميه، فقال: يا معشر الناس، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين، فإن جدهما محمد، وجدتهما خديجة بنت خويلد. يا معشر الناس، ألا أدلكم على خير الناس أبا وأما؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين، فإن أباهما علي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وأمهما


[ 523 ]

فاطمة بنت رسول الله. يا معشر الناس، ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين، فإن عمهما جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة مع الملائكة، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب. يا معشر الناس، ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين، فإن خالهما القاسم بن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله، ثم قال (1) بيده هكذا يحشرنا الله. ثم قال: اللهم إنك تعلم أن الحسن في الجنة، والحسين في الجنة، وجدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأباهما في الجنة، وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، اللهم إنك تعلم أن من يحبهما في الجنة، ومن يبغضهما في النار. قال: فلما قلت ذلك للشيخ، قال: من أنت يا فتى؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أعربي أنت، أم مولى؟ قال: قلت: بل عربي. قال: فأنت تحدث بهذا الحديث وأنت في هذا الكساء! فكساني خلعته، وحملني على بغلته – فبعتهما بمائة دينار – فقال: يا شاب، أقررت عيني، فوالله لاقرن عينك، ولارشدنك إلى شاب يقر عينك اليوم، قال: فقلت: أرشدني. قال: لي أخوان، أحدهما إمام، والآخر مؤذن، أما الامام فإنه يحب عليا (عليه السلام) منذ خرج من بطن أمه، وأما المؤذن فإنه يبغض عليا (عليه السلام) منذ خرج من بطن أمه. قال: قلت: أرشدني، فأخذ بيدي حتى أتى باب الامام، فإذا أنا برجل قد خرج إلي، فقال: أما البغلة والكسوة فأعرفهما، والله ما كان فلان يحملك ويكسوك إلا أنك تحب الله عزوجل ورسوله (صلى الله عليه وآله)، فحدثني بحديث في فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام).


(1) في نسخة: ثم أشار، وكلاهما بمعنى.

[ 524 ]

قال: فقلت: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: كنا قعودا عند النبي (صلى الله عليه وآله)، إذا جاءت فاطمة (عليها السلام) تبكي بكاء شديدا، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك، يا فاطمة؟ قالت: يا أبه، عيرتني نساء القريش، وقلن: إن أباك زوجك من معدم (1) لا مال له. فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): لا تبكي، فوالله ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه، وأشهد بذلك جبرئيل وميكائيل، وإن الله عزوجل اطلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار من الخلائق عليا، فزوجك إياه، واتخذه وصيا، فعلي أشجع الناس قلبا، وأحلم الناس حلما، وأسمح الناس كفا، وأقدم الناس سلما، وأعلم الناس علما، والحسن والحسين ابناه، وهما سيدا شباب أهل الجنة، واسمهما في التوراة شبر وشبير لكرامتهما على الله عزوجل. يا فاطمة لا تبكين، فوالله انه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلتين، وعلي حلتين، ولواء الحمد بيدي، فأناوله عليا لكرامته على الله عزوجل. يا فاطمة لا تبكين، فإني إذا دعيت إلى رب العالمين يجئ علي معي، وإذا شفعني الله عزوجل شفع عليا معي. يا فاطمة لا تبكين، إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم: يا محمد، نعم الجد جدك إبراهيم خليل الرحمن، ونعم الاخ أخوك علي بن أبي طالب. يا فاطمة، علي يعينني على مفاتيح الجنة، وشيعته هم الفائزون يوم القيامة غدا في الجنة. فلما قلت ذلك، قال: يا بني، ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أعربي أنت، أم مولى؟ قلت: بل عربي. قال: فكساني ثلاثين ثوبا، وأعطاني عشرة آلاف درهم. ثم قال: يا شباب، قد أقررت عيني، ولي إليك حاجة. قلت: قضيت إن شاء الله. قال: فإذا كان غدا فأت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعلي (عليه السلام). قال: فطالت علي تلك الليلة، فلما أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي، فقمت في الصف، فإذا إلى جانبي شاب متعمم، فذهب ليركع، فسقطت عمامته،


(1) أي فقير.

[ 525 ]

فنظرت في وجهه، فإذا رأسه رأس خنزير، ووجهه وجه خنزير، فوالله ما علمت ما تكلمت به في صلاتي حتى سلم الامام، فقلت: يا ويحك، ما الذي أرى بك؟ فبكى وقال لي: انظر إلى هذه الدار. فنظرت، فقال لي: ادخل. فدخلت، فقال لي كنت مؤذنا لآل فلان، كلما أصبحت لعنت عليا ألف مرة بين الاذان والاقامة، وكلما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة، فخرجت من منزلي فأتيت داري، فأتكأت على هذا الدكان الذي ترى، فرأيت في منامي كأني بالجنة وفيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) فرحين، ورأيت كأن النبي (صلى الله عليه وآله) عن يمينه الحسن، وعن يساره الحسين، ومعه كأس، فقال: يا حسن، اسقني. فسقاه، ثم قال: أسق الجماعة فشربوا، ثم رأيته كأنه قال: اسق المتكئ على هذا الدكان. فقال له الحسن (عليه السلام): يا جد، أتأمرني أن أسقي هذا وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الاذان والاقامة، وقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرة بين الاذان والاقامة! فأتاني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لي: مالك – عليك لعنة الله – تلعن عليا، وعلي مني، وتشتم عليا، وعلي مني، فرأيته كأنه تفل في وجهي، وضربني برجله، وقال: قم غير الله ما بك من نعمة. فانتهبت من نومي فإذا رأسي رأس خنزير، ووجهي وجه خنزير. ثم قال لي أبو جعفر أمير المؤمنين: أهذان الحديثان في يدك؟ فقلت: لا. فقال: يا سليمان حب علي إيمان، وبغضه نفاق، والله لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق. قال: قلت: الامان يا أمير المؤمنين. قال: لك الامان. قلت: فما تقول في قاتل الحسين (عليه السلام) قال: إلى النار وفي النار. قلت: وكذلك من يقتل ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى النار وفي النار. قال: الملك عقيم يا سليمان، أخرج فحدث بما سمعت (1). وصلى الله على محمد وآله


(1) بشارة المصطفى: 170، بحار الانوار 37: 88 / 55.

[ 526 ]

[ 68 ] المجلس الثامن والستون مجلس يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 710 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: النوم راحة للجسد، والنطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل (1). 711 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من لم يكن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه ولم يكن له قرين مرشد، استمكن عدوه من عنقه (2). 712 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن سهل، عن سعيد بن محمد، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن


(1) بحار الانوار 71: 27 6 / 6. (2) بحار الانوار 74: 187 / 8.

[ 527 ]

جعفر (عليهما السلام): إن عيال الرجل اسراؤه، فمن أنعم الله عليه نعمة فليوسع على اسرائه، فإن لم يفعل أو شك أن تزول عنه تلك النعمة (1). 713 / 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم ومنهال القصاب، جميعا، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: من أصاب مالا من أربع لم يقبل منه في أربع: من أصاب مالا من غلول أو ربا أو خيانة أو سرقة، لم يقبل منه في زكاة ولا في صدقة ولا في حج ولا في عمرة. وقال أبو جعفر (عليه السلام): لا يقبل الله عزوجل حجا ولا عمرة من مال حرام (2). 714 / 5 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قا: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد بن ماك الكوفي، قال: حدثني محمد بن أحمد المدائني، عن فضل ابن كثير، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: من لقي فقيرا مسلما فسلم عليه خلاف سلامه على الغني، لقي الله عزوجل يوم القيامة وهو عليه غضبان (3). 715 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الامام محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: دعا سلمان أبا ذر (رحمة الله عليهما) إلى منزله، فقدم إليه رغيفين، فأخذ أبو ذر الرغيفين يقلبهما، فقال له سلمان: يا أبا ذر، لاي شئ تقلب هذين الرغيفين؟ قال: خفت أن لا يكونا نضيجين. فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا، ثم قال: ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين! فوالله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش، وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح، وعملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب، وعمل فيه


(1) من لا يحضره الفقيه 4: 287 / 863، بحار الانوار 78: 208 / 74. (2) بحار الانوار 96: 163 / 1. (3) بحار الانوار 72: 38 / 31.

[ 528 ]

السحاب حتى أمطره إلى الارض، وعمل فيه الرعد والملائكة حتى وضعوه مواضعه، وعملت فيه الارض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح، وما لا أحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟ فقال أبو ذر: إلى الله أتوب، واستغفر الله مما أحدثت، وإليك أعتذر مما كرهت (1). 716 / 7 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن بشر بن مسلمة، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من تصدق حين يصبح بصدقة، أذهب الله عنه نحس ذلك اليوم (2). 717 / 8 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن فضالة ابن أيوب، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي الباقر، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: مرض النبي (صلى الله عليه وآله) المرضة التي عوفي منها، فعادته فاطمة سيدة النساء (عليها السلام) ومعها الحسن والحسين (عليهما السلام)، قد أخذت الحسن بيدها اليمنى، وأخذت الحسين بيدها اليسرى، وهما يمشيان وفاطمة بينهما حتى دخلوا منزل عائشة، فقعد الحسن (عليه السلام) على جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الايمن، والحسين (عليه السلام) على جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الايسر، فاقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله) من نومه، فقالت فاطمة للحسن والحسين: حبيبي، إن جدكما قد غفا، فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتى يفيق وترجعان إليه. فقالا: لسنا ببارحين في وقتنا هذا.


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 52 / 203 (بزيادة)، بحار الانوار 22: 320 / 8. (2) المحاسن: 349 / 27، بحار الانوار 96: 126 / 42.

[ 529 ]

فاضطجع الحسن على عضد النبي (صلى الله عليه وآله) الايمن، والحسين على عضده الايسر فغفيا، وانتبها قبل أن ينتبه النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد كانت فاطمة (عليها السلام) لما ناما انصرفت إلى منزلها، فقالا لعائشة: ما فعلت أمنا؟ قالت: لما نمتما رجعت إلى منزلها. فخرجا في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق، وقد أرخت السماء عزاليها (1)، فسطع لهما نور، فلم يزالا يميشيان في ذلك النور، والحسن قابض بيده اليمنى على يد الحسين اليسرى، وهما يتماشيان ويتحدثان، حتى أتيا حديقة بني النجار، فلما بلغا الحديقة حارا، فبقيا لا يعلمان أين يأخذان، فقال الحسن للحسين: إنا قد حرنا، وبقينا على حالتنا هذه، وما ندري أين نسلك، فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتى نصبح. فقال له الحسين (عليه السلام): دونك يا أخي فافعل ما ترى، فاضطجعا جميعا، واعتنق كل واحد منهما صاحبه وناما. وانتبه النبي (صلى الله عليه وآله) من نومته التي نامها، فطلبهما في منزل فاطمة، فلم يكونا فيه، وافتقدهما، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) على رجليه، وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي، هذان شبلاي، خرجا من المخمصة والمجاعة، اللهم أنت وكيلي عليهما. فسطح للنبي (صلى الله عليه وآله) نور، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار، فإذا هما نائمان قد اعتنق كل واحد منهما صاحبه، وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق، فهي تمطر كأشد مطر، ما رآه الناس قط، وقد منع الله عزوجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها نائمان، لا يمطر عليهما قطرة، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام (2) القصب وجناحان، جنان قد غطت به الحسن، وجناج قد غطت به الحسين، فلما أن بصر بهما النبي (صلى الله عليه وآله) تنحنح، فانسابت الحية وهي تقول: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك أن هذين شبلا نبيك، قد حفظتهما عليه ودفعتهما


(1) أي انهمرت بالمطر. (2) الآجام: جمع أجمة، الشجر الكثير الملتف.

[ 530 ]

إليه سالمين صحيحين. فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): أيتها الحية، فمن أنت؟ قالت: أنا رسول الجن إليك. قال: وأي الجن؟ قالت: جن نصيبين، نفر من بني مليح، نسينا آية من كتاب الله عزوجل فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله، فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي: أيتها الحية، هذان شبلا رسول الله، فاحفظيهما من الآفات والعاهات ومن طوارق الليل والنهار، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين، وأخذت الحية الآية وانصرفت. وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن، فوضعه على عاتقه الايمن، ووضع الحسين على عاتقه الايسر، وخرج علي (عليه السلام) فلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له بعض أصحابه: بأبي أنت وأمي، ادفع إلي أحد شبليك، اخفف عنك. فقال: امض، فقد سمع الله كلامك، وعرف مقامك. وتلقاه آخر، فقال: بأبي أنت وأمي، ادفع إلي أحد شبليك، اخفف عنك. فقال: امض فقد سمع الله كلامك، وعرف مقامك. فتلقاه علي (عليه السلام)، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ادفع إلي أحد شبلي وشبليك حتى اخفف عنك. فالتفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الحسن (عليه السلام)، فقال: يا حسن، هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال له: والله يا جداه، إن كتفك لا حب إلي من كتف أبي. ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام)، فقال: يا حسين، هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال له: والله يا جداه، إني لاقول لك كما قال أخي الحسن، إن كتفك لاحب إلي من كتف أبي. فأقبل بهما إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، وقد ادخرت لهما تميرات، فوضعتها بين أيديهما، فأكلا وشبعا وفرحا، فقال لهما النبي (صلى الله عليه وآله): قوما الآن فاصطرعا. فقاما ليصطرعا، وقد خرجت فاطمة (عليها السلام) في بعض حاجتها، فدخلت فسمعت النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: إيه يا حسن، شد على الحسين فاصرعه. فقالت له: يا أبه، واعجباه، اتشجع هذا على هذا، اتشجع الكبير على الصغير! فقال لها: يا بنية، أما ترضين أن أقول أنا: يا حسن، شد على الحسين فاصرعه، وهذا حبيبي جبرئيل يقول:


[ 531 ]

يا حسين، شد على الحسن فاصرعه (1). 718 / 9 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، حدثني بحديث عن آبائك (عليهم السلام). فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا، فإذا استووا هلكوا. قال: قلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لو تكاشفتم ما تدافنتم. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من عتب على الزمان طالت معتبته. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مجالسة الاشرار تورث سوء الظن با لاخيار. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن


(1) بحار الانوار 43: 266 / 25.

[ 532 ]

آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قيمة كل امرئ ما يحسنه. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرء مخبوء تحت لسانه. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما هلك أمرؤ عرف قدره. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال يا أمير المؤمنين (عليه السلام): من وثق با لزمان صرع. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): خاطر بنفسه من استغنى برأيه. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قلة العيال أحد اليسارين. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من دخله العجب هلك. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أيقن بالخلف جاد بالعطية. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من رضي بالعافية ممن دونه، رزق السلامة ممن فوقه، قال: فقلت له: حسبني (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 53 / 204، بحار الانوار 77: 383 / 10.

[ 533 ]

[ 69 ] المجلس التاسع والستون مجلس يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 719 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)، قال: لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق، فأتيا بيت المقدس، وعرض عليه محاريب الانبياء، وصلى بها، ورده فمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رجوعه بعير لقريش، وإذا لهم ماء في آنية، وقد أظلوا بعيرا لهم، وكانوا يطلبونه، فشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك الماء وأهرق باقيه. فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لقريش: إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الانبياء ومنازلهم، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا، وقد أضلوا بعيرا لهم، فشربت من مائهم، وأهرقت باقي ذلك. فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة منه، فسلوه كم الاساطين فيها والقناديل؟ فقالوا: يا محمد، إن هاهنا من قد دخل بيت المقدس، فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه. فجاء. جبرئيل (عليه السلام) فعلق صورة بيت المقدس، تجاه وجهه، فجعل


[ 534 ]

يخبرهم بما يسألونه عنه، فلما أخبرهم قالوا: حتى تجئ العير ونسألهم عما قلت. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أورق (1). فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة، ويقولون: هذه الشمس تطلع الساعة. فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق، فسألوهم عما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: لقد كان هذا، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا، ووضعنا ماء، فأصبحنا وقد أهريق الماء. فلم يزدهم ذلك إلا عتوا (2). 720 / 2 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن علي الشامي، عن أبيه، قال: حدثنا أبو جرير، قال: حدثنا عطاء الخراساني، رفعه، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدابة دون البغل وفوق الحمار، رجلاها أطول من يديها، خطوها مد البصر، فلما أراد النبي أن يركب امتنعت، فقال جبرئيل (عليه السلام): إنه محمد، فتواضعت حتى لصقت بالارض. قال: فركب، فكلما هبطت ارتفعت يداها، وقصرت رجلاها، وإذا صعدت ارتفعت رجلاها، وقصرت يداها، فمرت به في ظلمة الليل على عير محملة، فنفرت العير من دفيف البراق، فنادى رجل في آخر العير غلاما له في أول العير: يا فلان، إن الابل قد نفرت، وإن فلانة ألقت حملها، وانكسرت يدها، وكانت العير لابي سفيان. قال: ثم مضى، حتى إذا كان ببطن البلقاء، قال: يا جبرئيل، قد عطشت، فتناول جبرئيل قصعة فيها ماء فناوله فشرب، ثم مضى فمر على قوم معلقين بعراقيبهم بكلاليب من نار، فقال: ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال


(1) الاورق من الابل: ما في لونه بياض إلى سواد. (2) بحار الانوار 18: 336 / 37.

[ 535 ]

فيبتغون الحرام. قال: ثم مر على قوم تخاط جلودهم بمخائط من نار، فقال: ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حل. ثم مضى فمر على رجل يرفع حزمة من حطب، كلما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا صاحب الدين يريد أن يقضي، فإذا لم يستطع زاد عليه. ثم مضى حتى إذا كان بالجبل الشرقي من بيت المقدس، وجد ريحا حارة، وسمع صوتا قال: ما هذه الريح يا جبرئيل التي أجدها، وهذا الصوت الذي أسمع؟ قال: هذه جهنم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أعوذ بالله من جهنم. ثم وجد ريحا عن يمينه طيبة، وسمع صوتا، فقال: ما هذه الريح التي أجدها، وهذا الصوت الذي أسمع؟ قال: هذه الجنة. فقال: أسأل الله الجنة. قال: ثم مضى حتى انتهى إلى باب مدينة بيت المقدس، وفيها هرقل، وكانت أبواب المدينة تغلق كل ليلة، ويؤتى بالمفاتيح وتوضع عند رأسه، فلما كانت تلك الليلة امتنع الباب أن ينغلق فأخبروه، فقال: ضاعفوا عليها من الحرس. قال: فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت المقدس، فجاء جبرئيل عليه السلام إلى الصخرة فرفعها، فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح: قدحا من لبن، وقدحا من عسل، وقدحا من خمر، فناوله قدح اللبن فشرب، ثم ناوله قدح العسل فشرب، ثم ناوله قدح الخمر، فقال: قد رويت يا جبرئيل. قال: أما إنك لو شربته ضلت أمتك وتفرقت عنك. قال: ثم أم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد بيت المقدس بسبعين نبيا. قال: وهبط مع جبرئيل (عليه السلام) ملك لم يطأ الارض قط، معه مفاتيح خزائن الارض، فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول: هذه مفاتيح خزائن الارض، فإن شئت فكن نبيا عبدا، وإن شئت فكن نبيا ملكا. فأشار إليه جبرئيل (عليه السلام) أن تواضع يا محمد. فقال: بل أكون نبيا عبدا. ثم صعد إلى السماء، فلما انتهى إلى باب السماء استفتح جبرئيل (عليه السلام)،


[ 536 ]

فقالوا: من هذا؟ قال: محمد. قالوا: نعم المجئ جاء فدخل فما مر على ملا من الملائكة إلا سلموا عليه ودعوا له، وشيعه مقربوها، فمر على شيخ قاعد تحت شجرة وحوله أطفال، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من هذا الشيخ يا جبرئيل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم. قال: فما هؤلاء الاطفال حوله؟ قال: هؤلاء أطفال المؤمنين حوله يغذوهم. ثم مضى فمر على شيخ قاعد على كرسي، إذا نظر عن يمينه ضحك وفرح، وإذا نظر عن يساره خزن وبكى، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أبوك آدم، إذا رأى من يدخل الجنة من ذريته ضحك وفرح، وإذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن وبكى. ثم مضى فمر على ملك قاعد على كرسي فسلم عليه، فلم ير منه من البشر ما رأى من الملائكة، فقال: يا جبرئيل، ما مررت بأحد من الملائكة إلا رأيت منه ما أحب إلا هذا، فمن هذا الملك؟ قال: هذا مالك خازن النار، أما إنه قد كان من أحسن الملائكة بشرا، وأطلقهم وجها، فلما جعل خازن النار أطلع فيها اطلاعة، فرأى ما أعد الله فيها لاهلها، فلم يضحك بعد ذلك. ثم مضى حتى إذا انتهى حيث انتهى فرضت عليه الصلاة خمسون صلاة، قال: فأقبل فمر على موسى (عليه السلام)، فقال: يا محمد، كم فرض على امتك؟ قال: خمسون صلاة. قال: ارجع إلى ربك فسله أن يخفف عن امتك. قال: فرجع ثم مر على موسى (عليه السلام)، فقال: كم فرض على امتك؟ قال: كذا وكذا. قال: فإن امتك أضعف الامم، ارجع إلى ربك فسله أن يخفف عن امتك، فإني كنت في بني إسرائيل فلم يكونوا يطيقون إلا دون هذا. فلم يزل يرجع إلى ربه عز وجل حتى جعلها خمس صلوات، قال: ثم مر على موسى (عليه السلام)، فقال: كم فرض على امتك؟ قال: خمس صلوات. قال: ارجع إلى ربك فسله أن يخفف عن امتك، قال: قد استحييت من ربي مما ارجع إليه. ثم مضى فمر على إبراهيم خليل الرحمن، فناداه من خلفه، فقال: يا محمد، اقرأ امتك عني السلام، وأخبرهم أن الجنة ماؤها عذب، وتربتها طيبة، فيها قيعان


[ 537 ]

بيض، غرسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمر أمتك فليكثروا من غرسها. ثم مضى حتى مر بعير يقدمها حمل أورق، ثم أتى أهل مكة فأخبرهم بمسيره، وقد كان بمكة قوم من قريش قد أتوا بيت المقدس فأخبرهم، ثم قال: آية ذلك أنها تطلع عليكم الساعة عير مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أورق، قال: فنظروا فإذا هي قد طلعت، وأخبرهم أنه قد مر بأبي سفيان، وأن إبله نفرت في بعض الليل، وأنه نادى غلاما له في أول العير: يا فلان، إن الابل قد نفرت، وإن فلانة قد ألقت حملها، وانكسرت يدها. فسألوا عن الخبر، فوجدوه كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) (1). 721 / 3 – حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) فجاءه رجل من أصحابه، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): ما خبرك، أيها الرجل؟ فقال الرجل: خبري – يا بن رسول الله – أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به. قال: فبكى علي بن الحسين (عليهما السلام) بكاء شديدا، فقلت له: ما يبكيك، يا بن رسول الله؟ فقال: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار. قالوا: كذلك، يا بن رسول الله. قال: فأية محنة ومصيبة أعظم على حرمة (2) مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها! قال: فتفرقوا عن مجلسهم ذلك. فقال بعضهم المخالفين (3) وهو يطعن على علي بن الحسين (عليهما السلام): عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والارض وكل شئ يطيعهم، وأن الله لا يردهم عن شئ


(1) بحار الانوار 18: 333 / 36. (2) في نسخة: حر، والحر: الجزء الظاهر من الوجه. (3) في نسخة: المنافقين.

[ 538 ]

من طلباتهم، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم. فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة فجاء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له: يا بن رسول الله، بلغني عن فلان كذا وكذا، وكان ذلك أغلظ علي من محنتي. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فقد أذن الله في فرجك، يا فلانة احملي سحوري وفطوري. فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) للرجل: خذهما فليس عندنا غيرهما، فإن الله يكشف عنك بهما، وينيلك خيرا واسعا منهما. فأخذهما الرجل، ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله، ويوسوس إليه الشيطان: أين موقع هاتين من حاجتك؟ فمر بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت (1). فقال له: سمكتك هذه بائرة عليك، وإحدى قرصتي هاتين بائرة علي، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة، وتأخذ قرصتي هذه البائرة؟ فقال: نعم. فأعطاه السمكة وأخذ القرصة، ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال له: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها؟ قال: نعم. ففعل، فجاء الرجل بالسمكة والملح، فقال: أصلح هذه بهذا، فلما شق بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد الله عليهما، فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب، فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كل واحد منهما له: يا عبد الله، جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص، فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال، ومرنت على الشقاء، قد رددنا إليك هذا الخبز، وطيبنا لك ما أخذته منا. فأخذ القرصتين منهما. فلما استقر بعد انصرافهما عنه قرع بابه، فإذا رسول علي بن الحسين (عليهما السلام)، فدخل فقال: إنه يقول لك: إن الله قد أتاك بالفرج، فأردد إلينا طعامنا، فإنه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه،


(1) أراح الشئ: أنتن.

[ 539 ]

وحسنت بعد ذلك حاله. فقال بعض المخالفين: ما أشد هذا التفاوت! بينا علي بن الحسين (عليه السلام) لا يقدر أن يسد منه فاقة، إذ أغناه هذا الغناء العظيم، كيف يكون هذا، وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم؟ فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): هكذا قالت قريش للنبي (صلى الله عليه وآله): كيف بمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الانبياء من مكة، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما؟ وذلك حين هاجر منها. ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام): جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لما يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم (1). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) روضة الواعظين: 196، بحار الانوار 46: 20 / 1.

[ 540 ]

[ 70 ] المجلس السبعون مجلس يوم الثلاثاء السابع والعشرين من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة 722 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: دعاء الرجل لاخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه (1). 723 / 2 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: رأيت عبد الله بن جندب بالموقف، فلم أر موقفا أحسن من موقفه، ما زال مادا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الارض، فلما صدر الناس قلت له: يا أبا محمد، ما رأيت موقفا أحسن من موقفك. قال: والله ما دعوت إلا لاخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) أخبرني أنه من دعا لاخيه بظهر الغيب نودي من العرش: ولك مائة ألف ضعف،


(1) بحار الانوار 93: 385 / 9.

[ 541 ]

فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (1). 724 / 3 – حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل ابن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيحسب فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا هذا الذي كان يدعو لنا، فشفعنا فيه، فيشفعهم الله فيه فينجو (2). 725 / 4 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من قدم في دعائه أربعين من المؤمنين ثم دعا لنفسه استجيب له (3). 726 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي الكوفي، عن الحسن بن أبي عقبة الصيرفي، عن الحسين بن خالد الصيرفي، قال: قلت لابي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): الرجل يستنجي وخاتمه في إصبعه، ونقشه لا إله إلا الله، فقال: أكره ذلك له. فقلت: جعلت فداك، أو ليس كان رسول الله (صلى عليه وآله) وكل واحد من آبائك (عليهم السلام) يفعل ذلك، وخاتمه في إصبعه؟ قال: بلى، ولكن اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى، فاتقوا الله وانظروا لانفسكم.


(1) رجال الكشي: 586 / 1097 ” نحوه ” فلاح السائل 43: ” نحوه ” بحار الانوار 93: 384 / 8. (2) بحار الانوار 93: 385 / 10. (3) بحار الانوار 93: 384 / 6.

[ 542 ]

قلت ما كان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فقال: ولم لا تسألني عمن كان قبله؟ قلت: فإني أسألك. قال: كان نقش خاتم آدم (عليه السلام): لا إله إلا الله، محمد رسول الله. هبط به معه. وإن نوحا (عليه السلام) لما ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه: يا نوح، إن خفت الغرق فهللني ألفا، ثم سلني النجاة أنجك من الغرق ومن آمن معك. قال: فلما استوى نوح (عليه السلام) ومن معه في السفينة ورفع القلس (1)، عصفت الريح عليهم، فلم يأمن نوح الغرق، فأعجلته الريح، فلم يدرك أن يهلل ألف مرة، فقال بالسريانية: هلوليا ألفا ألفا يا ماريا اتقن. قال: فاستوى القلس، واستمرت السفينة، فقال نوح (عليه السلام): إن كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق أن لا يفارقني، قال: فنقش في خاتمه: لا إله إلا الله ألف مرة، يا رب أصلحني. قال: وإن إبراهيم (عليه السلام) لما وضع في كفة المنجنيق غضب جبرئيل (عليه السلام)، فأوحى الله عز وجل إليه: ما يغضبك يا جبرئيل؟ قال: يا رب خليلك ليس من يعبدك على وجه الارض غيره، سلطت عليه عدوك وعدوه! فأوحى الله عز وجل إليه: اسكت، إنما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك، فأما أنا فإنه عبدي آخذه إذا شئت. قال: فطابت نفس جبرئيل (عليه السلام)، فالتفت إلى إبراهيم (عليه السلام) فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. فأهبط الله عز وجل عندها خاتما فية ستة أحرف: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فوضت أمري إلى الله، أسندت ظهري إلى الله، حسبي الله، فأوحى الله جل جلاله إليه أن تختم بهذا الخاتم، فإني أجعل النار عليك بردا وسلاما. قال: وكان نقش خاتم موسى (عليه السلام) حرفين، اشتقهما من التوراة: اصبر تؤجر، اصدق تنج. قال: وكان نقش خاتم سليمان (عليه السلام): سبحان من ألجم الجن بكلماته. وكان نقش خاتم عيسى (عليه السلام) حرفين، اشتقهما من الانجيل: طوبي لعبد


(1) القلس: حبل غليظ من حبال السفن.

[ 543 ]

ذكر الله من أجله، وويل لعبد نسى الله من أجله. وكان نقش خاتم محمد (صلى الله عليه وآله): لا إله إلا الله، محمد رسول الله. وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام): الملك لله وكان نقش خاتم الحسن (عليه السلام): العزة لله. وكان نقش خاتم الحسين (عليه السلام): إن الله بالغ أمره. وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) يتختم بخاتم أبيه الحسين (عليه السلام). وكان محمد بن علي (عليه السلام) يتختم بخاتم الحسين (عليه السلام). وكان نقش خاتم جعفر بن محمد (عليهما السلام): الله وليي وعصمتي من خلقه. وكان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): حسبي الله. قال الحسين بن خالد: وبسط أبو الحسن الرضا (عليه السلام) كفه وخاتم أبيه (عليه السلام) في إصبعه حتى أراني النقش (1). 727 / 6 – حدثنا محمد بن محمد بن عصام (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل ابن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: سألت أبي سيد العابدين (عليه السلام) فقلت له: يا أبه، أخبرني عن جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران (عليه السلام): ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فإن امتك لا تطيق ذلك؟ فقال: يا بني، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقترح على ربه عز وجل ولا يراجعه في شئ يأمره به، فلما سأله موسى (عليه السلام)، ذلك وصار شفيعا لامته إليه، لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى (عليه السلام)، فرجع إلى ربه يسأله (2) التخفيف، إلى أن ردها إلى خمس صلوات. قال: فقلت له: يا أبه، فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله التخفيف من


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 54 / 206، بحار الانوار 11: 62 / 1. (2) في نسخة: فسأله.

[ 544 ]

خمس صلوات، وقد سأله موسى (عليه السلام) أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف؟ فقال: يا بني، أراد (صلى الله عليه وآله) أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، لقول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (1)، ألا ترى أنه (صلى الله عليه وآله) لما هبط إلى الارض نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين، ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد؟ قال: فقلت له: يا أبه، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى، تعالى الله عن ذلك. فقلت: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ارجع إلى ربك؟ فقال: معناه معنى قول إبراهيم (عليه السلام): (إنى ذاهب إلى ربى سيهدين) (2) ومعنى قول موسى (عليه السلام): (وعجلت إليك رب لترضى) (3) ومعنى قوله عز وجل: (ففروا إلى الله) (4) يعني حجوا إلى بيت الله. يا بني، إن الكعبة بيت الله، فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله عز وجل، وإن الله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج به إلى بقعه منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله عز وجل يقول: (تعرج الملائكة والروح إليه) (5)،


(1) الانعام 6: 160. (2) الصافات 37: 99. (3) طه 20: 84. (4) الذاريات 50: 51. (5) المعارج 70: 4.

[ 545 ]

ويقول عز وجل في قصة عيسى (عليه السلام): (بل رفعه الله إليه) (1)، ويقول عز وجل: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (2)؟ 728 / 7 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لعلي ابن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة. فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (3)، وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) (4)، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله. ودرجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله، فقد زار الله تبارك وتعالى. قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه: أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت، من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياءه ورسله وحججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفة، وقال الله عز وجل: (كل من عليها فإن * ويبقى وجه ربك) (5)، وقال عز


(1) النساء 4: 158. (2) التوحيد: 176 / 8، علل الشرائع: 132 / 1، بحار الانوار 18: 348 / 60، والآية من سورة فاطر 35: 10. (3) النساء 4: 80. (4) الفتح 48: 10. (5) الرحمن 55: 26، 27.

[ 546 ]

وجل: (كل شئ هالك إلا وجهه) (1) فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة. وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): من أبغض أهل بيتي وعترتي، لم يرني ولم أره يوم القيامة. وقال (عليه السلام): إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني. يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان، ولا يدرك الابصار والاوهام. قال: فقلت له يا بن رسول الله، فأخبرني عن الجنة والنار، أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء. قال: فقلت له: فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقين؟ فقال (عليه السلام): ما أولئك منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي (صلى الله عليه وآله) وكذبنا، وليس من ولايتنا على شئ، وخلد في نار جهنم، قال الله عز وجل: (هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم ءان) (2)، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (3). 729 / 8 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي عبد الله


(1) القصص 28: 88. (2) الرحمن 55: 43، 44. (3) التوحيد: 117 / 21، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 115 / 3، الاحتجاج: 408، بحار الانوار 4: 3 / 4، و: 31 / 6.

[ 547 ]

الصادق (عليه السلام)، قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، إني راغب في الجهاد نشيط. قال: فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق، وإن مت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت. فقال: يا رسول الله، إن لي والدين كبيرين، يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقم مع والديك، فو الذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة (1). 730 / 9 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا أبو القاسم الكوفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت لابي جعفر الباقر (عليه السلام): هل يجزي الولد والده؟ فقال: ليس له جزاء إلا في خصلتين: أن يكون الوالد مملوكا فيشتريه فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه (2). 731 / 10 – حدثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن أسباط، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية، قال: نظر سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاستعبر، ثم قال: ما من يوم أشد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يوم أحد، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وبعده يوم مؤته قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب. ثم قال (عليه السلام): ولا يوم كيوم الحسين (عليه السلام) ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل، يزعمون أنهم من هذه الامة كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون، حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا.


(1) بحار الانوار 74: 66 / 34. (2) بحار الانوار 74: 66 / 35.

[ 548 ]

ثم قال (عليه السلام): رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


(1) الخصال: 68 / 101 من قوله: رحم الله العباس، بحار الانوار 44: 298 / 4.

[ 549 ]

[ 71 ] المجلس الحادي والسبعون مجلس يوم الجمعة غرة جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 732 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، قال: حدثنا أبو نعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي ذر الغفاري (رحمة الله عليه)، قال: كنت آخذا بيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن نتماشي جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله، أين تغيب؟ قال: في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب، من أين تأمرني أن أطلع، أمن مغربي أم من مطلعي، فذلك قوله عز وجل: (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) (1) يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه.


(1) يس 36: 38.

[ 550 ]

قال: فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار، في طوله في الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع. قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها. قال النبي (صلى الله عليه وآله): فكأني بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءا، وتؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل: (إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت) (1) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في افق السماء ومغربه وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد، تحت العرش، وجبرئيل يأتيه بالحلة من نور الكرسي، فذلك قوله عز وجل: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) (2). قال: أبو ذر (رحمة الله عليه): ثم اعتزلت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلينا المغرب (3). 733 / 2 – حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن عيسى بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن حماد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد، جاوزه فدخل في الظلمات، فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين، أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: من أنت؟ قال: أنا ملك من ملائكة الرحمن، موكل بهذا الجبل، فليس من جبل خلقه الله عز وجل إلا وله عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها (4). 734 / 3 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): إن الصاعقة لا تصيب ذاكرا لله عز وجل (5).


(1) التكوير 81: 1، 2. (2) يونس 10: 5. (3) التوحيد: 280 / 7، بحار الانوار 58: 144 / 3. تفسير العياشي 2: 350 / 82، بحار الانوار 12: 180 / 8. (5) بحار الانوار 91: 147 / 4.

[ 551 ]

735 / 4 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام القيامة وافزعوا إلى مساجدكم (1). 736 / 5 – حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن معبد، عن علي بن سليمان النوفلي، عن فطر ابن خليفة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: لما نزلت هذه الآية (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) (2) صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه. فقالوا: يا سيدنا، لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين، فقال: أنا لها بكذا وكذا. قال: لست لها. فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها. فقال الوسواس الخناس: أنا لها. قال: بماذا؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكله بها إلى يوم القيامة (3). 737 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: أخبرني محمد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: إن يهوديا كان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي، ما عندي ما أعطيك. قال: فإني لا افارقك – يا محمد – حتى تقضيني. فقال (صلى الله عليه وآله): إذن أجلس معك. فجلس (صلى الله عليه وآله) معه حتى


(1) بحار الانوار 91: 147 / 4. (2) آل عمران 3: 135. (3) بحار الانوار 63: 197 / 6.

[ 552 ]

صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة. وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك! فقال (صلى الله عليه وآله): لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره. فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وشطر ما لي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لانظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب، ولا متزين (1) بالفحش ولا قول الخنا (2)، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال (3). 738 / 7 – ثم قال علي (عليه السلام): كان فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) عباءة، وكانت مرفقته أدم، حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش الليلة الصلاة، فأمر (صلى الله عليه وآله) أن يجعل بطاق واحد (4). 739 / 8 – وبهذا الاسناد، قال: قال علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخل على ابنته فاطمة (عليها السلام)، وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها ورمت بها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني، يا فاطمة. ثم جاء سائل فناولته القلادة، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اشتد غضب الله وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي (5).


(1) في نسخة: مترين، قال المجلسي رحمه الله: قوله (عليه السلام): ولا متزين، في بعض النسخ بالزاي المعجمة، أي لم يجعل الفحش زينة كما يتخذه اللئام، وفي بعضها بالراء أي لا يدنس نفسه بذلك. (2) الخنا: الفحش في المنطق. (3) بحار الانوار 16: 216 / 5. (4) بحار الانوار 16: 217 / 5. (5) كشف الغمة: 1: 471، بحار الانوار 43: 22 / 15.

[ 553 ]

740 / 9 – وبهذا الاسناد، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث سرية، فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر، قيل: يا رسول الله، وما الجهاد الاكبر؟ قال: جهاد النفس (1) ثم قال (صلى الله عليه وآله): أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه (2). 741 / 10 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: عاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلمان الفارسي (رحمة الله عليه) في علته، فقال: يا سلمان، إن لك في علتك ثلاث خصال: أنت من الله عز وجل بذكر، ودعاؤك فيه مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته، متعك الله بالعافية إلى انقضاء أجلك (3). 742 / 11 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا عمر ابن سهل بن إسماعيل الدينوري، قال: حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل مكة في بعض حوائجة، فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت البيت بيتك، والضيف ضيفك، ولكل ضيف من ضيفه قرى (4)، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لاصحابه: أما تسمعون كلام الاعرابي؟ قالوا. نعم فقال: الله أكرم من أن يرد ضيفه. قال: فلما كان الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول يا عزيزا في عزك، فلا أعز منك في عزك، أعزني بعز عزك، في عز لا يعلم أحد كيف هو، أتوجه إليك، وأتوسل إليك، بحق محمد وآل محمد عليك، أعطني ما لا يعطيني أحد


(1) الاختصاص: 240. (2) معاني الاخبار: 160 / 1، بحار الانوار 70: 65 / 7. (3) بحار الانوار 81: 185 / 37. (4) القرى: ما يقدم إلى الضيف.

[ 554 ]

غيرك، واصرف عني ما لا يصرفه أحد غيرك. قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لاصحابه: هذا والله الاسم الاكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سأله الجنة فأعطاه، وسأله صرف النار وقد صرفها عنه. قال: فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، بلا كيفية كان ارزق الاعرابي أربعة آلاف درهم، قال: فتقدم إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أعرابي، سألت ربك القرى فقراك، وسألته الجنة فأعطاك، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك، وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم! قال الاعرابي: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال الاعرابي: أنت والله بغيتي، وبك أنزلت حاجتي. قال: سل يا أعرابي. قال أريد ألف درهم للصداق، وألف درهم أقضى به ديني، وألف درهم أشتري به دارا، وألف درهم أتعيش منه. قال: أنصفت يا أعرابي، فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله). فأقام الاعرابي بمكة اسبوعا، وخرج في طلب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ونادى: من يدلني على دار أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؟ فقال الحسين بن علي (عليهما السلام) من بين الصبيان: أنا أدلك على دار أمير المؤمنين، وأنا ابنه الحسين بن علي. فقال الاعرابي: من أبوك؟ قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: من أمك؟ قال: فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. قال: من جدك؟ قال: رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال: من جدتك؟ قال: خديجة بنت خويلد. قال: من أخوك؟ قال: أبو محمد الحسن بن علي. قال: قد أخذت الدنيا بطرفيها، امش إلى أمير المؤمنين، وقل له إن الاعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب. قال: فدخل الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: يا أبه، أعرابي بالباب، يزعم أنه صاحب الضمان بمكة. قال: فقال: يا فاصمة، عندك شئ يأكله الاعرابي؟ قالت: اللهم لا. قال: فتلبس أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرج، وقال: ادعوا لي أبا عبد الله سلمان


[ 555 ]

الفارسي. قال: فدخل إليه سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، فقال: يا أبا عبد الله، أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي على التجار. قال: فدخل سلمان إلى السوق، وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم، وأحضر المال، وأحضر الاعرابي، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقة. ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا، ومضى رجل من الانصار إلى فاطمة (عليها السلام)، فأخبرها بذلك، فقالت: آجرك الله في ممشاك. فجلس علي (عليه السلام) والدراهم مصبوبة بين يديه، حتى اجتمع إليه أصحابه، فقبض قبضة قبضة، وجعل يعطي رجلا رجلا، حتى لم يبق معه درهم واحد. فلما أتى المنزل قالت له فاطمة (عليهما السلام): يا بن عم، بعت الحائط الذي غرسه لك والدي؟ قال: نعم، بخير منه عاجلا وآجلا. قالت: فأين الثمن؟ قال: دفعته إلى أعين استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني. قالت فاطمة: أنا جائعة، وابناي جائعان، ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع، لم يكن لنا منه درهم! وأخذت بطرف ثوب علي (عليه السلام)، فقال علي: يا فاطمة، خليني. فقالت: لا والله، أو يحكم بيني وبينك أبي. فهبط جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول: اقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على يديه ولا تلمزي بثوبه. فلما أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزل علي (عليه السلام) وجد فاطمة ملازمة لعلي (عليه السلام)، فقال لها: يا بنية، ما لك ملازمة لعلي؟ قالت: يا أبه، باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم ولم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما. فقال: يا بنية، إن جبرئيل يقرئني من ربي السلام، ويقول: أقرئ عليا من ربه السلام، وأمرني أن أقول لك: ليس لك أن تضربي على يديه. قالت فاطمة (عليها السلام): فإني استغفر الله، ولا أعود أبدا. قالت فاطمة (عليها السلام): فخرج أبي (عليه السلام) في ناحية وزوجي علي في ناحية، فما لبث أن أتى أبي (صلى الله عليه وآله) ومعه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: يا فاطمة، أين


[ 556 ]

ابن عمي؟ فقلت له: خرج. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هاك هذه الدراهم، فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما. فما لبث إلا يسيرا حتى جاء علي (عليه السلام)، فقال: رجع ابن عمي، فإني أجد رائحة طيبة؟ قالت نعم، وقد دفع إلى شيئا تبتاع لنا به طعاما. قال علي (عليه السلام): هاتيه. فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا، وهذا من رزق الله عز وجل. ثم قال: يا حسن، قم معي، فأتيا السوق، فإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الملي الوفي؟ قال: يا بني، تعطيه (1)؟ قال: إي والله يا أبه. فأعطاه علي (عليه السلام) الدراهم، فقال الحسن. يا أبتاه، أعطيه الدراهم كلها؟ قال: نعم يا بني، إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير. قال: فمضى علي (عليه السلام) باب رجل يستقرض منه شيئا، فلقيه أعرابي ومعه ناقة، فقال: يا علي، اشتر مني هذه الناقة. قال: ليس معي ثمنها. قال: فإني أنظرك به إلى القبض. قال: بكم، يا أعرابي؟ قال: بمائة درهم. قال علي (عليه السلام) خذها يا حسن، فأخذها. فمضى علي (عليه السلام)، فلقيه أعرابي آخر، المثال واحد والثياب مختلفة، فقال: يا علي، تبيع الناقة؟ قال علي (عليه السلام): وما تصنع بها؟ قال: أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك. قال: إن قبلتها فهي لك بلا ثمن. قال: معي ثمنها، وبالثمن أشتريها، فبكم أشتريتها؟ قال: بمائة درهم. قال الاعرابي: فلك سبعون ومائة درهم. قال علي (عليه السلام): خذ السبعين والمائة وسلم الناقة، المائة للاعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نبتاع بها شيئا. فأخذ الحسن (عليه السلام) الدراهم، وسلم الناقة. قال علي (عليه السلام): فمضيت أطلب الاعرابي الذي ابتعت منه الناقة لاعطيه ثمنها، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق، فلما نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلي تبسم ضاحكا حتى بدت


(1) في نسخة: نعطيه.

[ 557 ]

نواجذه، قال علي (عليه السلام): أضحك الله سنك وبشرك بيومك (1). فقال: يا أبا الحسن، إنك تطلب الاعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن؟ فقلت: إي والله، فداك أبي وأمي. فقال: يا أبا الحسن، الذي باعك الناقة جبرئيل، والذي اشتراها منك ميكائيل، والناقة من نوق الجنة، والدرهم من عند رب العالمين عز وجل، فأنفقها في خير، ولا تخف إقتارا (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) قال المجلسي (رحمه الله): قوله: وبشرك بيومك، أي يوم الشفاعة التي وعدها الله تعالى له. (2) بحار الانوار 4: 44 / 1.

[ 558 ]

[ 72 ] المجلس الثاني والسبعون مجلس يوم الثلاثاء الخامس من جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 743 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدثنا وهيب ابن نافع، قال: حدثني كادح، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، في قوله عز وجل: (سلام على إل ياسين) (1)، قال: يا سين محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن آل ياسين (2). 744 / 2 – حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثني الحسين بن معاذ، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، في قوله عز وجل: (سلام على إل ياسين) (3)، قال:


(1) الصافات 37: 130. (2) معاني الاخبار: 122 / 2، تأويل الآيات 2: 499 / 14، بحار الانوار 16: 87 / 11، و 23: 168 / 7. (3) الصافات 37: 130.

[ 559 ]

يا سين محمد (صلى الله عليه وآله) (1). 745 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله): قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، قال: أخبرني محمد بن أبي عمر النهدي، قال: حدثني أبي، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: (سلام على إل ياسين) (2)، قال: على آل محمد (صلى الله عليه وآله) (3). 746 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عمار بن أبي معاوية الدهني، عن عمرة بنت أفعى، قالت: سمعت أم سلمة (رضي الله عنها)، تقول: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (4)، قالت: وفي البيت سبعة: رسول الله، وجبرئيل وميكائيل، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (صلوات الله عليهم)، قالت: وأنا على الباب، فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟ قال: إنك من أزواج النبي، وما قال: إنك من أهل البيت (5). 747 / 5 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل ابن أبان الازدي، قال: حدثنا عبد الله بن خراش الشيباني، عن العوام بن حوشب، عن التيمي، قال: دخلت على عائشة فحدثتنا أنها رأت رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (6).


(1) معاني الاخبار: 122 / 3، بحار الانوار 23: 169 / 8. (2) الصافات 37: 130. (3) معاني الاخبار: 122 / 4، بحار الانوار 23: 169 / 9. (4) الاحزاب 33: 33. (5) الخصال: 403 / 113، بحار الانوار 35: 209 / 9. (6) بحار الانوار 35: 210 /.

[ 560 ]

748 / 6 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلي بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن عليا وصيي وخليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن ناواهم فقد ناواني، ومن جفاهم فقد جفاني، ومن برهم فقد برني، وصل الله من وصلهم، وقطع من قطعهم، ونصر من نصرهم، وأعان من أعانهم، وخذل من خذلهم، اللهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت، فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (1). 749 / 7 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يجمع الله له الخير كله فليوال عليا بعدي، وليوال أولياءه، وليعاد أعداءه (2). 750 / 8 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا العباس بن الفضل، قال حدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة العبسي، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي سليمان زيد بن وهب، عن عبد الله ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولايتي وولاية أهل بيتي أمان من النار (3). 751 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن عباد بن يعقوب، عن منصور بن أبي نويرة، عن أبي


(1) بحار الانوار 35: 210 / 11. (2) بحار الانوار 27: 55 / 9. (3) بحار الانوار 27: 88 / 35.

[ 561 ]

بكر بن عياش، عن أبي قدامة الفداني، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من من الله عليه بمعرفة أهل بيتي وولايتهم، فقد جمع الله له الخير كله (1). 752 / 10 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من أقام فرائض الله، واجتنب محارم الله، وأحسن الولاية لاهل بيت نبي الله، وتبرأ من أعداء الله عز وجل، فليدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء (2). 753 / 11 – حدثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن الحيري بالكوفة، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، عن عمرو بن جميع، عن [ عمرو بن ] (3) أبي المقدام، قال: قال الصادق (عليه السلام) جعفر بن محمد (عليهما السلام): نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا (فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان) يعني في قبره (وجنت نعيم) (4) يعني في الآخرة (وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم) يعني في قبره (وتصلية جحيم) (5) يعني في الآخرة (6). 754 / 12 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن الكوفي وأبو يوسف يعقوب بن يزيد الانباري الكاتب، عن أبي محمد عبد الله بن محمد الغفاري، عن الحسين بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن


(1) بحار الانوار 27: 88 / 36. (2) بحار الانوار 27: 88 / 37. (3) أثبتناه من كمال الدين: 236 / 53. (4) الواقعة 56: 88، 89. (5) الواقعة 56: 92 – 94. (6) بحار الانوار 68: 9 / 6.

[ 562 ]

آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم. قيل: وما أول النعم؟ قال: طيب الولادة، ولا يحبنا إلا من طابت ولادته (1). 755 / 13 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي محمد الانصاري، عن غير واحد، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: من أصبح يجد برد حبنا على قلبه، فليحمد الله على بادئ النعم. قيل: وما بادئ النعم؟ فقال: طيب المولد (2). 756 / 14 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبيد الله بن صالح، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، من أحبني وأحبك وأحب الائمة من ولدك فليحمد الله على طيب مولده، فإنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلا من خبثت ولادته (3). 757 / 15 – حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرني إسماعيل بن إبراهيم الحلواني، قال: حدثنا أحمد بن منصور بزرج، قال: حدثنا هدية بن عبد الوهاب، قال: حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن زياد اليمامي، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: رسول الله، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين، وعلي، وفاطمة، والحسن،


(1) المحاسن: 138 / 24، معاني الاخبار: 160 / 1، علل الشرائع: 141 / 1، بحار الانوار 27: 145 / 3. (2) معاني الاخبار: 161 / 2، علل الشرائع: 141 / 2، بحار الانوار 27: 146 / 4. (3) معاني الاخبار: 161 / 3، علل الشرائع: 141 / 3، بحار الانوار 27: 146 / 5.

[ 563 ]

والحسين، والمهدي (1). 758 / 16 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف الاشعري، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول: أنا سيد ولد آدم، وأنت يا علي والائمة من بعدك سادة أمتي، من أحبنا فقد أحب الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله، ومن والانا فقد والى الله، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله (2). 759 / 17 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن منصور الصيقل، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي في علي ثلاث كلمات، فقال: يا محمد. فقلت: لبيك ربي. فقال: إن عليا إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين (3). 760 / 18 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الاهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الانصاري، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله، عن خالد بن عيسى الانصاري، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصديقون ثلاثة: حبيب النجار، مؤمن آل ياسين، الذي يقول: (اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون) (4)، وحزقيل مؤمن


(1) غيبة الطوسي: 183 / 142، بحار الانوار 51: 65 / 1. (2) بحار الانوار 27: 88 / 38. (3) بحار الانوار 18: 340 / 45. (4) يس 36: 20 – 21.

[ 564 ]

آل فرعون، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم (1). 761 / 19 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني محمد ابن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد الله عن عبد الرحمن بن الاسود، عن عبد الرحمن بن مسعود، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحب أهل بيتي إلي وأفضل من أترك بعدي علي بن أبي طالب (2). 762 / 20 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن عمرو بن حريث الاشجعي، عن برذعة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان (رحمة الله عليه)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الموت، فقال: علي بن أبي طالب أفضل من تركت بعدي (3). 763 / 21 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي هاشم، قال: حدثنا يحيى بن الحسين، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يا معشر المهاجرين والانصار، ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: هذا علي أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي إمامكم، فأحبوه لحبي، وأكرموه لكرامتي، فإن جبرئيل أمرني أن أقوله لكم (4). 764 / 22 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن علوية، عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا المسعودي، قال: حدثنا علي بن القاسم الكندي، عن سعد بن طالب، عن عثمان بن القاسم الانصاري، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أدلكم على ما إن استدللتم به لن تهلكوا


(1) تفسير فرات: 354 / 480 و 481، بحار الانوار 38: 212 / 14. (2) بحار الانوار 38: 16 / 27. (3) بحار الانوار 38: 16 / 26. (4) بحار الانوار 38: 103 / 27.

[ 565 ]

ولن تضلوا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: إن إمامكم ووليكم علي بن أبي طالب، فوازروه وناصحوه وصدقوه، فإن جبرئيل أمرني بذلك (1). 765 / 23 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي بمدينة السلام، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا أبو عبد الله والحسين بن علي السكوني (2)، قالا: حدثنا محمد بن الحسن السكوني (3)، قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود، عن أبي المطهر المذاري (4)، عن سلام الجعفي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، عن أبي برزة، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إن الله عز وجل عهد إلي في علي عهدا. قلت: يا رب بينه لي. قال: اسمع. قلت: قد سمعت، قال: إن عليا راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، ومن أطاعه أطاعني (5). 766 / 24 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي مالك الحضرمي، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) – في حديث طويل – يقول فيه: إن الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه (صلى الله عليه وآله)، قال له: يا محمد، إنه قد انقضت نبوتك، وانقطع أكلك، فمن لامتك من بعدك؟ فقلت: يا رب، إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي بن أبي طالب. فقال عز وجل: ولي يا محمد، فمن لامتك؟ فقلت: يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أشد حبا لي من علي بن أبي طالب. فقال عز وجل: ولي يا محمد، فأبلغه أنه راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور لمن أطاعني (6).


(1) بحار الانوار 38: 104 / 28. (2) في المعاني: السلولي. (3) في المعاني: السلولي. (4) في المعاني: أبي المظفر المديني. (5) معاني الاخبار: 125 / 1، بحار االانوار 38: 104 / 29. (6) بحار الانوار 18: 339 / 41.

[ 566 ]

767 / 25 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ بمدينة السلام، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن رفيع الباهلي، قال: حدثنا أبو غسان المسمعي، قال: حدثنا عبد الملك بن الصباح، قال: حدثنا عمران بن جرير، عن الحسن، قال: قال عمر: إني لا أرى في القوم أحدا أحرى أن يحملهم على كتاب الله وسنة نبيه منه، يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1). 768 / 26 – حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن غنم بن حكيم، قال: حدثنا شريح بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبار، عن الاعشى الثقفي، عن أبي الصادق، قال: قال لي علي (عليه السلام): هي لنا أو فينا هذه الآية (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (2). 769 / 27 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا جعفر بن محمد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد، عن عبد الله بن الفضل، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة أسرى بي إلى السماء كلمني ربي جل جلاله فقال: يا محمد. فقلت: لبيك ربي. فقال: إن عليا حجتي بعدك على خلقي، وإمام أهل طاعتي، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، فانصبه علما لامتك يهتدون به بعدك (3). وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا


(1) بحار الانوار 38: 105 / 31. (2) بحار الانوار 24: 168 / 2، والآية من سورة القصص 28: 5. (3) بحار الانوار 18: 340 / 46.

[ 567 ]

[ 73 ] المجلس الثالث والسبعون مجلس يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 770 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) لرجل من أصحابه: ألا أخبرك كيف كان سبب إسلام سلمان وأبي ذر (رحمة الله عليهما)؟ فقال الرجل وأخطأ: أما إسلام سلمان فقد علمت، فأخبرني كيف كان سبب إسلام أبي ذر. فقال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إن أبا ذر (رحمة الله عليه) كان في بطن مر (1) يرعى غنما له، إذ جاء ذئب عن يمين غنمه، فهش أبو ذر بعصاه عليه، فجاء الذئب عن يسار غنمه، فهش أبو ذر بعصاه عليه، ثم قال له: والله ما رأيت ذئبا أخبث منك ولا شرا. فقال الذئب: شر – والله – مني أهل مكة، بعث الله إليهم نبيا فكذبوه وشتموه.


(1) بطن مر: موضع إلى مرحلة من مكة.

[ 568 ]

فوقع كلام الذئب في أذن أبي ذر، فقال لاخته: هلمي مزودي وإداوتي (1) وعصاي، ثم خرج يركض حتى دخل مكة، فإذا هو بحلقة مجتمعين، فجلس إليهم، فإذا هم يشتمون النبي (صلى الله عليه وآله) يسبونه كما قال الذئب، فقال أبو ذر: هذا والله ما أخبرني به الذئب، فما زالت هذه حالتهم، حتى إذا كان آخر النهار وأقبل أبو طالب، قال بعضهم لبعض: كفوا فقد جاء عمه، فلما دنا منهم أكرموه وعظموه، فلم يزل أبو طالب متكلمهم وخطيبهم إلى أن تفرقوا. فلما قام أبو طالب تبعته، فالتفت إلي، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ فقال له أبو ذر: أؤمن به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. فقال أبو طالب: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ قال: فقلت: نعم، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قال: فقال: إذا كان غدا في هذه الساعة فائتني. قال: فلما كان من الغد جاء أبو ذر، فإذا الحلقة مجتمعون، وإذا هم يسبون النبي (صلى الله عليه وآله) ويشتمونه كما قال الذئب، فجلس معهم حتى أقبل أبو طالب، فقال بعضهم لبعض: كفوا فقد جاء عمه، فكفوا، فجاء أبو طالب فجلس، فما زال متكلمهم وخطيبهم إلى أن قام. فلما قام تبعه أبو ذر، فالتفت إليه أبو طالب فقال: ما حاجتك؟ فقال: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ قال: فقال له: أؤمن به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. فقال أبو طالب: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ فقال: نعم، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قال: فرفعني إلى بيت فيه جعفر بن أبي طالب. قال: فلما دخلت سلمت، فرد علي السلام، ثم قال: ما حاجتك؟ قال: فقلت: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ قلت: أؤمن به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. قال: تشهد أن لا إله


(1) المزود: وعاء الزاد، والاداوة: إناء صغير يحمل فيه الماء.

[ 569 ]

إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فرفعني إلى بيت فيه حمزة بن عبد المطلب، فلما دخلت سلمت، فرد علي السلام، ثم قال: ما حاجتك؟ فقلت: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ قلت: أو من به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قال: فرفعني إلى بيت فيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما دخلت سلمت، فرد علي السلام، ثم قال: ما حاجتك؟ قلت: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ قلت: أو من به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قال: فرفعني إلى بيت فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإذا هو نور على (1) نور، فلما دخلت سلمت، فرد علي السلام، ثم قال: ما حاجتك؟ قلت: هذا النبي المبعوث فيكم. قال: وما حاجتك إليه؟ فقلت: أؤمن به وأصدقه، ولا يأمرني بشئ إلا أطعته. قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله؟ قلت: أشهد لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله): أنا رسول الله. يا أبا ذر، انطلق إلى بلادك، فإنك تجد ابن عم لك قد مات، فخذ ماله، وكن بها حتى يظهر أمري. قال أبو ذر: فانطلقت إلى بلادي، فإذا ابن عم لي قد مات، وخلف مالا كثيرا في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاحتويت على ماله، وبقيت ببلادي حتى ظهر أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتيته (2). 771 / 2 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن


(1) في نسخة: في. (2) بحار الانوار 22: 421 / 32.

[ 570 ]

يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار (1). 772 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان الاحمر، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: ما من رجل يشهد شهادة زور على مال رجل مسلم ليقطعه إلا كتب الله عز وجل له مكانه صكا إلى النار (2). 773 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد بادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن أبي جميلة، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم، أو ليزوي مال (3) امرئ مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر، وفي وجهه كدوح (4)، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها حق امرئ مسلم، أتي يوم القيامة ولو جهه نور مد البصر، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): ألا ترى أن الله عز وجل يقول: (وأقيموا الشهادة لله) (5). 774 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي


(1) عقاب الاعمال: 225، بحار الانوار 104: 310 / 6. (2) عقاب الاعمال 225، بحار الانوار 104: 310 / 7. (3) زوى المال: احتازه. (4) الكدوح: جمع كدح، وهو كل أثر من عض أو خدش. (5) عقاب الاعمال: 225، بحار الانوار 104: 311 / 9، والآية من سورة الطلاق 65: 2.

[ 571 ]

الجارود، عن رجل من عبد القيس، عن سلمان (رحمة الله عليه)، أنه مر على المقابر فقال: السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين، يا أهل الديار، هل علمتم أن اليوم جمعة، فلما انصرف إلى منزله ونام وملكته عيناه، أتاه آت فقال: وعليك السلام يا أبا عبد الله، تكلمت فسعمنا، وسلمت فرددنا، وقلت: هل تعلمون أن اليوم جمعة، وقد علمنا ما تقول الطير في يوم الجمعة. قال: وما تقول الطير في يوم الجمعة؟ قال: تقول: قدوس قدوس، ربنا الرحمن الملك، ما يعرف عظمة ربنا من يحلف باسمه كاذبا (1). 775 / 6 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله تبارك وتعالى ليبغض المنفق سلعته بالايمان (2). 776 / 7 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان ابن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من حلف بالله فليصدق، ومن لم يصدق فليس من الله في شئ، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله في شئ (3). 777 / 8 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زراة بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: دخل رجل مسجدا فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخفف سجوده دون ما ينبغي ودون ما يكون من السجود، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نقر كنقر الغراب، لو مات على هذا مات على غير دين محمد (4).


(1) المحاسن: 119 / 129، عقاب الاعمال: 227، بحار الانوار 104: 278 / 2 – 4. (2) بحار الانوار 103: 98 / 31. (3) المحاسن: 120 / 13 3، نوادر ابن عيسى: 51 / 93، بحار الانوار 104: 279 / 5 – 7. (4) المحاسن: 79 / 5، عقاب الاعمال: 229، بحار الانوار 84: 234 / 8، 9.

[ 572 ]

778 / 9 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي القرشي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال الشيطان هائبا لابن آدم ذعرا منه ما صلى الصلوات الخمس لوقتهن (1)، فإذا ضيعهن اجترأ عليه، فأدخله في العظائم (2). 779 / 10 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن الحسن الميثمي (3)، عن أبي بصير، قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد، لو رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة. قالت: فلم نترك أحدا إلا جمعناه. قالت: فنظر إليهم ثم قال: إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة (4). 780 / 11 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حجر بن زائدة، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا، فهو في النار (5). 781 / 12 – حدثنا علي بن عيسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن حسان السلمي، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: نزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام


(1) المحاسن: 82 / 12. (2) عقاب الاعمال: 230، بحار الانوار 83: 11 / 12. (3) في المحاسن: المثنى. (4) المحاسن: 80 / 6، عقاب الاعمال: 228، بحار الانوار 83: 19 / 31. (5) بحار الانوار 81: 48 / 17.

[ 573 ]

ويقول: خلقت السماوات السبع وما فيهن، والارضين السبع ومن عليهن، وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدا دعاني هناك منذ خلقت السماوات والارضين ثم لقيني جاحدا لولاية علي لاكببته في سقر (1). 782 / 13 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: صلاة الجمعة فريضة، والاجتماع إليها فريضة مع الامام، فإن ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق (2). وقال (عليه السلام): من ترك الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة، فلا صلاة له (3). 783 / 14 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن ابراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: اشترط رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جيران المسجد شهود الصلاة، وقال: لينتهين أقوام لا يشهدون الصلوات، أو لآمرن مؤذنا يؤذن ثم ويقيم (4)، ثم آمر رجلا من أهل بيتي – وهو علي – فليحرقن على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لانهم لا يأتون الصلاة (5). 784 / 15 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)


(1) بحار الانوار 27: 167 / 3. (2) المحاسن: 85 / 23. (3) عقاب الاعمال: 232، بحار الانوار 89: 184 / 21. (4) في نسخة: يؤذن ثم يقيم. (5) المحاسن: 84 / 20، عقاب الاعمال: 232، بحار الانوار 88: 8 / 11.

[ 574 ]

الفجر، فلما انصرف أقبل بوجهه على أصحابه، فسأل عن أناس هل حضروا، فقالوا: لا، يا رسول الله. فقال: أغيب هم؟ قالوا: لا. فقال: أما إنه ليس من صلاة أشد على المنافقين من هذه الصلاة والعشاء (1). 785 / 16 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة (2). 786 / 17 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله عز وجل من ولايته إلى ولاية الشيطان (3). 787 / 18 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الاهوازي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إبراهيم بن موسى ابن اخت الواقدي، قال: حدثنا أبو قتادة الحراني، عن عبد الرحمن بن العلاء الحضرمي، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالسا ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأحبب من أحبهم، وأبغض من أبغضهم، ووال من والاهم، وعاد من عاداهم، وأعن من أعانهم، واجعلهم مطهرين من كل رجس، معصومين من كل ذنب، وأيدهم بروح القدس.


(1) المحاسن: 84 / 21، عقاب الاعمال: 232، بحار الانوار 88: 9 / 12. (2) عقاب الاعمال: 238، بحار الانوار 75: 17 / 1. (3) المحاسن: 103 / 79، عقاب الاعمال: 241، بحار الانوار 75: 254 / 36.

[ 575 ]

ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت إمام امتي، وخليفتي عليها بعدي، وأنت قائد المؤمنين إلى الجنة، وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة، فأيما امرأة صلت في اليوم والليلة خمس صلوات، وصامت شهر رمضان، وحجت بيت الله الحرام، وزكت مالها، وأطاعت زوجها، ووالت عليا بعدي، دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، وإنها لسيدة نساء العالمين. فقيل له: يا رسول الله، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذاك لمريم بنت عمران، فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، وإنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) (1). ثم التفت إلى علي (عليه السلام)، فقال: يا علي، إن فاطمة بضعة مني، وهي نور عيني، وثمرة فؤادي، يسوءني ما ساءها، ويسرني ما سرها، وإنها أول من يلحقني من أهل بيتي فأحسن إليها بعدي، وأما الحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي، وهما سيدا شباب أهل الجنة، فليكرما عليك كسمعك وبصرك. ثم رفع (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء، فقال: اللهم إني أشهدك أني محب لمن أحبهم، ومبغض لمن أبغضهم، وسلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، وعدو لمن عاداهم، وولي لمن والاهم (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) آل عمران 3: 42. (2) بحار الانوار 43: 24 / 20.

[ 576 ]

[ 74 ] المجلس الرابع والسبعون مجلس يوم الثلاثاء الثاني عشر من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 788 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الصباح الكناني، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني عن هذا القول: قول من هو؟ أسأل الله الايمان والتقوى، وأعوذ بالله من شر عاقبة الامور، إن أشرف الحديث ذكر الله، ورأس الحكمة طاعته، وأصدق القول وأبلغ الموعظة وأحسن القصص كتاب الله، وأوثق العرى الايمان بالله، وخير الملل ملة إبراهيم، وأحسن السنن سنة أنبياء الله، وأحسن الهدى هدى محمد (صلى الله عليه وآله). وخير الزاد التقوى، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وخير الغنى غنى النفس، وخير ما ألقي في القلب اليقين، وزينة الحديث الصدق، وزينة العلم الاحسان، وأشرف الموت قتل الشهادة، وخير الامور خيرها عاقبة، وما قل وكفى خير مما كثر وإلهى، والشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، وأكيس


[ 577 ]

الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، وشر الرواية الكذب، وشر الامور محدثاتها (1)، وشر العمى عمى القلب، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وأعظم المخطئين عند الله عز وجل لسان كذاب، وشر الكسب كسب الربا، وشر المآكل أكل مال اليتيم ظلما، وأحسن زينة الرجل السكينة مع الايمان. ومن يبتغ السمعة يسمع (2) الله به، ومن يعرف البلاء يصبر عليه، ومن لا يعرفه ينكره، والريب كفر، ومن يستكبر يضعه الله، ومن يطع الشيطان يعص الله، ومن يعص الله يعذبه الله، ومن يشكر الله يزده الله، ومن يصبر على الرزية يغثه الله، ومن يتوكل على الله فحسبه الله. لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه، ولا تتقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من الله عز وجل، فإن الله ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه سوءا إلا بطاعته وابتغاء مرضاته، إن طاعة الله نجاح كل خير يبتغى، ونجاة من كل شر يتقى، وإن الله يعصم من أطاعه ولا يعتصم منه من عصاه، ولا يجد الهارب من الله مهربا، فإن أمر الله نازل بإذلاله ولو كره الخلائق، وكل ما هو آت قريب، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب. قال: فقال لي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3). 789 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مروان بن مسلم، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):


(1) المحدث: ما لم يكن معروفا في كتاب ولا سنة ولا إجماع. (2) سمع بفلان: شهره وفضحه. (3) بحار الانوار 77: 114 / 8.

[ 578 ]

حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه واله)، قال: قال الله جل جلاله: أيما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، وأيما عبد عصاني وكلته إلى نفسه، ثم لم أبال في أي واد هلك (1). 790 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني من سمع أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: ما أحب الله عز وجل من عصاه، ثم تمثل فقال: تعصي الاله وأنت تظهر حبه * * هذا محال في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لاطعته * * إن المحب لمن يحب مطيع (2) 791 / 4 – وبهذا الاسناد، قال: كان الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول لكل أناس دولة يرقبونها * * ودولتنا في آخر الدهر تظهر (3) 792 / 5 – وبهذا الاسناد قال: كان الصادق (عليه السلام) كثيرا ما يقول: علم المحجة واضح لمريده * * وأرى القلوب عن المحجة في عمى ولقد عجبت لهالك ونجاته * * موجودة، ولقد عجبت لمن نجا (4) 793 / 6 – وبهذا الاسناد، قال: كان الصادق (عليه السلام) يقول: اعمل على مهل فإنك ميت * * واختر لنفسك أيها الانسان فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى * * وكأن ما هو كائن قد كان (5) 794 / 7 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك، قال: حدثني هشام بن محمد، عن أبيه، قال هشام: وأخبرني ببعضه أبو مخنف لوط بن


(1) بحار الانوار 71: 178 / 22. (2) بحار الانوار 70: 15 / 3. (3) بحار الانوار 51: 143 / 3. (4) بحار الانوار 2: 180 / 2. (5) بحار الانوار 71: 172 / 3، و: 265 / 7.

[ 579 ]

يحيى وغير واحد من العلماء، في كلام كان بين الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبين الوليد بن عقبة، فقال له الحسن (عليه السلام): لا ألومك أن تسب عليا (عليه السلام) وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطا، وقتل أباك صبرا بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم بدر، وقد سماه الله عز وجل في غير آية مؤمنا، وسماك فاسقا، وقد قال الشاعر فيك وفي علي (عليه السلام): أنزل الله في الكتاب علينا * * في علي وفي الوليد قرآنا فتبوأ الوليد منزل كفر * * وعلي تبوأ الايمانا ليس من كان مؤمنا يعبد الله * * كمن كان فاسقا خوانا سوف يدعى الوليد بعد قليل * * وعلي إلى الجزاء عيانا فعلي يجزى هناك جنانا * * وهناك الوليد يجزى هوانا (1) 795 / 8 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا عمر بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن الحسين بن عاصم، قال: حدثني عيسى ابن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: حدثني سلمان الخير (رضي الله عنه)، فقال: يا أبا الحسن، قلما أقبلت أنت وأنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا قال: يا سلمان، هذا وحزبه هم المفلحون يوم القيامة (2). 796 / 9 – وبهذا الاسناد، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني عطية بن إسماعيل بن إبراهيم الانصاري، قال: حدثنا أبو عمارة محمد بن أحمد الخشاب، قال: حدثنا العباس بن يزيد النجراني وإسحاق بن إبراهيم الوراق، قالا: حدثنا ضرار ابن صرد، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن، عن أنس بن مالك،


(1) بحار الانوار 44: 91 / 6. (2) بحار الانوار 40: 7 / 16.

[ 580 ]

قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): علي يبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي (1). 797 / 10 – وبهذا الاسناد، عن بكر بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله وعبد الله بن الصلت الجحدري، قالا: حدثنا ابن عائشة، عن عبد الله بن عبد الرحمن الهمداني، عن أبيه، قال: لما دفن علي بن أبي طالب فاطمة (عليهما السلام)، قام على شفير القبر، وذلك في جوف الليل، لانه كان دفنها ليلا، ثم أنشأ يقول: لكل اجتماع من خليلين فرقة * * وكل الذي دون الممات قليل وإن افتقادي واحدا بعد واحد * * دليل على أن لا يدوم خليل سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي * * ويحدث بعدي للخيل خليل (2) 798 / 11 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عيسى الفراء، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): من كان ظاهره أرجح من باطنه، خف ميزانه (3). 799 / 12 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن مالك بن مسمع بن مالك، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال: يا سماعة، لا ينفك المؤمن من خصال أربع: من جار يؤذيه، وشيطان يغويه، ومنافق يقفو أثره، ومؤمن يحسده. قلت: جعلت فداك، مؤمن يحسده؟ قال: يا سماعة، أما إنه أشدهم عليه. قلت: وكيف ذاك؟ قال: لانه يقول فيه القول فيصدق عليه (4). 800 / 13 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 40: 184 / 65. (2) بحار الانوار 43: 207 / 35. (3) بحار الانوار: 71: 365 / 9. (4) الخصال: 229 / 70، بحار الانوار 68: 224 / 19.

[ 581 ]

علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الاهوازي، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي، قال: حدثنا همام، قال حدثنا علي بن جميل الرقي، قال: حدثنا ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس، قال: كنا جلوسا في محفل (1) من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) فينا، فرأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أشار بطرفه إلى السماء، فنظرنا فرأينا سحابة قد أقبلت فقال لها: أقبلي، فأقبلت، ثم قال لها: أقبلي، فأقبلت، ثم قال لها: أقبلي، فأقبلت، فرأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قام قائما على قدميه، فأدخل يديه في السحاب حتى استبان لنا بياض إبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاستخرج من ذلك السحاب جامة (2) بيضاء مملوءة رطبا، فأكل النبي (صلى الله عليه وآله)، من الجام، وسبح الجام في كف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فناوله علي بن أبي طالب، فأكل علي (عليه السلام) من الجام، فسبح الجام في كف علي (عليه السلام). فقال رجل: يا رسول الله، أكلت من الجام، وناولته علي بن أبي طالب! فأنطق الله عز وجل الجام، وهو يقول: لا إله إلا الله، خالق الظلمات والنور، اعلموا معاشر الناس أني هدية الصادق إلى نبيه الناطق، ولا يأكل مني إلا نبي أو وصي نبي (3). 801 / 14 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن زكريا بن محمد المؤمن، عن المشمعل الاسدي، قال: خرجت ذات سنة حاجا، فانصرفت إلى أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: من أين بك يا مشمعل؟ فقلت: جعلت فداك، كنت حاجا.


(1) المحفل: المجلس، ومكان الاجتماع. (2) الجام: إناء للطعام أو الشراب. (3) بحار الانوار 39: 123 / 7.

[ 582 ]

فقال: أو تدري ما للحاج من الثواب؟ فقلت: ما أدري حتى تعلمني. فقال: إن العبد إذا طاف بهذا البيت أسبوعا، وصلى ركعتيه، وسعى بين الصفا والمروة، كتب الله له ستة آلاف حسنة، وحط عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة، وقضى له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا، وادخر له للآخرة كذا. فقلت له: جعلت فداك، إن هذا لكثير! قال: أفلا أخبرك بما هو أكثر من ذلك؟ قال قلت: بلى. فقال (عليه السلام): لقضاء حاجة أمرئ مؤمن أفضل من حجة وحجة وحجة، حتى عد عشر حجج (1). 802 / 15 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: المؤمن خلط علمه بالحلم، يجلس ليعلم، وينصت ليسلم، وينطق ليفهم، لا يحدث أمانته الاصدقاء، ولا يكتم شهادته الاعداء، ولا يفعل شيئا من الحق رياء، ولا يتركه حياء، إن زكي خاف ما يقولون، ويستغفر الله مما لا يعلمون، لا يغره قول من جهله، ويخشى إحصاء من قد علمه. والمنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، إذا قام في الصلاة اعترض، وإذا ركع ربض، وإذا سجد نقر، وإذا جلس شغر (2)، يمسي وهمه الطعام وهو مفطر، ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، إن حدثك كذبك، وإن وعدك أخلفك، وإن ائتمنته خانك، وإن خالفته اغتابك (3). 803 / 16 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه


(1) بحار الانوار 74: 284 / 4. (2) يقال: شغر الكلب، إذا رفع رجليه. (3) بحار الانوار 67: 291 / 14.

[ 583 ]

محمد بن خالد، قال: حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو راكب، وخرج علي (عليه السلام) وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن، إما أن تركب، وإما أن تنصرف، فإن الله عز وجل أمرني أن تركب إذا ركبت، وتمشي إذا مشيت، وتجلس إذا جلست، إلا أن يكون حد من حدود الله لا بد لك من القيام والقعود فيه، وما أكرمني الله بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها، وخصني بالنبوة والرسالة، وجعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده وفي صعب أموره، والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك، ولا أقر بي من جحدك، ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك لمن فضلي، وإن فضلي لك لفضل الله، وهو قول ربي عز وجل: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (1) ففضل الله نبوة نبيكم، ورحمته ولاية علي بن أبي طالب، (فبذلك) قال: بالنبوة والولاية (فليفرحوا) يعني الشيعة (وهو خير مما يجمعون) يعني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار الدنيا. والله – يا علي – ما خلقت إلا ليعبد (2) ربك، ولتعرف بك معالم الدين، ويصلح بك دراس السبيل، ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدي إلى الله عز وجل من لم يهتد إليك وإلى ولايتك، وهو قول ربي عز وجل: (وإنى لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدي) (3) يعني إلى ولايتك. ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن افترض من حقك ما افترضه من حقي، وإن حقك لمفروض على من آمن بي، ولولاك لم يعرف حزب الله، وبك يعرف عدو الله،


(1) يونس 10: 58. (2) في نسخة: لتعبد. (3) طه 20: 82.

[ 584 ]

ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشئ، ولقد أنزل الله عز وجل إلي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) يعني في ولايتك يا علي (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (1) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك فقد حبط عمله، وعد ينجز لي، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى، وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله المعصومين


(1) المائدة 5: 67. (2) بحار الانوار 38: 105 / 33.

[ 585 ]

[ 75 ] المجلس الخامس والسبعون مجلس يوم الجمعة النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 804 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: مر عيسى بن مريم (عليه السلام) على قوم يبكون، فقال: على ما يبكي هؤلاء؟ فقيل: يبكون على ذنوبهم. قال: فليدعوها يغفر لهم (1). 805 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي الخزاز، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: قال عيسى بن مريم (عليه السلام) للحواريين: يا بني إسرائيل، لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم، إذا سلم دينكم، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم (2). 806 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن


(1) ثواب الاعمال: 134، بحار الانوار 6: 20 / 7. (2) بحار الانوار 72: 327 / 8.

[ 586 ]

الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي الناس: قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم (1). 807 / 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن خلف (2) بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: سئل جابر بن عبد الله الانصاري عن علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: ذاك خير خلق الله من الاولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين، إن الله عز وجل لم يخلق خلقا بعد النبيين والمرسلين أكرم عليه من علي بن أبي طالب (عليه السلام) والائمة من ولده بعده. قلت: فما تقول فيمن يبغضه وينتقصه؟ فقال: لا يبغضه إلا كافر، ولا ينتقصه إلا منافق. قلت: فما تقول فيمن يتولاه ويتولى الائمة من ولده بعده؟ فقال: إن شيعة علي والائمة من ولده هم الفائزون الآمنون يوم القيامة. ثم قال: ما ترون لو أن رجلا خرج يدعو الناس إلى ضلالة، من كان أقرب الناس منه؟ قالوا: شيعته وأنصاره. قال: فلو أن رجلا خرج يدعو الناس إلى هدى من كان أقرب الناس منه؟ قال: شيعته وأنصاره. قال: فكذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بيده لواء الحمد يوم القيامة، أقرب الناس منه شيعته وأنصاره (3). 808 / 5 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي،


(1) ثواب الاعمال: 35، بحار الانوار 82: 209 / 21. (2) في النسخ: خالد، تصحيف صوابه ما أثبتناه، انظر الجامع في الرجال: 727، معجم رجال الحديث 7: 63. (3) بحار الانوار 22: 92 / 43.

[ 587 ]

عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن زيد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من دخل موضعا من مواضع التهمة فاتهم فلا يلومن إلا نفسه (1). 809 / 6 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم ابن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كان علي (عليه السلام) كل بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان، وكانت تسمى السبيبة (2)، فيقف على سوق سوق فينادي: يا معشر التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن الكذب واليمين، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلمومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الارض مفسدين. يطوف في جميع أسواق الكوفة، فيقول هذا، ثم يقول: تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها * * من الحرام ويبقى الاثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها * * لا خير في لذة من بعدها النار (3) 810 / 7 – وبهذا الاسناد، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة إذا صلى العشاء الآخرة ينادي الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد: أيها الناس، تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم بالرحيل، فما التعرج (4) على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل! تجهزوا رحمكم الله وانتقلوا بأفضل ما


(1) بحار الانوار 75: 91 / 5. (2) في نسخة: السبية، وفي أخرى: السبتية، وفي نسخة العلامة المجلسي من الكافي: السبيتة، قال رحمه الله: ولعل تسميتها السبيتة لكونها متخذة من السبت، وهو – بالكسر – جلد البقر المدبوغ بالقرظ يتخذ منه النعال. مرآة العقول 19: 133. (3) الكافي 5: 151 / 3 ” نحوه “، أمالي المفيد 197 / 31، ” نحوه ” بحار الانوار 41: 104 / 5. (4) التعرج: حبس المطية، والاقامة الطويلة والغفلة عن السير والسفر، والتعرج على الدنيا: الركون إليها.

[ 588 ]

بحضرتكم من الزاد، وهو التقوى، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد، وممركم على الصراط، والهول الاعظم أمامكم، وعلى طريقكم عقبة كؤود (1) ومنازل مهولة مخوفة، لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها، فإما برحمة من الله فنجاة من هولها، وعظم خطرها، وفظاعة منظرها، وشدة مختبرها، وإما بهلكة ليس بعدها انجبار (2). 811 / 8 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عمر، عن موسى بن إبراهيم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قالت أم سلمة (رضي الله عنها) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأبي أنت وأمي، المرأة يكون لها زوجان فيموتون ويدخلون الجنة، لايهما تكون؟ فقال (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة، تخير أحسنهما خلقا وخيرهما لاهله. يا أم سلمة، إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة (3). 812 / 9 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قال بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) للنبي: يا رسول الله، ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا؟ فقال: لانهم منكم، ولستم منهم (4). 813 / 10 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز بن العبدي (5)، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): يا


(1) أي شديدة. (2) بحار الانوار 71: 172 / 4. (3) ثواب الاعمال 181: بحار الانوار 71: 384 / 23. (4) علل الشرائع: 103 / 1، بحار الانوار 82: 72 / 2 و 104: 93 / 30. (5) في النسخ: عبد العزيز بن المهتدي، والصحيح ما أثبتناه انظر معجم رجال الحديث 10 / 44.

[ 589 ]

عبد الله، إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها، ثم اصرف ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك وعن شمالك لاحسنت صلاتك، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه (1). 814 / 11 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن جعفر بن محمد الهاشمي، عن أبي جعفر العطار شيخ من أهل المدينة، قال سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، كثرت ذنوبي وضعف عملي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر السجود فإنه يحط الذنوب كما تحط الريح ورق الشجر (2). 815 / 12 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد بن محمد (عليه السلام): إن المؤمن ليهول عليه في منامه فتغفر له ذنوبه، وإنه ليمتهن في بدنه فتغفر له ذنوبه (3). 816 / 13 – حدثنا علي بن عيسى (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان المجاور، عن أحمد بن نصر الطحان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أن عيسى روح الله مر بقوم مجلبين (4) فقال: ما لهؤلاء؟ قيل: يا روح الله، إن فلانة بنت فلان تهدى إلى فلان بن فلان في ليلتها هذه. قال: يجلبون اليوم ويبكون غدا. فقال قائل منهم: ولم يا رسول الله؟ قال: لان صاحبتهم ميتة في ليلتها


(1) ثواب الاعمال: 35، فلاح السائل: 157، مشكاة الانوار 73، بحار الانوار 84: 233 / 6، تقدم في المجلس (44) الحديث (12). (2) بحار الانوار 85: 162 / 6. (3) بحار الانوار 81: 177 / 16. (4) الجلبة: الصياح والصخب.

[ 590 ]

هذه. فقال القائلون بمقالته: صدق الله وصدق رسوله. وقال أهل النفاق، ما أقرب غدا! فلما أصبحوا جاءوا فوجدوها على حالها لم يحدث بها شئ، فقالوا: يا روح الله، إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت! فقال عيسى (عليه السلام): يفعل الله ما يشاء، فاذهبوا بنا إليها. فذهبوا يتسابقون حتى قرعوا الباب فخرج زوجها، فقال له عيسى (عليه السلام): استأذن لي على صاحبتك. قال: فدخل عليها فأخبرها أن روح الله وكلمته بالباب مع عدة. قال: فتخدرت، فدخل عليها، فقال لها: ما صنعت ليلتك هذه؟ قالت: لم أصنع شيئا إلا وقد كنت أصنعه فيما مضى، إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها، وإنه جاءني في ليلتي هذه وأنا مشغولة بأمري وأهلي في مشاغيل، فهتف فلم يجبه أحد، ثم هتف فلم يجب حتى هتف مرارا، فلما سمعت مقالته قمت متنكرة حتى أنلته كما كنا ننيله، فقال لها: تنحي عن مجلسك، فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة عاض على ذنبه. فقال (عليه السلام): بما صنعت صرف الله عنك هذا (1). 817 / 14 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن محمد بن المنكدر، قال: مرض عون بن عبد الله بن مسعود فأتيته أعوده، فقال: أفلا أحدثك بحديث عن عبد الله بن مسعود؟ قلت: بلى. قال: قال عبد الله: بينا نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ تبسم، فقلت: ما لك يا رسول الله تبسمت؟ قال: عجبت من المؤمن وجزعه من السقم، ولو يعلم ما له في السقم من الثواب لاحب أن لا يزال سقيما حتى يلقى ربه عز وجل (2). 818 / 15 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشار، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن موسى بن


(1) بحار الانوار 14: 244 / 22. (2) بحار الانوار 81: 206 / 12.

[ 591 ]

جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنس مسجدا يوم الخميس ليلة الجمعة، فأخرج منه من التراب ما يذر في العين، غفر له (1). 819 / 16 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان القرآن حديثه والمسجد بيته، بنى الله له بيتا في الجنة (2). 820 / 17 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من سمع النداء في المسجد فخرج منه من غير علة فهو منافق، إلا أن يريد الرجوع إليه (3). 821 / 18 – أخبرني سليمان بن أحمد اللخمي فيما كتب إلي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن رماحس بن محمد بن خالد بن حبيب بن قيس بن عمرو (4) بن غزية ابن جشم بن بكر بن هوازن برمادة القيسيين (5)، رمادة العليا، وكان فيما ذكر ابن مائة وعشرين سنة، قال: حدثنا زياد بن طارق الجشمي، وكان ابن تسعين سنة، قال: حدثنا جدي أبو جرول زهير وكان رئيس قومه، قال: أسرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح خيبر (6)، فبينا هو يميز الرجال من النساء إذ وثبت حتى جلست بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسمعته شعرا، أذكره حين شب فينا ونشأ في هوازن، وحين أرضعوه، فأنشأت أقول: امنن علينا رسول الله في كرم * * فإنك المرء نرجوه وننتظر


(1) ثواب الاعمال: 31، بحار الانوار 83: 385 / 61. (2) ثواب الاعمال: 27، النهاية للطوسي: 108، بحار الانوار 83: 385 / 62. (3) بحار الانوار 83: 372 / 34. (4) زاد في بعض النسخ: بن عبد. (5) الظاهر أن رمادة فلسطين أو رمادة الرملة هي عين رمادة القيسيين راجع معجم البلدان 3: 66، الانساب 3: 88. (6) الظاهر أن لفظة خيبر مصحفة (حنين). انظر سيرة ابن هشام 4: 130 – 137.

[ 592 ]

امنن على بيضة قد عاقها قدر * * مفرق شملها في دهرها غير (1) أبقت لنا الحرب هتافا على حزن * * على قلوبهم الغماء والغمر إن لم تداركهم نعماء تنشرها * * يا أرجح الناس حلما حين يختبر امنن على نسوة قد كنت ترضعها * * إذ فوك يملؤه من مخضها (2) الدرر إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها * * وإذ يرينك (3) ما تأتي وما تذر يا خير من مرحت كمت الجياد به * * عند الهياج إذا ما استوقد الشرر لا تتركنا كمن شالت نعامته (4) * * واستبق منا فإنا معشر زهر إنا لنشكر للنعمى وقد كفرت * * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر فألبس العفو من قد كنت ترضعه * * من أمهاتك إن العفو مشتهر إنا نؤمل عفوا منك تلبسه * * هادي البرية أن تعفو وتنتصر فاعف عفا الله عما أنت راهبه * * يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم. وقالت الانصار: ما كان لنا فهو لله ولرسوله، فردت الانصار ما كان في أيديها من الذراري والاموال (5). وصلى الله على محمد وآله


(1) في نسخة: عبر. (2) في نسخة: محضها. (3) في نسخة: يزينك. (4) يقال: شالت نعامتهم: إذا ماتوا أو تفرقوا. (5) بحار الانوار 21: 12 / 8.

[ 593 ]

[ 76 ] المجلس السادس والسبعون مجلس يوم الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 822 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، قال: أخبرنا عبد الله ابن غالب الاسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يعظ الناس، ويزهدهم في الدنيا، ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وحفظ عنه وكتب، كان يقول: أيها الناس، اتقوا الله، واعلموا أنكم إليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه. ويحك ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه. ابن آدم، إن أجلك أسرع شئ إليك، قد أقبل نحوك حثيثا، يطلبك ويوشك أن يدركك، وكأن قد أوفيت أجلك، وقبض الملك روحك، وصرت إلى قبرك وحيدا، فرد إليك روحك، واقتحم عليك فيه ملكاك منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك. ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، وعن نبيك الذي ارسل


[ 594 ]

إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاه! ثم عن عمرك فيما أفنيته، ومالك من أين اكتسبته، وفيما أتلفته، فخذ حذرك، وانظر لنفسك، وأعد للجواب قبل الامتحان والمسألة والاختبار، فإن تك مؤمنا تقيا عارفا بدينك، متبعا للصادقين، مواليا لاولياء الله، لقاك الله حجتك، وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب، فبشرت بالجنة والرضوان من الله و الخيرات الحسان، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك، ودحضت حجتك، وعييت عن الجواب، وبشرت بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم. فاعلم ابن آدم، أن من وراء هذا ما هو أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، ويجمع الله فيه الاولين والآخرين، ذلك يوم ينفخ فيه الصور، وتبعثر فيه القبور، ذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين (1)، ذلك يوم لا تقال فيه عثرة، ولا تؤخذ من أحد فيه فدية، ولا تقبل من أحد فيه معذرة، ولا لاحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء باللسيئات، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده. فاحذروا – أيها الناس – من المعاصي والذنوب، فقد نهاكم الله عنها وحذركموها في الكتاب الصادق، والبيان الناطق، ولا تأمنوا مكر الله وشدة أخذه عند ما يدعوكم إليه الشيطان اللعين من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا، فإن الله يقول: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) (2) فأشعروا قلوبكم – لله أنتم – خوف الله، وتذكروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه، كما قد خوفكم من شديد العقاب، فإنه من خاف شيئا حذره، ومن حذر شيئا


(1) في نسخة: كاظمة. (2) الاعراف 7: 201.

[ 595 ]

نكله (1)، فلا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا فتكونوا من الذين مكروا السيئات وقد قال الله تعالى: (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم) (2). فاحذروا ما قد حذركم الله، واتعظوا بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب، تا لله لقد وعظتم بغيركم، وإن السعيد من وعظ بغيره، ولقد أسمعكم الله في الكتاب ما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال: (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين * فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون) يعني يهربون (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكينكم لعلكم تسئلون) فلما أتاهم العذاب (قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) (3). وايم الله إن هذه لعظة لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم، ثم رجع إلى القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال: (ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين) (4) فإن قلتم – أيها الناس – إن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذاك وهو يقول: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (5)؟. اعلموا – عباد الله – أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما تنشر الدواوين لاهل الاسلام، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله لم يختر هذه الدنيا وعاجلها لاحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها


(1) في التحف: تركه. (2) النحل 16: 45 – 47. (3) الانبياء 21: 11 – 15. (4) الانبياء 21: 46. (5) الانبياء 21: 47.

[ 596 ]

وظاهر بهجتها، وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم أيهم أحسن عملا لآخرته، وايم الله لقد ضرب لكم فيها الامثال وصرف الآيات لقوم يعقلون، فكونوا – أيها المؤمنون – من القوم الذين يعقلون ولا قوة إلا بالله. وازهدوا فيما زهدكم الله فيه من عاجل الحياة الدنيا، فإن الله يقول وقوله الحق: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نفصل الآيات لقوم يتكفرون) (1) فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون، ولا تركنوا إلى الدنيا، فإن الله قد قال لمحمد نبيه صلى الله عليه وآله) ولاصحابه: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (2). ولا تركنوا إلى زهرة الحياة الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان، فإنها دار قلعة (3) وبلغة، ودار عمل، فتزودوا الاعمال الصالحة منها قبل أن تخرجوا منها، وقبل الاذن من الله في خرابها، فكأن قد أخربها الذي عمرها أول مرة وابتدأها وهو ولي ميراثها. وأسأل الله لنا ولكم العون على تزود التقوى، والزهد فيها، جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، والراغبين العاملين لاجل ثواب الآخرة، فإنما نحن به وله (4). 823 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): للدابة على


(1) يونس 10: 24. (2) هود 11: 113. (3) أي انقلاع وارتحال. (4) تحف العقول: 249، بحار الانوار 78: 143 / 6.

[ 597 ]

صاحبها سبعة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، ولا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليه، ويبدأ بعلفها إذا نزل، ولا يسمها في وجهها، ولا يضربها في وجهها فإنها تسبح، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضربها على النفار ويضربها على العثار لانها ترى ما لا ترون (1). 824 / 3 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل ابن صالح، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: أمسكت لامير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالركاب وهو يريد أن يركب، فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت: يا أمير المؤمنين، رأيتك رفعت رأسك وتبسمت! قال: نعم يا أصبغ، أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم، فقلت: يا رسول الله، رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت! فقال: يا علي، إنه ليس من أحد يركب ثم يقرأ آية الكرسي ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. إلا قال السيد الكريم: يا ملائكتي، عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري، فاشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه (2). 825 / 4 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن جعفر، عن محمد ابن عمر الجرجاني، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أول جماعة كانت، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) معه، إذ مر أبو طالب به وجعفر معه، فقال: يا بني صل جناح ابن عمك. فلما أحسه رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدمهما وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول:


(1) بحار الانوار 64: 202 / 2. (2) المحاسن: 352 / 40، تفسير القمي 2: 281، بحار الانوار 76: 294 / 21.

[ 598 ]

إن عليا وجعفرا ثقتي * * عند ملم الزمان والكرب والله لا أخذل النبي ولا * * يخذله من بني ذو حسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * * أخي لامي من بينهم وأبي قال: فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم (1). 826 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أقربكم مني غدا، وأوجبكم علي شفاعة، أصدقكم لسانا، وآداكم للامانة، وأحسنكم خلقا، وأقربكم من الناس (2). 827 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن ابن أبي عمير (3)، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسير مع بعض أصحابه في بعض طرق المدينة إذ ثنى رجله عن دابته ثم خر ساجدا فأطال في سجوده، ثم رفع رأسه فعاد، ثم ركب، فقال له أصحابه: يا رسول الله، رأيناك ثنيت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود؟ فقال: إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني فأقرأني السلام من ربي وبشرني أنه لن يخزيني في أمتي، فلم يكن لي مال فأتصدق به، ولا مملوك فأعتقه، فأحببت أن أشكر ربي عز وجل (4).


(1) أوائل العسكري: 75، الديوان: 67 / 29، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 76، روضة الواعظين: 86، بحار الانوار 35: 68 / 2. (2) بحار الانوار 69: 381 / 41. (3) في نسخة: محمد بن علي بن أبي عمير، وفي نسخة اخرى: محمد بن علي، عن أبي عمير، والصحيح ما أثبتناه، انظر: معجم رجال الحديث 14: 288. (4) بحار الانوار 71: 41 / 33.

[ 599 ]

828 / 7 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف (1). 829 / 8 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن سعيد بن عمرو، عن إسماعيل بن بشر ابن عمار، قال: كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): عظني وأوجز. قال: فكتب إليه: ما من شئ تراه عينك إلا وفيه موعظة (2). وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 7: 303 / 64. (2) بحار الانوار 71: 324 / 14.

[ 600 ]

[ 77 ] المجلس السابع والسبعون مجلس يوم الجمعة لثمان بقين من جمادى الآخرة من سنة ثمان وستين وثلاثمائة 830 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا علي بن أسباط، قال سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يحدث عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لم يبق من أمثال الانبياء إلا قول الناس: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت (1). 831 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن قوما أتوا نبيا لهم فقالوا: أدع لنا ربك (2) يرفع عنا الموت، فدعا لهم فرفع الله تبارك وتعالى عنهم الموت، وكثروا حتى ضاقت بهم المنازل، وكثر النسل، وكان الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وأمه وجده وجد جده


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 56 / 207، بحار الانوار 71: 333 / 8. (2) في نسخة: ربنا.

[ 601 ]

ويوضيهم ويتعاهدهم، فشغلوا عن طلب المعاش، فأتوه فقالوا: سل ربك أن يردنا إلى آجالنا التي كنا عليها، فسأل ربه عز وجل فردهم إلى آجالهم (1). 832 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن عبد الله بن عباس، في قوله عز وجل: (فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) (2) قال: يقول: سبحانك تبت إليك من أن أسألك رؤية وأنا أول المؤمنين بأنك لا ترى (3). 833 / 4 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور فناجى ربه عز وجل قال: يا رب أرني خزائنك. قال: يا موسى، إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون (4). 834 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسن بن الحسين بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر (عليه السلام)، قال: قال موسى بن عمران: يا رب أوصني. قال: أوصيك بي. فقال: يا رب أوصني، قال: أوصيك بي، ثلاثا. قال يا رب أوصني. قال: اوصيك بأمك. قال: يا رب أوصني. قال: أوصيك بأمك. قال: يا رب أوصني. قال: أوصيك بأبيك.


(1) الكافي 3: 260 / 36، بحار الانوار 6: 116 / 1. (2) الاعراف 7: 143. (3) التوحيد: 118 / 22، بحار الانوار 4: 45 / 25. (4) التوحيد: 1 33 / 17، بحار الانوار 4: 135 / 1.

[ 602 ]

قال: فكان يقال لاجل ذلك، إن للام ثلثي البر، وللاب الثلث (1). 835 / 6 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه)، قال حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي الكوفي، عن أبي عبد الله الخياط، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: كان فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى، كن خلق الثوب (2)، نقي القلب، حلس (3) البيت، مصباح الليل، تعرف في أهل السماء، وتخفى على أهل الارض. يا موسى، إياك واللجاجة، ولا تكن من المشائين في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، وابك على خطيئتك يا بن عمران (4). 836 / 7 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة وخسمائة سنة، منها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم، ومائتا سنة في عمل السفينة، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء، فمصر الامصار، وأسكن ولده البلدان، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس، فقال: السلام عليك. فرد عليه نوح، وقال له: ما جاء بك يا ملك الموت، فقال: جئت لاقبض روحك، فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم. فتحول نوح (عليه السلام) من الشمس إلى الظل، ثم قال: يا ملك الموت، فكأن ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس، إلى الظل، فامض لما أمرت به. قال: فقبض


(1) بحار الانوار 13: 330 / 9. (2) الخلق من الثياب: البالي. (3) يقال: هو حلس بيته، أي لا يبرحه ولا يفارقه، وفي نسخة: جليس. (4) بحار الانوار 13: 331 / 10.

[ 603 ]

روحه (عليه السلام) (1). 837 / 8 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي الكوفي، عن شريف بن سابق التفليسي، عن إبراهيم بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مر عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب فقال: يا رب، مررت بهذا القبر عام أول، فكان صاحبه يعذب، ثم مررت به العام فإذا هو ليس يعذب! فأوحى الله عز وجل إليه: يا روح الله، إنه أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقا، وآوى يتيما، فغفرت له بما عمل ابنه. قال: وقال عيسى بن مريم (عليه السلام) ليحيى بن زكريا (عليه السلام): إذا قيل فيك ما فيك، فاعلم أنه ذنب ذكرته فاستغفر الله منه، وإن قيل فيك ما ليس فيك، فاعلم أنه حسنة كتبت لك لم تتعب فيها (2). 838 / 9 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، عن الحسن ابن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: ما قدمت راية قوتل تحتها أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا نكسها الله تبارك وتعالى وغلب أصحابها وانقلبوا صاغرين، وما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) بسيفه ذي الفقار أحدا فنجا، وكان إذا قاتل قاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملك الموت بين يديه (3). 839 / 10 – حدثنا أحمد بن محمد بن صقر الصائغ، قال: حدثنا محمد بن


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 523 / 1، قصص الانبياء للراوندي: 87 / 80، بحار الانوار 11: 285 / 2. (2) بحار الانوار 14: 287 / 11. (3) بحار الانوار 41: 76 / 6.

[ 604 ]

العباس بن بسام، قال: حدثنا محمد بن خالد بن إبراهيم، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز الدمشقي، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمر وبن العاص، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفع الراية يوم خيبر إلى رجل من أصحابه فرجع منهزما، فدفعها إلى آخر فرجع يجبن أصحابه ويجبنونه، قد رد الراية منهزما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فلما أصبح قال: ادعوا لي عليا. فقيل له: يا رسول الله، هو رمد. فقال: ادعوه. فلما جاء تفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عينيه، وقال: اللهم ادفع عنه الحر والبرد. ثم دفع الراية إليه ومضى، فما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بفتح خيبر. ثم قال: إنه لما دنا من القموص (1) أقبل أعداء الله من اليهود يرمونه بالنبل والحجارة، فحمل عليهم علي (عليه السلام) حتى دنا من الباب، فثنى رجله (2)، ثم نزل مغضبا إلى أصل عتبة الباب فاقتلعه، ثم رمى به خلف ظهره أربعين ذراعا. قال ابن عمر: وما عجبنا من فتح الله خيبر على يدي علي (عليه السلام)، ولكنا عجبنا من قلعه الباب ورميه خلفه أربعين ذراعا، ولقد تكلف حمله أربعون رجلا فما أطاقوه، فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال: والذي نفسي بيده لقد أعانه عليه أربعون ملكا (3). 840 / 11 – فروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في رسالته إلى سهل بن حنيف (رحمه الله): والله ما قلعت باب خيبر ورميت بها خلف ظهري أربعين ذراعا بقوة جسدية، ولا حركة غذائية، لكني أيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربها مضية، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت، ولو أمكنتني


(1) القموص: جبل بخيبر عليه حسن ابن أبي الحقيق اليهودي. (2) في نسخة: رجليه. (3) بحار الانوار 21: 26 / 24.

[ 605 ]

الفرصة من رقابها لما بقيت، ومن لم يبال متى حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمات رابط. حدثني بذلك، وبجميع الرسالة التي فيها هذا الفصل، علي بأحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، عن أبي بكر عبيد الله ابن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) بحار الانوار 21: 26 / 25.

[ 606 ]

[ 78 ] المجلس الثامن والسبعون مجلس يوم الثلاثاء لاربع بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 841 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي ابن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم (عليه السلام) أن قال له: يا عيسى، أنا ربك ورب آبائك، اسمي واحد، وأنا الاحد المتفرد بخلق كل شئ، وكل شئ من صنعي، وكل خلقي إلي راجعون. يا عيسى، أنت المسيح بأمري، وأنت تخلق من الطين كهيئة الطير باذني، وأنت تحيي الموتي بكلامي، فكن إلي راغبا، ومني راهبا، فإنك لن تجد مني ملجأ إلا إلي. يا عيسى، اوصيك وصية المتحنن عليك بالرحمة حين حقت لك مني الولاية بتحريك مني المسرة فبوركت كبيرا، وبوركت صغيرا حيثما كنت، أشهد أنك عبدي ابن أمتي. يا عيسى، أنزلني من نفسك كهمك، واجعل ذكري لمعادك، وتقرب إلي بالنوافل، وتوكل علي أكفك، ولا تول غيري فأخذ لك.


[ 607 ]

يا عيسى، اصبر على البلاء، وارض بالقضاء، وكن كمسرتي فيك، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى. يا عيسى، أحي ذكري بلسانك، وليكن ودي في قلبك. يا عيسى، تيقظ في ساعات الغفلة، واحكم لي بلطيف الحكمة. يا عيسى، كن راغبا راهبا، وأمت قلبك بالخشية. يا عيسى، راع الليل لتحري مسرتي، واظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي. يا عيسى، نافس في الخير جهدك، لتعرف بالخير حيثما توجهت. يا عيسى، احكم في عبادي بنصحي، وقم فيهم بعدلي، فقد أنزلت عليك شفاء لما في الصدور من مرض الشيطان. يا عيسى، لا تكن جليسا لكل مفتون. يا عيسى، حقا أقول: ما آمنت بي خليقة إلا خشعت لي، وما خشعت لي إلا رجت ثوابي، فأشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تغير أو تبدل سنتي. يا عيسى، ابن البكر البتول، إبك على نفسك بكاء من قد ودع الاهل، وقلى الدنيا وتركها لاهلها، وصارت رغبته فيما عند الله. يا عيسى، كن مع ذلك تلين الكلام، وتفشي السلام، يقظان إذا نامت عيون الابرار، حذارا للمعاد، والزلازل الشداد، وأهوال يوم القيامة، حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال. يا عيسى، اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون. يا عيسى، كن خاشعا صابرا، فطوبى لك إن نالك ما وعد الصابرون. يا عيسى، رح من الدنيا يوما فيوما، وذق ما قد ذهب طعمه، فحقا أقول: ما أنت إلا بساعتك ويومك، فرح من الدنيا بالبلغة (1)، وليكفك الخشن الجشب (2)، فقد


(1) أي اترك الدنيا واكتف منها بالبلاغ والكفاف. (2) أي الخشن من الثياب والجشب من الطعام، والجشب: الغليظ.

[ 608 ]

رأيت إلى ما تصير، ومكتوب ما أخذت وكيف أتلفت. يا عيسى، إنك مسؤول، فارحم الضعيف كرحمتي إياك، ولا تقهر اليتيم. يا عيسى، إبك على نفسك في الصلاة، وانقل قدميك إلى مواضع الصلوات، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري، فإن صنيعي إليك حسن. يا عيسى، كم من أمة قد أهلكتها بسالف ذنب قد عصمتك منه. يا عيسى، ارفق بالضعيف، وارفع طرفك الكليل (1) إلى السماء، وادعني فإني منك قريب، ولا تدعني إلا متضرعا إلي وهمك هم واحد فإنك متى تدعني كذلك أجبك. يا عيسى، إن لم أرض بالدنيا ثوابا لمن كان قبلك، ولا عقابا لمن (2) انتقمت منه. يا عيسى، إنك تفنى وأنا أبقى، ومني رزقك، وعندي ميقات أجلك، وإلي إيابك، وعلي حسابك، فسلني، ولا تسأل غيري، فيحسن منك الدعاء ومني الاجابة. يا عيسى، ما أكثر البشر وأقل عدد من صبر! الاشجار كثيرة، وطيبها قليل، فلا يغرنك حسن شجرة حتى تذوق ثمرتها. يا عيسى، لا يغرنك المتمرد علي بالعصيان، يأكل رزقي، ويعبد غيري، ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه، ثم يرجع إلى ما كان عليه، أفعلي يتمرد، أم لسخطي يتعرض؟ فبي حلفت لآخذنه أخذة ليس له منها منجى، ولا دوني ملتجأ، أين يهرب من سمائي وأرضي؟ يا عيسى، قل لظلمة بني إسرائيل: لا تدعوني والسحت تحت أحضانكم، والاصنام في بيوتكم، فإني وأيت (3) أن أجيب من دعاني، وأن أجعل إجابتي إياهم


(1) في نسخة: الذليل. (2) زاد في نسخة: كان قبلك، ولا عقابا لمن. (3) أي وعدت.

[ 609 ]

لعنا عليهم حتى يتفرقوا. يا عيسى، كم أجمل النظر، وأحسن الطلب، والقوم في غفلة لا يرجعون، تخرج الكلمة من أفواههم لا تعيها قلوبهم، يتعرضون لمقتي، ويتحببون بي إلى المؤمنين. يا عيسى، ليكن لسانك في السر والعلانية واحدا، وكذلك فليكن قلبك وبصرك واطو قلبك ولسانك عن المحارم، وغض طرفك عما لا خير فيه، فكم ناظر نظرة زرعت في قلبه شهوة، ووردت به موارد الهلكة. يا عيسى، كن رحيما مترحما، وكن للعباد كما تشاء أن يكون العباد لك، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الاهلين، ولا تله فإن اللهو يفسد صاحبه، ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد، واذكرني بالصالحات حتى اذكرك. يا عيسى، تب إلي بعد الذنب، وذكر بي الاوابين، وآمن بي، وتقرب إلى المؤمنين، ومرهم يدعوني معك، وإياك ودعوة المظلوم، فإني وأيت على نفسي أن أفتح لها باب من السماء، وأن أجيبه ولو بعد حين. يا عيسى، اعلم أن صاحب السوء يغوي، وأن قرين السوء يردي، فاعلم من تقارن واختر لنفسك إخوانا من المؤمنين. يا عيسى، تب إلي فإنه لا يتعاظمني ذنب أن أغفره وأنا أرحم الراحمين. يا عيسى، اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل لها غيرك، واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون، فإني أجزي بالحسنة أضعافها، وإن السيئة توبق صاحبها، فامهد لنفسك (1) في مهلة، وتنافس (2) في العمل الصالح، فكم من مجلس قد نهض أهله وهم مجارون من النار. يا عيسى، ازهد في الفاني المنقطع، وطأ رسوم منازل من كان قبلك، فادعهم


(1) مهد لنفسه: هيأ وكسب وعمل. (2) في نسخة: ونافس.

[ 610 ]

وناجهم، هل تحس منهم من أحد، فخذ موعظتك منهم، واعلم أنك ستلحقهم في اللاحقين. يا عيسى، قل لمن تمرد بالعصيان، وعمل بالادهان، ليتوقع عقوبتي، وينتظر إهلاكي إياه، سيصطلم (1) مع الهالكين. طوبى لك يا بن مريم ثم طوبى لك أن (2) أخذت بأدب إلهك الذي يتحنن عليك ترحما، وبدأك بالنعم منه تكرما، وكان لك في الشدائد، لا تعصه – يا عيسى – فإنه لا يحل لك عصيانه، قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قبلك، وأنا على ذلك من الشاهدين. يا عيسى، ما أكرمت خليقة بمثل ديني، ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي. يا عيسى، اغسل بالماء منك ما ظهر، وداو بالحسنات ما بطن، فإنك إلي راجع. يا عيسى، شمر، فكل ما هو آت قريب، واقرأ كتابي وأنت طاهر، وأسمعني منك صوتا حزينا (3). 842 / 2 – قال: وكان فيما وعظ الله عز وجل به عيسى بن مريم (عليه السلام) أيضا أن قال له: يا عيسى، لا تأمن إذا مكرت مكري، ولا تنس عند خلوتك بالذنب ذكري. يا عيسى، تيقظ ولا تيأس من روحي (4) وسبحني مع من يسبحني، وبطيب الكلام فقدسني. يا عيسى، إن الدنيا سجن ضيق منتن الريح وحش، وفيها (5) ما قد ترى مما قد ألح عليه الجبارون، فإياك والدنيا فكل نعيمها يزول، وما نعيمها إلا قليل. يا عيسى، إن الملك لي وبيدي وأنا الملك، فإن تطعني أدخلتك جنتي في


(1) الاصطلام: الابادة والاستئصال. (2) في نسخة: إذا. (3) الكافي 8: 131 / 103 ” نحوه “، بحار الانوار 14: 289 / 14. (4) أي رحمتي. (5) في نسخة: وخشن فيها، وفي أخرى: وحسن فيها.

[ 611 ]

جوار الصالحين. يا عيسى، ادعني دعاء الغريق الذي ليس له مغيث. يا عيسى، لا تحلف باسمي كاذبا فيهتز عرشي غضبا. يا عيسى، الدنيا قصيرة العمر، طويلة الامل، وعندي دار خير مما يجمعون. يا عيسى، قل لظلمة بني إسرائيل، كيف أنتم صانعون إذا أخرجت لكم كتابا ينطق بالحق، فتنكشف سرائر قد كتمتموها. يا عيسى، قل لظلمة بني إسرائيل غسلتم وجوهكم ودنستم قلوبكم، أبي تغترون. أم علي تجترئون، تتطيبون بالطيب لاهل الدنيا وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة، كأنكم أقوام ميتون. يا عيسى، قل لهم: قلموا أظفاركم من كسب الحرام، وأصموا أسماعكم عن ذكر الخنا (1)، واقبلوا علي بقلوكم فإني لست أريد صوركم. يا عيسى، افرح بالحسنة فإنها لي رضى، وابك على السيئة فإنها لي سخط، وما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك، وإن لطم خدك الايمن فاعط الايسر، وتقرب إلي بالمودة جهدك، وأعرض عن الجاهلين. يا عيسى، قل لظلمة بي إسرائيل الحكمة تبكي فرقا (2) مني، وأنتم بالضحك تهجرون (3)، أتتكم براءتي، أم لديكم أمان من عذابي، أم تتعرضون لعقوبتي؟ فبي حلفت لاتركنكم مثلا للغابرين. ثم إني اوصيك – يا بن مريم البكر البتول – بسيد المرسلين وحبيبي منهم أحمد، صاحب الجمل الاحمر، والوجه الاقمر المشرق بالنور، الطاهر القلب، الشديد البأس، الحيي المتكرم، فإنه رحمة للعالمين، وسيد ولد آدم عندي، يوم


(1) الخنا: الفحش في الكلام. (2) الفرق: الخوف. (3) أي تهذون.

[ 612 ]

يلقاني أكرم السابقين علي، وأقرب المرسلين مني، العربي الامي، الديان بديني، الصابر في ذاتي، المجاهد للمشركين ببدنه عن ديني. يا عيسى، آمرك أن تخبر به بني إسرائيل، وتأمرهم أن يصدقوا ويؤمنوا به ويتبعوه وينصروه. قال عيسى: إلهي، من هو؟ قال: يا عيسى أرضه فلك الرضا. قال: اللهم رضيت، فمن هو؟ قال: محمد رسول الله إلى الناس كافة، أقربهم مني منزلة، وأوجبهم عندي شفاعة، طوباه من نبي، وطوبى لامته إن هم لقوني على سبيله، يحمده أهل الارض، ويستغفر له أهل السماء، أمين ميمون مطيب، خير الماضين والباقين عندي، يكون في آخر الزمان، إذا خرج أرخت السماء عزاليها (1)، وأخرجت الارض زهرتها، وأبارك فيما وضع يده عليه، كثير الازواج، قليل الاولاد، يسكن بكة موضع أساس إبراهيم. يا عيسى، دينه الحنيفية، وقبلته مكية، وهو من حزبي وأنا معه، فطوباه طوباه، له الكوثر والمقام الاكبر من جنات عدن، يعيش أكرم معاش، ويقبض شهيدا، له حوض أبعد من مكة إلى مطلع الشمس من رحيق مختوم، فيه آنية مثل نجوم السماء، ماؤه عذب، فيه من كل شراب، وطعم كل ثمار في الجنة، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أبعثه على فترة بينك وبينه، يوافق سره علانيتة، وقوله فعله، لا يأمر الناس إلا بما يبدأهم به، دينه الجهاد في عسر ويسر، تنقاد له البلاء، ويخضع له صاحب الروم على دينه ودين أبيه إبراهيم، يسمي عند الطعام، ويفشي السلام، ويصلي والناس نيام، له كل يوم خمس صلوات متواليات، يفتتح بالتكبير، ويختتم بالتسليم، ويصف قدميه في الصلاة كما تصف الملائكة أقدامها، ويخشع لي قلبه، النور في صدره، والحق في لسانه، وهو مع الحق حيثما كان، تنام عيناه ولا ينام قلبه، له الشفاعة، وعلى أمته تقوم الساعة، ويدي فوق أيديهم إذا بايعوه، فمن نكث فإنما


(1) أي انهمرت بالمطر.

[ 613 ]

ينكث على نفسه، ومن أوفى وفيت له بالجنة، فمر ظلمة بني إسرائيل لا (1) يدرسوا كتبه، ولا يحرفوا سنته، وأن يقرئوه السلام، فإن له في المقام شأنا من الشأن. يا عيسى، كل ما يقربك مني، فقد دللتك عليه، وكل ما يباعدك مني قد نهيتك عنه، فارتد (2) لنفسك. يا عيسى، إن الدنيا حلوة، وإنما استعملك فيها لتطيعني، فجانب منها ما حذرتك، وخذ منها ما أعطيتك عفوا، انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطئ، ولا تنظر في عمل غيرك نظر الرب، وكن فيها زاهدا، ولا ترغب فيها فتعطب. يا عيسى، اعقل وتفكر، وانظر في نواحي الارض كيف كان عاقبة الظالمين. يا عيسى، كل وصيتي نصيحة لك، وكل قولي حق، وأنا الحق المبين، وحقا أقول لئن أنت عصيتني بعد أن أنبأتك (3) مالك من دوني ولي ولا نصير. يا عيسى، ذلل قلبك بالخشية، وانظر إلى من هو أسفل منك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، واعلم أن رأس كل خطيئة وذنب حب الدنيا، فلا تحبها فإني لا أحبها. يا عيسى، أطب بي قلبك (4)، وأكثر ذكري في الخلوات، واعلم أن سروري أن تبصبص (5) إلي، وكن في ذلك حيا ولا تكن ميتا. يا عيسى، لا تشرك بي شيئا، وكن مني على حذر، ولا تغتر بالصحة، ولا تغبط نفسك، فإن الدنيا كفئ زائل، وما أقبل منها كما أدبر، فنافس في الصالحات جهدك، وكن مع الحق حيثما كان، وإن قطعت وأحرقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة، ولا تكن مع (6) الجاهلين.


(1) في نسخة: ألا. (2) أي فاطلب. (3) في نسخة: نبأتك. (4) يقال: طابت بالشئ نفسي: أي انبسطت وانشرحت. (5) بصبص في دعائه رفع سبابتيه إلى السماء وحركهما. (6) في نسخة: ولا من.

[ 614 ]

يا عيسى، صب لي الدموع من عينيك، واخشع لي بقلبك. يا عيسى، استغفرني في حالات الشدة، فإني أغيث المكروبين، وأجيب المضطرين، وأنا أرحم الراحمين (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله


(1) الكافي 8: 137 / 103 ” نحوه ” بحار الانوار 14: 294 / 14.

[ 615 ]

[ 79 ] المجلس التاسع والسبعون مجلس يوم الجمعة سلخ جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة 843 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق والخراسان، فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (1). فقالت العلماء: أراد الله عز وجل بذلك الامة كلها. فقال المأمون: ما تقول، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): لا أقول كما قالوا، ولكني أقول: أراد الله العترة الطاهرة. فقال المأمون: وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا (عليه السلام): إنه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة، لقول الله تبارك وتعالى: (فمنهم ظالم لنفسه


(1) فاطر 35: 32.

[ 616 ]

ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) (1) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال: (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب) (2) فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم. فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا (عليه السلام): الذين وصفهم الله في كتابه، فقال عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3)، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. قالت العلماء: أخبرنا – يا أبا الحسن – عن العترة، أهم الآل، أو غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): هم الآل. فقال العلماء: فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤثر عنه أنه قال: امتي آلي. وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد امته. فقال أبو الحسن (عليه السلام): أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل؟ قالوا: نعم. قال: فتحرم على الامة؟ قالوا: لا. قال: هذا فرق ما بين الآل والامة، ويحكم أين يذهب بكم، أضربتم عن الذكر صفحا، أم أنتم قوم مسرفون! أما علمتم أنه وقعت الوارثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟ قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟ قال: من قول الله عز وجل: (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) (4) فصارت وارثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) حين سأل ربه: (فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم


(1) فاطر 35: 32. (2) فاطر 35: 33. (3) الاحزاب 33: 33. (4) الحديد 57: 26.

[ 617 ]

الحاكمين) (1) وذلك أن الله عز وجل وعده أن ينجيه وأهله، فقال له ربه: (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) (2). فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله عز وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه. فقال له المأمون: أين ذلك من كتاب الله؟ فقال له الرضا (عليه السلام): في قوله عز وجل: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض) (3)، وقال عز وجل: في موضع آخر: (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما) (4)، ثم رد المخاطبة في إثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (5) يعني الذي قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليهما، فقوله: (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، فالملك ها هنا هو الطاعة لهم. قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله عز وجل الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وموطنا، فأول ذلك قوله عز وجل: (وأنذر عشيرتك الاقربين ورهطك المخلصين) (6) هكذا في قراءة أبي بن كعب، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، وهذه منزلة رفيعة


(1) هود 11: 45. (2) هود 11: 46. (3) آل عمران 3: 33 و 34. (4) النساء 4: 54. (5) النساء 4: 59. (6) الشعراء 26: 214.

[ 618 ]

وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الآل، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهذه واحدة. والآية الثانية في الاصطفاء، قوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاند أصلا، لانه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية. وأما الثالثة: فحين ميز الله الطاهرين من خلقه، فأمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بالمباهلة في آية الابتهال، فقال عز وجل: قل يا محمد (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (1) فأبرز النبي (صلى الله عليه وآله) عليا والحسن والحسين وفاطمة (صلوات الله وسلامه عليهم) وقرن أنفسهم بنفسه، فهل تدرون ما معنى قوله عز وجل: (وأنفسنا وأنفسكم)؟ قالت العلماء: عنى به نفسهم. فقال أبو الحسن (عليه السلام): غلطتم، إنما عنى بها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومما يدل على ذلك، قول النبي (صلى الله عليه وآله) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لابعثن إليهم رجلا كنفسي، يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فهذه خصوصية لا يتقدمه فيها أحد، وفضل لا يلحقه فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق أن جعل نفس علي كنفسه، فهذه الثالثة. وأما الرابعة: فإخراجه (صلى الله عليه وآله) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس، فقال: يا رسول الله، تركت عليا وأخرجتنا! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنا تركته وأخرجتكم، ولكن الله تركه وأخرجكم. وفي هذا تبيان قوله لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى. قالت العلماء: فأين هذا من القرآن؟ قال أبو الحسن (عليه السلام) أو جدكم في ذلك قرآنا أقرؤه عليكم؟ قالوا: هات. قال قول الله عز وجل: (وأوحينا إلى موسى وأخيه


(1) آل عمران 3: 61.

[ 619 ]

أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) (1) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها أيضا منزلة علي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله. فقالت العلماء: يا أبا الحسن، هذا الشرح وهذا البيان، لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: ومن ينكر لنا ذلك؟ ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها، ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره معاند، ولله عز وجل الحمد على ذلك، فهذه الرابعة. والآية الخامسة قول الله عز وجل: (وآت ذا القربى حقه) (2) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها، واصطفاهم على الامة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعوا لي فاطمة. فدعيت له، فقال: يا فاطمة قالت: لبيك يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): هذه فدك، هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك، فهذه الخامسة. والآية السادسة: قول الله جل جلاله: (قل لا اسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (3) وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذلك أن الله حكى في ذكر نوح (عليه السلام) في كتابه: (يا قوم لا أسئلكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين ءامنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) (4) وحكى عز وجل عن هود (عليه السلام) أنه قال: (لا أسئلكم


(1) يونس 10: 87. (2) الاسراء 17: 26. (3) الشورى 42: 23. (4) هود 11: 29.

[ 620 ]

عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) (1)، وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (قل) يا محمد (لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا، ولا يرجعون إلى ضلال أبدا. وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوا له، فلا يسلم قلب الرجل له، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ، ففرض عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته، لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته، فعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه لانه قد ترك فريضة من فرائض الله، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه وآله): (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إن الله قد فرض لي عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد. فقال: أيها الناس، إنه ليس بذهب ولا فضة، ولا مأكول ولا مشروب. فقالوا: هات إذن. فتلا عليهم هذه الآية، فقالوا أما هذا فنعم، فما وفى بها أكثرهم. وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا، لان الله عز وجل يوفي أجر الانبياء، ومحمد (2) (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة قرابته على امته، وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم، فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل. فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل (3) وجوب الطاعة، فتمسك بها قوم أخذ الله


(1) هود 11: 51. (2) وفي نسخة: يوفيه أجر الانبياء ومحمد، وفي أخرى: يوفيه أجره إلا نبينا محمد. (3) في نسخة: كثقل.

[ 621 ]

ميثاقهم على الوفاء، وعاند أهل الشقاق والنفاق، وألحدوا في ذلك، فصرفوه عن حده الذي حده الله، فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان، فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي (صلى الله عليه وآله) أولاهم بالمودة، كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها. وما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه وآله) في حيطته ورأفته، وما من الله به على امته، مما تعجز الالسن عن وصف الشكر عليه، أن لا يودوه في ذريته وأهل بيته، وأن لا يجعلوهم منهم كمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحبا لنبيه (1)، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه؟ والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة، والذين فرض الله مودتهم، ووعد الجزاء عليها، أنه ما وفى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة، لقول الله عز وجل في هذه الآية: (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذى يبشر الله عباده الذين ءامنوا وعملوا الصالحات قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2) مفسرا ومبينا. ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: اجتمع المهاجرون والانصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إن لك – يا رسول الله – مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا، مأجورا، أعط ما شئت، وأمسك ما شئت، من غير حرج، قال: فأنزل الله عز وجل عليه الروح الامين فقال: يا محمد، (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) يعني أن تودوا قرابتي من بعدي، فخرجوا، فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده، إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله عز وجل


(1) في نسخة: لبنيه. (2) الشورى 42: 22 و 23.

[ 622 ]

جبرئيل بهذه الآية (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم) (1) فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي والله يا رسول الله، لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه، فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الآية فبكوا واشتد بكاؤهم، فأنزل الله عز وجل (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) (2)، فهذه السادسة. وأما الآية السابعة: فقول الله تبارك وتعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (3) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم و (4) آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فهل بينكم – معاشر الناس – في هذا خلاف؟ قالوا لا. قال المأمون: هذا ما (5) لا خلاف فيه أصلا، وعليه الاجماع، فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): نعم، أخبروني عن قول الله عز وجل: (يس والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط المستقيم) (6)، فمن عنى بقوله: (يس)؟ قالت العلماء: (يس) محمد (صلى الله عليه وآله)، لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن (عليه السلام): فإن الله أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) وآل محمد من


(1) الاحقاف 46: 8. (2) الشورى 42: 25. (3) الاحزاب 33: 56. (4) في نسخة زيادة: على. (5) في نسخة: مما. (6) يس 36: 1 – 4.

[ 623 ]

ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله لم يسلم على أحد إلا على الانبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك وتعالى: (سلام على نوح في العلمين) (1)، وقال: (سلام على إبراهيم) (2) وقال: (سلام على موسى وهارون) (3)، ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل: سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم، وقال: * (سلام على آل ياسين) (4)، يعني آل محمد (صلى الله عليه وآله) – فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه – فهذه السابعة. وأما الثامنة: فقول الله عز وجل: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله، فهذا فصل أيضا بين الآل والامة، لان الله جعلهم في حيز، وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضي لهم ما رضي لنفسه، واصطفاهم فيه، فبدأ بنفسه، ثم برسوله، ثم بذي القربى بكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم، فقال وقوله الحق: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وأما قوله: (واليتامى والمساكين) (5) فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم، ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم، ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم لهم، للغني والفقير منهم، لانه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسوله (صلى الله عليه وآله)، فجعل لنفسه معهما سهما ولرسوله سهما، فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم.


(1) الصافات 37: 79. (2) الصافات 37: 109. (3) الصافات 37: 120. (4) الصافات 37: 130، وهي قراءة نافع وابن عامر. (الكشف عن وجوه القراءات السبع 2: 227). (5) الانفال 8: 41.

[ 624 ]

وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى، كما أجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه جل جلاله، ثم برسوله، ثم بهم، وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله. وكذلك في الطاعة، قال: (يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (1)، فبدأ بنفسه، ثم برسوله، ثم بأهل بيته. وكذلك آية الولاية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا) (2) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت! فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه، ونزه رسوله، ونزه أهل بيته، فقال: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) (3) فهل تجد في شئ من ذلك أنه جعل عز وجل سهما لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لانه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته، لا بل حرم عليهم، لان الصدقة محرمة على محمد وآله، وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم، لانهم طهروا من كل دنس ووسخ، فلما طهرهم الله وأصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عز وجل، فهذه الثامنة. وأما التاسعة: فنحن أهل الذكر الذين قال الله في محكم كتابه: (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (4) فقالت العلماء: إنما عنى بذلك اليهود والنصارى. فقال أبو الحسن (عليه السلام) سبحان الله! وهل يجوز ذلك؟ إذن يدعونا إلى دينهم. ويقولون: إنه أفضل من دين الاسلام.


(1) النساء 4: 59. (2) المائدة 5: 55. (3) التوبة 9: 60. (4) النحل 16: 43.

[ 625 ]

فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا، يا أبا الحسن؟ فقال (عليه السلام): نعم، الذكر: رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونحن أهله، وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق: (فاتقوا الله يا أولى الالباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات) (1) فالذكر رسول الله، ونحن أهله، فهذه التاسعة. وأما العاشرة: فقول الله عز وجل في آية التحريم: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم) (2) الآية إلى آخرها، فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. قال: فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. قال: ففي هذا بيان، لاني أنا من آله ولستم من آله، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي، لاني (3) من آله وأنتم من امته، فهذا فرق ما بين الآل والامة، لان الآل منه، والامة إذا لم تكن من الآل ليست منه، فهذه العاشرة. وأما الحادية عشرة: فقول الله عز وجل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: (وقال رجل مؤمن من ءال فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) (4)، تمام الآية، فكان ابن خال فرعون، فنسبه إلى فرعون بنسبه، ولم يضفه إليه بدينه، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولادتنا منه، وعممنا الناس بالدين، فهذا فرق ما بين الآل والامة، فهذه الحادية عشرة. وأما الثانية عشرة: فقول الله عز وجل: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر


(1) الطلاق 65: 10 و 11. (2) النساء 4: 23. (3) في نسخة: لانا. (4) غافر 40: 28.

[ 626 ]

عليها) (1) فخصنا الله بهذه الخصوصية، أن أمرنا مع الامة بإقامة الصلاة، ثم خصنا من دون الامة، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيئ إلى باب علي وفاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات، فيقول: الصلاة رحمكم الله. وما أكرم الله أحدا من ذراري الانبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها، وخصنا من دون جميع أهل بيته. فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الامة خيرا، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم كثيرا


(1) طه 20: 132. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 228 / 1، تحف العقول: 425، بحار الانوار 25: 220 / 20.

[ 627 ]

[ 80 ] المجلس الثمانون مجلس يوم الثلاثاء لاربع خلون من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة. 844 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي إسحاق (1) بن أحمد الليثي، قال حدثنا محمد بن الحسين الرازي، قال: حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن علي المفتي، قال: حدثنا الحسن بن محمد المروزي، عن أبيه، عن يحيى بن عياش، قال: حدثنا علي بن عاصم، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إن رجب شهر الله الاصم وهو شهر عظيم، وإنما سمي الاصم لانه لا يقاربه (2) شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله تبارك وتعالى، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الاسلام لم يزدد إلا تعظيما وفضلا. ألا إن رجب وشعبان شهراي، وشهر رمضان شهر أمتي، ألا فمن صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الاكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب


(1) في نسخة: محمد بن إسحاق. (2) في نسخة: لا يقارنه.

[ 628 ]

الله، وأغلق عنه باب من أبواب النار، ولو أعطى ملء الارض ذهبا ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل أجره بشئ من الدنيا دون الحسنات، إذا أخلصه لله عز وجل، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات، إن دعا بشئ في عاجل الدنيا أعطاه الله عز وجل، وإلا ادخر له من الخير أفضل مما دعا به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه. ومن صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والارض ما له عند الله من الكرامة، وكتب له من الاجر مثل أجور عشرة من الصادقين في عمرهم، بالغة أعمارهم ما بلغت، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه، ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنة، ويكون من رفقائهم. ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله عز وجل بينه وبين النار خندقا أو حجابا طوله مسيرة سبعين عاما، ويقول الله عز وجل له عند إفطاره: لقد وجب حقك علي، ووجبت لك محبتي وولايتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها، من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال، وأجير من عذاب القبر، وكتب له مثل اجور أولي الالباب التوابين الاوابين، وأعطي كتابه بيمينه في أوائل العابدين. ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة، وبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، وكتب له عدد رمل عالج حسنات، وادخل الجنة بغير حساب، ويقال له: تمن على ربك ما شئت. ومن صام من رجب ستة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلالا أشد بياضا من نور الشمس، واعطي سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة، وبعث من الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم.


[ 629 ]

ومن صام من رجب سبعة أيام، فإن لجهنم سبعة أبواب، يغلق الله عنه (1) بصوم كل يوم بابا من أبوابها، وقال له: ادخل من أي أبواب الجنان شئت. ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي بلا إله إلا الله، ولا يصرف وجهه دون الجنة، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلالا لاهل الجمع حتى يقولوا: هذا نبي مصطفى. وإن أدنى ما يعطى أن يدخل الجنة بغير حساب. ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله عز وجل له جناحين أخضرين منظومين بالدر والياقوت يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف إلى الجنان، ويبدل الله سيئاته حسنات، وكتب من المقربين القوامين لله بالقسط، وكأنه عبد الله عز وجل ألف عام قائما صابرا محتسبا. ومن صام أحد عشر يوما من رجب لم يواف يوم القيامة عبد أفضل ثوابا منه إلا من صام مثله أو زاد عليه. ومن صام من رجب اثني عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوين من سندس وإستبرق، ويحبر (2) بهما، لو دليت حلة منهما إلى الدنيا لاضاء ما بين شرقها وغربها، ولصارت الدنيا أطيب من ريح المسك. ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظل العرش، قوائمها من در، أوسع من الدنيا سبعين مرة، عليها صحاف الدر والياقوت، في كل صحفة سبعون ألف لون من الطعام، لا يشبه اللون اللون، ولا الريح الريح، فيأكل منها، والناس في شدة شديدة وكرب عظيم. ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه الله عز وجل من الثواب ما لا عين


(1) في نسخة: عليه. (2) أي يزين، أو يكرم وينعم ويسر.

[ 630 ]

رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت. ومن صام من رجب خمسة عشر يوما وقف يوم القيامة موقف الآمنين، فلا يمر به ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا رسول إلا قال: طوباك، أنت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن للجنان. ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب على دواب من نور تطير بهم في عرصة الجنان إلى دار الرحمن. ومن صام سبعة عشر يوما من رجب وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان، تشيعه الملائكة بالترحيب والتسليم. ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما زاحم إبراهيم في قبته في قبة الخلد على سرر الدر والياقوت. ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بنى الله له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم (عليهما السلام) في جنة عدن، فيسلم عليهما ويسلمان عليه، تكرمة له، وإيجابا لحقه، وكتب له بكل يوم يصوم منها كصيام ألف عام: ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنما عبد الله عز وجل عشرين ألف عام. ومن صام من رجب أحدا وعشرين يوما شفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر كلهم من أهل الخطايا والذنوب. ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادى مناد من أهل السماء: أبشر – يا ولي الله – من الله بالكرامة العظيمة ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء: طوبى لك يا عبد الله، نصبت قليلا ونعمت طويلا، طوبى لك إذا كشف الغطاء عنك، وأفضيت إلى


[ 631 ]

جسيم ثواب ربك الكريم، وجاورت الجليل (1) في دار السلام. ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة ديباج أخضر، على فرس من أفراس الجنان، وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الاذفر، وبيده قدح من ذهب مملوءة من شراب الجنان، فسقاه إياه عند خروج نفسه، يهون به عليه سكرات الموت، ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة، فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات، فيظل في قبره ريان ويبعث من قبره ريان حتى يرد حوض النبي (صلى الله عليه وآله). ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فنه إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف ملك، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت، ومعهم طرائف الحلي والحلل، فيقولون: يا ولي الله، النجاة إلى ربك، فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم. ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بنى الله له في ظل العرش مائة قصر من در وياقوت على رأس كل قصر خيمة حمراء من حرير الجنان يسكنها ناعما والناس في الحساب. ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما أوسع الله عليه القبر مسيرة أربعمائة عام، وملا جميع ذلك مسكا وعنبرا. ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عز وجل بينه وبين النار سبعة خنادق، كل خندق ما بين السماء والارض مسيرة خمسمائة عام. ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله عز وجل له، ولو كان عشارا، ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرة (2)، بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم، لغفر الله لها.


(1) في نسخة: الخليل. (2) في نسخة: بسبعين امرءا.

[ 632 ]

ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء: يا عبد الله، أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي، وأعطاه الله عز وجل في الجنان كلها في كل جنة أربعين ألف مدينة من ذهب، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع، على كل سرير جارية من الحور، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور، تحمل كل ذؤابة منها ألف ألف وصيفة، تغلفها بالمسك والعنبر إلى أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام شهر رجب كله. قيل: يا نبي الله، فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلة كانت به، أو امرأة غير طاهر، يصنع ماذا لينال ما وصفته؟ قال: يتصدق كل يوم برغيف على المساكين، والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم نال ما وصفت وأكثر، إنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والارض على أن يقدروا قدر ثوابه ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات. قيل: يا رسول الله، فمن لم يقدر على هذه الصدقة، يصنع ماذا لينال ما وصفت؟ قال: يسبح الله عز وجل كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين يوما بهذا التسبيح مائة مرة: سبحان الاله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان الاعز الاكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل (1). 845 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ضغطة القبر للمؤمن


(1) ثواب الاعمال: 54، فضائل الاشهر الثلاثة: 24 / 12، بحار الانوار 97: 26 / 1.

[ 633 ]

كفارة لما كان منه من تضييع النعم (1). 846 / 3 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن سعد الاسكاف، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه: اللهم هذا بدن عبدك المؤمن، وقد أخرجت روحه منه، وفرقت بينهما، فعفوك عفوك، غفر الله له ذنوب سنة إلا الكبائر (2). 847 / 4 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من غسل ميتا مؤمنا فأدى فيه الامانة غفر له. قيل: وكيف يؤدي فيه الامانة؟ قال: لا يخبر بما يرى (3). 848 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة (4). 849 / 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن أخيه الحسين، عن أبيه سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: من قدم أولادا يحتسبهم عند الله،


(1) ثواب الاعمال: 197، علل الشرائع: 309 / 3، بحار الانوار 6: 221 / 16. (2) ثواب الاعمال: 195، المقنع: 19، بحار الانوار 81: 287 / 5. (3) ثواب الاعمال: 195، المقنع: 19، الهداية: 24، بحار الانوار 81: 287 / 6. (4) بحار الانوار 93: 199 / 26.

[ 634 ]

حجبوه من النار بإذن الله عز وجل (1). 850 / 7 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أشعث بن سوار، عن الاحنف بن قيس، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله عليه)، قال: كنا ذات يوم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد قبا ونحن نفر من أصحابه إذ قال: معاشر أصحابي، يدخل عليكم من هذا الباب رجل هو أمير المؤمنين وإمام المسلمين. قال: فنظروا وكنت فيمن نظر، فإذا نحن بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) قد طلع، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) فاستقبله وعانقه وقبل ما بين عينيه، وجاء به حتى أجلسه إلى جانبه، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم، فقال: هذا إمامكم من بعدي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي، وطاعتي طاعة الله، ومعصيتي معصية الله عز وجل (2). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) ثواب الاعمال: 196، بحار الانوار 82: 114 / 2 و 3. (2) بحار الانوار 38: 106 / 34.

[ 635 ]

[ 81 ] المجلس الحادي والثمانون مجلس يوم الجمعة لسبع خلون من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 851 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن محمد بن يزيد، عن سفيان الثوري، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: من صام يوما من رجب في أوله أو في وسطه أو في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام ثلاثة أيام من رجب في أوله وثلاثة أيام في وسطه وثلاثة أيام في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن أحيا ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين، ومن تصدق بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (1). 852 / 2 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن


(1) فضال الاشهر الثلاثة: 37 / 15، بحار الانوار 97: 33 / 8.

[ 636 ]

أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، قال: سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول: والله ما رأت عيني أفضل من جعفر ابن محمد (عليه السلام) زهدا وفضلا وعبادة وورعا، وكنت أقصده فيكرمني ويقبل علي، فقلت له يوما: يا بن رسول الله، ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسبا؟ فقال – وكان والله إذا قال الصدق – حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا غفر له. فقلت له: يا بن رسول الله، فما ثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام يوما من شعبان إيمانا واحتسابا غفر له (1). 853 / 3 – حدثنا أبي (رضي اله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبيدالله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): لا تمزح فيذهب نورك، ولا تكذب فيذهب بهاؤك وإياك وخصلتين: الضجر، والكسل، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق، وإن كسلت لم تؤد حقا، قال: وكان المسيح (عليه السلام) يقول: من كثر همه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثر كلامه كثر سقطه (2)، ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه، ومن لاحى (3) الرجال ذهبت مروءته (4). 854 / 4 – وبهذا الاسناد، عن درست بن أبي منصور، عن عبد الحميد بن عواض الطائي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاكل على الشبع يورث البرص (5).


(1) بحار الانوار 47: 20 / 16. (2) الملاحاة: المنازعة والمخاصمة. (3) السقط: الخطأ في القول والفعل. (4) قصص الانبياء للراوندي: 273 / 329، بحار الانوار 72: 192 / 8، و 78: 199 / 26. (5) بحار الانوار 66: 331 / 8.

[ 637 ]

855 / 5 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن آدم شكا إلى الله عز وجل ما يلقى من حديث النفس والحزن، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: يا آدم، قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالها فذهب عنه الوسوسة والحزن (1). 856 / 6 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عمرو بن خالد، قال: قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه، وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد، لا يضل من تبعه، ولا يهتدي من خالفه (2). 857 / 7 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رحمه الله)، قال حدثني أبي، عن جدي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخبرني جبرئيل عن الله جل جلاله أنه قال: علي بن أبي طالب حجتي على خلقي وديان ديني، أخرج من صلبه أئمة يقومون بأمري، ويدعون إلى سبيلي، بهم أدفع العذاب عن عبادي وإمائي، وبهم أنزل رحمتي (3). 858 / 8 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن


(1) بحار الانوار 93: 186 / 5. (2) بحار الانوار 46: 173 / 24. (3) بحار الانوار 23: 127 / 55.

[ 638 ]

عبد الله بن سنان، قال سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: ثلاثة هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولاية الامام من آل محمد (صلى الله عليه وآله). (1) 859 / 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، أو غيره، قال: نزل على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): قوم من جهينة فأضافهم، فلما أرادوا الرحلة زودهم ووصلهم وأعطاهم، ثم قال لغلمانه: تنحوا لا تعينوهم. فلما فرغوا جاءوا ليودعوه، فقالوا له: يا بن رسول الله، لقد أضفت فأحسنت الضيافة، وأعطيت فأجزلت العطية، ثم أمرت غلمانك أن لا يعينونا على الرحلة؟ فقال (عليه السلام): إنا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا (2). 860 / 10 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن عيسى العبيدي. عن أبي زكريا المؤمن، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى شبابا من الانصار، فقال: إني أريد أن أقرأ عليكم، فمن بكى فله الجنة، فقرأ آخر الزمر (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا) (3) إلى آخر السورة، فبكى القوم جميعا إلا شاب، فقال: يا رسول الله، قد تباكيت فما قطرت عيني. قال: إني معيد عليكم، فمن تباكى فله الجنة. قال: فأعاد عليهم فبكى القوم وتباكى الفتى، فدخلوا الجنة جميعا (4). 861 / 11 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 75: 107 / 6. (2) بحار الانوار 75: 451 / 5. (3) الزمر 39: 71. (4) ثواب الاعمال: 160، بحار الانوار 93: 328 / 2.

[ 639 ]

عبد الله بن أحمد بن داهر، قال: حدثنا الفضل بن إسماعيل الكوفي، قال: حدثنا علي ابن سالم، عن أبيه، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد (1). 862 / 12 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، أخبرني عن القرآن، أخالق أو مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله (2). 863 / 13 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن الريان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله، لا تتجاوزه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتظلوا (3). 864 / 14 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام) إلى بعض شيعته ببغداد: بسم الله الرحمن الرحيم، عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة! وإلا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم


(1) التوحيد: 224 / 3، بحار الانوار 92: 117 / 3. (2) التوحيد: 223 / 1، بحار الانوار 92: 117 / 1. (3) التوحيد: 223 / 2، بحار الانوار 92: 117 / 2.

[ 640 ]

بالغيب وهم من الساعه مشفقون (1). 865 / 15 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: ضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا تسألوني مم ضحكت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله عز وجل له إلا كان خيرا له في عاقبة أمره (2). 866 / 16 – حدثنا علي بن عيسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يقول: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن صفة المؤمن، فنكس (صلى الله عليه وآله) رأسه ثم رفعه، فقال: في المؤمنين عشرون خصلة، فمن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه. يا علي، إن المؤمنين هم الحاضرون للصلاة، والمسارعون إلى الزكاة، والحاجون لبيت الله الحرام، والصائمون في شهر رمضان، والمطعمون المسكين، والماسحون رأس اليتيم، المطهرون أظفارهم، المتزرون على أوساطهم، الذين إن حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإن تكلموا صدقوا، رهبان بالليل، أسد بالنهار، صائمون بالنهار، قائمون بالليل، لا يؤذون جارا، ولا يتأذى بهم جار، الذين مشيهم على الارض هونا وخطاهم إلى بيوت الارامل، وعلى أثر


(1) التوحيد: 224 / 4، بحار الانوار 92: 118 / 4. (2) بحار الانوار 71: 140 / 32.

[ 641 ]

الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين (1). 867 / 17 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن أبي أحمد محمد بن زياد الازدي، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل، عن أبيه، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنه جاعل لي من أمتي أخا ووارثا وخليفة ووصيا. فقلت: يا رب، من هو؟ فأوحى إلي عز وجل: يا محمد إنه إمام أمتك، وحجتي عليها بعدك. فقلت: يا رب، من هو؟ فأوحى إلي عز وجل: يا محمد ذاك من أحبه ويحبني، ذاك المجاهد في سبيلي، والمقاتل لناكثي عهدي، والقاسطين في حكمي، والمارقين من ديني، ذاك وليي حقا، زوج ابنتك، وأبو ولدك، علي بن أبي طالب (2). 868 / 18 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الاهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل بن بشار، قال: حدثنا عبد الله بن بلج المصري، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت أبا أمامة يقول: كان علي (عليه السلام) إذا قال شيئا لم نشك فيه، وذلك أنا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خازن سري بعدي علي (3). 869 / 19 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني المسعودي، قال: حدثنا يحيى بن سالم العبدي، عن إسرائيل، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، قال: مر علي (عليه السلام) على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلمان في ملا، فقال سلمان (رحمة الله عليه): ألا تقومون تأخذون


(1) الكافي 2: 182 / 5 ” نحوه “، بحار الانوار 67: 276 / 4. (2) بحار الانوار 38: 107 / 35. (3) بحار الانوار 40: 184 / 66.

[ 642 ]

بحجزته (1) تسألونه، فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لا يخبركم بسر نبيكم (صلى الله عليه وآله) أحد غيره، وإنه لعالم الارض وربانيها، وإليه تسكن، لو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس (2). 870 / 20 – حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي الصراف، قال: حدثنا الحسين بن الحسن الاشقر، عن علي بن هاشم، عن أبي رافع، عن محمد بن أبي بكر، عن عباد بن عبد الله، عن سلمان (رحمة الله عليه)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: أقضى أمتي وأعلم أمتي بعدي علي (3). 871 / 21 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن الحسن الاشقر، عن صالح بن أبي الاسود، عن أخيه، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نزل عليه الوحي نهارا لم يمس حتى يخبر به عليا، وإذا نزل عليه ليلا لم يصبح حتى يخبر به عليا (4). 872 / 22 – حدثنا الحسين بن علي بن أحمد الصائغ (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبيدالله، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله ذات يوم بأصحابه الفجر ثم جلس معهم يحدثهم حتى طلعت الشمس، فجعل الرجل يقوم بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي، فقال لهما رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد علمت أن لكما حاجة، تريدان أن تسألاني عنها، فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، وإن شئتما فاسألاني. قالا: بل تخبرنا أنت يا رسول الله، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبعد


(1) الحجزة: موضع شد الازار من الوسط. ويقال: أخذ بحجزته: التجأ إليه واستعان به. (2) بحار الانوار 22: 321 / 9. (3) بحار الانوار 40: 135 / 24. (4) بحار الانوار 40: 135 / 25.

[ 643 ]

من الارتياب، وأثبت للايمان. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما أنت – يا أخا الانصار – فإنك من قوم يؤثرون على أنفسهم، وأنت قروي، وهذا الثقفي بدوي، أفتؤثره بالمسألة؟ فقال: نعم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما أنت – يا أخا ثقيف – فإنك جئت تسألني عن وضوئك وصلاتك وما لك فيهما من الثواب، فاعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء وقلت: بسم الله، تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك، فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما، وفوك بلفظه، وإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك، فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئك، فإذا قمت إلى الصلاة وتوجهت وقرأت أم الكتاب وما تيسر لك من السور ثم ركعت فأتممت ركوعها وسجودها وتشهدت وسلمت، غفر لك كل ذنب فيما بينك وبين الصلاة التي قدمتها إلى الصلاة المؤخرة، فهذا لك في صلاتك. وأما أنت – يا أخا الانصار – فإنك جئت تسألني عن حجك وعمرتك وما لك فيهما من الثواب، فاعلم أنك إذا أنت توجهت إلى سبيل الحج ثم ركبت راحلتك ومضت بك راحلتك، لم تضع راحلتك خفا ولم ترفع خفا إلا كتب الله لك حسنة ومحا عنك سيئة، فإذا أحرمت ولبيت كتب الله لك بكل تلبية عشر حسنات ومحا عنك عشر سيئات، فإذا طفت بالبيت أسبوعا كان لك بذلك عند الله عزوجل عهد وذكر يستحيي منك ربك أن يعذبك بعده، فإذا صليت عند المقام ركعتين كتب الله لك بهما ألفي ركعة مقبولة، فإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند الله عزوجل مثل أجر من حج ماشيا من بلاده ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة، وإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس، فلو كان عليك من الذنوب، قدر رمل عالج وزبد البحر لغفرها الله لك، فإذا رميت الجمار كتب الله لك بكل حصاة عشر حسنات


[ 644 ]

تكتب لك لما تستقبل من عمرك، فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك (1) كتب الله لك بكل قطرة من دمها حسنة تكتب لك لما تستقبل من عمرك، فإذا طفت بالبيت أسبوعا (2) للزيارة وصليت عند المقام ركعتين ضرب ملك كريم على كتفيك، ثم قال: أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم (3). وصلى الله على رسوله محمد وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل.


(1) البدنة: ناقة أو بقرة تنحر بمكة قربانا. (2) أي سبع مرات. (3) بحار الانوار 99: 3 / 3.

[ 645 ]

[ 82 ] المجلس الثاني والثمانون مجلس يوم الثلاثاء الحادي عشر من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة. 873 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصائم في عبادة الله، وإن كان نائما على فراشه، ما لم يغتب مسلما (1). 874 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن سنان، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة (2). 875 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن


(1) بحار الانوار 75: 249 / 18. (2) بحار الانوار 70: 203 / 9.

[ 646 ]

الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي قتادة القمي، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، عن أبان الاحمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إن الناس تذاكروا عنده الفتوة، فقال: أتظنون أن الفتوة بالفسق والفجور؟ كلا إنما الفتوة والمروة طعام موضوع، ونائل مبذول، واصطناع المعروف، وأذى مكفوف، فأما تلك فشطارة وفسق. ثم قال (عليه السلام): ما المروة؟ فقلنا: لا نعلم. قال: المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروة مروتان: مروة في الحضر، ومروة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن، ولزوم المساجد، والمشي مع الاخوان في الحوائج، والانعام على الخادم فإنه مما يسر الصديق ويكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك، وكتمانك على القوم سرهم بعد مفارقتك إياهم، وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل. ثم قال (عليه السلام): والذي بعث جدي (صلى الله عليه وآله) بالحق نبيا، إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروة، وإن المعونة لتنزل من السماء على قدر المؤونة، وإن الصبر لينزل على قدر شدة البلاء (1). 876 / 4 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إسماعيل بن عبد الخالق وأبي الصباح الكناني، جميعا، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من كف أذاه عن جاره أقاله الله عزوجل عثرته يوم القيامة، ومن أعف بطنه وفرجه كان في الجنة ملكا محبورا، ومن أعتق نسمة مؤمنة بنى الله عزوجل له بيتا في الجنة (2). 877 / 5 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)،


(1) أمالي الطوسي: 300 / 594، بحار الانوار 76: 311 / 1، و 79: 300 / 9. (2) بحار الانوار 74: 150 / 3.

[ 647 ]

قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني سليمان بن جعفر الجعفري، قال: قلت لابي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في القرآن، فقد اختلف فيه من قبلنا، فقال قوم: إنه مخلوق، وقال قوم: إنه غير مخلوق؟ فقال (عليه السلام): أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون، ولكني أقول إنه كلام الله عزوجل (1). 878 / 6 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن عيسى النهر يري، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عرف الله وعظمه من عفاه من الكلام، وبطنه من الطعام، وعنى نفسه بالصيام والقيام. قالوا: بآبائنا وامهاتنا – يا رسول الله – هؤلاء أولياء الله؟ قال: إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب (2). 879 / 7 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام). قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحب إخواني إلي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأحب أعمامي إلي حمزة (3).


(1) التوحيد: 22 4 / 5، بحار الانوار 92: 118 / 5. (2) تقدم في المجلس (50) الحديث (7). (3) بحار الانوار 22: 275 / 23.

[ 648 ]

880 / 8 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا العباس بن الفضل بن شاذان المقري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن هارون، عن عزرة القطان، قال: حدثنا مسعود أبو عبد الله الخلادي، قال: حدثني تليد، عن أبي الحجاف، عن أبي إدريس، عن مجاهد، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي: يا علي، من فارقك فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عزوجل (1). 881 / 9 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن محمد البصري، قال: حدثنا ابن عمارة، قال: حدثنا علي بن أبي الزعزاع البرقي، قال: حدثنا أبو ثابت عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: جاع النبي (صلى الله عليه وآله) جوعا شديدا، فأتى الكعبة فتعلق بأستارها، فقال: رب محمد، لا تجع محمد أكثر مما أجعته. قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه لوزة. فقال: يا محمد، إن الله جل جلاله يقرأ عليك السلام. فقال: يا جبرئيل، الله السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام فقال: إن الله يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة، ففك عنها فإذا فيها ورقة خضراء نضرة مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدت محمدا بعلي، ونصرته به، ما أنصف الله من نفصه من أتهم الله في قضائه، واستبطأ في رزقه (2). 882 / 10 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن وهب بن وهب القاضي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تنفلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين، فإنهما تورثان دار الكرامة. قيل: يا رسول الله، وما ساعة الغفلة. قال: بين المغرب والعشاء (3).


(1) بحار الانوار 38: 39 / 17. (2) بحار الانوار 39: 124 / 8. (3) ثواب الاعمال: 44، معاني الاخبار: 265 / 1، علل الشرائع: 343 / 1 إلى قوله: دار الكرامة، فلاح السائل: 245، بحار الانوار 87: 95 / 13 و 14.

[ 649 ]

883 / 11 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى محمد بن علي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: بينا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ذات يوم جالس مع ابن الحنفية إذ قال: يا محمد، ائتني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة. فأتاه محمد بالماء، فأكفأ بيده اليمنى على يده اليسرى: ثم قال: بسم الله والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا. قال: ثم استنجى، فقال: اللهم حصن فرجي وأعفه، واستر عورتي، وحرمني على النار. قال: ثم تمضمض، فقال: اللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك. ثم استنشق، فقال: اللهم لا تحرم علي ريح الجنة، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها. قال: ثم غسل وجهه، فقال: اللهم بيض وجهي يوم تسود (1) الوجود، ولا تسود وجهي يوم تبيض (2) الوجوه. ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري، وحاسبني حسابا يسيرا. ثم غسل يده اليسرى، فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مقطعات النيران. ثم مسح رأسه فقال: اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك. ثم مسح رجليه فقال: اللهم ثبت قدمي على الصراط (3) يوم تزل فيه الاقدام، واجعل سعيي فيما يرضيك عني. ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال: يا محمد، من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي، خلق الله عزوجل من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره، ويكتب الله عزوجل له ثواب ذلك إلى يوم القيامة (4).


(1) زاد في نسخة: فيه. (2) زاد في نسخة: فيه. (3) في نسخة: ثبتني على الصراط. (4) الفقه المنسوب إلى الامام الرضا (عليه السلام): 69، المحاسن: 45 / 61، الكافي 3: 70 / 6، من لا يحضره الفقيه 1: 26 / 84، ثواب الاعمال: 16، المقنع: 3، التهذيب 1: 53 / 153، فلاح السائل: 52، بحار الانوار 80: 318 / 12.

[ 650 ]

884 / 12 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، قال حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: كان عيسى بن مريم (عليه السلام)، يقول لاصحابه: يا بني آدم، اهربوا من الدنيا إلى الله، وأخرجوا قلوبكم عنها، فإنكم لا تصلحون لها ولا تصلح لكم، ولا تبقون فيها ولا تبقى لكم، هي الخداعة الفجاعة، المغرور من اغتر بها، المغبون من اطمأن إليها، الهالك من أحبها وأرادها، فتوبوا إلى بارئكم، واتقوا ربكم، واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا. أين آباؤكم، أين أمهاتكم، أين إخوتكم، أين أخواتكم، أين أولادكم؟ دعوا فأجابوا، واستودعوا الثرى، وجاوروا الموتى، وصاروا في الهلكى، وخرجوا عن الدنيا، وفارقوا الاحبة، واحتاجوا إلى ما قدموا، واستغنوا عما خلفوا، فكم توعظون، وكم تزجرون، وأنتم لاهون ساهون! مثلكم في الدنيا مثل البهائم، همتكم (1) بطونكم وفروجكم، أما تستحيون ممن خلقكم؟! وقد وعد من عصاه النار ولستم ممن يقوى على النار، ووعد من أطاعه الجنة ومجاورته في الفردوس الاعلى، فتنافسوا فيه وكونوا من أهله، وأنصفوا من أنفسكم، وتعطفوا على ضعفائكم وأهل الحاجة منكم، وتوبوا إلى الله توبة نصوحا، وكونوا عبيدا أبرارا، ولا تكونوا ملوكا جبابرة ولا من العتاة الفراعنة المتمردين على من قهرهم بالموت، جبار الجبابرة رب السماوات ورب الارضين، وإله الاولين والآخرين، مالك يوم الدين، شديد العقاب، أليم العذاب، لا ينجو منه ظالم، ولا يفوته شئ، ولا يعزب عنه شئ، ولا يتوارى منه شئ أحصى كل شئ علمه، وأنزله منزلته في جنة أو نار. ابن آدم الضعيف، أين تهرب ممن يطلبك في سواد ليلك وبياض نهارك وفي كل حال من حالاتك، قد أبلغ من وعظ، وأفلح من اتعظ (2).


(1) في نسخة: همكم. (2) بحار الانوار 14: 288 / 13.

[ 651 ]

885 / 13 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، قال: حدثني محمد بن يوسف، قال: حدثني محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تظاهرت عليه النعم فليقل: الحمد لله رب العالمين، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنه كنز من كنوز الجنة، وفيه شفاء من اثنين وسبعين داء أدناها الهم (1). 886 / 14 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إسماعيل بن دينار، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: إن أهل النار يتعاوون فيها كما يتعاوى الكلاب والذئاب مما يلقون من ألم العذاب. ما ظنك – يا عمرو – بقوم لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، عطاش فيها جياع، كليلة أبصارهم، صم بكم عمي، مسودة وجوههم، خاسئين فيها نادمين، مغضوب عليهم فلا يرحمون، ومن العذاب لا (2) يخفف عنهم، وفي النار يسجرون، ومن الحميم يشربون، ومن الزقوم يأكلون، وبكلاليب النار يخطمون، وبالمقامع يضربون، والملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون، فهم في النار يسحبون على وجوههم، ومع الشيطين يقرنون، وفي الانكال (3) والاغلال يصفدون، إن دعوا لم يستجب لهم، وإن سألوا حاجة لم تقض لهم، هذه حال من دخل النار (4). 887 / 15 – حدثنا علي بن محمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا عبد الرحيم بن علي بن سعيد الجبلي، قال: حدثنا الحسن بن نصر الخزاز، قال: حدثنا عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، قال: أتيت عبد الله بن عباس فقلت له: يا بن عم رسول الله، إني جئتك أسألك عن علي بن


(1) بحار الانوار 93: 186 / 6. (2) في نسخة: فلا. (3) الانكال: جمع نكل، القيد الشديد. (4) بحار الانوار 8: 281 / 3.

[ 652 ]

أبي طالب واختلاف الناس فيه. فقال ابن عباس: يا بن جبير، جئتني تسألني عن خير خلق الله من الامة بعد محمد نبي الله، جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة، وهي ليلة القربة (1). يا بن جبير، جئتني تسألني عن وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووزيره، وخليفته، وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته. والذي نفس ابن عباس بيده، لو كانت بحار الدنيا مدادا، وأشجارها أقلاما، وأهلها كتابا، فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفضائله من يوم خلق الله عزوجل الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى (2). 888 / 16 – وبهذا الاسناد، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن إسماعيل بن أبان، عن سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، والائمة بعدهما سادات المتقين، ولينا ولي الله، وعدونا عدو الله، وطاعتنا طاعة الله، ومعصيتنا معصية الله عزوجل (3). 889 / 17 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد ابن محمد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): أنه قال: نحن سادة في الدنيا وملوك في الآخرة (4). وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) المراد بليلة القربة ليلة بدر حيث ذهب (عليه السلام) ليأتي بالماء، وسلم عليه ثلاثة آلاف من الملائكة فيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، فكان كل سلام من الملائكة منقبة. (2) بحار الانوار 40: 7 / 17. (3) بحار الانوار 36: 228 / 6. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 57 / 210، بحار الانوار 26: 262 / 44.

[ 653 ]

[ 83 ] المجلس الثالث والثمانون مجلس يوم الجمعة الرابع عشر من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 890 / 1 – حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني، عن إبراهيم بن مقاتل، قال: حدثني حامد بن محمد، عن عمرو بن هارون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لقد هممت بتزويج فاطمة بنت محمد (صلوات الله عليهما) حينا، ولم أتجرأ أن أذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله)، وإن ذلك اختلج في صدري ليلا ونهارا حتى دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي. قلت: لبيك، يا رسول الله. قال: هل لك في التزويج؟ قلت: رسول الله أعلم. وإذا هو يريد (1) أن يزوجني بعض نساء قريش، وإني لخائف على فوت فاطمة، فما شعرت بشئ إذ أتاني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: أجب النبي وأسرع، فما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد فرحا منه اليوم، قال: فأتيته مسرعا، فإذا هو في حجرة أم سلمة، فلما نظر إلى تهلل وجهه فرحا وتبسم


(1) في العيون: رسول الله أعلم، وظننت أنه يريد.

[ 654 ]

حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق، فقال: أبشر يا علي، فإن الله عزوجل قد كفاني ما قد كان همني من أمر تزويجك. فقلت: وكيف ذلك، يا رسول الله؟ قال: أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنة وقرنفلها فناولنيهما، فأخذتهما وشممتهما، فقلت: ما سبب هذا السنبل والقرنفل؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أمر سكان الجنان من الملائكة ومن فيها أن يزينوا الجنان كلها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها، وأمر ريحها فهبت بأنواع العطر والطيب، وأمر حور عينها بالقراءة فيها بسورة طه وطواسين ويس وحمعسق. ثم نادى مناد من تحت العرش: ألا إن اليوم يوم وليمة علي بن أبي طالب، ألا إني أشهدكم أني قد زوجت فاطمة بنت محمد من علي بن أبي طالب رضا مني، بعضهما لبعض، ثم بعث الله تبارك وتعالى سحابة بيضاء، فقطرت عليهم من لؤلؤها وزبرجدها ويواقيتها، وقامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنة وقرنفلها، هذا مما نثرت الملائكة، ثم أمر الله تبارك وتعالى ملكا من ملائكة الجنة يقال له راحيل، وليس في الملائكة أبلغ منه، فقال: اخطب يا راحيل. فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا أهل الارض، ثم نادى مناد: ألا يا ملائكتي وسكان جنتي، باركوا على علي ابن أبي طالب حبيب محمد، وفاطمة بنت محمد، فقد باركت عليهما، ألا إني زوجت أحب النساء إلي من أحب الرجال إلي بعد النبيين والمرسلين. فقال راحيل الملك: يا رب، وما بركتك فيهما بأكثر مما رأينا لهما في جنانك ودارك؟ فقال عزوجل: يا راحيل، إن من بركتي عليهما أن أجمعهما على محبتي، وأجعلهما حجة على خلقي، وعزتي وجلالي لاخلقن منهما خلقا، ولانشئن منهما ذرية أجعلهم خزاني في أرضي، ومعادن لعلمي ودعاة إلى ديني، بهم أحتج على خلقي بعد النبيين والمرسلين. فأبشر يا علي، فإن الله عزوجل أكرمك كرامة لم يكرم بمثلها أحدا، وقد زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن، وقد رضيت لها بما رضي الله لها، فدونك أهلك فإنك أحق بها مني، ولقد أخبرني جبرئيل أن الجنة مشتاقة إليكما،


[ 655 ]

ولولا أن الله عزوجل قدر أن يخرج منكما ما يتخذه على الخلق حجة لاجاب (1) فيكما الجنة وأهلها، فنعم الاخ أنت، ونعم الختن (2) أنت، ونعم الصاحب أنت، وكفاك برضا الله رضا. قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله، بلغ من قدري حتى إني ذكرت في الجنة، وزوجني الله في ملائكته! فقال (عليه السلام): إن الله عزوجل إذا أكرم وليه وأحبه، أكرمه بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فحباها الله لك يا علي. فقال علي (عليه السلام): (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التى أنعمت على) (3)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آمين (4). 891 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منبره: يا علي، إن الله عزوجل وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الارض، فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك. يا علي، أنت العلم لهذه (5) الامة، من أحبك فاز، ومن أبغضك هلك. يا علي، أنا مدينة العلم وأنت بابها، وهل تؤتى المدينة إلا من بابها! يا علي، أهل مودتك كل أواب حفيظ وكل ذي طمر (6) لو أقسم على الله لابر قسمه.


(1) في نسخة: لاجاز. (2) الختن: زوج البنت أو زوج الاخت. (3) النمل 27: 19. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 222 / 1، و: 225 / 2، بحار الانوار 43: 101 / 12. (5) في نسخة: أنت العالم بهذه. (6) الطمر: الثوب الخلق، وقيل: الكساء البالي من غير الصوف.

[ 656 ]

يا علي، إخوانك كل طاهر زاك مجتهد، يحب فيك، ويبغض فيك، محتقر عند الخلق، عظيم المنزلة عند الله عزوجل. يا علي، محبوبك جيران الله في دار الفردوس، لا يأسفون على ما خلفوا من الدنيا. يا علي، أنا ولي لمن واليت، وأنا عدو لمن عاديت. يا علي، من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني. يا علي، إخوانك ذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم. يا علي، إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت، وعند المسألة في قبورهم، وعند العرض الاكبر، وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانها فلم يجيبوا (1). يا علي حربك حربي، وسلمك سلمي، وحربي حرب الله، ومن سالمك فقد سالمني، ومن سالمني فقد سالم الله عزوجل. يا علي، بشر إخوانك، فإن الله عزوجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضو بك وليا. يا علي، أنت أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين. يا علي، شيعتك المنتجبون، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عز وجل دين، ولولا من في الارض منكم لما أنزلت السماء قطرها. يا علي، لك كنز في الجنة، وأنت ذو قرنيها، وشيعتك تعرف بحزب الله عزوجل. يا علي، أنت وشيعتك القائمون بالقسط، وخيرة الله من خلقه. يا علي، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه، وأنت معي، ثم سائر الخلق.


(1) كذا، والمعدود أربعة، ولعل العرض والصراط واحد، أي عند العرض الاكبر عند الصراط، بحذف الواو على البدل.

[ 657 ]

يا علي، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) (1) وفيكم نزلت (لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) (2). يا علي، أنت وشيعتك تطلبون في الموقف، وأنتم في الجنان تتنعمون. يا علي، إن الملائكة والخزان يشتاقون إليكم، وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصونكم بالدعاء، ويسألون الله لمحبيكم، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح الاهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة. يا علي، شيعتك الذين يخافون الله في السر، وينصحونه في العلانية. يا علي، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون الله عزوجل وما عليهم من ذنب. يا علي، أعمال شيعتك ستعرض علي في كل جمعة، فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم، وأستغفر لسيئاتهم. يا علي، ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، و كذلك في الانجيل، فسل أهل الانجيل وأهل الكتاب عن إليا يخبروك، مع علمك بالتوراة والانجيل وما أعطاك الله عزوجل من علم الكتاب، وإن أهل الانجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفونه، وما يعرفون شيعته، وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم. يا علي، إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الارض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك، وليزدادوا اجتهادا. يا علي، إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر


(1) الانبياء 21: 101. (2) الانبياء 21: 103.

[ 658 ]

الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، ولما يرون من منزلتهم عند الله عزوجل. يا علي، قل لاصحابك العارفين بك، يتنزهون عن الاعمال التي يقارفها عدوهم، فما من يوم ولا من ليلة إلا ورحمة من الله تبارك وتعالى تغشاهم، فليجتنبوا الدنس. يا علي، اشتد غضب الله عزوجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى عدوك، وتركك وشيعتك واختار الضلال، ونصب الحرب لك ولشيعتك، وأبغضنا أهل البيت وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا. يا علي، اقرأهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، فليلقوا علمي إلى من يبلغ القرون من بعدي، وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل، فإنا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أن الله عزوجل عنهم راض، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم. يا علي، لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني احبك فأحبوك لحبي إياك، ودانوا لله عزوجل بذلك، وأعطوك صفو المودة في قلوبهم، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد، وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلا نصرنا وبذل المهج فينا مع الاذى وسوء القول وما يقاسونه من مضاضة ذلك فكن بهم رحيما واقنع بهم، فإن الله عزوجل اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، وخلقهم من طينتنا، واستودعهم سرنا وألزم قلوبهم معرفة حقنا، وشرح صدورهم، وجعلهم مستمسكين بحبلنا، لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدنيا عنهم، أيدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به، فالناس في غمة الضلال متحيرون في الاهواء، عموا عن الحجة وما جاء من عند الله عزوجل، فهم يصبحون ويمسون في سخط الله، وشيعتك على منهاج الحق والاستقامه، لا يستأنسون إلى من خالفهم، وليست الدنيا منهم


[ 659 ]

وليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى، أولئك مصابيح الدجى، أولئك مصابيح الدجى (1). 892 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عمرو بن مغلس (2)، عن خلف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله جل ثناؤه: (قال الذي عنده علم من الكتاب) (3) قال: ذاك وصي أخي سليمان بن داود. فقلت له: يا رسول الله، فقول الله عزوجل: (قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (4)، قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب (5). 893 / 4 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال: حدثني الحسين بن علي، قال: حدثني عبد الله بن سعيد الهاشمي، قال: حدثني عبد الواحد بن غياث، قال: حدثنا عاصم بن سليمان، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما سلم أقبل علينا بوجهه، ثم قال: أما إنه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والامام بعدي. فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره، وكان أطمع القوم في ذلك أبي العباس بن عبد المطلب، فلما طلع الفجر انقض


(1) صفات الشيعة: 55 / 17، بشارة المصطفى: 180، بحار الانوار 39: 306 / 122، و 68: 45 / 91. (2) في نسخة: مفلس. (3) النمل 27: 40. (4) الرعد 13: 43. (5) بحار الانوار 35: 429 / 1.

[ 660 ]

الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، والذي بعثني بالنبوة، لقد وجبت لك الوصية والخلافة والامامة بعدي. فقال المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه: لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى وما ينطق في شأنه إلا بالهوى، فأنزل الله تبارك وتعالى: (والنجم إذا هوى)، يقول الله عزوجل: وخالق النجم إذا هوى (ما ضل صاحبكم) يعني محمدا (صلى الله عليه وآله) في محبة علي بن أبي طالب (وما غوى * وما ينطق عن الهوى) يعني في شأنه (إن هو إلا وحي يوحى) (1). 894 / 5 – وحدثنا بهذا الحديث شيخ لاهل الرأي (2) يقال له أحمد بن محمد ابن الصقر الصائغ العدل، قال: حدثنا محمد بن العباس بن بسام، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن أبي الهيثم السعدي، قال: حدثني أحمد بن أبي (3) الخطاب، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، عن عبد الله بن عباس، بمثل ذلك إلا أنه قال في حديثه: يهوي كوكب من السماء مع طلوع الشمس، فيسقط في دار أحدكم (4). 895 / 6 – وحدثنا بهذا الحديث شيخ لاهل الحديث يقال له أحمد بن الحسن القطان المعروف بأبي علي بن عبد ربه العدل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الكوفي الجعفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السجزي (5) أبو إسحاق، عن يحيى بن الحسين المشهدي، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: سألت بن


(1) بحار الانوار 35: 272 / 1، والآية من سورة النجم 53: 1 – 4. (2) في نسخة: الري. (3) في نسخة: أحمد بن. (4) بحار الانوار 35: 273 / 1. (5) في نسخة: السنجري، وفي اخرى: السحري.

[ 661 ]

عباس عن قول الله عزوجل: (والنجم إذا هوى) (1) قال: هو النجم الذي هوى مع طلوع الفجر فسقط في حجرة علي بن أبي طالب، وكان أبي العباس يحب أن يسقط ذلك النجم في داره، فيحوز الوصية والخلافة والامامة، ولكن أبى الله أن يكون ذاك (2) غير علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (3). وصلى الله على محمد وآله


(1) النجم 53: 1. (2) في نسخة: ذلك. (3) بحار الانوار 35: 273 / 1.

[ 662 ]

[ 84 ] المجلس الرابع والثمانون مجلس يوم الثلاثاء الثامن عشر من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 896 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، قال: حدثنا يوسف بن يحيى الاصبهاني أبو يعقوب، قال: حدثني أبو علي إسماعيل بن حاتم، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن صالح بن سعيد المكي، قال: حدثنا عمرو بن حفص، عن إسحاق بن نجيح، عن خصيف، عن مجاهد، عن أبي سعيد الخدري، قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا علي، إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفها حين تجلس، واغسل رجليها، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون (1) من الفقر، وأدخل فيها سبعين ألف لون (2) من البركة، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتى تنال بركتها كل زاوية من بيتك، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها ما دامت في


(1) في نسخة: سبعين لونا. (2) في نسخة: سبعين لونا.

[ 663 ]

تلك الدار، وامنع العروس في أسبوعها من الالبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض، من هذه الاربعة أشياء. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، ولاي شئ أمنعها من هذه الاشياء الاربعة؟ قال: لان الرحم تعقم وتبرد من هذه الاربعة أشياء عن الولد، ولحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، فما بال الخل تمنع منه؟ قال: إذا حاضت على الخل لم تطهر أبدا طهرا بتمام، والكزبرة تثير الحيض في بطنها، وتشدد (1) عليها الولادة، والتفاح الحامض يقطع حيضها فيصير داء عليها. ثم قال: يا علي، لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره، فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها. يا علي، لا تجامع امرأتك بعد الظهر، فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول العين، والشيطان يفرح بالحول في الانسان. يا علي، لا تتكلم عند الجماع فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس، ولا ينظرن أحدكم إلى فرج امرأته، وليغض بصره عند الجماع، فإن النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد. يا علي، لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا مؤنثا مخبلا. يا علي، من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن، فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما. يا علي، لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة، ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، فإن ذلك يعقب العداوة بينكما، ثم يردكما إلى الفرقة والطلاق.


(1) في نسخة: تشتد، وفي اخرى: تسد.

[ 664 ]

يا علي، لا تجامع امرأتك من قيام، فإن ذلك من فعل الحمير، وإن قضي بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان. يا علي، لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر، فإنه إن قضي بينكما ولد لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر. يا علي، لا تجامع امرأتك في ليلة الاضحى، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع أصابع. يا علي، لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا عريفا. يا علي، لا تجامع أهلك في وجه الشمس وتلالؤها إلا أن يرخى ستر فيستركما، فإنه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بوس وفقر حتى يموت. يا علي، لا تجامع بين الاذان والاقامة، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء. يا علي، إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد. يا علي، لا تجامع أهلك في النصف من شعبان، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون مشوؤما ذا شامة في وجهه. يا علي، لا تجامع أهلك في آخر درجة منه – إذا بقي منه يومان – فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالم، ويكون هلاك فئام (1) من الناس على يديه. يا علي، لا تجامع أهلك على سقوف البنيان، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا. يا علي، وإذا خرجت في سفر، فلا تجامع أهلك تلك الليلة، فإنه إن قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق، وقرأ رسول (صلى الله عليه وآله): (إن المبذرين كانوا


(1) أي جماعة.

[ 665 ]

إخوان الشياطين) (1). يا علي، لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم عليك. يا علي، عليك بالجماع ليلة الاثنين، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله، راضيا بما قسم الله عزوجل له. يا علي، إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء، فقضي بينكما ولد، فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولا يعذبه الله مع المشركين، ويكون طيب النكهة من الفم، رحيم القلب، سخي اليد، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان. يا علي، وإن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد، فإنه يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء، وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد، فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب، ويكون فهما، ويرزقه الله السلامة في الدين والدنيا. يا علي، فإن جامعتها ليلة الجمعة، وكان بينكما ولد، فإنه يكون خطيبا قوالا مفوها، وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر، فقضي بينكما ولد، فإنه يكون معروفا مشهورا عالما، وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد صلاة العشاء الآخرة، فإنه يرجى أن يكون لكما ولد من الابدال إن شاء الله. يا علي، لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل، فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة. يا علي، احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن جبرئيل (صلى الله عليهم أجمعين) (2). 897 / 2 – حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد


(1) الاسراء 17: 27. (2) علل الشرائع: 514 / 5، الاختصاص: 132، بحار الانوار 103: 280 / 1.

[ 666 ]

ابن الحسن الصفار، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له همام وكان عابدا، فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم، فتثاقل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن جوابه، ثم قال له: ويحك يا همام، اتق الله، وأحسن، فإن الله مع الذي اتقوا والذين هم محسنون. فقال همام: يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي أكرمك بما خصك به وحباك وفضلك بما آتاك وأعطاك لما وصفتهم لي. فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) قائما على قدميه (1) فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإن الله عزوجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا لمعصيتهم، لانه لا تضره معصية من عصاه منهم، ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم، وقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من (2) الدنيا مواضعهم، وإنما أهبط الله آدم وحواء (عليهما السلام) من الجنة عقوبة لما صنعا، حيث نهاهما فخالفاه، وأمرهما فعصياه. فالمتقون فيها من أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. خشعوا (3) لله عزوجل بالطاعة فتهبوا (4)، فهم غاضون أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين أسماعهم على العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي


(1) في نسخة: رجليه. (2) في نسخة: في. (3) في نسخة: خضعوا. (4) في نسخة: فتهيبوا، وفي أخرى: فبهتوا، قال: المجلسي (رحمه الله): فتهبوا: أي نفضوا أيديهم عن الدنيا وتفرغوا للآخرة، في النهاية: يقال: جاء يتهبى، إذا جاء فارغا ينفض يديه، ويحتمل أن يكون من هب فقلت الثاني، أي انتهبوا من نوم الغفلة، وأسرعوا في الطاعة، أو بليت أبدأنهم لكثرة العبادة، وفي القاموس: الهب الانتباه من النوم، ونشاط كل سائر وسرعته، وتهبب الثوب: بلي، وفي بعض النسخ: فبهتوا، أي تحيروا في ملاحظة عظمة الله سبحانه، أو يحسبهم الناس كذلك ” بحار الانوار 67: 346 “.

[ 667 ]

نزلت منهم الرخاء، رضا منهم عن الله بالقضاء، ولولا الآجال التي كتب الله (1) عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم، ووضع (2) ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن رآها، فهم فيها متكئون، وهم والنار كمن رآها، فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، ومؤنتهم من الدنيا عظيمة، صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وطلبتهم فأعجزوها. أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن، يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم ويهيج أحزانهم، بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم جراحهم، فإذا مروا بآية فيها تخويف، أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم، فاقشعرت منها جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت انفسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، جاثين على أوساطهم، يمجدون جبارا عظيما، مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم. أما النهار فحلماء علماء بررة أتقيا، قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، أو يقول: قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة، فزع ذلك قلوبهم، فطاشت حلومهم، وذهلت عقولهم، فإذا استفاقوا بادروا إلى الله عزوجل بالاعمال الزكية.


(1) في نسخة: التي كتبت. (2) في نسخة: وصغر.

[ 668 ]

لا يرضون لله بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لانفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إن زكي أحدهم خاف مما يقولون، ويستغفر الله مما لا يعلمون، وقال: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم مني بنفسي (1)، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي مالا يعلمون، فإنك علام الغيوب، وساتر العيوب. ومن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على العلم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكسبا في رفق، وشفقة في نفقة، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، و رحمة للمجهود، وإعطاه في حق، ورفقا في كسب، وطلبا للحلال، ونشاطا في الهدى، وتحرجا عن الطمع، وبرأ في استقامة، وإغماضا عند شهوة. لا يغره ثناء من جهله، ولا يدع إحصاء عمله (2)، مستبطئا لنفسه في العمل، ويعمل الاعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وشغله الذكر، يبيت حذرا لما حذر من الغفلة، فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعب عليه نفسه لم يعطها سؤلها فيما فيه مضرته، ففرحه فيما يخلد ويدوم، وقرة عينه فيما لا يزول، ورغبة فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى، يمرج العلم بالحم، ويمزج الحلم بالعقل. تراه بعيد كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلوله، متوقعا أجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، خائفا ذنبه، قانعة نفسه، متغيبا جهله، سهلا أمره، حريزا لدينه، ميتة شهوته، كاظما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، متينا صبره، كثيرا ذكره، محكما أمره. لا يحدث بما يؤتمن عليه الاصدقاء ولا يكتم شهادته الاعداء، ولا يعمل شيئا


(1) في نسخة: أعلم بي من نفسي. (2) في نسخة: إحصاء ما عمله.

[ 669 ]

من الحق، رياء، ولا يتركه حياء الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، إن كان من الغافلين كتب من الذاكرين، وإن كان من الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، ولا يعزب حلمه، ولا يعجل فيما يريبه، ويصفح عما قد تبين له، بعيدا جهله، لينا قوله، غائبا مكره، قريبا معروفه، صادقا قوله، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شره، فهو في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يدعي ما ليس له، ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا يتنابز بالالقاب، لا يبغي على أحد، ولا يهم بالحسد، ولا يضر بالجار، ولا يشمت بالمصائب، سريع إلى الصواب، مؤد للامانات، بطئ عن المنكرات. يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، لا يدخل في الامور بجهل، ولا يخرج عن الحق بعجز، إن صمت لم يغمه الصمت، وإن نطق لم يقل خطأ، وإن ضحك لم يعد صوته سمعه، قانعا بالذي قدر له، لا يجمع به الغيظ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح، ولا يطمع فيما ليس له، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويبحث ليعلم، لا ينصت للخير ليفخر به، ولا يتكلم به ليتجبر على من سواه، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله [ هو ] (1) الذي ينتقم له. نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرة، وأراح الناس من نفسه، بعده ممن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودونه ممن دنا منه لين ورحمة، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، ولا دنوه لخديعة ولا خلابة (2)، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن خلفه من أهل البر. قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه. وأمر به فجهز وصلى عليه، وقال: هكذا تصنع المواعظ


(1) أثبتناه من النهج والبحار. (2) الخلابة: الخديعة باللسان.

[ 670 ]

البالغة بأهلها. فقال قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟ فقال: ويلك! إن لكل أجلا لن يعدوه، وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد، فإنه إنما نفث هذا القول على لسانك الشيطان (1). 898 / 3 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن حفص، قال: حدثني محمد بن هارون أبو إسحاق الهاشمي المنصوري، قال: حدثنا القاسم بن الحسين الزبيدي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: لما كان يوم غدير خم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديا فنادى الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي (عليه السلام)، وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله، أقول في علي شعرا؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): افعل. فقال: يناديهم يوم الغدير نبيهم * * بخم وأكرم بالنبي مناديا يقول فمن مولاكم ووليكم * * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا إلهك مولانا وأنت ولينا * * ولن تجدن منا لك اليوم (2) عاصيا فقال له قم يا علي فإنني * * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فقام علي أرمد العين يبتغي * * لعينيه مما يشتكيه مداويا فداواه خير الناس منه بريقه (3) * * فبورك مرقيا وبورك راقيا (4) وصلى الله على رسوله محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) الكافي 2: 179 / 1، نهج البلاغة: 303 الخطبة 193، بحار الانوار 67: 315 / 50، و: 341 / 51. (2) في نسخة: لك الدهر. (3) في نسخة: برقية. (4) بحار الانوار 37: 112 / 4.

[ 671 ]

[ 85 ] المجلس الخامس والثمانون مجلس يوم الجمعة الثاني والعشرين من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 899 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذنية، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان، واستجيب الدعاء، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح (1). 900 / 2 – وبهذا الاسناد، عن الحسين بن سعيد، عن أيمن بن محرز، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ما من عبد من شيعتنا يقوم إلى الصلاة إلا اكتفنته بعدد من خالفه ملائكة يصلون خلفه يدعون الله له حتى يفرغ من صلاته (2). 901 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 83: 26 / 1. (2) ثواب الاعمال: 37، مشكاة الانوار: 81، بحار الانوار 82: 205 / 7.

[ 672 ]

محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن طريف، قال: حدثني عمير بن مأمون العطاردي، قال: رأيت الحسن بن علي (عليه السلام) يقعد في مجلسه حين يصلي الفجر حتى تطلع الشمس، وسمعته يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من صلى الفجر ثم جلس في مجلسه يذكر الله عزوجل حتى تطلع الشمس، ستره الله عزوجل من النار، ستره الله عزوجل من النار، ستره الله عزوجل من النار (1). 902 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عمن سمع أبا سيار يقول: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: حاء جبرئيل (عليه السلام) إلى يوسف (عليه السلام) وهو في السجن، فقال: قل في دبر كل صلاة مفروضة: اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا، وارزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب، ثلاث مرات (2). 903 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن بن أحمد المالكي، قال: حدثنا منصور بن العباس، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: من قرأ في الركعتين الاوليين من صلاة الليل ستين مرة (قل هو الله أحد) في كل ركعة ثلاثين مرة، انفتل وليس بينه وبين الله عزوجل ذنب (3). 904 / 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن أيوب بن سليم العطار، عن إسحاق بن بشر الكاهلي، عن سالم الافطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله، كان كحامل


(1) بحار الانوار 85: 320 / 4، وزاد في نسخة: ثلاثا، في آخر الحديث. (2) بحار الانوار 12: 256 / 20. (3) بحار الانوار 87: 197 / 3.

[ 673 ]

صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالاناث قبل الذكور، فإن من فرح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقر بعين ابن فكأنما بكى من خشية الله عز وجل، ومن بكى من خشية الله عز وجل أدخله الله جنات النعيم (1). 905 / 7 – حدثنا علي بن عيسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد ماجيوليه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب القرشي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل (عليه السلام) أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح له قلبي، قال: يا محمد من غزا غزاة في سبيل الله من أمتك، فما أصابته قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة (2) يوم القيامة (3). 906 / 8 – وبهذا الاسناد، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للجنة باب يقال له باب المجاهدين، يمضون إليه، فإذا هو مفتوح، وهم متقلدون سيوفهم – والجمع في الموقف – والملائكة ترحب بهم، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا في نفسه، وفقرا في معيشته، ومحقا في دينه، إن الله تبارك وتعالى أعز امتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها (4). 907 / 9 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من بلغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة، وهو شريكه في باب غزوته (5). 908 / 10 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خيول الغزاة خيولهم في الجنة (6).


(1) بحار الانوار 104: 69 / 2. (2) في نسخة: شاهدة. (3) بحار الانوار 100: 8 / 5. (4) بحار الانوار 100: 8 / 6. (5) بحار الانوار 100: 9 / 7. (6) ثواب الاعمال: 190، بحار الانوار 100: 9 / 8 و 9.

[ 674 ]

909 / 11 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد الله الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة والنار (1). 910 / 12 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تمنى شيئا وهو لله عز وجل رضا لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه (2). 911 / 1 3 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سعيد الاعرج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من أوثق عرى الايمان أن تحب في الله، وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله عز وجل (3). 912 / 14 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: من قال حين يمسي ثلاث مرات (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون) (4)، لم يفته خير يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها. ومن قال مثل ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون في ذلك


(1) ثواب الاعمال: 190، بحار الانوار 100: 9 / 10. (2) الخصال: 4 / 7، بحار الانوار 71: 261 / 1. (3) ثواب الاعمال: 168، بحار الانوار 69: 236 / 2. (4) الروم 30: 17 و 18.

[ 675 ]

اليوم، وصرف عنه جميع شره (1). 913 / 15 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن عمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الملك ينزل بصحيفة أول النهار وأول الليل، فيكتب فيها عمل ابن ادم، فأملوا في أولها خيرا وفي آخرها خيرا، فإن الله عز وجل يغفر لكم فيما بين ذلك إن شاء الله، وإن الله عز وجل يقول: (اذكروني أذكركم) (2) ويقول جل جلاله: (ولذكر الله أكبر) (3). 914 / 16 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): قال: يا أبا هارون، إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي (4). 915 / 17 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن سعيد، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: من قال إذا خرج من بيته: بسم الله، قال الملكان: هديت، فإن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وقيت، فإن قال: توكلت على الله، قالا: كفيت. فيقول الشيطان: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي! (5). 916 / 18 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن


(1) ثواب الاعمال: 166، بحار الانوار 86: 253 / 1 9. (2) البقرة 2: 152. (3) تفسير العياشي 1: 67 / 119، ثواب الاعمال: 167، بحار الانوار 86: 247 / 7، والآية من سورة العنكبوت 29: 45. (4) ثواب الاعمال: 163، بحار الانوار 85: 328 / 3. (5) ثواب الاعمال: 162، بحار الانوار 76: 169 / 12.

[ 676 ]

أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذات يوم لعلي (عليه السلام): ألا أبشرك؟ فقال: بلى بأبي أنت وامي، فإنك لم تزل مبشرا بكل خير. فقال: أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب. فقال له علي (عليه السلام): وما الذي أخبرك يا رسول الله؟ قال: أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي، فتحت له أبواب السماء وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وإن كان مذنبا خطاء، ثم تتحات عنه الذنوب كما يتحات الورق من الشجر، ويقول الله تبارك وتعالى: لبيك يا عبدي وسعديك، ويقول الله لملائكته: يا ملائكتي، أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة. وإذا صلى علي ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي، كان بينها وبين السماء سبعون حجابا، ويقول الله جل جلاله: لا لبيك ولا سعديك، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبي عترته، فلا يزال محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي (1). 917 / 19 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن صالح الاسدي، عن محمد بن هارون، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إذا صلى أحدكم ولم يذكر النبي (صلى الله عليه وآله) يسلك بصلاته غير سبيل الجنة (2). 918 / 20 – قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار، فأبعده الله عز وجل من رحمته (3). 919 / 21 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر أبو الحسين الكوفي الاسدي، قال: حدثني موسى بن عمران النخعي، قال: حدثنا الحسين بن يزيد، قال: حدثني حفص بن غياث، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة يؤذون أهل النار


(1) ثواب الاعمال: 157، بحار الانوار 94: 56 / 30. (2) عقاب الاعمال: 206، بحار الانوار 94: 49 / 7. (3) بحار الانوار 94: 49 / 7.

[ 677 ]

على ما بهم من الاذى، يسقون من الحميم والجحيم، ينادون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض، ما بال هؤلاء الاربعة قد آذونا على ما بنا من الاذى؟ فرجل معلق في تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه قيحا ودما، ورجل يأكل لحمه. فيقال لصاحب التابوت: ما بال الابعد قد آذنا على ما بنا من الاذى؟ فيقول: إن الابعد مات وفي عنقه أموال الناس، ولم يجد لها في نفسه أداء ولا وفاء. ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الابعد قد آذانا على ما بنا من الاذى؟ فيقول: إن الابعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده. ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا ودما: ما بال الابعد قد آذانا على ما بنا من الاذى؟ فيقول: إن الابعد كان يحاكي، فينظر إلى كل كلمة خبيثة فيسندها ويحاكي بها. ثم يقال للذي يأكل لحمه، ما بال الابعد قد آذانا على ما بنا من لاذى؟ فيقول: إن الابعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ويمشي بالنميمة (1). 920 / 22 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مدح أخاه المؤمن في وجهه واغتابه من ورائه، فقد انقطع ما بينهما من العصمة (2). 921 / 23 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل: فيما النجاة غدا فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه، ويخلع منه الايمان، ونفسه يخدع لو يشعر. فقيل له: وكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله، ثم يريد به غيره، فاتقوا الله واجتنبوا الرياء، فإنه شرك بالله، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك وبطل أجرك، ولا خلاق لك اليوم، فالتمس


(1) عقاب الاعمال: 247، بحار الانوار 75: 249 / 20. (2) بحار الانوار 75: 249 / 19.

[ 678 ]

أجرك ممن كنت تعمل له (1). 922 / 24 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس ابن معروف، عن علي بن الحكم، عن مندل بن علي العنزي، عن محمد بن مطرف، عن مسمع، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا غضب الله تبارك وتعالى على امة ولم ينزل بها العذاب، غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم تزك ثمارها، ولم تغزر أنهارها، وحبس عنها أمطارها، وسلط عليها شرارها (2). 923 / 25 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن أبي سلمة، عن امه أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي بن أبي طالب والائمة من ولده بعدي سادة أهل الارض، وقادة الغر المحجلين يوم القيامة (3). 924 / 26 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا عبد الله بن صالح بن أبي سلمة النصيبي، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا سيد الاولين والآخرين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وهو أخي ووارثي وخليفتي على امتي، ولايته فريضة، واتباعه فضيلة، ومحبته إلى الله وسيلة، فحزبه حزب الله، وشيعته أنصار الله، وأولياؤه أولياء الله، وأعداؤه أعداء الله، وهو إمام المسلمين،


(1) تفسير العياشي 1: 283 / 295، معاني الاخبار: 340 / 1، عقاب الاعمال: 255، بحار الانوار 72: 295 / 19. (2) الخصال: 360 / 48، بحار الانوار 91: 328 / 12. (3) بحار الانوار 23: 127 / 56.

[ 679 ]

ومولى المؤمنين، وأميرهم بعدي (1). 925 / 27 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن علي التميمي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: من سره أن ينظر إلى القضيب الاحمر الذي غرسه الله بيده، ويكون متمسكا به، فليتول عليا والائمة من ولده، فإنهم خيرة الله عز وجل وصفوته، وهم المعصومون من كل ذنب وخطيئة (2). 926 / 28 – حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني أبو الحسن المعروف بابن مقبرة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عامر، قال: حدثنا عصام بن يوسف، قال: حدثنا محمد بن أيوب الكلابي، قال: حدثنا عمرو بن سليمان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب عليا في حياته وبعد موته كتب الله عز وجل له من الامن والايمان ما طلعت عليه شمس وغربت، ومن أبغضه في حياته وبعد موته مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل (3). 927 / 29 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا علي بن الحكم، عن هشام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، ما ثبت حبك في قلب امرئ مؤمن فزلت به قدمه على الصراط إلى ثبتت له قدم حتى يدخله الله عز وجل بحبك الجنة (4). وصلى الله على رسوله محمد وأهل بيته الطاهرين المعصومين


(1) بحار الانوار 38: 107 / 36. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 57 / 211، بحار الانوار 25: 193 / 2. (3) علل الشرائع: 144 / 11، بحار الانوار 27: 76 / 7. (4) بحار الانوار 27: 77 / 8.

[ 680 ]

[ 86 ] المجلس السادس والثمانون مجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 928 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا بكر بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن زياد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: لما مرض النبي (صلى الله عليه وآله) مرضه الذي قبضه الله فيه، اجتمع إليه أهل بيته وأصحابه، فقالوا: يا رسول الله، إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك، ومن القائم فينا بأمرك؟ فلم يجبهم جوابا، وسكت عنهم. فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول، فلم يجبهم عن شئ مما سألوه. فلما كان اليوم الثالث قالوا له: يا رسول الله، إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك، ومن القائم فينا بأمرك؟ فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي، فانظروا من هو، فهو خليفتي عليكم من بعدي، والقائم فيكم بأمري، ولم يكن فيهم أحد إلا وهو يطمع أن يقول له أنت القائم من بعدي. فلما كان اليوم الرابع، جلس كل رجل منهم في حجرته، ينتظر هبوط النجم، إذ انقض نجم من السماء قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة


[ 681 ]

علي (عليه السلام)، فهاج القوم، وقالوا: والله لقد ضل هذا الرجل وغوى، وما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى، فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك: (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى) (1) إلى آخر السورة (2). 929 / 2 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، قال: حدثني محمد بن علي الكوفي، عن المفضل بن صالح الاسدي، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قيل: يا رسول الله، وإن شهد الشهادتين؟ قال: نعم، فإنما احتجز بهاتين الكلمتين عن سفك دمه، أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر. ثم قال: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا. قيل: فكيف، يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به (3). 930 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن عاصم بن أبي النجود الاسدي، عن ابن عمر، عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما امرئ مسلم جلس في مصلاه الذي يصلي فيه الفجر، يذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس، كان له من الاجر كحاج بيت الله، وغفر له، فإن جلس فيه حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة، فصلى ركعتين أو أربعا غفر له ما سلف من ذنبه، وكان له من الاجر كحاج بيت الله (4). 931 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) النجم 53: 1 – 4. (2) بحار الانوار 35: 273 / 2. (3) عقاب الاعمال: 203، بحار الانوار 27: 218 / 2. (4) ثواب الاعمال: 45، بحار الانوار 85: 320 / 5.

[ 682 ]

محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم ابن مسكين الثقفي، عن أبي العلاء الخفاف، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين، كتبتا له في عليين، فإن صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة (1). 932 / 5 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الاسدي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن حمزة، عمن سمع أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من لقي حاجا فصافحه، كان كمن استلم الحجر (2). 933 / 6 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن بنان بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) (3)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من عبد يصبح صائما فيشتم فيقول: إني صائم سلام عليك، إلا قال الرب تبارك وتعالى: استجار عبدي بالصوم من عبدي، أجيروه من ناري، وأدخلوه جنتي (4). 934 / 7 – حدثنا عبد الواحد بن محمد العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدثنا حمدان بن سليمان، قال: حدثنا علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من صام يوم سبعة وعشرين من رجب (5)، كتب الله له أجر صيام سبعين سنة (6).


(1) ثواب الاعمال 45، بحار الانوار 87: 88 / 4. (2) ثواب الاعمال: 50، بحار الانوار 99: 384 / 5. (3) زاد في نسخة: عن آبائه (عليهم السلام). (4) ثواب الاعمال: 51، بحار الانوار 96: 288 / 1. (5) وهو يوم المبعث النبوي الشريف. (6) فضائل الاشهر الثلاثة: 39 / 17، بحار الانوار 97: 34 / 11.

[ 683 ]

935 / 8 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن سهل ابن زياد الواسطي، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): من صام يوما في الحر فأصابه ظمأ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه، حتى إذا أفطر قال الله عز وجل: ما أطيب ريحك وروحك! يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له (1). 936 / 9 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من صائم يحضر قوما يطعمون إلا سبحت أعضاؤه، وكانت صلاة الملائكة عليه، وكانت صلاتهم له استغفارا (2). 937 / 10 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي: أنه سأل أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن الصوم في الحضر. فقال: ثلاثة أيام في كل شهر: الخميس من جمعة، والاربعاء من جمعة، والخميس من جمعة. فقال له الحلبي: هذا من كل عشرة أيام يوم؟ قال: نعم. وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صيام شهر رمضان وثلاثة أيام في كل شهر يذهبن بلابل الصدور (3)، إن صيام ثلاثة أيام في كل شهر يعدل صيام الدهر، إن الله عز وجل يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (4)


(1) ثواب الاعمال: 52، بحار الانوار 96: 247 / 5. (2) ثواب الاعمال: 53، بحار الانوار 96: 247 / 4. (3) أي همومها ووساوسها. (4) بحار الانوار 97: 94 / 3، والآية من سورة الانعام 6: 160.

[ 684 ]

938 / 11 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا أحمد ابن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثنا المنذر بن محمد، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، فدخل عليه رجل من أهل طوس، فقال له: يا بن رسول الله، ما لمن زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)؟ فقال له: يا طوسي، من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)، وهو يعلم أنه إمام من الله مفترض الطاعة على العباد، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقبل شفاعته في سبعين مذنبا، ولم يسأل الله عز وجل عند قبره حاجة إلا قضاها له. قال: فدخل موسى بن جعفر (عليه السلام)، فأجلسه على فخذه، وأقبل يقبل ما بين عينيه، ثم التفت إليه فقال له: يا طوسي، إنه الامام والخليفة والحجة بعدي، وإنه سيخرج من صلبه رجل يكون رضا لله عز وجل في سمائه ولعباده في أرضه، يقتل في أرضكم بالسم ظلما وعدوانا، ويدفن بها غريبا، ألا فمن زاره في غربته، وهو يعلم أنه إمام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عز وجل، كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1). 939 / 12 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن الصقر بن دلف، قال: سمعت سيدي علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: من كانت له إلى الله تبارك وتعالى حاجة، فليزر قبر جدي الرضا (عليه السلام) بطوس وهو على غسل، وليصل عند رأسه ركعتين، وليسأل الله حاجته في قنوته، فإنه يستجيب له، ما لم يسأل في مأثم، أو قطيعة رحم، وإن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة، لا يزورها مؤمن إلا أعتقه الله من النار، وأحله دار القرار (2). 940 / 13 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن داود


(1) بحار الانوار 102: 420 / 48. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 262 / 32، بحار الانوار 102: 49 / 4 و 5.

[ 685 ]

الدينوري، قال: حدثنا منذر العشراني، قال: حدثنا سعيد بن زيد، عن أبي قنبل، عن أبي الجارود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فإذا دقت الحلقة على الصفحة طنت وقالت: يا علي (1). 941 / 14 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا القاسم بن عباس، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الكوفي، قال: حدثنا أبو قتادة الحراني، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن زاذان، عن ابن عباس، قال: لما فتح الله عز وجل مكة خرجنا ونحن ثمانية آلاف رجل، فلما أمسينا صرنا عشرة الآف من المسلمين، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهجرة، فقال: لا هجرة بعد فتح مكة. قال: ثم انتهينا إلى هوازن، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، قم فانظر كرامتك على الله عز وجل، كلم الشمس إذا طلعت. قال ابن عباس: والله ما حسدت أحدا إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) في ذلك اليوم. وقلت للفضل: قم ننظر كيف يكلم علي بن أبي طالب الشمس، فلما طلعت الشمس قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع الدائب في طاعة الله ربه، فأجابته الشمس وهي تقول: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وحجة الله على خلقه. قال: فانكب علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله عز وجل، قال: فو الله لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام فأخذ برأس علي (عليه السلام) يقيمه ويمسح وجهه، ويقول: قم حبيبي، فقد أبكيت أهل السماء من بكائك، وباهى الله عز وجل بك حملة عرشه (2). 942 / 15 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 39: 235 / 18. (2) قصص الانبياء للراوندي: 292 / 362 ” نحوه “، بحار الانوار 41: 177 / 12.

[ 686 ]

إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا إسماعيل بن مرار، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب، قال: كان عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين، ومؤمن الطاق، وهشام بن سالم، والطيار، وجماعة من أصحابه فيهم هشام بن الحكم وهو شاب، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا هشام. قال: لبيك، يا بن رسول الله. قال: ألا تحدثني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته. قال هشام: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أجلك وأستحييك، ولا يعمل لساني بين يديك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أمرتكم بشئ فافعلوه. قال: هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة، وعظم ذلك علي، فخرجت إليه ودخلت البصرة في يوم الجمعة، فأتيت مسجد البصرة، فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء متزر بها من صوف، وشملة مرتد بها، والناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت: أيها العالم، أنا رجل غريب، تأذن لي فاسألك عن مسألة. قال: فقال: نعم. قال: قلت له: ألك عين؟ قال: يا بني، أي شئ هذا من السؤال؟ فقلت: هكذا مسألتي. فقال: يا بني سل، وإن كانت مسألتك حمقاء، فقلت: أجبني فيها. قال: لي: سل. فقلت: ألك عين؟ قال: نعم. قال: قلت: فما ترى بها؟ قال: الالوان والاشخاص. قال: قلت: ألك أنف؟ قال: نعم، قال: قلت: فما تصنع به؟ قال: أتشمم به الرائحة. قال: قلت: ألك فم؟ قال: نعم. قلت: وما تصنع به؟ قال: أعرف به طعم الاشياء. قال: قلت: ألك لسان؟ قال: نعم. قلت: وما تصنع به؟ قال: أتكلم به. قال: قلت: ألك أذن؟ قال: نعم. قلت: وما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الاصوات. قال: قلت: ألك يد؟ قال: نعم. قلت وما تصنع بها؟ قال: أبطش بها. قال: قلت: ألك قلب؟ قال: نعم. قلت: وما تصنع به. قال: أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح. قال: قلت: أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال: لا، قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني، إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردته إلى القلب فييقن اليقين ويبطل الشك.


[ 687 ]

قال: فقلت: إنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم. قال: قلت: فلا بد من القلب، وإلا لم تستقم الجوارح؟ قال: نعم. قال: فقلت: يا أبا مروان، إن الله تعالى ذكره لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما، يصحح لها الصحيح وييقن ما تشك فيه، ويترك هذا الخلق كلهم (1) في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟! قال: فسكت ولم يقل شيئا. قال: ثم التفت إلي فقال: أنت هشام؟ فقلت: لا. فقال لي: أجالسته؟ فقلت: لا. قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: فأنت إذن هو. قال: ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه، وما نطق حتى قمت. فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: يا هشام، من علمك هذا؟ قال: فقلت: يا ابن رسول الله، جرى على لساني. قال: يا هشام، هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى (2). 943 / 16 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن أحمد بن محمد، عن أبي نصر، عن أبان، عن زرارة وإسماعيل بن عباد القصري، عن سليمان الجعفي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وانتهى إلى حيث أراد الله تبارك وتعالى، ناجاه ربه جل جلاله، فلما أن هبط إلى السماء الرابعة ناداه: يا محمد، قال: لبيك ربي. قال له: من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة؟ قال: اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي. فقال له: اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3).


(1) في نسخة: كله. (2) بحار الانوار 61: 248 / 1. (3) بحار الانوار 18: 341 / 47.

[ 688 ]

944 / 17 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن مجبوب، عن جميل بن صالح، عن عبد الله بن غالب، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الاعداء، ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه، واللين والده (1). 945 / 18 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني الحسن بن عبد الله عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند الله عزوجل: فاطمة، والصديقة، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والرضية، والمرضية، والمحدثة، والزهراء. ثم قال: تدري لاي شئ سميت فاطمة؟ قلت: أخبرني يا سيدي، قال: فطمت من الشر، قال: ثم قال: لولا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تزوجها لما كان لها كفو على وجه الارض إلى يوم القيامة، آدم فمن من دونه (2). 946 / 19 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن معلي بن محمد البصري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن علي بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس إذا دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها، فقال


(1) التمحيص: 66 / 154، الكافي 2: 39 / 1، و 181 / 2، الخصال: 406 / 1، و 2 ” نحوه “، من لا يحضره الفقيه 4: 255 / 821 ” نحوه “، بحار الانوار 67: 268 / 1. (2) علل الشرائع: 178 / 3، الخصال: 414 / 3، دلائل الامامة: 79 / 19، بحار الانوار 43: 10 / 1.

[ 689 ]

له رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبيبي جبرئيل، لم أرك في مثل هذه الصورة؟ فقال المك: لست بجبرئيل، أنا محمود، بعثني الله عزوجل أن أزوج النور من النور. فقال (صلى الله عليه وآله): من ممن؟ قال: فاطمة من علي. قال: فلما ولى الملك إذا بين كتفيه: محمد رسول الله، علي وصيه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): منذ كم كتب هذا بين كتفيك. فقال: من قبل أن يخلق الله عزوجل آدم باثنين وعشرين ألف عام (1). وصلى الله على محمد وآله


(1) الخصال: 640 / 17، معاني الاخبار 103 / 1، بحار الانوار 43: 111 / 23.

[ 690 ]

[ 87 ] المجلس السابع والثمانون مجلس يوم الجمعة الثامن والعشرين من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 947 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن علي بن أحمد الصائغ، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد الخليلي، عن محمد بن علي بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد ابن محمد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن زرعة بن محمد، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): كيف كان ولادة فاطمة (عليها السلام)؟ فقال: نعم، إن خديجة (عليها السلام) لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة، فكن لا يدخلن عليها، ولا يسلمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة (عليها السلام) لذلك، وكان جزعا وغمها حذرا عليه (صلى الله عليه وآله). فلما حملت بفاطمة كانت (عليها السلام) تحدثها من بطنها وتصبرها، وكانت تكتم ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة (عليها السلام)، فقال لها: يا خديجة، من تحدثين؟ قالت: الجنين


[ 691 ]

الذي في بطني يحدثني ويؤنسني. قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يخبرني (1) أنها أنثى، وأنها النسلة الطاهرة الميمونة، وإن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة، ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه. فلم تزل خديجة (عليها السلام) على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم: أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها: أنت عصيتنا، ولم تقبلي قولنا، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا. فاغتمت خديجة (عليها السلام) لذلك، فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال، كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن لما رأتهن، فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثوم (2) اخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، واخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة، فلما سقطت إلى الارض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الارض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور. ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة، وإبريق من الجنة، وفي الابريق ماء من الكوثر، فتناولتها المرأة ألتي كانت بين يديها، فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة، وقنعتها بالثانية، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بالشهادتين، وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الانبياء، وأن بعلي سيد الاوصياء، وولدي سادة الاسباط، ثم سلمت عليهن، وسمت


(1) في نسخة: يبشرني. (2) في نسخة: كلثم.

[ 692 ]

كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة (عليها السلام)، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة، وألقمتها ثديها، فدر عليها، فكانت فاطمة (عليها السلام) تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة (1). 948 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن علوية الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دكين، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثنا فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: أقبلت فاطمة (عليها السلام) تمشي، كأن مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه، أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت، ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت لها: حدثك رسول الله بحديث فبكيت، ثم حدثك بحديث فضحكت، فما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن من فرحك؟ وسألتها عما قال فقالت: ما كنت لافشي سر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه أسر إلي، فقال: إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة واحدة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أراني إلا وقد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي، ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة؟ أو نساء المؤمنين، فضحكت لذلك (2). 949 / 3 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثني الحسن بن


(1) بحار الانوار 43: 2 / 1. (2) مناقب ابن شهر آشوب 3: 362، كشف الغمة 1: 453، بحار الانوار 43: 51 / 48، و: 181 / 16.

[ 693 ]

الحسين بن محمد، قال: أخبرني علي بن أحمد بن الحسين بن سليمان القطان، قال: حدثنا الحسن بن جبرئيل الهمداني، قال: أخبرنا إبراهيم بن جبرئيل، قال: حدثنا أبو عبد الله الجرجاني، عن نعيم النخعي، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كنت جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، وبين يديه علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، إذ هبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، وبيده تفاحة، فتحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله)، وحيا بها النبي عليا (عليه السلام)، فتحيا بها علي (عليه السلام)، وردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بها النبي، وحيا بها الحسن (عليه السلام)، فقبلها وردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بها النبي، وحيا بها الحسين، فتحيا بها الحسين وقبلها، وردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله) وحيا بها فاطمة، فقبلتها وردتها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وتحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله) ثانية، وحيا بها عليا (عليه السلام)، فتحيا بها علي ثانية، فلما هم أن يردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) سقطت التفاحة من أطراف أنامله، فانفلقت بنصفين، فسطع منها نور حتى بلغ سماء الدنيا، وإذا عليه سطران مكتوبان: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه تحية من الله عزوجل إلى محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمان لمحبيهم يوم القيامة من النار (1). 950 / 4 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسين بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عمير بن عمران، قال: حدثنا سليمان بن عمرو النخعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) آخذا بيد الحسين بن علي (عليهما السلام)، وهو يقول: يا أيها الناس، هذا الحسين بن علي فاعرفوه، فو الذي نفسي بيده إنه لفي الجنة، ومحبيه في الجنة، ومحبي محبيه في الجنة (2).


(1) بحار الانوار 37: 99 / 1. (2) بحار الانوار 43: 262 / 6.

[ 694 ]

951 / 5 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا علي بن عاصم، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في خروجه إلى صفين، فلما نزل بنينوى وهو شط الفرات، قال بأعلى صوته: يا بن عباس، أتعرف هذا الموضع؟ فقلت له: ما أعرفه، يا أمير المؤمنين. فقال علي (عليه السلام): لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال: فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معا (1)، وهو يقول: أوه أوه، مالي ولآل أبي سفيان، مالي ولآل حرب، حزب الشيطان، وأولياء الكفر، صبرا – يا أبا عبد الله – فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوءه للصلاة وصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم ذكر نحو كلامه الاول، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة، ثم انتبه فقال: يا ابن عباس. فقلت: ها أنا ذا. فقال: ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت: نامت عيناك ورأيت خيرا، يا أمير المؤمنين. قال: رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض، قد تقلدوا سيوفهم، وهي بيض تلمع، وقد خطوا حول هذه الارض خطة، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الارض تضطرب بدم عبيط، وكأني بالحسين سخلي (2) وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبرا آل الرسول، فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس، وهذه الجنة – يا أبا عبد الله – إليك مشتاقة. ثم يعزونني ويقولون: يا أبا الحسن، أبشر، فقد أقر الله به عينك يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ثم انتبهت هكذا. والذي نفس علي بيده، لقد حدثني


(1) في نسخة: معه. (2) كذا وفي نسخة: سخيلي، وفي كمال الدين: نجلي.

[ 695 ]

الصادق المصدق أبو القاسم (صلى الله عليه وآله) أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا، وهذه أرض كرب وبلاء، يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمة، وأنها لفي السماوات معروفة، تذكر أرض كرب وبلاء كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس. ثم قال: يا ابن عباس، اطلب لي حولها بعر الظباء، فوالله ما كذبت ولا كذبت، وهي مصفرة، لونها لون الزعفران. قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أمير المؤمنين، قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال علي (عليه السلام): صدق الله ورسوله. ثم قام (عليه السلام) يهرول إليها، فحملها وشمها، وقال: هي هي بعينها، أتعلم – يا بن عباس – ما هذه الابعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم (عليه السلام)، وذلك أنه مر بها ومعه الحواريون فرأى ها هنا الضباء مجتمعة وهي تبكي، فجلس عيسى (عليه السلام) وجلس الحواريون معه، فبكى وبكى الحواريون وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى. فقالوا: يا روح الله وكلمته، ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا: لا. قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمي، ويلحد فيها، طينة أطيب من المسك لانها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الانبياء وأولاد الانبياء، فهذه الظباء تكلمني وتقول: إنها ترعى في هذه الارض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك، وزعمت أنها آمنة في هذه الارض. ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران (1) فشمها، وقال: هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها، اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه فتكون له عزاء وسلوة، قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا، وقد اصفرت لطول زمنها، وهذه أرض كرب وبلاء. ثم قال بأعلى صوته: يا رب عيسى بن مريم، لا تبارك في قتلته، والمعين عليه،


(1) الصيران: جمع صوار – كغراب وكتاب – ومن معانيها وعاء المسك، كأنه أراد تشبيه البعر بنافجة المسك لطيبها، ويحتمل أن تكون جمع صور – بالفتح – وأراد به الحشيش الملتف النابت في تلك الارض.

[ 696 ]

والخاذل له، ثم بكى بكاء طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا، ثم أفاق، فأخذ البعر فصره في ردائه، وأمرني أن أصرها كذلك، ثم قال: يا بن عباس، إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا ويسيل منها دم عبيط، فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها ودفن. قال ابن عباس: فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظى لبعض ما افترض الله عزوجل علي، وأنا لا أحلها من طرف كمي، فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا، وكان كمي قد امتلا دما عبيطا، فجلست وأنا باك، وقلت: قد قتل والله الحسين، والله ما كذبني علي قط في حديث حدثني، ولا أخبرني بشئ قط أنه يكون إلا كان كذلك، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره. ففزعت وخرجت، وذلك عند الفجر، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط، فجلست وأنا باك، فقلت: قد قتل والله الحسين، وسمعت صوتا من ناحية البيت، وهو يقول: اصبروا آل الرسول * * قتل الفرخ النحول نزل الروح الامين * * ببكاء وعويل ثم بكى بأعلى صوته وبكيت، فأثبت عندي، تلك الساعة، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء لعشر مضين منه، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك، فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه، فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة، ولا ندري ما هو، فكنا نرى أنه الخضر (عليه السلام) (1). 952 / 6 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث أسري به إلى السماء، لم يمر بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحب من البشر واللطف والسرور به حتى مر


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 523 / 1، بحار الانوار 44: 252 / 2 و 3.

[ 697 ]

بخلق من خلق الله، فلم يلتفت إليه، ولم يقل له شيئا، فوجده قاطبا عابسا، فقال: يا جبرئيل، ما مررت بخلق من خلق الله إلا رأيت البشر واللطف والسرور منه إلا هذا، فمن هذا؟ قال: هذا مالك خازن النار، وهكذا خلقه ربه. قال: فإني أحب أن تطلب إليه أن يريني النار. فقال له جبرئيل: إن هذا محمدا رسول الله، وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار. قال: فأخرج له عنقا (1) منها فرآها، فما افتر ضاحكا (2) حتى قبضه الله عزوجل (3). وصلى الله على محمد وآله وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) أي طائفة. (2) أي ابتسم وبدت ثناياه، وفي نسخة: فرآها فلما أبصرها لم يكن ضاحكا. (3) بحار الانوار 8: 284 / 9.

[ 698 ]

[ 88 ] المجلس الثامن والثمانون يوم السبت سلخ رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة 953 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن ليث بن سعد، قال: قلت لكعب وهو عند معاوية: كيف تجدون صفة مولد النبي (صلى الله عليه وآله)، وهل تجدون لعترته فضلا؟ فالتفت كعب إلى معاوية لينظر كيف هواه، فأجرى الله عزوجل على لسانه، فقال: هات – يا أبا إسحاق رحمك الله – ما عندك؟ فقال كعب: إني قد قرأت اثنين وسبعين كتاب كلها أنزلت من السماء، وقرأت صحف دانيال كلها، ووجدت في كلها ذكر مولده ومولد عترته، وأن اسمه لمعروف، وأنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد (صلوات الله عليهما)، وما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم وآمنة أم أحمد (صلى الله عليه وآله)، وما وكلت الملائكة بأنثى حملت غير مريم أم المسيح وآمنة أم أحمد، وكان من علامة حمله أنه لما كان الليلة التي حملت آمنة به (صلى الله عليه وآله) نادى مناد في السماوات السبع: أبشروا فقد حمل الليلة بأحمد، وفي الارضين كذلك حتى في البحور، وما بقي يومئذ


[ 699 ]

في الارض دابة تدب ولا طائر يطير إلا علم بمولده، ولقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر، وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، فقيل: هذه قصور الولادة، ونجدت (1) الجنان، وقيل لها: اهتزي وتزيني، فإن نبي أوليائك قد ولد. فضحكت الجنة يومئذ فهي ضاحكة إلى يوم القيامة. وبلغني أن حوتا من حيتان البحر يقال له طمسوسا (2) – وهو سيد الحيتان – له سبع مائة ألف ذنب، يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثور، الواحد منها أكبر من الدنيا، لكل ثور سبعمائة ألف قرن من زمرد أخضر، لا يشعر بهن، اضطرب فرحا بمولده، ولولا أن الله تبارك وتعالى ثبته لجعل عاليها سافلها. ولقد بلغني أن يومئذ ما بقي جبل إلا نادى صاحبه بالبشارة ويقول: لا إله إلا الله، ولقد خضعت الجبال كلها لابي قبيس كرامة لمحمد (صلى الله عليه وآله)، ولقد قدست الاشجار أربعين يوما بأنواع أفنانها (3) وثمارها فرحا بمولده، ولقد ضرب بين السماء والارض سبعون عمودا من أنواع الانوار لا يشبه كل واحد صاحبه، وقد بشر آدم بمولده فزيد في حسنه سبعين ضعفا، وكان قد وجد مرارة الموت، وكان قد مسه ذلك فسري عنه ذلك. ولقد بلغني أن الكوثر اضطرب في الجنة واهتز، فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدر والياقوت نثارا لمولد محمد (صلى الله عليه وآله)، ولقد زم إبليس وكبل (4) وألقي في الحصن أربعين يوما، وغرق عرشه أربعين يوما، ولقد تنكست الاصنام كلها وصاحت وولولت، ولقد سمعوا صوتا من الكعبة: يا آل قريش، لقد جاءكم (5) البشير، جاءكم النذير معه عز الابد والربح الاكبر، وهو خاتم الانبياء. ونجد في الكتب أن


(1) أي زينت. (2) في نسخة: طموسا. (3) أي أغصانها. (4) الزم: الشد، والتكبيل: التقييد والسجن. (5) في نسخة: يالقريش جاءكم.

[ 700 ]

عترته خير الناس بعده، وأنه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي. فقال معاوية: يا أبا إسحاق، ومن عترته؟ قال كعب: ولد فاطمة. فعبس وجهه، وعض على شفتيه، وأخذ يعبث بلحيته. فقال كعب: وإنا نجد صفة الفرخين المستشهدين، وهما فرخا فاطمة، يقتلهما شر البرية، قال: ومن يقتلهما؟ قال: رجل من قريش. فقام معاوية وقال: قوموا إن شئتم، فقمنا (1). 954 / 2 – حدثنا علي بن عيسى المجاور (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد ابن بندار، عن أبيه، عن محمد بن علي المقري، عن محمد بن سنان، عن مالك بن عطية، عن ثوير بن سعيد، عن أبيه سعيد بن علاقة، عن الحسن البصري، قال: صعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) منبر البصرة فقال: أيها الناس، انسبوني، فمن عرفني فلينسبني، وإلا فأنا أنسب نفسي، أنا زيد بن عبد مناف بن عامر بن عمرو ابن المغيرة بن زيد بن كلاب، فقام إليه ابن الكواء فقال: يا هذا، ما نعرف لك نسبا غير أنك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب. فقال له: يا لكع، إن أبي سماني زيدا باسم جده قصي، وإن اسم أبي عبد مناف فغلبت الكنية على الاسم، وإن اسم عبد المطلب عامر فغلب اللقب على الاسم، واسم هاشم عمرو فغلب القلب على الاسم، واسم عبد مناف المغيرة فغلب اللقب على الاسم، وإن اسم قصي زيد فسمته العرب مجمعا – لجمعه إياها من البلد الاقصى إلى مكة – فغلب اللقب على الاسم (2). 955 / 3 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: أوحى الله عزوجل إلى


(1) بحار الانوار 15: 261 / 12. (2) معاني الاخبار: 121 / 2 ” نحوه “، بحار الانوار 35: 51 / 5.

[ 701 ]

داود (عليه السلام): أن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي. قال: فقال داود (عليه السلام): يا رب، وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة. قال: فقال داود (عليه السلام): حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه (1) منك (2). 956 / 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، قال: سمعت يونس ابن يعقوب يقول عن سنان بن طريف، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال: إنا أول أهل بيت نوه الله بأسمائنا، أنه لما خلق الله السماوات والارض أمر مناديا فنادى: أشهد أن لا إله إلا الله، ثلاثا، أشهد أن محمدا رسول الله، ثلاثا، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا، ثلاثا (3). 957 / 5 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن الحسين ابن عبيد الله، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: أوحى الله عزوجل إلى محمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد، إني خلقتك ولم تك شيئا، ونفخت فيك من روحي كرامة مني أكرمتك بها، حتى أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعا، فمن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني، وأوجبت ذلك في علي وفي نسله من اختصصت منهم لنفسي (4). 958 / 6 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقولان: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر انته، هل من داع فيستجاب له، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه، هل من مغموم


(1) في نسخة: لا ينقطع رجاؤه. (2) قصص الانبياء للراوندي: 198 / 250، بحار الانوار 14: 34 / 5. (3) بحار الانوار 37: 295 / 10. (4) بحار الانوار 23: 127 / 57.

[ 702 ]

فينفس عنه غمه، اللهم عجل للمنفق ماله خلفا، وللمسك تلفا، فهذا دعاؤهما حتى تغرب الشمس (1). 959 / 7 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إن الله عزوجل أوحى إلى عيسى بن مريم (عليه السلام): يا عيسى، ما أكرمت خليقة بمثل ديني، ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي، اغسل بالماء منك ما ظهر، وداو بالحسنات ما بطن، فإنك إلي راجع، شمر فكل ما هو آت قريب، وأسمعني منك صوتا حزينا (2). 960 / 8 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن محمد بن الحسين بن زيد، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من أحب كافرا فقد أبغض الله، ومن أبغض كافرا فقد أحب الله. ثم قال (عليه السلام): صديق عدو الله عدو الله (3). 961 / 9 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه: أيها الناس، اسمعوا قولي واعقلوه عني، فإن الفراق قريب، أنا إمام البرية، ووصي خير الخليقة، وزوج سيدة نساء هذه الامة، وأبو العترة الطاهرة والائمة الهادية، أنا أخو رسول الله، ووصيه، ووليه، ووزيره، وصاحبه، وصفيه، وحبيبه، وخليله، أنا أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وسيد الوصيين،


(1) بحار الانوار 93: 380 / 3. (2) تقدم في المجلس (78) الحديث (1) بسند آخر. (3) بحار الانوار 69: 237 / 3.

[ 703 ]

حربي حرب الله، وسلمي سلم الله، وطاعتي طاعة الله وولايتي ولاية الله، وشيعتي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله. والذي خلقني ولم أك شيئا، لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أن الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الامي، وقد خاب من افترى (1). 962 / 10 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سمع بعض آبائي (2) (عليهم السلام) رجلا يقرأ أم القرآن فقال: شكر واجر، ثم سمعه يقرأ: (قل هو الله أحد) فقال: آمن وأمن، ثم سمعه يقرأ (إنا أنزلناه) فقال: صدق وغفر له، ثم سمعه يقرأ آية الكرسي، فقال: بخ بخ، نزلت براءة هذا من النار (3). 963 / 11 – وبهذا الاسناد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: إن لله عزوجل يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته، يعطي كل عبد منها ما يشاء، فمن قرأ (إنا أنزلناه في ليلة القدر) بعد العصر يوم الجمعة مائة مرة، وهب الله له تلك الالف ومثلها (4). 964 / 12 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد، إن الله جل جلاله يقرئك السلام، ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك. فقال: يا جبرئيل، بين لي ذلك؟ فقال: أما الصلب الذي أنزلك فعبد الله بن عبد المطلب، وأما البطن الذي


(1) بحار الانوار 39: 335 / 4. (2) في نسخة: آبائه. (3) بحار الانوار 92: 262 / 2. (4) جمال الاسبوع: 452، بحار الانوار 90: 94 / 10.

[ 704 ]

حملك فآمنة بنت وهب، وأما الحجر الذي كفلك فأبو طالب بن عبد المطلب وفاطمة بنت أسد (1). 965 / 13 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل ابن أبي قرة السمندي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان في بني إسرائيل مجاعة حتى نبشوا الموتى فأكلوهم، فنبشوا قبرا فوجدوا فيه لوحا فيه مكتوب: أنا فلان النبي، ينبش قبري حبشي، ما قدمنا وجدناه، وما أكلنا ربحناه، وما خلفنا خسرناه (2). 966 / 14 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من كان في قلبه مثقال حبة من خردل عصبية، بعثه الله عزوجل يوم القيامة مع أعراب الجاهلية (3). 967 / 15 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المدني، عن محمد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف الزام، عن أبي عبيدة، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): من قال في السوق: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، كتب الله له ألف ألف حسنة (4). 968 / 16 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله


(1) معاني الاخبار: 136 / 1، بحار الانوار 15: 108 / 52. (2) بحار الانوار 78: 445 / 2. (3) بحار الانوار 73: 289 / 7. (4) بحار الانوار 103: 97 / 25.

[ 705 ]

الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال (سبحان الله) غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال (الحمد لله) غرس الله لها بها شجرة في الجنة، ومن قال (لا إله إلا الله) له غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال (الله أكبر) غرس الله له بها شجرة في الجنة. فقال رجل من قريش: يا رسول الله، إن شجرنا في الجنة لكثير. قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، وذلك أن الله عزوجل يقول: (يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) (1). وصلى الله على محمد وآله


(1) ثواب الاعمال: 11، بحار الانوار 8: 186 / 154، و 93: 168 / 3، والآية من سورة محمد (صلى الله عليه وآله) 47: 33.

[ 706 ]

[ 89 ] المجلس التاسع والثمانون مجلس يوم الاحد غرة شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة في دار السيد أبي محمد يحيى بن محمد العلوي (رضي الله عنه) 969 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم (عليه السلام): يا آدم، إني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات، واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس، فأما التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فاجازيك بعملك أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة، وأما التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك (1). 970 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 1: 257 / 1.

[ 707 ]

محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة، فجهلوك وقدروك (1)، والتقدير على غير ما به وصفوك، وإني برئ – يا إلهي – من الذين بالتشبية طلبوك، ليس كمثلك شئ، إلهي ولن يدركوك، وظاهر ما بهم من نعمك دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك – يا إلهي – مندوحة أن يتناولوك، بل سووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا، فبذلك وصفوك، تعاليت ربي عما به المشبهون نعتوك (2). 971 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: سئل الحسين بن علي (عليهما السلام) فقيل له: كيف أصبحت، يا بن رسول الله؟ قال: أصبحت ولي رب فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب، ولا أدفع ما أكره، والامور بيد غيري، فإن شاء عذبني، وإن شاء عفا عني، فأي فقير أفقر مني! (3) 972 / 4 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن زياد الازدي، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): بلية الناس عظيمة، إن دعوناهم لم يجيبونا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا (4). 973 / 5 – قال المفضل: وسمعت الصادق (عليه السلام) يقول لاصحابه: من وجد


(1) في نسخة: وبه قدروك. (2) بحار الانوار 3: 293 / 14. (3) بحار الانوار 78: 116 / 1. (4) بحار الانوار 23: 99 / 1.

[ 708 ]

برد حبنا على قلبه، فليكثر الدعاء لامه، فإنها لم تخن أباه (1). 974 / 6 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي، قال: قلت للصادق (عليه السلام): إن رجلا رأى ربه عزوجل في منامه، فما يكون ذلك؟ فقال: ذلك رجل لا دين له، إن الله تبارك وتعالى لا يرى في اليقظة، ولا في المنام، ولا في الدنيا، ولا في الآخرة (2). 975 / 7 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، قال: حدثني محمد بن علي الصيرفي الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن أبان بن عثمان الاحمر، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني عن الله تبارك وتعالى، لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا؟ قال: نعم. فقلت له: فإن رجلا ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بسمع، وبصيرا ببصر، وعليما بعلم، وقادرا بقدرة. قال: فغضب (عليه السلام)، ثم قال: من قال ذلك ودان به فهو مشرك، وليس من ولايتنا على شئ، إن الله تبارك وتعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة (3). 976 / 8 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: وقع بين سلمان الفارسي (رحمه الله) وبين رجل كلام وخصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة،


(1) معاني الاخبار: 161 / 4، علل الشرائع: 142 / 5، بحار الانوار 27: 146 / 6. (2) بحار الانوار 4: 32 / 7. (3) بحار الانوار 4: 63 / 2.

[ 709 ]

فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، ومن خف ميزانه فهو اللئيم (1). 977 / 9 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: إني مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إلي أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين (2). 978 / 10 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني جعفر بن عبد الله الناونجي (3)، عن عبد الجبار بن محمد، عن داود الشعيري، عن الربيع صاحب المنصور، قال: بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يستقدمه لشئ بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار، فإني رأيت حرده (4) عليك شديدا، فقال الصادق (عليه السلام): علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فرد (عليه السلام)، ثم قال له: يا جعفر، قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لابيك علي بن أبي طالب: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من تراب قدميك، يستشفون به. وقال علي (عليه السلام): يهلك في اثنان ولا ذنب لي: محب غال، ومفرط قال قال ذلك اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط، ولعمري إن عيسى بن


(1) بحار الانوار 22: 355 / 1. (2) بحار الانوار 102: 34 / 15. (3) في نسخة: النماونجي. (4) الحرد: الغضب.

[ 710 ]

مريم (عليه السلام) لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان، زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك حبر الدهر وناموسه، وحجة المعبود وترجمانه، وعيبة علمه وميزان قسطه، مصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك (1) في الدنيا عملا، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا، فنسبوك إلى غير حدك (2)، وقالوا فيك ما ليس فيك، فقل فإن أول من قال الحق جدك، وأول من صدقه عليه أبوك، وأنت حري أن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما. فقال الصادق (عليه السلام): أنا فرع من فروع الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر. فالتفت المنصور إلى جلسائه، فقال: هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه، ولا يبلغ عمقه، يحار فيه العلماء، ويغرق فيه السبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء، الذي لا يجوز نفيه، ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه شجرة طاب أصلها، وبسق فرعها، وعذب ثمرها، وبوركت في الذر، وقدست في الزبر، لكان مني إليه مالا يحمد في العواقب لما يبلغني من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا. فقال الصادق (عليه السلام): لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (3). ونحن لك أنصار


(1) في نسخة: جدك. (2) في نسخة: جدك. (3) الحجرات 49: 6.

[ 711 ]

وأعوان، ولملكك دعائم وأركان، ما أمرت بالعرف والاحسان، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، فإن المكافي ليس بالواصل، إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها، فصل رحمك يزد الله في عمرك، ويخفف عنك الحساب يوم حشرك. فقال المنصور: قد صفحت عنك، لقدرك، وتجاوزت عنك لصدقك، فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات. فقال الصادق (عليه السلام): عليك بالحلم فإنه ركن العلم، واملك نفسك عند أسباب القدرة، فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا، أو تداوى حقدا، أو يحب أن يذكر بالصولة، اعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل، ولا أعرف حالا أفضل من حال العدل، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر. فقال المنصور: وعظت فأحسنت، وقلت فأوجزت، فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب (عليه السلام) حديثا لم تؤثره العامة، فقال الصادق (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي (عليه السلام) ثلاث كلمات، فقال: يا محمد. فقلت: لبيك ربي وسعديك. فقال عز وجل: إن عليا إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، فبشره بذلك. فبشره النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك، فخر علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله عزوجل، ثم رفع رأسه فقال: يا رسول الله، بلغ من قدري حتى أني أذكر هناك؟ قال: نعم، وإن الله يعرفك، وإنك لتذكر في الرفيق الاعلى. فقال المنصور: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (1). 979 / 11 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا


(1) بحار الانوار 47: 167 / 9.

[ 712 ]

أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال: قال أبو طالب للنبي (صلى الله عليه وآله): يا بن أخي، الله أرسلك؟ قال: نعم. قال: فأرني آية. قال: ادع لي تلك الشجرة. فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت. فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق، يا علي صل جناح ابن عمك (1). 980 / 12 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثني الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن مروان ابن مسلم، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، أنه سأله، رجل فقال له: يا بن عم رسول الله، أخبرني عن أبي طالب، هل كان مسلما؟ فقال: وكيف لم يكن مسلما، وهو القائل: وقد علموا أن ابننا لا مكذب * * لدينا ولا يعبأ بقيل الا باطل إن أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب الكهب حين أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين (2). 981 / 13 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، أنه قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف حين أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين (3). وصلى الله على محمد وآله


(1) بحار الانوار 17: 370 / 21. (2) بحار الانوار 35: 72 / 6. (3) الكافي 1: 373 / 28، وسائل الشيعة 11: 475 / 1.

[ 713 ]

[ 90 ] المجلس التسعون مجلس يوم الثلاثاء الثالث من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة (1) 982 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: حدثنا يونس بن عبد الرحمن، قال: حدثنا الحسن بن زياد العطار، قال: حدثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وهو عند الله لاهله قربة، لانه معالم الحلال والحرام، وسالك بطالبه سبيل الجنة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، وسلاح على الاعداء، وزين الاخلاء، يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة يقتدي بهم، ترمق أعمالهم، وتقتبس آثارهم، وترغب الملائكة في خلتهم، يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم، لان العلم حياة القلوب، ونور الابصار من العمى، وقوة الابدان من الضعف، ينزل الله حامله منازل الابرار، ويمنحه مجالسة الاخيار في الدنيا والآخرة، بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله


(1) زاد في نسخة: في دار السيد أبي محمد.

[ 714 ]

ويوحد، وبالعلم توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، والعلم إمام العقل، والعقل تابعه، يلهمه الله السعداء، ويحرمه الاشقياء (1). 983 / 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن ميمون المكي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): استحيوا من الله حق الحياء. قالوا: وما نفعل، يا رسول الله؟ قال: فإن كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا (2). 984 / 3 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): ما الزهد في الدنيا؟ فقال: قد حد الله عزوجل ذلك في كتابه فقال: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بماءاتاكم) (3). 985 / 4 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن أبي أحمد محمد بن زياد الازدي، عن الفضل بن يونس، قال: كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري، فانحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك، ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ فقال: إن صاحبي كان مخلطا، كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه. قال: ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان يكره العلماء مساءلته


(1) أمالي الطوسي: 487 / 1069 و: 569 / 1176 (نحوه)، بحار الانوار 1: 166 / 7. (2) قرب الاسناد: 23 / 79، الخصال: 293 / 58، بحار الانوار 6: 131 / 25. (3) مشكاة الانوار: 115، والآية من سورة الحديد 57: 23.

[ 715 ]

إياهم ومجالسته لهم، لخبث لسانه، وفساد ضميره، فأتى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثم قال له: يا أبا عبد الله، إن المجالس أمانات، ولا بد لكل من كان به سعال أن يسعل، فتأذن لي في الكلام؟ فقال الصادق (عليه السلام): تكلم بما شئت. فقال ابن أبي العوجاء: إلى كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب (1) والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر، علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الامر وسنامه، وأبوك اسه ونظامه. فقال الصادق (عليه السلام): إن من أضله الله وأعمى قلبه، استوخم الحق فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه، يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وقد جعله محل الانبياء، وقبلة للمصلين له، وهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة، خلقه الله قبل دحو الارض بألفي عام، وأحق من اطيع فيما أمر، وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للارواح والصور. فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت – يا أبا عبد الله – فأحلت على غائب. فقال: ويلك، وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم، ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم، وإنما المخلوق الذي إذا انتقل من مكان، اشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان، فإنه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، فلا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة وأيده بنصره، واختاره لتبليغ رسالاته، صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه.


(1) الطوب: الآجر.

[ 716 ]

فقام عنه ابن أبي العوجاء، وقال لاصحابه: من ألقاني في بحر (1) هذا؟ سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة، فألقيتموني على جمرة. قالوا: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا. قال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون (2). 986 / 5 – حدثنا الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن رعل (3) العبشمي، قال: حدثنا ثبيت بن محمد، قال: حدثنا أبو الاحوص المصري، قال: حدثنا جماعة من أهل العلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: بينما أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) في أصعب موقف بصفين، إذ قام إليه رجل من بني دودان، فقال: ما بال قومكم دفعوكم عن هذا الامر، وأنتم الاعلون نسبا، وأشد نوطا (4) بالرسول، وفهما بالكتاب والسنة؟ فقالت: سألت – يا أخا بني دودان – ولك حق المسألة، وذمام الصهر (5)، وإنك لقلق الوضين (6)، ترسل عن ذي مسد (7)، إنها إمرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت


(1) في نسخة: في نحر: أي في مواجهته أو قبالته. (2) علل الشرائع: 403 / 4، التوحيد: 253 / 4، الارشاد: 280، كنز الفوائد 2: 75، الاحتجاج: 335، بحار الانوار 3: 33 / 7، و 10: 209 / 11، و 99: 28 / 1. (3) في نسخة: رعد. (4) أي تعلقا وارتباطا. (5) الذمام: الحق أو الحرية، أما المصاهرة فهي أن زينب بنت جحش الاسدية، زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من بني دودان، وهم من بني أسد، وأمها أمية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فهي بنت عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله). (6) الوضين: حزام عريض يشد به الرحل على البعير. ويقال للرجل المضطرب في أموره: إنك لقلق الوضين. (7) كذا، وفي نسخة: سد، وفي المسترشد، وتسأل عن غير ذي مسألة، وفي الارشاد، ترسل غير ذي مسد، والظاهر أن الصواب ما في العلل والنهج: ترسل في غير سدد، أي تتكلم في غير قصد وفي غير صواب. قال المجلسي (رحمه الله) المسد: الحبل الممسود – أي المفتول – من نبات أو لحاء شجرة، وقيل: المسد، مرود البكرة الذي تدور عليه – ذكرهما في النهاية – فيمكن أن يقرأ على بناء المعلوم، أي ترسل الكلام كما ترسل البكرة على المرود عند الاستقاء، أو المعني تطلق حيوانا له مسد ربط به، كناية عن التكلم بما له مانع عن التكلم به، وعلى المجهول أي تنطق بالكلام عن غير تأمل، ثم تصير معلقا بالحبل بين السماء والارض لا =

[ 717 ]

عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله. فدع عنك نهبا صيح في حجراته (1)، وهلم الخطب في ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه (2). لا غرو إلا جارتي وسؤالها * * ألا هل لنا أهل سألت كذلك بئس القوم من خفضني (3)، وحاولوا الادهان في دين الله، فإن ترفع عنا محن البلوى أحملهم من الحق على مخضه، وأن تكن الاخرى (فلا تأس على القوم الفاسقين) (4) إليك عني، يا أخا بني دودان (5). 987 / 6 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن الحجاج العدل، قال: حدثنا أحمد بن محمد النحوي، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا صالح بن الصلت، عن عبد الله بن زهير، قال: وفد العلاء بن الحضرمي على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، إن لي أهل بيت أحسن إليهم فيسيئون، وأصلهم فيقطعون. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ادفع بالتى هي أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقها إلا ذو حظ عظيم) (6).


= تدري الحيلة فيه، أو بتشديد الدال، أي ترسل الماء عن مجرى له محل سد أو وسد، والاظهر أنه تصحيف. ” بحار الانوار 29: 487 ” (1) النهب: المال المنهوب، الحجرات: النواحي، وهو مثل يضرب لمن ذهب من ماله شئ، ثم ذهب بعده ما هو أجل منه، وهو شطر بيت لامرئ القيس أيضا، انظر مجمع الامثال 1: 267 / 1402. (2) في نسخة: بكائه. (3) في نسخة: خفضي، وفي الارشاد: يئس القوم – والله – من خفضي. (4) المائدة 5: 26. (5) علل الشرائع: 145 / 2، المسترشد: 371 ” نحوه “، الارشاد 1: 294 ” نحوه ” نهج البلاغة: 231 الخطبة 162 ” نحوه “، بحار الانوار 29: 483 / 5. (6) فصلت 41: 34 و 35. (*

[ 718 ]

فقال العلاء بن الحضرمي، إني قد قلت شعرا، هو أحسن من هذا، قال: وما قلت؟ فأنشده: وحي ذوي الاضعان تسب قلوبهم * * تحيتك العظمى فقد يرفع النغل فإن أظهروا خيرا فجاز بمثله * * وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل فإن الذي يؤذيك منه سماعه * * وإن الذي قالوا وراءك لم يقل فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن من الشعر لحكما (1)، وإن من البيان لسحرا، وإن شعرك لحسن، وإن كتاب الله أحسن (2). 988 / 7 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الطائي، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد ابن محسن، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): والله ما دنياكم عندي إلا كسفر (3) على منهل حلوا، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا، ولا لذاذتها في عيني إلا كحميم أشربه غساقا (4)، وعلقم أتجرعه زعاقا (5)، وسم أفعى (6) أسقاه دهاقا (7)، وقلادة من نار أوهقها (8) خناقا، ولقد رقعت مدرعتي (9) هذه حتى استحييت


(1) قال الجزري: أي إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفة، وينهى عنهما. قيل: أراد بها المواعظ والامثال التي ينتفع بها الناس. والحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل. (النهاية 1: 419). (2) بحار الانوار 71: 415 / 36. (3) السفر: جمع السافر، وهو المسافر. (4) الغساق: ما يسيل من صديد أهل النار. (5) السم الزعاق: الذي يقتل سريعا، والماء الزعاق: المر الغليظ الذي لا يطاق شربه. ومن الطعام: الكثير الملح. (6) في نسخة: أفعاة. (7) يقال: كأس دهاق، أي مترعة ممتلئة، أو متتابعة على شاربها، وماء دهاق: أي كثير. (8) أوهقه: طرح في عنقه الوهق، وهو حبل في أحد طرفيه أنشوطة يطرح في عنق الدابة والانسان حتى يؤخذ. (9) المدرعة: القميص.

[ 719 ]

من راقعها، وقال لي: اقذف بها قذف الاتن (1)، لا يرتضيها ليرقعها. فقلت له: اغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى، وتنجلي عنا علالات الكرى (2). ولو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم، ولاكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم، ولشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم، ولكني اصدق الله جلت عظمته حيث يقول: (من كان يريد الحياة الدينا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) (3)، فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الارض لاحرقت نبتها، ولو اعتصمت نفس بقلة لانضجها وهج النار في قلتها؟ وأيما (4) خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقربا، أو يكون في لظى خسيئا مبعدا، مسخوطا عليه بجرمه مكذبا. والله لان أبيت على حسك السعدان (5) مرقدا، وتحتي أطمار على سفاها (6) ممددا، أو أجر في أغلالي مصفدا، أحب إلي من أن ألقى في القيامة محمدا خائنا في


(1) في نسخة: الابن، قال المجلسي (رحمه الله)، قوله: قذف الاتن، وهو بضمتين جمع الاتان وهي الحمارة، والتشبية بقذفها لكونها أشد امتناعا للحمل من غيرها، وربما يقرأ: الابن بالباء الموحدة المفتوحة وضم الهمزة، جمع الابنة، وهي العيب القبيح، فتكون الاضافة إلى المفعول، بحار الانوار 40: 349. (2) العلالة: بقية كل شئ، وهو مثل يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة، انظر: الامثال لابن سلام: 170 و 231، مجمع الامثال 2: 3. (3) هود 11: 15 و 16. (4) في نخسة: وإنما. (5) السعدان: نبت له حسك ترعاه الابل. (6) السفا: التراب الذي تسفيه الريح وكل شجر له شوك، والضمير في (سفاها) راجع إلى الارض بقرينة المقام أو إلى حسك السعدان، أي ما ألقته الرياح من تلك الاشجار، وقيل: والواو للحال عن ضمير (مرقدا) قدم للسجع. وأطمار بكسر الراء على حذف ياء المتكلم، يريد أطماره الملبوسة له بدون فراش على حدة، والظرف متعلق بممدد، والضمير في (سفاها) لسعدان، وممددا على صيغة إسم المفعول حال اخرى عن ضمير (أبيت)، وفائدة ذكر هذه الفقرة أن البيتوتة على حسك السعدان على قسمين، الاول: البيتوتة على الساقط منه والشدة فيها قليلة، الثاني: البيتوتة عليه حين هو على الشجرة والشدة فيها عظيمة، ولا سيما إذا لم يكن مع فراش، وهو المراد هنا.

[ 720 ]

ذي يتمة أظلمه بفلسه متعمدا، ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم! لنفس تسرع إلى البلاء (1) قفولها، ويمتد في أطباق الثرى حلولها، وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها. معاشر شيعتي، احذروا فقد عظتكم الدنيا بأنيابها، تختطف منكم نفسا بعد نفس كذئابها، وهذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها. ألا إن الحديث ذو شجون، فلا يقولن قائلكم: إن كلام علي متناقض، لان الكلام عارض. ولقد بلغني أن رجلا من قطان (2) المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه، ولبس من نالة (3) دهقانه منسوجه، وتضمخ بمسك هذه النوافج (4) صباحه، وتبخر بعود الهند رواحه، وحوله ريحان حديقة يشم نفاحه، وقد مد له مفروشات الروم على سرره، تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره، وحوله شيخ يدب على أرضه من هرمه، وذو يتمة تضور من ضره ومن قرمه (5)، فما واساهم بفاضلات من علقمه، لئن أمكنني الله منه لاخضمنه خضم البر، ولاقيمن عليه حد المرتد، ولاضربنه الثمانين بعد حد، ولاسدن من جهله كل مسد، تعسا له أفلا شعر، أفلا صوف، أفلا وبر، أفلا رغيف قفار (6) الليل إفطار مقدم (7)، أفلا عبرة على خد في ظلمة ليال تنحدر؟ ولو كان مؤمنا لا تسقت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك. والله لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعه، وعاودني في عشر وسق (8) من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيامه


(1) في نسخة: البلى، وكلاهما بمعنى. (2) أي سكان. (3) النالة: جمع نائل، وهو العطاء. (4) النوافج: جمع نافجة، وهي وعاء المسك. (5) القرم: شدة شهوة اللحم. (6) القفار من الخبز: مالا إدام معه. (7) في نسخة: لليل إفطار معدم. (8) الوسق: مكيلة تساوي ستين صاعا.

[ 721 ]

خامصا ما استطاعه، ورأيت أطفاله شعث الالوان من ضرهم كأنما اشمأزت وجوههم من قرهم (1)، فلما عاودني في قوله وكرره، أصغيت إليه سمعي فغره، وظنني أوتغ ديني (2) فأتبع ما سره، أحميت له حديدة لينزجر، إذ لا يستطيع منها دنوا ولا يصبر، ثم أدنيتها من جسمه، فضج من ألمه، ضجيج ذي دنف يئن من سقمه، وكاد يسبني سفها من كظمه، ولحرقة في لظى أضنى له من عدمه، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها لمدعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها من غضبه؟! أتئن من الاذى، ولا أئن من لظى؟! والله لو سقطت المكافاة عن الامم، وتركت في مضاجعها باليات في الرمم (3)، لاستحييت من مقت رقيب يكشف فاضحات من الاوزار تنسخ، فصبرا على دنيا تمر بلاوائها (4) كليلة بأحلامها تنسلخ، كم بين نفس في خيامها ناعمة، وبين أثيم في جحيم يصطرخ؟ ولا تعجب من هذا، واعجب بلا صنع منا، من طارق طرقنا بملفوفات زملها (5) في وعائها، ومعجونة بسطها في إنائها، فقلت له أصدقة، أم نذر، أم زكاة؟ وكل ذلك يحرم علينا أهل بيت النبوة، ومعوضن منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنة. فقال لي: لا ذاك ولا ذاك، ولكنه هدية. فقلت له: ثكلتك الثواكل، أفعن دين الله تخدعني بمعجونة غرقتموها بقندكم، وخبيصة (6) صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم؟ أمختبط، أم ذو جنة، أم تهجر؟ أليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسؤولة؟ فماذا أقول في معجونة أتزقمها معمولة؟


(1) أي انقبضت من البرد. (2) أوتغ دينه: أفسده. (3) الرمم: جمع رمة، العظم البالي. (4) اللاواء: الشدة والمحنة. (5) أي لفها. (6) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.

[ 722 ]

والله لو أعطيت الاقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، واسترق لي قطانها، مذعنة بأملاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها شعيرة فألوكها، ما قبلت ولا أردت، ولدنياكم أهون عندي من ورقة في جرادة (1) تقضمها، وأقذر عندي من عراقة (2) خنزير يقذف بها أجذمها، وأمر على فؤادي من حنظلة يلوكها ذو سقم فيبشمها (3)، فكيف أقبل ملفوفات عكمتها (4) في طيها، ومعجونة كأنها عجنت بريق حية أو قيها؟ اللهم إني نفرت عنها نفار المهرة من راكبها، أريه السها ويريني القمر (5). أمتنع من وبرة من قلوصها (6) ساقطة، وابتلع إبلا في مبركها رابطة؟ أدبيب العقارب من وكرها ألتقط، أم قواتل الرقش (7) في مبيتي ارتبط؟ فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي، فبتقوى الله أرجو خلاصي، ما لعلي ونعيم يفنى ولذة تنتجها (8) المعاصي؟ سألقى وشيعتي ربنا بعيون مرة (9)، وبطون خماص (10) (ليمحص الله الذين ءامنوا ويمحق الكافرين) (11) ونعوذ بالله من سيئات الاعمال (12). وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا


(1) وفي نسخة: عرادة، وهي الجرادة الانثى. (2) العراقة: العظم إذا أكل لحمه. (3) بشم من الطعام: أكثر منه حتى اتخم وسئم. (4) عكم المتاع: شده. (5) مثل يضرب لمن يغالط فيما لا يخفى، انظر مجمع الامثال 1: 291. (6) القلوص: الشابة من الابل. (7) الرقش: جمع رقشاء، وهي الافعى. (8) في نسخة: تنحتها. (9) في البحار: بعيون شاهرة. (10) أي ضامرة خالية. (11) آل عمران 3: 141. (12) بحار الانوار 40: 345 / 29.

[ 723 ]

[ 91 ] المجلس الحادي والتسعون مجلس يوم الجمعة لست ليال خلون من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة 989 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) أين كنت وآدم في الجنة؟ قال: كنت في صلبه، وهبط بي إلى الارض في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبي نوح، وقذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق لي أبوان على سفاح قط، ولم يزل الله عزوجل ينقلني من الاصلاب الطيبة إلى الارحام الطاهرة هاديا مهديا حتى أخذ الله بالنبوة عهدي، وبالاسلام ميثاقي، وبين كل شئ من صفتي، وأثبت في التوراة والانجيل ذكري، ورقى بي (1) إلى سمائه، وشق لي اسما من أسمائه الحسنى، أمتي الحمادون، فذو العرش محمود وأنا محمد (2).


(1) في نسخة: ورقاني. (2) معاني الاخبار: 55 / 2، بحار الانوار 16: 314 / 2 و 3.

[ 724 ]

990 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان، فقال له: صف لي عليا. قال: أو تعفيني. فقال: لا، بل صفه لي. فقال له ضرار: رحم الله عليا، كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكلمه لهيبته، ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم. فقال المعاوية: زدني من صفته. فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد، قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويجود لله بمهجته، ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور، ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته، يتململ تململ السليم (1)، ويبكي بكاء الحزين، وهو يقول: يا دنيا، إلي تعرضت، أم إلي تشوقت، هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك. ثم يقول: واه واه لبعد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق. قال: فبكى معاوية، وقال: حسبك يا ضرار، كذلك كان والله علي، رحم الله أبا الحسن (2). 991 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر،


(1) السليم: الملدوغ. (2) بحار الانوار 41: 14 / 6.

[ 725 ]

عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون – يا جابر – إلا بالتواضع، والتخشع، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الالسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الاشياء. فقال جابر: يا بن رسول الله، لست أعرف أحدا بهذه الصفة. فقال (عليه السلام): يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، أحسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه! فلو قال: إني أحب رسول الله، ورسول الله خير من علي، ثم لا يعمل بعمله ولا يتبع سنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له وأعملهم بطاعته، والله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة، ما معنا براءة من النار، ولا على الله لاحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، ولا تنال ولايتنا إلا بالورع والعمل (1). 992 / 4 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: خرجت أنا وأبي (عليه السلام) حتى إذا كنا بين القبر والمنبر، إذا هو باناس من الشيعة، فسلم عليهم فردوا عليه السلام، ثم قال: إني والله لاحب ريحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، و اعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد، من ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله. أنتم شيعة الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الاولون، والسابقون الآخرون، السابقون في الدنيا إلى ولايتنا، والسابقون في الآخرة إلى الجنة، و قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وضمان رسوله، ما على درجات الجنة أحد أكثر أزواجا منكم، فتنافسوا


(1) الكافي 2: 60 / 3، أمالي الطوسي: 735 / 1535، مشكاة الانوار: 59، بحار الانوار 70: 97 / 4.

[ 726 ]

في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صديق. ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: يا قنبر، ابشر وبشر واستبشر، فلقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإن لكل شئ عروة وعروة الاسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ دعامة ودعامة الاسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ شرفا وشرف الاسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما وإمام الارض أرض تسكنها الشيعة. والله لولا ما في الارض منكم، لما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، مالهم في الدنيا ومالهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد فمنسوب إلى هذه الآية: (عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية * تسقى من عين آنية * ليس لهم طعام إلا من ضريع * لا يسمن ولا يغنى من جوع) (1) كل ناصب مجتهد فعمله هباء. شيعتنا ينظرون بنور الله عزوجل، ومن خالفهم يتقلب بسخط الله، والله ما من عبد من شيعتنا ينام، إلا أصعد الله عزوجل بروحه إلى السماء، فإن كان قد أتى عليه أجله جعله في كنوز رحمته، وفي رياض جنته، وفي ظل عرشه، وإن كان أجله متأخرا عنه بعث به مع أمينه من الملائكة ليؤديه إلى الجسد الذي خرج منه ليسكن فيه، والله إن حجاجكم وعماركم لخاصة الله، وإن فقراءكم لاهل الغنى، وإن أغنياءكم لاهل القنوع، وإنكم كلكم لاهل دعوة الله وأهل إجابته (2). 993 / 5 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن


(1) الغاشية 88: 3 – 7. (2) فضائل الشيعة: 51 / 8، تفسير الفرات: 208، بحار الانوار 7: 203 / 90، و 61: 54 / 42.

[ 727 ]

أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شعبان شهري، ورمضان شهر الله عزوجل، فمن صام من شهري يوما كنت شفيعه يوم القيامة، ومن صام شهر رمضان أعتق من النار (1). 994 / 6 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة: أستغفر الله وأسأله التوبة، كتب الله له براءة من النار، وجوازا على الصراط، وأحله دار القرار (2). 995 / 7 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: من تصدق بصدقة في شعبان رباها الله عزوجل له كما يربي أحدكم فصيله، حتى يوافي يوم القيامة وقد صارت له مثل أحد (3). 996 / 8 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم ابن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عمار، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): يا إسحاق، صانع المنافق بلسانك، وأخلص ودك للمؤمن، وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته (4). 997 / 9 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبي أحمد محمد ابن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: طلبة هذا العلم


(1) بحار الانوار 96: 364 / 35. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 57 / 212، بحار الانوار 97: 90 / 2. (3) بحار الانوار 97: 91 / 3. (4) أمالي المفيد: 185 / 10، الاختصاص: 230، بحار الانوار 74: 152 / 11، و: 161 / 22.

[ 728 ]

على ثلاثة أصناف، ألا فاعرفوهم بصفاتهم وأعيانهم: صنف منهم يتعلمون للمراء والجدل (1)، وصنف منهم يتعلمون للاستطالة والختل (2)، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعمل، فأما صاحب المراء والجدل، تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال، قد تسربل بالتخشع، وتخلى من الورع، فدق الله من هذا حيزومه (3)، وقطع منه خيشومه، أما صاحب الاستطالة والختل، فإنه يستطيل على أشباهه من أشكاله، ويتواضع للاغنياء من دونهم، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله من هذا بصره وقطع من آثار العلماء أثره، وأما صاحب الفقه والعمل، تراه ذا كآبة وحزن، قد قام الليل في حندسه (4)، وقد انحنى في برنسه، يعمل ويخشى خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه (5). 998 / 10 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد الانباري، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن فضال، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): أخبرني بعدد الائمة بعدك. فقال: يا علي، هم اثنا عشر، أولهم أنت، وآخرهم القائم (6). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) في نسخة: الجهل. (2) الختل: الخداع. (3) الحيزوم: الصدر. (4) الحندس: الليل الشديد الظلمة. (5) بحار الانوار 2: 46 / 4. (6) بحار الانوار 36: 232 / 15.

[ 729 ]

[ 92 ] المجلس الثاني والتسعون مجلس يوم الثلاثاء العاشر من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة 999 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه)، في دار السيد أبي محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري بالبصرة سنة سبع عشرة وثلاث مائة، قال: حدثنا الحسين بن حميد، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل قسم الخلق قسمين: فجعلني في خيرهما قسمة، وذلك قوله عزوجل في ذكر أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، وذلك قوله عزوجل: (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون) (1)، وأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الا ثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله عزوجل:


(1) الواقعة 56: 8 – 10.

[ 730 ]

(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (1)، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله جل ثناؤه ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2). 1000 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم، بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا ابن هراسة الشيباني، قال: حدثنا جعفر بن زياد الاحمر، عن زيد بن علي ابن الحسين بن علي (عليهم السلام)، أنه قرأ: (وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما) (3) ثم قال زيد: حفظهما الله بصلاح أبيهما، فمن أولى بحسن الحفظ منا! رسول الله جدنا، وابنته أمنا، وسيدة نسائه جدتنا، وأول من آمن به وصلى معه أبونا (4). 1001 / 3 – وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن هلال الاحمسي، قال: حدثنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، قال: بعث الحجاج إلى يحيى بن يعمر، فقال له: أنت الذي تزعم أن ابني علي ابنا رسول الله؟ قال: نعم. وأتلو عليك بذلك قرآنا، قال: هات. قال: أعطني الامان. قال: لك الامان. قال: أليس الله عزوجل يقول: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين) (5) ثم قال: (وزكريا ويحيى وعيسى) (6)، أفكان لعيسى أب؟ قال: لا.


(1) الحجرات 49: 13. (2) بحار الانوار 16: 315 / 4، والآية من سورة الاحزاب 33: 33. (3) الكهف 18: 82. (4) بحار الانوار 46: 173 / 25. (5) الانعام 6: 84. (6) الانعام 6: 85.

[ 731 ]

قال: فقد نسبه الله عزوجل في الكتاب إلى إبراهيم. قال: ما حملك على أن تروي مثل هذا الحديث؟ قال: ما أخذ الله على العلماء في علمهم أن لا يكتموا علما علموه (1). 1002 / 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعد الخفاف، عن الاصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى، ومن السدرة إلى حجب النور، ناداني ربي جل جلاله: يا محمد، أنت عبدي وأنا ربك، فلي فاخضع، وإياي فاعبد، وعلي فتوكل، وبي فثق، فإني قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيا، وبأخيك علي خليفة وبابا، فهو حجتي على عبادي، وإمام لخلقي، به يعرف أوليائي من أعدائي، وبه يميز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني، وتحفظ حدودي، وتنفذ أحكامي، وبك وبه وبالائمة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم اعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه اطهر الارض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه احيي عبادي وبلادي بعلمي، وله (2) اظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإياه أظهر على الاسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك ولي حقا، ومهدي عبادي صدقا (3). 1003 / 5 – حدثنا محمد بن علي ماجيوليه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إياه شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة


(1) بحار الانوار 96: 242 / 7. (2) في نسخة: وبه. (3) بحار الانوار 51: 65 / 3.

[ 732 ]

الامام، فإني سألته يوما عن الامام، أهو معصوم؟ قال: نعم. فقلت: وما صفة العصمة فيه، وبأي شئ تعرف؟ قال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص والحسد، والغضب، والشهوة، فهذه منفية عنه، فلا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه، لانه خازن المسلمين، فعلى ماذا يحرص؟ ولا يجوز أن يكون حسودا، لان الانسان إنما يحسد من هو فوقه، وليس فوقه أحد، فكيف يحسد من هو دونه؟ ولا يجوز أن يغضب لشئ من أمور الدنيا، إلا أن يكون غضبه لله عزوجل، فإن الله عزوجل قد فرض عليه إقامة الحدود، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عزوجل، ولا يجوز أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة، لان الله عزوجل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح، وطعاما طيبا لطعام مر، وثوبا لينا لثوب خشن، ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية؟ (1). 1004 / 6 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن حمدان الصيدلاني، قال: حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن ابن عباس، قال: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أصحابه، قام إليه عمار بن ياسر (رضي الله عنه)، فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، من يغسلك منا، إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك علي بن أبي طالب، لانه لا يهم بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك. فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، فمن يصلي عليك منا إذا كان ذلك منك. قال: مه رحمك الله. ثم قال لعلي (عليه السلام): يا بن أبي طالب، إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني وأنق غسلي، وكفني في طمري هذين، أو في بياض مصر، وبرد يمان، ولا


(1) معاني الاخبار: 133 / 3، الخصال: 215 / 36، علل الشرائع: 204 / 2، بحار الانوار 25: 192 / 1.

[ 733 ]

تغال في كفني، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري، فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من فوق عرشه، ثم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل، ثم الحافون بالعرش، ثم سكان أهل سماء فسماء، ثم جل أهل بيتي ونسائي الاقربون فالاقربون، يومئون إيماء، ويسلمون تسليما، لا تؤذوني بصوت نادبة ولا رنة (1). ثم قال: يا بلال، هلم علي بالناس، فاجتمع الناس فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعصبا بعمامته، متوكئا على قوسه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: معاشر أصحابي، أي نبي كنت لكم! ألم أجاهد بين أظهركم، ألم تكسر رباعيتي، ألم يعفر جبيني، ألم تسل الدماء على حر وجهي (2) حتى لثقت (3) لحيتي، ألم أكابد الشدة والجهد مع جهال قومي، ألم أربط حجر المجاعة على بطني؟ قالوا: بلى يا رسول الله، لقد كنت لله صابرا، وعن منكر بلاء الله ناهيا، فجزاك الله عنا أفضل الجزاء. قال: وأنتم فجزاكم الله. ثم قال: إن ربي عزوجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والانبياء. فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له سوادة بن قيس (4)، فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء


(1) في نسخة: نادبة ولا مرنة. والرنة: الصوت الحزين عند البكاء. (2) الحر من الوجه: مابدا من الوجنة. (3) أي اخضلت، وفي نسخة: كنفت. (4) قال التستري: لم يذكروا في الصحابة مسمى بسوادة بن قيس، فيحتمل وقوع تصحيف في الاسم، وقد ذكروا فيهم سويد بن قيس، لكن لم يذكروا فيه القصة، وقد عرفت أنهم ذكروها في سواد بن عمرو وسواد بن غزية. ” قاموس الرجال 5: 20 “.

[ 734 ]

وبيدك القضيب الممشوق (1)، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني، فلا أدري عمدا أو خطأ. فقال معاذ الله أن أكون تعمدت. ثم قال: يا بلال، قم إلى منزل فاطمة فأتني بالقضيب الممشوق. فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة: معاشر الناس، من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة؟ فهذا محمد (صلى الله عليه وآله) يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة! وطرق بلال الباب على فاطمة (عليها السلام) وهو يقول: يا فاطمة، قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق. فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: يا بلال، وما يصنع والدي بالقضيب، وليس هذا يوم القضيب؟ فقال بلال: يا فاطمة، أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودع أهل الدين والدنيا! فصاحت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: واغماه لغمك يا أبتاه، من للفقراء والمساكين وابن السبيل يا حبيب الله وحبيب القلوب؟ ثم ناولت بلالا القضيب، فخرج حتى ناوله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أين الشيخ؟ فقال الشيخ: ها أنا ذا يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؟ فقال: تعال فاقتص مني حتى ترضى. فقال الشيخ: فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله، فكشف (صلى الله عليه وآله) عن بطنه، فقال الشيخ: بأبي أنت وامي يا رسول الله، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟ فأذن له، فقال: أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار يوم النار. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا سوادة بن قيس، أتعفو أم تقتص؟ فقال: بل أعفو يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): اللهم اعف عن سوادة بن قيس كما عفا عن نبيك محمد. ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت ام سلمة وهو يقول: رب سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. فقالت أم سلمة: يا رسول الله، ما لي أراك مغموما متغير اللون! فقال: نعيت إلي نفسي هذه الساعة، فسلام لك مني في الدنيا،


(1) الممشوق من القضبان: الطويل الدقيق.

[ 735 ]

فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا. فقالت أم سلمة: واحزناه حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه. ثم قال (صلى الله عليه وآله): ادعي لي حبيبة قلبي (1)، وقرة عيني فاطمة تجئ. فجاءت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه، ألا تكلمني كلمة؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا. فقال لها: يا بنية، إني مفارقك، فسلام عليك مني. قالت: يا أبتاه، فأين الملتقى يوم القيامة؟ قال: عند الحساب. قالت: فإن لم ألقك عند الحساب؟ قال: عند الشفاعة لامتي. قالت: فإن لم ألقك عند الشفاعة لامتك؟ قال: عند الصراط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون: رب سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. فقالت فاطمة (عليها السلام): فأين والدتي خديجة؟ قال: في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة. ثم أغمي على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصلى بالناس، وخفف الصلاة. ثم قال: ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع (صلى الله عليه وآله) يده على عاتق علي (عليه السلام)، والاخرى على اسامة، ثم قال: انطلقا بي إلى فاطمة. فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسين (عليهما السلام) يبكيان ويصطرخان (2) وهما يقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من هذان يا علي؟ قال: هذان ابناك الحسن والحسين. فعانقهما وقبلهما، وكان الحسن (عليه السلام) أشد بكاء، فقال له: كف يا حسن، فقد شققت على رسول الله. فنزل ملك الموت (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا رسول الله. قال: وعليك


(1) في نسخة: حبيبة نفسي. (2) في نسخة: يضطربان.

[ 736 ]

السلام، يا ملك الموت، لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك يا نبي الله؟ قال: حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل (عليه السلام) فيسلم علي واسلم عليه، فخرج ملك الموت وهو يقول: يا محمداه، فاستقبله جبرئيل في الهواء، فقال: يا ملك الموت، قبضت روح محمد؟ قال: لا يا جبرئيل، سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك. فقال جبرئيل: يا ملك الموت، أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد، أما ترى الحور العين قد تزين لروح محمد؟ ثم نزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أبا القاسم. فقال: وعليك السلام يا جبرئيل، ادن مني حبيبي جبرئيل، فدنا منه، فنزل ملك الموت فقال له جبرئيل: يا ملك الموت، احفظ وصية الله في روح محمد، وكان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت آخذ بروحه (صلى الله عليه وآله)، فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: عند الشدائد تخذلني! فقال: يا محمد، إنك ميت وإنهم ميتون، كل نفس ذائقة الموت. فروي عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة (عليها السلام): امضي إلى علي، فما نرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد غير علي (عليه السلام)، فبعثت فاطمة إلى علي (عليه السلام) فلما دخل فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينيه وتهلل وجهه، ثم قال: إلي يا علي، إلي يا علي، فما زال (صلى الله عليه وآله) يدنيه حتى أخذه بيده، وأجلسه عند رأسه، ثم أغمي عليه، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام) يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأراد علي (عليه السلام) أن ينحيهما عنه، فأفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا علي، دعني اشمهما ويشماني، وأتزود منهما ويتزودان مني، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من يظلمهما، يقول ذلك ثلاثا. ثم مد يده إلى علي (عليه السلام) فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة (صلى الله عليه وآله)، فانسل علي (عليه السلام) من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله أجوركم


[ 737 ]

في نبيكم، فقد قبضه الله إليه. فارتفعت الاصوات بالضجة والبكاء، فقيل لامير المؤمنين (عليه السلام): ما الذي ناجاك به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال: علمني ألف باب، يفتح لي كل باب ألف باب (1). 1005 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا الحسن بن متيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إن أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (صلوات الله عليه) فلم يؤذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستئذان، وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام)، فهم عند قبره شعث غير يبكونه إلى يوم القيامة، ورئيسهم ملك يقال له منصور (2). وصلى الله على محمد وآله


(1) بحار الانوار 22: 507 / 9. (2) بحار الانوار 45: 220 / 2.

[ 738 ]

[ 93 ] المجلس الثالث والتسعون مجلس يوم الجمعة الثالث عشر من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة 1006 / 1 – واجتمع في هذا اليوم إلى الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، أهل مجلسه والمشايخ، فسألوه أن يملي عليهم وصف دين الامامية على الايجاز والاختصار، فقال (رضي الله عنه): دين الامامية هو الاقرار بتوحيد الله تعالى ذكره، ونفي التشبيه عنه، وتنزيهه عما لا يليق به، والاقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته وكتبه، والاقرار بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) هو سيد الانبياء والمرسلين، وأنه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقربين، وأنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، وأن جميع الانبياء والرسل والائمة (عليهم السلام) أفضل من الملائكة، وأنهم معصومون مطهرون من كل دنس ورجس، لا يهمون بذنب صغير ولا كبير ولا يرتكبونه، وأنهم أمان لاهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء. وأن الدعائم التي بني الاسلام عليها خمس: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وولاية النبي والائمة (صلوات اللهم عليهم) بعده، وهم اثنا عشر إماما، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن


[ 739 ]

موسى، ثم الجواد محمد بن علي، ثم الهادي علي بن محمد، ثم العسكري الحسن بن علي، ثم الحجة بن الحسن بن علي (عليهم السلام)، والاقرار بأنهم أولوا الامر الذين أمر الله عز وجل بطاعتهم، فقال: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) (1) وأن طاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، ووليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله عزوجل، ومودة ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) إذا كانوا على منهاج آبائهم الطاهرين فريضة واجبة في أعناق العباد إلى يوم القيامة، وهي أجر النبوة، لقول الله عزوجل: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2). والاقرار بأن الاسلام هو الاقرار بالشهادتين، والايمان هو إقرار باللسان، وعقد بالقلب، وعمل بالجوارح، لا يكون الايمان إلا هكذا، ومن شهد الشهادتين فقد حقن ماله ودمه إلا بحقهما، وحسابه على الله عزوجل، والاقرار بالمسألة في القبر حين يدفن الميت، وبمنكر ونكير، وبعذاب القبر، والاقرار بخلق الجنة والنار، وبمعراج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وبمناجاة الله عزوجل إياه، وأنه عرج به بجسمه وروحه على الصحة والحقيقة لا على الرؤيا في المنام، وأن ذلك لم يكن لان الله عزوجل في مكان هناك، لانه معتال عن المكان، ولكنه عز وجل عرج به (صلى الله عليه وآله) تشريفا له، وتعظيما لمنزلته، وليريه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الارض، ويشاهد ما فيها من عظمة الله عز وجل، وليخبر أمته بما شاهد في العلو من الآيات والعلامات، والاقرار بالحوض والشفاعة للمذنبين من أصحاب الكبائر، والاقرار بالصراط والحساب والميزان واللوح والقلم والعرش والكرسي. والاقرار بأن الصلاة عمود الدين، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من الاعمال، وأول ما يسأل عنه العبد بعد المعرفة، فإن قبل قبلت ما سواها، وإن ردت


(1) النساء 4: 59. (2) الشورى 42: 23.

[ 740 ]

رد ما سواها، وأن المفروضات من الصلوات في اليوم والليلة خمس صلوات، وهي سبع عشرة ركعة، الظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء الآخرة أربع ركعات، والغداة ركعتان. وأما النافلة فهي مثلا الفريضة أربع وثلاثون ركعة، ثمان ركعات قبل الظهر، وثمان بعدها قبل العصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة، تحسبان بركعة، وهي وتر لمن لم يلحق الوتر آخر الليل، وصلاة الليل ثماني ركعات، كل ركعتين بتسليمة، والشفع ركعتان بتسليمة، والوتر ركعة واحدة، ونافلة الغداة ركعتان، فجملة الفرائض والنوافل في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة. والاذان والاقامة مثنى مثنى، وفرائض الصلاة سبع: الوقت، والطهور، والتوجه، والقبلة، والركوع، والسجود، والدعاء، والقنوت في كل صلاة فريضة نافلة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، ويجزي من القول في القنوت: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الاعز الاكرم. ويجزي فيه أيضا ثلاث تسبيحات، وإن أحب المصلي أن يذكر الائمة (عليهم السلام) في قنوته ويصلي عليهم فليجملهم. وتكبيرة الافتتاح واحدة، وسبع أفضل، ويجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة عند افتتاح الفاتحة وعند افتتاح السورة بعدها، وهي آية من القرآن، وهي أقرب إلى اسم الله الاعظم من سواد العين إلى بياضها، ويستحب رفع اليدين في كل تكبيرة في الصلاة، وهو زين للصلاة. والقراءة في الاوليين من الفريضة الحمد وسورة، ولا تكون من العزائم التي يسجد فيها، وهي سجدة لقمان، وحم السجدة، والنجم، وسورة (اقرأ باسم ربك)، ولا تكون السورة أيضا (لا يلاف)، أو (ألم تر كيف)، أو (والضحى)، أو (ألم نشرح)، لان (لا يلاف) و (ألم تر) سورة واحدة، و (والضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، فلا يجوز التفرد بواحدة منها في ركعة فريضة، فمن أراد أن يقرأ بها في الفريضة فليقرأ (لايلاف) و (ألم تر) في ركعة، و (الضحى) و (ألم نشرح) في


[ 741 ]

ركعة، ولا يجوز القرآن بين سورتين في الفريضة، فأما في النافلة فلا بأس بأن يقرأ (1) الرجل ما شاء، ولا بأس بقراءة العزائم في النوافل، لانه إنما يكره ذلك في الفريضة، ويجب أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة سورة الجمعة والمنافقين، فبذلك جرت السنة. والقول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات، وخمس أحسن، وسبع أفضل، وتسبيحة تامة تجزي في الركوع والسجود للمريض والمستعجل، فمن نقص من الثلاث التسبيحات في ركوعه أو في سجوده تسبيحة، ولم يكن بمريض ولا مستعجل فقد نقص ثلث صلاته، ومن ترك تسبيحتين فقد نقص ثلثي صلاته، ومن لم يسبح في ركوعه وسجوده فلا صلاة له إلا أن يهلل أو يكبر أو يصلي على النبي وآله بعدد التسبيح، فإن ذلك يجزيه، ويجزي في التشهد الشهادتان، فما زاد فتعبد، والتسليم في الصلاة يجزي مرة واحدة مستقبل القبلة ويميل بعينه إلى يمينه، ومن كان في جمع من أهل الخلاف سلم تسليمتين، عن يمينه تسليمة، وعن يساره تسليمة كما يفعلون، للتقية. وينبغي للمصلي أن يسبح بتسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) في دبر كل صلاة فريضة، وهي أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، فإنه من فعل ذلك بعد الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر الله له، ثم يصلي على النبي والائمة (عليهم السلام)، ويدعو لنفسه بما أحب، ويسجد بعد فراغه من الدعاء سجدة الشكر، يقول فيها ثلاث مرات: شكرا لله، ولا يدعها إلا إذا حضر مخالف للتقية. ولا يجوز التكفير في الصلاة، ولا قول (آمين) بعد فاتحة الكتاب، ولا وضع الركبتين على الارض في السجود قبل اليدين، ولا يجوز السجود إلى على الارض أو على ما أنبتت الارض إلا ما أكل أو لبس، ولا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما أكل


(1) في نسخة: يقرن.

[ 742 ]

لحمه، وما لا يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره إلا ما خصته الرخصة، وهي الصلاة في السنجاب والسمور والفنك والخز (1)، والاولى أن لا يصلي فيها، ومن صلى فيها جازت صلاته، وأما الثعالب فلا رخصة فيها إلا في حالة التقية والضرورة. والصلاة يقطعها الريح إذا خرج من المصلي، أو غيرها مما ينقض الوضوء، أو يذكر أنه على غير وضوء، أو وجد أذى، أو ضربانا لا يمكنه الصبر عليه، أو رعف فخرج من أنفه دم كثير، أو التفت حتى يرى من خلفه، ولا يقطع صلاة المسلم شئ يمر بين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير ذلك. ولا سهو في النافلة، فمن سها في نافلة (2) فليبن على ما شاء، وإنما السهو في الفريضة، فمن سها في الاوليين أعاد الصلاة، ومن شك في المغرب أعاد الصلاة، ومن شك في الغداة أعاد الصلاة، ومن شك في الثانية والثلاثة، أو في الثالثة والرابعة، فليبن على الاكثر، فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص، ولا تجب سجدتا السهو على المصلي إلا إذا قام في حال قعود، أو قعد في حال قيام، أو ترك التشهد، أو لم يدر زاد في صلاته أم نقص منها، وهما بعد التسليم في الزيادة والنقصان، ويقال فيهما: (بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته). وأما سجدة العزائم فيقال فيها: (لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير) ويكبر إذا رفع رأسه. ولا يقبل من صلاة العبد إلا ما أقبل عليه منها بقلبه، حتى إنه ربما قبل من صلاته ربعها أو ثلثها أو نصفها أو أقل من ذلك أو أكثر، ولكن الله عزوجل يتمها بالنوافل.


(1) السمور: حيوان بري يشبه السنور، يتخذ من جلده فراء ثمينة. والفنك: ضرب من الثعالب، فروته أجود أنواع الفراء. والخز: حيوان من القواضم، أكبر من ابن عرس وبحجم السنور الاهلي، وفراؤه أثمن الفراء. (2) زاد في نسخة: فليس عليه شئ.

[ 743 ]

وأولى الناس بالتقدم في جماعة، أقرؤهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الحجرة سواء فأسنهم، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها، وصاحب المسجد أولى بمسجده، ومن صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة. والجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة، وفي سائر الايام سنة، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له، ووضعت الجمعة عن تسعة: عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة، والمريض، والاعمى، ومن كان على رأس فرسخين، وتفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرين درجة في الجنة. وفرض السفر ركعتان، إلا المغرب، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تركها على حالها في السفر والحضر، ولا يصلى في السفر من نوافل النهار شئ، ولا يترك فيه من نوافل الليل شئ، ولا يجوز صلاة الليل من أول الليل إلا في السفر، وإذا قضاها الانسان فهو أفضل له من أن يصليها في (1) أول الليل. وحد السفر الذي يجب فيه التقصير في الصلاة والافطار في الصوم ثمانية فراسخ، فإن كان سفر الرجل أربعة فراسخ، ولم يرد الرجوع من يومه، فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر، وإن أراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب، ومن كان سفره معصية فعليه التمام في الصوم والصلاة، والمتمم في السفر كالمقصر في الحضر، والذين يجب عليهم التمام في الصلاة والصوم في السفر: المكاري، والكري (2)، والاشتقان – وهو البريد – والراعي والملاح لانه عملهم، وصاحب الصيد إذا كان صيده بطرا، أو أشرا (3)، وإن كان صيده مما يعود به على عياله فعليه التقصير في


(1) في نسخة: من. (2) يقال: المكاري: مكري الدواب، والكري: مكري الابل. (3) في نسخة: وأشرا.

[ 744 ]

الصوم والصلاة، وليس من البر أن يصوم الرجل في سفره تطوعا، ولا يجوز للمفطر في السفر في شهر رمضان أن يجامع. والصلاة ثلاثة أثلاث: فثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود، ولا صلاة إلا بطهور، والوضوء مرة مرة، ومن توظأ مرتين فهو جائز إلا أنه لا يؤجر عليه، والماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر، ولا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة، ولا بأس بالوضوء بماء الورد والاغتسال به من الجنابة، وأما الماء الذي تسخنه الشمس فلا بأس بالوضوء منه، وإنما يكره الوضوء به وغسل الثياب والاغتسال لانه يورث البرص، والماء إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ، والكر ألف رطل ومائتا رطل بالعراقي (1)، وروي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا (2)، وماء البئر طهور كله ما لم يقع فيه شئ ينجسه، وماء البحر طهور كله. ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني، والنوم إذا ذهب بالعقل، ولا يجوز المسح على العمامة، ولا على القلنسوة، ولا يجوز المسح على الخفين والجوربين إلا من عدو يتقى أو ثلج يخاف منه على الرجلين، فيقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما، وروت عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وقالت عائشة: لئن أمسح على ظهر عير (3) بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي. ومن لم يجد الماء فليتيمم كما قال الله عزوجل: (فتيمموا صعيدا طيبا) (4) والصعيد: الموضع المرتفع، والطيب: الذي ينحدر عنه الماء، فإذا أراد الرجل أن يتيمم ضرب بيديه على الارض مرة واحدة، ثم ينفضهما فيمسح بهما وجهه، ثم يضرب بيده اليسرى الارض فيمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الاصابع،


(1) في نسخة: بالمدني. (2) في نسخة: ثلاثة أشبار في طول في ثلاثة أشبار في عرض في ثلاثة أشبار في عمق. (3) العير: الحمار. (4) النساء 4: 43.

[ 745 ]

ثم يضرب بيمينه الارض فيمسح بها يساره من المرفق إلى أطراف الاصابع (1). وقد روي أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه، ويمسح على ظهر كفيه، وعليه مضى مشايخنا (رضي الله عنهم). وما ينقض الوضوء ينقض التيمم، والنظر إلى الماء ينقض التيمم، ومن تيمم وصلى ثم وجد الماء وهو في وقت الصلاة، أو قد خرج الوقت، فلا إعادة عليه، لان التيمم أحد الطهورين، فليتوضأ لصلاة أخرى، ولا بأس أن يصلي الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلاهما لم يحدث، وكذلك للمتيمم ما لم يحدث أو يصب ماء (2). والغسل في سبعة عشر موطنا: غسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وللعيدين، وعند دخول الحرمين، وعند الاحرام (3)، وغسل الزيادة، وغسل الدخول إلى البيت، ويوم التروية، ويوم عرفة، وغسل الميت، وغسل من غسل ميتا أو كفنه أو مسه بعد ما يبرد (4)، وغسل يوم الجمعة، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله ولم يعلم به الرجل، وغسل الجنابة فريضة، وكذلك غسل الحيض، لان الصادق (عليه السلام) قال: (غسل الجنابة والحيض واحد)، وكل غسل فيه وضوء في أوله إلا غسل الجنابة، لانه فريضة، وإذا اجتمع فرضان فأكبرهما يجزي عن أصغر هما. ومن أراد الغسل من الجنابة فليجتهد أن يبول ليخرج ما بقي في إحليله من المني، ثم يغسل يديه ثلاثا من قبل أن يدخلهما الاناء، ثم يستنجي وينقي فرجه، ثم


(1) في نسخة: فإذا فقد الرجل الماء تيمم، ضرب الارض ضربة للوضوء، ويمسح بها وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف الانف الاعلى، وإلى الاسفل أولى، ثم يمسح بيده اليسرى يده اليمنى، ثم يمسح ظهر يده اليسرى كذلك، ويضرب بدل غسل الجنابة ضربتين، ضربة يمسح [ بها ] وجهه، وضربة أخرى يمسح بها ظهر كفيه. (2) في نسخة: وكذلك التيمم ما لم يحدث أو يصيب الماء. (3) في نسخة: وغسل الاحرام. (4) في نسخة: بعد برده بالموت، وقبل تطهيره بالماء، وهذه الاغسال الثلاثة فريضة.

[ 746 ]

يضع على رأسه ثلاث أكف من الماء، ويميز الشعر بأنامله حتى يبلغ الماء أصل الشعر كله، ثم يتناول الاناء بيده ويصبه على رأسه وبدنه مرتين، ويمر يده على بدنه كله، ويخلل اذنيه بإصبعيه، وكل من أصابه الماء فقد طهر، وإذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله، وإن قام في المطر حتى يغسله فقد أجزاه ذلك من غسله، ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفعل، وليس ذلك بواجب لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن، غير أنه إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق، فإنه إن أكل أو شرب قبل ذلك خيف عليه البرص، وإذا عرق الجنب في ثوبه، وكانت الجنابة من حلال، فحلال الصلاة في الثوب، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه. وأقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثرها عشرة أيام، وأقل الطهر عشرة أيام، وأكثره لا حد له، وأكثر أيام النفساء التي تقعد فيها عن الصلاة ثمانية عشر يوما، وتستظهر بيوم أو يومين إلا أن تطهر قبل ذلك. والزكاة على تسعة أشياء: على الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والابل، والبقر، والغنم، والذهب، والفضة، وعفا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عما سوى ذلك، ولا يجوز دفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية، ولا يعطى من أهل الولاية الابوان والولد والزوج والزوجة والمملوك وكل من يجبر الرجل على نفقته. والخمس واجب في كل شئ بلغ قيمته دينارا، من الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة، وهو الله عز وجل، ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، ولذي القربى من الاغنياء والفقراء، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل من أهل الدين. وصيام السنة ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله، وأربعاء في وسطه، وخميس في آخره، وصيام شهر رمضان فريضة، وهو بالرؤية، وليس بالرأي ولا بالتظني، ومن صام قبل الرؤية أو أفطر قبل الروية فهو مخالف لدين الامامية، ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، ولا في رؤية الهلال. والصلاة في شهر رمضان كالصلاة في غيره من الشهور، فمن أحب أن يزيد


[ 747 ]

فليصل كل ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات بين المغرب والعشاء الآخرة، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة إلى أن تمضي عشرون ليلة من شهر رمضان، ثم يصلي كل ليلة ثلاثين ركعة، ثمان ركعات منها بين المغرب والعشاء، واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء، ويقرأ في كل ركعة منها الحمد وما تيسر له من القرآن، إلا في ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، فإنه يستحب إحياؤهما، وأن يصلي الانسان في كل ليلة منهما مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات، ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل. وينبغي للرجل إذا كان ليلة الفطر أن يصلي المغرب ثلاثا، ثم يسجد ويقول في سجوده: يا ذا الطول، يا ذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته وهو عندك في كتاب مبين، ثم يقول مائة مرة: أتوب إلى الله عز وجل. ويكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة والعيد والظهر والعصر كما يكبر أيام التشريق، يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا، ولا يقول فيه: ورزقنا من بهيمة الانعام، فإن ذلك في أيام التشريق. وزكاة الفطرة واجبة تجب على الرجل أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول من صغير وكبير وحر وعبد وذكر وأنثى، صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من بر، أو صاعا من شعير، وأفضل ذلك التمر، والصاع أربعة أمداد، والمد وزن مائتين واثنين وتسعين درهما ونصف، يكون ذلك ألف ومائة وسبعون درهما بالعراقي (1)، ولا بأس بأن يدفع قيمته ذهبا أو ورقا، ولا بأس بأن يدفع عن نفسه وعن من يعول إلى واحد، ولا يجوز أن يدفع ما يلزم واحدا إلى نفسين، ولا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره، وهي زكاة إلى أن يصلي العيد، فإن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان، ومن كان له مملوك مسلم أو ذمي


(1) في نسخة: ويكون مجموع ذلك ألفا ومائة وسبعين وزنة.

[ 748 ]

فليدفع عنه الفطرة، ومن ولد له مولود يوم الفطر قبل الزوال فليدفع عنه الفطرة، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه، وكذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال وبعده، فعلى هذا. والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد، ومتمتع بالعمرة إلى الحج، ولا يجوز لاهل مكة وحاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لهم إلا القران والافراد، لقول الله عز وجل: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام) (1) وحد حاضري المسجد الحرام أهل المكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا عن هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل الله غيره، وينبغي أن يكون الاحرام من العقيق، وأوله من المسلح (2)، وأوسطه غمرة (3)، وآخره ذات عرق (4)، وأوله أفضل، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقت لاهل العراق العقيق، ووقت لاهل الطائف قرن المنازل، ووقت لاهل اليمن يلملم، ووقت لاهل الشام المهيعة وهي الجحفة، ووقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة، ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية. وفرائض الحج سبعة: الاحرام، والتلبيات الاربع، وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، وغير ذلك من التلبية سنة، وينبغي للملبي أن يكثر من قوله: ” لبيك ذا المعارج لبيك ” فإنها تلبية النبي (صلى الله عليه وآله)، والطواف بالبيت فريضة، والركعتان عند مقام إبراهيم (عليه السلام) فريضة، والسعي بين الصفا والمروة فريضة، والوقوت بعرفة فريضة، والوقوف بالمشعر فريضة، وهدي التمتع فريضة، وما سوى ذلك من مناسك الحج سنة، ومن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس إلى الليل فقد أدرك المتعة، ومن أدرك يوم النحر مزدلفة وعليه خمسة من الناس فقد أدرك الحج.


(1) البقرة 2: 196. (2) المسلح: موضع من أعمال المدينة. (3) غمرة: منهل من مناهل طريق مكة. (4) ذات عرق: مهل أهل العراق، وهو الحد بين تهامة ونجد.

[ 749 ]

ولا يجوز في الاضاحي من البدن إلا الثني، وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة، ويجزي من البقر والمعز الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذع (1) لسنة، ولا يجزي في الاضحية ذات عوار، وتجزي البقرة عن خمسة (2) نفر إذا كانوا من أهل بيتي والثور عن واحد، والبدنة عن سبعة، والجزور (3) عن عشرة متفرقين، والكبش عن الرجل وعن أهل بيته، وإذا عزت الاضاحي أجزأت شاة عن سبعين، وتجعل الاضحية ثلاثة أثلاث: ثلث يؤكل، وثلث يهدى، وثلث يتصدق به. ولا يجوز صيام أيام التشريق، فإنها أيام أكل وشرب وبعال، وجرت السنة في الافطار يوم النحر بعد الرجوع من الصلاة، وفي الفطر قبل الخروج إلى الصلاة، والتكبير في أيام التشريق بمنى في دبر خمس عشرة صلاة من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع، وبالامصار في دبر عشر صلوات من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث. وتحل الفروج بثلاثة وجوه: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح بملك اليمين، ولا ولاية لاحد على المرأة إلا لابيها مادامت بكرا، فإذا كانت ثيبا فلا ولاية لاحد عليها، ولا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بمن ترضى بصداق مفروض، ولا يقع الطلاق إلا على الكتاب والسنة، ولا يمين في طلاق ولا في عتق، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا عتق إلا ما أريد به وجه الله عز وجل. والوصية لا تجوز إلا بالثلث، ومن أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث، وينبغي للمسلم أن يوصي لذوي قرابته ممن لا يرث بشئ من ماله قل أم كثر، ومن لم يفعل ذلك فقد ختم عمله بمعصية، وسهام المواريث لا تعول على ستة، ولا يرث مع الولد


(1) وهو من الضأن: ما بلغ ثمانية أشهر أو تسعة. (2) في نسخة: عن سبعة وسبعين. (3) الجزور: ما يصلح أن يذبح من الابل.

[ 750 ]

والابوين أحد إلا زوج أو زوجة، والمسلم يرث الكافر، ولا يرث الكافر المسلم، وابن الملاعنة لا يرثه أبوه ولا أحد من قبل أبيه وترثه أمه، فإن لم تكن له ام فأخواله وأقرباؤه من قبل أمه، ومتى أقر الملاعن بالولد بعد الملاعنة الحق به ولده ولم ترجع إليه امرأته، فإن مات الاب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الاب. ومن شرائط دين الامامية: اليقين، والاخلاص، والتوكل، والرضا، والتسليم، والورع، والاجتهاد، والزهد، والعبادة، والصدق، والوفاء، وأداء الامانة إلى البر والفاجر ولو إلى قاتل الحسين (عليه السلام)، والبر بالوالدين، واستعمال المروة، والصبر، والشجاعة، واجتناب المحارم، وقطع الطمع عما في أيدي الناس، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال على شرائطه، ومواساة الاخوان، والمكافأة على الصنائع، وشكر المنعم، والثناء على المحسن، والقناعة، وصلة الرحم، وبر الآباء والامهات، وحسن المجاورة، والانصاف، والايثار، ومصاحبة الاخيار، ومجانبة الاشرار، ومعاشرة الناس بالجميل، والتسليم على جميع الناس مع الاعتقاد بأن سلام الله لا ينال الظالمين، وإكرام المسلم ذي الشيبة، وتوقير الكبير، ورحمة الصغير، وإكرام كريم كل قوم، والتواضع، والتخشع، وكثره ذكر الله عز وجل، وتلاوة القرآن، والدعاء، والاغضاء، والاحتمال، والمجاملة (1)، والتقية، وحسن الصحابة، وكظم الغيظ، والتعطف على الفقراء والمساكين، ومشاركتهم في المعيشة، وتقوى الله في السر والعلانية، والاحسان إلى النساء وما ملكت الايمان، وحفظ اللسان إلا من خير، وحسن الظن بالله عز وجل، والندم على الذنب، واستعمال السخاء والجود، والاعتراف بالتقصير، واستعمال جميع مكارم الافعال والاخلاق للدين والدنيا، واجتناب مذامها في الجملة والتفصيل، واجتناب الغضب، والسخط، والحمية، والعصبية، والكبر، والتجبر، واحتقار الناس والفخر، والعجب، والبذاء، والفحش، والبغي، وقطيعة الرحم، والحسد، والحرص، والشره، والطمع، والخرق،


(1) المجاملة: المعاملة بالجميل، وفي نسخة: المحاملة.

[ 751 ]

والجهل، والسفه، والكذب، والخيانة، والفسق، والفجور، واليمين الكاذبة، وكتمان الشهادة، والشهادة بالزور، والغيبة، والبهتان، والسعاية، والسباب، واللعان، والطعان، والمكر، والخديعة، والغدر، والنكث، والقتل بغير حق، والظلم، والقساوة، والجفاء، والنفاق، والريا، والزنا واللواط، والربا، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، والاحتيال (1) على الناس، وأكل مال اليتيم ظلما، وقذف المحصنة. هذا ما اتفق إملاؤه على العجلة من وصف دين الامامية، وسأملي شرح ذلك وتفسير إذا سهل الله عز اسمه لي العود من المقصدي إلى نيسابور إن شاء الله (2). 1007 / 2 – بسم الله الرحمن الرحيم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، أنه قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ كل ليلة (إنا أنزلناه) ألف مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فاشدد قلبك وافتح أذنيك بسماع العجائب مما ترى (3). 1008 / 3 – قال: وقال رجل لابي جعفر (عليه السلام): يا بن رسول الله، كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مرة، وإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي عنه سألت (4). 1009 / 4 – وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر، فاعمل واجتهد (5). وصلى الله على محمد وآله


(1) في نسخة: والاختيال. (2) بحار الانوار 10: 393. (3) بحار الانوار 96: 379 / 3. (4) بحار الانوار 96: 379 / 3. (5) بحار الانوار 97: 11 / 16.

[ 752 ]

[ 94 ] المجلس الرابع والتسعون أملاه يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة في المشهد المقدس (على ساكنه السلام) عند خروجه إلى ديار ما وراء النهر 1010 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: ما زار أبي (عليه السلام) أحد فأصابه أذى من مطر أو برد أو حر إلا حرم الله جسده على النار (1). 1011 / 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الاسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الشامي، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن موسى بن عمران (عليه السلام) لما رأى حبالهم وعصيهم، كيف أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق وقذف


(1) بحار الانوار 102: 36 / 20.

[ 753 ]

به في النار؟ فقال (عليه السلام): إن إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق كان مستندا إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله عز وجل، ولم يكن موسى (عليه السلام) كذلك، فلهذا أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها إبراهيم (عليه السلام) (1). 1012 / 3 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي هدبة، قال: رأيت أنس بن مالك معصوبا بعصابة فسألته عنها، فقال: هذه (2) دعوة علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقلت له: وكيف كان ذاك (3)؟ فقال: كنت خادما لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأهدي إليه طائر مشوي، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه الثانية، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه الثالثة، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع علي (عليه السلام) صوته فقال: وما يشغل رسول الله عني؟ فسمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أنس، من هذا؟ فقلت: علي بن أبي طالب. قال: ائذن له. فلما دخل قال له: يا علي، إني قد دعوت الله عز وجل ثلاث مرات أن يأتيني بأحب خلقه إليه وإلي يأكل معي من هذا الطائر، ولو لم تجئني في الثالثة لدعوت الله باسمك أن يأتيني بك. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، إني قد جئت ثلاث مرات، كل ذلك يردني


(1) بحار الانوار 12: 35 / 12. (2) في نسخة: هي. (3) في نسخة: يكون ذلك.

[ 754 ]

أنس ويقول: رسول الله عنك مشغول. فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أنس ما حملك على هذا؟ فقلت: يا رسول الله، سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فلما كان يوم الدار استشهدني علي (عليه السلام) فكتمته، فقلت: إني نسيته، فرفع علي (عليه السلام) يده إلى السماء فقال: اللهم ارم أنسا بوضح (1) لا يستره من الناس، ثم كشف العصابة عن رأسه فقال: هذه دعوة علي، هذه دعوة علي، هذه دعوة علي (2). 1013 / 4 – حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، قال: حدثنا أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فضل أحدا من أصحابي على علي فقد كفر (3). 1014 / 5 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل البزاز الكوفي، قال: حدثني عبد الله بن الفضل، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أنكر إمامة علي بعدي كان كمن أنكر نبوتي في حياتي، ومن أنكر نبوتي كان كمن أنكر ربوبية ربه عز وجل (4). 1015 / 6 – حدثنا علي بن عيسى القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثني علي بن محمد ماجيلويه، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):


(1) الوضح: البرص. (2) بحار الانوار 38: 353 / 4. (3) بحار الانوار 38: 14 / 19، ويأتي في المجلس (96) الحديث (5). (4) بحار الانوار 38: 109 / 39.

[ 755 ]

يا علي، أنت أخي ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي وامتي، في حياتي وبعد مماتي، محبك محبي، ومبغضك مبغضي. يا علي، أنا وأنت أبوا هذه الامة، يا علي، أنا وأنت والائمة من ولدك سادة في الدنيا، وملوك في الآخرة، من عرفنا فقد عرف الله، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عز وجل (1). 1016 / 7 – حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: لو اجتمع الناس كلهم على ولاية علي ما خلقت النار (2). 1017 / 8 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم ابن زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) يقول: لو أن عدو علي جاء إلى الفرات، وهو يزخ زخيخا (3)، قد أشرف ماؤه على جنبتيه، فتناول منه شربة، وقال: بسم الله، فإذا شربها قال: الحمد لله، ما كان ذلك إلا ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير (4). 1018 / 9 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن يزيد الزيات الكوفي، قال: حدثنا سليمان بن حفص المروزي، قال: حدثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول


(1) بحار الانوار 23: 128 / 59. (2) بحار الانوار 39: 247 / 4. (3) يزخ زخيخا، أي يدفع بعضه بعضا لكثرته. (4) بحار الانوار 27: 218 / 3.

[ 756 ]

الله (صلى الله عليه وآله) ليلا. فقال (عليه السلام): إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها (1). 1019 / 10 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عبابة بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتانى جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت له: حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح، ما منزلة أخي وابن عمي علي بن أبي طالب عند ربه؟ فقال جبرئيل: يا محمد، والذي بعثك بالنبوة، واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا. يا محمد، الله العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول: محمد نبي رحمتي، وعلي مقيم حجتي، لا أعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني. قال ابن عباس: ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أتاني جبرئيل (عليه السلام) وبيده لواء الحمد وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، فيدفعه إلي فاخذه وأدفعه إلى علي بن أبي طالب. فقال رجل: يا رسول الله، وكيف يطيق علي حمل اللواء، وقد ذكرت أنه سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر! فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: يا رجل، إنه إذا كان يوم القيامة أعطى الله عليا من القوة مثل قوة جبرئيل (عليه السلام)، ومن الجمال مثل جمال يوسف (عليه السلام)، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الصوت ما يداني صوت داود (عليه السلام)، ولولا أن داود خطيب في الجنان لاعطي علي مثل صوته، وإن عليا أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، وإن لعلي وشيعته من


(1) بحار الانوار 43: 209 / 37.

[ 757 ]

الله عز وجل مقاما يغبطهم به الاولون والآخرون (1). 1020 / 11 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن جعفر بن سليمان النهدي، قال: حدثنا ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد أقبل وحوله جماعة من أصحابه، فقال: من أراد (2) أن ينظر إلى يوسف في جماله، وإلى إبراهيم في سخائه، وإلى سليمان في بهجته، وإلى داود في قوته، فلينظر إلى هذا (3). 1021 / 12 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا من علي، قاتل الله من قاتل عليا، لعن الله من خالف عليا، علي إمام الخليقة بعدي، من تقدم على علي (4) فقد تقدم علي، ومن فارقه فقد فارقني، ومن آثر عليه فقد آثر علي، أنا سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وولي لمن والاه، وعدو لمن عاداه (5). 1022 / 13 – حدثنا أحمد بن علي (6) بن إبراهيم (رحمه الله)، قال: حدثنا أبي، عن ياسر، قال: لما ولي الرضا (عليه السلام) العهد سمعته وقد رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين


(1) بحار الانوار 8: 2 / 2. (2) في نسخة: أحب. (3) بحار الانوار 39: 35 / 2. (4) في نسخة: من تقدم عليا، وفي اخرى: من تقدم عليه. (5) بحار الانوار 38: 109 / 40. (6) في نسخة: علي بن أحمد.

[ 758 ]

دفع إلى ولاية مصر (1). 1023 / 14 – حدثنا الحسين بن أحمد البيهقي، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا أبو ذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: ما رأيت الرضا (عليه السلام) سئل عن شئ قط إلا علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شئ فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثيله بآيات من القرآن، وكان يختمه في كل ثلاث، ويقول: لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث لختمت، ولكن ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها، وفي أي شئ أنزلت، وفي أي وقت، فلذلك صرت أختم في ثلاثة أيام (2). 1024 / 15 – قال الصولي: وحدثنا الحسين (3) بن الجهم، قال: حدثنا أبي، قال: صعد المأمون المنبر ليبايع علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فقال: أيها الناس، جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، والله لو قرئت هذه الاسماء على الصم البكم لبرئوا بإذن الله (4). 1025 / 16 – حدثنا الحسين بن أحمد البيهقي، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني هارون بن عبد الله المهلبي، قال: حدثنا دعبل بن علي الخزاعي، قال: جاءني خبر موت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وأنا مقيم بقم، فقلت قصيدتي الرائية هذه: أرى أمية معذورين إن قتلوا * * ولا أرى لبني العباس من عذر أولاد حرب ومروان وأسرتهم (5) * * بني معيط ولاة الحقد والوغر قوم قتلتم على الاسلام أولهم * * حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر


(1) بحار الانوار 49: 130 / 5. (2) بحار الانوار 49: 90 / 3. (3) في نسخة: الحسن. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 147 / 18، بحار الانوار 49: 130 / 6. (5) في نسخة: وأسوتهم.

[ 759 ]

إربع (1) بطوس على قبر الزكي به * * إن كنت تربع من دين على وطر قبران في طوس خير الناس كلهم * * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * * على الزكي بقرب الرجس من ضرر هيهات كل امرئ رهن بما كسبت * * له (2) يداه فخذ ما شئت أو فذر (3) 1026 / 17 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إذ قال لي: يا أبا الصلت، ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون فأتني بتراب من أربع جوانبها. قال: فمضيت فأتيت به، فلما مثلت بين يديه قال لي: ناولني من هذا التراب، وهو من عند الباب، فناولته، فأخذه وشمه، ثم رمى به، ثم قال: سيحفر لي ها هنا قبر، وتظهر صخرة، لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها، ثم قال: في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك، ثم قال: ناولني هذا التراب، فهو من تربتي. ثم قال: سيحفر لي في هذا الموضع، فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل، وأن يشق لي ضريحة، فإن أبوا إلا أن يلحدوا، فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا، فإن الله عز وجل سيوسعه لي ما شاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد، وترى فيه حيتانا صغارا فتفت لها الخبز الذي اعطيك فإنها تلتقطه، فإذا لم يبق منه شئ خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شئ، ثم تغيب، فإذا غابت فضع يدك على الماء، وتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينضب ولا يبقى منه شئ، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون.


(1) أي تمكث وانتظر. (2) في نسخة: به. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 251 / 2، بحار الانوار 49: 318 / 3.

[ 760 ]

ثم قال (عليه السلام): يا أبا الصلت، غدا أدخل إلى هذا الفاجر، فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم اكلمك، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني. قال أبو الصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون، فقال له: أجب أمير المؤمنين، فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه، حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب، وأطباق فاكهة بين يديه، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه، فلما أبصر بالرضا (صلوات الله عليه) وثب إليه وعانقه، وقبل ما بين عينيه، وأجلسه معه، ثم ناوله العنقود وقال: يا بن رسول الله، هل رأيت (1) عنبا أحسن من هذا. فقال له: الرضا (عليه السلام): ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة. فقال له: كل منه. فقال له الرضا (عليه السلام): أو تعفيني منه؟ فقال: لا بد من ذلك، ما يمنعك منه، لعلك تتهمنا بشئ؟ فتناول العنقود فأكل منه، ثم ناوله فأكل منه الرضا (عليه السلام) ثلاث حبات ثم رمى به وقام، فقال له المأمون: إلى أين؟ قال: إلى حيث وجهتني. وخرج (عليه السلام) مغطى الرأس، فلم أكلمه حتى دخل الدار، فأمر أن يغلق الباب فأغلق، ثم نام على فراشه، فمكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا، فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر، أشبه الناس بالرضا (عليه السلام)، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟ فقال لي: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت، هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق. فقلت له: ومن أنت؟ فقال لي: أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت، أنا محمد بن علي. ثم مضى نحو أبيه (عليهم السلام)، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا (عليه السلام) وثب إليه وعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، ثم سحبه سحبا إلى فراشه (2)، وأكب عليه محمد بن علي (عليهما السلام) يقبله ويساره بشئ لم


(1) في نسخة: ما رأيت. (2) في نسخة: في فراشه.

[ 761 ]

أفهمه، ورأيت على شفتي الرضا (عليه السلام) زبدا أشد بياضا من الثلج، ورأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه، ثم أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور، فابتلعه أبو جعفر (عليه السلام)، ومضى الرضا (عليه السلام). فقال أبو جعفر (عليه السلام): قم يا أبا الصلت فأتني بالمغتسل والماء من الخزانة، فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء! فقال: ائتمر بما آمرك (1) به. فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء، فأخرجته وشمرت ثيابي لاغسله معه، فقال لي: تنح يا أبا الصلت، فإن لي من يعينني غيرك، فغسله، ثم قال لي: ادخل الخزانة فاخرج إلي السفط الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة، فحملته إليه، فكفنه وصلى عليه، ثم قال: أئتني بالتابوت، فقلت: أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتا. قال: قم فإن في الخزانة تابوتا، فدخلت الخزانة فإذا تابوت لم أره قط، فأتيته به، فأخذ الرضا (عليه السلام)، بعد أن كان صلى عليه، فوضعه في التابوت وصف قدميه، وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشق السقف، فخرج منه التابوت ومضى. فقلت: يا بن رسول الله، الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا (عليه السلام)، فما أصنع؟ فقال: اسكت، فإنه سيعود، يا أبا الصلت، ما من نبي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله عز وجل بين أرواحهما وأجسادهما، فما تم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت، فقام (عليه السلام) فاستخرج الرضا (عليه السلام) من التابوت، ووضعه على فراشه، كأنه لم يغسل ولم يكفن، وقال: يا أبا الصلت، قم فافتح الباب للمأمون. ففتحت الباب، فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه، ولطم رأسه، وهو يقول: يا سيداه، فجعت بك يا سيدي، ثم دخل وجلس عند رأسه، وقال: خذوا في تجهيزه، فمر بحفر القبر، فحضرت الموضع، وظهر كل شئ على ما وصفه الرضا (عليه السلام)، فقال بعض جلسائه: ألست تزعم أنه إمام؟ قال: نعم. لا يكون الامام إلا مقدم الرأس، فأمر أن يحفر له في القبلة، فقلت:


(1) في نسخة: انته إلى ما أمرتك.

[ 762 ]

أمرني أن أحفر له سبع مراقي، وأن أشق له ضريحة، فقال: انتهوا إلى ما يأمركم به أبو الصلت سوى الضريحة، ولكن يحفر له ويلحد، فلما رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك، قال المأمون: لم يزل الرضا (عليه السلام) يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته. فقال له وزير كان معه، أتدري ما أخبرك به الرضا؟ قال: لا. قال: إنه أخبرك أن ملككم بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان، حتى إذا فنيت آجالكم، وانقطعت آثاركم، وذهبت دولتكم سلط الله تبارك وتعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم. قال له: صدقت. ثم قال لي: يا أبا الصلت، علمني الكلام الذي تكلمت به. قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي، وقد كنت صدقت. فأمر بحبسي، ودفن الرضا (عليه السلام)، فحبست سنة، وضاق علي الحبس، وسهرت الليل، فدعوت الله عز وجل بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد (عليهم السلام)، وسألت الله بحقهم أن يفرج عني. فلم استتم الدعاء حتى دخل علي محمد بن علي (عليهما السلام)، فقال لي: يا أبا الصلت، ضاق صدرك؟ فقلت: إي والله. قال: قم فاخرج، ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي ففكها، وأخذ بيدي، وأخرجني من الدار، والحسرة والغلمة يرونني، فلم يستطيعوا أن يكلموني، وخرجت من باب الدار، ثم قال: امض في ودائع الله، فإنك لم تصل إليه، ولا يصل إليك أبدا. قال أبو الصلت: فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت (1). وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين. وحسبنا الله ونعم الوكيل


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 242 / 1، بحار الانوار 49: 300 / 10.

[ 763 ]

[ 95 ] المجلس الخامس والتسعون مجلس يوم الاربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة أملاه في مشهد الامام الرضا (صلوات الله عليه) 1027 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): لم حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده، وأحل لهم ما سوى ذلك، من رغبة فيما أحل لهم، ولا زهد فيما حرم عليهم، ولكنه عز وجل خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأبا حهموه (1)، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه، ثم أحله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأحله لقد بقدر البلغة (2) لا


(1) في نسخة: وأباحه. (2) أي الكفاية، وما يتبلغ به من العيش لا يفضل منه شئ.

[ 764 ]

غير ذلك. ثم قال (عليه السلام): أما الميتة فإنه لم ينل أحد منها إلا ضعف بدنه، وأوهنت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث أكله الماء الاصفر، ويورث الكلب (1)، وقساوة القلب، وقلة الرأفة والرحمة، ثم لا يؤمن على حميمه، ولا يؤمن على من صحبه، وأما لحم الخنزير فإن الله تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب، ثم نهى عن أكل المثلة (2). لكيلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبتها، وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها. ثم قال (عليه السلام): إن مدمن الخمر كعابد وثن، وتورثه الارتعاش، وتهدم مروءته، وتحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا، حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، والخمر لا تزيد شاربها إلا كل شر (3). 1028 / 2 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: جاء إبليس إلى موسى بن عمران (عليه السلام) وهو يناجي ربه، فقال له ملك من الملائكة: ما ترجو منه وهو في هذه الحال يناجي ربه؟ فقال: أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة، وكان فيما ناجاه الله تعالى به أن قال له: يا موسى، لا أقبل الصلاة إلا ممن (4) تواضع لعظمتي، وألزم قلبه خوفي، وقطع نهاره بذكري، ولم يبت مصرا على الخطيئة، وعرف حق أوليائي وأحبائي. فقال موسى: رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب؟ فقال عز وجل: هم كذلك يا موسى، إلا أنني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء،


(1) الكلب: مرض شبيه بالجنون. (2) في نسخة: مثله. (3) علل الشرائع 483 / 1، بحار الانوار 65: 163 / 2. (4) في نسخة: لمن.

[ 765 ]

ومن، من أجله خلقت الجنة والنار. فقال موسى: ومن هو، يا رب؟ قال: محمد أحمد شققت اسمه من اسمي لاني أنا المحمود. فقال موسى: يا رب اجعلني من امته. قال: أنت – يا موسى – من امته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته، إن مثله ومثل أهل بيته فيمن خلقت، كمثل الفردوس في الجنان، لا ييبس ورقها ولا يتغير طعمها، فمن عرفهم وعرف حقهم جعلت له عند الجهل حلما، وعند الظلمة نورا، أجيبه قبل أن يدعوني، وأعطيه قبل أن يسألني. يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته، إن الدنيا دار عقوبة، عاقبت فيها آدم عند خطيئة، وجعلتها ملعونة وملعونا ما فيها إلا ما كان منها لي. يا موسى، إن عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي، وسائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي، وما من خلقي أحد عظمها فقرت عينه، ولم يحقرها أحد إلا انتفع بها. ثم قال الصادق (عليه السلام): إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يثن عليك الناس، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس، إذا كنت عند الله محمودا؟ إن عليا (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لاحد رجلين: رجل يزداد كل يوم إحسانا ورجل يتدارك سيئته بالتوبة، وأنى له بالتوبة؟ والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت (1). 1029 / 3 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن العشق فقال: قلوب خلت من ذكر الله فأذاقها الله حب غيره (2).


(1) تفسير القمي 1: 242 (نحوه)، معاني الاخبار: 54 / 1، بحار الانوار 13: 338 / 14. (2) علل الشرائع: 140 / 1، بحار الانوار 73: 158 / 1.

[ 766 ]

1030 / 4 – وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق (عليه السلام): من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة (1). 1031 / 5 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا علي بن محمد القاساني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كان فيما أوصى به لقمان ابنه ناتان (2) أن قال له: يا بني، ليكن مما تتسلح به على عدوك فتصرعه المماسحة (3) وإعلان الرضا عنه، ولا تزاوله بالمجانبة فيبدو له ما في نفسك فيتأهب لك. يا بني، خف الله خوفا لو وافيته ببر الثقلين خفت أن يعذبك الله، وارج الله رجاء لو وافيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر الله لك. يا بني، حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء، وذقت المرارات كلها فلم أذق شيئا أمر من الفقر (4). 1032 / 6 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين (5) بن موسى، عن محمد ابن الحسن الصفار، ولم يحفظ الحسين الاسناد، قال: قال لقمان لابنه: يا بني اتخذ ألف صديق، وألف قليل، ولا تتخذ عدوا واحدا، والواحد كثير، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تكثر من الاخوان ما اسطعت إنهم * * عماد إذا ما استنجدوا وظهور وليس كثيرا ألف خل وصاحب * * وإن عدوا واحدا لكثير (6)


(1) معاني الاخبار: 342 / 3، بحار الانوار 71: 173 / 5. (2) في نسخة: نانان، وفي اخرى: ناثان. (3) المماسحة: الملاينة في القول والمعاشرة والقلوب غير صافية. (4) بحار الانوار 13: 413 / 3. (5) في نسخة: أبي الحسين. (6) بحار الانوار 13: 413 / 4.

[ 767 ]

1033 / 7 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن أبيه، قال: حدثني يزيد بن مخلد النيسابوري، قال: حدثني من سمع الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: الصداقة محدودة، فمن لم تكن فيه تلك الحدود فلا تنسبه إلى كمال الصداقة، ومن لم يكن فيه شئ من تلك الحدود فلا تنسبه إلى شئ من الصداقة، أولها: أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثانية: أن يرى زينك زينه وشينك شينه، والثالثة: لا يغيره عنك مال ولا ولاية، والرابعة: أن لا يمنعك شيئا مما تصل إليه مقدرته، والخامسة: لا يسلمك عند النكبات (1). 1034 / 8 – وقال الصادق (عليه السلام) لبعض أصحابه: من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرات، فلم يقل فيك شرا، فاتخذه لنفسك صديقا (2). 1035 / 9 – وقال الصادق (عليه السلام): لا تثقن بأخيك كل الثقة، فإن صرعة (3) الاسترسال لن تستقال (4). 1036 / 10 – وقال الصادق (عليه السلام) لبعض اصحابه: لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك، فإن الصديق قد يكون عدوا يوما ما (5). 1037 / 11 – وقال الصادق (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي (عليهما السلام): أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: من لك يوما بأخيك كله (6)، وأي الرجال المهذب (7). 1038 / 12 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، قال: حدثني محمد بن علي الكوفي القرشي، قال: حدثني محمد بن


(1) الخصال: 277 / 19، بحار الانوار 74: 173 / 1. (2) بحار الانوار 74: 173 / 2. (3) في نسخة: سرعة. (4) بحار الانوار 74: 173 / 3. (5) بحار الانوار 74: 177 / 15، و 75: 71 / 12. (6) في الكافي 2: 476 / 1، وأنى لك بأخيك كله. (7) بحار الانوار 74: 174 / 4.

[ 768 ]

سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان، كتب الله له صوم شهرين متتابعين (1). 1039 / 13 – حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الاسدي، قال: حدثني محمد بن إسماعيل البرمكي، عن جعفر بن أحمد الكوفي البزاز، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الخالق، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: صوم شعبان وشهر رمضان توبة من الله ولو من دم حرام (2). 1040 / 14 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الاسدي الكوفي، قال: حدثني موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي على ناقة (3) من نور، وعلى رأسك تاج له أربعة أركان، على كل ركن ثلاثة أسطر: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، وتعطي مفاتيح (4) الجنة، ثم يوضع لك كرسي يعرف بكرسي الكرامة، فتقعد عليه، ثم يجمع لك الاولون والآخرون في صعيد واحد، فتأمر بشيعتك إلى الجنة، وبأعدائك إلى النار، فأنت قسيم الجنة، وأنت قسيم النار، ولقد فاز من تولاك، وخسر من عاداك، فأنت في ذلك اليوم أمين الله، وحجة الله الواضحة (5). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) بحار الانوار 97: 71 / 12. (2) بحار الانوار 97: 71 / 10. (3) في نسخة: على عجلة. (4) في نسخة: مفتاح. (5) بحار الانوار 7: 339 / 30.

[ 769 ]

[ 96 ] المجلس السادس والتسعون مجلس يوم الاربعاء أيضا لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وقت العصر 1041 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: جاء حبر من الاحبار إلى أمير المؤمنين (1)، فقال: يا أمير المؤمنين، متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك، ومتى لم يكن حتى يقال متى كان! كان ربي قبل القبل بلا قبل، ويكون بعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنه، فهو منتهى كل غاية (2). 1042 / 2 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي ابن جعفر الجوهري، عن إبراهيم بن عبد الله الكوفي، عن أبي سعيد عقيصا، قال:


(1) في نسخة: جاء رجل لامير المؤمنين. (2) التوحيد: 174 / 3، ” نحوه “، الاحتجاج: 210، بحار الانوار 3: 283 / 1.

[ 770 ]

سئل الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن العقل، فقال: التجرع للغصة ومداهنة الاعداء (1). 1043 / 3 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن عثمان، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن سعيد ابن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: هبط جبرئيل على آدم (عليهما السلام)، فقال: يا آدم، إني أمرت أن أخبرك واحدة من ثلاث، فاختر واحدة ودع اثنتين. فقال له آدم: وما الثلاث يا جبرئيل؟ قال: العقل والحياء والدين. قال آدم: فإني قد اخترت العقل. فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه. فقالا: يا جبرئيل، إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان. قال: فشأنكما، وعرج (2). 1044 / 4 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى بن أبي العلاء، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا، والخريف سبعون سنة. قال: ثم إنه سأل الله عز وجل: بحق محمد وأهل بيته لما رحمتني. قال: فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل: أن اهبط إلى عبدي فأخرجه. قال: يا رب، وكيف لي بالهبوط في النار؟ قال: إني قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما. قال: يا رب، فما علمي بموضعه؟ فقال عز وجل: إنه في جب من سجين. قال: فهبط في النار فوجده وهو معقول على وجهه فأخرجه، فقال عز وجل: يا عبدي، كم لبثت تناشدني في النار؟ قال: ما أحصيه يا رب. قال: أما وعزتي لولا ما سألتني به لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتمت على نفسي أن لا يسألني عبد بحق


(1) المحاسن: 195 / 18، بحار الانوار 1: 130 / 13. (2) المحاسن: 191 / 2، الخصال: 102 / 59، بحار الانوار 1: 86 / 8.

[ 771 ]

محمد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه، وقد غفرت لك اليوم (1). 1045 / 5 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني إبراهيم بن رجاء الجحدري، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فضل أحدا من أصحابي على علي فقد كفر (2). 1046 / 6 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إبراهيم بن رجاء، قال: حدثنا حماد بن زيد (3)، عن أبان، عن ابن عباس – أو عن أبان بن ثابت، عن أنس بن مالك – قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ناصب عليا حارب الله، ومن شك في علي فهو كافر (4). 1047 / 7 – حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن سليمان بي داود المنقري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله تبارك وتعالى: (ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق) (5)، قال: يستنبئك – يا محمد – أهل مكة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام هو؟ (قل إى وربى إنه لحق) (6). 1048 / 8 – حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن جعفر بن محمد بن


(1) الخصال: 584 / 9، معاني الاخبار: 226 / 1، ثواب الاعمال: 154، أمالي المفيد: 218 / 6 ” نحوه “، بحار الانوار 94: 1 / 1. (2) تقدم في المجلس (94) الحديث (4). (3) في نسخة: أحمد بن يزيد. (4) بحار الانوار 27: 233 / 44. (5) يونس 10: 53. (6) تفسير العياشي 2: 123 / 25، بحار الانوار 36: 100 / 3.

[ 772 ]

سماعة، عن عبد الله بن مسكان، عن الحكم بن الصلت، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذوا بحجزة هذا الانزع – يعني عليا – فإنه الصديق الاكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أبغضه الله، ومن تخلف عنه محقه الله، ومنه سبطا أمتي الحسن والحسين، وهما ابناي، ومن الحسين أئمة الهدى، أعطاهم الله علمي وفهمي، فتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم فيحل عليكم غضب من ربكم ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (1). وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) بحار الانوار 23: 129 / 6.

[ 773 ]

[ 97 ] المجلس السابع والتسعون مجلس يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة في مشهد مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) 1049 / 1 – حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن العلاء عن عبد العزيز ابن مسلم، قال: كنا في أيام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة في بدء مقدمنا فأدار الناس أمر الامامة، وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي ومولاي الرضا (عليه السلام)، فأعلمته بما خاض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن أديانهم (1)، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ، بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام، وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا (2)، فقال عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شئ (3)، وأنزل في


(1) في نسخة: آرائهم. (2) الكمل: الكامل. (3) الانعام 6: 38.

[ 774 ]

حجة الوداع، وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله): (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (1)، وأمر الامامة من تمام الدين، ولم يمض (صلى الله عليه وآله) حتى بين لامته معالم دينهم (2)، وأوضح لهم سبله، وتركهم على قصد الحق، وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما، وما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل، ومن رد كتاب الله عز وجل فهو كافر. هل يعرفون قدر الامامة ومحلها من الامة، فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الامامة أجل قدرا وأعظم شأنا، وأعلى مكانا، وأمنع جانبا، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الامامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل (صلى الله عليه وآله) بعد النبوة، والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه الله بها، فأشاد (3) بها ذكره، فقال عزوجل: (إنى جاعلك للناس إماما) فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها: (ومن ذريتي)؟ قال: الله تبارك وتعالى: (لا ينال عهدي الظالمين) (4)، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة، ثم أكرمه الله بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال عز وجل: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) (5). فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا (6) حتى ورثها النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال جل جلاله: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا


(1) المائدة 5: 3. (2) في نسخة: دينه. (3) في نسخة: وأشار. (4) البقرة 2: 124. (5) الانبياء 21: 72 و 73. (6) في نسخة: قرنا عن قرن.

[ 775 ]

النبي والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين) (1) فكانت له خاصة، فقلدها النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله عز وجل (وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلي يوم البعث) (2) فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله). فمن أين يختار هؤلاء الجهال أن الامامة هي منزلة الانبياء وإرث الاوصياء؟ إن الامامة خلافة الله عز وجل وخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام)، إن الامامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الامامة أس الاسلام النامي وفرعه السامي، بالامام تمام الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وتوفير الفئ، والصدقات، وإمضاء الحدود والاحكام، ومنع الثغور والاطراف، الامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة. الامام كالشمس الطالعة للعالم، وهي في الافق بحيث لا تنالها الايدي والابصار، الامام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى والبلد القفار ولجج البحار، الامام الماء العذب على الظمأ، والدال على الهدى، والمنجي من الردى، الامام النار على اليفاع (3)، الحار لمن اصطلى به، والدليل على المسالك (4)، من فارقه فهالك، الامام السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والارض والبسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة.


(1) آل عمران 3: 68. (2) الروم 30: 56. (3) اليفاع: ما ارتفع من الارض. (4) في نسخة: والدليل في المهالك.

[ 776 ]

الامام الامين الرفيق، والوالد الرقيق، والاخ الشفيق، ومفزع العباد في الداهية، الامام أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله، الامام المطهر من الذنوب، المبرأ من العيوب، مخصوص بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين، الامام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد عنه (1) بدل، ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له (2) ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب. فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الالباب، وحسرت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الالباء، وكلت الشعراء، وعجزت الادباء، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، فأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف أو ينعت بكنهه، أو يفهم شئ من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه، ويغني غناءه؟ لا، كيف وأنى (3) وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا، وأين العقول عن هذا، وأين يوجد مثل هذا؟ أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل الرسول (عليهم السلام)؟ كذبتهم والله أنفسهم، ومنتهم الاباطيل، وارتقوا مرتقا صعبا دحضا (4)، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، قاتلهم الله أنى يؤفكون، لقد راموا صعبا، وقالوا إفكا، وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في


(1) في نسخة: لا يوجد به. (2) في نسخة: طلب منزلة. (3) في نسخة: وأين. (4) أي زلقا.

[ 777 ]

الحيرة، إذ تركوا الامام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) (1)، وقال عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (2)، وقال عز وجل: (وما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين) (3)، وقال عز وجل: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (4) أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم (قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) (5)، و (قالوا سمعنا وعصينا) (6) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (7). فكيف لهم باختيار الامام، والامام عالم لا يجهل، راع لا ينكل، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول، وهو نسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش، والذروة من هاشم، والعترة من آل الرسول (8)، والرضا من الله، شرف الاشراف، والفرع


(1) القصص 28: 68. (2) الاحزاب 33: 36. (3) القلم 68: 36 – 41. (4) محمد (صلى الله عليه وآله) 47: 24. (5) الانفال 8: 21 – 23. (6) البقرة 2: 93. (7) الحديد 57: 21. (8) في نسخة: من الرسول.

[ 778 ]

من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالامامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله. إن الانبياء والائمة يوفقهم الله عز وجل ويؤتيهم من مخزون علمه وحلمه وما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله عز وجل: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (1)، وقوله عز وجل: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا) (2)، وقوله عز وجل في طالوت: (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم) (3)، وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (وكان فضل الله عليك عظيما) (4)، وقال عز وجل في الائمة من أهل بيته وعترته وذريته (صلوات الله عليهم): * (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد آتينا ءال إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من ءامن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) (5). وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، وهو معصوم مؤيد موفق مسدد، قد أمن الخطايا والزلل والعثار، وخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه، أو يكون مختارهم بهذه الصفة


(1) يونس 10: 35. (2) البقرة 2: 269. (3) البقرة 2: 247. (4) النساء 4: 113. (5) النساء 4: 54، 55.

[ 779 ]

فيقدموه؟ تعدوا وبيت الله الحق، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواءهم، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم، فقال عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) (1) وقال عز وجل: (فتعسا لهم وأضل أعمالهم) (2)، وقال عز وجل: (كبر مقتا عند الله وعند الذين ءامنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) (3). وصلى الله على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والائمة من ولدها الاخيار، آل يس الابرار، وسلم تسليما كثيرا ثم بعون الله وحسن منه كتاب الامالي للشيخ الصدوق وقد فرغ قسم الدراسات الاسلامية – في مؤسسة البعثة – من تحقيقه في الثاني عشر من شوال سنة 1416 ه‍ وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) القصص 28: 50. (2) محمد (صلى الله عليه وآله) 47: 8. (3) الكافي 1: 154 / 1، كمال الدين وتمام النعمة: 675 / 31، معاني الاخبار: 96 / 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 116 / 1، غيبة النعماني: 216 / 6، تحف العقول: 436، الاحتجاج 2: 439، بحار الانوار 35: 120 / 4، والآية من سورة غافر 40: 35. (2) البقرة 2: 269. (3) البقرة 2: 247. (4) النساء 4: 113. (5) النساء 4: 54، 55

اترك تعليقاً