مناقب آل أبي طالب

ابن شهر آشوب ج 2


[ 1 ]

.


[ 2 ]

مناقب آل أبي طالب تأليف الامام الحافظ ابن شهر اشوب رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن شهر اشوب ابن أبي نصر بن أبي حبيش السروى المازندراني المتوفي سنة 588 ه‍ قام بتصحيحه وشرحه ومقابلته على عدة نسخ خطية لجنة من أساتذة النجف الاشرف الجزء الثاني من ثلاثة أجزاء قام بطبعه محمد كاظم الكتبى صاحب المكتبة والمطبعة الحيدرية وله حقوق الطبع محفوظة طبع في المطبعة الحيدرية في النجف


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم باب ما تفرد من مناقبه عليه السلام فصل: في منزلته عند الميزان والكتاب والحساب ونحوها ابن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) قال: الرسل والائمة من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله. وفي رواية ابراهيم في هذه الآية قال: الانبياء والاوصياء. الامامان الجعفران عليهما السلام في قوله تعالى (فاما من ثقلت موازينه) فهو أمير المؤمنين (فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه) وأنكر ولاية علي ” ع ” (فأمه هاوية) فهي النار جعلها الله له اما ومأواه، قال الحميري: وقوله الميزان بالقسط وما * غير علي في غد ميزانه ويل لمن خف لديه وزنه * وفوز من اسعده رجحانه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى (وأما من أوتي كتابه بيمينه) علي بن أبي طالب عليه السلام. تاريخ بغداد، وفردوس الديلمي، وخصايص النطنزي، بالاسناد عن محمد بن شهاب عن أنس قال: سمعت رسول الله يقول: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب، قال محمد بن السمرقندي: آل النبي ذريعتي * وهم إليه وسيلتي أرجو بأن اعطى غدا * بيد اليمين صحيفتي الشيرازي في كتابه وأبو معاوية الضرير عن الاعمش عن مسلم النظير عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع وأمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمانية ويقول يا ميكائيل مد الصراط على متن جهنم ويقول يا جبرئيل انصب الميزان تحت العرش وناد يا محمد قرب امتك للحساب ويأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر الف فرسخ وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام فيسألون هذه الامة نساؤهم ورجالهم على القنطرة الاولى عن ولاية علي بن أبي طالب وحب آل محمد عليهم السلام فمن أتى به جاز القنطرة


[ 4 ]

الاولى كالبرق الخاطف ومن لم يحب أهل بيت نبيه سقط على أم رأسه في قعر جهنم ولو كان له من أعمال البر عمل سبعين صديقا، وعلى القنطرة الثانية يسألون عن الصلاة وعلى الثالثة يسألون عن الزكاة، وعلى القنطرة الرابعة عن الصيام، وعلى الخامسة عن الحج، وعلى السادسة عن العدل، فمن أتى بشئ من ذلك جاز كالبرق الخاطف ومن لم يأت عذب وذلك قوله (وقفوهم أنهم مسؤولون) يعني معاشر الملائكة وقفوهم يعني العباد على القنطرة الاولى عن ولاية علي وحب أهل البيت. وسئل الباقر عن هذه الآية قال (يقفون فيسألون) ما لكم لا تناصرون في الآخرة كما تعاونتم في الدنيا على علي عليه السلام قال يقول الله (بل هم اليوم مستسلمون، وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) إلى قوله: مجرمين. محمد بن اسحاق والشعبي والاعمش وسعيد بن جبير وابن عباس وأبو نعيم الاصفهاني والحاكم الحسكاني والنطنزي وجماعة أهل البيت عليهم السلام (وقفوهم انهم مسؤولون) عن ولاية علي بن أبي طالب وحب أهل البيت عليهم السلام. الرضا عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قرأ (ان السمع والبصر كل اولئك كان عنه مسؤولا) فسئل عن ذلك فأشار إلى الثلاثة فقال: هم السمع والبصر والفؤاد وسيسألون عن وصيي هذا وأشار إلى علي بن أبي طالب ثم قال: وعزة ربي ان جميع امتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته وذلك قول الله تعالى (وقفوهم انهم مسؤولون). تفسير وكيع بن سفيان عن السدي في قوله (فو ربك لنسألنهم أجمعين) عن ولاية أمير المؤمنين ثم قال (عما كانوا يعملون) عن أعمالهم في الدنيا. أبو جعفر عليه السلام في قوله (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) يعني الامن والصحة وولاية علي بن أبي طالب. التنوير في معاني التفسير، الباقر والصادق: النعيم ولاية أمير المؤمنين. مواهب الله عندي جاوزت أملي * وليس يبلغها قولي ولا عملي لكن أشرفها عندي وافضلها * ولايتي لامير المؤمنين علي الثعلبي في تفسيره عن مجاهد عن ابن عباس، وأبو القاسم القشيري في تفسيره عن الحاكم الحافظ عن أبي برزة، وابن بطة في ابانته باسناده عن أبي سعيد الخدرى كلهم عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى تسال عن اربعة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت.


[ 5 ]

أربعين المكي وولاية الطبري فقيل له: فما آية محبتكم من بعدكم ؟ فوضع يده على رأس علي وهو على جانبه فقال: ان حبي من بعدي حب هذا. منقبة المطهرين عن أبي نعيم فقال عمرو: ما آية حبكم يا رسول الله ؟ قال: حب هذا، ووضع يده على كتف علي وقال: من أحبه فقد أحبنا ومن أبغضه فقد أبغضنا ابن عباس قال النبي: والذي بعثني بالحق لا يقبل الله من عبده حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب عليه السلام. ولا ينجي من الرحمن شئ * ومن هول القيامة والحساب ومن نار تلهب في جحيم * سوى حب الامام أبي تراب شفيع الخلق في يوم التلاق * هو المنعوت في آى الكتاب صحيفة أهل البيت عليهم السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: في نزلت هذه الآية (ان الينا إيابهم ثم ان علينا حسابهم). أبو عبد الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله تعالى بحساب شيعتنا فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا وما كان لنا نهبه لهم ثم قرأ هذه الآية. قال ابن حماد: يا أية الله التي قدرها * ليس له في الخلق من قادر ويا صراطا لم يجزه سوى * كل تقي مؤمن صابر ويا حجابا ليس من غيره * إلى إله العرش من صائر لا يغفر الله لمن لم تكن * له غداة البعث بالغافر وأنشد ايضا: خير زاد نختار فيه المزيد * حب آل النبي والتوحيد فهم عدتي إذا شمل العا * لم يوم الحساب أمر شديد وأتت من ضريحها كل نفس * ولها سائق غدا وشهيد سال محمد بن مسلم الباقر عليه السلام عن قوله تعالى (اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) فقال: يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب فيكون الله هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحد من الناس فيعرفه بذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله للكتبة بدلوها حسنات وأظهروا للناس فيقول الناس أما كان لهذا العبد سيئة واحدة ثم يأمر الله به إلى الجنة فهذا تأويل الآية في المذنبين من شيعتنا. إذا حشر الناس يوم المعاد * ولاقوا قبيح الذي قدموه


[ 6 ]

فحسبي الاله وحسبي النبي * وحسبي الوصي وحسبي بنوه أبو هريرة: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وآله يقول (يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه) إلا من ولاية علي بن أبي طالب فانه لا يفر من والاه ولا يعادي من أحبه ولا يحب من أبغضه الخبر، قال الحميري: وانك آمن من كل خوف * إذا كان الخلائق خائفينا وانك حزبك الادنون حزبي * وحزبي حزب رب العالمينا وحزب الله لا خوف عليهم * ولا نصب ولا هم يحزنونا النبي صلى الله عليه وآله في خبر: وأنت أول من يدخل الجنة. وعنه في خبر: ومنزلك في الجنة حذاء منزلي كمنزل الاخوين. وعنه: منزلك في الجنة تكسى إذا كسيت وتحي إذا حييت، وقال الحميري: وانك في جنان الخلد جاري * منازلنا بها متوجهونا وانك في جوار الله كاس * وجيران المهيمن آمنونا أمير المؤمنين عليه السلام: ان للجنة احدى وسبعين بابا يدخل من سبعين منها شيعتي وأهل بيتي ومن باب واحد سائر الناس. النبي صلى الله عليه وآله في خبر قال للعباس: دخلت الجنة فرأيت حور علي أكثر من ورق الشجر وقصور علي بعدد البشر. فصل: في انه جواز الصراط وقسيم الجنة والنار محمد بن الصباح الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن حميد عن أنس قال رسول الله في قوله تعالى (فلا اقتحم العقبة) ان فوق الصراط عقبة كؤودا طولها ثلاثة آلاف عام الف عام هبوط والف عام شوك وحسك وعقارب وحيات والف عام صعودا أنا أول من يقطع تلك العقبة وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب، وقال بعد كلام: لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد وأهل بيته، الخبر. عبد الله بن سالم عن ابيه في خبر عن الصادق: نحن والله العقبة من اقتحمها فك رقبة من النار. الباقر عليه السلام: نحن العقبة التي من اقتحمها نجا، ثم قال: فك رقبة الناس كلهم عبيد النار ما خلا نحن وشيعتنا فك الله رقابهم من النار.


[ 7 ]

الصادق عليه السلام: فك رقبة يعني ولاية أمير المؤمنين فان ذلك فك رقبته. تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عباس (يوم لا يخزي الله النبي لا يعذب الله محمدا والذين آمنوا معه) لا يعذب علي بن ابي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر نورهم يسعى يضئ على الصراط لعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن أيمانهم وهم يتبعونها فيمضي أهل بيت محمد وآله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف ثم قوم مثل الريح ثم قوم مثل عدو الفرس ثم يمضي قوم مثل المشي ثم قوم مثل الجثو ثم قوم مثل الزحف ويجعله الله على المؤمنين عريضا وعلى المذنبين دقيقا، قال الله تعالى: يقولون ربنا أتمم لنا نورنا حتى نجتاز به على الصراط، قال فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرد الاخضر ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الاحمر حولها سبعون الف حور كالبرق اللامع. ابن عباس وأنس عن النبي قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب وذلك قوله تعالى (وقفوهم انهم مسؤولون)، وحدثني أبي شهر اشوب باسناد له إلى النبي لكل شئ جواز وجواز الصراط حب علي بن أبي طالب. تاريخ الخطيب، ليث عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قلت للنبي صلى الله عليه وآله: يا رسول الله للناس جواز ؟ قال نعم، قلت وما هو ؟ قال حب علي بن ابي طالب. وفي حديث وكيع قال أبو سعيد: يا رسول الله ما معنى براءة علي ؟ قال لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله. وسأل النبي جبرئيل: كيف تجوز امتي الصراط فمضى ودعا وقال: ان الله تعالى يقرؤك السلام ويقول: انك تجوز الصراط بنوري وعلي بن أبي طالب يجوز الصراط بنورك وأمتك تجوز الصراط بنور علي فنور امتك من نور علي ونور علي من نورك ونورك من نور الله. وفي الخبر وهو الصراط الذي يقف على يمينه رسول الله وعلى شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله: القيا في جهنم كل كفار عنيد. الحسن البصري عن عبد الله عن النبي في خبر: وهو جالس على كرسي من نور يعني عليا يجري بين يديه التسنيم لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته يشرف على الجنة ويدخل محبيه الجنة ومبغضيه النار، قال الحميري:


[ 8 ]

ولدى الصراط ترى عليا واقفا * يدعو إليه وليه المنصورا الله أعطى ذا عليا كله * وعطاء ربي لم يكن محظورا وقال ابن حماد: لا يجوز الصراط إلا من أعطاه * براءة وبالنجاة استخصا وله أيضا: واناس يعلون في الدرجات * واناس يهوون في الدركات لا يجوز الصراط إلا امرئ * من عليه أبوكم ببراة وله ايضا: وهو الصراط عليه يجتاز الورى * طرا ومن ساع عليه وناكب وقال الكاتب: اني وجبريل وانك يا أخي * يوم الحساب وذو الجلال يراني لعلى الصراط فلا مجاز لجايز * إلا لمن من ذي الجلال أتاني ببراءة فيها ولايتك التي * ينحو بها من ناره الثقلان الباقر عليه السلام سئل النبي صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى (ألقيا في جهنم) الآية، فقال: يا علي ان الله تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت على يمين العرش ويقول الله: يا محمد ويا علي قوما والقيا من أبغضكما وخالفكما وكذبكما في النار. الرضا عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله: نزلت في وفي علي هذه الآية. شريك القاضي و عبد الله بن حماد الانصاري قال كل واحد منهما: حضرت الاعمش في علته التي قبض فيها وعنده ابن شبرمة وابن أبي ليلى وابو حنيفة فقال أبو حنيفة: يا ابا محمد اتق الله وانظر لنفسك فانك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من ايام الآخرة وقد كنت تحدث في علي بأحاديث لو تبت عنها كان خيرا لك قال الاعمش مثل ماذا ؟ قال مثل حديث عباية الاسدي ان عليا قسيم النار قال اقعدوني وسندوني وحدثني والذي إليه مصيري موسى بن طريف امام بني أسد عن عباية بن ربعي أما الحي قال سمعت عليا يقول: أنا قسيم النار أقول هذا وليي دعيه وهذا عدوني خذيه. وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج عن أبي سعيد الخدري قال النبي ” المناقب ج 2، م 1 “


[ 9 ]

إذا كان يوم القيامة يأمر الله عز وجل فأقعد أنا وعلي على الصراط ويقال لنا ادخلا الجنة من آمن بي وأحبكما وادخلا النار من كفر بي وأبغضكما، وفي لفظ القيا في النار من أبغضكما وادخلا الجنة من أحبكما، وفي رواية غيرهما. وحدثني أبو وايل قال حدثني ابن عباس قال: قال رسول الله: إذا كان يوم القيامة يأمر الله عليا أن يقسم بين الجنة والنار فيقول للنار: خذي ذا عدوي وذري ذا وليي، قال: فجعل أبو حنيفة أزاره على رأسه وقال: قوموا بنا لا يجئ أبو محمد بأعظم من هذا، قال: فما أمسى الاعمش حتى توفي. ابن شيرويه في الفردوس قال حذيفة: قال النبي صلى الله عليه وآله: علي قسيم النار. الصفواني في الاحن والمحن في خبر طويل عن اسحاق بن موسى بن جعفر عن ابيه عن جده عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي: وينزل الملكان يعني رضوان ومالك فيقول مالك: ان الله أمرني بلطفه ومنه ان اسعر النيران فسعرتها وان اغلق ابوابها فغلقتها وان آتيك بمفاتيحها فخذها يا محمد فأقول قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما من به علي ثم ادفعها إلى علي ثم يقول رضوان ان الله أمرني بمنه ولطفه ان ازخرف الجنان فزخرفتها وان اغلق ابوابها فغلقتها وان آتيك بمفاتيحها فخذها يا محمد فأقول قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما من به على ثم ادفعها إلى علي فينزل علي وفي يده مفاتيح الجنة ومقاليد النار فيقف علي بحجزتها ويأخذ بزمامها وقد تطاير شررها وعلا زفيرها وتلاطمت امواجها فتناديه النار جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي فيقول لها علي: اتركي هذا ولي وخذي هذا عدوي وان جهنم يومئذ لاطوع لعلي من غلام أحدكم لصاحبه. وقال الزمخشري في الفايق: معنى قول علي أنا قسيم النار أي مقاسمها ومساهمها يعني ان القوم على شطرين مهتدون وضالون فكأنه قاسم النار إياهم فشطر لها وشطر معه في الجنة، ولقد صنف محمد بن سعيد كتاب من روى في علي انه قسيم النار، قال السيد: قسيم النار هذا لي فكفي عنه لا يضرر وهذا لك يا نار فحوزي الفاجر الاكبر وله أيضا: ذاك قسيم النار من قيله * خذي عدوي وذري ناصري ذاك علي بن أبي طالب * صهر النبي المصطفى الطاهر


[ 10 ]

وله أيضا: علي قسيم النار من قيله خذي * ذري ذا وهذا فاشربي منه واطعمي خذي بالشوى ممن يصيبك منهم * ولا تقربي من كان حزبي فتظلمي وله ايضا: قسيم النار ذلك ها وذا لي * ذريه انه لي ذو وداد يقاسمها فينصفها فترضى * مقاسمة المعادل غير عاد كما انتقد الدراهم صيرفي * ينقي الزايفات من الجياد وقال العوني: إمامي قسيم النار مختار أهلها * ولا بد للجنات والنار من أهل وله أيضا: يسوق الظالمين إلى جحيم * فويل للظلوم الناصبي يقول لها خذي هذا فهذا * عدوي في البلاء على الشقي وخل من يواليني فهذا * رفيقي في الجنان وذا وليي وقال غيره: واني لارجو يا إلهي سلامة * بعفوك من نار تلظى همومها أبا حسن لو كان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها وكيف يخاف النار من هو موقن * بأن امير المؤمنين قسيمها وقال البشنوي: وكيف تحرقني نار الجحيم إذا * كان القسيم لها مولاي ذا الحسب وقال دعبل: قسيم الجحيم فهذا له * وهذا لها باعتدال القسم يذود عن الحوض اعدائه * فكم من لعين طريد وكم فمن ناكثين ومن قاسطين * ومن مارقين ومن مجترم وقال الزاهي: يا سيدي يا بن أبي طالب * يا عصمة المعتف والجار لا تجعلن النار لي مسكنا * يا قاسم الجنة والنار وقال غيره: علي حبه جنة * قسيم النار والجنة وصي المصطفى حقا * إما الانس والجنة


[ 11 ]

قال عمرو بن شمر اجتمع الكلبي والاعمش فقال الكلبي: اي شئ أشد ما سمعت من مناقب علي عليه السلام فحدث بحديث عباية انه قسيم النار فقال الكلبي: وعندي اعظم مما عندك اعطى رسول الله عليا كتابا فيه اسماء اهل الجنة واسماء اهل النار. عبد الصمد بن بشير عن الصادق عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه حديث الاسرى ثم قال: فأوحى إلى عبده ما اوحى قال دفع إليه كتابا يعني إلى النبي في اسماء أصحاب اليمين واصحاب الشمال فأخذ كتاب اليمين بيمينه ونظر إليه فإذا فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم فقال الله تعالى: (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) فقال النبي (والمؤمنون كل آمن بالله) الآية، ثم قال رسول الله: ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا، فقال تعالى: قد فعلت، فقال النبي: ولا تحملنا مالا طاقة لنا به إلى آخر السورة كل ذلك يقول الله تعالى قد فعلت، ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه وفتح صحيفة اصحاب الشمال فإذا فيها اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم، ثم ساق جعفر الصادق عليه السلام الكلام إلى ان قال: ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. الصفواني باسناده إلى موسى بن جعفر عليهما السلام عن النبي في خبر طويل قال فبينا انا كذلك إذ اقبل ملكان احدهما رضوان والآخر مالك فيصعد الرضوان فيقول السلام عليك يا نبي الله فأقول وعليك السلام ايها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم علي من أنت فيقول انا رضوان خازن الجنان ان الله امرني بلطفه ان ازخرف الجنان فزخرفتها وان اغلق ابوابها فغلقتها واتيتك بمفاتيحها فخذها يا احمد فأقول قد قبلت من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي ادفعه إلى اخي علي فيدفعه إلى علي الخبر. وفي رواية محمد بن زكريا الغلابي والحديث مختصر ان رضوان ينادي ان الله امرني ان ادفع مفاتيح الجنان إلى محمد وان محمدا امرني ان ادفعها إلى علي بن أبي طالب هاك فاشهدوا لي عليه ثم يقوم خازن جهنم وينادي ألا ان الله عز وجل امرني ان ادفع مفاتيح جهنم إلى محمد وان محمدا امرني ان ادفعها إلى علي هاك فاشهدوا لي عليه فتأخذ مفاتيح الجنة والنار وتأخذ حجزتي واهل بيتك يأخذون حجزتك وشيعتك يأخذون حجزة اهل بيتك قال فصفقت بكلتا يدي وقلت إلى الجنة يا رسول الله فقال اي ورب الكعبة. محمد الفتال في روضة الواعظين قال النبي: حلقة باب الجنة ذهب فإذا دقت الحلقة على الصحيفة طنت وقالت يا علي.


[ 12 ]

خصائص النطنزي، قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي بن أبي طالب حلقة معلقة بباب الجنة من تعلق بها دخل الجنة. فصل: في انه الساقى والشفيع ابن جبير وابن عباس سئل النبي عن الكوثر فقال: يا علي الكوثر نهر يجري تحت عرش الله ماؤه اشد بياضا من الثلج واحلى من العسل وألين من الزبد حصباؤه الدر والزبرجد والمرجان حشيشه الزعفران ترابه المسك الاذفر قواعده تحت عرش الله ثم ضرب يده على جنب علي وقال: ان هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدى. الحافظ أبو نعيم باسناده إلى عطية عن أنس قال: دخلت على رسول الله فقال: قد أعطيت الكوثر فقلت: يا رسول الله وما الكوثر ؟ قال: نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب احد منه فيظمأ ولا يتوضأ احد منه فيشعث لا يشربه انسان اخفر ذمتي ولا قتل اهل بيتي. النبي يذود علي عنه يوم القيامة من ليس من شيعته ومن شرب منه لم يظما ابدا طارق، قال امير المؤمنين عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لاقمعن بيدي هاتين من الحوض اعدائنا إذا وردته احباؤنا. وروى احمد في الفضائل نحوا منه عن ابي حرب بن أبي الاسود الدؤلي. وفي اخبار ابي رافع من خمسة طرق قال النبي: يا علي ترد على الحوض وشيعتك رواء مرويين ويرد عليك عدوك ظمأ مقحمين. وجاء في تفسير قوله تعالى (وسقاهم ربهم) يعني سيدهم علي بن أبي طالب، والدليل على ان الرب بمعنى السيد قوله تعالى (اذكرني عند ربك). الفايق، ان النبي قال لعلي: انت الذايد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه الرجال كما يذاد الاصيد البعير الصادي اي الذي به الصيد والصيد داء يلوي عنقه. قال الحميري: اؤمل في حبه شربة * من الحوض تجمع أمنا وريا إذا ما وردنا غدا حوضه * فأدنى السعيد وذاد الشقيا متى يدن مولاه منه يقل * رد الحوض واشرب هنيئا مريا وان يدن منه عدو له * يذده علي مكانا قصيا


[ 13 ]

وله ايضا: ألا ايها اللاحي عليا دع الحنا * فما انت من تأنيبه بمصوب اتلحي امير الله بعد امينه * وصاحب حوض شربه خير مشرب وحافاته در ومسك ترابه * وقد حاز ماء من لجين ومذهب متى ما يرد مولاه يشرب وان يرد * عدو له يرجع بخزي ويضرب وله ايضا: فانك تلقاه لدى الحوض قائما * مع المصطفى بالجسر جسر جهنم يجيران من والاهما في حياته * إلى الروح والظل الظليل المكرم وله ايضا: يذب عنه ابن ابي طالب * ذبك جربى ابل تشرع إذا دنوا منه لكي يشربوا * قيل لهم تبا لكم فارجعوا وراكم فالتمسوا منهلا * يرويكم أو مطعما يشبع هذا لمن والى بني احمد * ولم يكن غيرهم يتبع وله ايضا: والحوض حوض محمد ووصيه * يسقي محبيه ويمنعه العدى وله ايضا: وصاحب الحوض يسقي من ألم به * من الخلايق لا احبي ولا رتقا قسيم نار به ترضى يقول لها * ذا لي وذا لك قسم لم يكن علقا وقال ابن حماد: والحوض حوضك ليس ثم مدافع * في الحشر تسقى من تشاء وتمنع عجبا لاعمى عن هداه ونوره * كالشمس واضحة تضئ وتلمع وله ايضا: وهم سقاة الحوض من والاهم * يسقى بكاس لذة للشارب وله ايضا: وان الحوض حوضك والبرايا * اليك لدى القيامة مهطعينا وتحت لوائك المحمود تضحى * جميع الخلق دونك خاشعينا


[ 14 ]

وقال العوني: تسقى الظماة على حوض النبي غدا * للمؤمنين بمملو من الحلب وقال الزاهي: بدر الدجى وزوجه شمس الضحى * في فضلها وابناه للعرش القرط ومن له الكوثر حوض في غد * والنار ملك والفراديس خطط وله ايضا: يا ساقي الشيعة من كاسه * عند ورود الكوثر الجاري في يوم تبلو النفس ما قدمت * لسيد في الحكم جبار والنار في الموقف قد سعرت * لاخذ نصاب وفجار وقال حسان بن ثابت: له الحوض لا شك يحبى به * فمن شاء اسقى برغم العدى ومن ناصب القوم لم يسقه * ويدعو إلى الورد للاوليا علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن ابي الجوزاء عن ابن عباس في قوله تعالى: (فما تنفعكم شفاعة الشافعين)، قال: يعني ما تنفع كفار مكة شفاعة الشافعين، ثم قال أول من يشفع يوم القيامة في امته رسول الله وأول من يشفع في أهل بيته وولده أمير المؤمنين وأول من يشفع في الروم المسلمين صهيب وأول من يشفع في مؤمني الحبشة بلال. حمران بن أعين قال الصادق عليه السلام: والله لنشفعن لشيعتنا والله لنشفعن لشيعتنا والله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فردوس الديلمي، أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وآله: الشفعاء خمسة: القرآن والرحم والامانة ونبيكم وأهل بيت نبيكم. تفسير وكيع، قال ابن عباس في قوله: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) يعني ولسوف يشفعك يا محمد يوم القيامة في جميع أهل بيتك فتدخلهم كلهم الجنة ترضى بذلك عن ربك. الباقر عليه السلام في قوله (وترى كل امة جاثية الآية، قال: ذلك النبي وعلي يقوم على كوم قد علا الخلايق فيشفع ثم يقول: يا علي اشفع، فيشفع الرجل في القبيلة ويشفع الرجل لاهل البيت ويشفع الرجل للرجلين على قدر عمله فذلك المقام المحمود.


[ 15 ]

أبو عبد الله عليه السلام: (وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق) قال شفاعة النبي والذي جاء بالصدق شفاعة علي اولئك هم الصديقون شفاعة الائمة. النبي صلى الله عليه وآله اني لاشفع يوم القيامة فأشفع ويشفع علي فيشفع ويشفع أهل بيتي فيشفعون الخبر. نقش الصاحب على خاتمه: شفيع اسماعيل في الآخره * محمد والعترة الطاهره وفي نقش آخر: شفيعي إلى الله قوم بهم * يميز الخبيب من الطيب بحبهم صرت مستوجبا * لما ليس غيري بمستوجب وقال الزاهي: ابا حسن جعلتك لي ملاذا * ألوذ به ويشملني الذماما فكن لي شافعا في يوم حشري * وتجعل دار قدسك لي مقاما لاني لم أكن من نعثلي * ولا أهوى عتيق ولا دلاما وقال أبو نواس: يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأن عفوك أعظم ادعوك رب كما امرت تضرعا * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم ان كان لا يرجوك إلا محسن * فمن الذي يرجو ويدعو المجرم مالي اليك وسيلة إلا الرجا * وجميل ظني ثم اني مسلم مستمسكا بمحمد وبآله * ان الموفق من بهم يستعصم ثم الشفاعة من نبيك أحمد * ثم الحماية من علي أعلم ثم الحسين وبعده أولاده * ساداتنا حتى الامام المكتم سادات حر ملجأ مستعصم * بهم الوذ فذاك حصن محمكم وانشد: من كان في الحشر له شافع * فليس لي في الحشر من شافع سوى النبي المصطفى أحمد * ثم المزكي الخاشع الراكع وقال غيره: من كان في الحشر له شافع * فشافعي المظلوم من هاشم أخو النبي العربي الذي * صدق في المسجد بالخاتم


[ 16 ]

وانشد: رضيت لي شافعا من العالم * من جاد عند الركوع بالخاتم وانشد: ولما علمت بما قد جنيت * وأشفقت من سخط العالم نقشت شفيعي على خاتمي * إماما تصدق بالخاتم وانشد: يا ذا المعارج ان قصرت في عملي * وغرني في زماني كثرة الامل فشافعي أحمد وأبناء ابنته * اليك ثم أمير المؤمنين علي وانشد: برحمة الله أرجو الصفح عن زللي * بعفوه لا بما قدمت من عملي ومن يكن لي شفيعا في المعاد سوى * محمد وأمير المؤمنين علي وانشد: إلهي قد سترت علي ذنبي * فأكرمني بعفوك بعفوك في القيامة فما لي شافع إلا نبيي * وديني واعتقادي بالامامه وانشد: إذا أنا لم أهوى النبي وآله * فمن غيرهم لي في القيامة يشفع فلا دين إلا حب آل محمد * ولا شئ في القيامة أنفع وانشد: ان كان قد عظمت ذنوبي كثرة * لا بأس لي أني مجد طامع والله جل جلاله لي راحم * ورسوله صلى عليه شافع وانشد: أهل الكتاب محبتي إياهم * والعدل والتوحيد دين جامع وإذا تكاملت الديانة لامرئ * لا شك في جنات عدن رافع وانشد: أنا بالنبي محمد وبآله * لتفضل الملك المهيمن راج يوم القيامة والقلوب خوافق * والخلق قد وقفوا على منهاج ” المناقب ج 2، 2 م “


[ 17 ]

وله أيضا: أعطاكم الله ما لم يعطه أحدا * حتى دعيتم لعظم الفضل اربابا أشباحكم كن في بدو الظلال له * دون البرية خداما وحجابا وأنتم الكلمات اللاي لقنها * جبريل آدم عند الذنب اذنابا وأنتم قبلة الدين التي جعلت * للقاصدين إلى الرحمن محرابا وله أيضا: فجدكم أحمد المصطفى * ووالد حيدر الانزع ولاحت لآدم أسماؤكم * على العرش زاهرة تلمع زرعت هواكم بأرض النجاة * لاحصد في البعث ما ازرع وله ايضا: ولاحت الاسما على العرش له * ثم بها لما عصى الله دعا فتاب ذو العرش عليه بهم * من بعدما عيره بما عصى وقال الناشي: هم الكلمات والاسماء لاحت * لآدم حين عن له المتاب وقال بعض شعراء الموصل: وبهم آدم توسل لما * ضل عن رشده عن التضليل إذا تلقى من ربه كلمات * آدم فاستخصه بالقبول وأنارت بروج شيث ونوح * ثم أفضت إلى النبي الخليل وجرت في محل كل زكي * ورضي من نسل اسماعيل ثم صارت محمدا وعليا * وهما في الفخار أصل الاصول ارسل الله أحمد من لدنه * رحمة بالكتاب والتنزيل وعلي أخصه الله بالعلم * وفصل الخطاب والتأويل فصل: في القرابة محمد بن المفضل عن موسى بن جعفر عليهما السلام في قوله تعالى (الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) هي رحم آل محمد عليهم السلام. المرزباني باسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام) نزلت في رسوله وذلك ان كل سبب ونسب منقطع


[ 18 ]

يوم القيامة إلا ما كان من سببه ونسبه. زيد بن علي عليه السلام في قوله (واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض) قال: ذلك علي ابن أبي طالب كان مهاجرا ذا رحم. تفسير جابر بن يزيد عن الامام عليه السلام أثبت الله بهذه الآية ولاية علي بن أبي طالب لان عليا كان أولى برسول الله من غيره لانه كان أخوه في الدنيا والآخرة لانه حاز ميراثه وسلاحه ومتاعه وبغلته الشهباء وجميع ما ترك وورث كتابه من بعده قال الله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) وهو القرآن كله نزل على رسول الله وكان يعلم الناس من بعد النبي ولم يعلمه أحد وكان يسئل ولا يسأل أحدا عن شئ من دين الله وان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى هاشما من قريش ولم يكن للمشايخ في الذي هو صفوة الصفوة نصيب، ثم انه هاشمي من هاشميين ولم يكن في زمانه غيره وغير أخويه وغير ابنيه، أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم، امه فاطمة بنت أسد بن هاشم: وفي حديث انه اختلف امه برسول الله إلى معد بن عدنان من ثلاث وعشرين قرابة تتصل برسول الله من جهة الامهات ولا أحد يشارك في ذلك، والنبي ابن عمه من وجهين من عبد الله ومن ابي طالب ومن اتصال امه برسول الله تلك الجهات في الامهات، وصار علي ابنه من وجهين، أولهما انه رباه حتى قالت فاطمة بنت أسد كنت مريضة فكان محمد يمص عليا لسانه في فيه فيرضع باذن الله، والثاني ان ختن الرجل ابنه ولهذا يهنئ الرجل إذا ولدت له بنت فيقال هنا الختن صهر النبي وصنوه وربيبه * وأخوه عند تعذر الاخوان ثم ابناه ابنا رسول الله حكما وشرعا لقوله صلى الله عليه وآله: أنا أبوهما أعقل عنهما، ولهذا كان علي يقول في محمد بن الحنفية ابني ويقول فيهما ابنا رسول الله، وفي خبر فقيل له الحسن والحسين ابنا من ؟ (كذا) رسول الله في هذه النسبة، وفي رواية ان رسول الله ادعى فيكما، وإذا قال ابناء رسول الله وأنا لا انازع في شئ ادعى النبي استحي أن ادعي فيه خصه ربي فصيره لبني بنت النبي أبا فهو عليه الصلاة والسلام سيد النبيين وصهره سيد الوصيين وزوجته سيدة نساء العالمين، وابناه سيدا شباب أهل الجنة، وعمه حمزة سيد الشهداء، وأخوه جعفر انسي ملكي سيد الطيور في الجنة يطير مع الملائكة، وابوه سيد العرب حامي رسول الله، ورئيس مكة جده وجد أبيه هاشم سيد العرب، وصهرته أم المؤمنين وأول من أسلمت وصلت وأنفقت ومنها


[ 19 ]

نسل النبي صلى الله عليه وآله، وأمه فاطمة بنت أسد اول هاشمية من هاشميين. نهج البلاغة: وقال قائل انك يا ابن ابي طالب على هذا الامر لحريص فقلت بل انتم والله احرص وابعد وانا اخص واقرب وإنما طلبت حقا لي وانتم تحولون بيني وبينه وتضربون وجهي دونه فلما قرعته بالحجة في الملا الحاضرين بهت لا يدري ما يجيبني العزة عن الجاحظ: اربعة رأوا رسول الله في نسق عبد المطلب وابو طالب وعلي والحسن. وروى الثقاة عن النبي انه قال: يا علي لك اشياء ليست لي منها ان لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها ولك ولدين من صلبك وليس لي مثلهما من صلبي ولك مثل خديجة ام اهلك وليس لي مثلها حماة ولك صهر مثلي وليس لي صهر مثلي ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب ولك أم مثل فاطمة بنت اسد الهاشمية المهاجرة وليس لي مثلها. سلمان وابو ذر والمقداد: ان رجلا فاخر علي بن ابي طالب فقال النبي: فاخر العرب فأنت اكرمهم ابن عم واكرمهم نفسا واكرمهم زوجة واكرمهم ولدا واكرمهم أخا واكرمهم عما واعظمهم حلما واكثرهم علما واقدمهم سلما، وفي خبر واشجعهم. قلبا واسخاهم كفا، وفي خبر آخر انت افضل امتي فضلا. أبو الحسن المدايني: انه كتب معاوية إليه يا ابا الحسن ان لي فضايل كثيرة كان ابي سيدا في الجاهلية وصرت ملكا في الاسلام وانا صهر رسول الله وخال المؤمنين وكاتب الوحي، فلما قرأ امير المؤمنين الكتاب قال: أبا الفضايل يفخر علينا ابن آكلة الاكباد يا غلام اكتب إليه وأملى عليه: محمد النبي اخي وصهري * وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة ابن امي وبنت محمد سكني وعرسي * مشوب لحمها بدمي ولحمي وسبطا احمد ولداي منها * فمن منكم له سهم كسهمي سبقتكم إلى الاسلام طرا * غلاما ما بلغت اوان حلمي انا البطل الذي لن تنكروه * ليوم كريهة وليوم سلم واوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم واوصى بي لامته لحكمي * فهل فيكم له قدم كقدمي فويل ثم ويل ثم ويل * لجاحد طاعتي من غير جرمي


[ 20 ]

فلما قرأ معاوية الكتاب قال: مزقه يا غلام لا يقرأه اهل الشام فيميلون معه نحو ابن ابي طالب. وتذاكروا الفخر عند عمر فأنشأ عليه السلام: الله اكرمنا بنصر نبيه * وبنا اقام دعائم الاسلام وبنا اعز نبيه وكتابه * واعزنا بالنصر والاقدام وبكل معترك تطير سيوفنا * منه الجماجم عن فراخ الهام ويزورنا جبريل في ابياتنا * بفرايض الاسلام والاحكام فتكون اول مستحل حله * ومحرم لله كل حرام نحن الخيار من البرية كلها * ونظامها وزمام كل زمام وقال خطيب خوارزم: هل فيهم من له زوج كفاطمة * قل لا وان مات غيظا كل ذي احن هل فيهم من له عم يؤازره * كمثل حمزة في اعمام ذي الزمن هل فيهم من له صنو يكانفه * كجعفر ذي المعالي الباسق الفطن وليس في العقل والشرع تبعيد القريب وتقريب البعيد إلا للكفر وللفسق. وقال غيره: اخذتم عن القربي خلافة احمد * وصيرتموها بعده في الاجانب واين على التحقيق تيم بن مرة * لو اخترتم الانصاف من آل طالب وقال غيره: وقد متم تيما برأيكم * ولها شم الابرام والنقض اكأهله الاصحاب عندكم * فإذا النوافل مثلها الفرض فصل: في آثار حمله وكيفية ولادته خطب أبو طالب في نكاح فاطمة بنت اسد: الحمد لله رب العالمين رب العرش العظيم والمقام الكريم والمشعر والحطيم الذي اصطفانا اعلاما وسدنة وعرفاء وخلصاء وحجيته بهاليل اطهار من الخنا والريب والاذى والعيب واقام لنا المشاعر وفضلنا على العشاير نخب آل ابراهيم وصفوته وزرع اسماعيل، في كلام له ثم قال: وقد تزوجت بنت اسد وسقت المهر ونفذت الامر فأسألوه واشهدوا، فقال اسد: زوجناك ورضينا بك، ثم اطعم الناس فقال امية بن الصلت: اغمرنا عرس ابي طالب * وكان عرسا لبن الحالب


[ 21 ]

اقرأؤه البدو بأقطاره * من راجل خف ومن راكب فنازلوه سبعة احصيت * ايامها للرجل الحاسب شيخ السنة القاضي أبو عمرو عثمان بن احمد في خبر طويل ان فاطمة بنت اسد رأت النبي صلى الله عليه وآله يأكل تمرا له رايحة تزداد على كل الاطايب من المسك والعنبر من نخلة لا شماريخ لها فقالت: ناولني أنل منها، قال عليه السلام: لا تصلح إلا ان تشهدي معي ان لا إله إلا الله واني محمد رسول الله فشهدت الشهادتين فناولها فأكلت فازدادت رغبتها وطلبت اخرى لابي طالب فعاهدها ان لا نعطيه إلا بعد الشهادتين فلما جن عليها الليل اشتم أبو طالب نسما ما اشتم مثله قط فاظهرت ما معها فالتمسه منها فأبت عليه إلا ان يشهد الشهادتين فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين غير انه سألها ان تكتم عليه لئلا تعيره قريش فعاهدته على ذلك فأعطته ما معها وآوى إلى زوجته فعلقت بعلي في تلك الليلة ولما حملت بعلي ازداد حسنها فكان يتكلم في بطنها فكانت في الكعبة فتكلم علي مع جعفر فغشى عليه فألقيت الاصنام خرت على وجوهها فمسحت على بطنها وقالت: يا قرة العين سجدتك الاصنام داخلا فكيف شأنك خارجا، وذكرت لابي طالب ذلك فقال: هو الذي قال لي اسد في طريق الطايف. قال الشاعر: وقد روي عن امه فاطمة * ذات التقى والفضل من بين النسا بأنها كانت ترى اصنامهم * نصبا على الكعبة أو بين الصفا فربما رامت سجودا كالذي * كانت مرارا من قريش قد ترى وهي به حاملة فيغتدي * منتصبا يمنعها مما تشا عن بريد بن قعنب وجابر الانصاري انه كان راهب يقال له المثرم بن دعيب قد عبد الله مائة وتسعين سنة ولم يسأله حاجه فسأل ربه أنيريه وليا له فبعث الله بأبي طالب إليه فسأله عن مكانه وقبيلته فلما اجابه وثب إليه وقبل رأسه وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى اراني وليه، ثم قال: ابشر يا هذا ان الله الهمني ان ولدا يخرج من صلبك هو ولي الله اسمه علي فان ادركته فاقرأه مني السلام، فقال ما برهانه ؟ قال ما تريد ؟ قال طعام من الجنة في وقتي هذا، فدعا الراهب بذلك فما استتم كلامه حتى اتى بطبق عليه من فاكهة الجنة رطب وعنب ورمان فتناول رمانة فتحولت ما في صلبه فجامع فاطمة فحملت بعلي وارتجت الارض وزلزت بهم اياما وعلت قريش الاصنام إلى ذروة ابي قبيس فجعل يرتج ارتجاجا حتى تدكدكت بهم الصخور وتناثرت وتساقطت


[ 22 ]

الالهه على وجوهها فصعد أبو طالب الجبل وقال: ايها الناس ان الله قد احدث في هذه الليلة حادثة وخلق فيها خلقا ان لم تطيعوه وتقروا بولايته وتشهدوا بامامته لم يسكن ما بكم، فاقروا به فرفع يده وقال: إلهي وسيدي اسألك بالمحمدية المحمودية وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرافة والرحمة فكانت العرب تدعو بها في شدايدها في الجاهلية وهي لا تعلمها، فلما قربت ولادته اتت فاطمة إلى بيت الله وقالت. رب اني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب مصدقة بكلام جدي ابراهيم فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي، فانفتح البيت ودخلت فيه فإذا هي بحوراء ومريم وآسية وام موسى وغيرهن فصنعن مثل ما صنعن برسول الله وقت ولادته. فلما ولد سجد على الارض يقول: اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله واشهد ان عليا وصي محمد رسول الله بمحمد يختم الله النبوة وبي تتم الوصية وانا امير المؤمنين فسلم على النساء وسأل عن احوالهن واشرقت السماء بضيائه، فخرج أبو طالب يقول ابشروا فقد ظهر ولي الله يختم به الوصيين وهو وصي نبي رب العالمين، ثم اخذ عليا فسلم علي عليه فسأله عن النسوة فذكر له ثم قال: فالحق بالمثرم وخبره بما رأيت فانه في كهف كذا من جبل اكام فخرج حتى اتاه فوجده ميتا جسدا ملفوفا في مدرعة مسجى فإذا هناك حيتان فلما بصرنا به عزبتا في الكهف ودخل أبو طالب فقال: السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته، فأحيي الله المثرم فقام يمسح وجهه ويقول: اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله وان عليا ولي الله والامام بعد نبي الله، فقال أبو طالب: ابشر فان عليا قد طلع إلى الارض فسأل عن ولادته فقص عليه القصة فبكى المثرم ثم سجد شكرا ثم تمطى فقال: غطني بمدرعتي فغطاه فإذا هو ميت كما كان فأقام أبو طالب ثلاثا وخرجت الحيتان وقالتا: السلام عليك يا ابا طالب الحق بولي الله فانك احق بصيانته وحفظه من غيرك، فقال من انتما ؟ قالتا: نحن عمله نذب عنه الاذى إلى ان تقوم الساعة فحينئذ يكون احدنا سابقه والآخر قائده إلى الجنة، فانصرف أبو طالب. وفي رواية شعبة عن قتادة عن انس عن العباس بن عبد المطلب، وفي رواية الحسن بن محبوب عن الصادق عليه السلام والحديث مختصر انه انفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه ثم عادت الفتحة والتصقت وبقيت فيه ثلاثة ايام فأكلت من ثمار الجنة فلما


[ 23 ]

خرجت قال علي عليه السلام: السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته، ثم تنحنح وقال: (بسم الله الرحمن الرحيم قد افلح المؤمنون) الآيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد أفلحوا بك أنت والله اميرهم تميرهم من علمك فيمتارون وأنت والله دليلهم وبك والله يهتدون، ووضع رسول الله لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشر عينا، قال فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما كان من غده ونصر علي برسول الله سلم عليه وضحك في وجهه وجعل يشير إليه فأخذه رسول الله صلى الله فقالت فاطمة: عرفه، فسمي ذلك اليوم عرفة، فلما كان اليوم الثالث وكان يوم العاشر من ذي الحجة أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا وقال هلموا إلى وليمة ابني علي ونحر ثلاثمائة من الابل والف رأس من البقر والغنم واتخذوا وليمة وقال هلموا وطوفوا بالبيت سبعا وادخلوا وسلموا على علي ولدي، ففعل الناس من ذلك وجرت به السنة، ووضعته امه بين يدي النبي ففتح فاه بلسانه وحنكه واذن في اذنه اليمنى وأقام في اذنه اليسرى فعرف الشهادتين وولد على الفطرة، قال أبو الفضل الاسكافي: نطقت دلايله بفضل صفاته * بين القبايل وهو طفل يرضع أبو علي همام رفعه: انه لما ولد علي عليه السلام أخذ أبو طالب بيد فاطمة وعلي على صدره وخرج إلى الابطح ونادى: يا رب ذا الغسق الدجى * والقمر المبتلج المضي بين لنا من حكمك المقضى * ماذا ترى في اسم الصبي قال لجأ شئ يدب على الارض كالسحاب حتى حصل في صدر أبي طالب فضمه مع علي إلى صدره فلما أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب: خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المنتجب الرضي فاسمه من شامخ على * علي اشتق من العلي قال: فعلقوا اللوح في الكعبة وما زال هناك حتى أخذه هشام بن عبد الملك فاجتمع أهل البيت انه في الزاوية اليمنى من ناحية البيت، فالولد الطاهر من النسل الطاهر ولد في الموضع الطاهر، فأين توجد هذه الكرامة لغيره ؟ فأشرف البقاع الحرم وأشرف الحرم المسجد وأشرف بقاع المسجد الكعبة ولم يولد فيه مولود سواه فالمولود فيه يكون في غاية الشرف فليس المولود في سيد الايام يوم الجمعة في الشهر الحرام في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السلام، قال الحميري:


[ 24 ]

ولدته في حرم الاله وأمنه * والبيت حيث فناؤه والمسجد بيضاء طاهرة الثياب كريمة * طابت وطاب وليدها والمولد في ليلة غابت نحوس نجومها * وبدت مع القمر المنير الاسعد مالف في خرق القوابل مثله * إلا ابن آمنة النبي محمد وقال محمد بن منصور السرخسي: ولدته منجبة وكان ولادها * في جوف كعبة أفضل الاكنان وسقاه ريقته النبي ويا لها * من شربة تغني عن الالبان حتى ترعرع سيدا سندا رضى * أسدا شديد القلب غير جبان عبد الاله مع النبي وانه * قد كان بعد يعد في الصبيان فلذاك زوجه الرسول بتولة * وغدا وصي الانس ثم الجان شهدت له آيات سورة هل أتى * بمناقب جلت عن التبيان فصل: في الطهارة والرتبة نزلت فيه بالاجماع (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). الفردوس، قال علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: انا اهل بيت قد اذهب الله عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وقال النبي في قوله تعالى: ” واجنبني وبني أن نعبد الاصنام) فانتهت الدعوة إلي والى علي، وفي خبر أنا دعوة ابراهيم وإنما عنى بذلك الطاهرين لقوله: نقلت من اصلاب الطاهرين إلى ارحام الطاهرات لم يمسسني سفاح الجاهلية وأهل الجاهلية كانوا يسافحون وأنسابهم غير صحيحة وامورهم مشهورة عند أهل المعرفة. يزيد بن هارون عن جرير بن عثمان عن عوف بن مالك قال: جاء رجل إلى عمر ابن الخطاب فقال له: ان علي نذرا أن أعتق نسمة من ولد اسماعيل، فقال: والله ما اصبحت أثق إلا ما كان من حسن وحسين و عبد المطلب فانهم من شجرة رسول الله وسمعته يقول هم بني أبي، قال الحميري: طيب كهلا وغلاما * ورضيعا وجنينا ولدى الميثاق طينا * يوم كان الخلق طينا المناقب ج 2، م 3 “


[ 25 ]

كنت مأمونا وجيها * عند ذي العرض مكينا في حجاب النور حيا * طيبا للطاهرينا وله أيضا: وقد قال النبي لكم وأنتم * حضور للمقالة شاهدونا عباد الله انا اهل بيت * برانا الله كلا طاهرينا وله أيضا: أشهد الله وآلائه * والمرء عما قال مسؤل ان علي بن أبي طالب * على التقى والبر مجبول وانه كان الامام الذي * له على الامة تفضيل يقول بالحق ويقضى به * وليس تلهيه الاباطيل وقال بعض النصارى: علي ولي المؤمنين بذمة * ومالي سواه في الائمة مطمع له الشرف الاعلى وأنسابه الذي * يقربها هذا الخلايق أجمع بأن عليا افضل الناس كلهم * وأورعهم بعد النبي وأشجع فلو كنت أهوى ملة غير ملتي * لما كنت إلا مسلما أتشيع واجتمع أهل البيت بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة بأنه معصوم، واجتمع الناس انه لم يشرك قط وانه بايع النبي في صغره وترك ابويه. تاريخ الخطيب انه قال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين مؤمن آل يس وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون. تفسير وكيع، حدثنا سفيان بن مرة الهمداني عن عبد خير قال: سألت علي بن أبي طالب عن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) قال: والله ما عمل بهذا غير اهل بيت رسول الله نحن ذكرنا الله فلا ننساه ونحن شكرناه فلا نكفره ونحن أطعناه فلا نعصيه، فلما انزلت هذه الآية قالت الصحابة لا نطيق ذلك فأنزل الله (فاتقوا الله ما استطعتم) قال وكيع يعني ما أطعتم، ثم قال (واسمعوا ما تؤمرون وأطيعوا) يعني أطيعوا الله ورسوله وأهل بيته فيما يأمرونكم به، ووجدنا العامة إذا ذكروا عليا في كتبهم أو أجروا ذكره على السنتهم قالوا: كرم الله وجهه، يعنون بذلك عن عبادة الاصنام.


[ 26 ]

وروي انه اعترف عنده رجل محصن انه قد زنى مرة بعد مرة وهو يتجاهل حتى اعترف الرابعة فأمر بحبسه ثم نادى في الناس ثم أخرجه بالغلس ثم حفر له حفيرة ووضعه فيها ثم نادى: أيها الناس ان هذا حقوق الله لا يطلبها من كان عليه مثله، فانصرفوا ما خلا علي بن ابي طالب وابنيه فرجمه ثم صلى عليه، وفي التهذيب ان محمد ابن الحنفية كان ممن رجع، وعلي بن أبي طالب كان ممن وصفه الله تعالى في قوله: (واجنبني وبني أن نعبد الاصنام) ثم قال (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) فنظرنا في أمر الظالم فإذا الامة قد فسروه انه عابد الاصنام وان من عبدها فقد لزمه الذل وقد نفى الله ان يكون الظالم خليفة بقوله (لا ينال عهدي الظالمين)، قال الصاحب بن عباد وما عبد الاصنام والقوم سجد * لها وهو في اثر النبي محمد وقال الحميري: لم يتخذ وثنا ربا كما اتخذوا * ولا أجال لهم في مشهد زلما صلى ووحد إذ كانت صلاتهم * للات تجعل والعزى وما احتلما وقال ديك الجن: شرفي محبة معشر * شرفوا بسورة هل أتى وولاي من في فتكه * سماه ذو العرش الفتى لم يعبد الاصنام قط * ولا ألام ولا عتا ثبتت إذا قدم سواه * إلى المهاوي زلتا ثقل الهدى وكتابه * بعد النبي تشتتا واحسرتا من ذلهم * وخضوعهم واحسرتا طالت حياة عدوهم * حتى متى والى متى ؟ ثم انه لم يشرب الخمر قط ولم يأكل ما ذبح على النصب وغير ذلك من الفسوق وقريش ملوثون بها، وكذلك يقول القصاص أبو فلان وفلان والظاهر علي. تفسير القطان عمرو بن حمران عن سعيد عن قتادة عن الحسن البصري قال اجتمع عثمان بن مظعون وابو طلحة وابو عبيدة ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وابو دجانة في منزل سعد بن ابي وقاص فأكلوا شيئا ثم قدم إليهم شيئا من الفضيخ فقام علي فخرج من بينهم فقال عثمان في ذلك فقال علي: لعن الله الخمر والله لا اشرب شيئا يذهب عقلي ويضحك بي من رآني وازوج كريمتي من لا اريد وخرج من بينهم فأتى المسجد وهبط جبرئيل بهذه الآية (يا ايها الذين آمنوا) يعني هؤلاء الذين اجتمعوا


[ 27 ]

في منزل سعد (إنما الخمر والميسر) الآية، فقال علي: تبا لها والله يا رسول الله لقد كان بصري فيها نافذ منذ كنت صغيرا، قال الحسن: والله الذي لا إله إلا هو ما شربها قبل تحريمها ولا ساعة قط، قال الشاعر: علي على الاسلام والدين قد نشا * وما عبد الاصنام قط ولا انتشا وقد عبد الرحمن طفلا ويافعا * وذلك فضل الله يؤتيه من يشا ثم انه عليه السلام لم يأت بفاحشة قط ونزلت فيه: (قد أفلح المؤمنون) الآيات، في التاريخ من شثلاثة طرق عن عمار بن ياسر وذكره جماعة بطرق كثيرة عن بريدة الاسلمي في حديثه انه قال النبي صلى الله عليه وآله قال لي جبريل: يا محمد ان حفظة علي بن أبي طالب تفتخر على الملائكة انها لم تكتب على علي خطيئة منذ صحبته، قال العبدي: وان جبريل الامين قال لي * عن ملكيه الكاتبين مذدنا انهما ما يكتبا قط على * الطهر علي زلة ولا خنا وقال الحميري: له شهد الكتاب فلا تخروا * على آياته صما عميا بتطهير اميط الرجس عنه * وسمي مؤمنا فيه زكيا ثم انه كان أبو طالب وفاطمة بنت اسد ريا النبي وربى النبي وخديجة لعلي صلوات الله عليهم، وسمعت مذاكرة انه لما ولد علي لم يفتح عينيه ثلاثة ايام فجاء النبي ففتح عينيه ونظر إلى النبي فقال صلوات الله عليه خصني بالنظر وخصصته بالعلم. تاريخ الطبري والبلاذري وتفسير الثعلبي والواحدي وشرف النبي واربعين الخوارزمي ودرجات محفوظ البستي ومغازي محمد بن اسحاق ومعرفة ابي يوسف النسوي انه قال مجاهد: كان من نعمة الله على بن ابى طالب ان قريشا اصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة رسول الله لحمزة والعباس: ان أبا طالب كثير العيال وقد اصاب الناس ما ترون من هذه الازمة فانطلق بنا نخفف من عياله، فدخلوا عليه وطلبوه بذلك فقال: إذا تركتم لي عقيلا فافعلوا ما شئتم فبقى عقيل عنده إلى ان مات أبو طالب ثم بقى في وحدة إلى ان اخذ يوم بدر واخذ حمزة جعفرا فلم يزل معه في الجاهلية والاسلام إلى ان قتل حمزة واخذ العباس طالبا وكان معه إلى يوم بدر ثم فقد فلم يعرف له خبر واخذ رسول الله عليا وهو ابن ست سنين كسنه يوم اخذه أبو طالب فربته خديجة والمصطفى إلى ان جاء الاسلام وتربيتهما أحسن من تربية


[ 28 ]

ابي طالب وفاطمة بنت اسد فكان مع النبي إلى ان مضى وبقى علي بعده، وفي رواية ان النبي صلى الله عليه وآله قال: اخترت من اختار الله لي عليكم عليا. وذكر أبو القاسم في أخبار أبي رافع من ثلاثة طرق ان النبي حين تزوج خديجة قال لعمه ابي طالب اني أحب أن تدفع إلي بعض ولدك يعينني على أمري ويكفيني وأشكر لك بلاك عندي فقال أبو طالب خذ أيهم شئت فأخذ عليا عليه السلام. نهج البلاغة: وقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويلقني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرقه وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ولقد قرن الله به صلى الله عليه وآله من لدن كان فطيما أعظم ملكا من ملائكة يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ولقد كنت أتبعه اتباع الفصل اثر امه يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به. ومن خطبته القاصعة ولم يجمع بيت في الاسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم روح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه فمن استقى عروقه من منبع النبوة ورضعت شجرته ثدي الرسالة وتهدلت أغصانه من نبعة الامامة ونشأ في دار الوحي وربي في بيت التنزيل ولم يفارق النبي في حال حياته إلى حال وفاته لا يقاس بسائر، وإذا كان عليه السلام في أكرم ارومة وأطيب مغرس والعرق الصالح ينمى والشهاب الثاقب يسرى وتعليم الرسول ناجع ولم يكن الرسول صلى الله عليه وآله ليتولى تأديبه ويتضمن حضانته وحسن تربيته إلا على ضربين اما على التفرس فيه أو بالوحي من الله تعالى فان كان بالتفرس فلا تخطي فراسته ولا يخيب ظنه وان كان بالوحي فلا منزلة أعلى ولا حال أدل على الفضيلة والامامة منه. قال الشاعر: ومن كفل النبي به صبيا * صغير السن عام المستنينا وغذاه بحكمته فأضحى * يفوق بها جميع الخاطبينا


[ 29 ]

فصل: في المصاهرة مع النبي ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وام سلمة والسدي وابن سيرين والباقر عليه السلام في قوله تعالى (وهو الذي خلق من الماء بشرا وجعله نسبا وصهرا) قالوا هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسن عليهم السلام وكان ربك قديرا القائم في آخر الزمان لانه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلا له فلاجل ذلك استحق الميراث بالنسب والسبب، وفي رواية البشر الرسول والنسب فاطمة والصهر علي. تفسير الثعلبي قال ابن سيرين: نزلت في النبي وعلي زوج ابنته فاطمة وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وصهرا. قال ابن الحجاج: بالمصطفى وبصهره ووصيه يوم الغدير وقال كعب بن زهير: (صهر النبي وخير الناس كلهم). الصادق عليه السلام: أوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وآله قل لفاطمة لا تعصي عليا فانه لو غضب غضبت لغضبه. عوتب النبي في أمر فاطمة فقال: لو لم يخلق الله علي بن ابي طالب ما كان لفاطمة كفو، وفي خبر لولاك لما كان لها كفو على وجه الارض. المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لولا ان الله تعالى خلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفو في وجه الارض آدم فمن دونه، قال الصاحب: كفو البتول ولا كفو سواه لها * والامر يكشفه أمر يوازيه وله أيضا: يا كفو بنت محمد لولاك ما * زفت إلى بشر مدى الاحقاب يا اصل عدة أحمد لولاك لم * يك أحمد المبعوث ذا أعقاب وله ايضا: وفي أي يوم لم يكن شمس يومه * إذا قيل هذا يوم تقضى المآرب أفي خطبة الزهراء لما استخصه * كفاء لها والكل من قبل طالب وله أيضا: هل مثل فاطمة الزهراء سيدة * زوجتها بأحمال الفاطميينا هل مثل نجليك في مجد وفي كرم * إذ كونا من سلال المجد تكوينا


[ 30 ]

وقال غيره: وزوجته الزهراء خير كريمة * لخير كريم فضلها ليس يجحد وقال ابن حماد: لو لم يكن خير الرجال لم تكن * زوجته فاطمة خير النسا وقالوا تزوج النبي صلى الله عليه وآله من الشيخين وزوج من عثمان بنتين، قلنا التزويج لا يدل على الفضل وإنما هو مبني على إظهار الشهادتين، ثم انه تزوج في جماعة، واما عثمان ففي زواجه خلاف كثير. وانه صلى الله عليه وآله كان زوجهما من كافرين قبله، ليست حكم فاطمة مثل ذلك لانها وليدة الاسلام ومن أهل العبا والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت، وورد فيها آية التطهير وافتخر جبرئيل بكونه منهم وشهد الله لهم بالصدق ولها امومة الائمة إلى يوم القيامة ومنها الحسن والحسين وعقب الرسول وسيدة النساء وهي سيدة نساء العالمين وزوجها من أصلها وليس بأجنبي، وأما الشيخان فقد توسلا إلى النبي بذلك، وأما علي فتوسل النبي إليه بعدما رد خطبتها والعاقد بينهما هو الله تعالى والقابل جبرئيل والخاطب راحيل والشهود حملة العرش وصاحب الثنار رضوان وطبق النثار شجرة طوبى والنثار الدر والياقوت والمرجان والرسول هو المشاطة وأسماء صاحبة الحجلة ووليد هذا النكاح الائمة عليهم السلام. ابن نباتة: وكذا لا تزال أو يظهر القائم خير الورى لنسلك نسلا. ابن شاهين المروزي في كتاب فضايل فاطمة عليها السلام باسناده عن الحسين بن واقد عن أبي بريدة عن أبيه، وعن البلاذري في التاريخ باسناده ان ابا بكر خطب إلى النبي فاطمة فقال: انتظر لها القضاء، ثم خطب إليه عمر فقال: انتظر لها القضاء الخبر مسند أحمد وفضايله وسنن ابي داود وابانة ابن بطة وتاريخ الخطيب وكتاب ابن شاهين واللفظ له بالاسناد عن خالد الحذاء وأبي أيوب وعكرمة وأبي نجيح وعبيدة ابن سليمان كلهم عن ابن عباس انه لما زوج النبي فاطمة عليا قال له النبي: فاعطها شيئا قال: ما عندي شئ، قال: فأين درعك الحطمية، وفي رواية غيره انه قال علي عندي قال: فاعطها إياها، قال السوسي: وزوج بالطهر البتولة فاطم * ورد سواه كاسف البال من حقر وخاطبها جبريل لما اتى به) ومن شهد الاملاك يلقطن ما نثر


[ 31 ]

تناثر ياقوت ودر وجوهر * ومسك وكافور من الخلد قد نثر وقولا له يا خاطبيها بحسرة * تزوجت الشمس المنيرة بالقمر ويطلع من شمس الضحى قمر الدجى * كواكب قد لاحت لنا احدا عشر وقال ابن حماد: وقصة القوم لما أقبلوا طمعا * لفاطم من رسول الله خطابا قالوا نسوق اليك المال تكرمة * وارغبوا في عظيم المال ارغابا فقال ما في يدي من أمرها سبب * والله أولى بها أمرا وأسبابا وجاءه المرتضى من بعد يخطبها * فارتد مستحييا منه وقد هابا وقام منصرفا قال النبي له * وقد كسا من حياه الطهر جلبابا أجئتني تخطب الزهراء قال نعم * فقال حبا واكراما وإيجابا هل في يديك لها مهر فقال له * ما كنت اذخر اموالا وانشابا فقال هاتيك درعك ما فعلت بها * فقال ها هي ذي للخطب ان نابا فقال نرضى بها مهرا فزوجه * وفاز من فاز لما خاب من خابا وله أيضا: من خص بالزهراء فاطمة التقى * فضلا من الله العلي الواجب حبيت به وحبي بها ولقد زوى * عنها سواه بكل ظن خائب أكرم بمن كان الاله وليها * وخطيبها أكرم بها من خاطب وقال العوني: زوجك الله يا إمامي * بفاطم البرة الزكيه ورد من رامها جميعا * بأوجه كزة خزيه أليس قد نافقوا وإلا * ما رد للقوم جاهليه وقال الحنيني: أنا مولى من حباه ربه * بالرضا فاطمة زين العرب لست مولى الخاطب الوغد الذي * رد بالخيبة لما ان خطب وقال غيره: وفاطمة الزهراء لم يك كفوها * سواه من الخطاب في كل عزة


[ 32 ]

فصل: في الاخوة صارا أخوين من ثلاثة أوجه أولها لقوله عليه السلام لا زال ينقله من الآباء الاخاير الخبر، والثاني ان فاطمة بنت أسد ربته حتى قال هذه أمي، وكان عند أبي طالب من أعز أولاده رباء في صغره وحماه في كبره ونصره باللسان والمال والسيف والاولاد والهجرة، والاب أبوان أب ولادة وأب افادة، ثم ان العم والد قوله تعالى حكاية عن يعقوب (ما تعبدون من بعدي) الآية، واسماعيل كان عمه، وقوله تعالى حكاية عن ابراهيم (وإذا قال ابراهيم لابيه آزر) قال الزجاج: أجمع النسابة ان اسم أبي ابراهيم تارخ، والثالث آخاه في عدة مواضع يوم بيعة العشيرة حين لم يبايعه أحد بايعه علي على ان يكون له أخا في الدارين، وقال في مواضع كثيرة منها يوم خيبر أنت أخي ووصيي، وفي يوم المواخاة ما ظهر عند الخاص والعام صحته، وقد رواه ابن بطة من ستة طرق، وروي انه كان النبي بالنخيلة وحوله سبعمائة واربعون رجلا فنزل جبرئيل وقال: ان الله تعالى آخى بين الملائكة وبيني وبين ميكائيل وبين اسرافيل وبين عزرائيل وبين درزائيل وبين راحيل فآخى النبي بين اصحابه. وروى خطيب خوارزم في كتابه بالاسناد عن ابن مسعود قال النبي: اول من اتخذ علي بن ابي طالب أخا اسرافيل ثم جبرائيل الخبر. تاريخ البلاذري والسلامي وغيرهما عن ابن عباس وغيره لما نزل قوله تعالى (إنما المؤمنون اخوة) آخى رسول الله بين الاشكال والامثال فآخى بين ابي بكر وعمر وبين عثمان و عبد الرحمن، وبين سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد، وبين طلحة والزبير، وبين ابي عبيدة وسعد بن معاذ، وبين مصعب بن عمير وابي ايوب الانصاري وبين ابي ذر وابن مسعود، وبين سلمان وحذيفة، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين ابي الدرداء وبلال، وبين جعفر الطيار ومعاذ بن جبل، وبين المقداد وعمار، وبين عايشة وحفصة، وبين زينب بنت جحش وميمونة، وبين ام سلمة وصفية، حتى آخى بين اصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم ثم قال: انت اخي وانا اخوك يا علي. محمد بن اسحاق قال: آخى النبي بين اصحابه من المهاجرين والانصار اخوين اخوين ثم اخذ بيد علي بن أبي طالب وقال وهذا اخي. تاريخ البلاذري قال علي: يا رسول الله آخيت بين اصحابك وتركتني، فقال: ” المناقب ج 2، م 4 “


[ 33 ]

انت اخي اما ترضى ان تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وتدخل الجنة إذا دخلت قال: بلى يا رسول الله. الترمذي: والسمعاني والنطنزي انه قال ابن عمر وزيد بن ابي اوفى: آخى رسول الله بين اصحابه فجاء على تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين اصحابك ولم تواخ بيني وبين احد، فقال النبي: انت اخي في الدنيا والآخرة. وفي فضايل احمد: إنما تركتك لنفسي انت أخي وانا اخوك، وفيه برواية زيد ابن اوفى. والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وانت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي. الاربعين عن الخوارزمي قال أبو رافع: ان رسول الله التفت إلى علي فقال: انت اخي في الدنيا والآخرة ووزيري ووراثي. اعتقاد اهل السنة، روى مخدوج بن زيد الذهلي ان النبي صلى الله عليه وآله لما آخى بين المسلمين اخذ بيد علي فوضعها على صدره وقال: يا علي انت مني وانا منك بمنزلة هارون من موسى، الخبر. شيخ السنة القاضي أبو عمرو باسناده عن شرحبيل في خبر ان عليا عليه السلام قال: فأنا يا رسول الله من اخي ؟ قال: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وانت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي وانت اخي في الدنيا والآخرة. وفي فضايل العشرة عن ابن عباس قال النبي: إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش يا محمد نعم الاب ابوك ابراهيم ونعم الاخ اخوك علي بن ابي طالب. فضايل السمعاني، روى أبو الصلت الاهوازي باسناده عن طاووس عن جابر ان النبي رأى عليا فقال: هذا اخي وصاحبي ومن باهى الله به ملائكته ومن يدخل الجنة بسلام. فردوس الديلمي عن حذيفة قال النبي: علي اخي وابن عمي. المناقب عن ابي اسحاق العدل قال أبو يحيى ! ما جلس علي على المنبر إلا قال: أنا عبد الله وأخو رسول الله لا يقولها بعدي إلا كذاب. الصادق عليه السلام: ولما آخى رسول الله بين الصحابة وترك عليا فقال له في ذلك فقال له النبي: انما اخترتك لنفسي انت اخي وانا اخوك في الدنيا والآخرة، فبكى علي عند ذلك وقال:


[ 34 ]

افيك بنفسي ايها المصطفى الذي * هدانا به الرحمن من عمه الجهل وافديك حوبائي وما قدر مهجتي * لمن أنتمي منه إلى الفرع والاصل ومن ضمني منذ كنت طفلا ويافعا * وأنعشني بالبر والعل والنهل ومن جده جدي ومن عمه عمي * ومن اهله امي ومن بنته اهلي ومن حين آخى بين من كان حاضرا * دعاني وآخاني وبين من فضلي لك الفضل ان ما حييت لشاكر * لاتمام ما اوليت يا خاتم الرسل الفنجر كردي في سلوة الشيعة، جابر بن عبد الله الانصاري قال: سمعت عليا ينشد ورسول الله يسمع: أنا أخو المصطفي لا شك في نسبي * معه ربيت وسبطاه هما ولدي جدى وجد رسول الله منفرد * وفاطم زوجتي لا قول ذي فند والحمد لله شكرا لا شريك له * البر بالعبد والباقي بلا أمد قال: فتبسم رسول الله وقال صدقت. محمد بن اسحاق: فبقى الناس ما شاء الله يتوارثون في المدينة بعقد الاخوة دون اولي الارحام وانزل الله فيهم (ان الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ) وبقى ميراث من لم يهاجر من المؤمنين بمكة على القرابة حتى أنزل الله (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض) فصار الميراث لاولى الارحام. تفسير القطان وتفسير وكيع عن سفيان عن الاعمش عن أبي صالح عن ابن عباس ان الناس كانوا يتوارثون بالاخوة فلما نزل قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) وهم الذين آخى بينهم النبي، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: من مات منكم وعليه دين فالي قضاؤه ومن مات وترك مالا فلورثته، فنسخ هذا الاول فصارت المواريث للقرابات الادنى فالادنى، ثم قال: (إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا الوصية من ثلث مال اليتيم) فقال النبي عند نزولها: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الا من كنت مولاه فهذا ولي الله علي بن أبي طالب مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، الدعاء، ألا من ترك دينا أو ضيعة فالي ومن ترك مالا فلورثته.


[ 35 ]

تفسير جابر بن يزيد عن الامام الصادق عليه السلام قال في هذه الآية: فكانت لعلي من رسول الله الولاية في الدين والولاية في الرحم فهو وارثه كما قال أنت أخي في الدنيا والآخرة وأنت وارثي. السمعاني في الفضايل عن بريدة قال النبي: لكل نبي وصي ووارث وان عليا وصيي ووارثي، وقالوا واما العباس فلم يرث لقوله تعالى (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ) وبالاتفاق انه لم يهاجر العباس. ابن بطة في الابانة انه قيل لقثم بن العباس: بأي شئ ورث علي بن أبي طالب النبي دون العباس ؟ قال: لانه كان اشدنا به لصوقا واسرعنا به لحقوا، قال ابن حماد: ويوم المواخاة نادى به * أخوك أنا اليوم بي فاقنع وله أيضا: وخاك احمد إذ واخى صحابته * وكنت أنت له دون الانام كفى زوجت فاطمة الزهراء إذ خطبت * ورد خطابها بالرغم والاسف وله أيضا: وآخاه من دون الانام فيالها * غنيمة فوز ما أجل اغتنامها وقال العوني: علي أخوه المصطفى قد رويتم * وشيخا كما قد قلتما أخوان وقال السوسي: هل من أخ لرسول الله نعرفه * سوى علي فهل بالامر منه خفاء وقال أبو العلا: من في الورى احد اخوه محمد * أكرم بذاك من النبي اخاء وقال الحميري: فتى اخلوه المصطفى خير مرسل * وخير شهيد ذو الجناحين جعفر وقال ابن طوطي: اليس رسول الله آخى بنفسه * عليا صغير السن يومئذ طفلا وقال أبو هاشم الجعفري: فالا سواه كان آخى وفيهم * إذا ما عددت الشيخ والكهل والطفلا فهل ذاك إلا انه كان مثله * فالا جعلتم في اختياركم المثلا


[ 36 ]

اليس رسول الله أكد عقده * فكيف ملكتم بعده العقد والحلا وقال محمد بن علي العلوي: وهو اخوه يوم آخى صحبه * ونفسه في المحكم المنزل فان اردت صدق ما اوضحته * وجدته في سورة المزمل وقال الجماني: وآخاهم مثلا لمثل فاصبحت * اخوته كالشمس ضمت إلى البدر فآخى عليا دونكم وأصاره * لكم علما بين الهداية والكفر لم يكونا أخوين من النسب تحقيقا وإنما قال ذلك فيه ابانة لمنزلته وفضله وإمامته على سائر المسلمين لئلا يتقدم احد منهم ولا يتأمر عليه بعد ما آخا بينهم أجمعين الاشكال وجعله شكلا لنفسه والعرب تقول للشئ انه أخو الشئ إذا أشبهه أو قاربه أو وافق معناه، ومنه قوله تعالى: (ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) وكانا جبرئيل وميكائيل، وقوله تعالى (يا أخت هارون)، فلما كان علي وصي رسول الله في امته كان أقرب الناس شبها في المنزلة به والاخوة لا توجب ذلك لانه قد يكون المؤمن أخا للكافر والمنافق فثبتت إمامته. فصل: في الجوار حديث سد الابواب رواه نحو ثلاثين رجلا من الصحابة منهم زيد بن أرقم، وسعد بن ابي وقاص وأبو سعيد الخدري وام سلمة وابو رافع وابو الطفيل عن حذيفة بن اسيد الغفاري وابو حازم عن ابن عباس والعلاء عن ابن عمر وشعبة عن زيد ابن علي عن أخيه الباقر عن جابر وعلي بن موسى الرضا عليهما السلام وقد تداخلت الروايات بعضها في بعض انه لما قدم المهاجرون إلى المدينة بنوا حوالي مسجده بيوتا فيها أبواب شارعة في المسجد ونام بعضهم في المسجد فأرسل النبي معاذ بن جبل فنادى ان النبي يأمركم أن تسدوا أبوابكم إلا باب علي فأطاعوه إلا رجل، قال: فقام رسول الله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما حدثني به أبو الحسن العاصمي الخوارزمي عن ابي البيهقي عن أحمد بن جعفر عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن محمد بن جعفر عن عون عن عبد الله بن ميمون عن زيد بن ارقم انه قال النبي: أما بعد فاني امرت بسد هذه الابواب غير باب على فقال فيه قائلكم فاني والله ما سددت شيئا ولا


[ 37 ]

فتحته ولكن أمرت بشئ فانبعته، ذكره أحمد في الفضائل. مسند أبي يعلى عن سعد بن ابي وقاص: أنا ما فتحته ولكن الله فتحه. خصائص العلوية عن بريدة الاسلمي: يا أيها الناس ما أنا سددتها وما أنا فتحتها بل الله عزوجل سدها، ثم قرأ (والنجم إذا هوى) إلى قوله (ان هو إلا وحي يوحى) مسند أبي يعلى وفضايل السمعاني وحلية الاولياء عن ابي نعيم بطريقين عن ابي صالح عن عمرو بن ميمون قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سدوا أبواب المسجد كلها إلا باب علي، وفي رواية عن ابن عباس: سدوا هذه الابواب إلا باب علي قبل أن ينزل العذاب. تاريخ بغداد فيما اسنده الخطيب إلى زيد بن علي عن أخيه محمد بن علي عليه السلام انه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سدوا الابواب كلها إلا باب علي وأومى بيده إلى باب علي الفردوس عن الكياشيرويه: سدوا الابواب كلها إلا باب علي. جامع الترمذي عن شعبة عن ابي بلج يحيى بن أبي سليم عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس ان رسول الله أمر بسد الابواب إلا باب علي. مسند العشرة عن أحمد بن عبد الله بن الرقيم الكناني قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك يقول: أمر رسول الله بسد الابواب الشارعة في المسجد وترك باب علي. تاريخ البلاذري ومسند أحمد قال عمرو بن ميمون في خبر: خلا ابن عباس مع جماعة ثم قام يقول: اف اف وقعوا في رجل قال له رسول الهل من كنت مولاه فعلي مولاه وقال له من كنت وليه فعلي وليه وقال له أنت مني بمنزلة هارون من موسى، الخبر، وقال له: لادفعن الراية إلى رجل، الخبر، وسد الابواب إلا باب علي ونام مكان رسول الله ليلة الغار وبعث براءة مع أبي بكر ثم ارسل عليا فأخذها. الابانة عن أبي عبد الله العكبري والمسند عن أبي يعلى وأحمد وفضايل أحمد وشرف المصطفى عن أبي سعيد النيسابوري واللفظ له قال عبد الله بن عمر: ثلاثة اشياء لو كان لي واحدة منهن لكان أحب إلي من حمر النعم، أحدها اعطاء الراية إياه يوم خيبر، وتزويجه فاطمة إياه، وسد الابواب إلا باب علي، قالوا: فخرج العباس يبكي وقال يا رسول الله أخرجت عمك واسكنت ابن عمك، فقال: ما أخرجتك ولا أسكنته


[ 38 ]

ولكن الله اسكنه. وروي ان العباس قال لفاطمة عليه السلام: انظروا إليها كأنها لبوة بين يديها جرواها تظن ان رسول الله يخرج عمه ويدخل ابن عمه، وجاء حمزة يبكي ويجر عباه الاحمر فقال له كما قال للعباس. وقد ذكرنا جواب أحمد بن حنبل للمعتصم في ذلك. فقال عمر: دع لي خوخه اطلع منها إلى المسجد، فقال: لا ولا بقدر اصبعة. فقال أبو بكر: دع لي كوة أنظر إليها، فقال: لا ولا رأس ابرة، فسأل عثمان مثل ذلك فابى. الفايق عن الزمخشري قال سعد: لما نودي ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله وآل علي خرجنا نجر قلاعنا – هو جمع قلع وهو الكنف. فضايل السمعاني روى جابر عن ابن عمر في خبر انه سأل رجل فقال: ما قولك في علي وعثمان ؟ فقال: اما عثمان فكأن الله قد عفا عنه فكرهتم ان يعفو عنه واما علي فابن عم رسول الله وختنه وهذا بيته واشار بيده إلى بيته حيث ترون امر الله تعالى نبيه ان يبني مسجده فبنى فيه عشرة ابيات تسعة لنبيه وازواجه وعاشرها وهو متوسطها لعلي وفاطمة وكان ذلك في اول سنة الهجرة، وقالوا كان في آخر عمر النبي والاول اصح وأشهر وبقى على كونه فلم يزل علي وولده في بيته إلى أيام عبد الملك بن مروان فعرف الخبر فحسد القوم على ذلك واغتاض وأمر بهدم الدار وتظاهر انه يريد ان يزداد في المسجد وكان فيها الحسن بن الحسن فقال لا أخرج ولا أمكن من هدمها، فضرب بالسياط وتصايح الناس واخرج عند ذلك وهدمت الدار وزيد في المسجد، وروى عيسى بن عبد الله ان دار فاطمة عليها السلام حول تربة النبي صلى الله عليه وآله وبينهما حوض. وفي منهاج الكراجكى انه ما بين البيت الذي فيه رسول الله وبين الباب المحاذي لزقاق البقيع فتح له باب وسد على سائر الاصحاب، من قلع الباب كيف يسد عليه الباب قلع باب الكفر من التخوم فتح له ابواب من العلوم، قال الحميري: وخص رجال من قريش بأن بني * لهم حجرا فيه وكان مسددا فقيل له اسدد كل باب فتحته * سوى باب ذي التقوى علي فسددا وله أيضا: جاروا على أحمد في جاره * والله قد اوصاه بالجار هو جاره في مسجد طاهر * ولم يكن من عرصة الدار


[ 39 ]

اربى بما كان واربى بما * في كل اعلان واسرار واخرج الباقين منه معا * بالوحي من انزال جبار وله أيضا: من كان ذا جار له في مسجد * من نال منه قرابة وجوارا والله أدخله واخرج قومه * واختاره دون البرية جارا وله أيضا: واسكنه في مسجد الطهر وحده * وزوجه والله من شاء يرفع فجاوره فيه الوصي وغيره * وابوابهم في مسجد الطهر شرع فقال لهم سدوا عن الله صادقا * فضنوا بها عن سدها وتمنعوا فقام رجال يذكرون قرابة * وما ثم فيما يبتغي القوم مطمع فعاتبه في ذاك منهم معاتب * وكان له عما وللعم موضع فقال له اخرجت عمك كارها * واسكنت هذا ان عمك يجزع فقال له يا عم ما أنا بالذي * فعلت بكم هذا بل الله فاقنعوا وقال العبدي: سدد ابوابهم سواه * فأكثرت منهم الشرور وقال ما تبتغون فيه * وهو عليم بذي الصدور يا قوم اني امتثلت أمرا * من ربنا العالم الغفور وكان هذا له دليل * بأنه وحده ظهير وله أيضا (وقيل للمفجع): وله من اخيه نعت * حاز فخرا بفضله شرمحيا جاز شبها له بسكناه في * المسجد حتما من امره مقضيا بابه في شروع باب رسول الله ان كان مستخصا حظيا حين سدت ابوابهم وهو يغشى * بابه شارعا منيفا بهيا وقال الصاحب: ولا سد عن خير المساجد بابه * وابوابهم إذ ذاك عنه تسدد وقال خطيب خوارزم: فتح المبشر باب مسجده له * إذ سد عنه سائر الابواب


[ 40 ]

وقال شاعر: وقد سد ابوابهم تاركا * عليا لباب علي طريقا وقال آخر: محمد قد يرى للفضل بابا * له إذ سد ابواب الصحاب وقال القمي: علي له سد النبي كواهم * وباب علي وحده لم يردم وفي رواية ابي رافع انه صلى الله عليه وآله صعد المنبر وقال: ان رجالا يجدون في انفسهم ان سكن علي في المسجد وخرجوا والله ما فعلت ذلك إلا عن امر ربي ان الله تعالى اوحى إلى موسى ان يسكن مسجده فلا يدخل جنب غيره وغير أخيه هارون وذريته واعلموا رحمكم الله ان عليا مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي ولو كان عليا جابر بن عبد الله: كنا ننام في المسجد ومعنا علي فدخل علينا رسول الله فقال قوموا فلا تناموا في المسجد، فقمنا لنخرج فقال: أما أنت فنم يا علي فقد اذن لك. أبو صالح المؤذن في الاربعين وابو العلاء العطار الهمداني في كتابه بالاسناد عن أم سلمة انه قال بأعلى صوته: الا ان هذا المسجد لا يحل لجنب ولا حايض إلا للنبي وازواجه وفاطمة بنت محمد وعلي الا ينت لكم انتضلوا، مرتين. جامع الترمذي ومسند أبي يعلى وابو سعيد الخدري قال النبي: يا علي لا يحل لاحد ان يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك، وفي رواية: يا علي لا يحل لاحد من هذه الامة غيري وغيرك، وفي رواية: ولا يحل ان يخد مسجدي جنب غيري وغيره وغير ذريته فمن شاء فهنا واشار بيده نحو الشام، فقال المنافقون: لقد ضل وغوى في امر ختنه فنزل (ما ضل صاحبكم ما غوى)، قال الحميري: فيا اول من صلى * ومن زكى ومن كبر ويا جار رسول الله * في مسجده الاكبر حلال فيه ان تجنب * لا تلحي ولا تؤزر وله أيضا: صهر النبي وجاره في مسجد * طهر يطيبه الرسول مطيب سيان فيه عليه غير مذمم * ممشاه ان جنبا وان لم يجنب وقال أبو الاسود: هل ارض مسجده توطأ منهم * من بعد ذاك سواهما جنبان ” المناقب ج 2، م 5 “


[ 41 ]

إذ ذاك أذهب كل رجس عنهم * ربي وطهرهم من الارزان أتراك في شك له من انه * للفضل خص بفتحه بابان خصوصيتهما بفتح بابيهما دليل على زيادة درجاتهما ورضي الله عنهما، وجواز الاستطراق والمقام في المسجد جنبين دليل على طهارتهما وعصمتهما. فصل: في الاولاد المرء يشرف بأن يكون في عقبه اولاد كما شرف الله تعالى ابراهيم بأن جعل النبوة والامامة في عقبه إلى يوم القيامة ومثله لعلي عليه السلام قال الله تعالى: (وجعلها كلمة باقية في عقبه). وروي في الحلية عن انس وابي برزة عن النبي صلى الله عليه وآله وهي الكلمة التي الزمتها المتقين من أحيه احبني ومن أبغضه ابغضني يعني عليا، ولما توفي ابراهيم ابن النبي هجاه عمرو بن العاص وسماه الابتر فنزلت (إنا اعطيناك الكوثر) وهو مبالغة في الكثرة يعني كثرة اولاده، وجعل إجماع ذريته حجة على الخلق، واولاده هم الائمة يصلحون لها، وفي اولاده ان الصلاة واجبة عليهم في الصلوات، وقوله حجة في الدين وكذلك قول صهره وصهرته وزوجه وابنيه لشمول العصمة لهم في الدين، وفي ولده نسل المصطفى إلى يوم التناد، وفي اولاده لطيفة هما ابنا صلبه وسبطا رسول الله بالولادة وابناه ببنى الشريعة وابنا بنته ولا يوجد في العالم جد هو أب في الحكم والشرع مع انه سبط وابن العم وابن البنت، ولولديه ان النبي أب لهما كاب الصلب كما قال عليه السلام كل بني بنت فهو ابن ابيه الخبر. وافتخر جبرئيل يوم المباهلة انه منهم، والناس يسمون اولاده بأهل البيت وآل محمد وعترة النبي واولاد الرسول وآل طه ويس، ويلقبونهم بالسيد وبالشريف والناس يتمنون ان يكونوا منهم حتى وضع لذلك علم الانساب وكتب الشجرة ويجزون ذوايب المدعين احتراما لهم، ولا يحكم عليهم الا نقباؤهم مع فقرهم وعجزهم والاعداء يتركون اكابرهم ويتبركون بأصاغرهم ويقتلون احياهم ويعظمون زيارة امواتهم ويخربون دورهم ويزورون قبورهم كأنهم يعادونهم للدنيا ويعدونهم للاخرة تبرك عمر بن الخطاب بهما في الاستسقاء وغمس ايديهما في الدعاء مع جهده في اطفاء نور بني هاشم.


[ 42 ]

الاصمعي: لما كان عام رمادة قال عمر لابي عبيدة: خذ هذا البعير بما عليه فات اهل البيت فانحره بينهم ومرهم ان يقددوا اللحم وليحملو الشحم وليلبسوا للغراير وليعدوا ماء حارا فان احتاجوا إلى اللحم امدوهم ثم خرج يستسقي فسقي. وانهم اعرف الناس نسبا واخصهم فضلا، الا ترى ان العربي من ولد يعرب بن قحطان، والقرشي من ولد النضر بن كنانة، والهاشمي من ولد عبد المطلب، والطالبي من ولد علي وعقيل وجعفر، والعلوي من الحسن والحسين ومحمد والعباس وعمر اولاد امير المؤمنين، والفاطمي اولاد الحسن والحسين عليهم السلام. انشد محمد بن احمد بن عيسى بن زيد على قوم ذكروا الانساب: ان العباد تفرقوا من واحد * فلأحمد السبق الذي هو افضل هل كان يرتحل البراق ابوكم * أم كان جبريل عليه ينزل وقد خص بالذرية التي أبى الله ان يخرجها إلا من خير ارومة خلقها، فان النبي قد صاهره رجال من بني عبد مناف منهم أبو العاص بن الربيع وعتبة بن ابي لهب وعثمان بن عفان فكان هو المصطفى بكرم النجار وطيب المغرس، ثم ان اولاده يتزوجون في الناس ولا يزوجون فيهم إلا اضطرارا، اجتهد عمر بن الخطاب في خطبة ام كلثوم اجتهادا وروي في ذلك اخبار، وتزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر فاستأجل منه سنة حتى خلص نفسه من أذاه، وتزوج المأمون بفاطمة بنت محمد بن علي النقي عليه السلام، والكبراء يزوجونهم رغبة فيهم، كما زوج المأمون ابنته من محمد بن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلام، ورغب عبد الملك بن مروان في زين العابدين فأبى، وزوج الصاحب من شريف معدم فقيل له في ذلك فقال: الحمد لله حمدا دائما ابدا * إذ صار سبط رسول الله لي ولدا وفي الحساب أعلى الانساب نسب فاطمة لانهما استويا في العدد وهما مائتان وسبعة واربعون، ولا يوجد في اولاد الصحابة من المهاجرين والانصار مشهورا بالعلم أو موسوما بالملل مثل ما يوجد في اولاده مثل الرضى والمرتضى، قال أبو الحسن بن محفوظ: الرضى اشعر الناس لانه مجيد مكثر وما اجتمع في ققرشي ذلك، والمرتضى قد ألجم علماء الامة بالحجج والادلة، فكيف بمثل محمد بن الحنفية اشجع اهل زمانه وكان النبي ذكر اسمه وكنيته فبلغ من فضله حتى قالت الكيسانية انه المهدي وهو الراوي عن أبيه علوما، ومنهم ائمة الزيدية الذين لا يرون كل خارج اماما مثل زيد


[ 43 ]

ويحيى والناصر والقاسم سبعة عشر، ومن يرى كل خارج إماما فثلاث وعشرون، ومنهم خلفاء مصر نحو العاضد والفايز والظافر والحافظ والمستعلي والمستنصر والظاهر والحاكم والعزيز والمعز والمنصور والقائم والمهدي، ومنهم الملوك ملوك مكة والمدينة والجبل وبيهق، ومنهم الملوك الماضون نحو الداعي الكبير الحسن بن زيد واخوه محمد، ومنهم الرؤساء والنقباء في كل مدينة فكيف بالائمة المعصومين مثل الحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا والتقي والنقي والزكي والمهدي عليهم السلام الذين قد ظهرت العلوم في فرق العالمين منهم حتى أخذ من زين العابدين مثل طاووس اليماني وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وابن شهاب الزهري، وأخذ كل نوع من العلوم من محمد بن علي عليه السلام حتى سمي باقر علم النبيين، وأخذ من مشهوري أهل العلم من جعفر بن محمد عليه السلام أربعة آلاف انسان فيهم أبو حنيفة ومالك ومحمد، وقد روى عنه الشافعي وأحمد، وصنف من جواباته مائة كتاب وهي معروفة بكتب الاصول، وكذلك حال موسى بن جعفر إلى أن حبس، وظهر عن علي بن موسى عليهم السلام، وكذلك عن أبيه أبي جعفر ما لا يخفى على محصل، وإنما قلت الرواية عن ابي الحسن وأبي محمد عليهما السلام لانهما كانا محبوسين في عسكر السلطان ممنوعين من الانبساط في الفتيا، قال المرزكي النحوي: أيا لائمي في حب أولاد فاطم * أهل لرسول الله غيرهم عقب هم أهل ميراث النبوة والهدى * وقاعدة الدين الحنيفي والقطب أبوهم وصي المصطفى وابن عمه * ووارث علم الله والبطل الندب وقال الصاحب: وبالحسنين المجد مد رواقه * ولولاهما لم يبق للمجد مشهد تفرعت الانوار للارض منهما * فلله أنوار بدت تتجدد هم الحجج الغر التي قد توضحت * وهم سرج الله التي ليس تخمد وقال ابن حماد: ألا انني مولى لآل محمد * فلا تحسن الفحشاء مني ولا الهزل اولئك قوم لا يحاط بفضلهم * وليس لهم في الخلق شبه ولا شكل هم امناء الله في الارض والسما * وهم عينه والاذن والجنب والحبل وهم أنجم الدين الذي ضاء ضوءها * على ظلم الاشراك فهي لها تجلو


[ 44 ]

وفي كتب الله القديمة نعتهم * وقد نطقت عن عظم فضلهم الرسل فروع رسول الله أحمد اصلها * لقد طاب فرع والنبي له أصل علي أمير المؤمنين أبوهم * فهل لعلي في فضائله مثل وقال ابن الحجاج: فأنتم أهل بيت كان فيه * بأمر الله يخدم جبرئيل وليس على فخاركم مزيد * وليس إلى مرامكم سبيل وله أيضا: أبوك أبو ائمتنا على * وامك ام سادتنا البتول فمن يرجو مداك وكيف يلقى * أبو السبطين فيه والرسول وقال ابن دريد الازدي: ان البرية خيرها نسبا * ان عد أكرمه وأمجده نسب معظمة محمده * وكفاه تعظيما محمده ليست إذا كبت الزناد فما * تكبو إذا ما نص أزنده وأخو النبي محمد فريد محتده * لم يكبه في القدح مصلده حل البلاء به على شرف * يتأد الراقين صعدده فصل: في المشاهد ما وجدنا لعظماء الخلف والسلف في الارض أثرا مذكورا أو خبرا مشهورا يتقرب الناس إليها كما لم نجد في الامم الماضية نحو كسرى وانوشروان وفرعون وهامان وشداد ونمرود ووجدنا أهل البيت عليهم السلام امتلات أقطار الارض بآثارهم وبنوا المشاهد والمساجد بأسمائهم، وانفق لسكان الامصار من إجلال مشاهدهم بعد خمول شاهدهم وغر معاندهم وقصدهم في الآفاق البعيدة تقربا إلى الله بجاه تربهم، وكلما تطاولت الدهور زاد محلها سموا وذكرها نموا ويرى الناس فيها العجايب عيانا ومناما، كما نجد في آثار الانبياء والاوصياء عليهم السلام مثل الحطيم ومقام ابراهيم وميزاب اسماعيل وربوة موسى وصخرة عيسى وباب حطة بني اسرائيل وعند موالدهم ومحاضرهم ومجالسهم فظهر الحق وزهق الباطل، قال الزاهي: هل لكم مشهد يزار كما * مشاهد التابعين متبعه يسطع نور لها على بعد * يطرق من زارها إذا سطعه


[ 45 ]

وقال الحصفكي: قوم أتى في هل أتى مدحتهم * ما شك في ذلك إلا ملحد قوم لهم في كل ارض مشهد * لا بل لهم في كل قلب مشهد وقال غيره: عمروا بأطراف البلاد مقابرا * إذ خربوا من يثرب أوطانا هذا أمير المؤمنين عليه السلام أكبر مشاهده اليوم مسجد ولد في الكعبة، وربى في دار خديجة وهي اليوم مسجد ومصلاهم عند باب مولد النبي صلى الله عليه وآله في شعب بني هاشم، والموضع الذي بايع رسول الله بيعة العشيرة، وداره التي نزل فيها آية التطهير، وموضع بيعة الغدير، ومصلاه في الرقة، وموضع سكونه في صفين، ومسجد الاحرام للميقات من بنائه، ومسجد براثا في بغداد من اظهاره، ومسجد الذئب عند الفرات من آياته، ومشهد الشمس في الحلة من معجزاته، ومسجد الجمجمة في بابل من دلايله ومشهد السمكة عند النيل من فضايله، ومشهد النار والفرج والمنطقة في المداين من قدرته، ومسجد السوط في السوق العتيقة في بغداد من أخباره بالغيب، ومشهد الكف بالكوفة وفي تكريت وفي الموصل وفي رقة من اعجازه، ومشهد الشعر في بلده من عجايبه، ومسجد المجداف وعرقل والنور في رقة من براهينه، ومسجد في الموصل من حججه، ومشهد العلث بين بغداد وسامراء من بركاته، ومشهد البوق عند رحبة الشام من كراماته، ومشهد الصخرة في الشام من سلطانه، ومشهد كوثى عند بغداد وقبلته جامع البصرة وقتل في جامع الكوفة الذي بناه نوح وصلى فيه الف نبي والف وصي ودفن في الغري وهو اليوم مسجد، ومنازله كلها لما توجه إلى البصرة مساجد النخيلة وزواطه والشرط ومذار ومطاراة وزكية وعند مشهد عزير وفوق البصرة على اربع فراسخ وعند قلعة البصرة وايلة وبلجان والمحرزي وعبادان ودقلة وقرية عبد الله وكرخ زاد و. ومن طريق العراق في المداين وبغداد والانبار وتحت الحديثة وعند الجب وصندوديا وعانة وبين الرحبة وعانة وفي الرحبة وزيلبيا ويلنج ورقة وصفين، وكذلك مشاهد اولاده عليه السلام، ومشاهد أولاده الطاهرين في المدينة وكربلاء وبغداد وسامراء وطوس، واما مشاهد العلويين في آفاق الارض مثل كواكب السماء. قال الناشي: فزوروا بالغري وكربلاء * وبغداد وسامراء القبورا ويثرب قد حوت منهم وطوس * قبور أئمة تحط الوزورا


[ 46 ]

وقال المرزكي: حفروا بطيبة والغري وكربلا * وبطوس والزوراء وسامراء ما جئتهم في كربة إلا انجلت * وتبدل الضراء بالسراء قوم بهم غفرت خطيئة آدم * وجرت سفينة نوح فوق الماء وقال غيره: بطيبة نفسي والبقيع وكربلا * وطوس وسامرا وبغداد والنجف قبور متى تلمم بها تستدم بها * سوالف معنى مصطفالها ومؤتنف وقال آخر: بطيبة والغري وأرض طف * وبغداد وطوس وسر من را قبور أئمتي وهم هداتي * عليهم رحمة الرحمن تترى وقال عضد الدولة: سقى الله قبرا بالغري وحوله * قبور بمثوى الطهر مشتملات ورمسا بطوس لابنه وسميه * سقته السحاب الغر صفو فرات وام القرى فيها قبور منيرة * عليها من الرحمن خير صلات وفي ارض بغداد قبور زكية * وفي سر من راى معدن البركات فصل: في ظلامة أهل البيت عليهم السلام أبو جعفر عليه السلام في قوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا) قال: هم الاوصياء من مخافة عدوهم. خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ما لنا ولقريش وما تنكر منا قريش غير انا أهل بيت شيد الله فوق بنيانهم بنيانا وأعلى الله فوق رؤسهم رؤسنا واختارنا الله عليهم فنقموا عليه ان اختارنا عليهم وسخطوا ما رضى الله وأحبوا ما كره الله فلما اختارنا عليهم شركناهم في حريمنا وعرفناهم الكتاب والسنة وعلمناهم الفرايض والسنن وحفظناهم الصدق واللين وديناهم الدين والاسلام فوثبوا علينا وجحدوا فضلنا ومنعونا حقنا والتوونا أسباب أعمالنا واعلامنا اللهم فاني أستعد يك على قريش فخذ لي بحقي منها ولا تدع مظلمتي لها وطالبهم يا رب بحقي فانك الحكم العدل فان قريشا صغرت قدري واستحلت المحارم مني واستخفت بعرضي وعشيرتي وقهرتني على ميراثي من ابن عمي


[ 47 ]

وأغروا بي أعدائي ووتروا بيني وبين العرب والعجم وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدي ومنعوني ما خلفه أخي وحميمي وشقيقي وقالوا انك لحريص متهم اليس بنا اهتدوا من متاه الكفر ومن عمي الضلالة وغي الظلماء أليس أنقذتهم من الفتنة الظلماء والمحنة العمياء ويلهم ألم أخلصهم من نيران الطغاة وكره العتاة وسيوف البغاة ووطأة الاسد ومقارعة الصماء ومجادلة القماقمة الذين كانوا عجم العرب وغنم الحرب وقطب الاقدام وجبال القتال وسهام الخطوب وسل السيوف أليس بي تسنموا الشرف ونالوا الحق والنصف ألست نبوة محمد ودليل رسالاته وعلامة رضاه وسخطه الذي كان يقطع الدرع الدلاص ويصطلم الرجال الحراص وبي كان يبري جماجم إليهم وهام الابطال إلى أن فزعت تيم إلى الفرار وعدي إلى الانتكاص أما واني لو أسلمت قريشا للمنايا والحتوف وتركتها فحصدتها سيوف الغواة ووطأتها الاعاجم وكرات الاعادي وحملات الاعالي وطحنتهم سنابك الصافنات وحوافر الصاهلات في مواقف الا زال والزلزال في طلاب الاعنة وبريق الاسنة ما بقوا لهضمي ولا عاشوا لظلمي ولما قالوا انك لحريص متهم، ثم قال بعد كلام: إنما أنطق لكم العجماء ذات البيان وافصح الخرساء ذات البرهان لاني فتحت الاسلام ونصرت الدين وعززت الرسول وبنيت أعلامه وأعليت مناره وأعلنت اسراره وأظهرت أثره وحاله وصفيت الدولة ووطأت الماشي والراكب ثم قدتها صافية على أني بها مستأثر، ثم قال بعد كلام: سبقني إليها التيمي والعدوي كسباق الفرس احتيالا واغتيالا وخدعة وغيلة، ثم قال بعد كلام: يا معشر المهاجرين والانصار أين كانت سبقة تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة ألا كانت يوم الابواء إذ تكاتفت الصفوف وتكاثرت الحتوف وتقارعت السيوف أم هلا خشيا فتنة الاسلام يوم ابن عبدود وقد نفح بسيفه وشمخ بأنفه وطمح بطرفه ولم لم يشفقا على الدين وأهله يوم بواط إذ اسود لون الافق واعوج عظم العنق وانحل سيل الغرق ولم لم يشفقا يوم رضوى إذا السهام تطير والمنايا تسير والاسد تزأر وهلا بادرا يوم العشيرة إذا الاسنان تصتك والآذان تستك والدروع تهتك وهلا كانت مبادرتهما يوم بدر إذ الارواح في الصعداء ترتقي والجياد بالصناديد ترتدي والارض من دماء الابطال ترتوي ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر الثانية والدعاس ترعب والاوداج تشخب والصدور تحضب وهلا بادرا يوم ذات الليوث وقد ابيح التواب واصطلم الشوقب وأدلم الكوكب ولم لا كانت شفقتهما على الاسلام يوم


[ 48 ]

الاكدر والعيون تدمع والمنية تلمع والصفايح تنزع، ثم عدد وقايع النبي وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة، ثم قال: ما هذه الدهماء والدهياء التي وردت علينا من قريش أنا صاحب هذه المشاهد وأبو هذه المواقف واين هذه الافعال الحميدة إلى آخر الخطبة، قال الناشي: فلم لم يثوروا ببدر وقد * تبلت من القوم إذ بارزوكا ولم عردوا إذا شجيت العدى * بمهراس أحد ولم نازلوكا ولم اجمحوا يوم سلع وقد * ثبت لعمرو ولم أسلموكا ولم يوم خيبر لم يثبتوا * صحابة أحمد واستركبوكا فلاقيت مرحبا والعنكبوت * واسد يحامون إذا وجهوكا فدكدكت حصنهم قاهرا * وطوحت بالباب إذ حاجزوكا ولم يحضروا بحنين وقد * صككت بنفسك جيشا صكوكا فأنت المقدم في كل ذاك * فلله درك لم أخروكا ومن نهج البلاغة: اللهم اني استعديك على قريش فانهم قد قطعوا رحمي وكفروا آبائي وأجمعوا على منازعتي حقا وكنت أولى به من غيري وقالوا الا ان في الحق ان يأخذه وفي الحق أن نمنعه فأصبر مغموما أو مت متاسفا فنظرت فإذا ليس رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم على المنية فأغضيت على القذي وجرعت ربقي على الشجى وصبرت على الاذى وطبت نفسي على كظم الغيظ وما هو أمر من العلقم وألم من حر الشفار. الشقشقية، المقمصة: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن اصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت ان الصبر على هاتي احجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا حتى مضى الاول لسبيله فادلى بها إلى فلان بعده، ثم تمثل بقول الاعشى: شتان ما يومى على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما نشطر اضرعيها (المناقب ج 2، م 6 “


[ 49 ]

فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة ان اشنق لها خرم وان اسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله يخبط وشماس وتلون واعتراض فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم اني أحدهم فيالله وللشورى متى اعترض الريب في مع الاول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظاير ولكنني أسففت إذ اسفوا وطرت إذ طاروا فصغى رجل لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع إلى أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وانكب به بطنه فما راعني إلا والناس الي كعرف الضبع ينثالون علي من كل وجه حتى لقد وطي الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ومرقت اخرى وقسط آخرون وكأنهم لم يسمعوا الله سبحانه وتعالى حيث يقول تلك الدار الآخرة نجعلها الآية بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكاس أولها ولالفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز، فنوول كتابا فجعل يقرأ فلما فرغ من قراءته قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت فقال: هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت، ودخلت ام سلمة على فاطمة عليها السلام فقالت لها: كيف أصبحت عن ليتك يا بنت رسول الله ؟ قالت أصبحت بين كمد وكرب فقد النبي صلى الله عليه وآله وظلم الوصي هتك والله حجبه اصبحت إمامته مقتصة على غير ما شرع الله في التنزل وسنها النبي في التأويل ولكنها أحقاد بدرية وترات احدية كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة لامكان الوشاة فلما استهدف الامر ارسلت علينا شآبيب الاثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الايمان من قسي صدورها وليس علي ما وعد الله من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين احرزوا عايدتهم غرور الدنيا بعد انتصار ممن فتك بآبائهم في مواطن الكروب ومنازل الشهادات، وقالت عليها السلام لما تكلمت مع الاول: معاشر المسلمة المسرعة إلى قبل الباطل المغضية على الفعل الخاسر أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها كلا بل ران على قلوبكم بتتابع سيئاتكم فاخذ بسمعكم وابصاركم ولبئس ما تأولتم وساء ما به أشرتم وشر ما منه


[ 50 ]

اعتصمتم لتجدن والله محلها ثقيلا وغيها، ويلا إذا كشف لكم الغطاء وبان ما ورائه الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون وخسر هنالك المبطلون، ثم قالت للانصار: معاشر النقباء وأعضاد البقية وانصار الدين والملة وحضنة الاسلام ما هذه الغميزة في حقي والاعراض عن ظلامتي أما كان رسول الله قال المرء يحفظ في ولده لسرعان ما أحدثتم وعجلان ذا اهالة وبكم ما حاولت طاقة أتقولون مات محمد فخطب لعمري جليل استوسع وهبه واستهتر فتقه واظلمت لديكم والله الارض وتكدرت الصفوة واحليت القرحة وتقرحت السلعة والثابت خيرة الله وخشعت الجبال وأكدت الآمال وضيع الحريم واديلت المحرمة هي والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة اعلن لنا كتاب الله في افنيتكم ممساكم ومصبحكم هتافا وصراخا وتلاوة والحابا ولقتله ما حل انبياء الله ورسله حكم فصل وقضاء حتم (وما محمد إلا رسول) إلى قوله (الشاكرين) أبني قيلة أاهضم تراث ابي وانتم بمرأى مني ومسمع تمسكم الدعوة ويشملكم الخبر وفيكم العدة والعدد وبكم الدار والجنن تقرع صيحتي آذانكم فلا تجيبون وتسمعون صرختي فلا تغيثون وانتم نخبة الله التي انتخب وخيرته التي انتحل لنا اهل البيت فنابذتم العرب وناجزتم البهم وكافحتم الامم لا نبرح وتبرحون نأمركم فتأتمرون حتى دارت لنا بكم رحى الاسلام ودر حلب البلاد وهدأت دعوة الهرج وسكنت فورة الشر وطفئت جمرة الكفر وقر نقار الحق واستوسق نظام الدين فان حرتم بعد القصد ونكصتم بعد الاقدام الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم إلى قوله مؤمنين الا والله لقد اخلدتم إلى الخفض وابعدتم من هو احق بالبسط والقبض وخلوتم بالدعة ونجوتم من الضيق بالسعة وكلفتم بالدعة فمحجتم بالذي وعيتم فان تكفروا انتم ومن في الارض الآية، الا وقد قلت الذي قلت عن عرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ولكنها فيضة للنفس وهيضة للعظم وكظة الصدر ونفثة الغيظ وخور القبا ومعذرة الحجة فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخف باقية العار موسومة الشنار موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة والحاكم الواحد الاحد. ومن كلام لها عليها السلام: تشربون حسوا في ارتغاء وتمشون لاهله وولده في الخمر والضراء تصبر منكم على مثل حز المدى وحفر السنان في الحشا. ولما انصرفت من عند ابي بكر اقبلت على امير المؤمنين عليه السلام فقالت له: يا بن أبي طالب اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين نقضت قادمة الاجدل فخانك


[ 51 ]

ريش الاعزل هذا ابن ابي قحافة قد ابتزني نحلة ابي وبلغة ابني والله لقد اجهد في ظلامتي وألد في خصامي حتى منعتني القيلة نصرها والمهاجرة وصلها وغضت الجماعة دوني طرفها فلا مانع ولا دافع خرجت والله كاظمة وعدت راغمة ولا خيار لي ليتني مت قبل ذلتي وتوفيت دون منيتي عذيري والله فيك حاميا ومنك داعيا وبلاى في كل شارق مات العمد ووهن العضد شكواي إلى ربي وعدواي إلى ابي اللهم انت اشد قوة فأجابها أمير المؤمنين لا ويل لك بل الويل لشانئك نهنهي عن وجدك يا بنت الصفوة وبقية النبوة فوالله ما ونيت في ديني ولا أخطأت مقدوري فان كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون وكفيلك مأمون وما اعد لك خير مما قطع عنك فاحتسبي، فقالت: حسبي الله ونعم الوكيل، ولها عليها السلام ترثي أباها: قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت حاضرها لم تكثر الخطب انا فقدناك فقد الارض وابلها * فاختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما فقدت وكل الارث قد غصبوا وكل قوم لهم قربى ومنزلة * عند الاله وللادنين مقترب تجهمتنا رجال واستخف بنا * جهرا وقد أدركونا بالذي طلبوا سيعلم المتولي ظلم خاصتنا * يوم القيامة عنا كيف ينقلب فصل: في مصائب أهل البيت عليهم السلام عثمان بن ابان قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله تعالى (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) الآية، قال: نحن ذلك. عبدوس الهمداني وابن فورك الاصفهاني وابن شيرويه الديلمي عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله لعلي ما يلقى بعده قال فبكى علي وقال: أسألك بحق قرابتي وصحبتي إلا دعوت الله أن يقبضني إليه، قال: يا علي تسألني أن أدعو الله لاجل مؤجل الخبر، وذهب كثير من أصحابنا إلى ان الائمة خرجوا من الدنيا على الشهادة واستدلوا بقول الصادق عليه السلام: والله ما منا إلا مقتول شهيد. أمير المؤمنين عليه السلام قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ التفت إلي فبكى فقلت: ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن


[ 52 ]

ولطم فاطمة خدها وطعن الحسن في فخذه والسم الذي يسقاه وقتل الحسن. رأى أمير المؤمنين في المنام قائلا يقول: إذا ذكر القلب رهط النبي * وسبي النساء وهتك الستر وذبح الصبي وقتل الوصي * وقتل الشبير وسم الشبر ترقرق في العين ماء الفؤاد * وتجري على الخد منه الدرر فيا قلب صبرا على حزنهم * فعند البلايا تكون العبر وكان عبيدالله بن عبد الله بن طاهر كثيرا ما يقول: تعز فكم لك من اسوة * تسكن عنك غليل الحزن بموت النبي وخذل الوصي * وذبح الحسين وسم الحسن وجر الوصي وغصب التراث * وأخذ الحقوق وكشف الاحن وهدم المنار وبيت الاله * وحرق الكتاب وترك السنن وله أيضا: إذا ما المرء لم يعط مناه * وأضناه التفكر والنحول ففي آل الرسول له عزاء * وما لاقته فاطمة البتول وأجمع الفقهاء ان النبي كان يقسم الخمس من الغنايم في بني هاشم. وأورد الشافعي عن أبي حنيفة باسناده عن عبد الله بن أبي ليلى أن في عهد عمر اتي بمال كثير من فارس وسوس والاهواز فقال: يا بني هاشم لو أقرضتموني حقكم من هذه الغنايم لاعوض عليكم مرة اخرى، فقال علي: يجوز، فقال العباس: أخاف فوت حقنا، فكان كما قال مات عمر وما رد عليهم وفات حقهم. وسئل الباقر عليه السلام عن الخمس فقال: الخمس لنا فمنعنا فصبرنا. وكان عمر بن عبد العزيز رده إلى محمد الباقر عليه السلام، ورده أيضا المأمون فمن حرمت عليه الصدقة وفرضت له الكرامة والمحبة يتكففون صبرا ويهلكون فقرا يرهن احدهم سيفه ويبيع آخر ثوبه وينظر إلى فيئه بعين مريضة ويتشدد على دهره بنفس ضعيفة ليس له ذنب إلا ان جده النبي واباه الوصي، قال السيد الرضي: رمونا كما ترمى الظماء عن الروى * يذودوننا عن إرت جد ووالد بنى لهم الماضون آساس هذه * فعلوا على بنيان تلك القواعد


[ 53 ]

وقال دعبل: ارى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات وقال أبو فراس: الحق مهتضم والدين مخترم * وفيئ آل رسول الله مقتسم وقال الصاحب: أيا امة أعمى الضلال عيونا * وأخطأها نهج من الرشد لا حب أأسلافكم أودوا بآل محمد * حر وباسيدري كيف منها العواقب وأنتم على آثارهم واختيارهم * تميتونهم جوعا فهذي المصايب دعوا حقهم ما يبتغون جداكم * وخلوا لهم من فيئهم لا يساغبوا الا ساء ذا عارا على الدين ظاهرا * يسير إليه الاجنبي المحارب إذا كانت الدنيا لآل محمد * وأولاده غرثى يليها المحارب ومن كثرة الظلم دفن الامام فاطمة ليلا وأوصى بدفن نفسه سرا، ولقد هدم سعيد بن العاص دار علي والحسن وعقيل عليهم السلام من قبل يزيد، وهدم عبد الملك ابن مروان بيت علي الذي كان في مسجد المدينة. وأمر المتوكل بتحوير قبر الحسين عليه السلام واصحابه وكرب موضعها واجراء الماء عليها وقتل زوارها وسلط قوما من اليهود حتى تولوا ذلك إلى أن قتل المتوكل فأحسن المنتصر سيرته وأعاد التربة في أيامه. والمعتز حرق المشهد بمقابر قريش على ساكنه السلام، وكان الصادق يتمثل: لآل المصطفى في كل عام * تجدد بالاذى زفر جديد وقال الحميري: توفي النبي عليه السلام * فلما تغيب في الملحد أزالوا الوصية عن أقربيه * إلى الابعد الابعد الابعد وكادوا مواليه من بعده * فياعين جودي ولا تجمدي وأولاد بنت رسول الاله * يضامون فيها ولم تكمد فهم بين قتلى ومستضعف * ومنعفر في الثرى مفصد وقال الزاهي: أين بنو المصطفى الذين على * الخلق جميعا هواهم فرضا


[ 54 ]

أين المصابيح للظلام ومن * علي في الذر حبهم عرضا أين النجار التي محضت لها * وحق مثلي لودها محضا أين بنو الصوم والصلاة ومن * ابرامهم في الاله ما انتقضا أين الجبال التي يضيق بها * عند اتساع العلوم كل فضا تشتتوا في الورى فأصبحت الا * جفان قرحى بدمعها فضضا تشتتوا في الورى فأصبحت الا * جفان قرحى بدمعها فضضا وذبحوا في الثرى على ظمأ * فانحط عز العزاء وانخفضا وقال الرضي: ضربوا بسيف محمد أولاده * ضرب الغرابب عدن بعد ديارها وله ايضا: طمعنا لهم سيفا فكنا لحده * ضرايب عن ايمانهم والسواعد ألا ليس فعل الاولين وان علا * على قبح فعل الآخرين تزايد وقال محمد بن شارستان: بمحمد سلوا سيوف محمد * ضربوا بها هامات آل محمد فكأن آل محمد أعداؤه * وكأنما الاعداء آل محمد وقال الصوري: يا بني الزهراء ماذا اكلت * فيكم الايام من عيب وذم وعجيبا ان حقابكم * فام في الناس وفيكم لم يقم ثم صارت سنة جارية * كل من أمكنه الظلم ظلم وقال دعبل: وثب الزمان بكم فشتت منكم ما الفا * ولو أن ايديكم تمد إلى الاناء لما انكفا وله أيضا: لا اضحك الله سن الدهر إن ضحكت * وآل احمد مظلومون قد قهروا مشردون نفوا عن عقر دارهم * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر وقال كثير عزه: طبت بيتا وطاب اهلك اهلا * اهل بيت النبي والاسلام يأمن الطير والوحوش ولا * يأمن آل النبي عند المقام


[ 55 ]

وقال العنبري: وإذا رأى في العالمين مصيبة * ضربت بآل محمد امثالها وقال الحميري: اليس عجيبا ان آل محمد * قتيل وباق هائم واسير تنام الحمام الورق عند هجوعها * ونومهم عند الرقاد زفير وقال العلوي البصري: اهل النبي الذي لولا هدايتهم * لم يهد خلق إلى فرض ولا سنن مشتتين حيارى لا نصير لهم * مشردين عن الاهلين والوطن في كل يوم ارى في وسط دارهم * بالسلة البيض والهندية اللدن هذا بأن رسول الله جدهم * أوصى بحفظهم في السر والعلن جاؤا بقتل علي وسط قبلته * ظلما وثنوا بسم لابنه الحسن واشهروا ويلهم راس الحسين على * رمح يطاف به في سائر المدن وقال الجوهري الجرجاني آل الرسول عباد يد السيوف فمن * هاو على وجهه خوفا ومسجون ونافر ببلاد الهند مطرح * ولائذ بيمان أو ببيغون وقال محمد الموسوي: ماذا تقولين في يوم الحساب غدا * لجده خير هاد حين يلقاك بقتل ابنائه من بعده سفها * وسبي عترته الابرار وصاك ستعلمون غدا يا امة تبعت * فعل المضلين جهلا سوء مثواك وقال غيره ومن قبل موت المصطفى كان صحبه * إذا قال قولا صدقوه وحققوا فلما قضى خانوه في اهل بيته * وشمل بنيه بالاسنة فرقوا وقال الزاهي: يا آل احمد ماذا كان جرمكم * فكل ارواحكم بالسيف تنتزع تلقى جموعكم شتى مفرقة * بين العباد وشمل الناس مجتمع وتستباحون اقمارا منكسة * تهوى وارؤسها بالسمر تنتزع ما للحوادث لا تجرى بظالمكم * ما للمصائب عنكم ليس ترتدع


[ 56 ]

منكم طريد ومقتول على ظمأ * ومنكم دنف بالسم منصرع وهارب في اقاصي الغرب مغترب * ودارع بدم اللبات مندرع ومقصد من جدار ظل منكدرا * وآخر تحت ردم فوقه بقع ومن محرق جسم لا يزار له * قبر ولا مشهد يأتيه مرتدع وله ايضا: بنو المصطفى يفنون بالسيف عنوة * ويسلمني طيف الهجوع فأهجع ظلمتم وذبحتم وقسم فيئكم * وجار عليكم من لكم كان يخضع فما بقعة في الارض شرقا ومغربا * وإلا لكم فيه قتيل ومصرع وقال منصور الفقيه: تذكر فديتك عند الخطوب * منال قريش إلى المصطفى وما نال في مؤتة جعفرا * وفي احد حمزة المرتضى ونال البتول بموت الرسول * ونال عليا إمام الهدى ونال حسينا ومن قبله * أخاه ومسلما المجتبى وما نال موسى والباقرين * ونال علي بن موسى الرضا ومن مات فيهم خفي المكان * بعيد المحل حذير العدى ليسهل كل عسير عليك * ويحلو بقلبك مر القضا لانكم من بني آدم * وحال بني آدم ما ترى وقال ابن الرومي: بني احمد لا يبرح المرء منكم * يتل على حر الجبين فيبعج كذاك بني العباس يصبر مثلكم * ويصبر للسيف الكمي المدجج أكل اوان للنبي محمد * قتيل زكي بالدماء مضرج وقال ابن حماد: كفاك بخير الخلق آل محمد * اصابهم سهم اصاب فأوجعا وقفت على ابياتهم فرأيتها * بياتا خرابا قفرة الجو بلقعا وله ايضا: بأي ارض شئت أو بلدة * لم تر فيها لهم مأتما حين تولى منهم هارب * لم ير إلا طالبا هاضما ” المناقب ج 2، م 7 “


[ 57 ]

وله ايضا: سنوا القتال عليهم والغصب * والتشريد والعدوانا حتى استحل حريمهم ودماؤهم فكأنما كانت لهم قربانا وتغلغلوا في قتلهم حتى بنوا * جهرا على احيائهم بنيانا وله ايضا: يا دهر ما انصفت آل محمد * في سالف من أمرهم وقريب في كل يوم لا تزال تخصهم * بمصائب ونوائب وخطوب لم تخلهم من محنة وفجيعة * ما بين مهتضم وفقد حبيب ما بين مقتول ومأسور جرى * عمدا إلى من سم في مشروب ومجدل ظام ومنكوس على * اعواد جذع بالكناس صليب ولقد وقفت بكربلاء فهيجت * تلك المواقف لوعتي وكروبي وله ايضا: على من ابكي من بنى بنت احمد * على من سقى كاس المنية في السم ام المفرد العطشان في طف كربلا * تسقى المنايا بالمهندة الخذم واصحابه صرعى على الترب ما لهم * من الخلق زوار سوى الطلس والعصم وله ايضا: يا آل بيت محمد حزني لكم * قد قل عنه تصبري وتجلدي ما للنوائب انشبت انيابها * فيكم فبين مهضم ومشرد من كل ناحية عليكم نائح * ينعاكم في مأتم متجدد من ذا انوح له ومن ابكي ترى * تبعاتكم يا آل بيت محمد اعلى قتيل الملجمي وقد ثوى * متخضبا بدمائه في المسجد ام للذي في السم اسقي عامدا * ام للغريب النازح المتفرد ام للعطاش مجدلين على الثرى * من بين كهل سيد ومسود ام للرؤس السايرات على القنا * مثل البدور إذا سرت في الاسعد ام للسبايا من بنات محمد * تسبى مهتكة كسبي الاعبد ألذاك ابكي ام لمصلوب على * اعواده وسط الكناس مجرد ابكي لمنبوش ومصلوب ومحروق * مذرى في الرياح مبدد


[ 58 ]

فصل: في الاختصاص بالنبي صلى الله عليه وآله لقد عمى من قال ان قوله تعالى (وانفسنا وانفسكم) اراد به نفسه لان من المحال ان يدعو الانسان نفسه، فالمراد به من يجري مجرى انفسنا ولو لم يرد عليا وقد حمله مع نفسه لكان للكفار ان يقولوا حملت من لم تشترط وخالفت شرطك وإنما يكون للكلام معنى ان يريد به مجرى انفسنا. واما شبهة الواحدي في الوسيط ان احمد بن حنبل قال: اراد بالانفس ابن العم والعرب تخبر من بني العم بأنه نفس ابن عمه وقال الله تعالى (ولا تلمزوا انفسكم) اراد اخوانكم من المؤمنين ضعيفة، لانه لا يحمل على المجاز إلا لضرورة، وان سلمنا ذلك فانه كان للنبي بنو الاعمام فما اختار منهم إلا عليا لخصوصية فيه دون غيره وقد كان اصحاب العباء نفس واحدة، وقد بين بكلمات اخر. قال ابن سيرين قال النبي لعلي بن أبي طالب: انت منى وانا منك. فضايل السمعاني، وتاريخ الخطيب، وفردوس الديلمي، عن البراء وابن عباس واللفظ لابن عباس: علي مني مثل رأسي من بدني، وقوله صلى الله عليه وآله: أنت منى كروحي من جسدي، وقال صلى الله عليه وآله: انت منى كالضوء من الضوء، قال ابن حماد: من الذي قال النبي له * أنت منى مثل روحي في البدن وقال ديك الجن: عضو النبي المصطفى وروحه * وشمه وذوقه وريحه وقوله صلى الله عليه وآله: أنت زري من قميصي. قال ابن حماد وسماه رب العرش في الذكر نفسه * فحسبك هذا القول ان كنت ذا خبر وقال لهم هذا وصيي ووارثي * ومن شد رب العالمين به أزري علي كزري من قميصي اشارة * بأن ليس يستغني القميص عن الزر وسئل النبي صلى الله عليه آله عن بعض أصحابه فذكر فيه فقال له قائل: فعلي ؟ فقال: إنما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي وفيه حديث بريدة (وحديث براءة) وحديث جبرئيل وأنا منكما، قال الحماني: وأنزله منه النبي كنفسه * رواية أبرار تادت إلى بر فمن نفسه فيكم كنفس محمد * ألا بأبي نفس المطهر والطهر


[ 59 ]

وقال العوني: والحقه يوم البهال بنفسه * بأمر أتى من رافع السماوات فمن نفسه منكم كنفس محمد * بني الافك والبهتان والفجرات وقال ابن حماد: وقال ما قد رويتم ثم الحقه * بنفسه عند تأليف يؤلفه ونفس سيدنا أولى النفوس بنا * حقا على باطل النصاب يقذفه وله ايضا: الله سماه نفس أحمد في * القرآن يوم البهال إذ ندبا فكيف شبهه بطائفة * شببها ذو المعارج الخشبا وقال السوسي: من نفسه من نفسه وجنسه من جنسه * وعرسه من عرسه فهل له معادل البخاري قال النبي لعلي: أنت مني وأنا منك. فردوس الديلمي عن عمران بن الحصين قال النبي: علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي، وقد روى نحوه عن ابن ميمون عن ابن عباس. عبد الله بن شداد ان النبي قال لوفد: لتقيمن الصلاة وتؤتن الزكاة أو لابعثن عليكم رجل كنفسي أبان رسول الله ولايته وانه ولي الامة من بعده. كتاب الحدايق بالاسناد عن انس قال: كان النبي إذا اراد أن يشهر عليا في موطن أو مشهد علا على راحلته وأمر الناس أن ينخفضوا دونه. وفي شرف المصطفى انه كان للنبي عمامة يعتم بها يقال لها السحاب وكان يلبسها فكساها بعد علي بن ابي طالب فكان ربما اطلع على فيها فيقول اتاكم علي في السحاب. الباقر عليه السلام: خرج رسول الله ذات يوم وهو راكب وخرج علي وهو يمشي فقال النبي: اما ان تركب واما تنصرف ثم ذكر مناقبه. أبو رافع: ان رسول الله كان إذا جلس ثم اراد ان يقوم لا يأخذ بيده غير علي وان اصحاب النبي كانوا يعرفون ذلك له فلا يأخذ بيد رسول الله غيره. الجماني في حديثه: كان النبي إذا جلس اتكأ على علي. سر الادب عن أبي منصور الثعالبي انه عود عليا حين ركب وصفن ثيابه في سرجه، وروى انه سافر صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام وعايشة فكان النبي ينام بينهما في لحاف.


[ 60 ]

حلية الاولياء ومسند أبي يعلى و عبد الرحمن بن ابي ليلى عن علي قال: أتانا رسول الله حتى وضع رجله بيني وبين فاطمة. أنساب الاشراف، قال رجل لابن عمر: حدثني عن علي بن ابي طالب، قال: تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول الله فانظر إلى بيته من بيوت رسول الله. البخاري وابو بكر بن مردويه قال ابن عمر: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي. خصايص النطنزي قال ابن عمر: سال رجل عمر بن الخطاب عن علي فقال: هذا منزل رسول الله وهذا منزل علي بن أبي طالب وهذا المنزل فيه صاحبه. وكان النبي إذا عطس قال علي: رفع الله ذكرك يا رسول الله، فقال النبي: أعلى الله كعبك يا علي. وكان النبي إذا غضب لم يجز احد ان يكلمه غير علي، واتاه يوما فوجده نائما فما ايقظه، قال خطيب منبج: وزار البرة الزهراء يوما * رسول الله خير الزائر ينا فجاءت توقظ الهادي عليا * وكان موسدا في النائمينا فقال لها دعيه ولا تريدي * له الايقاظ فيمن توقظينا لا شك ان النبي كان اكبر سنا واكثر جاها من علي فلما كان يحترمه هذا الاحترام اما انه كان من الله تعالى أو من قبل نفسه وعلى الحالين جميعا اظهر للناس درجته عند الله تعالى ومنزلته عند رسول الله. ومن تحننه ما جاء في امالي الطوسي عن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله وكفه في كف علي وهو يقبلها فقلت: ما منزلة علي منك ؟ قال: منزلتي من الله. وحدثني أبو العلاء الهمداني باسناده إلى عايشة قالت رأيت رسول الله التزم عليا وقبله ويقول: بأبي الوحيد الشهيد بأبي الوحيد الشهيد، وقد ذكره أبو يعلى الموصلي في المسند عن ابن مينا عن ابيه عن عايشة. أبو بصير في حديثه عن الصادق عليه السلام: انه اخذ يمسح العرق عن وجه علي ويمسح به وجهه. أبو العلاء العطار باسناده إلى عبد خير عن علي عليه السلام قال: اهدي إلى النبي فنموز فجعل يقشر الموزة ويجعلها في فمي فقال له قائل: انك تحب عليا ! قال أو ما علمت ان عليا مني وانا منه، قال الحميري: أنت ابن عمي الذي قد كان بعد أبي * إذ غاب عني أبي لي حاضنا وأبا ما ان عرفت سوى عمي ابيك ابا * ولا سواك أخا طفلا ولا شيبا


[ 61 ]

كم فرجت يدك اليمنى بذي شطب * في فارق خرج عن وجهي الكربا وهؤلاء اهل شرك لا خلاق لهم * من مات كان لنار أوقدت حطبا تاريخ الخطيب، فقد رسول الله بعد انصرافه من بدر فنادت الرفاق بعضهم بعضا: افيكم رسول الله ؟ حتى جاء رسول الله ومعه علي فقالوا: يا رسول الله فقدناك فقال: ان ابا الحسن وجد مغصا في بطنه فتخلفت معه عليه. وروي انه جرح راسه عمرو بن ود يوم الخندق فجاء إلى رسول الله فشده ونفث فيه فبرأ وقال: اين اكون إذا خضب هذه من هذه. وكان علي ينام مع النبي في سفره فاسهرته الحمى ليلة اخذته فسهر النبي لسهر علي فبات ليلته بينه وبين مصلاه يصلي ثم يأتيه فيسأله وينظر إليه حتى اصبح باصحابه الغداة فقال اللهم اشف عليا وعافه فانه اسهر في الليلة مما به، وفي رواية قم يا علي فقد برئت وقال: ما سالت ربي شيئا إلا اعطانيه وما سالت شيئا إلا سألته لك، قال الحميري: من ليلة بات موعوكا ابا حسن * فيها يكابد من حمى ومن الم إذ قال من بعدما صلى النبي له * ابشر فقد الت من وعك ومن سقم وما سالت لنفسي قيد انملة * من فضل علم ولا حلم ولا فهم إلا سالت لكم مثل الذي ظفرت * كفي به ذا لذي الآلاء والكرم أبو الزبير عن انس قال: كنت امشي خلف حمار رسول الله وهو يكلم الحمار والحمار يكلمه وهو يريد الغاية والغيظة فلما دنى منهما قال: اللهم ارني إياه اللهم ارني إياه، وقال في الرابعة: اللهم ارني وجهه، فإذا علي قد خرج من بين النخل فانكب على النبي وانكب رسول الله يقبله الخبر، وكان النبي إذا لم يلق عليا يقول اين حبيب الله وحبيب رسوله، قال العوني: إمامي حبيب المصطفى بعل فاطمة * فناهيك بعلا بالجليلة والبعل وقال غيره: حبيب رسول الله ثم ابن عمه * وزوجته الزهراء من اطهر الطهر فضايل احمد، جابر الانصاري: كنا مع النبي عند امرأة من الانصار فصنعت له طعاما فقال النبي صلى الله عليه وآله: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة فرأيت النبي يدخل راسه تحت الوادي ويقول: اللهم ان شئت فحوله عليا. فدخل علي عليه السلام فهنئه. جامع الترمذي وابانة العكبري ومسند احمد وفضايله وكتاب ابن مردويه عن


[ 62 ]

ام عطية وابي هريرة و عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ان النبي بعث عليا في سرية قال فرأيته رافعا يديه يقول: اللهم لا تمتني حتى ترينى عليا. الاربعين عن الخطيب ان النبي قال يوم الخندق: اللهم انك اخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر وحمزة بن عبد المطلب يوم احد وهذا علي فلا تدعني فردا وانت خير الوارثين، قال خطيب منبج: وكان إذا مضى يوما علي * لحرب عداته المتظافرينا يقول لربه لا قول سخط * ولكن قولة المتضرعينا اخذت عبيدة منى ببدر * فآلم اخذه قلب الحزينا وفي أحد لحمزة قد اصابت * طوايلها اكف الطالبينا وجعفر يوم مؤتة قد سقته * كؤس الموت ايدي الكافرينا وقد ابقيت لي منهم عليا * يكايد دوني الحرب الزبونا إلهي لا تذرني منه فردا * وانت اليوم خير الوارثينا فلا تقدم علي الموت حتى * اراه قد اتى في القادمينا وقال الحيص بيص: قوم إذا اخذ المديح قصايدا * اخذوه عن طه وعن ياسين وإذا انطوى ارق الاضالع وفروا * ميسور زادهم على المسكين وإذا عصى امر الموالي خادم * نفذت اوامرهم على جبرين وإذا تفاخرت الرجال بسيد * فخروا بأنزع في العلوم بطين ملقي عمود الشرك بعد قيامه * ومبين دين الله بعد كمون والمستغاث إذا تصافحت القنا * وغدت صفون الخيل غير صفون ما اشكلت يوم الجدال قضية * إلا وبدل شكها بيقين مستودع السر الخفي وموضع * الحق الجلي وفتنة المفتون ومن انشائه الاسرار عليه ما روى ابن شيرويه في الفردوس قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله: صاحب سري علي بن أبي طالب. الترمذي في الجامع، وابو يعلى في المسند، وابو بكر بن مهدويه في الامالي، والخطيب في الاربعين، والسمعاني في الفضايل، مسندا إلى جابر قال: ناجى النبي في يوم الطايف عليا فأطال نجواه فقال احد الرجلين للآخر: لقد اطال نجواه مع ابن


[ 63 ]

عمه، وفي رواية الترمذي فقال الناس: لقد اطال نجواه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله، وفي رواية غيره ان رجلا قال: أتناجيه دوننا، فقال النبي: ما انتجيته ولكن الله انتجاه، ثم قال الترمذي: اي امر ربي انتجي معه، قال العبدي: وكان بالطايف انتجاه * فقال اصحابه الحضور اطلت نجواك مع علي * فقال ما ليس فيه زور ما انا ناجيته ولكن * ناجاه ذو العزة الخبير وقال الحميري: وفي يوم ناجاه النبي محمد * يسر إليه ما يريد ويطلع فقالوا اطال اليوم نجوى ابن عمه * مناجاته بغي وللبغي مصرع فقال لهم لست الغداة انتجيته * بل الله ناجاه فلم يتورعوا وله ايضا: ويوم الثنية يوم الوداع * وازمع نحو تبوك المضيا ننجي يودعه خاليا * وقد اوقف المسلمون المطيا فظن اولوا الشك اهل النفاق * ظنونا وقالوا مقالا فريا وقالوا يناجيه دون الانام * بل الله أدناه منه نجيا على فم احمد يوحى إليه * كلاما بليغا ووحيا خفيا فكان به دون أصحابه * بما حث فيه عليه حفيا وله ايضا: وكنت الخليفة دون الانام * على أهله يوم يغزو تبوكا غداة انتجاك وظل المطى * بأكوارهم إذ هم قد رأوكا يراك نجيا له المسلمون * وكان الاله الذي ينتجيكا على فم أحمد يوحى اليك * واهل الضغاين مستشر فوكا وقال غيره: واذكر غداة خلابه في معرك * لما اراد إلى تبوك مضيا يرضيه حين بدا له استخلافه * قولا يسر إلى اخيه خفيا والمسلمون ومن تابش منهم * دون الثنية واقفون مطيا من قبلهم لقد انتجاه لحادث * بل كان قربه الاله نجيا


[ 64 ]

الكليني عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله في خطبة الوداع: سموني اذنا وزعموا انه ملازمته إياي وإقبالي عليه وقبوله مني حتى أنزل الله تعالى (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن). ودخل أمير المؤمنين عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس عند يمينه فتناجى عند ذلك اثنان فقال النبي لا يتناجى اثنان دون الثالث فان ذلك يؤذي المؤمن فنزل (إذا تناجيت فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول) الآية، وقوله تعالى (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا) الآية، وأمره صلى الله عليه وآله أن لا يفارقه عند وفاته، ذكره الدار قطني في الصحيح والسمعاني في الفضايل ان النبي لم يزل يحتضنه حتى قبض، يعني عليا. الاعمش عن ابي سلمة الهمداني وسلمان قالا: قبض رسول الله في حجر علي. أبو بكر بن عياش وابن الحجاف وعثمان بن سعيد كلهم عن جميع بن عمير عن عايشة انها قالت: سالت نفس رسول الله في كف علي فردها إلى فيه، قال الحميري: وسالت نفس احمد في يده * فالزمها المحيا والجبينا وعن المغيرة عن ام موسى عن ام سلمة قالت: والذي أحلف به كان علي لاقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله، ثم ذكرت بعد كلام قالت: فانكب عليه علي فجعل يساره ويناجيه، ومن ذلك انه قسم له النبي حنوطه الذي نزل به جبرئيل من السماء، قال الحميري: ان جبريل أتى ليلا إلى * طاهر من بعد ما كان هجع بحنوط طيب من جنة * في صرار حل منه فسطع فدعا أحمد من كان به * واثقا عند معضات الجزع أوثق الناس معا في نفسه * عند مكروه إذا لخطب وقع قسم الصرة اثلاثا فلم * يال عن تسوية القسم الشرع قال جزء لي وجزء لابنتي * ولك الثالث فاقبضها جمع فإذا مت فحنطني بها * ثم حنطها بهذا لا تدع انها اسرع أهلى ميتة * ولحاقا بي فلا تكثر جزع وكان من الثقة به انه جعله لمصالح حرمه. روى التاريخي في تاريخه والاصفهاني ” المناقب ج 2، م 8 “


[ 65 ]

في حليته عن محمد بن الحنفية ان الذي قذفت به مارية وهو خصي اسمه ما بور وكان المقوقس أهداه مع الجاريتين إلى النبي صلى الله عليه وآله فبعث النبي عليا عليه السلام وأمره بقتله فلما رأى عليا وما يريد به تكشف حتى بين لعلي انه أجب لا شئ معه مما يكون مع الرجال فكف عنه عليه السلام. حلية الاولياء، محمد بن اسحاق باسناده في خبر انه كان ابن عم لها يزورها فأنفذ عليا ليقتله قال: فقلت يا رسول الله أكون في أمرك إذا ارسلتني كالسبكة المحماة. وفي رواية كالمسمار المحمى في الوبر ولا يثنيني شئ حتى امضي لما ارسلتني به أو الشاهد يرى مالا يرى الغايب، فقال: بل الشاهد قد يرى ما لا يرى الغايب، فأقبلت متوشحا السيف فوجدته عندها فاخترطت السيف فلما أقبلت نحوه عرف اني اريده فأتى نخلة فرقى فيها ثم رمى بنفسه على قفاه وشغر برجليه فإذا هو أجب أمسح ماله مما للرجل قليل ولا كثير فأغمدت سيفي ثم أتيت إلى النبي فأخبرته فقال: الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت الامتحان. عن ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام في آخر احتجاجه على أبي بكر بثلاث وعشرين خصلة: نشدتم بالله هل علمتم ان عايشة قالت لرسول الله ان ابراهيم ليس منك وانه من فلان القبطي فقال يا علي فاذهب فاقتله فقلت يارسول الله إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمى في الوبر لما أمرتني، المعنى سواء. البخاري عن سهل بن سعد الساعدي: وكانت فاطمة تغسل الدم عن وجهه وعلي يأتي بالماء يرشه فأخذه حصيرا فحرقه فحشا به يعني النبي يوم احد. تاريخ الطبري: لما كان من وقعة احد ما قد كان بعث النبي علي بن أبي طالب فقال: اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وماذا يريدون، في كلام له، قال علي عليه السلام: فخرجت في آثار القوم انظر ما يصنعون فلما اجنبوا الخيل وامتطوا الابل وتوجهوا إلى مكة أقبلت أصيخ يعني بانصرافهم. المفسرون في قوله تعالى: (من شر النفاثات في العقد) انه لما سحر النبي لبيد بن اعصم اليهودي في بئر دوران مرض النبي فجاء إليه ملكان فأخبراه بالرمز فأنفذ صلى الله عليه وآله عليا والزبير وعمار فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الجبي ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الخف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه وإذا وتر معقود فيه أحد عشر عقدة


[ 66 ]

مغروزة فحلها علي فبرأ النبي، ان صح هذا الخبر فلنتأول وإلا فليطرح. ومن ذلك ما دعا له صلى الله عليه وآله في مواضع كثيرة منها يوم الغدير قوله: اللهم وال من والاه، الخبر. ودعا له يوم خيبر: اللهم قه الحر والبرد، ودعا له يوم المباهلة: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ودعا له لما مرض: اللهم عافه واشفه وغير ذلك، ودعاؤه له بالنصر والولاية لا يجوز إلا لولي الامر فبانت بذلك إمامته. وكان عليه السلام يكتب الوحي والعهد وكاتب الملك أخص إليه لانه قلبه ولسانه ويده، فلذلك أمره النبي صلى الله عليه وآله بجمع القرآن بعده، وكبت له الاسرار، وكتب يوم الحديبية بالاتفاق، وقال أبو رافع: ان عليا كان كاتب النبي إلى من عاهد ووادع وان صحيفة اهل نجران كان من كاتبها، وعهود النبي لا توجد قط إلا بخط علي، ومن ذلك ما رواه أبو رافع ان عليا كانت له من رسول الله ساعة من الليل بعد المتمة لم تكن لاحد غيره. تاريخ البلاذري: انه كانت لعلي دخلة لم تكن لاحد من الناس. مسند الموصلي عبد الله بن يحيى عن علي عليه السلام: قال كانت لي من رسول الله ساعة من السحر آنيه فيها فكنت إذا أتيت استاذنت فان وجدته يصلي سبح قلت ادخل. مسند أحمد وسنن ابن ماجة وكتاب أبي بكر بن عياش بأسانيدهم عن عبد الله ابن يحيى الحضرمي عن علي قال: كان لي من رسول الله مدخلان مدخل بالليل ومدخل بالنهار وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح لي. وقال عبد المؤمن الانصاري: سالت أنس بن مالك من كان آثر الناس عند رسول الله ؟ قال: ما رأيت أحدا بمنزلة علي بن ابي طالب ان كان يبعث إليه في جوف الليل يستخلى به حتى يصبح هذا عنده إلى أن فارق الدنيا، قال الحميري: وكان له من أحمد كل شارق * قيل طلوع الشمس أو حين تنجم إذا ما بدت مثل الصلابة دخلة * يقوم فيأتي بابه فيسلم يقول إذا جاء السلام عليكم * ورحمة ربي انه مترجم فيبلغ بترحيب ويجلس ساعة * ويؤتي بفضل من طعام فيطعم ويدعو بسبطيه حنانا ورقة * فيدنيهما منه قريبا ويكرم يضمهما ضم الحبيب حبيبه * إلى صدره ضما وشما فيلثم


[ 67 ]

ومن ذلك انه قال صلى الله عليه وآله: لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي أنا أبو القاسم الله يعطي وأنا اقسم، وفي خبر سموا باسمي وكنوا بكنيتي ولا تجمعوا بينهما ثم انه رخص في ذلك لعلي عليه السلام ولابنه. الثعلبي في تفسيره، والسمعاني في رسالته، وابن البيع في اصول الحديث، وابو السعادات في فضايل العشرة، والخطيب والبلاذري في تاريخهما، والنطنزي في الخصايص باسانيدهم عن علي قال: قال رسول الله: ان ولد لك غلام نحلته اسمي وكنيتي، وفي رواية السمعاني وأحمد: فسمه باسمي وكنه بكنيتي وهو له رخصة دون الناس، ولما ولد محمد بن الحنفية قال طلحة قد جمع علي لولده بين اسم رسول الله وكنيته، فجاء علي بمن يشهد له ان رسول الله رخص لعلي وحده في ذلك وحرمهما على امته من بعده، وكذلك رخص في ذلك للمهدي عليه السلام لما اشتهر قوله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، قال الصاحب: أما عرفتم سمو منزله * أما عرفتم علو مثواه أما رأيتم محمدا حدبا * عليه قد حاطه ورباه واختصه يافعا وآثره * واعتامه مخلصا وآخاه زوجه بضعة النبوة إذ * رآه خير امرئ واتقاه ثم انه كان ذخيرة النبي للمهمات، قال أنس: بعث النبي عليا إلى قوم عصوه فقتل القاتل وسبي الذرية وانصرف بها فبلغ النبي قدومه فتلقاه خارجا من المدينة فلما لقيه اعتنقه وقبل بين عينيه وقال: بأبي وامي من شد الله به عضدي كما شد عضد موسى بهارون، وفي حديث جابر انه قال لوفد هوازن: اما والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لابعثن إليهم رجلا وهو مني كنفسي فليضربن أعنقا مقاتليهم وليسبين ذراريهم هو هذا، واخذ بيد علي فلما اقروا بما شرط عليهم قال: ما استعصى علي اهل مملكة ولا امة إلا رميتهم بسهم الله علي بن أبي طالب ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملكا أمامه وسحابة تظله حتى يعطي الله حبيبي النصر والظفر، وروى الخطيب في الاربعين نحوا من ذلك عن مصعب بن عبد الرحمن انه قال النبي صلى الله عليه وآله لوفد ثقيف الخبر، وفي رواية انه قال مثل ذلك لبني


[ 68 ]

وليعة، ثم انه عليه السلام كان عيبة سره، روى الموفق المكي في كتابه في خبر طويل عن ام سلمة انه دخل رسول الله وهو مخلل اصابعه في اصابع علي فقال: يا ام سلمة اخرجي من البيت واخليه فخرجت واقبلا يتناجيان بكلام لا ادري ما هو فأقبلت ثلاث مرات فاستاذن ان الج والنبي يأبى وأذن في الرابعة وعلي واضع يديه على ركبتي رسول الله قد ادنى فاه من اذن النبي وفم النبي على اذن علي يتساران وعلي يقول أفأمضي وأفعل والنبي يقول نعم فقال النبي: يا أم سلمة لا تلوميني فان جبرئيل اتاني من الله يأمر أن اوصى به عليا من بعدي وكنت بين جبرئيل وعلي وجبرئيل عن يميني فأمرني جبرئيل ان آمر عليا بما هو كائن إلى يوم القيامة، الخبر، ومن ذلك ان النبي اعطاه درعه وجميع سلاحه وبغلته وسيفه وقضيبه وبرده وغير ذلك.


[ 69 ]

باب ذكره عند الخالق وعند المخلوقين فصل: في تحف الله عز وجل له احمد بن يحيى الازدي عن ابراهيم النخعي انه قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله هتف به هاتف في السماوات: يا محمد ان الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك اقرأ على علي بن ابي طالب مني السلام، قال ابن حماد: واهبط بالسلام اليك لطفا * إله الخلق جبريلا أمينا قنبر: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام على شاطئ الفرات فنزع قميصه ودخل الماء فجاءت موجة فأخذت القميص فخرج امير المؤمنين فلم يجد القميص فاغتم بذلك غما شديدا وإذا بهاتف يهتف يا ابا الحسن انظر عن يمينك وخذ ما ترى فإذا ميزر عن يمينه وفيه قميص مطوي فأخذه ولبسه فسقط عن جنبه رقعة فيها مكتوب هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن ابي طالب وهذا قميص هارون بن عمران وأورثناها قوما آخرين وفي حديث الحسن بن زكردان الفارسي ان عليا مشى مع النبي وهو راكب حتى وصل إلى غدير ماء فتوضيا وصليا قال علي فبينما انا ساجد وراكع إذ قال يا علي ارفع راسك انظر إلى هدية الله اليك فرفعت رأسي فإذا انا بنشز من الارض وإذا عليها فرس بسرجه ولجامه فقال هذا هدية الله اليك اركبه فركبته وسرت مع النبي. امالي ابي عبد الله النيسابوري انه دخل الكاظم على الصادق على الباقر والباقر على زين العابدين وزين العابدين على الشهيد وكلهم فرحون وقائلون انه ناول النبي عليا تفاحة فسقط من يديه وصارت بنصفين فخرج في وسطه مكتوب فيه من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب. كتاب الخطيب الخوارزمي عن ابن عباس انه هبط جبرئيل ومعه اترجة فقال: ان الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك هذه هدية علي بن أبي طالب فدعا النبي فدفعها فلما صارت في كفه انفلقت الاترجة فإذا فيها حريرة خضراء نضرة مكتوب فيها سطران هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب، ويقال كان ذلك لما قتل عمروا الاعمش عن ابي سفيان عن أبي ايوب الانصاري قال: نزل النبي داري فنزل


[ 70 ]

عليه جبرئيل من السماء بجام من فضة فيه سلسلة من ذهب فيه ماء من الرحيق المختوم فناول النبي فشرب ثم ناول عليا فشرب ثم ناول فاطمة فشربت ثم ناول الحسن فشرب ثم ناول الحسين فشرب ثم ناول الاول فانضم الكاس فأنزل الله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون وفي ذلك فليتنافس المتنافسون). ابن عباس قال: جاع النبي صلى الله عليه وآله جوعا شديدا فأخذ بأستارها وقال: يا رب محمد لا تجع محمدا اكثر مما اجعته، فهبط جبرئيل ومعه لوزة فقال: ان الله جل ذكره يأمرك ان نفك عنها، قال: فإذا في جوفها ورقة خضراء نضرة مكتوب عليها ” محمد رسول الله أيدته بعلي ارتضيت له عليا وارتضيته لعلي ما أنصف الله من نفسه من اتهمه في قضائه واستبطاه في رزقه “. ثابت عن أنس: لما خرج النبي إلى غزوة الطايف فبينما نحن بغمامة فادخل يده تحتها فأخرج رمانا فجعل يأكل ويطعم عليا ثم قال لقوم رمقوه بابصارهم: هكذا يفعل كل نبي بوصيه. وفي رواية الباقر عليه السلام: ان النبي صلى الله عليه وآله مصها ثم دفعها إلى على فمصها حتى لم يترك منها شيئا فقال النبي: انه لا بذوقها إلا نبي أو وصي نبي. محمد بن ابي عمير ومحمد بن مسلم وزرارة عن ابي جعفر ” عليها السلام قال: نزل جبرئيل على محمد برمانتين من الجنة فأعطاهما إياه فأكل واحدة وكسر الاخرى واعطى عليا نصفها فأكله ثم قال: الرمانة التي اكلتها فهي النبوة ليس لك فيها شئ واما الاخرى فهي العلم فأنت شريكي فيها. عيسى بن الصلت عن الصادق عليه السلام في خبر فأتوا جبل ذباب فجلسوا عليه فرفع رسول الله راسه فإذا رمانة مدلاة فتناولها رسول الله ففلقها فأكل واطعم عليا منها ثم قال: يا ابا بكر هذه رمانة من رمان الجنة لا يأكلها في الدنيا الا نبي أو وصي نبي. ابان بن تغلب عن ابي الحمراء انه قال صلى الله عليه وآله: يا فلان ما أنا منعتك من هذه الرمانة ولكن الله أتحفني بها ووصيي وحرمها على غير نبي أو وصي في دار الدنيا فسلم لامر ربك تطعم في الآخرة ان قبلت وصدقت وان كذبت وجحدت فويل يومئذ للمكذبين ان عليا وشيعته في ظلال وعيون إلى قوله ويل يومئذ للمكذبين بهذا، وقد روينا من حديث الرمان عند الخروج إلى العقيق، فان نزول المنديل من السماء فيه رمان معجز، ثم فقد الرمان من كمه عند مشاهدة الثاني معجز ثان ثم وجد انه بعد ذلك معجز ثالث


[ 71 ]

قال ابن حماد: من أكل الطير الذي لم يستطع * خلق له جحدا ولا كتمانا من أكل الفطف الجني على حرى * واليه أهدى ربه رمانا من ذا له يوم الغدير فضيلة * إذ لا نطيق لفضله جحدانا أم فروة: كانت ليلتي من أمير المؤمنين عليه السلام فرأيته يلقط من الحجرة حب طعام من طعام قد نثر ويقول: يا آل علي قد سبقتم. أبو محمد الفحام بالاسناد عن محمد بن جرير باسناد له عن انس، وابن خثبيش التميمي بالاسناد عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس واللفظ له: ان رسول الله ركب يوما إلى جبل كداء فقال: يا أنس خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى فاقرأه مني السلام واحمله على البغلة وائت به إلي، فقال: فلما ذهبت وجدت عليا كذلك فقلت ان رسول الله يدعوك فلما أتى رسول الله قال له: اجلس فان هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا ما جلس فيه من الانبياء أحد إلا وأنا خير منه وقد جلس مع كل نبي أخ له ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه قال: فرأيت غمامة بيضاء وقد اظلتهما فجعلا يأكلان منه عنقود عنب وقال: كل يا أخي فهذه هدية من الله إلي ثم اليك ثم شربا ثم ارتفعت الغمامة ثم قال: يا أنس والذي خلق ما يشاء لقد أكل من الغمامة ثلثمائة وثلاثة عشر نبيا وثلثمائة وثلاثة عشر وصيا ما فيهم نبي أكرم على الله مني ولا وصي أكرم على الله من علي، قال العبدي (وروي عن ابن حماد) حدثنا الشيخ الثقه محمد عن صدقه رواية مستقه عن أنس عن النبي رأيته على حرى مع النبي ذي النهى يقطف قطفا في الهوى شيئا كمثل العنب فأكلا منه معا حتى إذا ما شبعا رأيته مرتفعا فطال منه عجبي كان طعام الجنه أنزله ذو المنه هدية للصفوة من الهدايا النجب وقال الناشي: وأكله قطف العنب مع النبي المنتجب من السماء المقترب وهذه دلايل الرضا عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: ادخلت الجنة وناولني جبرئيل سفرجلة فانفلقت فخرجت منها جارية فقلت: من أنت ؟ فقال: أنا الراضية المرضية خلقني الله لاخيك ولابن عمك علي بن أبي طالب، قال الوراق: علي الذي أهدى السفرجل ربه * إليه فالفاه تحية منعم


[ 72 ]

علي لدى الاستار حياه ذوالعلى * بكاغذة في لاذة لم توسم وقد تقدم حديث اشتراء الحب من جبرئيل عليه السلام، قال الحميري: ابتاع من جبريل حبا قد زكى * في جنة لم تحرم الانهارا جبريل بايعه واحمد ضيفه * خير الانام مركبا ونجارا وله ايضا: فأبصر دينارا طريحا فلم يزل * مشيرا به كفا ينادى ويسمع فمال به والليل يغشى سواده * وقد هم أهل السوق أن يتصدعوا إلى بيع سمح اليدين مبارك * توسم فيه الخير والخير يتبع فقال له بعني طعاما فباعه * فقال لك الدينار والحب أجمع فلا ذلك الدينار احمي تبره * ولا الحب ما كان في الارض يزرع فبايعه جبريل والضيف احمد * فثم تناهى الخير والبر أجمع وله ايضا: وبايع جبريل ونعم البيع المشتر * بدينار من الحب فلم يندم ولم يخسر وقال الناشي: وبايع الحنطة جبريل الذي * من حنطة الفردوس بالحب هبط لم تلمس الدينار كف طابع * ولا اجتنى الحنطة دفاع النبط دينارك الله تولى نقشه * كذلك الحنطة من خير الحنط وقال ابن حماد: ولكم من تحفة أتحفه * ربه تعلو جميع التحف كم له في الطور والنجم وهل * اتى من وصف له والزخرف وقال السيد الحميري: كانت ملائكة الرحمن دائبة * يهبطن نحوك بالالطاف والتحف والقطف والحب والدينار اهبطه * لطف من الله ذي الاحسان واللطف ” المناقب ج 2، م 9 “


[ 73 ]

فصل: في محبة الملائكة اياه حديث علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة في تفسير قوله تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش) الآية، قال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قائما أمامي تحت العرش يسبح الله ويقدسه قلت يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب ؟ قال: لا لكني أخبرك اعلم يا محمد ان الله عز وجل يكثر من الثناء والصلاة على علي بن أبي طالب فوق عرشه فاشتاق العرش إلى علي بن أبي طالب فخلق الله تعالى هذا الملك على صورة علي بن أبي طالب تحت عرشه لينظر إليه العرش فيسكن شوقه وجعل تسبيح هذا الملك وتقديسه وتمجيده ثوابا لشيعة اهل بيتك يا محمد الخبر. طاووس عن ابن عباس قال قال رسول الله: لما اسري بي إلى السماء وصرت أنا وجبرئيل إلى السماء السابعة قال جبرئيل يا محمد هذا موضعي ثم زج بي في النور زجة فإذا أنا بملك من ملائكة الله تعالى في صورة علي عليه السلام اسمه علي ساجد تحت العرش يقول اللهم اغفر لعلي وذريته ومحبيه واشياعه واتباعه والعن مبغضيه واعاديه وحساده انك على كل شئ قدير. مجاهد عن ابن عباس والحديث مختصر لما عرج النبي إلى السماء راى ملكا على صورة علي حتى لا يفاوت منه شيئا فظنه عليا فقال: يا ابا الحسن سبقتني إلى هذا المكان ؟ فقال جبرئيل: ليس هذا علي بن ابي طالب هذا ملك على صورته وان الملائكة اشتاقوا إلى علي بن ابي طالب فسألوا ربهم ان يكون من علي صورته فيرونه. وفي حديث حذيفة انه رآه في السماء الرابعة، قال الوراق القمي: علي الذي لما تشوق في السما * إلى وجهه سكانها شوق محرم على خلقه ذو العرش صور ملكا * وقال لهم زوروا الولي المطهم وقال العبدي: يا من شكت شوقه الاملاك إذ شغفت * بحبه وهواه غاية الشغف فصاغ شبهك رب العالمين فما * ينفك من زائر منها ومعتكف وله أيضا: لقد اعطيت ما لم يعط خلقا * هنيئا يا أمير المؤمنينا


[ 74 ]

اليك اشتاقت الاملاك حتى * تحنت من تشوقها حنينا هناك برا لها الرحمن شخصا * كشبهك لا يغادره يقينا وله ايضا: صور الله لاملاك العلى * مثله اعظمه في الشرف وهي ما بين مطيف زائر * ومقيم حوله معتكف هكذا شاهده المبعوث في * ليلة المعراج فوق الرفرف وقال العوني: وفي خبر صحت روايته لهم * عن المصطفى لا شك فيه فيستبرا بأن قال لما أن عرجت الثى السماء * رأيت بها الاملاك ناظره شزرا إلى نحو شخص حين بيني وبينه * لعظم الذي عاينته منه لي خيرا فقلت حبيبي جبرئيل من الذي * تلاحظه الاملاك قال لك البشرى فقلت وما من ذاك قال علي الرضا * وما خصه الرحمن من نعم فخرا تشوقت الاملاك إذ ذاك شخصه * فصوره الهادي على صور اخرى فمال إلى نحو ابن عم ووارث * على جذل منه بتحقيقه خبرا الاعمش عن ابي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قال: كان جبرئيل جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله عن يمينه إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام فضحك جبرئيل فقال: يا محمد هذا علي بن أبي طالب قد أقبل، قال رسول الله: يا جبرئيل واهل السماوات يعرفونه، قال: يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا ان اهل السماوات لاشد معرفة له من أهل الارض ما كبر تكبيرة في غزوة إلا كبرنا معه ولا حمل حملة إلا حملنا معه ولا ضرب بسيف إلا ضربنا معه يا محمد ان اشتقت إلى وجه عيسى وعبادته وزهد يحيى وطاعته وميراث سليمان وسخاوته فانظر إلى وجه علي بن ابي طالب وأنزل الله تعالى: (ولما ضرب بن مريم مثلا) يعني شبها لعلي بن أبي طالب وعلي بن أبي طالب شبها لعيسى بن مريم) إذا قومك منه يصدون) يعني يضحكون ويعجبون. تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان عن سفيان الثوري عن الاعمش عن ابي صالح عن ابن عباس انه لما تمثل ابليس لكفار مكة يوم بدر على صورة سراقة بن مالك وكان سائق عسكرهم إلى قتال النبي فأمر الله تعالى جبرئيل فهبط إلى رسول الله ومعه


[ 75 ]

الف من الملائكة فقام جبرئيل عن يمين امير المؤمنين فكان إذا حمل علي حمل معه جبرئيل فبصر به ابليس فولى هاربا وقال: ابي ارى ما لا ترون. قال ابن مسعود: والله ما هرب ابليس إلا حين راى امير المؤمنين عليه السلام فخاف ان يأخذه ويستأسره ويعرفه الناس فهرب فكان اول منهزم وقال (إني أرى ما لا ترون اني اخاف الله في قتاله والله شديد العقاب) لمن حارب امير المؤمنين. السمعاني في فضايل الصحابة عن ابن المسيب عن ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وآله قال: يا أبا ذر علي اخي وصهري وعضدي ان الله لا يقبل فريضة إلا بحب علي بن ابي طالب يا أبا ذر لما اسرى بي إلى السماء مررت بملك جالس على سرير من نور على راسه تاج من نور احدى رجليه في المشرق والاخرى في المغرب وبين يديه لوح ينظر إليه والدنيا كلها بين عينيه والخلق بين ركبتيه ويده تبلغ المشق والمغرب فقلت: يا جبرئيل من هذا فما رأيت من ملائكة ربي جل جلاله أعظم خلقا منه ؟ قال: هذا عزرائيل ملك الموت ادن فسلم عليه فدنوت منه فقلت: سلام عليك حبيبي ملك الموت، فقال: وعليك السلام يا احمد ما فعل ابن عمك علي بن ابي طالب ؟ فقلت: وهل تعرف ابن عمي ؟ قال: وكيف لا اعرفه وان الله جل جلاله وكلني بقبض ارواح الخلايق ما خلا روحك وروح علي ابن ابي طالب فان الله يتوفاكما بمشيته. كتابي الخطيب الخوارزمي وابي عبد الله النطنزي قال أبو عبيد صاحب سليمان ابن عبد الملك: بلغ عمر بن عبد العزيز ان قوما تنقصوا لعلي بن أبي طالب فصعد المنبر وقال: حدثني غزال بن مالك الغفاري عن ام سلمة قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله عندي إذ اتاه جبرئيل فناداه فتبسم رسول الله ضاحكا فلما سرى عنه قلت: ما اضحكك ؟ قال: اخبرني جبرئيل انه مر بعلي وهو يرعى ذودا له وهو نائم قد ابدى بعض جسده قال فرددت عليه ثوبيه فوجدت برد ايمانه قد وصل إلى قلبي. امالي ابي جعفر القمي في خبر طويل ان النبي قال يوما: معاشر الناس أيكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا باللات والعزى ليقتلوني وقد كذبوا ورب الكعبة، فأحجم الناس فقال: ما أحسب علي بن ابي طالب فيكم، فاخبر امير المؤمنين بذلك فجاء فقال: أنا لهم سرية وحدي، فدرعه وعممه وقلده من نفسه فاركبه فرسه فخرج امير المؤمنين فمكث ثلاثة لا يصل خبر من السماء ولا من الارض فأقعدت فاطمة الحسن والحسين على وركيها وهي تقول: أوشك أن يؤتم هذين الغلامين، فأسبل النبي صلى الله عليه وآله


[ 76 ]

عينيه يبكى ثم قال: معاشر الناس من يأتيني بخبر علي فابشره بالجنة، فتفرقت الناس في طلبه واقبل عامر بن قتادة يبشر بعلي فأقبل امير المؤمنين عليه السلام ومعه اسيران ورأس وثلاثة ابعرة وثلاثة افراس وقال: لما سرت في الوادي رأيت هؤلاء ركبانا على الاباعر فنادوني من أنت فقلت علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله فشد علي هذا المقتول ودارت بيني وبينه ضربات وهبت ريح حمراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله وأنت تقول قطعت لك جيبا درعه فضربته فلم أجفه ثم هبت ريح صفراء فسمعت صوتك فيها يا رسول الله قلبت لك الدرع عن فخذه فضربته ووكزته فقال الرجلان صاحبنا هذا يعد بألف فارس فلا تعجل علينا وقد بلغنا ان محمدا رفيق شفيق رحيم فاحملنا إليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: اما الصوت الاول فصوت جبرئيل والآخر فصوت ميكائيل، فعرض النبي عليهما الاسلام فأبيا فأمر بقتلهما فهبط جبرئيل وقال: لا تقتله فانه حسن الخلق سخي في قومه، فقال النبي: يا علي امسك فان هذا رسول ربي يخبرني انه حسن الخلق سخي في قومه، فقال الرجل: والله ما ملكت درهما مع أخ لي قط ولا قطبت وجهي في الحرب وانا اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله. وفي رواية الاصبغ ان عليا مضى من المدينة وحده فأتى عليه سبعة ايام فرؤي النبي صلى الله عليه وآله يبكي ويقول: اللهم رد إلي عليا قرة عيني وقوة ركني وابن عمي ومفرج الكرب عن وجهي، ثم ضمن الجنة لمن اتى بخبر علي فركب الناس في كل طريق فوجده الفضل بن عباس فبشر النبي بقدومه فاستقبله فما زال يفتش عن يمين علي وعن يساره وعن بدنه وعن رأسه فقلت: تفتش عليا كأنه كان في الحرب ؟ فاخبرني عن جبرئيل ان اقواما من المشركين يقصدونك من الشام فاخرج إليهم عليا وحده فخرج معه جبرئيل في الف ملك وميكائيل في الف ملك ورأيت ملك الموت يقاتل دون على. اربعين الخطيب وشرح ابن الفياض واخبار ابي رافع في خبر طويل عن حذيفة ابن اليمان انه دخل امير المؤمنين عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مريض فإذا رأسه في حجر رجل احسن الخلق والنبي نائم فقال الرجل: ادن إلى ابن عمك فأنت أحق به مني، فوضع رأسه في حجره فلما استيقظ النبي سأله عن الرجل قال علي كان كذا وكذا فقال النبي: ذاك جبرئيل كان يحدثني حتى خف عني وجعي، وفي خبر ان النبي كان يملي عليه جبرئيل فنام وامر بكتابة الوحي، قال الناشئ: وحي من الله حبا الطهر به * اثبته حفظ على ما غلط


[ 77 ]

أناطه الطهر به مواخيا * في الفضل إذ قال له الله انط وقال الحميري: فبينا رسول الله يملي اصابه * نعاس فأغفى ساعة متجافيا فأملى عليه جبريل مكانه * من الوحي آيات بها كان آتيا فلما انجلى عنه النعاس كأنه * هلال سرت عنه الغيوم سواريا تلا بعض ما خطت من الخبر كفه * وكان لما أوعى من العلم تاليا فقال علي قال أنت محمد * بل الروح أملاه عليك مباديا أتاني به جبريل يمليه معربا * عليك فلم يغفل ولم يك ناسيا وقال ابن حماد: ثم لما هب نادى وقد اسود السجل * انني قلت وجبريل الذي كان يمل وله ايضا: ناجاك لندب علي رب العلى شفاها * في الارض من غير ترجمان المحبرة: أمن عليه الوحي املا واثقا * جبريل وهو إليه ذو اطمئنان إذا قال أحمد يا علي اكتب ولا * تلمح وذاك به الامين أتاني من ذي الجلال فاني عنكما * متبرز في هذه الغطيان وخلا خليل خليله بخليله * ويداه عنه الوحي تكتنفان ووعت مسامعه حلاوة لفظه * ورآه رؤية غير ما رؤيان التهذيب والكافي، قال أبو عبد الله عليه السلام لما هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله كان رأسه في حجر على عليه السلام فاذن جبرئيل وأقام فلما انتبه رسول الله صلى الله قال: يا علي سمعت ؟ قال نعم. قال حفظت ؟ قال نعم، قال ادع بلالا فعلمه، فدعى علي بلالا فعلمه. محمد بن عمرو باسناده عن جابر بن عبد الله انه قال: قال رسول الله: ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم الله. قيل: وما سهم الله يا رسول الله ؟ قال: علي ابن ابي طالب ما بعثته في سرية ولا ابرزته لمبارزة إلا رأيت جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر. أبو هريرة: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله المغنم في غزاة تبوك خلف عليا على اهله


[ 78 ]

دفع إليه سهمين فتكلموا في ذلك فقال: معاشر الناس ناشدتكم بالله ورسوله ألم تروا الفارس الذي حمل على المشركين من يمين العسكر فهزمهم ثم رجع إلي فقال لي يا محمد ان لي معك سهما وقد جعلته لعلي هو جبرئيل معاشر الناس ناشدتكم بالله ورسوله هل رأيتم الفارس الذي حمل على المشركين من يسار العسكر فهزمهم ثم رجع إلي فعلمني وقال لي يا محمد ان لي معك سهما وقد جعلته لعلي وهو ميكائيل فوالله ما دفعت إلى علي إلا سهم جبرئيل وميكائيل، فكبر وكبر الناس بأجمعهم قال الوراق القمي: علي حوى سهمين من غير ان غزا * غزاة تبوك حبذا سهم مسهم أركبه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر وعممه بيده والبسه ثيابه وأركبه بغلته ثم قال: امض يا علي وجبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك وعزرائيل أمامك واسرافيل ورائك ونصر الله فوقك ودعائي خلفك. وخبر النبي رميه باب خيبر اربعين ذراعا فقال صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لقد اعانه عليه اربعون ملكا. ويقول علي في كتابه: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدية ولا بحركة غدائية ولكني ايدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضية، قال الحميري ولله جل الله في فتح خيبر عليه ايادي نعمة بعد انعم مشى بين جبريل وميكال حوله * ملائكة مشي الهزبر المصمم فصمم آذان الذين تهودوا * وأذعن ممن يعبد الله مرحم وله ايضا: من كان جبريل يقوم يمينه * فيها وميكال يقوم يسارا من كان ينصره ملائكة السما * يأتونه مددا له انصارا وله ايضا: يا راية جبريل سار أمامها * قدما واتبعها النبي دعاء الله فضله بها ورسوله * والله ظاهر عنده الآلاء ابن فياض في شرح الاخبار روى محمد بن الجنيد باسناده عن سعيد بن المسيب قال: اصاب عليا يوم احد ستة عشر ضربة وهو بين يدي رسول الله يذب عنه في كل ضربة يسقط إلى الارض فإذا سقط رفعه جبرئيل. خصايص العلوية قيس بن سعد عن ابيه قال علي عليه السلام: اصابني يوم احد ست عشرة ضربة سقطت إلى الارض في اربع منهن فأتاني رجل حسن الوجه حسن اللمة


[ 79 ]

طيب الريح فأخذ بضبعي فأقامني ثم قال: اقبل عليهم فانك في طاعة الله وطاعة رسول الله وهما عنك راضيان، قال علي عليه السلام: فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته فقال: يا علي أقر الله عينك ذاك جبرئيل. العيون والمحاسن باسناده عن أبي عبد الله العنزي قال: إنا جلوس مع علي بن ابي طالب يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به يا أمير المؤمنين لقد نالنا النبل والنشاب فتنكر ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك وقالوا قد جرحنا فقال عليه السلام: من يعذرني من قوم يامرون بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة فقال: إنا لجلوس إذ هبت ريح طيبة من خلفنا والله لوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب فضرب امير المؤمنين درعه ثم قام إلى القوم فما رأيت فتحا كان اسرع منه. وروي عن عامر بن سعد انه لما جاء أبو اليسر الانصاري بالعباس فقال: والله ما اسرني إلا ابن اخي علي بن أبي طالب، فقال النبي: صدق عمي ذلك ملك كريم، فقال: قد عرفته بحجلته وحسن وجهه، فقال النبي: ان الملائكة الذين ايدني الله بهم على صورة على بن أبي طالب ليكون ذلك أهيب في صدور الاعداء. وقال أبو اليسر الانصاري: رأيت العباس أنفا وعقيلا معهما رجل على فرس ابلق عليه ثياب بيض يقود العباس وعقيلا فدفعهما إلى علي وقال يا علي هذان عمك واخوك فدونكهما فأنت اولى بهما فحكى ذلك لرسول الله فقال ذلك جبرئيل دفعهما اليك. فضايل العشرة ان جنيا كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل علي عليه السلام فغاب الجني فلما خرج على عاد الجني إلى مكانه فقال له النبي: لم غبت عند حضور علي ؟ فقال: ان الله خلق ملكا على صورة على يقاتل مع الانبياء. الفصول والعيون والمحاسن عن المفيد قال الصادق عليه السلام في حديث بدر: لقد كان يسئل الجريح من المشركين فيقال: من جرحك ؟ فيقول: علي بن أبي طالب فإذا قالها مات، قال الحميري: وقد رويتم له الاملاك ناصرة * تكر ان كر منها ما تخففه وكان ذا في امارات الامام وما * يزال يجمعها فيه مشرفه وقال العوني: من كان جبريل في الهيجاء يسعده * وكان يعضده ميكال إذ حملوا


[ 80 ]

وقال غيره: قاتل الروح مرارا تحت رايات علي فضايل الصحابة عن احمد، وخصايص العلوية عن النطنزي، قال الحارث: لما كانت ليلة بدر قال النبي صلى الله عليه وآله من يستقي لنا من الماء ؟ فأحجم الناس فقام علي فاحتضن فرسه ثم اتى بئرا بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل واسرافيل، تأهبوا لنصرة محمد وحزبه، فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من يسمعه فلما حاذوا البئر سلموا عليه من عند آخرهم اكراما وتبجيلا. محمد بن ثابت باسناده عن ابن مسعود والفلكي المفسر باسناده عن محمد بن الحنفية قال: بعث رسول الله عليا في غزوة بدر ان يأتيه بالماء حين سكت اصحابه عن ايراده فلما اتى القليب وملا القربة الماء فأخرجها جاءت ريح فهرقته ثم عاد إلى القليب وملا القربة فأخرجها فجاءت ريح فأهرقته وهكذا في الثالثة فلما كانت الرابعة ملاها فأتى بها النبي فأخبر بخبره فقال رسول الله: اما الريح الاولى فجبرئيل في الف من الملائكة سلموا عليك واما الثانية ميكائيل في الف من الملائكة سلموا عليك والريح الثالثة اسرافيل في الف من الملائكة سلموا عليك، وفي رواية ما اتوك إلا ليحفظوك، وقد رواه عبد الرحمن بن صالح باسناده عن الليث وكان يقول: كان لعلي في ليلة واحدة ثلاثة آلاف منقبة وثلاث مناقب ثم يروي هذا الخبر، قال الحميري: وسلم جبريل وميكال ليلة * عليه واسرافيل حياه معربا احاطوا به في ردءة جاء يستقي * وكان على الف بها قد تحزبا ثلاثة آلاف ملائك سلموا * عليه فأدناهم وحيا ورحبا وله أيضا: ذاك الذي سلم في ليلة * عليه ميكال وجبرئيل ميكال في الف وجبريل في * الف ويعلوهم سرافيل وقال العوني: بأبى من خفق المسح به * طائرا في الجو في الليل الدجى بأبى من هبط الجب ولم * يخش من اهواله مع من خشى فأتى جبريل مع ميكال مع * عزرائيل مع ما قد روى ” المناقب ج 2، م 10 “


[ 81 ]

بين املاك صفوف هبطوا * كيف يقضون حقوق المستقي وله ايضا: وعليه سلم جبرئيل وجنده * واخوه ميكائيل والجندان إذ اقبلت ريح فصدت وجهه * وهراق نطفه شنه ريحان وقال الجماني: ومن سلم جبريل * عليه ليلة الجد جابر: كنت اماشي امير المؤمنين عليه السلام على الفرات إذ خرجت موجة عظيمة حتى انستر عني ثم انحسرت عنه ولا رطوبة عليه فوجمت لذلك وتعجبت وسألته عن ذلك قال ورأيت ذلك ؟ قلت نعم، قال إنما هو الموكل بالماء فخرج فسلم علي واعتنقني قال الوراق: علي الذي أهدى إلى الماء صحبه * بحيث يلوح الدين للمتبسم عبد الله بن عباس وحميد الطويل عن انس قالا: صلى رسول الله فلما ركع أبطأ في ركوعه حتى ظننا انه نزل عليه وحي فلما سلم واستند إلى المحراب نادى أين علي بن ابي طالب وكان في آخر الصف يصلى فأتاه فقال: يا علي لحقت الجماعة، فقال يا نبي الله عجل بلال الاقامة فناديت الحسن بوضوء فلم ار احدا فإذا انا بهاتف يهتف يا ابا الحسن اقبل عن يمينك فالتفت فإذا انا بقدس من ذهب مغطى بمنديل اخضر معلقا فرأيت ماء أشد بياضا من الثلج واحلى من العسل والين من الزبد واطيب ريحا من المسك فتوضأت وشربت وقطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي ومسحت وجهي بالمنديل بعدما كان الماء يصب على يدي وما ارى شخصا ثم جئت يا نبي الله ولحقت الجماعة، فقال النبي صلى الله عليه وآله القدس من اقداس الجنة والماء من الكوثر والقطرة من تحت العرش والمنديل من الوسيلة والذي جاء به جبرئيل والذي ناولك المنديل ميكائيل وما زال جبرئيل واضعا يده على ركبتي يقول: يا محمد قف قليلا حتى يجئ علي فيدرك معك الجماعة، قال خطيب منبج: ومن وافاه جبريل بماء * من الفردوس فعل المكرمينا وصب عليه اسرافيل منه * وكان به من المتطهرينا وقال الناشي: والسطل والمنديل حين اتى به * جبريل حسبك خدمة الاملاك


[ 82 ]

وقال القمي: علي شكا فوت الصلاة فجاءه * وضوء بمنديل كما قيل معلم وقال ابن حماد: ايها الناصب جهلا * أنت عن رشدك غفل من إليه جاء جبر * يل بمنديل وسطل عميت عيناك قل لي * أعلى قلبك قفل وله ايضا: اعطيت في الفضل ما لم يعطه احد * كذا روى خلف منا عن السلف كالجام والسطل والمنديل يحمله * جبريل ما احد فيه بمختلف وقال غيره: إمامي الذي حمال ماء طهوره * هو الروح جبريل الامين إلى الرسل هو الآية الكبرى هو الحجة التي * بها احتج با ريها على الخلق بالظل وقال آخر: فكم له من آية معجزة * لا يستطيع مبطل ابطالها من قدس يهبط أو نجم هوى * أو دعوة قاربها أو نالها كالطاير المحنوذا ومن قدرة * قد قيض الله له اشكالها كالمسخ والثعبان أو كالنار في * الاحزاب يوما صالها وجالها وروى مشاهدته لجبرئيل على صورة دحية الكلبي حين سماه بتك الاسامي وحين وضع راس رسول الله صلى الله عليه وآله في حجره وقال انت احق به مني وحين كان يملى الوحي ونعس النبي وحين اشترى الناقة من الاعرابي بمائة درهم وباعها من آخر بمائة وستين وحين غسل النبي صلى الله عليه وآله وغير ذلك، وروى نحوا منه احمد في الفضايل، قال الحميري: ويسمع حس جبريل إذا ما * اتى بالوحي خير الواطنينا وقد خدمه جبريل في عدة مواضع، روى علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام) قال: لقد صام رسول الله سبع رمضانات وصام علي بن أبي طالب معه فكان كل ليلة القدر ينزل فيها جبريل على علي عليه السلام فيسلم عليه من ربه.


[ 83 ]

وروي عن الباقر عليه السلام في خبر يذكر فيه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم انه اتاهم آت لا يرونه ويسمعون كلامه فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الله عزاء من كل مصيبة ونجاة من كل هلكة، ودرك لما فات (كل نفس ذائفة الموت) الآية، ان الله عز وجل اصطفاكم وفضلكم وطهركم وجعلكم اهل بيت نبيه، واودعكم حكمه، واورثكم كتابه، وجعلكم تابوت علمه، وعصا عزه، وضرب لكم مثلا من دونه، وعصمكم من الذنوب، وآمنكم من الفتنة، فتعزوا بعزاء الله فان الله عز وجل لا ينزع عنكم نعمته، ولا يزيل عنكم بركته في كلام طويل فقيل للباقر: ممن كانت التعزية ؟ فقال: من الله تعالى على لسان جبرئيل. وقد روى نحوا من ذلك سفيان بن عيينة عن الصادق عليه السلام. وقد احتج امير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى فقال: هل فيكم من غسل رسول الله غيري وجبرئيل يناجي واجد حسن يده معي. حدث أبو عوانة عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن الصلت عن مندل بن علي عن اسماعيل بن زياد عن ابراهيم بن شمر عن ابي الضحاك الانصاري قال: كان على مقدمة النبي صلى الله عليه وآله يوم حنين علي عليه السلام فقال النبي: وددت ان عليا قال: من دخل الرجل فهو آمن، قال فقال علي عليه السلام: من دخل الرجل فهو آمن، قال: فضحك جبرئيل فقال النبي قال أبو عوانة وذكر حديثا لم احفظه ثم قال قال علي: وقد بلغ من امري ما يجيبني جبرئيل، فقال رسول الله: نعم وهو جبرئيل يجتبيك الله تبارك الله وتعالى خلقة الملائكة على صورته، ومجيئهم إلى زيارته، ونصرته، واذنهم في مكالمته، وكونهم في خدمته يدل على انه اكرم خليقته بعد النبي الملائكة جنوده والحاديان عبيده كفو الملك وكافى الخلق انسي ملك. فصل: في مقاماته مع الانبياء والاوصياء عباية بن ربعي الاسدي قال: دخلت على امير المؤمنين وعنده رجل رث الهيئة وامير المؤمنين يكلمه فلما قام الرجل قلت: يا امير المؤمنين من هذا الذي شغلك عنا ؟ قال: هذا وصي موسى عليه السلام. عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الصادق عليه السلام في خبر ان امير المؤمنين عليه السلام توضأ وأذن في صفين فانفلق الجبل عن هامة بيضاء بلحية بيضاء ووجه ابيض فقال:


[ 84 ]

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته مرحبا بوصي خاتم النبيين وقائد الغر المحجلين والاعز المأثور والفاضل الفايز بثواب الصديقين سيد الوصيين، فقال له: وعليك السلام يا اخي شمعون بن جمون وصي عيسى بن مريم روح القدس كيف حالك ؟ قال: بخير يرحمك الله انا منتظر روح الله ينزل ولا اعلم احدا اعظم في الله بلاء ولا احسن غدا ثوابا ولا ارفع مكانا منك اصبر يا أخي يا علي ما انت فيه حتى تلقى الحبيب غدا فقد رأيت اصحابك يعني الاوصياء بالامس لقوا ما لقوا من بني اسرائيل نشروهم بالمناشير وحملوهم على الخشب، إلى آخر كلامه. الاصبغ بن نباتة قال: كان امير المؤمنين يصلي إذ أقبل رجل عليه بردان اخضران وله عقيصتان سوداوان ابيض اللحية فلما سلم امير المؤمنين من صلاته أكب على رأسه فقبله ثم اخذ بيده فذهبا قال فخرجنا نحوهما مسرعين فسألنا عنه فقال: هذا اخي الخضر اكب علي وقال لي انك في مدرة يعني الكوفة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله واحذر الناس فخرجت معه لاشيعه لانه اراد الظهر. وروى خرور وسعد بن طريف عن الاصغ انه جاء ثانية فإذا ميثم يصلي إلى تلك الاسطوانة فقال: يا صاحب السارية اقرأ صاحب الدار السلام يعني عليا واعلمه اني بدأت به فوجدته نائما. جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن امير المؤمنين عليهم السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله جاء آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم اهل البيت ورحمة الله وبركاته في الله عزاء من كل مصيبة وخلف من كل هالك ودرك من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فان المحروم من حرم الثواب والسلام، فقال علي تدرون من هذا ؟ هذا الخضر. وروى محمد بن يحيى قال: بينا علي يطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بالاستار وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع يا من لا يغلطه السائلون يا من لا يتبرم بالحاح الملحين اذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك، فقال علي ” ع “: يا عبد الله دعاؤك هذا ؟ قال: وقد سمعته ؟ قال: نعم، قال: فادع به في دبر كل صلاة فوالذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء وقطرها وحصباء الارض وترابها لغفر لك اسرع من طرفة عين. عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده عن امير المؤمنين عليه السلام كان في


[ 85 ]

مسجد الكوفة يوما فلما جنه الليل اقبل رجل من باب الفيل عليه ثياب بيض فجاء الحرس وشرطة الخميس فقال لهم امير المؤمنين: ما تريدون ؟ فقالوا: رأينا هذا الرجل اقبل الينا فخشينا ان يغتالك، فقال: كلا انصرفوا رحمكم الله أتحفظوني من اهل الارض فمن يحفظني من اهل السماء ! ومكث الرجل عنده مليا يسأله فقال: يا امير المؤمنين لقد ألبست الخلافة بهاء وزينة وكمالا ولم تلبسك ولقد افتقرت اليك امة محمد وما افتقرت إليها ولقد تقدمك قوم وجلسوا مجلسك فعذابهم على الله وانك لزاهد في الدنيا وعظيم في السماوات والارض وان لك في الآخرة لمواقف كثيرة نقر بها عيون شيعتك وانك لسيد الاوصياء واخوك سيد الانبياء، ثم ذكر الائمة الاثنى عشر فانصرف واقبل امير المؤمنين على الحسن والحسين عليهم السلام فقال: تعرفانه ؟ قالا: ومن هو يا امير المؤمنين ؟ قال: هذا اخي الخضر، وفي الخبر ان خضرا وعليا عليهما السلام قد اجتمعا فقال له علي: قل كلمة حكمة، فقال: ما أحسن تواضع الاغنياء للفقراء قربة إلى الله، فقال امير المؤمنين: واحسن من ذلك تيه الفقراء على الاغنياء ثقة بالله، فقال الخضر: ليكتب هذا بالذهب. امالي المفيد النيسابوري وتاريخ بغداد قال الفتح بن شجزف رأى امير المؤمنين الخضر في المنام فسأله نصيحة قال: فأراني كفه فإذا فيها مكتوب بالخضرة: قد كنت ميتا فصرت حيا * وعن قليل تعود ميتا فابن لدار البقاء بيتا * ودع لدار الفناء بيتا عبد الله بن سليمان عن ابي عبد الله قال: لما اخرج علي عليه السلام ملببا وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا بن العم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، قال: فخرجت يد من قبر رسول الله يعرفون انها يده وصوت يعرفون انه صوته نحو الاول يقول يا هذا أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم سواك رجلا. عبد الله بن سليمان وزياد بن المنذر والعباس بن الحريش الراوي كلهم عن ابي جعفر عليه السلام، وابان بن تغلب ومعاوية بن عمار وابو سعيد المكاري كلهم عن أبي عبد الله عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام لقى الاول فاحتج عليه ثم قال: أترضى برسول الله بيني وبينك، فقال: وكيف لي بذلك ؟ فأخذ بيده فأتى به مسجد قبا فإذا رسول الله فيه فقضى له على الاول القصة. زيارة الانبياء والاوصياء بعد غيبتهم أو وفاتهم تدل على جلالة قدر المزور وانه لا نظير له في زمانه.


[ 86 ]

فصل: في احواله مع ابليس وجنوده علل الشرايع عن ابن بابويه، سلمان في خبر انه مر ابليس بنفر يسبون عليا عليه السلام فقال: تبا لكم عبدت الله في الجان اثنى عشر الف سنة فلما اهلك الجان شكوت إلى الله الوحدة فعرج بى إلى السماء الدنيا فعبدت الله فيها اثنى عشر الف سنة اخرى في جملة الملائكة فبينا نحن كذلك إذ مر بنا نور شعشعاني فخروا سجدا فإذا بالنداء من قبل الله تعالى ما هذا نور ملك مقرب ولا نبي مرسل هذا نور طينة علي بن أبي طالب. جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي ائت الوادي، فدخل الوادي ودار فيه فلم ير احدا حتى إذا صار على بابه لقيه شيخ فقال: ما تصنع هنا ؟ قال: أرسلني رسول الله، قال تعرفني ؟ قال: ينبغي ان يكون أنت الملعون، فقال ما ترى اصارعك، فصارعه فصرعه علي عليه السلام فقال: قم علي حتى ابشرك، فقام عنه فقال: بم تبشرني يا ملعون ؟ قال. إذا كان يوم القيامة صار الحسن عن يمين العرش والحسين عن يسار العرش يعطون شيعتهم الجواز من النار فقام إليه فقال: اصارعك مرة اخرى، قال نعم، فصرعه مرة اخرى امير المؤمنين فقال: قم عني حتى ابشرك، فقام عنه قال لما خلق الله تعالى آدم اخرج ذريته من ظهره مثل الذر فأخذ ميثاقهم (الست بربكم قالوا بلى فاشهدهم على انفسهم) فأخذ ميثاق محمد وميثاقك فعرف وجهك الوجوه وروحك الارواح فلا يقول لك احد احبك إلا عرفته ولا يقول لك ابغضك إلا عرفته، قال: قم صارعني ثالثة، قال نعم، فصارعه فاعتنقه ثم صارعه فصرعه امير المؤمنين قال: يا علي لا تنقضني قم عني حتى ابشرك، قال: بلى وأبرأ منك والعنك قال: والله يا بن ابي طالب ما احد يبغضك إلا شركت اباه في رحم امه وولده وماله أما قرأت كتاب الله (وشاركهم في الاموال والاولاد) الآية. تاريخ الخطيب وكتاب النطنزي باسنادهما عن ابن جريح عن مجاهد عن ابن عباس وباسناد الخطيب عن الاعمش عن ابي وايل عن ابي ابي عبد الله عن علي بن ابي طالب وفي ابانة الخركوشي باسناده عن الضحاك عن ابن عباس، وقد رواه القاضي أبو الحسن الاشناني عن اسحاق الاحمر، وروى من اصحابنا جماعة منهم أبو جعفر بن بابويه في الامتحان، ولفظ الحديث للخركوشي قال ابن عباس: كنت انا ورسول الله وعلي ابن ابي طالب بفناء الكعبة إذ أقبل شخص عظيم مما يلي الركن اليماني كفيل فتفل


[ 87 ]

رسول الله وقال لعنت، فقال علي: ما هذا يا رسول الله ؟ قال: أو ما تعرفه ؟ ذاك ابليس اللعين، فوثب على واخذ بناصيته وخرطومه وجذبه فأزاله عن موضعه وقال لاقتلنه يا رسول الله، فقال رسول الله: أما علمت يا علي انه قد اجل له إلى يوم الوقت المعلوم، فتركه فوقف ابليس وقال: يا علي دعني ابشرك فما لي عليك ولا على شيعتك سلطان والله ما يبغضك احد إلا شاركت اباه فيه كما هو في القرآن (وشاركهم في الاموال والاولاد)، فقال النبي دعه يا علي فتركه، قال الوراق القمي: علي اخو الكرات صارع فاعتلى * ابا مرة الغاوي بكف مصدم كتاب ابراهيم روى أبو سارة الشامي باسناده وكتاب ابن فياض روى اسماعيل ابن ابان باسناده كلاهما عن ام سلمة في حديث انه خرج علي ومعه بلال يقفوان اثر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهيا إلى الجبل فانقطع الاثر عنهما فبيناهما كذلك إذ وقع لهما رجل متكئ على عصا له كسا على عاتقه كأنه راع من هذه الرعاة فقال علي عليه السلام: يا بلال اجلس حتى آتيك بالخبر وتوجه قبل الرجل حتى إذا كان قريبا منه قال يا عبد الله رأيت رسول الله ؟ فقال الرجل: وهل لله من رسول ! فغضب علي وتناول حجرا ورماه فاصاب بين عينيه فصاح صيحة فإذا الارض كلها سواد بين خيل ورجل حتى اطافوا به ثم اقبل علي عليه السلام فبينما هو كذلك إذ اقبل طايران من قبل الجبل فأخذ احدهما يمنة والآخر ” يسرة فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ذهب ذلك السواد ورجع الطايران حتى اخذا في الجبل فقال لبلال: انطلق حتى نتبع هذين الطايرين، فصعد علي الجبل وبلال فإذا هما برسول الله صلى الله عليه وآله وقد اقبل من خلف الجبل فتبسم في وجه علي فقال: يا علي مالي اراك مذعورا ! فقص عليه الخبر فقال: أو تدري ما الطايران ؟ قال لا، قال: ذاك جبرئيل وميكائيل عليهما السلام كانا عندي يحدثاني فلما سمعا الصوت عرفا انه ابليس فأتياك يا علي ليعيناك قال الباخرزي: وكيف يرى ابليس معشار ما ارى * وقد فتحت عينان لي وهو أعور وفي حديث ابي بكر هبة الله العلافي باسناده إلى ابن عباس في خبر طويل: انه اجتمع النبي وعلي وجعفر عند فاطمة عليهم السلام وهي في صلاتها فلما سلمت ابصرت عن يمينها رطب على طبق وعلى يسارها سبعة ارغفة وسبعة طيور مشويات وجام من لبن وطاس من عسل وكاس من شراب الجنة وكوز من ماء معين فسجدت وحمدت وصلت على ابيها وقدمت الرطب فلما فرغوا عن اكله قدمت المائدة فإذا بسائل من


[ 88 ]

وراء الباب اهل بيت الكرم هل لكم في اطعام المسكين فمدت فاطمة يدها إلى رغيف ووضعت عليه طيرا وحملت بالجام وارادت ان تدفع إلى السائل فتبسم نبي الله في وجهها وقال: انها محرمة على هذا السائل ثم نبأها بأنه ابليس وانه لو واسيناه لصار من اهل الجنة فلما فرغوا من الطعام خرج علي من الدار وواجه ابليس وبكته ووبخه وقال له الحكم بيني وبينك السيف الا تعلم بفناء من نزلت يالعين شوشت ضيافة نور الله في ارضه في كلام له، فقال النبي صلى الله عليه وآله: كل امره إلى ديان يوم الدين، فقال ابليس: يا رسول الله اشتقت إلى رؤية علي فجئت آخذ منه الحظ الاوفر وأيم الله اني من أودائه واني لاواليه. أبو صالح المؤذن في الاربعين باسناده عن زينب بنت جحش في حديث دخول النبي على فاطمة وقوله لها: هاتي ذاك الطيران وكان من موائد الجنة فإذا بسائل قال السلام عليكم اهل البيت اطعمونا مما رزقكم الله فرد النبي: يطعمك الله يا عبد الله، فجاء مرة اخرى فرده، إلى آخر الخبر. كتاب ابي اسحاق العدل الطبري عن عمر بن علي عن ابيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وآله انا وفاطمة والحسن والحسين ثم نادى بالصحفة فيها طعام كهيئة السكنجبين وكهيئة الزبيب الطائفي الكبار فأكلنا منه فوقف سائل على الباب فقال له رسول الله: أخسأ، ثم قال: ارفع ما فضل، فرفعه فقالت فاطمة يا رسول الله لقد رأيتك اليوم صنعت ما كنت تفعله سأل سائل فقلت اخسأ ورفعت فضل الطعام ولم أرك رفعت طعاما قط، فقال صلى الله عليه وآله: ان الطعام كان من طعام الجنة وان السائل كان شيطانا. تهذيب الاحكام، انه لما هم علي بغسل النبي سمعنا صوتا في البيت: ان نبيكم طاهر مطهر فادفنوه ولا تغسلوه، فقال علي: اخسأ عدو الله فانه امرني بغسله وكفنه ودفنه وذلك سنة، ثم قال: نادى مناد آخر غير تلك النغمة: يا علي بن ابي طالب استر عورة نبيك ولا تنزع القميص. كافى الكليني، جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال: بينا امير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ اقبل ثعبان من ناحية باب من ابواب المسجد فهم الناس ان يقتلوه فارسل امير المؤمنين أن كفوا فكفوا واقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على امير المؤمنين ” المناقب ج 2، م 11 “


[ 89 ]

فاشار امير المؤمنين عليه السلام في خطبته ثم اقبل عليه فقال له: من انت ؟ فقال: انا عمير ابن عثمان ابن خليفتك على الجن وان ابي مات واوصاني ان آتيك واستطلع رأيك فقد اتيتك فما تأمرني به وما ترى، فقال له امير المؤمنين: اوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام ابيك فأنت خليفتي عليهم. وفي حديث طويل عن علي بن محمد الصوفي انه لقى ابليس فسأله فقال له من انت ؟ فقال: انا من ولد آدم، فقال. لا إله إلا الله انت من قوم يزعمون انهم يحبون الله ويعصونه ويبغضون ابليس ويطيعونه فقال: من انت ؟ فقال: انا صاحب الميسم والاسم الكبير والطبل العظيم وانا قاتل هابيل وانا الراكب مع نوح في الفلك انا عاقر ناقة صالح انا صاحب نار ابراهيم انا مدبر قتل يحيى انا ممكن قوم فرعون من النيل انا مخيل السحر وقايده إلى موسى انا صانع العجل لبني اسرائيل انا صاحب منشار زكريا انا الساير مع ابرهة إلى الكعبة بالفيل انا المجمع لقتال محمد يوم أحد وحنين انا ملقي الحسد يوم السقيفة في قلوب المنافقين انا صاحب الهودج يوم البصرة والبعير انا صاحب المواقف في عسكر صفين انا الشامت يوم كربلا بالمؤمنين انا إمام المنافقين انا مهلك الاولين انا مضل الآخرين انا شيخ الناكثين انا ركن القاسطين انا ظل المارقين انا أبو مرة مخلوق من نار لا من طين انا الذي غضب عليه رب العالمين، فقال الصوفي: بحق الله عليك إلا دللتني على عمل اتقرب به إلى الله واستعين به على نوائب دهري، فقال اقنع من دنياك بالعفاف والكفاف واستعن على الآخرة بحب علي بن أبي طالب وبغض اعدائه فاني عبدت الله في سبع سماواته وعصيته في سبع ارضيه فلا وجدت ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا إلا وهو يتقرب بحبه، قال: ثم غاب عن بصري فأتيت ابا جعفر عليه السلام فأخبرته بخبره فقال: آمن الملعون بلسانه وكفر بقلبه مناقب ابي اسحاق الطبري وابانة الفلكي قال أبو حمزة الثمالي: كان رجل من بني تميم يقال له خيثمة فلما حكموا الحكمين خرج هاربا نحو الجزيرة فمر بواد مخيف يقال له ميافارقين فهتف به من الوادي: يا ايها الساري باميافارق * مخالفا للحق دين الصادق تابعت دينا ليس دين الخالق * بل كل دين احمق منافق فقال خيثمة: لما رأيت القوم في الخصوم * فارقت دين احمق لئيم


[ 90 ]

حتى يعود الدين في الصميم فقال: اسمع لقولي ثم دعه ترشد * ان عليا كالحسام الاصيد منهاجه دين النبي المهتدى * فارجع إلى دين وصي احمد فخالف المراق فيه واشهد فرجع إلى علي عليه السلام ولم يزل معه حتى قتل. وفي بعض كتب الاخبار عن بعض صالحات الجن ممن كانت تدخل على اهل البيت عليهم السلام انها قالت: رأيت ابليس على صخرة جزيرة ماثلا وهو يقول: شفيعي إلى الله اهل العباء * وان لم يكونوا شفيعي فمن شفيعي النبي شفيعي الوصي * شفيعي الحسين شفيعي الحسن شفيعي التي احصنت فرجها * فصلى عليهم إله المنن وهذه من عجايبه عليه السلام لان الخلايق يخافون من ابليس وجنوده ويتعوذون منه وهم يخافون من علي بن ابي طالب ويحبونه ويتوسلون به لعلو شأنه وسمو مكانه. فصل: في أحواله مع ابليس وجنوده أبو القاسم الكوفي في الرد على اهل التبديل ان حساد علي عليه السلام شكوا في مقال النبي صلى الله عليه وآله في فضايل علي فنزل (فان كنت في شك مما انزلنا اليك) يعني في علي (فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) يعني اهل الكتاب عما في كتبهم من ذكر وصي محمد فانكم تجدون ذلك في كتبهم مذكورا، ثم قال (لقد جائك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكون من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين) يعني بالآيات ههنا الاوصياء المتقدمين والمتأخرين. الكافي محمد بن الفضل عن ابي الحسن عليه السلام قال: ولاية علي عليه السلام مكتوبة في صحف جميع الانبياء ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد ووصيه على. صاحب شرح الاخبار قال أبو جعفر عليه السلام في قوله تعالى (ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون) بولاية علي وفي بعض الاصول قال سلمان: والذي نفسي بيده لو اخبرتكم بفضل علي في


[ 91 ]

التوراة لقالت طائفة منكم انه لمجنون ولقالت طائفة اخرى اللهم اغفر لقاتل سلمان. روضة الواعظين عن النيسابوري ان فاطمة بنت اسد حضرت ولادة رسول الله فلما كانت وقت الصبح قالت لابي طالب رأيت الليلة عجبا يعني حضور الملائكة وغيرها فقال انتظري سبتا تأتين بمثله فولدت امير المؤمنين بعد ثلاثين سنة. كتاب مولد امير المؤمنين عليه السلام عن ابن بابويه انه رقد أبو طالب في الحجر فرأى في منامه كأن بابا انفتح عليه من السماء فنزل منه نور فشمله فانتبه لذلك فأتى راهب الجحفة فقص عليه فأنشا الراهب يقول: ابشر أبا طالب عن قليل * بالولد الحلاحل النبيل يال قريش فاسمعوا تأويلي * هذان نوران على سبيل كمثل موسى وأخيه السؤل فرجع أبو طالب إلى الكعبة وطاف حولها وانشد: أطوف للآل حول البيت * ادعوك بالرغبة محيي الميت بأن تريني السبط قبل الموت * أغر نورا يا عظيم الصوت منصلتا بقتل أهل الجبت * وكل من دان بيوم السبت ثم عاد إلى الحجر فرقد فيه فرأى في منامه كأنه البس اكليلا من ياقوت وسربالا من عبقر وكأن قائلا يقول: يا ابا طالب قرت عيناك وظفرت يداك وحسنت رؤياك فأتى لك بالولد ومالك البلد وعظيم التلد على رغم الحسد، فانتبه فرحا فطاف حول الكعبة قائلا: ادعوك رب البيت والطواف * والولد المحبو بالعفاف تعينني بالمنن اللطاف * دعاء عبد بالذنوب واف وسيد السادات والاشراف ثم عاد إلى الحجر فرقد فرأى في منامه عبد مناف يقول: ما يثنيك عن ابنة اسد، في كلام له فلما انتبه تزوج بها وطاف بالكعبة قائلا: قد صدقت رؤياك بالتعبير * ولست بالمرتاب في الامور ادعوك رب البيت والنذور * دعاء عبد مخلص فقير فأعطني يا خالقي سروري * بالولد الحلاحل المذكور يكون للمبعوث كالوزير * يا لهما يا لهما من نور


[ 92 ]

قد طلعا من هاشم البدور * في فلك عال على البحور فيطحن الارض على الكرور * طحن الرحى للحب بالتدوير ان قريشا بات بالتكبير * منهوكة بالغي والثبور وما لها من موئل مجير * من سيفه المنتقم المبير وصفوة الناموس في السفير * حسامه الخاطف للكفور ابراهيم النخعي عن علقمة ابن عباس في خبر انه أتى براهب قرقيسا إلى امير المؤمنين عليه السلام فلما رآه قال: مرحبا بحيراء الاصغر اين كتاب شمعون الصفا ؟ قال: وما يدرك يا امير المؤمنين ! قال: ان عندنا علم جميع الاشياء وعلم جميع تفسير المعاني، فأخرج الكتاب وامير المؤمنين واقف فقال عليه السلام: امسك الكتاب معك، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم قضى فيما قضى وسطر فيما كتب انه باعث في الاميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله لا فظ ولا غليظ، وذكر من صفاته واختلاف امته بعده إلى ان قال: ثم يظهر رجل من امته بشاطئ الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي بالحق، وذكر من سيرته ثم قال: ومن ادرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان نصرته عبادة والقتل معه شهادة، فقال امير المؤمنين الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا الحمد لله الذي ذكر عبده في كتب الابرار فقتل الرجل في صفين. امالي ابي الفضل الشيباني واعلام النبوة عن الماوردي والفتوح عن الاعثم في خبر طويل ان امير المؤمنين عليه السلام لما نزل ببللخ من جانب الفرات نزل إليه شمعون بن يوحنا وقرأ عليه كتابا من املاء المسيح عليه السلام وذكر بعثة النبي صلى الله عليه وآله وصفته ثم قال: فإذا توفاه الله اختلفت امته ثم اجتمعت لذلك ما شاء الله ثم اختلف على عهد ثالثهم فقتل قتلا ثم يصير امرهم إلى وصي نبيهم فيبغوا عليه وتسل السيوف من اغمادها وذكر من سيرته وزهده، ثم قال: فان طاعته لله طاعة، ثم قال: ولقد عرفتك ونزلت اليك، فسجد امير المؤمنين وسمع منه يقول: شكرا للمنعم شكرا عشرا، ثم قال: الحمد لله الذي لم يخملني ذكرى ولم يجعلني عنده منسيا، فاصيب الراهب ليلة الهرير. الكليني في الكافي عن الصادق عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه انه اتى إليه بجماعة افطروا في يوم من شهر رمضان فقال لهم عليه السلام: أيهود انتم ؟ قالوا لا. قال أفنصارى. قالوا: لا بل مسلمون، قال: فيكم علة ؟ قالوا لا، قال: تشهدون ان لا إله إلا الله وان


[ 93 ]

محمدا رسول الله ؟ قالوا نشهد ان لا إله إلا الله ولا نعرف محمدا، قال: ان اقررتم وإلا قتلتكم بالدخان، فلما أبوا قتلهم بالدخان، فحاجه في ذلك جماعة من اليهود وقالوا ما هذه البدعة التي احدثت في دين محمد، قال عليه السلام: انشدتك الله بالتسع آيات التي انزلت على موسى بطور سيناء وبحق الكنايس الخمس والقدس وبحق (المشهت) الديان هل تعلم ان يوشع بن نون اتى بقوم بعد وفاة موسى شهدوا ان لا إله إلا الله ولم يقروا بأن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة، قال اليهودي: نعم اشهد انك ناموس موسى ثم اخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى امير المؤمنين ففضه ونظر فيه وبكى فقال اليهودي ما يبكيك يا بن ابي طالب ؟ فقال عليه السلام: هذا اسمي مثبت، فقال له اليهودي: أرني اسمك في هذا الكتاب، قال: فأراه اسمه في الصحيفة وقال اسمي اليا، فأسلم اليهودي في قومه قال امير المؤمنين: الحمد لله الذي اثبتني عنده في صحيفة الابرار. والمبشرون به باب يطول في ذكره نحو سلمى، وقيس بن ساعدة، وتبع الملك و عبد المطلب، وابو طالب، وابو الحارث بن اسعد الحميري، وهو القائل قبل البعثة بسبعمائة سنة: شهدت على احمد انه * رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره * لكنت وزيرا له وابن عم وكنت عذابا على المشركين * اسقيهم كاس حتف وغم وله، وقيل لغيره: حاله حالة هارون * لموسى فافهماها ذكره في كتب الله * دراها من دراها امتا موسى وعيسى * قد تلتها وأسلاها وقال العبدي: اسماؤه في المثاني * كثيرة للذكور في صحف موسى وعيسى * مكنونة في الزبور ما زال في اللوح سطر * يلوح بين السطور تزور املاك ربي * منه بخير مزور هذا علي حبيبي * اخو البشير النذير


[ 94 ]

ذكر الخبر في الكتب السالفة لا يكون إلا للاولياء الاصفياء ولا يعني به الامور الدنياوية، فإذا قد صح لعلي الامور الدينية كلها وذلك لا تصح إلا لنبي أو إمام وإذا لم يكن نبيا لا بد ان يكون إماما. فصل: في مقاماته مع الانبياء والاوصياء زاذان عن سلمان الفارسي في خبر طويل ان جائليقا جاء في نفر من النصارى إلى ابي بكر وسأله مسائل عجز عنها أبو بكر فقال عمر: كف ايها النصراني عن هذا العنت وإلا أبحنا دمك، قال الجاثليق: أهذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا دلوني علي من أسأله عما احتاج إليه فجاء علي واستساله فقال النصراني أسالك عما سألت عنه هذا الشيخ خبرني أمؤمن انت عند الله ام عند نفسك، فقال عليه السلام: انا مؤمن عند الله كما انا مؤمن في عقيدتي، قال: خبرني عن منزلتك في الجنة ما هي ؟ قال منزلتي مع النبي الامي في الفردوس الاعلى لا ارتاب بذلك ولا اشك في الوعد به من ربي. قال: فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ؟ قال: بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل، قال فبما عرفت صدق نبيك ؟ قال: بالايات الباهرات والمعجزات البينات، قال: فخبرني عن الله تعالى اين هو ؟ قال: ان الله تعالى يجل عن الاين ويتعالى عن المكان كان فيما لم يزل ولا مكان وهو اليوم كذلك ولم يتغير من حال إلى حال، قال: فخبرني عنه تعالى أمدرك بالحواس فيسلك المسترشد في طلبه الحواس ام كيف طريق المعرفة به ان لم يكن الامر كذلك ؟ قال: تعالى الملك الجبار ان يوصف بمقدار أو تدركه أو يقاس بالناس والطريق إلى معرفته صنايعه الباهرة للمعقول الداله لذوي الاعتبار بما هو منها مشهود ومعقول، قال: فخبرني عما قال نبيكم في المسيح وانه مخلوق ؟ فقال: اثبت له الخلق بالتدبير الذي لزمه والتصوير والتغيير من حال إلى حال والزيادة التي لا ينفك منها والنقصان ولم أنف عنه النبوة ولا اخرجته من العصمة والكمال والتأييد، قال: فبما بنت ايها العالم عن الرعية الناقصة عنك ؟ قال: بما اخبرتك به عن علمي بما كان وما يكون، قال: فهلم شيئا من ذلك اتحقق به دعواك ؟ قال: خرجت ايها النصراني من مستقرك مستنكرا لمن قصدت بسؤالك له مضمرا خلاف ما اظهرت من الطلب والاسترشاد فاريت في منامك مقامي وحدثت فيه بكلامي وحذرت فيه من خلافي وامرت فيه باتباعي، قال صدقت والله وانا اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وانك وصي رسول الله


[ 95 ]

واحق الناس بمقامه، واسلم الذين كانوا معه فقال عمر: الحمد لله الذي هداك ايها الرجل غير انه يجب ان تعلم ان علم النبوة في اهل بيت صاحبها والامر من بعده لمن خاطبته اولا يرضي الامة، قال: قد عرفت ما قلت وانا على يقين من امري. وفي حديث ثابت بن الافلح قال: ضلت لي فرس نصف الليل فأتيت باب امير المؤمنين فلما وصلت الباب خرج إلي قنبر فقال لي: يا بن الافلح الحق فرسك فخذه من عوف بن طلحة السعدي. ابراهيم بن عمر رفعه إلى امير المؤمنين عليه السلام انه قال: لو وجدت رجلا ثقة لبعثت معه هذا المال إلى المداين إلى شيعته، فقال رجل في نفسه: انا اخذه، واخذ طريق الكرخة فجاء إليه فقال: يا امير المؤمنين انا اذهب بهذا المال إلى المداين، قال: فرفع رأسه فقال: إياك عني تأخذ طريق الكرخه. غريب الحديث والفايق ان عليا قال: اكثروا الطواف بهذا البيت فكأني برجل من الحبشة اصلع اصمع جالس عليه وهو يهدم. صاحب الحلية عن الحارث بن سويد قال: سمعت عليا يقول: حجوا قبل ان لا تحجوا فكاني انظر إلى حبشي اصمع اقرع بيده معول يهدمها حجرا حجرا. عبد الرزاق عن ابيه عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف قال سمع علي ضوضاء في عسكره فقال: ما هذا ؟ فقيل: قتل معاوية. فقال: كلا ورب الكعبة لا يقتل حتى تجتمع عليه الامة، قالوا له: يا امير المؤمنين فلم نقاتله ؟ قال: التمس العذر بيني وبين الله النضر بن شميل عن عوف عن مروان الاصفر قال: قدم راكب من الشام وعلي بالكوفة فنعى معاوية فأدخل على علي فقال له علي: انت شهدت موته ؟ قال نعم وحثوته عليه، قال: انه كاذب، قيل: وما يدريك يا امير المؤمنين انه كاذب ؟ قال انه لا يموت حتى يعمل كذا وكذا اعمالا عملها في سلطانه فقيل له: فلم تقاتله وانت تعلم هذا ؟ قال للحجة. المحاضرات عن الراغب انه قال عليه السلام: لا يموت ابن هند حتى يعلق الصليب في عنقه، وقد رواه الاحنف بن قيس وابن شهاب الزهري والاعثم الكوفي وابو حيان التوحيدي وابو الثلاج في جماعة فكان كما قال. عمار بن عباس انه لما صعد علي عليه السلام المنبر قال لنا: قوموا فتخللوا الصفوف ونادوا هل من كاره، فتصارخ الناس من كل جانب اللهم قد رضينا واسلمنا واطعنا


[ 96 ]

رسولك وابن عمه، فقال: يا عمار قم إلى بيت المال فاعط الناس ثلاثة دنانير لكل انسان وارفع لي ثلاثة دنانير فمضى عمار وابو الهيثم مع جماعة من المسلمين إلى بيت المال ومضى امير المؤمنين إلى المسجد قبا يصلي فيه فوجدوا فيه ثلثمائة الف دينار ووجدوا الناس مائة الف فقال عمار: جاء والله الحق من ربكم والله ما علم بالمال ولا بالناس وان هذه لآية وجبت عليكم بها طاعة هذا الرجل، فأبى طلحة والزبير وعقيل ان يقبلوها القصة. ونقلت المرجئة والناصبة عن ابي الجهم العدوي وكان معاديا لعلي عليه السلام: قال خرجت بكتاب عثمان والمصريون قد نزلوا بذي خشر إلى معاوية وقد طويته طيا لطيفا وجعلته في قراب سيفي وقد تنكبت عن الطريق وتوخيت سواد الليل حتى كنت بجانب الجرف إذا رجل على حمار مستقبلي ومعه رجلان يمشيان امامه فإذا هو علي بن ابي طالب قد اتى من ناحية البدو فاثبتني ولم اثبته حتى سمعت كلامه فقال: اين تريد يا صخر ؟ قلت: البدو فادع الصحابة، قال: فما هذا الذي في قراب سيفك قلت: لا تدع مزاحك ابدا، ثم جزته. الاصبغ بن نباتة قال: اتى رجل إلى امير المؤمنين وقال: اني احبك في السر كما احبك في العلانية، قال فنكت أمير المؤمنين بعود كان في يده في الارض ساعة ثم رفع رأسه فقال: كذبت والله، ثم اتاه رجل آخر فقال: اني احبك، فنكت بعود في الارض طويلا ثم رفع رأسه فقال: صدقت ان طينتنا طينة مرحومة اخذ الله ميثاقها يوم اخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة. وقال أبو جعفر عليه السلام: انا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق. علي بن النعمان ومحمد بن يسار عن ابي عبد الله عليه السلام في خبر طويل انه انفذت عايشة رجلا شديد العداوة لعلي بكتاب إليه فقال أبو عبد الله فمضى فاستقبله راكبا قال: فناوله الكتاب ففض خاتمه ثم قرأه قال تبلغ إلى منزلنا فتصيب من طعامنا وشرابنا ونكتب جواب كتابك قال هذا والله لا يكون فثنى رجله فنزل واحدق به اصحابه ثم قال له اسألك قال نعم قال وتجيبني قال نعم قال ناشدتك الله أقالت التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل فاتيت بك فقالت لك ما بلغت من عداوتك لهذا الرجل فقلت كثيرا ما أتمنى على ربي انه واصحابه في وسطي واني ضربته ضربة ” المناقب ج 2، م 12 “


[ 97 ]

بالسيف يشق السيف الدم فقال: اللهم نعم، قال: فانشدك الله أقالت فاذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا كان أو مقيما اما انك ان رأيته ظاعنا رأيته راكبا بغلة رسول الله منتكبا قوسا معلقا كنانته بقربوس سرجه اصحابه خلفه كأنهم طير صواف، قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك الله هل قالت لك ان عرض عليك طعامه وشرابه فلا تنالن منه شيئا فان فيه السحر، قال اللهم نعم، قال: فبلغ عنى، قال: اللهم نعم فاني قد اتيتك وما في الارض خلق ابغض إلي منك وانا الساعة ما في الارض خلق احب إلي منك فمرني بما شئت، فقال: ادفع كتابي هذا وقل لها ما اطعت الله ورسوله حيث امرك الله بلزوم بيتك الخبر، قال: فبلغ الرجل رسالته ثم رجع إلى امير المؤمنين. الاصبغ قال: صلينا مع امير المؤمنين عليه السلام الغداة فإذا رجل عليه ثياب السفر قد اقبل فقال: من اين ؟ قال: من الشام، قال: ما اقدمك ؟ قال: لي حاجة، قال: اخبرني وإلا اخبرتك بقضيتك، قال: اخبرني بها يا امير المؤمنين، قال: نادى معاوية يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا من يقتل عليا فله عشرة آلاف دينار فوثب فلان وقال انا قال انت فلما انصرف إلى منزله ندم وقال اسير إلى ابن عم رسول الله وابى ولديه فأقتله ثم نادى مناديه يوم الثاني من يقتل عليا فله عشرون الف دينار فوثب آخر فقال انا فقال انت ثم انه ندم واستقال معاوية ما قاله ثم نادى مناديه اليوم الثالث من يقتل عليا فله ثلاثون الف دينار فوثبت انت وانت رجل من حمير، قال صدقت، قال: فما رأيك تمضي إلى ما امرت به أو ماذا، قال: لا ولكن انصرف، قال: يا قنبر اصلح له راحلته وهيئ له زاده واعطه نفقته. اسحاق بن حسان باسناده عن الاصبغ قال: امرنا امير المؤمنين بالمسير من الكوفة إلى المداين فسرنا يوم الاحد وتخلف عنا عمرو بن حريث والاشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي مع خمسة نفر فخرجوا إلى مكان بالحيرة يقال له الخورنق والسدير وقالوا إذا كان يوم الجمعة لحقنا عليا قبل ان يجمع الناس فصلينا معه فبيناهم جلوس وهم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فاصطادوه فأخذه عمرو بن حريث فبسط كفه فقال بايعوا هذا امير المؤمنين فبايعه الثمانية ثم افلتوه وارتحلوا وقالوا ان علي بن ابي طالب يزعم انه يعلم الغيب فقد خلعناه وبايعنا مكانه ضبا، فقدموا المداين يوم الجمعة فدخلوا المسجد وامير المؤمنين يخطب على المنبر فقال عليه السلام: ان رسول الله اسر إلي حديثا كثيرا في كل حديث باب يفتح كل باب الف باب ان الله تعالى يقول في


[ 98 ]

كتابه العزيز (يوم ندعو كل اناس بامامهم) وانا اقسم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر من هذه الامة امامهم ضب ولو شئت ان اسميهم لفعلت، فتغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم وكان عمرو بن حريث ينتفض كما تنتفض السعفة جبنا وفرقا. عبد الله بن ابي رافع قال: حضرت امير المؤمنين عليه السلام وقد وجه ابا موسى الاشعري وقال له: احكم بكتاب الله ولا تجاوزه فلما ادبر قال: كأني به وقد خدع قلت: يا امير المؤمنين فلم توجهه وانت تعلم انه مخدوع ! فقال: يا بني لو عمل الله في خلقه بعلمه ما احتج عليهم بالرسل. مسند العشرة عن احمد بن حنبل انه قال أبو الوصي غياثا كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء شذ منا اناس كثير فذكرنا ذلك لامير المؤمنين فقال: لا يهولنكم امرهم فانهم سيرجعون، فكان كما قال. قال عليه السلام لطلحة والزبير وقد استأذناه في الخروج إلى العمرة والله ما تريدان العمرة وإنما تريدان البصرة. وفي رواية. إنما تريدان الفتنة. وقال عليه السلام: لقد دخلا بوجه فاجر وخرجا بوجه غادر ولا القاهما إلا في كتيبة واخلق بهما ان يقتلا. وفي رواية ابي الهيثم بن التيهان و عبد الله بن رافع: ولقد انبئت بأمركما واريت مصارعكما، فانطلقا وهو يقول وهما يسمعان، فمن نكث فانما ينكث على نفسه. وقالت صفية بنت الحرث الثقفية زوجة عبد الله بن خلف الخزاعي لعلي يوم الجمل بعد الوقعة: يا قاتل الاحبة يا مفرق الجماعة، فقال عليه السلام: اني لا ألومك ان تبغضيني يا صفية وقد قتلت جدك يوم بدر وعمك يوم احد وزوجك الآن ولو كنت قاتل الاحبة لقتلت من في هذه البيوت، ففتش فكان فيها مروان و عبد الله بن الزبير. الاعمش بروايته عن رجل من همدان قال: كنا مع علي بصفين فهزم اهل الشام ميمنة العراق فهتف بهم الاشتر ليتراجعوا فجعل امير المؤمنين يقول لاهل الشام: يا ابا مسلم خذهم، ثلاث مرات فقال الاشتر: أو ليس أبو مسلم معهم ! قال: لست اريد الخولاني وإنما اريد رجلا يخرج في آخر الزمان من المشرق يهلك الله به اهل الشام ويسلب عن بني امية ملكهم، قال الحميري: نادى علي فوافا فوق منبره * فأسمع الناس اني سيد الشببي


[ 99 ]

وان في وخير القول أصدقه * لسنة من نبي الله ايوب والله لي جامع شملي كما جمعت * كفاه بعد شتات شمل يعقوب والله لي واهب من فضل رحمته * ما ليس إلا لذي وحي بموهوب والله منبعث من عترتي رجلا * يفنى امية وعدا غير مكذوب هذا حديث عجيب عن ابي حسن * يروى وقد كان يأتي بالاعاجيب وروي عن الحسن بن علي عليه السلام في خبر ان الاشعث بن قيس الكندى بنى في داره مئذنة فكان يرقى إليها إذا سمع الاذان في اوقات الصلوات في مسجد جامع الكوفة فيصيح من على مئذنته: يا رجل انك لكاذب ساحر، وكان ابي يسميه عنق النار. وفي رواية عرف النار فيسأل عن ذلك فقال: ان الاشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه فلا يدفن إلا وهو فحمة سوداء فلما توفي نظر ساير من حضر إلى النار وقد دخلت عليه كالعنق الممدود حتى أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور. ابن بطة في الابانة وابو داود في السنن عن ابي مجالد في خبر انه قال عليه السلام في الخوارج مخاطبا لاصحابه والله لا يقتل منكم عشرة. وفي رواية ولا ينفلت منهم عشرة ولا يهلك منا عشرة فقتل من اصحابه تسعة وانفلت منهم تسعة اثنان إلى سجستان واثنان إلى عمان واثنان إلى بلاد الجزيرة واثنان إلى اليمن وواحد إلى موزن والخوارج من هذه المواضع منهم. وقال الاعثم: المقتولون من اصحاب امير المؤمنين رويبة بن وبر العجلي، وسعد بن خالد السبيعي، و عبد الله بن حماد الارحبي، والفياض بن خليل الازدي، وكيسوم بن سلمة الجهني، وعبيد بن عبيد الخولاني، وجميع بن جشم الكندي، وضب بن عاصم الاسدي. قال أبو الجوايز الكاتب: حدثنا علي بن عثمان قال: حدثنا المظفر بن الحسن الواسطي السلال قال: حدثنا الحسن بن ذكر دان وكان ابن ثلثمائة وخمس وعشرين سنة قال: رأيت عليا في النوم وانا في بلدي فخرجت إليه إلى المدينة فأسلمت على يده وسماني الحسن وسمعت منه احاديث كثيرة وشهدت معه مشاهده كلها فقلت له يوما من الايام: يا أمير المؤمنين ادع الله لي، فقال: يا فارسي انك ستعمر وتحمل إلى مدينة يبنيها رجل من بني عمي العباس تسمى في ذلك الزمان بغداد ولا تصل إليها تموت بموضع يقال له المداين. فكان كما قال عليه السلام ليلة دخل المداين مات.


[ 100 ]

مسعدة بن اليسع عن الصادق عليه السلام في خبر ان امير المؤمنين عليه السلام مر بأرض بغداد فقال: ما تدعى هذه الارض ؟ قالوا بغداد، قال: نعم يبني ههنا مدينة وذكر وصفها. ويقال: انه وقع من يده سوط فسأل عن ارضها فقالوا بغداد فأخبر انه يبنى مسجد ثم يقال له مسجد السوط. وفي تاريخ بغداد انه قال المفيد أبو بكر الجرجاني انه قال: ولد أبو الدنيا في ايام ابي بكر وانه قال: اني خرجت مع ابي للقاء امير المؤمنين فلما صرنا قريبا من الكوفة عطشنا عطشا شديدا فقلت لوالدي: اجلس حتى ادور لك الصحراء فلعلي اقدر على ماء، فقصدت إليه فإذا انا ببئر شبه الركية أو الوادي فاغتسلت منه وشربت منه حتى رويت ثم جئت إلى ابي فقلت: قم فقد فرج الله عنا وهذه عين ماء قريب منا، ومضينا فلم نر شيئا فلم يزل يضطرب حتى مات ودفنته وجئت إلى امير المؤمنين وهو خارج إلى صفين وقد اخرج له البغلة فجئت ومسكت له بالركاب والتفت إلي فانكببت اقبل الركاب فشجت في وجهي شجة قال أبو بكر المفيد: ورأيت الشجة في وجهه واضحة ثم سألني عن خبري فأخبرته بقضيتي فقال: عين لم يشرب منها احد إلا وعمر عمرا طويلا فابشر فانك ستعمر، وسماني بالمعمر، وهو الذي يدعى بالاشج. وذكر الخطيب انه قدم بغداد في سنة ثلاثمائة وكان معها شيوخ من بلده فسألوا عنه فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر وقد بلغني انه مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، ونحو ذلك ذكر شيخنا في الامالي وفاته. الحارث الاعور وعمرو بن الحريث وابو ايوب عن امير المؤمنين انه لما رجع من وقعة الخوارج نزل يمني السواد فقال له راهب لا ينزل ههنا إلا وصي نبي يقاتل في سبيل الله، فقال علي عليه السلام: فأنا سيد الاوصياء وصي سيد الانبياء، قال: فإذا انت اصلع قريش وصي محمد خذ علي الاسلام فاني وجدت في الانجيل نعتك وانت تنزل مسجد براثا بيت مريم وارض عيسى، قال امير المؤمنين: فاجلس يا حباب، قال: وهذه دلالة اخرى، ثم قال: فانزل يا حباب من هذه الصومعة وابن هذا الدير مسجدا، فبنى حباب الدير مسجدا ولحق امير المؤمنين إلى الكوفة فلم يزل بها مقيما حتى قتل امير المؤمنين فعاد حباب إلى مسجده ببراثا. وفي رواية ان الراهب قال: قرأت انه يصلي في هذا الموضع ايليا وصي البار قليطا محمد نبي الاميين الخاتم لمن سبقه من انبياء الله ورسله في كلام كثير فمن ادركه فليتبع النور الذي جاء به ألا وانه


[ 101 ]

تغرس في آخر الايام بهذه البقعة شجرة لا يفسد ثمرها. وفي رواية زاذان قال امير المؤمنين: ومن اين شربك ؟ قال: من دجلة، قال: ولم لم تحفر عينا تشرب منها ؟ قال: قد حفرتها وخرجت مالحة، قال: فاحتفر الآن بئرا اخرى، فاحتفر فخرج ماؤها عذبا فقال: يا حباب ليكن شريك من ههنا ولا يزال هذا المسجد معمورا فإذا خربوه وقطعوا نخله حلت بهم أو قال بالناس داهية. وفي رواية محمد بن القيس: فأتى امير المؤمنين موضعا من تلك الملبة فر كلها برجله فانبجست عين خرارة فقال: هذه عين مريم، ثم قال: فاحتفروا ههنا سبعة عشر ذراعا، فحتفروا فإذا صخرة بيضاء فقال: ههنا وضعت مريم عيسى من عانقها وصلت ههنا، فنصب امير المؤمنين عليه السلام الصخرة وصلى إليها واقام هناك اربعة ايام. وفي رواية الباقر عليه السلام قال هذه عين مريم التي انبعث لها واكشفوا ههنا سبعة ذراعا فكشف فإذا صخرة بيضاء الخبر. وفي رواية هذا الموضع المقدس صلى فيه الانبياء وقال أبو جعفر ولقد وجدنا انه صلى فيه قبل عيسى. ورواية اخرى صلى فيه الخليل. وروي ان امير المؤمنين صاح فقال: يا بئر بالعبراني اقرب إلي، فلما عبر إلى المسجد وكان فيه عوسج وشوك عظيم فانتضى سيفه وكسح ذلك كله وقال: ان ههنا قبر نبي من انبياء الله وامر الشمس ان ارجعي فرجعت وكان معه ثلاثة عشر رجلا من اصحابه فأقام القبلة بخط الاستواء وصلى إليها، وقال العوني: وقلت براثا كان بيتا لمريم * وذاك ضعيف في الاسانيد اعوج ولكنه بيت لعيسى بن مريم * وللانبياء الزهر مثوى ومدرج وللاوصياء الطاهرين مقامهم * على غابر الايام والحق أبلج بسبعين موصى بعد سبعين مرسل * جباههم فيها سجودا تشجج وآخرهم فيها صلاة إمامنا * على بذا جاء الحديث المنهج وفي رواية ان امير المؤمنين قال: يلوشا ادن مني قال فدنوت منه فقال: امض إلى محلتكم ستجد على باب المسجد رجلا وامرأة يتنازعان فانني بهما، قال: فمضيت فوجدتهما يختصمان فقلت: ان امير المؤمنين يدعوكما، فسرنا حتى دخلنا عليه فقال: يا فتى ما شأنك وهذه الامرأة ؟ قال يا امير المؤمنين اني تزوجتها وامهرت واملكت وزففت فلما قربت منها رأت الدم وقد حرت في امري: فقال عليه السلام: هي عليك حرام ولست لها بأهل، فماج الناس في ذلك فقال لها: هل تعرفيني ؟ فقالت: سماع اسمع


[ 102 ]

بذكرك ولم أرك، فقال: ما انت فلانة بنت فلان من آل فلان ؟ فقالت: بلى والله، فقال: ألم تتزوجين بفلان بن فلان متعة سرا من أهلك ألم تحملي منه حملا ثم وضعتيه غلاما ذكرا سويا ثم خشيت قومك واهلك فأخذتيه وخرجت ليلا حتى إذا صرت في موضع خال وضعتيه على الارض ثم وقفت مقابلته فحننت عليه فعدت اخذتيه ثم عدت طرحتيه حتى بكى خشيت الفضيحة فجاءت الكلاب فأنبحت عليك فخفت فهرولت فانفرد من الكلاب كلب فجاء إلى ولدك فشمه ثم نهشه لاجل رايحة الزهوكة فرميت الكلب اشفاقا فشججتيه فصاح فخشيت ان يدركك الصباح فيشعر بك فوليت منصرفة وفي قلبك من البلابل فرفعت يديك نحو السماء وقلت اللهم احفظه يا حافظ الودايع ؟ قالت: بلى والله كان هذا جميعه وقد تحيرت في مقالتك، فقال: هائم الرجل، فجاء فقال: اكشف عن جبينك، فكشف فقال للمرأة هاء الشجة في قرن ولدك وهذا الولد ولدك والله تعالى منعه من وطيك بما اراه منك من الآية التي صدته والله قد حفظ عليك كما سألتيه فاشكري لله على ما اولاك وحباك. الحارث الاعور وابو ايوب الانصاري وجابر بن يزيد ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام وعيسى بن سليمان عن ابي عبد الله عليه السلام ودخل بعض الخبر في بعض الخبر في بعض ان عليا كان يدور في اسواق الكوفة فلعنته امرأة ثلاث مرات فقال يا سلقلقية كم قتلت من اهلك ؟ قالت: سبعة عشر أو ثمانية عشر، فلما انصرفت قالت لامها ذلك فقالت: السلقلقية من ولدت بعد حيض ولا يكون لها نسل، فقالت: يا اماه انت هكذا ؟ قالت: بلى الخبر. وفي رواية عن الباقر عليه السلام انها قالت وقد حكم عليها: ما قضيت بالسوية ولا تعدل في الرعية ولافضينك عند الله بالمرضية، فنظر إليها ثم قال: يا خزية يا بذية يا سلفع أو يا سلسع، فولت تولول وهي تقول: واويلي لقد هتكت يا بن ابي طالب سترا كان مستورا. وفي خصايص النطنزى قال علي عليه السلام: الله اكبر قال رسول الله لا يبغضك من قريش إلا سفحي ولا من الانصار إلا يهودي ولا من العرب إلا دعي ولا من ساير الناس إلا شقي ولا من النساء إلا سلقلقية، فقالت المرأة: وما السلقلقية ؟ قال: التي تحيض من دبرها فقالت المرأة: صدق الله ورسوله اخبرتني بشئ هو في يا علي لا اعود إلى بغضك ابدا، فقال: اللهم ان كانت صادقة فحول طمثها حيث النساء طمثت،


[ 103 ]

فحول الله طمثها. وقال الحارث الاعور: فتبعها عمرو بن حريث وسالها عن مقاله فيها فصدقته فقال عمرو: اتراه ساحرا أو كاهنا أو مجذوما ؟ قالت: بئس ما قلت يا عبد الله لكنه من أهل بيت النبوة، فأقبل ابن حريث إلى امير المؤمنين فأخبره بمقالها فقال عليه السلام: لقد كانت المرأة احسن قولا منك، قال ابن حماد: ولقد قضى فيما رووه قضية * فيها عجايب مثلها لا يسمع جاءته امرأة تخاصم بعلها * فقضى عليها بالذي هو اورع قالت قضيت بغير حق قال لا * يا سلقع يا مهيع يا قردع فهناك ولت لا تلبث فانثنى * في اثرها رجس لئيم يتبع قال انظري اترين سحرا عنده * قالت له مهلا فخدك اضرع بل ذاك علم رسالة ونبوة * ومضت وعاد وقلبه متلذع قال الامام له أسأت واحسنت * فينا وكل حاصد ما يزرع وقال له عليه السلام حذيفة بن اليمان في زمن عثمان: اني والله ما فهمت قولك ولا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي اتذكر ما قلت لي بالحرة واني مقيل كيف انت يا حذيفة إذا ظلمت العيون العين والنبي صلى الله عليه وآله بين اظهرنا ولم اعرف تأويل كلامك إلا البارحة رأيت عتيقا ثم عمر تقدما عليك واول اسمهما عين، فقال: يا حذيفة نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان. وفي رواية وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الاكباد فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي. وروى زيد وصعصعة ابنا صوحان والبراء بن سبرة والاصبغ بن نباتة وجابر ابن شرحبيل ومحمود بن الكواء انه ذكر بدير الديلم من ارض فارس لاسقف وقد اتت عليه عشرون ومائة سنة ان رجلا قد فسر الناقوس يعنون عليا فقال: سيروا بي إليه فاني اجده انزع بطينا، فلما وافى امير المؤمنين قال: قد عرفت صفته في الانجيل وانا اشهد انه وصي ابن عمه، فقال له امير المؤمنين عليه السلام: جئت لتؤمن ازيدك رغبة في ايمانك ؟ قال: نعم، قال: انزع مدرعتك فأر اصحابك الشامة التي بين كتفيك فقال: اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله، وشهق شهقة فمات، فقال امير المؤمنين: عاش في الاسلام قليلا ونعم في جوار الله كثيرا.


[ 104 ]

ابن عباس انه قال عليه السلام يوم الجمل: لنظهرن على هذه الفرقة ولنقتلن هذين الرجلين. وفي رواية: لنفتحن البصرة وليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل وبضع وثلاثون رجلا، فكان كما قال. وفي رواية ستة آلاف وخمسة وستون ومن حديث ابن عباس في سبب مجئ اويس القرني في صفين. اصحاب التفسير عن جندب بن عبد الله الازدي: لما نزل امير المؤمنين عليه السلام النهروان فانتهينا إلى عسكر القوم فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن وفيهم اصحاب البرانس فلما ان رأيتهم دخلني من ذلك من ذلك فتنحيت وقمت اصلي وانا اقول: اللهم ان كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن فيه وان كان ذلك معصية فأرني ذلك فانا في ذلك إذ أقبل علي فلما حاذاني قال: نعوذ بالله يا جندب من الشك، ثم نزل يصلي إذ جاءه فارس فقال: يا امير المؤمنين قد عبر القوم وقطعوا النهر، فقال عليه السلام: كلا ما عبروا، فجاء آخر فقال: قد عبر القوم، فقال: كلا ما فعلوا، قال: والله ما جئت حتى رأيت الرايات في ذلك الجانب والاثقال، فقال عليه السلام: والله ما فعلوا وانه لمصرعهم ومهراق دمائهم. وفي رواية لا يبلغون إلى قصر بورى بنت كسرى، فدفعنا إلى صفوف فوجدنا الرايات والاثقال كما هي قال: فأخذ بقفاي ودفعني ثم قال: يا اخا الازد ما تبين لك الامر ؟ فقلت: اجل يا امير المؤمنين: سفيان بن عيينة عن طاووس اليماني انه قال عليه السلام لحجر البدري: يا حجر كيف بك إذا اوقفت على منبر صنعاء وامرت بسبي والبراءة مني ؟ قال فقلت: اعوذ بالله من ذلك. قال: والله انه كائن فإذا كان ذلك فسبني ولا تتبرأ مني فانه من تبرأ مني في الدنيا برأت منه في الآخرة، قال طاووس: فأخذه الحجاج على ان يسب عليا فصعد المنبر وقال ايها الناس ان اميركم هذا امرني ان ألعن عليا الا فالعنوه لعنه الله امثال ابي عبد الله عليه السلام انه اثنى عليه رجل متهم فقال: انا دون ما تقول وفوق ما نظن في نفسك، قال الناشي: له في كل وجه سمة * تنبئ عن العقد فتسقى الرجس بالغي * وتحظى البر بالرشد ” المناقب ج 2، م 13 “


[ 105 ]

فصل: في أخباره بالمنايا والبلايا والاعمار الاصبغ بن نباتة قال: كان امير المؤمنين عليه السلام إذا وقف الرجل بين يديه قال: يا فلان استعد واعد لنفسك ما تريد فانك تمرض في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا في ساعة كذا وكذا فيكون كما قال. وكان عليه السلام قد علم رشيد الهجري من ذلك فكانوا يلقبونه رشيد البلايا، واخبر عن عن قتل الحسين عليه السلام. فضل بن الزبير عن ابي الحكم عن مشيخته ان امير المؤمنين قال: سلوني قبل ان تفقدوني، قال رجل: اخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر ؟ قال عليه السلام: ان على كل طاقة في رأسك ملك يلعنك وعلى كل طاقة من لحيتك شيطان يستفزك وان في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول الله وآية ذلك مصداق ما اخبرتك به ولولا ان الذي سألت يعسر برهانه لاخ برتك به، وكان ابنه عمر يومئذ صبيا حابيا وكان قتل الحسين عليه السلام على يده. ومستفيض في اهل العلم عن الاعمش وابن محبوب عن الثمالي والسبيعي كلهم عن سويد بن غفلة، وقد ذكره أبو الفرج الاصفهاني في اخبار الحسن انه قيل لامير المؤمنين عن خالد بن عرفطة قد مات فقال عليه السلام: انه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن جماز، فقام رجل من تحت المنبر فقال يا امير المؤمنين والله اني لك شيعة واني لك لمحب وانا حبيب بن جماز، قال: إياك ان تحملها ولتحملنها فتدخل بها من هذا الباب واومى بيده إلى باب الفيل، فلما كان من امر الحسين ما كان وتوجه عمر بن سعد بن ابي وقاص إلى قتاله كان خالد بن عرفطة على مقدمته وحبيب ابن جماز صاحب رايته فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل. أبو حفص عمر بن محمد الزيات في خبر ان امير المؤمنين قال للمسيب بن نجية: يأتيكم راكب الدغيلة يشد حقوها بوضينها لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلوه، يريد الحسين عليه السلام. وقال عليه السلام يخاطب اهل الكوفة: كيف انتم إذا نزل بكم ذرية رسولكم فعمدتم إليه فقتلتموه، قالوا: معاذ الله لئن اتانا الله في ذلك لنبلون عذرا، فقال: هم اوردوه في الغرور وغرروا * ارادوا نجاة لا نجاة ولا عذر اسماعيل بن صبيح عن يحيى بن مساور العابد عن اسماعيل بن زياد قال: ان عليا


[ 106 ]

قال للبراء بن عازب يا براء يقتل ابني الحسين وانت حي لا تنصره، فلما قتل الحسين كان البراء يقول: صدق والله امير المؤمنين، وجعل يتلهف. مسند الموصلي روى عبد الله بن يحيى عن ابيه ان امير المؤمنين لما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين نادى اصبر ابا عبد الله بشط الفرات، فقلت: وماذا ؟ فذكر مصرع الحسين بالطف. جويرية بن مسهر العبدي: لما رحل علي إلى صفين وقف بطفوف كربلاء ونظر يمينا وشمالا واستعبر ثم قال: والله ينزلون ههنا، فلم يعرفوا تأويله إلا وقت قتل الحسين عليه السلام. الشافي في الانساب قال بعض اصحابه: فطلبت ما اعلم به الموضع فما وجدت غير عظم جمل قال: فرميته في الموضع فلما قتل الحسين عليه السلام وجدت العظم في مصارع اصحابه. واخبر عليه السلام بقتل نفسه، روى الشاذكوني عن حماد عن يحيى عن ابن عتيق عن ابن سيرين قال: ان كان احد يعرف اجله فعلي بن ابي طالب. الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام امر ان يكتب له من يدخل الكوفة فكتب له اناس ورفعت اسماؤهم في صحيفة فقرأها فلما مر على اسم ابن ملجم وضع اصبعه على اسمه ثم قال: قاتلك الله قاتلك الله، ولما قيل له: إذا علمت انه يقتلك فلم لا تقتله ؟ فيقول: ان الله تعالى لا يعذب العبد حتى تقع منه المعصية، وتارة يقول: فمن يقتلني ؟ الاصبغ بن نباتة: انه خطب عليه السلام في الشهر الذي قتل فيه فقال: اتاكم شهر رمضان وهو سيد الشهور واول السنة وفيه تدور رحى الشيطان الا وانكم حاجوا العام صفا واحدا وآية ذلك ان لست فيكم. الصفواني في الاحن والمحن قال الاصبغ: سمعت عليا قبل ان يقتل بجمعة يقول الا من كان ههنا من بني عبد المطلب فليدن مني لا تقتلوا غير قاتلي الا لا ألفينكم غدا تحيطون الناس بأسيافكم تقولون قتل امير المؤمنين. عثمان بن المغيرة: انه لما دخل شهر رمضان كان عليه السلام يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن عباس والا صح عند عبد الله بن جعفر وكان لا يزيد على ثلاث لقم، فقيل له في ذلك فقال: يأتيني امر ربي وانا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان، فاصيب في تلك الليلة. وكذلك اخبر عليه السلام بقتل جماعة منهم: حجر بن عدي، ورشيد الهجري،


[ 107 ]

وكميل بن زياد، وميثم التمار، ومحمد بن اكثم، وخالد بن مسعود، وحبيب بن المظاهر وجويرية، وعمرو بن الحمق، وقنبر، ومذرع، وغيرهم ووصف قاتليهم وكيفية قتلهم على ما يجئ بيانه انشاء الله. عبد العزيز وصهيب عن ابي العالية قال: حدثني مذرع بن عبد الله قال: سمعت امير المؤمنين عليه السلام يقول: أما والله ليقبلن جيش حتى إذا كان بالبيداء خسف بهم فقلت: هذا غيب، قال: والله ليكونن ما خبرني به امير المؤمنين وليؤخذن رجل فليقتلن وليصلبن بين شرفتين من شرف هذا المسجد، فقلت: هذا ثان، قال: حدثني الثقة المأمون علي بن أبي طالب قال أبو العالية: فما اتت علينا جمعة حتى اخذ مذرع وصلت بين الشرفتين. المعرفة والتاريخ عن النسوي قال رزين الغافقي: سمعت علي بن ابي طالب يقول: يا اهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل اصحاب الاخدود، فقتل حجر واصحابه. وذكر عليه السلام من بعده الفتن. خطب بالكوفة لما رأى عجزهم قال: مع اي إمام بعدي تقاتلون وأي دار بعد داركم تمنعون ؟ اما انكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا واثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة. وقال عليه السلام لاهل الكوفة: أما انه سيظهر عليكم رجل رحيب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد ويطلب مالا يجد فاقتلوه ولن تقتلوه الا وانه سيأمركم بسبي والبراءة مني فأما السب فسبوني واما البراءة عني فلا تتبرؤا مني فاني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الاسلام والهجرة، يعني معاوية. وقال لاهل البصرة: ان كنت قد أديت لكم الامانة ونصحت لكم بالغيب واهتموني فكذبتموني فلسلط الله عليكم فتى ثقيف قال: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها، يعني الحجاج. واخبر عليه السلام بخروج الترك والزنج، رواه الرضي في نهج البلاغة فقال عليه السلام في الترك كأني اراهم قوما كأن وجوههم المجان المطرقة يلبسون الاستبرق والديباج ويعتقبون الخيل العتاق ويكون هناك استجرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول ويكون المفلت اقل من المأسور. ثم قال في الزنج: يا احنف كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم ولا حمحمة خيل يثيرون الارض


[ 108 ]

بأقدامهم كأنها اقدام النعام. وذكر محمود في الفايق قوله عليه السلام: ان من ورائكم امورا متماحلة ردحا وبلاء مبلحا وذكر في خطبة اللؤلؤية: ألا واني ظاعن عن قريب ومنطلق للمغيب فارهبوا الفتن الاموية والمملكة الكسروية، ومنها: فكم من ملاحم وبلاء متراكم تفتل مملكة بني العباس بالروع والياس وتبنى لهم مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل، ثم وصفها ثم قال: فتوالت فيها ملوك شيصان اربعة وعشرون ملكا على عدد سني الكديد فأولهم السفاح، والمقلاص، والجموح، والمجروح وفي رواية المجذوع والمظفر والمؤنث، والنظار، والكبش، والمطهور، والمستظلم، والمستصعب وفي رواية المستضعف والعلام، والمختطف، والغلام، والمترف، والكديد، والاكدر وفي رواية والا كتب والاكلب، والمشرف، والوشم، والصلم، والعنون، والركاز، والعينوق. ثم الفتنه الحمراء والعلادة الغبراء في عقبها قائم الحق. وقوله عليه السلام في الخطبة الغراء: ويل لاهل الارض إذا دعي على منابرهم باسم الملتجي والمستكفي، ولم يعرف الملتجي في القابهم، ولكن لما بينا صفتهم وجدناه الملقب بالمتقي الذي التجأ إلى بني حمدان، ثم يذكر الرجل من ربيعة الذي قال في اول اسمه سين وميم ويعقب برجل في اسمه دال وقاف ثم يذكر صفته وصفة ملكه. وقوله: وان منهم الغلام الاصفر الساقين اسمه احمد، وقوله: وينادي منادي الجرحي على القتلى ودفن الرجال، وغلبة الهند على السند، وغلبة القفص على السعير، وغلبة القبط على اطراف مصر، وغلبة اندلس على اطراف افريقية، وغلبة الحبشة على اليمن وغلبة الترك على خراسان، وغلبة الروم على الشام، وغلبة اهل ارمينية، وصرخ الصارخ بالعراق: هتك الحجاب وافتضت العذراء وظهر علم اللعين الدجال، ثم ذكر خروج القائم. وذكر في خطبة الافاليم فوصف ما يجرى في كل اقليم ثم وصف ما يجري بعد كل عشر سنين من موت النبي صلى الله عليه وآله إلى تمام ثلاثمائة وعشر سنين من فتح قسطنطنية والصقالبة والاندلس والحبشة والنوبة والترك والكرك ومل وحيسل وتاويل وتاريس والصين واقاصي مدن الدنيا. وقوله عليه السلام في خطبة القصية من قوله: العجب كل العجب بين جمادى ورجب وقوله: واي عجب اعجب من اموات يضربون هامات الاحياء.


[ 109 ]

وقوله عليه السلام في خطبة الملاحم المعروفة بالزهراء: وان من السنين سنون جواذع تجذع فيها انف غطارفة وهراقلة يقتل فيها رجال وتسبى فيها نساء ويسلب فيها قوم اموالهم واديانهم وتخرب وتحرق دورهم وقصورهم وتملك عليهم عبيدهم واراذلهم وابناء إمائهم يذهب فيها ملك ملوك الظلمة والقضاة الخونة، ثم قال بعد كلام: تلك سنون عشر كوامل، ثم قوله عليه السلام: ان ملك ولد بني العباس من خراسان يقبل ومن خراسان يذهب. وقوله في المعتصم: يدعى له في المنابر بالميم والعين والصاد فذلك رجل صاحب فتوح ونصر وظفر وهو الذي تخفق راياته بأرض الروم وسيفتح الحصينة من مدنها ويعلوا العقاب الخشن من عقابها بعقب هارون وجعفر ويتخذ المؤتفكة بيتا ودارا يبطل العرب ويتخذ العجم عجم الترك اولياء وزراء، وقوله عليه السلام: ويبطل حدود ما انزل الله في كتابه على نبيه محمد صلى الله عليه وآله ويقال راى فلان وزعم فلان يعني ابا حنيفة والشافعي وغيرهما ويتخذ الآراء والقياس وينبذ الآثار والقرآن وراء الظهور فعند ذلك تشرب الخمور وتسمى بغير اسمها ويضرب عليها بالعرطبة والكوبة والقينات والمعازف وأخذ آنية الذهب والفضة، وقوله: يشيدون القصور والدور ويلبس الديباج والحرير ويشفر الغلمان فيشنفونهم ويقرطقونهم ويمنطقونهم، وقوله عليه السلام: فيأخذ الروم ما اخذ منها وتزداد يعني الساحل ونحوها وتأخذ الترك ما اخذ منها يعني كاشغر وما وراء النهر ويأخذ القفص ما اخذ منها يعني تفليس ونحوها ويأخذ القلقل ما اخذ منها، ثم يورد فيها من العجايب ويسمى مدينة ويلغز ببعض ويصرح ببعض حتى يقول: الويل لاهل البصرة إذا كان كذا وكذا الويل لاهل الجبال إذا كان كذا وكذا والويل لاهل الدينور والويل لاهل اصفهان من جالوت عبد الله الحجام والويل لاهل العراق والويل لاهل الشام والويل لاهل مصر الويل لاهل فلانة، ثم يقول من فراغته الجبال فلان فإذا الغز قال في اسمه حرف كذا حتى ذكر العساكر التي تقتل بين حلوان والدينور والعساكر التي تقتل بين ابهر وزنجان ويذكر الثاير من الديلم وطبرستان. وروى ابن الاحنف عن ملوك بني امية فسماهم خمسة عشر. ومن خطبة له: ويل هذه الامة من رجالهم الشجرة الملعونة التي ذكرها ربكم تعالى اولهم خضراء وآخرهم هزماء ثم يلى بعدهم امر امة محمد رجال اولهم ارأفهم


[ 110 ]

وثانيهم افتكهم وخامسهم كبشهم وسابعم اعلمهم وعاشرهم اكفرهم يقتله اخصهم به وخامس عشرهم كثير العناء قليل الغناء سادس عشرهم اقضاهم للذمم واوصلهم للرحم كأني ارى ثامن عشرهم تفحص رجلاه في دمه بعد ان يأخذ جنده بكظمه من ولده ثلاث رجال سيرتهم سيرة الضلال والثاني والعشرين منهم الشيخ الهرم تطول اعوامه وتوافق الرعية ايامه والسادس والعشرون منهم يشرد الملك منه شرود المنفتق ويعضده الهزرة المتفيهق لكأني اراه على جسر الزوراء قتيلا ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام للعبيد. ومنها: سيخرب العراق بين رجلين يكثر بينهما الجريح والقتيل يعني طرليك والديلم لكأني اشاهد به دماء ذوات الفروج بدماء اصحاب السروج ويل لاهل الزوراء من بني قنطورة. ومنها: لكأني ارى منية الشيخ على ظاهر اهل الحصة قد وقعت به وقعتان يخسر فيها الفريقان يعنى وقعة الموصل حتى سمى باب الاذان وويل للطين من ملابسة الاشراك وويل للعرب من مخالطة الاتراك ويل لامة محمد إذا لم تحمل اهلها البلدان وعبر بنو قنطورة نهر جيحان وشربوا ماء دجلة وهموا بقصد البصرة والابلة وأيم الله لتعرفن بلدتكم حتى كأني انظر إلى جامعها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة. واخبر عليه السلام عن خراب البلدان، روى قتادة عن سعيد بن المسيب انه سئل امير المؤمنين عن قوله تعالى: (وان من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها) فقال في خبر طويل انتخبنا منه: تخرب سمرقند وجاح وخوارزم واصفهان والكوفة من الترك وهمدان والري من الديلم والطبرية والمدينة وفارس بالقحط والجوع ومكة من الحبشة والبصرة وبلخ من الغرق والسند من الهند والهند من تبت وتبت من الصين وبذشجان وصاغان وكرمان وبعض الشام بسنابك الخيل والقتل واليمن من الجراد والسلطان وسجستان وبعض الشام بالزنج وشامان بالطاعون ومرو بالرمل وهراة بالحيات ونيسابور من قبل انقطاع النيل واذربيجان بسنابك الخيل والصواعق وبخارا بالغرق والجوع والخلم وبغداد يصير عاليها سافلها. قال الناشي: إمام يفضل العالم * بالعلم وبالزهد هو البحر الذي تيا * ره احلى من الشهد


[ 111 ]

وفيه المسك والعنبر والكافور والند الا يا آل يس * واهل الكهف والرعد أعرفتم بما يحدث * في الزنج وفي الهند وعلم الابحر السبعة * ذات الجزر والمد وجابر قا وجابر صا * وكم في الصين من يد وما يحدث بالاقطار * من فتح ومن سد ومن فتح ومن زحف * ومن رجف ومن هد ومن فتق ومن رتق * ومن دهش ومن بلد وما يفسد من دين * وما يسلم من عقد وقيل للباقر عليه السلام: قد رضى ابوك إمامتهما لما استحل من سبيهما، فأشار عليه السلام إلى جابر الانصاري فقال جابر: رأيت الحنفية عدلت إلى تربة رسول الله فرنت وزفرت فنادت: السلام عليك يا رسول الله وعلى اهل بيتك من بعدك هذه امتك سبتنا سبي الكفار وما كان لنا ذنب إلا الميل إلى اهل بيتك، ثم قالت: ايها الناس لم سبيتمونا وقد اقررنا الشهادتين ؟ فقال الزبير: لحق الله في ايديكم منعتموناه، قالت: هب الرجال منعوكم فما بال النسوان ! فطرح طلحة عليها ثوبا وخالد ثوبا فقالت: يا ايها الناس لست بعريانة فتكسوني ولا سائلة فتتصدقون علي، فقال الزبير: انهما يريد انك، فقالت: لا يكونان لي ببعل إلا من خبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن امي، فجاء امير المؤمنين وناداها: يا خولة اسمعي الكلام وعي الخطاب لما كانت امك حاملة بك وضربها الطلق واشتد بها الامر نادت اللهم سلمني من هذا المولود سالما فسبقت الدعوة لك بالنجاة فلما وضعتك ناديت من تحتها لا إله إلا الله محمد رسول الله يا اماه لم تدعين علي وعما قليل سيملكنى سيد يكون لي منه ولد فكتبت ذلك الكلام في لوح نحاس فدفنته في الموضع الذي سقطت فيه فلما كانت في الليلة التي تغيبت امك فيها اوصت اليك بذلك فلما كان وقت سبيك لم تكن لك همة إلا اخذ ذلك اللوح فأخذتيه وشددتيه على عضدك هاتي اللوح فأنا صاحب اللوح وانا امير المؤمنين وانا أبو ذلك الغلام الميمون واسمه محمد، فدفعت اللوح إلى امير المؤمنين فقرأه عثمان لابي بكر فوالله ما زاد على ما في اللوح حرفا واحدا ولا نقص فقالوا بأجمعهم: صدق الله ورسوله إذ قال انا مدينة العلم وعلي بابها، فقال أبو بكر: خذها يا ابا الحسن بارك الله لك فيها،


[ 112 ]

فأنفدها علي عليه السلام إلى اسماء بنت عميس فقال: خذي هذه المرأة فأكرمي مثواها واحفظيها، فلم تزل عندها إلى ان قدم اخوها فتزوجها منه وامهرها امير المؤمنين وتزوجها نكاحا. وهذه كلها اخبار بالغيب افضى إليه النبي صلى الله عليه وآله بالسر مما اطلعه الله عزوعلا عليه كما قال الله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا إلا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم ان قد ابلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم واحصى كل شئ عددا) ولم يشح النبي على وصيه بذلك كما قال تعالى (وما هو على الغيب بضنين) ولا ضن علي على الائمة من ولده عليهم السلام. وايضا لا يجوز ان يخبر بمثل هذا إلا من أقامه رسول الله مقامه من بعده. فصل: في اجابة دعواته عبد الله بن مسعود قال: لا تتعرضوا لدعوة علي فانها لا ترد. الاعثم في الفتوح ان عليا عليه السلام رفع يده إلى السماء وهو يقول: اللهم ان طلحة ابن عبد الله اعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله ولا تمهله اللهم وان الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي وهو يعلم انه ظالم لي فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت. تاريخ الطبري قال امير المؤمنين: ومن العجب انقيادهما لابي بكر وعمر وخلافهما علي والله انهما يعلمان اني لست بدون رجل ممن قد مضى اللهم فاحلل ما عقدا ولا تبرم ما احكما في انفسهما وارهما المساءة فيما قد عملا. فضايل العشرة واربعين الخطيب روي زاذان انه كذبه رجل في حديثه فقال عليه السلام ادعو عليك ان كنت كذبتني ان يعمى الله بصرك ؟ قال نعم، فدعا عليه فلم ينصرف حتى ذهب بصره. جميع بن عمير قال اتهم علي رجلا يقال له العيزار برفع اخباره إلى معاوية فأنكر ذلك وجحد فقال عليه السلام: اتحلف بالله يا هذا انك ما فعلت، قال نعم وبدر فحلف فقال له امير المؤمنين: ان كنت كاذبا فأعمى الله بصرك، فما دارت الجمعة حتى اخرج أعمى يقاد. ” المناقب ج 2، م 14


[ 113 ]

تاريخ البلاذري وحلية الاولياء وكتب اصحابنا عن جابر الانصاري انه استشهد امير المؤمنين عليه السلام انس بن مالك والبراء بن عازب والاشعث وخالد بن يزيد قول النبي من كنت مولاه فعلي مولاه فكتموا فقال لانس: لا اماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة، وقال للاشعث لا امانك الله حتى يذهب بكريمتيك، وقال لخالد: لا اماتك الله إلا ميتة جاهلية وقال للبراء: لا اماتك الله إلا حيث هاجرت. قال جابر: والله لقد رأيت أنسا وقد ابتلى ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره، ورأيت الاشعث وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء امير المؤمنين عليه السلام علي بالعماء في الدنيا ولم يدع علي في الآخرة فاعذب، واما خالد فانه لما مات دفنوه في منزله فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل والابل فعقرتها على باب منزله فمات ميتة جاهلية، واما البراء فانه ولي من جهة معاوية باليمن فمات بها. ومنها كان هاجر، وهي السراة. الوليد بن الحارث وغيره انه قال: ان عليا لما بلغه قتل بشر بن ارطاة من شيعته باليمن حين ولي عليهم من جهة معاوية قال: اللهم ان بشرا باع دينه بالدنيا فا ؟ عقله فاختلط بشر فكان يدعو بالسيف فاتخذ له سيفا من خشب فكان يضرب به حتى يغشى عليه فإذا افاق يقول السيف فلم يزل ذلك دأبه حتى مات. ودعا عليه السلام على رجل في غزاة بني زبيد وكان في وجهه خال فتفشى في وجهه حتى اسود بها وجهه كله. وقوله لرجل: ان كنت كاذبا فسلط الله عليك غلام ثقيف، قالوا: وما غلام ثقيف ؟ قال: غلام لا يدع لله حرمة إلا انتهكها وادرك الرجل الحجاج فقتله. وحكم عليه السلام بحكم فقال المحكوم عليه: ظلمت والله يا علي، فقال: ان كنت كذابا فغير الله صورتك، فصار رأسه رأس خنزير. وذكر الصاحب في رسالته الغراء عن ابي العيناء انه لقى جد ابي العيناء الاكبر امير المؤمنين فأساء مخاطبته فدعا عليه وعلى اولاده بالعمى فكل من عمى من اولاده فهو صحيح النسب، ويقال انه دعا على وابصة بن معبد الجهيني وكان من اهل الصفة بالرقة لما قال له: فتنت اهل العراق وجئت تفتن اهل الشام بالعما والخرس والصمم وداء السوء، فأصابه في الحال والناس إلى اليوم يرجمون المنارة التي كان يؤذن عليها. أبو هاشم عبد الله بن محمد الحنفية: ان عليا عليه السلام دعا على ولد العباس بالشتات


[ 114 ]

فلم يروا بني ام ابعد قبورا منهم فعبد الله بالمشرق ومعبد بالمغرب وقثم بمنفعة الرواح وثمامة بالارجوان ومتمم بالخارز، وفي ذلك يقول كثير: دعا دعوة ربه مخلصا * فيالك من قسم ما ابرا دعا بالنوى فساءت بهم * معارفة الدار برا وبحرا فمن مشرق ظل ثاويه * ومن مغرب منهم ما اضرا فضايل العشرة وخصايص العلوية قال ابن مسكين: مررت انا وخالي أبو امية على دار في دور حي من مراد فقال: أترى هذه الدار ؟ قلت نعم، قال: فان عليا مر بها وهم يبنونها فسقطت عليه قطعة فشجته فدعا ان لا يتم بناؤها فما وضعت عليها لبنة، قال فكنت تمر عليها لا تشبه الدور. وفي حديث الطرماح بن عدي وصعصعة بن صوحان ان امير المؤمنين اختصم إليه خصمان فحكم لاحدهما على الآخر فقال المحكوم عليه: ما حكمت بالسوية ولا عدلت في الرعية ولا قضيتك عند الله بالمرضية، فقال امير المؤمنين عليه السلام: اخسء يا كلب، وكان في الحال يعوي، وقال ابن حماد: وصاح في المرتاب في حكمه * إذ قال ذا حكم امرء جاير اخسا فالقاه على اربع * كلبا فيا للهالك الدامر ولما قال: ألا واني اخو رسول الله وابن عمه ووارث علمه ومعدن سره وعيبة ذخره ما يفوتنى ما عمله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا ما طلب ولا يغرب على ما دب ودرج وما هبط وما عرج وما غسق وانفرج كل ذلك مشروح لمن سال مكشوف لمن وعى، قال هلال بن نوفل الكندي في ذلك وتعمق إلى ان قال: فكن يا بن ابي طالب بحيث الحقايق واحذر حلول البوايق، فقال امير المؤمنين عليه السلام: هب إلى سفر، فوالله ما تم كلامه حتى صار في صورة الغراب الا بقع يعني الابرص. واصاب دعاه جماعة منهم زيد بن ارقم فانه قد عمى، وبلعاء بن قيس فانه برص عبد الله بن ابي رافع سمعته يقول: اللهم ارحني منهم، فرق الله بيني وبينكم، ابدلني الله بهم خيرا منهم وابدلهم شرا مني. فما كان إلا يومه حتى قتل، وفي رواية اللهم اني قد كرهتهم وكرهوني ومللتهم وملوني فارحني وارحهم، فمات تلك الليله. وروى حديث الطير جماعة منهم الترمذي في جامعه وابو نعيم في حلية الاولياء والبلاذري في تاريخه والخر كوشي في شرف المصطفى والسمعاني في فضايل الصحابة


[ 115 ]

والطبري في الولاية وابن البيع في الصحيح وابو يعلى في المسند واحمد في الفضايل والنطنزي في الاختصاص، وقد رواه محمد بن اسحاق ومحمد بن يحيى الازدي وسعيد والمازني وابن شاهين والسدي وابو بكر البيهقي ومالك واسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة وعبد الملك بن عمير ومسعر بن كدام وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وابو حاتم الرازي بأسانيدهم عن انس وابن عباس وام ايمن ورواه ابن بطة في الابانة من طريقين والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق، وقد صنف احمد بن محمد ابن سعيد كتاب الطير، وقال القاضي احمد: قد صح عندي حديث الطير وما لي لفظه: وقال أبو عبد الله البصري ان طريقة ابي عبد الله الجبائي في تصحيح الاخبار يقتضي القول بصحة هذا الخبر لا يراده عليه السلام يوم الشورى فلم ينكر. قال الشيخ: قد استدل به امير المؤمنين على فضله في قصة الشورى بمحضر من اهلها فما كان فيهم إلا من عرفه وأقر به والعلم بذكل كالعلم بالشورى نفسها فصار متواترا وليس في الامة على اختلافها من دفع هذا الخبر. وحدثني أبو العزيز كادش العكبرى عن ابي طالب الحربي العشارى عن ابن شاهين الواعظ في كتابه ما قرب سنده قال: حدثنا نضر بن ابي القاسم الفرايضي قال: قال محمد بن عيسى الجوهري قال: قال نعيم بن سالم بن قنبر قال: قال انس بن مالك الخبر، وقد اخرجه علي بن ابراهيم في كتاب قرب الاسناد، وقد رواه خمسة وثلاثون رجلا من الصحابة عن انس وعشرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد صح ان الله تعالى والنبي يحبانه وما صح ذلك لغيره فيجب الاقتداء به، ومن عزا خبر الطاير إليه قصر الامامة عليه. ومجمع الحديث ان أنسا تعصب بعصابة فسئل عنها فقال: هذه دعوة علي، قيل: وكيف ذلك ؟ قال: اهدي إلى رسول الله طاير مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فقلت له: رسول الله عنك مشغول، واحببت ان يكون رجلا من قومي فدعا رسول الله ثانيا فجاء علي فقلت: رسول الله عنك مشغول، فدعا رسول الله ثالثا فجاء علي فقلت: رسول الله عنك مشغول، فرفع علي صوته وقال: وما يشغل عني رسول الله، وسمعه رسول الله فقال: يا انس من هذا ؟ قلت: علي بن أبي طالب، قال: ائذن له، فلما دخل له قال له: يا علي اني قد دعوت الله ثلاث مرات ان يأتيني بأحب خلقه إليه وإلي ان يأكل معي هذا الطير


[ 116 ]

ولو لم تجئنى في الثالثة لدعوت الله باسمك ان يأتيني بك، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني قد جئت ثلاث مرات كل ذلك يردني أنس ويقول: رسول الله عنك مشغول، فقال لي رسول الله: ما حملك على هذا ! قلت: احببت ان يكون رجلا من قومي، فرفع علي يده إلى السماء فقال: اللهم ارم أنسا بوضح لا يستره من الناس، وفي رواية: لا تواريه العمامة، ثم كشف العمامة عن رأسه فقال: هذه دعوة علي، قال الحميري: اما اتى في خبر الانبل * في طاير اهدي إلى المرسل سفينة مكن في رشده * وأنس خان ولم يحصل في رده سيد كل الورى * مولاهم في المحكم المنزل فصده ذو العرش عن رشده * ثم غري بالبرص الانكل وله أيضا: نبئت ان ابانا كان عن انس * يروي حديثا عجيبا معجبا عجبا في طائر جاء مشويا به بشر * يوما وكان رسول الله محتجبا ادناه منه فلما ان رآه دعا * ربا قريبا لاهل الخير منتجبا ادخل إلي أحب الخلق كلهم * طرا اليك فأعطاه الذي طلبا فاغتر بالباب مغترا فقال لهم * من ذا وكان وراء الباب مرتقبا من ذا فقال علي قال ان له * شأنا له اهتم منه اليوم فاحتجبا فقال لا تحجبن مني ابا حسن * يوما وابصر في اسراره الغضبا من رده المرة الاولى وقال له * لج واحمد الله واقبل كل ما وهبا اهلا وسهلا بخلصائي وذي ثقتي * ومن له الحب من رب السما وجبا وقال ثم رسول الله يا أنس * ماذا اصار بك التخليط مكتسبا ماذا دعاك إلى ان صار خالصتي * وخبر قومي لديك اليوم محتجبا فقال يا خير خلق الله كلهم * اردت حين دعوت الله مطلبا بأن يكون من الانصار ذاك لكي * يكون ذاك لنا في قومنا حسبا فقد دعا ربه المحجوب في أنس * بأن يحل به سقم حوى كربا فناله السوء حتى كان يرفعه * في وجهه الدهر حتى مات منتقبا وله ايضا: وفي طائر جاءت به ام أيمن * بيانا لمن بالحق يرضى ويقنع


[ 117 ]

فقال إلهي آت عبدك بالذي * تحب وحب الله أعلى وارفع ليأكل من هذا معي ويناله * فجاء على من يصد ويمنع فقال له ان النبي ورده * على حاجة فارجع وكل ليرجع فعاد ثلاثا كل ذلك يرده * فأهوى بتأييد إلى الباب يقرع فاسمعه القرع الوصي لبابه * فقال له ادخل بعد ما كاد يرجع وقال له يشكو لقد جئت مرة * واخرى واخرى كل ذلك ادفع فسر رسول الله أكله وصيه * وأنف الذي لا يشتهي ذاك يجدع وقال له ما ان يحبك صادق * من الناس إلا مؤمن متورع ويقلاك إلا كافر ومنافق * يفارق في الحق الانام ويخلع وله أيضا: في قصة الطائر المشوي حين دعا * محمد ربه دعوات مبتهل ادخل إلي أحب الخلق كلهم * طرا اليك فمنه واجعلنه ولي فجاء من بعده خير الورى رجل * عليه يقرع باب البيت في مهل فقال مختبرا من ذا له أنس * فقال جاء علي جد بفتحك لي فقال ترجع ولا تصغر أبا حسن * فان عنك رسول الله في شغل فانحاز غير بعيد ثم أعطفه * دعا النبي فدق الباب في رسل فقال أحمد من هذا تحاوره * بالباب ادخله لا بوركت من رجل فقال مبتدرا للباب يفتحه * وحيدر قائم بالباب لم يزل حتى إذا ما رأته عين أحمده * حيى وقربه تقريب محتفل فقال ما بك قل لي يا ابا حسن * اجلس فداك ابي يا مونسي فكل وله أيضا: ادخل إلي أحب الخلق كلهم * حبا اليك وكان ذاك عليا لما بدت لاخيه سحنة وجهه * ودنا فسلم راضيا مرضيا حيى ورحب مرحبا بأحبهم * حبا إلى ملك العلى واليا وقال الصاحب: علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به اعداؤه وهي تشهد


[ 118 ]

وقال الاصفهاني: أمن له في الطير قال نبيه * قولا ينير بشرحه الافقان يا رب جئ بأحب خلقك كلهم * شخصا اليك وخير من يغشاني كيما يواكلني ويونس وحشتي * والشاهدان بقوله عدلان فبدا علي كالهزير ووجهه * كالبدر يلمع أيما لمعان فتواكلا واستانسا وتحدثا * بأبي وامي ذلك الحدثان وقال ابن حماد: وفي قصة الطير لما دعا * النبي الاله وابدى الضرع أيا رب ابعث إلي أحب * خلقك يا من إليه الفزع فلم يستتم النبي الدعاء * إذا بامام الهدى قد رجع ثلاث مرار فلما انتهى * إلى الباب دافعه واقترع فقال النبي له ادخل فقد * اطلت احتباسك يا ذا الصلع فخبره انه جاءه * ثلاثا ودافعه من دفع فقطب في وجه من رده * وانكر ما بأخيه صنع فأورثه برصا فاحشا * فظل وفي الوجه منه بقع وقال المفجع: كان النبي لما تمنى * حين اتوه طايرا مشويا إذ دعا الله ان يسوق احب * الخلق طرا إليه سوقا وحيا وقال الصوري: وأيكم صار في فرشه * إذ القوم مهجته طالبونا ومن شارك الطهر في طاير * وانتم بذاك له شاهدونا وقال الجبري: والطاير المشوي نص ظاهر * فتيقظي يا ويك عن عمياك وقال ابن زريك: وفي الطاير المشوى أو في دلالة * لو استيقظوا من غفلة وسبات وقال ابن العطار الواسطي الهاشمي: ولقد أرانا الله افضل خلقه * في الطاير المشوي لما ان دعا


[ 119 ]

وممن دعا له عليه السلام ام عبد الله بن جعفر قالت: مررت بعلي وانا حبلى فدعاني فمسح على بطني وقال: اللهم اجعله ذكرا ميمونا مباركا، فولدت غلاما. انتباه الخركوشي ان امير المؤمنين عليه السلام سمع في ليلة الاحرام مناديا باكيا فأمر الحسين عليه السلام يطلبه فلما اتاه وجد شابا يبس نصف بدنه فأحضره فسأله علي عن حاله فقال: كنت رجلا ذا بطر وكان ابي ينصحني فكان يوما في نصحه إذ ضربته فدعا علي بهذا الموضع وأنشأ شعرا فلما ثم كلامه يبس نصفي فندمت وتبت وطيبت قلبه فركب على بعير ليأتي بي إلى ههنا ويدعو لي فلما انتصف البادية نفر البعير من طيران طاير ومات والدي، فصلى علي عليه السلام اربعا ثم قال: قم سليما، فقام صحيحا فقال: صدقت لو لم يرض عنك لما سمعت. وسمع ضرير دعاء امير المؤمنين عليه السلام: اللهم اني أسألك يا رب الارواح الفانية ورب الاجساد البالية اسألك بطاعة الارواح الراجعة إلى اجسادها وبطاعة الاجساد الملتئمة إلى اعضائها وبانشقاق القبور عن اهلها وبدعوتك الصادقة فيهم واخذك بالحق بينهم إذا برز الخلايق ينتظرون قضائك ويرون سلطانك ويخافون بطشك ويرجون رحمتك يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله انه هو البر الرحيم اسالك يا رحمن ان تجعل النور في بصري واليقين في قلبي وذكرك بالليل والنهار على لساني ابدا ما ابقيتني انك على كل شئ قدير، قال: فسمعها الاعمى وحفظها ورجع إلى بيته الذي يأويه فتطهر للصلاة وصلى ثم دعا بها فلما بلغ إلى قوله: ان تجعل النور في بصري، ارتد الاعمى بصيرا باذن الله. عقد المغربي، ان عمر اراد قتل الهرمزان فاستسقى فأتى بقدح فجعل ترعد يده فقال له في ذلك فقال: اني خائف ان تقتلني قبل ان اشربه، فقال: اشرب ولا بأس عليك، فرمى القدح من يده فكسره فقال: ما كنت لاشربه ابدا وقد آمنتني، فقال قاتلك الله لقد أخذت امانا ولم اشعر به. وفي رواياتنا انه شكا ذلك إلى امير المؤمنين عليه السلام فدعا الله تعالى فصار القدح صحيحا مملوا من الماء فلما راى الهرمزان المعجز أسلم. واستجابة الدعوات المتواترات من الآيات الباهرات في خلق الله المستمر العادات التي لا يغيرها الا لخطب عظيم وإقامة حق يقين وذلك خصوصية للانبياء والائمة عليهم السلام.


[ 120 ]

فصل: في نواقضى العادات منه واما نقض العادة فعلى سبعة انواع، منها ما كان من قوته وشوكته. شعبة عن قتادة عن أنس عن العباس بن عبد المطلب والحسن بن محبوب عن عبد الله بن غالب عن الصادق عليه السلام في خبر قالت فاطمة بنت اسد: فشددته وقمطته بقماط فنتر القماط ثم جعلته قماطين فترهما ثم جعلته ثلاثة واربعة وخمسة وستة منها اديم وحرير فجعل ينترها ثم قال: يا اماه لا تشدي يدي فاني احتاج ان ابصبص لربي باصبعي. أنس عن عمر بن الخطاب ان عليا رأى حية تقصده وهو في المهد وشدت يداه في حال صغره فحول نفسه فأخرج يده وأخذ بيمينه عنقها وغمزها غمزة حتى ادخل اصابعه فيها وامسكها حتى ماتت فلما رأت ذلك امه نادت واستغاثت فاجتمع الحشم ثم قالت كأنك حيدرة. (حيدرة): اللبوة إذا غضبت من قبل اذى اولادها. قال الحميري: ويا من اسمه في الكت‍ * ب معروف به حيدر وسمته به ام * له صادقة المخبر وقال دعبل: أبو تراب حيدرة * ذاك الامام القسورة مبيد كل الكفرة * ليس له مناضل مبارز ما يهب * وضيغم ما يغلب وصادق لا يكذب * وفارس محاول سيف النبي الصادق * مبيد كل فاسق بمرهف ذي بارق * اخلصه الصياقل جابر الجعفي قال: كان ظئرة علي عليه السلام التي ارضعته امرأة من بني هلال خلفته في خبائها مع أخ له من الرضاعة وكان اكبر منه سنا بسنة وكان عند الخباء قليب فمر الصبي نحو القليب ونكس رأسه فيه فمعلق بفرد قدميه وفرد يديه اما اليد ففي فمه واما الرجل ففي يديه فجاءت امه فأدركته فنادت في الحي: يا للحي من غلام ميمون امسك علي ولدي فمسكوا الطفل من رأس القليب وهم يعجبون من قوته وفطنته فسمته امه مباركا. ” المناقب ج 2، م 15 “


[ 121 ]

وكان الغلام في بني هلال يعرف بمعلق الميمون وولده إلى اليوم، قال العوني: واسم اخيه في بني هلال * فاسال به إن كنت ذا سؤال معلق الميمون ذا المعالي * بذكره القوم على الليالي موهبة خص بها صبيا وكان أبو طالب يجمع ولده وولد اخوته ثم يأمرهم بالصراع وذلك خلق في العرب فكان عليه السلام يحسر عن ذراعيه وهو طفل ويصارع كبار اخوته وصغارهم وكبار بني عمه وصغارهم فيصرعهم فيقول ابوه: ظهر علي، فسماه ظهيرا، قال العوني: هذا وقد لقبه ظهيرا * ابوه إذ عاينه صغيرا يصرع من اخوته الكبير ا * مشمرا عن ساعد تشميرا تراه عبلا فتلا قويا فلما ترعرع عليه السلام كان يصارع الرجل الشديد فيصرعه ويعلق بالجبار بيده ويجذبه فيقتله، وربما قبض على مراق بطنه ورفعه إلى الهواء، وربما يلحق للحصان الجاري فيصدمه فيرده على عقبيه. وكان عليه السلام يأخذ من رأس الجبل حجرا ويحمله بفرد يديه ثم يضعه بين يدي الناس فلا يقدر الرجل والرجلان والثلاثة على تحريكه حتى قال أبو جهل فيه: يا أهل مكة ان الذبح عندكم * هذا علي الذي قد جل في النظر ما ان له مشبه في الناس قاطبة * كأنه النار ترمي الخلق بالشرر كونوا على حذر منه فان له * يوما سيظهره في البدو والحضر وانه عليه السلام لم يمسك بذراع رجل قط إلا مسك بنفسه فلم يستطع يتنفس، ومنه ما ظهر بعد النبي صلى الله عليه وآله قطع الاميال وحملها إلى الطريق سبعة عشر ميلا تحتاج إلى اقوياء حتى تحرك ميلا منها قطعها وحده ونقلها ونصبها وكتب عليها هذا ميل علي، ويقال انه كان يتأبط باثنين ويدير واحدا برجله، وكان منه في ضرب يده في الاسطوانة حتى دخل ابهامه في الحجر وهو باق في الكوفة، وكذلك مشهد الكف في تكريت والموصل وقطيعة الدقيق وغير ذلك، ومنه اثر سيفه في صخرة جبل ثور عند غار النبي، وأثر رمحه في جبل من جبال البادية، وفي صخرة عند قلعة خيبر، ومنه ختم الحصا، قال ابن عباس: صاحب الحصاة ثلاثة أم سليم وارثة الكتب طبع في حصاتها النبي والوصي عليهما السلام ثم ام الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية


[ 122 ]

ثم ام غانم الاعرابية اليمانية وختم في حصاتها امير المؤمنين، وذلك مثل ما رويتم ان سليمان كان يختم على النحاس للشياطين وعلى الحديد للجن فكان كل من راى برقه اطاعه. أبو سعيد الخدري وجابر الانصاري و عبد الله بن عباس في خبر طويل انه قال خالد بن الوليد: اتى الاصلع يعني عليا عند منصرفي من قتال اهل الردة في عسكري وهو في أرض له وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الاسد وقعقعة الرعد فقال لي: ويلك أكنت فاعلا ؟ فقلت أجل، فاحمرت عيناه وقال: يا بن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي أو يجسر ان يدير اسمي في لهواته، في كلام له ثم قال: فنكسني والله عن فرسي ولا يمكننى الامتناع منه فجعل يسوقني إلى رحى للحارث بن كلدة ثم عمد إلى قطب الرحى الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرحى فمده بكلتا يديه ولواه في عنقي كما يتفتل الاديم واصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت فأقسمت عليه بحق الله ورسوله فاستحيى وخلى سبيلي، قالوا: فدعا أبو بكر جماعة من الحدادين فقالوا: ان فتح هذا القطب لا يمكننا إلا ان نحميه بالنار، فبقى في ذلك اياما والناس يضحكون منه فقيل: ان عليا جاء من سفره، فأتى به أبو بكر إلى علي يشفع إليه في فكه فقال علي: انه لما راى تكاثف جنوده وكثرة جموعه اراد ان يضع مني في موضعي فوضعت منه عندما خطر بباله وهمت به نفسه، ثم قال: واما الحديد الذي في عنقه فلعله لا يمكنني في هذا الوقت فكه، فنهضوا بأجمعهم فأقسموا عليه فقبض على رأس الحديد من القطب فجعل يفتل منه يمينه شبرا شبرا فيرمي به، وهذا كقوله تعالى (وألنا له الحديد ان اعمل سابغات وقدر في السرد). ابن عباس وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح ووكيع بن الجراح وعبيدة بن يعقوب الاسدي، وفي حديث غيرهم: لا يفعل خالد ما امرته، وفي حديث ابي ذر: ان امير المؤمنين اخذ باصبعه السبابة والوسطى فعصره عصرة فصاح خالد صيحة منكرة واحدث في ثيابه وجعل يضرب وجعل يضرب برجليه. وفي رواية عمار: فجعل يقمص قماص البكر فإذا له رغاء وساغ ببوله في المسجد وروي في كتاب البلاذري ان امير المؤمنين اخذه باصبعيه السبابة والوسطى في حلقه وشاله بهما بهما وهو كالبعير عظما وضرب به الارض فدق عصعصه واحدث مكانه اهل السير عن حبيب بن الجهم وابي سعيد التميمي والنطنزى في الخصايص والاعثم في الفتوح والطبري في كتاب الولاية باسناد له عن محمد بن القاسم الهمداني


[ 123 ]

وأبو عبد الله البرقي عن شيوخه عن جماعة من اصحاب علي انه نزل امير المؤمنين عليه السلام بالعسكر عند وقعة صفين عند قرية صندودياء فقال مالك الاشتر: ينزل الناس على غير ماء ؟ فقال يا مالك ان الله سيسقينا في هذا المكان احتفر انت واصحابك فاحتفروا فإذا هم بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة لجين فعجزوا عن قلعها وهم مائة رجل فرفع امير المؤمنين يده إلى السماء وهو يقول: طاب طاب يا عالم يا طيبوثا بوثة شميا كرباجا نوثا توديثا برجوثا آمين آمين يا رب العالمين يا رب موسى وهارون ثم اجتذبها فرماها عن العين اربعين ذراعا فظهر ماء اعذب من الشهد وابرد من الثلج واصفى من الياقوت فشربنا وسقينا ثم رد الصخرة وامرنا ان نحثو عليها التراب فلما سرنا غير بعيد قال: من منكم يعرف موضع العين ؟ قلنا: كلنا، فرجعنا فخفي مكانها علينا فإذا راهب مستقبل من صومعة فلما بصر به امير المؤمنين قال: شمعون ؟ قال: نعم هذا اسمي سمتني به امي ما اطلع عليه إلا الله ثم انت، قال: وما تشاء يا شمعون ؟ قال: هذا العين واسمه قال: هذا عين زاحوما وفي نسخة راجوه وهو من الجنة شرب منها ثلاثمائة نبيا وثلاثة عشر وصيا وانا آخر الوصيين شربت منه، قال: هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل وهذا الدير بني على قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها ولم يدركه عالم قبلي غيري وقد رزقنيه الله، وأسلم. وفي رواية انه جب شعيب ثم رحل امير المؤمنين والراهب يقدمه حتى نزل صفين فلما التقى الصفان كان اول من اصابته الشهادة فنزل امير المؤمنين وعيناه تهملان وهو يقول المرء مع من احب الراهب معنا يوم القيامة. وفي رواية عبد الله بن احمد بن حنبل حدثنا أبو محمد الشيباني حدثنا أبو عوانة عن الاعمش عن ابي سعيد التميمي قال: فسرنا فعطشنا فقال بعض القوم لو رجعنا فشربنا قال فرجع اناس وكنت فيمن رجع قال فالتمسنا فلم نقدر على شئ فأتينا الراهب قال فقلنا: أين العين التي ههنا ؟ قال: أية عين ! قلنا: التي شربنا منها واستقينا وسقينا فالتمسناها فلم نجدها، قال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصي، قال الحميري: ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب حتى اتى متبتلا في قائم * القى قواعده بقاع مجدب يأتوه ليس بحيث يلقى عامرا * إلا الوحوش وغير أصلع أشيب فدنا فصاح به فاشرف ماثلا * كالنسر فوق شظية من مرتب


[ 124 ]

هل قرب قائمك الذي بؤته * ماء يصاب فقال ما من مشرب إلا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين تفاوت في سبسب فثنى الاعنة نحو وعث فاجتلى * ملساء تبرق كالجين المذهب قال اقلبوها انكم ان تقلبوا * ترووا ولا تروون ان لم تقلب فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب حتى إذا أعيتهم اهوى لها * كفا متى ترم المغالب تغلب فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع دحابها في ملعب قال اشربوا من تحتها متسلسلا * عذبا يزيد على الالذ الاعذب حتى إذا شربوا جميعا ردها * ومضى فخلت مكانها لم يقرب أعني ابن فاطمة الوصي ومن يقل * من فضله وفعاله لم يكذب وله أيضا: من قال للماء افجري فتفجرت * ما كلفت كفا له محفارا حتى تروى جنده من مائها * لما جرى فوق الحضيض وفارا وبكربلا آثار اخرى قبلها * أحيى بها الانعام والاشجارا واتاه راهبها فأسلم طائعا * معه واثنى الفارس المغورا وقال ابن حماد: من صاحب الجب إذا وفى بعسكره * فلم يزل قاصدا للجب مجتتابا حتى إذا ما اروه رج صخرته * فخاله القوم بالمدحاة لعابا وقال السروجي: وصخرة الراهب عن قليبه * اقلبها كمثل شئ يحتقر حتى إذا ما شربوا اوردها * إلى المكان عاجلا بلا ضجر فأبصر الراهب امرا قد علا * عن بشر يفعل افعال القدر آمن بالله تعالى وأتى * إلى الامام تارك الدين ستر تفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام ان ابي بن ابي سلول وجد بن قيس اتخذا له دعوة عند حائط بستان ثلاثون ذراعا طوله في خمسة وعشرين ذراعا سمكه في ذراعين غلظه وفتشا عن اصلهاو اوقفا رجالا خلف الحايط فتلقاه عليه السلام بيسراه حتى أكل وأكلوا وقالوا في تعبه فقال عليه السلام: لست اجد له من التعب بيساري إلا اقل ما اجده من ثقل


[ 125 ]

هذه اللقمة بيميني. ومنه قلع باب خيبر، روى احمد بن حنبل عن مشيخته عن جابر الانصاري ان النبي صلى الله عليه وآله دفع الراية إلى علي عليه السلام في يوم خيبر بعد ان دعا له فجعل يسرع السير واصحابه يقولون له ارفق حتى انتهى إلى الحصن فاجتذ بابه فألقاه على الارض ثم اجتمع منا سبعون رجلا وكان جهدهم ان اعادوا الباب. أبو عبد الله الحافظ باسناده إلى ابي رافع: لما دنا علي من القموص اقبلوا يرمونه بالنبل والحجارة فحمل حتى دنا من الباب فاقتلعه ثم رمى به خلف ظهره اربعين ذراعا ولقد تكلف حمله اربعون رجلا فما اطاقوه، قال الحميري: والقى باب حصنهم بعيدا * ولم يك يستقل بأربعينا أبو القاسم محفوظ البستي في كتاب الدرجات انه حمل بعد قتل مرحب عليهم فانهزموا إلى الحصن فتقدم إلى باب الحصن وضبط حلقته وكان وزنها اربعين منا وهز الباب فارتعد الحصن بأجمعه حتى ظنوا زلزلة ثم هزه اخرى فقلعه ودحا به في الهواء اربعين ذراعا. أبو سعيد الخدري: وهز حصن خيبر حتى قالت صفية: قد كنت جلست على طاق كما تجلس العروس فوقعت على وجهي فظننت الزلزلة فقيل هذا علي هز الحصن يريد ان يقلع الباب. وفي حديث ابان عن زرارة عن الباقر عليه السلام: فاجتذبه اجتذابا وتترس به ثم حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاما واقتحم المسلمون والباب على ظهره. وفي الارشاد قال جابر ان عليا حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها وانهم جربوه بعد ذلك فلم يحمله اربعون رجلا، رواه أبو الحسن الوراق المعروف بغلام المصرى عن ابن جرير الطبري التاريخي، وفي رواية جماعة خمسون رجلا، وفي رواية احمد سبعون رجلا. ابن جرير الطبري صاحب المسترشد: انه حمله بشماله وهو اربعة اذرع في خمسة اشبار في اربع اصابع عمقا حجرا اصلد دون يمينه فاثرت فيه اصابعه وحمله بغير مقبض ثم تترس فضارب الاقران حتى هجم عليهم ثم رجه من ورائه اربعين ذراعا. قال ديك الجن: سطا يوم بدر بأبطاله * وفي احد لم يزل يحمل


[ 126 ]

وعن باسه فتحت خيبر * ولم ينجها بابها المقفل دحا اربعين ذراعا به * هزبر به دانت الاشبل وفي رامش اقراني كان طول الباب ثمانية عشر ذراعا وعرض الخندق عشرون فوضع جانبا على طرف الخندق وضبط جانبا بيده حتى عبر عليه العسكر وكانوا ثمانية آلاف وسبعمائة رجل وفيهم من كان يتردد ويخف عليه. وقد رج باب الحصن عنه بكفه * وظل لاجساد اليهود ويهبر وعبر جيش العزمن فوق زنده * وما مسه منه هناك تضجر أبو عبد الله الجذلي قال له عمر: لقد حملت منه ثقلا، فقال: ما كان إلا مثل جنتي التي في يدي. وفي رواية ابان: فوالله ما لقى علي من الباس تحت الباب اشد ما لقى من قلع الباب. الارشاد لما انصرفوا من الحصون اخذه علي يمناه فدحا به اذرعا من الارض وكان الباب يغلقه عشرون رجلا منهم. علي بن الجعد عن شعبة قتادة عن الحسن عن ابن عباس في خبر طويل وكان لا يقدر على فتحه إلا اربعون رجلا. تاريخ الطبري قال أبو رافع: سقط من شماله ترسه فقلع بعض ابوابه وتترس بها فلما فرغ عجز خلق كثير عن تحريكها. روض الجنان قال بعض الصحابة: ما عجبنا يا رسول الله من قوته في حمله ورميه واتراسه وإنما عجبنا من اجساره واحدى طرفيه على يده فقال النبي صلى الله عليه وآله كلاما معناه يا هذا نظرت إلى يده فانظر إلى رجليه، قال: فنظرت إلى رجليه فوجدتهما مملقتين فقلت هذا اعجب رجلاه على الهواء، فقال صلى الله عليه وآله: ليستا على الهواء وانهما على جناحي جبرئيل، فأنشأ بعض الانصار يقول: ان امرءا حمل الرتاج بخيبر * يوم اليهود بقدرة لمؤيد حمل الرتاج رتاج باب قموصها * والمسلمون واهل خيبر شهد فرمى به ولقد تكلف رده * سبعون كلهم له متسدد ردوه بعد تكلف ومشقة * ومقال بعضهم لبعض ازرد وقال الناشي: والباب حين دحا به عن حصنهم * عشرين باعا في الفضا دكداك


[ 127 ]

وقال الوراق: علي رمى باب المدينة خيبر * ثمانين شبرا وافيا لم يثلم وقال ابن حماد: ام من دحا باب القموص ومن علا * في الحرب مرحب بالحسام القاضب وقال ابن مكي: فهزها فاهتز من حولهم * حصنا بنوه حجرا جلمدا ثم دحا الباب على نبذة * تمسح خمسين ذراعا عددا وعبر الجيش على راحته * حيدرة الطاهر لما وردا وقال العوني: ودنا إلى الباب المشيد وهزه * هزا رأيت الارض منه ترجف ورواية اخرى بان دحى به * سبعين باعا والقتام مسجف وقال الحميري: واذكر تحمله الديار ولا تكن * ليهود خيبر لا تكون نسيا حمل الرتاج رتاج باب قموصها * فحسبته يمشي بها بختيا ما رده سبعون حتى الهثوا * سبعون موتنف الشباب قويا وقال ابن علوية: أمن أقل لخيبر الباب الذي * أعيى به نفرا من الاعوان هل مد حلقته فصير متنه * ترسا يقل به شبا القضبان ترسا يصك به الوجوه بملتقى * حرب بها حمى الوطيس عوان وقال ابن زريك: والباب لما دحاه وهو في سغب * من الصيام وما يخفى تعبده وقلقل الحصن فارتاع اليهود له * وكان اكثرهم عمدا يفنده نادى بأعلى العلى جبريل ممدتحا * هذا الوصي وهذا الطهر احمده وقال الزاهي: واقتلع الباب اقتلاعا معجزا * يسمع في دويه ارتجاسه كأنه شرارة لموقد * اخرجها من ناره مقياسه


[ 128 ]

وقال تاج الدولة: واقتلع الباب غداة خيبر * فكبر الناس به وقد دحا وقالت الاملاك لا سيف سوى * سيف علي وسواه لا فتى وعبر الجيش على راحته * والباب جسرا فوق يمناه بدا وقال شاعر آخر: ودحا الباب بكف صافحت * كف جبرائيل من غير اختلال فتباهت يه املاك العلى * وهي في افلاكها عن ذي الجلال وهذا كله خرق العادة ولا يتيسر إلا لنبي أو وصي نبي، وإذا لم يجز ان يكون نبيا لا بد ان يكون وصيا. فصل: في معجزاته في نفسه ومن عجايبه طول ما لقى من الحروب، لم ينهزم قط، ولم ينله فيها شين ولا جراح سوء، ولم يبارز احدا إلا ظفر به، ولا نجا من ضربته احد فصلح منها، ولم يفلت منه قرن، ولم يخرج في حروبه إلا وهو ماش يهرول طوال الدهر بغير جند إلى العدو، وما قدمت راية قوتل تحتها علي إلا انقلبوا صاغرين، قال الحميري: ما أم يوم الوغى زحفا برايته * إلا تضعضع ثم انصاع منهزما أو بل مفرق من لم ينجه هرب * بأبيض منه من دم الفلاة دما أو نال مهجته طعنا بنافذة * نجلا نفرغ من تحت الحجاب فما ويروى وثبته اربعون ذراعا إلى عمرو ورجوعه إلى خلف عشرون ذراعا وذلك خارج عن العادة. وروي ضربته على رجليه وقطعهما بضربة واحدة مع ما كان عليه من الثياب والسلاح. وروي انه ضرب مرحب الكافر يوم خيبر على رأسه فقطع العمامة والخوذة والرأس والحلق وما عليه من الجوشن من قدام وخلف إلى ان قده بنصفين ثم حمل على سبعين الف فارس فبددهم وتحير الفريقان من فعله فانهزموا إلى الحصن، واصل مشهد البوق عند رحبة الشام انه عليه السلام اخبر ان الساعة خرج معاوية في خيله من ” المناقب ج 2، م 16 “


[ 129 ]

دمشق وضرب البوق وسمع ذلك من مسيرة ثمانية عشر يوما وهو خرق العادة. قال أبو العباس: وحيال رحبة مالك اصغي إلى * نعرات بوق في دمشق يقعقع فاهتز من طرب وقال لصحبه * هذا ابن هند للرحيل لمزمع ومنه الدكة المشهورة في الكوفة التي يقال انه راى منها مكة وسلم عليها وذلك مثل قولكم يا سايرة الخيل، ومسجد المجذاف في الرقة وهو انه لما طلب الزواريق لحمل الشهداء قالوا الزواريق ترعى فقال عليه السلام: كلامكم غث وقمصانكم رث لا شد الله بكم صنعا ولا اشبعكم إلا على قتب، وعمل جايزة عظيمة بمنزلة المجذاف وحمل الشهداء عليها فخربت الرقة وعمرت الرافقة ولا يزالون في ضنك العيش. وروت الغلاة انه عليه السلام صعد إلى السماء على فرس وينظر إليه اصحابه وقال: لو اردت لحملت اليكم ابن ابي سفيان، وذلك نحو قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا). وخرج عن ابي زهرة وقطع مسيرة ثلاثة ايام بليلة واحدة واصبح عند الكفار وفتح عليه فنزل (والعاديات ضبحا). وروي انه رمي إلى حصن ذات السلاسل في المنجنيق ونزل على حايط الحصن وكان الحصن قد شد على حيطانه سلاسل فيها غراير من تبن أو قطن حتى لا يعمل فيها المنجنيق إذا رمى الحجر، فقالت الغلاة: فمر في الهواء والترس تحت قدميه ونزل على الحايط وضرب السلاسل ضربة واحدة فقطعها وسقطت الغراير وفتح الحصن، وروت الغلاة انه نزلت فيه وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وذلك ان صح مثل صعود الملائكة ونزولهم واسراء النبي صلى الله عليه وآله قال العوني من الذي إلى الذين حسبوا * حصونهم مانعة من الردى من حيث لم يحتسبوا فأيقنوا * لما أتى ان الحمام قد أتى وقال السروجي: وسارعنها بعد ذا مرتحلا * في يومه عن المسير ما فتر حتى أتى الحصن على شاهقه * يظنه الناظر نجما قد زهر وما له باب سوى سلسلة * ترخى مع الصبح وفي الليل نحر فلم يجد منه النبي حيلة * وضلت الافكار فيه قد تحر رمى إلى ذاك عليا في الهوى * بالمنجنيق في أمان المقتدر


[ 130 ]

وكانت الرمية غير واصل * فمر يمشي في الهوا حتى انحدر فجدل الابطال فيه بعدما * صار إلى الدين الحنيفي نفر هذا وفي حصن الغراب قد جرى * معركة مرامها صعب الخطر فحاز اموالا وخيلا وإما * غير اسير في الجبال قد قطر ويوم تكريت إلى قلعتها * من جانب الماء لنقب قد حفر ومر في الجرف إليها طالعا * وكان عند القوم من ذاك خبر فبادروه عاجلا بصخرة * لها دوي الصوت عند المنحدر فردها بكفه ثم ارتقى * في مطلع ما بين ضيق ووعر فاستسلموا لما رأوا فعاله * تجل قدرا عن أفاعيل البشر تفسير ابي محمد الحسن العسكري انه راى عليا عليه السلام ثابت بن قيس بن شماس الانصاري في بئر عادية ورجال يرمونه بالاحجار فوقع فيها فقالوا اردنا واحدا فصار اثنين فأرسلوا صخرة مقدار مائتي من فاحتضنه علي وجعل رأس ثابت إلى صدره وانحنى عليه فوقعت الصخرة على مؤخر رأس علي فما كانت إلا كترويحة بمروحة ثم ارسلوا ثانية وثالثة ثم قالوا لو كان لهما مائة الف روح ما بخت واحدة منها فأذن الله لشفير البئر فانحط ولقرار البئر فارتفع فخرجا سالمين، قال خطيب منبج: ومن كانت له بالشعب مما * أتاه الجن فيه راجمينا فظلله المطرق جبرئيل * وميكائيل خير مظللينا وفيه انه ارادت الفجرة ليلة العقبة قتل النبي صلى الله عليه وآله ومن بقى في المدينة قتل علي فلما تبعه وقص عليه بغضاءهم فقال: أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الخبر، فخفروا له حفيرة طويلة وغطوها فلما انصرف وبلغها أنطق الله فرسه فقال: سر باذن الله، فطفرت ثم أمر بكشفه فرأى عجبا. مسند احمد وفضايله، وسنن ابن ماجة قال عبد الرحمن بن ابي ليلى: كان امير المؤمنين يلبس في البرد الشديد الثوب الرقيق وفي الحر الشديد القبا والثوب الثقيل وكان لا يجد الحر والبرد فكان صلى الله عليه وآله دعا له يوم خيبر فقال: كفاك الله الحر والبرد، وفي رواية: اللهم قه الحر والبرد، وفي رواية: اللهم اكفه الحر والبرد، قال الاصفهاني: أمن له في الحر والبرد استوت * منه بنعمة ربه الالحان


[ 131 ]

فتراه يلبس في الشتاء غلالة * وتراه طول الصيف في خفتان هل كان ذاك لامة من قبله * أو بعده فأبانه العصران وقال الصاحب: وكم دعوة للمصطفى فيه حققت * وآمال من عادى الوصي خوائب فمن رمد آذاه جلاه داعيا * لساعته والريح في الحرب عاصب ومن سطوة للحر والبرد دوفعت * بدعوته عنه وفيها عجايب وقال له عليه السلام يوناني اعالج صفارك ولا علاج في دقة ساقيك فسأله عليه السلام عما يزيد في الصفار. فقال: شعرتان من هذا وقدر حبة منه تقتل، قال: كم هذا ؟ قال: قدر مثقالين، فتناوله وقمحه فعرق وجعل الرجل يرتعد فتبسم عليه السلام وقال: يا عبد الله أصح ما كنت بدنا الآن لم يضرني ما زعمت انه سم فغمض عينيك، فغمض ثم قال: افتح عينيك، ففتح ونظر إلى وجه علي فإذا هو ابيض احمر فقال: زال الصفار بسمك، ثم ضرب بيده على اسطوانة عظيمة على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه وفوقه حجرتان فاحتملها مع الحيطان فغشى على اليوناني فلما أفاق قال عليه السلام: هذه قوة الساقين الدقيقين. وروى حبيب بن حسن العتكي عن جابر الانصاري قال: صلى بنا امير المؤمنين صلاة الصبح ثم اقبل علينا فقال: معاشر الناس اعظم الله اجركم في اخيكم سلمان فقالوا في ذلك فلبس عمامة رسول الله ودراعته واخذ قضيبه وسيفه وركب على العضباء وقال لقنبر: عد عشرا، قال ففعلت فإذا نحن على باب سلمان. قال زاذان: فلما ادرك سلمان الوفاة فقلت له: من المغسل لك ؟ قال: من غسل رسول الله، فقلت: انك في المداين وهو بالمدينة، فقال: يا زاذان إذا شددت لحيتي تسمع الوجبة، فلما شددت لحيته سمعت الوجبة وادركت الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين فقال: يا زاذان قضى أبو عبد الله سلمان ؟ قلت: نعم يا سيدي، فدخل وكشف الرداء عن وجهه فتبسم سلمان إلى امير المؤمنين فقال له: مرحبا يا ابا عبد الله إذا لقيت رسول الله فقل له ما مر على اخيك من قومك، ثم اخذ في تجهيزه فلما صلى عليه كنا نسمع من امير المؤمنين تكبيرا شديدا وكنت رأيت معه رجلين فقال: احدهما جعفر اخي والآخر الخضر عليهما السلام ومع كل واحد منهما سبعون صفا من الملائكة في كل صف الف الف ملك، قال أبو الفضل التميمي:


[ 132 ]

سمعت مني يسيرا من عجايبه * وكل امر علي لم يزل عجبا ادريت في ليلة سار الوصي إلى * أرض المداين لما ان لها طلبا فألحد الطهر سلمانا وعاد إلى * عراص يثرب والاصباح ما قربا كآسف قبل رد الطرف من سبأ * بعرش بلقيس وافى تخرق الحجبا في آصف لم تقلءأنت بلى * انا بحيدر غال اورد الكذبا ان كان احمد خير المرسلين فذا * خير الوصيين اوكل الحديث هبا وقلت ما قلت من قول الغلاة فما * ذنب الغلاة إذا قالوا الذي وجبا وقد ذكرنا مصارعته مع ابليس واخذه عند الحرم، ومحاربته الجن عند وادي بني المسطلق، وفي بئر ذات العلم، وغير ذلك، وقال الاديب العادى: من كان صنو النبي غير علي * من غسل الطهر ثم واراها من كان جبريل معه بل يقدمه * وكان ميكال وسط بيداها من قاتل الجن في القليب ترى * من قلع الباب ثم ارادها من شيل في المنجنيق ثم دحا * غير علي وقد تولاها وقد خطا في السماء مبتسما * ثم ملا حصنهم بقتلاها حتى أدانوا واثبتوا جزعا * ان إله السماء مولاها وقال ابن حماد: حدث بلا حرج عن الليث الذي * تفنى لهيبته الليوث وتخشع حدث ولا حرج عن البحر الذي * فيه عجايب كلها مستبدع كم كربة قد فرجتها كفه * عن وجه احمد والقوارع تقرع وبذكره عرج الامين مناديا * في الافق يجهر بالنداء ويصدع لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا على المستعد الاصلع لو رام يذبل كاد يذبل رهبة * أو رام رضوى لاثنى يتضعضع ما قام قائم سيفه في كفه * إلا رأيت له الفوارس تركع سيف مضاربه الغوارب ماله * إلا يد العالي علي مطلع اسد فرايسه الفوارس في الوغى * وكذا حماه هو الحمى المتشرع ومن كثرة فضله وفرط معجزاته ما غلوا فيه ولولا مباينته لجميع الامة بالبينونة التي لا نلحق والفضيلة التى لا تدرك والاعجوبة التي لا تنال ما كان مخصوصا من الغلو


[ 133 ]

والافراط في القول، قال شاعر: يا ويل نصابة الانام لقد * تتابعوا في الضلال بل تاهوا قاسوا عتيقا بحيدر سخنت * عيونهم بالذي به فاهوا كم بين من شك في هدايته * وبين من قيل انه الله فصل: في انقياد الحيوانات له ابن وهبان والفتاك: مضينا بغابة فإذا بأسد بارك في الطريق واشباله خلفه فلويت بدابتي لارجع فقال عليه السلام: إلى اين ؟ اقدم يا جويرية بن مسهر إنما هو كلب الله ثم قال: (وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) الآية، فإذا بالاسد قد اقبل نحوه فتبصص بذنبه وهو يقول: السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته يا ابن عم رسول الله، فقال: وعليك السلام يا ابا الحارث ما تسبيحك ؟ فقال: اقول سبحان من ألبسني المهابة وقذف في قلوب عباده مني المخافة. الباقر عليه السلام قال امير المؤمنين عليه السلام لجويرية بن مسهر وقد عزم على الخروج أما انه سيعرض لك في طريقك الاسد، قال: فما الحيلة ؟ فقال: تقرأه السلام وتخبره اني اعطيتك منه الامان، فبينما هو يسير إذ أقبل نحوه اسد فقال، يا ابا الحارث ان امير المؤمنين عليه السلام يقرأك السلام وانه قد آمنني منك قال: فولى وهمهم خمسا فلما رجع حكى ذلك لامير المؤمنين فقال عليه السلام: فانه قال لك فاقرأ وصي محمد مني السلام، وعقد بيده خمسا، وذكر ذلك المفضل. الشيباني نحو ذلك عن جويرية: ورأى اسدا اقبل نحوه يهمهم ويمسح برأسه الارض فتكلم معه بشئ فسئل عنه عليه السلام فقال: انه يشكو الحبل ودعا لي وقال: لا سلط الله احدا منا على اوليائك. قال ابن عضد الدولة: من كلم الثعبان إذ كلمه * والليث قد كلمه ليث الشرى وقال آخر: وجاءه الجان على منبر * الكوفة يسعى سعي مستأثر وقال ابن علوية: أو يعلمون وما البصير كذى العمى * تأويل آية قصة الثعبان إذ جاء وهو على مراتب منبر * يعطي العباد مبارك العيدان


[ 134 ]

فأسر نجواه إليه ولم يروا * من قبل ذاك مناجيا للجان سال الحكومة بين حزبي قومه * عنه ودان لحكمه الحزبان عمرو بن حمزة العلوي في فضايل الكوفة انه كان امير المؤمنين عليه السلام ذات يوم في محراب جامع الكوفة إذ قام بين يديه رجل للوضوء فمضى نحو رحبة الكوفة يتوضأ فإذا بأفعى قد لقيه في طريقه ليلتقمه فهرب من بين يديه إلى امير المؤمنين فحدثه بما لحقه في طريقه فنهض امير المؤمنين حتى وقف على باب الثقب الذي فيه الافعى فأخذ سيفه وتركه في باب الثقب وقال: ان كنت معجزة مثل عصى موسى فاخرج الافعى، فما كان إلا ساعة حتى خرج يساره ثم رفع رأسه إلى الاعرابي وقال انك ظننت اني رابع اربعة لما قمت بين يدي، فقال: هو صحيح، ثم لطم على راسه واسلم. قال الوراق: علي مناجي الافعوان وجيشه * حواليه من جاث إليه وجثم في الامتحان عمار بن ياسر وجابر الانصاري: كنت مع امير المؤمنين في البرية فرأيته قد عدل عن الطريق فتبعته فرأيته ينظر إلى السماء ثم يتبسم ضاحكا فقال: احسنت ايها الطير إذ صفرت بفضله. فقلت له مولاي ابن الطير ؟ فقال: في الهواء تحب ان تراه وتسمع كلامه ؟ فقلت: نعم يا مولاي، فنظر إلى السماء ودعا بدعاء خفي فإذا الطير يهوي إلى الارض فسقط على يد امير المؤمنين فمسح يده على ظهره فقال: انطق باذن الله وانا علي بن ابي طالب، فأنطق الله الطير بلسان عربي مبين فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه وقال له: من اين مطعمك ومشربك في هذه الفلاة القفراء التي لا نبات فيها ولا ماء، فقال: يا مولاي إذا جعت ذكرت ولايتكم اهل البيت فاشبع وإذا عطشت فأتبرا من اعدائكم فأروى، فقال: بورك فيك بورك فيك وطار، مثل قوله تعالى: (يا ايها الناس علمنا منطق الطير)، قال الصاحب: افي الطير لما قد دعا فأجابه * وقد رده عني غبي موارب افي يوم خم إذ أشار بذكره * وقد سمع الايصاء جاء وذاهب محمد بن وهبان الازدي الديبلى في معجزات النبوة عن البراء بن عازب في خبر عن امير المؤمنين انه عبر في السماء خبط من الاوز طايرا على رأس امير المؤمنين فصرصرن وصرخن فقال امير المؤمنين قد سلمن على وعليكم فتغامز اهل النفاق بينهم فقال


[ 135 ]

امير المؤمنين باقنبر ناد بأعلى صوتك: ايها الاوز اجيبوا امير المؤمنين وأخا رسول رب العالمين، فنادى قنبر بذلك فإذا الطير ترفرف على رأس امير المؤمنين فقال: قل لها انزلن فلما قال لها رأيت الاوز وقد ضربت بصدورها إلى الارض حتى صارت في صحن المسجد على ارض واحدة فجعل امير المؤمنين يخطبها بلغة لا نعرفها وهن يلززن بأعناقهن إليه ويصرصرن ثم قال لهن: انطقن باذن الله العزيز الجبار، قال: فإذا هن ينطقن بلسان عربي مبين: السلام عليك يا امير المؤمنين وخليفة رب العالمين. الخبر. وهذا كقوله تعالى (يا جبال اوبي معه والطير). علل الشرايع عن علي بن حاتم القزويني باسناده عن الاعمش عن ابراهيم بن علي ابن ابي طالب ان امير المؤمنين عليه السلام خرج ذات يوم فوقف على الفرات وقال: يا هناش، فاطلع الجري رأسه فقال له علي عليه السلام: من انت ؟ قال: انا من امة بني اسرائيل عرضت علي ولايتكم فلم اقبلها فمسخت جريا. المعجزات والروضة ودلايل ابن عقدة، أبو اسحاق السبيعي والحارث الاعور رأينا شيخا باكيا وهو يقول: اشرفت على المائة وما رأيت العدل إلا ساعة، فسئل عن ذلك فقال: انا حجر الحميري وكنت يهوديا ابتاع قدمت يوما نحو الكوفة فلما سرت بالقبة بالمسجد فقدت حمري فدخلت الكوفة إلى الاشتر فوجهني إلى امير المؤمنين فلما رآني قال: يا اخا اليهود ان عندنا علم البلايا والمنايا ما كان وما يكون اخبرك أم تخبرني بماذا جئت ؟ فقلت: بل تخبرني، فقال: اختلست الجن مالك في القبة فما تشاء ؟ قلت: ان تفضلت علي أمنت بك فانطلق معي حتى إذا أتى القبة وصلى ركعتين ودعا بدعاء وقرأ (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) الآية، ثم قال يا عبد الله ما هذا العبث والله ما على هذا بايعتموني وعاهدتموني يا معشر الجن، فرأيت مالي يخرج من القبة فقلت: اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله واشهد ان عليا ولي الله ثم اني لما قدمت الآن وجدته مقتولا، قال ابن عقدة: ان اليهودي من سورات المدينة، قال الوراق القمي: علي دعا جنا بكوفان ليلة * وقد سرقوا مال اليهودي عهرم على نقض عهد أو برد متاعه * فردوا عليه ماله لم يقسم وحكى محمد بن الحنفية انقضاض غراب على خفه وقد نزعه ليتوضأ وضوء الصلاة فانساب فيه اسود فحمله الغراب حتى صار به في الجو ثم القاه فوقع منه الاسود ووقاء


[ 136 ]

الله من ذلك، وفي الاغاني انه قال المدايني: ان السيد الحميري وقف بالكناس وقال: من جاء بفضيلة لعلي بن ابي طالب لم اقل فيها شعرا فله فرسي هذا وما علي، فجعلوا يحدثونه وينشدهم فيه حتى روى رجل عن ابي الرعل المرادي انه قدم امير المؤمنين فتطهر للصلاة فنزع خفه فانسابت فيه افعى فلما دعا ليلبسه انقضى غراب فحلق به ثم ألقاه فخرجت الافعى منه، قال: فأعطاه السيد ما وعده وأنشأ يقول: الا يا قوم للعجب العجاب * لخف ابي الحسين وللحباب عدو من عداة الجن عبد * بعيد في المرارة من صواب كريه اللون اسود ذو بصيص * حديد الناب ازرق ذو لعاب اتى خفا له فانساب فيه * لينهش رجله منها بناب فقض من السماء له عقاب * من العقبان أو شبه العقاب فطار به فحلق ثم اهوى * به للارض من دون السحاب فصك بخفه فانساب منه * وولى هاربا حذر الحصاب فدوفع عن ابي حسن علي * نقيع سمامه بعد انسياب وله ايضا: كمن في خف الوصي حية * سبسبها الراقي فيه بالحيل فارسل الله إليه ملكا * في صورة الطير الغداف المنحجل فحلق الخف واحداق الورى * تراه في حجر الغداف معتقل حتى هوى من جوفه نضاضة * تنضح سما باللعاب المنسدل وقال الرضي: أما في باب خيبر معجزات * تصدق أو مناجاة الحباب ارادت كيده والله يأبى * فجاء النصر من قبل الغراب فطار به فحلق ثم اهوى * يصك الارض من دون السحاب وقال الناشي: ومن في خفه طرح الاعادي * حبابا كي تلسعه الحباب فحين اراد لبس الخف وافى * تمانعه من الخف الغراب ” المناقب ج 2، م 17 “


[ 137 ]

وطار به واقلبه وفيه * حباب في الصعيد له انسياب وقال ابن علوية: كقصة الافعى التي في خفه * كمنت ومنها تصرف النابان رقشاء تنفث بالسموم ضئيلة * صماء عادية لها قرنان يدعى الحباب ولو تفهم امره * من عابني تهوى الوصي شقاني ماذا دعاه إلى الولوج لخيبة * وضلالة في ذلك الشيخان لما تيمم لبسه ألوى به * في الجو منقض من الغربان حتى إذا ارتفعا به وتقلبا * اهواه مثل مكابد حردان فهوى هوي الريح بين فروجه * متقطعا قلقا على الصوان كتاب هواتف الجن محمد بن اسحاق عن يحيى بن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: حدثني سلمان الفارسي في خبر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم مطير ونحن ملتفتون نحوه فهتف هاتف: السلام عليك يا رسول الله، فرد عليه السلام وقال: من أنت ؟ قال: عرفطة بن شمر اخ احد بني نجاح، قال: اظهر لنا رحمك الله في صورتك قال سلمان: فظهر لنا شيخ أزب أشعر قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه وعيناه مشقوقتان طولا وفمه في صدره فيه أنياب بادية طوال واظفاره كمخالب السباع فقال الشيخ: يا نبي الله ابعث معي من يدعو قومي إلى الاسلام وانا ارده اليك سالما، فقال النبي: أيكم يقوم معه فيبلغ الجن عني وله الجنة ؟ فلم يقم احد فقال ثانية وثالثة فقال علي عليه السلام: أنا يا رسول الله، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى الشيخ فقال: وافني إلى الحرة في هذه الليلة أبعث معك رجلا يفصل حكمي وينطق بلساني ويبلغ الجن عني، قال: فغاب الشيخ ثم أتى في الليل وهو على بعير كالشاة ومعه بعير آخر كارتفاع الفرس فحمل النبي عليا عليه وحملني خلفه وعصب عيني وقال: لا تفتح عينيك حتى تسمع عليا يؤذن ولا يروعك ما ترى فانك آمن، فسار البعير فدفع سايرا يدف كدفيف النعام وعلي يتلو القرآن فسرنا ليلتنا حتى إذا طلع الفجر اذن علي وأناخ البعير وقال: انزل يا سلمان، فحللت عيني ونزلت فإذا أرض قوراء فأقام الصلاة وصلى بنا ولم أزل اسمع الحس حتى إذا سلم علي التفت فإذا خلق عظيم واقام علي يسبح ربه حتى طلعت الشمس ثم قام خطيبا فخطبهم فاعترضته مردة منهم فاقبل علي عليه السلام فقال: أبا لحق تكذبون وعن القرآن تصدفون وبايات الله تجحدون، ثم رفع طرفه إلى السماء فقال:


[ 138 ]

اللهم بالكلمة العظمى والاسماء الحسنى والعزائم الكبرى والحي القيوم ومحيي الموتى ومميت الاحياء ورب الارض والسماء يا حرسة الجن ورصدة الشياطين وخدام الله الشرهاليين وذوي الارحام الطاهرة اهبطوا بالجمرة التي لا تطفأ والشهاب الثاقب والشواظ المحرق والنحاس القاتل بكهيعص والطواسين والحواميم ويس ونون والقلم وما يسطرون والذاريات والنجم إذا هوى والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والاقسام العظام ومواقع النجوم لما اسرعتم الانحدار إلى المردة المتولعين المتكبرين الجاحدين آثار رب العالمين. قال سلمان: فأحسست بالارض من تحتي ترتعد وسمعت في الهواء دوبا شديدا ثم نزلت نار من السماء صعق كل من رآها من الجن وخرت على وجوهها مغشيا عليها وسقطت أنا على وجهي فلما أفقت إذا دخان يفور من الارض فصاح بهم علي: ارفعوا رؤسكم فقد أهلك الله الظالمين، ثم عاد إلى خطبته فقال: يا معشر الجن والشياطين والعيلان وبني شمراخ وآل نجاح وسكان الآجام والرمال والقفار وجميع شياطين البلدان اعلموا ان الارض قد ملئت عدلا كما كانت مملوة جورا هذا هو الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون، فقالوا: آمنا بالله ورسوله وبرسول رسوله، فلما دخلنا المدينة قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ماذا صنعت ؟ قال: أجابوا وأذعنوا، وقص عليه خبرهم فقال: لا يزالون كذلك هائبين إلى يوم القيامة، قال ابن حماد: وليلة الجن مضى * وبينهم امضى القضا حتى إذا الفجر أضا * اقبل محمود السرى وقال الزاهي: من هبط الجب ولم يخش الردى * والماء منحل السقاء فجاسه من أحرق الجن برجم شهبه * اشوظه يقدمها نحاسه حتى انثنت لامره مذعنة * ومنهم بالعوذا احتراسه وقال الوراق القمي: علي دعى الجن في أرض يثرب * على دين ذي الآلاء حي هلمم علي فرى يوم القليب بسيفه * جماجم كفار لهاميم ظلم وحدثني أبو منصور باسناده والاصفهاني باسناده إلى رجل قال: كنت انا وعلي ابن ابي طالب بصفين فرأيت بعيرا من إبل الشام جاء وعليه راكبه وثقله فألقى ما عليه


[ 139 ]

وجعل يتخلل الصفوف حتى انتهى إلى علي عليه السلام فوضع مشفره ما بين رأس علي ومنكبه وجعل يحركها بجرانه فقال علي: والله انها لعلامة بيني وبين رسول الله، قال: فجد الناس في ذلك اليوم واشتد قتالهم. وحدثني أبو العزيز كادش العكبري باسناد اورده: ان رجلا من ناحية اذربيجان كان له إبلا قد استصعبت عليه فجاء إلى امير المؤمنين فأخبره بذلك وشكا إليه فقال عليه السلام إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه وقل اللهم اني أتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة واهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين اللهم فذلل لي صعوبتها وحرانها واكفني شرها فانك الكافي المعافى والغالب القاهر، فانصرف الرجل فلما كان من قابل عاد ومعه جملة من اثمانها قد حمله إلى امير المؤمنين فقال عليه السلام له: انها لما صرت إليها جاءتك لائذة خاضعة ذليلة فأخذت بنواصيها واحدا فواحدا قال: صدقت يا امير المؤمنين كأنك كنت حاضرا معي فتفضل علي بقبول ما جئتك به، فقال: امض راشدا بارك الله لك فيه فبورك للرجل في ماله حتى ضاق عليه رحاب بلده. وفي حديث عمار لما ارسل النبي عليا إلى مدينة عمان في قتال الجلندى بن كركرة وجرى بينهما حربا عظيما وضربا وجيعا دعا الجلندي بغلام يقال له الكندي وقال له: ان أنت خرجت إلى صاحب العمامة السوداء والبغلة الشهباء فتأخذه اسيرا أو تطرحه مجدلا عفيرا ازوجك ابنتي التي لم انعم لاولاد الملوك بزواجها، فركب الكندي الفيل الابيض وكان مع الجلندي ثلاثون فيلا وحمل بالافيلة والعسكر على امير المؤمنين فلما نظر الامام عليه السلام إليه نزل عن بغلته ثم كشف عن راسه فاشرقت الفلاة طولا وعرضا ثم ركب ودنا من الافيلة وجعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون وإذا بتسعة وعشرين فيلا قد دارت رؤسها وحملت على عسكر المشركين وجعلت تضرب فيهم يمينا وشمالا حتى اوصلتهم إلى باب عمان ثم رجعت وهي تتكلم بكلام يسمعه الناس يا علي كلنا نعرف محمدا ونؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الابيض فانه لا يعرف محمدا ولا آل محمد، فزعق الامام زعقته المعروفة عند الغضب المشهورة فارتعد الفيل ووقف فضربه الامام بذي الفقار ضربة رمى راسه عن بدنه فوقع الفيل إلى الارض كالجبل العظيم واخذ الكندي من ظهره فأخبر جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله فارتقى على السور فنادى ابا الحسن هبه لي فهو اسيرك فأطلق علي سبيل الكندي فقال: يا ابا الحسن ما حملك على اطلاقي ؟ قال: ويلك مد نظرك، فمد عينيه فكشف الله عن بصره فنظر النبي على سور المدينة وصحابته


[ 140 ]

فقال: من هذا يا ابا الحسن ؟ فقال: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كم بيننا وبينه ؟ قال: مسيرة اربعين يوما، فقال: يا ابا الحسن ان ربكم رب عظيم ونبيكم نبي كريم مد يدك فأنا اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وقتل علي الجلندي وغرق في البحر منهم خلقا كثيرا وقتل منهم كذلك وأسلم الباقون وسلم الحصن إلى الكندي وزوجه بابنة الجلندي واقعد عندهم قوما من المسلمين يعلموهم الفرايض. وفي حديث صالح بن سماعة الطائي انه قال: اعرابي اتاه من تيم مع القارصي بعدما سأله مسائل اني قدمت بابن لي ألتمس له جملا من العلم فلقنه خبرا، قال عليه السلام: ادن يا غلام قال الغلام فأمديده على ذوابتيه فلا أنسى برد جهضتها على أم دماغيه قال لي أتعلم ؟ قلت: بأبي وما أعلم ؟ قال: من ربك ؟ قلت: الله ربي، قال: من نبيك ؟ قلت: محمد قال: فأين قبلتك ؟ قلت: ها هي ذه تجاهيه وأومأت إلى الكعبة، قال لي: اجب الصلاة إذا غربت في اليوباء واذكر ربك ناشيا وان ركبت الجلعباء، ثم تركني فنهضت مع أبيه حتى قدمنا الحي وما شئ أحب إلي من الصلاة ثم سالت عن القارصي قال: ذاك علي بن ابي طالب. وأخذ عليه السلام البيعة على الجن بوادي العقيق بأن لا يظهروا في رحالتنا وجواد المسلمين، وقضى منه ومن رسول الله وضلت مائة ناقة حمراء تنظر في سواد وترعى في سواد فشكت الجن مأكلهم فقال: أو ليس قد أبحت لكم الثيل والعظام، قالوا: يا امير المؤمنين على ان لا يستجمر بها، فقال: لكم ذلك، فقالوا: يا امير المؤمنين فان الشمس تضر بأطفالنا، فأمر امير المؤمنين الشمس ان ترجع فرجعت واخذ عليها العهد ان لا نضر بأولاد المؤمنين من الجن والانس. ومنه الحديث الملك الذي تضمن كلمة ابن حماد وهي: ولقد غدا يوما إلى الهادي إذا * بالباب معترضا شجاع اقرع فسعى إلى مولاي يلحس ثوبه * كالمستجير به يلوذ ويضرع حتى إذا بصر النبي بكمه * ويذوده بالرفق عنه ويدفع ناداه رفقا يا علي فان ذا * ملك له من ذي المعارج موضع أخطا فاهبط من علو مكانه * فأتى بجاهك شافعا يستشفع فادع الاله له ليغفر ذنبه * واشفع فانك شافع ومشفع فدعا علي والنبي وأخلصا * فعلا الشجاع يصيح وهو مجعجع


[ 141 ]

لله من عبدين ليس لربنا * عبدان اوجه منهما أو اطوع وله ايضا: ومن ناجاه ثعبان عظيم * بباب الطهر القته السحاب رآه الناس فانجفلوا برعب * واغلقت المسالك والرحاب فلما ان دنا منه علي * تدانى الناس وانحشد الحباب فكلمه علي مستطيلا * فأقبل لا يخاف ولا يهاب ورنا رنة وانساب فيه * يقول وقد نستره الثياب انا ملك مسخت وانت مولى * دعاؤك ان مننت به عجاب اتيتك تائبا فاشفع إلى من * إليه من جنابتي المتاب فأقبل داعيا وأتى اخوه * يؤمن في الدعاء له انسكاب فلما ان اجيب اظل يعلو * كما يعلو لدى الجو العقاب نبته بريش طاووس عليه * جواهر زانها التبر المذاب يقول لقد نجوت بأهل بيت * بهم يصلى لظى وبهم يثاب وقال الصنوبرى: وشافع الملك الراجي شفاعته * إذ جاءه ملك في خلق ثعبان وقال ابن مكي: ألم تبصروا الثعبان مستشفعا به * إلى الله والمعصوم يلحسه لحسا فعاد كطاووس يطير كأنه * تعشرم في الاملاك فاستوجب الحبسا تفسير ابي محمد الحسن العسكري عليه السلام لما ناظرت اليهود عليا عليه السلام في النبوة نادى جمال اليهود أيتها الجمال اشهدي لمحمد ووصيه فنطقت جمالهم وثيابهم كلها صدقت يا علي ان محمدا رسول الله وانك يا علي حقا وصيه، فآمن بعضهم وخزي آخرون فنزل (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) الكتاب امير المؤمنين والمتقين شيعته. أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي عليه السلام بالاسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن امير المؤمنين قوله تعالى (انا عرضنا الامانة) عرض الله امانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب فقلن ربنا لا تحملنا بالثواب والعقاب لكنها نحملها بلا ثواب ولا عقاب، وان الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور فأول من آمن بها


[ 142 ]

البزاة البيض والقنابر واول من جحدها اليوم والعنقا فلعنهما الله تعالى من بين الطيور فاما البوم فلا تقدر ان تظهر بالنهار لبعض الطير لها واما العنقا فغابت في البحار لا ترى وان الله عرض امانتي على الارضين فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا وجعل ماؤها زلالا وكل بقعة جحدت امامتي وانكرت ولايتي جعلها سبخا وجعل نباتها مرا علقما وجعل ثمرها العوسج والحنظل وجعل ماءها ملحا اجاجا، ثم قال: (وحملها الانسان) يعني امتك يا محمد ولاية امير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب انه كان ظلوما لنفسه جهولا لامر ربه من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم. وقال امير المؤمنين عليه السلام: لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ولد حرام والطيور المختارة عندنا خمس: الزاغبي والورشان والقنبرة والهدهد والبوم، والسبب في سكونها الخراب انه لما قتل الحسين عليه السلام درأت عليه وقالت: لا سكنت بين قوم يقتلون ابن رسول الله، ودخلت الخراب، قيل: يا بومة القبة الخضراء قد انست * روحي بقربك إذ يستبشع اليوم ويا مثيرة اشجاني بنغمتها * حاشاك ما فيك تشويه ولا شوم زهدت في زخرف الدنيا فأسكنك * الزهد الخراب فمن بذممك مذموم ففي جببنك في وقت الظلام وقد * نام الانام دليل الشوق مرسوم تاريخ البلاذري قال أبو سحيلة: مررت انا وسلمان بالربذة على ابي ذر فقال: انه سيكون فتنة فان ادركتموها فعليكم بكتاب الله وعلي بن أبي طالب فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي اول من آمن بي واول من يصافحني يوم القيامة وهو يعسوب المؤمنين، وقال النبي: يا علي انت يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين. أبو الفرج في حديث ان المعلى بن طريف قال: ما عندكم في قوله تعالى (واوحى ربك إلى النحل) فقال بشار: النحل المعهود ؟ قال: هيهات يا ابا معاذ النحل بنو هاشم (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) يعني العلم. الرضا عليه السلام في هذه الآية قال: النبي علي اميرها فسمي امير النحل، ويقال: ان النبي صلى الله عليه وآله وجه عسكرا إلى قلعة بني ثعل فحاربهم اهل القلعة حتى نفذت اسلحتهم فارسلوا إليهم كواز النحل فعجز عسكر النبي عنها فجاء علي فذلت النحل له فلذلك سمي امير النحل، وروي انه وجد في غار نحل فلم يطيقوا به فقصده على وشال منه عسلا


[ 143 ]

كثيرا فسماه رسول الله امير النحل واليعسوب، ويقال هو يعسوب الآخرة وهذا في الشرف في اقصى ذروته، واليعسوب ذكر النحل وسيدها ويتبعه ساير النحل، قال أبو حنيفة الدينوري: متى عجز اليعسوب عن الطيران حملته النحل حملا وبقية النحل لا تعسل بعده وجعل يطير في وجه الارض، قال السروجي: والنحل اضحى لعلي طايعا * ممتثلا لامره لما انزجر والصحيح انه انزل الله تعالى الملائكة النحليين فكان اميرهم، قال العوني: علي امير النحل والنحل جنده * فهل لك علم بالامير وبالنحل وقال الوراق: علي وبيت الله آية أحمد * ويعسوب دين المؤمن المتحرم وقال الصاحب: ايعسوب دين الله صنو نبيه * ومن حبه فرض من الله واجب مكانك من فوق الفراقد لايح * ومجدك من أعلى السماك مراقب وسيفك في جيد الاعالي قلايدا * قلايد يعكف عليهن ثاقب فصل: في طاعة الجمادات له روى أبو بكر بن مردويه في المناقب، وابو اسحاق الثعلبي في تفسيره: وابو عبد الله النطنزي في الخصايص، والخطيب في الاربعين، وابو احمد الجرجاني في تاريخ جرجان رد الشمس لعلي عليه السلام، ولابي بكر الوراق كتاب طرق من روى رد الشمس، ولابي عبد الله الجعل مصنف في جواز رد الشمس، ولابي القاسم الحسكاني مسالة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس، ولابي الحسن الشاذان كتاب بيان رد الشمس على امير المؤمنين. وذكر أبو بكر الشيرازي في كتابه بالاسناد عن شعبة عن قتادة عن الحسن البصري عن ام هاني هذا الحديث مستوفى ثم قال: قال الحسن عقيب هذا الخبر وانزل الله عزوجل آيتين في ذلك قوله تعالى (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يذكر أو اراد شكورا) يعني هذا يخلف هذا لمن اراد ان يذكر فرضا أو نام عليه أو اراد شكورا. وانزل ايضا: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) وذكر ان الشمس ردت عليه مرارا، الذي رواه سلمان، ويوم البساط، ويوم


[ 144 ]

الخندق، ويوم حنين، ويوم خيبر، ويوم قرقيساء، ويوم براثا، ويوم الغاضرية، ويوم النهروان، ويوم بيعة الرضوان، ويوم صفين، وفي النجف، وفي بني مازر، وبوادي العقيق، وبعد احد وروى الكليني في الكافي انها رجعت بمسجد الفضيخ من المدينة، واما المعروف مرتان في حياة النبي صلى الله عليه وآله بكراع الغميم وبعد وفاته ببابل فأما في حال حياته عليه السلام ما روت ام سلمة واسماء بنت عميس وجابر الانصاري وابو ذر وابن عباس والخدري وابو هريرة والصادق عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بكراع الغميم فلما سلم نزل عليه الوحي وجاء علي عليه السلام وهو على ذلك الحال فأسنده إلى ظهره فلم يزل على تلك الحال حتى غابت الشمس والقرآن ينزل على النبي فلما تم الوحي قال يا علي صليت ؟ قال: لا، وقص عليه فقال: ادع ليرد الله عليك الشمس فسال الله فردت عليه بيضاء نقية، وفي رواية ابي جعفر الطحاوي ان النبي قال: اللهم ان عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، فردت فقام علي وصلى فلما فرغ من صلاته وقعت الشمس وبدر الكواكب، وفي رواية ابي بكر مهرويه قالت اسماء: أما والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريرا كصرير المنشار في الخشب قال: وذلك بالصهباء في غزاة خيبر، وروي انه صلى ايماء فلما ردت الشمس أعاد الصلاة بأمر رسول الله، وسئل الصاحب ان ينشد في ذلك فأنشأ: لا تقبل التوبة من تائب * إلا بحب ابن أبي طالب اخي رسول الله بل صهره * والصهر لا يعدل بالصاحب يا قوم من مثل علي وقد * ردت عليه الشمس من عايب وقال المفجع البصري: وعلي إذ نال راس رسول * الله من حجره وسادا وطيا إذ يخال النبي لما أتاه * الوحي مغمى عليه أو مغشيا فتراخت عنه الصلاة ولم يو * قظه إلى ان كان شخصه منحيا فدعا ربه فأنجزه الميع‍ * اد من كان وعده مأتيا قال هذا اخي بحاجة ربي * لم يزل شطر يومه مغشيا فاردد الشمس كي يصلي في الوقت * فعاد العشي بعد مضيا وقال الحميري: ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب ” المناقب ج 2، م 18 “


[ 145 ]

حتى تبلج نورها في افقها * للعصر ثم هوت هوي الكوكب وعليه قد ردت ببابل مرة * اخرى وما ردت لخلق معرب إلا ليوشع أو له من بعده * ولردها تأويل أمر معجب وله ايضا: فلما قضى وحي النبي دعا له * ولم يك صلى العصر والشمس تنزع فردت عليه الشمس بعد غروبها * فصار لها في اول الليل مطلع وله ايضا: علي عليه ردت الشمس مرة * بطيبة يوم الوحي بعد مغيب وردت له اخرى ببابل بعد * ما افت وتدلت عينها لغروب وقال ابن حماد: قرن الاله ولائه بولائه * لما تزكى وهو حان يركع سماه رب العرش نفس محمد * يوم البهال وذاك مالا يدفع فالشمس قد ردت عليه بخيبر * وقد ابتدت زهر الكواكب تطلع وببابل ردت عليه ولم يكن * والله خير من علي يوشع وقال علي بن احمد: وغدير خم ليس ينكر فضله * إلا زنيم فاجر كفار من ذا عليه الشمس بعد مغيبها * ردت ببابل نبئن يا حار وعليه قد ردت ليوم المصطفى * يوما وفي هذا جرت اخبار حاز الفضايل والمناقب كلها * أنى يحيط بمدحه الاشعار واما بعد وفاته عليه السلام ما روى جويرية بن مسهر وابو رافع والحسين بن علي عليه السلام ان امير المؤمنين لما عبر الفرات ببابل صلى بنفسه في طائفة معه العصر ثم لم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفات صلاة العصر من الجمهور فتكلموا في ذلك فسأل الله تعالى رد الشمس عليه فردها عليه فكانت في الافق فلما سلم القوم غابت فسمع لها وجيب شديد هال الناس ذلك واكثروا التهليل والتسبيح والتكبير ومسجد الشمس بالصاعدية من ارض بابل شايع ذابع، وعن ابن عباس بطرق كثيرة انه لم ترد الشمس إلا لسليمان وصي داود وليوشع وصي موسى ولعلي بن أبي طالب وصي محمد صلوات الله عليهم اجمعين.


[ 146 ]

قال قدامة السعدي: رد الوصي لنا الشمس التي غربت * حتى قضينا صلوة العصر في مهل لا انسه حين يدعوها فتتبعه * طوعا بتلبية هاها على عجل فتلك آيته فينا وحجته * فهل له في جميع الناس من مثل اقسمت لا ابتغي يوما به بدلا * وهل يكون لنور الله من بدل حسبي أبو حسن مولى ادين به * ومن به دان رسل الله في الاول وقال العوني: ولا تنس يوم الشمس إذ رجعت له * بمنتشر وادى من النور ممتع فذلك بالضهيا وقد رجعت له * ببابل ايضا رجعة المتطوع وقال ابن حماد: وردت لك الشمس في بابل * فساميت يوشع لما سمى ويعقوب ما كان اسباطه * كنجليك سبطي نبي الهدى وقال السروجي: والشمس لم تعدل بيوم بابل * ولا تعدت امره حين امر جاءت صلاة العصر والحرب على * ساق فأومى نحوها رد النظر فلم تزل واقفة حتى قضى * صلاته ثم هوت نحو المقر وقال غيره: من لم ترد الشمس بعد نبيه * إلا له بعد الحجاب المسدل وببابل والقوم فرض دونه * يتقارعون على ورود المنهل لله معجزة أنت لوليه * بين الملا بعد النبي المرسل فاما طعن الملاحدة ان ذلك يبطل الحساب والحركات فيجاب بأن الله تعالى ردها ورد معها الفلك فلا يختلف الحساب والحركات أو يقول بردها ثم يحدث فيها من السير ما يظهر وتلحق بموضعها ولا يظهر على الفلك وذلك يبني على حدوث العالم واثبات المحدث، واما اعتراض ابن فورك في كتاب الفصول من تعليق الاصول انه لو كان ذلك صحيحا لرآه جميع الناس في جميع الاقطار، فالانفصال منه بما اجيب عنه من اعترض على انشقاق القمر للنبي صلى الله عليه وآله. قال السيد الرضي: ردت عليه الشمس يحدث ضوئها * صبحا على بعد من الاصباح


[ 147 ]

من قاس ذا شرف به فكأنما * وزن الجبال القود بالاشياح وقال ابن الحجاج: سيدي الذي رجعت له * شمس النهار كما أمر ودعا فطار به البساط * كما روينا في الخبر وقال ابن حماد: يا إماما ماله إلا * رسول الله شكل لم يزل شأنك * عند الله يعلو ويجل وعليك الشمس ردت * ودجى الليل مطل وله أيضا: ردت له الشمس وهو شان * لو علم الناس اي شان وقال كشاجم: ومن رد خالقنا شمسه * عليه وقد جنحت للطفل ولو لم تعد كان في رأيه * وفي وجهه من سناها بدل وقال الحماني: أين الذي ردت عليه * الشمس في يوم الحجاب وأين القسيم النار في * يوم المواقف والحساب مولاهم يوم الغدير * برغم مرتاب وآب وقال الصنوبري: ردت له الشمس في افلاكها فقضى * صلاته غير ما ساه ولا وان وقال العوني: ذاك الذي رجعت شمس النهار له * بعد الافول كأن الشمس لم تغب وله أيضا: إمامي كليم الشمس بعد غروبها * فردت له من بعدما غربت عصرا وله ايضا: إني انا عبد لمن ردت له * شمس الضحى عند الغروب فانحرف ردت له حتى أقام فريضة * للظهر صلى والضيا لم ينكشف


[ 148 ]

وقال الصاحب: كان النبي مدينة العلم التي * حوت الكمال وكنت أفضل باب ردت عليك الشمس وهي فضيلة * ظهرت فلم تستر بكف نقاب وله ايضا: أول الناس صلاة * جعل التقوى جلاها ردت الشمس عليه * بعد ما غاب سناها وقال الاصفهاني: أمن عليه الشمس ردت بعدما * كسى الظلام معاطف الجدران حتى قضى ما فات من صلواته * في دبر يوم مشرق ضحيان والناس من عجب رأوه وعاينوا * يترجحون ترجح السكران ثم انثنت لمغيبها منحطة * كالسهم طار بريشة الظهران وقال الحميري: أم من عليه الشمس كرت بعدما * غربت والبسها الظلام شعارا حتى تلافى العصر في اوقاتها * والله آثره بها ايثارا تمت توارت بالحجاب حثيثة * جعل الاله لسيها مقدارا وقال أبو الفضل الاسكافي: من ذا له شمس النهار تراجعت * بعد الافول وقد تقضى المطلع حتى إذا صلى الصلاة لوقتها * أفلت ونجم عشا الاخيرة تطلع في دون ذلك للانام كفاية * من فضله ولدى البصيرة مقنع وقال ابن رزيك: من ردت الشمس من بعد المغيب له * فأدرك الفضل والاملاك تشهده وقال ابن الرومي: وله عجايب يوم سار بجيشه * يبغى لقصد النهروان المخرجا ردت عليه الشمس بعد غروبها * بيضاء تلمع وقدة وتأججا وقال غيره: من له آخى النبي المصطفى * يوم خم بالوفا دون الاهال وله معجزة مشهورة * حين رد الشمس من بعد الزوال


[ 149 ]

وقال آخر: لا ومن امري ونهي * وحيائي في يديه لا تواليت سوى من * ردت الشمس عليه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام عن جابر قال: كلمت الشمس علي بن أبي طالب سبع مرات: فأول مرة قالت له: يا إمام المسلمين اشفع لي إلى ربي أن لا يعذبني، والثانية قالت له مرني احرق مبغضيك فاني اعرفهم بسيماهم، والثالثة ببابل وقد فانته العصر فكلمها وقال لها ارجعي إلى موضعك فأجابته بالتلبية، والرابعة قال: يا ايتها الشمس هل تعرفين لي خطيئة ؟ قالت: وعزة ربي لو خلق الله الخلق مثلك لم يخلق النار، والخامسة فانهم اختلفوا في الصلاة في خلافة ابي بكر فخالفوا عليا فتكلمت الشمس ظاهرة فقالت: الحق له وبيده ومعه، سمعته قريش ومن حضره، والسادسة حين دعاها فأتته بسطل من ماء الحياة فتوضأ للصلاة فقال لها: من أنت ؟ فقالت: أنا الشمس المضيئة، والسابعة عند وفاته حين جاءت وسلمت عليه وعهد إليها وعهدت إليه وحدثني ابن شيرويه الديلمي وعبدوس الهمداني والخطيب الخوارزمي من كتبهم، وأجازني جدي الكيا شهر اشوب ومحمد الفتال من كتب اصحابنا نحو ابن قولويه والكشي والعبد كي عن سلمان وابي ذر وابن عباس وععلي بن ابي طالب انه لما فتح مكة وانتهيا إلى هوازن قال النبي صلى الله عليه وآله: قم يا علي وانظر كرامتك على الله كلم الشمس إذا طلعت فقام علي فقال: السلام عليك أيتها العبد الدائب في طاعة الله ربه فأجابته الشمس وهي تقول: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وحجة الله على خلقه فانكب علي ساجدا شكرا لله تعالى فأخذ رسول الله يقيمه ويمسح وجهه وقال قم يا حبيبي فقد أبكيت أهل السماء من بكائك وباهى الله بك حملة عرشه ثم قال: الحمد لله الذي فضلني على سائر الانبياء وايدني بوصية سيد الاوصياء ثم قرأ (وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها) الآية، قال الناشي: مكلم الشمس بما * قال لها رب السما تسمع منه الكلما * وهي له تقاول وقال العوني: إمامي كليم الشمس راجع نورها * فهل لكليم الشمس في القوم من مثل


[ 150 ]

وقال ابن حماد: فرد حين اظلمت * شمس الضحى وسلمت عليه إذ تكلمت * بكل ما يجلو الغشا وله ايضا: ورجعت الشمس حين تكلمت * وابدت من اسماء الامام حامها وله ايضا: من كلمته الشمس لما سلمت * جهرا عليه وكل شئ يسمع يا أولا يا آخرا يا ظاهرا * يا باطنا في الحجب سرا مودع وقال ابن هاني المغربي: والشمس حاسرة القناع وودها * لو تستطيع الارض التقبيلا وعلي أمير المؤمنين غمامة * نشأت تظلل تاجه تظليلا ومديرها من حيث شأ وطالما * زاحت تحت ظلاله جبريلا ومنه ما تضمن كلمة ابن حماد: روى عن ميثم التمار * في مسنده الاكبر بأن الشمس لم تطلع * لنا عشرا ولم تظهر فجئنا نسأل المرسل * ما للشمس لم تظهر فقال المصطفى * اخبركم يا أيها المعشر علي كان بالعتب * على فاطم مستشعر فغابت عنكم الشمس * رضاء للفتى حيدر فلما أن رضى عادت * ولو لم يرض لم تظهر واصاب الناس زلزلة على عهد ابي بكر ففزع إلى علي عليه السلام اصحابه فقعد علي على تلعة وقال: كأنكم قدها لكم، وحرك شفتيه وضرب الارض بيده ثم قال: مالك اسكني، فسكنت ثم قال: أنا الرجل الذي قال الله تعالى (إذا زلزلت الارض) الايات فأنا الانسان الذي أقول لها (مالك يومئذ تحدث اخبارها) إياي تحدث. وفي خبر آخر انه قال: لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله في كتابه لاجابتني ولكنها ليست بتلك. وفي رواية سعيد بن المسيب وعباية بن ربعي ان عليا عليه السلام ضرب الارض برجله فتحركت فقال: اسكني فلم يأن لك، ثم قرأ (يومئذ تحدث اخبارها).


[ 151 ]

شكا أبو هريرة إلى أمير المؤمنين شوق اولاده فأمره عليه السلام بغض الطرف فلما فتحها كان في المدينة في داره فجلس فيها هنيئة فنظر إلى علي في سطحه وهو يقول: هلم ننصرف، وغض طرفه فوجد نفسه في الكوفة فاستعجب أبو هريرة فقال أمير المؤمنين: ان آصف أورد تختا من مسافة شهرين بمقدار طرفة عين إلى سليمان وأنا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله. وروي عن الصادق عن أبيه عليه السلام قال: عرض لعلي بن أبي طالب خصومة فجلس في اصل جدار فقال رجل: يا أمير المؤمنين الجدار يقع، فقال له علي: امض كفى الله حارسا، فقضى بين الرجلين وقام وسقط الجدار. ووجد عليه السلام مؤمنا لازمه منافق بالدين فقال: اللهم بحق محمد وآله الطاهرين لما قضيت عن عبدك هذا الدين، ثم أمره بتناول حجر ومدر فانقلبت له ذهبا أحمر فقضى دينه وكان الذي بقى أكثر من مائة الف درهم. وروى جماعة عن خالد بن الوليد انه قال: رأيت عليا يسرد حلقات درعه بيده ويصلحها فقلت هذا كان لداود عليه السلام فقال يا خالد بنا لان الحديد لداود فكيف لنا. صالح بن كيسان وابن رومان رفعاه إلى جابر الانصاري قال: جاء العباس إلى علي عليه السلام يطالبه بميراث النبي صلى الله عليه وآله فقال له: ما كان لرسول الله شئ يورث إلا بغلته دلدل وسيفه ذو الفقار ودرعه وعمامته السحاب وأنا أربى بك أن تطالب بما ليس لك فقال: لا بد من ذلك وأنا أحق عمه ووارثه دون الناس كلهم، فنهض أمير المؤمنين ومعه الناس حتى دخل المسجد ثم أمر باحضار الدرع والعمامة والسيف والبغلة فأحضر فقال للعباس: يا عم ان أطقت النهوض بشئ منها فجميعه لك فان ميراث الانبياء لاوصيائهم دون العالم ولاولادهم فان لم تطق النهوض فلا حق لك فيه، قال: نعم: فالبسه أمير المؤمنين الدرع بيده والقى عليه العمامة والسيف ثم قال: انهض بالسيف والعمامة يا عم، فلم يطق النهوض فأخذ منه وقال له: انهض بالعمامة فانها آية من نبينا. فأراد النهوض فلم يقدر على ذلك وبقى متحيرا ثم قال له: يا عم وهذه البغلة بالباب لي خاصة ولولدي فان اطقت النهوض ركوبها فاركبها، فخرج ومعه عدوي فقال له: يا عم رسول الله خدعك علي فيما كنت فيه فلا تخدع نفسك في البغلة إذا وضعت رجلك في الركاب فاذكر الله وسم واقرأ (ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا) قال فلما نظرت البغلة إليه مقبلا مع العباس نفرت وصاحت صياحا ما سمعناه منها قط فوقع


[ 152 ]

العباس مغشيا عليه واجتمع الناس وأمر بامساكها فلم يقدر عليها ثم ان عليا دعا البغلة باسم ما سمعناه فجاءت خاضعة ذليلة فوضع رجله في الركاب ووثب عليها فاستوى عليها راكبا فاستدعى ان يركبا الحسن والحسين فأمرهما بذلك ثم لبس علي الدرع والعمامة والسيف وركبها وسار عليها إلى منزله وهو يقول: هذا من فضل ربي ليبلونئ اشكر أنا وهما أم تكفر أنت يا فلان، قال الحميري: رجل حوى إرث النبي محمد * قسما له من منزل الاقسام بوصية قضيت بها مخصوصة * دون الاقارب من ذوي الارحام ولقد دعا العباس عند وفاته * بقبولها فأصبح بالاعدام فحبا الوصي بها فقام بحقها * لما حباه بها على الاعمام وله ايضا: وقد ورث النبي رداه يوما * وبردته ولايكة اللجام وله ايضا: وارث السيف والعمامة والراية * مطوية وذات القيود منه والبغلة التي كان عليها * والحرب يلقاه يوم الوقود أبو جعفر الطوسي في الامالي عن أبي محمد الفحام بالاسناد عن أبي مريم عن سلمان قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل علي بن أبي طالب فناوله النبي حصاة فلما استقرت الحصاة في كفه نطقت بلا إله إلا الله محمد رسول الله رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبعلي وليا، فقال النبي: من اصبح منكم راضيا بولاية علي فقد آمن خوف الله وعقابه، قال العوني: من صاحب المنديل والسطل ومن * في كفه سبح لله الحصا وقال ابن حماد: من سبحت في كفه بيض الحصا * ليكون ذاك لفضله تبيانا من فيه انزل هل أتى رب العلى * وجزاه حور العين والولدانا وقال ديك الجن: أشنا عليا وتفنيد الغلاة له * وفي غد يعرف الافاك والاشر من ذا الذي كلمته البيد والشجر * وسلم الترب إذ ناداه والحجر ” المناقب ج 2، م 19 “


[ 153 ]

حتى إذا أبصر الاحياء من يمن * بربها آمنوا من بعدما كفروا الحق أبلج والاعلام واضحة * لو آمنت أنفس الشانين أو نظروا جابر بن عبد الله وحذيفة بن اليمان و عبد الله بن العباس وأبو هارون العبدي عن عبد الله بن عثمان، وحمدان بن المعافا عن الرضا عليه السلام، ومحمد بن صدقة عن موسى ابن جعفر عليه السلام، ولقد أنبأني أيضا ابن شيرويه والديلمي باسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قالوا: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في طرقات المدينة إذ جعل خمسة في خمس أمير المؤمنين فوالله ما رأينا خمسين أحسن منهما إذ مررنا على نخل المدينة فصاحت نخلة اختها هذا محمد المصطفى وهذا علي المرتضى فاجتزناهما فصاحت ثانية بثالثة هذا نوح النبي وهذا ابراهيم الخليل فاجتزناهما فصاحت ثالثة برابعة هذا موسى واخوه هارون فاجتزناهما فصاحت رابعة بخامسة هذا محمد سيد النبيين وهذا علي سيد الوصيين فتبسم النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: يا علي سم نخل المدينة صيحانيا فقد صاحت بفضلي وفضلك. وروي انه كان البستان لعامر بن سعد بعقيق السفلي، قال ابن حماد فتكلم النخل الذي في وسطه * بفصاحة تتعجب الثقلان من نخلة قالت هناك لاختها * هذان أكرم من مشي هذان هذا ابن عبد الله هذا صنوه * هذا علي العالم الرباني قد صاح هذا النخل بنشر فضلهم * فلاجل ذلك سمي الصيحاني الحارث الاعور قال: خرجنا مع أمير المؤمنين عليه السلام حتى انتهينا إلى العاقول فإذا هو بأصل شجرة وقد وقع عنها لحاها وبقى عودها ثم ضربها بيده ثم قال ارجعي لي باذن الله خضراء نضرة مثمرة فإذا هي تهتز بأغصانها حملها الكمثرى فقطعنا منه وأكلنا وحملنا معنا فلما كان من الغد غدونا إليها فإذا نحن بها خضراء وإذا فيها الكمثرى ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا إلى اليمن للمصالحة فلما اشرف على اليمن فإذا هم باسرهم مقبلون مشرعون رماحهم مسنون أسنتهم منتكبون قسيهم شاهرون سلاحهم فنادى بأعلى صوته: يا شجر يا مدر يا ثرى محمد رسول الله يقرئك السلام، فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلا ارتج بصوت واحد: وعلى محمد رسول الله وعليك السلام، فاضطربت قوايم القوم وارتعدت ركبهم ووقع السلاح من أيديهم وأقبلوا إليه مسرعين فاصلح بينهم، قال الزاهي: مكلم الشمس ومن ردت له * ببابل والغرب منها قد قبط


[ 154 ]

وراكض الارض ومن أنبع للعسكر ماء العين في الوادي القحط بحر لديه كل بحر جدول * يغرف من تياره إذا اغتمط وليث غاب كل ليث عنده * ينظره العقل صغيرا إذ فلط باسط علم الله في الارض ومن * بحبه الرحمن للرزق بسط سيف لو ان الطفل يلقى سيفه * بكفه في يوم حرب لشمط يخطو إلى الحرب به مدرعا * فكم به قد قد من رجس وقط ورأى عليه السلام أنصاريا يأكل قشور الفاكهة وقد أخذها من المزبلة فأعرض عنه لئلا يخجل منه فأتى منزله وأتى إليه بقرصي شعير من فطوره وقال: اصب من هذا كلما جعت فان الله يجعل فيه البركة فامتحن ذلك فوجد فيه لحما وشحما وحلوا ورطبا وبطيخا وفواكه الشتاء وفواكه الصيف فارتعدت فرايص الرجل وسقط لوجهه فاقامه علي عليه السلام وقال: ما شأنك ؟ قال: كنت منافقا شاكا فيما يقوله محمد وفيما تقوله أنت فكشف الله لي عن السماوات والارض والحجب فأبصرت كلما تعدان به وتواعدان به فرال عني الشك. وأخذ العدوي من بيت المال الف دينار فجاء سلمان على لسان امير المؤمنين عليه السلام فقال له: رد المال إلى بيت المال فقد قال الله تعالى (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) فقال العدوي: وما أكثر سحر اولاد عبد المطلب ما عرف هذا قط احد واعجب من هذا اني رأيته يوما وفي يده قوس محمد فسحرت منه فرماها من يده وقال: خذ عدو الله، فإذا هي ثعبان مبين يقصد إلي فحلفته حتى اخذها وصارت قوسا، قال مهيار: ولم أدر ان الله أخر آية * له بك في إظهار معجزها سر فكنت عصى موسى هوت فتلقفت * بآيتها البيضاء ما افك السحر وقعد علي عليه السلام للحاجة فرأته المنافقون فقال: يا قنبر اذهب إلى تلك الشجرة والتي تقابلها، وكان بينهما اكثر من فرسخ فناداهما: ان وصي محمد يأمركما ان تتلاصقا، فانضما بأمره فدارت المنافقون خلفه فأمرهما بالعود فانطلقتا وعادت كل واحدة تفارق الاخرى بالهزيمة ثم قعد فلما رفع ثوبه أعمى الله ابصارهم. وأنفذ امير المؤمنين ميثم التمار في أمر فوقف على باب دكانه فأتى رجل يشتري التمر فأمره بوضع الدرهم ورفع التمر فلما انصرف ميثم وجد الدرهم بهرجا فقال في ذلك فقال عليه السلام: فإذا يكون التمر مرا، فإذا هو بالمشتري رجع وقال هذا التمر مر.


[ 155 ]

تفسير الامام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام كتب رجل من الشام إلى امير المؤمنين أنا بعيالي مثقل وعليهم انخرجت خائف وبأموالي التي اخلفها ضنين وأحب اللحاق بك فجد لي يا أمير المؤمنين، فبعث إليه: اجمع اهلك وعيالك وحصل عندهم مالك وصل على ذلك كله على محمد وآله الطيبين ثم قل: اللهم انههذ كلها ودايعي عندك بأمر عبدك ووليك علي بن ابي طالب ثم قم وانهض الي، ففعل الرجل ذلك واخبر معاوية بهزيمته وأمر أن تسبى عياله وينهب ماله فذهبوا فألقى الله عليهم شبه عيال معاوية وأخص حاشيته ليزيد يقولون نحن اخذنا هذا المال وهو لنا واما عياله فقد استرقيناهم وبعثناهم إلى السوق، ومسخ الله المال عقارب وحيات فكلما قصد لصوص ليأخذوا منه لدغوا فمات منهم قوم ومضى آخرون فقال علي عليه السلام يوما للرجل: أتحب أن يأتيك مالك وعيالك ؟ فقال بلى، فقال: اللهم ائت بهم، فإذا هم بحضرة الرجل فأخبروه بالقصة فقال عليه السلام: ان الله تعالى ربما اظهر آية لبعض المؤمنين ليزيد في بصيرته ولبعض الكافرين ليبالغ في الاغدار إليه. واستفاض بين الخاص والعام ان اهل الكوفة فزعوا إلى امير المؤمنين من الغرق لما زاد الفرات فاسبغ الوضوء وصلى منفردا ثم دعا الله ثم تقدم إلى الفرات متوكئا على قضيب بيده حتى ضرب به صفحة الماء وقال: انقص باذن الله ومشيئته. فغاض الماء حتى بدت الحيتان فنطق كثير منها بالسلام عليه بامرة المؤمنين ولم ينطق منها اصناف من السمك وهي الجري والمارماهي والزمار فتعجب الناس لذلك وسالوه عن علة ما نطق وصموت ما صمت ! فقال: أنطق الله ما طهر من السموك واصمت عني ما حرمه ونجسه وأبعده. وفي رواية ابي محمد قيس بن أحمد البغدادي واحمد بن الحسن القطيفي عن الحسن بن ذكروان الفارسي الكندي انه ضرب بالقضيب فقال: اسكن يا ابا خالد، فنقص ذراعا فقال: أحسبكم ؟ قالوا: زدنا، فبسط وطاه وصلى ركعتين وضرب الماء ضربة ثانية فنقص الماء ذراعا فقالوا حسبنا يا امير المؤمنين فقال: والله لو شئت فاظهرت لكم الحصا، وذلك كحنين الجذع وكلام الذئب للنبي صلى الله عليه وآله، قال العوني: علي علا فوق الفرات قضيبه * وجنباه بالتيار يلتطمان ففي الضربة الاولى تقوض شطره * وفي اختها ما فوض الثلثان وله ايضا: من خاطب الحيتان لما برزت * مذعنة يوم العراق بالولا


[ 156 ]

من زجر الماء فغاض طايعا * لامره من بعدما كان طغا وله ايضا: إمامي فلاق الفرات بعوده * وقالع باب الحصن بالساعد العبل إمامي ضراب الجماجم في الوغى * مدير رحى الهيجاء بالاسر والقتل وقال السروجي: واذكر له يوم الفرات انها * اعجوبة معجزة ذات خطر لما علاه بقضيب ثم قا * ل اسكن بمن سبع سماوات فطر فالتطمت أمواجه في قعره * وغاض ثلثاه وقد كان زخر ولو ذكرت بالفرات ما جرى * ووقعة البصرة أظهرت العبر والنهروان ما نزلت ماشيا * ويوم صفين عن القلب خطر وقال أبو الفتح: فلما طغى الماء ماء الفرات * زجرت به زجر مستعلم فعاد إلى الغرب خوف العقاب * ورحت إلى كرم مفعم وقال الجبري: والماء حين طغى الفرات فأقبلوا * ما بين باكية إليه وباك قالوا أغثنا يا وصي المصطفى * فالماء يؤذينا بوشك هلاك فأتى الفرات وقال يا ارض ابلعي * طوعا باذن الله طاغي ماك فأغاضه حتى بدت حصباؤه * من تحت راسخة من الاسماك وقال ابن رزيك: وفي الفرات حديث إذ طغى فأتى * كل إليه لخوف الهلك يقصده فقال للماء غض طوعا فبان لهم * حصباؤه حين وافاه يهدده وقال خطيب منبج: وحين طغى الفرات وجاش ملا * وبات له الورى متخوفينا أتاه فرده وعدا يسيرا * وظل الناس منه آمنينا وقال غيره: وأتى الفرات وقد طمت أمواجه * فعلاه ضربا بالعصا غضبانا فهناك غار لوقته متذللا * وأساخ من أمواجه وألانا


[ 157 ]

واليه اقبل كل ذاك مكلما * حيتانه فاستنطق الحيتانا وزعم أهل العراق في حديث النجف انه كانت بحيرة تسمى إن جف من كثرة خريرها فقال امير المؤمنين عليه السلام: أن جف، فسمي النجف. سهل بن حنيف في حديثه انه لما اخذ معاوية مورد الفرات أمر امير المؤمنين لمالك الاشتر ان يقول لمن على جانب الفرات: يقول لكم علي اعدلوا عن الماء، فلما قال ذلك عدلوا عنه فورد قوم امير المؤمنين الماء واخذوا منه فبلغ ذلك معاوية فأحضرهم وقال لهم في ذلك فقالوا: ان عمرو بن العاص جاء وقال ان معاوية يأمركم أن تفرجوا عن الماء فقال معاوية لعمرو: انك لتأني أمرا ثم تقول ما فعلته، فلما كان من غد وكل معاوية حجل بن عتاب النخعي في خمسة آلاف فانفذ امير المؤمنين عليه السلام مالكا فنادى مثل الاول فمال حجل عن الشريعة فأورد اصحاب علي واخذوا منه فبلغ ذلك معاوية فأحضر حجلا وقال له في ذلك فقال له: ان ابنك يزيد اتاني فقال انك امرت بالتنحي عنه، فقال ليزيد في ذلك فأنكر فقال معاوية: فإذا كان غدا فلا تقبل من احد ولو اتيتك حتى تأخذ خاتمي، فلما كان يوم الثالث امر امير المؤمنين لمالك مثل ذلك فرأى حجل معاوية واخذ منه خاتمه وانصرف عن الماء وبلغ معاوية فدعاه وقال له في ذلك فأراه خاتمه فضرب معاوية يده على يده فقال نعم وان هذا من دواهي علي. وحدثني محمد الشوهاني باسناده انه قدم أبو الصمصام العبسي إلى النبي صلى الله عليه وآله قال متى يجئ المطر وأي شئ في بطن ناقتي هذه وأي شئ يكون غدا ومتى اموت فنزل (ان الله عنده علم الساعة) الآيات، فأسلم الرجل ووعد النبي ان يأتي بأهله فقال اكتب يا ابا الحسن بسم الله الرحمن الرحيم اقر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف وأشهد على نفسه في صحة عقله وبدنه وجواز امره ان لابي ضمضام العبسي عيه وعنده وفي ذمته ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرايف اليمن ونقط الحجاز وخرج أبو الضمضام ثم جاء في قومه بني عبس كلهم مسلمين وسأل عن النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: قبض، قال: فمن الخليفة من بعده ؟ فقالوا: أبو بكر، فدخل أبو الضمضام المسجد وقال: يا خليفة رسول الله ان لي على رسول الله ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرايف اليمن ونقط الحجاز فقال: يا أخا العرب سالت ما فوق العقل والله ما خلف رسول الله إلا بغلته الدلدل وحماره اليعفور وسيفه ذا الفقار ودرعه الفاضل اخذها كلها علي بن أبي طالب وخلف


[ 158 ]

فينا فدك فأخذناها بحق ونبينا لا يورث، فصاح سلمان (كردي ونكردي وحق از امير المؤمنين ببردي) ردوا العمل إلى اهله، ثم ضرب بيده إلى ابي الضمضام فأقامه إلى منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فقرع الباب فنادى علي: ادخل يا سلمان ادخل انت وابو الضمضام، فقال أبو الضمضام: هذه اعجوبة من هذا الذي سماني باسمي ولم يعرفني ! فعد سلمان فضايل علي فلما دخل ووسلم عليه قال: يا ابا الحسن ان لي على رسول الله ثمانين ناقة، ووصفها فقال علي: أمعك حجة ؟ فدفع إليه الوثيقة فقال علي يا سلمان ناد في الناس ألا من اراد أن ينظر إلى دين رسول الله فليخرج غدا إلى خارج المدينة، فلما كان الغد خرج الناس وخرج علي عليه السلام وأسر إلى ابنه الحسن عليه السلام سرا وقال: امض يا ابا الضمضام مع ابني الحسن إلى الكثيب من الرمل، فمضى عليه السلام ومعه أبو الضمضام فصلى الحسن ركعتين عند الكثيب وكلم الارض بكلمات لا ندري ما هي وضرب الكثيب بقضيب رسول الله صلى الله عليه وآله فانفجر الكثيب عن صخرة ململة مكتوب عليها سطران من نور، السطر الاول: بسم الله الرحمن الرحيم، والثاني: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فضرب الحسن الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقه فقال الحسن: اقتد يا ابا الضمضام، فاقتاد أبو الضمضام ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرايف اليمن ونقط الحجاز ورجع إلى علي بن أبي طالب فقال استوفيت يا ابا الضمضام ؟ قال نعم، قال: فسلم الوثيقة، فسلمها إلى علي بن ابي طالب فاخذها وخرقها فقال: هكذا اخبرني اخي وابن عمي رسول الله ان الله عز وجل خلق هذه النوق في هذه الصخرة قبل ان يخلق ناقة صالح بألفي عام فقال المنافقون: هذا من سحر علي قليل، قال السيد الحميري: نفسي فدا لمن قضى لا غيره * دين النبي وانجز الموعودا فقضى المتاع على الجمال بفضله * من صخرة فاذكر له التمجيدا من ذا يقاس بفضله وبقدره * ايقس بعبد من يكن معبودا وقال العبدي: حملت عمن بغى قدما عليك إلى * أن ظن انك منه غير منتصف لو شئت تمسخهم في دارهم مسخوا * أو شئت قلت بهم يا ارض فانخسف لكن لهم مدة ما زلت تعلمها * تقضى إلى اجل إذ ذاك لم تدف وأين منك مقر الهاربين إذا * قادتهم نحوك الاملاك بالعنف


[ 159 ]

فصل: في اموره مع المرضى والموتى الباقر عليه السلام: مرض رسول الله صلى الله عليه وآله مرضة فدخل علي عليه السلام المسجد فإذا جماعة من الانصار فقال لهم: أيسركم أن تدخلوا على رسول الله ؟ قالوا نعم، فاستأذن لهم فدخلوا فجاء علي وجلس عند رأس رسول الله فأخرج يده من اللحاف وبين صدر رسول الله فإذا الحمى تنفضه نفضا شديدا فقال: ام ملدم اخرجي عن رسول الله وانتهزها، فجلس رسول الله وليس به بأس فقال: يا بن أبي طالب لقد اعطيت من خصال الخير حتى ان الحمى لتفزع منك، وفي مقصورة العبدي: ويوم عاد المرتضى الهادي وقد * كان رسول الله حم واشتكى فمس صدر المصطفى بكفه * فكاد أن يحرقها فرط الحمى فقال يا أخي كذا فعلك بالطهر * فزالت خيفة من الندا قال النبي الحمد لله لقد * أعطاك ربي يا أخي اهنا العطا أكل شئ خائف بأسك حتى * هذه الحمى وعوفي وبرا وله أيضا: من زالت الحمى عن الطهر به * من ردت الشمس له بعد العشا من عبر الجيش على الماء ولم * يخش عليه بلل ولا ندا عبد الواحد بن زيد: كنت في الطواف إذ رأيت جارية تقول لاختها لا وحق المنتجب بالوصية الحاكم بالسوية العادل في القضية العالي البنية زوج فاطمة المرضية ما كان كذا، فقلت: أتعرفين عليا ؟ قالت: وكيف لا اعرف من قتل أبي بين يديه في يوم صفين وانه دخل على امي ذات يوم فقال لها: كيف أنت يا ام الايتام ؟ فقالت بخير ثم أخرجتني أنا واختي هذه إليه وكان قد ركبني من الجدري ما ذهب له بصري فلما رآني تأوه ثم قال: ما ان تأوهت من شئ رزيت به * كما تأوهت للاطفال في الصغر قد مات والدهم من كان يكفلهم * في النايبات وفي الاسفار والحضر ثم أمر يده على وجهي فانفتحت عيني لوقتي واني لانظر إلى الجمل الشارد في الليلة الظلماء الخبر، قال ابن مكي: أما رد كف العبد بعد انقطاعها * أما رد عينا بعدما طمست طمسا


[ 160 ]

تفسير الامام ابي محمد الحسن العسكري عليه السلام في قوله تعالى: (قل يا ايها الذين هادوا) الآية، ان اليهود قالوا: يا محمد ان كان دعاؤكم مستجابا فادعوا لابن رئيسنا هذا ليعافيه الله من البرص، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا ابا الحسن ادع الله له بالعافية، فدعا فعوفي فصار اجمل الناس فشهد الشهادتين فقال ابوه: كان هذا وفاق صحته فادع علي فقال: اللهم ابله ببلاء ابنه، فصار في الحال أبرص أجذم اربعين سنة آية للعالمين. الحاتمي باسناده عن ابن عباس انه دخل اسود إلى امير المؤمنين عليه السلام وأقر انه سرق فسأله ثلاث مرات قال: يا امير المؤمنين طهرني فانى سرقت. فأمر عليه السلام بقطع يده فاستقبله ابن الكواء فقال: من قطع يدك ؟ فقال: ليث الحجاز وكبش العراق ومصادم الابطال المنتقم من الجهال كريم الاصل شريف الفصل محل الحرمين وارث المشعرين أبو السبطين اول السابقين وآخر الوصيين من آل يس المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل الحبل المتين المحفوظ بجند السماء اجمعين ذاك والله امير المؤمنين على رغم الراغمين في كلام له، قال ابن الكواء: قطع يدك وتثني عليه ! قال: لو قطعني إربا إربا ما ازددت له إلا حبا، فدخل على امير المؤمنين واخبره بقصة الاسود فقال: يا بن الكواء ان محبينا لو قطعناهم إربا إربا ما ازدادوا لنا إلا حبا وان في أعدائنا من لو العقناهم السمن والعسل ما ازدادوا لنا إلا بغضا، وقال للحسن عليه السلام: عليك بعمك الاسود، فأحضر الحسن الاسود إلى امير المؤمنين واخذ يده ونصبها في موضعها وتغطى بردائه وتكلم بكلمات يخفيها فاستوت يده وصار يقاتل بين يدي امير المؤمنين إلى ان استشهد بالنهروان، ويقال كان اسم هذا الاسود افلح. وقال المشتاق: فقال له اني جنيت فحدني * ومن بعد حد الله مولاي فاقتلني فجز يمين العبد من حد قطعها * ومر بها راض على المرتضى يثني فقال له تمدح لمن لك قاطع * وذا عجب يسري به الناس في المدن فقال لهم ما كان مولاي جايرا * أقام حدود الله بالعدل وأنصفني فمروا بنحو المرتضى يخبرونه * فقال نعم استبشروا شيعتي منى ولو انني قطعتهم في محبتي * لما زال منهم بالولاء احد عني فالزق كف العبد مع عظم زنده * وعاد كأيام الرفاهة يستثني ومر ينادي انني عبد حيدر * على ذاك يحييني الاله ويقبرني ” المناقب ج 2، م 20 “


[ 161 ]

وابين احدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين فأخذ علي عليه السلام يده وقرأ شيئا والصقها فقال يا امير المؤمنين ما قرأت ؟ قال: فاتحة الكتاب، كأنه استقلها فانفصلت يده بنصفين فتركه علي ومضى، قال ابن مكي: رددت الكف جهرا بعد قطع * كرد العين من بعد الذهاب وجمجمة الجلندي وهو عظم * رميم جاربتك عن الخطاب وروى ابن بابويه في كتابه معرفة الفضايل وكتاب علل الشرايع ايضا عن حيان ابن سدير عن الصادق عليه السلام وقد سئل لم أخر امير المؤمنين العصر في بابل ؟ قال: انه لما صلى الظهر التفت إلى جمجمة ملقاة فكلمها امير المؤمنين عليه السلام فقال يا ايتها الجمجمة من اين أنت ؟ فقالت: أنا فلان بن فلان ملك بلدال فلان، قال لها امير المؤمنين، فقصي على الخبر وما كنت وما كان في عصرك، فأقبلت الجمجمة تقص خبرها وما كان في عصرها من خير ومن شر فاشتغل بها حتى غابت الشمس فكلمها بثلاثة أحرف من الانجيل لئلا يفقه العرب كلامه القصة. وقالت العلاة نادى علي الجمجمة ثم قال: يا جلندي ابن كراكر اين الشريعة ؟ فقال ههنا. فبنى هناك مسجدا وسمي مسجد الجمجمة وجلندي هذا ملك الحبشة صاحب الفيل الهادم للبيت أبرهة وقال شاعرهم: من كلم الاموات في يوم الفرات من القبور إذ قال هل في مائكم عبر لملتمس العبور قالوا له أنت العليم بكنه تصرف الامور فعلام تسال أعظما * رمما على مر الدهور انت الذي انوار قدسك * قد تمكن في الصدور انت الذي نصب النبي * لقومه يوم الغدير انت الصراط المستقيم * وانت نور فوق نور وقالت أيضا: انه نادى لسمكة: يا ميمونة أين الشريعة ؟ فأطلعت رأسها من الفرات وقالت: من عرف اسمي في الماء لا تخفى عليه الشريعة. أمالي الشيباني قال رشيد الهجري: كنت في بعض الطريق مع علي بن أبي طالب إذ التفت إلي فقال: يا رشيد أترى ما ارى ؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين وانه ليكشف لك الغطاء مالا يكشف لغيرك، قال: اني ارى رجلا في ثبج من النار يقول: يا علي استغفر لي، لا غفر الله له.


[ 162 ]

كتاب ابن بابويه وابي القاسم البستي والقاضي أبو عمرو بن أحمد عن جابر وأنس ان جماعة تنقصوا عليا عند عمر فقال سلمان: أو ما تذكر يا عمر اليوم الذي كنت فيه وابو بكر وانا وابو ذر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وبسط لنا شملة وأجلس كل واحد منا على طرف واخذ بيد علي وأجلسه في وسطها ثم قال: قم يا ابا بكر وسلم على علي بالامامة وخلافة المسلمين وهكذا كل واحد منا، ثم قال: يا علي سلم على هذا النور يعني الشمس فقال امير المؤمنين عليه السلام: أيتها الآية المشرقة السلام عليك، فأجابت القرصة وارتعدت وقالت: وعليك السلام، فقال رسول الله اللهم انك اعطيت لاخي سليمان صفيك ملكا وريحا غدوها شهر ورواحها شهر اللهم ارسل تلك لتحملهم إلى اصحاب الكهف، فقال علي: يا ريح احملينا، إذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثم قال: يا ريح ضعينا، فوضعتنا عند الكهف فقام كل واحد منا وسلم فلم يردوا الجواب فقام علي فقال: السلام عليكم اهل الكهف، فسمعنا: وعليك السلام يا وصي محمد انا قوم محبوسون ههنا من زمن دقيانوس، فقال لهم: لم لا تردوا سلام القوم ؟ فقالوا: نحن فتية لا نرد إلا على نبي أو وصي نبي وانت وصي خاتم النبيين وخليفة رسول رب العالمين، ثم قال: خذوا مجالسكم، فاخذنا مجالسنا ثم قال: يا ريح احملينا، فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثم قال: يا ريح ضعينا، فوضعتنا ثم ركض برجله الارض فنبعت عين ماء فتوضأ وتوضأنا ثم قال: ستدركون الصلاة مع النبي أو بعضها، ثم قال: يا ريح احملينا، ثم قال: ضعينا، فوضعتنا فإذا نحن في مسجد رسول الله وقد صلى من الغداة ركعة. فقال أنس: فاستشهدني علي وهو على منبر الكوفة فداهنت فقال: ان كنت كتمتها مداهنة بعد وصية رسول الله إياك فرماك الله ببياض في جسمك ولظى في جوفك وعمى في عينيك فما برحت حتى برصت وعميت، فكان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان ولا غيره. والبساط اهدوه أهل هربوق، والكهف في بلاد الروم في موضع يقال له اركدى وكان في ملك باهتدت وهو اليوم اسم الضيعة. وفي خبر ان الكساء أتى به خطي بن الاشرف أخو كعب فلما راى معجزات علي عليه السلام أسلم وسماء النبي صلى الله عليه وآله محمدا، قال خطيب منبج: ومن حملته ريح الله حتى * أتى أهل الرقيم الراقدينا ومن نادى بأهل الكهف حتى * اقروا بالولاية مفرحينا


[ 163 ]

وقال العوني: علي كليم القوم في الكهف فاعلما * وقد صم من شيخا كما الصديان وله أيضا: علي طارق الكهف * باعلان واجهار وله أيضا: ومن حملته الريح فوق بساطه * فاسمع اهل الكهف حين تكلما وقال الحميري: له البساط إذ سرى * وفتية الكهف دعا فما أجابوا في النداء * سوى الوصي المرتضى وله ايضا: سل فتية الكهف الذين اتاهم * فأيقظ في رد السلام منامها وقال البرقي: حتى إذا يئسوا جواب سلامهم * قام الوصي إليهم ابداء قال السلام عليكم من فتية * عبدوا الاله وتابعوا السناء قالوا عليك من الاله تحية * تهدى اليك ورحمة وضياء إنا منعنا أن نكلم هاتفا * إلا نبيا كان أو موصاء وقال الجبري: والريح إذ مرت فقيل لها احملي * طوعا وصي الله فوق قراك فجرت رخاء بالبساط مطيعة * أمر الاله حشيشة الايشاك حتى إذا بلغ الرقيم بصحبه * ليزيل عنهم مرية الشكاك قال السلام عليكم فتبادروا * بالرد بعد الصمت والامساك عن غيره فبدت ضغاين صدري * حنق لستر نفاقه هتاك وقال ابن الاطيس: وطارق الباب على كهفهم * في الخبر المشهور عن جابر وقال ابن العضد: من كلم الفتية في الكهف ولم * يكلموا حقا سواه إذ دعا


[ 164 ]

وقال أبو الفتح: وفي الكهف منقبة حسنها * على الرغم من معطس الادلم غداة يسلم في صحبهم * سلام الصحاة على النوم فنادوه أجمع عليك السلام * فذاك عظيم لمستعظم كتاب العلوي البصري ان جماعة من اليمن أتوا النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: نحن من بقايا الملل المتقدمة من آل نوح وكان لنبينا وصي اسمه سام وخبر في كتابه ان لكل نبي معجزا وله وصي يقوم مقامه فمن وصيك ؟ فأشار بيده نحو علي فقالوا: يا محمد ان سألناه أن يرينا سام بن نوح فيفعل ؟ فقال صلى الله عليه وآله: نعم باذن الله وقال يا علي قم معهم إلى داخل المسجد واضرب برجلك الارض عند المحراب فذهب علي وبأيديهم صحف إلى ان دخل محراب رسول الله داخل المسجد فصلى ركعتين ثم قام وضرب برجله الارض فانشقت الارض وظهر لحد وتابوت فقام من التابوت شيخ يتلالا وجهه مثل القمر ليلة البدر وينفض التراب من رأسه وله لحية إلى سرته وصلى على علي عليه السلام وقال: اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله سيد المرسلين وانك علي وصي محمد سيد الوصيين وانا سام بن نوح، فنشروا اولئك صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف ثم قالوا: نريد ان يقرأ من صحفه سورة، فأخذ في قراءته حتى تمم السورة ثم سلم على علي ونام كما كان فانضمت الارض وقالوا باسرهم: ان الدين عند الله الاسلام، وآمنوا وأنزل الله (أم اتخذوا من دونه اولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى) إلى قوله (ينيب). سلمان (شلقان) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام كانت له خؤولة في بني مخزوم وان شابا منهم اتاه فقال: يا خال ان اخي وتربي مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا، فقال له: أتشتهي أن تراه ؟ قال نعم، قال: فأرني قبره، فخرج وتقنع برداء رسول الله المستجاب فلما انتهى إلى القبر تكلم بشفتاه ثم ركضه برجله فخرج من قبره وهو يقول وميكا بلسان الفرس فقال له علي: ألم تمت وانت رجل من العرب ! فقال: نعم ولكنا متنا على سنة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا. وروي رواية اخرى تضمنت ابيات الجبري: واليت حين دعا به في صرصر * فأجابه وابيت حين دعاكا


[ 165 ]

وقال العوني: إمامي الذي أحيى بصرصر ميتا * وقالع باب الحصن في وقته قهرا وله أيضا: من ذا الذي أحيى له رب العلى * بصرصر ميتا دفينا في الثرى وله ايضا: ولاحيائه بصرصر الميت * غلا فيه كالمسيح فريق وقال المرزكي: ردت له شمس الضحى بعدما * هوت هوي الكوكب الغابر وقال آخر: ثمة أحيى ميتا باليا * فقام منشورا من الحافر وقال الحميري: فقال له فرمان عيسى بن مريم * بزعمك يحيي كل ميت ومقبر فماذا الذي اعطيت قال محمد * لمثل الذي أعطيه ان شئت فانظر إلى مثل ما اعطي فقالوا لكفرهم * الا أرنا ما قلت غير معذر فقال رسول الله قم لوصيه * فقام وقدما كان غير مقصر ورداه بالمنجاب والله خصه * وقال اتبعوه بالدعاء المبرر فلما اتى ظهر البقيع دعا به * فرجت قبور بالورى لم تغير فقالوا له يا وارث العلم اعفنا * ومن علينا بالرضى منك واغفر برئ المرضى واحيي الموتى على ايدي الانبياء والاوصياء عليهم السلام من فعل الله تعالى. قال عيسى (وابر الاكمه والابرص واحيي الموتى باذن الله) وقوله تعالى (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني وإذ تخرج الموتى باذني). وقال ابراهيم: (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير) الآيات، وقال في عزيرا وارميا (أو كالذي مر على قرية) إلى قوله (قدير)، وكذلك في قصة بني اسرائيل وهم الوف حذر الموت فأحياهم.


[ 166 ]

فصل: فيمن غير الله حالهم وهلكهم ببغضه أو شبه الاعمش عن رواته عن حكيم بن جبير وعن عقبة الهجرى عن عمته وعن ابي يحيى قال: شهدت عليا على منبر الكوفة يقول: أنا عبد الله واخو رسوله ورثت نبي الرحمة ونكحت سيدة نساء اهل الجنة وانا سيد الوصيين وآخر اوصياء النبيين لا يدعي ذلك غيرى إلا اصابه الله بسوء، فقال رجل من عبس لا يحسن ان يقول انا عبد الله واخو رسوله. فلم يبرح مكانه حتى تخبطه الشيطان فجر برجله إلى باب المسجد. العياشي باسناده إلى الصادق عليه السلام في خبر قال النبي صلى الله عليه ونله: يا علي اني سألت الله ان يوالي بيني وبينك ففعل وسألته ان يواخي بيني وبينك ففعل وسألته ان يجعلك وصيي ففعل فقال رجل لصاع من تمر في شن بال خير مما سال محمد ربه هلا سأل ملكا يعضده على عدوه أو كنزا يستغنى به على فاقته فأنزل الله تعالى (فلعلك باخع نفسك) الاية، وفي رواية اصاب لقائله علة. أبو بصير عن الصادق عليه السلام لما قال النبي صلى الله عليه وآله يا علي لولا انني اخاف ان يقولوا فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمر يملا من المسلمين إلا اخذوا التراب من تحت قدمك. قال الحارث بن عمر الفهري لقوم من اصحابه: ما وجد محمد لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم يوشك ان يجعله نبيا من بعده والله ان آلهتنا التي كنا نعبد خيرا منه، فأنزل الله تعالى (ولما ضرب بن مريم مثلا) إلى قوله (وانه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعوني هذا صراط مستقيم). وفي رواية انه نزل ايضا (ان هو إلا عبد أنعمنا عليه) الآية. فقال النبي صلى الله عليه وآله: اتق الله وارجع عما قلت من العداوة لعلي بن أبي طالب فقال: إذا كنت رسول الله وعلي وصيك من بعدك وفاطمة بنتك سيدة نساء العالمين والحسن والحسين ابناك سيدا شباب اهل الجنة وحمزة عمك سيد الشهداء وجعفر الطيار ابن عمك يطير مع الملائكة في الجنة والسقاية للعباس عمك فما تركت لساير قريش وهم ولد ابيك ؟ ! فقال رسول الله ويلك يا حارث ما فعلت ذلك ببني عبد المطلب لكن الله فعله بهم، فقال: إن كان هذا هو الحق من عندك (فامطر علينا حجارة من السماء) الاية، فأنزل الله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) ودعا رسول الله الحارث فقال: اما ان تتوب أو ترحل عنا، قال: فان قلبي لا يطاوعني إلى التوبة ولكني


[ 167 ]

ارحل عنك، فركب راحلته فلما اصحر أنزل الله عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة فأنزلها على هامته وخرجت من دبره إلى الارض ففحص برجله وانزل الله تعالى على رسوله (سال سائل بعذاب واقع) للكافرين بولاية علي بن أبي طالب، قال هذا هذا نزل به جبرئيل عليه السلام، قال العبدي: شبهه عيسى فصد قومه * كفرا وقالوا ضل فيه واعتدى فجاءه الوحي بتكذيبهم * وقال ما كان حديثا يفترى علمه الله الذي كان وما * يكون في العالم جهر وخفى وقال الحميري: هو مولاك فاستطار ونادى * ربه باستكانة وانتصاب رب ان كان ذا هو الحق من * عندك تجزي به عظيم الثواب رب امطر من السماء بأحجا * ر علينا أو آتنا بعذاب ثم ولى وقال دونكموه * ان ربي مصيبه بشهاب فاطلبوه إذا تغيب عنكم * فسعوا يطلبونه في الثياب فإذا شلوه طريح عليه * لعنة الله بين تلك الروابي زياد بن ؟ ؟ ؟ ؟ كنت جالسا في نفر فمر بنا محمد بن صفوان مع عبيدالله بن زياد فدخلا المسجد ثم رجعا الينا وقد ذهبت عينا محمد بن صفوان فقلنا ما شأنه ؟ فقال: انه قام في المحراب وقال انه من لم يسب عليا بنية فانه يسبه بنيته فطمس الله بصره. وقد رواه عمر بن ثابت عن ابي معشر البلاذري والسمعاني والمطيرى والنطنزى والفلكي انه مر بسعد بن مالك رجل يشتم عليا فقال: ويحك ما تقول ! قال: اقول ما تسمع، فقال: اللهم ان كان كاذبا فاهلكه، فخبطه جمل بختي فقتله. ابن المسيب: صعد مروان المنبر وذكر عليا عليه السلام فشتمه قال سعيد فهومت عيناى فرأيت كفا في منامي خرجت من قبر رسول الله صلى الله عليه وآله عاقدة على ثلاث وستين وسمعت قائلا يقول: يا اموي يا شقي أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم نطفة ثم سواك رجلا، قال: فما مر بمروان إلا ثلاث حتى مات. مناقب اسحاق العدل: انه كان في خلافة هشام خطيب يلعن امير المؤمنين عليه السلام على المنبر فخرجت كف من قبر رسول الله صلى الله عليه وآله يرى الكف ولا يرى الذراع عاقدة على ثلاث وستين وإذا كلام من قبر النبي: ويلك من اموي أكفرت بالذي خلقك من


[ 168 ]

تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا، وألقت ما فيها وإذا دخان ازرق قال: فما نزل عن منبره إلا وهو أعمى يقاد. قال: وما مضت له إلا ثلاثة ايام حتى مات. وروى علماء واسط انه لما رفعوا اللعاين جعل خطيب واسط يلعن فإذا هو بثور عبر الشط وشق السور ودخل المدينة وأتى الجامع وصعد المنبر ونطح الخطيب فقتله بها وغاب عن أعين الناس فشدوا الباب الذي دخل منه واثره ظاهر وسموه باب الثور. وقال هاشمي: رأيت رجلا بالشام قد اسود نصف وجهه وهو يغيظه فسألته عن سبب ذلك فقال: نعم قد جعلت علي ان لا يسألني احد عن ذلك إلا اخبرته كنت شديد الوقيعة في علي بن ابي طالب كثير الذكر له بالمكروه فبينا انا ذات ليلة نائم إذا اتاني آت في منامي فقال: انت صاحب الوقيعة في علي، فضرب شق وجهي فاصبحت وشق وجهي اسود كما ترى. شمر بن عطية قال: كان ابي ينال من علي فأني في المنام فقيل له: انت الساب عليا ؟ فحنق حتى احدث في فراشه ثلاث ليال. وكان بالمدينة رجل ناصبي ثم تشيع بعد ذلك فسئل عن السبب في ذلك فقال: رأيت في منامي عليا يقول لي: لو حضرت صفين مع من كنت تقاتل ؟ فأطرقت افكر فقال عليه السلام: يا خسيس هذه مسألة تحتاج إلى هذا الفكر العظيم ؟ ؟ ؟ ؟ قفاه، فصفعت حتى انتبهت وقد ورم قفاي فرجعت عما كنت عليه. أبو جعفر المنصور: كان قاص إذا فرغ من قصصه ذكر عليا فشتمه فبينما هو كذلك إذ ترك ذلك فسئل عن سببه فقال: والله لا اذكر له شتيمة ابدا بينا انا نائم والناس قد جمعوا فيأتون النبي صلى الله عليه وآله فيقول لرجل: اسقهم، حتى وردت على النبي فقال له اسقه فطردني فشكوت ذلك الى رسول الله فقال اسقه فسقاني قطرانا واصبحت وانا اتجشاه وابوله. الاعمش: انه حدثه المنصور وقع عمامة رجل فإذا رأسه راس خنزير فسأله عن قصته فقال: كنت مؤذنا ثلاثين سنة وكنت ألعن عليا بين الاذان والاقامة مائة مرة كل يوم خمسمائة مرة ولعنته ليلة الجمعة الف لعنة فبينما انا نائم وقد لحقني العطش فإذا انا برسول الله وعلي والحسن والحسين فقلت للحسنين اسقياني فلم يكلماني فدنوت من علي فقلت يا ابا الحسن اسقني فلم يسقني ولم يكلمني فدنوت من النبي فقلت اسقني فرفع ” المناقب ج 2، م 21 “


[ 169 ]

رأسه فبصر بي وقال: أنت اللاعن عليا في كل يوم خمسمائة مرة وقد لعنته البارحة الف مرة ؟ فلم أحر إليه جوابا فتفل في وجهي وقال: اخسء يا خنزير فوالله ما اصبحت إلا وجهي ورأسي كخنزير. الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: كان ابراهيم بن هاشم المخزومي واليا على المدينة وكان يجمعنا كل يوم جمعة قريبا من المنبر ويشتم عليا عليه السلام فلصقت بالمنبر فأغفيت ورايت القبر قد انفرج وخرج منه رجل عليه ثياب بيض فقال لي: يا أبا عبد الله ألا يحزنك ما يقول هذا ؟ قلت: بلى والله، قال: افتح عينيك انظر ما يصنع الله به، وإذا هو قد ذكر عليا فرمى به من فوق المنبر فمات. عثمان بن عفان السجستاني: ان محمد بن عباد قال: كان في جواري صالح فرأى النبي صلى الله عليه وآله في منامه على شفير الحوض والحسن والحسين يسقيان الامة فاستسقيت أنا فأبيا علي فأتيت النبي أسأله فقال: لا تسقوه فان في جوارك رجلا يلعن عليا فلم تمنعه فدفع إلي سكينا وقال: اذهب فاذبحه قال فخرجت وذبحته ودفعت السكين إليه فقال يا حسين اسقه، فسقاني واخذت الكأس بيدي ولا أدري أشربت أم لا فانتبهت وإذا بولولة ويقولون فلان ذبح على فراشه واخذ الشرط الجيران فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك الله هذا أنا فعلته والقوم براء وقصصت عليه الرؤيا فقال اذهب جزاك الله خيرا عبد الله بن السايب وكثير بن الصلت قالا: جمع زياد بن أبيه اشراف الكوفة في مسجد الرحبة ليحملهم على سب امير المؤمنين عليه السلام والبراءة منه فأغفيت فإذا أنا بشخص طويل العنق أهدل أهدب قد سد ما بين السماء والارض فقلت له: من أنت ؟ قال: انا النقاد ذو الرقبة طاعون بعثت إلى زياد، فانتبهت فزعا فسمعنا الواعية عليه وأنشأت: قد جشم الناس أمرا ضاق ذرعهم * بحملهم حين اداهم إلى الرحبة يدعوا على ناصر الاسلام داءا * له على المشركين الطول والغلبة ما كان منتهيا عما أراد به * حتى تناوله النقاد ذو الرقبة فأسقط الشق منه ضربة عجبا * كما تناول ظلما صاحب الرحبة وكان مجنون يتشيع والصبيان يرمونه بالحجارة فصعد يوم جمعة المنبر فقال: نواصب قد لاموا علي سفاهة * بحب علي أم من لام زانية فان تركوا لومي تركت هجاهم * وان شتموا عرضي شتمت معاوية


[ 170 ]

فصل: فيما ظهر بعد وفاته أحاديث علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة، ومجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان السماء والارض لتبكي على المؤمن إذا مات اربعين صباحا وانها لتبكي على العالم إذا مات اربعين شهرا وان السماء والارض ليبكيان عليك يا علي إذا قتلت اربعين سنة، قال ابن عباس: لقد قتل امير المؤمنين على الارض بالكوفة فأمطرت السماء ثلاثة ايام دما. أبو حمزة عن الصادق عليه السم وقد روي ايضا عن سعيد بن المسيب انه لما قبض امير المؤمنين لم يرفع من وجه الارض حجر إلا وجد تحته دم عبيط. اربعين الخطيب وتاريخ النسوي انه سئل عبد الملك بن مروان الزهري: ما كانت علامة يوم قتل علي ؟ قال: ما رفع حصاة من بيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط، ولما ضرب عليه السلام في المسجد سمع صوت: لله الحكم لا لك يا علي ولا لاصحابك، فلما توفي سمع في داره: (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة) الآية، ثم هتف هاتف آخر: مات رسول الله ومات أبوكم. الصفواني في الاحن والمحن والكليني في الكافي: انه لما توفي امير المؤمنين عليه السلام جاء شيخ يبكي وهو يقول: اليوم انقطعت علاقة النبوة، حتى وقف بباب البيت الذي فيه امير المؤمنين فأخذ بعضادتي الباب فقال: رحمك الله فلقد كنت اول الناس اسلاما واخلصهم ايمانا واشدهم يقينا واخوفهم من الله واطوعهم لنبي الله وآمنهم على اصحابه وافضلهم مناقب واكثرهم سوابق واشبههم به خلقا وخلقا وسيماء وفضلا وكنت اخفضهم صوتا واعلاهم طودا واقلهم كلاما واصوبهم منطقا واشجعهم قلبا واحسنهم عملا واقواهم يقينا حفظت ما ضيعوا ورعيت ما اهملوا وشمرت إذ اجتمعوا وعلوت إذ هلعوا ووقفت إذ شرعوا وادركت أو تارما ظلموا كنت على الكافرين عذابا واصبا وللمؤمنين كهفا وحصنا كنت كالجبل الراسخ لا تحركك العواصف كنت للطفل كالاب الشفيق وللارامل كالبعل العطوف قسمت بالسوية وعدلت في الرعية واطفأت النيران وكسرت الاصنام واذللت الاوثان وعبدت الرحمن، في كلام له كثير، فالتفتوا فلم يروا احدا فسئل الحسن عليه السلام من كان الرجل ؟ قال الخضر. وفي اخبار الطالبيين ان الروم أسروا قوما من المسلمين فأتى بهم إلى الملك فعرض عليهم الكفر


[ 171 ]

فأبوا فأمر بالقائهم في الزيت المغلي وأطلق منهم رجلا يخبر بحالهم فبينما هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل فوقف فنظر إلى اصحابه الذين القوا في الزيت فقال لهم في ذلك فقالوا قد كان ذلك فنادى مناد من السماء في شهداء البر والبحر ان علي بن أبي طالب قد استشهد في هذه الليلة فصلوا عليه فصلينا عليه ونحن راجعون إلى مصارعنا. أبو ذرعة الرازي باسناده عن منصور بن عمار انه سئل عن اعجب ما رآه قال: ترى هذه الصخرة في وسط البحر يخرج من هذا البحر كل يوم طاير مثل النعامة فيقع عليها فإذا استوى واقفا تقيأ رأسا ثم تقيأ يدا وكذا عضوا عضوا ثم تلتئم الاعضاء بعضها إلى بعض حتى يستوي انسانا قاعدا ثم يهم للقيام فإذا هم للقيام نقره نقرة فأخذ رأسه ثم اخذه عضوا عضوا كما قائه، قال: فلما طال على ذلك ناديته يوما ويك من أنت ؟ ثم التفت إلي وقال هاتف: هو عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب وكل الله به هذا الطير فهو يعذبه إلى يوم القيامة. وزعم انهم يسمعون العواء من قبره. واخذ المسترشد من مال الحاير وكربلا والنجف وقال: ان القبر لا يحتاج إلى الخزانة وأنفق على العسكر فلما خرج قتل هو وابنه الراشد. وسأل أبو مسكان الصادق عليه السلام عن القائم المايل في طريق الغري ؟ فقال: نعم انهم لما جاؤا بسرير امير المؤمنين عليه السلام انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين: وفي المنارة إذ حنت عليك فما * لت آية حار منها كل معجب قال الغزالي: ذهب الناس إلى أن عليا دفن على النجف وانهم حملوه على الناقة فسارت حتى انتهت إلى موضع قبره فبركت فجهدوا أن تنهض فلم تنهض فدفنوه فيه. أبو بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري قال: اوصى علي عليه السلام عند موته للحسن والحسين وقال لهما: إن أنا مت فانكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة وثلاثة اكفان من استبرق الجنة فغسلوني وحنطوني بالحنوط وكفنوني، قال الحسن عليه السلام: فوجدنا عند راسه طبقا من الذهب عليه خمس شمامات من كافور الجنة وسدرا من سدر الجنة، فلما فرغوا من غسله وتكفينه أتى البعير فحملوه على البعير بوصية منه، وكان قال: فسيأتي البعير إلى قبري فيقف عنده فأتى البعير حتى وقف على شفير القبر فوالله ما علم احد من حفره فالحد فيه بعد ما صلى عليه واظلت الناس غمامة بيضاء وطيور بيض فلما دفن ذهبت الغمامة والطيور. ومن طريقة اهل البيت عليهم السلام ما جاء في تهذيب الاحكام عن سعد الاسكاف


[ 172 ]

قال: حدثني أبو عبد الله عليه السلام قال: لما اصيب امير المؤمنين قال للحسن والحسين عليه السلام غسلاني وكفناني وحنطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخره تكفيان مقدمه فانكما تنتهيان إلى قبر محفور ولحد ملحود ولبن موضوع فالحداني واشرجا اللبن علي وارفعا لبنة مما يلي راسي فانظروا ما تسمعان. وعن منصور بن محمد بن عيسى عن ابيه عن جده زيد بن على عن ابيه عن جده الحسين بن علي في خبر طويل يذكر فيه: اوصيكما وصية فلا تظهرا على امري احدا فأمرهما ان يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا وأن يكفناه فيما يجدان فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح وإذا وجدا السرير يشال مقدمه يشيلان مؤخره وأن يصلي الحسن مرة والحسين مرة صلاة إمام ففعلا كما رسم فوجدا اللوح وعليه مكتوب (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ذخره نوح النبي صلى الله عليه لعلي بن أبي طالب) واصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد اضاء نوره على نور النهار. وروي انه قال الحسين وقت الغسل: أما ترى إلى خفة امير المؤمنين ! فقال الحسن: يا ابا عبد الله ان معنا قوما يعينوننا، فلما قضيا صلاة العشاء الاخرة إذا قد شيل مقدم السرير ولم نزل نتبعه إلى ان وردنا إلى الغري فأتينا إلى قبر على ما وصف امير المؤمنين ونحن نسمع خفق اجنحة كثيرة وضجة وجلبة فوضعنا السرير وصلينا على امير المؤمنين كما وصف لنا ونزلنا قبره فاضجعناه في لحده ونضدنا عليه اللبن. وفي الخبر عن الصادق عليه السلام فأخذ اللبنة من عند الرأس بعدما اشرجا عليه اللبن فإذا ليس في القبر شئ وإذا هاتف يهتف: امير المؤمنين كان عبدا صالحا فالحقه الله بنبيه وكذلك يفعل الاوصياء بعد الانبياء حتى لو ان نبيا مات بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لالحق الوصي بالنبي. وفي خبر عن ام كلثوم بنت علي عليه السلام: فانشق القبر عن ضريح فإذا هو بساجة مكتوب عليها بالسريانية (بسم الله الرحمن الرحيم هذا قبر حفره نوح لعلي بن ابي طالب وصي محمد قبل الطوفان بسبعمائة سنة) فانشق القبر فلا ندري. سلام على قبر تضمن حيدرا * ونوحا وعنهم آدم غير غائب وعنها رضي الله عنها انه لما دفن عليه السلام سمع ناطق يقول: أحسن الله لكم العزاء في سيدكم وحجة الله على خلقه. التهذيب في خبر انه نفذ اسماعيل بن عيسى غلاما له اسود شديد الباس يعرف بالجمل في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وماءة في جماعة وقال: امضوا إلى هذا القبر


[ 173 ]

الذي قد افتتن به الناس ويقولون انه قبر علي حتى تنبشون إلى قعره، فخفروا حتى نزلوا خمسة اذرع فبلغوا إلى موضع صلب عجزوا عنه فنزل الحبشي فضرب ضربة سمع طنينها في البر ثم ضرب ثانية وثالثة ثم صاح صيحة وجعل يستغيث فأخرجوه بالحبل فإذا على يده من اطراف اصابعه إلى ترقوته دم فحملوه على البغل ولم يزل ينتشر من عضده وساير شقه الايمن فرجعوا إلى العباسي فلما رآه التفت إلى القبلة وتاب من فعله وتبرأ ومات الغلام من وقته وركب في الليل إلى علي بن مصعب بن جابر فسأله أن يعمل على القبر صندوقا. قال أبو جعفر الطوسي حدثني أبو الحسن محمد بن تمام الكوفي قال حدثني أبو الحسن بن الحجاج قال: رأينا هذا الصندوق وذلك قبل ان يبنى عليه الحايط الذي بناه الحسن بن زيد. وفي الامالي انه خرج بعض الخلفاء يتصيد في ناحية الغربين والتوبة وارسل الكلاب فلجأت الظباة إلى اكمة ورجعت الكلاب ثم ان الطباء هبطت منها وضعت الكلاب مثل الاول فسأل شيخا من بني اسد فقال: ان فيها قبر علي بن ابي طالب جعله الله حرما لا يأوي إليه شئ إلا أمن. ومن ذلك تسخير الجماعة اضطرارا لنقل فضايله مع ما فيها من الحجة عليهم حتى ان انكره واحد رد عليه صاحبه وقال: هذا في التواريخ والصحاح والسنن والجوامع والسير والتفاسير مما اجمعوا على صحته فان لم يكن في واحد يكن في آخر. ومن جملة ذلك ما اجمعوا عليه أو روى مناقبه خلق كثير منهم حتى صار علما ضروريا، كما صنف ابن جرير الطبري كتاب الغدير، وابن شاهين كتاب المناقب وكتاب فضايل فاطمة عليها السلام، ويعقوب بن شيبة تفضيل الحسن والحسين عليهما السلام ومسند امير المؤمنين واخباره وفضايله، والجاحظ كتاب العلوي وكتاب فضل بني هاشم على بني امية، وابو نعيم الاصفهاني منقبة المطهرين في فضايل امير المؤمنين وما نزل في القرآن في امير المؤمنين عليه السلام، وابو المحاسن الرؤياني الجعفريات، والموفق المكي كتاب قضايا امير المؤمنين وكتاب رد الشمس لامير المؤمنين، وابو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي كتاب نزول القرآن في شأن امير المؤمنين، وابو صالح عبد الملك المؤذن كتاب الاربعين في فضايل الزهراء عليها السلام، واحمد بن حنبل مسند اهل البيت وفضايل الصحابة، وابو عبد الله محمد بن احمد النطنزي الخصايص العلوية على ساير البرية، وابن المغازلي كتاب المناقب، وابو القاسم البستي كتاب المراتب، وابو عبد الله البصري


[ 174 ]

كتاب الدرجات، والخطيب أبو تراب كتاب الحدايق مع الكتمان والميل. وذلك خرق العادة شهد بفضائله معادوه واقر بمناقبه جاحدوه، قال الشاعر: شهد الانام بفضله حتى العدا * والفضل ما شهدت به الاعداء وقال آخر: يروي مناقبهم لنا اعداؤهم * لا فضل إلا ما رواه حسود ومن جملة ذلك كثرة مناقبه مع ما كانوا يدفنونها ويتوعدون على روايتها روى مسلم والبخاري وابن بطة والنطنزي عن عايشة في حديثها بمرض النبي صلى الله عليه وآله فقالت في جملة ذلك فخرج النبي بين رجلين من أهل بيته احدهما الفضل ورجل آخر يخط قدماه عاصبا رأسه تعني عليا عليه السلام. وقال معاوية لابن عباس: انا كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي فكف لسانك، قال: أفتنهانا عن قراءة القرآن ؟ قال لا، قال: افتنهانا عن تأويله ؟ قال نعم، قال: أفنقرأه ولا نسال ! قال: سل عن غير اهل بيتك، قال: انه منزل علينا أفنسال غيرها أتنهانا أن نعبد الله فإذا تهلك الامة، قال: اقرؤا ولا ترووا ما انزل الله فيكم، (يريدون ليطفئوا نور الله بأفهواههم) ثم نادى معاوية: ان برئت الذمة ممن روى حديثا من مناقب علي. حتى قال عبد الله بن شداد الليثي: وددت اني اترك ان احدث بفضايل علي بن أبي طالب يوما إلى الليل وان عنقي ضربت. فكان المحدث يحدث بحديث في الفقه أو يأتي بحديث المبارزة فيقول: قال رجل من قريش، وكان عبد الرحمن بن ابي ليلى يقول: حدثني رجل من اصحاب رسول الله، وكان الحسن البصري يقول: قال أبو زينب، وسئل ابن جبير عن حامل اللواء فقال كأنك رخي البال، وقال الشعبي: لقد كنت اسمع خطباء بني امية يسبون عليا على منابرهم فكأنما يشال بضبعة إلى السماء وكنت اسمعهم يمدحون اسلافهم يكشفون عن جيفة، وراى اعرابية في مسجد الكوفة تقول: يا مشهورا في السماوات ويا مشهورا في الارضين ويا مشهورا في الاخرة جهدت الجبابرة والملوك على اطفاء نورك واحماد ذكرك فأبى الله لذكرك إلا علوا ولنورك إلا ضياء ونماء ولو كره المشركون. قيل: لمن تصفين ؟ قالت: ذاك امير المؤمنين، فالتفت فلم ير احدا. ابن نباتة: نشرت حيلة قريش فزادته * إلى صيحة القيامة فتلا ومن ذلك ما طبقت الارض بالمشاهد لاولاده وفشت المنامات من مناقبه فيبرئ الزمني ويفرج المبتلى وما سمع هذا لغيره عليه السلام.


[ 175 ]

باب قضايا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام اعلم ان احكامه على خمسة اوجه: في زمن النبي صلى الله عليه وآله، وزمن ابي بكر، وزمن عمر، وزمن عثمان، وفي زمانه عليه السلام فصل: في قضاياه حال حياة النبي تفسير يوسف القطان عن وكيع الثوري عن السدي قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ اقبل كعب بن الاشرف ومالك بن الصيفي وحي بن اخطب فقالوا: ان في كتابكم: (وجنة عرضها السماوات والارض) إذا كان سعة جنة واحدة كسبع سماوات وسبع ارضين فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون ؟ فقال عمر: لا اعلم، فبينما هم في في ذلك إذ دخل علي عليه السلام فقال: في اي شئ أنتم ؟ فالتفت اليهودي وذكر المسألة فقال عليه السلام لهم: خبروني ان النهار إذا اقبل الليل اين يكون والليل إذا اقبل النهار اين يكون ؟ فقال له: في علم الله يكون، قال علي: كذلك الجنان تكون في علم الله، فجاء علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله واخبره بذلك فنزل: (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون). الواقدي واسحاق الطبري: ان عمير بن وابل الثقفي أمره حنظلة بن ابي سفيان أن يدعي على علي عليه السلام ثمانين مثقال من الذهب وديعة عند محمد صلى الله عليه وآله وانه هرب من مكة وانت وكيله فان طلب بينة الشهود فنحن معشر قريش نشهد عليه وأعطوه على ذلك مائة مثقال من الذهب منها قلادة عشر مثاقيل لهند فجاء وادعى على علي عليه السلام فاعتبر الودايع كلها ورأى عليها اسامي اصحابها ولم يكن لما ذكره عمير خبرا فنصح له نصحا كثيرا فقال: ان لي من يشهد بذلك وهو أبو جهل وعكرمة وعقبة بن ابي معيط وابو سفيان وحنظلة. فقال عليه السلام. مكيدة تعود إلى من دبرها، ثم أمر الشهود ان يقعدوا في الكعبة ثم قال لعمير: يا أخا ثقيف اخبرني الآن حين دفعت وديعتك هذه إلى رسول الله أي الاوقات كان ؟ قال: ضحوة نهار فأخذها بيده ودفعها إلى


[ 176 ]

عبده. ثم استدعى بأبي جهل وسأله عن ذلك قال: ما يلزمني ذلك. ثم استدعى بأبي سفيان وسأله فقال: دفعها عند غروب الشمس واخذها من يده وتركها في كمه. ثم استدعى حنظلة وسأله عن ذلك فقال: كان عند وقت وقوف الشمس في كبد السماء وتركها بين يديه إلى وقت انصرافه. ثم استدعى بعقبة وسأله عن ذلك فقال: تسلمها بيده وانفذها في الحال إلى داره وكان وقت العصر. ثم استدعى بعكرمة وسأله عن ذلك فقال: كان بزوغ الشمس اخذها فأنفذها من ساعته إلى بيت فاطمة. ثم أقبل على عمير وقال له: أراك قد اصفر لونك وتغيرت احوالك، قال: اقول الحق ولا يفلح غادر وبيت الله ما كان لي عند محمد وديعة وانهما حملاني على ذلك وهذه دنانيرهم وعقد هند عليها اسمها مكتوب، ثم قال علي: ايتوني بالسيف الذي في زاوية الدار فأخذه وقال: أتعرفون هذا السيف ؟ فقالوا: هذا لحنظلة، فقال أبو سفيان: هذا مسروق فقال عليه السلام: ان كنت صادقا في قولك فما فعل عبدك مهلع الاسود ؟ قال: مضى إلى الطائف في حاجة لنا: فقال: هيهات ان يعود تراه ابعث إليه احضره ان كنت صادقا فسكت أبو سفيان ثم قام عليه السلام في عشرة عبيد لسادات قريش فنبشوا بقعة عرفها فإذا فيها العبد مهلع قتيل فأمرهم باخراجه فأخرجوه وحملوه إلى الكعبة فسأله الناس عن سبب قتله فقال: ان أبا سفيان وولده ضمنوا له رشوة عتقه وحثاه على قتلى فكمن لي في الطريق ووثب علي ليقتلني فضربت راسه واخذت سيفه فلما بطلت حيلتهم ارادوا الحيلة الثانية بعمير، فقال عمير: اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله. أبو داود وابن ماجة في سننهما، وابن بطة في الابانة، واحمد في فضايل الصحابة وابو بكر مردويه في كتابه بطرق كثيرة عن زيد بن ارقم انه قيل للنبي صلى الله عليه وآله: اتى إلى علي باليمن ثلاثة نفر يختصمون في ولدهم كلهم يزعم انه وقع على امه في طهر واحد وذلك في الجاهلية فقال علي عليه السلام: انهم شركاء متشاكسون، فقرع على الغلام باسمهم فخرجت لاحدهم فألحق الغلام به وألزمه ثلثي الدية لصاحبيه وزجرهما عن مثل ذلك فقال النبي: الحمد لله الذي جعل فينا اهل البيت من يقضي على سنن داود. احمد بن حنبل في المسند، واحمد بن منيع في اماليه باسنادهما إلى حماد بن سلمة عن سماك عن حبيش بن المعتمر، وقد رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام واللفظ له انه قضى امير المؤمنين عليه السلام في اربعة نفر اطلعوا على زية الاسد فخر احدهم فاستمسك ” المناقب ج 2، م 22 “


[ 177 ]

الثاني بالثالث واستمسك الثالث بالرابع فقضى عليه السلام بالاول فريسة الاسد وغرم أهله ثلث الدية لاهل الثاني وغرم أهل الثاني لاهل الثالث ثلثي الدية وغرم أهل الثالث لاهل الرابع الدية كاملة وانتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال صلى الله عليه وآله: لقد قضى أبو الحسن فيهم بقضاء الله فوق عرشه. أبو عبيد في غريب الحديث، وابن مهدي في نزهة الابصار عن الاصبغ بن نباتة انه قضى عليه السلام في القارصة والقامصة والواقصة وهن ثلاث جوار كن يلعبن فركبت احداهن صاحبتها فقرصتها الثالثة فقمصت المركوبة فوقعت الراكبة فوقصت عنقها فقضى بالدية اثلاثا وأسقط حصة الراكبة لما أعانت على نفسها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فاستصوبه. وقضى عليه السلام في قوم وقع عليهم حايط فقتلهم وكان في جماعتهم امرأة مملوكة واخرى حرة وكان للحرة ولد طفل من حر وللجارية المملوكة طفل من مملوك فلم يعرف الحر من الطفلين من المملوك فقرع بينهما وحكم بالحرية لمن خرج سهم الحرية عليه وحكم في ميراثهما بالحكم في الحر ومولاه فأمضى النبي صلى الله عليه وآله ذلك. مصعب بن سلام عن الصادق عليه السلام ان رجلين اختصما إلى النبي في بقرة قتلت حمارا فقال صلى الله عليه وآله: اذهبا إلى ابي بكر واسألاه عن ذلك فلما سألاه قال: بهيمة قتلت بهيمة لا شئ على ربها، فأخبر رسول الله فاشار بهما إلى عمر فقال كما قال أبو بكر فاخبر رسول الله بذلك فقال صلى الله عليه وآله اذهبا إلى علي فكان قوله عليه السلام: ان كانت البقرة دخلت على الحمار في مأمنه فعلى ربها قيمة الحمار لصاحبه وان كان الحمار دخل على البقرة في مأمنها فقتلته فلا غرم على صاحبها، فقال رسول الله: لقد قضى بينكما بقضاء الله. في أحاديث البصريين عن أحمد عن جابر قال معاوية بن قرة عن رجل من الانصار ان رجلا أوطأ بعيره ادحي نعام فكسر بيضها فانطلق إلى علي فسأله عن ذلك فقال له علي عليه السلام: عليك بكل بيضة جنين ناقة أو ضراب ناقة فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر ذلك له فقال رسول الله: قد قال علي بما سمعت ولكن هلم إلى الرخصة عليك بكل بيضة صوم يوم أو طعام مسكين. جابر وابن عباس: ان ابي بن كعب قرأ النبي: (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة) فقال النبي لقوم عنده وفيهم أبو بكر وعبيدة وعمر وعثمان و عبد الرحمن: قولوا الآن ما أول نعمة غرسكم الله بها وبلاكم بها فخاضوا من المعاش والرياش والذرية والازواج، فلما أمسكوا قال: يا أبا الحسن قل، فقال عليه السلام: ان الله خلقني ولم أك


[ 178 ]

شيئا مذكورا وان احسن بي فجعلني حيا لا مواتا وان أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب وان جعلني متفكرا واعيالا ابله ساهيا وان جعل لي شواعرا ادرك بها ما ابتغيت وجعل في سراجا منيرا وان هداني لدينه ولن يضلني عن سبيله وان جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها وان جعلني ملكا مالكا لا مملوكا وان سخر لي سمائه وارضه وما فيهما وما بينهما من خلقه وان جعلنا ذكرانا قواما على حلائلنا لا اناثا. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في كل كلمة صدقت، ثم قال: فما بعد هذا ؟ فقال علي وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها، فتبسم رسول الله وقال: ليهنئك الحكمة ليهنئك العلم يا ابا الحسن أنت وارث علمي والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي، الخبر. الحلية أبو صالح الحنفي عن علي قال: قلت يا رسول الله أوصني، قال: قل ربي الله ثم استقم، قال: قلت ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه انيب، فقال لهنئك العلم يا ابا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا. فضايل احمد اسماعيل بن عياش باسناده عن علي عليه السلام قضى في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فأعجب رسول الله فقال: الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت: ولنا العلم قالوا لعلي ولا * ملك له واستكبروا تيها ما سلموا لله في نصبه * قل لمن الارض ومن فيها وقال الحميري: وان عليا قال في الصيد قبل أن * ينزل في التنزيل ما كان أوجبا قضى فيه قبل الوحي خير قضية * فأنزلها الرحمن حقا مرتبا علي قاتل الصيد الحرام كمثله * من النعم المفروض كان معقبا إلى البيت بيت الله معتمدا * إذا تعمده كيلا يعود فيعطبا فصل: في قضاياه في عهد ابي بكر الخاصة والعامة: ان أبا بكر أراد أن يقيم الحد على رجل شرب الخمر فقال الرجل: اني شربتها ولا علم لي بتحريمها، فارتج عليه فارسل الي علي عليه السلام يسأله عن ذلك فقال: مر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والانصار وينشدانهم هل فيهم احد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله فان شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه وان لم يشهد أحد بذلك فاستتبه وخل سبيله


[ 179 ]

وكان الرجل صادقا في مقاله فخلى سبيله. وسأله آخر عن رجل تزوج بامرأة بكر فولدت عشية فحاز ميراثه الابن والام فلم يعرف فقال علي: هذا رجل له جارية حبلى منه فلما تمخضت مات الرجل. وجاء آخر برجل فقال: ان هذا ذكر انه احتلم بامي فدهش فقال عليه السلام: اذهب به فأقمه في الشمس وحد ظله فان الحلم مثل الظل ولكنا سنضربه حتى لا يعود يؤذي المسلمين. أبو بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال: اراد قوم على عهد أبي بكر أن يبنوا مسجدا بساحل عدن فكان كلما فرغوا من بنائه سقط فعادوا إليه فسألوه فخطب وسأل الناس وناشدهم ان كان عند أحد منكم علم هذا فليقل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام احتفروا في ميمنته وميسرته في القبلة فانه يظهر لكم قبر ان مكتوب عليهما: أنا رضوى واختي حباء متنا لا نشرك بالله العزيز الجبار، وهما مجردنا فاغسلوهما وكفنوهما وصلوا عليهما وادفنوهما ثم ابنوا مسجدكم فانه يقوم بناؤه، ففعلوا ذلك فكان كما قال عليه السلام. قال ابن حماد: وقال للقوم امضوا الآن فاحتفروا * أساس قبلتكم تفضوا إلى حزن عليه لوح من العقيان محتفر * فيه بخط من الياقوت مندفن نحن ابنتا تبع ذي الملك من يمن * حبا ورضوى بغير الحق لم ندن متنا على ملة التوحيد لم نك من * صلى إلى صنم كلا ولا وثن وساله نصرانيان: ما الفرق بين الحب والبغض ومعدنهما واحد وما الفرق بين الرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة ومعدنهما واحد ؟ فأشار إلى عمر فلما سألاه اشار إلى علي فلما سألاه عن الحب والبغض قال: ان الله تعالى خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام فأسكنها الهواء فمهما تعارف هناك اعترف ههنا ومهما تناكر هناك اختلف ههنا. ثم سألاه عن الحفظ والنسيان فقال: ان الله تعالى خلق ابن آدم وجعل لقلبه غاشية فمهما مر بالقلب والغاشية منفتحة حفظ وحصا ومهما مر بالقلب والغاشية منطبقة لم يحفظ ولم يحص. ثم سألاه عن الرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة، فقال عليه السلام: ان الله تعالى خلق الروح وجعل لها سلطانا فسلطانها النفس فإذا نام العبد خرج الروح وبقى سلطانه فيمر به جيل من الملائكة وجيل من الجن فمهما كان من الرؤيا الصادقة فمن الملائكة ومهما كان من الرؤيا الكاذبة فمن الجن فأسلما على يده وقتلا معه يوم صفين. ابن جريح عن الضحاك عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله اشترى من أعرابي ناقة


[ 180 ]

بأربعمائة درهم فلما قبض الاعرابي المال صاح: الدراهم والناقة لي: فأقبل على أبو بكر فقال اقض فيما بيني وبين الاعرابي، فقال: القضية واضحة تطلب البينة، فأقبل عمر فقال كالاول فأقبل علي فقال: أتقبل الشاب المقبل ؟ قال نعم، فقال الاعرابي: الناقة ناقتي والدراهم دراهمي فان كان بمحمد شيئا فليقم البينة على ذلك، فقال عليه السلام: خل عن الناقة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات فاندفع فضربه ضربة فاجتمع اهل الحجاز انه رمى برأسه وقال بعض اهل العراق بل قطع منه عضوا، فقال: يا رسول الله نصدقك على الوحي ولا نصدقك على اربعمائة درهم ! وفي خبر عن غيره فالتفت النبي اليهما فقال: هذا حكم الله لا ما حكمتما به. ذكره ابن بابويه في الامالي ومن لا يحضره الفقيه. ورواية اخرى في حكومة اعرابي آخر تسعين درهما عن الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أقتلت الاعرابي ؟ قال: لانه كذبك يا رسول الله ومن كذبك فقد حل دمه. فتيا الجاحظ وتفسير الثعلبي انه سئل أبو بكر عن قوله تعالى: (وفاكهة وأبا) فقال: أي سماء تظلني أو اية أرض تقلني أم أين اذهب أم كيف اصنع إذا قلت في كتاب الله بما لم أعلم اما الفاكهة فأعرفها وأما الاب فالله اعلم. وفي روايات اهل البيت عليهم السلام انه بلغ ذلك امير المؤمنين عليه السلام فقال: ان الاب هو الكلا والمرعى وان قوله (وفاكهة وابا) اعتداد من الله على خلقه فيما غذاهم به وخلقه لهم ولانعامهم مما يحيى به انفسهم. وسأل رسول ملك الروم أبا بكر عن رجل لا يرجو الجنة ولا يخاف النار ولا يخاف الله ولا يركع ولا يسجد ويأكل الميتة والدم ويشهد بما لا يرى ويحب الفتنة ويبغض الحق. فلم يجبه، فقال عمر: ازددت كفرا إلى كفرك، فاخبر بذلك علي عليه السلام فقال: هذا رجل من اولياء الله لا يرجو الجنة ولا يخاف النار ولكن يخاف الله ولا يخاف الله من ظلمه وإنما يخاف من عدله ولا يركع ولا يسجد في صلاة الجنازة ويأكل الجراد والسمك ويأكل الكبد ويحب المال والولد (إنما أموالكم وأولادكم) ويشهد بالجنة والنار وهو لم يرها ويكره الموت وهو حق. وفي مقال لي ما ليس لله فلي صاحبة وولد ومعي ما ليس مع الله معي ظلم وجور ومعي ما لم يخلق الله فأنا حامل القرآن وهو غير مفتري وأعلم ما لم يعلم الله وهو قول النصارى ان عيسى ابن الله وصدق النصارى واليهود في قولهم (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ الآية


[ 181 ]

وكذب الانبياء والمرسلين كذب اخوة يوسف حيث قالوا أكله الذئب وهم انبياء الله ومرسلون إلى الصحراء وانا احمد النبي احمده وانا علي علي في قومي وانا ربكم أرفع واضع رب كمي ارفعه واضعه. وسأله عليه السلام راس الجالوت بعدما سال ابا بكر فلم يعرف: ما اصل الاشياء ؟ فقال عليه السلام: هو الماء لقوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شئ حي)، وما جمادان تكلما ؟ فقال: هما السماء والارض، وما شيئان يزيدان وينقصان ولا يرى الخلق ذلك ؟ فقال: هما الليل والنهار، وما الماء الذي ليس من ارض ولاسماء ؟ فقال: الماء الذي بعث سليمان إلى بلقيس وهو عرق الخيل إذا هي اجريت في الميدان، وما الذي يتنفس بلا روح ؟ فقال: والصبح إذا تنفس، وما القبر الذي سار بصاحبه ؟ فقال: ذاك يونس لما سار به الحوت في البحر. قال ابن حماد: علم الذي قد كان أو هو كائن * والعلم فيه مقسم ومجمع كم مشكل أعيى على حساده * حتى إذا بلغوا به وتسكعوا لجأوا إليه اذلة فأناره * حتى غدت ظلماؤه تتقشع وهو الغني بعلمه عن غيره * والخلق مفتقر إليه أجمع وقال غيره: وكيف يعدله قوم وان علموا * علما وما بلغوا معشار ما علما أو كيف يعدله في الحرب معتدل * قوم إذا نكلوا عنها مضى قدما فصل: في الذكر قضاياه في عهد عمر إثبات النص: ان غلاما طلب مال ابيه من عمر واذكر ان والده توفي بالكوفة والولد طفل بالمدينة فصاح عليه عمر وطرده فخرج يتظلم منه فلقيه علي عليه السلام وقال: ائتوني به إلى الجامع حتى اكشف امره، فجئ به فسأله عن حاله فأخبره بخبره فقال علي: لاحكمن فيكم بحكومة حكم الله بها من فوق سبع سماء وانه لا يحكم بها إلا من ارتضاه لعلمه، ثم استدعى بعض اصحابه وقال هات محفرة ثم قال: سيروا بنا إلى قبر والد الصبي، فساروا فقال: احفروا هذا القبر وانبشوه واستخرجوا لي ضلعا من اضلاعه، فدفعه إلى الغلام فقال له: شمه. فلما شمه انبعث الدم من منخريه فقال عليه السلام: انه ولده، فقال عمر: بانبعاث الدم تسلم إليه المال ! فقال: انه أحق


[ 182 ]

بالمال منك ومن ساير الخلق اجمعين، ثم أمر الحاضرين بشم الضلع فشموه فلم ينبعث الدم من واحد منهم فأمر ان اعيد إليه ثانية وقال شمه فلما شمه انبعث الدم انبعاثا كثيرا فقال عليه السلام: انه ابوه، فسلم إليه المال ثم قال: والله ما كذبت ولا كذبت. واتي إليه برجل وامرأة فقال الرجل لها يا زانية فقال انت ازنى مني فامر بأن يجلدا فقال علي عليه السلام: لا تعجلوا على المرأة حدان وليس على الرجل شئ منها حد لفريتها وحد لاقرارها على نفسها لانها قذفته إلا انها تضرب ولا تضرب بها الغاية. عمرو بن داود عن الصادق عليه السلام ان عقبة بن أبي عقبة مات فحضر جنازته علي وجماعة من اصحابه وفيهم عمر فقال علي لرجل كان حاضرا ان عقبة لما توفى حرمت امرأتك فاحذر ان تقربها، فقال عمر: كل قضاياك يا ابا الحسن عجيب وهذه من اعجبها يموت الانسان فتحرم على آخر امرأته ! فقال نعم ان هذا عبد كان لعقبة تزوج امرأة حرة وهي اليوم ترث بعض ميراث عقبة فقد صار بعض زوجها رقا لها وبضع المرأة حرام على عبدها حتى تعتقه ويتزوجها، فقال عمر: لمثل هذا نسالك عما اختلفنا فيه روض الجنان عن ابي الفتوح الرازي انه حضر عنده اربعون نسوة وسألنه عن شهوة الآدمي فقال: للرجل واحد وللمرأة تسعة، فقلن: ما بال الرجال لهم دوام ومتعة وسراري بجزء من تسعة ولا يجوز لهن إلا زوج واحد مع تسعة اجزاء ؟ فافحم فرفع ذلك إلى امير المؤمنين عليه السلام فأمر ان تأتي كل واحدة منهن بقارورة من ماء وامرهن بصبها في اجانة ثم امر كل واحدة منهن تغرف ماءها فقلن لا يتميز ماؤنا فأشار عليه السلام ان لا يفرقن بين الاولاد وإلا لبطل النسب والميراث. وفي رواية يحيى بن عقيل ان عمر قال: لا ابقاني الله بعدك يا علي. وجاءت امرأة إليه فقالت: ما ترى اصلحك الله * واثري لك اهلا في فتاة ذات بعل * اصبحت تطلب بعلا بعد إذن من ابيها * أترى ذلك حلا ؟ فأنكر ذلك السامعون فقال امير المؤمنين عليه السلام: احضر بني بعلك، فأمره بطلاقها ففعل ولم يحتج لنفسه بشئ فقال عليه السلام: انه عنين، فأقر الرجل بذلك فأنكحها رجلا من غير ان تقضي عدة. أبو بكر الخوارزمي: إذا عجز الرجال عن الامتاع فتطليق الرجال إلى النساء.


[ 183 ]

الرضا عليه السلام: قضى امير المؤمنين عليه السلام في امرأة محصنة فجر بها غلام صغير فامر عمر ان ترجم فقال عليه السلام: لا يجب الرجم إنما يجب الحد لان الذي فجر بها ليس بمدرك. وامر عمر برجل بمني محصن فجر بالمدينة ان يرجم فقال امير المؤمنين لا يجب عليه الرجم لانه غائب عن اهله واهله في بلد آخر انما يجب عليه الحد، فقال عمر: لا ابقاني الله لمعضلة لم يكن لها أبو الحسن. عمرو بن شعيب والاعمش وابو الضحى والقاضي وابو يوسف عن مسروق: اتي عمر بامرأة انكحت في عدتها ففرق بينهما وجعل صداقها في بيت المال وقال: لا اجيز مهرا رد نكاحه وقال لا تجتمعان ابدا، فبلغ ذلك عليا عليه السلام فقال: وان كانوا جهلوا السنة لها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فخطب عمر الناس فقال: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع عمر إلى قول علي. ومن ذلك ذكر الجاحظ عن النظام في كتاب الفتيا ما ذكر عمرو بن داود عن الصادق عليه السلام قال: كان لفاطمة عليها السلام جارية يقال لها فضة فصارت من بعدها لعلي عليه السلام فزوجها من ابي ثعلبة الحبشي فأولدها ابنا ثم مات عنها أبو ثعلبة وتزوجها من بعده أبو مليك الغطفاني ثم توفي ابنها من ابي ثعلبة فامتنعت من ابي مليك ان يقربها فاشتكاها إلى عمر وذلك في ايامه فقال لها عمر: ما يشتكي منك أبو مليك يا فضة ؟ فقالت: انت تحكم في ذلك وما يخفى عليك، قال عمر: ما اجد لك رخصة، قالت يا ابا حفص ذهب بك المذاهب ان ابني من غيره مات فاردت ان استبرئ نفسي بحيضة فإذا انا حضت علمت ان ابني مات ولا أخ له وان كنت حاملا كان الولد في بطني اخوه، فقال عمر: شعرة من آل ابي طالب أفقه من عدي. الاصبغ بن نباتة: ان عمر حكم على خمسة نفر في زنا بالرجم فخطاه امير المؤمنين في ذلك وقدم واحدا فضرب عنقه وقدم الثاني فرجمه وقدم الثالث فضربه الحد وقدم الرابع فضربه نصف الحد خمسين جلدة وقدم الخامس فعزره فقال عمر: كيف ذلك ! فقال عليه السلام: اما الاول فكان ذميا زنى بمسلمة فخرج عن ذمته واما الثاني فرجل محصن زنى فرجمناه واما الثالث فغير محصن فضربناه الحد واما الرابع فعبد زنى فضربناه نصف الحد واما الخامس فمغلوب على عقله مجنون فعزرناه، فقال عمر: لا عشت في امة لست فيها يا ابا الحسن.


[ 184 ]

حدايق ابي تراب الخطيب وكافي الكليني وتهذيب ابي جعفر عن عاصم بن ضمرة ان غلاما وامرأة أتيا عمر فقال الغلام: هذه والله امي حملتني في بطنها تسعا وارضعتني حولين كاملين فانتفت مني وطردتني وزعمت انها لا تعرفني، فأتوا بها مع اربعة اخوة لها واربعين قسامة يشهدون لها ان هذا الغلام مدع ظلوم يريد ان يفضحها في عشيرتها وانها بخاتم ربها لم يتزوج بها احد فأمر عمر باقامة الحد عليه فرأى عليا عليه السلام فقال: يا امير المؤمنين احكم بيني وبين امي، فجلس عليه السلام موضع النبي صلى الله عليه وآله فقال: لك ولي ؟ قالت: نعم هؤلاء اربعة اخوتي، فقال: حكمي عليكم جايز وعلى اختكم ؟ قالوا نعم، قال: اشهد الله واشهد من حضر اني زوجت هذه الامرأة من هذا الغلام بأربعمائة درهم والنقد من مالي يا قنبر علي بالدراهم، فأتاه بها فقال: خذها فصبها في حجر امرأتك وخذ بيدها إلى المنزل، فصاحت المرأة الامان يا بن عم رسول الله هذا والله ولدي زوجني اخوتي هجينا فولدت منه هذا فلما بلغ وترعرع انفوا وامروني ان انتفي منه وخفت منهم، فأخذت بيد الغلام فانطلقت به فنادى عمر: لولا علي لهلك عمر. قال ابن حماد: قال الامام فوليني ولاك لكي * اقرر الحكم قالت انت تملكني فقال قومي لقد زوجته بك قم * فادخل بزوجك يا هذا ولا تشن فحين شد عليها كفه هتفت * أتستحل ترى بابنى تزوجني اني من اشرف قومي نسبة وابو * هذا الغلام مهين في العشير دني فكنت زوجته سرا فأولدني * هذا ومات وامري فيه لم يبن فظلت اكتمه اهلي ولو علموا * لكان كل امرئ منهم يعيرني ورووا انه اتي بحامل قد زنت فامر برجمها فقال له امير المؤمنين: هب لك سبيل عليها فهل لك سبيل على ما في بطنها والله تعالى يقول (ولا تزر وازرة وزر اخرى) قال: فماذا اصنع بها ؟ قال: احتط عليها حتى تلد فإذا ولدت ووجدت لولدها من يكفله فاقم الحد عليها، فلما ولدت ماتت فقال عمر: لولا علي لهلك عمر. قال الاصفهاني: وبرجم اخرى مثقل في بطنها * طفل سوي الخلق أو طفلان نودوا الا انتظروا فان كانت زنت * فجنينها في البطن ليس بزاني ” المناقب ج 2، م 23 “


[ 185 ]

المنهال عن عبد الرحمن بن عايد الازدي قال: اتي عمر بن الخطاب بسارق فقطعه ثم اتي به الثانية فقطعه ثم اتي به الثالثة فأراد قطعه فقال علي: لا تفعل قد قطعت يده ورجله ولكن احبسه. احياء علوم الدين عن الغزالي ان عمر قبل الحجر ثم قال: اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت رسول الله يقبلك لما قبلتك، فقال علي عليه السلام: بل هو يضر وينفع، فقال: وكيف ؟ قال: ان الله تعالى لما اخذ الميثاق على الذرية كتب الله عليهم كتابا ثم القمه هذا الحجر فهو يشهد للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر بالجحود قيل فذلك قول الناس عند الاستلام: اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك، هذا ما رواه أبو سعيد الخدري، وفي رواية شعبة عن قتادة عن أنس فقال له علي: لا نقل ذلك فان رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل فعلا ولا سن سنة إلا عن أمر الله نزل على حكمه، وذكر باقي الحديث. فضايل العشرة انه اتي عمر بابن اسود انتفى منه ابوه فأراد عمر أن يعزره فقال علي عليه السلام للرجل: هل جامعت امه في حيضها ؟ قال نعم، قال: فلذلك سوده الله، فقال عمر: لولا علي لهلك عمر. وفي رواية الكلبي: قال امير المؤمنين: فانطلقا فانه ابنكما وإنما غلب الدم النطفة، الخبر. القاضي النعمان في شرح الاخبار عن عمر بن حماد القتاد باسناده عن أنس قال: كنت مع عمر بمنى إذ اقبل اعرابي ومعه ظهر فقال لي عمر: سله هل يبيع الظهر ؟ فقمت إليه فسألته قال نعم، فقام إليه فاشترى منه اربعة عشر بعيرا ثم قال: يا انس الحق هذا الظهر، فقال الاعرابي: جردها من احلاسها واقتابها، فقال عمر: إنما اشتريتها بأحلاسها واقتباها، فاستحكما عليا فقال عليه السلام: كنت اشترطت عليه اقتابها واحلاسها ؟ فقال عمر لا، قال: فجردها له فانما لك الابل، فقال عمر: يا انس جردها وادفع اقتابها واحلاسها إلى الاعرابي والحقها بالظهر، ففعلت. وفيه عن يزيد بن ابي خالد باسناده إلى طلحة بن عبد الله قال: اتي عمر بمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة فاستشار فيها من حضره من الصحابة فقالوا: خذها لنفسك فانك ان قسمتها لم يصب كل رجل منها إلا ما يلتفت إليه، فقال علي: اقسمها اصابهم من ذلك ما اصابهم فالقليل في ذلك والكثير سواء، ثم التفت إلى علي فقال: ويدلك مع اياد لم اجزك بها.


[ 186 ]

وفيه وقال أبو عثمان النهدي: جاء رجل إلى عمر فقال: اني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة وفي الاسلام تطليقتين فما ترى ؟ فسكت عمر فقال له الرجل: ما تقول ؟ قال: كما أنت حتى يجئ علي بن ابي طالب، فجاء علي فقال: قص عليك قصتك، فقص عليه القصة فقال علي عليه السلام: هدم الاسلام ما كان قبله هي عندك على واحدة. أبو القاسم الكوفي والقاضي النعمان في كتابيهما قالا: رفع إلى عمر ان عبدا قتل مولاه فأمر بقتله فدعاه علي فقال له: أقتلت مولاك ؟ قال نعم، قال: فلم قتلته ؟ قال: غلبني على نفسي واتاني في ذاتي، فقال لاولياء المقتول: أدفنتم وليكم ؟ قالوا: نعم، قال: ومتى دفنتموه ؟ قالوا الساعة، قال لعمر: احبس هذا الغلام فلا تحدث فيه حدثا حتى تمر ثلاثة ايام، ثم قال لاولياء المقتول: إذا مضت ثلاثة ايام فاحضرونا، فلما مضت ثلاثة ايام حضروا فأخذ علي عليه السلام بيد عمر وخرجوا ثم وقف على قبر الرجل المقتول فقال علي لاوليائه: هذا قبر صاحبكم ؟ قالوا نعم، قال احفروا، فحفروا حتى انتهوا إلى اللحد فقال: اخرجوا ميتكم، فنظروا إلى اكفانه في اللحد ولم يجدوه فأخبروه بذلك فقال علي: الله اكبر الله اكبر والله ما كذبت ولا كذبت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من يعمل من امتي عمل قوم لوط ثم يموت على ذلك فهو مؤجل إلى ان يوضع في لحده فإذا وضع فيه لم يمكث اكثر من ثلاث حتى تقذفه الارض إلى جملة قوم لوط المهلكين فيحشر معهم. وذكر فيهما عمر بن حماد باسناده عن عبادة بن الصامت قال: قدم قوم من الشام حجاجا فأصابوا ادحى نعامة فيه خمس بيضات وهم محرمون فشووهن واكلوهن ثم قالوا: ما ارانا إلا وقد اخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون فاتوا المدينة وقصوا على عمر القصة فقال: انظروا إلى قوم من اصحاب رسول الله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه فسألوا جماعة من الصحابة فاختلفوا في الحكم في ذلك فقال عمر: إذا اختلفتم فهاهنا رجل كنا امرنا إذا اختلفنا في شئ فيحكم فيه فارسل إلى امرأة يقال لها عطية فاستعار منها اتانا فركبها وانطلق بالقوم معه حتى أتى عليا وهو بينبع فخرج إليه علي فتلقاه ثم قال له: هلا ارسلت الينا فناتيك، فقال عمر: الحكم يؤتى في بيته، فقص عليه القوم فقال علي لعمر: مرهم فليعمدوا إلى خمس قلايص من الابل فليطرقوها للفحل فإذا نتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عما اصابوا، فقال عمر: يا ابا الحسن ان الناقة قد تجهض، فقال علي: وكذلك البيضة قد تمرق، فقال عمر: فلهذا امرنا ان


[ 187 ]

نسألك، وروي من اختلافهم في امرأة المفقود فذكروا ان عليا حكم بأنها لا تتزوج حتى يجئ نعي موته وقال: هي امرأة ابتليت فلتصبر، وقال عمر: تتربص اربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها ثم تتربص اربعة اشهر وعشرا ثم رجع إلى قول علي عليه السلام. وكان الهيثم في جيش فلما جاء جاءت امرأته بعد قدومه بستة اشهر بولد فأنكر ذلك منها وجاء به عمر وقص عليه فأمر برجمها فادركها علي من قبل ان ترجم ثم قال لعمر: على نفسك انها صدقت ان الله تعالى يقول (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال (والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين) فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا فقال عمر: لولا علي لهلك عمر، وخلي سبيلها وألحق الولد بالرجل. ” شرح ذلك ” أقل الحمل اربعون يوما وهو زمن انعقاد النطفة وأقله لخروج الولد حيا ستة اشهر وذلك ان النطفة تبقى في الرحم اربعين يوما ثم تصير علقة اربعين يوما ثم تصير مضغة اربعين يوما ثم تتصور في اربعين يوما وتلجها الروح في عشرين يوما فذلك ستة اشهر فيكون الفصال في اربعة وعشرين شهرا فيكون الحمل في ستة اشهر وروى شريك وغيره ان عمر اراد بيع اهل السواد فقال له علي عليه السلام: ان هذا مال أصبتم ولن تصيبوا مثله وان بعتهم فبقى من يدخل في الاسلام لا شئ له، قال: فما اصنع ؟ قال: دعهم شوكة للمسلمين فتركهم على انهم عبيد، ثم قال علي عليه السلام: فمن أسلم منهم فنصيبي منه حر. احمد بن عامر بن سليمان الطائي عن الرضا عليه السلام في خبر انه أقر رجل بقتل رجل ابن رجل من الانصار فدفعه عمر إليه ليقتله به فضربه ضربتان بالسيف حتى ظن انه هلك فحمل إلى منزله وبه رمق فبرئ الجرح بعد ستة اشهر فلقيه الاب وجره إلى عمر فدفعه إليه عمر فاستغاث الرجل إلى امير المؤمنين فقال لعمر: ما هذا الذي حكمت به على هذا الرجل ؟ فقال: النفس بالنفس، قال: ألم يقتله مرة ؟ قال: قد قتلته ثم عاش، قال: فيقتل مرتين ! فبهت ثم قال: فاقض ما أنت قاض، فخرج عليه السلام: فقال للاب ألم تقتله مرة ؟ قال: بلى فيبطل دم ابني، قال: لا ولكن الحكم ان تدفع إليه فيقتص منك مثل ما صنعت به ثم تقتله بدم ابنك، قال: هو والله الموت ولا بد منه، قال: لا بد ان يأخذ بحقه، قال: فاني قد صفحت عن دم ابني ويصفح لي عن القصاص، فكتب بينهما كتابا بالبراءة فرفع عمر يده إلى السماء وقال: الحمد لله أنتم اهل بيت الرحمة يا ابا الحسن، ثم قال: لولا علي لهلك عمر.


[ 188 ]

العامة والخاصة: ان قدامة بن مظعون شرب خمرا فأراد عمر ان يحده فقال: انه لا يجب علي الحد لقوله تعالى (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) الآية، فدرأ عنه الحد فبلغ ذلك امير المؤمنين عليه السلام فقال: ليس قدامة من اهل هذه الآية ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما حرم الله (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما) فاردد قدامة واستتبه مما قال فان تاب فأقم الحد عليه وان لم يتب فاقتله فقد خرج من الملة، فاستيقظ عمر لذلك فعرف قدامة الخبر فأظهر التوبة فحده عمر ثمانين. الحسن وعطا وقتادة وشعبة واحمد ان مجنونة فجر بها رجل وقامت البينة عليها بذلك فأمر عمر بجلدها فعلم بذلك امير المؤمنين فقال: ردوها وقولوا له أما علمت ان هذه مجنونة آل فلان وان النبي صلى الله عليه وآله قال رفع القلم عن المجنون حتى يفيق انها مغلوبة على عقلها ونفسها، فقال عمر: فرج الله عنك لقد كدت أهلك في جلدها. وأشار البخاري إلى ذلك في صحيحه. وروى جماعة منهم اسماعيل بن صالح عن الحسن انه استدعى امرأة كان يتحدث عندها الرجال فلما جاءها رسله ارتاعت وخرجت معهم فاملصت فوقع إلى الارض ولدها يستهل ثم مات فبلغ عمر ذلك فسأل الصحابة عن ذلك فقالوا باجمعهم: نراك مؤديا ولم ترد إلا خيرا ولا شئ عليك في ذلك، فقال: أقسمت عليك يا ابا الحسن لتقولن ما عندك، فقال عليه السلام: ان كان القوم قاربوك فقد غشوك وان كانوا ارتأوا فقد قصروا الدية على عاقلتك لان القتل الخطأ للصبي يتعلق بك، فقال: انت والله نصحتني والله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي، ففعل ذلك امير المؤمنين عليه السلام، وقد اشار الغزالي إلى ذلك في الاحياء عند قوله ووجوب الغرم على الامام إذا كما نقل من اجهاض المرأة جنينها خوفا من عمر. ورووا ان امرأتين تنازعتا على عهده في طفل ادعته كل واحدة منهما ولدا لها بغير بينة فغم عليه وفزع فيه إلى امير المؤمنين فاستدعى المرأتين ووعظهما وخوفهما فاقامتا على التنازع فقال عليه السلام: ائتوني بمنشار، فقالتا: ما تصنع به ؟ قال: اقده بنصفين لكل واحدة منكما نصفه، فسكتت احداهما وقالت الاخرى الله الله يا ابا الحسن ان كان لا بد من ذلك فقد سمحت له بها، فقال: الله اكبر هذا ابنك دونها ولو كان ابنها لرقت عليه واشفقت فاعترفت الاخرى بأن الولد لها دونها. وهذا حكم سليمان


[ 189 ]

في صغره. قيس بن الربيع عن جابر الجعفي عن تميم بن حزام الاسدي انه دفع إلى عمر منازعة جاريتين تنازعتا في ابن وبنت فقال: أين أبو الحسن مفرج الكرب ؟ فدعي له به فقص عليه القصة فدعا بقارورتين فوزنهما ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة ووزن القارورتين فرجحت احداهما على الاخرى فقال: الابن للتي لبنها ارجح والبنت للتي لبنها أخف، فقال عمر: من أين قلت ذلك يا ابا الحسن ؟ فقال: لان الله جعل للذكر مثل حظ الانثيين وقد جعلت الاطباء ذلك اساسا في الاستدلال على الذكر والانثى. وصبت امرأة بياض البيض على فراش ضرتها وقالت: قد بات عندها رجل، وفتش ثيابها فأصاب ذلك البياض وقص على عمر فهم ان يعاقبها فقال امير المؤمنين: ائتوني بماء حار قد اغلي غليانا شديدا، فلما اتي به امرهم فصبوا على الموضع فانشوى ذلك البياض فرمى به إليها وقال: انه من كيدكن ان كيدكن عظيم امسك عليك زوجك فانها حيلة تلك التي قذفتها فضربها الحد. تهذيب الاحكام زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: جمع عمر بن الخطاب اصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي اهله فيخالطها فلا ينزل ؟ فقالت الانصار الماء من الماء وقال المهاجرون إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: ما تقول يا ابا الحسن ؟ فقال عليه السلام: أتوجبون عليه الرجم والحد ولا توجبون عليه صاعا من ماء إذا التقى الختانان وجب عليه الغسل. أبو المحاسن الروياني في الاحكام انه ولد في زمانه مولدان ملتصقان احدهما حي والآخر ميت فقال عمر: يفصل بينهما بحديد، فأمر امير المؤمنين ان يدفن الميت ويرضع الحي، ففعل ذلك فتميز الحي من الميت بعد ايام. وهم عمر أن يأخذ حلي الكعبة فقال علي عليه السلام: ان القرآن انزل على النبي صلى الله عليه وآله والاموال اربعة: اموال المسلمين فقسموها بين الورثة في الفرايض، والفيئ فقسمه على مستحقه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة يومئذ فتركه على حاله ولم يتركه نسيانا ولم يخف عليه مكانه فأقره حيث اقره الله ورسوله فقال عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي بمكانه. الواحدي في البسيط وابن مهدي في نزهة الابصار بالاسناد عن ابن جبير قال: لما انهزم اسفيذ هميار قال عمر: ما هم بيهود ولا نصارى ولا لهم كتاب وكانوا مجوسا


[ 190 ]

فقال علي بن ابي طالب عليه السلام: بلى كان لهم كتاب ولكنه رفع وذلك ان ملكا لهم سكر فوقع على ابنته أو قال على اخته فلما أفاق قال: كيف الخروج منها ؟ قيل: تجمع اهل مملكتك فتخبرهم انك ترى ذلك حلالا وتأمرهم ان يحلوه، فجمعهم واخبرهم ان يتابعوه فأبوا ان يتابعوه فخد لهم خدودا في الارض واوقد فيها النار وعرضهم عليها فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار ومن اجاب خلى سبيله. وروى جابر بن يزيد وعمر بن أوس وابن مسعود واللفظ له: ان عمر قال: لا ادري ما اصنع بالمجوس أين عبد الله بن عباس ؟ قالوا: ها هو ذا، فجاء فقال: ما سمعت عليا يقول في المجوس فان كنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك، فمضى ابن عباس إلى علي فسأله عن ذلك فقال ” افمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع أمن لا يهدي إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) ثم أفتاه. واتي إليه بامرأة تزوج بها شيخ فلما ان واقعها مات على بطنها فجاءت بولد فأذاعوا بنوه انها فجرت فأمر برجمها فرآها امير المؤمنين عليه السلام فقال: هل تعلمون أي يوم تزوجها وفي أي يوم واقعها وكيف كان جماعه لها ؟ قالوا: لا، قال: ردوا المرأة، فلما ان كان من الغد بعث إليها فجاءت ومعها ولدها ثم دعا امير المؤمنين بصبيان أتراب فقال لهم: العبوا، حيت إذا ألهاهم اللعب صاح بهم امير المؤمنين فقام الصبيان وقام الغلام فاتكا على راحتيه فدعا به امير المؤمنين وورثه من ابيه وجلد اخوته المفترين حدا حدا وقال: عرفت ضعف الشيخ باتكاء الغلام على راحتيه حين اراد القيام. اربعين الخطيب: ان امرأة شهد عليها الشهود انهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطأها ليس ببعل لها، فأمر عمر برجمها فقالت: اللهم انت تعلم اني برية، فغضب عمر وقال: وتجرحي الشهود ايضا ! فأمر امير المؤمنين عليه السلام ان يسالوها فقالت: كان لاهلي إبل فخرجت في إبل اهلي وحملت معي ماء ولم يكن في إبلي لبن وخرج معي خليط وكان في إبله لبن فنفذ مائي فاستسقيته فأبى ان يسقيني حتى امكنه من نفسي فابيت فلما كادت نفسي تخرج امكنته من نفسي، فقال امير المؤمنين عليه السلام: الله اكبر فمن اضطر في مخمصة غير متجانف فلا إثم عليه. قال ابن الاصفهاني في كلمته: لا يهتدون لما اهتدى الهادي له * مما به الحكمان يشتبهان في رجم جارية زنت مضطرة * خوف الممات بعلة العطشان


[ 191 ]

إذا قال ردوها فردت بعدما * كادت تحل عساكر الموتان وبرجم اخرى والدا عن ستة * فأتى بقصتها من القرآن إذ اقبلت تجري إليها اختها * حذرا على حد الفؤاد حصان الخطيب في الاربعين قال ابن عباس: كنا في جنازة فقال علي عليه السلام لزوم ام الغلام امسك عن امرأتك، فقال له عمر: ولم يمسك عن امرأته اخرج مما حبت به ؟ قال: نعم تريد ان تستبرئ رحمها فلا يلقى فيها شئ فيستوجب به الميراث من أخيه ولا ميراث له، فقال عمر: اعوذ بالله من معضلة لا علي لها. وفي تهذيب الاحكام انه استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها: لا تدفعيها إلى واحد منا حتى نجتمع عندك، ثم انطلقا فغابا فجاء احدهما إليها فقال: اعطيني وديعتي فان صاحبي قد مات، فأبت حتى كثر اختلافه فأعطته ثم جاء صاحبه فقال: هاتي وديعتي، فقالت المرأة: اخذها صاحبك وذكر انك قد مت، فارتفعا إلى عمر فقال لها عمر: ما اراك إلا قد ضمنت، فقالت المرأة: اجعل عليا بيني وبينه، فقال علي: هذه الوديعة عندي وقد أمر تماها ان لا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعان عندها فائتني بصاحبك، فلم يضمنها وقال: إنما ارادا ان يذهبا بمال المرأة. وفي اربعين الخطيب قال ابن سيرين: ان عمر سال الناس وقال: كم يتزوج المملوك ؟ وقال لعلي: إياك أعني يا صاحب المعافري – رداء كان عليه – قال عليه الاسلام ثنتين وفي غريب الحديث عن ابي عبيد ايضا قال أبو صبرة: جاء رجلان إلى عمر فقالا له: ما ترى في طلاق الامة ؟ فقام إلى حلقة فيها رجل اصلع فسأله فقال اثنتان فالتفت اليهما فقال اثنتان، فقال له احدهما: جئناك وانت امير المؤمنين فسألناك عن طلاق الامة فجئت إلى رجل فسألته فوالله ما كلمك، فقال له عمر: ويلك أتدري من هذا هذا علي بن ابي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو ان السماوات والارض وضعت في كفة ووضع ايمان علي في كفة لرجح ايمان علي. ورواه مصقلة بن عبد الله. قال العبدي: انا روينا في الحديث خبرا * يعرفه سائر من كان روى ان ابن خطاب أتاه رجل * فقال كم عدة تطليق الاما فقال يا حيدر كم تطليقة * للامة اذكره فأومى المرتضى باصبعيه فثنى الوجه إلى * سائله قال اثنتان وانثنى


[ 192 ]

قال له تعرف هذا قال لا * قال له هذا علي ذو العلى فصل: في ذكر قضاياه في عهد عثمان العامة والخاصة: ان امرأة نكحها شيخ كبير فحملت فزعم الشيخ انه لم يصل إليها وأنكر حملها فسأل عثمان المرأة: هل افتضك الشيخ ؟ وكانت بكرا فقالت لا، فأمر بالحد فقال امير المؤمنين عليه السلام: ان للمرأة سمين سم الحيض وسم البول فلعل الشيخ كان ينال منها فسال مأوه في سم المحيض فحملت منه، فقال الرجل: قد كنت انزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض، فقال امير المؤمنين: الحمل له والولد له وأرى عقوبته على الانكار له. كشاف الثعلبي واربعين الخطيب وموطأ مالك بأسانيدهم عن بعجة بن بدر الجهني انه اتي بامرأة قد ولدت لستة اشهر فهم برجمها فقال امير المؤمنين عليه السلام: ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ان الله تعالى يقول (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ثم قال: (والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة فحولين مدة الرضاع وستة اشهر مدة الحمل، فقال عثمان: ردوها، ثم قال: ما عند عثمان بعد أن بعث إليها ترد. الخاصة والعامة: ان رجلا كان لديه سرية فأولدها ثم اعتزلها وأنكحها عبدا له ثم توفي فعتقت بملك ابنها لها فورث زوجها ولدها ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إليه يختصمان تقول هذا عبدي ويقول هو هي امرأتي ولست مفرجا عنها فقال: هذه مشكلة، وامير المؤمنين عليه السلام حاضر فقال عليه السلام: سلوها هل جامعها بعد ميراثها له ؟ فقالت لا، فقال: لو علم انه فعل ذلك لعذبته اذهبي فانه عبدك ليس له عليك سبيل ان شئت تعتقيه أو تسترقيه أو تبيعيه فذلك لك. ورووا ان مكاتبة زنت على عهده وقد عتق منها ثلاثة ارباع فسأل عثمان امير المؤمنين فقال: تجلد بحساب الحرية وتجلد منها بحساب الرق، فقال زيد بن ثابت تجلد بحساب الرق، قال امير المؤمنين: كيف تجلد بحساب الرق وقد عتق ثلاثة ارباعها وهلا جلدتها الحرية فيها اكثر، فقال: كان ذلك كذلك لوجب توريثها بحساب الحرية، فقال امير المؤمنين عليه السلام: أجل ذلك واجب، فافحم زيد. ” المناقب ج 2، م 24 “


[ 193 ]

سفيان بن عيينة باسناده عن محمد بن يحيى قال: كان لرجل امرأتان امرأة من الانصار وامرأة من بني هاشم فطلق الانصارية ثم مات بعد مدة فذكرت الانصارية التى طلقها انها في عدتها وقامت عند عثمان البينة بميراثها منه فلم يدر ما يحكم به وردهما إلى علي عليه السلام فقال: تحلف انها لم تحض بعد ان طلقها ثلاث حيض وترثه، فقال عثمان للهاشمية: هذا قضاء ابن عمك، قالت: قد رضيته فلتحلف وترث، فتحرجت الانصارية من اليمين وتركت الميراث. وكانت يتيمة عند رجل فتخوفت المرأة ان يتزوجها فدعت بنسوة حتى أمسكنها وأخذت عذرتها باصبعها فلما قدم زوجها رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة وأقامت البينة من جاراتها فرفع ذلك إلى عثمان أو إلى عمر فجاء بهم إلى علي عليه السلام فسألها البينة فقالت: جيراني هؤلاء، فأخرج أمير المؤمنين السيف من غمده فطرحه بين يديه ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها ودعا باحدى الشهود وجثا ؟ على ركبتيه ثم قال: تعرفيني أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي وقد قالت امرأة الرجل ما قالت وأعطيتها الامان وان لم تصدقيني لامكنن السيف منك، فقالت: الامان على الصدق. قال فاصدقي. فقالت: لا والله انها رأت جمالا وهيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر ودعتنا فأمسكناها فافتضتها باصبعها، فقال عليه السلام: الله اكبر انا اول من فرق الشهود بعد دانيال النبي، فالزمها حد القاذف والزمهن جميعا العقر وجعل عقرها اربعمائة درهم وأمر المرأة ان تنتفي من الرجل ويطلقها زوجها وزوجه الجارية وساق عنه عليه السلام، فقال عمر: يا ابا الحسن فحدثنا بحديث دانيال، فحكى عليه السلام ان ملكا من ملوك بني اسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق وكان رجلا صالحا وكان له امرأة جميلة فوجه الملك الرجل إلى موضع فقال الرجل للقاضيين: اوصيكما بامرأتي خيرا، فقالا نعم، فخرج الرجل وكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت فقالا: لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ثم لنرجمنك، فقالت: افعلا ما أحببتما، فأتيا الملك فشهدا عنده بأنها بغت فدخل على الملك من ذلك امر عظيم وقال للوزير: مالك في هذا من حيلة ؟ فقال: ما عندي في هذا شئ، ثم خرج فإذا هو بغلمان يلعبون وفيهم دانيال فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى اكون انا الملك وتكون انت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب ثم قال للصبيان: خذوا هذا فنحوه إلى مكان


[ 194 ]

كذا وكذا وخذوا بيد هذا إلى موضع كذا ثم دعا بأحدهما فقال له: قل حقا فان لم تقل حقا قتلتك بما تشهد، قال: اشهد انها بغت، قال: متى ؟ قال: يوم كذا وكذا قال: مع من ؟ قال: مع فلان بن فلان، قال: واين ؟ قال: موضع كذا وكذا، قال ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر، فلما جاء قال له: بما تشهد ؟ فقال: أشهد انها بغت قال: متى ؟ قال: يوم كذا وكذا، قال: مع من ؟ قال: مع فلان بن فلان، قال: فأين ؟ قال: في موضع كذا وكذا، فخالف صاحبه فقال دانيال: الله اكبر شهدا بزور يا فلان ناد في الناس إنما شهدا على فلانة بالزور فاحضروا قتلهما، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر فحكم الملك في القاضيين فاختلفا فقتلهما. مسند احمد وابي يعلى روى عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي انه اصطاد اهل الماء حجلا فطبخوه وقدموا إلى عثمان واصحابه فأمسكوا فقال عثمان: صيد لم نصده ولم نأمر بصيده اصطادوه قوم حل فاطعموناه فما به بأس، فقال رجل: ان عليا يكره هذا، فبعث إلى علي عليه السلام فجاء وهو غضبان ملطخ بدنه بالخبط فقال له: انك لكثير الخلاف علينا. فقال عليه السلام: اذكروا الله من شهد النبي صلى الله عليه وآله أتى بعجز حمار وحشي وهو محرم فقال: انا محرمون فأطعموه اهل الحل ؟ فشهد اثنا عشر رجلا من الصحابة ثم قال: اذكروا الله رجلا شهد النبي أتى بخمس بيضات من بيض النعام فقال انا محرمون فأطعموه اهل الحل ؟ فشهد اثنا عشر رجلا من الصحابة فقام عثمان ودخل فسطاطه وترك الطعام على اهل الماء. قال أبو الحسن المرادي: يا سائلي عن علي والالى عملوا * به من السوء ما قالوا وما فعلوا لم يعرفوه فعادوه لجهلهم * والناس كلهم اعداء ما جهلوا فصل: في قضاياه فيما بعد بيعة العامة من لا يحضره الفقيه انه عبر امير المؤمنين عليه السلام بعد قتال البصرة على امرأة وجنينها مطروحين على الطريق فسال ذلك فقالوا: كانت حاملا ففزعت حين رأت القتال والهزيمة، قال: فسألهم أيهما مات قبل صاحبه ؟ قالوا: ابنها، فدعا بزوجها أبي الغلام الميت فورثه من ابنه ثلثي الدية وورث امه ثلث الدية ثم ورث الزوج من من امرأته الميتة نصف ثلث الدية التي ورثته من ابنها الميت وورث قرابة الميت الباقي قال: ثم ورث الزوج ايضا من دية المرأة الميتة نصف الدية وهو الفان وخمسمائة درهم


[ 195 ]

وذلك انها لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت، قال: وأدى ذلك من بيت مال البصرة. الاحكام الشرعية عن الخزاز القمي قال سلمة بن كهيل قال: أتي امير المؤمنين برجل قد قتل رجلا خطأ، فقال له عليه السلام: من عشيرتك وقرابتك ؟ قال: قرابتي بالموصل، قال: فسأل عن امير المؤمنين فلم يجد له قرابة فكتب إلى عامله بالموصل: اما بعد فان فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأ فذكر انه من اهل الموصل وان له بها قرابة واهل بيت وقد بعثت به اليك مع رسولي فلان بن فلان وحليته كذا وكذا فإذا ورد عليك انشاء الله وقرأت كتابي فافحص عن امره وسل عن قرابته من المسلمين فان كان من اهل الموصل ممن ولد بها واصبت له بها واصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم ثم انظر ان كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه احد من قرابته وكانوا قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل ابيه وعلى قرابته من قبل امه من الرجال المذكورين من المسلمين ثم اجعل على قرابته من قبل ابيه ثلثي الدية وعلى قرابته من قبل امه ثلث الدية وان لم يكن له قرابة من قبل ابيه نفض الدية على قرابته من قبل امه من الرجال المذكورين المسلمين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين فان لم يكن له قرابة من قبل امه ولا قرابة من قبل ابيه ففض الدية على اهل الموصل ممن ولد بها ونشأ فلا تدخل فيهم غيرهم من اهل البلد ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجم حتى تستوفيه انشاء الله وان لم يكن لفلان بن فلان قرابة من اهل الموصل ولا يكون من اهلها فرده الي مع رسولي فلان بن فلان انشاء الله وانا وليه والمؤدي عنه وإلا أبطل دم امرئ مسلم. وقضى عليه السلام في عين فرس فقئت بربع ثمنها يوم فقئت عينها. عدي بن حاتم عن امير المؤمنين عليه السلام قال: يوم التقى هو ومعاوية بصفين فرفع بها صوته يسمع اصحابه: والله لاقتلن معاوية واصحابه، ثم يقول في آخر قوله: انشاء الله، يخفض بها صوته وكنت قريبا منه فقلت: يا امير المؤمنين انك حلفت على ما فعلت ثم استثنيت فما اردت بذلك ! فقال: ان الحرب خدعة وانا عند المؤمن غير كذوب فأردت ان احرض اصحابي عليهم لكي لا يفشلوا ولكي يطمعوا فيهم فافقههم ينتفعوا بها بعد اليوم انشاء الله. الصادق عن امير المؤمنين عليهما السلام في رجل أمر عبده ان يقتل رجلا فقال


[ 196 ]

وهل العبد عند الرجل إلا كسوطه أو كسيفه يقتل السيد ويودع العبد السجن. قال: ولي ثلاثة قتلا فدعوا إلى علي عليه السلام اما واحد منهم امسك رجلا وأقبل الآخر فقتله والثالث وقف في الرؤية يراهم فقضى في الذي كان في الرؤية ان تسمل عيناه وفي الذي أمسك ان يسجن حتى يموت كما امسك وفي الذي قتله ان يقتل. نقلة الاخبار وذكر صاحب فضايل العشرة انه ولد على عهد امير المؤمنين عليه السلام مولود له رأسان وصدران على حقو واحد فسئل عليه السلام: كيف يورث ؟ قال: يترك حتى ينام ثم يصاح به فان انتبها جميعا كان له ميراث واحد وان انتبه احدهما وبقى الآخر كان له ميراث اثنين. وفيما اخبرنا به أبو علي الحداد باسناده إلى سلمة بن عبد الرحمن في خبر قال: اتي عمر بن الخطاب برجل له رأسان وفمان وأنفان وقبلان ودبران واربعة اعين في بدن واحد ومعه اخت فجمع عمر الصحابة وسألهم عن ذلك فعجزوا فأتوا عليا وهو في حايط له فقال: قضيته ان ينوم فان غمض الاعين أو غط من الفمين جميعا فبدن واحد وان فتح بعض الاعين أو غط احد الفمين فبدنان هذه قضيته. واما القضية الاخرى فيطعم ويسقى حتى يمتلي فان بال من المبالين جميعا وتغوط من الغايطين جميعا فبدن واحد وان بال أو تغوط من احدهما فبدنان، وقد ذكره الطبري في كتابه. عمار الذهبي عن ابي الصهباء قال: قام ابن الكواء إلى علي وهو على المنبر وقال اني وطات دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة فآكلها ؟ قال لا، قال: فان استحضنتها فخرج منها فرخ آكله ؟ قال: نعم، قال: فكيف ؟ قال: لانه حي خرج من ميت وتلك ميتة خرجت ميتة. الحسن بن علي العبدي عن سعد بن طريف عن شريح: ان امرأة أتت إليه فقالت ان لي ما للرجال وما للنساء، فقال: ان امير المؤمنين يقضي على المبال، قالت: فاني ابول بهما وينقطعان معا، فاستعجب شريح قالت: واعجب من هذا جامعني زوجي فولدت منه وجامعت جاريتي فولدت مني، فضرب شريح احدى يديه على الاخرى متعجبا ثم جاء إلى امير المؤمنين عليه السلام فقالت: هو كما ذكر، فقال لها: فمن زوجك ؟ قالت: فلان بن فلان، فبعث إليه فدعاه وسأله عما قالت ؟ قال: هو كذلك. فقال له عليه السلام. لانت اجرى من صايد الاسد حين تقدم عليها بهذه الحال ثم قال: يا قنبر ادخل مع اربع نسوة فعد اضلاعها، فقال زوجها لا آمن عليها رجل ولا


[ 197 ]

ائتمن عليها امرأة فأمر دينار الخصي ان يشد عليه ثياب أو اخلاه في بيت ثم ولجه وامره بعد اضلاعه فكانت من الجانب الايمن ثمانية ومن الجانب الايسر سبعة فلبسها ثياب الرجال والحقها بهم فقال الزوج: يا امير المؤمنين ابنة عمي قد ولدت مني تلقحها بالرجال ! فقال: اني حكمت فيها بحكم الله ان الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصى فاضلاع الرجال تنقص واضلاع النساء تمام. وروى بعض اهل النقل ان امير المؤمنين أمر عدلين ان يحضرا بيتا خاليا وأحضر الشخص معهما وأمر بنصب مرآتين احدهما مقابلة لفرج الشخص والاخرى مقابلة للمرأة الاخرى وأمر الشخص ان يكشف عن عورته في مقابلة المرأة حيث لا يراه العدلان وأمر العدلين بالنظر في المرآة المقابلة لها فلما تحقق العدلان صحة ما ادعاه الشخص من الفرجين اعتبر حاله بعد اضلاعه. اسماعيل بن موسى باسناده ان رجلا خطب إلى رجل ابنة له عربية فأنكحها إياه ثم بعث إليه بابنة له امها أعجمية فعلم بذلك بعد أن دخل بها فأتى معاوية وقص عليه القصة فقال: معضلة لها أبو الحسن، فاستأذنه وأتى الكوفة وقص على امير المؤمنين فقال: على ابي الجارية ان يجهز الابنة التي أنكحها إياه بمثل صداق التي ساق إليه فيها ويكون صداق التي ساق منها لاختها بما اصاب من فرجها وأمره ان لا يمس التي تزف إليه حتى تقضي عدتها ويجلد ابوها نكالا لما فعل. التهذيب في خبر عن امير المؤمنين عليه السلام انه لما نهى عن أكل الطحال قال قصاب: يا أمير المؤمنين ما الكبد والطحال إلا سواء، فقال له: كذبت يالكع ائتني بتور من ماء انبئك بخلاف ما بينهما، فأتى بكبد وطحال وتور من ماء فقال: شق الكبد من وسطه والطحال من وسطه، ثم رماهما في الماء جميعا فابيضت الكبد ولم ينقص منه شئ ولم يبيض الطحال وخرج ما فيه كله وصار دما كله وبقى جلدا وعروقا، فقال له: هذا خلاف ما بينهما هذا لحم وهذا دم. ابن بطة وشريك باسنادهما عن ابن أبجر العجلي قال: كنت عند معاوية فاختصم إليه رجلان في ثوب فقال احدهما ثوبي واقام البينة وقال الاخر ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا اعرفه، فقال معاوية: لو كان لها علي بن أبي طالب، فقال ابن ابجر فقلت له: قد شهدت عليا قضى في مثل هذا وذلك انه قضى بالثوب للذي اقام البينة وقال للآخر اطلب البايع، فقضى معاوية بذلك بين الرجلين.


[ 198 ]

وبهذا الاسناد ان عليا عليه السلام دفع إليه مملوك قتل حرا قال: يدع إلى اولياء المقتول، فدع إليهم فعفوا عنه فقال له الناس: قتلت رجلا وصرت حرا، فقال عليه السلام لا هو رد على مواليه. جابر بن عبد الله بن يحيى قال: جاء رجل إلى علي فقال: يا امير المؤمنين اني كنت أعزل عن امرأتي وانها جاءت بولد، فقال عليه السلام: واناشدك الله هل وطأتها ثم عاودتها قبل ان تبول ؟ قال نعم، قال: فالولد لك. وسئل امير المؤمنين عن علة ما يصلى فيه من الثياب ؟ فقال عليه السلام: ان الانسان إذا كان في الصلاة فان جسده وثيابه وكل شئ حوله يسبح. وقال عليه السلام: فرض الله تعالى الايمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبير، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لاخلاص الحق، والحج تقوية للدين والجهاد عن الاسلام والامر بالمعروف مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء وصلة الارحام منماة للعدد، والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم وترك شرب الخمر تحصينا للعقل، ومجانبة السرقة ايجابا للعفة، وترك الزنا تحقيقا للنسب وترك اللواط تكثيرا للنسل، والشهادات استظهارا عن المجاحدات، وترك الكذب تشريفا للصدق، والسلام أمانا من المخاوف، والامانة نظاما للامة، والطاعة تعظيما للسلطان. وسئل عليه السلام عن الوقوف بالحل لم لا يكون بالحرم ؟ فقال: لان الكعبة بيته والحرم داره فلما قصدوا وافدين أوقفهم بالباب يتضرعون إليه. قيل له: فالمشعر الحرام لم صار في الحرم ؟ قال: لانه لما اذن لهم بالدخول أوقفهم بالحجاب الثاني فلما طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم فلما قضوا تفثهم وتطهروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم وبينه اذن لهم بالزيارة له على الطهارة. قيل له: فلم حرم الصيام ايام التشريق ؟ قال: لان القوم زوار الله في ضيافته ولا يجمل لمضيف ان يصوم اضيافه. فقيل له: والتعلق بأستار الكعبة لاي معنى هو ؟ قال: مثله مثل رجل له عند آخر جناية وذنب فهو يتعلق به يتضرع إليه ويخضع له رجاء ان يتجافى له عن ذنبه. محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في اربعة نفر اطلعوا في زية الاسد فخر احدهم فاستمسك بالثاني فاستمسك بالثالث فاستمسك بالرابع فقضى في الاول فريسة الاسد وغرم اهله ثلث الدية للثاني وغرم الثاني لاهل الثالث


[ 199 ]

ثلثي الدية وغرم الثالث لاهل الرابع الدية كاملة. ابن مهدي في نزهة الابصار والزمخشري في المستقصي عن ابن سيرين وشريح القاضي ان امير المؤمنين راى شابا يبكي فسأل عليه السلام عنه فقال: ان ابي سافر مع هؤلاء فلم يرجع حين رجعوا وكان ذا مال عظيم فرفعتهم إلى شريح فحكم علي، فقال عليه السلام متمثلا: أوردها سعد وسعد مشتمل * يا سعد ما تروى على هذا الابل ثم قال: ان اهون السقي التشريع أي كان ينبغي لشريح ان يستقصي في الاستشكاف عن خبر الرجل ولا يقتصر على طلب البينة. وروى أبو جعفر فيمن لا يحضره الفقيه والكليني في الكافي والطوسي في التهذيب وابن فياض في شرح الاخبار انه قال: اني أحكم بحكم داود عليه السلام، ونظر في وجوههم ثم قال: ما تظنون ؟ تظنون اني لا اعلم بما صنعتم بأبي هذا الفتى اني إذا لقليل العلم، ثم فرق بينهم ودعا واحدا واحدا يقول اخبرني ولا ترفع صوتك، وسأله عن ذهابهم ونزولهم وعامهم وشهرهم ويومهم ومرض الرجل وموته وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وموضع قبره وأمر عبد الله بن ابي رافع بكتابة قوله فلما كتب كبر وكبر الناس معه فظن الآخر انه اخبرهم بذلك ثم أمر برد الرجل إلى مكانه ودعا بآخر عما سال الاول فخالفه في الكلام كله فكبر ايضا ثم دعا بثالث ثم برابع فكان يتلجلج فوعظه وخوفه فاعترف انهم قتلوا الرجل واخذوا ماله وانهم دفنوه في موضع كذا بالقرب من الكوفة فكان يستدعي بعد ذلك واحدا واحدا ويقول اصدقني عن حالك وإلا نكلت بك فقد وضح لي الحق في قضيتكم فيعترف الرجل مثل صاحبه فأمر برد المال وانهاك العقوبة وعفا الشاب عن دمائهم. فسألوه عن حكم داود فقال ان داود عليه السلام مر بغلمان يلعبون وينادون واحدا منهم اي مات الدين، فقال داود: ومن سماك بهذا الاسم ؟ قال امي، قال: انطلق بنا إلى امك، فقال: يا أمة الله ما اسم ابنك هذا وما كان سبب ذلك ؟ قالت: ان اباه خرج في سفر له ومعه قوم وأنا حامل بهذا الغلام فانصرف قومي ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا مات وسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقلت لهم وصاكم بوصية قالوا نعم زعم انك حبلى وإن ولدت جارية أو غلاما فسميه مات الدين فسميته كما وصى، فقال لها: فهل تعرفين القوم ؟ قالت نعم، قال: انطلقي معي إلى هؤلاء، فاستخرجهم من منازلهم فلما حضروا


[ 200 ]

حكم فيهم بهذه الحكومة فثبت عليهم الدم واستخرج منهم المال ثم قال: يا أمة الله سمي ابنك هذا بعاش الدين. ابن المسيب: انه كتب معاوية إلى ابي موسى الاشعري يسأله أن يسأل عليا عن رجل يجد مع امرأته رجلا يفجر بها فقتله ما الذي يجب عليه ؟ قال: ان كان الزاني محصنا فلا شئ على قاتله لانه قتل من يجب عليه القتل. وفي رواية صاحب الموطأ فقال عليه السلام: انا أبو الحسن فان لم يقم اربعة شهداء فليعط برمته. السكوني: ان ستة نفر لعبوا في الفرات فغرق واحد منهم فشهد اثنان منهم على ثلاثة منهم انهم غرقوه وشهد الثلاثة على الاثنين انهما غرقاه فالزم الاثنين ثلاثة اخماس الدية وألزم الثلاثة خمسي الدية بحساب الشهادة. محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام: قضى امير المؤمنين عليه السلام في اربعة نفر شربوا فسكروا فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان فأمر بالمجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة وقضى دية المقتولين على المجروحين وأمر ان يقاس جراح المجروحين فترفع من الدية وان مات من المجروحين احد فليس على اولياء المقتول شئ. وفي رواية انه قال: دية المقتولين على قبايل الاربعة بعد مقاصة الحيين منهما بدية جراحهما لانه لعل كل واحد منهما قتل صاحبه. ونفذ رجل غلاما مع ابنه إلى الكوفة فتخاصما فضربه الابن فنكل عنه الغلام وسبه حتى ادعى انه مملوكه فتحاكما إلى امير المؤمنين عليه السلام فقال لقنبر: اثقب في الحايط ثقبين، ثم قال لاحدهما: ادخل راسك في هذا الثقب، ثم قال: يا قنبر علي بالسيف سيف رسول الله صلى الله عليه وآله عجل اضرب رقبة العبد منهما قال فأخرج الغلام رأسه مبادرا ومكث الآخر في الثقب فادب الغلام على ما صنع ثم رده إلى مولاه وقال: لئن عدت لاقطعن يدك. الصادق عليه السلام: تزوج رجل من الانصار امرأة على عهد امير المؤمنين عليه السلام فلما كان ليلة البناء بها عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة فلما دخل الزوج بباضع اهله ثار الصديق واقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق فقال عليه السلام: تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج. ” المناقب ج 2، م 25 “


[ 201 ]

الاصبغ: وصى رجل ودفع إلى الوصي عشرة آلاف درهم وقال: إذا ادرك ابني فاعطه ما أحببت منها، فلما ادرك استعدى عليه امير المؤمنين قال له: كم تحب ان تعطيه ؟ قال: الف درهم، قال: اعطه تسعة آلاف درهم فهي التي احببت وخذ الالف. وقضى عليه السلام في ثلاثة نفر اشتركوا في بعير فأخذه احد الثلاثة فعقله وشد يديه جميعا ومضى في حاجة فجاء الرجلان فخليا يدا واحدة وتركا واحدة وتشاغلا عنه فقام البعير ويمشي على ثلاثة قوائم فتردى في بئر فانكسر البعير فادركوا زكوته فنحروه ثم باعوا لحمه فأتاهم الرجل فقال: لم حللتموه حتى أجئ وأحفظه أو يحفظه احدكما فقضى على شريكيه الثلث من أجل انه كان قد اوثق حقه وعقل البعير فخلياه فنظروا في ثمن لحم البعير فإذا هو ثلث الثمن بقدر ما كان للرجل الثلث فأخذه كله بحقه وخرج الرجلان صفرا فذهب حظه بحظهما. وروي ان امرأة تشبهت لرجل بجاريته واضطجعت على فراشه ليلا فوطأها فأمر امير المؤمنين باقامة الحد على الرجل سرا وعلى المرأة جهرا. أبو عبيد في غريب الحديث ان امرأة جاءته فذكرت ان زوجها يأتي جاريتها فقال عليه السلام: ان كنت صادقة رجمناه وان كنت كاذبة جلدناك، فقالت: ردوني إلى اهلي غيري نغرة معناه ان جوفها يغلي من الغيظ والغيرة. وروي ان ابن مسعود قال فيمن غشى جارية امرأته لا حد عليه، فقال عليه السلام: ابا عبد الرحمن إنما كان هذا قبل ان تنزل الحدود. شهد اثنان على رجل بالسرقة انه سرق درعا فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة وجعل يقول: لو كان رسول الله ما قطع يدي ابدا، قال: ولم ؟ قال: يخبره ربه اني برئ، فدعا عليه السلام للشاهدين وقال لهما: اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما ثم قال: ليقطع احدهما يده ويمسك احدهما يده، فلما تقدما إلى المسطبة ليقطعوه اضطربوا الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا ارسلا الرجل في غمار الناس وفرا حين اختلط الناس فأخبروا امير المؤمنين فقال: من يدلني على الشاهدين انكلهما. وحكم عليه السلام في وصية بجزء من مال انه السبع من قوله تعالى: (لكل باب منهم جزء مقسوم). وفي وصية بسهم انه الثمن من قوله: (إنما الصدقات). وفي قول واحد: اعتق عني كل عبد قديم في ملكي، ان يعتق ما في ملكه ستة اشهر من قوله تعالى:


[ 202 ]

(والقمر قدرناه منازل). وفي نذر حين ان يصوم ستة اشهر من قوله: (تؤتى اكلها كل حين). وفي نهج البلاغة: ان امير المؤمنين عليه السلام رفع إليه رجلان سرقا في مال الله تعالى احدهما من مال الله والآخر من عرض الناس فقال عليه السلام: اما هذا فهو من مال الله ولا حد عليه مال الله اكل بعضه بعضا واما الآخر فعليه الحد الشديد فقطع يده. يحيى بن سعد عن عمر بن سعد الرقي قال: قال الصادق عليه السلام: مات عقبة بن عامر الجهني وترك خيرا كثيرا من اموال ومواشي وعبيد وكان له عبدان يقال لاحدهما سالم والآخر ميمون فورثه ابن عم له واعتقوا العبدين وجاءت امرأة إلى علي عليه السلام فذكرت انها امرأة عقبة وأنكرها بنو العم فشهد لها سالم وميمون وعدلا وذكرت المرأة انها حامل فقال عليه السلام بوقف نصيب المرأة فان جاءت بولد فلا شئ لها ولا لولدها من الميراث لانه إنما شهد لهما على قولهما عبدان لهما وان لم تأت بولد فلها الربع لانه قد شهد لها بالزوجية حران قد اعتقهما من يستحق الميراث. وقضى في رجل ضرب على صدره فادعى انه نقص نفسه فقال عليه السلام: ان النفس يكون في المنخر الايمن وفي الايسر ساعة فإذا طلع الفجر يكون في المنخر الايمن إلى ان تطلع الشمس وهو ساعة فاقعد المدعي من حين يطلع الفجر إلى طلوع الشمس وعد أنفاسه وأقعد رجلا في سنه يوم الثاني من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وعد انفاسه ثم اعطى المصاب بقدر ما نقص من نفسه عن نفس الصحيح. وحكم عليه السلام فيمن ادعى انه ذهب بصره ان يربط عينه الصحيحة ببيضة ويدنو منه رجل فيبصره بعينه المصابة ثم يتنحى عنه إلى الموضع الذي ينتهي بصره إليه. وكتب إليه ملك الروم إلى معاوية يسأله عن خصال فكان فيما سأله: اخبرني عن لا شئ، فتحير فقال عمرو بن العاص: وجه فرسا فارها إلى معسكر علي ليباع فإذا قيل للذي هو معه بكم ؟ يقول: بلا شئ، فعسى ان تخرج المسألة. فجاء الرجل إلى عسكر علي إذ مر به علي ومعه قنبر فقال: يا قنبر ساومه، فقال: بكم الفرس ؟ قال بلا شئ، قال: يا قنبر خذ منه، قال: اعطني لا شئ، فأخرجه إلى الصحراء وأراه السراب فقال: ذلك لا شئ، قال: اذهب فخبره، قال: وكيف قلت ؟ قال: أما سمعت بقول الله تعالى (يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا). الاصبغ: كتب ملك الروم إلى معاوية: إن أجبتني عن هذه المسائل حملت


[ 203 ]

اليك الخراج وإلا حملت انت، فلم يدر معاوية فأرسلها إلى امير المؤمنين عليه السلام فأجاب عنها فقال: أول ما اهتز على وجه الارض النخلة، وأول شئ صح عليها واد باليمن وهو أول واد فار فيه الماء، والقوس أمان لاهل الارض كلها عند الغرق ما دام يرى هي السماء، والمجرة ابواب فتحها الله على قوم ثم اغلقها فلم يفتحها. قال: فكتب بها معاوية إلى ملك الروم فقال: والله ما خرج هذا إلا من كنز نبوة محمد فحمل إليه الخراج الرضا عن آبائه عليهم السلام سئل أمير المؤمنين عن المد والجزر ماهما ؟ فقال عليه السلام ملك موكل بالبحار يقال له رومان فإذا وضع قدمه في البحر فاض وإذا أخرجها غاض وسأله عليه السلام ابن الكواء: كم بين السماء والارض ؟ فقال: دعوة مستجابة قال: وما طعم الماء ؟ قال: طعم الحياة، وكم بين المشرق والمغرب ؟ فقال عليه السلام: مسيرة يوم للشمس، وما اخوان ولدا في يوم وماتا في يوم وعمر أحدهما خمسون ومائة سنة وعمر الآخر خمسون سنة ؟ فقال عليه السلام: ولد عزير وعزرة اخوه لان عزيرا أماته الله مائة عام ثم بعثه، وعن بقعة ما طلعت عليها الشمس إلا لحظة واحدة ؟ فقال: ذلك البحر الذي فلقه الله لبني اسرائيل، وعن انسان يأكل ويشرب ولا يتغوط ؟ قال عليه السلام: ذلك الجنين، وعن شئ شرب وهو حي وأكل وهو ميت. فقال: ذلك عصا موسى شربت وهو في شجرتها غضة وأكلت لما التقفت حبال السحرة وعصيهم، وعن بقعة علت على الماء في ايام طوفان ؟ فقال عليه السلام: ذاك موضع الكعبة لانها كانت ربوة، وعن مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الانس ؟ فقال: ذلك الذئب إذا كذب عليه اخوة يوسف، وعن من أوحى إليه ليس من الجن ولا من الانس ؟ فقال: واوحى ربك إلى النحل، وعن أطهر بقعة على وجه الارض لا تجوز الصلاة عليها ؟ فقال: ذلك ظهر الكعبة، وعن رسول ليس من الجن والانس والملائكة والشياطين ؟ فقال: الهدهد اذهب بكتابي هذا، وعن مبعوث ليس من الجن والانس والملائكة والشياطين ؟ فقال: ذلك الغراب فبعث الله غرابا، وعن نفس في نفس ليس بينهما قرابة ولا رحم ؟ فقال عليه السلام: ذلك يونس النبي في بطن الحوت، ومتى القيامة ؟ قال: عند حضور المنية وبلوغ الاجل، وما عصا موسى ؟ فقال: كان يقال لها الاربية وكان من عوسج طولها سبعة اذرع بذراع موسى وكانت من الجنة انزلها جبرئيل على شعيب. ابن عباس: ان أخوين يهوديين سألا امير المؤمنين عليه السلام عن واحد لا ثاني له


[ 204 ]

وعن ثان لا ثالث له إلى مائة متصلة نجدها في التوراة والانجيل وهي في القران يتلونه فتبسم امير المؤمنين عليه السلام وقال: اما الواحد فالله ربنا الواحد القهار لا شريك له، واما الاثنان فآدم وحوا لانهما اول اثنين، واما الثلاثة فجبرائيل وميكائيل واسرافيل لانهم راس الملائكة على الوحي، واما الاربعة فالتوراة والانجيل والزبور والفرقان، واما الخمسة فالصلاة انزلها الله على نبينا وعلى امته ولم ينزلها على نبي كان قبله ولا على امة كانت قبلنا وانتم تجدونه في التوراة، واما الستة فخلق الله السماوات والارض في ستة ايام، واما السبعة فسبع سماوات طباقا، واما الثمانية ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية، واما التسعة فآيات موسى التسع، واما العشرة فتلك عشرة كاملة، واما الاحد عشر فقول يوسف لابيه (اني رايت احد عشر كوكبا)، واما الاثنا عشر فالسنة اثنا عشر شهرا، واما الثلاثة عشر قول يوسف لابيه (والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين فالاحد عشر اخوته والشمس ابوه والقمر امه، واما الاربعة عشر فأربعة عشر قنديلا من النور معلقة بين السماء السابعة والحجب تسرج بنور الله إلى يوم القيامة، واما الخمسة عشر فانزلت الكتب جملة منسوجة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا لخمسة عشر ليلة مضت من شهر رمضان، واما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش، واما السبعة عشر فسبعة عشر إسما من اسماء الله مكتوبة بين الجنة والنار لولا ذلك لذفرت ذفرة احرقت من في السماوات والارض، واما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلقة بين العرش والكرسي لولا ذلك لذابت الصم الشوامخ واحترقت السماوات والارض وما بينهما من نور العرش، واما التسعة عشر فتسعة عشر ملكا خزنة جهنم، واما العشرون فالان الله لداود فيها الحديد، واما في اثنين وعشرين فاستوت سفينة نوح، واما الثلاثة وعشرون ففيه ميلاد عيسى ونزول المائدة على بني اسرائيل، واما في اربعة وعشرين فرد الله على يعقوب بصره واما خمسة وعشرون فكلم الله موسى تكليما بواد المقدس كلمه خمسة وعشرين يوما، واما ستة وعشرين فقيام ابراهيم في النار أقام فيها حيث صارت بردا وسلاما، واما سبعة وعشرون فرفع الله إدريس مكانا عليا وهو ابن سبع وعشرين سنة، واما ثمان وعشرون فمكث يونس في بطن الحوت، واما الثلاثون (فواعدنا موسى ثلاثين ليلة) واما الاربعون تمام ميعاده (وأتممناها بعشر)، واما الخمسون خمسون الف سنة، واما الستون كفارة الافطار (فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا)، واما السبعون


[ 205 ]

(سبعون رجلا لميقاتنا)، واما الثمانون (فاجلدوهم ثمانين جلدة)، واما التسعون (فتسع وتسعون نعجة)، واما المائة (فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة). فلما سمعا ذلك اسلما فقتل احدهما في الجمل والآخر في صفين. وقال عليه السلام في جواب سائل: اما الزوجان الذي لا بد لاحدهما من صاحبه ولا حياة لهما فالشمس والقمر، واما النور الذي ليس من الشمس ولا من القمر ولا النجوم ولا المصابيح فهو عمود ارسله الله تعالى لموسى في التيه، واما الساعة التي ليس من الليل ولا من النهار فهي الساعة التي قبل طلوع الشمس، واما الابن الذي ع أكبر من ابيه وله ابن اكبر منه فهو عزير بعثه الله وله اربعون سنة ولابنه مائة وعشر سنين، وما لا قبلة له فالكعبة، وما لا اب له فالمسيح، وما لا عشيرة له فآدم. وسئل عليه السلام: كيف اصبحت ؟ فقال: اصبحت وانا الصديق الاول والفاروق الاعظم، وانا وصي خير البشر، وانا الاول وانا الآخر وانا الباطن وانا الظاهر وانا بكل شئ عليم، وأنا عين الله، وانا جنب الله، وانا امين الله على المرسلين، بنا عبد الله ونحن خزان الله في ارضه وسمائه، وانا احيي واميت، وانا حي لا اموت. فتعجب الاعرابي من قوله فقال عليه السلام: انا الاول اول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وانا الآخر آخر من نظر فيه لما كان في لحده، وانا الظاهر فظاهر الاسلام، وانا الباطن بطين من العلم، وانا بكل شئ عليم فاني عليم بكل شئ اخبره الله به نبيه فاخبرني به، فأما عين الله فأنا عينه على المؤمنين والكفرة، واما جنب الله فأن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ومن فرط في فقد فرط في الله ولم يخبر لنبي نبوة حتى يأخذه ختاما من محمد فلذلك سمي خاتم النبيين محمد سيد النبيين فأنا سيد الوصيين، واما خزان الله في ارضه فقد علمنا ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله بقول صادق، وانا احيي احيي سنة رسول الله، وانا اميت اميت البدعة، وانا حي لا اموت لقوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون). كتاب ابي بكر الشيرازي: ان امير المؤمنين خطب في جامع البصرة فقال فيها: معاشر المؤمنين المسلمين ان الله عز وجل أثنى على نفسه فقال: هو الاول والآخر يعني قبل كل شئ والآخر يعني بعد كل شئ والظاهر على كل شئ والباطن لكل شئ سواء علمه عليه سلوني قبل ان تفقدوني فانا الاول وانا الآخر إلى آخر كلامه فبكى اهل البصرة كلهم وصلوا عليه. قال العبدي:


[ 206 ]

لك قال النبي هذا علي * أول آخر سميع عليم ظاهر باطن كما قالت الشمس * جهارا وقولها مكتوم وقال محمد بن ابي نعمان: جسد طهره رب البرايا * واجتباه واصطفاه من علي وارتضاه وحباه لمعان * لطفت عن كل معنى معنوي وصفي ووصي وإمام * عادل بعد النبي وهو في الباطن من * مكنون سر أوحدي أول في الكون من قبل البرايا * آخر في الآخري فهو في الظاهر شخص بشري * ناطق من جسم رب آدمي وهو في الباطن جسم ملكي * ابطحي قرشي هاشمي وولي وقال الزاهي: وهو لكل الاوصياء آخر * يضبطه التوحيد في الخلق انضبط باطن علم الغيب والظاهر في * كشف الاشارات وقطب المغتبط محيي بحدي سيفه الدين كما * أمات ما ابدع ارباب اللغط وقال عليه السلام: انا دحوت ارضها وأنشأت جبالها وفجرت عيونها وشققت انهارها وغرست اشجارها واطعمت ثمارها وأنشأت سحابها وأسمعت رعدها ونورت برقها وأضحيت شمسها وأطلعت قمرها وأنزلت قطرها ونصبت نجومها، وأنا البحر القمقام الزاخر وسكنت اطوادها وأنشأت جواري الفلك فيها واشرقت شمسها، وأنا جنب الله وكلمته وقلب الله وبابه الذي يؤتى منه ادخلوا الباب سجدا اغفر لكم خطاياكم وازيد المحسنين وبي وعلى يدي تقوم الساعة وفي يرتاب المبطلون، وأنا الاول والاخر والظاهر والباطن، وأنا بكل شئ عليم. شرح ذلك عن الباقر عليه السلام: أنا دحوت ارضها يقول أنا وذريتي الارض التي يسكن إليها، وأنا ارسيت جبالها يعني الائمة ذريتي هم الجبال الرواكد التي لا تقوم إلا بهم، وفجرت عيونها يعني العلم الذي ثبت في قلبه جرى على لسانه، وشققت انهارها يعني منه انشعب الذي من تمسك بها نجا، وانا غرست اشجارها يعني الذريه الطيبة، واطعمت اثمارها يعني اعمالهم الزكية، وانا أنشأت سحابها يعني ظل من استظل ببنائها، وانا انزلت قطرها يعني حياة ورحمة، وانا اسمعت رعدها يعني لما يسمع من الحكمة، ونورت برقها


[ 207 ]

يعني بنا استنارت البلاد، واضحيت شمسها يعنى القائم منا نور على نور ساطع، واطلعت قمرها يعنى المهدي من ذريتي وأنا نصبت نجومها يهتدى بنا ويستضاء بنورنا، وأنا البحر القمقام الزاخر يعني أنا إمام الامة وعالم العلماء وحكم الحكماء وقايد القايدة يفيض علمي ثم يعود إلي كما ان البحر يفيض ماءه على ظهر الارض ثم يعود إليه باذن الله، وأنا أنشأت جواري افلك فيها يقول اعلام الخير وائمة الهدى مني، وسكنت اطوادها يقول فقأت عين الفتنة واقتل اصول الضلالة، وأنا جنب الله وكلمته، وأنا قلب الله يعني أنا سراج علم الله، وأنا باب الله من توجه بي إلى الله غفر له، وقوله: بي وعلى يدي تقوم الساعة يعني الرجعة قبل القيامة ينصر الله في ذريتي المؤمنين والى المقام المشهود. قال أبو العلى: وهل تناكرت الاحلام وانقلبت * فيهم فاصبح نور الله منكشفا الا اضاء لهم عنها أبو حسن * بعلمه وكفاهم حرها وشفى وهل نظير له في الزهد بينهم * ولو اضاح لدينا أو بها كلفا وهل اطاع النبي المصطفى بشر * من قبله وحذا آثاره وقفا


[ 208 ]

باب النصوص على امامته عليه السلام فصل: في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) اجتمعت الامة ان هذه الآية نزلت في علي عليه السلام لما تصدق بخاتمه وهو راكع لا خلاف بين المفسرين في ذلك، ذكره الثعلبي والماوردي والقشيري والقزويني والرازي والنيسابوري والفلكي والطوسي والطبري في تفاسيرهم عن السدي ومجاهد والحسن والاعمش وعتبة بن ابي حكيم وغالب بن عبد الله وقيس بن الربيع وعباية الربعي و عبد الله بن عباس وابي ذر الغفاري، وذكره ابن البيع في معرفة اصول الحديث عن عبد الله عبيدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب، والواحدي في اسباب نزول القرآن عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس، والسمعاني في فضايل الصحابة عن حميد الطويل عن أنس، وسلمان بن احمد في معجمه الاوسط عن عمار، وابو بكر البيهقي في المصنف ومحمد الفتال في التنوير وفي الروضة عن عبد الله بن سلام وابي صالح والشعبي ومجاهد، وزرارة بن أعين عن محمد بن علي، والنطنزي في الخصايص عن ابن عباس، والابانة عن الفلكي عن جابر الانصاري وناصح التميمي وابن عباس، والكلبي في روايات مختلفة الالفاظ متفقة المعاني، وفي اسباب النزول عن الواحدى ان عبد الله ابن سلام اقبل ومعه نفر من قومه وشكوا بعد المنزل عن المسجد وقالوا: ان قومنا لما رأونا اسلمنا رفضونا ولا يكلمونا ولا يجالسونا ولا يناكحونا فنزلت هذه الآية فخرج النبي صلى الله عليه وآله إلى المسجد فراى سائلا فقال: هل اعطاك احد شيئا ؟ قال نعم خاتم فضة وفي رواية خاتم ذهب، قال: من أعطاكه ؟ قال: اعطانيه هذا الراكع. تفسير الثعلبي في رواية ابي ذر ان السائل قال: اللهم اشهد اني سألت في مسجد ” المناقب ج 2، م 26 “


[ 209 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يعطنى أحد شيئا وكان علي عليه السلام راكعا فأومى بخنصره اليمنى فأقبل السائل حتى أخذه من خنصره وذلك بعين رسول الله، فلما فرغ رسول الله من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم ان اخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري إلى قوله أمري فأنزلت عليه قرآنا سنشد عضدك بأخبك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري، قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله الكلمة حتى نزل جبريل من عند الله فقال: يا محمد اقرأ، قال: وما اقرأ ؟ قال اقرأ: (إنما وليكم الله ورسوله) الآية. أبو جعفر عليه السلام: ان رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام واسيد وثعلبة وبنيامين وسلام وابن صوريا فقالوا: يا رسول الله ان موسى أوصى إلى يوشع ابن نون فمن وصيك يا رسول الله ومن وليت بعدك ؟ فنزلت هذه الآية، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قوموا، فقاموا فأتوا المسجد فإذا السائل خارج فقال: يا سائل ما أعطاك أحد شيئا ؟ قال: نعم هذا الخاتم، قال: من أعطاكه ؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي، قال: على اي حال أعطاك ؟ قال: راكعا، فكبر النبي وكبر أهل المسجد فقال صلى الله عليه وآله: علي بن ابي طالب وليكم بعدي، فقالوا: رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي وليا، فأنزل الله تعالى (ومن يتول الله ورسوله) الآية. كتاب أبي بكر الشيرازي انه لما سال السائل وضعها على ظهره اشارة إليه أن ينزعها فمد السائل يده ونزع الخاتم من يده ودعا له فباهى الله تعالى ملائكته بأمير المؤمنين وقال: ملائكتي أما ترون عبدي جسده في عبادتي وقلبه معلق عندي وهو يتصدق بماله طلبا لرضاي اشهدكم اني رضيت عنه وعن خلفه يعنى ذريته، ونزل جبرئيل بالآية. وفي المصباح: تصدق به يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة، وفي رواته أبي ذر: كان عليه السلام في صلاة الظهر، وروي انه كان في نافلة الظهر. أمالي ابن بابويه قال عمر بن الخطاب: لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل. الباقر عليه السلام في قوله تعالى (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) الآية أسباب النزول عن الواحدى: (ومن يتول) يعني يحب الله ورسوله (والذين آمنوا) يعنى عليا (فان حزب الله) يعني شيعة الله ورسوله ووليه (هم الغالبون) يعني هم


[ 210 ]

الغالبون على جميع العباد، فبدأ في هذه الآية بنفسه ثم بنبيه ثم بوليه وكذلك في الآية الثانية وفي الحساب (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، ووزنه محمد المصطفى رسول الله وبعده المرتضى علي ابن ابي طالب وعترته، وعدد حساب كل واحد منهما ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمانون الكافي جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عليهم السلام قال: لما نزلت (إنما وليكم الله ورسوله) اجتمع نفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة وقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية ؟ قال بعضهم: ان كفرنا بهذه الآية كفرنا بسايرها وإن آمنا فان هذا ذل حين يسلط علينا علي بن ابي طالب، فقالوا: قد علمنا ان محمدا صادق فيما يقول ولكن نتوالاه ولا نطيع عليا فيما امرنا فنزل (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) يعني ولاية محمد (واكثرهم الكافرون) بولاية علي. علي بن جعفر عن ابي الحسن عليه السلام في قوله تعالى (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس ابى) أوحى الله إليه يا محمد اني امرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا امرت فلم تطع في وصيك. فقوله تعالى (والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) اثبت الولاية لمن جعله وليا لنا على وجه بالتخصيص ونفى معناها عن غيره، ويعني بوليكم القائم باموركم ومن يلزمكم طاعته واذ ثبت ذلك ثبتت إمامته لان لا احد يجب له التصرف في الامة وفرض الطاعة له بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا من كان إماما لهم وثبتت ايضا عصمته لانه سبحانه إذا اوجب له فرض الطاعة مثل ما اوجبه لنفسه ولنبيه صلى الله عليه وآله اقتضى ذلك طاعته في كل شئ وهذا برهان عصمته لانه لو لم يكن كذلك لجاز منه الامر بالقبيح فيقبح طاعته وإذا قبحت كان تعالى قد اوجب فعل البقبيح وفي علمنا ان ذلك لا يجوز عليه سبحانه ودليل على وجوب العصمة. (والدليل) على ان لفظة ولي في الآية تفيد الاولى ما ذكره المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله ان الولي هو الاولى، وقال النبي صلى الله عليه وآله: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ومنه اولياء الدم وفلان ولي امر الرعية: ونعم ولي الامر بعد وليه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب وما يعترض به السائل فلا يلتفت إليه، واختصاص الآية ببعض المؤمنين حيث وصفهم بايتاء الزكاة يوجب خروج من لم يؤتها، ومن حيث خص ايتائهم بحال


[ 211 ]

الركوع ولم يحصل ذلك لجميع المؤمنين ومن حيث نفي الولاية عن غير المذكورين في الآية بادخال لفظة إنما وايتاء الزكاة في حال الركوع لم يدع لاحد غيره والرواية متواترة من طريق الشيعة وظاهرة من طرق المخالفين وتجري الاخبار بلفظ الجمع وهو وادح مجرى الاخبار بذلك عن الواحد قوله تعالى (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) الآية، وقوله: (ان الذين ينادونك من وراء الحجرات) وقوله: (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة) ثم ان قوله: (والذين آمنوا ليس على العموم بل بعضهم لانه وصف باقامة الصلاة وايتاء الزكاة في حال الركوع، قال خزيمة بن ثابت: فديت عليا امام الورى * سراج البرية مأوى التقى وصي الرسول وزوج البتول * إمام البرية شمس الضحى ففضله الله رب العباد * وأنزل في شأنه هل أتى تصدق خاتمه راكعا * فأحسن بفعل إمام الورى وله ايضا: أبا حسن تفديك نفسي واسرتي * وكل بطئ في الهدى ومسارع أيذهب مدح من محبك ضايعا * وما المدح في جنب الاله بضايع فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا * على فدتك النفس يا خير راكع فأنزل فيك الله خير ولاية * وبينها في محكمات الشرايع وأنشأ حسان بن ثابت وهو في ديوان الحميري: علي امير المؤمنين أخو الهدى * وافضل ذي نعل ومن كان حافيا وأول من أدى الزكاة بكفه * وأول من صلى ومن صام طاويا فلما أتاه سائل مد كفه * إليه ولم يبخل ولم يك جافيا فدس إليه خاتما وهو راكع * وما زال أواها إلى الخير داعيا فبشر جبريل النبي محمدا * بذاك وجاء الوحي في ذاك ضاحيا وقال الحميري: من كان أول من تصدق راكعا * يوما بخاتمه وكان مشيرا من ذاك قول الله ان وليكم * بعد الرسول ليعلم الجمهورا وله أيضا: وأول مؤمن صلى وزكى * بخاتمه على رغم الكفور وقد وجب الولاء له علينا * بذلك في الجهاد وفي الضمير


[ 212 ]

وله أيضا: نفسي الفداء لراكع متصدق * يوما بخاتمه فآب سعيدا أعني الموحد قبل كل موحد * لا عابدا صنما ولا جلمودا أعني الذي نصر النبي محمدا * ووقاه كيد معاشر ومكيدا سبق الانام إلى الفضايل كلها * سبق الجواد لذي الرهان بليدا وله أيضا: وأنزل فيه رب الناس آيا * أقرت من مواليه العيونا بأني والنبي لكم ولي * ومؤتون الزكاة وراكعونا ومن يتول رب الناس يوما * فانهم لعمري فائزونا وله أيضا: ومن أنزل الرحمن فيهم هل أتى * لما تحدوا للنذور وفاء من خمسة جبريل سادسهم وقد * مد النبي على الجميع عباء من ذا بخاتمه تصدق راكعا * فأثابه ذوالعرش منه ولاء وقال الرضي: ومن سمحت بخاتمه يمين * تضن بكل عالية الكعاب أهذا البدر يكسف بالدياجي * وهذى الشمس تطمس بالضباب وقال دعبل: نطق القرآن بفضل آل محمد * وولاية لعليه لم تجحد بولاية المختار من خير الذي * بعد النبي الصادق المتودد إذ جاءه المسكين حال صلاته * فامتد طوعا بالذراع وباليد فتناول المسكين منه خاتما * هبط الكريم الاجودي الاجود فاختصه الرحمن في تنزيله * من حاز مثل فخاره فليعدد ان الاله وليكم ورسوله * والمؤمنين فمن يشأ فليجحد يكن الاله خصيمه فيها غدا * والله ليس بمخلف في الموعد وقال العوني: ومن بخاتمه منهم تصدق في * وقت الصلاة فقد سئلوا وما بذلوا من أنزل الله فيه هل أتى وله * فضل كفضل رسول الله متصل


[ 213 ]

وله ايضا: أبن لي من في القوم جاد بخاتم * على السائل المعنى إذا جاء قانعا وجاد به سرا فأفشاه ربه * وبين من كان المصدق راكعا وقال العبدي: ذا المصدق في الصلاة بخاتم * وبقوته للمستكين السارب وله ايضا: تصدق بالخاتم لله راكعا * فأثنى عليه الله في محكم الذكر وقال ابن حماد: وأنزل فيه الله وحيا مفصلا * لدى هل أتى إذ قال يوفون بالنذر وله ايضا: من كان بالنذر وفى * أو لليتيم اسعفا فانظر بماذا اتحفا * إذا قرات هل أتى من كان زكى راكعا * بخاتم تواضعا لذي الجلال خاشعا * فانزلت آي الولا وقال الصاحب: ألم تعلموا ان الوصي هو الذي * آتى الزكاة وكان في المحراب الم تعلموا ان الوصي هو الذي * حكم الغدير له على الاصحاب وله أيضا: هل مثل برك في حال الركوع وما * بر كبرك برا للمزكينا هل مثل ذلك للعاني الاسير ولل‍ * طفل الصغير وقد أعطيت مسكينا وقال الوراق: علي أبو السبطين صدق راكعا * بخاتمه سرا ولم يتجهم فلما أتاه سائل مد كفه * فلم يستو حتى حباه بخاتم وقال الصفي البصري: يا من بخاتمه تصدق راكعا * اني ادخرتك للقيامة شافعا الله عرفني وبصرني به * فمضيت في ديني بصيرا سامعا


[ 214 ]

وقال نصر بن المنتصر: ومن أقام خاشعا صلاته * يؤتي الزكاة راكعا لمن أتى ومن له ملك كبير ناعم * في الخلد لا تنكره في هل أتى وقال الاصفهاني: أفمن بخاتمه تصدق راكعا * يرجو بذاك رضى القريب الداني حتى تقرب منه بعد نبيه * بولاية بشواهد ومعان بولائه في آية لولاتها * نزلت حصاهم أول واثنان فالاول الصمد المقدس ذكره * ونبيه ووصيه التبعان هل في تلاوتها بآي ذوي هدى * من قبل ثالث أهلها يليان هذي الولاية ان تعود عليهما * من بعده من عقدها قسمان وقال أبو الحسين: من جاد للمسكين بالقوت ولم * يمنعه حر الصيام والطوى من من بالخاتم منه راكعا * للطالب الرفد عطاء وحبا وقال شاعر آخر: أو في الصلاة مع الزكاة أقامها * والله يرحم عبده الصبارا من ذا بخاتمه تصدق راكعا * وأسره في نفسه اسرارا وقال بعض الادباء: ليس كالمصطفى ولا كعلي * سيد الاوصياء من يدعيه من يوالي غير الامام علي * رغبة منه فالتراب بفيه هذه إنما وليكم الله * أتت بالولاء من الله فيه فإذا ما اقتضى به اللفظ معنى * الجمع كانت من بعده لبنيه فصل: في قوله تعالى: (والنجم إذا هوى) أبو جعفر بن بابويه في الامالي بطرق كثيرة عن جويبر عن الضحاك عن ابي هارون العبدي عن ربيعة السعدي وعن ابي اسحاق الفزارى عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام كلهم عن ابن عباس، وروى عن منصور بن الاسود عن الصادق عن آبائه عليهم السلام واللفظ له قال: لما مرض النبي صلى الله عليه وآله مرضه الذي توفي فيه اجتمع


[ 215 ]

إليه أهل بيته واصحابه فقالوا: يا رسول الله ان حدث بك حدث فمن لنا بعدك ومن القائم فينا بأمرك ؟ فلم يجبهم جوابا وسكت منهم، فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول فلم يجبهم عن شئ مما سألوه فلما كان اليوم الثالث قالوا: يا رسول الله ان حدث بك حادث فمن لنا بعدك ومن القائم لنا بأمرك ؟ فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من اصحابي فانظروا من هو فهو خليفتي فيكم من بعدي والقائم بأمري، ولم يكن فيهم احد إلا وهو يطمع أن يقول له أنت القائم من بعدي، فلما كان اليوم الرابع جلس كل واحد منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم إذا نقض نجم من السماء قد علا ضوئه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي فماج القوم وقالوا لقد ضل هذا الرجل وغوى وما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى فأنزل الله في ذلك (والنجم إذا هوى) الآيات، ويقال ونزل: (قد جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم) وفي رواية نوف البكالى انه سقط في منزل علي نجم أضاءت له المدينة وما حولها، والنجم كانت الزهرة وقيل بل الثريا، قال ابن حماد: قال الامام هو الذي في داره * ينقض نجم الليل ساعة يطلع فانقض في دار الوصي فغاضهم * وغدت له الوانهم تتمقع قالوا أمال به الهوى في صنوه * وتوازروا البا عليه وشنعوا وله أيضا: نص عليه أحمد * في خبر لا يجحد والقوم كل يشهد * قال لهم وما افترى من ذا هو نجم الافق * في داره عند الغسق فهو الامام المستحق * لا تقعدوا عنه بطا قالوا بدا في حكمه * هوى لابن عمه يجعلها بزعمه * فقال والنجم إذا في تلكم الدار هوى * ما ضل ذا ولا غوى صاحبكم كما ادعى * بل هو حق قد أتى وله ايضا: وقول محمد في النجم لما * هوى في داره حيدرة الامير


[ 216 ]

وقال خطيب منبج: ويوم النجم حين هوى فقاموا * على أقدامهم متألمينا فقالوا ضل هذا في علي * وصار له من المتعصبينا وأنزل ذو العلى في ذاك وحيا * تعالى الله خير المنزلينا بأن محمدا ما ضل فيه * ولكن أظهر الحق المبينا وقال العوني: ومن هوى النجم إلى حجرته * فأنزل الله إذا النجم هوى وقال ابن علوية: هل تعلمون حديث النجم إذا هوى * في داره من دون كل مكان قالوا أشر نحو النبي بنعمة * نسمع له ونطعه بالاذعان قال النبي ستكفرون إن أنتم * ملتم عليه بخاطر العصيان وستعلمون من المزن بفضله * ومن المشار إليه بالازنان قالوا أبنه فلم نخالف أمره * فيما يجئ به من البرهان فإليه أوم فقال ان علامة * فيها الدليل على مراد العاني فابغوا الثريا في السطوح فانها * من سطح صاحبكم كلمع يمان سكنت رواعده وقل وميضه * فتبينته حساير العوران فضلا عن العين البصير بقلبه * والمبصر الاشياء بالاعيان حتى إذا صدعت حقايق أمره * نفروا نفور طرايد البهران زعموا بأن نبينا اتبع الهوى * وأتاهم بالافك والعدوان كذبوا ورب محمد وتبدلوا * وجروا إلى عمه وضد بيان وقال مهيار: أنا الذي لو سجد النجم لكم * ما كنت مرتابا ولا مستكبرا تاريخ الخطيب، والبلاذري، وحلية ابي نعيم، وابانة العكبرى: سفيان الثوري عن الاعمش عن الثوري عن علقمة عن ابن مسعود قال: اصاب فاطمة صبيحة يوم العرس رعدة فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: يا فاطمة زوجتك سيدا في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين يا فاطمة لما اراد الله تعالى ان يملكك بعلي أمر الله تعالى جبرئيل فقام ” المناقب م 27، ج 2 “


[ 217 ]

في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم فزوجك من علي ثم امر الله سبحانه شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم امرها فنثرته على الملائكة فمن اخذ منهم يومئذ شيئا اكثر مما أخذه غيره افتخر به إلى يوم القيامة. قالت أم سلمة: لقد كانت فاطمة عليه السلام تفتخر على النساء لانها من خطب عليه جبرئيل عليه السلام. تاريخ بغداد: وشرف المصطفى، وشرح الالكاني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله انه نظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة من احبك فقد احبني ومن أحبني فقد احب الله ومن ابغضك فقد ابغضني ومن ابغضني فقد ابغض الله. حلية الاولياء، وفضايل السمعاني وكتاب الطبراني والنطنزي بالاسناد عن عبد الرحمن بن ابي ليلى عن الحسن بن علي عليهما السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله ادعوا لي سيد العرب يعني عليا فقالت عايشة: الست سيد العرب قال: انا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب فلما جاء ارسل إلى الانصار فأتوه فقال: معاشر الانصار علي ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعده قالوا: بلى يا رسول الله قال: هذا علي فأحبوه لحبي واكرموه لكرامتي فأن جبرئيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجل، ورواه أبو بشير عن سعيد بن عايشة في كتاب السودد، وفي رواية فقالت عايشة: وما السيد ؟ قال: من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي. أبو حنيفة باسناد له إلى فاختة أم هاني قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي: انت سيد الناس في الدنيا وسيد الناس في الآخرة. الحلية قال الشعبي: قال علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله مرحبا بسيد المسلمين، واما المتقين الخبر، وفي الخبر المسند انا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين. وفي الخبر للحسين عليه السلام انت السيد وابن السيد واخو السيد، وفي الحساب سيد النجباء جمال الائمة اتفقا في مائة واحدى وستين، وهكذا قولهم جمال النجباء سيد الائمة استويا في العدد وإذا قلت سيد النجباء جمال الائمة يكون وزنه السيد علي بن أبي طالب وكذلك إذا قلت جمال النجباء سيد الائمة قال الصاحب: سيد الناس حيدره هذه حين تذكره لعن الله كل من * رد هذا وانكره هو غيض لناصبيه * وهو حتف لمخبره


[ 218 ]

وله ايضا: ايا ابن عم رسول الله افضل من * ساد الانام وساس الهاشمينا انت الامام ومنظور الانام فمن * يرد ما قلته يقمع براهينا قوله: حب علي علو همة * لانه سيد الائمة فصل الامة على قولين (في معنى يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) احدها: انها في ائمتنا عليهم السلام، والثاني انها في امراء السرايا وإذا بطل احد الامرين ثبت الآخر وإلا خرج الحق عن الامة، والذي يدل على أنها في ائمتنا عليهم السلام ان ظارها يقتضي عموم طاعة أولي الامر من حيث عطفه تعالى الامر بطاعتهم على الامر بطاعته وطاعة رسوله ومن حيث اطلق الامر بطاعتهم ولم يخص شيئا من شئ لانه سبحانه لو اراد خاصا لبينه وفي فقد البيان منه تعالى دليل على ارادة الكل، وإذا ثبت ذلك ثبتت امامتهم لانه لا احد تجب طاعته على ذلك الوجه بعد النبي إلا الامام وإذا قضت وجوب طاعة أولي الامر على العموم لم يكن بد من عصمتهم وإلا ادى إلى ان يكون تعالى قد أمر بالقبيح لان من ليس بمعصوم لا يؤمن منه وقوع القبيح فإذا وقع كان الافتداء به قبيحا وإذا ثبت دلالة الآية على العصمة وعموم الطاعة بطل توجهها إلى امراء السير أية لارتفاع عصمتهم واختصاص طاعتهم وقال بعضهم هم علماء أمة العامة وهم مختلفون في طاعة بعضهم عصيان بعض وإذا اطاع المؤمن بعضهم عصى الآخر والله تعالى لا يأمر بذلك ثم ان الله تعالى وصف أولي الامر بصفة تدل على العلم والامرة جميعا قوله تعالى: وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف اذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فرد الامر إلى الخوف للامراء والاستنباط للعلماء ولا يجتمعان إلا لامير عالم. الشعبي قال: ابن عباس هم امراء السرايا وعلي اولهم، وسال الحسن بن صالح ابن حي جعفر الصادق عليه السلام عن ذلك فقال: الائمة من اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله.


[ 219 ]

تفسير مجاهد انما نزلت في امير المؤمنين عليه السلام حين خلفه رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة فقال: يا رسول الله اتخلفني بين النساء والصبيان فقال: يا علي اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال له اخلفني في قومي واصلح فقال بلى والله رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة فامر الله العباد بطاعته وترك خلافه، وفي ابانة الفلكي انها نزلت لما شكى أبو بردة من علي عليه السلام الخبر، قال الحميري: أو ليس قد فرضت علينا طاعة * لاولي الامور فهل لها تأويل ما كان خبرنا بذاك محمد * خبرا له في المسندات اصول ان الخليفة بعده هذا الذي * فيها عليه من الخطاب يحيل وله أيضا: وقال الله في القرآن قولا * يرد عليكم ما تدعونا اطيعوا الله رب الناس ربا * واحمد والاولى المتأمرينا فذلكم أبو حسن علي * وسبطاه الولاة الفاضلونا وتنحل ابن الجهم هذا المعنى للمتوكل فقال: كفاكم بأن الله فوض امره * اليكم واوحى ان اطيعوا أولي الامر ولم يسال الناس النبي محمد * سوى ود ذي القربى القريبة من اجر ولا يقبل الايمان إلا بحبكم * وهل يقبل الله الصلوة بلا طهر واما الخبر انت مني بمنزلة هارون من موسى: الا انه لا نبي بعدي فقد اخرجه الشيخان في صحيحهما والنطنزي في الخصايص انه سئل رجل شافعي عن علي بن ابي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله انت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة. وصنف احمد بن محمد بن سعد كتابا في طرقه قد تلقته الامة بالقبول إجماعا وقد قال صلى الله عليه وآله ذلك مرارا منها لما خلفه في غزاة تبوك على المدينة والحرم فريدا لان تبوك بعيدة منها فلم يأمن ان يصيروا إليها وانه قد علم انه لا يكون هناك قتال وخرج في جيش اربعين الف رجل وخلف جيشا وهو علي وحده وقد قال الله تعالى في غيره: رضوا بأنى كونوا مع الخوالف الآية فما ظنك بالمدينة ليس فيها إلا منافق أو امرأة قال أبو سعيد الخدري: فلما وصل النبي صلى الله عليه وآله إلى الجرف اتاه علي عليه السلام فقال: يا نبي


[ 220 ]

الله زعم المنافقون انك انما خلفتني استثقلتني وتحففت مني فقال صلى الله عليه وآله كذبوا انما خلفتك لما وراي فارجع فاخلفني في اهلي واهلك افلا ترضى يا علي ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي فرجع علي عليه السلام وفي روايات كثيرة إلا انه لا نبي بعدي ولو كان لكنه، رواه الخطيب في التاريخ و عبد الملك العكبري في الفضايل وابو بكر بن مالك، وابن الثلاج، وعلي بن الجعد في احاديثهم، وابن فياض في شرح الاخبار عن عماد بن مالك عن سعيد عن ابيه ووجه الدليل من هذا الخبر ان هارون لما كان تاليا لموسى في رتبة الفضل فكذلك امير المؤمنين عليه السلام يجب ان يتلو النبي صلى الله عليه وآله في الفضل إلا ما استثناه من رتبة النبوة فيجب القطع على انه افضل الصحابة ثم انه صلى الله عليه وآله أوجب لامير المؤمنين جميع منازل هارون من موسى إلا النبوة وما علم انتفاؤه من الاخوة ولا شبهة ان من جملة منازله منه انه كان خليفة له علي قومه ومفترض الطاعة عليهم ومستحقا لمقامه من بعده فيهم، وفي هذا ثبوت إمامة امير المؤمنين عليه السلام، وثبوت عصمته لان ايجاب طاعته على الاطلاق يقتضي انه لا يقع منه القبيح ودخول الاستثناء في الخبر يبطل حمل المخالف له على منزلة واحدة وهو استخلافه له على المدينة لان من حقه ان يخرج من الكلام ما لولاه لدخل تحته فيجب تناوله لجملة يصح ان يخرج الاستثناء بعضها ولان الحال التي فيها ينفي المستثنى فيها يجب ان يثبت المستثنى منه لوجوب المطابقة بينهما، وإذا نفى صلى الله عليه وآله بالاستثناء النبوة بعد وفاته وجب ان يكون ما عداها ثابتا في تلك الحال، وعلى هذا كأنه قال: انت مني بعد وفاتي بمنزلة هارون من موسى في حياته، وإذا ثبت ذلك لم يجز حمل الخبر على ما ادعوه ان ذلك يختص بحال الحياة ثم انه يوجب الاستثناء انه لو كان بعدي نبي لكان علي وإذا كان لم يجز بعده نبي يكون اخوه ووزيره وخليفته لقوله تعالى واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي ولقوله اخلفني في قومي ومن خصه محمد بمنزلة هارون تنزه ان يختلج في تقديمه الظنون، وفي كاملة ديك الجن. ان النبي لم يزل يقول * والخير ما فاه به الرسول انك مني يا علي ويا اخي * بحيث من موسى وهارون النبي لكنه ليس نبي بعدي * فانت خير العالمين عندي وقال شاعر آخر: وكان لاحمد الهادي وزيرا * كما هارون كان وزير موسى


[ 221 ]

وكان له اخا وامين غيب * على الوحي المنزل حين يوحى وصي محمد وابو بنيه * واول ساجد لله صلى وقال ابن علوية: رحل النبي إلى تبوك وانه * لمخلف عنه بأمر الماني حذرا على اموالها وضعافها * وكرايم النسوان والصبيان من ماكرين منافقين تخلفوا * فتنوا إلى اهليه صرف عنان ولكاشحيه عداوة في تركه * خوض بلا مرض ولا نسيان فاتى النبي مبادرا وفؤاده * متخلع من لا عج الرجفان لم يا امين الله انت مخلفي * عنها ولست عن الجهاد بوان أو لم تجدني ذا بلاء في الوغى * حسن بحيث تناطح الكبشان قال النبي له فداك احبتي * لم تؤت من سأم ولا استرزان بابي ابا حسن اما ترضى بأن * بوئت اكرم منزل ومكان اصبحت مني يا علي كمثل ما * هارون اصبح من فتى عمران الا النبوة انها محظورة * من ان تصير اخي في انسان وقال ابن مكي: الم تعلموا ان النبي محمد * بحيدره أوصى ولم يسكن الرمسا وقال لهم والقوم في خم حصرا * ويتلو الذي فيه وقد همسوا همسا علي كزري من قميصي وانه * نصيري ومني مثل هرون من موسى وقال الزاهي: غداة دعاه المصطفى وهو مزمع * لقصد تبوك وهو للسير مضمر فقال اقم دوني بطيبة واعلمن * بانك للفجار بالحق مبهر فلما مضى الطهر النبي تظاهرت * عليه رجال بالمقال واجهروا فقالوا علي قد قلاه محمد * وذاك من الارجاء إفك ومنكر فالفيته دون المعرس فانثنى * وقالوا علي قد اتاك يكفر فعلاك خير الخلق من فوق شاهق * وذاك من الله العلي مقدر فقال رسول الله هذا امامكم * له الله ناجى ايها المتحير


[ 222 ]

وقال الناشي: فلا سيما حين واخيته * وقد سار بالجيش يبغي تبوكا فقال اناس قلاه النبي * فصرت إلى الطهر إذ اخفضوكا فقال النبي جوابا لما * تؤدي إلى سمعه لفظ فيكا الم ترض انا على رغمهم * كموسى وهارون إذا واقفوكا ولو كان بعدي نبيا كما * جعلت الوزير جعلت الشريكا ولكنني خاتم المرسلين * وانت الخليفة ان طاوعوكا وقال ابن حماد: نص النبي على الهادي ابي الحسن * نصا على صدقه اجمعت انت معي في قوله لك مني اليوم منزلة * كانت لهارون من موسى فلا ترع وانما قال هذا حين خلفه * على المدينة ان انصفت فاقتنع وقال العوني: هذا اخي مولاكم وامامكم * وهو الخليفة ان لقيت حماما منى كما هارون من موسى فلا * تالوا لحق امامكم اعظاما ان كان هارون النبي لقومه * ما غاب موسى سيدا واماما فهو الخليفة والامام وخير من * امضى القضاء وجفف الاقلاما وله أيضا: اما رويت يا بعيد الذهن * ما قاله احمد كالمهني انت كهارون لموسى مني * إذ قال موسى لاخيه اخلفني فاسئلهم لم خالفوا الوصيا وقال محمد بن نصر بن هشام: ان عليا لم يزل محنة * لرابح الدين ومغبون انزله في نفسه المصطفى * منزلة لم تك بالدون صيره هارون في قومه * لعاجل الدين وللدين فارجع إلى العراف حتى ترى * ما صنع القوم بهارون وقال الرئيس أبو يحيى ابن الوزير أبو القاسم المغربي: هل في رسول الله من اسوة * لم يقتد القوم بما سن فيه


[ 223 ]

أخوك هل خولفت فيه كما * خالف موسى قومه في اخيه وقال الحماني: وانزله منه على رغمة العدى * كهرون من موسى على قدم الدهر فمن كان في اصحاب موسى وقومه * كهرون لا زلتم على زلل الكفر وقال ابن الاطيس: من قال فيه المصطفى معلنا * انت له الحوض لدى الحشر أنت أخي انت وصيي كما * هارون من موسى في الامر وقال منصور النمري: رضيت حكمك لا ابغي به بدلا * لان حكمك بالتوفيق مقرون آل الرسول خيار الناس كلهم * وخير آل رسول الله هارون وقال ابان اللاحقي: اشهد ان لا إله إلا * الخالق الرازق الكبير محمد عبده رسول * جاء بحق عليه نور وان هارون مرتضانا * في العلم ما ان له نظير وقال الصاحب: وصيره هارون بين قومه * كهارون موسى فابحثوا وتبدلوا وله أيضا: حاله حالة هارون * لموسى فافهماها وقال زيد بن علي عليه السلام: ومن شرف الاقوام يوما ترابه * فان عليا شرفته المناقب وقول رسول الله والحق قوله * وان رغمت منه انوف كواذب بأنك مني يا علي معالنا * كهرون من موسى اخ لي وصاحب وقال الصنوبرى: اليس من حل منه في اخوته * محل هرون من موسى بن عمران


[ 224 ]

فصل: في قصة يوم الغرير الحمد لله الذي أمال عنا عنان البلاء فاحسن امالته الرحمن الذي أزال عنا الاذى فاتم ازالته الرحيم الذي اقال لنا الذنب فاحسن اقالته رجى العبيد وخوفهم فاظهر جماله وجلالته وارسل النبي فاوضح لنا دلالته امره بالدعوة وتكفل له بالعصمة فاحسن كفالته وقال: (يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته). الواحدي في اسباب نزول القرآن باسناده عن الاعمش وابي الحجاف عن عطية عن ابي سعيد الخدري، وابو بكر الشيرازي فيما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه السلام بالاسناد عن ابن عباس، والمرزباني في كتابه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك يوم غدير خم في علي بن أبي طالب. تفسير ابن جريح، وعطاء، والثوري، والثعلبي انها نزلت في فضل علي بن ابي طالب عليه السلام ابراهيم الثقفي باسناده عن الخدري وبريدة الاسلمي ومحمد بن علي انها نزلت يوم الغدير في علي عليه السلام تفسير الثعالبي قال جعفر بن محمد: معناه بلغ ما أنزل اليك من ربك، في فضل علي بن ابي طالب عليه السلام فلما نزلت هذه الآية اخذ النبي صلى الله عليه وآله بيده علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وعنه باسناده عن الكلبي نزلت ان يبلغ فيه فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقوله يا ايها الرسول فيه خمسة اشياء كرامة، وامر وحكاية وعزل، وعصمة. امر الله نبيه ان ينصب عليا اماما فتوقف فيه لكراهته تكذيب القوم فنزلت فلعلك باخع نفسك. الآية فامرهم رسول الله ان يسلموا على علي بالامرة ثم نزل بعد ايام (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك). وجاء في تفسير قوله تعالى: فأوحى إلى عبده ما أوحى ليلة المعراج في علي فلما دخل وقته قال: بلغ ما انزل اليك من ربك وما أوحى، أي بلغ ما أنزل اليك في علي عليه السلام ليلة المعراج: قال المرتضى: لله در اليوم ما اشرفا * ودر ما كان به اعرفا ساق الينا فيه رب العلى * ما امرض الاعداء أو اتلفا وخص بالامر عليا وان * بدل من بدل أو حرفا ” المناقب ج 2، م 28 “


[ 225 ]

ان كان قولا كافيا فالذي * قال بخم وحده قد كفى قيل له بلغ فان لم يكن * مبلغا عن ربه ما وفى وقال الزاهي: من قال احمد في يوم الغدير له * بالنفل في خبر بالصدق مأثور قم يا علي فكن بعدي لهم علما * واسعد بمنقلب في البعث محبور مولاهم انت والموفي بامرهم * نص بوحي على الافهام مسطور وذاك ان له العرش قال له * بلغ وكن عند امري خير مأمور فان عصيت ولم تفعل فانك ما * بلغت أمري ولم تصدع بتذكيري وقال المحبرة: قام النبي له بشرح ولاية * نزل الكتاب بها من الديان إذ قال بلغ ما أمرت به وثق * منهم بعصمة كالئ حنان فدعا الصلوة جماعة واقامه * علما بفضل مقالة وبيان نادى ألست وليكم قالوا بلى * حقا فقال فذا الولي الثاني فدعا له ولمن اجاب بنصره * ودعا الاله على ذوي الخذلان وقال ابن حماد: وقيل له بلغ من الله عزمة * فقام عشاء والضحى قد تصعدا بكف علي رافعا آخذا بها * يدل لهم اكرم بها من يد يدا فنادى بما نادى به من ولائه * علي كل من صلى وصام ووحدا وله أيضا: وقال لاحمد بلغ قريشا * اكن لك عاصما ان تستكينا فأن لم تبلغ الانباء عني * فما انت المبلغ والامينا فابرز كفه للناس حتى * تبينها جميع الحاضرينا فاكرم بالذي رفعت يداه * واكر بالذي رفع اليمينا فقال لهم وكل القوم مصغ * لمنطقه وكل يسمعونا الا هذا اخي ووصيي حقا * وموفي العهد والقاضي الديونا الا من كنت مولاه فهذا * له مولى فكونوا قابلينا تولى الله من والى عليا * وعادى مبغضيه الشانئينا


[ 226 ]

فأن لم تحفظوا الميثاق بعدي * وتدعوه رجعتم كافرينا الباقر والصادق عليهما السلام في قوله تعالى: ألم نشرح لك صدرك ألم نعلمك من وصيك فجعلناه ناصرك ومذل عدوك الذي انقض ظهرك، واخرج منه سلالة الانبياء الذين يهتدون. ورفعنا لك ذكرك، فلا اذكر الا ذكرت معي، فإذا فرغت من دنياك فانصب عليا للولاية، تهتدي به الفرقة. عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه السلام: ألم نشرح لك صدرك يا محمد، ألم نجعل عليا وصيك ؟ ووضعنا عنك وزرك بقتل مقاتلة الكفار واهل التأويل بعلي ؟ ورفعنا لك بذلك ذكرك اي رفعنا مع ذكرك يا محمد له. زينة ابي حاتم الرازي ان جعفر بن محمد قرأ (فإذا فرغت فانصب) قال: فإذا فرغت من اكمال الشريعة فانصب لهم عليا اماما. الحمد لله الذي كون الاشياء فخص من بينها تكوينكم الرحمن الذي انزل عليه السكينة فضمن فيها تسكينكم، لين قلوبكم بقبول معرفته فألطف تليينكم، ولقنكم كلمة توحيده فاحسن تلقينكم، وعلم اذان الشهادة فأذن بلطفه تأذينكم، وملككم في دار الدين على سر الاسلام فأتم دينكم. أبو سعيد الخدري وجابر الانصاري قالا: لما نزلت اليوم أكملت لكم دينكم قال النبي صلى الله عليه وسلم: الله اكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام بعدي رواه النطنزي في الخصايص. العياشي عن الصادق عليه السلام: اليوم اكملت دينكم باقامة حافظه واتممت عليكم نعمتي بولايتنا ورضيت لكم الاسلام دينا اي تسليم النفس لامرنا. الباقر والصادق عليهما السلام: نزلت هذه الآية يوم الغدير. وقال يهودي لعمر لو كان هذا اليوم فينا لا تخذناه عيدا فقال ابن عباس: واي يوم اكمل من هذا العيد. ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه وسلم توفى بعد هذه الآية باحدى وثمانين يوما. السدي: لم ينزل الله بعد هذه الآية حلالا ولا حراما وحج رسول الله صلى الله عليه وآله في ذي الحجة ومحرم وقبض، وروى انه لما نزل انما وليكم الله ورسوله أمره الله تعالى ان ينادي بولاية علي فضاق النبي بذلك ذرعا لمعرفته بفساد قلوبهم، فانزل يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك، ثم نزل اذكروا نعمة الله عليكم. ثم نزل اليوم اكملت لكم دينكم. وفي هذه الآية خمس بشارات: اكمال الدين، واتمام النعمة، ورضى الرحمان، واهانة الشيطان، وبأس الجاحدين قوله تعالى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم وعيد


[ 227 ]

المؤمنين في الخبر الغدير عيد الله الاكبر. ابن عباس اجتمعت في ذلك اليوم خمسة اعياد الجمعة، والغدير، وعيد اليهود والنصارى والمجوس. ولم يجتمع هذا فيما سمع قبله وفي رواية الخدري انه كان يوم الخميس. وقال العودي: أما قال ان اليوم اكملت دينكم * واتممت بالنعماء مني عليكم وقال أيضا: اطيعوا الله ثم رسوله * تفوزوا ولا تعصوا أولي الامر منكم وقال الطاهر: عيد في يوم الغدير المسلم * وانكر العيد عليه المجرم يا جاحدي الموضع واليوم وما * فاه به المختار تبا لكم فانزل الله تعالى جده * اليوم اكملت لكم دينكم واليوم اتممت عليكم نعمتي * وان من نصب الانام المنعم وقال الحميري: ومن اكملتم الايمان فارضوا * عباد الله في الاسلام دينا وقال ولا ربك لا يفيئوا * اليك ولا يكونوا مؤمنينا وله أيضا: بعد ما قام خطيبا معلنا * يوم خم باجتماع المحفل قال ان الله قد اخبرني * في معاريض الكتاب المنزل انه اكمل دينا قيما * بعلي بعد ان لم يكمل وهو مولاكم فويل للذي * يتولى غير مولاه الولي وهو سيفي ولساني ويدي * ونصيري ابدا لم يزل ووصيي وصفي والذي * حبه في الحشر خير العمل نوره نوري ونوري نوره * وهو بي متصل لم يفصل وهو فيكم من مقامي بدل * ويل لمن بدل عهد البدل وقال آخر: اي عذر لاناس سمعوا * من رسول الله ما قال بخم قال قال الله في تنزيله * ان دين الله في ذي اليوم تم


[ 228 ]

العلماء مطبقون على قول هذا الخبر وانما وقع الخلاف في تأويله، ذكره: محمد بن اسحق، واحمد البلاذري، ومسلم بن الحجاج، وابو نعيم الاصفهاني، وابو الحسن الدار قطني، وابو بكر بن مردويه، وابن شاهين، وابو بكر الباقلاني، وابو المعالي الجويني، وابو اسحق الثعلبي، وابو سعيد الخركوشي، وابو المظفر السمعاني، وابو بكر بن شيبة، وعلي بن الجعد، وشعبة، والاعمش، وابن عباس، وابن الثلاج، والشعبي، والزهري، والاقليشي، وابن البيع، وابن ماجة، وابن عبد ربه، والالكاني، وابو يعلى الموصلي من عدة طرق، واحمد بن حنبل من اربعين طريقا، وابن بطة من ثلاث وعشرين طريقا، وابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقا، في كتاب الولاية، وابو العباس بن عقدة من مائة وخمس طرق، وابو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقا. وقد صنف علي بن هلال المهلبي كتاب الغدير واحمد بن محمد بن سعد كتاب من روى غدير خم، ومسعود الشجري كتابا فيه رواة هذا الخبر وطرقها، واستخرج منصور اللاتي الرازي في كتابه اسماء رواتها على حروف المعجم وذكر عن الصاحب الكافي انه قال: روى لنا قصة غدير خم القاضي أبو بكر الجعابي عن ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير والحسن والحسين و عبد الله بن جعفر وعباس بن عبد المطلب و عبد الله بن عباس وابو ذر وسلمان و عبد الله بن عباس و عبد الرحمن وابو قتادة وزيد بن ارقم وجرير بن حميد وعدى بن حاتم وعبد الله بن انيس والبراء بن عازب وابو أيوب وابو برزة الاسلمي وسهل بن حنيف وسمرة بن جندب وابو الهيثم و عبد الله بن ثابت الانصاري وسلمة بن الاكوع والخدري وعقبة بن عامر وابو رافع وكعب بن عجرة وحذيفة بن اليمان وابو مسعود البدري وحذيفة بن اسيد وزيد بن ثابت وسعد بن عبادة وخزيمة بن ثابت وحباب بن عتبة وجندب بن سفيان وعمر بن ابي سلمة وقيس بن سعد وعبادة بن الصامت وابو زينب وابو ليلى و عبد الله بن ربيعة وأسامة بن زيد وسعد بن جنادة وخباب بن سمرة ويعلي بن مرة وابن قدامة الانصاري وناجية بن عميرة وابو كاهل وخالد بن الوليد وحسان بن ثابت والنعمان بن عجلان وابو رفاعة وعمرو بن الحمق و عبد الله بن يعمر ومالك بن الحويرث وابو الحمراء وضمرة بن الحبيب ووحشي بن حرب وعروة بن ابي الجعد وعامر بن النميري وبشير بن عبد المنذر ورفاعة بن عبد المنذر وثابت بن وديعة وعمرو بن حريث وقيس بن عاصم و عبد الاعلى بن عدي وعثمان بن حنيف وابي بن كعب


[ 229 ]

ومن النساء فاطمة الزهراء عليه السلام، وعايشة، وأم سلمه وأم هاني، وفاطمة بن حمزة وقال صاحب الجمهرة في الخاء والميم: خم موضع نص النبي صلى الله عليه وسلم فيه على علي عليه السلام وذكره عمرو بن ابي ربيعة في مفاخرته، وذكره حسان في شعره وفي رواية عن الباقر عليه السلام قال: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم بين ألف وثلثمائة رجل من كنت مولاه فعلي مولاه الخبر. الصادق نعطي حقوق الناس بشهادة شاهدين وما اعطى امير المؤمنين حقه بشهادة عشرة آلاف نفس يعني الغدير. والغدير في وادي الاراك على عشرة فراسخ من المدينة وعلى اربعة اميال من الجحفة عند شجرات خمس دوحات عظام. انشد الكميت عند الباقر عليه السلام: ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا ولكن الرجال تبايعوها * فلم ار مثلها خطرا منيعا ولم ار مثل هذا اليوم يوما * ولم ار مثله حقا اضيعا فلم اقصد بهم لعنا ولكن * اساء بذاك أولهم صنيعا فصار لذاك اقربهم لعدل * إلى جور واقربهم مضيعا اضاعوا امر قائدهم فضلوا * واقربهم لدى الحدثان ريعا تناسوا حقه فبغوا عليه * بلا ترة وكان لهم قريعا وقال مهيار: واسألهم يوم خم بعد ما عقدوا * له الولاية لم خانوا ولم خلعوا قول صحيح ونيات بها دغل * لا ينفع السيف صقل تحته طبع انكارهم بأمير المؤمنين لها * بعد اعترافهم عار به ادرعوا ونكثهم بك ميلا عن وصيته * شرع لعمرك ثان بعده شرعوا والمجمع عليه ان الثامن عشر من ذي الحجة كان يوم غدير خم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى الصلوة جامعة وقال: من أولى بكم من انفسكم قالوا: الله ورسوله فقال: اللهم اشهد ثم اخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ويؤكد ذلك انه استشهد به امير المؤمنين عليه السلام يوم الدار حيث عدد فضائله فقال: أفيكم من قال له رسول الله من كنت مولاه فعلي مولاه فقالوا لا فاعترفوا بذلك وهم جمهور الصحابة ومن خطبة للصاحب:


[ 230 ]

الجليل الذي كفله صغيرا ورباه، وبالعلم وبالحكمة غداه، وعلى كتفه رقاه، وساهمه في المسجد وساواه، وقام الغدير وناداه، ورفع ضبعه واعلاه، وقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. وقال حسان بن ثابت: يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم واسمع بالنبي مناديا يقول فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا إلهك مولانا وانت ولينا * ولا نجدن منا لك اليوم عاصيا فقال له قم يا علي فانني * رضيتك من بعدي اماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له انصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا وقال قيس بن سعد: قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل حسبنا ربنا الذي فتق البصرة * بالامس والحديث طويل وعلي امامنا وامام * لسوانا أتى به التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل انما قاله النبي على الامة * حتما ما فيه قال وقيل وقال الصاحب: وقالوا علي علا قلت لا * فأن العلى بعلي علا ولكن اقول كقول النبي * وقد جمع الخلق كل الملا الا ان من كنت مولى له * يوالي عليا وإلا فلا وقال أبو الفرج: تجلى الهدى يوم الغدير على الشبه * وبرز ابريز البيان عن الشبه واكمل رب العرش للناس دينهم * كما نزل القرآن فيه فاعربه وقام رسول الله في الجمع جاذبا * بضبع على ذي التعالى من الشبه وقال إلا من كنت مولى لنفسه * فهذا له مولى فيالك منقبه وقال ابن الرومي: يا هند لم اعشق ومثلى لا يرى * عشق النساء ديانة وتحرجا


[ 231 ]

لكن حبي للوصي مخيم * في الصدر يسرح في الفؤاد تولجا فهو السراج المستنير ومن به * سبب النجاة من العذاب لمن نجا وإذا تركت له المحبة لم اجد * يوم القيامة من ذنوبي مخرجا قل لي أأترك مستقيم طريقه * جهلا واتبع الطريق الاعوجا واراه كالتبر المصفى جوهرا * وارى سواه لنا قديه مبهرجا ومحله من كل فضل بين * عال محل الشمس أو بدر الدجى قال النبي له مقالا لم يكن * يوم الغدير لسامعيه تمججا من كنت مولاه فذا مولى له * مثلي واصبح بالفخار متوجا وكذاك إذ منع البتول جماعة * خطبوا واكرمه بها إذا زوجا وقال ابن حماد: يوم الغدير لاشرف الايام * واجلها قدرا على الاسلام يوم اقام الله فيه إمامنا * اعني الوصي إمام كل إمام قال النبي بدوح خم رافعا * كف الوصي يقول للاقوام من كنت مولاه فذا مولى له * بالوحي من ذى العزة العلام هذا وزيري في الحياة عليكم * فأذا قضيت فذا يقوم مقامي يا رب والي من اقر له الولا * وانزل بمن عاداه سوء حمام وقال أبو العلا: علي إمامي بعد الرسول * سيشفع في عرصة الحق لي ولا ادعي لعلي سوى * فضائل في العقل لم يشكل ولا ادعي انه مرسل * ولكن إمام بنص جلي وقول الرسول له إذ أتى * له سيما الفاضل المفضل الا ان من كنت مولى له * فمولاه من غير شك علي وقال القاضي التنوخي: وزير النبي المصطفى ووصيه * ومشبهه في شيمة وضرائب ومن قال في يوم الغدير محمد * وقد خاف من غدر العداة النواصب اما انني أولى بكم من نفوسكم * فقالوا بلى ريب المريب الموارب فقال لهم من كنت مولاه منكم * فهذا اخي مولاه بعدي وصاحبي


[ 232 ]

اطيعوه طرا فهو مني بمنزل * كهرون من موسى الكليم المخاطب وقال الامير أبو فراس: تبا لقوم بايعوا اهوائهم * فيما يسؤهم في غد عقباه اتراهم لم يسمعوا ما خصه * منه النبي من المقال اتاه إذ قال في يوم الغدير معالنا * من كنت مولاه فذا مولاه وقال دعبل: فقال الا من كنت مولاه منكم * فهذا له مولى ببعد وفاتي اخي ووصيي وابن عمي ووارثي * وقاضي ديوني من جميع عداتي وقال الملك الصالح: ويوم خم وقد قال النبي له * بين الحضور وشالت عشده يده من كنت مولى له هذا يكون له * مولى اتاني به امر يؤكده من كان يخذله فالله يخذله * أو كان يعضده فالله يعضده وقال بقراط النصراني: اليس بخم قد اقام محمد * عليا باحضار الملا والمواسم فقال لهم من كنت مولاه منكم * فمولاكم بعدي علي بن فاطم فقال إلهي كن ولي وليه * وعاد اعاديه على رغم راغم وقال الجوهري: اما اخذت عليكم إذ نزلت بكم * غدير خم عقودا بعد ايمان وقد جذبت بضبعي خير من وطئ * البطحا من مضر العليا وعدنان وقلت والله يأبى أن اقصر أو * اعف الرسالة عن شرح وتبيان هذا علي لمولى من بعثت له * مولى وطابق سري فيه اعلاني هذا ابن عمي ووالي منبري واخي * ووارثي دون اصحابي واخواني هذا يحل إذا قايست من بدني * محل هارون من موسى بن عمران وقال العوني: امامي له يوم الغدير اقامه * نبي الهدى ما بين من انكر الامرا ” المناقب ج 2، م 29 “


[ 233 ]

وقام خطيبا فيهم إذ أقامه * ومن بعد حمد الله قال لهم جهرا الا ان هذا المرتضى بعل فاطم * علي الرضى صهري فاكرم به صهرا ووارث علمي والخليفة فيكم * إلى الله من اعدائه كلهم ابرا سمعتم أطعتم هل وعيتم مقالتي * فقالوا جميعا ليس نعدوا له امرا سمعنا اطعنا ايها المرتضى فكن * على ثقة منا وقد حاولوا عذرا وله أيضا: من قال أحمد في يوم الغدير له * من كنت مولاه من عجم ومن عرب فان هذا له مولى ومنذرها * يا حبذا هو من مولى ويا يابى ومن قصايد الحميري: وقال هذا فيكم خليفتي * ومن عليه في الامور المتكل نحن كهاتين وأومى باصبع * من كفه عن كفه لم تنفصل لا تبتغوا بالطهر بعدي بدلا * فليس فيكم لعلي من بدل يا رب والي من يوالي حيدرا * وعاد من عاداه واخذل من خذل يا خالقي بلغت ما نزله * الي جبريل وعنه لم أحل وله أيضا: ألم يسمعوا يوم الغدير مقاله * تأمر خير الناس عودا ومعتصر يقول الا هذا ابن عمي ووارثي * وأول من صلى واول من نصر وليكم بعدي فوالوا وليه * وكونوا لمن عادى عدوا لمن كفر وله ايضا: جحدوا ما قاله في صنوه * يوم خم بين دوح منتظم ايها الناس فمن كنت له * واليا يوجب حقي في القدم فعلي هو مولاه لمن * كنت مولاه قضاء قد حتم وله ايضا: أحمد الخير باعلى صوته * قال قولا فيه لم يفتعل إنما مولاكم بعدي إذا * حان موتي ودنا مرتحلي ابن عمي ووزيري فسقوا * ماء صبر بنقيع الحنظل قطبوا في وجهه وائتمروا * بينهم فيه بامر معضل


[ 234 ]

وله أيضا: منحت الهوى المحض مني الوصيا * ولا أمنح الود إلا عليا دعاني النبي عليه السلام * إلى حبه فاحببت النبيا فعاديت فيه وواليته * وكنت لمولاه فيه وليا أقام بخم بحيث الغدير * فقال فاسمع صوتا نديا الا ذا إذا مت مولاكم * فافهمه العرب والاعجميا وله ايضا: يوم قام النبي في ظل دوح * والوري في وديقة صيخود رافعا كفه بيمني يديه * بائحا باسمه بصوت بديد ايها المسلمون هذا خليلي * ووزيري ووارثي وعضيدي وابن عمي الا فمن كنت مولاه * فهذا مولاه فارعوا عهودي وعلي مني بمنزلة هارون * بن عمران من اخيه الودود وله ايضا: يا بايع الدين بدنياه * ليس بهذا أمر الله فارجع إلى الله وألق الهوى * ان الهوى في النار مأويه من أين ابغضت علي الرضى * وأحمد قد كان يرضاه جهدك ان تسليه اليوم ما * كان رسول الله اعطاه من ذا الذي احمد من بينهم * يوم غدير الخم ناداه أقامه من بين اصحابه * وهم حواليه فسماه هذا علي بن ابي طالب * مولى لمن قد كنت مولاه فوال من والاه يا ذا العلى * وعاد من قد كان عاداه وله ايضا: فقام مأمورا وفي كفه * كف علي لهم تلمع رافعها للناس أكرم بها * كفا وبالكف التي ترفع من كنت مولاه فهذا له * مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا وله ايضا: به وصى النبي غداة خم * جمع الناس لو حفظوا النبيا


[ 235 ]

وناداهم ألست لكم بمولى * عباد الله فاستمعوا اليا فمن ذا كنت مولاه فاني * جعلت له ابا حسن وليا فعادى الله من عداه منكم * وكان بمن تولاه حفيا وله أيضا: يوم الغدير وكل القوم قد حضروا * من كنت مولاه في سر واجهار هذا اخي ووصيي في الامور ومن * يقوم فيكم مقامي عند تذكار يا رب عاد الذي عاداه من بشر * واركسه في درك للخزي والعار وله أيضا: إذ قال للناس من مولاكم قبلا * يوم الغدير فقالوا انت مولانا انت الرسول ونحن الشاهدون على * ان قد نصحت وقد نبنت تبيانا هذا وليكم بعدي أمرت به * حتما فكونوا له حزبا واعوانا هذا ابركم برا واكثركم * علما وأولكم بالله ايمانا هذا له قربة مني ومنزلة * كانت لهرون من موسى بن عمرانا وله أيضا: وقام محمد بغدير خم * فنادى معلنا صوتا نديا لمن وافاه من عرب وعجم * وحفوا حول دوحته حنيا الا من كنت مولاه فهذا * له مولى وكان به حفيا إلهي عاد من عادى عليا * وكن لوليه ربي وليا وله ايضا: وبخم إذ قال الاله بعزمه * قم يا محمد لا تقصروا خطب وانصب أبا حسن لقومك إنه * هاد وما بلغت ان لم تنصب فدعاه ثم دفاهم فاقامه * لهم فبين مصدق ومكذب جعل الولاية بعده لمهذب * ما كان يجعلها لغير مهذب وله أيضا: لقد سمعوا مقالته بخم * غداة يضمهم وهو الغدير فمن أولى بكم منكم فقالوا * مقالة واحد وهم الكثير جميعا انت مولانا وأولى * بنا منا وانت لنا نذير


[ 236 ]

فقال لهم علانية جهارا * مقالة ناصح وهم حضور فأن وليكم بعدي علي * ومولاكم هو الهادي الوزير وزيري في الحيوة وعند موتي * ومن بعدي الخليفة والامير فوالى الله من والاه منكم * وقابله لدى الموت السرور وعادى الله من عاداه منكم * وحل به لدى الموت النشور وقال البشنوي: وقد شهدوا عيد الغدير واسمعوا * مقال رسول الله من غير كتمان الست بكم اولى من الناس كلهم * فقالوا بلى يا افضل الانس والجان فقام خطيبا بين اعواد منبر * ونادى باعلى الصوت جهرا باعلان بحيدرة والقوم خرس أذلة * قلوبهم ما بين خلف وعينان فلبى مجيبا ثم اسرع مقبلا * بوجه كمثل البدر في غصن البان فلاقاه بالترحيب ثم ارتقى به * إليه وصار الطهر للمصطفى ثان وشال بعضديه وقال وقد صغى * إلى القوم اقصى القوم تالله والداني علي اخي لا فرق بيني وبينه * كهرون من موسى الكليم بن عمران ووارث علمي والخليفة في غد * على أمتي بعدي إذا زرت جثماني فيا رب من والى عليا فواله * ودان مدانية ولا تنصر الشاني وله أيضا: أأترك مشهور لحديث وصدقه * غداة بخم قام احمد خاطبا ألست لكم مولى ومثلي وليكم * علي فوالوه وقد قلت واجبا وقال شاعرة: وفي خم إذ شال النبي بضبعه * بحضرة اصحاب له ذات كثرة فمن كنت مولاه فهذا وليه * فهل بعد هذا من بيان وشهرة فضايل أحمد واحاديث ابي بكر بن مالك وابانة ابن بطة وكشف الثعلبي عن البراء قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع كنا بغدير خم فنادى ان الصلوة جامعة وكسح النبي صلى الله عليه وآله تحت شجرتين فاخذ بيد علي فقال: الست أولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا: بلى يا رسول الله فقال: أو لست اولى من كل مؤمن بنفسه قالوا بلى قال: هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقال: فلقيه عمر


[ 237 ]

بن الخطاب فقال: هنيئا لك بابن ابي طالب اصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة. أبو سعيد الخدري في خبر ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: يا قوم هنئوني هنئوني ان الله خصني بالنبوة وخص اهل بيتي بالامامة، فلقى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: طوبى لك يا أبا الحسن اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. الخر كوشي في شرف المصطفى عن البراء بن عازب في خبر، قال النبي صلى الله عليه وآله: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئا لك يا بن ابي طالب اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ذكر أبو بكر الباقلاني في التمهيد متأولا له. السمعاني في فضايل الصحابة باسناده عن سالم ابن ابي الجعد قال: قيل لعمر بن الخطاب انك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه باحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله قال: انه مولاي وقال الحميري. وقال محمد بغدير خم * عن الرحمن ينطق باعتزام يصيح وقد أشار إليه فيكم * اشارة غير مصنع للكلام ألا من كنت مولاه فهذا * اخي مولاه فاستمعوا كلامي فقام الشيخ يقدمهم إليه * وقد حصدت يداه من الرخام ينادي انت مولاي ومولى * الانام فلم عصى مولى الانام وله ايضا: فقلت أخذت عهدكم على ذا * فكونوا للوصي مساعدينا لقد اصبحت مولانا جميعا * ولست عن ولائك راغبينا وله ايضا: قام النبي يوم خم خاطبا * بجانب الدوحات اوحيا لها فقال من كنت له مولى فذا * مولاه رب اشهد مرارا قالها ان رجالا بايعته انما * بايعت الله فلم بدالها قالوا سمعنا وأطعنا أجمعا * وأسرعوا بالالسن اشتقالها وجائهم مشيخة يقدمهم * شيخ يهنى حبذا منالها قال له بخ بخ من مثلك * اصبحت مولى المؤمنين يالها وقال العوني: حتى لقد قال ابن خطاب له * لما تقوض من هناك وقاما اصبحت مولاي ومولى كل من * صلى لرب العالمين وصاما


[ 238 ]

وقال ايضا: نادى ولم يك كاذبا بخ بخ أبا * حسن تريع الشيب والشبان أصبحت مولى المؤمنين جماعة * مولى أناثهم مع الذكران وقال خطيب منبج: وقال لهم رضيتم بي وليا * فقالوا يا محمد قد رضينا فقال وليكم بعدي علي * ومولاكم فكونوا عارفيا فقام لقوله عمر سريعا * وقال له مقال الواصفينا هنيئا يا علي انت مولى * علينا ما بقيت وما بقينا معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في خبر لما قال النبي صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه قال العدوى: ولا والله ما أمره بهذا وما هو إلا شئ يتقوله، فانزل الله تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل، إلى قوله: على الكافرين يعني محمدا وانه لحق اليقين يعني به عليا. حسان الجمال عن ابي عبد الله عليه السلام في خبر فلما راوه رافعا يده يعني رسول الله صلى الله عليه وآله قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون فنزل جبرئيل بهذه الآية: وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم إلى آخر السورة قال الحميري: فقال ألا من كنت مولاه منكم * فمولاه من بعدي علي فاذعنوا فقال شقى منهم لقرينه * وكم من شقي يستزل ويفتن يمد بضبعيه عليا وانه * لما بالذي لم يؤته لمزين كأن لم يكن في قلبه ثقة به * فيا عجبا انى ومن ان يوقن عمر بن يزيد سال ابا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: قل انما اعظكم بواحدة قال: بالولاية، قال: قلت وكيف ذلك، قال: انه لما نصبه للناس قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، ارتاب الناس فقالوا: ان محمدا ليدعونا في كل وقت إلى امر جديد وقد بدأ باهل بيته يملكهم رقابنا، ثم قرأ قل انما اعظكم بواحدة فقد اديت لكم ما افترض عليكم ربكم انتقوموا لله مثنى وفرادى اما مثنى فيعني طاعة الامام من ذريتهما من بعده ولا والله يا ثاني ما عنى غيرك. المرتضى قال في التنزيه ان النبي صلى الله عليه وآله لما نص على أمير المؤمنين عليه السلام بالامامة في ابتداء الامر جاءه قوم من قريش قالوا له: يا رسول الله انالناس قريبوا عهد


[ 239 ]

بالاسلام ولا يرضوا ان تكون النبوة فيك والامامة في ابن عمك فلو عدلت بها إلى حين لكان أولى فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله ما فعلت ذلك برأيي فاتخير فيه ولكن الله أمرني به وفرضه علي فقالوا له فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك، فاشرك معه في الخلافة رجلا من قريش يسكن إليه الناس ليتم لك الامر ولا تخالف الناس عليك، فنزل لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. عبد العظيم الحسني عن الصادق عليه السلام في خبر: قال رجل من بني عدى اجتمعت الي قريش فاتينا النبي فقالوا: يا رسول الله انا تركنا عبادة الاوثان واتبعناك فاشركنا في ولاية علي فنكون شركاء، فهبط جبرئيل على النبي فقال يا محمد لئن اشركت ليحبطن عملك، الآية قال الرجل فضاق صدري هاربا لما اصابني من الجهد فإذا انا بفارس قد تلقاني على فرس اشقر عليه عمامة صفراء يفوح منه رايحة المسك فقال يا رجل لقد عقد محمد عقدة لا يحلها إلا كافرا أو منافق قال فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فاخبرته فقال هل عرفت الفارس ؟ ذاك جبرئيل عرض عليكم عقد ولاية ان حللتم العقد أو شككتم كنت خصمكم يوم القيامة. قال الحميري: وقام محمد بغدير خم * فنادى معلنا صوتا بديا الا من كنت مولاه فهذا * له مولى وكان به حفيا إلهي عاد من عادى عليا * وكن لوليه مولى وليا فقال مخالف منهم عتل * لا ولا هم به قولا خفيا لعمر أبيك لو يسطيع هذا * لصير بعده هذا نبيا فنحن بسوء رأيهما نعادي * بني تيم ولا نهوي عديا الباقر عليه السلام قال: قام ابن هند وتمطى وخرج مغضبا واضعا يمينه على عبد الله بن قيس الاشعري ويساره على المغيرة بن شعبة وهو يقول: والله لا نصدق محمدا على مقالته، ولا نقر عليا ولايته، فنزل: فلا صدق ولا صلى الآيات فهم به رسول الله صلى الله عليه وآله ان يرده فيقتله، فقال له جبرئيل: لا تحرك به لسانك لتعجل به فسكت عنه رسول الله وقال في قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ذلك قول اعداء الله لرسوله من خلفه وهم يرون انه لا يسمع قولهم لو انه جعلنا أئمة دون علي أو بدلنا آية مكان آية قال الله عز وجل ردا عليهم قل ما


[ 240 ]

يكون لي ان أبدله الآية وقال أبو الحسن الماضي ان رسول الله دعا الناس إلى ولاية علي عليه السلام ليس إلا فاتهموه وخرجوا من عنده فانزل الله: قل اني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، قل اني لن يجيرني من الله إن عصيته احد ولن أجد من دونه ملتحدا، إلا بلاغا من الله ورسالاته في علي، ومن يعص الله ورسوله في ولاية علي فأن له نار جهنم خالدين فيها ابدا. وعنه صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: واصبر على ما يقولون فيك واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين بوصيك أولى النعمة ومهلهم قليلا. وعن بعضهم عليهم السلام في قوله تعالى: ويل للمكذبين يا محمد بما أوحى اليك من ولاية علي الم نهلك الاولين الذين كذبوا الرسل في طاعة الاوصياء كذلك نفعل بالمجرمين من اجرم إلى آل محمد وركب من وصيه ما ركب أبو عبد الله عليه السلام ويستنبئونك احق هو ما تقول في علي قل اي وربي انه لحق وما أنتم بمعجزين. وقال العوني: اليس قام رسول الله يخطبهم * يوم الغدير وجمع الناس محتفل وقال من كنت مولاه فذاك له * من بعد مولى فواخاه وما فعلوا لو سلموها إلى الهادي ابى حسن * كفى البرية لن تستوحش السبل هذا يطالبه بالضعف محتفيا * وتلك يجدونها في محفل جمل وقال الحميري: من كنت مولاه فهذا له * مولى فلا تابوا بتكفار وقال ابن حماد: الا ان هذا ولي لكم * اطيعوا فويل لمن لم يطع أبو عبيد والثعلبي، والنقاش، وسفيان بن عينيه، والرازي، والقزويني والنيسابوري، الطبرسي، الطوسي في تفاسيرهم انه لما بلغ رسول صلى الله عليه وآله بغدير خم ما بلغ وشاع ذلك في البلاد اتى الحارث بن النعمان الفهرى، وفي رواية ابي عبيد جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العيدري فقال: يا محمد امرتنا عن الله بشهادة ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله، وبالصلوة والصوم والحج والزكوة فقبلنا منك ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شئ منك أم من الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي لا إله إلا هو ان هذا من ” المناقب ج 2، م 30 “


[ 241 ]

الله، فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فامطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب اليم فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله وانزل الله تعالى: سال سائل بعذاب واقع الآية. وفي شرح الاخبار انه نزل: افبعذابنا يستعجلون، ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين: قال العوني: يقول رسول الله هذا لامتي * هو اليوم مولى رب ما قلت فاسمع فقام جحود ذو شقاق منافق * ينادي رسول الله من قلب موجع اعن ربنا هذا أم انت اخترعته * فقال معاذ الله لست بمبدع فقال عدو الله لاهم ان يكن * كما قال حقا بي عذابا فأوقع فعوجل من أفق السماء بكفره * بجندلة فانكب ثاو بمصرع وفي الخبر ان النبي صلى الله عليه وآله كان يخبر عن وفاته بمدة ويقول قد حان مني خفوق من بين اظهركم، وكان المنافقون يقولون لئن مات محمد ليخرب دينه فلما كان موقف الغدير قالوا: بطل كيدنا فنزلت اليوم يئس الذين كفروا الآية. قال السيد المرتضى: أما الرسول فقد ابان ولاءه * لو كان ينفع حايرا ان ينذرا أمضى مقالا لم يقله مؤمنا * أو شاد ذكرا لم يشده معذرا وثنى إليه رقابهم واقامه * علما على باب النجاة مشهرا ولقد شفى يوم الغدير معاشر * ثلجت نفوسهم واودى معشرا فلقت به احقادهم فموجع * نفسا ومانع انه ان يجهرا وقال الحميري: قد قام يوم الدوح خير الورى * بوجهه للناس مستقبل لكن تواصوا بعلي الهدى * ان لا يوالوه وأن يخذلوا وقال أبو تمام الطائي: ويوم الغدير استوضح الحق اهله * بفيها وما فيها حجاب ولا ستر أقام رسول الله يدعوهم بها * ليقربهم عرفا وينهاهم نكر يمد بضبعيه ويعلم انه * ولى ومولاكم فهل لكم خبر يروح ويغدو بالبيان لمعشر * يروح بهم بكر ويغدو بهم عمرو


[ 242 ]

أحجة رب العالمين ووارث * النبي ألا عهد وفي ولا اصر فكان له جهرا باثبات حقه * وكان لهم في بره حقه ستر وقالى البشنوي: فقال كبيرهم ما الرأى فيما * ترون يردد الامر الجلي سمعتم قوله قولا بليغا * وأوصى بالخلافة في علي فقالوا حيلة نصبت علينا * وراى ليس بالعقد الوفي ندبر غير هذا في أمور * ننال بها من العيش السني سنجعلها إذا ما مات شورى * لتيمى هنالك أو عدى وروي: ان النبي صلى الله عليه وآله لما فرغ من غدير خم وتفرق الناس اجتمع نفر من قريش يتاسفون على ما جرى فمر بهم ضب فقال بعضهم ليت محمدا أمر علينا هذا الضب دون علي فسمع ذلك أبو ذر فحكى ذلك لرسول الله فبعث إليهم واحضرهم وعرض عليهم مقالهم فانكروا وحلفوا فانزل الله تعالى: يحلفون بالله ما قالوا الآية، فقال النبي: ما اظلت الخضر الخبراء وفي رواية ابي بصير عن الصادق عليه السلام في خبر ان النبي صلى الله عليه وآله قال: أما جبرئيل نزل علي واخبرني انه يؤتى يوم القيمة بقوم امامهم ضب فانظروا ان لا تكونوا أولئك فأن الله تعالى قول يوم ندعوا كل اناس بامامهم. وقال ابن طوطي: ويوم غدير قد اقروا بفضله * وفي كل وقت منهم الغدر اضمروا ارى دوح خم والنبي محمد * ينادي باعلى الصوت منهم ويجهر الست اذن اولى بكم من نفوسكم * فقالوا بلى والقوم في الجمع حضر فقال لهم من كنت مولاه منكم * فمولاه بعدي حيدر المتخير فوال مواليه وعاد عدوه * ايا رب وانصره لمن ظل ينصر فلما مضى الهادي لحال سبيله * ابانوا له العذر القبيح واظهروا وله أيضا: من نص عليه يوم الغدير * كان الامام بلا تخيير قوله من كنت مولاه: لفظة مولى تفيد الاولى بالتدبير والتصرف وفرض الطاعة لانه صلى الله عليه وآله عقب قوله: الست أولى بكم من أنفسكم، ولو كان غير ذلك لكان معميا في كلامه، وإذا ثبت ذلك فلا يكون إلا الامام، ثم ان ظاهره يقتضي ايجاب


[ 243 ]

موالاته ونصرته وتحريم خذلانه وعداوته باطلاق من حيث جعل موالاة الله ونصرته لناصره عليه السلام ومواليه وخذلانه وعداوته لخاذله ومعاديه، وذلك دليل عصمته لان جوار القبيح عليه صحة وقوعه فإذا وقع أوجب خلاف ما حكم به النبي وأوجبه وهذا لا يجوز عليه. امالي ابي عبد الله النيسابوري، وامالي ابي جعفر الطوسي، في خبر عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام انه قال: حدثني ابي عن ابيه ان يوم الغدير في السماء أشهر منه في الارض ان الله تعالى في الفردوس قصرا لبنة من فضة، ولبنة من ذهب فيه مائة الف قبة حمراء ومائه الف خيمة من ياقوتة خضراء ترابه المسك والعنبر فيه اربعة انهار: نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل، حواليه اشجار جميع الفواكه عليه الطيور وابدانها من لؤلؤ واجنحتها من ياقوت، تصوت بالوان الاصوات إذا كان يوم الغدير وردوا إلى ذلك القصر أهل السموات يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرغ على ذلك المسك والعنبر فإذا اجتمع الملائكة طارت فينفض ذلك عليهم وانهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة عليه السلام فإذا كان آخر اليوم نودوا انصرفوا إلى مراتبكم فقد امنتم من الخطر والزلل إلى قابل في هذا اليوم تكرمة لمحمد وعلي الخبر. مصباح المتهجد في خطبة الغدير: ان امير المؤمنين عليه السلام قال ان هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج ورفع الدرج وصحت الحجج وهو يوم الايضاح والافصاح عن المقام الصراح ويوم كمال الدين ويوم العهد المعهود ويوم الشاهد والمشهود ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود ويوم البيان عن حقايق الايمان ويوم دحر الشيطان ويوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون هذا يوم الملا الاعلى الذي انتم عنه معرضون هذا يوم الارشاد ويوم المحنة للعباد ويوم الدليل عن الذواد هذا يوم ابداء اخفاء الصدور ومضمرات الامور هذا يوم النصوص على اهل الخصوص هذا يوم شيث هذا يوم ادريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون. قال البشنوي: يوم الغدير لدى الولاية عيد * ولدى النواصب فضله مجحود يوم يوسم في السماء بأنه * العهد وفيه ذلك المعهود والارض بالميراث اضحت وسمة * لو طاع موطود وكف حسود


[ 244 ]

وقال الشاعر: يوم الغدير سوى العيدين لي عيد * يوم يسر به السادات والصيد نال الامامة فيه المرتضى وله * فيه من الله تشريف وتمجيد قال الفنجكردي: لا تنكرن غدير خم انه * كالشمس في اشراقها بل اظهر فيه امامة حيدر وكماله * وجلاله حتى القيامة تذكر قال شاعر: وناصبي شديد النصب قابلني * يوم الغدير بوجه غير ذي جذل فقال قل لي ماذا اليوم قلت له * اليوم عيد أمير المؤمنين علي فصل: في خاصف النعل صحيح الترمذي ان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم الحديبية لسهيل بن عمرو وقد سأله رد جماعة فروى ان النبي قال: يا معشر قريش لتنتهوا أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين امتحن الله قلبه بالايمان قالوا من هو يا رسول الله قال: هو خاصف النعل وكان اعطى عليا عليه السلام نعله يخصفها. الخطيب في التاريخ، والسمعاني في الفضايل ان النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تنتهوا يا معشر قريش حتى يبعث الله رجلا امتحن قلبه بالايمان الحديث سواء. وروى ابن بطة في الابانة حديث خاصف النعل بسبعة طرق: منها ما رواه أبو سعيد الخدري قال رسول الله: ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر انا هو يا رسول الله قال لا، قال عمر انا هو يا رسول الله قال لا، ولكنه خاصف النعل فابتدرنا ننظر فإذا هو علي يخصف نعل رسول الله. وكاتبني الخطيب في الاربعين باسناده عن الخدري ما روينا باسانيد عن جابر بن زيد عن الباقر عليه السلام: ان النبي انقطع شسع نعله فرفعها إلى علي ليصلحها فقال صلى الله عليه وآله ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، قال أبو سعيد: فخرجت فبشرته بما قال رسول الله فلم يكترث به فرحا كأنه قد سمعه ذكره.


[ 245 ]

أحمد في الفضايل والبخاري، ومسلم ولفظه لمسلم عن الخدري قال رسول الله: فرقتان فيخرج من بينهما فرقة ثالثة يلي قتلهم أولادهم بالحق فانظر إلى تسمية علي بأنه أولى بالحق. قال ابن علوية: وله إذا ذكر الفخار فضيلة * بلغت مدى الغايات باستيقان إذ قال أحمد ان خاصف نعله * لمقاتل بتأول القرآن قوما كما قاتلت عن تنزيله * فإذا الوصي بكفه نعلان هل بعد ذاك على الرشاد دلالة * من قائم بخلافة ومعان وقال العوني: وقال انى على التنزيل قلت لكم * محاربا ذاك قولا لا أحرفه وذاك بعدي على التأويل حربكم * من في يديه قبال النعل يخصفه فمن له علم تأويل الكتاب بها * أولى مكلفه رعيا مكلفه وله أيضا: علي خاصف النعل * يقول غير مهذار وقال الحميري: وفي خاصف النعل البيان وعبرة * لمعتبر إذ قال والنعل يرقع لاصحابه في مجمع ان منكم * وانفسكم شوقا إليه تطلع اماما على تأويله غير جابر * يقاتل بعدي لا يضل ويهلع فقال أبو بكر انا هو قال لا * فقال أبو حفص انا هو فاسفع فقال لهم لالا ولكنه أخي * وخاصف نعلي فاعرفوه المرقع وله أيضا: ومن خاصف نعل النبي محمد * ارضى الاله بفعله الغفارا وله ايضا: هل مثل فعلك عند النعل تخصفها * لو لم يكن جاحدوا التفضيل لاهينا وقال الصاحب بن عبا: وفي خصفه للنعل لما أحله * بحيث تراءته النجوم الثواقب


[ 246 ]

وقال أبو هاشم: ألم تسمعوا قول النبي محمد * غداة علي قاعد يخصف النعلا فقال عليه بالامامة سلموا * فقد أمر الرحمن ان تفعلوا كلا فيا ايها الحبل المتين الذي به * تمسكت لا ابغى سوى حبله حبلا وقال العبدي: لما اتاه القوم في حجراته * والطهر يخصف نعله ويرقع قالوا له ان كان امرا من لنا * خلف إليه في الحوادث نرجع قال النبي خليفتي هو خاصف * النعل الزكي العالم المتورع وقال الوراق القمي: علي الذي قد كان النعل خاصفا * وفي الحرب مقداما إلى كل معلم وقال البشنوي: خير البرية خاصف النعل الذي * شهد النبي بحقه في المشهد وبعلمه وقضائه وبسيفه * شهد الرسول مع الملائك فاشهد وقال ابن الحجاج: انا مولاي علي ذوالعلاء * ليس مولاي عتيقا ودلاما اتوالى خاصف النعل الذي * لم يكن يأكل أموال اليتاما فصل: في انه عليه السلام الوصي والولى لا يجوز ان يمضي رسول الله صلى الله عليه وآله بلا وصي، لقوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خير الآيات ولقوله عليه السلام من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية وقال الله تعالى: يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون الآية ولان الانبياء كلهم مضوا بالوصية وقال الله تعالى فبهديهم اقتده. الطبري باسناده عن ابي الطفيل انه قال لاصحاب الشورى اناشدكم الله هل تعلمون ان لرسول الله وصيا غيري قالوا اللهم لا. سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن سلمان الفارسي قال سمعت رسول الله يقول: ان وصيي وخليفتي وخير من اترك بعدي ينجز موعدي ويقضى ديني على بن


[ 247 ]

ابي طالب عليه السلام. الطبري باسناد له عن سلمان قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله انه لم يكن نبي الا وله وصي فمن وصيك قال: وصيي وخليفتي في اهلي وخير من اترك بعدي مؤدي ديني ومنجز عداتي علي بن ابي طالب عليه السلام. مطير بن خالد عن انس وقيس بن ماتاه، وعبادة بن عبد الله عن سلمان كليهما عن النبي يا سلمان سألتني من وصيي من أمتي فهل تدري لمن كان اوصى إليه موسى قلت الله ورسوله اعلم قال أوصى إلى يوشع لانه كان اعلم أمته ووصيي واعلم امتي بعدي علي بن ابي طالب. وروى قريبا منه أحمد في فضايل الصحابة. أبو رافع قال: لما كان اليوم الذي توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله غشى عليه فاخذت بقدميه اقبلهما وابكى فافاق وانا اقول: من لي ولولدي بعدك يا رسول الله فرفع الي رأسه وقال: الله بعدي ووصيي صالح المؤمنين. زيد بن علي عن ابيه: ان ابا ذر لقيه علي عليه السلام فقال أبو ذر: اشهد لك بالولاء والرخاء والوصية. وروى أبو بكر بن مردويه مثل ذلك عن سلمان والمقداد وعمار. عكرمة عن ابن عباس ! ان جبرئيل نظر إلى علي عليه السلام فقال هذا وصيك. الاعمش عن عبابة عن ابن عباس ان رسول الله اتاه جبرئيل وعنده علي فقال هذا علي خير الوصيين. النبي صلى الله عليه وآله: خلق الله تعالى مائة الف نبي، وأربعة وعشرين الف نبي وانا اكرمهم على الله ولا فخر، وخلق الله عز وجل مائة الف وصي، واربعة وعشرين الف وصي فعلي اكرمهم على الله. المسعودي عن عمر بن زياد الباهلي عن شريك بن الفضيل بن سلمة عن أم هاني بنت ابي طالب قال: قلت يا رسول الله ان ابن امي يؤذيني تعني عليا فقال النبي ان عليا لا يؤذي مؤمنا ان الله طبعه على خلقي يا أم هاني انه امير في الارض وامير في السماء ان الله جعل لكل نبي وصيا فشيث وصي آدم، ويوشع وصي موسى، وآصف وصي سليمان، وشمعون وصي عيسى، وعلي وصيي وهو خير الاوصياء في الدنيا والاخرة وانا صاحب الشفاعة يوم القيامة، وانا الداعي وهو المؤدي. حلية ابي نعيم وولاية الطبري قال النبي يا أنس يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين، قال انس: قلت اللهم


[ 248 ]

اجعله رجلا من الانصار وكتمته إذ جاء علي فقال: من هذا يا انس قلت علي فقام مستبشرا واعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه فقال علي يا رسول الله لقد رأيتك صنعت بي شيئا ما صنعته بي قبل، قال: وما يمنعني وانت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي وهذا من قول الله عزوجل وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه فاقام على بيان ذلك. وقد تقدم حديث الوصية في بيعته العشيرة بالاتفاق. واستدل بالحساب على انه وصى فقالوا علي بن أبي طالب ميزانه في الحساب. اعز الاوصياء لاتفاقهما في مائتين وسبعة عشر ومن كلام الصاحب صنوه الذي واخاه واجابه حين دعاه وصدقه قبل الناس ولباه وساعده وواساه وشيد الدين وبناه وهزم الشرك واخزاه وبنفسه على الفراش فداه ومانع عنه وحماه وأرغم ما عانده وقلاه وغسله وواراه وادى دينه وقضاه وقام بجميع ما اوصاه ذلك امير المؤمنين لا سواه. وقال ابن حماد: أوصى النبي وفيها مقنع لهم * لو لم يكونوا له بالبهت غصابا وقال انت كهرون الخليفة من * موسى على قومه بالحق إذ غابا وقال انت اخي إذ كان بينهم * اخي وقارب اشباها واضرابا وقال في يوم نجران أباهلهم * باكرم الخلق اخوالا واحسابا انا مدينة علم الله وهو لها * باب فمن رامها فليقصد البابا وقال اني سأعطيها غدا رجلا * ما كان في الحرب فرارا وهيابا والاجماع في حديث ابن عباس في وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله قال النبي: يا عباس يا عم رسول الله تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني فقال العباس: يا رسول الله عمك شيخ كبير ذو عيال كثير وانت تباري الريح سخاء وكرما وعليك وعد لا ينهض به عمك فاقبل على علي فقال: تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني فقال نعم يا رسول الله، فقال ادن مني فدنا منه وضمه إليه ونزع خاتمه من يده وقال له خذ هذا فضعه في يدك، ودعا بسيفه ودرعه، ويروى: ان جبرئيل نزل بها من السماء فجئ بها إليه فدفعها إلى علي عليه السلام فقال: اقبض هذا في حياتي ودفع إليه بغلته وسرجها ” المناقب ج 2، م 31 “


[ 249 ]

وقال: امض على اسم الله إلى منزلك، ثم اغمى عليه القصة. ابن عبد ربه في العقد، بل روته الامة باجمعها عن ابي رافع وغيره: ان عليا نازع العباس إلى ابي بكر في برد النبي صلى الله عليه وآله وسيفه وفرسه فقال أبو بكر: اين كنت يا عباس حين جمع رسول الله بني عبد المطلب وانت احدهم فقال: أيكم يؤازرني فيكون وصيي وخليفتي في اهلي وينجز موعدي ويقضي ديني فقال له العباس فما اقعدك مجلسك هذا تقدمته وتأمرت عليه فقال أبو بكر: اغدرا يا بني عبد المطلب وقال متكلم لهارون الرشيد: اريد ان أقرر هشام بن الحكم بأن عليا كان ظالما فقال له ان فعلت فلك كذا وكذا، وأمر به فلما حضر المتكلم فقال المتكلم يا ابا محمد: روت الامة باجمعها ان عليا نازع العباس إلى ابي بكر في برد النبي وسيفه وفرسه قال: نعم قال فأيهما الظالم لصاحبه فخاف من الرشيد فقال: لم يكن فيهما ظالم، قل: فيختصم اثنان في أمر وهما جميعا محقان قال: نعم اختصم الملكان إلى داود وليس فيهما ظالم وانما اراد ان ينبهاه على الحكم كذلك، هذان تحاكما إلى ابي بكر ليعرفاه ظلمه. قال ابن علوية: ختن النبي وعمه أكرم به * ختنا وصنوابيه في الصنوان خصمان مؤتلفان ما لم يحضرا * باسا وعند الناس يختلفان جهر الباطن بغيه ولباطن * منها إلى الصديق يختصمان لم يجهلا حكم القضية في الذي * جاءا إلى الفاروق يصطحبان لكن للازم حجة كانا بها * ذهبا على الاقوام يتخذان قولا به مكرا كما دخلا على * داود قالا لا تخف خصمان وقال عقبه بن ابي لهب يخاطب بها عايشة: أعايش خلي عن علي وعتبه * بما ليس فيه انما انت والده وصي رسول الله من دون اهله * فانت على ما كانمن ذاك شاهده الاشعث بن قيس كتب في جواب أمير المؤمنين عليه السلام: أتانا الرسول رسول الوصي * علي المهذب من هاشم وصي النبي وذو صهره * وخير البرية في العالم وقال كثير عزة: وصي النبي المصطفى وابن عمه * وفكاك اغلال وقاضي مغارم


[ 250 ]

وقال الحميري: وصي النبي المصطفى وابن عمه * وأول من صلى لذي العزة العالي وناصره في كل يوم كريهة * إذا كان يوم ذو هرير وزلزال وله ايضا: انت الوصي وصي المصطفى نزلت * من ذي العلى فيك من فرقان آيونا وانت من احمد الهادي بمنزلة * قد كان اثبتها موسى لهارونا اتاك من عنده علما حباك به * فكنت فيه أمينا فيه مأمونا وله ايضا: هذا الامام الذي إليه * اسند خير الورى الوصية حكمت حكم النبي عدلا * ولم تجر قط في قضية انت شبيه النبي حقا * في الحكم والخلق والسجية وله أيضا: هذا وصيي فيكم وخليفتي * لا تجهلوه فترجعوا كفارا وله أيضا: محمد خير بني غالب * وبعده ابن ابي طالب هذا نبي ووصي له * وتعزل العالم في جانب وقال الحسين بن النضر الفهري: ان النبي محمدا وصيه * في كل سابقة هما اخوان قمران نسلهما النجوم فثاقب * منها وخاف خامدا للمعان وقال جرير بن عبد الله البجلي: علي وصي له بعده * خليفتنا القائم المنتقم له الفضل والسبق والمكرمات * وبيت النبوة والمدعم وانشد: علي وصي المصطفى ووزيره * واول من صلى لذي العرش واتقى وقال غيره: الله ايدني بحب نبيه * واعزني بولايتي لوصيه قال الله تعالى: هنالك الولاية لله الحق فلاحظ فيها لاحد الا من ولاء سبحانه


[ 251 ]

كما قال تعالى: انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية. وقال فأن الله هو مولاه الاية. وقال: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال النبي لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه، والمولى بمعنى الاولى بدليل قوله تعالى: مأواكم النار هي مولاكم. قال لبيد: فقدت كلا الفرجين تحسب انه * مولى المخافة خلفها وامامها أبو سعيد الخدري و عبد الله بن عباس وبريدة الاسلمي، وزيد بن ارقم قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت وليه فعلي وليه. ذكره احمد في الفضايل، والالكاني في الشرح. محمد بن اسحاق، والاجلح بن عبد الله، و عبد الله بن بريدة، والباقر عليه السلام قال النبي عليه السلام: علي وليكم بعدي. عمران بن الحصين، وبريدة وابن عباس، وجابر الانصاري، وعمر بن علي قال النبي صلى الله عليه وآله: علي مني وانا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. الثعلبي باسناده عن عطاء، عن ابن عباس قال رسول الله: الله ربي ولا امارة لي معه، وعلي ولي من كنت وليه ولا امارة لي معه قالوا من سماه الله وليا كان بالنص حريا فهذا يقتضي ان عليا ولي الله. وقال الصاحب بن عباد: ان المحبة للوصي فريضة * اعني أمير المؤمنين عليا قد كلف الله البرية لها * واختاره للمؤمنين وليا وله أيضا: علي ولي المؤمنين لديكم * ومولاكم من بين كهل ومعظم علي من الغصن الذي منه احمد * ومن ساير الاشجار اولاد آدم وقال الفضل بن عباس: وكان ولي الامر بعد محمد * علي وفي كل المواطن صاحبه وصي رسول الله حقا وصهره * واول من صلى وما ذم جانبه وقال الك 0 ميت: ونعم ولي الامر بعد نبيه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب وقال أبو عمر البعلبكي: على مولى لجميع الورى * لا شك في هذا ولا مرية


[ 252 ]

بذاك جاء النص عن احمد * متصلا كالماء في الجرية فمن رأيتم انفه راغما * فصيروا في انفه خزية فصل: في انه امير المؤمنين والوزير والامين روى جماعة من الثقات عن الاعمش عن عباية الاسدي عن علي عليه السلام، والليث عن مجاهد، والسدى عن ابي مالك، وابن ابي ليلى، عن داود بن علي، عن ابيه وابن جريح عن عطاء، وعكرمة وسعيد بن جبير، كلهم عن ابن عباس. وروى العوام بن حوشب عن مجاهد، وروى الاعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة كلهم عن النبي انه قال: ما انزل الله تعالى آية في القرآن فيها يا ايها الذين آمنوا إلا وعلي اميرها وشريفها. وفي رواية حذيفة الا كان لعلي بن ابي طالب لبها ولبابها. وفي روايات إلا على رأسها وأميرها. وفي رواية يوسف بن موسى القطان، ووكيع بن الجراح اميرها وشريفها لانه اول المؤمنين ايمانا، وفي رواية ابراهيم الثقفي، واحمد بن حنبل وابن بطة العكبرى، عن عكرمة، عن ابن عباس الا علي رأسها وشريفها واميرها. وفي صحيفة الرضا عليه السلام ليس في القرآن يا ايها الذين آمنوا الا في حقنا ولا في التوراة يا ايها الناس الا فينا، وفي تفسير مجاهد قال: ما كان في القرآن يا ايها الذين آمنوا فان لعلي سابقه ذلك الآية لانه سبقهم إلى الاسلام فسماه الله في تسع وثمانين موضعا امير المؤمنين وسيد المخاطبين إلى يوم الدين. الصادق عليه السلام وأوفوا بعده الله إلى اربع آيات نزلت في ولاية علي وما كان من قوله صلى الله عليه وآله سلموا على علي بامرة المؤمنين. محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ولو ألقى معاذيره قال نزلت في رجل امره رسول الله ان يسلم على علي بامرة المؤمنين فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ترك ما امره به وما وفى. ورى علماؤهم كالمنقري باسناده إلى عمران بن بريدة الاسلمي. وروى يوسف بن كليب المسعودي باسناده عن داود عن بريدة وروى عباد بن يعقوب الاسدي باسناده عن داود السبيحي، عن ابي بريدة انه دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وآله


[ 253 ]

فقال اذهب وسلم على أمير المؤمنين فقال يا رسول الله: وانت حي قال وانا حي، ثم جاء عمر فقال له مثل ذلك. وفي رواية السبيعي انه قال عمر ومن امير المؤمنين قال علي بن أبي طالب قال عن امر الله وامر رسوله قال نعم. ابراهيم الثقفي عن عبد الله بن جبلة الكناني عن ذريح المحاربي، عن الثمالي عن الصادق عليه السلام: ان بريدة كان غايبا بالشام فقدم وقد بايع الناس ابا بكر فاتاه في مجلسه فقال: يا ابا بكر هل نسيت تسليمنا على علي بامرة المؤمنين واجبة من الله ورسوله قال: يا بريدة انك غبت وشهدنا وان الله يحدث الامر بعد الامر ولم يكن الله تعالى يجمع لاهل هذا البيت النبوة والملك. الثقفي والسري بن عبد الله باسنادهما: ان عمران بن الحصين، وابا بريدة قالا: لابي بكر قد كنت انت يومئذ فيمن سلم على علي بامرة المؤمنين فهل تذكر ذلك اليوم ام نستيه قال: بل اذكره فقال بريدة فهل ينبغي لاحد من المسلمين ان يتأمر على امير المؤمنين فقال عمران: النبوة والامامة لا تجتمع في بيت واحد فقال له بريدة: ام يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة واتيناهم ملكا عظيما، فقد جمع الله لهم النبوة والملك، قال فغضب عمر وما زلنا نعرف في وجهه الغضب حتى مات وانشد بريدة الاسلمي: امر النبي معاشرا هم اسوة * ولازم ان يدخلوا فيسلموا تسليم من هو عالم مستيقن * ان الوصي هو الامام القائم الاعمش، عن عباية الاسدي، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال لام سلمة: اسمعي واشهدي هذا علي امير المؤمنين وسيد المسلمين. بشير الغفاري، والقاسم بن جندب، وابو الطفيل عن انس بن مالك في خبر أتيت النبي بوضوء فقال: يا انس يدخل عليك من هذا الباب الساعة امير المؤمنين وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين قال انس فدخل علي عليه السلام. ابن عباس قال علي عليه السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، قال يا رسول الله انت حي وتسميني امير المؤمنين قال نعم انما سماك جبرئيل من عند الله وانا حي يا علي مررت بنا امس وانا وجبرئيل في حديث فلم تسلم علينا فقال: ما بال امير المؤمنين لم يسلم علينا اما والله لو سلم لسررنا ولرددنا عليه.


[ 254 ]

وروى الخلق منهم ابن مخلد عن علي عليه السلام قال: دخلت على رسول الله فوجدته نائما ورأسه في حجر دحية الكلبي فسلمت عليه فقال دحية وعليكم السلام يا امير المؤمنين ويا فارس المسلمين، ويا قائد الغر المحجلين، وقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وقال امام المتقين، ثم قال لي تعالى: خذ راس نبيك في حجرك فانت احق بذلك فلما دنوت من رسول الله ووضعت راسه في حجري لم ار دحية ففتح رسول الله عينيه وقال يا علي من كنت تكلم قلت دحية وقصصت عليه القصة فقال لي لم يكن دحية وانما كان جبرئيل اتاك ليعرفك ان الله تعالى سماك بهذه الاسماء. الحارث بن الخزرج صاحب راية الانصار قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي: لا يتقدمك إلا كافر وان اهل السموات يسمونك امير المؤمنين. وقال خطيب منبج: ومن بالامرة اجتمعت عليه * ملائكة السماء مسلمينا وسلم فيه جبرئيل عليه * علانية برغم الساخطينا ولم يجوز اصحابنا ان يطلق هذا اللفظ لغيره من الائمة عليهم السلام وقال رجل للصادق عليه السلام يا امير المؤمنين فقال مه فانه لا يرضى بهذه التسمية احد إلا ابتلى ببلاء ابى جهل. ابان بن الصلت عن الصادق سمى امير المؤمنين انما هو من ميرة العلم وذلك ان العلماء من علمه امتاروا ومن ميرته استعملوا. سلمان سئل النبي فقال: انه يميرهم العلم يمتار منه ولا يمتار من احد وقد ذكرنا هذا المعنى في باب مولده. وقال ابن عباس انما سمي امير المؤمنين لانه اول الناس ايمانا. امالي بن سهل احمد القطان، وكافي الكليني باسنادهما إلى جابر الجعفي قال قال لي أبو جعفر عليه السلام لو علم الناس متى سمي امير المؤمنين ما انكروا ولايته قلت رحمك الله ومتى سمي قال ان ربك عز وجل حين اخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم واشهدهم على انفسهم قال: ألست بربكم وان محمدا رسولي وان عليا امير المؤمنين. وقال الحميري: بابي انت وأمي * يا امير المؤمنينا بابي انت وأمي * وبرهطي اجمعينا وباهلي وبمالي * وبناتي والبنينا


[ 255 ]

وفدتك النفس مني * يا امام المتقينا وامين الله والوارث * علم الاولينا ووصي المصطفى * احمد خير المرسلينا وولي الحوض والذايد عنه المحدثينا ولغيره: فرض الاله على الانام ولاءه * وعليه في القرآن حث وحرضا والله علمه العلوم باسرها * مما ابان لخلقه أو اغمضا سمي امير المؤمنين كرامة * من ربنا لامامنا العدل الرضا وقال شاعر: هذا الامام لمن ظللت نبيه * فارضوا اميركم بلا رزيان هذا امير المؤمنين فسلموا * طرا عليه بامرة السلطان ذكر الخطيب في ثلاثة مواضع من تاريخ بغداد: ان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم الحديبية وهو اخذ بيد علي عليه السلام: هذا امير البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره ومخذول من خذله يمد بها صوته. احمد في مسند الانصار، وابو يوسف النسوي في المعرفة والتاريخ، والالكاني وابو القسم الالكاني في الشرح عن بريدة، والبراء قالا: بعث رسول الله بعثين إلى اليمن على احدهما علي بن ابي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد وقال صلى الله عليه وآله إذ التقيتم فعلي على الناس وإذا افترقتما فكل واحد على جنده فكان صلى الله عليه وآله يؤمره على الناس لا يؤمره عليه أحد. وقال الحميري: علي امام رضي النبي * بمحضرهم قد دعاه اميرا وكان الخصيص به في الحياة * فصاهره واجتباه عشيرا أبو بكر الشيرازي فيما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه السلام، عن مقاتل، عن عطاء في قوله تعالى: ولو آتينا موسى الكتاب كان في التوراة: يا موسى اني اخترتك ووزيرا هو اخوك يعني هارون، لابيك وأمك كما اخترت لمحمد اليا هو اخوه ووزيره ووصيه والخليفة من بعده طوبى لكما من اخوين وطوبى لهما من اخوين اليا أبو السبطين الحسن والحسين ومحسن الثالث من ولده كما جعلت لاخيك هارون شبرا وشبيرا ومشيرا.


[ 256 ]

وقال العوني: سمي إليا ابن ملكان الذي * يعرف في توراة موسى بالكبر وفي منقبة المطهرين، وفيما نزل من القرآن في امير المؤمنين تصنيفي ابي نعيم الاصفهاني، وخصائص العلوية عن النطنزي ما روى شعبة بن الحكم عن ابن عباس قال: اخذ النبي صلى الله عليه وآله ونحن بمكة بيدي وبيد علي عليه السلام فصعد بنا إلى شبر ثم صلى بنا اربع ركعات ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم ان موسى بن عمران سألك وانا محمد نبيك اسألك ان تشرح لي صدري وتيسر لي امري وتحلل عقدة من لساني ليفقه قولي واجعل لي وزيرا من اهلي علي بن ابي طالب اخي أشدد به ازري واشركه في امري، قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي يا احمد قد أوتيت ما سالت، وفي رواية واجعل لي وزيرا من اهلي عليا اخي أشدد به ازري الآيات. تفسير القطان ووكيع بن الجراح، وعطاء الخراساني، وأحمد في الفضايل انه قال ابن عباس: سمعت اسماء بنت عميس تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول اللهم اني اقول كما قال موسى بن عمران: اللهم اجعل لي وزيرا من اهلي يكون لي صهرا وختنا. السمعاني في فضايل الصحابة بالاسناد عن مطر عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان خليلي ووزيري وخليفتي في اهلي وخير من اترك بعدي من ينجز موعدي ويقضي ديني علي بن أبي طالب. وفي امالي ابي الصلت الاهوازي بالاسناد عن أنس قال النبي ان اخي ووزيري ووصيي وخليفتي في اهلي علي بن ابي طالب، وفي خبر انت الامام بعدي والامير وانت الصاحب بعدي والوزير ومالك في أمتي من نظير، والوزير من الوزر وهو الملجأ وبه سمي الجبل العظيم ومن الاوزار وهي الامتعة والاسلحة لانه مقلد خزاين الملك، ومن الوزر الذي هو الذنب لانه يتحمل اثقال الملك، ومن الازر وهو الظهر معناه أشدد به ظهري. قال ابن الحجاج: انا مولى محمد وعلي * والامامين شبر وشبير انا مولى وزير احمد يا من * قد حباه ملكه بخير وزير ” المناقب ج 2، م 32 “


[ 257 ]

وقال الحميري: وكان له اخا وأمين غيب * على الوحي المنزل حين يوحى وكان لاحمد الهادي وزيرا * كما هارون كان وزير موسى وقال الاستاذ أبو العباس الضبي: لعلي المطهر الشهير * مجد اناف على بثير صنو النبي محمد * ووصيه يوم الغدير وقال شاعر آخر: من كان صاهره وكان وزيره * وابا بنيه محمدا مختار وقال آخر: وزير النبي وذو صهره * وسيف المنية في الظالمينا الباقر عليه السلام في قوله تعالى اولئك لهم الامن وهم مهتدون نزلت في علي عليه السلام. قال الحميري: وصي محمد وأمين غيب * ونعم اخو الامامة والوصية وله ايضا: اشهد بالله وآلائه * والمرء مأجور على صدقه ان علي بن ابي طالب * كان أمين الله في خلقه وقال دعبل: صيره هارونه في قومه امينه * فقد قضى ديونه ولم يكن بماطل وقال محمد بن علي العلوي: ذاك امين الله والباب الذي * يهلك يوم البعث من لم يدخل منه إلى مدينة العلم التي * قال الرسول بابها الهادي علي وقال جرير بن عبد الله البجلي: أمين الاله وبرهانه * ونور البرية والمعتصم وقال شاعر آخر: من لم يكن بامين الله معتصما * فليس بالصلوات الخمس ينتفع وقال آخر: والله صيرهم أمان عباده * فيها وليس سواهم بامان


[ 258 ]

باب تعريف باطنه عليه السلام فصل: في انه أحب الخلق إلى الله تعالى والى رسوله منها اللهم ائتنى بأحب الخلق اليك والي يأكل معي من هذا الطاير، ومنها لاعطين الراية رجلا غدا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ومنها ادعوا الي خليلي فدعوا فلان ابن فلان فاعرض، فإذا ثبت ان عليا كان أحب الخلق إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله فلا يجوز لغيره ان يتقدم عليه، وقد قال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. ابانة بن بطة، وفضايل احمد في خبر عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ولقد عاتب الله اصحاب محمد في غير آي من القرآن وما ذكر عليا إلا بخير وذلك نحو قوله ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة وقوله تعالى: ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم الآية وقوله تعالى في آية المناجاة: فإذ لم تفعلوا فتاب الله عليكم. البخاري: توفي النبي صلى الله عليه وآله وهو عنه راض يعني عن علي عليه السلام وقد ذكرنا انه اولى الناس بقوله تعالى: لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة لانه قد صح انه لم يفر قط من زحف وما ثبت ذلك لغيره. قال الكميت: إذ الرحمن يصدع بالمثاني * وكان له أبو حسن مطيعا حظوظا في مسرته ومولى * إلى مرضاة خالقه سريعا قوله تعالى: ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا. قال النبي صلى الله عليه وآله: علي بن ابي طالب على دين ابراهيم ومنهاجه وشيعته أولى الناس به. عبد الله بن البجير عنه عليه السلام قال: علي أولى بالمؤمنين بعدي. المسعودي باسناده عن ابي سعيد الخدري قال النبي افضل امتي علي، وفي رواية علي بن ابي طالب عليه السلام افضل امتي.


[ 259 ]

عبد الرزاق عن معمر قال: سألت سفيان عن أفضل الصحابة قال علي. قال الناشي: وافضل خلق الله بعد محمد * ووارثه علم الغيوب وغاسله وعيبة علم الله والصادق الذي * يقول بمر القول ان قال قائله عليم بما لا يعلم القول مظهر * من العلم من كل البرية جاهله يجيب بحكم الله في كل شبهة * فيبهر طب الغي منه دلايله إذا قال قولا صدق الوحي قوله * وكذب دعوى كل رجس يناضله وقال ابن الحجاج: قاتل الله من يفضل خلقا على * علي وتبدي بمن علمت بديا (1) فصل: في انه مع الحق والحق معه عن الباقرين عليهما السلام في قوله والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما انزل اليك وهو الحق علي بن أبي طالب، وفي قرائة ابن مسعود: والذي انزل عليك الكتاب هو الحق ومن يؤمن به يعني علي بن ابي طالب يؤمن به، ومن الاحزاب من ينكر بعضه انكروا من تأويله ما انزل في علي وآل محمد وآمنوا ببعضه، واما المشركون فانكروا كله. محمد بن مروان عن السدي، عن الكلبي، عن ابي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: أفمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق، قال علي كمن هو اعمى، قال الاول أبو الورد عن ابي جعفر عليه السلام افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق، قال علي بن ابي طالب عليه السلام. جابر عن ابي جعفر عليه السلام في قوله تعالى يا ايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فامنوا خيرا لكم، يعني بولاية علي وان تكفروا بولايته فان لله ما في السموات والارض. الباقر عليه السلام وقل جاء الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن يعني بولاية علي بن ابي طالب، ومن شاء فليكفر. وعنه عليه السلام في قوله ويستنبئونك أحق هو يسألونك


(1) كذا في الاصل.

[ 260 ]

يا محمد: علي وصيك قل اي وربي انه لوصيي. وعنه عليه السلام في قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل من عادى أمير المؤمنين وتكتمون الحق الذي أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله في علي. زيد بن علي في قوله تعالى افمن يهدي إلى الحق أحق ان يتبع، كان علي عليه السلام يسأل ولا يسأل. وقوله تعالى: ولئن اتبع الحق يعني عليا ان لم يكن معصوما: الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: والعصر ان الانسان لفي خسر: يعني ابا جهل إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر علي وسلمان ويروى انه: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله في علي: والعصر إلى آخرها. ابي بن كعب نزلت والعصر في أمير المؤمنين واعدائه بيانه إلا الذين آمنوا لقوله انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية. وقوله وعملوا الصالحات لقوله تعالى: ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة، وقوله: وتواصوا بالحق لقوله: الحق مع علي وعلي مع الحق، وتواصوا بالصبر، لقوله: والصابرين في البأساء والضراء وحين الباس. واخبرنا الحداد عن ابي نعيم باسناده قال ابن عباس وتواصوا بالصبر علي بن ابي طالب. تفسير الثمالي في قوله تعالى طسم تلك آيات الكتاب ان من الآيات مناديا ينادى من السماء في آخر الزمان ألا ان الحق مع علي وشيعته. مسند ابي يعلى عبد الرحمن بن ابي سعيد الخدري عن ابيه قال: مر علي بن ابي طالب فقال النبي الحق مع ذا الحق مع ذا. وسئل أبو ذر عن اختلاف الناس عنه فقال عليك بكتاب الله والشيخ علي بن ابي طالب فانى سمعت رسول الله يقول علي مع الحق والحق معه وعلي لسانه والحق يدور حيث ما دار علي. وسلم محمد بن ابي بكر يوم الجمل على عايشة فلم تكلمه فقال أسالك بالله الذي لا إله إلا هو سمعتك تقولين الزم علي بن ابي طالب عليه السلام فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، قالت بلى قد سمعت ذلك منه. واتى عبد الله ومحمد ابنا بديل إلى عايشة وناشداها بذلك فاعترفت. وقد ذكر السمعاني في فضايل الصحابة إلا انه قال: علي مع الحق والحق مع علي الخبر. اعتقاد اهل السنة، روى سعد بن ابي وقاص عن النبي: علي مع الحق والحق مع علي والحق يدور حيث ما دار على.


[ 261 ]

وروى عبيدالله بن عبد الله حليف بني امية، ان معاوية قال لسعد انت الذي لا تعرف حقنا من باطل غيرنا فتكون معنا أو علينا فجرى بينهما كلام فروى سعد هذا الخبر فقال معاوية لتجيئني بمن سمعه معك أو لافعلن قال: ام سلمة فدخلوا عليها قالت صدق في بيتي قاله. وروى مالك بن جعونة العرني نحو هذا. الخطيب في تاريخه عن ثابت مولى ابي ذر قال دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة. الاصبغ سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ويل لمن جهل معرفتي ولم يعرف حقي الا ان حقي هو حق الله الا ان حق الله هو حقي. عبد الله بن رزين الغافقي: انه جاء علي ورجلان يختصمان إلى عمر فقال: يا ابا الحسن الحق لمن فقال عليه السلام خذ حقك. وقال الشاعر: علي بلا شك مع الحق لم يزل * به الحق مقرونا كسنين في فم وأنشد آخر. ليس من الغرب إلى الشرق * مثل علي سيد الخلق لو رجع الحق إلى اهله * فكان أولى الناس بالحق واستدلت المعتزلة بهذا الخبر في تفضيل علي عليه السلام وقالت الامامية ظاهر الخبر يقتضي عصمته ووجوب الاقتداء به لانه صلى الله عليه وآله لا يجوز ان يخبر على الاطلاق بأن الحق معه والقبيح جايز وقوعه منه لانه إذا وقع كان الخبر كذبا وذلك لا يجوز عليه. فصل: في انه الخليفة والامام والوارث تفسيري أبو عبيدة وعلي بن حرب الطائي قال عبد الله بن مسعود: الخلفاء اربعة. آدم اني جاعل في الارض خليفة، وداود يا داود انا جعلناك خليفة في الارض يعني بيت المقدس. وهارون قال موسى: اخلفني في قومي، وعلي وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات يعني عليا ليستخلفهم في الارض كما استخلفت الذين من قبلهم آدم وداود وهارون وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يعني الاسلام وليبدلنهم


[ 262 ]

من بعد خوفهم أمنا يعني أهل مكة يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك بولاية علي بن ابي طالب فاولئك هم الفاسقون يعني العاصين لله ولرسوله. وقال أمير المؤمنين عليه السلام من لم يقل اني رابع الخلفاء فعليه لعنة الله ثم ذكر نحو هذا المعنى أبو عبد الله إذا كان يوم القيامة نودي اين خليفة الله في ارضه فيقوم داود فيقال لسنا اردناك وان كنت خليفة الله في ارضه فيقوم أمير المؤمنين فيأتي النداء يا معشر الخلايق هذا علي بن ابي طالب خليفة الله في ارضه وحجته على عباده فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ليستضئ بنوره ويشيعه إلى الجنة. كتابي ابي بكر بن مردويه ومحمد السمعاني باسنادهما عن عبد الرزاق عن ابيه عن مينا عن ابن مسعود قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وقد تنفس الصعداء فقلت مالك يا رسول الله قال نعيت إلى نفسي يا بن مسعود قلت استخلف قال من قلت ابا بكر فسكت ثم مضى ساعة ثم تنفس فقلت ما شأنك يا رسول الله قال: نعيت إلى نفسي فقلت استخلف، قال: من، قلت عمر، فسكت ثم مضى ساعة ثم تنفس فقلت ما شأنك يا رسول الله قال: نعيت إلى نفسي، قلت فاستخلف، قال: من، قلت علي بن ابي طالب، فسكت ثم قال: والذي نفسي بيده لئن اطاعوه ليدخلن الجنة اجمعين اكتعين. ونهى هارون الرشيد ان يقال لعلي عليه السلام خليفة قال أبو معاوية الضرير: يا أمير المؤمنين قالت تيم منا خليفة رسول الله وقالت بنو امية منا خليفة الخلفاء فأين حظكم يا بني هاشم من الخلافة والله ما حظكم منها إلا علي بن ابي طالب عليه السلام فرجع الرشيد عما كان يقول. وقال الحميري: اشهد بالله وآلائه * والمرء عما قاله يسأل ان علي بن ابي طالب * خليفة الله الذي يعدل وانه قد كان من احمد * كمثل هارون ولا مرسل لكن وصيا خازنا عنده * علم من الله به يعمل وقال الصاحب بن عباد: علي أمير المؤمنين خليفة * شهدت له بالجنة المتعالية وانى لاارجو من مليكي كرامة * بحب على يوم اعطى كتابيه


[ 263 ]

وفي الالفية: لمن الخلافة والوزارة هل هما * إلا له وعليه يتفقان أو ما هما فيما تلاه إلهكم * في محكم الآيات مكتوبان ادلوا بحجتكم وقولوا قولكم * ودعوا حديث فلانكم وفلان هيهات ظل ضلالكم تهتدوا * وتفهموا لمقطع السلطان وقال ابن طوطي: خليفة رب العرش بعد محمد * رضيت له والله أعلى واكبر وما اليق به قول يزيد بن مزيد في ممدوحه: خلافة الله في هارون ثابتة * وفي بنيه إلى ان ينفخ الصور ارث النبي لكم من دون غيركم * حق من الله في القرآن مسطور امالي ابن بابويه قال الباقر عليه السلام لما نزل قوله تعالى وكل شئ احصيناه في امام مبين. قام رجلان من مجلسيهما فقالا: يا رسول الله هو التوراة قال: لا، قالا: هو الانجيل، قال: لا، قالا: فهو القرآن، قال لا، فاقبل علي عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله هذا هو الامام الذي احصى الله تعالى فيه كل شئ ويعني بقوله تعالى: واجعلنا للمتقين اماما، كأنه امام المتقين لا غير، والجنة اعدت للمتقين. معجم الطبراني عن عليم الجهني، وفي اخبار اهل البيت عليهم السلام عن أسعد بن زرارة، عن النبي صلى الله عليه وآله قال ليلة اسرى بي ربي فأوحى الي في علي بثلاث انه امام المتقين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين. وفي رواية ابى الصلت الاهوازي يا علي انك سيد المرسلين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين. يوسف القطان في تفسيره عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: يوم ندعو كل اناس بامامهم قال إذا كان يوم القيامة دعا الله عز وجل أئمة الهدى ومصابيح الدجى واعلام التقى أمير المؤمنين والحسن والحسين، ثم يقال لهم جوزوا الصراط انتم وشيعتكم وادخلوا الجنة بغير حساب، ثم يدعوا أئمة الفسق وان والله يزيد منهم فيقال له خذ بيد شيعتك إلى النار بغير حساب الخاص والعام عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي قال: يدعى كل اناس بامام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم.


[ 264 ]

الصادق عليه السلام الا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة يدعى كل قوم إلى من يتولونه وفزعنا إلى رسول الله وفزعتم انتم الينا فالى اين ترون ان نذهب بكم إلى الجنة ورب الكعبة قالها ثلاثا. قال الشاعر: امامان اما واحد فعلى الهدى * وآخر يدعو للضلالة كاذب وقال العوني: هو الحق الامام بغير شك * فهل تدرون ما معنى الامام هو المولى الولي وقد اتاكم * به الفرقان من غير احتشام أم اتخذوا هنالك أولياء * بل الله الولي بلا اكتهام وقال قيس بن سعد: هذا علي وابن عم المصطفى * اول من اجابه ممن دعا هذا الامام لا نبالي من غوى وقال شاعر آخر: حب الامام على الانام فريضة * أعنى أمير المؤمنين عليا فرض الاله على البرية حبه * واختاره للمؤمنين وليا وأنشد: اشهد بالله وآلائه * شهادة يعلمها ربي ان عليا بعد خير الورى * امام اهل الشرق والغرب من لم يقل مثل الذي قلته * جاءت به الرعناء في الدرب قوله تعالى ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين. انبأني الحافظ أبو العلي باسناده عن شريك بن عبد الله عن ابي ربيعة عن ابي بريدة عن ابيه قال النبي لكل نبي وصي ووارث وان عليا وصي ووارثي. فضائل الصحابة عن احمد عن زيد بن اوفى قال صلى الله عليه وآله في خبر وانت بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي وانت اخي ووارثي قال وما ارث منك يا رسول الله قال ما ورث الانبياء قبلي قال وما ورث الانبياء قبلك قال: كتاب الله وسنة نبيه. زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: ورث علي علم رسول الله وورثت فاطمة تركته والخبر المشهر انت وارث علم الاولين والاخرين. ” المناقب ج 2، م 33 “


[ 265 ]

قال ابن حماد: ذاك علي المرتضى العالي الذي * بفخره قد فخرت عدنانه صنو النبي هديه كهديه * إذ كل شئ شكله عنوانه وصيه حقا وقاضي دينه * إذ اقتضت ديونه ديانه ناصحه الناصر حقا إذ غدا * سواه ضد سره اعلانه ووارث علم الهدى أمينه * في اهله وزيره خلصانه وقال آخر: آل النبي المصطفى أئمتي * ومعدن الميراث والنبوة فصل: في انه خير الخلق بعد النبي ابن مجاهد في التاريخ، والطبري في الولاية، والديلمي في الفردوس، واحمد في الفضايل، والاعمش عن ابي وائل، وعن عطية عن عايشة، وقيس عن ابي حازم عن جرير بن عبد الله قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله علي خير البشر فمن ابى فقد كفر ومن رضى فقد شكر. أبو الزبير وعطية العوفي وجواب قال: كل واحد منهم رأيت جابرا يتوكأ على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم وهو يروي هذا الخبر ثم يقول: معاشر الانصار ادبوا اولادكم على حب علي فمن ابى فلينظر في شأن امه. الداري باسناده عن الاصبغ بن نباته، عن جبيع التيمي كليهما عن عايشة انها لما روت هذا الخبر قيل لها فلم حاربتيه، قالت ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية امر قدر وقضاء غلب. أبو وائل، ووكيع، وابو معاوية، والاعمش، وشريك، ويوسف القطان باسانيدهم: انه سئل جابر وحذيفة عن علي عليه السلام فقالا علي خير البشر لا يشك فيه إلا كافر. وروى عطاء عن عايشة مثله ورواه سالم بن ابي الجعد عن جابر باحد عشر طريقا. الطبري في تاريخه: ان المأمون اظهر القول بخلق القرآن وتفضيل علي بن أبي


[ 266 ]

طالب وقال: هو افضل الناس بعد رسول الله في شهر ربيع الاول سنة اثنى عشر ومائتين. وقالت البغداديون واكثر البصريين من المعتزلة افضل الخلق بعد رسول الله علي بن ابي طالب عليه السلام وهو اختيار ابي عبد الله البصري. قال أبو الطفيل الكناني: اشهد بالله وآلائه * وآل يس وآل الزمر ان علي بن ابي طالب * بعد رسول الله خير البشر لو يسمعوا قول نبي الهدى * من حاد عن حب علي كفر وقال الحسن بن حمزة العلوي: جاء الينا في الخبر * بأنه خير البشر فمن ابى فقد كفر * بفضل من يفاضل وقال خطيب خوارزم: ان عليا سيد الاوصياء * مولى ابي بكر ومولى عمر اقصر عن اسيافه قيصر * وان كسرى عن قناه انكسر انحجرت آساد يوم الوغى * لما اكتسى للحرب جلد النمر لم يتقلد سيفه في الوغى * إلا ونادى الدين جاء الظفر وهل اتى مدح فتى هل اتى * لغيره في هل اتى إذ نذر فيا لها من سير في العلي * تتلى على الناس كمثل السور أبو بكر الهذلي عن الشعبي: ان رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله به قال: عليك بالمعروف فانه ينفعك في عاجل دنياك وآخرتك إذ اقبل علي فقال: يا رسول الله فاطمة تدعوك قال نعم فقال الرجل: من هذا يا رسول الله قال: هذا من الذين قال الله فيهم: ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية. ابن عباس وابو برزة وابن شرحبيل والباقر عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي مبتدأ ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية، انت وشيعتك وميعادي وميعادكم الحوض إذا حشر الناس جئت انت وشيعتك غرا محجلين. أبو نعيم الاصفهاني فيما نزل من القرآن في علي عليه السلام بالاسناد عن شريك بن عبد الله، عن ابي اسحق عن الحرث قال علي عليه السلام: نحن أهل بيت لا نقاس بالناس فقام


[ 267 ]

رجل فاتى ابن عباس فاخبره بذلك فقال صدق علي أو ليس النبي لا يقاس بالناس وقد نزل في علي ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية. أبو بكر الشيرازي في كتاب نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه السلام انه حدث مالك ابن أنس عن حميد، عن أنس بن مالك قال: ان الذين آمنوا نزلت في علي صدق اول الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وعملوا الصالحات تمسكوا باداء الفرائض اولئك هم خير البرية يعني عليا افضل الخليقة بعد النبي إلى آخر السورة. الاعمش عن عطية، عن الخدري، وروى الخطيب عن جابر: انه لما نزلت هذه الآية قال النبي: علي خير البرية. وفي رواية جابر كان اصحاب رسول الله (ص) إذا اقبل علي قالوا: جاء خير البرية. قال البياري: الا اقرأ لم يكن وتأملنها * تجد فيها خسار الناصبية أمير المؤمنين لنا امام * له العلياء والرتب السنية فلم انكرتم لو قلت يوما * بأن المرتضى خير البرية ستذكر بغضه وقلاه يوما * اتاك ردى وحم لك المنية وقال أبو الحسين فاذشاه: من قال ليس المرتضى خير الورى * بعد النبي فهو في قعر لظى وقال القاسم بن يوسف: حلفت برب الورى المعتلى * على خلقه الطالب الغالب لاحمد خير بني غالب * ومن بعده ابن ابي طالب فهذا النبي وهذا الوصي * ويعتزل الناس في جانب وقال الحميري: اشهد بالله وآلائه * والله عما قلته سائل ان علي بن ابي طالب * لخير ما حاف وما ناعل وقال الخطيب خوارزم: ان علي بن أبي طالب * خير الورى والطالب الغالب خير الورى والطالب الغالب * بعد النبي ابن أبي طالب يا طالبا مثل علي وهل * في الخلق مثل الفتى الطالب


[ 268 ]

البلاذري في التاريخ قال عطية: قلنا لجابر بن عبد الله اخبرنا عن علي (ع) قال: كان خير الناس بعد رسول الله. ابن عبدوس الهمداني، والخطيب الخوارزمي في كتابيهما بالاسناد عن سلمان الفارسي قال (ع): ان اخي ووزيري وخير من اخلفه بعدي علي بن أبي طالب. تاريخ الخطيب روى الاعمش عن عدي، عن زر، عن عبيد الله، عن علي (ع) قال رسول الله: من لم يقل علي خير البشر فقد كفر، وعنه في التاريخ بالاسناد عن علقمة، عن عبد الله قال رسول الله: خير رجالكم علي بن أبي طالب وخير شبابكم الحسن والحسين وخير نسائكم فاطمة بنت محمد (ص) وقال الحميري: ألم يك خيرهم اهلا وولدا * وافضلهم معالا ينكرونا ألم يك أهله خير الانام * وسبطاه رئيس الفائزينا الطبريان في الولاية والمناقب باسنادهما إلى مسروق عن عايشة: سمعت رسول الله يقول هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة واقربهم إلى الله وسيلة أي المخدع واصحابه. ودخل سعد بن ابي وقاص على معاوية بعد مصالحة الحسن (ع) فقال معاوية مرحبا بمن لا يعرف حقا فيتبعه ولا باطلا فيجتنبه فقال اردت ان اعينك على علي بعد ما سمعت النبي يقول لابنته فاطمة انت خير الناس ابا وبعلا. قال الفضل بن عتبة: الا ان خير الناس بعد محمد * مهيمنه التاليه في العرف والنكر. وقال ابن ابي لهب: واول من صلى وصنو نبيه * واول من اردى الغواة لدى بدر وقال احمد بن يوسف: خير من صلى وصام ومن * مسح الاركان والحجبا ووصي المصطفى وأخ * دون ذي القربى وان قربا وأمير المؤمنين به * تؤثر الاخبار والكتبا وروى عن سلمان انه قال: قال رسول الله (ص) خير هذه الامة علي بن ابي طالب عليه السلام.


[ 269 ]

الطالقاني عن الوليد بن المسلم عن حنظل بن ابي سفيان، عن شهر بن حوشب قال: لما دون عمر بن الخطاب الدواوين بدأ بالحسن وبالحسين عليهما السلام فملا حجرهما من المال فقال ابن عمر تقدمهما علي ولي صحبة وهجرة دونهما ففال عمر: اسكت لا ام لك ابوهما خير من ابيك وامهما خير من امك. وقال عمر النوقاني: اشهد بالله وآلائه * شهادة بالحق لا بالمرا ان علي بن ابي طالب * خير الورى من بعد خير الورى وقال المفجع الكاتب: ايها اللائمي بحبي عليا * قم ذميما إلى الجحيم خزيا الخير الانام قصرت لازلت * مذودا عن الهدى مزويا وقال ابن الحجاج: ابعد سبعين ما شوقتني املي * إلا غرورا بتعليل المنى املا هيهات قد ابصرت عيني بحجبتها * في قصد اخراي فيما لي علي ولي فمذهبي ان خير الناس كلهم * بعد النبي امير المؤمنين علي وقال الناشي: ان الامام علي عند خالقه * غداة فينا اخوه فاعرف الذنبا هذا نبي وهذا خير امته * دينا وأعلى البرايا كلهم نسبا وقال ديك الجن: ان عليا خير أهل الارض * بعد النبي فاربعي أو امضي وقال غيره: ان عليا خير من عليها * * بعد النبي المصطفى إليها فصل: في انه السبيل والصراط المستقيم والوسيلة الباقر (ع) في قوله تعالى فضلوا فلا يستطيعون إلى ولاية علي سبيلا وهو على السبيل جعفر وابو جعفر (ع) في قوله: ان الذين كفروا يعني بني امية وصدوا عن سبيل الله عن ولاية علي بن أبي طالب.


[ 270 ]

أبو حمزة وزرارة بن اعين ان ابا جعفر (ع) قال: هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني علي بن ابي طالب. وفي رواية وآل محمد. الباقر (ع) قال هذه سبيلي يعني نفسه رسول الله وعلي من شيعة آل محمد. وفي رواية يعني بالسبيل عليا ولا ينال ما عند الله إلا بولايته. هارون بن الجهم وجابر عن ابي جعفر (ع) في قوله: فاغفر للذين تابوا من ولاية جماعة وبني امية واتبعوا سبيلك آمنوا بولاية علي وعلي هو السبيل. ابراهيم الثقفي باسناده إلى ابي بزرة الاسلمي قال: قال رسول الله (ص) ان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله سألت الله ان يجعلها لعلي ففعل. أبو الحسن الماضي (ع) قال إذا جائك المنافقون بولاية وصيك قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله والسبيل هو الوصي انهم ساء ما كانوا يعملون ذلك بأنهم آمنوا برسالتك وكفروا بولاية وصيك فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم لووا رؤسهم ورأيتهم يصدون عن ولاية علي وهم مستكبرون عليه. أبو ذر عن النبي في خبر في قوله: واتبعوا سبيلك يعني عليا. ابن عباس في قوله: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا الآيات ان سبيل الله في هذا الموضع علي بن ابي طالب. قوله: وانها لبسبيل مقيم، في الخبر هو الوصي بعد النبي، وفي الخبر المشهور عن النبي: ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة احداهما ناجية وسايرها هالكة. زاذان عن امير المؤمنين (ع): والذي نفسي بيده لتفترقن هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله: وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون، وهم انا وشيعتي. وروى عن الباقرين عليهما السلام انهما قالا: نحن هم. وقال شرف الدولة: إذ افترقت في الدين سبعون فرقة * ونيف على ما جاء في سالف النقل أفي الفرقة الهلاك آل محمد * أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي


[ 271 ]

إذا كان مولى القوم منهم فانني * رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلي فخل عليا لي اماما وآله * وانتم من الباقين في أوسع الحل ومن تفسير وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري، عن السدي، عن اسباط ومجاهد، عن عبد الله بن عباس في قوله: اهدنا الصراط المستقيم قال: قولوا معاشر العباد ارشدنا إلى حب النبي وأهل بيته. تفسير الثعلبي وكتاب ابن شاهين عن رجاله، عن مسلم بن حيان، عن بريدة في قول الله اهدنا الصراط المستقيم قال: صراط محمد وآله. الباقران عليهما السلام: اهدنا الصراط المستقيم قالا: دين الله الذي نزل به جبرئيل على محمد صراط الذين انعمت عليهم فهديتهم بالاسلام وبولاية علي بن ابي طالب (ع) ولم تغضب عليهم ولم يضلوا المغضوب عليهم اليهود والنصارى والشكاك الذين لا يعرفون امامة أمير المؤمنين والضالين عن امامة علي بن أبي طالب. وقال أبو جعفر الهاروني في قوله: وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم، وام الكتاب الفاتحة يعني ان فيها ذكره قوله: اهدنا الصراط المستقيم السورة. الاعمش عن ابي صالح، عن ابن عباس في قوله: فستعلمون من اصحاب الصراط السوي هو والله محمد وأهل بيته ومن اهتدى فهم أصحاب محمد الخصايص بالاسناد عن الاصبغ، عن علي (ع)، وفي كتبنا عن جابر، عن ابي جعفر في قوله: وان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون قال: عن ولايتنا. أبو عبد الله (ع) في قوله: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أي اعداؤهم أم من يمشي سويا على صراط مستقيم، قال سلمان والمقداد وعمار واصحابه. وفي التفسير وان هذا صراطي مستقيما يعني القرآن وآل محمد. علي بن عبد الله بن عباس عن ابيه وزيد بن علي بن الحسين عليهم السلام: والله يدعوا إلى دار السلام يعني به الجنة، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم يعني به ولاية علي بن أبي طالب (ع). جابر بن عبد الله: ان النبي هيأ اصحابه عنده إذ قال واشار بيده إلى علي هذا صراط مستقيم فاتبعوه الآية فقال النبي كفاك يا عدوي ابن عباس: كان رسول الله يحكم وعلي بين يديه مقابلته ورجل عن يمينه ورجل عن شماله فقال: اليمين والشمال مضلة والطريق المستوي الجادة، ثم اشار بيده وان


[ 272 ]

هذا صراط مستقيم فاتبعوه. الحسن قال خرج ابن مسعود فوعظ الناس فقال: يا ابا عبد الرحمن اين الصراط المستقيم فقال: الصراط المستقيم طرفه في الجنة وناحيته عند محمد وعلي وحافتاه دعاة فمن استقامت له الجادة اتى محمدا ومن زاغ عن الجادة تبع الدعاة الثمالي عن ابي جعفر (ع) فاستمسك بالذي أوحى اليك انك على صراط مستقيم قال انك على ولاية علي (ع) وهو الصراط المستقيم، ومعنى ذلك ان علي بن أبي طالب (ع) الصراط إلى الله كما يقال فلان باب السلطان إذا كان يوصل به إلى السلطان ثم ان الصراط هو الذي عليه علي يدلك وضوحا على ذلك قوله: صراط الذين انعمت عليهم يعني نعمة الاسلام لقوله: واسبغ عليكم نعمه والعلم وعلمك ما لم تكن تعلم، والذرية الطيبة لقوله: ان الله اصطفى آدم الآية. واصلاح الزوجات لقوله: فاستجبنا له ووهبنا له يحيى واصلحنا له زوجه فكان علي (ع) في هذه النعم في أعلى ذراها. وقال الحميري: سماه جبار السما * صراط حق فسما فقال في الذكر وما * كان حديثا يفترى هذا صراطي فاتبعوا * وعنهم لا تخدعوا فخالفوا ما سمعوا * والخلف ممن شرعوا واجتمعوا واتفقوا * وعاهدوا ثم التقوا ان مات عنهم وبقوا * ان يهدموا ما قد بنى وله أيضا: وانت صراطه الهادي إليه * وغيرك ما ينجي الماسكينا وله أيضا: علي ذا صراط هدى * فطوبى لمن إليه هدى وقال الحميري: وله صراط الله دون عباده * من يهده يرزق تقى ووقارا في الكتب مسطور مجلى باسمه * وبنعته فاسأل به الاحبارا (المناقب ج 2، م 34)


[ 273 ]

وقال العوني: امامي صراط الله منهاج قصده * إذا ضل من اخطا الصواب عن السبل وقال امير المؤمنين فابتغوا إليه الوسيلة انا وسيلته وانا وولدي ذريته وقال الصاحب بن عباد: العدل والتوحيد والامامة * والمصطفى المبعوث من تهامة وسيلتي في عرصة القيامة وقال ابن الخشاب الكاتب: حب علي بن ابي طالب * وسيلتي تسعف بالمغفرة فصل: في انه حبل الله والعروة الوثقى وصالح المؤمنين والاذن الواعية والنبأ العظيم الباقر (ع) في قوله تعالى: ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس علي بن أبي طالب. أبو جعفر الصايغ: سمعت الصادق يقول في قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا قال: نحن الحبل. محمد بن علي العنبري باسناده عن النبي: انه سئل اعرابي عن هذه الآية فاخذ رسول الله يده فوضعها على كتف علي فقال يا اعرابي هذا حبل الله فاعتصم به فدار الاعرابي من خلف علي والتزمه ثم قال اللهم اني اشهدك اني اعتصمت بحبلك فقال رسول الله من سره ان ينظر إلى رجل من اهل الجنة فلينظر إلى هذا، وروى نحوا من ذلك الباقر والصادق عليهما السلام. وقال الحميري: إنا وجدنا له فيما نخبره * بعروة العرش موصولا بها سببا حبلا متينا بكفيه له طرف * سد العراج إليه العقد والكربا من يعتصم بالقوي من حبله فله * ان لا يكون غدا في حال من عطبا وقال العوني: امامي حبل الله عروة حقه * فطوبى وطوبى من تمسك بالحبل


[ 274 ]

سفيان بن عيينة عن الزهري، عن انس بن مالك في قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله قال نزل في علي كان اول من اخلص وجهه لله وهو محسن أي مؤمن مطيع فقد استمسك بالعروة الوثقى قول لا إله إلا الله والى الله عاقبة الامور والله ما قتل علي بن أبي طالب إلا عليها وروى: فقد استمسك بالعروة الوثقى يعني ولاية علي الرضا: قال النبي (ص) من أحب ان يتمسك بالعروة الوثقى فليتمسك بحب علي بن أبي طالب. وقال ابن حماد: هو العروة الوثقى هو الجنب انما * يفرط فيه الخاسر العمه الغفل وله أيضا: علي علي القدر عند مليكه * وان أكثرت فيه الغواة ملالها وعروته الوثقى التي من تمسكت * يداه بها لم يخش قط انفصامها تفسير ابي يوسف يعقوب بن سفيان النسوي، والكلبي، ومجاهد، وابي صالح، والمغربي، عن ابن عباس: انه رأت حفصة النبي في حجرة عايشة مع مارية القبطية قال اتكتميني على حديثي، قالت: نعم قال فانها علي حرام ليطيب قلبها فاخبرت عايشة وبشرتها من تحريم مارية فكلمت عايشة النبي في ذلك فنزل وإذ اسر النبي إلى بعض ازواجه حديثا إلى قوله: هو مولاي وجبريل وصالح المؤمنين، قال صالح المؤمنين: والله علي يقول الله والله حسبه والملائكة بعد ذلك ظهير البخاري وابو يعلى الموصلي قال ابن عباس: سألت عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين قال حفصة وعايشة. السري عن ابي مالك، عن ابن عباس وابو بكر الحضرمي، عن ابي جعفر (ع) والثعلبي بالاسناد عن موسى بن جعفر (ع)، وعن اسماء بنت عميس، عن النبي قال: وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب، رواه أبو نعيم الاصفهاني بالاسناد عن اسماء بنت عميس، ابن عباس عن النبي ان عليا باب الهدى بعدي والداعي إلى ربي وهو صالح المؤمنين ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا الآية، وقال أمير المؤمنين على المنبر انا اخو المصطفى خير البشر من هاشم سنامه الاكبر ونبأ عظيم جرى به القدر وصالح المؤمنين مضت به الآيات والسور وإذا ثبت انه صالح المؤمنين فينبغي كونه أصلح من جميعهم بدلالة العرف والاستعمال كقولهم فلان عالم قومه وشجاع قبيلته.


[ 275 ]

قال الناشي: إذ أسر النبي فيه حديثا * عند بعض الازواج ممن يليه نبأ تهابه واظهره الله * عليه وجاء من قبل فيه يسأل المصطفى فيعرف بعضا * بعد ابطان بعضه يستحيه وغدا يعتب اللتين بقصد * أبديا سره إلى حاسديه فأبى الله ان يتوبا إلى الله * فقد صاغ قلب من يتقيه أو تحيا تظاهرا فهو مولاه * وجبريل ناصر في ذويه ثم خير الورى اخوه علي * ناصر المؤمنين من ناصريه وقال الوراق القمي: علي دعاه الله في الذكر صالحا * كما قاله الرحمن في المتحرم أبو نعيم في حلية الاولياء روى عمر بن علي بن ابي طالب عن ابيه والواحدي في اسباب نزول القرآن عن بريدة وابو القاسم بن حبيب في تفسيره عن زر بن حبيش عن علي بن ابي طالب واللفظ له قال علي بن أبي طالب ضمني رسول الله وقال امرني ربي ان ادنيك ولا اقصيك وان تسمع وتعي. تفسير الثعلبي في رواية بريدة وان اعلمك وتعي وحق على الله ان تسمع وتعي فنزلت وتعيها اذن واعية ذكره النطنزي (النظزي) في الخصائص. اخبار ابي رافع قال (ع): ان الله تعالى امرني ان ادنيك ولا اقصيك وان اعلمك ولا اجفوك وحق علي ان اطيع ربي فيك، وحق عليك ان تعي محاضرات أبو القاسم الراغب قال الضحاك وابن عباس، وفي امالي الطوسي قال الصادق (ع) وفي بعض كتب الشيعة عن سعد بن طريف، عن ابي جعفر (ع) قالوا وتعيها اذن واعية: اذن علي الباقر (ع) قال النبي: لما نزلت هذه الآية والله اذنك يا علي. كتاب الياقوت عن ابي عمر، وغلام تغلب، والكشف والبيان عن الثعلبي قال عبد الله بن الحسن في كتاب الكليني واللفظ له عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس عن النبي لما نزلت وتعيها اذن واعية قلت اللهم اجعلها اذن علي فما سمع شيئا بعده إلا حفظه. سعيد بن جبير عن ابن عباس: وتعيها اذن واعية علي بن أبي طالب، ثم قال قال النبي: ما زلت أسأل الله تعالى منذ انزلت ان تكون اذنيك يا علي.


[ 276 ]

تفسير القشيري وغريب العزيزي: لما نزلت هذه الآية قال النبي لعلي بن أبي طالب اني دعوت الله ايجعل هذه اذنك. جابر الجعفي و عبد الله بن الحسين ومكحول قال رسول الله: اني سألت ربي ان يجعلها اذنك يا علي اللهم اجعل اذنا واعية اذن علي ففعل فما نسيت شيئا سمعته بعد. قال الوراق القمي: علي وعت اذناه ما قال احمد * لدعوته فيه ولم يتصمم وقال الحميري: وصي محمد وأمين غيب * ونعم اخو الامامة والوزير إذا ما آية نزلت عليه * يضيق بها من القوم الصدور دعاها صدره وحنت عليها * اضالعه واحكمها الضمير وفي المحبره: وبه تنزل ان ادنى وحيه * للعلم واعية فمن ساواني تفسير القطان عن وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن عبد خير، عن علي بن ابي طالب قال: أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله (ص) فقال يا محمد هذا الامر بعدك لنا أم لمن قال يا صخر الامر بعدي لمن هو بمنزلة هارون من موسى قال: فانزل الله تعالى عم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون منهم المصدق بولايته وخلافته، ومنهم المكذب بهما، ثم قال: كلا ورد هو عليهم سيعلمون خلافته بعدك انها حق ثم كلا سيعلمون، ويقول: يعرفون ولايته وخلافته إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا في بر ولا في بحر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن الولاية لامير المؤمنين بعد الموت يقولان للميت من ربك وما دينك ومن نبيك ومن امامك. وروى علقمة انه خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام وعليه سلاح ومصحف فوقه وهو يقول: عم يتسائلون فاردت البراز فقال (ع): مكانك وخرج بنفسه وقال أتعرف النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ؟ قال: لا، قال: والله اني انا النبأ العظيم الذي في اختلفتم وعلى ولايتي تنازعتم وعن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم ويوم غدير قد علمتم ويوم القيامة تعلمون ما علمتم ثم علاه بسيفه فرمى رأسه ويده ثم قال:


[ 277 ]

ابى الله إلا ان صفين دارنا * وداركم مالاح في الافق كوكب وحتى تموتوا أو نموت ومالنا * ومالكم عن حومة الحرب مهرب وفي رواية الاصبغ: والله اني انا النبأ العظيم الذي هم مختلفون كلا سيعلمون حين أقف بين الجنة والنار فاقول: هذا لي وهذا لك. الخبر أبو المضا صبيح عن الرضا (ع) قال علي: مالله نبأ أعظم مني، وروى انه لما هربت الجماعة يوم احد كان علي يضرب قدامه وجبريل على يمين النبي وميكائيل عن يساره فنزل قل هو نبأ عظيم انتم عنه معرضون قال العوني: يا ايها النبأ العظيم كفاك ان * سماك ربك في القرآن عظيما اني لا علم ان من والاكم * والى إله الواحد القيوما وله أيضا: هو النبأ العالي العظيم الذي دعا * تطيل البرايا في نباه اختصامها فهل يطفئ الكفار انوار فضله * ورب العلى قد مدها وادامها وقائل: يا من هو النبأ الاعلى العلي ومن * لم يخف عن علمه غيب ولم يغب وقال السوسي: إذا نادت صوارمه سيوفا * فليس لها سوى نعم جواب طعام سيوفه مهج الاعادي * وفيض دم الرقاب لها شراب وبين سنانه والدرع صلح * وبين البيض والبيض اصطحاب هو النبأ العظيم وفلك نوح * وباب الله وانقطع الخطاب. فصل: في انه النور والهدى والهادي الواحدي في الوسيط وفي أسباب النزول قال عطاء في قوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه، نزلت في علي وحمزة، فويل للقاسية قلوبهم في ابي جهل وولده، أبو جعفر عليهما السلام في قوله: ليخرجكم من الظلمات


[ 278 ]

إلى النور يقول: من الكفر إلى الايمان يعني إلى الولاية لعلي الباقر (ع) في قوله: والذين كفروا بولاية علي بن أبي طالب أولياؤهم الطاغوت نزلت في أعدائه ومن تبعهم اخرجوا الناس من النور والنور ولاية علي (ع) فصاروا إلى الظلمة ولاية اعدائه وقد نزل فيهم: والذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه. وقوله تعالى يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون وقال أبو الحسن الماضي يريدون ان يطفئوا ولاية امير المؤمنين بافواههم والله متم نوره والله متم الامامة. مالك بن انس عن ابن شهاب، عن ابي صالح، عن ابن عباس في قوله: وما يستوي الاعمى: أبو جهل، والبصير: أمير المؤمنين، ولا الظلمات: وبو جهل، ولا النور: أمير المؤمنين ولا الظل يعني ظل أمير المؤمنين (ع) في الجنة، ولا الحرور: يعني جهنم، ثم جمعهم جميعا فقال: وما يستوي الاحياء: علي وحمزة، وجعفر والحسن، والحسين، وفاطمة، وخديجة، ولا الاموات كفار مكة. أبو خالد الكابلي عن الباقر (ع) في قوله: آمنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا يا ابا خالد، النور: والله الائمة من آل محمد قوله: اتمم لنا نورنا الحق بنا شيعتنا الصادق (ع) في قوله انظرونا نقتبس من نوركم، قال: ان الله تعالى يقسم النور يوم القيامة على قدر اعمالهم، ويقسم للمنافق فيكون في ابهام رجله اليسرى فيطفئوا نوره، الخبر ثم قرأ الصادق (ع): فينادون من وراء السور: ألم نكن معكم قالوا: بلى وقلت انا: قلبي المخمور من صهبائكم * فافشؤا ذا الخمر عن مخموركم طور سيناء انتم يا سادتي * يا متى ميعادنا في طوركم يا أمير المؤمنين المرتضى * انظرونا نقتبس من نوركم قد طلبنا فضلكم قبل النوى * انظروا طولا إلى مأموركم قال الوامق: إذا ظلت طرق الرشاد عن الهدى * قال رسول الله كانت مصابحا سليل علي المرتضى وابن فاطم * معاشر كانوا للغواية رامحا وليس يوالي أهل بيت محمد * سوى عاقل في دينه ظل راحجا


[ 279 ]

وحدثني شيرويه الديلمي وابو الفضل الحسيني السروي بالاسناد عن حماد بن ثابت، عن عنيد بن عمير الليثي، عن عثمان بن عفان قال عمر بن الخطاب: ان الله تعالى خلق ملائكة من نور وجه علي بن أبي طالب (ع). قال ابن رزيك: هو النور نور الله والنور مشرق * علينا ونور الله ليس يزول سما بين أملاك السموات ذكره * نبيه فما ان يعتريه خمول وقال ابن علوية: نور يضئ به البلاد وجنة * للخائفين وعصمة اللهفان بحر تلاطم حافتاه بنايل * فيه القريب ومن نأى سيان وقال الوراق: علي هو النور الذي كان أولا * مع المصطفى قبل المصور آدم وقال ابن حماد: لله في ارضه نور به ثبتت * على بريته الاحكام والحجج أبو بكر الشيرازي في كتابه، وابو صالح في تفسيره عن مقاتل، عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: ذلك الكتاب: يعني القرآن وهو الذي وعد الله موسى وعيسى انه ينزله على محمد في آخر الزمان هو هذا لا ريب فيه: أي لا شك فيه انه من عند الله نزل هدى: يعني تبيانا ونذيرا للمتقين علي بن أبي طالب الذي لم يشرك بالله طرفة عين وأخلص لله العبادة يبعث إلى الجنة بغير حساب هو وشيعته الباقر (ع) في سورة البقرة: آلم اسم من اسماء الله ثم اربع آيات في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاثة عشرة آية في نعت المنافقين. أبو الحسن الماضي (ع) هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق، قال هو الذي أرسل رسوله بالولاية لوصيه والولاية. هي دين الحق، قلت ليظهره على الاديان عند قيام القائم، يقول الله والله متم نوره ولاية القائم ولو كره الكافرون لولاية علي وعنه في قوله تعالى: لما سمعنا الهدى آمنا به وقال الهدى: الولاية آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه فلا يخاف بخسا ولا رهقا أبو الورد عن أبي جعفر (ع): وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى قال في أمر علي بن أبي طالب


[ 280 ]

الزمخشري في الكشاف، والالكاني في شرح حجج أهل السنة يحكى عن الحجاج انه قال للحسن ما رأيك في ابي تراب قال ان الله جعله من المهتدين قال هات لما تقوله برهانا قال ان الله تعالى يقول في كتابه وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلى قوله إلا على الذين هدى الله فكان علي هو اول من هدى الله مع النبي، وروى انه نزل فيه وقالوا ان تتبع الهدى معك، وقوله ويريد الله الذين اهتدوا هدى. وقال كشاجم: فكم شبهة بهداه حلل * وكم بحجة بحجاه فصل ومن اطفأ الله نار الضلال * وهي ترمي الهدى بالشعل. قال الوراق: على هدى فاختاره الله ربه * لصفوفه ردا على كل مسلم. صنف احمد بن محمد بن سعيد كتابا في قوله انما انت منذر ولكل قوم هاد نزلت في أمير المؤمنين (ع). ابن العباس والضحاك، والزجاج انما انت منذر رسول الله ولكل قوم هاد علي أمير المؤمنين. الحسكاني في شواهد التنزيل، والمرزباني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين قال أبو برزة دعا لنا رسول الله (ص) بالطهور وعنده علي بن أبي طالب فاخذ بيد علي بعدما تطهر فالصقها بصدره ثم قال انما انا منذر ثم ردها إلى صدر علي ثم قال ولكل قوم هاد، ثم قال: انت منار الانام وراية الهدى وامين القرآن واشهد على ذلك انك كذلك. الحافظ أبو نعيم بثلاثة طرق عن حذيفة بن اليمان قال النبي (ص) ان تستخلفوا عليا وما اراكم فاعلين اتجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجة البيضاء، وعنه فيما نزل في امير المؤمنين بالاسناد عن عطاء بن السايب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وعن شيرويه، في الفردوس عن ابن عباس واللفظ لابي نعيم قال رسول الله انا منذر والهادي علي يا علي بك يهتدي المهتدون ورواه الفلكي المفسر. الثعلبي في الكشف عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله يده على صدره وقال انا المنذر وأومى بيده إلى


[ 281 ]

بيده إلى منكب علي بن أبي طالب (ع) فقال انت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي. عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر (ع) قال النبي (ص): انا المنذر وعلي الهادي، أبو هريرة عن النبي قال: انا منذر وانت الهادي لكل قوم. سعيد بن المسيب عن ابي هريرة قال سألت رسول الله عن هذه الآية فقال لي هادي هذه الامة علي بن أبي طالب. الثعلبي عن السدي عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال: المنذر النبي (ص) والهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه. الحافظ أبو نعيم بالاسناد عن عبد خير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله انا المنذر والهادي رجل من بني هاشم. وفي الحساب انما انت منذر وزنه خاتم الانبياء الحجج محمد المصطفى عدد حروف كل واحد منهما الف وخمسمائة وثلاثة وثلاثون وباقي الآية ولكل قوم هاد وزنه علي وولده بعده وعدد كل واحد منهما مائتان واثنان واربعون. أبو معاوية الضرير عن الاعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: وممن خلقنا امة يعني من امة محمد يعني علي بن أبي طالب يهدون بالحق يعني يدعو بعدك يا محمد إلى الحق وبه يعدلون في الخلافة بعدك ومعنى الامة العلم في الخير لقوله: ان ابراهيم كان امة يعني علما في الخير وهذا اسم من أسماء الله تعالى اجرى عليه وهو كذلك فانا علمنا بعصمته ان ظاهره كباطنه وانه يلزمنا موالاته ظاهرا وباطنا كما يلزم في النبي السلم وانه لا يضل احدا ولا يضل عن الحق ابدا فهو هاد ومهدي ثابت البناني في قوله: واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى قال: إلى ولاية علي وأهل البيت. وفي الحساب إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وزنه إلى ولاية المرتضى علي والائمة بعده وعدد حروف كل واحد منهما الف وثمانمائة واثنان وخمسون. قال الحميري: هما اخوان ذا هاد إلى ذا * وذا فينا لامته نذير فاحمد منذر واخوه هاد * دليل لا يضل ولا يحير كسابق حلبة وله مظل * امام الخيل حيث يرى البصير.


[ 282 ]

وله أيضا: علي هادينا الذي نحن من * بعد عمانا فيه نستبصر لما دجى الدين ورق الهدى * وجار اهل الارض واستكبروا وله أيضا: من كان في الدين نور يستضاء به * وكان من جهلها بالعلم شافيها كان النبي بوحي الله منذرها * وكان ذا بعده لا شك هاديها فصل: في انه الشاهد والشهيد والشهداء وذو القرنين والبئر المعطلة والقصر المشيد الطبري باسناده عن جابر بن عبد الله، عن علي (ع) وروى الاصبغ، وزين العابدين، والباقر، والصادق، والرضا عليهم السلام،: انه قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد انا الحافظ أبو نعيم بثلاثة طرق عن عباد بن عبد الله الاسدي في خبر قال: سمعت عليا يقول: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه رسول الله (ص) على بينة من ربه وانا الشاهد، ذكره النطنزي في الخصايص. حماد بن سلمة عن ثابت، عن انس: أفمن كان على بينة من ربه قال: هو رسول الله ويتلوه شاهد منه قال علي بن أبي طالب، كان والله لسان رسول الله. كتاب فصيح الخطيب انه سأله ابن الكواء فقال: وما انزل فيك قال قوله افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه، وقد روى زاذان نحوا من ذلك. الثعلبي عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه الشاهد على وقد رواه القاضي أبو عمر وعثمان بن احمد، وابو نصر القشيري في كتابيهما والفلكي المفسر رواه عن مجاهد، وعن عبد الله بن شداد: الثعلبي في تفسيره عن حبيب بن يسار، عن زاذان، وعن جابر بن عبد الله كليهما عن علي (ع) قال أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه فرسول الله على بينة من ربه ويتلوه وانا شاهد منه، وفي الحساب افمن كان على بينة من ربه وزنه رسول الله سيد الانبياء احمد جملة حروف كل واحد منهما سبعمائة وستة عشر وتمام


[ 283 ]

الآية ويتلوه شاهد منه وزنه علي بن أبي طالب شاهد بر زكي وفي، وعدد حروف كل واحد منهما ثمانمائة واثنان وستون قال ابن حماد: ذا على التبيان يتلوه منه * شاهد ناب عنه كل مناب ذا نذير وذاك هاد فهل * * يجحد ذا غير جاهل مرتاب وقرأ ابن مسعود أفمن اوتي علم من ربه ويتلوه شاهد منه علي كان شاهد النبي على امته بعده فشاهد النبي يكون أعدل الخلائق فكيف يتقدم عليه دونه وقال الحميري: من عنده علم الكتاب وحكمه * من شاهد يتلوه منه نذارا علم البلايا والمنايا عنده فصل الخطاب نمى إليه وصارا وقال البشنوي: التالي التنزيل غضا هكذا * قال النبي الطهر ذوا الارسال قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فالانبياء شهداء على اممهم ونبينا شهيد على الانبياء، وعلي شهيد للنبي (ص) ثم صار في نفسه شهيدا، قوله تعالى: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم الآية وقد بيناه صحته فيما تقدم. سليم بن قيس الهلالي عن علي (ع) ان الله تعالى ايانا عنى بقوله: شهيدا على الناس فرسول الله شاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في ارضه ونحن الذين قال الله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا، ويقال انه المعنى بقوله: وجئ بالنبيين والشهداء مالك بن انس عن سمي بن ابي صالح في قوله: ومن يطع الله ورسوله فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، قال: الشهداء يعني عليا وجعفرا، وحمزة، والحسن، والحسين هؤلاء سادات الشهداء والصالحين يعني سلمان وابا ذر، والمقداد، وعمار، وبلالا، وخبابا وأحسن اولئك رفيقا يعني: في الجنة ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، ان منزل علي، وفاطمة، والحسن والحسين ومنزل رسول الله (ص) واحد. أبو عبيد في غريب الحديث ان النبي قال لامير المؤمنين: ان لك بيتا في الجنة


[ 284 ]

وانك لذو قرنيها سويد بن غفلة، وابو الطفيل قال أمير المؤمنين ان ذا القرنين كان ملكا عادلا فاحبه الله وناصح الله فنصحه الله امر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه بالسيف فغاب عنهم ما شاء الله ثم رجع إليهم فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر بالسيف فذلك قرناه وفيكم مثله يعني نفسه لانه ضرب على رأسه ضربتين احدهما يوم الخندق والثاني ضربة ابن ملجم. الرضا في مجازات الآثار النبوية عنى رأس الامة ان ذا القرنين انما يكونان فيه، وهذا يدل على انه كان رأس امته ورئيس اسرته، ويقال اني كذي القرنين أي الاسكندر الرومي، ويدل أيضا على سيادته لانه كان اخد بازمة الملوك، وان اراد اسم نبي من الانبياء فهو أفضل اهل زمانه كما كان ذو القرنين في زمانه، وقال ثعلب كان وصفه ببلوغ غايات المثابين في الجنة كأنه اخذ طرفي الجنة، وقال ثعلب أيضا أي ذو جبليها يعني الحسن والحسين، وقال: أي طرفي الامة أي انت امام في الابتداء والمهدي ولدك امام في الانتهاء ويجوز من قولهم عصرت الفرس قرنا أو قرنين أي استخرجت عرقه بالجري مرة أو مرتين وكأنه (ع) ذو اقتباس العلم الظاهر واستخراج العلم الباطن. قال الحميري: وهو فينا كذي القرنين فيهم * برجعته له لون نظيره ونادى اعرابي النبي (ص) فخرج إليه في رداء ممشق فقال الاعرابي فخرجت الي فكأنك فتى قال: نعم يا اعرابي انا الفتى وابن الفتى واخو الفتى فقال: انت الفتى وكيف غير ذلك فقال (ص) أما سمعت الله يقول قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم فانا ابن ابراهيم، واما اخو الفتى فان مناديا، ينادي من السماء يوم احد: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي، فعلي أخي وانا اخوه. قال الباخرزي: لافتى في الانام إلا علي * فارو هذا الحديث ان شئت عنا وقال غيره: انا مولى الفتى انزل فيه هل أتى * إلى متى اكتمه اكتمه إلى متى قال الخطيب خوارزم: فتوى رسول الله ان لا فتى * إلا علي بن ابي طالب


[ 285 ]

وذو الفقار العضب لم يحكه * سيف وان السيف بالضارب قد اصطفى الغالب زوج البتول * بعد ابيها من بني غالب أحمد بن حميد الهاشمي قال: وجد في كتاب الجامع جعفر الصادق (ع) في قوله تعالى: وبئر معطلة وقصر مشيد انه قال رسول الله (ص) القصر المشيد والبئر المعطلة علي. علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: البئر المعطلة الامام الصامت والقصر المشيد الامام الناطق، وقالوا انما مثل به عليا لانه مرتفع مثل القصر المشيد والبئر المعطلة التي لا يستقي منها الماء. قال السوسي: هو البئر والقصر المشيد وحطة * فمن نالها يسعد ومن لم ينل خسر وقال العوني: هو القصر والبئر المعطلة التي * متى فتحت تروي الانام من الشرب فمن دخل القصر المشيد بناؤه * فلا ظمأ يلقى هناك ولا تعب قال الناشي: هو البئر والقصر المشيد بناؤه * وعين إله الخلق والجنب والاذن إذا ما اشترى المرء الجنان بحبه * غدا رابحا في البعث ما قارن الغبن وقال ابن حماد: صاحب البئر التي قد عطلت * وهو ذو القصر المشيد المشرف ليس من جوهره جوهرة * مثل من جوهره من خزف قال الشاعر: بئر معطلة وقصر مشيد * مثل لآل محمد مستطرف فالقصر فضلهم الذي لا يرتقى * والبئر علمهم الذي لا ينزف فصل: في انه الصديق والفاروق والصدق والصادق والمعنى بقوله: سيجعل لهم الرحمن ودا. علي بن الجعد عن شعبة، عن قتادة عن الحسن، عن ابن عباس في قوله تعالى: والذين آمنوا بالله ورسوله اولئك هم


[ 286 ]

الصديقون، قال صديق هذه الامة علي بن أبي طالب هو الصديق الاكبر والفاروق الاعظم ثم قال والشهداء عند ربهم قال ابن عباس وهم علي، وحمزة، وجعفر فهم صديقون وهم شهداء الرسل على اممهم قد بلغوا الرسالة ثم قال: لهم أجرهم عند ربهم على التصديق بالنبوة ونورهم على الصراط. مالك بن أنس عن سمي، عن ابي صالح، عن ابن عباس في قوله: ومن يطع الله ورسوله فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين يعني محمدا، والصديقين يعني عليا وكان أول من صدقه والشهداء يعني عليا، وجعفرا وحمزة، والحسن والحسين عليهم السلام النبيون كلهم صديقون وليس كل صديق نبي والصديقون كلهم صالحون وليس كل صالح صديقا ولا كل صديق شهيد، وقد كان أمير المؤمنين صديقا شهيدا صالحا فاستحق ما في الآيتين من وصف سوى النبوة. وكان أبو ذر يحدث شيئا فكذبوه فقال النبي (ص): ما اظلت الخضراء الخبر فدخل وقتئذ علي (ع) فقال (ص) الا ان هذا الرجل المقبل فانه الصديق الاكبر والفاروق الاعظم ابن بطة في الابانة، وأحمد في الفضائل عن عبد الرحمن بن ابي ليلى، عن ابيه، وشيرويه في الفردوس عن داود بن بلال قال النبي: الصديقون ثلاثة علي بن ابي طالب، وحبيب النجار، ومؤمن آل فرعون يعني: حزقيل، وفي رواية وعلي ابن ابي طالب وهو أفضلهم، وذكر أمير المؤمنين مرارا انا الصديق الاكبر والفاروق الاعظم. ابن عباس عن النبي: ان عليا صديق هذه الامة وفاروقها ومحدثها وانه هارونها ويوشعها، وآصفها، وشمعونها انه باب حطتها وسفينة نجاتها انه طالوتها وذو قرنيها كعب الاحبار انه سئل عبد الله بن سلام قبل ان يسلم: يا محمد ما اسم علي فيكم قال: عندنا الصديق الاكبر فقال عبد الله اشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله انا لنجد في التوراة محمد نبي الرحمة وعلي مقيم الحجة. قال السيد الحميري: شهيدي الله يا صديق * هذي الامة الامر يأتي لك صافي الود * في فضلك لا استر وله أيضا: صديقنا الاكبر فاروقنا * فاروق بين الحق والباطل


[ 287 ]

وله أيضا: ففاروق بين الهدى والضلال * وصديق امتنا الاكبر وقال القمي: علي هو الصديق علامة الورى * وفاروقها بين الحطيم وزمزم وقال غيره: إذا كذبت اسماء قوم عليهم * فاسمك صديق له شاهد عدل أنشد بعضهم: أول من صدق به * وهو مجلي كربه أبو سخيلة سألت ابا ذر فقلت: اني قد رأيت اختلاطا فماذا تأمرني قال: عليك بهذه الخصلتين: كتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب (ع) فاني سمعت رسول الله يقول: هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وهو الصديق الاكبر وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل. الحسن عن ابي ليلى الغفاري قال رسول الله ستكون من بعدي فتنة فإذا كان كذلك فالزموا علي بن ابي طالب فانه الفاروق بين الحق والباطل، استخرجه شيرويه في الفردوس وسمي فاروقا لانه يفرق بين الجنة والنار، وقيل لان ذكره يعرف بين محبه ومبغضه. قال ابن حماد: وهو المفرق بين اهل الكفر * والايمان فادع الصادق الفاروقا قال الحميري: ويا فاروق بين الحق * والباطل في المصدر وقال شاعر: فقال من الفاروق ان كنت عالما * فقلت الذي قد كان للدين مظهر علي أبو السبطين علامة الورى * وما زال للاحكام يبدي وينشر وأنشد بعضهم: اجل عباد الله بعد ابن عمه * وأفضل انسان علا فوق منبر وأنشد أيضا: حب علي بن ابي طالب * للناس مقياس ومعيار


[ 288 ]

يخرج ما في القلب غشا كما * يخرج غش الذهب النار وأنشد غيره: إذا ما التبر حك على محك * تبين غشه من غير شك وفينا الغش والذهب المصفى * * علي بيننا شبه المحك علماء أهل البيت عن الباقر (ع)، والصادق، والكاظم، والرضا، وزيد بن علي عليهم السلام في قوله تعالى: والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون قالوا: هو علي (ع) وروت العامة عن ابراهيم الحكم، عن ابيه، عن السدي، عن ابن عباس وروى عبيدة بن حميد عن منصور، عن مجاهد، وروى النطنزي في الخصايص عن ليث، عن مجاهد، وروى الضحاك انه قال ابن عباس فرسول الله جاء بالصدق وعلي صدق به أمير المؤمنين فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق، إذ جائه قال الصدق ولاية أهل البيت. الرضا (ع) قال النبي وكذب بالصدق، الصدق علي بن ابي طالب الصادق والرضا عليهما السلام قالا انه محمد وعلي الكلبي وابو صالح عن ابن عباس: يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين أي كونوا مع علي بن أبي طالب، ذكره الثعلبي في تفسيره عن جابر، عن ابي جعفر (ع) وعن الكلبي، عن ابي صالح، عن ابن عباس وذكره ابراهيم الثقفي عن ابن عباس، والسدي، وجعفر بن محمد، عن ابيه (ع). تفسير ابي يوسف يعقوب بن سفيان حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله امر الله الصحابة ان يخافوا الله ثم قال وكونوا مع الصادقين يعني مع محمد وأهل بيته. شرف النبي عن الخركوشي، والكشف عن الثعلبي قالا روى الاصمعي عن ابي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي، عن ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام في هذه الآية قال: محمد وعلي: وقال امير المؤمنين (ع) فنحن الصادقون عترته وانا أخوه في الدنيا والاخرة وفي التفسير المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. عمرو بن ثابت عن ابي اسحق عن علي (ع) قال فينا نزلت رجال صدقوا ما ” المناقب ج 2، م 36 “


[ 289 ]

عاهدوا الله عليه، فانا والله المنتظر وما بدلت تبديلا أبو الورد عن ابي جعفر (ع) من المؤمنين رجال صدقوا، قال: علي، وحمزة وجعفر فمنهم من قضى نحبه، قال عهده وهو: حمزة وجعفر ومنهم من ينتظر قال علي بن ابي طالب. وقال المتكلمون ومن الدلالة على امامة علي (ع) قوله: يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فوجدنا عليا بهذه الصفة لقوله والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس يعني: الحرب اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون، فوقع الاجماع بأن عليا اولى بالامامة من غيره لانه لم يفر من زحف قط كما فر غيره في غير مواضع. أبو روق عن الضحاك وشعبة عن الحكم، عن عكرمة، والاعمش عن سعيد بن جبير، والعزيزي السجستاني في غريب القرآن، عن ابي عمر وكلهم عن ابن عباس انه سئل عن قوله: سيجعل لهم الرحمن ودا فقال نزل في علي لانه ما من مسلم إلا ولعلي في قلبه محبة. أبو نعيم الاصفهاني، وابو الفضل الشيباني، وابن بطة العكبري، وبالاسناد عن محمد بن الحنفية، وعن الباقر (ع) في خبر قالا لا يلقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي بن ابي طالب ولاهل بيته عليهم السلام. زيد بن علي: ان عليا أخبر رسول الله (ص) انه قال رجل اني احبك في الله تعالى فقال لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا قال لا والله ما اصطنعت له معروفا فقال الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق اليك بالمودة، فنزل هذه الآيات. وروى الثعلبي وزيد بن علي، والاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين وحمزة الثمالي عن الباقر (ع) و عبد الكريم الخراز، وحمزة الزيات، عن البراء بن عازب كلهم عن النبي انه قال لعلي: قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا فقالهما علي وآمن رسول الله فنزلت هذه الآية. رواه الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب، ورواه النطنزي في الخصايص عن البراء، وابن عباس، ومحمد بن علي (ع) وفي رواية قال (ع): ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين، قال: هو علي وتنذر به قوما لدا قال: بنوا امية قوم ظلمة.


[ 290 ]

فصل: في انه الايمان والاسلام والدين والسنة والسلام والقول أبو حمزة عن ابي جعفر (ع) في قوله تعالى: يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم واخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الايمان قال فان الايمان ولاية علي بن ابي طالب. أبو عبد الله حبب اليكم الايمان علي بن ابي طالب وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان: الاول، والثاني، والثالث. الباقر (ع) وزيد بن علي ومن يكفر بالايمان قال: بولاية علي. الباقر والصادق عليهما السلام في قوله تعالى ان الذين كفروا ينادون لمقت الله اكبر من مقتكم انفسكم إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون الثعلبي في تفسيره وقد روى أبو صالح عن ابن عباس: ان عبد الله بن أبي واصحابه تملقوا مع علي في الكلام فقال علي: يا عبد الله اتق الله ولا تنافق فان المنافق شر خلق الله فقال: مهلا يا ابا الحسن والله ان ايماننا كأيمانكم، ثم تفرقوا فقال عبد الله كيف رأيتم ما فعلت فاثنوا عليه فنزل، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا الآية تفسير الهذيل ومقاتل عن محمد بن الحنفية في خبر طويل، والحديث مختصر انما نحن مستهزؤن بعلي بن ابي طالب وأصحابه، فقال الله تعالى: الله يستهزئ بهم يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بامير المؤمنين قال ابن عباس وذلك انه إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز على الصراط فيجوز المؤمنون إلى الجنة ويسقط المنافقون في جهنم فيقول الله يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم فيفتح مالك بابا في جهنم إلى الجنة ويناديهم معشر المنافقين ها هنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنة فيسبح المنافقون في نار جهنم سبعين خريفا حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهموا بالخروج اغلقه دونهم وفتح بابا إلى الجنة في موضع آخر فيناديهم من هذا الباب فاخرجوا إلى الجنة فيسبحون مثل الاول فإذا وصلوا إليه اغلق دونهم ويفتح في موضع آخر وهكذا أبد الآبدين. الباقر (ع) في قوله: ان الدين عند الله الاسلام قال التسليم لعلي بن ابي طالب. قال ابن طوطي: ومظهر دين الله بالسيف عنوة * وما كان دين الله لولاه يظهر ولولاه ما صلى لذي العرش مسلم * ولكن سبيل الحق يعفو ويدثر.


[ 291 ]

وقال ابن حماد: يا سيدي يا امامي يا ابا حسن * والله ما عبد الرحمن لولاكما وقال الاديب: والله لولا الامام حيدرة * ما تليت سورة ولا طاها ولم يصوموا ولم يصلوا ولا * يحج بيت اطابه اللاها وقال السروجي: كلا وحق أمير النحل حيدرة * * صنو النبي أمير المؤمنين علي خير البرية آباء أشرفها * قدرا واسمحها كفا لمبتذل لولاه ما قام للاسلام قائمة * ولا استقام طريق غير مشتكل الباقر والصادق عليهما السلام في قوله تعالى: انما توعدون لصادق وان الدين لواقع قالا: الدين علي بن أبي طالب. الباقر (ع) ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون علي بن ابي طالب قلت فما يكذبك بعد بالدين قال الدين امير المؤمنين. وعنه (ع) في قوله ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون لولاية علي. روى انه نزل فيه ذلك الدين القيم، وقوله وذلك الدين القيم. وقال العوني: دليل محمد حقا علي * وقتال الجبابرة القروم وخازن علمه وابو بنيه * ووارثه على رغم المليم وكان له اخا صدق رضيا * به احفى من الام الرؤوم قوله تعالى سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا، ومن سنتهم اقامة الوصي. وقال الصاحب بن عباد: حب علي بن ابي طالب * هو الذي يهدي إلى الجنة ان كان تفضيلي له بدعة * فلعنة الله على السنة. الالفية: احيى له سنن النبي وعدله * فاقام دار شرايع الايمان وسقى موات الدين من صوب الهدى * بعد الجذب وفقرن في العمران


[ 292 ]

وتفرجت كرب النفوس بذكره * لما استفاض وأشرق الحرمان صلى الاله على ابن عم محمد * منه صلاة تغمد بجنان زين العابدين وجعفر الصادق عليهما السلام قالا: ادخلوا في الاسلام كافة في ولاية علي ولا تتبعوا خطوات الشيطان قالا: لا تتبعوا غيره، وقال شريك وابو حفص وجابر: ادخلوا في السلم كافة في ولاية علي. أبو جعفر (ع) ادخلوا في السلم كافة في ولاية علي (ع). محمد بن الفضيل عن ابى الحسن الماضي (ع) انه لقول رسول كريم قال: يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي قلت وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون قال: قالوا ان محمدا كذاب على ربه وما امره الله بهذا في علي فانزل الله بذلك قرآنا فقال ان ولاية علي تنزيل من رب العالمين، ولو تقول علينا محمد بعض الاقاويل الآيات أبو حمزة عن ابي جعفر (ع) في قوله: انكم لفي قول مختلف في أمر الولاية يؤفك عنه من افك عن الولاية افك عن الجنة. عبد الله بن جندب سألت ابا الحسن (ع) عن قوله: ولقد وصلنا لهم القول قال: امام إلى امام. أبو عبد الله (ع) في قوله: وهدوا إلى الطيب من القول قال ذلك حمزة وجعفر وعبيدة، وسلمان وابو ذر، والمقداد، وعمار وهدوا إلى امير المؤمنين. فصل: في انه حجة الله وذكره وآيته وفضله ورحمته ونعتمه تاريخ الخطيب والاحن والمحن روى انس انه نظر النبي (ص) إلى علي فقال: انا وهذا حجة الله على خلقه. الفردوس عن الديلمي قال (ص): انا وعلي حجة الله على عباده، وفي الحساب كمال حججي بعلي اتفقا في مائة واثنى عشر، ومن الحجة على خلقه ووصي المصطفى على اهله. وزنه المرتضى علي بن ابي طالب عدد كل واحد منهما الف وستماة وثمانية وتسعون. قال ابن حماد:، يا حجة الله والدليل على * الحق اليك السبيل قد وضحا وحجته التي ثبتت وقامت * علينا يا ابا حسن وفينا


[ 293 ]

وله أيضا: هو الحجة العظمى الذي بولايته * تبين أولاد الحلال من العصر أبو صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا أي من ترك ولاية علي اعماه الله وأصمه عن الهدى أبو بصير عن ابي عبد الله (ع) يعني ولاية امير المؤمنين قلت ونحشره يوم القيامة اعمى قال: يعني اعمى البصيرة في الآخرة اعمى القلب في الدنيا عن ولاية امير المؤمنين قال وهو متحير في الآخرة يقول لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا قال الآيات الائمة فنسيتها وكذلك اليوم تنسى يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة فلم تطع امرهم ولم تسمع قولهم قال: وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وابقى كذلك نجزي من اشرك بولاية أمير المؤمنين. الحبر كتاب ابن رميح قال أبو جعفر (ع) قل ما اسئلكم عليه من أجر وما انا من المتكلفين ان هو إلا ذكر للعالمين، قال أمير المؤمنين، وقال ابن عباس في قوله: ذكرا رسولا النبي ذكر من الله، وعلي ذكر من محمد كما قال: وانه لذكر لك ولقومك تفسير الثعلبي قال علي في قوله فاسئلوا أهل الذكر نحن أهل الذكر ابانة ابي العباس الفلكي قال علي: الا ان الذكر رسول الله ونحن اهله ونحن الراسخون في العلم ونحن منار الهدى واعلام التقى ولنا ضربت الامثال. الباقر (ع) ان النبي اوتي علم النبيين وعلم الوصيين وعلم من هو كائن إلى ان تقوم الساعة ثم تلا هذا ذكر من معي وذكر من قبلي يعني النبي قال ابن مكي: ذكره في القرآن غمر السفور * والتوراة ثم الانجيل ثم الزبور خصه الله بالعلوم فاضحي * وهو ينبئ بسر كل ضمير حافظ العلم عن أخيه عن الله * خبيرا عن اللطيف الخبير وقال غيره: امامي هو المذكور في الذكر والذي * أشار إليه بالولاء خاتم الرسل الباقر (ع) في قوله تعالى لو ان الله هداني لكنت من المتقين قال لولاية علي فرد الله عليهم بلى قد جائتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين وكان


[ 294 ]

امير المؤمنين يقول: ما لله آية اكبر مني. قال الحميري: وانك آية للناس بعدي * تخبر انهم لا يوقنون وقال شاعر: تولى الشباب وجاء المشيب * فايقظني فعرفت الطريقا فتممته قاصدا للذي * له اخذ الله اخذا وثيقا واكده المصطفى موجبا * له كل وقت عليه حقوقا. وواخاه من دون اصحابه * وكان بذلك منه حقيقا وزوجه المصطفى فاطما * وكان عليه عطوفا شفيقا أبو الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله: ويؤت كل ذي فضل فضله علي بن ابي طالب، وكذا كان يقرأ ابن مسعود فان تولوا اعداءه واتباعهم فاني اخاف عليهم عذاب يوم عظيم. أبو معاوية الضرير عن الاعمش، عن ابي صالح في قوله: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض قال فضل الله محمدا بالعلم والعقل الباقر والصادق عليهما السلام في قوله تعالى: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، وفي قوله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض انهما نزلا فيهم قال أبو الحسين فاذشاه: قد ارتضاه للوصاة واصطفى * لانه الافضل بعد المصطفى من لم يفضله على البرية * فهو لغير رشده سوية. في تاريخ بغداد انه روى السدي، والكلبي عن ابي صالح، عن ابن عباس قال: بفضل الله يعني النبي ورحمته علي: الباقر (ع) فضل الله الاقرار برسول الله ورحمته الاقرار بولاية علي. ابن عباس في قوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته.: فضل الله محمد ورحمته علي. وقال فضل الله علي ورحمته فاطمة. الباقر (ع): يدخل من يشاء في رحمته، الرحمة: علي بن ابي طالب. وقال ابن علوية: هذا الذي دون الجبلة نصره * بالنفس منه ما حواه وقاني فضل الاله انا ورحمة ربكم * هذا وآفة طاعة الشيطان


[ 295 ]

الباقر (ع) في قوله تعالى: يعرفون نعمة الله قال: عرفهم ولاية علي وأمرهم بولايته ثم انكروا بعد وفاته. مجاهد في قوله ألم تروا إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا كفرت بنو امية بمحمد وأهل بيته الباقر (ع) في خبر ان بعضهم قال: لقد افتتن على رسول الله حتى لا يواريه شئ فنزل: ن والقلم وما يسطرون إلى قوله المفتون تفسير وكيع قال ابن عباس في قوله: ألم يجدك يتيما عند ابي طالب فآوى إلى ابي طالب يحفظك ويربيك ووجدك في قوم ضلال فهداهم بك إلى التوحيد ووجدك عائلا فاغنى بمال خديجة فاما اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر واما بنعمة ربك فحدث اظهر القرآن وحدثهم بما انعم الله به عليك، قال الحسن، واما بنعمة ربك فحدث يا محمد حدث العباد بمنن ابي طالب عليك وحدثهم بفضائل علي في كتاب الله لكي يعتقدوا ولايته واشتهر انه نزل في يوم الغدير واتممت عليكم نعمتي قال الحميري: ونعمتي الكبرى على الخلق من غدا * لها شاكرا دامت واعطى تمامها وقال الناشي: يا نعمة الله التي بشكرها * يبسط من رزق الانام ما بسط جبريل اضحى بكم مفتخرا * بذكركم بين البرايا مغتبط فصل: في انه الرضوان والاحسان والجنة والفطرة ودابة الارض والقبلة والبقية والساعة واليسر والمقدم الباقر (ع) في قوله تعالى: ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم قال كرهوا عليا وكان امر الله بولايته يوم بدر وحنين ويوم بطن نخلة، ويوم التروية، ويوم عرفة نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (ص) عن المسجد الحرام بالجحفة وخم وعنى بقوله تعالى: واتبعوهم باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه عليا (ع) وقد تقدم في كتابنا هذا ان المعنى


[ 296 ]

بقوله تعالى: ان الله يأمر بالعدل والاحسان علي وولده. قال الناشي: حميد رفيع القدر عند مليكه * رفيع وجيه لا ترد وسائله وخلصان رب العرش نفس محمد * وقد كان من خير الورى من يباهله ابن زاذان وابو داود السبيعي عن ابي عبد الله الجدلي قال امير المؤمنين (ع) في قوله: من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها يا ابا عبد الله الحسنة حبنا والسيئة بغضنا. تفسير الثعلبي الا انبئك بالحسنة التي من جاء بها دخل الجنة والسيئة التي من جاء بها اكبه الله في النار ولم يقبل معها عملا قلت بلى قال الحسنة حبنا والسيئة بغضنا الباقر (ع): الحسنة ولاية علي وحبه والسيئة عداوته وبغضه ولا يرفع معها عمل. وقال (ع): ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا، قال: المودة لعلي بن ابي طالب وقد رواه الثعلبي عن ابن عباس. قال ابن حجاج: فانت امامنا المهدي فينا * وليس لمن يخالفنا امام وانت العروة الوثقى امرت * فليس لها من الله انفصام الرضا عن ابيه، عن جده عليهم السلام في قوله تعالى: فطرة الله التي فطر الناس عليها قال هو التوحيد ومحمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين إلى هاهنا التوحيد. أبو جعفر (ع) انه جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله من قال لاإله إلا الله مؤمن قال ان اعدائنا تلحق باليهود والنصارى انكم لا تدخلون الجنة حتى تحبوني وكذب من زعم انه يحبني ويبغض هذا يعني عليا. امالي الطوسي، والقمي، ومسند ابي الفتح الحفار وابن شبل الوكيل روى علي بن بلال عن الرضا (ع) عن آبائه عليهم السلام، عن النبي، عن جبرئيل، عن ميكائيل عن اسرافيل عليهم السلام، عن اللوح، عن القلم قال يقول الله تعالى ولاية علي بن ابي طالب حصني فمن دخل حصني امن من عذابي قال الرضا بشروطها وانا من شروطها قال دعبل: أعد لله يوم يلقاه * دعبل ان لا إله إلا هو يقولها صادقا عساه بها * يرحمه في القيامة الله الله مولاه والنبي ومن * بعدهما فالوصي مولاه ” المناقب ج 2، م 37 “


[ 297 ]

وقال البشنوي: ولست ابالي بأي البلاد * قضى الله نحبي إذا ما قضاه ولا اين حطت إذا مضجعي * ولا من جفاه ولا من قلاه إذا كنت اشهد ان لا إله * إلا هو الحق فيما قضاه وان محمدا المصطفى * نبي وان عليا أخاه وفاطمة الطهر بنت الرسول * رسولا هدانا إلى ما هداه وابناهما فهما سادتي * فطوبى لعبد هما سيداه قال الرضا (ع) في قوله تعالى: تتبعها الرادفة قال زلزلة الارض فاتبعتها خروج الدابة، وقا ل (ع) اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم قال: علي أبو عبد الله الجدلي قال امير المؤمنين: انا دابة الارض. حلية الاولياء روى انس، وابو برزة عن النبي (ص) قال: ان رب العالمين عهد لي عهدا في علي بن ابي طالب، فقال انه راية الهدى ومنار الايمان وامام اوليائي ونور جميع من اطاعني قال العوني: ودابة الله التي * توسم كل الامة بميسم في الجبهة * فيعرف الافاضل وقال الحميري: وهو الذي يسم الوجوه بميسم حتى يلاقى عدوه موسوما وله أيضا: إذا خرجت دابة الارض لم تدع * عدوا له الا حطيما بميسم متى يراها من ليس من اهل وده * من الانس والجن العفاريت يحطم أبو عبد الله (ع) في خبر ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله قال أبو الفضل: هو قبلة الله التي اظهرها لنا * وشهاب نور للهداية تلمع لولاه لم يك للنبي دلالة * ولملة الاسلام باب يشرع وقال العوني: امامي محراب الهدى معشر التقى * سماه المعالي منبر العلم والفضل.


[ 298 ]

هو القبلة الوسطى ترى الوفد حولها * وهم حرم الله المهمين والحل وآيته الكبرى وحجته التي * اقيمت على من كان منا له عقل قوله تعالى بقية الله خير لكم نزلت فيه وفي اولاده عليهم السلام قال العوني: وآية بقية لربنا مرضية * وحجة سنية يصبوا إليها العاقل علي بن حاتم في كتاب الاخبار لابي الفرج بن شاذان انه نزل قوله تعالى: بل كذبوا بالساعة يعني كذبوا بولاية علي (ع) وهو المروي عن الرضا (ع). الباقر في قوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، قال اليسر أمير المؤمنين والعسر فلان وفلان. هو المقدم في الحسب، والنسب، والعلم، والادب، والايمان والحرب، والام، والاب. قال العوني: ومن كشف الهيجاء عن وجه احمد * وما زال قدما في الحروب مقدما وقال ابن طوطي: أقام على عهد النبي محمد * ولم يتغير بعده إذ تغيروا فصل: في انه المعنى بالانسان والرجل والرجال والعبد والعباد والوالد جاء في تفسير أهل البيت عليهم السلام: ان قوله هل اتى على الانسان حين من الدهر، يعني به عليا، وتقدير الكلام ما اتى على الانسان زمان من الدهر إلا وكان فيه شيئا مذكورا وكيف لم يكن مذكورا وان اسمه مكتوب على ساق العرش وعلى باب الجنة، والدليل على هذا القول قوله: انا خلقنا الانسان من نطفة، ومعلوم ان آدم لم يخلق من النطفة أبو عبد الله (ع) في قوله: كلا انها تذكرة إلى قوله سفرة قال الائمة كرام بررة قتل الانسان ما اكفره قال:، الانسان أمير المؤمنين يقول: ما اكفره عندهم حتى قتلوه، وقيل ما الذي فعل حتى قتلوه. أبو الحسن الماضي: ان ولاية علي لتذكرة للمتقين للعالمين وانا لنعلم ان منكم


[ 299 ]

مكذبين وان عليا لحسرة على الكافرين وان ولايته لحق اليقين. المحبرة: امن على المسكين جاد بقوته * ومع اليتيم مع الاسير العاني حتى تلا التالون فيهم سورة * عنوانها هل اتى على الانسان الحاكم الحسكاني بالاسناد عن ابي الطفيل عن أمير المؤمنين ورجلا سلما لرجل قال انا ذلك الرجل السلم على رسول الله (ص) العياشي بالاسناد عن ابى خالد عن الباقر قال الرجل السالم: حقا علي وشيعته الحسن بن زيد عن آبائه ورجلا سالما لرجل هذا مثلنا أهل البيت وقال السدي: كل موضع روى عبد الرحمن بن ابي ليلى يقول: حدثني رجل من اصحاب رسول الله أو قال رجل من البدريين انما عني علي بن ابي طالب وكان اصحابه يعرفون ذلك ولا يسألونه عن اسمه وقد ثبت ان قوله: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقوله تعالى: وعلى الاعراف رجال نزلتا فيه. قال الكميت:، نفسي فدا من رسول الله قال له * مني ومن بعده ادنى لتقليل الحازم الامر والميمون طائره * والمستضاء به والصادق القيل. اخبرنا أبو طاهر احمد بن محمد بن عشمة العدل باسناده عن ابن عباس قال رسول الله: انت اخي وصاحبي، قوله تعالى: ان هو إلا عبدا انعمنا عليه الآية نزلت فيه أمير المؤمنين (ع) في خطبة البصرة: انا عبد الله واخو رسول الله وانا الصديق الاكبر والفاروق الاعظم لا يقوله غيري إلا كذب فهو عبد الله على معنى الافتخار كما قال كفي لي فخرا ان اكون لك عبدا. قال أبو فراس: اقرأ وعن القرآن ما في فضله * وتأملوه واعرفوا فحواه لو لم ينزل فيه إلا هل أتى * من دون كل منزل لكفاه من كان اول من حوى القران من * نطق النبي ولفظه وحكاه من بات فوق فراشه متنكرا * لما أظل فراشه أعداه من ذا أراد إلهنا بمقالة * الصادقون القانتون سواه من خصه جبريل من رب العلى * بتحية من جنة وحباه أنسيتم يو م الكساء وانه * ممن حواه مع النبي كساه


[ 300 ]

إذ قال جبريل بهم متشرفا * انا منكم قال النبي كذاه ابان بن تغلب عن الصادق (ع): وبالوالدين احسانا: قال: الوالدان رسو ل الله (ص) وعلي (ع). سالم الجعفي عن ابي جعفر (ع) وابان بن تغلب عن ابي عبد الله نزلت في رسول الله وفي علي، وروى مثل ذلك في حديث ابن جبلة، وروى أبو المصابيح عن الرضا قال النبي: انا وعلي الوالدان، وروى عن بعض الائمة عليهم السلام في قوله: ان اشكر لي ولوالديك انه نزل فيهما النبي: انا وعلي ابوا هذه الامة، انا وعلي موليا هذه الامة، وعن بعض الائمة (ص) لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد ووالد وما ولد، قال أمير المؤمنين وما ولد من الائمة. الثعلبي في ربيع المذكرين، والخركوشي في شرف النبي، عن عمار وجابر، وابي أيوب، وفي الفردوس عن الديلمي، وفي امالي الطوسي عن ابي الصلت باسناده عن انس كلهم عن النبي قال: حق علي على الامة كحق الوالد على الولد. وفي كتاب الخصايص عن انس: حق علي بن ابي طالب على المسلمين كحق الوالد على الولد. مفردات ابي القاسم الراغب قال النبي: يا علي انا وانت ابوا هذه الامة ولحقنا عليهم اعظم من حق ابوي ولادتهم فانا ننقذهم ان اطاعونا من النار إلى دار القرار ونلحقهم من العبودية بخيار الاحرار. قال القاضي أبو بكر احمد بن كامل يعني: ان حق علي على كل مسلم ان لا يعصيه ابدا ولنا كذاك. قال رفع الله قدره: انا وانت ابوا ذي الامة. قال أبو الطفيل الكناني: وقلنا علي لنا والد * ونحن له في ولاة الولد وقال حارثة بن قدامة السعدي: من حقه عندي كحق الوالد * ذاك علي كاشف الاوابد خير امام راكع وساجد قال السوسي: انت الاب البر صلى الله خالقنا * عليك من مشفق بربنا حدب نحن التراب بنا كناك احمد يا * ابا تراب لمعنى ذاك لا لقب


[ 301 ]

فصل: في تسمية بعلي والمرتضى وحيدرة وابي تراب وغير ذلك رأيت في مصحف ابن مسعود ثمانية مواضع اسم علي (ع) ورأيت في كتاب الكافي عشرة مواضع فيها اسمه تفصيلها أبو بصير عن ابي عبد الله (ع) قوله تعالى: ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي والائمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما، هكذا انزلت أبو بصير عنه (ع) فستعلمون من هو في ضلال مبين، يا معشر المكذبين حيث اتاكم رسالة ربي في علي والائمة من بعده، هكذا انزلت أبو بصير عنه (ع) في قوله: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع ثم قال: هكذ ا والله نزل بها جبرئيل على محمد عمار بن مروان عن منحل عنه (ع) قال نزل جبرئيل بهذه الآية، هكذا يا ايها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا على عبدنا في علي نورا مبينا جابر عنه (ع) نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد: هكذا ان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي بن ابي طالب فاتوا بسورة من مثله. أبو حمزة عن ابي جعفر (ع) نزل جبرئيل بهذه الآية، هكذا فأبى اكثر الناس بولاية علي إلا كفورا جابر عنه (ع) قال: هكذا نزلت هذه الآية ولو انهم فعلوا ما يوعظون به في علي لكان خيرا لهم. وعنه ونزل جبرئيل بهذه الآية هكذا وقل جاء الحق من ربكم في ولاية علي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين لآل محمد نارا وعنه (ع) قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ان الذين ظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا الا جهنم خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا، ثم قال: يا ايها الناس قد جائكم الرسول بالحق من ربكم في ولاية علي فآمنوا خير لكم وان تكفروا بولاية علي فان لله ما في السموات والارض محمد بن سنان عن الرضا في قوله: كبر على المشركين بولاية علي ما تدعوهم إليه يا محمد من ولاية علي هكذا في الكتاب.


[ 302 ]

مخطوطة أبو الحسن الماضي في قوله: انا نحن نزلنا عليك القرآن بولاية علي تنزيلا ووجدت في كتاب المنزل عن الباقر (ع): بئس ما اشتروا به انفسهم ان يكفروا بما انزل الله في علي، وعنه (ع) في قوله وإذا قيل لهم ماذا انزل ربكم في علي قالوا اساطير الاولين، وعنه والذين كفروا بولاية علي بن ابي طالب اولياؤهم الطاغوت قال: نزل جبرئيل بهذه الآية كذا، وعنه في قوله: ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات في علي بن ابي طالب، قال نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا. عيسى بن عبد الله عن ابيه، عن جده في قوله: يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك في علي وان لم تفعل عذبتك عذابا اليما فطرح عدوي اسم علي. التهذيب والمصباح في دعاء الغدير: واشهد ان الامام الهادي الرشيد أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك فقلت: وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم وروى الصادق عن ابيه، عن جده عليهم السلام قال: قال يوما الثاني لرسول الله انك لا تزال تقول لعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى فقد ذكر الله هارون في ام القرى ولم يذكر عليا فقال (ص): يا غليظ يا جاهل أما سمعت الله يقول هذا صراط علي مستقيم، وقرئ مثله في رواية جابر أبو بكر الشيرازي في كتابه بالاسناد عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت البصري يقرء هذا الحرف هذا صراط علي مستقيم قلت ما معناه قال: هذا طريق علي بن ابي طالب ودينه طريق دين مستقيم فاتبعوه وتمسكوا به فانه واضح لاعوج فيه. الباقر في قوله: ان الينا ايابهم ان الينا اياب هذا الخلق وعلينا حسابهم أبو بصير عن الصادق في خبر ان ابراهيم كان قد دعا الله ان يجعل له لسان صدق في الآخرين، فقال الله تعالى ووهبنا له اسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا يعني علي بن ابي طالب وفي مصحف ابن مسعود حقيق على علي ان لا يقول على الله إلا الحق. قال العوني: هذا وتسمية جائت مصرحة * لصاحب الامر للالباب تكشفه إنا جعلنا لهم من فوز رحمتنا * لسان صدق عليا ثم يردفه بقوله هو في ام الكتاب لدى * الباري علي حكيم لا يعنفه الا ضعيف اساس العقل باطله * عن احتمال صريح الحق مضعفه


[ 303 ]

وله أيضا: الله قال فاستمع ما قالا * إذ شرف الآباء والانسالا وآل ابراهيم فازوا آلا * انا وهبنا لهم افضالا لسان صدق منهم عليا وقيل لم يسم أحد من ولد آدم بهذا الاسم الا ان الرجل من العرب كان يقول ان ابني هذا علي يريد به العلو لا انه اسمه. قال ابن حماد: الله سماه عليا عنده * فما على علائه خلق علا وقال العوني: هو المثل الاعلى كفاك باسمه * علي علا في الاسم والباس والحسب وقال ابن حماد: سلام على أحمد المرسل * سلام على الفاضل المفضل سلام على من علا في العلى * فسماه رب علي علي وقيل لانه أعلى من ساجله في الحرب من قوله وانتم الاعلون، والعلي الفرس الشديد الجري والشديد من كل شئ. يا علي لقد علوت على الخلق * وسماك ذو الجلال عليا وقيل لان داره في الجنان تعلو * حتى تحاذي منازل الانبياء وليس نبي يعلو منزله على منزل علي، ومنه الدرجات العلى قال ابن حماد: يا خير ناء وخير دان * يا صاحب الذكر والمثاني يا حجة الله في البرايا * نورك باق على الزمان يا صاحب الحوض والمسمى * * بقاسم النار والجنان يا عروة فاز ماسكوها * في عرصة الحشر بالامان سماك رب العلى عليا * إذ لم تزل عالي المكان يا سيدا ما له نظير * ولا شبيه ولا مدان وقيل لانه زوج في أعلى السموات ولم يزوج احد من خلق الله في ذلك الموضع غيره. قال العوني: علي على عند ذي العرش عاليا * علي تعالى عن شبيه وعن ند


[ 304 ]

سمام العدى بحر الندى علم الهدى * بعيد المدى من خص بالعلم والرشد له زوج المختار للطهر فاطما * ورد سواه مرغما اقبح الرد وقيل لانه علا على منكب رسول الله (ص) بقدميه طاعة لله عند حط الاصنام من سطح مكة ولم يعل احد على ظهر نبي غيره. انا مولى لعلي وعلي لي ولي * بابي اسم علي بابي ذكر علي وقيل لانه مشتق من اسم الله، قوله تعالى: وهو العلي العظيم. قال ابن حماد: الله سماه عليا باسمه * فسما علوا في العلى وسموقا واختاره دون الورى واقامه * علما إلى سبل الهدى وطريقا اخذ الاله على البرية كلها * عهدا له يوم الغدير وثيقا وغداة واخى المصطفى اصحابه * جعل الوصي له اخا وشفيقا وقيل لان له علوا في كل شئ على النسب على الاسلام على العلم على الزهد على السخاء على الجهاد على الاهل على الولد على الصهر. على علي في المواقف كلها * ولكنهم قد خانهم فيه مولد وهذه الجملة انما تكون من اسماء الافعال، وقد جمع العوني هذه الروايات. ان عليا عند اهل العلم * اول من سمي بهذا الاسم سبقا كذا في الفضل عد مليا * وقال قوقد علا بزازا أقرانه يبتزها ابتزازا * فهو علي إذ علا العديا وفرقة قالت علي الدار * في جنة الخلد مع الابرار إذ نال منه المنزل العلويا * وقال قوم بل علا مكانا ظهر النبي إذ حطم الاوثانا * فنال منه المرتقى العليا وفرقة قالت علي انما * معناه إذ املك في اعلى السما خص بها لولاه آدميا * وفرقة قالت علاهم علما وكان اعلاهم ابا واما * فوال كهف الكرم الفتيا وفي خبر ان النبي (ص) سماه المرتضى لان جبرئيل هبط إليه وقال ى امحمد ان الله تعالى قد ارتضى عليا لفاطمة وارتضى فاطمة لعلي، وقال ابن عباس كان علي (المناقب ج 2، م 38)


[ 305 ]

يتبع في جميع امره مرضاة الله تعالى ورسوله فلذلك سمي المرتضى، وقال جابر الجعفي الحيدر هو الحازم النظار في دقايق الاشياء، وقيل هو الاسد، وقال (ع) (انا الذي سمتني امي حيدره) ابن عباس قال: لما نكل المسلمون عن مقارعة طلحة العبدري تقدم إليه أمير المؤمنين فقال طلحة: من انت فحسر عن لثامه فقال انا القضم انا علي بن ابي طالب يدعو انا القضم القضاضة والذي * يعمى العدو إذا دنا الزحفان ورأيت في كتاب الرد على اهل التبديل ان في مصحف امير المؤمنين ياليتني كنت ترابا يعني من اصحاب علي، وفي كتاب ما نزل في اعداء آل محمد في قوله ويوم يعض الظالم على يديه رجل من بني عدي ويعذبه علي فيعض على يديه ويقول: العاض وهو رجل من بني تيم ياليتني كنت ترابا أي شيعيا ابن بابويه في علل الشرايع عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (ص) يقول إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما اعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة قال: يا ليتني كنت ترابا أي يا ليتني كنت من شيعة علي البخاري، ومسلم، والطبري، وابن البيع، وابو نعيم، وابن مردويه انه قال: بعض الامراء لسهل بن سعد: سب عليا فابى، فقال اما إذا ابيت فقل لعن الله ابا تراب فقال والله انه انما سماه رسول الله بذلك وهو أحب الاسماء إليه. البخاري، والطبري، وابن مردويه، وابن شاهين، وابن البيع في حديث ان عليا غضب على فاطمة (ع) وخرج فوجده رسول الله فقال قم يا ابا تراب قم يا ابا تراب الطبري وابن اسحاق، وابن مردويه، انه قال عمار خرجنا مع النبي في غزوة العشيرة فلما نزلنا منزلا نمنا فما نبهنا إلا كلام رسول الله لعلي: يا ابا تراب لما رآه ساجدا معفرا وجهه في التراب أتعلم من اشقى الناس ؟ اشقى الناس اثنان احيمر ثمود الذي عقر الناقة واشقاها، الذي يخضب هذه ووضع يده على لحيته. علل الشرايع عن القمي في حديث ابن عمر انه نظر النبي إلى علي وهو يعمل في الارض وقد اغبر فقال ما الوم الناس في ان يكنوك ابا تراب فتمعر وجه علي فاخذ بيده وقال انت اخي ووزيري وخليفتي في اهلي الخبر، وقال الحسن بن علي عليهما السلام وسئل عن ذلك فقال ان الله يباهي بمن يصنع كصنيعك الملائكة والبقاع تشهد له قال فكان (ع) يعفر خديه ويطلب الغريب من البقاع لتشهد له يوم القيامة فكان


[ 306 ]

إذا رآه والتراب في وجهه يقول: يا ابا تراب افعل كذا ويخاطبه بما يريد. وحدثني أبو العلاء الهمداني بالاسناد عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس في حديث ان عليا خرج مغضبا فتوسد ذراعه فطلبه النبي حتى وجده فوكزه برجله فقال قم فما صلحت ان تكون إلا ابا تراب أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والانصار ولم أو اخ بينك وبين احد منهم اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الخبر، وجاء في رواية انه كنى (ع) بابي تراب لان النبي قال: يا علي اول من ينفض التراب عن رأسه انت، وروى عن النبي انه كان يقول: انا كنا نمدح عليا إذا قلنا له ابا تراب. قال السوسي: انا وجميع من فوق التراب * فدا لتراب نعل ابي تراب امام مدحه ذكري ودأبي * وقلبي نحوه ما عشت صاب وله أيضا: خدي فداء لنعل كان يلبسها * أبو تراب ومن خدي على الترب لو كنت احسن ان اجدي بمحجنة * لخاصف النعل لم اعدل ولم اغب وسموه اصلع قريش من كثرة لبس الخوذ على الرأس، قال ابن عباس كان عليا انزع من الشرك بطين من العلم وذلك مدح له. علل الشرايع عن القمي قال أمير المؤمنين (ع) إذا اراد الله بعبد خيرا رماه بالصلع فتحات الشعر من رأسه وها انا ذا. قال البختري: ذكرتهم سيماه سيما علي * إذ غدا اصلعا عليهم بطينا قال أبو نواس: ومدامة من خمر حانة قرقف * صفراء ذات تلهب وتشعشع رقت كدين الناصبي وقد صفت * كصفا الولي الخاشع المتشيع باكرتها وجعلت انشق ريحها * وامص درتها كدرة مرضع في فتية رفضوا العتيق ونعثلا * وعنوا باروع في العلوم مشفع وتيقنوا ان ليس ينفع في غد * غير البطين الهاشمي الانزع وقال أمير المؤمنين انا سيف الله على اعدائه ورحمته على اوليائه. ابن البيع في اصول الحديث والخركوشي في شرف النبي، وشيرويه في الفردوس واللفظ له باسانيدهم انه كان الحسن والحسين في حياة رسول الله (ص) يدعوانه


[ 307 ]

يا أبة ويقول الحسن لابيه يا أبا الحسين والحسين يقول يا أبا الحسن، فلما توفي رسول الله (ص) دعواه يا أبانا، وفي رواية عن أمير المؤمنين ما سماني الحسن والحسين يا أبه حتى توفي رسول الله (ص) وقيل أبو الحسن مشتق من اسم الحسن النطنزي في الخصائص قال داود بن سليمان: رأيت شيخا على بغلة قد احتوشته الناس فقلت من هذا ؟ قالوا هذا شاهانشاه العرب هذا علي بن أبي طالب. باب مختصر من مغازيه صلوات الله عليه جهاده نوعان في حال حياة النبي وبعد وفاته. ففي حال حياته ما كانت حرب إلا وكان له اثر فيها. قال أبو تمام الطائي. أخوه إذا عد الفخار وصهره * فلا مثله أخ ولا مثله صهر وشد به أزر النبي محمد * كما شد من موسى بهارونه الازر وما زال لباسا دياجير غمرة * يمزقها عن وجهه الفتح والنصر هو السيف سيف الله في كل موطن * وسيف الرسول لاد كان ولا دثر فأي يد للظلم لم يبر زندها * ووجه ضلال ليس فيه له أثر ثوى ولاهل الدين أمن بجده * وللواصمين الدين في جده أثر يسد به الثغر المخوف من الردى * ويعتاض من أرض العدو به الثغر باحد وبدر حين هاج برجله * ففرسانه احد وهاج بهم بدر ويوم حنين والنضير وخيبر * وبالخندق الثاوي بعقوته عمرو سما للمنايا الحمر حتى تكشفت * وأسيافه حمر وأرماحه حمر مشاهد كان الله شاهد كربها * وفارجة والامر ملتبس امر قال العلوي: سائلا عنا قريشا وليالينا الاول * نحن أصحاب حنين والمنايا تنتصل وببدر حين ولو قللا بعد قلل * ولنا يوم بصفين ويوم بجمل وقال السوسي: ذاك الامام ما شابه بخل * ولا ثنى قلبه عن قرنه فشل


[ 308 ]

من وجهه قمر في لحظة قدر * في سخطه أجل من عفوه أمل إذا مشى الخيزلى والسيف في يده * حسبت بدر الدجى في كفه رجل ما زال في الارض أبطال فمذ نشأ * الوصي يبطلهم يوم الوغى بطلوا بني ببدر فقال المبصرون له * جلالة ملك ذا الشخص أو رجل سل شلة البيض من سل النفوس لها * ومن تخطت به الخطية الاسل تراه يقطع آجال الكماة إذا * ما واصل السيف ضرب منه متصل حسامه يتثنى عند هزته * لانه من طلا أعدائه ثمل للسيف في يده ضحك وليس فم * وللرؤس بكا منه ولا مقل والموت لو مات لم ينسب إليه ولم * يجد له غير سيف المرتضى بدل سايل به في الوغى والموت يقذفه * والرعب مقتبل والضرب مختبل والبيض إن واصلت بيض الرؤس غدت * لها الرؤس عن الاجساد تنتقل والمشرفية عند الضرب مشرفة * والسمهرية عند الطعن تشتعل والخيل راكعة في النقع ساجدة * لها من الدم ثوب مسبل خضل والنقع ليل وهاتيك الاسنة قد * يلمعن فيه نجوم ثم أو شعل هناك تلقى به سيفا بمضربه * جهل على معشر للحق قد جهلوا والليث يختل إذ لاقى فريسته * وذا يبارز جرزا ليس يختبل والليث يفرس وحش البيد من قوم * ومن فريسة هذا الفارس البطل فان أشار بيسراه إلى جبل * صلدا تدكدك منه ذلك الجبل وقال الناشي: وقد اطلق بعد الاسر * عمرو الليث من معدي وقد جدل في خيبر آلافا بلا عد * ولا ولى كمن ولى ولا مال عن القصد وقال العوني: إمامي الذي أردى الفوارس منهم * وقالع اسد من سروجهم قهرا وشيبة أرداه ومرحب بعده * وأردى بحد المشرفي الفتى عمروا وقال ابن حماد: وشد أزر النبي الطهر قبل به * وحبذا بأبي السبطين من وزر فاسأل به يوم بدر والقليب وما * سواه كان إلى الهيجا بمبتدر


[ 309 ]

واسأل بخيبر إذ ولى برايته * أفنى اليهود بضرب السلة البتر وقيل رايات قوم وحده وهم * من خيفة القتل قد ولوا على الدبر ويوم سلع فسل عمرا غداة ثوى * منه بخد على الرمضاء منعفر واقاد عمرو بن معدي في عمامته * مطوقا منه طوق الذل والصغر ويوم بدر سلوا الرايات خافقة * ماذا لقوا من هربت الشدق ذي مرر ويوم صفين إذ ملت صفوفهم * واجعل القوم خوف الموت كالحمر والنهروان فسل عنه الشراة لقد * أضحوا ضحاياه فوق الترب كالجزر وقال العوني: وسل ببدر واحد والنضير فان * أنصفت فرقة بين الليث والضبع ويوم خيبر قد اخبرت إذ نكست * بالذل رايته والجبن والضرع وله ايضا: من ببدر سواه بادر لا يسأم * قط الطلى وقطف الرؤس من جنى في الحنين أصلاب من لا * قاه كالليث ممعنا في الفريس من بسلع سمى لعمرو وعمر * يتحامى حماة اسد الخليس فعلاه بضربة قد منها * قده مسرعا مع القربوس ومن قصايد الصاحب: هو البدر في الهيجاء بدر وغيره * * فرائصه من ذكره السيف ترعد وكم خبر في خيبر قد رويتم * ولكنكم مثل النعام تشردوا وفي احد قد ولى الرجال وسيفه * يسود وجه الكفر وهو مسود ويوم حنين حن للغل بعضكم * وصارمه عضب الغرار مهند ومن اخرى: من كمولانا علي * والوغى يحمى لظاها اذكروا أفعال بدر * لست أعني ما سواها اذكروا ظلمة احد * انه شمس ضحاها ومن اخرى: وفي يوم بدر غنية وكفاية * وقد ذللت من مضربيك المصاعب وفي احد لم أتيت وبعضهم * وإن سئلوا صرحت اسوان هارب


[ 310 ]

وفي يوم عمرو اي لعمري مناقب * مبنية ما مثلهن مناقب وفي مرحب لو يعلمون قناعة * وفي كل يوم للوصي مراحب وفي خيبر اخباره الغر بينت * حقيقتها والليث بالسيف لاعب وقال الشاعر: إذا الحرب قامت على ساقها * وشبت وخلى الصديق الصديقا وضاع الزمام وطاب الحمام * ولم يبلع الليث في الحلق ريقا رأيت عليا امام الهدى * يميت فريقا ويحيي فريقا وتلك له عادة لم تزل * به منذ كان وليدا حليقا فأول حرب جرت للرسول * فأضرم في جانبيها حريقا يقهقه في كفه ذو الفقار * وتسمع للهام منه شهيقا تضعضع أركانه ضربة * كأن براحته منجنيقا وكم من قتيل وكم من أسير * فدوه فاطلق يدعى الطليقا وأنشد آخر: قد عمرا ومرحبا وسبيعا * ذو الخمار الغضنفر البهلولا وأتى بالهمام عمرو بن معدي * في يديه من بعد عز ذليلا وأنشد: ليث الحروب إذا الكروب تحللت * يسقي بكأس الموت من لاقاه كم من عزيز قد اذل بسيفه * وأزال عنه عزه وعلاه سل عنه يوم بني النضير وخيبر * وباحد كم من فارس أرداه وبسلع عمرو العامري أباده * لما أتى جهلا يروم لقاه وأتى بعمرو في العمامة خاضعا * كالعبد يخشع في يدي مولاه وأباد شيبة والوليد وعتبة * ولذي الخمار بذي الفقار علاه فصل: فيما نقل عنه في يوم بدر في الصحيحين: انه نزل قوله تعالى: ” هذان خصمان ” اختصموا في ستة نفر من المؤمنين والكفار تبارزوا يوم بدر وهم حمزة وعبيدة وعلي والوليد وعتبة وشيبة. وقال البخاري وكان أبو ذر يقسم بالله انها نزلت فيهم. وبه قال عطاء وابن خيثم


[ 311 ]

وقيس بن عبادة وسفيان الثوري والاعمش وسعيد بن جبير وابن عباس، ثم قال ابن عباس: والذين كفروا يعني عتبة وشيبة والوليد قطعت لهم ثياب من نار الآيات وانزل في أمير المؤمنين عليه السلام وحمزة وعبيدة: ” إن الله يدخل الذين آمنو وعملوا الصالحات جنات – إلى قوله – صراط الحميد “. أسباب النزول: روى قيس بن سعد بن عبادة عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزينا يوم بدر إلى قوله عذاب الحريق. وروى جماعة عن ابن عباس نزل قوله: ” أم حسب الذين اجترحوا السيئات ” يوم بدر في هؤلاء الستة: شعبة وقتادة وابن عباس في قوله تعالى ” وانه هو أضحك وأبكى ” أضحك أمير المؤمنين وحمزة وعبيدة يوم بدر المسلمين، وأبكى كفار مكة حتى قتلوا ودخلوا النار. الباقر عليه السلام في قوله تعالى: ” وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ” نزلت في حمزة وعلي وعبيدة تفسير أبي يوسف النسوي وقبيصة بن عقبة عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات – الآية – ” نزلت في علي وحمزة وعبيدة ” كالمفسدين في الارض ” عتبة وشيبة والوليد. الكلبي: نزلت في بدر ” يا أيها النبي حسبك الله ومن تبعك من المؤمنين ” أورده النطنزي في الخصائص عن الحداد عن أبي نعيم والصادق والباقر عليهما السلام نزلت في علي ” ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ” المؤرخ وصاحب الاغاني ومحمد بن اسحاق، كان صاحب راية رسول الله (ص) يوم بدر علي بن أبي طالب (ع). لما التقى الجمعان تقدم عتبة وشيبة والوليد قالوا يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قريش، فتطاولت الانصار لمبارزتهم فدفعهم النبي وأمر عليا وحمزة وعبيدة بالمبارزة فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيف حتى انثلما وحمل علي على الوليد فضربه على حبل عاتقه وخرج السيف من ابطه. وفي ابانة الفلكي. أن الوليد كان إذا رفع ذراعه ستر وجهه من عظمها وغلظها. ثم اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون يا علي أما ترى هذا الكلب يهر عمك فحمل علي عليه ثم قال يا عم طأطئ رأسك وكان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي فطرح نصفه ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه. وكان حسان يقول في قتل عمرو بن عبد ود:


[ 312 ]

ولقد رأيت غداة بدر عصبة * ضربوك ضربا غير ضرب المحصر أصحبت لا تدري ليوم كريهة * يا عمرو أو لجسيم أمر منكر فأجابه بعض بني عامر: كذبتم وبيت الله لا تقتلوننا * ولكن بسيف الهاشمين فافخروا بسيف ابن عبد الله أحمد في الوغى * بكف علي نلتم ذاك فاقصروا ولم تقتلوا عمرو بن ود ولا ابنه * ولكنه كفو الهزبر الغضنفر علي الذي في الفخر طال ثناؤه * فلا تكثروا الدعوى عليه فتفجروا ببدر خرجتم للبراز فردكم * شيوخ قريش حسرة وتأخروا فلما اتاهم حمزة وعبيدة * وجاء علي بالمهند يخطر فقالوا نعم اكفاء صدق فأقبلوا * إليهم سراعا إذ بغوا وتجبروا فجال علي جولة هاشمية * فدمرهم لما عتوا وتكبروا وفي مجمع البيان أنه قتل سبعة وعشرين مبارزا. وفي الارشاد قتل خمسة وثلاثين وقال زيد بن وهب: قال أمير المؤمنين عليه السلام (وذكر حديث بدر) وقتلنا من المشركين سبعين وأسرنا سبعين. محمد بن اسحاق اكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي عليه السلام. الزمخشري في الفائق قال سعد بن ابي وقاص: رأيت عليا يحمحم فرسه وهو يقول: بازل عامين حديث سني * منحنح الليل كأني جني لمثل هذا ولدتني امي. المرزباني في كتاب أشعار الملوك والخلفاء: إن عليا أشجع العرب حمل يوم بدر وزعزع الكتيبة وهو يقول: لن يأكلوا التمر بظهر مكة * من بعدها حتى تكون الركة وقال عبد الله بن رواحة: ليهن علي يوم بدر حضوره * ومشهده بالخير ضربا مرعبلا كأين له من مشهد غير حامل * يظل له رأس الكمي مجدلا وغادر كبش القوم في القاع ثاويا * تخال عليه الزعقران المعللا صريعا يبوء القشعمان برأسه * وتدنوا إليه الضبع طولا لتأكلا (المناقب ج 3، م 29)


[ 313 ]

وقالت هند في عتبة وشيبة: أيا عين جودي بدمع سرب * على خير خندف لم ينقلب تداعى له رهطه غدوة * بنو هاشم وبنو المطلب يذيقونه حد أسيافهم * يعزونه بعد ما قد شجب ووجدت في كتاب المقنع قول هند: أبي وعمي وشقيق بكري * أخي الذي كان كضوء البدر بهم كسرت يا علي ظهري وكان اسيد بن أياس يحرض المشركين مشركي قريش على علي ويقول: في كل مجمع غاية أجزاكم * جزع أبر على المذاكي القرح لله دركم الما تنكروا * قد ينكر الحر الكريم ويستحي هذا ابن فاطمة الذي أفناكم * ذبحا وقتلة قصعة لم تذبح اعطوه خرجا واتقوا بضريبة * فعل الذليل وبيعة لم تربح أين الكهول وأين كل دعامة * في المعضلات واين زين الابطح أفناهم قصعا وضربا يفتري * بالسيف يعمل حده لم يصفح قال الحميري: من كان اول من اباد بسيفه * كفار بدر واستباح دماء من ذاك نوه جبرئيل باسمه * في يوم بدر يسمعون نداء لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا علي رفعة وعلاء وانشد بعضهم: وفي يوم بدر حين بارز شيبة * بعضب حسام والاسنة تلمع فبادره بالسيف حتى اذاقه * حمام المنايا والمنيات تركع وصيره نهبا لذيب وقشعم * عليه من الغربان سود وابقع وانشد ايضا: وله ببدر وقعة مشهورة * كانت على اهل الشقاء دمارا فأذاق شيبة والوليد منية * إذ صبحاه جحفلا جرارا واذاق عتبة مثلها اهوى لها * عضبا صقيلا مرهفا بتارا


[ 314 ]

وقال الصاحب: عجبت ملائكة السماء لحربه * في يوم بدر والجهاد جهاد فحكاه عنه جبرئيل لاحمد * اسناد مجد ليس فيه سياد صرع الوليد لموقف شاب الوليد * لهوله وتهارب الاعضاد واذاق عتبة بالحسام عقوبة * حسمت بها الادواء وهي تلاد احلاف حرب ارضعوا خلافها * فكأنهم لحروبهم أولاد ماكان في قتلاه إلا باسل * فكأنما صمصامه نقاد المحبرة: وله ببدر إن ذكرت بلاءه * يوما يشيب ذوايب الولدان كم من كمي حل عقدة بأسه * فيه وكان ممنع الاركان فرأى به هصرا يهاب خبابه * كالضيغم المتبسل الغضبان يسقى مماصعه بكأس منية * شيبت بطعم الصاب والخطبان إذ من ذوي الرايات جدل عصبة * كانوا كاسد الغاب من خفان فصل: فيما ظهر منه عليه السلام في يوم احد ابن عباس في قوله تعالى: ” ثم انزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد اهمتهم انفسهم ” نزلت في علي عليه السلام غشيه النعاس يوم احد والخوف مسهر والامن منيم كتاب الشيرازي روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله تعالى: ” واستفزز من استطعت منهم بصوتك ” قال صاح ابليس يوم احد في عسكر رسول الله (ص) إن محمدا قد قتل واجلب عليهم بخيلك ورجلك قال والله لقد اجلب ابليس على امير المؤمنين كل خيل كانت في غير طاعة الله. والله ان كل راجل قاتل امير المؤمنين كان من رجالة ابليس تأريخ الطبري واغاني الاصفهاني انه: كان صاحب لواء قريش كبش الكتيبة طلحة بن ابي طلحة العبدري نادى: معاشر اصحاب محمد انكم تزعمون ان الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل منكم من احد يبارزني ؟ قال قتادة:


[ 315 ]

فخرج إليه علي وهو يقول: أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب * وهاشم المطعم في العام السغب أفي بميعادي وأحمي عن حسب قال: فضربه علي فقطع رجله فبدت سوأته وهو قول ابن عباس والكلبي. وفي روايات كثيرة انه ضربه في مقدم رأسه فبدت عيناه قال انشدك الله والرحم يا ابن عم فانصرف عنه ومات في الحال، ثم بارزهم حتى قتل منهم ثمانية ثم اخذ باللواء صواب عبد حبشي لهم فضرب على يده فأخذه باليسرى فضرب عليها فأخذ اللواء وجمع المقطوعتين على صدره فضرب على ام رأسه فسقط اللواء. قال حسان بن ثابت: فخرتم باللواء وشر فخر * لواء حين رد إلى صواب فسقط اللواء فأخذته عمرة بنت الحارث بن علقمة بن عبدالدار فصرعت وانهزموا وقال حسان بن ثابت: ولولا لواء الحارثية اصبحوا * يباعون في الاسواق بالثمن الوكس فانكب المسلمون على الغنائم ورجع المشركون فهزموهم. زيد بن وهب: قلت لابن مسعود انهزم الناس إلا علي وابو دجانة وسهل بن حنيف. قال: انهزموا إلا علي وحده وثاب إليهم اربعة عشر عاصم بن ثابت وابو دجانة ومصعب بن عمير و عبد الله بن جحش وشماس بن عثمان بن شريد والمقداد وطلحة وسعد والباقون من الانصار وانشد: وقد تركوا المختار في الحرب مفردا * وفر جميع الصحب عنه وأجمعوا وكان علي غايصا في جموعهم * لهاماتهم بالسيف يفرى ويقطع عكرمة قال: لحقني من الجزع ما لم املك نفسي وكنت امامه اضرب بسيفي فرجعت اطلبه فلم اره (يعني عليا) فقلت ماكان رسول الله ليفر وما رأيته في القتلى واظنه رفع من بيننا فكسرت جفن سيفي وقلت في نفسي لاقاتلن به حتى اقتل وحملت على القوم فأفرجوا فإذا انا برسول الله (ص) قد وقع على الارض مغشيا عليه فوقفت على رأسه فنظر إلي وقال ما صنع الناس يا علي ؟ قلت كفروا يا رسول الله وولوا الدبر من العدو واسلموك. تأريخ الطبري واغاني الاصفهاني ومغازي ابن اسحاق واخبار ابي رافع انه: ابصر رسول الله إلى كتيبة فقال احمل عليهم فحمل عليهم وفرق جمعهم وقتل عمرو بن


[ 316 ]

عبد الله الجمحي ثم ابصر كتيبة اخرى فقال رد عني فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك العامري. وفي رواية ابي رافع ثم رأى كتيبة اخرى فقال احمل عليهم فحمل عليهم فهزمهم وقتل هاشم بن امية المخزومي فقال جبرئيل يا رسول الله ان هذه لهي المواساة، فقال رسول الله (ص) انه مني وانا منه. فقال جبرئيل وانا منكما فسمعوا صوتا (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) وزاد ان اسحاق في روايته فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفاء واخي الوفاء. وكان المسلمون لما اصابهم من البلاء أثلاثا ثلث جريح وثلث قتيل وثلث منهزم تفسير القشيري وتأريخ الطبري انه، انتهى انس بن النضر إلى عمر وطلحة في رجال وقال ما يجلسكم ؟ قالوا قتل محمد رسول الله، قال فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله (ص) ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل. وروي ان ابا سفين رأى النبي مطروحا على الارض فتفأل بذلك ظفرا وحث الناس على النبي فاستقبلهم علي وهزمهم ثم حمل النبي إلى احد ونادى. معاشر المسلمين ارجعوا ارجعوا إلى رسول الله فكانوا يثوبون ويثنون على علي ويدعون له وكان قد انكسر سيف علي (ع) فقال النبي (ص) خذ هذا السيف فأخذ ذا الفقار وهزم القوم وروي عن ابي رافع بطرق كثيرة انه: لما انصرف المشركون يوم احد بلغوا الروحاء قالوا: لا للكواعب اردفتم ولا محمدا قتلتم ارجعوا. فبلغ ذلك رسول الله فبعث في آثارهم عليا في نفر من الخزرج فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي فأنزل الله تعالى: ” الذين استجابوا الله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ” وفي خبر ابي رافع: ان النبي تفل على جراحه ودعا له وبعثه خلف المشركين فنزلت فيه الآية. الحجاج بن غلاظ السهمي: لله أي مذنب عن حربه * أعني ابن فاطمة المعم المخولا جادت يداك له بعاجل طعنة * تركت طليحة للجبين مجندلا وشددت شدة باسل فكشفتهم * بالسيف إذ يهوون احول احولا وعللت سيفك بالدماء ولم يكن * لترده حران حتى ينهلا قال أبو العلاء السروي: وهل عرفنا وهل قالوا سواه فتى * بذي الفقار إلى اقرانه زلفا يدعوا النزال وعجل القوم محتبس * والسامري بكف الرعب قد ترقا ؟


[ 317 ]

مفرج عن رسول الله كربته * يوم الطعان إذا قلب الجبان هفا وقال العلوي الجماني: وواقع يوم احد بهم جلاد * يزايل بين اعضاد الشؤون فلم يترك لعبد الدار قدما * يقيم لواء طاغية اللعين فأفضوا باللواء إلى صواب * فعانقه معانقة الوضين فخذمه أبو حسن فأهوى * صريعا لليدين وللجبين ونودوا لا فتى إلا علي * وليس لذي الفقار حثا جفون وقال السوسي: وفي احد سل عنه تخبر إذ أتى * إليه أبو سفيان في الشوك والشجر فوافاه جبريل عن الله قائلا * ابا قاسم الق الحديد على الحجر فنادى الهزبر الليث حيدر في الوغى * وقال لهذا اليوم مثلك انتظر وشبهته إذ ذو الفقار بكفه * كبدر الدجى في كفه كوكب السحر وقال ابن العلوية: وله باحد بعد ما في وجهه * شبح النبي وكلم الشفتان وانقض منه المسلمون واظهروا * متطايرين تطاير الخيفان ونداؤهم قتل النبي وربنا * قتل النبي فكان غير معان ويقول قائلهم ألا يا ليتنا * نلنا امانا من ابي سفيان وابو دجانة والوصي وصيه * بالروح احمد منهما يقيان فروا ومافرا هناك وادبروا * وهما بحبل الله معتصمان حتى إذا ولى سماك مثخنا * فغشى عليه ايما غشيان واخو النبي مطاعن ومضارب * عنه ومنه وقد وهى العضدان يدعو أنا القضم القضاضة الذي * يقمي العدو إذا دنا الرحوان وقال الحميري: وله بلاء يوم احد صالح * والمشرقية تأخذ الادبارا إذ جاء جبريل فنادى معلنا * في المسلمين واسمع الابرارا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا علي إن عددت فخارا


[ 318 ]

نصر ابن المنتصر الانصاري: ومن ينادي جبرئيل معلنا * والحرب قد قامت على ساق الورى لا سيف إلا ذو الفقار فاعلموا * ولا فتى إلا علي في الوغى ولغيره: وسل باحد يوم اردى طلحة * بصارم مثل الشهاب المشتعل وخلف العبد صوابا جاثما * يبكيه ذو الود بدمع مقتبل فصل: في مقامه عليه السلام في غزوة خيبر أبو كريب ومحمد بن يحيى الازدي في اماليهما ومحمد بن اسحاق والعمادي في مغازيهما والنطنزي والبلاذري في تأريخيهما والثعلبي والواحدي في تفسيريهما واحمد بن حنبل وابو يعلى الموصلي في مسنديهما واحمد والسمعاني وابو السعادات في فضائلهم وابو نعيم في حليته والاشنهي في اعتقاده وابو بكر البيهقي في دلايل النبوة والترمذي في جامعه وابن ماجة في سننه وابن بطة في ابانته من سبع عشرة طريقا عن عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وسلمة بن الاكوع وبريدة الاسلمي وعمران بن الحصين و عبد الرحمن بن ابي ليلى عن ابيه وابو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الانصاري وسعد بن ابي وقاص وابي هريرة انه: لما خرج مرحب برجله بعث النبي ابا بكر برايته مع المهاجرين في راية بيضاء فعاد يؤنب قومه ويؤنبونه ثم بعث عمر من بعده فرجع يجبن اصحابه ويجبنونه حتى ساء النبي (ص) ذلك فقال: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار يأخذها عنوة: وفي رواية يأخذها بحقها وفي رواية لا يرجع حتى يفتح الله على يديه: فمن أحق بهذا الامر من رجل * يحبه الله بل من ثم يشرفه احب ذا الخلق عند الله اكرمه * واكرم الخلق اتقاه وارأفه البخاري ومسلم انه قال: لما قال النبي (ص) حديث الراية بات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها فلما اصبح الصبح غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال اين علي بن ابي طالب (ع) فقال هو يشتكي عينيه فقال فارسلوا إليه فاتي به فتفل النبي في عينيه ودعا له فبرأ فأعطاه الراية وفي رواية ابن جرير ومحمد بن اسحاق:


[ 319 ]

فغدت قريش يقول بعضهم لبعض اما علي فقد كفيتموه فانه ارمد لا يبصر موضع قدمه فلما اصبح قال ادعوا لي عليا فقالوا به رمد فقال ارسلوا إليه وادعوه، فجاء على بغلته وعينه معصوبة بخرقة برد قطري فأخذ سلمة بن الاكوع بيده واتي به إلى النبي القصة. وفي رواية الخدري. انه بعث إليه سلمان وابا ذر فجاءا به يقاد فوضع النبي رأسه على فخذه وتفل في عينيه فقام وكأنهما جزعان، فقال له خذ الراية وامض بها فجبرئيل معك والنصر امامك والرعب مثبوت في صدور القوم واعلم يا علي انهم يجدون في كتابهم ان الذي يدمر عليهم اسمه اليا، فإذا لقيتهم فقل انا علي فانهم يخذلون ان شاء الله تعالى. فضايل السمعاني انه قال سلمة: فخرج امير المؤمنين بها يهرول هرولة حتى ركز رايته في رضخ من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي فقال من انت ؟ فقال انا علي بن ابي طالب فقال اليهودي غلبتم وما انزل على موسى. كتاب ابن بطة عن سعد وجابر وسلمة: فخرج يهرول هرولة وسعد يقول يا ابا الحسن اربع يلحق بك الناس فخرج إليه مرحب في عامة اليهود وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على ام رأسه وهو يرتجز ويقول: قد علمت خيبر اني مرحب * شاك سلاحي بطل مجرب اطعن احيانا وحينا اضرب * إذا الليوث اقبلت تلتهب فقال علي عليه السلام: انا الذي سمتني امي حيدرة * ضرغام آجام وليث قسورة على الاعادي مثل ريح صرصرة * اكيلكم بالسيف كيل السندرة اضرب بالسيف رقاب الكفرة قال مكحول فأحجم عنه مرحب لقول ظئر له: غالب كل غالب الحيدر بن ابي طالب. فأتاه ابليس في صورة شيخ فحلف انه ليس بذلك الحيدر والحيدر في العالم كثير فرجع. وقال الطبري وابن بطة: روى بريدة انه ضربه على مقدمه فقد الحجر والمغفر ونزل في رأسه حتى وقع في الاضراس واخذ المدينة. والطبري في التأريخ والمناقب واحمد في الفضايل ومسند الانصار: انه سمع اهل العسكر صوت ضربته. وفي مسلم لما فلق علي رأس مرحب كان الفتح. ابن ماجة في السنن ان عليا عليه السلام لما قتل مرحب اتى برأسه الى رسول الله (ص) السمعاني في حديث ابن عمر:، ان رجلا جاء إلى النبي (ص) فقال يارسول الله


[ 320 ]

اليهود قتلوا اخي فقال لاعطين الراية الخبر. قال ابن عمر فما تتام آخرنا حتى فتح لاولنا فأخذ علي قاتل الانصاري فدفعه إلى اخيه فقتله. الواقدي: فوالله ما بلغ عسكر النبي اخيراه حتى دخل علي حصون اليهود كلها وهي: قموص وناعم وسلالم ووطيخ وحصن المصعب بن معاد وغنم وكانت الغنيمة نصفها لعلي ونصفها لسائر الصحابة. شعبة وقتادة والحسن وابن عباس: انه نزل جبرئيل على النبي فقال له ان الله تبارك وتعالى يأمرك يا محمد ويقول لك اني بعثت جبرئيل إلى علي لينصره وعزتي وجلالي ما رمى علي حجر إلى اهل خيبر إلا رمى جبرئيل حجرا فادفع يا محمد إلى علي سهمين من غنائم خيبر سهما ل وسهم جبرئيل معه. فأنشأ خزيمة بن ثابت هذه الابيات: وكان علي ارمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا يحب الآله والآله يحبه * به يفتح الله الحصون الاوابيا فأصفى بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا قال المرتضى: لله در فوارس في خيبر * حملوا على الاسلام يوما منكرا عصفوا بسلطان اليهود واولجوا * تلك الجوانح لوعة وتحسرا واستلحموا ابطالهم واستخرجوا * الازلام من ايديهم والميسرا وبمرحب الوى فتى ذو حمرة * لا تصطلي وبسالة لا تعترى إن خر خر مطبقا أو قال قال * مصدقا أو رام رام مظفرا فثناه مصفرا لبنان كانما * لطخ الحمام عليه صعفا مصفرا تهفوا العقاب بشلوه ولقد هفت * زمنا به شم الذوائب والذرى وقال الاسود: أم من يقول له سأعطي رايتي * من لم يفر ولم يكن بجبان رجلا يحب الله وهو يحبه * فيما ينال السبق يوم رهان وعلى يديه يفتح الله بعدنا * وافى النبي بردها الرجلان فدعا عليا وهو أرمد لا يرى * أن تستمر بمشيه الرجلان (المناقب ج 2، م 40)


[ 321 ]

فهوى إلى عينيه يتفل فيهما * وعليهما قد اطبق الجفنان فمضى بها مستبشرا وكأنما * من ريقه عيناه مرءاتان فأتاه بالفتح النجيح ولم يكن * يأتي بمثل فتوحه العمران وقال ابن حماد: ويوم خيبر إذ عادوا برايته * كما علمت لخوف الموت هرابا فقال اني سأعطيها غدا رجلا * ما كان في الحرب فرارا وهيابا يحبه الله فانظر هل دعا احدا * غير الوصي فقل إن كنت مرتابا وله ايضا: ويوم خيبر قد اخبرت من نكست * بالذل رايته والجبن والضرع هناك قال رسول الله سوف غدا * يمضي بها رجل لم يؤت من جزع فحين أوردها مولاي أصدرها * بالعز والنصر والاجلال والمنع من بعد ما قلعت كفاه بابهم * ولم يكن قط لولاه بمقتلع وخلف العنكبوت الفحل مطرحا * قرا ومرحب للعقبان والخمع ومنها: سيف علي بن ابي طالب * دانت وما دانت له عنوة ذاك الذي دانت له خيبر * حتى قد هدى عرسها الاكبر وله ايضا: وصاحب يوم الفتح والراية التي * برجعتها أخزى الآله دلامها وقال سأعطيها غدا رجلا بها * ملبا يوفي حقها وزمامها وقال له خذ رايتي وامض راشدا * فما كنت اخشى من لديك انهزامها فمر أمير المؤمنين مشمرا * برايته والنصر يسري امامها فزج بباب الحصن عن اهل خيبر * وسقى الاعادي حتفها وحمامها وجدل فيها مرحبا وهو كبشها * واوسع آناف اليهود ارتغامها ومنها: وفي خيبر في يوم لاقاه مرحب * وقد فر منه معشر فتصدعوا فقال رسول الله أحبو برايتي * فتى غير فرار ولا يتزعزع تقيا يحب الله والله ربه * أشد له حبا وبالشكر يوزع


[ 322 ]

وكان علي أرمدا فدعا له * فأذهب عنه الحر والبرد اجمع فناداه بالسيف الحسام ولم يزل * يقاتل اهل الشرك قدما ويقلع وآب بنصر الله والفتح غانما * وقد حاز ما قد كان في الحصن يجمع ومنها: من ذا الذي قال الرسول بخيبر * والحرب مضرمة تريد صلاءا اين الذي احببته ويحبه * الرحمن امتحن الغداة لواءا حتى يكون ولم يفر ولم يزل * يفري الرقاب بسيفه افراءا وتحصنوا منه بباب حديدهم * فدحا به قلعا فكان هباءا واجتث دابرهم وفل جموعهم * وسبى من النسوان والابناءا ومنها: ويوم الحصن إذ فجأت رجال * فوارس خيبر مستسلمينا فولى المسلمون وتبعتهم * خيول المشركين وقد ضرينا فقال لهم رسول الله اني * سأحبو باللواء فتى أمينا يحب الله وهو له محب * وليس يدين دين الهاربينا يكر فلا يهلل حين يلقى * إذا رعبت قلوب الخائفينا فناولها ابا حسن عليا * يفل بها جموع الخيبرينا وايده الآله بجند صدق * من الملا الكرام الكاتبينا فغادر مرحبا وبني بنيه * عراة بالدماء مرملينا ومنها: محمد النبي وقال اني * سأدفعها إلى يقظان سهم سأعطيها غدا رجلا أمينا * برئ الصدر من كذب واثم يحب الله ليس بذي ارتياب * جميع القلب يأخذها ويرمي بها جيش الكتيبة لا يولى * ولا يلقى بهم من غير قدم فلما كان من غده دعاني * وفي العينين من رمد وغم فداوى أحمد بالتفل عني * وأكرمني برايته ابن عمي وشيعني وأوصاني بتقوى * إلهي في الذي ايدي واكمي فلم ازجر بحمد الله حتى * صممت يهود خيبر أي صم


[ 323 ]

دخلت قموصها وقتلت ممن * بها من ساكنيها كل قرم ومنها: من ذا الذي فجع اليهود بمرحب * إذ هابه عمر وفر فرارا واتى يجبن صحبه وجميعهم * قد صادفوه هوايلا غوارا قال النبي لاحبون برايتي * من عاش لا نكسا ولا خوارا رجل أحب إلهه وأحبه * لا ينثني حتى يبيح ديارا فدعا ابا حسن فجاء وعينه * رمداء اشهره به اشهارا فشفاه مما قد دهاه بتفلة * وأجاره منها فعاش مجارا فسما بخيبر واستباح حريمهم * واجتثهم من اصلهم وابارا ومنها: سأعطي امرءا إن شاء ذو العرش رايتي * قويا أمينا مستقلا بها غدا يحب إلهي والآله يحبه * لدى الحرب ميمون النقيبة اصيدا ففاز بها منه علي ولم يزل * علي معانا في الامور مؤيدا على عادة منه جرت في عدوه * وكل امرئ جار على ما تعودا وقال شاعر آخر: وأعطاه دون الناس راية خيبر * ولم ينصرف إلا بفتح ونصرة وقال آخر: خذ الراية الصفراء أنت أميرها * وأنت لكشف الكرب في الحرب تدخر وأنت غدا في الحشر لا شك حامل * لوائي وكل الخلق نحوك تنظر فصادفه شر البرية مرحب * على فرس عال من الخيل أشقر فجدله في ضربة مع جواده * وأهوى ذبال السيف في الارض يحفر ومر أمين الله في الجو قائلا * وقد أظهر التسبيح وهو مكبر ولا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * لمعركة إلا علي الغضنفر وقال آخر * فسل عنه في خيبر مرحبا * غداة الصهاكي منه ذعر فمر أبو حسن حيدر * كليث العرين إذا ما انحدر فرج ببابهم عنوة * فكم قد أباد وكم قد أسر


[ 324 ]

فصل: في قتاله عليه السلام في يوم الاحزاب ابن مسعود والصادق عليه السلام في قوله تعالى: ” وكفى الله المؤمنين القتال ” بعلي بن ابي طالب وقتله عمرو بن عبد ود. وقد رواه أبو نعيم الاصفهاني فيما نزل من القرآن في امير المؤمنين بالاسناد عن سفيان الثوري عن رجل عن مرة عن عبد الله وقال جماعة من المفسرين في قوله تعالى: ” اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود ” انها نزلت في علي يوم الاحزاب. ولما عرف النبي اجتماعهم حفر الخندق بمشورة سلمان وامر بنزول الذراري والنساء في الآكام. وكانت الاحزاب على الخمر والغناء والمسلمون كأن على رؤسهم الطير لمكان عمرو بن عبد ود العامري الملقب بعماد العرب وكان في مائة ناصية من الملوك والف (فرعة) مقرعة من الصعاليك وهو يعد بألف فارس. فقيل في ذلك عمرو بن ود كان اول فارس جزع من المداد وكان فارس يليل. سمي فارس يليل لانه اقبل في ركب من قريش حتى إذا كان بيليل وهو واد عرضت لهم بنو بكر فقال لاصحابه امضوا فمضوا وقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه. وكان الخندق المداد وقال ولما انتدب عمرو للبراز جعل يقول: هل من مبارز ؟ والمسلمون يتجاوزون عنه فركز رمحه على خيمة النبي (ص) وقال ابرز يا محمد فقال صلى الله عليه وآله من يقوم إلى مبارزته فله الامامة بعدي ؟ فنكل الناس عنه. قال حذيفة: قال النبي ادن مني يا علي فنزع عمامته السحاب من رأسه وعممه بها تسعة اكوار واعطاه سيفه وقال امض لشأنك ثم قال: اللهم أعنه وروي انه لما قتل عمرو انشد: ضربته بالسيف فوق الهامة * بضربة صارمة هدامة أنا علي صاحب الصمصامة * وصاحب الحوض لدى القيامة أخو رسول الله ذي العلامة * قد قال إذ عممني عمامة أنت الذي بعدي له الامامة محمد بن إسحاق: انه لما ركز عمرو رمحه على خيمة النبي (ص) قال يا محمد ابرز ثم انشأ يقول: ولقد بححت من النداء * بجمعكم هل من مبارز


[ 325 ]

ووقفت إذ جبن الشجاع * بموقف البطل المناجز اني كذلك لم أزل * متسرعا نحو الهزاهز إن الشجاعة والسماحة * في الفتى خير الغرائز في كل ذلك يقوم علي ليبارزه فيأمره النبي (ص) بالجلوس لمكان بكاء فاطمة (ع) عليه من جراحاته في يوم احد وقولها ما أسرع أن يأتم الحسن والحسين باقتحامه الهلكات. فنزل جبرئيل عن الله تعالى أن يأمر عليا بمبارزته فقال النبي (ص) يا علي ادن مني وعممه بعمامته واعطاه سيفه وقال امض لشأنك ثم قال: اللهم أعنه. فلما توجه إليه قال النبي: خرج الايمان سائره إلى الكفر سائره. قال السروجي: ويوم عمرو العامري إذ أتى * في عسكر ملا الفضاء قد انتشر فكان من خوف اللعين قبل ذاك * محمد لخندق قد احتفر نادى بصوت قد علا من جهله * يدعو عليا للبراز فابتدر إليه شخص في الوغى عاداته * سفك دم الاقران بالعضب الذكر فعندها قال النبي معلنا * والدمع في خد كأمثال الدرر هذا هو الاسلام كل بارز * إلى جميع الشرك يا من قد حضر قال محمد بن اسحاق فلما لاقاه علي أنشأ يقول: لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز ذو نية وبصيرة * والصبر منجي كل فابز اني لارجو أن اقيم * عليك نائحة الجنائز من ضربة نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزاهز ويروى له عليه السلام في امالي النيسابوري: يا عمرو قد لاقيت فارس بهمة * عند اللقاء معا ودالاقدام يدعو إلى دين الآله ونصره * والى الهدى وشرايع الاسلام إلى قوله عليه السلام: شهدت قريش والبراجم كلها * أن ليس فيها من يقوم مقامي وروى ان عمروا قال ما اكرمك قرنا !. الطبري والثعلبي قال علي. يا عمرو انك كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني احد إلى ثلاثة إلا قبلتها أو واحدة منها. قال أجل قال فاني ادعوك إلى شهادة ان لاإله إلا الله وان محمدا رسول الله وان تسلم لرب


[ 326 ]

العالمين. قال اخر عني هذه. قال: اما انها خير لك لو اخذتها ثم قال ترجع من حيث جئت قال لا تحدث نساء قريش بهذا ابدا قال: تنزل تقاتلني. فضحك عمرو وقال ما كنت اظن احدا من العرب يرومني عليها واني لاكره ان اقتل الرجل الكريم مثلك وكان ابوك لي نديما. قال: لكني احب ان اقتلك. قال: فتناوشا فضربه عمرو في الدرقة فقدها واثبت فيه السيف واصاب رأسه فشجه وضربه على عاتقه فسقط. وفي رواية حذيفة ضربه على رجليه بالسيف من اسفل فوقع على قفاه. قال جابر فثار بينهما قترة فما رأيتهما وسمعت التكبير تحتها وانكشف اصحابه حتى طفرت خيولهم الخندق وتبادر المسلمون يكبرون فوجدوه على فرسه برجل واحدة يحارب عليا عليه السلام ورمى رجله نحو علي فخاف من هيبتها رجلان ووقعا في الخندق وقال الطبري: ووجدوا نوفلا في الخندق فجعلوا يرمونه بالحجارة فقال لهم قتلة اجمل من هذه ينزل بعضكم لقتالي فنزل إليه علي فطعنه في ترقوته بالسيف حتى اخرجه من مراقه. ثم جرح منية بن عثمان العبدري فانصرف ومات في مكة. وروي ولحق هبيرة فأعجزه فضرب على قربوس سرجه وسقط درعه، وفر عكرمة وضرار. فأنشأ أمير المؤمنين يقول: وكانوا على الاسلام إلبا ثلاثة * وقد فر من تحت الثلاثة واحد وفر أبو عمرو هبيرة لم يعد * الينا وذو الحرب المجرب عابد نهمتم سيوف الهند ان يقفوا لنا * غداة التقينا والرماح القواصد قال جابر: شبهت قصته بقصة داود عليه السلام قوله تعالى ” فهزموهم باذن الله ” الآية. قالوا فلما جز رأسه من قفاه بسؤال منه. قال علي عليه السلام: أعلي تقتحم الفوارس هكذا * عني وعنهم خبروا اصحابي عبد الحجارة من سفاهة رأيه * وعبدت رب محمد بصوابي اليوم تمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في الهام ليس بناب أرديت عمرا إذ طغى بمهند * صافي الحديد مجرب قصاب لا تحسبن الله خاذل دينه * ونبيه يا معشر الاحزاب عمرو بن عبيد: لما قدم علي برأس عمرو استقبله الصحابة فقبل أبو بكر رأسه. وقال المهاجرون والانصار: رهين شكرك ما بقوا. الواقدي والخطيب الخوارزمي عن عبد الرحمن السعدي باسناده عن بهرم بن حكيم عن ابيه عن جده عن النبي (ص)


[ 327 ]

قال: لمبارزة علي بن ابي طالب لعمرو بن عبد ود افضل من عمل امتي إلى يوم القيامة أبو بكر بن عياش: لقد ضرب علي ضربة ما كان في الاسلام أعز منها وضرب ضربة ما كان فيه أشأم منها. ويقال ان ضربة ابن ملجم وقعت على ضربة عمرو. ومن كلمات السيد: وفي يوم جاء المشركون بجمعهم * وعمرو بن عبد في الحديد مقنع فجدله شلوا صريعا لوجهه * رهينا بقاع حوله الضبع يجمع واهلكهم ربي وردوا بغيضهم * كما اهلكت عاد الطغاة وتبع ومنها: وعمرو قد سقى كأسا بسلع * أقب كأنه أسد مغير فنادى هل يرى حسب براز * وهل عند امرئ حر نكير ومنها: ويوم سلع إذ أتى عاديا * عمرو بن عبد مصلتا يخطر يخطر بالسيف مدلا كما * يخطر فحل الصرمة الدوسر إذ جلل السيف على رأسه * ابيض عضبا حده مبتر فخر كالجذع واوداجه * يثغب منها حلب احمر ينفث من فيه دما معجلا * كأنما ناظره العصفر ومنها: وعمرو بن عبد قدمته شئانه * بأبيض مصقول الغرارين فصال كأن على اثوابه من نجيعه * عصير البرايا أو نضيحة جريال غداة مشى الاكفاء من آل هشام * إلى عبد شمس في سرابيل اهوال كأنهم والسابغات عليهم * مصاعب اجمال مشت تحت احمال وقال ابن حماد: من دعاه المصطفى عند انقطاع الحيل * يوم سلع والوغى يرمي بمثل الشعل حين كان القوم من عمرو الكمي البطل * اين صنوي اين صهري اين من هو يد لي اين من يكشف عني كل خطب جلل * عندها ايقن عمرو باقتراب الاجل بحسام من كمي فالق للقلل * ثم القاه الجسم تريب الحلل وانثنى نحو اخيه غير ما محتفل * وغدا في الجو جبريل مليا يسأل


[ 328 ]

رافع الصوت ينادي * لا فتى إلا علي وله ايضا: وسل عنه في سلع وعن عظم فعله * بعمرو ونار الحرب تذكى اضطرامها وافئدة الابطال ترجف خيفة * وقد أحقب الرعب الشديد كلامها فقام إليه من أقام بسيفه * حلايله ثكلى تطيل التزامها وقال ابن حجاج: فديت فتى دعاه جبرئيل * وهم بين الخنادق في انحصار وعمروا قد سقاه الموت صرفا * ذباب السيف مشحوذ الغرار دعا أن لا فتى إلا علي * وأن لا سيف إلا ذو الفقار وقال المرزكي: وفي الاحزاب جاءتهم جيوش * تكاد الشامخات لها تميد فنادى المصطفى فيه عليا * وقد كادوا بيثرب أن يكيدوا فأنت لهذه ولكل يوم * تذل لك الجبابرة الاسود فسقى العامري كؤوس حتف * فهزمت الجحافل والجنود وقال غيره: ووقعة الاحزاب إذ طاولها * من خيفة الابطال عقل البطل والناس مما نالهم في حيرة * حول رسول الله عند الدلدل وقد بدا عمرو وعمرو بطل * تخافه نفس الكمي البطل فذاق من سيف علي ضربة * انسئه طعم الرحيق السلسل فصل: فيما ظهر منه عليه السلام في غزاة السلاسل السلاسل اسم ماء. أبو القاسم بن شبل الوكيل وابو الفتح الحفار باسندهما عن الصادق عليه السلام ومقاتل والزجاج ووكيع والثوري والسدي وابو صالح وابن عباس: انه انفذ النبي (ص) ابا بكر في سبعمائة رجل فلما صار إلى الوادي واراد الانحدار فخرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعا كثيرا، فلما قدموا على النبي بعث عمر فرجع منهزما، فقال عمرو بن العاص ابعثني يا رسول الله فان الحرب خدعة (المناقب ج 2 م 41)


[ 329 ]

ولعلي اخدعهم فبعثه فرجع منهزما. وفي رواية انه انفذ خالدا فعاد كذلك، فساء النبي ذلك فدعا عليا وقال: ارسلته كرارا غير فرار. فشيعه إلى مسجد الاحزاب فسار بالقوم متنكبا عن الطريق يسير بالليل ويكمن بالنهار. ثم اخذ علي محجة غامضة فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه ثم أمرهم أن يعكموا الخيل وأوقفهم في مكان وقال لا تبرحوا، وانتبذ امامهم وأقام ناحية منهم، فقال خالد، وفي رواية قال عمر: انزلنا هذا الغلام في واد كثير الحياة والهوام والسباع اما سبع ياكلنا أو ياكل دوابنا، واما حيات تعقرنا وتعقر دوابنا. واما يعلم بنا عدونا فيأتينا ويقتلنا فكلموه نعلو الوادي فكلمه أبو بكر فلم يجبه، فكلمه عمر فلم يجبه،، فقال عمرو بن العاص انه لا ينبغي ان نضيع انفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادي فابى ذلك المسلمون ومن روايات اهل البيت عليهم السلام: انه ابت الارض ان تحملهم. قالوا فلما احس عليه السلام الفجر قال اركبوا بارك الله فيكم وطلع الجبل حتى إذا انحدر على القوم واشرف عليهم قال لهم اتركوا عكمة دوابكم. قال: فشمت الخيل ريح الاناث فصهلت فسمع القوم صهيل خيلهم فولوا هاربين. وفي رواية مقاتل والزجاج: انه كبس القوم وهم غادون فقال يا هؤلاء انا رسول رسول الله اليكم أن تقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإلا ضربتكم بالسيف. فقالوا: انصرف عنا كما انصرف ثلاثة فانك لا تقاومنا. فقال عليه السلام: انني لا انصرف انا علي بن ابي طالب فاضطربوا وخرج إليه الاشداء السبعة وناصحوه وطلبوا الصلح، فقال عليه السلام: إما الاسلام وإما المقاومة. فبرز إليه واحد بعد واحد وكان أشدهم آخرهم وهو سعد ابن مالك العجلي وهو صاحب الحصن فقتلهم فانهزموا ودخل بعضهم في الحصن وبعضهم استأمنوا وبعضهم اسلموا واتوه بمفاتيح الخزائن. قالت ام سلمة. انتبه النبي من القيلولة فقلت الله جارك ما لك ؟ فقال: اخبرني جبرئيل بالفتح. ونزلت ” والعاديات ضبحا ” أبو منصور الكاتب. اقسم بالعاديات ضبحا * حقا وبالموريات قدحا وقال المدني: وقوله والعاديات ضبحا * يعني عليا ذا أغار صبحا على سليم فشناها كفحا * فاكثر القتل بها والجرحا وانتم في الفرش نايمونا


[ 330 ]

فبشر النبي اصحابه بذلك وامرهم باستقباله والنبي تقدمهم. فلما رأى علي النبي ترجل عن فرسه فقال النبي اركب فان الله ورسوله عنك راضيان فبكى علي فرحا، فقال النبي: يا علي لولا اني اشفق ان تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في المسيح، الخبر. وقال العوني: من ذا سواه إذا تشاجرت القنا * وابى الكماة الكر والاقداما وتصلصلت حلق الحديد واظهرت * فرسانها التصحاج والاحجاما ورأيت من تحت العجاج لنقعها * فوق المغافر والوجوه قتاما كشف الآله بسيفه وبرأيه * يظمى الجواد ويروى الصمصاما ووزيره جبريل يقحمه الوغى * طوعا وميكال الوغى اقحاما وقال الحميري: وفي ذات السلاسل من سليم * غداة أتاهم الموت المبين وقد هزموا أبا حفص وعمرا * وصاحبه مرارا فاستطيروا وقد قتلوا من الانصار رهطا * فحل النذر أو وجبت نذور أذاد الموت مشيحة ضخاما * جحاجحة يسد بها الثغور فصل: فيما ظهر منه عليه السلام في غزوة حنين قوله تعالى: ” ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ” يعني عليا وثمانية من بني هاشم. ابن قتيبة في المعارف والثعلبي في الكشف: الذين ثبتوا مع النبي يوم حنين بعد هزيمة الناس علي والعباس والفضل ابنه وابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ونوفل وربيعة أخواه و عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وعتبة ومعتب ابنا ابي لهب وأيمن مولى النبي (ص) وكان العباس عن يمينه والفضل عن يساره وابو سفيان ممسك بسرجه عند نفر بغلته وسايرهم حوله وعلي يضرب بالسيف بين يديه وفيه يقول العباس: نصرنا رسول الله في الحرب تسعة * وقد فر من قد فر عنه فاقشعوا


[ 331 ]

وقال مالك بن عباد الغافقي: لم يواس النبي غير بني هاشم * عند السيوف يوم حنين هرب الناس غير تسعة رهط * فهم يهتفون للناس أين ثم قاموا مع النبي على الموت * فآبوا زينا لنا غير شين وقال خطيب منبج: وقد ضاقت فجاج الارض جمعا * عليهم ثم ولوا مدبرينا وليس دون النبي سوى علي، * يقارع دونه المتحاربينا وعباس يصيح بهم أثيبوا * ليثبتهم وهم لا يثبتونا فأومى جبرئيل إلى علي * وقد صار الثرى بالنقع طينا فقال هو الوفي فهل رأيتم * وفيا مثله في العالمينا وقال المرزكي: ويوم حنين إذ ولوا هزيما * وقد نشرت من الشرك البنود فغادرهم لدى الفلوات صرعى * ولم تغن المغافر والحديد فكم من غادر القاه شلوا * عفير الترب يلثمه العبيد هم بخلوا بأنفسهم وولوا * وحيدرة بمهجته يجود فكانت الانصار خاصة تنصرف إذ كمن أبو جرول على المسلمين وكان على جمل أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل امام هوازن إذا ادرك احدا طعنه برمحه وإذا فاته الناس دفع لمن وراه وجعل يقتلهم وهو يرتجز: أنا أبو جرول لا براح * حتى يبيح القوم أو يباح فنهد له أمير المؤمنين عليه السلام فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره ثم قال: قد علم القوم لدى الصباح * اني لدى الهيجاء ذو نطاح فانهزموا وعد قتلى علي فكانوا اربعين * وقال عليه السلام: ألم تر أن الله أبلى رسوله * بلاء عزيزا ذاقتدار وذا فضل بما انزل الكفار دار مذلة * فذاقوا هوانا من اسار ومن قتل فأمسى رسول الله قد عز نصره،، وكان رسول الله ارسل بالعدل فجاء بفرقان من الله منزل، مبينة آياته لذوي العقل فأنكر أقوام فزاغت قلوبهم * فزادهم الرحمن خبلا إلى خبل


[ 332 ]

وقال سلامة: أين كانوا في حنين ويلهم * وضرام الحرب تخبو وتهب ضاقت الارض على القوم بما * رحبت فاستحسن القوم الهرب في غزوات شتى وفي غزاة الطائف كان النبي حاصرهم اياما وانفذ عليا في خيل وامره ان يطأ ما وجد ويكسر كل صنم وجده فلقيته خيل خثعم وقت الصبوح في جموع فبرز فارسهم وقال هل من مبارز ؟ فقال النبي من له ؟ فلم يقم احد فقام إليه علي وهو يقول: إن على كل رئيس حقا * ان يروى الصعدة أو يدقا ثم ضربه فقتله ومضى حتى كسر الاصنام، فلما رآه النبي (ص) كبر للفتح واخذ بيده وناجاه طويلا. ثم خرج من الحصن نافع بن غيلان بن مغيث فلقيه علي ببطن وج فقتله وانهزموا. وفي يوم الفتح برز اسد بن غويلم قاتل العرب فقال النبي (ص): من خرج إلى هذا المشرك فقتله فله على الله الجنة وله الامامة بعدي. فاخر بخصر الناس فبرز علي عليه السلام فقال: ضربته بالسيف وسط الهامة، بضربة صارمة هدامه فبتكت من جسمه عظامه * وبينت من رأسه عظامه وقتل عليه السلام من بني النظير خلقا منهم غرور الرامي إلى خيمة النبي (ص) فقال حسان: لله أي كريهة ابليتها * ببني قريظة والنفوس تطلع أردى رئيسهم وآب بتسعة * طورا يشلهم وطورا يدفع وقال السوسي: فلما اتاهم حيدر قال ذا لذا * اتاكم مليك الامر فالحذر الحذر اتاكم فتى ما فر قط خلاف من * كمن زاركم يوما برايته وفر فلاقاهم مولاي بالسيف ضاربا * كجمر الغضا لم يبق منه ولم يذر وانفذ النبي عليا إلى بني قريظة وقال: سر على بركة الله. فلما أشرفوا ورأوا عليا


[ 333 ]

قالوا أقبل اليكم قاتل عمرو. وقال آخر: قتل علي عمرو صاد علي صقرا * قصم علي ظهرا * هتك علي سترا فقال علي عليه السلام: الحمد لله الذي أظهر الاسلام وقمع الشرك. فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقتل علي منهم عشرة وقتل عليه السلام في بني المصطلق مالكا وابنه. قال شاعر: إمامي الذي حسر الكرب * عن وجه أحمد حتى انحسر ومن في حنين حنا سيفه * ظهورا من الشرك لما ظهر ومن جزع الموت عمرو بن ود * كذلك عمرو بن معدي أسر ويوم قريظة اخت النظير * لتقريظه فيه يوما أمر تأريخ الطبري محمد بن اسحاق: لما انهزمت هوازن كانت رايتهم مع ذي الخمار فلما قتله علي اخذها عثمان بن عبد الله بن ربيعة فقاتل بها حتى قتل. قال المرزكي: هذا الذي أردى الوليد وعتبة * والعامري وذا الخمار ومرحبا ومن حديث عمرو بن معدي كرب: انه رأى اباه منهزما من خثعم على فرس له قال انزل عنه فاليوم ظلم فقال له اليك يا مائق فقالوا اعطه فركب ثم رمى خثعم بنفسه حتى خرج من بين اظهرهم ثم كر عليهم وفعل ذلك مرارا فحمل عليهم بنو زبيد فانهزمت خثعم فقيل له فارس اليمن ومائق بني زبيد. وقال الشاعر: إذا انت ضاقت عليك الامور * فناد بعمرو بن معدي كرب الزمخشري في ربيع الابرار: وكان إذا رأى عمر بن الخطاب عمرو بن معدي كرب قال: الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمروا. وكان كثيرا ما يسئل عن غاراته فيقول قد محا سيف علي الصنائع. وقال العباس بن مرداس: إذا مات عمرو قيل للخيل اوطئي * زبيدا فقد اودى بنجدتها عمرو وقال العوني: ومن منهم قد ابن ود بسيفه * وقاد ابن معدي بالعمامة خاضعا وكان ابن معدي حين يلقاه واحد * يعد بالف منهم أن يدافعا وكان أبو حفص يلذ حديثه * بما كان من غاراته قبل شائعا فنباه عنه إذ أتى بحديثه * علي فأضحى ساكنا متراجعا فان قيل حدث قال قد جاء من محت * صنائعه بالسيف تلك الصنائعا


[ 334 ]

ومع مبارزته جذبه أمير المؤمنين عليه السلام والمنديل في عنقه حتى اسلم وكان اكثر فتوح العجم على يديه. قال ابن حماد: وفي يوم سلع سقى العامري * عمرو بن ود كؤس السلع وجاء بعمرو بن معدي كرب * وهو للعتاة قديما قمع وله أيضا: والعنكبوت غداة جاء بجحفل * لجب الجوائب بالفوارس مزيد فسقاه كأسا ظل بعد وروده * شرب المنية وهو عطشان صد فصل: فيما ظهر منه عليه السلام في حرب الجمل السدي: نزل قوله تعالى ” واتقوا فتنة ” في اهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا. الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ألا أنهم هم المفسدون ” قال ما قوتل اهل هذه (يعني البصرة) وقرأ امير المؤمنين (ع) يوم البصرة: ” وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون ” ثم قال لقد عهد إلي رسول الله (ص) وقال: يا علي لتقاتلن الفئة الناكثة والفئة الباغية والفرقة المارقة انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون الاعمش عن شقيق وزر بن حبيش عن حذيفة وذكر السمعاني في الفضايل والديلمي في الفردوس عن جابر الانصاري وروي عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام واللفظ لهما في قوله تعالى فاما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة فانا رادوك منها ومتقمون منهم. تفسير الكلبي يعني حرب الجمل عمار وحذيفة وابن عباس والباقر والصادق عليهما السلام: انه نزلت في علي ” يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه – الآية ” وروي عن علي (ع) يوم البصرة: والله ما قوتل على هذه الآية حتى اليوم وتلا هذه الآية. ابن عباس: لما علم الله انه ستجري حرب الجمل قال لازواج النبي ” وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى ” وقال تعالى ” يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ” في حربها مع علي عليه السلام.


[ 335 ]

شعبة والشعبي والاعثم وابن مردويه وخطيب خوارزم في كتبهم بالاسانيد عن ابن عباس ومسعود وحذيفة وقتادة وقيس بن ابي حازم وام سلمة وميمونة وسالم بن ابي الجعد واللفظ له: انه ذكر النبي خروج بعض نسائه فضحكت عائشة فقال: انظري يا حميراء لا تكونين هي. ثم التفت إلى علي فقال: يا ابا الحسن ان وليت من أمرها شيئا فارفق بها. فقال الزاهي: كم نهيت عن تبرج فعصت * وأصبحت للخلاف متبعة قال لها في البيوت قري * فخالفته العفيفة الورعة وقال السوسي: وما للنساء وحرب الرجال * فهل غلبت قط انثى ذكر ولو أنها لزمت بيتها * ومغزلها لم ينلها ضرر وقال الحميري: جاءت مع الاشقين في هودج * تزجى إلى البصرة أجنادها كأنها في فعلها هرة * تريد أن تأكل أولادها وقال الاحنف بن قيس: حجابك أخفى للذي تسترينه * وصدرك أوعى للذي لا أقولها فلا تسلكن الوعر صعبا محاله * فتغبر من سحب الملاء ذيولها بلغ عائشة قتل عثمان وبيعة علي بسرف فانصرفت إلى مكة تنتظر الامر، فتوجه طلحة والزبير و عبد الله بن عامر بن كريز فعزموا على قتال علي عليه السلام واختاروا عبد الله بن عمر للامامة فقال أتلقوني بين مخالب علي وانيابه ؟ ثم ادركهم يعلى بن منبه من اليمن وأقرضهم ستين الف دينار. والتمست عائشة من ام سلمة الخروج فأبت وسألت حفصة فأجابت ثم خرجت عائشة في اول نفر. فكتب الوليد بن عتبة: بني هاشم ردوا سلاح ابن اختكم * ولا تهبوه لا تحل مواهبه وأنشأ لما ظفر أمير المؤمنين عليه السلام: ألا يا أيها الناس عندي الخبر * بأن الزبير أخاكم غدر وطلحة ايضا حذا فعله * ويعلى بن منبه فيمن نفر فأنشأ أمير المؤمنين عليه السلام ابياتا منها: فتن تحل بهم وهن شوارع * يسقى أواخرها بكأس الاول


[ 336 ]

فتن إذا نزلت بساحة امة * أذنت بعدل بينهم متنفل فتقدمت عائشة إلى الحوئب وهو ماء نسب إلى الحوئب بنت كليب بن وبرة فصاحت كلابها فقالت إنا لله وإنا إليه راجعون ردوني. ذكر الاعثم في الفتوح والماوردي في اعلام النبوة وشيرويه في الفردوس وابو يعلى في المسند وابن مردويه في فضايل أمير المؤمنين والموفق في الاربعين وشعبة والشعبي وسالم بن ابي الجعد في احاديثم والبلاذري والطبري في تأريخهما: ان عائشة لما سمعت نباح الكلاب قالت أي ماء هذا ؟ فقالوا الحوئب. قالت إنا لله وإنا إليه راجعون اني لهيته قد سمعت رسول الله وعنده نساؤه يقول: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوئب ؟ وفي رواية الماوردي: أيتكن صاحبة الجمل الاريب تخرج فتنبحها كلاب الحوئب يقتل من يمينها ويسارها قتلى كثير وتنجو بعد ما كاد تقتل ؟ قال الحميري: تهوى من البلد الحرام فنبهت * بعد الهد وكلاب أهل الحوئب يحدو الزبير بها وطلحة عسكر * يا للرجال لرأي ام مشجب ذئبان قادهما الشقاء وقادها * للخير فاقتحما بها في منشب يا للرجال لرأى ام قادها * ذئبان يكتنفانها في أذؤب ام تدب إلى ابنها ووليها * بالمؤذيات له دبيب العقرب وله ايضا: أعائش ما دعاك إلى قتال * الوصي وما عليه تنقمينا أ لم يعهد اليك الله إلا * تري أبدا من االمتبرجينا وأن ترخي الحجاب وأن تقري * ولا تتبرجي للناظرينا وقال لك النبي أيا حميرا * سيبدي منك فعل الحاسدينا وقال ستنبحين كلاب قوم * من الاعراب والمتعربينا وقال ستركبين على خدب * يسمى عسكرا فتقالينا فخنت محمدا في أقربيه * ولم ترع له القول الوضينا وقال غيره: وأقبلت في بقايا السيف يقدمها * إلى الخريبة شيخاها المضلان (المناقب ج 2 م 42)


[ 337 ]

يقودها عسكر حتى إذا قربت * وحللت رحلها في قيس غيلان ونبحت اكلبا بالحوئب ادكرت * فنادت الويل لي والعول رداني يا طلح ان رسول الله خبرني * بأن سيري هذا سير عدواني وانني لعلي فيه ظالمة * ويا زبير أقيلاني أقيلاني فاقسما قسما بالله أنهما * قد خلف الماء خلف المنزل الثاني وطأطأت رأسها عمدا وقد علمت * بأن أحمد لم يخبر ببهتان فلما نزلت الخريبة قصدهم عثمان بن حنيف وحاربهم فتداعوا إلى الصلح، فكتبوا بينهم كتابا أن لعثمان دار الامارة وبيت المال والمسجد إلى أن يصل إليهم علي. فقال طلحة لاصحابه في السر والله لئن قدم علي البصرة لنؤخذن بأعناقنا فأتوا على عثمان بياتا في ليلة ظلماء. وهو يصلي بالناس العشاء الآخرة وقتلوا منهم خمسين رجلا واستأسروه ونتفوا شعره وحلقوا رأسه وحبسوه فبلغه ذلك سهل بن حنيف فكتب اليهما: اعطي الله عهدا لئن لم تخلوا سبيله لابلغن من اقرب الناس اليكما. فاطلقوه ثم بعثا عبد الله ابن الزبير في جماعة إلى بيت المال فقتل ابا سلمة الزطي في خمسين رجلا. وبعث عائشة إلى الاحنف تدعوه فأبى واعتزل بالجلحاء من البصرة في فرسخين وهو في ستة آلاف فأمر علي عليه السلام سهل بن حنيف على المدينة وقثم بن العباس على مكة وخرج في ستة آلاف إلى الربذة ومنها إلى ذي قار وأرسل الحسن وعمار إلى الكوفة وكتب: من عبد الله ووليه علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة جبهة الانصار وسنام العرب ثم ذكر فيه قتل عثمان وفعل طلحة والزبير وعائشة ثم قال: ان دار الهجرة قد قلعت باهلها وقلعوا بها وجاشت جيش المرجل وقامت الفتنة على القطب فاسرعوا إلى اميركم وبادروا عدوكم. فلما بلغا الكوفة قال أبو موسى الاشعري: يا اهل الكوفة اتقوا الله ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما ومن يقتل مؤمنا متعمدا – الآية – فسكته عمار، فقال أبو موسى: هذا كتاب عائشة تأمرني ان تكف اهل الكوفة فلا تكونن لنا ولا علينا ليصل إليهم صلاحهم. فقال عمار: إن الله تعالى امرها بالجلوس فقامت وامرنا بالقيام لندفع الفتنة فنجلس ؟ فقام زيد بن صوحان ومالك الاشتر في اصحابهما وتهددوه. فلما اصبحوا قام زيد بن صوحان وقرأ: ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون – الآية – ” ثم قال أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين وانفروا إليه أجمعين تصيبوا الحق راشدين ثم قال عمار


[ 338 ]

هذا ابن عم رسول الله يستنفركم فأطيعوه. في كلام له وقال الحسن بن علي (ع) أجيبوا دعوتنا وأعيوننا على ما بلينا به. في كلام له فخرج قعقاع بن عمر وهند بن عمر وهيثم بن شهاب وزيد بن صوحان والمسيب بن نجيبة ويزيد بن قيس وحجر بن عدي وابن مخدوج والاشتر يوم الثالث في تسعة آلاف فاستقبلهم علي على فرسخ وقال مرحبا بكم اهل الكوفة وفئة الاسلام ومركز الدين. في كلام له وخرج إلى علي عليه السلام من شيعته من اهل البصرة من ربيعة ثلاثة آلاف رجل. وبعث الاحنف إليه إن شئت اتيتك في مائتي فارس فكنت معك وإن شئت اعتزلت ببني سعد فكففت عنك ستة آلاف سيف فاختار علي اعتزاله الاعثم في الفتوح انه كتب أمير المؤمنين عليه السلام اليهما أما بعد: فاني لم أرد الناس حتى ارادوني ولم ابايعهم حتى اكرهوني وانتما ممن اراد بيعتي ثم قال عليه السلام بعد كلام: ورفعكما هذا الامر قبل ان تدخلا فيه كان اوسع لكما من خروجكما منه بعد اقراركما. البلاذري: لما بلغ عليا قولهما (ما بايعناه إلا مكرهين تحت السيف) قال أبعدهما الله أقصى دارا وأحر نارا. الاعثم: وكتب عليه السلام إلى عائشة أما بعد: فانك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى ولرسوله محمد صلى الله عليه وآله تطلبين امرا كان عنك موضوعا ثم تزعمين انك تريدين الاصلاح بين المسلمين فخبريني ما للنساء وقود العساكر والاصلاح بين الناس وطلبت كما زعمت بدم عثمان وعثمان رجل من بني امية وانت امرأة من بني تيم ابن مرة ولعمري ان الذي عرضك للبلاء وحملك على العصبية لاعظم اليك ذنبا من قتلة عثمان وما غضبت حتى اغضبت ولا هجت حتى هيجت فاتقي الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك احكم كما تريد فلن يدخل في طاعتك. وقالت عائشة: قد جل الامر عن الخطاب. فأنشأ حبيب بن يساف الانصاري: أبا حسن أيقظت من كان نائما * وما كان من يدعى إلى الحق يتبع وإن رجالا بايعوك وخالفوا * هواك وأجروا في الضلال وضيعوا وطلحة فيها والزبير قرينه * وليس لما لا يدفع الله مدفع وذكرهم قتل ابن عفان خدعة * هم قتلوه والمخادع يخدع وسأل ابن الكواء وقيس بن عباد أمير المؤمنين عليه السلام عن قتال طلحة والزبير


[ 339 ]

فقال: انهما بايعاني بالحجاز وخلعاني بالعراق فاستحللت قتالهما لنكثهما بيعتي. تأريخ الطبري: والبلاذري: انه ذكر مجئ طلحة والزبير إلى البصرة قبل الحسن فقال يا سبحان الله ما كان للقوم عقول أن يقولوا والله ما قتله غيركم. تأريخ الطبري: قال يونس النحوي فكرت في أمر علي وطلحة والزبير ان كانا صادقين ان عليا قتل عثمان فعثمان هالك وان كذبا عليه فهما هالكان تأريخ الطبري: قال رجل من بني سعد: صنتم حلائلكم وقدتم امكم * هذا لعمرك قلة الانصاف امرت بجر ذيولها في بيتها * فهوت تشق البيد بالايجاف عرضا يقاتل دونها ابناؤها * بالنبل والخطي والاسياف وقال الحميري،: وبيعة ظاهر بايعتموها * على الاسلام ثم نقضتموها وقد قال الآله لهن قرنا * فما قرت ولا أقررتموها يسوق لها البعير أبو حبيب * لحين أبيه إذ سيرتموها وقال الناشي: ألا يا خليفة خير الورى * لقد كفر القوم إذ خالفوكا ادل الدليل على انهم * اتوك وقد سمعوا النص فيكا خلافهم بعد دعواهم * ونكثهم بعد ما بايعوكا طغوا بالخريبة واستنجدوا * بصفين والنهر إذ صالتوكا اناس هم حاصروا نعثلا * ونالوه بالقتل ما استأذنوكا فيا عجبا منهم إذ جنوا * دما وبثاراته طالبوكا وقال ابن حماد: يبغون ثارا ما استحلوا قتله * ورووا عليه الفسق والكفرانا وانفذ امير المؤمنين (ع) زيد بن صوحان و عبد الله بن عباس فوعظاها وخوفاها وفي رامش افزاي: انها قالت لا طاقة لي بحجج علي. فقال ابن عباس: لا طاقة لك بحجج المخلوق فكيف طاقتك بحجج الخالق ؟ جمل انساب الاشراف: انه زحف علي بالناس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين، وعلى ميمنته الاشتر وسعيد بن قيس، وعلى


[ 340 ]

ميسرته عمار وشريح بن هاني، وعلى القلب محمد بن ابي بكر وعدي بن حاتم، وعلى الجناح زياد بن كعب وحجر بن عدي، وعلى الكمين عمرو بن الحمق وجندب بن زهير، وعلى الرجالة أبو قتادة الانصاري، واعطى رايته محمد بن الحنفية ثم اوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم ويناشدهم ويقول لعائشة ان الله امرك ان تقري في بيتك فاتقي الله وارجعي، ويقول لطلحة والزبير خبأتما نساءكما وابرزتما زوجة رسول الله واستنفرتماها. فيقولان انما جئنا للطلب بدم عثمان وان يرد الامر شورى. والبست عائشة درعا وضربت على هودجها صفايح الحديد والبس الهودج درعا، وكان الهودج لواء اهل البصرة وهو على جمل يدعى عسكرا ابن مردويه في كتاب الفضايل من ثمانية طرق: ان امير المؤمنين عليه السلام قال للزبير اما تذكر يوما كنت مقبلا بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله فرآك معي وانت تبسم إلي فقال لك: يا زبير أتحب عليا ؟ فقلت وكيف لا احبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره ؟ فقال انك ستقاتله وانت ظالم عليه. فقلت اعوذ بالله من ذلك. وقد تظاهرت الروايات انه قال عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال لك يا زبير تقاتله ظلما وضرب كتفك. قال اللهم نعم. قال أفجئت تقاتلني ؟ فقال اعوذ بالله من ذلك. قال الصاحب: أفي القول نصا للزبير محذرا * تحاربه بالظلم حين تحارب ثم قال أمير المؤمنين (ع) دع هذا، بايعتني طايعا ثم جئت محاربا فما عدا مما بدا ؟ فقال لا جرم والله لا قاتلتك. حلية الاولياء: قال عبد الرحمن بن ابي ليلى فلقيه عبد الله ابنه فقال جبنا جبنا فقال يا بني قد علم الناس اني لست بجبان ولكني ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله فحلفت ان لا اقاتله فقال دونك غلامك فلان اعتقه كفارة ليمينك. نزهة الابصار عن ابن مهدي انه قال همام الثقفي: أيعتق مكحولا ويعصي نبيه * لقد تاه عن قصد الهدى ثمة عوق لشتان ما بين الضلالة والهدى * وشتان من يعصي آله ويعتق وفي رواية قالت عائشة: لا والله بل خفت سيوف ابن ابي طالب اما انها طوال حداد تحلمها سواعد انجاد ولئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك. فرجع إلى القتال


[ 341 ]

فقيل لامير المؤمنين (ع) انه قد رجع فقال دعوه فان الشيخ محمول عليه ثم قال: ايها الناس غضوا ابصاركم وعضوا نواجذكم واكثروا من ذكر ربكم واياكم وكثرة الكلام فانه فشل. ونظرت عائشة إليه وهو يجول بين الصفين فقالت: انظروا إليه كأن فعله فعل رسول الله يوم بدر ! اما والله ما ينتظر بك إلا زوال الشمس. فقال علي عليه السلام: يا عائشة عما قليل لتصبحن نادمين. فجد الناس في القتال فنهاهم امير المؤمنين (ع) وقال: اللهم اني اعذرت وانذرت فكن لي عليهم من الشاهدين. ثم أخذ المصحف وطلب من يقرأ عليهم ” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما – الآية – ” فقال مسلم المجاشعي ها أنا ذا “، فخوفه بقطع يمينه وشماله وقتله، فقال لا عليك يا امير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله، فأخذه ودعاهم إلى الله فقطعت يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل. فقالت امه: يا رب ان مسلما اتاهم * بمحكم التنزيل إذ دعاهم يتلو كتاب الله لا يخشاهم * فزملوه زملت لحاهم فقال عليه السلام: الآن طاب الضراب. وقال لمحمد بن الحنفية والراية في يده: يا بني تزول الجبال ولا تزل عض ناجذك أعر الله جمجمتك تد في الارض قدميك ارم ببصرك اقصى القوم وغض بصرك واعلم ان النصر من الله. ثم صبر سويعة فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال فقال عليه السلام تقدم يا بني فتقدم وطعن طعنا منكرا. وقا ل عليه السلام: إطعن بها طعن أبيك تحمد، * لا خير في حرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسدد * والضرب بالخطي والمهند فأمر الاشتر أن يحمل فحمل وقتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل وكان زيد يرتجز ويقول: ديني ديني * وبيعي بيعي وجعل مخنف بن مسلم يقول: قد عشت يا نفس وقد غنيت * دهرا وقبل اليوم ما عييت وبعد ذا لا شك قد فنيت * اما مللت طول ما حييت فخرج عبد الله بن اليثربي قائلا: يا رب اني طالب ابا الحسن * ذاك الذي يعرف حقا بالفتن فبرز إليه علي عليه السلام قائلا:


[ 342 ]

إن كنت تبغي أن ترى ابا الحسن * فاليوم تلقاه ملبا فاعلمن وضربه ضربة مجرفة فخرج بنو ضبة وجعل يقول بعضهم: نحن بنو ضبة اصحاب الجمل * والموت أحلى عندنا من العسل ردوا علينا شيخنا بمرتحل * إن عليا بعد من شر النذل وقال آخر: نحن بنو ضبة اعداء علي * ذاك الذي يعرف فيهم بالوصي وكان عمرو بن اليثربي يقول: إن تنكروني فأنا ابن اليثربي * قاتل عليا يوم هند الجمل تم ابن صوحان على دين علي فبرز إليه عمار قائلا: لا تبرح العرصة يا ابن اليثربي * اثبت اقاتلك على دين علي وأرداه عن فرسه وجر برجله إلى علي (ع) فقتله بيده، فخرج اخوه قائلا: اضربكم ولو ارى عليا * عممته ابيض مشرفيا واسمر عنطنطا خطيا * ابكي عليه الولد والوليا فخرج علي متنكرا وهو يقول: يا طالبا في حربه عليا * يمنحه ابيض مشرفيا اثبت ستلقاه بها مليا * مهذبا سميدعا كميا فضربه فرمى نصف رأسه. فناداه عبد الله بن خلف الخزاعي صاحب منزل عائشة بالبصرة أتبارزني ؟ فقال عليه السلام ما اكره ذلك ولكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل وقد علمت من انا ؟ فقال ذرني من بذخك يا ابن ابي طالب ثم قال: إن تدن مني يا علي فترا * فانني دان اليك شبرا بصارم يسقيك كأسا مرا * ها ان في صدري عليك وترا فبرز إليه علي عليه السلام قائلا: يا ذا الذي يطلب مني الوترا * إن كنت تبغي ان تزور القبرا حقا وتصلى بعد ذاك جمرا * فادن تجدني اسدا هزبرا اصعطك اليوم ذعافا صبرا فضربه فطير جمجمته. فخرج مازن الضبي قائلا:


[ 343 ]

لا تطمعوا في جمعنا المكلل * الموت دون الجمل المجلل فبرز إليه عبد الله بن نهشل قائلا: إن تنكروني فأنا ابن نهشل * فارس هيجاء وخطب فيصل فقتله. وكان طلحة يحث الناس ويقول: عباد الله الصبر الصبر في كلام له البلاذي: إن مروان بن الحكم قال والله ما اطلب ثاري بعثمان بعد اليوم ابدا. فرمى طلحة بسهم فأصاب ركبته والتفت إلى ابان بن عثمان وقال لقد كفيتك احد قتلة ابيك. معارف القتيبي: إن مروان قتل طلحة يوم الجمل بسهم فاصاب ساقه. قال الحميري: واختل من طلحة المزهو حبته * سهم بكف قديم الكفر غدار في كف مروان مروان اللعين أرى *، رهط الملوك ملوكا غير اخيار وله ايضا: واغتر طلحة عند مختلف القنا * عبل الذراع شديد اصل المنكب فاختل حبة قلبه بمدلق * ريان من دم جوفه المتصبب في مارقين من الجماعة فارقوا * باب الهدى وجبا الربيع المخضب وحمل أمير المؤمنين عليه السلام في بني ضبة فما رأيتهم إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. فانصرف الزبير فتبعه عمرو بن جرموز وحز رأسه واتى به إلى أمير المؤمنين (ع) – القصة – قال الحميري:، اما الزبير فحاص حين بدت له * جاؤا ببرق في الحديد الاشهب حتى إذا أمن الحتوف وتحته * عارى النواهق ذو نجاء صهلب أثوى ابن جرموز عمير شلوه * بالقاع منعفرا كشلو التولب وقال غيره: طار الزبير على احصار ذي خضل * عبل الشوى لاحق المتنين محصار حتى اتى واديا لاقى الحمام به * من كف محتبس كالصيد مغوار فقالوا يا عائشة قتل طلحة والزبير وجرح عبد الله بن عامر من يدي علي فصالحي عليا فقالت: كبر عمرو عن الطوق وجل امر عن العتاب. ثم تقدمت فحزن علي (ع) وقال إنا لله وإنا إليه راجعون فجعل يخرج واحد بعد واحد ويأخذ الزمام حتى قطع ثمان وتسعين رجلا ثم تقدمهم كعب بن سون الازدي وهو يقول:


[ 344 ]

يا معشر الناس عليكم امكم * فانها صلاتكم وصومكم والحرمة العظمى التي تعمكم * لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم فقتله الاشتر فخرج ابن جفير الازدي يقول: قد وقع الامر بما لم يحذر * والنبل يأخذن وراء العسكر وامنا في خدرها المشهر فبرز إليه الاشتر قائلا: اسمع ولا تعجل جواب الاشتر * واقرب تلاقي كأس موت أحمر ينسيك ذكر الجمل المشهر فقتله، ثم قتل عمير الغنوي و عبد الله بن عتاب بن اسيد، ثم جال في الميدان جولا وهو يقول: نحن بنو الموت به غذينا فخرج إليه عبد الله بن الزبير فطعنه الاشتر وارداه وجلس على صدره ليقتله فصاح عبد الله (اقتلوني ومالكا واقتلوا مالكا معي) فقصد إليه من كل جانب فخلاه وركب فرسه، فلما رأوه راكبا تفرقوا عنه. وشد رجل من الازد على محمد بن الحنفية وهو يقول: يا معشر الازد كروا فضربه ابن الحنفية فقطع يده وقال: يا معشر الازد فروا فخرج الاسود بن البختري السلمي قائلا: ارحم إلهي الكل من سليم * وانظر إليه نطرة الرحيم فقتله عمرو بن الحمق فخرج جابر الازدي قائلا: يا ليت اهلي من عمار حاضري * من سادة الازد وكانوا ناصري فقتله محمد بن ابي بكر. وخرج عوف القيني قائلا: يا ام يا ام خلا مني الوطن * لا ابتغي القبر ولا ابغي الكفن فقتله محمد بن الحنفية. فخرج بشر الضبي قائلا: ضبة ابدى للعراق عمعمة * واضرمي الحرب العوان المضرمة (المناقب ج 2، م 43)


[ 345 ]

فقتله عمار. وكانت عائشة تنادي بارفع صوت. ايها الناس عليكم بالصبر فانما يصبر الاحرار فأجابها كوفي: يا ام يا ام عققت فاعلموا * والام تغذو ولدها وترحم أما تراكم من شجاع يكلم * وتجتلي هامته والمعصم وقال آخر: قلت لها وهي على مهوات * إن لنا سواك امهات في مسجد الرسول ثاويات فقال الحجاج بن عمر الانصاري،: يا معشر الانصار قد جاء الاجل * اني أرى الموت عيانا قد نزل فبادروه نحو اصحاب الجمل * ما كان في الانصار جبن وفشل فكل شئ ما خلا الله جلل وقا ل خزيمة بن ثابت: لم يغضبوا لله إلا للجمل * والموت خير من مقام في جمل والموت أحرى من فرار وفشل وقال شريح بن هاني: لا عيش إلا ضرب اصحاب الجمل * والقول لا ينفع إلا بالعمل ما إن لنا بعد علي من بدل وقال هاني بن عروة المذحجي: يا لك حرب حثها جمالها * قائدة ينقصها ضلالها هذا علي حوله اقيالها وقال سعد بن قيس الهمداني: قل للوصي اجتمعت قحطانها * إن يك حرب اضرمت نيرانها وقال عمار: إني لعمار وشيخي ياسر * صاح كلانا مؤمن مهاجر طلحة فيها والزبير غادر * والحق في كف علي ظاهر وقال الاشتر: هذا علي في الدجى مصباح * نحن بذا في فضله فصاح


[ 346 ]

وقال عدي بن حاتم: أنا عدي ونماني حاتم * هذا علي بالكتاب عالم لم يعصه في الناس إلا ظالم وقال عمرو بن الحمق: هذا علي قائد نرضى به * اخو رسول الله في اصحابه من عوده النامي ومن نصابه وقال رفاعة بن شداد البجلي: إن الذين قطعوا الوسيلة * ونازعوا على علي الفضيلة في حربه كالنعجة الاكيلة وشكت السهام الهودج حتى كأنه جناح نسر أو شوك قنفذ. فقال أمير المؤمنين (ع) ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج اعقروا الجمل. وفي رواية: عرقبوه فانه شيطان وقال لمحمد بن أبي بكر: انظر إذا عرقب الجمل فادرك اختك فوارها. فعرقب رجل منه فدخل تحته رجل ضبي ثم عرقب اخرى عبد الرحمن فوقع على جنبه فقطع عمار نسعه فأتاه علي (ع) ودق رمحه على الهودج وقال يا عائشة أهكذا أمرك رسول الله أن تفعلي ؟ فقالت: يا ابا الحسن ظفرت فأحسن وملكت فاسجح. فقال لمحمد بن ابي بكر: شأنك واختك فلا يدن منها احد سواك. فقال فقلت لها: ما فعلت بنفسك ؟ عصيت ربك وهتكت سترك ثم ابحت حرمتك وتعرضت للقتل. فذهب بها إلى دار عبد الله بن خلف الخزاعي فقالت: اقسمت عليك ان تطلب عبد الله بن الزبير جريحا كان أو قتيلا. فقال: انه كان هدفا للاشتر فانصرف محمد إلى العسكر فوجده فقال اجلس يا مشئوم اهل بيته فأتاها به، فصاحت وبكت ثم قالت يا اخي استأمن له من علي فاتى أمير المؤمنين (ع) فاستأمن له منه. فقال عليه السلام: امنته وامنت جميع الناس. وكانت وقعة الجمل بالخريبة ووقع القتال بعد الظهر وانقضى عند المساء. فكان مع امير المؤمنين (ع) عشرون الف رجل. منهم البدريون ثمانون رجلا، وممن بايع تحت الشجرة مائتان وخمسون، ومن الصحابة الف وخمسمائة رجل. وكانت عائشة في ثلاثين الفا أو يزيدون منها المكيون ستمائة رجل. قال قتادة: قتل يوم الجمل عشرون الفا. وقال الكلبي: قتل من اصحاب علي الف راجل وسبعون فارسا، منهم زيد بن صوحان وهند الحملي وابو عبد الله العبدي و عبد الله بن رقبة (رقية).


[ 347 ]

وقال أبو مخنف والكلبي: قتل من اصحاب الجمل من الازد خاصة اربعة الآف رجل، ومن بني عدي، ومواليهم تسعون رجلا، ومن بني بكر بن وائل ثمانمائة رجل، ومن بني حنظلة تسعمائة رجل، ومن بني ناجية اربعمائة رجل والباقي من اخلاط الناس إلى تمام تسعة آلاف إلا تسعين رجلا. والقرشيون منهم: طلحة والزبير و عبد الله بن عتاب بن اسيد و عبد الله بن حكيم بن حزام و عبد الله بن شافع بن طلحة ومحمد بن طلحة و عبد الله بن ابي خلف الجمحي و عبد الرحمن بن معد و عبد الله بن معد. وعرقب الجمل أولا امير المؤمنين عليه السلام ويقال مسلم بن عدنان ويقال رجل من الانصار ويقال رجل ذهلي. وقيل لعبد الرحمن بن صرد التنوخي لم عرقبت الجمل ؟ فقال: عقرت ولم اعقر بها لهوانها * علي ولكني رأيت المهالكا وما زالت الحرب العوان تحثها * بنوهاتها حتى هوى القود باركا فأضجعته بعد البروك لجنبه * فخر صريعا كالثنية مالكا فكانت شرارا إذ اطيقت بوقعه * فيا ليتني عرقبته قبل ذالكا وقال عثمان بن حنيف: شهدت الحروب فشيبنني * فلم أر يوما كيوم الجمل اشد على مؤمن فتنة * واقتل منهم لحرق بطل فليت الظعينة في بيتها * ويا ليت عسكر لم يرتحل وقال ابن حماد: كليم شمس رجعت * طوعا له في جحفل مدحي باب خيبر * قتال اهل الجمل انت مردي كل طاغ * في القرون الاول سل به يوم صفين ويوم الجمل وقال مهيار: احتج قوم بعد ذاك بهم * بفاضحات ربها يوم الجمل فقيل فيهم من لوى ندامة * عنانه من المضاع فاعتزل فأسرع العامل في قناته * فرد بالكرة كر وحمل ومنهم من تاب بعد موته * وليس بعد الموت للمرء عمل


[ 348 ]

فصل: في حرب صفين تفسير الحسن والسدي ووكيع والثعلبي ومسند احمد انه قال الزبير في قوله تعالى: ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ” لقد لبثنا ازمانا ولا نرى من اهلها فإذا نحن المعنيون بها. قال السدي في قوله تعالى: ” فلا عدوان إلا على الظالمين ” نزلت في حربين يوم صفين ويوم الجمل، فسمى الله اصحاب الجمل وصفين ظالمين ثم قال: واعلموا ان الله مع المتقين بالنصر والحق مع امير المؤمنين واصحابه قال بعض المفسرين في قوله تعالى: ” قل للمخلفين من الاعراب ستدعون فيما بعد إلى قوم اولي بأس شديد ” انهم اهل صفين، وذلك أن النبي (ص) قال للاعراب الذين تخلفوا عنه بالحديبية وعزموا على خيبر ” قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل “. أبو سعيد الخدري و عبد الله بن عمر قالا في قوله تعالى: ” ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ” كنا نقول ربنا ونبينا واحد وديننا واحد فما هذه الخصومة ؟ فلما كان حرب صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا. قال الباقر عليه السلام قال امير المؤمنين عليه السلام وهو يقاتل معاوية ” قاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون – الآية – ” هم هؤلاء ورب الكعبة قال ابن مسعود: قال النبي (ص) أئمة الكفر معاوية وعمرو بن العاص قال محمد بن منصور: أكرم بقوم فيهم عمارهم * وتصول منه على العدى كفان واويس القرني يقدم جمعهم * حسبي بهذا حجة وكفاني ولما فرغ امير المؤمنين عليه السلام من الجمل نزل في الرحبة السادس من رجب وخطب فقال: الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث المبطل. ثم انه عليه السلام دعا الاشعث بن قيس من ثغر اذربيجان والاحنف ابن قيس من البصرة وجرير بن عبد الله البجلي من همدان فأتوه إلى الكوفة، فوجه جريرالى معاوية يدعوه إلى طاعته، فلما بلغها توقف معاوية في ذلك حتى قدم


[ 349 ]

شرحبيل الكندي ثم خطب فقال: ايها الناس قد علمتم اني خليفة عمر وخليفة عثمان وقد قتل عثمان مظلوما وأنا وليه وابن عمه وأولى الناس بطلب دمه، فماذا رأيكم ؟ فقالوا: نحن طالبون بدمه. فدعا عمرو بن العاص على أن يطعمه مصر، فكان عمرو يامر بالحمل والحط مرارا. فقال له غلامه وردان تفكر ان الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية فقال عمرو: يا قاتل الله وردانا وفطنته * ابدا لعمري ما في الصدر وردان فلما ارتحل قال ابن عمرو له: ألا يا عمرو ما أحرزت نصرا * ولا أنت الغداة إلى رشاد أبعت الدين بالدنيا خسارا * وأنت بذاك من شر العباد فانصرف جرير. فكتب معاوية إلى اهل المدينة،: ان عثمان قتل مظلوما، وعلي آوى قتلته فان دفعهم الينا كففنا عنه وجعلنا هذا الامر شورى بين المسلمين كما جعله عمر عند وفاته فانهضوا رحمكم الله معنا إلى حربه. فأجابوه بكتاب فيه: معاوي أن الحق أبلج واضح * وليس كما ربصت أنت ولا عمرو نصبت لنا اليوم ابن عفان خدعة * كما نصب الشيخان إذ زخرف الامر رميتم عليا بالذي لم يضره * وليس له في ذاك نهي ولا أمر وما ذنبه إن نال عثمان معشر * أتوه من الاحياء تجمعهم مصر وكان علي لازما قعر بيته * وهمته التسبيح والحمد والذكر فما أنتما لا در در أبيكما * وذكركم الشورى وقد وضح الامر فما أنتما والنصر منا وأنتما * طليق اسارى ما تبوح بها الخمر وجاء أبو مسلم الخولاني بكتاب من عنده إلى أمير المؤمنين عليه السلام يذكر فيه: وكان انصحهم لله خليفته ثم خليفة خليفته ثم الخليفة الثالث المقتول ظلما فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت عرفنا ذلك ثم نظرك الشزر وقولك الهجر وتنفسك الصعداء وابطاؤك عن الخلفاء وفي كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المغشوش ولم نكن لاحد منهم اشد حسدا منك لابن عمك وكان احقهم ان لا تفعل ذلك لقرابته وفضله فقطعت رحمه وقبحت حسنه فاظهرت له العداوة وبطنت له بالغش وألبت الناس عليه فقتل معك في المحلة وانت تسمع الهايعة ولا تدرأ عنه بقول ولا فعل. فلما وصل الخولاني وقرأ الكتاب على الناس قالوا كلنا قاتلون ولافعاله منكرون. فكان جواب أمير المؤمنين


[ 350 ]

وبعد فاني رأيت قد اكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون من بيعتي ثم حاكم القوم إلي احملك واياهم على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأما تلك التي تريدها فانها خدعة الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لعلمت أني من أبرأ الناس من دم عثمان وقد علمت انك من ابناء الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة. واجمع عليه السلام على المسير وحض الناس على ذلك. قال ابن مردويه قال ابن ابي حازم التميمي وابو وايل قال أمير المؤمنين (ع) انفروا إلى بقية الاحزاب اولياء الشيطان انفروا إلى من يقول كذب الله ورسوله. وجاء رجل من عبس إلى امير المؤمنين عليه السلام فسئل ما الخبر ؟ فقال ان في الشام يلعنون قاتلي عثمان ويبكون على قميصه. فقال امير المؤمنين. ما قميص عثمان بقميص يوسف ولا بكاؤهم عليه إلا كبكاء أولاد يعقوب. فلما فتح الكتاب وجده بياضا فحولق. فقال قيس بن سعد: ولست بناج من علي وصحبه * وإن تك في جابلق لم تك ناجيا وكتب إلى امير المؤمنين عليه السلام: ليت القيامة قد قامت فترى المحق من المبطل فقال امير المؤمنين ” يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها – الآية) الشاذكوني: رفع رجل إلى امير المؤمنين كتابا في آخره: فازجر حمارك لا يرتع بروضتنا * إذا ترد وقيذ العين مكروبا فقال لعبدالله بن ابي رافع اكتب: ان بيعتي شملت الخاص والعام وانما الشورى للمؤمنين من المهاجرين الاولين والسابقين بالاحسان من البدريين وانما انت طليق ابن طليق لعين ابن لعين وثني ابن وثني ليست لك هجرة ولا سابقة ولا منقبة ولا فضيلة وكان ابوك من الاحزاب الذين حاربوا الله ورسوله فنصر الله عبده وصدق وعده وهزم الاحزاب. ثم وقع في آخر الكلام: ألم تر قومي إذ دعاهم أخوهم * أجابوا وإن يغضب على القوم يغضب وكتب معاوية: اتق الله يا علي وذر الحسد فلطالما لم ينتفع به اهله ولا تفسدن سابقة قدمك بشر من حديثك فان الاعمال بخواتيمها ولا تعمدن بباطل في حق من لا حق له فانك إن تفعل ذلك فلا تضر إلا نفسك ولن تمحق إلا عملك. فأجابه عليه السلام: بعد كلام عظتي لا تنفع من حقت عليه كلمة العذاب ولم يخف العقاب ولا يرجو لله وقارا ولم يخف حذارا فشأنك وما انت عليه من الضلالة والحيرة والجهالة تجد الله


[ 351 ]

عز وجل في ذلك بالمرصاد، ثم قال في آخره، فأنا أبو الحسن قاتل جدك عتبة وعمك شيبة واخيك حنظلة الذين سفك الله دماءهم على يدي في يوم بدر، وذلك السيف معي وبذلك القلب القى عدوي، ومن كلامه: متى الفيت بني عبد المطلب عن الاعداء ناكلين وبالسيوف مخوفين (فالبث قليلا يلحق الهيجا جمل) فسيطلبك من تطلب وتقرب منك من تستبعد وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والانصار والتابعين باحسان شديد زحامهم ساطع قتامهم متسربلين سرابيل الموت أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم قد صحبتهم ذرية بدرية وسيوف هاشمية قد عرفت مواقع نصالها في اخيك وخالك وجدك وما هي من الظالمين ببعيد. فنهاه عمرو عن مكاتبته ولم يكتب إلا بيتا: ليس بيني وبين قيس عتاب * غير طعن الكلى وضرب الرقاب قال أمير المؤمنين عليه السلام قاتلت الناكثين وهؤلاء القاسطين وساقاتل المارقين، ثم ركب فرس النبي (ص) وقصده في تسعين الفا. قال سعيد بن جبير: منها تسعمائة رجل من الانصار وثمانمائة من المهاجرين. وقال عبد الرحمن بن ابي ليلى سبعون رجلا من اهل بدر ويقال مائة وثلاثون رجلا. وخرج معاوية في مائة وعشرين الفا يتقدمهم مروان وقد تقلد بسيف عثمان فنزل صفين في المحرم على شريعة الفرات وقال: اتاكم الكاشر عن انيابه * ليث العرين جاء في اصحابه ومنعوا عليا واصحابه الماء فأنفذ علي شبث بن ربعي الرياحي وصعصعة بن صوحان فقالا في ذلك لطفا وعنفا فقالوا انتم قتلتم عثمان عطشا. فقال عليه السلام: ارووا السيوف من الدماء ترووا من الماء والموت في حياتكم مقهورين خير من الحياة في موتكم قاهرين فقال الشاعر: أتحمون الفرات على رجال * وفي ايديهم الاسل الظباء وفي الاعناق اسياف حداد * كأن القوم عندهم النساء وقال الاشتر: ميعادنا الآن بياض الصبح * لا يصلح الزاد بغير ملح وقال الاشعث: لاوردن خيلي الفراتا * شعث النواصي أو يقال فاتا وحملا في سبعة عشر الف رجل حملة رجل واحد ففرق بعضهم وانهزم الباقون، فأمر


[ 352 ]

علي (ع) أن لا يمنعوهم الماء. وكان نزوله عليه السلام بصفين لليالي بقين من ذي الحجة سنة ست وثلاثين. فأمر معاوية للنقابين أن ينقبوا تحت معسكر علي متفرقين ونودوا أنه يجري عليكم الماء فقال هذه خدعة فصاحوا ثم انقلبوا، فلما اصبحوا رأوا معاوية في معسكرهم فقال علي عليه السلام: فلو أني اطعت عصيت قومي * إلى ركن اليمامة أو شئام ولكني إذا أبرمت أمرا * يخالفني أقاويل الطغام فتقدم الاشتر وقتل صالح بن فيروز العتلي ومالك بن الادهم وزياد بن عبيد الكناني وزامل بن عبيد الخزاعي ومالك بن روضة الجمحي مبارزة. وطعن الاشعث لشرحبيل بن السمط ولابي الاعور السلمي، فخرج حوشب ذو الظليم وذو الكلاع في نفر فقالوا امهلونا هذه الليلة، فقالوا لا نبيت إلا في معسكرنا، فانكشفوا ثم ان عليا انفذ سعيد بن قيس الهمداني وبشر بن عمرو الانصاري ليدعواه إلى الحق، فانصرفا بعدما احتجا عليه ثم انفد شبث بن ربعي الرياحي وعدي بن حاتم الطائي وبريدة بن قيس الارجي وزياد بن حفص بمثل ذلك، فكان معاوية يقول: سلموا قتلة عثمان لاقتلهم به ثم نعتزل الامر حتى يكون شورى، فتقاتلوا في ذي الحجة وامسكوا في المحرم، فلما استهل صفر سنة سبع وثلاثين أمر علي فنودي بالشام والاعذار والانذار، ثم عبى عسكره فجعل على ميمنته الحسن والحسين و عبد الله بن جعفر ومسلم بن عقيل، وعلى ميسرته محمد بن الحنفية ومحمد ابن ابي بكر وهاشم بن عتبة المرقال، وعلى القلب عبد الله بن العباس والعباس بن ربيعة بن الحارث والاشتر والاشعث، وعلى الجناح سعد بن قيس الهمداني و عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ورفاعة بن شداد البجلي وعدي بن حاتم، وعلى الكمين عمار بن ياسر وعمرو ابن الحمق وعامر بن واثلة الكناني وقبيصة بن جابر الاسدي. وجعل معاوية على ميمنته ذا الكلاع الحميري وحوشب ذا الظليم، وعلى الميسرة عمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة، وعلى القلب الضحاك بن قيس الفهري و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى الساقة بسر بن ارطاة الفهري، وعلى الجناح عبد الله بن مسعدة الفزاري، وهمام بن قبيصة النمري، وعلى الكمين ابا الاعور السلمي، وحابس بن سعد الطائي. (المناقب ج 2 م 44)


[ 353 ]

فبعث علي عليه السلام إلى معاوية أن اخرج إلى ابا رزك فلم يفعل. وقد جرى بين العسكرين اربعون وقعة يغلبها اهل العراق أولها: يوم الاربعاء بين الاشتر وحبيب بن مسلمة. والثاني: بين المرقال وابي الاعور السلمي. والثالث بين عمار وعمرو بن العاص والرابع بين ابن الحنفية وعبيد الله بن عمر والخامس بين عبد الله بن العباس والوليد بن عقبة. والسادس: بين سعد بن قيس وذي الكلاع إلى تمام الاربعين وقعة آخرها ليلة الهرير خرج عون بن عوف الحارثي قائلا: اني انا عون اخو الحروب * صاحبها ولست بالهروب فبارزه علقمة قائلا: يا عون لو كنت امرءا حازما * لم تبرز الدهر إلى علقمة لقيت ليثا اسدا باسلا * يأخذ بالانفاس والغلصمة وخرج أحمر مولى عثمان قائلا: ان الكتيبة عند كل تصادم * تبكي فوارسها على عثمان فأجابه كيسان مولى علي عليه السلام: عثمان ويحك قد مضى لسبيله * فاثبت لحد مهند وسنان فقتله الاحمر. فقال علي عليه السلام: قتلني الله ان لم اقتلك، اخذ بجريان درعه ورفعه وضربه على الارض وجعل يجول في الميدان ويقول: لهف نفسي وقليل ما اسر * ما اصاب الناس من خير وشر لم أرد في الدهر يوما حربهم * وهم الساعون في الشر الشمر فحث معاوية غلامه حريثا أن يغتال عليا في قتله فطير أمير المؤمنين عليه السلام قحفه في الهواء وجعل يجول ويقول: ألا احذروا في حربكم ابا الحسن * فلا تروموه فمذا من الغبن فانه يدقكم دق الطحن * ولا يخاف في الهياج من ومن وخرج عمرو بن العاص مرتجزا يقول: لا عيش إن لم الق يوما هاشما * ذاك الذي جشمني المجاشما ذاك الذي يشتم عرضي ظالما * ذاك الذي لم ينج منى سالما فبرز هاشم مرتجزا: ذاك الذي نذرت فيه النذرا * ذاك الذي اعذرت فيه العذرا


[ 354 ]

ذاك الذي ما زال ينوي الغدرا * أو يحدث الله لامر أمرا فضربه هاشم وخرج عبد الرحمن بن خالد بن الوليد يقول: قل لعلي هكذا الوعيد * انا ابن سيف الله لا مزيد وخالد ابن نبته الوليد * قد فمر الحرب فزيد وازيدوا فبرز الاشتر مرتجزا يقول: بالضرب اوفي ميتة مؤخرة * يا رب جنبني سبيل الفجرة ولا تخيبني ثواب البررة * واجعل وفاتي بأكف الكفرة فضربه الاشتر فانصرف قائلا: افنانا دم عثمان. فقال معاوية: هذه فاشرة الصباة في اللعب فاصبر فان الله مع الصابرين. وخرج معاوية يشير إلى همدان وهو يقول: لا عيش إلا فلق قحف الهام * من أرحب ويشكر شبام قوم هم اعداء اهل الشام * كم من كريم بطل همام وكم قتيل وجريح ذام * كذاك حرب السادة الكرام فبرز سعيد بن قيس يرتجز ويقول: لا هم رب الحل والحرام * لا تجعل الملك لاهل الشام فحمل وهو مشرع رمحه فولى معاوية هاربا ودخل في غمار القوم وجعل قيس يقول: يا لهف نفسي فاتني معاوية * على طم كالعقاب هاوية والراقصات لا يعود ثانية * إلا هوى معفرا في الهاوية وبرز أبو الطفيل الكناني قائلا: تحامت كنانة في حربها * وحامت تميم وحامد أسد وهامت هوازن من بعدها * فما حام منها ومنهم احد طحنا الفوارس يوم العجاج * وسقنا الاراذل سوق النكد وجال علي عليه السلام في الميدان قائلا: أنا علي فسألوني تخبروا * ثم ابرزوا لي في الوغى وابدروا سيفي حسام وسناني يزهر * منا النبي الطاهر المطهر وحمزة الخير ومنا جعفر * وفاطم عرسي وفيها مفخر هذا لهذا وابن هند محجر * مذبذب مطرد مؤخر فاستخلفه عمرو بن الحصين السكوني على أن يطعنه فرآه سعيد بن قيس فطعنه وأنشد:


[ 355 ]

أقول له وفى رمحي حشاه * وقد قرت بمصرعه العيون ألا يا عمرو عمرو بني حصين * وكل فتى ستدركه المنون أتدرك أن تنال أبا حسين * بمعضلة وذا ما لا يكون وأنفذ معاوية ذا الكلاع إلى بني همدان فاشتبكت الحرب بينهم إلى الليل ثم انهزم اهل الشام ثم انشأ امير المؤمنين عليه السلام ابياتا منها: فوارس من همدان ليسوا بعزل * غداة الوغى من شاكر وشبام يقودهم حامي الحقيقة ماجد * سعيد بن قيس والكريم محام جزى الله همدان الجنان فانهم * سهام العدى في كل يوم جمام وبرز أبو أيوب الانصاري فنكلوا عنه فحاذى معاوية حتى دخل فسطاطه فترفع ابن منصور فقال امير المؤمنين عليه السلام: وعلمنا الحرب آباؤنا * وسوف نعلم ايضا بنينا وخرج رجل في براز رجل كوفي فصرعه الكوفي فإذا هو اخوه فقالوا خله فأبى أن يطلقه إلا بأمر علي فأذن له بذلك. وبرز عبد الله بن خليقة الطائي في جماعة من طي وارتجز: ياطي طي السهل والاجبال * ألا اثبتوا بالبيض والعوالي فقاتلوا أئمة الضلال وخرج من العسكر زهاء الف رجل فاقتتلوا حتى لم يبق منهم أحد، وفيهم يقول شبث بن ربعي: وقاتلت الابطال منا ومنهم * وقام نساء حولنا ونحيب وخرج بسر بن ارطاة مرتجزا: اكرم بجند طيب الاردان * جاؤا يكونوا أوليا الرحمن إني أتاني خبر شجاني * أن عليا نال من عثمان فبرز إليه سعيد بن قيس قائلا: بؤسا لجند ضايع الايمان * أسلمهم بسر إلى الهوان إلى سيوف لبني همدان فانصرف بسر من طعنته مجروحا وخرج بن لام القضاعي مرتجزا: اثبت لوقع الصارم الصقيل * فأنت لا شك أخو قتيل


[ 356 ]

فقال حجر بن عدي فخرج الحكم بن الازهر قائلا،: يا حجر حجر بني عدي الكندي * اثبت فاني ليس مثلي بعدي فقتله حجر فخرج إليه مالك بن مسهر القضاعي يقول: اني انا ابن مالك بن مسهر * انا ابن عم الحكم بن الازهر فأجابه حجر اني حجر وانا ابن مسعر * اقدم إذا شئت ولا تؤخر وبرز علقمة فاصيب في رجله وقتل من اهل العراق عمير بن عبيد المحاربي وبكر ابن هوذة النخعي وابنه حيان وسعيد بن نعيم وابان بن قيس فحمل علي عليه السلام فهزمهم. فقال معاوية كنت ارجو اليوم ظفرا. وبرز الاشتر وجعل يقتل واحدا بعد واحد، فقال معاوية في ذلك فبرز عمرو بن العاص في اربعمائة فارس إليه وتبع الاشتر مائتا رجل من نخع ومذحج وحمل الاشتر عليه فوقعت الطعنة في القربوس فانكسر وخر عمرو صريعا وسقطت ثناياه فاستأمنه. وبرز الاصبغ بن نباتة قائلا:، حتى متى ترجو البقا يا اصبغ * ان الرجاء للقنوط يدمغ وقائل حتى حرك معاوية من مقامه. وخرج عوف المرادي قائلا: انا المرادي واسمي عوف * هل من عراقي عصاه سيف فبرز إليه كعبر الاسدي قائلا: الشام فيها لقوي مغور * انا العراقي واسمي كعبر فقتله ورأى معاوية على تل فقصد نحوه فلما قرب منه حمل عليه مرتجزا: ويلي عليك يا بني هند * انا الغلام الاسدي حمد فأخذه اهل الشام بالطعان والضراب فانسل من بينهم قائلا: فلو نلته نلت الذي ليس بعدها * من الامر شئ غير مين مقالي ولو مت من يتلى له الف ميتة * لقلت لما قد نلت لست ابالي وخرج عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فبرز إليه حارثة بن قدامة السعدي فقتله. وخرج أبو الاعور السلمي فانصرف من طعنة زياد بن كعب الهمداني مجروحا وقتل بنو همدان خلقا كثيرا من اهل الشام، فقال معاوية،:، بنو همدان اعداء عثمان وبرز عمير بن عطارد التميمي في قومه قائلا: قد صابرت في حربها تميم * لها حديث ولها قديم دين قديم وهدى قديم


[ 357 ]

فقاتلوا إلى الليل وبرز قيس بن سعد وقال: أنا ابن سعد وأبي عبادة * والخزرجيون رجال سادة حتى متى انثنى إلى الوسادة * يا ذا الجلال لقني الشهادة فخرج بسر بن ارطاة الفهري وارتجز: أنا ابن ارطاة الجليل القدر * في اسرة من غالب وفهر ان ارجع اليوم بغير وتر * فقد قضيت في ابن سعد نذري فانصرف مجروحا من ضربة قيس. وخرج المخارق بن عبد الرحمن وقتل المرادي ومسلم الازدي ورجلين آخرين، فبرز إليه علي عليه السلام متنكرا فقتله وقتل سبعة بعده وخرج كريب بن الصباح فقتل المبرقع الخولاني وشرحبيل البكري والحارث الحكيمي و عبد الرحمن الهمداني فقتله امير المؤمنين ثم قتل الحرث بن وداع والمطاع ابن المطلب وعروة بن داود وخرج مولى لمعاوية مرتجزا: أنا الحارث ما بي من حذر * مولى ابن صخر وبه انتصر فقتله قنبر. وخرج بريد الكلبي قائلا: لقد ضلت معاشر من نزار * إذا انقادوا لمثل أبي تراب فقتله الاشتر. وخرج مشجع الجذامي فطعنه عدي بن حاتم. ونادى خالد السدوسي: من يبايعني على الموت ؟ فأجابه تسعة آلاف فقاتلوا حتى بلغوا فسطاط معاوية. فهرب معاوية فنهبوا فسطاطه، وانفذ معاوية إليه فقال يا خالد لك عندي امرة خراسان متى ظفرت فاقصر ويحك عن فعالك هذا. فنكل عنها فتفل اصحابه في وجهه وحاربوا إلى الليل وفيه يقول النجاشي: وفر ابن حرب غير الله وجهه * وذاك قليل من عقوبة قادر وخرج حمزة بن مالك الهمداني قائلا لهاشم المرقال: يا أعور العين وما فينا عور * نبغي ابن عفان ونلحي من غدر فقتله المرقال، فهجموا على المرقال فقتلوه، فأخذ سفيان بن ثور رايته فقاتل حتى قتل ثم اخذها عتبة بن المرقال فقاتل حتى قتل، فأخذها أبو الطفيل الكناني مرتجزا: يا هاشم الخير دخلت الجنة * قتلت في الله عدو السنة، فقاتل حتى جرح فرجع القهقرى واخذها عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي مرتجزا:


[ 358 ]

أضربكم ولا أرى معاوية * الابرج العين العظيم الهاوية هوت به في النار ام هاوية * جاوره فيها كلاب عاوية فهجموا عليه فقتلوه، فأخذها عمرو بن الحمق قائلا: جزى الله فينا عصبة أي عصبة * حسان وجوه صرعوا حول هاشم وقاتل أشد قتال فخرج ذو الظليم قائلا: أهل العراق ناسبوا وانتسبوا * أنا اليماني واسمي حوشب من ذي الظليم أين أين المهرب فبرز إليه سلمان بن صرد الخزاعي قائلا: يا ايها الحي الذي تذبذبا * لسنا نخاف ذا الظليم حوشبا فحملت الانصار حملة رجل واحد وقتلوا ذا الكلاع وذا الظليم وساروا إليهم وكاد يؤخذ معاوية، فقال الانصار: معاوي ما افلت إلا بجرعة * من الموت حتى تحسب الشمس كوكبا فان تفرحوا بابن البديل وهاشم * فانا قتلنا ذا الكلاع وحوشبا وخرج عبيد الله بن عمر ودعا محمد بن الحنفية فنهض محمد فنهاه ابوه وكان يقول: أنا عبيدالله ينميني عمر * خير قريش من مضى ومن غبر فقتله عبد الله بن سوار، ويقال حريث بن خالد، ويقال هاني بن عمرو الينبوعي ويقال محمد بن الصبيح. فأمر معاوية بتقديم سبعين راية، وبرز عمار في رايات فقتل من اصحاب معاوية سبعمائة رجل ومن اصحاب علي مائتا رجل. وخرج علي عليه السلام في مقاتلة همدان وقال بعضهم: (برك الجمل برك الجمل) فبركوا وبركت ايضا همدان، فقال امير المؤمنين عليه السلام قد حمل القوم فبركا فبركا * لا يدخل القوم على ما شكا وخرج عمرو بن العاص يقول: اني إذا الحرب تفرت عن كثير * أحمل ما احملت من خير وشر فقصده الاشتر مرتجزا: اني أنا الاشتر معروف السير * اني أنا الافعى العراقي الذكر فهزمهم وجرح عمرو، فقال النجاشي:


[ 359 ]

عدو النبي خلال العجاج * وافلت في حيرة خيلة الابتر فرد اللواء على عقبه * وفاز بخطوتها الاشتر وخرج العراد بن الادهم ودعا العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فقتله العباس فنهاه علي عليه السلام عن المبارزة ولعبد الله بن العباس. فقال معاوية، من قتل العباس، فله عندي ما يشاء ؟ فخرج رجلان لخميان فدعاه احدهما، فقال إن أذن لي سيدي ابارزك، واتى عليا عليه السلام فبرز علي في صلاح العباس وفرسه متنكرا فقال الرجل: أذنك سيدك ؟ فقال عليه السلام: ” اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ” فقتله وتقدم الآخر فقتله. وخرج قبيصة النميري وكان يشتم عليا ويرتجز: اقدم اقدام الهزبر العالي * في نصر عثمان ولا ابالي فبرز عدي بن حاتم قائلا: يا صاحب الصوت الرفيع العالي * يفدي عليا ولدي ومالي وخرج حجل بن اثال العبسي فطلب البراز إليه ابنه اثال فلما رآه قال انصرف إلى الشام فان فيها اموالا جمة، فقال ابنه يا ابه انصرف الينا وجنة الخلد مع علي وعبى معاوية اربعة صفوف فتقدم أبو الاعور السلمي يحرضهم ويقول: يا اهل الشام اياكم والفرار فانها سبة وعار فدقوا على اهل العراق فانهم اهل فتنة ونفاق. فبرز سعيد بن قيس وعدي بن حاتم والاشتر والاشعث فقتلوا منهمم ثلاثة آلاف ونيفا وانهزم الباقون. وخرج كعب بن جعيل شاعر معاوية قائلا: ابرز إلي الآن يا نجاشي * وانني ليث لدى الهراش فأجابه النجاشي شاعر علي عليه السلام وبرز إليه: اربع قليلا فأنا النجاشي * لست أبيع الدين بالمعاشي انصر خير راكب وماش * ذاك علي بين الرياش وبرز عبد الله بن جعفر في الف رجل فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص واتى اويس القرني متقلدا بسيفين ويقال كان معه مرماة ومخلاة من الحصى فسلم على امير المؤمنين وودعه مع رجاله ربيعة فقتل من يومه فصلى عليه امير المؤمنين ودفنه. ثم ان عمار جعل يقاتل ويقول: نحن ضربناكم على تنزيله * ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله * أو يرجع الحق إلى سبيله


[ 360 ]

فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله. وبرز أمير المؤمنين عليه السلام ودعا معاوية وقال أسألك أن تحقن الدماء وتبرز إلي وإبرز اليك فيكون الامر لمن غلب فبهت معاوية ولم ينطق بحرف، فحمل أمير المؤمنين عليه السلام على الميمنة فأزالها ثم حمل على الميسرة فطحنها ثم حمل على القلب وقتل منهم جماعة وانشد: فهل لك في أبي الحسن علي * لعل الله يمكن من قفاكا دعاك إلى البراز فكعت عنه * ولو بارزته تربت يداكا فانصرف أمير المؤمنين عليه السلام ثم برز متنكرا، فخرج عمرو بن العاص مرتجزا: يا قادة الكوفة من اهل الفتن * يا قاتلي عثمان ذاك المؤتمن كفى بهذا حزنا مع الحزن * اضربكم ولا ارى ابا الحسن فتناكل عنه علي عليه السلام حتى تبعه عمرو ثم ارتجز: أنا الغلام القرشي المؤتمن * الماجد الابيض ليث كالشطن يرضى به السادة من أهل اليمن * من ساكني نجد ومن اهل عدن أبو الحسين فاعلمن أبو الحسن فولى عمرو هاربا فطعنه امير المؤمنين فوقعت في ذيل درعه فاستلقى على قفاه وابدى عورته، فصفح عنه استحياء وتكرما. فقال معاوية: الحمد لله الذي عافاك * واحمد استك الذي وقاك وقال أبو نواس،: فلا خير في دفع الردى بمذلة * كما ردها يوما بسوءته عمرو وقال حيص بيص: قبح مخازيك هازم شرفي * سوءة عمرو ثنت سنان علي وبرز علي عليه السلام ودعا معاوية فنكل عنه. فخرج بسر بن ارطاة يطمع في علي فضربه امير المؤمنين (ع) فاستلقى على قفاه وكشف عن عورته فانصرف عنه علي، فقال: ويلكم يا اهل الشام أما تستحون من معاملة المخانيث لقد علمكم رأس المخانيث عمرو. لقد روي هذه السيرة عن ابيه عن جده في كشف استاه وسط عرصة الحروب. فخرج غلامه لاحق ثم قال: ارديت بسرا والغلام ثايره * وكل اب من عليه قادرة (المناقب ج 2، م 45)


[ 361 ]

فطعنه الاشتر قائلا: في كل يوم رجل شيخ بادرة * وعورة وسط العجاج ظاهرة ابرزها طعنة كف فاترة * عمرو وبسر رهبا بالقاهرة فلما رأى معاوية كثرة براز امير المؤمنين اخذ في الخديعة فأنفذ عمرو إلى ربيعة رجالاته فوقعوا فيه فقال اكتب إلى ابن عباس وغره فكان فيما كتب شعرا: طال البلاء فما ندري له اس * بعد الآله سوى رفق ابن عباس فكان جواب ابن عباس: يا عمرو حسبك من خدع ووسواس * فاذهب فما لك في ترك الهدى اس إلا بوادر طعن في نحوركم * تشجي النفوس له في نقع افلاس إن عادت الحرب عدنا والتمس هربا * في الارض أو سلما في الافق يا قاسي ثم كتب معاوية إليه يذكر فيه: انما بقي من قريش ستة أنا وعمرو بالشام ناصبان، وسعد وابن عمر بالحجاز، وعلي وأنت بالعراق على خطب عظيم ولو بويع لك بعد عثمان لاسرعنا فيه. فأجابه ابن عباس بمسكة فيها: دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة * ولست له حتى تموت بخادع وكتب إلى علي عليه السلام: أما بعد فانا لو علمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يحنها بعضنا إلى بعض وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا ما نرم به ما مضى ونصلح به ما بقي وقد كنت سألتك الشام على ان لا يلزمني لك طاعة ولا بيعة فأبيت علي وأنا ادعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه امس فانك لا ترجو من البقاء إلا ما ارجو ولا تخاف من الفناء إلا اخاف وقد والله رقت الاجساد وذهبت الرجال ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض يستذل به عزيز ويسترق به حر. فأجابه عليه السلام: أما قولك إن الحرب قد اكلت العرب إلا حشاشات انفس بقيت ألا ومن اكله الحق فالى النار واما طلبتك إلي الشام فاني لم اكن لا عطيك اليوم ما منعتك امس وأما استواؤنا في الخوف والرضا فلست امضى على الشك مني على اليقين وليس اهل الشام على الدنيا بأحرص من اهل العراق على الاخرة وأما قولك إنا بنو عبد مناف فكذلك نحن وليس امية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا الطليق كالمهاجر ولا الصريح كاللصيق ولا المحق كالمبطل ولا المؤمن كالمدغل وفي ايدينا فضل النبوة الذي ذللنا بها العزيز ونعثنا بها الذليل وبعنا به الحر


[ 362 ]

وأمر معاوية لابن الخديج الكندي ان يكاتب الاشعث، والنعمان بن بشير ان يكاتب قيس بن سعد في الصلح ثم انفذ عمروا وعتبة وحبيب بن مسلمة والضحاك ابن قيس إلى امير المؤمنين عليه السلام فلما كلموه قال: ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه فان تجيبوا إلى ذلك فللرشد اصبتم وللخير وفقتم وان تابوا لم تزدادوا من الله إلا بعدا. فقالوا: قد رأينا أن تنصرف عنا فنخلي بينكم وبين عراقكم وتخلون بيننا وبين شامنا فنحن نحقن دماء المسلمين. فقال عليه السلام: لم أجد إلا القتال أو الكفر بما انزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وآله. ثم برز الاشتر وقال: سووا صفوفكم. وقال امير المؤمنين عليه السلام: ايها الناس من يبع يربح في هذا اليوم في كلام له عليه السلام. ألا أن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير في عواقب الامور ألا أنها إحن بدرية وضغاين احدية وأحقاد جاهلية وقرأ: ” فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون ” فتقدم وهو يرتجز: دبوا دبيب النمل لا تفوتوا * واصبحوا في حربكم وبيتوا كيما تنالوا الدين أو تموتوا * أو لا فاني طال ما عصيت قد قلتم لو جئتنا فجئت * ليس لكم ما شئتم وشئت بل ما يريد المحي المميت فحمل في سبعة عشر الف رجل فكسروا الصفوف، فقال معاوية لعمرو: اليوم صبر وغدا فخر. فقال عمرو: صدقت يا معاوية ولكن الموت حق والحياة باطل ولو حمل علي في اصحابه حملة اخرى فهو البوار. فقا ل امير المؤمنين عليه السلام: فما انتظاركم إن كنتم تريدون الجنة ؟ فبرز أبو الهيثم بن التيهان قائلا: أحمد ربي فهو الحميد * ذاك الذي يفعل ما يريد دين قويم وهو الرشيد فقاتل حتى قتل وبرز خزيمة بن ثابت قائلا: كم ذا يرجى أن يعيش الماكث * والناس موروث وفيهم وارث هذا علي من عصاه ناكث فقاتل حتى قتل. وبرز عدي بن حاتم قائلا:


[ 363 ]

أبعد عمار وبعد هاشم * وابن بديل صاحب الملاحم ترجو البقاء من بعد يا بن حاتم فما زال يقاتل حتى فقيئت عينه. وبرز الاشتر مرتجزا: سيروا إلى الله ولا تعوجوا * دين قويم وسبيل منهج وقتل جندب بن زهير فلم يزالوا يقاتلون حتى دخل وقعة الخميس وهي ليلة الهرير وكان اصحاب علي عليه السلام يضربون الطبول من اربع جوانب عسكر معاوية ويقولون علي المنصور وهو يرفع راسه إلى السماء ساعة بعد ساعة ويقول: اللهم اليك نقلت الاقدام واليك افضت القلوب ورفعت الايدي ومدت الاعناق وطلبت الحوائج وشخصت الابصار اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين وينشد: الليل داج والكباش تنتطح * نطاح اسد ما أراها تصطلح اسد عرين في اللقاء قد مرح * منها قيام وفريق منبطح فمن نجا برأسه فقد ربح وكان يحمل عليهم مرة بعد مرة ويدخل في غمارهم ويقول الله الله في الحرم والذرية فكانوا يقاتلون اصحابهم بالجهل فلما اصبح كان قتلى عسكره اربعة آلاف رجل، وقتلى عسكر معاوية اثنين وثلاثين الف رجل، فصاحوا يا معاوية هلكت العرب فاستغاث هو بعمرو فأمره برفع المصاحف قال قتادة: قتلى يوم صفين ستون الفا وقال ابن سيرين: سبعون الفا. وهو المذكور في انساب الاشراف وصنعوا على كل قتيل قصبة ثم عدوا القصب فصل: في الحكمين والخوارج روي في معنى قوله تعالى: ” ومن الناس من يعبد الله على حرف ” انه كان أبو موسى وعمرو وروى ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة انه قال: كنت مع ابي موسى على شاطئ الفرات فقال سمعت رسول الله (ص) يقول إن بني اسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضل من اتبعهما، ولا تنفك اموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلان ويضل من تبعهما، فقلت اعيذك بالله ان تكون


[ 364 ]

احدهما قال: فخلع قميصه فقال برأني الله من ذلك كما برأني من قميصي، ولما جرى ليلة الهرير صاحوا يا معاوية هلكت العرب، فقال معاوية: يا عمرو نفر أو نستأمن ؟ قال: نرفع المصاحف على الرماح ونقرأ ” ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ” فان قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب ورافعنا بهم إلى اجل، وإن ابى بعضهم إلا القتال فللنا شوكتهم وتقع بينهم الفرقة وآمر بالنداء فلسنا ولستم من المشركين، ولا المجمعين على الردة، فان تقبلوها ففيها البقاء، للفرقتين وللبلدة، وإن تدفعوها ففيها الفناء، وكل بلاء إلى مدة، فقال عوف بن عبد الله: رميناهم حتى أزلنا صفوفهم * فلم ير إلا بوجة وكابيا وحتى استغاثوا بالمصاحف والقنا * بها وقفات يختطفن المحاميا وقال الجماني العلوي: هبلت ام قريش حين تدعون الهبل * حين ناطوا بكتاب الله أطراف الاسل فقال مسعر بن فدكي وزيد بن حصين الطائي والاشعث بن قيس الكندي أجب القوم إلى كتاب الله، فقال امير المؤمنين (ع): ويحكم والله انهم ما رفعوا المصاحف إلا خديعة ومكيدة حين علوتموهم. وقال خالد بن معمر السدوسي: يا أمير المؤمنين أحب الامور الينا ما كفينا مؤنته. وانشد رفاعة بن شداد البجلي: وإن حكموا بالعدل كانت سلامة * وإلا أثرناها بيوم قماطر فقصد إليه عشرون الف رجل يقولون: يا علي اجب إلى كتاب الله إذا دعيت وإلا دفعناك برمتك إلى القوم أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان فقال: فاحفظوا عني مقالتي فاني آمركم بالقتال فان تعصوني فافعلوا ما بدا لكم قالوا: فابعث إلى الاشتر ليأتينك فبعث يزيد بن هاني السبيعي يدعوه. فقال الاشتر: إني قد رجوت أن يفتح الله لا تعجلني وشدد في القتال. فقالوا: حرضته في الحرب فابعث إليه بعزيمتك ليأتيك وإلا والله اعتزلناك قال: يا يزيد عد إليه وقل له اقبل الينا فان الفتنة قد وقعت فأقبل الاشتر يقول لاهل العراق: يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم وعلموا انكم لهم قاهرون رفعوا لكم المصاحف خديعة ومكرا ؟ فقالوا: قاتلناهم في الله فقال: امهلوني ساعة وأحسست بالفتح وأيقنت بالظفر قالوا: لا. قال: امهلوني


[ 365 ]

عدوة فرسي قالوا: إنا لسنا نطيعك ولا لصاحبك ونحن نرى المصاحف على رؤس الرماح ندعى إليها. فقال: خدعتم والله فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم. فقام جماعة من بكر بن وائل فقالوا: يا امير المؤمنين إن اجبت القوم اجبنا وإن ابيت ابينا. فقال عليه السلام: نحن احق من اجاب إلى كتاب الله وإن معاوية وعمروا وابن ابي معيط وحبيب بن مسلمة وابن ابي سرح والضحاك بن قيس ليسوا باصحاب دين وقرآن انا اعرف بهم منكم قد صحبتهم اطفالا ورجالا (في كلام له) فقال اهل الشام: فانا قد اخترنا عمروا فقال الاشعث وابن الكواء ومسعر بن فدكي وزيد الطائي نحن اخترنا ابا موسى فقال امير المؤمنين عليه السلام: فانكم قد عصيتموني في اول الامر فلا تعصوني الآن. فقالوا:، انه قد كان يحذرنا مما قد وقعنا فيه. فقال امير المؤمنين عليه السلام: انه ليس بثقة قد فارقني وقد خذل الناس ثم هرب مني حتى امنته بعد شهر ولكن هذا ابن عباس اوليه ذلك. قالوا: والله ما نبالي انت كنت ام ابن عباس قال: فالاشتر قال الاشعث: وهل سعر الحرب غير الاشتر ؟ وهل نحن إلا في حكم الاشتر ؟ قال الاعمش: حدثني من رأى عليا (ع) يوم صفين يصفق بيديه ويقول: يا عجبا اعصى ويطاع معاوية ؟ وقال: قد ابيتم إلا ابا موسى ؟ قالوا: نعم قال: فاصنعوا مابدا لكم اللهم اني ابرأ اليك من صنيعهم. وقال الاحنف: إذا اخترتم ابا موسى فارقبوا ظهره. فقال خزيم بن فاتك الاسدي: لو كان للقوم رأيا يرشدون به * اهل العراق رموكم بابن عباس لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن * لم يدر ما ضرب اسداس واخماس فلما اجتمعوا كان كاتب علي عليه السلام عبيدالله بن ابي رافع وكاتب معاوية عمير ابن عباد الكلبي. فكتب عبيد الله: هذا ما تقاضى عليه امير المؤمنين علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان. فقال عمرو: اكتبوا اسمه واسم ابيه هو اميركم فاما اميرنا فلا. فقال الاحنف لا تمح اسم امارة المؤمنين امح ترحه من الله فقال علي عليه السلام الله اكبر سنة بسنة ومثل بمثل واني لكاتب يوم الحديبية. روى أحمد في المسند: أن النبي (ص) أمر أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو: وهذا كتاب بيننا وبينك فافتحه بما نعرفه، واكتب باسمك اللهم فامر بمحو ذلك وكتب: باسمك اللهم هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله وسهيل بن


[ 366 ]

عمرو واهل مكة فقال سهيل: لو أجبتك إلى هذا لاقررت لك بالنبوة فقال امحها يا علي فجعل يتلكأ ويأبى فمحاها النبي (ص) وكتب: هذا ما اصطلح به محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واهل مكة. يقول الله في كتابه: ” لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ” روى محمد بن اسحاق عن بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب: أن النبي (ص) قال لعلي فان لك مثلها تعطاها وانت مضطهد الماوردي في اعلام النبوة انه قال: ستسام مثلها يوم الحكمين وفي رواية: ستدعى إلى مثلها فتجيب وانت على مضض. وفي رواية: أن لك يوما يا علي بمثل هذا انا اكتبها للآباء وانت تكتبها للابناء: سيدعى إلى مثلها صنوه * له قال والامر مستجمع وبين الرضا وبين ابن هند * كيوم الحديبية المسرع سهيل محا ثم اسم الرسول * كاسم الامير محا المبدع ففي دومة الجندل الاقتداء * بيوم السقيفة إذ شنعوا فقال عمرو: يا سبحان الله تشبه بالكفار ونحن مؤمنون ! فقال علي: يا ابن النابغة أو لم تكن للمشركين وليا وللمؤمنين عدوا ؟ أو لم تكن في الضلالة راسا وفي الاسلام ذنبا ؟ (في كلام له) فكتبوا أن يحكموا بما في كتاب الله وينصرفوا والمدة سنة واحدة كاملة ويكون مجتمع الحكمين بدومة الجندل وقال الصاحب: ودعا إلى التحكيم لما عضه حد الرماح فمضى أبو موسى وعمرو جالب الشر البراح بابان قد فتحا إلى شر يدوم على انفتاح فلما اجتمعا قال عمرو يا ابا موسى انت اولى ان تسمي رجلا يلي أمر هذه الامة فسم لي فاني اقدر ان ابايعك منك على ان تبايعني. قال أبو موسى: اسمي لك عبد الله بن عمر فيمن اعتزله فقال عمرو: فاني اسمي لك معاوية بن ابي سفيان وفي رواية قال عمرو: انهما ظالمان وان عليا آوى قتلة عثمان وان معاوية خاذله فنخلعهما ونبايع عبد الله بن عمر لزهادته واعتزاله عن الحرب. فقال أبو موسى نعم ما رأيت قال: فاني قد خلعت معاوية فاخلع عليا إن شئت وإن شئت فاخلعه غدا فانه يوم الاثنين قال: فلما اصبحا خرجا إلى الناس فقالا: قد اتفقنا فقال: أبو موسى لعمرو:


[ 367 ]

تقدم واخلع صاحبك بحضرة الناس. فقال عمرو: سبحان الله أتقدم عليك وأنت في موضعك وسنك وفضلك مقدم في الاسلام والهجرة ووفد رسول الله (ص) إلى اليمن وصاحب مقاسم ابي بكر وعامل عمر وحاكم اهل العراق فتقدم أنت فقدمه فقال أبو موسى: إنا والله ايها الناس قد اجتهدنا رأينا لم نر اصلح للامة من خلع هذين الرجلين وقد خلعت عليا ومعاوية كخلع خاتمي هذا: فقال عمرو: ولكني خلعت صاحبه عليا كما خلع واثبت معاوية كخاتمي هذا وجعله في شماله فقال كوفي لعمرك ما القى يد الدهر خالعا * عليك بقول الاشعري ولا عمرو فكتب عمرو إلى معاوية: اتتك الخلافة من خدرها * هنيئا مريئا تقر العيونا وقال العوني: فأعلموا الحيلة في التحكيم * بمكر شيطانهم الرجيم ففي الرعاة حكموا الرعيا فأصبح القوم على تخالف * إذ شكت الا رماح في المصاحف واخذ الانحدار والرقيا فجاء أهل الشام بابن العاص * فاحتال فيها حيلة القناص غر ابا موسى الاشعريا قام أبو موسى فويق المنبر * فقال اني خالع لحيدر كما اختلعت خاتمي من خنصري * يا عمرو قم انت اخلع الشاميا فقال عمرو ايها الناس اشهدوا * جمعا فاني لابن هند اعقد فاستشهدوه مذهبا عمريا ولما عزل معاوية عمروا من مصر كتب إليه: معاوية الخير لا تنسني * وعن مذهب الحق لا تعدل اتنسى محاورة الاشعري * ونحن على دومة الجندل الين فيطمع في غرتي * وقد غاب فصلى في المقتل العقة عسلا باردا * وامرجه بجني الحنظل ورقيتك المنبر المشمخر * بلا حد سيف ولا منصل ونزعتهما منهم بالخداع * كخلع النعال من الارجل


[ 368 ]

وثبتها فيك لما يئست * كمثل الخواتيم في الانمل فاما ملكت ومات الهمام * والقت عصاها يد الافضل منحت سواي بمثل الجبال * ونولتني حبة الخردل فان تك فيها بلغت المنى * ففي عنقي يعلق الجلجل وما دم عثمان منج لنا * من الله والحسب الاطول وإن عليا غدا خصمنا * ويعتز بالله والمرسل يسايلنا عن امور جرت * ونحن عن الحق في معزل تفسير القشيري وابانة العكبري عن سفيان عن الاعمش عن سلمة عن كهيل عن ابي الطفيل انه: سأل ابن الكواء امير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى ” قل هل انبئكم بالاخسرين أعمالا – الآية – ” فقال عليه السلام انهم اهل حرورا ثم قال: ” الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ” في قتال علي ابن ابي طالب ” اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا ” بولاية علي واتخذوا آيات القرآن ورسلي يعني محمدا هزؤا، واستهزأوا بقوله: (ألا من كنت مولاه فعلي مولاه) وانزل في اصحابه ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات – الآية – ” فقال ابن عباس نزلت في اصحاب الجمل. تفسير الفلكي أبو امامة قال النبي (ص) في قوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم – الآية – ” هم الخوارج البخاري ومسلم والطبري والثعلبي في كتبهم: إن ذا الخويصرة التميمي قال للنبي اعدل بالسوية. فقال: ويحك إن انا لم اعدل قد خبت وخسرت فمن يعدل ؟ فقال عمر: ائذن لي أضرب عنقه. فقال: دعه فان له اصحابا وذكر وصفه فنزل ” ومنهم من يلمزك في الصدقات “. مسند أبي يعلى الموصلي وابانة ابن بطة العكبري وعقد ابن عبد ربه الاندلسي وحلية ابن ابي نعيم الاصفهاني وزينة ابي حاتم الرازي وكتاب ابي بكر الشيرازي انه ذكر بين يدي النبي بكثرة العبادة فقال النبي لا اعرفه فإذا هو قد طلع فقالوا هو هذا فقال النبي (ص) أما أني أرى بين عينيه سفعة من الشيطان فلما رآه قال له (المناقب ج 2 م 46)


[ 369 ]

هل حدثتك نفسك إذ طلعت علينا انه ليس في القوم احد مثلك ؟ قال: نعم ثم دخل المسجد فوقف يصلي، فقال النبي (ص) ألا رجل يقتله ؟ فحسر أبو بكر عن ذراعيه وصمد نحوه فرآه راكعا، فقال أقتل رجلا يركع ويقول لا إله إلا الله ؟ فقال صلى الله عليه وآله: اجلس فلست بصاحبه قم يا علي فانك انت قاتله، فمضى وانصرف وقال ما رأيته، فقال النبي (ص) لو قتل لكان اول فتنة وآخرها. وفي رواية: هذا اول قرن يطلع في امتي لو قتلتموه ما اختلف بعدي اثنان. وقال مالك بن انس فانزل الله تعالى: ” ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي (القتل) ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ” بقتال علي بن ابي طالب. ولما دخل امير المؤمنين عليه السلام الكوفة جاء إليه زرعة بن البزرج الطائي وحرقوص بن زهير التميمي ذو الثدية فقالا: لاحكم إلا لله. فقال عليه السلام: كلمة حق يراد بها باطل. قال حرقوص: فتب من خطيئتك وارجع عن قصتك وأخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال علي عليه السلام: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتابا وشروطا واعطينا عليها عهودا ومواثيق وقد قال الله تعالى: ” واوفوا بعهد الله إذا عاهدتم – الآية – ” فقال حرقوص: ذلك ذنب ينبغي ان تتوب عنه. فقال علي: ما هو ذنب ولكنه عجز من الرأي وضعف في العقل وقد تقدمت فنهيتكم عنه. فقال ابن الكواء: الآن صح عندنا انك لست بامام ولو كنت اماما لما رجعت. فقال علي: ويلكم قد رجع رسول الله (ص) عام الحديبية عن قتال اهل مكة. ففارقوا امير المؤمنين (ع) وقالوا: لا حكم إلا لله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وكانوا اثني عشر الفا من اهل الكوفة والبصرة وغيرهما. ونادى مناديهم ان امير المؤمنين شبث بن ربعي وامير الصلاة عبد الله بن الكواء والامر شورى بعد الفتح والبيعة لله على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واستعرضوا الناس. وقتلوا عبد الله بن خباب بن الارت، وكان عامله عليه السلام على النهروان فقال امير المؤمنين (ع): يا ابن عباس امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه ولماذا اجتمعوا ؟ فلما وصل إليهم قالوا: ويلك يا ابن عباس أكفرت بربك كما كفر صاحبك علي بن ابي طالب ؟ وخرج خطيبهم عتاب بن الاعور الثعلبي، فقال ابن عباس من بنى الاسلام ؟


[ 370 ]

فقال الله ورسوله. فقال: النبي احكم اموره ودخل بين حدوده ام لا ؟ قا ل: بلى قال: فالنبي بقي في دار الاسلام ام ارتحل ؟ قال: بل ارتحل. قال: فامور الشرع ارتحلت معه ام بقيت بعده ؟ قال بل بقيت. قال: وهل قام احد بعده بعمارة ما بناه ؟ قال: نعم الذرية والصحابة قال: أفعمروها أو خربوها ؟ قال: بل عمروها قال: فالآن هي معمورة أم خراب ؟ قال بل خراب. قال: خربها ذريته أم امته ؟ قال: بل امته. قال: وأنت من الذرية أو من الامة ؟ قال: من الامة. قال: انت من الامة وخربت دار الاسلام فكيف ترجو الجنة ؟ وجرى بينهم كلام كثير فحضر امير المؤمنين عليه السلام في مائة رجل، فلما قابلهم خرج ابن الكواء في مائة رجل. فقال عليه السلام: انشدكم الله هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف ؟ فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله، فقلت لكم اني اعلم بالقوم منكم (وذكر مقاله) إلى ان قال: فلما ابيتم إلا الكتاب اشرطت على الحكمين ان يحييا ما احيى القرآن وان يميتا ما امات القرآن فان حكما بحكم القرآن فليس لنا ان نخالف حكمه وإن ابيا فنحن منه برآء. فقالوا له: اخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء ؟ فقال: إنا لسنا الرجال حكمنا وانما حكمنا القرآن والقرآن انما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق انما يتكلم به الرجال، قالوا: فاخبرنا عن الاجل لم جعلته فيما بينك وبينهم ؟ قال ليعلم الجاهل ويثبت العالم ولعل الله يصلح في هذه المدة لهذه الامة. وجرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع فأعطى امير المؤمنين عليه السلام راية الامان مع ابي ايوب الانصاري، فناداهم أبو ايوب: من جاء إلى هذه الراية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن. فرجع منهم ثمانية آلاف رجل، فأمرهم امير المؤمنين عليه السلام ان يتميزوا منهم، واقام الباقون على الخلاف وقصدوا إلى النهروان فخطب امير المؤمنين (ع) واستنفرهم فلم يجيبوه فتمثل. أمرتكم أمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحي الغد ثم استنفرهم فنفر الفا رجل يقدمهم عدي بن حاتم وهو يقول: إلى شر خلق من شراة تحزبوا * وعادوا إله الناس رب المشارق فوجه أمير المؤمنين عليه السلام نحوهم وكتب إليهم على يدي عبد الله بن أبي عقب وفيها: والسعيد من سعدت به رعيته والشقي من شقيت به رعيته وخير الناس خيرهم لنفسه وشر الناس شرهم لنفسه وليس بين الله وبين احد قرابة ” وكل نفس بما كسبت


[ 371 ]

رهينة ” فلما اتاهم امير المؤمنين عليه السلام فاستعطفهم فأبوا إلا قتاله. وتنادوا أن دعوا مخاطبة علي واصحابه وبادروا الجنة وصاحوا الرواح الرواح إلى الجنة، وامير المؤمنين يعبئ اصحابه ونهاهم أن يتقدم إليهم احد، فكان اول من خرج اخنس بن العيزار الطائي وجعل يقول: ثمانون من حيى جديلة قتلوا * على النهر كانوا يخضبون العواليا ينادون لا حكم إلا لربنا * حنانيك فاغفر حوبنا والمساويا هم فارقوا من جار في الله حكمه * فكل على الرحمن اصبح ثاويا فقتله أمير المؤمنين عليه السلام. وخرج عبد الله بن وهب الراسبي يقول: انا ابن وهب الراسبي الشاري * اضرب في القوم لاخذ الثار حتى تزول دولة الاشرار * ويرجع الحق إلى الاخيار وخرج مالك بن الوضاح وقال: اني لبايع ما يفنى بباقية * ولا يريد لدى الهيجاء تربيضا وخرج إلى امير المؤمنين عليه السلام الوضاح بن الوضاح من جانب وابن عمه حرقوص من جانب فقتل الوضاح وضرب ضربة على رأس الحرقوص فقطعه ووقع رأس سيفه على الفرس فشرد وأرجله في الركاب حتى اوقعه في دولاب خراب فصارت الحرورية كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. فكان المقتولون من اصحاب علي عليه السلام: رؤبة بن وبر البجلي ورفاعة بن وايل الارحبي والعياض بن خليل الازدي وكيسوم بن سلمة الجهني وحبيب بن عاصم الازدي إلى تمام تسعة، وانفلت من الخوارج تسعة كما تقدم ذكره، وكان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان وثلاثين وقال العوني: ولم ينصرم عن ذلك الجيش ساعة * إلى ان غدا فلا دم القوم ضايعا وسد بقتلى كفه دون غيره * من البصرة الغراء دون الشوارعا فأودع في ابياتهم ودؤرهم * رماحا واسيافا وبئست ودايعا وقال الحميري: خوارج فارقوه بنهروان * على تحكيمه الحسن الجميل على تحكيمه فعموا وصموا * كتاب الله في فم جبرئيل فمالوا جانبا وبغوا عليه * فما مالوا هناك إلى مميل


[ 372 ]

فتاه القوم في ظلم حيارى * عماة يعمهون بلا دليل فضلوا كالسوايم يوم عيد * تنحر بالغداة وبالاصيل كأن الطير حولهم نصارى * عكوفا حول صلبان الايل أبو نعيم الاصفهاني عن الثوري: أن أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن يفتش عن المخدج بين القتلى فلم يجدوه، فقال رجل والله ما هو فيهم، فقال عليه السلام: والله ما كذبت ولا كذبت يا عجلان آتني ببغلة رسول الله (ص) فأتاه بالبغلة فركبها وجال في القتلى ثم قال اطلبوه هاهنا قال: فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين. وفي رواية ابي نعيم عن سفيان: فقيل قد اصبناه، فسجد لله تعالى عليه السلام فنصبها وقال الوراق القمي: علي له في ذي الثدية آية * رواه رواة القوم من خير مقسم تأريخ القمي: انه رجل اسود عليه شعرات عليه قريطق مخدج اليد احدى ثدييه كثدي المرأة عليه شعيرات مثل ما يكون على ذنب اليربوع وفي مسند الموصلي: حبشي مثل البعير في منكبه مثل ثدي المرأة فقال صدق الله ورسوله. وفي رواية ابي داود وابن بطة انه: قال علي عليه السلام من يعرف هذا ؟ فلم يعرفه احد، فقال رجل انا رأيت هذا بالحيرة فقلت إلى أين تريد ؟ فقال إلى هذه واشار إلى الكوفة ومالي بها معرفة، فقال علي عليه السلام صدق هو من الجان وفي رواية هو من الجن وفي رواية احمد: قال أبو الوضي: لا يأتينكم احد يخبركم من ابوه ؟ قال: فجعل الناس يقول هذا ملك هذا ملك هذا مالك ويقول علي (ع) ابن من ؟ وفي مسند الموصلي في حديث: من قال من الناس انه رآه قبل مصرعه فانه كاذب. وفي مسند أحمد باسناده عن ابي الوضي انه،: قال علي عليه السلام أما أن خليلي أخبرني بثلاثة اخوة من الجن هذا اكبرهم والثاني له جمع كثير والثالث فيه ضعف. ابانة ابن بطة انه،: ذكر المقتول بالنهروان فقال سعد بن ابي وقاص هو شيطان الردهة. وزاد أبو يعلى في المسند: شيطان الردهة رجل من بجيلة يقال له الاشهب أو ابن الاشهب علامة في قوم ظلمة.


[ 373 ]

وقال الحميري:، إني أدين بما دان الوصي به * يوم الخريبة من قتل المخلينا وما به دان يوم النهر دنت به * وبايعت كفه كفي بصفينا في سفك ما سفكت فيها إذا حضروا * وأبرز الله للقسط الموازينا تلك الدماء معا يا رب في عنقي * ثم اسقني مثلها آمين آمينا وله أيضا: ومارقة في دينهم فارقوا الهدى * ولم يأتلوا بغيا عليه وحكموا سطوا بابن خباب والقى بنفسه * وقتل ابن خباب عليهم محرم فلما أبوا في الغي إلا تماديا * سما لهم عبل الذراعين ضيغم فأضحوا كعاد أو ثمود كأنما * تساقوا عقارا أسكرتهم فنوموا محمد بن عبد الله الرعيني باسناده عن علي عليه السلام انه قال: لما انصرف الناس من صفين خاض الناس في امر الحكمين، فقال بعض الناس ما يمنع امير المؤمنين (ع) من ان يامر بعض اهل بيته فيتكلم ؟ فقال للحسن قم يا حسن فقل في هذين الرجلين عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص، فقام الحسن عليه السلام فقال: ايها الناس انكم قد اكثرتم في امر عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص فانما بعثا ليحكما بكتاب الله فحكما بالهوى على الكتاب ومن كان هكذا لم يسم حكما ولكنه محكوم عليه وقد اخطأ عبد الله بن قيس في أن أوصى إلى عبد الله بن عمر فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال: في أن أباه لم يرضه لها وفي أنه لم يستأمره وفي انه لم يجتمع عليه المهاجرون والانصار الذين نفذوها لمن بعده وانما الحكومة فرض من الله وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وآله سعدا في بني قريظة فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه فنفذ رسول الله حكمه ولو خالف ذلك لم يجزه ثم جلس ثم قال علي عليه السلام لعبد الله بن العباس قم فتكلم فقام وقال: ايها الناس إن للحق اهلا اصابوه بالتوفيق والناس بين راض وراغب عنه وانما بعث عبد الله بن قيس لهدى إلى ضلالة وبعث عمرو بن العاص لضلالة إلى الهدى فلما التقيا رجع عبد الله عن هداه وثبت عمرو على ضلالته والله لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه وإن كانا حكما بما اجتمعا عليه معا ما اجتمعا على شئ وإن كانا حكما بما سارا إليه، لقد سار عبد الله وامامه علي، وسار عمرو وامامه معاوية، فما بعد هذا


[ 374 ]

من عيب ينتظر، ولكنهم سئموا الحرب وأحبوا البقاء ودفعوا البلاء ورجا كل قوم صاحبهم، ثم جلس ثم قال عليه السلام لعبدالله بن جعفر قم فتكلم فقام عبد الله وقال: ايها الناس ان هذا الامر كان النظر فيه إلى علي والرضى فيه لغيره فجئتم بعبدالله ابن قيس فقلتم لا نرضى إلا بهذا فارض به فانه رضانا، وايم الله ما استفدناه علما ولا انتظرنا منه غائبا ولا املنا ضعفه ولا رجونا به صاحبه ولا افسدا بما عملا للعراق ولا اصلحا الشام ولا امانا حق علي ولا أحبيا باطل معاوية ولا يذهب الحق رقية راق ولا نفخة شيطان، وأنا اليوم لعلي ما كنا عليه بالامس وجلس. وقال الحميري: واهوج لاحى في علي وعابه * بسفك دماء من رجال تهودوا وتلك دماء المارقين وسفكها * من الله ميثاق عليه مؤكد هم نكثوا ايمانهم بنفاقهم * كما أبرقوا من قبل ذاك وأرعدوا أنلحى امرءا ما زال مذ هو يافع * يصلي ويرضي ربه ويوحد وقد كانت الاوثان قبل صلاته * يطاف بها في كل يوم وتعبد وقال ابن الحجاج: مروا إلى النهروان يعدون * مثل حمار بلا مكاري كانوا شراة فصبحتهم * كف علي بذي الفقار نوف البكالي عن امير المؤمنين عليه السلام انه نادى بعد الخطبة بأعلى صوته: الجهاد الجهاد عباد الله ألا واني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج قال نوف: وعقد للحسين (ع) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف ولابي ايوب الانصاري في عشرة الآف ولغيرهم على اعداد اخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم فتراجعت العساكر ذكر ما ورد في بيعته عليه السلام أبو بصير عن ابي جعفر قال: جاء المهاجرون والانصار وغيرهم بعد النبي (ص) إلى علي (ع) فقالوا: انت والله امير المؤمنين وانت والله احق الناس واولاهم بعد النبي صلى الله عليه وآله هلم يدك نبايعك فوالله لنموتن قدامك. فقال علي عليه السلام: إن كنتم صادقين فاغدوا علي محلقين، فحلق علي وحلق سلمان وحلق المقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم، ثم انصرفوا فجاؤا مرة اخرى، بعد ذلك فقالوا له مثل قولهم الاول وأجابهم مثله، وما حلق إلا هؤلاء


[ 375 ]

الثلاثة وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب (اختيار الرجال) انه: قال أبو جعفر (ع) كان الناس اهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة: سلمان وابو ذر والمقداد وفي معرفة الرجال من الكشي في حديث عن الصادق عليه السلام: ثم حلق أبو سنان وعمار وشتير وابو عمرو فصاروا سبعة. قال الحميري: علي وأبو ذر * ومقداد وسلمان وعمار و عبد الله والعبسي اخوان دعوا فاستودعوا علما فأدوه وما خانوا فصلى رب جبريل عليهم معشرا بانوا أدين الله بالدين الذي كانوا به دانوا وقال ابن حماد: فكف مولاي الامام كفة * إذ قل في حقوقه أعوانه يتبعه مقداده وعبده * عماره وسلمه سلمانه والصادق اللهجة أعني جندبا * فلم يزل لطوعه إتيانه وفي جمل انساب الاشراف انه: قال الشعبي في خبر، لما قتل عثمان أقبل الناس إلى علي ليبايعوه ومالوا إليه فمدوا يده فكفها وبسطوها فقبضها حتى بايعوه وفي سائر التواريخ: ان اول من بايعه طلحة بن عبيدالله وكانت اصبعه اصيبت يوم احد فشلت فبصر بها اعرابي حين بايع فقال (ابتداء هذا الامر يد شلاء لا يتم) ثم بايعه الناس في المسجد. ويروى ان الرجل كان عبيد بن ذويب فقال: (يد شلاء وبيعة لا تتم): وهذا عني البرقي في بيته: ولقد تيقن من تيقن غدرهم * إذ مد أولهم يدا شلاءا جبلة بن سحيم عن ابيه انه قال: لما بويع علي عليه السلام جاء إليه المغيرة بن شعبة فقال إن معاوية من قد علمت وقد ولاه الشام من كان قبلك فوله انت كيما تتسق عرى الاسلام ثم اعزله إن بدا لك. فقال امير المؤمنين عليه السلام أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه ؟ قال: لا قال عليه السلام: لا يسألني الله عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء ابدا ” وما كنت متخذ المضلين عضدا ” – الخبر ولما بويع علي عليه السلام انشأ خزيمة بن ثابت: إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبو حسن مما نخاف من الفتن


[ 376 ]

وجدناه أولى الناس بالناس انه * أطب قريش بالكتاب وبالسنن وإن قريشا لا تشق غباره * إذا ما جرى يوما على ضمر البدن ففيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم مثل الذي فيه من حسن وصي رسول الله من دون اهله * وفارسه قد كان في سالف الزمن واول من صلى من الناس كلهم * سوى خيرة النسوان والله ذو المنن وصاحب كبش القوم في كل وقعة * يكون لها نفس الشجاع لذي الذقن فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه * امامهم حتى اغيب في الكفن وقال أبو العباس أحمد بن عطية،: رأيت عليا خير من وطأ الحصى * وأكرم خلق الله من بعد أحمد وصي رسول المرتضى وابن عمه * وفارسه المشهور في كل مشهد تخيره الرحمن من خير اسرة * لاطهر مولود وأطيب مولد إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * ببيعته بعد النبي محمد في نتف من مزاحه عليه السلام قصد عليه السلام دار ام هاني متقنعا بالحديد يوم الفتح، وقد بلغه أنها آوت الحارث بن هشام وقيس بن السايب وناسا من بني مخزوم، فنادى اخرجوا من آويتم فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفا منه. وخرجت إليه ام هاني وهي آويتم فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفا منه. وخرجت إليه ام هاني وهي لا تعرفه فقالت: يا عبد الله انا ام هاني بنت عم رسول الله واخت امير المؤمنين انصرف عن داري،: فقال عليه السلام: اخرجوهم. فقالت: والله لاشكونك إلى رسول الله (ص) فنزع المغفر عن رأسه فعرفته فجاءت تشتد حتى ألزمته فقالت فديتك حلفت لاشكونك إلى رسول الله (ص) فقال لها: اذهبي فبري قسمك فانه بأعلى الوادي فأتت رسول الله (ص) فقال لها: انما جئت يا ام هاني تشكين عليا فانه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله شكر الله لعلي سعيه، وأجرت من اجارت ام هاني لمكانها من علي بن ابي طالب. وسئل عليه السلام عن رجل ؟ فقال توفي البارحة فلما رأى جزع السائل قرأ: (المناقب ج 2 م 47)


[ 377 ]

(الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) وقال عليه السلام: حين استقبله رجل مع تيس وقلده عمامته ان احد الثلاثة لاحمق فقال: اما انا وتيسي فلا. وقال لجاريته وقد وضأته فلما نهض اعتمد عليها فقال انظري لا تضرطي. وقال له رجل انه احتلم على امي فقال: اقيموه في الشمس واضربوا ظله الحد. وفي (نزهة الابصار) انه قال (ع): أفلح من كان له – مزخة – يزخها في كل يوم مرة. وروى حتى تنام الفخة، وقال (ع): أفلح من كان له قوصرة ياكل منها كل يوم مرة وقال (ع): حين علا المنبر، والناس ضجوا بالدعاء له حبقة حبقة تموت عني بقة – يعني – بكيرا. وقال (ع): لرجل من بكر بن وائل، وقد قال له ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية قسمت ما في العسكر وتركت الاموال والنساء والذرية وقا ل (ع) أيها الناس: من كانت به جرحة فليداوها بالسمن. (تم الجزء الثاني ويتلوه الجزء الثالث انشاء الله)

اترك تعليقاً