مكارم الأخلاق

الشيخ الطبرسي


[ 1 ]

مكارم الأخلاق


[ 3 ]

مكارم الاخلاق تأليف الشيخ الجليل رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي من اعلام القرن السادس الهجري ” بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ” (حديث نبوي شريف)


[ 4 ]

الطبعة السادسة حقوق الطبع محفوظة للناشر 1392 ه‍ – 1972 م


[ 5 ]

المؤلف والكتاب في سطور المؤلف: هو الحسن الملقب برضي الدين والمكنى بأبي نصر نجل الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي (1)، من أعلام القرن السادس الهجري. كان من أكابر علماء الامامية، وأجلاء هذه الطائفة وثقاتهم، روى عن والده أمين الدين الفضل الطبرسي، وعنه مهذب الدين الحسين بن أبي الفرج ردة النيلي. وهو من اسرة علمية تسلسل فيها العلم والفضل. فأبوه صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن الذي لا يزال حتى اليوم مرجعا لكل طالب تفسير، وصاحب أعلام الورى بأعلام الهدى، وجوامع الجامع وغير ذلك من المؤلفات القيمة. وولده علي بن الحسن كان من العلماء المؤلفين وهو صاحب كتاب ” مشكاة الانوار ” المطبوع في النجف الاشرف سنة 1370، ويمكن اعتبار كتابه تتميما لكتاب والده (مكارم الاخلاق). كل الذين تحدثوا عنه لم يذكروا لا مكان ولادته ولا تاريخها، ولا مكان وفاته ولا تاريخها، رغم من العلماء البارزين، واكتفوا بالقول بأنه كان من أعلام القرن السادس الهجري، وإنما ذكر المقدس السيد محسن الامين العاملي في أعيان الشيعة ج 23 ص 9 – 15، انه توفي في سبزوار سنة 548 ه‍ ونقلت جنازته إلى المشهد الرضوي،


(1) منسوب إلى طبرستان وهي بلاد واسعة مجاورة لبلاد مازندران، وجيلان، وجرجان في إيران، راجع معجم البلدان للحموي حرف الطاء المهملة.

[ 6 ]

ودفن هناك في موضع يعرف بقتلكاه، وانه كان قبل انتقاله إلى سبزوار يسكن المشهد الرضوي، وانه انتقل إلى سبزوار سنة 523، وعلى هذا يكون قد أقام في سبزوار خمسا وعشرين سنة. هذا كل ما أمكننا أن نعرفه عن حياته. على أن بعضهم يناقش تاريخ الوفاة المذكور ومحل دفنه المذكور في أعيان الشيعة، وينسبون كل ذلك إلى والده صاحب التفسير حيث ان والده مدفون بخراسان (المشهد الرضوي) في شارع الموسوم بشارع الطبرسي وقبره مزار لحد اليوم. ومهما كان الامر فان ما وصلنا من أخباره العلمية كله ثناء عليه. فقد وصفه صاحب أمل الامل (1) بأنه كان محدثا فاضلا، ووصفه في رياض العلماء (2) بالمحدث الجليل. ووصفه في مستدرك الوسائل: بالفقيه النبيل المحدث الجليل. وقال المجلسي (ره) في مقدمة البحار: بأنه قد أثنى عليه جماعة من الاخيار. إلى غير ذلك من الصفات التي ذكرها هؤلاء وغيرهم. الكتاب: هو مكارم الاخلاق ومعالم الاعلاق، الحاوي لمحاسن الافعال والاداب، من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه وأخلاقه، وأوصافه، وسائر حالاته، وحالات الائمة المعصومين عليهم السلام وما روت في ذلك عنه وعن أهل بيته صلوات الله عليه وعليهم. قال المجلسي (ره) في مقدمة بحاره: وكتاب المكارم في الاشتهار كالشمس في رائعة النهار.


(1) للشيخ المحدث أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي المعروف بالحر العاملي صاحب ” وسائل الشيعة ” المتوفى سنة 1104 ه‍. (2) للفاضل المتتبع الميرزا عبد الله بن عيسى بن محمد صالح التبريزي الشهير بالافندي المعاصر للعلامة المجلسي.

[ 7 ]

وقال غيره من العلماء: إن مكارم الاخلاق قد ألف في حياة والده، وهو كتاب نفيس نافع مشهور، حسن الترتيب، كثير الجمع، اشتهر وانتشر في عصر مؤلفه. طبع هذه الكتاب القيم مرات ومرات في كل من مصر إيران. فقد طبع لاول مرة في مصر في مطبعة عبد الواحد الطوبي وعمر حسين الخشاب في شعبان سنة 1303 ه‍ وانتشر واشتهر وكثر الاقبال عليه، ثم اعيد طبعه في مطبعة بولاق، وفي مطبعة أحمد البابي الحلبي سنة 1306، ولكنه مع الاسف الشديد حرف في جميع الطبعات المصرية تحريفا فظيعا وتغييرا شنيعا. ولما كانت نسخ هذا الكتاب المخطوطة كثيرة في كل من العراق وإيران، واطلع عليها جماعة من العلماء والفضلاء، جمعوا عدة نسخ من مخطوطة الكتاب وقاموا بتصحيحه وتدقيقه وطبعه في إيران. وطبع بعد ذلك عدة طبعات في كل من إيران والعراق. ونظرا لاهمية الكتاب، ونفاذ نسخه من الاسواق التجارية، وكثرة الطلب، قامت هذه المؤسسة الثقافية بإعادة طبعه ونشره بعد التصحيح الدقيق والتعليق اللازم خدمة للعلم، والله من وراء القصد.


[ 8 ]

مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد الاحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، والصلاة والسلام على محمد عبده المجتبى، ورسوله المصطفى، أرسله إلى كافة الورى، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وعلى أهل بيته أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا والسلام على من اتبع الهدى. وبعد فإن الله سبحانه وتعالى لما جعل التأسي بنبيه مفتاحا لرضوانه وطريقا إلى جنانه، بقوله عزوجل: ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ” واتباعه واقتفاء أثره سببا لمحبته، ووسيلة إلى رحمته بقوله عز من قائل: ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ” حداني هذا الفوز العظيم إلى جمع كتاب يشتمل على مكارم أخلاقه ومحاسن آدابه وما أمر به أمته، فقال (عليه السلام): إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق. لان العلم بالشئ مقدم على العمل به، فوجدت في كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما يحتوي على حقيقة سير الانبياء وهي الانقطاع بالكل عن الناس إلى الله في الرجاء والخوف وعن الدنيا إلى الاخرة. وخص من جملتهم نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بكمال هذه السيرة وحثنا ورغبنا على الاقتداء به فقال (عليه السلام) بعد كلام له طويل لمدع كاذب يدعي بزعمه أنه يرجو الله: كذب والعظيم ما باله [ و ] لا يتبين رجاؤه في عمله وكل من رجا عرف رجاؤه في عمله إلا رجاء الله فإنه مدخول، وكل خوف متحقق إلا خوف الله فإنه معلول، يرجو الله في الكبير


[ 9 ]

ويرجو العباد في الصغير، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب، فما بال الله جل ثناؤه يقصر به عما يصنع بعباده ؟ أتخاف أن تكون في رجائك له كاذبا، أو تكون لا تراه للرجاء موضعا ؟ وكذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربه فجعل خوفه من العباد نقدا، وخوفه من خالفه ضمارا (1) ووعدا وكذلك من عظمت الدنيا في عينه وكبر موقعها في قلبه، آثرها على الله فانقطع إليها وصار عبدا لها، ولقد كان في رسوله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كاف لك في الاسوة ودليل على ذم الدنيا وعيبها وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها ووطأت لغيره أكنافها وفطم عن رضاعها وزوى عن زخارفها، وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله إذ يقول: ” رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ” والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لانه كان يأكل بقلة الارض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب (2) لحمه، وإن شئت ثلثت بداود صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل من سفائف الخوص بيده ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها ويأكل قرص الشعير من ثمنها، وإن شئت قلت في عيسى بن مريم فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن وكان إدامه الجوع وسراجه بالليل القمر وظلاله في الشتاء مشارق الارض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الارض للبهائم، ولم تكن له زوجة تفتنه ولا ولد يحزنه ولا مال يلفته ولا طمع يذله، دابته رجلاه وخادمه يداه. فتأس بنبيك الاطيب الاطهر (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن فيه أسوة لمن تأسى وعزاء لمن تعزى وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لاثره، قضم الدنيا قضما ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا (3) وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله أبغض شيئا فأبغضه وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله وتعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمر الله.


(1) الضمار الوعد المسوف. (2) الصفاق ككتاب: هو الجلد الاسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر أو جلد البطن وهو المراد ههنا. والتشذب: التفرق. (3) قضم الشئ: كسره بأطراف أسنانه وأكله، والمراد الزهد في الدنيا والرضا منها بالدون. والهضم: خمص البطن وخلوها. والكشح، ما بين السرة ووسط الظهر.

[ 10 ]

ولقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل على الارض، ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه ويكون الستر على باب بيته تكون فيه التصاوير فيقول: يا فلانة – لاحدى أزواجه – غيبيه عني فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها، فأعرض عن الدنيا بقلبه وأمات ذكرها من نفسه وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتخذ منها رياشا (1) ولا يعتقدها قرارا ولا يرجو فيها مقاما، فأخرجها من النفس وأشخصها عن القلب وغيبها عن البصر وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده. ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر بعقله أأكرم الله بذلك محمدا أم أهانه ؟ فإن قال: أهانه فقد كذب والله العظيم، وأتى بالافك العظيم، وإن قال: أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له وزواها عن أقرب الناس منه. فإن تأسى متأس بنبيه واقتص أثره وولج مولجه وإلا فلا يأمن الهلكة فإن الله جعل محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) علما للساعة ومبشرا بالجنة ومنذرا بالعقوبة، خرج من الدنيا خميصا وورد الاخرة سليما، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله وأجاب داعي ربه، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه وقائدا نطأ عقبه والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها ؟ ! فقلت: اغرب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى. فهذه الخطبة كافية في مقصودنا على طريق الجملة ونحن نذكر تفصيل مكارم أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع أحواله وتصرفاته وجلوسه وقيامه وسفره وحضره وأكله وشربه خاصة وجميع ما روي عنه وعن الصادقين عليهم السلام في أحوال الناس عامة ونسأل الله التوفيق في إتمامه، إنه على ما يشاء قدير، وتيسير العسير عليه سهل يسير.


(1) الرياش: ما كان فاخرا من اللباس والاثاث.

[ 11 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الباب الاول في خلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلقه وسائر أحواله، وفيه خمسة فصول: الفصل الاول في خلقه وخلقه وسيرته مع جلسائه برواية الحسن والحسين عليهما السلام من كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني عن ثقاته، عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي (1) وكان وصافا عن حلية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخما مفخما يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب (2)، عظيم الهامة، رجل الشعر (3)، إذا انفرقت عقيصته قرن (4) وإلا فلا يجاوز شعره شحمه أذنيه إذا هو وفرة، أزهر اللون واسع الجبين، أزج الحواجب (5) سوابع في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب


(1) هو أخو فاطمة عليها السلام من قبل أمه، وكان رجلا فصيحا، قتل مع علي (عليه السلام) يوم الجمل. (2) المشذب كمعظم: الطويل (3) أي ليس كثير الجعودة ولا شديد السبوطة، بين الجعودة والاسترسال. (4) العقيصة: الفتيلة من الشعر وفي الشعر كثرته. (5) ” وفرة ” كدفعة. و ” أزج الحواجب ” أي الدقيق الطويل. السوابع: الاتصال بين الحاجبين.

[ 12 ]

أقنى العرنين (1)، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم (2)، كث اللحية (3)، سهل الخدين، أدعج، ضليع الفم (4)، أشنب مفلج الاسنان (5)، دقيق المسربة كأن عنقه جيد دمية (6) في صفاء الفضة، معتدل الخلق بادنا متماسكا، سواء البطن والصدر عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (7)، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط (8)، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، أعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين (9)، سائل الاطراف، خمصان الاخمصين (10)، مسيح القدمين (11) ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفئا ويمشي هونا، سريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب وإذا التفت إلتفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الارض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدر من لقي بالسلام. قال: قلت له: صف لي منطقه ؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواصل الاحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة،


(1) العرنين: الانف. أقنى العرنين أي محدب الانف. (2) الشمم: ارتفاع في قصبة الانف مع استواء أعلاه. (3) يعني كثيف الشعر في لحيته. رجل سهل الوجه: قليل لحمه. (4) الدعج: سواد العين. وضليع الفم واسعه وعظيمه. (5) شنب الرجل فهو أشنب: كان أبيض الاسنان، والمفلجة من الاسنان: المنفرجة. (6) المسربة: الشعر وسط الصدر إلى البطن. والدمية بالضم: الصورة المزينة فيها حمرة كالدم. (7) الكردس: الوثاق المفصل. (8) اللبة: موضع القلادة من الصدر. (9) ” رحب الراحة “: وسيع الكف كناية عن الرجل الكثير العطاء. القصب: كل عظم ذي مخ أي ممتد القصب. وشثن الاصابع غليظها. (10) لم يصب باطن قدمه الارض. (11) مقدم قدمه ومؤخره مساو.

[ 13 ]

ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه (1) ويتكلم بجوامع الكلم، فصلا لا فضولا ولا قصيرا فيه، دمثا (2) ليس بالجافي ولا بالمهين يعظم النعمة وإن دقت ولا يذم منها شيئا، ولا يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها إذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث أشار بها، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح (3)، وإذا فرح غض من طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام (4). قال الحسن (عليه السلام): فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه، فسألته عمن سألته فوجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منها شيئا. قال الحسين بن علي: سألت أبي عن دخول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك وكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزءا لله عزوجل، وجزءا لاهله، وجزءا لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يدخر – أو قال لا يدخر – عنهم شيئا. فكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الامة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني في حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون زوارا، ولا يفرقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة فقهاء. قال فسألته من مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟


(1) الاشداق: جوانب الفم، والمراد أنه لا يفتح فاه كله، وفي بعض النسخ (بابتدائه). (2) الدماثة: سهولة الخلق. (3) أشاح: أظهر الغيرة، والشائح: الغيور. (4) الغمام: السحاب، والمراد أنه تبسم ويكثر حتى تبدو أسنانه من غير قهقهة.

[ 14 ]

قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخزن لسانه إلا فيما يعنيه، ويؤلفهم ولا يفرقهم – أو قال ولا ينفرهم – ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس الفتن، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس فيحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الاسر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. قال: فسألته عن مجلسه ؟ فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله جل اسمه، ولا يوطن الاماكن وينهي عن إيطانها (1) وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، يعطي كلا من جلسائه نصيبه، حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطه وخلقه فكان لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الاصوات ولا يوهن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته (2)، متعادلون متفاضلون فيه بالتقوى، متواضعون، يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون – أو قال يحوطون الغريب. قال: قلت: كيف كانت سيرته مع جلسائه ؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب (3) ولا فحاش، ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والاكثار ومما


(1) يعني لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به. (2) نثوته نثوا من باب قتل: أظهرته. والفلتات: الهفوات أو الامر فجأة. (3) الصخاب من الصخب وهو شدة الصوت.

[ 15 ]

لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا. ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوليهم، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصير للغريب على الجفوة في منطقة ومسألته، حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم (1)، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه (2)، ولا يقبل الثناء إلا عن مكافئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام. قال: قلت: كيف كان سكوته ؟ قال: كان سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أربعة: على الحلم والحذر والتقدير والتفكر، فأما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شئ ولا يستنفره، وجمع له الحذر في أربعة: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده فيما أصلح امته، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والاخرة. الفصل الثاني في نبذ من أحواله وأخلاقه من كتاب شرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره في تواضعه وحيائه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وكان يوم خيبر ويوم قريضة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف تحته إكاف من ليف (3).


(1) يعني أنهم يستجلبوا الفقير لئلا يؤذي النبي. (2) الرفادة. الضيافة وورود المدعو على الداعي. والرفد بكسر الرا: الهبة والعطية. (3) المخطوم: من خطم الحمار بحبل أي جعله على أنفه. والاكاف: برذعة الحمار وجله.

[ 16 ]

عن أنس بن مالك قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته لذلك. عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس على الارض ويأكل على الارض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك. عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مر على صبيان فسلم عليهم وهو مغذ. عن أسماء بنت يزيد قالت: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مر بنسوة فسلم عليهن. عن ابن مسعود قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل يكلمه فأرعد، فقال: هون عليك فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد (1). عن أبي ذر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس بين ظهراني أصحابه فيجئ الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس عليها ونجلس بجانبيه. سئلت عائشة ما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصنع إذا خلا ؟ قالت: يخيط ثوبه، ويخصف نعله ويصنع ما يصنع الرجل في أهله. وعنها: أحب العمل إلى رسول الله الخياطة. من كتاب النبوة عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: مرت برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة بذية وهو جالس يأكل، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحك ! وأي عبد أعبد مني، فقالت: أما لي فناولني لقمة من طعامك فناولها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقمة من طعامه فقالت: لا والله إلى التي في فيك قال: فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقمة من فيه فناولها فأكلتها. قال أبو عبد الله (عليه السلام): فما أصابت بداء حتى فارقت الدنيا. عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: هلا فعلت كذا وكذا ولا عاب علي شيئا قط.


(1) القد بالكسر: الشئ المقدود، وبالفتح جلد السخلة، وبالضم: سمك بحري.

[ 17 ]

عن أنس بن مالك قال: صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنين وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته وكان إذا لقيه أحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول بيده ناولها إياه فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع وما أخرج ركبتيه بين يدي جليس له قط وما قعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل قط فقام حتى يقوم. عن أنس بن مالك قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه (1) جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضحك وأمر له بعطاء. عن أبي سعيد الخدري يقول: كان رسول الله حييا، لا يسئل شيئا إلا أعطاه. وعنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشد حياءا من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر. في جوده (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجود الناس كفا وأكرمهم عشرة (2) من خالطه فعرفه أحبه. من كتاب النبوة عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أنا أديب الله وعلي أديبي أمرني ربي بالسخاء والبر ونهاني عن البخل والجفاء وما شئ أبغض إلى الله عزوجل من البخل وسوء الخلق وإنه ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل.


(1) جبذه: أي جذبه. (2) العشرة: بالكسر وفي بعض النسخ (العشيرة) وهما بمعني واحد. (مكارم الاخلاق – 2) (*)

[ 18 ]

و برواية اخرى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه كان إذا وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كان أجود الناس كفا وأجرأ الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، لم أر قبله، ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن ابن عمر قال: ما رأيت أحدا أجود ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن جابر بن عبد الله قال: لم يكن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا قط فيقول: لا. عن إبن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجملهم ام حبيبة أزوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمرني حتى اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، قال: نعم، قال ابن زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أعطاه إياه لانه لم يكن يسأل شيئا قط إلا قال: نعم. عن عمر قال: إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله فقال: ما عندي شئ ولكن اتبع علي فإذا جاءنا شئ قضيناه قال عمر: فقلت: يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه قال: فكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله [ ذلك ] فقال الرجل: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا، قال فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرف السرور في وجهه. في شجاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي (عليه السلام) قال: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ (1) بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. وعنه (عليه السلام) قال: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم إتقينا برسول الله فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه. عن أنس بن مالك قال: كان في المدينة فزع فركب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرسا لابي طلحة


(1) اللوذ: الاستتار والاحتصان به. ولاذ به: أي استتر والتجأ إليه.

[ 19 ]

فقال: ما رأينا من شئ وإن وجدناه لبحرا. وبرواية أخرى عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشجع الناس وأحسن الناس، وأجود الناس، قال: لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت، قال: فتلقاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد سبقهم، وهو يقول: لم تراعوا وهو على فرس لابي طلحة وفي عنقه السيف قال: فجعل يقول للناس: لم تراعوا وجدناه بحرا أو إنه لبحر. في علامة رضاه وغضبه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ابن عمر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف رضاه وغضبه في وجهه، كان إذا رضي فكأنما يلاحك الجدر وجهه (1) وإذا غضب خسف لونه واسود. عن كعب بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سره الامر استنار وجهه كأنه دارة القمر. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. عن عبد الله بن مسعود يقول: شهدت من المقداد مشهدا لان أكون أنا صاحبه أحب إلي مما في الارض من شئ، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا غضب احمر وجهه. عن ابن عمر قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف رضاه وغضبه في وجهه، كان إذا رضي فكأنما يلاحك الجدر ضوء وجهه وإذا غضب خسف لونه واسود. قال أبو البدر: سمعت أبا الحكم الليثي يقول: هي المرآة توضع في الشمس فيرى ضوءها على الجدار يعني قوله: يلاحك الجدر. في الرفق بأمته (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له، وإن شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده.


(1) لحك بالشئ: شد التيامه وألزقه به وسيجئ توضيحها في المتن أيضا.

[ 20 ]

عن جابر بن عبد الله قال: غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إحدى وعشرين غزوة بنفسه شاهدت منها تسع عشر غزوة وغبت عن إثنتين، فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ أعيا ناضحي تحت الليل فبرك، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في اخريات الناس يزجي الضعيف، ويردفه ويدعو لهم، فانتهى إلي وأنا أقول: يا لهف اماه ما زال لنا ناضح سوء (1)، فقال: من هذا ؟ فقلت: أنا جابر بأبي وامي يا رسول الله، قال: وما شأنك ؟ قلت: أعيا ناضحي، فقال: أمعك عصا ؟ فقلت: نعم، فضربه، ثم بعثه، ثم أناخه ووطئ على ذراعه وقال: إركب، فركبت وسايرته فجعل جملي يسبقه فاستغفر لي تلك الليلة خمسة وعشرين مرة، فقال لي: ما ترك عبد الله من الولد ؟ – يعني أباه – قلت: سبع نسوة، قال: أبوك عليه دين ؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدمت المدينة فقاطعهم فإن أبوا فإذا حضر جداد نخلكم (2) فآذني، فقال: هل تزوجت ؟ قلت: نعم، قال: بمن ؟ قلت: بفلانة بنت فلان بايم (3) كانت المدينة، قال: فهلا فتاة تلاعبها وتلاعبك ؟ قلت: يا رسول الله، كن عندي نسوة خرق – يعني أخواته – فكرهت أن آتيهن بامرأة خرقاء، فقلت: هذه أجمع لا مرى، قال: أصبت ورشدت، فقال: بكم اشتريت جملك ؟ قلت: بخمس أواق من ذهب، قال: بعنيه ولك ظهره إلى المدينة، فلما قدم المدينة أتيته بالجمل، فقال: يا بلال، أعطه خمس أواق من ذهب يستعين بها في دين عبد الله، وزده ثلاثا، ورد عليه جمله، قال: هل قاطعت غرماء عبد الله ؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: أترك وفاء ؟ قلت: لا، قال: [ لا عليك ] فإذا حضر جداد نخلكم فآذني، فأذنته فجاء فدعا لنا فجددنا واستوفى كل غريم ما كان يطلب تمرا وفاء وبقي لنا ما كنا نجد وأكثر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ارفعوا ولا تكيلوا، فرفعناه وأكلنا منه زمانا. عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدث الحديث أو سئل عن الامر كرره ثلاثا ليفهم ويفهم عنه


(1) نضح الماء: حمله من البئر أو النهر. هذا أصله ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء. (2) أجد النخل: حان وقت جداده، أعني قطعه. (3) أيم وزان كيس: المرأة التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب أحد في تزويجها.

[ 21 ]

عن ابن عمر قال: قال رجل: يا رسول الله، فقال لبيك. روى عن زيد بن ثابت قال: كنا إذا جلسنا إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أخذنا في حديث في ذكر الاخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا، فكل هذا احدثكم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن أبي الحميساء قال: تابعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يبعث فواعدته مكانا فنسيته يومي والغد فأتيته اليوم الثالث، فقال (عليه السلام): يا فتى لقد شققت علي، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام. عن جرير بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل بعض بيوته فامتلا البيت، ودخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ ثوبه فلفه ورمى به إليه وقال: إجلس على هذا، فأخذه جرير فوضعه على وجهه وقبله. عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له. في مزاحه وضحكه (صلى الله عليه وآله وسلم) روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول: إني لامزح ولا أقول إلا حقا. عن ابن عباس أن رجلا سأله: أكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمزح ؟ فقال: كان النبي يمزح. عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال: سألت خالي هندا عن صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: كان إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حبة الغمام. عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تبسم حتى بدت نواجذه. عن أبي الدرداء قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدث بحديث تبسم في حديثه. عن يونس الشيباني قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): كيف مداعبة بعضكم بعضا قلت: قليلا، قال: هلا تفعلوا فإن المداعبة من حسن الخلق، وإنك لتدخل بها السرور على أخيك. ولقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يداعب الرجل يريد به أن يسره.


[ 22 ]

في بكائه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أنس بن مالك قال: رأيت إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يجود بنفسه، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. عن خالد بن سلمة المخزومي قال: لما أصيب زيد بن حارثة انطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى منزله، فلما رأته ابنته جهشت (1) فانتحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له بعض أصحابه: ما هذا يارسول الله ؟ قال: هذا شوق الحبيب إلى الحبيب. في مشيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى تكفأ تكفئا كأنما يتقلع من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). عن جابر قال: كان رسول الله إذا خرج مشى أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة. عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى مشى مشيا يعرف أنه ليس بمشي عاجز ولا بكسلان. عن أنس قال: كنا إذا أتينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جلسنا حلقة. روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا حتى يحمله معه فإن أبي قال: تقدم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد، ودعاه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوم من أهل المدينة إلى طعام صنعوه له، ولاصحاب له خمسة فأجاب دعوتهم، فلما كان في بعض الطريق أدركهم سادس، فماشاهم، فلما دنوا من بيت القوم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) للرجل السادس: إن القوم لم يدعوك فاجلس حتى نذكر لهم مكانك ونستأذنهم لك.


(1) جهش إليه: فزع إليه باكيا. (2) تكفأ في مشيته أي مشى الهوينا والصبب الانحدار والمراد نفي التبختر في مشيه (ص).

[ 23 ]

في جمل من أحواله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب النبوة عن علي (عليه السلام) قال: ما صافح رسول الله أحدا قط فنزع (صلى الله عليه وآله وسلم) يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتى يكون هو الذي يسكت، وما رئي مقدما رجله بين يدي جليس له قط، ولا خير بين أمرين إلا أخذ بأشدهما، وما انتصر لنفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا، وما سئل شيئا قط فقال لا، وما رد سائل حاجة قط إلا بها أو بميسور من القول، وكان أخف الناس صلاة في تمام، وكان أقصر الناس خطبة وأقلهم هذرا (1)، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل، وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل مما يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده (2) وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمص الماء مصا ولا يعبه عبا (3)، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه، فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل اموره: في لبسه وتنعله وترجله، وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا تكلم تكلم وترا وإذا استأذن استأذن ثلاثا، وكان كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت: أفلج الثنيتين وليس بأفلج (4)، وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلم أحدا بشئ يكرهه، وكان إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقا، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده، وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده (صلى الله عليه وآله وسلم). عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رئي في الليلة الظلماء


(1) هذر في منطقة: تكلم بما لا ينبغي. (2) جالت يده: أي أخذت من كل جانب. (3) مص الماء مصا: أي شربه شربا رقيقا مع جذب نفس بخلاف العب فانه شرب الماء بلا تنفس. (4) الفلج: فرجة بين الثنايا والرباعيات.

[ 24 ]

رئي له نور كأنه شقة قمر. وعنه (عليه السلام) قال: نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن الله جل جلاله يقرئك السلام ويقول لك: هذه بطحاء مكة إن شئت أن تكون لك ذهبا، قال: فنظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء ثلاثا، ثم قال: لا يا رب، ولكن أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك. وعنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحلب عنز أهله. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لست أدع ركوب الحمار مؤكفا (1) والاكل على الحصير مع العبيد ومناولة السائل بيدي. عن جابر بن عبد الله قال: كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خصال: لم يكن في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه وريح عرقه، ولم يكن يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له. عن ثابت بن أنس بن مالك قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أزهر اللون، كأن لونه اللؤلؤ، وإذا مشى تكفأ، وما شممت رائحة مسك ولا عنبر أطيب من رائحته، ولا مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله، كان أخف الناس صلاة في تمام. عن جرير بن عبد الله قال: لما بعث النبي أتيته لابايعه، فقال لي: يا جرير لاي شئ جئت، قال: قلت لاسلم على يديك يا رسول الله، فألقى لي كساءه، ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واعد رجلا إلى الصخرة فقال: أنا لك هنا حتى تأتي، قال: فاشتدت الشمس عليه، فقال له أصحابه: يا رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل، قال: وعدته ههنا وإن لم يجئ كان منه الجشر (2). عن عائشة قالت: قلت:، رسول الله إنك إذا دخلت الخلاء فخرجت دخلت


(1) مؤكفا من اكف الحمار: شد عليه الاكف أي البرذعة وهي جلته. (2) الجشر: الترك. وبالتحريك المال الذي يرعى في مكانه ولا يرجع إلى أهله في الليل.

[ 25 ]

في أثرك فلم أر شيئا خرج منك غير أني أجد رائحة المسك، قال: يا عائشة إنا معشر الانبياء بنيت أجسادنا على أرواح أهل الجنة، فما خرج منا من شئ ابتلعته الارض. عن ابن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبيه، فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما لي وللدنيا وما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف (1) فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها. عن ابن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين صاعا من شعير أخذها رزقا لعياله. عن أبي رافع قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إذا سميتم محمدا فلا تقبحوه، ولا تجبهوه (2)، ولا تضربوه، بورك لبيت فيه محمد، ومجلس فيه محمد، ورفقة فيها محمد. [ في جلوسه صلى الله عليه وآله وأمر أصحابه في آداب الجلوس ] وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة، أو يسميه، فيأخذه فيضعه في حجره تكرمه لاهله، فربما بال الصبي عليه فيصيح بعض من رآه حين يبول فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تزرموا بالصبي (3) فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه ولا يرون أنه يتاذي ببول صبيهم فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده. ودخل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الرجل: في المكان سعة يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له. وروي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده


(1) الصائف: الحار، ويقال: ” صيف صائف ” كما يقال: ” ليل لائل “. (2) جبهه الرجل: رده عن حاجته. ضربه على جبهته. (3) زرم البول: انقطع. ولا تزرموا: يعني لا تقطعوا بوله.

[ 26 ]

من النار. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تقوموا كما يقوم الاعاجم بعضهم لبعض ولا بأس بأن يتخلل عن مكانه. روي عن أبي عبد الله من كتاب المحاسن قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل، وروي عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر ما يجلس تجاه القبلة. وروي عنه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى مجلسه. وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم فليست الاولى بأولى من الاخرى، وروي عنه (عليه السلام) إنه قال: إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه. وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أعطوا المجالس حقها قيل: وما حقها ؟ قال: غضوا أبصاركم وردوا السلام وأرشدوا الاعمى وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ؟ عن أبي أمامة قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا جلس جلس القرفصاء (1). من كتاب المحاسن كان النبي صلى الله عليه وآله يجلس القرفصاء وهو أن يقيم ساقيه ويستقلهما بيديه فيشد يده في ذراعيه وكان يجثوا على ركبتيه وكان يثني رجلا واحدا ويبسط عليها الاخرى، ولم ير متربعا قط وكان يجثوا على ركبتيه ولا يتكي (2). الفصل الثالث في صفة أخلاقه صلى الله عليه وآله في مطعمه من كتاب مواليد الصادقين كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل كل الاصناف من الطعام وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا، ومع من يدعوه من


(1) القرفصاء ممدودا، ومثلثة القاف والفاء: أن يجلس الرجل على إليته، ويلصق فخذيه ببطنه، ويحتبي بيديه، ويضعهما على ساقيه، أو يجلس على ركبتيه منكبا، ويلصق بطنه بفخذيه، ويتأبط كفيه. (2) جثا فلان كرمى ودعا: جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف الاصابع.

[ 27 ]

المسلمين على الارض، وعلى ما أكلوا عليه، ومما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف (1)، ولقد قال ذات يوم وعنده أصحابه: اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك اللذين لا يملكهما غيرك، فبينما هم كذلك إذ أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاة مشوية فقال: خذوا هذا من فضل الله ونحن ننتظر رحتمه، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضعت المائدة بين يديه قال: بسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة نصل بها نعمة الجنة. وكان كثيرا إذا جلس ليأكل يأكل ما بين يديه ويجمع ركبتيه وقدميه كما يجلس المصلي في اثنتين إلا أن الركبة فوق الركبة والقدم على القدم ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أكل رسول الله متكئا منذ بعثه الله عزوجل نبيا حتى قبضه الله إليه متواضعا لله عزوجل، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضع يده في الطعام قال: بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه. من مجموع أبي عن الصادق عن آبائه عليهم السلام: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا، ذهب الظمأ وابتلت العروق وبقي الاجر. وقال (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل عند قوم قال: أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الابرار. وقال: دعوة الصائم تستجاب عند إفطاره. وقد جاءت الرواية: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفطر على التمر وكان إذا وجد السكر أفطر عليه. عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفطر على الحلو فإذا لم يجده يفطر على الماء الفاتر وكان يقول إنه يبقي الكبد والمعدة ويطيب النكهة والفم ويقوي الاضراس والحدق ويحد الناظر ويغسل الذنوب غسلا ويسكن العروق الهائجة والمرة


(1) الضفف: التناول مع الناس، أو كثرة الايدي، ومعناه: إنه لم يأكل خبزا ولا لحما وحده.

[ 28 ]

الغالبة ويقطع البلغم ويطفي الحرارة عن المعدة ويذهب بالصداع (1). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يأكل الحار حتى يبرد ويقول: إن الله لا يطعمنا نارا، إن الطعام الحار غير ذي بركة فأبردوه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل سمى ويأكل بثلاث أصابع ومما يليه ولا يتناول من بين يدي غيره ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون، وكان يأكل بأصابعه الثلاث الابهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل بكفها كلها ولم يأكل باصبعين ويقول: إن الاكل باصبعين هو أكلة الشيطان. ولقد جاءه بعض أصحابه يوما بفالوذج فأكل منه وقال: مم هذا يا أبا عبد الله ؟ فقال: بأبي أنت وأمي نجعل السمن والعسل في البرمة (2) ونضعها على النار ثم نقليه ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل ثم نسوطه حتى ينضج (3) فيأتي كما ترى، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا الطعام طيب. ولقد كان يأكل الشعير غير منخول خبزا أو عصيدة في حالة كل ذلك كان يأكله (صلى الله عليه وآله وسلم). ومن كتاب روضة الواعظين قال العيص بن القاسم قلت للصادق (عليه السلام). حديث يروى عن أبيك أنه قال: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خبز بر قط أهو صحيح ؟ فقال: لا ما أكل رسول الله خبز بر قط ولا شبع من خبز شعير قط. وقالت عائشة: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خبز الشعير يومين حتى مات. وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل على خوان قط حتى مات ولا أكل خبزا مرققا (4) حتى مات.


(1) فتر الماء: سكن حره. النكهة: ريح الفم. الاضراس جمع ضرس: الاسنان والسن. النقاء: النظافة. وأحداق وحداق جمع حدقة محركة: سواد العين. المرة: خلط من أخلاط البدن غير الدم والجمع مرار. (2) البرمة كغرفة قدر من الحجر. (3) السوط: الخلط. ونضج اللحم: استوى وطاب أكله. (4) يقال: خبز رقاق بالضم: أي رقيق خلاف الغليظ.

[ 29 ]

وقالت عائشة: ما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما قبض صبت الدنيا علينا صبا. ومن كتاب النبوة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما زال طعام رسول الله الشعير حتى قبضه الله إليه. عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجيب دعوة المملوك ويردفه خلفه ويضع طعامه على الارض، وكان يأكل القثاء بالرطب والقثاء بالملح، وكان يأكل الفاكهة الرطبة، وكان أحبها إليه البطيخ والعنب، وكان يأكل البطيخ بالخبز وربما أكل بالسكر وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما أكل البطيخ بالرطب، ويستعين باليدين جميعا. ولقد جلس يوما يأكل رطبا فأكل بيمينه وأمسك النوى بيساره ولم يلقه في الارض فمرت به شاة قريبة منه فأشار إليها بالنوى الذي في كفه فدنت إليه وجعلت تأكل من كفه اليسرى ويأكل هو بيمينه ويلقي إليها النوى حتى فرغ وانصرفت الشاة حينئذ. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان صائما يفطر على الرطب في زمانه وكان ربما أكل العنب حبة حبة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما أكله خرطا حتى يرى رواله على لحيته كتحدر اللؤلؤ (1). والروال الماء الذي يخرج من تحت القشر. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الحيس (2)، وكان يأكل التمر ويشرب عليه الماء، وكان التمر والماء أكثر طعامه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتمجع باللبن والتمر (3) ويسميهما الاطيبين، وكان يأكل العصيدة من الشعير باهالة الشحم (4)، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الهريسة أكثر ما يأكل ويتسحر بها، وكان جبرئيل قد جاءه بها من الجنة فتسحر بها، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل في بيته مما يأكل الناس،


(1) خرط العنقود: وضعه في فمه وأخرج عمشوشه عاريا. (2) الحيس: طعام مركب من تمر وسمن وأقط، وربما جعل معه سويق. (التمجع: أكل تمر اليابس باللبن معا أو أكل التمر وشرب عليه اللبن. (4) العصيدة: طعام من الشعير باهالة الشحم والاهالة: شحم المذاب أو دهن يؤتدم به.

[ 30 ]

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل اللحم طبيخا بالخبز ويأكله مشويا بالخبز، وكان يأكل القديد وحده وربما أكله بالخبز، وكان أحب الطعام إليه اللحم ويقول: هو يزيد في السمع والبصر. وكان يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): اللحم سيد الطعام في الدنيا والاخرة ولو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الثريد باللحم والقرع (1) ويقول: إنها شجرة أخي يونس. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعجبه الدباء ويلتقطه من الصفحة (2)، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد وكان لا يبتاعه ولا يصيده ويحب أن يصاد له ويؤتى به مصنوعا فيأكله أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله. وكان إذا أكل اللحم لم يطأطئ رأسه إليه ويرفعه إلى فيه ثم ينتهشه انتهاشا (3) وكان يأكل الخبز والسمن وكان يحب من الشاة الذراع والكتف ومن الصباغ الخل (4) ومن البقول الهندباء والباذروج (5) وبقلة الانصار ويقال إنها الكرنب (6) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث ولا العسل الذي فيه المغافير وهو ما يبقى من الشجر في بطون النحل فيلقيه في العسل فيبقى ريح في الفم. وما ذم رسول الله طعاما قط، كان إذا أعجبه أكله وإذا كرهه تركه، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا عاف شيئا فإنه لا يحرمه على غيره ولا يبغضه إليه، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلحس الصحفة ويقول: آخر الصحفة أعظم الطعام بركة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها فإن بقي فيها شئ عاوده فلعقها حتى تتنظف، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه واحدة واحدة ويقول: إنه لا يدري في أي الاصابع البركة.


(1) القرع: نوع من اليقطين ويقال أيضا: الدباء، والقديد. اللحم المقدد. (2) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة، أو مناقع صغيرة للماء. (3) ” ينتهشه انتهاشا “: الاخذ بمقدم الاسنان للاكل. وقيل: النهس بالمهملة. (4) الصبغ بالكسر: ما يصطبغ به من الادام والزيت لان الخبز يغمس فيه. (5) باذروج: نبات يؤكل، وهو نوع من الريحان الجبلي. (6) بنات بستاني أحلى وأغض من القنبيط.

[ 31 ]

وكان صلى الله عليه وآله يأكل البرد ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول إنه يذهب بأكلة الاسنان (1)، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما فلا يوجد لما أكل ريح. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا، ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، وكان لا يأكل وحده ما يمكنه وقال: ألا أنبئكم بشراركم ؟ قالوا: بلى قال من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده (2). الفصل الرابع في صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشربه وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا شرب بدأ فسمى وحسا حسوة وحسوتين (3) ثم يقطع فيحمد الله ثم يعود فيسمي ثم يزيد في الثالثة، ثم يقطع فيحمد الله فكان له في شربة ثلاث تسميات وثلاث تحميدات ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الكباد من العب (4) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتنفس في الاناء إذا شرب فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الاقداح التي يتخذ من الخشب، وفي الجلود، ويشرب في الخزف ويشرب بكفيه، يصب فيهما الماء ويشرب ويقول: ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والاداوي (5) ولا يختنثها اختناثا ويقول: إن اختناثها ينتنها (6). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب قائما وربما يشرب راكبا


(1) أكل وتأكل السن، صار منخورا وسقط. (2) الرفد: الضيف. (3) الحسوة بالضم والفتح: الجرعة، وحسا حسوا: شرب منه شيئا بعد شئ. (4) الكباد بالضم: وجع الكبد. (5) اداوي: جمع أدواة، المطهرة ” وهي إناء صغير من جلد يتطهر ويشرب “. (6) الاختناث من خنث السقاء: كسر فمه وثناه إلى الخارج.

[ 32 ]

وربما قام فشرب من القربة أو الجرة (1) أو الاداوة وفي كل إناء يجده وفي يديه. وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق وكان أحب الاشربة إليه الحلو. وفي رواية: أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحلو البارد. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب الماء على العسل. وكان يماث له الخبز فيشربه أيضا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث فهيأتها له (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة فاحتبس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس، فجاء (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد العشاء بساعة فسألت بعض من كان معه: هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد ؟ فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يجدها، فيبيت جائعا فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة. ولقد قرب إليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره، فشرب ثم قال لعبدالله بن عباس: إن الشربة لك أفتأذن أن أعطي خالد بن الوليد – يزيد الاسن – ؟ فقال ابن عباس: لا والله لا اوثر بفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا، فتناول ابن عباس القدح فشربه. ولقد جاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال: شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد، فأبى أن يشربه ثم قال: ما احرمه ولكني أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا واحب التواضع، فإن من تواضع لله رفعه الله. الفصل الخامس في صفة أخلاقه صلى الله عليه وآله في الطيب والدهن ولبس الثياب وغير ذلك في غسل رأسه وكان صلى الله عليه وآله إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر.


(1) الجرة المرة من الجر: إناء من خزف له بطن كبير، وعروتان، وفم واسع.

[ 33 ]

في دهنه صلى الله عليه وآله وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب الدهن ويكره الشعث ويقول: إن الدهن يذهب بالبؤس (1). وكان يدهن بأصناف من الدهن. وكان إذا ادهن بدأ برأسه ولحيته ويقول: إن الرأس قبل اللحية. وكان يدهن بالبنفسج ويقول: هو أفضل الادهان. وكان صلى الله عليه وآله إذا ادهن بدأ بحاجبيه ثم بشاربيه ثم يدخله في أنفه ويشمه ثم يدهن رأسه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يدهن حاجبيه من الصداع ويدهن شاربيه بدهن سوى دهن لحيته. في تسريحه صلى الله عليه وآله وكان صلى الله عليه وآله يتمشط ويرجل رأسه بالمدرى (2) وترجله نساؤه وتتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة، فيقال: إن الشعر الذي في أيدي الناس من تلك المشاطات، فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن جبريل (عليه السلام) كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء. ولربما سرح لحيته في اليوم مرتين. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يضع المشط تحت وسادته إذا تمشط به ويقول: إن المشط يذهب بالوباء. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول: إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم. وفي رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء أبدا. في طيبه صلى الله عليه وآله وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفرقه (3). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب


(1) الشعث: تلبد الشعر، ومنه رجل أشعث وامرأة شعثاء، وأصله الانتشار والتفرق. (2) المدرى: نوع من المشط، يقال درى الرأس: حكه بالمدرى. (3) وبيصه: من وبص وبصا: لمع وبرق والمفرق: موضع افتراق الشعر كالفرق. (مكارم الاخلاق – 3)

[ 34 ]

بذكور الطيب (1) وهو المسك والعنبر. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يطيب بالغالية تطيبه بها نساؤه بأيديهن. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستجمر بالعود القماري (2). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بالطيب. فيقال: هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينفق على الطيب أكثر من ينفق على الطعام. وقال الباقر (عليه السلام): كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث خصال لم تكن في أحد غيره: لم يكن له فئ. وكان لا يمر في طريق فيمر فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له. وكان لا يعرض عليه طيب إلا تطيب به ويقول: هو طيب ريحه خفيف حمله، وإن لم يتطيب وضع إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: جعل الله لذتي في النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة والصوم. في تكحله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين. وقال: من شاء اكتحل ثلاثا وكل حين. ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج. وربما اكتحل وهو صائم. وكانت له مكحلة يكتحل بها بالليل. وكان كحله الاثمد. في نظره (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرآة وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر في المرآة ويرجل جمته (3) ويتمشط. وربما نظر في الماء وسوى جمته فيه. ولقد كان يتجمل لاصحابه فضلا عن تجمله لاهله. وقال ذلك لعائشة، حين رأته ينظر في ركوة (4) فيها ماء في حجرتها ويسوي فيها جمته وهو يخرج إلى أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي تتمرأ (5) في الركوة


(1) الذكارة والذكورة: ما يصلح للرجل. وهو ما لا لون له كالمسك والعنبر والعود. (2) القمارى بالفتح: نوع من عود منسوب إلى القمار، وهو موضع. (3) الجمة بالضم: مجتمع شعر الرأس. (4) الركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. (5) من الرؤية والميم زائدة، أي تنظر.

[ 35 ]

وتسوي جمتك وأنت النبي وخير خلقه ؟ فقال: إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل. في اطلائه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلى فيطليه من يطليه حتى إذا بلغ ما تحت الازار تولاه بنفسه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمسواك والمشط. وفي رواية يكون معه الخيوط والابرة والمخصف والسيور فيخيط ثيابه ويخصف نعله. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا استاك إستاك عرضا (1) في لباسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس الشملة ويأتزر بها ويلبس النمرة ويأتزر بها أيضا (2) فتحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو من ساقيه وقدميه. وقيل: لقد قبضه الله جل وعلا وإن له لنمرة تنسج في بني عبد الاشهل ليلبسها (صلى الله عليه وآله وسلم). وربما كان يصلي بالناس وهو لابس الشملة. وقال أنس: ربما رأيته (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي بنا الظهر في شملة عاقدا طرفيها بين كتفيه. في عمامته وقلنسوته (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير العمائم، والعمائم بغير القلانس. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس البرطلة (3) وكان يلبس من القلانس اليمنية ومن البيض (4)


(1) استاك استياكا: أي تدلك بالمسواك. (2) الشملة: كساء دون القطيفة يشتمل به. والنمرة بالفتح والكسر: شملة أو بردة من صوف فيها خطوط بيض وسود. (3) البرطلة: قلنسوة طويلة وفي بعض النسخ ” البرطل “. (4) البيض: الخوذة ” وهو من آلات الحرب لوقاية الرأس “.

[ 36 ]

المصرية ويلبس القلانس ذوات الاذان في الحرب ومنها يكون من السيجان (1) الخضر وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه يصلي إليها. وكان صلى الله عليه وآله كثيرا ما يتعمم بعمائم الخز السود في أسفاره وغيرها ويعتجر اعتجارا (2) وربما لم تكن له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو على جبهته وكان شد العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه وكانت له (صلى الله عليه وآله وسلم) عمامة يعتم بها يقال لها: السحاب، فكساها عليا (عليه السلام) وكان ربما طلع علي فيها فيقول: أتاكم علي تحت السحاب يعني عمامته التي وهبها له. وقالت عائشة: ولقد لبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جبة صوف وعمامة صوف ثم خرج فخطب الناس على المنبر، فما رأيت شيئا مما خلق الله تعالى أحسن منه فيها. في كيفية لبسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس ثوبا جديدا قال: ” الحمد لله الذي كساني ما يواري عورتي وأتجمل به في الناس “. وكان إذا نزعه نزع من مياسره أولا. وكان من أفعاله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس الثوب الجديد حمد الله ثم يدعو مسكينا فيعطيه القديم ثم يقول: ما من مسلم يكسو مسلما من شمل ثيابه لا يكسوه إلا لله عزوجل إلا كان في ضمان الله عز وجل وحرزه وخيره وأمانه، حيا وميتا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس ثيابه واستوى قائما قبل أن يخرج قال: ” اللهم بك استترت وإليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهمني وما لا أهتم به وما انت أعلم به مني عز جارك وجل ثناءك ولا إله غيرك، اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير حيثما توجهت ” ثم يندفع لحاجته. وكان له (صلى الله عليه وآله وسلم) ثوبان للجمعة خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة. وكانت له (صلى الله عليه وآله وسلم) خرقة ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء وربما لم يكن مع المنديل فيمسح وجهه بطرف الرداء الذي يكون عليه.


(1) السيجان جمع الساج: الطيلسان الواسع المدور. (2) إعتجر: لف عمامته. والاعتجار: لبس العمامة دون التلحي وهو أن يلفيها على رأسه ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

[ 37 ]

في خاتمه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشيا فجعل الفص مما يلي بطن الكف. ولبس خاتما من حديد ملويا عليه وفضة أهداها له معاذ بن جبل فيه محمد رسول الله، ولبس خاتمه في يده اليمنى ثم نقله إلى شماله، وكان خاتمه الاخر الذي قبض وهو في يده خاتم فضة فصة فضة ظاهرا كما يلبس الناس خواتيمهم وفيه محمد رسول الله. وكان يستنجئ بيساره وهو فيها ويروى أنه لم يزل كان في يمينه إلى أن قبض. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما جعل خاتمه في إصبعه الوسطى في المفصل الثاني منها. وربما لبسه كذلك في الاصبع التي تلي الابهام. وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به الشئ. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يختم بخواتيمه على الكتب ويقول الخاتم على الكتاب حرز من التهمة. في نعله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس النعلين بقبالين (1) وكانت مخصرة (2) معقبة حسنة التخصير مما يلي مقدم العقب مستوية ليست بملسنة وكان منها ما يكون في موضع الشئ الخارج قليلا. وكان كثيرا ما يلبس السبتية (3) التي ليس لها شعر. وكان إذا لبس بدأ باليمنى وإذا خلع بدأ باليسرى. وكان يأمر بلبس النعلين جميعا وتركها جميعا كراهة أن يلبس واحدة دون اخرى. وكان يلبس من الخفاف من كل ضرب. في فراشه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان فراشه (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قبض وهو عنده من أشمال وادى القرى محشوا وبرا وقيل: كان طوله ذراعين أو نحوهما وعرضه ذراع وشبر.


(1) القبال بالكسر: زمام النعل. (2) مخصرة: أي مستدقة الوسط، وكانت نعله مخصرة أي لها دقة في الوسط، وكانت معقبة أي جعل لها العقب، غير ملسنة: أي ما جعلت شبيهة باللسان في دقة مقدمه. (3) السبت: الجلد المدبوغ.

[ 38 ]

عن علي (عليه السلام): كان فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عباءة. وكانت مرفقته (1) أدم حشوها ليف. فثنيت ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الليلة الفراش الصلاة فأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجعل له بطاق واحد. وكان له (صلى الله عليه وآله وسلم) فراش من أدم حشوه ليف، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل وتثنى ثنتين. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما يتوسد وسادة له من أدم حشوها ليف ويجلس عليها. وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتحنشع بها، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل (2)، وكان له بساط من شعر يجلس عليه وربما صلى عليه. في نومه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينام على الحصير ليس تحته شئ غيره. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أوى إلى فراشه اضطجع على شقه الايمن ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن، ثم يقول: ” أللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك “. في دعائه عند مضجعه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان له أصناف من الدعوات يدعو بها إذا أخذ مضجعه، فمنها أنه كان يقول: ” اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك، اللهم إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت أنت كما أثنيت على نفسك “. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول عند منامه: ” بسم الله أموت وأحيا وإلى الله المصير، اللهم آمن روعتي واستر عورتي وأدعني أمانتي “. ما يقول عند نومه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقرأ آية الكرسي عند منامه ويقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي.


(1) المرفقة: المخدة. (2) الخمل بالفتح: ما يكون كالزغب على القطيفة والثوب ونحوهما وهو من أصل النسيج.

[ 39 ]

ما يقول عند اسيتقاظه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نوم إلا خر لله ساجدا. وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا نهض بدأ بالسواك. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي. وكان مما يقول إذا استيقظ: ” الحمد لله الذي أحياني بعد موتي إن ربي لغفور شكور “. وكان يقول: ” اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته، اللهم إني أسألك خيره وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما بعده “. في سواكه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستاك كل ليلة ثلاث مرات: مرة قبل نومه ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح. وكان يستاك بالاراك، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام). عن الصادق (عليه السلام) قال: إني لاكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأت بها.


[ 40 ]

الباب الثاني في آداب التنظيف والتطييب والتكحل والتدهن والسواك ثلاثة فصول الفصل الاول في التنظيف والتطييب وما يجري مجراه في التنظيف روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): تنظفوا بالماء من الرائحة المنتنة فإن الله تعالى يبغض من عباده القاذورة. وعنه (عليه السلام) قال: غسل الثياب يذهب الهم وهو طهور للصلاة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لانس: يا أنس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك، فإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على طهارة مت شهيدا. من كتاب روضة الواعظين قال الصادق (عليه السلام): من توضأ وتمندل كتب له حسنة ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوئه كتب له ثلاثون حسنة. عن علي بن أسباط قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: أربع من أخلاق الانبياء: التطيب والتنظف وحلق الجسد بالنورة وكثرة الطروقة (1).


(1) الطروقة: فعولة من طرق النحل الناقة أي ضربها، وكل امرأة طروقة بعلها ويمكن أن يراد بها الملاعبة.

[ 41 ]

في التطيب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرائحة الطيبة تشد القلب. من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي (1) قال الصادق (عليه السلام): إن الله تعالى يحب الجمال والتجمل ويكره البؤس والتبأس وإن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك ؟ قال: ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته (2)، حتى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربع من سنن المرسلين: السواك والحناء والطيب والنساء. عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب في كل جمعة، فإذا لم يجد أخذ بعض خمر (3) نسائه فرشه بالماء ويمسح به. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما نلت من دنياكم هذه إلا النساء والطيب. وعنه (عليه السلام) قال: ما أنفقت في الطيب فليس بسرف. وعنه (عليه السلام) قال: إذا أتى أحدكم بريحان فليشمه وليضعه على عينيه فإنه من الجنة. من الروضة قال مالك الجهني: ناولت أبا عبد الله شيئا من الرياحين فأخذه


(1) هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍. كان من أجل علماء الشيعة في القرن الخامس، الملقب بشيخ الطائفة، صاحب التهذيب والاستبصار من الكتب الاربعة وكان من تلامذة المفيد (ره) والسيد المرتضى (ره) قدم العراق في سنة 408 ه‍. وأقام ببغداد واشتغل بها، ثم انتقل إلى النجف الاشرف واستوطن بها إلى أن توفي ودفن في داره، وقبره مزار معروف في المسجد الموسوم بالمسجد الطوسي. (2 الافنية جمع فناء: فضاء البيت وأمامه ومنه الخبر ” إكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود “. (3) الخمر جمع خمار مثل كتب وكتاب: وهو ثوب تغطي به المرأة رأسها.

[ 42 ]

فشمه ووضعه على عينيه ثم قال: من تناول ريحانة فشمها ووضعها على عينيه ثم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، لم تقع على الارض حتى يغفر له. وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إذا ناول أحدكم أخاه ريحانا فلا يرده، فإنه خرج من الجنة. من صحيفة الرضا (عليه السلام) عنه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: التطيب نشرة والغسل نشرة والنظر إلى الخضرة نشرة والركوب نشرة (1). عن الرضا (عليه السلام): كان يعرف موضع جعفر (عليه السلام) في المسجد بطيب ريحه وموضع سجوده. وقال الرضا (عليه السلام): من أخلاق الانبياء عليهم السلام التطيب. وقال الصادق (عليه السلام): ركعتان يصليهما متعطرا أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير متعطر. وعنه (عليه السلام) قال: ثلاثة من النبوة: طم الشعر (2) وطيب الريح وكثرة الطروقة. عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام إنهما سئلا عن الرجل يرد الطيب ؟ فقالا: لا ترد الكرامة. وعنه (عليه السلام) لا يأبى الكرامة إلا الحمار، يعني الذي عقله مثل عقل الحمار. وعنه (عليه السلام) قال: الطيب في الشارب من أخلاق الانبياة وكرامة الكاتبين. وعنه (عليه السلام) قال: كانت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسكة إذا هو يتوضأ أخذها بيده وهي رطبة فكان إذا خرج عرفوا أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن الرضا (عليه السلام) قال: كان لعلي بن الحسين (عليه السلام) مشكدانة (3) من رصاص معلقة فيها مسك، فإذا أراد أن يخرج ولبس ثيابه تناولها وأخرج منها فمسح به. ومن كتاب عيون الاخبار روى الصولي عن جدته وكانت تسأل عن أمر الرضا


(1) النشرة بالضم: رقية يعالج بها المجنون والمريض. أو من النشر بمعنى الحياة. (2) طم الشعر: جزه أو عقصه. وفي بعض النسخ ” ضم الشعر “. (3) مشكدانة فارسي. وفي بعض النسخ ” وشاندانة “.

[ 43 ]

(عليه السلام) كثيرا فتقول: ما أذكر منه شيئا إلا أني كنت أراه يتبخر بالعود الهندي النئ ويستعمل بعده ماء ورد ومسكا تمام الخبر. من مسموعات السيد ناصح الدين أبي البركات قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية وأطيب الطيب المسك. قال الصادق (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ينفق على الطيب أكثر ما ينفق على الطعام. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: يا علي عليك بالطيب في كل جمعة، فإنه من سنتي وتكتب لك حسناته مادام يوجد منك رائحته. وعنه (عليه السلام) قال: ينبغي للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من طيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم لا فإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أيما إمرأة تطيبت، ثم خرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت. في التجمير عن مرازم قال: دخلت أبي الحسن (عليه السلام) الحمام، فلما خرج إلى المسلخ دعا بمجمر فتجمر (1)، ثم قال: جمروا مرازما قال: قلت من أراد أن يأخذ نصيبه يأخذ ؟ قال: نعم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للرجل أن يدخن ثيابه إذا كان يقدر. عن عمير بن مأمون – وكانت ابنته عمير تحت الحسن (عليه السلام) – قال: قالت: دعا ابن الزبير الحسن إلى وليمة فنهض الحسن (عليه السلام) وكان صائما فقال له ابن الزبير: كما أنت حتى نتحفك بتحفة الصائم:، فدهن لحيته وجمر ثيابه. وقال الحسن (عليه السلام): وكذلك تحفة المرأة تمشط وتجمر ثوبها.


(1) المسلخ: موضع نزع اللباس للدخول إلى الحمام. والمجمرة والمجمر: ما يوضع فيه الجمر يعني النار. وأجمر الثوب: نجره بالطيب. (*)

[ 44 ]

عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه وطيب الرجال ما خفي لونه وظهر ريحه. إلى هنا من هذا الباب مختارة من كتاب اللباس المنسوب إلى العياشي رحمة الله عليه (1). في الورد وماء الورد من كتاب طب الائمة (2) عن الحسن بن منذر يرفعه قال: لما أسرى بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء حزنت الارض لفقده وأنبتت الكبر (3) فلما رجع إلى الارض فرحت فأنبتت الورد، فمن أراد أن يشم رائحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فليشم الورد. وفي حديث آخر لما عرج بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عرق فتقطر عرقه إلى الارض فأنبتت من العرق الورد الاحمر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الاحمر. عن الفردوس عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الورد الابيض خلق من عرقي ليلة المعراج والورد الاحمر خلق من عرق جبريل والورد الاصفر خلق من البراق. وروي عنه (عليه السلام) قال: إن ماء الورد يزيد في ماء الوجه وينفي الفقر. وروى الثمالي عنه (عليه السلام) أنه قال: من مسح وجهه بماء الورد لم يصبه في ذلك


(1) هو أبو نضر محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السمرقندي المعروف بالعياشي صاحب التفسير المشهور بالتفسير العياشي، كان رحمه الله من الفقهاء الشيعة وعلمائهم في القرن الرابع، المعاصر للشيخ الكليني (ره) وقيل في حقه: ” إنه أوحد دهره وأكبر أهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه “. وأنفق جميع تركة أبيه – وكانت ثلاثمائة ألف دينار – على العلم والحديث، كانت داره مملوة من الناس كالمسجد بين ناسخ أو قار أو مقابل أو معلق وكان له مجلس للخاص ومجلس للعام وكان في أول عمره عامي ” على مذهب أهل السنة ” ثم تبصر وعاد إلى مذهب الشيعة الامامية وصنف كتبا كثيرة. (2) من مؤلفات حسين بن بسطام بن سابور الزيات كان من أكابر علماء الامامية ومحدثيهم وأجلاء رواة أخبارهم. (3) الكبر بفتحتين: شجر الاصف.

[ 45 ]

اليوم بؤس ولا فقر. ومن أراد التمسح بماء الورد فليمسح به وجهه ويديه وليحمد ربه وليصل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). عن الحسن بن علي (عليه السلام) أنه قال: حباني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلتا يديه بالورد وقال: هذا سيد ريحان أهل الدنيا والاخرة. في النرجس روى الحسن بن المنذر رفعه قال: للنرجس فضائل كثيرة في شمه ودهنه. ولما أضرمت النار لابراهيم (عليه السلام) فجعلها الله عزوجل عليه بردا وسلاما، أنبت الله تبارك وتعالى في تلك النار النرجس فأصل النرجس مما أنبته الله عزوجل في ذلك الزمان. في المرز نجوش عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالمرز نجوش فشموه، فإنه جيد للخشام (1). وعنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا رفع إليه الريحان شمه ورده إلا المرز نجوش، فإنه كان لا يرده. عن الكاظم (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم الريحان المرز نجوش، نبت تحت ساق العرش وماؤه شفاء العين. الفصل الثاني في التكحل والتدهن من كتاب من لا يحضره الفقيه (2) عن الباقر (عليه السلام) قال: الاكتحال بالاثمد ينبت الاشفار ويحد البصر ويعين على طول السهر.


(1) الخشام: الانف. (2) من الكتب الاربعة للشيعة من مؤلفات الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتوفى سنة 381 في بلدة الري والمدفون فيها.

[ 46 ]

عن الصادق (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرابي يقال له: قليب رطب العينين، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إني أرى عينيك رطبتين يا قليب عليك بالاثمد فإنه سراج العين. عن طب الاثمد قال الصادق (عليه السلام): السواك يجلو البصر والاثمد يذهب بالبخر. عن الرضا (عليه السلام) قال: من أصابه ضعف في بصره فليكتحل سبعة مراود (1) عند منامه من الاثمد، أربعة في اليمنى وثلاثة في اليسرى، فإنه ينبت الشعر ويجلو البصر وينفع الله بالكحلة منه بعد ثلاثين سنة. وعنه (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكتحل وقال: [ و ] عليك بالاثمد فإنه يجلو البصر وينبت الاشفار ويطيب النكهة ويزيد في الباه (2). وعنه (عليه السلام) قال: من أصابه ضعف في بصره فليكتحل سبع مراود عند منامه من الاثمد، أربعة في اليمنى وثلاثة في البسرى. عن الصادق (عليه السلام) قال: الكحل ينبت الشعر ويجفف الدمعة ويعذب الريق ويجلو البصر. وعنه (عليه السلام) قال: الكحل يزيد في المباضعة. وعنه (عليه السلام) قال: الكحل يعذب الفم. وعنه (عليه السلام) قال: الكحل أربعة في اليمنى وثلاثة في اليسرى. وعنه (عليه السلام) قال: الكحل بالليل يطيب الفم ومنفعته إلى أربعين صباحا. وعنه (عليه السلام): أنه كان أكثر كحله بالليل، وكان يكتحل ثلاثة أفراد في كل عين. وعنه (عليه السلام) قال: الكحل عند النوم أمان من الماء الذي ينزل في العين. ومن كتاب اللباس عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يكتحل بالاثمد إذا أراد أن يأوى إلى فراشه. عن ابن فضال، عن الحسن بن جهم (3) قال: أراني (عليه السلام) ميلا من حديد، فقال: كان هذا لابي الحسن (عليه السلام) فاكتحل به فاكتحلت.


(1) المراود جمع المرود: الميل الذي يكتحل به. (2) النكهة: ريح الفم. والباه كالجاه: النكاح. (3) هو الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، ثقة، روي أبي الحسن موسى والرضا عليهما السلام، ذكره النجاشي في رجاله.

[ 47 ]

عن نادر الخادم، عنه (عليه السلام) أنه قال لبعض من معه: اكتحل، فعرض أنه لا يحب الزينة في منزله، فقال: اتق الله واكتحل ولا تدع الكحل. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن لم يفعل فليس عليه شئ. عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من اكتحل فليوتر ومن تجمر فليوتر ومن استنجى فليوتر ومن استخار الله فليوتر. وعنه (عليه السلام) قال: عليكم بالكحل، فإنه يطيب الفم، وعليكم بالسواك فإنه يجلو البصر. قال: قلت: كيف هذا ؟ قال: لانه إذا استاك نزل البلغم فجلا البصر وإذا اكتحل ذهب البلغم فطيب الفم. الدعاء عند الكحل ” اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والاخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبدا ما أبقيتني “. في التدهن عن كتب الشيخ السعيد أبي جعفر بن بابويه (1) عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا صببت الدهن في يدك فقل: أللهم إني أسألك الزين والزينة في الدنيا والاخرة وأعوذ بك من الشين [ والشنآن ] في الدنيا والاخرة. وعنه (عليه السلام) قال: الدهن يلين البشر [ ة ] ويزيد في الدماغ ويسهل مجاري الماء ويذهب القشف ويسفر اللون.


(1) هو محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمي، الملقب بالصدوق والمعروف بإبن بابويه، صاحب من لا يحضره الفقيه من الكتب الاربعة، كان رحمه الله من أجلاء الشيعة بل فقهاء الاسلام ومحدثيهم وأعظم علماء الاسلام في القرن الرابع، قيل في حقه: ” ولولاه لاندرست آثار أهل البيت عليهم السلام ” ولد هو وأخوه الحسين بن علي بن بابويه القمي بدعاء مولانا صاحب الامر، إمام المنتظر، الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام. أصله من قم قدم بغداد سنة 355 وكان من تلامذتة الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي المتوفى سنة 413، ثم رجع ودخل الري وأقام بها إلى أن توفي فيها سنة 381 وصنف كتبا كثيرة وبقيت أكثر مصنفاته مدى الايام إلى الان فعمت بركته الانام.

[ 48 ]

وعنه (عليه السلام) قال: من دهن مسلما كتب الله بكل شعرة نورا يوم القيامة. وعنه (عليه السلام) قال: الدهن يذهب [ ب‍ ] البؤس. وقال: البنفسج سيد الادهان، وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لعلي: يا علي كل الزيت وادهن بالزيت، فإنه من أكل الزيت وادهن بالزيت لم يقربه الشيطان أربعين صباحا. وقال علي (عليه السلام): إدهنوا بالبنفسج فانه بار في الصيف حار في الشتاء. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فضل البنفسج على الادهان كفضل الاسلام على سائر الاديان. وفي رواية الصادق (عليه السلام): فضل البنفسج على سائر الادهان كفضلي على سائر الخلق. وعنه (عليه السلام) قال: ادهنوا غبا واكتحلوا وترا (1). الفصل الثالث في السواك من كتاب من لا يحضره الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خشيت أن أحفي أو أدرد (2)، وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلا يعتق فيه. وقال موسى بن جعفر (عليه السلام): أكل الاشنان يذيب البدن والتدلك بالخزف يبلي الجسد والسواك في الخلاء يورث البخر (3). عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: السواك يزيد الرجل فصاحة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس


(1) يقال: غب الرجل غبا أي أخذه يوما وتركه يوما. (2) يقال أحفى الرجل شاربه أي بالغ في قصه، ودرد: إذا سقطت أسنانه وبقيت أصولها. (3) الخزف: كل ما عمل من الطين وشوي بالنار. والبخر – محركة – ريح المنتن.

[ 49 ]

من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نورا بين عينيه يوم القيامة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة ويذهب بالحفر (1) وهو سواكي وسواك الانبياء قبلي. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع من سنن المرسلين: الختان والتعطر والنكاح والسواك. وقال الصادق (عليه السلام): أربع من سنن المرسلين: العطر والسواك والنساء والختان. من كتاب روضة الواعظين (2) قال أبو الحسن موسى (عليه السلام): لا يستغني شيعتنا عن أربع: عن خمرة (3) يصلي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) فيها ثلاث وثلاثون حبة متى قلبها ذاكرا لله كتب الله له بكل حبة أربعين حسنة وإذا قلبها ساهيا يعبث بها كتب الله له عشرين حسنة. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لعلي: يا علي عليك بالسواك عند كل وضوء. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): السواك شطر الوضوء. وقال الصادق (عليه السلام): لما دخل الناس في الدين أفواجا أتاهم الازد – أرقها قلوبا وأعذبها أفواها – قيل: يا رسول الله، هؤلاء أرق قلوبا فلم صاروا أعذب أفواها ؟ قال: إنهم كانوا يستاكون في الجاهلية. وقال (عليه السلام): لكل شئ طهور، وطهور الفم السواك. وقال أبو جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكثر السواك وليس بواجب، فلا يضرك تركه في فرط الايام. ولا بأس أن يستاك الصائم في شهر رمضان أي النهار شاء. ولا بأس بالسواك للمحرم. ويكره السواك في الحمام لانه يورث وباء الاسنان.


(1) الحفر: صفرة تعلو الاسنان. (2) للفتال النيسابوري من علماء القرن السادس الهجري، المعروف بابن الفارسي رحمة الله عليه. (3) خمرة وزان غرفة: سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتزمل بالخيوط. وقيل حصير صغير قدر ما يسجد عليه ويضع الرجل عليه جبهته في سجوده. (مكارم الاخلاق – 4)

[ 50 ]

وقال الباقر والصادق عليهما السلام: صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك. وقال الباقر (عليه السلام) في السواك: لا تدعه في كل ثلاثة أيام ولو أن تمره مرة واحدة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اكتحلو وترا واستاكوا عرضا. وترك الصادق (عليه السلام) السواك قبل أن يقبض بسنتين، وذلك أن أسنانه ضعفت. وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الرجل: يستاك بيده إذا قام إلى الصلاة بالليل وهو يقدر على السواك ؟ قال: إذا خاف الصبح فلا بأس. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة. وروي: أن الكعبة شكت إلى الله عزوجل مما تلقى من أنفاس المشركين، فأوحى الله تبارك وتعالى إليها: قري يا كعبة فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجرة (1)، فلما بعث الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل عليه الروح الامين جبريل بالسواك والخلال. وقال الصادق (عليه السلام): في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة ومطهرة للفم ومجلاة للبصر ويرضي الرحمن ويبيض الاسنان ويذهب بالحفر (2) ويشد اللثة ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم ويزيد في الحفظ ويضاعف الحسنات وتفرح به الملائكة. وكان للرضا (عليه السلام) خريطة (3) فيها خمس مساويك، مكتوب على كل واحد منها إسم صلاة من الصلوات الخمس، يستاك به عند تلك الصلاة. ومن كتاب طب الائمة عنه (عليه السلام) قال: السواك يجلو البصر وينبت الشعر ويذهب بالدمعة. وفي وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لامير المؤمنين (عليه السلام): يا علي عليك بالسواك وإن


(1) القضبان: جمع القضيب وهو الغصن المقطوع. (2) الحفر: صفرة تعلو الاسنان. (3) الخريطة: وعاء من جلد أو غيره.

[ 51 ]

استطعت أن لا تقل منه فافعل، فإن كل صلاة تصليها بالسواك تفضل على التي تصليها بغير سواك أربعين يوما. ومن كتاب اللباس لابي النضر العياشي عن أبي جميلة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزل جبريل بالخلال والسواك والحجامة. وعنه، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نظفوا طريق القرآن. قالوا: يا رسول الله، وما طريق القرآن ؟ قال: أفواهكم. قالوا: بماذا ؟ قال: بالسواك. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): طهروا أفواهكم فإنها مسالك التسبيح. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أكل الاشنان يذيب البدن والتدلك بالخزف يبلي الجسد والسواك في الخلاء يورث البخر. [ من تهذيب الاحكام ] عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: السواك مرضاة لله عز وجل وسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومطيبة للفم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: السواك على المقعدة يورث البخر (1). عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: ثلاث يذهبن بالبلغم ويزدن في الحفظ: السواك والصوم وقراءة القرآن.


(1) المقعدة: مكان المخصوص للتخلي. والبخر محركة: ريح الفم.

[ 52 ]

الباب الثالث في آداب الحمام وما يتعلق به، وفيه ستة فصول: الفصل الاول في كيفية دخول الحمام من كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن حمران قال: قال الصادق (عليه السلام): إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك: ” اللهم انزع عني ربقة النفاق وثبتني على الايمان “. وإذا دخلت البيت الاول فقل: ” اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وأستعيذ بك من آذاه “. وإذا دخلت البيت الثاني فقل: ” اللهم أذهب عني الرجس النجس وطهر جسدي وقلبي “، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلغ منه جرعة فافعل، فإنه ينقي المثانة، والبث في البيت الثاني ساعة، وإذا دخلت البيت الثالث فقل: ” نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة ” ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار. وإياك وشرب الماء البارد والفقاع (1) في الحمام، فإنه يفسد المعدة. ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن. وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت، فإنه يسل الداء من جسدك، فإذا [ خرجت من الحمام ] ولبست ثيابك فقل: ” اللهم ألبسني التقوى وجنبني الردى “، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء. ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك مئزر. وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ينهى عن قراءة القرآن في الحمام ؟ فقال: لا، إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان، فإذا كان عليه ازار فلا بأس.


(1) إن الفقاع، وإن كان حراما في كل حال، إلا أنه (عليه السلام) أكد حرمة شربه في الحمام.

[ 53 ]

قال علي بن يقطين للكاظم (عليه السلام): أقرأ في الحمام وأنكح ؟ قال: لا بأس. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم البيت الحمام، تذكر فيه النار ويذهب بالدرن. وقال (عليه السلام): بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء. وقال الصادق (عليه السلام): بئس البيت بيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة. ونعم البيت بيت الحمام يذكر حر جهنم. ومن الادب أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أنهى نساء أمتي عن دخول الحمام. وقال الكاظم (عليه السلام): لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا. من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شئ يطفئ عنك وهج المعدة (1) وهو أقوى للبدن ولا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام. وعنه (عليه السلام) قال: لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد أن ينظر كيف صوته. وعن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت: أيتجرد الرجل عند صب الماء ويرى عورته الناس، أو يصب عليه الماء، أو يرى هو عورة الناس ؟ فقال: كان أبي يكره ذلك من كل أحد. وقال الصادق (عليه السلام): لا يستلقين أحد في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين. وقال بعضهم: خرج الصادق (عليه السلام) من الحمام فلبس وتعمم، فقال: فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف. وقال موسى بن جعفر: الحمام يوم ويوم لا، يكثر اللحم وإدمانه كل يوم يذيب شحم الكليتين. وقال عبد الرحمن بن مسلم: كنت في الحمام في البيت الاوسط، فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وعليه إزار فوق النورة فقال: السلام عليكم، فرددت عليه


(1) الوهج أصله اتقاد النار واشتداد حره. والمراد به هنا تسكين اشتداد حرارة المعدة

[ 54 ]

ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجت. عن الرضا (عليه السلام) قال: من غسل رجليه بعد خروجه من الحمام فلا بأس، وإن لم يغسلهما فلا بأس. وخرج الحسن بن علي (عليه السلام) من الحمام فقال له رجل: طاب استحمامك، فقال: يا لكع (1) وما تصنع بالاست ههنا ؟ قال: فطاب حمامك. قال: إذا طاب الحمام فما راحة البدن ؟ قال: فطاب حميمك. قال: ويحك أما علمت أن الحميم العرق ؟ قال: فكيف أقول ؟ قال: قل: طاب ما طهر منك وطهر ما طاب منك. قال الصادق (عليه السلام): إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام: طاب حمامك فقل له: أنعم الله بالك. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الداء ثلاثة والدواء ثلاثة، فأما الداء فالدم والمرة والبلغم، فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي (2). وقال الصادق (عليه السلام): ثلاثة يسمن وثلاثة يهزلن، فأما التي يسمن فإدمان الحمام وشم الرائحة الطيبة ولبس الثياب اللينة، وأما التي يهزلن فإدمان أكل البيض والسمك والضلع (3) يعني بإدمان الحمام انه يوم ويوم لا، فإنه إن دخل كل يوم نقص من لحمه. عن الباقر (عليه السلام) قال: ماء الحمام لا بأس به إذا كان له مادة (4). عن داود بن سرحان قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في ماء الحمام ؟ قال: هو بمنزلة الماء الجاري. عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره أفأغتسل من مائه ؟ قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب، ولقد اغتسلت


(1) اللكع كالصرد: اللئيم والعبد والاحمق. والاست: الاساس والاصل والسافلة، والمراد هنا القبل والدبر. (2) المرة – بالكسر فالتشديد -: خلط من أخلاط البدن كالصفراء والسوداء. (3) الضلع: امتلاء البطن شبعا أو ريا حتى يضلع أضلاعه. (4) المراد إن ماء الحمام طاهر لا ينجسه شئ إذا كان له منبع.

[ 55 ]

فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما التزق بهما من التراب. عن زرارة قال: رأيت الباقر (عليه السلام) يخرج من الحمام، فيمضي كما هو لا يغسل رجله حتى يصلي. عن الصادق (عليه السلام): اغسلوا أرجلكم بعد خروجكم من الحمام فإنه يذهب بالشقيقة، فإذا خرجتم فتعمموا. عن محمد بن موسى عن الباقر والصادق عليهما السلام قال: إذا خرجنا من الحمام خرجنا متعممين شتاء [ كان أو ] صيفا، وكانا يقولان: هو أمان من الصداع. وروي: إذا دخل أحدكم الحمام وهاجت به الحرارة فليصب عليه الماء البارد ليسكن به الحرارة. ومن كتاب طب الائمة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء واحتجموا يوم الاربعاء وأصيبوا من الحمام حاجتكم يوم الخميس وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة. من كتاب الخصال عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الاربعاء، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة. ومن كتاب اللباس عن سعدان بن مسلم قال: دخل علينا أبو الحسن الاول (عليه السلام) الحمام ونحن فيه، فسلم، قال: فقمت أنا فاغتسلت وخرجت. عن حنان بن سدير عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمام المدينة فإذا رجل في المسلخ فقال: ممن القوم ؟ فقلنا: من أهل العراق، قال: من أي العراق ؟ فقلنا: من أهل الكوفة، قال: مرحبا [ وسهلا ] وأهلا يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار (1)، ثم قال: ما يمنعكم من الازار ؟ فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عورة المسلم على المسلم حرام، قال: فبعث عمي من أتى له بكرباسة فشقها أربعة، ثم أخذ كل واحد منا واحدة فاتزر بها، فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الشيخ فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) وابنه محمد الباقر (عليه السلام) معه.


(1) الشعار – بالكسر -: ما يلي شعر الجسد من اللباس. والدثار – بالكسر -: ما يتدثر به الانسان من كساء. (*)

[ 56 ]

الفصل الثاني في ستر العورة من كتاب من لا يحضره الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر. ونهى عن دخول الانهار إلا بمئزر، وقال: إن للماء أهلا وسكانا. عن أبي عبد الله عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: إذا تعرى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه، فاتزروا. وعنه (عليه السلام): نهى أن يدخل الرجل الحمام إلا بمئزر. وعن الباقر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: قيل له: إن سعيد بن عبد الملك يدخل بجواريه الحمام. قال: لا بأس به إذا كان عليه وعليهن الازار ولا يكونون عراة كالحمر ينظر بعضهم إلى سوءة بعض (1). وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إنما أكره النظر إلى عورة المسلم، فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار. وعنه (عليه السلام) قال: لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه، فإذا كان مخالفا له فلا شئ عليه في الحمام. وعنه (عليه السلام) قال: الفخذ ليس بعورة. عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يغتسل الرجل بارزا ؟ فقال: إذا لم يره أحد فلا بأس. من تهذيب الاحكام عن حذيفة بن منصور قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) شئ يقوله الناس: عورة المؤمن على المؤمن حرام، فقال: ليس حيث تذهب إنما عنى عورة المؤمن أن يزل زلة، أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما.


(1) الحمر جمع الحمار. والسوءة بالفتح: العورة.

[ 57 ]

عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن عورة المؤمن أهي حرام ؟ قال: نعم، [ ف‍ ] قلت: أعني سفليه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما هو إذاعة سره. عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: ليس أن يكشف فترى منه شيئا إنما هو أن تزري عليه (1) أو تعيبه. الفصل الثالث في التدلك بالخزف والزيت والدقيق وغير ذلك من كتاب من لا يحضره الفقيه عن علي (عليه السلام) قال: لا يستلقين أحدكم في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين. ولا يدلكن رجله بالخزف فإنه يورث الجذام. وقال الصادق (عليه السلام): لا تدلكن بالخزف فإنه يورث البرص، ولا تمسح وجهك بالازار فإنه يذهب بماء الوجه. وروي أن ذلك طين مصر وخزف الشام. وقال (عليه السلام): إياكم والخزف فإنه يبلي الجسد [ و ] عليكم بالحزق (2). عن الرضا (عليه السلام) قال: لا بأس أن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة، ولا بأس أن يتدلك بالدقيق الملتوت بالزيت. وليس فيما ينفع البدن إسراف، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن. وقال الصادق (عليه السلام): لا بأس أن يمس الرجل الخلوق (3) في الحمام، يمسح به يده من شقاق يداويه ولا يستحب إدمانه ولا أن يرى أثره عليه. ومن كتاب اللباس عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يطلي بالنورة فيتدلك بالزيت والدقيق، قال: لا بأس. عن أبي السفاتج، عن بعض أصحابه أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: إنا


(1) يقال: أزرى عليه عمله أي عاتبه أو عابه عليه. (2) يقال: حزق الشئ حزقا أي شده وضغطه وعصره. (3) الخلوق: ضرب من الطيب يتخلق به، قيل: هو مائع وفيه صفرة وأعظم أجزائه الزعفران.

[ 58 ]

نكون في طريق مكة فنريد الاحرام، فلا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فنتدلك بالدقيق فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قال (عليه السلام): مخافة الاسراف ؟ قلت: نعم، قال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي فيلت (1) بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن، قلت: فما الاقتار ؟ قال: أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فالقصد ؟ قال: الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن مرة ذا ومرة ذا. وعن أبي الحسن (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل الدقيق يلته به ويتمسخ به بعد النورة ليقطع ريحها ؟ قال: لا بأس. الفصل الرابع في حلق الرأس والعانة والابط من كتاب من لا يحضره الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل: احلق فإنه يزيد في جمالك. قال الصادق (عليه السلام): حلق الرأس في غير [ ال‍ ] حج و [ الع‍ ] مرة مثله لاعدائكم وجمال لكم، ثم قال إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وعلامتهم التسبيد وهو الحق وترك التدهن. ومن كتاب نوادر الحكمة عن الصادق عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: لا تحلقوا الصبيان القزع (2). ومن تهذيب الاحكام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصبي [ ل‍ ] يدعو له وله قنازع (3) فأبى أن يدعو له وأمر بحلق رأسه. وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحلق شعر البطن. قال النوفلي: القزع أن تحلق موضعا وتترك موضعا. وعن الباقر (عليه السلام) قال: ختن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين عليهما السلام


(1) يقال لت الشئ أي بله وخلطه بشئ من ماء أو السمن، أو غير ذلك. (2) القزع محركة: أخذ بعض الشعر وترك بعضه غير محلوقة تشبيها بقزع السحاب. (3) القنازع: جمع قنزعة وهي الشعر حول الرأس. والفضلة من الشعر تترك على رأس الصبي أيضا.

[ 59 ]

لسبعة أيام، وحلق رؤسهما وتصدق بزنة الشعر فضة، وعق عنهما وأعطى القابلة طرائف. وروي إذا أراد أن يحلق رأسه فليبدأ من الناصية إلى العظمين وليقل: ” بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة ” فإذا فرغ فليقل: ” أللهم زيني بالتقوى وجنبني الردى “. ومن كتاب طب الائمة عن الصادق (عليه السلام): التنظف بالموسى في كل سبع، وبالنورة في كل خمسة عشر يوما. ومن كتاب اللباس قال الرضا (عليه السلام): ثلاث من عرفهن لم يدعهن: إحفاء الشعر ونكاح الاماء، وتشمير الثوب. وعنه (عليه السلام) قال: ثلاث من سنن المرسلين: التعطر، وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة يعني الجماع. وعن عمرو بن عثمان، عمن حدثه عن الرضا (عليه السلام) قال: قلنا له: إن الناس يزعمون أن كل حلق في غير منى مثلة، فقال: سبحان الله كان أبو الحسن – يعني أباه – يرجع من الحج فيأتي بعض ضياعه فلا يدخل المدينة حتى يحلق رأسه. وسئل الصادق (عليه السلام) عن إطالة الشعر، [ ف‍ ] قال: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مقصرين – يعني الطم (1) -. وعنه (عليه السلام) قال: أخذ الشعر من الانف يحسن الوجه. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يترك عانته فوق أربعين يوما ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تدع ذلك منها فوق عشرين يوما. وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يترك عانته أكثر من اسبوع ولا يترك النورة أكثر من شهر من ترك أكثر منه فلا صلاة له (2) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): احلقوا شعر البطن – الذكر والانثى -. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى قال لابراهيم (عليه السلام) تطهر،


(1) طم الشعر: جزه أو عقصه. (2) المراد به: الصلاة التام.

[ 60 ]

فحلق عانته. وكان (عليه السلام): يطلي إبطيه في الحمام ويقول: نتف الابط يضعف المنكبين ويوهي ويضعف البصر (1). وقال: حلقه أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه. وفي رواية زرارة عن (عليه السلام) قال: نتفه أفضل من حلقه وطليه أفضل منهما. وقال علي (عليه السلام): نتف الابط ينفي الرائحة المكروهة وهو طهور وسنة مما أمر به الطيب أبو القاسم عليه وعلى آله السلام. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يطولن أحدكم شعر إبطه، فإن الشيطان يتخذه مخبأ يستتر به والجنب لا بأس أن يطلي، لان النورة تزيد نظافة. عن الصادق (عليه السلام) قال: كان بين نوح وإبراهيم عليهما السلام ألف سنة وكانت شريعة إبراهيم بالتوحيد والاخلاص وخلع الانداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية وأخذ عليه ميثاقه [ و ] أن لا يعبد إلا الله ولا يشرك به شيئا قال: وأمره بالصلاة والامر والنهي ولم يحكم عليه أحكام فرض المواريث وزاده في الحنيفية الختان وقص الشارب ونتف الابط وتقليم الاظفار وحلق العانة. وأمره ببناء البيت والحج والمناسك فهذه كلها شريعته (عليه السلام). وعنه (عليه السلام) قال: قال الله لابراهيم (عليه السلام): تطهر فأخذ شاربه، ثم قال: تطهر فنتف إبطه، ثم قال: تطهر فقلم أظفاره، ثم قال: تطهر فحلق عانته، ثم قال: تطهر فاختتن. الفصل الخامس في غسل الرأس بالخطمي والسدر من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الصادق (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون. وقال (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق. وفي خبر آخر قال: غسل الرأس بالخطمي نشرة (2).


(1) النتف: النزع. والوهي: الشق والكسر والضعف، يقال: وهي الثوب أي بلي وانشق واسترخى رباطه. وكذلك الحائط والقربة والحبل ويتعدى بالهمزة. (2) النشرة: رقية تعالج بها المجنون والمريض.

[ 61 ]

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينفي الاقذار وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اغتم، فأمره جبريل (عليه السلام) فغسل رأسه بالسدر وكان ذلك سدرا من سدرة المنتهى. وقال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا. وقال الصادق (عليه السلام): اغسلوا رؤسكم بورق السدر، فإنه قدسه كل ملك مقرب ونبي مرسل، ومن غسل رأسه بورق السدر صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، ومن صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص الله ومن لم يعص الله دخل الجنة. ومن تهذيب الاحكام، عنه (عليه السلام) قال: من أخذ شاربه، وقلم أظفاره، وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة (1). ومن طب الائمة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لاصحابه: غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينفي الدواب (2). عن جابر الجعفي قال: شكوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) حزازا (3) في رأسي، فقال: دق الآس واستخرج ماءه واضربه بخل خمر أجود ما تقدر عليه ضربا شديدا حتى يزبد، ثم اغسل به رأسك ولحيتك بكل قوة لك، ثم ادهنه بعد ذلك بدهن شيرج (4) طري تبرأ إن شاء الله. الفصل السادس في الاطلاء بالنورة من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الصادق (عليه السلام): من أراد أن يتنور فليأخذ


(1) النسمة: المملوك ذكرا كان أو أنثى. (2) الدرن: الوسخ. والدواب جمع الدابة. والمراد هنا الحيوانات الصغار التي يتولد من البشرة تحت القميص في بعض الابدان. (3) حراز الرأس: القشرة التي تتساقط من الرأس، وقد يستعمل لداء يظهر في الجسد فيتقشر ويتسع. (4) الشيرج: دهن السمسم، وربما قيل للدهن الابيض وللعصير قبل أن يتغير.

[ 62 ]

من النورة ويجعله على طرف أنفه ويقول: ” أللهم ارحم سليمان بن داود (عليه السلام) كما أمر بالنورة ” فإنه لا تحرقه إن شاء الله تعالى. وروي أن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق. من كتاب المحاسن عن الحكم بن عيينة قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره، فقال: يا حكم ما تقول في هذا ؟ فقلت: ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله وإنما عندنا يفعله الشاب فقال: يا حكم إن الاظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى فلا بأس بتغيرها. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطلى واختضب بالحناء أمنه الله من ثلاث خصال: الجذام والبرص والاكلة إلى طلية مثلها. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ينبغي الرجل أن يتوفى النورة يوم الاربعاء فإنه نحس مستمر، وتجوز النورة في سائر الايام. وروي أنها في يوم الجمعة تورث البرص. عن الرضا (عليه السلام) من تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطلى واختضب بالحناء أمنه الله من ثلاث خصال: الجذام والبرص والاكلة إلى طلية مثلها. وقال الصادق (عليه السلام): الحناء على أثر النورة أمان من الجذام والبرص. من الروضة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خمس خصال تورث البرص: النورة يوم الجمعة ويوم الاربعاء، والتوضؤ والاغتسال بالماء الذي تسخنه الشمس، والاكل على الجنابة وغشيان (1) المرأة في حيضها، والاكل على الشبع. عن الرضا (عليه السلام) قال: ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن. من كتاب المحاسن روي: أن من أطلى فتدلك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفى الله عنه الفقر. من كتاب اللباس عن الصادق (عليه السلام): أنه كان يطلي في الحمام فإذا بلغ موضع


(1) الغشيان – بالكسر – الاتيان.

[ 63 ]

العانة قال للذي يطليه تنح، ثم طلى هو ذلك الموضع. وعنه (عليه السلام): أنه كان يدخل فيطلي إبطه وحده إذا احتاج إلى ذلك، ثم يخرج: وعنه (عليه السلام) أيضا: ربما طلى بعض مواليه جسده كله. روى الارقط (1) عنه (عليه السلام) قال: أتيته في حاجة فأصبته في الحمام، فذكرت له حاجتي، فقال: ألا تطلي ؟ قلت: إنما عهدي به أول من أمس، قال: أطل فإنما النورة طهور. وعنه (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) إذا أطلى تولى عانته بيده. عن ليث المرادي قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن الجنب يطلي ؟ قال: لا بأس به. عن الرضا (عليه السلام) قال: أربع من أخلاق الانبياء: التطيب والتنظيف بالموسى وحلق الجسد بالنورة، وكثرة الطروقة.


(1) هارون بن حكيم الارقط هو خال أبي عبد الله الصادق (عليه السلام).

[ 64 ]

الباب الرابع في تقليم الاظفار وأخذ الشارب وتدوير اللحية وتسريح الرأس والترجيل والنظر في المرآة والحجامة، وهو أربعة فصول: الفصل الاول في تقليم الاظفار من كتاب اللباس، روى سليمان بن خالد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أقص من أظفاري كل جمعة ؟ فقال: إن طالت. عن موسى بن بكير قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): إن أصحابنا يقولون: أخذ الشارب والاظافير يوم الجمعة، فقال: سبحان الله خذها إن شئت في الجمعة وإن شئت في سائر الايام. عن الصادق (عليه السلام) قال: تقليم الاظفار، والاخذ من الشارب، وغسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق. عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله من أنامله داء وأدخل فيها شفاء. وعنه (عليه السلام): تقليم الاظفار والاخذ من الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام. وعنه (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من قلم أظفاره يوم الجمعة لم تسعف أنامله (1). وعنه (عليه السلام) أيضا قال: خذ من أظفارك ومن شاربك كل جمعة، فإذا كانت قصارا فحكها، فإنه لا يصيبك جذام ولا برص.


(1) تسعف أي تشقق، وفي بعض النسخ (تشعث) بمعنى تفرق.

[ 65 ]

من كتاب المحاسن، عن الحسن بن العلاء قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما ثواب من أخذ شاربه وقلم أظفاره في كل جمعة ؟ قال: لا يزال مطهرا إلى يوم الجمعة الاخرى. عن أبي كهمس (1)، عن رجل قال: قلت لعبدالله بن الحسن: علمني شيئا في طلب الرزق ؟ قال: قل: ” اللهم تول أمري ولا توله غيرك ” قال: فأعلمت بذلك أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: ألا أعلمك في الرزق أنفع لك من ذلك ؟ قال: قلت: بلى، قال: خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة. عن خلف قال: رآني أبو الحسن (عليه السلام) وأنا أشتكي عيني، فقال: ألا أدلك على شئ إذا فعلته لم تشتك عينك ؟ قلت: بلى، قال: خذ من أظفارك في كل خميس، قال: ففعلت فلم أشتك عيني. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شاربه عوفي من وجع الاضراس ووجع العينين. وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أخذ أظفاره وشاربه كل جمعة وقال حين يأخذه: ” بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل محمد ” لم يسقط منه قلامة ولا جزازة (2) إلا كتب الله له بها عتق رقبة ولم يمرض إلا المرضة التي يموت فيها. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال للرجال: قصوا أظافيركم، وللنساء: اتركن فإنه أزين لكن. ومن طب الائمة عنه (عليه السلام) قال: من قلم أظافيره يوم الاربعاء فبدأ بالخنصر الايسر كان له أمان من الرمد.


(1) اسمه الهيثم بن عبيدالله من رجال الشيعة، وقيل: أبو كهمش بالمعجمة. (2) القلامة – بالضم -: ما سقط من الشئ المقلوم. والجزاز – بالضم أيضا -: ما سقط من الشئ عند الجز أي القطع. (مكارم الاخلاق – 5)

[ 66 ]

وعن الباقر (عليه السلام) قال: إن من يقلم أظفاره يوم الجمعة يبدأ بخنصره من يده اليسرى ويختم بخنصره من يده اليمنى. وقال الصادق (عليه السلام): من قص أظافيره يوم الخميس وترك واحدا ليوم الجمعة نفى الله عنه الفقر. وفي رواية في الفردوس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد ان يأمن الفقر وشكاية العين والبرص والجنون فليقلم أظفاره يوم الخميس بعد العصر وليبدأ بخنصره من اليسار. من كتاب المحاسن عن الصادق (عليه السلام) قال: احتبس الوحي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقيل له: احتس الوحي عنك يا رسول الله ؟ قال: وكيف لا يحتبس عني وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تنقون رائحتكم. وقال الباقر (عليه السلام): إنما قصت الاظفار لانها مقيل (1) الشيطان ومنه يكون النسيان. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للرجال: قصوا أظافيركم. وقال للنساء: اتركن من أظافيركن فإنه أزين لكن (2). قال الصادق (عليه السلام): يدفن الرجل شعره وأظافيره إذا اخذ منها وهي سنة. وفي كتاب المحاسن وهي سنة واجبة. وروي ان من السنة دفن الشعر والظفر والدم. عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) وقد سئل عن الرحل: يأخذ من شعره وأظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه ؟ فقا: لا بأس. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قلم أظفاره وقص شاربه في يوم الجمعة ثم قال: ” بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل محمد ” أعطى بكل قلامة عتق رقبة من ولد إسماعيل (3). عن علي بن الحسين (عليه السلام) إذا حلق رأسه بمنى أمر أن يدفن شعره.


(1) المقيل: موضع الاستراحة. (2) يعني أنهن لا يبالغن في قصها كما يبالغ الرجال بل يتركن شيئا كما يستفاد من لفظة من التبعيضية. (3) القلامة: ما سقط من الشئ المقلوم.

[ 67 ]

الفصل الثاني في أخذ الشارب وتدوير اللحية والنظر في الشيب وغيره في أخذ الشارب من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الصادق (عليه السلام): أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يطولن أحدكم شاربه، فإن الشيطان يتخذه مخبأ يستتر به. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يأخذ شاربه فليس منا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) احفوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تتشبهوا باليهود. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم وإنا نحن نجز الشوارب ونعفي اللحى وهي الفطرة. وإذا أخذ الشارب يقول: ” بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). من كتاب المحاسن، عن الصادق (عليه السلام) قال: حلق الشوارب من السنة. عن السكوني قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من السنة أن يأخذ الشارب حتى يبلغ الاطارة (1). عن عبد الله بن عثمان، إنه رأى أبا عبد الله (عليه السلام) أحفى شاربه حتى التزمه العسيب (2). في قص اللحية وتدويرها نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رجل طويل اللحية، فقال: ما ضر هذا لو هيأ من لحيته ؟ فبلغ الرجل ذلك، فهيأ لحيته بين اللحيتين ثم دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما رآه قال: هكذا فافعلوا (3).


(1) الاطارة: لكل شئ ما أحاط به. وإطارة الشفة: اللحم المحيط بها. (2) العسيب: منبت الشعر: وفي بعض النسخ (حتى بدا حرف شفته). أي طرف شفته. (3) هيأه أي أصلحه.

[ 68 ]

عن محمد بن مسلم قال: رأيت الباقر (عليه السلام) يأخذ من لحيته، فقال: دوروها. وقال الصادق (عليه السلام): تقبض بيدك على اللحية وتجز ما فضل. من كتاب المحاسن عن علي بن جعفر قال: سألت أخي عن الرجل من لحيته ؟ فقال: أما من عارضيه فلا بأس وأما من مقدمها فلا يأخذ. عن سدير الصيرفي قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) يأخذ من عارضيه ويبطح لحيته (1). عن الحسن الزيات قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) قد خف لحيته. عن سدير قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) يأخذ من عارضيه ويبطن لحيته. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زاد من اللحية على القبضة ففي النار. وعنه (عليه السلام) قال: من سعادة المرء خفة لحيته. قال الصادق (عليه السلام) يعتبر عقل الرجل في ثلاث: في طول لحيته وفي نقش خاتمه وفي كنيته. عن أبي أيوب عن محمد قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) والحجام يأخذ من لحيته، فقال له: دورها. في الشيب من كتاب اللباس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشيب في مقدم الرأس يمن وفي العارضين سخاء وفي الذوائب شجاعة وفي القفاء شؤم. عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إلى الشيب في لحيته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): [ نور ] من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة. قال الباقر (عليه السلام): أصبح إبراهيم (عليه السلام) فرأى في لحيته شعرة بيضاء فقال: ” الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أعص الله طرفة عين “. عن الصادق (عليه السلام) قال: كان الناس لا يشيبون، فأبصر إبراهيم شيبا في لحيته، فقال: يا رب ما هذا ؟ قال: هذا وقار. قال: يا رب زدني وقارا. وعنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشيب نور فلا تنتفوه.


(1) يبطح أي يبسط. وفي بعض النسخ (يبطن).

[ 69 ]

من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بجز الشمط ونتفه، وجزه أحب إلي من نتفه (1). وعنه، عن علي عليهما السلام: أنه كان لا يرى بأسا بجز الشيب ويكره نتفه. في الترجل عنه (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه نهى عن الترجل مرتين في يوم. وعنه (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يرجل شعره وأكثر ما كان يرجله بالماء. في النظر في المرآة من كتاب النجاة: من أراد النظر في المرآة فليأخذها بيده اليسرى وليقل: ” بسم الله ” ويضع يده اليمنى على أم رأسه ويمسح بها وجهه ويقبض على لحيته وينظر في المرآة ويقول: ” الحمد لله الذي خلقني بشرا سويا وزانني ولم يشني وفضلني على كثير من خلقه ومن علي بالاسلام ورضيه لي دينا “. فإذا وضع المرآة من يديه فليقل: ” اللهم لا تغير ما بنا من نعمتك واجعلنا لانعمك من الشاكرين “. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لعلي: يا علي، إذا نظرت في المرآة فقل: ” اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ورزقي “. وعن الصادق (عليه السلام): ” الحمد لله الذي خلقني فأحسن خلقي وصورني فأحسن صورتي، الحمد لله الذي زان مني ما شان من غيري وأكرمني بالاسلام “. الفصل الثالث في تسريح الرأس واللحية من كتاب من لا يحضره الفقيه، سئل الرضا عن قول الله عزوجل: ” خذوا زينتكم عند كل مسجد ” قال: من ذلك التمشط عند كل صلاة.


(1) الجز: القطع. الشمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده من شمط بمعنى خلط. والنتف: النزع.

[ 70 ]

وقال الصادق (عليه السلام) في قوله عزوجل: ” خذوا زينتكم عند كل مسجد ” قال: المشط، فإن المشط يحسن الشعر وينجز الحاجة ويزيد في الصلب ويقطع البلغم. وقال الصادق (عليه السلام): مشط الرأس يذهب بالوباء ومشط اللحية يشد الاضراس. وقال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): إذا سرحت لحيتك ورأسك فأمر المشط على صدرك، فإنه يذهب بالهم والوباء. وقال الصادق (عليه السلام): من سرح لحيته سبعين مرة وعدها مرة مرة لم يقربه الشيطان اربعين يوما. من روضة الواعظين: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسرح تحت لحيته اربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول: إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم. وفي رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء ابدا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من امتشط قائما ركبه الدين. عن الكاظم (عليه السلام): تمشطوا بالعاج فإنه يذهب الوباء. وقال الصادق (عليه السلام): المشط يذهب بالوباء وهو الحمى. وقال (عليه السلام). لا بأس بأمشاط العاج والمكاحل والمداهن منه (1). عنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشعر الحسن من كسوة الله فأكرموه. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه. وعنه (عليه السلام) قال: من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار. وكان شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرة لم يبلغ الفرق (2). وعن الكاظم (عليه السلام) قال: ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن. ومن كتاب اللباس، عن أيوب بن هارون قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يفرق شعرة ؟ قال: لا. وكان شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا طال


(1) المكاحل: جمع مكحلة – بالضم – ومكحل – بالكسر -. والمداهن: جمع مدهن – بالضم – آلة الدهن وما يجعل فيه الدهن. (2) يقال: فرق الشعر تفريقا أي سرحه تسريحا. والوفرة: ما سال من الشعر إلى شحم الاذن. (*)

[ 71 ]

عن عمرو بن ثابت عن الصادق (عليه السلام) قال: إنهم يروون أن الفرق من السنة وما هو من السنة قلت: يزعمون ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرق قال: وما فرق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما كانت الانبياء تمسك الشعر. عن الصادق (عليه السلام): لا تتسرح في الحمام فإنه يرق الشعر. عن يزيد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله: المشط ينفي الفقر ويذهب بالداء. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): المشط يذهب بالوباء، والدهن يذهب بالبؤس. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إمرار المشط على الصدر يذهب بالهم. عن أبي عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن العاج فقال: لا بأس به وإن لي منه لمشطا. عن القاسم بن الوليد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن عظام الفيل – مداهنها وأمشاطها ؟ فقال (عليه السلام): لا بأس بها. وعنه (عليه السلام): إنه كره أن يدهن في مدهنة فضة أو مدهن مفضض والمشط كذلك. عن محمد بن عيسى، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن آنية الذهب والفضة ؟ فكرهها، فقلت: روى بعض أصحابنا أنه كان لابي الحسن (عليه السلام) مرآة ملبسة فضة، فقال، لا والحمد لله، إنما كانت لها حلقة فضة، وقال: إن العباس لما عذر جعل له عود ملبس فضة نحو من عشرة دراهم فأمر به فكسره. وعنه (عليه السلام) قال: لا بأس أن يشرب الرجل من القدح المفضض، واعزل فمك عن موضع الفضة. وعن الصادق (عليه السلام) من كتاب النجاة قال: إذا أراد أحدكم الامتشاط فليأخذ المشط بيده اليمنى وهو جالس وليضعه على أم رأسه، ثم يسرح مقدم رأسه ويقول: ” اللهم حسن شعري وبشري وطيبهما واصرف عني الوباء “، ثم يسرح مؤخر رأسه ويقول: ” اللهم لا تردني على عقبي واصرف عني كيد الشيطان ولا تمكنه من قيادي فتردني على عقبي “، ثم يسرح على حاجبيه ويقول: ” اللهم زيني بزينة الهدى “، ثم يسرح الشعر من فوق، ثم يمر المشط على صدره ويقول في الحالين معا: ” اللهم سرح


[ 72 ]

عني الهموم والغموم ووحشة الصدر ووسوسة الشيطان “، ثم يشتغل بتسريح الشعر ويبتدئ به من أسفل ويقرأ: ” إنا أنزلناه في ليلة القدر “. عن يحيى بن حماد، عن سليمان بن يحيى قال: تهيأ الرضا (عليه السلام) يوما للركوب إلى باب المأمون وكنت في حرسه، فدعا بالمشط وجعل يمشط، ثم قال: يا سليمان أخبرني أبي عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء أبدا. من طب الائمة روي عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قال: التسريح بمشط العاج ينبت الشعر في الرأس ويطرد الدود من الدماغ ويطفئ المرار وينقي اللثة والعمور (1). عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: لا تمتشط من قيام فإنه يورث الضعف في القلب، وامتشط وأنت جالس فإنه يقوي القلب ويمخج (2) الجلدة. عن الصادق (عليه السلام) قال: تسريح الرأس يقطع البلغم، وتسريح الحاجبين أمان من الجذام، وتسريح العارضين يشد الاضراس. وسئل عن حلق الرأس ؟ قال: حسن. عن ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تسريح الرأس واللحية يسل الداء من الجسد سلا (3). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تسريح اللحى عقيب كل وضوء ينفي الفقر. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: التمشط من قيام يورث الفقر. وروي أنه قال: إذا سرحت لحيتك فاضرب بالمشط من تحت إلى فوق أربعين مرة واقرأ ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” ومن فوق إلى تحت سبع مرات واقرأ ” والعاديات ضبحا “، ثم قل: ” اللهم فرج عني الهموم ووحشة الصدور ووسوسة الشيطان “.


(1) الدودة: دويبة صغيرة مستطيلة. والعمور كفلوس: اللحم الذي بين الاسنان. (2) مخج بالخاء بعدها جيم كمنع: جذب الدلو ونهزها حتى تمتلئ. (3) السل: انتزاع الشئ وخروجه في رفق.

[ 73 ]

الفصل الرابع في الحجامة من طب الائمة، قال الصادق (عليه السلام): إن للدم ثلاث علامات: البثر (1) في الجسد والحكة ودبيب الدواب. وفي حديث آخر والنعاس. وكان إذا اعتل إنسان من أهل الدار قال: انظروا في وجهه، فإن قالوا: أصفر قال: هو من المرة الصفراء، فيأمر بماء فيسقى وإن قالوا: أحمر قال: دم، فيأمر بالحجامة. وروي عنهم، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): احتجموا، فإن الدم ربما يتبيغ بصاحبه فيقتله (2). وروى الانصاري قال: كان الرضا (عليه السلام) ربما تبيغه الدم، فاحتجم في جوف الليل. عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: يحتجم الصائم في غير شهر رمضان متى شاء فأما في شهر رمضان فلا يغدر بنفسه ولا يخرج الدم إلا أن تبيغ به وأما نحن فحجامتنا في شهر رمضان بالليل وحجامتنا يوم الاحد وحجامة موالينا يوم الاثنين. عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: إياك والحجامة على الريق (3). وعنه (عليه السلام) قال في الحمام: لا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام، ولا تحتجم حتى تأكل شيئا، فإنه أدر للعرق (4) وأسهل لخروجه وأقوى للبدن. وروي عن العالم (عليه السلام) (5) أنه قال: الحجامة بعد الاكل، لانه إذا شبع الرجل ثم احتجم اجتمع الدم وأخرج الداء، وإذا احتجم قبل الاكل خرج الدم وبقي الداء.


(1) البثر: خراج صغير بالبدن كالدمل ونحوه. ودبيب الدواب: ما ساروا من الحيوانات سيرا لينا كالنمل والقمل ونحوهما ولعل المراد به ههنا القمل. (2) تبيغ أي هاج. والتبييغ: ثوران الدم وهيجانه. وفي بعض النسخ ” فقتله “. (3) الريق: لعاب الفم ما دام فيه، فإذا خرج فهو بزاق. (4) يقال: أدر للشئ أي أنفع له، من الدر بمعنى خير كثير. وفي بعض النسخ ” للعروق “. (5) والمراد بالعالم في الاخبار والروايات، الامام السابع، موسى بن جعفر (عليه السلام)

[ 74 ]

عن زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فدعا بالحجام، فقال له: إغسل محاجمك وعلقها ودعا برمانة فأكلها، فلما فرغ من الحجامة دعا برمانة أخرى فأكلها وقال: هذا يطفي المرار. وعنه (عليه السلام) أنه قال لرجل من أصحابه: إذا أردت الحجامة وخرج الدم من محاجمك فقل قبل أن تفرغ والدم يسيل: ” بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم ومن كل سوء “، فإنك إذا قلت هذا فقد جمعت الخير، لان الله عزوجل يقول في كتابه: ” ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ” (1). عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أي شئ تأكلون بعد الحجامة ؟ فقلت الهندباء والخل، فقال: ليس به بأس. وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه احتجم، فقال: يا جارية هلمي ثلاث سكرات، ثم قال إن السكر بعد الحجامة يرد الدم الطمي (2) ويزيد في القوة. عن الكاظم (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان منكم محتجما فليحتجم يوم السبت. وقال الصادق (عليه السلام): الحجامة يوم الاحد فيها شفاء من كل داء. وعنه (عليه السلام)، إنه مر بقوم يحتجمون، فقال: ما عليكم لو اخترتموه إلى عشية يوم الاحد، فإنه يكون أنزل للداء. وعنه (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحتجم يوم الاثنين بعد العصر. عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة أو لتسع عشرة أو لاحدى عشرين كان له شفاء من داء السنة. وقال ايضا: احتجموا لخمس عشرة وسبع عشرة وإحدى وعشرين، لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم.


(1) سورة الاعراف آية 188. (2) الطمي من طمي الماء: ارتفع وملا. وفي بعض النسخ ” الطري “.

[ 75 ]

وفي الحديث أنه نهى عن الحجامة في يوم الاربعاء إذا كانت الشمس في العقرب. عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من احتجم يوم الاربعاء فأصابه وضح (1) فلا يلومن إلا نفسه. وروى الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نزل علي جبريل بالنهي عن الحجامة يوم الاربعاء وقال: إنه يوم نحس مستمر. عن الصادق (عليه السلام) قال: من احتجم في آخر خميس في الشهر آخر النهار سل الداء سلا. وعنه (عليه السلام) قال: إن الدم يجتمع في موضع الحجامة يوم الخميس، فإذا زالت الشمس تفرق، فخذ حظك من الحجامة قبل الزوال. وعن المفضل بن عمر قال: دخلت على الصادق (عليه السلام) وهو يحتجم يوم الجمعة، فقال: أو ليس تقرأ آية الكرسي ؟ ونهى عن الحجامة مع الزوال في يوم الجمعة. عن ابي الحسن (عليه السلام) قال: لا تدع الحجامة في سبع من حزيران فإن فاتك فلاربع عشرة. عن الصادق (عليه السلام) قال: اقرأ آية الكرسي واحتجم أي وقت شئت. عن شعيب العقرقوفي (2) قال: دخلت على ابي الحسن (عليه السلام) وهو يحتجم يوم الاربعاء [ في الخميس ]، فقلت: إن هذا يوم يقول الناس: من احتجم فيه فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه، فقال: انما يخاف ذلك على من حملته امه في حيضها. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا ثار الدم بأحدكم فليحتجم، لا يتبيغ به فيقتله وإذا اراد احدكم ذلك فليكن في آخر النهار. من الفردوس، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحجامة على الريق دواء وعلى الشبع داء وفي سبع وعشر من الشهر شفاء ويوم الثلاثاء صحة للبدن، ولقد أوصاني جبريل (عليه السلام) بالحجم حتى ظننت أنه لابد منه.


(1) الوضح – محركة -: البرص (2) العقرقوف: قرية من نواحي دجيل، أربعة فراسخ من بغداد، والمنسوب إليها هو شعيب بن يعقوب من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، إبن اخت أبي بصير – يحيى بن قاسم – ثقة، وله كتاب.

[ 76 ]

وقال (عليه السلام): الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة تمضي من الشهر دواء لداء سنة. وقال (عليه السلام): الحجامة يوم الاحد شفاء. وقال (عليه السلام): الحجامة في الرأس شفاء من سبع: من الجنون والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة العين والصداع. وعنه (عليه السلام) قال: الحجامة تزيد العقل وتزيد الحافظ حفظا. وعنه (عليه السلام) قال: الحجامة في نقرة (1) الرأس تورث النسيان. وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: احتجم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رأسه وبين كتفيه وقفاه وسمى الواحدة النافعة والاخرى المغيثة والثالثة المنقذة. وفي غير هذا الحديث التي في الرأس المنقذة والتي في النقرة المغيثة والتي في الكاهل النافعة وروي المغيثة. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأشار بيده إليه رأسه: عليكم بالمغيثة، فانها تنفع من الجنون والجذام والبرص والاكلة ووجغ الاضراس (2) وعنه (عليه السلام) قال: بلغ الصبي أربعة أشهر فاحتجموه في كل شهر مرة في النقرة فانه يخفف لعابه ويهبط بالحر من رأسه وجسده. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الداء ثلاث والدواء ثلاث، فالداء المرة والبلغم والدم، فدواء الدم الحجامة ودواء المرة المشي ودواء البلغم الحمام. عن معاوية بن الحكم قال: إن أبا جعفر (عليه السلام) دعا طبيبا، ففصد عرقا من بطن كفه (3). عن محسن الوشا قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وجع الكبد، فدعا بالفاصد، ففصدني من قدمي وقال: اشربوا الكاشم لوجع الخاصرة (4).


(1) النقرة: حفرة صغيرة في الارض، ومنه نقرة القفا ونقرة الورك أي ثقبهما. (2) الاكلة – بكسر الهمزة -: الحكة. (3) الفصد: شق العرق. (4) الكاشم: دواء يستف مع السكر. أو هو أنجذان الرومي وهو بضم الجيم، نبات يقاوم السموم، جيد لوجع المفاصل، جاذب مدر، محدر لطمث. (*)

[ 77 ]

وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه شكا إليه رجل الحكة، فقال: احتجم ثلاث مرات في الرجلين جميعا فيما بين العرقوب والكعب (1)، ففعل الرجل ذلك، فذهب عنه. وشكا إليه آخر، فقال: احتجم في أحد عقبيك أو من الرجلين جميعا ثلاث مرات تبرأ إن شاء الله. قال (عليه السلام): وشكا بعضهم إلى أبي الحسن (عليه السلام) كثرة ما يصيبه من الجرب (2)، فقال: إن الجرب من نجار الكبد، فاذهب وافتصد من قدمك اليمنى والزم أخذ درهمين من دهن اللوز الحلو على ماء الكشك (3) واتق الحيتان والخل ففعل ذلك، فبرئ باذن الله تعالى. عن مفضل بن عمر قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الجرب على جسدي والحرارة، فقال: عليك بالافتصاد من الاكحل (4) ففعلت، فذهب عني والحمد لله شكرا. وروي أن رجلا شكا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الحكة، فقال له: شربت الدواء ؟ فقال: نعم، فقال: فصدت العرق ؟ فقال: نعم فلم أنتفع به، فقال احتجم ثلاث مرات في الرجلين جميعا فيما بين العرقوب والكعب، ففعل فذهب عنه.


(1) العرقوب: بالضم عصب غليظ فوق العقب وخلف الكعبين. (2) الجرب – محركة – داء لها حكة شديدة ويحدث في الجلد بثورا صغارا. (3) الكشك: ماء الشعير. وما يتخذ من اللبن، معروف عند العامة. (4) الاكحل: عرق في الذراع يفصد.

[ 78 ]

الباب الخامس في الخضاب والزينة والخاتم وما يتعلق بها، وهو ستة فصول: الفصل الاول في الترغيب في الخضاب وفضله من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إختضبوا بالحناء، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر ويطيب الريح ويسكن الزوجة. وقال الصادق (عليه السلام): الحناء يذهب بالسهك ويزيد في ماء الوجه ويطيب النكهة ويحسن الولد (1). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الخضاب هدى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو من السنة. وقال الصادق (عليه السلام): لا بأس بالخضاب كله. وعن الصادق (عليه السلام) قال: إن رجلا دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد اصفر لحيته، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أحسن هذا. ثم دخل عليه بعد ذلك وقد أقنى بالحناء (2)، فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: هذا أحسن من ذلك. ثم دخل عليه بعد ذلك وقد خضب بالسواد، فضحك إليه، فقال: هذا أحسن من ذاك وذاك من ذلك. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: يا علي، درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله، وفيه أربع عشرة خصلة: يطرد الريح من الاذنين ويجلو البصر ويلين الخياشيم ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب بالضنى (3) ويقل وسوسة الشيطان وتفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ويغيظ به الكافر، وهو زينة وطيب ويستحيي منه منكر ونكير وهو براءة له في قبره.


(1) السهك: ريح كريهة ممن عرق. (2) من قنا الشئ أي اشتدت حمرته. ومن الخضاب اسودت واشبعت. (3) الضنى: المرض وشدته حتى تمكن منه الضعف والهزال.

[ 79 ]

عن المثنى اليماني قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحب خضابكم إلى الله الحالك. من كتاب اللباس، عن ذروان المدائني قال: دخلت على أبي الحسن الثاني (عليه السلام) فإذا هو قد اختضب، فقلت: جعلت فداك قد اختضبت ؟ فقال: نعم إن في الخضاب لاجرا، أما علمت أن التهيئة (1) تزيد في عفة النساء ؟ أيسرك أنك إذا دخلت على أهلك فرأيتها على مثل ما تراك عليه إذا لم تكن على تهيئة ؟ قال: قلت: لا، قال: هو ذاك، قال: ولقد كان لسليمان (عليه السلام) ألف امرأة في قصر – ثلاثمائة مهيرة (2) وسبعمائة سرية – وكان يطيف بهن في كل يوم وليلة. الفصل الثاني في الخضاب بالسواد من كتاب اللباس لابي النضر العياشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر في الشيب في لحيته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نور من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة، قال: فخضب الرجل بالحناء، ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما رأى الخضاب قال: نور وإسلام. قال: فخضب الرجل بالسواد، فقال النبي (صلى الله وعليه وآله وسلم): نور وإسلام وإيمان ومحبة إلى نسائكم ورهبة في قلوب عدوكم. عن ابن فضال، عن الحسن بن جهم قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) وهو مختضب بسواد، فقلت: جعلت فداك قد اختضبت بالسواد ؟ قال: إن في الخضاب أجرا، إن الخضاب والتهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفة لترك أزواجهن التهيئة لهن. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الحسين (عليه السلام) يخضب رأسه


(1) المراد بالتهيئة هنا: إصلاح الرجل بدنه من الوسخ وإزالة الشعر والتدهين ووضع الطيب ونحو ذلك. (2) المهيرة: الحرة، لانها تنكح بمهر، فهي فعيلة بمعنى مفعولة. (*)

[ 80 ]

بالوسمة (1) وكان يصدع رأسه. وعندنا لفافة رأسه التي كان يلف بها رأسه. وعنه (عليه السلام) قال: الخضاب بالسواد مهابة للعدو وأنس للنساء. عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخل قوم على علي بن الحسين (عليه السلام)، فرأوه مختضبا بالسواد، فسألوه عن ذلك، فمد يده إلى لحيته، ثم قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه في غزوة غزاها أن يختضبوا بالسواد ليقووا به على المشركين. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: النساء يحببن أن يرين الرجل في مثل ما يحب الرجل ان يرى فيه النساء من الزينة. الفصل الثالث في الخضاب بالحناء والكتم والصفرة وخضاب اليد للنساء من كتاب اللباس، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خضاب الشعر ؟ فقال: خضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسين وأبو جعفر بالكتم (2). عن معاوية بن عمار قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) مخضوبا بالحناء. عن أبي الصباح قال: رأيت اثر الحناء في يدي أبي جعفر (عليه السلام). عن أبي محمد المؤذن قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يصفر لحيته بالخطمي والحناء. وعنه (عليه السلام) قال: الحناء يكسر الشيب ويزيد في ماء الوجه. عن عبد الله بن مسكان، عن الحسن بن الزيات قال: كان يجلس إلي رجل من اهل البصرة، فلم ازل به حتى دخل في هذا الامر، قال: وكنت اصف له ابا جعفر (عليه السلام)، فخرجنا إلى مكة، فلما قضينا النسك اخذنا إلى المدينة، فاستأذنا على أبي جعفر (عليه السلام) فأذن لنا، فدخلنا عليه في بيت منجد وعليه ملحفة وردية وقد اختضب واكتحل وحف لحيته (3) فجعل صاحبي ينظر إليه وينظر إلى البيت


(1) الوسمة – بكسر السين وسكونها -: ورق النيل. ونبات يختضب بورقه، يقال له العظلم. (2) الكتم – بفتحتين – والكتمان – بالضم: نبت يخضب به الشعر ويصنع منه مداد للكتابة إذا طبخ بالماء ويسود إذا نضج قيل: من شجر الجبال ورقه كورق الآس يختضب به وله ثمر كقدر الفلفل. (3) المنجد: المزين. الملحفة بالكسر: اللباس فوق ما سواه. وكل ما يلتحف به. الوردية: نوع من الرداء أي ما كان بلون الورد. وحف اللحية: أحفاها أو أخذ منها.

[ 81 ]

ويعرض عميه بقلبه، فلما قمنا قال: يا حسن إذا كان الغد إن شاء الله فعد أنت وصاحبك إلي، فلما كان من الغد قلت لصاحبي: إذهب بنا إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: إذهب ودعني، قلت: سبحان الله أليس قد قال: [ غدا ] عد أنت وصاحبك ؟ قال: إذهب أنت ودعني، فوالله ما زلت به حتى مضيت به، فدخلنا عليه، فإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصى، فبرز وعليه قميص غليظ وهو شعث (1)، فمال علينا، فقال: دخلتم علي أمس في البيت الذي رأيتم وهو بيت المرأة وليس هو بيتي وكان أمس يومها، فتزينت لها وكان علي أن أتزين لها كما تزينت لي وهذا بيتي فلا يعرض في قلبك – يا أخا البصرة -، فقال، – جعلت فداك – قد كان عرض، فأما الان فقد أذهبه الله. من كتاب المحاسن، عن إسماعيل بن يوشع قال: قلت للرضا (عليه السلام): إن فتاة قد ارتفعت علتها ؟ قال: اخضب رأسها بالحناء، فإن الحيض سيعود إليها، قال: ففعلت ذلك، فعاد إليها الحيض. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: في الخضاب ثلاث خصال: هيبة في الحرب ومحبة إلى النساء ويزيد في الباه. عن الحسن بن جهم قال: قلت لعلي بن موسى (عليه السلام) خضبت ؟ قال: نعم بالحناء والكتم، أما علمت أن في ذلك لاجرا، إنها تحب أن ترى منك مثل الذي تحب أن ترى منها (يعني المرأة في التهيئة) ولقد خرجن نساء من العفاف إلى الفجور ما أخرجهن إلا قلة تهئ أزواجهن. عن علي بن موسى (عليه السلام) قال: أخبرني أبي، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن نساء بني إسرائيل خرجن من العفاف إلى الفجور، ما أخرجهن إلا قلة تهيئة أزواجهن وقال: إنها تشتهي منك مثل الذي تشتهي منها. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خضاب الرأس واللحية من السنة.


(1) الشعث – بفتح الشين وكسر العين -: الاشعث. وهو الذي شعره مغبرا متلبدا.

[ 82 ]

عن عبد الله بن عثمان، عن الحسن بن الزيات قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) وهو في بيت منجد، ثم عدت إليه من الغد وهو في بيت ليس فيه إلا حصى، فبرز وعليه قميص غليظ، فقال: البيت الذي رأيتم أمس ليس هو بيتي، إنما هو بيت المرأة وكان أمس يومها. عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا ينبغي للمرأة أن تدع يدها من الخضاب ولو تمسحها بالحناء مسحا ولو كانت مسنة. من الفردوس، قال رسول الله (صلى الله وعليه وآله وسلم): الحناء سيد ريحان [ أهل ] الجنة، النائم في الحناء كالمتشحط في سبيل الله. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحناء خضاب الاسلام، يزين المؤمن ويذهب بالصداع ويحد البصر ويزيد في الجماع والحسنة بعشرة والدرهم بسبعمائة. عن مولى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: عليكم بسيد الخضاب، فإنه يزيد في الجماع ويطيب البشرة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اختضبوا بالحناء، فإنه يزيد في شبابكم وجمالكم ونكاحكم وحسن وجوهكم ويباهى الله بكم الملائكة. والدرهم في سبيل الله بسبعمائة والدرهم في الخضاب بسبعة آلاف، فإذا مات أحدكم وأدخل قبره دخل عليه ملكاه، فإذا نظر إلى خضابه قال أحدهما لصاحبه: أخرج عنه، فما لنا عليه من سبيل. عن جعفر بن محمد، [ عن آبائه ] عليهم السلام قال: رخص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد. قال: وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء بالخضاب – ذات البعل وغير ذات البعل -، أما ذات البعل فتتزين لزوجها وأما غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تختضب النفساء. وعن أبي عبد الله عن أبيه، عن علي عليهم السلام: أنه نهى عن القنازع والقصص ونقش الخضاب (1).


(1) القنازع – جمع القنزعة – وهي الشعر حول الرأس. والخصلة من الشعر تترك على الرأس. والقصص جمع القاصة – بالضم -: شعر الناصية تقص حذاء الجبهة. وقيل: كل خصلة من الشعر.

[ 83 ]

الفصل الرابع في كراهية الخضاب للجنب والحائض وما جاء في ترك الخضاب وكراهية وصل الشعر (في كراهية الخضاب) من كتاب اللباس، عن علي بن موسى (عليه السلام) قال: يكره أن يختضب الرجل وهو جنب. وقال (عليه السلام): من اختضب وهو جنب أو أجنب في خضابه لم يؤمن عليه أن يصيبه الشيطان بسوء. عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: لا تختضب وأنت جنب ولا تجنب وأنت مختضب ولا الطامث (1)، فإن الشيطان يحضرها عند ذلك ولا بأس به للنفساء. عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: لا تختضب الحائض. عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمام المدينة فإذا رجل في المسلخ، فقال: ممن القوم ؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: من أي العراق ؟ قلنا: من الكوفة، قال: مرحبا بكم وأهلا يا أهل الكوفة، أنتم الشعار دون الدثار، ثم قال: ما يمنعكم من الازار ؟ فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عورة المسلم على المسلم حرام، قال: فبعث عمي إلى كرباسة [ فجئ بكرباسة ] فشقها أربعة، ثم أخذ كل واحد منا واحدة، ثم دخلنا فيها، فلما كنا في البيت الحار صمد (2) لجدي، فقال: يا كهل ما يمنعك من الخضاب ؟ فقال له جدي: أدركت من هو خير منك ومني ولا يختضب، فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه، ثم قال: ومن ذلك الذي هو خير منك ومني ؟ قال: أدركت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو لا يختضب، قال: فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال: صدقت وبررت، ثم قال: يا كهل إن تختضب فإن رسول الله


(1) الطامث: الحائض. (2) الصمد: القصد.

[ 84 ]

(صلى الله عليه وآله وسلم) قد خضب وهو خير من علي وإن تترك فلك بعلي أسوة، فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الشيخ، فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) ومعه ابنه محمد (عليه السلام). عن سليمان بن هارون العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أخضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال: نعم، فقلت: خضب علي (عليه السلام) ؟ قال: لا، ولكن خضب أبي وجدي، فإن خضبت فحسن وإن تركت فحسن. عن حريز بن محمد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الخضاب فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخضب وهذا شعره عندنا. عن حفص الاعور قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الخضاب ؟ – خضاب اللحية والرأس -، فقال: من السنة، قال: قلت: فأمير المؤمنين لم يختضب ؟ قال: إنما منع أمير المؤمنين (عليه السلام) قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ستخضب هذه من هذه. وعنه (عليه السلام) قال: ترك الخضاب بؤس. (في كراهية وصل الشعر) عن سليمان بن خالد قال: قلت له: المرأة تجعل في رأسها القرامل (1) قال: يصلح لها الصوف وما كان من شعر المرأة نفسها وكره أن توصل المرأة من شعر غيرها، فإن وصلت بشعرها الصوف أو شعر نفسها فلا بأس به. عن عمار الساباطي (2) قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يروون: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعن الوصلة والموصولة، قال: فقال: نعم، قلت: التي تمشط وتجعل في الشعر القرامل ؟ قال: فقال لي: ليس بهذا بأس، قلت: فما الواصلة والموصولة ؟


(1) القرامل – جمع قرمل كزبرج -: ما تشد المرأة على رأسها من الصوف والخيوط والشعر. (2) هو ابو اليقظان عمار بن موسى الساباطي ينسب إلى ساباط موضع قريبة من المدائن، من أصحاب جعفر الصادق وموسى الكاظم عليهما السلام، ثقة وله كتاب كبير، جيد، معتمد، وكان هو وأخواه قيس وصباح كلهم من الثقاة. وقال علماء الرجال: إن عمار وإن كان فطحيا إلا أنه ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه.

[ 85 ]

فقال: الفاجرة والقوادة (1). عن أبي بصير (2) قال: سألته عن قص النواصي – تريد به المرأة الزينة لزوجها – وعن الخف (3) والقرامل والصوف وما أشبه ذلك ؟ قال: لا بأس بذلك كله. قال محمد: قال يونس: يعني لا بأس بالقرامل إذا كانت من صوف، وأما الشعر فلا يوصل الشعر بالشعر لان الشعر ميت. عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يحل لامرأة إذا هي حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة (4) الفصل الخامس في الخاتم وما يتعلق به (في لبس أنواع الخاتم وكراهيته) من كتاب اللباس، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قاوموا خاتم أبي عبد الله (عليه السلام) فأخذه أبي بسبعة، قال: قلت: سبعة دراهم ؟ قال: سبعة دنانير. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن خاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مم كان ؟ فقال: كان من ورق (5). سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال له: أي شئ كان خاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال: كان ورقا فيه مكتوب ” محمد رسول الله “، قلت: كان له فص ؟


(1) القوادة: المرأة التي تجمع بين الذكر والانثى حراما. (2) واعلم أن أبا بصير مشترك بين الرواة، ولعله أبو بصير ليث بن البختري المرادي من أصحاب محمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم عليهم السلام وكان من أصحاب الاجماع. (3) الحف: إصلاح الشعر، وحفت المرأة وجهها من الشعر أي زينته. (4) القصة – بضم القاف -: شعر الناصية تقص حذاء الجبهة. والجمة – بضم الجيم -: مجتمع شعر الرأس. (5) الورق بالتثليث: الفضة. الدرهم المضروبة.

[ 86 ]

عن السكوني (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما طهر الله يدا فيها خاتم من حديد. عن أبي عبد الله، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسبع ونهانا عن سبع: عن خاتم الذهب، وعن الشرب في آنية الذهب، وفي آنية الفضة وعن الجلوس على المياثر الحمر (2) وعن الارجوان، وعن الحرير، وعن الاستبرق، وأمر بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإفشاء السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار القسم وتسميت العاطس. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): إياك أن تتختم بالذهب، فإنه حليتك في الجنة. عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: نهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أقول: نهاكم عن التختم بالذهب. عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذهب يحلى به الصبيان ؟ قال: كان أبي ليحلي ولده ونساءه بالذهب والفضة ولا بأس به. عن محمد بن علي، عن آبائه عليهم السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتختم بخاتم من ذهب، فطفق الناس ينظرون إليه، فوضع يده على خنصره، ثم رجع إلى منزله فرماه. في طب الائمة، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: إنه نهى عن لبس الفص البجادي، قال: إن زيد بن علي كان في يده فص بجادي (3) يوم قتل. وروي أنه كان لامير المؤمنين (عليه السلام) أربع خوايتم: خاتم فصه ياقوت أحمر يتختم به لنبله (4) وخاتم فصه عقيق أحمر يتختم به لحرزه، وخاتم فصه فيروزج يتختم به


(1) هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني الكوفي، من أصحاب جعفر الصادق (عليه السلام)، له كتاب كبير وكتاب النوادر، وكان رحمه الله قاضي الموصل. (2) المياثر – جمع الميثرة بالكسر غير مهموزة وأصله واوي والميم زائدة -: ما يحشى بقطن أو صوف تتخذ للسرج ويجعله الراكب تحته. ومراكب تتخذ من الحرير والديباج وهو الاوفق بالمقام. (3) بجادي: منسوب إلى بجاد، اسم موضع. (4) النبل والنبالة: الفضل والنجابة. ويمكن أن يكون من نبل بالسهم أي رمى به.

[ 87 ]

لظفره وخاتم فصه حديد صيني يتختم به لقوته، ونهى شيعته أن يتختموا بالحديد. وقال (عليه السلام) في وصيته لاصحابه: من نقش خاتمه وفيه أسماء الله فليحوله عن اليد التي يستنجي بها إلى المتوضئ. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تختموا بخواتيم العقيق، فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تختموا بالعقيق، فإن جبريل (عليه السلام) أتاني به من الجنة، فقال: يا محمد تختم بالعقيق ومر أمتك أن يتختموا به. (في فصوص الخواتيم) من كتاب اللباس، عن الحسين بن عبد الله قال: سألته عن الفص من حجارة زمزم يتختم به ؟ قال: نعم ولكن إذا أراد الوضوء نزعه من يده. عن أحمد بن محمد قال: رأيته وعليه خاتم من عقيق، فقال: كيف ترى هذا الخاتم ونزعه من يده ؟ فقال: انظر إليه [ فنظرت إليه ] وقلت: ما أحسنه ! فقال: ما زلت أعرف من الله النعم منذ لبسته وإنه ليدخلني الاشفاق عليه، فأنزعه إذا أردت الوضوء، ولقد دخلت الطواف ليلا فبينا أنا أطوف إذ دخلتني الشفقة عليه، فنزعه من إصبعي، فوضعته في كفي فسقط، فقمت قائما أتبصره، فأتاني آت، فقال: ما يقيمك ؟ قلت: سقط خاتمي، فضرب بيده الارض فقال: هاكه، فأخذته منه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): التختم بالياقوت ينفي الفقر، ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى. من طب الائمة، روى معاذ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: من تختم بالعقيق ختم الله له بالامن والايمان. وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: تختموا بالعقيق، فإنه أول جبل أقر لله عزوجل بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالوصية وهو الجبل الذي كلم الله عزوجل عليه موسى تكليما، والمتختم به إذا صلى صلاته علا على المتختم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة.


[ 88 ]

عن سليمان الاعمش (1) قال: كنت مع جعفر بن محمد (عليه السلام) على باب أبي جعفر المنصور، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط، فقال [ لي ]: يا سليمان [ ف‍ ] انظر ما فص خاتمه ؟ قلت: يا ابن رسول الله فصه غير عقيق، فقال يا سليمان أما إنه لو كان عقيقا لما جلد بالسوط، قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال يا سليمان: هو أمان من قطع اليد قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الدم، قلت: يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إن الله عز وجل يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: العجب [ كل العجب ] من يد فيها فص عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم، قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إنه حرز من كل بلاء، قلت يابن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الفقر، قلت: يابن رسول الله أحدث بها عن جدك الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، قال: نعم. من كتاب ثواب الاعمال، عن الرضا (عليه السلام) قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: من اتخذ خاتما من فضة فصه عقيق لم يفتقر ولم يقض له إلا بالتي هي أحسن. عن علي (عليه السلام) قال: تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء. عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: شكا رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قطع عليه الطريق، فقال له: هلا تختمت بالعقيق ؟ فإنه يحرس من كل سوء. قال أبو جعفر (عليه السلام): من تختم بالعقيق لم يزل ينظر إلى الحسنى مادام في يده ولم يزل عليه من الله واقية.


(1) هو أبو محمد سليمان بن مهران الكوفي، المعروف بالاعمش، كان من علماء القرن الثاني ومن رجال الفرس، وكان من أصحاب الامام جعفر الصادق (عليه السلام) بل من خواص أصحابه، المعروف بالفضل والثقة والجلالة والتشيع والاستقامة والعامة أيضا مثنون عليه، مطبقون على فضله وثقته، مقرون بجلالته مع إعترافهم بتشيعه. وكان من الزهاد والفقهاء ومحافظا على الصلاة في جماعة، وكان يقرأ كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة. وكان فصيحا عالما بالفرائض ومحدث أهل الكوفة في زمانه وروى عنه خلق كثير من أجلاء العلماء ويقاس بالزهري في الحجاز، يقال: إنه ظهر له أربعة آلاف حديث. وكان لطيف الخلق مزاجا ونقلوا عنه نوادر كثيرة. كان مولده رحمه الله بالكوفة في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي (عليه السلام) وتوفى في 25 ربيع الاول سنة 147.

[ 89 ]

عن عبد الرحمن القصير قال: بعث الوالي إلى رجل من آل أبي طالب في جناية، فمر بأبي عبد الله (عليه السلام) فقال: اتبعوه بخاتم عقيق ؟ قال: فاتبع بخاتم فلم ير مكروها. عن عبد المؤمن الانصاري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما افتقر كف يتختم بالفيروزج. عن علي بن مهزيار قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فرأيت في يده خاتما فصه فيروزج، نقشه ” الله الملك “، قال: فأدمت النظر إليه، فقال لي: ما لك تنظر ؟ هذا حجر أهداه جبريل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجنة فوهبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام)، تدري ما اسمه ؟ قال: قلت: فيروزج، قال: هذا اسمه بالفارسية، تعرف اسمه بالعربية ؟ قال: قلت: لا، قال: هو الظفر. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: تختموا بالجزع اليماني، فإنه يرد كيد مردة الشياطين (1). عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نعم الفص البلور. من كتاب مناقب الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). تختموا بالزبرجد، فإنه يسر لا عسر فيه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): التختم بالزمرد ينفي الفقر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من تختم بالياقوت الاصفر لم يفتقر. (في نقوش الخواتيم) من كتاب اللباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ” محمد رسول الله ” ونقش خاتم علي (عليه السلام) ” الله الملك ” ونقش خاتم أبي جعفر (عليه السلام) ” العزة لله “. عن محمد بن عيسى، عن صفوان، قال: أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله (عليه السلام) وكان نقشه: ” أنت ثقتي فاعصمني من خلقك “.


(1) الجزع – واحدته جزعة -: خرز فيه سواد وبياض. والخرز – محركة -: فصوص من حجارة.

[ 90 ]

عن إبراهيم بن عبد الحميد مثل ذلك، قال: وأخرج إلينا خاتم أبي الحسن (عليه السلام) فكان نقشه: ” حسبي الله ” وفيه وردة في أسفل الكتاب وهلال في أعلاه. عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه كان خاتمه من فضة وكان نقشه: ” نعم القادر الله “. عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: إنا روينا في الحديث أنه كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ” محمد رسول الله ” ؟ قال: صدقوا، قال: فقال لي: تدري ما كان نقش خاتم آدم (عليه السلام) ؟ قال: قلت: لا، قال: كان نقش خاتم آدم ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله ” قال ابن خالد: قال لي أبو الحسن (عليه السلام) إن الله أوحى إلى نوح (عليه السلام) إذا استويت يا نوح أنت ومن معك على الفلك فهلل ألف مرة ثم سلني حاجتك، قال: فلما ركب ورفع القلع (1) عصفت عليه الريح فلم يأمن نوح الغرق حيث اضطربت السفينة، فقال: إن أنا هللت ألف مرة خفت أن تغرق السفينة قبل أن أفرغ من ذلك فأجمل الامر جملة بالسريانية، فقال: ألفا ” هو هو هو يا بارئ اتقن ” قال: فاستوت السفينة وسلمه الله، قال نوح: إن كلاما نجوت به ومن معي ممن آمن من الغرق ينبغي أن أتختم به ولا يفارقني، قال الحسين بن خالد: فقلت لابي الحسن (عليه السلام): وما تفسير كلام نوح (عليه السلام) ؟ قال: هذا كلام بالسريانية وتفسيره بالعربية ” لا إله إلا الله ألف مرة يا الله أصلح “. قال: قال: وكان نقش خاتم إبراهيم (عليه السلام) ستة أحرف نزل بها جبريل (عليه السلام) حين وضع في كفة المنجنيق، فقال له: يا إبراهيم إن الله يقرؤك السلام ويقول لك: طب نفسا فلا بأس عليك، وأمرة أن يتختم بذلك الخاتم، فجعل الله النار عليه بردا وسلاما، وكانت الستة الاحرف [ هي ]: ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله، توكلت على الله، أسندت ظهري إلى الله، فوضت أمري إلى الله، لا حول ولا قوة إلا بالله ” فكان هذا نقش خاتم إبراهيم (عليه السلام). وكان نقش خاتم سليمان بن داود (عليه السلام) ” سبحان من ألجم الجن بكلمته “. ونقش خاتم موسى (عليه السلام) حرفين اشتقهما من التوراة: ” أصبر توجر أصدق تنج “. وكان نقش خاتم عيسى (عليه السلام) حرفين من الانجيل ” طوبى لعبد ذكر الله من أجله، والويل لعبد نسي الله


(1) القلع – بالكسر -: شراع السفينة.

[ 91 ]

من أجله “. الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ” محمد رسول الله ” وخاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) ” الله الملك “. وخاتم الحسن بن علي (عليه السلام) ” العزة لله ” وخاتم الحسين (عليه السلام) ” إن الله بالغ أمره “. وخاتم علي بن الحسين (عليه السلام) خاتم أبيه. وأبو جعفر الكبير (عليه السلام) خاتمه خاتم جده الحسين أيضا. وخاتم جعفر بن محمد (عليه السلام) ” الله وليي وعصمتي من خلقه “. وخاتم أبي الحسن الاول (عليه السلام) ” حسبي الله ” وأبي الحسن الثاني (عليه السلام) ” ما شاء الله لا قوة إلا باالله “. قال الحسين بن خالد ومديده إلي وقال (عليه السلام): خاتمي خاتم أبي. ونقش خاتم أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ” حسبي الله حافظي ” هكذا كان على خاتم أبي جعفر (عليه السلام). وعلى خاتم أبي الحسن الثالث (عليه السلام) ” الله الملك “. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الخاتم فيه اسم الله هل يكره لبسه ويدخل فيه الخلاء ويجنب الرجل وهو عليه ؟ قال: كان نقش خاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ” محمد رسول الله “. ونقش خاتم علي (عليه السلام) ” الله الملك ” ونقش خاتم أبي جعفر (عليه السلام) ” العزة لله “. ونقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم الذي من جوهر الحديد الصيني الابيض الصافي وعليه منقوش هذه الاسطر على سبعة أسطر وكان يلبسه في الحرب عند الشدائد ” أعددت لكل هول لا إله إلا الله ولكل كرب لا حول ولا قوة إلا بالله ولكل مصيبة نازلة حسبي الله ولكل ذنب وكبيرة أستغفر الله. ولكل هم وغم فادح ما شاء الله ولكل نعمة متجددة الحمد لله، ما بعلي بن أبي طالب من نعم فمن الله. عن إسماعيل بن موسى قال: كان خاتم جدي جعفر بن محمد (عليه السلام) فضة كله وعليه ” يا ثقتي قني شر جميع خلقك ” وأنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي علي عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي. عن علي (عليه السلام) قال: من كان نقش خاتمه ” ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله ” فذكر في ذلك ثوابا عظيما. عن الباقر (عليه السلام): من كان نقش خاتمه آية من كتاب الله غفر الله له. ورأيت


[ 92 ]

نقش خاتم القاسم ” وربك فكبر ” (1). عن الرضا، عن جده الصادق عليهما السلام قال: كان نقش أبي محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ” ظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن “. عن محمد بن عيسى قال: سمعت الموفق (2) يقول: قدام أبي جعفر الثاني (عليه السلام): وأراني خاتما في إصبعه، فقال لي: أتعرف هذا الخاتم ؟ فقلت له: نعم أعرف نقشه، فأما صورته فلا، وكان خاتم فضة كله وحلقته وفصه فص مدور وكان عليه مكتوبا ” حسبي الله ” وفوقه هلال وأسفله وردة، فقلت له: خاتم من هذا ؟ فقال: خاتم أبي الحسن (عليه السلام)، فقلت له: وكيف صار في يدك ؟ قال: لما حضرته الوفاة دفعه إلي، ثم قال لي: لا تخرج من يدك إلا إلى علي ابني. (في كيفية التختم) من كتاب اللباس، عن بحر (3) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التختم في اليمين وقلت: إني رأيت بني هاشم يتختمون في أيمانهم، فقال: نعم كان أبي يتختم في يمينه وكان أفضلهم وأفقههم. عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: قلت له: إنا روينا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستنجى وخاتمه في إصبعه وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين (عليه السلام). وكان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ” محمد رسول الله “، قال: صدقوا، قلت: وكذلك ينبغي لنا أن نفعل ؟ قال: لا، إن اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى وإنكم أنتم تتختمون في اليد اليسرى، قال: فسكت. عن ابن القداح، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا والحسن والحسين


(1) سورة 73 آية 3. (2) هو موفق بن هارون من أصحاب علي بن موسى ومحمد بن علي عليهما السلام بل من خواص أبي جعفر الثاني محمد بن علي عليه السلام وأصحاب سره ومن خدامه وملازميه وأنه ثقة ويظهر من بعض الروايات أنه أخرج أبي جعفر الثاني (عليه السلام) وهو طفل على صدره. (3) إعلم أن بحر مشترك بين خمسة نفر كلهم من أصحاب الصادق (عليه السلام).

[ 93 ]

عليهم السلام كانوا يتختموا في أيسارهم (1). عن محمد بن علي، عن أبيه، عن أخيه عليهم السلام قال: كان الحسن والحسين عليهما السلام يتختمان في يسارهما. عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنهى أمتي عن التختم في السبابة والوسطى. (في دعاء لبس الخاتم) ” اللهم سو مني بسيماء الايمان (2) وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الاسلام من عنقي “. (في نقش فص يصلح لكل علة) من طب الائمة، ينقش على بركة الله عزوجل في أول جمعة من شهر رمضان على فص حديد صيني على هذا المثال ” كعسلهون لا اه‍ لا الاول بالله لا آلاء إلا آلاؤك يا الله ” سطرين. الفصل السادس في التزيين للنساء بالحلى والاسورة وغير ذلك (في تزين النساء بالخمار والحلى وما يكره لهن) من كتاب اللباس، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وما كان خمارها إلا هكذا: وأومأ بيده إلى وسط عضده وما استثنى أحدا. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس من الخمر والدروع التي لا تواري شيئا.


(1) ابن القداح هو عبد الله بن ميمون القداح مولى بني مخزوم من أصحاب جعفر الصادق (عليه السلام)، وكان من فقهاء الشيعة، ثقة وله كتب، منها كتاب مبعث النبي وأخباره وكتاب صفة الجنة والنار. ولعل الرواية محمول على التقية. (2) يقال: سوم الشئ تسويما: جعل عليه سيمة. والسومة والسيمة والسيماء: العلامة والهيئة.

[ 94 ]

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس الخمر والدروع التي لا تواري شيئا وهي تلبسه. عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام وسئل عن حلي الذهب للنساء ؟ فقال ليس به بأس ولا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في رقبتها قلادة ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحناء مسحا ولو كانت مسنة. (في الاسورة) عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله، ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها السلام فيكون توجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع بدأ بها، فسافر مرة وقد أصاب علي (عليه السلام) شيئا من الغنيمة، فدفعه إلى فاطمة، ثم خرج، فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا، فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل المسجد، فتوجه نحو بيت فاطمة عليها السلام كما كان يصنع، فقامت فرحة إلى أبيها [ صبابة وشوقا إليه ] (1)، فنظر (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر، فقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة وحزنت وقالت: ما صنع هذا أبي قبلها، فدعت ابنيها ونزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يدها، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر، ثم قالت لهما: انطلقا إلى أبي فاقرئاه السلام وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فما شأنك به ؟ فجاءاه فأبلغاه ذلك عن أمهما، فقبلهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه، ثم أمر بذينك السوارين فكسرا، فجعلهما قطعا قطعا، ثم دعا أهل الصفة – قوم من المهاجرين – لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسمه بينهم قطعا، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشئ. وكان ذلك الستر طويلا وليس له عرض، فجعل يؤزر الرجل فإذا التقا عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزرا، ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عورتهم


(1) الصبابة – بالفتح -: الشوق والولع الشديد ورقة الهوى. والسوار: حلية كالطوق تلبسه المرأة في معصمها أو زندها.

[ 95 ]

من خلفهم، ثم جرت به السنة أن لا ترفع النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة. عن الكاظم (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل على ابنته فاطمة وفي عنقها قلادة فأعرض عنها، فقطعها ورمت بها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت مني يا فاطمة، ثم جاء سائل فناولته القلادة. (في تشبيك الاسنان بالذهب أو بسن غيره) عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وسألته عن الثنية تنقصم، أيصلح أن تشبك بالذهب وإن سقطت يجعل مكانها ثنية شاة ؟ قال: نعم، إن شاء فليضع مكانها ثنية (1) شاة أو نحوها بعد أن تكون ذكية. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل تنقصم سنة، أيصلح له أن يسدها بذهب وإن سقطت أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة ؟ قال: نعم، إن شاء فليشدها أو ليجعل مكانها سنا بعد أن يكون ذكية. عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله أبي – وأنا حاضر – عن الرجل يسقط سنة فيأخذ من أسنان إنسان ميت فيجعله مكانها ؟ قال: لا بأس.


(1) الثنية: أسنان مقدم الفم – ثنتان من فوق وثنتان من أسفل – والجمع ثنايا. والانقصام بالقاف: انكسار الثنية من النصف. وفي بعض النسخ (تنفصم) بالفاء وهي الانكسار من غير بينونة.

[ 96 ]

الباب السادس في اللباس والمسكن وما يتعلق بهما، وهو عشرة فصول (هذا الباب بأسره مختار من كتاب اللباس إلا قليلا أذكره في موضعه) الفصل الاول في التجمل باللباس وكيفية لبسه والدعاء عند اللبس (في التجمل) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن ابن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه وتطيب بأطيب طيبه وركب أفضل مراكبه وخرج إليهم فواقفهم، فقالوا: يا ابن عباس بيننا أنت خير الناس إذا أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم، فتلا عليهم هذه الاية: ” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ” (1) فألبس وأتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال. عن إسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل الموسر المتجمل يتخذ الثياب الكثيرة – الجباب (2) والطيالسة (ولها عدة) والقمص – يصون بعضها ببعض ويتجمل بها، أيكون مسرفا ؟ قال: فقال: إن الله يقول ” لينفق ذو سعة من سعته ” (3). عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: الدهن يظهر الغنى والثياب تظهر الجمال وحسن الملكة يكبت الاعداء. عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: وقف رجل على باب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذن عليه، قال: فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجد في حجرته ركوة فيها ماء، فوقف يسوي


(1) سورة الاعراف آية 30. (2) الجباب – بالكسر -: جمع الجبة – بالضم والتشديد -: ثوب واسع يلبس فوق الثياب. (3) أي على قدر وسعه. والاية في سورة الطلاق آية 7.

[ 97 ]

لحيته وينظر إليها، فلما رجع داخلا قالت له عائشة: يا رسول الله – أنت سيد ولد آدم ورسول رب العالمين – وقفت على الركوة، تسوي لحيتك ورأسك، قال: يا عائشة إن الله يحب إذا خرج عبده المؤمن إلى أخيه أن يتهيأ له وأن يتجمل. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: تهيئة الرجل للمرأة مما تزيد في عفتها. (في لباس السري (1)) عن سفيان الثوري (2) قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أن تروي أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن وأنت تلبس القوهي (3) والمروي ! قال: ويحك إن علي بن أبي طالب كان في زمان ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به. عن الحسن بن علي عنه – يعني الرضا (عليه السلام) – قال: كان يوسف يلبس الديباج ويتزر بالذهب ويجلس على السرير وإنما يذم إن كان يحتاج إلى قسطه. وكان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس الثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه. عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: بينا أنا في الطواف إذا رجل يجذب ثوبي، فالتفت فإذا عباد البصري، فقال: يا جعفر بن محمد تلبس مثل هذا الثوب وأنت في الموضع الذي أنت فيه من علي (عليه السلام). قال: فقلت له: ويلك هذا الثوب قوهي اشتريته بدينار وكسر وكان علي (عليه السلام) في زمان يستقيم له ما لبس فيه ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا هذا لقال الناس: هذا مراء مثل عباد (4).


(1) السري: الشريف، من سرا يسرو وسرى يسري كان سريا أي صاحب مروة وسخاء. (2) هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، المتوفى سنة 161، كان من علماء العامة ومحدثيهم، قيل أصله من مرو. (3) القوهي: ثياب بياض، ينسب إلى قوهستان أو قوها، كورة بين نيسابور وهراة. (4) المراد به عباد بن كثير البصري وقيل ابن بكير البصري ولعله سهو من الناسخ. (مكارم الاخلاق – 7)

[ 98 ]

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ليتزين أحدكم لاخيه إذا أتاه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة. عن أبي خداش المهري (1) قال: مر بنا بالبصرة مولى للرضا (عليه السلام) يقال له: عبيد، فقال: دخل قوم من أهل خراسان على أبي الحسن (عليه السلام) فقالوا له: إن الناس قد أنكروا عليك هذا اللباس الذي تلبسه، قال: فقال لهم: إن يوسف بن يعقوب (عليه السلام) كان نبيا ابن نبي ابن نبي وكان يلبس الديباج ويتزرر بالذهب ويجلس مجالس آل فرعون فلم يضعه ذلك وإنما [ يذم لو ] احتيج منه إلى قسطه وإنما على الامام أنه إذا حكم عدل [ وإذا وعد وفى ] وإذا حدث صدق. وإنما حرم الله الحرام بعينه ما قل منه وما كثر، وأحل الله الحلال بعينه ما قل منه وما كثر. عن محمد بن عيسى قال: أخبرني من أخبر عنه أنه قال: إن أهل الضعف من موالي يحبون أن أجلس على اللبود وألبس الخشن وليس يتحمل الزمان ذلك (2). (في كثرة الثياب) عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة ؟ قال: نعم، قلت: عشرين ؟ قال: نعم، وليس ذلك من السرف إنما السرف أن يجعل ثوب صونك ثوبك بذلتك (3). عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، قال: قلت: يكون للمؤمن مائة ثوب ؟ قال: نعم. عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي إبراهيم الكاظم (عليه السلام) الرجل يكون له عشرة أقمصة، أيكون ذلك من السرف ؟ فقال: لا ولكن ذلك أبقى لثيابه، ولكن السرف أن تلبس ثوب صونك في المكان القذر.


(1) اسمه عبد الله بن خداش البصري المهري، ينسب إلى مهرة محلة بالبصرة، كان من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، وله كتاب. (2) اللبود جمع اللبد – بالكسر -: البساط من صوف وما يجعل على ظهر الفرس. (3) ثياب الصون: التي تلبس للتجمل. والبذلة: الثوب الرث الخلق وثوب الخدمة وما يلبس كل يوم. يقال: بذل الثوب وابتذله أي لبسه في أوقات الخدمة والامتهان.

[ 99 ]

(في الدعاء عند اللبس) عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في ثوب يلبسه: ” اللهم اجعله ثوب يمن وبركة، اللهم ارزقني فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك والعمل بطاعتك، الحمد لله الذي رزقني ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس “. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: من قطع ثوبا جديدا وقرأ ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” ستا وثلاثين مرة، فإذا بلغ ” تنزل الملائكة ” قال: ” تنزل الملائكة، ثم أخذ شيئا من الماء ورش بعضه على الثوب رشا خفيفا، ثم صلى فيه ركعتين ودعا ربه عزوجل وقال في دعائه: ” الحمد لله الذي رزقني ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي وأصلي فيه لربي ” وحمد الله، لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب. عن أبي جعفر (عليه السلام) وسألته عن الرجل يلبس الثوب الجديد، فقال (عليه السلام): يقول: ” بسم الله وبالله، اللهم اجعله ثوب يمن وتقوى وبركة، اللهم ارزقني فيه حسن عبادتك وعملا بطاعتك وأداء شكر نعمتك، الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس “. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن صالح الازرق، عن جده مدان قال: ما رأيت رجلا قط كان أزهد في الدنيا من علي (عليه السلام) ولا أقسم بالسوية، لا والله ما لبس قط ثوبين قطوانيين حتى هلك وما كان يلبسهما يومئذ إلا سفلة الناس (1). عن علي بن أبي ربيعة قال: رأيت على علي (عليه السلام) ثيابا فقلت: ما هذا ؟ فقال: أي ثوب أستر منه للعورة وأنشف للعرق ؟ عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام: من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر الذي فيها يكفيه، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شئ يكفيه. روي عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يروون أن لك مالا كثيرا، فقال: ما يسوءني ذلك، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر ذات


(1) القطوان – محركة -: موضع بالكوفة ومنه الاكسية. والسفلة – محركة -: جمع السافل.

[ 100 ]

يوم على ناس شتى من قريش وعليه قميص مخرق، فقالوا: أصبح علي لا مال له، فسمعها علي (عليه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان منه بشئ وأن يوفره ثم يبيعه الاول فالاول ويجعله دراهم ففعل ذلك وحملها إليه فجعلها حيث التمر، ثم قال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بتمر فاصعد فاضرب المال برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنثرها، ثم بعث إلى رجل منهم يدعوه، ثم دعا بالتمر، فلما لم ير التمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا المال يا أبا الحسن ؟ قال: هذا مال من لا مال له، فلما خرجوا أمر بذلك المال، فقال: انظروا كل أهل بيت كنت أبعث إليهم من التمر فابعثوا إليهم من هذا المال بقدره، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا أحب أن يرووا غير ذلك. عن مختار التمار قال: كنت أبيت في مسجد الكوفة وأنزل في الرحبة (1) وآكل الخبز من البقال وكان من أهل البصرة، فخرجت ذات يوم فإذا رجل يصوت بي: إرفع ازارك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك، فقلت: من هذا ؟ فقيل: علي بن أبي طالب، فخرجت أتبعه وهو متوجه إلى سوق الابل، فلما أتاها وقف وقال: يا معشر التجار إياكم واليمين الفاجرة فإنها تنفق السلعة وتمحق البركة، ثم مضى حتى أتى إلى التمارين فإذا جارية تبكي على تمار، فقال: ما لك ؟ قالت: إني أمة أرسلني أهلي أبتاع لهم بدرهم تمرا، فلما أتيتهم به لم يرضوه، فرددته، فأبى أن يقبله، فقال: يا هذا خذ منها التمر ورد عليها درهمها، فأبى، فقيل للتمار: هذا علي بن أبي طالب، فقبل التمر ورد الدرهم على الجارية وقال: ما عرفتك يا أمير المؤمنين، فاغفر لي، فقال: يا معشر التجار اتقوا الله وأحسنوا مبايعتكم يغفر الله لنا ولكم. ثم مضى وأقبلت السماء بالمطر فدنا إلى حانوت فاستأذن صاحبه فلم يأذن له صاحب الحانوت ودفعه، فقال: يا قنبر أخرجه إلي، فعلاه بالدرة (2)، ثم قال: ما ضربتك لدفعك إياي ولكني ضربتك لئلا تدفع مسلما ضعيفا فتكسر بعض أعضائه فيلزمك. ثم مضى حتى أتى سوق الكرابيس، فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ فوثب الرجل فقال: يا أمير المؤمنين عندي حاجتك، فلما عرفه مضى عنه،


(1) الرحبة – بالفتح – محلة بالكوفة وأصله الارض الواسعة. (2) الدرة – بالكسر – السوط يضرب به.

[ 101 ]

فوقف على غلام فقال: يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ قال: نعم عندي، فأخذ ثوبين – أحدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين – ثم قال: يا قنبر خذ الذي بثلاثة، فقال: أنت أولى به تصعد المنبر وتخطب الناس، قال: وأنت شاب ولك شرة الشباب (1) وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون، فلما لبس القميص مد يده في ذلك، فإذا هو يفضل عن أصابعه، فقال: أقطع هذا الفضل، فقطعه، فقال الغلام: هلم أكفه، قال: دعه كما هو فإن الامر أسرع من ذلك عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) اشترى قميصا سنبلانيا بأربعة دراهم ثم لبسه، فمد يده فزاد على أصابعه، فقال للخياط: هلم الجلم، فقطعه حيث انتهت أصابعه، ثم قال: ” الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس، اللهم اجعله ثوب يمن وبركة، أسعى فيه لمرضاتك عمري وأعمر فيه مساجدك “، ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول: من لبس ثوبا جديدا فقال هذه الكلمات غفر له. (الدعاء) من كتاب النجاة [ يقول ] عند لبس السراويل: ” اللهم استر عورتي وآمن روعتي وأعف فرجي ولا تعجل للشيطان في ذلك نصيبا ولا له إلى ذلك وصولا فيصنع إلي المكائد ويهيجني لارتكاب محارمك “. عن الصادق، عن علي عليهما السلام [ قال ]: لبس الانبياء القميص قبل السراويل. وفي رواية قال: لا تلبسه من قيام ولا مستقبل القبلة ولا الانسان. عن الصادق (عليه السلام) قال: اغتم أمير المؤمنين (عليه السلام) يوما فقال: من أين أتيت فما أعلم أني جلست على عتبة باب ولا شققت بين غنم ولا لبست سراويلي من قيام ولا مسحت يدي ووجهي بذيلي.


(1) يقال شرة الشباب – بالكسر فالتشديد – أي نشاطه.

[ 102 ]

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا بميامنكم. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كسا الله مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب وقل هو الله أحد وآية الكرسي وإنا أنزلناه، ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس وليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه لا يعصى الله فيه وله بكل سلك فيه ملك يقدس له ويستغفر له ويترحم عليه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس أو فعل غير ذلك مما يصنعه ينبغي له أن يسمي، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. وفي رواية: من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه خمسا وثلاثين مرة ورش الماء على ثوبه لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب. وفي رواية أخرى عن الرضا (عليه السلام) كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه، فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه عشرا وقل هو الله أحد عشرا وقل يا أيها الكافرون عشرا، ثم رش ذلك الماء على ذلك الثوب، ثم قال: فمن فعل ذلك لم يزل كان في عيشة رغد ما بقي من ذلك الثوب سلك (1). عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم، فقطع كميه إلى حيث بلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه، فلما لبسه حمد الله وأثنى عليه (2). عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من لم يجد إزارا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفا.


(1) السلك – بالكسر والفتح -: الخيوط، جمع السلكة – بالكسر والسكون -: الخيط يخاط به. (2) الكم – بالضم والتشديد -: مدخل اليد ومخرجها من الثوب.

[ 103 ]

الفصل الثاني (في طي الثوب وتنظيفه) عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أدنى الاسراف هراقة فضل الاناء وابتذال (1) ثوب الصون وإلقاء النوى. وعنه (عليه السلام) قال: إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك. وعن الحسن بن علي بن يقطين رفع الحديث قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): طي الثياب راحتها وهو أبقى لها. وعنه (عليه السلام) قال: الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء والمشط للحية يشد الاضراس. وعنه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال: غسل الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة. قال الله تبارك وتعالى: ” وثيابك فطهر ” (2) أي فشمر. وعنه، عن أبيه (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من اتخذ ثوبا فلينظفه. وعنه (عليه السلام) في ” وثيابك فطهر ” أي فارفعها ولا تجرها. وعنه (عليه السلام) في قول الله تعالى: ” وثيابك فطهر ” قال: وثيابك فقصر. الفصل الثالث في لبس أنواع اللباس مع اختلاف ألوانها (في لبس الثياب البيض) عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال: البسوا من القطن فإنه لباس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولباسنا، ولم يكن يلبس الصوف والشعر إلا من علة. وقال (عليه السلام): إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده.


(1) ابتذال الثوب: لبسه في أوقات الشغل والخدمة. (2) سورة المزمل: آية 4.

[ 104 ]

وعنه (عليه السلام) قال: الكتان من لباس الانبياء. عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس من ثيابكم شئ أحسن من البياض فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم (في لبس الاسود) عن سليمان بن رشيد، عن أبيه قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) دراعة سوداء وطيلسانا أزرق (1). عن أبي ظبيان الجنبي قال: خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن في الرحبة وعليه خميصة سوداء (2). عن الحسين بن المختار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يحرم الرجل في الثوب الاسود، فقال: لا يجوز في الثوب الاسود ولا يكفن به الميت. (في لبس الاصفر والمزعفر) عن أبي ظبيان الجنبي قال: خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن في الرحبة وعليه إزار أصفر وخميصة سوداء وبرجليه نعلان وبيده عنزة (3). عن زرارة قال: خرج أبو جعفر (عليه السلام) يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف (4) خز أصفر. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من شئ أحسن على الكعبة من الرياط (5) السابري المصبوغ بالزعفران.


(1) دراعة، بالضم فالتشديد، جبة مشقوقة المقدم ولا يكون إلا من صوف كالمدرعة. (2) الخميصة، مؤنث الخميص: كساء أسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة. وأبو ظبيان الجنبي، منسوب إلى جنب بطن من العرب وقيل: حي من اليمن، كان من أصحاب علي (عليه السلام). (3) العنزة – بالتحريك -: رميح بين العصا والرمح، أطول من العصا وأقصر من الرمح. (4) المطرف: رداء من خز ذو أعلام. (5) الرياط، جمع ريطة: الملاءة إذا كانت قطعته واحدة ونسجا واحدا ولم تكن لفقين أي قطعتين وإذا كانت لفقين فهي ملاءة. ويطلق أيضا على كل ثوب يشبه الملحفة وكل ثوب لين. والسابري: درع دقيقة النسج محكمة وثوب رقيق جيد.

[ 105 ]

(في لبس المعصفر) عن عبد الله بن عطا قال: رأيت على أبي جعفر (عليه السلام) ملحفة حمراء مشبعة قد أثرت في جلده، فقلت: ما هذا ؟ فقال: ملحفة المرأة. عن الحكم بن عيينه قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وعليه ملحفة مصبوغة بعصفر قد نفض صبغها على عاتقه، قال: فنظرت إليها، فقال: يا حكم ما تقول في هذا ؟ قلت: إنا لنعيب الشاب [ المراهق ] عندنا مثل هذا، فأي شئ أقول وهي عليك ؟ فقال: يا حكم ” من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ” يا حكم إني حديث عهد بعرس. وعنه (عليه السلام) قال: ما زال لبس الاحمر المفدم (1) يكره إلا بعرس. عن مالك قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة فتبسمت حين دخلت، فقال: إني أعلم لم ضحكت ؟ ضحكت من هذا الثوب علي إن الثقفية أكرهتني على لبسها، ثم قال: إنا لا نصلي في هذا، فلا تصلوا في المصبغ المضرج (2). ثم دخلت عليه بعد فسألته عن الثقفية ؟ قال: طلقتها، إني خلوت بها فإذا هي تتبرأ من علي (عليه السلام)، فلم يسعني أن امسكها وهي تتبرأ من علي (عليه السلام). عن الحكم بن عيينه قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وعليه إزار أحمر، قال: فأحددت النظر إليه، فقال: يا أبا محمد إن هذا ليس به بأس، ثم تلا ” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ” (3). (في لبس الوردي والعدسي والازرق والاخضر) عن الحسن الزيات قال: رأيت على أبي جعفر (عليه السلام) ملحفة وردية. عن محمد بن علي قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) ثوبا عدسيا (4).


(1) المفدم: المشبع حمرة، كأنه لتناهي حمرته كالممتنع من قبول زيادة الصبغ. (2) المضرج: المصبوغ بالحمرة والمتلطخ بها. (3) سورة الاعراف: آية 30 (4) كان يشبه لون العدس.

[ 106 ]

عن سليمان بن رشيد، عن أبيه قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) طيلسانا أزرق. عن أبي العلاء قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) بردا أخضر وهو محرم. عن أبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر، فقال لي: يا أبان إن جبريل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر، فلما صعد إلى السماء دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام – وكانت إذا سمعته أجابته – فأجابته في عباءة محتجزة (1) بنصفها والنصف الاخر على رأسها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ادع زوجك عليا، فدعته فاطمة فأجلسه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن يمينه، ثم أخذ كفه فوضعها في حجره، وأجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام عن يساره وأخذ كفها فوضعها في حجره، ثم قال لهما: ألا أخبر كما بما أخبرني به جبريل (عليه السلام) ؟ قالا: بلى يا رسول الله، قال: أخبرني أني عن يمين العرش يوم القيامة وأن الله كساني ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، وأنك يا علي عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، وأنك يا فاطمة عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، قال: فقلت: جعلت فداك فإن الناس يكرهون الوردي، قال: يا أبان إن الله لما رفع المسيح (عليه السلام) إلى السماء رفعه إلى جنبه فيها سبعون غرفة وأنه كساه ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي، قال: قلت: جعلت فداك أخبرني بنظيره من القران ؟ قال: يا أبان إن الله يقول: ” فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ” (2). الفصل الرابع في لبس الخز والحلة وغير ذلك (في لبس الخز) عن عبد الله بن سليمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن علي بن الحسين (عليه السلام) كان رجلا صردا (3) وكان يشتري الثوب الخز بألف درهم أو خمسمائة درهم، فإذا


(1) إحتجز بالازار: شده على وسطه. (2) سورة الرحمن: آية 37. (3) صرد، ككتف: الذي كان قويا على الصرد وضعيف عنه (ضد). والصرد: البرد.

[ 107 ]

خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه ولم يكن يصنع ذلك بشئ من ثيابه غير الخز. عن قتيبة بن محمد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنا نلبس الثوب الخز وسداه أبريسم، قال: لا بأس بالابريسم إذا كان معه غيره، قد أصيب الحسين (عليه السلام) وعليه جبة خز سداها أبريسم. قلت: إنا نلبس هذه الطيالسة البربرية وصوفها ميت، قال: ليس في الصوف روح، ألا ترى أنه يجز ويباع وهو حي ؟ عن الحسن بن علي، عنه قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس ثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار، ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه. عن محمد بن مسعدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي يلبس الثوب الخز بخمسمائة درهم فإذا حال عليه الحول تصدق به، فقيل له: لو بعته وتصدقت بثمنه، قال: أبيع ثوبا قد صليت فيه ؟ ! عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن جلود الخز ؟ وأنا حاضر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس به بأس، فقال له الرجل: جعلت فداك هي من بلادي وإنما هي كلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فإذا خرجت من الماء تعيش وهي خارج في البر ؟ قال: لا، قال: ليس به بأس. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن علي بن أبي عمران قال: خرج الحسين ابن علي (عليه السلام) – وعلي (عليه السلام) في الرحبة – وعليه قميص خز وطوق من ذهب، فقال: هذا إبني ؟ قالوا: نعم، فدعاه فشقه عليه وأخذ الطوق فقطعه قطعا. (في لبس الحلة) عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلل فيها حلة (1) جيدة، فقال الحسين (عليه السلام): أعطني هذه، فأبى وقال: اعطيك مكانها حلتين، فأبى وقال: هي خير من ذلك، فقال: اعطيك مكانها ثلاث حلل،


(1) الحلة – بالضم -: كل ثوب جديد، والجمع حلل. وقيل: إزار ورداء من برد أو غيره.

[ 108 ]

قال: هي خير من ذلك، فقال: أربعا، حتى بلغ خمسا فأعطاه إياها، ثم قال: أما انك تلبسها فيقال: ابن أمير المؤمنين، ثم تلبسها فتوسخ فتفسدها وأكسو بهذه الخمس حلل خمسة من المسلمين. (في لبس الحرير والديباج) عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: أتى أسامة بن زيد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه ثوب حرير، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا لباس من لا خلاق (1) له، ثم أمره فشقه خمرا بين نسائه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح لبس الحرير والديباج للرجال، فأما بيعه فلا بأس به. عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام أنه سئل عن لبس الحرير والديباج ؟ فقال: أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن علي بن عمران قال: خرج الحسين ابن علي (عليه السلام) وعلي (عليه السلام) في الرحبة إلى آخر الحديث. عن عمرو أو عمر بن نعجة السكوني قال: أتى علي (عليه السلام) بدابة دهقان ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: ” بسم الله “، فلما وضع يده على القربوس (2) زلت يده [ عن الصفة ] فقال: أديباج هي ؟ قالوا: نعم، فلم يركب حين أنبئ أنه ديباج. (في لبس القسي وغيره) عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) قال: نهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) – ولا أقول نهاكم – عن لبس القسي (3) والتختم بالذهب وأن أركب على مثيرة حمراء وأن أقرأ وأنا راكع.


(1) الخلاق: النصيب. (2) القربوس: قسمة المقوس المرتفع من قدام السرج ومن مؤخره أي حنو السرج. (3) القسي منسوب إلى قس – بالفتح وقد يكسر -: موضع بمصر.

[ 109 ]

الفصل الخامس في التبختر في الثياب والتواضع فيها والترقيع لها والاقتصاد فيها ولبس الخشن (في التبختر في الثياب) عن عبد الله بن هلال قال: أمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن أشتري له إزارا، فقلت: إني لست أصيب إلا واسعا، قال: اقطع منه وكفه، ثم قال: إن أبي قال: ما جاوز الكعبين ففي النار. عن عبد الله بن هلال، عنه (عليه السلام) ذكر مثله وقال: ما جاوز الكعبين من الثوب ففي النار. أبو إسحاق السبيعي (1) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إتزر إلى نصف الساق أو إلى الكعبين وإياك وإسبال الازار، فإن إسبال الازار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة قال: إن الاسبال في الازار والقميص والعمامة، [ وقال ]: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. ومن كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أبي مطر قال: إن عليا (عليه السلام) مر بي يوما ومعي ابن عم لي، قال: فضربني بقضيب معه أو بدرة وقال: إرفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض، فقال ابن عمي: من ذا الذي يضرب ابن عمي ؟ قال: فقال: علي (عليه السلام): إنما أقول ارفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض، ثم قال (عليه السلام) لقنبر: ألا تمنعني كما يمنع هذا ابن عمه. عن جابر، [ عن أبي جعفر (عليه السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن ريح الجنة ليوجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين.


(1) هو عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمداني، إبن اخت يزيد بن الحصين الهمداني، من أصحاب الحسين (عليه السلام)، ممن شهد الطف وقتل. وكان أبو إسحاق من أعيان وثقاة علي بن الحسين (عليه السلام) وعاش تسعون سنة، ونقل عنه أنه قال: رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخطب وهو أبيض الرأس واللحية، إلى آخر الحديث.

[ 110 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله يبغض الثاني عطفه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالايمان (1). وعنه، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المرخي ذيله من العظمة، والمزكي سلعته بالكذب، ورجل استقبلك بنور صدره [ فيواري ] وقلبه ممتلئ غشا (2). وعنه عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا تصامت أمتي عن سائلها وأرخت شعورها ومشت تبخترا، حلف ربي بعزته لاذعرن بعضهم ببعض (3). وعنه، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض من تحته. عن بشير النبال قال: إنا لفي المسجد مع أبي جعفر (عليه السلام) إذ مر علينا أسود عليه حلتان متزر بواحدة مترد بالاخرى وهو يتبختر في مشيته، فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): إنه جبار، قلت: جعلت فداك إنه سائل، قال: إنه جبار. من جملة ما وصى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لابي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذر إن أكثر من يدخل النار المستكبرون – فقال رجل: هل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟ قال: نعم، من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين – يا أبا ذر: من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر – يعني ما يشترى من السوق -. يا أبا ذر: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. يا أبا ذر: إزرة الرجل إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه، فما أسفل منه في النار. يا أبا ذر: من رفع ثوبه لوجه الله تعالى فقد برئ من الكبر.


(1) أسبل الستر:، أرخاه. وأنفق ماله أي أنفده وأفناه. والسلعة: المتاع. (2) الغش – بالكسر -: اسم من الغش – بالفتح – بمعنى الغل والحقد. (3) تصام عن الحديث: تظاهر أنه أصم. وفي بعض النسخ ” تضامت ” بالضاد المعجمة. يقال: تضام الشئ: جمعه إلى نفسه. وشعور: جمع شعر. والذعر، بالفتح: الخوف والدهشة.

[ 111 ]

(في التواضع في الثياب) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن علي بن الحسين (عليه السلام) خرج في ثياب حسان فرجع مسرعا يقول: يا جارية ردي علي ثيابي فقد مشيت في ثيابي هذه فكأني لست علي بن الحسين. وكان إذا مشى كأن الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله. وعنه (عليه السلام) قال: إن الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى. عن الحسن الصيقل قال: أخرج إلينا أبو عبد الله (عليه السلام) قميص أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي أصيب فيه، فشبرت أسفله اثني عشر شبرا وبدنه ثلاثة أشبار ويديه ثلاثة أشبار (1). عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن صاحبكم ليشتري القميصين السنبلانيين، ثم يخير غلامه فيأخذ أيهما شاء، ثم يلبس هو الاخر، فإذا جاوز أصابعه قطعه وإذا جاوز كفيه حذفه (2). عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم، فقطع كميه إلى حيث يبلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه، فلما لبسه حمدالله وأثنى عليه وقال: ألا أريكم ؟ قلت: بلى. فدعاه به، فإذا كميه ثلاثة أشبار وبدنه ثلاثة أشبار وطوله ستة أشبار. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن الاصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) حتى أتينا التمارين، فقال: لا تنصبوا قوصرة على قوصرة، ثم مضى حتى أتينا إلى اللحامين، فقال: لا تنكوا في اللحم، ثم مضى [ حتى أتى ] إلى سوق السمك، فقال: لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي (3)، ثم مضى حتى أتى


(1) الشبر (بالكسر): مابين طرفي الابهام والخنضر ممتدين، جمعة: أشبار. والراوي هو أبو محمد حسن بن زياد العطار الكوفي، المعروف بالصيقل، من أصحاب محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، حسن وله كتاب. (2) سنبلاني: منسوب إلى بلدة بالروم، في اللغة: سنبلان وسنبل بلدان بالروم بينهما عشرون فرسخا. وفي بعض النسخ ” فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كفيه جذبه “. (3) الجري كذمي: سمك طويل أملس وليس له عظم إلا عظم الرأس والسلسلة، المعروف بالحنكليس. والطافي: السمك الذي يموت في الماء فيعلو ويظهر فوق الماء.

[ 112 ]

البزازين فساوم رجلا بثوبين ومعه قنبر، فقال: بعني ثوبين، فقال الرجل: ما عندي يا أمير المؤمنين، فانصرف حتى أتى غلاما، فقال: بعني ثوبين، فماكسه الغلام حتى اتفقا على سبعة دراهم، ثوب بأربعة دراهم وثوب بثلاثة دراهم، فقال لغلامه قنبر: إختر أحد الثوبين، فاختار الذي بأربعة ولبس هو الذي بثلاثة وقال: ” الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في خلقه “، ثم أتى المسجد الاكبر فكومه كومة من حصباء (1)، فاستلقى عليه فجاء أبو الغلام فقال: إن ابني لم يعرفك وهذان درهمان ربحهما عليك فخذهما، فقال علي (عليه السلام): ما كنت لافعل، ماكسته وماكسني واتفقنا على رضى. عن أبي مسعدة قال: رأيت عليا (عليه السلام) خرج من القصر، فدنوت منه فسلمت عليه، فوقع يده على يدي، ثم مشى حتى أتى إلى دار فرات، فاشترى منه قميصا سنبلانيا بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم، فلبسه وكان كمه كفاف يده (2). عن وشيكة (3) قال: رأيت عليا (عليه السلام) يتزر فوق سرته ويرفع إزاره إلى أنصاف ساقيه وبيده درة يدور في السوق يقول: ” إتقوا الله وأوفوا الكيل ” كأنه معلم صبيان. عن مجمع قال: إن عليا (عليه السلام) أخرج سيفه فقال: من يرتهن سيفي ؟ أما لو كان لي قميص ما رهنته، فرهنه بثلاثة دراهم، فاشترى قميصا سنبلانيا كمه إلى نصف ذراعيه وطوله إلى نصف ساقيه. عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت على علي (عليه السلام) قميصا زابيا (4) إذا مد طرف كمه بلغ ظفره وإذا أرسله كان إلى ساعده. عن أبي الاشعث العبري، عن أبيه قال: رأيت عليا (عليه السلام) اغتسل في


(1) الكومة: القطعة المجتمعة المرتفعة من التراب وغيره. (2) الكفاف بالفتح الذي لا يفضل عن الشئ ويكون بقدره. (3) بفتح الواو وكسر الشين المعجمة: الظاهر أنه أيوب بن وشيكة من أصحاب الباقر (عليه السلام). (4) الزابي: منسوب إلى الزاب، في القاموس: الزاب بلد بالاندلس أو كورة ونهر بالموصل ونهر باربل ونهر بين سوراء وواسط ونهر آخر بقربه وعلى كل واحد منهما كورة.

[ 113 ]

الفرات يوم الجمعة، ثم ابتاع قميص كرابيس بثلاثة دراهم، فصلى بالناس فيه الجمعة وما خيط جربانه (1). عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان عندكم فأتى بني ديوار، فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب والازار إلى نصف الساق والرداء من قدامه إلى ثدييه ومن خلفه إلى إليتيه، فلبسها، ثم رفع يده إلى السماء، فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله. ثم قال: هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه ولكن لا نقدر أن نلبس هذا اليوم لو فعلنا لقالوا: مجنون أو لقالوا: مراء، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس. عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا هبطتم وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم أو خشن ثيابكم، فإنه لن يهبط وادي مكة أحد ليس في قلبه شئ من الكبر إلا غفر الله له، قال: فقال عبد الله بن أبي يعفور: ما حد الكبر ؟ قال: الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي أن يرى عليه، ثم قال: ” بل الانسان على نفسه بصيرة ” (2). عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان لابي ثوبان خشنان يصلي فيهما صلاته، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما وسأل الله حاجته. (في ترقيع الثياب) عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خطب علي (عليه السلام) الناس وعليه إزار كرباس غليظ، مرقوع بصوف، فقيل له في ذلك، فقال: يخشع له القلب ويقتدي به المؤمن. عن عبد الله بن عباس لما رجع من البصرة وحمل لمال ودخل الكوفة وجد أمير المؤمنين (عليه السلام) قائما في السوق وهو ينادي بنفسه: معاشر الناس من أصبناه بعد


(1) الجربان، بضم الاول والثاني أو بكسرهما وتشديد الباء: من القميص: جيبه وطوقه. (2) سورة القيامة: آية 14. (مكارم الاخلاق – 8)

[ 114 ]

يومنا هذا يبيع الجري والطافي والمارماهي علوناه بدرتنا هذه – وكان يقال لدرته: السبتية -. قال ابن عباس: فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال: يا ابن عباس ما فعل المال ؟ فقلت ها هو يا أمير المؤمنين وحملته إليه فقربني ورحب بي، ثم أتاه مناد ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم، فقال: لو كان لي في بيت مال المسلمين ثمن سواك أراك ما بعته، فباعه واشترى قميصا بأربعة دراهم له وتصدق بدرهمين وأضافني بدرهم ثلاثة أيام. عن يزيد بن شريك قال: أخرج علي (عليه السلام) ذات يوم سيفه فقال: من يبتاع مني سيفي هذا، فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته. عن الفضل بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) ثوبا خلقا مرقوعا، فنظرت إليه، فقال لي: ما لك ؟ انظر في ذلك الكتاب – وثم كتاب -، فنظرت فيه فإذا فيه ” لا جديد لمن لا خلق له “. وفي رواية: رؤي على علي (عليه السلام) إزار خلق مرقوع، فقيل له: في ذلك، فقال: يخشع له القلب وتذل به النفس ويقتدي به المؤمنون. (في الاقتصاد في اللباس) عن معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الرجل يكون قد غنى دهره وله مال وهيئة في لباسه ونخوة، ثم يذهب ماله ويتغير حاله، فيكره أن يشمت به عدو، فيتكلف ما يتهيؤ به، فقال: ” لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ” (1) على قدر حاله. (في لبس الصوف والخشن) عن محمد بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله (عليه السلام) جبة صوف بين قميصين غليظين، فقلت له في ذلك، فقال: رأيت أبي يلبسها، وإنا إذا أردنا أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا.


(1) الشماتة: السرور ببلية الاعداء، يقال: شمت به – بالكسر -: إذا فرح بمصيبته. والاية في سورة الطلاق، آية 7.

[ 115 ]

عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: والله لئن صرت إلى هذا الامر (1) لاكلن الخبيث بعد الطيب ولالبسن الخشن بعد اللين ولاتعبن بعد الدعة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لابي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذر إني ألبس الغليظ وأجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أبا ذر البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب (2) لئلا يجد الفخر فيك مسلكا. من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه رحمه الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وغير مؤكف (3) وحلبي العنز بيدي ولبس الصوف والتسليم على الصبيان، لتكون سنة من بعدي. من كتاب الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): البسوا الصوف وكلوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة. وقال أيضا: البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماوات. من كتاب المحاسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ذكر له أن راهبا قال في لباس الشعر: هو أشبه بلباس المصيبة، فقال: وأي مصيبة أعظم من مصائب الدين ؟ ! من كتاب الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان، وقلة الاكل تعرفوا في الاخرة. وإن النظر إلى الصوف يورث التفكر والتفكر يورث الحكمة والحكمة تجري في أجوافكم مثل الدم.


(1) أي أمر الخلافة والسلطنة. والدعة – بفتحتين -: الراحة وخفض العيش، والهاء عوض الواو. (2) صفيق اللباس: خلاف السخيف أي ما كثف نسجه، من سخف وزان قرب: رق لقلة غزله. (3) الحضيض: قرار الارض. الاكاف والوكاف: البردعة، وهي كساء يلقى على ظهر الدابة.

[ 116 ]

الفصل السادس في كراهية لباس الشهرة والنكت في اللباس (1) (في لباس الشهرة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفى بالرجل خزيا أن يلبس ثوبا مشهرا أو يركب دابة مشهرة. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله يبغض شهرة اللباس. قيل: دخل عباد بن كثير البصري على أبي عبد الله (عليه السلام) بثياب الشهرة، فقال (عليه السلام): يا عباد ما هذه الثياب ؟ قال: يا أبا عبد الله تعيب علي هذا ؟ قال: نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة، قال عباد: من حدثك بهذا ؟ قال (عليه السلام): يا عباد تتهمني ؟ حدثني والله أبي عن آبائي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: لم يكن شئ أبغض إليه من لبس الثوب المشهور وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء ويلبسه. (في القناع) عن عبد الله بن وضاح قال: رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وهو جالس في مؤخر الكعبة وتقنع وأخرج أذنيه من قناعه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القناع بالليل ريبة (2) عن عبد الله بن الوليد بن صبيح قال: سألني شهاب بن عبد ربه أن استأذن له على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأدخلته عليه ليلا وهو متقنع وأخذت له وسادة فطرحتها له فجلس عليها، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ألق قناعك يا شهاب، فإن القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار، فألقى قناعه.


(1) النكت – بضم ففتح -: جمع النكتة وهي النقطة السوداء في الابيض أو البيضاء في الاسود. (2) الريبة – بالكسر -: التهمة والظنة، هي اسم من الريب.

[ 117 ]

عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار. (في التوشح) وعنه (عليه السلام) في الرجل يتوشح بالازار فوق القميص، قال: لا تفعل، فإن ذلك من الكبر (1). عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كره التوشح بالازار فوق القميص وقال: هو من فعل الجبابرة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنهى امتي عن اشتمال الصماء (2). وعنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنهى امتي عن حل الازار وعن الاقبية وكشف الافخاذ (3). (في لبس الصوف) من كتاب مجمع البيان، عن الصادق (عليه السلام) قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة عليها السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أبصرها، فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة، فقد أنزل الله علي ” ولسوف يعطيك ربك فترضى ” (4) (والثلة: الصوف والوبر)، عن الزهري من عيون الاخبار، عن ابن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا (عليه السلام) في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح (5)، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم.


(1) توشح بثوبه: هو أن يدخله تحت إبطه الايمن ويلقيه على منكبه الايسر كما يتوشح الرجل بحمائل سيفه. (2) اشتمال الصماء: الالتحاف بالثوب من غير أن يجعل له موضع يخرج منه اليد. (3) الاقبية: جمع قباء وهو ثوب مشقوق قدامه ولم يكن له أزرار ويلبس فوق الثياب. (4) سورة الضحى: آية 5. والثلة: الصوف وحده ومجتمعا بالشعر والوبر. (5) المسح – بالكسر -: كساء معروف يعبر عنه بالبلاس ويقعد عليه.

[ 118 ]

(في تشبه الرجال بالنساء) عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، سئل عن الرجل يجر ثوبه ؟ قال: إني لاكره أن يتشبه بالنساء. عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يزجر الرجل يتشبه بالنساء وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها. وعنه (عليه السلام) قال: خير شبابكم من تشبه بكهولكم، وشر كهولكم من نشبه بشبابكم. (في فرو السنجاب وغيره) عن يونس بن يعقوب قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو معتل وهو في قبة وقباء عليه غشاء مذاري (1) وقدامه مخضبة حناء يهيئ فيها ريحان مخروط وعليه جبة خز ليست بالثخينة ولا بالرقيقة وعليه لحاف ثعالب مظهر بيمنية، فقلت: جعلت فداك ما تقول في الثعالب ؟ قال: هو ذا علي. عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، أنه سئل عن لحوم السباع وجلودها ؟ فقال: أما لحوم السباع – والسباع من الطير – فإنا نكرهها، وأما الجلود فاركبوا فيها ولا تلبسوا منها شيئا في الصلاة. عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اهديت لابي جبة فرو (2) من العراق، فكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها. عن عبد الله بن سنان، عنه (عليه السلام) قال: ما جاءك من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه. وسئل الرضا (عليه السلام) عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور ؟ فقال: قد رأيت السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور.


(1) مذاري: ينسب إلى مذار بلد بين الواسط والبصرة. والمخضبة، بالكسر: شبه المركن: وعاء لغسل الثياب أو خضبها. (2) الفرو، بالفتح: الذي يلبس من الجلود التي صوفها معها.

[ 119 ]

الفصل السابع في العمائم والقلانس (في العمائم) عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم. وقال (عليه السلام): اعتموا تزدادوا حلما. عن أبي إسحاق (1) قال: أراني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يخطب وعليه إزار ورداء وعمامة. عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تعالى: ” مسومين ” قال: العمائم، اعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسدلها من بين يديه ومن خلفه. واعتم جبريل (عليه السلام) فسدلها من بين يديه ومن خلفه. عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح، ثم خرج إلى حنين، فلما فرغ منهم انتهى إلى أوطاس بقيت منهم بقية ففرغ منهم، ثم إنتهى إلى الجعرانة فقسم الغنائم بين المسلمين، ثم أحرم ودخل مكة (2). عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ركعتان بعمامة أفضل من أربعة بغير عمامة. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر. عن عبد الله بن سليمان، عن أبيه قال: كنت مع أبي في المسجد فدخل علي بن


(1) هو ابو إسحاق السبيعي، وقد مر ذكره. (2) حنين: واد بين مكة والطائف، حارب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون، في العاشر من الهجرة، وكانوا زهاء إثنى عشر ألفا، وانهزم المشركون إلى أوطاس (واد بديار هوازن) وغنم المسلمون بأموال المشركين وأهلهم ثم ساروا إليهم فاقتتلوا في الاوطاس وانهزم المشركون إلى الطائف. والجعرانة، بتسكين العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء: موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة. وفيها قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغنائم بين المسلمين.

[ 120 ]

الحسين (عليه السلام) ولست أثبته وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها من كتفيه، فقلت لرجل قريب المجلس مني: من هذا الشيخ الذي أرى ؟ فقال: ما لك لم تسألني عن أحد دخل هذا المسجد غير هذا الشيخ ؟ قال: قلت: إني لم أر أحدا دخل المسجد أحسن هيأة في عيني منه فلذلك سألتك عنه، قال: فإنه علي بن الحسين (عليه السلام). (في كيفية التعمم) عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: عمم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) بيده فسدلها من بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم هكذا يكون تيجان الملائكة. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إني ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت ذقنه ثلاثا لا يصيبه: السرق والغرق والحرق. (الدعاء عند التعمم) من كتاب النجاة ” اللهم سو مني بسيماء الايمان وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الايمان من عنقي ” وليتعمم من قيام محنكا. (في القلانس) عن محمد بن علي قال: رأيت على أبي الحسن (عليه السلام) قلنسوة خز مبطنة بسمور. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان. عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة وذات الاذنين في الحرب. وكانت له عمامته السنجاب. وكان له برنس يبرنس به. سئل الرضا (عليه السلام) عن الرجل يلبس البرطلة (1) قال: قد كان لابي عبد الله (عليه السلام) مظلة يستظل بها من الشمس.


(1) البرطل – كقنفذ -: قلنسوة ومظلة.

[ 121 ]

عن يزيد بن خليفة قال: رأني أبو عبد الله (عليه السلام) أطوف حول الكعبة وعلي برطلة، فقال (عليه السلام): لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود. عن الحسن بن مختار قال: قال لي أبو الحسن الاول (عليه السلام): اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة فإن السيد مثلي لا يلبس المصنع (والمصنع: المكسر بالظفر). الفصل الثامن (في لبس الخف والنعل) عن ياسر الخادم، عنه (عليه السلام) من قال: كان (عليه السلام) يدخل المتوضأ (1) في خف صغير. عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان في سفر وكان إذا سافر أدلج فبينا هو قد أخذ في الدلجة (2) فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه، ثم أهوى إلى الخف الاخر ليلبسه إذ انحط طير من السماء فضرب خفه فأخذه، فانطلق علي (عليه السلام) فاتبعه ليأخذ الخف منه، فسبقه وارتفع إلى السماء، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حية. من مسموعات ناصح الدين أبي البركات، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لبس الخف يزيد في قوة البصر. عن الصادق (عليه السلام) قال: إدمان لبس الخف أمان من الجذام، فقيل له: في الشتاء أم في الصيف ؟ قال: شتاء كان أم صيفا. عن أبي الجارود (3) قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) لابسا خفا أحمر، فقال لي: أو ما علمت أن الخف الاحمر لبس الجبابرة، فالابيض المقشور لبس الاكاسرة، والاسود سنتنا وسنة بني هاشم ؟ قال أبو الجارود: فصحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة وعليه خف أحمر، فقلت له: يا ابن رسول الله كنت حدثتني منه في الاحمر


(1) المتوضأ: موضع يتوضأ فيه أي يستنجى ويكنى به عن الكنيف والمستراح. (2) الدلجة – من أدلج الرجل -: سار الليل كله. (3) الظاهر هو زياد بن المنذر الهمداني من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام، له أصل وكتاب زيدي المذهب وإليه ينسب الجارودية.

[ 122 ]

أنه لبس الجبابرة، قال: أما في السفر فلا بأس به فإنه أحمل للماء والطين، وأما في الحضر فلا. عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من اتخذ نعلا فليستجدها. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: انتعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام رجل فناوله النعل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” اللهم إن عبدك تقرب إليك فقربه ” ولا أظنه إلا قال: وأدبه. قال: وتمضمض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم مجه (1)، فوثب إليه رجل فأخذه فشربه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم إن عبدك تحبب اليك فأحبه. وعنه، عن علي عليهما السلام قال: استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور. عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ” فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ” (2) قال: كانتا من جلد حمار. (في استحباب الانتعال بالنعل المخصرة المعقبة) عن صباح الحذاء قال: أتاني الحلبي بنعل، فقال لي: إحذ لي على هذه، فإن هذا حذاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: ومن أين صارت اليك ؟ قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ألا أريك حذاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فقلت: بلى. فأخرج إلي هذا النعل، فقلت: هبها لي، قال: هي لك. قال صباح: فحذوت عليها نعله وكنت أحذو لاصحابنا عليها، فقال ابو أحمد: وقد رأيتها وهي مخصرة معقبة (3). عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إني لامقت الرجل الذي لا أراه معقب النعلين. عن صباح الحذاء قال: حذوت نعلا لابي عبد الله (عليه السلام) على نعل وجه به إلي فكانت مخصرة من نصف النعل.


(1) مج الماء من فيه: رماه. (2) سورة طه: آية 12. (3) المخصرة: الدقيق الخصر، وهي النعل التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين أي مستدقة الوسط.

[ 123 ]

عن منهال قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعلي نعل ممسوحة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا حذاء اليهود، قال: فانصرف، فأخذ سكينا فخصرها به. عن علي السابري قال: رآني أبو الحسن (عليه السلام) وعلي نعل غير مخصرة، فقال: يا علي متى تهودت ؟ (في كراهية عقد الشراك) روي أن أبا عبد الله (عليه السلام) كره عقد شراك النعل. قال: وأخذ نعل بعضهم فحل شراكها (1). وعنه (عليه السلام) قال: أول من عقد شراك نعله إبليس. (في كيفية الانتعال) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من السنة لبس نعل اليمين قبل اليسار وخلع اليسار قبل اليمين. من كتاب النجاة، الدعا المروي عند لبس الخف والنعل يلبسهما جالسا ويقول: ” بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والاخرة وثبتهما على الصراط يوم تزل فيه الاقدام “، فإذا خلعهما فمن قيام ويقول: ” بسم الله الحمد لله الذي رزقني ما أوقي به قدمي من الاذي، اللهم ثبتهما على صراطك ولا تزلهما عن صراطك السوي “. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله تعالى: ” خذوا زينتكم عند كل مسجد ” (2): النعل والخاتم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد. (في الشسع إذا انقطع) عن يعقوب السراج قال: خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) وهو يريد أن يعزي


(1) الشراك – بالكسر – سير النعل على ظهر القدم، أي حبلها. (2) سورة الاعراف آية 30.

[ 124 ]

عبد الله بن الحسن بابنة له أو ابن، فانقطع شسع نعله فنزع بعض القوم نعله وحل شسعها وناوله إياه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها (1) وعنه (عليه السلام) قال: من رقع جبته وخصف نعله وحمل سلعته فقد برئ من الكبر (2). (في المشي في نعل واحدة وخف واحد) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الاخرى. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرب ماء وهو قائم أو تخلي على قبر، أو بات على غمر (3)، أو مشى في حذاء واحد فعرض له الشيطان لم يفارقه إلا أن يشاء الله. (في خلع النعال والخفاف إذا جلس) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إخلعوا نعالكم فإنها سنة حسنة جميلة وهو أروح للقدمين. وفي رواية إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لاقدامكم وإنها سنة جميلة. من كتاب طب الائمة في الخف والنعل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد مالا، ثم تلى هذه الاية ” صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ” (4). وعنه (عليه السلام) قال: من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها. عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخلت عليه لابسا نعلا سوداء فقال: مالك ولبس النعل السوداء ؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال ؟ قلت ؟ وما هي


(1) الشسع – بالكسر -: زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها. (2) السلعة – بالكسر -: المتاع وما يشتري للمنزل. (3) الغمر: الحقد، العطش. (4) سورة البقرة: آية 64.

[ 125 ]

قال (عليه السلام): تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم وهي مع ذلك من لبس الجبابرة عليك بلبس النعل الصفراء فإن فيها ثلاث خصال، قلت: وما هي ؟ قال: تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم وهي مع ذلك من لبس الانبياء عليهم السلام. وعنه (عليه السلام) قال: من السنة الخف الاسود والنعل الصفراء. وعنه (عليه السلام) قال: لبس الخف يريد في قوة البصر. عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فيمن أصابه عقر الخف والنعل قال: تأخذ طينا من حائط بلبن، ثم تحكه بريقك على صخرة أو على حجر، ثم تضعه على العقر فيذهب إن شاء الله (1). الفصل السابع في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به (في المسكن الواسع وغيره) عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من السعادة سعة المنزل. وعنه (عليه السلام) قال: للمؤمن راحة في سعة المنزل. وسئل أبو الحسن (عليه السلام) عن أفضل عيش في الدنيا ؟ قال: سعة المنزل وكثرة المحبين. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم. عن معمر بن خلاد قال: إن أبا الحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له: إنه منزلك، فقال له المولى: قد أجرت هذه الدار لي ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله. عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح. عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إن للدار شرفا وشرفها


(1) عقر النعل: الجراحة الحاصلة منها.

[ 126 ]

الساحة الواسعة والخلطاء الصالحون (1) وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها. قال الصادق (عليه السلام): من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ونظافة متوضاه (2). قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع من السعادة وأربع من الشقاوة، فالاربع التي من السعادة: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي. والاربع التي من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): حرمة الجار على الانسان كحرمة أمه. (في مقدار سمك البيت) عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: يا محمد ابن بيتك سبعة أذرع فما كان فوق ذلك سكنة الشياطين. إن الشياطين ليست في السماء ولا في الارض، إنما يسكنون الهواء. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمك البيت سبعة أذرع أو ثمان أذرع فما فوق ذلك فمحضر للشياطين. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: كل شئ يرفع من سمك البيوت على تسعة أذرع فهو مسكن الشياطين. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا كان سمك البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب فيه آية الكرسي. عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كل شئ فوق التسع


(1) الساحة: الفضاء. والخلطاء – جمع – خليط -: المخالطون الذين أمرهم واحد من الزوج والزوجة والولد والجار والاهل. (2) الفناء – بالكسر -: الساحة، أمام البيت، ما امتد من جوانبه. والمتوضأ: المستراح. (*)

[ 127 ]

يعني سمك البيت فما زاد على التسع فهو مسكون، يعني البيوت، أو ما كان سمكها فوق التسع فما كان فوق التسع مسكون. وعنه، عن آبائه عليهم السلام أن رجلا من الانصار شكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أن الدور قد اكتنفته، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ارفع ما استطعت واسأل الله أن يوسع عليك. عن أبي عبد الله (عليه السلام): ما من إنسان يبني فوق ثمانية أذرع إلا ويأوي الشيطان فيما فوق ثمانية أذرع والواجب أن يكتب له فيه آية الكرسي حتى لا يأوي فيه الشيطان. وعنه (عليه السلام) قال: كل بناء فوق الكفاية يكون وبالا على صاحبه يوم القيامة. وعنه (عليه السلام) أنه قال: ما يبني إنسان فوق ثمانية أذرع إلا وينادي مناد من السماء: إلى أين تريد يا فاسق ؟ من جوامع الجامع، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه. (فيما يستحب عند البناء) عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من بنى منزلا فليذبح كبشا وليطعم لحمه المساكين وليقل: ” اللهم ادحر عني وعن أهلي وولدي مردة الجن والشياطين وبارك لي فيه بنزولي ” فإنه يعطي ما سأل إن شاء الله. (في الاسراف في البناء) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه. وعنه (عليه السلام) قال: من كسب مالا من غير حله سلط على الماء والطين. (في كنس المنازل) عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود. وقال الصادق (عليه السلام): غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق.


[ 128 ]

(في وقت في البيت والخروج عنه) عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا خرج من البيت في الصيف خرج يوم الخميس، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة. وفي رواية، عن ابن عباس قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخرج إذا دخل الصيف ليلة الجمعة، وإذا دخل الشتاء دخل ليلة الجمعة. (في اغلاق الابواب وغيرها) عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام، سئل عن إغلاق الابواب وإكفاء الاناء (1) وإطفاء السراج ؟ قال: اغلق بابك فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأطفئ سراجك من الفويسقة وهي الفأرة لا تحرق بيتك. وأكفئ إناءك فإن الشيطان لا يرفع إناء مكفأ. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون. عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أطفؤا المصابيح، لا تجرها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه. (فيما يتعلق بالمسكن) عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه أتاه رجل [ فشكا إليه ] فقال: أخرجتنا الجن من منازلنا يعني عمار منازلهم، فقال: إجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار. قال الرجل: ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه. عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رأيت حماما خرج من تحت سريرة فقلت له: جعلت فداك أهدي لك طيورا عندنا بلقا تقرقر (2) ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): تلك مسوخ من الطير، إذا كنت متخذا فاتخذ مثل هذه فإنها بقية حمام إسماعيل (عليه السلام).


(1) إكفاء الاناء: قلبه. ويأتي أيضا بمعني الاستتار ومنه الكفاء، ككتاب. (2) البلق: الابلق وهو الذي كان في لونه سواد وبياض. وتقرقر الطير: تصوت وتردد صوته.

[ 129 ]

من كتاب من لا يحضره الفقيه، شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الوحشة، فأمره باتخاذ زوج من الحمام. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن خفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين. وقال (عليه السلام) أيضا: إتقوا الله فيما خولكم (1) وفي العجم من أموالكم، فقيل له: ما العجم من أموالنا ؟ قال: الشاة والهر والحمام وأشباه ذلك. من الفردوس، عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة في البيت ترد سبعين بابا من الفقر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة في الدار بركة. والسنور في الدار بركة. والرحا في الدار بركة. والشاة بركة. والشاتان بركتان. والثلاثة بركات كثيرة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الشاة من دواب الجنة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم، فإن كانتا اثنتين قدسوا كل يوم مرتين، فقال رجل كيف يقدسون ؟ قال: يقال لهم: بورك عليكم وطبتم ما طاب إدامكم. وعنه (عليه السلام) قال: إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تمنعوا الخطاطيف أن تسكن في بيوتكم (2). وقال: لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان لها وذلك لما جعله الله عليه من الرحمة. من كتاب طب الائمة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم. عن أبي جعفر (عليه السلام): من أحبنا – أهل البيت – أحب الحمام.


(1) فيما خولكم أي ملككم وأعطاكم. والخول: الخدام والحشم وغيرهم من الحاشية. (2) الخطاطيف جمع الخطاف: طائر يشبه السنونو، طويل الجناحين، قصير الرجلين، أسود اللون، وقيل: هو الخفاش. (مكارم الاخلاق – 9)

[ 130 ]

وقال أبو الحسن (عليه السلام): لا ينبغي أن يخلو بيت أحدكم من ثلاثة وهن عمار البيت: الهرة والحمام والديك، فإن كان مع الديك أنيسة فلا بأس بذلك لمن لا يقدرها. قال الرضا: في الديك خمس خصال من خصال الانبياء: معرفته بأوقات الصلوات والغيرة والشجاعة والسخاوة وكثرة الطروقة (1). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه. وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا. عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الديك الابيض صديقي وعدوه عدو الله، يحرس صاحبه وسبع دور. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبيته معه في البيت. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الدجاج غنم فقراء أمتي. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في قترته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة. وإنه يطرد مذمومة من الجن. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من اتخذ ديكا أبيض في منزله يحفظ من شر ثلاثة: من الكافر والكاهن والساحر. من كتاب روضة الواعظين، عن الباقر (عليه السلام) قال: إن الله تعالى خلق ديكا أبيض عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الارض السابعة، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب لا يصيح ديك في الارض حتى يصيح، فإذا صاح خفق بجناحيه، ثم قال: ” سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شئ ” فيجيبه الله فيقول: ” ما آمن بما تقول من يحلف بي كاذبا ” (2). روى الجعفري قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) في بيته زوج حمام: أما الذكر فأخضر وأما الانثى فسوداء. ورأيته (عليه السلام) يفت لهما الخبز ويقول: يتحركان من الليل فيؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من الليل إلا اتقى من دخل البيت من عرمة الارض (3).


(1) الطروقة: الجماع. (2) تخوم الارض: حدها ومنتهاها. وخفق الطائر أي طار. (3) الفت: الدق والكسر بالاصابع. الانتفاض: مطاوع نفض وهو حركة الشئ ليزول عنه الغبار.

[ 131 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس من بيت نبي إلا وفيه حمام، لان سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت، فإذا كانه فيه حمام عبثوا بالحمام وتركوا الناس. الفصل العاشر (في النجد والاثاث والفرش والتواضع فيها) عن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فرأيت في منزله نضدا ووسائد وأنماطا ومرافق (1)، فقلت له: ما هذا ؟ قال (عليه السلام): متاع المرأة. عن جابر بن عبد الله، عن الباقر (عليه السلام) قال: دخل قوم على الحسين بن علي (عليه السلام) فقالوا: يا ابن رسول الله نرى في منزلك أشياء مكروهة – وقد رأوا في منزله بساطا ونمارق – فقال: إنما نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شئن ليس لنا منه شئ. عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما تزوج علي فاطمة عليها السلام بسط البيت كثيبا وكان فراشهما إهاب كبش ومرفقتهما محشوة ليفا ونصبوا عودا يوضع عليه السقاء فستره بكساء (2). عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة على علي عليهما السلام وسترها عباء وفرشها إهاب كبش ووسادتها أدم محشوة بمسد. وعنه (عليه السلام) قال: إن فراش علي وفاطمة عليهما السلام كان سلخ كبش يقلبه فينام على صوفه. وفي كتاب مواليد الصادقين عليهما السلام، قال محمد بن إبراهيم الطالقاني روى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتزل نسائه في مشربة له شهرين – والمشربة العلية – فدخل عليه عمرو في


(1) النضد – بالتحريك -: ما نضد من متاع البيت وضم بعضه إلى بعض متسقا أو مركوما. والانماط – جمع نمط – كسبب وأسباب: ما يفرش من مفارش الصوف الملونة. والمرافق: جمع مرفق – بالكسر فالسكون -: التي تجعل تحت المرفق من المخدة والمتكأ. والنمارق: جمع نمرق ونمرقة: الوسادة يتكأ عليها. (2) بسط البيت: سعته. والكثيب: الرمل. إهاب – ككتاب -: الجلد، أو ما لم يدبغ.

[ 132 ]

البيت أهب عطنة وقرظ والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نائم على حصير قد أثر في جنبه ووجد عمر ريح الاهب، فقال: يا رسول الله ما هذه الاهب ؟ قال: يا عمر هذا متاع الحي (1) فلما جلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان قد أثر الحصير في جنبه. فقال عمر: أما أنا فأشهد أنك رسول الله ولانت أكرم على الله من قيصر وكسرى وهما فيما هما فيه من الدنيا وأنت على الحصير قد أثر في جنبك. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة. عن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن السرير يكون فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت ؟ قال (عليه السلام): إن كان ذهبا فلا وإن كان ماء الذهب فلا بأس. عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ربما قمت أصلي وبين يدي وسادة فيها تماثيل طائر، فجعلت عليها ثوبا. وقد أهديت إلي طنفسة من الشام (2) فيها تماثيل طير فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر. وقال: إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: دخل قوم على أبي جعفر (عليه السلام) وهو على بساط فيه تماثيل، فسألوه ؟ فقال: أردت أن أهبه. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس أن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة. عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تماثيل الشجر والشمس والقمر ؟ قال: لا بأس به، ما لم يكن فيه شئ من الحيوان. عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ” (3) ما التماثيل الذي كانوا يعملون ؟ قال: أما والله ما هي التماثيل التي تشبه الناس ولكن تماثيل الشجر ونحوه. عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنما نبسط عندنا الوسائل فيها


(1) العلية – بالكسر وقد تضم -: الغرفة. وأهب – كعمد -: جمع إهاب – كعماد -: الجلد ما لم يدبغ. وعطنة: المنتنة، والقرظ – بالتحريك -: ورق السلم يدبغ به الاديم. (2) الطنفسة: البساط الذي له خمل رقيق. وأيضا: القالي. وقيل: والذي يجعل على ظهر الدابة. (3) سورة سبأ: آية 12.

[ 133 ]

التماثيل ونفرشها، قال: لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ، إنما نكره منها ما نصب على الحائط والسرير. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن عقيل بن عبد الرحمن الخولاني قال: كانت عمتي تحت عقيل بن أبي طالب فدخلت على علي (عليه السلام) بالكوفة وهو جالس على برذعة حمار مبتلة (1) قالت: فدخلت على علي (عليه السلام) امرأة له من بني تميم، فقلت لها: ويحك إن بيتك ممتلئ متاعا وأمير المؤمنين (عليه السلام) جالس على برذعة حمار مبتلة، فقالت: لا تلوميني فوالله ما يرى شيئا ينكره إلا أخذه فطرحه في بيت المال. عن شريك بن عبد الله، عن شيخ، عن أمه قالت: رأيت خبز علي (عليه السلام) تحت فراشه أو في فراشه.


(1) بتله بتلا من باب قتل: قطعه وأبانه. وبتل وتبتل: انقطع. والمبتلة على بناء المفعول: القطعة.

[ 134 ]

الباب السابع (في الاكل والشرب وما يتعلق بهما وهو ثلاثة عشر فصلا) الفصل الاول (في فضل اطعام الطعام واصطناع المعروف وصوم التطوع) من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الله سبحانه تعالى: ” وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين ” (1) وقد مدح الله عزوجل [ في ذلك ] صاحب القليل فقال في كتابه [ العزيز ]: ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ” (2). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما آمن بالله من شبع وأخوه جائع. ولا آمن بالله من اكتسى وأخوه عريان، ثم قرأ ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة “. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة. وسمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم. فقال (عليه السلام): كذبت، إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقرى الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح. عن الصادق (عليه السلام) قال: المنجيات ثلاث: إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام. وعنه (عليه السلام) قال: لو أن رجلا أنفق على طعام ألف درهم وأكل منه مؤمن واحد لم يعد سرفا.


(1) سورة سبأ: آية 38. (2) سورة الحشر: آية 9.

[ 135 ]

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليسكت. و [ كان ] يقول: لا تلزم ضيفك بما يشق عليه. روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أول ما يبدأ به في الاخرة صدقة الماء يعني في الاجر. عن الباقر (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يحب إيراد الكبد الحراء ومن سقى كبدا حراء من بهيمة وغيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. عن الصادق (عليه السلام) قال: من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان كمن أحيا نفسا. ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ” (1). وعنه (عليه السلام) قال: من أحب الاعمال إلى الله عزوجل إشباع جوعة المؤمن وتنفيس كربته وقضاء دينه. عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقير شيعتنا. ومن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزور قبور صلحاء إخواننا. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الصدقة بعشرة. والقرض بثمانية عشر. وصلة الاخوان بعشرين. وصلة الرحم بأربعة وعشرين. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله تعالى يقول: ما من شئ إلا وقد تكفلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني اتلقفها بيدي تلقفا (2) حتى أن الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله، فيلقاني يوم القيامة وهو مثل أحد وأعظم من أحد. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل يحب الاطعام في الله ويحب الذي يطعم الطعام في الله. والبركة في بيته أسرع من الشفرة (3) في سنام البعير.


(1) سورة المائدة: آية 35. (2) التلقف: التناول بسرعة: والفلو – بضم اللام وتشديد الواو – الجحش والمهر يفصل عن أمه. (3) الشفرة – بفتح فسكون -: المدية وهي السكين العظيمة العريضة. وأيضا: حد السيف.

[ 136 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أول من يدخل الجنة المعروف وأهله وأول من يرد علي الحوض. عن الصادق (عليه السلام) قال: أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وعنه (عليه السلام) قال: رأيت المعروف كاسمه. وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه وذلك هو الذي يراد منه. وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه. وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه. ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه. وعنه (عليه السلام) قال: رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال: تصغيره وستره وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته وهنأته. وإن كان غير ذلك محقته ونكدته. وعنه (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه خير. وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير. وعنه (عليه السلام) قال: خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم. وعنه (عليه السلام) قال: شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما محق الاسلام ماحق مثل الشح، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): صدقة رغيف خير من نسك مهزول (1). عن الباقر (عليه السلام) قال: البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ميتة السوء.


(1) النسك: الذبيحة وما يقدم لله تعبدا.

[ 137 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن صاحبها سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: اتبعو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر. عن الصادق (عليه السلام) قال: ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت إلا أحوجه الله عزوجل إلى السؤال قبل أن يموت ويثبت له بها في النار. وعنه (عليه السلام) قال: قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسول الله علمني شيئا إذا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني أهل الارض ؟ قال: ارغب فيما عند الله يحببك الله وازهد فيما عند الناس يحببك الناس. قال الباقر (عليه السلام): لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا. ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه فتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق (1) وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع واغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه. عن الصادق (عليه السلام) قال: من فطر صائما فله أجر مثله. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره طاويا (2) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثوب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك. عن الرضا (عليه السلام) قال: تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.


(1) المرق – بالتحريك -: ماء اللحم إذا طبخ فصار دسما. واغرفوا أي أخذوا بالمغرفة. (2) طاويا: جائعا. ورجل طيان: لم يأكل شيئا.

[ 138 ]

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لاصحابه: ألا أخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح تقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به. والصائم فرحتان: حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك. عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم حتى يقال: لا يفطر. ويفطر حتى يقال: لا يصوم. ثم صام يوما وأفطر يوما، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل ذلك إلى صيام ثلاثة أيام من الشهر: الخميس في أول الشهر، والاربعاء في وسط الشهر، والخميس في آخر الشهر. وكان يقول: ذلك صوم الدهر. وعنه (عليه السلام) قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا. ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والايمان بالله. وإن جهل عليه أحد فليتحمل. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: صيام شهر الصبر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. إن الله عزوجل يقول: ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ” (1). سئل الصادق (عليه السلام) عمن لم يصم الثلاثة في كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء ؟ قال: مد من طعام في كل يوم. عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك بسبعين ضعفا أو تسعين ضعفا.


(1) سورة الانعام: آية 161.

[ 139 ]

وعنه (عليه السلام) قال: من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب [ الله ] له صوم سنة. وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أفطر يقول: ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت “. الفصل الثاني (في آداب غسل اليد وغيرها) من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد أن يكثر خيره فليتوضأ عند حضور طعامه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصحح البصر. عن الصادق (عليه السلام): من غسل يده قبل الطعام وبعده بورك له في أوله وآخره وعاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده. وقال (عليه السلام): اجعلوا في أسنانكم السعد فإنه يطيب الفم [ ويزيد في الجماع ]. (1) وعنه (عليه السلام) قال: من غسل يده قبل الطعام فلا يمسحها بالمنديل، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دام النداوة في اليد. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا أكل أحدكم فلا يمسحن بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يبدأ أولا رب المنزل بغسل يده ومن عن يمينه، فإذا فرغ من الطعام يبدأ [ بمن عن يساره ] بغير صاحب المنزل، لانه أولى بالصبر على الغمر (2) ويتمندل بعد ذلك. وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يغسل يده من الغمر، ثم يمسح بها وجهه ورأسه قبل أن يمسحها بالمنديل، ثم يقول: ” اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة “.


(1) السعد – بالضم -: طيب معروف. (2) الغمر – بالتحريك -: زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه.

[ 140 ]

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر كما ينفي الكبر خبث الحديد وعاش ما عاش في سعة وأن الملائكة تصلي على من يلعق أصابعه في آخر الطعام. و [ روي ] عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يكره عند الطعام رفع الطست حتى يمتلئ ويهراق ويقول: من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام وبعده، فإنه من غسل يده عند الطعام وبعده عاش ما عاش في وعوفي من بلوى في جسده. وعنه (عليه السلام) قال: إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد. عن صفوان الجمال قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه، ثم قال: منه غسلنا. وعنه (عليه السلام) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر ويزيد في الرزق. من كتاب تهذيب الاحكام، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده يذيبان الفقر. عن يونس قال: لما تغذى عندي أبو الحسن (عليه السلام) وجئ بالطست بدأ الخادم به وكان في صدر المجلس، فقال: ابدأ بمن عن يمينك. فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست، فقال أبو الحسن (عليه السلام) دعها. وعن نزار قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) إذا توضأ قبل الطعام لم يمس المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مس المنديل. وفي كتاب مواليد الصادقين عليهما السلام، كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فرغ من غسل اليد بعد الطعام مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، ثم يقول: ” الحمد لله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء صالح أولانا “. الفصل الثالث (في آداب الاكل وما يتعلق به) من طب الائمة، روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: اذكروا الله عزوجل عند الطعام ولا تلغوا فيه: فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها


[ 141 ]

شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها. وقال (عليه السلام): إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد. وليأكل على الارض. ولا يضع إحدى رجليه على الاخرى ولا يتربع، فإنها جلسة يبغضها الله عزوجل ويمقت صاحبها. عن الصادق (عليه السلام) قال: أطيلوا الجلوس على الموائد، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم. من كتاب من لا يحضره الفقيه، عن الصادق، عن آبائه، عن الحسن بن علي عليهم السلام قال: في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها: أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب، فأما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر. وأما السنة فالوضوء قبل الطعام والجلوس على الجانب الايسر والاكل بثلاث أصابع ولعق الاصابع (1). وأما التأديب فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس. وعن عمرو بن قيس قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) بالمدينة وبين يديه خوان (2) وهو يأكل. فقلت له: ما حد هذا الخوان ؟ فقال: إذا وضعته فسم الله. وإذا رفعته فاحمد الله. وقم ما حول الخوان (3)، فهذا حده. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من وجد كسرة أو تمرة (4) فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له. عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما سقط من المائدة مهور الحور العين. عن محمد بن الوليد قال: أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني (عليه السلام) حتى إذا


(1) لعق الاصابع: لحسها. (2) الخوان – بالكسر والضم -: الذي يؤكل عليه، وهو معرب، ويقال له: السفرة أيضا. (3) قم الرجل كاقتمه: أكل ما على الخوان. وفي بعض النسخ (واقتم). (4) الكسرة – بالكسر -: القطعة من الشئ المكسور.

[ 142 ]

فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (1)، فقال له: ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة وما كان في البيت فتتبعه والتقطه. عن الصادق (عليه السلام) أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي افتح بالملح واختتم به، فإنه شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن. عن ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث لقمات بالملح قبل الطعام وثلاث بعد الطعام تصرف بهن عن ابن آدم اثنين وسبعين نوعا من البلاء، منها الجنون والجذام والبرص. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): إبدؤا بالملح في أول الطعام، فلو علم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب (2). عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنا نبدأ بالملح ونختم بالخل. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نعم الادام الخل، ما افتقر بيت فيه الخل. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك، فإذا قال العبد: ” بسم الله ” قالت الملائكة للشيطان: اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا: ” الحمد لله ” قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل: ” بسم الله ” قالت الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي إذا أكلت فقل: ” بسم الله ” وإذا فرغت فقل: ” الحمد لله “، فإن حافظيك لا يستريحان من أن يكتبا لك الحسنات حتى تنبذه عنك. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ضمنت لمن سمى على طعامه أن لا يشتكى منه.


(1) الفتات – بالضم -: ما تفتت من الشئ المفتوت أي المكسور بالاصابع كسرا صغيرة. (2) الترياق (معرب على زنة فعيال بالكسر): ما يستعمل لدفع السم من الادوية والمعاجين.

[ 143 ]

فقال ابن الكوا (1): يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني، فقال: أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع (2). وروي عن الصادق (عليه السلام): أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل: ” بسم الله على أوله وآخره “. عن الصادق (عليه السلام) قال: ما اتخمت قط (3) وذلك لاني لم أبدأ بطعام إلا قلت: ” بسم الله “، ولم أفرغ منه إلا قلت: ” الحمد لله “. وقال (عليه السلام): إن البطن إذا شبع طغا. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابنه الحسن (عليه السلام): يا بني لا تطعمن لقمة من حار ولا برد ولا تشربن شربة ولا جرعة إلا وأنت تقول قبل أن تأكله وقبل أن تشربه: ” اللهم إني أسألك في أكلي وشربي السلامة من وعكه (4) والقوة به على طاعتك وذكرك وشكرك فيما بقيته في بدني وأن تشجعني بقوته على عبادتك وأن تلهمني حسن التحرز من معصيتك ” فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه وغائلته (5). وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضعت المائدة بين يديه قال: ” اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة “. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضع يده في الطعام قال: ” بسم الله، اللهم بارك لنا فيما رزقنا وعليك خلفه “. وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا طعم قال: ” الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم “. عن الباقر (عليه السلام) قال: كان سلمان إذا رفع يده من الطعام يقول: ” اللهم أكثرت وأطيبت فزد، وأشبعت وأرويت فهنئه “.


(1) هو عبد الله بن الكوا، خارجي ملعون، وهو الذي قرأ خلف علي (عليه السلام) جهرا: ” ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين “. (2) اللكع كصرد: العبد، الاحمق، اللئيم. وأكثر ما يستعمل في النداء ويراد به الذم. (3) يقال: تخم فلان، كضرب: ثقل عليه الاكل. والتخمة: حالة تعرض للانسان من كثرة الاكل. (4) الوعك، المرض واشتداده. وفي بعض النسخ ” وعكة ” وكلاهما مصدر. (5) الوعث: المشقة. وأصله المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشق عليه.

[ 144 ]

عن الصادق (عليه السلام) إنه أكل فقال: ” الحمد لله الذي أطعمنا في جائعين وسقانا في ظمآنين وكسانا في عارين [ وهدانا في ضالين وحملنا في راجلين وآوانا في ضاحين (1) وأخدمنا في عانين ] وفضلنا على كثير من العالمين “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا رفعت المائدة فقل: ” الحمد لله رب العالمين، اللهم اجعلها نعمة مشكورة “. ومن كتاب النجاة، الدعاء عند الطعام ” الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ويجير ولا يجار عليه ويستغني ويفتقر إليه. اللهم لك الحمد على ما رزقتني من طعام وإدام في يسر وعافية من غير كد مني ولا مشقة. بسم الله خير الاسماء رب الارض والسماء. [ بسم الله الذي لا يضر مع اسمه سم ولا داء ]. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ وهو السميع العليم. اللهم اسعدني في مطعمي هذا بخيره وأعذني من شره وانفعني بنفعه وسلمني من ضره “. والدعاء عند الفراغ منه ” الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني، وسقاني فأرواني، وصانني وحماني. الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن بما أصبته وتركته منه. اللهم اجعله هنيئا مريئا لا وبيا ولا دويا، وأبقني بعده سويا قائما بشكرك محافظا على طاعتك، وارزقني رزقا دارا وأعشني عيشا قارا واجعلني ناسكا بارا واجعل ما يتلقاني في المعاد مبهجا سارا برحمتك يا أرحم الراحمين “. من كتاب البصائر، عن محمد بن جعفر بن العاصم، عن أبيه، عن جده قال: حججت ومعي جماعة من أصحابنا فأتيت المدينة فقصدنا مكانا ننزله فاستقبلنا غلام لابي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) على حمار له أخضر يتبعه الطعام. فنزلنا بين النخل وجاء هو فنزل. وأتي بالطست والماء فبدأ وغسل يديه وأدير الطست عن يمينه حتى بلغ آخرنا. ثم أعيد من يساره حتى أتي على آخرنا. ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، ثم ثنى بالخل. ثم أتي بكتف مشوي، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم أتي بالخل والزيت، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحمن، فإن هذا طعام كان يعجب فاطمة


(1) الضاحي من كل شئ: البارز الظاهر الذي لا يستر حائط ولا غيره. (*)

[ 145 ]

(عليها السلام). ثم أتي بالسكباج (1)، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم أتي بلحم مقلو فيه باذنجان، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي عليهما السلام. ثم أتي بلبن حامض قد ثرد، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي عليهما السلام. ثم أتي بأضلاع باردة فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فإن هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين (عليهما السلام). ثم أتي بجبن مبزر (2)، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليهما السلام. ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة (3)، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب أبي جعفر (عليه السلام). ثم أتي بحلواء، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام يعجبني. ورفعت المائدة فذهب أحدنا ليلتقط ما كان تحتها فقال: مه إنما ذلك في المنازل تحت السقوف، فأما في مثل هذا الموضع فهو لعافية الطير والبهائم (4). ثم أتي بالخلال، فقال: من حق الخلال أن تدير لسانك في فمك فما أجابك تبتلعه وما امتنع تحركه بالخلال، ثم تخرجه فتلفظه. وأتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل، ثم غسل من على يمينه حتى أتي على آخرهم. ثم قال: يا عاصم كيف أنتم في التواصل والتبار ؟ فقال: على أفضل ما كان عليه أحد. فقال: أيأتي أحدكم منزل أخيه عند الضيقة فلا يجده فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته فلا ينكر عليه ؟ قال: لا. قال: لستم على أفضل ما كان أحد عليه من التواصل. (والضيقة: الفقر). من طب الائمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك.


(1) السكباج – بالكسر -: مرق يعمل من اللحم والخل. (2) الجبن: ما جمد من اللبن، والمبزر: المطيب بالبزور. (3) التور – بفتح فسكون، معرب -: إناء صغير يشرب فيه، والعجة – بضم فتشديد -: طعام يعمل من بيض ودقيق وسمن أو زيت. (4) العافية والعافي: الوارد، وكل طالب فضل أو رزق. (مكارم الاخلاق – 10)

[ 146 ]

عن عمر بن أبي شعبة قال: ما رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يأكل متكئا، ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما أكل متكئا حتى مات. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كل ما يسقط من الخوان، فإنه شفاء من كل داء لمن أراد أن يستشفي به. من كتاب الفردوس، عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل ما يسقط من المائدة عاش ما عاش في سعة من رزقه وعوفي في ولده وولد ولده من الجذام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): النفخ في الطعام يذهب بالبركة. ورأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا أيوب الانصاري يلتقط نثارة المائدة (1)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بورك لك وبورك عليك وبورك فيك. فقال أبو أيوب: يا رسول الله ولغيري ؟ قال: نعم، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك. أو قال: من فعل ذلك وقاه الله الجنون والجذام والبرص والماء الاصفر (2) والحمق. وروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن: طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحرز بها دينه. عن علي (عليه السلام) قال: أقروا الحار حتى يبرد ويمكن، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرب إليه طعام حار فقال: أقروه حتى يبرد ويمكن، ما كان الله ليطعمنا النار. والبركة في البارد، والحار غير ذي بركة. وقال (عليه السلام): من لعق قصعة صلت عليه الملائكة ودعت له بالسعة في الرزق وتكتب له حسنات مضاعفة. وقال (عليه السلام): من أكل الطعام على النقاء وأجاد الطعام تمضغا وترك الطعام وهو يشتهيه ولم يجس الغائط إذا أتى لم يمرض إلا مرض الموت. عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتي بفاكهة حديثة قبلها ووضعها على عينه ويقول: ” اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية “.


(1) النثارة – بالضم -: ما يتناثر من الشئ أي ما يتساقط متفرقة منه. (2) وهو الماء الذي يجتمع في البطن ويعتريه داء الاستسقاء.

[ 147 ]

وعنه (عليه السلام) قال: لا ينبغي للشيخ الكبير أن ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام، فإنه أهدأ لنومه وأطيب لنكهته. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عجبا لمن يحتمي من الطعام مخافة من الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة من النار. من كتاب تهذيب الاحكام، عن الصادق (عليه السلام): إذا دعي أحدكم إلى الطعام فلا يستتبعن ولده، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا. عنه (عليه السلام) قال: الاكل على الشبع يورث البرص. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أطولكم جشاءا (1) أطولكم جوعا يوم القيامة. عنه (عليه السلام) قال: إذا حضرت المائدة وسمى رجل من القوم أجزأ عنهم أجمعين. عنه (عليه السلام) قال: إذا وضع الخوان فقل: بسم الله “، فإذا أكلت فقل: ” بسم الله على أوله وآخره “، فإذا رفع فقل: ” الحمد لله “. عنه (عليه السلام) قال: إذا اختلفت الانية فسم عند كل إناء. قلت: فإن نسيت ؟ قال: تقول: ” بسم الله على أوله وآخره “. عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا أكلت فاستلق على قفاك وضع رجلك اليمنى على اليسرى. وقال الصادق (عليه السلام): كثرة الاكل مكروهة. عنه (عليه السلام) قال: من أكل طعاما لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: توقوا الذنوب فما من بلية أشد وأفظع منها. ولا يحرم الرزق إلا بذنب حتى الخدش والنكبة والمصيبة (2)، قال الله عز وجل: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ” (3). أكثروا


(1) الجشاء – كغراب -: صورت مع ريح يخرج من الفم عند الشبع. (2) الخدش: تفرق اتصال في الظفر أو الجلد ونحو ذلك وإن لم يخرج الدم. والنكبة: الجرحة بحجر أو شوكة. (3) سورة الشورى: آية 29.

[ 148 ]

ذكر الله على الطعام ولا تطغوا، فإنها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها. من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل. إياكم والتفريط فتقع الحسرة حين لا ينتفع بالحسرة. إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام وأكثروا ذكر الله عزوجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله وتستوجبوا غضبه. من أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله منه عند ارتكاب الذنوب، فإن كانت منزلة الله عنده عظيمة تمنعه منها فكذلك منزلته عند الله. من كتاب تهذيب الاحكام، عن مروك بن عبيد مرفوعا، عن الصادق (عليه السلام) قال: قلت له: الرجل يمر على قراح الزرع (1) فيأخذ منه السنبلة. قال: لا. قلت: أي شئ سنبلة ؟ قال: لو كان كل من يمر به يأخذ منه سنبلة لا يبقى منه شئ. من مجموع في الاداب لمولاي أبي طول الله عمره، روى عن الفضل بن يونس قال: إني في منزلي يوما فدخل علي الخادم فقال: إن بالباب رجلا يكنى أبا الحسن يسمى موسى بن جعفر عليهما السلام، فقلت: يا غلام إن كان الذي أتوهم فأنت خر لوجه الله. قال: فبادرت إليه فإذا أنا به (عليه السلام)، فقلت: انزل يا سيدي. فنزل ودخل المجلس. فذهبت لارفعه في صدر البيت، فقال لي: يا فضل صاحب المنزل أحق بصدر البيت إلا أن يكون في القوم رجل [ يكون ] من بني هاشم. فقلت: فأنت إذا جعلت فداك، ثم قلت: جعلني الله فداك إنه قد حضر طعام لاصحابنا [ فإن رأيت أن تحضر إلينا فذاك إليك ]. فقال يا فضل إن الناس يقولون: إن هذا طعام الفجأة وهم يكرهونه، أما إني لا أرى به بأسا. فأمرت الغلام فأتى بالطست فدنا منه فقال: ” الحمد لله الذي جعل لكل شئ حدا “. فقلت: جعلت فداك فما حد هذا ؟ فقال: أن يبدأ رب البيت لكي ينشط الاضياف، فإذا وضع الطست سمى وإذا رفع حمد الله. ثم أتى بالمائدة، فقلت: ما حد هذا ؟ قال: أن يسمى إذا وضع ويحمد الله إذا رفع. ثم أتى بالخلال، فقلت: ما حد هذا ؟ قال: أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة. فأتى


(1) القراح: المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر.

[ 149 ]

فإناء الشراب، فقلت: فما حده ؟ قال: أن لا تشرب من موضع العروة ولامن موضع كسر إن كان به، فإنه مجلس الشيطان، فإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله. وليكن صاحب البيت يا فضل إذا فرغ من الطعام وتوضأ القوم آخر من يتوضأ. ثم قال: إن أمير المؤمنين أمرك لبني فلان بعشرة آلاف درهم فأنا أحب أن تنفذها إليهم. فقلت: جعلت فداك إن خرج عني لم يعد إلي درهم أبدا. فقال: اخرج إليهم فلا يصل إليهم أو يعود إليك إن شاء الله. قال: فلا والله ما وصلت إليهم حتى عادت إلى العشرة آلاف [ تمام الخبر ]. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الاكل في السوق دناءة. سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: لعلكم تفترقون عن طعامكم، فاجتمعوا عليه واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه. عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه. ولا يتناول مما بين يدي جليسه. ولا يأكل من ذروة القصعة، فإن من أعلاها تأتي البركة. ولا يرفع يده وإن شبع، فإنه إذا فعل ذلك خجل جليسه وعسى أن يكون له في الطعام حاجة. عن أنس قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خوان ولا في سكرجة (1) ولا من خبز مرقق. فقيل لانس: على ماذا كانوا يأكلون ؟ قال: على السفرة. ومن كتاب روضة الواعظين روي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبي جحيفة (2) قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أتجشأ فقال: يا أبا جحيفة أخفض جشاءك، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: نور الحكمة الجوع. والتباعد من الله الشبع. والقربة إلى الله حب المساكين والدنو منهم.


(1) السكرجة – كقنفذة -: الصفحة التي يوضع فيها الاكل. (2) بتقديم الجيم على الحاء مصغرا، هو وهب بن عبد الله من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) بل من خواصه.

[ 150 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم. ومن بات يصلي في خفة من الطعام باتت الحور العين حوله. وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أكثر ما يدخل النار ؟ ! قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الاجوفان البطن والفرج. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات وفي الارض. وما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه. ومن أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من الله، فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به. الفصل الرابع (في آداب الشرب وما يتصل به) من كتاب من لا يحضره الفقيه قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون. عن الصادق (عليه السلام) قال: لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة ولا الاكل فيهما. عن الباقر (عليه السلام) قال: لا تأكل في آنية الذهب والفضة. عن أبي عبد الله قال: إنه كره الشرب في الفضة والقدح المفضض. وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك. فمن لم يجد بدأ من الشرب في الفضة والقدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة. وروي أنه استسقى ماءا فاتي بقدح من صفر فيه ماء. فقال له بعض جلسائه: إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر (1). قال (عليه السلام): فاسأله ذهب أم فضة.


(1) الصفر – بالضم – النحاس الاصفر. (*)

[ 151 ]

سئل عن الصادق (عليه السلام) عن الشرب بنفس واحد ؟ فقال: إذا كان الذي يناول الماء مملوكا لك فاشرب بثلاثة أنفاس. وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد. وبرواية اخرى – وهي الاصح – عنه قال: ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من الشرب بنفس واحد. وكان يكره أن يشبه بالهيم وهي الابل (1). (الدعاء المروي عند شرب الماء) ” الحمد لله منزل الماء من السماء، مصرف الامر كيف يشاء، بسم الله خير الاسماء “. عن الصادق (عليه السلام) قال: أتى أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة، فقالوا له: زعمت أن لكل شئ حدا ينتهي إليه ؟ فقال لهم أبي: نعم. قال: فدعا بماء ليشربوا، فقالوا: يا أبا جعفر هذا الكوز من الشئ ؟ قال: نعم، قالوا: فما حده ؟ قال: حده أن تشرب من شفته الوسطى وتذكر الله عليه وتتنفس ثلاثا، كلما تنفست حمدت الله ولا تشرب من أذن الكوز، فإنه مشرب الشيطان، ثم تقول: ” الحمد لله الذي سقاني ماءا عذبا ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبي “، وبرواية مثله بزيادة ” الحمد لله الذي سقاني فأرواني وأعطاني فأرضاني وعافاني وكفاني. اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسعده بمرافقته برحمتك يا أرحم الراحمين “. عن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتنفس في الاناء ثلاثة أنفاس، يسمي عند كل نفس ويشكر الله في آخرهن. عن أنس، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن الشرب قائما، قيل له: فالاكل ؟ قال: هو أشر. وفي رواية عنه، أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) شرب قائما. وقيل للصادق (عليه السلام): ما طعم الماء ؟ فقال (عليه السلام): طعم الحياة. وقال (عليه السلام): إذا شرب أحدكم فليشرب في ثلاثة أنفاس يحمد الله في كل منها: الاول شكر للشربة، والثاني مطردة للشيطان، والثالث شفاء لما في جوفه عن ابن عباس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم شرب الماء فتنفس مرتين. عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه سئل عن حد الاناء ؟ فقال: حده أن


(1) الهيم: الابل العطاش.

[ 152 ]

لا تشرب من موضع كسر إن كان به، فإنه مجلس الشيطان. وإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله. وعن عمرو بن قيس قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وبين يديه كوز موضوع، فقلت له: ما حد هذا الكوز ؟ فقال: اشرب مما يلي شفته وسم الله عز وجل، وإذا رفعته من فيك فاحمد الله، وإياك وموضع العروة أن تشرب منها، فإنه مقعد الشيطان، فهذا حده. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الاخر شفاء وإنه يغمس بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله ثم لينزعه. الفصل الخامس (في آداب الخلال) من كتاب من لا يحضره الفقيه، عن وهب بن عبد ربه قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يتخلل، فنظرت إليه، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتخلل وهو طيب الفم. وفي خبر آخر إن من حق الضيف إن يعد له الخلال. وقال (عليه السلام): ما أدرت عليه لسانك فأخرجته فابلعه. وما أخرجته بالخلال فارم به. عن الفضل بن يونس أن سأل الكاظم (عليه السلام) عن حد الخلال ؟ قال: أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة. عن الصادق (عليه السلام) قال: الكحل يطيب الفم، والخلال يزيد في الرزق. من كتاب الفردوس، عن سعد بن معاذ قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنقوا أفواهكم بالخلال، فإنها مسكن الملكين الحافظين الكاتبين وإن مدادهما الريق وقلمهما اللسان، وليس شئ أشد عليهما من فضل الطعام في الفم. من روضة الواعظين، عن علي (عليه السلام) قال: التخلل بالطرفاء (1) يورث الفقر. من كتاب طب الائمة، عن الرضا (عليه السلام) قال: لا تخللوا بعود الرمان ولا بقضيب


(1) الطرفاء: إسم شجر.

[ 153 ]

الريحان، فإنهما يحركان عرق الجذام. قال: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتخلل بكل ما أصاب إلا الخوص والقصب (1). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء والطعام. روي عن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: ينادي مناد من السماء: ” اللهم بارك في الخلالين والمتخللين “. والخل بمنزلة الرجل الصالح يدعو لاهل البيت بالبركة. قلت له: جعلت فداك ما الخلالون وما المتخللون ؟ قال: الذين في بيوتهم الخل والذين يتخللون. وقال (عليه السلام): الخلال نزل به جبريل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع اليمين والشاهد من السماء. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تخللوا على أثر الطعام، فإنه مصحة للفم والنواجذ ويجلب الرزق على العبد. من صحيفة الرضا قال الرضا، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: حدثني أبي أن الحسين بن علي عليهما السلام قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمرنا إذا تخللنا أن لا نشرب الماء حتى نتمضمض ثلاثا. وروي عن محمد بن الحسن الداري يرفع الحديث أنه قال: من تخلل بالقصب لم تقض له حاجة سبعة أيام. عن الصادق (عليه السلام) قال: لا تخللوا بالقصب، فإن كان ولا محالة فلتنزع الليطة (2). نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتخلل بالرمان والقصب وقال: هما يحركان عرق الاكلة. عن الكاظم (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تخللوا، فإنه ليس شئ أبغض إلى الملائكة من أن يروا في أسنان العبد طعاما. عن أنس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حبذا المتخلل من أمتي. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج. ومن اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن فلا فلا حرج. من أكل فما تخلل فلا يأكل، وما لاث بلسانه فليبلع.


(1) الخوص، بالضم: ورق النخل. والقصب، بالتحريك: كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا. (2) الليطة، بالكسر: قشر القصبة التي تليط بها أي تلزق بها.

[ 154 ]

وقد انتخب من كتاب طب الائمة فصولا تليق الباب وألحقها بهذا الموضع على ترتيب الكتاب كما يأتي ذكره. الفصل السادس (في ما جاء في الخبز) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أكرموا الخبز، فإن الله عزوجل أنزله من بركات السماء وأخرجه من بركات الارض. قيل: وما إكرامه ؟ قال: لا يقطع ولا يوطأ. وعنه (عليه السلام) قال: أكرموا الخبز، فإن الله عزوجل أنزله من بركات السماء. قيل: وما إكرامه ؟ قال: إذا حضر لم ينتظر به غيره. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” اللهم بارك لنا في الخبز ولا تفرق بيننا وبينه ” فلولا الخبز ما صلينا ولا صمنا ولا أدينا فرض الله. عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: أكرموا الخبز، فإنه عمل فيه ما بين العرش والارض وما بينهما. وعنه (عليه السلام) قال: بني الجسد على الخبز. (في خبز الشعير) عن الصادق (عليه السلام) قال: كان قوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشعير، وحلواه التمر، وإدامه الزيت. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: فضل خبز الشعير على البر كفضلنا على الناس. ما من نبي إلا وقد دعا لاكل الشعير وبارك عليه. وما دخل جوفا إلا وأخرج كل داء فيه. وهو قوت الانبياء عليهم السلام وطعام الابرار، أبى الله أن يجعل قوت الانبياء للاشقياء. عن الصادق (عليه السلام) قال: لو علم الله في شئ شفاء أكثر من الشعير ما جعله غذاء الانبياء عليهم السلام. (في خبز الارز) عنه (عليه السلام) قال: ما دخل جوف المسلول مثله، إنه يسل الداء سلا (1). وقال


(1) السل – بالفتح -: إنتزاع الشئ وإخراجه في رفق.

[ 155 ]

(عليه السلام): نعم الدواء الارز، بارد، صحيح، سليم من كل داء. عن الرضا، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سيد طعام الدنيا والاخرة اللحم والارز. عن ابن أبي نافع وغيره يرفعونه، قال: من من شئ أنفع ولا أبقى في الجوف من غدوة إلى الليل إلا خبز الارز. (في خبز الجاورس) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أما إنه ليس فيه ثقل وهو باللبن ألين وأنفع في المعدة. الفصل السابع (في منافع المياه) عن الصادق (عليه السلام) قال: سيد شراب أهل الجنة الماء. عن أبي طيفور المتطبب قال: دخلت على أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، فهيته عن شرب الماء، فقال: وأي بأس بالماء ؟ وهو يذيب الطعام في المعدة ويذهب بالصفراء ويسكن الغضب ويزيد في اللب ويطفئ الحرارة. وعن ياسر الخادم قال: قال الرضا (عليه السلام): لا بأس بكثرة شرب الماء على الطعام ثم قال: أرأيت لو أن رجلا يأكل مثل ذا طعاما – وجمع يديه كلتيهما ولم يجمعهما ولم يفرقهما – ثم لم يشرب عليه الماء لم يكن يتسق (1) بطنه ؟ ! (في ماء زمزم) عن الصادق (عليه السلام) قال: ماء زمزم شفاء من كل داء. وعنه (عليه السلام) قال: ماء زمزم شفاء لما شرب له. وروي في حديث آخر: ماء زمزم شفاء من كل داء، وأمان من كل خوف.


(1) اتسق الشئ: استوى وانتظم. وأيضا امتلاء وفي بعض النسخ ” ينتسق “. وانتسق الشئ: انتظم.

[ 156 ]

(في ماء الميزاب) عن صارم (1) قال: اشتكى رجل من أصحابنا حتى سقط للموت. فلقيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: يا صارم ما فعل فلان ؟ قلت: تركته للموت، جعلت فداك، أما إني لو كنت في مكانك لسقيته ماء الميزاب، فطلبناه عند كل أحد فلم نجده، فبينا نحن كذلك إذا ارتفعت سحابة، فأرعدت وأبرقت فأمطرت، فجئت إلى بعض من في المسجد، فأعطيته درهما وأخذت منه قدحا من ماء الميزاب، فجئته به، فأسقيته له فلم نبرح من عنده حتى شرب سويقا وبرئ. (في ماء السماء) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اشربوا ماء السماء، فإنه طهور للبدن ويدفع الاسقام قال الله تبارك وتعالى: ” وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام (2). (في ماء الفرات) عن خالد بن جرير قال: قال أبو عبد الله: لو أني عندكم لاتيت الفرات كل يوم فاغتسلت، وأكلت من رمان سوري في كل يوم رمانة (3). (في ماء نيل مصر) قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): ماء نيل مصر يميت القلب ولا تغسلوا رؤسكم من طينها، فإنه يورث الزمانة. (في الماء البارد) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صبوا على المحموم الماء البارد، فإنه يطفئ حرها. عن الصادق (عليه السلام) قال: الماء البارد يطفئ الحرارة ويسكن الصفراء ويذيب الطعام في المعدة، ويذهب بالحمى.


(1) هو صارم بن علوان الجوخي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام). (2) سورة الانفال: آية 11. (3) سورى – كطوبى -: موضع بالعراق من أرض بابل، وموضع من أعمال بغداد.

[ 157 ]

من صحيفة الرضا (عليه السلام)، عنه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال في قول الله تبارك وتعالى: ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ” (1) قال: الرطب والماء البارد. (في الماء المغلي) عنه (عليه السلام) قال: الماء المغلي ينفع من كل شئ ولا يضر من شئ. وعنه (عليه السلام) قال: إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاثة أكف ماءا حارا، فإنه يزيد في بهاء الوجه ويذهب بالالم من البدن. عن الرضا (عليه السلام) قال: الماء المسخن إذا غليته سبع غليات وقلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمى، وينزل القوة في الساقين والقدمين. (في النهي عن إكثار شرب الماء) عن الصادق (عليه السلام) قال: إياك والاكثار من شرب الماء، فإنه مادة كل داء. وقال (عليه السلام): لو أنهم أقلوا من شرب الماء لا ستقامت أبدانهم. قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل دسما أقل من شرب الماء، فقيل له: يا رسول الله إنك لتقل من شرب الماء ؟ فقال: إنه أمرأ للطعام. (في شرب الماء من قيام) قال الباقر (عليه السلام): شرب الماء من قيام أمرأ وأصح. عن الصادق (عليه السلام) قال: شرب الماء [ من قيام ] بالنهار يمرئ الطعام. وشرب الماء [ من قيام ] بالليل يورث الماء الاصفر. ومن شرب الماء بالليل وقال ثلاث مرات: ” يا ماء عليك السلام “، من ماء زمزم وماء الفرات لم يضره الماء بالليل. (في النهي عن العب) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا، فإنه يأخذ منه الكباد (2). عن علي (عليه السلام): نهى عن العبة الواحدة في الشرب، قال: ثلاثة أو اثنتين.


(1) سورة التكاثر: آية 8. (2) العب: شرب الماء بلا تنفس وغير مص. والمص: شرب الماء مع جذب نفس. والكباد بالضم -: وجع الكبد. وفي بعض النسخ (فإنه يورث الكباد).

[ 158 ]

الفصل الثامن (في اللحوم وما يتعلق بها) من صحيفة الرضا (عليه السلام)، عنه، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) – وقد ذكر عنده اللحم والشحم -: ليس منه بضعة تقع في المعدة إلا أنبتت في مكانها شفاءا وأخرجت من مكانها داء. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا طبخت شيئا من لحم فأكثر المرقة، فإنها أحد اللحمين واغرفه للجيران، فإن لم يصيبوا من اللحم يصيبوا من المرق. عن علي (عليه السلام) قال: اللحم سيد الطعام في الدنيا والاخرة. عن زرارة قال: تغذيت مع أبي جعفر (عليه السلام) أربعة عشر يوما بلحم في شعبان. عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نحن معاشر الانبياء قوم لحميون. عن أديم (1) قال: قلت للصادق (عليه السلام): بلغني أن الله عزوجل يبغض القلب اللحم ؟ قال: ذلك البيت الذي يؤكل بالغيبة فيه لحوم الناس. وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحميا يحب اللحم. ومن ترك اللحم أربعين يوما ساء خلقه. ومن ساء خلقه فأطعموه اللحم. ومن أكل من شحمه قطعة أخرجت مثلها من الداء. قال الصادق (عليه السلام): أحسن اللحموم لحم الظهر. (في اللحم باللبن) عن الصادق (عليه السلام) قال: من أصابه ضعف في قلبه أو في بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن عقبة بن علقمة قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وإذا بين يديه لبن حامض قد أذاني حموضته، وكسرة يابسة، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين أتأكل مثل هذا ؟ قال لي: يا أبا الجنود إني أدركت رسول الله


(1) هو أديم بن الحر الخثعمي أو الجعفي، الكوفي، الحذاء، كان من أصحاب الصادق (عليه السلام)، ثقة وله أصل.

[ 159 ]

(صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل أيبس من هذا ويلبس أخشن من هذا. وإن لم آخذ بما أخد به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خفت أن لا ألحق به. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إن نبيا من الانبياء شكا إلى الله عزوجل الضعف في أمته، فأمرهم أن يأكلوا اللحم باللبن، ففعلوا فاستبانت القوة في أنفسهم. (في الشحم) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: اللحم ينبت اللحم. ومن أدخل جوفه لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء. عن الصادق (عليه السلام) قال: في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” من أكل لقمة شحم أنزلت مثلها من الداء “، قال: شحمة البقر. وعنه (عليه السلام): سميت اليهود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الذراع. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب الذراع ويكره الورك (1). وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أتى عليه أربعون يوما لم يأكل لحما فليستقرض على الله تعالى وليأكله. وعنه (عليه السلام) أنه قيل له: إن الناس يقولون: من لم يأكل اللحم ثلاثة أيام ساء خلقه، قال (عليه السلام): كذبوا، من لم يأكله أربعون يوما ساء خلقه. (في لحم الضأن) عن سعد بن سعد قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): إن أهل بيتي لا يأكلون لحم الضأن، قال: ولم ؟ قلت: يقولون: إنه يهيج المرة الصفراء والصداع والاوجاع، قال: يا سعد لو علم الله شيئا أفضل من الضأن لفدى به إسماعيل (عليه السلام). (في لحم البقر) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لحم البقر داء. وأسمانها شفاء. وألبانها دواء. عنه (عليه السلام) – وذكر لحم البقر عنده – قال: ألبانها دواء. وشحومها شفاء. ولحومها داء.


(1) الورك: ما فوق الفخذ، كالكتف فوق العضد.

[ 160 ]

عنه (عليه السلام) قال في مرق لحم البقر يذهب بالبياض (1). عنه (عليه السلام)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن بني إسرائيل شكوا إلى موسى (عليه السلام) ما يلقون من البرص. وشكا ذلك إلى الله عزوجل، فأوحى الله تعالى إليه: مرهم فليأكلوا لحم البقر بالسلق. عن الصادق (عليه السلام) قال: في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل: الفرث والدم والنخاع والطحال والغدد والقضيب والانثيان والرحم والحياء (2) والادواج. وقال: عشرة من الميتة ذكية: القرن والحافر والعظم والسن والانفحة (3) واللبن والشعر والصوف والريش والبيض. من الفردوس، عن معاذ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عليكم بأكل لحوم الابل فإنه لا يأكل لحومها إلا كل مؤمن مخالف لليهود [ أعداء الله ]. (في لحم الجزر) عن إبراهيم السمان قال: من تمام الاسلام حب لحم الجزر (4). (في لحم القديد) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة تهدم البدن وربما قتلن: أكل القديد الغاب ودخول الحمام على الدوام. ونكاح العجائز. وزاد فيه أبو إسحاق، الغشيان على الامتلاء (5). (في لحم الدجاج) عن جابر بن عبد الله قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الاغنياء بإتخاذ الغنم والفقراء بإتخاذ الدجاج (6).


(1) البياض: داء يحدث في الجسم قشرا أبيض. (2) الحياء – بالمد -: الفرج. (3) الانفحة – بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الفاء، كرش الحمل أو الجدي مادام رضيعا ولم يطعم غير اللبن وهي شئ يستخرج من بطنه فيعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن. (4) الجزر – بالتحريك -: كل شئ مباح للذبح. والشاة السمينة واحدته. (5) القديد: اللحم المقدد، أي المقطوع. وقدد اللحم: جعله قطعا وجففه. والغاب: اللحم المنتن. (6) الدجاج – بتثليث الدال -: طائر معروف.

[ 161 ]

(في لحم القبج) عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: أطعموا المحموم لحم القبج، فإنه يقوي الساقين ويطرد الحمى طردا (1). (في لحم القطا) عن علي بن مهزيار قال: تغذيت مع أبي جعفر (عليه السلام) فاتي بقطا، فقال: إنه مبارك. وكان يعجبه. وكان يقول: اطعموا الصاحب اليرقان، يشوي له (2). (في لحم الحباري) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: لا أرى بأكل لحم الحبارى (3) بأسا، لانه جيد للبواسير ووجع الظهر وهو مما يعين على الجماع. (في لحم الدراج) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من اشتكى فؤاده وكثر غمه فليأكل لحم الدراج (4). عن أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا وجد أحدكم غما أو كربا لا يدري ما سببه فليأكل لحم الدراج، فإنه يسكن عنه إن شاء الله. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من سره أن يقل غيظه فليأكل لحم الدراج. (في السمك) عن الصادق (عليه السلام) قال: أكل لحم الحيتان يورث السل. عنه (عليه السلام) قال: أكل سمك الطري يذيب الجسد.


(1) القبج – بفتح فسكون وقيل بالتحريك -: الحجل، أو طائر يشبه الحجل. (2) القطا: ضرب من الحمام، ذوات أطواق يشبه القمري، واحدته القطاة. (3) الحبارى – بضم الحاء وفتح الراء: طائر معروف أكبر من الدجاج كبير العنق، برأسه وبطنه حبرة. (4) الدراج – بالضم فالتشديد -: طائر شبيه بالحجل وأكبر منه، قصير المنقار ولونه مشوب بسواد وبياض. (مكارم الاخلاق – 11)

[ 162 ]

عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل السمك قال: ” اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا خيرا منه “. عن الحميري (1) قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أشكو إليه: أن بي دما صفراء فإذا احتجمت هاجت الصفراء وإذا أخرت الحجامة أضر بي الدم، فما ترى في ذلك ؟ فكتب (عليه السلام) إلي: احتجم وكل على أثر الحجامة سمكا طريا. فأعدت عليه المسألة، فكتب إلي: احتجم وكل على أثر الحجامة سمكا طريا بماء وملح، فاستعملت ذلك، فكنت في عافية وصار ذلك غذائي. (في الاسقنقور) عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) سألته عن الاسقنقور يدخل في دواء الباءة، له مخاليب وذنب، أيجوز أن يشرب ؟ فقال: إن كان له قشور فلا بأس (2). (في الجراد) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) كان يقول. الجراد ذكي والحيتان. وما مات في البحر فهو ميتة. عنه (عليه السلام) أيضا قال: الحيتان والجراد ذكي كله. (رقية الجراد) روي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: تفرقوا وكبروا، ففعلوا ذلك، فذهب الجراد. (في البيض) عن علي بن محمد بن اشيم قال: شكوت إلى الرضا (عليه السلام) قلة استمرائي الطعام ؟ فقال: كل مح البيض، قال: ففعلت، فانتفعت به (3)


(1) هو أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري، شيخ القميين ووجههم، ثقة من أصحاب أبي محمد العسكري (عليه السلام)، صاحب قرب الاسناد. قدم الكوفة وسمع أهلها منه فأكثروا وصنف كتبا كثيرا. (2) الاسقنقور – بكسر الهمزة وفتح القاف -: نوع من الزحافات ذو حياتين يكون في البلاد الحارة، قصير الذنب، أكبر من العطاءة وأضخم، ويوجد كثيرا منه على شواطئ نهر النيل بمصر. (3) استمرأ الطعام: استطيبه ووجده أوعده مريئا أي هنيئا وساغ من غير غصص. والمح – بضم فتشديد -: صفرة البيض وخالص كل شئ.

[ 163 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عدم الولد فليأكل البيض وليكثر منه. عن علي (عليه السلام) قال: إن نبيا من الانبياء شكا إلى ربه قلة النسل في أمته ؟ فأمر الله عزوجل أن يأمرهم بأكل الخبز بالبيض. (في الهريسة) قال الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شكا إلى ربه وجع ظهره ؟ فأمره أن يأكل اللحم بالبر يعني الهريسة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نزل علي جبريل (عليه السلام)، فأمرني بأكل الهريسة، لاشد ظهري وأقوي بها على عبادة ربي. (في المثلثة) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أغنى عن الموت شئ لاغنت المثلثة. قيل: يا رسول الله وما المثلثة ؟ قال: الحسو باللبن (1). وقال الصادق (عليه السلام) للوليد بن صبيح: أي شئ تطعم عيالك في الشتاء ؟ قال: قلت: اللحم، قال: إن لم يكن اللحم ؟ قال: قلت: السمن، قال: ما يمنعك من الكواكب ؟ فإنه أقوى في الجسد كله يعني المثلثة وهي قفيز أرز وقفيز حمص وقفيز باقالاء أو غيره يدق جميعا ويطبخ ويتحسى به كل غداة (2). (في الرؤوس) عن علي بن سليمان قال: أكلنا عند الرضا (عليه السلام) رؤوسا، فدعا بالسويق، فقلت: إني قد امتلات، فقال: إن قليل السويق يهضم الرؤوس وهو دواؤه (3). عن الصادق (عليه السلام): الرأس موضع الذكاة وهو أقرب من المرعى وأبعد من الاذى.


(1) الحسو – بالفتح على زنة مفعول -: طعام يعمل من الدقيق والماء أو اللبن. (2) يتحسى: يتجرع ويشرب شيئا بعد شئ. (3) السويق: دقيق منضوج يعمل من الحنطة أو الشعير.

[ 164 ]

(في الكباب) عن يونس بن بكر، قال الرضا (عليه السلام): ما لي أراك مصفارا ؟ قال: قلت: وعك أصابني، قال: كل اللحم، فأكلته، ثم رآني بعد جمعة على حالي مصفارا، قال: ألم آمرك بأكل اللحم ؟ قلت: ما أكلت غيره منذ أمرتني، فقال: كيف أكلته ؟ قلت: طبيخا، قال: كله كبابا، ثم أرسل إلي بعد جمعة، فإذا الدم قد عاد في وجهي، فقال لي: نعم. (فيما يحل من الطير والبيض) عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): ما يؤكل من الطير ؟ فقال: كل ما دف ولا تأكل ما صف (1). قال: قلت: البيض في الاجام ؟ قال: ما استوى طرفاه فلا تأكله. وما اختلفت طرفاه فكله. قلت: فطير الماء ؟ قال: ما كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فلا تأكل. وفي حديث آخر أنه قال: إن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل. وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لا يؤكل. ويؤكل من صيد الماء ما كانت له قانصة وصيصية. ولا يؤكل ما ليست له قانصة ولا صيصية (2). (في الثريد) قال الصادق (عليه السلام): عليكم بالثريد، فإني لم أجد شيئا أرفق منه. عن غياث بن إبراهيم يرفعه، قال: لا تأكلوا رأس قصعة الثريد وكلوا من حولها، فإن البركة في رأسها.


(1) دف الطائر: حرك جناحيه في طيرانه نقيض صف الطائر أي بسط جناحيه في الطيران ولم يحركهما. والاجام: جمع أجمة كقصبة وقيل: هي جمع الجمع. وهي الشجر الكثير الملتف. (2) القانصة للطير كالمعدة للانسان. الصيصية والصيصية: الشوكة التي في رجل الطائر في موضع العقب.

[ 165 ]

الفصل التاسع (في الحلاوي) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا وضعت الحلواء فأصيبوا منها ولا تردوها. (في العسل) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعجبه العسل. وقال (عليه السلام): عليكم بالشفائين، من العسل والقرآن. وعنه (عليه السلام) قال: لعق العسل شفاء من كل داء. قال الله عزوجل: ” يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ” (1). عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: من تغير عليه ماء ظهره ينفع له اللبن الحليب بالعسل. وفي رواية: اللبن الحليب. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما استشفى الناس بمثل لعق العسل. من الفردوس، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرب العسل في كل شهر مرة يريد ما جاء به القرآن عوفي من سبع وسبعين داء. وعنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد الحفظ فليأكل العسل. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم الشراب العسل، يرعى القلب ويذهب برد الصدر. من صحيفة الرضا (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم: قراءة القرآن والعسل واللبان (2). وباسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن يكن في شئ شفاء ففي شرطة الحجام أو شربة عسل. وروى البرقي (3) عن بعض أصحابنا قال: دفعت إلي امرأة غزلا وقالت لي:


(1) سورة النحل: آية 71. واللعق: اللحس. (2) اللبان – بالضم -: الكندر. (3) هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، صاحب كتاب المحاسن، أصله كوفي، ثقة في نفسه، إلا أنه يروي عن الضعفاء، توفي سنة 274.

[ 166 ]

ادفعه بمكة ليخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم، فلما صرت إلى المدينة دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، إن امرأة دفعت إلي غزلا، وحكيت له ما قالت، فقال: إشتر به عسلا وزعفرانا وخذ من طين قبر الحسين (عليه السلام) واعجنه بماء السماء واجعل فيه شيئا من عسل وفرقه على الشيعة ليداووا به مرضاهم. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: العسل شفاء من كل داء ولا داء فيه، يقل البلغم ويجلو القلب. عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله عزوجل جعل البركة في العسل. وفيه شفاء من الاوجاع وقد بارك عليه سبعون نبيا. من الفردوس: عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خمس يذهبن بالنسيان ويزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم: السواك والصيام وقراءة القرآن والعسل واللبان. (في طين قبر الحسين (عليه السلام)) عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء وإن أخذ على رأس ميل. وعنه (عليه السلام) قال: طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء، فإذا أخذته فقل: ” بسم الله اللهم اجعله رزقا واسعا وعلما نافعا وشفاءا من كل داء إنك على كل شئ قدير “. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن طين قبر الحسين (عليه السلام) مسكة مباركة، من أكله من شيعتنا كانت له شفاء من كل داء. ومن أكله من عدونا ذاب كما يذوب الالية، فإذا أكلت من طين قبر الحسين (عليه السلام) فقل: ” اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها وبحق النبي الذي خزنها وبحق الوصي الذي هو فيها أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لى فيه شفاءا من كل داء وعافية من كل بلاء وأمانا من كل خوف برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وسلم “. وتقول أيضا: ” اللهم إني أشهد أن هذه التربة تربة وليك. وأشهد أنها شفاء من كل داء وأمان من كل خوف لمن شئت من خلقك ولي برحمتك. وأشهد أن كل ما قيل فيهم وفيها هو الحق من عندك وصدق المرسلون “.


[ 167 ]

وسئل عنه (عليه السلام) يأخذ إنسان من طين قبر الحسين (عليه السلام) فينتفع به ويأخذه غيره ولا ينتفع به ؟ قال: والله الذي لا إله إلا هو ما أخذه أحد وهو يرى أن الله عز وجل ينفعه به إلا ينفعه. سئل عن أبي عبد الله (عليه السلام) من كيفية تناوله ؟ قال: إذا تناول التربة أحدكم فليأخذ بأطراف أصابعه وقدره مثل الحمصة (1)، فليقبلها وليضعها على عينيه وليمرها على سائر جسده وليقل: ” اللهم بحق هذه التربة وبحق من حل فيها وثوى فيها وبحق جده وأبيه وأمه وأخيه والائمة من ولده وبحق الملائكة الحافين إلا جعلتها شفاءا من كل داء وبراءا من كل آفة وحرزا مما أخاف وأحذر “، ثم استعملها. وعنه (عليه السلام) أنه يقول عند الاكل: ” بسم الله وبالله اللهم رب هذه التربة المباركة الطاهرة ورب النور الذي أنزل فيه، ورب الجسد الذي يسكن فيه رب الملائكة الموكلين اجعله لي شفاءا من داء كذا وكذا “. ويجرع من الماء جرعة خلفه ويقول: ” اللهم اجعله رزقا واسعا وعلما نافعا وشفاءا من كل داء وسقم، إنك على كل شئ قدير “. وعنه (عليه السلام) قال: طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء. وهو الدواء الاكبر. سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن طين الارمني، فيؤخذ للكسير والمبطون، أيحل أخذه ؟ قال: لا بأس به، أما أنه من طين قبر ذي القرنين. وطين قبر الحسين (عليه السلام) خير منه. وعنه (عليه السلام) قال: الطين حرام كلحم الخنزير. ومن أكل الطين فمات لم أصل عليه إلا طين قبر الحسين (عليه السلام)، فمن أكله بغير شهوة لم يكن عليه فيه شئ. (في السكر) عن الصادق (عليه السلام) قال: ليس شئ أحب إلي من السكر. وعنه (عليه السلام) في علة يجدها بعض أصحابه قال: أين هو من المبارك ؟ فقيل له:


(1) الحمصة – واحدة الحمص -: حب معروف. وأراد بها صغرها وقلتها

[ 168 ]

وما المبارك ؟ قال: السكر، قيل: أي السكر ؟ قال: سليمانيكم هذا. وشكا واحد إليه الوجع ؟ فقال: إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين، قال: ففعلت، فبرئت. عن علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: من أخذ سكرتين عند النوم كانت له شفاء من كل داء إلا السام. عنه (عليه السلام) قال: لو أن رجلا عنده ألف درهم فاشترى بها سكر لم يكن مسرفا. عنه (عليه السلام) قال: تأخذ للحمى وزن عشرة دراهم سكرا بماء بارد على الريق. عنه (عليه السلام) قال: ثلاثة لا تضر كثيرا من الناس: العنب الرازقي، وقصب السكر، والتفاح. وعنه (عليه السلام) قال: قصب السكر يفتح السدود ولا داء فيه ولا غائلة (1). (في التمر) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كلوا التمر، فإن فيه شفاء من الادواء. عن محمد بن إسحاق يرفعه، قال: من أكل التمر على شهوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يضره. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العجوة أم التمر وهي التي أنزلها آدم من الجنة. وعنه (عليه السلام) قال: العجوة من الجنة وفيها شفاء من السحر. وعنه (عليه السلام) قال: من أكل في يوم سبع تمرات عجوة على الريق من تمر العالية (2) لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر ولا شيطان. وعنه (عليه السلام) قال: من أكل سبع تمرات عجوة قتلت الديدان في بطنه. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من تصبح بعشر تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سحر ولا سم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بيت لا تمر فيه جياع أهله.


(1) السدود السداود السدة: داء في الانف يمنع تنشم الريح. أو انسداد في العروق أو الامعاء وغيرها. (2) العالية والعوالي: قرى بظاهر المدينة مما يلي نجدا والحجاز وما والاها.

[ 169 ]

عن ابن عباس قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا التمر على الريق، فإنه يقتل الدود. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نزل علي جبريل بالبرني من الجنة (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أطعموا المرأة – في شهرها التي تلد فيه – التمر، فإن ولدها يكون حليما نقيا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالبرني، فإنه يذهب بالاعياء ويدفأ من القر ويشبع من الجوع، وفيه اثنان وسبعون بابا من الشفاء. من صحيفة الرضا (عليه السلام): عنه، عن آبائه عليهم السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل التمر يطرح النوى على ظهر كفه ثم يقذف به. وقال أيضا: من أكل التمر البرني على الريق ذهب عنه الفالج. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أطعموا نساءكم التمر البرني في نفاسهن، تجملوا أولادكم. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصف البرني، قال: فيه تسع خصال: يقوي الظهر، ويخبل الشيطان، ويمرئ الطعام، ويطيب النكهة، ويزيد في السمع والبصر، ويقرب من الله عزوجل، ويباعد من الشيطان، ويزيد في المباضعة ويذهب بالداء. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا وضعت الحلواء فأصيبوا منها ولا تردوها. وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) إني لاحب الرجل التمري. عن الحسين بن علي، عن أبيه عليهما السلام قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبتدئ طعامه إذا كان صائما بالتمر. (في الفالوذج) روي أن الحسين بن علي عليهما السلام رأى رجلا يعيب الفالوذج (2)، فقال (عليه السلام): لعاب البر بلعاب النحل بخالص السمن ما عاب هذا مسلم.


(1) البرني: نوع من أجود التمر. (2) الفالوذج: حلو يعمل من الدقيق والسمن والماء والعسل.

[ 170 ]

الفصل العاشر (في الفواكه) من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه، عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى الفاكهة الجديدة قبلها ووضعها على عينيه وفمه، ثم قال: ” اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية “. عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الفاكهة وبدأ لم يضره. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لما أخرج آدم من الجنة زوده الله تعالى من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شئ، فثماركم من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير. (في الرمان) عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من رمانة إلا وفيها حبة من رمان الجنة، فإذا تبدد منها شئ فخذوه، ما وقعت وما دخلت تلك الحبة معدة امرئ مسلم إلا أنارتها أربعين صباحا. وعنه (عليه السلام) أنه كان يأكل الرمان في كل ليلة جمعة. عنه (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كلوا الرمان بشحمه. فإنه دباغ المعدة (1). وما من حبة استقرت في معدة امرئ مسلم إلا أنارتها ونفت الشيطان والوسوسة عنها أربعين صباحا. وعنه (عليه السلام) [ أنه ] كان إذا أكل الرمان بسط تحته منديلا، فإذا سئل عن ذلك ؟ قال: إن فيه حبات من الجنة، فقيل: يا أمير المؤمنين إن اليهود والنصارى وما سوى ذلك يأكلونه، فقال: إذا أرادوا أكلها بعث الله عزوجل ملكا فينتزعها منها، لئلا يأكلوها. قال الصادق (عليه السلام): خمسة من فاكهة الجنة في الدنيا: الرمان الامليسي والتفاح السفساني – يروى أنه الشامي – والعنب والسفرجل والرطب المشان (2).


(1) دبغ المعدة دباغا: لينها وأزال ما فيها. (2) الامليسي: منسوب إلى الامليس أي الفلاة التي لا نبات فيها. وفي بعض نسخ الحديث (والتفاح اللبناني). والمشان – بالكسر والضم -: نوع من الرطب أو هو من أطيبه

[ 171 ]

وعنه (عليه السلام) أيضا قال: أيما مؤمن أكل رمانة حتى يستوفيها أذهب الله عزوجل الشيطان عن إثارة قلبه مائة يوم. ومن أكل ثلاثة أذهب الله الشيطان عن إثارة قلبه سنة. ومن أذهب الله عزوجل الشيطان عن إثارة قلبه سنة لم يذنب. ومن لم يذنب دخل الجنة. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرمان سيد الفاكهة. ومن أكل رمانة أغضب شيطانه أربعين صباحا. وكان إذا أكله لا يشركه [ فيه ] أحد. عن الصادق، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام أنه كان يقول: من أكل رمانة يوم الجمعة على الريق نورت قلبه أربعين صباحا، فطرد عنه وسوسة الشيطان ومن طرد عنه وسوسة الشيطان لم يعص الله عزوجل. ومن لم يعص الله أدخله الجنة. عن مرجانة مولاة صفية قالت: رأيت عليا (عليه السلام) يأكل رمانا فرأيته يلتقط مما يسقط منه. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من أكل رمانة حتى يستتمها نور الله قلبه أربعين ليلة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خلق آدم والنخلة والعنب والرمانة من طينة واحدة. عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كلوا الرمان فليست منه حبة تقع في المعدة إلا أنارت القلب وأخرست الشيطان. من إملاء الشيخ أبي جعفر الطوسي عليه الرحمة: أطعموا صبيانكم الرمان، فإنه أسرع لالسنتهم. (في السفرجل) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كلوا السفرجل، فإنه يقوي القلب ويشجع الجبان. وفي رواية: كلوا السفرجل، فإن فيه ثلاث خصال، قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال: يجم الفؤاد (1) ويسخي البخيل ويشجع الجبان. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كلوا السفر جل وتهادوه بينكم، فإنه يجلو البصر وينبت


(1) يجم الفؤاد أي يجمعه ويكمل صلاحه ونشاطه. وقيل: يريحه. وفي بعض النسخ ” يجم الوداد “.

[ 172 ]

المودة في القلب. وأطعموه حبالاكم، فإنه يحسن أولادكم، وفي رواية: يحسن أخلاق أولادكم. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: السفرجل قوة القلب وحياة الفؤاد ويشجع الجبان. عن الصادق (عليه السلام) قال: من أكل السفرجل أجرى الله الحكمة على لسانه أربعين صباحا. وقال (عليه السلام): رائحة السفرجل رائحة الانبياء. عن أنس بن مالك قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا السفرجل على الريق. عن الرضا (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سفرجلا، فضرب بيده على سفرجلة فقطعها، وكان يحبه حبا شديدا، فأكل وأطعم من بحضرته من أصحابه، ثم قال: عليكم بالسفرجل، فإنه يجلو القلب ويذهب بطخاء الصدر (1). وعنه (عليه السلام) قال: عليكم بالسفرجل، فإنه يزيد في العقل. قال (عليه السلام): من أكل السفرجل على الريق طاب ماؤه وحسن وجهه. من كتاب الجامع لابي جعفر الاشعري، عنه (عليه السلام) قال: ما بعث الله نبيا قط إلا وفي يده سفرجلة أو بيده سفرجلة. وقال (عليه السلام) أيضا: رائحة الانبياء رائحة السفرجل. ورائحة الحور العين الاس. ورائحة الملائكة الورد. وما بعث الله نبيا إلا أوجد منه ريح السفرجل. عن الباقر (عليه السلام) قال: السفرجل يذهب بهم الحزين. عن الصادق (عليه السلام): أنه نظر إلى غلام جميل، فقال: ينبغي أن يكون أبو هذا أكل سفرجلا ليلة الجماع. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا السفرجل، فإنه يجلو الفؤاد، وما بعث نبيا إلا أطعمه من سفرجل الجنة فيزيد فيه قوة أربعين رجلا. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا السفرجل، فإنه يزيد في الذهن ويذهب بطخاء الصدر ويحسن الولد. وقال: من أكل سفرجلا ثلاثة أيام على الريق صفا ذهنه وامتلاء جوفه حكما وعلما ووقى من كيد إبليس وجنوده.


(1) الطخاء، كسماء: الكرب على القلب، وأصله الظلمة والغيم أي ثقل وغشي وأراد به ذهاب الحزن.

[ 173 ]

(في التفاح) عن سليمان بن درستويه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وبين يديه تفاح أخضر، فقلت: جعلت فداك ما هذا ؟ فقال: يا سليمان وعكت البارحة، فبعث إلي هذا الاكلة أستطفئ به الحرارة ويبرد الجوف ويذهب بالحمى. وفي الحديث: أن التفاح يورث النسيان وذلك لانه يولد في المعدة لزوجة. عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: إنا أهل بيت لا نتداوى إلا بإفاضة الماء البارد للحمى وأكل التفاح. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا التفاح على الريق، فإنه يصوح المعدة. عن الرضا (عليه السلام) قال: التفاح نافع من خصال: من السحر والسم واللم ومما يعرض من الامراض والبلغم العارض وليس من شئ أسرع منفعة منه. عن زياد القندي قال: دخلت المدينة ومعي أخي سيف، فأصاب الناس رعاف شديد، كان الرجل يرعف يومين ويموت، فرجعت إلى منزلي فإذا سيف في الرعاف وهو يرعف رعافا شديدا، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا زياد أطعم سيفا التفاح، فأطعمته فبرئ. (في التين) عن أبي ذر رحمه الله قال: أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طبق عليه تين، فقال لاصحابه: كلوا، فلو قلت: فاكهة نزلت من الجنة لقلت: هذه، لانها فاكهة بلا عجم، فكلوها، فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس (1). وعن الرضا (عليه السلام) قال: التين يذهب بالبخر (2) ويشد العظم ويذهب بالداء حتى لا يحتاج معه إلى دواء. وفي الحديث: من أراد أن يرق قلبه فليدمن من أكل البلس وهو التين.


(1) العجم – بالتحريك -: كل ما كان في جوف مأكول كنوى التمر وغيره. والنقرس – بالكسر – ورم يحدث في مفاصل القدم وإبهامها. (2) البخر – بالتحريك -: الريح المنتن في الفم.

[ 174 ]

عن كعب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا التين الرطب واليابس، فإنه يزيد في الجماع ويقطع البواسير وينفع من النقرس والابردة (1). (في العنب) عن الصادق (عليه السلام) قال: إن نوحا شكا إلى الله الغم، فأوحى الله إليه: كل العنب الاسود، فإنه يذهب بالغم. وعنه (عليه السلام) قال: شكا نبي من الانبياء إلى الله عزوجل الغم، فأوحى الله إليه أن يأكل العنب. وعنه (عليه السلام) قال: شيئان يؤكلان باليدين: العنب والرمان. من الفردوس، عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خير طعامكم الخبز. وخير فاكهتكم العنب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم (عليه السلام). من صحيفة الرضا، عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا العنب حبة حبة فإنه أهنأ وأمرأ. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ربيع امتي العنب والبطيخ. عن علي بن موسى، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه كان يأكل العنب بالخبز. وبهذا الاسناد، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: العنب أدم وفاكهة وطعام وحلواء. وقال الرضا (عليه السلام): كان علي بن الحسين عليهما السلام يعجبه العنب، فأتته جارية له بعنقود عنب فوضعته بين يديه، فجاء سائل، فأمر به فدفع إليه، فوشى غلامه بذلك إلى أم ولد له (2)، فأمرته فاشتراه من السائل، ثم أتته به فوضعته بين يديه، فجاء سائل فسأل، فأمر به فدفع إليه، ففعلت ذلك ثلاثا، فلما كانت الرابعة أكله.


(1) الابردة – بالكسر -: علة معروفة من غلبة الرطوبة وهي برد في الجوف. (2) الوشاية: السعاية.

[ 175 ]

(في الكمثرى) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: الكمثرى يجلو القلب ويسكن أوجاع الجوف بإذن الله تعالى. عن الصادق (عليه السلام) قال: الكمثرى يدبغ المعدة ويقويها هو والسفرجل (1). (في الاجاص) عن زيادة القندي قال. دخلت على الرضا (عليه السلام) ويين يديه تور فيه إجاص أسود في إبانه (2)، فقال: إنه هاجت بي حرارة وأرى الاجاص يطفئ الحرارة ويسكن الصفراء. وأن اليابس يسكن الدم [ ويسكن الداء الدوي ] وهو للداء دواء بإذن الله عزوجل (في الزبيب) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أكل كل يوم على الريق إحدى وعشرين زبيبة حمراء لم يعتل إلا علة الموت. وعن علي (عليه السلام) قال: من أكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء لم يرد في جسده شيئا يكرهه. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: الزبيب يشد القلب ويذهب بالمرض ويطفئ الحرارة ويطيب النفس. من إملاء الشيخ أبي جعفر الطوسي في رواية: يذهب بالغم ويطيب النفس. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عليكم بالزبيب، فإنه يطفئ المرة ويأكل البلغم ويصح الجسم ويحسن الخلق ويشد العصب ويذهب بالوصب (3). (في العناب) عن علي (عليه السلام) قال: العناب يذهب بالحمى.


(1) الكمثرى – بالضم فالتشديد -: والاجاص – بالكسر – والسفرجل: كلها أنواع من جنس واحد. ويدبغ المعدة أي يلينها. (2) التور – بالفتح -: إناء صغير، يشرب منه. وإبانه – بالكسر فالتشديد – أي في حينه أو أوانه. (3) الوصب – بالتحريك -: المرض ونحول الجسم. وأيضا: التعب والفتور في البدن.

[ 176 ]

عن أبي الحصين قال: كانت عيني قد أبيضت ولم أكن أبصر بها شيئا، فرأيت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) في المنام، فقلت: يا سيدي عيني قد آلت إلى ما ترى، فقال: خذ العناب فدقه واكتحل به، فأخذته ودققته بنواه وكحلتها به فانجلت عن عيني الظلمة ونظرت أنا إليها فإذا هي صحيحة. وقال الصادق (عليه السلام): فضل العناب على الفاكهة كفضلنا على الناس. (في الغبيراء) عن صحيفة الرضا، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: حدثني أبي علي بن الحسين عليهما السلام قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو محموم، فأمره أن يأكل الغبيراء (1). عن ابن بكير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في الغبيراء: إن لحمه ينبت اللحم، وعظمه ينبت العظم، وجلده ينبت الجلد، ومع ذلك فإنه يسخن الكليتين ويدبغ المعدة، وهو أمان من البواسير والتقطير ويقوي الساقين ويقمع عرق الجذام بإذن الله تعالى. الفصل الحادي عشر (في البقول) في الحديث: خضروا موائدكم بالبقل، فإنه مطردة للشيطان مع التسمية. وفي رواية: زينوا موائدكم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لكل شئ حلية وحلية الخوان البقل. عن أحمد بن هارون قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) فدعا بالمائدة، فلم يكن عليها بقل، فأمسك يده ثم قال: يا غلام، أما علمت أني لا آكل على مائدة ليس عليها خضراء فائت بها. قال: فذهب وأتى بالبقل، فمد يده فأكل وأكلت معه. (في الدباء) عن الصادق (عليه السلام) قال: الدباء (2) يزيد في الدماغ.


(1) الغبيراء – بالضم فالفتح ممدودا -: ثمرة تشبه العناب، يقال بالفارسية: ” سنجد “. (2) الدباء – بالضم والمد مشدودة وقد تفتح -: القرع، وهو نوع من اليقطين.

[ 177 ]

عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا اليقطين، فلو علم الله أن شجرة أخف من هذه لانبتها على أخي يونس (عليه السلام) إذا اتخذ أحدكم مرقا فليكثر فيه من الدباء، فإنه يزيد في الدماغ وفي العقل. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الدباء بالعدس رق قلبه عند ذكر الله عزوجل وزاد في جماعه. من صحيفة الرضا (عليه السلام)، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا طبختم فأكثروا القرع، فإنه يسر القلب الحزين. عن أنس قال: إن خياطا دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه بطعام قد جعل فيه قرعا بإهالة، قال أنس: فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل القرع يتتبعه من حوالي الصحفة، قال أنس: فما زال يعجبني القرع منذ رأيته يعجبه (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعجبه الدباء ويلتقطه من الصفحة. وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوة فقدموا إليه قرعا، فكان يتتبع أثار القرع ليأكله. (في الهندباء (1)) عن الصادق (عليه السلام) قال: من بات وفي جوفه سبع ورقات هندباء أمن من القولنج في ليلته تلك. وعنه (عليه السلام) قال: من أحب أن يكثر ماله وولده فليكثر من أكل الهندباء، فما من صباح إلا ويقطر عليه قطرة من الجنة، فإذا أكلتموه فلا تنفضوه، وكان أبي ينهانا أن ننفضه. وعنه عليه السلام قال: من أكل من الهندباء كتب من الامنين يومه ذلك وليلته. وعنه عليه السلام قال: الهندباء شفاء من ألف داء. وما من داء في جوف الانسان إلا قمعه الهندباء. عنه (عليه السلام) قال: من أكل سبع ورقات هندباء يوم الجمعة قبل الصلاة دخل الجنة.


(1) الهندباء – بالكسر فالقصر أو المد -: بقل معروف يؤكل، معتدل نافع للمعدة والكبد. (مكارم الاخلاق – 12)

[ 178 ]

عن الرضا (عليه السلام) قال: الهندباء شفاء من ألف داء وما من داء في جوف الانسان إلا قمعه الهندباء. ودعا به يوما لبعض الحشم وقد كان تأخذه الحمى والصداغ، فأمر بأن يدق ويضمد على قرطاس ويصب عليه دهن بنفسج ويوضع على رأسه، وقال: أما إنه يقمع الحمى ويذهب بالصداغ. عن السياري (1) يرفعه، قال: عليك بالهندباء، فإنه يزيد في الماء ويحسن الولد وهو جار لين، يزيد في الولد الذكور. في كتاب الفردوس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أكل الهندباء ونام عليه لم يؤثر فيه سم ولا سحر ولم يقربه شئ من الدواب حية ولا عقرب. عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الهندباء من الجنة. والهندبة تذهب بالسمع والبصر. (في الكراث) عن الباقر عليه السلام قال: إنا لنأكل الثوم والصل والكراث. عن موسى بن بكر قال: اشتكى غلام لابي الحسن (عليه السلام)، فقال: أين هو ؟ فقلنا به طحال (2)، فقال: أطعموه الكراث ثلاثة أيام، فأطعمناه فعقد الدم ثم برئ روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يأكل الكراث بالملح الجريش (3). عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لكل شئ سيد، والكراث سيد البقول. عن الباقر (عليه السلام) قال: في الكراث أربع خصال: يطرد الريح ويطيب النكهة ويقطع البواسير وهو أمان من الجذام لمن أدمن. عن موسى بن بكر قال: أتيت إلى أبي الحسن (عليه السلام)، فقال لي، أراك مصفرا كل الكراث، فأكلته فبرئت. عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فضل الكراث على سائر البقول كفضل الخبز على سائر الاشياء.


(1) هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سيار الكاتب البصري، كان من كتاب آل طاهر في زمن العسكري (عليه السلام) وكان من رجاله. ويعرف بالسياري نسبة إلى جده، وله كتب. (2) الطحال – بالضم -: داء يصيب الطحال، بالكسر. (3) الجريش:، الذي لم ينعم دقه. وملح جريش: لم يطيب.

[ 179 ]

(في الباذروج) (1) عن الصادق (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه الباذروج. عن الصادق، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: ذكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحوك وهو الباذروج، فقال: بقلتي وبقلة الانبياء قبلي، وإني لاحبها وأكلها وإني أنظر إلى شجرتها نابتة في الجنة. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعجبه الحوك. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحوك بقلة الانبياء. أما إن فيه ثمان خصال: يمرئ الطعام ويفتح السدد ويطيب النكهة ويشهي الطعام ويسهل الدم وهو أمان من الجذام وإذا استقرت في جوف الانسان فمع الداء كله، ثم قال: إنه يزين به أهل الجنة موائدهم. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحوك بقلة طيبة كأني أراها نابتة في الجنة والجرجير (2) بقلة خبيثة كأني أراها نابتة في النار. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل من بقلة الباذروج أمر الله عزوجل الملائكة يكتبون له الحسنات حتى يصبح. عن أيوب بن نوح قال: حدثني من حضر أبا الحسن الاول (عليه السلام) معه على المائدة، فدعا بالباذروج وقال: إني أحب أن أستفتح به الطعام، فإنه يفتح السدد ويشهي الطعام ويذهب بالسل. وما أبالي إذا إفتتحت به بما أكلت بعده من الطعام، فإني لا أخاف داء ولا غائلة. قال: فلما فرغنا من الغذاء دعا به، فرأيته يتتبع ورقه من المائدة ويأكله ويناولني ويقول: اختم به طعامك، فإنه يمرئ ما قبله ويشهي ما بعده ويذهب بالثقل ويطيب الجشاء (3) والنكهة.


(1) الباذروج – بفتح الذال المعجمة -: نبت معروف يؤكل، يقوي القلب. والمشهور أنه الريحان الجيلي وهو شبيه بالريحان البستاني إلا أن ورقه أعرض. والحوك – بالفتح -: نبات كالحبق وهو بالتحريك: نبات طيب الرائحة. (2) الجرجير: بقلة معروفة تنبت على الماء وتؤكل. (3) الجشاء – بالضم -: ريح مع الصوت يخرج من الفم عند الشبع. والنكهة: ريح الفم.

[ 180 ]

(في الفرفخ) (1) عن الصادق (عليه السلام) قال: لا ينبت على وجه الارض بقلة أنفع ولا أشرف من الفرفخ وهي بقلة فاطمة عليها السلام. وعنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالفرفخ، فإنه إن كان شئ يزيد في العقل فهي. (في الجرجير) عن الصادق (عليه السلام) قال: من أكل الجرجير بالليل ضرب عليه عرق الجذام من أنفه. وعنه (عليه السلام) قال: أكل الجرجير بالليل يورث البرص. (في الكرفس) عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) في أشياء وصاحبها: كل الكرفس، فإنها بقلة إلياس ويوشع بن نون عليهما السلام (2). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الكرفس بقلة الانبياء. ويذكر أن طعام الخضر وإلياس الكرفس والكمأة (3). وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): العجوة من الجنة، فيها شفاء من السم والكمأة من المن وماءها شفاء للعين. (في السداب) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: السداب جيد لوجع الاذن (4). عن الرضا (عليه السلام) قال: السداب يزيد في العقل غير أنه ينثر ماء الظهر.


(1) الفرفخ: الرجلة وهي بقلة الحمقاء، لانها لا تنبت إلا بالمسيل. (2) الكرفس – بفتحتين -: بقل معروف يؤكل، عظيم المنافع، مدر، محلل للرياح والنفخ، منقي للكلي والكبد والمثانة، مفتح سددها، مقو للباه. (3) الكما والكمأة: نبات أبيض يميل إلى الغبرة مثل الشحم، يوجد في الربيع في الارض وهو أصل مستدير لا ساق له ولا عرق. ويقال أيضا ” شحم الارض “. (4) السداب – بالفتح والمشهور أنه بالذال -: وهو نبات ورقه كالصعتر ورائحته كريهة.

[ 181 ]

في كتاب الفردوس، عن عائشة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أكل السداب ونام عليه نام آمنا من الدبيلة وذات الجنب (1). (في السلق) قال الرضا (عليه السلام): عليكم بالسلق، فإنه ينبت على شاطئ نهر في الفردوس. وفيه شفاء من كل داء وهو يشد العصب ويطفئ حرارة الدم ويغلظ العظام. ولولا أنه تمسه أيد خاطئة لكانت الورقة تستر رجلا، قال رجل: فقلت: جعلت فداك كان أحب البقول إلي، قال: فأحمد الله على معرفتك. روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: أكل السلق يؤمن من الجذام. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله تعالى رفع عن اليهود الجذام بأكلهم السلق ورميهم العروق. وعن الرضا (عليه السلام) قال: أطعموا مرضاكم السلق، فإنه فيه شفاء ولا داء فيه ولا غائلة ويهدأ نوم المريض. وعنه (عليه السلام) قال: السلق يقمع عرق الجذام. وما دخل جوف المبرسم (2) مثل ورق السلق. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: لا تخلون جوفك من الطعام. وأقل من شرب الماء. ولا تجامع إلا من شبق (3). ونعم البقلة السلق. (في الشلجم) عن الصادق (عليه السلام) قال: عليكم بالشلجم فكلوه واغذوه واكتموه إلا عن أهله، فما من أحد إلا وبه عرق الجذام فأذيبوه بأكله (4). (في الفجل) من كتاب الفردوس، عن ابن مسعود قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أكلتم الفجل


(1) الدبيلة – كجهينة -: الطاعون أو خراج ودمل يظهر في الجوف. (2) المبرسم: الذي أصيب بالبرسام – وهو بالكسر – التهاب في الحجاب الذي بين الكبد والقلب. (3) الشبق – بالتحريك -: اشتداد الشهوة وشدة الميل إلى الجماع. (4) الشلجم والسلجم: اللفت وهو نبات معروف يؤكل.

[ 182 ]

وأردتم أن لا يوجد له ريح فاذكروني عند أول قضمة. عن الروضة، عن حنان بن سدير قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) على المائدة فناولني فجلة وقال لي: يا حنان كل الفجلة، فإن فيه ثلاث خصال: ورقه يطرد الرياح ولبه يسهل البول وأصوله تقطع البلغم. من إملاء الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: الفجل أصله يقطع البلغم ويهضم الطعام وورقه يحدر البول. (في الثوم) عن الباقر (عليه السلام) قال: إنا لنأكل الثوم والبصل والكراث. وسئل الصادق (عليه السلام) عن أكل الثوم ؟ قال: لا بأس بأكله بالقدر، ولكن إذا كان كذلك فلا يخرج إلى المسجد. ومن الفردوس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا الثوم وتداووا به، فإن فيه شفاء من سبعين داء. عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي كل الثوم، فلولا أني أناجي الملك لاكلته. وعنه صلوات الله عليه قال: لا يصلح أكل الثوم إلا مطبوخا. (في البصل) عن الباقر (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا دخلتم بلادا فكلوا من بصلها يطرد عنكم وباءها. عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن أكل البصل ؟ فقال: لا بأس به توابلا (1) في القدر. ولا بأس أن تتداوى بالثوم، ولكن إذا أكلت ذلك فلا تخرج إلى المسجد. وعنه (عليه السلام) قال: البصل يذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الماء ويزيد في الخطى ويذهب بالحمى. وعنه (عليه السلام) قال: البصل يطيب الفم ويشد الظهر ويرق البشرة.


(1) التوابل، جمع تابل: أبزار الطعام أي ما يطيب به الاكل كالفلفل وغيره.

[ 183 ]

وقال (عليه السلام): في البصل ثلاث خصال: يطيب النكهة ويشد اللثة ويزيد في الجماع. (في الخس) قال الصادق (عليه السلام): عليك بالخس، فإنه يقطع الدم. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل الخس، فإنه يورث النعاس ويهضم الطعام. (في الباقلى) من الفردوس، عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كان طعام عيسى (عليه السلام) الباقلى حتى رفع. ولم يأكل عيسى (عليه السلام) [ غيره حتى رفع ولم يأكل عيسى (عليه السلام) ] شيئا غيرته النار. من الفردوس قال (عليه السلام): من أكل فولة بقشرها أخرج الله عزوجل منه من الداء مثلها. عن الرضا (عليه السلام) قال: الباقلى يمخخ الساقين ويولد الدم الطري. وقال: كلوا الباقلى بقشره، فإنه يدبغ المعدة. قال الصادق (عليه السلام): كلوا الباقلى، فإنه يمخخ الساقين ويزيد في الدماغ ويولد الدم الطري. وقال (عليه السلام) الباقلى يذهب بالداء ولا داء فيه. (في الباذنجان) قال الصادق (عليه السلام): الباذنجان جيد للمرة السوداء. وقال أبو الحسن الثالث (عليه السلام) لبعض قهارمته (1): استكثر لنا من الباذنجان، فإنه حار في وقت الحرارة وبارد في وقت البرودة، معتدل في الاوقات كلها، جيد على كل حال. وقال الصادق (عليه السلام): عليكم بالباذنجان البوراني فهو شفاء يؤمن من البرص


(1) القهارمة: جمع قهرمان وهو أمين الدخل والخرج أو الوكيل.

[ 184 ]

وكذا المقلي بالزيت. من الفردوس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا الباذنجان، فإنها شجرة رأيتها في جنة المأوي، شهدت لله بالحق ولي بالنبوة ولعلي بالولاية، فمن أكلها على أنها داء كانت داء. ومن أكلها على أنها دواء كانت دواء. عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا الباذنجان وأكثروا منها، فإنها أول شجرة آمنت بالله عزوجل. عن الصادق (عليه السلام) قال: أكثروا من الباذنجان عند جذاذ النخل (1)، فإنه شفاء من كل داء ويزيد في بهاء الوجه ويلين العروق ويزيد في ماء الصلب. عن الصادق (عليه السلام) قال: روي أنه كان بين يدي علي بن الحسين عليهما السلام باذنجان مقلو بالزيت وعينه رمدة وهو يأكل منه، قال الراوي: قلت له: يا ابن رسول الله تأكل من هذا وهو نار ؟ ! فقال: اسكت، إن أبي حدثني، عن جدي قال: الباذنجان من شحمة الارض وهو طيب في كل شئ يقع فيه. (في الجزر) عن داود بن فرقد قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وبين يديه جزر، قال: فناولني جزرة وقال: كل، فقلت: إنه ليس لي طواحن، فقال أما لك جارية قلت: بلى، قال: مرها أن تسلقه لك وكله، فإنه يسخن الكليتين ويقيم الذكر. وقال (عليه السلام): الجزر أمان من القولج والبواسير ويعين على الجماع. (في البطيخ) من الفردوس، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: تفكهوا بالبطيخ، فإن ماءه رحمة وحلاوته من حلاوة الجنة. وفي رواية اخرى أنه اخرج من الجنة، فمن أكل لقمة من البطيخ كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة. عن الكاظم (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل البطيخ بالسكر ويأكله بالرطب.


(1) الجذاذ – بالتثليث -: ما تكسر من الشئ. والظاهر أن يكون جدادا – بالدال -.

[ 185 ]

وقال الصادق (عليه السلام): أكل البطيخ على الريق يورث الفالج. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): البطيخ شحمة الارض لاداء ولا غائلة فيه. وقال (عليه السلام): فيه عشر خصال: طعام وشراب وفاكهة وريحان وأدم وحلواء واشنان (1) وخطمي وبقل ودواء. عن الروضة [ وفي رواية ]، عن الصادق (عليه السلام) قال: كلوا البطيخ، فإن فيه عشر خصال مجتمعة: وهو شحمة الارض لا داء فيه ولا غائلة وهو طعام وشراب وفاكهة وريحان وهو اشنان وأدم ويزيد في الباه ويغسل المثانة ويدر البول. وفي حديث آخر: يذيب الحصى في المثانة. للرضا صلوات الله عليه: أهدت لنا الايام بطيخة * من حلل الارض ودار السلام تجمع أوصافا عظاما وقد * عددتها موصوفة بالنظام كذاك قال المصطفى المجتبى * محمد جدي (عليه السلام) ماء وحلواء وريحانة * فاكهة حرض (2) طعام إدام تنقي المثانة وتصفي الوجوه * تطيب النكهة عشر تمام وعن الرضا (عليه السلام) قال: البطيخ على الريق يورث الفالج. وفي رواية: القولنج. (في القثاء) عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل القثاء بالملح. وقال: إذا أكلتم القثاء فكلوه من أسفله، فإنه أعظم للبركة. (في الشونيز) عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذه الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء إلا السام، قلت: وما السام ؟ فقال: الموت، قلت: وما الحبة السوداء ؟ قال: الشونيز، قلت: وكيف أصنع ؟ قال: تأخذ إحدى وعشرين حبة فتجعلها في خرقة فتنفعها في الماء ليلة، فإذا أصبحت قطرت في المنخر الايمن قطرة وفي الايسر قطرة،


(1) الاشنان – بالضم والكسر -: ما تغسل به الايدي والمراد أنه يغسل البطن. والخطمي – بكسر الخاء وفتحها لغة -: نبات ورقه معروف يغسل به الرأس. (2) الحرض – بالضم -: الاشنان.

[ 186 ]

فإذا كان اليوم الثاني قطرت في الايمن قطرتين وفي الايسر قطرة، فإذا كان اليوم الثالث قطرت في الايمن قطرة وفي الايسر قطرتين تخالف بينهما ثلاثة أيام. قال سعد: وتجدد الحب في كل يوم. عن الصادق (عليه السلام) قال: الحبة السوداء شفاء من كل داء وهي حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقيل له: إن الناس يزعمون أنها الحرمل، قال: لا، هي الشونيز، فلو أتيت أصحابه فقلت: أخرجوا إلي حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأخرجوا إلي الشونيز. عن محمد بن ذريح قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني أجد في بطني وجعا وقراقر ؟ فقال (عليه السلام): ما يمنعك من الشونيز ؟ ففيه شفاء من كل داء. عن المفضل قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام): إني ألق من البول شدة ؟ فقال: خذ من الشونيز في آخر الليل. وعنه (عليه السلام) قال: إن في الشونيز شفاء من كل داء، فأنا آخذه للحمى والصداع والرمد ولوجع البطن ولكل ما يعرض لي من الاوجاع فيشفيني الله عزوجل به. (في الحرمل) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنبت الحرمل شجرة ولا ورقة ولا زهرة إلا وملك موكل بها حتى تصل إلى من تصل إليه أو تصير حطاما، وإن في أصلها وفرعها نشرة (1) وفي حبها شفاء من اثنين وسبعين داء. عن محمد بن الحكم قال: شكا نبي إلى الله عزوجل جبن أمته، فأوحى الله عز وجل إليه: مر أمتك بأكل الحرمل وفي رواية: مرهم فليسفوا الحرمل، فإنه يزيد الرجل شجاعة. سئل الصادق (عليه السلام) عن الحرمل واللبان ؟ فقال (عليه السلام): أما الحرمل فإنه ما تغلغل له عرق في الارض (2) ولا ارتفع له فرع في السماء إلا وكل الله عزوجل به ملكا حتى يصير حطاما أو يصير إلى ما صار إليه، فإن الشيطان ليتنكب سبعين دارا دون الدار التي فيها الحرمل، وهو شفاء من سبعين داء، أهونها الجذام فلا يفوتنكم.


(1) النشرة – بضم فسكون ففتح – في اللغة: هي حرز أو رقية يعالج بها المجنون والمريض، سميت نشرة لانها ينشر بها عنه ما خامره من الداء الذي يكشف ويزال. (2) الغلغل – بالفتح -: عرق الشجر إذا أمعن في الارض. وتغلغل: دخل عرق الشجر في الارض.

[ 187 ]

قال (عليه السلام): وأما اللبان فهو مختار الانبياء عليهم السلام من قبلي، وبه كانت تستعين مريم عليها السلام. وليس دخان يصعد إلى السماء أسرع منه وهي مطردة الشياطين ومدفعة للعاهة فلا يفوتنكم. الفصل الثاني عشر (في الحبوب وما يتبعها) (في الماش) سأل بعض أصحاب الرضا عنه (عليه السلام) عن البهق (1) ؟ قال: فأمرني أن أطبخ الماش وأتحساه وأجعله طعامي، ففعلت أياما، فعوفيت. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: خذ الماش الرطب في أيامه، ودقه مع ورقه واعصر الماء واشربه على الريق واطله على البهق، قال: ففعلت، فعوفيت. (في الحلبة) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالحلبة ولو تعلم أمتي ما لها في الحلبة لتداووا بها ولو بوزنها ذهبا (2). (في النانخواه) روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه دعا بالهاضوم (3) والسعتر والحبة السوداء فكان يستفها إذا أكل البياض وطعاما له غائلة. وكان يجعله مع الملح الجريش ويفتتح به الطعام. ويقول: ما أبالي إذا تغاديته ما أكلت من شئ. ويقول: هو يقوي المعدة ويقطع البلغم وهو أمان من اللقوة (4). (في الحمص) عن الصادق (عليه السلام) أنه ذكر عنده الحمص، فقال: هو جيد لوجع الظهر.


(1) البهق – بالتحريك -: بياض في الجسد لا من برص. أتحساه أي أشربه شيئا بعد شئ. (2) الحلبة – بالضم -: نبت له حب أصفر يؤكل. (3) النانخواه: حبة معروفة. والهاضوم: الذي يقال له: الجوارش وهو نوع يهضم الطعام. (4) اللقوة – بالفتح -: داء يصيب الوجه يميله ويعوجه.

[ 188 ]

(في العدس) عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في مصلاه إذ جاءه عبد الله بن التيهان، فقال له: يا رسول الله إني لاجلس إليك كثيرا وأسمع منك كثيرا فما يرق قلبي ولا تسرع دمعتي، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا ابن التيهان عليك بالعدس وكله، فإنه يرق القلب ويسرع الدمعة ويذهب الكبرياء وهو طعام الابرار وقد بارك فيه سبعون نبيا. من الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): شكا نبي من الانبياء إلى الله عزوجل قساوة قلوب قومه، فأوحى الله عزوجل إليه وهو في مصلاه: أن مر قومك أن يأكلوا العدس، فإنه يرق القلب ويدمع العين ويذهب الكبرياء وهو طعام الابرار. من صحيفة الرضا (عليه السلام) عنه، عن آبائه عليهم السلام أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالعدس، فإنه مبارك مقدس. وإنه يرق القلب ويكثر الدمعة. وإنه قد بارك فيه سبعون نبيا أخرهم عيسى بن مريم عليهما السلام. (في السنا) عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالسنا فتداووا به فلو دفع الموت شئ دفعه السنا. وعنه (عليه السلام) قال: لو علم الناس ما في السنا لقابلوا كل مثقال منه بمثقالين من ذهب، أما، إنه أمان من البهق والبرص والجذام والجنون والفالج واللقوة. ويؤخذ مع الزبيب الاحمر الذي لا نوى له ويجعل معه هليلج كابلي وأصفر وأسود (1) أجزاء سواء، يؤخذ على الريق مقدار ثلاثة دراهم وإذا أويت إلى فراشك مثله. وهو سيد الادوية. (في بزر القطونا) عن الصادق (عليه السلام) قال: من حم فشرب في تلك الليلة وزن درهمين من بزر القطونا أو ثلاثة أمن من البرسام (2) في تلك الليلة.


(1) الهليلج والهليلجة: ثمر ذو أنواع، منه أصفر ومنه أسود ومه كابلي وله نفع. (2) البرسام – بالكسر -: التهاب في الحجاب الذي بين القلب والكبد.

[ 189 ]

الفصل الثالث عشر (في نوادر الاطعمة وغيرها) (في الجبن والجوز) قال الصادق (عليه السلام): الجبن والجوز في كل واحد منهما شفاء، وإذا افترقا كان في كل واحد منهما داء. وعنه (عليه السلام) قال: الجبن يهضم ما قبله ويشهي ما بعده. وعنه (عليه السلام) قال: أكل الجوز في شدة الحر ويهيج القروح في الجسد. وأكله في الشتاء يسخن الكليتين ويدفع البرد. (في الملح) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لعلي (عليه السلام): يا علي إبدأ بالملح واختم بالملح، فإن في الملح شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن. عن الصادق (عليه السلام) قال: من ذر على أول لقمة من طعامه الملح ذهب بنمش الوجه (1). سأل الرضا (عليه السلام) أصحابه: أي الادام أجود ؟ فقال بعضهم: اللحم. وقال بعضهم: السمن. وقال بعضهم: الزيت فقال: لا، هو الملح خرجنا إلى نزهة لنا فنسي الغلام الملح، فما انتفعنا بشئ حتى انصرفنا. من الفردوس، عن عائشة، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الملح قبل كل شئ وبعد كل شئ رفع الله عنه ثلاثمائة وثلاثين نوعا من البلاء، أهونها الجذام. (في الخل) عن أنس قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الخل قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ. وقال: الملح من الماعون والماء والبرمة. ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أم سلمة رضي الله عنها فقدمت إليه كسرا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هل عندكم إدام ؟ فقالت: يا رسول الله ما عندي إلا خل، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم الادام الخل وما افتقر بيت فيه خل.


(1) النمش – بالتحريك -: نقط بيض وسود تقع في الجلد تخالف لونه.

[ 190 ]

عن الصادق (عليه السلام) قال: إنا نبدأ بالخل عندنا كما تبدؤن بالملح عندكم، فإن الخل يشد العقل. وعنه (عليه السلام) قال: نعم الادام الخل، يكسر المرار ويحيي القلب. وعنه (عليه السلام) قال: عليك بخل الخمر، فإنه لا يبقي في جوفك دابة إلا قتلها. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم الادام الخل، اللهم بارك لنا في الخل، فإنه إدام الانبياء قبلي. ومن صحيفة الرضا (عليه السلام) عنه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: كلوا من خل الخمر ما فسد ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم. (في المرى) (1) عن الصادق (عليه السلام) قال: إن يوسف (عليه السلام) لما كان في السجن شكا إلى الله عزوجل من أكل الخبز وحده وسأله ما يتأدم به ؟ وكان يكثر عنده الخبز اليابس، فأمر أن يجعل الخبز اليابس في خابية (2) ويصب عليه الماء والملح فصار مريا فجعل يتأدم به. (في الزيت) من صحيفة الرضا (عليه السلام) عنه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالزيت، فإنه يكشف المرة ويذهب بالبلغم ويشد العصب ويذهب بالاعياء (3) ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب بالغم. وقال (عليه السلام): نعم الطعام الزيت، يطيب النكهة ويذهب بالبلغم ويصفي اللون ويشد العصب ويذهب بالوصب ويطفئ الغضب (4). وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) في وصيته: يا علي كل الزيت وادهن به، فإنه من أكل الزيت وادهن به لم يقربه الشيطان أربعين صباحا.


(1) المرى، كدرى: إدام يؤتدم به كالكامخ. (2) الخابية – وربما تستعمل الخابئة بالهمزة -: الحب والجرة الضخمة. (3) الاعياء: الكل والعجز. ويحتمل أن يكون كما في بعض النسخ ” الاعباء ” جمع العبء أي الثقل. (4) الوصب – بالتحريك -: الوجع.

[ 191 ]

عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة. وقال (عليه السلام): الزيت دهن الابرار وطعام الاخيار. (في السعتر والنانخواه والملح والجوز) عن الصادق (عليه السلام) قال: أربعة أشياء تجلو البصر وتنفع ولا تضر، فقيل له: ما هي ؟ فقال: السعتر والملح والنانخواه والجوز إذا اجتمعن، فقيل له: ولاي شئ تصلح هذه الاربعة إذا اجتمعن ؟ فقال: النانخواه والجوز يحرقان البواسير ويطردان الريح ويحسنان اللون ويخشنان المعدة ويسخنان الكلى. والسعتر والملح يطردان الرياح عن الفؤاد ويفتحان السدد ويحرقان البلغم ويدران الماء ويطيبان النكهة ويلينان المعدة ويذهبان الرياح الخبيثة من الفم ويصلبان الذكر. عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الثفاء (1) دواء لكل داء ولم يداو الورم والضربان بمثله. (الثفاء: النانخواه. ويقال الخردل: ويقال: حب الرشاد). (في السعد) عن إبراهيم بن نظام قال: أخذني اللصوص وجعلوا في فمي الفالوذج الحار (2) حتى نضج، ثم حشوه بالثلج بعد ذلك فتخلخلت أسناني وأضراسي، فرأيت الرضا (عليه السلام) في النوم فشكوت إليه ذلك، فقال: استعمل السعد (3) فإن أسنانك تثبت، فلما حمل إلى خراسان بلغني أنه مار بنا، فاستقبله وسلمت عليه وذكرت له حالي وإني رأيته في المنام وأمرني بإستعمال السعد، فقال: وأنا آمرك به في اليقظة، فاستعملته فقويت أسناني وأضراسي كما كانت. (في الاشنان) عن الباقر (عليه السلام) أنه كان إذا توضأ بالاشنان أدخله فاه فيطاعمه، ثم يرمي به وقال: الاشنان ردئ يبخر الفم ويصفر اللون ويضعف الركبتين وأحبه.


(1) الثفاء – بالضم فالتخفيف أو التثقيل -: حب الرشاد وقيل: الخردل ويؤكل في الاضطرار. (2) الفالوذج: ما تعمل من الدقيق والماء والعسل والسمن. وتخلخلت أي تحركت وتقلقلت. (3) السعد – بالضم -: وسعادى – كحبارى -: طيب معروف وفيه منفعة في إدمال القروح.

[ 192 ]

(في السويق) قال رجل لابي عبد الله (عليه السلام): يولد لنا المولود فيكون فيه الضعف والعلة فقال ما يمنعك من السويق ؟ فإن ينبت اللحم ويشد العظم. من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: بلوا جوف المحموم بالسويق والعسل ثلاث مرات ويحول من إناء إلى إناء ويسقى المحموم، فإنه يذهب بالحمى الحارة. وإنما عمل بالوحي. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من أفضل سحور الصائم السويق بالتمر. وقال الرضا (عليه السلام): السويق إذا غسلته سبع مرات وقلبته من إناء إلى إناء يذهب بالحمى وينزل القوة في الساقين والقدمين. وقال الصادق (عليه السلام): إملؤا جوف المحموم بالسويق، يغسل سبع مرات ثم يسقى. وعنه (عليه السلام) قال: أفضل سحوركم السويق والتمر. وعنه (عليه السلام) قال: اسقوا صبيانكم السويق في صغرهم، فإن ذلك ينبت اللحم ويشد العظم. وقال (عليه السلام): من شرب السويق أربعين يوما أمتلات كعبه قوة. (في سويق الشعير) سأل سيف التمار (1) في مريض له أبا عبد الله (عليه السلام) ؟ فقال له: اسقه سويق الشعير، فإنه يعافي إن شاء الله تعالى، وهو غذاء في جوف المريض. قال: فما سقيته إلا مرة واحدة حتى عوفي. (في سويق الجاورس) عن ابن كثير قال: انطلق بطني، فأمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن آخذ سويق الجاورس بماء الكمون (2)، ففعلت فأمسك بطني وعوفيت.


(1) هو أبو الحسن سيف بن سليمان التمار الكوفي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، ثقة وله كتاب. (2) الكمون – بالفتح فالتشديد -: حب معروف من نبات، منه بستاني ومنه بري.

[ 193 ]

(في سويق التفاح) عن أحمد بن يزيد قال: كان إذا لسع أحدا من أهل الدار حية أو عقرب قال: اسقوه سويق التفاح. وعن ابن بكير (1) قال: رعفت، فسئل أبو عبد الله (عليه السلام) في ذلك ؟ فقال: اسقوه سويق التفاح، فسقيته فانقطع الرعاف. (في سويق العدس) عن الصادق (عليه السلام) قال: سويق العدس يقطع العطش ويقوي المعدة وفيه شفاء من سبعين داء ويطفئ الحرارة ويبرد الجوف. وكان إذا سافر لا يفارقه، وكان إذا هاج الدم بأحد من حشمه يقول: اشربوه من سويق العدس، فإنه يسكن هيجان الدم ويطفئ الحرارة. عن علي بن مهزيار أن جارية له أصابها الحيض فكان لا ينقطع عنها الدم حتى أشرفت على الموت، فأمر أبو جعفر (عليه السلام) أن تسقى سويق العدس، فسقيت فانقطع عنها. (في اللبن) عن الحسن (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا شرب اللبن قال: ” اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه “. [ وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ذاك الاطيبان يعني التمر واللبن ]. وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لما شرب لبنا يتمضمض وقال: إن له لدسما. وفي رواية: قال (عليه السلام): إذا شربتم اللبن فتمضمضوا، فإن له دسما. وعن الصادق (عليه السلام) قال له رجل: إني أكلت لبنا فأضرني، قال: ما ضر شيئا قط، ولكنك أكلت معه غيره فأضر بك الذي أكلته معه فظننت أنه من اللبن. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ألبان البقر دواء. وسئل عن بول البقر. يشربه الرجل ؟ قال (عليه السلام): إن كان محتاجا يتداوى به فلا بأس.


(1) هو أبو علي عبد الله بن بكير بن أعين بن سنس الشيباني من أصحاب الصادق (عليه السلام)، كان من أجلة الفقهاء والعلماء ومن أصحاب الاجماع وكان فطحي المذهب إلا أنه ثقة وله كتاب.

[ 194 ]

عن الجعفري (1) قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: أبوال الابل خير من ألبانها وقد جعل الله الشفاء في ألبانها. عن يحيى بن عبد الله قال: تغذيت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فاتي بسكرجات (2) فأشار بيده نحو واحدة منها وقال: شيراز الاتن (3) اتخذناه لعليل عندنا، فمن شاء فليأكل ومن شاء فليدع. سئل عنه (عليه السلام) عن شرب أبوال الاتن ؟ قال (عليه السلام): لا بأس. (في مضغ اللبان) من الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أطعموا نساءكم الحوامل اللبان، فإنه يزيد في عقل الصبي. وقال الصادق (عليه السلام): ما من بخور يصعد إلى السماء إلا اللبان. وما من أهل بيت يبخر فيه باللبان إلا نفى عنهم عفاريت الجن. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: مضغ اللبان يشد الاضراس وينفي البلغم ويقطع ريح الفم. عن الرضا (عليه السلام) قال: استكثروا من اللبان واستفوه وامضغوه وأحبه ذلك إلي المضغ، فإنه ينزف بلغم المعدة وينظفها ويشد العقل ويمرئ الطعام. عن الرضا (عليه السلام) قال: أطعموا حبالاكم اللبان، فإن يكن في بطنهن غلام خرج ذكي القلب عالما وشجاعا. وإن يكن جارية حسن خلقها وخلقها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجها (4). (في العشاء) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: عشاء الانبياء بعد العتمة فلا تدعوا العشاء، فإن ترك العشاء خراب البدن.


(1) هو أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب البغدادي، ثقة جليل القدر، عظيم المنزلة عند الائمة عليهم السلام وكان من أصحاب الامام الثامن ومن بعده عليهم السلام ويروي عنهم، توفي سنة 261. (2) السكرجة – بضم الثلاثة وتشديد الراء -: إناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل. (3) الشيراز، كدينار: اللبن الرائب المستخرج ماؤه أي لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف. (4) الحظوة – بالضم والكسر -: المكانة والمنزلة عند الناس.

[ 195 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك العشاء ليلة السبت وليلة الاحد متواليتين ذهب عنه ما لا يرجع إليه أربعين يوما. قال أبو الحسن (عليه السلام): لا تدع العشاء ولو بكعكة، فإن فيه قوة الجسد، ولا أعلمه إلا قال: وصلاح للزواج بل للجماع عن الصادق (عليه السلام) قال: لا تدع العشاء ولو بثلاث لقم بملح. وقال (عليه السلام): من ترك العشاء ليلة مات عرق في جسده ولا يحيا أبدا. (في الكمأة) عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين. وقال: عجوة البرني من الجنة وهي شفاء من السم. (في أكل البصل مع البيض وغيره) قال أبو الحسن (عليه السلام): من أكل البيض والبصل والزيت زاد في جماعه. ومن أكل اللحم بالبيض كبر عظم ولده. عن بعض أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) قال له: جعلت فداك إني أشتري الجواري فاحب أن تعلمني شيئا أتقوى عليهن ؟ قال: خذ بصلا وقطعه صغارا صغارا واقله بالزيت وخذ بيضا فافقصه في صحفة (1) وذر عليه شيئا من الملح، فاذرره على البصل والزيت واقله شيئا ثم كل منه، قال: ففعلت، فكنت لا اريد منهن شيئا إلا وقدرت عليه. (في اللحم اليابس والجبن والطلع) عن الصادق (عليه السلام) قال: ثلاث يسمن وهي مما لا يؤكل. وثلاث يهزلن وهي مما يوكل. واثنان ينفعان من كل شئ ولا يضران من شئ. فاللاتي يسمن ولا يؤكلن: استشعار الكتان والطيب والنورة. واللاتي يؤكلن فيهزلن: اللحم اليابس والجبن والطلع. وفي حديث آخر: الجوز. وقيل: الكسب (2). [ وفي حديث آخر: الكنب ]. واللذان ينفعان من كل شئ ولا يضران من شئ: السكر والرمان.


(1) فقص البيضة: كسرها بيده. والصحفة: ما يوضع فيها الاكل. وأيضا: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة. وذر عليه: رش ونثر. (2) الكسب – بالضم فالسكون -: عصارة الدهن. وقيل فضلة دهن السمسم. والكنب ككتف: نبت.

[ 196 ]

الباب الثامن في آداب النكاح وما يتعلق به، عشرة فصول: الفصل الاول (في الرغبة في التزويج وبركة المرأة وشومها) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل الله أن يرزقه نسمة تثقل الارض بلا إله إلا الله. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله من التزويج. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان له ما يتزوج به فلم يتزوج فليس منا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إلتمسوا الرزق بالنكاح. عن الصادق (عليه السلام) قال: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه، لقوله سبحانه وتعالى: ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” (1). وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا شاب تزوج وإياك والزنا، فإنه ينزع الايمان من قلبك. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تزوجوا النساء، فإنهن يأتين بالمال. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تزوجوا، فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة (2) حتى أن السقط ليجئ محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي الجنة قبلي.


(1) سورة النور: آية 32. (2) كاثره: غالبة في الكثرة. واحبنطأ: انفتح جوفه وامتلا غيظا. والمحبنطأ: الممتلئ غيظا.

[ 197 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لركعتان يصليهما متزوج أفضل من صلاة رجل عزب يقول ليله ويصوم نهاره. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أراذل موتاكم العزاب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج، [ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ]. ومن لم يستطع فليدمن الصوم، فإن له وجاء (1). وعن الصادق (عليه السلام) قال: ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما عزب. [ عن أبي الحسن (عليه السلام) قال ]: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال (عليه السلام) له: هل لك من زوجة ؟ قال: لا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا أحب أن لي الدنيا وما فيها وأن أبيت ليلة وليس لي زوجة، ثم قال: إن ركعتين يصليهما رجل متزوج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره. عن الصادق (عليه السلام) قال: العبد كلما ازداد في النساء حبا ازداد في الايمان فضلا. وعنه (عليه السلام) قال: أكثروا الخير بالنساء. وعنه (عليه السلام) قال: تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش. وعنه (عليه السلام) قال: تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات (2). وعنه (عليه السلام) قال: تزوجوا في الحجز (3) الصالح، فإن العرق دساس. وعنه (عليه السلام) قال: من أخلاق الانبياء عليهم السلام حب النساء. وعنه (عليه السلام) قال: ثلاثة أشيام لا يحاسب عليهن المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه. وعنه (عليه السلام) قال: من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله. إن الله عز وجل يقول: ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سره أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة صالحة.


(1) الوجاء – بالكسر -: رض عروق البيضتين حتى تنفضخا من غير إخراج فيكون شبيها بالخصاء لانه يكسر الشهوة (2) المراد بالذواقين والذواقات: الذين يكثرون الزواج والطلاق من الرجال والنساء. (3) الحجز – بالكسر والضم -: العشيرة. العفيف. الطاهر.

[ 198 ]

قال علي بن الحسين عليهما السلام: من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم توجه الله تاج الملك. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من كان موسرا ولم ينكح فليس مني. وروى محمد بن حمران، عن أبيه، عن الصادق (عليه السلام) قال: من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى. وروي أنه يكره التزويج في محاق الشهر (1). قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من بركة المرأة قلة مؤونتها وتيسير ولادتها. ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها. وعنه (عليه السلام) قال: الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابة والمرأة والدار. فأما المرأة فشؤمها غلاء مهرها وعسر ولادتها. وأما الدابة فشؤمها قلة حبلها وسوء خلقها. وأما الدار فشؤمها ضيقها وخبث جيرانها. وروي أن من بركة المرأة قلة مهرها. ومن شؤمها كثرة مهرها. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تزوجوا الرزق، فإن فيهن البركة. وقال (عليه السلام): الشؤم في المرأة والفرس والدار. الفصل الثاني في أصناف النساء وأخلاقهن (في أخلاقهن المحمودة) عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: النساء أربعة أصناف: فمنهن ربيع مربع، ومنهن جامع مجمع، ومنهن كرب مقمع، ومنهن غل قمل. فأما الربيع المربع: فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر. والجامع المجمع: الكثيرة الخير المحصنة. والكرب المقمع: السيئة الخلق مع زوجها. وغل قمل: هي التي عند زوجها كالغل القمل وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيأ أن يحل منه شيئا. وهو مثل للعرب.


(1) المحاق – مثلثة والضم أكثر -: ثلاث ليال من آخر الشهر لا يكاد يرى القمر فيه لخفائه.

[ 199 ]

عن داود الكرخي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، فقال: انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك، فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق. ألا إن النساء خلقن شتى * فمنهن الغنيمة والغرام ومنهن الهلال إذا تجلى * لصاحبه ومنهن الظلام فمن يظفر بصالحتهن يسعد * ومن يغبن فليس له انتظام وهن ثلاث: فأمرأة ولود، ودود، تعين زوجها على دهره وتساعده على دنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه. وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير. وامرأة صخابة (1)، ولاجة، خراجة، همازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تزوج عيناء سمراء عجزاء مربوعة (2)، فإن كرهتها فعلي الصداق. من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه، عنه (عليه السلام) قال: عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهم. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يتزوج امرأة بعث إليها من ينظر إليها، وقال: شم ليتها فإن طاب ليتها طاب عرفها وإن درم كعبها عظم كعثبها (الليت: صفحة العنق. والعرف: الريح الطيبة. ودرم كعبها أي كثير لحم كعبها. يقال: امرأة درماء إذا كانت كثيرة لحم القدم والكعب. والكعثب: الفرج). وقال علي بن الحسين عليهما السلام: خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب: فأولهن صحة البدن. والثانية والثالثة السعة في الرزق والدار. والرابعة الانيس الموافق، فقيل له: وما الانيس الموافق ؟


(1) الصخب والسخب، بالتحريك: شدة الصوت والصيحة للخصام. وفي بعض نسخ الحديث: ” صخابة “. والوجه: كثيرة الولوج أي الدخول والخروج. والهمازة: العيابة والغيابة. (2) العيناء: الحسنة العين والتي عظم سواد عينها في سعة. والسمراء: التي لونها بين السواد والبياض. والعجزاء: التي عظيمة العجيزة. والمربوعة: وسيطة القامة لا طويلة ولا قصيرة.

[ 200 ]

قال: الزوجة الصالحة والولد الصالح والخليط الصالح. والخامسة وهي تجمع هذه الخصال الدعة. وقال (عليه السلام) إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها، فان الشعر أحد الجمالين. وقال (عليه السلام): خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطعام، التي إن أنفقت أنفقت بمعروف وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك من عمال الله وعامل الله لا يخيب [ ولا يندم ]. عن الصادق (عليه السلام) قال: خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أخبركم بخير نسائكم ؟ قالوا بلى. قال: إن خير نسائكم الولود الودود الستيرة (1) العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذل (2) له تبذل الرجل. وقال (عليه السلام): ما استفاد امرؤ فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله. وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموما قالت: ما يهمك، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بشرها بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله ولك في كل يوم أجر سبعين شهيدا. وفي رواية أن الله عزوجل عمالا وهذه من عماله، لها نصف أجر الشهيد. عن الصادق (عليه السلام) قال: الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، هن أجمل من الحور العين. وعنه (عليه السلام) قال: الشجاعة لاهل خراسان، والباءة في أهل البربر، والسخاء والحسد في العرب، فتخيروا لنطفكم.


(1) الستيرة: العفيفة والمستورة. (2) التبذل: ترك الزينة.

[ 201 ]

وعنه (عليه السلام) قال: الحياء عشرة أجزاء: تسعة في النساء وواحد في الرجال، فإذا خفضت (1) المرأة ذهب جزء من حيائها. وإذا تزوجت ذهب جزء. وإذا افترعت (2) ذهب جزء. وإذا ولدت ذهب جزء. وبقي لها خمسة أجزاء، فإن فجرت ذهب حياؤها كله، وإن عفت بقي لها خمسة أجزاء. من كتاب نوادر الحكمة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من أراد الباءة فليتزوج بامرأة قريبة من الارض، بعيدة ما بين المنكبين، سمراء اللون، فإن لم يحظ بها فعلي مهرها. عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة أعانت زوجها على الحج والجهاد أو طلب العلم أعطاها الله من الثواب ما يعطي امرأة أيوب (عليه السلام). عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا. (في أخلاقهن المذمومة) عن الصادق (عليه السلام) قال: أغلب الاعداء للمؤمن زوجة السوء. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما رأيت ضعيفات الدين، ناقصات العقول أسلب لذي لب منكن. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن النساء غي وعورة، فاستروا العورة بالبيوت واستروا الغي بالسكوت. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لولا النساء لعبدالله حقا [ حقا ]. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يظهر في آخر الزمان واقتراب القيامة، وهو شر الازمنة، نسوة متبرجات، كاشفات، عاريات من الدين، داخلات في الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلات للمحرمات، في جهنم خالدات.


(1) خفضت الجارية: ختنها، والخافظة: الخاتنة، ولا يطلق الخفض إلا على الجارية دون الغلام. (2) افترع البكر: أزال بكارتها.

[ 202 ]

من كتاب الرياض قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): شوهاء ولود خير من حسناء عقيم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإني مكاثر بكم الامم حتى بالسقط. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة أدخلت على زوجها في أمر الفقه وكلفته ما لا يطيق لا يقبل الله منها صرفا ولا عدلا إلا أن تتوب وترجع وتطلب منه طاقته. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أن جميع ما في الارض من ذهب وفضة حملته المرأة إلى بيت زوجها ثم ضربت على رأس زوجها يوما من الايام، تقول: من أنت ؟ إنما المال مالي حبط عملها ولو كانت من أعبد الناس إلا أن تتوب وترجع وتعتذر إلى زوجها. وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أيما امرأة منت على زوجها بمالها، فتقول: إنما تأكل أنت من مالي، لو أنها تصدقت بذلك المال في سبيل الله لا يقبل الله منها إلا أن يرضى عنها زوجها. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أيما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدرك الاسفل من النار إلا أن تتوب وترجع. ومر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على نسوة فوقف عليهن، ثم قال: يا معشر النساء ما رأيت نواقص عقول ودين أذهب بعقول ذوي الالباب منكن، إني قد رأيت إنكن أكثر أهل النار يوم القيامة، فتقربن إلى الله ما استطعتن، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله ما نقصان ديننا وعقولنا ؟ فقال: أما نقصان دينكن فبالحيض الذي يصيبكن فتمكث إحداكن ما شاء الله لا تصلي ولا تصوم. وأما نقصان عقولكن فبشهادتكن، فإن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أخبركم بشر نسائكم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله [ أخبرنا ] قال: من شر نسائكم الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورع عن قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها، الحصان معه إذا حضر، التي لا تسمع قوله ولا تطيع أمره، فإذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند ركوبها ولا تقبل له عذرا ولا تغفر له ذنبا.


[ 203 ]

وقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطيبا فقال: أيها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اعلموا أن المرأة السوداء إذا كانت ولودا أحب إلي من الحسناء العاقر. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك، فإن تزوجها لدينها رزقه الله عزوجل مالها وجمالها. وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في دعائه: ” اللهم إني أعوذ بك من ولد يكون علي ربا ومن مال يكون علي ضياعا ومن زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي “. من نوادر الحكمة، عن الحسين بن بشار قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام): أن لي ذا قربة قد خطب إلي وفي خلقه سوء، قال: لا تزوجه إن كان سئ الخلق. من كتاب روضة الواعظين قال الصادق (عليه السلام): شكا رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) نساءه، فقام خطيبا، فقال: معاشر الناس لا تطيعوا النساء على كل حال ولا تأمنوهن على مال ولا تذروهن يدبرن أمر العيال، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك وعدون أمر المالك، فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن ولا صبر لهن عند شهوتهن، البذخ (1) لهن لازم وإن كبرن، والعجب بهن لاحق وإن عجزن، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان (2) ويتمادين بالطغيان ويتصدين (3) للشيطان، فداروهن على كل حال وأحسنوا لهن المقال لعلهن يحسن الفعال.


(1) البذخ – بالتحريك -: الكبر (2) التهافت: التساقط وأكثر استعماله في الشر. (3) تصدى له: تعرض وتقبل عليه بوجهه ورفع رأسه إليه. وأيضا: الاستشراف إلى الشئ النظر إليه.

[ 204 ]

الفصل الثالث (في الاكفاء والنكت في النكاح) عن الحسين بن بشار قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) في رجل خطب إلى ؟ فكتب (عليه السلام): من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه ” إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ” (1). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء. ونظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أولاد علي وجعفر، فقال: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا. عن الصادق (عليه السلام) قال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض. وقال (عليه السلام): الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار. عن الحلبي قال: قال الصادق (عليه السلام): لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا. ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا إلا أن تعرفوا منهما التوبة. وعن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عزوجل: ” الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ” (2) ؟ فقال: هي نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا ومعروفون به والناس اليوم بتلك المنزلة، من أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لا ينبغي لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة. من كتاب تهذيب الاحكام جاء رجل إلى الحسن (عليه السلام) يستشيره في تزويج ابنته ؟ فقال: زوجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. وقال رسول لله (صلى الله عليه وآله وسلم): من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرب الخمر بعدما حرمها الله فليس بأهل أن يزوج إذا خطب. كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر (عليه السلام) في أمر بناته، أنه لا يجد أحدا مثله ؟ فكتب إليه أبو جعفر (عليه السلام): فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنك لا تجد أحدا


(1) سورة الانفال: آية: 74. (2) سورة النور: آية 3.

[ 205 ]

مثلك، فلا تنظر في ذلك يرحمك الله، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه فزوجوه ” إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير “. وروي أنه سأل (عليه السلام) أبا بصير: إذا تزوج أحدكم كيف يصنع ؟ فقال: ما أدري، قال: إذا هم بذلك فليصل ركعتين وليحمد الله عزوجل وليقل: ” اللهم إني أريد أن أتزوج، اللهم فقدر لي من النساء أحسنهن خلقا وخلقا وأعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة، واقض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي “. وخطب أبو طالب لما تزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخديجة بنت خويلد بعد أن خطبها من أبيها – ومن الناس من يقول إلى عمها – فأخذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضور، فقال: ” الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم (عليه السلام) وذرية إسماعيل (عليه السلام) وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا [ يجبى إليه ثمرات كل شئ ] وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه، ثم إن ابن أخي [ هذا ] محمد بن عبد الله بن عبد المطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رحح به ولا يقاس به أحد وإن كان في المال قل، فإن المال رزق حائل وظل زائل وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة. والصداق ما شئتم عاجله وآجله من مالي. وله خطر عظيم وشأن رفيع ولسان شافع جسيم. فزوجه ودخل بها من الغد. ولما تزوج [ أبو جعفر محمد بن علي ] الرضا (عليه السلام) ابنة المأمون خطب لنفسه، فقال: الحمد لله متمم النعم برحمته والهادي إلى شكره بمنه وصلى الله على محمد خير خلقه، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله وجعل تراثه إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عزوجل للمسلمات على المؤمنين من ” إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان “. وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لازواجه وهو اثنتا عشرة اوقية ونش (1) على تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف درهم، زوجتني يا أمير المؤمنين ؟ قال: بلى، قال: قبلت ورضيت “.


(1) الاوقية عندهم أربعون درهما. والنش: النصف من كل شئ.

[ 206 ]

ويستحب أن يخطب بخطبة الرضا (عليه السلام) تبركا بها، لانها جامعة في معناها وهي: ” الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه وافتتح بالحمد كتابه وجعله أول محل نعمته وآخر جزاء أهل طاعته وصلى الله على محمد خير بريته وعلى آله أئمة الرحمة ومعادن الحكمة. والحمد لله الذي كان في نبئه الصادق وكتابه الناطق أن من أحق الاسباب بالصلة وأولى الامور بالتقدمة سببا أوجب نسبا وأمرا أعقب حسبا، فقال جل ثناؤه: ” وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ” (1). وقال: ” وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ” (2). ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة منزلة ولا سنة متبعة لكان فيما جعل الله فيها من بر القريب وتألف البعيد ما رغب فيه العاقل اللبيب وسارع إليه الموافق المصيب، فأولى الناس بالله من اتبع أمره وأنفذ حكمه وأمضى قضاءه ورضي جزاءه، ونحن نسأل الله تعالى أن ينجز لنا ولكم على أوفق الامور. ثم إن فلان بن فلان من قد عرفتم مروته وعقله وصلاحه ونيته وفضله وقد أحب شركتكم وخطب كريمتكم فلانة وبذل لها من الصداق كذا، فشفعوا شافعكم وأنكحوا خاطبكم في يسر غير عسر، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم “. (خطبة محمد التقي (عليه السلام) عند تزويجه بنت المأمون) ” الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا بوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريته وعلى الاصفياء من عترته. أما بعد فقد كان من فضل الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: ” وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم “. ” ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل ابنته عبد الله المأمون وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة عليها السلام بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خمسمائة درهم جيادا، فهل زوجتني يا أمير المؤمنين بها على الصداق المذكور ؟ قال المأمون: نعم، قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل بنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح ؟ قال أبو جعفر


(1) سورة الفرقان: آية 56. (2) سورة النور: آية 32.

[ 207 ]

(عليه السلام): نعم قبلت النكاح ورضيت به “. عن الصادق (عليه السلام): من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها فهو عند الله عزوجل زان. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن أحق الشروط أن يوفي بها ما استحللتم به الفروج. والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم ومن زاد على السنة رد إلى السنة، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم درهما واحدا أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شئ لها بعد ذلك، إنما لها ما أخذت منه [ من ] قبل أن يدخل بها. وكل ما جعلته المرأة من صداقها دينا على الرجل فهو واجب لها عليه في حياته وبعد موته أو موتها. والاولى أن لا يطالب الورثة بما لم تطالب به المرأة في حياتها ولم تجعله دينا على زوجها. وكل ما دفعه إليها ورضيت به عن صداقها قبل الدخول بها فذاك صداقها. وإنما صار مهر السنة خمسمائة درهم لان الله عزوجل أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ولا يسبحه مائة تسبيحة ولا يهلله مائة تهليلة ولا يحمده مائة تحميدة ولا يصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم يقول: ” اللهم زوجني من الحور العين ” إلا زوجه الله حورا من الجنة وجعل ذلك مهرها. وإذا زوج الرجل ابنته فليس له أن يأكل صداقها. من أمالي السيد أبي طالب الهروي، عن زين العابدين (عليه السلام) قال: خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين زوج فاطمة عليها السلام من علي (عليه السلام) فقال: ” الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في سمائه وأرضه. ثم إن الله عزوجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي [ بن أبي طالب ]، فقد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك علي. ثم دعا صلى الله عليه وآله وسلم بطبق [ من ] بسر، ثم قال انتهبوا فبينا ننتهب إذ دخل علي (عليه السلام) فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وجهه، ثم قال: يا علي أعلمت أن الله عزوجل أمرني أن أزوجك فاطمة فقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت، فقال علي (عليه السلام): رضيت بذلك عن الله وعن رسوله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنكحت زيد بن حارثة زينب بنت جحش. وأنكحت المقداد ضباعة بن الزبير بن عبد المطلب ليعلموا أن أشرف الشرف الاسلام.


[ 208 ]

عن جابر الانصاري قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة عليها السلام من علي (عليه السلام) أتاه أناس من قريش فقالوا: إنك زوجت عليا بمهر خسيس، فقال: ما أنا زوجت عليا ولكن الله زوجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى، أوحى الله عزوجل إلى السدرة أن انثري، فنثرت الدرر والجواهر على الحور العين، فهن يتهادينه ويتفاخرن ويقلن: هذا من نثار فاطمة عليها السلام بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة: اركبي وأمر سلمان رضي الله عنه أن يقودها والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يسوقها، فبيناهم في بعض الطريق إذ سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجبة (1) فإذا هو بجبريل (عليه السلام) في سبعين ألفا من الملائكة وميكائيل (عليه السلام) في سبعين ألفا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أهبطكم إلى الارض ؟ قالوا: جئنا نزف فاطمة عليها السلام إلى زوجها وكبر جبريل (عليه السلام) وكبر ميكائيل (عليه السلام) وكبرت الملائكة وكبر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة. عن الصادق (عليه السلام) قال: زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى. الفصل الرابع (في آداب الزفاف والمباشرة وغيرهما) عن الصادق (عليه السلام) [ أنه ] قال لبعض أصحابه: إذا أدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها واستقبل بها القبلة وقل: ” اللهم بأمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها، فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا سويا ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا “. وفي رواية ” اللهم على كتابك تزوجتها وبأمانتك أخذتها ” إلى آخره. من كتاب النجاة المروي عن الائمة عليهم السلام: إذا قرب الزفاف يستحب أن تأمرها أن تصلي ركعتين [ استحبابا ] وتكون على وضوء إذا أدخلت عليك وتصلي أنت أيضا مثل ذلك وتحمد الله وتصلي على النبي وآله وتقول: ” اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاهابي وارضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيسر ائتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام “.


(1) الوجبة – بفتح فسكون – السقطة مع الهدة، أو صوت الساقط.

[ 209 ]

وتقول إذا أردت المباشرة: ” اللهم ارزقني ولدا واجعله تقيا ذكيا ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلى خير “. وتسمي الله عزوجل عند الجماع. وروي عن أبي سعيد الخدري قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا علي إذا أدخلت العروس بيتك فاخلع خفها حين تجلس واغسل رجليها وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر وأدخل فيها سبعين ألف لون من الغنى وسبعين لونا من البركة وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس عروسك حتى تنال بركتها كل زاوية في بيتك وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها مادامت في تلك الدار. وامنع العروس في اسبوعها من الالبان والخل والكزبرة (1) والتفاح الحامض من هذه الاربعة الاشياء، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ولاي شئ أمنعها هذه الاشياء الاربعة ؟ قال: لان الرحم تعقم وتبرد من هذه الاربعة الاشياء عن الولد. والحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ما بال الخل تمنع منه ؟ قال: إذا حاضت على الخل لم تطهر طهرا أبدا بتمام. والكزبرة تثير الحيض في بطنها وتشد عليها الولادة. والتفاح الحامض يقطع حيضها فيصير داء عليها. ثم قال: يا علي: لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره، فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها (2). يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر، فإنه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالحول في الانسان. يا علي: لا تتكلم عند الجماع، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس. ولا ينظرن أحد في فرج امرأته وليغض بصره عند الجماع، فإن النظر إلى الفرج يورث العمى، يعني في الولد. يا علي: لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا، مؤنثا، مخبلا.


(1) الكزبرة – بضم الكاف وفتح الباء وقد تضم -: نبات من الاباريز ويطيب بها الغذاء. (2) الخبل – بالتحريك -: فساد الاعضاء والعقل. (مكارم الاخلاق – 14)

[ 210 ]

يا علي: من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن، فإني أخشى عليهما أن تنزل نار من السماء فتحرقهما. يا علي: لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، فإن ذلك يعقب العداوة بينكما، ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق. يا علي: لا تجامع امرأتك. من قيام، فإن ذلك من فعل الحمير، وإن قضى بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير [ البوالة ] تبول في كل مكان. يا علي: لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر، فإنه إن قضى بينكما ولد لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر. يا علي: لا تجامع امرأتك في ليلة الاضحى، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون ذا ستة أصابع أو أربعة. يا علي: لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة، فإن إن قضى بينكما ولد يكون جلادا، أو قتالا، أو عريفا (1). يا علي: لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وشعاعها إلا أن يرخى ستر فيستركما، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت. يا علي: لا تجامع امرأتك بين الاذان والاقامة، فإن إن قضى بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء. يا علي: إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد. يا علي: لا تجامع أهلك في ليلة النصف من شعبان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مشوها ذا شامة في شعره ووجهه. يا علي: لا تجامع أهلك في أخر الشهر إذا بقي منه يومان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالم ويكون هلاك فئام من الناس على يديه (2).


(1) العريف – كشرير -: الكاهن. (2) الفئام – ككتاب -: الجماعة من الناس. وفي بعض النسخ ” قوم من الناس بيديه “.

[ 211 ]

يا علي: لا تجامع أهلك على سقوف البنيان، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا، مرائيا مبتدعا. يا علي: إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك تلك اليلة، فإنه إن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق. وقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ” (1). يا علي: لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم. يا علي: وعليك بالجماع ليلة الاثنين، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله، راضيا بما قسم الله عزوجل له. يا علي: إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء فقضى بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يعذبه الله مع المشركين ويكون طيب النكهة من الفم، رحيم القلب، سخي اليد، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان. يا علي: وإن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضى بينكما ولد يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء. يا علي: وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضى بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون فهما. ويرزقه الله عزوجل السلامة في الدين والدنيا. يا علي: وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيبا [ قوالا ] مفوها. وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضى بينكما ولد فإنه يكون معروفا، مشهورا، عالما. وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الاخرة فإنه يرتجى أن يكون لك ولد من الابدال إن شاء الله تعالى. يا علي: لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل، فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الاخرة. يا علي: إحفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن أخي جبريل (عليه السلام).


(1) سورة الاسراء آية 29.

[ 212 ]

عن الصادق (عليه السلام) قال: لا تجامع في أول الشهر ولا في وسطه ولا في آخره، فإنه من فعل ذلك فليستعد لسقط الولد. وإن تم أوشك أن يكون مجنونا. ألا ترى أن المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه وآخره. وعنه (عليه السلام) قال: تكره الجنابة حين تصفر الشمس وحين تطلع وهي صفراء. وعنه (عليه السلام) قال: لا تجامع في السفينة ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من إحتلامه الذي رأى، فإن فعل ذلك فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليجود الحذاء وليخفف الرداء وليقل مجامعة النساء، قيل: يا رسول الله وما خفة الرداء ؟ فقال: قلة الدين. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن أحدكم ليأتي أهله فتخرج من تحته ولو أصابت زنجيا لتشبثت به، فإذا أتى أحدكم أهله فليكن بينهما مداعبة، فإنه أطيب للامر. وعنه (عليه السلام) قال: فضلت المرأة على الرجل بتسع وتسعين جزءا من اللذة ولكن الله عزوجل ألقى عليهن الحياء. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا قامت المرأة من مجلسها فلا يجلس أحد في ذلك المجلس حتى يبرد. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى عليا (عليه السلام): يا علي لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو أعذار أو وكار أو ركاز، فالعرس: التزويج. والخرس: النفاس بالولد. والاعذار: الختان. والوكار: في شراء الدار (1). والركاز: الرجل يقدم من مكة. عن أنس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج حفصة أو بعض أزواجه فأولم عليها بتمر وسويق. وعنه أيضا قال: لقد حضرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليمة ليس فيها خبز ولا لحم،


(1) الخرس – كقفل -: طعام الولادة. والاعذار: طعام الختان خاصة. والوكر: عش الطائر الذي يأوى إليه. والوكيرة: طعام يعمل عند الفراغ من البناء. والوكار شراء الدار.

[ 213 ]

قيل: فما ذا كان ؟ قال: أتي بالانطاع (1) فبسطت، ثم أتي بتمر وسمن فأكلوا، وليس التمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا. وعن أبي قلابة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا. وإذا تزوج الايم أقام عندها ثلاثا. من كتاب طب الائمة قال رجل لابي جعفر (عليه السلام): أيكره الجماع في وقت من الاوقات وإن كان حلالا ؟ قال: نعم، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينخسف فيها القمر، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الريح السوداء. أو الريح الحمراء أو الريح الصفراء، واليوم والليلة التي تكون فيها الزلزلة. وقد بات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الخسف عند بعض نسائه فلم يكن منه فيها ما كان منه في غيرها، فقالت له حين أصبح: يا رسول الله أبغض كان منك لي في هذه الليلة ؟ قال: لا، ولكن هذه الاية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذذ بالهوى فيها وقد عير الله تعالى أقواما بما فعلوا في كتابه فقال: ” وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم فذرهم (يخوضوا ويلعبوا) حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ” (2). قال الصادق (عليه السلام): لا بأس أن ينظر الرجل إلى امرأته وهي عريانة. وسئل الصادق (عليه السلام): أينظر المملوك إلى شعر مولاته ؟ قال: نعم وإلى ساقها. عن علي (عليه السلام) قال: يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عزوجل: ” أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ” (3). والرفث: المجامعة. الفصل الخامس (في حق الزوج على المرأة وحق المرأة على الزوج) (في حق الزوج على المرأة) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الاجر ما أعطى


(1) النطع – بالفتح والكسر -: بساط من الاديم. (2) سورة الطور: آية 34 و 35 ولكن ليس فيها كلمة يخوضوا ويلعبوا وإن كانت الاية تتضمنها. (3) سورة البقرة: آية 18.

[ 214 ]

أيوب (عليه السلام) على بلائه. ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم. روى الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن محمد بن مسلم، عن الباقر (عليه السلام) قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة ؟ فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه. ولا تتصدق من بيتها بشئ إلا بإذنه. ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه. ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب (1). ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الارض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها. فقالت: يا رسول الله من أعظم الناس حقا على الرجل ؟ قال: والده، قالت: فمن أعظم الناس حقا المرأة ؟ قال: زوجها، وقالت: فما لي عليه من الحق مثل ما له علي ؟ قال: لا، ولا من كل مائة واحدة، فقالت: والذي بعثك بالحق لا يملك رقبتي رجل أبدا. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة أذت زوجها بلسانها لم يقبل الله منها صرفا ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضيه وإن صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله، فكانت أول من يرد النار. وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم تقبل منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان. وزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة من رجل فرأت منه بعض ما كرهت فشكت ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: لعلك تريدين أن تختلعي (2) فتكوني عند الله أنتن من جيفة حمار. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذير في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر إلى والديها أو صلة قرابتها. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حق الرجل على المرأة إنارة السراج وإصلاح الطعام وأن


(1) القتب، بالتحريك: الرجل. (2) يقال: اختلعت المرأة من زوجها: بذلت له مالا ليطلقها. والجيفة: جثة الميت المنتنة.

[ 215 ]

تستقبله عند باب بيتها فترحب به وأن تقدم إليه الطشت والمنديل وأن توضئه وأن لا تمنعه نفسها إلا من علة. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن قوما أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله إنا رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كنت آمر أحدا أن يسجد لاحد لامرت المرأة أن تسجد لزوجها. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أن امرأة وضعت إحدى ثدييها طبيخة والاخر مشوية ما أدت حق زوجها. ولو أنها عصت مع ذلك زوجها طرفة عين ألقيت في الدرك الاسفل من النار إلا أن تتوب وترجع. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تؤدي المرأة حق الله عزوجل حتى تؤدي حق زوجها. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل كتب على الرجال الجهاد وعلى النساء الجهاد، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل الله. وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذي زوجها وغيرته. وقال (عليه السلام): إن الناجي من الرجال قليل ومن النساء أقل وأقل. وفي حديث آخر قال: جهاد المرأة حسن التبعل. وقال الصادق (عليه السلام): أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع. وقال (عليه السلام): أيما امرأة تطيبت لغير زوجها لم يقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها. وقال (عليه السلام): أيما امرأة وضعت ثوبها في غير منزل زوجها وبغير إذنه لم تزل في لعنة الله إلى أن ترجع إلى بيتها. وعنه (عليه السلام) قال: أيما امرأة قالت لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط فقد حبط عملها. وفي رواية عن أنس قال: خرج رجل غازيا في سبيل الله وأوصى امرأته أن لا تنزل من فوق بيته إلى حين يقدم وكان والدها في السفل فاشتكى، فأرسلت إلى رسول


[ 216 ]

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تخبره وتستأمره، فأرسل إليها أن اتقي الله وأطيعي زوجك (تمام الخبر.). وعنه (عليه السلام) قال: إن رجلا من الانصار على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج في بعض حوائجه وعهد إلى امرأته عهدا أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم، قال: وإن أباها مرض، فبعث المرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: إن زوجي خرج وعهد إلي أن لا أخرج من بيتي حتى يقدم وإن أبي مرض أفتأمرني أن أعوده ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، قال: فمات، فبعث إليه فقالت: يا رسول الله إن أبي قد مات فتأمرني أن أحضره ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، قال: فدفن الرجل فبعث إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تبارك وتعالى قد غفر لك ولابيك بطاعتك لزوجك. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لاهلي. (في حق المرأة على الزوج) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أوصاني جبريل (عليه السلام) بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة بينة. وقال (عليه السلام): من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة أعتق الله رقبته من النار وأوجب له الجنة وكتب له مائتي ألف حسنة ومحا عنه مائتي ألف سيئة ورفع له مائتي ألف درجة وكتب الله عز وجل له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة. سأل إسحاق بن عمار أبا عبد الله (عليه السلام) عن حق المرأة على زوجها ؟ قال: يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها، إن إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام) شكا إلى الله عزوجل خلق سارة ؟ فأوحى الله إليه أن مثل المرأة مثلى الضلع إن أقمته انكسر وإن تركته استمتعت به، قلت: من قال: هذا ؟ فغضب، ثم قال: هذا والله قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنه قال: كان لابي عبد الله امرأة وكانت تؤذيه، فكان يغفر لها. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من عبد يكسب ثم ينفق على عياله إلا أعطاه الله بكل درهم ينفقه على عياله سبعمائة ضعف. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون


[ 217 ]

عليهم (1) ولا يظلمونهم، ثم قرأ ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ” الاية (2). عن الباقر (عليه السلام) قال: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الامام أن يفرق بينهما. عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ” ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه لله ” (3). قال: أن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما. وعنه (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الاية ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ” (4) جلس رجل من المسلمين يبكي وقال: أنا قد عجزت عن نفسي كلفت أهلي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك. وعنه (عليه السلام) قال: إن امرأة أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [ لبعض ] الحاجة، فقال لها: لعلك من المسوفات، فقالت: يا رسول الله وما المسوفات ؟ فقال: المرأة يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى تنقضي حاجة زوجها فينام، فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها. وعنه (عليه السلام) قال: رحم الله عبدا أحسن فيما بينه وبين زوجته، فإن الله عز وجل قد ملكه ناصيتها وجعله القيم عليها. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عيال الرجل أسراؤه وأحب العبا إلى الله عزوجل أحسنهم صنيعا إلى أسرائه. وقال الكاظم (عليه السلام): إن عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم الله عليه نعمة فليوسع على أسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول [ عنه ] تلك النعمة.


(1) تطاول: تكبر وترفع. وأيضا: اعتدى. وحنى عليه: ترحم ومال. (2) سورة النساء: آية 38. (3) سورة الطلاق: آية 7. (4) سورة التحريم: آية ؟ ؟ ؟.

[ 218 ]

وقالت خولة (1) لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني أتعطر لزوجي كأني عروس أزف إليه، فآتيه في لحافه فيولي عني، ثم آتيه من قبل وجهه فيولي عني، فأراه قد أبغضني يا رسول الله، فما ذا تأمرني ؟ قال: اتقي الله وأطيعي زوجك، قالت: فما حقي عليه ؟ قال: حقك عليه أن يطعمك مما يأكل ويكسوك مما يلبس ولا يلطم ولا يصيح في وجهك، قالت: فما حقه علي ؟ قال: حقه عليك أن لا تخرجي من بيته إلا بإذنه، ولا تصومي تطوعا إلا بإذنه، ولا تتصدقي من بيته إلا بإذنه، وإن دعاك على ظهر قتب تجيبيه. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما المرأة لعبة فمن اتخذها فليصنها. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن الحنفية: يا بني إذا قويت فاقو على طاعة الله. وإن ضعفت فاضعف عن معصية الله. وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل، فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك. عن الصادق (عليه السلام) قال: اتقوا الله في الضعيفين يعني المملوك والمرأة. الفصل السادس (في الاولاد وما يتعلق بهم) (في فضل الاولاد) عن السكوني قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة. عن الصادق (عليه السلام) قال: ميراث الله من عبده المؤمن ولد صالح يستغفر له.


(1) خولة: جماعة من الصحابيات، منهن: خولة بنت الاسود المكناة بأم حرملة الخزاعية. وخولة بنت ثامر الانصارية. وخولة بنت ثعلبة. وخولة بنت حكيم الانصارية. وخولة بنت حكيم ابن امية السلمية زوجة عثمان بن مظعون. وخولة بنت اليمان العسية اخت حذيفة بن اليمان. وخولة بنت عمرو. وخولة بنت قيس بن فهد النجارية زوجة حمزة بن عبد المطلب. وخولة بنت مالك بن بشر الزرقية. وخولة بنت المنذر بن زيد. وخولة بنت الهذيل بن هبيرة التغلبية أو الثعلبية. وخولة خادمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وخولة بنت الصامت وغيرهن ولعل المراد بها هنا هي خولة بنت عاصم زوجة هلال ابن امية التي لاعنها ففرق النبي بينهما.

[ 219 ]

وعنه (عليه السلام) قال: البنات حسنات والبنون نعمة، فالحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها. وبشر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بابنة، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهية فيهم، فقال: ما لكم ! ريحانة أشمها ورزقها على الله. ومن الروضة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم الولد البنات المخدرات، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من النار. ومن كانت عنده اثنتان أدخله الله بهما الجنة. وإن كن ثلاثا أو مثلهن من الاخوات وضع عنه الجهاد والصدقة. عن حذيفة اليماني قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خير أولادكم البنات. عن الرضا (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا لم يمته حتى يريه الخلف. وروي: أن من مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس. ومن مات وله خلف فكأن لم يمت. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل ليرحم الرجل لشدة حبه لولده. وقال له عمر بن يزيد: إن لي بنات، فقال له: لعلك تتمنى موتهن، أما أنك لو تمنيت موتهن ومتن لم توجر يوم القيامة ولقيت ربك حين تلقاه وأنت عاص. [ وروي ] عن حمزة بن حمران بإسناده أنه أتى رجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده رجل فأخبره بمولود له فتغير لون الرجل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما لك ؟ فقال: خير، قال: قل، قال: خرجت والمرأة تمخض فاخبرت أنها ولدت جارية، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الارض تقلها والسماء تظلها والله يرزقها وهي ريحانة تشمها، ثم أقبل على أصحابه فقال: من كانت له ابنة واحدة فهو مقروح. ومن كان له ابنتان فيا غوثاه. ومن كان له ثلاث بنات وضع عنه الجهاد وكل مكروه. ومن كان له أربع بنات فيا عباد الله أعينوه، يا عباد الله أقرضوه، يا عباد الله أرحموه. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة قيل: يا رسول الله واثنتين ؟ قال: واثنتين، قيل: يا رسول الله وواحدة ؟ قال: وواحدة. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أحبوا الصبيان وارحموهم، فإذا وعدتموهم ففوا لهم، فإنهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم.


[ 220 ]

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه نظر إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الاخر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فهلا ساويت بينهما. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اعدلوا بين أولادكم [ في السر ] كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف. وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل الحسن والحسين عليهما السلام، فقال الاقرع ابن حابس: إن لي عشرة من الاولاد ما قبلت واحدا منهم، فقال: ما علي إن نزع الله الرحمة منك. أو كلمة نحوها. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: سموا أولادكم أسماء الانبياء، وأحسن الاسماء عبد الله وعبد الرحمن. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن إسمه ويعلمه الكتابة ويزوجه إذا بلغ. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) قبلوا أولادكم، فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة ما بين كل درجتين خمسمائة عام. عن الرضا، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه محمد أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم إلا كان خيرا لهم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي بعثني بالحق أن العاق لوالديه ما يجد ريح الجنة. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قبلة الولد رحمة، وقبلة المرأة شهوة، وقبلة الوالدين عبادة، وقبلة الرجل أخاه دين. وزاد عنه الحسن البصري وقبلة الامام العادل طاعة. عن الصادق (عليه السلام) قال: بر الرجل بولده بره بوالديه. عن رفاعة (1) قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون له بنون وأمهم


(1) هو رفاعة بن موسى النخاس الاسدي الكوفي من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، وروي عنهما وكان ثقة في حديثه مسكونا إلى روايته لا يعترض عليه شئ من الغمز وكان حسن الطريقة وله كتاب.

[ 221 ]

ليست بواحدة، أيفضل أحدهم على الاخر ؟ قال: نعم، لا بأس به، قد كان أبي (عليه السلام) يفضلني على [ أخي ] عبد الله. عن الصادق (عليه السلام) قال: من نعم الله عزوجل على الرجل أن يشبهه ولده. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم، ثم خلقه على صورة إحداهن، فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي. وسأل رجل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما لنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا ؟ قال: لانهم منكم ولستم منهم. وقيل لعلي بن الحسين عليهما السلام: أنت أبر الناس بامك ولا نراك تأكل معها، قال: أخاف أن تسبق يدي إلي ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها (1). وسئل الصادق (عليه السلام): لم أيتم الله نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال: لئلا يكون لاحد عليه منة. عن الصادق (عليه السلام) قال: هنأ رجل رجلا أصاب ابنا فقال: اهنئك الفارس، فقال له الحسن بن علي عليهما السلام: ما أعلمك أن يكون فارسا أو راجلا ؟ فقال له: جعلت فداك فما ذا أقول ؟ قال: تقول: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشده ورزقت بره. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل رأى معه صبيا: من هذا ؟ قال: ابني، فقال: متعك الله به، أما لو قلت: بارك الله فيه لك لقدمته. ومن كتاب نوادر الحكمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج. وليبدأ بالاناث قبل الذكور، فإنه من فرح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل. ومن أقر عين ابن فكأنما بكى من خشية الله، ومن بكى من خشية الله أدخله الله جنات النعيم.


(1) عق الولد والدته: عصاها وترك الشفقة عليها والاحسان إليها واستخف بها.

[ 222 ]

عن عبد الله بن فضالة، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: سمعته يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين فقل له سبع مرات: قل: ” لا إله إلا الله ” ثم يترك حتى يبلغ ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرين يوما، ثم يقال له: قل: ” محمد رسول الله ” سبع مرات ويترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له: سبع مرات قل: ” صلى الله على محمد وآل محمد ” ويترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك وأيهما شمالك، فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة ويقال له: اسجد، ثم يترك حتى يتم له ست سنين، فإذ تم له ست سنين قيل له: صل وعلم الركوع والسجود حتى يتم له سبع سنين، فإذا تم له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفيك فإذا غسلهما قيل له: صل، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين، فإذا تمت له علم الوضوء وضرب عليه وأمر بالصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء غفر الله لوالديه إن شاء الله. من كتاب المحاسن، عن الصادق (عليه السلام) قال: من سعادة الرجل أن يكون الولد يعرف بشبهه وخلقه وخلقه وشمائله. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من نعمة الله على الرجل أن يشبهه ولده. عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: سعد امرؤ لم يمت حتى يرى خلفه من نفسه، ثم قال: ها وقد أراني الله خلفي من نفسي وأشار إلى أبي الحسن (عليه السلام). عن الصادق (عليه السلام) قال: دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين، فإن فلح وإلا فلا خير فيه. من كتاب المحاسن، عنه (عليه السلام) قال: احمل صبيك حتى يأتي عليه ست سنين، ثم أدبه في الكتاب ست سنين، ثم ضمه إليك سبع سنين فأدبه بأدبك، فإن قبل وصلح وإلا فخل عنه. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين، فإن رضيت أخلاقه لاحدى وعشرين وإلا فاضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله تعالى. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لان يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم. وعنه (عليه السلام) قال: أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم يغفر لكم.


[ 223 ]

[ من عيون الاخبار ]، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإن الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده ويتأذى به الكاتبان (1). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يرخى الصبي سبعا و يؤدب سبعا ويستخدم سبعا وينتهي طوله في ثلاث وعشرين وعقله في خمس وثلاثين وما كان بعد ذلك فالتجارب. عن الباقر (عليه السلام) قال: يفرق بين الغلمان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: توقوا على أولادكم من لبن البغية والمجنونة، فإن اللبن يعدي. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إذا نظرت إلى الغلام فرأيته حلو العينين، عريض الجبهة، نامي الوجنتين، سليم الهيئة، مسترخي العزلة (2) فارجه لكل خير وبركة. وإن رأيته غائر العينين ضيق الجبهة، ناتئ الوجنتين، محدد الارنبة كأنما جبينه صلابة فلا ترجه. عن الصادق (عليه السلام) قال: يزيد الصبي في كل سنة أربع أصابع بأصابعه. وعنه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الصبي والصبي والصبي، والصبية والصبية والصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين. وعنه (عليه السلام) قال: إذا بلغت الجارية ست سنين فلا تقبلها. والغلام لا تقبله المرأة إذا جاوز سبع سنين. وعنه (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): مباشرة المرأة ابنتها إذا بلغت ست سنين شعبة من الزنا. وعنه (عليه السلام) سأله أحمد بن النعمان فقال: عندي جويرية ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين ؟ قال: فلا تضعها في حجرك ولا تقبلها. عن ابن عمر قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فرقوا بين أولادكم في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين. وروي أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين.


(1) الغمر – بالتحريك -: زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه. والرقاد – بالضم -: مصدر رقد أي نام. (2) العزاة – بالتحريك – الحرقفة وهي عظم الحجبة أي رأس الورك.

[ 224 ]

(في طلب الولد) من كتاب المحاسن، عن بكر بن صالح قال: كتبت إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام): أني اجتنبت طلب الولد منذ خمس سنين وذلك أن أهلي كرهت ذلك وقالت: إنه يشتد علي تربيتهم لقلة الشئ، فما ترى ؟ فكتب (عليه السلام): اطلب الولد، فإن الله يرزقهم. من الفردوس، عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اطلبوا الولد والتمسوه فإنه قرة العين وريحانة القلب. وإياكم والعجز والعقر (1). عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال لبعض أصحابه: قل في طلب الولد: ” رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين (2)، واجعل لي من لدنك وليا يبر بي في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا، اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك إنك أنت الغفور الرحيم ” سبعين مرة، فإن. أكثر هذا الدعاء رزقه الله ما يتمنى من مال وولد ومن خير الدنيا والاخرة، فإنه تعالى يقول: ” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ” (3). من كتاب طب الائمة، عن سليمان الجوزي، عن شيخ مدائني، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وفدت إلى هشام بن عبد الملك فأبطأ علي الاذن حتى اغتم وكان له حاجب كثير الدنيا لا ولد له. فدنا أبو جعفر (عليه السلام) فقال له: هل لك أن توصل إلى هشام فاعلمك دعاء يولد لك ولد ؟ فقال: نعم. وأوصله إلى هشام فقضى حوائجه فلما فرغ قال له الحاجب: جعلت فداك الدعاء الذي قلت لي علمني ؟ فقال: نعم تقول في كل يوم إذا أصبحت وإذا أمسيت ” سبحان الله ” سبعين مرة، وتستغفر الله عزوجل، عشر مرات، وتسبحه تسع مرات، وتختم العاشرة بالاستغفار، لقوله تعالى: ” إستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل


(1) العجز، بضمتين: جمع عجوز أي المرأة المسنة. والعقر، كركع: جمع عاقر، كراكع المرأة التي لا تلد والتي انقطع حملها. (2) سورة الانبياء: آية 89. (3) سورة نوح: الايات 9 و 10 و 11.

[ 225 ]

لكم جنات ويجعل لكم أنهارا “، فقالها الحاجب فرزق ذرية كثيرة وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام. قال سليمان: فقلتها وقد تزوجت ابنة عمي وقد أبطأ علي الولد منها وعلمتها غيرها فرزقت ولدا، وزعمت المرأة أنها حين تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها وعلمتها غيرها ممن لم يكن يولد له فولد لهم ولد كثير. عن أبي بكر بن الحرث البصري قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد، قال: فادع الله عزوجل وأنت ساجد وقل: ” رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء (1)، ” رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين “، قال: فقلتها فولد لي علي والحسين. وبرواية عنه (عليه السلام) لطلب الولد قال: إذا أردت المباشرة فلتقرأ ثلاث مرات ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا ” الاية (2). وعنه (عليه السلام) قال: إذا كان بامرأة أحدكم حمل وأتى عليها أربعة أشهر فليستقبل بها القبلة وليقرأ آية الكرسي وليضرب على جنبها وليقل: ” اللهم إني قد سميته محمدا ” فإن الله عزوجل يجعله غلاما، فإن وفي بالاسم بارك الله له فيه وإن رجع عن الاسم كان لله فيه الخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه. من كتاب نوادر الحكمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل رجل عليه فقال: يا ابن رسول الله ولد لي ثمان بنات رأس على رأس ولم أر قط ذكرا فادع الله عزوجل أن يرزقني ذكرا، فقال الصادق (عليه السلام): إذا أردت المواقعة وقعدت مقعد الرجل من المرأة فضع يدك اليمنى على يمين سرة المرأة واقرأ ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” سبع مرات، ثم واقع أهلك، فإنك ترى ما تحب وإذا تبينت الحمل فمتى ما انقلبت من الليل فضع يدك اليمنى على يمين سرتها واقرأ ” إنا أنزلناه ” سبع مرات، قال الرجل: ففعلت ذلك فولد لي سبع ذكور رأس على رأس. وقد فعل ذلك غير واحد فرزقوا ذكورا.


(1) سورة آل عمران: آية 33. (2) سورة الانبياء: آية 87. (مكارم الاخلاق – 15)

[ 226 ]

عن الحسن بن علي (عليه السلام) أنه وقد على معاوية، فلما خرج تبعه بعض حجابه وقال: إني رجل ذو مال ولا يولد لي فعلمني شيئا لعل الله يرزقني ولدا ؟ فقال: عليك بالاستغفار، فكان يكثر الاستغفار حتى ربما استغفر في اليوم سبعمائة مرة، فولد له عشرة بنين، فبلغ ذلك معاوية فقال: هلا سألته مم قال ذلك ؟ فوفده وفدة اخرى [ على معاوية ] فسأله الرجل، فقال: ألم تسمع قول الله عز إسمه في قصة هود (عليه السلام) ” ويزدكم قوة إلى قوتكم ” (1)، وفي قصة نوح (عليه السلام) ” ويمددكم بأموال وبنين ” (2). الفصل السابع (في العقيقة وما يتعلق بها) عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كل امرئ يوم القيامة مرتهن بعقيقته. والعقيقة أوجب من الاضحية. وعنه (عليه السلام) قال: كل إنسان مرتهن بالفطرة. وكل مولود مرتهن بالعقيقة وأيضا عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إني والله ما أدري أكان أبي عق عني أم لا ؟ فأمرني، فعققت عن نفسي وأنا شيخ. عن علي بن أبي حمزة، عن العبد الصالح (عليه السلام) (3) قال: العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد، فإن أحب أن يسميه في يومه فليفعل. عن الصادق (عليه السلام) قال: العقيقة لازمة لمن كان غنيا، ومن كان فقيرا إذا أيسر فعل، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه فقد أجزأته الاضحية. وكل مولود مرتهن بعقيقته. وقال (عليه السلام) في العقيقة: يذبح عنه كبش، فإن لم يوجد كبش أجزأ ما يجزئ


(1) سورة هود: آية 55. (2) سورة نوح: آية 11. (3) هو لقب الامام موسى الكاظم (عليه السلام). والظاهر أن المراد بالوجوب اللزوم. وراوي الحديث مشترك بين إبن أبي حمزة البطائني الذي روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام، الذي كان واقفي المذهب وضعيف جدا. وابن أبي حمزة الثمالي الموثق، والظاهر أنه هو علي بن أبي حمزة البطائني.

[ 227 ]

في الاضحية وإلا فحمل، أعظم ما يكون من حملان السنة (1). وعنه (عليه السلام) سئل عن العقيقة ؟ قال: شاة أو بقرة أو بدنة (2)، يم يسمى ويحلق رأس المولود يوم السابع ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، فإن كان ذكرا عق عنه ذكرا وإن كانت انثى عق عنه انثى. وعق أبو طالب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم السابع فدعا آل أبي طالب، فقالوا: ما هذه ؟ فقال: عقيقة أحمد، قالوا: لاي شئ سميته أحمد ؟ فقال: ليحمده أهل السماء والارض. عن الصادق (عليه السلام) قال: يعطى للقابلة ربعها، فإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين، فإن زاد فهو أفضل. وعنه (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تذبح العقيقة فقل: ” يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا وما أنا من المشركين “، ” إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ” (3)، اللهم منك وإليك بسم الله والله أكبر، اللهم صل على محمد وآل محمد، تقبل من فلان بن فلان ” ويسمى المولود باسمه، ثم يذبح [ باسم الله ]. من كتاب طب الائمة، عن الصادق (عليه السلام) قال: يسمى الصبي يوم السابع ويحلق رأسه ويتصدق بزنة الشعر فضة ويعق عنه بكبش فحل ويقطع أعضاء ويطبخ ويدعي عليه رهط من المسلمين، فإن لم يطبخه فلا بأس أن يتصدق به أعضاء. والغلام والجارية في ذلك سواء. ولا يأكل من العقيقة الرجل ولا عياله. وللقابلة رجل العقيقة، وإن كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شئ، فإن شاء قسمها أعضاء وإن شاء طبخها وقسم معها خبزا ومرقا ولا يعطيها إلا لاهل الولاية. وعنه (عليه السلام) قال: المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى.


(1) الحمل – بالتحريك -: الخروف، وقيل: هو الجذع من أولاد الضأن، والجمع: حملان وأحمال. (2) البدنة – كقصبة -: تقع على الجمل والناقة والبقرة عند أهل اللغة، سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها. (3) سورة الانعام: آيات 78 و 79 و 163.

[ 228 ]

وقال (عليه السلام): من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه. من كتاب الاداب لمولاي أبي طاب ثراه، عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا ولد لاحدكم ولد فكان يوم السابع فليعق عنه كبشا وليطعم القابلة من العقيقة الرجل بالورك، وليحنكه بماء الفرات، وليؤذن في أذنه اليمنى وليقم في اليسرى، ويسميه يوم السابع، ويحلق رأسه ويوزن شعره فيتصدق بوزنه فضة أو ذهبا، فإن الله ينزل اسمه من السماء، فإذا ذبحت فقل: ” بسم الله وبالله والحمد لله والله أكبر إيمانا بالله وثناء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشكرا لرزق الله وعصمة بأمر الله ومعرفة بفضله علينا أهل البيت “، فإن كان ذكرا فقل: ” اللهم أنت وهبت لنا ذكرا وأنت أعلم بما وهبت، ومنك ما أعطيت ولك ما صنعنا فتقبله منا على سنتك وسنة رسولك (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخسئ عنا الشيطان الرجيم، لك سفكت الدماء لا شريك لك، الحمد لله رب العالمين “. عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: عق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الحسن والحسين عليهما السلام كبشا يوم سابعهما وقطعه أعضاء ولم يكسر منه عظما وأمر فطبخ بماء وملح وأكلوا عنه بغير خبز وأطعموا الجيران. وقال (عليه السلام): سبع خصال في الصبي إذا ولد من السنة: أولاهن يسمى، والثانية يحلق رأسه، والثالثة يتصدق بوزن شعره ورقا (1) أو ذهبا إن قدر عليه، والرابعة يعق عنه، والخامسة يلطخ رأسه بالزعفران، والسادسة يطهر بالختان، والسابعة يطعم الجيران من عقيقته. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة اثقبي أذني الحسن والحسين عليهما السلام خلافا لليهود. وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه أمر فاطمة عليها السلام أن تحلق رأس الحسن والحسين عليهما السلام يوم سابعهما وأن تتصدق بوزن شعرهما ورقا. وفي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أذن في أذن الحسن بن علي عليهما السلام حين ولدته فاطمة عليها السلام. من كتاب المحاسن كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا بشر بولد لم يسأل أذكر


(1) الورق: الدراهم المضروبة.

[ 229 ]

هو أم أنثى، بل يقول: أسوي ؟ فإذا كان سويا قال: ” الحمد لله الذي لم يخلقه مشوها “. سئل عن أبي عبد الله (عليه السلام): ما الحكمة في حلق رأس المولود ؟ قال: تطهيره من شعر الرحم. وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام: عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ؟ فقال: إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق. من نوادر الحكمة، عن الصادق (عليه السلام) قال: حنكوا (1) أولادكم بماء الفرات وبتربة قبر الحسين (عليه السلام)، فإن لم يكن فبماء السماء. عنه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: حنكوا أولادكم بالتمر، هكذا فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحسن والحسين عليهما السلام. الفصل الثامن (في الختان وما يتعلق به) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء. وكتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام أنه روي عن الصالحين: أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإن الارض تضج إلى الله من بول الاغلف وليس – جعلني الله فداك – في حجامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجام من اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا ؟ قال: فوقع (عليه السلام) يوم السابع. فلا تخالفوا السنن إن شاء الله. عن الصادق (عليه السلام) في الصبي إذا ختن قال: يقول: ” اللهم هذه سنتك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله واتباع لمثالك وكتبك ولنبيك بمشيتك وإرادتك وقضائك، لامر أردته وقضاء حتمته وأمر أنفذته، فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لامر أنت أعرف به منا، اللهم فطهره من الذنوب وزد في عمره وادفع الافات عن بدنه والاوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم “. وعنه (عليه السلام) قال: أي رجل لم يقلها على ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم، فإن قالها كفى حر الحديد من قتل أو غيره.


(1) حنكت الصبي: مضغته فدلكت بحنكه.

[ 230 ]

عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال لما ولد ابنه الرضا (عليه السلام): إن ابني هذا ولد مختونا طاهرا مطهرا ولكنا سنمر الموسى عليه لاصابة السنة وابتاع الحنيفية. من طب الائمة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اختنوا أولادكم في السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، فقال: إن الارض تنجس ببول الاغلف أربعين يوما. عن الصادق (عليه السلام) قال: ثقب أذن الغلام من السنة، وختانه لسبعة أيام من السنة، وخفض النساء مكرمة وليست من السنة، وأي شئ أكرم من المكرمة. ومن تهذيب الاحكام، عن الصادق (عليه السلام) قال: لما هاجرت النساء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هاجرت فيهن امرأة يقال لها: أم حبيبة، وكانت خافضة تخفض الجواري، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لها: يا أم حبيبة العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم ؟ قالت: نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه، قال: لا، بل هو حلال فادني مني حتى أعلمك، فدنت منه فقال: يا أم حبيبة إذا أنت فعلت فلا تنهكي أي لا تستأصلي وأشمي (1)، فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج. قال: فكانت لام حبيبة أخت يقال لها: ام عطية، وكانت مقينة يعني ماشطة، فلما انصرفت ام حبيبة إلى اختها أخبرتها بما قال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبلت أم عطية إلي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبرته بما قالت لها اختها. فقال لها: ادني مني يا ام عطية إذا أنت قينت الجارية (2) فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإن الخرقة تذهب بماء الوجه. الفصل التاسع (في هنات (3) تتعلق بالنساء) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن. وشكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) نساءه، فقام (عليه السلام) خطيبا،


(1) النهك: المبالغة في كل شئ. وأشمت الخافضة البظر أي أخذت منها قليلا. (2) أي زينت الجارية، يقال: قينه أي زينه. (3) الهن – بتخفيف النون وقد تشدد -: كناية عن كل اسم جنس ومعناه شئ ولامها محذوفة فتجري الاعراب على الحروف والانثى هنة وجمعها هنوات وربما جمعت هنات.

[ 231 ]

فقال: معاشر الناس لا تطيعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال ولا تذروهن يدبرن أمر العيال (1) فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك وعدون أمر المالك، فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن، ولا صبر لهن عند شهوتهن، البذخ لهن لازم وإن كبرن، والعجب بهن لاحق وإن عجزن، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان ويتمادين في الطغيان ويتصدين للشيطان، فبروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال لعلهن يحسن الفعال. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طاعة المرأة ندامة. ونهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أن تركب السرج الفرج: يعني المرأة تركب بسرج. عن علي (عليه السلام) قال: لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن. من كتاب اللباس، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء، فقال: عظوهن بالمعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر. وتعوذوا بالله من شرارهن وكونوا من خيارهن على حذر. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا تشاوروهن في النجوى ولا تطيعوهن في ذي قرابة، إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما: ذهب جمالها وعقم رحمها واحتد لسانها. وإن الرجل إذا كبر ذهب شر شطريه وبقي خيرهما: ثبت عقله واستحكم رأيه وقل جهله. وقال علي (عليه السلام): كل امرئ تدبره امرأته فهو ملعون. وقال (عليه السلام): في خلافهن البركة عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطاع امرأته أكبه الله عليه وجهه في النار، قيل: وما تلك الطاعة ؟ قال: تطلب منه الذهاب إلى الحمامات والعرائس والاعياد والنائحات والثياب الرقاق فيجيبها. عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج المرأة إلى الجنازة ولا تؤم الخروج إلى الخلية من النساء فأما الابكار فلا. وعن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسكنوا النساء الغرف.


(1) العيال – بالكسر -: جمع عيل – كسيد -: أهل البيت، الذين تجب نفقتهم ذكرا كان أو انثى.

[ 232 ]

ولا تعلموهن الكتابة. ومروهن بالغزل. وعلموهن سورة النور. وقال (عليه السلام): لا تجلس المرأة بين يدي الخصي مكشوفة الرأس. وعنه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يباشر الرجل الرجل إلا وبينهما ثوب. ولا تباشر المرأة المرأة إلا وبينهما ثوب. ولعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المخنثين قال: أخرجوهم من بيوتكم. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا تبيت المرأتان في ثوب واحد إلا أن تضطرا إليه. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال. فمن فعل من ذلك شيئا فاقتلوها ثم اقتلوها. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلا أن يضطرا، فينام كل واحد منهما في إزاره ويكون اللحاف بعد واحدا. والمرأتان جميعا كذلك. ولا تنام ابنه الرجل معه في لحاف ولا أمه. من كتاب المحاسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله جل ثناؤه ” إلا ما ظهر منها ” (1) قال: الوجه والذراعان. وعنه (عليه السلام) أيضا في قوله عزوجل ” إلا ما ظهر منها ” قال: الزينة الظاهرة: الكحل والخاتم. وفي رواية أخرى قال: الخاتم والمسكة وهو الذي يظهر من الزينة. ” ولا يبدين زينتهن ” القلائد والقرطة والدماليج والخلاخيل (2). قال: المسكة قي القلب (3)، المسك: السوار من الذبل (4) [ والمسك: السوار ] ويقال: واحدته مسكة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزوجل ” ولا يعصينك في معروف ” (5) قال:


(1) سورة النور: آية 31. (2) القلادة – بالكسر -: ما جعل في العنق من الحلى، والجمع قلائد. والقرطة – بالكسر فالفتح -: جمع قرط، بالضم: ما يعلق في شحمة الاذن. والدماليج: جمع دملوج، بالضم: ما يلبس في المعصم من الحلى. (3) المسك – بالتحريك -: الخلاخل وأسورة من ذبل أو عاج، والقلب – بالضم -: سوار للمرأة. (4) الذبل – بالفتح -: جلد السلحفاة أو عظام ظهر دابة بحرية يتخذ منها الاسورة والامشاط. (5) سورة الممتحنة: آية 12.

[ 233 ]

المعروف أن لا يشققن جيبا ولا يلطمن وجها ولا يدعون ويلا ولا ينحن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا. وعنه (عليه السلام) قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث الذي قالته فاطمة عليها السلام: ” خير النساء أن لايرين الرجال ولا يراهن الرجال “، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إنها مني “. عن ام سلمة قالت: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده ميمونة، فأقبل ابن ام مكتوم وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال: احتجبا، فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا ؟ فقال: أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه. الفصل العاشر (في نوادر النكاح) عن الصادق (عليه السلام) قال: انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من سرية كان اصيب فيها كثير من المسلمين، فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن، فدنت منهن امرأة فقالت: يا رسول الله ما فعل فلان ؟ قال: وما هو منك ؟ فقالت: أخي، فقال: أحمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك ثم قالت: يا رسول الله ما فعل فلان ؟ فقال: وما هو منك ؟ قالت: زوجي، قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، فقالت: واذلاه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما كنت أظن أن المرأة تجد بزوجها [ هذا كله ] حتى رأيت هذه المرأة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجامع خمسا وعشرين درجة. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى خص رسوله بمكارم الاخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كان فيكم منها شئ فاحمدوا الله عزوجل وارغبوا إليه في الزيادة منها، وذكر منها عشرة: اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروة.


[ 234 ]

وعنه (عليه السلام) فتذاكروا الشؤم عنده، فقال (عليه السلام): الشؤم في الثلاثة: المرأة والدابة والدار، فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها. وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهرها. وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها. وعنه (عليه السلام) قال: قيل لعيسى بن مريم عليها السلام: ما لك لا تتزوج ؟ قال: وما أصنع بالتزوج ؟ قالوا: يولد لك، قال: وما أصنع بالاولاد، إن عاشوا فتنوا وإن ماتوا أحزنوا. عن زيد بن علي، عن آبائه عليهم السلام قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الجهاد، فقالت امرأة: يا رسول الله ما للنساء من هذا شئ ؟ فقال: بلى، للمرأة ما بين حملها إلى وضعها ثم إلى فطامها من الاجر كالمرابط في سبيل الله، فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة الشهيد. عن الباقر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا حضرت ولادة المرأة قال: أخرجوا من في البيت من النساء، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته. عن معاذ (1)، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله تبارك وتعالى كره لكم أيتها الامة نيفا وعشرين خصلة ونهاكم عنها: كره لكم العبث في الصلاة. وكره المن في الصلات. وكره الضحك بين القبور. وكره التطلع في الدور. وكره النظر إلى فروج النساء ” وقال: يورث العمى “. وكره الكلام عند الجماع ” وقال: يورث الخرس “. وكره النوم قبل العشاء الاخرة. وكره الحديث بعد العشاء الاخرة. وكره الغسل تحت السماء بغير مئزر. وكره المجامعة تحت السماء. وكره دخول الانهار إلا بمئزر ” وقال: في الانهار عمار وسكان من الملائكة “. وكره دخول الحمامات إلا بمئزر. وكره الكلام بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة حتى تقضى الصلاة. وكره ركوب البحر في هيجانه. وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر ” وقال: من نام على سطح غير محجر برئت منه الذمة “. وكره أن ينام الرجل وحده. وكره أن يغشى امرأته وهي حائض، فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه. وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من إحتلامه


(1) ولعل هو معاذ بن كثير الكسائي الكوفي، المعروف بمعاذ بياع الاكيسة أو بياع الكرابيس، كان من شيوخ أصحاب الصادق (عليه السلام) ومن خواصه وثقاته.

[ 235 ]

الذي رأى، فإن فعل وخرج الولد مجذوما فلا يلومن إلا نفسه. وكره أن يتكلم الرجل مجذوما إلا وبينهما قدر ذراع ” وقال: فر من المجذوم كفرارك من الاسد “. وكره البول على شاطئ نهر جار. وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت – يعني أثمرت -. وكره أن ينتعل الرجل وهو قائم. وكره أن يدخل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه سراج أو نار. وكره النفخ في الصلاة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أكثر أهل الجنة من المستضعفين النساء، علم الله ضعفهن فرحمهن. عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أينظر المملوك إلى شعر مولاته ؟ قال: نعم، وإلى ساقها. من كتاب مجمع البيان، عن الصادق (عليه السلام) قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة عليها السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أبصرها، فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة فقد أنزل الله علي ” ولسوف يعطيك ربك فترضى ” (1). ” الثلة: الصوف والوبر، عن الزهري ” (2). من كتاب اللباس، عن محمد بن إسحاق، عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: أيجوز للرجل الخصي أن يدخل على نسائنا يناولهن الوضوء فيرى من شعورهن ؟ قال: لا. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يسلم على النساء وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن وقال: أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل علي من الاثم أكثر مما أطلب من الاجر. وسأل أبو بصير (3) أبا عبد الله (عليه السلام): هل يصافح الرجل المرأة ليست بذي محرم ؟ قال: لا، إلا من وراء الثوب.


(1) سورة الضحى: آية 5. (2) ولعله هو أبو منصور محمد بن أحمد الازهري الهروي اللغوي صاحب كتاب ” التهذيب ” في اللغة وغيره وكان رأسا في اللغة عارفا بالحديث، ورد بغداد وأسرته القرامطة فسكن البادية وبقي فيهم دهرا طويلا فاستفاد من محاورتهم ألفاظا جمة ونوادر كثيرة، توفي سنة 37. (3) أبو بصير المشهور على ألسنة أصحاب الفن يطلق على جماعة أشهرها: ليث بن البختري، وعبد الله ابن محمد الاسدي، وأبو محمد يحيى بن القسم الاسدي، وهم ثقاة.

[ 236 ]

وعنه (عليه السلام) سأله الساباطي (1) عن النساء: كيف يسلمن إذا دخلن على القوم ؟ قال: المرأة تقول: عليكم السلام. والرجل يقول: السلام عليكم. وعنه، عن علي عليهما السلام قال: ما كثر شعر رجل قط إلا قلت شهوته. عن محمد بن إسحاق قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): أتدري من أين صار مهور النساء أربعة آلاف درهم ؟ قلت: لا، قال: إن ام حبيبة بنت أبي سفيان كانت في الحبشة فخطبها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فساق عنه النجاشي أربعة آلاف درهم، فمن ثم هؤلاء يأخذون به، فأما الاصل فاثنتا عشرة أوقية ونش (2). عن السكوني بإسناده: إن عليا (عليه السلام) مر علي بهيمة وفحل يسفدها على ظهر الطريق (3) فأعرض (عليه السلام) بوجهه، فقيل له: لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال: إنه لا ينبغي أن يصنعوا ما يصنعون وهو من المنكر إلا أن يواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة. عن الصادق (عليه السلام) قال: من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو غمض بصره لم ترتد إليه بصره حتى يزوجه الله من الحور العين. وقال (عليه السلام): أول النظرة لك، والثانية عليك، والثالثة فيها الهلاك. عن الباقر (عليه السلام) قال: لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر امه أو اخته أو ابنته. من صحيفة الرضا، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: للمرأة عشر عورات إذا تزوجت سترت عورة [ واحدة ] وإذا ماتت سترت عوراتها كلها.


(1) هو إسحاق بن عمار، له أصل وكان فطحي إلا أنه ثقة وأصله معتمد عليه، روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (2) النش: النصف من كل شئ. والاوقية: جزء من أجزاء الرطل. وأم حبيبة هي رملة بنت أبي سفيان القرشية الاموية وإنما كنيت بابنتها حبيبة بنت عبيدالله بن جحمش، إنها أسلمت بمكة قديما وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيدالله بن جحمش الاسدي وتنصر هو بالحبشة ومات بها، وأبت ام حبيبة أن تتنصر وتثبت على إسلامها فزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي بالحبشة في سنة ست وماتت سنة أربع وأربعين. (3) سفد الذكر أنثاه سفادا – بالكسر -: جامعها. والسكوني: لقب إسماعيل بن أبي زياد مسلم السكوني الكوفي، قاضي الموصل من أصحاب الصادق (عليه السلام).

[ 237 ]

من كتاب المحاسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال موسى (عليه السلام): يا رب أي الاعمال أفضل عندك ؟ قال: حب الاطفال، فإني فطرتهم على توحيدي فإن أمتهم أدخلتهم جنتي برحمتي. من كتاب المحاسن، عن الصادق عليه السلام قال: أقذر الذنوب ثلاثة: قتل البهيمة وحبس مهر المرأة ومنع الاجير أجره. من كتاب نوادر الحكمة، عن علي (عليه السلام) قال: لا تغالوا في مهور النساء فيكون عداوة. عن ابن أبي يعفور (1)، عن الصادق (عليه السلام) قال: قلت إني أردت أن أتزوج امرأة وإن أبوي أراد غيرها، قال: تزوج الذي هويت ودع التي هوى أبواك. وعنه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من من امرأة تصدقت على زوجها بمهرها قبل أن يدخل بها إلا كتب الله لها بكل دينار عتق رقبة، قيل: يا رسول الله فكيف الهمة بعد الدخول ؟ فقال: إنما ذلك من المودة والالفة. عن الحسين بن المختار يرفعه قال: إن سلمان رضي الله عنه تزوج امرأة غنية فدخل فإذا البيت فيه الفرش، فقال رضي الله عنه: إن بيتكم لحرم أو قد تحولت فيه الكعبة، قال: فإذا جارية مختمة، فقال: لمن هذه ؟ فقالوا لفلانة امرأتك، قال: من اتخذ جارية لا يأتيها ثم أتت محرما كان وزر ذلك عليه. عن الصادق (عليه السلام) قال: من اتخذ جارية فليأتها في كل أربعين يوما مرة. وعنه (عليه السلام) قال: إذا أتى الرجل جارية ثم أراد أن يأتي الاخرى توضأ. وعنه، عن أبيه عليهما السلام قال: إن عليا (عليه السلام) كان يقول: لا تسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن يغلب الطباع وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسترضعوا الحمقاء، فإن الولد يشب عليه. من كتاب الفردوس، عن عمرو بن أبي سلمة (2) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله


(1) هو أبو محمد عبد الله بن أبي يعفور واقد العبدي الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السلام) وكريم عليه ومات في أيامه، ثقة جليل في أصحابنا وكان قارئا يقرأ في مسجد الكوفة وله كتاب. وكان من حواري الصادقين عليهما السلام. (2) كان بن أبي سلمة ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان من أصحابه وأصحاب علي (عليه السلام) وولاه البحرين وقتل معه بصفين.

[ 238 ]

عزوجل قسم الحياة عشرة أقسام، فجعل للنساء تسعة وللرجال واحدة ولولا ذلك لتساقطن تحت ذكوركم كما تتساقط البهائم ذكورها. قال (عليه السلام): إن للمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها من الاجر كالمرابط (1) في سبيل الله، فإن هلكت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد. وقال (عليه السلام): إن للمخنثين أرحاما كأرحام النساء إلا أنها منكوسة. وقال (عليه السلام): إذا ولدت المرأة فليكن أول ما تأكل الرطب، فإن لم يكن رطب فتمر فإنه لو كان شئ أفضل منه أطعمه الله مريم عليها السلام حين ولدت عيسى (عليه السلام). عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تزنوا فيذهب الله لذة نسائكم من أجوافكم، وعفوا تعف نساؤكم. إن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يحل لامرأة أن تنام حتى تعرض نفسها على زوجها، تخلع ثيابها وتدخل معه في لحافه فتلزق جلدها بجلده، فإذا فعلت ذلك فقد عرضت نفسها. عن الصادق (عليه السلام) قال: حرم الله على كل ذي دبر مستنكح الجلوس على استبرق الجنة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من قبل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من النار. وعن علي (عليه السلام) قال: من أمكن من نفسه طائعا يلعب به ألقى الله عليه شهوة النساء. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تعالى جعل شهوة المؤمن في صلبه وجعل شهوة الكافر في دبره. وعنه (عليه السلام) قال: من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمه. من الفردوس قال (عليه السلام): المغزل في يد المرأة الصالحة كالرمح في يد الغازي المريد وجه الله. وقال (عليه السلام): مروا نساءكم بالغزل، فإنه خير لهن وأزين. عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير، فإن لم يجد من يستشير فليستشير امرأته ثم يخالفها، فإن في خلافها بركة.


(1) المرابط: المجاهد، وأصله المراقبة والملازمة على الامر.

[ 239 ]

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم اللهو المغزل للمرأة الصالحة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): كان إبراهيم (عليه السلام) أبي غيورا وأنا أغير منه. وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين. عن الباقر (عليه السلام) قال: غيرة النساء الحسد. والحسد هو أصل الكفر. إن النساء إذا غرن غضبن وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن. روي جابر (1)، عنه (عليه السلام) قال: قال (عليه السلام) لي: إن الله تبارك وتعالى لم يجعل الغيرة للنساء وإنما جعل الغيرة للرجال، لان الله قد أحل للرجال أربع حرائر وما ملكت يمينه ولم يحل للمرأة إلا زوجها وحده، فإن بغت مع زوجها غيره كانت عند الله زانية وإنما تغار من المنكرات. وأما المؤمنات فلا. عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قناع النساء من الخصبان ؟ فقال: كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن (عليه السلام) لا يتقنعن، قلت: وكانوا أحرارا ؟ قال: لا، قلت: فالاحرار يتقنعن منهم ؟ قال: لا.


(1) والظاهر هو جابر بن يزيد الجعفي من خواص أصحابهم عليهم السلام.

[ 240 ]

الباب التاسع (في آداب السفر وما يتعلق به، ثمانية فصول) هذا الباب مختار من كتاب من لا يحضره الفقيه ومن مجموعة في الاداب لمولاي أبي طول الله عمره [ وغيرهما ] الفصل الاول (في السفر والاوقات المحمودة والمذمومة له) روى عمر بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في حكمة آل داود (عليه السلام): أن على العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سافروا تصحوا، وجاهدوا تغنموا، وحجوا تستغنوا. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): سافروا، فإنكم إن لم تغنموا مالا أفدتم عقلا. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السفر ميزان القوم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سبب الله للعبد الرزق في أرض جعل له فيها حاجة. عنه (عليه السلام) قال: من أراد السفر فليسافر في يوم السبت، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده الله تعالى إلى مكانه. ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام). وروى إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عنه (عليه السلام) أنه قال: لا بأس للخروج للسفر ليلة الجمعة. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسافر يوم الخميس. وقال: (عليه السلام): يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته.


[ 241 ]

عن أنس قال: كان أحب الايام إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسافر فيه يوم الجمعة وكان إذا أراد سفرا لغزو ورى بغيره. وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) يسأله عن الخروج يوم الاربعاء لا تدور ؟ فكتب (عليه السلام): من خرج يوم الاربعاء لا تدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله له حاجته. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالسير بالليل، فإن الارض تطوى بالليل. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الارض تطوى من آخر الليل. وعنه (عليه السلام) قال: لا تخرج يوم الجمعة في حاجة، فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك. وسأل أبو أيوب الخزاز (1) [ وعبد الله بن سنان ] أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: ” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله ” (2) ؟ فقال: الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت. وعنه (عليه السلام) قال: اتق الخروج إلى السفر في اليوم الثالث من الشهر والرابع من الشهر والحادي والعشرين منه والخامس والعشرين منه. (فإنها أيام منحوسة مروية عن الصادق (عليه السلام)). وقال (عليه السلام): لا تسافروا يوم الاثنين ولا تطلبوا فيه حاجة. من كتاب عيون الاخبار، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: يوم السبت يوم مكر وخديعة. ويوم الاحد يوم غرس وبناء. ويوم الاثنين يوم سفر وطلب. ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم. ويوم الاربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس. ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح.


(1) هو إبراهيم بن عثمان الكوفي، المكنى بأبي أيوب الخزاز، ثقة كبير المنزلة وله كتاب روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (2) سورة الجمعة آية: 10. (مكارم الاخلاق – 16)

[ 242 ]

عن أبي أيوب الخزاز قال: أردنا أن نخرج فجثنا نسلم على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: كأنكم طلبتم بركة الاثنين ؟ قلنا: نعم، قال: فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين، فقدنا فيه نبينا واتفع الوحي عنا، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء. وعنه (عليه السلام) قال: من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى. روي عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة فإذا نظرت في الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها. وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي ؟ قلت: نعم، قال: أحرق كتبك. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يكره أن يسافر الرجل أو يزوج والقمر في المحاق. عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: الشؤم للمسافر في طريقه في ستة: الغراب الناعق عن يمينه. والكلب الناشر لذنبه. والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقطع على ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا (1). والظبي السائح من يمين إلى شمال. والبومة الصارخة. والمرأة الشمطاء يرى وجهها (2). والاتان العضباء يعني الجدعاء (3)، فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل: ” اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك “، قال: فيعصم من ذلك. عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يكره السفر في شئ من الايام المكروهة، الاربعاء وغيره، وقال: افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك. وعنه (عليه السلام) قال: قال زين العابدين (عليه السلام): حجوا واعتمروا تصح أبدانكم وتتسع أرزاقكم وتكفوا مؤناتكم ومؤنات عيالكم. وعنه (عليه السلام) قال: لو حج رجل ماشيا فقرأ ” إنا أنزلناه ” ما وجد ألم المشي. وقال (عليه السلام): من يقرأ أحد ” إنا أنزلناه ” حين يركب دابته إلا نزل منها سالما مغفورا له. ولقارئها أثقل على الدواب من الحديد. وأن البعير إذا حج عليه سبع حجات صير من نعم الجنة.


(1) العواء: صوت السباع من الذئب وغيره. وأقعى الذئب: جلس على إسته وألصق إليته بالارض ونصب ساقيه. (2) الشمطاء: المرأة التي بياض شعر رأسها يخالط سوادها. (3) الاتان: الحمارة. والعضباء والجدعاء: المقطوعة الاذن أو الانف.

[ 243 ]

قال أبو جعفر (عليه السلام): لو كان شئ يسبق القدر لقلت: إن قارئ ” إنا أنزلناه ” حين يسافر أو يخرج من منزله سيرجع إليه سالما إن شاء الله تعالى. الفصل الثاني (في إفتتاح السفر بالصدقة وغيرها) عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: تصدق واخرج أي يوم شئت. عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أيكره السفر في شئ من الايام المكروهة مثل يوم الاربعاء وغيره ؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك. واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك. عن إبن أبي عمير (1) قال: كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شئ، فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، فقال: إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين، ثم امض، فإن الله عز وجل يدفع عنك. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم. من كتاب المحاسن، عن عبد الله بن سليمان، عن أحدهما عليهما السلام قال: كان أبي إذا خرج يوم الاربعاء أو في يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره تصدق بصدقة، ثم خرج. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزوجل بما تيسر له ويكون


(1) هو أبو أحمد محمد بن زياد بن عيسى الازدي من أصحاب الاجماع وأدرك الامام السابع والثامن والتاسع عليهم السلام، توفي سنة 217 ه‍.

[ 244 ]

ذلك إذا وضع رجله في الركاب. وإذا سلمه الله وانصرف حمد الله عز وجل وشكره وتصدق بما تيسر له. وعنه (عليه السلام) قال: إذا أردت سفرا فاشتر سلامتك من ربك بما طابت به نفسك، ثم تخرج وتقول: ” اللهم إني أريد سفر كذا وكذاو إني قد اشتريت سلامتي في سفري هذا بهذا ” وتضعه حيث يصلح. وتفعل مثل ذلك إذا وصلت شكرا. (في العصا) من كتاب الفردوس، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيعجز أحدكم أن يتخذ في يده عصا في أسفله عكازة (1)، يدعم عليها إذا أعيا ويجر بها الماء ويميط بها الاذى عن الطريق ويقتل بها الهوام ويقاتل بها السباع ويتخذها قبلة بأرض فلاة. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حمل العصا علامة المؤمن وسنة الانبياء عليهم السلام. عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): المشي بالعصا من التواضع ويكتب له بكل خطوة ألف حسنة ويرفع له ألف درجة. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الاية: ” ولما توجه تلقاء مدين قال عيسى ربي أن يهديني سواء السبيل ” إلى قوله: ” والله على ما نقول وكيل ” (2) أمنه الله من كل سبع ضار ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها. وقال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد أن تطوي له الارض فليتخذ عصا من النقد. (والنقد عصا لوز مر) (3).


(1) العكاز والعكازة – كتفاح وتفاحة -: عصا ذات زج في أسفلها، يتوكأ عليها الرجل. والزج – بالضم فالتشديد -: الحديدة التي في أسفل الرمح، ويدعم عليها أي يتكأ عليها. (2) سورة القصص: آية 21. والحمة – بالضم فالتخفيف كصرد وأصله يائي -: السم. (3) النقد – بفتحتين أو بضمتين -: ضرب من الشجر أي الشجر اللوز.

[ 245 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تعصوا، فإنها من سنن إخواني النبيين عليهم السلام. وكانت بنوا إسرائيل، الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم. (في التعمم تحت الحنك) من ثواب الاعمال، عن الصادق (عليه السلام) قال: ضمنت لمن يخرج من بيته متعمما تحت حنكه أن يرجع إليه سالما. وعنه (عليه السلام) قال: من خرج في سفر فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: أنا الضامن لمن خرج يريد سفرا متعمما تحت حنكه أن لا يصيبه السرق والغرق والحرق. الفصل الثالث (فيما يستحب عند الخروج إلى السفر) (في الدعاء عند الخروج) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول عند التوديع: ” اللهم إني أستودعك [ اليوم ] ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني وأهل حزانتي (1)، الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك، عز جارك وجل ثناؤك وامتنع عائذك ولا إله غيرك، توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا “. وكان أبو جعفر (عليه السلام) إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال: ” اللهم إني أستوذعك ” إلى آخره. عن صباح الحذاء قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لو كان


(1) الحزانة – بالضم والتخفيف -: عيال الرجل الذين يتحزن لهم ويهتم لامرهم.

[ 246 ]

الرجل منكم إذا أراد سفرا قال على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقرأ ” فاتحة الكتاب ” أمامه وعن يمينه وعن شماله، و ” آية الكرسي ” أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم قال: ” اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن [ الجميل ] ” لحفظه الله تعالى وحفظ ما معه وسلمه الله وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه، قال: ثم قال: يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه ؟ قلت: بلى، جعلت فداك. وكان الصادق (عليه السلام) إذا أراد سفرا قال: ” اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأعظم عافيتنا “. عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: ” بسم الله آمنت بالله، توكلت على الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ” فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه وقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قال حين خرج من داره: ” أعوذ بالله مما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم ومن شر الشياطين ومن شر من نصب لاولياء الله ومن شر الجن والانس ومن شر السباع والهوام (1) ومن شر ركوب المحارم كلها، أجير نفسي بالله من شر كل شئ ” غفر الله له وتاب عليه وكفاه المهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر. عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يرد سفرا إلا قال حين ينهض من مجلسه أو من جلوسه: ” اللهم بك انتشرت وإليك توجهت وبك اعتصمت، أنت ثقتي ورجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم له وما أنت أعلم به مني، اللهم زودني التقوى واغفر لي ووجهني إلى الخير حيثما توجهت “، ثم يخرج. وكان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول إذا خرج في سفره: ” اللهم احفظني واحفظ ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن، بالله أستفتح وبالله أستنجح وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أتوجه، اللهم سهل لي كل حزونة وذلل لي كل صعوبة وأعطني من الخير كله أكثر مما


(1) الهامة والهوام، كدابة ودواب: ما كانه له سم كالحية. والهوام، كشداد: الاسد.

[ 247 ]

أرجو، واصرف عني من الشر أكثر مما أحذر في عافية يا أرحم الراحمين “. وكان يقول أيضا: ” أسأل الله الذي بيده ما دق وجل وبيده أقوات الملائكة [ والناس أجمعين ] أن يهب لنا في سفرنا أمنا وإيمانا وسلامة وإسلاما وفقها وتوفيقا وبركة وهدى وشكرا وعافية ومغفرة وعزما لا يغادر ذنبا “. وعنه (عليه السلام) قال: من قال حين يخرج من منزله: ” الله أكبر الله أكبر الله أكبر، باسم الله دخلت وباسم الله خرجت وعلى الله توكلت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله أجمعين، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر غيري ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم “. كان في ضمان الله حتى يرجع إلى منزله، قال: ثم يقول: ” توكلت على الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له، اللهم أوسع علي من فضلك وأتمم علي من نعمتك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني في سبيلك على ملتك وملة رسولك “، ثم اقرأ ” آية الكرسي والمعوذتين “، ثم اقرأ ” سورة الاخلاص ” بين يديك ثلاث مرات ومن فوقك مرة ومن تحتك مرة ومن خلفك ثلاث مرات وعن يمينك ثلاث مرات وعن شمالك ثلاث مرات وتوكل على الله. عوذة – كان يتعوذ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر قبل الليل: ” يا أرض ربي وربك الله، وأعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وسوء ما خلق فيك وسوء ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود ومن شر الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ومن شر والد وما ولد، اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الارضين السبع وما أقللن ورب الرياح وما ذرين ورب الشياطين وما أضللن، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك خير هذه الليلة وخير هذا اليوم وخير هذا الشهر وخير هذه السنة وخير هذا البلد وأهله وخير هذه القرية وأهلها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم “. (في القول عند الركوب والمسير) عن الصادق (عليه السلام) أنه كان إذا وضع رجله في الركاب يقول: ” سبحان الذي


[ 248 ]

سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين “. ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل الله سبعا. عن الاصبغ بن نباتة أنه قال: أمسكت لامير المؤمنين (عليه السلام) بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه فتبسم، فقلت: يا أمير المؤمنين [ عليك سلام الله ] رأيتك رفعت رأسك وتبسمت، قال: نعم، يا أصبغ أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني، أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشهباء (1) فرفع رأسه إلى السماء وتبسم، فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت ؟ فقال: يا علي إنه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة ” إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام ” إلى آخرها (2)، ثم يقول: ” أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ” إلا قال السيد الكريم: ” يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه “. عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا ركب الرجل الدابة فسمى، ردفه ملك يحفظه حتى ينزل، فإن ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول: تغن، فإن قال: لا أحسن، قال: تمن، فلا يزال يتمنى حتى ينزل. وقال (عليه السلام): من قال إذا ركب الدابة: ” بسم الله ولا قوة إلا بالله الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ” حفظت له نفسه ودابته حتى ينزل. وفي رواية اخرى ما يقال عند الركوب: ” الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الامر وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل والمال والولد، اللهم أنت عضدي وناصري ” وإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك: ” خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني ولا قوة ولكن بحول الله وقوته، برئت إليك يا رب من الحول والقوة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا


(1) الشهباء – مؤنث الاشهب -: فرس للقتال. (2) سورة الاعراف: آية 52 وهي معروفة بآية السخرة.

[ 249 ]

تسوقه إلي وأنا خافض في عافية بقوتك وقدرتك، اللهم إني سرت في سفري هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا [ يا ذا الجلال والاكرام برحمتك يا أرحم الراحمين ]. (في التشييع) شيع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعفر الطيار لما وجهه إلى الحبشة وزوده هذه الكلمات: ” اللهم الطف به في تيسير كل عسير، فإن تيسير العسير عليك يسير [ إنك على كل شئ قدير ]، أسألك [ له ] اليسر والمعافاة [ الدائمة ] في الدنيا والاخرة. وودع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا فقال: زودك الله التقوى وغفر ذنبك ولقاك الخير حيث كنت. ولم شيع أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا ذر رضي الله عنه، شيعه الحسن والحسين عليهما السلام وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر رضي الله عنهم، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ودعوا أخاكم، فإنه لابد للشاخص أن يمضي وللمشيع أن يرجع، فتكلم كل رجل منهم على حياله، فقال الحسين بن علي عليهما السلام: رحمك الله يا أبا ذر إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء لانك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم، فما أحوجهم [ غدا ] إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك، فقال أبو ذر رضي الله عنه: رحمكم الله من أهل بيت فمالي شجن في الدنيا غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم [ جدكم ] رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا ودع المؤمنين قال: زودكم الله التقوى ووجهكم إلى كل خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردكم إلي سالمين. وفي خبر آخر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثم قال: أحسن الله لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير، عليك بتقوى الله، أستودع الله نفسك، سر على بركة الله عزوجل. (في الوداع) من أراد أن يودع رجلا فليقل: ” أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك،


[ 250 ]

أحسن الله لك الصحابة وأعظم لك العافية وقضى لك الحاجة وزودك التقوى ووجهك للخير حيثما توجهت وردك الله سالما غانما “. من كتاب المحاسن، عن الصادق (عليه السلام) قال: ودع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا فقال له: ” سلمك الله وغنمك “. الفصل الرابع (في مكارم الاخلاق في السفر وحسن الصحبة ومراقبة الحقوق وطلب الرفقة) عن أبي ربيع الشامي (1) قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) والبيت غاص بأهله، فقال (عليه السلام): ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه (2) ومخالقة من خالقه. عنه (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، وحلم يملك به غضبه، ووزع يحجزه عن محارم الله تعالى. وعنه (عليه السلام) قال: ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر. عن عمار بن مروان قال: أوصاني أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: أوصيك بتقوى الله وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة لمن صحبك ولا قوة إلا بالله. عن أبي بصير قال: قلت للصادق (عليه السلام): يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرجون النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا ؟ قال: ما أحب أن يذل نفسه، ليخرج مع من هو مثله. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا (3) عليه فافعل.


(1) هو خالد أو خليد بن أوفى العنزي من أصحاب الصادق (عليه السلام)، له كتاب. (2) مالحه: أكل معه، والممالحة: المؤاكلة. وخالقه: عاشره بخلق حسن. (3) اليد العليا: المعطية والمتعففة. واليد السفلى: المانعة والسائلة.

[ 251 ]

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرفيق ثم السفر. وقال (عليه السلام): ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما بصاحبه. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تصحبن في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم، فإن ذلك أطيب لانفسهم وأحسن لاخلاقهم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إصحب من تتزين به ولا تصحب من يتزين بك. وعنه (عليه السلام) قال: البائت في البيت وحده شيطان والاثنان أمة والثلاثة أنس. عن شهاب بن عبد ربه قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم، قال: لا تفعل يا شهاب، فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم، وإن هم أمسكوا أذللتهم. فاصحب نظراءك. قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك، فإن ذلك مذلة للمؤمن. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحب الصحابة إلى الله عزوجل أربعة، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم. قال الصادق (عليه السلام): حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا. عنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من نفقة أحب إلى الله عزوجل من نفقة قصد، وإن الله يبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر خرج حاجا: من كان سيئ الخلق والجوار فلا يصحبنا. عن الحلبي قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن القوم يصطحبون فيكون فيهم الموسر وغيره، أينفق عليهم الموسر ؟ قال: إن طابت بذلك أنفسهم وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): سيد القوم خادمهم في السفر. ومن كتاب شرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه أمر أصحابه بذبح


[ 252 ]

شاة في سفر، فقال رجل من القوم: علي ذبحها، وقال الاخر: علي سلخها، وقال الاخر: علي قطعها، وقال الاخر: علي طبخها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي أن القط لكم الحطب، فقالوا: يا رسول الله لا تتعبن – بآبائنا وأمهاتنا أنت – نحن نكفيك، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عرفت أنكم تكفوني ولكن الله عز وجل يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم، فقام (صلى الله عليه وآله وسلم) يلقط الحطب لهم. (في آداب المسافر) كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر يصحب مع نفسه المشط والسواك والمكحلة. عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم. وأكثر التبسم في وجوههم. وكن كريما على زادك بينهم. وإذا دعوك فأجبهم. وإذا استعانوا بك فأعنهم. واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد. وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر. ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة. وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم. وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم. وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فاعط معهم. واسمع لمن هو أكبر منك سنا. وإذا أمروك بأمر أو سألوك شيئا فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن لا عي ولؤم (1). وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا. وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا. وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب. يا بني: إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ وصلها واسترخ منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج (2). ولا تنامن


(1) العي: العجز في الكلام. وفي بعض النسخ ” الغي ” أي الخيبة والضلالة. وفي بعضها ” عمى “. (2) الزج – بالضم -: نصل السهم والحديدة التي في أسفل الرمح ويقابله السنان.

[ 253 ]

على دابتك، فإن ذلك يسرع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل. فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبة. وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس. فإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض. وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة. وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل. وعليك بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا. وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا. وعليك بالدعاء ما دمت خاليا. وإياك والسير من أول الليل إلى آخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك. (في بذل الزاد والمروة في السفر) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره. وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو للعمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمص والمحلا. من المحاسن قال الصادق (عليه السلام): ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في سفره من خير أو شر. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره. وروي أنه قام أبو ذر رضي الله عنه عند الكعبة فقال: أنا جندب بن السكن فاكتنفه الناس، فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لا تتخذ فيه من الزاد ما يصلحه، فسفر يوم القيامة أما تزودون فيه ما يصلحكم، فقام إليه رجل فقال: أرشدنا ؟ فقال: صم يوما شديد الحر للنشور. وحج حجة لعظائم الامور. وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها وكلمة شر تسكت عنها أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجوا يا مسكين من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك، ودرهما قدمته لاخرتك والثالث يضر ولا ينفع لا ترده. اجعل الدنيا كلمتين: كلمة


(1) حمص السويق: خمسه وقلاه. وحلى الشئ: صيره حلوا.

[ 254 ]

في طلب الحلال وكلمة للاخرة والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا أدركه. وقال لقمان لابنه: يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الايمان بالله عزوجل واجعل شراعها التوكل على الله واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك. يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك، وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك. وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل. وفي رواية بعضهم: وقوسك وفرشك. عن الصادق (عليه السلام): سئل عن أمر الفتوة ؟ فقال: تظنون أن الفتوة بالفسق والفجور وإنما الفتوة والمروة طعام موضوع ونائل مبذول وبشر معروف وأذى مكفوف، فأما تلك فشطارة وفسق (1)، ثم قال (عليه السلام): ما المروة ؟ فقال الناس: لا نعلم، قال (عليه السلام): ليس المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره والمروة مروتان: مروة في الحضر ومروة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج والنعمة ترى على الخادم، فإنها تسر الصديق وتكبت العدو. وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عز وجل، ثم قال: والذي بعث جدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروة، فإن المعونة تنزل على قدر المؤنة وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء. الفصل الخامس (في حفظ المتاع والاستخارة وطلب الحاجة) (في حفظ المتاع) عن الصادق (عليه السلام) قال: من قرأ ” آية الكرسي ” في السفر في كل ليلة سلم وسلم ما معه ويقول: ” اللهم اجعل مسيري عبرا وصمتي تفكرا وكلامي ذكرا “.


(1) شطر بصره شطورا: صار كأنه ينظر إليك وألي آخر. وشطر فلان على أهله: ترك موافقتهم وأعياهم لؤما وخبثا. وشطر شطارة: اتصف بالدهاء والخبث.

[ 255 ]

من مسموعات السيد الامام ناصح الدين أبي البركات المشهدي رحمه الله، عن محمد ابن عيسى، عن رجل قال: بعث إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) من خراسان ثياب رزم (1) وكان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا ؟ قال: طين قبر الحسين عليه السلام، ما يكاد يوجه شيئا من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين وكان يقول: أمان فإذن الله تعالى. عنه (عليه السلام) قال: أتى أخوان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالا: يا رسول الله إنا نريد الشام في تجارة فعلمنا ما نقول ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): بعد إذ آويتما إلى منزل فصليا العشاء الاخرة، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، ثم ليقرأ ” آية الكرسي ” فإنه محفوظ من كل شئ، وإن لصوصا تبعوهما حتى نزلا فبعثوا غلاما لهم ينظر كيف حالهما، ناموا أو مستيقظون، فانتهى الغلام إليهم وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه وقرأ ” آية الكرسي ” وسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، قال: فإذا عليهما حائطان مبنيان فجاء الغلام فطاف بهما فكلما دار لم ير إلا حائطين فرجع إلى أصحابه فقال: لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين، فقالوا: أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت فقاموا فنظروا فلم يجدوا إلا حائطين مبنيين فداروا بالحائطين فلم يروا إنسانا فانصرفوا إلى موضعهم، فلما كان من الغد جاؤوا إليهما، فقالوا: أين كنتما ؟ فقالا: ما كنا إلا ههنا، ما برحنا، فقالوا: لقد جئنا فما رأينا إلا حائطين مبنيين فحدثانا ما قصتكما ؟ فقالا: أتينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعلمنا ” آية الكرسي ” وتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، ففعلنا، فقالوا: انطلقا فوالله لا نتبعكما أبدا ولا يقدر عليكما لص بعد هذا الكلام. (في الاستخارة للتجارة) قال عبد الرحمن بن سيابة: خرجت سنة إلى مكة ومتاعي بز (2) قد كسد علي، قال: فأشار علي أصحابنا إلى أن أبعثه إلي مصر ولا أرده إلى الكوفة أو إلى


(1) الرزمة كسدرة: الكارة من الثياب أي ما جمع وشد معا كأنه من رزمت الثوب: جمعته. (2) البز – بالفتح – الثياب من القطن أو الكتان ومنه البزاز: يباعه.

[ 256 ]

اليمن فاختلفت علي آراؤهم، فدخلت على العبد الصالح (عليه السلام) بعد النفر بيوم ونحن بمكة فأخبرته بما أشار به أصحابنا وقلت له: جعلت فداك فما ترى حتى أنتهي إلى ما تأمرني به ؟ فقال (عليه السلام) لي: ساهم بين مصر واليمن، ثم فوض في ذلك أمرك إلى الله فأي بلد خرج سهمها من الاسهم فابعث متاعك إليها، قلت: جعلت فداك كيف أساهم ؟ قال: اكتب في رقعة ” بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أنت الله الذي لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة، أنت العالم وأنا المتعلم فانظر لي في أي الامرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه وأعمل به ” ثم اكتب مصر إن شاء الله، ثم اكتب رقعة اخرى مثل ما في الرقعة الاولى شيئا فشيئا، ثم اكتب اليمن، ثم اكتب رقعة اخرى مثل ما في الرقعتين شيئا شيئا، ثم اكتب بحبس المتاع ولا يبعث إلى بلد منهما، ثم اجمع الرقاع وادفعها إلى بعض أصحابك فليسترها عنك، ثم أدخل يدك فخذ رقعة من الثلاث، فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله واعمل بما فيها إن شاء الله. عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا هم بحج أو عمرة أو عتق أو شراء أو بيع تطهر وصلى ركعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة ” الرحمن ” وسورة ” الحشر “، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مائتي مرة، ثم قرأ ” قل هو الله أحد ” و ” المعوذتين “، ثم قال: ” اللهم إني هممت بأمر [ قد ] علمته، فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدروه لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني، رب هب لي رشدي وإن كرهت ذلك أو أحبت نفسي، ببسم الله الرحمن الرحيم ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل ” ثم يمضي ويعزم. (في طلب الحاجة) إذا أردت أن تغدو في حاجتك وقد طلعت الشمس وذهبت حمرتها فصل ركعتين بالحمد و ” قل هو الله أحد ” و ” قل يا أيها الكافرون “، فإذا سلمت فقل: ” اللهم إني غدوت ألتمس من فضلك كما أمرتني فارزقني من فضلك رزقا حسنا واسعا حلالا طيبا وأعطني فيما رزقتني العافية، غدوت بحول الله وقوته، غدوت بغير حول مني ولا قوة ولكن بحولك وقوتك وأبرأ إليك من الحول والقوة، اللهم إني


[ 257 ]

أسألك بركة هذا اليوم فبارك لي في جميع اموري يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين “. فإذا انتهيت إلى السوق فقل: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم إني أسألك خيرها وخير أهلها وأعوذ بك من شرها ومن شر أهلها، اللهم إني أعوذ بك أن أبغي أو يبغى علي أو أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي، وأعوذ بك من إبليس وجنوده وفسقة العرب والعجم، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم “. وإذا أردت أن تشتري شيئا فقل: ” يا حي يا قيوم يا دائم يا رؤوف يا رحيم أسألك بعونك وقدرتك وما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا وأوسعها فضلا وخيرها لي عاقبة “. وإذا اشتريت دابة أو رأسا فقل: ” اللهم ارزقني أطولها حياة وأكثرها منفعة وخيرها عاقبة “، عن الصادق (عليه السلام). وعنه (عليه السلام) أيضا: إذا اشتريت شيئا من متاع أو غيره فكبره وقل: ” اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إني اشتريته ألمتس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا “، ثم أعد كل واحدة ثلاث مرات. الفصل السادس (في آداب المشي وكراهية الوحدة في السفر وأدعية متفرقة) (في المشي) عن الصادق (عليه السلام) قال: سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم. وروي أن قوما مشاة أدركهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فشكوا إليه شدة المشي، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: استعينوا بالنسل. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سرعة المشئ تذهب ببهاء المؤمن. عنه (عليه السلام) أيضا قال: سرعة المشي نكس. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): سرعة المشي تذهب ببهاء المرء. (مكارم الاخلاق – 17)


[ 258 ]

سأل معاوية بن عمار أبا عبد الله (عليه السلام): عن رجل عليه دين أعليه أن يحج ؟ فقال (عليه السلام) له: نعم، إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاة. ولقد مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكراع الغميم (1) فشكوا إليه الجهد [ والطاقة ] والاعياء، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): شدوا أزركم (2) واستبطنوا، ففعلوا فذهب عنهم ذلك. وفي رواية، فدعا لهم وقال: خيرا. وقال: عليكم بالنسلان والبكور (3) وسرى من الدلج، فإن الارض تطوي بالليل. عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عزوجل: ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” (4)، قال: يخرج فيمشي إن لم يكن عنده شئ، قلت: لا يقدر على المشي، قال (عليه السلام): يمشي ويركب قلت: لا يقدر على ذلك، قال (عليه السلام): يخدم القوم ويخرج معهم. عن الصادق (عليه السلام) قال: جاءت المشاة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكوا إليه الاعياء، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالنسلان، ففعلوا فذهب عنهم الاعياء (5). وعنه (عليه السلام) قال: راح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكراع الغميم فصف له المشاة وقالوا: نتعرض لدعوته، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ” اللهم أعطهم أجرهم وقوهم “، ثم قال: لو استعنتم بالنسلان لخفت أجسامكم وقطعتم الطريق، ففعلوا فخفت أجسامهم. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الراكب أحق بالجادة من الماشي. والحافي أحق من المنتعل. عن (عليه السلام) قال: ليس للمرأة أن تمشي وسط الطريق ولكن تمشي في جانبيه.


(1) كراع الارض – بالضم -: ناحيتها. ومنه كراع الغميم: طرفه وهو واد بين الحرمين على مرحلتين من مكة. (2) الازر: الظهر يقال: شد به أزره أي ظهره. واستبطنوا أي دخلوا بطنكم. (3) النسلان – بالتحريك – مصدر نسل في مشيه أي أسرع. والبكور فعل أو أتاه بكرة أي غدوة. السرى – بالضم – والسريان – بالتحريك – وسرية – كغرفة -: مصادر سرى فلان – كرمى -: سار ليلا. والدلج – بالتحريك – والدلجة – بالضم والفتح -: السير من أول الليل. (4) سورة آل عمران: آية 91. (5) الاعياء – بالكسر -: التعب والكل في المشي.

[ 259 ]

وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس للنساء من سروات الطريق يعني من وسطه، إنما لهن جوانبه (1). (في كراهية الوحدة في السفر) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أنبئكم بشر الناس ؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده (2). وعنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي: لا تخرج في سفرك وحدك، فإن الشيطان مع الواحد ومن الاثنين أبعد. عن الكاظم (عليه السلام) قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثة الاكل زاده وحده، والنائم في بيت وحده، والراكب في الفلاة وحده. عن إسماعيل بن جابر قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) بمكة إذ جاؤه رجل من المدينة، فقال (عليه السلام) له: من صحبك ؟ فقال ما صحبت أحدا، فقال له الصادق (عليه السلام): أما لو كنت تقدمت إليك لاحسنت أدبك، ثم قال: واحد شيطان، واثنان شيطانان وثلاثة صحب، وأربعة رفقاء. عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: من خرج وحده في سفر فليقل: ” ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي، وأد غيبتي “. (في دعاء الضال) عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا ضللت عن الطريق فناد ” يا صالح – أو يا أبا صالح – أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله ” وروي أن البر موكل به صالح. والبحر موكل به حمزة. عنه (عليه السلام) قال: إذا تغولت لكم الغيلان (3) فأذنوا. عن أبي عبيدة الحذا (4) قال: كنت مع الباقر (عليه السلام) فضل بعيري، فقال (عليه السلام):


(1) السراة – بالفتح -: الظهر. ومن الطريق: متنه وأعلاه. ومن النهار: ارتفاعه. (2) الرفد – بالفتح -: النصيب. – وبالكسر -: العطاء والمعونة. (3) الغيلان – بالكسر -: جمع غول وهو نوع من الجن والشيطان -: وأيضا: الداهية والهلكة. (4) هو زياد بن عيسى الكوفي المعروف بأبي عبيدة الحذاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ومات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) بالمدينة، ثقة وكان حسن المنزلة عند آل محمد عليهم السلام وكان زميل أبي جعفر (عليه السلام) إلى مكة.

[ 260 ]

صل ركعتين ثم قل: كما أقول: ” اللهم راد الضالة، هادئا من الضلالة رد علي ضالتي فإنها من فضلك وعطائك ” ثم قال (عليه السلام): يا أبا عبيدة تعال فاركب، فركبت مع أبي جعفر (عليه السلام) فلما سرنا إذا سواد على الطريق، فقال (عليه السلام): يا أبا عبيدة هذا بعيرك فإذا هو بعيري. (في الدعاء عند نزول المنزل) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي: إذا نزلت منزلا فقل: ” رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين “. وفي رواية ” وأيدني بما أيدت به الصالحين وهب لي السلامة والعافية في كل وقت وحين، أعوذ بكلمات الله التامات [ كلها ] من شر ما خلق وذرأ وبرأ ” ثم صل ركعتين وقل: ” اللهم ارزقنا خير هذه البقعة وأعذنا من شرها، اللهم أطعمنا من جناها (1) وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا “. وإذا أردت الرحيل فصل ركعتين وادع الله بالحفظ والكلاءة وودع الموضع وأهله، فإن لكل موضع أهلا من الملائكة وقل: ” السلام على ملائكة الله الحافظين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين [ ورحمة الله وبركاته ] “. (في الدعاء عند الرجوع من السفر) روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال – لما رجع من خيبر -: ” آئبون تائبون إن شاء الله عابدون راكعون ساجدون لربنا حامدون، اللهم لك الحمد على حفظك إياي في سفري وحضري، اللهم اجعل أوبتي هذه مباركة ميمونة مقرونة بتوبة نصوح توجب لي بها السعادة يا أرحم الراحمين “. (في الدعاء عند دخول مدينة أو قرية) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: ” اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم حببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا “.


(1) الجنى – كحصى -: ما يحنى من ثمر أو عسل أو ذهب ونحوها.

[ 261 ]

(في الدعاء في المسير) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر. قار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل ولا كبر مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما بين يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب. (في ركوب السفينة) ” بسم الله الملك الحق وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (1)، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم “. (في الدعاء على الجسر) إذا بلغت جسرا فقل حين تضع قدمك عليه: ” بسم الله، اللهم ادحر عني الشيطان الرجيم “. عن الصادق (عليه السلام) قال: إن على ذروة كل جسر شيطانا فإذا انتهيت إليه فقل: ” بسم الله ” يرحل عنك. قال الصادق (عليه السلام): إذا كنت في سفر أو مفازة فخفت جنيا أو آدميا فضع يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك ” أفغير الله يبغون وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون “. (في القول للقادم من الحج وغيره) قال الصادق (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول للقادم من الحج. ” تقبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك “. قال الصادق (عليه السلام): من عانق حاجا بغباره كان كمن استلم الحجر الاسود. وإذا قدم الرجل من السفر ودخل منزله ينبغي أن لا يشتغل بشئ حتى يصب عليه نفسه


(1) سورة الزمر: آية 67.

[ 262 ]

الماء ويصلي ركعتين ويسجد ويشكر الله مائة مرة. هكذا هو المري عنهم عليهم السلام. ولما رجع جعفر الطيار من الحبشة ضمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صدره وقبل ما بين عينيه وقال: ما أدري بأيهما أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر. وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصافح بعضهم بعضا، فإذا قدم الواحد منهم من سفره فلقي أخاه عانقه. الفصل السابع (في حسن القيام على الدواب وحقها على صاحبها) روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الدابة تقول: ” اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني ما لا أطيق “. عن الصادق (عليه السلام) قال: ما اشترى أحد دابة إلا قالت: ” اللهم اجعله بي رحيما “. وعنه (عليه السلام) قال: اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضي عليها الحوائج ورزقها على الله عزوجل. روى السكوني بإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله تبارك وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف (1) فانزلوا منازلها، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عليها وإن كانت مخصبة فانزلوا منازلها. قال علي (عليه السلام): من سافر منكم بدابة فليبدأ حين نزل بعلفها وسقيها. قال أبو جعفر (عليه السلام) [ إذا سافرت في أرض خصبة فارفق بالسير. و ] إذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير. عن الصادق (عليه السلام) قال: من اشترى دابة كان له ظهرها وعلى الله رزقها. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن للدابة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله، ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق. عن الصادق (عليه السلام) قال: من سعادة المرء دابة يركبها في حوائجه ويقضي عليها حوائج إخوانه.


(1) العجاف – بالكسر: جمع عجف، ككتف وعجفاء: التي ضعفت وذهب سمنها أي المهزولة.

[ 263 ]

وقال (عليه السلام): السرج مركب ملعون للنساء. وقال (عليه السلام): من شقاء العيش مركب السوء. وقال (عليه السلام): الركوب نشرة. سأل رجل عن الصادق (عليه السلام): متى أضرب دابتي تحتي ؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها (1). عنه (عليه السلام) قال: أضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار، فإنها ترى ما لا ترون (2). عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها: تعست، تقول: تعس إعصانا للرب (3). قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما عثرت دابتي قط، قيل: ولم ذلك ؟ قال: لاني لم أطأ بها زرعا قط. وعن علي (عليه السلام) في الدواب: ولا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها، فإن الله عز وجل لعن لاعنها. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا لعنت الدواب لزمتها اللعنة [ على صاحبها ]. وقال (عليه السلام) أيضا: لا تتوركوا على الدواب (4). ولا تتخذوا ظهورها مجالس. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي لا تردف ثلاثة فإن أحدهم ملعون وهو المقدم. وقال (عليه السلام): لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها. عن السكوني بإسناده: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أين صاحبها، لا مروة له فليستعد غدا للخصومة. حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط قط.


(1) المذود – كمنبر – معتلف الدابة. (2) العثار – بالسكر -: السقطة والزلة، يقال: عثرت الدابة – من بابي ضرب ونصر -: زلت وسقطت. ونفرت الدابة من كذا نفارا – من بابي ضرب ونصر -: جزعت وتباعدت. (3) تعست الدابة – من بابي علم ومنع -: عثرت وأكبت على وجهها – وأيضا بمعنى هلكت. (4) تورك: اعتمد على وركه. – الشئ: حمله على وركه. – الراكب. -: ثنى رجله ليركب أو يستريح.

[ 264 ]

عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس. (فيما جاء في الابل) قال الصادق (عليه السلام): إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا (1). وقال (عليه السلام) أيضا: اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا (2). ونهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن يتخطى القطار، قيل: يا رسول الله ولم ؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان. ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن إبل الجلالة (3) أن تؤكل لحومها وأن يشرب لبنها، ولا يحمل عليها الادم، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة. (في الخيل وغيرها) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، والمنفق عليها في سبيل الله كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لا تجزوا نواصي الخيل ولا أعرافها ولا أذنابها، فإن الخير في نواصيها وإن أعرافها دفؤها وإن أذنابها مذابها (4). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يمن الخيل في كل أحوى أحمر وفي كل أدهم أغر مطلق اليمين (5). عن الرضا (عليه السلام) قال: على كل منخر من الدواب شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم الله عزوجل.


(1) الحمر – بضم فسكون -: جمع أحمر. وحمر الفرس – من باب علم -: سنق واتخم أو فسدت رائحة فمه فهو حمر ككتف. والحمر – بالتحريك -: داء يعتري الدابة من أكل الشعير. (2) والقباح – بالفتح -: طرف العضد مما يلي المرفق، أو ملتقى الساق والفخذ. (3) الجلالة: التي تكون غذاؤه عذرة وهي نجس فتحرم لحمها وشرب لبنها إلا أن تعلف أربعين يوما حتى تطهر ويحل لحمها ولبنها. والجلة – بالتثليث فالتشديد -: البعرة وتطلق على العذرة أيضا. (4) العرف – بالضم – من الدابة: الشعر النابت في محدب رقبتها والجمع أعراف. الدفء – بالكسر -: نقيض حدة البرد. وأيضا ما استدفأ به. (5) أحوى: أسود ليس بشديد السواد أي الذي سواده إلى الخضرة أو جمرة إلى السواد. والادهم: الاسود، والذي يشتد سواده. والاغر: الابيض، والذي في جبهته بياض.

[ 265 ]

وعن أبي عبيدة، عن أحدهما عليهما السلام قال: أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار فليقرأ في أذنها أو عليها ” أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون ” وليقل: ” اللهم سخرها لي وبارك لي فيها بحق محمد وآل محمد “. وليقرأ ” إنا أنزلناه “. عن الباقر (عليه السلام) قال: إن أحب المطايا إلي الحمر. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يركب حمارا أسمه يعفور. الفصل الثامن (في نوادر السفر) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي، إذا سافرت فلا تنزل الاودية، فإنها مأوى السباع والحيات. من كتاب المحاسن ذكر عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل، فقيل له: خير، قالوا: يا رسول الله خرج معنا حاجا، فإذا نزلنا لم يزل يهلل حتى نرتحل، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتى ننزل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فمن كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه ؟ قالوا: كلنا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): كلكم خير منه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في سفر يسير على ناقة إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، استقبلني جبريل (عليه السلام) فبشرني ببشارات من الله عزوجل فسجدت لله شكرا، لكل بشرى سجدة. عن إسحاق بن عمار قال: خرجت مع أبي عبد الله (عليه السلام) وهو يحدث نفسه، ثم إستقبل القبلة فسجد طويلا، ثم ألزق خده الايمن بالتراب طويلا، قال: ثم مسح وجهه ثم ركب، فقلت له: بابي أنت وأمي لقد صنعت شيئا ما رأيته قط، قال: يا إسحاق إني ذكرت نعمة من نعم الله عزوجل علي فأحببت أن أذلل نفسي، ثم قال: يا إسحاق ما أنعم الله على عبده بنعمة فشكرها بسجدة يحمد الله فيها ففرغ منها حتى يؤمن له بالمزيد من الدارين.


[ 266 ]

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا خرج أحدكم إلى سفر ثم قدم على أهله فليهدهم وليطرفهم ولو حجارة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أعيا أحدكم فليهرول. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لا تماكس (1) في أربعة أشياء: في شراء الاضحية وفي الكفن وفي ثمن نسمه وفي الكري إلى مكة. وكان يقول علي بن الحسين عليهما السلام لقهرمانه (2) إذا أراد أن يشري حوائج الحج: اشتر ولا تماكس. عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إله أهله. قال الصادق (عليه السلام): سير المنازل ينفد الزاد ويسئ الاخلاق ويخلق الثياب (3). والسير ثمانية عشر [ فرسخا أقله ]. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا ضللتم الطريق فتيامنوا. وقال الصادق (عليه السلام): إن على ذروة كل جسر شيطانا، فإذا انتهيت إليه فقل: ” بسم الله ” يرحل عنك. عن الرضا (عليه السلام) سئل عنه عن السرج واللجام وفيه الفضة، أيركب به ؟ فقال (عليه السلام): إن كان مموها (4) لا يقدر على نزعه فلا بأس وإلا فلا يركب به. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره من الغم والهم في الدنيا [ والاخرة ] ونفس عنه كربة العظيم ” يوم يعض الظالم على يديه “. عن يعقوب بن سالم قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): تكون معي الدراهم فيها.


(1) المماكسة: استحطاط الثمن، يقال: تماكس الرجلان في البيع أي تشاحا وأراد كل منهما أن يستأثر به. (2) القهرمان: أمين الدخل والخرج أو الوكيل. (3) اخلق الثوب: صيره باليا. (4) المموه: الممزوج والمخلوط من موه الشئ، بالتشديد: طلاه بماء الذهب والفضة ونحوهما.

[ 267 ]

تماثيل وأنا محرم، أفأجعلها في همياني وأشده في وسطي ؟ قال: لا بأس، هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل. وعنه (عليه السلام) قال: إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (1). عن نصر الخادم قال: نظر العبد الصالح أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر (2)، فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقدم على شئ مما فيها من الهوام. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنى (3). من المحاسن، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إياكم والتعريس (4) على ظهر الطريق وبطون الاودية، فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات. وقال الصادق (عليه السلام): إنك ستصحب أقواما فلا تقل: انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا، فإن فيهم من يكفيك.


(1) تنوق وتنيق في مطعمه أو ملبسه أو اموره، من باب تصرف: تجود وبالغ فيها. (2) الحلق، بفتحتين: جمع حلقة. والصفر، بالضم: الذهب، والنحاس الاصفر. (3) الخنى: الفحش من القول. وفي بعض السنخ ” خنا “. (4) التعريس: نزول المسافر في الليل للاستراحة والنوم، يقال: عرس القوم: نزلوا من السفر في آخر الليل للاستراحة ثم ارتحلوا.

[ 268 ]

الباب العاشر (في الادعية وما يتعلق بها وهو خمسة فصول) إن لمولاي وولي نعمي أبي – طول الله عمره ومتع المسلمين بطول بقائه – مجموعات جامعة في الدعوات فأردت أن أنتزع منها بابا مختصرا لائقا بهذا الكتاب، مستجمع لنفائس هذا الفن، فاستخرت الله في جميع ذلك، فخرج بعون الله بابا جامعا، نسأل الله توفيق العمل بما فيه بفضله إنه سميع مجيب. الفصل الاول (في فضل الدعاء وكيفيته) (فيما جاء في فضل الدعاء) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من شئ أكرم على الله تعالى من الدعاء. عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت للباقر (عليه السلام) أي العبادة أفضل ؟ فقال ما من شئ أحب إلى الله عزوجل من أن يسأل ويطلب مما عنده. وما أحد أبغض إلى الله عزوجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل مما عنده. عن الصادق عليه السلام: من لم يسأل الله من فضله افتقر. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يرد القضاء إلا الدعاء. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والارض. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم ؟ قالوا بلى: يا رسول الله، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء. عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يرفع يديه إذا ابتهل ودعاء كما يستطعم المسكين. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أعجز الناس من عجز عن الدعاء. وأبخل الناس من بخل بالسلام


[ 269 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطعية رحم ولا استجلاب إثم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له الدعوة، وإما أن يدخرها له في الاخرة، وإما أن يرفع عنه مثلها من السوء. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تستحقروا دعوة أحد، فإنه قد يستجاب اليهودي فيكم ولا يستجاب له في نفسه. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحب الاعمال إلى الله عزوجل في الارض الدعاء. وأفضل العبادة العفاف. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الدعاء يرد القضاء بعدما أبرم إبراما، فأكثروا من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة، ولا ينال ما عند الله إلا بالدعاء، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه. عبد الله بن ميمون القداح، عنه عليه عليه السلام قال: الدعاء كهف الاجابة كما أن السحاب كهف المطر. وعنه عليه السلام قال: ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار عزوجل إلا استحيا الله عز إسمه أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على رأسه ووجهه. عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: هل تعرفون طول البلاء من قصره ؟ قيل: لا، قال: إذا ألهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير. وقال (عليه السلام): إن الدعاء في الرخاء لينجز الحوائج في البلاء. وقال (عليه السلام): أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود (عليه السلام): اذكرني في سرائك أستجب لك في ضرائك. وقال (عليه السلام): من تخوف بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله عزوجل ذلك البلاء أبدا. عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام قالا: والله ما يلح عبد على الله إلا استجاب له. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فأتم ركوعهما وسجودهما ثم سلم وأثنى على الله عزوجل وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم سأل حاجته


[ 270 ]

فقد طلب الخير في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب. من الفردوس، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): البلاء يتعلق بين السماء والارض مثل القنديل، فإذا سأل العبد ربه العافية صرف الله عنه البلاء. وقال: سلوا لله عزوجل ما بدا لكم من حوائجكم حتى شسع النعل، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر. وقال: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. قال الصادق (عليه السلام): إن الله عزوجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه. وعنه (عليه السلام) قال: من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء في الرخاء. عن الرضا (عليه السلام) قال: دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج. عنه (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل لا يستجب دعاءا يظهر من قلب ساه (1)، فإذا دعوت فاقبل بقلبك ثم استيقن بالاجابة. وعنه (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه، إن الله عزوجل يحب أن يسأل ويطلب ما عنده. وعن الرضا (عليه السلام) أنه كان يقول لاصحابه: عليكم بسلاح الانبياء، فقيل: وما سلاح الانبياء ؟ قال (عليه السلام): الدعاء. وعن الصادق (عليه السلام) قال: الدعاء أنفذ من السنان. وعن حماد بن عثمان قال: سمعته يقول (عليه السلام): الدعاء يرد القضاء وينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما (2). عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: عليكم بالدعاء، فإن الدعاء والطلب إلى الله عزوجل يرد البلاء وقد قدر وقضى فلم يبق إلا إمضاؤه، فإنه إذا دعا الله وسأله صرف البلاء صرفا.


(1) ساه: أي غافل، اسم فاعل من سها يسهو. (2) السلك – بالكسر -: الخيط المفتل والذي ينظم فيه الخرز ونحوه.

[ 271 ]

قال الصادق (عليه السلام): عليك بالدعاء، فإن فيه شفاء من كل داء. وقال (عليه السلام): من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقيل: صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه. عن زين العابدين (عليه السلام) قال: الدعاء بعد ما ينزل البلاء لا ينفع. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا دعوت فاقبل بقلبك وظن أن حاجتك بالباب. وقال (عليه السلام): لا يلح عد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضاها له. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): رحم الله عبدا طلب من الله عزوجل حاجته وألح في الدعاء استجيب له أم لم يستجب وتلا هذه الاية ” وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ” (1). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما من أحد ابتلى وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافي الذي يأمن البلاء. (في الاوقات المرجوة لاجابة الدعاء) زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الافياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن [ الشهيد ]، فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الاشياء. عنه (عليه السلام) قال: يستجاب الدعاء في أربع: في الوتر، وبعد الفجر، وبعد الظهر، وبعد المغرب. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي إذا كانت له إلى الله عزوجل حاجة طلبها هذه الساعة يعني زوال الشمس. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رق أحدكم فليدع، فإن القلب لا يرق حتى يخلص. عن معاوية بن عمار، عنه (عليه السلام) قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند


(1) سورة مريم: آية 49.

[ 272 ]

زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من الطيب وراح إلى المسجد فدعا في حاجته بما شاء الله عزوجل. وعنه (عليه السلام) قال: إذا إقشعر جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك فقد نجح قصدك (1). أبو الصباح (2)، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل يحب من عباده المؤمنين كل عبد دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وتقسم فيها الارزاق وتقضى فيها الحوائج العظام. عن عمر بن أذينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي ويدعو الله عزوجل فيها إلا استجاب الله تعالى له في كل ليلة، قلت: أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل ؟ قال: إذا مضى نصف الليل وهي السدس الاول من أول النصف. عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء. وقال في قوله عزوجل ” وتبتل إليه تبتيلا ” (3): الدعاء بأصبع واحدة تشير بها، والتضرع أن تشير بإصبعك وتحركها، والابتهال رفع اليدين ومدهما، وذلك عند الدمعة ثم ادع. وعنه (عليه السلام) أنه ذكر الرغبة، وأبرز بطن راحتيه إلى السماء (4) وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا، وهكذا التبتل ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة، وهكذا الابتهال ومد يده بإزاء وجه إلى القبلة، وقال: لا تبتهل حتى تجري الدمعة. عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام قال: سألته عن الدعاء ورفع


(1) دونك: اسم فعل بمعنى خذ أي راقب نفسك في هذه الساعة ولا تغفل منها ونوى قصدك فقد فاز به. (2) هو إبراهيم بن نعيم العبدي أبو الصباح الكناني من عبد القيس، كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام وكان أبو عبد الله (عليه السلام) يسميه الميزان لثقته، وله كتاب. (3) سورة المزمل: آية 8. (4) الراحة الكف وباطن اليد.

[ 273 ]

اليدين ؟ فقال (عليه السلام): على أربعة أوجه: أما التعوذ فتستقبل السماء بظهر كفيك، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتقبل ببطنهما إلى السماء، وأما التبتل فإيماؤك بإصبعك السبابة، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك في دعائك مع التضرع. (في مقدمات الدعاء) عن ابن المغيرة (1) قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم وأن يسأل أحدكم من ربه عزوجل شيئا من حوائج الدنيا والاخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزوجل والمدحة له والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم يسأل الله حوائجه. محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أن المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عزوجل فمجده، قال: قلت: كيف أمجده ؟ قال: تقول: ” يا من هو أقرب إلى من حبل الوريد، يا فعالا لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ “. الحرث بن المغيرة (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تدعو فمجد الله عزوجل وأحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم سل تعط. وعنه (عليه السلام) قال: إذ طلب أحدكم الحاجة فليثن على الله سبحانه وليمدحه فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه، تقول: ” يا أجود من أعطى، يا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير “. وأكثر من أسماء الله عزوجل


(1) لعل هو الحرث بن المغيرة الاتي ذكره. ويمكن أن يكون هو أبو محمد عبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي، ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه، كان من أصحاب الاجماع وصنف كتبا كثيرة. وقيل: إنه كان واقفيا ثم رجع. (2) كان من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ثقة وله كتاب يرويه عدة من أصحابنا. (مكارم الاخلاق – 18)

[ 274 ]

فإن اسماء الله كثيرة، وصل على محمد وآل محمد وقل: ” اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي ويكون عونا لي على الحج والعمرة “. وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عزوجل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أعجل العبد ربه. وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عزوجل وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سل تعط. درست بن أبي منصور (1) عن أبي خالد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عزوجل في إمر إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عشر مرات إلا استجاب الله سبحانه لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجب الله العزيز الجبار له. وعنه (عليه السلام) قال: كان أبي إذا أحزنه أمر أجمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا. وعنه (عليه السلام): الداعي والمؤمن في الاجر شريكان. هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد. وعنه (عليه السلام) قال: من دعا ولم يذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رفرف الدعاء (2) على رأسه، فإذا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع الدعاء. وعنه (عليه السلام) قال: إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي لك، لا بل أجعل نصف صلاتي لك، لا بل أجعلها كلها لك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا تكفي مؤونة الدنيا والاخرة. عن أبي بصير وابن الحكم قالا: سألنا أبا عبد الله (عليه السلام) ما معنى أجعل صلاتي كلها لك ؟ قال: يقدمه بين يدي كل حاجة، فلا يسأل الله عزوجل شيئا حتى يبدأ بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيصلي عليه ثم يسأل الله حوائجه. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملا قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وآخره ووسطه.


(1) هو بضم الاول والثاني ابن أبي منصور أو ابن منصور الواسطي، كان من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام وقد عده بعضهم من أصحاب الرضا (عليه السلام) أيضا، وله كتاب. (2) رفرف الطائر: بسط جناحيه وحركهما حول الشئ يريد أن يقع عليه.

[ 275 ]

وعنه (عليه السلام) قال: من كانت له حاجة إلى الله عزوجل فليبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد ثم يسأل الله حاجته ثم يختم بالصلاة على محمد وآله، فإن الله عزوجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط، إذا كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه. وعن أبي عبد الله عليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزوجل ولم يصلوا على نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم. (فيمن يستجاب دعاؤه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج فانظروا بما تخلفونه، والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه، والمريض فلا تعرضوه ولا تضجروه. وعنه (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم، يقول الله عزوجل: وعزتي وجلالي لانتصفن لك ولو بعد حين (1)، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب فيقول: ولك مثله. من الفردوس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أطيب كسبك تستجب دعوتك، فإن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه فما تستجاب له دعوة أربعين يوما. عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة المؤمن لاخيه المؤمن بظهر الغيب. عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دعاء الرجل لاخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه.


(1) انصف من فلان: استوفى حقه منه كاملا.

[ 276 ]

عن يحيى بن معاذ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لرجل: ادع بهذا الدعاء وأنا ضامن لك حاجتك على الله، ” اللهم أنت ولي نعمتي وأنت القادر على طلبتي وتعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآل محمد لما قضيتها لي “. عن الصادق (عليه السلام): الدعاء لاخيك بظهر الغيب يسوق للداعي الرزق ويصرف عنه البلاء، ويقول الملك لك مثل ذلك. وعنه (عليه السلام) قال: اتقوا دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء. وعنه (عليه السلام) قال: قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له. وعنه (عليه السلام) قال: من دعا لاخيه بظهر الغيب وكل الله عزوجل به ملكا يقول: ولك مثله. وقال رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام): قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني لاجد في كتاب الله آيتين أطلبهما فلا أجدهما، فقال (عليه السلام): وما هما ؟ قلت: ” ادعوني أستجب لكم ” (1) فندعوه فما نرى إجابة، قال: أفترى الله أخلف وعده ؟ قلت: لا. قال: فمم ؟ قلت: لا أدري، قال: لكني أخبرك [ عن ذلك ]: من أطاع الله فيما أمر به ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء ؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتمجده بذكر نعمه عليك فتشكره ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستغفر منها فهذه جهة الدعاء. ثم قال (عليه السلام): وما الاية الاخرى قلت: قوله تعالى: ” وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ” فأراني أنفق وما أرى خلفا قال: أفترى الله أخلف وعده، قلت: لا، قال فمم ؟ قلت: لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حقه لم ينفق درهما إلا أخلف الله عليه. عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن الله ليستحيي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردهما خائبتين.


(1) سورة المؤمن: آية 62.

[ 277 ]

الفصل الثاني (فيما يتعلق باليوم والليلة من الادعية المختارة) (فيما يختص بالصباح والمساء) روى عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من قال عشر مرات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير “، كانت كفارة لذنوبه في ذلك اليوم. وروي عنه (عليه السلام) حفص بن البختري أنه قال: كان نوح (عليه السلام) يقول إذا أصبح وأمسى: ” اللهم إني أشهدك أنه ما أصبح وما أمسى بي من نعمة وعافية في ديني أو دنياي فمنك وحدك، لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر به علي حتى ترضى وبعد الرضا “، يقولها إذا أصبح عشرا وإذا أمسى عشرا، فسمي بذلك عبدا شكورا. روي عن مسمع بن عبد الملك كردين أنه قال: صليت مع أبي عبد الله (عليه السلام) أربعين صباحا فكان إذا انفتل رفع يده إلى السماء، فقال: ” أصبحنا وأصبح الملك لله اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك، اللهم احفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ، اللهم احرسنا من حيث لا نحترس ومن حيث نحترس، اللهم استرنا من حيث نستتر ومن حيث لا نستتر، اللهم استرنا بالغنى والعافية، اللهم ارزقنا العافية [ وارزقنا ] الشكر على العافية “. (فيما يقال في الصباح عند المخاوف) جاءت الرواية عن أبي السري سهل بن يعقوب الملقب بأبي نواس (1) قال: قلت لابي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام: يا سيدي قد وقع إلي اختيارات الايام


(1) هو الذي خدم الامام الهادي (عليه السلام) بسر من رأى وسعى في حوائجه وكان يتخالع ويتطيب مع الناس ويظهر التشيع على الطيبة فيأمن على نفسه فسموه بأبي نواس. وهو غير أبي نواس الشاعر المشهور المتوفى سنة 198 ببغداد.

[ 278 ]

عن الصادق (عليه السلام) ما حدثني به الحسن بن عبد الله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه، عن الصادق (عليه السلام) في كل شهر فأعرضه عليك، قال: افعل، فلما عرضته عليه وصححته قلت له: يا سيدي في أكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس والمخاوف فدلني على الاحتراز من المخاوف فيها، فربما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها، فقال (عليه السلام) لي: يا سهل إن لشيعتنا بولايتنا عصمة لو سلكوا بها في لجج البحار الغامرة (1) وسباسب البيداء الغائرة بين سباع وذئاب وأعادي الجن والانس لامنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عزوجل وأخلص في الولاء لائتمك الطاهرين وتوجه حيث شئت واقصد ما شئت، يا سهل إذا أصبحت وقلت ثلاثا: ” أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول (2) من شر كل غاشم وطارق من سائر من خلقت وما خلقت من خلقك الصامت والناطق في جنة من كل مخوف بلباس سابغة ولاء أهل بيت نبيك عليهم السلام محتجبا من كل قاصد لي إلى أذية بجدار حصين، الاخلاص في الاعتراف بحقهم والتمسك بحبلهم جميعا موقنا بأن الحق لهم ومعهم وفيهم وبهم أوالي من والوا وأجانب من جانبوا [ وأحارب من حاربوا ] وصل اللهم على محمد وآل محمد وأعذني اللهم بهم من شر كل ما أتقيه، يا عظيم [ يا عظيم ] حجزت الاعادي عني ببديع السموات والارض إنا جعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” وقلتها عشيا ثلاثا: ” جعلت في حصن من مخاوفك وأمن من محذورك “، فإذا أردت التوجه في يوم قد حذرت فيه فقدم أمام توجهك ” الحمد ” و ” المعوذتين ” و ” الاخلاص ” و ” آية الكرسي ” وسورة ” القدر ” والخمس الايات من آل عمران، ثم قال: ” اللهم بك يصول الصائل (3) وبقدرتك يطول الطائل ولا حول لكل ذي حول إلا بك ولا قوة يمتازها ذو قوة إلا منك، أسألك بصفوتك


(1) اللجة – كغرفة – معظم الماء والجمع لجج كغرف. والغامرة: كثيرة الماء، يقال غمر الماء أي علاه وغطاه. والسبسب: المفازة أو الارض البعيدة المستوية والجمع سباسب. والبيداء: الفلاة وهي الارض الخالية التي لا ماء فيها. والغائرة: بعيدة الغور. والغور: ما انحدر واطمأن من الارض. (2) طاوله: غالبة في الطول – بالفتح – أي القدرة والفضل. وحاوله: أراده وطلبه. والغاشم: الظالم والغاصب. والطارق: الاتي ليلا. (3) صال عليه: سطا عليه وقهره. ويطول الطائل: أنعم المنعم بالفضل والغنى.

[ 279 ]

من خلفك وخيرتك من بريتك محمد نبيك وعترته وسلالته عليه وعليهم السلام وصل عليهم واكفني شر هذا اليوم وضره وارزقني خيره ويمنه واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبة والظفر بالامنية وكفاية الطاغية الغوية وكل ذي قدرة لي على أذية حتى أكون في جنة وعصمة من كل بلاء ونقمة، وأبدلني من المخاوف فيه أمنا ومن العوائق فيه يسرا حتى لا يصدني صاد عن المراد ولا يحل بي طارق من أذى العباد، إنك على كل شئ قدير والامور إليك تصير، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير “. (دعاء في كل صباح ومساء) كان الصادق (عليه السلام) يقول إذا أصبح: ” بسم الله وبالله ومن الله وإلي الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، اللهم إليك أسلمت نفسي وإليك فوضت أمري وإليك توجهت وجهي وعليك توكلت يا رب العالمين، اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي، لا إله إلا أنت، لا حول ولا قوة إلا بالله، أسأل الله العفو والعافية من كل سوء وشر في الدنيا والاخرة، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن ضيق القبر ومن ضغطة القبر وأعوذ بك من سطوات الليل والنهار، اللهم رب الشهر الحرام ورب البيت الحرام ورب البلد الحرام ورب الحل والحرام أبلغ محمدا وآله عني السلام، اللهم إني أعوذ بدرعك الحصينة وأعوذ بوجهك أن تميتني غرقا أو حرقا أو سرقا أو قودا أو صبرا أو هضما أو ترديا في بئر أو أكيل السبع أو مت الفجأة أو بشئ من ميتة السوء، ولكن أمتني على فراشي في طاعتك وطاعة رسولك صلواتك عليه وآله مصيبا للحق غير مخطئ أو في الصف الذي نعت أهله في كتابك ” كأنهم بنيان مرصوص ” (1)، أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وجميع ما أعطاني ربي بالله الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أعيذ نفسي وأهلي ومالي وولدي وجميع ما رزقني ربي ” برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد “، أعيذ نفسي وأهلي ومالي وولدي وجميع ما رزقني ربي ” برب الناس ” إلى آخره. ويقول (عليه السلام): ” الحمد لله عدد ما خلق الله والحمد لله مثل ما خلق


(1) سورة الصف: آية 4.

[ 280 ]

الله [ والحمد لله ملاء ما خلق الله ] والحمد لله مداد كلماته والحمد لله زنة عرشه والحمد لله رضا نفسه، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم، اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء وأعوذ بك من شماتة الاعداء وأعوذ بك من الفقر والوقر (1) وأعوذ بك من سوء المنظر في الاهل والمال والولد ” ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر مرات. (في الادعية المخصوصة بأعقاب الفرائض) قد ورد في الاخبار: أن من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر له. وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لرجل من بني سعد: ألا أحدثك عني وعن فاطمة عليها السلام، أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها (2) وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى تدخنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجدت عنده (صلى الله عليه وآله وسلم) حداثا فاستحيت فانصرفت، فعلم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لفاعنا (3) فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا، ثم قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف، فقلت: وعليك السلام يا رسول الله أدخل، فدخل وجلس عند رؤوسنا فقال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد ؟ فخشيت إن لم تجبه أن يقوم فأخرجت رأسي فقلت: أما والله أخبرك يا رسول الله أنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها وجرت بالرحى حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دخنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يقيك حر ما أنت


(1) الوقر: ثقل في الاذن أو ذهاب السمع كله. (2) مجلت يداها أي نفطت وقرحت من العمل وظهر فيها المجل وهو أن يكون بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل. والمقلة: قشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من العمل بالاشياء الصلبة. (3) اللفاع – بالكسر -: الملحقة والكساء. وفي بعض السنخ لحافنا.

[ 281 ]

فيه من هذا العمل، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أدلكما على ما هو خير لكما من الخادم إذا أخذتما منامكما، فكبرا أربعا وثلاثين تكبيرة وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة: وأحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة، فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها فقالت: رضيت عن الله ورسوله ثلاث مرات. من مسموعات السيد ناصح الدين أبي البركات المشهدي، روى أبو خالد القماط قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من الف ركعة في كل يوم. وقال (عليه السلام): من سبح تسبيح فاطمة عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ويبدأ بالتكبير. عن الكاظم (عليه السلام) قال: المؤمن لا يخلو من خمسة: مسواك ومشط وسجادة وسبحة فيها أربع وثلاثون حبة وخاتم عقيق. روى إبراهيم بن محمد الثقفي أن فاطمة عليها السلام بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت مسبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، فكانت عليها السلام تديرها بيدها تكبر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء فاستعملت تربته وعملت المسابيح فاستعملها الناس، فلما قتل الحسين (عليه السلام) عدل بالامر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية. في كتاب الحسن بن محبوب، أن أبا عبد الله (عليه السلام) سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين (عليه السلام) والتفاضل بينهما ؟ فقال: السبحة التي من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح. وروي أن الحور العين – إذا أبصرن بواحد من الاملاك يهبط إلى الارض لامر ما – يستهدين من السبح والترب من طين قبر الحسين (عليه السلام). روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أحب أن يخرج من الدنيا وقد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه ولا يطلبه أحد بمظلمة فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الرب تبارك وتعالى اثني عشر مرة، ثم يبسط يده ويقول: ” اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر المبارك وأسألك باسمك العظيم


[ 282 ]

وسلطانك القديم، يا واهب العطايا ويا مطلق الاسارى يا فكاك الرقاب من النار أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعتق رقبتي من النار وتخرجني من الدنيا سالما وتدخلني الجنة آمنا وأن تجعل دعائي أوله فلاحا وأوسطه نجاحا وآخره صلاحا، إنك أنت علام الغيوب “. قال أمير المؤمنين (عليه السلام: هذا من المخبيات مما علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمرني أن أعلم الحسن والحسين عليهما السلام. (دعاء آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) روي أنه من دعا به عقيب كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده وهو: ” اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أعلنت وما أسررت وإسرافي على نفسي وما أنت أعلم به مني، اللهم أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين، اللهم ما علمت الحياة خيرا لي فأحييني وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضا بالقضاء وبرد الموت بعد العيش ولذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى رؤيتك ولقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الامر والرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك وأسألك يا رب قلبا سليما ولسانا صادقا وأستغفرك لما تعلم وأسألك خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم فإنك تعلم ولا تعلم وأنت علام الغيوب. (دعاء آخر) قال الصادق (عليه السلام): من قال هذه الكلمات عند كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده، وهي: ” أجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكل ما هو مني بالله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأجير نفسي ومالي وولدي وكل ما هو مني ” برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق ” إلى آخره و ” برب الناس ملك الناس ” إلى آخره ” وبالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ” آية الكرسي إلى آخرها.


[ 283 ]

من مسموعات السيد ناصح الدين أبي البركات، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي: إقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة ” آية الكرسي “، فإنه لا يحافظ عليها إلا نبي أو صديق أو شهيد. (دعاء آخر) قال الصادق (عليه السلام): أدنى ما يجزئ من الدعاء بعد المكتوبة أن يقول: ” اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إنا نسألك عافيتك في أمورنا كلها ونعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الاخرة “. (دعاء آخر) عنه (عليه السلام) قال: أتى جبرئيل (عليه السلام) إلى يوسف (عليه السلام) وهو في السجن فقال له: يا يوسف قل في دبر كل صلاة [ فريضة ]: ” اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب “. (دعاء آخر) وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول في دبر كل صلاة: ” اللهم اهدني من عندك وأفض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وأنزل علي من بركاتك “. (دعاء آخر) روي عن هلقام بن أبي أنه قال: أتيت أبا إبراهيم (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا والاخرة وأوجزه، فقال (عليه السلام): قل في دبر صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس: ” سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله وأسأله من فضله “، قال هلقام: ولقد كنت أسوأ أهل بيتي حالا فما علمت حتى أتاني ميراث من قبل رجل ما ظننت أن بيني وبينه قرابة وإني اليوم لمن أيسر أهل بيتي وما ذلك إلا مما علمني مولاي العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام (دعاء آخر) ” اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك من خير ما أرجو وخير


[ 284 ]

ما لا أرجو وأعوذ بك من شر ما أحذر ومن شر ما لا أحذر “، واقرأ: ” الحمد ” و ” آية الكرسي ” و ” شهد الله ” (1) و ” آية السخرة ” [ إن ربكم الله الذي إلى آخرها ] (2) وقل ثلاث مرات: ” سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ” (3) وقل ثلاث مرات: ” اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب [ يا رب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وعجل فرج محمد وآل محمد واعتق رقبتي من النار ] “. (دعاء آخر) روي أن من دعاه بهذا الدعاء عقيب كل فريضة وواظب على ذلك عاش حتى يمل الحياة [ ويتشرف بلقاء صاحب الامر عجل الله فرجه ] وهو: ” اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إن رسولك الصادق المصدق صلواتك عليه وآله قال: إنك قلت: ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته، اللهم فصل على محمد وآل محمد وعجل لاوليائك الفرج والنصر والعافية ولا تسؤني في نفسي ولا في فلان ” قال: وتذكر من شئت. (دعاء آخر) يقول ثلاث مرات وهو آخذ بلحيته بيده اليمنى ويده اليسرى مبسوطة باطنها مما يلي السماء: ” يا ذا الجلال والاكرام صل على محمد وآل محمد وأجرني من النار “، ثم يرفع يده اليمنى ويجعل باطنها مما يلي السماء ويقول ثلاث مرات: ” يا عزيز يا كريم يا غفور يا رحيم “، ثم يقلبها ويجعل ظاهرها مما يلي السماء ويقول ثلاث مرات: ” صل على محمد وآل محمد وأجرني من العذاب الاليم “، ثم يخفظهما ويقول: ” صل على محمد وآل محمد وفقهني في الدين وحببني إلى المسلمين واجعل لي لسان صدق في الاخرين


(1) سورة آل عمران: آية 16. (2) سورة الاعراف: آية 52. (3) سورة الصافات: آية 180 و 181 و 182.

[ 285 ]

وارزقني هيبة المتقين، يا الله يا الله يا الله، أسألك بحق من حقه عليك عظيم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تستعملني بما عرفتني من حقك وأن تبسط علي من حلال رزقك “. (دعاء آخر) ” بسم الله الرحمن الرحيم حسبي الله لديني وحسبي الله لدنياي وحسبي الله لاخرتي وحسبي الله لما أهمني وحسبي الله لمن بغى علي وحسبي الله عند الموت وحسبي الله عند مسألة القبر وحسبي الله عند الميزان وحسبي الله عند الصراط وحسبي الله لا إله هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم “. (دعاء آخر) وهو من دعاء السر: يا محمد من أراد من أمتك أن أرفع صلاته مضاعفة فليقل خلف كل ما افترضت عليه مع رفع يديه: ” يا مبدئ الاسرار، يا مبين الكتمان، يا شارع الاحكام، ويا بارئ الانعام، ويا خالق الانام، ويا فارض الطاعة، ويا ملزم الجماعة، ويا موجب التعبد أسألك بحق تزكية كل صلاة زكيتها له وبحق من زكيتها به أن تجعل صلاتي هذه زاكية متقبلة بتقبلكها وتصييرك ديني بها زاكيا وإلهامك قلبي حسن المحافظة عليها حتى تجعلني من أهلها الذين ذكرتهم فيها بالخشوع، أنت ولي الحمد كله فلا إله إلا أنت فلك الحمد كله بكل حمد أنت له ولي، وأنت ولي التوحيد كله فلا إله إلا أنت فلك التوحيد كله بكل توحيد أنت له ولي، وأنت ولي التهليل كله فلا إله إلا أنت فلك التهليل كله بكل تهليل أنت له ولي، وأنت ولي التكبير كله فلا إله إلا أنت فلك التكبير كله بكل تكبير أنت له ولي، وأنت ولي التسبيح كله فلا إله إلا أنت فلك التسبيح كله بكل تسبيح أنت له ولي، رب عد علي في صلاتي هذه برفعكها زاكية متقبلة، إنك أنت السميع العليم ” فإنه إذا قال ذك رفعت صلاته مضاعفة في اللوح المحفوظ. روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الدعاء دبر الصلاة المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع كفضل المكتوبة على التطوع. وروي عن الباقر عليه السلام قال: الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا.


[ 286 ]

عن أبي الحسن العسكري، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: من صلى الله سبحانه وتعالى صلاة مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة. (في سجدة الكشر) روى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: كان موسى بن عمران (عليه السلام) إذا صلى لم يتفتل حتى يلصق خده الايمن بالارض وخده الايسر بالارض. وقال أبو جعفر (عليه السلام): أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى (عليه السلام): أتدرى لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي ؟ قال موسى (عليه السلام): لا يا رب، قال تعالى: يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب. وقال الصادق (عليه السلام): إن العبد إذا سجد فقال: ” يا رب يا رب يا رب ” حتى ينقطع نفسه قال له الرب تبارك وتعالى: ” لبيك، ما حاجتك ” ؟. عن مرازم (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلاتك وترضى بها ربك وتعجب الملائكة منك، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي، أدى فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شاكرا على ما أنعمت به عليه، يا ملائكتي ماذا له ؟ قال: فتقول الملائكة: يا ربنا رحمتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له، فتقول الملائكة: يا ربنا له جنتك، فيقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له ؟ فتقول الملائكة: كفاية مهمة، فيقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له ؟ قال: فلا يبقى شئ من الخير إلا قالته الملائكة، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي ثم ماذا له ؟ فتقول الملائكة: يا ربنا لا علم لنا، قال: فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر لي وأقبل عليه بفضلي وأريه وجهي. وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في سجوده: ” اللهم إن كنت قد عصيتك


(1) هو مرازم بن حكيم الازدي المدائني مولى الازد من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، ثقة وله كتاب.

[ 287 ]

فإني قد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك منا علي لا منا مني عليك وتركت معصيتك في أبغض الاشياء إليك وهو أن أدعو لك ولدا وأدعو لك شريكا منا منك علي لا منا مني عليك، وعصيتك في أشياء على غير وجه مكابرة ولا معاندة ولا استكبار عن عبادتك ولا جحودا لربوبيتك ولكن اتبعت هواي واستزلني الشيطان بعد الحجة والبرهان، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم وإن تغفر لي وترحمني فبجودك يا أرحم الراحمين “. وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد أن الصادق (عليه السلام) قال لرجل: إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك ثم أمر يدك على وجهك من جانب خدك الايسر وعلى جبهتك إلى جانب خدك الايمن ثم قل: ” بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم اذهب عني الهم والحزن ثلاثا. وروي أن من قال وهو ساجد: ” يا رباه يا سيداه ” حتى ينقطع نفسه أجيب: سل حاجتك. وكان بعض الصادقين عليهم السلام يقول في سجوده: ” سجدت لك يا رب طالبا من ثوابك، سجدت لك يا رب هاربا من عقابك، سجدت لك يا رب خائفا من سخطك، ثم يقول: ” يا الله يا رباه يا الله يا رباه ” حتى ينقطع النفس، ثم يدعو. وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برجل وهو ساجد ويقول: ” يا رب ماذا عليك أن ترضى كل من كان له عندي تبعة وأن تغفر لي ذنوبي وأن تدخلني الجنة برحمتك، فإنما عفوك عن الظالمين وأنا من الظالمين فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين “، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إرفع رأسك فقد استجيب لك، إنك دعوت بدعاء نبي كان على عهد عاد. (في أدعية تتعلق بحالتي النوم والانتباه) (فيما يفعل عند النوم) عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ. وقال (عليه السلام) أيضا: كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا.


[ 288 ]

وقال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): النوم من أول النهار خرق (1)، ونوم القائلة نعمة، والنوم العصر حمق وبين العشاءين يحرم الرزق. قال الصادق (عليه السلام): من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده، وإن ذكره أنه على غيره وضوء فليتيمم من دثاره (2) كائنا ما كان، فإن فعل ذلك لم يزل في الصلاة وذكر الله عزوجل. وعنه (عليه السلام) قال: إذا دخل عليك المصباح فقل: ” اللهم اجعل لنا نورا نمشي به في الناس ولا تحرمنا نورك يوم نلقاك، اللهم واجعل لنا نورا إنك نور لا إله إلا أنت “، وإذا انطفأ السراج فقل: ” اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور “. عن محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إذا توسد الرجل يمينه فليقل: ” بسم الله اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، توكلت عليك رهبة منك ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت “، ويسبح تسبيح فاطمة عليها السلام. ومن أصابه فزع عند منامه فليقرأ إذا أوى إلى فراشه: ” المعوذتين ” و ” آية الكرسي “. عن الصادق (عليه السلام) قال: إقرأ ” قل هو الله أحد ” و ” قل يا أيها الكافرون ” عند منامك، فإنها براءة من الشرك، و ” قل هو الله أحد ” نسبة الرب عزوجل. وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: سمعت نبيكم على أعواد المنبر وهو يقول: من قرأ ” آية الكرسي ” في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد. ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والابيات حوله. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من قرأ ” قل هو الله أحد ” حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة. عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا يدع الرجل أن يقول عند


(1) الخرق، بضم وسكون أو بفتحتين: ضعف الرأي وسوء التصرف في الامور والحمق والبلادة. (2) الدثار، بالكسر: ما يتغطى به النائم. وأيضا: الثوب الذي فوق الشعار.

[ 289 ]

منامه: ” أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي ومالي بكلمات الله التامات من كل شيطان رجيم ومن كل شيطان هامة ومن كل عين لامة (1) ” فذلك الذي عوذ به جبرئيل (عليه السلام) الحسن والحسين عليهما السلام. وقال الصادق (عليه السلام): من قال حين يأخذ مضجعه – ثلاث مرات -: ” الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الاحياء وهو على كل شئ قدير ” خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من قرأ ” ألهاكم التكاثر ” عند منامه وقي من فتنة عذاب القبر. (في الفزع) وإن فزعت من الليل فقل – عشر مرات -: ” أعوذ بكلمات الله من غضبه ومن عقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون “، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمر به، [ واقرأ المعوذتين ” و ” آية الكرسي ” و ” إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ” (2) و ” جعلنا نومكم سباتا ” (3) ]. (فيمن خاف من اللصوص) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الايمن وليقل: ” بسم الله وضعت جنبي لله وعلى ملة إبراهيم (عليه السلام) ودين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية من إفترض الله طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أشهد أن الله على كل شئ قدير “، فإن من قال ذلك عند منامه حفظ من اللص والهدم وتستغفر له الملائكة. ومن قرأ ” قل هو الله أحد ” عند مضجعه وكل الله به خمسين ملكا يحرسونه ليلته. روي أن من خاف اللصوص فليقرأ عند منامه: ” قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ” إلى آخره السورة (4).


(1) الهامة، كدابة: ما له سم يقتل. والعين اللامة: المصيبة بسوء أو هي كل ما يخاف من فزع وشر. (2) سورة الانفال: آية 11. (3) سورة النبأ: آية 9. (4) سورة الاسراء: آية 11 و 111. (مكارم الاخلاق – 19)

[ 290 ]

(في الاحتلام) عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا خفت الجنابة فقل في فراشك: ” اللهم إني أعوذ بك من الاحتلام ومن سوء الاحلام ومن أن يتلاعب بي الشيطان في اليقظة والمنام “. (في خوف الارق (1)) فإذا خفت الارق فقل عند منامك: ” سبحان الله ذي الشأن، دائم السلطان عظيم البرهان كل يوم هو في شأن “، ثم قل: ” يا مشبع البطون الجائعة ويا كاسي الجنوب العارية ويا مسكن العروق الضاربة ويا منوم العيون الساهرة سكن عروقي الضاربة وائذن لعيني أن تنام عاجلا “. (دعاء آخر) إقرأ ” آية الكرسي ” و ” إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ” إلى آخر الاية (2) و ” جعلنا نومكم سباتا “. (في الهدم) فإذا خفت الهدم عند الزلزلة فاقرأ عند منامك: ” إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ” (3). (في رقية العقرب ولدغه) (4) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قال هذه الكلمات فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب ولا هامة حتى يصبح: ” أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ ومن شر ما برأ ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم “.


(1) الارق، بالتحريك: السهر وضاب النوم في الليل. (2) سورة الانفال: آية 11. (3) سورة فاطر: آية 39. (4) الرقية، بالضم: عوذة التي ترقي بها صاحب الافة. واللدغ: اللسع.

[ 291 ]

وكان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا نظر إلى هذه الكواكب التي يقال لها السها في بنات النعش (1) قال: ” اللهم رب هوذ بن اسية آمنى شر كل عقرب وحية “، قال: وكان يقول: من تعوذ بها ثلاث مرات حين ينظر إليها بالليل لم يصبه عقرب ولا حية. (آخر) لابي عبد الله (عليه السلام) قال له إسحاق بن عمار: إني خفت العقارب، فقال لي: انظر إلى بنات نعش الكواكب الثلاثة، الاوسط منها بجنبه كوكب صغير قريب منه تسميه العرب السها ونسميه نحن أسلم تحد النظر إليه كل ليلة وقل ثلاث مرات: ” اللهم يا رب أسلم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسلمنا من شر كل ذي شر “، قال إسحاق: فما تركته منذ دهري إلا مرة واحدة فضربني العقرب. (في الانتباه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عبد يقرأ آخر الكهف: ” قل إنما أنا بشر مثلكم.. الخ ” حين ينام إلا استيقظ في الساعة التي يريد. (فيمن أراد الانتباه للصلاة) عن الصادق (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد شيئا من قيام الليل وأخذ مضجعه فليقل: ” اللهم لا تؤمني مكرك ولا تنسني ذكرك ولا تجعلني من الغافلين، أقوم ساعة كذا وكذا ” فإنه يوكل الله عزوجل به ملكا ينبهه تلك الساعة. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه. وكان إذا أوى إلى فراشه اضطجع على شقه الايمن ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليمسحه بصنفة إزاره (2)، فإنه لا يدري ما حدث عليه، ثم ليقل: ” اللهم إن أمسكت نفسي في منامي فاعفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين “.


(1) السها السهى، بالضم: كوكب خفي قريب من النجم الاوسط من الانجم الثلاثة من بنات نعش الصغرى والناس يمتحنون به أبصارهم. (2) الصنفة – بكسر فسكون أو بفتح فكسر – من الثوب: حاشيته وجانبه.

[ 292 ]

(دعاء في وقت الانتباه) وكان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام آخر الليل رفع صوته حتى يسمع أهل الدار، يقول: ” اللهم أعني على هول المطلع ووسع علي المضطجع وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت “. عنه (عليه السلام) قال: ما استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نوم إلا خر لله عزوجل ساجدا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا نام تنام عيناه ولا ينام قلبه ويقول: إن قلبي ينتظر الوحي. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا راعه شئ في منامه قال: ” هو الله لا شريك له “. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) كثير الرؤيا ولا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا استيقظ من نومه يقول: ” سبحان الذي يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير “. وإذا قام (صلى الله عليه وآله وسلم) للصلاة قال: ” الحمد لله نور السموات والارض والحمد لله قيوم السموات والارض والحمد لله رب السموات والارض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت “، ثم يستاك قبل الوضوء. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول حين يستيقظ من منامه: ” الحمد لله الذي بعثني من مرقدي هذا ولو شاء لجعله إلى يوم القيامة، الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، الحمد لله الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين الحمد لله الذي لا تجن منه البحور ولا تكن منه الستور ولا يخفى عليه ما في الصدور “. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: ” لا إله إلا هو الحي القيوم وهو على كل شئ قدير، سبحان رب النبيين وإله المرسلين، سبحان رب السموات السبع وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين “، فإذا جلس فليقل قبل أن يقوم: ” حسبي الرب من العباد، حسبي الذي هو حسبي منذ قط حسبي الله ونعم الوكيل “.


[ 293 ]

(دعاء آخر) ” الحمد لله الذي أحياني بعد أن أماتني وإليه النشور، الحمد لله الذي رد علي روحي لاحمده وأعبده “. وإذا نظرت إلى السماء فقل: ” يا نور النور، يا مدبر الامور، يا من يلي التدبير ويمضي المقادير امض مقادير يومي هذا إلى السلامة والعافية، ثم اقرأ الايات الخمس من آل عمران: ” إن في خلق السموات والارض – إلى قوله – إنك لا تخلف الميعاد ” (1). (في صراخ الديك) قال الصادق (عليه السلام): إذا سمعت صراخ الديك فقل: ” سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا تغفر الذنوب إلا أنت “. وقال (عليه السلام): تعلموا من الديك خمس خصال: محافظته على أوقات الصلاة، والغيرة، والسخاء، والشجاعة، وكثرة الطروقة. وقال (عليه السلام) تعلموا من الغراب ثلاث خصال: استتارة بالسفاد (2)، وبكوره في طلب الرزق، وحذره. (دعاء في جوف الليل) كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في جوف الليل إذا هدأت العيون: ” إلهي غارت نجوم سمائك ونامت عيون أنامك وهدأت أصوات عبادك وأنعامك وغلقت الملوك عليها أبوابها وطاف عليها حراسها واحتجبوا عمن يسألهم حاجة أو ينتجع منهم فائدة (3) وأنت إلهي حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم ولا يشغلك شئ عن شئ، أبواب سمائك لمن دعاك مفتحات وخزائنك غير مغلقات وأبواب رحمتك غير محجوبات وفوائدك لمن سألكها غير محظورات بل هي مبذولات،


(1) سورة آل عمران: الايات 187 إلى 193. (2) سفد الذكر انثاه سفادا، من بابي ضرب وحسب: نزا عليها وجامعها. (3) انتجع فلانا وتنجع: أتاه طالبا معروفه.

[ 294 ]

أنت إلهي الكريم الذي لا ترد سائلا من المؤمنين سألك ولا تحتجب من أحد منهم أرادك، لا وعزتك وجلالك لا تختزل حوائجهم دونك (1) ولا يقضيها أحد غيرك، اللهم قد تراني ووقوفي وذل مقامي بين يديك وتعلم سريرتي وتطلع على ما في قلبي وما يصلح به أمر آخرتي ودنياي، اللهم إن ذكرت الموت وهول المطلع والوقوف بين يديك يغصني مطعمي ومشربي وأغصني بريقي وأقلقني عن وسادي ومنعني رقادي، كيف ينام من يخاف بيات ملك الموت في طوارق الليل وطوارق النهار، أم كيف ينام العاقل وملك الموت لا ينام، لا بالليل ولا بالنهار يطلب قبض روحي بالبيات أو في آناء الساعات ” ثم يسجد ويلصق خده بالتراب وهو يقول: ” أسألك الروح والراحة عند الموت والعفو عني حين ألقاك “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) في وصيته: يا علي صل من الليل ولو قدر حلب شاة [ وبالاسحار فادع، لا ترد لك دعوة، فإن الله تبارك وتعالى يقول: ” والمستغفرين بالاسحار ” (2) ]. (في دعاء الوتر) روي عن معروف بن خربوذ، عن أحدهما يعني أبا جعفر أو أبا عبد الله عليهما السلام قال: قل في قنوت الوتر: ” لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، اللهم أنت الله نور السموات والارض وأنت الله زين السموات والارض وأنت الله جمال السموات والارض وأنت الله عماد السموات والارض وأنت الله قوام السموات والارض وأنت صريخ المستصرخين وأنت الله غياث المستغيثين وأنت الله المفرج عن المكروبين وأنت الله المروح عن المغمومين وأنت الله مجيب دعوة المضطرين وأنت الله إله العالمين وأنت الله الرحمن الرحيم وأنت الله كاشف السوء وأنت الله الذي بك تنزل كل حاجة، يا الله ليس يرد غضبك إلا حلمك ولا ينجي من عذابك إلا رحمتك ولا ينجي منك إلا التضرع إليك، فهب لي من لدنك يا إلهي رحمة تغنيني


(1) أي لا تقتطع. والاختزال: الاقتطاع، يقال: اختزل الشئ: قطعه وحذفه. (2) سورة آل عمران: آية 15.

[ 295 ]

بها عن رحمة من سواك بالقدرة التي بها أحييت جميع ما في البلاد وبها تنشر ميت العباد ولا تهلكني غما حتى تغفر لي وترحمني وتعرفني الاجابة في دعائي وارزقني العافية إلى منتهى أجلي وأقلني عثرتي ولا تشمت بي عدوي ولا تمكنه من رقبتي، اللهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعنى وإن أهلكتني فمن ذا الذي يحول بينك وبيني أو يتعرض لك في شئ من أمري وقد علمت أن ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة، إنما يعجل من يخاف الفوت وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت عن ذلك يا إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسني وأقلني عثرتي ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء فقد ترى ضعفى وقلة حيلتي، أستعيذ بك الليلة فأعذني وأستجير بك من النار فأجرني وأسألك الجنة فلا تحرمنى “، ثم ادع الله بما أحببت واستغفر الله سبعين مرة [ وأكثر من الاستغفار ما استطعت ] وليكن فيما تقول هذا الاستغفار: ” اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك عندي، فأيما عبد من عبيدك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في بدنه أو عرضه أو ماله لا أستطيع أداء ذلك إليه ولا تحللتها منه فارضه عني بما شئت وكيف شئت وأنى شئت وهبها لي، وما تصنع بعذابي يا رب وقد وسعت رحمتك كل شئ وما عليك يا رب أن تكرمني برحمتك ولا تهينني بعذابك وما ينقصك يا رب أن تفعل بي ما سألتك وأنت واجد لكل خير، اللهم إن استغفاري إياك مع إصراري للؤم وإن تركي الاستغفار لك مع سعة رحمتك لعجز، اللهم كم تتحبب إلي وأنت غني عني وكم أتبغض إليك وأنا إليك فقير، فسبحان من إذا وعد وفى وإذا توعد عفا “. (دعاء الحزين) كان يدعو به علي بن الحسين عليهما السلام بعد صلاة الليل: ” أناجيك يا موجود في كل مكان لعلك تسمع ندائي فقد عظم جرمي وقل حيائي، مولاي يا مولاي أي الاهوال أتذكر وأيها أنسى ولو لم يكن إلا الموت لكفى، كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى، مولاي يا مولاي حتى متى وإلى متى أقول لك العتبي مرة بعد اخرى ثم لا تجد عندي صدقا ولا وفاء، فيا غوثاه ثم واغوثاه بك يا الله من هوى قد غلبني ومن عدو قد استكلب علي ومن دنيا قد تزينت لي ومن نفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، مولاي يا مولاي إن كنت رحمت مثلي فارحمني وإن كنت قبلت مثلي فاقبلني،


[ 296 ]

يا قابل التوبة اقبلني، يا من لم أزل أتعرف منه الحسنى، يا من يغذيني بالنعم صباحا ومساء ارحمني يوم آتيك فردا شاخصا إليك بصري مقلدا عملي وقد تبرأ جميع الخلق مني نعم وأبي وأمي ومن كان له كدي وسعيي، فإن لم ترحمني فمن يرحمني ومن يؤنس في القبر وحشتي ومن ينطق لساني إذا خلوت بعملي وسألتني عما أنت أعلم به مني، فإن قلت: نعم، فأين المهرب من عدلك ؟ وإن قلت: لم أفعل، قلت: ألم أكن الشاهد عليك، فعفوك عفوك [ يا مولاي ] قبل [ أن تلبس الابدان ] سرابيل القطران، عفوك عفوك يا مولاي قبل أن تغل الايدي إلى الاعناق، يا أرحم الراحمين وخير الغافرين “. (دعاء الاضطجاع) فإذا سلمت من ركعتي الفجر فاضطجع على يمينك مستقبل القبلة وضع خدك الايمن على يدك اليمنى وقل: ” استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها واعتصمت بحبل الله المتين وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم وأعوذ بالله من شر فسقة الجن والانس، ربي الله ربي الله ربي الله، آمنت بالله، توكلت على الله، ألجأت ظهري إلى الله، فوضت أمري إلى الله، أطلب حاجتي من الله، لا حول ولا قوة إلا بالله ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم من أصبح وله حاجة إلى مخلوق فإن حاجتي ورغبتي إليك وحدك لا شريك لك، الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الاصباح، الحمد لناشر الارواح، الحمد لقاسم المعاش، الحمد لجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وعلى لساني نورا وبين يدي نورا ومن خلفي نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا ومن فوقي نورا ومن تحتي نورا واعظم لي النور واجعل لي نورا أمشي به في الناس ولا تحرمني نورك يوم ألقاك، واقرأ ” آية الكرسي ” و ” المعوذتين ” والخمس الايات من آل عمران ” إن في خلق السموات والارض ” إلى قوله ” لا تخلف الميعاد ” (1)، ثم استو جالسا وسبح تسبيح [ فاطمة ] الزهراء عليها السلام، وصل على محمد وآل محمد مائة مرة،


(1) سورة آل عمران: الايات 187 إلى 193.

[ 297 ]

فإنه روي أن من صلى على محمد وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة وقى الله وجهه حر النار. ومن قال مائة مرة: ” سبحان ربي العظيم وبحمده، أستغفر الله ربي وأتوب إليه ” بنى الله له بيتا في الجنة. ومن قرأ إحدى وعشرين مرة: ” قل هو الله أحد ” بنى الله له بيتا في الجنة. ومن قرأها أربعين مرة غفر الله له. وقل: ” اللهم افتح لي باب الامر الذي في اليسر والعافية، اللهم هيئ لي سبيله وبصرني مخرجه، اللهم وإن قضيت لاحد من خلقك مقدرة علي بسوء فخذه عني من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن تحت قدميه ومن فوق رأسه واكفنيه بما شئت ” وقل سبع مرات: ” بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. ثم اسجد بعد الاضطجاع أو قبله بعد ركعتي الفجر وقل في سجودك: ” يا خير المسؤولين ويا أجود المعطين صل على محمد وآل محمد واغفر لي وارحمني وارزقني وارزق عيالي من فضلك إنك ذو فضل عظيم “. ويستحب أن يدعو لاخوانه المؤمنين في سجوده ويقول: ” اللهم رب الفجر والليالي العشر والشفع والوتر والليل إذا يسر ورب كل شئ وإله كل شئ ومليك كل شئ وخالق كل شئ صل على محمد وآله وافعل بي وبفلان وفلان ما أنت أهله ولا تفعل بنا ما نحن أهله فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة “. ثم توجه إلى المسجد فإن صلاة الفريضة في المسجد أفضل وصلاة النوافل في البيت أفضل. (في دخول المسجد والقول عنده) روي عن الصادق (عليه السلام) قال: من مشي إلى المسجد لم يضع رجليه على رطب ولا يابس إلا سبحت له إلى الارضين السابعة. وفي التوراة مكتوب: ” بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة “. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تبارك وتعالى: ” ألا إن بيوتي في الارض المساجد تضئ لاهل السماء كما تضئ النجوم لاهل الارض، ألا طوبي لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبد توضأ في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر، ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة ” فإذا دخلت المسجد


[ 298 ]

فقدم رجلك اليمنى وقل: ” بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وخير الاسماء كلها لله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لي أبواب رحمتك وتوبتك وأغلق عني أبواب معصيتك واجعلني من زوارك وعمار مساجدك وممن يناجيك بالليل والنهار ومن الذين هم في صلاتهم خاشعون وادحر عني الشيطان الرجيم وجنود إبليس أجمعين “، ثم اقرأ ” آية الكرسي ” و ” المعوذتين ” وسبح الله سبعا واحمد الله سبعا وكبر الله سبعا وهلل الله سبعا، ثم قل: ” اللهم لك الحمد على ما هديتني ولك الحمد على ما فضلتني ولك الحمد على ما شرفتني ولك الحمد على كل بلاء حسن أبليتني، اللهم تقبل صلاتي ودعائي وطهر قلبي واشرح صدري وتب علي إنك أنت التواب الرحيم “. ولا تجلس في المسجد حتى تصلي ركعتين تحية المسجد وإن لم تكن صليت ركعتي الفجر أجزاك أداؤهما عن التحية. (في القول عند التوجه إلى القبلة) ” اللهم إليك توجهت ورضاك طلبت وثوابك ابتغيت وبك آمنت وعليك توكلت اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح مسامع قلبي لذكرك وشكرك وثبتني على دينك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب “. (في القول عند سماع الاذان) إذا قال المؤذن: ” الله أكبر ” فقل مثل ذلك، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ” فقل: ” وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، أكفي بها عن كل من أبى وجحد وأعين بها من أقر وشهد ” وقد روي أن المؤذن إذا قال: ” أشهد أن محمدا رسول الله ” فقل: ” صلى الله عليه وآله الطاهرين، اللهم اجعل عملي برا ومودة آل محمد في قلبي مستقرا وأدر على الرزق دارا ” وإذا قال: ” حي على الصلاة وحي على الفلاح ” فقل: ” لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. وروي أن من سمع الاذان فقال كما يقول المؤذن زيد في رزقه. (في القول عند طلوع الفجر) إذا طلع الفجر ونظرت إليه فقل وأنت رافع رأسك إلى السماء: ” اللهم أنت


[ 299 ]

ربنا وولينا وصاحبنا فصل على محمد وآل محمد وتفضل علينا بما أنت أهله وأنقذنا مما نحن أهله، اللهم بنعمتك تتم الصالحات فصل على محمد وآل محمد وأتمها علينا “، ثم قل ثلاث مرات: ” عائذا بالله من النار “، ثم قل: ” يا فالقه من حيث لا أرى ومخرجه من حيث أرى صل على محمد وآل محمد واجعل أول يومنا هذا صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا “، ثم قل: ” سبحان الله فالق الاصباح، سبحان الله رب المساء والصباح، اللهم صبح آل محمد ببركة وعافية وسرور وقرة عين ورزق واسع، اللهم صبحني وأهلي ببركة وعافية وسرور وقرة عين ورزق واسع، اللهم إنك تنزل في الليل والنهار ما تشاء فأنزل علي وعلى أهل بيتي من بركة السموات والارض رزقا واسعا تغنيني به عن جميع خلقك “. (في القول عند الاذان) ” اللهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلاتك وأصوات دعائك وتسبيح ملائكتك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم “. (فيما بين الاذان والاقامة) فإذا فرغت من الاذان فاسجد وقل: ” لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاشعا خاضعا ذليلا، فصل على محمد وآل محمد واغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم “. (دعاء آخر) ” اللهم اجعل قلبي بارا ورزقي دارا وعملي سارا وعيشي قارا واجعل لي عند قبر نبيك صلواتك عليه وآله مستقرا وقرارا “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ساعتان يفتح فيهما أبواب السماء وقلما ترد فيهما دعوة: عند الاذان بالصلاة والصف في سبيل الله. (في القول بعد السجدة) فإذا رفعت رأسك من السجود فقل: ” سبحان من لا تبيد معالمه، سبحان من لا ينسى من ذكره، سبحان من لا يخيب سائله، سبحان من ليس له حاجب يغشى ولا


[ 300 ]

أبواب يرشى ولا ترجمان يناجى، سبحان من اختار لنفسه أحسن الاسماء، سبحان من فلق البحر لموسى (عليه السلام)، سبحان من لا يزداد على كثرة العطاء إلا كرما وجودا، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره “. (في فضل الصلاة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي الناس: ” أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفؤوها بصلاتكم “. عن ابن أبي يعفور قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا صليت صلاة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها أبدا ثم اضرب ببصرك إلى موضع سجودك فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لاحسنت صلاتك، واعلم أنك قدام من يراك ولا تراه. عنه (عليه السلام) قال: للمصلي ثلاث خصال: إذا قام في صلاته يتناثر البر عليه من أعنان السماء إلى مفرق رأسه (1) وتحف به الملائكة من تحت قدميه إلى أعنان السماء وملك ينادي: أيها المصلي لو تعلم من تناجي ما انفتلت (2). وعنه (عليه السلام) قال: من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله عزوجل ذنب إلا غفر له. عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ركعتان خفيفتان في تدبر خير من قيامه ليلة. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا استفتح العبد صلاته أقبل الله عليه بوجهه الكريم ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا، فإن أعرض عن صلاته أعرض عنه ووكله إلى الملك (3) وإن أقبل على صلاته بكله أقبل الله عليه بوجهه الكريم حتى ترفع صلاته كاملة وإن سها فيها أو غفل أو شغل بشئ غيرها رفع من صلاته بقدر ما أقبل عليه منها ولا يعطى القلب الغافل شيئا.


(1) أعنان السماء: نواحيها وما أعترض من أقطارها. (2) فتله: لواه وفتل وجهه عنه: صرفه، فانفتل. (3) وكل إليه – بالتخفيف – سلمه وتركه إليه. ووكله – بالتشديد -: جعله وكيلا.

[ 301 ]

عنه (عليه السلام) قال: فضل الوقت الاول على الاخير خير للمؤمن من ولده وماله. وعنه (عليه السلام) أيضا قال: فضل الوقت الاول على الاخير كفضل الاخرة على الدنيا. (في الذكر بعد الفجر) عن الحسن بن علي عليهما السلام قال: سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرئ مسلم جلس في مصلاه الذي صلى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له من الامر كحاج بيت الله وغفر له ما سلف من ذنوبه وإن جلس فيه حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة فصلى ركعتين أو أربعا غفر له ما سلف من ذنبه وكان له من الامر كحاج بيت الله. عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله جل جلاله: ” يا ابن آدم أذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما أهمك. (فيما يختص بعقيب صلاة الفجر) إذا سلمت من فريضة الصبح كبر ثلاث مرات وقل: ” لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون، لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مخلصون، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الاولين، لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وغلب الاحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم “، ثم قل ثلاث مرات: ” أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذا الجلال والاكرام وأتوب إليه “، ثم قل: ” اللهم اهدني من عندك وافض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وأنزل علي من بركاتك، سبحانك لا إله إلا أنت اغفر لي ذنوبي كلها جميعا فإنه لا يغفر الذنوب كلها جميعا إلا أنت “، ثم سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام وهو أربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تحميدة وثلاث وثلاثون تسبيحة، تبدأ بالتكبير، ثم بالتحميد ثم بالتسبيح، فروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم عقيب كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم. وعنه (عليه السلام) قال: من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة عليها السلام المائة


[ 302 ]

وأتبعها بلا إله إلا الله غفر له. فالاولى أن تعد لتعدادها مسبحة من تربة الحسين (عليه السلام) فقد روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من أدارها مرة واحدة بالاستغفار أو غير كتب له سبعين مرة وإن السجود عليها يخرق الحجب السبع. (دعاء آخر) وهو الدعاء الذي رواه معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وهو: ” بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الاخيار الاتقياء الابرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأفوض أمري إلى الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت [ وإليه أنيب ] ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، ما شاء الله كان حسبنا الله ونعم الوكيل وأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ومن همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا كما هو أهله ومستحقه وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله على إدبار الليل وإقبال النهار، الحمد لله الذي أذهب الليل مظلما بقدرته وجاء بالنهار مبصرا برحمته خلقا جديدا ونحن في عافيته وسلامته وستره وكفايته وجميل صنعه، مرحبا بخلق الله الجديد واليوم العتيد (1) والملك الشهيد، مرحبا بكما من ملكين كريمين وحيا كما الله من كاتبين حافظين اشهدكما فاشهدا لي واكتبا شهادتي معكما حتى ألقى بها ربي، إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأن الدين كما شرع والاسلام كما وصف والقول كما حدث وأن الله هو الحق [ المبين ] والرسول حق والقرآن حق والموت حق ومسألة منكر ونكير في القبر حق والبعث حق والصراط حق والميزان حق والجنة حق والنار حق والساعة آتية لا ريب فيها وأن الله باعث من في القبور فصل على محمد وآل محمد واكتب اللهم شهادتي عندك مع شهادة أولي العلم بك يا رب ومن أبى أن يشهد لك بهذه الشهادة وزعم أن لك ندا أو لك ولدا أو لك صاحبة أو لك شريكا أو معك خالقا أو رازقا فأنا برئ منهم، لا إله إلا أنت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، فاكتب اللهم


(1) العتيد: الحاضر المهيأ.

[ 303 ]

شهادتي مكان شهادتهم وأحيني على ذلك وأمتني عليه وابعثني عليه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم صل على محمد وآل محمد وصبحني منك صباحا صالحا مباركا ميمونا لا خازيا ولا فاضحا، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل أول يومي هذا صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا وأعوذ بك من يوم أوله فزع وأوسطه جزع وآخره وجع، اللهم صل على محمد وآله وارزقني خير يومي هذا وخير ما فيه وخير ما قبله وخير ما بعده وأعوذ بك من شره وشر ما فيه وشر ما قبله وشر ما بعده، اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لي باب كل خير فتحته على أحد من أهل الخير ولا تغلقه عني أبدا واغلق عني باب كل شر فتحته على أحد من أهل الشر ولا تفتحه علي أبدا، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني مع محمد وآل محمد في كل موطن ومشهد ومقام ومحل ومرتحل وفي كل شدة ورخاء وفي كل عافية وبلاء، اللهم صلى على محمد وآل محمد واغفر لي مغفرة عزما جزما ولا تغادر لي ذنبا ولا خطيئة ولا إثما، اللهم إن أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه وأستغفرك لما أعطيتك من نفسي ولم أف لك به وأستغفرك لما أردت به وجهك فخالطه ما ليس لك فصل على محمد وآل محمد واغفر لي يا رب ولوالدي وما ولدا وما ولدت وما توالدوا من المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتاب موقوتا ولم يجعلني من الغافلين “، ثم قل ثلاث مرات أو أربعا عقيب الفجر قبل أن تتكلم: ” الحمد لله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش، وسبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش، والله أكبر ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش، ولا إله إلا الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش “، ثم قل: ” اللهم إن أسألك مسألة العبد الذليل أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تغفر لنا ذنوبنا وتقضي لنا حوائجنا في الدنيا والاخرة في يسر منك وعافية “. (أذكار مروية في تعقيب الفجر) إذا فرغت من تعقيب الفجر فاقرأ ” قل هو الله أحد ” مائة مرة وقل: ” أستغفر الله ربي وأتوب إليه ” مائة مرة وقل: ” لا إله إلا الله الملك الحق المبين ” مائة مرة وقل: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” مائة مرة، و ” ما شاء الله كان


[ 304 ]

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” مائة مرة، و ” بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” مائة مرة، و ” أسأل الله العافية ” مائة مرة، و ” أستجير بالله من النار ” مائة مرة، و ” أسأل الله الجنة ” مائة مرة، و ” أسأل الله الحور العين ” مائة مرة، وقل: ” اللهم قد رضيت بقضائك وسلمت لامرك، اللهم اقض لي بالحسنى واكفني ما أهمني ” مائة مرة، و ” اللهم أوسع علي في رزقي وامدد لي في عمري واغفر لي ذنبي واجعلني ممن تنتصر به لدينك ” مائة مرة، وإن لم تتيسر لك المئات فعشرا عشرا، وقل خمس عشر مرة: ” لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا “، وقل ما أمكنك: ” سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله وأسأله من فضله ” فإنه يجلب الرزق. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمهاجرات: عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالانامل فإنه مسئولات مستنطقات. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من صلى الفجر ومكث حتى تطلع الشمس كان أنجح في طلب الرزق من الضرب في الارض شهرا. (في الخروج من المسجد) وإذا أردت الخروج من المسجد فقل: ” اللهم دعوتني فأجبت دعوتك وصليت مكتوبتك وانتشرت في أرضك كما أمرتني، فأسألك من فضلك العمل بطاعتك واجتناب معصيتك والكفاف من الرزق برحمتك “. (في الرجوع من المصلى) وإذا أردت النهوض من هذه الصلاة ومن كل صلاة فقل: ” سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ” (1). فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: من أراد أن يكتال بالمكيال الاوفى فليكن هذا آخر قوله فإن له من كل مسلم حسنة. وقدم رجلك اليسرى في الخروج من المسجد وقل: ” اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لنا باب فضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين “. واجتهد أن لا تتكلم قبل طلوع الشمس وأن تكون مشتغلا بالدعاء وبقراءة القرآن، فقد روي


(1) سورة الصافات الايات: 170 و 181. 182.

[ 305 ]

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من جلس في صلاة من صلاة الفجر إلي طلوع الشمس ستره الله من النار. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول: والله إن ذكر الله بعد صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أسرع في طلب الرزق من الضرب في الارض (1). وروي جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى وقت الشفق ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس، وذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول: أكثروا ذكر الله في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة. وقال الصادق (عليه السلام): نوم الغداة مشؤمة تطرد الرزق وتصفر اللون وتقبحه وتغيره وهو نوم كل مشؤم، إن الله تعالى يقسم الارزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإياكم وتلك النومة. وقال الباقر (عليه السلام): النوم أول النهار خرق والقائلة نعمة والنوم بعد العصر حمق والنوم بين العشائين يحرم الرزق. وقال الرضا (عليه السلام) في قول الله عزوجل ” فالمقسمات أمرا ” (2) قال: الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه. وروي معمر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) وهو بخراسان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس، ثم يؤتى بخريطة فيها مساويك فيستاك بها واحدا بعد واحد، ثم يؤتى بكندر فيمضغه، ثم يدع ذلك ويؤتى بالمصحف فيقرأ فيه.


(1) أي من الستر فيها لطلب الرزق، يقال ضرب في الارض ضربا وضربانا: خرج تاجرا أو غازيا. (2) سورة الذاريات: آية 4. (مكارم الاخلاق – 20)

[ 306 ]

الفصل الثالث (في الذكر والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والاستغفار والبكاء) (في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: التفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أصحابه فقال: اتخذوا جننا (1)، فقالوا: يا رسول الله من عدو قد أظلنا ؟ قال: لا، ولكن من النار، قولوا: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر “. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أكثروا من ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر “، فإنهن يأتين يوم القيامة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات. عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لاصحابه ذات يوم: أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والانية ثم وضعتم بعضه على بعض أكنتم ترونه يبلغ السماء ؟ فقالوا: لا يا رسول الله، فقال: أفلا أدلكم على شئ أصله في الارض وفرعه في السماء ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: يقول أحدكم إذا فرغ من صلاة الفريضة: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” ثلاثين مرة فإن أصلهن في الارض وفرعهن في السماء وهن يدفعن الهدم والحرق والغرق والتردي في البئر وأكل السبع وميتة السوء والبلية التي تنزل من السماء على العبد في ذلك اليوم وهن الباقيات [ الصالحات ]. عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كان عصمته شهادة أن لا إله إلا الله، ومن إذا أنعم الله عليه النعمة قال: ” الحمد لله “، ومن إذا أصاب ذنبا قال: ” أستغفر الله “، ومن إذا أصابه مصيبة قال: ” إنا لله وإنا إليه راجعون “. عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: جاء الفقراء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله إن للاغنياء ما يعتقون وليس لنا، ولهم ما


(1) الجنن – كغرف -: جمع جنة – بالضم – السترة.

[ 307 ]

يحجون وليس لنا، ولهم ما يتصدقون وليس لنا، ولهم ما يجاهدون وليس لنا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كبر الله مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمدالله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس (1) في سبيل الله بسروجها ولجمها وركبها، ومن قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا في ذلك اليوم إلا ما زاد، قال: فبلغ ذلك الاغنياء فصنعوه، قال: فعاد الفقراء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله قد بلغ الاغنياء ما قلت فصنعوه، قال: ” ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء “. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لان أقول: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. (في التحميد) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أصبح يحمد الله ثلاثمائة وستين مرة عدد عروق الجسد، يقول: ” الحمد لله كثيرا على كل حال “. وفي حديث آخر: وإذا أمسى قال مثل ذلك. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء. وسئل (صلى الله عليه وآله وسلم): أين رياض الجنة ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله تعالى. وقال الصادق (عليه السلام): شكر كل نعمة وإن عظمت أن يحمد الله. عنه (عليه السلام) قال: ما أنعم الله على عبد مؤمن نعمة بلغت ما بلغت فحمد الله عليها إلا كان حمد الله أفضل وأوزن وأعظم من تلك النعمة. نفرت بغلة لابي جعفر (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة، فقال: لئن ردها الله علي لاشكرنه حق شكره، فلما أخذها قال: ” الحمد لله رب العالمين ” ثلاث مرات، ثم قال ثلاث مرات: ” شكرا لله “. عن أبي حمزة، عنه (عليه السلام) قال: أنبئك بحمد يضر بك من كل حمد، قلت له:


(1) الحملان – بالضم -: ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة والمتاع وأسباب السفر.

[ 308 ]

ما معنى يضر بك ؟ قال: يكفيك، قلت: بلى، قال [ قل ]: ” اللهم لك الحمد بمحامدك كلها على جميع نعمك كلها حتى ينتهي الحمد إلى ما تحب ربنا وترضى “. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال أربع مرات إذا أصبح: ” الحمد لله رب العالمين ” فقد أدى شكر يومه، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته. عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: ” الحمد لله كما هو أهله ” شغل كتاب السماء، قلت: وكيف يشغل كتاب السماء ؟ قال: يقولون: ” اللهم إنا لا نعلم الغيب “، فقال اكتبوها كما قالها عبدي وعلي ثوابها. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من قال: ” الحمد لله بمحامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم على كل حال حمدا يوازي نعمه ويكافئ مزيده علي وعلى جميع خلقه “، قال الله تبارك وتعالى: بالغ عبدي في رضاي وأنا مبلغ عبدي رضاه من الجنة. وقال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: جعلت فداك إني شيخ كبير فعلمني دعاء جامعا ؟ فقال: احمد الله، فإنك إذا حمدت الله لم يبق مصل إلا دعا لك، يعني قولهم: ” سمع الله لمن حمده “. عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): في ابن آدم ثلاثمائة وستون عرفا: منها مائة وثمانون متحركة ومنها مائة وثمانون ساكنة فلو سكن المتحرك لم يبق الانسان ولو تحرك الساكن لهلك الانسان. قال (عليه السلام): وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمس يقول: ” الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال ” يقولها ثلاثمائة وستين مرة وإذا أمسى يقول مثل ذلك. (في التمجيد) عن زرارة قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): أي الاعمال أحب إلى الله ؟ قال: أن تمجده. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله يمجده نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات، فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثم كان في حال شقاوة حول إلى سعادة. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن كل دعاء لا يكون قبله تمجيده فهو أبتر، إنما التمجيد ثم الدعاء، قلت: ما أدنى ما يجزئ من التمجيد ؟ قال: قال: ” اللهم أنت الاول


[ 309 ]

فليس قبلك شئ وأنت الاخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ وأنت العزيز الحكيم. (في التسبيح) عن يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): من قال: ” سبحان الله ” مائة مرة كان كمن ذكر الله كثيرا ؟ قال: نعم. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أكثر من قول: ” سبحان الله ” من غير تعجب خلق الهل من ذلك طيرا له لسان وجناحان يستغفر الله له حتى تقوم الساعة، ومثل ذلك ” الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر “. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: التسبيح ينصف الميزان، والحمد لله يملا الميزان، والله أكبر يملا ما بين السماء والارض. عنه (عليه السلام) قال: من قال حين يمسي ثلاث مرات: ” سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون ” لم يفته خير يكون في تلك الليلة وصرف عنه جميع شرها. ومن قال مثل ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون في ذلك اليوم وصرف عنه جميع شرها. (في التهليل) عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما من الكلام كلمة أحب إلى الله عز وجل من قول: ” لا إله إلا الله “، وما من عبد يقول: ” لا إله إلا الله ” يمد بها صوته فيفزع إلا تناثرت ذنوبه تحت قدميه كما ينتاثر ورق الاشجار تحتها. عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير العبادة قول ” لا إله إلا الله “. [ من كتاب عيون الاخبار، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت في الارض السابعة السفلى، فإذا قال العبد: ” لا إله إلا الله ” اهتز العرش وتحرك العمود وتحرك الحوت، فيقول الله تعالى: اسكن يا عرشي، فيقول: كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول الله عزوجل: اشهدوا سكان سمواتي أني قد غفرت لقائلها ].


[ 310 ]

عن جابر، عن أبي الطفيل (1)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ما من عبد مسلم يقول: لا إله إلا الله إلا صعدت وتخرق كل سقف، لا تمر بشئ من سيئاته إلا طمستها حتى ينتهي إلى مثلها من الحسنات فيقف. قال الصادق (عليه السلام): قول لا إله إلا الله ثمن الجنة. من ثواب الاعمال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله فمن قالها في صحته [ فمه ] ؟ قال: فذاك أهدم وأهدم إن لا إله إلا الله أمن للمؤمن في حياته وعند موته وحين يبعث. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس ذلك اليوم عملا إلا من زاد. عن زيد بن أرقم، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من قال: ” لا إله إلا الله ” مخلصا دخل الجنة وإخلاصه بها أن يحجزه عما حرم الله عزوجل. عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما قلت ولا قال القائلون قبلي [ كلمة أفضل من ] مثل لا إله إلا الله. أبو عمران العجلي رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من مؤمن يقول: ” لا إله إلا الله ” إلا محت ما في صحيفته من السيئات حتى ينتهي إلى مثلها حسنات. (في التكبير وغير ذلك) عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: من كبر الله عند المساء مائة تكبيرة كان كمن أعتق مائة نسمة. قال الرضا (عليه السلام): كان أبي يقول: من قال: ” لا حول ولا قوة إلا بالله ” صرف الله عنه تسعة وتسعين نوعا من بلاء الدنيا أيسرها الخنق. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من قال إذا خرج من بيته بكرة: ” بسم الله لا حول ولا


(1) هو عامر بن واثلة بن الاسقع الكناني كان من الصحابة ومن خيارهم، ولد عام الهجرة ومات سنة عشرة ومائة وهو آخر من مات ممن رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبه ختم الصحابة وكان يسكن الكوفة ثم انتقل إلى مكة وإنه كان معروفا بموالات أهل البيت عليهم السلام والمحبين لهم ومن شيعة علي (عليه السلام) وشهد معه مشاهده كلها وله منه محل خاص يستغنى بشهرته عن ذكره وكونه من أهل سره.

[ 311 ]

قوة إلا بالله توكلت على الله ” قال الملكان: كفيت ووقيت وهديت، فيقول الشيطان: كيف لي بعيد كفي ووقي وهدي. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: ” يا الله يا الله ” عشر مرات قيل له: لبيك ما حاجتك ؟ ومن قال: ” يا رب ” عشر مرات، قيل له: لبيك ما حاجتك ؟ ومن قال: ” ما شاء الله لا قوة إلا بالله ” سبعين مرة صرف الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أيسرها الخنق، قلت: جعلت فداك ما الخنق ؟ قال: لا يقتل بالجنون فيخنق. عنه، عن آبائه عليهم السلام قال: من قال في كل يوم ثلاثين مرة: ” لا إله إلا الله الملك الحق المبين ” استقبل الغنى واستدبر الفقر وقرع باب الجنة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): مثل البيت الذي يذكر فيه الله والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده. وسأله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل: بأي سنن الاسلام وشرائعه تأمرني ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. من أمالي الشيخ ابن بابويه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بادروا إلى رياض الجنة، قالوا: وما رياض الجنة ؟ قال: حلق الذكر (1). من الفردوس قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون. ومن الامالي أيضا: إن الصاعقة لا تصيب ذاكر الله عزوجل. من المحاسن، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال: قال لقمان لابنه: يا بني: إحذر المجالس على عينك، فإن رأيت قوما يذكرون الله عزوجل فاجلس معهم فإنك إن تكن عالما ينفعك علمك ويزيدوك، وإن تكن جاهلا علموك ولعل الله أن يظلهم برحمة فيعمك معهم. وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تكن عالما لا ينفعك علمك، وإن تكن جاهلا يزيدوك جهلا ولعل الله يظلهم بعقوبة فتعمك معهم.


(1) الحلق – بكسر ففتح أو بفتحتين -: جمع حلقة، كقصعة. وحلقة القوم: دائرهم.

[ 312 ]

من الروضة، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا فقد بدلت سيئاتكم حسنات وغفر لكم جميعا. وما قعد عدة من أهل الارض يذكرون الله إلا قعد معهم عدة من الملائكة. وقال: ما جلس قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده. سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أين رياض الجنة ؟ فقال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله. (في الصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة واحدة صلى الله عليه في ألف صف من الملائكة ولم يبق شئ مما خلق الله عزوجل إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه وصلوات ملائكته، فمن لا يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله [ وأهل بيته ]. عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة علي حتى اثقل بها حسناته. عن الحارث الاعور، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كل دعاء محجوب من السماء حتى يصلى على محمد وآله. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وجدت في بعض الكتب من صلى على محمد نبيه كتب الله له مائة حسنة. ومن قال: صلى الله على محمد وأهل بيته كتب الله له ألف حسنة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي. وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إرفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق.


[ 313 ]

(في الاستغفار والبكاء) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: العجب ممن يقنط ومعه النجاة، قيل: وما هي ؟ قال: الاستغفار. من الفردوس، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة أصوات يحبها الله عزوجل: صوت الديك وصوت الذي يقرأ القرآن وصوت المستغفرين بالاسحار. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: ” أستغفر الله ” مائة مرة حين ينام بات وقد تحاتت الذنوب عنه [ كلها ] كما يتحات الورق عن الشجر ويصبح وليس عليه ذنب (1). وعنه (عليه السلام) قال: من إستغفر الله عزوجل بعد العصر سبعين مرة غفر الله له ذلك اليوم سبعمائة ذنب، فإن لم يكن له فلابيه، فإن لم يكن لابيه فلامه، فإن لم يكن لامه فلاخيه، فإن لم يكن لاخيه فلاخته، فإن لم يكن لاخته فللاقرب. عن إسماعيل بن سهل قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): علمني شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والاخرة ؟ قال: فكتب بخطه، أعرفه: أكثر من قراءة ” إنا أنزلناه ” ورطب شفتيك بالاستغفار. عن جعفر ين محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كل ذنب ” أستغفر الله “. قال الصادق (عليه السلام): إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ. وعنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله خمسا وعشرين مرة وكان من أيمانه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا وأستغفر الله. قال الصادق (عليه السلام): التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو يستغفر كالمستهزئ. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا أحدث العبد ذنبا جدد له نعمة فيدع الاستغفار


(1) يقال: حت الورق عن الشجر: سقط. وتحات الورق عنه: تناثر.

[ 314 ]

فهو الاستدراج. وكان من أيمانه لا وأستغفر الله (1). وقال (عليه السلام): من أذنب من المؤمنين ذنبا أجل من غدوة إلى الليل فإن إستغفر لم يكتب عليه. وقال (عليه السلام): إن المؤمن ليذكره الله الذنب بعد بضع وعشرين سنة حتى يستغفر الله منه فيغفر له. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” الاستغفار ” وقول ” لا إله إلا الله ” خير العبادة، قال الله تعالى ” فاعلم أنه لا إله إلا الله وأستغفر لذنبك ” (2). عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لقائل بحضرته ” أستغفر الله “: ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار ؟ إن الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولها: الندم على مضى، والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول: ” أستغفر الله “. من كتاب روضة الواعظين، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في الارض أمانان من عذاب الله سبحانه وقد رفع أحدهما فدونكم الاخر فتمسكوا به، أما الامان الذي رفع فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما الامان الباقي فهو الاستغفار، قال الله عزوجل ” وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ” (3). ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنبا فهو يتداركها بالتوبة ورجل يسارع إلى الخيرات، ومن أعطى التوبة لم يحرم القبول ومن أعطى الاستغفار لم يحرم المغفرة، وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل ” ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله


(1) الاستدارج: الارتقاء من درجة إلى درجة والمراد هنا أن العبد كلما جدد خطيئة جدد الله له نعمة فأنساه الاستغفار فيأخذه قليلا قليلا. (2) سورة محمد: آية 21. (3) سورة الانفال: آية 33.

[ 315 ]

يجد الله غفورا رحيما ” (1)، وقال تعالى: ” إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (2). وعن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستغفر كل يوم سبعين مرة، قيل: وكيف كان يقول ؟ قال (عليه السلام): كان يقول: ” أستغفر الله ” سبعين مرة ويقول: ” أتوب إليه ” سبعين مرة. عن الحسن بن حماد، عن الصادق (عليه السلام) قال: من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثنى رجليه (3): ” أستغفر الله [ العظيم ] الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذا الجلال والاكرام وأتوب إليه ” ثلاث مرات غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. وفي خبر آخر من قاله في كل يوم غفر الله له أربعين كبيرة. (في البكاء) من الروضة: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله من عيون الاخبار: عن الرضا عليه السلام قال: من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون. من كتاب روضة الواعظين، قال الصادق (عليه السلام): البكاؤون خمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، فأما آدم (عليه السلام) فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية. وأما يعقوب (عليه السلام) فبكى على يوسف (عليه السلام) حتى ذهب بصره وحتى قيل له: ” تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين “. وأما يوسف (عليه السلام) فبكى على يعقوب (عليه السلام) حتى تأذى منه أهل السجن فقالوا: إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل وإما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار فصالحهم على واحد منهما. وأما فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فبكت على أبيها حتى تأذى منها أهل المدينة وقالوا لها: قد أذيتنا بكثرة


(1) سورة النساء: آية 110. (2) سورة النساء: آية 21. (3) ثنى الشئ – كرما ودعا -: عطفه وطواه ورد بعضه على بعض.

[ 316 ]

بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف. وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين (عليه السلام) عشرين سنة أو أربعين وما وضع طعام بين يديه إلا بكى حتى قال مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: ” إنما أشكو بثي (1) وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون “، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة. قال موسى (عليه السلام): يا إلهي ما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك ؟ قال: يا موسى أقي وجهه من حر النار وأؤمنه من الفزع الاكبر. وقال الصادق (عليه السلام): لما حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام الوفاة بكى، فقيل: يا ابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أنت به وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيك ما قال، وقد حججت عشرين حجة ماشيا وقد قاسمت ربك ما لك ثلاث مرات حتى النعل والنعل، فقال (عليه السلام): إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الاحبة. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من بكى على ذنبه حتى تسيل دموعه على لحيته حرم الله ديباجة وجهه على النار. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله به يوم الفزع الاكبر. من كتاب زهد الصادق (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): إن عبادي لم يتقربوا إلي بشئ أحب إلي من ثلاث خصال، قال موسى (عليه السلام): وما هي ؟ قال: يا موسى، الزهد في الدنيا والورع عن المعاصي والبكاء من خشيتي، فقال موسى (عليه السلام): يا رب فما لمن صنع ذلك ؟ فأوحى الله إليه: يا موسى أما الزاهدون فاحكمهم في الجنة، وأما البكاؤون من خشيتي ففي الرفيق الاعلى، وأما الورعون عن المعاصي فإني أناقش الناس ولا أناقشهم. عنه (عليه السلام) قال: بكى يحيى بن زكريا عليهما السلام حتى ذهب لحم خديه من


(1) البث: أشد الحزن الذي لا يصبر عليه صاحبه حتى يبثه.

[ 317 ]

الدموع فوضع على العظام لبودا تجري عليها الدموع (1)، فقال له أبوه: يا بني إني سألت الله تعالى أن يهبك لي لتقر عيني بك، فقال: يا أبت إن على نيران ربنا معاثر (2) لا يجوزها إلا البكاؤون من خشية الله وأتخوف أن آتيه فيها فأزل، فبكى زكريا عليه السلام حتى غشي عليه. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، ولو أن عبدا بكى في أمة لرحم الله تعالى تلك الامة لبكاء ذلك العبد. وقال (عليه السلام): إذا لم يجئك البكاء فباك، فإن خرج من عينك مثل رأس الذباب فبخ بخ. عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ما من شئ إلا وله كيل ووزن إلا الدموع فإن العين إذا اغر ورقت بمائها حرمها الله على النار، فإن سالت على الخد لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة أبدا، وإن القطرة من الدموع تطفئ أمثال البحار من النار، ولو أن رجلا بكى في أمة لرحموا. وقال إبراهيم (عليه السلام): إلهي ما لمن بل وجهه بالدمع من مخافتك ؟ قال: جزاؤه مغفرتي ورضواني. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: اطلب الاجابة عند اقشعرار الجلد وعند إفاضة العبرة وعند قطر المطر وإذا كانت الشمس في كبد السماء أو قد زاغت فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ويرجى فيها العون من الملائكة والاجابة من الله تبارك وتعالى. وقال: إن التضرع والصلاة من الله تعالى بمكان إذا كان العبد ساجدا لله فإن سالت دموعه فهنالك تنزل الرحمة فاغتنموا في تلك الساعة المسألة وطلب الحاجة، ولا تستكثروا شيئا مما تطلبون فما عند الله أكثر مما تقدرون، ولا تحقروا صغيرا من حوائجكم فإن أحب المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم.


(1) اللبد – بالكسر -: كل شعر أو صوف متلبد، والجمع: لبود – كفلوس – واللبد – بالتحريك -: مصدر. (2) لمعاثر، جمع معثر: مواضع العثرة أي السقطة والزلة.

[ 318 ]

ولقد دخل أبو جعفر (عليه السلام) على أبيه زين العابدين (عليه السلام) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر ورمصت عيناه من البكاء (1) ودبرت جبهته وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحالة من البكاء فبكيت رحمة له، وكان يفكر فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بني: أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي (عليه السلام)، فأعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام). وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يغشاك ؟ فقال: أتدرون من أتأهب للقيام بين يديه ؟ !. وروي أن الكاظم (عليه السلام) كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع (2). الفصل الرابع (في نوادر من الصلوات) (في الاستخارة) قال الصادق (عليه السلام): إذا أردت أمرا فلا تشاور فيه أحدا حتى تشاور ربك، قال: قلت له: وكيف أشاور ربي ؟ قال: تقول ” أسخير الله ” مائة مرة ثم تشاور الناس، فإن الله يجري لك الخيرة (3) على لسان من أحب. من كتاب المحاسن، عن الحلبي (4)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المشورة لا تكون إلا بحدودها الاربعة فمن عرفها بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها، فأولها أن يكون الذي تشاوره عاقلا، والثاني أن يكون حرا متدينا،


(1) رمصت عينه: سال منها الرمص. والرمص – بالتحريك -: وسخ أبيض يجتمع في موق العين. (2) خضل – كعلم -: ندى وابتل. وخضل: نداه وبله. (3) الخيرة – بكسر فسكون أو فتح -: الخيار أي الاختيار، وخيرة الشئ أو القوم: أفضله. (4) هو يحيى بن عمران الاتي ذكره، والرواية قد تكرر ولذا لم يذكر في بعض النسخ هذه الرواية هنا.

[ 319 ]

والثالث أن يكون صديقا مواخيا، والرابع أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك ثم يسر ذلك ويكتمه، فإنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك إذا إطلعته عليه، فإذا اطلعته على سرك فكان علمه كعلمك تمت المشورة وكملت النصيحة. وعنه (عليه السلام) قال: استشيروا العاقل من الرجال الورع فإنه لا يأمر إلا بخير. وإياك والخلاف فإن خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا. عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مشاورة العاقل الناصح يمن ورشد وتوفيق من الله عزوجل، فإذا أشار عليك الناصح العاقل فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب (1). عن الحسن بن الجهم قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) فذكرناه أباه، فقال كان عقله لا توازي به العقول وربما شاور الاسود من سودانه (2)، فقيل له: تشاور مثل هذا ؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه، قال: فكانوا ربما أشاروا عليه بالشئ فيعمل به في الضيعة والبستان. عن الصادق (عليه السلام) قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما الحزم ؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتباعهم. عنه (عليه السلام) ومما أوصى (صلى الله عليه وآله وسلم) به عليا (عليه السلام) قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا عقل كالتدبير. وقال: إظهار الشئ قبل أن يستحكم مفسدة له. عن يحيى بن عمران الحلبي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن المشورة محدودة فمن لم يعرفها بحدودها كان ضررها أكثر من نفعها: فأول ذلك أن يكون الذي تستشيره عاقلا، والثاني أن يكون حرا متدينا، والثالث أن يكون صديقا مواخيا، والرابع أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك، قال: ثم فسر ذلك فقال: إنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك، وإذا اطلعته على سرك فكان علمه كعلمك به أجهد في النصيحة وكملت المشورة.


(1) عطب – كعلم – عطبا بالتحريك: هلك. (2) السودان والسود: جمع أسود. والسودان أيضا: جيل من الناس، أسود.

[ 320 ]

عن عثمان بن عيسى، عن بعض من حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: من أحب الخلق إلى الله ؟ قال: أطوعهم لله. قال: قلت: فمن أبغض الخلق إلى الله ؟ قال: من اتهم الله، قلت: أو أحد يتهم الله ؟ قال: نعم، من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فيسخط ذلك فهو المتهم لله (تمام الخبر). وروى حماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في الاستخارة: أن يستخير الله الرجل في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة يحمد الله ويصلي على النبي وآله صلى الله عليه وعليهم، ثم يستخير الله خمسين مرة، ثم يحمد الله تعالى ويصلي على النبي وآله صلى الله عليه وعليهم ويتم المائة والواحدة أيضا. وسأله (عليه السلام) محمد بن خالد القسري عن الاستخارة ؟ فقال (عليه السلام): استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد مائة مرة ومرة، وقال: كيف أقول ؟ قال: تقول: ” أستخير الله برحمته ” ثلاث مرات. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يصلي ركعتين ويقول في دبرهما: ” أستخير الله ” مائة مرة، ثم يقول: ” اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخري فيسره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني، كرهت نفسي ذلك أم أحبت، فإنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ” ثم يعزم. وروي أن رجلا جاء إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: جعلت فداك إني ربما ركبت الحاجة ثم أندم عليها، فقال له: أين أنت من الاستخارة ؟ فقال الرجل: جعلت فداك فكيف الاستخارة ؟ فقال: إذا صليت صلاة الفجر بعد أن ترفع يديك حذاء وجهك: ” اللهم إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب فصل على محمد وآل محمد وخر لي في جميع ما عزمت به من أموري خيار بركة وعافية ” ثم يسجد سجدة يقول فيها مائة مرة: ” أستخير الله برحمته أستقدر الله في عافية بقدرته ” ثم ائت حاجتك فإنها خير لك على كل حال ولا تتهم ربك فيما تتصرف فيه. من كتاب تهذيب الاحكام، عن معاوية بن ميسرة، عنه (عليه السلام) أنه قال: ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله بالخيرة، يقول: ” يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وأهل بيته وخر لي في كذا وكذا “.


[ 321 ]

(في صلاة الاستخارة) سأل الحسين بن الجهم أبا الحسن (عليه السلام) لابن أسباط (1) فقال له: ما ترى [ له ] وابن أسباط حاضر ونحن جميعا نذكر البحر والبر إلى مصر وأخبره بخير طريق البر، فقال له: فائت المسجد في غير وقت صلاة الفريضة فصل ركعتين واستخر الله مائة مرة، ثم انظر إلى أي شئ يقع في قلبك فاعمل به، فقال له الحسن: البر أحب إلي له، قال: وإلي. من كتاب المحاسن، عن جابر، عن الباقر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام: إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق تطهر ثم صلى ركعتي الاستخارة، يقرأ فيهما سورة ” الحشر ” و ” الرحمن ” و ” المعوذتين ” و ” قل هو الله أحد ” ثم قال: ” اللهم إن كان كذا وكذا خيرا لي في دنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله فيسره لي رب أعزم لي على يسري وإن كرهت ذلك وأبته نفسي “. عن ناجية (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان إذا أراد شراء شئ من العبيد أو الدواب أو الحاجة الخفيفة والشئ اليسير استخار الله وقال فيه سبع مرات، وإن كان أمرا جسيما استخار الله فيه مائة مرة. (صلاة اخرى) روي مرازم (3) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين وليحمد الله وليثن عليه، ثم ليصل على محمد وآل محمد وليقل: ” اللهم إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره، وإن كان هذا الامر على غير ذلك فاصرفه عني “، قال: فسألته: أي شئ أقرأ فيهما ؟ فقال: ” اقرأ [ فيهما ] ما شئت وإن شئت قرأت ” قل هو الله أحد ” و ” قل يا أيها الكافرون “.


(1) لعل هو علي بن أسباط بن سالم الكندي بياع الزطي كوفي من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام (2) هو أبو حبيب ناجية بن أبي عمارة الصيداوي الاسدي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. (3) هو مرازم بن حكيم المدائني مولى الازد، من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ثقة له أصل. (مكارم الاخلاق – 21)

[ 322 ]

(صلاة اخرى) روى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ربما أردت الامر فتفرق مني فريقان: أحدهما يامرني والاخر ينهاني، فقال (عليه السلام) لي: إذا كنت كذلك فصل ركعتين واستخر الله مائة مرة ومرة، ثم انظر أحزم الامرين لك فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالى، وليكن استخارتك في عافية فإنه ربما خير للرجل في قطع يده وموته وموت ولده وذهاب ماله. (صلاة اخرى) روى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث رقاع منها ” بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل “، وفي ثلاث اخرى ” خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانة لا تفعل “، ثم ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة فقل فيها مائة مرة: ” أستخير الله برحمته خيرة في عافية “، ثم استو جالسا وقل: ” اللهم خر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية “، ثم اضرب بيدك على الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة فإن خرج ثلاث متواليات افعل فافعل الامر الذي تريده، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، وإن خرجت واحدة افعل والاخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا تحتاج إليها. (برواية اخرى) عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا عزم بحج أو عمرة أو عتق أو شراء عبد أو بيع تطهر وصلى ركعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة ” الرحمن ” وسورة ” الحشر “، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مائتي مرة، ثم قرأ ” قل هو الله أحد ” و ” المعوذتين ” ثم قال: ” اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني، رب اعزم لي على رشدي وإن كرهت


[ 323 ]

نفسي ذلك أو أحبت ببسم الله الرحمن الرحيم ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل ” ثم يمضي ويعزم. (صلاة اخرى) روى محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد رفعه، عن بعضهم عليهم السلام أنه قال لبعض أصحابه وقد سأله عن الامر يمضي فيه من لا يجد أحدا يشاوره فكيف يصنع ؟ فقال: شاور ربك، قال: فقال له: كيف ؟ قال: إنو الحاجة في نفسك واكتب رقعتين، في واحدة لا وفي واحدة نعم، واجعلهما في بندقتين من طين (1)، ثم صل ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل: ” يا الله إني أشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير فأشر علي بما فيه خير وصلاح وحسن عافية “، ثم ادخل يدك واخرج واحدة فإن كان فيها نعم فافعل وإن كان فيها لا فلا تفعل، هكذا تشاور ربك. (صلاة اخرى) عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: ” اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر (وتسميه) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره وبارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث ما كان ثم رضني به “. من كتاب المحاسن، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ليجعل أحدكم مكان قوله: ” اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ” ” اللهم إني أستخيرك برحمتك وأستقدرك الخير بقدرتك عليه “، وذلك لانه في قوله: ” اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ” للخير والشر فإذا شرطت في قولك كان ذلك شرطك إن إستجيب لك ولكن قل: ” اللهم إن أستخيرك برحمتك وأستقدرك


(1) البندق – كقنفذ – واحدته بندقة: جسم صغير كروي من طين أو رصاص يرمي به.

[ 324 ]

الخير بقدرتك عليه إنك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم إن كان هذا الامر الذي أريده خيرا لي في ديني ودنياي وآخرتي فيسره لي وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه “. عن مسعدة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كان بعض آبائي يقول: ” اللهم لك الحمد كله وبيدك الخير كله، اللهم إني أستخيرك برحمتك وأستقدرك الخير بقدرتك عليه إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم فما كان من أمر هو أقرب من طاعتك وأبعد من معصيتك وأرضى نفسك وأقضى لحقك فيسره لي وما كان من غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه فإنك لطيف لذلك والقادر عليه “. عن عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): صل ركعتين واستخر الله، فوالله ما استخار الله تعالى مسلم إلا خار الله له البتة. (صلاة القرعة في المصحف) يصلي صلاة جعفر رضي الله عنه، فإذا فرغ دعا بدعائها، ثم يأخذ المصحف ثم ينوي فرج آل محمد بدءا وعودا، ثم يقول: ” اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرج عن وليك وحجتك في خلقك في عامنا هذا وشهرنا هذا فأخرج لنا رأس آية من كتابك نستدل بها على ذلك “، ثم يعد سبع ورقات ويعد عشر أسطر من ظهر الورقة السابعة وينظر ما يأتيه في الحادي عشر من السطور ثم يعيد الفعل ثانيا لنفسه، فإنه يتبين حاجته إن شاء الله. ومن كتاب تهذيب الاحكام عن اليسع القمي (1) قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أريد الشئ فأستخير الله تعالى فيه فلا يوفق الرأي، أفعله أو أدعه ؟ فقال: انظر إذا قمت إلى الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يكون من الانسان إذا قام إلى الصلاة فأي شئ يقع في قلبك فخذ به، وافتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله تعالى.


(1) الظاهر أن اليسع بن اليسع الاشعري القمي. ويحتمل أن يكون هو أبو علي اليسع بن عبد الله القمي، كلاهما من أصحاب الصادق (عليه السلام) ورويا عنه.

[ 325 ]

(في طلب الحاجة) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من خرج من بيته وقلب خاتمه إلى بطن كفه وقرأ: ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” ثم قال: ” آمنت بالله وحده لا شريك له، آمنت بسر آل محمد وعلانيتهم ” لم ير في يومه ذلك شيئا يكرهه. (في صلاة الحاجة) عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه، وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب وأعطاه، ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله تعالى وتطهر وتصدق بصدقة قلت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته، ثم قال: ” اللهم إن عافيتني من مرضي أو رددتني من سفري أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا ” لاتاه الله ذلك وهي اليمين الواجبة وما جعل الله تعالى عليه في الشكر. (صلاة اخرى) إذا إنتصف الليل فاغتسل وصل ركعتين تقرأ في الاولى ” فاتحة الكتاب ” وسورة ” الاخلاص ” خمسمائة مرة وفي الثانية مثلها وحين تفرغ من القراءة في الثانية تقرأ آخر الحشر وست آيات من أول الحديد وقل بعد ذلك وأنت قائم: ” إياك نعبد وإياك نستعين ” ألف مرة ثم تركع وتسجد وتتشهد وتثني على الله تعالى، فإن قضيت الحاجة وإلا ففي الثانية وإلا ففي الثالثة. (صلاة اخرى) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا حضرت لك حاجة مهمة إلى الله عزوجل فصم ثلاثة أيام متوالية: الاربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله فاغتسل والبس ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك فصل فيه ركعتين وارفع يديك إلى السماء ثم قل: ” اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك وأنه لا قادر على حاجتي غيرك فقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمك علي اشتدت فاقتي إليك وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت بكشفه عالم غير معلم، واسع غير متكلف


[ 326 ]

فأسألك باسمك [ المكنون ] الذي وضعته على الجبال فنسفت وعلى السماء فانشقت وعلى النجوم فانتشرت وعلى الارض فسطحت، وأسألك بحق الاسم الذي جعلته عند محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي حاجتي وأن تيسر لي عسيرها وتكفيني مهمها فإن فعلت فلك الحمد وإن لم تفعل فلك الحمد غير جائر في حكمك ولا متهم في قضائك ولا خائف في عدلك ” وتلصق خدك بالارض وتقول: ” اللهم إن يونس بن متى عبدك دعاك في بطن الحوت [ وهو عبدك ] فاستجبت له وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي “، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لربما كانت لي الحاجة فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت. (صلاة اخرى) عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: إذا فدحك أمر عظيم فتصدق في نهارك على ستين مسكينا كل مسكين بنصف صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تمر أو بر أو شعر، فإذا كان الليل فاغتسل في ثلث الليل الاخير، ثم لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب إلا أن عليك في تلك الثياب إزار، ثم تصلي ركعتين، تقرأ فيهما بالتوحيد و ” قل يا أيها الكافرون “، فإذا وضعت جبينك في الركعة الاخيرة للسجود هللت الله وقدسته وعظمته ومجدته، ثم ذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها مسمى وما لم تعرف أقررت به جملة ثم رفعت رأسك، فإذا وضعت جبينك في السجدة الثانية استخرت الله مائة مرة، تقول: ” اللهم إني أستخيرك بعلمك “، ثم تدعو الله بما شئت من أسمائه وتقول: ” يا كائنا قبل كل شئ ويا مكون كل شئ ويا كائنا بعد كل شئ افعل بي كذا وكذا [ أو أعطني كذا وكذا ] ” وكلما سجدت فافض بركبتيك إلى الارض وترفع الازار حتى تكشف عنهما واجعل الازار من خلفك بين أليتيك وباطن ساقيك فإن أرجو أن تقضي حاجتك إن شاء الله، وابدأ بالصلاة على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين. (في صلاة الحاجة) عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا حزنك أمر شديد فصل ركعتين، تقرأ في إحديهما الفاتحة وآية الكرسي وفي الثانية الفاتحة و ” إنا أنزلناه في ليلة القدر “، ثم خذ المصحف


[ 327 ]

وارفعه فوق رأسك وقل: ” اللهم بحق من أرسلته إلى خلقك وبحق كل آية فيه وبحق كل من مدحته فيه عليك وبحقك عليه ولا نعرف أحدا أعرف بحقك منك ” ” يا سيدي يا الله ” عشر مرات، ” بحق محمد ” عشرا، ” بحق علي ” عشرا، ” بحق فاطمة عشرا، بحق إمام بعد كل إمام بعده عشرا حتى ينتهي إلى إمام حق الذي هو إمام زمانك فإنك لا تقوم من مقامك حتى تقضي حاجتك. (صلاة اخرى) عن مقاتل بن مقاتل قال: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، علمني دعاء لقضاء الحوائج ؟ فقال: إذا كانت لك حاجة إلى الله مهمة فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب، وابرز تحت السماء فصل ركعتين تفتتح الصلاة وتقرأ فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” خمس عشرة مرة ثم تركع فتقرأ خمس عشرة مرة على مثال صلاة التسبيح غير أن القراءة خمس عشرة مرة ثم تسجد فتقول في سجودك: ” اللهم إن كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك فهو باطل سواك فإنك أنت الله الحق المبين اقض لي حاجتي كذا وكذا الساعة الساعة ” وتلح فيما أردت، فإذا قضيت حاجتك فصل صلاة الشكر. روى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال في صلاة الشكر: إذا أنعم الله عزوجل عليك بنعمة فصل ركعتين، تقرأ في الاولى فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” وتقرأ في الثانية فاتحة الكتاب و ” قل يا أيها الكافرون ” وتقول في الركعة الاولى في ركوعك وسجودك: ” الحمد لله شكرا شكرا وحمدا حمدا ” وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك: ” الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي “. من الروضة قال الصادق (عليه السلام): العافية نعمة خفية إذا وجدت نسيت وإذا فقدت ذكرت، والعافية نعمة يعجز عنها الشكر. قال زين العابدين (عليه السلام): من قال: ” الحمد لله ” فقد أدى شكر كل نعمة لله عزوجل.


[ 328 ]

(صلاة العفو) إذا أحسست من نفسك بفترة فلا تدع عند ذلك صلاة العفو وهي ركعتان بالحمد و ” إنا أنزلناه ” مرة واحدة في كل ركعة وتقول بعد القراءة: ” رب عفوك عفوك ” خمس عشرة مرة ثم تركع وتقولها عشرا وتتم الصلاة كمثل صلاة جعفر رضي الله عنه. (صلاة لحديث النفس) عن الصادق (عليه السلام) قال: ليس من مؤمن يمر عليه أربعون صباحا إلا حدث نفسه فليصل ركعتين وليستعد بالله من ذلك. وعنه (عليه السلام) قال: شكا آدم (عليه السلام) إلى الله عزوجل حديث النفس فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: قل: ” لا حول ولا قوة إلا بالله “، فقالها فذهب عنه، قال: فهذا أصل ” لا حول ولا قوة إلا بالله “. وعن الباقر (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكا إليه الوسوسة وحديث النفس ودينا قد فدحه والعيلة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قل: ” توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ” وكررها مرارا، فما لبث أن عاد إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله قد أذهب الله عني الوسوسة وأدي عني الدين وأغناني من العيلة. (صلاة الاستغفار) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إذا رأيت في معاشك ضيقا وفي أمرك التياثا (1) فانزل حاجتك بالله عزوجل ولا تدع صلاة الاستغفار وهي ركعتان تفتتح الصلاة وتقرأ ” الحمد ” و ” إنا أنزلناه ” مرة واحدة في كل ركعة ثم تقول بعد القراءة: ” أستغفر الله ” خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها عشرا على هيئة صلاة جعفر رضي الله عنه يصلح الله لك شأنك كله.


(1) الالتياث: الالتفات والاختلاط.

[ 329 ]

(صلاة الكفاية) عن الصادق (عليه السلام) قال: تصلي ركعتين وتسلم وتسجد وتثني على الله تعالى وتحمده وتصلي على النبي محمد وآله، وتقول: ” يا محمد يا جبرئيل، يا جبرئيل يا محمد اكفياني مما أنا فيه فإنكما كافيان، احفظاني بإذن الله فإنكما حافظان ” مائة مرة. (صلاة لمن أصابه غم أو هم) عن الرضا (عليه السلام): يصلي ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما ” الحمد ” مرة و ” إنا أنزلناه ” ثلاث عشرة مرة، فإذا فرغ سجد وقال: ” اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم ومجيب دعوة المضطرين ورحمن الدنيا ورحيم الاخرة، صل على محمد وآل محمد وارحمني رحمة تطفئ بها عني غضبك وسخطك وتغنيني بها عمن سواك “، ثم يلصق خده الايمن بالارض ويقول: ” يا مذل كل جبار عنيد ويا معز كل ذليل وحقك قد بلغ المجهود مني في أمر كذا ففرج عني “، ثم يلصق خده الايسر بالارض ويقول مثل ذلك، ثم يعود إلى سجوده على جبهته ويقول مثل ذلك، فإن الله سبحانه يفرج غمه ويقضي حاجته. (صلاة الفرج) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: تصلي ركعتين، تقرأ في الاولى ” الحمد لله ” و ” قل هو الله أحد ” ألف مرة وفي الثانية ” الحمد لله ” و ” قل هو الله أحد ” مرة واحدة ثم تتشهد وتسلم وتدعو بدعاء الفرج، فتقول: ” اللهم يا من لا تراه العيون ولا تخالطا الظنون، يا من لا يصفه الواصفون، يا من لا يغيره الدهور، يا من لا يخشى الدوائر، يا من لا يذوق الموت، يا من لا يخشى الفوت، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة، يا من يعلم مثاقيل الجبال وكيل البحور وعدد الامطار وورق الاشجار ودبيب الذر ولا يواري منه سماء سماءا ولا أرض أرضا ولا بحر ما في قعرة ولا جبل ما في وعره تعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار باسمك المخزون المكنون الذي في علم الغيب عندك اخصصت به لنفسك وشققت منه اسمك فإنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وبإسمك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت وأسألك بحق أنبيائك المرسلين وبحق حملة عرشك وبحق ملائكتك المقربين وبحق جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وبحق محمد وآله وعترته صلواتك عليهم


[ 330 ]

أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل خير عمري آخره وخير أعمالي خواتيمها وأسألك مغفرتك ورضوانك يا أرحم الراحمين “. (صلاة المكروب) تصلي ركعتين وتأخذ الصحف فترفعه إلى الله تعالى وتقول: ” اللهم إني أتوجه إليك بما فيه وفيه اسمك الاكبر وأسماؤك الحسنى وما به تخاف وترجى، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وتقضي حاجتي ” وتسميها. (صلاة الاستغاثة بالبتول) تصلي ركعتين، ثم تسجد وتقول: ” يا فاطمة ” مائة مرة، ثم تضع خدك الايمن على الارض وقل مثل ذلك وتضع خدك الايسر على الارض وتقول مثله ثم اسجد وقل ذلك مائة وعشر دفعات وقل: ” يا آمنا من كل شئ وكل شئ منك خائف حذر، أسألك بأمنك من كل شئ وخوف كل شئ منك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي ومالي وولدي حتى لا أخاف أحدا ولا أحذر من شئ أبدا إنك على كل شئ قدير “. (صلاة الاستغاثة) إذا هممت بالنوم في الليل فضع عند رأسك إناءا نظيفا فيه ماء طاهر وغطه بخرقة نظيفة فإذا انتبهت لصلاتك في آخر الليل فاشرب من الماء ثلاث جرع ثم توضأ بباقيه وتوجه إلى القبلة وأذن وأقم وصل ركعتين، تقرأ فيهما ما تيسر من القرآن فإذا فرغت من القراءة قلت في الركوع: ” يا غياث المستغيثين ” خمسا وعشرين مرة ثم ترفع رأسك فتقول مثل ذلك، ثم تسجد وتقول مثل ذلك، ثم تجلس وتقوله وتسجد وتقوله وتجلس وتقوله وتنهض إلى الثانية فتفعل كفعلك في الاولى وتسلم وقد أكملت ثلاثمائة مرة ما تقوله، ثم ترفع رأسك إلى السماء وتقول ثلاثين مرة: ” من العبد الذليل إلى المولى الجليل ” وتذكر حاجتك، فإن الاجابة تسرع بإذن الله. (صلاة الغياث) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كانت لاحدكم استغاثة إلى الله تعالى فليصل


[ 331 ]

ركعتين ثم يسجد ويقول: ” يا محمد يا رسول الله، يا علي يا سيد المؤمنين والمؤمنات بكما أستغيث إلى الله تعالى، يا محمد يا علي أستغيث بكما يا غوثاه بالله وبمحمد وعلي وفاطمة – وتعد الائمة – بكم أتوسل إلى الله تعالى “، فإنك تغاث من ساعتك إن شاء الله تعالى. (صلاة الضر والفقر) تصلي ركعتين تحسنهما وتسجد وتقول: ” يا ماجد يا واحد يا أحد يا كريم أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ورب كل شئ أسألك يا الله أن تصلي على محمد وآله وأسألك أن تنفحني نفحة من نفحاتك فتحا يسيرا ورزقا واسعا ألم به شعثي وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي “. (صلاة المكروب) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من نزل به كرب فليغتسل وليصل ركعتين، ثم يضطجع ويضع خده الايمن على يده اليمنى فيقول: ” يا معز كل ذليل، يا مذل كل عزيز وحقك لقد شق علي كذا وكذا ” ويسمي الامر الذي نزل به. (صلاة الاستعداء (1)) عن الصادق (عليه السلام) قال: تسبغ الوضوء أي وقت أحببت، ثم تصلي ركعتين تتم ركوعهما وسجودهما، فإذا فرغت مرغت خديك على الارض وقلت: ” يا رباه ” حتى ينقطع النفس ثم قلت: ” يا من أهلك عادا الاولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى إن كان فلان بن فلان ظالما فيما ارتكبني به فاجعل عليه منك وعدا ولا تجعل له في حلمك نصيبا يا أقرب الاقربين “. (صلاة الظلامة) تفيض عليك الماء، ثم تصلي ركعتين وترفع رأسك إلى السماء وتبسط يديك


(1) الاستعداء: طلب التقوية والنصرة، يقال استعدى الرجل أي استنصره واستعان به.

[ 332 ]

وتقول: ” اللهم رب محمد وآل محمد، صل على محمد وآل محمد وأهلك عدوهم، اللهم إن فلان بن فلان قد ظلمني ولا أجد من أصول به غيرك (1) فاستوف لي منه ظلامتي الساعة الساعة بحق من جعلت له عليك حقا وبحقك عليهم إلا فعلت ذلك، يا مخفف الاحكام والاخذ، يا مرهوب البطش، يا مالك الفضل “. (صلاة الانتصار من الظالم) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا طلبت بمظلمة فلا تدع على صاحبك، فإن الرجل يكون مظلوما فلا يزال يدعو حتى يكون ظالما ولكن إذا ظلمت فاغتسل وصل ركعتين في موضع لا يحجبك عن السماء ثم قل: ” اللهم إن فلان بن فلان ظلمني وليس لي أحد أصول به غيرك فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي سألك به المضطر فكشفت ما به من ضر ومكنت له في الارض وجعلته خليفتك على خلقك فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تستوفي لي ظلامتي الساعة الساعة ” فإنك لا تلبث حتى ترى ما تحب. (صلاة اخرى) عن يونس بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) رجلا كان يؤذيني، فقال (عليه السلام): ادع عليه، قلت: دعوت عليه، قال: ليس هكذا ولكن اقلع عن الذنوب وصم وصل وتصدق فإذا كان آخر الليل فاسبغ الوضوء ثم قم فصل ركعتين، ثم قل وأنت ساجد: ” اللهم إن فلا بن فلان قد آذاني، اللهم اسقم بدنه واقطع أثره وانقص أجله وعجل له ذلك في عامه هذا “، قال: ففعلت فما لبث أن هلك. (صلاة العسر) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا عسر عليك أمر فصل عند الزوال ركعتين، تقرأ في الاولى فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” و ” إنا فتحنا لك فتحا مبينا – إلى قوله -: وينصرك الله نصرا عزيزا ” وفي الثانية فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” و ” ألم نشرح لك صدرك ” وقد جرب.


(1) صال عليه: سطا ووثب عليه وقهره. الظلامة – بالضم – ظلما وما احتملته من الظلم.

[ 333 ]

(صلاة في المهمات) عن الحسين بن علي عليهما السلام: تصلي أربع ركعات تحسن قنوتهن وأركانهن، تقرأ في الاولى ” الحمد ” مرة و ” حسبنا الله ونعم الوكيل ” سبع مرات، وفي الثانية ” الحمد ” مرة وقوله: ” ما شاء الله لا قوة إلا بالله، إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ” سبع مرات، وفي الثانية ” الحمد ” مرة وقوله: ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” سبع مرات، وفي الرابعة ” الحمد ” مرة و ” أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ” سبع مرات، ثم تسأل حاجتك. (صلاة لمن أصابته مصيبة) يصلي أربع ركعات بفاتحة الكتاب مرة والاخلاص سبع مرات وآية الكرسي مرة فإذا سلم يقول: ” صلى الله على النبي الامي وآله “، ثم يسبح ويحمد ويهلل ويكبر، فيعطيه الله تعالى ما وعد. (صلاة الرزق) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، عن جبرئيل (عليه السلام): يصلي ركعتين، يقرأ في الاولى ” الحمد ” مرة و ” إنا أعطيناك الكوثر ” ثلاث مرات والاخلاص ثلاث مرات، وفي الثانية ” الحمد ” مرة والمعوذتين كل واحدة ثلاث مرات. (صلاة الفقر) روى ميسر بن عبد العزيز قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه بعض أصحابنا فقال: جعلت فداك إني فقير، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): استقبل يوم الاربعاء فصمه واتله بالخميس والجمعة ثلاثة أيام فإذا كان ضحى يوم الجمعة فزر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أعلى سطحك أو في فلاة من الارض حيث لا يراك أحد ثم صل مكانك ركعتين ثم أجث على ركبتيك (1) وأنت متوجه إلى القبلة ويدك اليمنى فوق اليسرى وقل: ” اللهم أنت أنت انقطع الرجاء إلا منك وخابت الامال إلا فيك، يا ثقة من لا ثقة له لا ثقة لي غيرك اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن


(1) جثا – كدعا ورمى -: جلس على ركبته أو قام على أطراف أصابعه.

[ 334 ]

حيث لا أحتسب “، ثم اسجد على الارض وقل: ” يا مغيث اجعل لي رزقا من فضلك “، فلن يطلع عليك نهار يوم السبت إلا برزق جديد. كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله: يا أهلاه صلوا صلوا. (صلاة الوالد لولده) أربع ركعات: يقرأ في الاولى ” الحمد ” مرة، وعشر مرات ” ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ” (1)، وفي الثانية ” الحمد ” مرة وعشر مرات ” رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ” (2)، وفي الثالثة ” الحمد ” مرة وعشر مرات ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعينم واجعلنا للمتقين إماما ” (3)، وفي الرابعة ” الحمد ” مرة وعشر مرات ” رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ” (4)، فإذا سلم قال عشرا: ” ربنا هب لنا ” الاية (5). (صلاة الولد لوالديه) ركعتان: الاولى بفاتحة الكتاب وعشر مرات ” رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب “، وفي الثانية الفاتحة وعشر مرات ” رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ” (6)، فإذا سلم يقول عشر مرات: ” رب ارحهما كما ربياني صغيرا ” (7).


(1) سورة البقرة: آية 122. (2) سورة إبراهيم: آية 42 و 43. (3) سورة الفرقان: آية 74. (4) سورة الاحقاف: آية 14. (5) سورة الفرقان: آية 74. (6) سورة نوح: آية 29. (7) سورة بني إسرائيل: آية 25. (*)

[ 335 ]

(صلاة اخرى) ركعتان: يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وعشرين مرة ” رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ” فإذا فرغ سجد ويقولها عشرة أخرى. (صلاة الغنية (1)) ركعتان في كل ركعة الفاتحة وعشر مرات قل: ” اللهم مالك الملك الاية ” (2) فإذا سلم يقول عشرا: ” رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين “، وعشر مرات: ” اللهم صل على محمد وآل محمد “، ثم يسجد ويقول: ” رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب “. (صلاة اخرى) ركعتان في كل ركعة الفاتحة وخمس عشر مرة سورة قريش وبعد التسليم يصلي – عشر مرات: على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم يسجد ويقول عشر مرات: ” اللهم أغنني بفضلك عن خلقك “. (صلاة اخرى) أربع ركعات: يقرأ في الاولى الفاتحة مرة والفلق عشر مرات، وفي الثانية الفاتحة مرة و ” قل يا أيها الكافرون ” عشر مرات وآية الكرسي عشر مرات و ” آمن الرسول إلخ ” (3) عشر مرات، فإذا سلم في الركعتين يقول عشر مرات: ” سبحان الله أبد الابد، سبحان الله الواحد الاحد سبحان الله الفرد الصمد، سبحان الله الذي رفع السموات بغير عمد، المتفرد بلا صاحبة ولا ولد “، وفي الثالثة الفاتحة مرة و ” ألهاكم ” ثلاث مرات، وفي الرابعة الفاتحة مرة و ” إنا أنزلناه ” و ” إذا زلزلت ” ثلاث مرات، فإذا فرغ سجد ويقول في سجوده سبع مرات: ” اللهم إني أسألك


(1) الغناء – ككلام – الاكتفاء واليسار، والامم منه الغنية – بالضم والكسر -: الاكتفاء واليسار أيضا. (2) سورة آل عمران: آية 25. (3) سورة البقرة: الاية 285 و 286.

[ 336 ]

التيسير في كل عسير فإن تيسير العسير عليك يسير “، ثم يرفع رأسه ويقول عشر مرات: ” فلله الحمد رب السموات ورب الارض – تمام السورة – ” (1). (صلاة الدين) اربع ركعات: يقرأ في الاولى ” الحمد ” مرة والمعوذتين عشر مرات و ” قل هو الله أحد ” عشر مرات، وفي الثانية ” الحمد ” وآية الكرسي عشر مرات و ” قل يا أيها الكافرون ” عشر مرات، و ” آمن الرسول ” عشر مرات فإذا سلم سبح كما هو مثبت، وفي الركعة الثالثة ” الحمد ” مرة و ” ألهاكم التكاثر ” ثلاث مرات [ و ” العصر ” ثلاث مرات و ” إنا أعطيناك الكوثر ” ثلاث مرات ]، وفي الركعة الرابعة ” الحمد ” مرة و ” إنا أنزلناه ” ثلاث مرات و ” إذا زلزلت ” ثلاث مرات، فإذا سلم سجد ويقول في سجوده كما هو مثبت ما تقدم. (صلاة الجائع) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كان جائعا فصلى ركعتين وقال: ” رب أطعمني فإني جائع ” أطعمه الله من ساعته. عن (عليه السلام) قال: دعاء الرجل لاخيه بظهر الغيب يجر إليه الرزق ويدفع عنه البلاء. وعنه (عليه السلام) قال: جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكت الجوع، فقال لها: قولي: ” يا مشبع الجوعة ويا رافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ” وأمرها أن تدعو به. (صلاة في استجلاب الرزق) جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين وقد اشتد حالي فعلمني دعاءا أدعو الله عزوجل به يرزقني ما أقضى به ديني وأستعين به على عيالي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عبد الله توضأ واسبغ وضوءك، ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود ثم قل: ” يا ماجد يا واحد يا كريم أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ورب كل شئ، وأسألك اللهم


(1) سورة الجاثية: الاية 35 و 36.

[ 337 ]

أن تصلي على محمد وأهل بيته وأسألك نفحة كريمة من نفحاتك وفتحا يسيرا ورزقا واسعا ألم به شعثي وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي “. (صلاة اخرى للحاجة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا مضى ثلث الليل فقم وصل ركعتين بسورة الملك وتنزيل السجدة ثم ادعه وقل: ” يا رب قد نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم لا تأخذك سنة ولا نوم، لن يواري عنك ليل داج ولا سماء ذات أبراج ولا أرض ذات مهاد ولا بحر لجي ولا ظلمات بعضها فوق بعض، يا صريخ الابرار وغياث المستغيثين برحمتك أستغيث فصل على محمد وآل محمد واقض لي حاجة كذا وكذا ولا تردني خائبا ولا محروما يا أرحم الراحمين ” فإنها في قضاء الحاجات كأخذ باليد. (صلاة الشدة) قال الكاظم (عليه السلام): تصلي ما بدا لك، فإذا فرغت فالصق خدك وجبينك بالارض وقل: ” يا قوة كل ضعيف، يا مذل كا جبار قد وحقك بلغ الخوف مجهودي ففرج عني ” ثلاث مرات، ثم ضع خدك الايمن على الارض وقل: ” يا مذل كل جبار يا معز كل ذليل قد وحقك أعيا صبري ففرج عني ” ثلاث مرات، ثم تقلب خدك الايسر وتقول مثل ذلك ثلاث مرات، ثم تضع جبهتك على الارض وتقول: ” أشهد أن كل معبود من تحت عرشك إلى قرار أرضك باطل إلا وجهك، تعلم كربتي ففرج عني ” ثلاث مرات، ثم اجلس وأنت مسترسل وقل: ” اللهم أنت الحي القيوم العلي العظيم الخالق البارئ المحيي المميت البدئ البديع لك الكرم ولك الحمد ولك المن ولك الجود، وحدك لا شريك لك، يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد كذلك الله ربي ” ثلاث مرات ” صل [ اللهم ] على محمد وآل محمد الصادقين وافعل بي كذا وكذا “. (صلاة المظلوم) تصلي ركعتين بما شئت من القرآن وتصلي على محمد وآله ما قدرت عليه، ثم تقول: ” اللهم إن لك يوما تنتقم فيه للمظلوم من الظالم لكن هلعي وجزعي لا يبلغان (مكارم الاخلاق – 22)


[ 338 ]

بي الصبر على أناتك وحلمك وقد علمت أن فلانا ظلمني واعتدى علي بقوته على ضعفي، فأسألك يا رب العزة [ وقاسم الارزاق ] وقاصم الجبابرة وناصر المظلومين أن تريه قدرتك أقسمت عليك يا رب العزة الساعة الساعة “. (صلاة اخرى) محمد بن الحسن الصفار يرفعه قال: قلت له: إن فلانا ظالم لي، فقال: أسبغ الوضوء وصل ركعتين وأثن على الله تعالى وصل على محمد وآله ثم قل: ” اللهم إن فلانا ظلمني وبغى علي فابله بفقر لا تجبره وبسوء لا تستره “، قال: ففعلت فأصابه الوضح (1). وفي رواية اخرى قال: ما من مؤمن ظلم فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال: ” اللهم إني مظلوم فانتصر ” وسكت إلا عجل الله تعالى له النصر. (صلاة اخرى للمهمات) روي أن علي بن الحسين عليهما السلام كان إذا حزنه أمر لبس أنظف ثيابه وأسبغ الوضوء وصعد أعلى سطحه فصلى أربع ركعات، يقرأ في الاولى ” الحمد ” و ” إذا زلزلت “، وفي الثانية ” الحمد ” و ” إذا جاء نصر الله “، وفي الثالثة ” الحمد ” و ” قل يا أيها الكافرون “، وفي الرابعة ” الحمد ” و ” قل هو الله أحد ” ثم يرفع يديه إلى السماء ويقول: ” اللهم إني أسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على مغالق أبواب السماء للفتح انفتحت وإذا دعيت بها على مضائق الارضين للفرج انفرجت وأسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على أبواب العسر لليسر تيسرت وأسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على القبور للنشور انتشرت، صل على محمد وآل محمد واقلبني بقضاء حاجتي “، قال علي ابن الحسين عليهما السلام: إذا والله لا يزول قدمه حتى تقضى حاجته إن شاء الله تعالى. (صلاة اخرى) عن الصادق (عليه السلام) قال: تصلي ركعتين كيف شئت، ثم تقول: ” اللهم أثبت رجاءك في قلبي واقطع رجاء من سواك عني حتى لا أرجو إلا إياك ولا أثق إلا بك “.


(1) الوضح – بالتحريك -: البرص.

[ 339 ]

(صلاة طلب الولد) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إذا أردت الولد فتوضأ وضوءا سابغا وصل ركعتين وحسنهما واسجد بعدهما سجدة وقل: ” أستغفر الله ” إحدى وسبعين مرة، ثم تغش امرأتك وقل: ” اللهم ارزقني ولدا لاسميه باسم نبيك [ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ] “، فإن الله يفعل ذلك ولا تشك في ذلك فإني أمرتك بالطهور وقد قال الله تعالى: ” ويحب المتطهرين ” (1) وأمرتك بالصلاة وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ” أقرب ما يكون العبد من ربه إذا رآه ساجدا وراكعا “، وأمرتك بالاستغفار وقد قال الله تعالى: ” أستغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ” (2). وقال تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ” فأمرتك أن تزيد على السبعين. (صلاة الخوف من الظالم) قال: اغتسل وصل ركعتين واكشف عن ركبتيك واجعلهما مما يلي المصلى وقل مائة مرة: ” يا حي يا قيوم [ يا حي ] لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث فصل على محمد وآل محمد وأغثني الساعة الساعة “، فإذا فرغت من ذلك فقل: ” أسألك اللهم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تلطف لي وأن تغلب لي وأن تمكر لي وأن تخدع لي وأن تكيد لي وأن تكفيني مؤنة فلان بن فلان “، فإن هذا كان دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد. (صلاة الكفاية) عن أبي عبد الله الحسين بن محمد البزوفري مرفوعا (3) قال: من كانت له حاجة إلى الله تعالى يغتسل ليلة الجمعة بعد نصف الليل ويأتي مصلاه ويصلي ركعتين، يقرأ في الركعة الاولى: ” الحمد ” فإذا بلغ ” إياك نعبد وإياك نستعين ” يكررها مائة مرة ويتم في المائة إلى آخره ويقرأ سورة ” التوحيد ” مرة واحدة ثم يركع ويسجد ويسبح


(1) سورة القرة: آية 222. (2) سورة نوح: الايات 9 و 10 و 11. (3) هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان بن خالد البزوفري ثقة جليل من أصحابنا وله كتب فلعل ما في الكتاب من كونه ابن محمد سهو من النساخ.

[ 340 ]

فيها سبعة سبعة ويصلي الركعة الثانية على هيئة ويدعو بهذا الدعاء، فإذا فعل ذلك قضى الله حاجته ألبتة كائنة ما كانت إلا أن تكون في قطيعة رحم. والدعاء: ” اللهم إن أطعتك فالمحمدة لك وإن عصيتك فالحجة لك، منك الروح ومنك الفرج سبحان من أنعم وشكر، سبحان من قدر وغفر، إلهي إن كنت قد عصيتك فإني قد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك لم أتخذ لك ولدا ولم أدع لك شريكا منا منك به علي لا منا مني به عليك وقد عصيتك يا إلهي على غير وجه المكابرة ولا الخروج عن عبوديتك ولا الجحود لربوبيتك ولكن أطعت هواي وأزلني الشيطان فلك الحجة علي والبيان فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم وإن تغفر لي وترحمني فإنك جواد كريم، يا كريم يا كريم يا كريم ” حتى ينقطع النفس، ثم يقول: ” يا آمنا من كل شئ وكل شئ منك خائف حذر أسألك بأمنك من كل شئ وخوف كل شئ منك أن تصلي على محمد وآله وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي وولدي وسائر ما أنعمت به علي حتى لا أخاف أحدا ولا أحذر من شئ أبدا إنك على كل شئ قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل، يا كافي إبراهيم نمرود ويا كافي موسى فرعون أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تكفيني شر فلان بن فلان ” ويستكفي شر من يخاف شره فإنه يكفي بإذن الله تعالى، ثم يسجد ويسأل الله حاجته ويتضرع إلى الله، فإنه روي أنه ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء خالصا إلا فتحت له أبواب السماء للاجابة وأجيب في وقته وذلك من فصل الله علينا وعلى الناس. (صلاة الذكاء وجودة الحفظ) عن سدير يرفعه إلى الصادقين عليهما السلام قال: تكتب بزعفران ” الحمد ” وآية الكرسي و ” إنا أنزلناه ” و ” يس ” و ” الواقعة ” و [ سبح ] الحشر و ” تبارك ” و ” قل هو الله أحد ” والمعوذتين في إناء نظيف، ثم تغسل ذلك بماء زمزم أو بماء المطر أو بماء نظيف ثم تلقى عليه مثقالين لبانا (1) وعشرة مثاقيل سكرا وعشرة مثاقيل عسلا، ثم تضعه تحت السماء بالليل وتضع على رأسه حديدة، ثم يصلي آخر الليل ركعتين،


(1) اللبان – بالضم -: الكندر.

[ 341 ]

تقرأ في كل ركعة ” الحمد ” و ” قل هو الله أحد ” خمسين مرة فإذا فرغت من صلاتك شربت الماء على ما وصفته، فإنه جيد مجرب للحفظ إن شاء الله تعالى. (صلاة لحفظ القرآن) صل ليلة الجمعة أو يومها أربع ركعات، [ تقرأ في ] الاولى فاتحة الكتاب و ” يس ” والثانية حم الدخان، والثالثة حم السجدة، والرابعة تبارك الملك، فإذا سلمت فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي وآله – صلى الله عليهم – واستغفر للمؤمنين مائة مرة، ثم قل: ” اللهم ازجرني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني وارحمني من أن أتكلف طلب ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والارض يا ذاالجلال والاكرام والعزة التي لا ترام يا الله يا رحمن [ رحيم ] أسألك بجلالك وبنور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك المنزل على رسولك وترزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السموات والارض، ذاالجلال والاكرام والعز الذي لا يرام، يا الله يا رحمن أسألك بجلالك وبنور وجهك أن تنور بكتابك بصري وتطلق به لساني وتفرح به قلبي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه فإنه لا يعين على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. (صلاة الضالة ودعاؤها) روى جابر الانصاري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علم عليا وفاطمة عليهما السلام هذا الدعاء وقال لهما: إن نزلت بكما مصيبة أو خفتما جور سلطان أو ضلت لكما ضالة فاحسنا الوضوء وصليا ركعتين وارفعا أيديكما إلى السماء وقولا: ” يا عالم الغيب والسرائر يا مطاع يا عليم يا الله يا الله يا الله، يا هازم الاحزاب لمحمد، يا كائد فرعون لموسى، يا منجي عيسى من أيدي الظلمة، يا مخلص قوم نوح من الغرق، يا راحم عبده يعقوب، يا كاشف ضر أيوب، يا منجي ذي النون من الظلمات، يا فاعل كل خير، يا هاديا إلى كل خير، يا دالا على كل خير، يا آمر بكل خير، يا خالق الخير ويا أهل الخير أنت الله رغبث إليك فيما قد علمت وأنت علام الغيوب، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد “، ثم سلا الحاجة تجابان إن شاء الله تعالى.


[ 342 ]

(ما يتعبد عند رؤية الهلال) تكتب على يدك اليسرى بسبابة يمينك ” الله محمد علي فاطمة الحسن الحسين ” إلى آخرهم، وتكتب ” قل هو الله أحد ” إلى آخرها، ثم تقول: ” اللهم إن الناس إذا نظروا إلى الهلال نظر بعضهم إلى وجوه بعض ويتبرك بعضهم ببعض وإني نظرت إلى أسمائك واسم نبيك ووليك وأوليائك وإلى كتابك فاعطني كل الذي أحب أن تعطينيه من الخير واصرف عني كل الذي احب أن تصرفه عني من الشر وزدني من فضلك ما أنت أهله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. (نسخة رقعة) تكتب بقلم لا شئ فيه بين سطور الكتاب أو الرقعة المشتملة على الحاجة حتى لا يخلو سطر منها من حرف من هذه الحروف: ” محمد وعلي والخضر أبو تراب، بسم الله الرحمن الرحيم الملك الحق المبين إن الله وعد الصابرين مخرجا مما يكرهون ورزقا من حيث لا يحتسبون إن الله هو السميع العليم، جعلنا الله وإياكم من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي – إلى أن تقول – والحجة والخلف القائم المنتظر صلوات الله عليهم وسلم تسليما أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تيسر أمري وتسهله لي وتغلبه لي وترزقني خيره وتصرف عني شره برحمتك يا أرحم الراحمين “. (كلمات تقال عند ختم القرآن) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن: ” اللهم إني أسألك إخبات المخبتين (1) وإخلاص الموقنين ومرافقة الابرار واستحقاق حقائق الايمان والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم ووجوب رحمتك وعزائم مغفرتك والفوز بالجنة والنجاة من النار “.


(1) الاخبات: الخضوع والخشوع. قال الله تعالى: ” وبشر المخبتين “.

[ 343 ]

الفصل الخامس (في نوادر من الادعية) (في الدعاء عند أخذ المصحف) كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قرأ القرآن قال قبل أن يقرأ حين يأخذ المصحف: ” اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله وكلامك الناطق على لسان نبيك جعلته هاديا منك إلى خلقك وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة وقراءتي فيه فكرا وفكري فيه اعتبارا واجعلني ممن أتعظ ببيان مواعظك فيه وأجتنب معاصيك ولا تطبع عند قراءتي على قلبي ولا على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها، بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه آخذا بشرائع دينك ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذرا إنك أنت الرؤف الرحيم “. (في الدعاء عند الفراغ من قراءة القرآن) ” اللهم إني قد قرأت ما قضيته من كتابك الذي أنزلت على نبيك الصادق (عليه السلام) فلك الحمد ربنا، اللهم اجعلني ممن يحل حلاله ويحرم حرامه ويؤمن بمحكمه ومتشابهه واجعله لي آنسا في قبري وآنسا في حشري واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأها درجة في أعلى عليين آمين رب العالمين “. وإذا سمعت شيئا من عزائم القرآن يجب عليك السجود وتسجد بغير تكبير وتقول: ” لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، لا مستنكفا ولا مستكبرا بل أنا عبد ذليل ضعيف خائف مستجير “، ثم ترفع رأسك وتكبر. قال الصادق (عليه السلام): من قرأ مائة آية من أي آي القرآن شاء ثم قال سبع مرات: ” يا الله “، فلو دعا على الصخور فلقها. (دعاء فيه اسم الله الاكبر) عن معاذ بن جبل قال: أرسلني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم إلى عبد الله بن سلام وعنده جماعة من أصحابه فحضر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عبد الله أخبرني عن عشر كلمات


[ 344 ]

علمهن الله عزوجل إبراهيم (عليه السلام) يوم قذف به في النار أتجدهن في التوراة مكتوبا ؟ فقال عبد الله: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هل أنزل عليك فيهن شئ ؟ فإني أجد ثوابها في التوراة ولا أجد الكلمات وهي عشر دعوات فيهن اسم الله الاعظم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هل علمهن الله تعالى موسى (عليه السلام) ؟ فقال: ما علمهن الله تعالى غير إبراهيم الخليل (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وما تجد ثوابها في التوراة ؟ قال عبد الله: يا رسول الله ومن يستطيع أن يبلغ ثوابها غير أني أجد في التوراة مكتوبا ” ما من عبد من الله عليه وجعل هؤلاء الكلمات في قلبه إلا جعل النور في بصره واليقين في قلبه وشرح صدره للايمان وجعل له نورا من مجلسه إلى العرش يتلالا ويباهي به ملائكته في كل يوم مرتين ويجعل الحكمة في لسانه ويرزقه حفظ كتابه وإن لم يكن حريصا عليه ويفقهه في الدين ويقذف المحبة له في قلوب عباده ويؤمنه من عذاب القبر وفتنة الدجال ويؤمنه من الفزع الاكبر يوم القيامة ويحشره في زمرة الشهداء ويكرمه الله ويعطيه ما يعطي الانبياء بكرامته ولا يخاف إذا خاف الناس ولا يحزن إذا حزن الناس ويكتب عند الله صديقا ويحشر يوم القيامة وقلبه ساكن مطمئن وهو ممن يتسامع مع إبراهيم (عليه السلام) يوم القيامة ولا يسأل بتلك الدعوات شيئا إلا أعطاه الله ولو أقسم على الله لابر قسمه ويجاور الرحمن في دار الجلال وله أجر كل شهيد استشهد منذ يوم خلقت الدنيا، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وما دار الجلال يابن سلام ؟ قال: جنة عدن وهو موضع عرش الرحمن رب العزة وهو في جوار الله، قال ابن سلام: فعلمنا يا رسول الله، ومن علينا كما من الله عليك ؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خرو لله سجدا، قال: فخروا سجدا، فلما رفعوا رؤوسهم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قولوا: ” يا الله يا الله يا الله أنت المرهوب منك جميع خلقك يا نور النور أنت الذي احتجبت دون خلقك فلا يدرك نورك نور، يا الله يا الله يا الله أنت الرفيع الذي ارتفعت فوق عرشك من فوق سمائك فلا يصف عظمتك أحد من خلقك، يا نور النور قد استنار بنورك أهل سمائك واستضاء بضوئك أهل أرضك، يا الله يا الله يا الله أنت الذي لا إله غيرك تعاليت عن أن يكون لك شريك وتعاظمت عن أن يكون لك ولد وتكرمت عن أن يكون لك شبيه وتجبرت عن أن يكون لك ضد، فأنت الله المحمود بكل لسان وأنت المعبود في كل مكان وأنت المذكور في كل أوان وزمان، يا نور النور كل نور خامد لنورك، يا ملك، كل ملك يفني غيرك، يا دائم، كل


[ 345 ]

حي يموت غيرك، يا الله يا الله يا الله الرحمن الرحيم ارحمني رحمة تطفئ بها غضبك وتكف بها عذابك وترزقني بها سعادة من عندك وتحلني بها دارك التي تسكنها خيرتك من خلقك يا أرحم الراحمين، يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة (1) ولم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه ويا أملاه ويا غاية رغبتاه أسألك يا الله يا الله يا الله أن لا تشوه خلقي بالنار (2) [ وأن تغفر لي ولوالدي برحمتك وأن تعطيني خير الدنيا والاخرة أنت على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ] قال: يا رسول الله وما ثواب من قال هذه الكلمات ؟ قال: هيهات هيهات انقطع العلم لو إجتمع ملائكة سبع سموات وسبع أرضين على أن يصفوا ثواب ذلك إلى يوم القيامة لما وصفوا من [ كل ] ألف [ ألف ] حزء جزء واحدا. وذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذه الكلمات ثوابا وفضائل كثيرة لا يحتمل ذكرها ههنا اقتصرنا على ذكر المقصود مخافة التطويل. (في طلب الحاجة) من أراد الخروج من بيته فليقل عند خروجه: بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله توكلت على الله ” ويقرأ ” الحمد ” والمعوذتين و ” قل هو الله أحد ” وآية الكرسي من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره وفوقه وتحته. وإذا أراد الرجوع إلى بيته فليقل حين يدخل: ” بسم الله وبالله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ” ثم يسلم على أهله إن كان في البيت أحد، فإن لم يكن في البيت أحد فليقل بعد الشهادتين: ” السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، السلام على الائمة الهادين المهديين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين “. وإذا دخل السوق في الحاجة فليقل: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله “.


(1) الجريرة: الجناية والذنب لانها تجر العقوبة. (2) شوه الله وجهه بالنار: قبحه بها.

[ 346 ]

(ومن دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحاجة) ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، يا هو، يا من هو هو، يا من ليس هو إلا هو، يا هو، يا من لا هو إلا هو “. (أيضا في طلب الحاجة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي إذا ألمت به حاجة يسجد من غير قراءة ولا ركوع، ثم يقول: ” يا أرحم الراحمين ” سبع مرات. وما قالها مؤمن إلا قال الله جل جلاله: ها أنا ذا أرحم الراحمين سل حاجتك. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي: إذا خرجت من منزلك تريد حاجة فاقرأ آية الكرسي، فإن حاجتك تقضى إن شاء الله. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من ذهب في حاجة على غير وضوء فلم تقض حاجته فلا يلومن إلا نفسه. من كتاب عيون الاخبار، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس وليقرأ إذا خرج من منزله: آخر سورة آل عمران وآية الكرسي وسورة ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” وأم الكتاب، فإن فيها قضاء حوائج الدينا والاخرة. (في المهمات) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أصاب الرجل كربة أو شدة فليكشف عن ركبتيه وذراعيه وليلصقهما بالارض ويلصق جؤجؤه (1) بالارض ثم يدعو. (آخر) قال علي (عليه السلام) لابنه: إذا نزل بك أمر عظيم في دين أو دنيا فتوضأ وارفع يديك وقل: ” يا الله ” سبع مرات، ثم سل حاجتك، فإنه يستجاب لك. (آخر) عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: ما من أحد دهمه أمر يغمه أو كربته كربة


(1) الجؤجؤ – كهدهد -: الصدر.

[ 347 ]

فرفع رأسه إلى السماء ثم قال ثلاث مرات: ” بسم الله الرحمن الرحيم ” إلا فرج الله كربته وأذهب غمه إن شاء الله تعالى. (في الدين) عن الحسين بن خالد قال: لزمني دين ببغداد ثلاثمائة ألف وكان لي دين عند الناس أربعمائة ألف فلم يدعني غرمائي أخرج لاستقضي مالي على الناس وأعطيهم، قال: فحضر الموسم فخرجت مستترا وأردت الوصول إلى أبي الحسن (عليه السلام) فلم أقدر فكتبت إليه أصف له حالي وما علي وما لي، فكتب إلي في عرض كتابي قل في دبر كل صلاة: ” اللهم إني أسألك يا لا إله إلا أنت بحق لا إله إلا أنت أن ترحمني بلا إله إلا أنت، اللهم إني أسألك يا لا إله إلا أنت بحق لا إله إلا أنت أن ترضى عني بلا إله إلا أنت، اللهم إني أسألك يا لا إله إلا أنت بحق لا إله إلا أنت أن تغفر لي بلا إله إلا أنت ” أعد ذلك ثلاث مرات في دبر كل صلاة فريضة، فإن حاجتك تقضى إن شاء الله، قال الحسين: فأدمتها فوالله ما مضت بي إلا أربعة أشهر حتى أقتضيت ديني وقضيت ما علي واستفضلت مائة ألف درهم. (في الدعاء على الظالم) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا خفت أمرا فأردت أن تكفي أمره وشره فاعتمد طلبة الهلال في أول الشهر فإذا رأيته فقم قائما على قدميك وقل كأنك تؤمني إليه بالخطاب: ” أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ” (1) وتؤمي بهذه الكلمة نحو دار الرجل الذي تخافه ثم تقول: ” فاحترقت فاحترقت فاحترقت، اللهم طمه بالبلاء طما (2) وغمه بالغماء غما وارمه بحجارة من سجيل وطيرك الابابيل يا علي يا عظيم “، ثم تقول مثل ذلك في الليلة الثانية من الشهر وفي الليلة الثالثة، فإن نجح وبلغت ما تريد في الشهر الاول وإلا فعلت [ ذلك ] في الشهر


(1) البقرة: آية 268. (2) طمت البئر وغيرها: ملاتها بالتراب. وطم الشئ: كثر. الامر: عظم وتفاقم. والغماء: الداهية والحزن والكرب. وفي بعض النسخ (بالعناء).

[ 348 ]

الثاني تلتمس الهلال الليلة الاولى وتقول ما تقدم ذكره والثانية والثالثة، فإن نجح وإلا فمثل ذلك في الشهر الثالث فلن تحتاج بعد ذلك بإذن الله عزوجل. (آخر) جاء رجل إلى الصادق (عليه السلام) فشكا إليه ظالما يظلمه فقال له: قل: ” يا ناصر المظلوم المبغى عليه إن كان فلان بن فلان ظلمني وبغى علي فابتله بفقر لا تجبره وبلاء لا تستره “، فما دعا الرجل على ظالمه بهذا الدعاء إلا ثلاث مرات حتى أصابه وضح في جبهته ثم افتقر من بعده. (آخر) إذا دخلت على سلطان فقل: ” خيرك بين عينيك وشرك تحت قدميك وأنا أستعين بالله عليك “. (آخر) عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا دعا أحدكم على عدوه فليقل: ” اللهم اطرقه بليلة (1) لا أخت لها وأبح حريمه، يا من يكفي من كل شئ ولا يكفي منه شئ صل على محمد وآل محمد واكفني مؤنته بلا مؤنة “. (آخر) إذا فزعت من رجل فقل: ” حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، أمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم وأمتنع برب الفلق من شر ما خلق ما شاء الله لا قوة إلا بالله “. (في طلب الرزق) عن الرضا (عليه السلام) قال: شكا رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الفقر، فقال: أذن إذا سمعت الاذان كما يؤذن المؤذن. عن الصادق (عليه السلام) قال: ” اللهم إن كان رزقي في السماء فانزله وإن كان في الارض فأظهره وإن كان بعيدا فقربه وإن كان قريبا فأعطنيه وإن كان قد أعطيتنيه فبارك لي فيه وجنبني عليه المعاصي والردي.


(1) يقال أتانا فلانا طروقا أي ليلا. وأصله: الصك والقرع والدق. وفي بعض النسخ (ببلية) والبلية: شدة الهم والحزن وهو الاظهر.

[ 349 ]

(في الخوف) قال الصادق (عليه السلام): إذا كنت في سفر أو مفازة (1) فخفت جنيا أو آدميا فضع يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك: ” أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون ” (2). وروي في هذه الاية أنها تقرأ للدابة التي تمنع اللجام، تقرأ في أذنها وتقول: ” اللهم سخرها وبارك [ لي ] فيها بحق محمد وآله “، وتقرأ ” إنا أنزلناه “. وقال علي (عليه السلام): ما عثرت دابتي قط، قيل: ولم ذلك ؟ قال: لاني لم أطأ [ بها ] زرعا قط. (في من خاف الاسد على نفسه وغنمه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من خاف الاسد على نفسه أو على غنمه فليخط عليها بخط وليقل: ” اللهم رب دانيال والجب (3) ورب كل أسد مستأسد احفظني واحفظ علي غنمي “. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لعلي (عليه السلام): يا علي، إذا رأيت أسدا واشتد بك الامر فكبر ثلاثا وقل: ” الله أكبر وأجل وأعظم من كل شئ، الله أكبر وأعز من خلقه وأقدر، أعوذ بالله من شر ما أخاف وأحذر ” تكف شره إن شاء الله تعالى. (في من يخاف من الكلاب والسباع) فليقل: ” قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون ” (4)، ” وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا ” (5)، ” وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الاولين ” (6)


(1) المفازة: الفلاة لا ماء فيها، من فوز – بالتشديد -: إذا مات لانها مظنة الموت. (2) آل عمران: آية 77. (3) الجب – بالضم فالتشديد -: البئر العميقة. وأيضا بئر لم تطؤها فإذا طويت فهي بئر. (4) سورة الجاثية: آية 13. (5) سورة بني إسرائيل: آية 48. (6) سورة الانعام: آية 25.

[ 350 ]

(في الفأل والطيرة) في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر من رأى شيئا يكرهه ويتطير منه أن يقول: ” اللهم لا يؤتي الخير إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك “. (فيمن خاف السارق) يقرأ على الحلق والقفل ” قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا ” إلى آخر السورة. (في الغضب) عن الصادق (عليه السلام) قال: أيما رجل غضب وهو قائم فليجلس، فإنه يذهب عنه رجز الشيطان، ومن غضب علي ذي رحم ماسة فليمسه يسكن عنه الغضب. وعنه (عليه السلام) قال: قل عند الغضب: ” اللهم اذهب عني غيظ قلبي واغفر لي ذنبي وأجرني من مضلات الفتن، أسألك برضاك وأعوذ بك من سخطك، أسألك جنتك وأعوذ بك من نارك، أسألك الخير كله وأعوذ بك من الشر كله، اللهم ثبتني على الهدى والصواب واجعلني راضيا مرضيا غير ضال ولا مضل “. وقال (عليه السلام): قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): من كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة. (أيضا في الغضب) يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول يذهب غيظ قلوبهم: ” اللهم اغفر ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من الشيطان الرجيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم “. (دعاء آخر) دعا به الصادق (عليه السلام) عند دخوله على المنصور وهو في شدة غضبه فسكن غضبه: ” يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بكنفك الذي لا يرام “. (في الوحشة) روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شكا إليه رجل الوحشة، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من أن تقول


[ 351 ]

هذه الكلمات، فإن من قالها يذهب الله عنه الوحشة وهي: ” سبحان الله الملك القدوس رب الملائكة والروح، خالق السموات والارض، ذي العزة والجبروت “. (في الهم والحزن) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من دعاء بهذا الدعاء: ” اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ” اذهب الله همه وابدله مكان حزنه فرحا. (في البلاء) من رآى أحدا من أهل البلاء فليقل سرا: ” الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به ولو شاء لفعل “. وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه: ” الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه ولو شاء فعل “، قال: من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا. وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا الله ولا تسمعوهم، فإن ذلك يحزنهم “. (في الجنازة) كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا رأى جنازة قال: ” الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم ” (1). وقال أيضا: ” الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر عباده بالموت “. (في الامر المشكل) روي أن من عرض له مهم وأراد أن يعرف وجه الحيلة فيه فينبغي أن يقرأ حين يأخذ مضجعه هاتين السورتين كل واحدة سبع مرات: ” والشمس وضحاها “، ” والليل إذا يغشى “، فإنه يرى شخصا يأتيه ويعلمه وجه الحيلة فيه والنجاة منه. (في العافية) كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” اللهم إني أسألك العافية وشكر العافية وتمام العافية في الدنيا والاخرة “.


(1) السواد: الشخص والشبح. والمخترم: الهالك والمستأصل.

[ 352 ]

من الروضة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من رأى يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا أو واحدا على غير ملة الاسلام فقال: ” الحمد لله الذي فضلني عليك بالاسلام دينا وبالقرآن كتابا وبمحمد – (صلى الله عليه وآله وسلم) – نبيا وبالمؤمنين إخوانا وبالكعبة قبلة ” لم يجمع الله بينه وبينه في النار. (في عزيمة المسألة) يستحب للداعي عزيمة المسألة لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يقل أحدكم: ” اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ” وليعزم المسألة فإنه لا يكره له. وإذا استجاب الله دعاء الداعي فليقل: ” الحمد لله الذي بعزته تتم الصالحات “. وإذا أبطأ عليه الاجابة فليقل: ” الحمد لله على كل حال “. ويكره للداعي استبطاء الاجابة. وليكن مواظبا على الدعاء والمسألة ولا يسأم منهما، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” يستجاب للعبد ما لم يعجل “، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي. وإذا أردت حاجة فقل: ” اللهم إني أسألك باسمك الاعلى الاكبر الاعز الاجل الاعظم الاكرم أن تفعل بي كذا وكذا “، فإنه لا يرد. (في الورطة) روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لعلي (عليه السلام): إذا وقعت في ورطة فقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إياك نعبد وإياك نستعين “، فإن الله تعالى يدفع بها البلاء. (في اسم الله الاعظم) روي أن علي بن الحسين عليهما السلام قال: كنت أدعو الله سبحانه سنة عقيب كل صلاة أن يعلمني الاسم الاعظم، فبينا أنا ذات يوم قد صليت الفجر إذ غلبتني عيناي وأنا قاعد وإذا أنا برجل قائم بين يدي يقول لي: سألت الله تعالى أن يعلمك الاسم الاعظم، قلت: نعم، قال: قل: ” اللهم إني أسألك باسم الله الله الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم “، قال: فوالله ما دعوت لها لشئ إلا رأيت نجحه. (في الرعد والصواعق) إذا سمعت صوت الرعد ورأيت الصواعق فقل: ” اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك “.


[ 353 ]

(في المطر) وإذا أمطرت السماء فقل: ” صيبا هنيئا ” (1). (في الرياح) عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا هبت الرياح فأكثر من التكبير وقل: ” اللهم إني أسألك خير ما هاجت به الرياح وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم اجعلها علينا رحمة وعلى الكافرين عذابا وصلى الله على محمد وآل محمد “. (في الزرع) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر بيدك ثم استقبل القبلة وقل: ” أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ” (2) ثلاث مرات، ثم قل: ” اللهم اجعله حرثا مباركا وارزقنا فيه السلامة والتمام واجعله حبا متراكبا ولا تحرمني خير ما أبتغي ولا تفتني بما متعتني بحق محمو وآله الطيبين الطاهرين “، ثم ابذر القبضة التي في يدك إن شاء الله. (الدعاء في الوحدة) ” يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك ومن شر ما يحاذر عليك. أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب من ساكن البلد ومن شر والد وما ولد، ” أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون “، الحمد لله بنعمة وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا في السفر وأفضل علينا فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله ” ثم تقرأ ” ألهاكم التكاثر ” إلى آخرها، فإنه لا يؤذيك شئ من السباع والهوام والحيات والعقارب إذا قرأت ذلك ولو بت على الحية بإذن الله تعالى. (في العطاس) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سمع عطسة فحمد الله وأثني عليه وصلى على


(1) الصيب – كسيد -: من صاب يصوب إذا نزل، ويقال للسحاب الصيب أي ذو الصوب. (2) سورة الواقعة: آية 64. (مكارم الاخلاق – 23)

[ 354 ]

محمد وأهل بيته لم يشتك ضرسه ولا عينه أبدا، ثم قال: وإن سمعها وبينه وبين العاطس البحر فلا يدع أن يقول ذلك. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من قال إذا عطس: ” الحمد لله رب العالمين على كل حال ” لم يجد وجع الاذنين والاضراس. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا عطس الرجل ثلاثا، فسمته ثم أتركه بعد ذلك. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أحدكم ليدع تسميت أخيه إن عطس فيطالبه يوم القيامة فيقضى له عليه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا عطس المرء المسلم ثم سكت لعلة تكون به، قالت الملائكة عنه: ” الحمد لله رب العالمين “، فإن قال: ” الحمد لله رب العالمين “، قال الملائكة: ” يغفر الله لك “. عن تسنيم خادم الحسن بن علي عليهما السلام قال: قال لي صاحب الزمان (عليه السلام) وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست، فقال: ” يرحمك الله “، قال تسنيم: ففرحت بذلك، فقال: ألا أبشرك بالعطاس ؟ فقلت: بلى، فقال: هو أمان من الموت ثلاثة أيام. عن أبي مريم (1) قال: عطس عاطس عند أبي جعفر (عليه السلام)، فقال أبو جعفر (عليه السلام): نعم الشئ العطاس، فيه راحة للبدن ويذكر الله عنده ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: إن محدثي العراق يحدثون أنه لا يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ثلاث مواضع: عند العطاس وعند الذبيحة وعند الجماع، فقال (عليه السلام): اللهم إن كانوا كذبوا فلا تنلهم شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال إذا سمع عاطسا: ” الحمد لله على كل حال ما كان من أمر الدنيا والاخرة وصلى الله على محمد وآله ” لم ير في فمه سوءا. عنه (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سبق العاطس بالحمد عوفي من وجع الضرس والخاصرة. عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا عطس الانسان فقال: ” الحمد لله “، قال الملكان


(1) هو عبد الغفار بن القاسم بن قيس، المكنى بأبي مريم الانصاري، ثقة من أصحاب الصادقين (عليهما السلام).

[ 355 ]

الموكلان به: ” رب العالمين كثيرا لا شريك له “، فإن قالها العبد، قال الملكان: ” وصلى الله على محمد “، فإن قالها العبد، قالا: ” وعلى آل محمد “، فإن قالها العبد، قال الملكان: ” يرحمك الله “. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خبر طويل: إذا عطس أحدكم فسمتوه، فإن قال: ” يرحمكم الله ” فقولوا: ” يغفر الله لكم ويرحمكم “، فإن الله تعالى قال: ” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ” (1). وعن عبد الله بن أبي يعفور قال: حضرت مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) وكان إذا عطس رجل في مجلسه فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ” رحمك الله “، قالوا: آمين. فعطس أبو عبد الله (عليه السلام) فخجلوا ولم يحسنوا أن يردوا عليه، قال: فقولوا: أعلى الله ذكرك. وفي رواية أخرى عنهم عليهم السلام: إذا عطس الانسان ينبغي أن يضع سبابته على قصبة أنفه ويقول: ” الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، رغم أنفي لله رغما داخرا صاغرا غير مستنكف ولا مستحسر ” وإذا عطس غيره فليسمته وليقل: ” يرحمك الله ” – مرة أو مرتين أو ثلاثا -، فإذا زاد فليقل: ” شفاك الله “. وإذا أراد أن يسمت المؤمن فليقل: ” يرحمك الله “، وللمرأة: ” عافاك الله “، وللصبي: ” زرعك الله “، وللمريض: ” شفاك الله “، وللذمي: ” هداك الله “، وللنبي والامام عليهم السلام: ” صلى الله عليك “. وإذا سمته غيره فليرد عليه وليقل: ” يغفر الله لنا ولكم “. روى أبو بصير، عن أبي عبد الله قال: كثرة العطاس يأمن صاحبها من خمسة أشياء: أولها الجذام، والثاني الريح الخبيثة التي تنزل في الرأس والوجه، والثالث يأمن نزول الماء في العين، والرابع يأمن من شدة الخياشيم (2)، والخامس يأمن من خروج الشعر في العين. وقال: وإن أحببت أن يقل عطاسك فاستعط بدهن المرز نجوش، قلت: مقدار كم ؟ قال: مقدار دانق (3)، قال: ففعلت ذلك خمسة أيام فذهب عني.


(1) سورة النساء: آية 88. (2) الخيشوم – وزان فعلول -: أقصى الانف والحاجز بين المنخرين وجمعه خياشم، والخياشم أيضا: عروق في بطن الانف. (3) الدانق: سدس الدرهم.

[ 356 ]

عنه (عليه السلام) قال: من عطس في مرضه كان له أمانا من الموت في تلك العلة. وقال: التثاؤب من الشيطان والعطاس من الله عزوجل (1). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان الرجل يتحدث فعطس عاطس فهو شاهد حق. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): العطاس للمريض دليل على العافية وراحة للبدن. (في النسيان) عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أنساك الشيطان شيئا فضع يدك على جبهتك وقل: ” اللهم إني أسألك يا مذكر الخير وفاعله والامر به أن تصلي على محمد وآل محمد وتذكرني ما أنسانيه الشيطان الرجيم “.


(1) التثاؤب: فترة يعتري الشخص ففتح فاه واسعا من غير قصد.

[ 357 ]

الباب الحادي عشر (في آداب المريض وعلاجه وما يتعلق بهما، خمسة فصول) هذا الباب مختار من طب الائمة ومن مجموع دعوات لمولاي أبي طول الله عمره الفصل الاول (في آداب المريض والعائد وعلاجه) (في ثواب المريض) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمى رائد الموت وسجن الله في أرضه، وفورها من جهنم وهي حظ كل مؤمن من النار (1). وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى في جسمه بثرة (2) عاذ بالله واستكان له وجار إليه، فيقال له: يا رسول الله أهو بأس ؟ فيقول: إن الله إذا أراد أن يعظم صغيرا عظمه وإذا أراد أن يصغر عظيما صغره. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قوله عزوجل في كتابه: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ” (3)، ثم قال: وما يعفو الله اكثر مما ياخذ به. عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: نعم الوجع الحمى يعطي كل عضو قسطه من البلاء ولا خير فيمن لا يبتلى. عن محمد بن أحمد، عن يوسف بن إسماعيل بإسناده له قال قال: إن المؤمن إذا حم حماة واحدة (4) تناثرت الذنوب منه كورق الشجر، فإن صار على فراشه فأنينه تسبيح


(1) الفور: الغليان والاضطراب. وفار فورا: هاج واضطرب. (2) البثرة – كتمرة – خراج صغير. (3) سورة الشورى: آية 29. (4) حم الرجل – بالتشديد -: أصابته الحمى. وحم حمه – بالتشديد أيضا -: قصد قصده.

[ 358 ]

وصياحه تهليل وتقلبه على الفراش كمن يضرب بسيفه في سبيل الله وإن أقبل يعبد الله عزوجل بين أصحابه كان مغفورا له، فطوبي له إن مات وويله إن عاد. والعافية أحب إلينا. عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: حمى ليلة كفارة سنة، وذلك لان ألمها يبقى في الجسد سنة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حمى ليلة كفارة لما قبلها ولما بعدها. عنه (عليه السلام) قال: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدى إلى الله شكرها كانت له كفارة ستين سنة، قال: قلت: وما قبلها بقبولها ؟ قال: صبر على ما كان فيها. عن الباقر (عليه السلام) قال: سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة. عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: سهر ليلة من مرض أو وجع أفضل وأعظم أجرا من عبادة سنة. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: حمى ليلة تعدل عبادة سنة وحمى ليلتين تعدل عبادة سنتين وحمى ثلاث تعدل عبادة سبعين سنة. قال أبو حمزة: قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة ؟ قال: فلابيه وأمه، قال: قلت: فإن لم يبلغا ؟ قال: فلقرابته، قال: قلت: فإن لم تبلغ قرابته ؟ قال: فلجيرانه. عن الرضا (عليه السلام) قال: المرض للمؤمن تطهير ورحمة. وللكافر تعذيب ولعنة. وإن المرض لا يزال بالمؤمن حتى ما يكون عليه ذنب. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صداع ليلة يحط كل خطيئة إلا الكبائر. عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): للمريض أربع خصال: يرفع عنه القلم، ويأمر الله الملك فيكتب له كل فضل كان يعمله في صحته، ويتبع مرضه كل عضو في جسده فيستخرج ذنوبه منه، فإن مات مات مغفورا له وإن عاش عاش مغفورا له. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إذا مرض المسلم كتب الله له كأحسن ما كان يعمل في صحته وتساقطت ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله إذا أحب عبدا نظر إليه. وإذا نظر إليه أتحفه بواحدة من ثلاث: إما حمى أو وجع عين أو صداع.


[ 359 ]

عن الكاظم (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا مرض أوحى الله عزوجل إلى أصحاب الشمال: لا تكتبوا على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي، وأوحى إلى أصحاب اليمين: أن اكتبوا لعبدي ما كنتم تكتبونه له في صحته من الحسنات. (في الصبر على العلة) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يقول الله عزوجل: إذا ابتليت عبدي فصبر ولم يشتك على عواده ثلاثا أبدلته لحما خيرا من لحمه وجلدا خيرا من جلده ودما خيرا من دمه، وإن توفيته توفيته إلى رحمتي وإن عافيته عافيته ولا ذنب عليه. عن الرضا (عليه السلام) قال: المرض للمؤمن تطهير ورحمة، وللكافر تعذيب ونقمة. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن العبد ليصيبه [ من ] المصائب حتى يمشي على الارض وما عليه خطيئة. عن أبي عبد الله (عليه السلام): عودوا مرضاكم واسألوهم الدعاء فإنه يعدل دعاء الملائكة ومن مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله له عبادة ستين سنة، قيل له: ما معنى فقبلها بقبولها ؟ قال: لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما الشكوى أن يقول الرجل: لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد، أو يقول: لقد أصابني ما لم يصب أحدا، وليس الشكوى أن يقول: سهرت البارحة وتحممت اليوم ونحو هذا. وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع ذنبا إلا حطه وإنما الاجر بالقول واللسان والعمل باليد والرجل، وإن الله تعالى ليدخل بصدق النية والسريرة الخالصة جما من عباده الجنة. (في عيادة المريض) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من حق المسلم على المسلم إذا لقيه أن يسلم عليه، وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يشيع جنازته. وعاد (صلى الله عليه وآله وسلم) جارا له يهوديا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده عليه ويسأله كيف أنت ؟


[ 360 ]

كيف أصبحت وكيف أمسيت ؟ وتمام تحيتكم المصافحة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للمريض منكم أن يؤذن إخوانه بمرضه فيعودونه ويؤجر فيهم ويؤجرون فيه، فقيل: نعم، هم يؤجرون فيه لمشيهم إليه وهو كيف يؤجر فيهم ؟ فقال: باكتسابه لهم الحسنات فيؤجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات ويرفع له عشر درجات ويحط عنه عشر سيئات. قال (عليه السلام): وينبغي لاولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت فيشهدون جنازته ويصلون عليه ويستغفرون له فيكسب لهم الاجر ويكسب لميته الاستغفار. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: عاد أمير المؤمنين (عليه السلام) صعصعة بن صوحان ثم قال: يا صعصعة لا تفخر على إخوانك بعيادتي إياك وانظر لنفسك فكأن الامر قد وصل إليك ولا يلهينك الامل. من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن كتاب الجنائز، عن الصادق (عليه السلام) قال: لا عيادة في وجع العين. ولا تكون العيادة في أقل من ثلاثة أيام فإذا شئت فيوم ويوم لا، أو يوم ويومين لا وإذا طالت العلة ترك المريض وعياله. عنه (عليه السلام) قال: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إن من اعظم العباد أجرا عند الله لمن إذا عاد اخاه خفف الجلوس إلا أن يكون المريض يريد ذلك ويحبه ويسأله ذلك. وقال (عليه السلام): من تمام العيادة أن يضع العائد إحدى يديه على يدى المريض أو على جبهته. عنه (عليه السلام) أيضا قال: تمام العيادة للمريض أن تضع يدك على ذراعيه وتعجل القيام من عنده، فإن عيادة النوكي (1) أشد على المريض من وجعه. وروي عنه (عليه السلام) أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد، العبد إلى الله عز وجل، فيحاسبه حسابا يسيرا ويقول: يا مؤمن ما منعك أن تعودني حين مرضت ؟ فيقول المؤمن: أنت ربي وأنا عبدك، أنت الحي القيوم الذي لا يصيبك ألم ولا نصب، فيقول عزوجل: من عاد مؤمنا في فقد عادني، ثم يقول له: أتعرف فلان بن فلان ؟


(1) النوكي: جمع أنوك: الاحمق، العاجز الجاهل، العيي في كلامه.

[ 361 ]

فيقول: نعم يا رب، فيقول له: ما منعك أن تعوده حين مرض ؟ أما إنك لو عدته لعدتني ثم لوجدتني به وعنده، ثم لو سألتني حاجة لقضيتها لك ولم أردك عنها. وقال أبو الحسن (عليه السلام): إذا مرض أحدكم فليأذن للناس أن يدخلوا، فليس من أحد إلا وله دعوة مستجابة. وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال وقد عاد سلمان الفارسي لما أراد أن يقوم: يا سلمان كشف الله ضرك وغفر ذنبك وحفظك في دينك وبدنك إلى منتهى أجلك. من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه، عن الصادق (عليه السلام) قال: عاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال: يا سلمان إن لك في علتك ثلاث خصال: أنت قريب من الله بذكره ودعاؤك مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته، متعك الله بالعافية إلى إنقضاء أجلك. وعنه (عليه السلام) قال: العيادة ثلاثة والتعزية مرة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: أيما مؤمن عاد أخاه في مرضه فإن كان حين يصبح شيعه سبعون ألف ملك فإذا قعد عنده غمرته الرحمة واستغفروا له حتى يمسي، وإن كان مساء كان له مثل ذلك حتى يصبح. عن الباقر (عليه السلام) قال: كان فيما ناجى به موسى (عليه السلام) ربه أن قال: يا رب ما بلغ من عيادة المريض من الاجر ؟ فقال الله عزوجل: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره. عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من عاد مريضا نادى مناد من السماء باسمه: يا فلان طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة. وقال (عليه السلام): أعظمكم أجرا في العيادة أخفكم جلوسا. وقال (عليه السلام): إذا دخل أحدكم على أخيه عائدا له فليدع له وليطلب منه الدعاء، فإن دعاءه مثل دعاء الملائكة. وقال (عليه السلام): من عاد مريضا في الله لم يسأل المريض للعائد شيئا إلا إستجاب الله له. عن علي (عليه السلام): في المرض يصيب الصبي ؟ قال: كفارة لوالديه. عن مولى لجعفر بن محمد عليهما السلام قال: مرض بعض مواليه فخرجنا نعوده ونحن عدة من مواليه فاستقبلنا (عليه السلام) في بعض الطريق، فقال: أين تريدون ؟ فقلنا:


[ 362 ]

نريد فلانا نعوده، فقال: قفوا، فوقفنا، قال: مع أحدكم تفاحة أو سفرجلة أو أترجة أو لعقة من طيب (1) أو قطعة من عود ؟ فقلنا: ما معنا من هذا شئ، قال: أما علمتم أن المريض يستريح إلى كل ما ادخل به عليه. (في معالجة المريض) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تداووا، فإن الله عزوجل لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): موت الانسان بالذنوب أكثر من موته بالاجل، وحياته بالبر أكثر من حياته بالعمر. وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ما يكون من علة إلا من ذنب، وما يعفو الله عز وجل عنه أكثر. وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اثنان عليلان: صحيح محتم وعليل مخلط. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تجنب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن نبيا من الانبياء مرض فقال: لا اتداوي حتى يكون الذي امرضني هو الذي يشفيني، فأوحى الله عزوجل لا أشفيك حتى تتداوى فإن الشفاء مني والدواء مني، فجعل يتداوي فأتى الشفاء. عن الرضا (عليه السلام) قال: لو أن الناس قصروا في الطعام لاستقامت أبدانهم. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليست الحمية من الشئ تركه إنما الحمية من الشئ الاقلال منه. عن العالم (عليه السلام) قال: الحمية رأس الدواء والمعدة بيت الداء عود بدنا ما تعود. (في الوصية) من كتاب روضة الواعظين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته وعقله.


(1) اللعقة – بالضم -: اسم لما يلعق بالملعقة أو بالاصابع. (*)

[ 363 ]

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أوصى ولم يحف ولم يضار كان كمن تصدق به في حياته. وقال: ما أبالي أضررت بورثتي أو سرقتهم ذلك المال. قال الصادق (عليه السلام): الوصية حق على كل مسلم. وقال (عليه السلام): من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث فقد ختم عمله بمعصية. الفصل الثاني (في الاستشفاء بالقرآن) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله. وقال الصادق (عليه السلام): من قرأ مائة آية من أي آي القرآن شاء ثم قال سبع مرات ” يا الله “، فلو دعا على الصخور فلقها. عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ثم قل: ” اللهم اكشف عني البلاء ” ثلاث مرات. عن أبي إبراهيم (عليه السلام) أنه قال: من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفى إذا كان بيقين. وقال العالم (عليه السلام): في القرآن شفاء من كل داء. (في السور وما جاء فيها) روي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: من نالته علة فليقرأ عليها أم الكتاب – سبع مرات – فإن سكنت وإلا فليقرأها سبعين مرة، فإنها تسكن. روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في ” الحمد لله ” – سبع مرات -: شفاء من كل داء، فإن عوذ بها صاحبها مائة مرة وكان الروح قد خرج من الجسد رد الله عليه الروح. وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لو قرأت ” الحمد ” على ميت سبعين مرة ثم رددت فيه الروح ما كان عجبا. عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا كانت بك علة تتخوف على نفسك منها فاقرأ سورة الانعام، فإنه لا ينالك من تلك العلة ما تكره.


[ 364 ]

عنه (عليه السلام) قال: من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا (1) وسبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجنون والجذام والبرص. وفي رواية للتحرز من إبليس وجنوده وأشياعه. وعنه (عليه السلام) قال: من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله عز وجل به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح، فإن قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لكل شئ قلبا وقلب القرآن ” يس “، فمن قرأ ” يس ” قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي. ومن قرأها في ليلة قبل أن ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم ومن كل آفة، وإن مات في يومه أدخله الله الجنة (تمام الخبر). وفي رواية تقرأ للدنيا والاخرة وللحفظ من كل آفة وبلية في النفس والاهل والمال. وروي أنه من كان مغلوبا على عقله قرئت عليه ” يس ” أو كتبه وسقاه فإنه يبرأ، فإن كتبته بماء الزعفران في إناء من زجاج فهو خير فإنه يبرأ. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة، مدفوعا عنه كل بلية في حياة الدنيا، مرزوقا في الدنيا بأوسع ما يكون من الرزق ولم يصبه الله في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم ولا من جبار عنيد. وفي رواية تقرأ للشرف والجاه والعز في الدنيا والاخرة. وعنه (عليه السلام) قال: من قرأ سورة الزمر في يومه أو ليلته أعطاه الله شرف الدنيا والاخرة وأعزه بلا عشيرة ولا مال. ومن قرأ سورة الطور جمع الله عزوجل له خير الدنيا والاخرة. ومن قرأ سورة الواقعة في كل ليلة جمعة أحبه الله وحببه إلى الناس أجمعين ولم ير في الدنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا، وهي في أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام. ومن قرأ سورة الحديد والمجادلة في صلاة فريضة وأدمنها لم ير في أهله وبدنه وماله


(1) المغرم – كمكرم -: المولع بالشئ. وما يلزمه الانسان من الغرامة.

[ 365 ]

سوء ولا خصاصة. عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده. وفي رواية ويكون محمودا عند الناس. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أكثر قراءة ” قل أوحي ” لم يصبه في حياته الدنيا شئ من أعين الجن [ والانس ولا السخرة ] ولا نفثهم ولا سحرهم ولا كيدهم. ومن قرأ سورة المزمل في العشاء الاخرة أو في آخر الليل كان له الليل والنهار شاهدين مع السورة [ وأحياه حياة طيبة وأماته ميتة طيبة ]. ومن قرأ سورة ” والنازعات ” لم يدخله الله الجنة إلا ريان ولا يدركه في الدنيا شقاء ابدا. وروي أنها شفاء لمن سقي سما أو لدغة ذو حمة من ذوات السموم (1). ومن قرأ على الماء ” والسماء ذات البروج ” [ وسقاه من سقي سما ] فإنه لا يضره إن شاء الله. ومن قرأ ” إنا أنزلناه ” في كل فريضة من الفرائض نادى مناد: يا عبد الله قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل. ومن قرأ ” إذا زلزلت ” في نوافله لم تصبه زلزلة أبدا ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا. ومن قرأ ” ويل لكل همزة ” في فرائضه نفت عنه الفقر وجلبت إليه الرزق وتدفع عنه ميتة السوء. ومن قرأ ” يا أيها الكافرون ” و ” قل هو الله أحد ” في فريضة من الفرائض غفر الله له ولوالديه وما ولد وإن كان شقيا محى من ديوان الاشقياء وأثبت في ديوان السعداء وأحياه الله سعيدا وأماته شهيدا وبعثه شهيدا. عن الرض (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أصاب أحدكم صداع أو غير ذلك فبسط يديه وقرأ فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” والمعوذتين ومسح بهما وجهه


(1) اللدغة: اللسعة. والحمة – بالتخفيف وقد تشدد -: السم والابرة.

[ 366 ]

روي عن الصادق (عليه السلام) أن الله عزوجل عوض فاطمة عليها السلام من فدك طاعة الحمى لها، فأيما رجل أحبها وأحب ولدها فأصابته الحمى فقرأ ألف مرة ” قل هو الله أحد ” ثم سأل بحق فاطمة عليها السلام زالت عنه الحمى بإذن الله تعالى. ومن قرأ ” إذا جاء نصر الله ” في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من اصابه مرض أو شدة فلم يقرأ في مرضه أو شدته بقل هو الله أحد ثم مات في مرضه أو في تلك الشدة التي نزلت به فهو من أهل النار. وقال (عليه السلام): من آوى إلى فراشه فقرأ ” قل هو الله أحد ” إحدى عشرة مرة حفظ في داره وفي دويرات حوله. (في الاستشفاء بآيات التهليل من القرآن) (التهليل في القرآن يستشفى به من سائر الامراض) بسم الله الرحمن الرحيم ” وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ” (1). ” الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم ” – إلى قوله ” وهو العلي العظيم ” (2). بسم الله الرحمن الرحيم ” ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ” (3) هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم ” (4). ” شهد الله أنه لا إله إلا هو ” – إلى قوله – ” سريع الحساب ” (5). ” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا، الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا ” (6). ” ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل ” (7). ” اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ” (8). ” قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، الذي له ملك السموات والارض


(1) سورة البقرة: الاية 158. (2) سورة البقرة: الاية 256. (3) سورة آل عمران: الاية 1. (4) سورة آل عمران: الاية 4. (5) سورة آل عمران: الايات 16 و 17. (6) سورة النساء: الايات 8 و 98. (7) سورة الانعام: الاية 102. (8) سورة الانعام: الاية: 106.

[ 367 ]

لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ” (1). ” وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ” (2). ” فإن تولو فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ” (3). ” حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ” (4). ” فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ” (5). ” قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب ” (6). ” ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ” (7). ” وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى ” (8). ” إنك بالواد المقدس طوى، وأنا أخترتك فاستمع لما يوحى، إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني وأقم الصلاة لذكري، إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ” (9). ” إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما ” (10). ” وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ” (11). ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” (12).


(1) سورة الاعراف: آية: 157 و 158. (2) سورة التوبة: آية 31. (3) سورة التوبة: آية 129. (4) سورة يونس: آية 90. (5) سورة هود: آية 14. (6) سورة الرعد: آية 29. (7) سورة النحل: آية 2. (8) سورة طه: آية 6 و 7. (9) سورة طه: آية 12 إلى 15. (10) سورة طه: آية 98. (11) سورة الانبياء: آية 25. (12) سورة الانبياء: آية 87.

[ 368 ]

” فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ” (1). ” ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ” (2). ” وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم وإليه ترجعون ” (3). ” يا أيها الناس أذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ” (4). ” إنا كذلك نفعل بالمجرمين، إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون، ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون، بل جاء بالحق وصدق المرسلين ” (5). ” غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ” (6). ” ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ” (7). ” هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين، الحمد لله رب العالمين ” (8). ” رب السموات والارض وما بينهما إن كنتم موقنين، لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الاولين ” (9). ” فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم، فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم ” (10). ” لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم ” (11).


(1) سورة المؤمنون: آية 117. (2) سورة النمل: آية 25 و 26. (3) سورة القصص: آية 71. (4) سورة فاطر: 3. (5) سورة الصافات: الايات 33 إلى 37. (6) سورة المؤمن: آية 3. (7) سورة المؤمن: آية 64. (8) سورة المؤمن: آية 65. (9) سورة الدخان: آية 6 و 7. (10) سورة محمد: آية 20 و 21. (11) سورة الحشر: الايات 21 إلى آخر السورة.

[ 369 ]

” فإنما على رسولنا البلاغ المبين، الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون ” (1). ” رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ” (2). عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي أمان لك من الحرق أن تقول: ” سبحانك ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم “. يا علي أمان لك من الوسواس أن تقول: ” وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ” (3). يا علي أمان لك من كل سوء تخافه أن تقول: ” ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أشهد أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا ولا حول ولا قوة إلا بالله “. (للحمى والصداع) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يكتب للحمى والصداع ويعلق على العضد الايمن ” بسم الله الرحمن الرحمن الحمد لله رب العالمين ” تمام السورة والمعوذتين و ” قل هو الله أحد ” – بتمامها -، بسم الله الرحمن الرحيم رب الناس أذهب البأس واشفه يا شافي فإنه لا شفاء إلا شفاؤك شفاءا لا يغادر سقما، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، ” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين “، بسم الله الرحمن الرحيم، ” قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم “، كذلك صاحب كتابي هذا برحمتك يا أرحم الراحمين، بسم الله الرحمن الرحيم، ” وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم “، اسكن أيها الصداع والالم بعزة الله، اسكن بقدرة الله، اسكن بجلال الله، اسكن بعظمة الله، اسكن بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ” فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم “، ” وذا النون إذا ذهب مغاضبا ” إلى قوله ” ننجي المؤمنين ” (4)، ولا حول ولا قوة إلا


(1) سورة التغابن: آية 12 و 13. (2) سورة المزمل: آية 9. (3) سورة بني إسرائيل: الايات 47 و 48 و 49. (4) سورة الانبياء: آية 87 و 88. (مكارم الاخلاق – 24)

[ 370 ]

بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على محمد وآله الطاهرين “. (للحمى وغيرها) قال أبو عبد الله (عليه السلام) لبعض أصحابه وقد اشتكى وعكا: حل أزرار قميصك وأدخل رأسك في جيبك وأذن وأقم واقرأ ” الحمد ” سبع مرات، قال: ففعلت فكأنما نشطت من عقال. (للحمى أيضا) عنه (عليه السلام) قال: تدخل رأسك في جيبك فتؤذن وتقيم وتقرأ فاتحة الكتاب و ” قل هو الله أحد ” و ” قل أعوذ برب الفلق ” و ” قل أعوذ برب الناس ” كل واحدة ثلاث مرات، وتقول: ” أعيذ نفسي بعزة الله وقدرة الله وعظمة الله وسلطان الله وبجمال الله وبجلال الله وبرسول الله وبعترته صلى الله عليه وعليهم [ وبولاة أمر الله ] من شر ما أخاف وأحذر وأشهد أن الله على كل شئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله، اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك وعافني [ بحق أنبيائك وأوليائك ] من بلائك [ برحمتك يا أرحم الراحمين ] “. (وفي رواية اخرى) قال (عليه السلام): تدخل رأسك في جيبك وتؤذن وتقيم وتقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين وتقرأ ” قل هو الله أحد ” – ثلاث مرات – وآخر الحشر – ثلاث مرات – عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شكا رجل إليه من حمى قد تطاولت، فقال: اكتب آية الكرسي في إناء ثم دفه بجرعة من ماء فاشربه (1). (مثله) عن بعض الصادقين عليهما السلام قال: يؤخذ من تربة الحسين (عليه السلام) وتداف بالماء وتكتب في جام زجاج بقلم حديد وتسقى من به ألم: ” سلام قولا من رب رحيم “، حسبي الله ونعم الوكيل، ” طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى “، ” إن الله يمسك


(1) داف الشئ بالماء يدوفه: بله وخلطه به.

[ 371 ]

السموات ” الاية (1)، يريد الله أن يخفف عنكم “، ” الان خفف الله عنكم “، ” قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم “، ادرأ عن فلان ابن فلانة الحر والبرد والمليلة (2) وجميع الالام والاسقام والاعراض والامراض والاوجاع والصداع، ” طسم “، ” طس ” بأسماء الله، ” حمعسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ” ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين وصلواته على [ سيدنا ] محمد النبي وآله الطاهرين، يا من تزول الجبال ولا يزول صل على محمد وآل محمد وأزل كل ما بفلان بن فلانة من مرض وسقم وألم إنك على كل شئ قدير وحسبنا الله وحده وصلاته على محمد النبي وآله أجمعين “. (مثله) يكتب على القرطاس ويعلق عليه: ” وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا “، ” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين “، ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه ” [ إلى آخر الاية ] (3)، ” وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم “، ” ما كان محمد ” إلى قوله ” عليما ” (4)، ” محمد رسول الله ” – إلى قوله – ” في الانجيل ” (5)، و ” مبشرا برسول ” (6) الاية، ” ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا “، ” الملك لله الواحد القهار “، ثم يقول: ” باسم الله المكتوب على ساق العرش “. (للحمى الربعية) (7) يكتب ويعلق على العضد الايمن: ” بسم الله الرحمن الرحيم، ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا ” يا شافي


(1) سورة فاطر: آية 39. (2) المليلة: العمى الباطنة. وأيضا: شدة العطش. (3) سورة آل عمران: آية 144. (4) سورة الاحزاب: آية 40. (5) سورة الفتح: آية 29. (6) سورة الصف: آية 6. (7) الحمى الربع والربيعة – بالكسر -: أن تعرض يوما وتدع يومين ثم تأتي في الرابع.

[ 372 ]

يا كافي يا معافي وبالحق أنزلناه وبالحق نزل باسم فلان بن فلانة ببسم الله وبالله ومن الله وإلى الله ولا غالب إلا الله “. (اخرى) يكتب على كتفه: ” ببسم الله الرحمن الرحيم، ألم نشرح لك صدرك ” – إلى آخرها -، لا بأس برب الناس أذهب البأس أشف ابتلائي لا شفاء إلا شفاؤك قال رب إني وهن العظم مني ” الاية (1). (للحمى النافض) (2) باسم الله ” مرج البحرين يلتقيان بينهما برزح لا يبغيان “، وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا “، ” يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم “، ” ألا إن حزب الله هم الغالبون “، ” ولقد سبقت كلمتنا ” – إلى قوله – ” الغالبون ” (3). (للربع) عن الحسن الزكي (عليه السلام) قال: اكتب على ورقة: ” يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ” وعلقه على المحموم. وإذا أخذته الحمى يكتب في قرطاس هذه الاية ويشد على عضده: ” قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ” (4)، ويكتب ” بطلط بطلطلط ” ويقول: ” عقدت على اسم الله حمى فلان “، ويشد على ساقه اليسرى. (مثله) ” ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناى ثم جعلنا الشمس عليه دليلا “. (للصداع والشقيقة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اقرأ ” ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا “، ” تكاد السموات يتفطرن منه ” – إلى قوله – ” هدا ” (5)، ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ” – الاية – (6)، ” يا أرض بلعي


(1) سورة مريم: آية 3. (2) النافض: حمى الرعدة. (3) سورة الصافات: الايات: 171 و 173. (4) سورة يونس: آية 60. (5) سورة مريم: آية 90. (6) سورة يس: آية 8.

[ 373 ]

ماءك ويا سماء أقلعي ” الاية (1). (مثله) ” فمن كان منكم مريضا ” – إلى قوله – ” نسك ” (2)، ” يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه “، اسكن سكنتك يا وجع الرأس بالذي ” له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم “. (مثله) اشتكى إلى الصادق (عليه السلام) رجل من الصداع، فقال: ضع يدك على الموضع الذي يصدعك واقرأ: آية الكرسي وفاتحة الكتاب، وقل: ” الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أجل واكبر مما أخاف واحذر، اعوذ بالله من عرق نعار (3) وأعوذ بالله من حر النار “. (للصداع) روى عمر بن حنظلة قال: شكوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) صداعا يصيبني، فقال: إذا أصابك فضع يدك على هامتك وقل: ” لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا “، ” وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا “. (للشقيقة) عن الرضا عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم، ” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد “، ويكتب: ” اللهم إنك لست بإله استحدثناه ” (إلى آخر ما سنذكره في الفصل الرابع بعد إن شاء الله تعالى). (للصداع وغيره) عن الصادق (عليه السلام) قال: من كان به صدع أو غيره فليضع يده على ذلك الموضع وليقل: ” اسكن سكنتك بالذي ” له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم “.


(1) سورة هود: آية 44. (2) سورة البقرة: آية 196. (3) النعار: العرق أو الجرح يفور منه الدم، يقال نعر العرق: فار منه الدم، أو صوت لخروج الدم.

[ 374 ]

عنه (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يده فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين ثم يمسح يده على وجهه، فيذهب عنه ما كان يجده. (مثله) عمرو بن إبراهيم قال: شكوت إلى الرضا (عليه السلام) مرة كنت أجد مما يأخذني منها شبيه الجنون وصداع غالب، فقال: عليك بهذه البقلة التي تلتف، فدقها فضعها على رأسك ومر أهلك فليضعوها على رؤوس صبيانهم فإنها نافعة لهم بإذن الله، ففعلت فسكن عني الوجع. وتلك البقلة هي اللبلاب (1). وعنه (عليه السلام) في الصداع قال: فليختضب بالحناء. (مثله) شكا رجل من أهل مرو إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الصداع، فقال: ادن مني، فمسح رأسه ثم قال: ” إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا “. معاوية بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ريح الشقيقة، فقال: إذا فرغت من الفريضة فضع سبابتك اليمنى بين عينيك وقل – سبع مرات – وأنت تمرها على حاجبك الايمن: ” يا حنان اشفني “، ثم تمرها على يسارك وتقول: ” يا منان اشفني “، ثم ضع راحتك اليمنى على هامتك وقل: ” يا من له ما سكن في الليل والنهار وما في السموات والارض صل على محمد وأهل بيته وسكن ما بي “. (رقية للشقيقة) ” بسم الله الرحمن الرحيم، ” ربنا لا تزغ قلوبنا ” – إلى – ” أنت الوهاب “، فإن برئ وإلا أخذت حمصة بيضاء ونصف ودققتها دقا ناعما وقرأت عليها: ” قل هو الله أحد ” – ثلاث مرات – وسقيتها للمريض. (لوجع العين) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إذا اشتكى أحدكم عينه فليقرأ عليها آية الكرسي


(1) اللبلاب: نبت يلوي على الشجر وورقه كورق اللوبياء.

[ 375 ]

وفي قلبه أنه يبرأ ويعافى فإنه يعافى إن شاء الله تعالى، وقيل: إن من يقول كل يوم: ” فجعلناه سميعا بصيرا ” تسلم عينه من الافات. ونظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى سلمان – رضي الله عنه – وهو أرمد، فقال له: لا تأكل التمر ولا تنم على جنبك الايسر. (مثله) يقرأ على الماء ثلاث مرات ويغسل به وجهه: ” فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد “، ” ولو نشاء لطمسنا على أعينهم ” – إلى قوله – ” يبصرون “. (مثله) ” وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين “. (للشبكور) عن أبي يوسف المعصب قال: قلت لابي الحسن الاول (عليه السلام): أشكو إليك ما أجد في بصري وقد صرت شبكورا، فإن رأيت أن تعلمني شيئا ؟ قال: أكتب هذه الاية: ” الله نور السموات والارض ” الاية (1) – ثلاث مرات – في جام ثم اغسله وصيره في قارورة واكتحل به، قال: فما اكتحلت إلا أقل من مائة ميل حتى صح بصري أصح مما كان أول ما كنت. (لوجع الاذن) يقرأ على دهن الياسمين أو البنفسج – ثلاث مرات – قوله تعالى: ” كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا “، ” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا “، ويصب في الاذن. (لوجع الضرس) اقرأ فاتحة الكتاب – ثلاث مرات – و (قل هو الله أحد) – ثلاث مرات – ثم قل: (يا ضرس أبا الحار تسكنين، أم بالبارد تسكنين، أم باسم الله تسكنين. اسكن أسكنتك بالذي سكن له ما في السموات وما في الارض وهو السميع العليم)،


(1) سورة النور: آية 3.

[ 376 ]

(قال من يحيي العظام وهي رميم – إلى قوله (1) – (لكل خلق عليم)، (اخرج منها فإنك رجيم)، (ولنخرجنهم منها) الاية (2)، (فخرج منها خائفا يترقب) (3). (لوجع الضرس أيضا) يكتب على الخبز الرقيق ويضع على السن الذي فيه الوجع: باسم الله، لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون، أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، فقلنا اضربوه ببعضها – إلى قوله – لعلكم تعقلون، قال من يحيي العظام وهي رميم إلى قوله عليم. (لعقده) يأخذ مسمارا ويقرأ عليه ثلاث مرات فاتحة الكتاب والمعوذتين، ثم يقرأ: قال من يحيي العظام إلى قوله عليم، ثم يقول: يا ضرس فلان بن فلانة أكلت الحار والبارد، أفبالحار تسكنين أم بالبارد تسكنين، ثم يقرأ: وله ما سكن في الليل والنهار الاية، شددت داء هذا الضرس من فلان بن فلانة باسم الله العظيم، ثم يضربه في حائط ويقول: الله الله الله. (أيضا لوجع الضرس) يأخذ بقلة ويكتب عليها: الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون، ثم يضعها على ضرسه الوجع ثم يمشي ويرمي بالبقلة خلفه ولا يلتفت إلى خلفه، فإنه يسكن إن شاء الله. (أيضا) يكون الراقي داخل الباب والمريض من خارج ويقرأ وهو على الوضوء: لله ما في السموات والارض إلى آخره، ويقول: كم سنة تريد وأي بقلة لا تأكله، فإنه يسكن الوجع.


(1) يس 78 و 79. (2) النمل 37. (3) القصص 20.

[ 377 ]

(للرعاف) منها خلقناكم، الاية، يومئذ يتبعون الداعي، إلى قوله همسا، وجعلنا من بين أيديهم سدا، الاية. (مثله) يكتب على جبهة المرعوف بدمه [ أو بالزعفران ]: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي) إلى آخرها (1)، فإنه يسكن إن شاء الله. (للزكام) روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: الزكام جند من جنود الله عزوجل يبعثه على الداء فينزله إنزالا. وروي للزكام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تأخذ دهن بنفسج في قطنة فاحتمله في سفلتك عند منامك، فإنه نافع للزكام إن شاء الله. (لوسوسة القلب) يقول: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)، ويقرأ المعوذتين. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوذ بالله وليقل بلسانه وقلبه: (آمنت بالله ورسوله مخلصا له الدين). (رقية لوجع القلب) يقرأ هذه الاية على الماء ويشربه: (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) (2)، (سيهزم الجمع ويولون الدبر) – إلى قوله – (أدهى وأمر) (3)، (إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا) – إلى قوله – (غفورا) (4). (أيضا) يقرأ هذه الايات على ماء ويشربه ويده على القلب. ويكتب أيضا ويعلق عليه


(1) هود: 46. (2) يونس: 23. (3) القمر: 45 و 46. (4) فاطر: 39.

[ 378 ]

في عنقه: (بسم الله الرحمن الرحيم، ربنا لا تزغ قلوبنا – إلى قوله – لا يخلف الميعاد) (1)، (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله – إلى قوله – وحسن مآب) (2)، لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين). (لضيق القلب) يقرأ سبعة عشر يوما: (ألم نشرح لك صدرك) إلى آخرها، كل يوم مرتين: مرة بالغداة ومرة بالعشي (لوجع الصدر) (وإذا قتلتم نفسا فادارأتم فيها – إلى قوله – لعلكم تعقلون) (3). روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه شكا إليه رجل وجع صدره، فقال له: استشف بالقرآن، فإن الله عز وجل يقول فيه: (شفاء لما في الصدور) (4). (لوجع البطن) يكتب سورة الاخلاص و (بسم الله الرحمن الرحيم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم)، (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا) ويعلق عليه. وهذه الايات تقرأ عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم، ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير)، (هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود)، (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم)، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير).


(1) آل عمران: 6 و 7. (2) الرعد: 28. (3) البقرة: 72 و 73. (4 يونس: 58.

[ 379 ]

(اخرى) (بسم الله الرحمن الرحيم، وذا النون إذا ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) إلى آخر الاية (1). ويقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات، فإنه جيد مجرب. (اخرى) (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين)، (إن الله بالناس لرؤوف رحيم)، (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). (لوجع الظهر) شهد الله إلى قوله ” سريع الحساب ” (2). (لاحتباس البول) يغسل رجليه ويكتب على ساقه اليسرى: (ففتحنا أبواب السماء – إلى قوله – لمن كان كفر) (3). عن حمران قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام): جعلت فداك قبيلي رجل من مواليك به حصر البول وهو يسألك الدعاء أن يلبسه الله العافية واسمه نفيس الخادم، فأجاب: كشف الله ضرك ودفع عنك مكاره الدنيا والاخرة، وألح عليه بالقرآن، فإنه يشفي إن شاء الله تعالى. (عوذة لوجع الرحم) (باسم الله وبالله الذي بإذنه قامت السموات والارض، فإن مريم بنت عمران لم يضرها وجع الارحام، كذلك يشفي الله فلانة بنت فلانة من وجع الارحام ومن وجع عرق الارحام، اسلم اسلم باسم الله الحي القيوم باسم الله المستغاث بالله على ما هو كائن وعلى ما قد كان أشهد أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما).


(1) الانبياء: 87. (2) آل عمران: 16 و 17. (3) القمر: 11 إلى 15.

[ 380 ]

(بسم الله الرحمن الرحيم، (محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا) إلى آخر السورة (1)، أجيبوا داعي الله عزمت على سامعة الكلام الا أجابت هذا الخاتم بعزائم الله الشداد التي تزهق الارواح والاجساد ولا يبقى روح ولا فؤاد، أجب باسم الله الذي قال للسموات والارض: (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) وصلى الله على محمد النبي وآله الطاهرين) واقرأها أنت بينك وبين نفسك. (لمن بال في النوم) روي عنهم عليهم السلام: يؤخذ جزءان من سعد وجزء من زعفران ويدق كل واحد منهما على حدته وينخل السعد بحريرة صفيقة ويخلطان جميعا ويعجنان بعسل منزوع الرغوة ثم يبندق ويكتب في جام جديد بزعفران: (بسم الله الرحمن الرحيم، إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا) يملا الجام من هذه الاية مرة بعد أخرى ثم يغسله بماء بارد ويصب قنينة نظيفة رق ويكتب فيه بمداد هذه الاية وفاتحة الكتاب (وقل هو الله أحد) ثلاث مرات والمعوذتين وآية الكرسي كما أنزلت وآخر الحشر وآخر بني إسرائيل، ثم يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، (إن الله يمسك السموات) الاية، ويكتب: (يا من هو هكذا لا هكذا غيرنا أمسك عن فلان بن فلان ما يجد من غلبة البول)، ويعلق التعويذ على ركبتها إن كانت أنثى وإن كان غلاما على موضع العانة وعلى إحليله ويؤخذ بندقة من تلك البنادق ويسقيه إياها حين يأخذ مضجعه بشئ من ذلك الماء المعوذ، وليقل من شرب الماء، فإذا ذهب ما يجد من غلبة البول إن شاء الله فليحل التعويذ لئلا يعتريه الحصر. (لعسرة الولادة) يكتب ويعلق على ساقها اليسرى: باسم الله وبالله محمد رسول الله، (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحيها)، (إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الارض مدت وألقت ما فيها وتخلت)، (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا)، أخرج بإذن الله من البطن الطيبة إلى الارض الطيبة، (منها خلقناكم


(1) الفتح: 29.

[ 381 ]

وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)، اخرج بإذن الله وقدرته واسمه الذى لا يضر مع اسمه داء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم العزيز الوهاب، (كأنهم يوم يرون ما يوعدون، لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون)، (أو يم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما) إلى قوله (أفلا يؤمنون)، (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون)، (إذا جاء نصر الله) – السورة -، (وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن). (ومثله) يكتب في رق ويعلق على فخذها سبع مرات، (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) ومرة واحدة: (يا أيها الناس اتقو ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها). (ومثله) يكتب في جنبها: باسم الله وبالله أخرج بإذن الله، (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) ويصلي على النبي وآله. (ومثله) بسم الله الرحمن الرحيم، (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)، (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، (ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)، ويهيئ لكم من أمركم رشدا، (وعلى الله قصد السبيل [ ومنها جائر ])، (ثم السبيل يسره)، (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما) الاية. وروي أنه يكتب لها: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وتسقى ماءها وينضح على فرجها. وروي أنه يقرأ عندها: (إنا أنزلناه في ليلة القدر). (ومثله) يكتب على قرطاس: (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا) إلى قوله (أفلا يؤمنون)، (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون)، (ونفخ في الصور فإذا هم من الاجداث إلى ربهم ينسلون)، (كأنهم يوم يرون ما


[ 382 ]

يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار) ويعلق على وسطها، فإذا وضعت يقطع ولا يترك. (رقية الطحال) يقرأ على كفه: (إذا جاء نصر الله) ثلاث مرات، ثم يقرأ: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) ثلاث مرات، ثم امسح بها رأسه سبع مرات. (اخرى) يكتب ويعلق على هذا الموضع: (إن الله يمسك السموات) الاية، (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). (للقولنج) إبراهيم بن يحيى، عنهم عليهم السلام قال: يكتب للقولنج أم القرآن والتوحيد والمعوذتين ويكتب أسفل ذلك: (أعوذ بوجه الله الكريم وبعزته التي لا ترام وبقدرته التي لا يمتنع منها شئ من شر هذا الوجع ومن شر ما فيه ومن شر ما أجد منه)، يكتب هذا الكتاب في لوح أو كتف ويغسل بماء السماء ويشرب على الريق وعند النوم فإنه نافع مبارك إن شاء الله. (للوى) (1) يقرأ على دهن وينضح على بطنه ويدهن به: (بسم الله الرحمن الرحيم، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر، وحملناه على ذات ألواح ودسر)، ففتحنا عليهم أبواب كل شئ كذلك باسم فلان بن فلان، (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما) الاية (2). (وله أيضا) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يكتب للوى: (باسم الله المتعلمون الذين لا يعلمون والذين يعلمون، قاعدون فوق عليين، يأكلون نورا طريا، يسألون صاحبهم من النور العلوي كذلك يشفي فلان بن فلانة، [ (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض


(1) اللوى: وجع في المعدة وإعوجاج. (2) الانبياء: 31.

[ 383 ]

كانتا رتقا) الاية ]، يرقى سبع مرات على ماء ثم يصب عليه دهن فإذا التزق الدهن دلكته وسقيته صاحب اللوى إن شاء الله. (ومثله) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يقرأ عليه: (إذا السماء انشقت – إلى قوله – وألقت ما فيها وتخلت) مرة واحدة، [ (وإذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم)، (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) ]. (ومثله) عنهم عليهم السلام: يرقى على ماء بلا دهن، ثم يسقى صاحب اللوى ثم تمر بيدك على بطنه – ثلاث مرات – وتقول: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، (ثم السبيل يسره)، (إن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما)، (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة)، (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا)، كذلك اخرج أيها اللوى بإذن الله عزوجل. (للبواسير) روي عن الصادق عليه السلام أنه شكا إليه رجل البواسير، فقال: (اكتب (يس) بالعسل واشربه. (للفالج وغيره) شكا إلى أبي جعفر (عليه السلام) رجل فقال: إن لي ابنة يأخذها في عضدها خدر أحيانا حتى تسقط (1)، فقال له: غذها أيام الحيض بالشبث المطبوخ والعسل ثلاثة أيام (2). قال: ويقرأ على الفالج والفولنج والخام والابردة والريح من كل وجع: أم القرآن و (قل هو الله أحد) والمعوذتين، ثم يكتب بعد ذلك: (أعوذ بوجه الله العظيم وعزته التي لا ترام وقدرته التي لا يمتنع منها شئ من شر هذا الوجع ومن شر ما فيه ومن شر ما أجد منه)، يكتب هذا في كتف أو لوح ويغسله بماء السماء ويشربه على الريق وعند منامه يبرأ إن شاء الله.


(1) الخدر – بالتحريك -: تشنج يصيب العضو فلا يستطيع الحركة. (2) الشبث – بالكسر -: بقلة. وفي بعض النسخ (الشبث) بكسرتين: نبات كالشمرة.

[ 384 ]

عن الرضا (عليه السلام) قال: البطيخ على الريق يورث الفالج. (للجرب والدمل والقوباء) (1) يقرأ عليه ويكتب ويعلق عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم، (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار)، (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)، الله أكبر وأنت لا تكبر، الله يبقي وأنت لا تبقي والله على كل شئ قدير. (للتعب والنصب) من لحقه علة في ساقه أو تعب أو نصب فليكتب عليه: (ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب). (للبهق) يكتب على موضع البهق (2): (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم)، (هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون). (للبرص والجذام) يقرأ ويكتب ويعلق عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع باسم فلان بن فلانة). شكا رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) البرص، فأمر أن يأخذ طين قبر الحسين (عليه السلام) بماء السماء، ففعل ذلك فبرئ. وروى بعض أصحابنا قال: كان قد ظهر بي شئ من البياض، فأمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن أكتب: (يس) بالعسل في جام وأغسله وأشربه، ففعلت عني. وروي عن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: مرق لحم البقر مع السويق الجاف يذهب بالبرص. وشكا إليه يونس بن عمار بياضا ظهر به، فأمره (عليه السلام) أن ينفع الزبيب ويشربه ففعل فذهب عنه.


(1) القوباء: داء يظهر في الجسد فيتقشر منه الجلد ويتسع، ويقال لها: الخزاز أيضا. (2) البهق – بفتحتين -: بياض في الجسد لا من برص.

[ 385 ]

(للثؤلول) يأخذ صاحبه قطعة ملح ويمسح بها الثؤلول (1) ويقرأ عليه ثلاث مرات: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) إلى آخر السورة ويطرحها في تنور وينصرف سريعا يذهب إن شاء الله. (اخرى) يقرأ على ثلاث شعيرات: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار)، ويديرها على الثؤلول ثم يدفنها في موضع ندي في محاق الشهر، فإذا عفنت الشعيرات تمايل الثؤلول. (اخرى) روي أن رجلا سأل الرضا (عليه السلام) أن يعلمه شيئا ينفع لقلع الثآليل ؟ فقال: خذ لكل ثؤلول سبع شعيرات واقرأ على كل شعيرة – سبع مرات -: (إذ وقعت الواقعة) إلى قوله (فكانت هباء منبثا). واقرأ: (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) إلى قوله (ولا أمتا)، ثم خذ الشعير شعيرة شعيرة وامسحها على الثؤلول وصيرها في خرقة جديدة واربط عليها حجرا وألقها في كنيف، قال: فنظر يوم السابع أو الثامن وهو مثل راحته. قال: وينبغي أن يعالج في محاق الشهر [ ويقرأ: (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما)، ويفرقع إصبعا من أصابعه باسم صاحب الوجع ]. (للعرق المدني) يكتب عليه وقت الحكة قبل أن يخرج: (ويسألونك عن الجبال) إلى قوله: (ولا أمتا) ويطلي بالصبر (2). ويكتب أيضا هذه الاية: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام). (للصرع) (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون).


(1) الثؤلول – كعصفور -: خراج ناتئ صلب مستدير، والجمع ثآليل. (2) الصبر – بالفتح فالكسر -: عصارة شجر مر. (مكارم الاخلاق – 25)

[ 386 ]

(لفزع الصبيان) ” إذا زلزلت ” إلى آخر السورة، ” فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا “، وآية ” شهد الله “، و ” قل ادعوا الله ” إلى آخر السورة، ” لقد جاءكم ” إلى آخر السورة، ” ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ” الاية. (للعين) عن معمر بن خلاد قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) بخراسان على نفقاته فأمرني أن أتخذ له غالية (1)، فلما اتخذتها فاعجب بها فنظر إليها فقال لي: يا معمر إن العين حق، فاكتب في رقعة: ” الحمد ” و ” قل هو الله أحد ” والمعوذتين وآية الكرسي واجعلها في غلاف القارورة. (ومثله) روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: العين حق وليس تأمنها منك على نفسك ولا منك على غيرك، فإذا خفت شيئا من ذلك فقل: ” ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم ” ثلاثا. وقال (عليه السلام): إذا تهيأ أحدكم تهيئة تعجبه فليقرأ حين يخرج من منزله: المعوذتين، فإنه لا يضره شئ بإذن الله تعالى. وعنه (عليه السلام) قال: من أعجبه من أخيه شئ فليبارك عليه، فإن العين حق. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا رقية إلا من حمة (2). والعين حق. (للنعاس) ” ولما جاء موسى لميقاتنا ” إلى قوله ” أول المؤمنين “، يقرأ على الماء ويمسح به رأسه ووجهه وذراعيه. (للابق والضالة) روي عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا ذهب لك ضالة أو متاع فقل: ” وعنده


(1) الغالية: أخلاط من الطيب. (2) الحمة – بالضم -: السم والابرة التي تضرب بها العقرب ونحوها.

[ 387 ]

مفاتح الغيب ” إلى قوله: ” في كتاب مبين “، ثم تقول: ” اللهم إنك تهدي من الضلالة وتنجي من العمى وترد الضالة فصل على محمد وآل محمد واغفر لي ورد ضالتي وصل على محمد وآله وسلم “. (للشفاء من كل داء) روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: علمني جبريل (عليه السلام) دواء لا يحتاج معه إلى دواء، فقيل: يا رسول الله، ما ذلك الدواء ؟ قال: يؤخذ ماء المطر قبل أن ينزل إلى الارض ثم يجعل في إناء نظيف ويقرأ عليه ” الحمد ” إلى آخرها سبعين مرة و ” قل هو الله أحد ” والمعوذتين سبعين مرة، ثم يشرب منه قدحا بالغداة وقدحا بالعشي، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي بعثني بالحق لينزعن الله ذلك الداء من بدنه وعظامه ومخخته وعروقه (1). (ومثله) يؤخذ سبع حبات شونيز، وسبع حبات عدس، وشئ من طين قبر الحسين (عليه السلام)، وسبع قطرات عسل فتجعل في ماء أو دهن ويقرأ عليه: فاتحة الكتاب والمعوذتان و ” قل هو الله أحد ” وآية الكرسي وأول الحديد إلى قوله: ” وإلى الله ترجع الامور ” وآخر الحشر. قال أبو جعفر (عليه السلام): قال الله تعالى: ” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين “، وقال الله تعالى: ” يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السأم، ونحن نقول بظهر الكوفة قبر لا يلوذ به ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى. الفصل الثالث (في الاستشفاء بالصدقة والدعاء والصلاة) (في الصدقة) عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الصدقة تمنع ميتة السوء.


(1) المخخة – بالكسر -: جمع المخ وهو نقى العظم.

[ 388 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الصدقة وصلة الرحم تعمران الديار وتزيدان في الاعمار. عن الصادق (عليه السلام) قال: من تصدق في يوم أو في ليلة [ إن كان يوم فيوم وإن كان ليل فليل ] دفع عنه الهدم والسبع وميتة السوء. عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عن سبعين ميتة السوء. عن معاذ بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكروا الاوجاع، فقال (عليه السلام): داووا مرضاكم بالصدقة، وما على أحدكم أن يتصدق بقوت يومه، إن ملك الموت يدفع إليه الصك بقبض روح العبد، فيتصدق فيقال له: رد عليه الصك. عنه (عليه السلام) قال: داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وأنا ضامن لكل ما يتوى في بر أو بحر بعد أداء حق الله فيه [ من التلف ]. عن العالم (عليه السلام) قال: الصدقة تدفع القضاء المبرم من السماء. (في الصدقة والدعاء) عن داود بن زربي قال: وعكت بالمدينة وعكا شديدا، فبلغ ذلك أبا عبد الله (عليه السلام) فكتب إلى: قد بلغني علتك فاشتر صاعا من بر ثم استلق على قفاك وانثره على صدرك كيف ما انتثر وقل: ” اللهم إني أسألك باسمك الذي إذا سألك به المضطر كشفت ما به من ضر ومكنت له في الارض وجعلته خليفتك على خلقك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعافيني من علتي “، واستو جالسا واجمع البر من حولك وقل مثل ذلك واقسمه مدا مدا لكل مسكين وقل مثل ذلك، قال داود: ففعلت ذلك فكأنما نشطت من عقال وقد فعله غير واحد فانتفع به. (في الدعاء) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يرد القضاء إلا الدعاء. وقال الصادق (عليه السلام): الدعاء يرد القضاء بعدما أبرم إبراما. عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: عليكم بالدعاء، فإن الدعاء والطلب إلى الله عزوجل يرد البلاء وقد قدر وقضى فلم يبق إلا إمضاؤه، فإذا دعى الله وسئل صرف البلاء صرفا.


[ 389 ]

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا يزيد في العمر إلا البر. ولا يرد القضاء إلا الدعاء. وقال الباقر للصادق عليهما السلام: يا بني من كتم بلاء ابتلى به من الناس وشكا ذلك إلى الله عز وجل كان حقا على الله أن يعافيه من ذلك البلاء. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقيل صوت معروف ولم يحجب عن السماء. ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن هذا الصوت لا نعرفه. وروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: لكل داء دواء، فسئل عن ذلك ؟ فقال: لكل داء دعاء، فإذا ألهم المريض الدعاء فقد أذن الله في شفائه. وقال أفضل الدعاء الصلاة على محمد وآل محمد – صلى الله عليهم – ثم الدعاء للاخوان ثم الدعاء لنفسك فيما أحببت، وأقرب ما يكون العبد من الله سبحانه إذا سجد. وقال الدعاء أفضل من قراءة القرآن، لان الله عز وجل يقول: ” قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ” وإن الله عزوجل ليؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه ويقول: صوت أحب أن أسمعه، ويعجل إجابة المنافق ويقول: صوت أكره سماعه. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تخوف بلاء يصيبه فتقدم الدعاء فيه لم يره الله عزوجل ذلك البلاء أبدا. (دعاء المريض لنفسه) يستحب للمريض أن يقول ويكرره: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، سبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على كل حال والله أكبر كبيرا كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان، اللهم إن كنت أمرضتني لقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى، وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى “. (دعاء آخر) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تضع يدك على الموضع الذي فيه الوجع وتقول


[ 390 ]

– ثلاث مرات -: ” الله الله الله ربي حقا لا أشرك به شيئا، اللهم أنت لها ولكل عظيمة ففرجها عني “. (دعاء آخر) عنه (عليه السلام) قال: تضع يدك على موضع الوجع وتقول: ” اللهم إني أسألك بحق القرآن العظيم الذي نزل به الروح الامين وهو عندك في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم أن تشفيني بشفائك وتداويني بدوائك وتعافيني من بلائك ” – ثلاث مرات – وتصلي على محمد وأهل بيته. (دعاء آخر) قال الصادق (عليه السلام) تقول: ” باسم الله وبالله كم من نعمة الله عزوجل في عرق ساكن وغير ساكن على عبد شاكر وغير شاكر “، ثم تأخذ لحيتك بيدك اليمنى بعد صلاة مفروضة وتقول: ” اللهم فرج كربي وعجل عافيتي واكشف ضري ” ثلاث مرات. واحرص أن يكون ذلك مع دموع وبكاء. (دعاء آخر) وعن بعضهم قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وجعا في، فقال: قل: ” باسم الله “، ثم امسح يدك عليه وقل: ” أعوذ بعزة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ بعظمة الله وأعوذ بجمع الله وأعوذ برسول الله وأعوذ بأسماء الله من شر ما أحذر ومن شر ما أخاف على نفسي ” تقولها سبع مرات، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني. (دعاء آخر) عنه (عليه السلام) قال: تضع يدك على موضع الوجع وتقول: ” باسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وما شاء الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم امح عني ما أجد “، ويمسح الوجع ثلاث مرات. (دعاء يدعى به للمريض) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تضع يدك على رأس المريض ثم تقول: باسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وما شاء الهل ولا حول ولا قوة إلا بالله، إبراهيم خليل الله، موسى كليم الله، نوح نجي الله، عيسى روح الله، محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعوذ بالله من الرياح والارواح والاوجاع، باسم الله وبالله وعزائم من الله لفلان بن


[ 391 ]

فلانة لا يقربه إلا كل مسلم وأعيذه بكلمات الله التامات كلها التي سأل بها آدم ” فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ” إلا إنزجرت أيتها الارواح والاوجاع بإذن الله عزوجل لا إله إلا الله ” ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين “، ثم تقرأ آية الكرسي وأم الكتاب والمعوذتين و ” قل هو الله أحد ” وعشر آيات من أول يس، ثم يقول: ” اللهم اشفه بشفائك وداوه بدوائك وعافه من بلائك ” وتسأله بحق محمد وآله صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. (دعاء آخر) ” وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون، وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون، ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون، واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون، لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون، فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون، أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين، وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحييي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم، الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون، أو ليس الذي خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت على كل شئ وإليه ترجعون “. (دعاء آخر) قال الصادق (عليه السلام): حم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جبريل (عليه السلام) يعوده وقال: ” باسم الله أرقيك وباسم الله أشفيك من كل داء يعنيك، باسم الله والله شافيك، باسم الله خذها فلتهنيك، باسم الله الرحمن الرحيم ” فلا أقسم بمواقع النجوم ” لتبرأن بإذن الله تعالى “. من مسموعات السيد الامام ناصح الدين أبي البركات المشهدي، عن الصادق (عليه السلام) قال: طين قبر الحسين (عليه السلام) شفاء من كل داء، فإذا أكلته فقل: ” باسم الله وبالله اللهم اجعله رزقا واسعا وعلما نافعا وشفاء من كل داء إنك على كل شئ قدير “.


[ 392 ]

وقال الصادق (عليه السلام): من أصابته علة فبدأ بطين قبر الحسين (عليه السلام) شفاه الله عزوجل من تلك العلة إلا أن تكون علة السام. (دعاء آخر) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ضع راحتك على فمك وقل: ” باسم الله ” ثلاثا، ” بجلال الله ” ثلاثا، ” بكلمات الله التامات ” ثلاثا، ثم امسح على رأس الذي يشكي وجهه، يصنع ذلك أشفق أهله عليه. (دعاء آخر) عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا دخلت على المريض فقل: ” أعيذك بالله العظيم، رب العرش العظيم من كل عرق نعار ومن شر حر النار ” سبع مرات. (دعاء إذا مرض الولد) الحسن بن أبي نعيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اشتكى بعض ولده، فقال له: يا بني قل: ” اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك وعافني من بلائك فإني عبدك وابن عبديك “. (دعاء لغيره) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علمه بعض أصحابه من وجع فقال: اجعل يدك اليمنى عليه وقل: ” باسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد “. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من عاد مريضا فليقل: ” اللهم اشف عبدك ينكي لك عدوا، ويمشي لك إلى الصلاة “. وروي أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كان يقول إذا دخل على مريض: ” أذهب البأس رب الناس بيدك الشفاء لا كاشف للبلاء إلا أنت “. (مثله) ” أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، اللهم أصلح القلب والجسم واكشف السقم وأجب الدعوة “. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من دخل على مريض لم يحضر أجله فقال: ” أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ” عوفي


[ 393 ]

ودخل (صلى الله عليه وآله وسلم) على بعض أصحابه وهو مشتك فعلمه رقية علمها إياه جبريل (عليه السلام): ” باسم الله أرقيك، باسم الله أشفيك من كل إرب (1) يؤذيك “، ” ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد “. (ومثله) تضع يدك على فمك وتقول ثلاث مرات: ” باسم الله بجلال الله بعظمة الله بكلمات الله التامات بأسماء الله الحسنى “، ثم تضع يدك على موضع الوجع وتقول: ” باسم الله باسم الله باسم الله “، ثم تقول سبع مرات: ” اللهم امسح ما بي “. وتقول عند الشفاء إذا شفاه الله: ” الحمد لله الذي خلقني فهداني وأطعمني وسقاني وصحح جسمي وشفاني، له الحمد وله الشكر “. (دعاء للخنازير) عن الرضا (عليه السلام) قال: خرج لجارية لنا خنازير في عنقها فأتاني آت فقال: يا علي قل لها فلتقل: ” يا رؤف يا رحيم يا رب يا سيدي ” تكرره، قال: فقالت، فأذهب الله عزوجل عنها. (دعاء لوجع العين) عن محمد بن الجعفي، عن أبيه قال: كنت كثيرا ما تشتكي عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: ألا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وبلاغا لوجع عينك ؟ قلت: بلى، قال: تقول في دبر الصلاة الفجر وصلاة المغرب: ” اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والاخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبدا ما أبقيتني “. وفي رواية: تقول ذلك – سبع مرات – إذا صليت الفجر قبل أن تقوم من مقامك. (دعاء لعسر الولادة) من عسرت عليها الولادة تقرأ هذه الادعية على كوز مملوء ماء – ثلاث مرات – وتشرب منه المرأة ويصب بين كتفيها وثدييها، فإنها تضع الولد بإذن الله، وهي: ” باسم الله الذي لا إله إلا هو الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات ورب العرش


(1) الارب – بالكسر -: العضو.

[ 394 ]

العظيم، الحمد لله رب العالمين “، ” كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها “، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار وصلى الله على محمد وآله أجمعين “. (دعاء لعسر البول) ” ربنا الله الذي في السماء تقدس، اللهم اسمك في السماء والارض، اللهم كما جعلت رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الارض، اغفر لنا حوينا (1) وخطايانا، أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع “، فليبرأ. (دعاء لوجع الركبة) عن أبي حمزة قال: عرض لي وجع في ركبتي فشكوت ذلك إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إذا أنت صليت فقل: ” يا أجود من أعطى، يا خير من سئل، ويا أرحم من استرحم: إرحم ضعفي وقلة حيلتي واعفني من وجعي “، قال: ففعلت، فعوفيت. (دعاء للحصاة والفالج) عن الصادق (عليه السلام) قال: تقول حين. تصلي صلاة الليل وأنت ساجد: ” اللهم إني أدعوك دعاء الذليل الفقير العليل، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته وقلت حيلته وضعف عمله وألح عليه البلاء، دعاء مكروب إن لم تدركه هلك وإن لم تستنقذه فلا حيلة له، فلا يحيطن بي مكرك ولا يبث علي غضبك ولا تضطرني إلى اليأس من روحك والقنوط من رحمتك وطور التصبر على البلاء، اللهم إنه لا طاقة لي ببلائك ولا غنى بي عن رحمتك، وهذا ابن حبيبك أتوجه إليك به فإنك جعلته مفزعا للخائف واستودعته علم ما سبق وما هو كائن فاكشف به ضري وخلصني من هذه البلية وأعدني ما عودتني به من رحمتك وعافيتك، يا هو، يا من هو هو، يا من لا إله إلا هو انقطع الرجاء إلا منك “. (في الصلاة) (صلاة للشفاء من كل علة خصوصا السلعة) تصوم ثلاثة أيام وتغتسل في اليوم الثالث عند الزوال وابرز لربك وليكن معك خرقة نظيفة وصل أربع ركعات، تقرأ فيهن ما تيسر من القرآن واخضع بجهدك، فإذا فرغت من صلاتك فالق ثيابك واتزر بالخرقة وألصق خدك الايمن بالارض ثم قل:


(1) الحوب: الاثم والذنب.

[ 395 ]

” يا واحد يا موجد يا كريم يا حنان يا قريب يا مجيب يا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد واكشف ما بي من ضر ومعرة وألبسني العافية في الدنيا والاخرة وامنن علي بتمام النعمة وأذهب ما بي فإنه قد آذاني وغمني “. وقال الصادق (عليه السلام): إنه لا ينفعك حتى تتيقن أنه ينفعك فتبرأ منها ثم تداوم على ذلك، فإن الله يشفيك. (صلاة لجميع الامراض) روى أبو أمامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: تكتب في إناء نظيف بزعفران ثم تغسل وتشرب: ” أعوذ بكلمات الله التامة وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة ومن شر العين اللامة ومن حاسد إذا حسد، ” بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ” – السورة – وسورة الاخلاص والمعوذتين وثلاث آيات من سورة البقرة، قوله تعالى: ” وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء ما ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون “، وآية ” الكرسي و ” آمن الرسول ” – إلى آخر السورة – وعشر آيات من آل عمران من أولها وعشرا من آخرها، (إن في خلق السموات والارض) وأول آية من النساء وأول آية من المائدة وأول آية من الانعام وأول آية من الاعراف وقوله تعالى: (إن ربكم الله الذي) إلى قوله (رب العالمين)، (وقال موسى ما جئتم به من السحر إن الله سيبطله) الاية، (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) إلى قوله (حيث أتى)، وعشر آيات من أول (والصافات)، ثم تغسله ثلاث مرات وتتوضأ وضوء الصلاة، وتحسو منه ثلاث حسوات وتمسح به وجهك وسائر جسدك، ثم تصلي ركعتين وتستشفي الله، تفعل ذلك ثلاثة أيام، قال حسان: قد جربناه فوجدناه ينفع بإذن الله. (صلاة المريض) عن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: مرضت مرضا شديدا حتى يئسوا مني، فدخل علي أبو عبد الله (عليه السلام) فرأى جزع أمي علي، فقال توضئي وصلي ركعتين وقولي في سجودك: (اللهم أنت وهبته لي ولم يك شيئا فهبه لي هبة جديدة)، ففعلت فأصبحت وقد صنعت هريسة فأكلت منها مع القوم.


[ 396 ]

(صلاة للحمى) محمد بن الحسن الصفار يرفعه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا محموم، فقال لي: ما لي أراك ضعيفا ؟ فقلت: جعلت فداك حمى أصابتني، فقال: إذا حم أحدكم فليدخل البيت وحده ويصلي ركعتين ويضع خده الايمن على الارض ويقول: ” يا فاطمة بنت محمد – عشر مرات – أستشفع بك إلى الله فيما نزل بي “، فإنه يبرأ إن شاء الله تعالى. (وأيضا) يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة – ثلاث مرات – وقوله تعالى: ” ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين “، الدعاء: ” بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أتشفع بنبيك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، يا محمد أستشفع بك إلى ربي في قضاء حاجتي وهو شفاء هذا المريض، يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحيم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام برحمتك يا أرحم الراحمين، برحمتك نستغيث، الان خفف الله عنكم يريد الله أن يخفف عنكم، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة “، يكتب ويغسل ويشربه المحموم. (صلاة للصداع) يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب – مرة – والاخلاص – ثلاث مرات – وقوله تعالى: ” رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا، ولم أكن بدعائك رب شقيا “. (صلاة لوجع العين) يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب – مرة – و ” قل يا أيها الكافرون ” – ثلاث مرات – وقوله تعالى: ” وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ” الاية. (صلاة للاعمى) أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر أعمى على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تشتهي أن يرد الله عليك بصرك ؟ قال: نعم، فقال له: توضأ وأسبغ الوضوء، ثم صل ركعتين وقل: ” اللهم إني أسألك وأرغب إليك وأتوجه


[ 397 ]

إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك أن يرد علي بصري “، قال فما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى رجع الاعمى وقد رد الله عليه بصره. [ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسلمان: يا سلمان اشكم تو درد، قم فصل فإن الصلاة شفاء ]. (صلاة لوجع الرقبة) تصلي ركعتين، تقرأ في كل ركعة ” الحمد ” مرة، و ” إذا زلزلت ” ثلاث مرات. (صلاة لوجع الصدر) أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة ” الحمد ” مرة، وبعدها في الاولى ” ألم نشرح ” مرة، وفي الثانية ” الاخلاص ” ثلاث مرات، وفي الثانية ” والضحى ” مرة، وفي الرابعة ” يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور “. (صلاة للقولنج) يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة ” الحمد ” مرة، وقوله: ” ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر “. (صلاة لوجع الرجل) يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة ” الحمد ” مرة، وقوله تعالى: ” آمن الرسول ” تمام السورة. (صلاة للقوة) تصلي ركعتين وتضع يدك على وجهك وتستشفع إلى الله تعالى برسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتقول: ” باسم الله احرج عليك يا وجع من عين الانس أو من عين الجن، احرج عليك يا وجع بالذي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وخلق عيسى من روح القدس لما هدأت وطفئت كما طفئت نار إبراهيم بإذن الله ” وتقول ذلك ثلاث مرات. (صلاة لرد الابق) يصلي ركعتين ويقرأ بعد ” الحمد ” من أول سورة الحديد أربع آيات وآخر سورة الحشر: ” لو أنزلنا هذا القرآن ” إلى آخر السورة، ويقول: ” يا من هكذا ولا هكذا غيره اجعل الدنيا على فلان أضيق من مسك جمل حتى ترده علي “.


[ 398 ]

(صلاة لرد الضالة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): تصلي ركعتين، تقرأ فيهما ” يس ” وتقول بعد فراغك منهما رافعا يدك إلى السماء: ” اللهم راد الضالة والهادي من الضلالة صل على محمد وآل محمد، واحفظ علي ضالتي وارددها إلي سالمة يا أرحم الراحمين فإنها من فضلك وعطائك، يا عباد الله في الارض ويا سيارة الله في الارض ردوا علي ضالتي فإنها من فضل الله وعطائه “. (ومثله) أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ” اللهم لا إله إلا أنت لك السموات ولك الارض وما بينهما فاجعل الارض على كذا أضيق من جلد جمل حتى تمكنني منه إنك على كل شئ قدير “. وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): ادع بهذا الدعاء للابق واكتبه في ورقة: ” اللهم إن السماء لك والارض لك وما بينهما لك فاجعل ما بينهما أضيق على فلان من جلد جمل حتى ترده علي وتظفرني به “، وليكن حول الكتاب آية الكرسي مكتوبة مدورة ثم ادفنه وضع فوقه شيئا ثقيلا في موضعه الذي كان يأوي إليه بالليل. (أيضا للابق والضالة) يكتب أو يقرأ: ” اللهم أنت جبار في السماء وجبار في الارض وملك في السماء وملك في الارض وإله في السماء وإله في الارض ترد الضالة وتهدي من الضلالة رد على فلان ضالته واحفظه. (للمحموم) يكتب على ثلاث قطع من قرطاس بخط رقيق لا يمكن قراءته ويأكلها المحموم، كل يوم نسخة منها على الريق بعد أن جعلت مجموعة مدورة كالبندقة: ” باسم الله ذي العز والكبرياء والنور “. وهذه النسخة مجربة كان الامام الحسن السمرقندي يعتد بها ويداوم مكاتبتها جمعة وكأنه وجد له اسنادا. (اخرى) يكتب على ثلاث سكرات ويأكلها المحموم في ثلاث غدوات، كل يوم قطعة على الريق: الاولى ” عقدت بإذن الله “، الثاني ” شددت بإذن الله “، الثالث ” سكنت بإذن الله “.


[ 399 ]

(اخرى) يكتب: ” بسم الله الرحمن الرحيم، وربطنا على قلوبهم – إلى قوله – شططا “، ” إذ قال موسى لاهله – إلى قوله – الحكيم ” مع سبع من العقود السليمانية. (اخرى) يكتب على القدم الايمن: ” باسم الله يا حمى الماضية المستمضية بالذي في السماء عرشه وبالذي كلم موسى تكليما واتخذ إبراهيم خليلا وبعث محمدا بالحق نبيا لما خرجت من العظم إلى اللحم ومن اللحم إلى الجلد ومن الجلد إلى الارض فتسكني فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا “. (اخرى) يكتب ويشد ويعقد سبع عقد، يقرأ على كل عقدة فاتحة الكتاب ويشد على رأس المحموم: بسم الله الرحمن الرحيم، (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل)، (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم)، (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين)، يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحمن يا رحمن، اسكن بقدرة الجبار العظيم، بقدرة المنان الكريم ويكتب المعوذتين. (اخرى) عن الصادق (عليه السلام) قال: حم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: (باسم الله أرقيك يا محمد بن عبد الله، باسم الله أشفيك، باسم الله من كل داء يعنيك باسم الله والله شافيك، باسم الله خذها فلتهنيك، بسم الله الرحمن الرحيم، (فلا أقسم بمواقع النجوم) لتبرأن بإذن الله. ويشد التعويذ في عنق المحموم. (اخرى) عن الرضا (عليه السلام) قال: اشتكت جارية لي وكان لها قدر فأتاني آت في المنام فقال لي: قل لها تقول: (يا رباه يا سيداه صل على محمد وأهل بيته واكشف عني ما أجد) فإن فلان بن فلان نجا من النار بهذه الدعوة.


[ 400 ]

* (للحمى) * عن الرضا (عليه السلام): [ وفي نسخة ] الفصل الرابع (في الرقي والتمائم لسائر الامراض) عنهم عليهم السلام: يكتب في رق ويعلقه على المحموم: (اللهم إني أسألك بعزتك وقدرتك وسلطانك وما أحاط بك علمك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن لا تسلط على فلان بن فلانة شيئا مما خلقت بسوء، وارحم جلده الرقيق وعظمه الدقيق من فورة الحريق، أخرجي يا أم ملدم يا آكلة اللحم وشاربة الدم، حرها وبردها من جهنم إن كنت آمنت بالله الاعظم لا تأكلي لفلان بن فلانة لحما ولا تمصي له دما ولا تنهكي له عظما ولا تثوري عليه غما ولا تهيجي عليه صداعا وانتقلي عن شعره وبشره ولحمه ودمه إلى من زعم أن مع الله إلها آخر لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون) ويكتب اسم ذمي أو عدو لله. (رقية للحميات، خصوصا لحمى يوم) يكتب على القرطاس ويشد بخيط ويعقد عليه من الجانب الايمن أربع عقد ومن أيسر الخيط ثلاث عقد ويعلق من رقبة المحموم: (أعيذ بما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الحمى والنافض والغب والعنيق والربع والصدع، اللهم كما لم تلد مريم بنت عمران غير عيسى فلا تذر على هذا الانسان من هذه الاورام والاوجاع شيئا إلا نزعته عنه، فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم أقسمت عليك لما تركتيه ولا تأخذيه)، وتقرأ الاخلاص والمعوذتين، ثم قل: (اللهم


[ 401 ]

اشف فلان بن فلانة من حمى يوم ويومين وثلاثة أيام وحمى الرابع، فإنك تفعل ما تريد وتحكم ما تشاء وأنت على كل شئ قدير، باسم الله كتبت وباسم الله ختمت وعليه توكلت وهو رب العرش العظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). (اخرى) تتخذ خيطا من غزل القطن سبع طاقات وتقرأ عليه فاتحة الكتاب والاخلاص والمعوذتين، وتعقد عليه سبع عقد ويشد في عنقه. وقيل: تقرأ كل هذه على كل عقدة. (اخرى) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من رجل يحم فيغتسل ثلاثة أيام متتابعة يقول عند كل غسل: ” باسم الله، اللهم إني إنما اغتسلت التماس شفائك وتصديق نبيك ” إلا كشف عنه. (اخرى) عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا من الاوجاع كلها والحمى والصداع: ” باسم الله الكبير، أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار ومن شر حر النار “. وإذا رفعت يدك فقل: ” باسم الله وبالله محمد رسول الله، أعوذ بالله وقدرته على ما يشاء من شر ما أجد “. (حرز النبي لفاطمة عليها السلام خاصة لها) (ولكل مؤمن مقر بالحق) ” وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، يا ام ملدم إن كنت آمنت بالله العظيم ورسوله الكريم فلا تهشمي العظم ولا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم اخرجي من حامل كتابي هذا إلى من لا يؤمن بالله العظيم ورسوله الكريم وآله، محمد وعلي فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام “. (للربع) عن الوشاء قال: دخل رجل على الرضا (عليه السلام) فقال له: ما لي أراك مصفارا ؟ قال: حمى الربع قد ألحت علي، فدعا بدواة وكتب: ” بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله وبالله أبجد هوز حطي عن فلان بن فلانة بإذن الله تعالى “، ثم تختم في أسفل (مكارم الاخلاق – 26)


[ 402 ]

الكتاب – سبع مرات – خاتم سليمان (عليه السلام) (1) ثم طواه، ثم قال: يا معتب ائتني بسلك لم يصبه الماء ولا البزاق، فأتاه به فعقد عليه ثم أدناه من فيه فعقد من جانب اربع عقد، يقرأ على كل عقدة فاتحة الكتاب والمعوذتين والتوحيد وآية الكرسي، وعلى الجانب الاخر ثلاث عقد، يقرأ عليها مثل ذلك وناوله إياه وقال: اربطه على عضدك الايمن واقرأ آية الكرسي واختم ولا تجامع عليه. وفي رواية: ثم أدرج الكتاب ودعا بخيط مبلول فقال: ائتوني بخيط يابس، فعقد وسطه وعقد على الايمن أربع عقد، وعلى الايسر ثلاث عقد وقرأ على كل عقدة أم الكتاب والمعوذتين و ” قل هو الله أحد ” وآية الكرسي على الترتيب، ثم قال: هاك، شده على عضدك الايمن ولا تجامع. (اخرى) ذكر أبو زكريا الحضرمي أن أبا الحسن (عليه السلام) كتب له هذا الكتاب وكان يحم حمى الربع وأمر أن يكتب على يده اليمنى: ” باسم الله جبرئيل “، وعلى يده اليسرى ” باسم الله ميكائيل ” وعلى رجله اليمنى ” باسم الله إسرافيل “، وعلى رجله اليسرى ” باسم الله عزرائيل، باسم الله لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ” وبين كتفيه ” باسم الله العزيز الجبار “. (للحمى) في رواية يكتب على كتفه الايمن ” باسم الهل جبرئيل “، وعلى الايسر ” باسم الله ميكائيل ” وعلى كتفه الايمن ” باسم الله إسرافيل “، وعلى كتفه الايسر ” باسم الله لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا “. (للغب) يأخذ ثلاث أوراق من شجر ويكتب على اسم المحموم على ورق فرصاد على الاول


(1) صورة خاتم سليمان – (عليه السلام) – في الكتب المشهورة هكذا: وفي بعضها كذا: وفي بعضها كذا:

[ 403 ]

(طيسوما) وعلى الاخر (أوهوما) وعلى الثالث (ابراسوما) ويلقى في الماء بثلاث دفعات. [ وبرواية اخرى يكتب على ورقات الفرصاد على ثلاث: (حموما أو حوما ابرحوما) ويلقى في الماء. وفي رواية (طيسوما ابرسوما) ]. (رقية للحمى) يكتب ويشد على عضده الايمن: ” بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ” إلى آخرها ” باسم الله وبالله أعوذ بكلمات الله التامات كلها التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ، من شر السامة والهامة والطامة والعين اللامة. ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر فساق العرب والعجم، ومن شر فسقة الجن والانس ومن شر الشيطان وشركه، ومن شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم “، ” ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير “، ” يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين “، كوني بردا وسلاما على فلان بن فلانة، ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ” إلى آخر السورة، ” حسبي الله، لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا “، ” وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا بصيرا “، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الاحزاب وحده، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ” كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز “، ” اولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون “، ” ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم “، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. (رقية لجميع الالام وقيل للضرس) ” باسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله الطيبين، ” صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما يفعلون “، اسكن أيها الوجع سكنتك بالذي له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، عزمت عليك بالله الذي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وخلق عيسى من روح القدس وبعث محمدا بالحق نبيا لما ذهبت عن فلان بن فلانة إلى مدة حياته ولا تعود إليه “. (حرز القلنسوة) كان بالملك النجاشي صداع فبعث إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك، فبعث إليه هذا الحرز


[ 404 ]

فخالطه في قلنسوته فكتب ذلك عنه وهو: ” بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الملك الحق المبين، ” شهد الله ” الاية، لله نور وحكمة وعز وقوة وبرهان وقدرة وسلطان ورحمة، يا من لا ينام، لا إله إلا الله إبراهيم خليل الله، لا إله إلا الله موسى كليم الله، لا إله إلا الله عيسى روح الله وكلمته، لا إله إلا الله محمد رسول الله وصفيه وصفوته (صلى الله عليه وآله وسلم)، اسكن سكنتك بمن يسكن له ما في السموات والارض وبمن سكن له ما في الليل والنهار وهو السميع العليم، فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص، ” ألا إلى الله تصير الامور “. (آخر للصداع) يكتب في رق ويشد على الرأس بخيط: ” بسم الله الرحمن الرحيم، ألم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم – إلى قوله – اولو الالباب. اخرج منها مذموما مدحورا “. (للصداع) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يكتب في كتاب ويعلق على صاحب الصداع من الشق الذي يشتكي: ” اللهم إنك لست بإله استحدثناه ولا برب يبيده ذكره ولا معك شركاء يقضون معك ولا كان قبلك إله ندعوه ونتعوذ به ونتضرع إليه وندعك ولا أعانك على خلقنا من أحد فنشك فيك، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، عاف فلان بن فلانة وصل على محمد وأهل بيته “. وفي رواية: ” أسألك باسمك الذي قام به عرشك على الماء أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تشفي فلان بن فلانة من الصداع والشقيقة، فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا، وأسألك باسمك الذي به خلقت آدم وأتممت خلقه أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تشفي فلان بن فلانة “. (للشقيقة) يكتب هذا الكتاب في رق أو قرطاس فإن كان رجلا شد على رأسه وإن كانت امرأة جعلته مع عقاصها: ” بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله من الارض إلى السماء كان هبط جبريل فاستقبله الاجدع فقال: أين تريد ؟ قال: أذهب إلى إنسان فآكل شحم عينيه وأشرب من دمه، فقال: بالله الذي لا إله إلا هو لا تذهب إلى الانسان ولا تأكل شحمة عينيه ولا تشرب من دمه، أنا الراقي والله الشافي وصلى الله على محمد وأهل بيته “.


[ 405 ]

(لوجع العين) [ تأخذ قطنا وتبله وتضعه على العين وتقول: ” عين الشمس في لجة البحر، يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ” ]. (اخرى) سليمان بن عيسى قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأيت به من الرمد شيئا فاحشا فاغتممت وخرجت، ثم دخلت عليه من الغد فإذا هو لا علة بعينه، فقلت: جعلت فداك خرجت من عندك الامس وبك من الرمد ما أغمني، ودخلت عليك اليوم فلم أر شيئا، أعالجته بشئ ؟ قال: عوذتها بعوذة عندي، قلت: أخبرني بها ؟ فكتب: ” أعوذ بعزة الله، أعوذ بقدرة الله، أعوذ بقوة الله، أعوذ بعظمة الله، أعوذ بجلال الله، أعوذ ببهاء الله، أعوذ بجمع الله، أعوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أحذر وأخاف على عيني وأجده من وجع عيني، اللهم رب الطيبين [ أذهب ذلك عني بحولك وقوتك، وكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد، فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم، وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، يا علي يا عظيم يا كبير يا جليل يا منيع يا فرد يا وتر، رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، بسم الله الرحمن الرحيم يا حي يا حليم يا علي يا عظيم يا جليل يا جميل يا فرد يا وتر أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك أن لا تدعني في قبري فردا وأنت خير الوارثين. وإن كنت إلا واحدا لصلاة في قبري مما رزقني في حاجة، آمين رب العالمين ” ]. (للرعاف) يقرأ ويكتب وقد أخذ بأنف المرعوف: ” يا من أمسك الفيل عن بيته الحرام امسك دم فلان بن فلانة “، ويصب على رأسه وجبهته ماء الجمد، فإنه يسكن بإذن الله. (لوجع الضرس) عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من اشتكى ضرسه فليأخذ من موضع سجوده ثم يمسح به على الموضع الذي يشتكي ويقول: ” باسم الله والكافي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله “.


[ 406 ]

(ومثله) قال الصادق (عليه السلام) في رقية الضرس: تأخذ سكينا أو خوصة فتمسح بها على الجانب الذي تشتكي، فإنه يسكن بإذن الله، وتقول سبع مرات: ” بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله وبالله، محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إبراهيم خليل الله، اسكن بالذي سكن له ما في الليل والنهار بإذنه وهو على كل شئ قدير “. وعن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من اشتكى ضرسه فليضع إصبعه عليه وليقرأ عليه هذه الاية – سبع مرات -: ” هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون “. (لوجع الضرس والاسنان) رقى بها جبريل (عليه السلام) الحسين بن علي عليهما السلام: يضع عودة أو حديدة على الضرس ويرقيه من جانبه – سبع مرات -: ” بسم الله الرحمن الرحيم، العجب كل العجب دودة تكون في الفم تأكل العظم وتنزل الدم، أنا الراقي والله الشافي والكافي لا إله إلا الله والحمد لله رب العالمين، ” وإذا قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ” – سبع مرات – ويفعل ما قدمناه. (أيضا للضرس) المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وبي ضربان الضرس فشكوت ذلك إليه، فقال: ادن مني، فدنوت منه، فقال: بسبابته فأدخلها فوضعها على الضرس الذي يضرب ثم قرأ شيئا خفيا فسكن على المكان، قال: فقال لي: قد سكن يا مفضل ؟ قلت: نعم، فتبسم فقلت: أحب أن تعلمني هذه الرقية ؟ قال نعم، إن فاطمة عليها السلام أتت أباها (صلى الله عليه وآله وسلم) تشكو ما تلقى من وجع الضرس أو السن ؟ فأدخل (صلى الله عليه وآله وسلم) سبابته اليمنى فوضعها على سنها التي تضرب وقال: ” باسم الله وبالله أسألك بعزتك وجلالك وقدرتك على كل شئ، فإن مريم لم تلد غير عيسى روحك وكلمتك أن تكشف ما تلقى فاطمة بنت خديجة من الضرس كله ” فسكن ما بها كما سكن ما بك، وما زدت عليه شيئا من بعد هذا.


[ 407 ]

(ومثله) عن عطاء عن الصادق (عليه السلام) قال: شكوت إليه ما ألقى من ضرسي وأسناني وضربانها، فقال: تقرأ عليه – سبع مرات – ” باسم الله وبالله أسكن بقدرة الله الذي خلقك فإنه قادر مقتدر عليك وعلى الجبال أثبتها وأثبتك فقر حتى يأتي فيك أمره وصلى الله على محمد وآله “. (لوجع البطن) روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني يوجع بطني ؟ فقال: ألك زوجة ؟ فقال: نعم، قال استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتري به عسلا، ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه، فإني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه: ” وأنزلنا من السماء ماء مباركا “، وقال: ” يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس “، وقال: (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)، فإذا اجتمعت البركة والشفاء والهنئ والمرئ شفيت إن شاء الله تعالى، قال: ففعل ذلك فشفى. (لوجع الخاصرة) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ينبغي لاحدكم إذا أحس بوجع الخاصرة أن ي‍ مسح يده عليها ثلاث مرات وأن يقول في كل مرة: (أعوذ بعزة الله وقدرته على ما يشاء من شر ما أجد). وعن الصادق (عليه السلام) قال: تمر يدك على موضع الوجع وتقول: (باسم الله وبالله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم امح عني ما أجد في خاصرتي)، ثم تمر يدك وتسمي على موضع الوجع ثلاث مرات. (للرياح في البطن) عن يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إني أجد وجعا في بطني، فقال: وحد الله، فقلت: ماذا أقول ؟ قال: تقول: (يا الله يا ربي يا رحمن يا رب الارباب يا سيد السادات اشفني وعافني من كل داء وسقم فإني عبدك وابن عبدك أتقلب في قبضتك).


[ 408 ]

(للمغص والنفخ في البطن) (باسم الله الذي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وبعث بالحق محمد نبيا)، ثم قل: (يا ريح اخرجني بإذن الله تعالى) ثلاث مرات. (لعلة البطن) عن الكاظم (عليه السلام): يكتب أم القرآن والتوحيد والمعوذتان، ثم يكتب (أعوذ بوجه الله العظيم وعزته التي لا ترام وقدرته التي لا يمتنع منها شئ من شر هذا الوجع ومن شر ما فيه ومن شر ما أحذر منه). (لوجع البطن وغيره من الالم) يضع يده عليه ويقول سبع مرات: (أعوذ بعزة الله وجلاله من شر ما أجد) ويضع يده اليمنى على الالم ويقول: (باسم الله) ثلاثا. (للزحير) عثمان بن عيسى قال: شكا رجل إلى أبي الحسن (عليه السلام) أن بي زحيرا لا يسكن، فقال: إذا فرغت من صلاة الليل فقل: (اللهم ما كان من خير فمنك لا خير لي فيه، وما علمت من سوء فقد حذرتنيه ولا عذر لي فيه، اللهم إني أعوذ بك أن أتكل على ما لا خير لي فيه أو أقع فيما لا عذر لي فيه). (للخنازير) يقرأ عليه ثلاثة أيام: (باسم الله وبالله الله أكبر الله أكبر وهو يأمرك أن لا تكبر) – ثلاث مرات -، ثم قل: (ابتدأ باللص قبل أن يبدأ بك) – ثلاث مرات – ويتفل كل مرة، فإنه يجف. (لمن بال في النوم) يكتب على الرق ويعلق عليه: (هف هف هد هد هف هف هات هات أنا له كف كف كف هف هفف هفف [ هفف ] معهم مسعر لم قل هو الله أحد الغالب من حيث يستحسر العدو إبليس شح لبني آدم كما الذي سجد لادم الملائكة بإذن الله، إنه كريمة بنت كريمة وولد فلان بن فلان……. شددت شددت بسورة سورة صفه صفه ختمت بخاتم سليمان بن داود لله رب العالمين).


[ 409 ]

(للفزع) [ ولمن فزع في النوم: (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبي الامي العربي الهاشمي الابطحي التهامي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى من حضر الدار من العمار. أما بعد فإن لنا ولكم في الحق بيعة فإن يكن فاجرا مقتحما أو داعي حق مبطلا أو من يؤذي الولدان ويفزع الصبيان ويبكيهم ويبولهم على الفراش فليمضوا إلى أصحاب الاصنام وإلى عبدة الاوثان وليخلوا عن أصحاب القرآن في جوار الرحمن ومخازي الشيطان وعن أيمانهم القرآن وصلى الله على محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ]. (للفزع أيضا) [ (شهد الله أنه لا إله إلا هو) الاية وآية الكرسي و (قل ادعوا الله) – إلى آخر السورة -، (إن ربكم) الاية، (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى آخر السورة، (قل من يكلؤكم بالليل والنهار) من السباع والجن والسحرة، قل هو الله أحد هو الواحد القهار، (اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب)، (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) ]. (لعسر الولادة) عن الصادق (عليه السلام) قال: يكتب للمرأة – إذا عسر عليها ولادتها – في رق أو قرطاس: (اللهم يا فارج الهم وكاشف الغم ورحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما ارحم فلانة بنت فلانة رحمة تغنيها بها عن رحمة جميع خلقك، تفرج بها كربتها وتكشف بها غمها وتيسر ولادتها وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون وقيل الحمد لله رب العالمين). (ومثله) [ من عسرت عليها الولادة من امرأة أو دابة يقرأ عليها: (يا خالق النفس من النفس ومخلص النفس من النفس خلصها بحولك وقوتك) ]. (ومثله) يكتب على خرقتين لا يمسهما ماء وتوضع تحت رجليها، فإنها تلد في مكانها، إن شاء الله تعالى.


[ 410 ]

[ وفي رواية يكتب هذا الشكل ويعلق على فخذها الايمن، ويكتب على كاغذ ويشد على فخذها الايسر: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)، يا خالق النفس من النفس فرج عنها، فإنها تلقيه سويا بإذن الله عزوجل ]. (أيضا لعسر الولادة) تكتب هذه السورة على ظهر قفيز وتجلس فوقها المرأة التي تطلق، فإنها تلد بسرعة إن شاء الله. [ ومن حق كتابتها أن تبدأ بالاثنين من السطر الفوقاني ثم بالثلاثة ثم بالاربعة، ثم بالثلاثة من السطر التحتاني ثم بالاثنين ثم بالاربعة لتتم خاصيتها ]. (للعرق المدني) ويقال لها بالفارسية: ” رشته “. ويؤخذ خيط من صوف الجمل ينتف منه من غير أن يجز عنه بجلم أو سكين أو مقراض ويعقد عليه سبع عقد، يقرأ على كل عقدة فاتحة الكتاب – ثلاث مرات – ثم يدعى عليه هذا الدعاء – ثلاث مرات -: (باسم الله الابد الابد المحصي بلا عدد، القريب لما بعد، الطاهر عن الولد، العالي عن أن يولد المنجز لما وعد، العزيز بلا عدد، القوي بلا مدد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد يا خالق الخليقة، يا عالم السر والخفية، يا من السموات بقدرته مرخاة، يا من الارض بعزته مدحوة، يا من الجبال بإرادته مرساة، يا من نجا به صاحب الغرق من كل آفة وبلية صل الله على محمد خير خلقك واشف اللهم فلان بن فلانة بشفائك وداوه بدوائك وعافه من بلائك إنك قادر على ما تشاء وأنت أرحم الراحمين وصلى الله على محمد النبي وآله الطيبين). (رقية للورم والجراح) عن بعض الصادقين عليهم السلام قال: تأخذ سكينا وتمرها على الموضع الذي


[ 411 ]

تشكو من الجراح أو غيره وتقول: (باسم الله أرقيك من الحد والخدر ومن أثر العود ومن الحجر الملبود ومن العرق العاثر ومن الورم الاحر ومن الطعام وحره ومن الشراب وبرده، باسم الله فتحت وباسم الله ختمت). ثم أوتد السكين في الارض. (للثؤلول) عن الرضا (عليه السلام) قال: ينظر إلى أول كوكب يطلع بالعشي فلا تحد نظرك إليه وتناول من التراب وأدلكه بها وأنت تقول: (باسم الله وبالله رأيتني ولم أرك سوء عود نصرك الله يخفي أثرك ارفع ثآليلي معك). (للكلف والبرص) تخط عليه خطا مدورا، ثم تكتب في وسطه: (بوتا بوتا برتاتا ادعني أصواتا، وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون). (أيضا) يكتب عليه بكرة بالريق قبل أن يأكل شيئا أو يشرب: (هريقة مريقة حتى يجب الطريقة). (أيضا) يكتب بكرة: (قهر يد قهر ابتد كسرهن كروهن سالاخسك باد بحق الملك القدوس). (للجدري) يكتب ويعلق على عضده، فإنه لا يخرج وإن كان قد خرج فلا يخرج أكثر مما قد خرج إن شاء الله تعالى. (ومثله) يكتب هذا الشكل الاربعة في الاربعة للجدري ويعلق عليه. (للعقارب والحيات) عن الصادق (عليه السلام) قال: يقرأ عند المساء: (باسم الله وبالله وصلى الله على محمد


[ 412 ]

وآله، أخذت العقارب والحيات كلها بإذن الله تبارك وتعالى بأقواهها وأذنابها وأسماعها وأبصارها وفؤادها عني وعمن أحببت إلى ضحوة النهار إن شاء الله تعالى). (اخرى) عنه (عليه السلام) أيضا: (باسم الله وبالله توكلت على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، اللهم اجعلني في كنفك وفي جوارك واجعلني في حفظك واجعلني في أمنك). (اخرى) عنه (عليه السلام) أيضا قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوم يشكون العقارب وما يلقون منها، فقال: قولوا إذا أصبحتم وإذا أمسيتم: (أعوذ بكلمات الله التامات كلها التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر الذي لا يخفر جاره من شر ما ذرأ ومن شر ما برأ ومن شر الشيطان وشركه ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) – سبع مرات -. وقال أبو جعفر (عليه السلام): من قال هذه الكلمات حين يمسي فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب ولا هامة حتى يصبح. (رقية الحية) وهي رقية سليمان النبي على نبينا وآله و (عليه السلام): (بسم الله الرحمن الرحيم خاتم سليمان بن داود أخ أخ وماسكه ملائكة هبوا سبومار واماذا وداقوي فرادى مريم هندنا باسم الله خاتم وبالله الخاتم “، تقرأ ذلك ثلاثا، فإنها تقف وتخرج لسانها فخذها عند ذلك. وإذا أردت أن لا تدخل الحية منزلك تكتب أربع رقاع وتدفن في زوايا بيتك (بسم الله الرحمن الرحيم هجه ومهجه ويهوريحيا واطرد). (رقية للعقرب) يكتب بكرة يوم الخامس من إسفندار [ مذ ] ماه ويكون على وضوء ولا يتكلم حتى يفرغ من الكتابة ويحفظه لا تلدغه عقرب: (باسم الله سبحه سحه قرنية برنية ملحه بحرقعيا برقعيا قفطا قطبعه تفطه). تروى هذه الرقية للحية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: تكتبه وتضعه في شق حائط البيت، فإنه يسقط وينشق بنصفين.


[ 413 ]

وقال إبراهيم النخعي: لسعتني حية على عنقي فرقاني بذلك الاسود بن يزيد فبرئت. (رقية للبراغيث) تقول: (أيها الاسود الوثاب الذي لا يبالي غلقا ولا بابا عزمت عليك بام الكتاب أن لا تؤذيني ولا أصحابي إلى أن ينقضي الليل ويجئ الصبح بما جاء به والذي تعرفه إلى أن يؤب الصبح بما آب). (للضالة) عن الصادق (عليه السلام) قال: اكتب للابق في ورقة أو قرطاس: (بسم الله الرحمن الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) ثم لفها واجعلها بين عودين وألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوى إليه. (للرهصة) تأخذ قطعة من صوف لم يصبها ماء فتفتلها ثم تعقدها سبع عقد وتقول كلما عقدت عقدة: (خرج عيسى بن مريم على حمار أقمر لم يدخس ولم يرهص أنا أرقيك والله عزوجل يشفيك)، ثم تشده على موضع الرهصة. (في السحر) عن محمد بن عيسى قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن السحر ؟ فقل: هو حق وهو يضر بإذن الله تعالى، فإذا أصابك ذلك فارفع يدك حذاء وجهك واقرأ عليها (باسم الله العظيم باسم الله العظيم رب العرش العظيم إلا ذهبت وانقرضت). قال: وسأله رجل عن العين ؟ فقال: حق، فإذا أصابك ذلك فارفع كفيك حذاء وجهك واقرأ (الحمد لله) و (قل هو الله أحد) والمعوذتين، وامسحهما على نواصيك فإنه نافع بإذن الله. وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن المعوذتين ؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سحره لبيد بن أعصم اليهودي، فأتاه جبريل (عليه السلام) بالمعوذتين، فدعا عليا فعقد له خيطا فيه اثنا عشر عقدة، فقال: انطلق إلى بئر ذروان فأنزل إلى القليب فاقرأ آية وحل عقدة فنزل علي (عليه السلام) واستخرج من القليب فتحلل ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وعن ابن عباس قال: إن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم دس ذلك في بئر لبني زريق فمرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبينا هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما


[ 414 ]

عند رأسه والاخر عند رجليه فأخبراه بذلك وأنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة – والجف قشر الطلع. والراعوفة حجر في أسفل البئر يقوم عليه الماتح – فانتبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعث عليا (عليه السلام) والزبير وعمارا فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا هو معقد فيه إحدى عشر عقدة عقد مغروزة بالابر، فنزلت هاتان السورتان فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خفة فقام كأنما أنشط من عقال، وجعل جبريل (عليه السلام) يقول: (باسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك من حاسد وعين والله يشفيك). (رقية السحر) يكتب في رق ويعلق عليه: (قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين، ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون)، (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين). (اخرى) يتكلم به سبع مرات: (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون). عن الصادق (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت له امرأة: إن لي زوجا وبه غلظة وإني صنعت شيئا لاعطفه علي، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أف لك كدرت التجارة وكدرت العين ولعنتك الملائكة الاخيار وملائكة السماء والارض)، فصامت نهارها وقامت ليلها وحلقت رأسها ولبست المسوح، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن ذلك لا يقبل منها، فقيل: يا رسول الله لم لا يقبل منها ويقبل ساحر الكفار ؟ فقال: لان الشرك أعظم من الكفر والسحر والشرك مقرونان. ([ رقية ] عوذة العين) عن زرارة قال: ينفث في المنخر الايمن أربعا والايسر ثلاثا، ثم يقول: (باسم الله لا بأس أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا يكشف البأس إلا أنت. عن الصادق (عليه السلام) قال: لو كان شئ يسبق القدر سبقته العين.


[ 415 ]

(لمن تصيبه العين) يقرأ فاتحة الكتاب ويكتب (باسم الله أعيذ فلان بن فلانة بكلمات الله التامات من شر خلق وذرأ وبرأ ومن كل عين ناظرة وأذن سامعة ولسان ناطق، إن ربي على صراط مستقيم، ومن شر الشيطان وعمل الشيطان وخيله ورجله، وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة). (عوذة للعين) (اللهم رب مطر حابس وحجر يابس وليل دامس ورطب ويابس رد عين العين عليه في كيده ونحره وماله، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير). الفصل الخامس (في الاحراز) (حرز لامير المؤمنين (عليه السلام)) للمسحور والتوابع والمصروع والسم والسلطان والشيطان وجميع ما يخافه الانسان. ومن علق عليه هذا الكتاب لا يخاف اللصوص والسارق ولا شيئا من السباع والحيات والعقارب وكل شئ يؤذي الناس. وهذه كتابته: (بسم الله الرحمن الرحيم أي كنوش أي كنوش أرشش عطينطينطح يا ميططرون فريالسنون ما وماسا ماسوما يا طيطشالوش خيطوش مشفقيش مشاصعوش أو طيعينوش ليطيفتكش هذا هذا، وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين، اخرج بقدرة الله منها أيها اللعين بعزة رب العالمين، اخرج منها وإلا كنت من المسجونين، اخرج منها (فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين)، اخرج مذؤما مدحورا ملعونا كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا، اخرج يا ذوي المخزون، اخرج يا سورا سور بالاسم المخزون يا ميططرون طرعون مراعون تبارك الله أحسن الخالقين يا هيا شراهيا حيا قيوما بالاسم المكتوب على جبهة اسرافيل، اطرد عن صاحب هذا الكتاب كل جني وجنية وشيطان وشيطانة وتابع وتابعة وساحر


[ 416 ]

وساحرة وغول وغولة وكل متعبث وعابث يعبث بابن آدم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين وعترته الطاهرين). (حرز الامام زين العابدين (عليه السلام) (بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله وبالله شددت أفواه الجن والانس والشياطين والسحرة والابالسة من الجن والانس والشياطين والسلاطين ومن يلوذ بهم بالله العزيز الاعز وبالله الكبير الاكبر باسم الله الظاهر الباطن المكنون المخزون الذي أقام السموات والارض ثم استوى على العرش، بسم الله الرحمن الرحيم (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون)، (قال اخسؤا فيها ولا تكلمون)، (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما)، (وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)، (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا)، (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا)، (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا متسورا)، (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون)، (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)، (لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألفت بينهم إنه عزيز حكيم). (حرز الرضا (عليه السلام)) يوضع في الجيب: (بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا، (اخسؤا فيها ولا تكلمون)، أخذت سمعك وبصرك بسمع الله وبصره وأخذت قوتك وسلطانك بقوة الله وسلطان الله الحاجز بيني وبينك بما حجز به أنبياءه ورسله وسترهم من الفراعنة وسطواتهم، جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري ومحمد


[ 417 ]

أمامي والله محيط بي يحجزك عني ويحول بينك وبيني بحوله وقوته حسبي الله ونعم الوكيل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) – ويكتب آية الكرسي على التنزيل – (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) [ ويحملها ]. (حرز آخر لامير المؤمنين علي صلوات الله عليه) ” بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله وبالله رب احترزت بك وتوكلت عليك وفوضت أمري إليك، رب ألجأت ضعف ركني إلى قوة ركنك مستجيرا بك، مستنصرا لك، مستعينا بك على ذوي التعزز علي والقهر لي والقوة على ضيمي والاقدام على ظلمي يا رب إني في جوارك فإنه لا ضيم على جارك، رب فاقهر عني قاهري بقوتك وأوهن عني مستوهني بقدرتك واقصم عني ضائمي ببطشك، رب وأعذني بعياذك بك امتنع عائذك، رب وأدخل علي في ذلك كله سترك ومن يستتر بك فهو الامن المحفوظ ولا حول ولا قوة إلا بالله، ” الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا “، من يك ذا حيلة في نفسه أو حول في تقلبه أو قوة في أمره في شئ سوى الله عزوجل فإن حولي وقوتي وكل حيلتي بالله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. كل ذي ملك فمملوك لله وكل ذي قدرة فمقدور لله وكل ظالم فلا محيص له من عدل الله وكل متسلط فمقهور لسطوة الله، وكل شئ ففي قبضة الله، صغر كل جبار في عظمة الله، ذل كل عنيد لبطش الله، استظهرت على كل عدو ودرأت في نحر كل عاق بالله، ضربت بإذن الله بيني وبين كل مترف ذي سطوة وجبار ذي نخوة ومتسلط ذي قدرة وعاق ذي مهلة ووال ذي إمرة وحاسد ذي صنيعة وماكر ذي مكيدة وكل معان أو معين علي بقالة مغرية أو حيلة مؤذية أو سعاية مشلية أو غيلة مردية وكل طاغ ذي كبرياء أو معجب ذي خيلاء على كل نفس في كل مذهب وأعددت لنفسي وذريتي منهم حجابا بما أنزلت في كتابك وأحكمت من وحيك الذي لا يؤتى بسورة من مثله وهو الكتاب العدل العزيز الجليل الذي ” لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم “، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا “. (مكارم الاخلاق – 27)


[ 418 ]

(حرز آخر) روي أنه يكتب للحمى: ” بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله نور النور، باسم الله نور على نور، باسم الله الذي هو مدبر الامور، باسم الله الذي خلق النور من النور [ الحمد لله الذي خلق النور من النور ]، وأنزل النور على الطور في كتاب مسطور في رق منشور بقدر مقدور على نبي محبود، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور وبالفخر مشهور وعلى السراء والضراء مشكور وصلى الله على محمد وآله الطيبين “. هذا مما علمت فاطمة عليها السلام سلمان – رحمة الله -، فذكر سلمان أنه علم ذلك أكثر من ألف رجل من أهل مكة والمدينة ممن بهم علل الحمى وكلهم برؤوا بإذن الله تعالى. وإذا كان لا يحتمل هذا الكتاب ذكر الاحراز الطويلة فاقتصرنا على ذلك وبالله التوفيق.


[ 419 ]

الباب الثاني عشر (في نوادر الكتاب، خمسة فصول) الفصل الاول (في ذكر الحقوق لزين العابدين (عليه السلام)) روى إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام. قال (عليه السلام): حق الله الاكبر عليك: أن تعبده ولا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والاخرة. وحق نفسك عليك: أن تستعملها بطاعة الله عزوجل. وحق اللسان: إكرامه عن الخنى وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها والبر بالناس وحسن القول فيهم. وحق السمع: تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر: أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به. وحق يدك: أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك: أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار. وحق بطنك: أن لا تجعله وعاء للحرام ولا تزيد على الشبع. وحق فرجك: أن تحصنه عن الزنا وتحفظه من أن ينظر إليه. وحق الصلاة: أن تعلم أنها مرقاة إلى الله عزوجل وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المسكين المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها. وحق الحج: أن تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك وفيه قبول توبتك


[ 420 ]

وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. وحق الصوم: أن تعلم أنه حجاب ضربه الله عزوجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك. وحق الصدقة: أن تعلم أنه ذخرك عند ربك عزوجل ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها، وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية. وتعلم أنها تدفع البلاء والاسقام عنك في الدنيا وتدفع عنك النار في الاخرة. وحق الهدي: أن تريد به الله عزوجل ولا تريد به حلقه ولا تريد به إلا التعرض لوجه الله عزوجل ونجاة روحك يوم تلقاه. وحق السلطان: أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلي فيك بما جعله الله عز وجل له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض بسخطه فتلقى بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء. وحق سائسك بالعلم: التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه وأن لا ترفع صوتك عليه ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب ولا تحدث في مجلسه [ أحدا ]، ولا تغتاب عنده أحدا وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل إسمه لا للناس. وأما حق سائسك بالملك: فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزوجل فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما حق رعيتك بالسلطان: فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم وتغفر لهم جهلهم ولا تعاجلهم بالعقوبة وتشكر الله عزوجل على ما أتاك من القوة عليهم. وأما حق رعيتك بالعلم: فأن تعلم أن الله عزوجل إنما جعلك قيما لهم فيما أتاك من العلم وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تتجبر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزوجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك. وأما حق الزوجة: فأن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا وأنسا فتعلم أن ذلك


[ 421 ]

نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك وتطعمها وتسقيها وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها. وأما حق مملوكك: فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ومن لحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله عزوجل ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عزوجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك وإن كرهته استبدلته ولا تعذب خلق الله عزوجل ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حق أمك: فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لاجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها وإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك: فأن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله. وأما حق ولدك: فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الادب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه. وأما حق أخيك: فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم بخلق الله ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له فإن أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك المنعم عليك: فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها فأطلقك من أسر الملكية وفك عنك قيد العبودية وأخرجك من السجن وملكك نفسك وفرغك لعبادة ربك وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما أحتاج إليه منك ولا قوة إلا بالله. وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه: فأن تعلم أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك، وفي الاجل الجنة.


[ 422 ]

وأما حق ذي المعروف عليك: فأن تشكره وتذكر معروفه وتكسبه المقالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزوجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية وإن قدرت على مكافأته يوما كافيته. وأما حق المؤذن: فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عزوجل وداع لك إلى حظك وعونك على قضاء فرض الله عزوجل عليك فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك. وأما حق إمامك في الصلاة: فأن تعلم أنه يقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عز وجل وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له وكفاك هول المقام بين يدي الله عزوجل، فإن كان نقص كان به دونك وإن كان تمام كنت شريكه ولم يكن له عليك فضل، وحفظ نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك. وأما حق جليسك: فأن تلين له جانبك وتنصفه في مجاراة اللفظ ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته وتحفظ خيراته ولا تسمعه إلا خيرا. وأما حق جارك: فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوء سترته عليه وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ولا تسلمه عند شديدة وتقيل عثرته وتغفر ذنبه وتعاشره معاشرة كريمة ولا قوة إلا بالله. وأما حق الصاحب: فأن تصحبه بالتفضل والانصاف وتكرمه كما يكرمك ولا تدعه يسبق إلى مكرمة فإن سبق كافأته وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله. وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا ولا قوة إلا بالله. وأما حق الشريك: فإن غاب كفيته وإن حضر رعيته ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته وتحفظ عليه من ماله ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره فإن يد الله عزوجل مع الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله. وأما حق مالك: فأن لا تأخذه إلا من حله ولا تنفقه إلا في وجهه ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل فيه بطاعة ربك ولا تبخل فيه فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله. وأما حق غريمك الذي يطالبك: فإن كنت موسرا أعطيته وإن كنت معسرا


[ 423 ]

أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك ردا لطيفا. وحق الخليط: أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره. وحق الخصم المدعي عليك، فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولا تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي عليك باطلا رفقت به ولا تأت في أمره غير الرفق ولا تسخط ربك في أمره ولا قوة إلا بالله. وحق خصمك الذي تدعي عليه، فإن كنت محقا في دعواك أجملت معاملته ولا تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزوجل وتبت إليه وتركت الدعوى. وحق المستشير: إن علمت له رأيا حسنا أشرت عليه به وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم. وحق المشير عليك: أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه وإن وافقك حمدت الله عزوجل. وحق المستنصح: أو تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة والرفق به وحق الناصح: أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك فإن أتى بالصواب حمدت الله عزوجل، وإن لم يوفق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على حال ولا قوة إلا بالله. وحق الكبير: توقيره لشيبه وإجلاله لتقدمه إلى الاسلام قبلك وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى طريق ولا تتقدمه ولا تستجهله وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته. وحق الصغير: رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له. وحق السائل: إعطاؤه على قدر حاجته. وحق المسؤل: أنه إن أعطى فاقبل منه الشكر والمعرفة بفضله وإن منع فاقبل عذره. وحق من سرك بشئ لله تعالى: أن تحمد الله عزوجل أولا ثم تشكره. وحق من ساءك: أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تبارك وتعالى: ” ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل “. وحق أهل ملتك: إضمار السلامة لهم والرحمة بهم والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم وكف الاذى عنهم وأن تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره


[ 424 ]

لهم ما تكره لنفسك وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك وشبانهم بمنزلة أخيك وعجائزهم بمنزلة أمك والصغار بمنزلة أولادك. وحق أهل الذمة: أن تقبل منهم ما قبل الله عزوجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا لله عزوجل بعهده. الفصل الثاني (في ذكر جمل من مناهي النبي صلى الله عليه وآله) عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الاكل على الجنابة، وقال: إنه يورث الفقر. ونهى عن تقليم الاظفار بالاسنان. وعن السواك في الحمام. والتنخع في المساجد. ونهى عن أكل سؤر الفار. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين. ونهى أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق. ونهى أن يأكل الانسان بشماله. وأن يأكل وهو متكئ. ونهى أن يجصص المقابر، ويصلي فيها. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الارض فليحاذر على عورته ولا يشربن أحدكم الماء من مجاور عروة الاناء، فإنه مجتمع الوسخ. ونهى أن يبول أحدكم في الماء الراكد، فإنه منه يكون ذهاب العقل. ونهى أن يمشي الرجل في فرد نعل أن ينتعل وهو قائم. ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو القمر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة. ونهى عن الرنة عند المصيبة. ونهى عن النياحة والاستماع إليها. ونهى عن اتباع النساء الجنائز. ونهى أن يمحى شئ من كتاب الله عزوجل بالبزاق أو يكتب به. ونهى أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا، وقال: يكلفه الله يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها.


[ 425 ]

ونهى عن التصاوير، وقال: من صور صورة كلفه الله يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ. ونهى أن يحرق شئ من الحيوان بالنار. ونهى عن سب الديك، وقال: إنه موقظ للصلاة. ونهى أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم. ونهى أن يكثر الكلام عند المجامعة، قال: ويكون منه خرس الولد. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تبيتوا القمامة ف‍ ي بيوتكم، فإنها مقعد الشيطان. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يبيتن أحد كم ويده غمرة، فإن فعل فأصابه لمم الشيطان فلا يلومن إلا نفسه. ونهى أن يستنجي الرجل بالروث والرمة. ونهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شئ تمر عليه من الجن والانس حتى ترجع إلى بيتها. ونهى أن تتزين لغير زوجها، فإن فعلت كان حقا على الله عزوجل أن يحرقها بالنار. ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها وغير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لا بد لها منه. ونهى أن تباشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب. ونهى أن تحدث المرأة المرأة بما تخلو به مع زوجها. ونهى أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة وعلى ظهر طريق عام، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ونهى أن يقول الرجل للرجل: زوجني أختك حتى أزوجك أختي. ونهى عن إتيان العراف، قال: ومن أتاه وصده فقد برئ مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله. ونهى عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة. وهي العود والطنبور. ونهى عن الغيبة والاستماع إليها. ونهى عن النميمة والاستماع إليها، وقال: لا يدخل الجنة قتات يعني نمام. ونهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم.


[ 426 ]

ونهى عن اليمين الكاذبة، وقال: إنها تترك الديار بلاقع. وقال: من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقى الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع. ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر. ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر. ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله عزوجل. ونهى عن تصفيق الوجه. ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة. ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال، فأما للنساء فلا بأس. ونهى أن تباع الثمار حتى تزهو يعني تصفر أو تحمر. ونهى عن المحاقلة يعني بيع التمر بالرطب والزبيب بالعنب وما أشبه ذلك. ونهى عن بيع النرد وأن تشترى الخمر وأن تسقى الخمر. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه. وقال: من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله عزوجل أن يسقيه من طينة الخبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجمع ذلك في قدور جنهم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود. ونهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا، وقال: إن الله عزوجل لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. ونهى عن بيع وسلف. ونهى عن بيعتين في بيع. ونهى عن بيع ما ليس عندك. ونهى عن بيع ما لم يضمن. ونهى عن مصافحة الذمي. ونهى أن ينشد الشعر وتنشد الضالة في المسجد.


[ 427 ]

ونهى أن يسل السيف في المسجد. ونهى عن ضرب وجوه البهائم. ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، وقال: من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك. ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة. ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب أو ينفخ في موضع السجود. ونهى أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والارحبة والاودية ومرابط الابل وعلى ظهر الكعبة. ونهى عن قتل النحل. ونهى عن الوسم في وجوه البهائم. ونهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: من حلف بغير الله فليس من الله في شئ. ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله عزوجل، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها كفارة يمين، فمن شاء بر ومن شاء فجر. ونهى أن يقول الرجل للرجل: لا، وحياتك وحياة فلان. ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب. ونهى عن التعري بالليل والنهار. ونهى عن الحجامة يوم الاربعاء والجمعة. ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب، فمن فعل ذلك لغا ومن لغا فلا جمعة له. ونهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد. ونهى أن ينقش [ صورة ] شئ من الحيوان على الخاتم. ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح وعند غروبها وعند استوائها. ونهى عن صوم ستة أيام: يوم الفطر ويوم الشك ويوم النحر وأيام التشريق. ونهى أن يشرب الماء كرعا كما تشرب البهائم، وقال: اشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم. ونهى عن التزاق في البئر التي يشرب منها. ونهى أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته.


[ 428 ]

ونهى عن الهجران، فمن كان لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، فمن كان مهاجرا لاخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به. ونهى عن بيع الذهب بالذهب وزيادة إلا وزنا بوزن. ونهى عن المدح، وقال: احثوا في وجوه المداحين التراب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من مدح سلطانا جائرا واحتف به وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار، وقال: قال الله عزوجل: ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار “. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من ولى جائرا على جوره كان قرين هامان في جهنم. ومن بني بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة من الارض السابعة وهو نار تشتعل ثم يطوق به في عنقه ويلقى في النار فلا يحبسه شئ منها دون قعرها إلا أن يتوب. قيل: يا رسول الله كيف يبني رياء وسمعة ؟ قال: يبني فضلا على ما يكفيه استطالة منه على جيرانه ومباهاة لاخوانه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. ومن خان جاره في شبر من الارض جعله الله طوقا في عنقه من تخوم الارضين السبع حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا به إلا أن يتوب ويرجع. ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة مغلولا ويسلط الله عزوجل عليه بكل آية حية تكون قرينته في النار إلا أن يغفر له. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب. ألا إنه وإن مات على غير توبة حاجة القرآن يوم القيامة فلا يزائله إلا مدحوضا. ألا ومن زنى بإمرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب منه ومات مصرا عليه فتح الله له في قبره ثلاثمائة باب تخرج منه حيات وعقارب وثعبان النار يعذب بها إلى يوم القيامة، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا حتى يؤمر به إلى النار.


[ 429 ]

ألا وإن الله حرم الحرام وحد الحدود فما أحد أغير من الله عزوجل، ومن غيرته حرم الفواحش. ونهى أن يطلع الرجل في بيت جاره، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله إلا أن يتوب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يرض بما قسم الله له من الرزق وبث شكواه ولم يصبر ولم يحتسب لم ترفع له حسنة ويلقى الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب. ونهى أن يختال الرجل في مشيته، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرين قارون لانه أول من اختال فخسف الله به وبداره الارض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان، يقول الله عزوجل يوم القيامة: ” عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم توف بعهدي وظلمت امتي، فيؤخذ من حسناته فدفع إليها بقدر حقها، فإذا لم يبق له حسنة أمر به إلى النار بنكثة العهد قال: تعالى: ” واوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا “. ونهى عن كتمان الشهادة، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق وهو قول الله عزوجل: ” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه “. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة ” ومأواه جنهم وبئس المصير “. ومن ضيع حق جاره فليس منا، وما زال جبريل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت عتقوا. وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا. ألا ومن استخف بفقير مسلم فقد استخف بحق الله والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكرم فقيرا مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عنه راض. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عزوجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تبارك وتعالى: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان “.


[ 430 ]

ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الاخرة لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار، ومن اختار الاخرة وترك الدنيا رضي الله عنه وغفر له مساوئ عمله. ومن ملا عينه من حرام ملا الله عينه يوم القيامة من النار إلا أن يتوب ويرجع. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط الله عزوجل. ومن التزم امرأة حراما قرن في سلسلة من نار مع شيطان فيقذفان في النار. ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ويحشر يوم القيامة مع اليهود لانهم أغش الخلق للمسلمين. ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يمنع أخد الماعون جاره، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ووكله إلى نفسه فما أسوأ حاله. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله عزوجل منها صرفا ولا عدلا ولاحسنة من عملها حتى ترضيه وإن صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله وكانت في أول من يرد النار. وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما. ألا ومن لطم خد مسلم أو وجهه بدد الله عظامه يوم القيامة وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم إلا أن يتوب. ألا ومن بات وفي قلبه غش لاخيه المسلم بات في سخط الله وأصبح كذلك حتى يتوب. ونهى عن الغيبة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من اغتاب امرء مسلما بطل صومه ونقض وضؤوه وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى به أهل الموقف، فإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه أعطاه الله أجر شهيد. ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والاخرة، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من أغتابه سبعين مرة. ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الخيانة، وقال: من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها ثم أدركه الموت مات على غير ملتي ويلق الله وهو عليه غضبان.


[ 431 ]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من شهد شهادة زور على أحد من الناس علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار. ألا ومن اشترى ما أخذ خيانة وهو يعلم فهو كالذي خان. ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حقه حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب. ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتى بها. ومن احتاج إليه أخوة المسلم في قرض وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم الله عليه ريح الجنة. ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق واحتسب ذلك عند الله أعطاه الله ثواب الشاكرين. ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل الله منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان. ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عزوجل. ونهى (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم، وقال: من أم قوما بإذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شيئا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه أعطاه الله عز وجل أجر مائة شهيد وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة ومحا عنه أربعون ألف سيئة ورفع له من الدرجات مثل ذلك وكان كأنما عبد الله عزوجل مائة سنة صابرا محتسبا. ومن كفى ضريرا حاجة من حوائج الدنيا ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجته أعطاه الله براءة من النفاق وبراءة من النار وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا ولا يزال يخوض في رحمة الله عزوجل حتى يرجع. ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده بعثه الله عزوجل يوم القيامة مع خليله إبراهيم (عليه السلام) حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع. ومن سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال رجل من الانصار: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فإن كان المريض من أهل بيته أفلا يكون ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته ؟ قال: نعم.


[ 432 ]

ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه اثنتين وسبعين كربة من كرب الاخرة واثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا أهونها المغص. ومن يبطل على ذي حق حقه له وهو يقدر على أداء حقه فعليه خطيئة عشار. ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلطه الله عليه في نار جهنم ومأواه النار وبئس المصير. ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به عليه أحبط الله عمله وثبت وزره ولم يشكر له سعيه، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله عزوجل: حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات وهو النمام. ألا ومن تصدق بصدقة فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة. ومن مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شئ. ومن صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك وغفر الله له ما تقدم من ذنبه، فإن أقام حتى يدفن ويحثو عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر. والقيراط مثل جبل أحد. ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله عزوجل كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكلل بالدر والجوهر، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكل الله عزوجل به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يبعث. ألا ومن أذن محتسبا يريد بذلك وجه الله عز وجل أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صديق ويدخل في شفاعته أربعين ألف مسئ من أمتي إلى الجنة. ألا وإن المؤذن إذا قال: ” أشهد ألا لا إله إلا الله ” صلى عليه سبعين ألف ملك واستغفروا له وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ الله من حساب الخلائق. وعند قوله: ” أشهد أن محمدا رسول الله ” يستغفر له أربعون ألف ملك. ومن حافظ على الصف الاول والتكبيرة الاولى لا يؤذي مسلما أعطاه الله من الاجر ما يعطي المؤذنين في الدنيا والاخرة.


[ 433 ]

ألا من وتولى عرافة قوم أتي يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه، فإن قام فيهم بأمر الله عزوجل أطلقه الله وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس المصير. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم ولا تستكثروا شيئا من الذنوب وإن كبر في أعينكم، فإنه لا كبير مع الاستغفار ولا صغير مع الاصرار. قال شعيب بن واقد: [ وقد ] سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث ؟ فقال: حدثني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) خط علي ابن أبي طالب (عليه السلام). الفصل الثالث (في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (عليه السلام)) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: يا علي اوصيك بوصية فاحفظها فلن تزال بخير ما حفظت وصيتي. يا علي: من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه أعقبه الله يوم القيامة آمنا وإيمانا يجد طعمه. يا علي: من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته ولم تملك الشفاعة. يا علي: أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد. يا علي: من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار. يا علي: شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره. يا علي: شر الناس من باع آخرته بدنياه. وشر من ذلك من باع آخرته بدنياه غيره. يا علي: من لم يقبل العذر من متنصل صادقا كان أو كاذبا لم ينل شفاعتي. يا علي: إن الله عزوجل أحب الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد. يا علي: من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، فقال علي (عليه السلام): لغير الله ؟ ! قال: نعم، والله من تركها صيانة لنفسه يشكره الله على ذلك. يا علي: شارب الخمر كعابد وثن. يا علي شارب الخمر لا يقبل الله عزوجل صلاته أربعين يوما، فإن مات في الاربعين مات كافرا. (مكارم الاخلاق – 28)


[ 434 ]

يا علي: كل مسكر حرام وما أسكر كثيرة فالجرعة منه حرام. يا علي: جعلت الذنوب كلها في بيت وجعل مفتاحها شرب الخمر. يا علي: يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عزوجل. يا علي: إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك مؤجل لم تنقص أيامه. يا علي: من لم تنتفع بدينه ودنياه فلا خير لك في مجالسته، ومن لم يوجب لك فلا توجب له ولا كرامة. يا علي: ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال: وقار عند الهزاهز، وصبر عند البلاء وشكر عند الرخاء، وقنوع بما رزقه الله عزوجل، ولا يظلم الاعداء، ولا يتحامل على الاصدقاء، بدنه منه في تعب، والناس منه في راحة. يا علي: أربعة لا ترد لهم دعوة: إمام عادل، ووالد لولده، والرجل يدعو لاخيه بظهر الغيب، والمظلوم، يقول الله عزوجل: ” وعزتي وجلالي لانتصرن لك ولو بعد حين “. يا علي: ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها والمتأمر على رب البيت، وطالب الخير من أعدائه، وطالب الفضل من اللئام، والداخل بين إثنين في سر لم يدخلاه فيه، والمستخف بالسلطان، والجالس في مجلس ليس له بأهل، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه. يا علي: حرم الله الجنة على كل فاحش بذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له. يا علي: طوبى لمن طال عمره وحسن عمله. يا علي: لا تمزح فيذهب بهاؤك، ولا تكذب فيذهب نورك، وإياك وخصلتين: الضجر والكسل، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا. يا علي: لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق، فإن صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب. يا علي: أربعة أسرع شئ عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالاحسان إساءة ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك، ورجل وصل قرابته فقطعوه. يا علي: من استولى عليه الضجر رحلت عنه الراحة. يا علي: إثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها على المائدة: أربع منها


[ 435 ]

فريضة وأربع منها سنة وأربع منها أدب، فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل والتسمية والشكر والرضا. وأما السنة فالجلوس على الرجل اليسرى والاكل بثلاث أصابع وأن يأكل مما يليه ومص الاصابع. وأما الادب فتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس وغسل اليدين. يا علي: خلق الله الجنة من لبنتين: لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل حيطانها الياقوت وسقفها الزبرجد وحصاءها اللؤلؤ وترابها الزعفران والمسك الاذفر، ثم قال لها: تكلمي، فقالت: لا إله إلا الله الحي القيوم قد سعد من يدخلني، فقال الله جل جلاله: ” وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ولا نمام ولا ديوث ولا شرطي ولا مخنث ولا نباش ولا عشار ولا قاطع رحم ولا قدري “. يا علي: كفر بالله العظيم من هذه الامة عشرة: القتال والساحر والديوث وناكح المرأة حراما في دبرها وناكح البهيمة ومن نكح ذات محرم والساعي في الفتنة وبائع السلاح من أهل الحرب ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج. يا علي: لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو زكار فالعرس التزويج. والخرس النفاس بالولد. والعذار الختان. والوكار في شراء الدار. والزكار الرجل يقدم من مكة. يا علي: لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم. يا علي: ثلاثة من مكارم الاخلاق في الدنيا والاخرة: أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم عمن جهل عليك. يا علي: بادر بأربع قبل أربع: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك. يا علي: كره الله عزوجل لامتي العبث في الصلاة، والمن في الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والضحك بين القبور، والتطلع في الدور، والنظر إلى فرج النساء، لانه يورث العمى. وكره الكلام عند الجماع، لانه يورث الخرس. وكره النوم بين العشاءين، لانه يحرم الرزق. وكره الغسل تحت السماء إلا بمئزر. وكره دخول الانهار إلا بمئزر، فإن فيها سكانا من الملائكة. وكره دخول الحمام إلا بمئزر. وكره الكلام


[ 436 ]

بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة. وكره ركوب البحر في وقت هيجانه. وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة. وكره أن ينام الرجل في بيت وحده. وكره أن يغشي الرجل امرأته وهي حائض. فإن فعل وخرج الولد مجذوما أو به برص فلا يلومن إلا نفسه. وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فر من المجذوم فرارك من الاسد. وكره أن يأتي الرجل أهله وقد إحتلم حتى يغتسل من الاحتلام، فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه. وكره البول على شط نهر جار. وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت. وكره أن ينتعل الرجل وهو قائم. وكره أن يدخل الرجل بيتا مظلما إلا مع السراج. يا علي: آفة الحسب الافتخار. يا علي: ما خاف الله عزوجل أخاف منه كل شئ. ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ. يا علي: ثمانية لا تقبل منهم الصلاة: العبد الابق حتى يرجع إلى مولاه، والناشزة وزوجها عليها ساخط، ومانع الزكاة، وتارك الوضوء، والجارية المدركة تصلي بغير خمار، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون، والسكران، والزبين وهو الذي يدافع البول والغائط. يا علي: أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة: من آوى اليتيم، ورحم الضعيف، وأشفق على والديه، ورفق بمملوكه. يا علي: ثلاث من لقي الله عزوجل بهن فهو من أفضل الناس: من أوفى الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس، ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس، ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس. يا علي: ثلاث لا يطيقها أحد من هذه الامة: الواساة للاخ بماله، وإنصاف الناس من نفسه، وذكره الله على كل حال، وليس هو ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر “، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزوجل عنده وتركه. يا علي: ثلاثة إن أنصفتهم ظلموك: السفلة، وأهلك، وخادمك. وثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حر من عبد، وعالم من جاهل، وقوي من ضعيف. يا علي: سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الايمان وأبواب الجنة مفتحة


[ 437 ]

له: من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وكف غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لاهل بيته. يا علي: لعن الله ثلاثة: آكل زاده وحده، وراكب الفلاة وحده، والنائم في بيت وحده. يا علي: ثلاثة يتخوف منهن الجنون: التغوط بين القبور، والمشي في خف واحد، والرجل ينام وحده. يا على: ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين الناس. وثلاثة مجالستهم تميت القلب: مجالسة الانذال، ومجالسة الاغنياء، والحديث مع النساء. يا علي: ثلاث من حقائق الايمان: الانفاق مع الاعسار، وإنصافك الناس من نفسك، وبذل العلم للمتعلم. يا علي: ثلاث من لم تكن فيه لم يتم عمله: ورع يحجزه عن معاصي الله عزوجل، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل. يا علي: ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الاخوان، وتفطير الصائم، والتهجد من آخر الليل. يا علي: أنهاك عن ثلاث خصال: الحسد والحرص والكبر. يا علي: أربع خصال من الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وبعد الامل، وحب البقاء. يا علي: ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث مهلكات وثلاث منجيات. فأما الدرجات فإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات. وأما الكفارات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام. وأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات فخوف الله في السر، والعلانية والقصد في الغنى والفقر، وكلمة العدل في الرضا والسخط. يا علي: لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد إحتلام. يا علي: سر سنتين بر والديك. سر سنة صل رحمك. سر ميلا عد مريضا


[ 438 ]

سر ميلين شيع جنازة. سر ثلاثة أميال أجب دعوة. سر أربعة أميال زر أخا في الله. سر خمسة أميال أغث الملهوف. سر ستة أميال انصر المظلوم، وعليك بالاستغفار. يا علي: للمؤمن ثلاث علامات: الصلاة والزكاة والصيام. وللمتكلف ثلاث علامات: يتملق إذا حضر، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة. وللظالم ثلاث علامات: يقهر من دونه بالغلبة، ومن فوقه بالمعصية، ويظاهر الظلمة. وللمرائي ثلاث علامات: ينشط إذا كان عند الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحب أن يحمد في جميع أموره. وللمنافق ثلاث علامات: إذا حدث كذب، وإذا وعد خلف، وإذا ائتمن خان. يا علي: تسعة أشياء تورث النسيان: أكل التفاح الحامض، وأكل الكزبرة، والجبن، وسؤر الفار، وقراءة كتابة القبور، والمشي بين امرأتين، وطرح القملة، والحجامة في النقرة، والبول في الماء الراكد. يا علي: العيش في ثلاثة: دار قوراء، وجارية حسناء، وفرس قباء. يا علي: والله لو أن المتواضع في قعر بئر لبعث الله عزوجل إليه ريحا ترفعه فوق الاخيار في دولة الاشرار. يا علي: من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله. ومن منع أجيرا أجره فعليه لعنة الله. ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعلمه لعنة الله، فقيل: يا رسول الله وما ذلك الحدث ؟ قال: القتل. يا علي: المؤمن من آمنه المسلمون على أموالهم ودمائهم. والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه. والمهاجر من هجر السيئات. يا علي: أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله. يا علي: من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار، فقال علي (عليه السلام): وما تلك الطاعة ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنائحات ولبس الثياب الرقاق. يا علي: إن الله تبارك وتعالى قد أذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرهم بآبائهم ألا إن الناس من آدم وآدم من تراب، وأكرمهم عند الله أتقاهم. يا علي: من السحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر الزانية،


[ 439 ]

والرشوة في الحكم، وأجر الكاهن. يا علي: من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يجادل به العلماء أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار. يا علي: إذا مات العبد قال الناس: ما خلف، وقالت الملائكة: ما قدم. يا علي: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. يا علي: موت الفجأة راحد للمؤمن وحسرة للكافر. يا علي: أوحى الله تبارك وتعالى إلى الدنيا أخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك. يا علي: إن الدنيا لو عدلت عند الله عزوجل جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء. يا علي: ما أحد من الاولين والاخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوته. يا علي: شر الناس من اتهم الله في قضائه. يا علي: أنين المؤمن المريض تسبيح، وصياحه تهليل، ونومه على الفراش عبادة، وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله، فإن عوفي يمشي في الناس وما عليه ذنب. يا علي: لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع لاحببت. يا علي: ليس على النساء جمعة ولا جماعة، ولا أذان ولا إقامة، ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة، ولا هرولة بين الصفا والمرة، ولا استلام الحجر، ولا حلق، ولا تولي القضاء، ولا أن تستشار، ولا تذبح إلا عند الضرورة، ولا تجهر بالتلبية، ولا تقيم عند قبر، ولا تسمع الخطبة، ولا تتوالى التزويج، ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه فإن خرجت بغير إذنه لعنها الله وجبريل وميكائيل، ولا تعطي من بيت زوجها شيئا إلا بإذنه، ولا تبيت وزوجها عليها ساخط وإن كان ظالما لها. يا علي: الاسلام عريان ولباسه الحياء، وزينته الوفاء، ومروته العمل الصالح، وعماده الورع. ولكل شئ أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت. يا علي: سوء الخلق شؤم، وطاعة المرأة ندامة.


[ 440 ]

يا علي: إن كان الشؤم في شئ ففي لسان المرأة. يا علي: نجا المخففون، وهلك المثقلون. يا علي: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. يا علي: ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم: اللبان والسواك وقراءة القرآن. يا علي: السواك من السنة ومطهر للفم ويجلو البصر، ويرضي الرحمن، ويبيض الاسنان، ويذهب بالبخر، ويشد اللثة، ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، ويفرح به الملائكة. يا علي: النوم أربعة: نوم الانبياء على أقفيتهم، ونوم المؤمنين على أيمانهم، ونوم الكفار والمنافقين على أيسارهم، ونوم الشياطين على وجوههم. يا علي: ما بعث الله عزوجل نبيا إلا وجعل ذريته من صلبه وجعل ذريتي من صلبك، ولولاك ما كانت لي ذرية. يا علي: أربعة من قواصم الظهر: إمام يعصي الله عزوجل ويطاع أمره، وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه، وفقر لا يجد صاحبه مداويا، وجار سوء في دار المقام. يا علي: إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله عزوجل له في الاسلام: حرم نساء الاباء على الابناء، فأنزل الله عز وجل: ” ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء “. ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به، فأنزل الله عزوجل: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه ” الاية. ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج، فأنزل الله تبارك وتعالى: ” أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر ” الاية. وسن في القتل مائة من الابل، فأجرى الله عزوجل ذلك في الاسلام. ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط، فأجرى الله عزوجل ذلك في الاسلام. يا علي: إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالازلام، ولا يعبد الاصنام، ولا يأكل ما ذبح على النصب ويقول: أنا على دين أبي إبراهيم (عليه السلام). يا علي: أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض. يا علي: ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان.


[ 441 ]

يا علي: لا تصل في جلد ما لا تشرب لبنه. ولا تأكل لحمه. ولا تصل في ذات الجيش ولا في ذات الصلاصل ولا في ضجنان. يا علي: كل من البيض ما اختلف طرفاه. ومن السمك ما كان له قشور. ومن الطير ما دف، واترك منه ما صف. وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية. يا علي: كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام أكله. يا علي: لا تقطع في تمر ولا كنز. يا علي: ليس على زان عقر. ولا حد في التعرض. ولا شفاعة في حد. ولا يمين في قطعية رحم. ولا يمين لولد مع والده، ولا لامرأة مع زوجها، ولا للعبد مع مولاه. ولا صمت يوم إلى الليل. ولا وصال في صيام ولا تعرب بعد هجرة. يا علي: لا يقتل والد بولده. يا علي: لا يقبل الله عزوجل دعاء قلب ساه. يا علي: نوم العالم أفضل من عبادة العابد الجاهل. يا علي: ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد. يا علي: لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن زوجها. ولا يصوم العبد تطوعا إلا بإذن مولاه. ولا يصوم الضيف تطوعا إلا بإذن صاحبه. يا علي: صوم يوم الفطر وصوم يوم الاضحى حرام. وصوم الوصال حرام. وصوم الصمت حرام. وصوم نذر المعصية حرام. وصوم الدهر حرام. يا علي: في الزنا ست خصال: ثلاث منها في الدنيا وثلاث منها في الاخرة، فأما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء، ويعجل الفناء، ويقطع الرزق. وأما التي في الاخرة فسوء الحساب وسخط الرحمن والخلود في النار. يا علي: الربا سبعون جزءا أيسره مثل أن ينكح الرجل أمه في بيت الله الحرام. يا علي: درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت الله الحرام. يا علي: من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة له. يا علي: تارك الزكاة يسأل الرجعة إلى الدنيا، وذلك قول الله عزوجل: ” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ” الاية. يا علي: تارك الحج وهو يستطيع كافر، قال الله تبارك وتعالى: ” ولله على


[ 442 ]

الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين “. يا علي: من سوف بالحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا. يا علي: الصدقة ترد القضاء الذي قد أبرم إبراما. يا علي: صلة الرحم تزيد في العمر. يا علي: افتتح الطعام بالملح واختتمه بالملح، فإن فيه شفاء من اثنين وسبعين داء. يا علي: لو قدمت المقام المحمود لشفعت في أبي وامي وعمي، وأخ كان لي في الجاهلية. يا علي: أنا ابن الذبيحين، أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام). يا علي: أحسن العقل ما اكتسب به الجنة وطلب به رضا الرحمن. يا علي: إن أول خلق خلقه الله عزوجل العقل، فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب. يا علي: لا صدقة وذو رحم محتاج. يا علي: درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله تعالى، وفيه أربع عشر خصلة: يطرد الريح من الاذنين ويجلو البصر ويلين الخياشم ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب بالصنان ويقل وسوسة الشيطان ويفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ويغيظ به الكافر، وهو زينة وطيب، ويستحيى منه منكر ونكير، وهو براءة له في قبره. يا علي: لا خير في قول إلا مع الفعل ولا في نظر إلا مع الخبرة ولا في المال إلا مع الجود ولا في الصدق إلا مع الوفاء ولا في العفة إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية ولا في الحياة إلا مع الصحة ولا في الوطن إلا مع الامن والسرور. يا علي: حرم الله من الشاة سبعة أشياء: الدم والمذاكير والمثانة والنخاع والغدد والطحال والمرارة. يا علي: لا تماكس في أربعة أشياء: في شراء الاضحية والكفن والنسمة والكراء إلى مكة. يا علي: ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقا ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أحسنكم. خلقا وأعظمكم حلما وأبركم لقرابته وأشدكم من نفسه إنصافا.


[ 443 ]

يا علي: أمان لامتي من الغرق إذا هم ركبوا السفن يقرؤا: ” بسم الله الرحمن الرحيم وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون “، ” باسم الله مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم “. يا علي: أمان لامتي من السرق: ” قل ادعوا الله وأدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ” إلى آخر السورة. يا علي: أمان لامتي من الهدم: ” إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا “. يا علي: أمان لامتي من الهم: ” لا حول ولا قوة إلا بالله، لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه “. يا علي: أمان لامتي من الحرق: ” إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين “، ” وما قدروا الله حق قدره ” الاية. يا علي: من خاف السباع فليقرأ: ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم ” إلى آخر السورة. يا علي: من استصعب عليه دابته فليقرأ في أذنها اليمنى: ” وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون “. يا علي: من خاف ساحرا أو شيطانا فليقرأ: ” إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض ” الاية. يا علي: من كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسي ويشربه، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى. يا علي: حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعا صالحا. وحق الوالد على ولده أن لا يسميه بإسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس أمامه، ولا يدخل معه الحمام. يا علي: ثلاثة من الوسواس: أكل الطين، وتقليم الاظفار بالاسنان، وأكل اللحية. يا علي: لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما. يا علي: لعن الله الوالدين من ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما. يا علي: رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما.


[ 444 ]

يا علي: من أحزن والديه فقد عقهما. يا علي: من اغتيب عنده أخوه المسلم واستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والاخرة. يا علي: من كفى يتيما في نفقته بماله حتى يستغني وجبت له الجنة البتة. يا علي: من مسح يده على رأس يتيم ترحما له أعطاه الله عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة. يا علي: لا فقر أشد من الجهل. ولا مال أعون من العقل. ولا وحدة أوحش من العجب. ولا عقل كالتدبير. ولا ورع كالكف عن محارم الله وعما لا يليق. ولا حسب كحسن الخلق. ولا عبادة مثل التفكر. يا علي: آفة الحديث الكذب. وآفة العلم النسيان. وآفة العبادة الفترة. وآفة الجمال الخيلاء. وآفة الحلم الحسد. يا علي: أربعة يذهبن ضياعا: الاكل على الشبع والسراج في القمر والزرع في السبخة والصنيعة عند غير أهلها. يا علي: من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة. يا علي: إياك ونقرة الغراب وفريسة الاسد. يا علي: لئن ادخل يدي في فم التنين إلى المرفق أحب إلي من أن أسأل من لم يكن ثم كان. يا علي: إن أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه. يا علي: من تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله عزوجل. يا علي: تختمك باليمين، فإنها فضيلة من الله عزوجل للمقربين، فقال (عليه السلام): بم أتختم يا رسول الله ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): بالعقيق الاحمر، فإنه أول جبل أقر لله عزوجل بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولولدك بالامامة ولشيعتك بالجنة ولاعدائك بالنار. يا علي: إن الله تعالى أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين، ثم اطلع ثانية فاختارك على رجال العالمين، ثم اطلع ثالثة فاختار الائمة من ولدك على رجال العالمين، ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين. يا علي: إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فأنست بالنظر إليه.


[ 445 ]

إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها ” لاإله إلا الله، محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره “، فقلت لجبريل: من وزيري ؟ فقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها: ” إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره “، فقلت لجبريل: من وزيري ؟ فقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين فوجدت مكتوبا على قوائمه: ” أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره “. يا علي: إن الله تعالى أعطاني فيك سبع خصال: أنت أول من ينشق عنه القبر معي، وأنت أول من يقف على الصراط معي، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ويحيي إذا حييت، وأنت أول من يسكن معي في العليين، وأنت أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لسلمان الفارسي رضي الله عنه. يا سلمان: إن لك في علتك إذا اعتللت ثلاث خصال: أنت من الله تعالى بذكر ودعاؤك فيها مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته عنك، متعك الله بالعافية إلى إنقضاء أجلك. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لابي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذر: إياك والسؤال، فإنه ذل حاضر وفقر تتعجله وفيه حساب طويل يوم القيامة. يا أبا ذر: تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وكفنك ودفنك. يا أبا ذر: لا تسأل بكفك شيئا وإن أتاك شئ فاقبله. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لاصحابه: ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الباغون للبراء العيب.


[ 446 ]

الفصل الرابع (في موعظة رسول الله صلى الله عليه وآله لابن مسعود) عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت أنا وخمسة رهط من أصحابنا يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أصابتنا مجاعة شديدة ولم يكن رزقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن وورق الشجر، فقلنا: يا رسول الله إلى متى نحن على هذه المجاعة الشديدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزالون فيها ما عشتم فاحدثوا لله شكرا، فإني قرأت كتاب الله الذي أنزل علي وعلى من كان قبلي فما وجدت من يدخلون الجنة إلا الصابرون. يا ابن مسعود: قال الله تعالى: ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب “. ” اولئك يجزون الغرقة بما صبروا “. ” إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون “. يا ابن معسود: قال الله تعالى: ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب “، ” اولئك يجزون الغرقة بما صبروا “. إني جزيتهم اليوم بما صبروا وأنهم هم الفائزون “. يا ابن مسعود: قول الله تعالى: ” وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا “، ” اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا “. يقول الله تعالى “: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء “. ” ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين “. قلنا: يا رسول الله فمن الصابرون ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الذين يصبرون على طاعة الله واجتنبوا معصيته الذين كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا فأفلحوا وأصلحوا. يا ابن مسعود: عليهم الخشوع والوقار والسكينة والتفكر واللين والعدل والتعليم والاعتبار والتدبير والتقوى والاحسان والتحرج والحب في الله والبغض في الله وأداء الامانة والعدل في الحكمة. وإقامة الشهادة ومعاونة أهل الحق [ على المسئ ] والعفو عمن ظلم. يا ابن مسعود: إذا ابتلوا صبروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا قالوا صدقوا، وإذا عاهدوا وفوا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أحسنوا استبشروا و ” إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما “، و ” إذا مروا باللغو مروا كراما “. ” والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما “. ” ويقولون للناس حسنا “. يا ابن مسعود: والذي بعثني بالحق إن هؤلاء هم الفائزون.


[ 447 ]

يا ابن مسعود: فمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه، فإن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح، فقيل: يا رسول الله فهل لذلك من علامة ؟ فقال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والانابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله فمن زهد في الدنيا قصر أمله فيها وتركها لاهلها. يا ابن مسعود: قول الله تعالى: ” ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” يعني أيكم أزهد في الدنيا إنها دار الغرور ودار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له. إن أحمق الناس من طلب الدنيا، قال الله تعالى: ” إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد “. وقال تعالى: ” وآتيناه الحكم صبيا ” يعني الزهد في الدنيا. وقال تعالى لموسى (عليه السلام): ” يا موسى لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني من الزهد. يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: ” مرحبا بشعار الصالحين. وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته “. يا ابن مسعود: انظر قول الله تعالى: ” ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون، وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والاخرة عند ربك للمتقين “. وقوله: ” من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا، ومن أراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا “. يا ابن مسعود: من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات. ومن خاف النار ترك الشهوات. ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات. ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. يا ابن مسعود: إقرأ قول الله تعالى: ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة ” الاية. يا ابن مسعود: إن الله اصطفى موسى بالكلام والمناجاة حتى كان يرى خضرة البقل في بطنه من هزاله وما سأل موسى (عليه السلام) حين تولى إلى الظل إلا طعاما يأكله من الجوع. يا ابن مسعود: إن شئت نبأتك بأمر نوح [ نبي الله ] (عليه السلام) إنه عاش ألف سنة


[ 448 ]

إلا خمسين عاما يدعو إلى الله، فكان إذا أصبح قال: لا امسي. وإذا أمسى قال: لا اصبح، وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر داود (عليه السلام) خليفة الله في الارض، كان لباسه الشعر وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر سليمان (عليه السلام) مع ما كان فيه من الملك، كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحواري (1)، وكان لباسه الشعر، وكان إذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فلا يزال قائما يصلي حتى يصبح. وإن شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام)، كان لباسه الصوف وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر يحيى (عليه السلام)، كان لباسه الليف وكان يأكل ورق الشجر. وإن شئت نبأتك بأمر عيسى بن مريم (عليه السلام) فهو العجب، كان يقول: إدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف ودابتي رجلاي وسراجي بالليل القمر واصطلائي في الشتاء مشارق الشمس وفاكهتي وريحانتي بقول الارض مما يأكل الوحوش والانعام، أبيت وليس لي شئ وأصبح وليس لي شئ وليس على وجه الارض أحد أغنى مني. يا ابن مسعود: كل هذا منهم يبغضون ما أبغض الله ويصغرون ما صغر الله ويزهدون ما أزهد الله وقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه، فقال لنوح (عليه السلام): ” إنه كان عبدا شكورا “. وقال لابراهيم (عليه السلام): ” واتخذ الله إبراهيم خليلا “. وقال لداود (عليه السلام): ” إنا جعلناك خليفة في الارض ” وقال لموسى (عليه السلام): ” وكلم الله موسى تكليما “. وقال أيضا لموسى (عليه السلام): ” وقربناه نجيا “. وقال ليحيى عليه السلام: ” وآتيناه الحكم صبيا “. وقال لعيسى (عليه السلام): ” يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا ” إلى قوله ” وإذا تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني “. وقال: ” انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين “. يا ابن مسعود: كل ذلك لما خوفهم الله في كتابه من قوله: ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم “. وقال تعالى: ” وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون “. يا ابن مسعود: النار لمن ركب محرما والجنة لمن ترك الحلال، فعليك بالزهد فإن ذلك مما يباهي الله به الملائكة وبه يقبل الله عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار.


(1) الحواري – بالضم فالتشديد -: الدقيق الابيض.

[ 449 ]

يا ابن مسعود: سيأتي من بعدي أقوام يأكلون طيبات الطعام وألوانها ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها ويتبرجون تبرج النساء، وزيهم مثل زي الملوك الجبابرة، هم منافقو هذه الامة في آخر الزمان، شاربوا القهوات، لاعبون بالكعاب، راكبون الشهوات، تاركون الجماعات، راقدون عن العتمات، مفرطون في الغدوات، يقول الله تعالى: ” فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا “. يا ابن مسعود: مثلهم مثل الدفلي زهرتها حسنة و طعمها مر، كلامهم الحكمة وأعمالهم داء لا تقبل الدواء، ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها “. يا ابن مسعود: ما ينفع من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار، ” يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون “، يبنون الدور ويشيدون القصور ويزخرفون المساجد، ليست همتهم إلا الدنيا عاكفون عليها معتمدون فيها، آلهتهم بطونهم، قال الله تعالى: ” وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون “. وقال الله تعالى: ” أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه ” إلى قوله: ” أفلا تذكرون ” وما هو إلا منافق، جعل دينه هواه وإلهه بطنه، كل ما اشتهى من الحلال والحرام لم يمتنع منه، قال الله تعالى: ” وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الاخرة إلا متاع “. يا ابن مسعود: محاريبهم نساؤهم وشرفهم الدراهم والدنانير، وهمتهم بطونهم، اولئك هم شر الاشرار، الفتنة منهم وإليهم تعود. يا ابن مسعود: إقرأ قول الله تعالى: ” أفرأيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون “. يا ابن مسعود: أجسادهم لا تشبع وقلوبهم لا تخشع. يا ابن مسعود: الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، فمن أدرك ذلك الزمان [ ممن يظهر ] من أعقابكم فلا يسلم عليهم في ناديهم ولا يشيع جنائزهم ولا يعود مرضاهم، فإنهم يستنون بسنتكم ويظهرون بدعواكم ويخالفون أفعالكم فيموتون على غير ملتكم، اولئك ليسوا مني ولست منهم (مكارم الاخلاق – 29)


[ 450 ]

يا ابن مسعود: لا تخافن أحدا غير الله، فإن الله تعالى يقول: ” أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة “. ويقول: ” يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظروا نقتبس من نوركم – إلى قوله – وبئس المصير “. يا ابن مسعود: عليهم لعنة مني ومن جميع المرسلين والملائكة المقربين وعليهم غضب الله وسوء الحساب في الدنيا والاخرة، وقال الله: ” لعن الذين كفروا من بني إسرائيل – إلى قوله – ولكن كثيرا منهم فاسقون “. يا ابن مسعود: اولئك يظهرون الحرص الفاحش والحسد الظاهر ويقطعون الارحام ويزهدون في الخير، وقد قال الله تعالى: ” والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار “. وقال تعالى: ” مثل الذين حملوا التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار “. يا ابن مسعود: يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل القابض على الجمر بكفه، فإن كان في ذلك الزمان ذئبا، وإلا أكلته الذئاب. يا ابن مسعود: علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم ” صم بكم عمي فهم لا يرجعون “، ” ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا “، ” كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب “، ” إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور، تكاد تميز من الغيظ “، ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق “، ” لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون “. يا ابن مسعود: يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي إنهم مني برآء وأنا منهم برئ. يا ابن مسعود: لا تجالسوهم في الملا ولا تبايعوهم في الاسواق، ولا تهدوهم إلى الطريق، ولا تسقوهم الماء، قال الله تعالى: ” من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون “، يقول الله تعالى: ” ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب “، يا ابن مسعود: ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال اولئك أذلاء هذه الامة في دنياهم. والذي بعثني بالحق ليخسفن الله


[ 451 ]

بهم ويمسخهم قردة وخنازير. قال: فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكينا لبكائه وقلنا: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال: رحمة للاشقياء، يقول الله تعالى: ” ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب “. يعني العلماء والفقهاء. يا ابن مسعود: من نعلم العلم يريد به الدنيا وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط الله عليه وكان في الدرك الاسفل من النار مع اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: ” فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين “. يا ابن مسعود: من تعلم القرآن للدنيا وزينتها حرم الله عليه الجنة. يا ابن مسعود: من تعلم العلم ولم تعمل بما فيه حشره الله يوم القيامة أعمى. ومن تعلم العلم رئاء وسمعة يريد به الدنيا نزع الله بركته وضيق عليه معيشته ووكله الله إلى نفسه، ومن وكله الله إلى نفسه فقد هلك، قال الله تعالى: ” فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا “. يا ابن مسعود: فليكن جلساؤك الابرار وإخوانك الاتقياء والزهاد، لان الله تعالى قال في كتابه: ” الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين “. يا ابن مسعود: إعلم أنهم يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم فلا يكون فيهم الشاهد بالحق ولا القوامون بالقسط، قال الله تعالى: ” كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والاقربين “. يا ابن مسعود: يتفاضلون بأحسابهم و أموالهم، يقول الله تعالى: ” وما لاحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى، ولسوف يرضى “. يا ابن مسعود: عليك بخشية الله تعالى وأداء الفرائض، فإنه يقول: ” هو أهل التقوى وأهل المغفرة “. ويقول: ” رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه “. يا ابن مسعود: دع عنك ما لا يغنيك و عليك بما يغنيك، فإن الله تعالى يقول: ” لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه “. يا ابن مسعود: إياك أن تدع طاعة الله وتقصد معصيته شفقة على أهلك، لانه الله تعالى يقول: ” يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور “. يا ابن مسعود: إحذر الدنيا ولذاتها وشهواتها و زينتها وأكل الحرام والذهب


[ 452 ]

والفضة والركب والنساء، فإنه سبحانه يقول: ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب، قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد “. يا ابن مسعود: لا تغترن بالله ولا تغترن بصلاحك وعلمك وعملك وبرك وعبادتك. يا ابن مسعود: إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي فرددها نظرا وإعتبارا فيها ولا تسه عن ذلك، فإن نهيه يدل على ترك المعاصي وأمره يدل على عمل البر والصلاح، فإن الله تعالى يقول: ” فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون “. يا ابن مسعود: لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه واجتنب الكبائر، فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلب ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما، يقول الله تعالى: ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا “. يا ابن مسعود: إذا قيل لك: اتق الله فلا تغضب، فإنه يقول: ” وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم “. يا ابن مسعود: قصر أملك، فإذا أصبحت فقل: ” إني لا أمسي “، وإذا أمسيت فقل: ” إني لا أصبح “. واعزم على مفارقة الدنيا وأحب لقاء الله ولا تكره لقاءه، فإن الله يحب لقاء من يحب لقاءه ويكره لقاء من يكره لقاءه. يا ابن مسعود: لا تغرس الاشجار ولا تجر الانهار ولا تزخرف البنيان ولا تتخذ الحيطان والبستان، فإن الله تعالى يقول: ” ألهاكم التكاثر “. يا ابن مسعود: والذي بعثني بالحق ليأتي علبى الناس زمان يستحلون الخمر ويسمونه النبيذ. عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أنا منهم برئ وهم مني برآء. يا ابن مسعود: الزاني بامه أهون عند الله ممن يدخل في ماله من الربا مثقال حبة من خردل. ومن شرب المسكر قليلا كان أو كثيرا فهو أشد عند الله من آكل الربا، لانه مفتاح كل شر. يا ابن مسعود: اولئك يظلمون الابرار ويصدقون الفجار [ والفسقة ]، الحق


[ 453 ]

عندهم باطل والباطل عندهم حق هذا كله للدنيا وهم يعلمون أنهم على غير الحق ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون، ” رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون “. يا ابن مسعود: قال تعالى: ” ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين، وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون، حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين “. يا ابن مسعود: إنهم ليعيبون على من يقتدي بسنتي وفرائض الله، قال الله تعالى: ” فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون، إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون “. يا ابن مسعود: إحذر سكر الخطيئة، فإن للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي أشد سكرا منه، يقول الله تعالى: ” صم بكم عمي فهم لا يرجعون “. ويقول: إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا “. يا ابن مسعود: الدنيا ملعونة، ملعون من فيها وملعون من طلبها وأحبها ونصب لها، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: ” كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام “. وقوله تعالى: ” كل شئ هالك إلا وجهه “. يا ابن مسعود: إذا عملت عملا فاعمله لله خالصا، لانه لا يقبل من عباده الاعمال إلا ما كان له خالصا، فإنه يقول: ” وما لاحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى، ولسوف يرضى “. يا ابن مسعود: دع نعيم الدنيا وأكلها وحلاوتها وحارها وباردها ولينها وطيبها والزم نفسك الصبر عنها، فإنك مسؤل عن هذا كله، قال الله تعالى: ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم “. يا ابن مسعود: لا تلهينك الدنيا وشهواتها، فإن الله تعالى يقول: ” أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون “. يا ابن مسعود: إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا، فإنه يقول: ” فلا نقيم له يوم القيامة وزنا “.


[ 454 ]

يا ابن مسعود: إذا مدحك الناس فقالوا: إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت على غير ذلك فلا تفرح بذلك، فإن الله تعالى يقول: ” لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم “. يا ابن مسعود: أكثر من الصالحات والبر، فإن المحسن والمسئ يندمان، يقول المحسن: يا ليتني ازددت من الحسنات. ويقول المسئ: قصرت، وتصديق ذلك قوله تعالى: ” ولا أقسم بالنفس اللوامة “. يا ابن مسعود: لا تقدم الذنب ولا تؤخر التوبة ولكن قدم التوبة وأخر الذنب فإن الله تعالى يقول في كتابه: ” بل يريد الانسان ليفجر أمامه “. يا ابن مسعود: إياك أن تسن سنة بدعة، فإن العبد إذا سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزرها من عمل بها، قال الله تعالى: ” ونكتب ما قدموا وآثارهم “. وقال سبحانه: ” ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر “. يا ابن مسعود: لا تركن إلى الدنيا ولا تطمئن إليها فستفارقها عن قليل، فإن الله تعالى يقول: ” فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم “. يا ابن مسعود: تذكر القرون الماضية والملوك الجبابرة الذين مضوا، فإن الله يقول: ” وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا “. يا ابن مسعود: إياك والذنب سرا وعلانية، صغيرا وكبيرا، فإن الله تعالى حيثما كنت يراك و ” هو معكم أينما كنتم “. يا ابن مسعود: اتق الله في السر والعلانية والبر والبحر والليل والنهار، فإنه يقول: ” ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا “. يا ابن مسعود: إتخذ الشيطان عدوا، فإن الله تعالى يقول: ” إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا “. ويقول عن إبليس: ” ثم لاتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين “. ويقول: ” فالحق والحق أقول لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين “. يا ابن مسعود: لا تأكل الحرام ولا تلبس الحرام ولا تأخذ من الحرام ولا تعص الله، لان الله تعالى يقول لابليس: واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم


[ 455 ]

بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا “. وقال: ” فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور “. يا ابن مسعود: خف الله في السر والعلانية، فإن الله تعالى يقول: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان “. ولا تؤثرن الحياة الدنيا على الاخرة باللذات والشهوات، فإنه تعالى يقول في كتابه: ” فأما من طغى، وآثر الحيوة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى ” يعني الدنيا الملعونة والملعون ما فيها إلا ما كان لله. يا ابن مسعود: لا تخونن أحدا في مال يضعه عندك أو أمانة ائتمنك عليها، فإن الله تعالى يقول: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها “. يا ابن مسعود: لا تتكلم بالعلم إلا بشئ سمعته ورأيته، فإن الله تعالى يقول: ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا “. وقال: ” ستكتب شهادتهم ويسئلون “. وقال: ” وإذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قوله إلا لديه رقيب وعتيد “. وقال: ” ونحن أقرب إليه من حبل الوريد “. يا ابن مسعود: لا تهتم للرزق، فإن الله تعالى يقول: ” وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها “. وقال: ” وفي السماء رزقكم وما توعدون “. وقال: ” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير “. يا ابن مسعود: والذي بعثني بالحق [ نبيا ] إن من يدع الدنيا ويقبل على تجارة الاخرة، فإن الله تعالى يتجر له من وراء، قال الله تعالى: ” رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار “. فقال ابن مسعود: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كيف لي بتجارة الاخرة ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تريحن لسانك عن ذكر الله، وذلك أن تقول: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” فهذه التجارة المربحة. وقال الله تعالى: ” يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله “. يا ابن مسعود: كل ما أبصرته بعينك واستخلاه قلبك فاجعله لله فذلك تجارة الاخرة، لان الله يقول: ” ما عندكم ينفذ وما عند الله باق “. يا ابن مسعود: إذا تكلمت بلا إله إلا الله ولم تعرف حقها فإنه مردود عليك.


[ 456 ]

ولا يزال يقول: لا إله إلا الله إلا أن يرد غضب الله عن العباد حتى إذا لم ينالوا ما ينقص من دينهم بعد إذ سلمت دنياهم، يقول الله تعالى: ” إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه “. يا ابن مسعود: أحب الصالحين، فإن المرء مع من أحب، فإن لم تقدر على أعمال البر فأحب العلماء، فإنه يقول: ” من يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا “. يا ابن مسعود: إياك أن تشرك بالله طرفة عين وإن نشرت بالمنشار أو قطعت أو صلبت أو أحرقت بالنار، يقول الله تعالى: ” والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم “. يا ابن مسعود: إصبر مع الذين يذكرون الله ويسبحونه ويهللونه ويحمدونه ويعملون بطاعته ويدعونه بكرة وعشيا، فإن الله تعالى يقول: ” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم “. يا ابن مسعود: لا تختر على ذكر الله شيئا، فإن الله يقول: ” ولذكر الله أكبر “. ويقول: ” فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون “. ويقول: ” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ” ويقول: ” ادعوني أستجب لكم “. يا ابن مسعود: عليك بالسكينة والوقار وكن سهلا لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بار طاهرا مطهرا صادقا خالصا سليما صحيحا لبيبا صالحا صبورا شكورا مؤمنا ورعا عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها، يقول الله تعالى: ” إن إبراهيم لحليم أواه منيب “. ” وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما “، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما “، ” وقولوا للناس حسنا “، ” وإذا مروا باللغو مروا كراما، [ والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ]، والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما، اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما، خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما “. وقال الله تعالى: ” قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك


[ 457 ]

هم العادون، والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، اولئك هن الوارثون، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون “. وقال الله تعالى: ” اولئك في جنات مكرمون “. وقال: ” إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ” إلى قوله: ” اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم “. يا ابن مسعود: لا تحملنك الشفقة على أهلك وولدك على الدخول في المعاصي والحرام، فإن الله تعالى يقول: ” يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم “. وعليك بذكر الله والعمل الصالح، فإن الله تعالى يقول: ” والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا “. يا ابن مسعود: لا تكونن ممن يهدي الناس إلى الخير ويأمرهم بالخير وهو غافل عنه، يقول الله: ” أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم “. يا ابن مسعود: عليك بحفظ لسانك، فإن الله تعالى يقول: ” اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون “. يا ابن مسعود: عليك بإصلاح السريرة، فإن الله تعالى يقول: ” يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر “. يا ابن مسعود: إحذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر فيه الفضائح، فإنه تعالى يقول: ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين “. يا ابن مسعود: اخش الله بالغيب كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ويقول الله تعالى: ” من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب، ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود “. يا ابن مسعود: أنصف الناس من نفسك وانصح الامة وارحمهم، فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة أنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك، يقول الله تعالى: ” وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون “. يا ابن مسعود: إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للادميين وأنت فيما بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب، يقول الله تعالى: ” يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور “. يا ابن مسعود: لا تكن ممن يشدد على الناس ويخفف عن نفسه، يقول الله تعالى:


[ 458 ]

” لم تقولون ما لا تفعلون “. يا ابن مسعود: إذا عملت عملا فاعمل بعلم وعقل، وإياك وأن تعمل عملا بغير تدبر وعلم، فإنه جل جلاله يقول: ” ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا “. يا ابن مسعود: عليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا وأنصف الناس من نفسك وأحسن، وادع الناس إلى الاحسان، وصل رحمك، ولا تمكر بالناس، وأوف الناس بما عاهدتهم، فإن الله تعالى يقول: ” إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون “. الفصل الخامس (في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لابي ذر الغفاري رضي الله عنه) يقول مولاي أبي طول الله عمره الفضل بن الحسن: هذه الاوراق من وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابي ذر الغفاري – رضي الله عنه – التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله المقرئ الرازي والشيخ الاجل الحسن بن الحسين بن الحسن أبي جعفر محمد بن بابويه – رضي الله عنهما – إجازة قالا: أملى علينا الشيخ الاجل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي – قدس سره – وأخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد الرضا (عليه السلام)، قال: أخبرنا الشيخ الامام أبو علي الحسن بن محمد الطوسي، قال: حدثني أبي الشيخ أبو جعفر – قدس سره -، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أبو الحسن رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب سنة أربع عشر وثلاثمائة وفيها مات، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن ميمون، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله الهناء، قال حدثني أبو حرب بن أبي الاسود الدئلي، عن أبي الاسود قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب ابن جنادة – رضي الله عنه – فحدثني أبو ذر قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت: يا رسول الله بأبي أنت


[ 459 ]

وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها ؟ فقال: نعم وأكرم بك يا أبا ذر إنك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية فاحفظها، فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان. يا أبا ذر: اعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك. واعلم أن أول عبادة الله المعرفة به فهو الاول قبل كل شئ فلا شئ قبله، والفرد فلا ثاني له، والباقي لا إلى غاية، فاطر السموات والارض وما فيهما وما بينهما من شئ وهو الله اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير، ثم الايمان بي والاقرار بأن الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. واعلم يا أبا ذر: إن الله عزوجل جعل أهل بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمنا. يا أبا ذر: احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والاخرة. يا أبا ذر: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ. يا أبا ذر: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك. يا أبا ذر: إياك والتسويف بعملك فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم. وإن لم يكن غدا لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أبا ذر: كم من مستقبل يوما لا يستكمله، ومنتظر غدا لا يبلغه. يا أبا ذر: لو نظرت إلى الاجل ومسيره لابغضت الامل وغروره. يا أبا ذر: كن كأنك في الدنيا غريب أو كعابر سبيل. وعد نفسك من أصحاب القبور. يا أبا ذر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء. وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح. وخذ من صحتك قبل سقمك. ومن حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا. يا أبا ذر: إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة، فلا تقال العثرة، ولا تمكن من الرجعة. ولا يحمدك من خلفت بما تركت. ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به.


[ 460 ]

يا أبا ذر: كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك. يا أبا ذر: هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا أو فقيرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما مقعدا أو موتا مجهزا، أو الدجال، فإنه شر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر. إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه. ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة. يا أبا ذر: من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة. يا أبا ذر: إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل: لا أعلمه، تنج من تبعته، ولا تفت بما لا علم لك به، تنج من عذاب الله يوم القيامة. يا أبا ذر: يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار وقد دخلنا الجنة بتأديبكم وتعليمكم، فيقولون: إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله. يا أبا ذر: إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد. وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين. يا أبا ذر: إنك في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة. ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا. ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع مثل ما زرع، لا يسبق بطئ لحظة ولا يدرك حريص ما لم يقدر له ومن أعطي خيرا فالله أعطاه ومن وقى شرا فالله وقاه. يا أبا ذر: المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم الزيادة. إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه، وإن الكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه. يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه [ ممثلة والاثم عليه ثقيلا وبيلا ]. وإذا أراد بعد شرا أنساه ذنوبه. يا أبا ذر: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيته. يا أبا ذر: إن المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه. يا أبا ذر: من وافق قوله فعله فذاك الذي أصابه حظه. ومن خالف قوله فعله فإنما يوبق نفسه. يا أبا ذر: إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه. يا أبا ذر: دع ما لست منه في. فلا تنطق بما لا يعنيك. واخزن لسانك


[ 461 ]

كما تخزن ورقك. يا أبا ذر: إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال: هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤن حين تروون ويقومون حين تنامون ويشخصون حين تخفضون. يا أبا ذر: جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة. وحبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء. وإن الجائع إذا أكل شبع وإن الظمآن إذا شرب روى، وأنا لا أشبع من الصلاة. يا أبا ذر: أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة. يا أبا ذر: إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك الجبار، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح له. يا أبا ذر: ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش ووكل به ملك ينادي: يا ابن آدم لو تعلم ما لك في الصلاة ومن تناجي ما انفتلت. يا أبا ذر: طوبى لاصحاب الالوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا: هم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغير الاسحار. يا أبا ذر: الصلاة عماد الدين واللسان أكبر، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر، والصوم جنة من النار واللسان أكبر، والجهاد نباهة واللسان أكبر. يا أبا ذر: الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والارض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول: ما هذا ؟ فيقال: هذا نور أخيك، فيقول: أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا، فيقال له: إنه كان أفضل منك عملا، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى. يا أبا ذر: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا، فكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله جل ثناؤه إنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها وليلقين أمراضا ومصيبات وأمورا تغيظه وليظلمن فلا ينتصر، يبتغي ثوابا من الله تعالى فلا يزال حزينا حتى يفارقها، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة والكرامة.


[ 462 ]

يا أبا ذر: ما عبد الله عزوجل على مثل طول الحزن. يا أبا ذر: من أوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد أوتي علما لا ينفعه، إن الله نعت العلماء فقال عزوجل: ” إن الذين أوتو العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا “. يا أبا ذر: من استطاع أن يبكي فليبك. ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك، إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا يشعرون. يا أبا ذر: يقول الله تعالى: لا أجمع على عبد خوفين ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة. يا أبا ذر: لو أن رجلا كان له كعمل سبعين نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة. يا أبا ذر: إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمن ذنب ذنوبه فيقول: أما إني كنت خائفا مشفقا فيغفر له. يا أبا ذر: إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان. وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها يأتي آمنا يوم القيامة. يا أبا ذر: إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة، فقلت: وكيف ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه قارا إلى الله عزوجل حتى يدخل الجنة. يا أبا ذر: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من أتبع نفسه وهواها وتمنى على الله عزوجل الاماني. يا أبا ذر: إن أول شئ يرفع من هذه الامة: الامانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا. يا أبا ذر: والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء. يا أبا ذر: إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله. وما من شئ أبغض إلى الله تعالى من الدنيا خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى


[ 463 ]

تقوم الساعة. وما من شئ أحب إلى الله من الايمان به وترك ما أمر بتركه. يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: يا عيسى: لا تحب الدنيا فإني لست احبها وأحب الاخرة، فإنما هي دار المعاد. يا أبا ذر: إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شه‍ باء فقال لي: يا محمد: هذه خزائن الدنيا ولا تنقصك من حظك عند ربك، فقلت: حبيبي جبرئيل لا حاجة لي بها، إذا شبعت شكرت ربي وإذا جعت سألته. يا أبا ذر: إذا أراد الله عزوجل بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه. يا أبا ذر: ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره بعيوب الدنيا ودائها ودوائها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام. يا أبا ذر: إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنه يلقن الحكمة، فقلت: يا رسول الله: من أزهد الناس ؟ فقال: من لم ينس المقابر والبلى وترك فضل زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه في الموتى. يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال [ إلى المال ] ولكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. يا أبا ذر: إني ألبس الغليظ واجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أبا ذر: حب المال والشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين ضاريين في زرب الغنم فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها ؟ قال: قلت: يا رسول الله الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا، أهم يسبقون الناس إلى الجنة ؟ فقال: لا، ولكن فقراء المسلمين، فإنهم يأتون يتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا، فيقولون: بم نحاسب ؟ فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل ولا افيض علينا فنقبض ونبسط ولكن عبدنا ربنا حتى دعانا فأجبنا. يا أبا ذر: إن الدنيا مشغلة للقلوب والابدان وإن الله تبارك وتعالى سائلنا عما نعمنا في حلاله فكيف بما أنعمنا في حرامه ؟ يا أبا ذر: إني قد دعوت الله جل ثناؤه إن يجعل رزق من يحبني كفافا وأن


[ 464 ]

يعطني من يبغضني كثرة المال والولد. يا أبا ذر: طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الاخرة الذين اتخذوا أرض الله بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا واتخذوا كتاب الله شعارا ودعاءه دثارا، يقرضون الدنيا قرضا. يا أبا ذر: حرث الاخرة العمل الصالح. وحرث الدنيا المال والبنون. يا أبا ذر: إن ربي أخبرني، فقال: وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء وإني لابني لهم في الرقيق الاعلى قصرا لا يشركهم فيه أحد. قال: قلت: يا رسول الله: أي المؤمنين أكيش ؟ قال: أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا. يا أبا ذر: إذا دخل النور القلب انفسح القلب واتسع، قلت: فما علامة ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الانابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله. يا أبا ذر: اتق الله ولا تر الناس إنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر. يا أبا ذر: ليكن لك في كل شئ نية صالحة حتى في النوم والاكل. يا أبا ذر: لتعظم جلال الله في صدرك، فلا تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب: ” اللهم اخزه ” عند الخنزير: ” اللهم اخزه “. يا أبا ذر: إن لله ملائكة قياما من خيفة الله ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الاخرة فيقولون جميعا: سبحانك [ ربنا ] وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد. يا أبا ذر: لو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ، ولو أن دلوا من غسلين صب في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو زفرت جهنم زفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه يقول: رب [ ارحم ] نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحق ويقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم فلا تنسني. يا أبا ذر: لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لاضاءت الارض أفضل مما يضيئها القمر ليلة البدر، ولوجد ريح نشرها جميع أهل الارض. ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.


[ 465 ]

يا أبا ذر: اخفض صوتك عند الجنائز وعند القتال وعند القرآن. يا أبا ذر: إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع واعلم أنك لاحق به. يا أبا ذر: اعلم أن كل شئ إذا فسد فالملح دواؤه فإذا فسد الملح فليس له دواء. واعلم أن فيكم خلقين: الضحك من غير العجب، والكسل من غير سهو. يا أبا ذر: ركعتان مقتصدتان في التفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه. يا أبا ذر: الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو. ورب شهوة ساعة توجب حزنا طويلا. يا أبا ذر: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الاباعر ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. يا أبا ذر: لا تصيب حقيقة الايمان حتى ترى الناس كلهم حمقى في دينهم وعقلاء في دنياهم. يا أبا ذر: حاسبك نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحاسبك غدا. وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الاكبر يوم تعرض لا تخفى منك على الله خافية. يا أبا ذر: استح من الله، فإني والذي نفسي بيده لا أزال حين أذهب إلى الغائط مقنعا بثوبي أستحي من الملكين الذين معي. يا أبا ذر: أتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت نعم، فداك أبي، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاقصر من الامل، واجعل الموت نصب عينيك. واستح من الله حق الحياء، قال: قلت: يا رسول الله، كلنا نستحي من الله، قال: ليس ذلك الحياء ولكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر والبلى، وتحفظ الجوف وما وعى، والرأس وما حوى. ومن أراد كرامة الاخرة فليدع زينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله. يا أبا ذر: يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح. يا أبا ذر: مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر. يا أبا ذر: إن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم. يا أبا ذر إن ربك عزوجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر: رجل في أرض قفر (مكارم الاخلاق – 30)


[ 466 ]

فيؤذن ثم يقيم ثم يصلي، فيقول: ربك للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلون وراه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم. ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده ساجد. ورجل في زحف فر أصحابه وثبت هو يقاتل حتى يقتل. يا أبا ذر: ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الارض إلا شهدت له بها يوم القيامة. وما من منزل ينزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم. يا أبا ذر: ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الارض ينادي بعضها بعضا يا جارة هل مر بك من ذكر الله تعالى أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله ؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة نعم، فإذا قالت: نعم اهتزت وانشرحت وترى أن لها الفضل على جارتها. يا أبا ذر: إن الله جل ثناؤه لما خلق الارض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في الارض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة فلم تزل الارض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بالكلمة العظيمة، قولهم: ” اتخذ الله ولدا ” فلما قالوها اقشعرت الارض وذهبت منفعة الاشجار. يا أبا ذر: إن الارض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا. يا أبا ذر: إذا كان العبد في أرض قفر فتوضأ أو تيمم ثم أذن وأقام وصلى، أمر الله عزوجل الملائكة فصفوا خلفه صفا لا يرى طرفاه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه. يا أبا ذر: من أقام ولم يؤذن لم يصل معه إلا ملكاه اللذان معه. يا أبا ذر: ما من شاب ترك الدنيا وأفنى شبابه في طاعة الله إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا. يا أبا ذر: الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين. يا أبا ذر: الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء. وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء السوء. يا أبا ذر: لا تصاحب إلا مؤمنا. ولا يأكل طعامك إلا تقي. ولا تأكل طعام الفاسقين. يا أبا ذر: أطعم طعامك من تحبه في الله. وكل طعام من يحبك في الله عزوجل.


[ 467 ]

يا أبا ذر: إن الله عزوجل عند لسان كل قائل، فليتق الله امرؤ وليعلم ما يقول. يا أبا ذر: اترك فضول الكلام وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع. يا أبا ذر: ما من شئ أحق بطول السجن من اللسان. يا أبا ذر: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وإكرام حملة القرآن العاملين، وإكرام السلطان المقسط. يا أبا ذر: ما عمل من لم يحفظ لسانه. يا أبا ذر: لا تكن عيابا ولا مداحا ولا طعانا ولا مماريا. يا أبا ذر: لا يزال العبد يزداد من الله بعد ما ساء خلقه. يا أبا ذر: الكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة. يا أبا ذر: من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كيف يعمر مساجد الله ؟ قال: لا يرفع فيها الاصوات ولا يخاض فيها بالباطل ولا يشتري فيها ولا يباع، فاترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسك. يا أبا ذر: إن الله تعالى يعطيك ما دمت جالسا في المسجد بكل نفس تنفست فيه درجة في الجنة، وتصلي عليك الملائكة، ويكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات ويمحى عنك عشر سيئات. يا أبا ذر: أتعلم في أي شئ أنزلت هذه الاية ” اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ” ؟ قلت: لا أدري فداك أبي وأمي، قال: في انتظار الصلاة خلف الصلاة. يا أبا ذر: إسباغ الوضوء في المكاره من الكفارات. وكثرة الاختلاف إلى المساجد فذلكم الرباط. يا أبا ذر: يقول الله تبارك وتعالى: إن أحب العباد إلى المتحابون من أجلي، المتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالاسحار، اولئك إذا أردت بأهل الارض عقوبة ذكرتهم فصرفت العقوبة عنهم. يا أبا ذر: كل جلوس في المسجد لغو إلا ثلاث: قراءة مصل، أو ذكر الله،


[ 468 ]

أو سائل عن علم. يا أبا ذر: كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل، فإنه لا يقل عمل بالتقوى وكيف يقل عمل يتقبل، يقول الله عزوجل: ” إنما يتقبل الله من المتقين “. يا أبا ذر: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه ومن أين ملبسه، أمن حل أم من حرام. يا أبا ذر: من لم يبال من أين يكتسب المال لم يبال الله عزوجل من أين أدخله النار. يا أبا ذر: من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله عزوجل. يا أبا ذر: إن أحبكم إلى الله جل ثناؤه أكثركم ذكرا له. وأكرمكم عند الله عز وجل أتقاكم له. وأنجاكم من عذاب الله أشدكم له خوفا. يا أبا ذر: إن المتقين الذين يتقون من الشئ الذي لا يتقى منه، خوفا من الدخول في الشبهة. يا أبا ذر: من أطاع الله عزوجل فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن. يا أبا ذر: ملاك الدين الورع ورأسه الطاعة. يا أبا ذر: كن ورعا تكن أعبد الناس، وخير دينكم الورع. يا أبا ذر: فضل العلم خير من فضل العبادة، واعلم أنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالاوتار ما ينفعكم ذلك إلا بورع. يا أبا ذر: إن أهل الورع والزهد في الدنيا هم أولياء الله تعالى حقا. يا أبا ذر: من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر. قلت: وما الثلاث، فداك أبي وأمي ؟ قال: ورع يحجزه عما حرم الله عزوجل عليه، وحلم يرد به جهل السفهاء، وخلق يداري به الناس. يا أبا ذر: إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله عزوجل. وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله. وإن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله عزوجل أوثق منك بما في يدك. يا أبا ذر: لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الاية لكفتهم: ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره “.


[ 469 ]

يا أبا ذر: يقو الله جل ثناؤه: وعزتي وجلالي لا يؤثر عبدي هواي على هواه إلا جعلت غناه في نفسه وهمومه في آخرته وضمنت السموات والارض رزقه وكففت عنه ضيقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر. يا أبا ذر: لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه كما يدركه الموت. يا أبا ذر: ألا أعلمك كلمات ينفعك الله عزوجل بهن ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده أمامك. تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. وإذا سألت فاسأل الله عزوجل. وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتب لك ما قدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه. فإن استطعت أن تعمل لله عزوجل بالرضا في اليقين فافعل، وإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا. وإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا. يا أبا ذر: استغن بغنى الله يغنك الله، فقلت: وما هو يا رسول الله ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس. يا أبا ذر: إن الله عزوجل يقول: إني لست كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت صمته حمدا لي وذكرا [ ووقارا ] وإن لم يتكلم. يا أبا ذر: إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وأقوالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. يا أبا ذر: التقوى ههنا التقوى ههنا، وأشار إلى صدره. يا أبا ذر: أربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع لله سبحانه، وذكر الله تعالى في كل حال وقلة الشئ يعني قلة المال. يا أبا ذر: هم بالحسنة وإن لم تعملها لكيلا تكتب من الغافلين. يا أبا ذر: من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة، قلت: يا رسول الله وإنا لنؤاخذ بما تنطق به ألسنتنا ؟ قال: يا أبا ذر: وهل يكتب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لا يزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب الله لك أو عليك.


[ 470 ]

يا أبا ذر: إن الرجل يتكلم بالكلمة في المجلس لينصحكم بها فهوى في جهنم ما بين السماء والارض. يا أبا ذر: ويل للذي يحدث ويكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له ويل له. يا أبا ذر: من صمت نجا، فعليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبا أبدا. قلت: يا رسول الله فما توبة الرجل الذي كذب متعمدا ؟ قال: الاستغفار والصلوات الخمس تغسل ذلك. يا أبا ذر: إياك والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا، قلت: يا رسول الله ولم ذلك بأبي أنت وأمي ؟ قال: لان الرجل يزني ويتوب إلى الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها. يا أبا ذر: سباب المؤمن فسوق، وقتالة كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه. قلت: يا رسول الله وما الغيبة ؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قلت: يا رسول الله فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به ؟ قال: اعلم إنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته. يا أبا ذر: من ذب عن أخيه المسلم الغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار. يا أبا ذر: من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله عزوجل في الدنيا والاخرة، فإن خذله هو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والاخرة. يا أبا ذر: لا يدخل الجنة قتات، قلت: وما القتات ؟ قال: النمام. يا أبا ذر: صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عزوجل في الاخرة. يا أبا ذر: من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذو لسانين في النار. يا أبا ذر: المجالس بالامانة وإفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة. يا أبا ذر: تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يوم الاثنين والخميس فيستغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أتركوا عمل هذين حتى يصطلحا. يا أبا ذر: إياك وهجران أخيك، فإن العمل لا يتقبل مع الهجران. يا أبا ذر: أنهاك عن الهجران، وإن كنت لابد فاعلا تهجره فوق ثلاثة أيام


[ 471 ]

[ كملا ]، فمن مات فيها مهاجرا لاخيه كانت النار أولى به. يا أبا ذر: من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. يا أبا ذر: من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك. فقال رجل: يا رسول الله إني ليعجبني الجمال حتى وددت إن علاقة سوطي وقبال نعلي حسن فهل يرهب على ذلك ؟ قال: كيف تجد قلبك ؟ قال: أجده عارفا للحق مطمئنا إليه. قال: ليس ذلك بالكبر ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره وتنظر إلى الناس ولا ترى إن أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك. يا أبا ذر: أكثر من يدخل النار المستكبرون. فقال رجل: وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟ قال: نعم، من لبس الصوف وركب الحمار وحلب الشاة وجالس المساكين. يا أبا ذر: من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر يعني ما يشترى من السوق. يا أبا ذر: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة. يا أبا ذر: أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه. يا أبا ذر: من رفع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر. يا أبا ذر: من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليلبس الاخر أخاه. يا أبا ذر: سيكون ناس من أمتي يولدون في النعيم ويغذون به، همتهم ألوان الطعام والشراب ويمدحون بالقول اولئك شرار أمتي. يا أبا ذر: من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعا لله عزوجل في غير منقصة وأذل نفسه في غير مسكنة وأنفق ما جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته وحسنت علانيته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله. يا أبا ذر: البس الخشن من اللباس، والصفيق من الثياب لئلا يجد الفخر فيك مسلكا. يا أبا ذر: يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم، يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم اولئك تلعنهم ملائكة السموات والارض. يا أبا ذر: ألا أخبرك بأهل الجنة ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لابره.


[ 472 ]

قال أبو ذر رضي الله عنه. ودخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد جالس وحده فاغتنمت خلوته، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا ذر: إن للمسجد تحية، قلت: وما تحيته يا رسول الله ؟ قال: ركعتان تركعهما. ثم التفت إليه فقلت: يا رسول الله أمرتني بالصلاة، فما الصلاة ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الصلاة خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر. قلت: يا رسول الله أي الاعمال أحب إلى الله عزوجل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الايمان بالله، ثم الجهاد في سبيله. قلت: يا رسول الله أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أحسنهم خلقا. قلت: وأي المؤمنين أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من سلم المسلمون من لسانه ويده. قلت: وأي الهجرة أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من هجر السوء. قلت: وأي الليل أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): جوف الليل الغابر. قلت: فأي الصلاة أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): طول القنوت. قلت فأي الصوم أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فرض مجزئ وعند الله أضعاف ذلك. قلت: وفأي الصدقة أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): جهد من مقل إلى فقير في سر. قلت: وأي الزكاة أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها. قلت: وأي الجهاد أفضل ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما عقر فيه جواده واهريق دمه. قلت: وأي آية أنزلها الله عليك أعظم ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): آية الكرسي. قال قلت: يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم (عليه السلام) ؟ قال: كانت أمثالا كلها: ” أيها الملك المسلط المبتلي إني لم أبعثك لتجتمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر فجوره على نفسه “. وكان فيها أمثال: ” وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال من المطعم والمشرب. وعلى العاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه. ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه “.


[ 473 ]

قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى (عليه السلام) ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كانت عبرا كلها: ” عجب لمن أيقن بالنار ثم ضحك، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجب لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالا بعد حال ثم هو يطمئن إليها، عجب لمن أيقن بالحساب غدا ثم لم يعمل “. قلت: يا رسول الله فهل في الدنيا شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام مما أنزله الله عليك ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إقرأ يا أبا ذر: ” قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى، بل تؤثرون الحياة الدنيا، والاخرة خير وأبقى، إن هذا – يعني ذكره هذه الاربع الايات – لفي الصحف الاولى، صحف إبراهيم وموسى “. قلت: يا رسول الله أوصني ؟ قال: أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس أمرك كله. فقلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل، فإنه ذكر لك في السماء ونور في الارض. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على امور دينك. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): صل قرابتك وإن قطعوك. وأحب المساكين وأكثر مجالستهم. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قل الحق وإن كان مرا. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تخف في الله لومة لائم. قلت: يا رسول الله زدني ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا ذر: ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجر عليهم فيما تأتي، فكفى بالرجل عيبا أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ويجر عليهم فيما يأتي. قال: ثم ضرب على صدري وقال: يا أبا ذر: لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حسب كحسن الخلق.


[ 474 ]

(الفصل السادس: في اختيارات الايام) عن الصادق (عليه السلام): أول يوم من الشهر سعد يصلح للقاء الامراء وطلب الحوائج والشراء والبيع والزراعة والسفر. الثاني منه يصلح للسفر وطلب الحوائج. الثالث منه ردئ لا يصلح لشئ جملة. الرابع منه صالح للتزويج ويكره السفر فيه. الخامس منه ردئ نحس. السادس منه مبارك يصلح للتزويج وطلب الحوائج. السابع منه مبارك مختار يصلح لكل ما يراد ويسعى فيه. الثامن منه يصلح لكل حاجة سوى السفر، فإنه يكره فيه. التاسع منه مبارك يصلح لكل ما يريده الانسان، ومن سافر فيه رزق مالا ويرى في سفره كل خير. العاشر صالح لكل حاجة سوى الدخول على السلطان. ومن فر فيه من السلطان اخذ. ومن ضلت له ضالة وجدها. وهو جيد للشراء والبيع. ومن مرض فيه برئ. الحادي عشر يصلح للشراء والبيع ولجميع الحوائج وللسفر ما خلا الدخول على السلطان. وإن التواري فيه يصلح. الثاني عشر يوم صالح مبارك، فاطلبوا فيه حوائجكم واسعوا لها، فإنها تقضى. الثالث عشر يوم نحس مستمر فاتقوا فيه جميع الاعمال. الرابع عشر جيد للحوائج ولكل عمل. الخامس عشر صالح لكل حاجة تريدها، فاطلبوا فيه حوائجكم، فإنها تقضى. السادس عشر ردئ مذموم لكل شئ. السابع عشر صالح مختار، فاطلبوا فيه ما شئتم، وتزوجوا وبيعوا واشتروا وازرعوا وابنوا وادخلوا على السلطان في حوائجكم فإنها تقضى. الثامن عشر مختار صالح للسفر وطلب الحوائج ومن خاصم فيه عدوه خصمه وغلبه وظفر به بقدرة الله. التاسع عشر مختار صالح لكل عمل، ومن ولد فيه يكون مباركا. العشرون جيد مختار للحوائج والسفر والبناء والغرس والعرس والدخول على السلطان يوم مبارك بمشية الله. الحادي والعشرون يوم نحس مستمر. الثاني والعشرون مختار صالح للشراء والبيع ولقاء السلطان والسفر والصدقة. الثالث والعشرون مختار جيد خاصة للتزويج والتجارات كلها والدخول على السلطان. الرابع والعشرون يوم نحس مشئوم. الخامس والعشرون ردئ مذموم يحذر فيه من كل شئ. السادس والعشرون صالح لكل حاجة سوى التزويج والسفر. وعليكم بالصدقة فيه، فإنكم تنتفعون به السابع والعشرون جيد مختار للحوائج ولكل ما يراد ولقا السلطان. الثامن والعشرون ممزوج. التاسع والعشرون مختار جيد لكل حاجة ما خلا الكاتب، فإنه يكره له


[ 475 ]

ذلك. ولا أرى له أن يسعى في حاجة إن قدر على ذلك. ومن مرض فيه برئ سريعا. ومن سافر فيه أصاب مالا كثيرا. ومن أبق فيه رجع. الثلاثون مختار جيد لكل شئ ولكل حاجة من شراء وبيع وزرع وتزويج. ومن مرض فيه برئ سريعا. ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ويرتفع أمره ويكون صادق اللسان صاحب وفاء. (ما يقال إذا اضطر الانسان إلى التوجه في أحد الايام) (التي نهى عن السعي فيها في دبر كل فريضة وهو من أدعية الفرج) ” لا حول ولا قوة إلا بالله افرج بها كل كربة، لا حول ولا قوة إلا بالله أحل بها كل عقدة. لا حول ولا قوة إلا بالله أجلو بها كل ظلمة. لا حول ولا قوة إلا بالله أفتح بها كل باب. لا حول ولا قوة إلا بالله أستعين بها على كل شدة ومصيبة. لا حول ولا قوة إلا بالله أستعين بها على كل أمر ينزل بي. لا حول ولا قوة إلا بالله أعتصم بها من كل محذور أحاذره. لا حول ولا قوة إلا بالله أستوجب بها العفو والعافية والرضا من الله. لا حول ولا قوة إلا بالله تفرق أعداء الله وغلبت حجة الله وبقي وجه الله. لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم رب الارواح الفانية ورب الاجساد البالية ورب الشعور المتمعطة ورب الجلود الممزقة ورب العظام النخرة ورب الساعة القائمة أسألك يا رب أن تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين وافعل بي كذا بخفي لطفك يا ذا الجلال والاكرام آمين آمين يا رب العالمين. (الفصل السابع: في خاتمة الكتاب) ولما افتتحت هذا الكتاب بخطبة أمير المؤمنين صلوات الله عليه تبركا بها ولانها حاوية لمجامع الاداب والاخلاق أردت أن أختتم بخطبته الموسومة بسمات المؤمنين المرموقة بصفات المتقين إذ هو خير إمام للمؤتمين وأنجع موعظة للمتقين. فاختتمت بذلك الكتاب فصار ختامه مسك. روي أن صاحبا له يقال له همام كان رجلا عابدا، فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم ؟ فتثاقل علي (عليه السلام) عن جوابه ثم قال: يا همام اتق الله وأحسن فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فلم يقنع همام بذلك القول حتى عزم عليه، قال: فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: أما بعد، فإن الله سبحان وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم،


[ 476 ]

آمنا من معصيتهم، لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه. فقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم. فالمتقون فيها هم أهل الفضائل. منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، وقصروا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء. لولا الاجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها متنعمون، وهم والنار كمن قد رآها، فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، ومعونتهم في الاسلام عظيمة. وصبروا أياما قصيرة فأعقبتهم راحة طويلة وتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم. أرادتهم الدنيا ولم يريدوها، وطلبتهم فأعجزوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أما الليل فصافون أقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا. يحزنون به أنفسهم ويستبشرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت نفوسهم إليها شوقا وظنوا أنها نصب أعينهم. وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في اصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، يمجدون جبارا عظيما، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله في فكاك رقابهم. وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء. قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض. ويقول: قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم. لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير. فهم لانفسهم متهمون. ومن أعمالهم مشفقون إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بنفسي مني. ” اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون إنك أنت علام الغيوب وستار العيوب. فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين وحزما في لين وإيمانا في يقين وحرصا في علم وعلما في حلم وقصدا في غنى وخشوعا في عبادة وتجملا في فاقة وصبرا في شدة وطلبا في حلال ونشاطا في هدى وتحرجا عن طمع. يعمل الاعمال الصالحة وهو على وجل. يمسي وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر. يبيت حذرا ويصبح فرحا، حذرا


[ 477 ]

لما حذر من الغفلة، وفرحا بما أصاب من الفضل والرحمة. وإن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب. قرة عينه فيما لا يزول. وزهادته فيما لا يبقى. يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل. تراه قريبا أمله، قليلا زلله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، منزورا أكله، سهلا أمره، حريزا دينه، ميتة شهوته، مكظوما غيظه، قليلا شره، كثيرا ذكره، صادقا قوله. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون. وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين. وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه. ويعطي من حرمه. ويصل من قطعه. وبعيدا فحشه. لينا قوله. غائبا منكره. حاضرا معروفه. مقبلا خيره. مدبرا شره. في الزلازل وقور. وفي المكاره صبور. وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض. ولا يأثم فيمن يحب. ولا يدعي ما ليس كثيرا ذكره، صادقا قوله. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون. وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين. وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه. ويعطي من حرمه. ويصل من قطعه. وبعيدا فحشه. لينا قوله. غائبا منكره. حاضرا معروفه. مقبلا خيره. مدبرا شره. في الزلازل وقور. وفي المكاره صبور. وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض. ولا يأثم فيمن يحب. ولا يدعي ما ليس له ولا يجحد حقا هو عليه. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. ولا يضيع ما استحفظ. ولا ينسي ما ذكر. ولا يتنابز بالالقاب. ولا يضار بالجار. ولا يشمت بالمصائب. سريعا إلى الصلوات مؤديا للامانات. بطيئا عن المنكرات. يأمرون بالمعروف وينهى عن المنكر. لا يدخل في الباطل ولا تخرج من الحق. إن صمت لم يغمه صمته. وإن نطق لم يقل حظه. وإن ضحك لم يعل صوته قانع بالذي هو له. لا يحمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى ولا يقهره الشح. يخالط الناس ليعلم. ويصمت ليسلم. ويسأل ليفهم. ويتجر ليغنم. ولا يعمل الخير ليفخر به. ولا يتكلم به لتتجبر به على من سواه. وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له. نفسه منه في غناء. والناس منه في راحة أتعب نفسه لاخرته، وأراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة. ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده تكبرا وعظمة، ولا دنوه لمكر ولا خديعة. قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه. ثم قال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها. فقال له قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عليه السلام): ويحك إن لكل أجل وقتا لن يعدوه وسببا لا يتجاوزه. فمهلا لا تعد لمثلها، فإنما نفث الشيطان على لسانك. هذا آخر ما أردنا أن نجمعه من السير النبوية والاداب المروية وقد وفينا بما شرطناه نسأل الله أن يوفقنا للعمل بذلك خالصا لوجهه وموجبا لرضوانه ومغفرته وموصلا إلى جناته وكرامته بمنه وجوده وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

اترك تعليقاً