اختيار معرفة الرجال

الشيخ الطوسي ج 1


[ 1 ]

اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى لشيخ الطائفة ابى جعفر الطوسي (قده) تصحيح وتعليق المعلم الثالث ميرداماد الاستربادي تحقيق السيد مهدي الرجائي مؤسسة آل البيت عليهم السلام


[ 1 ]

كتاب: التعليقة على اختيار معرفة الرجال تأليف: المير داماد، محمد باقر الحسيني تحقيق: السيد مهدى الرجائى نشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام طبع: مطبعة بعثت – قم تاريخ الطبع: 1404 ه‍


[ 2 ]

أضواء على الكتاب: الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ العزيز، هو أول شرح ألف على كتاب اختيار معرفة الرجال. ألفه المعلم الثالث امام المعارف الاسلامية الامير السيد محمد باقر المشتهر بالداماد. ويشتمل هذا الشرح على بحوث رجالية معمقة، وكذلك يتضمن دراسة لغوية معمقة حول لغة الاحاديث وألفاظها. وقد كتب السيد الداماد كل ذلك باسلوبه المتميز الذي يتسم بالعذوبة والروعة، كما يلاحظ القارئ في سائر كتبه الاخرى. وفي هذا المضمار أقدار لمؤسسة آل البيت عليهم السلام اخراج هذا الكتاب بهذه الحلة القشيبة والطباعة الانيقة، والتي يتجلى فيها كل مظاهر الخدمة الصادقة، والاخلاص العميق في ابراز هذه الكتب بصورة مناسبة. والله سبحانه خير ناصر ومعين السيد مهدي الرجائى


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد: علم الرجال هو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث وأوصافهم التي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه. وهذا العلم يحتاج إليه كل من اراد استنباط الاحكام الشرعية عن أدلتها التي عمدتها الاحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام، حيث أنه لابد من ان ينظر في أحوال رجال سند الحديث، ويطمئن بأنهم ممن يصح التعويل عليهم، ويجوز الاخذ عنهم، حتى يكون حديثهم حجة له في عمل نفسه أو الافتاء لغيره ولشدة الحاجة إليه اشتد اهتمام علماء الشيعة من العصر الاول الى اليوم في تأليف كتب خاصة في هذا العلم، وتدوين أسماء رجال الحديث، مع ايراد بعض أوصافهم وذكر بعض كتبهم وآثارهم، المعبر عن بعضها بالكتب وعن بعضها بالاصول. وكان بدأ ذلك حسب اطلاعنا في النصف الثاني من القرن الاول، فان عبيد الله ابن أبي رافع كان كاتب أمير المؤمنين عليه السلام، وقد دون أسماء الصحابة الذين شايعوا عليا عليه السلام، وحضروا حروبه، وقاتلوا معه في البصرة وصفين والنهروان. ثم في القرن الثاني الى أوائل الثالث دون (رجال ابن جبلة) و (ابن فضال) و (ابن محبوب) وغيرهم، واستمر تدوين الرجال الى أواخر القرن الرابع. قال الشيخ الطوسي ملخصا في أول الفهرست: اني رأيت جماعة من شيوخ


[ 4 ]

طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرس كتب أصحابنا، وما صنفوه من التصانيف ورووه من الاصول، ولم تكن مستوفاة. واستوفاها أبو الحسين أحمد [ ابن الغضائري ] على مبلغ ما قدر عليه في كتابين: أحدهما في المصنفات، والاخر في الاصول، وأهلك الكتابان بعد موت المؤلف الخ. وبالجملة في أول القرن الخامس دونت الاصول الاربعة الرجالية، المستخرجة عن تلك الكتب المدونة قبلها، وهي (الاختيار من كتاب الكشي) و (الفهرست) و (الرجال) المرتب على الطبقات هذه الثلاثة للشيخ الطوسي، (وكتاب الرجال) للنجاشي. وفي القرن السادس ألف (فهرس الشيخ منتجب الدين) و (معالم العلماء) لابن شهر آشوب. وفي القرن السابع ألف أبو الفضائل أحمد بن طاوس الحلي كتابه (حل الاشكال) وأدرج فيه ألفاظ تلك الاصول الاربعة على ما وصل إليه من مشايخه مسندا الى مؤلفيها، وادرج أيضا ألفاظ كتاب (الضعفاء) المنسوب الى ابن الغضائري، وقد وجده السيد منسوبا إليه من غير سند إليه، كما صرح بذلك للخروج عن عهدته، وليكون كتابه جامعا لجميع ما قيل في حق الرجل. وقد تبع السيد في ذلك تلميذاه العلامة الحلي في (الخلاصة) وابن داود في رجاله. وتبعهما المتأخرون في النقل عن الكتب الخمسة، وعن بعض ما بقيت نسخها من تلك الكتب الرجالية القديمة مثل (رجال البرقي) و (رجال العقيقي). واما سائر الكتب القديمة فقد ضاعت اعيانها الشخصية من جهة قلة الاهتمام بها، بعد وجود عين ألفاظها مدرجة في الاصول الاربعة المتداولة عندنا. فنحن نشكر القدماء على حسن صنيعتهم في تأليفاتهم الواصلة الينا، كما انا نشكر المتأخرين عنهم الذين أشرنا الى بعضهم في بسط كتب الرجال، بادخالهم تراجم العلماء والرواة المتأخرين عن اولئك القدماء، لشدة احتياجنا الى معرفة احوالهم. وذلك لان الله يقيض في كل عصر رجالا حاملين لعلوم أهل البيت عليه السلام،


[ 5 ]

متحملين لاحاديثهم بالقراءة والسماع والاجازة وغيرها، وتزاد بذلك عدة الرواة شيئا فشيئا وقرنا بعد قرن، فلا بد لنا من ترجمتهم اما مستقلا أو في ضمن الرواة القدماء وأول من ولج في هذا الباب الشيخ منتجب الدين ابن بابويه الذي كان حيا في سنة (585) فانه ألف كتاباب مستقلا في تراجم العلماء الفقهاء والرواة المتأخرين عن الشيخ الطوسي المتوفى (460) أو المعاصرين له ممن فاتت عنه ترجمتهم، وأوصل تراجمهم الى تراجم الذين نشأوا في عصره وأدركوا أوائل القرن السابع. وكذا فعل الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب فألف (معالم العلماء) وألحق بآخره أقساما من أعلام شعراء الشيعة المخلصين لاهل البيت. وبعده أدرج العلامة الحلي المتوفى (726) والشيخ تقي الدين الحسين بن داود بعض علماء القرن السابع في رجاليهما ثم بعدهما ألف السيد علي بن عبد الحميد النيلي المتوفى (841) رجاله، وأمر السيد جلال الدين ابن الاعرج العميدي ان يلحق به العلماء المتأخرين، فالحق به حسب أمره جمعا منهم، ونقلهم عنه صاحب المعالم، وكذا الشيخ الشهيد المتوفى (786) أورد في مجموعته جمعا من العلماء مع تواريخهم، ثم صار صاحب المعالم في (التحرير الطاووسي). حتى انتهى الى القرن الحادي عشر فزهى نشاط تدوين أحاديث أهل العصمة عليهم السلام وحث المحدثون والعلماء قاطبتهم عليه، واعتنوا بها بعدما درست كل العناية، وأقبلوا بالشرح والتعليق عليها، وجدير أن يقال هو العصر الذهبي للحديث. الى أن وفق الله تعالى أساطين الحكمة والفلسفة الى الشرح والتعليق عليها، ومن جملتهم وابرزهم هو المولى السيد محمد باقر الحسيني الاسترابادي المعروف ب‍ (الداماد) فقد كان من ائمة الحكمة والفلسفة والكلام والفقه والرجال والاثار. وقد وقعت آراءه الرجالية مطرحا للانظار، وكل من أتى بعده من الرجاليين تلقى آراءه الرجالية بالقبول، واستندوا إليه كل الاستناد، وصار رأيه حجة للمؤالف


[ 6 ]

على المخالف، وكفاه تبجيلا أنه لا تخلو ولا واحدة من الكتب الرجالية من ذكر آرائه وأنظاره الى يومنا الحاضر. وله تصانيف كثيرة في البحوث الرجالية، سنذكرها في مصنفاته، ومن اهمها وأعلاها قيمة كتابه النفيس التعليقة على كتاب رجال الكشي، وسوف نبحث عنها في مقامه (1)


1) استخرجت أكثر هذه المقدمة من كتاب الذريعة. (*)

[ 7 ]

ترجمة المؤلف هو السيد محمد باقر ابن السيد الفاضل المير شمس الدين محمد الحسيني الاسترابادي الاصل – الشهير ب‍ (داماد)، وكان والده المبرور ختن شيخنا المحقق علي ابن عبد العالي الكركي (رحمه الله)، فخرجت هذه الدرة اليتيمة من صدف تلك الحرة الكريمة، وطلعت هذه الطلعة الرشيدة من أفق تلك النجمة السعيدة. وكان سبب هذه المواصلة ان الشيخ الاجل علي بن عبد العالي رأى في المنام أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه يقول له: زوج بنتك من مير شمس الدين، يخرج منها ولد يكون وارثا لعلوم الانبياء والاوصياء، فزوج الشيخ بنته منه، وتوفيت بعد مدة قبل أن تلد ولدا، فتحير الشيخ من ذلك وأنه لم يظهر من منامه اثر، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام مرة أخرى في المنام وهو عليه السلام يقول له: ما أردنا هذه الصبية بل البنت الفلانية فزوجها اياه، فولدت السيد المحقق المذكور. وجه تلقبه بالداماد: لقب والده الشريف للتعظيم لهذه المواصلة ب‍ (الداماد) الذي هو بمعنى الختن بالفارسية، ثم غلب عليه وعلى ولده بعده ذلك اللقب الشريف، ولقب هو نفسه بذلك، كما في بعض المواضع بهذه الصورة: (وكتب بيمناه الدائرة أحوج الخلق الى الله الحميد الغني محمد بن محمد يدعى باقر بن داماد الحسيني ختم الله له بالحسنى حامدا مصليا).


[ 8 ]

قال المتتبع الحبير الميرزا عبد الله الافندي في الرياض في أحوال الشيخ عبد العالي بن الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي كانت تحت الا ميرزا السيد حسن والد الامير السيد حسين المجتهد، والاخرى تحت والد السيد الداماد هذا، وقد حصل منها السيد الداماد. ولذلك يعرف الامير باقر المذكور بالداماد، لا بمعنى انه صهر، ولا بمعنى انه هو بنفسه داماد الشيخ علي، أعني صهره كما يظن، بل والده. فالسيد الامير محمد باقر الداماد من باب الاضافة لا التوصيف ولذلك ترى السيد الداماد حين يحكي عن الشيخ علي الكركي المذكور يعبر عنه بالجد القمقام يعني جده الامي. وبما أوضحناه ظهر بطلان حسبان كون المراد بالداماد هو صهر السلطان، وكذلك ظن كون نفسه صهرا (1). الثناء عليه: يوجد ثناء العلماء فط كثير من معاجم التراجم، وكتب الرجال مشفوعة بالاكبار والتبجيل والاطراء.: قال السيد علي خان في سلافة العصر: طراز العصابة، وجواز الفضل سهم الاصابة الرافع بأحاسن الصفات أعلامه، فسيد وسند وعلم وعلامة، اكليل جبين الشرف وقلادة جيدة، الناطقة ألسن الدهور بتعظيمه وتمجيده. باقر العلم وتحريره، الشاهد بفضله تقريره وتحريره، ووالله ان الزمان بمثله لعقيم، وان مكارمه لا يتسع لبثها صدر رقيم، وانا برئ من المبالغة في هذا المقال، وبر قسمي يشهد به كل وامق، وقال، شعر: وإذا خفيت على الغنى فعاذر * أن لا تراني مقلة عمياء ان عدت الفنون فهو منارها الذي يهتدي به، أو الآداب فهو مؤملها الذي يتعلق


1) رياض العلماء: 3 / 132 (*)

[ 9 ]

بأهدابه، أو الكرم فهو بحره المستعذب النهل والعلل، أو النسيم فهو حميدها الذي يدب منه نسيم البرء في العلل، أو السياسة فهو أميرها الذي تجم منه الاسود في الاجم أو الرياسة فهو كبيرها الذي هاب تسلطه سلطان العجم. وكان الشاه عباس أضمر له السوء مرارا له حبل غليته امرارا، خوفا من خروجه عليه، وفرقا من توجه قلوب الناس إليه فحال دونه ذو القوة والحول، وأبى الا أن يتم عليه المنه والطول، ولم يزل موفور العز والجاه، مالكا سبيل الفوز والنجاة حتى استأثر به ذو المنة، وتلا بآياتها النفس المطمئنة (1). وقال تلميذه العارف قطب الدين الاشكوري في محبوب القلوب: السيد السند المحقق في المعقول، والمحقق في المنقول، سمي خامس أجدادها المعصومين مير محمد باقر الداماد، لا زال سعيه في كشف معضلات المسائل مشكورا، واسمه في صدر جريدة أهل الفضل مسطورا: علم عروس همه استادشد * فطرت أو بودكه داماد شد ثم ذكر وجه التسمية وقال: كان شكر الله سعيه ورفع درجته يصرح النجابة بذكره، ويخطب المعارف بشكره، ولم يزل يطالع كتب الاوائل متفهما، ويلقى الشيوخ متعلما، حتي يفوق في أقصر مدة في كل العلم على كل أوحدي أخص، وصار في كل مآثره كالواسطة في النص: عقليش از قياس عقل برون * نقليس از أساس نقل فزون يخبر عن معضلات المسائل فيصيب، ويضرب في كل ما ينتحله من التعليم بأوفى نصيب، توحد بابداع دقائق العلوم والعرفان، وتفرد بفرائد أبكار لسم يكشف قناع الاجمال عن جمال حقائقها الى الان، فلقد صدق: ما انشد بعض الشعراء في شأنه: بتخميرش يد الله چون فروشد * نم آنچه بد دركار أو شد وقال تلميذه أيضا صدر المتألهين في شرح الاصول الكافي: سيدي وسندي


1) سلافة العصر ص 477 – 478 (*)

[ 10 ]

وأستاذي، واستنادي في المعالم الدينة، والعلوم الالهية، والمعارف الحقيقية، والاصول اليقينة، السيد الاجل الانور، العالم المقدس الاطهر، الحكيم الالهي، والفقيه الرباني، سيد عصره، وصفوة دهره، الامير الكبير، والبدر المنير، علامة ة الزمان: أعجوبة الدوران، المسمى ب‍ (محمد) الملقب ب‍ (باقر الداماد الحسيني) قدس الله عقله بالنور الرباني (1). وقال الشيخ الحر العاملي في أمل الامل: عالم فاضل جليل القدر، حكيم متكلم ماهر في العقليات، معاصر لشيخنا البهائي، وكان شاعرا بالفارسية والعربية مجيدا (2). وقال الشيخ أسد الله الكاظمي في مقابس الانوار: السيد الهمام، وملاذ الانام عين الاماثل، عديم المماثل، عمدة الافاضل، منار الفضائل، بحر العلم الذي لا يدرك ساحله، وبر الفضل الذي لاتطوى مراحله، المقتبس من أنواره أنواع الفنون، والمستفاد من آثاره أحكام الدين المصون، الفقيه المحدث الاديب، الحكيم الاصبهاني المتكلم العارف الخائض في أسرار السبع المثاني الامير الكبير (3). وقال السيد الخوانساري في روضات الجنات: كان رحمه الله تبارك وتعالى عليه من أجلاء علماء المعقول والمشروع، وأذكياء نبلاء الاصول والفروع، متقدما بشعلة ذهنه الوقاد، وفهمه المتوقد النقاد، على كل متبحر استاد، ومتفنن مرتاد، صاحب منزلة وجلال، وعظمة واقبال، عظيم الهيبة، فخيم الهيئة، رفيع الهمة، سريع الجمة، جليل المنزلة والمقدار، جزيل الموهبة والايثار. قاطنا بدار السلطنة اصبهان، مقدما على فضلائها الاعيان، مقربا عند السلاطين الصفوية، بل مودبهم بجميل الاداب الدينية، مواظبا للجمعة والجماعات، مطاعا لقاطبة أرباب المناعات، اماما في فنون الحكمة والادب، مطلعا على أسرار كلمات


1) شرح الاصول الكافي ص 16 2) أمل الامل: 2 / 249 3) مقابس الانوار ص 16 (*)

[ 11 ]

العرب، خطيبا قل ما يوجد مثله في فصاحة البيان وطلاقة اللسان، أديبا لبيبا فقيها نبيها عارفا ألمعيا، كأنما هو انسان العين وعين الانسان (1). وقال الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين: فاضل، جليل، متكلم، حكيم، ماهر في النقليات، شاعر بالعربية والفارسية (2). وقال الشيخ المحدث النوري في خاتمة المستدرك: العالم المحقق النحرير السيد السند، الناقد الخبير (3). وقال الميرزا محمد التنكابني في قصص العلماء ماهذا لفظه: واين سيد امام أنام، وفاضل همام، وعالم قمقام، عين أماثل، أكامل أفاضل، ومعدوم المماثل، ومنار فضائل وفواضل، ودرياي بيساحل، علامه فهامه است. ودر علم لغت كوي از ميدان صاحب قاموس وصحاح ربوده. در علم عربيت حياظت علوم أرباب أدب نموده ودر فصاحت وبلاغت وانشاء وانشاد ونظم ونثر سر آمد أهل زمان، ودر منطق وحكمت وكلام مسلم علماء أعلام، ودر حديث وفقه فائق برهمكان، ودر علم رجال از أكامل رجال، ودر علم رياضي بجميع اقسام متفرد ووحيد در مقال، ودر اصول حلال عويصات واعضال، ودر علم تفسير قرآن أعجوبة زمان (4). وقال الميرزا محمد علي الكشميري في نجوم السماء ماهذا لفظه: مجمع شرافت وحذافت، ومرجع كلام وحكمت، وحامي دين وملت. وحاوي فقه وشريعت بود، كافة عقلاي ذوي الافهام از خاص وعام معترف علوم وكمالات ودقائق وافادات أويند، تصانيف أو مشتمل بر تحقيقات دقيقة وتدقيقات انيقة مشهور ومعروف است (5) وغيرهم مما لا مجال لذكرهم.


1) روضات الجنات: 2 / 62 2) لؤلؤة البحرين ص 132 3) مستدرك الوسائل: 3 / 424 4) قصص العلماء ص 333 5) نجوم السماء في تراجم العلماء ص 46 (*)

[ 12 ]

ورعه وعبادته: كان (رحمه الله تعالى) متعبدا في الغاية، مكاثرا من تلاوة كتاب الله المجيد بحيث ذكر بعض الثقاة انه كان يقرأ كل ليلة خمسة عشر جزؤا من القرآن، مواظبا على أداء النوافل، لم يفته شئ منها منذ ان بلف سن التكليف حتى مات، مجدا ساعيا في تزكية نفسه النفيسة، وتصفية باطنه الشريف حتي اشتهر أنه لم يضع جنبه على فراشه بالليل في مدة أربعين سنة. مكاشفاته: ذكر قدس سره في بعض المواضع انه كثيرا ما يودع جسده الشريف ويخرج الى سير معارج الملكوت ثم يرجع إليه مكرها، والله أعلم بحقيقة مراده وخبيئة فؤاده. قال قدس الله سره: كنت ذات يوم من أيام شهرنا هذا، وقد كان يوم الجمعة سادس عشر شهر رسول الله صلى الله عليه وآله شعبان المكرم لعام ثلاث وعشرين وألف من هجرته المقدسة، في بعض خلواتي أذكر ربي في تضاعيف أذكاري واورادي باسمه الغني فأكرر (يا غني يا مغني)، مشدوها بذلك عن كل شئ الاعن التوغل في حريم سره والامحاء في شعاع نوره، فكان خاطفة قدسية قد ابتدرت الي فاجتذبتني من الوكر الجسداني (1)، ففلت (2) حلق شبكة الحس، وحللت عقد حبالة الطبيعة. وأخذت أطير بجناح الروع في جو ملكوت الحقيقة، فكأني قد خلعت بدني، ورفضت عدني، ومقوت خلدي، ونضوت جسدي، وطويت اقليم الزمان، وصرت الى عالم الدهر. فإذا أنا في مصر الوجود بجماجم أمم النظام الجملي من الابداعيات والتكوينيات والالهيات والطبيعيات والقدسيات والهيولانيات والدهريات والزمنيات، واقوام الكفر والايمان وأرهاط الجاهلية والاسلام من الدارجين والدارجات والغابرين


1) في البحار: الجسماني 2) في البحار: ففككت (*)

[ 13 ]

والغابرات والسالفين والسالفات والعاقبات في الازل والاباد. وبالجملة آحاد مجامع الامكان وذوات عوالم الامكان، بقضها وقضيضها وصغيرها وكبيرها ثابتاتها وبايداتها حالياتها وأنياتها. وإذا الجميع زفة زفة وزمرة زمرة، بحشدهم (1) قاطبة معا، مولون وجوه مهياتهم شطر بابه سبحانه، شاخصون بأبصار انياتهم تلقاء جنابه جل سلطانه من حيث هم لا يعلمون، وهم جميعا بألسنة فقر ذواتهم الفاقرة وألسن فاقة هوياتهم الهالكة في ضجيج الضراعة وصراخ الابتهال ذاكروه وداعوه ومستصرخوه ومناده ب‍ (يا غني يا مغني) من حيث لا يشعرون. فطفقت في تينك الضجة العقلية والصرخة الغيبية أخر مغشيا علي، وكدت من شدة الوله والدهش أنسى جوهر ذاتي العاقلة، وأغب عن نفسي المجردة، واهاجر ساهرة أرض الكون، وأخرج عن صقع قطر الوجود رأسا، إذ قد ودعتني تلك الخلسة شيفا حنونا الهيا، وخلفتني تلك الخطفة الخاطفة تائقا لهوفا عليها، فرجعت الى أرض التبار، وكورة البوار، وبقعة الزور، وقربة الغرور تارة أخرى (2). وقال نور الله مرقده: ومن لطائف ما اختطفته من الفيوض الربانية بمنه سبحانه وفضله جل سلطانه حيث كنت بمدينة الايمان حرم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله قم المحروسة، صينت عن دواهي الدهر ونوائبها، في بعض أيام شهر الله الاعظم لعام الحادي عشر بعد الالف من الهجرة المباركة المقدسة النبوية، أنه قد غشيني ذات يوم سنة شبه خلسة وانا جالس في تعقيب صلاة العصر تاجه تجاه القبلة. فأريت في سنتي نورا شعشعانيا على أبهة صوانية في بهاء ضوء لامع، وجلاء نور ساطع جالسا من وراء ظهر المضطجع، وكأني أنا دار من نفسي أو اداراني احد غيري ان المضطجع مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وتسليماته عليه، والجالس من


1) في البحار: بحزبهم 2) البحار: 109 / 125 وهو رسالته المعروف ب‍ (الخلعية) (*)

[ 14 ]

وراء ظهره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله. وأنا جاث على ركبتي وجاه المضطجع قبالته وبين يديه وحذاء صدره، فأراه صلوات الله عليه وآله متبسما في وجهي ممرا يده المباركة على جبهتي وخدي ولحيتي كأنه متبشر مستبشر لي منفس عني كربتي، جابر انكسار قلبي مستنفض بذلك عن نفسي حزني وكآبتي، وإذا أنا عارض عليه ذلك الحرز على ما هو مأخوذ سماعي ومحفوظ جناني. فيقول لي هكذا اقرأ هكذا: محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أمامي، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليها فوق رأسي، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله صلى الله عليه وآله عن يميني، والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتظر أئمتي صلوات الله وسلامه عليهم عن شمالي، وأبو ذر وسلمان والمقداد وحذيفة وعمار وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من ورائي، والملائكة عليهم السلام حولي، والله ربي تعالى شأنه وتقدست اسماءه محيط بي وحافظي وحفيظي، والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. واذ قد بلغ بي التمام فقال سلام الله عليه كرر، فقرأ وقرأت عليه بقراءته صلوات الله عليه، ثم قال أبلغ وأعاد علي، وهكذا كلما بلغت منه النهاية يعيده علي الى حيث حفظته، فانتبهت من سنتي متلهفا عليها الى يوم القيامة (1). كلماته القصار: له قدس سره القدسي كلمات قصار في النصائح والمواعظ، وهي: قال: أخلص معاشك لمعادك، واجعل مسيرك في مصيرك، وتزود مما تؤتاه زادك، ولا تفسد بمتاع الغرور فؤادك، ولا تهتم برزقك، ولا تغتم في طقسك، فالذي يبقيك يرزقك ونصيبك يصيبك. وقال ايضا: الموعظة إذا خرجت من صميم القلب ولجت في حريم القلب،


1) دار السلام للمحدث النوري: 2 / 52 – 53 (*)

[ 15 ]

وإذا خرجت من ناحية اللسان لم يتجاوز لم يتجاوز أصمخة الاذان. وبعبارة أخرى: العظة الناصحة تخرج من القلب السليم فتلج في القلب الصميم، فإذا نطق ذو سر سقيم كان كمن يقعقع حلقة من عظم رميم. وقال أيضا: المواعظ إذا خرجت من حريم القلب السليم ولجت في وتين القلب الصميم، وإذا كان مخرجها تقعقع أطراف اللسان فكأنما قد حلفت بمغلظات الايمان ان لا تتجاوز أصمخة الاذان، ولاتنفذ في منافذ الايمان ولا تدخل مشاعر الايقان وقال أيضا: اللسان مفتاح باب ذكر الله العظيم، فلا تحركوه بالفحش (باللغو) والاهجر، والقلب بيت الله الحرام فعظموه باخلاص النية فيه لله، ولا تدنسوه بأقذار الهواجس الردية والنيات المدخولة، والسر حرم نور الله وحريم بيته المحرم، فلا تلحدوا فيه بالنكوب عن حاق الحق الذي هو صراط الله المستقيم. وقال أيضا: إذا كان ملاك الامر حسن الخاتمة فراقب وقتك، واجعل خير أيامك يومك الذي أنت فيه، فلعله هو الخاتمة، إذ لا غائب أقرب من الموت، ولا باغت ابغت فلته وأفلت بغتة من الاجل ماغبر، ليس في يدك منه شئ وما يأتي في الغيب عنك ما خطبه، فما ميقات الاستدراك ووقت الاستصلاح الا حينك الحاضر، ان كان ما قد مضى وذهب عنك لك صالحا فلا تفسدنه عليك بما تكسبه الان، وان كان فاسدا فعليك الان بدرك فساده والخروج عن عهدته (1). صداقته مع الشيخ البهائي: كان بينه وبين البهائي العاملي من التآخي والخلطة والصداقة مايندر وجود مثله بين عالمين متعاصرين، وجدا في مكان واحد. ويدل على ذلك ما كتبه قدس سره الى الشيخ البهائي مراجعا: ولقد هبت ريح الانس من سمت القدس، فأتتني بصحيفة منيفة كأنها بفيوضها بروق العقل بوموضها، وكأنها بمطاويها أطباق الافلاك بدراريها، وكأن أرقامها بأحكامها، أطباق


1) هذه الكلمات نقلته عن خطه الشريف (*)

[ 16 ]

الملك والملكوت بنظامها، وكأن ألفاظها برطوباتها، أنهار العلوم بعذوبتها، وكأن معانيها بأفواجها بحار الحق بأمواجها، وأيم الله ان طباعها من تنعيم وان مزاجها من تسنيم، وان نسيمها لمن جنان الرمضوت، وان رحيقها لمن دفاق الملكوت. فاستقبلتها القوى الروحية، وبرزت إليها القوة العقلية، ومدت إليها فطنة صوامع السر أعناقها، من كوى الحواس وروزاة المدارك وشبابيك المشاعر، وكادت حمامة النفس تطير من وكرها شغفا واهتزازا، وتستطار الى عالمها شوقا وهزازا. ولعمري لقد ترويت، ولكني لفرط ظمأي ما ارتويت: شربت الحب كأسا بعد كأس * فما نفذ الشراب ولا رويت فلا زالت مرحمكم الجلية، مدركة للطالبين باضواء الاعطاف العلية، ومروية للظامئين بجرع الالطاف الخفية والجلية. ثم ان صورة مراتب الشوق والاخلاص التي هي وراء ما يتناهى بما لا يتناهى أظنها هي المنطبعة كما هي عليها في خاطركم الاقدس الانور الذي هو لا سرار عوالم الوجود كمرآة مجلوة، ولغوامض أفانين العلوم ومعضلاتها كمصفاة مصحوة. وانكم لانتم بمزيد فضلكم المؤملون لامرار المخلص على حواشي الضمير المقدس المستنير، عند صوالح الدعوات السانحات في منية الاستجابة ومظنة الاجابة بسط الله ظلالكم وخلد مجدكم وجلالكم، والسلام على جنابكم الا رفع الابهى، وعلى من يلوذ ببابكم الاسمى، ويعكف بفنائكم الاوسع الاسنى، ورحمة الله وبركاته أبدا سرمدا (1). وقد كانا معا موضع تقدير الشاه عبا س واحترامه، يسود بينهما الصفاء والود وقد ذكروا في كتب التراجم بعض القصص التي تمثل هذا الصفاء الذي كان يسود بينها. منها ما نقل أن السلطان شاه عباس الماضي ركب يوما الى بعض تنزهاته، وكان الشيخان المذكوران أيضا في موكبه، لانه كان لا يفارقهما غالبا، وكان سيدنا المبرور


1) سلافة العصر ص 478 (*)

[ 17 ]

مبتدئا عظيم الجثة، بخلاف شيخنا البهائي فانه كان نحيف البدن في غاية الهزال، فاراد السلطان ان يختبر صفاء الخواطر فيما بينهما، فجاء الى سيدنا المبرور وهو راكب فرسه في مؤخر الجمع، وقد ظهر من وجناته الاعياء والتعب لغاية ثقل جثته، وكان جواد الشيخ في القدام يركض ويرقص كانما لم يحمل عليه شئ. فقال: يا سيدنا ألا تنظر الى هذا الشيخ القدام كيف يلعب بجواده ولا يمشي على وقار بين هذا الخلق مثل جنابك المتأدب المتين. فقال السيد: أيها الملك ان جواد شيخنا لايستطيع ان يتأنى في جريه من شعف ما حمل عليه، ألا تعلم من ذا الذي ركبه. ثم أخفى الامر الى أن ردف شيخنا البهائي في مجال الركض، فقال: يا شيخنا ألا تنظر الى ما خلفك كيف أتعب جثمان هذا السيد المركب، واورده من غاية سمنه في العي والنصب، والعالم المطاع لابد أن يكون مثلك مرتاضا خفيف المؤونة. فقال: لاأيها الملك، بل العي الظاهر في وجه الفرس من عجزه عن تحمل حمل العلم الذي يعجز عن حمله الجبال الرواسي على صلابتها. فلما رأى السلطان المذكور تلك الالفة التامة والمودة الخالصة بين عالمي عصره نزل من ظهر دابته بين الجمع وسجد لله تعالى وعفر وجهه في التراب شكرا على هذه النعمة العظيمة. وحكايات سائر ما وقع أيضا بينهما من المصادفة والمصافاة وتأييدهما الدين المبين بخالص النيات كثيرة جدا، يخرجنا تفصيلها عن وضع هذه العجالة. على ان ذلك لم يذهب بروح التنافس بينهما، شأن كل عالمين متعاصرين عادة. فقد ورد ان الشيخ البهائي حين صنف كتابه الاربعين أتى به بعض الطلبة الى السيد الداماد، فلما نظر فيه قال: ان هذا العربي رجل فاضل لكنه لما جاء عصرنا لم يشتهر ولم يعد عالما.


[ 18 ]

مسلكه في الفلسفة: يغلب على تفكير السيد الروح الاشراقية، يتحرك في تيار الروح العرفانية، وقد اثر باتجاهه الاشراقي على تفكير تلميذه صدر المتألهين وملا محسن الفيض وترك على افكارهما ملامح كثيرة واضحة، ولعل أسماء كثير من كتب السيد توحي لنا بهذه الروح الاشراقية. ويدل على ذلك اختتام كتابه القبسات بدعاء النور، وهو: (اللهم اهدني بنورك لنورك، وجللنني من نورك بنورك، يا نور السموات والارض، يا نور النور، يا جاعل الظلمات والنور، يا نورا فوق كل نور، ويانورا يعبده كل نور، ويانورا يخضع لسلطان نوره كل نور، ويانورا يذل لعز شعاعه كل نور). وكثيرا ما يعبر عن ابن سينا بشريكنا السالف في رياسة الفلسفة الاسلامية، وعن الفارابي بشريكنا التعليمي وغيره. شعره: له ديوان شعر جيد نقتبس منه أشعاره العربية والفارسية. فمن مناشداته عند زيارة مولانا الرضا عليه السلام: طارت المهجة شوقا بجناح الطرب * لثمت سدة مولى بشفاه الادب نحو أوج لسماء قصد القلب هوى * ولقد ساعدني الدهر فيامن عجب أفق الوصل بدى إذ ومض البرق وقد * رفض القلب سوى ميتة تلك القلب * لاتسل عن نصل الهجر فكم في كبدي * من ثغور فيه وكم من ثقب


[ 19 ]

كنت لا أعرف هاتين أعياني هما * أم كؤوس ملئت من دم بنت العنب بكرة الوصل أئتني فقصصنا قصصا * من هموم بقيت لي بليال كرب قيل لي قبلك لم يؤثر من نار هوى * قلت دعني أنا مادمت بهذا الوصب أصدقائي أنا هذا وحبيبي داري * روضة الوصل ولم أغش غوامش الحجب * أنا في مشهد مولاي بطوس أنا ذا * ساكب الدمع بعين وربت كالسحب وله ايضا ينشد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: كالدر ولدت باتمام الشرف * في الكعبة واتخذتها كالصدف فاستقبلت الوجوه شطر الكعبة * والكعبة وجهها تجاه النجف وله أيضا في أول الجذوات: عينان لم يكتبهما قلم * في كل عين من العينين عينان نونان نونان لم يكتبهما رقم * في كل نون من النونين نونان قيل: العينان عين الابداع وعين الاختراع، والقلم قلم العقل الفعال، وفي عين الابداع عالم العقل وعالم النفس، وفي عين الاختراع علم المواد وعالم الصور. والنونان نون التكوين ونون التدوين، وفي نون التكوين الامكان الذاتي والامكان الاستعدادي، وفي نون التدوين أحكام الدين وقوانين الشرع المبين. وله أيضا بالفارسية: أي ختم رسل دو كون بيرانه تست * أفلاك يكي منبره بايه تست


[ 20 ]

كرشخص تراسايه نيفتد چه عجب * تو نوري وآفتاب خود ساية تست وله أيضا: كويند كه نيست قادر از عين كمال * بر خلقت شبه خويش حق متعال نزديك شداينكه رنك امكان كيرد * در ذات علي صورت اين أمر محال وله ايضا: أي علم ملت ونفس رسول * خلقه كش علم تو كوش عقول أي بتو مختوم كتاب وجود * وي بتو مرجوع حساب وجود داغ كش ناقه ء تومشك ناب * جزيه ده سايه تو آفتاب خازن سبحاني تنزيل وحي * عالم رباني تأويل وحي آدم از اقبال تو موجود شد چون تو خلف داشت كه مسجود شد تاكه شده كنيت نو بو تراب * نه فلك از جوي زمين خورده آب راه حق وهادي هر كمرهي * ماظلماتيم وتو نور الهي آنكه كذشت از تو وغيري كزيد * نور بداد ابله وظلمت خريد در كعبة قل تعالوا ازمام كه زاد * ازبازوي باب حطه خيبر كه كشتاد برناقه لا يؤدي الاكه نشست * بردوش شرف باى كراسي كه نهاد در مرحله على نه چون است ونه چند * درخانه حق زاده بجانش سوكند بى فرزندي كه خانه زادي دارد * شك نيست كه باشدش بجاي فرزند وله ايضا: تجهيل من أي عزيز آسان نبود * بى از شبهات محكم تر از ايمان من ايمان نبود * بعد از حضرات مجموع علوم ابن سينا دائم * بافقه وحديث وينها همه ظاهر است وبنهان نبود * جز بر جهلات


[ 21 ]

وله ايضا: چشمي دارم چو حسن شيرين همه آب * بختى دارم چو جسم خسرو همه خواب جاني دارم چو جسم مجنون همه درد * جسمي دارم چو زلف ليلى همه تاب وله أيضا: از خون فلك قرص جوى بيش مخور * انكشت عسل مخواه وصد نيش مخور از نعمت الوان شهان دست بدار * خون دل صد هزار درويش مخور مشايخه ومن روى عنهم: 1 – السيد حسين بن السيد حيدر الحسيني الكركي العاملي ثم الاصفهاني (1) 2 – الشيخ عبد العالي بن الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي (2). 3 – الشيخ عبد علي بن محمود الخادم الجابقلي خال الشيخ محمد بن على ابن خاتون العاملي (3). 4 – السيد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي قال في الرياض: ويروى عنه السيد الداماد، وقد اتصل به في المشهد المقدس الرضوي، قال قدس سره في سند بعض الاحراز المروية عن الائمة عليهم السلام هكذا: ومن طريق آخر رويته عن السيد الثقة الثبت المركون إليه في فقه المأمون في حديثه على بن ابي الحسن العاملي رحمه الله تعالى قراءة وسماعا واجازة سنة ثمان وتسعمائة من الهجرة المباركة


1) رياض العلماء: 2 / 88 2) أمل الامل: 1 / 110 3) أمل الامل: 2 / 155 (*)

[ 22 ]

النبوية في مشهد سيدنا ومولانا أبي الحسن الرضا صلوات الله وتسليماته عليه بسناباد طوس. ثم قال: والظاهر عندي انه بعينه والد السيد محمد صاحب المدارك وصهر الشهيد الثاني، وان لم يصرح به الشيخ المعاصر أيده الله. ولا استبعاد في ملاقاته لاتحاد العصر، مع أن السيد الداماد رواه في أوائل عمره، كما يظهر من بعض المواضع أنه وروده قدس سره بمشهد الرضا عليه السلام كان في أوائل بلوغه، وقد صرح نفسه في بعض كتبه ايضا. ثم قال: وقال السيد الداماد في سند بعض الادعية، رويته عن السيد الثقة الثبت المركون إليه في فقهه المأمون في حديثه علي بن ابي الحسن العاملي (رحمه الله تعالى) في مشهد مولانا الرضا عليه السلام عن الشهيد الخ (1). 5 – السيد أبو الحسن الموسوي العاملي. قال المحدث العاملي في أمل الامل في ترجمته: وعنه يروي السيد الداماد (2) وقال في الرياض بعد ذكر عبارات أمل الامل: وظني أنه سهو، إذ السيد الداماد يروي عن السيد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي، لاعن والده أبي الحسن، ثم ذكر سنده في سند حرز من احراز الادعية المتقدمة. ثم قال: وقد عده الشيخ المعاصر على حدة، فلعل السيد الداماد روى عن والد هذا السيد أيضا، ويكون والده أيضا من تلامذة الشهيد الثاني، فلا اشكال. فلاحظ (3). 6 – السيد نور الدين علي ين السيد الزاهد الحسين بن أبي الحسن الحسيني الموسوي العاملي الجبعي والد صاحب المدارك.


1) رياض العلماء: 3 / 330 – 331 2) أمل الامل: 1 / 192 3) رياض العلماء: 5 / 452 (*)

[ 23 ]

قال في الرياض: وكان من مشائخ السيد الداماد، ولاقاه في مشهد الرضا عليه السلام (1). وقال: والظاهر عند ي اتحاد السيد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي مع السيد نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي، للاتحاد في أكثر المذكورات، واتحاد العصر، والنسبة الى الجد شائع، والشيخ المعاصر اعتقد تعددهم وعقد لهما ترجمتين (2). وقال: فظن: التعدد وايرادهما في ترجمتين، كما فعله الشيخ المعاصر في أمل (3) الامل غير مستقيم. ثم قال: وأما الاشكال في أن ملاقاة السيد الداماد لوالد صاحب المدارك، وخاصة قي مشهد الرضا عليه السلام مما لم ينقل، ولاسمع مجئ والد صاحب المدارك الى بلاد العجم أصلا، فكيف بمشهد الرضا عليه السلام، فهو وهم، وقد كان ملاقاته له في أوائل عمر السيد الداماد (4). 7 – الشيخ حسين عبد الصمد العاملي روى عنه اجازة. تلامذته والراوون عنه: قد تخرج على يديه جملة من الاكابر منهم: 1 – السيد أحمد بن السيد زين العابدين الحسيني العاملي، وكان صهر السيد الداماد، قال في الرياض: وقد أجاز له اجازد اثنى عليه وذكر أنه قرأ عنده بعض كتاب الشفاء وغيره (5).


1) رياض العلماء: 3 / 417 2) رياض العلماء: 3 / 331 3) أمل الامل: 1 / 119 4) رياض العلماء: 3 / 417 5) رياض العلماء: 1 / 39 (*)

[ 24 ]

2 – المولى عبد الله بن الحاج حسين بابا السمناني (1). 3 – المولى الكبير الجليل مولانا خليل بن الغازي القزويني (2). 4 – المولى عبد الغفار بن محمد بن يحيى الرشتي الجيلاني، قال في الرياض وله حاشية على كتاب التقديسات لاستاذه السيد الداماد، وحاشية على كتاب الايقاضات لاستاذه المذكور أيضا، وحاشيته على كتاب أفق المبين لاستاذه أيضا، ورسالة في المشاجرات التي وقعت بين المولى مراد التفريشي وبين بعض فضلاء العصر ولعله السيد الداماد في طائفة من المسائل الحكيمة والفقهية والمحاكمة بينهما وتحقيق الحق فيها (3). 5 – المولى محمود بن الا ميرزا علي الاصفهاني (4). 6 – السيد محمد تقي بن أبي الحسن الحسيني الاسترابادي (5). 7 – المولى صدر الدين محمد الشيرازي صاحب الاسفار (6). 8 – الفيلسوف عبد الرزاق اللاهيجي. 9 – الحكيم ملا محسن الفيض الكاشاني 10 – سلطان العلماء 11 – الشيخ شمس الدين الاشكوري صاحب محبوب القلوب 12 – مير فضل الله الاسترآبادي 13 – السيد الامير منصور بن محمد. الرياض 5 / 43


1) رياض العلماء: 2 / 240 و 3 / 207 و 210 و 4 / 276 2) رياض العلماء: 2 / 261 3) رياض العلماء: 3 / 157 و 158 و 5 / 401 4) رياض العلماء: 4 / 306 5) رياض العلماء: 5 / 46 6) شرح اصول الكافي ص 16 وروضات الجنات 2 / 65 (*)

[ 25 ]

اجازته لسلطان العلما: له قدس سره اجازة لبعض أفاضل عصره ولعله سلطان العلماء قال: بسم الله الرحمن الرحيم والاعتصام بالعزير العليم، صدر كتاب الوجود، حمد سلسلتي البدؤ والعود، لمدبر عوالم الصنع والابداع، وصدرة نظام الكون صلاة العقل، والنفس في قوتي النظم والعمل على سفرة صقع النور، وخزنة سر الوحي وحملة سنة الدين وهداة سبيل القدس بمعالم الشرع والايزاع. وبعد فان التي احتوتها صدور هذه الاوراق، وبطون هذه الاطباق، عضة من صحفي ومصنفاتي وزبري ومرصفاتي، فيها عضون من جذوات قبساتي وخلسات خلساتي، يتمض (1) بها المستربض المتبصر، ويلتمظ منها المستفيض الممتصر، قد اصطادتها شركة الانتساخ، وأقتصتها شبكة الاستنساخ، اختداما لخزنة كتب نواب الصدر الاعظم، المخدوم المعظم، سلطان أعاظم الصدور والامراء، برهان أكارم العلماء والفقهاء، الفهامة المقدام، والعلامة المكرام، ملاذ الاسلام والمسلمين، ملاك الايمان والمؤمنين. لا زالت مطالع سيادته وصدارته وسماه وهداه، كمجالي اسمه السامي، ولقبه الطامي، على قصوى مدار الحمد والرضا، وقصيا معارج المجد والعلى، ولاعدت الايام أضواء ثواقب حضرته، ولافقدت الادوار أنوار كواكب دولته، رجاء أن يشرح صدر غوامض مباحثها بلحظ بصره القدسي، ويرفع قدر مغامض مداحضها بلحاظ نظره القدوسي. واني قد أجزت له خلد الله ظلاله ان يرويها كما شاء وكيف شاء، وأن يفيض على المستفيضين بسط أنوارها، وكشط أستارها، وحل مستشكهاتها وكشف مستبهماتها، وهداية التائقين الى حمل عرش حملها، وروايتها، وارواء الظامئين في مهامة فقهها ودرايتها.


1) يتمض افتعال من الوموض. والمستربض استفعال من الروضة (منه) (*)

[ 26 ]

وكتب بيمينه الجانية الفانية المستديم لظلال جلاله، وشروق عزه واقباله، أحوج المربوبين، وأفقر المفتاقين، الى رحمة ربه الرحمن، الحميد الغني محمد ابن محمد يدعى باقر الداماد الحسيني، ختم الله له في نشأيته الحسنى، وسقاه في المصير إليه من كأس المقربين ممن لديه الزلفى، وجعل خير يوميه غده، ولا أوهن من الاعتصام بحبل فضله العظيم يده، في هزيع من سابع ذي القعدة الحرام لعام 1024 من أعوام الهجرة المباركة المقدسة النبوية حامدا مصليا مسلما (1). وله اجازات أخر لتلامذته بالخصوص صهره المير سيد أحمد العاملي راجع اجازات البحار. تآليفه القيمة: كتب المترجم مؤلفات ورسائل كثيرة، قد تجاوزت جهود الفرد الوحد تمثل اضطلاعه بجوانب العرفة الشاملة، ومن بينها مؤلفات مشهورة قيمة، لا تزال معينا للعلماء الى اليوم، وقد يعجب المرأ من وفرة تآليفه، ذات المواضيع المختلفة والمعارف المتعددة. ولاريب أن ذكاءه المفرط وذاكرته العجيبة ووعيه الشامل، كان ذلك من الاسباب الرئيسية في تغلبه على تلك العقبات التي تحول دون تأليفه وتصنيفه وهي: 1 – اثبات سيادة المنتسب بالام الى هاشم. لؤلؤة البحرين ص 134 2 – الاعضالات العويصات في فنون العلوم والصناعات ذريعة 2 / 238 طبع مع السبع الشداد له سنة 1317. 3 – الافق المبين في الحكمة الالهية ذريعة 2 / 261 غير مطبوع. 4 – أمانة الهي فارسي في تفسير آية الامانة، كتبه للنواب (قوجي باشي) الهمداني الصفوي النسب أوان كونه في موكب السلطان في شيراز ذريعة 2 / 345. 5 – أنموذج العلوم عدة في الذريعة 2 / 404 كتابا مستقلا، مع انه نفس كتاب


1) نقلته عن خطه في بعض مكتوباته بقلمه المنيف (*)

[ 27 ]

الاعضالات العويصات المتقدم. 6 – الايام والليالي الاربعة وأعمالها بالفارسية، الرياض 5 / 41 7 – الايقاضات في خلق الاعمال وأفعال العباد مشتمل على الادلة العقلية والايات والروايات الذريعة 2 / 507 والرياض 5 / 41 طبع على هامش القبسات له في طهران سنة 1315 8 – الايماضات والتشريقات في مسألة الحدوث والقدم، كتبه بعد الافق المبين والصراط المستقيم الذريعة 2 / 509 طبع مع القبسات سنة 1315. 9 – تأويل المقطعات في أوائل السور القرآنية. الذريعة 3 / 307 10 – تشريق الحق في المنطق. نسبه الى نفسه في السبع الشداد الرياض 5 / 42 11 – تصحيح برهان المناسبة على تناهي الابعاد. الرياض 5 / 42 12 – التصحيحات والتقويمات شرح على المختصر الموسوم بتقويم الايمان الذريعة 4 / 195 واشار إليه في التعليقة على الكافي ص 342 13 – التصحيفات. وهو مختصر في بيان بعض التصحيفات مثل تصحيف تايعت في زيارة عاشوراء بالباء الموحدة، وتصحيف محلئين في الزيارة الرجبية بالخاء المعجمة، وغير ذلك مما ذكرها في الرواشح (ص 133 – 157) الذريعة: 4 / 196. 14 – تعليقات وبراهين على المجسطي. قال في الرياض 5 / 42: رأيتها بخطه في بلدة لاهيجان. 15 – تعليقات على الهيئة فارسي. رآه صاحب الرياض بخطه في بلدة لاهيجان الرياض 5 / 42 16 – التعليقة على الاستبصار مطبوع في الاثنى عشر رساله له. 17 – التعليقة على اصول الكافي طبع أخيرا سنة (1403) بتصحيحنا وتحقيقنا وتعليقنا عليه. 18 – التعليقة على الهيات الشفا الرياض 5 / 44.


[ 28 ]

التعليقة على أوائل القواعد الشهيدية الرياض 2 / 203 راه بخطه الشريف 20 – التعليقة على تهذيب الاحكام اشار إليه في التعليقة على الرجال هذا الكتاب بين يديك. 21 – التعليقة على حاشية الخفري الرياض 5 / 44 22 – التعليقة على حاشية السيد الرياض 5 / 42 23 – التعليقة على الخلاصة للعلامة صرح به في هذا الكتاب 24 – التعليقة على الدروس للشهيد الاول صرح به في هذا الكتاب 25 – التعليقة على رجال ابن داود صرح به في هذا الكتاب 26 – التعليقة على رجال الشيخ الطوسي الرياض 5 / 43 27 – التعليقة على رجال الكشي وهو هذا الكتاب الذي بين يديك 28 – التعليقة على رجال النجاشي صرح به في هذا الكتاب 29 – التعليقة على شرح مختصر العضدي الرياض 5 / 42 30 – التعليقة على الصحيفة المكرمة السجادية صرح به في أكثر كتبه وسيطبع انشاء الله بتحقيقنا وتعاليقنا عليه. 31 – التعليقة على طبيعيات الشفاء الرياض 5 / 44 بخطه 32 – التعليقة على مختلف الاحكام للعلامة طبع في الرسالة الاثنى عشر له بالاوفست على النسخة المخطوطة 34 – التعليقة على من لا يحضره الفقيه صرح به في هذا الكتاب 35 – التعليقة على نفلية الشهيد طبع في الاثنى عشر رسالة 36 – التعليقة على نهج الدعوات صرح به في هذا الكتاب 37 – تفسير سورة الاخلاص المطبوع في الاثنى عشر رسالة للمؤلف 38 – تقدمه تقويم الايمان الذريعة: 4 / 364 39 – التقديسات في الحكمة الالهية الذريعة 4 / 364 40 – تقويم الايمان الذريعة 4 / 396


[ 29 ]

41 – الجذوات في الحكمة وخواص الحروف، ألفها بالفارسية بأمر السلطان شاه عباس بسفارة مولانا مظفر المنجم في شرح كلام بعض أفاضل الهند في حكمة احراق الجبل حين تكلم موسى مع الله تعالى مع عدم احراقه، طبع سنة 1302 في بمبي. 42 – الجمع والتوفيق بين رأيي الحكميين في حدوث العالم الذريعة 5 / 134 43 – الجنة الواقية في الدعاء. قال في الرياض 5 / 44 وقد تنسب إليه رسالة الجنة الواقية في الدعاء وهي مشهورة، وقد رأيت على خلف نسخة منها أنها تأليف هذا السيد، والظن أنه سهو. وقال في الذريعة 5 / 162: لاأرى وجها لنسبة المختصر الى الميرد اماد كما في بعض المواضع، غير أن المير داماد لما استحسن المختصر كتب بخطه نسخة منه ولم ينسبه الى أحد، وكتب امضائه في آخر مكتوبه، فلما وجدت النسخة بخطه وتوقيعه من غير نسبة الى أحد نسبوه إليه الى آخر مكتوبه، فلما وجدت النسخة بخطه وتوقيعه من غير نسبة الي أحد نسبوه إليه الي آخر ما قال. والظاهر أن الكتاب للكفعمي والله أعلم. 44 – جواب استفتاءات كثيرة الرياض 5 / 42. 45 – جواب سؤال تلميذه السيد الامير منصور بن محمد في حدوث العالم 46 – جواب السؤال عن اختلاف الزوجين قبل الدخول في قدر المهر مختصرة الرياض 5 / 41 48 – جيب الزاوية الذريعة 5 / 303 48 – الحبل المتين في الحكمة الذريعة: 6 / 239 49 – حدوث العالم ذاتا وقدمه زمانا انتصر فيه لارسطو على افلاطون وانتقد على الفارابي لجمعه بين الرأيين الذريعة 6 / 292 وهو كتابه الجمع والتوفيق المتقدم. 50 – الحكمة اليمانية الرياض 5 / 41. 51 – خطب جمعة لصلاة الجمعة وقد طبع مع الاثنى عشر رسالة له. 52 – خلسة الملكوت صرح به في التعليقة على أصول الكافي ص 185 و 310 وطبع أخيرا مع القبسات ويسمى أيضا بصحيفة القدس.


[ 30 ]

53 – ديوان شعره بالعربي والفارسي في الرياض: وقد جمع أشعاره العربية والفارسية صهره أمير سيد أحمد بن زين العابدين العلوي في ديوان بأمر السلطان شاه صفي، وكان يتلخص ب‍ (اشراق) وقد رأيت هذا الديوان ببلدة ساري. طبع. 54 – رسالة الخليعة ذكرناها في مكاشفاته. 55 – رسالة في ابطال الزمان الموهوم الذريعة 11 / 6 56 – رسالة في أغلاط الشيخ البهائي وتصحيفاته الرياض 5 / 44 رآها في بلدة رشت. 57 – رسالة في أن اليوم الشرعي من طلوع الشمس لا طلوع الفجر الرياض 5 / 42 58 – رسالة في تحقيق حقيقة القياسات المنطقية وكيفية انتاجها لم تتم على الظاهر الرياض 5 / 42 59 – رسالة في حقيقة القدرة والارادة والداعي. سئل عنها في بيت المقدس الرياض 5 / 44 60 – رسالة في طهارة الماء مع ملاقاة النجاسة إذا لم تتعد الرياض 5 / 44 61 – رسالة في مسألة علم الواجب تعالى مختصرة الرياض 5 / 44 62 – رسالة في وجوب صلاة الجمعة طبع مع الاثنى عشر رسالة له. 63 – الرواشح السماوية في شرح الاحاديث الامامية طبع سنة 1311. 64 – السبع الشداد طبع سنة 1317. 65 – سدرة المنتهى في تفسير سورة الحمد والجمعة والمنافقين الرياض 5 / 44 رآها في بلدة رشت وقال: ولعلها لم تتم. 66 – شارع النجاة خرج منه كتاب الطهارة ألفه بالتماس محمد رضا جلبي التبريزي الاسطنبولي الاصفهاني بالفارسية حسنة الفوائد، طبع في الاثنى عشر رسالة للمؤلف. 67 – شرح الاستبصار الذريعة 13 / 83 ولعله متحد مع تعليقته عليه.


[ 31 ]

68 – شرح خطبة البيان الرياض 5 / 42 69 – شرح تقدمة تقويم الايمان الذريعة 13 / 151 70 – شرح تقويم الايمان الذريعة 13 / 151 وهو نفس كتاب التصحيحات والتقويمات. 71 – صرح النيروزية ابن سينا صح به في هذا الكتاب 72 – شرعة التسمية في النهي عن تسمية صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وعجل الله فرجه الذريعة: 14 / 178. 73 – الصراط المستقيم في ربط الحادث بالقديم مبسوط جدا، مشتمل على مسائل حكيمة كثيرة جدا لم يتم ألفه بالفارسية حسنة الفوائد صرج به في اكثر كتبه وبالخصوص التعليقة على الكافي ص 197 و 315. 74 – ضوابط الرضاع طبع في مجموعة كلمات المحققين سنة 1315. 75 – عيون المسائل في العبادات طبع في الاثنى عشر رسالة له سنة 1397. 76 – القبسات الحق اليقين في الحكمة طبع أخيرا على أحسن حال، ويا ليت كانت تطبع سائر مؤلفاته كذلك. 77 – كلمات القصار في المواعظ والنصايح طبع في الاثنى عشر رسالة للمؤلف 78 – محجة الاستقامة في الامامة، مشتمل على أخبار العامة والخاصة والادلة العقلية والنقلية الرياض 5 / 42 97 – مشرق الانوار، مثنوي تتبع فيه (مخزن الاسرار) للنظامي طبع مع ديوانه بايران في 1350 راجع الذريعة: 19 / 296 80 – نبراس الضياء في معنى البداء الذريعة 24 / 28 81 – نفي الجبر والتفويض الذريعة 24 / 268. وغيرها من الرسائل والكلمات، وله على كل واحد من تصانيفه حواشي كثيرة جدا، حتى أن في بعضها صارت الحواشي بقدر الاصل أو أزيد.


[ 32 ]

وكذا له على أكثر الكتب في فنون شتى تعليقات كثيرة غير مدونة، وله فوائد كثيرة متفرقة في علوم عديدة. ولادته ووفاته: لم يذكر في التراجم تاريخ ولادته، والذي يستبين لي من التتبع في تاريخ اجازته أن ولادته كان حوالي سنة (960). وأما وفاته فانه قد سافر من اصفهان سنة (1041) بصحبة الشاه صفي الدين الصفوي الى زيارة العتبات المقدسة، وذلك في أواخر عمره، ففاجأته المنية قرب قرية ذي الكفل بين الحلة والنجف في السنة المذكورة. وفي الرياض: ومات في الخان الذي بين كربلاء والنجف في بر مجنون انتهى. وكان قد سبقه الشاه صفي الدين الى النجف، فحمل جثمانه الى مثواه الاخير النجف الاشرف، واستقبله الشاه وحاشيته وأهل البلد بكل تجلة واحترام، ودفن فيها رحمه الله، وكان يوم وفاته يوما مشهودا. ورثاه الشعراء بقصائد بليغة، وما قيل في مادة تاريخ وفاته: (عروس علم را مرد داماد) وما قيل أيضا: والسيد الداماد سبط الكركي * مقبضه الراضي عجيب المسلك. حول الكتاب: نبحث في هذا المقام عن أمور: الاول: أنه ليس للكتاب عنوان خاص يختص بها، وانما هو بعنوان (التعليقة) أو (الحاشية) أو (الشرح) على رجال الكشي، وكلها ترجع الى معنى واحد، هذا ولكن كل من المترجمين له عبروا عن الكتاب بأحد منها. ففي الرياض قال: وله شرح رجال الكشي – وان عبر بعد بعنوان (الحاشية)


[ 33 ]

عليه – وذلك لانه رأى أن السيد بسط الكلام حول المتن في بعض المواضع، فلذا سماه ب‍ (شرح رجال الكشي). والشيخ الطهراني عبر عن الكتاب في الذريعة بعنوان (الحاشية على رجال الكشي) وذلك حيث رأي أن السيد لم يشرح المتن بتمامها، وانما علق عليه بقوله (قوله) وذلك آية الحاشية. وأما هل فرق بين الحاشية والتعليقة، فأقول: أنه لافرق في الواقع بينهما، غير ما تداول في الالسن من ان التعليقة، تختص بالعلوم العقلية، والحاشية لغيرها، كأنهم ما أحبوا تسمية تعليقاتهم الفلسفية بالحاشية، لما يترآ منها من معنى الحشو. وبما أن السيد الداماد يحيل الى بعض مصنفاته في كتبه بعنوان معلقاتنا على كتب الاصحاب، اخترنا عنوان (التعليقة على رجال الكشي أو اختيار معرفة الرجال) للكتاب. الثاني: تمتاز هذه النسخة من الرجال الكشي المطبوع في أعلى صفحات التعليقة عن غيرها، بكونها مصححة علي يد السيد الداماد، وذلك أنا عثرنا علي نسخة مخطوطة من الرجال الكشي وعليها بعض تعاليقه بخطه، والسيد قابل هذه النسخة مع نسخ صحيحة عتيقة أخرى كانت عنده وصححها عليها، كما أشار السيد إليها في التعليقة بعبارات شتى منها: التصريح بكلمة (النسخ العتيقة) أو التصريح بكلمة (في نسخة عتيقة كأنها أصح النسخ) أو التصريح بكلمة (طائفة جمة من النسخ) أو التصريح بكلمة (عصبة من النسخ) أو التصريح بكلمة (النسخ الكثيرة) وهكذا (الموثوق بصحتها) وهكذا (النسخ الحديثة السقيمة) وهكذا (بعض النسخ) وهكذا (نسخ عديدة) وهكذا (عضة من النسخ) وهكذا (نسخ معدودات) وهكذا (نسخ عديدة) وهكذا (عدة نسخ) هكذا (عامة النسخ) وهكذا (أكثر النسخ). والمستفاد من جميع هذه التعبيرات ان السيد كان عنده نسخ كثيرة، وبهذا الاعتبار صحح نسخته عليها، ومع ذلك أنا نرى هذا التصيح غير موجود في النسخ


[ 34 ]

المطبوعة من الرجال، فنسخة الرجال هذه تعد نسخة مستقلة للباحثين. الثالث: حيث أن السيد لم يساعده التوفيق لمقابلة تمام نسخته هذا مع النسخ الموجودة عنده وانما اكتفى في مورد التعليقة على الرجال وغيرها نادرا ولذا اعتمدنا كثيرا على نسخة الرجال المطبوع بجامعة مشهد، الذي صححه وعلق عليه الفاضل المتتبع الشيخ حسن المصطفوي دام عزه حيث ساعده التوفيق لمقابلة هذا الكتاب وتصحيحه على نسخ مخطوطة ممتازة، واعتمد على النصوص من مصادرها، و لتسهيل مراجعة الباحثين اقتفيت أثره في هذا الكتاب في ارقام الاحاديث وعناوينها الاماشذ وندر فجزاه الله عنا خير جزاء المحسنين. الرابع: يشتمل هذه التعليقة على بحوث رجالية وفلسفية، وكذلك يتضمن دراسة لغوية حول لغة الاحاديث والفاظها وقد كتب السيد الداماد كل ذلك باسلوبه المتميز الذي يتسم بالعذوبة والروعة. هذا ومن الاسف الشديد أن السيد لم يساعده التوفيق على تعليقة الكتاب تمامها، وانما علق الى أوائل الجزء السادس وبقي بقية الكتاب بلا تعليقة منه، كما نشير إليه في موضعه. الخامس: لم توجد لدي بعض المصادر الذي ينقل عنها السيد الداماد في التعليقة، ومع الفحص المفرط لم اعثر عليها، وذلك مثل جامع الاصول حيث ينقل كثيرا عن فوائده الرجالية، وهي تقع في الاجزاء الغير المطبوعة بعد الاثنى عشر جزءا المطبوع. وكذا ينقل عن كتاب المغرب للمطرزي في اللغة، وهو مطبوع لكن لم اعثر عليه، وكذا ينقل كثيرا عن اختيار رجال الكشي للسيد جمال الدين أحمد بن طاووس وغيرها من المصادر المخطوطة النادرة الوجود. وجدير أن يقال: ان هذه التعليقة تعد مصدرا للباحثين، وينقلون عنها كثيرا، كالعلامة المجلسي في البحار، والفاضل الافندي في الرياض وغيرهما ممن تأخر


[ 35 ]

طبقته عنهما الى زماننا هذا، يستشهد بكلامه المؤالف والمخالف. مصادر التحقيق والتصيح: قوبل هذا الكتاب على ثلاث نسخ: 1 – نسخة مخطوطة ثمينة بخط السيد الداماد المكتوبة على هوامش نسخة رجال الكشي، وهي ليس تمام التعليقة، والنسخة موجودة في خزانة (كتابخانه ملك) بطهران بالرقم 3589. وجعلت رمز النسخة (م). 2 – نسخة كاملة من أولها الى آخرها بخط النسخ وهي تقع في 235 صحيفة كل صفحة 21 سطرا، ولم يعرف كاتبها ولا تاريخها، والنسخة محفوظة في مكتبة (مجلس الشوري) وجعلت رمز النسخة (س). 3 – نسخة كاملة من أولها الى آخرها بخط النسخ، وهي تقع في (284) صحيفة كل صفحة 14 سطرا، طول كتابتها 5 / 18، وعرضها 12 سانتميترا، ولم يعرف كاتبها ولا تاريخها، والنسخة محفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله الوارف، وجعلت رمز النسخة (ن). وقد بذلت الوسع في تصحيح الكتاب وعرضه على الاصول المنقولة عنها أو المصادر المأخوذ منها، الاما لم أعثر عليها، ولم آل جهدا في تنميقه وتحقيقه حق التحقيق. لفت نظر: أرجو من العلماء الافاضل الذين يراجعون الكتاب أن يتفضلوا علينا بما لديهم من النقد وتصحيح ما لعلنا وقعنا فيه من الاخطاء والاشتباهات والزلات. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات اعمالنا وزلات أقدامنا وعثرات أقلامنا، فهو الهادي الى الرشاد، والموفق للصواب والسداد، والسلام على من اتبع الهدي. 15 / 6 / 1404 قم المشرفة السيد مهدي الرجائي


[ 1 ]

اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى لشيخ الطائفة ابى جعفر الطوسى (قده) تصحيح وتعليق المعلم الثالث ميرداماد الاسترابادي تحقيق السيد مهدى الرجائى مؤسسه آل البيت عليهم السلام


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم 1 – حمدويه بن نصير الكشي، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العليم المهيمن المبين، والصلاة على مصطفيه على العالمين، ومجتبيه من الاولين والاخرين، محمد وآله الطاهرين وعترته الاطهرين وحامته الاقربين وأهل بيته الاطيبين. قول الشيخ الحديث الحافظ الناقد الرواية أبى عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشى رحمه الله تعالى فيما أورده شيخ الطايفة في كتاب الاختيار من كتابه: حمدويه. باهمال الحاء وفتحها وفتح الواو بين الدال المهملة المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة ” ويه ” أو ” ويها ” كلمة اغراء بالشئ واستحثاث عليه تنون بالرفع والنصب ويستوي فيها الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وذهب فيها قوم إلى البناء فقيل: يبنى على الضم وقيل: بل على الكسر مطلقا، ويكون للصوت يختم به الاسم كسيبويه وسختويه وبابويه وقولويه، وكل اسم ختم ب‍ ” يه ” ففيه لغات مختلفة بالجزم والكسر والضم والا شهر فيه الكسر.


[ 4 ]

[… ] – واختاره الجوهري في الصحاح قال: وويه كلمة يقال في الاستحثاث، واما سيبويه ونحوه من الاسماء فهو اسم مبني (1) مع صوت فجعلا اسما واحدا، وكسروا آخره كما كسروا غاق لانه ضارع الاصوات وفارق خمسة عشر، لان اخره لم يضارع الاصوات فينون في التنكير، ومن قال هذا سيبويه ورأيت سيبويه واعرابه (2) باعراب مالا ينصرف ثناه وجمعه، فقال: السيبويهان والسيبويهون، واما من لم يعربه فانه يقول في التثنيه ذوا سيبويه وكلاهما سيبويه، ويقول في الجمع ذو وا سيبويه وكلهم سيبويه (3). والنسخ المضبوطة مختلفة في نصير بضم النون وفتح المهملة على التصغير وبالفتح والكسر على فعيل. واختلف قول الحسن بن داود في كتابه: ففي ترجمة الرجل خالف العلامة في ضبط اسم أبيه فقال: حمدويه بفتح الحاء وبالدال المهملتين والصوت ابن نصير بالفتح ابن شاهي بالمعجمعة أبو الحسن لم جخ أوحد زمانه لا نظير له (4). وفي ترجمة أخيه ابراهيم كان قد طابقه في الخلاصة وقال: ابراهيم بن نصير بالتصغير والصاد المهملة الكشى لم جخ ثقة مأمون كثير الرواية (5). فكأنه قد ذهل عن كون حمدويه وابراهيم أخوين من جهة الاب، أو رجع في ضبط أبيهما أخيرا عما (6) قد ضبطه أولا وهذا أظهر.


1) في ” ن ” و ” س “: بنى 2) وفى المصدر: فأعربه 3) الصحاح 6 / 2258 4) رجال بن داود: 134 5) رجال ابن داود: 19 6) في ن: كما (*)

[ 5 ]

الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن ابى عبد الله عليه السلام قال اعرفوا منازل الرجال منا على قدر روايتهم عنا والكشي بفتح الكاف واعجام الشين المشددة نسبة إلى كش بالفتح والتشديد، البلد المعروف على مراحل من سمرقند منه كثير من مشيختنا ورجالنا وعلماؤنا، وضم الكاف فيه من الاغلاط الدائرة على ألسن عوام الطلبة كما التشديد في النجاشي قال الفاضل المهندس البرجندي في كتابه المعمول في مساحة الارض وبلدان الاقاليم: كش بفتح الكاف وتشديد الشين المعجمة من بلاد ما وراء النهر بلد عظيم ثلاثة فراسخ في ثلاث فراسخ، والنسبة إليه كشي. وأما ما في القاموس: الكش بالضم الذي يلقح به النخل وكش بالفتح قرية بجرجان (1). فقد أوردت في الرواشح السماوية (2) أنه من أغلاط الفيروز آبادي، وعلى تقدير الصحة فليست هذه النسبة إلى تلك القرية ولا في المعروفين من العلماء والمحدثين من يعد من أهلها، فمن كش ما وراء النهر أبو عمرو الكشي صاحب كتاب الرجال وشيخه حمدويه ابن نصير الكشي والعياشي محمد بن مسعود الكشي. قال الشيخ في كتاب الرجال في باب لم: حمدويه بن نصير بن شاهي سمع يعقوب بن يزيد، يروي عن العياشي يكنى أبا الحسن عديم النظير في زمانه كثير. العلم والرواية ثقة حسن المذهب (3). قوله رحمه الله: عن محمد بن سنان العلامة رحمه الله تعالى في المختلف والمنتهى كثيرا ما يستصح الحديث وفي الطريق محمد بن سنان، وفي الخلاصة توقف في صحة حديثه (4).


1) القاموس: 2 / 286 2) الرواشح السماوية: 76 3) رجال الشيخ: 463 4) الخلاصة: 251 قال: والوجه عندي التوقف فيما يرويه (*)

[ 6 ]

2 – محمد بن سعيد الكشي ابن مزيد وأبو جعفر محمد بن أبى عوف البخاري قالا: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن حماد المروزي المحمودي، يرفعه، قال: قال الصادق (عليه السلام) اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فانا لانعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا. فقيل له أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال يكون مفهما والمفهم محدث. 3 – ابراهيم بن محمد بن العباس الختلي، قال حدثنا أحمد بن ادريس القمي المعلم، قال حدثني أحمد بن يحيى بن عمران، قال حدثني سليمان الخطابي، قال حدثني محمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن محمد بن حمران العجلي، عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال – اعرفوا منازل الناس منا على قدر رواياتهم عنا. وكلام الاصحاب فيه مختلف، وسيجئ في كلام أبي عمرو الكشي (رحمه الله تعالى) أنه يروي عن محمد بن سنان جماعة من العدول والثقاة وأهل العلم، وذلك آية حسن حاله. وقد وثقه الشيخ المفيد، وقول الشيخ في مواضع من كتبه قد اختلف بتوثيقه وتضعيفه، وبالجملة لا كلام في هذا السند الامن جهة محمد بن سنان، فان قلنا فيه بالتوثيق فهذا الخبر صحيح. قوله رحمه الله: صحيح. قوله رحمه الله: الختلى بضم الخاء المعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق المفتوحة وختل كسكر كورة بما وراء النهر. قوله رحمة الله: سليمان الخطابى ذكر الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام سليمان ابن خالد الخطاب (1).


(1) رجال الشيخ: 351 وفى ” ن “: الخطابى (*).

[ 7 ]

4 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد بن اسماعيل الرازي قال حدثني علي بن حبيب المدايني، عن علي بن سويد النسائي، قال كتب الي أبو الحسن الاول وهو في السجن، وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك: لا تأخذون معالم دينك عن غير شيعتنا فانك ان تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين قوله رحمة الله: سويد النسائي الصحيح السايي كما في نسخ كثيرة باهمال السين قبل الالف ثم الياء المثناة من تحت، نسبة إلى ساية قرية من قرى المدينة ينمعلى ما هو المشهور. وفي القاموس: الساية فعلة من التسوية وقرية بمكة أو واد بين الحرمين، وضرب لي ساية هيألي كلمة (1). قال الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام: علي بن سويد السايي ثقة روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام (2). وقال النجاشي: وقيل انه روى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام (3). وفي أكثر النسخ العتيقة عن علي بن سويد النسائي بفتح النون قبل السين والهمزة بعد الالف، وهو المروي عن السيد جمال الدين أحمد بن طاوس قدس الله نفسه الزكية، وقد كتب بخطه بخطه يعني بخط الشيخ أبي جعفر الطوسي في كتاب الاختيار من كتاب الكشي وهو هذا الكتاب. والنسائي نسبة إلى نساء بفتح النون القصبة المعروفة من خراسان وفي القاموس: انها قرية من سرخس (4).


(1) القاموس 4: / 346 (2) رجال الشيخ: 380 وليس فيه روى عن أبى الحسن موسى عليه السلام (3) رجال النجاشي: 211 (4) القاموس: 4 / 395 (*)

[ 8 ]

خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، انهم اؤتمنوا على كتاب الله جل وعلا فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته ولعنة آبائى الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيمة – في كتاب طويل. قوله عليه السلام: وخانوا أماناتهم ربما وجد في نسخة غير معول عليها وخونوا أماناتهم من باب التفعيل، فإذا صحت الرواية بذلك فالتشديد للتكثير والمبالغة كما في حمده تحميدا، لا للنسبة إلى الخيانة وان كان هو السابق إلى أوهام المتوهمين، يقال خونه تخوينا أي نسبة إلى الخيانة ونقض العهد وحسبه خائنا غادرا، كما يقال جهله تجهيلا إذا نسبه إلى الجهل والجهالة وحسبه جاهلا، إذ لا يستقيم ذلك الا اعتبارا بقياس حال الخائن لا باعتبار قياس حال المخون. والصحيح وخانوا أماناتهم على ما في عامة النسخ لاغير، من الخيانة يضد الامانة وتعتبر بالاضافة إلى من خين ونكث عهده وبالاضافة إلى ماخين فيه وهو العهد والبيعة والود والخلة مثلا. قال صاحب الكشاف في الاساس: خانه في العهد وخانه العهد واختان المال واختان نفسه (1). وقال الراغب في المفردات: الخيانة والنفاق واحد الا ان الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والامانة والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، ونقيض الخيانة الامانة يقال: خنت فلانا وخنت أمانة فلان، وعلى ذلك قوله عزوجل ” لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم (2) ” وقوله تعالى ” ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما (3) “


1) اساس البلاغة: 178 2) سورة الانفال: 27 3) سورة التحريم: 10 (*)

[ 9 ]

[… ] – وفي قوله تعالى ” ولا تزال تطلع على خائنة منهم (1) ” أي على جماعة خائنة، وقيل: على رجل خائن يقال: رجل خائن وخائنة نحو رواية وداهية، وقيل: خائنة موضوعة موضع المصدر نحو قم قائما أي قياما وقوله عزوجل ” يعلم خائنة الاعين (2) ” على ما تقدم (3). وقال صاحب المغرب في المغرب: الخيانة خلاف الامانة وهي تدخل في أشياء سوى المال، من ذلك قوله: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، وأريد بها في قوله تعالى ” واما تخافن من قوم خيانة (4) ” نكث العهد ونقضه وقد خانه، ومنه تقول: النعمة كفرت (5) ولم اشكر وتقول: الامانة خنت ولم احفظ وهو فعلت على ما لم يسم فاعله، وخائنة الاعين مسارقة النظر، ومنه الحديث، ماكان لنبي ان تكون له خائنة الاعين انتهى. وأما الاختيان فعلى الافتعال من الخيانة ومعناه مراودة الخيانة ومواثبتها والمسارعة والمبادرة إليها، قال عز من قائل ” علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم (6) ” ولم يقل تخونون أنفسكم فليعرف. قوله عليه السلام: انهم أو تمنوا على كتاب الله افتعالا من الامانة على صيغة المجهول يقال: أمنته على كذا بالكسر في الماضي من باب علم، وأئتمنته عليه أيضا فيهما بمعنى واحد. وقال في الصحاح: وقرئ ” مالك لا تأمنا على يوسف ” بين الادغام وبين الاظهار، قال الاخفش: والادغام أحسن، وتقول: أو تمن فلان على ما لم يسم فاعله،


1) سورة المائدة: 13 2) سورة غافر: 19 المفردات: 162 4) سورة الانفال: 58 5) وفى ” س ” و ” ن “: كفلت 6) سورة البقرة: 187 (*)

[ 10 ]

5 – محمد بن مسعود بن محمد، قال حدثني علي بن محمد فيروزان القمي قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر عن اسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال فان ابتدأت به صيرت الهمزة الثانية واوا، لان كل كلمة اجتمع في أولها همزتان وكانت الاخرى منهما ساكنة فلك أن تصيرها واوا ان كانت الاولى مضمومة، أو ياءا ان كانت الاولى مكسورة نحو ائتمنه، أوألفاان كانت الاولى مفتوحة نحو آمن (1). قوله عليه السلام: انتحال المبطلين (2) انتحل الشعر وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره، ونحله القوم كمنعه نسبه إليه وهو برئ عنه. فانتحال المبطلين اشراق (3) المبطلة من المحقة شيئا من الطريقة الحقة، وجعلهم اياه نحلة لانفسهم واسنادهم إليهم ما ليس من مذهبهم، ومحاولتهم بيان انطباق ما في الدين الحق على ما في عقيدتهم الباطلة، مثال ذلك استراق الاشاعرة من الحكماء الالهيين استناد وجود كل ممكن إلى الواجب بالذات حقيقة، وأن قدرة الباري الواجب بالذات واختياره مما لا يوجب كثرة في جهات ذاته الاحد الحق وحيثياته كما في من عداه من المختارين، وأن ذاته الاحدية الصمدية غاية الغايات لك تقرر ووجود على الاطلاق. ثم اسنادهم إليهم القول بنفي تأثير ممكن في ممكن وعلية ممكن لممكن بوجه من الوجوه أصلا، ونفي القول بكونه سبحانه قادرا مختارا، ونفي تعليل أفعاله تعالى بالعلة الغائية مطلقا. وهم براء عن ذلك كله فليعلم.


1) الصحاح: 5 / 2071 – 2072 2) وفى النسخ كله وكذا في نسخة السيد من الرجال: تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين. 3) في ” ن “: اشراف (*)

[ 11 ]

الجهالين كما ينفي الكير خبث الحديد. قوله عليه السلام: تحريف الغالين بالتشديد أي المغشوشين في الاعتقاد الخائنين في الدين من الغل بالكسر الغش، والغلول بالضم الخيانة وأو بالتخفيف من الغلو بضمتين وشدة الواو أي الذين يغلون في دينهم ولا يبالون من المغالاة في ملتهم. وقال في المغرب: غل فلان كذا من باب طلب إذا أخذه ودسه في متاعه، وقد نسي مفعوله في قولهم غل من المغنم غلولا إذا خان فيه وقالوا: الغلول والاغلال الخيانة الا ان الغلول في المغنم خاصة والاغلال عام، ومنه ليس على المستعير غير المغل ضمان أي غير الخائن. وفي الصحاح: قال ابن السكيت: لم نسمع في المغنم الاغل غلولا، وقرئ ” ماكان لنبي أن يغل (1) قال: فمعنى يغل يخون ومعنى يغل يحتمل معنيين: أحدهما يخان يعني أن يؤخذ من غنيمته، والاخر يخون أي ينسب إلى الغلول، وقال أبو عبيد: الغلول من المغنم خاصة ولانراه من الخيانة ولا من الحقد، ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغل يغل، ومن الحقد غل يغل بالكسر، ومن الغلول غل يغل بالضم (2). وفي مجمل اللغة: فأما قوله صلى الله عليه وآله ثلاث لايغل عليهن قلب مؤمن، فمن قال: لايغل فهو من الاغلال ومن قال: لايغل فهو من الغل وهو الضغن، ومثل ذلك في الفائق والنهاية (3). قوله عليه السلام: وتأويل الجاهلين التأويل والتأول من الاول أي الرجوع إلى الاصل، ومنه الموئل للموضع الذى يرجع إليه، يقال: أول القرآن وتأوله وهذا متأول حسن واستآله طلب تأويله وذلك هو رد الشئ إلى الغاية المتوخاة منه علما كان أو فعلا، ففي العلم نحو قوله


1) سورة آل عمران: 161 2) الصحاح: 5 / 1784 3) نهاية ابن الاثير: 3 / 381 (*)

[ 12 ]

[… ] – ما يعلم تأويله الا الله (1) ” وفي الفعل كما في قوله سبحانه ” هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله (2) ” أي مصيره ومنتهاه الذي هو غايته المقصودة منه، ومنه قوله جل سلطانه ” ذلك خيرو أحسن تأويلا (3) قيل: أحسن معنى وترجمة وقيل: أحسن ثوابا ومثوبة في الاخرة. والمشهور في الاصطلاح أن التفسير ما يتعلق بظاهر السياق، والتأويل ما يتعلق بدخلة الباطن، والمروم في هذا الحديث ما يعم السبيلين كما في حديثه عليه السلام: منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله. يعني به أمير المؤمنين عليا عليه السلام. ومن طريق رئيس المحدثين أبي جعفر الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان العلماء ورثة الانبياء وذلك أن الانبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وانما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فان فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين (4). والطريق محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن أبي البختري عنه (عليه السلام) وأبو البختري هذا هو وهب بن وهب القرشي المدني، وكان قاضيا عامي المذهب كذابا، ولو لاه لكان السند صحيحا. فاما طريق هذا الكتاب فصحيح نقي، والصواب فيه علي بن محمد بن فيروزان القمي كما في أكثر النسخ الموثوق بصحتها، وكذلك أورده الشيخ في كتاب الرجال وما في نسخ عديدة محمد بن علي بن فيروزان بالتقديم والتأخير فمن غلط الناسخين.


1) سورة آل عمران: 7 2) سورة الاعراف: 53 3) سورة النساء: 59 4) أصول الكافي: 1 / 24 – 25 (*)

[ 13 ]

6 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، قال حدثني أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عمن ذكره، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ” فلينظر الانسان إلى طعامه ” قال: إلى علمه الذي يأخذه عمن يأخذه. قوله رحمه الله: محمد بن مسعود هو العياشي الجليل القدر الواسع العلم الثقة من أهل سمرقند وكش. وعلي بن محمد هو ابن فيروزان القمي. قال الشيخ في كتاب الرجال: انه كثير الرواية يكنى أبا الحسن كان مقيما بكش (1). قوله رحمه الله: عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه وهو أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي عمن ذكره. ومن طريق أبي جعفر الكليني في الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره الحديث بعينه (2). قوله عليه السلام: علمه الذى يأخذه عمن يأخذه الانسان من جوهرين: نفس مجردة عاقلة فطرة جوهرها من عالم الامر، وموئل ذاتها ومصير أمرها إلى اقليم القدس ومستقر الحياة وهي الانسان الحقيقي الذي إليه الخطاب وعليه الحساب في النشأتين، فهيكل هيولاني طينة عنصره من عالم الخلق وصيورعمره المسير إلى مهواة الدثور والبوار في مفعات الاجداث والارماس. فهو بما هو الانسان الحقيقي أي بحسب جوهر نفسه المجردة، انما طعامه الروحاني وغذاه العقلاني بالذات وعلي الحقيقة حقائق العلم وأسرار الحكمة ودقائق المعارف ولطائف المعرفة، اقتداءا بملائكة الله المقرنين، من الانوار العقلية والجواهر القدسية، فان طعامهم التسبيح والتحميد وشرابهم التقديس والتمجيد.


1) رجال الشيخ: 487 2) اصول الكافي 1 / 39 (*)

[ 14 ]

[… ] – وأما طعام البدن الهيولاني الذي هو آلة أدوية لما هو الانسان حقيقة في تحريكاته وتصريفاته مادامت له هذه الحياة الظاهرية البائدة من الاغذية الجسمانية والاطعمة الجرمانية، فربما يسند إليه بالعرض وبالمجاز العقلي إذ لم يعتبر في صحة الاتصاف بالعرض وتسويغ التجوز العقلي في الاسناد كون المسند إليه مما من شأنه في حد ذاته أن يتصف بالذات بذلك الوصف المسند إليه بالعرض. ومن ثم يقال على التجوز العقلي أنا جالس وأنا متحرك على علم يكمون المعبر عنه بأنا هو النفس المجردة التي هي وراء اقليم القيام والقعود والحركة والسكون، فاما إذا اعتبر ذلك على ما عليه السواد الاعظم من روساء العلوم العقلية فلا يتصحح الاسناد بالعرض من غير تسامح وتوسع الافيما لا يكون خارجا عن الجنس، كما في أسناد حركة السفينة إلى جالسها اسنادا بالعرض لاعلى سبيل التوسع والتسامح. فاذن ان سير إلى المسلك المتوسع فيه صح في تأويل قول الله الكريم وتفسيره حمل طعام الانسان المأمور بالنظر إليه على الاعم من الجسماني الذي هو طعام بدنه والروحاني الذي هو طعام جوهر ذاته وان كان الاخير أبلغ وأولى وبالاعتبار أحق وأحرى، وان صير إلى المذهب الحق المعتبر على جادة الحقيقة لامن سبيل التوسع تعين الحمل على الاخير الذي هو الحق المحقوق بالاعتبار لاغير، فلذلك نص عليه مولانا أبو جعفر الباقر عليه السلام بالتعيين، فليتعرف وليتبصر. ومن الحديث في هذا الباب: اغد عالما أو متعلما ولا تكن أمعة (1). قال ابن الاثير في النهاية: الامعة بكسر الهمزة و (تشديد) الميم الذي لا رأي معه، فهو تابع كل أحد على رأية، والهاء فيه للمبالغة، ويقال فيه امع أيضا، ولايقال للمرأة أمعة، وهمزتة أصلية لانه لا يكون أفعل وصفا، وقيل: (هو الذى) يقول لكل أحد أنا


1) روى نحوه في البحار: 1 / 195 (*)

[ 15 ]

7 – أبو محمد جبريل بن محمد الفاريابي، قال حدثني موسى بن جعفر بن وهب، قال حدثني أبو الحسن أحمد بن حاتم بن ماهويه، فال كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام أسأله عمن آخذ معالم ديني وكتب أخوه ايضا بذلك فكتب معك، ومنه حديث ابن مسعود لا يكونن أحد كم أمعه قيل وما الا معة ؟ قال: الذي يقول أنا مع الناس (1). وقال أبو الحسين أحمد بن فارس في مجمل اللغة: الامعة الذي يكون مع ضعف رأية مع كل أحد وهو ضعيف الرأي، قال ابن مسعود: لا يكونن أحدكم امعة. وتأمع واستامع صار أمعة قاله في القاموس (2). قوله رحمه الله: ماهويه بفتح الواو واسكان الياء المثناء من تحت على الصوت، كما في سيبويه ونفتويه (3). وسيجئ ذكر أخيه في الغلاة وتخصيص الذم به دونه يدل على استقامة عقيدة أبي الحسن أحمد وسلامته عن الطعن، واياه يعنون حيث يقولون ابن ماهويه وهو كثير الرواية جدا. قوله رحمه الله: وكتب أخوه أيضا أخوه فارس بن حاتم غال ملعون كان نزيل العسكر، وقد لعنة أبو الحسن الهادي عليه السلام، وكذلك أخوه الاخر طاهرين حاتم غال كذاب انحرف عن السبيل وأظهر القول بالغلو بعد ماكان مستقيما صحيحا، روى عنه محمد بن عيسى بن عبيد في حال استقامته. وفي كلام الشيخ والنجاشي وابن الغضايري أن لاخيه فارس أيضا حال استقامة ثم تغير وخلط وفسد، فهذه المكاتبة منه كانت في حال الاستقامة


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 67 وما بين المعوقين للمصدر. 2) القاموس: 3 / 2 3) وفى ” م “: نفطوية (*)

[ 16 ]

اليهما فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما على مستن في حبنا وكل كثير القدم في أمرنا، فانهم كافو كما ان شاء الله تعالى. قوله عليه السلام: مستن في حبنا على اسم الفاعل افتعالا من السنن بالفتح بمعنى الطريق، أو من السنة بمعنى الطريقة، أو من استنت الطريق بمعنى وضحت واستن المطر إذا كثر جرى الوابل، وازداد السيل في مستنه أي محل جريانه وسيلانه، وسن الامير رعيته أحسن سياستهم والقيام بالامر فيهم، وسن فلان ابله أرسلها في الرعي وأحسن القيام إليها حتى كأنه صقلها، وسن الماء على وجهه صبه عليه وتعهد حسن استيعابه بالغسل. والمعنى: فاصمدا أي اعتمدا في دينكما على مستن واضح الاستنان بسنة المعرفة وسنن الهداية في ولايتنا، وعلى كل كبير التقدم في سبيل الحق بطريق الامم والصراط السوي في أمرنا. وفي طائفة من النسخ (1) ” على مسن ” بضم الميم وكسر السين على اسم الفاعل من باب الافعال يقال: أسن إذا كبر بكسر الباء من باب علم أي طعن في السن وصار شيخا كبيرا في العمر والتجريب، أو بكسر الميم وفتح السين على اسم الالة استعارة من المسن وهو ما به يحدد السكين والسيف وغيرهما. وكل كثير القدم بالثاء المثلثة من قولهم لفلان قدم في هذا الامر أي سابقة وتقدم، وله قدم صدق أي رسوخ معرفة وثبات يقين واثرة حسنة. قوله عليه السلام: فانهم كافو كما على اسم الفاعل للجمع (2) من الكفاية واسقاط نون الجمع بالاضافة إلى ضمير التثنية للخطاب.


1) كما في المطبوع منه بجامعة مشهد. 2) وفى ” ن “: الجمع منه الكفاية (*).

[ 17 ]

[… ] – قال في الصحاح: كفاه مؤنته كفاية وكفاك الشئ يكفيك واكتفيت به واستكفيته الشئ فكفايته (1)، وهذا رجل كافيك من رجل ورجلان كافياك من رجلين ورجال كافوك من رجال (2). وفى عدة نسخ كافو تكما بالتاء المثناة من فوق بعد الواو على وزن التابوت، وهو فاعول من الكفت بمعنى الجمع والقبض والضبط. يقال كفت الراعي مواشية كفتا أي جمعها وضم بعضها إلى بعض ومنه في الحديث: اكفتوا صبيانكم بالليل. أي ضموهم اليكم عند انتشار الظلام. وكل ما ضممته إلى شئ فقد كفته. وفي رواية لا ترسلوا مواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء واللهم اكفته اليك أي اقبضه. والارض تكفت (عند انتشار الظلام) (3) الناس أحياءا وأمواتا وهي كفاتهم أي تجمعهم قال عزمن قائل ” ألم نجعل الارض كفاتا أحياءا وأمواتا (4) ” والكفت أيضا السوق الشديد. ورجل كفت أي سريع شديد. وفي الحديث حبب الي النساء والطيب ورزقت الكفيت. قال ابن الاثير: أي ما اكفت به معيشتي يعني أضمها وأصلحها (5). لا فعلوه من الكوفة كما قد يتوهم يقال: تكوف القوم أي أستداروا وأنه لفي كوفان أي في حرز ومنعة. وفي النهاية الاثيرية في حديث سعد: لما أراد أن يبني الكوفة قال: تكوفوا في هذا الموضغ، أي اجتمعوا فيه وبه سميت الكوفة، وقيل: كان اسمها قديما


1) في المصدر: فكفانيه 2) الصحاح: 6 / 2475 3) الزيادة من ” س “. 4) المرسلات: 25 5) نهاية بن الاثير: 4 / 184 (*)

[ 18 ]

[… ] – كوفان (1). وأما التابوت أي الصندوق فليس بفاعول لقلته (2) نحو سلس وقلق، بل فعلوت من التوب الرجوع، فانه لا يزال يرجع إليه مايخرج منه، وصاحبه يرجع إليه فيما يحتاج إليه من مودعاته، لافعلوت منه إذ أصله تابوة مثل ترقوة فلما سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاءا على مذهب الصحاح. وفي الكشاف جعله فعلوتا قال: وأما من قرأ بالهاء فهو فاعول عنده الافيمن جعل هاءه بدلا من التاء لاجتماعهما في الهمس، وأنهما من حروف الزيادة ولذلك أبدلت من تاء التأنيث. قيل: كان منحوتا من خشب الشمشاد مموها بالذهب نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين (3). فيه سكينة: أي حكمة. وفي المفردات: انه عبارة عن القلب والسكينة وعما فيه من العلم، ويسمى القلب سفط العلم وبيت الحكمة وتابوته ووعاءه وصندوقه (4). وفي أساس البلاغة: ما أودعت تابوتي شيئا ففقدته، أي ما أودعت صدري علما فعدمته (5). وقال الجوهري: قال القاسم بن المعن: لم تختلف لغة قريش والانصار في شئ من القرآن الا في التابوت، فلغة قريش بالتاء ولغة الانصار بالهاء (6).


1) نهاية بن الاثير: 4 / 210 2) وفي ” س ” لقلة. 3) الكشاف: 1 / 380 4) المفردات: 72 5) أساس البلاغة: 59 6) الصحاح: 1 / 92 (*)

[ 19 ]

8 – نصر بن الصباح البلخي، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن اسماعيل بن بزيع، عن أبي الجارود، قال قلت للاصبغ بن نباتة ما كان منزلة هذا الرجل فيكم ؟ قال: ما أدري ما تقول الا أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أومي إليه ضربناه بها،، وكان يقول لنا تشرطوا فوالله ما اشتراطكم لذهب ولا وفي عصبة من النسخ: كانو نكما بنونين من حاشيتي الواو كقانون على فاعول، أي ملاك صون دينكما وحفظ سركما وجمع شملكما، من كننت الشئ في كنه إذا صننته، واكننت الشئ أخفيته وأضمرته في نفسي، والكنانة معروفة وهي التي تجعل فيها السهام، والكانون الموقد والمصطلى ويقال أيضا: الكانون للرجل الثقيل الذي يلازم كما قال الشاعر: أغربالا إذا استودعت سرا وكانونا على المتحدثينا وكانون القوم الذي يكنون عنه الحديث على مافى الصحاح ومجمل اللغة وأساس البلاغة (1). قوله رحمه الله: الا أن سيوفنا بفتح الهمزة وتخفيف اللام على حرف التنبيه والتحقيق، أو بالكسر والتشديد على كلمة الاستثناء، أو بمنزلة الواو للعطف أو للحال. قوله عليه السلام: تشرطوا التشرط والتشارط والاشتراط تفعل وافتعال من الشرطة. قال في الاساس: وهؤلاء شرطة الحرب لاول كتيبة تحضرها، ومنه صاحب الشرطة، والصواب في الشرطي سكون الراء نسبة إلى الشرطة والتحريك خطأ، لانه نسب إلى الشرط الذي هو جمع (2). وفى المغرب: الشرطة بالسكون والحركة خبار الجند وأول كتيبة تحضر


1) أساس البلاغة: 552 2) أساس البلاغة: 326 (*)

[ 20 ]

لفضة وما اشتراطكم الا للموت، ان قوما من قبلكم من تشارطوا بينهم فما مات أحد منهم حتى كان نبي قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه، وانكم لبمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء. 9 – محمد بن مسعود العياشي، وأبو عمرو بن عبد العزيز، قالا حدثنا محمد الحرب والجمع شرط، وصاحب الشرطة (في باب الجمعة (1)) يراد به أمير البلدة كأمير التجار، أو قيل هذا على عادتهم لان أمور الدين والدنيا كانت حينئذ إلى صاحب الشرطة فأما الان فلا، والشرطي بالسكون والحركة منسوب إلى الشرطة على اللغتين لا إلى الشرط لانه جمع. قلت: فالشرط بضم الشين وفتح الراء جمع والشرطة بضمتين لغة في الشرطة بالضم والسكون، والنسبة إلى الشرطة بكل من اللغتين لا الى الشرط الذي هو جمع ففي كلام الاساس التباس. قوله عليه السلام: من تشارطوا بفتح الميم أي اضمامة تشارطوا. وفي بعض النسخ مكان من من بني اسرائيل (2)، فما مات أحد منهم أي من المتشارطين الا وقد جعله الله تعالى بعد ذلك التشارط وقبل الممات نبيا، اما لقومه أي لبني اسرائيل جميعا أولا هل قريته فقط أو لنفسه خاصة، وانكم أنتم لبمنزلتهم فحق على الله تعالى ان يجزل أجركم ويرفع ذكركم، غير ان النبوة ختم بمحمد صلى الله عليه وآله لا تحصل لاحد بعده، فلا يصح لكم أن تكونوا أنبياء. قوله رحمه الله: وأبو عمرو بن عبد العزيز هو أبو عمرو الكشي صاحب هذا الكتاب نفسه، وذلك أن محمد بن نصير يروي عنه محمد بن مسعود العياشي أبو النضر السمرقندي لا بواسطة، ويروي عنه


1) الزيادة من ” س “. 2) كما في المطبوع من الرجال بجامعة مشهد والنجف الاشرف (*)

[ 21 ]

بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن أبي الحسن العرني عن غياث الهمداني عن بشير بن عمرو الهمداني قال مر بنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: – أبو عمرو الكشي بواسطة أبي النضر العياشي كثيرا، ويروي عنه أيضا تارات من غير واسطة كما ذكره الشيخ في كتاب الرجال. وهذا الحديث روياه جميعا عنه وحدثهما اياه معا، فسياق القول أن محمد بن مسعود العياشي وأبا عمرو الكشي رحمهما الله تعالى قالا جميعا حدثنا محمد بن نصير رحمه الله. فالطريق عالي الاسناد في الطبقة الاولى. قال العلامة في الخلاصة محمد بن نصير بالياء بعد الصاد المهملة من أهل كش ثقة جليل القدر كثير العلم وروى عنه أبو عمرو الكشي (1). وهو حكاية قول الشيخ بعبارته. وقال الحسن بن داود في كتابه: محمد بن نصير بضم النون والصاد المهملة المفتوحة من أهل كش لم جخ ثقة جليل القدر كثير العلم (2). وما في بعض النسخ وأبو عمر بن عبد العزيز من غير واو، فاما ايهام من النساخ واما بناء على تسويغ اسقاط واو عمرو في الكنية المضافة إلى المضمر أو المظهر وفي الاسم عند النسبة إليه، وكذلك اثبات واوي داود في الكنية بالاضافة وفي الاسم بالنسبة إليه، كما ربما يدعي ويظهر من شرح النواوي لصحيح مسلم. قوله رحمه الله: عن أبي الحسن العرنى ويقال بالتصغير من أصحاب أبي الحسن الثاني الرضا عليه السلام، اسمه محمد بن القاسم. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام في باب من لم يسم عن فقال: أبو الحسين محمد بن القاسم العرني عن


1) الخلاصة: 73 ط الحجرى 2) رجال ابن داود ص 338 (*).

[ 22 ]

[… ] – رجل من جعفي عن أبي عبد الله عليه السلام (1) ونسخ كتاب الرجال مختلفة فيه باهمال العين المضومة والراء المفتوحة قبل النون واعجامه الغين والزاء، كما نسخ هذا الكتاب مختلفة كذلك، ولعل الاختلاف مبناه أن محمد بن القاسم من أصحاب الرضا عليه السلام مشترك بين رجلين ذكرهم الشيخ في كتاب الرجال في اصحاب أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام أحدهما محمد بن القاسم النوشجاني (2) بالنون قبل الواو والمعجمة قبل الجيم والنون بعد الالف نسبة إلى قبيلة. وفي القاموس: النوشجان قبيلة أو بلد (3). وهو أبو الحسين محمد بن القاسم العرني بالعين المهملة والراء الاددي بضم الهمزة وداليل مهملتين، أو الادي بالهمزة المضمومة واهمال الدال المشددة. وأدد كعمر مصروفا بمنزلة ثقب وبضمتين أبو قبيلة من اليمن من بجلية، واد بن طانجة بن الياس بن مضر أبو قبيلة اخري. والاخر محمد بن القاسم البوسنجي بالموحدة قبل الواو والنون بين السين المهملة والجيم، أبو الحسن الغزني باعجام الغين والزاء نسبة إلى غزته بالتحريك (4). قال في القاموس: بوسنج معرب بوشنك بلد من هراة (5). وقال الفاضل البرجندي: فوشنج بضم الفاء وسكون الواو وكسر الشين المعجمة وسكون النون ثم جيم من بلاد خراسان كان معمورا فخرب وهو اليوم غير عامر.


1) رجال الشيخ ص 341 وفيه الغرلى. 2) رجال الشيخ ص 387 3) القاموس: 1 / 209 4) رجال الشيخ ص 393 وفيه البوشنجي. 5) القاموس: 1 / 179 (*)

[ 23 ]

اكتتبوا في هذه الشرطة فوالله لا غناء لمن بعدهم الا شرطة النار الامن عمل بمثل أعمالهم. – وفي بعض نسخ الكتاب الغزلي (1) باللام بعد الزاء. قوله عليه السلام: اكتتبوا على الافتعال من الكتبية، وفي نسخة اكتبوا من الكتب بمعنى الجمع، أي اجمعوا شتاتكم واجتمعوا في هذه الكتيبة، فوالله لاغنى بعدهم بالكسر مقصورا أولا غناء بعدهم بالفتح ممدودا، أي لا مغني ولامجزأ ولا معدي ولا منصرف عنهم ينصرف إليه ويقام فيه الاشرطة النار، كما قال عزمن قائل ” فماذا بعد الحق الا الضلال (2) ” اما من غني عنهم أي استغنى عنهم، أو من غني فيهم يغني أي أقام فيهم وعاش، كلاهما من باب رضي. قال في الصحاح: غني به غنية، وغنيت المرأة بزوجها غنيانا اي استغنت، وغني بالمكان أي أقام به، وغني أي عاش، واغنيت عنك مغني فلان ومغناة فلان ومغني فلان ومغناة فلان أي أجزأت عنك مجزأه، ويقال: ما يغني عنك هذا أي ما يجدي عنك وما ينفعك (3). وفي القاموس: وماله عنه غنى ولا مغني ولاغنية ولاغنيان مضمومتين بد، وأغنى عنه غناء فلان ومغناه ومغناته ويضمن ناب عنه وأجزاء مجزأه، وما فيه غناء ذاك أي اقامته والاضطلاح به وكرضي أقام وعاش وبقي، والمغني المنزل الذي غني به أهله ثم ظعنوا أوعام، وغنيت لك مني بالمودة بقيت (4). وفي طائفة من النسخ لاغناء لمن بعدهم.


1) كما في المطبوع منه بجامعة مشهد. 2) سور يونس: 32 3) الصحاح: 6 / 2449 4) القاموس: 4 / 371 – 372 (*)

[ 24 ]

10 – وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام، انه قال لعبدالله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل: أبشريا ابن يحيى فانك وأبوك من شرطة الخميس حقا، لقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس، والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيه عليه السلام. – قوله رحمه الله: لعبدالله بن يحيى الحضرمي كنيته أبو الرضا وهو من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام، ذكره البرقي في كتاب الرجال (1) أعني أحمد بن أبي عبد الله البرقي على ما في فهرست الشيخ وكتاب النجاشي، لاعمه الحسن بن خالد البرقي كما توهمه بعض المتوهمين. وذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (2). والعلامة في الخلاصة ذكره في الاسماء في باب العين وروى هذا الحديث مزيدا فيه في السماء في قوله: والله سماكم في السماء شرطة الخميس (3)، ثم في باب الكني أورد جماعة من أوليائه عليه السلام منهم أبو الرضا عبد الله بن يحيى الحضرمي (4). قوله عليه السلام: أبشر يا ين يحيى فانك في أكثر النسخ فانت (5) وأبوك، وفي طائفة منها فانك واباك عطفا على مدخول أن وهو ضمير الخطاب، وفي بعضها فانك وأبوك عطفا على المحل لاعلى المدخول، كما في ” فأصدق وأكن من الصالحين ” (6) بالجزم للعطف على موضع الفاء ومابعده لاعلى مدخولها.


1) رجال البرقى ص 3 2) رجال الشيخ: 47 وفيه عبد الله بن بحر الحضرمي يكنى ابا الرضا 3) الخلاصة: 51 ط الحجرى 4) الخلاصة: 93 5) كما في المطبوع منه 6) سورة المنافقين: 10 (*)

[ 25 ]

وذكر أن شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف. 11 – وذكر هشام، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان على – وأبشر بفتح الهمزة على القطع يقال بشره وأبشره وبشره فبشره وأبشر وتبشر واستبشر ثلاثة في المتعدي وأربعة في اللازم، ربما تضم الهمزة على الوصل. قال في المغرب: بشره من باب طلب بمعنى بشره وهو متعد، وقد روي لازما الا انه غير معروف، وعلى هذا قوله أبشر فقد أتاك الغوث بضم الهمزة وانما الصحيح أبشر بقطع الهمزة. قوله رحمه الله: وذكر أن شرطة الخميس على ما لم يسم فاعله عطفا على وروي على صيغة المجهول، واللفظتان لابي عمرو الكشي. في القاموس في خ س: الخميس الجيش لانه خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة. وفي ش ط: والشرطة بالضم ما اشترطت، يقال: خذ شرطتك، وواحد الشرط كصر دوهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت، وطائفة من أعوان الولاة معروف، وهو شرطي وشرطي كتركي وجهني، سموا بذلك لانهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها (1). وقد أدريناك أن قوله وشرطي كجهني خطأ والصواب شرطي بضمتين نسبة إلى الشرطة (2) على لغة من يضم فيها الشين والراء جميعا. والرواية معناتها: أن شرطة الخميس في جيش أمير المؤمنين عليه السلام الذين سماهم الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله كانوا ستة أو خمسة الاف رجل. قوله رحمه الله: عن أبي خالد الكابلي أي الذي اسمه وردان ولقبه كنكر وهو أبو خالد الكابلي الاكبر.


1) القاموس: 2 / 211 و 368 2) وفى ” ن “: الشرط (*)

[ 26 ]

ابن أبي طالب عليه السلام عندكم بالعراق يقاتل عدوه وعنده أصحابه وما كان منهم خمسون رجلا يعرفونه حق معرفته، وحق معرفته امامته. سلمان الفارسى 12 – أبو الحسن أبو إسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد ابن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال كان الناس أهل قال الشيخ في كتاب الرجال في اصحاب أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام: وردان أبو خالد الكابلي الاصغر روى عنه وعن أبي عبد الله عليهما السلام والكبير اسمه كنكر (1). وقال في أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: وردان أبو خالد الكابلي والاصغر روى عنهما عليهما السلام والاكبر كنكر (2). وقال في أصحاب أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام: كنكر يكنى أبا خالد الكابلي وقيل ان اسمه وردان. قلت: وما يقال ان الاكبر والاصغر يشتركان في وردان وكنكر اسما ولقبا وهم من غير مستند. قوله عليه السلام: وحق معرفته امامته أي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من غير فصل بينهما صلى الله عليهما بأحد أصلا على حق اليقين. قوله رحمه الله: أبو الحسن وأبو إسحاق الطريق موثق بحنان بالمهملة المفتوحة ونونين من حاشيتي الالف وبالتخفيف وعالي الاسناد في الطبقة الاولى.


1) رجال الشيخ: 139 2) رجال الشيخ: 328 3) رجال الشيخ: 100 (*)

[ 27 ]

ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله الا ثلاثة. فقلت: ومن الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الاسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، ثم عرف الناس بعد يسير، قال: هؤلاء الذين دارت قوله عليه السلام: وأبو ذر الغفاري بفتح المعجمة وتشديد الراء المعجمه وتخفيف الفاء. قال في المغرب: أصل الغفر الستر، وغفار حي من العرب إليهم ينسب أبو ذر الغفاري وأبو بصرة الغفاري. وقد صح عنه صلى الله عليه وآله عند العامة والخاصة: ما اظللت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر لهجة. وفي رواية: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفي من أبي ذر (1). وفي طريق العامة من الصحاح في مصابيحهم ومشكاتهم أن أبا سفيان أتى على سلمان وأبي ذر وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش (2) وسيدهم، فأتى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره فقال: يا أبا بكر لعلك اغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم فقال: يا اخوتاه أغضبتكم ؟ قالوا: لا يغفر الله لك. قوله عليه السلام: ثم عرف الناس بعد يسير أي تنبهوا وتعرفوا واستيقنوا الامر واتبعوا الحق ورجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام بعد زمان يسير، وازاحوا عن صدورهم وساوس تشكيكات المشككين، وعن ذلك التعبير في كتب الرجال بالرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، كما يقولون مثلا أبو سعيد الخدري مشكور من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام.


1) راجع الطرائف: 405 المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتعاليقنا عليه. 2) وفى ” س ” أتقولون هذا الشيخ قريشهم الخ (*)

[ 28 ]

عليهم الرحا – قوله عليه السلام: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا فيه وجهان: الاول: أن يكون كناية عن شدة الملمة بهم وصعوبة الداهية عليهم، يعني أنهم كانوا في مضيق اعتداء المعتدين كأن الرحا تدور عليهم وتطحنهم، ومع ذلك فقد لازموا اتباع سبيل الحق ولم يبايعوا أمير الجور والعدوان. الثاني: أن يرام أن هؤلاء هم الذين كانوا لملة الاسلام كالقطب والمدار عليهم تدور رحاها وبهم يستقيم أمرها، اتبعوا سبيل الحق ولم يبايعوا أهل الضلال. يقال: دارت رحى الامر إذا قام عموده واستقام نظامه. ومنه في حديث نعت النبي صلى الله عليه وآله: تدور رحى الاسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثم تدور رحى الاسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا. على ما حققناه في المعلقات على زبور آل محمد الصحيفة الكريمة السجادية (1). فدوران الرحا عليهم على هذا السبيل معناه دورانها حولهم كما يكون دوران الرحا والفلك على القطب والمحور. وما يقال: ان دوران الرحا إذا استعمل باللام كان للتنسيق والتنظيم، وإذا استعمل بعلى كان للتهويش والتهويل خارج عن هذا الاستعمال. فاذن ماقاله السيد المكرم الرضي أخ السيد المعظم المرتضى رضى الله عنهما في كتاب مجازات الحديث: دور الرحا يكون عبارة عن حالين مختلفين: احداهما مذمومة والاخرى محمودة: فالمذمومة هي الحال التي بني عليها الاخبار عن ازعاج الامر عن مناطه وازحافه عن قراره، واما الحال المحمودة فهي أن يكون دور الرحا عبارة عن تحرك جد القوم وقوة أمرهم وعلو نجمهم يقال: دارت رحا بني فلان إذا اتفقت لهم هذه الاحوال المحمودة، فهذه حال كان دور الرحا فيهما محمودا لمن دارت له ومذموما لمن دارت عليه، وانما قالوا: دارت رحا الحرب لجولان الابطال


1) راجع التعليقة على الصحيفة السجادية المطبوع على هامش نور الانوار للجزائري: ص 22. وهذه التعليقة قد صححناه وحققناه ولكن لم يطبع. (*)

[ 29 ]

وأبوا أن يبايعوا لابي بكر حتى جاؤا بأمير المؤمنين عليه السلام – فيها وحركات الخيل تحتها (1). غير مستقيم على اطلاقه. قوله عليه السلام: وأبوا أن يبايعوا من الصحيح الثابت في الاخبار أن قيس بن سعد بن عبادة الصحابي الانصاري من خلص أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله ومن العشرة الذين نصروه صلى الله عليه وآله، ومن أصفياء أولياء أمير المؤمنين عليه السلام أيضا ممن لم يرتد ولم ينزعج ولم يبايع. قال الشيخ في كتاب الرجال في أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام: قيس بن سعد بن عبادة وهو ممن لم يبايع أبا بكر (2). وقال العلامة في الخلاصة: قيس بن سعد بن عبادة من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مشكور لم يبايع أبا بكر (3). وسيجئ في الكتاب ما رواه أبو عمرو الكشي: أن أنس بن مالك قال: كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة صاحب الشرطة من الامير، وما رواه في مصالحة أبي محمد الحسن عليه السلام ومعاوية لم يبايع قيس بن سعد بن عبادة الانصاري صاحب شرطة الخميس معاوية قال له معاوية: قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين عليه السلام ينظر ما يأمره فقال: يا قيس انه امامي يعني الحسن عليه السلام. وكان قيس وأبوه سعد طولهما عشرة أشبار باشبارهما، وقد كانا من جملة من كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان شبر الرجل منهم يقال انه مثل ذراع أحدنا، وسعد لم يزل سيد في الجاهلية والاسلام، وأبوه وأجداده لم يزل فيهم الشريف


1) المجازات النبوية: 156 2) رجال الشيخ: 54 3) الخلاصة: 136 (*)

[ 30 ]

مكرها فبايع وذلك قول الله عزوجل ” وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل – وكان قيس ابنه مثله بعده (1). ومن المتفق عليه أن سعد بن عبادة أيضا لم يبايع أبا بكر أبدا، فاذن حصر من لم يرتد ولم يبايع في ثلاثة أوفي سبعة محمول على أنهم قصوى الغاية في الاستيقان والاستقامة والانكار على متقمص (2) الخلافة ولص الامامة. قوله عليه السلام: مكرها فبايع يعني أظهر البيعة كرها، أو أنه وقعت في البين شبهة البيعة فانه جئ به عليه السلام مكرها فكثر اللفظ واضجت الاقوال وارتفعت الاصوات فقال الناس: انه بايع لا أنه قد وقعت منه عليه السلام المبايعة، فان ذلك خلاف ما أطبق عليه المحدثون من العامة والخاصة، على ما بسطنا تحقيقه في كتاب نبراس الضياء وفي شرح تقدمة كتاب تقويم الايمان. أليس قد اتفقت أصول أحاديث العامة فضلا من الخاصة على أنه عليه السلام كان يقول: أنتم بالبيعة لي أحق مني بالبيعة لكم واني أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار، وأنا أول من يحثو للخصومة بين يدي الله عزوجل (3). وانما رواية البيعة في صحيحهم البخاري على هذه الصورة باسناده: عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها عن النبي صلى الله عليه وآله فيما افاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فغضبت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وآله ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم


1) راجع رجال الكشي: 110 ط جامعة مشهد 2) وفي ” ن “: متغمص 3) روى نحوه العلامة المجلسي في البحار: 8 / 172 (*)

[ 31 ]

أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ” الاية. يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها. وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الاشهر فأرسل إلى أبي بكر ان ائتنا ولا يأتنا أحد معك، كراهية ليحضر عمر، فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك، وقال أبو بكر: وما عسيتم أن يفعلوا بي فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي فقال: انا لن ننفس عليك خيرا ساقه الله عليك، ولكنك استبددت علينا بالامر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله نصيبا حتى فاضت عينا أبي بكر فقال علي لابي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وتشهد وتشهد علي وقال: لا يحملني على التخلف عن البيعة نفاسة على أبي بكر ولا انكارا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في هذا الامر حقا، فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا: أصبت وكان المسلمون إلى علي قريبا حين رجع الامر إلى المعروف انتهى ما في صحيح البخاري (1). فلينظر على جبلة الانصاف هل ذلك اذعان لابي بكر بالامامة واتيان له بالبيعة أو اعلان بأن أبا بكر متغلب بالخلافة ومستبد بالحق على أهله. وقوله سبحانه: انقلبتم على أعقابكم أي ارتددتم عن دينكم ورجعتم القهقري، كما فعل بنو اسرائيل بعد موت موسى على نبينا وعليه السلام.


1) ورواه مسلم في صحيحه: 3 / 1380 وهنا تحقيقات ونكات حول هذه الرواية عن السيد بن طاوس في كتاب الطرائف ص 258 فراجع تغتنم. (*)

[ 32 ]

13 – جبريل بن أحمد الفاريابي البرناني، قال حدثني الحسن بن خرزاد قال قوله رحمه الله: جبريل بن احمد الفاريابي البرناني وربما يقال الفريابي. قال الفاضل البرجندي فارياب بفاء بعدها ألف وسكون الراء المهملة ومثناة من تحت بعدها ألف ثم باء موحدة بلد صغير قريب بلخ بينهما اثنان وعشرون فرسخا. وفي القاموس: فرياب كجريال بلد ببلخ أو هو فيرياب ككيمياء أو فارياب كقاصعاء وكساباط ناحية وراء نهر سيحون (1). والبرناني بنونين من حاشيتي الالف نسبة إلى البرني أو الى البرنية، وبياء مثناة من تحت قبل الف ثم النون على اختلاف النسخ نسبة إلى قرية بمرو أو الى برين بن عبد الله الانصاري. قال في القاموس: يبرين أو أبرين موضع بحذاء الاحساء، وأبرينة وتكسر قرية بمرو، وبرين بالضم ابن عبد الله أبو هند الداري الصحابي (2). قال الشيخ في كتاب الرجال في باب لم: جبرئيل بن أحمد الفاريابي أبو محمد كان مقيما بكش كثير الرواية عن العلماء بالعراق وقم وخراسان (3). وأورده الحسن بن داود كذلك في قسم الممدوحين من كتابه (4). ومن ديدن الاصحاب أن المشيخة المذكورين في باب ” لم ” لا يعتبرون فيهم صريح التوثيق إليه، بل يكتفون فيهم بالمدح، وإذا لم يكن في أحدهم مطعن وغميزة كان حديثه معدودا من الصحاح عندهم. قوله رحمه الله: الحسن بن خرزاد يشترك في هذا الاسم رجلان قمي وكشي، ذكر الشيخ في كتاب الرجال


1) القاموس: 1 / 112 2) القاموس: 4 / 201 3) رجال الشيخ: 458 4) رجال ابن داود: 80 (*)

[ 33 ]

حدثني ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: ضاقت الارض بسبعة بهم ترزقون وبهم أحدهما في أصحاب أبي الحسن الهادي عليه السلام قال: السحن بن خرزاد قمي (1). وربما يدعى أنه قد قيل فيه الرمي بالغلو ولست أعرف كذلك مستندا. والاخر ذكره في باب لم: الحسن بن خرزاد من أهل كش (2). وهو هذا الرجل قوله رحمه الله: ابن فضال هو علي بن الحسن الفضال الفطحى الثقة الجليل القدر المختلط بأصحابنا جدا. والطريق به موثق. قوله عليه السلام ضاقت الارض بسبعة أي عجزت عن كفاية أمرهم والتوسعة عليهم مع أن نزول مطر الرحمة ومدد النصرة من السماء على أهل الارض بهم ولاجلهم، ومن جهة دعائهم للخلق ودعوتهم اياهم إلى الحق، منهم هؤلاء الخمسة الذين هم أركان الاربعة على اختلاف القولين. قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب الجيم من أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام: جندب بن جنادة ويقال جندب بن السكن يكنى أبا ذر أحد الاركان الاربعة (3). وقال في باب السين: سلمان الفارسي مولى رسول الله صلى الله عليه وآله يكنى أبا عبد الله أول الاركان الاربعة (4). وقال في باب العين: عمار بن ياسر يكنى أبا اليقظان حليف بني مخزوم


1) رجال الشيخ: 413 2) رجال الشيخ: 463 3) رجال الشيخ: 36 4) المصدر: 43 (*)

[ 34 ]

تنصرون وبهم تمطرون، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة (رحمة الله عليهم) وكان علي عليه السلام يقول: وأنا امامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام. 14 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال حدثني العباس ابن عامر، وجعفر بن محمد بن حكيم، عن أبان بن عثمان، عن الحارث النصري بن المغيرة، قال سمعت عبد الملك بن أعين، يسأل أبا عبد الله عليه السلام قال فلم يزل يسأله حتى قال له: فهلك الناس إذا ؟ قال: أي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون. قلت: من في الشرق ومن في الغرب ؟ قال، فقال: انها فتحت على الضلال أي والله وينسب إلى عبس بن مالك وهو مذحج بن أدد رابع الاركان (1). وقال في باب الميم: المقداد بن الاسود الكندي وكان أسم أبيه عمرو البهرائي، وكان الاسود بن عبد اليغوث قد تبناه فنسب إليه يكنى أبا معبد ثاني الاركان الاربعة (2). ومنهم من جعل حذيفة بن اليمان الانصاري رابع الاركان مكان عمار، والشيخ رحمه الله تعالى قد نقل هذا القول في ترجمة حذيفة (3) واختاره العلامة رحمه الله في الخلاصة (4) والاشهر عند المتقدمين هو الاول. قوله رحمه الله: عن الحارث النصري ابن المغيرة باهمال الصاد بعد النون المفتوحة من بني نصر بن معاوية، بصري روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام، وروى عن زيد بن علي، وهو مستقيم ثقة ثقة. وسيرد عليك في الكتاب ما رواه الكشي في مدحه وفي ذمه والتعويل على روايات المدح.


1) المصدر: 46 2) المصدر 57: وفى النسخ ” قد بيناه “. 3) المصدر: 37 4) الخلاصة: 60. (*)

[ 35 ]

هلكوا الا ثلاثة ثم لحق أبو ساسان وعمار وشتيرة وأبو عمرة فصاروا سبعة. قوله عليه السلام: ولكن الا ثلاثة وفي نسخ عدة: هلكوا مكان ولكن. قوله عليه السلام: ثم لحق أبو ساسان أبو ساسان الانصاري اسمه الحصين بن المنذر. قال الشيخ في كتاب الرجال في أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام: حصين بن المنذر يكنى أبا ساسان اليرقاشي صاحب رايته عليه السلام (1). وفي طائفة من النسخ ” أبو سنان ” مكانه وهو الانصاري. وذكره الشيخ أيضا في كتاب الرجال (2) وهو من الاصفياء من أصحابه عليه السلام. و ” أبو عمرة الانصاري ” اسمه ثعلبة بن عمرو قاله الشيخ في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة (3) وذكره بكنيته في أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام (4). و ” شتيرة ” وفي بعض النسخ ” شتير ” من دون الهاء باعجام الشين المضمومة وفتح التاء المثناة من فوق واسكان الياء المثناة من تحت ثم الراء، على ما ضبطه ابن الاثير في جامع الاصول حيث. قال في ترجمة شكل: هو شكل بن حميد العبسي من بني عبس بن بغيض روى عنه ابنه شتير بن شكل لم يرو عنه غيره وعداده في الكوفيين، شكل بفتح الشين وفتح الكاف واللام وشتير بضم المعجمة وفتح التاء فوقها نقطتان، وبغيض بفتح الباء الموحدة وكسر الغين وبالضاد المعجمتين.


1) رجال الشيخ: 39 2) المصدر: 63 3) المصدر: 12 4) المصدر: 63 (*)

[ 36 ]

[… ] – وقال في القاموس: شتير كزبير ابن شكل وابن نهار تابعيان (1). وما قاله العلامة في الخلاصة: ومن خواص أمير المؤمنين عليه السلام من مضر شبير بضم الشين المعجمة أولا والباء المنقطة يتحتها نقطة والياء المنقطة تحتها نقطتين بعدها والراء أخيرا ابن شكل العبسي بالباء المنقطة متحتها نقطة أبو عبد الرحمن (2). ضبط من غير مأخوذ من أصل. فاما مواخذة الحسن بن داود عليه بقوله: وبعض المصنفين أثبت ستير بالسين المهملة. وهو وهم، وقد اثبته الشيخ أبو جعفر في باب الشين المجمعة (3). فزور واختلاق. والشيخ في باب الشين المعجمة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: شرحبيل وهبيرة وكريب وبريد وشمير ويقال شتير هؤلاء اخوة بني شريح قتلوا بصفين، كل واحد يأخذ الراية بعد الاخر حتى قتلوا (4)، وقد نقله بالفاظه في الخلاصة (5). وأما ” ستير ” باهمال السين المضمومة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من الاصفياء، فقد ذكره البرقي، (6) ولم يذكره الشيخ، وقد أورده في الخلاصة ناقلا عن البرقي (7).


1) القاموس: 2 / 55 2) الخلاصة: 193 3) رجال ابن داود: 183 4) رجال الشيخ: 45 وفيه سمير مكان شمير. 5) الخلاصة: 87 6) رجال البرقي: 3 والموجود في المتن هو ” شبير ” ولكن قال في الهامش وفى نسخة ” ستير “. 7) الخلاصة: 192 قال ناقلا عن البرقي: ستير بضم السين المهملة والتاء المنقطة فوقها نقطتين والياء المنقطة تحتها نقطتين والراء. (*)

[ 37 ]

15 – حمدويه، قال حدثنا أيوب عن محمد بن الفضل وصفوان، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها ! قال، فقال: الا اخبرك باعجب من ذلك ؟ قال، فقلت: بلي. قال: المهاجرون والانصار ذهبوا (وأشار بيده) الا ثلاثة. 16 – علي بن محمد القتيبي النيسابوري، قال حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الرازي الخواري من قرية استراباد قال حدثني أبو الحسين عن عمرو بن عثمان الخزار عن رجل، عن أبي حمزة، قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لما مروا بأمير المؤمنين عليه السلام وفي رقبته حبل آل زريق، ضرب أبو ذر بيده على الاخرى، ثم قال: ليث السيوف و ” عمار ” منسوب إلى مذحج – بفتح الميم واسكان الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة والجيم أخيرا – من قبائل الانصار، ذكره المطرزي في المغرب في ذ – ج وهو الصواب، والجوهري في الصحاح أخطأ فأورده في م – ج، وكأنه ظن الميم أصلية. وبالجملة مذحج أكمة ولد بها أبو هذه القبيلة فسمي باسمها. قال الفيروز آبادي في القاموس في ذ – ج: ومذحج كمجلس أكمة ولدت مالكا وطيبا أمهما عندها فسموا مذحجا، وذكر الجوهري اياه في الميم غلط وان أحاله على سيبويه (1). قوله رحمه الله: حدثنا أيوب هو أبو الحسين أيوب بن نوح، والطريق صحيح وعالى الاسناد في الطبقة الثالثة. قوله عليه السلام: في رقبته حبل آل زريق الزرق باسكان الراء بين الزاء المفتوحة والقاف معروف. قال في المغرب: وبتصغيره سمي من اضيف إليه بنو زريق وهم بطن من


1) القاموس: 1 / 190 (*)

[ 38 ]

قد عادت بأيدنيا ثانية، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربه عزوجل، وقال سلمان: مولانا أعلم بما هو فيه. 17 – محمد بن اسماعيل، قال حدثني الفصل بن شاذان، عن ابن أبي عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله ارتد الناس الا ثلاثة أبو ذر وسلمان والمقداد قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأين أبو ساسان وأبو عمرة الانصاري ؟ 18 – محمد بن اسماعيل، قال حدثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: جاء المهاجرون والانصار وغيرهم بعد ذلك إلى علي عليه السلام فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي عليه السلام هلم يدك نبايعك فوالله لنموتن قدامك ! فقال الانصار، إليهم ينسب أبو عياش الزرقي بضم الزاء وفتح الراء، وحبل آل زريق يتخذ مما ينبت من الارض كلحاء شجر القنب وغير ذلك وهو من أخشن الحبل وأغلظها. قوله رحمه الله: محمد بن اسماعيل هو الذي يروي عنه أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه أيضا في الكافي، وكثيرا ما يجعله صدر السند في الطبقة الاولى، كما يروي عنه أبو عمرو الكشي رحمه الله تعالى ويصدر به الاسناد يكني أبا الحسين نيسابوري فاضل. وهو وعلي بن محمد القتيبي النيسابوري تلميذا الفضل بن شاذان، وحديث كل منهما يعد صحيحا، كما استمر عليه هجير العلامة في المختلف والمنتهى وشيخنا الشهيد في الذكري وشرح الارشاد. ولقد أو ضحت الحال وحققنا المقال في الرواشح السماوية (1) وفى المعلقات على الاستبصار (2) بما لا مزيد عليه.


1) الرواشح السماوية: 70 2) التعليقة على الاستبصار: 4. المطبوع في الاثنى عشر رسالة للمؤلف. (*)

[ 39 ]

على عليه السلام: ان كنتم صادقين فاغدوا غدا علي محلقين فحلق علي عليه السلام وحلق سلمان وحلق مقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم. ثم انصرفوا فجاؤا مرة أخرى بعد ذلك، فقالوا له أنت والله أمير المؤمنين وأنت أحق الناس وأولاهم بالنبي عليه السلام هلم يدك نبايعك فحلفوا فقال: ان كنتم صادقين فاغدوا علي محلقين فما حلق الا هؤلاء الثلاثة قلت: فما كان فيهم عمار ؟ فقال: لا. قلت: فعمار من أهل الردة ؟ فقال: ان عمارا قد قاتل مع علي عليه السلام بعد. 19 – وروى جعفر غلام عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن محمد بن نهيك، عن النصيبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: يا سلمان اذهب إلى فاطمة (عليها السلام) فقل لها تتحفك من تحف الجنة ؟ فذهب إليها سلمان فإذا بين يديها ثلاث سلال، فقال لها يا بنت رسول الله أتحفيني ؟ قالت: هذه ثلاث سلال جاءتني بها ثلاث وصائف، فسألتهن عن أسمائهن فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان، وقالت الاخرى: أناذرة لابي ذر، وقالت الاخرى: أنا مقدودة للمقداد، ثم قبضت فناولتني، فما مررت بملاء الا ملئوا طيبا لريحها. 20 – محمد بن قولويه، قال حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال حدثني قوله رحمه الله تعالى: عن النصيبي هو محمد بن سلمة البناني، ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وقال: نزل نصيبين أصله كوفي أسند عنه (1). وليس في رجالنا من أهل نصيبين الاهذا الرجل يروي عنه عبد الله بن محمد بن نهيك وعبيدالله بن أحمد بن نهيك، وهما شيخان صدوقان ثقتان جليلا القدر. وآل نهيك – بفتح النون وكسر الهاء – بيت من أصحابنا بالكوفة، ويرويان أيضا عن درست بن أبي منصور الواسطي.


1) رجال الشيخ: 288 (*)

[ 40 ]

علي بن سليمان بن داود الرازي، قال حدثنا علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم قوله رحمه الله تعالى: على بن سليمان بن داود الرازي نسبة إلى الري روى عنه سعد بن عبد الله، وكأنه كان رقي الاصل. ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام وقال: علي بن سليمان بن داود الرقي (1). وفي بعض النسخ ” الروياني ” نسبة الي رويان – بضم الراء قبل الواو الساكنة والياء المثناة من تحت قبل الالف والنون بعدها – بلد من طبرستان. قال الفاضل البرجندي: بينه وبين قزوين ستة عشر فرسخا. وفي القاموس: محلة بالري وقرية بحلب وبلد بطبرستان ومنه الامام أبو المحاسن عبد الواحد بن اسماعيل وغيره (2). وربما يظن أن الرجل هذا من بني أعين، وكان له اتصال بصاحب الامر عليه السلام وخرج (3) إليه توقيعات وكانت له منزلة في أصحابنا، وكان ورعا ثقة وفقيها لا يطعن عليه في شئ. ويقال: انه فاسد، فان الذي من بني أعين هو علي بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الحسن الرازي، على ما في كتاب النجاشي وغيره مكتوبا بخط السيد المكرم جمال الدين أحمد بن طاوس. وتبعه العلامة في الخلاصة (4). والحسن بن داود حسبه وهما وزعم أن الصحيح أبو الحسن الزراري بالزاي


1) رجال الشيخ: 433 2) القاموس: 4 / 230 3) وفي ” س “: وخرجت 4) الخلاصة: 100 (*)

[ 41 ]

قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه ؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ؟ ثم ينادي مناد أين حواري علي بن ابي طالب عليه السلام وصي المضمومة والراء قبل الالف وبعدها (1). وكذلك ضبطه العلامة أيضا في الايضاح نسبة إلى زرارة بن أعين. وذلك عندي منظور في صحته. قوله عليه السلام: أبن حواري محمد بن عبد الله رسول الله عليه السلام قال في الكشاف: حواري الرجل صفوته وخالصته، ومنه قيل للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن وفي وزنه الحوالي وهو الكثير الحيلة (2). قلت: واما الذي بمعنى حول الشئ وجوانبه وأطرافه كما يقال: حوالينا وحواليكم وبين ظهر انينا وبين ظهرانيكم، فعلى هيئة صيغة المثناة من غير ارادة معنى التثنية لاعلى وزن الحواري ولا علي هيئة وزن الجمع. ومنه في حديث الاستسقاء: اللهم حوالينا ولا علينا (3). والمشهور أن الحواري أصله من الحور بمعنى خلوص البياض، والتحوير بمعنى التبييض، والخبز الحواري الذي نخل طحينه مرة بعد مرة. ومنه في الحديث: الحواري من امتي أي خاصتي من أصحابي وأنصاري. والحواريون من أصحاب عيسى عليه السلام أول من آمن به من اصفيائه وخلصائه


1) رجال ابن داود: 245 قال: وبعض الاصحاب أثبته ” الرازي ” وهما، بناءا على الوهم الاول. وقال في ص 41: وبعض فضلاء أصحابنا – وهو العلامة في الخلاصة – أثبته في تصنيفه ” أبو غالب الرازي ” وأن الامام عليه السلام قال: ” وأما الرازي ” وهو غلط، وانما هو ” الزرازي ” نسبة إلى زرارة بن أعين. 2) الكشاف: 1 / 432 3) رواه مسلم في صحيحه: 2 / 614 (*)

[ 42 ]

[… ] – وكانوا اثني عشر رجلا قيل: كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها فسموا الحواريين، ثم صار هذا الاسم مستعملا فيمن أشبههم من الذين خلصوا من كل ريب ونقوا من كل عيب وأخلصوا سرائرهم ونياتهم في نصرة الانبياء والاوصياء والتصديق بهم. وقيل: كانو ا صيادين وقيل: كانو ا ملوكا يلبسون البيض من الثياب قاله العزيزي في غريب القرآن وغيره. وقال الراغب في المفردات: قال بعض العلماء: انما سموا حواريين لانهم كانوا يطهرون نفوس الناس بافادتهم الدين والعلم المشار إليه بقوله عزوجل ” انما يريد الله ليذهب عنك الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” (1). وقال: انما كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه، وتصور منه من لم يتخصص بمعرفة الحقايق المهنة المتداولة بين العامة. قال: وانما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم إلى الحق (2). وعندي أنه يجوز أن يعتبر أصل الحواري من الحور بمعنى الرجوع، لان حواري الرجل يرجع إليه في أموره، وحواري النبي أو الوصي يرجع إليه في دينه لا الى غيره. ومنه المحاورة والتحاور: أي المراجعة في التكلم والتراجع في المخاطبة، وكلمته فلم يحر جوابا ولا أحار خطابا أي لم يرجع الي كلاما، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي من الرجوع إلى النقصان بعد كمال الزيادة.


1) سورة الاحزاب: 33 2) المفردات: 135 (*)

[ 43 ]

محمد بن عبد الله رسول الله ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس القرني. قال ثم ينادي المنادي أين حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الله ؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني وحذيفة بن أسيد الغفاري. قال، ثم ينادي المنادي أين حواري الحسين بن علي عليه السلام ؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف عنه. قال، ثم ينادي المنادي أين حواري علي بن الحسين عليه السلام ؟ فيقوم جبير ابن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب. ثم ينادي المنادي اين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد ؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو قوله عليه السلام: فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعى قال في القاموس: الحمق ككتف الخفيف اللحية وعمرو بن الحمق صحابي (1). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال ذكره في رجال أمير المؤمنين عليه السلام (2) وفي أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام (3). وسيتكرر بعده في الكتاب مدحه. قوله عليه السلام: جبير بن مطعم ويحيى بن ام الطويل وابو خالد الكابلي جبير بن مطعم بضم الجيم وفتح الموحدة على صيغة التصغير، وضم الميم وفتح العين على اسم المفعول من الاطعام. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله


1) القاموس: 3 / 223 2) رجال الشيخ: 47 3) المصدر: 69 (*)

[ 44 ]

[… ] – من الصحابة قال في باب الجيم: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف يكني أبا محمد مات سنة ثمان وخمسين (1). وفي مختصر أبي عبد الله الذهبي: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ممن حسن اسلامه، عنه ابناه محمد ونافع وابن المسيب، سيد حليم وقور نسابة، مات سنة ستة وخمسين. فمن العجب قول الحسن بن داود في كتابه جبير بن مطعم ” كش ” أنه من حواري ” ين ” ولم أره في كتب الشيخ رحمه الله (2). وسيرد في الكتاب من طريق أبي عمرو الكشي عن الفضل بن شاذان مسندا عن أبي عبد الله عليه السلام: ارتد الناس بعد قتل الحسين عليه السلام ثلاثة أبو خالد الكابلي ويحيى بن أم الطويل وجبير بن مطعم. وفي رواية يونس عن حمزة بن محمد الطيار مثله، وزاد فيه وجابر بن عبد الله الانصاري، ثم ان الناس لحقوا وكثروا (3). وقد روى الفضل بن شاذان وغيره. ونقله حسن بن داود في كتابه: أن يحيى بن أم الطويل أمه وشيكته كانت ظئر على بن الحسين سيد الساجدين عليه السلام وكان عليه السلام يدعوها أما، وهي التي زوجها فعابه على ذلك عبد الملك بن مروان بأنه زوح أمه توهما منه أنها والدته عليه السلام وكانت والدته عليه السلام شهربانوى قد توفيت وهو صغير السن (4). قلت: فاذن قد ظهر أن يحيى بن أم الطويل أخو سيد العابدين عليه السلام من جهة الرضاع، وأمه من النسب أمه عليه السلام من الرضاعة.


1) رجال الشيخ: 14 2) رجال ابن داود: 81 3) رجال الكشى: 123 4) رجال ابن داود: 371 – 372 (*)

[ 45 ]

بصير ليث بن البختري المرادي وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جداعة وحجر بن زائدة وحمران بن أعين. ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الائمة عليهما السلام يوم القيامة، فهؤلاء المتحورة أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين. – واستبان معنى ما رواه أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه في جامعه الكافي: أن علي بن الحسين عليه السلام كان له أخ من أمه. وكذلك ما في كتاب المحاضرات للراغب: ان أم علي بن الحسين بن زين العابدين عليه السلام تزوجت في زمانه بعد أبيه الحسين عليه السلام سيد الشهداء وعابه على ذلك عبد الملك بن مروان فليعلم (1). قوله عليه السلام: عامر بن عبد الله بن جداعة بضم الجيم واهمال الدال على ما قد ضبطه العلامة في الايضاح، وربما يضبط باعجام الدال بعد الجيم المضمومة. و ” حجر بن زائدة ” باهمال الحاء المضمومة قبل الجيم الساكنة. و ” حمران بن أعين ” بضم الحاء المهملة على ما ضبطه الاكثر، وقيل: بكسرها أخو زرارة بن أعين باهمال العين الساكنة بين الهمزة والياء المثناة من تحت المفتوحتين، وهو من القراء المتقنين قرأ عليه حمزة، وعلماء العامة يعرفون جلالته ويطعون فيه بالرفض. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: حمران بن أعين كوفي روى عن أبي الطفيل وغيره، وقرأ عليه حمزة، وكان يتقن بالقرآن. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو داود: رافضي. وروى حمزة عن حمران بن أعين أن النبي صلى الله عليه وآله قرأ: ان لدينا أنكالا وجحيما. فصعق. قوله عليه السلام: فهؤلاء المتحورة أول السابقين على التفعل من الحواري أي الجاعلون أنفسهم حواريين، فهذه الرواية معول


1) راجع رجال ابن داود: 372 (*)

[ 46 ]

21 – جبريل بن أحمد، قال حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال قال، رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: ان الله أمرني بحب أربعة قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ قال علي بن أبي طالب عليه السلام والمقداد بن الاسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي. 22 – حمدويه بن نصير، قال حدثني محمد بن عيسى. ومحمد بن مسعود، قالا حدثنا جبريل بن أحمد، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن محمد ابن بشير، عمن حدثه، قال ما بقي أحد الا وقد جال جولة الا المقداد بن الاسود فان قلبه كان مثل زبر الحديد. عليها في ارتفاع منزلة هؤلاء المتحورين السابقين المقربين. وقول بعض شهداء المتأخرين في حواشي الخلاصة (1) أن في طريقها علي بن سليمان وهو مجهول، لا تعويل عليه كما دريت ومرفوعة الحسين بن سعيد في ذم عامر وحجر غير صالحة للمعارضة، وسيستبين لك انشاء الله العزيز العليم. قوله رحمه الله: جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمد بن عيسى يعني به العبيدي اليقطيني قوله صلى الله عليه وآله: ان الله أمرنى بحب أربعة قالوا: ومن هم يا رسول الله قال: على بن أبي طالب عليه السلام هذا الحديث ثابت الصحة عند العامة من طرقهم في صحابهم وأصولهم ومصابيحهم ومشكاتهم بأسانيد غير محصورة. قوله رحمه الله: ألا وقد جال جولة بالجيم أي انزعج في سره انزعاجة ما، وحاد قلبه عن سبيله حيدة ما.


1) هو الشهيد الثاني رحمة الله عليه في حاشيته على الخلاصة غير مطبوع. (*)

[ 47 ]

23 – طاهر بن عيسى الوراق، رفعه إلى محمد بن سفيان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر. 24 – علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال قال في المغرب: أصاب المسلمين جولة هي كناية عن الهزيمة ولا تسعمل الا في حق الاولياء، وأصلها من الجولان. قوله رحمه الله تعالى: طاهرين بن عيسى الوراق هو أبو محمد من أهل كش من مشيخة الشيوخ. قال الشيخ في كتاب الرجال: صاحب كتاب روى عنه الكشي، وروى هو عن أحمد بن جعفر الخزاعي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1). وهذا الطريق بعد الرفع ضعيف بمحمد بن سليمان الديلمي عن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي بصير المكفوف يحيى بن القاسم، أو أبي القاسم. قوله عليه السلام: لكفر بالتخفيف على المجرد من الكفور بالشئ والكفران به، بمعنى الجحود والانكار، أو بالتشديد على التفعيل للنسبة من كفره تكفيرا، أي نسبه إلى الكفر. قوله رحمه الله: على بن الحكم عن سيف بن عميرة الطريق صحيح على التعليق لان طريق أبي عمرو الكشي إلى علي بن الحكم صحيح معروف. وليعلم أن رواية ارتداد الناس الا القليل منهم بعد النبي صلى الله عليه وآله غير مختصة بطريق أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم، بل أن حديث أنباء رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ترتد


1) رجال الشيخ ص 477 وفيه صاحب كتب (*)

[ 48 ]

[… ] – الصحابة وترجع القهقرى بعده عليه وآله السلام، عند علماء العامة صحيح ثابت في أصولهم الستة الصحاح وجامع أصولهم ومستدركهم ومسندهم ومصابيحهم ومشكاتهم وغيرها من كتبهم المعتبرة بأسانيدهم المتصلة ومسانيدهم المعتمدة من طرق متكثرة، تحكم في القدر المشترك بينها بالتواتر وفي كثير منها نصوص على أن ذلك الارتداد انما هو في الامامة والخلافة، لا بعبادة الاوثان والشرك بالله عزوجل (1). فمن جملة ذلك في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقال: انه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (2). عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلئون عنه فأقول: يا رب أصحابي فيقول: انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (3). عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ليردن على ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك (4). أبو حازم عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: اني فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا، ليردن علي اقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل فقلت: نعم فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها فأقول:


1) وقد أوردنا مصادر رواية الارتداد في ذيل كتاب الطرائف: 376 2) صحيح البخاري: 7 / 208 ط دار الطباعة العامرة باستبول. 3) نفس المصدر من البخاري. 4) صحيح البخاري: 7 / 207. وروى نحوه عن أنس مسلم في صحيحه: 4 / 1800 (*)

[ 49 ]

[… ] – انهم مني فيقال: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: سحقا سحقا لمن غير بعدي (1). عن المغيرة قال: سمعت أبا وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن معي رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي فيقال: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك (2). عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال إلى النار والله قلت: وما شأنهم ؟ قال: انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم ؟ قال، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى بعدك، فلا أراه يخلص فيهم الامثل همل النعم (3). عن عقبة أن النبي صلى الله عليه وآله خرج يوما فصلى على (أهل) أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: اني فرطكم وأنا شهيد عليكم واني والله لا نظر إلى حوضي الان واني أعطيت مفاتيح خزائن الارض أو مفاتيح الارض، وانى والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها (4). ففي الصحيحين من المتفق عليه في باب الحرص على الامارة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة (5).


1) صحيح البخاري: 7 / 207 – 208 وصحيح مسلم: 4 / 1793 2) صحيح البخاري: 7 / 206 وصحيح مسلم: 4 / 1796. 3) صحيح البخاري: 7 / 208 – 209 4) صحيح البخاري: 7 / 173 و 209. وصحيح مسلم: 4 / 1795 5) جامع الاصول: 4 / 450 قال: أخرجه البخاري والنسائي (*).

[ 50 ]

[… ] – وفي صحيحي الترمذي والنسائي والمصابيح والمشكاة عن كعب بن عجرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: أعيذك بالله من امارة السفهاء قال: وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: امراء سيكون بعدي من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم، فليسوا مني ولست منهم ولن يردوا علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فاولئك مني وأنا منهم وأولئك يردون علي الحوض (1). وعن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفئ قلت: أما والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي فأقاتلهم حتى ألقاك قال: أولا أدلك على خير من ذلك تصبر حتى تلقاني (2). وفى صحيح مسلم وسنن أبى داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: انكم محشورون حفاة عراة غرلا، ثم قرء ” كما بدأنا نعيده وعدا علينا انا كنا فاعيلن ” (3) وأول من يكسي يوم القيامة ابراهيم عليه السلام، وان ناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول،: أصحابي، أصحابي فيقول: انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول، كما قال العبد الصالح: ” وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب إلى قوله العزيز الحكيم (4) ” قال أبو داود في السنن: هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم من محمد بن مثنى، وغيره عن محمد بن


1) جامع الاصول: 4 / 460 2) جامع الاصول: 10 / 394 – 395. والفئ ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار وأملاكهم عن غير قتال وحرب. والاستئثار: الانفراد بالشئ والتخصص به 3) الانبياء: 104 4) المائدة: 117 و 118 (*)

[ 51 ]

أبو جعفر عليه السلام ارتد الناس: الا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد قال: قلت فعمار ؟ قال: قد كان جاض جيضة ثم رجع، ثم قال: ان اردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فانه عرض في قلبه عارض ان عند امير المؤمنين عليه السلام اسم الله جعفر عن شعبة عن المغيرة (1). و ” الغرل ” جمع أغرل وهو الا غلف، وقوله ” لم يزالوا مرتدين “. لم يرد به الردة عن الاسلام، انما معناه التخلف عن بعض الحقوق الواجبة. قال ابن الاثير في النهاية وجامع الاصول: انهم كانوا يمشون بعدك القهقرى قال الازهري: معناه الارتداد عما كانوا عليه، وقد قهقر وتقهقر والقهقرى مصدر (2)، فهذه نبذة مما في أصول المخالفين وصحاحهم، ومن أحب الاستقصاء فعليه بما أوردناه في كتبنا (3). قوله عليه السلام: قد كان جاض جيضة يروي بالجيم قبل الالف والضاد المعجمة بعدها يقال: جاض عن الحق جيضة أي عدل، وجاض في القتال إذا فر، وأصل الجيض الميل عن الشئ ويروى باهمال الحاء والصاد من حاشيتي الالف من حاص عن الشئ إذا حاد عنه، وحاص القوم في القتال حيصا وحيصة: أي جالوا جولة يطلبون الفرار، والمحيص: المحيد والمهرب. وبعض القاصرين أهمل الحاء وأعجم الضاد من حيض النساء، وتحامل توجيهه بما لا يتفوه به ذو مسكة ما.


1) صحيح مسلم: 4 / 2195 كتاب الجنة. وغرلا جمع أغرل، وهو الذى لم يختن وبقيت معه غرلته وهى الجلدة التى تقطع في الختان. 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 129. 3) ومن أحسن ما كتب المصنف في ذلك هو كتاب شرح تقدمة تقويم الايمان غير مطبوع (*)

[ 52 ]

الاعظم لو تكلم به لاخذتهم الارض وهو هكذا، فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلقة، فمر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال له يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع، فبايع، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن ياخذه في الله لومة لا ئم فأبي الا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو سنان الانصاري وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعة، فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام الا هولاء السبعة. 25 – حمدويه بن نصير، قال حدثنا أبو الحسين بن نوح، قال حدثنا صفوان ابن يحيى، عن ابن بكير، عن زرارة، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أدرك سلمان العلم الاول والعلم الاخر، وهو بحرلا ينزح، وهو منا أهل البيت. بلغ من علمه: أنه مر برجل في رهط فقال له: يا عبد الله تب إلى الله عزوجل من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة، قال: ثم مضى، فقال له القوم: لقد رماك سلمان بأمر فما دفعته عن نفسك. قال: انه أخبرني بأمر ما اطلع عليه الا الله وأنا. وفي خبر آخر مثله، وزاد في آخره: ان الرجل كان أبا بكر بن أبي قحافة. قوله عليه السلام: فلبب ووجئت عنقه كلتاهما على ما لم يسم فاعله، اللبة: المنخر. واللبب: موضع القلادة من الصدر. قال في الصحاح: لببت الرجل تلبيبا: إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جررته (1). وفي النهاية الاثيرية: لببت الرجل لبا ولبيته تلبيا إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته، وأخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لا بسه وقبضت عليه تجره، والتلبيب: مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل (2). والوجئ: الضرب باليد أو بالسكين. يقال: وجأه في عنقه من باب منع،


1) الصحاح: 1 / 216 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 223 (*)

[ 53 ]

[… ] – ومنه ليس في كذا وكذا ولا في الوجاءة قصاص، والوجاء: بالكسر على فعال نوع من الخصاء، وهو أن تضرب العروق بحديدة وتطعن فيها من غير اخراج البيضتين يقال: كبش موجوء إذا فعل به ذلك قاله في المغرب. والسلقة: بالهاء واحدة السلق. باهمال السين المكسورة واسكان اللام قبل القاف، وهو اسم لجنس النبت المعروف يؤكل يقال له في بلاد العجم ” چقندر “. قال في القاموس: السلق بالكسر مسيل الماء، والجمع كعثمان وبقلة معروفة تجلو وتحلل وتلين وتسر النفس نافع للنقرس والمفاصل، وعصيرة إذا صب على الخمر خللها بعد ساعتين، وعلى الخل خمره بعد أربع، وعصير أصله سعوطا ترياق وجع السن والاذن والشقيقة، وسلق الماء وسلق البر نباتان، والسلق أيضا أثرا التسع في جنب البعير، وكذلك السلق بالتحريك، وسلق فلانا طعنه وصرعه وألقاه على ظهره وسلقه باللسان أذاه بالكلام وسلق اللحم عن العظم نحاه عنه (1). ومعنى الحديث: ان سلمان عرض في قلبه عارض الشك والاعتراض أن أمير المؤمنين عنده الاسم الاعظم فليته يدعو الله عزوجل به عليهم، فإذا القوم قد هجموا عليه فلببوه ووجاؤا عنقه يجرونه إلى أبي بكر للبيعة وهو ممتنع منها حتى تركوا عنقه الموجوء. وتأنيث الضمير العائد إليه باعتبار معنى الرقبة، كأنه السلقة من فرط ما وجاؤها فمر به أمير المؤمنين عليه السلام، وقد اطلعه الله عزوجل على ما قد خالجه في سره وعرض له في قلبه، فقال له: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايعهم على التقية، وكن بقضاء الله وقدره من الراضين، ولا تكونن عن سر القدر من الغافلين، ولا على ما جف به القلم في القضاء الاول من المعترضين، فرضي سلمان وسارع وسمع وأطاع وبايع.


1) القاموس: 3 / 264 (*)

[ 54 ]

26 – جبريل بن أحمد، قال حدثني الحسن بن خرزاد، قال حدثني أحمد بن علي وعلي بن أسباط، قالا: حدثنا الحكم بن مسكين، عن الحسن بن صهيب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ذكر عنده سلمان الفارسي قال فقال أبو جعفر عليه السلام: مه لا تقولوا سلمان الفارسي ولكن قولوا سلمان المحمدي، ذلك رجل منا أهل البيت. وعلى نمط آخر: أنه عرض في قلبه العارض وتخالج في صدره الخاطر، ثم تنبه وأناب، فأخذ بتلبيبه فوجأ عنقه حتى تركها كالسلقة زجرا وعقوبة لنفسه، فمر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال له، هذا من ذاك وأن ذاك منك حيود ما عن السبيل، فاستأنف الانابة وجدد البيعة فأناب إليه عليه السلام، وبايع على تنقية السر من عوارض الشكوك وخواطر الاوهام. قوله رحمه الله: جبرئيل بن أحمد قال: حدثنى الحسن بن خرزاذ يعني بالحسن بن خرزاذ الذي هو من أهل كش من طبقات باب ” لم ” لا القمي المعدود من أصحاب أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام، ذكر الشيخ الاول في باب ” لم ” (1) والثاني في أصحاب العسكري عليه السلام (2). وقال النجاشي، الحسن بن خرزاد قمي كثير الحديث له كتاب أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وكتاب المتعة، وقيل: انه غلا في آخر عمره، أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن الوارث السمرقندي قال: حدثنا أبو علي بن الحسن بن علي القمي قال: حدثنا الحسن بن خرزاذ بكتابه (3). قوله رحمه الله تعالى: الحكم بن مسكين قال النجاشي في كتابه: الحكم بن مسكين أبو محمد كوفي مولي ثقيف المكفوف روي عن أبي عبد الله عليه السلام، ذكره أبو العباس، له كتاب الوصايا كتاب


1) رجال الشيخ: 463 2) بل في أصحاب الهادي عليه السلام رجال الشيخ: 413. 3) رجال النجاشي: 35. ط طهران (*)

[ 55 ]

27 – جبريل بن أحمد، قال حدثني الحسن بن خرزاذ، قال حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام محدثا، وكان سلمان محدثا. الطلاق كتاب الظهار، أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن سفيان (1) قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن الحكم بكتاب الطلاق والظهار (2). وشيخنا الشهيد في الذكرى نقل عن العلامة في المختلف في باب صلاة الجمعة أنه قال: في طريق رواية محمد بن مسلم ” الحكم بن مسكين ” ولا يحضرني الان حاله فنحن نمنع صحة السند، ثم اعترض عليه فقال قلت: الحكم ذكره الكشي ولم يعترض له بذم (3)، والرواية لا يطعن فيها كون الراوي مجهولا عند بعض الاصحاب (4). ونحن نقول: نعم ذكر الكشي الرجل من دون أن يتعرض لنقل طعن فيه أو غميزة آية جلالة الرجل. ولكن الحكم بن مسكين لا ترجمة له في كتاب الاختيار هذا للشيخ رحمه الله تعالى، ولافي كتاب اختيار السيد جمال الدين أحمد بن طاوس من كتاب الكشي، فكأنه قدس الله لطيفه قد وجده في أصل كتاب الكشي، أو كان رائما للنقل عن النجاشي فجرى على لسان قلمه الكشي والله سبحانه أعلم. قوله عليه السلام: كان على عليه السلام محدثا وكان سلمان محدثا بفتح الدال المشددة على اسم المفعول من باب التفعيل، أما علي عليه السلام


1) وفى المصدر: سفين ولعله هو سفيان كتب على هذا النحو. 2) رجال النجاشي: 105 3) وفى المصدر: بذم في الرواية مشهورة جدا بين الصحاب لا يظهر فيها الخ. 4) الذكرى: 231 (*)

[ 56 ]

28 – محمد بن مسعود، قال حدثني أحمد بن منصور الخزاعي، عن أحمد ابن الفضل الخزاعي، عن محمد بن زياد، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحمن ابن أعين، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان سلمان من المتوسمين. 29 – جبريل بن أحمد، قال حدثني الحسن بن خرزاذ، قال حدثني اسماعيل ابن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سلمان علم الاسم الاعظم. فمحدث على المعنى المصطلح عليه حقيقة، وأما سلمان فكان محدثا على التجوز بمعنى المفهم الملهم، وسيستبين لك شرح ذلك انشاء الله تعالى. قوله رحمه الله تعالى: أحمد بن منصور الخزاعى هو الذي يقال له محمد بن منصور بن نصر الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام. صرح بذلك الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال حيث ذكر في أصحاب علي بن موسى الرضا عليه السلام محمد بن منصور بن نصر الخزاعي، ثم كرر ذكره فقال: محمد بن نصر الخزاعي، ويقال له: أحمد بن منصور (1). قوله رحمه الله تعالى: عن محمد بن زياد يعني به محمد بن الحسن بن زياد العطار فانه يقال له: محمد بن زياد أيضا، كما قاله النجاشي في أسناد طريقه إليه وقال: كوفي ثقة روى أبوه عن أبي عبد الله عليه السلام (2). قوله عليه السلام: كان سلمان من المتوسمين قال الراغب في المفردات: الوسم التأثير والسمة الاثر، قال تعالى ” سيماهم


1) رجال الشيخ: 391 و 389 2) رجال النجاشي: 285 (*)

[ 57 ]

30 – جبريل بن أحمد، قال حدثني الحسن بن خرزاذ، عن اسماعيل بن مهران، عن أبان عن جناح، قا ل حدثني الحسن بن حماد، بلغ به، قال: كان في وجوههم من أثر السجود (1) ” وقال: ” تعرفهم بسيماهم (2) ” وقوله تعالى ” ان في ذلك لايات للمتوسمين (3) أي للمتبرين العارفين المتعظين، وهذا التوسم هو الذي سماه قوم الذكاء: وقوم الفطنة، وقوم الفراسة، وقال صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن وقال: المؤمن ينظر بنور الله (4). قوله رحمه الله تعالى: عن أبان عن جناح أبان الذي يروي عنه اسماعيل بن مهران هو أبان بن محمد البجلي ابن أخت صفوان بن يحيي، كان ثقة وجها في أصحابنا الكوفيين قاله النجاشي (5). أو هو أبان بن عثمان الاحمر البجلي أحد من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. و ” جناح ” الذي روى أبان عنه هو جناح بن عبد الحميد الكوفي، ويحتمل جناح بن رزين مولى مفضل بن قيس الاشعري، ذكرهما الشيخ في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام (6). وما في بعض النسخ (7) أبان بن جناح مكان ” عن ” فمن تصحيف الناسخين.


1) سورة الفتح: 29 2) سورة البقرة: 273 3) سورة الحجر: 75 4) المفردات: 524 5) رجال النجاشي: 12 6) رجال الشيخ: 164 7) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد والنجف الاشرف (*).

[ 58 ]

سلمان إذا رأي الجمل الذي يقال له عسكر يضربه، فيقال له يا أبا عبد الله ما تريد من هذا البهيمة ؟ فيقول: ما هذا بهيمة ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني، يا أعرابي لا ينفق جملك هاهنا ولكن اذهب به إلى الحوأب فانك تعطى به ما تريد. 31 – جبريل بن أحمد، حدثني الحسن بن خرزاذ، قال حدثني اسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: اشتروا عسكرا بسبعمائة درهم وكان شيطانا. قوله رحمه الله: إذا رأى الجمل الذى يقال له عسكر يضربه كان هودج عائشة في وقعة الجمل على جمل اسمه عسكر قاله المطرزى في المغرب في: ن ك. وقال أبو الحسن المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب: انصرف عن اليمن عامل عثمان فأتي مكة، فصادف فيها عائشة وطلحة والزبير ومروان بن الحكم في آخرين من بني أمية، فكان ممن حرض على الطلب بدم عثمان وأعطي عائشة وطلحة والزبير أربعمائة ألف درهم وكراعا وسلاحا وبعث إلى عائشة بالجمل المسمى ” عسكرا ” وكان شراؤه من اليمن بمأتى دينار انتهى (1). قلت: فذلك كان يضربه سلمان رضي الله تعالى عنه. قوله رحمه الله: لا ينفق جملك ها هنا أي لا يروج من النفاق بمعنى الرواج، ولكن اذهب به إلى الحوأب بفتح الحاء المهملة واسكان الواو بعدها همزة مفتوحة ثم باء موحدة. وفي طائفة من النسخ الحوب بتشديد الواو للقلب والادغام. وفي الحديث المتواتر المشهور انه صلى الله عليه وآله قال: ايتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب.


1) مروج الذهب: 2 / 357 ط دار الاندلس (*).

[ 59 ]

32 – حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: جلس عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ينتسبون وفيهم سلمان الفارسي، وان عمر سأله عن نسبه وأصله ؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله بمحمد، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد، وكنت مملكوا فاعتقني الله بمحمد، فهذا حسبي ونسبي. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثه سلمان وشكى إليه ما لقي من القوم وما قال لهم فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا معشر قريش ان حسب الرجل دينه، ومروته خلقه، وأصله عقله، قال الله تعالى: ” انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم “. يا سلمان ليس لا حد من هؤلاء عليك فضل الا بتقوى الله، وان كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل. 33 – جبريل بن أحمد. قال حدثني أبو سعيد الادمي سهل بن زياد، عن منخل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدرا له، فبيناهما يتحدثان إذا انكبت القدر على وجهها على الارض، فلم يسقط من مرقها – قال ابن الاثير في النهاية وجامع الاصول: الحوأب منزل بين بصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشة فنبحتها الكلاب لما جائت إلى البصرة وفي وقعة الجمل (1). قوله عليه السلام: فبينا هما يتحدثنان إذا انكبت القدر اختلفت النسخ في ” بينا ” و ” بينما ” و ” إذ ” و ” إذا ” و ” انكبت ” و ” انكفأت ” و المعنى في ذلك كله واحد يزاد في بين ما أو الالف فيجعل بمنزلة حين، فيقال: بينما زيد يفعل كذا وبينا يفعل كذا، واذ وقتية لما مضى من الزمان، وقد تكون للمفاجأة وهي التي بعد بينا وبينما. وإذا تكون للمفاجأة وتكون ظرفا زمانيا للماضي، أو للمستقبل، أو للحال، وقد تكون ظرف مكان وتكون شرطية.


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 456 (*)

[ 60 ]

ولا ودكها شئ، فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا، وأخذ سلمان القدر فوضعها على وجهها حالها الاول على النار ثانية، وأقبلا يتحدثان، فبيناهما يتحدثان إذ انكبت القدر على وجهها، فلم يسقط منها شئ من مرقها ولا ودكها، قال فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان، فبينا هو متفكر إذ لقى أمير المؤمنين عليه السلام قال له: يا أبا ذر ما الذي أخرجك من عند سلمان وما الذي ذعرك ؟ فقال له أبو ذر: يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا فعجبت من ذلك. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا ذر ان سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان، يا أبا ذر أن سلمان باب الله في الارض من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا، وان سلمان منا أهل البيت. 34 – طاهر بن عيسى الوارق الكشي قال: حدثني أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي وكببت الاناء فانكب وكفأته فانكفأ وقلبته فانقلب كلها بمعنى واحد، والودك وسم اللحم وهو بالتحريك كالمرق. قوله عليه السلام: وما الذي ذعرك باعجام الذال واهمال العين. وفي بعض النسح ” أذعرك ” من باب الافعال وهما بمعنى يقال: ذعره يذعره ذعرا بالفتح فهو مذعوذ من باب منع خوفه، وذعره اذعارا فهو مذعر أيضا أخافه، كما فزعه يفزعه فزعا وأفزعه يفزعه افزاعا و ” الذعر ” بالضم الخوف، والفعل منه ذعر يذعر فهو ذاعر من باب فرح يفرح، والذعر بالتحريك الدهش والفعل منه أيضا من باب فرح. قوله رحمه الله: أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندى في نسخ كتاب أبي العباس النجاشي التي وقعت الي جميعا ” العاجز ” أو (المعاجز) بالعين المهملة قبل الالف وبالجيم والزاء بعدها قال: جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي أبو سعيد يقال له ابن العاجز كان صحيح الحديث والمذهب روى


[ 61 ]

قال حدثني علي بن محمد شجاع عن أبي العباس أحمد بن حماد المروزي عن الصادق عليه السلام انه قال في الحديث الذي روى فيه ” ان سلمان كان محدثا ” قال: انه – عنه محمد بن مسعود العياشي، ذكر أحمد بن الحسين رحمه الله أن له كتاب الرد على من زعم أن النبي صلى الله عليه وآله كان على دين قومه قبل النبوة، طريقنا إليه شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد عن جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي عنه (1). والذي رأيناه في كتاب الكشي، وفي كتاب الاختيار منه للشيخ على اتفاق النسخ، وفي الاختيار منه للسيد بن طاوس ” التاجر ” مكان ” العاجز ” بالتاء المثناة من فوق قبل الالف والراء بعد الجيم. وكذلك قال الحسن بن داود: جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي يقال له: ابن التاجر كذا رأيته بخط الشيخ (ره) (2). وهو مطابق لما رأيناه مذ اشتغلنا بهذه العلوم إلى الان في نسخ كتاب الرجال للشيخ، لكن الموجود فيها بأسرها جعفر بن محمد بن أيوب يعرف ب‍ ” ابن التاجر ” أو ” المتاجر ” من أهل سمرقند متكلم له كتب (3)، لا جعفر بن أحمد كما في كتاب الكشي والنجاشي. قوله رحمه الله: على بن محمد بن شجاع وهو الذي يقال له علي بن شجاع النيسابوري، ذكره الشيخ في أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام قال: علي بن شجاع نيسابوري (4)


1) رجال النجاشي: 93 – 94 ط طهران. 2) رجال ابن داود: 82 3) رجال الشيخ: 458 4) رجال الشيخ: 433 (*)

[ 62 ]

كان محدثا عن امامه لا يجوز به لانه لا يحدث عن الله عزوجل الا الحجة. 35 – طاهر بن عيسى قال: حدثني أبو سعيد قال: حدثني الشجاعي عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن خزيمة بن ربيعة يرفعة قال: خطب سلمان إلى عمر فرده، ثم ندم فعاد إليه فقال: انما أردت أن اعلم ذهبت حمية الجاهلية عن قلبك أم هي كما هي. 36 – حمدويه بن نصير قال: حدثنا محمد بن عيسى العبيدي عن يونس بن – قوله عليه السلام: لا يجوز به الباء للتعدية والعائد لكونة، محدثا، أي لا يتعدى بكونه محدثا ولا يعد به عن امامه إلى ملك يحدثه عن الله عزوجل، فان المحدثية على هذا السبيل لا تكون الا للحجة وغير الحجة انما محدثيته بتوسط النبي، والحجة لاعن الله بواسطة الملك لاغير. وفي بعض النسخ ” لا عن ربه ” وهو تصحيف لا يجوز به. قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثني الشجاعى الذى استبان لنا أن الشجاعي المتكرر وروده في الاسانيد اسمه الحسن بن طيب يروي عنه العاصمي ذكر أبو العباس النجاشي ذلك في كتابه، واستفدناه منه قال: الحسن بن طيب بن حمزة الشجاعي غير خاص في أصحابنا رووا عنه له كتاب ذوات الا جنحة، ثم أسند طريقه إليه وقال: أخبرنا محمد بن محمد عن أبي الحسن ابن داود قال حدثنا الحسين بن علان قال حدثنا العاصمي عنه بهذا الكتاب (2). قوله عليه السلام: ثم ندم فعاد إليه يعني ثم سلمان ندم عن خطبته إلى عمر، فعاد إلى عمر فقال له ذلك. قوله رحمه الله تعالى: قال حدثنا محمد بن عيسى العبيدي هذا هو الصحيح، وفي نسخ كثيرة ” العنبري ” مكان ” العبيدي ” وذلك من


1) رجال النجاشي: 36 (*)

[ 63 ]

عبد الرحمان ومحمد بن سنان عن الحسين بن المختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله – تحريفات الناسخين وتصحيفاتهم، وان كان واردا في الانساب نسبة إلى قربة باليمن، أو كناية عن خلوص النسب، وعنبري البلد مثل في الهداية، لان بني العنبر أهدى قوم قاله في القاموس (1) وغيره. قوله رحمه الله تعالى: عن الحسين بن المختار هوالقلانسي الكوفي قال الشيخ في كتاب الرجال: واقفي له كتاب (2). وقال النجاشي: أبو عبد الله كوفي مولى أحمس من بجلية وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ذكر ا فيمن روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام، له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره (3). وقال ابن عقدة: عن علي بن الحسن أنه كوفي ثقة (4). وفي ارشاد شيخنا المفيد في باب النص على الرضا عليه السلام: أنه من خاصة الكاظم وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته (5). وروى أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه في جامعه الكافي أنه قال: الحسين بن المختار قال لي الصادق عليه السلام رحمك الله، وقد روى جماعة من الثقاة عنه نصا على الرضا عليه السلام. قلت: فذلك يدافع كونه واقفيا، ولذلك لم يحكم به النجاشي ولا نقله عن أحد على ما هو المعلوم من ديدن النجاشي، وبالجملة الرجل من أعيان الثقاة و عيون الاثبات والله سبحانه أعلم.


1) القاموس: 2 / 96 2) رجال الشيخ: 169 و 346 3) رجال النجاشي: 43 4) الخلاصة: 215 5) الارشاد: 304 ط بيروت وفيه من خاصته الخ (*).

[ 64 ]

عليه السلام قال: كان والله علي محدثا، وكان سلمان محدثا قلت: اشرح لى. قال: يبعث الله إليه ملكا ينقر في اذنه يقول كيت وكيت. 37 – جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عيسى عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: تروي ما يروي الناس ان عليا عليه السلام قال في سلمان ” أدرك علم الاول وعلم الاخر ” ؟ قلت: نعم قال: فهل تدري ما عني ؟ قلت: يعني علم بني اسرائيل وعلم النبي صلى الله عليه وآله. فقال: ليس هكذا يعني و لكن علم النبي وعلم علي وأمر النبي وأمر علي. – قوله عليه السلام: قلت: اشرح لى قال: يبعث الله إليه ملكا في الكافي رئيس المحدثين أبي جعفر الكليني رضي الله تعالى عنه في كتاب الحجة باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث (1). وهذا الباب من غامضات العلم وغوامض الحكمة، وقد شرحنا منهجه وأوضحنا سبيله في غير موضع واحد فنقول: قد استبان في علم ما فوق الطبيعة في باب الايحا آت والنبوات وفي العلم الطبيعي في كتاب النفس، وحقق شريكنا السالف في الرياسة في الهيات الشفاء وطبيعياته، ونحن في قبسات الحق اليقين وفي سدرة المنتهى وفى الرواشح السماوية: ان ذا القوة القدسية الصائر باستكمال نفسه المجردة في مرتبة العقل المستفاد عالما عقليا مطابقا لعوالم الوجود، قوته العقلية كبريت، وروح القدس الذي هو العقل الفعال وواهب الصور باذن ربه نار، وإذا صار من حزبه وانخرط في سلكه اشتعل ناره في كبريته دفعة وأحال نفسه إلى جوهر ذاته. فالنفس المجردة العاقلة بحسب كمال هذه القوة شجرة يكاد زيتها يضئ و لو لم تمسسه نار نور على نور، فمن كانت لشجرة نفسه القدسية ثلاث خاصيات بحسب استكمال قوى ثلاث كان نبيا، له ضروب النبوة الثلاثة من جهة كمال قوتيه


1) أصول الكافي: 1 / 134 (*)

[ 65 ]

[… ] – النظرية التي منها انبجاس مبادي الادراكات والعملية التي منها انبعاث مبادي التحريكات. الاولى: ما بحسب كمال القوة العاقلة، وهي أن تكون علومه كلها بالحدس ونظريات العقلاء من المقتصات الفكرية بالنسبة إليه جميعها حدسيات، والمعجزات العقلية كلها من هذا السبيل. والثانية: ما بحسب كمال القوة المتخلية وكمال القوة المشتركة المسماة عند الفلاسفة ” بنطاسيا “، وهي أن يتيسر له الابصار والسماع في اليقظة، لامن سبيل الظاهر من ممر الجليدية وطريق الصماخ، بل من جنبته الباطن من سبيل الاتصال بعالم العقل والانخراط في سلك الصايرين إلى اقليم نور الله سبحانه، لشدة صقالة مرائي (1) القوى الحسية واستحكام شبهها بألواح الاذهان النقية المجردة العقلية، ولا يتصحح ذلك للناقصين الا في النوم. فبحسب كمال هذه القوة فتشبح وتتمثل الابصار النبي بالرؤية البصرية في اليقظة فيبصرهم، وينتظم ويتركب لسماعه بالقوة السمعية كلام الله تعالى على لسان الملك المتشبح له فيسمعه. وهذا سبيل باب الوحي والايحاء وله من هذا السبيل المعجزات القولية و الاخبار بالمغيبات والا نذار بالعقوبات قبل وقوعها. الثالثة: ما بحسب كمال قوة النفس في جوهر ذاتها باعتبار الفطرة الاولى الجبلية المفطورة على استعدادها الفطري وتأكد علاقة الارتباط بجناب الله، والتخلق بأخلاق الله في الفطرة الثانية المكسوبة في استعدادتها الكسبية، وهي أن تكون له ملكة ولوج في ملكوت السماء ومصير إلى ذي الملك والملكوت بحسبها تطيعه


1) المرائي جمع قلة للمراء وجمع الكثرة المرايا. قال في الصحاح: المراة بكسر الميم التى ينظر فيها وثلاث مراء والكثير مرايا ” منه ” 6 / 2349 (*)

[ 66 ]

38 – علي بن محمد القتيبي قال: حدثني أبو محمد الفضل بن شاذان قال: حدثنا ابن أبي عمير عن عمر بن يزيد قال: قال سلمان: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حضرك أو أخذك الموت حضر أقوام يجدون الريح ولا يأكلون الطعام، ثم أخرج صرة من مسك فقال: هيه أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ثم بلها ونضحها حوله ثم – هيولى عالم العناصر وتنقاد له صور الا سطقسات (1). ومن هذا السبيل له المعجزات الفعلية، فالمرتبة المستجمعة لهذه الخاصيات في درجة النبوة بضروبها الثلاثة. ثم إذا اشتعلت القوة واستعلت النبوة واختص النبي بسنة قائمة بالقسط وشريعة ناسخة للشرايع ارتفع إلى درجة الرسالة، فإذا قويت له هذه الشؤن واستحكمت هذه الملكات واشتدت أشعة الاتصال بنور الانوار واستكملت الخاصيات الثلاث واستتم نصاب استكمال ضروب الثلاث جدا استحق خاتمية الانبياء وسيدودة المرسلين، وصار بحيث لا تتصور في مراتب سلسلة العود مرتبة صعودية تتوسط بينه وبين جناب معاد الوجود ومنتهاه، كما لا تتصور في مراتب سلسلة البدو مرتبة هبوطية تتوسط بين جناب مبدء المبادي وغاية الغايات وبين مجعوله الاول. وإذا كان ذو القوة القدسية انما يتهيأ في الاتصال بعالم الملكوت للسماع من سبيل الباطن فقط من دون أن يبصر شبحا متمثلا ويعاين صورة متشجحة فهو المحدث بالفتح على صيغة المفعول، وهو الامام والحجة، وأما غيره فلا يكون محدثا على الحقيقة بل انما على سبيل التجوز والتوسع من باب المجاز فليعلم. قوله رحمه الله: فقال: هيه اعطانيها رسول الله صلى الله عليه وآله هيه مبنية على الكسر وأصلها ” ايه ” قلبت همزتها هاءا، ولقد تكررت في الحديث جدا على الاصل وعلى القلب، وهي كلمة الاستزادة اسما لفعل هو فعل الامر أي زدني من كذا، أو فعل آخر يدل على ابتغاء الزيادة وطلبها مثل ابتغى زيادة كذا وأريدها وأطلبها مثلا.


1) في ” س “: الاستقسات (*).

[ 67 ]

[… ] – قال ابن الاثير في النهاية في حرف الهاء: في حديث أمية وأبي سفيان قال: يا صخر هيه فقلت: هيهأ، هيه بمعنى ايه فأبدل من الهمزة هاء، وايه اسم سمي به الفعل ومعناه الامر، تقول للرجل: ايه بغير تنوين إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما، وان نونت استزدته من حديث غير معهود. لان التنوين للتنكير، فإذا سكته وكففته قلت: ايها بالنصب فالمعنى ان أمية قال له: زدني من حديثك، فقال أبو سفيان كف عن ذلك (1). وقال في باب الهمزة: فيه – أي الحديث – أنه عليه السلام أنشد شعر أمية بن أبي الصلت فقال عند كل بيت: ايه، هذه كلمة تراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت فقلت: ايه حدثنا، وإذا قلت ايها بالنصب فانما تأمره بالسكوت وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضا بالشئ. ومنه حديث ابن الزبير لما قيل له يابن ذات النطاقين فقال: ايها، أي صدقت ورضيت بذلك، ويروى ايه بالكسر أي زدني من هذه المنقبة (2). وفي أساس البلاغة: ايه حديثا استزاده وايها لا تحدث كف (3). والجوهري زاد على ذلك في الصحاح قال: ايه اسم سمي به الفعل تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل: ايه بكسر الهاء، قال ابن السكيت: فان وصلت نونت فقلت: ايه حدثنا، إذا قلت ايه يا رجل فانما تأمره بأن يزيدك من الحديث المعهود بينكما كأنك قلت هات الحديث، فان قلت ايه بالتنوين فانك قلت هات حديثا ما، لان التنوين تنكير، فإذا سكته وكففته قلت ايها عنا، وإذا أردت التبعيد قلت، أيها بفتح الهمزة بمعنى هيهات (4).


1) نهاية ابن الاثير: 5 / 290 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 87 3) أساس البلاغة: 26 ط دار صادر. 4) الصحاح: 6 / 2226 (*)

[ 68 ]

قال لامرته: قومي أجيفي الباب فقامت وأجافت الباب فرجعت وقد قبض رضي الله عنه. حكي عن الفضل بن شاذان انه قال: ما نشأ في الاسلام رجل من كافة الناس كان أفقه من سلمان الفارسي. 39 – أبو صالح خلف بن حماد الكشي قال: حدثني الحسن بن طلحة المروزي يرفعه عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تزوج سلمان أمرأة من كندة فدخل عليها فإذا لها خادمة وعلى بابها عباءة، فقال سلمان ان في بيتكم هذا لمريضا أوقد تحولت الكعبة فيه فقيل: المرأة أرادت أن تستر على نفسها فيه. قال: فما هذه الجارية ؟ قالوا كان لها شئ فأرادت أن تخدم. قال اني سمعت رسو ل الله صلى الله عليه وآله يقول: أيما رجل كانت عنده جارية فلم يأتها أولم يزوجها – قوله رضى الله عنه: أجيفي الباب من الا جافة قال في الصحاح: أجفت الباب أي رددته (1). وأصل الاجافة الايصال إلى الجوف يقال: جافه الطعن والداء إذا وصل إلى جوفه وأجافه الطاعن أوصله إلى الجوف وطعنة جائفة. قوله عليه السلام: فقال سلمان: ان في بيتكم هذا لمريضا أو قد تحولت الكعبة أي في بيتكم مريض قد تخوفتم عليه فعطيتم على الباب بهذه العباءة خوفا من وصول الهواء إليه، أو تحولت الكعبة من مكانها إلى موضع بيتكم فالبستموه لباس الكعبة. و ” العباية ” بفتح العين كساء واسع مخطط. والعباءة بالمد والهمزة لغة فيها، والجمع عباء بالفتح قاله في المغرب.


1) الصحاح: 4 / 1339 (*)

[ 69 ]

من يأتيها ثم فجرت كان عليه وزر مثلها ومن أقرض قرضا فكأنما تصدق بشطره، فان أقرضه الثانية كان برأس المال وآدى الحق إلى صاحبه أن يأتيه به في بيته أوفي رحله فيقول ها وخذه. 40 – محمد بن مسعود، قال حدثني محمد بن يزداذ الرازي، عن محمد بن – قوله صلى الله عليه وآله: وآدى الحق إلى صاحبه أن يأتيه به في بيته آدي بالمد على صيغة أفعل التفضيل من الاداء، والضمير في يأتيه وبيته ورحله لصاحب الحق وفي ” به ” للحق، وهاء مبنيا على الفتح: اما صوت يفهم منه خذ، واما من أسماء الافعال للواحد المذكر، وهاويا للمثنى، وهاؤم للجمع. والمعني: أوثق الناس في الامانة وآداهم للحق إلى أهله من يأتي صاحب الحق بحقه في بيته أو في رحله فيقول له: خذ حقك الذي أتيتك به. خذه على التأكيد أوخذ استوف مني حقك، على اجتماع عاملين متوجهين نحو معمول واحد، واعمال الاول منهما على مذهب الكوفيين، والثاني طريقة البصريين، كما في قوله سبحانه ” هاؤم اقرؤا كتابيه (1) ” ونظيره ” آتوني أفرغ عليه قطرا ” (2). واما اسقاط المد والهمزة من هاء وجعل الكلام ها خذه على كلمة التنبيه و الاحضار، فحسبان واه، اذهاء التنبيهية مسلكها تنبيه الطالب على حضور مطلوبة و مبتغاه. والحديث الكريم مغزاه: أن المرء انما يكون للحق آدى إذا أتى به صاحبه فأداه إليه من غير طلب منه فليعرف. قوله رحمه الله تعالى: محمد بن يزداذ بالياء المثناة من تحت والزاء قبل الدال المهملة والذال المعجمة بعد الالف،


1) سورة الحاقة: 19 2) سورة الكهف: 96 (*)

[ 70 ]

على الحداد، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: ذكرت التقية يوما عند علي عليه السلام فقال: أن لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله وقد آخا رسول الله بينهما، فما ظنك بسائر الخلق. 41 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن ابراهيم بن أبي يحى، عن أبي عبد الله عليه السلام الميثب هو الذي كاتب عليه سلمان فأفائه الله على رسوله فهو في صدقتها، يعني صدقة فاطمة عليها السلام. – ذكره الشيخ في أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام (1). قال أبو عمرو الكشي: قال ابن مسعود: لا بأس به (2). قوله رحمه الله: ابنا نصير الطريق صحيح عالي الاسناد في الطبقة الاولى وابراهيم بن أبي يحيى الصواب فيه ابراهيم بن أبي البلاد يحيى. وكأنه ايهام من النساخ. قوله عليه السلام: الميثب هو من الحوائط التي هي من أوقاف سيدة النساء عليها السلام وهي سبعة وقفتها صلوات الله عليها وأوصت بها، وهذا معنى قوله عليه السلام فهو في صدقتها يعني صدقة فاطمة عليها السلام. روى ذلك أبو جعفر الكليني في الكافي وأبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه (3). و ” المئثب ” بكسر الميم والهمزة قبل الثاء المثلثة والباء الموحدة أخيرا، والميم فيه زائدة لامن جوهر الكلمة، ويروي الميثب بالياء المثناة من تحت مكان الهمزة.


1) رجال الشيخ: 436 وفيه بالدال المهملة أخيرا أيضا. 2) رجال الكشي: 530 ط جامعة مشهد و 446 ط النجف الاشرف. 3) الفقيه: 4 / 180 وفروع الكافي: 7 / 47 (*).

[ 71 ]

42 – نصربن الصباح وهو غال، قا ل حدثني اسحاق بن محمد البصري وهو متهم، قال حدثنا أحمد بن هلال، عن علي بن أسباط، عن العلاء عن محمد بن حكيم قال ذكر عند أبي جعفر عليه السلام سلمان، فقال: ذلك سلمان المحمدي، ان سلمان منا أهل البيت، انه كان يقول للناس: هربتم من القرآن إلى الا حاديث، وجدتم كتابا رقيقا حوسبتم فيه على النقير والقطمير والفتيل وحبة خردل فضاق ذلك عليكم وهربتم إلى الاحاديث التي اتبعت عليكم. قال في القاموس في أ – ب: المئثب: كمنبر المشمل والارض السهلة والجدول وما ارتفع من الارض، والماثب جمعه وموضع أو جبل كان فيه صدقاته صلى الله عليه وآله (1). وقال في و – ب: الميثب بكسر الميم الارض السهلة وما ارتفع من الارض وماء لعبادة وماء لعقيل ومال بالمدينة أحدى صدقاته صلى الله عليه وآله وموضع بمكة عند غدير خم والجدول، وموثب كمجلس ومقعد موضع (2). وقال الصدوق رضوان الله تعالى عليه في الفقيه: روي أن هذه الحوائط كانت وقفا، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأخذ منها ما ينفق على أضيافه ومن يمر به، فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة عليها السلام فيها فشهد على عليه السلام أنها وقف عليها. المسموع من ذكر أحد الحوائط الميثب، ولكني سمعت السيد أبا عبد الله محمد بن الحسن الموسوي أدام الله توفيقه يذكر أنها تعرف بالميثم (3). قوله رحمه الله: اسحاق بن محمد البصري وهو متهم بضم الميم وفتح المثاة من فوق المشددة، كما يرد في الكتاب كذلك، ومنهم بالنون تصحيف.


1) القاموس: 1 / 36 2) القاموس: 1 / 136 3) من لا يحضره الفقيه: 4 / 181 (*)

[ 72 ]

43 – آدم بن محمد القلانسي البلخي، قال حدثنا علي بن الحسين الدقاق النيسابوري، قال أخبرنا محمد بن عبد الحميد العطار، قال حدثنا ابن أبي عمير، قال حدثنا ابراهيم بن عبد الحميد، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر سلمان على الحدادين بالكوفة وإذا شاب قد صرع والناس قد اجتمعوا حوله. فقالوا يا أبا عبد الله هذا الشاب قد صرع فو جئت وقرأت في أذنه ! قال: فجاء سلمان فلما دنا منه رفع الشاب رأسه فنظر إليه فقال: يا أبا عبد الله ليس منه شئ مما يقول هؤلاء، لكني مررت بهؤلاء الحدادين وهم يضربون بالمرازب فذكرت قول الله تعالى ” ولهم مقامع من حديد ” قال: فدخلت في قلب سلمان من الشاب محبة فاتخذه أخا، فلم يزل معه حتى مرض الشاب، فجائه سلمان فجلس عند رأسه وهو في الموت. فقال: يا ملك الموت ارفق بأخي، فقال: يا أبا عبد الله اني بكل مؤمن رفيق. 44 – نصر بن صباح البلخي أبو القاسم، قال حدثني اسحاق بن محمد البصري قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن سنان، عن الحسن بن منصور، قال قلت للصادق عليه السلام: أكان سلمان محدثا ؟ قال: نعم. قلت: من يحدثه ؟ قال: ملك كريم. قلت: فإذا كان سلمان كذا فصاحبه أي شئ هو ؟ قال: أقبل على شأنك. – قوله عليه السلام: وهم يضربون بالمرازب جمع المرزبة بكسر الميم وفتح الزاء وتخفيف الموحدة على اسم الاله، ومنهم من شددها. وقال ابن الاثير: المرزبة بالتخفيف المطرقة الكبيرة التي تكون للحدادين، ومنه حديث الملك ” وبيده مرزبة ” ويقالها الارزبة أيضا بالهمزة والتشديد (1). وكذلك في الصحاح: الارزبة التي يكسر بها المدر، فان قلتها بالميم خففت قلت المرزبة (2).


1) نهاية ابن الاثير: 2 / 219 2) الصحاح: 1 / 135 (*)

[ 73 ]

45 – علي بن الحسن، قال حدثني محمد بن اسماعيل بن مهران، قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم الصواف، قال حدثنا يوسف بن يعقوب، عن النهاش بن فهم، عن عمرو بن عثمان قال دخل سلمان على رجل من أخوانه فوجده في السياق، فقال: يا ملك الموت ارفق بصاحبنا ! قال: فقال الاخر يا أبا عبد الله ان ملك الموت يقرئك السلام وهو يقول: ألا وعزة هذا البناء ليس الينا شئ. 46 – أبو عبد الله جعفر بن محمد شيخ من جرجان عامي، قال حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال حدثنا علي بن مجاهد، عن عمرو بن أبي قيس، عن عبد الاعلي، عن أبيه، عن المسيب بن نجبة الفزاري، قال: لما أتانا سلمان الفارسي قادما، وفي المغرب: المرزبة الميتدة، وعن الكسائي تشديد الباء. وفي القاموس: الارزبة والمرزبة مشددتان أو الاولى فقط عصية من حديد (1). قوله رحمه الله: وهو يقول ألا وعزة هذا البناء ليس الينا شئ ألا بالفتح والتخفيف كلمة استفتاح وتزيين الكلام: اما لتنبيه المخاطب، أو لتوجيه الخطاب نحوه، أو لتفهيمه سر الامر ومغزاه، واما للتحقيق والتأكيد والتسجيل على الامر، واما للحث والتخصيص والتحريص على الطلب، وقد تورد للتوبيخ والانكار وتكون أيضا للاستفهام على النفي، وقد وردت في التنزيل الكريم علي وجوه الاستعمالات جمعيا. والواو للقسم وعزة هذا البناء مقسم بها. والمعنى بهذا البناء بناء هيكل بدن العالم الصغير الذي هو الانسان، أو بناء هيكل بدن الانسان الكبير وهو العالم الاكبر بجملة نظام الوجود من البدو إلى الساقة. والمعنى: ليس لنا من الامر الينا شئ، بل الامر كله بيد الله وانما نحن عباد مأمورون مطيعون


1) القاموس: 1 / 73 (*)

[ 74 ]

تلقيته فيمن تلقاه فسار حتى انتهى إلى كربلاء، فقال: ما تسمعون هذه ؟ قالوا كربلاء فقال: هذه مصارع اخواني، هذا موضع رحالهم، وهذا مناخ ركابهم، وهذا مهراق دمائهم، قتل بها خير الاولين ويقتل بها خير الاخرين، ثم سار حتى انتهى إلى حروراء، فقال: ما تسمون هذه الارض ؟ قالوا: حروراء. فقال: حروراء خرج بها – قوله رحمه الله: تلقيته فيمن تلقاه على التفعل من اللقاء، أي استقبلته في جملة من استقبله، ومنه النهي عن تلقي الركبان في كتاب المتاجر. قوله رضى الله تعالى عنه: وهذا مناخ ركابهم. بضم الميم على اسم المكان من باب الافعال فانه يكون على هيئة اسم المفعول، وركابهم بكسر الراء وهو اسم لجنس الابل. قال في القاموس: المناخ بالضم مبرك الابل وقال: الركاب ككتاب الابل واحدتها راحلة (1). قوله رحمه الله: وهذا مهراق دمائهم بضم الميم وفتح الهاء على مفعل، بالفتح أيضا اسم المكان من هراق الماء يهريقه، بفتح الهاء فيهما هراقة بالكسر، بمعني أراقه يريقه اراقة صبه، والهاء بدل من الهمزة وصارت بلزومها كأنها من نفس الحرف، فلذلك ربما يبنى منه أهراق بفتح الهمزة يهريق بتسكين الهاء فيهما أهرياقا على الجمع بين البدل والمبدل. وبسط القول فيه في المعلقات على الفقيه وعكلى الاستبصار. قوله رضى الله تعكالى عنه: قتل بها خير الاولين كأنه عني به هابيل وخير الاخرين هو أبو عبد الله الحسين عليه السلام. قوله رحمه الله: إلى حرورا هي بأهمال الهاء المفتوحة وضم الراء قبل الواو وبالقصر وبالمد قرية الخوارج


1) القاموس: 1 / 272 و 75 (*)

[ 75 ]

شر الاولين ويخرج بها شر الاخرين، ثم سار حتى انتهى إلى بانقيا وبها جسر الكوفة الاول، فقال: ما تسمون هذه ؟ قالوا: بانقيا، ثم سار حتى انتهى إلى الكوفة قال: هذه الكوفة ؟ قالوا: نعم. قال: قبة الاسلام. 47 – محمد بن مسعود، قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أشكيب، قال أخبرني الحسن بن خرزاذ القمي، قال أخبرنا محمد بن حماد الساسي، عن صالح بن فرج، عن زيد بن المعدل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب سلمان – لعنهم الله. قال ابن الاثير في النهاية: الحرورية طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء وحرورا بالمد والقصر، هو موضع قريب من الكوفة، كان أول مجتمعهم فيها، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي كرم الله وجهه (1). وفي القاموس: حروراء كجلولاء، وقد تقصر قرية بالكوفة وهو حروري (2). قوله رضى الله تعالى عنه: خرج بها شر الاولين شر الاولين هو عاقر ناقة صالح وشر الاخرين قاتل أمير المؤمنين عليه السلام عبد الرحمان ابن ملجم المراد ي ضاعف الله عليه العذاب واللعنة، والحديث بذلك عنه صلى الله عليه وآله مشهور متواتر عند العامة والخاصة. قوله رحمه الله: حتى انتهى إلى بانقيا بالموحدة قبل الالف والنون المكسورة بعدها قبل القاف الساكنة والياء المثناة من تحت قبل الالف. قال في القاموس: نقيا – بالكسر – قرية بالانبار منها يحيى بن معين وبانقيا قرية بالكوفة (3).


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 366 2) القاموس: 2 / 8 3) القاموس: 4 / 397 (*)

[ 76 ]

فقال الحمدلله الذى هداني لدينه بعد جحودي له: إذ أنا مذك لنار الكفر أهل لها نصيبا أو أثبت لها رزقا، حتى ألقى الله عزوجل في قلبي حب تهامة فخرجت جائعا ظمآن قد طردني قومي وأخرجت من مالي ولا حمولة تحملني ولا متاع يجهزني – (خطبة سلمان رضى الله تعالى عنه المحتوية على الغوامض والاسرار) قوله رضى الله تعالى عنه: إذ أنا مذك لنار الكفر أهل لها نصيبا أو أثبت لها رزقا ذكت النار والشمس تذكو اتقدت وأضاءت وذكيتها تذكية، وذكاء اسم للشمس، وابن ذكاء للصبح، وذلك أن يتصور الصبح تارة ابن للشمس، وتارة حاجبا لها فيقال: حاجب الشمس، ومن هناك يعبر عن سرعة الادراك وحدة الفهم بالذكاء، وعلى ذلك قولهم فلان شعله ناروذكيت الشاة ذبحتها. وحقيقة التذكية اخراج الحرارة الغريزية، لكن خصت في الشرع بابطال الحياة واذهاقها على وجه دون وجه. والاهلال أصله رفع الصوت عند رؤية الهلال، ثم استعمل لكل صوت، وبذلك شبه اهلال الصبي واستهلاله وقوله عز من قائل ” وما أهل لغير الله به (1) ” يعني ما ذكر عليه غير اسم الله، وهو ما كان يذبح لا جل الاصنام، وقيل: الاهلال والتهلل أن يقول: لا اله الا الله. ومن هذه الجملة ركبت هذه اللفظة، كما قولهم التبسمل والبسملة والتحولق والحولقة والتجعفل والجعفلة، بناء تركيبيا من قول الرجل ” بسم الله الرحمن الرحيم ” و ” لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ” و ” جعلت فداك “. ومنه الا هلال بالحج، وتهلل السحاب برقه أي تلالا تشبيها له في ذلك بالهلال. والمعنى: كنت أهل للنار بما يكون للنيران من القرابين نصيبا، وأثبت وأحصل من ديوان السلطان من الارتزاق لبيوت النار طسقا ورزقا.


1) سورة المائدة: 3 وسورة النحل: 115 (*)

[ 77 ]

ولا مال يقويني، وكان من شأني ما قد كان، حتى أتيت محمدا صلى الله عليه وآله فعرفت من العرفان ماكنت أعلمه ورأيت من العلامة ما أخبرت بها، فأنقذني به من النار فبنت من الدنيا على المعرفة التي دخلت عليها في الاسلام. الا أيها الناس اسمعوا من حديثي ثم اعقلوا عني قد أتيت العلم كبيرا ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة لمجنون وقالت طائفة أخرى، اللهم اغفر لقاتل سلمان. قوله رضى الله تعالى عنه: فبنت من الدنيا بكسر الموحدة واسكان النون من بان عن الشئ يبين بينا وبينونة وبينونا: انفصل عنه وانقطع وانقلع، والبين أيضا الوصل فهو من الاضداد، والبون: الفضل والمزية: يقال بانه يبينه وبيونه وباينه فاضله وفضل عليه، ومنها وبينها بون بعيد. قال في الصحاح: والواو أفصح فأما في البعد فيقال: ان بينهما لبينا لا غير (1) قوله رضى الله تعالى عنه: على المعرفة التى دخلت عليها على بيانيه أو نهجية، أي بينونتي من الدنيا كانت على المعرفة التي كان دخولي في الاسلام عليها. قوله رضى الله تعالى عنه: قد أتيت العلم كبيرا على صيغة المعلوم من أتاه يأتيه اتيانا، بمعنى جاءه وحضره، و ” كبيرا ” منصوب على الحال، أي أتيته على الكبر، أو على ما لم يسم فاعله منه، و ” العلم ” منصوب على أنه منزوع الخافض، أي أتيت بالعلم على الكبر. ويروى (2) أتيت العلم كثيرا على المجهول من الايتاء بمعنى الاعطاء، اي قد اعطيت علما كثيرا.


1) الصحاح: 5 / 2082 2) كما في المطبوع منه بجامعة مشهد (*)

[ 78 ]

ألا أن لكم منايا تتبعها بلايا، فان عند علي عليه السلام علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت وصيتي وخلفيتي في أهلي بمنزلة هارون من موسي، ولكنكم أصبتم سنة الاولى وأخطأتم سبيلكم، – قوله رضى الله تعالى عنه: علم المنايا والوصايا وفصل الخطاب المنايا الاجال جمع المنية، وهي الاجل المقدر للحيوان، من مناه يمنيه بمعنى قدره، ومنى له الماني أي قدر، فالمنية سميت منية لانها مقدرة لكل، ومن هناك سمي بها الموت. وعلم الوصايا المراد به علم الشرايع. وفصل الخطاب هو الفارق بين الحق والباطل على الفصل والقطع. قوله رضى الله تعالى عنه: سنة الاولى على اسم الاشارة، واصابة الشئ ادراكه ونيله، والخطأ العدول عن الجهة، وكل من عدل عن سمت شئ ولم يصبه فقد أخطأه، قالوا: وجملة الامر أن من أراد شيئا واتفق منه غيره يقال: أخطأ، وان وقع منه كما أراده يقال أصاب، ويقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراد ارادة لا تجمل يقال: أخطأ، ولهذا يقال: أصاب الخطأ وأخطأ الصواب وأصاب الصواب وأخطأ الخطاء. و ” أصبتم سنة الاولى ” أي أصبتم طريقة أولئك الاقوام من بني اسرائيل الذين ارتدوا عن السبيل من بعد موسى عليه السلام، وأخطأتم سبيلكم ورجعتم في دينكم القهقرى كما أنهم رجعوا وقد أنبأ عن ذلك التنزيل الكريم بقوله سبحانه ” أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (1) ” والسنة المتواترة الصحيحة الثابتة عند العامة والخاصة من طرق متشعبة على متون متلونة. من ذلك في صحيحي البخاري ومسلم وصحيحي النسائي والترمذي وفي


1) آل عمران: 144 (*)

[ 79 ]

والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقا عن طبق سنة بني اسرائيل القذة بالقذة. سائر أصولهم وصحاحهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انما الناس كالابل الماية لا تكاد تجد فيها راحلة، وانكم لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن (1). وفي رواية تكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس قال حذيفة: كيف أصنع يا رسول الله ان أدركت ذلك ؟ قال: تسمع وتطيع الامير وان ضرب ظهرك وأخذ مالك (2). قوله رضى الله تعالى عنه: لتركبن طبقا عن طبق سنة بنى اسرائيل اقتباس من التنزيل الكريم (3) ” لتركبن ” هنا بضم الموحدة لا غير على خطاب القوم. فاما بالتنزيل فقد قرأ بالضم على خطاب الجنس، وبالفتح على خطاب الانسان في يا أيها الانسان، وبالكسر على خطاب النفس، وقرأ بالياء للغيبة مكان تاء الخطاب على فتح الباء على لا يركبن الانسان. و ” طبقا ” في التنزيل متعين النصب على المفعول، فاما هنا فيحتمل أن يكون منصوبا على المفعولية فيكون نصب سنة بني اسرائيل على البدل عنه، أو على نزع الخافض. أي على سنة بني اسرائيل وحذو طريقتهم، ويحتمل الحال من ضمير خطاب الجمع فتنصب سنة بني اسرائيل على المفعول، أي لتركبنها طبقا عن طبق. و ” الطبق ” ما طابق غيره يقال: ما هذا بطبق لذا أي ليس يطابقه، ومنه قيل للغطاء: الطبق، والطباق الثرى ما تطابق منه، ثم قيل للحال المطابقة لحال أخري في الشدة


1) صحيح مسلم: 4 / 2054 وكتاب الطرائف: 380 2) رواه مسلم في صحيحه: 3 / 1476 كتاب الامارة ح 52 3) سورة الانشقاق: 19 (*)

[ 80 ]

أما والله لو وليتموها عليا لا كلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فابشروا -، والصعوبة، أو في الكيفية والصفة، أو في المنزلة والمرتبة طبق، أو هو جمع طبقة وهي المرتبة من مراتب الشئ، يقال: الناس على طبقات أي على منازل ودرجارت بعضها أرفع من بعض. ومحل ” عن طبق ” النصب على أنه صفة لطبقا أي طبقا مجاوز الطبق، أوحال من ضمير الجمع في لتركبن طبقا. أي مجاوزين لطبق. فالمعني: لتركبن طبقا عن طبق أي منزلة بعد منزلة، أو حالا بعد حال في الحيص والحيود عن سواء السبيل، أو أحوالا مختلفة هي طبقات ومراتب في الزيغ والعدول عن سبيل الحق، وأن ذلك الا سنة بني اسرائيل من قبل، أو لتر كبن سنة بني اسرائيل في الزيغ والحيود طبقا عن طبق أي منزلة بعد منزلة ومرتبة بعد مرتبة، أو طرقا متباينة وطبقات شتى هي مراتب مترتبة وأحوال مختلفة تحذونها حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة. وقد استفاضت رواية الحديث على هذا الطريق في أصول العامة والخاصة (1). و ” القذة ” بضم القاف واعجام الذال المشددة احدى رياش السهم والجمع قذذ قال في الاساس: قذ الريش حذف أطرافه، ومنه القذة الريشة المقذوذة يقال: حذو القذة بالقذة، وألزق القذذ بالسهم ورجل مقذوذ الشعر مقصص حوالي قصاصه كله (2). قوله رضى الله تعالى عنه: اما والله لو وليتموها عليا لا كلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم أما بالفتح والتخفيف كلمة تنبيه وتحقيق وتأكيد وتسجيل، ولو وليتموها أي


1) رواه في الكشاف: 1 / 616، ورواه أيضا العلامة المجلسي في البحار عن صحيح الترمذي: 28 / 30 وأيضا السيد ابن طاوس في الطرائف، 380 2) أساس البلاغة: 497 (*)

[ 81 ]

بالبلاء واقنطوا من الرجاء ونابذتكم على سواء وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم – الخلافة، أو الامة أي ولو جعلتم عليا متولى الخلافة وواليها وولي الامة ومالك أمرها. و ” لاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ” اقتباس من القرآن الكريم، أي لاتسعت عليكم الارزاق الجسمانية من رزق البدن الهيولاني والارزاق الروحانية من رزق النفس العاقلة المجردة، واتصلت أسبابها (1) السماوية والارضية من السماء والارض على النصاب الكامل والسنة العادلة. وقد روت العامة الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وآله في أصولهم من طرق كثيرة في المشكاة ومسند أحمد بن حنبل وغيرهما أنه صلى الله عليه وآله قال: ان تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم. قوله رضى الله تعالى عنه: ونابذتكم على سواء اقتباس من قوله تعالى ” فانبذ إليهم على سواء (2) وهو القاء الشئ وطرحه لقلة اعتداد به. قال ابن الاثير في النهاية: وفي حديث سلمان وان أبيتم نابذناكم على سواء. أي كاشفنا كم وقاتلناكم على طريق مستقيم مستوفي العلم في المنابذة منا ومنكم بأن تظهر لهم العزم على قتالهم ونخبرهم به اخبارا مكشوفا، والنبذ يكون بالفعل والقول في الاجسام والمعاني ومنه نبذ العهد إذا نقضه وألقاه إلى من كان بينه وبينه (3). وفي الكشاف: وقيل على استواء في العداوة، والجار والمجرور في موضع الحال كأنه قيل: فانبذ إليهم ثابتا على طريق قصد سوي، أو حاصلين على استواء في العلم، أو العداوة على أنها حال من النابذ والمنبوذ إليه معا (4).


1) في ” س “: أسباب. 2) سورة الانفال: 58 3) نهاية ابن الاثير: 5 / 7 4) الكشاف: 2 / 165 (*)

[ 82 ]

من الولاء. أما والله لوأني أدفع ضيما أو أعز لله دينا لو ضعت سيفي على عاتقي ثم لضربت به قدما قدما. ألا اني أحدثكم بما تعلمون ومالا تعلمون فخذوها من سنة السبعين بما فيها. ألا ان لبني أمية في بني هاشم نطحات. ألا ان بني أمية كالناقة الضروس تعض بفيها وتخبط بيديها وتضرب برجلها وتمنع درها. ألا انه حق على الله أن يذل باديها وأن يظهر عليها عدوها مع قذف من السماء وخسف ومسخ وسوء الخلق حتى أن الرجل ليخرج من جانب حجلته إلى صلاة – قوله رضى الله تعالى عنه: فيما بيني وبينكم من الولاء بفتح الواو بمعنى المحبة والوداد، لا بكسرها بمعنى الولاية والسطنة. قوله رضى الله تعالى عنه: نطحات بالنون وفتح الطاء والحاء المهملتين من تناطع الكباش وانتطاحها. قوله رضى الله تعالى عنه: كالناقة الضروس الضرس كالضرب العض الشديد بالاضراس، والضروس بفتح الضاد وضم الراء على فعول الناقة السيئة الخلق تعض حالبها بفيها. وفي بعض النسخ ” بنيبها ” بكسر النون جمع الناب من الاسنان كالانياب والانيب، وهي الاسنان التي تلي الرباعيات. قوله رضى الله تعالى عنه: الا انه حق على الله بالفتح والتخفيف على كلمة التنبيه والتحقيق. ” أن يذل ناديها ” بالنون وهو مجلس القوم ومجتمعهم ماداموا مجتمعين فيه، أو بالباء الموحدة أي يذل أعزتهم من البد وبمعنى الظهور، وتعنى به الغلبة والعزة، كما في قوله سبحانه ” فأصبحوا ” ظاهرين ” (1).


1) سورة الصف: 14 (*)

[ 83 ]

فيمسخه الله قردا. ألا وفئتان تلتقيان بتهامة كلتاهما كافرتان، ألا وخسف بكلب وما أنا وكلب، والله لو لا ما: لا ريتكم مصارعهم ألا وهو البيداء ثم يجئ ما تعرفون. قوله رضى الله تعالى عنه: فئتان تلتقيان بتهامة قال ابن الاثير في النهاية: ذات عرق أول تهامة إلى البحر وجدة وقيل: تهامة مابين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة وما وراء ذلك من المغرب فهو غور والمدينة لا تهامية ولا نجدية فانها فوق الغور ودون نجد (1). قوله رضى الله تعالى عنه لو لا ما لا ريتكم ” لو لا ما ” من باب الاختصار والحذف في الكلام ليذهب الوهم فيه كل مذهب تنبيها على نبالة الامر وجلالته. والمعني: لولا ما أعلمه أو لو لا ما ورد في النهي عن افشاء سر الربوبية على أشد ! لتغليظ والتحذير، أو لو لا ما أنكم لا تستطعيون حمل الاسرار وأسبال الاستار لاريتكم مصارعهم. والاختصار باب شايع عند العرب، ومنه قوله ليس بالذي لابعد له، وربما يقال ليس لابعد له أصله ليس بعده غاية في الجودة أو الردائه، فاختصر فقيل ليس بعده، ثم ادخل عليه لا النافية للجنس واستعمل استعمال الاسم المتمكن، وكذلك قولهم في مقام المدح أو مقام الذم ” أنه وانه ” أي انه عالم وانه كريم وانه أمين وانه عفيف مثلا، أو أنه جاهل وأنه لئيم وأنه خائن وأنه فاجر. ومن هذا الباب وهذا دليل على أنه، وهذا اختصار دون الاختصار في قولهم أجنك فان ذا اختصار حذف وذاك اختصار بناء كبناء البلكفة والتبلكف من قولهم بلا كيف كما قال في الكشاف، وكذلك بناء البابأة للصبي مثلا من قولك له بأبي أنت وأمي.


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 201 (*)

[ 84 ]

فإذا رأيتم أيها الناس الفتن كقطع الليل المظلم يهلك فيها الراكب الموضع والخطيب المصقع والرأس المتبوع: فعليكم بآل محمد فانم القادة إلى الجنة – قوله رضى الله تعالى عنه: الفتن كقطع الليل المظلم قد ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله في أخباره عليه السلام عن الفتن بعده، يروى بكسر القاف واسكان الطاء على المفرد وفتح الطاء على الجمع. قال ابن الاثير في النهاية: قطع الليل طائفة منه وقطعة وجمع القطعة قطع، أراد فتنة مظلمة سوداء تعظيما لشأنها (1). وقد ورد في تفسيرها قوله سبحانه ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذى ظلموا منكم خاصة (2) ” وأن المراد بها فتنة الامامة والخلافة بعده صلى الله عليه وآله. وروى ذلك صاحب الاستعياب يوسف بن عبد البر عن عبد الله بن مسعود عنه عليه السلام. وأخرجنا في شرح التقدمة. قوله رضى الله تعالى عنه، يهلك فيها الراكب الموضع والخطيب المصقع والرأس المتبوع الموضع بضم الميم وكسر الضاد على اسم الفاعل من باب الافعال يقال: وضع البعير وغيره أي أسرع في سيرة وأو ضعه راكبه. قال ابن الاثير في النهاية: في حديث الحج وأوضع في وادي محسر، وضع البعير يضع وضعا وأوضع راكبه ايضاعا إذا حمله على سرعة السير، وأوضعت بالراكب أي حملته على أن يوضع مركوبه، ومنه حديث حذيفة بن أسيد شر الناس في الفتنة الراكب الموضع أي المسرع فيها، وقد تكرر في الحديث (3). والمصقع بكسر الميم وفتح القاف على البناء للمبالغة.


1) نهاية ابن الاثير: 4 / 83 2) سورة الانفال: 25 3) نهاية ابن الاثير: 5 / 196 (*)

[ 85 ]

والدعاة إليها إلى يوم القيامة، وعليكم بعلي فوالله لقد سلمنا عليه بالولاة مع – قال في النهاية: في حديث حذيفة بن أسيد ” شر الناس في الفتنة الخطيب المصقع ” أي البليغ الماهر في خطبته الداعي إلى الفتن الذي يحرض الناس عليها، وهو مفعل من الصقع رفع الصوت ومتابعته، ومفعل من أبنية المبالغة (1). والرأس المتبوع على صيغة المفعول من التباعة، أي كبير القوم الذي يتبعه قوم وهو يدعوهم إلى الفتنة. قوله رضى الله تعالى عنه: فانهم القادة إلى الجنة والدعاة إليها إلى يوم القيامة وقد صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله بطرق متكثرة عند فرق المسلمين كلهم اتفاقا (2)، وفي صحاح العامة وأصولهم جميعا أن رسول الله قام خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أيها الناس انما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، فاني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أذكر كم الله في أهل بيتي أذكر كم الله في أهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتي (3). وحديث الاثنى عشر خليفة إلى أن تقوم الساعة متكثر الطريق متنا مستفيض الاسناد سندا في أصولهم الصحاح (4). ومن طرقه متنا وسندا في الصحيحين وغيرهما عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من


1) نهاية ابن الاثير: 3 / 42 2) وقد أوردنا مصادر حديث الثقلين عن العامة في كتاب الطرائف: 114 – 122 3) رواه مسلم في صحيحه: 4 / 1873 وكذا أحمد في مسنده: 4 / 366 والبحار: 23 / 107 والسيد ابن طاوس بطرق متكثرة في الطرائف: 114. 4) وكذا أوردنا مصادره عن العامة في كتاب الطرائف: 168 (*)

[ 86 ]

نبينا، فما بال القوم أحسد قد حسد قابيل هابيل، أو كفر فقد ارتد قوم موسى عن الاسباط ويوشع وشمعون وابني هارون شبر وشبير والسبعين الذين اتهموا موسى على قتل – قريش (1). وفي رواية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا يزال الاسلام عزيزا إلى أثني عشر خليفة كلهم من قريش (2). وفي رواية: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنى عشر رجلا كلهم من قريش، وعن عبد الله بن عمر عنه عليه السلام مثله (3). قوله رضى الله تعالى عنه: فوالله لقد سلمنا عليه بالولاء مع نبينا بالولاء بكسر الواو و ” مع نبينا ” في حيز الحال من الضمير المجرور والعائد إلى علي عليه السلام، أو من ضمير المتلكم مع الغير في سلمنا أي حين كان عليه السلام مع نبينا، أو حين كنا مع نبينا عليه السلام. وذلك أي النبي صلى الله عليه وآله نصب عليا عليه السلام يوم الغدير للامامة والخلافة بعد وقال: ألست أولى منكم بأنفسكم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله: قال: ألا فمن كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت نبيه فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار. ثم قال لا صحابه: سلموا على على عليه السلام بامرة السملمين فسلموا عليه بالولاية والامارة، وفي المسلمين عليه بذلك أبو بكر وعمر وقال له عمر: بخ بخ لك يا أبا الحسن أصحبت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (4). وفي المشكاة عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل


1) رواه مسلم في صحيحه: 3 / 1453 وأحمد في مسنده 5 / 90 2) ذيل احقاق الحق عن الجمع بين الصحاح الستة: 7 / 478 والطرائف عنه: 171 3) رواه البخاري في صحيحه: 9 / 81 ط أميريه وأحمد في مسنده: 5 / 92 4) رواه ابن المغازلى في المناقب، 19 والسيد ابن طاوس بطرق كثيرة في الطرائف: 147 (*)

[ 87 ]

هارون فأخذتهم الرجفة من بغيهم، ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وأمر هذه الامة كأمر بني أسرائيل. – بغدير خم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى قال: ألستم تعلمون أني أولي بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ولقية عمر بعد ذلك فقال له: هينئا يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة (1). قال ابن الاثير في النهاية وفي جامع الاصول: كل من ولى أمر أو أقام به فهو مولاه ووليه، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق، والولاية بالكسر في الامر والولاء في العتق، والموالاة من والى القوم. ومنه الحديث من كنت مولاه فعلي مولاه، قال الشافعي: يعني بذلك ولاة الاسلام لقوله تعالى ” ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لامولى لهم ” وقول عمر لعلي أصبحت مولى كل مؤمن أي ولي كل مؤمن. وقيل: سبب ذلك أن أسامة قال لعلي لست مولاي انما مولاي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عليه السلام: كنت مولاه فعلي مولاه، ومنه الحديث أيما امرأة نكحت بغير اذن مولاها فنكاحها باطل، وفي رواية متولى أمرها انتهى كلام ابن الاثير (2). وفي بعض النسخ فسمعنا مكان فسلما وذلك تصحيف من تحريف النساخ. قوله رضى الله تعالى عنه: ثم بعثهم الله ضمير الجمع لبني اسرائيل المبعوثين بعد ذلك أنبياء مرسلين وغير مرسلين. وقوله ” وأمر هذه الامة كأمر بني اسرائيل ” قد تواتر به الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله من طرق العامة ومن طرق الخاصة اتفاقا.


1) مشكاة المصابيح: 557 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 228 – 229 (*)

[ 88 ]

فأين يذهب بكم ما أنا وفلان وفلان ويحكم والله ما أدري أتجهلون أم تتجاهلون أم نسيتم أم تتناسون ! انزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة – قال: ” فأين يذهب بكم ” بضم الياء وفتح الهاء على ما لم يسم فاعله، لان المقصود الذهاب بهم في تيه الضلال لاتعيين الذاهب بهم، أو لظهور كون الفاعل هو الشيطان. وقوله ” وفلان وفلان ” اما المعنى بهما أبو بكر وعمر أو المراد كل من لم يكن ولي الامر من تلقاء الله ولا منصوصا عليه بذلك من قبل الله على لسان رسوله الكريم. قوله رضى الله تعالى عنه: ويحكم ويح كلمة ترحم ورحمة وويس كلمة استملاح ورأفة وويل كلمة عقوبة وعذاب وكذلك ويب في الاشهر. قال في القاموس: أصله ” وي ” فوصلت بحاء مرد وبلام مرة وبسين برة وبباء مرة، وكل منها يستعمل بالاضافة يقال مثلا ويح زيد بالرفع على الابتداء وبالنصب على اضمار فعل، ويستعمل باللام على الرفع أو على النصب يقال: ويح لزيد وويحا له. قال صاحب الكشاف في الفائق: النبي صلى الله عليه وآله قال لعمار: ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية. ويح وويب وويس ثلاثتها في معنى الترحم، وقيل: ويح رحمة لنازل به بلية وويس رأفة واستملاح، كقولك للصبي ويسه ما أملحه. وويب مثل ويح. وأما ويل فشتم ودعاء بالهلكة، وعن الفراء: ان الويل كلمة شتم ودعاء سوء وقد استعملتها العرب استعمال قاتله الله في موضع الاستعجاب، ثم استعظموها فكنوا عنها بويح وويب وويس كما كنوا عن قاتله الله بقولهم قاتعه الله وكاتعه، وكما كنوا عن جوعا له (1) بجوسا وجودا، وانتصابه بفعل مضمر كأنه قيل ترحم ابن سمية أي أترحمه ترحما.


1) وفى ” ن ” من جوعانه (*)

[ 89 ]

العينين من الرأس، والله لترجعن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة ويشد الناجي على الكافر بالنجاة، ألا اني أظهرت – سمية كانت أمة أبي حذيفة بن المغيرة المخذومي زوجها ياسر، وكان حليفة فولدت له عمارا فاعتقه أبو حذيفة (1). وقال ابن الاثير في النهاية في شرح حديثه عليه السلام لعما: ويح كلمة ترحم وتوجع تقال: لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد تقال: بمعنى المدح والتعجب، وهي منصوبة على المصدر، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف، يقال: ويح زيد وويحا له وويح له وذكر في الحديث ويس ابن سمية وقال: ويس كلمة تقال ترحم وترفق به بمعنى ويح وحكمها حكمها (2). ونقل الجوهري في الصحاح: أنه قد يرد ويح بمعنى ويل (3). وكأن ذلك هو المراد ها هنا على الاظهر. قوله رضى الله تعالى عنه: لترجعن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ولقد صح الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وآله بهذه الالفاظ وما يجري مجراها عند الخاصة وعند العامة أيضا في صحيحهم وسائر صحاحهم ومستدركهم وجامع أصولهم ومصابيحهم ومكشاتهم وغيرها (4). قوله رضى الله تعالى عنه: ألا انى بالفتح على كلمة التنبيه. ” وأسلمت بنبيي ” بالباء على تضمين الايمان. والمعنى: آمنت بربي وأسلمت له مؤمنا بنبي واتبعت مولاي ومولي كل مسلم بأمر الله


1) الفائق: 4 / 85 – 86 2) نهاية ابن الاثير: 5 /) 235 3) الصحاح: 1 / 417 4) جامع الاصول: 10 / 428 أخرجه عن طرق مختلفة (*)

[ 90 ]

أمري وآمنت بربي وأسلمت بنبيي واتبعت مولاي ومولي كل مسلم. بأبي أنت وأمي قتيل كوفان يا لهف نفسي لاطفال صغار، وبأبي صاحب الجفنة والخوان نكاح النساء الحسن بن علي، ألا ان نبي الله نحله البأس والحياء، وقوله ” بأبي أنت وأمي قتيل كوفان ” تبيين وتعيين لمولاي ومولي كل مسلم بأنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. والمعني: فديتك بأبي أنت وأمي يا قتيل كوفان. قوله رضى الله تعالى عنه: بأبي صاحب الجفنة والخوان أي فديت بأبي صاحب الجفنة. قال في الصحاح: الجفنة كالقصعة والجمع الجفان والجفنات بالتحريك، لان ثاني فعلة يحرك في الجمع إذا كان اسما، الا أن يكون ياءا أو واوا فانه يسكن حينئذ (1). و ” الخوان ” بكسر الخاء وفتح الواو: ما يؤكل عليه الطعام كالمائدة. في الصحاح: انه معرب، وجمع القلة أخونة، وجمع الكثرة خون (2). وفي القاموس: انه بالضم والكسر كغراب وكتاب (3). وهو من متفرداته ” نكاح النساء ” بالفتح والتشديد على صيغة المبالغة و ” الا أن نبي الله ” بالفتح على التنبيه. ” وظلم من بين ولده ” على ما لم يسم فاعله في حيز العطف على نحل، والضمير المجرور المضاف إليه في ولده للنبي صلى الله عليه وآله. ” ويا ويح من احتقره لضعفه واستضعفه لقتله ” اقتحام في البين وويح كلمة الترحم


1) الصحاح: 5 / 2092 2) الصحاح: 5 / 2110 3) القاموس: 4 / 220 (*)

[ 91 ]

ونحل الحسين المهابة والجود، يا ويح من احتقره لضعفه واستضعفه لقلته وظلم من بين ولده وكان بلادهم عامر الباقين من آل محمد. – وتقدير الكلام ومساقه: ألا النبي عليه السلام نحل السحن بن علي عليهما السلام البأس والحياء، ونحل الحسين بن علي عليهما السلام المهابة والجود، وظلم الحسين عليه السلام واختص بأرفع درجات الشهادة وأعلى مقامات السعادة من بين ولده. ويا ويح من لم يعلم ذلك ولم يعرف أن اختصاصه عليه السلام من بين ولد رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه المنزلة التي هي قصوى المنازل وأقصى الغايات آية كونه المجتبى المنتصى المقدس المكرم من خلص أحياء الله وروقة محبوبية المظلومين في طريقه المذبوحين في سبيله. فمن احتقره عليه السلام لضعف أمره وشدة مظلوميته ومقهوريته واستضعفه لقلة خيله ورجله وقلة أنصاره وأعوانه، فهو مرحوم في درجة عرفانه وايمان مكفوف بصر بصيرته وايقانه مشدوه (1) بالظاهر الذي (2) هو ظل زائل بائد مشغول عن الباطن الذي هو نور سرمد ونعيم خالد. وفي هذا السياق ما قد قيل: المستحيل توسيط الحق مرحوم من وجه، فانه لم يطعم لذة البهجة به فسيتطعمها، انما معارفته مع اللذات المخدجة في حنون إليها غافل عما وراء ها وما مثله بالقياس إلى العارفين الامثل الصبيان بالقياس إلى المحنكين قوله رضى الله تعالى عنه: وكان بلادهم عامر الباقين من آل محمد يعني ظلم الحسين عليه السلام من ولد النبي صلى الله عليه وآله، وسفك دمه في سبيل الله، ولكن نور الحق في مشكاة العترة الطاهرة باق لا يطفأ إلى يوم القيامة، فكان بلادهم عامر الباقين من آل محمد، والقائم بالامر من بعده الحسين عليه السلام محفوظا بحفظ الله معصوما باذن الله، والثقلانن اللذان هماتريكة رسول الله أعني القرآن والعترة الطاهر ة ناطقان


1) في ” س ” مشروه. 2) في ” ن ” الزائل (*).

[ 92 ]

– أيها الناس لا تكل أظفار كم عن عدوكم ولا تستغشوا صديقكم فيستحوذ الشيطان عليكم، والله لتبتلن ببلاء لا تغيرونه بأيد كم الا اشارة بحواجبكم، ثلاثة خذوها بما فيها وارجوا رابعها وموافاها. بأبى دافع الضيم شقاق بطون الحبالى وحمال الصبيان على الرماح ومغلي الرجال في القدور، أما أني سأحدثكم بالنفس الطيبة الزكية وتضريح دمه بين الركن والمقام المذبوح كذبح الكبش. – بالحق القائمان بالامر إلى قيام الساعة. قوله رضى الله تعالى عنه: لا تكل أظفار كم عن عدوكم ” لا ” للنهي. و ” تكل ” بفتح حرف المضارعة، وهو من أحسن الكنايات في التحريض على معاداة الاعداء في الدين. ” ولا تستغشوا صديقكم ” على الاشتغال، أي لا تستغشوا صديقكم في الدين ولا تخوفوه في المخالة والمصادقة فيستحوذ الشيطان عليكم، أي يغلبكم ويستولي عليكم. قوله رضى الله تعالى عنه: ثلاثة خذوها بما فيها. يعنى بها عليا والحسن والحسين عليهم السلام، والا خذ بسنن سنتهم والسلوك في مسير سيرتهم. ” وأرجوا رابعها وموافاها ” أراد بالرابع السجاد زين العابدين عليه السلام، فان الثلاثة عليهم السلام موافوه وموازوه في ملمات المحن وصعوبات الفتن وشدائد المجاهدة في سبيل الله بما قد جري عليه عليه السلام من المصائب والنوائب يوم الطف وبعده، وان لم يقم هو بالجهاد من بعد، لفقدان الجنود والاعوان. وقوله ” بأبي دافع الضيم شقاق بطون الحبالي ” يعني به قائم أهل البيت المهدي الحجة صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه. ” ومغلي الرجال ” بالعين المعجمة في أكثر النسخ على صيغة الفاعل من باب


[ 93 ]

يا ويح لسبايا نساء من كوفان الواردون الثوبة المستغدون عشية وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية ستسير موجئا هاتفا يستغيث من قبل المغرب فلا تغيثوه لا أغاثه – الافعال، وبالقاف في نسخ على اسم الفاعل من باب التفعيل. ” في القدور ” جمع القدر بالكسر، وهو معروف. قوله رضى الله تعالى عنه: يا ويح لسبايا نساء من كوفان يعني بذلك حمل نساء أهل البيت مع سيد الساجدين على طريقة السباياى من كوفان إلى دمشق. الواردون الثوية بالثاء المثلثة على صيغة التصغير. قال ابن الاثير في النهاية: وفي الحديث ذكر الثوية بضم الثاء وفتح الواو (وتشديد الياء) موضع بالكوفة به قبر أبي موسى الاشعري والمغيرة بن شعبة (1). و ” المستغدون عشية ” باعجام العين واهمال الدال على الاستفعال من الغداء بفتح الغين المعجمة وبالمد، وهو ما يتغذى به في وقت الغداة والعشاء بفتح العين المهملة ما يتعشى به في وقت العشاء بكسر العين، أي الذين تغدو ا عشية فكان غداؤهم عشاءهم من شدة الداهية عليهم وصعوبة النازلة بهم. قوله رضى الله تعالى عنه: فتنة شرقية ستيسر بضم تاء المضارعة لتأنيث الفتنة التي هي الفاعل وتشديد الياء المثناة من تحت المكسورة بعد السين المهلمة من التسيير على التفعيل من السير. ” موجئا ” بضم الميم وفتح الجيم بعد الواو الساكنة على اسم المفعول من باب الافعال وبالتنوين نصبا على المفعول، أو بفتح الجيم المشددة بعد الواو المفتوحة على اسم المفعول من باب التفعيل والتنوين بالنصب على المفعولية، من وجي كرضي وجاءا، فهو وج ووجي، وهي وجياء وأو جيته أنا ايجاء ووجيته توجيه. قال صاحب الكشاف في أساس البلاغة،: وجي الماشي إذا حفي، وهو أن يرق القدم أو الفرس أو الحافر ويتشحج، وأصابه وجي، وفرس وج ودابة وجية


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 231 (*)

[ 94 ]

الله، وملحمة بين الناس إلى أن يصير ما ذبح على شيبته المقتول بظهر الكوفة وهي كوفان – وانه ليتوجي في مشيته، ومن المجاز أو جيته عني أبعدته كأنك سيرته مسافة طويلة قد وجي فيها قال الشاعر: وكان أبي أوصى بكم أن أضمكم * إلى وأوجي عنكم كل ظالم (1) وفي القاموس: الوجاء الحفاء أو أشد منه، وجي كرضي وجاءا فهو وج ووجي وهي وجياء وتوجي وأو جيته (2). وفي الصحاح: وجي الفرس بالكسر وهو أن يجد وجعا في حافرة وأوجيته أنا (3). أو بكسر الجيم والهمزة الاصلية المنونة بالنصب للمفعولية على اسم الفاعل من باب الافعال من الوجأة على همزة الدخول والاصابة لا همزة التعدية، والمراد الموجوع من شدة الوجا. قال في المغرب: الوجاء الضرب باليد، أو بالسكين يقال وجاءه في عنقه من باب منع. ” هاتفا يستغيث من قبل المغرب ” أي صائحا يصيح ويستغيث ويستصرخ ويطلب مغيثا من قبل أهل المغرب. قوله رضى الله تعالى عنه: وملحمة بين الناس المحلمة بفتح الميم وسكون اللام على هيئة اسم المكان الوقعة العظيمة في الفتنة، قاله الجواهري (4) وغيره. ” إلى أن يصير ما ذبح على شيبته المقتول بظهر الكوفة وهي كوفان يوشك أن يبني جسرها ” الضمير المتصل المجرور في شيبته عائد إلى ” ما ” والتذكير باعتبار


1) أساس البلاغة: 667 2) القاموس: 4 / 398 3) الصحاح: 6 / 2519 4) الصحاح: 5 / 2027 (*)

[ 95 ]

[… ] – حال اللفظ، و ” ذبح ” بضم الذال المعجمة وكسر الباء الموحدة على ما لم يسم فاعله والمقتول بظهر الكوفة، ويعني به زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام هو المفعول المقام مقام الفاعل، والضمير المنفصل المرفوع على الابتداء أعني ” هي ” في ” وهي ” أيضا يعود إلى ” ما ” والتأنيث باعتبار حال المعنى، وكذلك الضمير المتصل المجرور بالاضافة في جسرها عائد إليها، ويبني على البناء للمجهول، والمقام مقام الفاعل جسر المرفوع المضاف إلى الضمير. و ” الشيبة ” بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة من تحت والباء الموحدة بعدها جبل معروف. قال في القاموس: الشيب بالكسر جبل وبهاء جبل باندلس (1). والمراد بها الجودي الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام وهو جبل كوفان. والمعنى: أن الملحمة تتمادي بين الناس ولا ينطفئ طميسها إلى أن تصير كوفان التي على شيبتها ذبح المقتول بظهر الكوفة عامرة يكاد ويوشك أن يبنى جسرها قال في المغرب: الكناسة الكساحة وموضعها أيضا، وبها سميت كناسة كوفان وهي موضع قريب من الكوفة، قتل بها زيد بن علي. ” تنبي ” بضم تاء المضارعة واسكان النون وفتح الموحدة قبل الالف، أي ترفع، منه النباوة بمعنى الارتفاع. ” جنبتها ” بالتحريك أي ناحيتها. ” حتى يأتي زمان لا يبقى (2) ” أي لا يقيم مؤمن ” الا بها أي فيها ” أو يحن ” أي يشتاق إليها من الحنين بمعنى الشوق وتوقان النفس.


1) القاموس: 1 / 91 2) وفي ” ن ” و ” س ” لا يغنى. (*)

[ 96 ]

يوشك أن يبنى جسرها وتنبى جنبتها حتى يأتي زمان لا يبقى مؤمن الا بها أو يحن إليها، وقينة مصوببة نطافي خطامها لا ينهيها أحد، لا يبقي بيت من العرب الا دخلته. – قوله رضى الله تعالى عنه: وقينة مصبوبة نطافى خطامها يعني وحتى تأتي قينة بفتح القاف وسكون الياء المثناة من تحت قبل النون، أي فتاة مغنية أو أمة مغنية نطافي خطامها مصبوبة، وتقديم الخبر للاعتناء والاهتمام به. ” نطافي ” بفتح النون قبل الطاء المهملة واسكان الياء المخففة أخيرا بعد الفاء، اما جمع نطفي بضم النون وتشديد الياء أخيرا كما الكراسي بالتخفيف جمع كرسى بالتشديد، أو جمع نطفية كما الاماني جمع أمنية والنجاتي جمع نجتية. وأما جمع نطيفة على القلب والاصل نطايف حولت الياء إلى حيز الفاء وعوملت معاملة الايامي في جمع أيم والاينق بالياء قبل النون في جمع ناقة، يقال: نطف الماء أو أي مايع كان ينطف من باب طلب، نطقا ونطافانا إذا سال، وأقبل فلان وسيفه ينطف دما وأتانا على جبينه نطاف من العرق وسقاني نطفة عذبة ونطفا ونطافا، وهي الماء الصافي قل أو كثر. ومنه قول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ” هذه النطفة (1) ” يعني بها نهر الفرات، والنطفتان: بحر المشرق وبحر المغرب، وقيل: ماء الفرات وماء البحر الذي يلي جدة أو بحر الروم. والنطفة في الاداوة الوضوء بفتح الواو، والنطفة: ماء صلب الرجل الذي منه يتكون الولد، والناطف: القبيطي وليلة نطوف تمطر إلى الصباح. قال في المفردات: وقد يكنى عن اللؤلؤ ة بالنطقة، ومنه قيل: صبي منطف، إذا كان في أذنه لؤلؤة (2). وفي الصحاح: النطفة بالتحريك القرط والجمع نطف وتنطفت المرأة: أي


1) نهج البلاغه: 87 من خطبة عند المسير إلى الشام تحت رقم 48 2) المفردات: 496 (*)

[ 97 ]

[… ] – تقرطت ووصيفة منطفة: أي مقرطة (1). وتنطف بكذا أي تبدى به. ” والخطام ” باعجام الخاء المكسورة قبل الطاء المهملة مستعار من خطام البعير وغيره، لما يوضع على الانف من الحلقة ونحوها، أو على الفم من نحو اللثام و النقاب. وانصباب نطافي خطامها عبارة: عن تقاطر العرق، منها الاهتزاز في النشاط والاسراع في المسير، أو تقاطر ما تستعمله من مايعات الطيب. وفي نسخ معدوات ” فتنة ” (2) بالفاء المكسورة قبل المثناة من فوق الساكنة مكان ” قينة ” على العطف على ملحمة بين الناس وفتنة شرقية، فتكون مصبوبية نطافي الخطام إلى ارفضاض العرق لبعير الفتنة كناية أيضا عن شدة الاهتزاز في الملحمة واشتداد المسارعة إليها. أو تكون مصبوبة صفة لفتنة لا متعلقة لما بعدها، ويكون ما بعدها تطافي (3) خطامها على الفعل المضارع من وطي الشئ برجله يطأه وطيا، ووطى الارض و الطريق بأقدامه والوطاءة موضع القدم على مطابقة ما في نهج البلاغة من خطبة لامير المؤمنين عليه السلام ” فتنة تطافي خطامها وتذهب بأحلام قومها “. فهذه النسخة أرجح من جهة هذه المطابقة (4)، والنسخة الاولى أولى من جهة أنها ألزق بحيزها ومقامها وألصق، فانها أوردت في حيز الاخبار بعمارة كوفان وبناء جسرها من بعد الخراب لافي حيز الانباء عن خراب الكوفة بالملاحم والفتن. وقوله ” لا ينهيها أحد ” على رواية ” قينة ” بالقاف والمثناة من تحت الاشهرية الا كثرية بفتح حرف المضارعة، والهاء قبل الالف المنقلبة عن الياء، من نهاه عن


1) الصحاح: 4 / 1434 2 – 3) كما في المطبوع من الرجال بجامعة مشهد والنجف الاشرف. 4) في ” س ” المطالبة (*).

[ 98 ]

وأحدثك يا حذيفة أن ابنك مقتول، فان عليا أمير المؤمنين عليه السلام فمن كان، مؤمنا دخل في ولايته فيفتتح على أمر يمشي على مثله، لا يدخل فيها الا مؤمن ولا يخرج منها الا كافر. أبو ذر 48 – أبو الحسن محمد بن سعد بن مزيد، ومحمد بن أبي عوف، قالا حدثنا محمد بن أحمد بن حماد أبو علي المحمودي المروزي، رفعه، قال، أبو ذر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده، وهو الهاتف بفضائل – كذا ينهاه عنه نهيا، أي ردعه ومنعه وصرفه وزجره. وعلى نسخة ” فتنة ” بالفاء والمثناة من فوق بضم ياء المضارعة وكسر الهاء قبل الياء الساكنة، من الانهاء بمعنى الاعلام والانباء والابلاغ والاخبار، يقال: أنهيت إليه كذا، أي أعلمته وأنبأته به وأبلغت إليه خبره، وعدم انهائها اما لمباغتتها، واما لكونها بصعوبة داهيتها خارجة عن الحد ووراء النهاية. قوله رضى الله تعالى عنه: فيفتتح على أمر يمشى على مثله من الافتتاح والاستمرار، أي برسوخ قدمه في الايمان والاستيقان يفتتح من الولاية على أمر يستمر عليه ويستقيم فيه ويستديم ثباته. وفي نسخة ” فيصبح على أمر يمسى على مثله ” من الاصباح على أمر والامساء عليه. في أبي ذر رضى الله تعالى عنه قوله عليه السلام: يعيش وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده أي بصدق التوكل في المقامات، ونصوح الاخلاص في الحالات، كلها يستغني بالله عمن عداه، وبفضله عن افضال غيره، وبرحمته عن رحمة من سواه،


[ 99 ]

أمير المؤمنين ووصى به رسول الله صلى الله عليه وآله واستخلافه أياه، فنفاه القوم عن حرم الله – فحيث انه اعتزل عن غير الله فيعيش وحده، ويبعث وحده، ويدخل الجنة وحده. قوله عليه السلام: ووصاية رسول الله صلى الله عليه وآله عطف على فضائل، ثم استخلافه اياه معطوف عليها. وربما كان في بعض السنخ ” وصي رسول الله ” على عطف البيان لامير المؤمنين، ثم عطف استخلافه اياه على فضائل، أي هو الهاتف بفضائله عليه السلام وباستخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله اياه. قوله عليه السلام: فنفاه القوم وفي نسخ عديدة ” فنفوه ” من باب أكلوني البراغيث، وقد ورد في التنزيل الكريم مثله متكررا، ولقد تواتر أخبار النبي صلى الله عليه وآله أبا ذر بنفي القوم اياه من المدينة إلى ربذة عند الفرق كلهم من طرق شتى منها حديث لقا بقا على التشديد من المضاعف، ويروى لقابقا بوزن عصا على التخفيف من الناقص اليائي، والعامة رووده في صحاحهم وأصولهم جميعا وشرحه علماؤهم عن آخرهم. قال علامة زمخشرهم في فائقه وكشافه: قال صلى الله عليه وآله لابي ذر: مالي أراك لقابقا ؟ كيف بك إذا أخرجوك من المدينة ؟ وروي: لقى بقى يقال: رجل لق بق ولقلاق (1) بقباق كثير الكلام مسهب فيه، وكان في أبي ذر شدة على الامراء واغلاظ لهم وكان عثمان يبلغ (2) عنه إلى أن استأذنه في الخروج إلى الربذة فأخرجه. لقى: منبوذا وبقى: اتباع. وعن ابن الاعرابي قلت لابي المكارم: ما قولكم جائع نائع (3) ؟ قال: انما هو شئ نتدبه كلامنا، ويجوز أن يراد مبقى حيث ألقيت ونبذت لا يلتفت اليك بعد. وقوله: أراك، حكاية حال مترقبة، كأنه استحضرها


1) وفى ” ن ” ولقاق بقباق. 2) وفى ” ن ” بلغ عنه. 3) وفى ” ن ” تابع (*).

[ 100 ]

وحرم رسوله بعد حملهم أياه من الشام على قتب بلا وطاء وهو يصيح فيهم قد خاب – فهو يخبر عنها يعنى انه يستعمل فيما يستقبل من الزمان من تغلظ عليه وتكثر القول فيه. ونحوه ما يروي عن أبي ذر قال: أتاني نبي الله وأنا نائم في مسجد المدينة فضربني برجله، وقال: ألا أراك نائما فيه قلت: يا نبي الله غلبتني عيني، فقال: كيف تصنع إذا أخرجت منه ؟ ما أصنع يا نبي الله أضرب بسيفي ؟ فقال: ألا أدلك على ما هو خير لك من قولك وأقرب رشدا تسمع وتطيع، وتنساق لهم حيث ساقوك (1) انتهى كلام الفائق بألفاظه. وكذلك قال ابن الاثير في نهاية وجامع أصوله (2). قوله عليه السلام: بعد حملهم اياه من الشام على قتب بلا وطاء كتب الاحاديث والاخبار جميعا متطابقة على نقل ذلك من طرق غير محصورة، ولنورد أوثق الروايات وأخصرها. قال الشيخ الجليل الثقة الثبت المأمون الحديث عند العامة والخاصة علي بن الحسين المسعودي أبو الحسن الهذلي (رحمه الله تعالى) في كتابه مروج الذهب: ومن ذلك فعله – يعني عثمان – بأبي ذر وهو أنه حضر مجلسه ذات يوم فقال له عثمان: أرأيتم من زكى (3) ماله هل فيه حق لغيره ؟ قال كعب: لا يا أمير المؤمنين ! فدفع أبو ذر في صدر كعب، وقال: كذبت يابن اليهوديين ثم تلى ” ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (4) ” الاية. فقال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوب من أمرنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب: لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في


1) الفائق 3 / 326 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 147 3) في النسخ: ذكى. 4) سورة البقرة: 177 (*)

[ 101 ]

[… ] – صدره، وقال: يابن اليهودي ما أجرأك في ديننا، فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني. فخرج أبو ذر إلى الشام، فكتب معاوية إلى عثمان ان أبا ذر تجتمع إليه المجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك، فان كان لك في القوم حاجة فاحمله اليك، فكتب إليه فحمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسون من الصقالبة يطرودن (1) به حتى أتوا به المدينة، وقد تسلخت بواطن أفخاذه، وكاد يقلت (3) فقيل: انك تموت من ذلك فقال: هيهات أن أموت حتى أنفي. وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه، فأحسن إليه في داره أياما ثم ادخل عليه فجثا عليه وتكلم بأشياء، وذكر الخبر في ولد أبي العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا، ومرفي الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير. وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنضدت البدار حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان: اني لارجو لعبد الرحمن خيرا لانه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون، فقال كعب الاحبار: صدقت يا أمير المؤمنين، فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ماكان به من الالم وقال: يابن اليهودي تقول لرجل مات وخلف هذا المال كله ان الله أعطاه خير الدنيا وخير الاخرة وتقطع على الله بذلك، وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما يسرني أن أموت فادع ما يزن قيراطا. فقال له عثمان وأرعني وجهك قال أسير إلى مكة قال: لا والله قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت قال: أي والله فقال: إلى الشام فقال: لا والله قال: فالبصرة قال: لا والله، فاختر غير هذه البلدان قال: لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك


1) وفى هامش النسخ: ينظرونه 2) أي يهلك (*).

[ 102 ]

[… ] – ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد. فقال: اني مسيرك إلى الربذة قال: الله اكبر صدق رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبرني بكل ما أنا لاق، قال عثمان: وما قال لك ؟ قال خبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولى مواراتي نفر يريدون من العراق نحو الحجاز. وبعث أبو ذر إلى حميل له فحمل عليه امرأته وقيل: ابنته، وأمر عثمان أن يتحاماه الناس حتى يسيروا إلى الربذة، فما طلع على المدينة ومروان يسيره عنها، طلع عليه علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه ابناه وعقيل أخاه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر فاعترض مروان فقال: يا علي ان أمير المؤمنين نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر ويشيعوه، فان كنت لم تعلم بذلك أعلمتك. فحمل عليه علي بن أبي طالب فضرب بين أذني راحلته وقال: تنح نحاك الله إلى النار، ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أراد على الانصراف بكى أبو ذر، وقال: رحمكم الله أهل بيت إذا رأيتك يا أبا السحن وجهك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله. فشكى مروان إلى عثمان ما فعل به علي، فقال عثمان: يا معشر الملسمين من يعذرني من علي رد رسولي عما وجهته وفعل وفعل والله لنعطينه حقه، فلما رجع علي استقبله الناس فقالوا: ان أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر، فقال علي: غضب الخيل على اللجم. ثم جاء فلما كان العشي جاء إلى عثمان فقال له: ما حملك على ما صنعت بمروان ؟ ولم اجترأت علي ورددت رسولي وأمري ؟ قال: أما مروان فانه استقبلني يردني فرددته عن ردي، وأما أمرك فلم أرده، قال عثمان: أولم يبلغك أني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه ؟ قال علي: أو كلما أمرتنا به من شئ نرى طاعة الله والحق في خلافه اتبعنا أمرك لعمر الله لا نفعل.


[ 103 ]

القطار يحمل النار: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا. فقتلوه فقرا وجوعا وذلا – قال عثمان: أقد مروان قال: وما أقيده ؟: ضربت بين أذني راحلته وشتمته فهو شاتمك وضارب بين أدني راحتلك، قال علي: أما راحلتي فهي تملك، فان أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل، فاما أنا فوالله لان شتمني لا شتمنك أنت بمثله بما لا أكذب فيه ولا أقول الا حقا، قال عثمان: فلم لا يشتمك إذا شتمته، فوالله ما أنت عندي بأفضل منه. فغضب علي عليه السلام وقال: ألي تقول هذا القول وبمروان تعدلني، فأنا والله أفضل منك، وأبي أفضل من أبيك، وأمي أفضل من أمك، وهذه نبلى قد نبلتها وهلم فانبل نبلك. فغضب عثمان واحمر وجهه وقام فدخل، وانصرف علي فاجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والانصار، فلما كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكي إليهم عليا وقال: انه يعيبني، وبظاهر من يعيبني، يريد بذلك أبا ذر وعمارا وغيرهما، فدخل الناس بينهما حتى أصلحوا بينهما، وقال له علي: والله ما أردت بتشييعي أبا ذر الا الله انتهى كلام مروج الذهب في هذا الباب (1). قوله عليه السلام: اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا رواها أكثر الصحابة عنه عليه السلام على هذا النسق. دخلا وخولا بالتحريك و ” دولا ” بضم الدال وفتح الواو. قال ابن الاثير في النهاية في د – خ: في حديث قتادة بن نعمان وكنت أرى اسلامه مدخولا، الدخل بالتحريك العيب والغش والفساد يعني: ان ايمانه كان متزلزلا فيه نفاق، ومنه حديث أبي هريرة ” إذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين كان دين


1) مروج الذهب: 2 / 339 – 342 (*)

[ 104 ]

[… ] – الله دخلا وعباد الله خولا ” وحقيقته أن يدخلوا في الدين أمورا لم تجربها السنة (1). وقال في خ: والخول حشم الرجل وأتباعه واحدهم خائل، وقد يكون واحدا ويقع على العبد والامة، وهو مأخوذ من التخويل التمليك، وقيل من الرعاية، ومنه حديث أبي هريرة ” إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولا ” أي خدما وعبيدا يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم، وفيه ” أنه كان يخولنا بالموعظة ” أي يتعهدنا، من قولهم فلان خولي مال وخائل مال، وهو الذي يصلحه ويقيم به انتهى كلام النهاية (2). وفي الصحاح: الخائل الحافظ للشئ ويقال: فلان يخول على أهله أي يرعي عليهم، وخوله الله الشئ أي ملكه اياه، وقد خلت المال أخوله إذ أحسنت القيام عليه يقال: هو خال مال وخولي مال أي حسن القيام عليه، والتخول التعهد وفي الحديث ” كان النبي صلى الله عليه وآله يتخولنا بالموعظة مخافة السامة ” وخول الرجل حشمه الواحد خائل وقد يكون الخول واحدا وهواسم يقع على العبد والامة قال الفراء: وهو جمع خائل وهو الراعي، وقال غيره: هو مأخوذ من التخويل وهو التمليك (3). و ” الدول ” بضم الدال وفتح الواو جمع الدولة بالضم يقال: جاء فلان بدو لاته أي بدواهيه. قال الراغب في المفردات: الدولة – بالفتح – والدولة – بالضم – واحدة وقيل: الدولة بالضم في المال، والدولة بالفتح في الحرب والجاه، وقيل: الدولة اسم الشئ الذي يتداول بعينه، والدولة المصدر، قال الله تعالى ” كيلا يكون دولة بين الاغنياء منكم (4) وتداول القوم كذا، أي تداولوه من حيث الدولة، وداول الله كذا بينهم


1) نهاية ابن الاثير: 2 / 108 2) نهاية ابن الاثير: 2 / 88 وفيه أخيرا: ويقوم به. 3) الصحاح: 4 / 1690 4) سورة الحشر: 7 (*)

[ 105 ]

وضرا وصبرا. 49 – أبو علي أحمد بن علي السلولي شقران القمي، قال حدثني الحسن بن قال الله تعالى ” وتلك الايام نداولها بين الناس (1) ” والدولول الداهية، والجمع الدآليل والدؤلات (2). قوله عليه السلام: وصبرا الصبر في القتل وفي اليمين في الفقه. والحديث معروف في النهاية الاثنرية: في حديث الصوم ” صم شهر الصبر ” هو شهر رمضان وأصل الصبر الحبس: يسمى الصوم صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح، وفيه ” أنه نهى عن قتل شئ من الدواب صبرا هو أن يمسك من ذوات الروح شئ حيا ثم يرمي بشئ حتى يموت، ومنه الحديث ” نهى عن المصبورة ونهى عن صبر ذي الروح ” ومنه الحديث ” في الذي أمسك رجلا وقتلوا آخرا اقتلوا القاتل واصبروا الصابر ” أي أحبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به، وكل من قتل في معركة ولا حرب ولا خطأ فانه متقول صبرا، ومنه حديث ابن مسعود ” أن ” رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن صبر الروح ” وهو الخصاء والخصاء صبر شديد، وفيه ” من أحلف على يمين مصبورة كاذبا ” وفي حديث آخر ” من حلف على يمين صبرا ” أي ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل: لها مصبورة وان كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور، لانه انما صبر من أجلها أي حبس فوضعت بالصبر وأضيفت إليه مجازا (3). قوله رحمه الله تعالى: أبو على أحمد بن على السلولي في القاموس: سلول فخذ من قيس (4).


1) سورة آل عمران: 140 2) مفردات الراغب: 174 3) نهاية ابن الاثير: 3 / 8 4) القاموس: 3 / 397 (*)

[ 106 ]

حماد، عن أبي عبد الله البرقي، – وفي الصحاح: سلول قبيلة من هوازن وهم بنو مرة بن صعصة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وسلول اسم أمهم نسبوا إليها، منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي (1). ثم في طائفة من النسخ في هذا الموضع ” سعدان القمي ” بالسين والعين والدال المهملات قبل الالف والنون أخيرا، وذلك تصحيف وتحريف من النساخ (2)، والصواب ما يتكرر من بعد في الاسانيد على اتفاق عامة النسخ وهو ” شقران ” بضم الشين المعجمة قبل القاف الساكنة والراء بعدها قبل الالف ثم النون أخيرا، والرجل معروف كثير الرواية. وذكره الشيخ في كتاب الرجال قال في باب لم: أحمد بن علي السلولي المعروف بالشقران القمي المعروف بالشقران القمي المقيم بكش، وكان أشل دوارا (3). وفي بعض نسخ كتاب الرجال التيملي مكان السلولي. قوله رحمه الله: قال حدثني الحسن بن حماد قد سبق مثله في الاسانيد السابقة، والذي يستبين أنه من غلط الناسخ، والصحيح خلف بن حماد بالخاء المعجمة ثم اللام والفاء أخيرا، فهو الذى يروي عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، ويتكرر في الاسانيد كثيرا، وهو من الشيوخ. ذكره الشيخ في باب الخاء المعجمة لم قال: خلف بن حماد مكنى أبا صالح من أهل كش (4).


1) الصحاح: 5 / 173 2) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد والنجف الاشرف. 3) رجال الشيخ: 439 والموجود فيه القمى بدل السلولى. 4) رجال الشيخ: 472

[ 107 ]

عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حكيم، عن أبي خديجة الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبريل، فقال جبريل: من هذا يارسول الله ؟ قال أبو ذر: قال أما أنه في السماء أعرف منه في الارض وسأله عن كلمات يقولهن إذا أصبح قال، فقال يا أبا ذر كلمات تقولهن إذا أصبحت فما هن ؟ قال أقول – وأبو عبد الله البرقي يروي عن خلف بن حماد الاسدي على ما في الفهرست (1). قوله رحمه الله تعالى عنه: عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حكيم في النسخ على التصغير، وفي كتب الرجال محمد بن الحكم بن المختار بن أبي عبيدة الثقفي الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام مكبرا (2). وعبد الرحمن بن محمد من أصحاب أبي جعفر الجواد عليه السلام، ويقال: ربما روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. قوله رحمه الله تعالى عنه: عن أبي خديجة الجمال هو سالم بن مكرم على ما يستبين فيما سيرد في الكتاب انشاء الله العزيز، وهو الذي صرح الشيخ بتوثيقه في بعض المواضع، وثنى توثيقه النجاشي (3). وزعم الحسن بن داود أن ذاك هو أبو خديجة الرواجني، وذا أبو خديجة الجمال وهما اثنان ولا توثيق في ذا من أحد (4). وذلك وهم منه فاسد، قد أوضحنا فساده في المعلقات على الخلاصة، وعلى كتابة، وعلى كتاب النجاشي، وعلى غيرها من كتب الرجال، وفي الرواشح السماوية، وفي المعلقات على الفقيه، وعلى الاستبصار.


1) الفهرست: 92 2) رجال الشيخ: 306 وفيه محمد بن أبي الحكم الخ. 3) رجال النجاشي: 142 4) رجال ابن داود: 165 (*)

[ 108 ]

يا رسول الله: اللهم اني أسلك الايمان بك والعافية من جميع البلايا والشكر على العافية والغنى عن الناس. 50 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن عاصم بن حميد الحناط، عن أبي بصير، عن عمرو بن سعيد، قال حدثنا عبد الملك بن أبي ذر العفاري، قال بعثني أمير المؤمنين عليه السلام يوم مزق عثمان المصاحف، فقال: ادع أباك ! فجاء أبي إليه مسرعا، فقال: يا أبا ذر أتى اليوم في الاسلام أمر عظيم، مزق كتاب الله ووضع فيه الحديد، وحق على الله أن يسلط الحديد على من مزق كتابه بالحديد. قال، فقال له أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله – قوله عليه السلام: اللهم انى أسئلك دعاء أبي ذر رضى الله تعالى عنه معروف في كتب الدعاء وفيما أو اظب عليه في ورودي ” اللهم اني أسئلك الايمان بك، والرضا بقضائك، والغنا عن الناس والعافية من جميع البلاء، والشكر على العافية يا ولي العافية “. قوله رحمه الله تعالى: حمدويه وابراهيم ابنا نصير إلى اخره الطريق نقي صحيح على الاصح، فان عمرو بن سعيد المدايني ثقة من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام قد وثقه النجاشي (1)، ولم يذكر غميزه فيه ولا طعنا في مذهبه وانما روى أبو عمرو الكشي عن نصر بن الصباح أنه فطحي، ولكن قال نصر: لا اعتمد على قوله لا وابو بصير هو ليث المرادي، كما هو المستبين من الطبقة. قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثنا عبد الملك بن ابى ذر الغفاري هو في الاستقامة على طريقة أبيه رضي الله تعالى عنهما.


1) رجال النجاشي: 221 (*).

[ 109 ]

يقول: أن اهل الجبرية من بعد موسى قاتلوا أهل النبوة فظهروا عليهم فقتلوهم زمانا – قوله عليه السلام: ان أهل الجبرية (1) بالتحريك، وربما يقال: الجبرية بكسر الجيم والباء، ويعني عليه السلام بهم المجوس وهم لا يقولون بقدرة وارادة للانسان في فعله أصلا، بل يثبتون للعالم الاكبر بنظامه الجملي مبدئين: يسمون أحدهما يزدان واليه يسندون الخيرات بأسرها، والاخر أهرمن واليه يضيفون الشرور بأسرها على الاطلاق. وعلى طريقتهم الاشاعرة في نفي تأثير قدرة العبد وارادته في أفعاليه مطلقا، فانهم يسندون أفا عيله من الخيرات والشرور جمعيا إلى قدرة الله سبحانه وارادته ابتداء، من غير مدخلية للعبد ولا لممكن ما من الممكنات في ذلك بجهة من جهات التأثير والعلية والتقدم العقلي بالذات أصلا، بل على مجرد المقارنة الاتفاقية المعبر عنها عندهم بالكسب لا غير. ومن هناك استتبت علاقة التشبيه في الحديث المشهور بالمتواتر عنه صلى الله عليه وآله: القدرية مجوس هذه الامة (2). أليس كل من على ساهرة اقليم العقل وفي دائرة ملة السلام يعلم بالبرهان انه مامن ممكن ذاتي عينا كان أو فعلا، وجوهرا كان أو عرضا، الا ولا منتدح له في ترتب سلسلة السببية والمسببية من الانتهاء إلى مسبب الاسباب من غير سبب على الاطلاق، والاستناد إلى قدرته الحقة القيومية وارادته الربوبية الوجوبية باخرة، وان كان الفاعل المباشر قريبا، والاخير من أجزاء العلة التامة لفعل العبد قدرته وأرادته المنبعثتان عن القدرة التامة الواجبة والارادة الحقة الفعالة فاذن ليس يصح التشبيه من حيث اثبات مبدئين، إذ ليس يقول بذلك أحد من المعتزلة والامامية والحكماء الالهيين المثبتين للحيوان قدرة مباشرة للفعل، وأرادة


1) وفى المطبوع من رجال الكشي بجامعة مشهد. أهل الحبرية بالحاء المهملة. 2) رواه الطرائف: 344. وهناك مقالات حول عقائد المجبرة فراجع. (*)

[ 110 ]

. [… ] – مقدمة عليه تقدما بالطبع، فقد انصرح أن ملاك التشبيه سلب الفعل عن العبد ونفي قدرته واختياره على سبيل العلية كما قالته المجوس، وانما ذلك مذهب الاشعرية في هذه الامة فهم القدرية في قوله عليه السلام القدرية مجوس هذه الامة لا غيرهم. وما تحمله امام المتشككين فخر الدين الرازي ومتابعوه في تصحيح كون المعتزلة هم القدرية مما ليس له مساق إلى سبيل الصحة ومعاد إلى طريق الصواب، وان أحببت بسط القول فيه فعليك بكتابنا الايقاضات قال الجوهري في الصحاح: الجبر أن تغني الرجل عن فقر أو تصلح عظمه من كسر، يقال: جبرت العظم جبرا وجبر العظم نفسه جبورا، أي انجبر واجتبر العظم مثل انجبر، يقال: جبر الله فلانا فاجتبر أي سد مفاقرة، والجبر خلاف القدر، قال أبو عبيد: هو كلام مولد والجبرية بالتحريك خلاف القدرية (1). وقال الراغب في المفردات: أصل الجبر اصلاح الشئ بضرب من القهر، يقال: جبرته فانجبر واجتبر، وقد قيل: جبرته فجبر لقول الشاعر: ” قد جبر الدين الا له فجبر ” هذا قول أكثر أهل اللغة وقال بعضهم: ليس قوله فجبر مذكورا على سبيل الانفعال، بل ذلك على سبيل الفعل، وكرره ونبه بالاول على الابتداء باصلاحه وبالثاني على تتميمه، فكأنه قال قصد جبر الدين وابتدأ به فتمم جبره، وذلك أن فعل تارة يقال لمن ابتدأ بفعل، وتارة لمن فرغ عنه، وتجبر يقال: اما لتصور معنى الاجتهاد، أو المبالغة، أو لمعنى التكلف، وقد يقال: الجبر في الاصلاح المجرد نحو قول علي عليه السلام يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير، تارة في القهر المجرد نحو قوله صلى الله عليه وآله لا جبر ولا تفويض، والجبر في الحساب الحاق شئ به اصلاحا لما يريد اصلاحه، وسمي السلطان جبرا لقهره الناس على ما يريده، أو لا صلاح أمورهم


1) الصحاح: 2 / 607 – 608 (*)

[ 111 ]

[… ] – والاجبار في الاصل حمل الغير على أن يجبر الاخر، لكن تعورف في الاكراه المجرد فقيل: أجبرته على كذا، كقولك أكرهته وسمي الذين يدعون أن الله تعالى يكره العباد على المعاصي في تعارف المتكلمين مجبرة، وفي قول المتقدمين جبرية (1). أي بالتحريك وبكسر الجيم والباء، كما نقلناه عن الصحاح. وقال في القاموس: الجبرية خلاف القدرية، والتسكين لحن، أو هو الصواب، والتحريك للازدواج، والجبار الله تعالى لتكبره، والمتكبر الذي لا يرى لاحد عليه حقا، فهو بين الجبرية والجبرياء بمكسورتين، والجبرية بكسرات والجبرية والجبروة والجبروتي والجبروت محركات (2). وقال في أساس البلاغة: وقوم جبرية، وهو كذا ذراعا بذراع الجبار أي بذارع الملك، وفي الحديث: دعوها فانها جبارة وما كانت نبوة الا تناسخها ملك جبرية. أي الا تجبر الملوك فيها (3). قلت: قول النبي صلى الله عليه وآله في هذا الحديث: ان أهل الجبرية من بعد موسي قاتلوا أهل النبوة تنصيص على أن أهل الجبرية مقابل أهل النبوة، وهم الكفرة من المجوس الذين قاتلوا بني اسرائيل فظهروا، أي غلبوا عليهم فقتلوهم، واستمروا في عتوهم وغلبتهم عليهم زمانا طويلا، وحديثه عليه وآله الصلاة والسلام: القدرية مجوس هذه الامة. ناص على أن المجبرة القائلين بالقدر على سبيل محوضة الاجبار وصرافة الالجاء من غير مدخلية لاختيار العبد في فعله أصلا، منزلتهم في هذه الامة منزلة المجوس الجبرية الذاهبين إلى أن فعل الانسان مطلقا انما فاعله التام على الاجبار


1) مفررات الراغب: 85 – 86 2) القاموس: 1 / 384 – 385 3) أساس البلاغة: 81 (*)

[ 112 ]

طويلا، ثم ان الله بعث فتية فهاجروا إلى غبر آبائهم فقاتلهم فقتلوهم، وأنت بمنزلتهم – البحت يزدان أو أهرمن. فاذن قد أستبان أن الجبرية والقدرية واحدة وجعلهما متقابلين، كما ذهبت إليه علماء الاشاعرة في الصدر الاول، ثم جرى عليه كلام أهل اللغة، والمتأخرون بنوا عليه الاصطلاح أخيرا لا أصل له يركن إليه ولا ر كن يعتمد عليه. ثم كيف يسوغ اثبات نسبة نفاة أمر إليه وسلب القول به عن مثبتيه. ويقال: ان تبالغهم في النفسي والانكار مصحح الاسناد والنسبة. ليس يستحق الاصاخة له والاصغاء إليه. قوله عليه السلام: ثم ان الله بعث فتية فهاجرو إلى غبر آبائهم في أكثر النسخ ” فتية ” بكسر الفاء واسكان المثناة من فوق قبل المثناة من تحت المفتوحة على جمع فتي بالتشديد، كماصبية في جمع صبي، يعني شبابا. قال في المغرب: الفتى من الناس الشباب القوي والجمع فتية وفتيان. وفي نسخة ” فئة ” بكسر الفاء وفتح الهمزة واحدة فيئين. و ” غبر ” باعجام الغين قبل الباء الموحدة، اما محركة بمعنى التراب والارض أي إلى ديار آبائهم، أو بضم الغين وتسكين الباء أو تشديدها مفتوحة بمعنى بقية آبائهم ومن بقي منهم، والغبر والغبر بقية اللبن في الضرع وغبر المرض بقاياه، وكذلك غير الليل والغابر من كل شئ الباقي منه قاله في الصحاح (1). وقال في القاموس: غبر غبورا مكث وذهب ضد، وهو غابر من غير كركع، وغبر الشئ بالضم بقيته كغبره، والجمع أغبار (2).


1) الصحاح: 2 / 765 2) القاموس: 2 / 99 (*)

[ 113 ]

يا علي. فقال علي: قتلتني يا أبا ذر. فقال أبو ذر: أما والله لقد علمت أنه سيبدأ بك. 51 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن عاصم بن حميد الحنفي، عن فضيل الرسان، قال حدثني أبو عبد الله عن أبي سخلية، قال حجبت أنا وسلمان بن ربيعة، قال فمررنا بالربذة، قال فأتينا – قوله عليه السلام: قتلتنى يا أبا ذر يعني أخبرت بقتلي فقال أبو ذر: نعم قد علمت أنه سيبدأ في العترة الطاهر ة بك يا أمير المؤمنين. قوله رحمه الله تعالى: حمدويه وابراهيم ابنا نصير الطريق حسن بفضيل الرسان، وهو الفضيل بن الزبير الاسدي مولاهم الكوفي الرسان، ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليهما السلام بالتصغير (1)، وكذلك في كتاب أبي عمرو الكشي (2). والحسن بن داود أورده في كتابه مكبرا (3). وأبو عبد الله هذا الذي روى عنه الفضيل الرسان هو أبو عبد الله البجلي الكوفي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن، ذكره العلامة في الخلاصة (4)، والشيخ في كتاب الرجال (5). أو أبو عبد الله الجدلي بفتح الجيم والدال من أوليائه عليه السلام وخواصه من مضر، كما أورده في الخلاصة، واسمه عبيد بن عبد. قال في الخلاصة: قيل: انه كان تحت راية المختار، ويقال: اسمه عبد الرحمن ابن عبد ربه (6).


1) رجال الشيخ: 132 و 272 2) رجال الشكى: 338 ط مشهد و 287 ط نجف. 3) رجال ابن داود: 271 4) الخلاصة: 194 5) رجال الشيخ: 63 6) الخلاصة 127 (*)

[ 114 ]

أبا ذر فسلمنا عليه، قال فقال لنا: ان كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بكتات الله والشيخ علي بن أبي طالب عليه السلام، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: علي أول من آمن بي وصدقني، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وهو – وذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أورده في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وقال: عبد الرحمن بن عبد ربه الخزرجي (1). طعنوا عليه بالرفض. وقال ابن حجر في التقريب: عبد أو عبد الرحمن بن عبد أبو عبد الله الجدلي ثقة، رمى بالشيخ من كبار الثالثة.. ” أبو سخيلة ” بضم السين المهملة وفتح الخاء المعجمة، كما قال في الخلاصة ناقلا عن البرقي (2)، وذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (3). قوله رضى الله تعالى عنه: وهي كائنة يعني ألا وهي كائنة لا محال من غير امتراء، لما قد أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله. قوله صلى الله عليه وآله: على أول من آمن بى وصدقني والعامة رووا الحديث من طرق عديدة غير طريق أبي ذر (4). أورد أبو عبد الله الذهبي مع شدة عنادة ونصبه في ميزان الاعتدال أنه ذكر العقيلي بالاسناد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لام سلمة: ان عليا لحمه من لحمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لانبي بعدي، قال ابن عباس، ستكون فتنة فمن أدركها فعلية بخصلتين كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فاني سمعت


1) رجال الشيخ: 50 و 76 2) الخلاصة: 195 3) رجال الشيخ: 65 4) وقد أوردنا مصادر هذا الحديث عن طرق العامة والخاصة في كتاب الطرائف: 18 (*)

[ 115 ]

الفاروق بعدي يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة. 52 – وبهذا الاسناد عن الفضيل الرسان، قال حدثني أبو عمر، عن حذيفة ابن أسيد، قال سمعت أبا ذر، يقول وهو متعلق بحلقة باب الكعبة، أنا جندب بن جنادة لمن عرفني وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني، اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: – رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وهو آخذ بيد علي: هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الاكبر، وهو خليفتي من بعدي وفي ميزان الاعتدال أيضا: أن سليمان بن عبد الله روى عن معاذة عن علي: أنا الصديق الاكبر قال مذكور في كتاب العقيلي (1): قوله عليه السلام: وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة أي يجتمع على اتباعه والتمسك به قلوب المؤمنين، كما على التمسك بالمال قلوب الظلمة. قال في الصحاح: واليعسوب ملك النحل، ومنه قيل للسيد: يعسوب قومه والياء فيه من الزوائد لانه ليس في الكلام فعلول غير صعفوق (2). قوله رحمه الله تعالى: وبهذا الاسناد عن الفضيل الرسان قال: حدثني أبو عمر عن حذيفة بن أسيد أبو عمر هو زاذان الفارسي بالزاء قبل الالف والذال المعجمة بعدها والنون بعد الالف الثانية، أورده في الخلاصة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من مضر (3)، وذكر الشيخ في باب الزاء من أصحابه عليه السلام زاذان يكنى أبا عمر الفارسي زياد بن


1) ميزان الاعتدال: 2 / 212 ط السعادة بمصر و 1 / 417 2) الصحاح: 1 / 181 3) الخلاصة: 192 وفيه أبو عمرو الفارسي. (*)

[ 116 ]

من قاتلني في الاولي والثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجال انما مثل أهل بيتي – الجعدة (1). و ” حذيفة ” ذكره الشيخ في كتاب الرجال فيمن روى عن النبي عليه السلام من الصحابة قال: حذيفة بن أسيد الغفاري أبو سريحة صاحب النبي صلى الله عليه وآله وهو ابن أمية (2). ثم ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام فقال: حذيفة بن أسيد الغفاري (3) وقد تقدم في الكتاب في حديث الحواريين أنه من حواري الحسن بن على عليهما السلام. قال ابن الاثير في جامع الاصول: أسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وبالدال المهلمة. وأبو سريحة بفتح السين المهلمة وكسر الراء بالحاء المهملة. وقال الحسن بن داود: وفي نسخة من كتاب الرجال للشيخ أبو سرعة (4). قلت: ولا تعويل عليه. قوله صلى الله عليه وآله من قاتلني في الاولى والثانية وهوفي الثالثة من شيعة الدجال في الاولى والثانية، وفي نسخة وفي الثانية خبر من قاتلني. والمعنى: من قاتلني ففي الطبقتين الاولى والثانية، يعني بالطبقة الاولى من بارزه صلى الله عليه وآله بالمقاتلة في زمانه، وبالطبقة الثانية من قاتل عليا عليه السلام بعده صلى الله عليه وآله. لقوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي حربك حربي.


1) رجال الشيخ: 42 وزياد بن الجعدة رجل آخر غير زاذان الفارسي ولعل وقع سهوا من المؤلف. 2) رجال الشيخ: 16 وفيه أبو سرعة. 3) المصدر: 67 4) رجال ابن داود: 101 (*)

[ 117 ]

في هذه الامة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ألا هل بلغت. – ولقوله: منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله (1). وعنى به عليا، فمن قاتل عليا عليه السلام فهو كمن بارز النبي صلى الله عليه وآله بالمقاتلة، وأما من قاتله صلى الله عليه وآله في الطبقة الثالثة فهم الذين يقاتلون المهدي من آل محمد عليه السلام في آخر الزمان، وهم من شيعة الدجال. ففي الصحيفة المكرمة الرضوية بأسناده عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم صلوات الله وتسليماته: من قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتلنا للدجال. قال الاستاذ أبو القاسم الطائي: سألت علي بن موسى الرضا عمن قاتلنا في آخر الزمان قال: من قاتل صاحب عيسى بن مريم وهو المهدي عليه السلام. قوله صلى الله عليه وآله: انما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح هذا الحديث عنه صلى الله عليه وآله متشعب الطريق متنا وسندا من طريق أبي ذر رضي الله تعالى عنه ومن طريق غيره عند العامة والخاصة (2).


1) رواه جماعة من أعلام العامة بطرق مختلفة منهم أحمد بن حنبل في مسنده: 3 / 33 ط ميمنية بمصر والنسائي في الخصائص: 40 والحاكم في المستدرك: 3 / 122 ط حيدر آباد الدكن وأبو نعيم في حلية الاولياء: 1 / 67 ط مصر والطبري في رياض النضرة: 2 / 191 ط محمد أمين بمصر وابن كثير في البداية والنهاية: 6 / 217 والسيوطي في تاريخ الخلفاء. 173 وغيرها مما يطول ذكرها. 2) واما من طريق الخاصة فرواه السيد بن طاووس عن عدة طرق في كتاب الطرائف: 132 و، وابن بطريق في المعدة: 187، والعلامة المجلسي في البحار: 23 / 124 واما من طريق العامة فرواه ابن قتيبة في عيون الاخبار: 1 / 211 ط مصر، والحاكم في المستدرك: 3 / 150 ط دكن، وابن المغازلى في المناقب: 132 – 134. والخوارزمي في مقتل الحسين، والذهبي في ميزان الاعتدال: 1 / 224 ط مصر والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 573، والقندوزى في ينابيع المودة: 28 ط اسلامبول. (*)

[ 118 ]

53 – جعفر بن معروف، قال حدثني الحسن بن علي بن النعمان، قال حدثني أبي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار، فقال لهما انطلقا بها إلى – وفى الصحيفة المكرمة الرضوية باسناده المكرم عن آبائه الطاهرين عن أمير المؤمنين عليه وعليهم السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زخ في النار (1). وكذلك رواه كثير من العامة صاحب المشكاة وغيره، وفي المشكاة ومسند أحمد بن حنبل عن أبي ذر أنه قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ألا ان مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق (2). قال ابن الاثير في النهاية في باب الزاء مع الخاء المعجمة: في الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار أي دفع ورمي يقال: زخه يزخه زخا (3). وقال صاحب الكشاف في أساس البلاغة: زخه في وهدة دفعه فيها، وفي الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وزخ في النار وزخ في قفاه (4). قوله رحمه الله تعالى: جعفر بن معروف ذكره الشيخ في باب لم، وقال: يكني أبا محمد من أهل كش وكيل وكان مكاتبا (5).


1) صحيفة الرضا: 22 2) رواه بهذه الالفاظ الطبراني في المعجم الصغير: 78 ط الدهلى 3) نهاية ابن الاثير: 2 / 298. 4) أساس البلاغة: 268 5) رجال الشيخ: 458 (*)

[ 119 ]

أبي ذر فقولا له: ان عثمان يقرئك السلام وهو يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك، فقال أبو ذر هل أعطي أحد من المسلمين مثل ما أعطاني ؟ قالا لا. قال: فانما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له: انه يقول هذا من صلب مالي وبالله الذي لا اله الا هو ما خالطها حرام ولا بعثت بها اليك الا من حلال. فقال: لا حاجة لي فيها وقد أصبحت يومي هذا وأنا من أغني الناس. فقالا له عافاك الله وأصلحك ! ما نرى في بيتك قليلا ولا كثيرا مما يستمتع به ؟ فقال: بلى تحت هذه – وليس هو جعفر بن معروف السمرقندي الذي ذكره أحمد بن الحسين الغصائري وقال: كنية أبو الفضل يروي عنه العياشي كثيرا. والحسن بن علي بن النعمان صحيح الحديث له كتاب كثير الفوائد قاله النجاشي (1)، وفي طبقته من يروي عنه الصفار وأحمد بن أبي عبد الله البرقي. وأبوه علي ابن النعمان الا علم أبو الحسن النخعي مولاهم الكوفي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ثقة ثبت وجه صحيح الحديث واضح الطريقة، وهو الوارد في أسناد زبور آل محمد وانجيل أهل البيت الصحيفة الكريمة السجادية، يروي عنه كتابه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن أبي عبد الله. وعلي بن أبي حمزة الثمالي لا البطائني لكون علي بن النعمان الا علم أكثري الرواية عنه. وأبو بصير هو ليث بن البختري المرادي ويقال له: أبو بصير الاصغر لا يحيى بن القاسم المكفوف، لرواية ابن أبي حمزة الثمالي عنه، فالطربق نقي حسن بعلي بن أبي حمزة، بل صحيح على ما ستعلمه انشاء الله العزيز. قوله رضى الله عنه: تحت هذه الاكاف اكاف الحمار بكسر الهمزة معروف. وفي القاموس: وبالضم أيضا (2)،


1) رجال النجاشي: 31 2) القاموس: 3 / 118 (*)

[ 120 ]

الاكاف التي ترون رغيفا شعير قد أتي عليهما أيام فما أصنع بهذه الدنانير، لا والله حتى يعلم الله اني لا أقدر على قليل ولا كثير، ولقد أصحبت غنيا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، وكذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول، فانه لقبيح بالشيخ أن يكون كذابا، فرداها عليه وأعلماه أنه لا حاجة فيها ولا فيما عنده، حتى ألقى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه. 54 – حدثني علي بن محمد القتيبي، قال حدثني الفضل بن شاذان، قال حدثني أبي، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، قال قال أبو الحسن عليه السلام قال أبو ذر: من جزى الله عنه الدنيا خيرا فجزاها الله عني مذمة بعد رغيفي شعير أتغدى باحدهما وأتعشى بالاخر، وبعد شملتي صوف أتزر باحديهما وأرتدي بالاخري. – والاكاف: صانعه. والجمع الاكف بضميتن. قال في المغرب: والسرج الذي على هيئته هو ما يجعل على مقدمة شبه الرمانة، والوكاف لغة ومنه أو كف الحمار وأكفه ايكافا ووكفه توكيفا أي شد عليه الاكاف، وأما أكف الاكاف تأكيفا فمعناه اتخذه. قوله رحمه الله تعالى: عن موسى بن بكر الواسطي ذكره الشيخ في أصحاب أبي السحن الكاظم عليه السلام وقال: أصله كوفي واقفي له كتاب يروي عن أبي عبد الله عليه السلام (1). واني لست استثبت وقف الرجل، ولا شيخنا أبو العباس النجاشي تعرض لنقله، وستطلع على ما رواه أبو عمرو الكشي في مدحه مما ينصرح به أن أسناد الوقف إليه اختلاق عليه، فاذن الطريق حسن على الاصح. قوله رضى الله تعالى عنه: من جزى الله عنه الدنيا يعني من كان شئ من الدنيا عنده مشكورا محمودا مرغوبا إليه يستحق أن يقال: جزاه الله عني خيرا فأنا على خلاف سيرته، فان كان ما في الدنيا مذموم مقبوح


1) رجال الشيخ: 359 (*)

[ 121 ]

قال، وقال: ان أبا ذر بكى من خشية الله حتى اشتكى عينيه فخافوا عليهما، فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله في عينيك ؟ فقال: اني عنهما لمشغول وما عناني أكبر. فقيل له: وما شغلك عنهما ؟ قال: العظيمتان الجنة والنار. قال: وقيل له عند الموت يا أبا ذر ما مالك ؟ قال علمي. قالوا انا نسألك عن الذهب والفضة ؟ قال ما أصبح فلا امسي وما أمسي فلا أصبح لنا كندوج ندع فيه حرمتاعنا، سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كندوج المرء قبره. – منحي عن الخير لا يستحق الا أن يقال: جزاه الله عني مذمة وبعادا عن الرواء والنضارة بعد رغيفي شعير اتخذ أحدهما لي غذاء به أتغذى والاخر عشاء به أتعشى وبعد شملتي صوف أتخذ لي أحدهما ازارا وبها أتزر والاخرى رداء ا بها أرتدي. قوله رضى الل تعالى عنه: وما عنانى أكبر بالتشديد على التفعيل من العناء باهمال العين المفتوحة قبل النون وبالمد المشقة والشدة والاذي والالم، عنا يعنيه تعنية فتعنى وهو يتعاني الشدائد والمشاق والالام. قوله رضى الله تعالى عنه: ما أصبح فلا أمسى وما أمسى فلا أصبح على سياقه الدعاء عليه، والهمزة للدخول أي مامنه أصبح ودخل في الصباح فلا أبقاه الله إلى الامساء وما منه أمسى ودخل في المساء فلا أبقاه الله إلى الاصباح والدخول في الصباح، ” لنا كندوج ” أي وعاء نضع فيه ” حرمتاعنا ” حر كل شئ باهمال الحاء المضمومة قبل الراء المشددة نجيبه ونفسيه وطيبه وصميمه، وأرض حرة لا سبخة فيها، وطين حر لا رمل فيه، ورملة حرة طيبة النبات ونزل في حر الوادي أي في وسطها قاله في الاساس (1). قوله صلى الله عليه وآله كندوج المرء قبره الكندوج بالضم على وزن صندوق شبه المخزن


1) أساس البلاغة: 121 (*)

[ 122 ]

55 – محمد بن مسعود ومحمد بن الحسن البراثى، قالا حدثنا ابراهيم بن – قال في القاموس: معرب كندو (1). قوله رحمه الله تعالى: ومحمد بن الحسن البراثى في طائفة جمة من النسخ بالباء الموحدة قبل الراء والثاء المثلثة بعد الالف. قال في القاموس: قرية من نهر الملك، أو محلة عتيقة بالجانب الغربي، وجامع براثا معروف، وأحمد بن محمد بن خالد وجعفر بن محمد وأبو شعيب البراثيون محدثون (2). وقال شيخنا الشهيد في الذكري: مسجد براثا في غربي بغداد، وهو باق إلى الان رأيته وصليت فيه (3). وفي بعض النسخ البراني بالراء المشددة بعد الباء الموحدة والنون بعد الالف. قال الشيخ في باب لم: محمد بن الحسن البراني يكنى أبا بكر كاتب له رواية (4). قلت: وكأنه محمد بن الحسن بن روزبه أبو بكر المدايني الكاتب نزيل الرحبة الوارد في أسناد الصحيفة الكريمة السجادية. وفي القاموس: البرة موضع قتل فيه قابيل هابيل، والبرانية قرية ببخارا منها سهل بن محمود البراني الفقيه والنجيب محمد بن محمد البراني المحدث (5). ولقد حققنا القول فيه في المعلقات على الصحيفة الكريمة (6).


1) القاموس: 1 / 205 2) القاموس: 1 / 162 3) الذكرى: 155 4) رجال الشيخ: 497 5) القاموس: 1 / 371 6) التعليقة على الصحيفة السجادية المطبوع على هامش نور الانوار للجزائري: 26 والكتاب سيطبع قريبا يتحقيقنا وتعليقنا عليه (*).

[ 123 ]

محمد بن فارس، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحام، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول طلب – وفي نسخة عتيقة كأنها أصح النسخ ” البرنانى ” بنونين من حاشيتي الالف وهذا هو الصحيح في هذا الاسناد. قال الشيخ في باب لم: محمد بن الحسن البرناني روى عنه الكشي (1). وقد أسلفنا تصحيح النسبة فيه، وضبطه بعضهم ” البرثاني ” بضم الباء الموحدة والثاء المثلثة بعد الراء نسبة إلى قبيلة برثن. قال في الصحاح: وبرثن حي من بني أسد (2). قوله رحمه الله تعالى: قالا: حدثنا ابراهيم بن محمد بن فارس هو النيسابوري من أصحاب أبي الحسن الثالث وأبي محمد العسكريين عليهما السلام ذكره الشيخ في أصحابهما (3). قال في الخلاصة: لا بأس به في نفسه ولكن بعض من يروي هو عنه (4). قلت: وهذه بعينها عبارة محمد بن مسعود العياشي على ماروى عنه الكشي (5) وسيجئ في الكتاب، فقول بعض شهداء المتأخرين (6) في حاشيته على الخلاصة في كتاب الكشي ثقة في نفسه نقل لا أصل له. قوله رحمه الله تعالى: عن الحسين بن المختار هو القلانسي وقد أوضحنا لك فيما سبق استقامته وثقته.


1) رجال الشيخ: 509. 2) الصحاح: 5 / 2078 3) رجال الشيخ: 410 و 428 4) الخلاصة: 7 5) رجال الكشى: 446 ط نجف. 6) هو الشهيد الثاني في حاشيته على الخلاصة غير مطبوع (*).

[ 124 ]

أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له انه في حائط كذا وكذا، فتوجه في طلبه فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه، فأراد ان يستبري نومه من يقظته فأخذ عسيبا يابسا فكسره ليسمعه صوته فسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع رأسه، فقال: يا أبا ذر تخدعني أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي كما أراكم في يقظتي ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. – قوله عليه السلام: فأخذ عسيبا يابسا. باهمال العين المفتوحة وكسر السين المهلمة وتسكين المثناة من تحت قبل الياء الموحدة، أي جريدة من النخل مستقيمة دقيقة. قوله صلى الله عليه وآله: ان عينى تنامان ولا ينام قلبى قال السيد المكرم الرضي أخو السيد المعظم المرتضى رضي الله تعالى عنهما في كتاب مجازات الحديث: ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام تنام عيناي ولا ينام قلبي. وهذا القول عند المحققين من العلماء مجاز، لانه عليه السلام لو كان قلبه لاينام على الحقيقة كقلوب الناس لكان ذلك من أكبر معجزاته وأبهر آياته، ولوجب أن تتظاهر الاخبار بنقله، كما تظاهرت بنقل غيره من أعلامه ودلالته. ومما يحقق قولنا ما رواه عبد الله بن عباس رحمهما الله من أنه صلى الله عليه وآله نام ونفخ فصلى ولم يتوض، فقيل له عليه الصلاة والسلام في ذلك فقال: ليس الوضوء على من نام قاعدا انما الوضوء على من نام مضطجعا، وفى بعض الروايات أو متور كا فانه إذا نام كذلك استرخت مفاصله. فبين عليه الصلاة والسلام أنه لو نام مضطجعا للزمه الوضوء لاسترخاء مفاصله، فلو كان قلبه لاينام لما وجب عليه الوضوء إذا نام مضطجعا، كما لا يجب عليه إذا نام قاعدا، وقد يجوز أن يكون المراد بقوله عليه السلام: تنام عيناي ولا ينام قلبي. أنه لا يعتقد في حال نومه من الرؤيا الفاسدة والمنامات المتضادة ما يعتقده غيره من سائر البشر، فيكون في حكم المستقيظ وبمنزلة المتحفظ (1) انتهى كلامه رفع مقامه.


1) المجازات النبوية: 175 – 176 (*)

[ 125 ]

[… ] – قلت: هذا الحديث متواتر قد تظافرت وتظاهرت طرق نقله، وما ذكره من رواية ابن عباس خبر من باب الاحاد ولا تعويل عليه، والعمل في المذهب من طريق أهل البيت عليهما السلام أن مطلق النوم الغالب على الحواس ناقض للوضوء اضطجاعا كان أو قعودا. فاما سبيل مغزاه من طريق العلوم البرهانية فهو: أنه قد أقر في مقره في العلوم الطبيعي وفي العلم الذي فوق الطبيعة أن النفس الانسانية إذا كانت منهمكة في جنبة البدن وفي غواشي عالم الطبيعة لم يكن طريقها في الرؤية الابصارية الا من سبيل الظاهر من ممر الجليدية. وأما الانسان المتأله إذا صار أكيد العلاقة بعالم الملكوت وقوى ارتباط قوته القدسية بالجواهر النورية والانوار العقلية، فتهيأ له الرؤية البصرية في اليقظة وفي النوم لا من سبيل الظاهر، بل من سبيل الباطن بانطباع الصورة في حسه المشترك واختلاس قوته المتخلية من فيض عالم العقل لا بحضور مادة خارجية. ومن هناك كان النبي احدي خاصياته الثلاث التي منها تستتم ضروب النبوة أن تتشبح له الملائكة فيرى من تتنزل عليه من ملائكة الله المقربين، ويسمع كلام الله منتظما على لسان روح القدس الامين باذن الله المهيمن الملك الحق المبين. وهذا هو الذي يعبر عنه بالوحي والايحاء على قد أسمعناك فيما تلونا عليك من قبل، وليس يتيسر ذلك للنبي متى ما أراد وحيثما أراد، بل انما له وقت موقوت من الله سبحانه يلقى عليه فيضه إذا شاء كيف شاء، وسواء في ذلك حال النوم وحال اليقظة. فاذن ربما يكون النبي تنام عيناه ولا ينام قلبه فيرى ويسمع في النوم ما يراه ويسمعه في اليقظة، ولكن لامن سبيل الظاهر، بل من سبيل الباطن من جهة الاتصال بالملاء الا على والانخراط في سلك المكلوت، ولا كذلك ساير البشر، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله تنام عيناي ولا ينام قلبي، ولم يزد أنه يبصر ويسمع في النوم كما يبصر ويسمع في اليقظة دائما في جميع أوقات النوم واليقظة فليتعرف.


[ 126 ]

عمار 56 – حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال حدثنا الفضل بن شاذان عن محمد بن سنان، عن أبي خالد، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام، قال قلت: ما تقول في عمار ؟ قال: رحم الله عمارا، ثلاثا قاتل مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وآله) وقتل شهيدا. قال: قلت في نفسي ما تكون منزلة أعظم من هذه المنزلة ؟ فالتفت الي، فقال لعلك تقول مثل الثلاثة ! هيهات ! قال، قلت: وما علمه انه يقتل في ذلك اليوم ؟ قال: انه لما رأي الحرب لا تزاداد الاشدة والقتل لا يزداد الاكثرة ترك الصف وجاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين هو هو ؟ قال: ارجع إلى صفك، فقال له ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يقول له ارجع إلى صفك، فلما أن كان في الثالثة قال له نعم. فرجع إلى صفه وهو يقول: اليوم ألقى الا حبة محمدا وحزبه. – في عمار بن ياسر رضى الله عنه هو أبو اليقظان سماه النبي صلى الله عليه وآله بالطيب المطيب شهد بدرا، ولم يشهدها ابن من المؤمنين غيره، وشهدا أحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله والجمل وصفين مع أمير المؤمنين، وقتل بصفين شهيدا ودفن هناك سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة. قوله رحمه الله: عن أبي خالد يعني به الكابلي وقد فصلنا القول فيه سابقا. قوله عليه السلام: فقال يا أمير المؤمنين هو هو ؟ يعني يومنا هذا هو يومي الذي خبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أنه تقتلني فيه الفئة الباغية.


[ 127 ]

57 – محمد بن أحمد بن أبي عوف البخاري ومحمد بن سعد بن مزيد الكشي قالا حدثنا أبو علي المحمودي محمد بن أحمد بن حماد المروزي، قال عمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ألقته قريش في النار: يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت بردا وسلاما على ابراهيم، فلم تصله النار ولم يصله منها مكروه وقتلت قريش أبويه ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: صبرا آل ياسر موعدكم الجنة، ما تريدون من عمار ؟ عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان، عمار – قوله رحمه الله تعالى: محمد بن أحمد بن أبي عوف البخاري ومحمد ابن سعد (1) بن مزيد الكشى قد مر ذكرهما وتحقيق القول فيهما في صدر الكتاب. قوله: فلم تصله النار بفتح التاء المضارعة وتسكين الصاد المهملة، أي لم تشوه ولم تحرقه، يقال: صلى اللحم يصليه صليا شواه وألقاه في النار للاحراق، والصلا بالفتح والقصر، والصلاء بالكسر والمد النار أو الوقود أو الشواء، ولم يصله بفتح الياء وكسر الصاد من الوصول. وفي طائفة من النسخ ” فلم يصبه ” منها مكروه بالباء الموحدة بعد الصاد من الاصابة. قوله صلى الله عليه وآله: عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان هذا الحديث عنه صلى الله عليه وآله صحيح ثابت الصحة عند العامة والخاصة من غير طريق واحد، وكذلك ” واهدوا هدي عمار ” متفق عليه لدى الجميع، يروى بفتح الهاء وكسرها واسكان الدال. قال ابن الاثير في النهاية: الهدى السيرة والهيئة والطريقة، ومنه الحديث: واهدوا هدي عمار. أي سيروا بسيرته وتهيؤا بهيئته، يقال: هدى هدي فلان إذا


1) وفي ” ن ” و ” س “: سعيد (*)

[ 128 ]

. [… ] – صار بسيرته (1). ورووا: إذا سلك الناس واديا وعمار واديا فاسلكوا مسلك عمار. قلت: وذلك كله اخبار منه صلى الله عليه وآله بأن فيما يقع بعده من الاثرة يكون العمار مع على عليه السلام متبعا له متبرءا عمن يستأثر عليه صلوات الله عليه بحقه، كالمقداد وأبو ذر وسلمان وغيرهم من السابقين، كما قد سبق في الكتاب. قال المسعودي في مروج الذهب: وقد كان عمار حين بويع عثمان بلغه قول أبي سفيان صخر بن حرب في دار عثمان في الوقت الذي بويع فيه عثمان، ودخل داره ومعه بنو أمية، قال أبو سفيان: أفيكم أحد من غير كم ؟ وقد كان أعمى قالوا: لا قال: يا بني انكم تلقفتموها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان لتصيرن إلى صبيانكم وراثة، فانتهره عثمان وساءه ما قال، ونمى هذا القول إلى المهاجرين والانصار وغير ذلك: فقام عمار في المسجد وقال: يا معشر قريش أما إذ صرفتم هذا الامر من أهل بيت نبيكم هاهنا مرة وهاهنا مرة، فما أنا بآمن أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله. وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل الذي أو ذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذلك يا مقداد بن عمرو فقال: اني والله لا حبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وآله اياهم، وأن الحق معهم وفيهم يا عبد الرحمن، أعجب من قريش، وانما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت، قد أصفقوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وآله بعده من أيديهم، أما وايم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي اياهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر (2).


1) نهاية ابن الاثير، 5 / 253 2) مروج الذهب: 2 / 342 (*)

[ 129 ]

جلدة بين عيني وانفي تقتله الفئة الباغية، وقال وقت قتلهم أياه: اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. 58 – حمدويه وابراهيم قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم ابن حميد، عن فضيل الرسان، قال سمعت أبا داود، وهو يقول حدثني بريدة الاسلمي – قوله صلى الله عليه وآله وسلم: عمار جلدة بين عيني وأنفى وفي بعض النسخ جلدة ما بين عيني وأنفي، وهذا أشهر في الرواية في أصول العامة والخاصة، وذلك كناية عن شدة الاتصال والاختصاص. الجلد: قشر البدن، وجمعه الجلود. قال في الصحاح: الجلد واحد الجلود، والجلدة أخص منه (1). ومتن الحديث منتظما: تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. وأما ” قال وقت قتلهم اياه اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه ” فكلام الراوي نقلا لقول عمار وقع في البين اقحاما. قوله رحمه الله تعالى: عن عاصم بن حميد عن فضيل الرسان الطريق حسن بالفضيل الرسان، وعالي الاسناد في الطبقة الاولى، وأبو داود من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال (2). وسيرد في الكتاب حديثه عن عمران بن حصين: أن رسو ل الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا – يعني أبا بكر وعمر أن يسلما على علي عليه السلام بأمره المؤمنين الحديث. وبريدة الاسلمي أخوه لامه وهو أيضا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام قاله العلامة في الخلاصة (3) وسيرد في الكتاب


1) الصحاح: 1 / 455 2) رجال الشيخ: 32 3) الخلاصة: 27 وفيه بريد الاسلمي (*)

[ 130 ]

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ان الجنة تشتاق إلى ثلاثة قال فجاء أبو بكر، فقيل له: يا أبا بكر أنت الصديق وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار، فلو سألت رسول – من ذي قبل انشاء الله العزيز. وذكر الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بريدة الخصيب الاسلمي الخزاعي وقال: مدني عربي (1). وقيل: بريدة أبو الخصيب. الصواب فيه ضم الحاء وفتح الصاد المهملتين على التصغير كزبير كما في جامع الاصول والقاموس (2) والمغرب، وضبطه المصحفون باعجام الخاء المفتوحة واهمال الصاد المكسورة بعدها ويقال باعجام الضاد. قوله: أنت الصديق بكسر الصاد والدال المشددة المهملتين على فعيل بناء للمبالغة في التصديق. ونحن نقول: يستبين من فزعه وحزنه في الغار، وهو مع النبي الكريم الموعود من السماء بالنصر والتأييد والامن والغلبة، وقوله ” ان تصب اليوم ذهب دين الله ” أنه كان ضعيف اليقين جدا في الوثوق بالله والتصديق لرسول الله صلى الله عليه وآله، فهو بذلك خارج عن استحقاق اسم التصديق. قوله: وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار بسكون الياء ارتفاعا على الخير، أي أنت أحد اثنين إذ هما في الغار، وأما في التنزيل الكريم فثاني اثنين عبارة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله تعالى ” الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينة عليه وأيده بجنود لم تروها (3) ” الضمائر كلها لرسول


1) رجال الشيخ: 35 2) القاموس: 3 / 55 3) سورة التوبة: 40 (*)

[ 131 ]

[… ] – الله صلى الله عليه وآله باتفاق المفسرين. قال في الكشاف: وأسند الاخراج إلى الكفار كما أسند إليهم في قوله ” من قريتك التي أخرجتك ” لانهم حين هموا باخراجه أذن الله له في الخروج فكأنهم أخرجوه ” ثاني اثنين ” أحد اثنين، كقوله ثالث ثلاثة، وهما رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وانتصابه على الحال وقرئ ثاني اثنين بالسكون و ” إذ هما ” بدل من إذ أخرجه، والغار نقب في أعلى ثور، وهو جبل في يمين مكة على مسيرة ساعة مكثا فيه ثلاثا. ” إذ يقول ” بدل ثان قيل: طلع المشركون فوق الغار فاشفق أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ان تصب اليوم ذهب دين الله، فقال صلى الله عليه وآله: ما ظنك باثنين الله ثالثهما وقيل: لما دخل الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله والعنكوب فنسجت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أعم أبصار هم: فجعلوا يترددون حول الغار ولا يفطنون قد أخذ الله أبصارهم عنه ” سكينه ” ما ألقي في قلبه من الامنة التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه، والجنود الملائكة يوم بدر والاحزاب وحنين (1). قلت: سياق (2) الاية الكريمة بلسان بلاغتها تنطق بوجوه من الطعن في جلالة أبي بكر: الاول: أن همه وحزنه وفزعه وانزعاجه وقلقه حين إذ هو مع النبي الكريم المأمور من تلقاء ربه الحفيظ الرقيب بالخروج والهجرة، والموعود من السماء على لسان روح القدس الامين بالتأييد والنصرة، مما يكشف عن ضعف يقينه وركاكة ايمانه جدا. الثاني أن انزال الله سكينته عليه صلى الله عليه وآله فقط لاعلي أبي بكر ولا عليهما جمعيا، مع كون أبي بكر أحوج إلى السكينة حينئذ لقلقه وحزنه على أنه لم يكن


1) الكشاف: 2 / 190 2) وفى ” س ” ساقة آية الكريمة (*).

[ 132 ]

[… ] – أهلا لذلك. وتحامل احتمال أن يرجع الضمير في عليه على أبي بكر كما تجشمه البيضاوي مع أن فيه خرق اتفاق المفسرين وشق عصاهم خلاف ما تتعاطاه قوانين العلوم اللسانية والفنون الادبية، أليس ضمير ” أيده ” و ” عليه ” في الجملتين المطوفة والمعطوفة عليها يعودان إلى مفاد واحد، وضمير ” وأيده ” بجنود لم تروها ” في الجملة المعطوفة للنبي صلى الله عليه وآله بلا امتراء، فكذلك ضمير عليه في الجملة المعطوف عليها، أعني ” فأنزل الله سكينته عليه “. الثالث: أن أسلوب ” إذ يقول لصاحبه لا تحزن ” في العبارة عن أبي بكر يضاهى أسلوب ” يا صاحبي السجن (1) ” في سورة يوسف ” فقال لصاحبه وهو يحاوره (2) ” في سورة الكهف، فلا تكونن عن ديدن القرآن الحكيم وهجيراه في رموزه وأسراره من الغافلين. ثم انى أقول: يا سبحان الله ما أبعد البون وأبين البعد درجة أبي بكر في اليقين والثقة بالله ورسوله حين كان مع النبي في الغار، وبين درجة مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ليلة المبيت على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وحده، فاديا اياه بنفسه، باذلا مهجته في سبيل ربه ويقينه وثقته بالله، كجبل راس لا تزلزله الرياح العواصف ولا تزعجه الرماح القواصف، وقد نزل فيه التنزيل الكريم ” ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد (3) “. قال علامة علماء العامة وامام المتشككين منهم فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: في سبب النزول روايات:


1) سورة يوسف: 39 2) سورة الكهف: 34 3) سورة البقرة: 207 (*)

[ 133 ]

الله صلى الله عليه وآله من هؤلاء الثلاثة ؟ قال اني أخاف أن أساله فلا أكون منهم فتعيرني بذلك بنوتيم، قال، ثم جاء عمر، فقيل له: يا أبا حفص ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ان الجنة تشتاق إلى ثلاثة وأنت الفاروق الذي ينطق الملك على لسانك فلو سألت رسول الله – احداها: أنها نزلت في الذين عذبوا في الله عمار وأبويه ياسر وسمية وبلال وصهيب وخباب. والرواية الثانية: أنها نزلت في رجل أمر بمعروف ونهى عن منكر. والرواية الثالثة: أنها نزلت في علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه بات على فراش رسو ل الله صلى الله عليه وآله ليلة خروجه إلى الغار يروى أنه لما نام على فراشه قام جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجله وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت الاية انتهى كلامه (1). وكذلك في تفسير العلامة الاعرج النيسابوري وفي سائر التفاسير. قوله: فتعيرني بذلك بنوتيم عجبا يابن أبي قحافة جعلت مخافتك الانحطاط عن هذه الدرجة من حيث تعيير بني تيم اياك، لامن حيث ألم الحرمان عنها. قوله: وأنت الفاروق يروون في وجه تسميتهم اياه فاروقا ما تستشم منه رائحة الموضوعية. فلنذكر ما في تفسير البيضاوي في ذلك فعليه يدور كلامهم جيمعا ” ألم ترالى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت (2) ” عن ابن عباس أن منافقا خاصم يهوديا، فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وآله، ودعاة المنافق إلى كعب بن الاشرف، ثم احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحكم لليهودي فلم يرض المنافق وقال: تعال نتحاكم إلى عمر فقال اليهودي لعمر:


1) التفسير الكبير: 5 / 204 وهو من المتفق عليه عند الخاصة والعامة. 2) سورة النساء: 60 (*)

[ 134 ]

[… ] – قضي لي رسول الله فلم يرض بقضائه وخاصم اليك فقال عمر للمنافق: أكذلك ؟ قال: نعم، فقال: مكانكما حتى أخرج اليكما، فدخل عمر فأخذ بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال، هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله فنزلت وقال جبرئيل عليه السلام: ان عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق. والطاغوت على هذا كعب بن الاشرف، وفي معناه من يحكم بالباطل ويؤثر لاجله سمي بذلك لفرط طغيانه أو لتشبيه بالشيطان، أو لا ن التحكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث أنه الحامل عليه كما قال ” وقد امروا أن يكفروا وبه ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ” وقرئ أن يكفروا بها على أن الطاغوت جمع لقوله ” أولياءهم الطاغوت يخرجونهم “. ” واذ قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول ” وقرئ تعالوا بضم اللام على أنه حذف لام الفعل اعتباطا، ثم ضم اللام لواو الضمير ” رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ” وهو مصدر أو اسم للمصدر الذي هو الصد، والفرق بينه وبين السد أنه غير محسوس والسد محسوس، ويصدون في موضع الحال. فكيف يكون حالهم ” إذا أصابتهم مصيبة ” كقتل عمر المنافق أو النقمة من الله ” بما قدمت أيديهم ” من التحاكم إلى غيرك وعدم الرضا بحكمك ” ثم جاؤك ” حين يصابون للاعتذار، عطف على أصابتهم وقيل: على يصدون وما بينهما اعتراض، ” يحلفون بالله ” حال ” ان أردنا الا احسانا وتوفيقا ” ما أردنا الا الفصل بالوجه الاحسن والتوفيق بين الخمصين ولم نرد مخالفتك، وقيل: جاء أصحاب القتيل طالبين بدمه وقالوا: ما أردنا بالتحكم إلى عمر الا أن يحسن إلى صاحبنا ويوفق بينه خمصه انتهي (1). قلت: يا قوم أليس ما قدمت أيديهم الذي جائوا أصحاب القتيل للاعتذار عنه


1) نقل القصة بتمامه الزمخشري في الكشاف مع تفاوت يسير: 1 / 536 (*)

[ 135 ]

[… ] – وهو التحاكم إلى عمر باعترافكم هو التحاكم إلى الطاغوت الذي عليه المعاتبة في الاية الكريمة، وعنه اعتذروا أصحاب القتيل الطالبون بدمه بأنه انما أرادوا بذلك الاصلاح والتوفيق بين الخصمين، لا القضاء والحكم لمن له الحق على خصمه، والعدول عن رسول الله بالتحاكم إليه حتى يستحق القتل ويكون دمه هدرا. فكيف يستقيم قولكم ؟ والطاغوت على هذا كعب بن الاشرف بل المستبين على هذا أن يكون الطاغوت ها هنا هو عمر أو عمرو كعب بن الاشرف جميعا. وبالجملة كل من يراد أن يتحاكم إليه لا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فليس يصح لكم في التوجيه الا أن تقولوا سمي عمر بذلك (كما سمى به كعب بن الاشرف على المجاز المرسل) لان التحاكم لايه كان تحاكما إلى الطاغوت، أي الشيطان، لان الشيطان كان الحامل عليه، أو لما كان فيه من الفظاظة والغلظة فسمي ذلك ” طغيانا ” والفظ الغليظ ” طاغوتا ” وإذا كان الطاغوت جمعا كما قلتم وهو الصواب لقوله سبحانه ” أوليائهم الطاغوت ” فلا يصح حمله على كعب بن الاشرف فقط. فاذن ما أسندتموه إلى جبرئيل عليه السلام من القول وجعلتموه سببا لتسميتكم عمر ب‍ ” الفاروق ” غير مناسب لمشرع المقام ومنهل البلاغة. ثم أقول: قد روى مفسر وكم ومحدثو كم أن قوله سبحانه وتعالى ” يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم (1) ” نزل في عمر فحديث التهوك في ذلك مستفيض مشهور متلون المتن متشعب الطريق في أصولكم الصحاح وشرحه شراح الحديث من علمائكم. قال صاحب الكشاف في الفائق: النبي صلى الله عليه وآله قال له عمر: انا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها فقال: أمتهو كون أنتم ؟ كما تهوكت اليهود


1) سورة البقرة: 208 – 209 (*)

[ 136 ]

[… ] – والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعي. تهوك وتهور أخوان في معنى وقع في الامر بغير روية، قال الاصمعي: المتهوك الذي يقع في كل أمر وأنشد الكسائي: رآني امروءا لا هذرة متهوكا ولا واهنا شراب ماء المظالم وقيل: التهوك والتهفك: الاضطراب في القول وأن لا يكون على استقامة، الضمير في بها للملة الحنفية. انتهى كلام الفايق (1). وقال ابن الاثير في النهاية: في الحديث أنه صلى الله عليه وآله قال لعمر في كلام: أمتهو كون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى لقد جئت بها بيضاء نقية، التهوك كالتهور وهو الوقوع في الامر بغير رؤية، والمتهوك الذي يقع في كل أمر وقيل: هو المتحير، وفي حديث آخر أن عمر أتاه بصحيفة أخذها من بعض أهل الكتاب فغضب وقال: أمتهو كون فيها يابن الخطاب. انتهى ما في النهاية (2). وأيضا اعتراض عمر على النبي صلى الله عليه وآله يوم الحديبية وشكه في الامر وقوله: ما شككت في ديني منذ أسلمت الا يومي هذا (3). من الصحيح الثابت في صحاحكم الستة، وكذلك خطأه في كثير من أقضيته وأحكامه في زمن خلافته، فهو ليس يستحق اسم الفاروق. بل أن الصديق الاكبر والفاروق الاعظم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي هو ديان هذه الامة بعد نبيها، أي قاضيها، ورباني هذه الامة، وذوقرنيها، وباب حطة هذه الامة، وأقضى الناس في هذه الامة، ومثله في الناس كمثل قل هو الله أحد في القرآن، وهو مع الحق والحق معه يدور معه حيث ما دار، وقد صح وثبت


1) الفائق: 4 / 116 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 282 3) رواه مسلم في صحيحه: 3 / 1411 والسيد بن طاوس في الطرائف: 441 (*).

[ 137 ]

من هؤلاء الثلاثة ؟ فقال اني أخاف أن أساله فلا أكون منهم فتعيرني بذلك بنو عدي ثم جاء على عليه السلام فقيل له: يا أبا الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ان الجنة مشتاق إلى ثلاثة فلو سألته من هؤلاء الثلاثة ؟ فقال أسأله ان كنت منهم حمدت الله وان لم أكن منهم حمدت الله، قال، فقال علي عليه السلام يا رسول الله انك قلت ان الجنة لتشتاق إلى ثلاثة فمن هؤلاء الثلاثة ؟ قال: أنت منهم وأنت أولهم، وسلمان الفارسي فانه قليل الكبر وهو لك ناصح فاتخذه لنفسك، وعمار بن ياسر شهد معك مشاهد غير واحدة ليس منها الا وهو فيها، كثير خيره، ضوي نوره، عظيم أجره. – واستبان واستفاض جميع ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله برواية أثبته الثقاة عند العامة والخاصة (1)، وسيان في الاعتراف بذلك كله والعدو والولي واللاج الجدلي والمتقن المبتغى لسواء السبيل فليتبصر. قوله: فتعيرني بذلك بنوا عدى اقتدى بأبي بكر في مخافة التعيير وعدم الاكتراث للانحطاط عن هذه الدرجة. قوله صلى الله عليه وآله: أنت منهم وأنت أولهم وفي المشكاة وصحيح الترمذي وغيرهما من صحاح العامة وأصولهم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان (2). قوله: ضوى نوره بتشديد الياء، وأصله ضوئ بالهمزة على فعيل للمبالغة من الضوء والضياء، قلبت الهمزة ياءا وادغمت الياء، في الياء كما تقلب وتدغم همزة الملي بعمنى الغني المقتدر على فعيل من الملاءة، فيقال: ملي بتشديد الياء. وفي بعض النسخ ” وضئ ” بتقديم الواو على الضاد اما نقلا مكانيا فيكون أيضا


1) روى جميع ذلك عن طرق مختلفة في احقاق الحق المجلد الرابع إلى السابع فراجع. 2) رواه الحاكم في المستدرك: 3 / 137 وابن الاثير في أسد الغابة: 2 / 330 والذهبي في ميزان الاعتدال: 1 / 116 وابن حجر في الصواعق المحرقة: 75 (*)

[ 138 ]

59 – محمد بن مسعود، قال حدثني جعفر بن أحمد، قال حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري والعمركي بن علي البوفكي النيسابوري، عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وعمار يعملون مسجدا فمر عثمان في بزة له يخطر فقال له امير المؤمنين عليه السلام: أرجزبه فقال عمار: – فعيلا من الضوء، واما على أنه فعيل من الوضاءة وهي الحسن والبهجة والبهاء والنضرة. وفي النهاية الاثيرية: الوضاءة الحسن والبهجة، يقال وضأت فهي وضيئة، وهي أوضأ منك، أي أحسن (1). وفي المغرب: الوضئ الحسن النظيف، وقد وضأ وضاءة وتوضأ وضوءا حسنا بوضوء طاهر، بالضم المصدر، وبالفتح الماء الذي يتوضأ به، والميضأة والميضاءة على مفعلة ومفعالة المطهرة التي يتوضأ فيها أو منها. قوله رحمه الله: حمدان بن سليمان النيسابوري والعمركي بن على البوفكى السند جليل جدا، وعالي الاسناد في الطبقة الثانية، وصحي بيونس بن عبد الرحمن عن رجل، وان كان المرسل عن رجل هو علي بن عقبة، لا يونس بن عبد الرحمن فليعلم. قوله عليه السلام: فمر عثمان في بزة له يخطر بكسر الموحدة وتشديد الزاء، أي في ثوب تجمل، يقال: خرجوا وعليهم الخزوز والبزوز أي الثياب الجياد قاله في الاساس (2). وقال في المغرب: البزة بالهاء وكسر الباء الهيئة من قولهم رجل حسن البزة


1) نهاية ابن الاثير: 5 / 195 2) أساس البلاغة: 38 (*)

[ 139 ]

لا يستوى من يعمر المساجد * يظل فيها راكعا وساجدا ومن تراه عاندا معاندا * عن العباد لا يزال حائدا وقيل: هي الثياب والسلاح. وفي القاموس: البز الثياب، أو متاع البيت من الثياب ونحوها، وبايعه البزاز وحرفته البزازة والسلاح كالبزة بالكسر (1). و ” يخطر ” بفتح ياء المضارعة وكسر الطاء المهملة بعد الخاء المعجمة، أي يهتز ويرفع يديه في مشيته، وناقة خطارة تحرك ذنبها إذا نشطت في السير قاله في الاساس والقاموس وغيرهما (2). وفي الصحاح: خطران الرجل اهتزازه في المشي وتبختره، وخطر الرمح يخطر اهتز، ورمح خطار ذو اهتزاز، ويقال: خطران الرمح ارتفاعه وانخفاضه (3). قوله رضى الله تعالى عنه: يظل فيها راكعا وساجدا ظل يفعل كذا يظل بالكسر في الماضي والفتح في المضارع من باب علم. قال في القاموس: ظل نهاره يغعل كذا وليله سمع في الشعر يظل بالفتح ظلا وظلولا وظللت بالكسر وظلت كلست وظلت كملت، وأصله ظللت (4). وفي الصحاح: ومنه قوله تعالى ” فظلتم تفكهون ” يكسر ويفتح وأصله وظللتم تفكهون، فهو من شواذ التخفيف ومنه قولهم: مست الشئ يحذفون منه السين الاولى ويحولون كسرتها إلى الميم، ومنهم من يذر الميم على حالها مفتوحة (5).


1) القاموس: 2 / 166 2) اساس البلاغة: 168 والقاموس: 2 / 22 3) الصحاح: 2 / 648 4) القاموس: 4 / 10 5) الصحاح: 5 / 1756 (*)

[ 140 ]

قال، فأتي النبي صلى الله عليه وآله فقال ما أسلمنا لتشتم أعراضنا وأنفسنا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أفتحب أن تقال ؟ فنزلت آيتان ” ينمون عليك أن أسلموا ” الاية، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: اكتب هذا في صاحبك: ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: اكتب هذه الاية: انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله. 60 – جعفر بن معروف، قال حدثنا الحسن بن علي بن نعمان، عن أبيه، عن صالح الحذاء، قال لما أمر النبي صلى الله عليه وآله ببناء المسجد قسم عليهم المواضع وضم الى كل رجل رجلا، فضم عمارا إلى علي عليه السلام قال فبيناهم في علاج البناء إذ خرج عثمان من داره وارتفع الغبار فتمنع بثوبه وعرض بوجهه، قال، فقال على عليه السلام لعمار إذا قلت شيئا فرد علي قال، فقال على عليه السلام: لا يستوى من يعمر المساجد * يظل فيها راكعا وساجدا كمن يري عن الطريق عائدا. – قوله صلى الله عليه وآله: أفتحب أن تقال أي أن تذكر عند الناس بهذه المقالة وينسب اليك هذا القول، أو أن تكون مكتوبا عند الله بها وتكتبها الكتبة عليك وتثبتها في صحيفة عملك. قوله صلى الله عليه وآله: اكتب هذا في صاحبك أي في عمار، وهذا اشارة إلى ما أمر بكتبته وهو ” انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله (1) ” أوفي عثمان فيكون هذا اشارة إلى ” يمنون عليك أن أسلموا (2) ” والمعنى: اكتب يمنون عليك أن أسلموا في عثمان وانما المؤمنون الذين آمنوا في عمار. قوله عليه السلام: فتمنع بثوبه أي تأبه وتعزز، وتفعلا من المنعة بالتحريك، أو بالتسكين أيضا بمعنى العز،


1) سورة الحجرات: 15 2) سورة الحجرات: 17 (*)

[ 141 ]

قال: فأجابه عمار كما قال: فغضب عثمان من ذلك فلم يستطيع أن يقول لعلي شيئا. فقال لعمار يا عبد يا لكع ! ومضى. فقال علي عليه السلام لعمار رضيت بما قال لك، ألا تأتي النبي صلى الله عليه وآله فتخبره، قال، فأتاه فأخبره، فقال يا نبي الله ان عثمان قال لي يا عبد يالكع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من يعلم ذلك ؟ فقال علي. فدعاه وسأله، قال، فقال له كما قال عمار، فقال لعلي عليه السلام فقال له حيث ماكان يا عبد يا لكع أنت القائل لعمار يا عبديالكع، فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك ثم انصرف. 61 – جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسن، عن جعفر بن بشير، عن حسين بن أبي حمزة، عن أبيه أبي حمزة، قال والله انى لعلى ظهر بعيري بالبقيع إذ جاءني رسول فقال: أجب يا أبا حمزة، فجئت وأبو عبد الله عليه السلام جالس، فقال انى لاستريح إذا رأيتك، ثم قال: ان أقواما يزعمون أن عليا عليه السلام – و ” عرض بوجهه ” بالتشديد، أي أعرض على التفعيل بمعنى الافعال، وفي بعض النسخ ” أعرض “. قوله عليه السلام: فقال لعمار: يا عبد يالكع في الصحاح: رجل لكع أي لئيم، ويقال: هو العبد الذليل النفس، وامرأة لكاع مثل قطام، تقول في النداء: يالكع للاثنين يا ذوي لكع (1). قوله رحمه الله تعالى: جعفر بن معروف قال: حدثنى السند صحيح نقي، ومحمد بن الحسن هو ابن أبي الخطاب، وجعفر بن بشير هو قفة العلم، وحسين بن أبي حمزة هو ابن أبي حمزة الثمالي، عن أبيه أبي حمزة ثابت بن دينار أبي صفية. قوله عليه السلام: ان أقواما يزعمون يعني عليه السلام بهم الزيد ية المشرطين في الامامة الخروج بالسيف.


1) الصحاح: 3 / 1280 (*)

[ 142 ]

لم يكن اماما حتى شهر سيفه، خاب إذا عمار وخزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة، وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم فرماها قربي يتقرب بها إلى الله تعالى حتى قتل، يعني عمارا. – قوله عليه السلام: حتى شهر سيفه في الصحاح وغيره: شهر سيفه يشهره شهرا: أي سله (1). وفي المغرب: أشهره بمعنى شهره غير ثبت. قوله عليه السلام: خاب اذن عمار خزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة وكذلك أبو ذر وسلمان والمقداد وحذيفة وغيرهم من السابقين، إذ كان علي عليه السلام امامهم حين إذ لم يشهر سيفه. قوله عليه السلام: وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم أي قائما واقفا ثابتا للقتال، من الصوم بمعنى القيام والوقوف يقال: صام الفرس صوما أي قام غير اعتلاف، وصام النهار صوما إذا قام قائم الظهيرة واعتدل، والصوم ركود الريح، ومصام الفرس ومصامته موقفه. والصوم أيضا الثبات والدوام والسكون والسكوت وماء صائم ودائم وقائم وساكن بمعنى. والباء في بأسهم للملابسة والمصاحبة. أو خرج بين الفئتين وكان صائما من الصوم المصطلح بمعنى الصيام الشرعي، والباء أيضا للملابسة. أو من الصوم بمعنى البيعة، أي خرج مبايعا على بذل المهجة في سبيل الله، أو خرج بين صفي الفئتين راميا بأسهم، من قولهم صام النعام أي رمى بذرقه وهو صومه، فالباء أيضا للصلة أو للدعامة، فقد جاء الصوم بهذه المعاني كلها في الصحاح وأساس البلاغة والمعرب والمغرب والقاموس والنهاية (2).


1) الصحاح: 2 / 705 2) أساس البلاغة: 365 ونهاية ابن الاثير: 3 / 61 (*)

[ 143 ]

62 – ومن طريق العامة: خلف بن محمد الملقب بمنان الكشي، قال حدثنا محمد بن حميد، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان، عن سلمة، عن مجاهد، قال رآهم وهم يحملون حجارة المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وذاك دار الاشقياء الفجار. 63 – خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد بن حميد، قال حدثنا هاشم بن القاسم، قال حدثنا شعبة، عن اسماعيل بن أبي خالد، قال سمعت قيس بن أبي حازم، قال، قال عمار بن ياسر: ادفنوني في ثيابي فاني مخاصم. 64 – خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد بن حميد قال أخبرنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري، قال: أتي عمار يومئذ بلبن، فضحك، – قوله: رآهم يعني رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يحملون حجارة المسجد فأعجبه اهتراز عمار واخلاصه في العمل، فكأنه صلى الله عليه وآله استذكر ماكان يعلمه بالوحي من أمر الخلافة بعده وما يصيب عمارا في قتال الفئة الباغية فاستحضر الحال فقال: مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، يعني بهم الفئة الباغية من القاسطين. قوله رحمه الله تعالى: عن حبيب قال أبو عبد الله الذهبي من علماء العامة في ميزان الاعتدال: حبيب بن أبي ثابت من ثقاة التابعين. وقال في مختصرة في الرجال: حبيب بن أبي ثابت الاسدي عن ابن عباس وزيد بن أرقم، وعنه شعبة وسفيان وأمم، كان ثقة مجتهدا فقيها مات 119. قوله رحمه الله تعالى: عن أبي البخترى اسمه سعيد بن فيروز على الاشهر، ذكره البرقي في أصحاب على عليه السلام من


[ 144 ]

ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن حتى تموت. – اليمن (1) ونقله عنه في الخلاصة (2). وقال الشيخ في كتاب الرجال في باب السين المهملة من أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام: سعد بن عمران ويقال سعد بن فيروز كوفي مولى، كان خرج يوم الجماجم مع ابن الاشعث يكني أبا البختري (3). وقال أبو عبد الله الذهبي: أبوالبختري بفتح الموحدة والمثناة من فوق بينهما معجمة ساكنة سعيد بن فيروز الطائي مولاهم الكوفي، قال: حبيب بن أبي ثابت كان أعلمنا وأفهمنا توفى 83. قوله صلى الله عليه وآله: مذقة من لبن الميم فيها أصلية من جوهر الكلمة مضمومة أو مفتوحة، على فعلة بالضم أو على فعلة بالفتح، من المذق بمعنى الخلط والمزج واللبن الممذوق هو الممزوج المخلوط بالماء، والممذوق ممتزج المختلط. قال في الفائق: المذقة الشربة من اللبن الممذوق وقال: أمذقه اللبن اختلط بالماء، ومنه رجل الممذق المتزج المختلط. وقال في أساس البلاغة: مذق اللبن بالماء يمذقه ومذق الشراب مزجه فأكثر ماءه ولبن مذيق وسقاني مذقا ومذقة قال أعرابي: أذا ما أصبنا كل يوم مذيقة * وخمس تميرات صغار خوانز فنحن ملوك الارض خصبا ونعمة * ونحن اسود الغيل عند الهزاهز


1) رجال البرقى: 7 ط جامعة طهران 2) الخلاصة: 194 والظاهر منها التعدد بين أبى البخترى وسعيد بن فيروز 3) رجال الشيخ: 43 4) الفائق: 3 / 354 وفيه: أمذقر اللبن: اختلط بالماء، ومنه رجل ممذقر: مخلوط النسب (*)

[ 145 ]

وفي خبر آخر: أنه قال له: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن. 65 – خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان عن أبي قيس الاودي، عن الهزيل، قال للنبي صلي الله عليه وآله ان عمارا سقط عليه جدار ومن المجاز: فلان يمذق الود ووده ممذوق وهو ممذوق الود (1). وفي النهاية الاثيرية: المذق المزج والخلط، يقال، مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء والمذقة الشربة من اللبن الممذوق انتهى (2). وفى القاصرين من يحسب الميم زائدة، والصيغة مأخوذة من ذاق الشئ يذوقه ذوقا ومذاقا، وذلك حسبان فاسد فساده غير خاف على المتمهر. قوله صلى الله عليه وآله: في خبر آخر ضياح من لبن بفتح الضاد المعجمة والياء المثناة من تحت واهمال الحاء بعد الالف، وهو اللبن الرقيق الممزوج، وكذلك الضيح بالفتح، وضيحت اللبن تضييحا وضوحته تضويحا مزجته بالماء حتى صار ضيحا وضياحا، وضيحت فلانا وضوحه سقيته الضيح والضياح. قوله رحمه الله تعالى: عن ابى قيس الاودى عن الهزيل: بضم الهاء وفتح الزاء على تصغير الهزل. قال الذهبي في مختصره: عبد الرحمن بن ثروان أبو قيس الاودي عن شريح وسويد بن غفلة وعنه صفوان وشعبة ثقة توفى 125. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هزيل هو هزيل بن شرحبيل الاودي الكوفي سمع عبد الله بن مسعود، روى عنه أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان وطلحة بن مصرف وغيرهما، هزيل بضم الهاء وفتح الزاء. وشرحبيل بضم الشين المعجمة


1) أساس البلاغة: 586 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 311 (*)

[ 146 ]

فمات، فقال ان عمارا لن يموت. 66 – خلف، قال حدثنا فتح بن عمرو الوارق، قال حدثنا يحيى بن آدم، قال حدثنا اسرائيل وسفيان، عن أبي اسحاق، وفتح الراء. وثروان بفتح الثاء المثلثة وبالنون ومصرف بضم الميم وفتح الصاد المهملة وتشديد الراء المكسورة. وفي القاموس: هزيل كزبير ابن شرحبيل تابعي (1). قوله صلى الله عليه واله: ان عمارا لن يموت يعني عمارا لا يموت بل يقتل في سبيل الله تقتله الفئة الباغية، أو أنه لن يموت أبدا لقوله سبحانه ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ” (2). قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثنا اسرائيل في مختصر الذهبي وفي ميزان الاعتدال: اسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي أحد الاعلام، عن جده وزياد بن علاقة وآدم بن علي، وعنه يحيى بن آدم ومحمد بن كثير وأمم، قال: أحفظ حديث أبي اسحاق كما أحفظ سورة من القرآن، وقال أحمد بن حنبل: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق من أتقن أصحاب أبي اسحاق توفى 162. قوله رحمه الله تعالى: عن أبى اسحاق هذا هو أبو إسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله يروي عنه سفيان. قال الكرماني في شرح صحيح البخاري: عمرو بن عبد الله بفتح المهملة الكوفي (3).


1) القاموس: 4 / 69 2) سورة آل عمران: 169 3) شرح صحيح البخاري للكرماني: 25 / 184 (*)

[ 147 ]

عن هاني بن هاني، قال: قال علي عليه السلام استاذن عمار النبي صلى الله عليه وآله فعرف صوته – وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي رأى عليا وابن عباس واسامة بن زيد وابن عمر، وسمع برآء بن عازب وزيد بن أرقم، روى عنه منصور والاعمش وشعبة والثوري، وهو تابعي مشهور كثير الرواية، ولد لستين من خلافة عثمان ومات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: سنة سبع وعشرين، السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وبالعين المهملة. وفى القاموس: السبيع كامير ابن سبع أبو بطن من همدان، منهم الامام أبو اسحاق عمرو بن عبد الله محلة بالكوفة منسوبة إليهم أيضا (1). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب الكنى من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو إسحاق الهمداني (2). وفي باب الكنى من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قال: أبو إسحاق الهمداني، أبو إسحاق السبيعي (3). قلت: والظاهر المستبين أنهما واحد. وفي باب العين من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: عمر بن عبد الله بن علي أبو إسحاق الهمداني السبيعي الكوفي (4). قلت: ولعل اسقاط الواو من عمرو من تلقاء الناسخين لامن تلقاء الناسخين لامن قلم الشيخ. قوله رحمه الله تعالى: عن هاني بن هاني عده البرقي من أصحاب أمير المؤمنين من اليمن (5).


1) القاموس: 3 / 36 2 رجال الشيخ: 64 3) المصدر: 71 4) المصدر: 246 وفيه عمرو بن عبد الله الخ 5) رجال البرقى: 7 (*)

[ 148 ]

[… ] – وكذلك ذكره الشيخ في كتاب الرجال قال في باب الهاء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: هاني بن هاني الهمداني كان يروي أبو إسحاق عنه (1). يعني به أبا اسحاق السبيعي (2). وقال الحسن بن داود في كتابه: وبخط الشيخ المرداي كان أبو إسحاق يروي عنه (3). وربما ينقل ايراده في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام، ولست أجده هناك في نسخ عتيقة مصححة. قال الذهبي في مختصره: هاني بن هاني عن علي، وعنه أبو إسحاق، قال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هاني بن نيار هو أبو بردة هاني بن نيار وقيل: هاني بن عمرو نيار وقيل: اسمه الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هبيرة، والاول أشهر ما قيل فيه فهو هاني بن نيار بن عمرو بن كلاب بن غنم بن هبيرة بن هاني البلوي (4)، وفي نسبه خلاف، حليف بني حارثة بن خزرج من الانصار، كان عقبيا شهد العقبة الثانية مع السبعين وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد وهو خال البراء بن عازب، ولا عقب له مات في أول زمن معاوية بعد شهوده مع علي حروبه كلها، روى عنه البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي بكر بن أبي الجهم. بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء، وهاني بكسر النون وبعدها همزة، ونيار بكسر النون وتخفيف الياء بعدها تحتها نقطتان وبالراء انتهى كلام جامع الاصول.


1) رجال الشيخ: 62 وفيه المرادي مكان الهمداني 2) رد على من زعم انه أبو إسحاق النحوي ثعلبة بن ميمون 3) رجال ابن داود: 366 4) قال في القاموس: اليلي قبيلة وهو بلوى ” منه ” 4 / 305 (*)

[ 149 ]

فقال: مرحبا ائذنوا للطيب ابن الطيب. 67 – خلف، قال حدثنا حاتم بن نصير، قال حدثنا حاتم بن يونس، عن أبي بكر، قال حدثنا أبو إسحاق، عن هاني بن هاني، عن على عليه السلام قال استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وآله فقال من هذا ؟ قال عمار قال: مرحبا بالطيب المطيب. 68 – خلف قال حدثنا حاتم، قال سمعت أحمد بن يونس، قال سمعت أبا بكر بن عياش، في قوله عزوجل ” أمن هو قانت آناء الليل (قال ساعات الليل) ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه (قال: عمار) هل يستوي الذين يعلمون (قال: عمار) والذين لا يعلمون ” مواليه بنو المغيرة. 69 – خلف، قال حدثنا حاتم، قال حدثنا عمرو بن مرزوق، قا ل حدثنا شعبة، قال – قلت: يستبين من ذلك أن هاني بن هاني هو أبو بردة هاني بن نيار. وذكره الشيخ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله (1). ويسار في اسم أبيه بالمهملة بعد المثناة من تحت على ما في نسخ عديدة من كتاب الرجال تصحيف، وجده الاقدم هاني فنسب إليه فقيل هاني بن هاني فاعلم فلا تكونن من الغافلين. وقال الشيخ في باب الكنى: أبو بردة الازدي (2). وفي مختصر الذهبي: أبو بردة بن نيار البلوي هاني، ويقال الحارث، وقيل: مالك، من كبار الصحابة، روى عنه براء وجابر، مات عام الجماعة. قوله صلى الله عليه وآله: مرحبا ائذنوا للطيب بن الطيب وفي المشكاة عن علي عليه السلام قال: استأذن عمار علي النبي صلى الله عليه وآله فقال: ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب رواه الترمذي (3).


1) رجال الشيخ: 31 وفيه هاني بن يسار أبو بردة. 2) المصدر: 63 3) رواه ابن الاثير عن الترمذي في جامع الاصول: 10 / 28 (*)

[ 150 ]

حدثنا سلمة بن كهيل، قال سمعت محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن ابن زيد، عن الاشتر، قال كان بين عمار وخالد بن الوليد كلام فشكي خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انه من يعادي عمارا يعاديه الله ومن يبغض عمارا يبغضه الله ومن سبه سبه الله. قال سلمة: هذا أو نحوه. 70 – خلف، قال حدثنا أبو حاتم، قال حدثنا أحمد بن يونس، قال حدثنا الليث بن سعد، عن عمر مولى غفرة، قال: حبس عمار فيمن حبس وعذب، قال – قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثنا سلمة بن كهيل أورده البرقي في خواص أمير المؤمنين عليه السلام من مضر (1)، وذكره الشيخ في أصحابه عليه السلام، وفي أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهما السلام، وقال: سلمة بن كهيل بن الحصين أبويحيى الحضرمي الكوفي تابعي (2). وسيرد ذكره في الكتاب في عداد البترية. قال الذهبي في مختصره: سلمة بن كهيل أبويحيى الحضرمي من علماء الكوفة رأى زيد بن أرقم، وعنه سفيان وشعبة، ثقة له مائتا حديث خمسون حديثا. قوله: فشكى خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وفي المشكاة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه، وقال: من عادا عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله. قوله: قال: حدثنا الليث بن سعد عن عمرو مولى غفرة في مختصر الذهبي: الليث بن سعد أبو الحارث الامام ثبت من نظراء مالك وفيه عمر بن عبد الله مولى غفرة يقال: أدرك ابن عباس وسمع أنسا، وثقه ابن سعد، وضعفه النسائي.


1) رجال البرقى: 4 2) رجال الشيخ: 43 و 91 و 124 و 211 على ترتيب المتن. (*)

[ 151 ]

فانفلت فيمن انفلت من الناس فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أفلح أبو اليقظان ! قال ما أفلح ولا أنجح لفتنة لانهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك، – قوله: فانفلت فيمن انفلت قال في المغرب: الانفلات خروج الشئ فلتة أي بغتة، وكذا الافلات والتفلت، ومنه الدابة إذا فلتت من المشرك وليس لها سائق ولا قائد: أي خرجت من يده ونفرت، وروي انفلتت وأجبر القصار إذا انفلتت منه المدقة أي خرجت من يده. قوله رضى الله تعالى عنه: ما أفلح ولا أنجح لفتنته الفلح محركة الفلاح والفوز والنجاة والبقاء في الخير، والنجاح بالفتح والنجح بالضم الفوز والظفر بالشئ، وأفلح فلان وانجح صار ذا فلاح وذا نجح. يعني فتنة التي ألمت به وفدحته من تعذيب المشركين اياه فوق الطاقة حجزته وأبعدته عن أن يفلح وينجح. وفي بعض النسخ ” لنفسه ” (1) مكان لفتنته، أي لم يدخل في فلاح ونجاح لنفسه بما أصابته من داهية تعذيب المشركين اياه للاتيان بكلمة الكفر. قوله رضى الله تعالى عنه: لانهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك من النيل فانه إذا استعمل بمن كان بمعنى الاضرار والشتم، أي حتى وقع فيك وعابك وسبك. قال في المغرب، ونال من عدوه أضربه ومنه قوله تعالى ” لا ينالون من عدو نيلا ” (2) وباسم الفاعلة منه سميت نايله بنت الفرافصة الكلبية، تزوجها عثمان على نسائه وهي نصرانية.


1) كما في المطبوع من الرجال 2) سورة التوبة: 120 (*)

[ 152 ]

قال ان سألوا من ذاك فزد. – وفي الاساس: نال من عدوه ونيل فلان قتل (1). وفي القاموس: ونال من عرضه سبه (2). ومن هناك قال في الفائق في و – ذ: بينا هو يخطب ذات يوم – يعني عثمان – فقام رجل فنال منه، فوذأه ابن سلام فاتذأ فقال له رجل: لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا فانه من شيعته، وذاءه: زجره، واتذأ مطاوعه. كان يشبه عثمان برجل من أهل مصر اسمه نعثل لطول لحيتة. وقيل: من أهل اصبهان، والنعثل الضبعان والشيخ الاحمق (3). وفي المغرب: نعثل اسم رجل من مصر أو من اصبهان كان طويل اللحية فكان عثمان إذا نيل منه شبه بذلك الرجل لطول لحيته. وقال ابن الاثير في النهاية: كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل الليحة اسمه نعثل، وقيل: النعثل الاحمق، وذكر الضباع، ومنه حديث عائشة اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة انتهى كلامه (4). قوله صلى الله عليه وآله: ان سألوا من ذاك فزد وفي نسخة من ذلك فزدهم. يعني لا عليك مما صدر منك من غير اختيارك من شئ أصلا، فان لحمك ودمك مسوط بالايقان، وصدرك وقلبك منشرح بالايمان، فان عادوا إلى تعذيبك وسألوك شيئا من ذاك وعذبوك في ذلك فزدهم منه ولا تبال، فنكال ذلك ووباله عليهم لا عليك، وانما أنت مفلح بايمانك منجح بايقانك، فيا طوبى


1) أساس البلاغة: 662 2) القاموس: 4 / 62 3) الفائق: 4 / 52 4) نهاية ابن الاثير: 5 / 80 (*)

[ 153 ]

71 – خلف، قال حدثنا الفتح بن عمرو الوراق، قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب: قال أخبرني أسود بن مسعدة، عن حنظلة بن خويلد العنزي، قال: اني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول – لعمار قال له النبي الكريم: أفلح أبو اليقظان ونزل فيه التنزيل الحكيم ” وقلبه مطمئن بالايمان ” (1). قال في الكشاف: روي أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الاسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره فاجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للايمان منهم عمار وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا، فأما سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجأ في قبلها بحربة وقالوا انك أسلمت من أجل الرجال فقتلت وقتل ياسروهما أول قتيلين في الاسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فقيل: يا رسول الله ان عمارأ كفر ؟ فقال: كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه، فأتي عمار رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه فقال: مالك ان عادوا فعد بما قلت انتهى ما في الكشاف (2). قوله: أخبرنا العوام بن حوشب في مختصر الذهبي: العوام بن حوشب الواسطي أحد الاعلام، عن ابراهيم ومجاهد، وعنه شعبه ويزيد بن هارون وخلق وثقوه، له نحو مأتي حديث توفى 148 قوله: العنزي (3) في جامع الاصول: الحزي بفتح العين وفتح النون وبالزاء منسوب إلى عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، واسم عنزة عامر النعزي مثل الذي قبله الا أن نونه ساكنة منسوب إلى عنز بن وائل بن قاسط، وقد تقدم باقي النسب في العجلي.


1) سورة النحل: 106 2) الكشاف: 2 / 430 3) وفي المطبوع من الرجال بجامعة مشهد: العنبري (*).

[ 154 ]

كل واحد منهما أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: – قوله: فقال عبد الله بن عمرو في جامع الاصول: هو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد عبد الله بن عمرو ابن العاص بن وائل بن هاشم سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب ابن لوي السهمي القرشي، أسلم قبل أبيه وكان أبوه أكبر منه بثلاث عشرة سنة، وقيل: باثنتي عشرة سنة، وكان عابدا عالما حافظا، قرأ الكتب واستأذن النبي صلى الله عليه وآله في أن يكتب حديثه فأذن له. وقد اختلف في وفاته وقيل: مات في ليالي الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وقيل: مات بفلسطين سنة خمس وستين، وقيل: مات بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنين وسبعين سنة، وقيل: مات بالطائف سنة خمس وخمسين، وقيل: مات بمصر سنة خمس وستين. سعيد بضم السين وفتح العين وسكون الياء وهصيص بضم الهاء وفتح الصاد المهملة الاولى وسكون الياء. روى عنه مسروق وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة ابن الزبير، وحميد بن عبد الرحمن، وخلق كثير سواهم انتهى كلام جامع الاصول. وهو في المشهور من العبادلة. قال في المغرب: العبادلة الثلاثة ابن مسعود وابن عباس وابن عمر. هذا رأي الفقهاء وأما في عرف المحدثين فالعبادلة أربعة ابن عمر وابن عباس وابن عمرو وابن الزبير، ولم يذكر فيهم ابن مسعود، لانه من كبار الصحابة. وعن طاوس في الاقعاء رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله بن عمر وابن عباس وابن الزبير، وهي اما جمع عبدل في معنى عبد كزيدل في زيد، أو اسم جمع غير مبني على واحده. وقال في القاموس: عبدل بن حنظلة المعروف بالنهاس كان شريفا ومزيد (1)


1) فمزيد كمحمد اسم رجل ومحارب اسم قبيلة من فهر قاله في الصحاح ” منه ” 1 / 109 و 477 (*)

[ 155 ]

ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول تقتله الفئة الباغية، فقال معاوية ألا تغني عنا مخبرتك يابن عمرو فما بالك معنا ؟ قال اني معكم ولست – المحاربي والحكم الكوفي ابنا عبدل شاعران، والعبادلة من الصحابة مأتان وعشرون، وإذا اطلقوا أرادوا أربعة ابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن الزبير، وليس منهم ابن مسعود كما توهم الجوهري (1). قوله: ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه ” نفسا ” نصب على التمييز يعنى لتطيب نفس أحدكم بذلك لصحاحبه، بأن يكون قاتل عمار صاحبه لاهو. وفي نسخة عتيقة ” بصحاحبه ” بالباء مكان اللام، فيكون الكلام على سياق التهكم والباء للبدل أو للمجاوزة كما ” عن “، أي ليكن أحدكم طيب النفس بأن يكون هو قاتل عمار بدل صاحبه، أو بأن يكون سابقا على صاحبه ومجاوزا اياه في قتل عمار، وصرح بأنه انما قال ذلك تهكما بقوله ” فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: تقتله الفئة الباغية “. قال في القاموس في عد معاني الباء: وللبدل فليت لي بهم قوما إذ ا ركبوا شنوا الاغارة فرسانا وركبانا، وللمقابلة اشتريته بألف وكافأته بضعف احسانه، وللمجاوزة كعن وقيل: تختص بالسؤال ” فاسئل به خبيرا ” أولا تختص نحو ” ويوم تشقق السماء بالغمام ” وما غرك بربك الكريم ” (2). قوله: ألا تغنى عنا مخبرتك يا بن عمرو ” تغنى ” بضم حرف المضارعة للخطاب على الافعال من غني بالمكان كفرح فهو غان، أي أقام به فهو مقيم فيه، وهمزة الافعال للازالة والسلب، والمعنى اما تصرف وتنحي عنا.


1) القاموس: 4 / 11 2) القاموس: 4 / 408 والايات على الترتيب سورة الفرقان: 59، و 25، سورة الانفطار: 6 (*)

[ 156 ]

[… ] – – قال ابن الاثير في النهاية: في حديث عثمان ” أن عليا أرسل (1) إليه بصحيفة فقال للرسول: أغنها عنا ” أي اصرفها وكفها كقوله تعالى ” لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه ” أي يكفه ويكفيه، يقال: أغن عني شرك أي اصرفه وكفه، ومنه قوله تعالى ” ولن يغنوا عنك من الله شيئا ” وفي حديث علي ” ورجل سماه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما ” أي لم يلبث في العلم يوما تاما، من قولك غنيت بالمكان أغني إذا أقمت به (2) وقال المطرزي في المغرب: الغناء بالفتح والمد الاجزاء والكفاية، يقال: أغنيت عنك مغنى فلان ومغناته إذا أجزأت عنه ونبت منابه وكفيت كفايته، ويقال: أغن عني كذا، أي نحه عني وبعده، وعليه حديث عثمان في صحيفة الصدقة التي بعثها علي علي يد محمد بن الحنفية ” أغنها عنا ” وهو في الحقيقة من باب القلب كقولهم عرض الدابة على الماء. قلت: على ما حققناه يستقيم الحمل على الحقيقة من غير تجشم الارجاع إلى باب القلب، على أنه إذا أخذ من الغنى بمعنى ضد الفقر والاجزاء والكفاية كما ارتكبه لم يكن يستجدي فيه باب القلب أيضا فليتعرف. و ” المخبرة ” بفتح الميم واسكان المعجمة وفتح الموحدة أو ضمها والراء قبل الهاء، بمعنى الخبر بالضم ويقال: بالكسر أيضا وهو العلم، وكذلك الخبرة. قال الجوهرى في الصحاح: الخبر واحد الاخبار: وأخبرته بكذا وخبرته بمعنى، والاستخبار السؤال عن الخبر، وكذلك التخبر، والمخبر خلاف المنظر وكذلك المخبرة والمخبرة أيضا وهو نقيض المرآة، ويقال أيضا: من أين خبرت هذا الامر ؟ أي من أين علمت ؟ والاسم الخبر بالضم وهو العلم بالشئ والخبير العالم (3).


1) وفى المصدر: بعث 2) نهاية ابن الاثير: 3 / 392 3) الصحاح: 2 / 641 (*)

[ 157 ]

أقاتل، ان أبي شكاني إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله أطع أباك مادام حيا ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل. وفي القاموس: الخبر والخبرة بكسرهما ويضمان، والمخبرة والمخبرة العلم بالشئ كالاختبار والتخبر (1). وقال الراغب في المفردات: الخبر العلم بالاشياء، وأخبرت أعلمت بما حصل لي من الخبر، وقيل: الخبرة المعرفة ببواطن الامور (2). فالمعنى: ألا تصرف علمك وتنحيه عنا. ولا يبعد أن تحمل المخبرة هنا على اسم المكان، ويعني بها الصدر فانه مكان العلم. فيكون المعني: ألا تولي عنا وجهك وتصرف عنا صدرك وترينا ظهرك، أي تنصرف عنا وتتنحى عن معسكرنا، فما خطبك تكون مع الفئة الباغية. قوله فأنا معكم ولست أقاتل صريح هذا الكلام من عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لم يكن يقاتل، ولم يخرج في معسكر معاوية بقصد القتال، بل انما أطاع اياه، فكان معهم اطاعة لابيه لا مقاتلة لحرب الحق وذويه، ولم يعلم أن اطاعة الوالد في معصية الله معصية لله، وان تكثير سواد الضلال ضلال، والانخراط في سلك الفئة الباغية بغي. وعلامة زمخشرفي بعض كتبه ليس يصدقه في هذا المقال أيضا فقد ذكر حديثه ” سيأتي على جهنم زمان ينبت من قعرها الجرجير ” ثم أنكر عليه أشد الانكار، وقال: أنى له الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان مع معاوية يقاتل علي بن أبي طالب بسيفين ويبارز أعلام المهاجرين والانصار برمحين. وقال في الكشاف: وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله، لما روى لهم بعض النوابت عبد الله بن عمرو بن العاص ” ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها، ليس فيها أحد


1) القاموس: 2 / 17 2) مفردات الراغب: 141 (*)

[ 158 ]

[… ] – – وذلك بعدما يلبثون أحقابا. وبلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، وهذا ونحوه والعياذ بالله من الخذلان المبين، زاد نا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه، وتنبها على أن نغفل عنه. ولئن صح هذا عن ابن ابن العاص فمعناه، أنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير فذلك خلق جهنم وصفق أبوابها، وأقول: أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث (1) انتهى قول الكشاف. ولكن السواد الاعظم من النقلة الثقاة وحملة الاخبار والروايات قد أطبقوا على هذا النقل عن ابن ابن العاص مثل ما رواه أبو عمرو الكشي جزاه الله عن دين أهل البيت خير الجزاء. قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب: وتقدم عمار فقاتل ثم رجع إلى موضعه فاستسقى فأتته امرأة من نساء بني شيبان من مصافهم بعس فيه لبن فدفعته إليه، فقال: الله أكبر الله أكبر اليوم ألقى الاحبة تحت الاسنة صدق الصادق وبذلك أخبرني الناطق، هذا اليوم الذي وعدت فيه. ثم قال: أيها الناس هل من رايح إلى الله تحت العوالي، والذي نفسي بيده لنقاتلنكم على تأويله كما قاتلنا كم على تنزيله، ويقدم وهو يقول: نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تأويله. فتوسط القوم واشتبكت علية الاسنة، فقتله أبو العادية العاملي وابن جون السكسكي، واختلفا في سلبه فاحتكما في سلبه على عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: اخرجا عني فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أوقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وولعت


1) لم أظفر عليه في الكشاف (*)

[ 159 ]

[… ] – – قريش لعمار ما لهم ولعمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم الجنة ويدعونه إلى النار، وكان قتله عند المساء وله ثلاث وتسعون سنة وقبره بصفين وصلى عليه علي عليه السلام ولم يغسله انتهى كلام مروج الذهب (1) وقال أيضا في مروج الذهب وقتل بصفين سبعون ألفا من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا، وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام، وقتل بها من الصحابة، فمن كان مع علي عليه السلام خمسة وعشرون رجلا، منهم عمار بن ياسر أبو اليقظان المعروف بابن سمية وهو ابن ثلاث وتسعين سنة انتهى كلامه. في حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله أحد الاركان الاربعة على قول، من كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن السابقين من أنصار أمير المؤمنين عليه السلام، أنصارى سكن الكوفة ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما قاله الشيخ (ره) في كتاب الرجال (2). وأبو الحسن المسعودي في مروج الذهب بعد ذكر شهادة عمرا بن ياسر وهاشم ابن عتبة المرقال قال: واستشهد في هذا اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان، وقد كان حذيفة عليلا بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي عليه السلام فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة، فوضع على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله. ثم قال، أيها الناس ان الناس قد بايعوا علي بن أبي طالب فعليكم بتقوى الله وانصروا عليا ووازروه، فوالله أنه على الحق آخرا وأولا وأنه لخير من مضى بعد


1) مروج الذهب: 2 / 381 2) رجال الشيخ: 16 (*)

[ 160 ]

حذيفة 72 – حدثنا ابن مسعود، قال أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن بن علي ابن فضال، قال حدثني محمد بن الوليد البجلي، قال حدثني العباس بن هلال – نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره، ثم قال: اللهم اشهد أني قد بايعت عليا. وقال: الحمد لله الذى أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنيه صفوان وسعد: احملاني وكونامعه، فستكون له حروب كثيرة يهلك فيها خلق من الناس فاجتهد ا أن تستشهدا معه، فانه والله على الحق ومن خالفه على الباطل، ومات بعد هذا بسبعة أيام وقيل: بأربعين يوما انتهى كلام مروج الذهب (1). قوله رحمه الله: محمد بن الوليد البجلي هو أبو جعفر محمد بن الوليد البجلي الخزاز الكوفي. قال النجاشي رحمه الله تعالى: ثقة عين نقي الحديث، ذكره الجماعة بهذا، روى عن يونس بن يعقوب وحماد بن عثمان ومن كان في طبقتهما، وعمر حتى لقيه محمد بن الحسن الصفار وسعد، له كتاب نوادر (2): ولم يذكر كونه فطحيا، وسيجئ في الكتاب ذكره في عداد الاجلة الفقهاء العدول الكوفيين من الفطحية. قوله رحمه الله تعالى: العباس بن هلال في كتاب النجاشي: عباس بن هلال السايي روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، يروي عنه محمد بن الوليد الخزاز (3).


1) مروج الذهب: 384 2) رجال النجاشي: 265 3) رجال النجاشي: 217 وفيه الشامي بدل السايى (*).

[ 161 ]

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكر أن حذيفة لما حضرته الوفاة وكان آخر الليل، قال لابنته أية ساعة هذه قالت: آخر الليل قال: الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أوال ظالما على صاحب حق ولم أعاد صاحب حق، فبلغ زيد بن عبد الرحمن بن عبد يغوث، فقال: كذب والله لقد والى على عثمان، فأجابه بعض من حضره ان عثمان والله يا أخا زهرة والحديث منقطع. – قلت: السايي بالمهملة قبل الالف والمثناة من تحت بعدها قبل ياء النسبة المشددة نسبة إلى سايه، وهي قرية بمكة أو واد بين الحرمين: كما ذكرناه في أول الكتاب في علي بن سويد السايي، والقاصرون يصحفون الياء بالباء الموحدة. وفي كتاب الرجال للشيخ في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام: العباس بن هلال الشامي (1). بالميم بعد الالف والشين المعجمة قبلها، على ما في عامة ما وقعت الينا من النسخ، وذلك أيضا تصحيف، كأنه من النساخ لامن الشيخ. قوله رحمه الله تعالى: الحديث منقطع الانقطاع على أن عثمان والله يا أخا زهرة، من باب الاختصار بالحذف كما في أنه وانه، وقد أسلفنا بيانه في لو لا ما، أي أن عثمان والله يا أخا زهرة جائر وظالم وعات ومنحرف عن السبيل ومستأثر بالحق على أهله. في سهل بن حنيف رضى الله تعالى عنه سهل بن حنيف باهمال الحاء المضمومة قبل النون المفتوحة واسكان المثناة من تحت قبل الفاء، ابن واهب أبو ثابت الانصاري العقبي البدري الاحدي، من النقباء الاثني عشر. عده البرقي وأخاه عثمان بن حنيف من شرطة الخميس (2)


1) رجال الشيخ: 382 2) رجال البرقى: 4 (*)

[ 162 ]

[… ] – وقال الفضل بن شاذان: انه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام. والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال أورده في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: سهل بن حنيف أنصارى عربي، وكان واليه على المدينة، يكني أبا محمد (2). وقال الذهبي من العامة في مختصره: سهل بن حنيف الاوسي بدري جليل، عنه ابن أبي ليلى وأبو وائل، مات 38، وكبر عليه علي عليه السلام ستا. قلت: وذلك بعد الرجوع من صفين. في صحيح البخاري بأسناده عن أبي حصين قال: قال أبو وائل: لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبر فقال: اتهموا الرأى فلقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو استطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله أمره لرددته والله ورسوله أعلم، ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لامر يفظعنا الا أسهلن (3) بنا الى أمر نعرفه قبل هذا الامر، مانسد منه (4) خصما الا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له. وفيه بأسناده عن حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين فقال رجل: ألم ترالى الذين يدعون إلى كتاب الله فقال علي: نعم فقال سهل ابن حنيف: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وآله والمشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟


1) رجال الشيخ: 20 2) رجال الشيخ: 43 3) سهل الامر بنا إلى كذا أقضى إليه ” منه “. 4) وفى خ ل منها (*).

[ 163 ]

سهل بن حنيف 73 – محمد بن مسعود: قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي، قال حدثني علي بن محمد، عن أحمد بن محمد الليثي، عن عبد الغفار، عن جعفر بن محمد عليهما السلام أن عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة. قال: بلى قال: فبم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا، فقال: يابن الخطاب اني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا، فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال: يابن الخطاب انه رسول الله صلى الله عليه وآله ولن يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح (1) انتهى ما في صحيح البخاري هاهنا. وزاد فيه أكثرهم من طرق عديدة فقال عمر: والله ما شككت في ديني منذ أسلمت الا يومي هذا. وعلى هذه الزيادة أورده علامتهم الشهرستاني في كتاب الملل (2) والنحل. قوله رحمه الله تعالى: عن عبد الغفار هو أبو مريم الانصاري عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن قيس بن قهد، بفتح القاف واسكان الهاء، الثقة من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. لا عبد الغفار بن حبيب الطائي الجازي، بالجيم والزاء، من أهل الجازية قرية بالنهرين الثقة أيضا من أصحاب الصادق عليه السلام. والحسن بن داود قال في كتابه: ورأيت بخط الشيخ أبي جعفر في كتاب الرجال عبد الغفار بن حبيب الحارثي بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة (3). قوله عليه السلام: في برد أحمر حبرة يستحب التكفين في القطن الابيض الا الحبرة، فان المستحب فيها أن تكون


1) صحيح البخاري: 6 / 46 2) لم أظفر عليه مع التفحص التام ولعله صحف وأسقط منه. 3) رجال ابن داود: 226 (*)

[ 164 ]

74 – محمد بن مسعود، قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي، قال حدثني على بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن زيد، أنه قال: كبر علي بن أبي طالب على سهل بن حنيف سبع تكبيرات، وكان بدريا، وقال لو كبرت عليه سبعين لكان أهلا. 75 – محمد بن مسعود، قال حدثني محمد بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كبر علي عليه السلام على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات، – بردا أحمر قاله في الذكري، وقال أيضا: يستحب عندنا أن يزاد الرجل والمرأة حبرة – بكسر الحاء وفتح الباء – يمنية عبرية منسوبة إلى موضع باليمن أو جانب واد، لقول أبي مريم الانصاري سمعت الباقر عليه السلام يقول: كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب: برد حبرة أحمر وثوبين صحاريين. وقال: ان الحسن بن علي عليه السلام كفن اسامة بن زيد في برد أحمر، وأن عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة (1). وقال المحقق في المعتبر وابن ادريس في السرائر: الحبرة من التحبير وهو التحسين والتزيين، ويمنية منسوبة إلى اليمن، وعبرية منسوبة إلى العبر، وهو باهمال العين المكسورة أو المضومة واسكان الباء الموحدة شط النهر وجانب الوادي (2). قوله رضى الله تعالى عنه: سبع تكبيرات أي سبع صلوات كل منها بخمس تكبيرات فتكون جميعها خمسا وثلاثين تكبيرة.


1) الذكرى: 47 – 48 2) المعتبر: 76 (*)

[ 165 ]

ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات أخر، فصنع به ذلك حتى بلغ خمسا وعشرين تكبيرة. – قوله عليه السلام: ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات السيد جمال الدين أحمد بن طاوس قدس الله نفسه الزكية في اختياره من كتاب أبي عمرو الكشي ذكر هذا الحديث وقال: الطريق علي بن الحكم عن سيف ابن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام. ووافقه العلامة في الخلاصة (1) والطريق في كتاب الاختيار للشيخ وهو المعروف في هذا الاعصار بكتاب الكشي في عامة النسخ على هذه الصورة: محمد بن مسعود عن محمد بن نصير قال: حدثني محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كبر علي عليه السلام علي سهل بن حنيف الحديث. ورواه رئيس المحدثين في جامعه الكافي (2) والصدوق في الفقيه (2)، والشيخ في التهذيب (3) من طرق مختلفة. قال العلامة في نهايته: وصلى علي عليه السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة، اما لتعظيمه واظهار شرفه، أو لتلاحق من لم يصل (4). وقال شيخنا الشهيد في الذكري: وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: كبر أمير المؤمنين عليه السلام على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات، ثم مشى به ساعة، ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات أخرى يصنع ذلك حتى كبر


1) الخلاصة: 81 2) فروع الكافي: 3 / 186 3) من لا يحضره الفقيه: 1 / 102 4) تهذيب الاحكام: 3 / 317 والاستبصار: 1 / 476 5) نهاية الاحكام: 259 مخطوط وتوجد نسخة منها في مكتبتنا (*).

[ 166 ]

[… ] – عليه خمسا وعشرين تكبيرة. وفي خبر عقبة أن الصادق عليه السلام قال: أما بلغكم أن رجلا صلى عليه علي عليه السلام فكبر عليه خمسا حتى صلى عليه خمس صلوات، وقال: انه بدري عقبي أحدي من النقباء الاثني عشر، وله خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة. وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كبر رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة، وكبر علي عليه السلام عند كم على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة كلما أدركه الناس قالوا: يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل، فيضعه ويكبر حتى انتهى إلى قبره خمس مرات. فتبين رجحان الصلاة بظهور الفتوى وكثرة الاخبار. وقال الفاضل: ان خيف على الميت كره تكرار الصلاة والا فلا (1) انتهى كلام الذكرى. وما عده حسن الطريق عن الحلبي فهو صحيح الطريق عندي، والفتوى عندي على استحباب التكرار لشرف الرجل، أو تلاحق من لم يدرك الصلاة على الجنازة والجواز على كراهية عند فقد السبب والتحريم إذا خيف على الميت ظنا قويا يتأخم علما عاديا. ومن طريق العامة: أن عليا عليه السلام كرر الصلاة على سهل بن حنيف ستا (2). قلت: كل منها بخمس تكبيرات فيكون على هذه الرواية قد كبر عليه السلام عليه ثلاثين تكبيرة، وقوم من علماء العامة يحملونها على أربع وعشرين، زعما منهم أن كلامنها كانت بأربع تكبيرات. قال في الذكري: تجب فيها خمس تكبيرات لخبر زيد بن أرقم أنه كبر على جنازة خمسا وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها أوردها مسلم وأكثر المسانيد، ولفظ كان يشعر بالدوام والاربع وان رويت فالاثبات مقدم على النفي، وجاز أن يكون راوي


1) الذكرى: 56 2) راجع جامع الاصول وذيله: 7 / 143 (*)

[ 167 ]

[… ] – الاربع لم يسمع الخامسة أو نسيها. قال بعض العامة الزيادة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله والاختلافات المنقولة في العدد من جملة الاختلافات في المباح والكل سائغ، وفي كلام بعض شراح مسلم انما ترك القول بالخمس لانه صار علما للتشيع، وهذا عجيب وأما الاصحاب فمتفقون على ذلك وبه أخبار كثيرة. قلت: عنى ببعض العامة ابن شريح من الشافعية وكذلك الرافعي فانه قال: الاكثر على أن الزيادة لا تبطل لثبوتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله الا ان الاربع استقر أمر الصحابة عليها، وكلام النواوي أيضا قريب من ذلك. وعني ببعض شراح مسلم المازري وهو شيخهم الفقيه الامام المتقدم أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري قال في شرح صحيح مسلم: ان النبي صلى الله عليه وآله كبر يكبرها وقد قال به بعض الناس، وهذا المذهب الان متروك، لان ذلك صار علما على القول بالرفض. وفي الاخبار من طريق الاصحاب عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام ومن طريقهم عن أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الانبياء ودعا، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة ودعا للميت، ثم كبر وانصرف، فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد، ثم كبر فصلى على النبيين، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدعو للميت (1). قال في الذكري: وفي خبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام ان هبة الله صلى على أبيه آدم وكبر خمسا، وانها سنة جارية في ولده إلى يوم القيامة، وروى هشام بن سالم عنه عليه السلام كان رسو ل الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم أربعا، فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق، ومثله روى اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام،


1) جامع أحاديث الشيعة: 3 / 294 (*)

[ 168 ]

[… ] – وروى اسماعيل بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام، أما المؤمن فخمس تكبيرات وأما المنافق فأربع، فهذا جمع حسن بين ما رواه العامة لو كانوا يعقلون إلى هنا كلام الذكرى (1). أبو أيوب الانصاري اسمه خالد بن زيد، ذكره المسعودي في مروج الذهب، والعلامة في الخلاصة (2)، وهو أنصاري مشكور من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وسيجئ في ذكر السابقين ومن الذين شهدوا لامير المؤمنين عليه السلام أنهم سعموا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه “، وسيجئ في ترجمة البراء بن عازب وأنس بن مالك، وقد نزل رسول الله صلى الله عليه وآله منزله بالمدينة أول قدومه في الهجرة. قال الشيخ في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة: خالد بن زيد الانصاري (3). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: خالد بن زيد مدني عربي خزرجي يكنى أبا أيوب الانصاري من الخزرج (4). وقال الحسن بن داود: أبو أيوب خالد بن زيد الانصاري في ي جخ كش: عظيم الشأن (5). وقال الذهبي في مختصره: خالد بن زيد أبو أيوب انصاري بدري جليل، عنه جبير بن نفير وأبو سلمة وعروة، وفد على ابن عباس البصرة فقال: اني أخرج


1) الذكري: 58 2) الخلاصة: 65 3) رجال الشيخ: 18 4) رجال الشيخ: 40 5) رجال ابن داود: 392 (*)

[ 169 ]

أبو ايوب الانصاري 76 – روى الحارث بن حصيرة الازدي، – عن مسكني لك كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلى الله عليه وآله، فأعطاه ذلك بما حوى وعشرين ألفا وأربعين عبدا، مات 51. قوله رحمه الله تعالى: روى الحارث بن حصيرة الازدي في أكثر النسخ (1) ” نصير ” بالنون قبل الصاد، وهو تصحيف من غلط الناسخين ولم يتفطن القاصرون لفساد ذلك مع شدة ظهوره من وجوه عديدة. والصواب الحارث بن حصيرة بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين والراء بعد الياء المثناة من تحت والهاء أخيرا، وربما يذكر باسقاط الهاء. وهو أبو نعمان الازدي الكوفي التابعي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وبقي إلى زمن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق وروى عنهما عليهما السلام، ثقه جليل مطعون عند العامة بالتشيع والرفض. قال في القاموس في ح ص ر: والحارث بن حصيرة محدث (2). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الحارث بن حصيرة (3). وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: الحارث بن حصير – بغير هاء – الازدي تابعي أبو النعمان كوفي (4) وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: الحارث بن حصيرة – باثبات الهاء – أبو النعمان الازدي كوفي تابعي (5).


1) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد. 2) القاموس: 2 / 9 3) رجال الشيخ: 39 4) رجال الشيخ: 118 وفيه حصين بدل حصير. 5) رجال الشيخ: 178 (*)

[ 170 ]

عن أبي صادق، – وقال أبو عبد الله الذهبي من العامة في ميزان الاعتدال: الحارث بن حصيرة الازدي أبو النعمان الكوفي، عن زيد بن وهب وعكرمة وطائفة، وعنه مالك بن مغول وعبد الله بن نمير وطائفة. قال أبو أحمد الزبيري: كان يؤمن بالرجعة. وقال يحيى بن معين: ثقة خشبي ينسبون إلى خشبة زيد بن علي لما صلب عليها. وقال النسايي ثقة وقال ابن عدي: يكتب حديثه على ضعفه، وهو من المتحرفين بالكوفة في التشيع. وقال ربيح: سئلت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة ؟ قال: نعم رأيته شيخا كبيرا طويل السكوت يصر على أمر عظيم (1). عباد بن يعقوب الرواجني حدثنا عبد الله بن عبد الملك المسعودي عن الحارث ابن حصيرة عن زيد بن وهب سمعت عليا يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي الا كذاب. وروى الحارث عن أبي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلاة: وقال أبو حاتم الرازي هو من الشيعة العنق (2) لو لا الثوري روى عنه لترك انتهى كلام الذهبي. قوله رحمه الله تعالى: عن أبي صادق أبو صادق هذا هو كيسان بن كليب الحرمي، ويقال له: أبو عاصم وهو من أصحاب أمير المؤمنين وأبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين عليهما السلام، ذكره البرقي في عداد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن (3) وأورده العلامة في الخلاصة نقلا


1) أي على سب الشيخين. 2) العنق بضمتين اما بالنون بمعنى الرؤساء الكبار، أو بالتاء المثناة من فوق جمع العتيق بمعنى القديم ” منه ” 3) رجال البرقي: 6 (*)

[ 171 ]

[… ] – عنه قال: وأبو صادق كليب الحرمي بالحاء المهملة والراء والميم (1). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب من عرف بكنيته أو بقبيلته من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو صادق، وهو أبو عاصم بن كليب الحرمي عربي وكوفي (2). وقال في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: كيسان بن كليب يكني أبا صادق (4). في جامع الاصول: كيسان بفتح الكاف وسكون الياء تعحتها نقطتان وبالسين المهملة. ولنا أيضا في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو صادق الازدي عبد خير بن ناجد، وفي أصحاب أبي عبد الله الحسين من أصحاب أمير المؤمنين عليهما السلام، أبو صادق بشر بن غالب الاسدي الكوفي. ذكرهما الشيخ أيضا في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: ربيعة بن ناجد بن كثير أبو صادق الكوفي، روى عنه وعن أبي عبد الله عليهما السلام (5). وفي أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: ربعية بن ناجد الاسدي الاز دي عربي كوفي (6). وفي مختصر الذهبي: أبو صادق الازدي مسلم. وقيل: عبد الله بن ناجد،


1) الخلاصة: 194 2) رجال الشيخ: 63 وفيه الجرمى بدل الحرمى 3) رجال الشيخ: 70 4) رجال الشيخ: 79 5) رجال الشيخ: 121 6) رجال الشيخ: 41 (*)

[ 172 ]

عن محمد بن سليمان قال: قدم علينا أبو أيوب الانصاري فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له، فأتيناه فأهدينا له، قال، قعدنا عنده فقلنا يا أبا ايوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جئت تقاتل المسلمين ؟ فقال: ان النبي صلى الله عليه وآله أمرني بقتال القاسطين – عن على وأخيه ربيعة، وعنه الحكم وشعيب بن جنحاب وثق، وقيل – لم يلق عليا. واما عبد خير الخيواني الهمداني من خواص أمير المؤمنين عليه السلام فهو غير عبد خير أبي صادق الازدي. وقد ذكره الشيخ أيضا في كتاب الرجال (1). وفي ترجمته قال في جامع الاصول: يقال: أدرك زمن النبي صلى الله عليه وآله الا انه لم يلقه وصحب عليا، وهومن كبار أصحابه ثقة مأمون سكن الكوفة، يقال: أتى عليه مائة وعشرون سنة. وقال الذهبي: عبد خير الهمداني عن أبي بكر وعلي، وعنه أبو إسحاق وحصين ثقة محضرم (2). قوله رحمه الله تعالى: عن محمد بن سليمان وهو محمد بن سليمان الذي يروي عن أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف. قال في جامع الاصول: واسم أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف الانصاري الاوسي المدني سمع أباه، روى عنه مالك بن أنس. وذكره الذهبي في مختصره وقال: وثق. وأبو امامة هذا من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وهو صحابي قال الشيخ في كتاب الرجال: أبو أمامة له صحبة، وكان معاوية وضع عليه الحرس لئلا يهرب إلى علي عليه السلام (3).


1) رجال الشيخ: 53 وفيه الخيراني بالراء المهملة. 2) أي سكن حضرموت 3) رجال الشيخ: 65 (*)

[ 173 ]

والمارقين والناكثين، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين، وأنا نقاتل انشاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات، – وفي طبقته محمد بن سليمان بن أبي جثمة. ذكره الذهبي أيضا وقال: عن أبيه وعمه سهل، وعنه ابن اسحاق وغيره وثق. وفي بعض النسخ عن محمد بن سلمة، وليس بصحيح لبعد طبقته عن أبي صادق، فانه لو كان لكان محمد بن سلمة الحراني لكونه أقرب من غيره، وهو أيضا بعيد الطبقة منه. قال الذهبي: في معناه سمع ابن عجلان وابن اسحاق، وعنه أحمد قال ابن سعد: ثقة عالم له فضل ورواية وفتوى مات 192. قوله رضى الله تعالى عنه: وانا نقاتل انشاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات باء بالمسعفات ظرفية بمعنى في، أي في أراضي القرى المسعفات، وهي في أكثر النسخ بالميم المضومة ثم السين المهملة الساكنة قبل العين المهملة المكسورة ثم الفاء، على اسم الفاعل من باب الافعال الغير المتعدي في معنى الاصل المجرد، أي المصقبات الدانيات من الطرقات، على استعمال الباء في معنى ” من ” الاتصالية أو الابتدائية أو التبعيضية، كما في التنزيل الكريم، عينا يشرب بها عباد الله ” (1) ” وامسحوا برؤوسكم ” (2) قال في أساس البلاغة: أسعفته بحاجته قضيتها له وأسفعت الحاجة حانت وأسعفت الدار بفلان أصقبت وهو يساعدني على ذلك ويسافعني به، وفلان قد ساعده جده وساعفته الدنيا وتقول: الدنيا لك شاعفة الا انها غير مساعفة (3).


1) سورة الانسان: 6 2) سورة المائدة: 6 3) أساس البلاغة: 297 (*)

[ 174 ]

[… ] – وقال: صقبت داره صقبا دنت: وفي الحديث. المرء أحق بصقبه وأصقب الله داره أدناها، وأصقبت داره بمعنى صقبت، وداره صقب مني وداره أصقب من داره، وأتي علي رضي الله عنه بقتيل وجد بين قريتين فحمله على أصقب القريتين إليه، وصاقبه صقابا قاربه وواجهه (1). وفي القاموس: سعف بحاجته كمنع وأسعف قضاها له وأسعف دنا وله الصيد أمكنه وباهله ألم، والتسعيف تخليط المسك ونحوه بأقاويه الطيب وساعفه ساعده أو وأتاه في مصافاة ومعاونة، ومكان مساعف قريب (2). و ” الطرقات ” بضمتين جمع الجمع للطريق والجمع الاطرقة والطرق. و ” النهروانات ” هي مواضع وقرى قريبة من بلدة نهروان. قال في القاموس: والنهروان بفتح النون وتثليث الراء وبضمهما ثلاث قرى أعلا وأوسط وأسفل هي بين واسط وبغداد (3). وفي الصحاح: ونهروان – بفتح النون والراء – بلد، والمنهرة فضاء يكون بين أفنية القوم يلقون فيها كناستهم (4). وفي كتاب المساحة والبلدان للفاضل البيرجندي: نهروان بفتح النون سكون الهاء وضم الراء وواو بعدها ألف ونون بلد قديم قريب بغداد منه إلى دجلة أربعة فراسخ. وقال في المغرب: في الحديث ” تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ” هم الذين نكثوا البيعة أي نقضوها واستزلوا عائشة وساروا بها إلى البصرة على جمل اسمه عسكر، ولهذا سميت الوقعة يوم الجمل، والقاسطون معاوية وأشياعه لانهم قسطوا


1) أساس البلاغة: 358 2) القاموس: 3 / 152 3) القاموس: 2 / 150 4) الصحاح: 2 / 840 (*)

[ 175 ]

[… ] – أي حاروا حين حاربوا امام الحق، والوقعة تعرف بيوم صفين، واما المارقون فهم الذين مرقوا أي خرجوا من دين الله واستحلوا (1) القتال مع خليفة رسول الله، وهم عبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير البجلي المعرف ب‍ ” ذي ثدية ” وتعرف تلك الوقعة بيوم النهروان، وهي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد انتهى كلام المطرزي بعبارته. وفي نسخ معدودات ” بالسعفات ” أي في أرض ذات السعفات بالتحريك جمع السعف محركة، والبا آت كلهما للظرفية. قال في المغرب: السعف ورق جريد النخل الذي تسف منه الزبل والمراوح وعن الليث أكثر ما يقال له السعف إذا يبس، وإذا كانت رطبة فهي الشطبة، وقد يقال للجريد نفسه سعف الواحد سعفة. وفي الصحاح: السعفة بالتحريك غصن النخل والجمع سعف (2). ويعاضد هذه النسخة أن الخوارج لعنهم الله كانوا بالرميلة إذا أشرف أمير المؤمنين عليه السلام فقاتلهم وقتلهم ثم عسكر عليه السلام بالنخلية، كلاهما على التصغير. قال في القاموس: كجهينة موضع بالبادية وموضع بالعراق فيه قاتل علي عليه السلام الخوارج (3). قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب: ان رسول الخوارج إلى على عليه السلام أخبر أن القوم قد عبروا نهر طخارستان (4) و، هذا النهر عليه قنطرة تعرف بقنطرة طخارستان إلى هذا الوقت بين حلوان وبغداد من جادة طخارستان، فقا ل علي عليه السلام: والله ما عبروا ولا يقطعونه حتى نقتلهم بالرميلة دونه.


1) أي استحلوا مقاتلته عليه السلام ” منه ” 2) الصحاح: 4 / 1374 3) القاموس: 4 / 55 4) وفى المصدر كلها طبرستان (*)

[ 176 ]

وما أدري أنى هي. ثم تواترت عليه الاخبار بقطعهم هذا النهر وعبورهم هذا الجسر، وهو يأبي ذلك ويحلف أنهم لم يعبروه وأن مصارعهم دونه، ثم قال: سيروا إلى القوم فوالله لا يفلت منهم الا عشرة ولا تقتل منكم الا عشرة فسار علي عليه السلام فأشرف عليهم وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لا صحابه. فلما أشرف عليهم قال: الله أكبر صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله فتصاب القوم فوقف عليهم عليه السلام بنفسه فدعاهم إلى الرجوع والتوبة، فأبوا ورموا أصحابه، ثم بعد ذكر القتال وقتلهم عن آخرهم الا عشرة منهم وقتل مخدج وصفته ووقوع كل ما أخبر به علي عليه السلام علي طباق ما قد أخبر به عليه السلام. قال: فعسكر عليه السلام بالنخلية فجعل أصحابه يتسللون ويلحقون بأوطانهم، فلم يبق معه الا نفر يسير (1). قوله رضى الله عنه: وما أدري أنى هي أني بفتح الهمزة وتشديد النون المفتوحة بعدها ظرفية، أي ما أدري أين تكون هذه المسعفات الصاقبات من الطرقات أو أين تكون هذه السعفات أي جرائد النخل بالطرقات. وفي بعض النسخ ” أي هي ” بالياء المشددة المنونة بالرفع بعد الهمزة المفتوحة أي ما أدري مكان هي. في مروج الذهب: ان أول من قاتل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يوم النهروان أبو أيوب الانصاري حمل على زيد بن حصين من الخوارج فقتله (2)،


1) مروج الذهب: 2 / 405 – 407 2) مروج الذهب: 2 / – 406 (*)

[ 177 ]

77 – وسئل الفضل بن شاذان عن أبي أيوب خالد بن زيد الانصاري وقتاله مع معاوية المشركين ؟ فقال: كان ذلك منه قلة فقه وغفلة، ظن أنه انما يعمل عملا لنفسه يقوي به الاسلام ويوهي به الشرك وليس عليه من معاوية شئ كان معه أولم يكن – قوله رحمه الله تعالى: كان ذلك منه قلة فقه ” كان ” اماناقصة و ” قلة فقه ” نصب على الخبر، أو تامة، ونصب ” قلة فقه ” على التمييز. و ” غفلة ” منونة بالنصب عطفا على قلة فقه، اما على الخبر بعد الخبر، أو على التميز، أو الواو بمعنى أو، أي وقع ذلك منه اما من جهة قلة الفقه أو من جهة الغفلة. و ” ظن أنه ” الخ جملة فعلية بيانا للغفلة وقلة الفقه. و ” يوهي ” بضم ياء المضارعة وكسر الهاء على البناء للفاعل من باب الافعال يقال: وهي يهي وهيا أي ضعف، وأوهاه غيره يوهيه ايهاءا أي أضعفه. وفي نسخة ” يوهن ” بالنون من الوهن بمعنى الضعف أيضا يتعدي ولا يتعدي يقال: وهن إذا وهي وضعف، وأوهنتهم الحمى، ووهنتهم أيضا أي أوهنتهم وأضعفتهم. في ابن مسعود وحذيفه ومنزلتهما هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود من كبار الصحابة، ذكر نسبه بما فيه من الاقوال في جامع الاصول ثم قال: وكان أبوه مسعود قد حالف في الجاهلية عبد الله بن الحارث بن زهرة، وكان اسلام عبد الله قديما في أول الاسلام قبل دخول النبي صلى الله عليه وآله دار الارقم وقبل عمر بزمان، وقيل: كان سادسا في الاسلام ثم ضمه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من خواصه، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسواكه ونعليه وظهوره في السفر، هاجر إلى الحبشة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وصلى إلى القبلتين وشهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رضيت لامتي ما رضي لها ابن


[ 178 ]

حذيفه وعبد الله بن مسعود 78 – وسأل عن ابن مسعود وحذيفة ؟ فقال: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود – أم عبد، وسخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد (1). وكان خفيف اللحم قصيرا شديد الادمة، يكاد طوال (2) الرجل يوازيه جلوسا ولي القضاء بالكوفة وبيت مالها لعمر وصدرا من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة فمات بها سنة اثنين وثلاثين، ودفن بالبقيع، وله بضع وستون سنة. حذيفة بن يمان أبو عبد الله العبسي من عظماء الصحابة ومن الاركان الاربعة في الاستقامة مع علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على قول، وقد أسلفنا ترجمته وما ينبغي أن يذكر في معناه (3). واليمان اسمه حسيل بن جابر بن ربيعة العبسي، حسيل بضم الحاء وفتح السين المهملتين واسكان الياء المثناة من تحت واللام أخيرا، حالف بني عبد الاشهل فسماه قومهم يمان، لانه حالف اليمانية، فحذيفة يعد من حلفاء الانصار. وخرج حذيفة هو وأبوه فأخذهما كفار قريش فقالوا: انكما تريد ان محمدا فقالا: ما نريد الا المدينة، فأخذوا منهما عهد الله ان لا يقاتلا مع النبي صلى الله عليه وآله وأن ينصرفا إلى المدينة. فأتيا النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه وقالا: ان شئت قاتلنا معك قال: بل نفي ونستعين الله عليهم ففاتتهما بدر، وشهد حذيفة أحدا وما بعدها، ومات بعد قتل عثمان بأيام يسيرة بعد أن بايع أمير المؤمنين عليه السلام وهو بالكوفة وعلي عليه السلام بالمدينة وقد بويع له. قوله رحمه الله تعالى: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود لان حذيفة كان ركنا بضم الراء واسكان الكاف قبل النون، أي كان ركنا من


1) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب: 2 / 319 2) أي الطويل من الرجال قال في القاموس: طال طولا بالضم امتد كاستطال فهو طويل وطوال كغراب وهي أي يقال للمؤنث طويله بالهاء – بهاء ” منه ” 4 / 9 3) أي في شأنه وأمره أو معناه اللغوى (*)

[ 179 ]

لان حذيفة كان ركنا وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم، وقال ايضا: الاركان الاربعة بالاستقامة في موالاة علي بن أبي طالب عليه السلام ومتابعته ومطاوعتة اياه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أحد القولين، وقد نقله الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال (1) والقول الاشهر أن رابع الاركان عمار بن ياسر مكان حذيفة بن يمان رضي الله تعالى عنهما. قوله رحمه الله تعالى: وابن مسعود خلط ووالي القوم ومال معهم وقال بهم ” خلط ” بتشديد اللام من التخليط، ” ووالي القوم ” أي أظهر موالاتهم، ” ومال معهم ” أي حاص معهم عن طريق الحق، وحاد عن سواء السبيل، كما حاصوا وحادوا ” وقال بهم ” أي أذعن لهم وانقاد في ظاهر الامر. وقد ورد الاخبار وصح أن ابن مسعود قد رجع عما وقع منه وتندم وتظاهر بالتندم عليه. ومن ذلك ما رواه الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين وشواهد التنزيل والحافظ أبو نعيم صاحب حلية الاولياء وابن عبد البر صاحب الاستيعاب وأبو بكر ابن مردويه وأبو عبد الله بن السراج ورهط غيرهم بأسانيد معتبرة عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وآله يابن مسعود انه قد نزلت في علي آية ” فاتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (2) ” وأنا مستود عكها ومسم لك خاصة الظلمة، لكن لا أقول واعيا وعني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا فهو كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي. فقال له الراوي: يا أبا عبد الرحمن أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! قال: نعم قلت له: وأتيت الظالمين، قال: لا جرم جليت عقوبة عملي وذلك أني


1) رجال الشيخ: 37 2) سورة الانفال: 25 (*)

[ 180 ]

[… ] – لم استأذن امامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان وأنا أستغفر الله وأتوب إليه (1). ولهذا الحديث طرق متظافرة عن غير ابن مسعود من طريق ابن عباس ومن طريق عمار بن ياسر ومن طريق أبي ذر ومن عداهم من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قد أوردناها ونقلناها عن العامة والخاصة في كتاب شرح التقدمة. و ” أتيت ” من المواتاة بمعنى المجازات والمماشاة والمساعفة والمساعدة. و ” جليت بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة على البناء للمفعول، وأصله جللت بلامين مشددة مكسورة وأخرى بعدها ساكنة فاجتمعت ثلاث لامات فقلبت الاخيرة منها ياء، كما في التظني والتقضي ومشاكلتهما. و ” عقوبة عملي ” منصوبة على أنها منزوعة الخافض. والمعني: غطيت بعقوبة عملي فشملتني وعمتني عقوبة ذلك، كما يشمل الثوب البدن ويغطيه ويعمه. قال في أساس البلاغة: وجلله غطاه، وتجلل بثوبه تغطي به، ومن المجاز تجلله الهم والمرض (2). وفي الصحاح: وجلل الشئ تجليلا أي عم، والمجلل السحاب الذي يجلل الارض بالمطر أي يعم، وتجليل الفرس أن تلبسه الجل، وتجلله أي علاه، وتجلله أي أخذ جلاله (3).


1) شواهد التنزيل: 1 / 206 رواه عن طرق مختلفة، والطرائف: 36 والبحار 38 / 155 2) أساس البلاغة: 98 3) الصحاح: 4 / 1660 (*)

[ 181 ]

ان من السابقين الذين رجعوا إلى امير المؤمنين عليه السلام أبو الهيثم بن التيهان – السابقون الذين رجعوا إلى أمير المومنين (عليه السلام) ذكر منهم خمسة عشر رجلا باسمائهم. قوله رحمه الله تعالى: أبو الهيثم بن التيهان بالهاء المفتوحة والمثناة من تحت الساكنة ثم المثلثة المفتوحة قبل الميم، اسمه في المشهور مالك بن تيهان بالمثناة من فوق قبل المثناة من تحت المشددة المفتوحتين وقيل: بكسر الياء المشددة البلوي، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وخواصه من الصحابة، ذكره الشيخ في كتاب الرجال (1)، والعلامة في الخلاصة (2). والاصح أنه من شهداء أصحابه عليه السلام بصفين. قال في المغرب: علي كرم الله وجهه قال لابن عباس: انك رجل تايه: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله حرم لحوم الحمر. التيه: التحير والذهاب عن الطريق القصد، يقال: تاه في المفازة، وانما خاطبه بهذا حيث اعتقد أنه استحل ما حرم رسول الله، فجعله كالتارك للقصد والمايل عنه. و ” تيهان ” فيعلان – بالفتح من تاه، وبه سمي والد أبي الهيثم مالك بن تيهان وهو من الصحابة. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: أبو الهيثم مالك بن التهيان بن مالك، وقيل: اسم التيهان مالك بن عمرو بن زيد، وفي نسبه خلاف فمنهم من يجعله أنصاريا من الاوس، ومنهم من يجعله بلويا من بلي بن الحاف بن فضاعة، ويقال: انه حليف بني عبد الاشهل، شهد العقبة الاولى والثانية مع السبعين، وكان أحد الستة الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وآله قبل ذلك بالعقبة فيما زعم بنو عبد الاشهل، وهو أحد النقباء الاثنا عشر، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، روي عنه أبو هريرة، وقيل: مات في


1) رجال الشيخ: 63 2) الخلاصة: 189 (*)

[ 182 ]

وأبو أيوب وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم خلافة عمر سنة عشرين بالمدينة، وقيل: قتل مع علي عليه السلام بصفين سنة سبع وثلاثين وقيل: غيرذلك. الهيثم بفتح الهاء وسكون الياء وبالثاء المثلثة، والتيهان بفتح التاء فوقها نقطتان وتشديد الياء تحتها نقطتان وكسرها وبالنون، وبلي بفتح الباء الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء، والحاف بالحاء المهملة وكسر الفاء. انتهى كلام جامع الاصول (1). قوله رحمه الله تعالى: وأبو أيوب قد سبق القول فيه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وكل منهما سيأتي ما في معناه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: وزيد بن أرقم ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في عداد من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة. وذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال زيد بن أرقم الانصاري عربي مدني خزرجي. وذكره أيضا في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام. وفي أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام (2). وقال البرقي رحمه الله: هو الذي أظهر نفاق المنافقين من بني الخزرج (3). يعني به ما حكاه التنزيل الكريم من قول عبد الله بن أبي رئيس المنافقين ” لئن


1) الفوائد الرجالية من جامع الاصول غير مطبوع وهو يقع بعد الاجزاء الاثنى عشر المطبوع 2) رجال الشيخ: على الترتيب: 2 و 41 و 68 و 73 3) رجال البرقي: 2 (*)

[ 183 ]

وأبو سعيد الخدري وسهل بن حنيف والبراء بن مالك – رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ” (1) قال ذلك وعنى بالاعز نفسه، فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومه، ومحمد في عزة من الرحمن وقوة من المسلمين فقال عبد الله: أسكت فانما كنت ألعب، فأخبر زيد رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال الذهبي في مختصره: زيد بن أرقم الخزرجي بالكوفة، عن أسبع عشرة مرة، عن طاوس وأبو إسحاق، وكان من خواص علي، توفي 68، وقيل 66. وليعلم أن والد زيد بن أرقم هو أرقم بن زيد بن قيس الانصاري، وفي كنية زيد بن أرقم أقوال أربعة: أبو عمر وأبو عامر وأبو أنية (2)، وأما الذي كان النبي صلى الله عليه وآله يسكن داره بمكة صدر الاسلام فهو الارقم بن أبي الارقم، واسم أبي الارقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله عمر بن مخزوم: كانت داره على الصفا بمكة وهي التي دخلها النبي صلى الله عليه وآله، أول زمان النبوة وكان يكون فيها، ففيها دعى الناس إلى دين الاسلام وفيها أسلم خلق كثير، وشهد الارقم بن أبي الارقم بدرا واحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم ومات سنة خمس وخمسين بالمدينة، وهو ابن بضع وثمانين سنة. قوله رحمه الله تعالى: وأبو سعيد الخدرى، وسهل بن حنيف قد تقدمت ترجمة سهل بن حنيف، وأبو سعيد الخدري سيجئ ما في معناه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: والبراء بن مالك قال الشيخ رحمة الله في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة: البراء بن مالك الانصاري أخو أنس بن مالك، شهد أحدا والخندق، وقتل يوم تستر (3).


1) سورة المنافقون: 8 2) في ” ن ” أبو أنيسه 3) رجال الشيخ: 8 (*)

[ 184 ]

وعثمان بن حنيف وفي جامع الاصول وغيره: البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم أخو أنس لابيه وأمه، وشهد أحدا وما بعدها مع النبي (ص) وكان شجاعا، روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رب ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لابره، منهم البراء بن مالك (1). فلما كان يوم تستر انكشف الناس فقالوا: يا براء اقسم على ربك فقال: اقسم عليك أي رب لما منحتنا اكتافهم والحقتني بنبيك فاستشهد. قوله رحمه الله تعالى: وعثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف، عثمان بن حنيف بن واهب أبو عبد الله الانصاري ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: عثمان ابن حنيف الانصاري عربي (2). وذكر المعسودي في مروج الذهب مسير عثمان بن حنيف الانصاري إلى البصرة على خراجها من قبل علي عليه السلام قال: وسار القوم نحو البصرة في ست مائة راكب، فانتهوا في الليل الي ماء لبني كلاب يعرف بالحوأب عليه أناس من بني كلاب، فعوت كلابهم على الركب، فقالت عائشة: ما اسم هذا الموضع ؟ فقال لها السائق لجملها: الحوأب فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك وقالت: ردوني إلى حرم رسول الله لا حاجة لي في المسير. فقال الزبير: بالله ماهذا الحوأب ولقد غلط فيما أخبرك به، وكان طلحة في ساقة الناس فحلقها فاقسم أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون ممن كان معهم فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الاسلام، فأتوا البصرة فخرج إليهم عثمان ابن حنيف فما نعم وجرى بينهم قتال إلى آخر ما ذكره (3).


1) جامع الاصول: – 10 / 61 2) رجال الشيخ: 47 3) مروج الذهب: 2 / 357 – 358 (*)

[ 185 ]

وعبادة بن الصامت، ثم ممن دونهم قيس بن سعد بن عبادة قوله رحمه الله تعالى: وعبادة بن الصامت ممن أسلم قديما وثبت في الايمان مستقيما، وهو السبب في اسلام كعب بن عجرة، وقد كانت بينهما صداقة. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: عبادة بن الصامت ابن اخي أبي ذرممن أقام بالبصرة وكان شيعيا (2). وفي جامع الاصول: عبادة بضم العين وتخفيف الباء الموحدة. وقال الدار قطني وأبو بكر البرقي وغيرهما من العامة: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم ابن فهر بن ثعلبة، يكنى أبا الوليد شهد العقبة مع السبعين، وهو أحد النقباء الاثنا عشر، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، وله من الولد الوليد ومحمد، ومات بالرملة من أرض الشام، وقيل: بيت المقدس سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين، وقيل: بقي حتى توفي في خلافة معاوية (3). قوله رحمه الله: قيس بن سعد بن عبادة قد أسلفنا ذكره في حديث المتحورين من السابقين، وهم الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأبوا أن يبايعوا فلانا وفلانا، وسيعاد ما في معناه مبسوطا في ترجمته


1) رجال الشيخ: 23 2) رجال الشيخ: 47 3) مخطوط لم أظفر عليه (*)

[ 186 ]

وعدي بن حاتم وعمرو بن الحمق وعمران بن الحصين – قوله رحمه الله تعالى: عدى بن حاتم عدي بالمهملتين المفتوحة ثم المكسورة قبل الياء المشددة ابن حاتم بن عبد الله أبو طريف الطائي. ذكره الشيخ في كتاب الرجال في الصحابة، وفي أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (1). وفي مختصر الذهبي: عدي بن حاتم عبد الله بن سعد الطائي الجواد بن الجواد، أسلم سنة سبع، عنه الشعبي وأبو إسحاق وسعيد بن جبير، نزل قرقيسا منعزلا قال ابن سعد: مات 68 عن مأة وعشرين سنة. قوله رحمه الله: وعمرو بن الحمق سيورد أمره في ترجمته من ذي قبل. قوله رحمه الله تعالى: وعمران بن الحصين هو أبو نجيد بضم النون وفتح الجيم على التصغير، عمران بن الحصين – باهمال الصاد المفتوحة بعد الحاء المهملة المضمومة – ابن عبيد بن خلب بن عبدنهم – بفتح النون واسكان الهاء – الخزاعى الازدي. ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة (2). قال أكثر علماء الحديث والرجال من العامة، أسلم قديما، وغزا مع النبي صلى الله عليه وآله غزوات، ولم يزل في بلاد قومه، ثم تحول إلى البصرة إلى أن مات بها في خلافة معاوية، وكان به مرض، فكانت الملائكة تسلم عليه فلما اكتوى انقطع التسليم ثم عاد إليه. وقال الذهبي: منهم عمار بن حصين الخزاعي أبي نجيد أسلم مع أبي هريرة، وكانت الملائكة تسلم عليه مات 52.


1) رجال الشيخ: 23 و 49 2) رجال الشيخ: 32 (*)

[ 187 ]

وبريدة الاسلمي – وفي جامع الاصول: أسلم هو وأبوه عام خيبر، وسكن البصرة إلى أن مات بها سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث، وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، وسئل عمران بن الحصين عن متعة النساء فقال: أتانا بها كتاب الله وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال فيها رجل برأيه ما شاء فلا يتبع قوله، ولو لم ينه عنه مازني الاشقي. يعني به عمر بن الخطاب ونهيه عنها برأيه في مقابلة نص الكتاب والسنة. قوله رحمه الله تعالى: وبريدة الاسلمي هو أخو أبي داود لامه، وقد سبق في ترجمته أبي داود في حديث أبي داود في حديث عمران بن حصين الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا أن يسلما على على عليه السلام بأمرة المؤمنين. وهو أبو عبد الله الاسلمي بريدة – بضم الموحدة وفتح الراء واسكان المثناة من تحت ثم الدال المهملة والهاء أخيرا – ابن الحصيب – بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين على التصغير – ابن عبد الله بن الحارث. وفي القاصرين من يصحف غالطا فيعجم الخاء ويفتحها ويكسر الصاد المهملة بعدها. قال في القاموس في ح ص ب: بريدة بن الحصيب كزبير صحابي ومحمد بن الحصيب حفيده (1). وفي المغرب: البردة بالهاء كساء مربع أسود صغيروبها كني أبو بردة بن نيار صاحب الجذعة واسمه هاني، وبتصغيرها سمي بريدة بن الحصيب وابنه سليمان بن بريدة، يروي عن أبيه وعنه علقمة. والشيخ رحمه الله في كتاب الرجال ذكره في عدد الصحابة قال: بريدة بن الحصيب الاسلمي، وقيل: أبو الحصيب (2)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام


1) القاموس: 1 / 55 2) رجال الشيخ: 10 وفيه الخصيب بالخاء المعجمة (*)

[ 188 ]

وبشر كثير. وقال: بريد بن الحصيب الاسلمي الخزاعي مدني عربي (1). وفي مختصر الذهبي: بريدة بن الحصيب الاسلمي شهد خيبر، عنه ابناه والشعبي وعدة، توفي 62. قوله رحمه الله تعالى: وبشر كثير أي كثير من الناس من أعيان الصحابة ومن خيار التابعين، فهذه عبارة شائعة معروفة دائرة على ألسن العلماء من العامة والخاصة، لاسيما في علم الرجال فكثير ا ما يذكرون رجلا ويقولون: روى عنه بشر كثير، أو خلق كثير، أو أمم، أو طائفة أو جماعة كثيرة. ومن عجائب التحريفات والاغاليط ما قد وقع فيه بعض من يتمهر من القاصرين حيث (2) حرف بشر كثير إلى بشر بن كثير ثم لم يقنع بذلك، بل بني عليه أن بشر ابن كثير رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومن السابقين الذين رجعوا إليه، وتمسك في ذلك بقول أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى، ولم يعرف أنه ليس في الرجال من يقال له بشر به كثير في شئ من كتب الرجال، ولم يحرله ذكر في شئ من الطرق والاسانيد أصلا، فلا تكونن من الجاهلين.


1) رجال الشيخ: 35 2) تعريض إلى الرجالي الشهير الميرزا محمد الاستر ابادى في كتابه منهج المقال حيث قال: بشر بن كثير عن الفضل بن شاذان أنه من السابقين الذين رجعوا إلى امير المؤمنين (عليه السلام) (*)

[ 189 ]

[… ] – بلال رضى الله تعالى عنه وصهيب موليان بلال بن رباح بالموحدة بعد الراء المفتوحة والمهملة بعد الالف، واسم امه حمامة مولاة بني جمح، وكان يعذبه قومه ويذكرون اللات والعزى، وهو يذكر الله سبحانه ويقول: أحد أحد، شهد مع النبي صلى الله عليه وآله بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يؤذن له حضرا وسفرا، وكان خازنه على بيت ماله، وهو سابق الحبشة، فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وآله لم يؤذن لاحد، خرج من المدينة فذهب إلى الشام، ومات بدمشق وقيل: مات بحلب سنة عشرين وقيل: ثماني عشرة، ودفن هنالك، وكان نحيفا طوالا شديد الادمة. ذكره الشيخ في الصحابة وقال: بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله شهد بدرا، وتوفى بدمشق في الطاعون، سنة ثماني عشرة، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الكريم. وهو بلال بن رياح مدفون بباب الصغير بدمشق (1). ” صهيب ” يكنى أبا يحيى، وهو ابن سنان بن مالك بن عبد عمرو النميري، بفتحتين نسبة إلى نمر بن قاسط، بكسر الميم بعد النون المفتوحة، سبي وهو غلام صغير كانت منازلهم بأرض الموصل فيما بين دجلة والفرات وأغارت الروم على تلك الناحية فسبته صغيرا فنشأ بالروم، فابتا عته منهم كلب ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي فاعتقه. ويقال: انه لما كبر في الروم وعقل وهرب منهم وقدم مكة، فحالف عبد الله بن جدعان، بضم الجيم واسكان الدال المهملة واهمال العين، فأقام معه إلى أن هلك وبعث النبي صلى الله عليه وآله، فأسلم قديما بمكة. قال في جامع الاصول يقال: انه أسلم هو عمار بن ياسر في يوم واحد ورسول الله صلى الله عليه وآله بدار الارقم بعد بضعة وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين المعذبين في الله


1) رجال الشيخ: 8 (*)

[ 190 ]

بلال وصهيب موليان 79 – أبو عبد الله محمد بن ابراهيم، قال حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي، – ثم هاجر إلى المدينة بعد هجرة النبي، صلى الله عليه وآله شهد بدرا والمشاهد كلها: وهو سابق الروم. مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين عن سبعين سنة، وقيل: سنة تسع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ودفن بالبقيع. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في عداد الصحابة (1)، ولم يزد على مجرد ذكره بقوله: صهيب بن سنان شيئا. والحسن بن داود أورده في كتابه قسم الضعفاء وقال: صهيب مولى رسول الله صلى الله عليه وآله (2). قوله رحمه الله تعالى: أبو عبد الله محمد بن ابراهيم هو محمد بن ابراهيم الوراق من أهل سمرقند، ذكره الشيخ رحمه الله في باب لم (3). فأما محمد بن ابراهيم بن يوسف الكاتب الذي كان يتفقه على مذهب الشافعي ظاهرا، ويري رأي الشيعة في الباطن، وكان ففيها على المذهبين، وله في المذهبين كتب: فهو وان كان في هذه الطبقة يروي عنه ابن عبدون، الا أنه ليس هذا الذي روى عنه أبو عمرو الكشي رحمه الله، وكنيته أبو الحسن ويعرف بأبي بكر الشافعي، لا أبو عبد الله. قوله رحمه الله: على بن محمد بن يزيد القمى في بعض النسخ ” بريدة ” مكان يزيد


1) رجال الشيخ: 21 2) رجال ابن داود: 462 3) رجال الشيخ: 497 (*)

[ 191 ]

قال حدثني عبد الله بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي – قوله رحمه الله تعالى: عبد الله بن محمد بن عيسى عبد الله بن محمد هذا هو أخو أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي، ولقبه بنان، كما سيذكره أبو عمرو الكشي رحمه الله في مقامه من ذي قبل، فيورد في الاسانيد بلقبه فيقال: عن بنان بن محمد. وبعض شهداء المتأخرين رفع الله درجته كأنه لم يعثر على ذلك فكثيرا ما في شرح الشرائع يحكم على الحديث بعدم الصحة، بأن في طريقه بنان بن محمد وهو مجهول، فنحن في المعلقات على الاستبصار وعلى التهذيب وفي كتاب ضوابط الرضاع قد نبهنا على فساد قوله وأوضحنا حال الرجل. وفي الكافي في بعض أبواب كتاب الصوم، محمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن أخيه عبد الرحمن بن محمد (1). وعلى هذا فيكون أحمد وبنان وعبد الرحمن ثلاثة أخوة، وهم أبناء محمند بن عيسى. ومن أعا جيب الاوهام تحامل (2) احتمال الواو مكان ” ابن ” في قول الشيخ في الاستبصار في باب الجهر ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فأما ما رواه سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير (3). ونفى البعد عن كون محمد هو محمد ابن محمد بن عيسى، فيكون أخا أحمد بن محمد بن عيسى. فلم يبلغني عن أحد فيما وقع الي إلى الان أن لمحمد بن عيسى ابنا يقال له: محمد، فلا تكونن من المتوهمين.


1) الكافي: 4 / 174 باب الفطرة ح 22 2) تحامله صاحب المنتقى ” منه ” 3) الاستبصار: 1 / 312 (*)

[ 192 ]

عبد الله عليه السلام قال كان بلال عبدا صالحا وكا ن صهيب عبد سوء كان يبكي على عمر. أسامة بن زيد 80 – حدثنا محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد قال حدثني محمد – قوله عليه السلام: وكان بلال عبدا صالحا وروى الصدوق أبو جعفر ابن بابويه رضوان الله تعالى عليه في الفقيه عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ان بلالا كان عبدا صالحا فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فترك يومئذ ” حي على خير العمل ” (1). وفي الفقيه أيضا: روي منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام، فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي سمعت ؟ قال: نعم يار سول الله فقال: حفظت ؟ قال: نعم قال: ادع بلا لا فعلمه، فدعا بلا لا فعلمه (2). أسامة بن زيد قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب الصحابة: أسامة بن زيد بن شراحيل مولى رسول الله صلى الله عليه وآله أمه أم أيمن اسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله كنيته أبو محمد، ويقال: أبو زيد (3). شراحيل بفتح الشين المعجمة وكسر الحاء المهملة. وقال في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، والاصل من كليب ونسبه معروف (4).


1) من لا يحضره الفقيه: 1 / 184 2) من لا يحضره الفقيه: 1 / 183 3) رجال الشيخ: 3 4) رجال الشيخ: 34 (*)

[ 193 ]

ابن أحمد، عن سهل بن زاذويه، عن أيوب بن نوح، عمن رواه، عن ابي مريم الانصاري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الحسن بن علي عليه السلام كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة. – وقال ابن عبد البر: أبو محمد اسامة بن زيد بن حارثة الحب بن الحب، أمه أم أيمن، وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان النبي يحبه حبا شديا، واستعمله وهو ابن ثماني عشرة سنة (1). وفي مختصر الذهبي: أسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وابن حبه، مات 54، الحب بالكسر المحبوب. وفي الصحاح والقاموس: شراحيل لا ينصرف عند سيبويه في معرفة ولا نكرة، لانه بزنة جمع الجمع، وعند الاخفش ينصرف في النكرة فإذا حقرته انصرف عندها لانه عربي، وفارق السر اويل لانها أعجمية (2). فقد علم مما ذكرنا أن والد أسامة بن زيد زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي – وليس هو زيد بن حارثة الاوسي الانصاري. ذكره الشيخ أيضا في باب الصحابة وقال: وليس بأبي اسامة بن زيد (3). قوله رحمه الله تعالى: عمن رواه عن أبي مريم الانصاري وهو عبد الغفار الجازي، وقد سبق في ترجمة سهل بن حنيف. والشيخ رحمه الله في التهذيب روى هذا الحديث عن أيوب بن نوح عمن رواه عن أبي مريم الانصاري، كما رواه أبو عمرو الكشي، ورواه ايضا بسند متصل صحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن علي بن


1) الاستيعاب: 1 / 57 المطبوع على هامش الاصابة 2) الصحاح: 5 / 1734 والقاموس 3 / 400 3) ذكره في أصحاب على (عليه السلام) قال: زيد بن حارثة وليس بأبى أسامة بن زيد، الرجال ص 42 (*)

[ 194 ]

81 – محمد بن مسعود، قال أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، عن محمد بن زياد، عن سلمة بن محرز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ألا أخبركم بأهل – نعمان عن أبي مريم الانصاري قال: سمعت أبا جعفر يقول الحديث (1). قوله رحمه الله تعالى: أحمد بن منصور عن أحمد بن الفضل محمد بن منصور بن نصر الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام يقال له: أحمد بن منصور، وقد نقلنا ذلك فيما سبق عن الشيخ في كتاب الرجال. وأحمد بن الفضل الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الكالظم عليه السلام واقفي قاله الشيخ أيضا في كتاب الرجال (2). فالطريق به ضعيف ولو لاه لكان الطريق قويا بأحمد بن منصور وبسملة بن محرز (3) القلانسي الكوفي أيضا، وهو من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهما السلام. وأما محمد بن زياد وهو محمد بن الحسن بن زياد العطار يقال له: محمد بن زياد ثقة (4). قال العلامة في الخلاصة: قال الكشي: روي أنه رجع ونهينا أن نقول الاخيرا في طريق ضعيف، ذكرناه في كتابنا الكبير، ثم قال: والاولى عندي الوقف في روايته (5). قلت: لابل الاولى قبول روايته لصحيحة أبي مريم الانصاري من طريق التهذيب في تكفين مولانا أبي محمد الحسن عليه السلام اياه (6)، وسائر الروايات المتعاضدة


1) تهذيب الاحكام: 1 / 296 2) رجال الشيخ: 344 3) بضم الميم واسكان الحاء المهملة وكسر الراء والزاء أخيرا ” منه ” 4) راجع رجال النجاشي: 285 5) الخلاصة: 23 6) تهذيب الاحكام: 1 / 296 (*)

[ 195 ]

الوقوف، قلنا: بلى. قال أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا الاخيرا، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر مات منكوبا. في أن أمير المؤمنين عليه السلام قد عذره في الوقوف على متابعته ومبايعته ودعوة الناس إليه، واظهار أن الحق فيه ومعه وفيما قد وقع منه من الممايلة والمسايرة مع اولئك الاقوام والمواتاة لهم والمجازات والمماشاة معهم، ونقض الميثاق الذي قد أخذه منهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير، ومراعاة العهد الذي كان جري بينه وبينهم بعده. ولان الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال أورده في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (1) ولم يطعن (2) له أصلا. ولتظافر الاخبار في أنه كان حب رسو ل الله صلى الله عليه وآله وابن حبه (3). ومن الصحيح الثابت عند نقلة الاخبار وجملة الروايات أن أسامة بن زيد لم يبايع أبا بكر حتى مات وقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني عليك فمن أمرك علي. قوله عليه السلام: ومحمد بن مسلمة وابن عمر مات منكوبا يعنى محمد بن مسلمة أيضا رجع بعد الوقوف كما أسامة، فلا تقولوا فيه الاخيرا، وابن عمر من أهل الوقوف ولم يرجع ومات منكوبا. أو يعني كل منهما مات منكوبا – بالنون قبل الكاف والباء الموحدة بعد الواو – أي معد ولا به عن طريق الحق وعن سبيل الاستقامة. يقال: نكب عن الطريق إذا عدل عنه: ونكب به عنه غيره ونكبه عنه تنكيبا إذ أحرفه وأزاغه عنه، وطريق منكوب على غير قصد واستقامة. محمد بن مسلمة ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في باب الصحابة (4).


1) رجال الشيخ: 34 2) وفي ” ن ” فيه 3) رواه في جامع الاصول: 10 / 26 و 27 4) رجال الشيخ: 27 (*)

[ 196 ]

[… ] – وفي جامع الاصول: هو أبو عبد الله وقيل: أبو عبد الرحمن محمد بن مسلمة ابن خالد بن مجدعة بن الحارث بن عمرو بن ملك بن أوس الانصاري الحارثي الاشهلي، وقيل: في نسبه غير ذلك. شهد المشاهد كلها الافي تبوك، وكان من فضلاء الصحابة، وكان من الذين أسلموا على يد مصعب بن عمر بالمدينة، ومات بها سنة ثلاث، وقيل: ست، وقيل: سبع وأربعين، وهو ابن سبع وسبعين سنة، وفي نسبة خلاف غير ما قيل أولا. مجدعة بفتح الميم وسكون الجيم وفتح الدال المهملة. وفي مختصر الذهبي: محمد بن مسلمة الخزرجي بدري جليل، مات في عشر ثمانين بالمدينة سنة 43. ” ابن عمر ” هو عبد الله بن عمر بن الخطاب ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة (1). وفي جامع الاصول: أسلم مع أبيه بمكة وهو صغير، وقد ذهب قوم إلى أنه أسلم قبل أبيه ولم يصح، ولم يشهد بدرا واختلفوا في شهوده أحدا. والصحيح أن أول مشاهده الخندق وقيل: انه استصغر يوم بدر وأجازه النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد، وروى نافع أنه رده يوم أحد لانه كان ابن اربع عشر سنة، وشهد ما بعد الخندق من المشاهد، وكان من أهل الورع والعلم والزهد شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتياه. ولد قبل الوحى بسنة، ومات بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر وقيل: بسنة أشهر، ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين، وقيل: دفن بفخ، وله أربع وثمانون سنة، وقيل: ستة وثمانون، روى عنه خلق كثير، منهم ابناه سالم وحمزة ونافع مولاه انتهى كلام جامع الاصول.


1) رجال الشيخ: 22 (*)

[ 197 ]

82 – قال أبو عمرو الكشي: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني، قال حدثني جعفر بن محمد المدايني، عن موسى بن القاسم العجلي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهما السلام قال: كتب علي عليه السلام إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا، فأما أسامة بن زيد – ومن تعاجيب الاوهام الفاسدة لبعض من أدرك عصرنا حسبانه أن ابن عمر في هذا الحديث هو الذي تقدم انه قال لمعاوية يوم قتل عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: اني معكم ولست أقاتل ان أبي شكاني إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله ” أطع أباك مادام حيا ولا تعصه ” فأنا معكم ولست اقاتل (1). فيا عجبا لهذا المتوهم كيف اعتراه هذا الحسبان، ولم يعلم أن ذاك عبد الله بن عمرو بن العاص كان في معسكر معاوية مع أبيه، وذا عبد الله بن عمر بن الخطاب فارق معسكر معاوية إذ شاهد قتل عمار، لقول النبي صلى الله عليه وآله: تقتله الفئة الباغية. ولم يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام بل خرج من عند معاوية منصرفا إلى الحجاز وأقام بمكة إلى أن توفى بها. قوله رحمه الله تعالى: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني وهو محمد بن أحمد بن نعيم النيسابوري الشاذاني – بالمعجمتين والنون – من أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام، أنفذ بما اجتمع عنده من مال الغريم إليه عليه السلام وزاده من ماله، فورد عليه الجواب منه عليه السلام قد وصل الي ما أنفذت إلى من خاصة مالك وهو كذا وكذا تقبل الله منك. قوله عليه السلام: لا تعطين سعدا ولا ابن عمر ومن الفئ شيئا يعني سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر. قال المسعودي في مروج الذهب: حدث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري،


1) القائل هو الرجالي الميزا محمد الاسترابادي في كتاب منهع المقال: 209 (*)

[ 198 ]

[… ] – عن محمد بن حميد الرازي، عن أبي مجاهد، عن محمد بن اسحاق، عن ابن ابي نجيح، قال: لما حج معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلما فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة وأجلسه معه على سريره ووقع في علي عليه السلام وشرع في سبه، فزحف سعد. ثم قال: أجلستني معك علي سريرك، ثم شرعت في سب علي، والله لا ن تكون لي خصلة واحدة من خصال كانت لعلي أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله لان أكون صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وأن لي من الولد ما لعلي أحب الي من أن يكون لى ما طلعت عليه الشمس. والله لا يكون رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي ما قال له يوم خيبر: ” لاعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرارا ليس بفرار يفتح الله على يديه ” أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. والله لان يكون صلى الله عليه وآله قال لي ما قال له في غزوة تبوك: ” ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لانبي بعدي ” أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، وايم الله لادخلت لك دارا ما بقيت ثم نهض. ووجدت في وجه آخر من الروايات أن سعدا لما قال لمعاوية هذه المقالة ثم نهض ليقوم قال له معاوية: فهلا نصرته ؟ ولم تكن قعدت عن بيعته. وكان سعد وأسامة بن زيد وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة ممن قعد عن بيعة علي بن أبي طالب، وأبوا أن يبايعوه، وغيرهم مما ذكرنا من القعود عن بيعته، وذلك أنهم قالوا: انها فتنة انتهى كلام مروج الذهب (1). وقد ذكر قبل هذا الكلام نقلا عن أبي مخنف لوط بن يحيى وغيره أن هؤلاء المتخلفين قد رجعوا إليه أخيرا وبايعوه عليه السلام جميعا


1) مروج الذهب: 3 / 14 (*)

[ 199 ]

فاني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه. – قوله عليه السلام: فانى قد عذرته في اليمين التى كانت عليه يقال: عذرته وأعذرته فهو معذور ومعذر، يعني عليه السلام قبلت عذره وصدقته في اليمين التي كانت عليه في ذلك فقد أتي فيه بما كان يجب عليه وحلف على وجه يتسوجب القبول والتصديق. قال ابن الاثير في النهاية: في الحديث ” يمينك على ما يصدقك به صاحبك ” أي يجب عليك أن تحلف له على ما يصدقك به إذا حلفت له (1). قوله عليه السلام: فانى قد عذرته في اليمين التى كانت عليه وهي يمينه بعد قتله مرداس والمعاتبة على ذلك التنزيل الكريم ان لا يقتل من بعد من يقول ” لا اله الا الله ” أبدا. وبيانه: أن رجلا كان يقال له مرداس من أهل فدك أسلم ولم يسلم من قومه غيره، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية يغزوهم، فهربوا وبقي مرداس ولم يكن من الهاربين متكلا على اسلامه، واذ رأي الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول في الجبل وصعد فلما تلاقوا وكبروا كبر ونزل وقال: لا اله الا الله محمد رسول الله السلام عليكم، فقتله اسامة بن زيد واستار غنمه فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد عليه وجدا شديدا وقال: قتلتموه ابتغاءا لما معه وطمعا فيه. فنزل قوله سبحانه وتعالى ” يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا ” (1) الاية فحلف أسامة أن لا يقتل رجلا يقول لا اله الا الله، وبذلك اعتذر أمير المؤمنين عليه السلام حيث تخلف عنه في وقعة الجمل وقتال الناكثين. وهذا مدخول غير مقبول لوجوب طاعته عليه السلام على أنه كان قد سمع


1) نهاية ابن الاثير: 5 / 302 2) النساء: 94 (*)

[ 200 ]

[… ] – رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام حربك حربي وسلمك سلمي وأنك تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين، وغير ذلك مما سد على المتخلفين باب الاعتذار، ولكن العذر عند كرام الناس مقبول، ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله وتسليماته عليه أعلم بالقضايا والاحكام فليعلم (1) أبو سعيد الخدرى ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة قال: سعد أبو سعيد الخدري (2)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: سعد بن مالك الخزرجي يكنى أبا سعيد الخدري الانصاري العربي المدني (3). وأبو الحسن المسعودي أورده في عداد الذين قعدوا وتثبطوا عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ثم ذكر أنهم رجعوا إليه عليه السلام واعتذروا وبايعوا جميعا. ” الخدري ” بضم الخاء وسكون الدال المهملة منسوب إلى خدرة، واسمه الابحر ابن عوف بن حارث، وقيل: خدرة أم أبحر والاول أشهر، وهم بطن من الانصار كذا في جامع الاصول. وفي المغرب: خدرة بالسكون حي من العرب إليهم ينسب أبو سعيد الخدري. قال ابن عبد البر: أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الخدري، قال أبو سعيد: عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وآله وأنا ابن ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يارسول الله انه عبل العظام وان كان مؤدنا أي قصيرا، وجعل النبي صلى الله عليه وآله يصعد في ويصوب.


1) هذه التعليقة توجد في نسخة ” م ” فقط، بخط السيد الداماد رحمه الله. 2) رجال الشيخ: 20 3) رجال الشيخ: 43 (*)

[ 201 ]

أبو سعيد الخدرى 83 – حمدويه، قال حدثنا أيوب، عن عبد الله بن المغيرة، قال حدثني ذريع عن أبي عبد الله عليه السلام قال، ذكر أبو سعيد الخدري، فقال: كان من أصحاب رسول الله – ثم قال: رده فردني فخرجنا نتلقى رسول الله حين أقبل من أحد، فنظر الي فقال: سعد بن مالك ؟ قلت: نعم يأبي وأمي، فدنوت فقبلت ركبته، فقال: آجرك الله في أبيك وكان قتل يومئذ شهيدا. توفي أبو سعيد في يوم الجمعة سنة أربع وسبعين ودفن بالبقيع، وهو ابن أربع وتسعين (1). قال الذهبي: سعد بن مالك أبو سعد الخدري من أصحاب الشجرة فقيه، عنه ابن المسيب وابو بصيرة، توفي 74. قلت: أبو سعيد الخدري كان على الاستقامة ومات على الاستقامة، شهد الجمل والصفين والنهروان، وهو ممن يروي حديث المارقة الخوارج، ووصف المخدج ذي الثدية منهم، وقتله يوم النهروان على صفته التي كان يخبر بها أمير المومنين عليه السلام قوله رحمه الله تعالى: قا ل حدثني ذريح هو أبو الوليد ذريح – باعجام الذال المفتوحة وكسر الراء واسكان الياء المثناة من تحت واهمال الحاء أخيرا – ابن محمد بن يزيد المحاربي عربي من بني محارب بن خصفة. ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب الصادق عليه السلام (2). وقال في الفهرست: ثقة له أصل (3).


1) الاستيعاب لابن عبد البر مطبوع على هامش الاصابة: 4 / 89 2) رجال الشيخ: 191 3) الفهرست: 95 (*)

[ 202 ]

وكان مستقيما، قال: فنزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حملوه إلى مصلاه فمات فيه. 84 – محمد بن مسعود، قال حدثني الحسين بن أشكيب، – والعلامة في الخلاصة نقل عن الشيخ توثيقه (1)، ولست أجد في الاخبار لتوثيقه مستندا. والنجاشي لم يوثقه وقال: روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ذكره ابن عقده وابن نوح له كتاب يرويه عدة من أصحابنا (2) وانما ذلك ضرب من المدح. قال السيد جمال الدين أحمد بن طاوس في اختياره من كتاب الكشي: لم أجد فيه ما يوصف به من مدح له طائل أو ذم في هذا الكتاب. قلت: وسنتلو عليك حق القول فيه حيث يحين حينه في ترجمته انشاء الله العزيز، والان نقول طريق هذا الحديث صحيح أو حسن بذريح المحاربي. قوله عليه السلام: وكان مستقيما أي كان حنيف الدين مستقيم المذهب قويم الاعتقاد، واشتد عليه النزع ثلاثة أيام فغسله أهله. اما بالتخفيف أي غسلوه من الاقذار أي وضأوه، أي تولوا وضوءه، أي تولوا وضوءه، تعبيرا عن الوضوء بالغسل الذي هو أول أجزائه. واما بالتثقيل من التغسيل، أي تولوا ماكان عليه من غسل الجنابة، ثم حلموه إلى مصلاه، وذلك من السنن المأثورة، فمات رضي الله تعالى عنه. قوله رحمه الله تعالى: قال حدثنا الحسين بن اشكيب الحسين بالتصغير، وأشكيب بالاعجام بعد الهمزة، وقيل: بالاهمال، والحسين هو خادم القبر.


1) الخلاصة: 70 2) رجال النجاشي: 124 (*)

[ 203 ]

قال أخبرنا محمد بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن ليث المرادي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان أبا سعيد الخدري كان قد رزق هذا الامر، وأنه اشتد نزعه فأمر أهله أن يحملوه إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه ففعلوا فما لبث أن هلك. – قوله رحمه الله تعالى: أخبرنا محمد بن أحمد هكذا في نسخ كثيرة وهو اما محمد بن أحمد حماد أبو علي المحمودي المروزي من أصحاب أبي الحسن الثالث الهادي عليه السلام وهو الاظهر. أو محمد بن أحمد بن اسماعيل بن بزيع، من أصحاب أبي الحسن الاول الكاظم، وأبي الحسن الثاني الرضا، وأبي جعفر الثاني الجواد عليهما السلام، وابن أخي محمد بن اسماعيل بن بزيع. أو محمد بن أحمد بن قيس بن غيلان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام والمحمدون كلهم ثقاة، فالطريق صحي على كل حال بأيان بن عثمان. وفى طائفة من النسخ ” محسن ” مكان ” محمد “، وهو أبو أحمد البجلي محسن ابن أحمد القيسي من موالي قيس بن غيلان، يروى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكره الشيخ (1) والنجاشي (2) والطريق به حسن. قوله عليه السلام: كان قد رزق هذا الامر أي دين التشيع والولاية لاهل البيت عليهما السلام، واشتد نزعه فأمر أهله أن يحملوه إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه ففعلوا فما لبث أن هلك. وفي الحديث: عن أنه قال عند موته: ائتونى بثياب جدد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” يحشر المرء في ثيابه التي مات فيها ” وكأنه صلى الله عليه وآله أراد بها ثياب الروح النورية الملكوتية من العلوم والاعتقادات والاخلاق والملكات، لاثياب البدن الظلماني الهيولاني من البرد والصوف والقطن والكتان.


1) رجال الشيخ: 393 2) رجال النجاشي: 331 (*)

[ 204 ]

85 – حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين ابن عثمان، عن ذريح، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليهما السلام – ومعني الحديث: أن مدار السعادة في النشأة الاخرة على حسن الخاتمة في هذه النشأة، فالمرء يحشر في ثيابه الروحانية التي هي خاتمة حال نفسها المجردة بحسب العقيدة والعمل. قال ابن الاثير في النهاية: وفي حديث الخدري لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: ” ان الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها “. قال الخطابي: أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث قال: وقد تأوله بعض العلماء على المعنى وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشر وعمله الذي يختم له به. ويقال: فلان طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبرائة من العيب، وجاء في تفسير قوله تعالى ” وثيابك فطهر ” أي عملك فاصلح. ويقال: فلان دنس الثياب إذا كان خبيث الفعل والمذهب، وهذا كالحديث الاخر يبعث العبد على ما مات عليه قال الهروي: وليس قول من ذهب به إلى الاكفان بشئ، لان الانسان انما يكفن بعد الموت انتهى كلام النهاية (1). قوله رحمه الله تعالى: قال حدثنا يعقوب بن يزيد الطريق صحيح على المشهور، وحسن بذريح المحاربي على ما يستبين حاله من الاخبار، بل صحي للاجماع على تصحيح ما يصح عن ابن أبي عمير، فكلما صح الطريق إليه ولم تكن روايته عن محكوم عليه بالضعف كان السند صحيا، سواء عليه أكان أرسل أم أسند عن ثقة غير أمامي، أو امامي ممدوح لا تصريح فيه بالتوثيق،


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 227 – 228 (*)

[ 205 ]

يقول: اني أكره للرجل أن يعافي في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصائب، ثم ذكر أن أبا سعيد الخدري كان مستقيما نزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حمل إلى مصلاه فمات فيه. جابر بن عبد الله الانصاري 86 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان أو عن امامي فيه ولاذم أصلا، على ما قد حققناه في الرواشح السماوية (1). – قوله عليه السلام: انى لا كره للرجال أن يعافا في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصايب وذلك لان المصيبة كفارة للذنب، والبلية مجلبة للاجر ومقنصة للمثوبة. وفي الخبر من طريق رئيس المحدثين أبي جعفر الكليني وغيره: المؤمن لا يخلو من قلة أو علت أو ذلة وربما اجتمعت الثلاث (2). قوله عليه السلام: ان أبا سعيد الخدري كا مستقيما نزع ثلاثة ايام يعني عليه السلام انه ابتلى لذلك لزيادة التمحيص ولجزالة المثوبة. جابر بن عبد الله الانصاري ليعلم ان جابر بن عبد الله الصحابي الانصاري مشترك بين الاثنين، وقد التبس الامر فيهما على غير واحد ممن لم يتمهر في المعرفة بأحوال الرجال، بل على بعض من تمهر ايضا، فها أبو عبد الله الذهبي من العامة قد وقع في هذا الالتباس، وكذلك بعض من الخاصة. احدهما: الصحابي المشهور الكبير العظيم الشأن من عظماء الصحابة، وهو الذي نحن في ترجمته وبيان حاله، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام بن ثعلبة


1) الرواشح السماوية: 40 2) روى نحوه في الكافي: 2 / 190 (*)

[ 206 ]

[… ] – الانصاري العقبي، شهد العقبة مع السبعين وكان اصغرهم، كنيته أبو عبد الله وقيل أبو عبد الرحمن قاله ابن عبد البرقي كتاب الصحابة (1)، وابن الاثير في جامع الاصول وعلو مرتبته في صحة العقيدة واستقامة الطريقة وخلوص الانقطاع عن الاقوام إلى اهل البيت صلى الله عليهم مما لا امتراء فيه. قال الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في باب الصحابة: جابر بن عبد الله بن عمر بن حزام نزل المدينة شهد بدرا وثمانية عشر غزوة مع النبي صلى الله عليه وآله، مات سنة ثمان وسبعين (2). حزام باهمال الحاء المكسورة قبل الزاء قاله في القاموس (3) وغيره، وهو الصحيح، وضبطه بعضهم بالراء بعد الحاء المفتوحة. وقال الشيخ في باب اصحاب امير المؤمنين عليه السلام: جابر بن عبد الله الانصاري العرني الخزرجي (4). بالراء المفتوحة بين العين المهملة المضمومة والنون نسبة إلى العرنة، وقيل: إلى العرنية بطن من بحلية. في المغرب: عرنة واد بحذاء عرفات، وبتصغيرها سميت عرينية، وهي قبيلة ينسب إليها العرنيون. وفي القاموس: العرينة كجهينة، منهم العرنيون المرتدون، وبطن عرنة كهمزة بعرفات، وليس من الموقف (5). وقال الشيخ في اصحاب ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: جابر بن عبد الله


1) الاستيعاب: 1 / 221 وفيه حرام بالراء المهملة 2) رجال الشيخ: 12 3) القاموس: 4 / 96 4) رجال الشيخ: 38 وفيه العربي بدل العرنى 5) القاموس: 4 / 247 (*)

[ 207 ]

[… ] – الانصاري (1). وكذلك في أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام (2). وقال في أصحاب سيد الساجدين أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام: جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله (3). وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهما السلام: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام أبو عبد الله الانصاري صحابي (4). وقال رحمه الله تعالى في مصباح المتهجد في زيارة الاربعين وهو العشرون من صفر: في يوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وكان أول من زاره من الناس، وتستحب زيارته عليه السلام وهي زيارة الاربعين (5). قلت: ماقاله الشيخ رحمه الله أنه رضي الله تعالى عنه شهد بدرا هو الاصح. وقال ابن عبد البر: وأراد جابر شهود بدر فخلفه أبوه على أخواته وكن تسعا وخلفه أبوه يوم أحد أيضا وشهد ما بعد ذلك، وكان له من الولد عبد الرحمن ومحمد وحميد وميمونة وأم حبيب، ومات سنة ثمان وسبعين وهو ابن أربع وتسعين. وقال أبو الحسن المسعودي في مروج الذهب: مات جابر بن عبد الله الانصاري في أيام عبد الملك بن مروان بالمدينة، وذلك في سنة ثماني وسبعين، وقد ذهب بصره


1) رجال الشيخ: 66 2) رجال الشيخ: 72 3) رجال الشيخ: 85. وفيه حرام بالراء المهملة 4) رجال الشيخ: 111 5) مصباح المتهجد 730 (*)

[ 208 ]

[… ] – وهو ابن نيف وتسعين سنة، وقد كان قدم إلى معاوية بدمشق فلما اذن له قال يا معاوية: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” من حجب ذا فاقة وحاجة حجبه الله، يوم فاقته وحاجته، فغضب معاوية وقال: وأنت قد سمعته يقول: ” انكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تردوا علي الحوض ” فهلا صبرت. قال: ذكرتني ما نسيت، وخرج فاستوى على راحلته، ومضى فوجه إليه معاوية بستمائة دينار، فردها وقال لرسوله: قل يابن آكلة الاكباد: والله لاوجدت في صحيفتك سنة أنا سببها أبدا انتهى كلام مروج الذهب (1). وفي الكشاف: في قوله عز سلطانه آخر سورة يونس ” واتبع ما يوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ” وروي أنها لما نزلت جمع رسول الله صلى الله عليه وآله الانصار فقال: انكم ستجدون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني، يعني أمرت في هذه الاية بالصبر على ما سامتني الكفرة فصبرت فاصبروا أنتم على ما يسومكم الامراء الجورة. قال أنس: فلم نصبر، وروي ان ابا قتادة تخلف عن تلقي معاوية حين قدم المدينة وقد تلقته الانصار، ثم دخل عليه فقال له: مالك لم تتلقنا ؟ فقال: لم يكن عندنا دواب فقال: أين النواضح ؟ قال: قطعناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الانصار انكم ستلقون بعدي أثرة، قال معاوية فماذا قال ؟ قال: فاصبروا حتى تلقوني قال: فاصبروا، قال: اذن نصبر فقال عبد الرحمن ابن حسان: الا أبلغ معاوية بن حرب * أمير الظالمين نثا كلامي بأنا صابرون فمنظروكم * إلى يوم التغابن والخصام انتهى كلام الكشاف (2).


1) مروج الذهب: 3 / 115 2) الكشاف: 2 / 256 – 257 (*)

[ 209 ]

ابن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن معاوية بن عمار، عن أبي الزبير المكي، قال سألت جابر بن عبد الله، فقلت أخبرني أي رجل كان علي بن أبي طالب ؟ قال: – وثانيهما جابر بن عبد الله بن رآب السلمي الانصاري. وذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في عداد الصحابة بعد جابر ابن عبد الله بن عمرو بن حزام فقال: جابر بن عبد الله بن رئاب السلمي سكن المدينة، روى عن أنس حديثين كنيته أبو ياسر (1). رئاب بالراء المكسورة والهمزة بعدها. في القاموس: رأب الصدع كمنع، أصلحه وأشعبه كأرتابه، ورئاب ككتاب، والد هارون بن رئاب الصحابي البدري، ورئاب بن عبد الله المحدث، وجد جابر ابن عبد الله الصحابي، وجد زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنهم (2). والسلمي باهمال السين المفتوحة وكسر اللام. في المغرب: السلمة – بفتح السين وكسر اللام – الحجر، وبها سمي بنو سلمة بطن من الانصار. قوله رحمه الله: عن أبي الزبير المكى الطريق إلى أبي الزبير صحيح، وأبو الزبير المكي معروف الرواية عن جابر رضي الله تعالى عنه، ومعاوية بن عمار معروف الرواية عنه، وكذلك فضيل بن عثمان. قال الذهبي في مختصره: جابر بن عبد الله السلمي عقبي، عنه بنوه محمد وعبد الرحمن وعقيل وابن المنكدر وأبو الزبير وخلق، مات 78. وقال معاوية بن عمار الدهني، ودهن بالضم حي من بحيلة، ويقال: دهن بالتحريك، عن أبي الزبير وجعفر بن محمد، وعنه معبد بن راشد وقتيبة، ثقة


1) رجال الشيخ: 12 2) القاموس….. (*)

[ 210 ]

فرفع حاجبيه عن عينيه وقد كان سقط على عينيه، قال، فقال ذاك خير البشر أما والله ان كنا لنعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم أياه. – قوله رضى الله تعالى عنه: ان كنا لنعرف المنافقين ان بكسر الهمزة واسكان النون على المخففة من المثقلة ويبطل التخفيف عملها وتدخل على الجملة الاسمية مثل ان زيد لمنطلق، وعلى الجملة الفعلية ان كان زيد لكريما. والفعل الذي تدخل عليه ان المخففة يجب أن يكون مما يدخل على المبتدأ والخبر، واللام لازمة لخبرها، وهي التي تسمي ” الفارقة ” لانها تفرق بين ان المخففة وان النافية. وتكون أيضا ان زائدة في الكلام للتحبير والتزيين، إذا لم يكن مستعملة مع اللام. وروى أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعا عن أبي الزبير قال: قلت لجابر كيف كان علي فيكم ؟ قال: ذاك خير البشر، ماكنا نعرف المنافقين الا ببغضهم اياه (1). وروى مرفوعا إلى أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني (2). وعن أبي سعيد الخدري مسندا قال: كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم عليا (2). وعن زيد بن أرقم: ما كنا نعرف المنافقين الا ببغضهم عليا (4).


1) رواه الخوارزمي في المناقب: 231 والطبري في ذخائر العقبي: 91 2) رواه الحاكم في المستدرك: 3 / 123 و 146 والذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 323 3) رواه الترمذي في صحيحه: 13 / 168 وابن الجوزى في تذكرة الخواص: 32 4) احمد بن حنبل في مسنده: 6 / 296 ومسلم في صحيحه: 1 / 86 وذخائر العقبى: 91 والنسائي في خصائصه: 37 والطرائف للسيد ابن طاوس: 69 (*)

[ 211 ]

[… ] – وروى البغوي في المصابيح من الصحاح: أن عليا عليه السلام قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الامي الي أنه لا يحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق (1). ورواه مسلم في صحيحه عن زربن حبش عن علي عليه السلام (2). وفي صحاح أصولهم ومسانيدهم بأسانيد متشعبة وطرق شتى أنه صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق (3). وقال: لو لا انت لم يعرف حزب الله. وقال صلى الله عليه وآله من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا، فهو كاذب ليس بمؤمن (4). وانه صلى الله عليه وآله كان جالسا فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كذب من زعم أنه تولاني وأحبني وهو يعادي هذا ويبغضه، والله لا يبغضه ويعاديه الا كافر أو منافق ولد زنية (5). وقال: من تولاه فقد تولاني ومن تخلاه فقد تخلاني (6). وأنه صلى الله عليه وآله قال: علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيث ما دار (7). قال: يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة (8).


1) مصابيح السنة للبغوي: 1 / 201 ط الخيرية بمصر 2) صحيح مسلم: 1 / 60 3) راجع الطرائف: 69 المطبوع بقم، ورواه احمد في مسنده 6 / 292 4) رواه الخوارزمي في المناقب: 45 ط تبريز 5) روى نحوه احمد بن حنبل في مسنده: 1 / 84 ط مصر 6) رواه ابن المغازلى في المناقب: 231 7) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 321 8) رواه الترمذي في المناقب المرتضوية: 113 ط بمبئى وابن الجوزى في التذكرة: 59 (*)

[ 212 ]

[… ] – وبالجملة من القطعيات المتواترات أن حب النبي عليه وآله الصلاة والتسليم والتصديق ما لم يكن مقرونا بحب علي عليه السلام ومعرفة حقه والاستيقان بمنزلته، لم يكن مخرجا للمرأ من هوة الكفر والنفاق، ولا مدخلا اياه في طوار الدين والايمان. نقل وتذييل أوردت في بعض معمولاتي ومعلقاتي كلاما بهذه الالفاظ: لله در امام المتشككين وعلامة المتكلفين من أعاظم علماء العامة فخر الدين الرازي، ولى فيه وجهته، شطر كعبة الحق، وآثر في سلوكه سبيل مسلك الانصاف، ومن ذلك ما قد أنطفه الله بالقول الفصل الثابت في التفسير الكبير حيث قال في حجج الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم: الحجة الثالثة أن الجهر بذكر الله يدل على كونه منتخرا بذلك الذكر غير مبال بانكار من ينكره، ولاشك أنه مستحسن في العقل فيكون في الشرع كذلك، لقوله عليه السلام ” ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن “. ومما يقوى هذا الكلام أيضا ان الاخفاء والاسرار لا يليق الا بما يكون عيبا ونقصانا، فيخفيه ويستره لئلا ينكشف ذلك العيب، اما الذي يفيد أعظم الورع الفخر والفضيلة في الحقيقة، فيكف يليق بالعاقل اخفاؤه ؟ ومعلوم انه لا منقبة للعبد أعلى وأكمل من كونه ذاكر الله بالتعظيم، ولهذا قال صلى الله عليه وآله: طوبي لمن مات ولسانه رطب من ذكر الله ” وكان علي بن ابي طالب عليه السلام يقول: يامن ذكره شرف للذاكرين، ومثل هذا كيف يليق بالعاقل ان يسعى في اخفائه ؟ ولهذا السبب نقل أن عليا عليه السلام كان مذهبه الجهر ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم ” في جميع الصلوات. واقول: ان هذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي لاتزول بسبب كلمات المخالفين. الحجة الرابعة: ما رواه الشافعي بأسناده أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم، ولم


[ 213 ]

[… ] – يقرء ” بسم الله الرحمن الرحيم ” ولم يكبر عند الخفض إلى الركوع والسجود. فلما سلم ناداه المهاجرين والانصار يا معاوية ! سرقت من الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير عند الركوع والسجود ؟ ثم انه اعاد الصلاة مع التسمية والتكبير. قال الشافعي: ان معاوية كان سلطانا عظيم القوة شديد الشوكة، فلولا ان الجهر بالتمسية كان كالامر المتقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والانصار، والا لما قدروا على اظهار الانكار بسبب ترك التسمية. الحجة الخامسة: روى البهيقي في السنن الكبير عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجهر في الصلاة ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم ” ثم ان البيهقي روى الجهر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن الزبير. وأما أن عليا عليه السلام كان يجهر بالتسمية، فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب عليه السلام فقد اهتدى، والدليل قوله صلى الله عليه وآله: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار انتهى كلامه بعبارته (1). ثم قال: وأقول: ان أنسا وابن المغفل خصصا عدم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم للخلفاء الثلاثة، ولم يذكرا عليا، وذلك يدل على اطباق الكل على أن عليا عليه السلام كان يجهر ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم “. وأيضا هاهنا تهمة أخرى وهى أن عليا عليه السلام كان يبالغ في الجهر ب‍ ” بسم الله الرحمن الرحيم فلما وصلت الدولة إلى بني امية بالغوا في (المنع عن الجهر سعيا في ابطال آثار على عليه السلام، فلعل أنسا خاف منهم، ولهذا السبب اضطربت أقواله فيه. ونحن ان شككنا في شئ، فانا لانشك أنه مهما وقع التعارض بين قول أنس


1) التفسير الكبير: 1 / 204 (*)

[ 214 ]

[… ] – وابن المغفل، وبين قول علي عليه السلام، والذي بقي عليه طول عمره فان الاخذ بقول علي عليه السلام أولي، وهذا جواب قاطع في هذه المسألة. ثم هب أنه حصل التعارض بين راويكم وراوينا، الا أن الترجيح معنا من وجوه: الاول راوي أخباركم أنس وابن المغفل، وراوي قولنا علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عباس، والثاني ان الدلائل العقلية موافقة لنا وعمل علي بن أبي طالب عليه السلام معنا، ومن اتخذ عليا عليه السلام اماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى (1). انتهى كلام امام المتشككين في التفسير الكبير في هذه المسألة بألفاظه. قلت له: يا امام قومك وعلامة أصحابك ما أحبر عقباك، وأكرم مثواك، وأحسن خاتمتك، وأسعد عاقبتك لو كنت مهتديا لسوآء السبيل بالاقتداء بعلى بن ابى طالب عليه السلام في ساير ابواب الدين على العموم، كما اقتديت واهتديت به عليه السلام في هذه المسألة بخصوصها. ويحك ما خطبك علماؤكم ومحدثو كم وحملة أخباركم ونقلة آثاركم وانت معهم مطبقون قاطبة على ان عليا عليه السلام لم يبايع ابا بكر إلى ستة اشهر، وهي مدة بقاء البتول الزهراء عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، مدعيا ان الخلافة حقه والامامة منصبه، محتجا على الاقوام بقوله عليه السلام: أنتم بالبيعة لي أحق مني بالبيعة لكم، واني احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار يا ابا بكر قد استبدت علينا واستأثرت بحقنا واخرجت سلطان محمد صلى الله عليه وآله من بيته. والشيعة مجمعون على ان ابائه عليه السلام عن البيعة لم يكن متخصصا بستة أشهر، وانه لم يبايع أحدا ابدا، بل انما قعد عن القيام بمطالبة حقه، وترك الجهاد في محاولة الاستواء على سرير منصبه، لعدم مساعدة الزمان وقلة الانصار والاعوان، وذلك امر مكشوف ظاهر كالشمس في الهاجرة، مستبين من صحيحكم واصولكم ومسانيدكم


1) التفسير الكبير: 1 / 207 (*)

[ 215 ]

. [… ] – كما قد نقلناه سابقا وكنا قد فصلنا القول فيه في كتاب نبراس الضياء. فأنت إذا كنت من المستيقنين ان الحق مع علي صلوات الله عليه دائر معه حيث دار، وان المقتدي به عليه السلام في دينه مستمسك بالعروة الوثقى في يقينه، فهلاكنت قد استمسكت به مصدقا في دعواه، موثرا اياه في اتخاذه اماما لدينك على من عداه ومثل هذه الحجة يجري على حجة اسلامكم الشيخ الغزالي حيث يقول في كتابه احياء العلوم: لم يذهب ذو بصيرة إلى تخطئه علي قط. ويقول في رسالته اللدنية العاقل يقتدي بسيد العقلاء علي بن أبي طالب فليتبصر. عبد الله أبو جابر وجابر أيضا في الترجمة، على ما في طائفة جمة من النسخ عبد الله بن جابر بن عبد الله وجابر أيضا وهو الصواب. وأبو جابر عبد الله بن عمرو بن حزام – باهمال الحاء المكسورة والزاء وقيل: حرام بفتح الحاء المهملة والراء ضد الحلال – الانصاري، كان من النقباء الاثنا عشر ليلة البيعة، ومن السبعين في بيعة العقبة، شهد بدرا وهو من شهداء أحد. وابنه جابر بن عبد الله انصاري كان من السبعين ولم يكن من النقباء الاثنا عشر رضي الله تعالى عنهما، ذكر ذلك أصحاب الحديث من أصحابنا ومن العامة جمعيا. قال ابن الاثير في جامع الاصول: عبد الله بن عمرو بن حرام الانصاري السلمي والد جابر بن عبد الله، وقد تقدم تمام نسبه عند ذكر ابنه جابر، وعبد الله شهد العقبة مع السبعين، وهو أحد النقباء وشهد بدرا وقتل يوم أحد، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لجابر: ان الله أحيا أباك وكلمة كفاحا انتهى كلامه. وقال ابن عبد البر: عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة أبو جابر، شهد العقبة مع السبعين وهو أحد النقباء عشر، وشهد بدرا واحدا، وقتل يومئذ (1).


1) الاستيعاب: 2 / 339 (*)

[ 216 ]

[… ] – ثم ان بعض النسخ الحديثة السقيمة الغير الملتفت لغتها قد صحف أبو بابن في الترجمة وفي متن الحديث، فبعض من لم يتمهر من ابناء هذا العصر توهمه صحيحا وحسبه صوابا، وزعم من هناك ان عبد الله بن جابر بن عبد الله الانصاري المشهور من الرجال ومن النقباء الاثنا عشر ومن السبعين، واما أبوه أبو جابر فهو من السبعين لامن الاثنا عشر (1). ومن له قدم معرفة في الاخبار والاحاديث يعلم ان ذلك من ضعف قوة النظر ونقص رأس مال التتبع وقلة بضاعة التحصيل، وانه لم يكن لجابر بن عبد الله الانصاري المشهور رضي الله عنه ابن مذكور في كتب الرجال اسمه عبد الله، ولو فرضنا صحته فكيف يستقيم كونه من الاثنا عشر ومن السبعين، وابوه من السبيعن لامن الاثنا عشر ثم لو صح ذلك لكان يذكر جابر بن عبد الله وعبد الله بن جابر ايضا بالعكس، وكان هذا الحاسب المتوهم انما منشأ حسبانه مسبار توهمه انه رأي في كتب الرجال عبد الله بن جابر الانصاري، فالتبس الامر عليه فحسب انه ابن جابر بن عبد الله الانصاري المعروف وليس كذلك. قال في جامع الاصول: عبد الله بن جابر هو عبد الله بن جابر البياضي الانصاري قال ابن مندة: ان البياضي الذي روى عنه أبو حازم التمار، وهو الذي جاء حديثه في الجهر بالقراءة في الصلاة، واخرجه الموطأ فقال: ان اسمه عبد الله بن جابر وقال: سماه أبو عبيد عن اسحاق بن عيسى عن مالك. حازم بالحاء المهملة والزاء. والتمار بتاء فوقها نقطتان انتهى كلام جامع الاصول. فتثبت ولا تكونن من الغالطين.


1) ذكره الرجالي الميرزا محمد الاستر ابادي في كتابه منهج المقال: 200 و 77، ولكن قال في عبد الله بن جابر: وفى بعضها – أي بعض نسخ الكشى – عبد الله أبو جابر بن عبد الله وهو الصحيح انتهى. وعلى هذا فلا يستحق هذه الطعون عليه (*)

[ 217 ]

87 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد بن يزيد بن القمي، قال حدثني أحمد بن محمد بن عيسي القمي، عن ابن فضال، عن عبد الله بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان عبد الله أبو جابر بن عبد الله من السبعين ومن الاثني عشر، وجابر من السبعين وليس من الاثنى عشر. 88 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حريز، عن أبان بن تغلب، قال حدثني أبو عبد الله عليه السلام قال: ان جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا الينا أهل البيت – قوله رحمه الله تعالى: عن ابن فضال عن عبد الله بن بكير هو الحسن بن علي بن فضال، وهوفي عداد الذين على تصحيح ما يصح عنهم الاجماع على قول، كما سيأتي في مقامه، وهو من ثقاة الفطحية وأجلة عدولهم. وعبد الله بن بكير ثقة جليل فقيه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه والاقرار بالفقه والفضل والثقة. قوله عليه السلام: كان عبد الله أبو جابر هذا هو الصحيح كما قد علمت وفي نسخ غير مصححة ” ابن ” مكان ” أبوه “، وهو تصحيف غلط بني عليه ولم يتفطن على فساده بعض القاصرين، فلا تكونن من الغافلين. قوله رحمه الله: محمد بن سنان عن حريز ورواه بعينه رئيس المحدثين أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى في جامعه الكافي في كتاب الحجة بهذا السند، ولكن باسقاط حريز من البين على هذه الصورة: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان جابر بن عبد الله الانصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا الينا أهل البيت الحديث بتمامه (1).


1) اصول الكافي: 1 / 390 باب مولد أبي جعفر محمد بن على عليهما السلام (*)

[ 218 ]

وكان يعقد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون جابر يهجر، فكان يقول لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول، قال، فبينا جابر يتردد ذات – وحديث جابر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله مروي عند العامة والخاصة من طرق شتى وطرائق مختلفات، والقدر المشترك بينهما متواتر بالاتفاق لدى الجميع. قوله عليه السلام: وهو معتم بعمامة سوداء الاعتمام افتعال من العمامة، بمعنى اتخاذها ولفها على الرأس، وهي بكسر العين وتخفيف الميم واحدة العمائم، وفي الكافي معتجر (1) مقام معتم، والاعتجار أيضا لف العمامة على الرأس قال قي المغرب: الاعتجار الاختمار والاعتمام أيضا، وأما الاعتجار المنهي عنه في الصلاة، وهولي العمامة على الرأس من غير ادارة تحت الحنك كالاقتعاط عن الغوري والازهري، وتفسير من قال هو أن يلف العمامة على رأسه ويبدي الهامة أقرب لانه مأخوذة من معجر المرأة، وهو ثوب كالعصابة تلفها المرأة على استدارة رأسها، وفي الاجناس عن محمد المعتجر المنتقب بعمامته وقد غطى أنفه. قوله عليه السلام: كان ينادي يا باقر العلم قال الجوهري في الصحاح: بقرت الشئ بقرا فتحته ووسعته، ومنه قولهم أبقرها عن جنينها أي شق والتبقر التوسع في العلم والمال، وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام الباقر لتبقره في العلم (2). قوله عليه السلام: يقولون جابر يهجر قال في المغرب: الهجر بالفتح الهذيان ومنه قوله تعالى ” سامرا تهجرون ” الهجر


1) اصول الكافي: 1 / 390 2) الصحاح: 2 / 594 (*)

[ 219 ]

[… ] – بالضم الفحش اسم من أهجر في منطقه إذا أفحش، ومنه قول عمر للنبي صلى الله عليه وآله ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله، أو أهجر على اختلاف الرواية في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما (1). قال ابن الاثير في النهاية: يقال أهجر في منطقة يهجر اهجارا إذا أفحش، وكذلك إذا كثر الكلام فيما لا ينبغي، والاسم الهجر بالضم، وهجر يهجر هجرا بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذي. ومنه الحديث: إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا، روي بالضم والفتح من الفحش والتخليط، ومنه حديث مرض النبي قالوا: ما شأنه أهجر ؟ أي اختلف كلامه بسبب المرض على سبب الاستفهام، أي هل تغير كلامه واختلط لاجل ما به من المرض، هذا أحسن ما يقال فيه ولا يجعل اخبارا، فيكون اما من الفحش أو الهذيان، والقائل كان عمر، ولا يظن به ذلك (2) انتهى قول النهاية. وقال صاحب الكشاف في الفائق: النبي صلى الله عليه وآله قال في مرضه ايتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا فقالوا: ما شأنه أهجرأي أهذي يقال: هجر يهجر إذا هذ ي وأهجر أفحش (3) انتهى كلامه. ونحن نقول: وايم الله ان الاستفهام والاخبار هناك من الكفر والنفاق لبمنزلة واحدة، فمن المستبين ان استناد الفحش أو الهذيان إلى سيد الانبياء والمرسلين اخبارا كان أو استفهاما والرد عليه عنادا كان أو اجتهادا لا يجامع الايمان أصلا. وأما ما تجشمه الكرماني في شرح صحيح البخاري ان عمر أراد بذلك الهجرة المهاجرة (4)، فمما لا يكاد يصح، وانما كان يكون له وجه بعيد في الاستقامة لو كان


1) مسلم في صحيحه: 3 / 1257 كتاب الوصية، والبخاري في صحيحه 5 / 127 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 246 3) الفائق: 4 / 93 4) شرح صحيح البخاري للكرماني: 16 / 235 (*)

[ 220 ]

يوم في بعض طرق المدينة: إذا هو بطريق في ذلك الطريق كتاب فيه محمد بن علي ابن الحسين عليه السلام، فلما نظر إليه قال يا غلام أقبل ! فاقبل ثم قال أدبر ! فأدبر، فقال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفس جابربيده، يا غلام ما اسمك ؟ فقال اسمي محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل رأسه، وقال: – قال: هاجر مكان هجر، كماقد فصلنا ه في الرواشح السماوية (1) فليعلم. قوله عليه السلام: في ذلك الطريق كتاب الكتاب بضم الكاف وتشديد التاء بمعنى المكتب، أي مكان الكتابة على فعال في معني مفعل. قال في القاموس: الا كتاب تعليم الكتابة، كالتكتيب والاملاء، والكتاب كرمان المكتبة (2). وقال في المغرب: وكتبه علمه الكتابة، ومنه وسلم علامة إلى مكتب أي إلى معلم الخط، روي بالتخفيف والتشديد. أما المكتب والكتاب فمكان التعليم، وقيل: الكتاب الصبيان. وليكن من المعلوم عندك أن الائمة الحجج المعصومين صلوات الله وتسليماته على نفوسهم المقدسة وأجسادهم المطهرة معلمهم الله ورسوله، وأنهم مستغنون بتأييد روح القدس باذن الله سبحانه عن الاساتذة والمعلمين الا عن آبائهم الطاهرين، وحضور أبي جعفر الباقر عليه السلام الكتاب لحكم ومصالح ليس يدافع ذلك، فلا تكونن من الممترين.


1) الرواشح السماوية ص 140 2) القاموس: 1 / 121 (*)

[ 221 ]

بأبي أنت وأمي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك، ويقول لك، قال، فرجع محمد بن علي عليه السلام إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر، فأخبره الخبر، فقال له: يا بني قد فعلها جابر ؟ قال: نعم. قال: يا بني ألزم بيتك – قوله عليه السلام: بأبي أنت وأمى رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك ويقول لك على التكرير يعني يقول لك كذا، وفي الكافي يقول لك (1). مرة واحدة من غير تكرير أي يقول لك كذا وكذا. و ” يقرئك السلام ” بضم حرف المضارعة من باب الافعال أي يبلغك سلامه، فيحملك ان تقرأ السلام وترده عليه. قال ابن الاثير في النهاية: وفي الحديث: ان الرب عزوجل يقرئك السلام. يقال: اقرأ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده، وإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول، أقرأني فلان أي حملني على أن أقرأ عليه، وقد تكرر في الحديث (2). وقال الجوهري: قرأ عليه السلام وأقرأ السلام بمعنى (3). وفي القاموس قرأ عليه السلام أبلغه كأقرأه، ولايقال اقرأه الا إذا كان السلام مكتوبا (4). فأما صاحب المغرب فقد قال: وأقرأ سلامي على فلان وأقرأه سلامي عامي. قلت عليه: كلا اقرأه سلامي ليس بعامي، بل عربي صميم، متكرر في الحديث وكذلك اقرأ عليه سلامي، وانما العامي المولد اقرأه مني السلام.


1) أصول الكافي: 1 / 391 وفيه يقرئك السلام ويقول ذلك 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 31 3) الصحاح: 1 / 65 4) القاموس: 1 / 24 (*)

[ 222 ]

قال فكان جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله، فلم يلبث أن مضي علي بن الحسين عليهما السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله قال، فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله، قال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه. – كما قال علامة زمخشر، وهو شيخ صاحب المغرب في أساس البلاغة: واقرأ سلامي على فلان، واقرأه سلامي، ويقال: اقرأه مني السلام (1). هذا قوله ولكن قد تكرر في الحديث اقرأه السلام ايضا فليتثبت. قوله عليه السلام م: فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا بالهمزة على أفعل التفضيل من الجرئة، حسب أنه عليه السلام كان يحدث عن الله سبحانه فيقول: قال الله عزوجل، لانه كان قد أخذ عن آبائه الطاهرين عن رسول الله ورسول الله عن جبرئيل عن الله عزوجل. وفي الكافي قال: فجلس يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرء من هذا (2)، بزيادة ” تبارك وتعالى ” واسقاط ” قط ” وابدال ” هذا ” من ” ذا “. ومن أغلاط القاصرين الناظرين في كتاب الكشي لم يهتدوا في المرام فسقموا على زعم الصحيح وصحفوا عن الله بعن أبيه (3)، أعاذنا الله من الجهل بعد العلم،


1) أساس البلاغة: 499 وفيه ولايقال أقرئه منى السلام انتهى. ولعل كلمة ” لا ” محذوفة من نسخة الاساس عند السيد. فلا يرد عليه ما أورده. 2) أصول الكافي: 1 / 391 3) كما في المطبوع من رجال الكشي بجامعة مشهد (*)

[ 223 ]

89 – حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، قال حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عاصم الحناط، عن محمد بن مسلم، قال قال لي أبي عبد الله عليه السلام: ان لابي مناقب ماهن لابائي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجابر بن عبد الله الانصاري انك تدرك محمد بن علي فاقرأه مني السلام، قال: فأتي جابر منزل علي بن الحسين عليهما السلام فطلب محمد بن علي، فقال له علي عليه السلام هو في الكتاب أرسل لك إليه، قال: – ومن الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى. قوله رحمه الله: حدثنى أبو محمد جعفر بن معروف قد علمت فيما سبق أن أبا محمد جعفر بن معروف الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي هو الذي من أهل كش، وكان وكيلا مكاتبا لا مطعن (1) فيه. فهذا الطريق من عاصم بن الحناط – بالنون المشددة بعد المهملة المفتوحة – عن محمد بن مسلم بن رباح بالباء الموحدة، وقيل: بالياء المثناة من تحت الثقفي صحيح. وفى نسخة: حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، عن محمد بن مسلمة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام. وذلك من غلط الناسخ. ” محمد بن مسلمة ” بفتح الميم واسكان السين علي اسم المكان. قال أبو العباس النجاشي رحمه الله: كوفي ثقة، له كتاب يرويه علي بن الحسن الطاطري وغيره (2). ولم يذكر أحد أنه روى عن أبي عبد الله عليه السلام، وأيضا لقاء أبي محمد جعفر بن معروف اياه لا يخلو من بعد. قوله عليه السلام: فاقرأه منى السلام ما يقال: اقرأه مني السلام عامي مولد وليس بعربي صميم، لا تعويل عليه،


1) وفى ” ن ” لا يطعن فيه 2) رجال النجاشي: 286 (*)

[ 224 ]

لا ولكني أذهب إليه، فذهب في طلبه فقال للمعلم: أين محمد بن علي ؟ قال: هو في تلك الرفقة أرسل لك إليه ؟ قال: لا ولكني أذهب إليه، قال: فجائه فألتزمه وقبل رأسه وقال ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلني اليك برسالة أن اقرئك السلام ! قال: عليه وعليك السلام، ثم قال له جابر: بأبي أنت وأمي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيمة، قال: فقد فعلت ذلك يا جابر. 90 – أحمد بن علي القمي السلولي، قال حدثني ادريس بن أيوب القمي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جابر يعلم، وأثنى عليه خيرا، قال، فقلت له: وكان من أصحاب – لتكرره في الحديث. قوله عليه السلام: قال هو في تلك الرفقة الرفقة بضم الراء واسكان الفاء الجماعة المترافقون، والجمع رفاق بالكسر قاله في المغرب. وفي الصحاح: الرفقة بالضم الجماعة، ترافقهم في سفرك، والرفقة بالكسر مثله، والجمع رفاق، تقول منه: رافقته وترافقنا في السفر (1). قوله رحمه الله: أحمد بن علي القمى السلولى هو المعروف بشقران المقيم بكش، وقد تقدم غير مرة. قوله رحمه الله تعالى: عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدى يعني به الحسن بن محبوب. وعبد العزيز العبدي قال النجاشي كوفي روى عن أبي عبد الله عليه السلام ضعيف ذكره ابن نوح (2). وأما أن رواية الحسن بن محبوب عنه ضرب توثيق له، على ماقاله شيخنا


1) الصحاح: 4 / 1482 2) رجال النجاشي: 184 (*)

[ 225 ]

على عليه السلام قال: كان جابر يعلم قول الله عزوجل ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. – الشهيد قدس الله تعالى نفسه في شرح الارشاد في رواية الحسن بن محبوب عن أبي الربيع الشامي، فيكون الطريق صحيا للاجماع على تصحيح ما يصح عن الحسن ابن محبوب، فانما كان يستقيم لو لم يكن عبد العزيز العبدي محكوما عليه بالضعف، كما الامر في أبي الربيع الشامي، فليعرف. قوله عليه السلام: كان جابر يعلم قول الله عزوجل ” ان الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ” (1) الاية الكريمة منطوية في مطاوي بطونها الاشارة إلى سلسلتي البدو والعود في نظام الوجود ومراتب الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في السلسلتين، وأن الله سبحانه هو المبدء في سلسلة البدو، والمعاد في سلسلة العود، فهو مبتدء الوجود ومنتهاه، ومبدء كل موجود ومعاده. والاشاره إلى برهان التناسب من السبيل اللمي على اثبات العقل في سلسلة البدو، والى برهان التوازي من السبيل اللمي على تجرد النفس الناطقة العاقلة الانسانية في سلسلة العود، وأن منزلة خاتم الانبياء في سلسلة العود منزلة العقل الاول في سلسلة البدو، وأن وصي خاتم النبوة يتلوه في منزلته في السلسلة العودية، كما العقل الاول يتلوه العقل الثاني في منزلته في السلسلة البدوية. فلنشر إلى هذه الاسرار اشارة اجمالية ثم نكر فنبين معنى الحديث ومغزاه


1) لا يخفى جواز أن يكون المراد بذلك المعاد هو الرجعة في أوان ظهور قائم أهل البيت عليهم السلام، وأنه صلى الله عليه وآله يعاد أيضا، كما نطق به الاخبار، فالباري الحق تعالى مجده قد وعده صلى الله عليه وآله بأن الذى يعنى الباري جل مجده فرض عليك القرآن يردك إلى معاد، وأن جابر كان يعلم تفسير ذلك فتدبر ” سيد أحمد صهر المؤلف ” (*)

[ 226 ]

[… ] – فنقول اذن: ان هناك مسائل: المسألة الاولى: قال المفسرون: الذي فرض عليك أحكامه وفرائضه، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، لرادك بعد الموت إلى معاد، وتنكيره لتعظيمه، كأنه قال إلى معاد وأي معاد، وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه ليس لاحد من البشر غيرك مثله. أو الذي فرض عليك التخلق بخلق القرآن، وأوجب لك في بداية الامر بحسب قضائه الاول، ولوح الاستعد التام الكامل المفطور الفطري الذي هو العقل القراني الفرقاني، الجامع لقوة استجماع جميع كمالات النظر والعمل، وجوامع الكلم والحكم في الفطرة الاولى، لرادك في نهاية استتمام عقلك المستفاد واستكمال كمالك الممكن المكسوب الموهوب الا لهي في الفطرة الثانية، إلى معاد عظيم بهي ما أعظمه وأبهاه، لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره، وهو الفناء المحض في الله في أحدية الذات والبقاء الحق به على التحقيق في جميع الاخلاق والصفات. وقيل: المعاد مكة زادها الله شرفا وتعظيما، والمراد رده صلى الله عليه وآله إليها يوم الفتح السمألة الثانية: من المنصرح لدى العقل الصراح أنه ما لم تكن بين ذات العلة التامة وخصوصية ذات معلولها المنبعث عن نفس ذاتها بذاتها، مناسبة ذاتية، لا تكون بينها وبين غيره من سائر الاشياء تلك المناسبة، لم يكن يتعين ذلك المعلول بخصوصه من بين جملة الاشياء بالترتب (1) عليها، والا نبعاث عنها دون غيره من الاشياء بالضرورة الفطرية. واذ الباري الاول جل سلطانه ذاته الاحدية الحقة الواجبة بالذات من كل جهة كمالية تامة وفوق التمام، في أعلى مراتب المجد والكمال والعز والجلال والقدس والبهاء والعلو والكبرياء، فيجب أن يكون مجعوله الاول الصادر عن نفس ذاته بذاته


1) في ” س ” بالترتيب (*)

[ 227 ]

[… ] – والمنبجس عن علمه وعنايته وارادته واختياره التي هي عين مرتبة ذاته قبل سائر المجعولات، قبلية بالذات بحسب المرتبة العقلية، أفضل ما يبلغه ادراك العقول والاذهان، وأشرف ما وسعه طباع عالم الامكان، وأن تكون أولى من مراتب مجعولاته ومعلولاته التي هي من جملة الموجودات في نظام الوجود، أشرف المراتب وأفضلها وأكملها وأجملها، فاذن وجب أن يكون أولى مراتب نظام الوجود عالم الانوار العقلية وأن يكون العقل الاول من بينها بخصوصية جوهر ذاته هو المجعول الاول لاغير. المسألة الثالثة: انما ملاك الشرف والكمال في مراتب الموجودات وجواهر الهويات القرب من جناب الباري الحق، وميزان الخسة والنقص البعد عن جنابه الاعلى تعالى عزة، فالوجود يبتدأ منه عزوجل متنازلا في المراتب المترتبة، من الشرف إلى الخسة، ومن الكمال إلى النقص، ومن المستحيل أن يتمادي إلى نهاية فيجب أن ينتهي التنازل إلى حد محدود هو منتهى الخسد والنقصان لا يتعداه وان هو الا مرتبة الهيولى الاولى الحاملة لطباع ما بالقوة، وهي لا محالة أخيرة مراتب البداءة، وهى مشتلمة على قوة قبول جميع الصور اشتمالا انفعاليا، كما الجواهر العقلية التي هي أولي المراتب مشتلمة عليها جمعيا اشتمالا فعليا. ثم يعود فيتدرج فيضان نظم الوجود من افاضة الباري الفعال على الانعكاس متصاعدا من الخسة إلى الشرف، ومن النقص إلى الكمال، واذ ايستحيل أن يتمادي إلى ما لا نهاية، فينتهي لا محالة إلى حد أخير لا يتعداه، وهو منتهى المراتب في الشرف والكمال. فهذه المرتبة في العود التي هي أخيرة مراتب نظام الوجود في ازاء المرتبة الاولى في البدو، والله سبحانه هو المبدأ والمعاد، ومنه البدو واليه العود، وهو ولي الامر في الاولى والاخرة، له الخلق والامر والملك والملكوت، منه البداءة


[ 228 ]

[… ] – واليه النهاية. المسألة الرابعة: أخيرة المراتب العودية في ازاء أولى المراتب البدوية، وهي مرتبة نوع الانسان، فوجوب التوازي بين مراتب البدو ومراتب العود برهان تجرد النفس الناطقة الانسانية من طريق اللم، وتقريره من سبيلين: الاول: أليس من المستبين أنه يجب أن يكون مبدأ المبادي تعالى كبريائه أولا في ترتيب البدو وآخرا في ترتيب العود ؟ فكما المرتبة الاولى في ترتيب البدو تبتدأ في جهة التنازل من الجناب الحق القيومي الوجوبي، ولا شئ فوقها في مرتبة الكمال الا ذاته الواجبة الا حدية الحقة، إذ كان من المستحيل انبجاس الناقص النذل من الكامل الحق المتعال في أقصى الكمال قريبا، وانبعاثه عن ابتداء ا لا بواسطة ما هو أكمل منه في المرتبة، الا فيما يكون ذاته تحت الكون ووجوده مرهونا بالامكان الاستعدادي بتة. فكذلك المرتبة الاخيرة في ترتيب العود الموازية للمرتبة المبتدءة في ترتيب البدو، تنتهى في جهة التصاعد إلى جنابه الا على الربوبي، ولا شئ ورائها في مرتبة الكمال لا ذاته التامة القيومية، إذ كان يستحيل الناقص الجراح (1)، وانتهاؤه في ترتيب الشرف والكمال إلى الكامل التام الحق من كل جهة، واتصاله بجنابه من دون توسط ما هو أشرف مرتبة وأتم كمالا في البين. فاذن وجب في الاصول البرهانية بالضرورة العقلية، ان يكون النفوس الانسانية التي هي آخر ترتيب في التصاعد جواهر مجردة عاقلة، صايرة في استكمال مرتبة العقل المستفاد على أعلى النصاب الممكن، عالما عقليا مطابقا لنظام الوجود كله من الصدر إلى الساقة مضاهيا وموازيا لعالم الانوار المفارقة العقلية التي هي أول ترتيب البدو في التنازل، فليتعرف. الثاني: مقتضى الحكمة البالغة التامة الربوبية، والعناية الاولى السابغة الكاملة


1) في ” ن ” الحذاح (*)

[ 229 ]

[… ] – الاليهة تنسيق المراتب واتساق النظام على الوجه الاكمل، ووجوب الموازاة من مراتب البدو ومراتب العود في السلسلتين على التعاكس بالتنازل والتصاعد، فذلك مبدأ استيجاب هذه المرتبة العقلية الاخيرة العودية في نظام الوجود علي أقصى النصاب الممكن في الكمال والشرف ازاءا لتلك المرتبة العقلية الاولى البدوية. فاذن يجب لا محالة وجود النفس الناطقة المجردة العاقلة الانسانية واستكمال قصوى الغاية واستتمام نصاب الشرف والكمال في مرتبة عقلها المستفاد في آخر ترتيب العود بازاء مرتبة العقول النورية المفارقة في أول ترتيب البدو، والا لا نتقصت تمامية الحكمة التامة وانتقصت كمالية العناية الكاملة فليثبت. المسألة الخامسة: مراتب سلسلة البدو في التنازل في البسائط وهي خمس والمتقدمة فيها أكمل وأشرف من المتأخرة، ومراتب سلسلة العود بالتصاعد في المركبات، وهي أيضا خمس والمتأخرة فيها أشرف وأكمل من المتقدمة. أما مراتب السلسلة الطولية البدوية فأولها: مرتبة عالم العقول النورية المفارقة ولها عرض عريض في الكمال (1) من العقل الاول إلى العقل الاخير، وهذا العالم أتم ضربي عالم الامر، وأفضل ضروب ملائكة الله المقربين، ولهذا العالم من الحروف حرف ” ب “. وثانيتها: مرتبة عالم النفوس المجردة السماوية، ولها أيضا في الشرف والكمال عرض عريض من نفس الفلك الاقصى إلى نفس فلك القمر، وهذا العالم ضرب آخر من عالم الامر من الملائكة الفاضلة المجردة والانوار العاقلة المدبرة، وحرفا هذا العلم ” ج – ز “. وثالثتها: مرتبة عالم النفوس المنطبعة السماوية على عرض عريض باختلاف درجات الكمال، وهذا العلم أتم ضروب الملائكة الجسمانية وأعلاها.


1) وفى ” س ” في اكمال (*)

[ 230 ]

[… ] – ورابعتها: مرتبة عالم الصورة الجرمية من صورة جرم الكرة الاقصى إلى صورة جرم كرة الارض. وخامستها: مرتبة عالم الهيوليات من هيولي الفلك الاقصى إلى هيولى عالم العناصر المشتركة الواحدة بالهوية الشخصية، وهي مركز النقصان والخسة ومحل الامكان الاستعدادي وحامل القوة الانفعالية، وحرف هذا العلم ” ط “. وأما مراتب السلسلة الطولية العودية فالاولى منها: مرتبة الاجسام النوعية البسيطة من الفلك الاعلى إلى جرم الارض، وصورها المنوعة الجوهرية، وطبايعها المنطبعة الجسمانية. والثانية: مرتبة الصور الاولى الحادثة بعد التركيب المزاجي من البسائط التي هي الاسطقسات العنصرية، كالصور الجوهر المعدنية وغيرها على اختلاف مراتبها. والثالثة: مرتبة النفوس الجوهرية المنطبعة النباتية على اختلاف أنواعها بأسرها. والرابعة: مرتبة النفوس الجوهرية الحيوانية بأنواعها المختلفة بأسرها. والخامسة: مرتبة العالم الاصغر الذي هو نسخة العالم الاكبر المطابقة له الجامعة لما فيه من رطب نظام الوجود ويابسه، أي النفوس الناطقة الانسانية بأخيرة مراتبها في استتمام القسط واستكمال النصاب وهي مرتبة العقل المستفاد المشتمل على صور جميع الموجودات بالفعل اشتمالا انفعاليا، كما كانت العقول المفارقة في المرتبة الاولى البدوية مشتملة عليها اشتمالا فعليا بحرف هذا العالم العقلي، الذي هو آخر نظام الكل من الحروف الثمانية والعشرين ” س “، كما بينه شريكنا السالف في النيروزية. ونحن حققناها في شرحها وفي الجذوات والمواقيت وفي نبراس الضياء


[ 231 ]

[… ] – ولقد قلنا في نبراس الضياء: أن من رموز القرآن الحكيم واسراره أن مبتدأه من الحروف ” ب ” حرف أول سلسلة البدو، ومختتمه ” س ” حرف آخر سلسلة العود، ليكون كتاب الله المبين الايجابي التدويني مطابقا لكتاب الله الا بداعي التكويني، فيكونا متطابقين في الفاتحة والخاتمة في البداية والنهاية. فاذن فليتدبر كيف استدار نظام الوجود فعاد في آخر سلسلة العود إلى عالم العقول المستفاد، كما كان ابتداءا في أول سلسلة البدو من عالم العقول الفعالة، فنظام الكل دائرة عقلية وجودية نصف قطرها الهبوطي من العق المحض بالفعل اليهولي الاولى، ونصف قطرها الصعودي من الجسم البسيط بالحقيقة النوعية إلى العقل المستفاد والمحيط في الاول والاخر هو الله سبحانه، والله بكل شئ محيط، ولجناب كبريائه المتعال بحسب اضافته إلى نظام الوجود بالابداع والافاضة والعناية والاحاطة والفيض والرحمة حرفا ” 1 – 5 ” وحق تحقيق هذه المعارف الربوبية على ذمة قبسات حق اليقين ونبراس الضياء. المسألة السادسة: كما أفضل هويات الجواهر العقلية في عرض المرتبة الاولى البدوية، أشرفها وأقربها إلى جنات المبدأ الفياض المحيط الحق تعالى سلطانه، هو العقل الاول الذي هو العقل العرش الاعظم، وأول مجعولات الباري الفعال، وأتم كلماته التامات وأجمعها. فكذلك أكمل مراتب العقول المستفادة لجواهر النفوس القدسية الانسانية في عرض المرتبة العودية، وأفضلها وأشرفها وأتمها على الاطلاق، وأقربها من المعاد الحق والمحيط المطلق علا كبريائه، مرتبة العقل المستفاد لجوهر نفس خاتم النبوة عليه وآله الطاهرين أفضل صلوات المصلين. فمنزلة خاتم النبوة في عرض المرتبة الاخيرة من مراتب طول السلسلة العودية


[ 232 ]

[… ] – منزلة العقل الاولى في عرض المرتبة الاولى من مراتب طول السلسلة البدوية، كما هناك ليس تتصور درجة رتبة كمالية نزولية تتوسط بين المبدأ الحق جل عزه وبين درجة العقل الاول، كذلك ها هنا لا يتصور درجة رتبة كمالية صعودية تتوسط بين درجة خاتم النبوة وبين معاد الحق علا كبريائه. ومن ثم كان العقل الاول نور نفس خاتم النبوة، لما بينهما من أتم المناسبة والموازاة، وأشد المشابهة والمضاهاة بحسب الدرجة. فقال صلى الله عليه وآله في حديث: أول ما خلق الله العقل، وفي حديث آخر: أول ما خلق الله نوري. المسألة السابعة: براهين وجوب بعث النبي وارسال الرسول والسنة الالهية والعناية الربوبية، ناهضة الحكم على وجوب اثبات وصي للرسول يقوم مقامه، وينوب عنه منابه، يكون خليفتة وبمنزلة نفسه، بواسطته يفيض الفيض، وينبث الدين ويقوم العدل، وينبسط النور، ويستوي الهدى، كما النفس خليفة العقل في ايصال الفيض إلى عوالم الوجود: والقلب خليفة النفس، والدماغ خليفة القلب في انبثاث القوى المدركة والقوى المحركة على جوانب البدن، والنخاع خليفة الدماغ على سائر الاعضاء. فكذلك النبي الرسول كالقلب في بدن العالم، ووصيه وخليفته كالدماغ والنخاع فاذن وصي خاتم الانبياء والمرسلين خليفته على جميع الخلق، وفي منزلة نفسه بحسب الدرجة، فيكون لا محالة مساهمة في رتبة درجته في عرض المرتبة الاخيرة في طول السلسلة العودية، فيشبه أن يكون درجته في عرض هذه المرتبة درجة العقل الثاني في عرض المرتبة الاولى البدوية. فالعقل الاول نور خاتم الانبياء، والعقل الثاني نور سيد الاوصياء، بل العقل الاول نورهما معا، لانهما كنفس واحدة. قال صلى الله عليه وآله: أنا وعلي من نور واحد (1).


1) رواه ابن الجوزى في تذكرة الخواص: 52 والقندوزى في ينابيع المودة 256 ط اسلامبول. (*)

[ 233 ]

[… ] – وقال عليه وآله الصلاة والتسليم: أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى (1). وقال صلى الله عليه وآله: ان الله جل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (2). وقال عليه وآله صلوات الله تسليماته: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الامة ولعن الله من عق أباه. وإذا تحققت ما تلوناه عليك: فاعلمن أن قوله سبحانه ” ان الذي فرض عليك القرآن ” اشارة إلى المبدأ الباري الاول عز سلطانه، إذ كل حقيقة وكمال حقيقة وكل وجود وكمال وجود من صنعة وجوده، وكل علم وحكمة وحياة وبهاء من فيضه ونوره، والى ترتيب البدو النازل في نظام الوجود من لدنه ودرجة العقل في أول مراتب السلسلة البدوية. إذ العقل الفعال الذي هو واهب الصور باذن ربه واسطة افاضة الفيض، وتنزيل الوحي على النفس نسبة اشراقه إلى ادراك البصيرة العقلية نسبة اشراق الشمس إلى أبصار الباصرة الحسية، كما قال في القرآن الكريم ” نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين (3) ” وقال ” فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا (4) “، وقوله تعالى ” لرادك ” اشارة إلى المعاد الحق لكل وجود موجود والى ترتيب العود الصاعد في انسياق النظام العائد إليه، ودرجة خاتم النبيين وسيد


1) رواه الحاكم في المستدرك 2 / 241 والخوارزمي في المناقب: 86 وابن حجر في الصواعق المحرقة 121 والذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 462 2) رواه الهيثمى في مجمع الزوائد 9 / 172 3) سورة الشعراء: 194 4) سورة مريم: 17 (*)

[ 234 ]

91 – أحمد بن علي، قال حدثني ادريس، عن الحسين بن بشير، قال حدثني هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم وزرارة، قالا: سألنا أبا جعفر عليه السلام عن أحاديث فرواها عن جابر، فقلنا: مالنا ولجابر ؟ فقال: بلغ من ايمان جابر أنه كان يقرء هذه الاية – ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. – الوصيين في أخيرة مراتب السلسلة العودية. والى رجوع النفس الصايرة بكمالها عالما فعليا في آخر منازل سفر الاستكمال في درجات العرفان ومقامات خلع البدن بالارادة في هذه النشأة، ومصيرها في أول أطوار طعن الروح ورفض الجسد بالطبيعة في النشأة الاخرة إلى جنابه البهي الاحدي الحق. فاذن فقد استبان سبيل قول أبي جعفر الباقر عليه السلام في هذا الحديث وهو أن جابرا كيف لا يكون من أصحاب على عليه السلام وقد كان يقرأ قول الله عزوجل ” ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد (1) ” ويعرف معناه ومغزاه ويعرف تفسيره وتأويله. قوله رحمه الله: عن الحسين بن بشير ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام الحسن بن بشير مكبرا وقال: مجهول (2). وقال العلامة في الخلاصة: انه من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام (3). وأما الحسين بن بشير بالتصغير، ففي كتاب أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى في عامة النسخ. قوله عليه السلام: بلغ من ايمان جابر أنه يقرأ هذه الاية أي يقرأها ويتدبرها ويعرف سرها ويعلم باطنها.


1) سورة القصص: 85 2) رجال الشيخ: 374 3) الخلاصة: 212 (*)

[ 235 ]

92 – أحمد بن علي القمي شقران السلولي، قال حدثني ادريس، عن الحسين ابن سعيد، عن محمد بن اسماعيل، عن منصور بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال ؟ قلت مالنا ولجابر تروي عن ؟ فقال: يا زرارة ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية – ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. 93 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الشقري، عن علي بن الحكم، – قوله رحمه الله تعالى: شقران السلولى الشقران بضم الشين المعجمة واسكان القاف لقب أحمد بن علي القمي. قال في القاموس: الشقران كعثمان وشقران مولى النبي صلى الله عليه وآله (1). يروي عن عبيدالله بن أبي رافع وكان حبشيا، يقال: شهد بدرا قاله الذهبي وغيره. و ” سلول ” باهمال السين وفتحها، وربما قيل: بالضم، فخذ من قيس، وهم بنو سمرة بن صعصعة، وسلول اسم أمهم منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي، وأم عبد الله بن أبي المنافق، قاله في القاموس (2). وفي الصحاح: سلول قبيلة من هوازن، وهم بنومرة بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن (3). قوله عليه السلام: ان جابرا كان يعلم تأويل هذ ه الاية قدتلونا عليك باذن الله سبحانه ظاهر هذه الاية وباطنها وتفسيرها وتأويلها، يعني عليه السلام: أن جابرا رضي الله تعالى عنه قد كان يعلم ويستيقن ذلك كله. قوله رحمه الله: قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الشقرى في أكثر النسخ ” الشقري ” باعجام الشين قبل القاف محركة نسبة إلى قبيلة في


1) القاموس: 2 / 62 2) القاموس: 3 / 397 3) الصحاح: 5 / 1731 (*)

[ 236 ]

عن فضيل بن عثمان عن أبي الزبير، قال: رأيت جابرا متوكا على عصاه وهو يدور – بني ضبة. قال في القاموس: شقرة بن الحارث بن تميم، أبو قبيلة من ضبة، والنسبة شقري بالتحريك (1). وقال في جامع الاصول: الشقري بفتح الشين وفتح القاف وبالراء، منسوب إلى شقرة بكسر القاف وبالراء، منسوب إلى شقرة – بكسر القاف – ابن الحارث بن تميم بن مرة، وقيل: شقرة اسمه الحارث بن تميم، وقيل: هو معاوية بن الحارث ابن تميم، قلبت كسرة القاف في النسبة فتحة على القياس. وفي بعض النسخ ” السفري ” (2) بالسين المهملة والفاء، اما بالتحريك نسبة إلى عبد الله بن أبي السفر الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أو باسكان نسبة إلى سفر ابن نسير بضم النون واهمال السين المفتوحة التابعي. قال في القاموس: الاسماء بالسكون والكنى بالحركة. وقال: أبو السفر محركة سعيد بن محمد كيعلم من التابعين، وعبد الله بن أبي السفر من أتباعهم (3). وفي نسخة عتيقة ” محمد بن المنقري ” بكسر الميم واسكان النون وفتح القاف نسبة إلى منقر بن عبيد، وهو أبو بطن من تميم، منهم سليمان بن داود المنقري. وبالجملة فحيث أن أبا جعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله، لم يذكر محمدا هذا في عداد من استثناه من رجال نوادر الحكمة، فيكون رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه مما يركن إليه ويعتمد عيه، فليعلم. قوله رحمه الله: عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير وهو أبو الزبير المكي، وقد أسلفنا نقلا عن الذهبي أن معاوية بن عمار وفضيل


1) القاموس: 2 / 61 2) كما في المطبوع من الكشى في جامعة مشهد. 3) القاموس: 2 / 49 (*)

[ 237 ]

في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول: علي خير البشر فمن أبي فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي فمن أبي فلينظر في شأن أمه. – ابن عثمان يرويان عنه. قوله رضى الله تعالى عنه: على خير البشر فمن أبى فقد كفر وروى الصدوق أبو جعفر بن بابويه رضوان الله تعالى في أمالية بأسناده عن أبي الزبير المكي قال: رأيت جابرا متوكأ على عصاوه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول عن النبي صلى الله عليه وآله: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب، فمن أبي فانظروا في شأن أمه (1). وروى بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجد برد حبنا أهل البيت على قلبه فليشكر أمه فانها لم تخن أباه (2). عن طريق العامة بأسانيدهم المعتبرة عن أبي الزبير المكي وعتبة العوفي، قال كل منهما: رأيت جابر بن عبد الله الانصاري يتوكأ على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وآله: علي خير البشر، من أبي فقد كفر، ومن رضي فقد شكر، ثم يقول: معاشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب فمن أبي فلينظر في شأنه أمه (3). وعن وكيع ويوسف القطان والاعمش بأسانيدهم أنه سئل جابر وحذيفة عن علي بن أبي طالب، فقالا: علي خير البشر لا يشك فيه الا كافر (4).


1) أمالى الصدوق: 68 ط نجف الاشرف 2) أمالى الصدوق: 546 3) رواه المتقى في كنز العمال 12 / 221 والعسقلاني في لسان الميزان 2 / 252 4) رواه محب الدين الطبري في ذخائر العقبى 96 والقندوزى في ينابيع المودة 246 (*)

[ 238 ]

[… ] – وعن عائشة مثله (1)، ورواه الطبري وسالم عن جابر من احدى عشرة طريقة. وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي يقول: جاء خير البرية (2). قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يقل علي خير البشر فقد كفر (3). وعنه صلى الله عليه وآله: من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (4). وفي حديث آخر: وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية (5). وروى الدارمي باسناده عن عائشة، وكذلك الديلمي في الفردوس في الولاية وأحمد بن حنبل في الفضائل وفي المسند، والا عمش عن أبي وائل وعن عطيه العوفي عن عائشة، وعطاء أيضا عن عائشة جمعيا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: علي خير البشر من أبى فقد كفر، ومن رضي فقد شكر (6). وأورده امامهم العلامة فخر الدين الرازي في نهاية العقول وفي كتاب الاربعين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر من أبي فقد كفر (7). وفي مسانيدهم بأسانيدهم المعول عليها عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: على خير البرية (8).


1) رواه ابن عساكر في ترجمة الامام على 2 / 448، وابن شهاب الدين الهمداني في مودة القربى 40 2) رواه الخوارزمي في المناقب: 66 3) رواه المتقى الحنفي في منتخب كنز العمال االمبطوع على هامش المسند 5 / 35 4) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 3 / 192 5) رواه العسقلاني في لسان الميزان: 1 / 175 6) راجع في جميع ذلشك احقاق الحق 4 / 249 7) أورده عنه في احقاق الحق 4 / 255 8) رواه الخوارزمي في المناقب: 66 والعسقلاني ى لسان الميزان 1 / 175 (*)

[ 239 ]

[… ] – ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في المخدج ذي الثدية يقتله خير الخلق والخليفة، وفي رواية يقتله خير هذه الامة (1). وفي روايات جمة عن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: هم – أي المخدج وأصحابه – شر الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة، وأقربهم إلى الله وسيلة (2). ومن طرق عديدة عنها عنه صلى الله عليه وآله، هم شر الخلق والخليفة يقتلهم سيد الخلق والخليقة، وفي أخبار كثيرة أنه صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: وانكك أنت قاتله يا علي (3). ثم قد أطبقت الامة على أن عليا عليه السلام قد قتله يوم النهروان وأخبر الناس بذلك وقد كان عليه السلام يخبر به وبصفته من قبل، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ماكان يذكر فيه من صفته، فكبر الله وقال: صدق الله ورسوله وبلغ رسوله. وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم (4) أن النبي صلى الله عليه وآله قال فيه: ان له أصحابا يحقرأ حدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤن الكتاب لا يجاوز طراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على خير فرقة من الناس. وكان أبو سعيد الخدري يقول، أشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاؤا به إليه، فشاهدت فيه تلك الصفات


1) رواه القاضى عضد الدين الايجى في المواقف 2 / 615 2) رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد 6 / 239 3) راجع في ذلك احقاق الحق: 8 / 475 – 522 4) مسلم في صحيحه 3 / 112 ط محمد على وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 56 والبخاري في صحيحه 4 / 200 ط الاميرية. والنسائي في الخصائص: 43 ط مصر (*)

[ 240 ]

[… ] – التى قد كان يخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله. وروى أبو بكر بن مردويه في كتابه مرفوعا إلى حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر فمن أبي فقد كفر. ورواه أيضا مسندا عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر ومن أبي فقد كفر (1). وروى أبو بكر البيهقي أن الانصار كانت تقول: انا كنا نعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب (2). وعن جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بوروا أولادكم بحب علي بن أبي طالب، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشدة، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغية (3). رشدة بكسر الراء وبفتحها أي نكاح صحيح، وغية أيضا بكسر الغين المعجمة وفتحها وتشديد الياء المثناة من تحت، أي لزنية وطي من غير نكاح صحيح. ولبعض المتوهمين القاصرين من المعاصرين في ضبط هذه اللفظة عثرة، تستعاذ بالله من خذيها وفضيحتها، أوردناها في الرواشح السماوية (4). وروى الهروي في الغريبين عن عبادة: كنانبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب، فإذا رأينا أحدهم لايحبه علمنا أنه لغير رشدة (5). وقال ابن الاثير في النهاية: في الحديث أن داود سأل سليمان عليهما السلام وهو يتبار


1) المناقب لابن مردويه غير مطبوع 2) رواه الصفوري في نزهة المجالس 3 / 208 والحكم في المستدرك: 3 / 129 3) راجع احقاق الحق: 7 / 266 4) الرواشح السماوية: 81 5) روى احقاق الحق عنه: 7 / 266 (*)

[ 241 ]

البراء بن عازب – علمه أي يختبره ويمتحنه، ومنه الحديث ” وكنا نبور أولادنا بحب علي بن ابي طالب ” وحديث علقمه الثقفي حتى والله ما نحسب الا أن ذلك شئ يبتار به اسلامنا (1). وقال: وفي حديث جعفر الصادق ” لايحبنا أهل البيت كذا وكذا ولا ولد الميافعة ” أي ولد الزنا يقال: يافع الرجل جارية فالن إذا زنى بها (2). وقال فيه: وفي حديث أهل البيت ” لايحبنا اللاكع ولا المحبوس ” (3). لكع عليه الوسخ كفرح لصق به ولزمه، ولكع بضم اللام وفتح الكاف اللئيم الخسيس الوسخ الدنس، وأصل الخسيس الخلط، وذلك عن خبث الطينة واختلاط النطفة وعدم طيب الولادة. وفي النهاية الاثيرية أيضا: في حديث الصادق ” لايحبنا أهل البيت ذو رحم منكوس ” قيل: هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره (4) انتهى كلام النهاية. البراء بن عاز ب هو أبو عامر أو أبو عمار، البراء – بالباء الموحدة والراء المخففة المفتوحتين وبالمد كسماء – بن عاز ب باهمال العين قبل الالف والزاء بعدها. في القاموس: أنا براء منه لا يثني ولايجمع ولا يؤنث، أي برئ والبراء أول ليلة، أو يوم من الشهر، أو آخرها، أو آخره، كابن البراء وأبراء دخل فيه واسم،


1) نهاية ابن الاثير: 1 / 161 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 299 3) نهاية ابن الاثير: 4 / 26 9 4) نهاية ابن الاثير: 5 / 115 (*)

[ 242 ]

94 – قال الكشي: روى جماعة من أصحابنا منهم أبو بكر الحضرمي، وأبان ابن تغلب، والحسين بن أبي العلاء، وصباح المزني، عن أبي جعفر وأبي عبد الله – وابن مالك وعازب وأوس والمعرور الصحابيون (1). قال الشيخ رحمه الله في باب الصحابة: البراء بن عازب الانصاري الخزرجي كنيته أبو عامر (2). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: البراء بن عازب الانصاري (3) وقال صاحب كتاب الصحابة: البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن خيثم بن مجذعة يكنى أبا عمارة، غزى مع رسول الله صلى الله عليه وآله خمس عشرة غزوة، واستصغره النبي يوم بدر فلم يشدها، واجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشر سنة، فنزل البراء الكوفة وتوفى بها في أيام مصعب بن الزبير (4). وفي مختصر الذهبي: عنه عدي بن ثابت، وأبو إسحاق، وخلق، وشهد أحدا، ومات بعد التسعين. قوله رحمه الله تعالى: روى جماعة من أصحابنا لم يذكر طريقته في الاسناد عن الجماعة، وعني أنه من الصحيح الثابت عنهم وكذلك كلما أرسل ارسالا جاريا مجرى التعليق، قال في صدر الطريق روي، وأسقط الاسناد من البين، كما سبق في ترجمة أبي الانصاري: روى الحارث بن حصيرة. قوله رحمه الله تعالى: منهم أبو بكر الحضرمي الخ أبو بكر عبد الله بن محمد الحضرمي، قد بينا في المعلقات على الاستبصار


1) القاموس: 1 / 8 2) رجال الشيخ: 8 3) رجال الشيخ: 35 4) الاستيعاب: 1 / 139 وفيه جشم بن مجدعة (*)

[ 243 ]

عليهما السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين ؟ قال كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك، تخف علينا العبادة، فلما اتبعناك ووقع حائق الايمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا. قال أمير المؤمنين عليه السلام: فمن ثم يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير وتحشرون فرادى فرادى يؤخذ بكم إلى الجنة، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بدالكم ! مامن أحد يوم القيامة الا وهو يعوي عواء البهائم أن اشهدوا واستغفروا لنا، فنعرض عنهم فماهم بعدها بمفلحين. – توثيقه وصحة حديثه. وأبان بن تغلب ظاهر الجلالة في الفضل والثقة. والحسين بن أبي العلاء الحفاف الازدي وأخواه علي وعبد الحميد وجوه ثقاة أذكياء، قد أوضحنا حالهم وحال أبيهم في المعلقات على الاستبصار وعلى الفقيه وأبطلنا ما توهمه المتوهمون في أبي العلاء، وسيستبين الامر في ذلك كله حيث يحين حينه انشاء الله العزيز. وصباح بن يحيى – باهمال الصاد المفتوحة وتشديد الباء المفتوحة – أبو محمد المزني – بضم الميم وفتح الزاء قبل النون – كوفي ثقة. في القاموس: مزينة كجهينة قبيلة، وهو مزني (1). قوله عليه السلام: للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين ؟ قال له ذلك في زمن خلافته إذ كان عليه السلام بالكوفة، يعني كيف وجدت هذا الذين معي بعد ماكنت مع المتقمصين للخلافة قبلي ؟ قال كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك تخف علينا العبادة، أي كنا تائهين في الجهالة، مستخفين بالعبادة، مضيعين لحدودها وأركانها، غير خاشعين في مناسكها آدابها، فلما اتعبناك انبسط نور المعرفة في صدورنا، ووقع حقائق الايمان في قلوبنا، فتثاقلت العبادة في جوار حنا وأجسادنا، وألذت واحلولت مع ذلك في نفوسنا وأرواحنا.


1) القاموس: 4 / 271 (*)

[ 244 ]

قال أبو عمر والكشي: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنين عليه السلام فيما روي من جهة العامة. – روى البخاري في صحيحه بأسناده عن مطرف قال: صليت أنا وعمران خلف علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما سلم أخذ عمران بيدي، فقال: لقد صلى بنا هذا صلاة محمد (صلى الله عليه وآله) أوقال: لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وآله (1). وروى الصدوق عروة الاسلام أبو جعفر بن بابويه وغيره من أشياخنا وأصحابنا رضوان الله تعالى عليهم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وتسليماته عليه تطويل القراءة في صلاة الكسوف بمثل الانبياء والكهف. قال في الفقيه: وانكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين عليه السلام، فصلى بهم حتى كان الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتل قدمه من عرقه (2). قوله رحمه الله: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنين (ع) فيما روى من جهة العامة وقد غلط الحسن بن داود في شرح هذه العبارة، فظن أن معناتها أن اصابته دعوته عليه السلام اياه فيما روي من جهة العامة لامن طريق الخاصة. قال في كتابه: البراء بن عازب ” ل – ى – جخ – كش ” شهد عليه السلام له بالجنة بعد أن روت العامة أنه عليه السلام دعا عليه لكتمانه الشهادة بيوم غدير خم فعمي (3). فذلك ظن فاسد، فان دعائه عليه السلام عليه واضابته دعوته اياه من الثابت، بل من المتواتر من طريق الخاصة ومن طريق العامة جميعا، وروى الكشي ذلك من طريق الخاصة بعد هذا الكلام.


1) صحيح البخاري 1 / 191 ط عامرة استبول 2) من لا يحضره الفقيه: 1 / 341 3) رجال ابن داود: 64 (*)

[ 245 ]

95 – روى عبد الله بن ابراهيم، قال أخبرنا أبو مريم الانصاري، عن المنهال ابن عمرو، – بل معنى العبارة: أن ماقاله عليه السلام في هذا الحديث له، وشهد له بقوله: ” فيؤخذ بكم إلى الجنة ” روي من جهة العامة (1)، أنه كان بعد ان أصابته دعوته عليه السلام وعمي قوله رحمه الله: روى عبد الله بن ابراهيم (2) أرسل اسناده عن عبد الله بن ابراهيم هذا، وهو عبد الله بن ابراهيم أبي عمر أبو محمد الغفاري، حليف الانصار سكن المزينة بالمدينة، فتارة يقال له: الغفاري، وتارة الانصاري، وتاره المزني، ويقال له أيضا: المدني، يروي عن أبي مريم الانصاري عبد الغفار الجازي ومن في طبقته، وعند الحسن بن علي بن فضال، ومحمد ابن عيسى وذكر في الفهرست عبد الله بن ابراهيم الانصاري وأسند طريقه في رواية كتابه الى محمد بن عيسى عنه (3)، ثم ذكر عبد الله بن ابراهيم الغفاري وطريقه في رواية كتابه بالاسناد الاول عن محمد بن عيسى عنه، ويظهر من ذلك التعدد، والصحيح أنهما واحد. قوله رحمه الله تعالى: عن المنهال بن عمرو قال الشيخ رحمه الله – في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام: المنهال بن عمرو الاسدي. وكذلك قال في أصحاب أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام: المنهال بن عمرو الاسدي.


1) يعنى ان قوله فيما روى متعلق بقوله بعد ان أصابته، لا أنه متعلق بقوله أصابته دعوته 2) والعجب من المصحح لرجال الكشي المطبوع في جامعة مشهد حيث زعم أنه من العامة لانه رتب النسخة كذا: 95 – فيما روى من جهة العامة: روى عبد الله بن ابراهيم الخ 3) الفهرست: 127 (*)

[ 246 ]

عن زربن حبيش، قال: خرج علي بن أبي طالب عليه السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم، فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا. فقال علي عليه السلام من هيهنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقام خالد بن زيد أبو أيوب، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء، فشهدوا جمعيا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال علي عليه السلام لانس بن مالك، والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم ؟ ثم قال: اللهم ان كانا كتماها معاندة فابتلهما. – وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: منهال بن عمرو الاسدي مولاهم. وقال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام: منهال بن عمرو الاسدي مولاهم كوفي، روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام (1). وفي مختصر الذهبي: المنهال بن عمرو الاسدي مولاهم، عن ابن الحنيفة وزر، وعنه الاعمش، وشعبة ورواية عنه في ” س ” ثم تركه بآخرة، وثقه ابن معين. قوله رحمه الله: عن زر بن حبيش زر بالزاء المكسورة والراء المشددة، وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة واسكان الياء المثناة من تحت واعجام الشين أخيرا، على ما في جامع الاصول والقاموس وغيرهما من الكتب المعتبرة. وقال العلامة في الخلاصة: بالسين المهملة (2). فاعترض عليه الحسن بن داود بالتصحيف والتوهم (3).


1) رجال الشيخ على الترتيب: 79، و 101، 138، 313 2) الخلاصة: 76 3) رجال ابن داود: 157 (*)

[ 247 ]

فعمي البراء بن عازب، وبرص قدما أنس بن مالك، فحلف أنس بن مالك أن لايكتم منقبة لعلي بن أبي طالب ولا فضلا أبدا، وأما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله ؟ فيقال: هو في موضع كذا وكذا، فيقول: كيف يرشد من أصابته الدعوة. – فبعض شهداء المتأخرين في حاشية الخلاصة (1) رجح كلام ابن داود، بأنه في نسخة معتبرة لكتاب الرجال للشيخ وجد ذلك مضبوطا بالشين المعجمة، ولم يتعرض للتصريح بذلك في الاصول المعول عليها في هذا الباب، كأنه لم يتبعها أصلا. وبالجملة زر بن حبيش من أفاضل رجال أمير المؤمنين عليه السلام. قال الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: زر بن حبيش وكان فاضلا (2). وفي مختصر الذهبي: زر بن حبيش أبو مريم الاسدي، عاش مائة وعشرين سنة، مات سنة 82. قوله عليه السلام: وأما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله أي بعد أن أصابته ودعوة أمير المؤمنين عليه السلام وعمي، فيقال: هو في موضع كذا وكذا، فيقول: كيف يرشد من أصابته الدعوة، ولعل قوله هذا قبل ما قد سبق من حديث شهادة أمير المؤمنين عليه السلام له بالجنة.


1) التعليقة على الخلاصة للشهيد الثاني غير مطبوع. 2) رجال الشيخ: 42 (*)

[ 248 ]

عمرو بن الحمق 96 – جبريل بن أحمد الفاريابي، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن الحسن بن محبوب، عن أبي القاسم وهو معاوية بن عمار (ان شاء الله) رفعه، قال: – عمرو بن الحمق – باهمال الحاء وفتحها وكسر الميم – صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله كان قتلة عثمان، وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام مشاهده كلها، وروى أبو عمرو الكشي – رحمه الله تعالى: أنه من حواري أمير المؤمنين عليه السلام. قال الشيخ – رحمه الله – في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: عمرو بن الحمق الخزاعي (1). وكذلك قال في أصحاب أبي محمد الحسين بن علي عليهما السلام: عمرو بن الحمق الخزاعي (2). وفي مختصر الذهبي: عمرو بن الحمق الخزاعي صحابي، عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد، وجماعة، قتل بالموصل سنة 51 بعثمان. قوله رحمه الله تعالى: جبريل بن أحمد الفاياربى قد تقدم تحقيق حاله، والطريق هذا ضعيف بمحمد بن عبد الله بن مهران وهو غال كذاب. وفي القاموس: فراب كسحاب قرية قرب سمرقند، ذكر تارة باصفهان، وكحربال بلد ببلخ، أو هو فيرياب ككيمياء، أو فاريات كقاصعاء وكساباط ناحية وراء نهر سيحون (3).


1) رجال الشيخ: 47 2) رجال الشيخ: 69 3) القاموس: 1 / 112 (*)

[ 249 ]

أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله سرية، فقال لهم: انكم تضلون ساعة كذا من الليل فخذوا ذات اليسار، فانكم تمرون برجل في شأنه فتستر شدونه، فيأبي أن يرشدكم حتى تصيبوا من طعامه فيذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم فيرشد كم، فاقرأوه مني السلام واعلموه أني قد ظهرت بالمدينة. فمضوا فضلوا الطريق، فقال قائل منهم: ألم يقل لكم رسو ل الله صلى الله عليه وآله تياسروا ففعلوا فمروا بالرجل الذي قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فاسترشدوه ؟ فقال لهم الرجل لا أفعل حتى تصيبوا من طعامي، ففعلوا، فأرشدهم الطريق. ونسوا ان يقرأوه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله. قال، فقال لهم وهو عمرو بن الحمق (رضي الله عنه) أظهر النبي عليه السلام بالمدينة فقالوا: نعم. فلحق به ولبث معه ما شاء الله. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ارجع إلى الموضع الذي منه هاجرت فإذا تولى أمير المؤمنين عليه السلام فاته. فانصرف الرجل حتى إذا تولى أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة، أتاه وأقام معه بالكوفة، ثم ان أمير المؤمنين عليه السلام قال له ألك دار ؟ قال: نعم. قال: بعها واجعلها في الازد، فاني غدا لو غبت لطلبك، فمنعك الازد حتى تخرج من الكوفة متوجها إلى حصن الموصل، فتمر برجل مقعد فتقعد عنده، ثم تستقيه فيسقيك، ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلى الاسلام فانه يسلم، وأمسح بيدك على وركيه فان الله يمسح ما به وينهض قائما فيتعبك. وتمر برجل أعمى على ظهر الطريق، فتستسقيه فيسقيك، ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلى السلام فانه يسلم، وأمسح يدك على عينيه فان الله عزوجل يعيده بصيرا فيتبعك، وهما يواريان بدنك بدنك في التراب، ثم تتبعك الخيل فإذا صرت قريبا من الحصن في موضع كذا وكذا رهقتك الخيل، فأنزل عن فرسك ومر إلى الغار، فانه يشترك في دمك فسقة من الجن والانس.


[ 250 ]

ففعل ما قال أمير المؤمنين عليه السلام قال، فلما انتهى إلى الحصن قال للرجلين: اصعدا فانظرا هل تريان شيئا ؟ قالا نرى خيلا مقبلة، فنزل عن فرسه ودخل الغار وعار فرسه فلما دخل الغار ضربه أسود سالخ فيه، وجاءت الخيل فلما رأو ا فرسه عايرا قالوا هذا فرسه وهو قريب، فطلبه الرجال فأصابوه في الغار فكلما ضربوا ايديهم إلى شئ من جسمه تبعهم اللحم، فأخذوا رأسه، فأتوا به معاوية، فنصبه على رمح، وهو أول رأس نصب في الاسلام. 97 – قال الكشي: روى أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة: أما بعد. فان عمرو بن عثمان ذكر أن رجلا من أهل العراق ووجوه أهل – قوله: وعار فرسه باهمال العين قبل الالف والراء بعدها. قال في المغرب: عار الفرس يعير ذهب هنا وهنا من نشاطه: أوهام على وجهه لا يثنيه شئ، ومنه قوله فيما لا يجوز بيعه كذا وكذا. والفرس العاير والعاند من العناد تصحيف، ويقال: سهم عاير لا يدري من رماه. قوله: ضربه أسود سالخ باهمال السين قبل الالف واللام بعدها واعجام الخاء أخيرا. قال في القاموس: والسالخ اسم الاسود من الحيات والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة وأسود وأسودان سالخ، وأساود سالخة وسوالخ (1). قوله أن رجلا من أهل العراق بفتح الراء واسكان الجيم على جمع راجل، أو بالزاء المضمومة والجيم المفتوحة، أي جماعات على جمع الزجلة بالضم وهي الجماعة، أو بالزاء المفتوحة


1) القاموس: 1 / 261 (*)

[ 251 ]

الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي، وذكر أنه لا يأمن وثوبه، وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده، فاكتب الي برأيك في هذا، والسلام. فكتب إليه معاوية: أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فاياك أن تعرض للحسين في شئ واترك حسينا ما تركك، فانا لا نريد أن تعرض له في شئ ما وفي ببيعتنا ولم ينز على سلطاننا، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته، والسلام. والجيم الساكنة، بمعنى ارسال الحمام للختبار والاستخبار. قوله عليه وعلى شجرته الملعونة الخبيثة أصلا وفصلا أشد اللعن والعذاب: ما لم ينز على سلطاننا بفتح حرف المضارعة واسكان النون وضم الزاء، من نزا على الشئ ينزو نزوا ونزوانا: أي وثب وثوبا وثبانا، وقلب فلان ينزو إلى كذا ينازع ويتوق إليه، والتنزي التوثب والتسرع. وفي مجمل اللغة: التنزي تسرع الانسان إلى الشر، وما نزاك على كذا أي ما حملك عليه، يقال: بالتشديد وبالتخفيف، ورجل منزو بكذا مولع به. قوله: فاكمن عنه ما لم يبدلك صفحته من كمن له كمونا، بمعنى تواري واستخفي. قال في المغرب: ومنه الكمين من حيل الحرب، وهو أن يستخفوا في مكمن لا يفطن لهم، وكمن عنه كمونا أي اختفي. وفي القاموس: ان الفعل منه من بابي نصر وسمع، ويقال: في المشهور من بابي ضرب ونصر (1).


1) القاموس: 4 / 263 (*)

[ 252 ]

98 – وكتب معاوية إلى الحسين بن علي عليه السلام بن علي عليه السلام أما بعد – فقد انتهيت الي أمور عنك. ان كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، ولعمر الله ان من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء وان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعذل الناس لذلك وعظ نفسك فاذكره ولعهد الله أوف، فانك متى ما أنكرك تنكرني ومتى أكدك تكدني فاتق شقك عصا هذه الامة وان يردهم الله على يديك في فتنة، وقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد صلى الله عليه وآله ولا يسخفنك السفهاء والذين لا يعلمون. 99 – فلما وصل الكتاب إلى الحسين عليه السلام كتب إليه: أما بعد – فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عنى أمور أنت لي عنها راغب وأنا لغيرها عندك جدير فان الحسنات لا يهدي لها ولا يرد إليها الا الله، وأما ما ذكرت أنه انتهى اليك عني فانه انما رقاه اليك الملاقون المشاؤن بالنميم، وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا، وايم الله اني لخائف لله في ترك ذلك، وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الاعذار فيه اليك وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين. ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين الذين كانوا – و ” يبد ” بضم حرف المضارعة من باب الافعال. و ” صفحة الشئ ” وجهه وجانبه، أي ما لم يظهر لك وجهه وجانبه، ولم يتكافح ولم يتظاهر لك بالمعاندة والمعاداة. قوله: فانك أنت أعذل الناس لذلك باعجام الذال بعد العين المهملة، من العذل بمعنى الملامة، يقال: عذلت الرجل إذ ا لمته، وعذلنا فلان فاعتذل أي لام نفسه وأعتب، يعني أنت أحق الناس بأن تكون عاذ لا لمثل ذلك لائما عليه مستنكرا اياه، فخليق بك أن لا ترتكبه أبدا. قوله عليه وعلى شجرته الطيبة المقدسة المبارك أصلها وفرعها صلوات الله التامات وتسليماته الناميات: ألست القاتل حجر بن عدى أخا كنده حجر بن عدي الكندي من خواص أمير المؤمنين عليه السلام وأصفياء أصحابه.


[ 253 ]

ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لاثم ؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ماكنت اعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة لاتأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولابأحنة تجدها في نفسك. أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه ؟ بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه مالوأ عطيته طائرا لنزل اليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا – وأولياءه، وذكره بعضهم في عداد الصحابة. وفي القاموس: حجر – بالضم – والد امرء القيس وجده الاعلى، وابن عدي وابن ربيعة وابن يزيد صحابيون، وابن العنبس تابعي (1). وقال يوسف بن عبد البر والحافظ أبو نعيم: حجر بن عنبس وقيل: ابن قيس الكندي وحجر بن عدي الادبر، ذكرا فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وآله، ولا تثبت لاحدهما صحبته (2). والشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال قال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حجر بن عدي الكندي وكان من الابدال (3) ثم ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام وقال: حجر بن عدي الكندي الكوفي (4). قلت: وايراده في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام كان خطأ لقول سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام لمعاوية في هذه الرواية: ألست القاتل حجر بن عدي أخا كنده. وقال أبو الحسن المسعودي – رحمه الله تعالى – في مروج الذهب: وفي


1) القاموس: 2 / 5 2) الاستيعاب: 1 / 359 3) رجال الشيخ: 38 4) رجال الشيخ: 67 (*)

[ 254 ]

[… ] – سنة ثلاث وخمسين قتل معاوية حجر بن عدي الكندي، وهو أول من قتل صبرا في الاسلام، حمله زياد من الكوفة ومعه تسعة عشر نفرا من أهل الكوفة وأربعة من غيرها. فلما صار إلى مرج عذراء على اثنى عشر ميلا من دمشق تقدم البريد بأخبارهم إلى معاوية، فبعث إليهم برجل أعور، فلما أشرف على حجر وأصحابه، قال رجل منهم: ان صدق الرجل (1) فانه سيقتل منا النصف وينجو الباقون فقيل له: وكيف ذلك ؟ قال: أما ترون الرجل المقبل مصابا في أحدي عينيه. فلما وصل إليهم قال لحجر: ان أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي لابي تراب، الا ان ترجعوا عن كفركم وتلعنوا أصحابكم وتتبرؤا منه. فقال حجر وجماعته ممن كان معه: ان الصبر على مر (2) السيف لا يسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب الينا من دخول النار وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي. فلما قدم حجر ليقتل قال: دعوني أصلي ركعتين فطول في صلاته، فقيل له: أجز عا من الموت ؟ قال لا، ولكني ما تطهرت للصلاة قط الا صليت، وما صليت قط أخف من هذه، وكيف أجزع وأنى لارى قبرا مفتوحا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا ثم قدم فنحر: والحق به من وافقه على قوله من أصحابه. وقيل: ان قتلهم كان في سنة خمسين، وذكر أن عدي بن حاتم الطائي دخل على معاوية: فقال له معاوية: أما أنه قد بقيت قطرة من دم عثمان لا يمحوها الا دم شريف من أشراف اليمن.


1) وفى المصدر: الزجر 2) وفى المصدر: حد (*)

[ 255 ]

بذلك العهد، أو لست المدعى زياد بن سيمة المولود على فراش عبيد ثقيف ؟ فزعمت انه ابن أبيك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الولد للفراش وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله صلى الله عليه وآله تعمدا وتبعت هواك بغير هدى من الله. – فقال عدي: والله ان قلوبنا التي أبغضاك فيها لفي صدورنا وان سيوفنا التى قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن أدنيت الينا شبرا لندلي اليك من الشر شبرا، وان حرجمة (1) الحلقوم وحشرجة الحيزوم لاهون علينا من أن نسمع المساءة في علي عليه السلام فسل السيف يا معاوية يبعث السيف. فقال معاوية: هذه كلمات حكم فاكتبوها، وأقبل على عدي محادثا كأنه ما خاطبه بشئ انتهى كلام مروج الذهب (2). وسيأتي في أصل الكتاب تمام القول في ترجمة حجر بن عدي انشاء الله العزيز العليم سبحانه. قوله عليه السلام أو لست المدعى زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك. قال المسعودي في مروج الذهب: أن معاوية ادعى ذلك وأدخله في نسبه بشهادة أبي مريم السلولي، وكان أخبر الناس ببدو الامر، وذلك أنه جمع بين أبي سفيان وسمية أم زياد في الجاهلية على زنا، وكانت سمية من ذوات الرايات بالطائف تؤد الضريبة إلى الحارث بن كلدة سمية، فقال: ايتني بها على ذفرها وقذرها فقال له زياد: مهلا يا أبا مريم ! انما بعثت شاهدا ولم تبعث شاتما، فقال أبو مريم: نعم لو كنت أعفيتموني لكان أحب الي وانما شهدت بما عاينت ورأيت، والله لقد أخذ بكور (3) درعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشانا، فلم ألبث أن خرج


1) وفى المصد ر: حز 2) مروج الذهب: 3 / 3 – 5 3) كار الشئ يكور كورا دار وكورل العمامة دورها (منه) وفى المصدر: بكم درعها (*)

[ 256 ]

ثم سلطته على العراقين، يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم، ويصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الامة وليسوا منك. أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية انهم كانوا على دين علي عليه السلام ؟ فكتب إليه ان اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم ومثلهم ودين علي عليه السلام سر الله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلست مجلسك الذى جلست، ولو لا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين. – على يمسح جبينه فقلت: مه يا أبا سفيان فقال: ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها وذفر من مرفقيها. فقام زياد فقال: أيها الناس هذا الشاهد قد ذكر ما سمعتم ولست أدري حق ذلك من باطله، وانما كان عبيد ابا مبرورا ووليا مشكورا، والشهود أعلم بما قالوا. فقام يونس بن عبيد أخو صفية بنت عبيد بن أسد بن علاج الثقفي، وكانت صفية مولاة سمية، فقال: يا معاوية قضى رسول الله صلى الله عليه وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر وقضيت أنت الولد للعاهر وأن الحجر للفراش، مخالفة لكتاب الله وانصرافا عن سنة رسول الله بشهادة أبي مريم علي زنا أبي سفيان. فقال معاوية: والله لتنتهين يا يونس أو لاطيرن بك طيرة بطيئا وقوعها، فقال يونس: هل الا إلى الله ثم أقع ؟ فقال عبد الرحمن بن أم الحكم في ذلك: ألا أبلغ معاوية بن حرب * مغلغلة عن الرجل اليماني أتغضب أن يقال أبوك عف * وترضى أن يقال أبوك زان فاشهد أن رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الاتان (1) قوله عليه السلام: لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين الرحلة – بالكسر – الارتحال، الرحلة – بالضم الوجهة التي يقصدها المرتحل


1) مروج الذهب: 3 / 806 (*)

[ 257 ]

وقلت فيما قلت ” انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد واتق شق عصا هذه الامة وان تردهم إلى فتنة ” وانى لا أعلم فتنة أعظم على هذه الامة من ولايتك عليها ولا أعظم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد صلى الله عليه وآله وعلينا أفضل من أن أجاهدك، فان فعلت فانه قربة إلى الله، وان تركته فاني أستغفر الله لديني وأسأله توفيقه لارشاد أمري. وقلت فيما قلت ” أني ان أنكرتك تنكرني وان أكدك تكدني ” فكدني ما بدالك فاني أرجو أن لا يضرني كيدك في، وأن لا يكون علي أحد أضرمنه على نفسك، على أنك قد ركبت بجهلك تحرصت علي نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا، ولم تفعل ذلك بهم الا لذكر هم فضلنا وتعظيهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا. فأبشر يا معاوية بالقصاص وأستيقن بالحساب واعلم أن الله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ا لا أحصاها، وليس الله بناس لا خذ ك بالظنة وقتلك أوليائه على – في مسيره. ويعني عليه السلام بالرحلتين: رحلتي قريش بالشتاء والصيف، للامتيار والاتجار، كان لاشرافهم الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون وذلك قصارى جاههم وشرفهم. فدين الاسلام وهو دين رسول الله صلى الله عليه وآله ودين علي بن أبي طالب عليه السلام علاهم وشرفهم ورفع قدرهم وأعلا منزلتهم، وجعل الله سبحانه استقرار ذلك منوطا بسيف علي عليه السلام، ولذلك كان ضربة علي عليه السلام يوم الخندق توازي عمل الثقلين وأفضل من عبادة الجن والانس وأفضل من عمل الثقلين على اختلاف الروايات.


[ 258 ]

التهم ونقل أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب، – قوله عليه السلام: ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب قال في مروج: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وقرود وفهود، ومنادمة على الشراب، وعن يمينه ابن زياد وغلب على أصحاب يزيد وعماله ماكان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب. وكان له قرد يكني بأبي قيس يحضره مجلس منادمته، ويطرح له متكأ، وكان قردا خبيثا، فكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة. فجاء في بعض الايام سابقا فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل، وعلى أبي قيس قباء من الحرير الاحمر والاصفر مشمر وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان بشقائق، وعلى الاتان سرج من الحرير الاحمر منقوش ملون بأنواع من الالوان. وعامله الذي استعمله على جيشه المبعوث من الشام إلى المدينة قاتل في الموضع المعروف بالحرة خلقا من بني هاشم، وسائر قريش وأنصار، وغيرهم من خيار الناس وأفاضلهم وقتلهم. وأخاف المدينة وألهبها وقتل أهلها وبايعهم على أنهم عبيدا ليزيد، وسماها ” نتنة ” وقد سماها رسول الله ” طيبة ” وقال: من أخاف المدينة أخافه الله. وليزيد وغيره من بني أمية أخبار عجيبة ومثالب كثيرة: من شرب الخمور، وقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ولعن الوصي، وهدم البيت واحراقه وسفك الدماء المحقونة، والفسق والفجور، وغير ذلك مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله انتهى ما في مروج الذهب (1).


1) مروج الذهب 3 / 67 – 72 (*)

[ 259 ]

لا أعلمك الا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك وأخرجت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لاجلهم – والسلام. فلما قرأ معاوية الكتاب، قال: لقد كان في نفسه ضب ما اشعر به. فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا تصغر إليه نفسه، وتذكر فيه أباه بشئ فعله قال: ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له معاوية: أما رأيت ماكتب به الحسين ؟ قال وما هو ؟ قال: فاقرأه الكتاب، فقال وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه ؟ وانما قال ذلك في هوى معاوية، فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأي ؟ فضحك معاوية فقال: أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك، قال عبد الله: فقد أصاب يزيد. فقال معاوية أخطأتما أرأيتما لو أني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل ومالايعرف، ومتى ماعبت به رجلا بما لا يعرفه الناس لم يخول به صاحبه ولا يراه الناس شيئا وكذبوه، وماعيست أن أعيب حسينا، والله ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده وأتهدده ثم رأيت ألا أفعل ولا أفحله. – قوله عليه السلام: لا أعلمك الا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك ” خسرت ” باهمال السين المشددة بعد الخاء المعجمة، أي أهلكتها من التخسير بمعنى الاهلاك. و ” تبرت ” بتشديد الباء الموحدة بعد التاء المثناة من فوق، من التتبير تفعيلا من التبر – بفتح التاء المثناة من فوق واسكان الباء الموحدة – بمعنى الكسر والاهلاك، والتبار – بالفتح أيضا – الهلاك. وايم الله لقد بلغ معاوية من خسارة نفسه وتبار دينه وغشه رعيته إلى خيانته اياهم في الدين أمد الاحد فوقه.


[ 260 ]

خزيمة بن ثابت – قال المسعودي في مروج الذهب: ولقد بلغ من أمرهم في طاعتهم له أن صلي بهم في مسيرهم إلى صفين الجمعة يوم الاربعاء. وسبط ابن الجوزى في الخصائص والمناقب قال: قال المسعودي: لقد بلغ من طاعة أهل الشام لمعاوية أنه صلى بهم الجمعة يوم الاربعاء، وغيره يقول: يوم السبت وقال: كان لنا بالامس عذر. وكذلك قال جده أبو الفرج بن الجوزى في المنتظم. خزيمة بن ثابت هو أبو عمارة الانصاري ذو الشهادتين، خزيمة – بالخاء المعجمة المضمومة والزاء المفتوحة والياء الساكنة والميم والهاء أخيرا – ابن ثابت بن الفاكة، من عظماء أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهد معه بدرا وما بعدها، ومن أصفياء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، شهد معه جمل والصفين، وقتل بصفين شهيدا. ذكره الشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال في باب الصحابة قال: خزيمة بن ثابت (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: خزيمة بن ثابت (1) ذو الشهادتين (2). ولقد أطبقت العامة والخاصة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله سماه ذو الشهادتين وأقامه وحده في باب الشهادة مقام شاهدين. والسيد المرتضى علم الهدى ذو المجدين – رضي الله تعالى عنه – في كتاب الانتصار في مسألة قضاء القاضي بعلمه: وأن قول أبي علي بن الجنيد بخلاف ذلك خرق الاجماع الامامية، ومسبوق وملحوق بانعقاده سابقا ولاحقا قبل ابن الجنيد وبعده، أورد قضية رسول الله صلى الله عليه وآله في ابتياعه الناقة من الاعرابي من طريقين.


1) رجال الشيخ: 19 2) رجال الشيخ: 40 (*)

[ 261 ]

[… ] – ونقل عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي – رضي الله تعالى عنه في كتابه المعروف بمن لا يحضره الفقيه قوله: هذان الخبران غير مختلفين لانهما في قضيتين. ثم قال: ورووا أيضا – يعني العامة والخاصة – حديث خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين لما شهد للنبي عليه السلام على الاعرابي فقال النبي صلى الله عليه وآله: كيف شهدت بذلك وعلمته ؟ قال: من حيث علمت أنك رسول الله (1). قلت: حديث خزيمة بن ثابت كان ابتياع الفرس الفي ابتياع الناقة، والصدوق – رضوان الله تعالى عليه – في الفقيه روى القضايا الثلاث جميعا، الاولى منهن بالارسال والاخيرتين بالاسناد. قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فادعى عليه سبعين درهما ثمن ناقة باعها منه فقال: قد أوفيتك، فقال: اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا. فأقبل رجل من قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحكم بيننا فقال للاعرابي: ما تدعي على رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يارسول الله ؟ قال: قد أوفيته، فقال للاعرابي: ما تقول: قال: لم يوفني، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: ألك بينة على انك أوفيته ؟ قال: لا، قال للاعرابي: أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه ؟ فقال نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاتحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله عزوجل. فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه الاعرابي، فقال علي عليه السلام مالك يارسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: احكم بيني وبين هذا الاعرابي فقال علي عليه السلام: يا أعرابي ما تدعي على رسول الله ؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه فقال ما تقول يا رسول الله ؟ قال قد أوفيته، ثمنها، فقال: يا أعرابي أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله


1) الانتصار: 240 ط النجف (*)

[ 262 ]

[… ] – فيما قال ؟ قال: لا، ما أوفاني شيئا. فأخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم فعلت يا علي ذلك ؟ فقال: يارسول الله نحن نصدقك على أمر الله ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب ووحي الله عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي. وأني قتلة لانه كذبك لما قلت له أصدق رسول الله فيما قال: فقال لا ما أوفاني شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها، ثم التفت إلى القرشي وكان قد تبعه فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به. ثم قال الصدوق: وفي رواية محمد بن بحر (يحيى) الشيباني وعنعن الاسناد المتصل، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة، فقال: يا محمد تشتري هذه الناقة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: نعم، بكم تبيعها يا أعرابي ؟ قال: بمأتي درهم فقال النبي صلى الله عليه وآله بل ناقتك خير من هذا قال فما زال النبي صلى الله عليه وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربعمائة درهم. قال فلما دفع النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعرابي الدارهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة، فقال: الناقة والدراهم دراهمي، فان كان لمحمد شئ فليقم البينة. قال: فأقبل رجل فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشيخ المقبل ؟ قال: نعم يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: تقضي بيني وبين هذا الاعرابي ؟ فقال: تكلم يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة فقال الرجل: القضية واضحة يارسول الله، وذلك أن الاعرابي طلب البينة. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أجلس فجلس، ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل ؟ قال: نعم يا محمد، فلما دنا قال النبي صلى الله عليه وآله اقض فيما بيني وبين هذا الاعرابي قال: تكلم يار سول الله قال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم


[ 263 ]

[… ] – دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: لابل الدراهم دراهمي والناقة ناقتي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة فقال الرجل: القضية فيها واضحة يارسول الله لان الاعرابي طلب البينة. فقال النبي صلى الله عليه وآله: اجلس حتى يأتي الله عزوجل بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق، فأقبل علي عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشاب المقبل ؟ قال: نعم، فلما دنا قال النبي: يا أبا الحسن اقض فيما بيني وبين الاعرابي. فقال: تكلم يارسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي: لابل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة قال: فدخل علي عليه السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه، ثم أتى. فقال: خل بين الناقة وبين رسول الله فقال الاعرابي: ماكنت بالذي أفعل أو يقيم البينة قال، فضربه علي عليه السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق: بل قطع منه عضوا قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما حملك على هذا يا علي ؟ فقال: يارسول الله نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم. ثم قال الصدوق – رضي الله تعالى عنه – قال مصنف هذا الكتاب: هذان الحديثان غير مختلفين لانهما في قضيتين، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها. ثم قال: وروى محمد بن بحر الشيباني عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي، وعنعن الاسناد والمسلسل بلفظة التحديث متصلا، عن الزهري، عن عبد الله بن أحمد الذهلي، قال: حدثنا عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله. أن النبي صلى الله عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى الله عليه وآله ليقبضه ثمن فرسه، فأبطأ الاعرابي، فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيسو مونه بالفرس، وهم لا يشعرون أن


[ 264 ]

[… ] – النبي صلى الله عليه وآله ابتاعه، حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن، فنادى الاعرابي فقال: ان كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه والا بعته. فقام النبي صلى الله عليه وآله حين سمع الاعرابي قال: أو ليس قد ابتعته منك، فطفت الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وآله وبالاعرابي وهما يتشاجران، فقال الاعرابي: شهيدا يشهد اني قد بايعتك، ومن جاء من المسلمين قال للاعرابي: ان النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يقول الا حقا. حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وآله والاعرابي فقال خزيمة: اني أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي صلى الله عليه وآله على خزيمة فقال: بم تشهد ؟ قال: بتصديقك يارسول الله، فجعل النبي صلى الله عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت بشهادتين، فسماه ذا الشهادتين. ثم ذكر رواية محمد بن بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قضية درع طلحة وقضاء شريح فيها، وأن أمير المؤمنين عليا عليه السلام قال: ان هذا قد قضى بجور ثلاث مرات، فتحول شريح عن مجلسه وقال: لاأقضى بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت بجور ثلاث مرات. فقال له على عليه السلام: انى لما قلت لك انها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقلت: هات على ما تقول بينة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حيث ما وجد غلولا أخذ بغير بينة، فقلت: رجل لم يسمع الحديث فهذه واحدة. ثم أتيتك بالحسن فشهد، فقلت: هذا شاهد واحد ولا أقضى بشاهد حتى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بشاهد ويمين فهاتان اثنتان. ثم أتيتك بقنبر فشهد فقلت هذا مملوك، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة. ثم قال على عليه السلام: يا شريح ان امام المسلمين يؤتمن في أمورهم على ما هو


[ 265 ]

[… ] – أعظم من هذا. ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فأول من رد شهادة المملوك رمع انتهى كلام من لا يحضره الفقيه (1). قلت: رمع قلب عمر، ويعني أبو جعفر عليه السلام عمر بن الخطاب. وهذا كما في الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ولد سابع. كناية عن بني العباس مقلوبا، اما للتقية، أو للاستحقار، أو لان الكناية أبلغ، وربما يقال: ان عباس كان سابع أولاد عبد المطلب. ثم ان قول أمير المؤمنين عليه السلام يا شريح ان امام المسلمين يؤتمن، معناه أن الجور من هذه الوجوه الثلاثة فيما لا يكون المدعي ولا الشاهد معصوما. ولسماع قول المدعي من غير بينة صور معدودة في الفقه، قد أحصى طائفة منها شيخنا الشهيد في غاية المراد في شرح الارشاد. فاما إذا كان المدعي معصوما فلا يجوز طلبه البينة منه على دعواه ولا احلافه ولا استحلافه فيما ادعاه، وكذلك إذا كان الشاهد الواحد معصوما، فلا يسوغ طلب شاهد آخر معه، وذلك لان البينة العادلة معه لا تفيد الا ظنا، وقول المعصوم يعطي علما قطعيا. واذن فقد استبان أن شريحا في تلك القضية قد قضى بجور من جهة الجهل بخمس مرات، ولقد وقع مثل هذا الجور والجهل من أبي بكر أيضا فوق مرة واحدة. قال السيد المرتضى في الانتصار: وكيف يخفى اطباق الامامية على وجوب الحكم بالعلم، وهو ينكرون توقف أبي بكر بن عن الحكم لفاطمة عليها السلام بنت رسول صلى الله عليه وآله بفدك لما ادعت انه عليه السلام نحلها أبوها، ويقولون: إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وأنها لا تدعي الا حقا، فلاوجه لمطالبتها باقامة البينة، لان البينة لا وجه لها مع القطع


1) من لا يحضره الفقيه: 3 / 60 – 64 (*)

[ 266 ]

100 – روى عن الفضل بن دكين، قال حدثنا عبد الجبار بن العباس الشامي، – بالصدق. فكيف خفي على ابن الجنيد هذا الذي لا يخفى على أحد (1). قوله رحمه الله تعالى: روى عن الفضل بن دكين يقال له الحافظ أبو نعيم الملابي، والحافظ أبو نعيم المشهور ليس هواياه بل هو أحمد بن عبد الله الاصفهاني صاحب حلية الاولياء واحصاء الصحابة وغيرهما. قال في جامع الاصول: هو أبو نعيم الفضل بن دكين، ودكين لقب واسمه عمرو بن حماد بن زهير بن درهم مولى آل طلحة بن عبيدالله التيمي من أهل الكوفة وسمع سليمان الاعمش، ومشعر بن كدام، وابن أب ي ليلى، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وشبعة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وحماد بن كثير (2). سمع منه عبد الله بن المبارك، وروى عنه أحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه وزهير بن حرب، ومحمد بن اسماعيل البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان وخلق كثير من الائمة. قدم بغداد وحدث بها، وكان مزاحا ذا دعابة مع فقهه ودينه وامانته، وكان غاية في الاتقان والحفظ وهو حجة. ولد سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: سنة ثلاثين. ومات سنة ثماني عشرة ومأتين في آخرها، وقيل: سنة تسع عشرة في أيام المعتصم بن الرشيد. ” دكين ” بضم الدال المهملة وفتح الكاف وسكون الياء وبالنون، و ” كدام ” بكسر الكاف وتخفيف الدال المهملة، و ” راهويه ” بالراء وفتح الهاء وفتح الواو وسكون الياء تحتها نقطتان وكسر الهاء الاخرة.


1) الانتصار: 238 2) في ” س ” وجماعة كثيرة (*)

[ 267 ]

عن أبي اسحاق قال: لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عنه سلاحه ثم شن عليه الماء فاغتسل، ثم قاتل حتى قتل. – وفي مختصر الذهبي: الفضيل بن دكين الحافظ أبو نعيم الملابي مولى آل طلحة، عن الاعمش، وزكريا بن أبي زايدة، وأمم، وعنه ” خ ” وأبو زرعة. مات 219 في سلخ شعبان بالكوفة. قلت: وأما الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني، فمتأخر الطبقة عن الحافظ أبو نعيم هذا أمدا بعيدا، ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة باصفهان. قاله صاحب المشكاة أبو محمد الحسين بن عبد الله الطبي في خلاصته في فن دراية الحديث. قوله رحمه الله: عن أبي اسحاق يعني السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة، وقد تقدم ذكره فيما تقدم. قوله: وطرح عنه سلاحه وذلك لما قد تاقت نفسه تشوقا إلى الشهادة، واشتدت لو عته شوقا إلى نعيم النشأة الخالدة، حيث إذ شاهد أن عمارا – رضي الله تعالى عنه – قد فاز بذلك بقتل الفئة الباغية اياه بين يدي امامه الوصي الصفي المضطهد المبغي عليه في مسنده المغصوب منه حقه صلوات الله وتسليماته على روحه وجسده، لا أنه متشككا في أمره فلما شاهد قتل عمار استتم بصره، واستقامت بصيرته، فان حال خزيمة في الاستقامة والاستيقان أجل. قوله ثم شن عليه الماء فاغتسل ” شن ” باهمال السين أو باعجام الشين قبل النون المشددة، فانهما كليهما بمعنى واحد، يقال: سن الماء على وجهه يسن – بالضم في المضارع – سنا بالسين


[ 268 ]

101 – وروى أبو معشر، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت، قال: ما زال جدي بسلاحه يوم الجمل ويوم الصفين حتى قتل عمار، فلما قتل عمار سل سيفه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عمار تقتله الفئة الباغية فقاتل حتى قتل رحمة الله عليهما. – المهملة من باب طلب، أي صبه صبا سهلا قاله في المغرب. ويقال: شن الماء يشنه شنا باعجام الشين من باب طلب أيضا إذا صبه متفرقا قاله في المغرب. قوله رحمه الله تعالى: أبو معشر هو أبو معشر المدني قال النجاشي في باب الكني: أبو معشر المدني أحمد ابن كامل قال: حدثنا داود بن محمد بن أبي معشر المدني، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو معشر بكتابه. (1) قوله رضى الله تعالى عنه: حتى قتل فسل سيفه (2) يعني فاذن اشتد شوقه إلى لقاء الله سبحانه والاتصال بالنفوس الطاهرة و العقول الماحضة، كما قال عمار – رضي الله تعالى عنه اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه، فسل سيفه ونزع سلاحه وقاتل حتى قتل، ولحق بنبيه وأحبته، فليعلم.


1) رجال النجاشي: 355 2) وفي النسخ كلها: فلما قتل عمار سل سيفه (*)

[ 269 ]

ابنا فلان 102 – روى محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن سنان، ابنا فلان – يعنى به العباس بن عبد المطلب، وبابنيه عبد الله وعبيد الله، وسيأتي في أصل الكتاب حيث يحين حينه انشاء الله العزيز أن مولانا أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام بعد أبيه عليه السلام جعل ابن عمه عبيدالله بن العباس على مقدمة الجيش. فبعث إليه معاوية بمائة الف درهم ؟ فمر بالراية، ولحق بمعاوية، وبقى العسكر بلا قائد ورئيس، فقام قيس بن سعد بن عبادة فخطب الناس. وقال: أيها الناس لا يهولنكم ذهاب عبيدالله هذا لكذا وكذا، فان هذا وأباه لم يأتيا قط بخير، ثم قام بأمر العسكر. والشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قال: عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، لحق بمعاوية. (1) فأما عبد الله بن العباس أمره في الجلالة والاستقامة مستبين فستطلع انشاء الله تعالى. قوله رحمه الله تعالى: روى محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان قال السيد المكرم جمال الدين أحمد بن طاوس – قدس الله نفسه الزكية -: طريق هذا الحديث ضعيف بمحمد بن عيسى العبيدي، وبمحمد بن سنان. وتبعه على ذلك بعض شهداء المتأخرين. والاصح عندي أن محمد بن عيسى العبيدي اليقطيني ثقة صحيح الحديث، فقد وثقه أبو عمرو الكشي، وأبو العباس النجاشي وغيرهما، ولذلك كثيرا ما يستصح


(1) رجال الشيخ: 69 (*).

[ 270 ]

عن موسى بن بكر الواسطي، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال، سمعته يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم العن ابني فلان، وأعمم أبصارهما، كما عميت قلوبهما الاجلين في رقبتي واجعل عمى أبصارهما دليلا على عمى قلوبهما. – العلامة في المنتهى والمختلف روايته وان كانت عن يونس، واستثناء محمد بن الحسن بن الوليد اياه من رجال نوادر الحكمة ومن أصحاب يونس بن عبد الرحمن، لا يدل على ضعفه، وقد أوضحنا الحال في المعلقات على الاستبصار بما لا مزيد عليه. نعم محمد بن سنان ضعيف على الاصح، وان كان قد وثقه الشيخ المفيد والشيخ الاعظم في بعض مواضعه، وحديثه عند العلامة معدود من الصحاح، وسيتضح الامر ي جملة ذلك من ذي قبل انشاء الله العزيز العليم. قوله رحمة الله تعالى: عن موسى بن بكر الواسطي قيل: انه واقفي، ولم يثبت كما قلناه في كتاب ضوابط الرضاع، وان كان الشيخ قد حكم به في كتاب الرجال (1)، فان أبا عمرو الكشي وأبا العباس النجاشي لم يرويا ذلك أصلا، والاصح انه ممدوح وحديثه حسن. قوله عليه السلام: الاجلين في رقبتي بالالف الممدودة قبل الجيم واللام المفتوحة قبل الياء المثناة من تحت الساكنة والنون أخيرا على صيغته التثنية، المثيرين الشر والمهيجين الفتنة علي، والجانبين الساعين باثارة الشر تهييج الفتنة في رقبتي، والفعل منه من بابى نصر وضرب. قال في القاموس: أجل الشر عليهم يأجله ويأجله جناه، أو أثاره وهيجه (2). وفي الصحاح: أجل عليهم شرا يأجله أي جناه وهيجه (3).


1) رجال الشيخ ص 359. 2) القاموس: 3 / 327. 3) الصحاح: 4 / 1621 (*).

[ 271 ]

عبد الله بن عباس وفي مجمل اللغة: أجل الرجل شرا على أهله يأجل أجلا إذا جناه. وسيعاد هذا الحديث بعينه سندا ومتنا في الجزء الثاني في ترجمة عبيدالله بن العباس. وهناك الكاف مكان الجيم في هذه اللفظة (1). اما بالمد على تثنية اسم الفاعل من أكل يأكل أكلا، أي الاكل بمعنى المستأكل، أو بفتح الهمزة وتشديد اللام على تثنية أفعلة الصفة من الكل بمعنى الثقل. وكون الرجل محارفا بفتح الراء أي منقوص الحظ منجوس البخت، حيث ما توجه لا يرجع بسعادة وخير، وهو ضد المبارك، أو من الكلال خلاف الحدة والشحاذة أي الاعياء عن الامر والطلبة والحرمان عن الخير والبغية، وسنفصل هناك القول في تحقيق معناه انشاء الله العزيز العليم. عبد الله بن العباس ذكره الشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال في باب الصحابة (2). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وعد أيضا أبوه العباس من أصحابه (3). وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وأمه لبابة بنت الحارث من بني عامر بن صعصعة، أخت ميمونة بنت الحارث زوجة النبي صلى الله عليه وآله. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وآله وله ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة، وقيل عشر. وذلك قبل خروج بني هاشم من الشعب، وهم


1) رجال الكشى: 113 ط جامعة مشهد 2) رجال الشيخ: 22 3) رجال الشيخ: 46 (*).

[ 272 ]

[… ] – محصورون فيه: وقيل: ولد قبل الهجرة بسنتين. كان حبر هذه الامة وعالمها، دعا له النبي صلى الله عليه وآله بالحكمة والفقه والتأويل ورأى جبرئيل عليه السلام مرتين، قال مسروق: كنت إذا رأيت عبد الله بن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا تكلم قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس، وكان عمر ابن الخطاب يقربه ويدنيه ويشاوره مع جلة الصحابة، وكف بصره في آخر عمره. ومات بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير، وهو ابن سبعين سنة، أو احدى وسبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين. وكان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه، له وقرة يخضب بالحناء، وكان قدم مصر وغزى أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة سبع وعشرين. ” لبابة ” بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة الاولى. وفي مختصر الذهبي: انه كان يقال له ترجمان القرآن، عنه سعيد بن جبير ومجاهد. وقال المسعودي في مروج الذهب: وفي سلطنة عبد الملك مات عبد الله بن العباس بن عبد المطلب في سنة ثمانى وستين، وقيل: في سنة تسع وستين بالطائف وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن من ولد عامر بن صعصعة، وله احدى وسبعون سنة. وقد قيل: انه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد ذكر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا ابن عشر سنين وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقد كان ذهب بصره لبكائه على علي والحسن والحسين، وكانت له وفرة طويله يخضب شيبه بالحناء، وهو الذى يقول:


[ 273 ]

103 – جعفر بن معروف، قال حدثنا يعقوب بن يزيد الانباري، عن حماد ابن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتى رجل أبي عليه السلام فقال: ان فلانا يعنى عبد الله بن العباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيم نزلت. ان يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور قلبى ذكي وعقلي غير مدخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور وقد كان النبي صلى الله عليه وآله دعا له حين وضع له الماء الطهور في بيت خالته ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله، فقال: اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل (1). قوله رحمه الله تعالى: جعفر بن معروف، عن يعقوب بن يزيد الانباري، عن حمادبن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني قال السيد جمال الدين أحمد بن طاوس: في الطريق ضعف من جهة ابراهيم ابن عمر اليماني، فان ابن الغضائري قال: انه ضعيف. وبعض شهداء المتأخرين قد تبعه على ذلك، واستضعف كثيرا من الاخبار، وكثيرا بأسانيد المتفق على صحتها عندأفاخم الاصحاب، لكون ابراهيم بن اليماني في الطريق. ونحن نقول: ابراهيم بن عمر اليماني قد وثقه وشيخه النجاشي على البت، ثم نقل اتفاق ابن نوح وغيره على ذلك. قال: ابراهيم بن عمر اليماني الصنعاني شيخ من أصحابنا ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، ذكر ذلك أبو العباس وغيره له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره (2). والشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: ابراهيم بن


1) مروج الذهب: 3 / 101. 2) رجال النجاشي: 16 (*)

[ 274 ]

قال: فسله فيمن نزلت ” ومن كان في هذه أعمى فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلا ” (1) وفيم نزلت ” ولا ينفعكم نصحي ان أردت أنصح لكم ” (2) وفيم نزلت ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ” (3). فأتاه الرجل وقال: وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسائله، ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو ؟ فانصرف الرجل إلى أبي فقال له ما قال، فقال: وهل أجابك في الايات ؟ قال: لا. – عمر الصنعاني اليماني له أصول رواها عنه حماد بن عيسى (4). وفي الفهرست: له أصل رواه عنه حماد بن عيسى، وابن نهيك، والقاسم بن اسماعيل القرشي جميعا (5) فاذن تضعيف ابن الغضائري – وهو أبو الحسن أحمد بن الحسين لا أبوه أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله – اياه لا يوجب ضعفه. ولذلك قال العلامة: الاقوى قبول روايته (6). ويعنى بذلك صحته حديثه. وما يقال: ان الجرح مقدم على التعديل لكونه شهادة بأمر وجودي، بخلاف التعديل، فقد أبطلناه في الرواشح السماوية (7) بأن التعديل أيضا شهادة بأمر وجودي بناءا على أن العدالة على التحقيق هي ملكة اجتناب الكبائر لا مجرد عدم ارتكابها. وبالجملة هذا الحديث الشريف طريقه صحيح على الاصح، ومسائل الغامضة من الحكمة منطوية في متنه.


1) سورة الاسراء: 72 2) سورة هود: 34 3) سورة آل عمران: 200 4) رجال الشيخ: 103 5) الفهرست: 32 6) الخلاصة: 6 7) الرواشح السماوية: 104 (*)

[ 275 ]

قال: ولكني أجيبك فيها بنور وعلم غير المدعى والمنتحل، أما الاوليان فنزلتا في أبيه، وأما الاخيرة فنزلت في أبي وفينا، وذكر الرباط الذي أمرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط. فأما ما سألت عنه: فما العرش: فان الله عزوجل جعله أرباعا لم يخلق قبله شيئا الا ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور، ثم خلقه من ألوان مختلفة من ذلك، النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة، ومن نور أصفر خلقت منه الصفرة، ونور أحمر احمرت منه الحمرة، ونور أبيض وهو نور الانوار ومنه ضوء النهار. ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين، وليس من ذلك طبق الا يسبح بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ولو سمع واحدا منها شئ بما تحته لانهدم الجبال والمدائن والحصون ولخسف البحار وأهلك وما دونه. له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة مالا يحصى عدتهم الا الله يسبحون الليل والنهار ولا يفترون، ولو حس حس شئ مما فوقه أقام لذلك طرفة عين، بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم، وليس وراء هذا مقال لقد طمع الخائن في غير مطمع. أما أن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم سيخرجون أقوام من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه، وستصبغ الارض بدماء الفراخ من فراخ آل محمد، تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير ما تدرك، ويرابط الذين آمنوا ويصبرون لما يرون حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. 104 – حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة، قال حدثنا الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، عن أحمد بن محمد بن زياد قال: جاء رجل إلى على بن الحسين عليهما السلام وذكر نحوه. 105 – محمد بن مسعود، قال حدثنى جعفر بن أحمد بن أيوب: قال حدثني


[ 276 ]

حمدان بن سيلمان أبو الخير، قال حدثني أبو محمد بن عبد الله بن محمد اليماني، قال حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي، عن أبيه الحسين، عن طاووس قال: كنا على مائدة ابن عباس، ومحمد بن الحنفية حاضر، فوقعت جرادة فأخذها محمد، ثم قال هل تعرفون ما هذه النقط السود في جناحها ؟ قالوا الله أعلم. فقال: أخبرني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان مع النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: هل تعرف يا على هذا النقط السود في جناح هذه الجرادة ؟ قال: قلت الله ورسوله أعلم. فقال عليه السلام: مكتوب في جناحها أنا الله رب العالمين، خلقت الجراد جندا من جنودي أصيب به من أشاء من عبادي، فقال ابن عباس: فما بال هؤلاء القوم يفتخرون علينا يقولون أنهم أعلم منا، فقال محمد: ما ولدهم الا من ولدني. قال: فسمع ذلك الحسن بن علي عليه السلام فبعث اليهما وهما في المسجد الحرام، فقال لهما: أما أنه قد بلغني ما قلتما إذ وجدتما جرادة، فأما أنت يا ابن عباس ففيمن نزلت هذه الاية ” فلبئس المولى ولبئس العشير ” (1) في أبي أوفي أبيك ؟ وتلى عليه أيات من كتاب الله كثيرا. ثم قال: أما والله لولا ما نعلم لا علمتك عاقبة أمرك ما هو وستعلمه، ثم انك بقولك هذا مستنقص في بدنك، ويكون الجرموز من ولدك، ولو أذن لي في القول لقلت مالو سمع عامة هذا الخلق لجحدوه وأنكروه. 106 – حمدويه وابراهيم، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد، عن سلام بن سعيد، عن عبد الله بن عبد ياليل رجل من أهل الطائف، قال أتينا ابن عباس (رحمة الله عليهما) نعوده في مرضه الذي مات فيه قال، فأغمي عليه في البيت فاخرج إلى صحن الدار، قال، فأفاق. فقال: ان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اني سأهجر هجرتين وأني سأخرج من هجرتي: فهاجرت هجرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهجرة مع علي عليه السلام، وأني سأعمي: فعميت، وأني سأغرق: فأصابني حكة فطرحني أهلى في البحر فغفلوا عني


1) سورة الحج: 13 (*).

[ 277 ]

فغرفت ثم استخرجوني بعد. وأمرني أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام، ومن الخوارج وهم أهل النهروان، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لاقدر، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله أعلم. قال ثم قال: اللهم اني أحيى على ما حيى عليه علي بن أبي طالب وأموات على ما مات عليه علي بن أبي طالب، قال: ثم مات فغسل وكفن ثم صلى على سريره، قال: فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأى الناس، انما هو فقهه فدفن. 107 – جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن جريح، عن أبي عبد الله عليه السلام ان ابن عباس لما مات واخرج: خرج من كفنه طير أبيض يطير ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم. فقال: وكان أبي يحبه حبا شديدا، وكانت أمه تلبسه ثيابه وهو غلام، فينطلق إليه في غلمان بني عبد المطلب، قال فأتاه بعدما أصاب بصره فقال: من أنت، قال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فقال: حسبك من لم يعرفك فلا عرفك. 108 – جعفر بن معروف، قال حدثني الحسين بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن معاذ بن مطر، قال سمعت اسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال حدثني بعض أشياخي، قال: لما هزم علي بن أبي طالب عليه السلام أصحاب الجمل، بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن عباس (رحمة الله عليهما) إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة. قال ابن عباس: فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة قال: فطلبت الاذن عليها، فلم تأذن، قد خلت عليها من غير اذنها، فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس فإذا هي من وراء سترين. قال: فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسه، قال: فمددت


[ 278 ]

الطنفسة فجلست عليها، فقالت من وراء الستر: يا ابن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير اذننا، وجلست على متاعنا بغير اذننا، فقال لها ابن عباس (رحمه الله عليهما): نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة، وانما بيتك الذي خفك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشية لدينك عاتية على ربك عاصية لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله الا باذنك ولم نجلس على متاعك الا بأمرك، ان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعث اليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة. فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمربن الخطاب، فقال ابن عباس: هذا والله امير المؤمنين وان تزبدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس، أما والله لهو امير المؤمنين، وأمس برسول الله رحما، وأقرب قرابة، وأقدم سبقا، وأكثر علما، وأعلى منارا، وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر، فقالت: أبيت ذلك. فقال: اما والله ان كان اباؤك فيه لقصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشؤم بين النكل، وما كان اباؤك فيه الا حلب شاة حتى صرت لا تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين، وما كان مثلك الاكمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد، حيث يقول: ما زال اهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الالقاب حتى تركتهم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعتها، وأبدت عويلها، وتبدى نشيجها، ثم قالت: أخرج والله عنكم فما في الارض بلد أبغض إلى من بلد تكونون فيه، فقال ابن عباس رحمة الله: فوالله ماذا بلاءنا عندك ولا بضيعتنا اليك، انا جعلناك للمؤمنين أما وانت بنت أم رومان، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة. فقالت: يا ابن عباس تمنون علي برسول الله، فقال: ولم نمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به، ونحن لحمه ودمه ومنه واليه، وما أنت الا حشية من تسع حشايا خلفهن بعده لست بأبيضهن لونا، ولا بأحسنهن وجها، ولا بأرشحهن


[ 279 ]

عرقا، ولا بأنضرهن ورقا، ولا بأطرأهن أصلا، فصرت تأمرين فتطاعين، وتدعين فتجابين، وما مثلك الاكما قال أخو بني فهر: مننت على قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحج بكم أن تجموا البغي والكفرا قال: ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها، فقال: أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك. 109 – قال الكشي: روى علي بن يزداد الصائغ الجرجاني، عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الاعلى الجزري، عن خلف المحرومي البغدادي عن سفيان بن سعيد، عن الزهري، قال: سمعت الحارث يقول: استعمل علي عليه السلام على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا عليه السلام، وكان مبلغه ألفي ألف درهم. فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكي، فقال: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله في علمه وقدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه، اللهم اني قد مللتهم فأرحني منهم، واقبضني اليك غير عاجز ولا ملول. 110 – قال الكشي: قال شيخ من أهل اليمامة، يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي، قال: لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز. كتب إليه علي بن أبيطالب: من عبد الله علي بن أبيطالب إلى عبد الله بن عباس أما بعد: فاني قد كنت أشركتك في أمانتي، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي وموازرتي وأداء الامانة الي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد خربت، وهذه الامور قد قست، قلبت لابن عمك ظهر المجن، وفارقته مع المفارقين، وخذلته أسوء خذلان الخاذلين. فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك انما كنت تكيد أمة محمد صلى الله عليه وآله على دنياهم، وتنوي غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في


[ 280 ]

خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة، فأختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الازل رمية المعزى الكسير. كأنك لا أبالك، انما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، سبحان الله، أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف من سوء الحساب ؟ أو ما يكبر عليك أن تشترى الاماء وتنكح النساء بأموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد ؟ اردد إلى القوم أموالهم فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن الله فيك، فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل ما فعلت لما كان لهما عندي في ذلك هوادة، ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق وازيح الجور عن مظلومها، والسلام. قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس، أما بعد – فقد أتاني كتابك، تعظم علي اصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة: ولعمري أن لي في بيت مال الله اكثر مما أخذت، والسلام. قال: فكتب إليه علي بن أبي طالب عليه السلام اما بعد – فالعجب كل العجب من تزيين نفسك، أن لك في بيت مال الله أكثر مما أخذت وأكثر مما لرجل من المسلمين: فقد أفلحت ان كان تمنيك الباطل، وادعاؤك مالا يكون ينجيك من الاثم، ويحل لك ما حرم الله عليك، عمرك الله أنك لانت العبد المهتدي إذا. فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري مولدات مكة والطائف، تختارهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك، وأني لاقسم بالله ربي وربك رب العزة: ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعة لعقبي ميراثا، فلا غرو وأشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا، فكأن قد بلغت المدا وعرضت على ربك والمحل الذي يتمنى الرجعة والمضيع للتوبة كذلك وما ذلك ولات حين مناص – والسلام. قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس، اما بعد – فقد اكثرت علي فوالله لان ألقي الله بجميع ما في الارض من ذهبها وعقيانها أحب الي أن القي الله بدم رجل مسلم.


[ 281 ]

محمد بن ابى بكر 111 – حدثني محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار القميان، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من قريش خمسة نفر، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية. فاما الخمسة: فمحمد بن أبي بكر رحمة الله عليه أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس، وكان معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال. وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي، وكان أمير المؤمنين عليه السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أي سفيان انما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك، ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، و الخامس سلف أمير المؤمنين ابن أبي العاص بن ربيعة، وهو صهر النبي صلى الله عليه وآله أبو الربيع. 112 – حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب، عن صفوان، عن معاوية بن عمار وغير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان عمار بن ياسر ومحمد ابن ابي بكر لا يرضيان أن يعصى الله عزوجل. 113 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد القمي، قال حدثنى أحمد بن محمد بن عيسى، عن زحل عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن – محمد بن أبي بكر قوله رحمه الله تعالى: عن زحل عمر بن عبد العزيز عمر بن عبد العزيز لقبه ” زحل ” بالزاء المضمومة والحاء المهملة المفتوحة واللام أخيرا، وكنيته أبو حفص، يروي عنه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى،


[ 282 ]

حمزة بن محمد الطيار، قال: ذكرنا محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام رحمه الله وصلى عليه. قال لامير المؤمنين عليه السلام يوما من الايام: أبسط يدك أبايعك، فقال: أو ما فعلت ؟ قال: بلي، فبسط يده، فقال: أشهد أنك امام مفترض طاعتك، وأن أبي في النار. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان انجابه من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لامن قبل أبيه. 114 – حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام أن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البرائة من أبيه. 115 – حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا محمد بن عبد الحميد، قال: حدثنى أبو جميلة، عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بايع محمد بن أبي بكر على البرائة من الثاني. 116 – حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن – وأبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، وهو متكرر الذكر في هذا الكتاب في الاسانيد وسيجئ في الجزء الخامس ذكره في أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام وسلامته عن الغلو وفساد المذهب وان كان فيه غمز بأنه يروي المناكير. وذكره النجاشي رحمه الله تعال ورماه بالتخليط (1). والشيخ – رحمه الله تعالى – أورده في الفهرست (2) وفي كتاب الرجال أيضا في باب ” لم ” (3). ولم يطعن فيه أصلا. وفي طائفة سقيمة من النسخ: عن رجل، عن عمر بن عبد العزيز وذلك من أغلاط الناسخين وتحريفاتهم.


1) رجال النجاشي: 218 2) الفهرست: 141 3) رجال الشيخ: 486 (*)

[ 283 ]

موسى بن مصعب، عن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت يقول: ما من أهل بيت الا ومنهم نجيب من أنفسهم، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء، منهم محمد ابن أبي بكر. مالك الاشتر 117 – حدثني عبيد بن محمد النخعي الشافعي السمرقندي، عن أبي أحمد الطرسوسي، قال حدثني خالد بن طفيل الغفاري، عن أبيه، عن حلام بن أبي ذر الغفاري وكانت له صحبة، قال مكث أبو ذر رحمه الله بالربذة حتى مات. فلما حضرته الوفاة قال لا مرأته: إذ بحي شاة من غنمك واصنعيها، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق، فأول ركب ترينهم قولي يا عباد الله المسلسين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى نحبه ولقى ربه فأعينوني عليه وأجيبوه، فان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني اموت في أرض غربة، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة علي رجال من أمتي صالحون. 118 – محمد بن علقمة بن الاسود النخعي، قال: خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحارث الاشتر، وعبد الله بن الفضل التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة، فإذا امرأة على قارعة الطريق، تقول: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد هلك غريبا ليس لي أحد يعينني عليه. قال: فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق الينا، واسترجعنا على عظيم المصيبة، ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا مالكا الاشتر فصلى بنا عليه ثم دفناه. فقام الاشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك في العابدين، وجاهد فيك المشركين، لم يغير ولم يبدل، لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه، حتى جفي ونفي وحرم واحتقر، ثم مات وحيدا غريبا، اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك صلى الله عليه وآله قال، فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين ثم قدمت الشاة التي صنعت، فقالت: انها قد أقسم الا تبرحوا حتى تتغدوا، فتغدينا وارتحلنا. قال الكشي: ذكر أنه لما نعي الاشتر مالك بن الحارث النخعي إلى أمير المؤمنين عليه السلام تأوه حزنا، وقال: رحم الله مالكا، وما مالك عز علي به هالكا، لو كان


[ 284 ]

صخرا لكان صلدا، ولو كان حبلا لكان قيدا. وكأنه قد منى قدا. زيد بن صوحان 119 – جبريل بن أحمد، قال: حدثني موسى بن معاوية بن وهب، قال: وحدثني علي بن سعد، عن عبد الله بن عبد الله الواسطي، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين عليه السلام حتى جلس عند رأسه، فقال رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤنة عضيم المعونة. قال: فرفع زيد رأسه إليه وقال: وأنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فوالله ما علمتك الا بالله عليما، وفي أم الكتاب عليا حكيما، وأن الله في صدرك لعظيم، والله ما قاتلت معك على جهالة، ولكني سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فكرهت والله أن اخذ لك فيخذلني الله. 120 – على بن محمد القتيبي، قال، قال الفضل بن شاذان: ثم عرف الناس بعده فمن التابعين ورؤسائهم وزهادهم زيد بن صوحان. وروي أن عائشة كتبت من البصرة إلى زيد بن صوحان إلى الكوفة: من عائشة زوج النبي إلى ابنها زيد بن صوحان الخالص، أما بعد: فإذا أتاك كتابي هذا فاجلس في بيتك، واخذل الناس عن علي بن ابي طالب حتى يأتيك أمري. فلما قرأ كتابها، قال: أمرت بأمر وأمرنا بغيره، فركبت ما أمرنا به، وأمرتنا أن نركب ما أمرت هي به، أمرت أن تقر في بيتها، وأمرنا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، والسلام. صعصعة بن صوحان 121 – محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو جعفر حمدان بن أحمد، قال: حدثني معاوية بن حكيم، عن أحمد بن النصر، قال: كنت عند أبي الحسن الثاني عليه السلام قال: ولا أعلم الا قام ونفض الفراش بيده، ثم قال لي يا أحمد ان أمير المؤمنين عليه السلام عاد صعصعة بن صوحان في مرضه، فقال، يا صعصعة ولا تتخذ عيادتي لك أبهة على قومك.


[ 285 ]

قال: فلما قال أمير المؤمنين لصعصعة هذه المقالة، قال صعصعة: بلي والله أعدها منة من الله علي وفضلا، قال: فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ان كنت ما علمتك لخفيف المؤنة حسن المعونة، قال، فقال، صعصعة: وأنت والله يا أمير المؤمنين ما علمتك الا بالله عليما وبالمؤمنين رؤفا رحيما. 122 – محمد بن مسعود: قال: حدثني علي بن محمد قال: حدثني محمد ابن احمد بن يحيى، عن العباس بن معروف، عن أبي محمد الحجال، عن داود ابن أبي يزيد، قال قال أبو عبد الله عليه السلام: ماكان مع أمير المؤمنين عليه السلام من يعرف حقه الاصعصعة وأصحابه. 123 – محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو الحسن علي بن علي الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن علي بن خالد العطار، قال: حدثني عمرو بن عبد الغفار، عن أبي بكر بن أبي عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عمن شهد ذلك، أن معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علي عليه السلام وكان الحسن عليه السلام قد أخذ الامان لرجال منهم مسمين بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وكان فيهم صعصعة. فلما دخل عليه صعصعة، قال معاوية لصعصعة: أما والله أني كنت لابغض أن تدخل في أماني، قال: وأنا والله أبغض أن أسميك بهذا الاسم، ثم سلم عليه بالخلافة. قال فقال معاوية: ان كنت صادقا فاصعد المنبر فالعن علينا ! قال: فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس أتيتكم من عند رجل قدم شره وأخر خيره وأنه أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله فضج أهل المسجد بآمين. فلما رجع إليه فأخبره بما قال ثم قال: لا والله ما عنيت غيري ارجع حتى تسمية باسمه، فرجع وصعد المنبر، ثم قال: أيها الناس أن أمير المؤينين أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوا من لعن علي بن أبي طالب قال: فضجوا بآمين، قال، فلما خبر معاوية قال: لا والله ماعني غيري، أخرجوه لا يساكنني في بلد، فأخرجوه.


[ 286 ]

جندب بن زهير وعبد الله بن بديل وغيرهما 124 – قال الفضل بن شاذان: فمن التابعين الكبارو روسائهم وزهادهم جندب ابن زهير قاتل الساحر، وعبد الله بن بديل، وحجر بن عدي، وسليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، وعلقمة والاشتر، وسعيد بن قيس، واشباههم كثير، أفناهم الحرب ثم كثروا بعد، حتى قتلوا مع الحسين عليه السلام وبعده. محمد بن ابى حذيفة 125 – حدثني نصربن صباح، قال حدثني أبو يعقوب اسحاق بن محمد البصري، قال: حدثني أمير بن علي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال، كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول، ان المحامدة تأبي أن يعصى الله عزوجل. قلت: ومن المحامدة ؟ قال محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد ابن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين عليه السلام، أما محمد بن أبي حذيفة هو ابن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية. 126 – وأخبرني بعض رواة العامة، عن محمد بن اسحاق، قال: حدثني رجل من أهل الشام، قال: كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ومن أنصاره واشياعه، وكان ابن خال معاوية، وكان رجل من خيار المسلمين، فما توفى علي عليه السلام أخذه معاوية وأراد قتله فحبسه في السجن دهرا، ثم قال معاوية ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السفيه محمد بن أبي حذيفة فنبكته، ونخبره بضلاله، ونأمره أن يقوم فيسب عليا ؟ قالوا: نعم. فبعث إليه معاوية فأخرجه من السجن، فقاله له معاوية يا محمد بن أبي حذيفة ألم يأن لك أن تبصر ماكنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن أبي طالب الكذاب ألم تعلم أن عثمان قتل مظلوما، وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه وأن عليا هو الذي دس في قتله ونحن اليوم نطلب بدمه ؟


[ 287 ]

رجل من أهل الشام، قال: كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ومن أنصاره وأشياعه، وكان ابن خال معاوية، وكان رجلا من خيار المسلمين، فلما توفي على عليه السلام أخذه معاوية وأراد قتله فحبسه في السجن دهرا، ثم قال معاوية ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السفيه محمد بن أبي حذيفة فنكبته، ونخبره بضلاله، ونأمره أن يقوم فيسب عليا ؟ قالوا: نعم. فبعث إليه معاوية فأخرجه من السجن، فقال له معاوية يا محمد بن أبي حذيفة ألم يأن لك أن تبصر ماكنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن أبي طالب الكذاب ألم تعلم أن عثمان قتل مظلوما، وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه، وأن عليا هو الذي دس في قتله، ونحن اليوم نطلب بدمه ؟ قال محمد بن أبي حذيفة: انك لتعلم اني أمس القوم بك رحما وأعرفهم بك، قال: أجل. قال: فوالله الذي لا اله غيره ما أعلم أحدا شرك في دم عثمان وألب عليه غيرك لما استعملك ومن كان مثلك، فسأله المهاجرون والانصار ان يعزلك فأبي، ففعلوا به ما بلغك، ووالله ما أحد أشرك في قتله بدئيا ولا أخيرا الا طلحة والزبير وعائشة، فهم الذين شهدوا عليه بالعظيمة وألبوا عليه الناس، وشركهم في ذلك عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وعمار والانصار جميعا، قال: قد كان ذاك. قال: والله اني لاشهد أنك منذ عرفتك في الجاهلية والاسلام لعلى خلق واحد ما زاد الاسلام فيك قليلا ولا كثيرا، وان علامة ذلك فيك لبينة تلومني علي حبي عليا كما خرج مع علي كل صوام قوام مهاجري وأنصاري، وخرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء، خدعتهم عن دينهم، وخدعوك عن دنياك، والله يا معاوية ما خفي عليك ما صنعت، وما خفي عليهم ما صنعوا، إذا حلوا أنفسهم بسخط الله في طاعتك، والله لا أزال أحب عليا لله، وأبغضك في الله وفي رسوله ابدا ما بقيت. قال معاوية، وانى أراك على ضلالك بعد، ردوه، فردوه وهو يقرء في السجن


[ 288 ]

” رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه ” (1) فمات في السجن. قنبر 127 – محمد بن مسعود قال: أخبرنا محمد بن يزداد الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليا عليه السلام قال: لما رأيت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا 128 – محمد بن الحسن وعثمان بن حامد الكشيان، قالا: حدثنا محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن يسار، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: بينما علي عليه السلام عند امرأة له من عنزة وهي أم عمر إذ أتاه قنبر فقال له: ان عشرة نفر بالباب يزعمون أنك ربهم قال: أدخلهم، قال: فدخلوا عليه. فقال لهم: ما تقولون ؟ فقالوا: نقول: انك ربنا وأنت الذي خلقتنا، وأنت الذي ترزقنا، فقال لهم: ويلكم لا تفعلوا انما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا وأعادوا عليه ثم ساق الحديث إلى أن قذفهم في النار ثم قال علي عليه السلام: اني إذا أبصرت شيئا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا 129 – ابراهيم بن الحسين الحسيني العقيقي، رفعه، قال: سئل قنبر مولى من أنت ؟ فقال: أنا مولى من ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا مولى صالح المؤمنين، وورارث النبيين، وخير الوصيين، وأكبر المسلمين. ويعسوب المؤمنين، ونور المجاهدين، ورئيس البكائين، وزين العابدين، وسراج الماضين، وضوء القائمين، وأفضل القانتين، ولسان رسول رب العالمين،


1) سورة يوسف: 33 (*)

[ 289 ]

وأول المؤمنين من آل ياسين، المؤيد بجبريل الامين، والمنصور بميكائيل المتين، والمحمود عند أهل السماوات أجمعين، سيد المسلمين والسابقين، وقاتل الناكثين والقاسطين. والمحامي عن حرم المسلمين، والمجاهد أعدائه الناصبين، ومطفي نيران الموقدين، وأفخر من مشي من قريش أجمعين، وأول من حارب واستجاب الله أمير المؤمنين، ووصي نبيه في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وخليفة من بعث إليهم أجمعين. سيد المسلمين والسابقين، وقاتل الناكثين والقاسطين ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله علي المنافقين، ولسان كلمة العابدين، ناصر دين الله، وولي الله، ولسان كلمة الله، وناصره في أرضه، وعيبة علمه، وكهف دينه، امام الابرار، من رضي عنه العلي الجبار. سمح، سخي، حي، بهلول، سنحنحي، زكي، مطهر، أبطحي، باذل، جري، همام الصابر، صوام، مهدي، مقدام، قاطع الاصلاب، مفرق الاحزاب، عالي الرقاب أربطهم عنانا، وأثبتهم جنانا، وأشدهم شكيمة، بازل، باسل، صنديد، هزبر، ضرغام حازم، عزام، حصيف، خطيب، محجاج، كريم الاصل، شريف الفضل، فاضل القبيلة، نفي العشيرة زكي الركانة، مؤدي الامانة، من بني هاشم. وابن عم النبي صلى الله عليه وآله والامام مهدي الرشاد، مجانب الفساد، الاشعث الحاتم، البطل الجماجم، والليث المزاحم، وبدري، مكي، حنفي، روحاني، شعشعاني، من الجبال شواهقها، ومن الهضاب رؤوسها، ومن العرب سيدها، ومن الوغاء ليثها، البطل الهمام، والليث المقدام، والبدر التمام، محك المؤمنين، ووارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، والله أمير المؤمنين حقا حقا علي بن أبي طالب عليه من الله صلوات الزكية والبركات السنية. 130 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني على بن قيس القوميني،


[ 290 ]

قال: حدثني أحكم بن يسار، عن ابي الحسن صاحب العسكر عليه السلام ان قنبرا مولى أمير المؤمنين عليه السلام دخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تلي من على بن ابي طالب ؟ فقال: كنت أو ضئه، فقال له: ماكان يقول إذا فرغ من وضوئه ؟ فقال: كان يتلو هذه الاية ” فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد الله رب العالمين ” (1) فقال الحجاج: أظنه كان يتأولها علينا، قال: نعم، فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك ؟ قال: إذا أسعد وتشقي، فأمر به. رشيد الهجرى 131 – حدثني أبو أحمد ونسخت من خطة، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران ؟ عن وهب بن مهران، قال: حدثنى محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد بن عبد الله الحناط، عن وهيب بن حفص الجريري، عن أبي حيان البجلي، عن قنواء بنت رشيد الهجري، قال: قلت لها: أخبريني ما سمعت من أبيك ؟ قالت: سمعت أبي يقول: أخبرني أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل اليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك، قلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك إلى الجنة ؟ فقال: يا رشيد أنت معي في الدنيا والاخرة. قالت: فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه عبيدالله بن زياد الدعي، فدعاه إلى البرائة من أمير المؤمنين عليه السلام فأبي ان يبرأ منه، فقال له الداعي: فبأي ميتة قال لك تموت ؟ فقال له: أخبرني خليلي انك تدعوني إلى البرائة مه فلا أبرء فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال والله ح لاكذبن قوله فيك.


1) سورة الانعام: 45 (*)

[ 291 ]

قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملت أطراف يديه ورجليه فقلت: يا أبت هل تجد ألما لما أصابك ؟ فقال: لايا بنية الا كالزحام بين الناس، فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله، فقال: أيتوني بصحيفة ودوات أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة، فأرسل إليه الحجام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليلته. قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، وكان حياته إذا لقى الرجل قال له: فلان أنت تموت بميتة كذا، وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا، فيكون كما يقول رشيد. وكان أمير المومنين عليه السلام يقول: أنت رشيد البلايا، أي تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أمير المومنين عليه السلام. 132 – جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الاسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام يوما إلى بستان البرني، ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة ثم أمر بنخلة، فلقطت فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم، قالوا فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين ما أطيب هذا الرطب ؟ فقال: يا رشيد أما أنك تصلب على جذعها، فقال: رشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها. ومضى أمير المؤمنين عليه السلام قال: فجئتها يوما وقد قطع سعفها: قلت اقترب أجلي ثم جئت يوما فجاء العريف فقال أجب الامير: فأتيته فلما دخلت القصر فإذا الخشب ملقى، ثم جئت يوما آخر فإذا النصف الاخر قد جعل زرنوقا يستقى عليه الماء، فقلت ما كذبني خليلي فأتاني العريف فقال: أجب الامير فأتيته. فلما دخلت القصر إذا الخشب ملقى فإذا فيه الزرنوق، فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثم قلت: لك غذيت ولي انبت ثم أدخلت على عبيدالله بن زياد، فقال: هات من كذب صاحبك: فقلت: والله ما أنا بكذاب ولاهو، ولقد أخبرني


[ 292 ]

أنك تقطع يدي ورجلي ولساني، قال: إذا والله نكذبه اقعطوا يده ورجله وأخرجوه. فلما حمل إلى أهله أقبل يحدث الناس بالعظايم، وهو يقول: ايها الناس سلوني فان للقوم عندي طلبة لم يقضوها، فدخل رجل على ابن زياد فقال له: ما صنعت قطعت يده ورجله وهو يحدث الناس بالعظايم ؟ قال: ردوه وقد انتهى إلى بابه، فردوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه. حبيب بن مظاهر 133 – جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النصر، عن عبد الله بن يزيد الاسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: مر ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلف أعناق فرسيهما. ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلح ضخم البطن يبيع البطيخ عند دارالزرق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، ويبقر بطنه على الخشب. فقال ميثم: واني لاعرف رجلا أحمر له صفيدتان يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة. ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين، قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما ؟ فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم، ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم. فقال القوم: والله ما ذهبت الايام والليالي حتى رأيناه مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين عليه السلام ورأينا كل ما قالوا.


[ 293 ]

وكان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام ولقوا جبال الحديد، واستقبلوا الرماح بصدورهم تم، والسيوف بوجوهم، وهم يعرض عليهم الامان والاموال فيأبون، ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله ان قتل الحسين ومنا عين تطرف حتى قتلوا حوله. ولقد مزح حبيب بن مظاهر الاسدي، فقال له يزيد بن خضير الهمداني وكان يقال له سيد القراء يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال فأي موضع أحق من هذا بالسرور، والله ما هو الا أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم فنعانق الحور العين. قال الكشي. هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخر الكوفة والبصرة. ميثم التمار 134 – حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم ابن حميد، عن ثابت الثقفي، قال: لما مر بميثم ليصلب، قال رجل: يا ميثم لقد كنت عن هذا غنيا، قال: فالتفت إليه ميثم، ثم قال: والله ما نبتت هذه النخلة الا لي ولا اغتذيت الا لها. 135 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، عن محمد بن أحمد الهندي، عن العباس بن معروف، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح ابن ميثم، قال: أخبرني أبو خالد التمار، قال: كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة فهبت ريح وهو في سفينة من سفن الرمان. قال: فخرج فنظر إلى الريح فقال: شدوا برأس سفينتكم ان هذه ريح عاصف مات معاوية الساعة، قال: فلما كانت الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام فلقيته فاستخبرته، فقلت له: يا عبد الله ما الخبر ؟ قال: الناس على أحسن حال توفى أمير المؤمنين وبايع الناس يزيد، قال: قلت أي يوم توفى ؟ قال: يوم الجمعة. 136 – محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، قال حدثني الحسن بن علي ابن بنت الياس الوشاء، عن عبد الله بن


[ 294 ]

خراش المغربي، عن علي بن اسماعيل، عن فضيل الرسان، عن حمزة بن ميثم، قال خرج أبي إلى العمرة، فحدثني قال: استأذنت على أم سلمة (رحمة الله عليها) فضربت بيني وبينها خدرا، فقالت لي: أنت ميثم ؟ فقلت: أنا ميثم. فقالت: كثيرا ما رأيت الحسين بن علي ابن فاطمة (صلوات الله عليهم) يذكرك، قلت: فأين هو ؟ قالت خرج في غنم له آنفا، قلت: أنا والله أكثر ذكره فاقرأيه السلام فاني مبادر. فقالت: يا جارية اخرجي فادهنيه، فخرجت فدهنت لحيتي ببان، فقلت: أما والله لئن دهنتها لتخضبن فيكم بالدماء، فخرجنا فإذا ابن عباس (رحمة الله عليهما) جالس، فقلت يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فاني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأويله، فقال: يا جارية الدواة وقرطاسا، فأقبل يكتب. فقلت: يا ابن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة، فقال لي: وتكهن أيضا خرق الكتاب، فقلت: مه احتفظ بما سمعت مني، فان يك ما أقول لك حقا أمسكته، وان يك باطلا خرقته قال: هو ذاك. فقدم أبي علينا فما ليث يومين حتى أرسل عبيدالله بن زياد، فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة، فرأيت الرجل الذي جاء إليه ليقتله وقد أشار إليه بالحربة، وهو يقول: أما والله لقد كنت ما علمتك الا قواما، ثم طعنه في خاصرته فأجافه فاحتقن الدم فمكث يومين، ثم انه في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دما، فخضبت ليحته بالدماء. 137 – قال أبو النصر محمد بن مسعود: وحدثني أيضا بهذا الحديث علي ابن الحسن بن فضال، عن أحمد بن محمد الاقرع. عن داود بن مهزيار، عن علي بن اسماعيل، عن فضيل، عن عمران بن ميثم. قال علي بن الحسن: هو حمزة بن ميثم خطأ وقال علي: اخبرني به الوشاء بأسناده مثله سواء غير أنه ذكر عمران بن ميثم. 138 – حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا أيوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن جده، قال لي ميثم التمار ذات يوم: يا أبا حكيم اني أخبرك بحديث وهو


[ 295 ]

حق، قال: فقلت يا أبا صالح بأي شئ تحدثني ؟ قال: اني أخرج العام إلى مكة فإذا قدمت القادسية راجعا أرسل الي هذا الدعي ابن زياد رجلا في مائة فارس حتى يجئ بي إليه، فيقول لي: أنت من هذه السبائية الخبيثة المحترقة التي قد يبست عليها جلودها، وأيم الله لا قطعن يدك ورجلك. فأقول: لارحمك الله فوالله لعلي كان أعرف بك من حسن حين ضرب رأسك بالدرة، فقال له الحسن: يا أبه لا تضربه فانه يحبنا ويبغض عدونا، فقال له علي عليه السلام مجيبا له اسكت يا بني فوالله لانا أعلم به منك، فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة انه لولي لعدوك وعدو لوليك. قال: فيأمر بي عند ذلك فأصلب فأكون أول هذا الامة ألجم بالشريط في الاسلام فإذا كان يوم الثالث فقلت غابت الشمس أو لم تغب ابتدر منخر اي دما علي صدري ولحيتي. قال: فرصدناه فلما كان يوم الثالث فقلت: غابت الشمس أولم تغب ابتدر منخراه على صدره ولحيته دما. قال: فاجتمعنا سبعة من التمارين فاتعدنا لحمله فجئنا إليه ليلا والحراس يحرسونه، وقد أوقدوا النار فحالت بيننا وبينهم، فاحتملناه بخشبته حتى انتهينا به إلى فيض من ماء في مراد فدفناه فيه، ورمينا بخشبته في مراد في الخراب، وأصبح فبعث الخيل فلم يجد شيئا. قال، وقال يوما: يا أبا حكيم ترى هذا المكان ليس يودي فيه طسق. والطسق أداء الاجر، ولئن طالت بك الحياة لتؤدين طسق هذا المكان إلى رجل في دار الوليد بن عقبة اسمه زرارة. قال سدير: فأديته على خزي إلى رجل في دار الوليد ابن عقبة يقال ه: زرارة. 139 – جبريل بن أحمد، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد، عن يوسف بن عمران الميثمي، قال سمعت ميثم النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين عليه السلام وقال: كيف أنت يا ميثم إذا


[ 296 ]

دعاك دعي بني أمية ابن دعيها عبيدالله بن زياد إلى البرائة مني ؟ فقال يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت، أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي. قال، وكان ميثم يمر بعريف قومه، ويقول: يا فلان كأني بك وقد دعاك دعي بني أمية ابن دعيها فيطلبني منك أياما، فإذا قدمت عليك ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان يوم الرابع التدر منخراي دما عبيطا، وكان ميثم يمر بنخلة في سبعة فيضرب بيده عليها، ويقول: يا نخلة ما غذيت الا لي وما غذيت الا لك، وكان يمر بعمرو بن حريث ويقول: يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواري، فكان عمرو يرى أنه يشتري دارا أو ضيعة لزيق ضيعته، فكان يقول له عمرو: ليتك قد فعلت. ثم خرج ميثم النهرواني إلى مكة فأرسل الطاغية عدوالله بن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة، فقال له: لئن لم تأتني به لا قتلنك، فأجله أجلا، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم قال: أنت ميثم ؟ قال: نعم أنا ميثم قال: تبرأ من أبي تراب، قال: لا أعرف أبا التراب، قال: تبرأ من علي بن أبي طالب، فقال له: فان أنا لم أفعل ؟ قال: إذا والله لا قتلك. قال: أما لقد كان يقول لي انك ستقتلني وتصلبني على باب عمرو بن حريث فإذ ا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا، فأمر به فصلب على باب عمرو بن حريث. فقال للناس: سلوني (وهو مصلوب) قبل أن أقتل فوالله لا خبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة وما يكون من الفتن، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا، إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد فألجمه بلجام من شريط، وهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب. 140 – وروي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن أبيه، عن آبائه (صلوات الله عليهم) قال أتي ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له انه نائم فنادي بأعلي صوته


[ 297 ]

انتبه أيها النائم فوالله لتخضين لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ادخلوا ميثما، فقال له: أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدي على ربعها، ومحمد ابن أكثم علي ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها. قال ميثم: فشككت في نفسي وقلت: ان عليا ليخبرنا بالغيب، فقلت له، أو كائن ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: أي ورب الكعبة كذا عهده الي النبي صلى الله عليه وآله، قال، فقلت: لم يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين ؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد. قال: وكان عليه السلام يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لي: يا ميثم ان لك ولها شانا من الشأن، قال: فلما ولي عبيدالله بن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التي بالكناسة فتخرق، فتطير من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع. قال ميثم: فقلت لصالح ابني فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي ودقه في بعض تلك الاجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتاني قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره. قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث أصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم ؟ قال: من هو ؟ قال ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب، قال: فاستوى جالسا فقال لي ما تقول ؟ فقلت: كذب أصلح الله الامير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا فقال لي: لتبرأن من علي، ولتذكرن مساويه، وتتولى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لا قطعن يديك ورجليك ولا صلبنك، فبكيت، فقال لي، بكيت من القول دون الفعل،


[ 298 ]

فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي، فقال لي: وما قال لك ؟ قال، فقلت: أتيت الباب فقيل لي: أنه نائم، فناديت انتبه أيها النائم، فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك فقال: صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن، فقلت: ومن يفعل ذلك بي ؟ يا أمير المؤمنين فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد. قال: فامتلا غيظا ثم قال لي،: والله لاقطعن يديك ورجليك ولادعن لسانك حتى أكذبك وأكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثم أخرج فأمر به أن يصلب فنادي بأعلي صوته أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدثهم بالعجائب. قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله فقال: ما هذه الجماعة ؟ قالوا: ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب، تقال: فانصرف مسرعا فقال: أصلح الله الامير بادر فابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فاني لست آمن أن يغير قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، قال: فالتفت إلى حرسي فوق رأسه فقال: اذهب فاقطع لسانه. قال، فأتاه الحرسي فقال له: يا ميثم ! قال: ما تشاء ؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الامير بقطعه، قال ميثم: ألا زعم ابن الامة الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي هاك لساني، قال: فقطع لسانه وتشحط ساعة في دمه ثم مات، وأمر به فصلب، قال صالح فمضيت بعد ذلك بأيام، فإذا هو قد صلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار. عبد الله بن شداد الهاد 141 – وجدت في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطه، روى عن حمران بن


[ 299 ]

أعين، أنه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يحدث عن آبائه (عليهم السلام) أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام مريضا شديد الحمى، فعاده الحسين بن علي عليه السلام فلما دخل باب الدار طارت الحمى عن الرجل، فقال له قد رضيت بما أوتيتم به حقا حقا والحمى تهرب منكم. فقال: والله ما خلق الله شيئا الا وقد أمره بالطاعة لنا يا كناسة قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول: لبيك، قال: أليس أمير المؤمنين أمرك ألا تقربي الا عدوا أو مذنبا لكي تكون كفارة لذنوبه، فما بال هذا ؟ وكان الرجل المريض عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي. الحارث الاعور 142 – حمدويه وابراهيم، قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي عمر البزاز، قال: سمعت الشعبي، وهو يقول: وكان إذا غدا إلى القضاء جلس في مكاني فإذا رجع جلس في مكاني، فقال لي ذات يوم: يا أبا عمر أن لك عندي حديثا أحدثك به ؟ قال قلت له: يا أبا عمرو ما زال لي ضالة عندك، قال، قال لي: لا أم لك فأي ضالة تقع لك عندي، قال، فأبي أن يحدثني يومئذ. قال: ثم سألته بعد فقلت: يا أبا عمرو حدثني بالحديث الذي قلت لي ؟ قال: سمعت الحارث الاعور وهو يقول: أتيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ذات ليلة فقال: يا أعور ما جائك ؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين جاء بي والله حبك، قال، فقال: أما اني سأحدثك لشكرها، اما أنه لا يموت عبد يحبني فتخرج نفسه حتى يراني حيث يحب ولا يموت عبد يبغضني فتخرج نفسه حتى يراني حيث يكره. قال، ثم قال لي الشعبي بعد: أما أن حبه لا ينفعك وبغضه لا يضرك. 143 – جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير،


[ 300 ]

عن أبان بن عثمان، عن محمد بن زياد، عن ميمون بن مهرام، عن علي عليه السلام قال قال لي الحارث: تدخل منزلي يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام: على شرط أن لا تدخرني شيئا مما في بيتك ولاتكلف لي شيئا مما وراء بابك، قال: نعم. فدخل يتحرق ويحب أن يشترى له وهو يظن أنه لا يجوز له، حتى قال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا حارث، قال: هذه دراهم معي ولست أقدر على أن أشتري لك ما أريد، قال: أو ليس قلت لك: لا تكلف ما وراء بابك فهذه مما في بيتك. تم الجزء الاول، ويتلوه حديث نعيم بن دجاجة الاسدي، والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الطيبين.


[ 301 ]

اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (قده) تصحيح وتعليق المعلم الثالث ميرداماد الاسترابادي تحقيق السيد مهدى الرجائى مؤسسه آل البيت عليهم السلام


[ 303 ]

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطيبن الطاهرين وسلم تسليما نعيم بن دجاجة الاسدي 144 – حدثنا حمدويه بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب: عن رجل: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث علي بن أبي طالب عليه السلام إلى بشر ابن عطارد التميمي في كلام بلغه عنه، فمر به رسول علي إلى بني أسد، فقام إليه نعيم ابن دجاجة الاسدي فأفلته، فبعث إليه علي بن أبي طالب عليه السلام فأتوا به فأمر به أن يضرب – نعيم بن دجاجة الاسدي قوله عليه السلام: فمر به رسول على (عليه السلام) الضمير المجرور لبشر، والباء بمعنى ” مع ” فقام إليه أي إلى رسول علي عليه السلام نعيم فافلته أي بشرا من الرسول، فبعث إليه علي عليه السلام أي إلى نعيم بن دجاجة ليؤتى به، فأتوه به الفاعل بنو أسد. والضمير المنصوب لعلي عليه السلام، والباء في ” به ” للتعدية، أو بمعني ” مع ” والضمير المجرور ” بها ” لنعيم. أي فأتوا بنو أسد عليا عليه السلام بنعيم بن دجاجة فأمر علي نعيم بأن يضرب فقال نعيم لعلي عليه السلام.


[ 304 ]

فقال له نعيم: أما والله أن المقام معك لذل وان فراقك لكفر. قال: فلما سمع ذلك علي عليه السلام قال له قد عفوت عنك ان الله تعالى يقول ” ادفع بالتي هي أحسن السيئة ” (1) أما قولك ان المقام معك لذل فسيئة اكتسبتها، وأما قولك ان فراقك لكفر حسنة اكتسبتها، فهذه بهذه. الاحنف بن قيس 145 – قيل: للاحنف انك تطيل الصوم ؟ قال: أعده لشر يوم عظيم، ثم قرأ ” ويخافون يوما كان شره مستطيرا ” (2). وروي أن الاحنف بن قيس وفد إلى معاوية وجارية بن قدامة والحباب بن يزيد فقال معاوية للاحنف: أنت الساعي علي أمير المؤمنين عثمان، وخاذل أم المؤمنين عائشة، والوارد الماء على علي بصفين ؟ فقال: يا أمير المؤمنين من ذاك ما أعرف، ومنه ما أنكر. أما أمير المؤمنين عثمان: فأنتم معشر قريش حصرتموه بالمدينة والدار منا عنه نازحة، وقد حصره المهاجرون، والانصار عنه بمعزل، وكنتم بين خاذل وقاتل. وأما عائشة: فاني خذلتها في طول باع ورحب سرب، وذلك أني لم أجد في – الاحنف بن قيس قوله: طول باع ورحب سرب الباع قدر مد اليدين وما بينهما من البدن وبسط اليد بالمال، وكذلك البوع وطول الباع كناية عن المقدرة والميسرة والاقتدار والشوكة قاله صاحب الفائق والاساس والقاموس والنهاية (3).


1) سورة المؤمنين: 96 2) سورة الانسان: 7 3) أساس البلاغة ص 54 والقاموس 3 / 7 والنهاية 1 / 174 (*)

[ 305 ]

كتاب الله الا أن تقر في بيتها. وأما ورودي الماء بصفين: فاني وردت حين أردت أن تقطع رقابنا عطشا، فقام معاوية وتفرق الناس. ثم أمر معاوية للاحنف بخمسين ألف درهم ولا صحابه بصلة، وقال للاحنف حين ودعه: حاجتك ؟ قال: تدر على الناس عطياتهم وارزاقهم، فان سألت المدد أتاك منا رجال سليمة الطاعة شديدة النكاية. وقيل: انه كان يرى رأي العلوية. ووصل الحباب بثلاثين ألف درهم وكان يرى رأي الاموية، فصار الحباب إلى معاوية وقال يا أمير المؤمنين تعطي الاحنف ورأية رأيه خمسين ألف درهم وتطعيني ورأيي رأيي ثلاثين ألف درهم ؟ فقال يا حباب اني اشتريت بها دينه، فقال الحباب: يا امير المؤمنين تشتري مني ايضا ديني ! فأتمها له والحقه بالاحنف، فلم يأت على الحباب اسبوع حتى مات ورد المال بعينه إلى معاوية، فقال الفرزدق يرثي الحباب: – وقال في الصحاح: الرحب بالضم السعة، تقول منه: فلان رحب الصدر، والرحب بالفتح الواسع تقول منه: بلد رحب وأرض رحبة (1). وقال: السرب بالفتح الابل، والسرب أيضا الطريق وفلان آمن في سربه بالكسر أي في نفسه، وفلان واسع السرب أي رخي البال (2). وفي المغرب: السرب بالفتح في قولهم خل سربه أي طريقه، ومنه قوله إذا كان مخلي السرب، أي موسعا عليه غير مضيق عليه لا يعني: اني لم أخذلها وهي محتاجة إلى الانتصار، بل خذلتها وهي في طول باع ورحب سرب، أي في مندوحة فسيحة عن القتال وتجهيز الجيش، بأن تقرفي


1) الصحاح: 1 / 134 2) الصحاح: 1 / 146 (*)

[ 306 ]

أتأكل ميراث الحاب طلامة * وميراث حرب جامد لك ذايبه أبوك وعمي يا معاوي أورثا * تراثا فيختار التراث أقاربه ولو كان هذا الدين في جاهلية * عرفت من المولى القليل حلايبه ولو كان هذا الامر في غير ملككم * لاديته أو غص بالماء شاربه فكم من أب لي يا معاوي لم يكن * أبوك الذي من عبد شمس يقاربه 146 – وروت بعض العامة، عن الحسن البصري، قا ل حدثني الاحنف، ان عليا عليه السلام كان يأذن لبني هاشم وكان يأذن لي معهم، قال، فلما كتب إليه معاوية ان كنت تريد الصلح فامح عنك اسم الخلافة، فاستشار بني هاشم. فقال له رجل منهم: انزح هذا الاسم نزحه الله، قالوا: فان كفار قريش لما كان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبينهم ماكان، كتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله أهل مكة كرهوا ذلك وقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك أن تطوف بالبيت، قال: فيكف إذا ؟ – بيتها، موقرة مكرمة، رحبة الصدر، رخية البال، واسع السرب. لانها لم تكن مأمورة بالمسير إلى البصرة وتجهيز الجيش والمطالبة بدم عثمان ومقاتلة علي بن أبي طالب عليه السلام علي ذلك، ولا مضطرة الي شئ من ذلك، بل كانت في سعة عن ذلك كله. ومع ذلك فانها كانت في طول باع من الشوكة والمقدرة، واجتماع الجيوش وكثرة الاعوان والانصار والعددو العدد. وأيضا خذلتها لاني لم أجد في كتاب الله الا أن تقر في بيتها إذ قال عز من قائل ” وقرن في بيوتكن ” (1). قوله أو غص بالماء شاربه غصن بفتح الغين المعجمة واهمال الصاد المشددة، وشاربه بالرفع على الفاعلية


1) سورة الاحزاب: 33 (*)

[ 307 ]

قالوا: أكتب هذا ما قضى عليه محمد بن عبد الله أهل مكة فرضي. فقلت لذلك الرجل كلمة فيها غلظة وقلت لعلي أيها الرجل والله مالك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا ما حا بيناك في بيعتنا، ولو نعلم أحدا في الارض اليوم أحق بهذا الامر منك لبايعناه ولقاتلناك معه، أقسم بالله ان محوت عنك هذا الاسم الذي دعوت الناس إليه وبايعتم عليه لا يرجع اليك أبدا. أبو عبد الله الجدلي وأبو داود 147 – حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن السحن بن علي بن فضال قال: حدثني العباس بن عامر، وجعفر بن محمد بن حكيم، عن أبان بن عثمان الاحمر عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام قال: أحدثك بسبعة أحاديث قبل أن يدخل علينا داخل، قال فقلت افعل جعلت فداك. قال، فقال: ما أنف الهدى وعيناه ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين قال: وحاجبا الضلالة ومنخرها تبدو مخازيهما في آخر الزمان، قال، قلت: أظن والله يا أمير المؤمنين قال: والدابة وما الدابة عدلها وموضع صدقها، والحق بينها والله يهلك ظالمها. والرابعة: يقتل هذا وانت حي لا تنصره، قال، فضرب بيده على كتف الحسين عليه السلام قال، قلت والله ان هذه لحياة خبيثة، ودخل داخل. – وباء بالماء للتعدية. في النهاية الاثيرية: يقال: غصصت بالماء أغص غصصا، فأنا غاص وغصان إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تقدر تسيغه (1). قوله: فرضى أي فرضي علي عليه السلام بما قال ذلك الرجل الهاشمي.


1) نهاية ابن الاثير: 3 / 370 (*)

[ 308 ]

148 – وبهذا الاسناد: عن أبان، عن فضيل الرسان، عن أبي داود، قال: حضرته عند الموت وجابر الجعفي عند رأسه، قال، فهم أن يحدث فلم يقدر، قال، ومحمد بن جابر أرسله، قال، فقلت يا أبا داود حدثنا الحديث الذي أردت ؟. قال: حدثني عمران بن حصين الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا أن يسلما على علي عليه السلام بأمره المؤمنين، فقالا: من الله ومن رسوله ؟ ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما، ثم أمر المقداد فسلم، وأمر بريدة أخي وكان أخاه لامه. فقال: انكم قد سألتموني من وليكم بعدي، وقد أخبرتكم به وقد أخذت عليكم الميثاق، كما أخذ الله تعالى علي بني آدم: ألست بربكم ؟ قالوا بلي، وأيم الله لئن نقضتموها لتكفرن. عامر بن واثلة 149 – حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال قال حدثني عباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف أصبحت جعلت فداك ؟ قال: أصبحت أقول، كما قال أبو الطفيل عامر بن واثلة: وان لاهل الحق لاشك دولة * على الناس اياها أرجي وأرقب – عامر بن واثلة ذكره الشيخ في كتاب الرجال في باب الصحابة وقال: عامر بن واثلة أبو الطفيل (1)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: عامر بن واثلة يكنى أبا الطفيل أدرك ثماني سنين من حياة النبي صلى الله عليه وآله ولد عام أحد (2). وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله


1) رجال الشيخ: 25 2) رجال الشيخ: 47 (*)

[ 309 ]

قال: أنا والله ممن يرجي وسيرقب، وكان عامر بن واثلة كيسانيا ممن يقول بحياة محمد بن الحنفية، وله في ذلك شعر، وخرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة وكان يقول: ما بقي من السبعين غيري، ويقول عامر بن واثلة: وبقيت سهما في الكنانة واحدا * سترمي به أو يكسر السهم كاسره وكان أبو الطفيل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخر من رآه موتا، وهو القائل: ويدعونني شيخا وقد عشت حقبة * وهن من الازواج نحوي نوازع وما شاب رأسي من سنين تتابعت * علي ولكن شيبتني الوقايع بنو ذودان 150 – حدثنا محمد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن بني ذو دان الذين في الحديث ؟ قال: هم قوم من الفرس بزازون. قيس 151 – حدثني محمد بن مسعود، قال أخبرنا علي بن الحسين، قال حدثني معمر ابن خلاد قال، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان رجلا من أصحاب علي عليه السلام يقال له: قيس كان يصلي فلما صلى ركعة أقبل أسود سالخ فصار في موضع السجود، فلما نحى – ابن عمير بن جابر، من بني سعد بن ليث الليثي الكناني، ويقال: اسمه عمرو غلبت عليه كنيته، أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وآله ثماني سنين: ومات سنة مائة واثنتين بمكة. وهو آخر من مات من الصحابة في جميع الارض، روى عنه الزهري وأبو الزبير وجابر بن يزيد، واثلة بكسر الثاء المثلثة. قيس قوله عليه السلام: أسود سالخ قال في الصحاح: السالخ: الاسود من الحيات يقال: أسود سالخ غير


[ 310 ]

جبينه عن موضعه تطوق الاسود في عنقه، ثم أنساب في قميصه. وأني أقبلت يوما من الفرع، فحضرت الصلاة فنزلت فصرت إلى ثمامة، فلما صليت ركعة أقبل أفعى نحوي، فأقبلت على صلاتي لم أخففها ولم ينتقص منها شئ – مضاف، لانه يسلخ جلده كل عام، والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة (1). وفي القاموس: والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة، وأسود وأسودان سالخ، وأساود سالخة وسوالخ وسلخ وسلخة (2). قوله عليه السلام: ثم أنساب السيوب مجرى الماء، وأنسابت الحية انسيابا خرجت قاله في مجمل اللغة. وفي الصحاح: ساب الماء يسيب أي جرى، والسيب بالكسر مجرى الماء، وأنساب فلان نحو كم رجع، وأنسابت الحية جرت (3). ويكون أيضا بمعنى الاسراع في المشي. وهو المراد هاهنا. قوله عليه السلام: من الفرع الفرع بالتحريك اسم موضع بين البصرة والكوفة على ما في الصحاح والقاموس (4). والفرع – بالضم والاسكان – اسم موضع بين الحرمين الشريفين. قال ابن الاثير في النهاية: في الحديث ذكر الفرع وهو بضم الفاء وسكون الراء موضع معروف بين مكة والمدينة (5).


1) الصحاح: 1 / 423 2) القاموس: 1 / 261 3) الصحاح: 1 / 150 4) القاموس: 3 / 62 والصحاح: 3 / 1258 5) نهاية ابن الاثير: 3 / 437 (*)

[ 311 ]

فدنا مني ثم رجع إلى ثمامة، فلما فرغت من صلاتي ولم أخفف دعائي: دعوت بعضهم معي فقلت: دونك الافعى تحت الثمامة، ومن لم يخف الا الله كفاه. قال أبو عمرو محمد بن عمر الكشي: في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أربعة نفرو أكثر يقال لكل واحد قيس فلا أعلم أيهم هذا، أول الاربعة قيس بن سعد بن عبادة وهو أمير هم وأفضلهم، وقيس بن عباد البكري وهو خليق أيضا بهذا ان كان، وقيس بن قرة بن حبيب غير خليق به، لانه هرب إلى معاوية، وقيس بن مهران أيضا خليق ذلك له، فكل هؤلاء صحبوا أمير المؤمنين عليه السلام ولا أدري أيهم أراد أبو الحسن الرضا عليه السلام. المرقع بن قمامة الاسدي 152 – حدثنا حمدويه بن نصير، قال: حدثنا الحسين بن موسى قال حدثنا عمرو بن عثمان، عن اسماعيل بن أبان الازدي، قال: حدثني مطهر، عن عبد الله ابن شريك العامري، عن المرقع بن قمامة الاسدي، قال: إذا هز محمد بن علي الراية المعلية بين الركن والمقام لو ددت أني في ظلها مجزوم الانف والاذنين ذاهب البصر لا شئ يسددني، قال قلت: ان هذا الخطر عظيم ! قال، فقال مرقع: اني سمعت عليا عليه السلام يقول: ان تلك العصابة نظراء لاهل بدر. هذا الخبر يدل على أنه كان كيسانيا. عوف العقيلى 153 – حدثني طاهر بن عيسى، ذكره عن جعفر بن أحمد بن سعد، أو غيره، عن صالح بن سلمة أبي الخير الرازي، عن ابن أبي نجران، عن أبي عمران، عن – عوف العقيلى قال الشيخ – رحمه الله تعالى – في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: عوف العقيلي (1).


1) رجال الشيخ: 54 (*)

[ 312 ]

فرات بن أحنف، قال: العقيلي كان من أصحاب علي عليه السلام وكان حمارا، ولكنه يؤدي الحديث كما سمع. – وفي جامع الاصول: العقيلي بضم العين المهملة وفتح القاف، منسوب إلى عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. قوله: وكان حمارا باهمال الحاء وتشديد الميم، والحمار في رجال الحديث وأسانيد الاخبار متكرر الذكر غير محصور في رجل واحد، ومن أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام داود بن سليمان أبو سليمان الحمار الكوفي الثقة. ذكره أبو العباس النجاشي – رحمه الله تعالى – في كتابه (1)، والشيخ – رحمه الله تعالى – في الفهرست (2) وفي كتاب الرجال (3). وضبطه العلامة – رحمه الله في الايضاح فقال: الحمار بالحاء المهملة والميم والمشددة والراء أخيرا. وكذلك الحسن بن داود قال في كتابه: الحمار بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم (4). وفي الصحاح: الحمارة أصحاب الحمير في السفر الواحد حمار مثل جماز وجمال وبغال (5). ومن العجائب أن القاصرين من أهل هذا العصر يصحفون الحاء المهملة بالخاء المعجمة (6)، ويتوهمون أن العقيلي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كان يشرب


1) رجال النجاشي: 122 2) الفهرست: 94 3) رجال الشيخ: 190 4) رجال ابن داود: 144 5) الصحاح: 2 / 637 6) كما في المطبوع من رجال الكشي بجامعة مشهد (*)

[ 313 ]

الزهاد الثمانية 154 – علي بن محمد بن قتيبة، قال: سئل أبو محمد الفضل بن شاذان، عن الزهاد الثمانية ؟ فقال: الربيع بن خثيم، وهرم بن حيان، – الخمر، والخمار في اللغة بياع الخمر، نعوذ بالله من هذه الاوهام الفاسدة والجهالات المضلة. ثم ان الحسن بن داود رحمه الله قال في كتابه: العقيلى (ي – جش) جماز الحديث يرويه كما سمعه (1). بفتح الجيم وتشديد الميم والزاي أخيرا. والجماز من الانسان والبعير السريع الشديد، المسرع في السير والعدو والكلام والحديث والنقل وغير ذلك، فذلك غير بعيد من مسلك الاستقامة. وفي بعض النسخ (2) ترجمان الحديث وهو أيضا. مستقيم. ولكن الصحيح في كتاب الكشي علي ما في عامة النسخ ” وكان حمارا ” باهمال الحاء المهملة وتشديد الميم والراء أخيرا على ما قد ضبطناه فليتثبت. الزهاد الثمانية قوله رحمه الله: وهرم بن حيان هرم – ككتف – ابن حيان قاله في القاموس (3)، وعده صحابيا في آخرين. وقال في المغرب: الهرم كبر السن من باب لبس وباسم الفاعل منه سمي هرم ابن حيان قال القتيبي: وانما سمي هرما لانه بقي في بطن أمه أربع سنين. وفي جامع الاصول: هرم بفتح الهاء وكسر الراء، وحيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء تحتها نقطتان وبالنون


1) رجال ابن داود: 235 وفيه العقيلى ى جخ ترجمان الحديث يرويه كما سمع. 2) أي نسخ رجال ابن داود وهو كما في المطبوع منه بجامعة طهران. 3) القاموس: 4 / 189 (*)

[ 314 ]

وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع علي عليه السلام ومن أصحابه وكانوا زهادا أتقياء. وأما أبو مسلم فانه كان فاجرا مرائيا، وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي عليه السلام، وقال لعلي عليه السلام: ادفع الينا الانصار والمهاجرين حتى نقتلهم بعثمان، فأبي علي عليه السلام ذلك، فقال أبو مسلم: الان طاب الضراب، انما كان وضع فخا ومصيدة. قوله رحمه الله: وأويس القرنى القرن بفتحتين حي من اليمن إليهم ينسب أويس القرني. قال ابن الاثير في جامع الاصول: القرني – بفتح القاف وفتح الراء وبالنون – منسوب إلى قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد. ردمان بفتح الراء وسكون الدال المهملة، وناجية بالنون والجيم والياء تحتها نقطتان. قلت: وأما ميقات أهل نجد فهو القرن بالتسكين، يقال له: قرن المنازل، وهو جبل مشرف على عرفات. ولقد وقع الجوهرى في الصحاح هنالك في الغلط مرتين إذ قال: القرن بالتحريك موضع وهو ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني (1). فلا تكن من الغافلين. قوله رحمه الله: وأما أبو مسلم فانه كان فاجرا أبو مسلم الفاجر المرآتي هذا اسمه أهبان، أورده الشيخ – رحمه الله – في باب الصحابة وقال: أهبان بن صيفي أبو مسلم سيبي الرأي في علي عليه السلام (2). وفي القاموس: أهبان كعثمان صحابي (3).


1) الصحاح: 6 / 2181 2) رجال الشيخ: 5 3) القاموس: 1 / 37 (*)

[ 315 ]

وأما مسروق فانه كان عشارا لمعاوية، ومات في علمه ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال: الرصافة وقبره هناك. والحسن كان يلقي أهل كل فرقة بما يهوون ويتصعنع للرياسة، وكان رئيس القدرية وأويس القرني مفضلا عليهم كلهم، قال أبو محمد: ثم عرف الناس بعد. أويس القرنى 155 – روى يحيى بن آدم، عن شريك، عن ابن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى عبد الرحمن، قال: خرج رجل بصفين من أهل الشام، فقال: فيكم أويس القرني ؟ قلنا نعم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: خير التابعين، أو من خير التابعين أويس القرني، ثم تحول الينا. 156 – وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قا ل كنا مع علي عليه السلام بصفين، فبايعة تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: أين تمام المائة لقد عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلدا بسيفين، فقال: أبسط يدك أبايعك قال علي عليه السلام: معلى ما تبايعني ؟ قال: علي بذل مهجة نفسي دونك، قال: من أنت ؟ قال: أنا أويس القرني، قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل فوجد في الرجالة. وفي رواية أخري، قال له أمير المؤمنين عليه السلام: كن أويسا، قال: أنا أويس، قال: كن قرنيا قال: أنا أويس القرني، وأياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها علي نزار، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها: الا حييت عنا يا مدينا * أويس ذو الشفاعة كان منا فيوم البعث نحن الشافعونا أويس ذو الشفاعة كان منا * فيوم البعث نحن الشافعونا


[ 316 ]

وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبي صلى الله عليه وآله ولم يصحبه، فقال النبي صلى الله عليه وآله عليه السلام ذات يوم لاصحابة: أبشروا برجل من أمتي يقال له: أويس القرني فانه يشفع لمثل ربيعة ومضر. ثم قال لعمر: يا عمران أنت أدركته فاقرأه منى السلام، فبلغ عمر مكانه بالكوفة فجعل يطلبه في الموسم لعله أن يحج، حتى وقع إليه هو وأصحاب له وهو من أحسنهم هيئة وأرثهم حالا، فلما سأل عنه أنكروا ذلك، وقالوا: يا أمير المؤمنين تسأل عن رجل لا يسأل عنه مثلك، قال: فلم ؟ قالوا: لانه عندنا مغموز عليه في عقله، وربما عبث به الصبيان، قال عمر: ذاك أحب إلى. ثم وقف عليه فقال: يا أويس ان رسول صلى الله عليه وآله أودعتي اليك رسالة وهو يقرأ عليك السلام، وقد أخبرني أنك تشفع لمثل ربيعة ومضر، فخر أويس ساجدا ومكث طويلا ما ترقى، له دمعة حتى ظنوا أنه قد مات، فنادوه يا أويس هذا أمير المؤمنين، فرفع رأسه. ثم قال: يا أمير المؤمنين أفاعل ذلك ؟ قال: نعم يا أويس فادخلني في شفاعتك فأخذ الناس في طلبه والتمسح به، فقال: يا أمير المؤمنين شهرتني وأهلكتني، وكان يقول كثيرا ما لقيت من عمر، ثم قتل بصفين في الرجالة مع علي بن أبي طالب عليه السلام 157 – وروي من جهة العامة: عن يعقوب بن شيبة، قال حدثنا علي بن الحيكم الاودي، قال حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يوم صفين خرج رجل من الشام على دابته، قال: أفيكم أويس ؟ قلنا: نعم – أويس القرني قوله: أفاعل ذلك ؟ يعني أربي عزوجل فاعل ذلك بي ؟ أيجعلني من أهل الشافعة ؟ ويشفعني في مثل ربيعة ومضر ؟


[ 317 ]

ما تريد منه ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أويس القرني خير التابعين بأحسان، قال: فعطت دابته فدخل مع علي عليه السلام. قال شريك: وقتل أويس في الرجالة مع علي عليه السلام. 158 – وقال يعقوب بن شيبة، حدثنا يزيد بن سعيد، قال: حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، قال: سئل أشهد أويس صفين ؟ قال: نعم. علقمة وأبى والحارث بنو قيس 159 – روى يحيى الحماني، قال حدثنا شريك، عن منصور، قال قلت لابراهيم: أشهد علقمة صفين ؟ قال: نعم وخضب سيفه دما، وقتل أخوه أبي بن قيس يوم صفين، قال: وكان لابي بن قيس خص من قصب ولفرسه، فإذا غزى أهدمه وإذا رجع بناه. وكان علقمة فقيها في دينه قاريا لكتاب الله، عالما بالفرائض شهد صفين وأصيبت احدى رجليه فعرج منها، وأما أخوه أبي فقد قتل بصفين، وكان الحارث جليلا فقيها وكان أعور. – علقمة وأبي والحارث بنو قيس قوله رحمه الله: روى يحيى الحمانى هو يحيى بن عبد الحميد الحماني باهمال الحاء المفتوحة وتشديد الميم والنون بعد الالف، له كتاب المناقب ذكره النجاشي (1) والشيخ في الفهرست (2) وفي باب لم من كتاب الرجال (3). وسيأتي في أصل الكتاب في ترجمة المفضل بن عمر أنه قال أبو عمرو


1) رجال النجاشي: 347 2) الفهرست: 206 3) رجال الشيخ: 517 (*)

[ 318 ]

عبد الرحمن بن ابى ليلى 160 – روى يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا خالد بن أبي يزيد العرني، قال حدثنا ابن شهاب، عن الاعمش، قال رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلي، وقد ضربة الحجاج حتى أسود كتفاه، ثم أقامه للناس على سب علي عليه السلام والجلاوزة معه يقولون سب الكذابين، فجعل يقول: العن الكذابين علي وابن الزبير والمختار. قال ابن شهاب: يقول أصحاب العربية سمعك – الكشي: قال يحيى بن عبد الحميد الحماني في كتاب المؤلف في اثبات امامة أمير المؤمنين عليه السلام قلت لشريك إلى آخر ماقاله (1). فقد ظهر أن يحيي بن عبد الحميد الحماني هو الذي يروي عن شريك، والحماني نسبة إلى حمان بالتشديد. قال في الصحاح: وحمان – بالفتح – اسم رجل. وفي القاموس: وحمان بالكسر – حي من تميم. (2) عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله: والجلاوزة معه الجلواز – بكسر الجيم واسكان اللام – الشرطي والجمع الجلاوز بالفتح قاله صاحب الصحاح والقاموس. (3) قوله: سمعك بالنصب على تقدير العامل المحذوف عن اللفظ، لاعن النية، أي ألق سمعك.


1) رجال الكشى: 324 ط مشهد تحت رقم 588. 2) القاموس: 4 / 101 3) القاموس: 2 / 169 والصحاح: 2 / 866. (*)

[ 319 ]

تعلم ما يقول، لقوله علي أي هو ابتداء الكلام. حجر بن عدى الكندى 161 – يعقوب، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا طاوس، عن أبيه، قال أنبأنا حجربن عدي، قال، قال لي علي عليه السلام: كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعنتي ؟ قلت له: كيف أصنع ؟ قال العني ولا تبرأ مني فاني علي دين الله. قال ولقد ضربه به محمد بن يوسف، وأمره أن يلعن عليا، وأقامه على باب مسجد صنعاء، قال فقال: ان الامير أمرني أن العن عليا فالعنوه لعنة الله، فرأيت مجواذا من الناس الا رجلا فهمهما، وسلم. رميلة 162 – جعفر بن معروف، قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان، عن ابيه – قوله: تعلم بالجزم على جواب الامر المقدر المنوي والتاء اما للخطاب أو لتأنيت السمع بمعنى الاذن. حجر بن عدى الكندى قوله: فرأيت مجواذا من الناس. النسخ مختلفة في هذه اللفظة ففي عضة منها ” فرأيت محوذا ” بضم الميم وتسكين الحاء المهملة والذال المجمعة أخيرا على اسم الفاعل من الباب الافعال. وفي طائفة منها ” محواذا ” بكسر الميم، على مفعال من ابنية المبالغة، والحوذ والاحواذ السوق السريع والمحافظة على الشئ، والحواذ – بالكسر – البعد والتباعد وأحوذ ثوبه جمعه للتنحي والتباعد. وفي نسخة اعجام الخاء من المخاوذة بعمنى المخالفة.


[ 320 ]

قال حدثني الشامي أحور بن الحسين، عن أبي داود السبيعي، عن أبي سعيد الخدري عن رميلة، قال: وعكت وعكا شديدا في زمان امير المؤمنين عليه السلام فوجدت من نفسي خفة يوم الجمعة، فقلت: لا أصيب شيئا أفضل من أن أفيض علي من الماء وأصلي خلف أمير المؤمنين عليه السلام ففعلت، ثم جئت المسجد فلما صعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر عاد علي ذلك الوعك. فلما انصرف أمير المؤمنين عليه السلام دخل القصر ودخلت معه، فالتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا رميلة مالي رأيتك وأنت منشبك بعضك في بعض ؟ فقصصت عليه القصة التي كنت فيها والذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه. فقال لي: يا رميلة ليس من مؤمن يمرض الامرضنا لمرضه، ولا يحزن الا حزنا لحزنه، ولا يدعو الا آمناله، ولا يسكت الادعونا له، فقلت: يا أمير المؤمنين جعلت فداك هذا لمن معك في المصر، أرأيت من كان في أطراف الارض ؟ قال: يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الارض ولاغربها. 163 – جبريل بن أحمد الفاريابي، قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران عن علي بن قيس، عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابنا، عن رميلة، وكان رجلا من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وذكر مثله. الاصبغ بن نباتة 164 – طاهر بن عيسى الوراق، قال: حدثنا جعفر بن أحمد التاجر، قال: حدثني أبو الخير صالح بن أبي حماد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قلت للاصبغ ماكان منزلة هذا الرجل فيكم ؟ فقال: ما أدري ما تقول الا أن سيوفنا على عواتقنا فمن أومي إليه ضربناه بها. – وقوله رجلا فهمها وسلم أي فهم أن ضمير المفعول في فالعنوه ولعنه الله للامير الفاجر، فتنطق بلعنه وقال: لعنه الله وسلم من الشر والاذي.


[ 321 ]

165 – محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن الحسن، عن مروك بن عبيد قال: حدثني ابراهيم بن أبي البلاد، عن رجل، عن الاصبغ، قال: قلت له كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ ؟ قال: انا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح، يعنى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). المهدى مولى عثمان 166 – محمد بن مسعود، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عباس ابن عامر، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أن المهدي مولى عثمان، أتي فيايع أمير المؤمنين، ومحمد بن أبي بكر جالس، قال: أبايعك على أن الامر كان لك أولا وأبرأ من فلان وفلان وفلان، فبايعه. سليم بن قيس الهلالي 167 – حدثنى محمد بن الحسن البراثى قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان، عن اسحاق بن ابراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينه، عن أبان بن أبي عياش، قال: هذا نسخة كتاب سليم بن قيس العامري ثم الهلالي، دفعه إلى ابان ابن ابي عياش وقراه، وزعم ابان انه قرأه على علي بن الحسين عليهما السلام قال: صدق سليم رحمة الله عليه هذا حديث نعرفه. محمد بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان، عن اسحاق بن ابراهيم، عن ابن اذينة عن أبان بن ابي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال قلت لامير المؤمنين عليه السلام اني سمعت من سلمان ومن مقداد ومن ابي ذر اشياء في تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورايت في ايدي الناس اشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الاحاديث عن نبي الله عليه السلام انتم تخالفونهم وذكر الحديث بطوله. قال ابان: فقدر لي بعد موت علي بن الحسين عليهما السلام اني حججت فلقيت ابا


[ 322 ]

جعفر محمد بن علي عليهما السلام فحدثت بهذا الحديث كله لم اخط منه حرفا فاغر ورقت عيناه. ثم قال: صدق سليم قد أتي أبي بعد قتل جدي الحسين عليه السلام وانا قاعد عنده فحدثه بهذا الحديث بعينه، فقال له ابي صدقت قد حدثني أبي وعمي الحسن عليه السلام بهذا الحديث، عن امير المؤمنين عليه السلام فقالا لك: صدقت قد حدثك بذلك ونحن شهود، ثم حدثاه انهما سمعا ذلك من رسول الله، ثم ذكر الحديث بتمامه. جون بن قتادة وجارية بن قدامة السعدى 168 – طاهر بن عيسى الوراق وغيره، قالو حدثنا أبو سعيد جعفر بن احمد ابن ايوب التاجر السمرقندي، ونسخت من خط جعفر، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن يحيى بن الحسن، قال جعفر: ورايته خيرا فاضلا، قال: اخبرني أبو بكر محمد بن علي بن وهب، قا ل: حدثني عدي بن حجر، قال قال الجون بن قتادة العبسي، في جارية بن قدامة السعدي حين وجهه امير المؤمينين عليه السلام إلى اهل نجران عند ارتداهم عن السلام: تهود أقوام بنجران بعد ما * أقروا بآيات الكتاب وأسلموا قصدنا إليهم في الحديد يقودنا * أخو ثقة ماضي الجنان مصمم خددنا لهم في الارض من سوء فعلهم أخا ديد فيها للمسيئين منقم جويرية بن مسهر العبدي 169 – حدثنا معروف، قال أخبرني الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني علي بن النعمان، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن جويرية بن سليم بن قيس الهلالي قوله: لم أخط (1) منه حرفا اما بضم الهمزة وكسر الطاء بعد الخاء الساكنة افعالا من الخطأ على حذف


1) وفى المطبوع من الرجال: ” لم أحط ” بالحاء المهملة (*)

[ 323 ]

مسهر العبدي، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أحب محب آل محمد ما أحبهم فإذا أبغضهم فأبغضه، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، فإذا أحبهم فأحبه، وأنا أبشرك وأنا أبشرك وأنا أبشرك ثلاث مرات. عبد الله بن سبأ 170 – حدثني محمد بن قولويه القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثني بن عثمان العبدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: حدثني أبي، عن أبي جعفر عليه السلام ان عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله (تعالى عن ذلك). فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله ؟ فأقر بذلك وقال نعم أنت هو، وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فابى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: ان الشيطان استهواه، فكان ياتيه ويلقى في روعه ذلك. 171 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثنى سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: انه لما ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين عليه السلام فأبي أن يتوب فأحرقه بالنار. – الهمزة الاخيرة بعد الطاء للتخفيف، من قولهم أخطأ السهم الرمية إذا عدل عنها ولم يصبها. واما بفتح الهمزة وضم الطاء من الخطوة، أي لم أتجاوز حرفا على خطوته بعنى أخطيته وتخطيته، أي وتعديته وتجاوزته، استعمالا للافتعال في معنى التفعل


[ 324 ]

172 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الازدي عن أبان بن عثمان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ أنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبدا لله طائعا، الويل لمن كذب علينا وأن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم. 173 – وبهذا الاسناد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير. وأحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه والحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، قال، قال علي بن الحسين عليهما السلام لعن الله من كذب عيلنا، اني ذكرت عبد الله بن سبا فقامت كل شعرة في جسدي، لقد ادعى أمرا عظيما ماله لعنه الله، كان علي عليه السلام والله عبدا لله صالحا، أخو رسول الله، ما نال الكرامة من الله الا بطاعته لله ولرسوله، وما نال رسول الله (ص) الكرامة من الله الا بطاعته لله. 174 – وبهذا الاسناد عن محمد بن خالد الطيالسي، عن ابن أبي نجران عن عبد الله، قال، قال أبو عبد الله عليه السلام انا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وآله أصدق الناس لهجة وأصدق البرية، وكان مسيلمة يكذب عليه. وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفترى على الله الكذب عبد الله بن سبأ. الكشي وذكر بعضى أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا عليه السلام، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو، فقال في اسلامه بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام مثل ذلك. وكان أول من شهر بالقول بفرض امامة علي وأظهر البرائة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن هيهنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية.


[ 325 ]

في السبعين رجلا من الزط الذين ادعوا الربوبية في أمير المؤمنين (عليه السلام) 175 – حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، وعبد الله بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبو ب، عن صالح بن سهل، عن مسمع بن عبد الملك أبي سيار، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة: أتاه سبعون رجلا من الزط فسلموا عليه وكلموه بلسانهم فرد عليهم بلسانهم. وقال لهم: اني لست كما قلتم أنا عبد الله مخلوق، قال، فأبوا عليه وقالوا له أنت أنت هو، فقال لهم: لئن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله تعالى لاقتلنكم. قال: فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا، فأمر أن تحفر لهم آبار فحفرت، ثم خرق بعضها إلى بعض ثم فرقهم فيها ثم طم رؤسها ثم ألهب النار في بئر منها ليس فيها أحد فدخل الدخان عليهم فماتوا. قيس بن سعد بن عبادة 176 – جبريل بن أحمد وأبو إسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمد بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام: يقول: ان معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) ان أقدم أنت والحسين وأصحاب علي. فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء، فقال يا حسن قم فبايع فقام فبايع، ثم قال للحسين عليه السلام قم فبايع فقام فبايع، ثم قال قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين عليه السلام ينظر ما يأمره، فقال يا قيس انه امامي يعني الحسن عليه السلام.


[ 326 ]

177 – حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن ذريح، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: دخل قيس بن سعد بن عبادة الانصاري صاحب شرطة الخميس على معاوية، فقال له معاوية بايع ! فنظر قيس إلى الحسن عليه السلام، فقال: ابا محمد بايعت ؟ فقال له معاوية: أما تنتهي أما والله أني، فقال له قيس: ما شئت أما والله لان شئت لتناقصن، فقال، وكان مثل البعير جسيما، وكان خفيف اللحية، قال، فقام إليه الحسن فقال له: بايع يا قيس فبايع. – قيس بن سعد بن عبادة قوله: وكان مثل البعير جسيما قال ابن الاثير في جامع الاصول: قيس بن سعد بن عبادة الانصاري الخزرجي وقد تقدم تمام نسبه عند اسم أبيه في حرف السين، كان من كرام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وكان أحد الفضلاء الجلة، وأحد دهاة العرب، وأهل الرأي والمكيدة في الحرب مع النجدة والبسالة. وكان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده، وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم مكة مكان صاحب الشرطة من الامراء وأعطاه الراية يومئذ لما النتزعها من أبيه. وكان واليا لعلي بن أبي طالب على مصر، ولم يفارق عليا إلى أن قتل، ومات هو بالمدينة سنة ستين وقيل: سنة تسع وخمسين. روى عنه أنس بن مالك، وثعلبة بن مالك، والشعبي، وأبو نجيح، وميمون ابن أبي شبيب، وكان قيس وعبد الله بن الزبير وشريح القاضي والاحنف ليس في وجوههم شعر، ولا لا حدهم لحية، وكانت الانصار تقول: لوددنا أن نشتري لقيس ابن سعد لحية بأموالنا وكان مع ذلك جميلا. نجيح بفتح النون وكسر الجيم وبالحاء المهملة. وشبيب بفتح الشين المعجمة


[ 327 ]

ذكر يونس بن عبد الرحمن في بعض كتبه: أنه كان لسعد بن عبادة ستة أولاد كلهم قد نصر رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهم قيس بن سعد بن عبادة، وكان قيس أحد العشرة الذين لحقهم النبي صلى الله عليه وآله من العصر الاول ممن كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان شبر الرجل منهم يقال: أنه ذراع أحدنا، وكان قيس وسعد أبوه طولهما عشرة أشبار بأشبارهما. ويقال: انه كان من العشرة خمسة من الانصار، وأربعة من الخزرج كلها، ورجل من الاوس. وسعد لم يزل سيدا في الجاهلية والاسلام، وأبوه وجده وجد جده لم يزل فيهم الشرف، وكان سعد يجير فيجار ذلك له السوددة، ولم يزل هو وأبوه أصحاب اطعام في الجاهلية والاسلام، وقيس ابنه بعد على مثل ذلك. سفيان بن ليلى الهمداني 178 – روى عن علي بن الحسين الطويل: عن علي بن النعمان، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام يقال له: سفيان بن ليلى وهو على راحلة له، فدخل على الحسن عليه السلام وهو محتب في فناء داره، قال: فقال له السلام عليك يا مذل المؤمنين. – وكسر الباء الموحدة الاولى انتهى كلام جامع الاصول. وقد كنا ذكرنا من قبل أن قيس بن سعد بن عبادة كان ممن لم يبايع أبا بكر وكان في بيعة علي عليه السلام أولا وآخرا رضي الله تعالى عنه. سفيان بن ليلى الهمداني قوله عليه السلام: وهو محتب بضم الميم واسكان الحاء المهملة والتاء المثناة من فوق المفتوحة والباء الموحدة من الاحتباء افتعالا من الحباء.


[ 328 ]

فقال له الحسن عليه السلام، انزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، وأقبل يمشي حتى انتهى إليه، قال، فقال له الحسن عليه السلام: ما قلت ؟ قال: قلت السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال: وما علمك بذلك ؟ قال: عمدت إلى أمر الامة فخلعته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله. قال، فقال له الحسن عليه السلام: ما خبرك لم فعلت ذلك قال: سمعت أبي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله لن تذهب الايام والليالي حتى يلي أمر هذه الامة رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل ولا يشبع وهو معاوية، فلذلك فعلت. – والفناء – بكسر الفاء والنون والالف الممدودة – متسع أمام الدار والاحتباء والحبوة في القعود معروف، وقد ورد النهي عن ذلك في المسجد يوم الجمعة والامام يخطب. قال في القاموس: هو أن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامته أو يديه (1). وفي المغرب: الاحتباء أن يجمع بين ظهره وساقيه بثوب أو غيره، ومنه يقعد كيف شاء محتويا أو متربعا. وفي النهاية الاثيرية: الاحتباء هو أن يضم الانسان رجليه إلى بطنه يجمعها به مع ظهره ويشد عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب (2). قوله عليه السلام: ما خبرك لما فعلت ذلك بضم المعجمة وسكون الموحدة بمعنى العلم، أي ما علمك ومعرفتك لم فعلت ذلك، انما فعلته لاني سمعت أبي عليه السلام يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبر بأن ذلك مما قد جرى به قلم القضاء والقدر. وفي عضة من الروايات أنه عليه السلام ذكر 7 لسفيان بن ليلى حديث نعسة النبي صلى الله عليه وآله على المنبر.


1) القاموس: 4 / 315 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 335 (*)

[ 329 ]

ما جاء بك ؟ قال: حبك قال الله قال الله قال، فقال الحسن عليه السلام: والله لايحبنا عبد أبدا ولو كان أسيرا في الديلم الا نفعه الله بحبنا، وأن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم، كما تساقط الريح الورق من الشجر. عبيدالله بن العباس 179 – ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه: ان الحسن لما قتل ابوه عليه السلام خرج في شوال من الكوفة إلى قتال معاوية، فالتقوا بكسكر وحاربه ستة أشهر، – وأوردها امام علماء العامة فخر الدين الرازي في التفسير الكبير، ونحن نقلناه عنه في نبراس الضياء. قوله عليه السلام: قال: الله على النصب بتقدير فعل الذكر، أو فعل القسم. قوله عليه السلام: والله لايحبنا عبد أبدا ومن طريق العامة قال أبو عبد الله الذهبي في ميزان الاعتدال: سفيان بن الليل الكوفي، روى عنه الشعبي قال العقيلى: وكان ممن يغلو في الرفض، عن الشعبي حدثني سفيان بن الليل قال: لما قدم الحسن بن علي – رضي الله عنهما – من الكوفة إلى المدينة أتيته فقلت: يا مذل المؤمنين فقال: لا تقل ذاك فاني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تذهب الايام والليالي حتى يملك رجل وهو معاوية ثم قال: وقال أبو الفتح الازدي: سفيان بن الليل له حديث لا تمضي الامة حتى يليها رجل واسع البلعوم قال: وفي لفظ آخر واسع الصوم يأكل ولا يشبع. وفى الحديث الاول من طريق الشعبي وسمعت أبي يقول: سمعت رسو ل الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحبنا بقلبه وأعاننا بيده ولسانه كنت أنا وهو في عليين، ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه وكف يده فهو في الدرجة التي تليها، ومن أحبنا بقلبه وكف عنا لسانه ويده فهو في الدرجة التي تليها.


[ 330 ]

وكان الحسن عليه السلام جعل ابن عمه عبيدالله بن العباس على مقدمته، فبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم فمر بالراية ولحق بمعاوية وبقي العسكر بلا قائد ولا رئيس. فقام قيس بن سعد بن عبادة فخطب الناس وقال: أيها الناس لا يهولنكم ذهاب عبيدالله هذا لكذا وكذا، فان هذا وأباه لم يأتيا قط بخير، وقام بأمر الناس. ووثب أهل عسكر الحسن عليه السلام بالحسن في شهر ربيع الاول فانتهبوا فسطاطة وأخذوا متاعه، وطعنه ابن بشير الاسدي في خاصرته، فردوه جريحا إلى المدائن حتى تحصن فيها عند عم المختارين أبي عبيدة. 180 – وروى محمد بن عيسى العبيدي، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم العن ابني فلان واعم أبصارهما، كما عميت قلوبهما الاكلين في رقبتي، واجعل عمى أبصارهما دليلا على عمى قلوبهما. عمرو بن قيس المشرقي 181 – وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندي، وحدثني بعض الثقات من أصحابنا، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران القمي قال: حدثني محمد بن ابن اسماعيل عن علي بن الحكم، عن أبيه، عن أبي جارود، عن عمرو بن قيس المشرقي، قال: دخلت على الحسين بن علي عليهما السلام أنا وابن عم لي، وهو في قصر بني مقاتل فسلمت عليه. – عمر بن قيس المشرقي ضبطه العامة (1) بالقاف. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: المشرقي بكسر الميم وفتح الراء وبالقاف منسوب إلى بطن من همدان وقيل: مشرق موضع باليمن.


1) وفى ” م “: العلامة (*)

[ 331 ]

فقال له ابن عمي: يا أبا عبد الله هذا الذي أرى خضاب أو شعرك ؟ فقال: خضاب والشيب الينا بني هاشم أسرع عجل، ثم أقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي ؟ فقلت له أنا رجل كبير السن كثير العيال وفي يدى بضايع للناس ولا أدري ما يكون وأكره أن تضيع أمانتي، فقال له ابن عمى مثل ذلك. فقال: أما لي فانطلقا فلا تسمعا لى واعية ولا تريا لي سوادا، فانه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا، فلم يجبنا واعيتنا كان حقا على الله أن يكبه على منخر يه في نار جهنم. حبابة الوالبية 182 – محمد بن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثني العمر كي عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عنبسة بن مصعب، وعلي ابن المغيرة، عن عمران بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها: حبابة الوالبية، فقال لها عباية: تدرين من هذا الشاب الذي معي ؟ قالت: لا، قال: مه ابن أخيك ميثم. قالت: أي والله أي والله. – قوله عليه السلام: فلا تسمعا لى واعية الواعية الصراخ والصوت لا الصارخة قاله في القاموس قال: ووهم الجوهري (1) قلت: قال الجوهري: الوعي بالتحريك الجلبة والاصوات، والواعية الصارخة (2). والحق ان الوعي بالتحريك الصراخ والصوت والواعية الجلبة والاصوات والواعية الصارخة أيضا، فالوا عية يقال تارة: للصارخة، وتارة لاصواتهم المختلطة قال في أساس البلاغة: الواعية الصراخ، وواعية القوم أصواتهم (3). وقال في مجمل اللغة: الواعية الصارخة.


1) القاموس: 4 / 400 2) الصحاح: 6 / 2526 3) أساس البلاغة: 683 (*)

[ 332 ]

ثم قالت: ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام قلنا بلي، قالت: سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: نحن وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمدا صلى الله عليه وآله وسائر الناس منها براء، وكانت قد أدركت أمير المؤمنين عليه السلام وعاشت إلى زمان الرضا عليه السلام على ما بلغني. والله أعلم. 183 – حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن اسحاق بن سويد الفراء، عن اسحاق بن عمار، عن صالح بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الاسدي على حبابة الوالبية، فقال لها: هذا ابن أخيك ميثم، قالت: ابن اخي والله حقا، ألا احدثكم بحديث عن الحسين بن علي صلى الله عليه وآله، فقلت: بلي. قالت: دخلت عليه وسلمت فرد السلام ورحب ثم قال: ما بطابك عن زيارتنا والتسليم علينا يا حبابة ؟ قلت: ما بطأني الا علة عرضت، قال: ماهي ؟ قالت: فكشفت خماري عن برص. قالت: فوضع يده على البرص ودعا فلم يزل يدعو حتى رفع يده، وكشف الله ذلك البرص، ثم قال: يا حبابة أنه ليس أحد على ملة ابراهيم في هذه الامة غيرنا وغير شيعتنا، ومن سواهم منها براء. سعيد بن المسيب 184 – قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليه السلام في أول أمره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير ابن مطعم، يحيى بن أم الطويل، أبو خالد الكابلي وأسمه وردان ولقبه كنكر، سعيد بن المسيب رباه أمير المؤمنين عليه السلام، وكان حزن جد سعيد أوصى أمير المؤمنين عليه السلام. 185 – محمد بن مسعود: قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن الوليد بن خالد الكوفي، قال: حدثنا العباس بن هلال، قال: ذكر أبو الحسن الرضا عليه السلام أن طارقا مولى لبني أمية نزل ذا المروة عاملا على


[ 333 ]

المدينة، فلقيه بعض بني أمية، وأوصاه بسعيد بن المسيب وكلمه فيه وأثنى عليه، وأخبره طارق أنه أمر بقتله، فأعلم سعيد بذلك وقال له تغيب، وقيل له: تنح عن مجلسك فانه على طريقه، فأبى. فقال سعيد: اللهم ان طارقا عبد من عبيدك ناصيته بيدك وقلبه بين أصابعك تفعل فيه ما تشاء فانسه ذكري واسمي، فلما عزل طارق عن المدينة لقبه الذي كان كلمه في سعيد من بني أمية بذي المروة، فقال، كلمتك في سعيد لتشفعني فيه فأبيت وشفعت فيه غيري، فقال: والله ما ذكرته بعد إذ فارقتك حتى عدت اليك. وروي عن بعض السلف، أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين عليه السلام انجفل الناس فلم يبق في المسجد الا سعيد بن المسيب، فوقف عليه خشرم مولى أشجع فقال أبا محمد: ألا تصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح ؟ فقال سعيد: أصلي ركعتين في المسجد أحب الي أنت أصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح. 186 – وروي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيب انك أخرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية، وانك لا تعرف له نظيرا ؟ قال: كذلك وما هو مجهول ما أقول فيه والله ما رأي مثله. قال علي بن زيد: فقلت والله ان هذه الحجة الوكية عليك يا سعيد، فلم لم تصل على جنازته ؟ فقال: ان القراء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجنا معه ألف راكب، فلما صرنا بالسقيا نزل فصلى وسجد سجدة الشكر فقال فيها. 187 – وفي رواية الزهري: عن سعيد بن المسيب، قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولامدر الا سبحوا معه


[ 334 ]

ففزعنا فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت ؟ قلت: نعم يابن رسول الله فقال: هذا التسبيح الاعظم، حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يبقى الذنوب مع هذا التسبيح، فقلت: علمنا. 188 – وفي رواية علي بن زيد: عن سعيد بن المسيب، أنه سبح في سجوده فلم يبق حوله شجرة ولامدرة الا سبحت بتسبيحه، ففزعت من ذلك وأصحابي. ثم قال: يا سعيد ان الله جل جلاله لما خلق جبريل ألهمه هذا التسبيح فسبحت السموات ومن فيهن لتسبيحه الاعظم، وهواسم الله عزوجل الاكبر. يا سعيد، أخبرني أبي الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبريل عن الله جل جلاله أنه قال: مامن عبد من عبادي آمن بي وصدق بك وصلى في مسجدك ركعتين على خلا من الناس الا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم أر شاهدا أفضل من علي بن الحسين عليه السلام حيث حدثني بهذا الحديث. فلما أن مات شهد جنازته البر والفاجر، وأثنى عليه الصالح والطالح، وأنهال الناس يتبعونه حتى وضع الجنازة، فقلت: ان أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم، وفلم يبق الارجل وامرأة ثم خرجا إلى الجنازة. ووثبت لاصلي فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الارض فأجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من الارض، ففزعت وسقطت على وجهي فكبر من في السماء سبعا وكبر من في الارض سبعا وصلى على علي بن الحسين عليه السلام. ودخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين عليه السلام فقلت: يا سعيد لو كنت أنا لم أختر الا الصلاة على علي بن الحسين عليه السلام ان هذا لهو الخسران المبين، قال، فكبي سعيد ثم قال: ما أردت الا الخير ليتني كنت صليت عليه فانه ما رأى مثله. والتسبيح هو هذا: سبحانك اللهم وحنانيك، سبحانك اللهم وتعاليت، سبحانك


[ 335 ]

اللهم والعز ازارك، سبحانك اللهم والعظمة ردواؤك، ويقال سربالك، سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك، سبحانك من عظيم ما أعظمك، سبحانك سبحت في الاعلى، سبحانك تسمع وترى ما تحت الثرى. سبحانك أنت شاهد كل نجوى، سبحانك موضع كل نجوى، سبحانك حاضر كل ملا، سبحان عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السموات، سبحانك تعلم وزن الارضيين. سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر، سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور، سبحانك تعلم وزن الفئ الهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من عرفك كيف لا يخافك، سبحانك اللهم وبحمدك سبحان الله العلى العظيم. 189 – حدثني محمد بن قولويه، قا ل: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد بن عمر، قال: أخبرني أبو مروان، عن أبي جعفر، قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: سعيد ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الاثار وأفهمهم في زمانه. سعيد بن جبير 190 – أبو المغيرة، قال: حدثني الفضل، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام وكان علي عليه السلام يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له الا على هذا الامر، وكا ن مستقيما. وذكر أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال له: أنت شقي بن كسير، قال: أمي كانت أعرف باسمي سمتني سعيد بن جبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر هما في الجنة أو في النار ؟ قال: لو دخلت الجنة فنظرت أهلها لعلمت من فيها، وان دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها.


[ 336 ]

قال: فما قولك في الخلفاء ؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال أيهم أحب اليك قال: أرضاهم لخالقي، قال: وأيهم أرضى للخالق ؟ قال: علم ذلك عند الذى يعلم سرهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني، قال: بلى لم أحب أن اكذبك. أبو خالد الكابلي 191 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن أشكيب قال: حدثني محمد بن أورمة، عن الحسين بن سعيد، قال: حدثني علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن ضريس، قال قال لي أبو خالد الكابلي: أما أني سأحدثك بحديث ان رأيتموه وأنا حي فقلت صدقني، وان مت قبل أن تراه ترحمت علي ودعوت لي. سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: ان اليهود أحبوا عزيزا حتى قالوا فيه ما قالوا فلا عزيز منهم ولاهم من عزيز، وأن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عيسى منهم ولاهم من عيسى. وانا على سنة من ذلك ان قوما من شيعتنا سيحبونا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزيز، وما قالت النصارى في عيسى بن مريم، فلاهم منا ولا نحن منهم. 192 – الكشي: وجدت بخط جبريل بن أحمد، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الحناط، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أبو خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنفية دهرا وما كان يشك في أنه امام. حتى أتاه ذات يوم فقال له: جعلت فداك ان لي حرمة ومودة وانقطاعا، فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين الا أخبرتني أنت الامام الذي فرض الله طاعته على خلقه، قال فقال: يا أبا خالد حلفتني بالعظيم، الامام علي بن الحسين عليه السلام علي وعليك وعلى كل مسلم. فأقبل أبو خالد لما أن سمع ماقاله محمد بن الحنفية جاء إلى على بن الحسين


[ 337 ]

عليه السلام فلما استأذن عليه فأخبر أن أبا خالد بالباب، فأذن له، فلما دخل عليه دنا منه قال: مرحبا بك يا كنكر ماكنت لنا بزائر مابدا لك فينا ؟ فخر أبو خالد ساجدا شاكر لله تعالى مما سمع من علي بن الحسين عليه السلام فقال: الحمدالله الذي لم يمتني حتى عرفت فقال له علي: وكيف عرفت امامك يا أبا خالد ؟ قال: انك دعوتني باسمي الذي سمتني أمي التي ولدتني، وقد كنت في عمياء من أمري ولقد خدمت محمد ابن الحنفية عمرا من عمري ولا اشك الا وأنه امام. حتى إذا كان قريبا سألته بحرمة الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني اليك وقال: هو الامام علي وعليك وعلى خلق الله كلهم، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك سميتني باسمي الذي سمتني أمي فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته علي وعلى كل مسلم. ابن مهران والحسن وأبوه كلهم كذا روي. 193 – ووجدت بخط جبريل بن أحمد: قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعه يقول: خدم أبو خالد الكابلي علي بن الحسين عليهما السلام دهرامن عمره. ثم انه أراد أن ينصرف إلى أهله فأتى علي بن الحسين عليه السلام فشكى إليه شده شوقة إلى والديه، فقال: يا أبا خالد يقدم غدا رجلا من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الارض، ويريد ون أن يطلبوا معالجا يعالجها، فإذا أنت سمعت قدومه: فأته وقل له أنا أعالجها لك علي انني أشترط عليك أني أعالجها على ديتها عشرة آلاف درهم فلا تطمئن إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم. فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه وكان رجلا من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة، فقال: أما من معالج يعالج بنت هذا الرجل ؟ فقال هل أبو خالد: أنا أعالجها على عشرة آلاف درهم، فان أنتم وفيتم وفيت لكم على ألا يعود إليها أبدا، فشرطوا ان يعطوه عشرة آلاف درهم.


[ 338 ]

ثم اقبل إلى علي بن الحسين عليه السلام فأخبره الخبر، فقال: أني لاعلم: أنهم سيغدرون بك ولايفون لك انطلق يا أبا خالد فخذ بأذن الجارية اليسرى ثم قل يا خبيث يقول لك علي بن الحسين أخرج من هذه الجارية ولا تقعد. ففعل أبو خالد ما أمره وخرج منها فأفاقت الجارية، فطلب أبو خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه، فرجع مغتما كئيبا، قال له علي بن الحسين عليه السلام مالي أراك كئيبا يا أبا خالد ؟ انهم يغدرون بك دعهم فانهم سيعودون الكى، فإذا لقوك فقل لهم لست أعالجها حتى تضعوا المال على يدي علي بن الحسين عليه السلام فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون مداواتها، فقال لهم اني لا أعالجها حتى تضعوا الما ل على يدي علي بن الحسين فرجع أبو خالد إلى الجارية وأخذ بأذنها اليسرى ثم قال: يا خبيث يقول لك على بن الحسين عليهما السلام أخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها الا بسبيل خير، فانك ان عدت أحر قتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة، فخرج منها ولم يعد إليها، ودفع المال إلى أبي خالد فخرج إلى بلاده. يحيى بن أم الطويل 194 – محمد بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن جعفر بن عيسى عن صفوان، عمن سمعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتد الناس بعد قتل الحسين عليه السلام الا ثلاثة أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم ان الناس لحقوا وكثروا. وروى يونس، عن حمزة بن محمد الطيار، مثله وزاد فيه وجابر بن عبد الله الانصاري. 195 – حدثني أحمد بن علي، قال: حدثني أبو سعيد الادمي، قال: حدثنا الحسين بن يزيد النوفلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر الاول عليه السلام قال: أما يحيى بن أم الطويل: فكان يظهر الفتوة. وكان إذا مشى في الطريق وضع الخلوق على رأسه ويمضغ اللبان ويطول ذيله، وطلبه الحجاج فقال: تلعن أبا تراب وأمر


[ 339 ]

– بقطع يديه ورجليه وقتله. وأما سعيد بن المسيب فنجا، وذلك أنه كان يفتي بقول العامة، وكان آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فنجا. وأما أبو خالد الكابلي: فهرب إلى مكه واخفى نفسه فنجا. وأما عامر بن واثلة: فكانت له يد عند عبد الملك بن مروان فلهى عنه. وأما جابر بن عبد الله الانصاري: فكان رجلا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يتعرض له وكان شيخا قد أسن. وأما أبو حمزة الثمالي وفرات بن أحنف، فبقوا إلى أيام أبي عبد الله عليه السلام وبقي أبو حمزة إلى أيام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام. القاسم بن عوف 196 – حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن أحمد الرازي الخواري من قرية استراباد، عن محمد بن خالد أظنه البرقي عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر أبي الجارود، عن القاسم بن عوف، قال: كنت اتردد بين علي بن الحسين عليه السلام وبين محمد بن الحنفية، وكنت آتي هذا مرة وهذا مرة. قال: ولقيت علي بن الحسين، قال، فقال لي: يا هذا اياك ان تأتي أهل العراق فتخبرهم انا استودعناك علما، فانا والله ما فعلنا ذلك واياك ان تترايس بنا فيضعك الله، واياك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقرا، واعلم أنك ان تكن ذنبا في الخير خير لك من أن تكون رأسا في الشر. واعلم أنه من يحدث عنا بحديث سألناه يوما فان حدث صدقا كتبه الله صديقا وان حدث وكذب كتبه الله كذابا، واياك أن تشد، راحلة ترحلها فانما هيهنا يطلب العلم حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث الله لكم غلاما من ولد فاطمة عليهما السلام ينبت الحكمة في صدره كما ينبت الطل والزرع.


[ 340 ]

قال: فلما مضى علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) حسبنا الايام والجمع والشهور والسنين، فما زادت يوما ولا نقصت حتى تكلم محمد بن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم) باقر العلم. المختار بن أبي عبيدة 197 – حمدويه، قال: حدثني يعقوب، عن ابن أبي عمير. عن هشام بن المثني عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لاتسبو المختار فانه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة. 198 – محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله المزخرف، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان المختار يكذب على علي بن الحسين عليهما السلام 199 – محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد عن محمد بن الحسين، عن موسى بن يسار، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، قال: دخلنا علي أبي جعفر عليه السلام يوم النحر وهو متكئ، وقد أرسل إلى الحلاق فقعدت بين يديه إذ دخل عليه شيخ من أهل الكوفة فتناول يده ليقبلها فمنعه، ثم قال من أنت ؟ قال: أنا أبو الحكم بن المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان متباعدا من أبي جعفر عليه السلام فمد يده إليه حتى كاد يقعده في حجره بعد منعه يده. ثم قال اصلحك الله ان الناس قد أكثروا في أبي وقالوا والقول والله قولك قال: وأي شئ يقولون ؟ قال: يقولون كذاب، ولا تأمرني بشئ الا قبلته. فقال: سبحان الله أخبرني أبي والله ان مهر أمي كان مما بعث به المختار، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ؟ فرحمه الله. واخبرني والله أبي أنه كان ليسمر عند فاطمة بنت علي يمهدها الفراش، ويثنى لها الوسائد ومنها أصاب الحديث، رحم ألله أباك رحم الله أباك، ما ترك لنا حقا عند أحد الا طلبه، قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا.


[ 341 ]

200 – جبرئيل بن أحمد، حدثني العنبري، قال: حدثني محمد بن عمرو، عن يونس بن يعقوب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتب المختار بن أبي عبيد إلى علي بن الحسين عليهما السلام وبعث إليه بهدايا من العراق، فلما وقفوا على باب علي بن الحسين دخل الاذن يستاذن لهم، فخرج إليهم رسوله فقال أميطوا عن بابي فاني لااقبل هدايا الكذابين ولا أقرأ كتبهم. فمحوا العنوان وكتبوا المهدي محمد بن علي، فقال أبو جعفر: والله لقد كتب إليه بكتاب ما اعطاه فيه شيئا انما كتب إليه يابن خير من طشي ومشي، فقال ابو بصير، فقلت لابي جعفر عليه السلام اما المشي فانا أعرفه، فأي شئ الطشى ؟ فقال ابو جعفر عليه السلام الحياة. 201 – جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني العنبري، قال حدثني علي بن اسباط عن عبد الرحمن بن حماد، عن علي بن حزور، عن الاصبغ، قال رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين عليه السلام وهو يمسح رأسه ويقول: يا كيس يا كيس. 202 – ابراهيم بن محمد الختلي، قال: حدثني أحمد بن ادريس القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال، حدثني الحسن بن علي الكوفي، عن العباس ابن عامر، عن سيف بن عميرة، عن جارود بن المنذر، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث الينا المختار برؤس الذين قتلوا الحسين عليه السلام. 203 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو الحسن علي بن ابي علي الخزاعي، قال حدثني خالد بن يزيد العمري المكي، قال الحسن بن زيد بن علي ابن الحسين، قال: حدثني عمرو بن علي بن الحسين، ان علي بن الحسين عليه السلام لما اتي برأس عبيدالله بن زياد ورأس عمربن سعد، قال: فخر ساجدا وقال الحمدالله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي، وجزى الله المختار خيرا. 204 – محمد بن مسعود، قال حدثني ابن أبي على الخزاعي، قال خالد بن


[ 342 ]

يزيد العمري، عن الحسين بن زيد، عن عمر بن علي، أن المختار أرسل إلى علي ابن الحسين عليه السلام بعشرين الف دينار، فقبلها وبنا بها دار عقيل بن أبي طالب ودارهم التي هدمت، قال: ثم أنه بعث إليه باربعين الف دينار بعد ما ظهر الكلام الذي أظهره، فردها ولم يقبلها. والمختار هو الذي دعا الناس إلى محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية وسمعوا الكيسانية وهم المختارية وكان لقبه كيسان، ولقب بكيسان لصاحب شرطه المكنى أبا عمرة وكان اسمه كيسان. وقيل، انه سمي كيسان بكيسان مولى على بن ابى طالب عليه السلام وهو الذى حمله على الطلب بدم الحسين عليه السلام ودله على قتلته وكان صاحب سره والغالب على امره. وكان لا يبلغه عن رجل من اعداء الحسين عليه السلام انه في درا أو في موضع الا قصده، فهدم الدار بأسرها وقتل كل من فيها من ذي روح، وكل دار بالكوفة خراب فهي مما هدمها، واهل الكوفة يضربون بها المثل، فإذا افتقر انسان قالوا دخل أبو عمرة بيته، حتى قال فيه الشاعر: ابليس بما فيه خير من أبي عمرة * يغويك ويطغيك ولا يطغيك كسرة شعيب مولى على بن الحسين (عليه السلام) 205 – حدثني أبو الحسن عمر بن علي التفليسى، قال: حدثني محمد بن سعيد ابن أخي سهل بن زياد الادمي، عمن ذكره، عن يونس بن عبد الرحمن عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شعيب مولى علي بن الحسين عليهما السلام وكان ما علمناه جبارا. عبد الله البرقى 206 – وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمي بخطه. حدثني


[ 343 ]

علي بن ابراهيم بن هاشم، عن الحسين بن عبد الله البرقي المعرف بالكسري عن أبيه، قال: سألت علي بن الحسين عليهما السلام عن النبيذ ؟ فقال: قد يشربه قوم، وحرمه قوم صالحون، فكان شهادة الذين منعوا بهشادتهم شهواتهم أولى بأن تقبل من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم. عبد الله البرقي هذا عامي، الا أن هذا حديث حسن قريب الاسناد. الفرزدق 207 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثني أبو الفضل محمد بن أحمد بن مجاهد، قال: حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، قال حدثني أبي، ان هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك والوليد، فطاف بالبيت فاراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام. فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه ازار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له وأجلالا، فغاظ ذلك هشاما. فقاله رجل من اهل الشام لهشام، من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر ؟ فقال هشام: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أعرفه، فقال الشامي من هذا يا أبا فراس ؟ فقال: هذا الذي تعرف البطحاء طأته * والبيت تعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا علي رسول الله والده * أمست بنو ر هداه تهتدي الامم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمي إلى ذروة العز الذي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم


[ 344 ]

يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم ينشق نو ر الهدى عن نور غرته * كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلم بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل يحلوا عنده النعم هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضله قدما وشرفه * جرى بذاك له في لوحه القلم من جده دان فضل الانبياء له * وفضل أمته دانت له الامم عم البرية بالاحسان وأنقشعت * عنها العماية والاملاق والعدم كلتا يديه غياث عم نفعهما * تستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه خصلتان الخلق والكرم لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويسترب به الاحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل يوم ومختوم به الكلم ان عد أهل التقى كانوا ائمتهم * أو قيل من خير أهل الارض قيل هم لا يستطع جوا د بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وأن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمه أزمت * والاسد أسد الشرى والناس محتدم يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى هضم لا ينقص العسر بسطا من أكفهم * سيان ذلك ان اثروا وان عدموا أي الخلائق ليست في رقابهم * لاوليه هذا أوله نعم من يعرف الله يعرف أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الامم


[ 345 ]

قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بسعفان بين مكة والمدينة فلبغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام، فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، وقال: أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها عليه وقال: يابن رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لارزي عليه شيئا، فردها عليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجا به قوله. أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث إليه فاخرجه. زرارة بن أعين 208 – محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثني أخواي محمد وأحمد ابنا الحسن، عن أبيهما الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا زرارة ان اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف، قلت: نعم جعلت فداك اسمي عبد ربه ولكني لقبت بزرارة. 209 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن ابن أبي عمير: عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: اسمع والله بالحرف من جعفر بن محمد عليه السلام من الفتيا فازداد به ايمانا. 210 – حدثني جعفر بن محمد بن معروف، قال، حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن تغلب، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان أباك حدثني أن الزبير والمقداد وسلمان الفارسي حلقوا رؤسهم ليقاتلوا أبا بكر، فقال لي: لو لا زرارة لظننت أن أحاديث أبي عليه السلام ستذهب.


[ 346 ]

211 – حدثني حمدويه بن نصير قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب السراد، عن العلاء بن رزين، عن يونس بن عمار، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة قد روى عن أبي جعفر عليه السلام أنه لا يرث مع الام والاب والابن والبنت أحد من الناس شيئا الا زوج أو زوجة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فلا يجوز أن ترده. وأما في الكتاب في سورة النساء فان الله عزوجل يقول ” يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فان كان له أخوة فلامه السدس ” (1) يعني اخوة الاب وأم أخوة الاب، والكتاب يا يونس قد ورث هيهنا مع الابناء، فلا تورث البنات الا الثلثين. 212 – محمد بن مسعود، عن الخزاعي عن محمد بن زياد أبي عمير، عن علي بن عطية، عن زرارة، والله لو حدثت بكلما سمعته من أبي عبد الله عليه السلام لانتفحت ذكور الرجال على الخشب. 213 – حدثني ابراهيم بن العباس الختلي، قال: حدثني أحمد بن ادريس القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أبي الصهبان أو غيره عن سليمان بن داود المنقري، عن ابن أبي عمير، قال: قلت لجميل بن دراج، ما أحسن محضرك وأزين مجلسك ؟ فقال: أي والله ماكنا حول زرارة بن أعين الا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم. 214 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، وعبد الله بن محمد بن عيسى أخوه، والهيثم بن أبي مسروق، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين بن محبوب، عن


1) سورة النساء: 11 (*)

[ 347 ]

العلاء بن رزين، عن يونس بن عمار، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة، وذكر مثل الحديث الذي رواه حمدويه بن نصير، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب 215 – حدثني حمدويه بن نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أحب الناس الي أحياء وأمواتا أربعة: بريد بن معاوية العجلي، وزرارة، ومحمد بن مسلم، والاحول وهم أحب الناس الي أحياء وأمواتا. 216 – محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثنى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يوما ودخل عليه الفيض بن المختار، فذكر له آية من كتاب الله عز وجل تأولها أبو عبد الله عليه السلام فقال له الفيض: جعلني الله فداك ماهذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ قال: وأي الاختلاف يا فيض ؟ فقال له الفيض: اني لا جلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم، حتى أرجع إلى المفضل بن عمر، فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي، ويطمئن إليه قلبي. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أجل هو كما ذكرت يا فيض، ان الناس أولعوا بالكذب علينا ان الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره واني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وانما يطلبون به الدنيا، وكل يحب أن يدعي رأسا، أنه ليس من عبد يرفع نفسه الا وضعه الله، وما من عبد وضع نفسه الا رفعه الله وشرفه. فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس وأومى بيده إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه فقالوا: زرارة بن أعين. 217 – حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، ومحمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن ابراهيم بن عبد الحميد


[ 348 ]

وغيره، قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله زرارة بن أعين، لو لا زرارة بن أعين، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي عليه السلام. 218 – حدثني الحسين بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثنا علي بن سليمان بن داود الرازي، قال: حدثني محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال الله تعالى ” والسابقون السابقون اولئك المقربون ” (1). 219 – حدثني حمدويه: قال حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الاقطع، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ما أجد أحدا أحيى ذكرنا وأحاديث أبي عليه السلام الا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولو لا هؤلاء ماكان أحد يستنبط هذا. هؤلاء حفاظ الدين وأمناء ابي عليه السلام على حلال الله وحرامه، وهم السابقون الينا في الدنيا والسابقون الينا في الاخرة. 220 – حدثني محمد بن قولويه والحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المسمعي، قال: حدثني علي بن حديد المدائني عن جميل بن دراج، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله عليه السلام من أهل الكوفة من اصحابنا. فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال لي. لقيت الرجل الخارج من عندي ؟ فقلت بلي هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة، فقال لا قدس الله روحه ولاقدس مثله انه ذكر أقواما كان أبي عليه السلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي، هم مستودع سري أصحاب أبي عليه السلام حقا، إذا أراد الله


1) سورة الواقعة: 10 (*).

[ 349 ]

بأهل الارض سوءا صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياء ا وأمواتا يحيون ذكر أبي عليه السلام بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين، ثم بكي. فقلت: من هم ؟ فقال: من عليهم صلوات الله ورحمته احياءا وامواتا، بريد العجلي وزرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم، أما أنه يا جميل سيبين لك أمر هذا الرجل إلى قريب، قال جميل: فوالله ماكان الا قليلا حتى رأيت ذلك الرجل ينسب إلى أصحاب أبي الخطاب، قلت: الله يعلم حيث يجعل رسالاتة، قال جميل: وكنا نعرف أصحاب أبي الخطاب ببغض هؤلاء رحمة الله عليهم. 221 – حدثني حمدوية بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن زرارة. ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنى هارون بن الحسن بن محبوب، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين، عن عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام اقرأ مني على والدك السلام. وقل له: اني انما أعيبك دفاعا مني عنك فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه لادخال الاذي في من نحبه ونقربه، يرمونه لمحبتنا له وقربة ودنوه منا، ويرون ادخال الاذي عليه وقتله ويحمدون كل من عبناه نحن وأن نحمد أمره. فانما أعيبك لانك رجل اشتهرت بنا ولميلك الينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الاثر لمودتك لنا ولميلك الينا، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك يقول الله جل وعز ” أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ” (1).


1) سورة الكهف: 79 (*)

[ 350 ]

هذا التنزيل من عند الله صالحة، لا والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه، ولقد كانت صالحة ليس للعيب منها مساغ والحمد الله. فافهم المثل يرحمك الله، فانك والله أحب الناس الي، وأحب أصحاب أبي عليه السلام حيا وميتا، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر، أن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها. فرحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا، ولقد أدي الي ابناك الحسن والحسين رسالتك، حاطمها الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين. فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي عليه السلام وأمرتك به، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه الا بأمر وسعنا ووسعكم الاخذ به. ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق، ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم به، فردوا الينا الامر وسلموا لنا واصبروا لاحكامنا وارضوابها، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه، وهو اعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها، فان شاء فرق بينها لتسلم، ثم يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوها في آثار ما يأذن الله، ويأتيها بالامن من مأمنه والفرج من عنده. عليكم بالتسليم والرد الينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم، ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا، ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرايع الدين والاحكام والفرائض، كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله لانكم أهل البصائر فتكم ذلك اليوم – زرارة بن أعين قوله عليه السلام: لانكم (1) أهل البصائر لام التعليل الداخلة على أن باسمها وخبرها على ما في أكثر النسخ متعلقة


1) وفى المطبوع من الرجال: لانكر أهل البصائر فتكم ذلك اليوم الخ (*).

[ 351 ]

انكار شديدا. ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقه، الا من تحت حد السيف فوق رقابكم، – باستيناف التعليم. و ” فتكم ” بفتح الفاء وتشديد التاء المثناة من فوق جملة فعلية على جواب لو. و ” ذلك اليوم ” منصوب على الظرف، و ” انكار شديد ” مرفوع على الفاعلية. والمعنى: شق عصاكم، وكسر قوة اعتقادكم، وبدد جمعكم، وفرق كلمتكم. قال في أساس البلاغة: فتات المسك وهو كسارته وسقاطته وكذلك فتات الخبز وفتات العهن، وهذا مما يفت كبدي، وفت عضدة إذا كسر قوته وفرق عنه أعوانه (1). وفي النهاية الاثيرية: يقال لكل من أحدث شيئا في أمرك دونك قد افتات عليك فيه، وفلان يفتات عليه في كذا (2). قلت: وذلك افتعال من الفوت لامن الفت. وفي القاموس: الفت الدق والكسر بالاصابع والشق في الصخرة، وفت في ساعده أضعفه، والفتات ما تفتت وأهل بيت فت مثلثة الفاء منتشرون (3). وفي بعض النسخ ” انكارا شديدا ” نصبا على التمييز، أو على نزع الخافض وذلك اليوم بالرفع على الفاعلية. وربما يوجد في النسخ: لانكر، بفتح اللام، للتأكيد، وأنكر على الفعل من الانكار، وأهل البصائر بالرفع على الفاعلية، وفيكم بحرف الجر المتعلقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفية، أو بمعنى منكم، وذلك اليوم بالنصب على الظرف، وانكارا شديدا منصوبا على المفعول المطلق، أو على التمييز فليعرف.


1) أساس البلاغة: 461. 2) نهاية ابن الاثير: 3 / 477. 3) القاموس: 1 / 153 (*).

[ 352 ]

ان الناس بعد نبي الله عليه السلام ركب الله به سنة من كان قبلكم، فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شئ عليه الناس اليوم الا وهو محرف عما نزل به الوحى من عند الله فاجب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث تدعى، حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا، وعليك بالصلاة الستة والاربعين، وعليك بالحج أن تهل بالافراد، وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة وطفت وسعيت، فسخت ما أهللت به. وقلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الاهلال بالحج مفردا إلى منى وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة، فكذلك حج رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا أمر أصحابه ان يفعلوا: ان يفسخوا ما أهلوا به ويقبلوا الحج عمرة، واما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله على احرامه لسوق الذي ساق معه، فان السائق قارن والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله، ومحله المنحر بمنى، فإذا بلغ أحل، فهذا الذي أمرناك به حج المتمتع. فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة احدى وخمسين، والا هلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شئ من ذلك الحق ولا يضاده، والحمد الله رب العالمين. 222 – حدثني محمد بن قولويه، قال حدثنا سعد بن عبد الله القمي، عن محمد ابن عبد الله المسمعي، وأحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن الحسين ابن زرارة، قال: قلت لابي عبد الله عليهما السلام: ان أبي يقرأ عليك السلام ويقول لك جعلني الله فداك أنه لا يزال الرجل والرجلان يقدمان فيذكران أنك ذكرتني وقلت في فقال: اقرأ أباك السلام، وقل له أنا والله أحب لك الخير في الدنيا وأحب لك الخير في الاخرة، وأنا والله عنك راض فما تبالي ما قال الناس بعد هذا. 223 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، قال: دخل زرارة على أبي


[ 353 ]

عبد الله عليه السلام فقال يا زرارة متأهل أنت ؟ قال: لا، قال: وما يمنعك من ذلك ؟ قال: لاني لا أعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا ؟ قال: فكيف تصبر وأنت شاب ؟ قال أشتري الاماء، قال: ومن أين طاب لك نكاح الاماء ؟ قال: لان الامة ان رابني من أمرها شئ بعتها، قال: لم أسالك عن هذا، ولكن سألتك من أبن طاب لك فرجها ؟ قال له: فتأمرني أن أتزوج ؟ قال له: ذاك اليك. قال: فقال له زرارة هذا الكلام ينصرف على ضربين: اما أن لا تبالي أن أعصي الله اذلم تأمرني بذلك، والوجه الاخر أن تكون مطلقا لي، قال: فقال عليك بالبلهاء قال فقلت: مثل التي تكون على رأي الحكم بن عيينة وسالم بن أبي حفصة ؟ – قوله (عليه السلام): عليك بالبلهاء في حديث الزبرقان بن عمرو (1) امية الضميري: خير أولادنا الابله العقول و خير النساء البلهاء وقال: ولقد لهوت بطفلة مياله بلهاء تطلعني على أسرارها. قال ابن الاثير في النهاية: يريد أنه لشدة حيائه كالابله وهو عقول، وقال في الحديث ” ان أكثر أهل الجنة البله ” جمع الابله، وهو الغافل عن الشر المطبوع على الخير، وقيل: هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس، لانهم أغفلوا من دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على اخرتهم، وشغلوا أنفسهم بها، فاستحقو ا أن يكونوا أكثر أهل الجنة، فاما الابله وهو الذي لاعقل له فغير مراد في الحديث (2). قوله رحمه الله: على رأى الحكم بن عيينة الحكم بن عيينة كان استاذ زرارة من قبل، فانقطع عنه واتصل بأبي جعفر عليه السلام كما ذكره أبو عمرو الكشي في الجزء الثالث من الكتاب.


1) وفي ” م “: عمرو بن امية 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 155 (*)

[ 354 ]

قال: لا، التي لا تعرف ما أنتم عليه ولا تنصب، قد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله أبا العاص ابن الربيع وعثمان بن عفان، وتزوج عايشة وحفصة وغيرهما، فقال: لست أنا بمنزلة النبي عليهم السلام الذي كان يجري عليهم حكمه وما هو الا مؤمن أو كافر قال الله عزوجل ” فمنكم كافر ومنكم مؤمن ” (1). فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فأين أصحاب الاعراف ؟ وأين المؤلفة قلوبهم ؟ وأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ؟ وأين الذين لم يدخلوها وهو يطمعون ؟ قال زرارة: أيدخل النار مؤمن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يدخلها الا أن يشاء الله قال زرارة: فيدخل الكافر الجنة ؟ فقال أبو عبد الله: لا، فقال زرارة: هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا ؟. فقال أبو عبد الله عليه السلام: قول الله أصدق من قولك يا زرارة، يقول الله أقول، يقول الله خ ج ” لم يدخلوها وهم يطمعون ” (2) لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار، قال: فماذا ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: أرجهم حيث أرجاهم الله أما أنك لو بقيت لرجعت عن هذا الكلام ولحللت عقدك قال، وأصحاب زرارة يقولون لرجعت عن هذا الكلام وتحللت عنك عقد الايمان. قال أصحاب زرارة: فكل من أدرك زرارة بن أعين، فقد أدرك أبا عبد الله عليه السلام فانه مات بعد أبي عبد الله عليه السلام بشهرين أو اقل وتوفى أبو عبد الله عليه السلام وزرارة مريض مات في مرضه ذلك. – قوله (عليه السلام): خ ج رمز خ ج مسمى الخاء المعجمة أولا ومسمى الجيم أخيرا، اشارة إلى قول الله عزوجل ” وآخرون مرجون لامر الله ” (3).


1) سورة التغابن: 2 2) سورة الاعراف: 46 3) سورة التوبة: 106 (*)

[ 355 ]

224 – حدثني أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الوراق، قال: حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي قال: حدثني بنان بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن أبي عمير، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال كيف تركت زرارة ؟ قال: تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس، قال: فأنت رسولي إليه فقل له فليصل في مواقيت اصحابه فاني قد حرقت، قال: فأبلغته ذلك فقال: أنا والله أعلم أنك لم يكذب عليه ولكني أمرني بشئ فأكره أن أدعه. 225 – حدثني محمد بن قولويه، قال حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن اسماعيل بن عيسي، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن يحيى بن محمد بن عيسى أبي حبيب، قال: سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله من صلاته ؟ فقال: ست وأربعون ركعة فرائضه ونوافله، فقلت: هذه رواية زرارة، فقال: أترى أن أحدا كان أصدع بحق من زرارة. 226 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسي، عن القاسم بن عروة عن ابن بكير، قال: دخل زرارة على أبي عبد الله عليه السلام قال: انكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين، ثم قلتم أبردوا بها في الصيف، فكيف الابراد بها ؟ وفتح ألواحه ليكتب ما يقول، فلم يجبه أبو عبد الله عليه السلام بشئ، فأطيق ألواحه فقال: انما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم. وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال ان زرارة سألني عن شئ فلم أجبه وقد ضقت فاذهب أنت رسولي إليه، فقل صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان ضللك مثليك، وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف، ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير. 227 – حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمر، عن ابن اذينه، عن زرارة، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا وحمران، فقال له حمران:


[ 356 ]

ما تقول فيما يقول زرارة فقد خالفته فيه ؟ قال: فما هو ؟ يزعم أن مواقيت الصلاة مفوضة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي وضعها، قال: فما تقول أنت ؟ قال: قلت أن جبريل عليه السلام أتاه في اليوم الاول بالوقت الاول وفي اليوم الثاني بالوقت الاخير ثم قال جبريل: يا محمد ما بينهما وقت. فقال أبو عبد الله عليه السلام يا حمران ان زرارة يقول: انما جاء جبريل مشيرا على محمد عليه السلام، صدق زرارة، فجعل الله ذلك إلى محمد عليه السلام فوضعه وأشار جبريل عليه. 228 – حدثنا محمد بن مسعود، قال حدثنا جبريل بن أحمد الفاريابي، قال: حدثني العبيدي محمد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، قال: سمعت زرارة يقول: رحم الله أبا جعفر واما جعفر فان في قلبي عليه لعنة ! فقلت له: – قوله رحمه الله: فان في قلبي عليه لعنة (1) بفتح اللام للتأكيد واهمال العين مفتوحة أو مضمومة وتشديد النون، أي أن في قلبي عليه لعنة، أي أن في قلبى لعارضا واعتراض عليه، عن للنفس وعرض للقلب وهجس في الصدر وخطر في الضمير معتنا معترضا. أو أن في قلبي شدة وملاجة وهيجانا في المعانة والاعتنان أي المعارضة والاعتراض. والعنن أي اللجاج والمحاجة والمؤاخذة عليه أو لعارضة وغايلة عليه فجأة لست أدري ما سببها، من قولهم: أعننت بعنة ما أدري ماهي، أي تعرضت لشئ ما أعرفه قال في مجمل اللغة: ولقيته عين عنة، أي فجاءة. والعنن شبه الحجاج. وفي بعض النسخ اعجام الغين المضمومة اما على الاستعارة من الغنة للمستور في حجاب القلب المكنون في كنان الضمير، أو بمعنى الغلظة. قال في المغرب: الغنه صوت من اللهاة والانف مثل نون منك وعنك، لانه لاحظ لافي اللسان، والخنة أسد منها، قال أبو زيد: الغن الذي يجري كلامه في


1) وفي المطبوع من الرجال: لفتة (*).

[ 357 ]

وما حمل زرارة على هذا ؟ قال: حمله على هذا ؟ قال: حمله على هذا لان أبا عبد الله عليه السلام أخرج مخازيه. 229 – حدثني حمدويه، وابراهيم ابنا نصير، قالا: حدثنا العبيدي، عن هشام ابن ابراهيم الختلي وهو المشرقي، قال قال لي أبو الحسن الخراساني عليه السلام كيف تقولون في الاستطاعة بعد يونس فذهب فيها مذهب زرارة، ومذهب زرارة هو الخطا ؟ فقلت: لا، ولكنه بأبي أنت وأمي ما يقول زرارة في الاستطاعة، وقول زرارة فيمن قدر ونحن منه براء وليس من دين آبائك، وقال الاخرون بالجبر ونحن منه براء وليس من دين آبائك. قال: فبأي شئ تقولون ؟ قلت بقول أبي عبد الله عليه السلام وسأل عن قول الله عزوجل – لهاته، والاخن الساد الخياشم، والغنمة أيضا ما يغتري الغلام عند بلوغه إذا غلظ صوته. وقال في مجمل اللغة: وآداغن ملتف فترى الريح تجري ولها غنة ويقال: بل ذلك لكثرة ذبانه. ثم ان السيد جمال الدين بن طاوس كأنه على ما يستذاق من كلامه ويستشم من سياقه، قد صحف النون بالياء المثناة من تحت بعد العين المهملة، من العي – بالكسر وهو الجهل وخلاف البيان، والغين المعجمة – بالفتح – وهو الجهل و خلاف الرشد كما في مجمل الغة وغيره. وذلك لانه قال في اختياره من كتاب الكشي في الجواب عن هذا الحديث والطعن فيه بهذه العبارة: وقد روى من طريق محمد بن عيسى عن يونس ان زرارة استقل علم الصادق عليه السلام. وما أبعد هذا من الحق وهل يشك مخالف أو مؤالف في جلالة علم مولانا الصادق عليه السلام ولقد أكثر محمد بن عيسى من القول في زرارة حتى لو كان بمقام عدالة كادت الظنون تسرع إليه بالتهمة، فكيف وهو مقدوح فيه انتهى كلامه. وقد أسمعناك من قبل أن محمد بن عيسى غير ساقط الدرجة عن مقام العدالة


[ 358 ]

ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (1) ما استطاعته ؟ قال، فقال أبو عبد الله عليه السلام صحته وماله فنحن بقول أبي عبد الله عليه السلام نأخذ قال: صدق أبو عبد الله عليه السلام هذا هو الحق. 230 – حدثني طاهر بن عيسى الوراق، قال حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال حدثني أبو الحسن صالح بن أبي حماد الرازي، عن ابن أبي نجران عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قال أعاذنا الله واياك من ذلك الظلم قلت: ما هو ؟ قال: هو والله ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب قال: قلت: الزنا معه ؟ قال: الزنا ذئب. 231 – حدثني محمد بن نصير قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حفص مؤذن علي بن يقطين يكني أبا محمد، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ؟ قال: أعاذنا الله واياك يا أبا بصير من ذلك الظلم ذلك ما ذهب فيه زرارة وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه. 232 – حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن حمزة، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام بلغني أنك برئت من عمي يعني زرارة ؟ قال، فقال: انا لم أبرأ من زرارة لكنهم يجيؤن ويذكرون ويروون عنه، فلو سكت عنه الزمونيه، فأقول من قال هذا فأنا إلى الله منه برئ. 233 – محمد بن مسعود، قال: حدثني عبد الله بن محمدد بن خالد، قال: حدثني الوشاء عن ابن خداش، عن علي بن اسماعيل عن ربعي، عن الهيثم بن حفص العطار قال سمعت حمزة بن حمران، يقول حين قدم من اليمن: لقيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له بلغني أنك لعنت عمي زرارة قال: فرفع يديه حتى صك بها صدره، ثم قال: لا والله ما قلت ولكنكم تأتون عنه بأشياء فأقول من قال هذا فأنا منه برئ. قال قلت فأحكي لك ما يقول ؟ قال نعم قال قلت: ان الله عزوجل لم يكلف العباد


1) سورة آل عمران: 97 (*)

[ 359 ]

الاما يطيقون، وأنهم لن يعملوا الا أن يشاء الله ويريد ويقضي، قال: هو والله الحق. ودخل علينا صاحب الزطى فقال له يا ميسر ألست على هذا ؟ قال: علي أي شئ أصلحك الله أو جعلت فداك ؟ قال: فأعاد هذا القول عليه كا قلت له، ثم قال: هذا والله ديني ودين آبائي. 234 – حدثني أبو جعفر محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بماجيلويه، عن زياد بن أبي الحلال، قال: قلت لابي عبد الله – قوله: حدثني أبو جعفر إلى قوله حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بما جيلويه طريق هذا الحديث صحيح بلا امتراء اتفاقا. ومن العحب كل العجب من السيد جمال الدين بن طاوس إذ قال: الذي يظهر أن الرواية غير متصلة، لان محمد بن أبي القاسم كان معاصرا لابي جعفر محمد ابن بابويه، ويبعد أن يكون زياد بن أبي ي الحلال عاش من زمن الصادق حتى لقيه محمد بن أبي القاسم معاصر أبي جعفر بن بابويه. وكيف خفى عليه أن المعاصر لابي جعفر بن بابويه محمد بن علي ما جيلويه لا محمد بن أبي القاسم، وكثيرا ما في الفقيه وفي سائر كتبه يقول في الاسانيد: حدثني محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم. ويظهر من النجاشي أن محمد بن أبي القاسم جد محمد بن علي ما جيلويه المعاصر لابي جعفر محمد بن بابويه، فانه ذكر في كتابه ان محمد بن أبي القاسم الملقب ما جيلويه صهر أحمد بن أبي عبد الله على ابنته وابنه محمد بن علي منها. ثم قال أخبرنا اي علي بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين يعني به أبي جعفر بن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه قال: حدثنا أبي علي بن محمد عن أبيه محمد بن أبي القاسم (1) فتدبر.


1) رجال النجاشي: 273 (*)

[ 360 ]

عليه السلام ان زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئا فقبلنا منه وصدقناه، وقد أحببت أن أعرضه عليك، فقال: هاته، قلت: فزعم أنه سألك عن قول الله عزوجل ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” من ملك زادا وراحلة، فقال: كل من ملك زادا وراحلة، فهو مستطيع للحج وان لم يحج ؟ فقلت نعم. – قوله: روى عنك في الاستطاعة شيئا. القول المنسوب إلى زرارة وأصحابه، وقد قال مولانا الصادق عليه السلام أنه برئ منه، وأن ذلك ليس من دينه ودين آبائه صلوات الله عليهم، هو تفويض الفعل و اسناده إلى قدرة العبد وارادته على الاستقلال بالذات من غير استناد إلى الله وارادته تعالى سلطانه أصلا الا بالعرض، وفريق جم من العامة يسمون أصحاب هذا القول بالقدرية. ولعل من في اقليم العقل والبرهان يعلم أنه من الممتنع أن يتصحح للممكن الذاتي (1) تحقق بالفعل من دون الاستناد إلى الواجب الحق بالذات. وفي ازاء هذا القول قول الجبرية بالترى وأولئك هم القدرية على التحقيق واياهم عني النبي صلى الله عليه وآله ” القدرية مجوس هذا الامة ” كماقد أسلفنا بيانه، وهو اسناد أفعال العباد إلى الله سبحانه ابتداء ونفي مدخلية قدرة العبد وارادته في فعله مطلقا، وكان ذا العقل الصريح والذهن الصراح ليس يحتاج في ابطال ذلك إلى مؤنة تجشم. والطريق الوسط الذي هو القول الفصل والدين الحق والكلمة السواء أنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الامرين، فان المبادي المترتبة المنبعث عنها فعل العبد مبتدأة في جهة التصاعد من القدرة الحقة الوجوبية والارادة الحقيقية الربوبية، ومنتهية في جهة التنازل إلى قدرة العبد وارادته المنبعث عنهما فعله، والجميع في نظام الوجود مستند إلى الذات الاحدية الحقة التي هي في حد نفسها عين العلم المحيط


1) في ” س “: الذاتية (*)

[ 361 ]

فقال: ليس هكذا سألني ولا هكذا قلت: كذب علي والله كذب علي والله لعن الله زرارة لعن الله زرارة، لعن الله زرارة انما قال لي من كان له زاد وراحلة فهو مستطيع للحج ؟ قلت: وقد وجب عليه الحج، قال: فمستطيع هو ؟ فقلت: لا حتى يؤذن له، قلت: فأخبر زرارة بذلك ؟ قال: نعم. قال زياد: فقدمت الكوفة فلقيت زرارة فأخبرته بما قال أبو عبد الله عليه السلام وسكت عن لعنة، فقال: اما أنه قد أعطاني الاستطاعة من حيث لا يعلم، وصاحبكم هذا ليس له بصر بكلام الرجال. – التام، والقدرة الحقيقية الواجبة، والارادة الحقة القدوسية. فهذا دين مولانا الصادق وآبائه الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين وهو دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده المؤمنين فليثبت. قوله (ع): قلت: وجب عليه الحج مولانا الصادق عليه السلام حيث فسر الاستطاعة للحج بالصحة البدنية والسعة المالية انما رام بها الاستطاعة المترتبة عليها وجوب الحج واستقرار التكيف به في ذمة المكلف. فزرارة لم يفهم ذلك، فمن سوء فهمه حسب أنه عليه السلام أراد بها الاستطاعة المنبعث عنها فعل الحج وايقاعه. ولم يعلم أن تلك الاستطاعة انما هي ارادة العبد المستندة إلى ارادة الله تعالى ومشيته، كما يقول القرآن الحكيم ” وما تشاؤن الا أن يشاء الله ” (1) فالعبد مختار غير مجبور في فعله. ضرورة أن فعله منبعث عن ارادته واختياره، وان كانت المبادي والاسباب المترتبة الموجبة لارادته واختياره مستندة إلى أرادة الله تعالى واختياره، فلا يريد و لا يختار الا أن يؤذن له في قضاء الله سبحانه وقدره، والثواب والعقاب من لوازم


1) سورة الانسان: 30 (*)

[ 362 ]

235 – قال أبو عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي: وحدثني أبو الحسن محمد بن بحر الكرماني الدهني الترماشيري قال: وكان من الغلاة الحنقين قال: حدثني أبو العباس المحاربي الجزري، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال حدثنا فضاله بن أيوب، عن فضيل الرسان، قال: قيل لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة يدعي أنه أخذ عليك الاستطاعة ؟ قال: لهم عقرا كيف أصنع بهم، وهذا المرادي بين يدى وقد أريته وهو أعمى بين السماء والارض فشك وأضمر أني ساحر، فقلت: – ماهيات الافعال ومترتبان عى استحقاق العبد لهما من جهة ارادته واختياره. وبسط القول هنالك على ذمة كتاب الايقاضات وعلى ذمة كتاب قبسان الحق المبين. قوله رحمه الله: الدهنى بضم الدال نسبة إلى بني دهن. قال في القاموس: بنودهن بالضم حي منهم معاوية بن عمار الدهني (1). قوله: من الغلاة الحنقيين بفتح الحاء المهملة وكسر النون قبل القاف، أي المتعصبين المعاندين المتغبظين على أهل الحق. قال في الصحاح: الحنق الغبظ، والجمع حناق كجبل وجبال وقد حنق عليه بالكسر أي اغتاظ فهو حنق (2). قوله (ع): لهم عقرا (3) يقال عقرا لفلان بفتح العين المهملة والتنوين وهو دعاء عليه بالقطع والهلاك والاستيصال.


1) القاموس: 4 / 224 2) الصحاج: 4 / 1465 3) وفى المطبوع من الرجال: عفرا (*).

[ 363 ]

اللهم لو لم تكن جهنم الااسكرجة لو سعها آل اعين بن سنسن، قيل: فحمران ؟ قال حمران ليس منهم. قال الكشي: محمد بن بحر هذا غال، وفضالة ليس من رجال يعقوب. وهذا الحديث مزاد فيه مغير عن وجهه. – قال في مجمل اللغة: وجدعا وعقرا لفلان، وللمرأة حلقي وعقري أي عقر الله جسدها وأصابها بداء في حلقها. وفي أساس البلاغة: ويقال في الدعاء: جدعا له وعقرا وعقري حلقي وأن بني فلان عقروا مراعي القوم إذا قطعوها وأفسدوها (1). وفي المغرب: ولا تعقرن شجرا مأي لاتقطعن وفي حديث صفيه عقري حلقي على فعلي، وقيل: الالف للوقف، وفيه دعاء بقطع الرجل والحلق أو بحلق الرأس وعن أبي عبيد عقر جسدها وأصيبت بداء في حلقها. قوله: الا أسكرجة في النهاية الاثيرية في الحديث ” لا أكل في سكرجة ” هي بضم السين والكاف والراء والتشديد – اناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادم، وهي فارسية معربة وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها (2). وربما يقال: الاسكرجة اناء صغير لا يسع من الماء أكثر من خمسة مثاقيل. قوله رحمه الله: مزاد فيه بضم الميم على البناء للمجهول كما في مغير عن وجهه، فان الزوادة بالواو كالزيادة بالياء سيان في المعني، فصح في البناء للمفعول المزاد فيه والمزيد فيه بمعني واحد.


1) أساس البلاغة: 430 2) نهاية ابن الاثير: 2 / 384 (*).

[ 364 ]

236 – حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عمر بن أبان عن عبد الرحيم القصير، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ايت زرارة وبريدا فقل لهما ما هذه البدعة التي ابتدعتماها ؟ اما علمتما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: كل بدعة ضلالة. قلت له: اني أخاف منهما فأرسل معي ليثا المرادي فأتينا زرارة فقلنا له ما قال أبو عبد الله عليه السلام، فقال: والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر، فاما بريد فقال: لا والله لا أرجع عنها أبدا. 237 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن مسمع كردين أبي سيار، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله بريدا ولعن الله زرارة. 238 – حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن يونس، عن اسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر عنده بنو أعين: فقال والله ما يريد بنو أعين الا ان يكونوا علي غلب. 239 – محمد بن مسعود، قال حدثني جبرئيل بن أحمد، عن العبيدي، عن يونس، عن هارون بن خارجة، قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزو جل وذلك لان اليائي يتعدي ولا يتعدي يقال: زاد مال فلان زيادة، أي ازداد، أو زاد هو في علمه أو ماله أي ازداد فيه، وزاده الله خيرا أو علما على خلاف الامر في الواوي، فلا يقال: الا أزاده اياه زوادة. والمزادة بالفتح والمزادة بالضم كلاهما في الاصل أسم المكان، الاول من الزيادة والثانى على هيئة اسم المفعول من باب الافعال من الزوادة والجمع المزاود وصاحب القاموس نسب الجوهري هناك إلى الوهم وهو وهم (1).


1) هذه الزيادة في ” م ” فقط بخط السيد الداماد (ره) (*).

[ 365 ]

” الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ” قال: هو ما استوجبه أبو حنيفة وزرارة. 240 – وبهذا الاسناد: عن يونس، عن خطاب بن مسلمة، عن ليث المرادي قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: لا يموت زرارة الا تائها. 241 – وبهذا الاسناد: عن يونس، عن ابراهيم المؤمن، عن عمران الزعفراني قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لابي بصير: يا أبا بصير وكنى أثنى عشر رجلا ما أحدث أحد في الاسلام ما أحدث زرارة من البدع، لعنه الله، هذا قول ابي عبد الله. 242 – حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن عمار ابن المبارك، قال: حدثني الحسن بن كليب الاسدي، عن أبيه كليب الصيداوي، أنهم كانوا جلوسا، ومعهم عذافر الصيرفي، وعدة من أصحابهم معهم أبو عبد الله عليه السلام قال، فابتدأ أبو عبد الله عليه السلام من غير ذكر لزرارة، فقال لعن الله زرارة لعن الله زرارة لعن الله زرارة ثلاث مرات. 243 – محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حريز قال: خرجت – قوله: عن خطاب بن مسلمة خطاب ابن مسلمة – بفتح الميم واسكان السين – الكوفي من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ثقة، يروي كتابه عدة من أجلة أصحابنا منهم أبي عمير قاله النجاشي (1) وغيره. قوله: عن عمران الزعفراني عمران بن اسحاق الزعفراني الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام ذكره الشيخ في كتاب الرجال (2). قوله: كنى بفتح الكاف وتشديد النون من التكنية، أي خاطب اثنى عشر رجلا بالكنية


1) رجال النجاشي: 118 2) رجال الشيخ: 257 (*)

[ 366 ]

إلى فارس، وخرج معنا محمد الحلبي إلى مكة، فاتفق قدومنا جميعا إلى حزين، فسألت الحلبي فقلت له أطرفنا بشئ، قال: نعم جئتك بما تكره، قلت لابي عبد الله عليه السلام ما تقول في الاستطاعة ؟ فقال: ليس من ديني ولادين آبائي. فقلت: الان ثلج عن صدري، والله لا أعود لهم مريضا، ولا أشيع لهم جنازة ولا أعطيهم شيئا من زكاة مالي، قال: فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا وقال لي كيف قلت ؟ فأعدت عليه الكلام فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي عليه السلام يقول أولئك قوم حرم الله وجوههم على النار، فقلت: جعلت فداك فكيف قلت لي ليس من ديني ولا دين آبائي ؟ قال: انما اعني بذلك قول زرارة وأشباهه. 244 – حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني موسى بن جعفر بن وهب، عن علي بن القصير، عن بعض رجاله، قال: استأذن زرارة – أو كنى اثنى عشر رجلا بأبي بصير وناداهم بتلك الكنية. قوله: فاتفق قدومنا جميعا إلى حزين (1) بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي كفعيل ماء بنجد. وحزن بضم الحاء وفتح الزاي كصرد الجبال الغلاظ الواحد حزنة بالضم قاله في القاموس (2) وغيره. قوله: عن علي بن القصير في أكثر نسخ هذا الكتاب علي بن القصير، وهواما ابن عبد الرحمن القصير أو ابن عبد الرحيم القصير. والشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: علي القصير (3). باسقاط ابن وهذا أظهر.


1) وفي المطبوع من الرجال بجامعة مشهد: حين، والمصحح للمطبوع وقع هنا في تحير عجيب. 2) القاموس: 4 / 213 3) رجال الشيخ: 268 (*)

[ 367 ]

ابن أعين وأبو الجارود علي أبي عبد الله عليه السلام قال: يا غلام ادخلهما فانهما عجلا المحيا وعجلا الممات. 245 – حدثني محمد بن مسعود، قال جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أشيم، قال حدثني رجل، عن عمار الساباطي، قال: نزلت منزلا في طريق مكة ليلة فإذا أنا برجل قائم يصلي صلاة ما رأيت أحد صلى مثلها ودعا بدعا ما رأيت أحدا دعا بمثله. فلما أصبحت نظرت إليه فلم أعرفه، فبينا أنا عند ابي عبد الله عليه السلام جالسا إذ دخل الرجل فلما نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى الرجل، قال: ما أقبح بالرجل ان يتمنه رجل من اخوانه على حرمة من حرمته فيخونه فيها. قوله (عليه السلام): عجلا المحيا وعجلا الممات بكسر العين المهملة واسكان الجيم تثنية العجل عجل السامري، يعني عليه السلام ان الناس يتذللون ويختضعون لهما، ويعتدون بهما ويسيرون على طريقهما، ويأخذون بقولهما في محياهما وفي مماتهما، كما بنو اسرائيل تعبدت وتذللت واختضعت للعجل فهما عجلا شيعتنا في المحيا والممات. وكيف يسعك أن لا تأذن لهما بالدخول ؟ ادخلهما، وهذا صريح في أنه عليه السلام كان مغتاظا عليهما في دين الله. ولكن طريق هذا الخبر علي القصير عن بعض رجاله، وهو غير معلوم. وأيضا انما أنكر عليه السلام عليهما في خصوص مسألة القضاء والقدر بقولهما بالاستطاعة، كماقد تضمنه خبر الحلبي وغيره من الاخبار، فليعلم. قوله (عليه السلام) أن (1) يتمنه بتشديد التاء المثناة من فوق بعد ياء المضارعة افتعالا من الامانة بقلب الهمزة تاءا وادغام مالتاء في التاء كما في تتخذه مثلا.


1) وفي المطبوع من الرجال: يأتمنه (*).

[ 368 ]

قال: فولى الرجل، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمار أتعرف هذا الرجل ؟ قلت: لا والله الا أني نزلت ذات ليلة في بعض المنازل، فرأيته يصلي صلاة ما رأيت احدا صلى مثلها، ودعا بدعاء ما رأيت أحدا دعا بمثله، فقال لى هذا زرارة بن أعين، هذا والله من الذين وصفهم الله عزوجل في كتابه فقال: وقد منا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا. 246 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن ابي عمير عن ابن اذينه، عن عبد الله الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسأله انسان قال: اني كنت أنيل التيمية من زكاة مالى حتى سمعتك تقول فيهم، أفأعطيهم أم أكف ؟ قال: لابل اعطهم فان الله حرم أهل هذا الامر على النار. 247 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن حمران، عن الوليد بن صبيح، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاسقبلني زرارة خارجا من عنده، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام يا وليد أما تعجب من زرارة يسألني عن اعمال هؤلاء، أي شئ كان يريد ؟ أيريد أن أقول له لا، فيروي ذلك عني ؟ ثم قال: ياوليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم، انما كانت الشيعة – قوله: أنيل التيمية في أكثر النسخ ” التيمية ” وهم بني ضبة نسبة إلى تيم بن ضبه، لامن بني تيم بن مرة رهط أبي بكر فليعلم. قوله: حدثني حمدويه قال حدثني محمد بن عيسى الطريق صحيح على ما هو الاصح في محمد بن عيسى العبيدي. قوله (عليه السلام): ياوليد متى كانت الشيعة تسأل يعني عليه السلام أن الشيعة قاطبة يعلمون بتة أن الامامة والخلافة منصب العترة الطاهرة وحق الذرية الطيبة عليهما السلام، وأن بني أمية وبني العباس وعمالهم المقلدين لا عمالهم كالولاة والقضاة من قبلهم، ظلمة وجورة غصبة لمسند من له الحكم و


[ 369 ]

تقول: من أكل من طعامهم وشرب من شرابهم، واستظل بظلهم، متى كانت الشيعة تسأل عن مثل هذا. 248 – حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني الحسن بن علي علي الوشاء، عن أبي خداش، عن علي بن اسماعيل عن أبي خالد. وحدثني محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن ابن الريان عن الحسن بن راشد، عن علي بن اسماعيل عن أبي خالد، عن زرارة قال: قال لى زيد بن علي عليه السلام وأنا عند أبي عبد الله عليه السلام ما تقول يافتى في رجل من آل محمد استنصرك ؟ فقلت ان كان مفروض الطاعة نصرته، وان كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل، فلما خرج قال أبو عبد الله عليه السلام: أخذته والله من بين يديه ومن خلفه وما تركت له مخرجا. 249 – وروى عن زرارة بن أعين: قال جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبد الله ابن محمد وربيعة الرأي، فقال عبد الله: يا زرارة سل ربيعة عن شئ مما اختلفتم ؟ فقلت: ان الكلام يورث الضغائن، فقال لي ربيعة الرأي: سل يا زرارة. – الولاية بالحق، فاحاد الشيعة لا يسألون عن ذلك أحدا، لكونه من المعلوم المستبين عندهم، فضلا عن زرارة ونظائره. انما الذي يتجه السؤل عنه عند الشيعة هو قبول جوائز هؤلاء الظلمة الجورة وعطاياهم والاكل من طعامهم والشراب من شرابهم والاستظلال بظلهم. فسؤال زرارة اياي عن عمالهم وأعمالهم تفوح منه رائحة أنه يريد أن يسمعني أقول في الجواب أنهم ظلمة جورة غصبة لمنصب الولاية ومسند الحكم، فيروي ذلك عني فيبلغهم أني أقول منهم كذا وكذا فليعرف. قوله: ربيعة الرأي أبو عبد الرحمن ربيعة بن عبد الرحمن المدني الفقيه، يقال له ربيعة الرأي.


[ 370 ]

قال قلت: بم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضرب في الخمر ؟ قال بالجريد والنعل، فقلت لو أن رجلا أخذ اليوم شارب خمروقدم إلى الحاكم ماكان عليه ؟ قال: يضربه بالسوط لان عمر ضرب بالسوط، قال: فقال عبد الله بن محمد: يا سبحان الله يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بالجريد ويضرب عمر بالسوط، فيترك ما فعل رسو ل الله صلى الله عليه وآله ويأخذ ما فعل عمر. 250 – حدثني حمدويه قال: حدثني أيوب، عن حنان بن سدير قال: كتب معي رجل أن أسأل أبا عبد الله عليه السلام عما قالت اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا: هو مما شاء أن يقولوا ؟ قال: قال لي ان ذامن مسائل آل أعين ليس من دينى ولادين آبائي، قال، قلت ما معي مسألة غير هذه. – قال الذهبي في ميزان الاعتدال وقد اجتج به أصحاب الكتب كلها وقد قال سوربن عبد الله القاضي: ما رأيت أحدا أعلم من ربيعة الرأي قيل له ولا الحسن ولا ابن سيرين وقال: ولا الحسن ولا ابن سيرين. وأما ربيعة بن محمد أبو قضاعة الطائي فقد قال في ميزان الاعتدال: انه الذي روى عن ذي النون، عن ملك بن غسان، عن ثابت، عن أنس انقض كوكب وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انظروا فمن انقض في داره فهو الخليفة بعدي، فنظر نا فإذا هو في منزل علي بن ابي طالب عليه السلام فقال جماعة، قد غوى محمد في حب علي فنزلت ” والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وماغوى ” (1). وربيعة بن ناجذ في ميزان الاعتدال: أنه روي علي أخي ووارثي، ورواه عنه أبو صادق. قوله: مما شاء أن يقولوا في حيز الانكار يعني ما قالت اليهود والنصاري والمجوس والذين أشركوا كيف يسوغ أن يكون مما شاء الله أن يقولوا، ولو لم يكن القول بالاستطاعة هو


1) وقد رواه المغازلى في المناقب: 310 والبحار: 35 / 283 والعمدة: 38 والطرائف: 22. (*)

[ 371 ]

251 – حدثني محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن رشيد، قال: حدثني الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه أحمد بن علي، عن أبيه على بن يقطين، قال، لما كانت وفاة أبي عبد الله عليه السلام قال الناس بعبدالله بن جعفر. واختلفوا: فقائل قال له، وقائل قال بأبي الحسن عليه السلام فدعا زرارة ابنه عبيدا فقال: يا بني الناس مختلفون في هذا الامر: فمن قائل بعبدالله فانما ذهب إلى الخبر الذي جاء ان الامامة في الكبير من ولد الامام، فشد راحلتك وامض إلى المدينة حتى تأتيني بصحة الامر، فشد راحلته ومضى إلى المدينة. واعتل زرارة فلما حضرته الوفاة سأل عن عبيد، فقيل انه لم يقدم، فدعا بالمصحف فقال: اللهم انى مصدق بما جاء نبيك محمد فيما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه، وأني مصدق بما انزلته عليه في هذا الجامع، وان عقيدتي وديني الذي يأتيني به عبيد ابني وما بينته في كتابك، فان أمتني قبل هذا فهذه شهادتي على نفسي واقراري بما يأتي به عبيد ابني وانت الشهيد علي بذلك. فمات زرارة، وقدم عبيد، فقصدناه لنسلم عليه، فسألوه عن الامر الذي قصده فأخبرهم ان أبا الحسن عليه السلام صاحبهم. 252 – حدثني حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد قال: حدثني على – الحق للزم ذلك، فقال مولانا الصادق عليه السلام ان ذامن مسائل آل أعين من ديني ودين آبائي. والتحقيق أنه يلزم من ابطال القول بالاستطاعة دخول ذلك وامثاله من الشرور في قضاء الله سبحان بالعرض، وأن متعلق ارادة الله تعالى ومشيته بأمثال ذلك بالعرض من حيث هي لوازم الخيرات الكثيرة في نظام الوجود لا بالذات من جهة ماهي شرور. وتمام القول هنالك في كتاب القبسات وفي كتاب الايقاضات فليتعرف.


[ 372 ]

ابن حديد، عن جميل بن دراج، قال ما رأيت رجلا مثل زرارة بن أعين، انا كنا نختلف إليه فما نكون حوله الا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم، فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام وجلس عبد الله مجلسه: بعث زرارة عبيدا ابنه زائرا عنه ليعرف الخبر ويأتيه بصحته، ومرض زرارة مرضا شديدا قبل ان يوافيه عبيد. فلما حضرته الوفاة دعا بالمصحف فوضعه على صدره ثم قبله، قال جميل: فحكى جماعة ممن حضره أنه قال: اللهم اني ألقاك يوم القيامة وامامي من ثبت في هذا المصحف امامته، اللهم اني أحل حلاله وأحرم حرامه واومن بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه، على ذلك احيى وعليه اموت ان شاء الله. 253 – محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي ابن موسى بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن أبي يحيى الضرير، عن درست ابن أبي منصور الواسطي، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول ان زرارة شك في امامتي فاستوهبته من ربي تعالى. 254 – حدثني بن قولويه، قال: حدثني سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الله المسمعى، عن علي بن أسباط، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه قال: بعث زرارة عبيدا ابنه يسئل عن خبر أبي الحسن عليه السلام فجائه الموت قبل رجوع عبيد إليه فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه. وقال: ان الامام بعد جعفر بن محمد من اسمه بين الدفتين في جملة القرآن منصوص عليه من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه، أنا مؤمن به قال: فأخبر بذلك أبو السحن الاول عليه السلام فقال: والله كان زرارة مهاجرا إلى الله تعالى. 255 – حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج وغيره، قال: وجه زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن عليه السلام وعبد الله بن أبي عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد.


[ 373 ]

قال محمد بن أبي عمير، حدثني محمد بن حكيم، قال: قلت لابي الحسن الاول عليه السلام وذكرت له زرارة وتوجيهه ابنه عبيدا الي المدينة، فقال أبو الحسن: اني لارجو ا أن يكون زرارة ممن قال الله تعالى ” ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله “. 256 – حدثني محمد بن مسعود، قال: أخبرنا جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابراهيم المؤمن، عن نصير بن شعيب عن عمة زرارة، قالت: لما وقع زرارة واشتد به: قال: ناوليني المصحف فناولته وفتحته فوضعه على صدره، وأخذه مني ثم قال: يا عمة أشهدي أن ليس لي امام غير هذا الكتاب. 257 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني العبيدي عن يونس، عن ابن مسكان، قال تدارأنا عند زرارة في شئ من أمور الحلال والحرام، فقال قولا برأيه، فقلت أبرأيك هذا أم براية ؟ فقال: اني اعرف، أو ليس رب رأي خير من أثر. – قوله: حدثني محمد بن مسعود قال حدثني جبريل بن أحمد هذا الحديث صحيح السند على التحقيق. قوله: تدارأنا عند زرارة تدارأنا بالهمزة تفاعلا من الدراء، وهو الدفع أي تناظرنا وتدافعنا فدفع كل منا كلام الاخر، أو تدارينا بالياء من الدراية بمعنى العلم والمعرفة. وفي نسخة ” تذاكرنا ” من الذكر والمذكرة والاصح الاول. قوله: اني أعرف. أعرف على صيغة أفعل التفضيل، أي أني أعلم بما قلت ما علي ولا عليك من ذلك من شئ، سواء على أكان برأي ام برواية. وقوله ” أو ليس رب رأى من أثر ” حق لامعدى عنه، وذلك لانه ربما كان


[ 374 ]

258 – حدثني أبو صالح خلف بن حماد بن الضحاك، قال: حدثني أبو سعيد الادمي، قال: حدثني ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال قال لي زرارة بن أعين: لا ترى على اعوادها غير جعفر، قال: فلما توفي أبو عبد الله عليه السلام أتيته فقلت له أتذكر الحديث الذي حدثتني به ؟ وذكرته له، وكنت أخاف ان يجحدنيه، فقال: اني والله ماكنت قلت ذلك الابرأيي. 259 – حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الوشاء، عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن جوائز العمال ؟ فقال: لا بأس به، قال ثم قال: انما اراد زرارة أن يبلغ هشاما اني أحرم أعمال السلطان. – راى نتيجة برهان عقلي يقيني والاثر ظني، فاليقين خير من الظن. وربما كان اثر بصريح منطوقه مدافعا للاصول العقلية والقوانين اليقينية، وان كان سليم الاسناد صحيح الطريق فيجب تأويله، وان لم يكن محتملا للتأويل وجب طرحه فليعلم. قوله لا يري على أعوادها غير جعفر لا يرى اما بضم ياء المضارعة على البناء للمجهول، أو بفتح التاء للخطاب على صيغة المعلوم، أو بالنون للمتكلم مع الغير. ” على أعوادها ” جمع عود أي على عيدان سرير الامامة والولاية ومنبر الوصاية والخلافة غير جعفر عليه السلام. يعني أنه عليه السلام هو المهدي القائم الموعود لخاتم الائمة، فلما توفي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام اتيت زرارة فقلت له: أتذكر الحديث الذي حدثني به ابي أنه لا يرى على اعواد سرير الامامة والوصاية غير جعفر بن محمد عليهما السلام وذكرت الحديث له وكنت أخاف ان يجحد نيه فلم يجحده ولا اسنده إلى الرواية عن احد. بل قال: اني والله ماكنت قلت ذلك الا برأي مني، لا برواية عن جعفر بن محمد ولا عن احد غيره، فتبين اني كنت مخطئا في رأي، وهذا يدل على جلالة قدر زرارة في الثقة والديانة جدا.


[ 375 ]

260 – محمد بن مسعود، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن حمران، قال: حدثني زرارة قال، قال لي أبو جعفر عليه السلام حدث عن بني اسرائيل ولا حرج قال: قلت جعلت فداك والله ان في احاديث الشيعة ما هو اعجب من احاديثهم قال: وأي شي هويا زرارة ؟ قال: فاختلس من قلبي فمكثت ساعة لا أذكر ما أريد قال لعلك تريد الهفتية قلت نعم قال فصدق بها فانها حق. قوله: الهفتية (1) بالهاء المفتوحة ثم الفاء ثم التاء المثناة من فوق ثم ياء النسبة المشددة أي ملمة تتهافت منها القلوب فتتساقط العقائد ويهتاج منها تهاوش الوساوس في الصدور وتثاور الشكوك في الاعتقادات. وفي بعض النسخ ” الهفية ” بكسر الفاء واسكان الياء المثناة من تحت قبل التاء المثناة من فوق على الفعيلة بمعنى الفاعلة. قال في مجمل اللغة: التهافت تساقط الشئ شيئا شيئا، وتهافت الفراش في النار تساقط، وكل شئ انخفض واتضع فقد هفت وانهفت، ووردت هفيتة من الناس اقحمتها السنة اي ساقطة. وفي الصحاح: هفت الشئ هفتا وهفاتا، اي تطاير لخفته، وكل شئ انخفض واتضع فقد هفت وانهفت، والتهافة التساقط التساقط قطعة قطعة ويقال، وردت هفيته من الناس للذين اقحمتهم السنة (2). وفي القاموس: المفهوت المتحير (3). والهفتية أو الهفتية في هذا الحديث هي غيبة القائم المنتظر عليه السلام غيبة طويلة


1) وفي المطبوع من الرجال: الغيبة 2) الصحاح: 1 / 270 3) القاموس: 1 / 160 (*)

[ 376 ]

261 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد: قال حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، قال سمعت زرارة يقول: اني كنت أرى جعفر اعلم مما هو، وذاك أنه يزعم أنه سأل ابا عبد الله عليه السلام عن رجل من أصحابنا مختفى من غرامه، فقال اصلحك الله ان رجلا من اصحابنا كان مختفيا من غرامه فان كان هذا الامر قريبا صبر حتى يخرج مع القائم، وان كان فيه تأخير صالح غرامه ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يكون فقال زرارة، يكون إلى سنة ؟ فقال أبا عبد الله عليه السلام: يكون انشاء الله، فقال زرارة: فيكون إلى سنتين ؟ فقال أبو عبد الله: يكون انشاء الله، – وحيرة تتوحر منها الصدور في الاستيقان وتنزلق منها الاقدام عن الاستقامة، وتتحير في تماديها الاحلام والبصائر، كماقد ورد في اخبار كثيرة جمة اوردن طائفة منها في كتاب شرعة التسمية. قوله: فقال زرارة تكون إلى سنتين قلت: غفر الله لزرارة وثقف بصيرته وانعم باله ما أسوء فهمه الاسرار واسخف تدربه في معرفة الاساليب، أليس حيث سأله عليه السلام عن خروج القائم قال عليه السلام في الجواب، يكون: ولم يقرنه بالاستثناء ايذانا بأن ذلك أمر كائن واقع بتة، لا يعتربه ريب ولا يتطرق إليه امتراء أصلا. ثم إذ سأل عن التأجيل إلى سنة اجاب عليه السلام بقوله يكون انشاء الله، يعني ان الامر في ذلك إلى علم الله تعالى ومشيته. ثم ازداد في الاجل وقال: إلى سنتين، أعاد عليه الجواب بقوله يكون ان شاء الله تنبيها على ان ذلك امر موكول إلى علم الله ومفوض إلى مشيته. وهو سر من اسرار الله لا يعلم وقته الا الله سبحانه، فكل من وقت وجعل لذلك أمدا مضروبا ووقتا معلوما وأجلا معينا، فقد أخطأ وكذب على الله وعلى الرسول والائمة عليه وعليهم السلام. وقد ورد في أحاديثهم عليه السلام ” كذب الوقاتون “. ولست اشعر كيف لم يوطن نفسه إلى ان يكون إلى سنة، ثم تجشم توطين النفس


[ 377 ]

فخرج زرارة فوطن نفسه على أن يكون إلى سنتين فلم يكون فقال ماكنت أرى جعفر الا أعلم مما هو. 262 – محمد بن مسعود، قال: كتب الينا الفضل، يذكر عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن عيسى بن ابي منصور وابي اسامة الشحام و يعقوب الاحمر، قالوا: كنا جلوسا عند ابي عبد الله عليه السلام فدخل عليه زرارة فقال ان الحكم بن عيينة حدث عن ابيك أنه قال صل المغرب دون المزدلفة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا تأملته ما قال ابى هذا قط كذب الحكم على ابي، قال: فخرج زرارة وهو يقول: ما ارى الحكم كذب على أبيه. على سنتين مع أنه عليه السلام لم يزد في الجواب أولا واخيرا على قوله يكون انشاء الله شيئا وليعرف. قوله: ماكنت أرى جعفرا على صيغة المجهول بمعنى أظن، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله: البرترون بهن. على البناء للمجهول، أي تظنون بهن البر والخير. قول: الا أعلم مما هو أي مما هو عليه في العلم، وقد استبان لك ان هذا الكلام من زرارة انما نشأ من سوء فهمه لكلام الامام عليه السلام. قوله (ع): أنا تأملته سيرد هذا الحديث في ترجمته حكم بن عيينة، وفيه بأيمان ثلاثة، وهو الصحيح، يعني قال أبو عبد الله عليه السلام: والله والله والله ما قال ابي هذا قط. فاما في هذا الموضع ففي اكثر النسخ ” انا تأملته ” من تأملت الشئ إذا نظرت إليه مستبينا له ثم ان هناك ختم الحديث على قوله عليه السلام كذب الحكم على أبي، ولم يذكر


[ 378 ]

236 – محمد بن يزداد، قال: حدثني محمد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان قوم يعارون الايمان عارية ثم يسلبونه يقال لهم يوم القيامة المعارون، أما أن زرارة بن أعين منهم. 264 – حمدان بن أحمد: قال حدثنا: معاوية بن حكيم، عن أبي داود – ما بعد ذلك، وهو قال وخرج زرارة وهو يقول: ما أري الحكم كذب على أبيه. لكن الاسناد هناك إلى ابراهيم بن عبد الحميد حمدويه وابراهيم ابنا نصير قالا: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب الكوفي عن جعفر بن محمد بن حكيم عن ابراهيم بن عبد الحميد، فالرواية ليست بمضطربة المتن، بل روايتان باسنادين مختلفين. ولعل مرام زرارة ما أظن الحكم كذب علي أبيه عليه السلام، بل انما التبس على الحكم ماقاله أبو جعفر عليه السلام وانما دعا زرارة إلى هذا القول ان الحكم بن عيينة كان استاذ زرارة من قبل انقطاعه إلى أبي جعفر عليه السلام. فأحب أن يذب عنه بقوله هذا. والسيد جمال الدين بن طاوس في الجواب من هذه الرواية ما زاد على قوله: ابراهيم بن عبد الحميد واقفي ضال لا يثبت بروايته القدح في مثل زراره شيئا. قلت: ابراهيم بن عبد الحميد الذي هو من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ثقة له أصل، يروى عنه ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى، قاله الشيخ في كتاب الرجال (1) وغيره، ولو كان ضعيفا كان ضعفه في هذا الحديث منجبرا برواية ابن أبي عمير اياه عنه، فكيف وهو ثقة بشهادة المشيخة الثقاة، فالمصير في الجواب عنه إلى ما قلناه فليتبصر قوله: حمدان بن أحمد اسمه محمد ويقال له حمدان وهو ابن خاقان النهدي القلانسي، وسيجئ في الكتاب توثيقه.


1) الرجال للشيخ: 146 (*)

[ 379 ]

المسترق قال: كنت قائد ابي بصير في بعض جنائز اصحابنا، فقلت له هو ذا زرارة في الجنازة قال لي: اذهب بي إليه، قال، فذهبت به إليه، قال، فقال له السلام عليك ابا الحسين فرد عليه زرارة السلام، وقال له: لو علمت أن هذا من رأيك لبدأتك به، قال، فقال له أبو بصير: بهذا أمرت. 265 – يوسف: قال: حدثني علي بن أحمد بن بقاح، عن عمه عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد ؟ فقال: اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات فلما خرجت قلت ان لقيته لاسألنه غدا فسألته من الغد عن التشهد، فقال كمثل ذلك قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات، قلت: القاه بعد يوم السألنه غدا فسألته عن التشهد: فقال كمثله، قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلت لا يفلح ابدا. – قوله: ان هذا من رأيك اسم الاشارة والضمير المتصل المجرور للمجئ والتسليم، يعني لو كنت أعلم أن المجئ الي والتسليم علي من رأيك ومن عند نفسك لبدأتك بالتسليم، ولكني ظننت أنك في ذلك مأمور من قبل مولاك عليه السلام، فقال له أبو بصير: نعم الامر كما ظننت فأني قد أمرت بهذا. قوله: يوسف ابن السخت وهو ضعيف. قوله التحيات والصلوات ظن زرارة أن تقريره عليه السلام اياه على التحيات من باب التقية، مخافة أن يروي عنه زرارة أنه ينكر التحيات في التشهد، فقال: لئن لقيته غدا لا سألنه لعله يغتيني بالحق من غير تقية. فلما سأله من الغد وأجابه بمثل ما قد كان أجابه وقرره أيضا على التحيات


[ 380 ]

266 – علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، قال: مررت في الروضة بالمدينة فإذا انسان قد جذبني، فالتفت فإذا انا بزرارة، فقال لى: استأذن لى على صاحبك ؟ قال: فخرجت من المسجد فدخلت على ابي عبد الله عليه السلام فأخبرته الخبر فضرب بيده على لحيته، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تأذن له لا تأذن له، لا تأذن له فان زراره يريدني على القدر على كبر السن، وليس من ديني ولادين آبائي. 267 – محمد بن أحمد: عن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم، عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه فقال: متى عهدك بزرارة ؟ قال، قلت – كما قد كان قرره، حمل زرارة ذلك أيضا على التقية وقال سألقاه بعد اليوم فلا سألنه عن ذلك مرة أخرى، فلعله يترك التقية ويجيبني على دين الامامية، فلما سأله من الغد ثالثا وأجابه عليه السلام وقرره على قوله والتحيات بمثل ما قد أجابه وقرره بالامس والامس، علم أنه ليس يترك التقية مخافة منه. وقال: فلما خرجت ضرطت في لحيته فقلت: لا يفلح أبدا. والضمير عائد إلى من يعمل بذلك ويعتقد صحته، أي في لحية من يعتقد لزوم التحيات في التشهد، كما عند المخالفين من العامة، ويعمل بذلك ويحتسبه من دين الامامية، لا يفلح من يأتي بذلك على اعتقاد أنه من الدين أبدا. قوله: عليه السلام يريدني على القدر اطلاق القدر في هذا الحديث على التفويض والاستطاعة، والقدرية على المفوضة القائلين وبالاستطاعة، بناءا على ما قد كان شاع في زمن مولانا الصادق عليه السلام من اصطلاح العامة على ذلك. واما على التحقيق فالقدرية هم الجبرية الذاهبون إلى القدر، أعني أسناد أفعال العباد إلى قضائه وقدره من غير علية ومدخلية لقدرة العبد وارادته في فعله أصلا، كما قد أدريناك فيما قد سبق غير مرة واحدة.


[ 381 ]

ما رأيته منذ أيام، قال: لاتبال وان مرض فلا تعده وان مات فلا تشهد جنازته قال، قلت زرارة ؟ متعجبا مما قال، قال: نعم زرارة، زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال ان مع الله ثالث ثلاثة. 268 – علي، قال: حدثني يوسف بن السخت عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن ميسر، قال: كناعند أبي عبد الله عليه السلام فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته، قال فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما ذنبي ان الله قد نكس قلب زرارة كما نكست هذا الجارية هذا القمقم. 269 – محمد بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى عن حريز، عن محمد الحلبي، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف قلت لي ليس من ديني ولادين آبائي ؟ قال: انما أعني بذلك قول زرارة واشباهه. – قوله عليه السلام: انما أعني بذلك فيصل القول في زرارة أن الاخبار في مدحه وذمه متعارضه، لكنها جميعا مطابقة على أنه ثقة صحيح الحديث متدين متورع في رواية الحديث، مستقيم على دين الامامية الي حين مماته. وانما الذم في حقه من جهة خطأه في مسألة القضاء والقدر، وقوله بالتفويض والاستطاعة، لشبهة عويصة عوصاء تصعب الفصية عنها، ومن جهة أساءته في الادب بالنسبة إلى الصادق عليه السلام اتكالا على ارتفاع منزلته عندة وشدة اختصاصه به. ثم عمدة التعويل في صحة حديث زرارة عند الاصحاب، انعقاد الاجماع على تصحيح ما يصح عنه والاقرار له بالفقه في آخرين، كما نقله أبو عمرو الكشي وغيره وسيرد عليك في أصل الكتاب فلا تكونن من الممترين.


[ 382 ]

في اخوة زرارة حمران وبكير وعبد الملك وعبد الرحمن بني أعين. 270 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، وحدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا: محمد بن عيسى ابن عبيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، قال: حدثني المشايخ: ان حمران وزرارة وعبد الملك وبكيرا و عبد الرحمن بني أعين كان مستقيمين، ومات منهم أربعة في زمان أبي عبد الله عليه السلام وكانوا من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، وبقي زرارة إلى عهد أبي الحسن فلقي ما لقي. – في اخوة زرارة حمران في ميزان الاعتدال في ترجمة حمران: حمران بن أعين الكوفي، روى عن أبي الطفيل وغيره، وقرأ عليه حمزة، كان يتقن القرآن. قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو داود: رافضي. وفي ترجمة زرارة بن أعين الكوفي أخو حمران: يترفض عن ابن السماك قال: حجبت فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية وقال: ان لي لك حاجة وعظمها فقلت: ماهي ؟ فقال: إذا لقيت جعفر بن محمد فاقرأه مني السلام وسله أن يخبرني أنا من أهل النار أم من اهل الجنة ؟ فأنكرت ذلك عليه فقال لي: انه يعلم ذلك ولم يزل بى حتى اجبته. فلما لقيت جعفر بن محمد اخذته بالذي كان منه فقال: هو من اهل النار، فوقع في نفسي مما قال جعفر فقلت: من أين علمت ذاك ؟ فقال: من ادعى علي هذا فهو من اهل النار. فلما رجعت لقيني زرارة فأخبرته بأنه قال لي انه من اهل النار، فقال: كل لك من جراب النورة قلت: وما جراب النورة ؟ قال: عمل معك بالتقية. ولم يذكر ابن أبي


[ 383 ]

271 – حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن ابن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عن بعض رجاله، قال، قال ربيعة الرأى لابي عبد الله عليه السلام: ما هؤلاء الا خوة الذين يأنونك من العراق ولم أر في أصحابك خيرا منهم ولا أهيأ ؟ قال: أولئك أصحاب أبي، يعني ولد أعين. محمد بن مسلم الطائفي الثقفى 272 – حدثنا محمد بن مسعود، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضال، يقول: كان محمد بن مسلم الثقفى كوفيا وكان أعور طحانا. 273 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال حدثنا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن ابى يعفور، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام انه ليس كل ساعة القاك ولا يمكن القدوم، ويجئ الرجال من اصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه، قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفى، فأنه قد سمع من أبي و كان عنده وجيها. – حاتم في ترجمته سوى ان قال: روى عن أبي جعفر يعني الباقر انتهى كلام الذهبي في ميزان الاعتدال. محمد بن مسلم الطائفي الثقفى ذكر أبو عبد الله الذهبي في مختصره: محمد بن مسلم الطائفي، عن عمر بن دينار وابن ابي يحيى، وعنه ابن مهدي ويحيى بن ابي يحيى، فيه لين وقد وثق له في ” م ” حديث واحد توفى 177. قوله: قال شهد أبو كريب الازدي قال ابن الاثير في جامع الاصول في حرف الكاف: اسم ابي كريب بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالياء الموحدة، محمد بن العلاء الهمداني بسكون الميم وبالدال المهملة.


[ 384 ]

274 – حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن الحسن ابن على بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: شهد أبو كريبة الازدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض، فنظر في وجوههما مليا، ثم – وقال في حرف الميم: محمد بن العلاء هو أبو كريب الهمداني الكوفي، سمع أبا بكر بن عياش وعمر بن عبيد، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما، مات سنة ثمان وأربعين ومأتين. ” كريب ” بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالباء الموحدة. قلت: أبو كريب الهمداني الذي ذكره في جامع الاصول كأنه غير أبي كريبة الازدي المذكور في الكتاب، وربما يزعم أنهما واحد. وفي القاموس: أبو كريب كزبير محمد بن العلاء بن كريب شيخ للبخاري (1) والذهبي في مختصره وصفه بالازدي وحكم عليه بالجهالة، ولعل ذلك من جهة تشيعه. قوله: عند شريك قال في ميزان الاعتدال: شريك بن عبد الله النخعي أبو عبد الله الكوفي القاضي الحافظ الصادق أحد الائمة، وروي عن ابن معين أنه صدوق ثقة، الا أنه يغلط ولا يتقن. وعن القطان أن في أصول شريك تخليطا. وأنه قيل ليحيى بن سعيد: زعموا أن شريكا خلط باخرة فقال: ما زال مخلطا، ثم يطعن فيه بأنه كان يتشيع. قال: وروى أبو داود الرهاوي أنه سمع شريكا يروي ويقول: (علي خير البشر فمن أبي فقد كفر (2) وروى شريك (لكل نبي وصي ووراث وأن علي وصيي ووارثي (3)


1) القاموس: 1 / 123 2) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 7 / 421. 3) رواه ابن المغازلى في المناقب: 201 (*)

[ 385 ]

قال: جعفريان فاطميان ! فبكيا، فقال لهما: ما يبكيكما ؟ قالا له: نسبتنا إلى اقوام لا يرضون بأمثالنا أن يكونوا من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا، ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا ان يكونوا من شيعته، فان تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل، فتبسم شريك، ثم قال: إذا كانت الرجال فلتكن امثالكم، ياوليد اجزهما هذه المرة قال فحججنا فخبرنا ابا عبد الله عليه السلام بالقصة فقال: ما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار. 275 – حدثني حمدويه، قال حدثنا محمد بن عيسي، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، قال: أني لنائم ذات ليلة على السطح إذ طرق الباب طارق فقلت: من هذا ؟ فقال: شريك يرحمك الله، فأشرفت فإذا امرأة فقالت: لي بنت عروس ضربها الطلق، فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجئ فما اصنع ؟ فقلت: يا أمة الله سأل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام عن مثل ذلك، فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، أنا يا أمة الله رجل في ستر، من وجهك إلى ؟ ! – ثم ذكر أن عبد الله بن ادريس قال: والله ان شريكا لشيعي. وروي أن قوما ذكروا معاوية عند شريك فقيل: كان حليما فقال شريك: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا. ثم قال: وقد كان شريك من أوعية العلم حمل عنه اسحاق الازرق تسعة آلاف حديث قال النسائي: ليس به يأس. قوله: ياوليد أجزهما بفتح الهمزة واسكان الزاي بعد الجيم المكسورة، على الامر من الاجازة أي أجز شهادتهما واكتبها مقبولة هذه المرة. أو أخرهما بكسر الخاء المعجمة المشددة واسكان الراء، من التاخير أو أخر قبول شهادتهما هذه المرة حتى ننظر في شأنهما. والصحيح هو الاول.


[ 386 ]

قال، قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال ما عندي فيها شئ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فانه يخبر، فمهما أفتاك به من شئ فعودي الي فاعلمينيه فقلت لها: امضي بسلام فلما كان الغد خرجت إلى المسجد و ابو حنيفة يسأل عنها اصحابه فتنحنحت فقال: اللهم عقرا دعنا نعيش. 276 – حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير البصري، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: ما شجر في رأيي شئ قط الا سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ستة عشر ألف حديث. – قوله: ما شجر في رأيي أي ما وقع اختلاف الرأي في شئ قط الا سألته عليه السلام ومنه في التنزيل الكريم ” حتى يحكموك فيما شجر بينهم ” (1). قال في مجمل اللغة: شجر بين القوم إذا اختلف الامر بينهم، واشتجروا أو تشاجروا تنازعوا وتناظروا. وفي نسخة ما ” شجرني ” أي ما تخالجني أمر، ولم يختلج في صدري رأي في شئ قط الا سألته عنه، وكل والج في شئ فهو مشاجر فيه. قال في المفردات: وشجرة بالرمح أي اوجره (2) الرمح، وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه (3). وفي مجمل اللغة: ان كل متداخلين متشاجران وبذلك سمي المشجر مشجرا وهو المشجب، وتشاجروا بالرمح تطاعنوا. وفي اساس البلاغة: اشتجر وتشاجروا اختلفوا، وبينهم مشاجرة، وشجر ما


1) النساء: 65. 2) وفى المصدر: طعنه بالرمح 3) مفردات الراغب: 256 (*)

[ 387 ]

277 – حدثنا محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن فضال، عن أبي كهمس، قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يشهد محمد بن مسلم الثقفى القصير عند ابن أبي ليلى فيرد شهادته ؟ فقلت: نعم، فقال إذا صرت إلى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى، فقل له اسألك عن ثلاث مسائل تفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا. ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الاوليين من الفريضة، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله، وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فتسقط منه واحدة كيف يصنع، فإذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له يقول لك جعفر بن – بينهم، وشجرته بالرمح طعنته وتشاجروا بالرماح تطاعنوا (1). قوله: عن أبي كهمس قال في جامع الاصول: كهمس بفتح الكاف وسكون الهاء وضم الميم وبالسين المهملة. وأبو كهمس بن عبد الله قال شيخنا أبو العباس النجاشي – رحمة الله – في كتابه هيثم بن عبد الله أبو كهمس كوفي عربي له كتاب، ذكره سعد بن عبد الله في الطبقات (2) وقال الشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال في اصحاب ابي عبد الله الصادق عليه السلام: الهيثم بن عبيد الشيباني أبو كهمس الكوفي أسند عنه (3). وكذلك رئيس المحدثين أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه، قال في جامع الكافي في باب من حفظ القرآن ثم نسيه، عن ابي كهمس الهيثم بن عبيد قال سألت ابا عبد الله عليه السلام (4).


1) أساس البلاغة: 321 2) رجال النجاشي: 340 3) رجال الشيخ: 331 4) اصول الكافي: 2 / 445 (*)

[ 388 ]

محمد ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك واعلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك. قال أبو كهمس: فلما قدمت اتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير إلى منزلي، فقلت له: أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا، قال هات ! قال، قلت ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة ؟ فاطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك الا تقول قال أصحابنا، فقال ما عندي فيها شئ. فقلت له: ما تقول في الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: له هذا شرطي عليك، فقال: ما عندي فيها شئ. فقلت: رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصعنه فيها فطأطأ رأسه ثم رفعه، فقال: قال أصحابنا، فقلت أصلحك الله هذا شرطي عليك، فقال ليس عندي فيها شئ. فقلت: يقول لك جعفر بن محمد ما حملك أن رددت شهادة رجل اعرف منك بأحكام الله وأعرف بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله منك ؟ فقال لي: ومن هو ؟ فقلت: محمد بن مسلم الطائفي القصير، قال، فقال: والله ان جعفر بن محمد قال لك هذا ؟ قال، فقلت والله انه قال لي جعفر هذا، فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عند بتلك الشهادة فاجاز شهادته. 278 – حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه، قال: كان محمد بن مسلم من اهل الكوفة، يدخل على أبي جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر بشر المخبتين، وكان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا فقال أبو جعفر عليه السلام: تواضع، قال: فأخذ قوصرة من تمر فوضعها على باب المسجد وجعل يبيع التمر، فجاء قومه فقالوا: فضحتنا ! فقال: أمرني مولاي بشئ


[ 389 ]

فلا أبرح حتى أبيع هذا القوصرة، فقالوا: أما إذا أبيت الا هذا فاقعد في الطحانين، ثم سلموا إليه رحا، فقعد على بابه وجعل يطحن. قال أبو النصر: سألت عبد الله بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم ؟ فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقال له أبو جعفر عليه السلام: تواضع يا محمد فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة من تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع، وجعل ينادي عليه، فاتاه قومه فقالوا له فضحتنا، فقال ان مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ولن أبرح حتى إفرغ من بيع باقي هذا القوصرة، فقال له قومه: إذا ابيت الا لتشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين ! فهيأ رحى وجملا يطحن، وقيل: انه كان من العباد في زمانه. 279 – حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبه، قال: حدثني الفضل شاذان قال: حدثنا أبي، عن غير واحد من اصحابنا، عن محمد بن حكيم وصاحب له، قال أبو محمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي، قالا: رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان، قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب. قال أحدنا لصاحبه هل لك في خلوة من شريك ؟ فأتيناه فسلمنا عليه، فرد علينا السلام، فقلنا يا ابا عبد الله مسألة ! قال: في أي شئ ؟ فقلنا: في الصلاة، فقال: سلوا عما بدالكم ؟ فقلنا لا نريد ان تقول قال فلان وقال فلان انما نريد ان تسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال عليه السلام أليس في الصلاة ؟ فقلنا بلي، فقال سلوا عما بدالكم. قلنا في كم يجب التقصير، قال: كان ابن مسعود يقول: لا يغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان، قال، قلت: انا استثنينا عليك الا تحدثنا الا عن نبي الله صلى الله عليه وآله قال: والله انه لقبيح لشيخ يسئل عن مسألة في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله لا يكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله قلنا فمسألة أخرى ! فقال أليس في الصلواة ؟ قلنا بلي قال: فسلوا عما بدالكم. قلنا: على من تجب الجمعة ؟ قال: عادت المسألة جذعة ما عندي في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ، قال: فاردنا الانصراف، فقال: انكم لم تسألوا عن هذا الا


[ 390 ]

وعندكم منه علم، قال قلت نعم، أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله، فقال الثقفي الطويل اللحية ؟ فقلنا نعم. قال: أما أنه لقد كان مامونا على الحديث، ولكن كانو يقولون انه خشبي ثم قال ماذا روى ؟ قلنا روى عن النبي صلى الله عليه وآله ان التقصير يجب في بريدين، وإذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا. – قوله صلى الله عليه وآله: فلهم أن يجمعوا أن يجمعوا بالتشديد من باب التفعيل، أي يأتوا بصلاة الجمعة. قال في الصحاح: وجمع القوم تجميعا، اي شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها (1) وفي المغرب: وجمعنا أي شهدنا الجمعة أو الجماعة وقضينا الصلاة فيها. وفى النهاية الاثيرية: وفى حديث الجمعة ” اول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثي ” جمعت بالتشديد اي صليت، ويوم الجمعة سمى به لاجتماع الناس فيه. وفي حديث معاذ ” انه وجد اهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك ” اي يصلون صلاة الجمعة، وانما نهاهم لانهم كانوا يستظلون بفئ الحجر قبل ان تزول الشمس، فنهاهم لتقديمهم في الوقت، وقد تكرر ذكر التجميع في الحديث انتهى كلامه (2). جواثي – بضم الجيم وتخفيف الواو والثاء المثلثة – اسم حصن بالبحرين، والمسجد الجامع المسجد الذي انعقدت فيه صلاة الجمعة. وقال الجوهري: والمسجد الجامع وان شئت قلت مسجد الجامع بالاضافة كقولك الحق اليقين وحق اليقين، بمعنى مسجد اليوم الجامع وحق الشئ اليقين، لان اضافة الشئ إلى نفسه لا تجوز الا على هذا التقدير، وكا ن الفراء يقول: العرب تضيف الشئ إلى نفسه لاختلاف اللفظين (3).


1) الصحاح: 3 / 1200 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 297 3) الصحاح: 3 / 1199 (*)

[ 391 ]

280 – قال محمد بن مسعود، حدثني علي بن محمد، قال: حدثني محمد ابن أحمد عن عبد الله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: اقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله، ثم كان يدخل على جعفر بن محمد يسأله، قال ابن أحمد: فسمعت عبد الرحمن بن الحجاج، وحماد بن عثمان يقولان: ماكان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم. قال، فقال محمد بن مسلم: سمعت من أبي جعفر عليه السلام ثلاثين ألف حديث ثم لقيت جعفرا ابنه فسمعت منه أو قال: سألته عن ستة عشر الف حديث أو قال: مسألة. 281 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثني العمركى بن علي قال: أخبرني محمد بن حبيب الازدي، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن مديح، عن محمد بن مسلم، قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل. فقيل له محمد بن مسلم وجع، فأرسل الي أبو جعفر بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه فانه قد أمرني الا أرجع حتى تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام يقول لك إذا شربت فتعال، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي. – قوله: إذا شربت فتعال بفتح اللام على الامر بالاتيان والمجئ من تعالى يتعالى تعاليا. قال في الصحاح: التعالى الارتفاع، تقول منه إذا أمرت: تعال يارجل بفتح اللام، وللمرأة تعالى، وللمرأتين تعالى، وللنسوة تعالين، ولايجوز ان يقال منه تعاليت والى اي شئ أتعالى (1).


1) الصحاح: 6 / 2437 (*)

[ 392 ]

فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فصوت بي: صح الجسم أدخل أدخل، فدخلت وأنا باك فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد ؟ فقلت جعلت فداك ابكى على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر اليك. فقال لي: أما قلة المقدرة: فكذلك جعل الله اوليائنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ذكرت من الغربة: فلك بأبي عبد الله اسوة بأرض ناء عنا بالفرات. وأما ما ذكرت من بعد الشقة: فان المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله. وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر الينا وأنك لا تقدر على ذلك: فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه. – وكذلك قال في القاموس: التعالى الارتفاع إذا امرت منه قلت تعال بفتح اللام ولها تعالى (1) قوله (عليه السلام): فان المؤمن في هذه الدار غريب يعنى عليه السلام بالمؤمنين العارف المستيقن، فانه يعلم ان جوهر ذاته العاقلة من عالم الامر والفيض، ومستوطن نفسه المجردة في اقليم الحياة والبهجة، فهو لا محالة انما يرى طائر روحه القدسي غريبا في اقفاص هذه الدار البائدة البائرة المضلمة الموحشة، التي هي ناحية الاقذار والاخباث وحاشية الارماس والاجداث، ودارة غسق الطبيعة وكورة ظلمة الهيولي. وقوله عليه السلام ” المنكوس ” اما بالجر على صفة هذا الخلق، والواو العاطفة للعطف على في هذا الدار. أي في هذا الخلق المنكوس غريب ؟ سمي هذا الخلق منكوسا لانصرافهم عن


1) القاموس: 4 / 366 (*)

[ 393 ]

282 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ان امرأتي تقول بقول زرارة ومحمد بن مسلم في الاستطاعة وترى رأيهما ؟ فقال: ما للنساء وللرأي والقول لها، انهما ليسا بشئ في ولاية، قال: فجئت إلى امرأتي فحدثتها، فرجعت عن ذلك القول. – الاستقامة في سمك العالم الاعلى الروحاني إلى الا نتكاس في سجن العالم الا سفل الظلماني. واما بالرفع على الخبر، وتعريفه باللام لافادة الحضر، أو ليكون الحمل حملا أولياء ذاتيا لا حملا شايعا متعارفا، كما هو مفاد تنكير الخبر والعاطف لعطف الجملة على الجملة. اي والمؤمن العارف في هذا الحق وبين ظهر انيهم هو المنكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى دار رحمة الله وطوار بهاء الله وجوار ملائكة الله. فان هذا الدار هاوية التسفل ودارة الانتكاس، فالعارف منتكس متسافل فيها بالضرورة الطبيعية إلى أن يخرج إلى دار الحياة والبهجة ويطأ أرض القرار والاستقامة وان كان في دار البوار قد طار بجناح الموت الارادي في قضاء أوج الحياة الحقيقة. فأما غير العارف من جملة الخلق فحيث أنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم، فهم بنسيان جوهر ذاتهم وموطن قرارهم قد استأنسوا بهذه الدار الباطلة وأهلها المنتكسين المنكوسين بالارادة وبالطبيعة فليعلم. قوله (عليه السلام): انهما ليسا بشئ في ولاية أي انهما في القول بالاستطاعة ليسا على شئ من ديننا، ولافي شئ من ولايتنا.


[ 394 ]

283 – حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي الصباح، قال: سمعت أبا عبد الله صلى الله عليه وآله يقول: يا أبا الصباح هلك المتربسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي، وذكر آخر لم أحفظ. 284 – حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عيسى بن سليمان وعدة، عن مفضل بن عمر، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله محمد بن مسلم كان يقول ان الله لا يعلم الشئ حتى يكون. – قوله (عليه السلام): لعن الله – إلى قوله – حتى يكون تفصيل القول أن هناك شكا معضلا (1) عويضا، هو مزلقة الاقدامن ومدحضة الافهام، وذلك أن العلم بالشئ: اما حصولي انطباعي بوجود المعلوم في ذهن العالم وجودا ظليا، وتمثل صورته فيه تمثلا ارتساميا. واما حضوري انكشافي بحضور جوهر ذات المعلوم بوجوده الاصيل العيني عند العالم منكشفا عليه غير عازب عنه. واذ قد استبان بالبرهان أن الله سبحانه بنفس حقيقته الحقة القيومية عين الوجود الحق الاصيل المتأصل المتأكد العيني، فهو بعلو كبريائه متأبه ومتنزه عن الظلية والتمثل مطلقا، فلا له وجود ظلي تمثلي في ذهن مامن الاذهان، ولا لشئ من الاشياء فيه جود ذهني وتقرر ظلي انطباعي أصلا، بل أن له التأصل الحق والحقية المحضة من كل جهة. فاذن علمه بكل شئ يجب أن يكون علما حقا حضوريا بحضوره بجوهر ذاته عنده منكشفا متكشفا، ظاهرا غير عازب ولا متستر ولا محتجب أبدا، فعلمه تعالى بالاشياء قبل وجودها وتقررها في الاعيان مما تكل عن بيانه ألسنة العقول والاذهان، وتحار في سبيله أبصار الاحلام والبصائر.


1) في ” س ” مفصلا (*).

[ 395 ]

[… ] فمحمد بن مسلم كأنه قد اعتراه هذا الشك، ولم يجد عنه مخرجا ومحيصا فوقع فيما وقع. ونحن قد يسرنا الله بفضله العظيم لتحقيق المعضلات وتبيين المهمات، حققنا في كتاب التقديسات، وفي كتاب تقويم الايمان، وكتاب قبسات حق اليقين، وفي شرح كتاب التوحيد من كتاب الكافي (1): أن الجاعل التام الذي من كنه ذاته ينبعث وينبجس جوهر ذات المجعول، فان ظهوركنه ذاته وحضور سنخ حقيقة أقوي في افادة انكشاف المجعول، وظهوره من حضور عين هويته ووجود جوهر ذاته. فالله سبحان حيث أنه بنفس ذاته الاحدية هو المبدع الصانع الجاعل التام لنظام الكل، من الصادر الاول إلى أقصى نظام الوجود على الترتيب السبي و المسببي، النازل منه والعائد إليه جل سلطانه طولا وعرضا. وهو ظاهر بذاته لذاته أتم الظهور، وعالم بذاته ولوازم ذاته من نفس ذاته على أكمل الوجوه، وهو تعالى مجده ينال الكل من نفس ذاته ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، من غير أن يكون لوجود الاشياء مدخلية ما في تصحيح ظهورها لديه وانكشافها عليه أصلا. فعلمه التام سبحانه بكل شئ قبل وجود الاشياء ومع وجودها على سبيل واحد ليس يزداد بوجود الاشياء علما ولا يستفيد من كونها خبرا، فهذا سبيل الحق وسنن البرهان. واذ كان المختلفون إلى مولانا الصادق عليه السلام ينسبون إلى محمد بن مسلم أنه يقول: ان الله عزوجل انما يعلم الشئ حين هو كائن لاقبل ان يكون، فهو عليه السلام قال: لعن الله


1) وهو كتاب ” التعليقة على الكافي ! المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتصحيحنا و تعاليقنا عليه (*).

[ 396 ]

في أبي بصير ليث بن البخترى المرادي من كان يقول: انه سبحانه لا يعلم الشئ الا حين كونه، لاقبل كون الاشياء رأسا فليعرف. في أبي بصير ليث بن البخترى المرادي ليث بن البختري المرادي الضرير هو أبو بصير الاصغر، وكان يكنى أيضا أبو محمد. وشيخنا المعول عليه في معرفة أحوال الرجال أبو العباس النجاشي – رحمه الله تعالى لم يوثقه ولازاد في ترجمته على أن قال: ليث بن البختري المرادي أبو محمد وقيل: أبو بصير الاصغر، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، له كتاب يرويه جماعة منهم أبو جميلة المفضل بن صالح (1). وانما وثق أبا بصير الاسدي يحيى بن القاسم وقيل: يحيى بن أبي القاسم المكفوف. قال في ترجمته: يحيى بن القاسم أبو بصير الاسدي وقيل: أبو محمد ثقة وجيه، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقيل: يحيى بن أبي القاسم، واسم أبي القاسم اسحاق، وروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، له كتاب يوم وليلة – وذكر طريقه إليه – ثم قال: ومات أبو بصير سنة خمسين ومائة (2). والشيخ – رحمه الله تعالى أيضا لم يوثقه ولا ذكر له مدحا في الفهرست و لافي كتاب الرجال، بل اقتصر على مجرد ذكره في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام. وقال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام: الليث بن البختري المرادي أبو يحيى ويكني أبا بصير، وأسند عنه (3).


1) رجال النجاشي: 245. 2) رجال النجاشي: 344 وفيه سنة خمس ومائة وهو غلط. 3) رجال الشيخ: 278 (*).

[ 397 ]

285 – روى عن ابن أبي يعفور، قال: خرجت إلى السواد أطلب دراهم لنحج – وقال أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري رحمه الله تعالى وكان أبو عبد الله عليه السلام يتضجر به ويتبرم، وأصحابه يختلفون في شأنه، ثم قال: و عندي أن اللعن انما وقع على دينه لاعلى حديثه، وهو عندي ثقة (1). وسيذكر أبو عمرو الكشي – رحمه الله تعالى في الكتاب أن الذي هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم قيل: هو أبو بصير المرادي ليث بن البختري الضرير، وقيل: أنه أبو بصير الاسدي يحيى بن القاسم المولود مكفوفا (2). ثم ان الحسن بن داود في باب الكني من كتابه قال: ان أبا بصير مشترك بين أربعة: المرادي ليث بن البختري وهو ثقة عظيم الشأن. والاسدي المكفوف يحيى ابن أبي القاسم. ويوسف بن الحارث البتري. وعبد الله بن محمد الاسدي (3). فشاع من ذلك عند المتأخرين الا حدثين أن الثقة من هؤلاء الاربعة انما هو أبو بصير المرادي، وأما أبو بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم فحديثه ضعيف. وهذا وهم ليس له أصل. بل الحق أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ثقة ثبت صحيح الحديث، كما سيظهر عليك من ذي قبل حق الظهور، نعم علي بن أبي حمزة البطائني الذي يروي عنه أكثر يا واقفي ضعيف فليعلم. قوله: خرجت إلى السواد أي إلى سواد العراق. قال في المغرب: وسمي سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه، حده طولا من حديثه الموصل إلى عبادان، وعرضا من العذيب


1) راجع جامع الرواة: 3 / 34. 2) رجال الكشي: 238 ط جامعة مشهد. 3) رجال ابن داود: 392 – 393 (*).

[ 398 ]

ونحن جماعة وفينا أبو بصير المرادي، قال: قلت له يا أبا بصير اتق الله وحج بمالك فأنك ذومال كثير فقال: اسكت فلو ان الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه. 286 – حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بشر المخبتين بالجنة بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست. 287 – حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن محمد بن إلى حلوان، وهو الذي فتح على عهد عمر، وهو أطول من العراق بخمسة و ثلاثين فرسخا. قوله: اسكت فلو أن الدنيا يعني اسكت فان المال الكثير من مكتسب حلال لا بأس به ولا مطعن فيه، فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك من طريق الدين لاشتمل عليها بكسائه. والسيد جمال الدين بن طاوس في اختياره قال في الجواب عنه: ان الطريق إلى ابن يعفور غير متصل فلا عبرة بالحديث، ثم من صاحبك المشار إليه في الحديث. قلت: وفي جوابه من الوهن ما لا يخفى عنه. قوله: لو لا هؤلاء انقطعت روى الشيخ – رحمه الله – في الصحيح عن محمد بن مسلم قال: صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال وهو ساجد، وقد ضاعت ناقة لهم: اللهم رد على فلان ناقته، قال محمد: فدخلت على أبي عبد الله فأخبرته فقال: وفعل ؟ فقلت: نعم قال: فسكت، قلت أفأعيد الصلاة ؟ قال: لا. والظاهر أن أبا بصير الذي صلى بهم هو ليث المرادي.


[ 399 ]

عبد الله المسعمي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن سرحان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أني لاحدث الرجل الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله وأنهاه عن القياس، فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله، اني امرت قوما أن يتكلموا، ونهيت قوما فكل تأول لنفسه يريد المعصية لله ولرسوله، فلو سمعوا وأطاعوا لاودعتهم ما أودع أبي أصحابه، أن أصحاب أبي كانوا زينا أحياءا وأمواتا، أعني زرارة ومحمد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي، وهؤلاء القوامون بالقسط، وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون. 288 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن أبي الحسن المكفوف، عن رجل، عن بكير، قال: لقيت أبا بصير المرادي قلت: أين تريد ؟ قال: أريد مولاك قلت: أن أتبعك، فمضى معي فدخلنا عليه، وأحد النظر إليه وقال: هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب ؟ ! قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال: أستغفر الله ولا أعود. وروى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير. – قوله: وأحد النظر إليه أحد – بفتح الهمزة وتشديد الدال – من الحداد بمعنى التحديد والتحديق: كأنه نظر إليه وهو غضبان فهذا الحديث فيه مطعن ما في أبي بصير المرادي، ولكنه ليس يوجب القدح فيه، فلعله يومئذ لم يكن يعلم أن مشهد المعصوم في الحياة وبعد الوفاة حكمه حكم المسجد. والسيد بن طاوس أجاب عنه في اختياره بأن في الطريق ضعفا، ثم أنه ما قال من المدخول عليه. قلت: وهذا الجواب وكيك سخيف كما ترى، والحق ما قلناه فلا تكن من المتكلفين.


[ 400 ]

289 – محمد بن مسعود، قال: حدثني أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، وعبد الله بن محمد الاسدي، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله السلام فقال لي: حضرت علباء عند موته ؟ قال: قلت نعم، واخبرني أنك ضمنت له الجنة وسألني أن اذكرك ذلك قال: صدق. قال فبكيت ثم قلت: جعلت فداك فمالي ألست كبير السن الضعيف الضرير البصير المنقطع اليكم ؟ فاضمنها لي، قال: قد فعلت، قال: اضمنها على آبائك وسميتهم واحدا واحدا، قال قد فعلت، قلت: فاضمنها لي على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قد فعلت، قال: قلت فاضمنها لي على الله تعالى، قال: فأطرق ثم قال: قد فعلت. 290 – السحين بن أشكيب، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وابي العباس، قال: بينا نحن عن أبي عبد الله إذ دخل أبو بصير فقال أبو عبد الله عليه السلام: الحمدالله الذي لم يقدم أحد يشكو أصحابنا العام، قال هشام: فظننت انه يعرض بأبي بصير. 291 – حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسأله قال عليك بالاسدي، يعني أبا بصير. – قوله: فظننت أنه يعرض يعرض بالتشديد على صيغة المضارع المعلوم من التعريض. قوله: يعني أبا بصير كلام شعيب العقرقوفي، وهو ابن اخت أبي بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، ثقة عين ممدوح جليل المنزلة، من أصحاب أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن الكاظم عليهما السلام فهذا الحديث واضح المتن صحيح الطريق اتفاقا. وقد اعترف بذلك السيد المكرم جمال الدين بن طاوس في اختياره.


[ 401 ]

292 – حمدان، قال حدثنا معاوية، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة تزوجت ولها زوج فظهر عليها ؟ قال: ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط لانه لم يسأل. قال شعيب: فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج قال: ترجم المرأة ولا شئ على الرجل، فلقيت أبا بصير فقلت له: اني سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة التي تزوجت ولها زوج، قال: ترجم المرأة ولا شئ على الرجل، قال: فمسح على صدره وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد. – وهو أول النصوص على جلالة أبي بصير الاسدي المكفوف في الثقة والفقه والعلم وصحة الحديث وارتفاع المرتبة. وبالجملة قول رهط من المتأخرين في رميه بالضعف والوقف مما لا يأخذ له أصلا، وهو المرادي كلاهما ثقتان صحيحا الحديث، وسيجئ في الكتاب نقل الاجماع على تصحيح ما يصح عنهما والاقرار لهما بالفقه. بل الحق أن الاسدي أحق باستصحاح حديثه من المرادي، لشهادة النجاشي له بانه ثقة وجيه. وعدم توثيقه للمرادي، ولسلامته عن الذم في الروايات والاخبار فلا تكن من الغافلين. قوله: من شعيب القرقوفى عن أبي بصير أي المرادي كما يصرح به في الحديث الاتي. قوله: فظهر عليها أي فعلت زوجها عليها أثبت عند الحاكم زوجتها له. قوله: فمسح على صدره انما مسح على صدره عند قوله: هذا، لان الصدر موضع العلم. قوله: تناهي حكمه بعد اما بكسر الحاء المهملة واسكان اللام بمعنى العلم، أو بضم الحاء وتسكين


[ 402 ]

293 – علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم ؟ قال: ترجم المرأة وليس على الرجل شئ إذا لم يعلم، فذكرت ذلك لابي بصير المرادي، قال: قال لي والله جعفر ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، وقال بيده على صدره يحكها: اظن صاحبنا ما تكامل علمه. 394 – علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان – الكاف بمعنى كمال العلم والحكمة كما في ” رب هب لي حكما ” (1). وحيث أن هذا الحديث كان في زمان الصادق عليه السلام وأبو الحسن عليه السلام، لم يكن يومئذ اماما، وعلم الامام انما يتكامل فيضانه من المبدء الفياض على قلبه حين ما تصل نوبة الامامة إليه. فمعنى كلام أبي بصير: ان صاحبنا أبا الحسن عليه السلام إذ ليس هو الامام اليوم لم يتناه علمه ولم يبلغ نهاية الكمال واتما م بعده، بل انما يبلغ النهاية عندما تنتقل إليه الامامة. ويرد عليه أن الامر وان كان كذلك الا أن ملكة العصمة عاصمة للنفس باذن الله تعالى عن الوقوع في الخطأ. فالحق أن يقال: ان قول أبي الحسن عليه السلام فيما إذا كان الرجل المتزوج بها لم يعلم رأسا أن لها زوجا، وقول ابي عبد الله عليه السلام فيما إذا كان يعلم ذلك ثم عقد عليها ونكحها من غير أن يثبت عند الحاكم موت زوجها ببينة شرعية، فالقولان غير متدافعين. والسيد بن طاوس في الجواب عن الحديث تجشم القدح في الطريق لمطالبه (2) باتصال السند واعتباره، وفيه مالا يخفى على الممارس المتمهر.


1) سورة الشعراء: 83 2) وفي ” م ” بالمطالبة (*)

[ 403 ]

قال: خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر إلى الحيرة أو الى بعض المواضع فتذاكرنا الدنيا، فقال أبو بصير المرادي: أما أن صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها، قال: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لا طرده، فقال لي ابن أبي يعفو ر: دعه قال: فجاء حتى شغر في أذنه. – قوله: إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع قال في المغرب: الحيرة بالكسر مدينة كان يسكنها النعمان بن المنذر وهي على رأس ميل من الكوفة. وفي القاموس: ان الحيرة بالكسر كربلا أو موضع بها (1). وفي النهاية الاثيرية: الحيرة بكسر الحاء البلد القديم بظهر الكوفة (2). قوله: لو ظفر بها لاستأثر بها الكلام فيه نظير ما سبق في ” لاشتمل عليها بكسائه ” وقال السيد بن طاوس: مقتضاه أن الصادق عليه السلام لو ظفر بالخلافة لاستاثر بها وان لم يصرح بالصادق عليه السلام لكن الظاهر هذا. ثم قال: أقول ان هذا حديث حسن السند، وانما القول في متنه حسب ما أسلفت. قلت: سنده صحيح ومحمد بن أحمد بن الوليد، هو محمد بن الوليد البجلي أبو جعفر الكوفي الحداد الثقة النقي الحديث، وقد أسلفنا تحقق حاله في الحواشي. قوله: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه غفى غفوا نام أو نعس، وكذلك أغفى اغفاءا. وشغر الكلب يشغر بالفتح فيها من باب منع رفع رجله فبال.


1) القاموس: 2 / 16 وفيه وحيران 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 467 (*)

[ 404 ]

295 – حمدويه وابراهيم قال: حدثنا العبيدي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن مختار، عن أبي بصير، قال: كنت أقرئ امرأة كنت أعلمها القرآن، قال: فمازحتها بشئ، قال فقدمت على أبي جعفر عليه السلام، قال، فقال لي: يا ابا بصير اي شئ قلت للمرأة ؟ قال: قلت بيدي هكذا، وغطا وجهه، قال، فقال لي: لاتعودن إليها. 296 – محمد بن مسعود، قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبي بصير فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم، فقال: أبو بصير كان يكني أبا محمد وكان – وفي القاموس: رفع احدى رجليه ليبول بال أو لم يبل (1) قوله: فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم قلت: وقيل: اسم أبيه القاسم، وأما يحيى بن القاسم الازدي الحذاء فهو رجل آخر غير أبي بصير الازدي المكفوف يحيى بن القاسم، وهو أيضا من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام. وقيل فيه: انه كان واقفيا. والشيخ ذكر هما كليهما في كتاب الرجال (2) وليا من غير فصل، وكذلك السيد المكرم جمال الدين احمد بن طاوس في كتابه واختياره. وأبو عمر والكشي روى عن حمدويه أنه ذكر عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه روى عن أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم المكفوف عن الصادق عليه السلام. وروي الكشى أيضا في حديث آخر أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجع عن الوقف، وأوردهما السيد بن طاوس في اختياره. ثم ان رهطا من المتأخرين توهم اتحاد الرجلين، كأنهم عن ذلك كله من الذاهلين، فبناءا على وهمهم الكاذب هذا زعموا أنه قد قيل أبي بصير الاسدي


1) القاموس: 2 / 60 2) رجال الشيخ: ص 364 (*)

[ 405 ]

مولى لبني أسد وكان مكفوفا، فسألته هل يتهم بالغلو ؟ فقال: أما الغلو: فلا لم يتهم، ولكن كان مخلطا. المكفوف أنه واقفي، وان هوالا زور واختلاق، ولذلك لم يورد أبو الحسن أحمد ابن الغضائري فيه طعنا وغميزه فليعلم. قوله: وسألته هل يتهم بالغلو ؟ فقال: اما الغلو فلا قلت: كما من الاختلاق اتهامه بالغلو فكذلك من التكاذيب نسبته إلى الواقفة أليس قد قال النجاشي: أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف مات سنة خمسين ومائه (1) ؟ وكذلك الشيخ في كتاب الرجال قال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام يحيى بن القاسم أبو محمد يعرف بأبي بصير الاسدي مولاهم كوفي تابعي مات سنة خمسين ومائه بعد أبي عبد الله عليه السلام (2) ؟ وقال في الفهرست يحيى بن القاسم يكنى أبا بصير، له كتاب مناسك الحج، رواه علي بن أبي حمزة، والحسين بن أبي العلاء عنه (3) ومات سنة خمسين ومائة ومولانا أبو عبد الله الصادق عليه السلام قبض بالمدينة في شوال، وقيل: في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة. وقبض مولانا أبو الحسن الكاظم عليه السلام مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وقيل: لخمس خلون من رجب سنة احدى وثمانين ومائة. فيكون أبو بصير يحيى بن أبي القاسم قد توفى بعد الصادق عليه السلام لسنتين وقبل الكاظم عليه السلام بثلاث وثلاثين سنة أو احدى وثلاثين سنة


1) رجال النجاشي: 344 2) رجال الشيخ: 333 3) الفهرست: 207 (*)

[ 406 ]

والواقفة هم الذين بعد الكاظم عليه السلام ذهبوا إلى الوقف عليه وقالوا: انه حي لم يمت وأنه الامام القائم، ولم يقولوا بامامة مولانا الرضا علي بن موسى عليه السلام. فاذن الطعن في أبي بصير بالوقف من باب الجهل بأحوال الرجال، ونسبة ذلك إلى الشيخ في كتاب الرجال في باب أصحاب أبي عبد الله، أو في باب أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام أيضا اختلاق وافتراء عليه، وما وقع الينا من نسخ كتاب الرجال غير موجود في شئ منه ما يدل عليه أصلا. وأقول: لعل منشأ التباس الامر على القاصرين، أن يحيى بن القاسم أبا بصير الاسدي، ويحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجلان ذكرهما الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام، ولاءا، وكذلك السيد بن طاوس في كتابه وفي اختياره، وقد قيل في يحيى بن القاسم الحذاء الازدي: أنه واقفى، أنهما واحد فنسب إلى أبي بصير الاسدي أنه مرمي بالوقف. فأما ما رواه أبو عمرو الكشي في الكتاب عن حمدويه عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: ان جائكم من يخبركم أن ابني هذا – يعنى به أبا الحسن موسى عليه السلام – مات ولبن وقبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدقوا. ففيه أولا أن في الطريق الحسن أو الحسين بن قياما وهو واقفي عنيد ملعون لا يعبأ بروايته. وثانيا إن معنى كلام الصادق عليه السلام على تقدير صحة الرواية: ان من جائكم يخبركم أن ابني موسى مات في زمني كما مات ابني اسماعيل فلا تصدقوه، فانه امام الخلق بعدي. وليس المراد أنه الامام المهدي القائم المعهود بعدي. وبالجملة جلالة أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم مما ليس يخفى على متمهر


[ 407 ]

297 – محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد الناب، قال: جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله عليه السلام ليطلب الاذن، فلم يؤذن له، فقال: لو كان معنا طبق لاذن، قال: فجاء كلب فشغر في وجه أبي بصير، قال: أف أف ماهذا ؟ قال جليسه. هذا كلب شغر في وجهك. – في علم الرجال، وكفاه ما رواه الكشي عن حمدويه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفي قال قلت: لابي عبد الله عليه السلام ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسئل ؟ قال: عليك بالاسدي يعني أبا بصير. وروايات ضمان الصادق عليه السلام له، فلا تكونن من الممترين. قوله: لو كان معنا طبق لاذن في القاموس: الطبق محركة غطاء كل شئ والذي يؤكل عليه، ومن الناس والجراد الكثير، أو الجماعة كالطبق بالكسر ومنه ” لتركبن طبقا عن طبق ” (1). وفي مفردات الراغب: ذلك اشارة إلى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى. وقيل: لكل جماعة متطابقة في أمر طبق (2)، وقيل: الناس طبقات (3). وفي الصحاح: الطبق واحد الاطباق، ويقال: أتانا طبق من الناس وطبق من الجراد، أي جماعة وطبقات الناس منازلهم في مراتبهم (4). وفي مجمل اللغة: الطبق الحال. قال ابن الاثير: وقيل: الطبق المنزلة والطبقات المنازل والمراتب (5)


1) القاموس: 3 / 255 والاية سورة الانشقاق: 19. 2) وفى المصدر: لكل جماعة متطابقة هم في ام طبق. 3) مفردات الراغب: 301 4) الصحاح: 4 / 1512 5) نهاية ابن الاثير: 3 / 114 (*)

[ 408 ]

298 – محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام قلت: تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمه والا برص ؟ فقال لي: باذن الله. – ويوم مطبق إذا أطبق الغيم السماء وطبقها وغطاها، والطبق أيضا ما توضع عليه الفواكه ونحوها. وكلام أبي بصير يحتمل الحمل على أكثر هذه المعاني، فمعناه لو كان معنا جماعة لاذن لنا، أولو كان معنا حال أو منزلة لاذن لنا، أولو كان معنا من يكون مغطى على أمره متهما في دينه لاذن لنا من باب التقية والخوف. وأما أنا فحيث أني رجل ضرير مسكين غير مطبق بضم الشك في ديني فلم يؤذن لي. فهذا فيه حزازة من سوء الادب غير مفضية إلى الخروج عن سبيل الدين. فأما إذا أريد به لو كان معنا طبق موضوع عليه شئ من الهدايا لاذن لنا، فهو كما قال السيد بن طاوس في اختياره: ما أبعد هذا من الحق والحجة (1) من القول، أين مناسبة هذا القول لعلو مكان مولانا الصادق عليه السلام وجلالد قدره، نعوذ بالله من اتباع الهوى والوقوع في الفتنة ونستعين. قوله: عن مثنى الحناط الذي يظهر من الكتاب في هذا الموضع ومما قد سبق في ترجمة زرارة أن أبا بصير هذا هو الليث المرادي الضرير: والمشهور أنه الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، وعندي أن القصة وقعت لهما كليهما. وقال علي بن أحمد العقيقي: يحيى بن القاسم الاسدي مولاهم ولد مكفوفا،


1) وفي نسخة ” م ” وأسمجه من القول (*).

[ 409 ]

ثم قال اذن مني فمسح على وجهي وعلى عيني، فأبصرت السماء والارض والبيوت، فقال لي: أتحب أن تكون كذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أم تعود كما كنت ولك الجنة الخالص ؟ قلت: أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت. في أبي بصير عبد الله بن محمد الاسدي 299 – طاهرين بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن أحمد الشجاعي، عن محمد ابن الحسين، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن عبد الله بن وضاح، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة في القرآن ؟ فغضب وقال: انا رجل تحضرني قريش وغيرهم وانما تسألني عن القرآن، فلم أزل أطلب إليه وأتضرع حتى رضي، وكان عنده رجل من اهل المدينة مقبل عليه. فقعدت عند باب البيت على بثي وحزني، اذ دخل بشير الدهان فسلم وجلس عندي، وقال لي سله عن الامام بعده ؟ فقلت: لو رأيتني مما قد خرجت من هيئة لم تقل لي سله، فقطع أبو عبد الله عليه السلام حديثه مع الرجل، ثم أقبل فقال: يا أبا محمد ليس لكم أن تدخلوا علينا في أمرنا وانما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا إذا أمرتم. في عبد الملك بن أعين أبى الضريس 300 – حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن أبي نصر، عن رأى الدنيا مرتين، مسح أبو عبد الله عليه السلام على عينيه وقال: انظر ما ترى ؟ فقال: أرى كوة في البيت وقد أرانيها أبوك من قبلك. في عبد الملك بن أعين أبى الضريس أبو الضريس بضم الضاد المعجمة على التصغير. قال في القاموس. كزبير علم (1).


1) القاموس: 2 / 225 (*)

[ 410 ]

الحسن بن موسى، عن زرارة، قال: قدم أبو عبد الله مكة، فسأل عن عبد الملك ابن أعين ؟ فقال: مات ؟ قيل نعم فقال: لا ولكن صلى هيهنا، ورفع يديه ودعا له واجتهد في الدعاء وترحم عليه. – والصدوق أبو جعفر بن بابويه – رضوان الله تعالى عليه في مسنده كتاب من لا يحضره الفقيه في ذكر أسناده عن عبد الملك بن أعين قال: وكنيته أبو ضريس وزار الصادق عليه السلام قبره بالمدينة مع أصحابه (1). وذلك أدل دليل على علو مرتبته وارتفاع منزلته فليعرف. قوله: قال قدم أبو عبد الله مكة قلت: الظاهر أن لفظة ” من ” سقطت هاهنا من قلم الناسخ، فان عبد الملك بن أعين مات بالمدينة وقبره هناك وأبو عبد الله عليه السلام لما قدم من مكة زار قبره بالمدينة مع أصحابه، كما قد نقلناه عن الصدوق في مسندة الفقيه فليعلم. قوله: فقال لا، ولكن صلى هاهنا ولكن صلى اما أنه تتمة كلام الامام عليه السلام، ورفع يده أول كلام زرارة، وصلى بمعنى تلا السابق في السابقة: وهو مأخوذ من الصلا بالفتح والقصر أي الظهر من الانسان. أو من كل ذي أربع، أو ما انحدر من الوركين، أو ماعن يمين الذئب وشماله، وهما صلوان، والمصلي تالي السابق مطلقا. أو في الفرس على الحقيقة، وفي الانسان على الاستعارة، يقال: صلى الفرس المصلى، وهو الذي يتلو السابق، لان رأسه عند صلا الفرس الاول. يعني عليه السلام أن عبد الملك بن أعين لم يمت، بل هو من الاحياء المرزوقين الفرحين عند ربهم رزقا قدسيا روحانيا، وفرحا أبديا عقلانيا، ولكنه بموته الظاهري


1) من لا يحضره الفقيه: 4 / 97 (*)

[ 411 ]

301 – علي بن الحسن، قال: حدثني علي بن أسباط، عن علي بن الحسن بن عبد الملك بن أعين، عن ابن بكير، عن زرارة، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام بعد موت عبد الملك بن أعين: اللهم ان أبا الضريس كنا عنده خيرتك من خلقك، فصيره في ثقل محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة، ثم قال أبو عبد الله: أما رأيته يعني في النوم ؟ فتذكرت فقلت: لا، فقال: سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد. – الجسداني هاهنا. وفي نسخ عديدة ” ماهنا ” بالميم مكان الهاء، أي في النشأة البائدة البائرة صلى، أي تلا من سبقه في السباق إلى الحياة الحقيقية العقلية والبهجة الحقة الالهية. وفي بعض النسخ ” صلى هنئة هنا ” أي تلا السابق في السباق هنا شيئا يسيرا، واما أنه أول كلام زرارة وصلى هاهنا أي أتى هاهنا بالصلاة. والمعني أنه عليه السلام قال بلسانه لا: أي لم يمت عبد الملك ولكنه عليه السلام صلى في هذا الموضع ورفع يده بعد الصلاة ودعا لعبد الملك واجتهد في الدعاء له، وترحم عليه كما يترحم على الميت ويدعا له، فعلم من فعله عليه السلام أنه انما عني بقوله لانفي الموت الحقيقي واثبات الحياة الابدية الحقيقية، ولم يعن به نفي الموت الظاهر الجسماني، فليفقه. قوله عليه السلام: فصيره في ثقل محمد صلواتك عليه ثقل الرجل – بالتحريك – حشمه أي قرابته وعياله ومن يغضب له ويذب عنه، إذا أصابه أمر ونزلت به ملمة، وثقل المسافر متاعه وأهل حزانته. يعنى عليه السلام: ان أبا ضريس كان يعتقد أنا خيرتك من خلقك، فاجعله من حشم محمد صلى الله عليه وآله وأهل حزانته صلواتك عليه وآله، وصيره يوم القيامة في زمرتهم ومن جملتهم (1).


1) وفى ” ن ” جماعتهم (*).

[ 412 ]

302 – حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي ابن عطيه قال قال أبو عبد الله عليه السلام لعبد الملك بن أعين: كيف سميت ابنك ضريسا ؟ فقال: كيف سماك أبوك جعفرا ؟ قال: ان جعفرا نهر في الجنة وضريس اسم شيطان. في حمران بن أعين 303 – حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن الحكم، عن حجربن زايدة عن حمران بن أعين، قال قلت لا بي جعفر عليه السلام اني أعطيت الله عهدا، لااخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسئلك، قال، فقال لي: سل قال، قلت: أمن شيعتكم أنا ؟ قال: نعم في الدنيا والاخرة. 304 – محمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن زياد القندي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حمران: انه رجل من أهل الجنة. محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، قال: روى عن ابن أبي عمير، عن عدة من اصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، كان يقول: حمران بن أعين مؤمن لا يرتد والله أبدا. 305 – محمد بن مسعود، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال، قال: حدثني العباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة، قال قال حمران بن أعين: ان الحكم بن عيينه، – ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة: أما رأيته ؟ يعني أبا ضريس في النوم، قال زرارة فتذكرت من حالي فقلت: لا فقال عليه السلام: سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد ؟ ! وهو تعريض لزرارة. في حمران بن أعين قوله: أن الحكم بن عيينه الدائر على الالسن في المشهور مطابقا لما في المغرب والقاموس وغير هما من


[ 413 ]

يروي عن علي بن الحسين عليه السلام أن علم علي عليه السلام في أية مسأله فلا يخبرنا. قال حمران: سألت أبا جعفر عليه السلام ؟ فقال: ان علينا عليه السلام كان بمنزلة صاحب سليمان وصاحب موسى ولم يكن نبيا ولا رسولا، ثم قال: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث، قال فعجب أبو جعفر. – كتب اللغة ” عيينة ” بيائين مثناتين من تحت بعد العين المهملة المضمومة ثم النون. وقال العلامة – رحمه الله تعالى – في الايضاح والخلاصة (1) وطابقه الحسن ابن داود في كتابه (2): ” الحكم بن عتيبة ” بالتاء المنقطة فوقها نقطتين بعد العين والياء المنقطة تحتها نقطتين والباء المنقة تحتها نقطة، وكذلك ضبطه بعض علماء العامة أيضا. قوله: يروى عن على بن الحسين عليهم السلام يعني قال حمران بن أعين: ان الحكم كان يروي عن علي بن الحسين عليهما السلام أن علم علي عليه السلام في أية مرتبة ومنزلة يصح أن يسأل عنها ويستخبر عن درجتها، ولكن كان لا يخبرنا بذلك. فسألت أبا جعفر عليه السلام عن حقيقة الامر، فقال عليه السلام: ان عليا عليه السلام لم يكن رسولا ولانبيا بل كان محدثا، منزلته في هذه الامة في العلم المنزل على قلبه باذن الله سبحانه منزلة آصف بن برخيا صاحب سليمان، وخضر صاحب موسى عليهما السلام في الامم السابقة، وان كان علي عليه السلام منزلته أعلى من منزلتهما وأعظم، ثم قال عليه السلام في تأويل ما في التنزيل الكريم ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث الاية ” (3). ثم قال حمران: واذ ذكرت ذلك لابي جعفر عليه السلام تعجب أبو جعفر عليه السلام من أمر الحكم بن عيينة.


1) الخلاصة: 218 2) رجال ابن داود: 449 3) سورة الحج: 52 (*)

[ 414 ]

306 – محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن الحارث، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان حمران كان يقول نمد الحبل، من جاوزه من علوي وغيره برئنا منه. 307 – حدثني محمد بن الحسن البرناني، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد ابن يزداد، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن العلاء بن رزين القلا، عن ابي خالد الاخرس، قال قال حمران بن أعين، لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أني حلفت ألا أبرح المدينة حتى أعلم ما أنا، قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: فتريد ماذا يا حمران ؟ قال: تخبرني ما أنا ؟ قال: أنت لنا شيعة في الدنيا والاخرة. 308 – حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير عن ابن أذينه، عن زرارة، قال: قدمت المدينة وأنا شاب أمرد، فدخلت سرادقا لابي جعفر عليه السلام بمعنى، فرأيت قوما جلوسا في الفسطاط وصدر المجلس ليس فيه أحد ورأيت رجلا جالسا ناحية يحتجم، فعرفت برأيي أنه أبو جعفر عليه السلام فقصدت نحوه فسلمت عليه، فرد السلام على، فجلست بين يديه والحجام خلفه. فقال: امن بني أعين أنت ؟ فقلت، نعم أنا زرارة بن أعين، فقال: انما عرفتك بالشبه، احج حمران ؟ قلت: لا وهو يقرئك السلام، فقال: انه من المؤمنين حقا لا – ويحتمل أن يكون أبو جعفر كنية للحكم أيضا، وان كان يكنى أبا محمد فيكون المعنى: ان ذكرت قول أبي جعفر عليه السلام للحكم فعجب منه، والله سبحانه أعلم. قوله: نمد الحبل من جاوزه يعني نحن نمد حبل الدين الحنيف القويم والصراط السوي المستقيم، من لدن رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب، ثم الائمة الاوصياء الطاهرين من ولده إلى الامام الثاني عشر المهدي القائم الموعود، فمن جاوز هذا الحبل علويا كان أو غير علوي تبرأنا منه.


[ 415 ]

يرجع أبدا، إذا لقبته فاقرئه مني السلام، وقل له: لم حدثت الحكم بن عيينة عني أن الاوصياء محدثون لا تحدثه وأشباهه بمثل هذا الحديث. فقال زرارة: فحمدت الله تعالى وأثنيت عليه فقلت: الحمدالله، فقال هو الحمد لله ثم قلت أحمده وأستعينه، فقال: هو أحمد وأستعينه، فكنت كلما ذكرت الله في كلام ذكره كما أذكره حتى فرغت من كلامي. 309 – حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، قال: حدثنا عبد الله الحجال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: لوددت أن كل شئ في قلبي في قلب أصغر انسان من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله. 310 – وبهذا الاسناد: عن الحجال، عن صفوان، قال: كان يجلس حمران مع أصحابه فلا يزال معهم في الرواية عن آل محمد صلى الله عليه وآله فان خلطوا في ذلك بغيره ردهم إليه، فان صنعوا ذلك عدل ثلاث مرات قام عنهم وتركهم. 311 – اسحاق بن محمد قال: حدثنا علي بن داود الحداد، عن حريز بن عبد الله، قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين وجويرية بن أسماء، فلما خرجا قال: أما حمران فمؤمن، وأما جويرية فزنديق لا يعلم أبدا، فقتل هارون جويرية بعد ذلك. 312 – يوسف بن السخت قال: حدثني محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، – قوله: حدثني محمد بن جمهور قال النجاشي – رحمه الله تعالى – في كتابه: محمد بن جمهور أبو عبد الله القمي ضعيف الحديث فاسد المذهب وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها، روى عن الرضا عليه السلام (1). وكذلك الشيخ – رحمه الله تعالى – في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن


1) رجال النجاشي: 260 (*)

[ 416 ]

عن بكير بن أعين، قال: حججت أول حجة فصرت إلى مني، فسألت عن فسطاط أبي عبد الله عليه السلام فدخلت علية، فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوهم فلم أره فيهم، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم، فقال: هلم الي ! ثم قال: يا غلام أمن بني أعين أنت ؟ قتل: نعم جعلني الله فداك قال: أيهم أنت ؟ قلت: أنا بكيربن أعين، قال لي: ما فعل حمران ؟ قلت: لم يحج العام على شوق شديد منه اليك، وهو يقرأ عليك السلام، فقال: عليك وعليه السلام، حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا والله لا والله لا تخبره. إلى هنا انتهى الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد. والحمد الله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. – الرضا عليه السلام قال: محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال (1). وقال في باب لم: محمد بن الحسن بن جمهور العمي، روى سعد عن أحمد أبي عبد الله عليه السلام فدخلت علية، فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوهم فلم أره فيهم، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم، فقال: هلم الي ! ثم قال: يا غلام أمن بني أعين أنت ؟ قتل: نعم جعلني الله فداك قال: أيهم أنت ؟ قلت: أنا بكيربن أعين، قال لي: ما فعل حمران ؟ قلت: لم يحج العام على شوق شديد منه اليك، وهو يقرأ عليك السلام، فقال: عليك وعليه السلام، حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا والله لا والله لا تخبره. إلى هنا انتهى الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد. والحمد الله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. – الرضا عليه السلام قال: محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال (1). وقال في باب لم: محمد بن الحسن بن جمهور العمي، روى سعد عن أحمد ابن الحسين بن سعيد عنه (2). وهذا يدل على التعدد، ولكن في الفهرست قال، محمد بن الحسن بن الجمهور العمي البصري له كتب، جماعة منها كتاب الملاحم، وكتاب صاحب الزمان وله الرسالة الذهبية عن الرضا عليه السلام، وله كتاب وقت خروج القائم عليه السلام. ثم ذكر طريقه إليه بالاسناد عن العمر كي بن علي عن محمد بن جمهور (3). فبين من ذلك أن محمد بن الحسن بن جمهور ومحمد بن جمهور واحد، وهو العمي البصري. وايراده مرة أخرى في باب لم لان حديثه عن الرضا عليه السلام من غير واسطة قليل، والله سبحانه أعلم.


1) رجال الشيخ: 387 2) رجال الشيخ: 512 3) الفهرست: 172 (*)

اترك تعليقاً