دلائل الإمامة

محمد بن جرير الطبري (الشيعي)


[ 1 ]

بسم الله الرحمن الرحيم


[ 3 ]

دلائل الإمامة


[ 5 ]

دلائل الإمامة للمحدث الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير من أعلام القرن الخامس الهجرى تحقيق قسم الدراسات الاسلامية مؤسسة البعثة قم


[ 6 ]

مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة اسم الكتاب: دلائل الإمامة المؤلف: المحدث الشيخ أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة – قم صف الحروف: القسم الكومبيوتري لمؤسسة البعثة – قم – هاتف: 30034 الطبعة: الاولى 1413 ه‍. ق الكمية: 2000 نسخة التوزيع: مؤسسة البعثة طهران – شارع سمية – بين شارعي الشهيد مفتح وفرصت – هاتف: 8821159. فاكس: 8821370. ص. ب: 1361 / 15815. معارض مؤسسة البعثة للنشر والتوزيع: قم – هاتف: 32118. مشهد – هاتف: 59488. أصفهان – هاتف: 232817. بندر عباس – هاتف: 23304. ساري – هاتف: 90374. أرومية – هاتف: 43047. جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة البعثة


[ 7 ]

تقديم الحمد لله الذي خلق الانسان وعلمه البيان، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى المختار، والائمة من آله المعصومين الاطهار. وبعد، قال (سبحانه وتعالى): * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) * (1). في هذه الآية الكريمة ثلاث فقرات تنتهي إلى ثلاثة من أصول ديننا الاسلامي الحنيف: فقوله (تعالى): * (أطيعوا الله) * ينتهي إلى التوحيد. وقوله: * (وأطيعوا الرسول) * ينتهي إلى النبوة. وقوله: * (وأولى الامر منكم) * ينتهي إلى الامامة. ولكل واحد منها أدلته وبراهينه. فالتوحيد، الذي هو الكلمة الاولى على شفاه الانبياء، واللبنة الاولى في أس الديانات، والاصل الاول في أصول العقيدة، قد تلقى من أفواه الشكاك، وتيه الزنادقة سيولا من الشبهات، والمزاعم الواهيات على مر العصور، ولا يزال، غير أن النصر حليفه على الدوام، فله الحجة الاقوى، وحجتهم داحضة، وله البرهان الثابت وليس لهم سوى زبد يطفو ثم ينجلي ويزول، وقد انتصر للتوحيد كثيرون، ولكن التوحيد


(1) النساء 4: 59.

[ 8 ]

منتصر بذاته، فالكون كله شاهد عليه، وحتى خصومه * (سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) * (1). وكم هو جميل قول الشاعر: فيا عجبا كيف يعصى الال‍ * – ه أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد وأما النبوة، فقد تسالم عليها أهل الديانات قاطبة، فهي مصدرهم وموردهم وشرعتهم ومنهلهم، ولكن لم يصف لهم الامر على هذه الحال، فقد نازعتهم طوائف من سكان الارض جحدت النبوة ولم تعتقد ضرورتها، ثم إن أهل الاديان تنازعوا فيما بينهم، واختلفوا، فمنهم من توقف على نبي وأنكر غيره، ومنهم من تعداه إلى الذي بعده ثم توقف، ومنهم من آمن بصحة نبوة جميع الانبياء، وأنها ختمت بالخاتم المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فكان لزاما إذن أن تقام الادلة والبراهين على إثباتها لتكون راسخة في النفوس رسوخا تطمئن له القلوب بعد إذعان العقول. ومن تلك الدلالات ما تكفل به المولى (جل جلاله)، باعث الانبياء وناصرهم، وخالق العباد وهاديهم، ومنها ما هو من تكليف العباد أنفسهم في الفكر وإعمال النظر، ولعل أظهر تلك الدلائل: 1 – الوحي: وهو واسطة اتصال الانبياء بالسماء، وإمدادهم الدائم بمادة النبوة، والوحي على أشكاله المختلفة – من رؤيا صادقة، أو نداء من وراء حجاب، أو نزول الملك – له آثاره الظاهرة التي لا تخفى على العقلاء وإن جحدها غيرهم، إذ سيجد الناس من النبي تشريعا جديدا ونبأ جديدا لم يعرفوه من قبل، ولم يسمعوا بمثله عن نبيهم رغم معيشتهم معه ومخالطتهم إياه * (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) * (2). ثم إن في نزول الوحي دلالة اخرى يجدها الناس ظاهرة على النبي أثناء تلقيه الوحي، إذ تمتلكه حالة لم تعرف في غيره على الاطلاق، ولم يعهدها هو نفسه إلا في هذه الاثناء. فمما صح عن نبينا الاكرم (صلى الله عليه وآله) أنه كانت تأخذه الغشية عند هبوط


(1) فصلت 41: 53. (2) يونس 10: 16.

[ 9 ]

جبرئيل (عليه السلام) (1). وفي الحديث المقبول أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) اوحي إليه وهو على ناقته فبركت ووضعت جرانها (2). وروي أنه كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا (3). وكثرت مشاهداتهم لمثل هذا حتى قال سفهاء المشركين أنه ينتابه تابع من الجن ! فبلغ قولهم هذا طبيبا شهيرا عندهم يسمى: ضماد بن ثعلبة، فقال: لو رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي ! فلقيه، فقال: يا محمد، إني ارقي من هذه الريح، فهل لك ؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ” الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله: أما بعد ” ثم كلمه عن الوحي والنبوة، فقال ضماد: أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه، فقال: أعدها علي، فأعادهن ثالثة، فقال ضماد: والله لقد سمعت قول الكهنة، وسمعت قول السحرة، وسمعت قول الشعراء، فما سمعت مثل هذه الكلمات، والله قد بلغت قاعوس (4) البحر، فمد يدك ابايعك على الاسلام (5). 2 – المعجزة: لابد للنبي أن يقيم شاهدا على صدق دعواه، وأمانته في تبليغه، ولابد أن يكون هذا الشاهد مما يعجز غيره عن الاتيان بمثله، أي أنه لابد أن يكون أمرا خارقا للعادة ولقوانين الطبيعة المألوفة، وهذا هو المعجز. والمعجز بهذا المعنى لا يتحقق لاحد إلا بتقدير الله (تعالى) وعنايته، والمتتبع لحياة الانبياء يجدها مليئة بهذه الشواهد، فقد اقترنت العصا بموسى (عليه السلام)، واقترن إحياء


(1) بحار الانوار 18: 260. (2) المصدر 18: 263، وجران البعير: مقدم عنقه. (3) مناقب ابن شهر آشوب 1: 43، وأفصم: أي أقلع. (4) أي قعره الاقصى. (5) أسد الغابة 3: 42، دلائل النبوة 2: 223.

[ 10 ]

الموتى بعيسى (عليه السلام)، ونظائرها كثيرة، وإذا كانت نبوة خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله) قد عززت بالمعجزة الخالدة الكبرى، القرآن الكريم، الذي تحدى ولا يزال ويبقى يتحدى الانس والجن أن يأتوا بسورة من مثله * (فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) * (1) إذا كان كذلك فليس هو المعجزة الوحيدة له (صلى الله عليه وآله)، بل إن المعاجز قد رافقت حياته الشريفة على امتدادها، فكم حدثتنا الاخبار الصحاح عن نبوع الماء من بين أصابعه المباركة حتى يستقي منه الجيش الكبير ورواحله (2)، وكم وضع يده الكريمة على طعام قليل فأشبع الجمع الكثير (3)، وحادثة الهجرة الشهيرة وخروجه من بين رجال العصابة التي أحاطت بداره عازمة على قتله، ونثره التراب على رؤوسهم وهم لا يبصرون ولا يشعرون به حتى طلع عليهم الصبح (4)، وأشياء كثيرة امتلات بها كتب السيرة النبوية المفصلة، فكانت المعاجز ترافقه شواهد ودلائل على نبوته (صلى الله عليه وآله). 3 – الاستقامة وسلامة النشأة: لما كان النبي مصدر الهداية، فلابد أن يكون موضع الطمأنينة التامة، ولا يكون كذلك إلا إذا تميز بالاستقامة والطهر مدة حياته ومنذ نشأته الاولى، فلا يخالطه نقص، ولا يشوب سيرته ذم أو لوم، ولا يدنو منه عمل مشوم ولا قول ملوم، مجبول على النزاهة وسلامة النفس وبراءة العرض من الرجس والدنس، وكأن الصفات الدنيئة تخالف طبعه وتغايره بالكلية، فهو مجبول على الفضيلة ومكارم الاخلاق ومعالي الهمم، مسدد في خطاه، متزن في قوله وفعله، وهذه هي العصمة التي تلطف بها الله (تعالى) على صفوته من خلقه، فاصطنعهم لنفسه، وأحاطهم بعنايته، فنشأوا بعينه ورعايته، مثلا أعلى يجتمع فيه كل محمود من الخصال، ولا يدانيه ما يخدش في علو منزلته.


(1) هود 11: 14. (2) دلائل النبوة 6: 7. (3) مناقب ابن شهر آشوب 1: 120 – 132، دلائل النبوة 6: 101 – 149. (4) دلائل النبوة 2: 470.

[ 11 ]

روي عن نبينا الاعظم (صلى الله عليه وآله) في سفره مع عمه أبي طالب إلى الشام وكان يومها صبيا، أنه لقيه بحيرا الراهب وقد تفرس فيه علامات النبوة، فأراد أن يسأله عن أشياء، فقال له: أسألك باللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك، قال بحيرا هذا مجاراة لقريش في أيمانهم. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا تسألني باللات والعزى، فو الله ما أبغضت كبغضهما شيئا قط (1). وهكذا نشأ النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) نشأة لا تعرف إلا الكمال، متنزها عن كل ما كان يخوض فيه ذلك المجتمع من عادات وممارسات واعتقادت تافهة، بل إنه (صلى الله عليه وآله) قد تنزه حتى عن مباحات الاطعمة التي لا تلائم عظيم منزلته، فقد كان لا يأكل الثوم والبصل كراهة أن توجد رائحتهما في فيه الشريف. فهو إذن (صلى الله عليه وآله) عما هو أشد كراهة منها أشد بعدا، حتى عرف في مجتمع قريش، وفي عنفوان شبابه، بالصادق الامين، وهذه درجة لا تنال بالتكلف والتمني، ولا تنال إلا بسمو لا يضاهى، يشهد له الكبير والصغير كما يشهدون للشمس ارتفاعها في رائعة النهار. وقد كان لهذه النشأة بعدان: الاول: أنها الداعي لميل الناس إليه، وتوجههم نحوه هاديا وأسوة ومثلا أعلى. والثاني: أنها كانت شاهدا لا غنى عنه على صدقه وأمانته، فكانت دليلا ساطعا على نبوته. 4 – السبق في العلم والحكمة: إذ لا يصح أن يلتف الناس حول رجل، ويسلمون إليه قيادهم وهم يجدون من هو أعلم منه، أو أرجح فهما وحكمة ومعرفة في شؤون الدين والدنيا، وهذه الناحية تكاد تكون بديهية لازمت جميع الانبياء بين أقوامهم، وهي أشد ما تكون بروزا وظهورا في حياة خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله وسلم). 5 – رسالاتهم وآثارهم: أي مضمون وفحوى الرسالة التي يأتي بها النبي ويدعو إليها، ثم ما يؤثر عنه من قول وفعل. وهذه قضية لابد من إعمال الفكر فيها،


(1) إعلام الورى: 18.

[ 12 ]

لتطمئن النفس من خلال النظر في رسالة النبي وأحاديثه وأمره ونهيه أنه نبي حقا لا ينطق عن الهوى، ولاجل بلوغ هذه المعرفة لابد من معرفة مسبقة بمعنى النبوة والغرض منها. فمن كان له معرفة في الفقه مثلا، ثم يرى آثار الشيخ الطوسي، فسوف لا يخفى عليه أنه كان فقيها بارعا. من عرف معنى الكلام، ورأى آثار الشريف المرتضى، أذعن له وأقر بأنه متكلم من الطراز الاول. ومن عرف الشعر، وسمع شيئا من شعر المتنبي، أدرك أنه الشاعر الفحل الذي لا يجارى. وعلى هذا النحو آمن كثيرون بنبوة الانبياء، وفيه مع نبينا الاكرم (صلى الله عليه وآله) شواهد كثيرة، منها ما كان من قصة النجاشي ملك الحبشة العادل بعدما سمع من جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنهما) شيئا عن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله)، مع أنه قد استمع قبله إلى صديقه القديم عمرو بن العاص وهو يملي عليه التصور الجاهلي الجاحد لنبوة نبينا (صلى الله عليه وآله)، فدعا بالمهاجرين من المسلمين ليمثلوا أمامه، فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ؟ فتكلم جعفر، فقال: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الاصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الارحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد من الحجارة والاوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فصدقناه، وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا… فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به نبيكم شئ ؟ قال: نعم. قال: فاقرأ علي، فقرأ عليه صدر سورة مريم. قالت ام سلمة (رضي الله عنها) وهي


[ 13 ]

تروي الحديث: فبكى – والله – النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلت مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، فقال النجاشي: إن هذا، والذي جاء به عيسى، ليخرج من مشكاة واحدة (1). ولم تنحصر هذه الشواهد بذلك العهد، بل هي مستمرة متصلة إلى يومنا هذا، ونحن نشهد كل حين إيمان العلماء والحكماء من أقطار الدنيا بهذا الدين الحنيف بمجرد أن يقفوا عليه وقفة الناظر المتدبر المنصف. 6 – نص النبي السابق: وهذا الشاهد وإن لم يتضح لنا كونه ظاهرة ملازمة لكل النبوات، غير أنه عندما يتوفر يكون دليلا قويا وحجة قاطعة على نبوة النبي اللاحق. ومن هنا احتج القرآن الكريم لنبوة نبينا الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ببشائر الانبياء السابقين ونصوص كتبهم عليه: * (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذى يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل) * (2). وحكاية عن عيسى (عليه السلام): * (ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد) * (3). وكان هذا دليلا كافيا لاسلام أسقف الروم الاعظم، وذلك لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل قيصر الروم، فاستمع هرقل إلى الكتاب، فقال لدحية: إني لاعلم أن صاحبك نبي مرسل، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى (ضغاطر) الاسقف الاعظم في الروم، واذكر له أمر صاحبك وانظر ماذا يقول. فجاءه دحية وأخبره بما جاء به من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له ضغاطر: والله إن صاحبك نبي مرسل نعرفه بصفته، ونجده في كتابنا، ثم أخذ عصاه وخرج على الروم وهم في الكنيسة فقال: يا معشر الروم، قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. قال: فوثبوا


(1) إعلام الورى: 44، الكامل في التاريخ 2: 80. (2) الاعراف 7: 157. (3) الصف 61: 6.

[ 14 ]

عليه فقتلوه (رحمه الله) فرجع دحية إلى هرقل وأخبره الخبر، فقال: قد قلت إنا نخافهم على أنفسنا (1). 7 – النسب الرفيع: لم يجعل الله النبوة إلا في رجل ذي شرف ومنعة في قومه هي في الذروة، ليكون ذلك داعية لتقبل الناس لشخصه ودعوته وزعامته، وقد جاء في قصة هرقل بعد أن بلغه كتاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه بعث إلى جماعة من أهل مكة كانوا في تجارة لهم في الشام، وفيهم أبو سفيان، فأجلسه وأجلسهم من خلفه وقال لهم، إني سائله فإن كذب فكذبوه. قال أبو سفيان: لولا أن يؤثر عني الكذب لكذبت، فسأله عن النبي، قال: فصغرت له شأنه، فلم يلتفت إلى قولي، وقال: كيف نسبه فيكم ؟ قلت: هو أوسطنا نسبا. قال هرقل: وكذلك الانبياء (2). وهكذا نجد معنى قوله (تعالى): * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * (3) مجسدا في خصال نبينا الاعظم (صلى الله عليه وآله) وسائر الانبياء (عليهم السلام). وهكذا احيطت النبوة بهذه الدلائل وغيرها، حتى صارت عقيدة ثابتة راسخة في قلب كل من آمن بالتوحيد، لا يشك فيها ولا يرتاب. وأما الامامة، فقد بقيت عرضة للآراء والاقاويل والتكذيب والتشكيك، فلاجل هذا كانت الكتابة في دلائل الامامة في غاية الاهمية، إن لم نقل إنها تتقدم في أهميتها على أي بحث آخر، إذ إن من الواجب أن يدرك المسلمون حقيقة الامامة وأبعادها، ولو أنهم أدركوا ذلك لايقنوا أنها من صلب العقيدة، وأنها ضرورة تماما كالنبوة. قال (تعالى): * (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) * (4) قال المفسرون: المراد ولنجعلن من أمتك أئمة يهدون بأمرنا (5).


(1) الكامل في التاريخ 2: 211. (2) المصدر 2: 211 – 212. (3) الانعام 6: 124. (4) السجدة 32: 24. (5) الزمخشري 3: 516، الرازي 25: 186، المراغي 21: 118، اسماعيل حقي البروسوي 7: 126.

[ 15 ]

وقال (تعالى): * (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * (1). وقال (تعالى): * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) * (2). فالامامة إذن هي الامتداد الصحيح والضروري للنبوة، وهي حصن الدين وسوره ودعامته التي لا يستقيم إلا بها، وهي زعامة عظمي في امور الدين والدنيا، وولاية عامة، على كافة الامة القيام بامورها والنهوض بأعبائها، وقد أجمعت الامة على وجوب عقدها في كل زمان. قال الماوردي: عقد الامامة لمن يقوم بها واجب بالاجماع، وإن شذ عنه الاصم (3). وقال أبو الحسن الاشعري: قال الناس كلهم – إلا الاصم -: لابد من إمام. وقال الاصم: لو تكاف الناس عن التظالم لاستغنوا عن الامام (4). وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح قول أمير المؤمنين (عليه السلام) ” لابد للناس من أمير “: هذا نص صريح منه (عليه السلام) بأن الامامة واجبة، وقد اختلف الناس في هذه المسألة فقال المتكلمون: الامامة واجبة، إلا ما يحكى عن أبي بكر الاصم من قدماء أصحابنا – المعتزلة – أنها غير واجبة إذا تناصفت الامة ولم تتظالم. وقال المتأخرون من أصحابنا: إن هذا القول منه غير مخالف لما عليه الامة، لانه إذا كان لا يجوز في العادة أن تستقيم امور الناس من دون رئيس يحكم بينهم، فقد قال بوجوب الرئاسة على كل حال (5).


(1) المائدة 5: 55 و 56. (2) النساء 4: 59. (3) مآثر الانافة 1: 29، والاصم: هو عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الاصم، من قدامى المعتزلة. (4) مقالات الاسلاميين 2: 133. (5) شرح نهج البلاغة 2: 307 – 308.

[ 16 ]

وقال الاسفرائيني: اتفق جمهور أهل السنة والجماعة على اصول من أركان الدين، كل ركن منها يجب على كل عاقل بالغ معرفة حقيقته، ثم ذكر الاركان إلى أن قال: والركن الثاني عشر: إن الامامة فرض واجب على الامة لاجل إقامة الامام، ينصب لهم القضاة والامناء، ويضبط ثغورهم، ويغزي جيوشهم، ويقسم الفئ بينهم، وينتصف لمظلومهم من ظالمهم (1). وقالت الامامية: ليس في الاسلام أمر أهم من تعيين الامام، وإن الامام لطف من الله يجب نصبه تحصيلا للغرض (2). ومن هذا يثبت أن إجماعهم على وجوب الامامة مما لا ريب فيه، ولكن بعد أن تحقق هذا الاجماع افترقوا فيها على فرقتين: قالت إحداهما: إن الامامة تثبت بالاتفاق والاختيار. وقالت الاخرى: إنها تثبت بالنص والتعيين. فمن قال بالقول الاول فقد ذهب إلى القول بإمامة كل من صارت إليه الامامة ولو باتفاق جزء من الامة، إما مطلقا وإما بشرط أن يكون قرشيا، فقالوا بإمامة معاوية وأولاده، وبعدهم مروان وأولاده ثم بني العباس (3). وأما أصحاب القول الثاني، فقد ذهبوا إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نص على علي (عليه السلام) بالامامة من بعده، ثم على أحد عشر من ولده، آخرهم الامام المهدي المنتظر (عليهم السلام أجمعين). وبعد هذا الاختلاف، واختلافات أخرى تشعبت عن الفريقين، صارت الامامة محل النزاع الاكبر في هذه الامة حتى قيل: إنه ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية كما سل على الامامة في كل زمان. فمن هنا أصبح حريا أن تقام عليها الدلائل وتنصب البراهين، فكان ذلك حقا


(1) الفرق بين الفرق: 323، 349. (2) المقالات والفرق: 139، تجريد الاعتقاد: 221. ومعنى اللطف: هو ما يقرب المكلف إلى الطاعة ويبعده عن المعصية. (3) الملل والنحل 1: 33 – 34.

[ 17 ]

على قدر يوازي قدرها، فأقيمت البراهين وانشئت الدلائل، ومن هذه الدلائل ما جاء مشتركا بين الفريقين، ومنها ما تميز به كل منهما عن الآخر بحسب ما بينهما من اختلاف. ولكن حتى هذا القدر المشترك الذي قال به الجميع لا تجده ينطبق على الخلفاء الذين قال الفريق الاول بإمامتهم، فلا يخفى أن الكثير من اولئك الخلفاء قد توصل إلى الخلافة بقوة السيف رغم مخالفة أغلب أبناء هذه الامة، فلا هو أتى باتفاق الامة واختيارها ولا باتفاق أصحاب الحل والعقد، ولا بتعيين مباشر بنص النبي (صلى الله عليه وآله)، كما أن منهم من كان مجاهرا بالفسوق، منتهكا لحدود الله، ميالا إلى المعاصي، محاربا لاولياء الله، وهذه صفات لا ينكرها أحد في خلفاء بني امية وبني العباس، وقليل منها متى وجد في أحدهم فهو كاف لسلب الاهلية عنه، وبطلان خلافته، وهذا قدر لا يختلف عليه المسلمون، إلا من قال بصحة إمامة الفاجر للمؤمن، وهذا قول غريب لا يستقيم مع معنى الاسلام وأهدافه، ولا مع الغرض من بعثة الانبياء وتبليغهم رسالات ربهم (تعالى). من هنا إذن حق لنا أن نقتصر على ذكر ما يعتد به من دلائل الامامة وما يلائم أهداف الشريعة وطبيعتها وبعثة الانبياء وأهدافها، تاركين الشاذ الغريب لضعفه – أولا – وبغية الاختصار – ثانيا – لان الذي بين أيدينا هو مقدمة كتاب وليس كتاب. دلائل الامامة: بعدما ثبت أن الامامة هي رئاسة عامة في امور الدين والدنيا، وانها امتداد للوجود النبوي المقدس وحفظ لعهده وحماية لامانته وقيام برسالته، يمكننا أن نقول إن كل ما صح أن يكون دليلا على النبوة صح أن يكون دليلا على الامامة، فبه تعرف، وبه يقوم الشاهد عليها، فدلائل النبوة هي نفسها دلائل الامامة ما خلا نزول الوحي الذي هو من شأن الانبياء وحدهم، ولا وحي بعد خاتم الانبياء، بالاجماع. ولكن عندما يختفي هذا الدليل هنا يحل محله دليل آخر، هو من الوحي أيضا، ولكنه وحي إلى النبي يحمل إليه أهم دلائل الامامة وأول شروطها، وبهذا تكون دلائل


[ 18 ]

الامامة كما يلي: 1 – النص: إن الامامة منصب إلهي مقدس لا يتحقق لاحد إلا بنص من الله (تعالى)، أو من نبيه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى * (إن هو إلا وحى يوحى) *. وما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بعث رحمة للعالمين، وليرفع من بين الناس أسباب الخلاف والفرقة، ويزرع بينهم كل ما من شأنه أن يؤلف بينهم، وينظم أمرهم، ويحفظ فيهم العدل والانصاف، فلا يمكن أن يفارق امته ويتركها هملا، تتحكم فيها الآراء والاجتهادات المتباينة، فيعود أمرها فوضى، وكأن نبيا لم يبعث فيها أو كان الله (تعالى) لم يرسل إليهم شريعة واحدة تجمعهم وتنظم أمرهم. بل إن النبي، الرحمة المهداة، هو أرحم بامته من أن يتركها هكذا، وهو أحرص على رسالته من أن يدعها تحت رحمة آراء شتى واجتهادات متضاربة، بل قد يعد أمر كهذا إخلال بالامانة التي كلف النبي (صلى الله عليه وآله) بأدائها، وتقصير بحق الرسالة التي بعث لتبليغها، وكل هذا بعيد عن ساحة النبوة كل بعد، فأي مسلم لا يؤمن بأن نبينا الاكرم (صلى الله عليه وآله) قد أدى أمانة ربه أحسن الاداء، وبلغ رسالته أتم تبليغ ؟ وأي معنى سيبقى لاداء الامانة ما لم يستأمن عليها رجلا كفوءا يتولى حمايتها وإقامة حدودها وتنفيذ أحكامها ؟ ! ولقد أتم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أداء لامانته، فنص على وصيه وخليفته من بعده، وسماه باسمه في غير موضع ومناسبة، ومن ذلك: أ – الحديث المتواتر في خطبة الغدير الشهيرة، حيث أوقف النبي (صلى الله عليه وآله) مائة ألف من المسلمين حجوا معه حجة الوداع وعادوا معه، فلما بلغوا غدير خم حيث مفترق طرقهم إلى مواطنهم، نادى مناديه أن يرد المتقدم، وينتظر المتأخر حتى يلحق، ثم قام فيهم خطيبا وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: ” ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ” قالوا: بلى. قال: ” من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” (1).


(1) سنن الترمذي 5: 633 / 3713، سنن ابن ماجة 1: 43 / 116 و 45 / 121، مسند أحمد 1: 84، 119، 152،

[ 19 ]

ب – قوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) في الحديث المتفق عليه: ” أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي ” (1). وتكرر منه (صلى الله عليه وآله) التصريح باسم علي (عليه السلام) لخلافته، وأنه أولى الناس بالنبي وبالدين والدولة من بعده، بما فيه الكفاية لمن أراد الاستدلال (2). وقبل الحديث النبوي الشريف كانت آيات الكتاب المجيد التي تفيد هذا المعنى بشكل واضح لا غبار عليه، وأولها: قوله (تعالى): * (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (3) ونزولها في علي أمر أجمع عليه أهل التفسير (4). ثم جاءت النصوص النبوية الشريفة المتفق على صحتها بحصر عدد الائمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) باثني عشر إماما، حدا فاصلا وبيانا هاديا لا يترك منفذا لاختلاف الآراء وتدخل الاجتهادات، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” الخلفاء بعدي اثنا عشر، كلهم من قريش ” (5). إذن فقد اجتمعت الامة على وجوب الامامة، ثم اجتمعت على أن الخلفاء بعد


(1) 331 و 4: 281، 368، 370، 372 و 5: 347، 366، الخصائص للنسائي: ح 78 – 83، المستدرك على الصحيحين 3: 110، 134، 371، مصابيح السنة 4: 172 / 4767، السيرة الحلبية 3: 274، تاريخ اليعقوبي 2: 112، تذكرة الحفاظ 1: 10، البداية والنهاية 5: 183 – 188 و 7: 359، اسد الغابة 4: 28، الاستيعاب – بهامش الاصابة – 3: 36. (1) صحيح البخاري 5: 90 / 202، صحيح مسلم 4: 1870 / 30 – 32، سنن الترمذي 5: 638 / 3724، سنن ابن ماجة 1: 43 / 115، مسند أحمد 1: 173، 175، 182، 184، 331 و 3، 338، تذكرة الحفاظ 1: 10. (2) لتتبع المزيد من النصوص راجع: نهج الحق للعلامة الحلي، والغدير للاميني، والخصائص للنسائي، وسائر كتب مناقبه (عليه السلام) وهي كثيرة. (3) المائدة 5: 55. (4) انظر: أسباب النزول: 113، تفسير الطبري 6: 186، تفسير الرازي 12: 26، جامع الاصول 9: 478 / 6503، البداية والنهاية 7: 371. وغيرها. (5) صحيح البخاري 9: 147 / 79 – كتاب الاحكام، باب الاستخلاف، صحيح مسلم 3: 1452 / 5 – 10، إعلام الورى: 381 – 386.

[ 20 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) اثني عشر خليفة كلهم من قريش، ثم اتفقوا على تسمية علي (عليه السلام) في نصوص عديدة، وإن تأولها بعضهم على خلاف ظاهرها، ثم اتفقوا أخيرا على النص النبوي الصريح الذي ختم على الامر كله، وزاده ظهورا وتحديدا لم يدع فيه مجالا للشك والتردد، ألا وهو حديث الثقلين الذي نصه: ” ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فاجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين – ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي – أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما “. وزاد في رواية مسلم وغيره: ” أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ” (1). أما الصحاح الواردة من طرق الامامية في ذكر الائمة الاثني عشر بعدتهم وأسمائهم فهي كثيرة (2). 2 – الاستقامة وسلامة النشأة: إن ضرورة الاستقامة والطهر وسلامة النشأة في الامام هي تماما كضرورتها في النبي بلا فارق، فالامام هو القائم مقام النبي، الشاغل لفراغه، المؤتمن على رسالته، والمؤدي لدوره في حماية الشريعة وإقامة حدودها، فلابد أن يكون له من النزاهة والطهر ما كان للنبي ليكون مؤهلا لخلافته. ولا خلاف في أن ذلك كان لعلي (عليه السلام) دون سائر الصحابة، فهو الناشئ في حجر النبي (صلى الله عليه وآله)، الملازم له ملازمة الظل لصاحبه، فلا هو فارق النبي، ولا خلاله فارقت خلاله. وتلك منزلة لم يشاركه فيها أحد حتى ولد الحسنان (عليهما السلام) فكان حظهما حظ أبيهما، حتى خصهم الله (تعالى) بآية التطهير، فقال: * (إنما يريد الله


(1) صحيح مسلم 4: 1873 / 36، 37 – (2408)، سنن الترمذي 5: 662 / 3786، 3788، مسند أحمد 3: 14، 17 و 4: 367 و 5: 182، 189، المستدرك على الصحيحين 3: 148، مصابيح السنة 4: 190 / 4816، تفسير الرازي 8: 163، تفسير ابن كثير 4: 122، السيرة الحلبية 3: 274، تاريخ اليعقوبي 2: 111. (2) انظر إعلام الورى: الركن الرابع – الفصل الثاني: 386 – 392، وكتاب كفاية الاثر لابي القاسم الخزاز القمي، ومقتضب الاثر لابن عياش، وغيرها كثير.

[ 21 ]

ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1). واتفق المسلمون على أنه مع نزول هذه الآية الكريمة دعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطما والحسن والحسين، وجلل عليهم بكساء، ثم قال: ” اللهم هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” (2). ومثل هذا يقال مع أولادهم الائمة الاطهار (عليهم السلام)، فلا أحد يشك في أنهم الاطهر مولدا، والاصح نشأة، والاقوم خلقا، تفردوا بالمنزلة الاعلى، والمقام الاسنى، فلا يدانيهم فيه سواهم، ولا زعم أحد منازعتهم عليه، والشهادة لهم بذلك قائمة مر العصور حتى على ألسنة خصومهم، فهم إذن المؤهلون للامامة دون سواهم. قال الامام علي (عليه السلام): ” لا يقاس بآل محمد (صلى الله عليه وآله) من هذه الامة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفئ الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة ” (3). وقال (عليه السلام): ” إن الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم ” (4). 3 – السبق في العلم والحكمة: هذه أيضا ضرورة لازمة في الامام لاجل أن يكون أهلا لهذه المنزلة، وكفؤا لهذه المسؤولية، وقطبا تلتف حوله الناس وتطمئن إلى سبقه في العلم والحكمة والمعرفة، وقدرته الفائقة في مواجهة ما تبتلى به الامة والدولة، فلا يحتاج إلى غيره ممن هم محتاجون إلى إمام يهديهم ويثبتهم. وهذه خصلة أشد ما تكون ظهورا في علي وأولاده المعصومين (عليهم السلام)، فكما كان هو (عليه السلام) مرجعا لاهل زمانه من خلفاء وغيرهم، يرجعون إليه في كل معضلة،


(1) سورة الاحزاب 33: 33. (2) صحيح مسلم 4: 1883 / 61 – (2424)، سنن الترمذي 5: 351 / 3205 و 663 / 3787، مسند أحمد 1: 330 و 6: 292، أسباب النزول: 200 – 201، تفسير ابن كثير 3: 493، الصواعق المحرقة: 143. (3) نهج البلاغة – صبحي الصالح خ 2 ص 47. (4) المصدر: خ 144 ص 201.

[ 22 ]

ويلجأون إليه في كل مأزق، وأمرهم في ذلك مشتهر، وقد تكرر قول عمر بن الخطاب: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله: لولا علي لهلك عمر (1). ولم يكن فضله على عمر بأكثر منه على الآخرين، وليس عمر بأول من أقر له بفضله، فقد أقر له الجميع في غير موضع ومناسبة (2)، وأجمل كل ذلك قول ابن عباس: ” والله لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر ” (3). ذلك واحد الناس، فلم تعرف الناس أحدا غيره قال: ” سلوني، فو الله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم ” (4). وهكذا كان شأن الائمة من ولده (عليهم السلام) أعلم أهل زمانهم وأرجحهم كفة بلا خلاف، فقد علموا بدقائق ما كان عند الناس، وزادوا عليهم بخصائص علمهم الموروث من جدهم المصطفى وأبيهم المرتضى. وقد شاع قول أبي حنيفة في الامام الصادق (عليه السلام): لم أر أفقه من جعفر بن محمد الصادق، وإنه لاعلم الناس باختلاف الناس (5). ولم يكن الامام الصادق بأعلم من أبيه (عليهما السلام) بل علمه علم أبيه، وعلم الائمة من بنيه علمه. قال أبو حنيفة: دخلت المدينة، فرأيت أبا عبد الله الصادق فسلمت عليه، وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز وهو صغير السن، فقلت له: أين يحدث الغريب إذا كان عندكم وأراد ذلك ؟ فنظر إلي ثم قال: يتجنب شطوط الانهار، مساقط الثمار، وأفنية الدور والطرق النافذة، والمساجد، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء. قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني، وعظم في قلبي، فقلت له: جعلت


(1) الاستيعاب – بهامش الاصابة – 3: 39، الاصابة 2: 509، اسد الغابة 4: 23. (2) انظر الاستيعاب 3: 38 – 47. (3) الاستيعاب 3: 40، أسد الغابة 4: 22. (4) الاستيعاب 3: 43، الاصابة 2: 509. (5) تهذيب الكمال 5: 79، سير أعلام النبلاء 6: 257 – 258.

[ 23 ]

فداك، ممن المعصية ؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك. فجلست، فقال: إن المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه، أو منهما جميعا، فإن كانت من الله (تعالى) فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله. وإن كانت منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف. وإن كانت من العبد فعليه وقع الامر، وإليه توجه النهي، وله حق الثواب والعقاب، ووجبت الجنة والنار. قال أبو حنيفة: فلما سمعت ذلك قلت: * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (1). وقد نظم كلامه (عليه السلام) هذا شعرا، فقيل: لم تخل أفعالنا اللاتي نذم لها * إحدى ثلاث خلال حين نأتيها إما تفرد بارينا بصنعتها * فيسقط اللوم عنا حين ننشيها أو كان يشركنا فيها فيلحقه * ما سوف يلحقنا من لائم فيها أو لم يكن لالهي في جنايتها * ذنب، فما الذنب إلا ذنب جانيها سيعلمون إذا الميزان شال بهم * أهم جنوها، أم الرحمن جانيها ؟ (2) وهكذا كانوا (عليهم السلام)، لم يعرف عن أحدهم أنه تلكأ يوما في مسألة، أو أفحمه أحد في حجة، بل كان سبقهم نوعا من الاعجاز، وأظهر ما يكون ذلك مع الامام محمد الجواد الذي اوتي العلم والحكمة صبيا، وسبق علماء عصره ومتكلميهم وشهدوا له بالفضل والتقدم والعلو وتأدبوا في مجلسه ولم يبلغ التاسعة من العمر. قال الشيخ المفيد: عن المعلى بن محمد، قال: خرج علي أبو جعفر (عليه السلام) حدثان موت أبيه، فنظرت إلى قده لاصف قامته لاصحابنا، فقعد، ثم قال: يا معلى، إن الله (تعالى) احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقال: * (وءاتيناه الحكم صبيا) * (3).


(1) أمالي المرتضى 1: 151 – 152، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 4: 314، بحار الانوار 48: 106، والآية من سورة آل عمران 3: 34. (2) أمالي المرتضى 1: 152. (3) الارشاد: 325، إعلام الورى: 349 – 350، والآية من سورة مريم 19: 12.

[ 24 ]

4 – أحاديثهم وآثارهم: إن الاستدلال على الامام من حديثه وآثاره استدلال صحيح، فسلوك المدعي وحديثه خير شاهد على حقيقة دعواه وجوهرها، وهو شاهد أيضا على صدق دعواه عندما ترافقه القرائن والدلائل الاخرى، وإلا فلا تعد وحدها دليلا كافيا على إمامته. ومن أراد معرفة ذلك عن أئمة الهدى (عليهم السلام) فإنه يجده ظاهرا ظهور النهار في أحاديثهم الشريفة، معدن الهداية، وسبل النجاة، دعاة إلى الحق هداة إليه بالقول والعمل. فما على الباحث إلا أن يتوخى ما صح عنهم من الحديث والاثر ليجد ذلك بينا بلا عناء. ولابد من الاشارة هنا إلى مسألة هي في غاية الاهمية، فقد قلنا إن على الباحث أن يتوخى ما صح عنهم (عليهم السلام)، ونؤكد هذا الكلام ونقول: إن عليه أن يحذر ما اختلط بحديثهم من أباطيل الوضاعين، فقد كثرت الكذابة عليهم كما كثرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد فصل الامام الرضا (عليه السلام) القول في ذلك أجمل تفصيل وأدقه، وهو يقول: ” إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلاثة: أحدها: الغلو، وثانيها: التقصير في أمرنا، وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا. فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا. وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، وقد قال الله (عزوجل): * (لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) * (1). 5 – نص الامام السابق: تقدم أن نص النبي كان خير شاهد على نبوة النبي اللاحق له، ومثل هذا يقال مع الامام، بل هو واضح مع الائمة الاثني عشر (عليهم السلام)، ملازم لهم جميعا، فقد ثبت النص من كل إمام إلى الامام اللاحق بالطرق الصحيحة والكثيرة التي كانت سببا في اطمئنان أتباعهم وأشياعهم (2). وهنا ينبغي التنبيه إلى أن هذه النصوص لابد أن تكون منسجمة مع نصوص


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 304 / 63، والآية من سورة الانعام 6: 108. (2) راجع في ذلك تراجم الائمة (عليهم السلام) في: الارشاد، وإعلام الورى.

[ 25 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) في موضوع الامامة، من قبيل: حديث الثقلين – ” كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ” -، وحديث: ” الخلفاء بعدي أثنا عشر، كلهم من قريش “. فما جاء مخالفا لهذا فهو مردود لمخالفته نص النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن هنا صحت النصوص عنهم (عليهم السلام)، وبطلت عن غيرهم، فلا اعتبار لما عرف بولاية العهد التي يعهد بها الخليفة إلى ابنه أو أخيه كما هو شأن الخلفاء الامويين والعباسيين لمخالفتها لنصوص النبي (صلى الله عليه وآله) المتقدمة وغيرها، أضف إلى ذلك أن أحدا منهم لم يصل إلى الخلافة بالطريق المشروع الذي يقره الاسلام ليكون من حقه أن يوصي لمن بعده، فولاية العهد تلك إنما هي من قبيل تبادل الشئ المغصوب، فلا أثر لهذا التبادل يرجى منه رفع الغصبية، بل على العكس، فهو تكريس لها وإصرار عليها. هذه هي أهم الفوارق بين عهود الائمة (عليهم السلام) وعهود الملوك، بغض النظر عن كون الائمة (عليهم السلام) إنما يعهدون بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا من عند أنفسهم. 6 – النسب الرفيع: إن الامامة – مقام النبوة – لا يصلح لها إلا ذو نسب وشرف رفيع كالنبي بلا فارق. وهذه مزية أئمة أهل البيت (عليهم السلام) دون سواهم، بلا خلاف ولا نزاع، بل لا يدانيهم فيه حتى بني عمومتهم. روى الخطيب في تاريخه: أن هارون الرشيد حج مرة ومعه الامام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فأتى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وحوله قريش وشيوخ القبائل، فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عمي. افتخارا على من حوله، فدنا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقال: السلام عليك يا رسول الله يا أبت. فتغير وجه هارون، وقال: هذا الفخر – يا أبا الحسن – حقا (1). 7 – المعجزة: لقد أخرنا هذه النقطة – التي كانت ثاني دلائل النبوة – إلى هذا المحل لاتصالها بموضوع هذا الكتاب. فالمعجزة التي كانت تظهر على أيدي الانبياء تصديقا لهم، هي ضرورية أيضا لتصديق دعوى الامام. كيف لا وقد أظهر الله


(1) تاريخ بغداد 13: 31.

[ 26 ]

المعجزات لمن هو أدنى من الامام تصديقا لدعواه المرضية عند الله ؟ ومثال ذلك ما ظهر لمريم العذراء (عليها السلام) تبرئة لساحتها، وما كان لاصحاب الكهف، وكل ذلك في القرآن مسطور. وخلاصة القول في المعجزات يمكن إيجازه بما يلي: أ – إذا كان يصعب التصديق بالمعجزات، أو بعضها فلان أصل المعجزة هو كونها خارقة للعادة مخالفة للمألوف، وإنما يشترط في قبولها شهرتها أو صحة إسنادها، فمتى ثبتت نسبتها إليهم (عليهم السلام) بالطرق المعتبرة والموثقة فليس هناك ما يمنع قبولها، ولم يبق مبرر للشك فيها بعد أن عرفنا عظيم منزلتهم، وصحة نسبة الخبر إليهم. كيف ونحن نرى ونصدق الكثير من خوارق العادات التي تظهر لعباد صالحين هم أدنى بكثير من مراتب الامامة ؟ ! ب – إن الايمان بإمامة الائمة لا يصح أن ينحصر في النظر إلى معجزاتهم وكراماتهم، كما لا يصح إثبات نبوة موسى (عليه السلام) بقلب العصا ثعبانا، أو نبوة عيسى (عليه السلام) بخلق الطير من الطين، ما لم تجتمع القرائن الاخرى التي تجعل ظهور المعجزة زيادة في ظهور صدقه ليس إلا. وإلا فإن خوارق العادات قد تجري على أيدي الكثيرين من طرق وفنون وحيل كثيرة، ولكن ما أن تعرض أصحابها على تلك الشرائط والقرائن والدلائل المتقدمة حتى تجد حظوظهم منها حظوظ الفقراء إن لم يكونوا عراة منها على الاطلاق. ج‍ – ليس المطلوب منا عند الايمان بمعجزاتهم أن نجعلها كل شئ في اعتقادنا وسلوكنا وثقافتنا، إنما المطلوب هو الايمان بهم وبحقيقة إمامتهم لاجل اتباعهم والاقتداء بهم والاهتداء بهديهم، ولم تأت المعاجز التي أتحفهم بها الله (تعالى) إلا خدمة لذلك الغرض، فهي ليست غاية في ذاتها، وإنما هي شاهد واحد فقط يقوي الدوافع إلى اتباعهم في نفوس الناس. د – إن الغرض من المعجزة هو أن تتم بها الحجة، ويتوقف عليها التصديق، وأما ما خرج عن هذا فلا يجب على الله إظهاره، ولا تجب على النبي أو الامام الاجابة إليه ولو كان على سبيل التحدي.


[ 27 ]

ه‍ – إن إقامة المعجزة ليست أمرا اختياريا للنبي أو الامام، وإنما ذلك بيد الله يظهره متى شاء واقتضت حكمته (1). فهذه كلها مبادئ أولية ينبغي إدراكها قبل الدخول في قراءة كتاب غرضه جمع المعجزات وإحصائها، ككتابنا هذا (دلائل الامامة). وأخيرا، فالذي ينبغي الاشارة إليه هو أن محتوى هذا الكتاب إنما يشكل عنصرا واحدا من عناصر موضوع دلائل الامامة، ويدور حول ركن واحد من أركانها، وأما الموضوع بشموله فيبقى متسعا لمزيد من الدرس والبحث، آملين أن يتصدى له من هو أهل له من علمائنا وأساتذتنا المخلصين، بحثا ودرسا وتفصيلا، حفظا لهذا الدين الحنيف، وخدمة للمسلمين الاعزاء، ووفاء لعهد الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) وأداء لحق الائمة الاطهار (عليهم السلام). والله ولي التوفيق.


(1) لمزيد من التفصيل راجع البيان في تفسير القرآن: 80 – 119.

[ 29 ]

ترجمة المؤلف اسمه وكنيته هو أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي (1) الصغير (2). المشتركون معه في التسمية: 1 – أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري العامي، صاحب التاريخ والتفسير، والمتوفى سنة (310 ه‍). 2 – أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي الكبير، والذي كان معاصرا لمحمد بن جرير الطبري العامي، وقد ترجم له الشيخ الطوسي المتوفى سنة (460 ه‍) في (الفهرست) (3) والشيخ النجاشي صاحب الرجال المتوفى سنة (450 ه‍)، وروى عنه الاخير كتبه بواسطتين (4)، وروى النجاشي أيضا عن ثقة الاسلام


(1) هكذا نسب في المصادر التي نقلت عن مصنفاته، إلا أن السيد ابن طاوس في كشف المحجة: 35، والامان: 66، وفرج المهموم: 102، نسبه هكذا: أبو جعفر محمد بن رستم بن جرير الطبري الامامي، ولعله نسبه للجد مباشرة، أو إنه من وهم النساخ، بدليل نقل السيد ابن طاوس عنه بعنوان محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي في الموارد التي ستأتي في وصف الكتاب كافة، وكذا وصف من قبل المتأخرين الذين نقلوا عنه كالعلامة المجلسي في (بحار الانوار) والسيد البحراني في (مدينة المعاجز) والحر العاملي في (إثبات الهداة) وغيرهم. (2) وصف الشيخ الطوسي سمي صاحب الدلائل المعاصر للشيخ الكليني ب‍ (الكبير) ولعل ذلك الوصف كان دليلا على تمييزه عن صاحب الدلائل الذي يشترك معه في التسمية والتكنية والمعاصر للشيخ الطوسي كما سيأتي. (3) الفهرست: 158 / 697. (4) رجال النجاشي: 376 / 1024.

[ 30 ]

الكليني بواسطتين (1)، ولهذا يمكن القول إن محمد بن جرير الطبري الكبير كان معاصرا للشيخ الكليني المتوفى سنة (329 ه‍)، وله من المصنفات (المسترشد في الامامة) (2) و (الايضاح) (3) و (الرواة عن أهل البيت (عليهم السلام)) (4) وغيرها. 3 – محمد بن جرير، من رواة الحديث، متقدم الطبقة، إذ يروي عنه محمد بن جرير الطبري الكبير بثلاث وسائط، وهو يروي عن ثقيف البكاء عن الامام الحسن ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، كما في الحديث (8) من دلائل الامام الحسن بن علي المجتبى (عليهما السلام). عصره وطبقته لم نعثر في المصادر المتوفرة لدينا على تاريخ دقيق لولادته ووفاته، ولكن من مجموع القرائن المتوفرة في هذا الكتاب يمكن تحديد عصره وطبقته. أما من حيث عصره فيمكن القول إنه كان من أعلام النصف الثاني من القرن الرابع وأوائل القرن الخامس، يدل على ذلك تاريخ وفيات شيوخه كما سيأتي، وجملة نصوص نقلناها من الكتاب كما يلي: 1 – في دلائل الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) الحديث (24) قال: ” وأخبرني أخي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن علي المعروف بابن البغدادي ومولده بسوراء (5)، في يوم الجمعة لخمس بقين من جمادى الاولى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة “.


(1) رجال النجاشي: 377 / 1026. (2) الذريعة 21: 9 / 3690. (3) المصدر 2: 489 / 1924. (4) المصدر 11: 256 / 1564. (5) سوراء، بالمد: موضع يقال هو إلى جنب بغداد، وقيل هو بغداد نفسها، وسورى، بالقصر: موضع بالعراق قرب بابل.

[ 31 ]

2 – في دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام) الحديث (92) قال: ” حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني سنة خمس وثمانين وثلاثمائة “. 3 – وفي دلائله (عليه السلام) أيضا الحديث (96) قال: ” وأخبرني أبو القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزاز، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين وثلاثمائة “. 4 – وفي دلائله (عليه السلام) أيضا الحديث (128) قال: ” نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري (رحمه الله) “. والغضائري توفي سنة (411 ه‍). أما عن طبقته فقد قال الشيخ الطهراني في أعلام الشيعة في القرن الخامس: ” ويروي في الكتاب غالبا عن جماعة هم يروون عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفى سنة (385 ه‍) وهم: ولده أبو الحسين محمد بن هارون، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، كما أن الطوسي يروي عن جماعة عن التلعكبري، منهم: ولده الحسين بن هارون بن موسى، وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمد بن هارون، إلى أن قال: ويروي أيضا عن الصدوق المتوفى سنة (381 ه‍) بواسطة تلاميذه، منهم: أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن الرائقة الموصلي صاحب كتاب (المتمسك بحبل آل الرسول (عليهم السلام) كما أن الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة ” (1). وخرج الشيخ الطهراني من هذا إلى الاستنتاج بأن صاحب الدلائل كان معاصرا للشيخ الطوسي المتوفى سنة (460 ه‍) وللشيخ النجاشي المتوفى سنة (450 ه‍) وهو ما يبدو من مجمل القرائن التي ذكرها، ويبدو لنا أيضا بأنه كان مقدما على الشيخ الطوسي والنجاشي قليلا مع معاصرته لهما، وذلك من خلال القرائن التالية: 1 – يروي الشيخ الطوسي عن أبى بكر أحمد بن كامل بن خلف تلميذ محمد


(1) النابس في القرن الخامس: 155.

[ 32 ]

ابن جرير الطبري العامي بواسطتين (1)، وصاحب الدلائل يروي عنه بواسطة واحدة، كما في الحديث (49) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). 2 – يروي الشيخ الطوسي عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني بواسطة جماعة (2)، أما صاحب الدلائل فإن أبا المفضل الشيباني من شيوخه الذين يروي عنهم بلا واسطة بقوله: حدثنا وأخبرنا. 3 – يروي الشيخ الطوسي عن ثقة الاسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني بواسطتين (3)، وكذا الشيخ النجاشي (4)، أما صاحب الدلائل فيروي عنه في أحد طرقه إليه بواسطة واحدة كما في الحديث (98) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام). فصاحب الدلائل كان معاصرا للشيخ الطوسي والنجاشي إلا أنه كان متقدما عليهما قليلا لما ذكرناه، ودليل المعاصرة أيضا اشتراك المشايخ بين الثلاثة، فصاحب الدلائل يروي عن أبي المفضل الشيباني، وأبي محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي، والقاضي أبي إسحاق بن مخلد بن جعفر الباقرحي. وأبي أحمد عبد السلام ابن الحسين بن محمد البصري، وعبر عن الشيخ الغضائري بشيخنا في الحديث (128) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام)، وكل هؤلاء من مشايخ النجاشي، وروى أيضا عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن علي المعروف بابن الخياط القمي وهو من مشايخ الطوسي.


(1) الفهرست: 150 / 640. (2) المصدر: 140 / 600. (3) المصدر: 135 / 591. (4) رجال النجاشي: 377 / 1026.

[ 33 ]

مصنفاته 1 – دلائل الامامة: وهو هذا الكتاب، يتعرض فيه المؤلف لدلائل ومعجزات وتواريخ وأحوال الائمة الهداة (سلام الله عليهم)، وفضائل ومعجزات فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ونسخته غير تامة، حيث سقط قسم من أوله، وسنأتي إلى دليل السقط في وصف الكتاب. وقد نقل عنه السيد علي بن موسى بن طاوس المتوفى سنة (664 ه‍) في كتاب (اليقين) و (فرج المهموم) و (الامان من أخطار الاسفار والازمان) و (اللهوف في قتلى الطفوف) و (إقبال الاعمال) وغيرها، كما نقل عنه السيد هاشم البحراني المتوفى سنة (1107 ه‍) صاحب كتاب (البرهان في تفسير القرآن) في (مدينة المعاجز) و (المحجة في ما نزل في القائم الحجة)، والعلامة المجلسي المتوفى سنة (1110 ه‍) في (بحار الانوار) وغيرهم من المتأخرين. 2 – نوادر المعجزات: جمع فيه طرفا من فضائل وكرامات الائمة الاطهار (سلام الله عليهم) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) دون أن يتطرق إلى ذكر أحوالهم وتواريخهم (عليهم السلام) كما فعل في الدلائل، والكتاب مطبوع بتحقيق مؤسسة الامام المهدي (عليه السلام). مشايخه وأسلوب روايته الروايات التي أثبتها المصنف في هذا الكتاب يرويها بثلاثة أساليب: الاول: ما يرويه عن مشايخه الذين تحمل عنهم رواية الحديث إجازة أو قراءة أو سماعا، وصح له أن يقول: حدثنا وأخبرنا وحدثني وأخبرني… ومن هؤلاء المشايخ الذين ذكرهم في كتابه هذا: 1 – القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرئ (324 – 373 ه‍).


[ 34 ]

2 – إبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي. 3 – القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، المتوفى سنة (410 ه‍). 4 – أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد بن الحجاج الفارسي الوراق (312 – 392 ه‍). 5 – النقيب أبو محمد الحسن بن أحمد بن القاسم العلوي المحمدي. 6 – أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس البرداني (346 – 431 ه‍). 7 – الحسين بن إبراهيم بن علي بن عيسى، المعروف بابن الخياط القمي. 8 – الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب. 9 – أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي. 10 – أبو عبد الله الحسين بن عبد الله البزاز. 11 – أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم البغدادي الغضائري، المتوفى سنة (411 ه‍). 12 – أبو القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزاز. 13 – أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد البصري، المتوفى سنة (405 ه‍). 14 – أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن. 15 – ابو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن أحمد بن إبراهيم بن رائقة الموصلي. 16 – القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد الجريري. 17 – أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيدالله الشيباني (297 – 387 ه‍). 18 – أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد بن موسى التلعكبري. 19 – أخوه الذي يروي عن أحمد بن علي المعروف بابن البغدادي، وقد نقل


[ 35 ]

عنه في هذا الكتاب بعد وفاته حيث إنه ترضى عليه عند النقل عنه، كما في الحديث (24) من دلائل الامام زين العابدين (عليه السلام). الثاني: أن يرفع الحديث إلى رجل متقدم عليه، وأمثلة ذلك كثيرة في هذا الكتاب، وطريقته هنا أن يسبق الرواية بقوله ” روى ” ويحتمل أنه وجد الرواية في كتبهم أو وصلت الرواية إليه مسندة وأرسلها هو اختصارا، ومن الرواة الذين رفع الحديث إليهم في هذا الكتاب: 1 – إبراهيم بن هاشم. 2 – أحمد بن إبراهيم. 3 – أحمد بن محمد. 4 – أيوب بن نوح. 5 – جميل بن دراج. 6 – أبو حامد السندي. 7 – الحسن بن أبي حمزة. 8 – الحسن بن أحمد بن سلمة. 9 – الحسن بن علي الوشاء. 10 – الحسين بن أبي العلاء. 11 – أبو أسامة زيد الشحام. 12 – سليمان بن خالد. 13 – عباد بن سليمان. 14 – العباس بن معروف. 15 – عبد الله بن حماد. 16 – عبد الله بن محمد. 17 – علي بن أبي حمزة. 18 – أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم بن الطبال. 19 – عمار الساباطي.


[ 36 ]

20 – عمرو بن شمر. 21 – فضالة بن أيوب. 22 – مالك الجهني. 23 – محمد بن أحمد. 24 – محمد بن الحسن. 25 – محمد بن سعيد. 26 – محمد بن عبد الجبار. 27 – محمد بن عبد الله العطار. 28 – المعلى بن محمد البصري. 29 – هارون بن خارجة. 30 – الهيثم النهدي. 31 – أبو الحسين يحيى بن الحسن. 32 – يعقوب بن يزيد. الثالث: أن يروي الرواية عن رجل متقدم عليه بعنوان ” قال ” وذلك عن الرجال الذين لم يلقهم، ومنهم: 1 – الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي، المتوفى سنة (381 ه‍). 2 – أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني. 3 – أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الكبير. وصاحب الدلائل يروي عن الشيخ الصدوق بواسطة أبي الحسن علي بن هبة الله، كما في الحديث (14) من دلائل الامام الباقر (عليه السلام) والحديث (15) من دلائل الامام الصادق (عليه السلام) والحديث (31) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام). ويروي عنه أيضا بواسطة أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، كما في الحديث (59) والحديث (66) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). ويروي عنه أيضا بواسطة النقيب أبي محمد الحسن بن أحمد العلوي


[ 37 ]

المحمدي، كما في الحديث (19) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). أما أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني فيروي عنه بواسطة النقيب أبي محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي كما في الاحاديث (62) و (63) و (64) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). وأما أبو جعفر محمد بن جعفر الطبري الكبير فيروي عنه صاحب الدلائل بواسطة أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري عن أبيه هارون بن موسى، كما في الحديث (74) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، ورواية صاحب الدلائل عن سميه الكبير بواسطتين دليل آخر على معاصرة الكبير للشيخ الكليني، ولا يقدح في هذه المعاصرة كان صاحب الدلائل يروي عن الشيخ الكليني مرة بواسطة واحدة كما في الحديث (98) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، وأخرى بثلاث وسائط كما في الحديث (31) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، وذلك جائز بحسب عمر الراوي والمروي عنه، أو بحسب بعده أو قربه عنه. عنوان الكتاب من خلال استعراض المصادر التي نقلت عن هذا الكتاب يمكن الوقوف على خمسة عناوين مختلفة له، وهي: 1 – الامامة: كذا عنونه السيد هاشم البحراني المتوفى سنة (1107 ه‍) وقد أكثر النقل عنه في (مدينة المعاجز) بهذا العنوان، فقال في أول الكتاب عند ذكر مصادره: ” كتاب الامامة لابي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي ” (1) وعند أوائل النقل عنه في المعجزة السابعة للامام الحسن بن علي المجتبى (عليهما السلام) قال: ” أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب الامامة وكل ما في هذا عنه فهو منه ” (2).


(1) مدينة المعاجز: 4. (2) المصدر: 203.

[ 38 ]

2 – دلائل الائمة: كذا عنونه الشيخ الطهراني وقال: ” ينقل عنه كذلك في (الدمعة الساكبة) وغيره، ويأتي بعنوان (دلائل الامامة) ” (1). 3 – دلائل الامامة: كذا عبر عنه السيد علي بن موسى بن طاوس في (اليقين) (2) و (فرج المهموم) (3) و (الامان) (4) و (الملهوف) (5) و (إقبال الاعمال) (6)، وكذلك عنونه العلامة المجلسي في (بحار الانوار) (7) والشيخ الطهراني في (الذريعة) (8). 4 – مسند فاطمة: نقل عنه السيد هاشم البحراني عدة أحاديث تحت هذا العنوان في (المحجة فيما نزل في القائم الحجة) (9) والاحاديث التي نقلها تتفق سندا ومتنا مع دلائل الامامة (10). وفي (الذريعة) للشيخ الطهراني، قال: استظهر سيدنا أبو محمد صدر الدين أنه كتاب الدلائل لابن جرير الامامي (11). ويبدو أن السبب في هذه التسمية هو أن الاحاديث الستة عشر التي يبدأ بها القسم المتبقي من هذا الكتاب تنتهي جميعا بالاسناد إلى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وبما أن أسلوب المؤلف في هذا الكتاب هو إفراد عنوان تندرج تحته مجموعة من الاحاديث، فلعله أدرج هذه الاحاديث الستة عشر تحت عنوان (مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام) فصار كأنه عنوان الكتاب بعد أن سقط عنوانه والقسم الاول منه


(1) الذريعة 8: 239. (2) اليقين 50 / الباب 65، 66، 67. (3) فرج المهموم: 102 و 223 – 245. (4) الامان: 66، 135. (5) اللهوف: 26. (6) إقبال الاعمال: 6. (7) بحار الانوار 1: 20. (8) الذريعة 8: 241 / 1018. (9) المحجة: 28 – 48. (10) انظر دلائل الامام الحجة (عجل الله فرجه) – الحديث (130) و (131) و (132). (11) الذريعة 21: 28 / 3790.

[ 39 ]

والذي يشتمل على مقدمة المصنف ودلائل نبوة الرسول الاكرم وإمامته (صلوات الله عليه وعلى آله) ودلائل إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقسم من أوائل دلائل فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، ويبدو هذا جليا من خلال السقط في إسناد الحديث الاول من هذا الكتاب، ومن وجود نسخة تامة لهذا الكتاب عند السيد ابن طاوس المتوفى سنة (664 ه‍) كما يتبين من مصنفاته التي نقل فيها عن (دلائل الامامة) وسيأتي بيانه. 5 – مناقب فاطمة وولدها (عليهم السلام): ذكر الحر العاملي المتوفى سنة (1104 ه‍) هذا الكتاب ضمن المصادر التي اعتمدها في كتابه (إثبات الهداة) (1) والتي كانت لديه ونسبه لمحمد بن جرير الطبري، والحق أنه كتاب الدلائل الذي بين أيدينا، يؤيد ذلك أن كل ما نقله عن (مناقب فاطمة وولدها (عليهم السلام) في إثبات الهداة يتحد بالسند والمتن مع هذا الكتاب، ويؤيد ذلك أيضا أن ما نقله السيد هاشم البحراني في (مدينة المعاجز) الباب الاول من معاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) الحديث (106) (2) من كتاب (مناقب فاطمة (عليها السلام) متحد مع الحديث (51) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). ونعتقد أن هذه التسمية لحقت الكتاب بعد ضياع نسخته التامة، أي بعد عصر السيد ابن طاوس المتوفى سنة (664 ه‍) وبعد بقاء النسخة الناقصة التي تحتوي على مناقب فاطمة وولدها (عليها السلام). وقد رجحنا التسمية الثالثة (دلائل الامامة) لتصريح السيد ابن طاوس بها، ولانه كان مطلعا على نسخة الكتاب التامة، والتي يحتمل أن يكون المصنف قد سمى كتابه في ديباجته.


(1) إثبات الهداة 1: 58. (2) مدينة المعاجز: 53، وانظر الذريعة 22: 332 / 7322.

[ 40 ]

هذا الكتاب يتعرض فيه مصنفه لدلائل ومعجزات وتواريخ الائمة الهداة (عليهم السلام) وفضائل ومعجزات سيدة النساء فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، والفرق بين هذا الكتاب وبين (نوادر المعجزات) لنفس المؤلف هو أن الدلائل يشمل تواريخ وأحوال الائمة (عليهم السلام) إضافة إلى دلائلهم وكراماتهم بشكل مفصل، أما (نوادر المعجزات) فقد أفرده – كما يدل عليه عنوانه – للنادر من معاجزهم (عليهم السلام) دون ذكر تواريخهم وأحوالهم المختلفة، والذي ذكره المصنف في مقدمة (نوادر المعجزات) يوضح ذلك بشكل جلي، قال: ” حاولت أن اولف مما أظهروه من المعجزات، وأقاموه من الدلائل والبراهين، مما سمعته وقرأته، في كتاب مقصور على ذكر المعجزات والبراهين ” أما عن تاريخ تأليف هذا الكتاب فلم يصرح مؤلفه بذلك، وعلى العموم يمكن القول إنه فرغ منه بعد سنة (411 ه‍) حيث قال في الحديث (128) من دلائل الامام الحجة (عجل الله فرجه): ” نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري (رحمه الله) ” وتوفي الغضائري سنة (411 ه‍) مما يدل على أن النقل عن الشيخ الغضائري بعد سنة (411 ه‍) وأن المصنف لما يتم كتابه هذا إلا بعد هذا التاريخ. ذكرنا في تسمية الكتاب أن هذه النسخة من (دلائل الامامة) ناقصة، وكانت النسخة التامة منه عند السيد علي بن موسى بن طاوس المتوفى سنة (664 ه‍) وبعد عصر السيد ابن طاوس ضاعت تلك النسخة التامة، كما ضاع عنا كثير من الكتب التي كانت مصادر لمصنفات السيد ابن طاوس، والنسخة التي نقل عنها العلامة المجلسي في (بحار الانوار) وكذا السيد البحراني في (مدينة المعاجز) وغيرهم من المتأخرين هي عين النسخة الناقصة التي وصلتنا، ويدل على هذا النقص ما يلي: 1 – من المشايخ الذين يروي صاحب الدلائل عنهم هو أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن كما في الحديث (25) من دلائل الامام زين العابدين (عليه السلام) والحديث (32) من دلائل الامام القائم (عليه السلام)، ويروي أبو طاهر في كلا الموضعين عن أبي بكر محمد بن عمر بن سالم القاضي الجعابي المتوفى سنة (355 ه‍) بينما يبدأ القسم


[ 41 ]

الذي بين أيدينا من الدلائل بقوله: ” أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ” والجعابي لم يكن من شيوخ صاحب الدلائل إذ لم يرو عنه في هذا الكتاب إلا بواسطة أبي طاهر، فبقرينة السندين المذكورين في الحديث (25) والحديث (32) يكون السند هكذا ” حدثني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ” فيظهر أن رواية صاحب الدلائل عن الجعابي بالواسطة في الموضعين المتقدمين دليل على سقوط أول السند فيما وصل إلينا منه. 2 – إن النسخة التامة التي كانت عند السيد ابن طاوس المتوفى سنة (664 ه‍) تحتوي على جملة مواضيع ليست في الكتاب الذي بين أيدينا مما يدل على سقوطها منه. ففي (إقبال الاعمال) قال ابن طاوس: ” ورأيت في المجلد الاول من دلائل الامامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري عند ذكره للاسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله) ما هذا لفظه: ولكن اخبركم بعلامات الساعة يشيخ الزمان ويكثر الذهب وتشح الانفس وتعقم الارحام وتقطع الاهلة عن كثير من الناس ” (1) وهذا يدل على أن الطبري قد ذكر دلائل نبوة وإمامة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) في هذا الكتاب بدلالة قول ابن طاوس: ” عند ذكره للاسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله) “. وفي الباب الخامس والستين والسادس والستين والسابع والستين من كتاب (اليقين) قال ابن طاوس: ” فيما نذكره من المجلد الاول من كتاب الدلائل تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بتقديم تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين… ” (2). وقال أيضا في الحديث الثالث والعشرين من (فرج المهموم): ” في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم، وهو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ


(1) إقبال الاعمال: 6. (2) اليقين: 50 – 51.

[ 42 ]

السعيد محمد بن رستم بن جرير (1) الطبري الامامي (رضوان الله عليه) في الجزء الثاني (2) من كتاب دلائل الامامة… ” (3). وما في (اليقين) و (فرج المهموم) يدل على أن في النسخة التامة من الكتاب قد تعرض المؤلف لدلائل ومعجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي من القسم الذي سقط من الكتاب، وقد ألحقناها في أول الكتاب كمستدرك له، كما سقط من الكتاب مقدمته وطرفا من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام). ومما يزيد الاطمئنان إلى أن الذي أضفناه في أول الكتاب من نقول السيد ابن طاوس هو من عين هذا الكتاب إضافة إلى تصريحه باسم الكتاب والمؤلف، فإن السيد ابن طاوس نقل في كتبه أيضا عن القسم المتبقي منه، وجميعه يتحد سندا ومتنا مع ما موجود في الدلائل الذي بين أيدينا، وإليك أمثلة من ذلك: أولا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) عن دلائل الامامة لابي جعفر محمد بن رستم (4)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20). ثانيا: نقل في (اللهوف) ما يتعلق بدلائل سيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) (5)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (3)، وكذا في (فرج المهموم) (6) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث (6). ثالثا: نقل في (الامان) من دلائل الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) (7)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (25)، وكذا في (فرج


(1) سبقت إلاشارة إلى مرد هذا الاختلاف في اسم المؤلف وكنيته. (2) مراده الكراس الثاني، لان الذي أورده هنا هو من القسم الاول من الكتاب الذي لم يصلنا. (3) فرج المهموم: 102. (4) فرج المهموم: 223. (5) اللهوف: 26. (6) فرج المهموم: 227. (7) الامان: 135. (*)

[ 43 ]

المهموم) (1) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث (20). رابعا: نقل في (الامان) من دلائل الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) (2)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26). خامسا: نقل في (فرج المهموم) ما يتعلق بدلائل الامام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) (3)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20). سادسا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) (4)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26) والحديث (42). سابعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) (5)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (11). ثامنا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام أبي جعفر الثاني (عليه السلام) (6)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (7). تاسعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام أبي الحسن الثالث (عليه السلام (7)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (15). عاشرا: نقل في (إقبال الاعمال) تاريخ وفاة الامام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) (8)، وهو موجود في أول دلائله (عليه السلام) من هذا الكتاب. حادي عشر: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام) (9)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (129).


(1) فرج المهموم: 228. (2) الامان: 66. (3) فرج المهموم: 229. (4) فرج المهموم: 230 – 231. (5) المصدر: 231. (6) المصدر: 232. (7) المصدر: 233. (8) إقبال الاعمال: 598. (9) فرج المهموم: 245.

[ 44 ]

فكل هذا يدل على أن الذي نقله السيد ابن طاوس من أواسط الكتاب وأواخره يتحد مع ما موجود في (دلائل الامامة) الذي بين أيدينا سندا ومتنا، وبالنتيجة فإن الذي نقله عنه من أوائله قد سقط من النسخة المتداولة في عصرنا (1). منهج التحقيق أ – النسخ المعتمدة: اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسختين مخطوطتين وعلى مطبوعة له، وهي كما يلي: 1 – النسخة المودعة في المكتبة الرضوية بمشهد المقدسة، رقمها (7655)، مجهولة التاريخ، أولها: ” بسم الله الرحمن الرحيم، أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي “. وآخرها: ” فذكر أصحاب القائم (عليه السلام)، فقال: ثلثمائة وثلاثة عشر، وكل واحد يرى نفسه في ثلثمائة ” ورمزنا لها ب‍ ” م “. 2 – النسخة المودعة في مكتبة السيد المرعشي (رحمه الله) بقم المشرفة، رقمها (2974)، وكتبت بتاريخ 12 ربيع الثاني سنة 1319 ه‍ على نسخة مكتوبة في شهر صفر من سنة 1092 ه‍، أولها: ” القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي “. وآخرها: ” تم المسند بعون الله (تعالى) وحسن توفيقه في سلخ شهر صفر المظفر من شهور سنة 1092. وجدت هذه النسخة الشريفة في خزانة كتب الحضرة المشرفة الغروية، وهي نسخة عتيقة جدا بخط ضعيف سقيم. أحقر الكتاب محمد تقي البروجردي الحائري وفق الله له. في مؤرخة اثنا وعشر (2) من شهر ربيع الثاني سنة 1319 ” ورمزنا لها ب‍ ” ع “. 3 – الكتاب المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف سنة 1369 ه‍، ورمزنا له ب‍ ” ط “.


(1) للتوسع في الاطلاع على المصنف والكتاب ينظر النابس في القرن الخامس: 153 – 157، نوابغ الرواة في رابعة المئات 250 – 253، الذريعة 8: 241 – 247، أعيان الشيعة 9: 199. (2) كذا.

[ 45 ]

ب – عملنا في الكتاب: تم العمل بهذا الكتاب وفق المراحل والخطوات التالية: 1 – مقابلة الكتاب المطبوع مع النسختين المخطوطتين وإثبات الصحيح في المتن مع الاشارة لاختلافات النسخ في الهامش، على أنا قد أهملنا ذكر بعض الاختلافات لاعتقادنا بعدم أهميتها. 2 – تخريج الاحاديث والآثار من المصادر التى سبقت المؤلف أو على الاقل المعاصرة له، وقد حرصنا على ذلك إلا في الموارد التي تعذر علينا إيجادها إلا في المصادر التي نقلت عن المصنف (رحمه الله). 3 – ترجمة الاعلام الواردة في الكتاب ترجمة موجزة جامعة باعتماد أهم المصادر المعتبرة في هذا الباب. 4 – تقويم نص الكتاب وذلك بتخليصه مما ورد فيه من أخطاء النسخ والطباعة وهي كثيرة جدا إذا قيست بكتاب آخر، والمتصفح للكتاب بعد تحقيقه يلمس ذلك بوضوح، وذلك ضبط مفرداته وشرح ألفاظه الصعبة باعتماد أهم المعاجم اللغوية، مضافا إلى تصحيح أسانيده ورجاله بالاعتماد على ما تقدم ويأتي من أسانيد نفس الكتاب، والمعاجم الرجالية المعتبرة. 5 – إلحاق المستدركات التي عثرنا عليها في كتب السيد ابن طاوس في المحل المناسب لها من الكتاب، أي في أوله، وقد أشرنا إلى تفصيل ذلك في وصف الكتاب من المقدمة. 6 – إلحاق فهارس لمطالب الكتاب المختلفة تسهل على الباحث الاستفادة منه. شكر وتقدير يسر قسم الدراسات الاسلامية لمؤسسة البعثة بعد الانتهاء من تحقيق الكتاب أن ينوه بالثناء الجميل والشكر الجزيل للاخوة الافاضل العاملين في هذا القسم والذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب محققا، ونخص بالذكر منهم: الاخ علي موسى الكعبي، والاخ صائب عبد الحميد، والاخ شاكر شبع، والاخ عصام البدري، والاخ


[ 46 ]

كريم راضي الواسطي، والشيخ أحمد الاهري، والسيد عبد الحميد الرضوي، والسيد إسماعيل الموسوي، والاخ عبد الله الخزاعي. سائلين المولى القدير أن يمن بالتوفيق والسداد على العاملين في خدمة تراث أهل البيت (عليهم السلام). قسم الدراسات الاسلامية مؤسسة البعثة


[ 47 ]

صورة الصفحة الاولى من نسخة ” م “


[ 48 ]

صورة الصفحة الاخيرة من نسخة ” م “


[ 49 ]

صورة الصفحة الاولى من نخسة ” ع “


[ 50 ]

كتابخانه عمومى آيت الله العظمى مرعشى نجفى – قم صورة الصفحة الاخيرة من نسخة ” ع “


[ 51 ]

المستدرك


[ 53 ]

الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في تسميته بأمير المؤمنين 1 – (اليقين لابن طاوس): فيما نذكره من المجلد الاول من كتاب (الدلائل) تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، بتقديم تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين، فقال ما هذا لفظه: وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله البزاز، قال: حدثنا أبو الحسن علي ابن محمد بن احمد بن لؤلؤ البزاز، قال: حدثنا أبو سهل احمد بن عبد الله بن زياد، قال: حدثني أبو العباس عيسى بن إسحاق، قال: سألت إبراهيم بن هراسة، عن عمرو ابن شمر (1)، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته. قلت: رحمك الله، متى سمي علي أمير المؤمنين ؟ قال: كان ربك (عزوجل) حيث أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (2) ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين (3).


(1) في المصدر: عمرو بن سمرة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه من البحار، وعمرو بن شمر من أصحاب الصادق (عليه السلام)، روى عنه وعن جابر الجعفي. انظر معجم رجال الحديث 13: 108. (2) تضمين من سورة الاعراف 7: 172. (3) اليقين: 50، الباب الخامس والستون، البحار 37: 306 / 35.

[ 54 ]

2 – وعنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) من الجزء الاول برواية أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، بما يقتضي أن عليا (عليه السلام) كان يسمى في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين نذكره بلفظه لتعلموا أنه رواية من رجالهم. حدثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا القاسم بن هشام بن يونس النهشلي، قال (1): قال الحسن بن الحسين، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء (2) بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عامر (3)، في (4) قول الله (عزوجل): * (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (5). قال: اجتاز عبد الله بن سلام ورهط معه برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، بيوتنا قاصية (6) ولا نجد متحدثا دون المسجد، إن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة والبغضاء وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يكلمونا، فشق ذلك علينا. فبينا هم يشكون إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إذ نزلت هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * فلما قرأها عليهم قالوا: قد رضينا بما رضي الله ورسوله، ورضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين. وأذن بلال العصر، وخرج النبي (صلى الله عليه وآله) فدخل والناس يصلون ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأله (7)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هل أعطاك


(1) (قال) أثبتناها من البحار. (2) في المصدر: عطارء، تصحيف، وما أثبتناه من البحار. (3) في البحار: ابن عباس. (4) في المصدر: عن، وما أثبتناه من البحار. (5) المائدة 5: 55. (6) أي بعيدة. (7) في البحار: يسأل.

[ 55 ]

أحد شيئا ؟ فقال: نعم. قال (1): ماذا ؟ قال: خاتم فضة. قال: من أعطاك ؟ قال: ذاك الرجل القائم. قال النبي (صلى الله عليه وآله): على أي حال أعطاكه ؟ قال: أعطانيه وهو راكع، فنظرنا فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). (2) 3 – وعنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) لمحمد بن جرير الطبري، في تسمية جبرئيل (عليه السلام) لمولانا علي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وسيد الوصيين، فقال ما هذا لفظه: حدثنا أبو الفضل (3) محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عمران بن محسن بن محمد ابن عمران بن طاوس مولى الصادق (عليه السلام)، قال: حدثنا يونس بن زياد الحناط الكفربوتي (4) قال: حدثنا الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع، عن الفضل ابن الربيع: أن المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سألت جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ما كان سببها ؟ فحدثني عن أبيه محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه


(1) (قال) أثبتناها من البحار. (2) اليقين: 51، الباب السادس والستون، البحار 35: 186 / 6. (3) في المصدر: أبو الفضل، وهو أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني من شيوخ صاحب الدلائل، ومر بيانه في المقدمة. (4) كذا في المصدر والظاهر أنه تصحيف (الكفرتوثي) نسبة إلى كفرتوثا: قرية من أعمال الجزيرة، وقرية من قرى فلسطين، انظر أنساب السمعاني 5: 82، مراصد الاطلاع 3: 1169.

[ 56 ]

الحسين، عن ابيه (1) علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجهه في أمر من اموره فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خرج يصلي الصلاة، فصلى معه، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاعتنقه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم سأله عن مسيره ذلك وما صنع فيه، فجعل علي (عليه السلام) يحدثه وأسارير (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلمع سرورا بما حدثه. فلما أتى (صلوات الله عليه) على حديثه. قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أبشرك يا أبا الحسن ؟ قال: فداك أبي وأمي، فكم من خير بشرت به. قال: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط علي في وقت الزوال فقال لي: يا محمد، هذا ابن عمك علي وارد عليك، وإن الله (عزوجل) أبلى المسلمين به بلاء حسنا، وإنه كان من صنعه كذا وكذا، فحدثني بما أنبأتني به، فقال لي: يا محمد، إنه نجا من ذرية آدم من تولى شيت (3) بن آدم وصي أبيه آدم بشيت، ونجا شيت بأبيه آدم، ونجا آدم بالله. يا محمد، ونجا من تولى سام بن نوح وصي أبيه نوح بسام، ونجا سام بنوح، ونجا نوح بالله. يا محمد، ونجا من تولى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصي أبيه إبراهيم بإسماعيل، ونجا إسماعيل بإبراهيم، ونجا إبراهيم بالله. يا محمد، ونجا من تولى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى بالله. يا محمد، ونجا من تولى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون، ونجا شمعون


(1) (الحسين عن أبيه) أثبتناه من البحار. (2) الاسارير: محاسن الوجه، وتطلق على الخدين والوجنتين. (3) في البحار: شيث، في كل المواضع.

[ 57 ]

بعيسى، ونجا عيسى بالله. يا محمد، ونجا من تولى علينا وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك بعلي، ونجا علي بك، ونجوت أنت بالله (عزوجل). يا محمد، إن الله جعلك سيد الانبياء، وجعل عليا سيد الاوصياء وخيرهم، وجعل الائمة من ذريتكما إلى أن يرث الارض ومن عليها. فسجد علي (صلوات الله عليه)، وجعل يقبل الارض شكرا لله (تعالى). وإن الله (جل اسمه) خلق محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أشباحا، يسبحونه ويمجدونه ويهللونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الاخيار من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات والمهذبات من النساء من عصر إلى عصر. فلما أراد الله (عزوجل) أن يبين لنا فضلهم ويعرفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك النور وقسمه قسمين: جعل قسما في عبد الله بن عبد المطلب فكان منه محمد سيد النبيين وخاتم المرسلين وجعل فيه النبوة، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (1) فكان منه علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وجعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليه ووصيه وخليفته، وزوج ابنته، وقاضي دينه، وكاشف كربته، ومنجز وعده، وناصر دينه. (2) من معجزاته (عليه السلام) 4 – (فرج المهموم لابن طاوس): في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم وهو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ السعيد محمد بن رستم بن جرير


(1) في المصدر: وهو أبو طالب بن عبد مناف، وما أثبتناه من البحار. (2) اليقين: 51، الباب السابع والستون، البحار 35: 26 / 22.

[ 58 ]

الطبري (1) الامامي (رضوان الله عليه) في الجزء الثاني (2) من كتاب (دلائل الامامة) قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي (3) وأبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري، قالا: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقرئ مولى بني هاشم، قال: حدثنا أحمد بن القاسم البري (4)، قال: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح بن حي (5) الكوفي، عن زياد بن المنذر، عن قيس بن سعد، قال: كنت أساير أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كثيرا إذا سار إلى وجه من الوجوه، فلما قصد أهل النهروان وصرنا بالمدائن وكنت يومئذ مسايرا له، إذ خرج إلينا قوم من أهل المدائن من دهاقينهم (6) معهم براذين (7) قد جاءوا بها هدية إليه فقبلها، وكان فيمن تلقاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل، وكانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى (8)، وترجع إلى قوله فيما سلف، فلما بصر بأمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: يا أمير المؤمنين، تناحست النجوم الطوالع، فنحس أصحاب السعود وسعد أصحاب النحوس، ولزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والجلوس، وإن يومك هذا يوم مميت، قد اقترن فيه كوكبان قتالان، وشرف فيه بهرام (9) في برج الميزان، واتقدت من برجك النيران،


(1) سبقت الاشارة إلى مرد هذا الاختلاف في المقدمة في اسم المؤلف وكنيته، وقد عنونه السيد ابن طاوس في بقية الموارد من هذا الكتاب بمحمد بن جرير بن رستم الطبري. (2) مراده الكراس الثاني منه، لان الذي أورده هنا هو من الجزء الاول من الكتاب الذي لم يصلنا. (3) في المصدر: الحربي، وهو الحسين بن عبد الله، أبو عبد الله الحرمي، ترجم له الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة في رابعة المئات: 113. (4) كذا في المصدر، والظاهر أنه أحمد بن القاسم البزي مقرئ أهل مكة. انظر أنساب السمعاني 1: 345، سير أعلام النبلاء 12: 50. (5) في المصدر: علي بن حي بن صالح، وما أثبتناه من البحار، وهو علي بن صالح بن صالح بن حي الهمداني الكوفي أبو محمد. انظر تقريب التهذيب 2: 38. (6) الدهاقين: جمع دهقان، بالكسر والضم، وهو رئيس القرية أو الاقليم، ويطلق على التاجر أيضا. (7) البراذين: جمع برذون، يطلق على غير العربي من الخيل والبغال. (8) في المصدر: فيما يعني، وما أثبتناه من البحار. (9) بهرام: المريخ، فارسية، وهو أحد الكواكب في المجموعة الشمسية.

[ 59 ]

وليس لك الحرب بمكان. فتبسم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ثم قال: أيها الدهقان، المنبئ بالاخبار، والمحذر من الاقدار، أتدري ما نزل البارحة في آخر الميزان، وأي نجم حل في السرطان (1) ؟ قال: سأنظر ذلك. وأخرج من كمه أسطرلابا (2) وتقويما، فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): أنت مسير الجاريات ؟ قال: لا. قال: أفتقضي على الثابتات ؟ قال: لا. قال: فأخبرني عن طول الاسد (3) وتباعده عن المطالع (4) والمراجع ؟ وما الزهرة (5) من التوابع والجوامع ؟ قال: لا علم لي بذلك. قال: فما بين السواري (6) إلى الدراري، وما بين الساعات إلى الفجرات (7)، وكم قدر شعاع المدرات (8)، وكم تحصيل (9) الفجر في الغدوات (10) ؟ قال: لا علم لي بذلك قال: هل علمت يا دهقان أن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت في الصين،


(1) في المصدر: حل السرطان، وما أثبتناه من البحار، والسرطان: برج في السماء. (2) الاسطرلاب: جهاز استعمله المتقدمون في تعيين ارتفاعات الاجرام السماوية ومعرفة الوقت والجهات الاصلية. (3) الاسد: أحد بروج السماء. (4) المطالع: جمع مطلع، بفتح اللام وكسرها، يطلق على مكان الطلوع وزمانه، ومطلع الشمس: مشرقها. (5) الزهرة: أحد كواكب المجموعة الشمسية، ثاني كوكب في البعد عن الشمس، يقع بين عطارد والارض، وهو ألمع جرم سماوي باستثناء الشمس والقمر. (6) في البحار: السراري. (7) في البحار: المعجرات. (8) في البحار: المبدرات. (9) في البحار: تحصل. (10) قال العلامة المجلسي: يحتمل أن يكون المراد به زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإن ذلك يختلف في الفصول.

[ 60 ]

وانقلب (1) برج ماجين، واحترقت دور بالزنج (2)، وطفح جب سرنديب (3)، وتهدم حصن الاندلس، وهاج نمل السيح (4)، وانهزم مراق الهند (5)، وفقد ربان اليهود بأيلة (6)، وجذم بطريق (7) الروم برومية (8)، وعمي راهب عمورية (9)، وسقطت شرافات (10) القسطنطينية (11)، أفعالم أنت بهذه الحوادث، وما الذي أحدثها شرقيها أو غربيها (12) من الفلك ؟ قال: لا علم لي بذلك. قال: فبأي الكواكب تقضي في أعلى القطب، وبأيها تنحس من تنحس، قال: لا علم لي بذلك. قال: فهل علمت أنه سعد اليوم اثنان وسبعون عالما في كل عالم سبعون عالما، منهم في البر، ومنهم في البحر، وبعض في الجبال، وبعض في الغياض (13)، وبعض في


(1) في المصدر: وتغلب، وما أثبتناه من البحار. (2) الزنج: من قرى نيسابور. مراصد الاطلاع 2: 672. (3) سرنديب: هو الاسم القديم لجزيرة سيلان الواقعة جنوب الهند. وطفح جب سرنديب: أي امتلا وارتفع بئرها. (4) السيح: واد باليمامة. مراصد الاطلاع 2: 764. (5) في البحار: الهندي. (6) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم – البحر الاحمر – مما يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138. والربان: رئيس الملاحين. (7) البطريق: القائد من قادة الروم. (8) رومية: تطلق على مدينتين، إحداهما ببلاد الروم، والاخرى بلد بالمدائن خرب، والمراد الاول. مراصد الاطلاع 2: 642. (9) عمورية: بلد ببلاد الروم. مراصد الاطلاع 2: 963. (10) الشرافات: جمع شرافة، زوائد توضع في أطراف الشئ تحلية له، وفي البحار: الشرفات، جمع شرفة، مثلثات تبنى متقاربة في أعلى القصر أو السور. (11) القسطنطينية: هي بيزنطا القديمة، عاصمة الامبراطورية البيزنطية، وهي اليوم في تركيا، وتسمى أيضا الآستانة. المنجد في الاعلام: 40. (12) في المصدر: شرقها وغربها، وما أثبتناه من البحار، وعلق العلامة المجلسي على قوله: ” وما الذي أحدثها ” أي بزعمك، وعلى قوله: ” شرقيها أو غربيها ” أي الكواكب. (13) الغياض: جمع غيضة، الاجمة، والموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف.

[ 61 ]

العمران فما الذي أسعدهم ؟ قال: لا علم لي بذلك. قال يا دهقان، أظنك حكمت على اقتران المشتري (1) وزحل (2) لما استنارا لك في الغسق، وظهر تلالؤ المريخ وتشريفه في السحر، وقد سار فاتصل جرمه بنجوم (3) تربيع القمر، وذلك دليل على استخلاف (4) ألف ألف من البشر، كلهم يولدون اليوم والليلة، ويموت مثلهم ويموت هذا فإنه منهم (5) – وأشار إلى جاسوس في عسكره لمعاوية – فلما قال ذلك ظن الرجل أنه قال خذوه، فأخذه شئ في قلبه وتكسرت نفسه في صدره فمات لوقته. فقال (عليه السلام) للدهقان: ألم أرك عين التقدير (6) في غاية التصوير ؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين. فقال: يا دهقان، أنا مخبرك أني وصحبي هؤلاء لا شرقيون ولا غربيون، إنما نحن ناشئة القطب، وما زعمت البارحة أنه انقدح من برج الميزان فقد كان يجب أن تحكم معه لي، لان نوره وضياءه عندي، فلهبه ذاهب (7) عني. يا دهقان: هذه قضية عيص (8)، فاحسبها وولدها إن كنت عالما بالاكوار والادوار، ولو علمت ذلك لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الاجمة. ومضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فهزم أهل النهروان وقتلهم فعاد بالغنيمة والظفر، فقال الدهقان: ليس هذا العلم بأيدي أهل زماننا، هذا علم مادته من السماء. (9)


(1) المشتري: أكبر الكواكب السيارة. (2) زحل: أبعد الكواكب السيارة في النظام الشمسي. (3) في البحار: بجرم. (4) في البحار: استحقاق. (5) (فإنه منهم) أضفناها من البحار. (6) في البحار: غير التقدير، قال العلامة المجلسي: أي التغيرات الناشئة من تقديرات الله (تعالى)، وعين التقدير: أي أصله. (7) في المصدر: ذهب، وما أثبتناه من البحار. (8) العيص: الاجمة، أي الشجر الكثير الملتف، كأنه كنى بها عن تشابكها وصعوبتها، والعيص أيضا: الاصل، وقال في البحار: وفي بعض النسخ ” عويصة ” أي صعبة شديدة. (9) فرج المهموم: 102 / 23، البحار 58: 229 / 13.

[ 62 ]

ملحق: ومما يلحق بهذا المستدرك الخبر الذي نقله العلامة المجلسي في البحار – الطبع الحجري 8: 220 – قال: أجاز لي بعض الافاضل في مكة – زاد الله شرفها – رواية هذا الخبر، وأخبرني أنه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب (دلائل الامامة) وهذه صورته: حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن علي الحوار، عن الحسن بن مسكان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيب، قال: الخبر، وهو طويل يتضمن ذكر واقعة الطف، وأثرها في أهل المدينة، وورود عبد الله بن عمر بن الخطاب دمشق صارخا، لاطما وجهه، شاقا جيبه، معترضا على يزيد، محرضا عليه، فأقنعه يزيد بأن أخرج إليه صحيفة تحتوي على عهد كتبه عمر بن الخطاب – وقيل: عثمان بن عفان – إلى معاوية بن أبي سفيان. وقد أشرنا إلى هذا الخبر لكونه من الجزء المفقود من كتابنا هذا، تاركين التعرض لتفاصيله، محيلين القارئ الكريم إلى مظانه.


[ 63 ]

دلائل الامامة للمحدث الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير من أعلام القرن الخامس الهجري تحقيق قسم الدراسات الاسلامية مؤسسة البعثة قم


[ 65 ]

بسم الله الرحمن الرحيم [ فاطمة الزهراء (عليها السلام) ] [ مسندها ] 1 / 1 – أخبرنا (1) القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، قال: حدثنا الخليل بن أسد أبو الأسود النوشجاني، قال: حدثنا رويم بن يزيد المنقري، قال: حدثنا سوار بن مصعب الهمداني، عن عمرو بن قيس، عن سلمة بن كهيل، عن شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، قال: جاء رجل إلى فاطمة (عليها السلام) فقال: يا ابنة رسول الله، هل ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندك شيئا: تطرفينيه (2). فقالت: يا جارية، هات تلك الحريرة.


(1) (أخبرنا) ليس في ” ع “، وقد سقطت هنا الواسطة بين الطبري والجعابي، ولعله: أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، كما سيأتي في الحديث (25) من دلائل الامام زين العابدين (عليه السلام) والحديث (32) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام). (2) في ” م، ع “: فطوقنيه. تطرفينيه: أي تتحفيني به. ” انظر المعجم الوسيط – طرف – 2: 555 “.

[ 66 ]

فطلبتها فلم تجدها، فقالت: ويحك اطلبيها، فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا. فطلبتها فإذا هي قد قممتها (1) في قمامتها، فإذا فيها: قال محمد النبي (صلى الله عليه وآله): ” ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه (2). ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت. إن الله يحب الخير (3) الحليم المتعفف، ويبغض الفاحش الضنين السئآل الملحف. إن الحياء من الايمان والايمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء، والبذاء في النار ” (4). 2 / 2 – وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبري، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن محمد، [ عن أبيه، عن محمد بن أحمد ] (5) قال: حدثنا أبو عبد الله الرازي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن روح بن صالح، عن هارون بن خارجة، رفعه، عن فاطمة (عليها السلام)، قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر، ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فتبعهما الناس حتى انتهوا إلى باب علي (عليه السلام) فخرج إليهم علي (عليه السلام) غير مكترث لما هم فيه، فمضى واتبعه الناس، حتى انتهى إلى تلعة (6)، فقعد عليها وقعدوا حوله، وهم ينظرون


(1) قم الشئ: كنسه، والقمامة: الكناسة ” لسان العرب – قمم – 12: 493 “. (2) أي غوائله وشره، أو ظلمه وغشمه ” لسان العرب – بوق – 10: 30 “. (3) في ” ع “: الخبير. (4) روى قطعة منه في الزهد: 6 / 10 و: 10 / 20 والكافي 2: 489 / 6 والبخاري في صحيحه 8: 19 / 48 ومسلم في صحيحه 1: 68 / 75 و 77 والبغوي في مصابيح السنة 3: 169 نحوه. (5) (قال: حدثنا أحمد بن محمد) ليس في ” ع “، وما بين المعقوفتين أضفناه من علل الشرائع، ورجال الشيخ: 520 / 28 ومعجم رجال الحديث 2: 323 و 327 و 14: 273 و 15: 26 و 52. (6) التلعة: أرض مرتفعة غليظة ” العين – تلع – 2: 71 “.

[ 67 ]

إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة. فقال لهم علي (عليه السلام): كأنكم قد هالكم ما ترون ؟ قالوا: وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط ؟ قالت (عليها السلام): فحرك شفتيه، ثم ضرب الارض بيده، ثم قال: مالك ؟ اسكني. فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم. قال لهم: إنكم قد عجبتم من صنيعي ؟ ! قالوا: نعم. قال: أنا الرجل الذي قال الله عزوجل: * (إذا زلزلت الارض زلزالها * وأخرجت الارض أثقالها * وقال الانسان مالها) * فأنا الانسان الذي أقول لها: مالها * (يومئذ تحدث أخبارها) * (1) إياي تحدث (2). 3 / 3 – وحدثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا إسحاق بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم [ بن موسى ] بن جعفر بن محمد، عن عمي أبيه: الحسين وعلي ابني موسى، عن أبيه عن جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين (3)، عن الحسين بن علي عليهم السلام، قال: حدثتني فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليهم) قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أبشرك ؟ ! إذا أراد الله أن يتحف زوجة وليه في الجنة بعث إليك، تبعثين إليها من حليك (4). 4 / 4 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن يحيى بن عاصم بن زفر البصري، قال: حدثنا عثمان بن عمرو الدباغ، قال: حدثنا محمد بن القاسم الاسدي، قال: حدثنا أبو الجارود، قال: حدثنا


(1) الزلزلة 99: 1 – 4. (2) علل الشرائع: 556 / 8، مناقب ابن شهر آشوب 2: 324 ” قطعه “. (3) في ” ع، م ” محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عمه زيد (ع: يزيد) بن علي، عن أبيهما، عن علي بن الحسين، ولا يخلو من سقط وتصحيف، وصححناه وفقا للحديث السابع، ومعجم رجال الحديث 15: 93 و 107. (4) البحار 43: 80.

[ 68 ]

أبو الحجاف (1)، عن زينب ابنة علي، عن فاطمة بنت رسول الله (عليهم السلام)، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أما إنك – يا بن أبي طالب – وشيعتك في الجنة (2). 5 / 5 – وعنه، قال: حدثنا أبو بكر بن شاذان، قال: حدثنا أبو سعيد البصري، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله ابو عمر الطحان، قال: حدثنا سعيد بن سالم، قال: حدثنا عبيد بن الطفيل، عن ربعي بن حراش، عن فاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنها دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبسط ثوبا فقال: اجلسي عليه. ثم دخل الحسن (عليه السلام) فقال: اجلس معها. ثم دخل الحسين (عليه السلام) فقال: اجلس معهما. ثم دخل علي (عليه السلام) فقال: اجلس معهم. ثم أخذ بمجامع الثوب فضمه علينا، ثم قال: اللهم هم مني وأنا منهم، اللهم أرض عنهم كما إني عنهم راض. (3). 6 / 6 – وأخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن عباد بن حاتم التمار بالبصرة، قال: حدثنا إبراهيم بن فهد بن حكيم، قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن الرافعي (4)، عن أبيه، عن زينب بنت أبي رافع، عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنها أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين (عليهما السلام)


(1) في ” ط، ع، م “: أبو الحجابي، تصحيف صوابه ما في المتن، وهو أبو الحجاف داود بن أبي عوف، روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، عن زينب، انظر مسند أبي يعلى 12: 116 / 11. وروى عنه أبو الجارود زياد بن المنذر، انظر تهذيب الكمال 8: 435. (2) كشف الغمة 1: 137. (3) رواه أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 169 من طريق الطبراني في الاوسط، وأخرجه في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد 5: 96 نحوه، ينابيع المودة: 259. (4) هذه النسبة إلى الجد، فهو: إبراهيم بن علي بن الحسن بن علي بن أبي رافع الرافعي المدني، روى عن أبيه، وروى عنه يعقوب بن حميد، انظر رجال الشيخ الطوسي: 146 / 65، وتهذيب الكمال 2: 155. (*)

[ 69 ]

في مرضه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله، إن هذين لم تورثهما شيئا. قال: أما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جرأتي وجودي (1). 7 / 7 – وحدثنا القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن علي أبو أحمد الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ، صاحب الكسائي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: حدثني عما أبي: الحسين وعلي ابنا موسى، عن أبيهما، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن علي ابن الحسين، عن أبيه، عن علي، عن فاطمة (عليهم السلام) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حبيبة أبيها، كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر (2). 8 / 8 – وأخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، قال: أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر الكوفي قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحكم الحبري قراءة عليه، قال: أخبرنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا يحيى بن مساور، عن علي بن الحزور، عن القاسم بن (3) أبي سعيد الخدري، رفع الحديث إلى فاطمة (عليها السلام) قالت: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت: السلام عليك يا أبه. فقال: وعليك السلام يا بنية. قالت: فقلت: والله، ما أصبح – يا نبي الله – في بيت علي حبة طعام، ولا دخل بين شفتيه طعام منذ خمس، ولا أصبحت له ثاغية ولا راغية (4)، ولا أصبح في بيته سفة


(1) الخصال: 77 / 122، إرشاد المفيد: 187، ألقاب الرسول وعترته: 247 نحوه، روضة الواعظين: 156، اعلام الورى: 211، أسد الغابة 5: 467، كشف الغمة 1: 516، المستجاد من كتاب الارشاد: 432، (2) الكافي 6: 408 / 3، كنز العمال 5: 511 / 14762 عن ابن عمر ” نحوه “. (3) (بن) ليس في ” ع “، وفي أمالي الصدوق لم يذكر (الخدري) وفي أمالي الطوسي: عن القاسم، عن أبي سعد، ولعله القاسم بن عوف الشيباني الذي يروي عنه ابن الحزور، ويروي هو عن جماعة من الصحابة والتابعين. انظر تهذيب التهذيب 7: 296 و 8: 326. (4) الثاغية: الشاة والراغية: الناقة، أي ماله شئ، وهو مثل. انظر مجمع الامثال 2: 284 والمستقصى في أمثال العرب 2: 330.

[ 70 ]

ولا هفة (1). فقال لها: ادني مني. فدنت منه، فقال لها: أدخلي يدك بين ظهري وثوبي. فإذا هي بحجر بين كتفي النبي (صلى الله عليه وآله) مربوط بعمامته إلى صدره، فصاحت فاطمة (عليها السلام) صيحة شديدة، وقال: ما أوقدت في بيوت (2) آل محمد نار منذ شهر. ثم قال (صلى الله عليه وآله): أتدرين ما منزلة علي ؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة، وقتل الابطال وهو ابن تسع عشرة سنة، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة، ورفع باب خيبر وهو ابن عشرين سنة (3) وكان لا (4) يرفعه خمسون رجلا. فأشرق لون فاطمة، ولم تقر قدماها مكانها حتى أتت عليا، فإذا البيت قد أنار لنور (5) وجهها، فقال لها علي (عليه السلام): يا ابنة محمد، لقد خرجت من عندي ووجهك على غير هذه الحال ! فقالت: إن النبي حدثني بفضلك، فما تمالكت حتى جئتك. فقال لها: كيف لو حدثك (6) بكل فضلي ؟ ! (7) 9 / 9 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني، قال: حدثني محمد بن الحسن بن بنت إلياس، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (8)، قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه


(1) السفة: ما ينسج من الخوص كالزبيل. والهفة: السحاب الذي لا ماء فيه. أي لا مشروب في بيتك ولا مأكول، النهاية 5: 267. (2) (بيوت) ليس في ” م، ع “. (3) في ” ط “: نيف وعشرين. (4) (لا) ليس في ” م “. (5) في ” ط “: بنور. (6) في ” م، ع “: ولو حدثتك. (7) أمالي الصدوق: 326 / 13 وأمالي الطوسي 2: 54 قطعة منه. (8) (قال حدثني محمد بن الحسن… الرضا) ليس في ” ط، م “، انظر رجال النجاشي: 39، معجم رجال الحديث 5: 34.

[ 71 ]

جعفر بن محمد، عن جده، عن أبيه الحسين، عن امه فاطمة (عليهم السلام)، قالت: قال لي أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياك والبخل، فإنه عاهة لا تكون في كريم، إياك والبخل فإنه شجرة في النار، وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله النار، والسخاء شجرة في الجنة، وأغصانها في الدنيا (1) فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة (2). 10 / 10 – وحدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو العباس عبد الرحمان بن محمد بن حماد، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن حكيم، قال: حدثنا أبو قتيبة (3)، قال: حدثنا الاصبغ بن زيد، عن سعيد بن راشد (4)، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله)، قالت: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عزوجل فيها خيرا إلا أعطاه إياه. قالت: فقلت: يا رسول الله، أي ساعة هي ؟ قال: إذا تدلى نصف عين الشمس للغروب. قال: وكانت فاطمة (عليها السلام) تقول لغلامها: اصعد على السطح، فإن رأيت نصف عين الشمس قد تدلى للغروب فأعلمني حتى أدعو (5).


(1) (وأغصانها في الدنيا) ليس في ” ع، م “. (2) قرب الاسناد: 55 ” نحوه “. (3) هو سلم بن قتيبة الشعيري، روى عن الاصبغ بن زيد بن علي الجهني، وروى عنه أبو سعيد يحيى بن حكيم المقومي، انظر تهذيب الكمال 3: 301 و 11: 232. (4) في ” ط، م، ع ” نافع، وفي المعاني: رافع. وما في المتن هو الصواب، روى عنه الاصبغ، انظر تهذيب الكمال 3: 301، واشار لهذا الحديث في لسان الميزان 3: 28 عن مسند إسحاق. (5) معاني الاخبار: 399 / 59.

[ 72 ]

11 / 11 – حدثنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري في الجزء الخامس من (مقاتل آل أبي طالب) ونحن نقرأه عليه، قال: حدثنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني الكاتب، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن محمد ابن الحسن بن محمد بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني سليمان بن أبي (1) العطوس، قال: حدثنا محمد بن عمران ابن أبي ليلى، قال: حدثنا عبد ربه – يعني ابن (2) علقمة – عن يحيى بن عبد الله، عن الذي أفلت من الثمانية، قال: لما أدخلنا الحبس قال علي بن الحسن: اللهم إن كان هذا من سخط منك علينا فاشدد حتى ترضى. فقال له عبد الله بن الحسن: ما هذا، يرحمك الله ؟ ! ثم حدثنا عبد الله، عن فاطمة الصغرى، عن أبيها (3)، عن جدتها فاطمة الكبرى بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالت: قال لي رسول الله: يدفن من ولدي سبعة بشاطئ الفرات، لم يسبقهم الاولون، ولم يدركهم الآخرون. فقلت: نحن ثمانية ! قال: هكذا سمعت. قال: فلما فتحوا الباب وجدوهم موتى، وأصابوني وبي رمق، فسقوني ماء وأخرجوني فعشت (4). 12 / 12 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثني موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن


(1) (أبي) ليس في المقاتل. (2) زاد في ” ط، م “: أبي، والصواب ما في المتن، ترجم له في الجرح والتعديل 6: 43 وذكر روايته عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، ورواية ابن أبي ليلى عنه. (3) (عن أبيها) ليس في ” ع “. (4) مقاتل الطالبيين: 131.

[ 73 ]

الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عبد الله ابن الحسن، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي، عن امه فاطمة بنت رسول الله (عليهم السلام) قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة، ألا اعلمك دعاء لا يدعو به أحد إلا استجيب له، ولا يحيك (1) في صاحبه سم ولا سحر، ولا يعرض له شيطان بسوء، ولا ترد له دعوة، وتقضى حوائجه كلها، التي يرغب إلى الله فيها عاجلها وآجلها ؟ قلت: أجل يا أبه، لهذا والله، أحب إلي من الدنيا وما فيها. قال: تقولين: يا الله، يا أعز مذكور وأقدمه قدما في العزة والجبروت، يا الله، يا رحيم كل مسترحم، ومفزع كل ملهوف، يا الله، يا راحم كل حزين يشكو بثه وحزنه إليه، يا الله، يا خير من طلب المعروف منه وأسرعه إعطاء، يا الله، يا من تخاف الملائكة المتوقدة بالنور منه، أسألك بالاسماء التي يدعوك بها حملة عرشك ومن حول عرشك، يسبحون بها شفقة من خوف عذابك، وبالاسماء التي يدعوك بها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل إلا أجبتني وكشفت يا إلهي كربتي، وسترت ذنوبي. يا من يأمر بالصيحة في خلقه فإذا هم بالساهرة [ يحشرون ] (2)، أسألك بذلك الاسم الذي تحيي به العظام وهي رميم، أن تحيي قلبي، وتشرح صدري، وتصلح شأني. يا من خص نفسه بالبقاء، وخلق لبريته الموت والحياة، يا من فعله قول، وقوله أمر، وأمره ماض على ما يشاء. أسألك بالاسم الذي دعاك به خليلك حين القي في النار، فاستجبت له وقلت: * (يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم) * (3) وبالاسم الذي دعاك به موسى من جانب الطور الايمن فاستجبت له دعاءه. وبالاسم الذي كشفت به عن أيوب الضر، وتبت به على داود، وسخرت به


(1) لا يحيك: لا يؤثر ” النهاية 1: 470 “. (2) ما بين المعقوفتين من مهج الدعوات. والساهرة: أرض يجددها الله يوم القيامة. ” لسان العرب – سهر – 4: 383 “. (3) الانبياء 21: 69.

[ 74 ]

لسليمان الريح تجري بأمره والشياطين، وعلمته منطق الطير. وبالاسم الذي وهبت به لزكريا يحيى، وخلقت عيسى من روح القدس من غير أب (1). وبالاسم الذي خلقت به العرش والكرسي. وبالاسم الذي خلقت به الروحانيين. وبالاسم الذي خلقت به الجن والانسن. وبالاسم الذي خلقت به جميع الخلق وجميع ما أردت من شئ. وبالاسم الذي قدرت به على كل شئ. أسألك بهذه الاسماء لما أعطيتني سؤلي (2)، وقضيت بها حوائجي. فإنه يقال لك: يا فاطمة، نعم نعم (3). 13 / 13 – وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني، المعروف بابن مقبرة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا جندل بن والق (4)، قال: حدثنا محمد بن عمر المازني (5)، عن عباد الكلبي (6)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين


(1) (من غير أب) ليس في ” ع “. (2) في ” م “: سؤالي. (3) مهج الدعوات: 139. (4) في ” ط “: وابق، وفي ” ع “: وامق، كلاهما تصحيف، ترجم له في تهذيب الكمال 5: 150، وذكر روايته عن محمد بن عمر المازني، ورواية محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي المعروف بمطين الكوفي عنه. (5) في ” ط، ع، م “: الملدي، تصحيف، صوابه ما في المتن من الامالي، وانظر التعليقة السابقة وسند الحديث (65). (6) في ” ط، ع، م “: الكليني، تصحيف، صوابه ما في المتن، عده البرقي في رجاله: 23، والطوسي في رجاله: 241 / 284 من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام).

[ 75 ]

ابن علي، عن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، قالت: خرج علينا رسول الله عشية عرفة، فقال: إن الله تعالى باهى بكم وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد، كل السعيد، حق السعيد، من أحب عليا في حياته وبعد موته، وأن الشقي، كل الشقي، حق الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد وفاته (1). 14 / 14 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن هارون ابن حميد المجدر (2)، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أمان، قال: حدثنا قطب بن زياد، عن ليث بن أبي (3) سليم، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن فاطمة الصغرى، عن أبيها الحسين (عليه السلام)، عن فاطمة الكبرى ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالت: إن النبي كان إذا دخل المسجد يقول: بسم الله، اللهم صل على محمد، واغفر ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج يقول: بسم الله، اللهم صل على محمد، واغفر ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك (4). 15 / 15 – وعنه، قال: حدثنا إبراهيم بن حماد القاضي، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبو جعفر الايادي، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن امه فاطمة ابنة (5)


(1) أمالي الصدوق: 153 / 8، بشارة المصطفى: 149 ” نحوه “، المناقب للخوارزمي: 37، الفصول المهمة: 125، وقطعة منه في العمدة: 200 / 304، وشرح ابن أبي الحديد 9: 168، وكشف الغمة 1: 450. (2) في ” ط “: محمد بن هارون بن المحرز، وفي ” ع “: محمد بن هارون بن حميد بن المحرز، وفي ” م “:… بن حميد المحرز، والظاهر صحة ما في المتن، ترجم له في تاريخ بغداد 3: 357، وسير أعلام النبلاء 14: 436. (3) (أبي) ليس في ” ع، م “، وهو ليث بن أبي سليم بن زنيم الكوفي، روى عن عبد الله بن الحسن، انظر تهذيب التهذيب 8: 465، معجم رجال الحديث 14: 139 و 140 والحديث الآتي. (4) مسند أبي يعلى 12: 121 / 16، ” نحوه “، أمالي الطوسي 2: 15 ” نحوه “. (5) في ” ع، م “: فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت.

[ 76 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: خياركم ألينكم مناكب، وأكرمهم لنسائهم (1). 16 / 16 – وعنه (2)، قال: حدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري، قال: أخبرنا أبو فاطمة محمد بن أحمد بن البهلول القاضي الانباري التنوخي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة الصغرى، عن أبيها (2) عن فاطمة الكبرى (عليها السلام)، قالت: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لكل نبي عصبة ينتمون إليه، وإن فاطمة عصبتي، إلي تنتمي (4). خبر الولادة 17 / 17 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثني أبو القاسم موسى بن محمد بن موسى الاشعري القمي، ابن اخت (5) سعد بن عبد الله، قال: حدثني الحسن بن محمد بن إسماعيل المعروف بابن أبي الشورى (6)، قال: حدثني عبيدالله بن علي بن أشيم، قال: حدثني يعقوب بن يزيد (7) الانباري، عن


(1) قطعة منه في الجعفريات: 35 والفردوس 2: 172 / 2858 وعوالي اللآلئ 1: 178 / 226 وكنز العمال 7: 525 / 20081. (2) أي الطبري المصنف، لان القاضي أبا إسحاق من شيوخه كما تقدم. (3) (عن أبيها) ليس في ” ع، م “. (4) بشارة المصطفى: 40 نحوه. (5) في ترجمته من رجال النجاشي: 407 / 1079: ابن بنت، وذكر له كتابا رواه عنه محمد بن عبد الله. وكذا في مصباح الانوار ” مخطوط “. (6) في مصباح الانوار: ابن أبي الشوارب. (7) في ” ط، ع، م “: زيد، تصحيف صوابه ما في المتن، روى عن حماد بن عيسى، انظر رجال النجاشي: 450 / 1215، معجم رجال الحديث 20: 147.

[ 77 ]

حماد (1) بن عيسى، عن زرعة بن محمد (2)، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): كيف كانت ولادة فاطمة (عليها السلام) ؟ قال: نعم، إن خديجة (رضوان الله عليها) لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة، فكن لا يدخلن عليها، ولا يسلمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة من ذلك. فلما حملت بفاطمة (عليها السلام)، وكانت خديجة تغتم وتحزن إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكانت فاطمة تحدثها من بطنها، وتصبرها، وكان حزن خديجة وحذرها على رسول الله. وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل يوما، فسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: يا خديجة، من يحدثك ؟ ! قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني. فقال لها: يا خديجة، هذا جبرئيل يبشرني بأنها انثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله (تعالى) سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة في الامة، ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه. فلم تزل خديجة عل ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم ليلين منها ما تلي النساء من النساء. فأرسلن إليها بأنك عصيتنا (3)، ولم تقبلي قولنا، وتزوجت محمدا، يتيم أبي طالب، فقيرا لا مال له، فلسنا نجيئك، ولا نلي من أمرك [ شيئا ] (4)، فاغتمت خديجة لذلك.


(1) في ” ط، ع، م “: همام، تصحيف، صوابه ما في المتن، روى عنه يعقوب ين يزيد، انظر رجال النجاشي: 142 / 370، معجم رجال الحديث 6: 224. (2) في ” ط، ع، م “: بن زرعة بن عبد الله، وما في المتن من الامالي ومصباح الانوار، وهو الصواب، روى عن المفضل بن عمر في موارد اخرى كثيرة. انظر معجم رجال الحديث 7: 261. (3) في ” م، ط “: أغضبتينا. (4) من الامالي ومصادر اخرى.

[ 78 ]

فبينا هي في ذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن، فقالت لها إحداهن: لا تحزني – يا خديجة – فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه صفوراء بنت شعيب، بعثنا الله إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء. فجلست واحدة عن يمينها، والاخرى (1) عن يسارها، والثالثة بين (2) يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت خديجة فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة، فلما سقطت إلى الارض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الارض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور. فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها، ودخلت عشر من الحور العين، كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق، وفي الابريق ماء من الكوثر، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوتين، أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة، وقنعتها بأخرى. ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الانبياء، وأن بعلي (3) سيد الاوصياء، وأن ولدي سيدا الاسباط. ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحدة منهن باسمها، وضحكن إليها. وتباشرت (4) الحور العين، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة (عليها السلام)، وحدث في السماء نور زاهر، لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، فلذلك سميت الزهراء (صلوات الله عليها). وقالت: خذيها، يا خديجة، طاهرة مطهرة، زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها. فتناولتها خديجة فرحة مستبشرة، فألقمتها ثديها، فشربت فدر عليها،


(1) في ” ط “: الثانية. (2) في ” ع، م “: من بين. (3) في ” ط “: بعلها عليا. (4) في ” ع، م “: تباشرن.

[ 79 ]

وكانت (عليها السلام) تنمو في كل يوم كما ينمو الصبي في شهر، وفي شهر كما ينمو الصبي في السنة، (صلوات الله عليها) (1). 18 / 18 – وحدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: روى أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران (2)، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: ولدت فاطمة (عليها السلام) في جمادى الآخرة يوم العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (صلى الله عليه وآله)، فأقامت بمكة ثمان سنين، وبالمدينة عشر سنين، وبعد وفاة أبيها خمسة وتسعين (3) يوما، وقبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) (4). ذكر أسمائها (صلوات الله عليها) 19 / 19 – أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني الحسن بن عبد الله، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند الله عزوجل:


(1) أمالي الصدوق: 475 / 1، الخرائج والجرائح 2: 524 / 1، الثاقب في المناقب: 285 / 244 و 286 / 245 قطعة منه، العدد القوية: 222 / 15. (2) في ” ط، ع، م “: بن بحر، وهو تصحيف، صوابه ما في المتن من البحار والعوالم، روى عن ابن سنان، وروى عنه ابن عيسى في موارد كثيرة، انظر معجم رجال الحديث 9: 299. (3) في ” ط، ع “: سبعين. (4) البحار 43: 9 / 16، عوالم فاطمة (عليها السلام): 36 / 5، وسيأتي في الحديث (43).

[ 80 ]

فاطمة، والمذوبة (1)، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية (2)، والرضية، والمحدثة، والزهراء. ثم قال (عليه السلام): أتدري أي شئ تفسير فاطمة ؟ قلت: أخبرني يا سيدي، فمما فطمت ؟ قال: من الشرك. قال: ثم قال (عليه السلام): لو لا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تزوجها لما كان لها كفؤ إلى يوم القيامة على وجه الارض من آدم فمن دونه (3). معنى المحدثة 20 / 20 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري (4)، عن محمد (5) بن زكريا الجوهري، قال: حدثني شعيب بن واقد، قال: حدثني إسحاق بن جعفر بن محمد، عن (6) عيسى ابن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:


(1) في ” ط ” وكتب الصدوق: الصديقة. (2) (والراضية) ليس في ” ع، م “. (3) الخصال: 414 / 3، أمالي الصدوق: 474 / 18، علل الشرائع: 178 / 3، نوادر المعجزات: 84 / 6. (4) في ” ط، ع، م “: السكوني، وهو تصحيف صوابه ما في المتن من عدة مواضع في كتب الشيخ الصدوق، وفي علل الشرائع: 178 / 1: أبو سعيد الحسن بن علي بن الحسين السكري. (5) في ” ط، ع، م “: أحمد، والصواب ما في المتن من علل الشرائع، وهو محمد بن زكريا بن دينار الغلابي البصري، له كتب كثيرة، منها: أخبار فاطمة (عليها السلام) ومنشؤها ومولدها. انظر رجال النجاشي: 346، معجم رجال الحديث 16: 87، والحديث الآتي. (6) في ” ط ” والعلل: بن، والظاهر صحة ما في المتن، وعيسى هو موتم الاشبال يكنى أبا يحيى، أسند عن الصادق (عليه السلام)، انظر رجال الطوسي: 257 / 553، معجم رجال الحديث 3: 42 و 13: 187.

[ 81 ]

سميت فاطمة محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما كانت تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا فاطمة، اقنتي لربك، الآية (1)، وتحدثهم ويحدثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله جعلك سيدة عالمك، وسيدة نساء الاولين والآخرين (2). حديث هجرتها (صلوات الله عليها) 21 / 21 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العريب الضبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي (3)، قال: حدثنا شعيب بن واقد، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال: لم تزل فاطمة تشب في اليوم كالجمعة، وفي الجمعة كالشهر، وفي الشهر كالسنة، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مكة إلى المدينة، وابتنى بها مسجدا، وأنس أهل المدينة به (صلى الله عليه وآله)، وعلت كلمته، وعرف الناس بركته، وسارت إليه الركبان، وظهر الايمان، ودرس القرآن، وتحدث الملوك والاشراف وخاف سيف نقمته الاكابر والاشراف، هاجرت فاطمة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ونساء المهاجرين، وكانت عائشة فيمن هاجر معها، فقدمت المدينة، فأنزلها النبي (صلى الله عليه وآله) على أم أيوب الانصاري. وخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) النساء، وتزوج سودة أول دخوله المدينة فنقل


(1) وهي في سورة آل عمران 3: 42، 43، وتتمتها: واسجدي واركعي مع الراكعين. (2) علل الشرائع: 182 / 1. ويأتي تحت الرقم (66). (3) صحف في ” ع، م “: العلائي، وهو من بني غلاب قبيلة بالبصرة من بني نصر بن معاوية، انظر التعليقة الثانية على الحديث السابق.

[ 82 ]

فاطمة إليها، ثم تزوج ام سلمة بنت أبي امية. فقالت ام سلمة: تزوجني رسول الله، وفوض أمر ابنته إلي، فكنت أدلها وأؤدبها، وكانت – والله – آدب مني، وأعرف بالاشياء كلها. وكيف لا تكون كذلك وهي سلالة الانبياء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ؟ ! (1) معرفة تزويجها بأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) 22 / 22 – وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب، قال: حدثنا أبو سهل محمود بن عمر بن جعفر بن إسحاق بن محمود العسكري، قال: حدثنا الاصم (2) بعسقلان، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا الشافعي محمد بن إدريس، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: ورد عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعثمان بن عفان إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال له عبد الرحمن: يا رسول الله، تزوجني فاطمة ابنتك ؟ وقد بذلت لها من الصداق مائة ناقة سوداء، زرق الاعين، محملة كلها قباطي مصر، وعشرة آلاف دينار. ولم يكن مع (3) رسول الله أيسر من عبد الرحمن وعثمان. قال عثمان: بذلت لها (4) ذلك، وأنا أقدم من عبد الرحمن إسلاما. فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) من مقالتيهما، ثم تناول كفا من الحصى، فحصب به عبد الرحمن، وقال له: إنك تهول علي بمالك ؟.


(1) البحار 43: 9 / 16. (2) هو المحدث مسند عصره محمد بن يعقوب بن يوسف، أبو العباس السناني المعقلي النيسابوري الاصم، حدث بكتاب الام للشافعي عن الربيع بن سليمان، ولد سنة (247) وتوفي سنة (346 ه‍)، انظر سير أعلام النبلاء 15: 452. (3) في ” ط “: يكن من أصحاب. (4) في ” ط “: وأنا أبذل. (*)

[ 83 ]

قال: فتحول الحصى درا، فقومت درة من تلك الدرر، فإذا هي تفي بكل ما يملكه عبد الرحمن. وهبط جبرئيل (عليه السلام) في تلك الساعة، فقال: يا أحمد، إن الله (تعالى) يقرئك السلام، ويقول: قم إلى علي بن أبي طالب، فإن مثله مثل الكعبة يحج إليها، ولا تحج إلى أحد. إن الله (تعالى) أمرني أن آمر رضوان خازن الجنة (1) أن يزين الاربع جنان، وأمر شجرة طوبى وسدرة المنتهى أن تحملا (2) الحلي والحلل، وأمر الحور العين أن يتزين، وأن يقفن تحت شجرة طوبى وسدرة المنتهى (3)، وأمر ملكا من الملائكة، يقال له (راحيل) وليس في الملائكة أفصح منه لسانا، ولا أعذب منطقا، ولا أحسن وجها، أن يحضر إلى ساق العرش. فلما حضرت الملائكة والملك أجمعون، أمرني أن أنصب منبرا من النور، وأمر راحيل – ذلك الملك – أن يرقى، فخطب خطبة بليغة من خطب النكاح، وزوج عليا من فاطمة بخمس الدنيا لها ولولدها إلى يوم القيامة. وكنت أنا وميكائيل شاهدين، وكان وليها الله (تعالى). وأمر شجرة طوبى وسدرة المنتهى أن تنثرا ما فيهما (4) من الحلي والحلل والطيب، وأمر الحور أن يلقطن ذلك، وأن يفتخرن به إلى يوم القيامة. وقد أمرك الله أن تزوجه بفاطمة في الارض، وأن تقول لعثمان بن عفان: أما سمعت قولي في القرآن: * (بسم الله الرحمن الرحيم * مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان) * (5) وما سمعت في كتابي: * (وهو الذى خلق من الماء بشرا


(1) في ” ط “: الجنان. (2) في ” م “: يحملن. (3) (أن تحملا الحلي… وسدرة المنتهى) ليس في ” ع “. (4) في ” ع، م “: ينثرن ما فيهن. (5) الرحمن 55: 19 – 20.

[ 84 ]

فجعله نسبا وصهرا) * (1) ؟ ! فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) كلام جبرئيل (عليه السلام) وجه خلف عمار بن ياسر وسلمان والعباس، فأحضرهم، ثم قال لعلي (عليه السلام): إن الله (تعالى) قد أمرني أن ازوجك. فقال: يا رسول الله، إني لا أملك إلا سيفي وفرسي ودرعي. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إذهب فبع الدرع. قال: فخرج علي (عليه السلام) فنادى على درعه، فبلغت أربعمائة درهم ودينار. قال: فاشتراها دحية بن خليفة الكلبي، وكان حسن الوجه (2)، لم يكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن منه وجها. قال: فلما أخذ علي (عليه السلام) الثمن وتسلم دحية الدرع عطف دحية على (3) علي، فقال: أسألك يا أبا الحسن أن تقبل مني هذه (4) الدرع هدية، ولا تخالفني في ذلك. قال: فحمل الدرع والدراهم، وجاء بهما إلى النبي، ونحن جلوس بين يديه، فقال له (5): يا رسول الله، إني بعت الدرع بأربعمائة درهم ودينار، وقد اشتراه دحية الكلبي، وقد أقسم علي أن أقبل الدرع هدية، وأيش تأمر (6)، أقبلها منه أم لا ؟ فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: ليس هو دحية، لكنه جبرئيل، وإن الدراهم من عند الله ليكون شرفا وفخرا لابنتي فاطمة. وزوجه النبي بها، ودخل بعد ثلاث. قال: وخرج علينا علي (عليه السلام) ونحن في المسجد، إذ هبط الامين جبرئيل وقد اهبط باترجة من الجنة، فقال له: يا رسول الله، إن الله يأمرك أن تدفع هذه الاترجة إلى علي بن أبي طالب.


(1) الفرقان 25: 54. (2) (كان حسن الوجه) ليس في ” ع، م “. (3) في ” ع، م “: إلى. (4) في ” ع، م “: هذا. (5) في ” ط “: تخالفني فأخذها منه وحمل الثمن والدرع جاء بهما إلى النبي فطرحهما بين يديه وقال. (6) في ” ط “: هدية فما تأمرني

[ 85 ]

قال: فدفعها النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي، فلما حصلت في كفه انقسمت قسمين: على قسم منها مكتوب: ” لا إله الا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين “. وعلى القسم الآخر مكتوب: ” هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب ” (1). 23 / 23 – وقال الشريف: حدثنا موسى بن عبد الله الجشمي [ باسناده ] (2) عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أنه قال: هممت بتزويج فاطمة حينا، ولم أجسر على أن أذكره (3) لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان ذلك يختلج في صدري ليلا ونهارا، حتى دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي. فقلت: لبيك يا رسول الله. فقال: هل لك في التزويج ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. فظننت أنه يريد أن يزوجني ببعض نساء قريش، وقلبي خائف من فوت فاطمة. ففارقته على هذا، فو الله ما شعرت حتى أتاني رسول رسول الله، فقال: أجب يا علي، وأسرع. قال: فأسرعت المضي إليه، فلما دخلت نظرت إليه، فلما رأيته ما رأيته أشد فرحا من ذلك اليوم، وهو (4) في حجرة ام سلمة فلما أبصرني تهلل وتبسم، حتى نظرت إلى بياض أسنانه لها بريق، قال: يا علي هلم فإن الله قد كفاني ما همني فيك من أمر تزويجك.


(1) نوادر المعجزات: 84 / 7. (2) من البحار، وهو الصواب لعدم إمكان رواية الجشمي عن أصحاب الصادق (عليه السلام) دون واسطة بحسب الطبقة. (3) في ” ط “: أجسر أن أذكر ذلك. (4) في ” ط “: كان.

[ 86 ]

فقلت: وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال: أتاني جبرئيل، ومعه من قرنفل الجنة وسنبلها قطعتان، فناولنيها، فأخذتهما وشممتهما، فسطع منها رائحة المسك، ثم أخذها مني، فقلت: يا جبرئيل، ما شأنهما (1) ؟ فقال: إن الله أمر سكان الجنة أن يزينوا الجنان كلها بمفارشها ونضودها وأنهارها وأشجارها، وأمر ريح الجنة التي يقال لها (المثيرة) فهبت في الجنة بأنواع العطر والطيب، وأمر الحور العين بقراءة سورتي (2) طه ويس، فرفعن (3) أصواتهن بهما. ثم نادى مناد: ألا إن اليوم يوم وليمة فاطمة بنت محمد، وعلي بن أبي طالب رضى مني بهما. ثم بعث الله (تعالى) سحابة بيضاء، فمطرت على أهل الجنة من لؤلؤها وزبرجدها وياقوتها، وأمر خدام الجنة أن يلقطوها، وأمر ملكا من الملائكة يقال له (4): (راحيل) فخطب خطبة (5) لم يسمع أهل السماء بمثلها. ثم نادى (تعالى): يا ملائكتي، وسكان جنتي، باركوا على نكاح فاطمة بنت محمد وعلي بن أبي طالب، فإني زوجت أحب النساء إلي من أحب الرجال إلي، بعد محمد. ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي، أبشر، أبشر، فإني قد زوجتك بابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن من فوق عرشه، وقد رضيت لها ولك ما رضي الله لكما، فدونك أهلك، وكفى – يا علي – برضاي رضى فيك. فقال: يا رسول الله، أو بلغ من شأني أن اذكر في أهل الجنة ؟ ! وزوجني الله في ملائكته ؟ ! فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي، إن الله إذا أحب عبدا أكرمه بما لا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.


(1) في ” ع، م “: سبيلها. (2) في ” ع، م “: حور عينها يقرأوا فيها سورة. (3) في ” ع، م “: فرفعوا. (4) في ” ط “: خدام الجنان أن يلتقطوها وأمر. (5) في ” ع، م “: فخطب راحيل بخطبة.

[ 87 ]

فقال علي (عليه السلام): يا رب، أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي. فقال النبي: آمين آمين. وقال علي (عليه السلام): لما أتيت رسول الله خاطبا ابنته فاطمة، قال: وما عندك تنقدني ؟ قلت له: ليس عندي إلا بعيري وفرسي ودرعي. قال: أما فرسك فلابد لك منه، تقاتل عليه، وأما بعيرك فحامل أهلك، وأما درعك فقد زوجك الله بها. قال علي: فخرجت من عنده والدرع على عاتقي الايسر، فذهبت (1) إلى سوق الليل فبعتها بأربعمائة درهم سود هجرية، ثم أتيت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فصببتها بين يديه، فو الله ما سألني عن عددها، وكان رسول الله سري (2) الكف، فدعا بلالا وملا قبضته، فقال: يا بلال، ابتع بها طيبا لابنتي فاطمة. ثم دعا ام سلمة وقال لها: يا ام سلمة، ابتاعي لابنتي فراشا من حلس (3) مصر، واحشيه ليفا، واتخذي لها مدرعة وعباءة قطوانية (4)، ولا تتخذي أكثر من ذلك فيكونا من المسرفين. وصبرت أياما ما أذكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا من أمر ابنته، حتى دخلت على ام سلمة، فقالت لي: يا علي، لم لا تقول لرسول الله يدخلك على أهلك ؟ قال: قلت: أستحي منه أن أذكر له شيئا من هذا. فقالت ام سلمة: ادخل عليه، فإنه سيعلم ما في نفسك. قال علي: فدخلت عليه، ثم خرجت، ثم دخلت ثم خرجت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحسبك أنك تشتهي الدخول على أهلك ؟ قال: قلت: نعم، فداك أبي وامي يا رسول الله.


(1) في ” ع، م “: فدعيت. (2) السرو: السخاء ” لسان العرب – سرا – 14: 378 “. (3) الحلس: بساط البيت ” لسان العرب – حلس – 6: 54 “. (4) القطوانية: عباءة بيضاء قصيرة الخمل ” النهاية 4: 85 “.

[ 88 ]

فقال (صلى الله عليه وآله): غدا إن شاء الله (تعالى) (1). خبر الخطبة بجمع من الناس 24 / 24 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العريب الضبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي، قال: حدثنا شعيب بن واقد، عن الليث، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن جابر، قال: لما أراد رسول الله أن يزوج فاطمة عليا (عليه السلام) قال له: اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإني خارج في أثرك، ومزوجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك. قال علي: فخرجت من عند رسول الله وأنا ممتلئ (2) فرحا وسرورا، فاستقبلني أبو بكر وعمر، فقالا: ما وراءك يا أبا الحسن ؟ فقلت: يزوجني رسول الله فاطمة، وأخبرني أن الله قد زوجنيها، وهذا رسول الله خارج في أثري، ليذكر بحضرة الناس. ففرحا وسرا، ودخلا معي المسجد. قال علي (عليه السلام): فو الله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله، وإن وجهه ليتهلل فرحا وسرورا. فقال (صلى الله عليه وآله): أين بلال ؟ فأجاب: لبيك وسعديك يا رسول الله. ثم قال: أين المقداد ؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله. ثم قال: أين سلمان ؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله. ثم قال: أين أبو ذر ؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله، فلما مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم، فقوموا في جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين والانصار والمسلمين. فانطلقوا لامر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأقبل رسول الله فجلس على أعلى


(1) تفسير فرات: 413، البحار 104: 87 / 53، قطعة منه في أمالي الصدوق: 448 / 1، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 222 / 1، وروضة الواعظين: 144. (2) في ” ع، م “: وأنا لا أعقل.

[ 89 ]

درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الارض فدحاها، وأثبتها بالجبال فأرساها وأخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفات الواصفين، وتجلل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني رحمة للمؤمنين، ونقمة على الكافرين (1). عباد الله، إنكم في دار أمل، بين حياة وأجل، وصحة وعلل، دار زوال، وتقلب أحوال (2)، جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرءا قصر من أمله، وجد في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته، فقدمه (3) ليوم فاقته. يوم تحشر فيه الاموات، وتخشع فيه (4) الاصوات، وتنكر الاولاد والامهات، * (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) * (5). * (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) * (6). * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء وتود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) * (7). * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (8). ليوم تبطل فيه الانساب، وتقطع الاسباب، ويشتد فيه على المجرمين الحساب، ويدفعون إلى العذاب، فمن زحزح على النار وادخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا


(1) في ” ع، م “: وجعلني نقمة للكافرين ورحمة ورأفة على المؤمنين. (2) في ” ط “: متقلبة الحال. (3) في ” ع، م “: قدم. (4) في ” ع، م “: له. (5) الحج 22: 2. (6) النور 24: 25. (7) آل عمران 3: 30. (8) الزلزلة 99: 7 – 8.

[ 90 ]

إلا متاع الغرور. أيها الناس، إنما الانبياء حجج الله في أرضه، الناطقون بكتابه، العاملون بوحيه، وإن الله عزوجل أمرني أن أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي: علي بن أبي طالب، والله عز شأنه قد زوجه بها (1) في السماء، بشهادة (2) الملائكة، وأمرني أن ازوجه في الارض (3)، واشهدكم على ذلك. ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: قم، يا علي، فاخطب لنفسك. قال: يا رسول الله، أخطب وأنت حاضر ؟ ! قال: اخطب، فهكذا أمرني جبرئيل أن آمرك أن تخطب لنفسك، ولولا أن الخطيب في الجنان داود لكنت أنت يا علي. ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): أيها الناس، اسمعوا قول نبيكم، إن الله بعث أربعة آلاف نبي، لكل نبي وصي، وأنا خير الانبياء، ووصيي خير الاوصياء. ثم أمسك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وابتدأ علي (عليه السلام) فقال: الحمد لله الذي ألهم بفواتح علمه الناطقين، وأنار بثواقب عظمته قلوب المتقين، وأوضح بدلائل أحكامه طرق السالكين، وأبهج (4) بابن عمي المصطفى العالمين، حتى (5) علت دعوته دعوة (6) الملحدين، واستظهرت كلمته على بواطل (7) المبطلين، وجعله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، فبلغ رسالة ربه، وصدع بأمره، وبلغ عن الله آياته. والحمد لله الذي خلق العباد بقدرته، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله)، ورحم وكرم وشرف وعظم.


(1) في ” ع، م “: علي بن أبي طالب وان قد زوجه. (2) في ” ط “: وأشهد. (3) (في الارض) ليس في ” ع، م “. (4) في ” ع، م “: طرق الفاصلين، وأنهج. (5) في ” ع، م “: و. (6) في ” ع، م “: دواعي، ظ دعاوى. (7) في ” ط “: بواطن.

[ 91 ]

والحمد لله على نعمائه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة إخلاص (1) ترضيه، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه (2) وتحظيه. وبعد: فإن (3) النكاح مما أمر الله (تعالى) به، وأذن فيه، ومجلسنا هذا مما قضاه ورضيه، وهذا محمد بن عبد الله رسول الله (4) زوجني ابنته فاطمة، على صداق أربعمائة درهم ودينار، وقد رضيت بذلك، فاسألوه وأشهدوا. فقال المسلمون: زوجته يا رسول الله ؟ قال: نعم. قال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما، وجمع شملهما. (5) حديث المهر وكم قدره 25 / 25 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد بن إبراهيم ابن سعد (6) التلعكبري، قال: أخبرني أبي، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثني الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ضجت الملائكة إلى الله (تعالى)، فقالوا: إلهنا وسيدنا، أعلمنا ما مهر فاطمة (7)، لنعلم ونتبين أنها أكرم الخلق عليك.


(1) في ” ع “: اقيله و، و ” م “: ظ تبلغه و، كما في نوادر المعجزات. (2) في ” ع، م “: تريحه، وفي نوادر المعجزات: تزكيه. (3) (بعد فإن) ليس في ” ع، م “. (4) (رسول الله) ليس في ” ع، م “. (5) نوادر المعجزات: 87 / 8. (6) نسبه في رجال النجاشي: 439… بن أحمد بن سعيد بن سعيد. (7) في ” ع، م “: ما مهرها.

[ 92 ]

فأوحى الله (تعالى) إليهم: يا ملائكتي، وسكان سماواتي، اشهدكم أن مهر فاطمة بنت محمد نصف الدنيا. (1) 26 / 26 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس غياث الديلمي، عن الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي، عن زيد الهروي (2)، عن الحسن بن مسكان، عن نجبة، عن جابر الجعفي، قال: قال سيدي الباقر محمد بن علي (عليه السلام) في قول الله (تعالى): * (وإذ استسقى موسى لقومه – إلى قوله – مفسدين) * (3): إن قوم موسى شكوا إلى ربهم الحر والعطش، فاستسقى موسى الماء، وشكا إلى ربه (تعالى) مثل ذلك. وقد شكا المؤمنون إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، عرفنا من الائمة بعدك ؟ فما مضى من نبي إلا وله أوصياء وأئمة بعده، وقد علمنا أن عليا وصيك، فمن الائمة من بعده ؟ فأوحى الله إليه: إني قد زوجت عليا بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي، وجعلت جبرئيل خطيبها، وميكائيل وليها، وإسرافيل القابل عن علي، وأمرت شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب، والدر، والياقوت، والزبرجد الاحمر، والاخضر، والاصفر، والمناشير المخطوطة بالنور، فيها أمان للملائكة مذخور إلى يوم القيامة، وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا، وثلثي الجنة، وجعلت نحلتها في الارض أربعة أنهار: الفرات، والنيل، ونهر دجلة، ونهر بلخ، فزوجها أنت – يا محمد – بخمسمائة درهم، تكون سنة لامتك، فإنك إذا زوجت عليا من فاطمة جرى منهما (4) أحد عشر إماما من صلب علي، سيد كل امة إمامهم في زمنه، ويعلمون كما علم قوم موسى مشربهم.


(1) نوادر المعجزات: 90 / 9، مدينة المعاجز: 146. (2) في ” ع “: الهراري، و ” م “: الهراوي. (3) البقرة 2: 60. (4) في ” ع “: منها.

[ 93 ]

وكان تزويج أمير المؤمنين (عليه السلام) بفاطمة (عليها السلام) في السماء إلى تزويجها في الارض أربعين يوما. (1) خبر محمود الملك (2) 27 – 27 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثني جعفر بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى (3) بن محمد، عن أحمد بن محمد البزنطي، عن علي بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها، فقال له رسول الله: حبيبي جبرئيل، لم أرك في مثل هذه الصورة ؟ فقال الملك: لست بجبرئيل، أنا محمود، بعثني الله أن ازوج النور من النور. قال: من ممن ؟ قال: فاطمة من علي. قال: فلما ولى الملك إذا بين كتفيه مكتوب: محمد رسول الله، وعلي وصيه، فقال له (4) رسول الله: منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟ فقال: من قبل أن يخلق الله (عزوجل) آدم بمائتين وعشرين ألف عام. (5)


(1) نوادر المعجزات: 90 / 10، مدينة المعاجز: 146. (2) في ” ط ” زيادة: الهابط على النبي. (3) في ” ع “: علي، وفي ” م “: يعلى، وكلاهما تصحيف وما في المتن هو الصواب من ” ط ” وبقية المصادر ومعجم رجال الحديث 18: 250، وللمعلى كتب رواها عنه النجاشي والطوسي باسنادهما إلى الحسين بن محمد بن عامر عنه. رجال النجاشي: 418، الفهرست: 165. (4) (له) ليس في ” ع، م “. (5) الكافي 1: 383 / 8، الخصال: 640 / 17، معاني الاخبار: 103 / 1، أمالي الصدوق: 474 / 19، نوادر المعجزات: 92 / 11، وفي المصادر الاربعة المتقدمة: باثنين وعشرين ألف عام.

[ 94 ]

خبر النثار 28 / 28 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى (1)، قال: حدثنا أبو القاسم التستري، قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عن علي (عليهم السلام) (2) قال: لما زوجني النبي (صلى الله عليه وآله) (3) بفاطمة قال لي: أبشر، فإن الله قد كفاني ما أهمني من أمر تزويجك. قلت: وما ذاك ؟ قال: أتاني جبرئيل بسنبلة من سنابل الجنة، وقرنفلة من قرنفلها، فأخذتهما وشممتهما، وقلت: يا جبرئيل، ما شأنهما (4) ؟ فقال: إن الله أمر ملائكة الجنة وسكانها أن يزينوا الجنة بأشجارها، وأنهارها، وقصورها، ودورها، وبيوتها، ومنازلها، وغرفها، وأمر الحور العين أن يقرأن حمعسق، ويس، ثم نادى مناد: اشهدوا أجمعين، الله يقول: إني قد زوجت فاطمة بنت محمد من علي بن أبي طالب. ثم بعث الله سحابة فأمطرت عليهم الدر، والياقوت، واللؤلؤ، والجوهر، ونثرت السنبل والقرنفل، فهذا مما نثرت على الملائكة (5).


(1) أبو أحمد الجلودي الازدي، شيخ البصرة وأخباريها، عد النجاشي من كتبه كتاب: تزويج فاطمة (عليها السلام)، رجال النجاشي: 240. (2) في ” ط “: علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) عن آبائه، عن علي. (3) في ” ع “: لما زوج النبي (صلى الله عليه وآله) عليا. (4) في ” ع، م “: سببهما. (5) أمالي الصدوق: 448 / 1، نوادر المعجزات: 93 / 12، مدينة المعاجز: 147.

[ 95 ]

خبر الوليمة 29 / 29 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا (1) محمد بن سنان، عن جعفر بن قرط، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) بعلي (عليه السلام) قال حين عقد العقد: من حضر نكاح علي فليحضر طعامه. قال: فضحك المنافقون، وقالوا: إن الذين حضروا العقد حشر من الناس، وإن محمدا سيضع طعاما لا يكفي عشرة اناس، فسيفتضح محمد اليوم (2). وبلغ ذلك إليه، فدعا بعميه حمزة والعباس، وأقامهما على باب داره وقال لهما: أدخلا الناس عشرة عشرة. وأقبل على علي وعقيل فأزرهما ببردين يمانيين، وقال: انقلا على أهل التوحيد الماء، واعلم – يا علي (3) – أن خدمتك للمسلمين أفضل من كرامتك لهم (4). قال: وجعل الناس يردون عشرة عشرة، فيأكلون ويصدرون حتى أكل الناس من طعامه (5) ثلاثة أيام، والنبي (صلى الله عليه وآله) يجمع بين الصلاتين (6): الظهر والعصر، (7) والمغرب والعشاء الآخرة.


(1) في ” ع “: حدثني. (2) في ” ع، م “: قالوا إن محمدا قد صنع طعاما يكفي عشرة اناس، وحشر الناس، اليوم يفتضح محمد. (3) في ” ط “: أخي. (4) في ” ط “: كرامتكم. (5) في ” ع، م “: أكل من طعام املاك علي من الناس. (6) في ” ط “: زيادة: في. (7) في ” ط ” زيادة: في.

[ 96 ]

وجعل الناس يصدرون، فعندها قال النبي: اين عمي العباس ؟ فأجابه: لبيك يا رسول الله. قال النبي: يا عم، مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون ؟ ! قال: يا ابن أخي، ما (1) في المدينة مؤمن إلا وقد أكل من طعامك، حتى ان جماعة من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين، فأحببنا أن لا نمنعهم ليروا ما أعطاك الله (تعالى) من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة. قال النبي: يا عم، أتعرف عدد القوم ؟ قال: لا علم لي (2)، ولكن إن أردت أن تعرف عدد القوم فعليك بعمك حمزة. فنادى النبي: أين عمي حمزة ؟ فأقبل يسعى، وهو يجر سيفه على الصفا (3) – وكان لا يفارقه سيفه شفقة على دين الله – فلما دخل على النبي رآه ضاحكا، فقال له النبي: مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون ؟ قال: لكرامتك على ربك، اطعم الناس من طعامك حتى ما تخلف عنه موحد ولا ملحد. قال: كم طعم منهم ؟ هل تعرف عددهم ؟ قال: والله، ما شذ علي رجل واحد، أكل من طعامك في أيامك تلك بعدة ثلاثة آلاف وعشرة اناس من المسلمين، وثلاثمائة رجل من المنافقين. فضحك النبي (صلى الله عليه وآله) حتى بدت نواجذه. ثم دعا بصحاف، وجعل يغرف فيها ويبعث به مع عبد الله بن الزبير و عبد الله ابن عقبة (4) إلى بيوت الارامل والضعفاء والمساكين من المسلمين والمسلمات، والمعاهدين والمعاهدات، حتى لم يبق يومئذ بالمدينة دار ولا منزل إلا ادخل إليه من طعام النبي (صلى الله عليه وآله).


(1) في ” ط “: لم يبق. (2) في ” ط “: فقال: لا أعلم. (3) الصفا: الصخرة والحجر الاملس ” النهاية 3: 41 “. (4) كذا في النسخ، ولم يتبين لنا من هو، ولعل (عقبة) تصحيف (عتبة)، انظر اسد الغابة 3: 202.

[ 97 ]

ثم نادى: هل فيكم رجل يعرف المنافقين ؟ فأمسك الناس، فنادى الثانية فلم يجبه أحد، فنادى: أين حذيفة بن اليمان. قال حذيفة: وكنت في هم (1) من العلة، وكانت الهراوة بيدي، وكنت أميل ضعفا، فلما نادى باسمي لم أجد بدا أن ناديت: لبيك يا رسول الله. وجعلت أدب فلما وقفت بين يديه، قال: يا حذيفة، هل تعرف المنافقين ؟ قال حذيفة: ما المسؤول أعلم بهم من السائل. قال: يا حذيفة، ادن مني فدنا حذيفة من النبي، فقال النبي: استقبل القبلة بوجهك. قال حذيفة: فاستقبلت القبلة بوجهي، فوضع النبي يمينه بين منكبي، فلم يستتم وضع يمينه بين كتفي حتى وجدت برد أنامل النبي في صدري، وعرفت المنافقين بأسمائهم وأسماء آبائهم وامهاتهم (2)، وذهبت العلة من جسدي، ورميت بالهراوة من يدي، وأقبل علي النبي فقال: انطلق حتى تأتيني بالمنافقين رجلا رجلا. قال حذيفة: فلم أزل اخرجهم من أوطانهم، فجمعتهم في منزل النبي وحول (3) منزله، حتى جمعت مائة رجل واثنين وسبعين رجلا، ليس فيهم رجل (4) يؤمن بالله و (5) يقر بنبوة رسوله. قال: فأقبل النبي على علي (عليه السلام) وقال: احمل هذه الصحفة إلى القوم. قال علي: فأتيت لاحمل الصحفة، فلم أقدر عليها، فأستعنت بأخي جعفر وبأخي عقيل، فلم أقدر عليها، فلم نزل نتكامل حول الجفنة إلى أن صرنا أربعين (6) رجلا فلم نقدر عليها، والنبي قائم على باب الحجرة ينظر إلينا ويتبسم، فلما أن علم


(1) في ” ط “: ضعف. (2) المشهور عند الفريقين أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله)، والمراد بالسر ما أعلمه من أحوال المنافقين. انظر صحيح البخاري 5: 99 / 231، سير أعلام النبلاء 2: 361. (3) في ” ط “: أزل أدعوهم وأخرجهم من بيوتهم وأجمعهم حول. (4) في ” ط “: من. (5) في ” ع، م “: ولا. (6) في ” ط “: لاحملها فلم أطق فاستعنت بأخي عقيل فلم نقدر، فتكامل معي اربعون.

[ 98 ]

أن لا طاقة لنا بها، قال: تباعدوا عنها، فتباعدنا فطرح ذيل بردته (1) على عاتقه، وجعل كفه تحت الصحفة وشالها إلى منكبه، وجعل يجري (2) بها كما ينحدر سحاب في (3) صبب (4) فوضع الصحفة بين أيدي المنافقين، وكشف الغطاء عنها، والصحفة على حالها لم ينقص منها، ولا خردلة واحدة، ببركة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض، وأقبل الاصاغر على الاكابر وقالوا: لا جزيتم عنا خيرا، أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا، تصدونا عن دين محمد، ولا بيان أوثق مما رأينا، ولا شرح (5) أوضح مما سمعنا ؟ ! وأنكر الاكابر على الاصاغر، فقالوا لهم: لا تعجبوا من هذا، فإن هذا قليل من سحر محمد. فلما سمع النبي مقالتهم حزن حزنا شديدا، ثم أقبل عليهم فقال: كلوا، لا أشبع الله بطونكم. فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة ويهوي بها إلى فيه، فيلوكها لوكا شديدا، يمينا وشمالا، حتى إذا هم ببلعها خرجت اللقمة من فيه، كأنها حجر. فلما طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب، وقالوا: يا محمد. قال النبي: يا محمد ! قالوا: يا أبا القاسم. قال النبي: يا أبا القاسم ! قالوا: يا رسول الله. قال النبي: لبيكم. وكان (صلى الله عليه وآله) إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمد، أجاب بهما، وإذا نودي بكنيته، أجاب بها، وإذا نودي بالرسالة والنبوة (6) أجاب بالتلبية. فقال النبي: ما الذي تريدون ؟ قالوا: يا محمد، التوبة التوبة، ما نعود – يا محمد


(1) في ” ع، م “: فتباعد الناس وطرح النبي ذيله. (2) في ” ع، م “: يخمر. (3) في ” ع، م “: كما يقلع صحاف ينحدر من. (4) الصبب: الموضع المنحدر ” النهاية 3: 3 “. (5) في ” ط “: شرع. (6) في ” ع، م “: نودي بالنبوة.

[ 99 ]

– في نفاقنا أبدا. فقام النبي (1) على قدميه، ورفع يديه إلى السماء، ونادى: اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم، وإلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا ولا قردا. لانه رحيم بامته. قال: فما اشبه ذلك اليوم إلا بيوم القيامة، كما قال الله (عزوجل): * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * (2) فأما من آمن بالنبي فصار وجهه كالشمس عند ضيائها (3)، وكالقمر في نوره. وأما من كفر من المنافقين، وانقلب إلى النفاق والشقاق، فصار وجهه كالليل في ظلامه. وآمن بالنبي مائة رجل، وانقلب إلى الشقاق والنفاق اثنان وسبعون رجلا، فاستبشر النبي بإيمان من آمن. وقال: لقد هدى الله هؤلاء ببركة علي وفاطمة. وخرج المؤمنون متعجبون من بركة الصحفة ومن أكل منها من الناس. فأنشد ابن رواحة شعرا: نبيكم خير النبيين كلهم * كمثل سليمان يكلمه النمل (4) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أسمعت خيرا يا بن رواحة، إن سليمان نبي، وأنا خير منه ولا فخر، كلمته النملة، وسبحت في يدي صغار الحصى، فنبيكم خير النبيين كلهم ولا فخر، فكلهم إخواني. فقال رجل من المنافقين: يا محمد، وعلمت أن الحصى سبح في كفك، قال: إي، والذي بعثني بالحق نبيا. فسمعه رجل من اليهود، فقال: والذي كلم موسى بن عمران على الطور، ما سبح في كفك الحصى.


(1) في ” ع، م ” زيادة: قائما. (2) آل عمران 3: 106. (3) في ” ط “: كالشمس في إشراقها. (4) (نبيكم خير… النمل) ليس في ” ع، م “.

[ 100 ]

فقال النبي: بلى، والذي كلمني في (1) الرفيع الاعلى، من وراء سبعين حجابا، غلظ كل حجاب مائة عام. ثم قبض النبي على كف من الحصى، فوضعه في راحته، فسمعنا له دويا كدوي الاذن إذا سدت بالاصبع. فلما سمع اليهودي ذلك، قال: يا محمد، لا أثر بعد عين، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأنك – يا محمد – رسوله. وآمن من المنافقين أربعون رجلا، وبقي اثنان وثلاثون رجلا (2). خبر ليلة الزفاف 30 / 30 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثني أحمد بن (3) محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن جده محمد الباقر (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: لما زوج رسول الله فاطمة من علي أتاه اناس من قريش فقالوا إنك زوجت عليا بمهر قليل ! فقال: ما أنا زوجت عليا، ولكن الله زوجه ليلة اسري بي إلى السماء، فصرت عند سدرة المنتهى، أوحى الله إلى السدرة: أن انثري ما عليك، فنثرت الدر والجوهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهن يتهادينه ويتفاخرن به، ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد. فلما كانت ليلة الزفاف، أتى النبي ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي. وأمر سلمان أن يقودها، والنبي يسوقها، فبينا هم في بعض الطريق إذ


(1) في ” ع، م “: على. (2) إثبات الهداة 2: 175 / 646 صدره، مدينة المعاجز: 147. (3) (أحمد بن) ليس في الامالي.

[ 101 ]

سمع النبي وجبة (1)، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا من الملائكة، وميكائيل في سبعين ألفا، فقال النبي: ما أهبطكم إلى الارض ؟ ! قالوا: جئنا نزف (2) فاطمة إلى زوجها علي ابن أبي طالب. فكبر جبرئيل وميكائيل، وكبرت الملائكة،، وكبر رسول الله، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة. قال علي (عليه السلام): ثم دخل إلى منزله، فدخلت إليه، ودنوت منه، فوضع كف فاطمة الطيبة في كفي وقال: ادخلا المنزل، ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما. قال علي: فدخلت أنا وهي المنزل، فما كان إلا أن دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبيده مصباح، فوضعه في ناحية المنزل، ثم قال: يا علي، خذ في ذلك القعب ماء من تلك الشكوة (3). قال: ففعلت، ثم أتيته به، فتفل فيه (صلى الله عليه وآله) تفلات، ثم ناولني القعب، فقال: اشرب. فشربت، ثم رددته إلى رسول الله، فناوله فاطمة، ثم قال: اشربي حبيبتي فجرعت منه ثلاث جرعات، ثم ردته إلى أبيها، فأخذ ما بقي من الماء، فنضحه على صدري وصدرها، ثم قال: * (إنما يريد الله ليذهب) * (4) إلى آخر الآية. ثم رفع يديه وقال: يا رب، إنك لم تبعث نبيا إلا وقد جعلت له عترة، اللهم فاجعل عترتي الهادية من علي وفاطمة. ثم خرج. قال علي: فبت بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها، فلما أن كان في آخر السحر أحسست بحس رسول الله (صلى الله عليه وآله) معنا، فذهبت لانهض، فقال لي: مكانك يا علي، أتيتك في فراشك رحمك الله. فأدخل (صلى الله عليه وآله) رجليه معنا في الدثار، ثم أخذ مدرعة كانت تحت رأس فاطمة، ثم استيقظت فاطمة فبكى، وبكت، وبكيت لبكائهما، فقال لي: ما يبكيك يا علي ؟ قال: قلت: فداك أبي وأمي، لقد بكيت وبكت فاطمة، فبكيت لبكائكما.


(1) الوجبة: صوت السقوط ” النهاية 5: 154 “. (2) في ” ط “: لزفاف. (3) الشكوة: وعاء كالدلو، أو القربة الصغيرة. والقعب: القدح الضخم. (4) الاحزاب 33: 33.

[ 102 ]

قال نعم: أتاني جبرئيل فبشرني بفرخين يكونان لك، ثم عزيت بأحدهما، وعرفت أنه يقتل غريبا عطشانا. فبكت فاطمة حتى علا بكاؤها، ثم قالت: يا أبه، لم يقتلوه وأنت جده، وأبوه علي، وأنا امه ؟ قال: يا بنية، لطلبهم (1) الملك، أما إنه سيظهر عليهم سيف لا يغمد إلا على يد المهدي من ولدك. يا علي، من أحبك وأحب ذريتك فقد أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أبغضك وأبغض ذريتك فقد أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، وأدخله النار (2). 31 / 31 – وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن علي بن مهدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه الباقر (عليهم السلام)، قال: حدثني جابر ابن عبد الله الانصاري، قال: لما كانت الليلة التي أهدى فيها رسول الله فاطمة إلى علي (عليهم السلام)، دعا بعلي فأجلسه عن يمينه، ودعا بها (عليها السلام) فأجلسها عن شماله، ثم جمع رأسيهما، ثم قام، وقاما وهو بينهما، يريد منزل علي (عليه السلام)، فكبر جبرئيل في الملائكة، فسمع النبي التكبير، فكبر وكبر المسلمون، وهو أول تكبير كان في زفاف، فصارت سنة. (3) 32 / 32 – وحدثنا أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا أبو الحسن الاسدي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، قال: حدثني (4) أبي، عن علي بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: لما زفت فاطمة إلى علي (عليه السلام)، نزل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ونزل


(1) في ” ع، م “: طلب. (2) نوادر المعجزات: 94 / 14، مدينة المعاجز: 148 وقطعة منه في زمن لا يحضره الفقيه 3: 253 / 1، وأمالي الطوسي 1: 263. (4) مدينة المعاجز: 148. (5) في ” ع “: حدثنا.

[ 103 ]

منهم سبعون ألف ملك. قال: فقدمت بغلة رسول الله (دلدل) وعليها شملة، قال فأمسك جبرئيل باللجام، وأمسك إسرافيل بالركاب، وأمسك ميكائيل بالثفر (1)، ورسول الله يسوي عليها ثيابها، فكبر جبرئيل، وكبر إسرافيل، وكبر ميكائيل، وكبرت الملائكة، وجرت به السنة بالتكبير في الزفاف إلى يوم القيامة. (2) خبر الطيب 33 / 33 – حدثني (3) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري القاضي، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين علي بن عمر بن الحسن بن علي بن مالك السياري (4)، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، عن محمد بن عمار بن ياسر، قال: سمعت أبي عمار بن ياسر يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي يوم زوجه فاطمة: يا علي، إرفع رأسك إلى السماء فانظر ما ترى. قال: أرى جوار مزينات، معهن هدايا. قال: فأولئك خدمك وخدم فاطمة في الجنة، انطلق إلى منزلك، ولا تحدث شيئا حتى آتيك. فما كان إلا أن مضى (5) رسول الله إلى منزله، وأمرني أن أهدي لها طيبا. قال عمار: فلما كان من الغد جئت إلى منزل فاطمة ومعي الطيب، فقالت: يا


(1) الثفر: السير الذي في مؤخر السرج ” لسان العرب – ثفر – 4: 105 “. (2) كشف الغمة 1: 368، مدينة المعاجز: 148. (3) في ” ع “: حدثنا. (4) في ” ع، م “: السباي. (5) كذا في نوادر المعجزات، وفي ” ط “: فما كان إلا كلا ولا حتى مضى ؟ وفي ” م “: فما كان إلا كلا شئ حتى مضى ؟ وفي ” ع “: سقط قوله (إلى منزلك… رسول الله).

[ 104 ]

أبا اليقظان، ما هذا الطيب ؟ قلت: طيب أمرني به أبوك أن أهديه لك. فقالت: والله، لقد أتاني من السماء طيب مع جوار من الحور العين، وإن فيهن جارية حسناء كأنها القمر ليلة البدر، فقلت: من بعث بهذا الطيب ؟ فقالت: دفعه إلي (1) رضوان خازن الجنة، وأمر هؤلاء الجواري أن ينحدرن معي، ومع كل واحدة منهن ثمرة من ثمار الجنة في اليد اليمنى، وفي اليد اليسرى نخبة (2) من رياحين الجنة. فنظرت إلى الجواري وإلى حسنهن، فقلت: لمن أنتن ؟ فقلن: نحن لك، ولاهل بيتك، ولشيعتك من المؤمنين، فقلت: أفيكن من أزواج ابن عمي أحد ؟ قلن: أنت زوجته في الدنيا والآخرة، ونحن خدمك وخدم ذريتك. وحملت بالحسن، فلما رزقته حملت بعد اربعين يوما بالحسين، ورزقت زينب وام كلثوم، وحملت بمحسن، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها، وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وما لحقها من الرجل (3) أسقطت به ولدا تماما، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها (صلوات الله عليها). (4) خبر مصحفها (صلوات الله عليها) 34 / 34 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثني علي بن سليمان وجعفر ابن محمد، عن علي بن أسباط، عن الحسين (5) بن أبي العلاء وعلي بن أبي حمزة، عن


(1) في ” ط “: فقالت: بعثه. (2) في ” ط “: طاقة. (3) في ” ع، م “: الوجل. (4) نوادر المعجزات: 96 / 15. (5) في ” ط، ع، م “: الحسن، مكبرا، وهو تصحيف، وهو الحسين بن خالد أبي العلاء الخفاف، كان ثقة وجيها،

[ 105 ]

أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن مصحف فاطمة (صلوات الله عليها)، فقال: انزل عليها بعد موت أبيها. فقلت: ففيه شئ من القرآن ؟ قال: ما فيه شئ من القرآن. قال: قلت: فصفه لي. قال: له دفتان من زبرجدتين على طول الورق وعرضه حمراوين. قلت له: جعلت فداك صف لي ورقه. قال: ورقه من در أبيض قيل له: (كن) فكان. قلت: جعلت فداك، فما فيه ؟ قال: فيه خبر ما كان، وخبر ما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماء سماء، وعدد ما في سماء سماء (1) من الملائكة، وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلا وغير مرسل، وأسماؤهم، وأسماء الذين ارسلوا (2) إليهم، وأسماء من كذب ومن أجاب منهم، وفيه أسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين، من الاولين والآخرين، وأسماء البلدان، وصفه (3) كل بلد في شرق الارض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين، وعدد ما فيها من الكافرين، وصفة كل من كذب، وصفة القرون الاولى وقصصهم، ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم (4) وعددهم، وفيه أسماء الائمة وصفتهم، وما يملك واحدا واحدا، وفيه صفة كراتهم، وفيه صفة جميع من تردد في الادوار من الاولين والآخرين. قال: قلت: جعلت فداك وكم الادوار ؟ قال: خمسون ألف عام، وهي سبعة أدوار، وفيه أسماء جميع من خلق الله من


وله كتاب يعد في الاصول، انظر رجال النجاشي 52، فهرست الطوسي: 54 / 194، معجم رجال الحديث 5: 182. (1) في ” ط “: في السماوات. (2) في ” ط “: اسماء من ارسل. (3) في ” ع، م “: الاخرين وفيه صفة. (4) في ” ع، م “: الطواغيت وما يملكون.

[ 106 ]

الاولين والآخرين وآجالهم، وصفة أهل الجنة، وعدد من يدخلها، وعدد من (1) يدخل النار، وأسماء هؤلاء وأسماء هؤلاء، وفيه علم القرآن كما انزل، وعلم التوراة كما انزلت، وعلم الانجيل، والزبور (2)، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد. قال أبو جعفر (عليه السلام): فلما أراد الله (عزوجل) أن ينزله عليها، أمر جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف فينزلوا به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، هبطوا به عليها وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياما حتى قعدت، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها، وقالوا لها: السلام يقرئك السلام. ووضعوا المصحف في حجرها، فقالت لهم: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام. ثم عرجوا إلى السماء، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرأه، حتى أتت على آخره. ولقد كانت (صلوات الله عليها) طاعتها مفروضة على جميع من خلق الله من الجن، والانس، والطير، والبهائم (3)، والانبياء، والملائكة. فقلت: جعلت فداك فلما مضت إلى من صار ذلك المصحف ؟ فقال: دفعته إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما مضى صار إلى الحسن، ثم إلى الحسين، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الامر. فقلت: إن هذا العلم كثير ! فقال: يا أبا محمد، إن هذا الذي وصفته لك لفي ورقتين من أوله، وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثالثة (4)، ولا تكلمت بحرف منه. (5)


(1) (عدد من) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط “: الانجيل كما انزل وعلم الزبور. (3) في ” ط “: الوحش. (4) في ” ط، م “: الثانية. (5) عوالم فاطمة (عليها السلام): 189 / 1.

[ 107 ]

خبر دعائها (1) (صلوات الله عليها) 35 / 35 – روى علي بن الحسن الشافعي، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا محمد بن الاشعث، عن محمد بن عوف (2) الطائي، عن داود بن أبي هند (3)، عن ابن أبان، عن سلمان (رضي الله عنه) قال: كنت خارجا من منزلي ذات يوم بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ لقيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: مرحبا يا سلمان، صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله، فإنها إليك مشتاقة، وإنها قد اتحفت بتحفة من الجنة، تريد أن تتحفك منها. قال سلمان: فمضيت إليها فطرقت الباب، فاستأذنت فأذنت لي بالدخول فدخلت، فإذا هي جالسة في صحن الحجرة، عليها قطعة عباءة، قالت: اجلس. فجلست، فقالت: كنت بالامس جالسة في صحن الحجرة، شديدة الغم على النبي، أبكيه وأندبه، وكنت رددت باب الحجرة بيدي، إذ انفتح الباب، ودخل علي ثلاث جوار، لم أر كحسنهن، ولا كنضارة وجوههن، فقمت إليهن منكرة لشأنهن، وقلت: من أين أنتن، من مكة أو من المدينة ؟ فقلن: لا من أهل مكة، ولا من أهل المدينة، نحن من دار السلام، بعثنا (4) إليك رب العالمين، يقرئك السلام (5) ويعزيك بأبيك محمد. قالت فاطمة: فجلست أمامهن، وقلت للتي أظن (6) أنها أكبرهن: ما اسمك ؟ قالت: ذرة.


(1) في ” ط، م “: وفاتها. (2) صحف في ” ط، ع، م “: إلى: عون، وهو الحافظ الثقة محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي، مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين، انظر سير أعلام النبلاء 12: 613. (3) واسمه دينار بن عذافر، ويقال: طهمان القشيري البصري، روى عن الباقر (عليه السلام) والتابعين، وثقه ابن حنبل وابن معين والعجلي وأبو حاتم وغيرهم، انظر رجال الطوسي: 120 / 7، تهذيب الكمال 8: 461. (4) في ” ع، م “: بعث بنا. (5) في ” ع، م “: يسلم عليك. (6) في ” ط “: ظننت.

[ 108 ]

قلت: ولم سميت ذرة ؟ قالت: لان الله (عزوجل) خلقني لابي ذر الغفاري. وقلت: للاخرى: ما اسمك ؟ قالت: مقدادة. فقلت: ولم سميت مقدادة ؟ قالت: لان الله (عزوجل) خلقني للمقداد. وقلت للثالثة: ما اسمك ؟ قالت: سلمى. قلت: ولم سميت سلمى ؟ قالت: لان الله (عز وجل) خلقني لسلمان. وقد أهدين إلي هدية من الجنة، وقد خبأت لك منها. فأخرجت إلي طبقا من رطب أبيض أبرد من الثلج، وأذكى رائحة من المسك، فدفعت إلي خمس رطبات، وقالت لي: كل – يا سلمان – هذا عند إفطارك. فخرجت وأقبلت اريد المنزل، فو الله ما مررت بملا من الناس إلا قالوا: تحمل المسك يا سلمان ! حتى أتيت المنزل، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليهن، فلم أجد لهن نوى ولا عجما، حتى إذا أصبحت بكرت إلى منزل فاطمة، فأخبرتها، فتبسمت ضاحكة، وقالت يا سلمان: من أين يكون لها نوى ؟ وإنما هو (عزوجل) خلقه لي تحت عرشه بدعوات كان علمنيها النبي. فقلت: حبيبتي، علميني تلك الدعوات، فقالت: إن أحببت أن تلقى الله وهو عنك غير غضبان، فواظب على هذا الدعاء، وهو: ” بسم الله النور، بسم الله الذي يقول للشئ كن فيكون، بسم الله الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، بسم الله الذي خلق النور من النور، بسم الله الذي هو بالمعروف مذكور، بسم الله الذي أنزل النور على الطور، بقدر مقدور، في كتاب مسطور، على نبي محبور ” (1).


[ 109 ]

حديث فدك (1) 36 / 36 – حدثني أبو المفضل (2) محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن الحسين القصباني (3)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (4) السكوني، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبان بن تغلب الربعي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما بلغ فاطمة (عليها السلام) إجماع أبي بكر على منع فدك… وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري، قال: حدثنا علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالت: لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة (عليها السلام) فدكا… وقال أبو العباس: وحدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري، قال: حدثني (5) أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن عمته (6) زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وغير واحد من (7) أن فاطمة لما أجمع أبو بكر على منعها فدكا…


(1) في ” ع “: زيادة: وما جرى بين فاطمة وبين أبي بكر في معنيها وكلامها له الحجة (كذا). (2) في ” ط “: الفضل. (3) في ” ط “: العضباني. (4) زاد في ” ط “: عن. (5) في ” ع “: حدثنا. (6) (عمته) ليس في ” ع، م “. (7) (من) ليس في ” ط “.

[ 110 ]

وحدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر [ بن مخلد ] (1) بن سهل ابن حمران الدقاق، قال: حدثتني ام الفضل خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن صالح بن حي – قال: وما رأت عيناي مثله – قال: حدثني رجلان من بني هاشم، عن زينب بنت علي (عليه السلام)، قالت: لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك، وانصراف وكيلها عنها، لاثت خمارها… وذكر الحديث. قال الصفواني: وحدثني محمد (2) بن محمد بن يزيد مولى بني هاشم، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن (3)، عن جماعة من أهله… وذكر الحديث. قال الصفواني: وحدثني أبي، عن عثمان (4)، قال: حدثنا نائل بن نجيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)… وذكر الحديث. قال الصفواني: وحدثنا عبد الله بن الضحاك (5)، قال: حدثنا هشام بن محمد،


(1) أضفناه من تاريخ بغداد 6: 189 وأنساب السمعاني 1: 264، ولقباه (الباقرحي) كما يأتي في أحاديث اخرى، وهو من مشايخ النجاشي أيضا، كان صدوقا، صحيح الكتاب، حسن النقل، رجال النجاشي: 162 و 322. (2) في شرح النهج: أحمد. ورواه عنه الشيخ أحمد بن عبد العزيز الجوهري. (3) في ” ط، ع، م “: عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن. وفي الحديث (38) وشرح النهج: عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله، وفي موضع آخر (ج 16 / 233): عبد الله بن حماد بن سليمان. (4) في شرح النهج: عثمان بن عمران العجيفي. (5) في شرح النهج: محمد بن الضحاك. (*)

[ 111 ]

عن أبيه وعوانة (1). قال الصفواني: وحدثنا ابن عائشة (2) ببعضه. وحدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا حرب بن ميمون، عن زيد بن علي، عن آبائه (عليهم السلام)، قالوا: لما بلغ فاطمة (عليها السلام) إجماع أبي بكر على منعها فدك، وانصرف عاملها منها، لاثت خمارها، ثم أقبلت في لمة (3) من حفدتها (4) ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى دخلت على أبي بكر، وقد حفل حوله المهاجرون والانصار، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، ثم أمهلت حتى هدأت فورتهم، وسكنت روعتهم، وافتتحت الكلام، فقالت: ” أبتدئ بالحمد لمن هو أولى بالحمد والمجد والطول ” ثم قالت: ” الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء على ما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جم عن الاحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الادراك أبدها، استدعى الشكور بأفضالها (5)، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وأمر بالندب إلى أمثالها. وأشهد أن لا إله إلا الله، كلمة جعل الاخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأبان في الفكر معقولها، الممتنع من الابصار رؤيته، ومن الالسن صفته، ومن الاوهام الاحاطة به، ابتدع الاشياء لا من شئ كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة


(1) في شرح النهج: عوانة بن الحكم، وهو أبو الحكم الكوفي الضرير، وصفوه بأنه كان عالما بالاخبار والآثار، ثقة، وكان عثمانيا، وكان يضع أخبارا لبني امية وله كتاب (سير معاوية وبني امية) روى عنه هشام بن الكلبي. انظر ترجمته في معجم الادباء 16: 134، لسان الميزان 4: 386. (2) وهو عبيدالله بن محمد بن حفص، ويعرف بابن عائشة لانه من ولد عائشة بنت طلحة، وثقه أبو حاتم وغيره، وروى بعض حديث فدك محمد بن زكريا، عن ابن عائشة، عن أبيه، عن عمه. انظر شرح النهج 16: 216، سير أعلام النبلاء 10: 564. (3) أي في جماعة من نسائها، قيل: هي ما بين الثلاثة إلى العشرة، وقيل اللمة: المثل في السن، والترب ” النهاية 4: 273 “. (4) الحفدة: الاعوان والخدم ” الصحاح – حفد – 2: 466 “. (5) في بلاغات النساء: واستثن الشكر بفضائلها، وفي كشف الغمة: استتب الشكر بفضائلها.

[ 112 ]

[ امتثلها ] (1)، وضعها (2) لغير فائدة زادته، بل إظهارا لقدرته، وتعبد لبريته، وإعزازا لاهل دعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة (3) لعباده عن نقمته، وحياشة (4) لهم إلى جنته. وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله، اختاره قبل أن يجتبله (5)، واصطفاه قبل أن يبتعثه، وسماه قبل أن يستنجبه (6)، إذ الخلائق في الغيب مكنونة، وبسد الاوهام (7) مصونة، وبنهاية العدم مقرونة، علما من الله في غامض الامور، وإحاطة من وراء حادثة الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور. ابتعثه الله إتماما لعلمه، وعزيمة على إمضاء حكمه، فرأى الامم فرقا في أديانها، عكفا على نيراها، عابدة لاوثانها، منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بمحمد ظلمها، وفرج عن القلوب بهمها (8)، وجلا عن الابصار عمهها، وعن الانفس غممها. ثم قبضه الله إليه قبض رأفة ورحمة، واختيار ورغبة لمحمد عن تعب هذه الدار، موضوعا عنه أعباء الاوزار، محفوفا بالملائكة الابرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، أمينه على الوحي، وصفيه ورضيه، وخيرته من خلقه ونجيه، فعليه الصلاة والسلام (9)، ورحمة الله وبركاته “. ثم التفتت إلى أهل المجلس (10)، فقالت لجميع المهاجرين والانصار: ” وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وامناء الله على أنفسكم،


(1) من الاحتجاج. (2) في ” ع، م “: سنأها. (3) الذيادة: الطرد والدفع ” لسان العرب – ذود – 3: 167 “. (4) الحياشة: السوق والجمع ” لسان العرب – حوش – 6: 290 “. (5) جبله: أي خلقه ” القاموس المحيط – جبل – 3: 356 “. (6) انتجب فلانا واستنجبه: إذا استخلصه واصطفاه اختيارا على غيره ” لسان العرب – نجب – 1: 748 “. (7) في ” ع “: بسر الاوهام، وفي بلاغات النساء والاحتجاج: وبستر الاهاويل. (8) في ” ط “: شبهها. (9) في ” ع، م “: خلقه وعليه السلام. (10) في ” ط، م “: المسجد.

[ 113 ]

وبلغاؤه إلى الامم، زعيم لله فيكم، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله، بينة بصائره، وآي منكشفة سرائره، وبرهان فينا متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، وقائد إلى الرضوان أتباعه، ومؤد إلى النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج الله المنورة (1)، ومواعظه المكررة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وأحكامه الكافية، وبيناته الجالية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، ورحمته المرجوة، وشرائعه المكتوبة. ففرض الله عليكم الايمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر، والزكاة تزييدا في الرزق، والصيام إثباتا للاخلاص، والحج تشييدا للدين، والحق تسكينا للقلوب، وتمكينا للدين، وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا لما للفرقة، والجهاد عزا للاسلام، والصبر معونة على الاستيجاب (2)، والامر بالمعروف مصلحة للعامة، والنهي عن المنكر تنزيها للدين (3)، والبر بالوالدين وقاية من السخط، وصلة الارحام منماة للعدد، وزيادة في العمر، والقصاص حقنا للدماء، والوفاء بالنذور (4) تعرضا للمغفرة، ووفاء المكيال والميزان تغييرا للبخس (5) والتطفيف، واجتناب قذف المحصنة حجابا عن اللعنة، والتناهي عن شرب الخمور تنزيها عن الرجس، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة، والتنزه عن أكل مال اليتيم والاستئثار به إجارة من الظلم، والنهي عن الزنا تحصنا من المقت، والعدل في الاحكام إيناسا للرعية، وترك الجور في الحكم إثباتا للوعيد، والنهي عن الشرك إخلاصا له بالربوبية. فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ولا تتولوا مدبرين، وأطيعوه فيما أمركم ونهاكم، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، فاحمدوا الله الذي


(1) في ” ط، ع، م “: المنيرة، وما في المتن أنسب للسياق، من بلاغات النساء والاحتجاج. (2) الاستيجاب: الاستحقاق ” لسان العرب 1: 793 ” وفي ” ط “: الاستجابة، وفي الاحتجاج: استيجاب الاجر. (3) في ” ع، م “: هو الدين. (4) في ” ط “: بالعهود. (5) في ” ع، م ” وبلاغات النساء: تعييرا للبخسة.

[ 114 ]

بعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الارض إليه الوسيلة، فنحن وسيلته في خلقه، ونحن آل رسوله، ونحن حجة غيبه، وورثة أنبيائه “. ثم قالت: ” أنا فاطمة وأبي محمد، أقولها عودا على بدء، وما أقول إذ أقول سرفا ولا شططا * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) * (1) إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، بلغ النذارة (2) صادعا بالرسالة، ناكبا عن سنن المشركين، ضاربا لاثباجهم (3)، آخذا بأكظامهم (4)، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يجذ (5) الاصنام، وينكت الهام (6)، حتى انهزم الجمع، وولوا الدبر، وحتى تفرى (7) الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه (8)، ونطق زعيم الدين، وهدأت فورة الكفر، وخرست شقاشق الشيطان (9)، وفهتم بكلمة الاخلاص. وكنتم على شفا حفرة من النار، فأنقذكم منها نبيه، تعبدون الاصنام، وتستقسمون بالازلام، مذقة الشارب (10)، ونهزة (11) الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ


(1) التوبة 9: 128. (2) في ” ع، م “: فبلغ النداء، وفي الشافي والاحتجاج والطرائف: فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة. (3) الثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر، ووسط الشئ ” الصحاح – ثبج – 1: 301 “. (4) يقال: أخذت بكظمه: أي بمخرج نفسه، والجمع أكظام ” الصحاح – كظم – 5: 2023 “. (5) جذذت الشئ: كسرته وقطعته ” الصحاح – جذذ – 2: 561 “. (6) أي يرميها إلى الارض. والهام: جمع الهامة وهي الرأس. (7) تفرى: أي انشق ” الصحاح – فرا – 6: 2454 “. (8) محضه: أي خالصه وصريحه ” النهاية – محض – 4: 302 “. (9) شبهت الفصيح المنطيق بالفحل الهادر، ولسانه بشقشقته، ونسبتها إلى الشيطان لما يدخل فيه من الكذب والباطل، وكونه لا يبالي بما قال. والشقاشق جمع شقشقة وهي لهاة البعير ” النهاية – شقق – 2: 489، لسان العرب – شقق – 10: 185 “. (10) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق (الممزوج بالماء) ” النهاية – مذق – 4: 311 “. (11) النهزة: الفرصة ” النهاية – نهز – 5: 135 “.

[ 115 ]

الاقدام، تشربون الرنق (1)، وتفتاتون القدة (2)، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) بعد اللتيا والتي (3)، وبعد ما مني ببهم (4) الرجال، وذوبان العرب (5)، * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * (6)، أو نجم (7) قرن الضلالة، أو فغرت (8) فاغرة المشركين، قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفى حتى يطأ صماخها (9) بأخمصه، ويخمد لهبها بحده، مكدودا في ذات الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، وأنتم في بلهنية (10) آمنون، وادعون فرحون، تتوكفون الاخبار، وتنكصون عند النزال على الاعقاب، حتى أقام الله بمحمد (صلى الله عليه وآله) عمود الدين. فلما اختار الله (عزوجل) له دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهرت حسيكة (11) النفاق، وانسمل جلباب (12) الدين، وأخلق ثوبه، ونحل عظمه، وأودت رمته (13)، وظهر نابغ،


(1) الرنق: تراب في الماء من القذى ونحوه، وماء رنق: كدر ” لسان العرب – رنق – 10: 126 “. وفي المصادر: تشربون الطرق: أي الماء الذي خاضته الابل وبالت فيه وبعرت ” النهاية – طرق – 3: 123 “. (2) القدة: السير يقد من جلد غير مدبوغ. ” أقرب الموارد – قدد – 2: 970 “. (3) يريد الشدة العظيمة والصغيرة. ” كتاب الامثال: 256 / 882 “. (4) البهم: جمع بهمة: الشجاع، وقيل: هو الفارس الذي لا يدرى من أين يؤتى له من شدة بأسه ” لسان العرب – بهم – 12: 58 “. (5) يعني صعاليكهم ولصوصهم. والذوبان: جمع ذئب، والاصل فيه الهمز. ” النهاية – ذوب – 2: 171 “. (6) المائدة 5: 64. (7) نجم: طلع وظهر ” لسان العرب – نجم – 12: 568 “. (8) فغرت: أي فتحت ” الصحاح – فغر – 2: 782 “. (9) الصماخ: ثقب الاذن، وقيل: هو الاذن نفسها ” لسان العرب – صمخ – 3: 34 “. (10) البلهنية: السعة ” الصحاح – بله – 6: 2227 “. (11) الحسيكة: الضغن والعداوة ” الصحاح – حسك – 4: 1579 “. (12) أي بلي وأخلق، والجلباب: الازار والرداء، وقيل: الملحفة. (13) الرمة بالضم: قطعة من الحبل بالية. والرمة بالكسر: العظام البالية ” الصحاح – رمم – 5: 1937 “.

[ 116 ]

ونبغ خامل، ونطق كاظم (1)، وهدر فنيق (2) الباطل يخطر (3) في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من معرسه (4) صارخا بكم، فألفاكم غضابا، فخطمتم (5) غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم بدارا (6)، زعمتم خوف الفتنة * (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * (7). هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، فهيهات منكم، واين بكم، وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، زواجره لائحة، وأوامره لامحة، ودلائله واضحة، وأعلامه بينة، وقد خالفتموه رغبة عنه، فبئس للظالمين بدلا، ثم لم تلبثوا (8) إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها، تسرون (9) حسوا بارتغاء (10)، أو نصبر منكم على مثل حز المدى، وزعمتم أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين) * (11).


(1) في بعض المصادر: ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الافكين. (2) الهدير: ترديد الصوت في الحنجرة ” الصحاح – هدر – 2: 853 “. الفنيق: الفحل المكرم من الابل ” الصحاح – فنق – 4: 1545 “. (3) يخطر: من الخطران وهو الاهتزاز في المشي والتبختر ” الصحاح – خطر – 2: 648 “. (4) المعرس: اسم موضع من التعريس وهو نزول القوم في السفر من آخر الليل، يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون ” الصحاح – عرس – 3: 948 “. وفي ” ط “: مغرزة. (5) فخطمتم: من الخطام، وهو كوي على شكل خط من أنف البعير إلى أحد خديه، انظر ” النهاية – خطم – 2: 50 “. (6) بدارا: أي سراعا ” الصحاح – بدر – 2: 586 “. (7) التوبة 9: 49. (8) في ” ط “: لم تريثوا شعثها، وفي ” ع “: لم ترتئوا اختها، وفي ” م “: لم تريثوا أختها، وما في المتن من الشافي. (9) في ” ع، م “: تشربون. (10) مثل يضرب لمن يظهر أمرا وهو يريد غيره، وأصله الرجل يؤتى باللبن فيظهر أنه يريد الرغوة خاصة ولا يريد غيرها، فيشربها مع اللبن، انظر ” مجمع الامثال 2: 417، لسان العرب – رغا – 14: 330 “. (11) آل عمران 3: 85. وما قبلها تضمين من سورة المائدة 5: 50.

[ 117 ]

أيها (1) معشر المسلمين، أأبتز إرث أبي، يا بن أبي قحافة ؟ ! أبى الله (عزوجل) (2) أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! لقد جئت شيئا فريا، جرأة منكم على قطيعة الرحم، ونكث العهد، فعلى عمد ما تركتم كتاب الله بين أظهركم ونبذتموه، إذ يقول الله (عزوجل): * (وورث سليمان داود) * (3). ومع ما (4) قص من خبر يحيى وزكريا إذ يقول * (رب.. فهب لى من لدنك وليا * يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) * (5). وقال (عزوجل): * (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) * (6) وقال (تعالى): * (إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين) * (7). فزعمتم أن لا حظ لي، ولا أرث من أبي ! أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ ! أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون (8) ؟ ! أو لست وأبي من أهل ملة واحدة ؟ ! أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم من النبي ؟ ! دونكها (9) مرحولة مزمومة (10) تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، ونعم الزعيم (11) محمد، والموعد القيامة، وعما قليل تؤفكون، وعند الساعة ما تحشرون، و * (لكل نبأ مستقر) * (12) * (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب


(1) أيها: أي هيهات، وأيها بمعنى كف واسكت ” الصحاح – أيه – 6: 2226، لسان العرب – أيه – 13: 474 “. (2) في الاحتجاج: أفي كتاب الله. (3) النمل 27: 16. (4) في ” ط “: وفيما. (5) مريم 19: 4 – 6. (6) النساء 4: 11. (7) البقرة 2: 180. (8) في ” ط “: يتوارثان. (9) في ” ط “: ممن جاء به فدونكموها. (10) مرحولة: من الرحل وهو مركب للبعير والناقة، ” لسان العرب – رحل – 11: 274 “. مزمومة: من الزمام وهو الخيط الذي يشد في البرة أو في الخشاش ثم يشد في طرفي المقود ” لسان العرب – زمم – 12: 272 “. (11) في ” ط “: الخصيم. (12) الانعام 6: 67.

[ 118 ]

يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) * (1). ثم التفتت إلى قبر أبيها (صلوات الله عليهما)، متمثلة بأبيات. صفية بنت عبد المطلب (رحمها الله تعالى): قد كان بعدك أنباء وهنبثة (2) * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الارض وابلها * وأجتث أهلك مذ غيبت وأغتصبوا أبدت رجال لنا فحوى (3) صدورهم * لما نأيت وحالت دونك الكثب تهضمتنا رجال (4) واستخف بنا * دهر فقد أدركوا فينا (5) الذي طلبوا قد كنت للخلق نورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا (6) فكل الخير محتجب فقال أبو بكر لها: صدقت يا بنت رسول الله، لقد كان أبوك بالمؤمنين رؤوفا رحيما، وعلى الكافرين عذابا أليما، وكان – والله – إذا نسبناه وجدناه أباك دون النساء، وأخا ابن عمك دون الاخلاء (7) آثره على كل حميم، وساعده على الامر العظيم، وأنتم عترة نبي الله الطيبون، وخيرته المنتجبون، على طريق الجنة (8) أدلتنا، وأبواب الخير لسالكينا (9). فأما ما سألت، فلك ما جعله أبوك، مصدق قولك، ولا اظلم حقك، وأما ما سألت من الميراث فإن رسول الله قال: ” نحن معاشر الانبياء لا نورث “. فقالت فاطمة: ” يا سبحان الله ! ما كان رسول الله لكتاب الله مخالفا، ولا عن


(1) هود 11: 39، الزمر 39: 39 و 40. (2) الهنبثة: الامور الشداد، والاختلاط في القول ” النهاية – هنبث – 5: 278. (3) في شرح النهج: نجوى. (4) في ” ط “: تهجمتنا ليال. (5) في ” ط “: منا. (6) في ” ع، م “: عنها. (7) في ” ط “: الرجال. (8) في ” ع، م “: على الآخرة. (9) في ” ع، م “: وباب الجنة لسالكنا.

[ 119 ]

حكمه صادفا، لقد كان يلتقط أثره، ويقتفي سيره، أفتجمعون إلى الظلامة الشنعاء والغلبة الدهياء (1)، اعتلالا بالكذب على رسول الله، وإضافة الحيف (2) إليه ؟ ! ولا عجب إن كان ذلك منكم، وفي حياته ما بغيتم له الغوائل، وترقبتم به الدوائر، هذا كتاب الله حكم عدل، وقائل فصل، عن بعض أنبيائه إذ قال: * (يرثنى ويرث من آل يعقوب) * (3). وفصل في بريته الميراث مما فرض من حظ الذكارة والاناث، فلم سولت لكم أنفسكم أمرا ؟ ! فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون (4). قد زعمت أن النبوة لا تورث، وإنما يورث ما دونها، فما لي امنع إرث أبي ؟ أأنزل الله في كتابه: إلا فاطمة بنت محمد ؟ فدلني عليه أقنع به “. فقال لها أبو بكر: يا بنت رسول الله، أنت عين الحجة، ومنطق الحكمة، لا ادلي بجوابك، ولا أدفعك عن صوابك، ولكن المسلمون بيني وبينك، هم قلدوني ما تقلدت، وأتوني ما أخذت وتركت. قال: فقالت فاطمة (عليها السلام) لمن بحضرته: ” أيها الناس، أتجتمعون إلى المقبل بالباطل والفعل الخاسر ؟ ! لبئس ما اعتاض المبطلون (5)، وما يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، أما والله لتجدن محملها ثقيلا، وعبأها وبيلا، إذا كشف لكم الغطاء، فحينئذ لات حين مناص، وبدا لكم من الله ما كنتم تحذرون “. قال: ولم يكن عمر حاضرا، فكتب لها أبو بكر إلى عامله برد فدك كتابا، فأخرجته في يدها، فاستقبلها عمر، فأخذه منها وتفل فيه ومزقه، وقال: لقد خرف ابن أبي قحافة، وظلم. فقالت له: ” مالك ؟ لا أمهلك الله، وقتلك، ومزق بطنك “. وأتت من فورها ذلك


(1) الدهياء: تعظيم الداهية: الامر المنكر العظيم ” لسان العرب – دها – 14: 275 “. (2) في ” ع “: الخرف، وفي ” م “: الخوف. (3) مريم 19: 6. (4) تضمين من سورة يوسف 12: 18. (5) في ” ط “: المسلمون.

[ 120 ]

الانصار، فقالت: ” معشر البقية، وأعضاد الملة، وحضنة الاسلام، ما هذه الغميزة في حقي، والسنة (1) عن ظلامتي، أما كان رسول الله أمر بحفظ المرء في ولده ؟ فسرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة (2). أتقولون مات محمد فخطب جليل، استوسع وهيه (3)، واستنهر فتقه (4)، وفقد راتقه، فأظلمت الارض لغيبته، واكتأب خيرة الله لمصيبته، وأكدت الآمال (5)، وخشعت الجبال، واضيع الحريم، واذيلت (6) الحرمة بموت محمد، فتلك نازلة أعلن بها كتاب الله في أفنيتكم ممساكم ومصبحكم هتافا. ولقبل ما خلت له أنبياء الله ورسله * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين) * (7). أبني قيلة (8)، اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع ! تلبسكم الدعوة، ويشملكم الجبن، وفيكم العدة والعدد، ولكم الدار والجنن (9) وأنتم نخبة الله التي امتحن، ونحلته التي انتحل، وخيرته التي انتخب لنا أهل البيت، فنابذتم فينا العرب، وناهضتم الامم وكافحتم البهم، لا نبرح وتبرحون، ونأمركم فتأتمرون، حتى دارت بنا


(1) السنة: الغفلة ” اساس البلاغة – وسن -: 499 “. (2) عجلان ذا إهالة: مثل معروف، يراد به ما أسرع ما كان هذا الامر ! وفيه ثلاث كلمات: سرعان، عجلان، وشكان، انظر، جمهرة الامثال 1: 519، مجمع الامثال 1: 336. (3) الوهي: الشق أو الخرق في الشئ ” لسان العرب – وهي – 15: 417 “. (4) يقال: طعنة طعنة أنهر فتقها: أي وسعه ” لسان العرب – نهر – 5: 237 “. (5) أكدى الرجل: أخفق ولم يظفر بحاجته ” اساس البلاغة – كدى -: 389 “. (6) اذيلت: اهينت ” اساس البلاغة – ذيل -: 148 “. (7) آل عمران 3: 144. (8) أرادت الاوس والخزرج، قبيلتي الانصار، وقيلة: اسم ام لهم قديمة، وهي قيلة بنت كاهل ” النهاية – قيل – 4: 134 “. (9) الجنن هنا الدار أيضا، ويقال لكل ما ستر: جن وأجن. ولعلها الجنن بالضم، جمع الجنة، وهو كل ما واراك من السلاح واستترت به، انظر ” لسان العرب – جنن – 13: 92 و 94 “. وفي ” ط “: الخيرة.

[ 121 ]

وبكم رحى الاسلام، ودر حلب البلاد، وخضعت بغوة الشرك، وهدأت روعة الهرج، وخبت نار الحرب، واستوسق (1) نظام الدين، فأنى جرتم بعد البيان، ونكصتم بعد الاقدام، عن قوم * (نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لآ ايمان لهم لعلهم ينتهون) * (2). ألا أرى والله أن [ قد ] أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فعجتم (3) عن الدين ومججتم (4) الذي استوعيتم، ودسعتم (5) ما استرعيتم، ألا و * (إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغنى حميد * ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب) * (6). ألا وقد قلت الذي قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وبثة الصدر، ومعذرة الحجة، فدونكم فاحتقبوها (7) دبرة الظهر (8)، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة بشنار الابد، موصولة بنار الله الموقدة، التي تطلع على الافئدة، إنها عليهم مؤصدة، في عمد ممددة. فبعين الله ما تفعلون، * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (9)، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا عاملون، وأنتظروا إنا منتظرون، * (وسيعلم


(1) استوسق الامر: انتظم ” المعجم الوسيط – وسق – 2: 1032 “. (2) التوبة 9: 12. (3) عاج عن الامر: انصرف ” المعجم الوسيط – عوج – 2: 634 “. (4) مججتم: رميتم ” لسان العرب – مجج – 2: 361. (5) الدسع: القئ ” لسان العرب – دسع – 8: 84 “. (6) إبراهيم 14: 8 و 9. (7) احتقب الشئ: أردفه أو ادخره. ” المعجم الوسيط – حقب – 1: 187 “. (8) الدبرة: القرحة والجرح الذي يكون في ظهر الدابة والبعير ” لسان العرب – دبر – 4: 273 “. (9) الشعراء 26: 227. وما قبلها تضمين من سورة الهمزة 104: 6 – 9.

[ 122 ]

الكفار لمن عقبى الدار) *، * (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) *، * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) *، * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (1) وكان الامر قد قصر “. ثم ولت، فأتبعها رافع بن رفاعة الزرقي، فقال لها: يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن تكلم في هذا الامر وذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد، ما عدلنا به أحدا. فقالت له بردنها: ” إليك عني، فما جعل الله لاحد بعد غدير خم من حجة ولا عذر “. قال: فلم ير باك ولا باكية كان أكثر من ذلك اليوم، وارتجت المدينة، وهاج الناس، وارتفعت الاصوات. فلما بلغ ذلك أبا بكر قال لعمر: تربت يداك، ما كان عليك لو تركتني، فربما رفأت الخرق ورتقت الفتق ؟ ! ألم يكن ذلك بنا أحق ؟ ! فقال الرجل: قد كان في ذلك تضعيف سلطانك، وتوهين كفتك، وما أشفقت إلا عليك. قال: ويلك، فكيف بابنة محمد وقد علم الناس ما تدعو إليه، وما نجن (2) لها من الغدر عليه. فقال: هل هي إلا غمرة (3) انجلت، وساعة انقضت، وكأن ما قد كان لم يكن، وأنشده: ما قد مضى مما مضى كما مضى * وما مضى مما مضى قد انقضى أقم الصلاة وآت الزكاة، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، ووفر الفئ، وصل القرابة، فإن الله يقول: * (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى


(1) الرعد 13: 42، التوبة 9: 105، الاسراء 17: 13، الزلزلة 99: 7 و 8. (2) نجن: نستر، انظر ” اساس البلاغة – جنن -: 66 “. (3) الغمرة: الشدة ” المعجم الوسيط – غمر – 2: 661 “.

[ 123 ]

للذاكرين) * (1). ويقول: * (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (2) وقال: * (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) * (3) ذنب واحد في حسنات كثيرة، قلدني ما يكون من ذلك. قال: فضرب بيده على كتفه، ثم قال: رب كربة فرجتها، يا عمر. ثم نادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، ما هذه الرعة (4)، ومع كل قالة (5) امنية ؟ ! أين كانت هذه الاماني في عهد نبيكم ؟ ! فمن سمع فليقل، ومن شهد فليتكلم، كلا بل هو ثعالة شهيده ذنبه (6) لعنه الله، وقد لعنه الله، مرب (7) لكل فتنة، يقول: كروها جذعة (8)، ابتغاء الفتنة من بعد ما هرمت، كأم طحال (9) أحب أهلها الغوى (10)، ألا لو شئت أن أقول لقلت، ولو تكلمت لبحت، وإني ساكت ما تركت، يستعينون بالصبية (11)،


(1) هود 11: 114. (2) الرعد 13: 39. (3) آل عمران 3: 135. (4) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 16: 215: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري وقلت له: بمن يعرض ؟ فقال بعلي بن أبي طالب، إنه الملك يا بني، إن الانصار هتفوا بذكر علي فخاف من اضطراب الامر عليهم فنهاهم. قال ابن أبي الحديد: فسألته عن غريبه، فقال: أما الرعة – بالتخفيف – أي الاستماع والاصغاء. (5) والقالة: القول. (6) قال النقيب أبويحيى: ثعالة: اسم الثعلب، علم غير مصروف، وشهيده ذنبه، أي لا شاهد له على ما يدعي إلا بعضه وجزء منه. (7) قال: مرب: ملازم. (8) قال: كروها جذعة: أعيدوها. إلى الحال الاولى، يعني الفتنة والهرج. (9) قال: وأم طحال: إمرأة بغي في الجاهلية، ويضرب بها المثل فيقال: أزنى من ام طحال. (10) في شرح النهج: أحب أهلها إليها البغي. (11) في ” ع، م “: بالصعبة، ولعلها تصحيف الضعفة كما في شرح النهج.

[ 124 ]

ويستنهضون النساء، وقد بلغني – يا معشر الانصار – مقالة سفهائكم – فو الله – إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم، لقد جاءكم فآويتم ونصرتم، وأنتم اليوم أحق من لزم عهده، ومع ذلك فاغدوا على اعطياتكم، فإني لست كاشفا قناعا، ولا باسطا ذراعا، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك، والسلام. قال: فأطلعت ام سلمة رأسها من بابها وقالت: المثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا، وهي الحوراء بين الانس، والانس (1) للنفس، ربيت في حجور الانبياء، وتداولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور (2) الطاهرات، ونشأت خير منشأ، وربيت خير مربى ؟ ! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها ؟ ! وقد قال الله له: * (وانذر عشيرتك الاقربين) * (3) ؟ أفأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان، وام سادة الشبان، وعديلة مريم ابنة عمران، وحليلة ليث الاقران، تمت بأبيها رسالات ربه، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، فيوسدها يمينه، ويلحفها بشماله، رويدا فرسول الله بمرأى لغيكم (4)، وعلى الله تردون، فواها لكم وسوف تعلمون. قال: فحرمت ام سلمة تلك السنة عطاءها، ورجعت فاطمة (عليها السلام) إلى منزلها فتشكت (5). قال أبو جعفر (6): نظرت في جميع الروايات، فلم أجد فيها أتم شرح، وأبلغ في الالزام، وأوكد بالحجة من هذه الرواية، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع: أنسيتم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبدأ بالولاية: ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى ” وقوله ” إني تارك فيكم الثقلين… ” ؟ ! ما أسرع ما أحدثتم ! وأعجل ما


(1) في ” ع، م “: النفس. (2) في ” ط “: المغارس (3) الشعراء 26: 214. (4) في ” ط “: لاعينكم. (5) في ” ط “: فشكت. (6) (قال أبو جعفر) ليس في ” ع، م “.

[ 125 ]

نكصتم (1) !. وهو في بقية الحديث على السياقة. عيادة نساء المدينة لها وخطابها لهن 37 / 37 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري، قال: حدثنا علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: لما رجعت فاطمة إلى منزلها فتشكت وكان وفاتها في هذه المرضة، دخل إليها النساء المهاجرات والانصاريات، فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول الله ؟ فقالت: ” اصبحت والله عائفة (2) لدنياكم، قالية (3) لرجالكم، شنأتهم (4) بعد إذ عرفتهم ولفظتهم (5) بعد إذ سبرتهم (6)، ورميتهم بعد أن عجمتهم (7)، فقبحا لفلول


(1) روى خطبة الزهراء (عليها السلام) السيد الشريف المرتضى في الشافي 4: 69 – 77، والشيخ الطوسي في تلخيص الشافي 3: 139 عن المرزباني بطريقين وابن طيفور في بلاغات النساء: 21، واخرجه ابن طاوس في الطرائف: 263 عن كتاب الفائق عن الاربعين للشيخ أسعد بن سقروة، عن الحافظ الثقة ابن مردويه في كتاب المناقب. والخوارزمي في مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 77 عن الحافظ أبي بكر. وفي كشف الغمة 1: 480 عن كتاب السقيفة للجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها سنة (322 ه‍). وفي شرح النهج 16: 211 و 249 عن كتابي السقيفة والشافي، وفي الاحتجاج: 97 عن عبد الله بن الحسن. (2) عائفة: كارهة. (3) قالية: مبغضة. (4) شنأتهم: ابغضتهم. (5) لفظتهم، اللفظ: طرح الشئ من الفم كراهة له. (6) سبرتهم: امتحنتهم. (7) عجمه: ابتلاه واختبره ” الصحاح – عجم – 5: 1981 “. (ورميتهم بعد أن عجمتهم) ليس في ” ع، م “.

[ 126 ]

الحد (1) وخطل (2) الرأي وعثور الجد، وخوف الفتن (3)، * (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) * (4)، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها (5)، وشننت (6) عليهم عارها، فجدعا (7) وعقرا وبعدا للقوم الظالمين. ويحهم أنى (8) زحزحوها (9) عن رواسي (10) الرسالة، وقواعد النبوة ومهبط الروح الامين بالوحي المبين، الطبين (11) بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين ! ما الذي نقموا من أبي حسن ؟ نقموا – والله – منه شدة وطأته ونكال وقعته، ونكير سيفه، وتبحره في كتاب الله، وتنمره (12) في ذات الله. وأيم الله لو تكافوا (13) عن زمام نبذه إليه رسول الله لاعتلقه (14) ثم لسار بهم


(1) فلول السيف: كسور في حده ” الصحاح – فلل – 5: 1792 “. وفي ” ع، م “: لقول الخذل. (2) الخطل: الاضطراب. (3) في ” ع “: القبر، وفي ” م “: الغبن. (4) المائدة 5: 80. (5) الربقة ما يكون في عنق الغنم وغيرها من الخيوط. (6) شننت: صببت. (7) يقال: جدعا له، هو دعاء معناه ألزمه الله الجدع، أي قطع عنه الخير وجعله ناقصا معيبا. (8) في ” ع، م “: لئن. (9) زحزحوها: نحوها. (10) الرواسي: الاصول الثابتة، وكذلك القواعد. (11) الطبين: العالمين، وفي ” ع، م “: والظنين. (12) تنمره: أي تغضبه، يقال: تنمر الرجل إذا غضب وتشبه بالنمر. (13) تكافوا: أي كفوا أيديهم عنه. (14) لاعتلقه: لاخذه بيده.

[ 127 ]

سيرا سجحا (1)، لا يكلم (2) خشاشه (3)، ولا يتعتع (4) راكبه، ولا وردهم منهلا (5) رويا صافيا فضفاضا (6) تطفح ضفتاه، ثم لاصدرهم بطانا (7) قد تخير لهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعه سورة الساغب (8)، ولانفتحت عليهم بركات من السماء والارض، ولكنهم بغوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. ألا فاسمعن. ومن عاش أراه الدهر العجب، وإن تعجبن فانظرن إلى أي نحو اتجهوا ؟ وعلى أي سند استندوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ؟ ولمن اختاروا ؟ ولمن تركوا ؟ لبئس المولى، ولبئس العشير. إستبدلوا والله الذناني (9) بالقوادم (10)، والعجز بالكاهل، فرغما لمعاطس (11) قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * (12) ؟


(1) السجح: السير السهل. (2) لا يكلم: لا يجرح ولا يدمي. (3) الخشاش: ما يكون في أنف البعير من الخشب. (4) لا يتعتع: أي لا يكره ولا يقلق. (5) المنهل: مورد الماء. (6) فضفاضا: كثيرا. (7) البطان: جمع بطين، وهو الريان. (8) غير متحل منه بطائل: أي كان لا يأخذ من مالهم قليلا ولا كثيرا. إلا بغمر الماء: أي كان يشرب بالغمر، والغمر: القدح الصغير. وردعه سورة الساغب: أي كان يأكل من ذلك قدر ما يردع ثوران الجوع. (9) الذنابي: ما يلي الذنب من الجناح. (10) القوادم: ما تقدم منه. (11) المعاطس: الانوف. (12) يونس 10: 35.

[ 128 ]

أما لعمر الله لقد لقحت، فانظروها تنتج (1) ثم احتلبوا طلاع القعب (2) دما عبيطا (3) وذعافا (4) ممقرا (5)، هنالك خسر المبطلون، وعرف التالون غب ما أسس الاولون. ثم طيبوا بعد ذلك نفسا، واطمئنوا للفتنة جأشا (6)، وابشروا بسيف صارم، وهرج (7) شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم (8) حصيدا، فياخسرى (9) لكم، وكيف بكم وقد عميت عليكم ؟ * (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) * ؟ ! ” (10). 38 / 38 – وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، قال: حدثني ام الفضل خديجة بنت أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثني محمد بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمان المهلبي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان المدائني، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، قالت: لما اشتدت علة فاطمة (عليها السلام) اجتمع عندها نساء المهاجرين والانصار، فقلن لها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت ؟ فقالت:


(1) تنتج: تلد. (2) ثم أحتلبوا طلاع القعب: أي ملؤه…، والقعب: القدح الكبير من الخشب. (3) الدم العبيط: الطري. (4) الذعاف: السم. (5) الممقر: المر. (6) أي مروعة للقلب من شدة الفزع. (7) الهرج: الفتنة، وشدة القتل. (8) في معاني الاخبار: زرعكم. (9) في معاني الاخبار: فيا حسرتي. (10) رواه في معاني الاخبار: 354 / 1 بطريقين، وفيه سؤال الشيخ الصدوق من الشيخ الاديب أبي أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري شرح غريب هذا الحديث ومعانيه، وقد ذكرنا هذا الشرح في الهامش، أمالي الطوسي 1: 384، الاحتجاج 1: 108، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 233. والآية من سورة هود 11: 28.

[ 129 ]

” أصبحت عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم، وسئمتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد، وخور القناة وخطل الرأي، * (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) * (1)، لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا، وذعافا ممقرا، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب ما أسس الاولون. طم طيبوا عن أنفسكم أنفسا، واطمئنوا للفتنة جأشا، وابشروا بسيف صارم، وهرج شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا، فيا خسرى لكم، وأنى بكم وقد عميت عليكم ؟ * (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) * (2) والحمد لله رب العالمين، والصلاة على أبي سيد المرسلين ” (3). وصية فاطمة (صلوات الله عليها) 39 / 39 – حدثني أبو إسحاق الباقرحي، قال: حدثتني خديجة، قالت: حدثنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو أحمد الجلودي، قال: حدثنا أبو موسى إسحاق بن موسى الانصاري، قال: حدثنا عاصم بن حميد بن يحيى بن سليمان (4)، قال: قال لي محمد بن علي (عليهما السلام): ألا أقرئك (5) وصية فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: فأخرج إلي سفطا في حق، وأخرج منه كتابا فيه: ” هذا ما أوصت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بحوائطها السبعة: ذي الحسنى، والساقية، والدلال، والغراف (6)، والرقمة، والهيثم، وما لام إبراهيم إلى علي بن


(1) المائدة: 5: 80. (2) هود 11: 28. (3) راجع مصادر الحديث المتقدم. (4) في الكافي: عاصم بن حميد، عن أبي بصير. (5) في ” ط “: أريك. (6) في ” م “: العراف، وفي الكافي: العواف، وفيه اختلاف يسير في سائر الاسماء.

[ 130 ]

أبي طالب (عليه السلام)، ومن (1) بعد علي فإلى الحسن، ومن (2) بعد الحسن فإلى الحسين، ومن (3) بعد الحسين فإلى الاكبر فالاكبر من ولدي (4)، شهد الله على ذلك، وكفى به شهيدا، وشهد المقداد بن الاسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالب ” (5). 40 / 40 – وحدثني أبو إسحاق الباقرحي، قال: حدثتني خديجة، قالت: حدثنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا محمد بن (6) بغدان، قال: حدثنا أبو يعلى محمد بن الصلت التوزي (7)، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الاموي، أبو صفوان (8)، عن ابن جريج (9)، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): أن فاطمة (عليها السلام) (10) أوصت لازواج النبي (صلى الله عليه وآله) لكل واحدة منهن باثنتي (11) عشرة اوقية، ولنساء بني هاشم مثل ذلك: وأوصت لامامة بنت أبي العاص (12) بشئ. (13) 41 / 41 – وحدثني أبو إسحاق الباقرحي، قال: حدثتنا خديجة، قالت: أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو أحمد الجلودي، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا


(1 – 3) في ” ع، م “: وان. (4) في ” ط “: ولده. (5) نحوه في الكافي 7: 48 / 5 و 49 / 6 وكشف الغمة 1: 499. (6) (محمد بن) ليس في ” ط “. (7) في ” ط، ع، م “: الثوري، تصحيف، صوابه ما في المتن نسبه إلى بلدة توز من بلاد فارس، انظر ” أنساب السمعاني 1: 491، تهذيب التهذيب 9: 233 “. (8) هو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الاموي أبو صفوان، روى عن عبد الملك بن جريج، وروى عنه أبو يعلى التوزي. وفي ” ط، ع، م “: قال: حدثنا أبو صفوان، انظر ” تهذيب الكمال 15: 35 “. (9) وهو عبد الملك بن جريج. (10) في ” ع، م “: عن أبيه، عن فاطمة (عليها السلام) أنها. (11) في ” ط “: اثنتا. (12) وهي إبنة زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تزوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصية من فاطمة (سلام الله عليها)، بعد وفاتها،، انظر ” معجم رجال الحديث 23: 181، سير أعلام النبلاء 1: 335 “. (13) البحار 43: 218 / 50.

[ 131 ]

الربيع بن سليمان المرادي (1)، قال: حدثنا الشافعي، قال: حدثنا محمد بن علي بن شافع (2)، قال: أخبرني عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن زيد بن علي أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصدقت بمالها على بني هاشم وبني عبد المطلب، وأن عليا تصدق عليهم وأدخل معهم غيرهم (3). خبر منامها قبل وفاتها (عليها السلام) 42 / 42 – روى أبو بكر أحمد بن محمد الخشاب الكرخي، قال: حدثنا زكريا ابن يحيى الكوفي، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن الحسن، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما ترك إلا الثقلين، كتاب الله وعترته أهل بيته، وكان قد أسر إلى فاطمة (صلوات الله عليها) أنها لاحقة به، وأنها أول أهل بيته لحوقا. قالت (صلى الله عليها): بينا أنا بين النائمة واليقظي بعد وفاة أبي بأيام، إذ رأيت كان أبي قد أشرف علي، فلما رأيته لم أملك نفسي أن ناديت: يا أبتاه، انقطع عنا خبر السماء، فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا، يقدمها ملكان، حتى أخذاني فصعدا بي إلى السماء، فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة وبساتين وأنهار تطرد، وقصر بعد قصر، وبستان بعد بستان، وإذا قد اطلع علي من تلك القصور جواري كأنهن اللعب، وهن يتباشرن ويضحكن إلي، ويقلن: مرحبا بمن خلقت الجنة وخلقنا من أجل أبيها. فلم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور، في كل قصر من


(1) في ” ط “: الرازي، تصحيف صوابه ما في المتن، وهو أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المصري المؤذن المرادي، صاحب الشافعي وراوي كتب الامهات عنه، ويروي عنه زكريا بن يحيى الساجي، انظر ” تهذيب الكمال 9: 87 “. (2) في ” ط، ع، م “: عمر بن محمد بن علي بن شافع، وما في المتن هو الصواب، كما في سنن البيهقي، وهو محمد بن علي بن شافع بن السائب المطلبي المكي، روى عنه الشافعي ووثقه، انظر ” تهذيب التهذيب 9: 353 “. (3) سنن البيهقي 6: 161 و 183.

[ 132 ]

البيوت ما لا عين رأت، ولا اذن سمعت (1)، وفيها من السندس والاستبرق على الاسرة الكثير، وعليها ألحاف من ألوان (2) الحرير والديباج وآنية (3) الذهب والفضة، وفيها موائد عليها من ألوان الطعام، وفي تلك الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن، وأطيب رائحة من المسك الاذفر، فقلت: لمن هذه الدار ؟ وما هذا النهر (4) ؟ فقالوا: هذه الدار هي الفردوس الاعلى الذي ليس بعده جنة، وهي دار أبيك ومن معه من النبيين ومن أحب الله. قلت: فما هذا النهر ؟ قالوا: هذا الكوثر الذي وعده الله أن يعطيه إياه. قلت: فأين أبي ؟ قالوا: الساعة يدخل عليك. فبينا أنا كذلك إذ برزت لي قصور هي أشد بياضا من تلك (5) القصور، وفرش هي أحسن من تلك الفرش، وإذا أنا بفرش مرتفعة على أسرة، وإذا أبي (صلى الله عليه وآله) جالس على تلك الفرش، ومعه جماعة، فلما رآني أخذني فضمني وقبل ما بين عيني، وقال: مرحبا بابنتي، وأخذني وأقعدني في حجره، ثم قال لي: يا حبيبتي، أما ترين ما أعد الله لك وما تقدمين عليه ! فأراني قصورا مشرفات، فيها ألوان الطرائف والحلي والحلل، وقال: هذه مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن أحبك وأحبهما، فطيبي نفسا فإنك قادمة علي إلى أيام. قالت: فطار قلبي، واشتد شوقي، وانتبهت من رقدتي (6) مرعوبة.


(1) (ولا اذن سمعت) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط “: اللحاف من، و ” م “: عليها من ألوان. (3) في ” ط “: والديباج بألوان ومن أواني. (4) في ” ط “: هذه الانهار. (5) في ” ع، م “: بياضا وأنور من تلك. (6) (من رقدتي) أثبتناها من ” م “.

[ 133 ]

قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي، فأتيتها وقلت لها: ما تشكين ؟ فخبرتني بخبر الرؤيا. ثم أخذت علي عهدا لله ورسوله أنها إذا توفيت لا اعلم أحدا إلا ام سلمة زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وام أيمن، وفضة، ومن الرجال ابنيها، و عبد الله بن عباس، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، والمقداد، وأبا ذر، وحذيفة. وقالت: إني قد أحللتك من أن تراني بعد موتي، فكن مع النسوة فيمن يغسلني، ولا تدفني إلا ليلا، ولا تعلم أحدا قبري. فلما كانت الليلة التي أراد الله أن يكرمها ويقبضها إليه، أقبلت (1) تقول: وعليكم السلام. وهي تقول لي: يا بن عم، قد أتاني جبرئيل مسلما، وقال لي: السلام يقرئك (2) السلام، يا حبيبة حبيب الله، وثمرة فؤاده، اليوم تلحقين به في الرفيع (3) الاعلى وجنة المأوى، ثم انصرف عني. ثم سمعناها ثانيا تقول: وعليكم السلام، فقالت: يا بن عم، هذا والله ميكائيل يقول لي كقول صاحبه. ثم أخذت ثالثا (4) تقول: وعليكم السلام. ورأيناها قد فتحت عينيها فتحا شديدا ثم قالت: يا بن عم، هذا والله الحق وهو عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق والمغرب، وقد وصفه لي أبي، وهذه صفته. فسمعناها تقول: وعليك السلام يا قابض الارواح، عجل بي ولا تعذبني. ثم سمعناها تقول: إليك ربي لا إلى النار، ثم غمضت عينيها، ومدت يديها ورجليها، كأنها لم تكن حية قط (5).


(1) في ” ط “: أخذت. (2) في ” ع “: يقرأ عليك. (3) في ” ع، م “: تلحقين بالرفيع. (4) (أخذت ثالثا) ليس في ” ع، م “. (5) – البخار 43: 207 / 36.

[ 134 ]

ويروى (1) غير ذلك وهو خبر صعب شديد. خبر وفاتها ودفنها وما جرى لامير المؤمنين (صلوات الله عليه) مع القوم 43 / 43 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثني أبي، قال: حدثني (2) أبو علي محمد بن همام بن سهيل (رضي الله عنه)، قال: روى أحمد ابن محمد بن البرقي، عن أحمد بن محمد الاشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران (3)، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: ولدت فاطمة (عليها السلام) في جمادى الآخرة، يوم العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد (4) النبي (صلى الله عليه وآله). وأقامت بمكة ثمان سنين، وبالمدينة عشر سنين، وبعد وفاة أبيها خمسة وسبعين يوما. وقبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة. وكان سبب وفاتها أن قنقذا مولى عمر لكزها بنعل السيف (5) بأمره، فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا، ولم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها. وكان الرجلان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) سألا أمير المؤمنين أن يشفع لهما إليها (6)، فسألها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابت، فلما دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا


(1) في ” ط “: وروي في وفاتها. (3) في ” م “: حدثنا. (3) راجع تعليقنا على الحديث (18). (4) في ” ع، م “: ولد. (5) نعل السيف: ما يكون في اسفل غمد السيف من حديد أو فضة ونحوهما ” الصحاح – نعل – 5: 1832 “. (6) شفع له إلى فلان: طلب ان يعاونه ويسعى له ” اقرب الموارد – شفع – 1: 599 “.

[ 135 ]

بنت رسول الله ؟ قالت: بخير بحمد الله. ثم قالت لهما: ما سمعتما النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: ” فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ” ؟ قالا: بلى. قالت: فو الله، لقد آذيتماني. قال: فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما. (1). 44 / 44 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن حفص الخثعمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: حدثنا عبيد بن ذكوان، عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي، قال: حدثني زيد بن علي وهو آخذ بشعره، قال: حدثني أبي علي بن الحسين وهو آخذ بشعره، قال: سمعت أبي الحسين ابن علي وهو آخذ بشعره، قال: سمعت أبي أمير المؤمنين وهو آخذ بشعره، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذ بشعره يقول: من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله (عزوجل) لعنه ملء السموات وملء الارضين (2). 45 / 45 – وحدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال: حدثنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الرازي، قال: حدثنا علي بن الحسن البزاز، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الكلبي والاعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله (3).


(1) بحار الانوار 43: 170 / 11. وراجع الحديث (18). (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 250 / 3، أمالي الصدوق: 271 / 10، أمالي الطوسي 2: 67، مناقب الخوارزمي: 235. (3) الجامع الصغير للسيوطي 2: 547 / 8267.

[ 136 ]

رجع الحديث إلى تمام حديث أبي علي بن همام (1) قال: فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما. قال: وروي أنها قبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة، وقد كمل عمرها يوم قبضت ثماني عشرة سنة، وخمسة وثمانين يوما بعد وفاة أبيها، فغسلها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولم يحضرها غيره، والحسن، والحسين، وزينب، وام كلثوم، وفضة جاريتها، وأسماء بنت عميس، وأخرجها إلى البقيع في الليل، ومعه الحسن والحسين، وصلى عليها، ولم يعلم بها، ولا حضر وفاتها، ولا صلى عليها أحد من سائر الناس غيرهم، ودفنها في الروضة، وعفى (2) موضع قبرها، وأصبح البقيع ليلة دفنت وفيه أربعون قبرا جددا ؟ وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبرا، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضج الناس ولام بعضهم بعضا، وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ولا دفنها ولا (3) الصلاة عليها ! بل ولم (4) تعرفوا قبرها ! فقال ولاة الامر منهم: هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور (5) قبرها. فبلغ ذلك أمير المؤمنين (صلى الله عليه)، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه، ودرت أوداجه (6)، وعليه قباؤه الاصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة، وهو يتوكأ على سيفه ذي الفقار، حتى ورد البقيع، فسار إلى الناس من أنذرهم، وقال (7): هذا علي بن أبي


(1) وهو الحديث (43). (2) في ” ع “: عمي. (3) في ” ع، م “: وفاتها و. (4) في ” ع، م “: عليها ولا. (5) في ” ط “: نعين، وفي ” ع “: يرون. (6) أي برزت وظهرت. ومنه قولهم: بين عينيه عرق يدره الغضب. (7) في ” ع، م “: الناس النذير وقالوا.

[ 137 ]

طالب قد أقبل كما ترونه، يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف في رقاب الآمرين (1). فتلقاه عمر ومن معه من أصحابه، وقال له: مالك يا أبا الحسن، والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها. فضرب علي (عليه السلام) بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الارض، وقال له: يا بن السوداء، أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة فو الذي نفس علي بيده لئن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لاسقين الارض من دمائكم، فإن شئت فاعرض يا عمر. فتلقاه أبو بكر فقال: يا أبا الحسن، بحق رسول الله وبحق من فوق العرش (2) إلا خليت عنه، فإنا غير (3) فاعلين شيئا تكرهه. قال: فخلى عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك. (4) 46 / 46 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين القمي، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا علي بن مسكان، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال لي أبي الحسين بن علي (عليهما السلام). لما قبضت فاطمة (عليها السلام) دفنها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وعفى على موضع قبرها بيده، ثم قام فحول وجهه إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، وقال: ” السلام عليك يا رسول الله عني والسلام عن (5) ابنتك وزائرتك، والبائتة في


(1) في ” ع، م “: السيف على غابر الآخر. (2) في ” ط “: وبحق فاطمة. (3) في ” ط “: لسنا. (4) بحار الانوار 43: 171. (5) في ” ع “: عني والسلام على.

[ 138 ]

الثرى ببقعتك (1)، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي، إلا أن لي في التأسي بسنتك في فرقتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت نفسك بين صدري ونحري، بلى وفي كتاب الله أنعم القبول، إن لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، واخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء. يا رسول الله، أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، ولا يبرح ذلك من قلبي أو (2) يختار الله لي دارك التي أنت بها، كمد مبرح (3) وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا، فإلى الله أشكو. وستنبئك ابنتك بتظافر امتك على هضمها، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، فستقول وبحكم الله، وهو خير الحاكمين. والسلام عليك (4) سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملال، وإن اقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين. آه آه لولا غلبة المستولين لجعلت هنا المقام، والتزمت لزاما معكوفا (5)، ولاعولت إعوال الثكلى على الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهضم حقها، وتمنع إرثها، ولم يبعد بك العهد، ولا اخلولق منك الذكر، فإلى الله – يا رسول الله – المشتكى، وفيك أجمل العزاء، صلوات الله عليك وعليها معك، والسلام ” (6).


(1) في ” ع “: النائية في الثرى ببقيعك. (2) في ” ط “: حتى، وكلاهما بمعنى، قال الشاعر: وكنت إذا غمزت قناة قوم * كسرت كعوبها أو تستقيما أي: كسرت كعوبها حتى تستقيم. والفعل بعدها منصوب بأن واجبة الاضمار. (3) (مبرح) ليس في ” ع، م “، وفي الكافي، مقيح. (4) (والسلام عليك) ليس في ” ع، م “. (5) في ” ط “: التزمت الحزم اشد لزام عكوفا، وفي الكافي: واللبث لزاما معكوفا. (6) الكافي 1: 381 / 3، أمالي المفيد: 281، أمالي الطوسي 1: 107

[ 139 ]

أخبار في (1) مناقبها (صلوات الله عليها) 47 / 47 – حدثني أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثني عثمان بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن حماد بن أحمد الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلمان (رضي الله عنه) إلى منزل فاطمة لحاجة. قال سلمان: فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من جوا، والرحى تدور من برا، ما عندها أنيس. قال: فعدت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، رأيت أمرا عظيما ! فقال: هيه يا سلمان، تكلم بما رأيت وسمعت. قال: وقفت بباب ابنتك يا رسول الله، وسلمت، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من جوا، والرحى تدور من (2) برا ما عندها أنيس ! قال: فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا سلمان، إن ابنتي فاطمة ملا الله قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها (3)، فتفرغت لطاعة الله (عزوجل) فبعث الله ملكا اسمه (روفائيل) – وفي رواية اخرى: (رحمة) – فأدار (4) لها الرحى فكفاها الله (عزوجل) مؤنة الدنيا مع مؤنة الآخرة (5).


(1) في ” ع، م “: خبر. (2) (من) ليس في ” ط “. (3) المشاش، جمع مشاشة: وهي رؤوس العظام اللينة ” الصحاح – مشش – 3: 1019 “. (4) في ” ط “: يدير. (5) مناقب ابن شهر آشوب 3: 337، الثاقب في المناقب: 290 / 248.

[ 140 ]

48 / 48 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد (1) بن إبراهيم بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن بحر الجندي النيشابوري (2)، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا أبي، عن المفضل بن عمر، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال سلمان الفارسي (رضي الله عنه): خرجت مع رسول الله ذات يوم (3) وأنا اريد الصلاة، فحاذيت باب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإذا أنا بهاتف من داخل الدار وهو يقول: اشتد صداع رأسي، وخلا بطني، ودبرت كفاي من طحن الشعير، فمضني (4) القول مضا شديدا، فدنوت من الباب فقرعته قرعا خفيفا، فأجابتني فضة، جارية فاطمة (عليها السلام)، فقالت: من هذا ؟ فقلت: أنا سلمان ابن الاسلام. قالت: وراءك يا أبا عبد الله، فإن ابنة رسول الله من وراء الباب، عليها اليسير من الثياب. فأخذت عباءتي فرميت بها داخل الباب فلبستها فاطمة (عليها السلام) ثم قالت: يا فضة، قولي لسلمان يدخل، فإن سلمان منا أهل البيت ورب الكعبة. فدخلت فإذا أنا بفاطمة جالسة وقدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل قد أفضى إلى الحجر، فحانت مني التفاتة فإذا أنا بالحسن بن علي في ناحية من الدار يتضور (5) من الجوع، فقلت: جعلني الله فداك يا ابنة رسول الله،


(1) في ” ع “: بن محمد، ولم نعثر عليه بكلا الضبطين فيما عندنا من المعاجم الرجالية، ولعله جعفر بن محمد بن مالك الفزاري أحد مشايخ أبي المفضل، كما سيأتي في باب الجواد (عليه السلام). (2) في ” ع، م “: السابوري، ولعله تصحيف (الجند يسابوري) منسوب إلى (جند يسابور) في خوزستان. (3) في ” ط “: ليلة. (4) المض: الحرقة والالم والوجع. (5) في ” ع “: يتضوع، وفي ” م “: يتضرع.

[ 141 ]

قد دبرت كفاك من طحن الشعير وفضة قائمة ! فقالت: نعم يا أبا عبد الله أوصاني حبيبي رسول الله (1) أن تكون الخدمة لها يوم ولي يوم، فكان أمس يوم خدمتها، واليوم يوم خدمتي. قال سلمان: فقلت: جعلني الله فداك، إني مولى عتاقة. فقالت: أنت منا أهل البيت. قلت: فاختاري إحدى الخصلتين: إما أن أطحن لك الشعير، أو اسكت لك الحسن. قالت: يا أبا عبد الله، أنا اسكته فإني أرفق، وأنت تطحن الشعير. قال: فجلست حتى طحنت جزء من الشعير، فإذا أنا بالاقامة، فمضيت حتى صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). فلما فرغت من الصلاة أتيت علي بن أبي طالب وهو بيمنة من (2) رسول الله فجذبت رداءه وقلت: أنت هاهنا وفاطمة قد دبرت كفاها من طحن الشعير ؟ ! فقام وإن دموعه لتحدر على لحيته، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لينظر إليه حتى خرج من باب المسجد، فلم يمكث إلا قليلا. فإذا هو قد رجع يتبسم من غير أن تستبين أسنانه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حبيبي (3) خرجت وأنت باك ورجعت وأنت ضاحك ؟ قال: نعم بأبي أنت وامي، دخلت الدار وإذا فاطمة نائمة مستلقية لقفاها، والحسن نائم على صدرها، وقدامها الرحى تدور من غير يد. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا علي، أما علمت أن لله ملائكة سائرة في الارض يخدمون محمدا وآل محمد إلى أن تقوم الساعة ؟ ! (4)


(1) في ” ط “: أوصاني أبي. (2) في ” ط “: الصلاة رأيت عليا وهو على ميمنة. (3) في ” ط “: يا علي، وفي ” م “: يا علي حبيبي. (4) الخرائج والجرائح 2: 530 / 6.

[ 142 ]

49 / 49 – وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن علي (1) بن خيران (2) الانباري، قالا: حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف، قال: حدثنا محمد بن يونس بن موسى القرشي، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن الفزاري الاشقر، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط. قال: فتمر ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع (3). 50 / 50 – وحدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا عبد النور المسمعي، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة (4)، عن إبراهيم، عن (5) مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما قدم علي الكوفة – يعني عبد الله بن مسعود – قلنا (6) له: حدثنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر الجنة، ثم قال: ما حدثتكم


(1) (علي) ليس في ” ط “. (2) في النسخ: ابن جيران، ويأتي في الحديث (29) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام) بعنوان: ابن خيران. (3) في ” ط “: الخاطف. مناقب ابن شهر آشوب 3: 326، كفاية الطالب: 364، كشف الغمة 1: 457، الصواعق المحرقة: 190. وسيأتي في الحديث: 67. (4) كذا في المصادر، وهو الصواب، روى عن إبراهيم بن يزيد النخعي، وروى عنه شعبة. وصحف في ” ط، ع، م “: عمر بن عميرة، انظر سير أعلام النبلاء 5: 196، تهذيب التهذيب 8: 102. (5) في ” ط، ع، م “: بن، تصحيف، وما في المتن من المصادر، وهو الصواب، راجع التعليقة السابقة وتهذيب الكمال 2: 233. (6) في ” ط “: فقلنا.

[ 143 ]

عن رسول الله، فلم أزل أطلب الشهادة للحديث ولم ارزقها، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في تبوك ونحن نسير معه: إن الله (عزوجل) أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب ففعلت. فقال لي جبرئيل: إن الله (عزوجل) قد بنى جنة من قصب اللؤلؤ، بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوتة مشدودة بالذهب، وجعل سقوفها زبرجدا أخضر، فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت، وجعل عليها غرفا، لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ولبنة من در، ولبنة من ياقوت، ولبنة من زبرجد، وقبابا من در، قد شعبت بسلاسل الذهب، وحفت بأنواع التحف. وبنى في كل قصر قبة، وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء، فرشها السندس والاستبرق، وفرش أرضها بالزعفران والمسك والعنبر، وجعل في كل قبة [ حوراء (1) ] والقبة لها مائة باب، في كل باب جاريتان وشجرتان، وفي كل قبة فرش وكتاب مكتوب حول القباب آية الكرسي. فقلت: يا جبرئيل، لمن بنى الله (عزوجل) هذه القبة ؟ فقال: هذه جنة بناها الله (عزوجل) لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك، تحفة أتحفهما بها، وأقر بها عينك يا محمد (2). 51 / 51 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح (3)، قال: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي (4) الازدي


(1) من المصادر. (2) نوادر المعجزات: 98 / 16، أبو صالح المؤذن في الاربعين، على ما في عوالم فاطمة (عليها السلام): 142 / 4، ورواه ابن عساكر في ترجمة الامام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق 1: 259 / 302 والخوارزمي في مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 76 بهذا الاسناد إلى ابن مسعود، الكنجي في كفاية الطالب: 320. (3) أرتاح: مدينة من أعمال حلب ” معجم البلدان 1: 140 “. (4) في ” ط، ع، م “: الحسن بن عباس، وما في المتن هو الصواب، ذكره في معجم البلدان 5: 153 نسبة إلى معان مدينة في طرف بادية الشام، وفيه أبو عبيد المعني، وأبو عبيد كنيته والمعني لقبه، نسبة إلى معن بن مالك من الازد، وكذا في تهذيب تاريخ دمشق 4: 233، وفي ” ع “: أبو عبد المغني، وفي لسان الميزان 2: 226 كما في المتن.

[ 144 ]

المعاني بمعان، قال: حدثنا عبد الوهاب بن همام الحميري (1)، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي البصري قدم علينا اليمن، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: حدثني حذيفة بن اليمان، قال: لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أرسل معه النجاشي بقدح من غالية (2) وقطيفة منسوجة بالذهب هدية إلى النبي (صلى الله عليه وآله). فقدم جعفر (عليه السلام) والنبي بأرض خيبر، فأتاه بالقدح من الغالية والقطيفة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لادفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فمد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أعناقهم إليها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أين علي ؟ فلما جاءه قال له النبي: يا علي، خذ هذه القطيفة إليك. فأخذها علي (عليه السلام) وأمهل، حتى قدم إلى المدينة، فانطلق إلى البقيع – وهو سوق المدينة – فأمر صائغا ففصل القطيفة سلكا سلكا، فباع الذهب، وكان ألف مثقال، ففرقه علي (عليه السلام) في فقراء المهاجرين والانصار، ثم رجع إلى منزله ولم يبق له من الذهب قليل ولا كثير (3)، فلقيه النبي (صلى الله عليه وآله) من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمار، فقال: يا علي، إنك أفدت (4) بالامس ألف مثقال، فاجعل غداي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك. ولم يكن علي (عليه السلام) يرجع يومئذ إلى شئ من العروض ذهب أو فضة، فقال حياء منهم وتكرما: نعم يا رسول الله، ادخل – يا نبي الله – وفي الرحب والسعة أنت ومن معك. قال: فدخل النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال لنا: ادخلوا.


(1) كذا في الامالي والجرح والتعديل 6: 70 نسبة إلى حمير من قبائل اليمن، وانظر سير أعلام النبلاء 9: 563 / 220، وفي ” ط، ع، م “: الخيبري. (2) الغالية: ضرب من الطيب: مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود ” مجمع البحرين – غلا – 1: 319 “. (3) في ” ط “: الذهب شئ لا قليل ولا كثير. (4) في ” ط “: أخذت.

[ 145 ]

قال حذيفة: وكنا خمسة نفر: أنا، وعمار، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد (رضوان الله عليهم) فدخلنا ودخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) يبتغي عندها شيئا من زاد، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور، وعليها عراق (1) كثير، وكأن رائحتها المسك. فحملها علي (عليه السلام) حتى وضعها بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) ومن حضر (2)، فأكلنا منها حتى تملانا (3) ولم ينقص منها قليل ولا كثير (4). فقام النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل على فاطمة (عليها السلام)، فقال: أنى لك هذا الطعام يا فاطمة ؟ فردت عليه (5)، ونحن نسمع قولها، فقالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلينا مستبشرا (6)، وهو يقول: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي (7) ما رأى زكريا لمريم، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا فيقول لها: يا مريم، أنى لك هذا ؟ فتقول: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب (8). 52 / 52 – وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن علي بن عيسى المعروف بابن الخياط القمي، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر العسكري، قال: حدثني صعصعة بن سياب بن ناجية أبو محمد، قال: حدثنا زيد بن موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عمه زيد بن علي،


(1) العرق: الفدرة من اللحم، جمعها عراق، وقيل العراق: العظم بغير لحم ” لسان العرب – عرق – 10: 244 “. (2) في ” ع، م “: حضرها، وفي الامالي: حضر معه. (3) في ” ط “: شبعنا، وكلاهما بمعنى واحد، انظر ” لسان العرب – ملا – 1: 159 “. (4) في ” ط “: منها شئ. (5) في ” ط “: يا فاطمة ؟ فأجابته. (6) في ” ع، م “: مستعبرا. (7) في ” ط “: زيادة: فاطمة. (8) أمالي الطوسي 2: 227، سعد السعود: 90، نحوه، مدينة المعاجز: 53.

[ 146 ]

عن أبيه، عن سكينة وزينب ابنتي علي، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية، وإن بنات الانبياء لا يحضن (1). 53 / 53 – وعنه، عن أبي الحسن، قال: حدثني أحمد بن يزد المهلبي، قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسين بن زيد، عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، عن أبيه وفاطمة ابنة الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة: يا فاطمة: إن الله ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك (2). 54 / 54 – واخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، قال: حدثني خديجة ام الفضل ابنة محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن عيسى الجلودي، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، عن جابر ابن عبد الله، قال: قيل: يا رسول الله، إنك تقبل فاطمة وتلزمها وتدنيها منك، وتفعل بها مالا تفعله بأحد من بناتك ! فقال (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة، فأكلتها، فتحولت في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشم منها رائحة الجنة. (3). 55 / 55 – وعنه، قال: حدثتني خديجة، قالت: حدثنا أبو عبد الله، قال: حدثنا


(1) البحار 81: 112 / 37. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2: 26 ذيل حديث 6 و 46 / 176، أمالي الصدوق: 313 / 1، صحيفة الرضا (عليه السلام): 90 / 23، أمالي المفيد: 94 / 4، الحاكم في المستدرك 3: 154، أمالي الطوسي 2: 41، اسد الغابة 5: 522، كفاية الطالب: 364، ذخائر العقبى: 39، فرائد السمطين 2: 46 / 378، كنز العمال 13: 674 / 37725، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 52. (3) نوادر المعجزات: 99 / 17، علل الشرائع: 183 / 1. (*)

[ 147 ]

أبو أحمد، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عثمان بن عمران (1)، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى العبسي، قال: حدثنا جبلة المكي، عن طاوس اليماني، عن ابن عباس، قال: دخلت عائشة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقبل فاطمة، فقالت له: أتحبها يا رسول الله ؟ فقال: إي والله، لو تعلمين حبي لها لازددت لها حبا. إن الله (تبارك وتعالى) لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل، وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: ادن (2) يا محمد. فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي (3) يا جبرئيل ؟ ! فقال: نعم، إن الله (تبارك وتعالى) فضل أنبياءه المرسلين على جميع ملائكته المقربين، وفضلك (4) أنت خاصة. فدنوت فصليت (5) في أهل السماء الرابعة، ثم التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم الخليل في روضة من رياض الجنة، قد اكتفته جماعة من الملائكة. ثم إني صرت إلى السماء السادسة، فنوديت: يا محمد، نعم الاب أبوك إبراهيم، ونعم الاخ أخوك علي (6). فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة، فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأطيب رائحة من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها، فتحولت الرطبة في صلبي.


(1) في العلل: عمر. (2) في ” ط “: تقدم. (3) في ” ع، م “: تحضرني. (4) في ” ع، م “: فضلت. (5) في ” ط “: فتقدمت وصليت. (6) المحاسن: 179 / 169، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 30 / 39، أمالي الصدوق: 266 / 14، مناقب ابن المغازلي: 42 / 65، و 67 / 96 وبلفظ آخر في: 44 / 66، ابن عساكر في تاريخ دمشق ضمن ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1: 131 / 159 و: 124 / 150، كفاية الطالب: 185، فرائد السمطين 1: 109 / 77 و 110 / 78، والخوارزمي في المناقب: 209، ومقتل الحسين (عليه السلام) 1: 49.

[ 148 ]

فلما أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة، فحملت بفاطمة الحوراء الانسية، فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحتها (1). 56 / 56 – وعنه، قال: حدثتني خديجة، قالت: حدثنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، قال: حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، عن عمر بن موسى، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن زينب بنت علي، قالت: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد كنت شهدت فاطمة قد ولدت بعض ولدها فلم نر لها دما، فقلت: يا رسول الله، إن فاطمة ولدت فلم نر لها دما ! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أسماء، إن فاطمة خلقت حورية إنسية (2). 57 / 57 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عنبسة (3)، قال: حدثنا يحيى بن عيسى ابن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنما سميت فاطمة فاطمة لانها فطمت هي وشيعتها وذريتها من النار (4).


(1) علل الشرائع: 183 / 2. (2) مناقب ابن المغازلي: 369 / 416 باسناده إليه محمد بن زكريا الغلابي، كشف الغمة 1: 463 عن ابن بابويه يرفعه إلى أسماء، ونحوه في ذخائر العقبى: 44، ونزهة المجالس 2: 227، وسيأتي في الحديث (62). (3) في رجال النجاشي: 262 / 686 علي بن محمد بن جعفر بن عنبسة الحداد العسكري، يقال له: ابن رويدة، وفي الخصال: 387 / 73 و: 394 / 98: علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة مولى الرشيد. (4) نحوه في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 46 / 174، ومعاني الاخبار: 64 / 14، وعلل الشرائع: 178 / 1 و: 179 / 5، وأمالي الطوسي 1: 300، وبشارة المصطفى: 184، ومناقب ابن المغازلي: 65 / 92، ومناقب ابن شهر آشوب 3: 329، ونحوه في ذخائر العقبى: 26، وفرائد السمطين 2: 57 / 384، ومقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 51، ونور الابصار: 96.

[ 149 ]

58 / 58 – وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن زياد ابن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال: تلك مريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين (1). 59 / 59 – وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الطالقاني: قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فاطمة: لم سميت الزهراء ؟ فقال: لانها كانت إذا قامت في محرابها يزهر نورها لاهل السماء، كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض (2). 60 / 60 – ويروى أنها (عليها السلام) سميت الزهراء لان الله (عزوجل) خلقها من نور عظمته (3). 61 / 61 – وعنه، قال: أخبرني أبو جعفر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ابن أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أسباط، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان، قال: حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن


(1) معاني الاخبار: 107 / 1، ونحوه في مشكل الآثار 1: 51، وحلية الاولياء 2: 42، وذخائر العقبى: 43، ومقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 79. (2) علل الشرائع: 181 / 3، معاني الاخبار: 64 / 15. (3) علل الشرائع: 180 / 1، معاني الاخبار: 64 / 16.

[ 150 ]

عبد الله، قال: حدثني عيسى بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب، عن آبائه، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) سئل عن البتول، وقيل له (1): سمعناك، يا رسول الله، تقول: إن مريم بتول، وفاطمة بتول فما ذاك. فقال: البتول التي لم تر حمرة قط. أي لم تحض، فإن الحيض مكروه في بنات الانبياء (2). 62 / 62 – وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا محمد ابن زكريا، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، قال: حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، عن عمر بن موسى، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن زينب بنت علي (عليه السلام)، قالت: حدثتني أسماء بنت عميس، قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد كنت شهدت فاطمة قد ولدت بعض ولدها فلم نر لها دما (3). يا أسماء، إن فاطمة خلقت حورية إنسية (4). 63 / 63 – وعنه، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا محمد بن زكريا (5)، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا عبد الله بن المثنى، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: قلت لامي: صفي لي فاطمة (عليها السلام). فقالت: كانت أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله)، بيضاء مشربة (6) حمرة،


(1) في ” ع، م “: البتول وإنا، وفي العلل والمعاني: ما البتول فإنا. (2) علل الشرائع: 181 / 1، معاني الاخبار: 64 / 17، مناقب ابن شهر آشوب 3: 330. (3) في ” ط ” زيادة: وسألته فقال. (4) تقدم في الحديث (56). (5) (قال: حدثنا محمد بن زكريا) ليس في ” ط، م ” وما في المتن هو الصواب وهو الغلابى، راجع ميزان الاعتدال 2: 382 ولسان الميزان 3: 237. (6) الاشراب: خلط لون بلون، كأن أحد اللونين سقى اللون الآخر ” النهاية – شرب – 2: 454 “.

[ 151 ]

لها شعر أسود يتغفر (1) لها، كأنها القمر ليلة البدر، وكأنها شمس قرنت (2) غماما. قال عبد الله: فكانت – والله – كما قال الشاعر: بيضاء تسحب من قيام شعرها * وتغيب فيه وهو جثل أسحم (3) فكأنها فيه نهار مشرق * وكأنه ليل عليها مظلم (4) 64 / 64 – وعنه، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثني أبو أحمد، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني مصعب، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن الحسن بن الحسن: من أين لك إشراق الرباعية ؟ قال: قلت: كان جدي لامي إبراهيم بن مصعب مشرق الرباعية، قال: ومن أين له ذاك ؟ فقلت: كان جعفر بن محمد مشرق الرباعية. قال: ومن أين ذاك له ؟ قلت: لا أدري. قال: ولكني أدري، كانت خديجة بنت خويلد مشرقة الرباعية، وكانت فاطمة مشرقة الرباعية (5). 65 / 65 – وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا علي بن محمد بن


(1) يتغفر: أي كان كالغفرة لها، وهو ما يغطى به الشئ، انظر ” لسان العرب – غفر – 5: 26 “. (2) قرنت: أي كأن الشمس قارنت الغمام وصاحبته، انظر ” لسان العرب – قرن – 13: 336 “. (3) شعر جثل: كثير لين، أسحم: أسود ” أساس البلاغة – جثل – 51 و – سحم – 205 “. أورد هذين البيتين القالي في أماليه 1: 227 والسيد المرتضى في أماليه 2: 97 والثعالبي في الاعجاز والايجاز: 181، ونسبوهما لبكر بن النطاح، وهو شاعر كان في زمن هارون الرشيد جيد القول حسن الشعر، انظر أخباره في الاغاني 17: 153 وتأريخ بغداد 7: 90. (4) الحاكم في المستدرك 3: 161، وبذيله التلخيص للذهبي 3: 161. (5) أشار لهذا الحديث في مناقب ابن شهر آشوب 3: 357.

[ 152 ]

الحسن القزويني، المعروف بابن مقبرة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا جندل بن والق، قال: حدثنا محمد بن عمر المازني، عن عباد الكلبي (1)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن فاطمة الصغرى عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: رأيت امي فاطمة (عليها السلام) قائمة في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفجر (2) عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسميهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشئ، فقلت: يا اماه، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار (3). 66 / 66 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثني شعيب بن واقد، قال: حدثني إسحاق بن جعفر بن محمد، عن عيسى بن زيد ابن علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سميت فاطمة محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما كانت تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا فاطمة، اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله (عزوجل) جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الاولين والآخرين (4).


(1) في النسخ: الضبي وقد تقدم البحث عنه في سند الحديث (13). (2) في ” ط “: انفلق، وفي العلل: اتضح. (3) علل الشرائع: 181 / 1. (4) تقدم في الحديث (20).

[ 153 ]

67 / 67 – وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن يونس القرشي، قال: حدثنا الحسين الاشقر، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم، وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد على الصراط. قال: فيمر معه سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع (1). 68 / 68 – وعنه، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا عمرو بن عبد الجبار (2)، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق، غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تمر فاطمة بنت محمد، فتكون أول من يكسى. وتستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء، وخمسون ألف مالك، على نجائب من الياقوت، أجنحتها وأزمتها اللؤلؤ الرطب، ركبها من زبرجد، عليها رحل (3) من الدر، على كل رحل نمرقة من سندس، حتى يجوزوا بها الصراط، ويأتوا بها


(1) تقدم في الحديث (49). (2) (قال: حدثنا عمرو بن عبد الجبار) ليس في ” ط، م ” والصواب إثباته، وهو أبويحيى عمرو بن عبد الجبار اليامي، نسبة إلى يام بطن من همدان، روى عنه أبو عبد لله محمد بن سهل بن عبد الرحمن العطار، انظر تاريخ بغداد 5: 315 ولسان الميزان 4: 368. (3) في ” ع، م “: الحلل.

[ 154 ]

الفردوس، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان، فتجلس على كرسي من نور، ويجلسون حولها. وهي جنة الفردوس التي سقفها عرش الرحمن، وفيها قصران: قصر أبيض، وقصر أصفر من لؤلؤة على عرق واحد، في القصر الابيض سبعون ألف دار، مساكن محمد وآل محمد، وفي (1) القصر الاصفر سبعون (2) ألف دار، مساكن إبراهيم وآل إبراهيم. ثم يبعث الله (عزوجل) ملكا لها (3) لم يبعث إلى أحد قبلها، ولا يبعث إلى أحد بعدها، فيقول: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: سليني. فتقول: هو السلام، ومنه السلام، قد أتم علي نعمته، وهنأني كرامته، وأباحني جنته، وفضلني على سائر خلقه، أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم بعدي، وحفظهم في. قال: فيوحي الله إلى ذلك الملك من غير أن يزول من مكانه: أخبرها أني قد شفعتها في ولدها وذريتها ومن ودهم فيها، وحفظهم بعدها. قال: فتقول: الحمد لله الذي أذهب عني الحزن، وأقر عيني. فيقر الله بذلك عين محمد (صلى الله عليه وآله) (4). 69 / 69 – وحدثني أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس ابن دوما (5)، قال: حدثنا: علي بن حبيب، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن


(1) في ” ع، م “: وإن في. (2) في ” ع، م “: لسبعين. (3) (لها) ليس في ” ع، م “. (4) تأويل الآيات 2: 618 / 7. (5) في ” ع، م “: البرد وما. وهي تصحيف: ابن دوما، وهو أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس بن الفضل بن المغيرة المعروف بابن دوما النعالي نسبة إلى عمل النعال وبيعها، وهو من مشايخ الخطيب البغدادي، انظر تاريخ بغداد 7: 300، أنساب السمعاني 5: 508.

[ 155 ]

محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تحشر ابنتي فاطمة وعليها حلة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان، تنظر إليها الخلائق فيتعجبون منها. ثم تكسى أيضا حلة من حلل الجنة، وهي ألف حلة، مكتوب على كل حلة بخط أخضر: (أدخلوا ابنة محمد الجنة على أحسن صورة وأحسن كرامة، وأحسن منظر). فتزف إلى الجنة كما تزف العروس، ويوكل بها سبعون ألف جارية (1).


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 30 / 38، صحيفة الرضا (عليه السلام): 122 / 79، ذخائر العقبى: 48، فرائد السمطين 2: 63 / 388، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 52، ينابيع المودة: 199.

[ 157 ]

أبو محمد الحسن بن علي السراج (عليه السلام) معرفة ولادته 384 / 1 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحسين، عن أبيه (1)، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام)، قال: كان مولدي في ربيع الآخر سنة اثنتين (2) وثلاثين ومائتين من الهجرة (3). وقد روي أنه ولد بالمدينة في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث (4) وثلاثين ومائتين من الهجرة (5). وكان مقامه مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة. وعاش بعد أبيه أيام إمامته بقية ملك المعتز، ثم ملك المهتدي (6). ثم ملك أحمد ابن جعفر المتوكل، المعروف بالمعتمد اثنين وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، وبعد خمس سنين من ملكه استشهد ولي الله وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة.


(1) في ” ع، م ” زيادة: محمد، والظاهر أنه تكرار وتصحيف لقوله: عن أبي محمد، الآتي بعده. (2) في ” ع، م “: ثلاث. (3) تاريخ الائمة: 14، الكافي 1: 420، الارشاد: 335. (4) في ” ع، م “: اثنين. (5) الهداية الكبرى: 327. (6) في النسخ: الواثق، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر إعلام الورى: 367، مناقب ابن شهر آشوب 4: 422، الجوهر الثمين 1: 153.

[ 158 ]

قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الامهات، لا يصيبنا نجس الشرك، ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى (1) بنا آخرون. فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين، فجعل نصفه في عبد الله، ونصفه في أبي طالب، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة، والنصف الآخر إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة، وأخرجت فاطمة عليا. ثم أعاد (عزوجل) العمود إلي فخرجت مني فاطمة ثم أعاد (عزوجل) العمود إليه (2)، فخرج الحسن والحسين، يعني من النصفين جميعا. فما كان من نور علي صار في ولد الحسن، وما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الائمة من ولده إلى يوم القيامة (3). 71 / 2 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر بن مالك الفزاري، عن عبد الله بن يونس، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). قال: وحدثني أيضا عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي الثاني (صلوات الله عليه). وحدثني أيضا عن منصور بن ظفر، عن أحمد بن محمد الفريابي (4) المخصوص ببيت المقدس، في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثمائة، عن نصر بن علي الجهضمي، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن مواليد الائمة وأعمارهم (عليهم السلام). وما حدثني عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد (عليه السلام)، وهو الحادي عشر، قال:


(1) (بنا) ليس في ” ط “. (2) في ” ط “: واعاده إلى علي. (3) نوادر المعجزات: 80 / 1، علل الشرائع: 208 / 11. (4) في ” ع “: العرفاني.

[ 159 ]

ولد أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يوم النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، وفيها كانت بدر. وبعد خمسين ليلة من ولادة الحسن (عليه السلام) علقت فاطمة بالحسين، فعق عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كبشا، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بوزن شعره فضة. ولما ولد أهدى جبرئيل اسمه في خرقة حرير بن ثياب الجنة. واشتق اسم الحسين من اسم الحسن. وكان أشبه بالنبي ما بين الصدر إلى الرأس (1). 72 / 3 – ويروى أيضا أن فاطمة (عليها السلام) لما ولدت الحسن جاءت به إلى النبي فقالت: ما أحسنه يا رسول الله ! فسماه حسنا، فلما ولدت الحسين قالت وقد حملته: هذا أحسن من هذا. فسماه حسينا (2). رجع الحديث فكان مقامه مع جده سبع سنين، ومع أبيه بعد جده ثلاثين سنة، وبعد أبيه أيام إمامته عشر سنين، وصار إلى كرامة الله (عزوجل) وقد كمل عمره سبعا وأربعين سنة، وقبض في سلخ صفر سنة خمسين من الهجرة (3). وروي سنة اثنتين وخمسين. ويروى أنه قبض وهو ابن ست وأربعين سنة (4).


(1) قطعة منه في سنن الترمذي 4: 99 / 1519 و 5: 660 / 3779، والذرية الطاهرة: 101 / 94 و 95 و 96، والكافي 1: 383، وعلل الشرائع: 139 / 9، معاني الاخبار: 58 / 8، الارشاد: 187، إعلام الورى: 205 و 212، وتاريخ دمشق – ترجمة الامام الحسن (عليه السلام): 11 / 9 و: 33 / 60، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 28. (2) علل الشرائع: 139 / 10، معاني الاخبار: 57 / 7، سير أعلام النبلاء 3: 248. (3) تاريخ مواليد الائمة: 173، مناقب ابن شهر آشوب 4: 28 و 29. (4) مقاتل الطالبيين: 50.

[ 160 ]

رجع الحديث وكان سبب وفاته أن معاوية سمه سبعين مرة، فلم يعمل فيه السم، فأرسل إلى امرأته جعدة ابنة محمد بن الاشعث بن قيس الكندي، وبذل لها عشرين ألف دينار، وإقطاع عشر ضياع من شعب سورا (1)، وسواد الكوفة، وضمن لها أن يزوجها يزيد ابنه، فسقت الحسن السم في برادة الذهب في السويق المقند، فلما استحكم فيه السم قاء كبده. ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال له: كيف أنت يا أخي ؟ فقال له: كيف يكون من قلب كبده في الطست. فقال له: من فعل بك ؟ لانتقم. قال: إذن لا اعلمك. ولما حضرته الوفاة قال لاخيه الحسين: إذا مت فغسلني، وحنطني، وكفني، وصل علي، واحملني إلى قبر جدي حتى تلحدني إلى جانبه، فإن منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله وأبيك أمير المؤمنين وامك فاطمة، وبحقي عليك إن خاصمك أحد ردني إلى البقيع، فادفني فيه ولا تهرق في محجمة (2) دم. فلما فرغ من أمره وصلى عليه وسار بنعشه يريد قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلحده معه، بلغ ذلك مروان بن الحكم، طريد رسول الله، فوافى (3) مسرعا على بغلة، حتى دخل على عائشة فقال لها: يا ام المؤمنين، إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند قبر جده، ووالله لئن دفنه معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة. فقالت له: فما أصنع يا مروان ؟ قال: تلحقي به وتمنعي (4) من الدخول إليه.


(1) سورا: مدينة قرب الكوفة بها فواكه كثيرة وأعناب ” أحسن التقاسيم: 105 “. (2) المحجمة: القارورة التي يجمع فيها دم الحجامة ” المعجم الوسيط – حجم – 1: 158 “. (3) في ” ط “: فذهب. (4) في ” ط “: الحقي وامنعيه. (*)

[ 161 ]

قالت: فكيف ألحقه ؟ قال: هذا بغلي فاركبيه والحقي القوم قبل الدخول (1). فنزل لها عن بغله، وركبته، وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السرج (2) هي، فلحقتهم وقد صاروا إلى حرم قبر جدهما (3) رسول الله، فرمت بنفسها بين القبر والقوم، وقالت: والله، لا يدفن الحسن ها هنا أو تحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها. وكان مروان لما ركبت بغله جمع من كان من بني امية وحثهم، فأقبل هو وأصحابه وهو يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة (4). أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله ؟ ! والله، لا يكون ذلك (5) أبدا وأنا أحمل السيف. وكادت الفتنة تقع، وعائشة تقول: والله، لا يدخل داري من أكره. فقال لها الحسين: هذه دار رسول الله، وأنت حشية (6) من تسع حشيات خلفهن رسول الله، وإنما نصيبك من الدار موضع قدميك. فأراد بنو هاشم الكلام وحملوا السلاح، فقال الحسين (7): الله الله، لا تفعلوا فتضيعوا (8) وصية أخي.


(1) (قبل الدخول) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط “: السروج. (3) في ” ط “: جدهم. (4) الهيجاء: الحرب، الدعة: السكون والراحة، انظر مجمع الامثال 2: 421 / 4711. (5) في ” ط “: هذا. (6) الحشية: الفراش، وكأنه (عليه السلام) كنى بها عن المرأة أو انه اراد بالحشية ما يحشى به، تكنية عن كونها دخيلة على الرسول (صلى الله عليه وآله) إلا بالزوجية وهي غير صلة الرحم والقرابة وكونها من أهل البيت (عليهم السلام). (7) في ” ط “: السلاح، فمنعهم الحسين وقال. (8) في ” ط “: ان تفعلوا وتضيعوا.

[ 162 ]

وقال لعائشة: والله، لولا أنه (1) أوصى إلي ألا أهرق فيه محجمة دم لدفنته ها هنا ولو رغم لذلك أنفك. وعدل به إلى البقيع فدفنه فيه مع الغرباء. وقال عبد الله بن عباس: يا حميراء، كم لنا منك ؟ ! فيوم على جمل، ويوم على بغل ! فقالت: إن شاء أن يكون يوم على جمل، ويوم على بغل، والله ما (2) يدخل الحسن داري. وكان مدة مرضه (عليه السلام) أربعين يوما (3). نسبه (عليه السلام): الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن أشعب (4) بن أيمن (5) بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام) (6). أسماؤه (عليه السلام): الحسن، وسماه الله (عزوجل) في التوراة شبرا.


(1) في ” ط “: ان أبا محمد. (2) في ” ط “: لا. (3) مناقب ابن شهر اشوب 4: 29. إرشاد المفيد: 192. (4) في ” ع، م “: اشحب. (5) في ” ع، م “: تيمن. (6) أسماء أجداد النبي (صلى الله عليه وآله) من بعد عدنان مختلف فيها، انظر سيرة ابن هشام 1: 1، مروج الذهب 2: 265، المجدي: 6 وغيرها.

[ 163 ]

وكناه (عليه السلام): أبو محمد وأبو القاسم. وألقابه (عليه السلام): الزكي، والسبط الاول، وسيد شباب أهل الجنة، والامين، والحجة، والتقي (1). وأمه (عليه السلام): فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). بوابه (عليه السلام): سفينة (2). [ نساؤه (عليه السلام) ] – وتزوج سبعين حرة، وملك مائة وستين أمة في سائر عمره (3). [ نقش خاتمه (عليه السلام) ] وكان له خاتم عقيق أحمر، نقشه: (العزة لله) (4) وخاتم يماني نقشه: (الحسن بن علي)


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 29، تذكرة الخواص: 193، كشف الغمة 1: 518 و 519. ومن ألقابه أيضا: البر والاثير والمجتبى والزاهد. (2) تاريخ مواليد الائمة: 32، مناقب ابن شهر آشوب 4: 28، الفصول المهمة: 153. (3) العدد القوية: 352 / 14، ولم يسم المترجمون للامام الحسن (عليه السلام) هذا العدد من النساء، فابن سعد في ترجمة الامام (عليه السلام) من (الطبقات الكبرى) لم يسم غير ست نساء وأربع أمهات أولاد، والمدائني لم يعد له (عليه السلام) عشر نساء. كما أن المصنف لم يعد من أولاده غير اثني عشر، ما يأتي، وهو ينافي كونه متزوجا بسبعين امرأة. انظر: شرح ابن أبي الحديد 16: 21، ترجمة الامام الحسن (عليه السلام) من (الطبقات الكبرى) تراثنا – العدد (11) ص 121 و 122. (4) الكافي 6: 474 / 8، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 56، أمالي الصدوق: 370

[ 164 ]

وروي أن من نقش على فص خاتمه مثله، كان في جميع اموره مهيبا مصدقا عظيما والصلاة فيه بسبعين صلاة. ذكر ولده (عليه السلام): عبد الله، والقاسم، والحسن، وزيد، وعمر، وعبيدالله، و عبد الرحمن، وأحمد، وإسماعيل، والحسن (1)، وعقيل، وله ابنة اسمها: ام الحسن فقط (2). ذكر معجزاته (عليه السلام): 73 / 4 – قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي ثم الانصاري، قال: قال عمارة بن زيد (3): سمعت إبراهيم بن سعد


(1) تكرر هنا اسم الحسن مرتين، وفي بعض التواريخ: بشر، وفيها عبد الله آخر بدل عبيدالله. انظر إرشاد المفيد: 194 وتاريخ أهل البيت: 100. (2) تاريخ مواليد الائمة ووفياتهم: 174، مناقب ابن شهر آشوب 4: 29. (3) قال النجاشي في ترجمة محمد بن الحسن بن عبد الله الجعفري: روى عنه البلوي، والبلوي رجل ضعيف مطعون عليه. وفي ترجمة عمارة بن زيد قال: لا يعرف من أمره غير هذا، وذكر الحسين بن عبيدالله أنه سمع بعض اصحابنا يقول: سئل عبد الله بن محمد البلوي، من عمارة بن زيد هذا الذي حدثك ؟ قال: رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج. ويمكن حمل قوله ” رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج ” على التهكم والاستهجان للسائل، لان عمارة بن زيد مترجم له في كتب الرجال وليس شخصا مختلقا أو خياليا. وقال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة في ترجمة عبد الله بن محمد البلوي: قال الشيخ الطوسي: كان واعظا فقيها ولم ينص على تعديله ولا على جرحه، وقال النجاشي: إنه ضعيف، وقال ابن الغضائري: كذاب وضاع للحديث لا يلتفت إلى حديثه ولا يعبأ به. وفي القسم الثاني من رجال ابن داود في ترجمة عبد الله بن محمد البلوي: قال أصحابنا: هو اسم ليس تحته أحد، وعمارة بن زيد أو أبو زيد الخيواني المدني حليف الانصار.

[ 165 ]

يقول: سمعت محمد بن إسحاق (1) يقول: كان الحسن والحسين (عليهما السلام) طفلين يلعبان، فرأيت الحسن وقد صاح بنخلة، فأجابته بالتلبية، وسعت إليه كما يسعى الولد إلى والده (2). 74 / 5 – وقال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان (3)، عن أبيه، قال: أخبرنا الاعمش، عن كثير بن سلمة (4)، قال: رأيت الحسن (عليه السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخرج من صخرة عسلا ماذيا (5)، فأتيت رسول الله فأخبرته، فقال: أتنكرون لابني هذا ؟ ! إنه سيد ابن سيد (6)، يصلح الله به بين فئتين، ويطيعه أهل السماء في سمائه، وأهل الارض في أرضه (7).


وقد ترجم ابن حجر في لسان الميزان لعبدالله بن محمد البلوي وضعفه، رجال النجاشي: 324 / 884 و: 303 / 827، فهرست الطوسي: 103 / 433، رجال ابن داود: 255 / 288، الخلاصة: 236 / 14، لسان الميزان 3: 338، معجم رجال الحديث 10: 303 و 12: 274. (1) هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي (80 – 151 ه‍) صاحب السيرة، والراوي عنه أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، والارجح وجود سقط بعد محمد بن إسحاق، لانه لم ير الحسن والحسين (عليهما السلام) ولا عاصرهما وقد عد من أصحاب الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، انظر سير أعلام النبلاء 7: 33، ومعجم رجال الحديث 15: 73 و 76. (2) نوادر المعجزات: 100 / 1، مدينة المعاجز 203 / 6. (3) هو أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي (ت 247 ه‍) روى عن أبيه، وروى عنه الطبري المؤرخ المفسر. وروى أبوه وكيع عن سليمان بن مهران الاعمش، انظر تهذيب الكمال 11: 200 و 12: 76، تهذيب التهذيب 11: 123. (4) كذا في النسخ، ولم نعثر له على ذكر في أصحاب رسول الله أو الحسن (صلوات الله عليهما)، وقد روى الاعمش عن رجل يدعى (تميم بن سلمة) وهو معدود من الصحابة، فلعله هو، راجع اسد الغابة 1: 217، تهذيب الكمال 12: 77. (5) الماذي: العسل الابيض ” لسان العرب – مذى – 15: 275 “. (6) في ” ع، م “: سيد الاولين، وابن سيد وسيد. (7) مدينة المعاجز: 203 / 7.

[ 166 ]

75 / 6 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سلمة ابن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي الجاشي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: أخبرنا أبو (1) عروبة، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام)، وهو طفل، والطير تظله، ورأيته يدعو الطير فتجيبه (2). 76 / 7 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الاعمش، عن مروان، عن جابر، قال: رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد علا في الهواء، وغاب في السماء، فأقام بها ثلاثا ثم نزل بعد الثلاث وعليه السكينة والوقار، فقال: بروح آبائي نلت ما نلت (3). 77 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: أخبرنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: أخبرني ثقيف البكاء، قال: رأيت الحسن بن علي (عليه السلام) عند منصرفه من معاوية، وقد دخل عليه حجر ابن عدي، فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين (4). فقال: مه، ما كنت مذلهم، بل أنا معز المؤمنين، وإنما أردت البقاء عليهم، ثم ضرب برجله في فسطاطه، فإذا أنا في ظهر الكوفة، وقد خرج (5) إلى دمشق ومصر حتى رأينا (6) عمرو بن العاص بمصر، ومعاوية بدمشق، وقال: لو شئت لنزعتهما، ولكن هاه هاه، مضى محمد على منهاج، وعلي على منهاج، وأنا اخالفهما ؟ ! لا يكون ذلك مني (7).


(1) في ” ع، م “: عن أبي. (2) نوادر المعجزات: 100 / 2، مدينة المعاجز: 203 / 8. (3) نوادر المعجزات: 100 / 3، مدينة المعاجز 203 / 9. (4) الثابت عند الفريقين أن قائلها هو سفيان بن أبي ليلى الهمداني، انظر رجال الكشي: 111 / 178، الاختصاص: 82، مقاتل الطالبيين: 44، شرح النهج 16: 44. (5) في ” ع وم “: خرق. (6) في ” ع وم ” دمشق ومضى حتى رأينا. (7) نوادر المعجزات: 101 / 4، مدينة المعاجز: 203 / 10.

[ 167 ]

78 / 9 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن إبراهيم، عن منصور، قال: رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد خرج مع قوم يستسقون، فقال للناس: أيما أحب إليكم: المطر أم البرد أم اللؤلؤ ؟ فقالوا: يا بن رسول الله، ما أحببت. فقال: على أن لا يأخذ أحد منكم لدنياه شيئا. فأتاهم بالثلاث. ورأيناه يأخذ الكواكب من السماء، ثم يرسلها، فتطير كما تطير العصافير (1) إلى مواضعها (2). 79 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الاعمش، قال: حدثنا ابن موسى، قال: حدثنا قبيصة بن إياس، قال: كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) وهو صائم، ونحن نسير معه إلى الشام، وليس معه زاد ولا ماء ولا شئ، إلا ما هو عليه راكب. فلما أن غاب الشفق وصلى العشاء، فتحت أبواب السماء، وعلق فيها القناديل، ونزلت الملائكة ومعهم الموائد والفواكه وطسوت وأباريق، فنصبت الموائد (3)، ونحن سبعون رجلا، فأكلنا (4) من كل حار وبارد حتى امتلانا وامتلا، ثم رفعت على هيئتها لم تنقص (5). 80 / 11 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، قال: قال فقير بن (6) عبد الله بن مجاهد، عن [ ابن ] (7) الاشعث، قال:


(1) في ” ع، م “: يستيبها فتطير كالعصافير. (2) نوادر المعجزات: 101 / 5، إثبات الهداة 5: 156 / 24، مدينة المعاجز: 204 / 11. (3) في ” م “: والموائد تنصب. (4) في ” ع، م “: فنقيل. (5) نوادر المعجزات: 102 / 6، إثبات الهداة 5: 156 / 25، مدينة المعاجز: 204 / 12. (6) في ” ط “: الاعمش، عن. (7) اثبتناه من إثبات الهداة، ويؤيده ما يأتي في متن الحديث.

[ 168 ]

كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) حين حوصر عثمان في الدار، وأرسله أبوه ليدخل إليه الماء، فقال لي: يا بن الاشعث، الساعة يدخل عليه من يقتله، وإنه لا يمسي. فكان كذلك (1)، ما أمسى يومه ذلك (2). 81 / 12 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، قال: قال محمد بن صالح: رأيت الحسن بن علي يوم الدار وهو يقول: أنا أعلم من يقتل عثمان. فسماه قبل أن يقتله بأربعة أيام، وكان أهل الدار يسمونه الكاهن (3). 82 / 13 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن أبي بريدة، عن محمد بن حجارة، قال (4): رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد مرت به صريمة (5) من الظباء، فصاح بهن، فأجابته كلها بالتلبية حتى أتت بين يديه. فقلنا: يا بن رسول الله، هذا وحش، فأرنا آية من أمر السماء. فأوما نحو السماء، ففتحت الابواب، ونزل نور حتى أحاط بدور المدينة، وتزلزلت الدور حتى كادت أن تخرب. فقلنا: يا بن رسول الله ردها. فقال لي: نحن الاولون و (6) الآخرون، ونحن الآمرون، ونحن النور، ننور الروحانيين، ننور بنور الله، ونروح (7) بروحه، فينا مسكنه، وإلينا معدنه، الآخر منا


(1) في ” ط ” زيادة: حتى قتل في يومه و. (2) إثبات الهداة 5: 157 / 26، مدينة المعاجز: 204 / 13. (3) نوادر المعجزات: 102 / 7، إثبات الهداة 5: 157 / 27، مدينة المعاجز: 204 / 14. (4) في ” ع “: الاعمش، قال: قال محمد بن صالح، وكأنه تكرار لسند الحديث السابق. (5) الصريمة: تصغير الصرمة، وهي القطيع من الابل والغنم، قيل هي من العشرين إلى الثلاثين والاربعين ” النهاية – صرم – 3: 27. ” (6) (الاولون و) ليس في ” ع، م “. (7) في ” ط “: ونروحهم.

[ 169 ]

كالاول، والاول منا كالآخر (1). 83 / 14 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن مورق، عن جابر، قال: قلت للحسن بن علي (عليهما السلام): احب أن تريني معجزة نتحدث بها عنك، ونحن (2) في مسجد رسول الله. فضرب برجله الارض حتى أراني البحور وما يجري فيها من السفن، ثم أخرج من سمكها فأعطانيه، فقلت لابني محمد: احمل إلى المنزل، فحمل فأكلنا منه ثلاثا (3). 84 / 15 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن القاسم ابن إبراهيم الكلابي، عن زيد بن أرقم، قال: كنت بمكة (4) والحسن بن علي (عليهما السلام) بها، فسألناه أن يرينا معجزة لنتحدث بها عندنا بالكوفة، فرأيته وقد تكلم ورفع البيت حتى علا به في الهواء (5)، وأهل مكة يومئذ غافلون منكرون (6)، فمن قائل يقول: ساحر. ومن قائل يقول: اعجوبة. فجاز خلق كثير تحت البيت، والبيت في الهواء، ثم رده (7). 85 / 16 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن سويد الازرق، عن سعد بن منقذ، قال: رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) بمكة وهو يتكلم بكلام، وقد رفع البيت – أو قال: حول – فتعجبنا منه، فكنا نحدث ولا نصدق، حتى رأيناه في المسجد الاعظم


(1) نوادر المعجزات: 103 / 8، إثبات الهداة 5: 157 / 28، مدينة المعاجز: 204 / 15. (2) في ” ط “: كنا. (3) نوادر المعجزات: 103 / 9، إثبات الهداة 5: 158 / 29، مدينة المعاجز: 204 / 16. (4) في ” م، ط “: بالكوفة. (5) في ” ط “: فرفع بنا الموضع حتى رأينا البيت الحرام. (6) في ” ط “: معتمرون مكبرون. (7) في ” ط “: مكبرون ثم ردنا إلى الموضع، فمن قال: سحر، ومن قال: اعجوبة من المعاجز. نوادر المعجزات: 104 / 10، إثبات الهداة 5: 158 / 30، مدينة المعاجز: 204 / 17.

[ 170 ]

بالكوفة فحدثناه (1): يا بن رسول الله، ألست فعلت كذا وكذا ؟ ! فقال: لو شئت لحولت مسجدكم هذا إلى فم بقة (2)، وهو ملتقى النهرين: نهر الفرات، والنهر الاعلى. فقلنا: افعل. ففعل ذلك، ثم رده، فكنا نصدق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته (3). 86 / 17 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد والليث بن محمد ابن موسى الشيباني، قالا: أخبرنا إبراهيم بن كثير، عن محمد بن جبرئيل، قال: رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد استسقى ماء، فأبطأ عليه الرسول (4)، فاستخرج من سارية المسجد ماء فشرب وسقى أصحابه، ثم قال: لو شئت لسقيتكم لبنا وعسلا. فقلنا: فاسقنا. فسقانا لبنا وعسلا من سارية المسجد، مقابل الروضة التي فيها قبر فاطمة (عليها السلام). (5) 87 / 18 – قال أبو جعفر: حدثنا إسماعيل بن جعفر بن كثير، قال: حدثنا محمد بن محرز بن يعلى، عن أبي أيوب الواقدي، عن محمد بن هامان، قال: رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) ينادي الحيات فتجيبه، ويلفها (6) على يده وعنقه ويرسلها. قال: فقال رجل من ولد عمر: أنا أفعل ذلك. فأخذ حية فلفها على يده، فهرمته (7) حتى مات (8).


(1) في ” ط “: فقلنا. (2) بقة: مدينة على شاطئ الفرات، هي حد العراق. معجم ما استعجم 1: 264. (3) نوادر المعجزات: 104 / 11، إثبات الهداة 5: 158 / 31، مدينة المعاجز: 204 / 18. (4) في ” ع، م “: السؤل. والسؤل: ما سألته. (5) نوادر المعجزات: 104 / 12، إثبات الهداة 5: 159 / 32، مدينة المعاجز: 204 / 19. (6) في ” ط “: فتجيئه فيلفها. (7) هرمته: أي قطعته، انظر ” لسان العرب – هرم – 12: 607 “. (8) نوادر المعجزات: 105 / 13، إثبات الهداة 5: 159 / 33، مدينة المعاجز 204 / 20.

[ 171 ]

88 / 19 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، عن سهل بن أبي إسحاق، عن كدير بن أبي كدير، قال: شهدت الحسن بن علي وهو يأخذ الريح فيحبسها في كفه، ثم يقول: أين تريدون أن أرسلها ؟ فيقولون: نحو بيت فلان وفلان. فيرسلها ثم يدعوها فترجع. (1) 89 / 20 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: قال عمارة بن زيد المدني، حدثني إبراهيم بن سعد ومحمد بن مسعر، كلاهما عن محمد بن إسحاق صاحب المغازي، عن (2) عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس، قال: مرت بالحسن بن علي (عليهما السلام) بقرة، فقال: هذه حبلى بعجلة انثى، لها غرة في جبهتها، ورأس ذنبها أبيض. فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها، فقلنا له: أو ليس الله (عزوجل) يقول: * (ويعلم ما في الارحام) * (3) فكيف علمت هذا ؟ فقال (عليه السلام): إنا نعلم المكنون المخزون المكتوم، الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد (صلى الله عليه وآله) وذريته (عليهم السلام) (4). 90 / 21 – قال أبو جعفر: حدثنا سليمان بن إبراهيم النصيبيني، قال: حدثنا زر بن كامل، عن أبي نوفل محمد بن نوفل العبدي، قال: شهدت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد أوتي بظبية، فقال: هي حبلى بخشفين إناث، إحداهما في عينها عيب (5)، فذبحها فوجدناهما كذلك (6). 91 / 22 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، عن قدامة


(1) إثبات الهداة 5: 159 / 34، مدينة المعاجز: 204 / 21. (2) في ” ع، م “: قال عمه. (3) لقمان 31: 34. (4) نوادر المعجزات: 105 / 14، فرج المهموم: 223، إثبات الهداة 5: 160 / 35، مدينة المعاجز: 204 / 22. (5) في ” ع، م “: غيد. (6) نوادر المعجزات: 106 / 15، إثبات الهداة 5: 160 / 36، مدينة المعاجز: 205 / 23.

[ 172 ]

ابن رافع، عن أبي الاحوص مولى ام سلمة، قال إني مع الحسن (عليه السلام) بعرفات، ومعه قضيب وهناك اجراء يحرثون، فكلما هموا بالماء أجبل (1) عليهم، فضرب بقضيبه إلى الصخرة، فنبع لهم منها ماء، واستخرج لهم طعاما (2). 92 / 23 – وروى حميد بن المثنى، عن عيينة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسن لاخيه الحسين ذات يوم، وبحضرتهما عبد الله بن جعفر: إن هذا الطاغية – يعني معاوية – باعث إليكم بجوائزكم في رأس الهلال. فما أنتم صانعون ؟ قال الحسين: إن علي دينا، وأنا به مغموم، فإن أتاني الله به قضيت ديني. فلما كان رأس الهلال وافاهم المال، فبعث إلى الحسن بألف ألف درهم، وبعث إلى الحسين بتسعمائة ألف درهم، وبعث إلى عبد الله بن جعفر بخمسمائة ألف درهم، فقال عبد الله بن جعفر: ما تقع هذه من ديني ؟ وما فيها قضاء ديني ولا ما اريد. فأما الحسن (عليه السلام) فأخذها وقضى دينه، وأما الحسين (عليه السلام) فأخذها وقضى دينه، وقسم ثلث ما بقي في أهل بيته ومواليه، وفضل الباقي أنفقه في يومه، وأما عبد الله ابن جعفر فقضى دينه، وفضلت له عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى الرسول الذي جاء بالمال. فسأل معاوية رسوله: ما فعل القوم بالمال ؟ فأخبره بما صنع القوم بأموالهم (3). 93 / 24 – وروى أبو أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرج الحسن بن علي (عليه السلام) إلى مكة سنة من السنين حاجا حافيا (4)، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجليك.


(1) أجبل القوم: إذا حفروا فبلغوا المكان الصلب ” الصحاح – جبل – 4: 1650 “. (2) إثبات الهداة 5: 160 / 37، مدينة المعاجز: 205 / 24. (3) إثبات الهداة 5: 160 / 38، مدينة المعاجز: 205 / 25. (4) (حاجا حافيا) ليس في ” ع، م “.

[ 173 ]

قال: كلا، ولكن إذا أتيت المنزل فإنه يستقبلك أسود، معه دهن لهذا الداء (1)، فاشتره منه ولا تماكسه. فقال مولاه: بأبي أنت وأمي، ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء ! قال: بلى، إنه أمامك دون المنزل. فسار أميالا فإذا الاسود قد استقبلهم (2)، فقال الحسن لمولاه: دونك الرجل (3)، فخذ منه الدهن واعطه ثمنه. فقال الاسود للمولى (4): ويحك يا غلام لمن أردت هذا الدهن ؟ ! قال: للحسن ابن علي. فقال: انطلق بي إليه. فأخذه بيده حتى أدخله عليه، فقال بأبي وامي، لم أعلم أنك تحتاج إليه، ولا أنه دواء لك، ولست آخذ له ثمنا إنما أنا مولاك، ولكن ادع الله أن يرزقني ذكرا سويا يحبكم أهل البيت، فإني خلفت امرأتي وقد أخذها الطلق تمخض. قال: انطلق إلى منزلك، فإن الله (تبارك وتعالى) قد وهب لك ذكرا سويا، وهو لنا شيعة. فرجع الاسود من فوره، فإذا أهله قد وضعت غلاما سويا، فرجع إلى الحسن (عليه السلام) فأخبره بذلك، ودعا له، وقال له خيرا. ومسح الحسن (عليه السلام) رجليه بذلك الدهن، فما برح من مجلسه حتى سكن ما به ومشى على قدميه (5). 94 / 25 – وروى علي بن أبي حمزة، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: جاء اناس إلى الحسن (عليه السلام) فقالوا له: أرنا ما عندك


(1) في ” ع، م “: بهذا الدوح، ولعلها تصحيف، لهذا الورم. (2) في ” ع، م “: أستقبله. (3) في ” ط “: الاسود. (4) (للمولى) ليس في ” ع، م “. (5) الكافي 1: 385 / 6، الهداية الكبرى: 194، إثبات الوصية: 135، الخرائج والجرائح 1: 239 / 4، الثاقب في المناقب: 314 / 263، كشف الغمة 1: 557، حلية الابرار 1: 521.

[ 174 ]

من عجائب أبيك التي كان يريناها. قال: وتؤمنون بذلك ؟ قالوا كلهم: نعم، نؤمن به والله. قال: فأحيا لهم ميتا بإذن الله (تعالى)، فقالوا بأجمعهم، نشهد أنك ابن أمير المؤمنين حقا، وأنه كان يرينا مثل هذا كثيرا (1). 95 / 26 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني (2) قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي قال: روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنه قال: أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه أبو محمد الحسن وسلمان الفارسي، فدخل المسجد، فجلس واجتمع الناس حوله، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين وجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أجبتني عنهن علمت أن القوم (3) ركبوا منك ما حظر عليهم، وارتكبوا إثما يوبقهم في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع (4). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك. قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى ؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال ؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد (عليهما السلام) فقال: يا أبا محمد، أجبه. فقال (عليه السلام): أما ما سألت من أمر الرجل (5) أين تذهب روحه إذا نام (6)، فإن روح معلقة بالريح، والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة،


(1) نوادر المعجزات 106 / 16، الثاقب في المناقب: 305 / 256، إثبات الهداة 5: 161 / 39. (2) في ” ع، م “: الطوسناني. (3) أراد المخالفين لامير المؤمنين (عليه السلام). (4) أي متشاوون، لا فضل لاحدكم على الآخر ” لسان العرب – شرع – 8: 178 “. (5) في ” ع، م “: الانسان. (6) (إذا نام) ليس في ” ع، م “.

[ 175 ]

فإن أذن الله برد الروح إلى صاحبها جذبت تلك الروح (1) الريح، وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فاسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح، فجذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث. وأما ما ذكرت (2) من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الرجل في حق، وعلى الحق طبق، فإن صلى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق، فانفتح القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يصل على محمد وعلى آل محمد، أو انتقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق فأظلم القلب، ونسي الرجل ما كان ذكر. وأما ما ذكرت من أمر المولود يشبه أعمامه وأخواله، فإن الرجل إذا أتى أهله يجامعها بقلب ساكن، وعرق هادئة، وبدن غير مضطرب، اسكنت تلك النطفة في جوف الرحم وخرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن، وعروق غير هادئة، وبدن مضطرب، اضطربت النطفة، ووقعت في اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الاعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الاخوال أشبه الولد أخواله. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسوله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسوله (3)، القائم بحجته (وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم زأل أشهد بها وأشهد أنك وصيه، القائم بحجته (وأشار إلى الحسن (عليه السلام) وأشهد أن الحسين بن علي ابنك، القائم بحجته بعد أخيه، وأشهد أن علي بن الحسين القائم بأمر الحسين، وأن محمد بن علي القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد أن جعفر بن محمد القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد أن موسى بن جعفر القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد أن علي


(1) في ” ط ” زيادة: إلى صاحبها. (2) في ” ط “: سألت. (3) في ” ع “: وصيه.

[ 176 ]

ابن موسى القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد أن محمد بن علي القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد أن علي بن محمد القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد أن الحسن بن علي القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد أن رجلا من ولد الحسن بن علي لا يسمى ولا يكنى حتى يظهر أمره، فيملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. وقام فمضى، فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): اتبعه فانظر أين يقصد ؟ قال فخرج الحسن في أثره. قال: فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد، فما أدري أين أخذ من الارض، فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته، فقال: يا أبا محمد، أتعرفه ؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال: هو الخضر (عليه السلام) (1). والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.


(1) المحاسن 2: 332 / 99 نحوه، الكافي 1: 44 / 1، الامامة والتبصرة: 106 / 93، غيبة النعماني: 58 / 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 65 / 35، كمال الدين وتمام النعمة: 313 / 1، علل الشرائع: 96 / 6، غيبة الطوسي: 154 / 114، إعلام الورى: 404.

[ 177 ]

أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة يوم الثلاثاء لخمس خلون من جمادى الاولى سنة ثلاث من الهجرة (1)، وعلقت به امه في سنة ثلاث، بعدما ولدت الحسن أخوه بخمسين ليلة، وحملت به ستة أشهر فولدته، ولم يولد مولود لستة أشهر غير الحسين وعيسى بن مريم، وقيل: يحيى بن زكريا (2). وكان مقامه مع جده ست سنين وأربعة أشهر، وبعد جده مع أبيه تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، ومع أخيه بعد أبيه عشر سنين وعشرة أشهر، وبعد أخيه أيام إمامته بقية ملك معاوية ومن أيام يزيد وهي عشر سنين وستة أشهر، وصار إلى كرامة الله (عزوجل) وقد كمل عمره سبعا وخمسين سنة في عام الستين من الهجرة، في المحرم يوم عاشوراء، وهو يوم الاثنين.


(1) في إعلام الورى: 215، قال: وقيل ولد آخر ربيع الاول سنة ثلاث من الهجرة. والذي عليه سائر المصادر أنه (عليه السلام) ولد لثلاث أو خمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وهو الموافق لما تقدم في تاريخ ميلاد الامام الحسن (عليه السلام). انظر: الارشاد: 198، إعلام الورى: 214 – 215، مناقب ابن شهر آشوب 4: 76، سير أعلام النبلاء 3: 280. (2) مثير الاحزان: 16، الكافي 1: 386 / 4 وليس فيه يحيى بن زكريا.

[ 178 ]

وكان بينه وبين أخيه ستة أشهر (1). وكان أشبه الناس بالنبي (صلى الله عليه وآله) ما بين الصدر إلى الرجلين (2). وقتل بكربلاء غربي الفرات، قتله عبيدالله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن بأمر يزيد بن معاوية، أتوه ومعهم اثنان وثلاثون أميرا، وأربعة عشر ألف فارس وراجل، وأصحاب الحسين (عليه السلام) يومئذ اثنان وثلاثون فارسا، وأربعون راجلا، منهم ثمانية وعشرون من رهط بني عبد المطلب، والباقون من سائر الناس. وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وأربعون ضربة ووجد في جبة خز دكناء كانت عليه مائة خرق وبضعة عشر خرقا، وما بين طعنة وضربة ورمية (3). وروي: مائة وعشرون. رجع الحديث وإن الله (عزوجل) أهبط إليه أربعة آلاف ملك، وهم الذين هبطوا عل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، وخير بين النصر وبين (4) لقاء رسول الله، فاختار لقاء رسول الله، فأمرهم الله (تعالى) بالمقام عند قبره، فهم شعث غبر ينتظرون قيام القائم (عليه السلام). وروي أنه ما رفع حجر في ذلك اليوم إلا ووجد تحته دما عبيطا (5).


(1) إعلام الورى: 215. المناقب لابن شهر آشوب 4: 76. (2) سنن الترمذي 5: 660 / 3779، مسند أحمد بن حنبل: 1: 99، الذرية الطاهرة: 104 / 101، الارشاد: 198. (3) مثير الاحزان: 76. (4) في ” ع، م “: خير بالنصر على أعدائه أو. (5) نحوه في كامل الزيارات: 77 / 3، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 61، وإعلام الورى: 220، وتذكرة الخواص: 274، وكفاية الطالب: 444، والصواعق المحرقة: 194، وينابيع المودة: 357.

[ 179 ]

وقال يزيد بن أبي زياد: كنت ابن أربع عشرة سنة حين قتل الحسين (عليه السلام)، فقطرت السماء دما، وصار على رؤوس الناس الدم، وأصبح كل شئ (1) ملآن دما (2). رجع الحديث قال: إن الله (عزوجل) هنأ نبيه بحمل الحسين وولادته، وعزاه بمصابه وقتله، فعرف ذلك لفاطمة (عليها السلام)، فكرهت حمله وولادته حزنا عليه للمصيبة، فأنزل الله (جل اسمه): * (حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (3) وليس هذا في سائر الناس لان حمل النساء تسعة أشهر، والرضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وهي أربعة وعشرون شهرا، ومن النساء من تلد لسبعة أشهر، فيكون مع حولي الرضاع أحدا وثلاثين شهرا، وإن المولد لا يعيش لست ولا لثمان، وإن مولد الحسين (عليه السلام) كان لستة أشهر، ورضاعه أربعة وعشرون شهرا (4). وقالت ام الفضل بنت الحارث: دخلت على رسول الله فقلت: يا رسول الله، إني رأيت حلما منكرا الليلة. قال: وما هو ؟ قلت: إنه شديد. قال: وما هو ؟ قلت: رأيت كان قطعة من جسدك انقطعت ووضعت في حجري. فقال: خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك. فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال: فدخلت به يوما عليه، فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة إليه (صلى الله عليه وآله)، فإذا عيناه تهرقان بالدموع، فقلت: بأبي أنت وامي يا رسول الله، مالك ؟ قال: هذا جبرئيل أخبرني أن امتي ستقتل ابني هذا. فقلت: هذا ؟


(1) في ” ط “: وعاء. (2) البحار 45: 216، الصواعق المحرقة: 194 نحوه. (3) الاحقاف 46: 15. (4) الهداية الكبرى: 202، مناقب ابن شهر آشوب 4: 50 ” قطعة منه “.

[ 180 ]

قال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء (1). وقال: إن ام سلمة أخرجت يوم قتل الحسين بكربلاء، وهي بالمدينة قارورة فيها دم (2)، فقالت: قتل – والله – الحسين. فقيل لها: من أين علمت (3) ؟ قالت: دفع إلي رسول الله من تربته، وقال لي: إذا صار هذا دما فاعلمي أن ابني قد قتل، فكان كما قالت (4). قبره (عليه السلام) وقبره في البقعة المباركة، والربوة التي هي (5) ذات قرار ومعين، بطف كربلاء، بين نينوى والغاضرية، من قرى النهرين. نسبه وتسميته (عليه السلام) هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. وسماه في التوراة شبيرا، وهارون بن عمران لما سمع في التوراة (6) أن الله سمى الحسن والحسين سبطي محمد: شبرا وشبيرا سمى ابنيه بهذين الاسمين. ويكنى: أبا عبد الله.


(1) الارشاد: 250. (2) في ” ط “: قارورة فإذا هي دم عبيط. (3) في ” ط “: انى علمت. (4) إرشاد المفيد: 251 والبحار 45: 231 / 3 نحوه. (5) (التي هي) ليس في ” ع، م “. (6) (في التوراة) ليس في ” ط، ع “.

[ 181 ]

ولقبه: السبط وهو (1) الشهيد، والرشيد، والطيب، والوفي، والتابع لمرضات الله، والدليل على ذات الله، والمطهر، والسيد، والمبارك، والبر، وسبط رسول الله، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، وأحد الكاظمين (2). [ نقش خاتمه (عليه السلام) ] وكان له خاتمان، فص أحدهما عقيق نقشه: إن الله بالغ أمره. وعلى الخاتم الذي اخذ من يده يوم قتل: لا إله إلا الله عدة لقاء الله. (3) من تختم بمثلهما كانا له حرزا من الشيطان. وبوابه: رشيد الهجري (رضي الله عنه) (4). ذكر ولده (عليه السلام) علي الاكبر قتل معه، وعلي الامام زين العابدين، وعلي الاصغر، ومحمد، وعبد الله الشهيد، وجعفر، وله من البنات: زينب وسكينة وفاطمة (5). [ معجزاته (عليه السلام) ] 96 / 1 – قال أبو جعفر: حدثنا محروز بن منصور، عن أبي مخنف لوط بن يحيى الازدي قال: حدثنا عباس بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، قال: لقيت (6) الحسين بن علي وهو يخرج إلى العراق، فقلت له: يا بن رسول الله، لا تخرج. قال: فقال لي: يا بن عباس، أما علمت أن منيتي من هناك، وأن مصارع


(1) في ” ط “: السبط الثاني و. (2) مناقب ابن شهر آشوب 4: 78، تذكرة الخواص: 232، كشف الغمة 2: 4. (3) الكافي 6: 474 / 8، أمالي الصدوق 113 / 7. (4) تاريخ الائمة: 32، مناقب ابن شهر آشوب 4: 77. (5) تاريخ الائمة: 18، الارشاد: 253، مناقب ابن شهر آشوب 4: 77. (6) في ” ط “: أتيت.

[ 182 ]

أصحابي هناك ؟ ! فقلت له: فأنى لك ذلك ؟ قال: بسر سر لي، وعلم اعطيته (1). 97 / 2 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوى، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: أخبرني أنه كان مع زهير بن القين حين صحب الحسين (عليه السلام)، فقال له: يا زهير، اعلم أن ها هنا مشهدي، ويحمل هذا من جسدي – يعني رأسه – زحر بن قيس، فيدخل به على يزيد يرجو نواله (2)، فلا يعطيه شيئا (3). 98 / 3 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الاعمش، قال: قال لي أبو محمد الواقدي وزرارة بن جلح: لقينا الحسين بن علي (عليهما السلام) قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال، فأخبرناه بضعف الناس في الكوفة، وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ونزل من الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله، وقال: لولا تقارب الاشياء وحبوط الاجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علما أن من هناك مصعدي وهناك مصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي علي (4). 99 / 4 – قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن جنيد عن أبيه جنيد بن سالم بن جنيد، عن راشد بن مزيد، قال: شهدت الحسين بن علي (عليه السلام) وصحبته من مكة حتى أتينا القطقطانة (5)، ثم استأذنته في الرجوع، فأذن لي، فرأيته وقد استقبله سبع عقور فكلمه، فوقف له فقال: ما حال الناس بالكوفة ؟ قال: قلوبهم معك وسيوفهم عليك.


(1) إثبات الهداة 5: 205 / 66، مدينة المعاجز: 238 / 12. (2) في ” ع، م “: ويرجو نائله، وكلاهما بمعنى. (3) إثبات الهداة 5: 206 / 67، مدينة المعاجز: 238 / 14. (4) نوادر المعجزات: 107 / 1، اللهوف في قتلى الطفوف: 26، إثبات الهداة 5: 206 / 68، مدينة المعاجز: 238. (5) القطقطانة: موضع في الطف، انظر ” معجم البلدان 4: 374 “.

[ 183 ]

قال: ومن خلفت بها ؟ قال: ابن زياد، وقد قتل مسلم بن عقيل. قال: وأين تريد ؟ قال: عدن. قال له: أيها السبع، هل عرفت (1) ماء الكوفة ؟ قال: ما علمنا من علمك إلا ما (2) زودتنا. ثم انصرف وهو يقول: وما ربك بظلام للعبيد، قال: كرامة من ولي وابن ولي (3). 100 / 5 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سعيد ابن شرفي بن القطان (4)، عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان، قال: شهدت الحسين بن علي (عليهما السلام) وقد اشتهى عليه ابنه علي الاكبر عنبا في غير أوانه، فضرب يده إلى سارية المسجد فأخرج له عنبا وموزا فأطعمه، وقال: ما عند الله لاوليائه أكثر (5). 101 / 6 – قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الاعمش، قال: سمعت أبا صالح السمان (6) يقول: سمعت حذيفة يقول: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني امية، ويقدمهم عمر بن سعد. وذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله ؟ فقال لا. فأتيت النبي فأخبرته،


(1) في ” ع “: أحرت، وفي ” م “: أحرت من، حار: رجع ” المعجم الوسيط – حور – 1: 205 “. (2) في ” ع، م “: وبما. (3) في النوادر: اشهد الله أنك ولي وابن ولي. نوادر المعجزات: 107 / 2، إثبات الهداة 5: 206 / 69، مدينة المعاجز: 238 / 15. (4) في ” ع، ط “: القطامي. (5) الحديث ليس في ” ع “. نوادر المعجزات: 108 / 3، إثبات الهداة 5: 206 / 70، مدينة المعاجز: 238 / 16. (6) في ” ع، ط “: التمار، وفي ” م “: السماد، وكلاهما تصحيف، وهو ذكوان أبو صالح السمان الزيات، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، روى عن جماعة من الصحابة، وروى عنه سليمان الاعمش، راجع تهذيب الكمال 8: 513.

[ 184 ]

فقال: علمي علمه، وعلمه علمي، وإنا لنعلم (1) بالكائن قبل كينونته (2). 102 / 7 – قال أبو جعفر: حدثنا يزيد بن مسروق، قال: حدثنا عبد الله بن مكحول، عن الاوزاعي، قال: بلغني خروج الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) إلى العراق، فقصدت مكة فصادفته بها، فلما رآني رحب بي وقال: مرحبا بك يا أوزاعي، جئت تنهاني عن المسير، وأبى الله (عزوجل) إلا ذلك، إن من ها هنا إلى يوم الاثنين منيتي (3) فسهدت في عد الايام، فكان كما قال (4). 103 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا عيسى بن (5) ماهان بن معدان، قال: حدثنا أبو جابر كيسان بن جرير، عن أبي النباخ (6) محمد بن يعلى، قال: لقيت الحسين بن علي (عليه السلام) على ظهر الكوفة وهو راحل مع الحسن يريد معاوية، فقلت: يا أبا عبد الله أرضيت ؟ فقال: شقشقة هدرت، وفورة ثارت، وعربي منحى، وسم ذعاف (7)، وقيعان بالكوفة وكربلاء، إني والله لصاحبها، وصاحب ضحيتها، والعصفور في سنابلها (8)، إذا تضعضع نواحي الجبل بالعراق، وهجهج كوفان الوهل (9)، ومنع البر جانبه، وعطل


(1) في ” ع، م “: لانه لا علم. (2) نوادر المعجزات: 109 / 5، فرج المهموم: 227 عن الدلائل، إثبات الهداة 5: 207 / 71. (3) في ” ع، م “: مبعثي. (4) نوادر المعجزات: 108 / 4، إثبات الهداة 5: 207 / 72، مدينة المعاجز: 238 / 18. (5) في ” ط ” زيادة: معاذ. (6) في ” ع، م “: أبو جابر كيسان بن حريز، عن أبي التفاح. (7) الذعاف: السم يقتل من ساعته ” المعجم الوسيط 1: 312 “. (8) في ” ع، م “: اسبالها. (9) الظاهر أن المراد: زجر كوفان ورد أهلها الفزع والخوف. انظر ” النهاية – وهل – 5: 233، لسان العرب – هجج – 2: 386 “.

[ 185 ]

بيت الله الحرام، وأزحف (1) الوقيذ (2)، وقدح (3) الهبيذ (4)، فيالها من زمر أنا صاحبها، إيه إيه أنى وكيف ! ولو شئت لقلت أين أنزل، وأين اقيم. فقلنا: يا بن رسول الله، ما تقول ؟ قال: مقامي بين أرض وسماء، ونزولي حيث حلت الشيعة الاصلاب، والاكباد الصلاب، لا يتضعضعون للضيم، ولا يأنفون من الآخرة معضلا يحتافهم (5) أهل ميراث علي وورثة بيته (6). 104 / 9 – وروى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسين (عليه السلام) لغلمانه: لا تخرجوا يوم كذا وكذا، اليوم قد سماه، واخرجوا يوم الخميس، فإنكم إن خالفتموني قطع عليكم الطريق، فقتلتم، وذهب ما معكم. وكان قد أرسلهم إلى ضيعة له، فخالفوه وأخذوا طريق الحرة فاستقبلهم خصوص فقتلوهم كلهم، فدخل على الحسين (عليه السلام) والي المدينة (7) من ساعته، فقال له: قد بلغني قتل غلمانك ومواليك، فآجرك الله فيهم. فقال: أما إني أدلك على من قتلهم، فاشدد يدك بهم. قال: وتعرفهم ؟ ! قال: نعم، كما أعرفك، وهذا منهم. لرجل جاء معه (8)، فقال الرجل: يا بن


(1) أزحف: أعيا، وانتهى إلى غاية ما طلب ” أقرب الموارد – زحف – 1: 458. وفي ” ط “: أرجف، أي خفق واضطرب اضطرابا شديدا ” لسان العرب – رجف – 9: 112 “. (2) الوقيذ: البطئ الثقيل، أو الذي غلبه النعاس، أو الذي يغشى عليه لا يدرى أميت أم لا ” لسان العرب – وقذ – 3: 519 “. (3) في ” ع، م “: الرقاد واقدح. (4) الهبيذ: المسرع ” لسان العرب – هبذ – 3: 517 “. (5) يحتافهم: من الحتف وهو الهلاك ” المعجم الوسيط – حتف – 1: 154 “. (6) إثبات الهداة 5: 207 / 73، مدينة المعاجز: 238 / 19. (7) ” ع، م “: ثم دخل إلى الوالي بالمدينة. (8) (لرجل جاء معه) ليس في ” ع، م “.

[ 186 ]

رسول الله، كيف عرفتني وما كنت فيهم (1) ؟ ! قال: إن صدقتك تصدق (2) ؟ قال: نعم، والله لافعلن (3). قال: أخرجت معك فلانا وفلانا. فسماهم بأسمائهم كلهم، وفيهم أربعة من موالي الوالي، والبقية من حبشان (4) أهل المدينة، قال الوالي: ورب القبر والمنبر، لتصدقني أو لانشرن لحمك بالسياط. قال: والله ما كذب الحسين، كأنه كان معنا. قال: فجمعهم الوالي فأقروا جميعا (5)، فأمر بهم فضربت أعناقهم (6). 105 / 10 – وروى الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرج الحسين بن علي (عليه السلام) في بعض أسفاره ومعه رجل من ولد الزبير بن العوام يقول بإمامته، فنزلوا في طريقهم بمنزل (7) تحت نخلة يابسة، قد يبست من العطش، ففرش الحسين (عليه السلام) تحتها، وبإزائه نخلة أخرى عليها رطب، فرفع يده ودعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة وعادت (8) إلى حالها، وأورقت وحملت رطبا، فقال الجمال الذي اكترى منه: هذا سحر والله، فقال الحسين (عليه السلام): ويلك، إنه ليس بسحر، ولكن (9) دعوة ابن نبي مستجابة. قال: ثم صعدوا النخلة فجنوا منها ما كفاهم جميعا (10). 106 / 11 – وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن


(1) في ” ع، م “: ما أنا منهم. (2) في ” ط “: أتصدق. (3) في ” ط “: لاصدقن. (4) الحبش والحبشان: جنس من السودان ” لسان العرب – حبش – 6: 278 “. في ” ط “: سائر. (5) في ” ع “: أجمعين. (6) الهداية الكبرى: 205، الخرائج والجرائح 1: 247 / 3، الصراط المستقيم 2: 178 / 3. (7) في ” ع، م “: من تلك المنازل. (8) في ” ع، م “: وصارت. (9) في ” ط “: ولكنها. (10) في ” ع، م “: فصعدوا إلى النخلة حتى حووا منها كلهم فكفاهم، عيون المعجزات: 62، إثبات الهداة 5: 207 / 74، مدينة المعاجز: 239 / 22.

[ 187 ]

القاسم، عن صباح المزني، عن صالح بن ميثم الاسدي، قال: دخلت أنا وعباية بن الربعي على امرأة من بني والبة، قد احترق وجهها من السجود، فقال لها عباية: يا حبابة، هذا ابن أخيك. قالت: وأي أخ ؟ قال: صالح بن ميثم. فقالت: ابن أخي والله حقا، يا بن أخي ألا احدثك بحديث سمعته من الحسين ابن علي (عليهما السلام) ؟ قال: قلت: بلى يا عمة. قالت: كنت زوارة الحسين بن علي (عليهما السلام)، فحدث بين عيني وضح، فشق ذلك علي واحتبست عنه أياما، فسأل عني: ما فعلت حبابة الوالبية ؟ فقالوا: إنها حدث بها حدث بين عينيها. فقال لاصحابه: قوموا حتى ندخل عليها. فدخل علي في مسجدي هذا، وقال: يا حبابة، ما بطأ بك علي ؟ قلت: يا بن رسول الله ما ذلك الذي منعني إن لم أكن اضطررت إلى المجئ إليك اضطرارا، لكن حدث هذا بي. وكشفت القناع فتفل عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) وقال: يا حبابة، احدثي لله شكرا، فإن الله قد ذاده (1) عنك. قالت: فخررت ساجدة، فقال: يا حبابة ارفعي رأسك وانظري في مرآتك. قالت: فرفعت رأسي فلم أجد منه شيئا. قالت: فحمدت الله وقال لي: يا حبابة نحن وشيعتنا على الفطرة، وسائر الناس منها براء (2). 107 / 12 – وروى أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي إسماعيل (3)، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذكرنا (4) خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية عنه، فقال: يا حمزة، إني سأحدثك من هذا الحديث بما لا تشك


(1) ذاده عنه: طرده ودفعه ” المعجم الوسيط 1: 317 “، وفي ” ع “: ذواه. (2) بصائر الدرجات: 291 / 6، الثاقب في المناقب: 324 / 267، مدينة المعاجز: 239 / 21. (3) في بصائر الدرجات واللهوف: عن مروان بن إسماعيل. (4) في ” ط “: ذكرت.

[ 188 ]

فيه بعد مجلسنا هذا، إن الحسين (صلوات الله عليه) لما فصل متوجها إلى العراق دعا بقرطاس وكتب فيه: ” بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من لحق بي استشهد، ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح والسلام ” (1). 108 / 13 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد ابن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن الحسين الهاشمي قدم علينا من مصر، قال: حدثني القاسم بن منصور الهمداني بدمشق، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن سعد بن أبي طيران (2)، عن الحارث بن وكيدة، قال: كنت فيمن حمل رأس الحسين، فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشك في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله، فقال لي: يا بن وكيدة، أما علمت أنا معشر الائمة أحياء عند ربنا نرزق ؟ قال: فقلت في نفسي: أسرق رأسه، فنادى: يا بن وكيدة، ليس لك إلى ذاك سبيل، سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييرهم رأسي (3)، فذرهم فسوف يعلمون، إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (4). 109 / 14 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد ابن همام، عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لما منع الحسين (صلوات الله عليه) وأصحابه الماء نادى فيهم: من كان ظمآن فليجئ. فأتاه أصحابه رجلا رجلا فجعل إبهامه في راحة واحدهم (5) فلم يزل يشرب الرجل بعد الرجل حتى


(1) بصائر الدرجات: 501 / 5، كامل الزيارات: 75 / 15 ” نحوه “، نوادر المعجزات: 109 / 6، مناقب ابن شهر آشوب 4: 76، اللهوف في قتلى الطفوف: 28 عن كتاب الرسائل للكليني، مختصر بصائر الدرجات: 6. (2) في ” ط “: خيران. (3) في ” ع، م “: إياي. (4) تضمين من سورة غافر 40: 71، نوادر المعجزات: 110 / 7، مدينة المعاجز: 239 / 24. (5) في ” ط “: في فم واحد. (*)

[ 189 ]

ارتووا كلهم (1)، فقال بعضهم لبعض: والله، لقد شربت شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا. فلما قاتلوا الحسين، وكان في اليوم الثالث عند المغرب، أقعد الحسين رجلا رجلا منهم فيسميهم بأسماء آبائهم، فيجيبه الرجل بعد الرجل، فيقعدون حوله، ثم يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنة، ويسقيهم من شرابها. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): والله، لقد رآهم عدة من الكوفيين ولقد كرر عليهم لو عقلوا. قال: ثم أرسلهم فعاد كل واحد منهم إلى بلاده، ثم أتى جبل (2) رضوى، فلا يبقى أحد من المؤمنين إلا أتاه، وهو (3) على سرير من نور، قد حف به إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الانبياء، ومن ورائهم المؤمنون، ومن ورائهم الملائكة ينظرون ما يقول الحسين (صلوات الله عليه). قال: فهم بهذه الحال إلى أن يقوم القائم (عليه السلام)، فإذا قام القائم وافوا فيما بينهم الحسين (عليه السلام) حتى يأتي كربلاء، فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلا حف به، يزوره (4) ويصافحه ويقعد معه على السرير. يا مفضل، هذه والله الرفعة التي ليس فوقها شئ ولا دونها شئ (5)، ولا وراءها لطالب مطلب (6). 110 / 15 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني (7)، قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني، عمن حدثه عن


(1) (كلهم) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ع، م “: بجبال. (3) في ” ط “: وسيقيم هنالك. (4) في ” ع، م “: إلا حفوا بالحسين (عليه السلام). (5) (ولا دونها شئ) ليس في ” ع، م “. (6) نوادر المعجزات: 111 / 8، مدينة المعاجز: 239 / 25. (7) في ” م “: الطوستاني.

[ 190 ]

أبي جعفر (عليه السلام). قال: لما ولد الحسين (عليه السلام) هبط جبرئيل في ألف ملك يهنون النبي بولادته، وكان ملك يقال له (فطرس) في جزيرة من جزائر البحر بعثه الله في أمر من اموره فأبطأ عليه، فكسر جناحه وأزاله (1) عن مقامه، وأهبطه (2) إلى تلك الجزيرة، فمكث فيها خمسمائة عام، وكان صديقا لجبرئيل، فلما مضى قال له: أين تريد ؟ قال له: ولد للنبي مولود في هذه الليلة، فبعثني الله في ألف ملك لاهنئه. قال: احملني إليه لعله يدعو لي. فلما أدى جبرئيل الرسالة ونظر النبي إلى فطرس، قال له: يا جبرئيل، من هذا ؟ فأخبره بقصته فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: امسح جناحك على المولود. يعني الحسين (عليه السلام)، فمسح جناحه فعاد إلى حالته، فلما نهض قال له النبي (صلى الله عليه وآله): الزم أرض كربلاء وأخبرني بكل مؤمن رأيته زائرا إلى يوم القيامة. قال: فذلك الملك يسمى (عتيق الحسين (عليه السلام)) (3). والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.


(1) في ” م “: ازيل. (2) في ” م “: وأهبط. (3) عيون المعجزات: 68، ونحوه في روضة الواعظين: 155 وأمالي الصدوق: 118 / 8 وبشارة المصطفى: 219 والخرائج والجرائح 1: 252 / 6، والثاقب في المناقب: 338 / 284. (*)

[ 191 ]

أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) معرفة ولادته: قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد (1) في المدينة، في المسجد، في بيت فاطمة (عليها السلام) سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، قبل وفاة جده أمير المؤمنين (2)، فأقام مع جده سنتين، ومع عمه الحسن عشر سنين، وبعد وفاة عمه مع أبيه عشر سنين، وبعدما استشهد أبوه خمسا وثلاثين سنة. (3) فكانت أيام إمامته ملك يزيد بن معاوية، وملك معاوية بن يزيد، وملك مروان ابن الحكم، وملك عبد الملك بن مروان، وملك الوليد بن عبد الملك (4). وقبض بالمدينة في المحرم في عام خمس وتسعين من الهجرة، وقد كمل عمره سبعا وخمسين سنة (5).


زاد في ” ط “: علي. (2) تاريخ الائمة: 9، مسار الشيعة: 112، الارشاد: 253، روضة الواعظين 201. (3) وروي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر: روضة الواعظين: 201، مناقب ابن شهر آشوب 4: 175. (4) إعلام الورى: 257. (5) روضة الواعظين 201، مناقب ابن شهر آشوب 4: 175، إعلام الورى: 256.

[ 192 ]

وكان سبب وفاته أن الوليد بن عبد الملك سمه (1). ودفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي (عليه السلام) (2). نسبه (عليه السلام): علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (2) بن عبد الملك بن هاشم بن عبد مناف. ويكنى: أبا محمد، وأبا الحسن، وأبا بكر، والاول أشهر وأثبت (4). لقبه (عليه السلام): ذو الثفنات لانه كان من طول سجوده وشدة عبادته ونحافة أثر السجود في جبهته، وهرأ جلدها، فكان يقصه حتى صار كثفنة البعير من جهات الجبهة (5)، والمتهجد، والرهباني، وزين العابدين، وسيد العابدين (6)، والسجاد (7).


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 176، الصواعق المحرقة: 201. (2) تاريخ الائمة: 31، مسار الشيعة: 114، الارشاد: 254، تاريخ مواليد الائمة: 180. (3) في ” ط “: بن عبد مناف. (4) تاريخ الائمة: 29، مسار الشيعة: 111، الارشاد: 253. (5) في ” ع، م “: عبادته نحف جبهته فيقصها. (6) في ” ط “: وسيد العباد. (7) مسار الشيعة: 112، تاريخ مواليد الائمة: 180، مناقب ابن شهر آشوب 4: 175.

[ 193 ]

[ نقش خاتمه (عليه السلام) ] وكان له خاتم نقشه: شقي وخزي قاتل الحسين (1). وبوابه (عليه السلام): يحيى بن ام الطويل المدفون بواسط، قتله الحجاج (لعنه الله)، ويروى أنه أبو خالد الكابلي والله أعلم. ولما دفن ضربت امرأته على قبره فسطاطا (2). ويروى أن ناقة تدعى ذرة وكانت ترعى فجاءت حتى ضربت بجرانها (3) الفسطاطا، وجعلت تحن، فجاء غلام له (4) فأخذ بمشفرها (5) فاقتادها، وكانت ناقته، فلما كان عشية دفن خرجت حتى صارت إلى القبر. فاخبر أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: خذوها لا يراها الناس، فخرج أبو جعفر (عليه السلام) فردها إلى موضعها، ففعلت ذلك مرارا، ثم إنهم أقاموها فلم تقم، فقال ابو جعفر (عليه السلام): دعوها فإنها مودعة. فلم تلبث إلا هنيهة حتى نفقت (6)، فأمر أبو جعفر (عليه السلام) فحفر لها ودفنت. (7) ذكر ولده (عليه السلام): محمد الباقر الامام (عليه السلام)، وزيد الشهيد بالكوفة، و عبد الله، وعبيدالله،


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 56، الكافي 6: 473 / 6. (2) تاريخ الائمة: 32، مناقب ابن شهر آشوب 4: 176. (3) الجران: باطن العنق من البعير وغيره ” المعجم الوسيط 1: 119 “. (4) في ” ع، م ” لهم. (5) المشفر: شفة البعير الغليظة ” المعجم الوسيط 1: 487 “. (6) في ” ط “: حتى ماتت، وكلاهما بمعنى. (7) بصائر الدرجات: 503 / 11، الكافي 1: 389 / 3 نحوه، الاختصاص: 301.

[ 194 ]

والحسن، والحسين، وعلي، وعمر، ولم يكن له بنت (1). خبر امه والسبب في تزويجها 111 / 1 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن مخزوم المقرئ (2) مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو سعيد (3) عبيد بن كثير بن عبد الواحد العامري التمار بالكوفة، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن سلمة بن كهيل، عن المسيب بن نجبة، قال: لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيدا للعرب، وأن يرسم عليهم، أن يحملوا العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف على ظهورهم حول الكعبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم كل قوم. فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فمن أين لك أن (4) تفعل بقوم كرماء ما ذكرت، إن (5) هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم، ورغبوا في إلاسلام والسلام (6)، ولابد من أن يكون لي منهم ذرية، وأنا اشهد الله واشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله.


(1) تاريخ الائمة: 19، مسار الشيعة: 114، تاريخ مواليد الائمة: 180. (2) في ” م، ط “: المسفري، وهو تصحيف، انظر تاريخ بغداد 1: 362. (3) (أبو سعيد) ليس في ” ط “. (4) في ” ع “: فمن تفعل ذلك، وفي ” م “: فمن ذلك. (5) في ” ع “: كرماء حكما ما ذكرته يا هذا، وفي ” م “: كرماء حكما ذكرته يا هذا. (6) (والسلام) ليس في ” ط “.

[ 195 ]

فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا (1) أيضا لك. فقال: اللهم اشهد أني قد أعتقت جميع ما وهبونيه من نصيبهم (2) لوجه الله. فقال المهاجرون والانصار: قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله. فقال: اللهم اشهد أنهم قد وهبوا حقهم وقبلته، واشهد لي بأني قد أعتقتهم لوجهك. فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الاعاجم ؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم ؟ فأعاد عليه ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إكرام الكرماء، وما هم عليه من الرغبة في الاسلام، فقال عمر: قد وهبت لله ولك – يا أبا الحسن – ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم اشهد على ما قالوه، وعلى عتقي إياهم. فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء لا يكرهن على ذلك ولكن يخيرن، فما اخترنه عمل به. فأشار جماعة الناس إلى شهربانويه بنت كسرى فخيرت وخوطبت من وراء حجاب، والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك ؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا ؟ فسكتت. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد أرادت وبقي الاختيار. فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت، أمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل ؟ فإن استحيت وسكتت جعل إذنها صماتها (3) وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا، لم تكره على ما لا تختاره. وإن شهربانويه اريت الخطاب وأومأت بيدها، وأشارت إلى الحسين بن علي،


(1) في ” م “: حصثنا. (2) في ” ع، م “: عتقت ما وهبتمونيه. (3) في ” ط “: رضاها سكوتها.

[ 196 ]

فاعيد القول عليها في التخيير فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيرة. وجعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وليها. وتكلم (1) حذيفة بالخطبة، فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): ما اسمك ؟ قالت: شاه زنان (2). قال: نه شاه زنان نيست، مگر دختر (3) محمد (صلى الله عليه وآله) وهي سيدة نساء، أنت شهربانويه واختك مرواريد بنت كسرى. قالت: آريه (4). وروي أن شهربانويه واختها مرواريد خيرتا، فاختارت شهربانويه الحسين (عليه السلام)، ومرواريد الحسن (عليه السلام). وقال علي الرافعي: كان لعلي بن الحسين (عليهما السلام) ناقة حج عليها ثلاثين حجة، أو أربعا وعشرين حجة، ما قرعها قرعة قط (5). وقيل له – وقد كان بين الفضل -: ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة ؟ فقال: أكره أن آخذ برسول الله مالا اعطي مثله (6). رجع الحديث قال: وقال إبليس (لعنه الله) يا رب، إني قد رأيت العابدين لك من عبادك من أول الدهر إلى عهد علي بن الحسين فلم أر فيهم أعبد لك ولا أخشع منه، فأذن لي – يا إلهي – أن أكيده لاعلم صبره. فنهاه الله عن ذلك فلم ينته، فتصور لعلي بن


(1) في ” ط “: فخطب. (2) معناها: سيدة النساء. (3) معناها: لا، ليس سيدة النساء إلا ابنة. (4) معناها: نعم، العدد القوية: 57 / 74. (5) نحوه في الكافي 1: 389 / 1، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 155، وألقاب الرسول وعترته: 253. (6) الكامل للمبرد 2: 138، مناقب ابن شهر آشوب 4: 161، كشف الغمة 2: 108.

[ 197 ]

الحسين (عليه السلام) وهو قائم في صلاته في صورة أفعى له عشرة أرؤس، محددة الانياب، منقلبة الاعين بالحمرة، طلع عليه من جوف الارض من مكان سجوده ثم تطول فلم يرعد لذلك ولا نظر بطرفه إليه، فانخفض إلى الارض في صورة الافعى، وقبض على عشرة أصابع علي بن الحسين وأقبل يكدمها (1) بأنيابه، وينفخ عليها من نار جوفه، وهو لا ينكسر طرفه إليه، ولا يحرك قدميه عن مكانها، ولا يختلجه شك ولا وهم في صلاته. فلم يلبث إبليس حتى انقض عليه شهاب محرق من السماء، فلما أحس به إبليس صرخ وقام إلى جانب علي بن الحسين (عليهما السلام) في صورته الاولى، وقال: يا علي، أنت سيد العابدين كما سميت، وأنا إبليس، والله لقد شاهدت من عبادة النبيين والمرسلين من لدن آدم إلى زمنك (2)، فما رأيت مثل عبادتك، ولوددت أنك استغفرت لي، فإن الله كان يغفر لي. ثم تركه وولى، وهو في صلاته لا يشغله كلامه حتى قضى صلاته على تمامها (3). وروي أنه كان قائما في صلاته حتى زحف ابنه محمد، وهو طفل، إلى بئر كانت في داره (4) بعيدة القعر، فسقط فيها، فنظرت إليه امه فصرخت، وأقبلت تضرب نفسها من حوالي البئر، وتستغيث به وتقول له: يا بن رسول الله، غرق والله ابنك محمد. وكل ذلك لا يسمع قولها، ولا ينثني عن صلاته، وهي تسمع اضطراب ابنها في قعر البئر في الماء. فلما طال عليها ذلك قالت له جزعا على ابنها ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت النبوة ! فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلا بعد كمالها وتمامها، ثم أقبل عليها فجلس على رأس البئر، ومد يده إلى قعرها، وكانت لا تنال إلا برشاء (5) طويل فأخرج ابنه محمدا بيده وهو يناغيه ويضحك، ولم يبل له ثوب ولا جسد بالماء.


(1) أي يعضها ” لسان العرب – كدم – 12: 509 “. (2) في ” ع، م “: آدم أبوك وإليك. (3) نوادر المعجزات: 112 / 1، حلية الابرار 2: 9، مدينة المعاجز: 293 / 1. (4) في ” ع، م “: فازة. (5) الرشاء: حبل الدلو ” المعجم الوسيط – رشا – 1: 348 “.

[ 198 ]

فقال لها: هاك هو يا قليلة اليقين بالله. فضحكت لسلامة ابنها، وبكت لقولها، فقال لها (1): لا تثريب عليك، لو علمت أنني كنت بين يدي جبار، لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني، فمن ترين أرحم بعبده منه ؟ ! (2) وقال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) حسن الصلاة يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة (3) سوى الفريضة، فقيل له: أين هذا العمل من عمل علي أمير المؤمنين جدك ؟ فقال (4): مه إنني نظرت في عمل علي يوما واحدا، فما استطعت أن أعدله (5) من الحول إلى الحول (6). ذكر (7) معجزاته (عليه السلام) 112 / 2 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: سمعت عمارة ابن زيد، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، قال: لما كانت واقعة الحرة وأغار الجيش على المدينة وأباحها (8) ثلاثا، وجه بردعة الحمار صاحب يزيد بن معاوية (لعنه الله) في طلب علي بن الحسين (عليهما السلام) ليقتله، أو


في ” ط “: فبكت لما نالت منه في جزعها فقال. (2) الهداية الكبرى: 215، عيون المعجزات: 73، مناقب ابن شهر آشوب 4: 135، مدينة المعاجز: 293. (3) الارشاد: 256، عيون المعجزات: 71، روضة الواعظين: 197، القاب الرسول وعترته: 253، إعلام الورى: 260، تهذيب التهذيب 7: 306، اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الابصار: 237، تذكرة الحفاظ 1: 75، الفصول المهمة: 201، الصواعق المحرقة: 200، نور الابصار: 281. (4) زاد في ” ط “: للمتكلم. (5) في ” ع، م “: واحدا فعدلت. (6) حلية الابرار 1: 321، مدينة المعاجز: 293. (7) في ” ط ” زيادة: شئ من. (8) في ” ع، م ” الحرة واغير على المدينة.

[ 199 ]

يسمه، فوجدوه في منزله، فلما دخلوا ركب السحاب، وجاء حتى وقف فوق رأسه (1)، وقال: أيما أحب إليك: تكف. أو آمر الارض أن تبلعك (2) ؟ قال: ما أردت إلا إكرامك والاحسان إليك. ثم نزل عن السحاب، فجلس بين يديه، فقرب إليه أقداحا فيها ماء ولبن وعسل، فاختار علي بن الحسين لبنا وعسلا، ثم غاب من بين يديه حيث لا يعلم (3). 113 / 3 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الاعمش، عن قدامة بن عاصم، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) رجلا أسمر ضخما من الرجال، وكان ينظر إلى صريمة فيها ظباء فيسبق أوائلها ويردها على أواخرها (4). 114 / 4 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن غندر، قال: جاء مال من خراسان إلى مكة، فقال محمد بن الحنفية: هذا المال لي وأنا أحق به. فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): بيني وبيك الصخرة. فأتيا الصخرة، فكلم محمد ابن الحنفية الصخرة فلم تنطق، فكلمها علي بن الحسين فنطقت وقالت: المال لك، المال لك، وأنت الوصي وابن الوصي، والامام وابن الامام. فبكى محمد وقال: يا بن أخي، لقد ظلمتك إذ غصبتك حقك (5). 115 / 5 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: حدثنا محمد بن سعيد، عن سالم بن قبيصة، قال: شهدت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول: أنا أول من خلق الارض، وأنا آخر من يهلكها. فقلت له: يا بن رسول الله، وما آية ذلك ؟ قال: آية ذلك أن أرد الشمس من مغربها إلى مشرقها، ومن مشرقها إلى مغربها.


(1) في ” ط “: دخلوا عليه جاءه سحاب فوقف على رأسه فنزل منه ملك فقام بين يديه. (2) في ” ط “: تبتلعهم فقال: ماكل هذا. (3) نوادر المعجزات: 113 / 2، إثبات الهداة 5: 254 / 55، مدينة المعاجز: 293. (4) إثبات الهداة 5: 255 / 56، مدينة المعاجز: 293 / 4. (5) نوادر المعجزات: 114 / 3، إثبات الهداة 5: 255 / 57، مدينة المعاجز: 293 / 5.

[ 200 ]

فقيل له: افعل ذلك. ففعل. وقال علي بن الحسين (صلوات الله عليه): سألت ربي ثلاثا فأعطاني، سألته أن يحل في ما حل في سميي من قبل ففعل، وأن يرزقني العبادة ففعل، وأن يلهمني التقوى ففعل (1). 116 / 6 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الاعمش، قال: قال إبراهيم بن الاسود التيمي (2): رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد أوتي بطفل مكفوف، فمسح عينيه فاستوى بصره، وجاءوا إليه بأبكم فكلمه فأجابه، وجاءوا إليه بمقعد فمسح عليه (3) فسعى ومشى (4). 117 / 7 – قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سليمان بن عيسى، قال: لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله، إني معدم، فأعطاني درهما ورغيفا، فأكلت أنا وعيالي من الرغيف والدرهم أربعين سنة (5). 118 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، عن محمد بن إسحاق، قال: لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد انبثق شق في نهر سورا وبريه (6) وتر بنا حتى ذهب بغلتيهما – خمسمائة (7) ألف درهم – وكان ذلك دأبه في كل سنة، فسألته فأعطاني خاتم رصاص، فألقيته في ذلك النهر، فوقف الماء بصيفه وشتائه ومده ونقصه فلم يضر الغلة (8).


(1) نوادر المعجزات: 114 / 4، قطعة منه، مدينة المعاجز: 293 / 6. (2) في ” ط “: التميمي. (3) في ” ع، م “: فمسحه. (4) نوادر المعجزات: 115 / 5، إثبات الهداة 5: 255 / 58، مدينة المعاجز: 293 / 7. (5) نوادر المعجزات: 115 / 6، إثبات الهداة 5: 255 / 59، مدينة المعاجز: 293 / 8. (6) نهر سورا ويقال سوراء: من نواحي الكوفة. ونهر بريه: بالبصرة شرق دجلة. (7) في ” ع، م “: شقا في نهر متورا ونرية وترينا حتى ذهب غلاتها بخمسمائة. (8) إثبات الهداة 5: 256 / 60.

[ 201 ]

119 / 9 – قال أبو جعفر: حدثني خليفة بن هلال، قال: حدثنا أبو النمير علي ابن يزيد، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) عندما انصرف من الشام إلى المدينة، فكنت احسن إلى نسائه وأتوارى عنهم عند قضاء حوائجهم (1)، فلما نزلوا المدينة بعثوا إلي بشئ من حليهن فلم آخذه، وقلت: فعلت هذا لله (عزوجل) (2). فأخذ علي بن الحسين (عليه السلام) حجرا أسود صما فطبعه بخاتمه، ثم قال: خذه وسل كل حاجة لك منه. فو الله الذي بعث محمدا بالحق، لقد كنت أسأله الضوء في البيت فينسرج في الظلماء، وأضعه على الاقفال فتفتح لي، وآخذه بيدي وأقف بين يدي السلاطين فلا أرى إلا ما أحب (3). 120 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن منير قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الصاعدي (4) وأبو محمد ثابت بن ثابت، قالا: حدثنا جمهور بن حكيم، قال: رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد نبت له أجنحة وريش، فطار ثم نزل، فقال: رأيت الساعة جعفر بن أبي طالب في أعلى عليين. فقلت: وهل تستطيع أن تصعد ؟ فقال: نحن صنعناها فكيف لا نقدر أن نصعد إلى ما صنعناه ؟ ! نحن حملة العرش، ونحن على العرش، والعرش والكرسي لنا. ثم أعطاني طلعا في غير أوانه (5). 121 / 11 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك.


(1) في ” ط “: عنهم إذا نزلوا وأبعد عنهم إذا رحلوا، وفي النوادر: وأقضي حوائجه. (2) في ” ط “: ولرسوله. (3) نوادر المعجزات: 116 / 7، إثبات الهداة 5: 256 / 61، مدينة المعاجز: 294 / 9. (4) في ” ع “: الساعدي. (5) نوادر المعجزات: 116 / 8، إثبات الهداة 5: 256 / 62، مدينة المعاجز: 294 / 10.

[ 202 ]

قال: لقيت علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو خارج إلى ينبع (1) ماشيا (2) فقلت: يا بن رسول الله، لو (3) ركبت. فقال: ها هنا ما هو أيسر، فانظر. فحملته الريح، وحفت بن الطير من كل جانب، فما رأيت مرأى (4) أحسن من ذلك كانت الطير (5) لتناغيه، والريح تكلمه (6). 122 / 12 – وروى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: بينا علي بن الحسين (عليه السلام) جالس مع أصحابه إذ أقبلت ظبية من الصحراء حتى قامت بين يديه، فضربت بذنبها وهمهمت، فقال بعض القوم: يا بن رسول الله ما تقول الظبية ؟ قال: تذكر أن فلان بن فلان القرشي أخذ خشفها بالامس ولم ترضعه منذ أمس. قال: فوقع في قلب الرجل ما شاء الله. قال: فأرسل إلى القرشي وقال له: هذه الظبية تشكوك. قال: وما تقول ؟ قال: تزعم أنك أخذت خشفها أمس في وقت كذا وكذا، وأنه لم يرضع منذ أمس شيئا، وقد سألتني أن أسألك أن تبعث به إليها حتى ترضعه وترده إليك. قال: والذي بعث محمدا بالرسالة، لقد صدقت علي. فقال له: أرسل إلي بالخشف. فلما رأته همهمت وضربت بذنبها، فرضع منها فقال: بحقي عليك – يا فلان – إلا وهبته لي. فوهبه لعلي بن الحسين (عليه السلام)، ووهبه علي بن الحسين لها، وكلمها بمثل كلامها، فهمهمت وضربت بذنبها وانطلقت مع الخشف، فقالوا: يا بن رسول الله، ما قالت ؟


(1) ينبع قرية غناء على يمين رضوى لمن كان منحدرا من أهل المدينة إلى البحر. مراصد الاطلاع 3: 1485. (2) (ماشيا) ليس في ” ع، م “. (3) في ” ع، م “: إن. (4) في ” ع، م “: مرقوما. (5) في ” ع، م ” أحسن منه يرفد إلى الطير. (6) نوادر المعجزات: 117 / 9، إثبات الهداة 5: 256 / 63، مدينة المعاجز: 294 / 11.

[ 203 ]

قال: دعت لكم (1) وجزتكم خيرا. (2). 123 / 13 – وروى الحسين بن أبي العلاء وأبو المغرا وحميد بن المثنى جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: جاء محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا علي، ألست تقر بأني إمام عليك ؟ قال: يا عم، لو علمت ذلك ما خالفتك، و (3) إن طاعتي عليك وعلى الخلائق مفروضة. وقال: يا عم، أما علمت أني وصي وابن وصي. وأنبه فتشاجرا ساعة، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): بمن ترضى يكون بيننا حكما ؟ فقال محمد: من شئت. قال: أترتضي أن يكون بيننا الحجر الاسود ؟ فقال محمد: سبحان الله ! أدعوك إلى الناس وتدعوني إلى حجر لا يتكلم ! فقال علي (عليه السلام): يتكلم، أما علمت – يا عم – أنه يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان، فيشهد لمن وافاه بالموافاة، فندنو أنا وأنت منه، فندعو الله أن ينطقه لنا أينا حجة الله على خلقه. فانطلقا وصليا عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ودنوا من الحجر الاسود، وقد كان ابن الحنفية قال: لئن لم اجبك إلى ما دعوتني إليه، إني إذن لمن الظالمين. فقال علي (عليه السلام) لمحمد: تقدم يا عم إليه، فإنك أسن مني، فقال محمد للحجر: أسألك بحرمة الله، وبحرمة رسوله، وبحرمة كل مؤمن إن كنت تعلم أني حجة الله على علي ابن الحسين إلا نطقت بالحق، وبينت ذلك لنا. فلم يجبه. ثم قال محمد لعلي (عليه السلام): تقدم فاسأله، فتقدم علي (عليه السلام) فتكلم بكلام خفي لا يفهم، ثم قال: أسألك بحرمة الله، وبحرمة رسوله، وبحرمة علي أمير المؤمنين، وبحرمة فاطمة،


(1) في ” ع، م “: لله. (1) بصائر الدرجات: 370 / 10، الهداية الكبرى: 216، الاختصاص: 299، الخرائج والجرائح 1: 259 / 4، مناقب ابن شهر آشوب 4: 140، الثاقب في المناقب: 359 / 297، كشف الغمة 2: 109، الصراط المستقيم 2: 180 / 4 (3) في ” ط ” زيادة: لكني أعلم.

[ 204 ]

وبحرمة الحسن والحسين إن كنت تعلم أني حجة الله على عمي إلا نطقت بذلك، وبينت لنا حتى يرجع عن رأيه. فقال الحجر بلسان عربي مبين: يا محمد بن علي، اسمع وأطع لعلي بن الحسين، فإنه حجة الله على خلقه. فقال ابن الحنفية بعد ذلك: سمعت وأطعت وسلمت (1). 124 / 14 – وروى الحسين بن سعيد، عن القاسم، [ عن سليمان ] (2) بن محمد ابن دينار، عن عبد الله بن عطاء التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في المسجد فمر عمر بن عبد العزيز وعليه نعلان شراكهما فضة، وكان من أمجن الناس، وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين (عليه السلام) فقال: يا عبد الله بن عطاء، ترى هذا المترف، إنه لا يموت حتى يلي الناس. قلت: إنا لله، هذا الفاسق ! قال: نعم، ولا يلبث عليهم إلا يسيرا حتى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء، وبكى. عليه أهل الارض (3). 125 / 15 – وروى الحسين بن سعيد والبرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي (4)، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اتي بعلي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد بن معاوية ومن معه من النساء أسرى فجعلوهم في بيت، ووكلوا بهم قوما من العجم لا يفهمون العربية. فقال بعض لبعض: إنما جعلنا في هذا البيت ليهدم علينا فيقتلنا فيه. فقال علي بن الحسين (عليه السلام) للحرس بالرطانة: تدرون ما يقول هؤلاء


(1) الهداية الكبرى: 220، الخرائج والجرائح 1: 257 نحوه، الثاقب في المناقب: 349 / 291، وقطعة منه في عيون المعجزات: 71، وألقاب الرسول وعترته: 254. (2) أضفناه من بصائر الدرجات، وانظر معجم رجال الحديث 10: 256. (3) بصائر الدرجات: 190 / 1، الخرائج والجرائح 2: 584 / 4، الثاقب في المناقب: 360 / 298. (4) زاد في البصائر: عن محمد بن علي الحلبي، وكلاهما معدود في أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) والرواة عنه، انظر رجال النجاشي: 444 / 1199 ومعجم رجال الحديث 16: 303.

[ 205 ]

النساء ؟ يقلن كيت وكيت. فقال الحرس: قد قالوا أنكم تخرجون غدا وتقتلون. فقال علي بن الحسين (عليه السلام): كلا، يأبى الله ذلك. ثم أقبل عليهم يعلمهم بلسانهم. والرطانة عند أهل المدينة اللغة (1) الفارسية (2). 126 / 16 – وروى يعقوب بن يزيد، عن الوشاء عمن روى (3) عن المثنى، عن علي بن منصور (4)، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في داره وفيها عصافير وهي تصوت، فقال لي: أتدري ما يقلن هؤلاء العصافير ؟ فقلت: لا أدري. قال: يسبحن ربهن ويهللن، ويسألنه قوت يومهن. ثم قال: يا أبا حمزة، علمنا منطق الطير، واوتينا من كل شئ (5). 127 / 17 – وروى العباس بن معروف، عن أبي الحسن الكرخي، عن الحسن [ ابن محمد ] بن عمران (6)، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، [ عن عبد العزيز ] (7)، قال: خرجت مع علي بن الحسين (عليه السلام) إلى مكة فبلغنا الابواء، فإذا غنم ونعجة قد تخلفت عن القطيع، وهي تثغو ثغاء شديدا وتنقلب إلى سخلتها تثغو وتشتد في طلبها فكلما قامت السخلة ثغت النعجة فتتبعها. فقال: يا عبد العزيز، تدري ما تقول النعجة لسخلتها ؟ فقلت: لا والله ما أدري،


(1) في ” ع، م “: الدرية. (2) بصائر الدرجات: 357 / 1 ” نحوه “، مدينة المعاجز: 294. (3) في ” م “: عمن رواه. (4) في البصائر: الميثمي، عن منصور، وفي الاختصاص: علي بن اسماعيل الميثمي، عن منصور بن يونس، وكلاهما يرويان عن أبي حمزة الثمالي، انظر معجم رجال الحديث 21: 133. (5) بصائر الدرجات: 361 / 1، الاختصاص: 292، ونحوه في الهداية الكبرى: 217، وحلية الاولياء 3: 140، مناقب ابن شهر آشوب 4: 133. (6) في النسخ: الحسن بن عمران، وما أثبتناه من جامع الرواة 1: 329، معجم رجال الحديث 7: 258. (7) أثبتناه من الخرائج والجرائح ومناقب ابن شهر آشوب.

[ 206 ]

فقال: إنها تقول: الحقي بالغنم، فإن اختك عام أول تخلفت في هذا الموضع فأكلها الذئب (1). 128 / 18 – وروى محمد بن إبراهيم، قال: حدثني بشر بن محمد (2)، عن حمران ابن أعين، قال: كنت قاعدا عند علي بن الحسين (عليه السلام) ومعه (3) جماعة من أصحابه، فجاءت ظبية فتبصبصت وضربت بذنبها، فقال: هل تدرون ما تقول هذه الظبية ؟ قلنا: ما ندري. فقال: تزعم أن رجلا اصطاد خشفا لها وهي تسألني أن اكلمه أن يرده عليها. فقام وقمنا معه حتى جاء إلى باب الرجل، فخرج إليه والظبية معنا، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): إن هذه الظبية زعمت كذا وكذا، وأنا أسألك أن ترد عليها، فدخل الرجل مسرعا داره، وأخرج إليه الخشف وسيبه، فمضت الظبية والخشف معها، وأقبلت تحرك ذنبها، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): هل تدرون ما تقول ؟ فقلنا: ما ندري. فقال: إنها تقول: رد الله عليكم كل حق غصبتم عليه، وكل غائب، وكل سبب ترجونه، وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي (4). 129 / 19 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لما قتل الحسين بن علي (صلوات الله عليه) أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فجاءه، فقال (5) له: يا بن أخي، قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل الوصية


(1) بصائر الدرجات: 367 / 2، الاختصاص: 294، الخرائج والجرائح 2: 833 / 48، مناقب ابن شهر آشوب 4: 139. (2) في البصائر والاختصاص: بشر [ بشير ] وإبراهيم ابنا محمد، عن أبيهما. (3) في ” ط “: ومعي. (4) بصائر الدرجات: 372 / 14، الاختصاص: 297. (5) في ” ع، م “: فجاء به وقال، ولعلها تصحيف: فخلا به، كما في بعض المصادر.

[ 207 ]

والامامة من بعده إلى علي بن أبي طالب، ثم إلى الحسن، ثم إلى الحسين، وقد قتل أبوك (صلوات الله عليه)، وأنا عمك وصنو أبيك، وولادتي من علي بن أبي طالب مثل ولادة أبيك، فأنا أحق بالوصية منك مع حداثتك، فلا تنازعني الوصية والامامة، ولا تحاربني (1). فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): يا عم، لا تدع ما ليس لك بحق، إني أعظك أن تكون من الجاهلين. إن أبي (صلوات الله عليه) أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق، وعهد إلي قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله عندي، فلا تتعرض لهذا الامر وتنكره، فإني أخاف عليك – يا عم – نقص العمر وتشتت الحال. إن الله (تعالى) – لما صنع الحسن (عليه السلام) مع معاوية ما صنع – جعل الوصية والامامة في عقب الحسين (عليه السلام)، فإن أردت أن تعلم حقيقة قولي فانطلق معي إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك. قال أبو جعفر (عليه السلام): وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي (عليه السلام) لمحمد بن الحنفية: ابتهل إلى الله (تعالى)، واسأله أن ينطق لك الحجر. فابتهل محمد بالدعاء، وسأل الله، وكلم الحجر فلم يجبه. فقال علي بن الحسين (عليه السلام): أما إنك – يا عم – لو كنت وصيا وإماما لاجابك. قال: فقال محمد: فكلمه أنت – يا بن أخي – وسله. فدعا الله علي بن الحسين (عليه السلام) بما أراد، ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء والناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والامام بعد الحسين. فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، وأنطقه الله (عزوجل) بلسان عربي مبين، وقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين بن علي (عليه السلام) إلى علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). * (هامس) * (1) في ” ع، م “: ولا تحادثني، وفي البصائر: ولا تجانبني، وفي الامامة والتبصرة: ولا تخالفني.


[ 208 ]

فانصرف محمد بن الحنفية وهو يتولى علي بن الحسين (عليه السلام) (1). 130 / 20 – وروى فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبي عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الموت، فقال: يا محمد، أي ليلة هذه ؟ قال: ليلة كذا وكذا. قال: وكم مضى من الشهر ؟ قال: كذا وكذا. قال: وكم بقي ؟ قال: كذا وكذا. قال: إنها الليلة التي وعدتها. قال: ودعا بوضوء فقال إن فيه لفأرة. فقال بعض القوم (2): إنه ليهجر. فقال: هاتوا المصباح فنظروا فإذا فيه فأرة، فأمر بذلك الماء فاهريق، وأتوه بماء آخر، ثم توضأ وصلى، حتى إذا كان آخر الليل توفي (صلوات الله عليه) (3). 131 / 21 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثني عبد الله بن العلاء، قال: حدثني محمد بن الحسن بن شمون، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد بن حماد الكاتب، عن أبيه يزيد بن حماد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جبير بن الطحان، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن أول ما استدل به أبو خالد الكابلي عليه من علامات علي بن الحسين (عليه السلام) أنه دق عليه بابه فخرج إليه الغلام، فقال له: من أنت ؟ فقال: أنا أبو خالد الكابلي. فقال علي (عليه السلام): قل له: ادخل يا كنكر. قال أبو خالد: فارتعدت فرائصي ودخلت فسلمت، فقال لي: يا أبا خالد: اريد أن اريك الجنة وهي مسكني الذي إذا شئت دخلت فيه، فقلت: نعم أرنيه. فمسح يده على عيني، فصرت في الجنة، فنظرت إلى قصورها وأنهارها وما شاء


(1) بصائر الدرجات: 522 / 3، الكافي 1: 282 / 5، الامامة والتبصرة: 60 / 49، الاحتجاج 316، إعلام الورى: 258 قطعة منه، مختصر بصائر الدرجات: 14 و 170، وقطعة منه في مناقب ابن شهر آشوب 4: 147. (2) في ” ط “: العواد. (3) الهداية الكبرى: 224 نحوه، فرج المهموم: 228 عن الدلائل.

[ 209 ]

الله أن أنظر، فمكثت ما شاء الله، ثم نظرت بعد فإذا أنا بين يديه (صلى الله عليه وعلى آبائه) (1). 132 / 22 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال: روي عن أبي خالد الكابلي أنه قال: كنت أقول بمحمد بن الحنفية فلقيني يحيى بن ام الطويل فدعاني إلى علي ابن الحسين (عليه السلام)، فامتنعت عليه، فقال لي: ما يضرك أن تقضي حقي بأن تلقاه لقية واحدة ! فصرت معه إليه، فوجدته (عليه السلام) جالسا في بيت مفروش بالمعصفر (2) ملبس الحيطان (3) وعليه ثياب مصبغة، فلم اطل (4) عنده، فلما نهضت قال لي: صر إلينا في غد إن شاء الله. فخرجت من عنده. فقلت ليحيى: أدخلتني إلى رجل يلبس المصبغات ! وعزمت أن لا أرجع إليه، ثم فكرت أن رجوعي غير ضائر، فصرت إليه في الوقت فوجدت الباب مفتوحا، ولم أر أحدا فهممت بالرجوع، فناداني من داخل الدار: ادخل. ثلاثة أصوات فظننت أنه يريد غيري، فصاح: يا كنكر (5)، ادخل. وهذا الاسم كانت امي سمتني به، ولم يسمعه منها احد غيري، فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت مطين، على حصير بردي، وعليه قميص كرابيس (6)، فقال لي: يا أبا خالد، إني قريب عهد بعرس، وإن الذي رأيت بالامس من آلة المرأة، ولم أحب خلافها. فما برحت ذلك اليوم من عنده حتى أراني الاعاجيب، فقلت بإمامته، وهداني الله به وعلى يديه (7).


(1) مدينة المعاجز: 299 / 23. (2) أي المصبوغ بالعصفر، وهو صبغ أحمر غالبا ما يصبغ به الحرير يتخذ من زهر نبات العصفر. انظر ” المعجم الوسيط 2: 605 “. (3) في ” ط “: قد لبس الحيطان بذلك، وفي العيون: مكلس الحيطان. (4) في ” ع، م “: آكل. (5) في ” ع “: يا كنفر، وفي ” م “: يا كنص. (6) الكرابيس، جمع كرباس: وهو القطن ” مجمع البحرين 4: 100 “. (7) عيون المعجزات: مدينة المعاجز: 299 / 24.

[ 210 ]

133 / 23 – وبإسناده قال أبو خالد الكابلي: إن رجلا أتى علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده أصحابه، فقال له: من أنت ؟ فقال: أنا منجم وأبي عراف. فنظر إليه ثم قال له: هل أدلك على رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة آلاف (1) عالم ؟ فقال: من هو. فقال له: إن شئت أنبأتك بما أكلت وما أدخرت في بيتك. فقال له: أنبئني. فقال له: أكلت في هذا اليوم حيسا (2)، وأما ما في بيتك فعشرون دينارا، منها ثلاثة دنانير دارية. فقال له الرجل: أشهد أنك الحجة العظمى، والمثل الاعلى، وكلمة التقوى. فقال له: أنت صديق امتحن الله قلبك (3). 134 / 24 – أخبرني أخي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن علي، المعروف بابن البغدادي، ومولده بسوراء (4)، في يوم الجمعة لخمس بقين من جمادى الاولى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، قال: وجدت في الكتاب الملقب ب‍ (كتاب المعضلات) رواية أبي طالب محمد بن الحسين بن زيد، قال: حدث أبوه، عن ابن رياح، يرفعه عن رجاله، عن محمد بن ثابت، قال: كنت جالسا في مجلس سيدنا أبي الحسن علي بن الحسين زين العابدين (صلوات الله عليه) إذ وقف به (5) عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال له يا علي بن


(1) في ” ع، م “: أربعة عشر ألف. (2) الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والاقط – أي اللبن المحمض المجمد – والسمن ” لسان العرب – حيس – 6: 61 “. (3) بصائر الدرجات: 420 / 13، الاختصاص: 320 نحوه، فرج المهموم: 111، مدينة المعاجز 299 / 25 واثبات الهداة 5: 257 / 66 قطعة منه. (4) في ” ط “: بسوري، سوراء: موضع يقال هو إلى جنب بغداد، وقيل: هو بغداد نفسها. وسورا بالالف المقصورة: موضع بالعراق قرب بابل ” معجم البلدان 3: 278 “. (5) في ” ط “: عليه.

[ 211 ]

الحسين، بلغني أنك تدعي أن يونس بن متى عرضت عليه ولاية أبيك فلم يقبلها (1)، فحبس في بطن الحوت. قال له علي بن الحسين (عليه السلام) يا عبد الله بن عمر، وما أنكرت من ذلك ؟ قال: إني لا أقبله. فقال: أتريد أن يصح لك ذلك ؟ قال له: نعم، قال له: اجلس. ثم دعا غلامه فقال له: جئنا بعصابتين. وقال لي: يا محمد بن ثابت، شد عين عبد الله بإحدى العصابتين واشدد عينك بالاخرى، فشددنا أعيننا فتكلم بكلام، ثم قال: حلوا أعينكم. فحللناها فوجدنا أنفسنا على بساط ونحن على ساحل البحر. ثم تكلم (2) بكلام فاستجاب له حيتان البحر إذ ظهرت بينهن حوتة عظيمة فقال لها: ما اسمك ؟ فقالت: اسمي نون. فقال لها: لم حبس يونس في بطنك ؟ فقالت: عرضت عليه ولاية أبيك فأنكرها، فحبس في بطني، فلما أقر بها وأذعن امرت فقذفته، وكذلك من أنكر ولايتكم أهل البيت يخلد في نار الجحيم: فقال له: يا عبد الله (3) أسمعت وشهدت ؟ فقال له: نعم. فقال: شدوا أعينكم. فشددناها فتكلم بكلام ثم قال: حلوها. فحللناها، فإذا نحن على البساط في مجلسه، فودعه عبد الله وانصرف. فقلت له: يا سيدي، لقد رأيت في يومي عجبا، فآمنت به، فترى عبد الله بن عمر يؤمن بما آمنت به ؟ فقال لي: لا، أتحب أن تعرف ذلك ؟ فقلت: نعم. قال: قم فاتبعه وماشيه واسمع ما يقول لك.


(1) في ” ط “: يقبل. (2) في ” ع، م “: فتكلم. (3) في ” ط “: الجحيم، فالتفت إلى عبد الله وقال له.

[ 212 ]

فتبعته في الطريق ومشيت معه، فقال لي: إنك لو عرفت سحر عبد المطلب لما كان هذا بشئ (1) في نفسك، هؤلاء قوم يتوارثون السحر كابرا عن كابر، فعند ذلك علمت (2) أن الامام لا يقول إلا حقا. (3) 135 / 25 – وحدثني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سلم (4) التميمي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن جبرويه (5)، قال: حدثنا محمد بن أبي البهلول، قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: خرج أبو محمد علي بن الحسين (عليه السلام) إلى مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم، فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها، فلما دنا علي بن الحسين (عليه السلام) من ذلك الموضع قال لمواليه: كيف ضربتم في هذا الموضع ؟ هذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة، وذلك يضر بهم ويضيق عليهم ؟ ! فقالوا: ما علمنا ذلك. وعزموا (6) على قلع الفساطيط، وإذا هاتف يسمع صوته، ولا يرى شخصه، وهو يقول: يا بن رسول الله، لا تحول فسطاطك من موضعه، فإنا نحتمل ذلك لك، وهذا الطبق قد أهديناه إليك، نحب أن تنال منه لنتشرف بذلك. فنظرنا فإذا بجانب الفسطاط طبق عظيم، وأطباق معه، فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة، فدعا أبو محمد (عليه السلام) من كان معه فأكل، وأكلوا معه من تلك الفاكهة (7).


(1) (بشئ) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط “: فرجعت وأنا عالم. (3) نوادر المعجزات: 117 / 10، مناقب ابن شهر آشوب 4: 138 نحوه، إثبات الهداة 5: 258 / 67، مدينة المعاجز: 299 / 26. (4) في ” ط “: سالم، وقد ورد في المعاجم الرجالية بهذين الضبطين، راجع سير أعلام النبلاء 16: 88 ومعجم رجال الحديث 17: 66. (5) في ” م “: جيرويه. (6) في ” ع، م “: وعملوا. (7) الامان من الاخطار: 135، مدينة المعاجز: 300 / 27.

[ 213 ]

136 / 26 – واخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، عن محمد بن مثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد (1)، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دخلت حبابة الوالبية ذات يوم على علي بن الحسين (عليه السلام) وهي تبكي، فقال لها: ما يبكيك ؟ قالت: جعلني الله فداك يا بن رسول الله، أهل الكوفة يقولون: لو كان علي ابن الحسين إمام عدل من الله (2) كما تقولين لدعا الله أن يذهب هذا الذي في وجهك. قال: فقال لها: يا حبابة، ادني مني. فدنت منه، فمسح يده على وجهها ثلاث مرات، ثم تكلم بكلام خفي، ثم قال: يا حبابة، قومي وادخلي إلى النساء فسلمي عليهن، وانظري في المرآة، هل ترين بوجهك شيئا. قالت: فدخلت على النساء، فسلمت عليهن، ثم نظرت في المرآة فكأن الله لم يخلق في وجهي شيئا مما كان. وكان بوجهها برص (3). والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.


(1) في ” ط “: يزيد، راجع معجم رجال الحديث 11: 109 و 129. (2) في ” ط “: إمام حق. (3) نوادر المعجزات: 119 / 11، إثبات الهداة 5: 258 / 68، مدينة المعاجز: 300 / 28.

[ 215 ]

أبو جعفر محمد الباقر (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد (عليه السلام) بالمدينة يوم الجمعة غرة رجب (1) سنة سبع وخمسين من الهجرة (2)، قبل (3) قتل الحسين (عليه السلام) بثلاث سنين، فأقام مع جده ثلاث سنين، ومع أبيه علي أربعا وثلاثين سنة وعشرة أشهر. وعاش بعد أبيه أيام إمامته بقية ملك الوليد، وملك سليمان بن عبد الملك، وملك عمر بن عبد العزيز، وملك يزيد بن عبد الملك، وملك هشام بن عبد الملك، وملك الوليد ابن يزيد (4)، وملك إبراهيم بن الوليد. وقبض في أول ملك إبراهيم (5)، في شهر ربيع الآخر (6) سنة مائة وأربع عشرة من الهجرة، فكانت أيام إمامته تسع عشرة سنة وشهرين، وصار إلى كرامة الله (عزوجل) وقد


(1) وقيل: في الثالث من صفر. انظر: روضة الواعظين: 207، إعلام الورى: 264، مناقب ابن شهر آشوب 4: 210، كشف الغمة 2: 117، نور الابصار: 289. 02) الكافي 1: 390، الارشاد: 262، كفاية الطالب: 455، الفصول المهمة: 211. (3) في ” ع، م ” زيادة: أن. (4) سقط هنا: يزيد بن الوليد. انظر: الجوهر الثمين 1: 103. (5) مناقب ابن شهر آشوب 4: 210، وفي إعلام الورى: 265 وتاج المواليد: 117 أنه توفي في ملك هشام ابن عبد الملك، وهو الموافق للصواب، لان ملكه امتد بين (105 – 125 ه‍) انظر: الجوهر الثمين 1: 98. (6) في ” ط “: الاول، انظر: تاريخ أهل البيت: 80، روضة الواعظين: 207، إعلام الورى: 264.

[ 216 ]

كمل عمره سبعا وخمسين سنة (1). وكان سبب وفاته أن إبراهيم بن الوليد سمه (2). ودفن بالبقيع مع أبيه علي (3)، وعم أبيه الحسن (عليهما السلام) (4). نسبه (عليه السلام) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ويكنى: أبا جعفر. لقبه الباقر، لانه بقر علوم النبيين، والشاكر (5)، والهادي، والامين، ويدعى: الشبيه، لانه كان يشبه رسول الله (صلى الله عليه واله) (6). نقش خاتمه (عليه السلام) وكان له خاتم نقشه: العزة لله (7).


(1) الكافي 1: 390، الارشاد: 262، مناقب ابن شهر آشوب 4: 210، كفاية الطالب: 455، كشف الغمة 2: 123، الصواعق المحرقة: 201. (2) مناقب ابن شهر آشوب 2: 210، الفصول المهمة: 221. (3) (علي) ليس في ” ط “. (4) تاريخ الائمة: 31، الكافي 1: 390، الهداية الكبرى: 238، الارشاد: 262، تاج المواليد: 117. (5) في مناقب ابن شهر آشوب: الشاكر لله. (6) مناقب ابن شهر آشوب 4: 210، تذكرة الخواص: 336، الفصول المهمة: 211، نور الابصار: 288. (7) الكافي 6: 473 / 2، وروي فيه غير ذلك، انظر: مكارم الاخلاق: 92، كشف الغمة 2: 119.

[ 217 ]

بوابه جابر بن يزيد الجعفي (1). ذكر ولده (عليه السلام) جعفر الامام الصادق (عليه السلام)، وعلي، و عبد الله، وإبراهيم، وابنته: ام سلمة فقط (2). وامه: فاطمة بنت الحسن بن علي (عليهما السلام) (3)، ويروى فاطمة أم الحسن بنت الحسن (4)، وهي أول علوية ولدت لعلوي (5). ويروى أنه تزوج [ أبو محمد علي بن الحسين (عليهما السلام ] (6) بام عبد الله بنت الحسن بن علي، وهي ام أبي جعفر، وكان يسميها الصديقة. ويقال: إنه لم يدرك في [ آل ] الحسن [ امرأة ] مثلها (7).


(1) تاريخ الائمة: 33، مناقب ابن شهر آشوب 4: 211، الفصول المهمة: 211، نور الابصار: 289. (2) تاريخ الائمة: 19، الارشاد: 270، تاريخ مواليد الائمة: 184، مناقب ابن شهر آشوب 4: 210، تذكرة الخواص: 341، كشف الغمة 2: 119، نور الابصار: 292، ينابيع المودة: 380. (3) في ” ع، م “: بنت الحسن ويروى فاطمة بنت علي، وفي ” ط “: بنت الحسن ويروى بنت علي، وما أثبتناه هو الموافق لسائر المصادر، انظر: تاريخ الائمة: 24، الكافي 1: 390، روضة الواعظين: 207، تاج المواليد: 115، تاريخ مواليد الائمة: 184، إعلام الورى: 264، كشف الغمة 2: 117، نور الابصار: 289. (4) في ” ع، م “: فاطمة بنت الحسن بن الحسين، وفي ” ط “: فاطمة بنت الحسن بن الحسن، وما أثبتناه هو الصواب، انظر: تاج المواليد: 115، تاريخ مواليد الائمة: 184، كشف الغمة 2: 117. 05) في ” ط “: ولدت علويا. (6) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الهداية الكبرى: 240. (7) أثبتناه من الكافي 1: 390، الهداية الكبرى: 240، دعوات الراوندي: 69 / 165.

[ 218 ]

وروي أنها كانت عند جدار فتصدع الجدار فقالت بيدها: لا وحق المصطفى، ما أذن الله لك في السقوط. فبقي معلقا في الجو حتى جازت، فتصدق عنها علي بن الحسين (عليه السلام) بمائة دينار (1). 137 / 1 – وأخبرني أبو طالب محمد بن عيسى القطان، قال: أخبرني أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، عمن رواه، عن الصادق (2) (عليه السلام) قال: جاء علي بن الحسين بابنه محمد الامام إلى جابر بن عبد الله الانصاري، فقال له: سلم على عمك جابر. فأخذه جابر فقبل ما بين عينيه، وضمه إلى صدره، وقال: هكذا أوصاني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال لي: يا جابر، يولد لعلي بن الحسين زين العابدين ولد، يقال له محمد، فإذا رأيته يا جابر فأقرئه مني السلام، واعلم يا جابر، أن مقامك بعد رؤيته قليل. قال: فعاش جابر بعد أن رآه أياما يسيرة، ومات (رضي الله عنه) (3). ذكر معجزاته (عليه السلام) 138 / 2 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، قال: قال قيس بن الربيع: كنت ضيفا لمحمد بن علي (عليه السلام) وليس في منزله غير لبنة (4)، فلما حضر العشاء قام فصلى وصليت معه، ثم ضرب بيده إلى اللبنة فأخرج منها قنديلا مشعلا ومائدة مستو عليها كل حار وبارد، فقال لي: كل، فهذا ما أعده الله


(1) الكافي 1: 39 / 1، الهداية الكبرى: 241، الدعوات للراوندي 68 / 165. (2) في ” ط ” زيادة: جعفر بن محمد. (3) مدينة المعاجز: 322 / 2، ونحوه في كشف الغمة 2: 119، والفصول المهمة: 215، ونور الابصار: 288. (4) اللبنة: التي يبنى بها، وما ضرب من الطين مربعا ” لسان العرب – لبن – 13: 375 “.

[ 219 ]

لاوليائه. فأكل وأكلت، ثم رفعت المائدة في اللبنة، فخالطني الشك، حتى إذا خرج لحاجته قلبت اللبنة فإذا هي لبنة صغيرة، فدخل وعلم ما في قلبي، فأخرج من اللبنة أقداحا وكيزانا (1) وجرة فيها ماء، فشرب وسقاني، ثم أعاد ذلك إلى موضعه، وقال: مثلك معي مثل اليهود مع المسيح (عليه السلام) حين لم يثقوا (2) به. ثم أمر اللبنة أن تنطق فتكلمت (3). 139 / 3 – قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، قال: قال لي المنصور – يعني أبا جعفر الدوانيقي -: كنت هاربا من بني امية، أنا وأخي أبو العباس، فمررنا بمسجد المدينة ومحمد بن علي الباقر جالس، فقال لرجل إلى جانبه: كأني بهذا الامر وقد صار إلى هذين. فأتى الرجل فبشرنا به، فملنا إليه، وقلنا: يا بن رسول الله، ما الذي قلت ؟ فقال: هذا الامر صائر إليكم عن قريب، ولكنكم تسيئون إلى ذريتي وعترتي، فالويل لكم عن قريب. فما مضت الايام حتى ملك (4) أخي وملكتها (5). 140 / 4 – قال أبو جعفر: وحدثنا الحسن بن عرفة العبدي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا العلاء بن محرز، قال: شهدت محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وبيده عرجونة – يعني قضيبا دقيقا – يسأله عن أخبار بلد بلد، فيجيبه ويقول: زاد الماء بمصر كذا، ونقص بالموصل كذا، ووقعت الزلزلة بإرمينية، والتقى حادن وحورد (6) في موضع – يعني جبلين – ثم رأيته يكسرها ويرمي بها فتجمع فتصير (7) قضيبا (8).


(1) الكيزان: جمع كوز، إناء يحفظ فيه الماء. (2) في ” ع، م “: يثق. (3) نوادر المعجزات: 133 / 2، إثبات الهداة 5: 315 / 78، مدينة المعاجز: 322 / 3. (4) في ” ط “: أيام حتى هلك. (5) إثبات الهداة 5: 316 / 79، مدينة المعاجز: 323 / 4. (6) في ” ع، م “: حارث وجويرد. (7) في ” ط “: بها فتعود. (8) نوادر المعجزات: 134 / 3، إثبات الهداة 5: 317 / 80، مدينة المعاجز: 323 / 5.

[ 220 ]

141 / 5 – قال أبو جعفر: وحدثنا أحمد بن منصور الرمادي (1)، قال: حدثنا شاذان بن عمر (2)، قال: حدثنا مرة بن قبيصة بن عبد الحميد، قال: قال لي: جابر بن يزيد الجعفي: رأيت مولاي الباقر (عليه السلام) وقد صنع فيلا من طين فركبه وطار في الهواء حتى ذهب إلى مكة عليه ورجع، فلم اصدق ذلك منه حتى رأيت الباقر (عليه السلام)، فقلت له: أخبرني جابر عنك بكذا وكذا، فصنع مثله وركب وحملني معه إلى مكة وردني (3). 142 / 6 – قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا حكيم بن أسد، قال: لقيت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وبيده عصا يضرب بها الصخر فينبع منه الماء، فقلت: يا بن رسول الله ما هذا ؟ قال: نبعة من عصا موسى (عليه السلام) التي يتعجبون منها. (4) 143 / 7 – قال أبو جعفر: وحدثنا أحمد بن عامر، قال: حدثنا عبد الحميد (5) بن سويد، قال: حدثنا شهر (6) بن وائل، قال: لقيت الباقر (عليه السلام) وبيده قصعة (7) من خشب يشعل (8) فيها النار ولا تحترق القصعة، فقلت: يا بن رسول الله، ما هذا ؟ فقال: لارضة (9) الارض قرضت (10) تلك النار منها، فقدرت أن القصعة قد


(1) في ” ط “: الرماني، وهو أحمد بن منصور الرمادي المتوفى سنة (265 ه‍) عن 83 سنة كما في معجم البلدان 3: 66 والظاهر صحته لمعاصرة الطبري الكبير معه ولو في شطر من عمره. انظر سير أعلام النبلاء 12: 389 / 170، تهذيب التهذيب 1: 83، معجم المؤلفين 9: 146. (2) في ” ع، م “: عمرو. (3) نوادر المعجزات: 135 / 4، إثبات الهداة 5: 317 / 81، مدينة المعاجز: 323 / 6. (4) نوادر المعجزات: 135 / 5، إثبات الهداة 5: 317 / 82، مدينة المعاجز: 323 / 7. (5) في ” ع، م “: عبد الحي. (6) في ” ع “: سهر. (7) القصعة: وعاء يؤكل فيه، وغالبا ما يتخذ من الخشب. (8) في ” ع، م “: تشتعل. (9) الارضة: دويبة تأكل الخشب. (10) في ” ط “: فقال: التظت الارض فارفضت.

[ 221 ]

أحترقت فلم يؤثر فيها شئ (1). 144 / 8 – قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، قال: حدثنا منصور، قال: كنت اريد أن أركب البحر فسألت الباقر (عليه السلام)، فأعطاني خاتما، فكنت أطرحه في الزورق إذا شئت فيقف، وإذا شئت اطلقه، وإني جئت الدور (2)، فسقط لاخ لي كيس في دجلة، فألقيت ذلك الخاتم فخرج وأخرج الكيس باذن الله (تعالى) (3). 145 / 9 – قال أحمد بن جعفر: حدثنا عدة من أصحابنا، عن جابر بن يزيد (رحمه الله)، قال: خرجت مع أبي جعفر (عليه السلام) وهو يريد الحيرة، فلما أشرفنا على كربلاء قال لي: يا جابر، هذه روضة من رياض الجنة لنا ولشيعتنا، وحفرة من حفر جهنم لاعدائنا. ثم إنه قضى ما أراد، ثم التفت إلي وقال: يا جابر. فقلت: لبيك سيدي. قال لي: تأكل شيئا. قلت: نعم سيدي. قال: فأدخل يده بين الحجارة، فأخرج لي تفاحة لم أشم قط رائحة مثلها، لا تشبه رائحة فاكهة الدنيا، فعلمت أنها من الجنة، فأكلتها، فعصمتني من الطعام أربعين يوما، لم آكل ولم احدث (4). 146 / 10 – وروى موسى بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن علي بن حسان (5)، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:


(1) إثبات الهداة 5: 318 / 83، مدينة المعاجز: 323 / 8. (2) الدور: تطلق على سبعة مواضع بأرض العراق، من نواحي بغداد. مراصد الاطلاع 2: 539. (3) إثبات الهداة 5: 318 / 84، مدينة المعاجز: 323 / 9. (4) نوادر المعجزات: 135 / 6، إثبات الهداة 5: 318 / 85، مدينة المعاجز: 323 / 10. (5) في النسخ: خالد بن حسان، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، وهو علي بن حسان الذي قيل: إنه لا يروي إلا عن عمه عبد الرحمن، وكلاهما ضعيف، انظر رجال النجاشي: 235 و 251، ومعجم رجال الحديث 9: 343 و 11: 311.

[ 222 ]

نزل أبو جعفر (عليه السلام) بواد، فضرب خباءه، ثم خرج يمشي حتى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله (عزوجل) عندها، ثم تكلم بكلام لم أسمع بمثله، ثم قال: أيتها النخلة، أطعمينا مما جعل الله (جل ذكره) فيك. فتساقط منها رطب أحمر وأصفر، فأكل، وأكل معه أبو أمية الانصاري، فقال: يا أبا امية، هذه الاية فينا (1) كالاية في مريم: إذ هزت إليها بالنخلة فتساقط عليها رطبا جنبا. (2) 147 / 11 – وروى الحسن، عن المثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) في مجلس له ذات يوم إذ أطرق إلى الارض ينكت فيها مليا، ثم رفع رأسه فقال: كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم في مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتى يستقريكم (3) بسيفه ثلاثة أيام، فيقتل مقاتليكم (4) وتلقون منه ذلا (5)، لا تقدرون أن تدفعوا ذلك، فخذوا حذركم، واعلموا أن الذي قلت لكم كائن لابد منه. فلم يلتفت أهل المدينة إلى هذا الكلام من أبي جعفر (عليه السلام) فقالوا: لا يكون هذا أبدا. ولم يأخذوا حذرهم، إلا بنو هاشم خاصة لعلمهم أن كلامه (عليه السلام) حق من الله (عزوجل). فلما كان من قابل حمل أبو جعفر عياله وبنو هاشم، فخرجوا من المدينة ووقع ما قال أبو جعفر (عليه السلام) في المدينة، فأصيب أهلها (6) وقالوا: والله، لا نرد على أبي جعفر شيئا نسمعه أبدا، منه سمعنا ما رأينا. وقال بعضهم: إنما القوم أهل بيت النبوة ينطقون بالحق، ما يتعلق أحدكم على


(1) في ” ع، م “: منا. (2) بصائر الدرجات: 273 / 2، الخرائج والجرائح 2: 593 / 2، مناقب ابن شهر آشوب 4: 188، الثاقب في المناقب: 374 / 308، الصراط المستقيم 2: 183 / 13، مدينة المعاجز: 323 / 11. (3) يستقريكم: أي يتتبعكم ” لسان العرب – قرا – 15: 175 “. وفي ” ع، م “: يسبقونكم. (4) في ” ط “: مقاتلتكم. (5) في ” ع، م “: ملا، وكأنها تصحيف: بلاء. (6) في ” ع، م “: وأصابوا ما قال أبو جعفر عليه السلام.

[ 223 ]

أبي جعفر بكلمة لم ير تأويلها، يقول: هذا غلط (1). 148 / 12 – وروى أحمد بن إبراهيم، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان أبو جعفر محمد بن علي الباقر في طريق مكة ومعه أبو أمية الانصاري، وهو زميله في محمله، فنظر إلى زوج ورشان (2) في جانب المحمل معه، فرفع أبو أمية يده لينحيه، فقال له أبو جعفر: مهلا، فإن هذا الطير جاء يستجير بنا أهل البيت، فإن حية تؤذيه، وتأكل فراخه كل سنة، وقد دعوت الله له أن يدفعها (3) عنه، وقد فعل (4). 149 / 13 – وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) بين مكة والمدينة نسير، أنا على حمار لي، وهو على بغلة له، إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر، فحبس له البغلة حتى دنا منه، فوضع يده على قربوس السرج، ومد عنقه إليه وأدنى أبو جعفر اذنه منه ساعة، ثم قال له: امض فقد فعلت. فرجع مهرولا. فقلت: جعلت فداك، لقد رأيت عجيبا ! فقال: هل تدري ما قال ؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال: ذكر أن زوجته في هذا الجبل، وقد عسرت عليها ولادتها، فادع الله (عزوجل) أن يخلصها، وأن لا يسلط شيئا من نسلي على أحد من شيعتكم أهل البيت. فقلت: قد فعلت. (5)


(1) الخرائج والجرائح 1: 289 / 23، مناقب ابن شهر آشوب 4: 192، كشف الغمة 2: 146، الفصول المهمة: 218، مدينة المعاجز: 323 / 12، نور الابصار: 291. (2) الورشان: طائر من الفصيلة الحمامية، أكبر قليلا من الحمامة المعروفة، (3) في ” ع، م “: يدفع. (4) بصائر الدرجات: 364 / 16، مدينة المعاجز: 324 / 13. (5) بصائر الدرجات: 371 / 12، الاختصاص: 300، مناقب ابن شهر آشوب 4: 189،

[ 224 ]

150 / 14 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن سعيد، قال: حدثنا الحسن (1) بن علي، عن (2) كرام، عن عبد الله بن طلحة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوزغ، فقال هو رجس مسخ، فإذا قتلته فاغتسل. ثم قال: إن أبي (عليه السلام) كان قاعدا في الحجر، ومعه رجل يحدثه، وإذا وزغ يولول بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ ؟ فقال: لا. قال: يقول: والله لئن ذكرت عثمان لاذكرن عليا حتى تقوم من ها هنا. (3) 151 / 15 – وروى الحسن بن أحمد بن سلمة، عن محمد بن المثنى، عن عثمان ابن عيسى، عمن حدثه، عن جابر (4)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: شكوت إليه الحاجة، فقال: يا جابر، ما عندنا درهم. قال: فلم ألبث أن دخل الكميت بن زيد (5) الشاعر، فقال له: جعلني الله فداك أتأذن لي أن انشدك قصيدة قلتها فيكم ؟ فقال له: هاتها. فأنشده قصيدة أولها: من لقلب متيم مستهام (6)


(1) في ” ط “: الحسين. (2) في النسخ: بن، وهو تصحيف صوابه ما في المتن، وكرام لقب عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي، انظر رجال النجاشي: 245، معجم رجال الحديث 10: 65 و 14: 111. (3) بصائر الدرجات: 373 / 1، الاختصاص: 301، الخرائج والجرائح 2: 823 / 36، مناقب ابن شهر آشوب 4: 189، مدينة المعاجز: 324 / 18. (4) في البصائر والاختصاص: محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن يزيد، عن جابر، والظاهر صحته، انظر معجم رجال الحديث 14: 178 و 17: 184، والحديث (26) من دلائل الامام السجاد (عليه السلام). (5) في ” ع، م “: يزيد. وهو تصحيف، انظر سير أعلام النبلاء 5: 388، معجم رجال الحديث 14: 125. (6) وهي أولى قصائده المعروفة بالهاشميات، ويبلغ عدد أبياتها مائة وثلاثة، انظر شرح هاشمياته لابي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي: 11 – 42.

[ 225 ]

فلما فرغ منها قال: يا غلام، ادخل ذلك البيت وأخرج إلى الكميت بدرة (1)، وادفعها إليه. فأخرجها ووضعها بين يديه (2). فقال له: جعلت فداك، إن رأيت أن تأذن لي في اخرى. فقال له: هاتها. فأنشده اخرى، فأمر له ببدرة اخرى، فاخرجت له من البيت. ثم قال له: الثالثة. فأذن له، فأمر له ببدرة ثالثة، فاخرجت له. فقال له الكميت: يا سيدي، والله ما انشدك طلبا لعرض من الدنيا، وما أردت بذلك إلا صلة لرسول الله (صلى الله عليه واله)، وما أوجبه الله علي من حقكم. فدعا له أبو جعفر، ثم قال: يا غلام، رد هذه البدر في مكانها. فأخذها الغلام فردها. قال جابر: فقلت في نفسي: شكوت إليه الحاجة فقال: ما عندي شئ، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم ! وخرج الكميت فقال: يا جابر، قم فادخل ذلك البيت. قال: فدخلت فلم أجد فيه شيئا، فخرجت فأخبرته، فقال: يا جابر، ما سترنا عتك أكثر مما أظهرناه لك. ثم قام وأخذ بيدي فأدخلني ذلك البيت وضرب برجله الارض فإذا شبه عنق البعير قد خرج من ذهب (3)، فقال: يا جابر، انظر إلى هذا ولا تخبر به إلا من تثق به من إخوانك. يا جابر، إن جبرئيل أتى رسول الله (صلى الله عليه واله) غير مرة بمفاتيح خزائن الارض وكنوزها، وخيره من غير أن ينقصه الله مما أعد له شيئا، فاختار التواضع لربه (عزوجل)، ونحن نختاره (4).


(1) البدرة: كيس فيه مقدار من المال يتعامل به ويقدم في العطايا، ويختلف باختلاف العهود، والغالب أنه عشرة آلاف درهم. (2) في ” ع، م “: ووضعها عنده. (3) في ” ط “: منها ذهبا. (4) في ” ط “: ينقصه الله شيئا مما أعد له فاختار تركها ونحن نختار ذلك.

[ 226 ]

يا جابر إن الله أقدرنا على ما نريد من خزائن الارض، ولو شئنا أن نسوق الارض بأزمتها لسقناها. (1) 152 / 16 – وروى محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي (2)، قال: أوصاني أبو جعفر (عليه السلام) بحوائج له بالمدينة، فبينا أنا في فج الروحاء (3) على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه. قال: فقمت له وظننت أنه عطشان، فناولته الاداوة فقال: لا حاجة لي بها. وناولني كتابا طينه رطب، فنظرت إلى الخاتم وإذا هو خاتم أبي جعفر (عليه السلام) [ فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال: الساعة، وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفت فإذا ليس عندي أحد. قال: ثم قدم أبو جعفر (عليه السلام) ] (4) فلقيته فقلت: جعلت فداك، رجل أتاني بكتاب وطينه رطب ! فقال: إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم – يعني الجن – (5). 153 / 17 – وروى علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: أنتم ورثة رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ قال: نعم. قلت: ورسول الله وارث الانبياء على ما علموا وعملوا ؟ قال لي: نعم. قلت: فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى، وتبرئوا الاكمه والابرص ؟ قال: نعم، باذن الله. ثم قال: ادن مني يا أبا محمد. فدنوت، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرت الشمس والسماء والارض والبيوت وكل شئ في الدار. قال: فقال: تحب أن تكون على هذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم


(1) بصائر الدرجات: 395 / 5، الاختصاص: 271، مدينة المعاجز: 326 / 24. (2) في ” ط “: شديد القرضي، وفي ” م “:… الصرخي، وفي ” ع “:… بن الصرخي، تصحيف صوابها ما في المتن من الكافي، وراجع معجم رجال الحديث 8: 38. (3) قرية على ليلتين من المدينة ” الروض المعطار: 277 “. (4) أثبتناه من الكافي. (5) الكافي 1: 325 / 4، مدينة المعاجز: 327 / 25.

[ 227 ]

القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصة ؟ قلت: أعود كما كنت. قال: فمسح يده على عيني فعدت كما كنت. (1) 154 / 18 – وروى محمد بن الحسن بن فروخ، عن عاصم بن حميد، عن محمد ابن مسلم بن رباح الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول لرجل من أهل إفريقية: ما حال راشد ؟ قال: خلفته صالحا يقرئك السلام. قال: رحمه الله. قال: أو مات ؟ ! قال: نعم رحمه الله. قال: ومتى مات ؟ قال: قبل خروجك بيومين. قال: لا والله، ما مرض ولا كانت به علة ! قال: وإنما يموت من يموت من غير علة أكثر. فقلت: أيما كان من الرجال الرجل ؟ فقال: كان لنا وليا ومحبا من أهل إفريقية. ثم قال: يا محمد بن مسلم، لئن كنتم ترون أنا ليس معكم بأعين ناظرة وآذان (2) سامعة لبئس ما رأيتم، والله من (3) خفي ما غاب، فأحضروا لي (4) جميلا، وعودوا ألسنتكم الخير، وكونوا من أهله تعرفوا (5) به. (6) 155 / 19 – وعنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم وعلي بن جرير،


(1) بصائر الدرجات: 289 / 1، الكافي 1: 391 / 3، الهداية الكبرى: 243، إثبات الوصية: 152، رجال الكشي: 174 / 298، عيون المعجزات: 76، إعلام الورى: 267، مناقب ابن شهر آشوب 4: 184. (2) في ” ع، م “: واسماع. (3) في ” ط “: ما. (4) في ” ع “: فاحضروني. (5) في ” ع، م “: تقربوا. (6) الخرائج والجرائح 2: 595 / 7 نحوه، وقطعة منه في مناقب ابن شهر آشوب 4: 193، والثاقب في المناقب: 383 / 315، مدينة المعاجز: 330 / 37.

[ 228 ]

عن منصور بن حازم، عن سعد الاسكاف، قال: طلبت الاذن على أبي جعفر (عليه السلام) مع أصحاب لنا (1)، فدخلت عليه فإذا على يمينه نفر كأنهم من أب وام، عليهم ثياب (2) وأقبية ضافية، وعمائم صفر، فما لبثوا حتى (3) خرجوا فقال لي: يا سعد، رأيتهم ؟ قلت: نعم، جعلت فداك، من هؤلاء ؟ قال: إخوانكم من الجن أتونا يستفتونا في حلالهم وحرامهم كما تأتونا وتستفتونا في حلالكم وحرامكم. فقلت: جعلت فداك، ويظهرون لكم ؟ قال: نعم. (4) 156 / 20 – وروى الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية أخي أبي العوام (5)، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في مسجد الرسول (صلى الله عليه واله) إذ أقبل أعرابي على لقوح (6) له، فعقلها ثم دخل، فضرب ببصره يمينا وشمالا كأنه طائر العقل، فهتف به أبو جعفر فلم يسمعه، فأخذ كفا من حصا فحصبه، فأقبل الاعرابي حتى نزل بين يديه، فقال له: يا أعرابي من أين أقبلت ؟ قال: من أقصى الارض. فقال له أبو جعفر: أوسع من ذلك، فمن أين أقبلت ؟ قال: من أقصى الدنيا، وما خلفي من شئ، أقبلت من الاحقاف. قال: أي الاحقاف ؟ قال: أحقاف عاد. قال: يا أعرابي، فما مررت به في طريقك ؟ قال: مررت بكذا. فقال أبو جعفر: ومررت بكذا، فقال الاعرابي: نعم، ومررت


(1) في ” ط “: لي. (2) في ” ع، م ” زيادة: دوابر. (3) في ” ع، م “: صفر، فما احتبسوا حتى. (4) بصائر الدرجات: 117 / 5، مدينة المعاجز: 328 / 29. (5) في رجال الطوسي: 260 / 619: العرام، وانظر معجم رجال الحديث 11: 146 و 147. (6) اللقوح: الناقة التي تقبل اللقاح، وقيل: الناقة الحلوب.

[ 229 ]

بكذا. قال أبو جعفر (عليه السلام): ومررت بكذا ؟. فلم يزل الاعرابي يقول: إني مررت، ويقول له أبو جعفر: ومررت بكذا، إلى أن قال له أبو جعفر: فمررت بشجرة يقال لها: (شجرة الرقاق) ؟ قال: فوثب الاعرابي على رجليه ثم صفق بيديه وقال: والله، ما رأيت رجلا أعلم بالبلاد منك، أوطأتها ؟ قال: لا يا أعرابي، ولكنها عندي في كتاب. يا أعرابي، إن من ورائكم لواد يقال له (برهوت) تسكنه البوم والهام (1)، تعذب فيه أرواح المشركين إلى يوم القيامة. (2) 157 / 21 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): مررت (3) بالشام وأنا متوجه إلى بعض ملوك (4) بني امية، فإذا قوم يمرون (5)، فقلت: أين تريدون ؟ قالوا: إلى عالم لنا لم نر مثله، يخبرنا بمصلحة شأننا. قال: فأتبعتهم حتى دخلوا برجا (6) عظيما، فيه بشر كثير، فلم ألبث أن خرج شيخ كبير متوكئ على رجلين، قد سقط حاجباه على عينيه، فشدهما (7) حتى بدن عيناه، فنظر إلي فقال: أمنا أنت أم من الامة المرحومة ؟


(1) البوم طائر معروف، والهام أنثاه، أو هما اسمان يقعان على طيور الليل عامة، انظر ” لسان العرب – بوم – 12: 61، حياة الحيوان 1: 226 و 2: 386 “. (2) مدينة المعاجز: 330 / 38. (3) في ” ع، ط “: كنت. (4) في ” ع “: خلفاء. (5) في ” ط “: قوم في جانبي. (6) في ” ع، م “: بهوا، والبهو: البيت المقدم أمام البيوت. (7) في ” ع، م “: قد شد حاجبيه.

[ 230 ]

قال: قلت: من الامة المرحومة. فقال: أمن علمائها (1) أم من جهالها ؟ قال: قلت: لا من علمائها ولا من جهالها. فقال: أنتم الذين تزعمون أنكم تذهبون إلى الجنة فتأكلون وتشربون ولا تحدثون ؟ قال: قلت: نعم. قال: فهات على هذا برهانا. قال: قلت: الجنين يأكل في بطن امه من طعامها، ويشرب من شرابها ولا يحدث. قال: أليس زعمت أنك لست من علمائها ! قال: قلت لك: ولا من جهالها. قال: فأخبرني عن ساعة ليست من النهار ولا من الليل. قال: قلت: هذه الساعة التي هي من طلوع (2) الفجر إلى طلوع الشمس، لا نعدها من ليلنا ولا من نهارنا، وفيها تفيق (3) مرضانا. قال: فنظر إلي النصراني متعجبا، ثم قال: أليس زعمت أنك لست من علمائها ! ثم قال: أما والله لاسألنك عن مسألة ترتطم فيها ارتطام الثور (4) في الوحل، أخبرني عن رجلين ولدا في ساعة واحدة، وماتا في ساعة واحدة، عاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة. قال: قلت: ثكلتك امك، ذلك عزير وعزرة، عاش هذا خمسين عاما، ثم أماته الله مائة عام، ثم بعثه فقال: كم لبثت ؟ قال: يوما أو بعض يوم. وعاش خمسين ومائة عام، ثم ماتا جميعا. فقال النصراني: لا والله لا اكلمكم كلمة ولا رأيتم لي وجها اثني عشر شهرا،


(1) في ” ع “: علمائهم، وكذا بقية الضمائر في الكلمات الآتية. (2) في ” ع، م “: هذه ساعة من طلوع. (3) في ” م “: يعتق. (4) في ” ع، م “: تربط فيها أو تظام فيها كالثور.

[ 231 ]

غضبا إذ أدخلتم هذا علي. وقام فخرجت (1). 158 / 22 – وروى محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا عليه، فبكى بعض أصحابنا عند رأسه، فنظر (عليه السلام) إليه وقال له: إني لست بميت من وجعي هذا، فبرئ ومكث ما شاء الله أن يمكث. فبينا هو صحيح ليس به بأس حتى قال لي: يا بني، إن اللذين أتياني في شكايتي التي قمت منها أتياني فخبراني أني ميت من وجعي هذا في يوم كذا وكذا. قال: فمات (عليه السلام) في ذلك اليوم. (2) 159 / 23 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه أبي محمد، قال: حدثنا (3) أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسائي (4)، قال: حدثنا عبد الله (5) بن أحمد بن نهيك – أبو العباس النخعي الشيخ الصالح – عن محمد بن أبي عمير، عمن أخبره، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: اسري برجل منا فمر برجل منكم حتى أتى الرجل الذي يعذب، فإذا هو في قرية موكل به سبعة رجال كل يوم، كلما هلك رجل جعل مكانه رجل، يستقبلون به عين الشمس حيث دارت، يصبون عليه في الشتاء الماء البارد، والماء الحار في الصيف،


(1) في ” ع، م “: حيث دخلوا بأبي جعفر (عليه السلام) معهم. مدينة المعاجز: 331 / 43. (2) – مدينة المعاجز: 335 / 45، بصائر الدرجات: 501 / 2. (3) في ” ط “: أخبرنا. (4) نسبة إلى الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، وهو أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبيدالله بن موسى الكاظم (عليه السلام)، روى عنه التلعكبري، وكان سماعه منه سنة (340) بمصر وله منه إجازة، أنساب السمعاني 5: 405. ويقال له الموسوي أيضا، انظر معجم رجال الحديث 4: 101. (5) في بعض المصادر والمعاجم الرجالية: عبيدالله، مصغرا، روى عن ابن أبي عمير، ووصفه النجاشي بالشيخ الصدوق، وقال: اشتملت إجازة أبي القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي – وأراناها – على سائر ما رواه عبيدالله بن أحمد بن نهيك، انظر رجال النجاشي: 232، معجم رجال الحديث 10 / 107.

[ 232 ]

فسأله: لم يفعل (1) به هذا ؟ فقال: ما تدري لانك أكيس الناس، أو لانك أحمق الناس، ما يزال يأتينا الرجل منكم في السنين فلا يسأل عن هذا (2). فخرجت من الفج فالتفت فإذا راكب خلفي يوضع (3) ويشير إلي، فظننت أن الرجل عطشان، فتناولت إداوتى فأهويت بها إليه. قال: فناولني كتابا صغيرا طينه رطب، وكتابته رطبة، فإذا فيه إنفاذ بعض ما أمرني به، ونقل شئ إلى شئ فأمضيت الذي في الكتاب، وقلت للرجل: متى عهدك ؟ قال: الساعة. قال: وحفظت الساعة واليوم، فلما قدم أبو جعفر (عليه السلام) أخبرته بخبر الكتاب والطين واليوم والساعة، فقال: إنا أهل البيت اعطينا أعوانا من الجن، إذا عجلت بنا الحاجة بعثناهم فيها. (4) 160 / 24 – وروى محمد بن الحسن، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: كنت اقرئ إمرأة واعلمها (5) القرآن، فمازحتها بشئ، فقدمت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال لي: يا أبا بصير، أي شئ قلت للمرأة ؟ فقلت بيدي هكذا على وجهي – يعني غطيت وجهي -. قال: فقال: لا تعد إليها. (6) 161 / 25 – وعنه: عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، قال: قدم بعض أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) فقال لي: لا والله، لا ترى أبا جعفر أبدا.


(1) في ” ط “: فسألهم لم يفعلون. (2) في ” ع، م “: فقال: لانك أكيس الناس أو لانك لاحمق الناس، ما يزال ما بين الرجل منكم في السنين ما قال هذا أحد. (3) الوضع: سرعة السير ” الصحاح – وضع – 3: 1300 “. (4) مدينة المعاجز 328 / 31. (5) في ” م “: كنت أعلمها. (6) الخرائج والجرائح 2: 594 / 5، الصراط المستقيم 2: 183 / 14، مدينة المعاجز: 340 / 60.

[ 233 ]

فأخذت صكا وأشهدت شهودا على الكتاب في غير أيام الحج، ثم إني خرجت إلى المدينة فاستأذنت على أبي جعفر (عليه السلام)، فلما نظر إلي قال: يا أبا بصير، وما فعل الصك ؟ فقلت: جعلت فداك، إن فلانا قال لي: لا والله، لا تراه أبدا. (1) 162 / 26 – وروى الحسن بن معاذ الرضوي، قال: حدثنا لوط بن يحيى الازدي، عن عمارة بن زيد الواقدي، قال: حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، وكان قد حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر (عليهم السلام)، فقال جعفر في بعض كلامه (2): الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا، وأكرمنا به، فنحن صفوة الله على خلقه، وخيرته من عباده، فالسعيد من اتبعنا، والشقي من عادانا وخالفنا، ومن الناس من يقول إنه يتولانا وهو يوالي أعداءنا ومن يليهم من جلسائهم وأصحابهم، فهو لم يسمع كلام ربنا ولم يعمل به. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) فأخبر مسيلمة أخاه بما سمع (3)، فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق، وانصرفنا إلى المدينة، فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه، فأشخصنا، فلما وردنا دمشق حجبنا ثلاثة أيام، ثم أذن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا وإذا هو قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين متسلحين، وقد نصب البرجاس (4) حذاءه، وأشياخ قومه يرمون. فلما دخل أبي وأنا خلفه ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسنا قليلا، فقال لابي: يا أبا جعفر، لو رميت (5) مع أشياخ قومك الغرص. وإنما أراد أن يهتك (6) بأبي


(1) بصائر الدرجات: 268 / 13، مدينة المعاجز: 340 / 61. (2) في ” ع، م “: فقال جعفر بن محمد (عليه السلام). (3) في ” ط “: مسيلمة بن عبد الملك أخاه. (4) غرض في الهواء يرمى به ” لسان العرب – برجس – 6: 26 “. (5) في ” ع، م “: فلما دخلنا وأبي أمامي يقدمني عليه وأنا خلفه على يد أبي حين حاذيناه فنادى أبي: يا محمد، ارم. (6) في ” ط “: يضحك.

[ 234 ]

ظنا منه (1) أنه يقصر ويخطئ ولا يصيب إذا رمى، فيشتفي منه بذلك، فقال له: إني قد كبرت عن الرمي، فإن رأيت أن تعفيني. فقال: وحق من (2) أعزنا بدينه ونبيه محمد (صلى الله عليه واله) لا أعفيك. ثم أومأ إلى شيخ من بني امية أن أعطه قوسك. فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ، ثم تناول منه سهما فوضعه (3) في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى فيه الثانية فشق فوق سهمه إلى نصله، ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم (4) بعضها في جوف بعض، وهشام يضطرب في مجلسه، فلم يتمالك أن قال: أجدت يا أبا جعفر، وأنت أرمى العرب والعجم، كلا زعمت أنك قد كبرت عن الرمي. ثم أدركته ندامة على ما قال. وكان هشام لا يكني أحدا قبل أبي ولا بعده في خلافته، فهم به وأطرق إطراقة يرتأي فيه رأيا، وأبي واقف بحذائه مواجها له، وأنا وراء أبي. فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي فهم به، وكان أبي إذا غضب نظر إلى السماء نظر غضبان يتبين للناظر الغضب في وجهه، فلما نظر هشام ذلك من أبي قال له: يا محمد، اصعد، فصعد أبي إلى سريره وأنا أتبعه، فلما دنا من هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه، ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي، ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له: يا محمد، لا تزال العرب والعجم تسودها قريش ما دام فيهم مثلك، ولله درك، من علمك هذا الرمي ؟ وفي كم تعلمته ؟ فقال له أبي: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه، فتعاطيته أيام حداثتي، ثم تركته، فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت إليه (5). فقال له: ما رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت، وما ظننت أن في الارض أحدا


(1) في ” ع، م “: وظن. (2) في ” ط “: تعفيني فلم يقبل وقال: لا والذي. (3) في ” ط “: فتناولها منه أبي وتناول منه الكنانة فوضع سهما. (4) في ” ط ” زيادة: فصار. (5) في ” ع، م “: فيه.

[ 235 ]

يرمي مثل هذا الرمي، أين رمي جعفر من رميك ؟ فقال: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله على نبيه (عليه السلام) في قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * (1) والارض لا تخلو ممن يكمل (2) هذه الامور التي يقصر عنها غيرنا. قال: فلما سمع ذلك من أبي انقلبت عينه اليمنى فاحولت واحمر وجهه، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة، ثم رفع رأسه فقال لابي: ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي: نحن كذلك، ولكن الله (جل ثناؤه) اختصنا من مكنون سره وخالص علمه، بما لم يختص أحدا به غيرنا. فقال: أليس الله (جل ثناؤه) بعث محمدا (صلى الله عليه واله) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة، أبيضها وأسودها وأحمرها، من أين ورثتم ما ليس لغيركم ؟ ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة، وذلك قول الله (تبارك وتعالى): * (ولله ميراث السموات والارض) * (3) إلى آخر الآية، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء ؟ فقال: من قوله (تعالى) لنبيه (عليه السلام): * (لا تحرك به لسانك لتعجل به) * (4) فالذي أبداه فهو للناس كافة، والذي لم يحرك به لسانه، أمر الله (تعالى) أن يخصنا به من دون غيرنا. فلذلك كان يناجي أخاه عليا من دون أصحابه، وأنزل الله بذلك قرآنا في قوله (تعالى): * (وتعيها أذن واعية) * (5) فقال رسول الله لاصحابه: سألت الله (تعالى) أن يجعلها اذنك يا علي، فلذلك قال علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة: علمني رسول الله (صلى الله عليه واله) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب، خصه به رسول


(1) المائدة 5: 3. (2) في ” ط “: يعني ورضيت لكم الاسلام دينا فالارض ممن يكمل دينه لا تخلو، فكان ذلك علامة، وفي ” م “: والارض لا تخلو ممن يكمل وجهه، وكان ذلك علامة. (3) آل عمران 3: 180، الحديد 57: 10. (4) القيامة 75: 16. (5) الحاقة 69: 12.

[ 236 ]

الله (صلى الله عليه واله) من مكنون علمه ما خصه الله به، فصار إلينا وتوارثناه من دون قومنا. فقال له هشام: إن عليا كان يدعي علم الغيب، والله لم يطلع على غيبه أحدا فمن أين ادعى ذلك ؟ فقال أبي: إن الله (جل ذكره) أنزل على نبيه كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، في قوله: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) * (1). وفي قوله: * (كل شئ أحصيناه في إمام مبين) * (2). وفي قوله: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (3). وفي قوله: * (وما من غائبة في السماء والارض إلا في كتاب مبين) * (4). وأوحى الله (تعالى) إلى نبيه (عليه السلام) أن لا يبقي في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده، ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه، وقال لاصحابه: حرام على أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي، فإنه مني وأنا منه، له مالي وعليه ما علي، وهو قاضي ديني ومنجز موعدي. ثم قال لاصحابه: علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت (5) على تنزيله. ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي (عليه السلام)، ولذلك قال رسول الله لاصحابه: أقضاكم علي، أي هو قاضيكم. وقال عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر. أفيشهد (6) له عمر ويجحد غيره ؟ !


(1) النحل 16: 89، وفي ” م، ط، ع “: (هدى وموعظة للمتقين). (2) يس 36: 12. (3) الانعام 6: 38. (4) النمل 27: 75. (5) في ” م “: قاتل. (6) في ” ع، م “: يشهد.

[ 237 ]

فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال: سل حاجتك. فقال: خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي. فقال: قد آمن الله وحشتهم برجوعك إليهم ولا تقم أكثر من يومك. فاعتنقه أبي ودعا له وودعه، وفعلت أنا كفعل أبي، ثم نهض ونهضت معه. وخرجنا إلى بابه وإذا ميدان ببابه، وفي آخر الميدان أناس قعود عدد كثير، قال أبي: من هؤلاء ؟ قال الحجاب: هؤلاء القسيسون والرهبان، وهذا عالم لهم، يقعد لهم في كل سنة يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم. فلف أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه، وفعلت أنا مثل فعل أبي، فأقبل نحوهم حتى قعد عندهم (1)، وقعدت وراء أبي، ورفع ذلك الخبر إلى هشام، فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي، فأقبل وأقبل عدد من المسلمين فأحاطوا بنا، وأقبل عالم النصارى وقد شد حاجبيه بحريرة (2) صفراء حتى توسطنا، فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه، فجاء إلى صدر المجلس فقعد فيه، وأحاط به أصحابه، وأبي وأنا بينهم، فأدار نظره ثم قال لابي: أمنا أم من هذه الامة المرحومة ؟ فقال أبي: بل من هذه الامة المرحومة. فقال: أمن علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي: لست من جهالها ؟ فاضطرب اضطرابا شديدا، ثم قال له: أسألك. فقال له أبي: سل. فقال: من أين أدعيتم أن أهل الجنة يأكلون (3) ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون ؟ وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي: دليل ما ندعي من شاهد لا يجهل (4) الجنين في بطن امه يطعم ولا يحدث. قال: فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا ثم قال: كلا، زعمت أنك لست من علمائها ! فقال له أبي: ولا من جهالها، وأصحاب هشام يسمعون ذلك.


(1) في ” ع، م “: نحوهم. (2) في ” ط “: بعصابة. (3) في ” ع ” وامان الاخطار وفي ” م “: نسخة بدل زيادة: يطعمون. (4) في ” ط “: قال أبي: الدليل الذي لا ينكر مشاهدة.

[ 238 ]

فقال لابي: أسألك عن مسألة اخرى. فقال له أبي سل. فقال: من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية موجودة غير معدومة عند جميع أهل الجنة، لا تنقطع، وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي: دليل ما ندعي أن ترابنا (1) أبدا غض طري موجود غير معدوم عند جميع أهل الدنيا (2) لا ينقطع. فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا، ثم قال: كلا، زعمت أنك لست من علمائها ! فقال له أبي: ولا من جهالها. فقال: أسألك عن مسألة. فقال له: سل. قال: أخبرني عن ساعة من ساعات الدنيا ليست من ساعات الليل ولا من ساعات النهار. فقال له أبي: هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يهدأ فيها المبتلى، ويرقد فيها الساهر، ويفيق المغمى عليه، جعلها الله في الدنيا رغبة للراغبين، وفي الآخرة للعاملين لها، ودليلا واضحا وحجابا بالغا على الجاحدين المنكرين التاركين لها. قال: فصاح النصراني صيحة، ثم قال: بقيت مسألة واحدة، والله لاسألنك عنها، ولا تهتدي إلى الجواب عنها أبدا. فاسألك ؟ فقال له أبي: سل فإنك حانث في يمينك. فقال: أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد، وماتا في يوم واحد، عمر أحدهما خمسون ومائة سنة، والآخر خمسون سنة في دار الدنيا. فقال له أبي: ذلك عزير وعزرة، ولدا في يوم واحد، فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاما، مر عزير وهو راكب على حماره بقرية بأنطاكية وهي خاوية على عروشها، فقال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ ! وقد كان الله اصطفاه وهداه، فلما قال ذلك القول غضب الله عليه فأماته مائة عام سخطا عليه بما قال.


(1) في ” ط “: الفرات، وفي ” ع، م “: قرآننا. وما أثبتناه من أمان الاخطار والبحار. (2) في ” ع، م “: جميع المسلمين، وما أثبتناه من أمان الاخطار والبحار.

[ 239 ]

ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه وشرابه، فعاد إلى داره وعزرة أخوه لا يعرفه، فاستضافه فأضافه، وبعث إلى ولد عزرة وولد ولده (1) وقد شاخوا، وعزير شاب في سن ابن خمس وعشرين سنة، فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا، وهم يذكرون ما يذكرهم (2)، ويقولون: ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون والشهور (3) ؟ ! ويقول له عزرة وهو شيخ ابن مائة وخمس وعشرين سنة: ما رأيت شابا في سن خمس وعشرين سنة أعلم بما كان بيني وبين أخي عزير أيام شبابي منك، فمن أهل السماء أنت أم من أهل الارض ؟ فقال عزير لاخيه عزرة: أنا عزير، سخط الله علي بقول قلته بعد أن اصطفاني وهداني، فأماتني مائة سنة، ثم بعثني لتزدادوا بذلك يقينا أن الله على كل شئ قدير، وها هو حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم، أعاده الله لي كما كان، فعندها أيقنوا (4)، فأعاشه الله بينهم خمسا وعشرين سنة ثم قبضه الله وأخاه في يوم واحد. فنهض عالم النصارى عند ذلك قائما، وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم: جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى يهتكني ويفضحني، وأعلم المسلمين أن لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا، لا والله لا أكلمكم من رأسي كلمة، ولا قعدت لكم إن عشت سنة. فتفرقوا وأبي قاعد مكانه وأنا معه، ورفع ذلك في الخبر إلى هشام بن عبد الملك، فلما تفرق الناس نهض أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه، فوافانا (5) رسول هشام بالجائزة، وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نحتبس، لان الناس ماجوا وخاضوا فيما جرى بين أبي وبين عالم النصارى.


(1) في ” ط “: وبعث إلى أولاده وأحفاده. (2) في ” م، ط “: يذكره. (3) (ويقولون… الشهور) ليس في ” ط “. (4) في ” ط “: كان بقدرته. (5) في ” م “: فإذا.

[ 240 ]

فركبنا دوابنا منصرفين، وقد سبقنا بريد من عند هشام إلى عامل مدين (1) على طريقنا إلى المدينة (2): ” إن ابني أبي تراب الساحرين (3) محمد بن علي وجعفر بن محمد الكذابين – بل هو الكذاب (لعنه الله) – فيما يظهران من الاسلام وردا علي، فلما صرفتهما إلى المدينة مالا إلى القسيسين والرهبان من كفار النصارى (4)، وتقربا إليهم بالنصرانية، فكرهت أن انكل بهما لقرابتهما، فإذا قرأت كتابي هذا فناد (5) في الناس: برئت الذمة ممن يشاريهما، أو يبايعهما، أو يصافحهما، أو يسلم عليهما، فإنهما قد ارتدا عن الاسلام، ورأى أمير المؤمنين أن تقتلهما ودوابهما وغلمانهما ومن معهما شر قتلة “. قال: فورد البريد إلى مدين، فلما شارفنا مدينة مدين قدم أبي غلمانه ليرتادوا له منزلا ويشتروا لدوابنا علفا، ولنا طعاما. فلما قرب غلماننا من باب المدينة أغلقوا الباب في وجوهنا وشتمونا، وذكروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، وقالوا: لا نزول لكم عندنا، ولا شراء ولا بيع، يا كفار، يا مشركين، يا مرتدين، يا كذابين، يا شر الخلائق أجمعين. فوقف غلماننا على الباب حتى انتهينا إليهم، فكلمهم أبي ولين لهم القول، وقال لهم: اتقوا الله ولا تغلطوا، فلسنا كما بلغكم ولا نحن كما تقولون، فاسمعونا، فأجابوه بمثل ما أجابوا الغلمان، فقال لهم أبي: فهبنا كما تقولون، افتحوا لنا الباب، وشارونا وبايعونا كما تشارون وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس. فقالوا: أنتم أشر من اليهود والنصارى والمجوس، لان هؤلاء يؤدون الجزية وأنتم ما تؤدون.


(1) مدينة تجاه تبوك بين المدينة والشام ” اثار البلاد: 261 “. (2) في ” ط ” زيادة: يذكر له. (3) في ” ط “: الساحر. (4) في الامان زيادة: وأظهرا لهما دينهما ومرقا من الاسلام إلى الكفر – دين النصارى -. (5) في ” ط “: فإذا مرا بانصرافهما عليكم فليناد.

[ 241 ]

فقال لهم أبي: افتحوا لنا الباب وأنزلونا، وخذوا منا الجزية كما تأخدون منهم. فقالوا: لا نفتح، ولا كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا نياعا (1) وتموت داوبكم تحتكم. فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا. قال: فثنى أبي رجله عن سرجه ثم قال لي: مكانك – يا جعفر – لا تبرح. ثم صعد الجبل المطل على مدينة مدين، وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع، فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وحده، ثم وضع إصبعيه في اذنيه ثم نادى بأعلى صوته: * (وإلى مدين أخاهم شعيبا – إلى قوله (عزوجل) – بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) * (2) نحن والله: بقية الله في أرضه. فأمر الله (تعالى) ريحا سوداء مظلمة، فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في أسماع الرجال والنساء والصبيان (3)، فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إلا صعد السطوح وأبي مشرف عليهم. وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن، فنظر إلى أبي على الجبل، فنادى بأعلى صوته: اتقوا الله يا أهل مدين، فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب (عليه السلام) حين دعا على قومه، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه، جاءكم من الله العذاب وأتى عليكم، وقد أعذر من أنذر. ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا. وكتب العامل (4) بجميع ذلك إلى هشام فارتحلنا في اليوم الثاني، فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطمره (5)، فأخذوه فطمروه (رحمة الله عليه). وكتب إلى عامل مدينة الرسول أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب، فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي شئ من ذلك. (6) 163 / 27 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس


(1) النائع: العطشان، والمتمايل جوعا. ” المعجم الوسيط 2: 963 “. (2) هود 11: 84 – 86. (3) في ” ط ” زيادة: والاماء. (4) (العامل) ليس في ” ع، م “. (5) أي يدفنه، انظر ” القاموس المحيط – طمر – 2: 81 “. (6) نوادر المعجزات: 127 / 1، الامان من الاخطار: 66، البحار 46: 306 / 1، مدينة المعاجز: 332 / 44.

[ 242 ]

أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، عن يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: مررت بعبدالله بن الحسن بن الحسن فلما رآني سبني وسب الباقر (عليه السلام)، فجئت إلى أبي جعفر (عليه السلام) فلما بصرني قال: يا جابر – متبسما – مررت بعبدالله بن الحسن فسبك وسبني. قال: قلت: نعم يا سيدي، فدعوت الله عليه. فقال لي: أول داخل يدخل عليك هو. فإذا هو قد دخل، فلما جلس قال له الباقر (عليه السلام): ما جاء بك يا عبد الله ؟ قال: أنت الذي تدعي ما تدعي. قال له الباقر (عليه السلام): ويلك، قد أكثرت فقال: يا جابر. قلت: لبيك. قال: احفر في الدار حفيرة، قال: فحفرت، ثم قال: ائتني بحطب فألقه فيها. قال: ففعلت، ثم قال: اضرمه نارا. ففعلت، ثم قال: يا عبد الله بن الحسن، قم فادخلها واخرج منها إن كنت صادقا. قال عبد الله: قم فادخل أنت قبلي. فقام أبو جعفر (عليه السلام) ودخلها، حتى لم يزل يدوسها برجل، ويدور فيها حتى جعلها رمادا رمددا (1) ثم خرج فجاء وجلس، وجعل يمسح العرق والعرق ينضح (2) من وجهه. ثم قال: قم قبحك الله، فما أقرب ما يحل بك كما حل بمروان بن الحكم وبولده ! (3) 164 / 28 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن فروخ، عن عبد الله بن الحجال، عن ثعلبة، عن أبي حازم يزيد غلام


(1) الرماد الرمدد: المتناهي في الاحتراق والدقة ” لسان العرب – رمد – 3: 185 “. (2) في ” ط “: ينضج منه فيمسحه. (3) إثبات الهداة 5: 319 / 87، مدينة المعاجز: 340 / 62.

[ 243 ]

عبد الرحمن، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) بالمدينة فنظر إلى دار هشام بن عبد الملك التي بناها بأحجار الزيت، فقال: أما والله لتهدمن، أما والله لتندر (1) أحجار الزيت (2)، أما والله إنه لموضع النفس الزكية. فسمعت هذا منه وتعجبت، وقلت: من يهدم هذه الدار وهشام بناها، وهو أمير المؤمنين ! ورأت عيني حيث مات هشام بعث الوليد بن يزيد فهدمها، ونقلها حتى ندرت أحجار الزيت. (3).


(1) ندر الشئ: سقط (لسان العرب – ندر – 5: 199). (2) موضع بالمدينة داخلها (معجم البلدان 1: 109). (3) كشف الغمة 2: 137، مدينة المعاجز: 340 / 63. (*)

[ 245 ]

أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد (عليه السلام) بالمدينة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة (1). وأقام مع جده علي بن الحسين اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة، وعاش بعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة. (2) وكانت مدة إمامته ملك (3) إبراهيم بن الوليد، وملك مروان بن محمد الحمار، ثم سارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم سنة ثلاثين ومائة، وملك أبي العباس السفاح أربع سنين وأربعة أشهر، وأيام ملك أخيه أبي (4) عبد الله المعروف بأبي جعفر


(1) تاريخ الائمة: 10، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، روضة الواعظين: 212، وروي أيضا سنة (80 ه‍) انظر: تاريخ مواليد الائمة: 185، كشف الغمة 2: 155. (2) إعلام الورى: 272، مناقب ابن شهر آشوب 4: 280، وروي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر تاريخ الائمة: 11، تاريخ مواليد الائمة: 186. (3) ذكر في إعلام الورى: 272 وتاج المواليد: 119 و 120 قبل إبراهيم بن الوليد: بقية ملك هشام بن عبد الملك، وملك الوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد، وهو الصواب لان إمامته (عليه السلام) بدأت سنة 114 ه‍ وامتد ملك هشام بين (105 – 125 ه‍). (4) في ” ط “: السفاح سنة اثنتين وثلاثين وذلك أربع سنين وأربعة أشهر، ثم ملك أخيه.

[ 246 ]

المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما (1). وبعد ما مضت عشر سنين من ملكه، قبض ولي الله جعفر بن محمد في شوال (2) سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة، سمه المنصور فقتله (3). ومضى وقد كمل عمره خمسا وستين سنة (4). وروى أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله (5) أنه قبض وهو ابن ثمان وستين سنة. (6) ويروى سبع وستين، والاول أصح، لانني نقلته من أصل لابي علي محمد ابن همام (7) (رحمه الله). ودفن بالبقيع مع جده وأبيه (8). وبوابه: المفضل بن عمر (9). نسبه جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم.


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 280. (2) وقيل في النصف من رجب، انظر مناقب ابن شهر آشوب 4: 280، إعلام الورى: 271، مصباح الكفعمي: 523، تاج المواليد: 120. (3) مناقب ابن شهر آشوب 4: 280. (4) تاريخ الائمة: 10، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، روضة الواعظين: 212. (5) ترجم له النجاشي في رجاله: 441 ووصفه بالعالم الفاضل الصدوق، وذكر له كتابا في نسبة آل أبي طالب. (6) تاريخ مواليد الائمة: 185، كشف الغمة 2: 161. (7) قال النجاشي في رجاله: 379: شيخ أصحابنا ومتقدمهم، له منزلة عظيمة… له كتاب الانوار في تاريخ الائمة (عليه السلام). (8) تاريخ الائمة، 31، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، تاج المواليد: 120، تاريخ مواليد الائمة: 187. (9) تاريخ الائمة: 33، نور الابصار: 294، والذي في مناقب ابن شهر آشوب 4: 280: محمد بن سنان.

[ 247 ]

ويكنى: أبا عبد الله (1). ولقبه: الصادق، والعاطر، والطاهر (2). وإليه تنسب الجعافرة (3)، والشيعة الجعفرية (4). نقش خاتمه (عليه السلام) وكان له خاتم نقشه: الله ربي، عصمني من خلقه (5). ذكر ولده إسماعيل، وموسى الامام (عليه السلام)، ومحمد، وعلي، و عبد الله، وإسحاق، وإبنه اسمها ام فروة، وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن علي (عليه السلام) (6).


(1) ويكنى (عليه السلام) أيضا بأبي إسماعيل وأبي موسى. انظر: تاريخ مواليد الائمة: 188، مناقب ابن شهر آشوب 4: 281، كشف الغمة 2: 155. (2) ويلقب (عليه السلام) أيضا بالفاضل والقائم والكافل والمنجي والصابر. انظر: تاريخ مواليد الائمة: 187، مناقب ابن شهر آشوب 4: 281، كشف الغمة 2: 155. (3) في ” ع، م “: الجعافير. (4) (الجعفرية) ليس في ” ع، م “. (5) العدد القوية: 148 / 65، وفيه: ربي عصمني من خلقه: وقيل: أنت ثقتي فاعصمني من خلقك، وقيل: الله عوني وعصمتي من الناس. (6) زيد في بعض المصادر: العباس ويحيى وأسماء وفاطمة وفاطمة الصغرى. انظر الارشاد: 284، مناقب ابن شهر آشوب 4: 280، كشف الغمة 2: 161.

[ 248 ]

وامه: فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وتكنى ام فروة وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (1). وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال: إذا ولد جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين ابني فسموه (الصادق) (2) فإنه يولد من ولد إبنه ولد يقال له (جعفر الكذاب) ويل له من جرأته على الله وتعديه على أخيه صاحب الحق، وإمام زمانه وأهل بيتي (3). فلاجل ذلك سمي الصادق (4). ذكر معجزاته (عليه السلام) 165 / 1 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: قال لي عبد الله بن بشر: سمعت الاحوص (5) يقول: كنت مع الصادق (عليه السلام) إذ سأله قوم عن كأس الملكوت، فرأيته وقد تحدر نورا، ثم علا حتى أنزل تلك (6) الكأس فأدارها على أصحابه، وهي كأس مثل البيت الاعظم (7)، أخف من الريش، من نور محضور (8)، مملوء شرابا. ثم قال (عليه السلام) (9): لو علمتم بنور الله لعاينتم هذا في الآخرة. (10) 166 / 2 – قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان، عن وكيع، عن الاعمش، عن قيس ابن خالد، قال: رأيت الصادق (عليه السلام) وقد رفع منارة النبي (صلى الله عليه واله) بيده


(1) تاريخ الائمة: 25، الكافي 1: 393، الارشاد: 271. (2) في ” ط “: بالصادق. (3) (وأهل بيتي) ليس في ” ط “. (4) الهداية الكبرى: 248، مناقب ابن شهر آشوب 4: 272. (5) في ” ع، م “: الاخوص. (6) في ” ع، م “: ذلك. (7) في ” ط “: العظيم. (8) في ” ط “: محصور، وفي ” م “: محفور. (9) في ” ع، م “: فقال لي. (10) نوادر المعجزات: 136 / 1، مدينة المعاجز: 356 / 4.

[ 249 ]

اليسرى، وحيطان القبر بيده اليمنى، ثم بلغ بهما عنان السماء ثم قال (عليه السلام): أنا جعفر، أنا النهر الاغور (1)، أنا صاحب الآيات الاقمر (2)، أنا ابن شبير وشبر. (3) 167 / 3 – قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: رأيت الصادق (عليه السلام) وقد جئ إليه بسمك مملوح، فمسح يده على سمكة فمشت بين يديه، ثم ضرب بيده إلى الارض فإذا دجلة والفرات تحت قدميه، ثم أرانا سفن البحر، ثم أرانا مطلع الشمس ومغربها في أسرع من لمح البصر (4). 168 / 4 – قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن عبد الله بن قيس، عن أبي مناقب (5) الصدوحي، قال: رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) وقد سئل عن مسألة، فغضب حتى امتلا منه مسجد الرسول (صلى الله عليه واله) وبلغ افق السماء، وهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة، فلما هدأ، هدأت لهدوئه، فقال (عليه السلام): لو شئت لقلبتها (6) على من عليها، ولكن رحمة الله وسعت كل شئ (7). 169 / 5 – قال أبو جعفر: وحدثنا عبد الله، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: قلت للصادق (عليه السلام): أتقدر أن تمسك الشمس بيدك ؟ فقال (عليه السلام): لو شئت لحجبتها عنك. فقلت: افعل. قال: فرأيته وقد جرها كما تجر الدابة بعنانها، فاسودت وانكسفت (8)، وذلك بعين أهل المدينة كلهم حتى ردها (9). 170 / 6 – قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش،


(1) في ” ط “: الازخر، والاغور: العميق، والازخر: الممتلئ. (2) أي الابيض. (3) نوادر المعجزات: 137 / 2، إثبات الهداة 5: 453 / 227، مدينة المعاجز: 356 / 5. (4) نوادر المعجزات: 137 / 3، إثبات الهداة 5: 453 / 228، مدينة المعاجز: 357 / 6. (5) في ” ط “: أبي قباقب، وفي ” ع “: أبي قناقب. (6) في ” ع، م “: قلبتها. (7) نوادر المعجزات: 138 / 4، إثبات الهداة 5: 453 / 229، مدينة المعاجز: 357 / 7. (8) في ” ط “: وانكشفت. (9) نوادر المعجزات: 138 / 5، إثبات الهداة 5: 453 / 230، مدينة المعاجز: 357 / 8.

[ 250 ]

عن إبراهيم بن وهب، قال: أوتي أبو عبد الله بشاة عجفاء (1) حائل (2)، فمسح ضرعها فدرت لبنا واستوت (3). 171 / 7 – قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الاعمش، عن قبيصة بن وائل، قال: كنت مع الصادق (عليه السلام) حتى غاب، ثم رجع ومعه عذق من الرطب، وقال: كانت رجلي اليمنى على كتف (4) جبرئيل، واليسرى على كتف ميكائيل، حتى لحقت بالنبي (5) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي وأبي (عليهم السلام) فحبوني (6) بهذا لي ولشيعتي (7). 172 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: حدثني عمارة، عن ابن سعد، قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) وقد أظلتنا هاجرة صعبة، فاظهر لنا ثلجا وعسلا ونهرا يجري في داره بالمدينة من غير حفر حيث (8) لا ثلج ولا عسل ولا ماء جاريا. (9) 173 / 9 – قال أبو جعفر: وحدثنا أحمد بن منصور الرمادي (10)، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا مهلب بن قيس، قال: قلت للصادق (عليه السلام): بأي شئ يعرف العبد إمامه ؟ قال: أن يفعل كذا. ووضع يده على حائط، فإذا الحائط ذهب، ثم وضع يده


(1) العجفاء: المهزولة. (2) الحائل: التي لا تلد من الاناث. (3) نوادر المعجزات: 139 / 6، إثبات الهداة 5: 454 / 231، مدينة المعاجز: 357 / 9. وهذا الحديث ساقط من ” ع “. (4) في ” ط “: كف، وكذا في الموضع الآتي. (5) في ” ط “: ميكائيل، فصرت إلى النبي. (6) حباه: أعطاه. (7) في ” ع، م “: فحبوني لتطعم أوليائي وشيعتي. نوادر المعجزات: 139 / 7، إثبات الهداة 5: 454 / 232، مدينة المعاجز: 357 / 10. (8) في ” ع، م “: داره في غير حفر وذلك بالمدينة حيث. (9) نوادر المعجزات: 140 / 8، إثبات الهداة 5: 454 / 233، مدينة المعاجز: 357 / 11. (10) في ” ط “: الرشادي.

[ 251 ]

على اسطوانة فأورقت من ساعتها (1)، ثم قال: بهذا يعرف الامام. (2) 174 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا الليث بن إبراهيم، قال: صحبت جعفر بن محمد (عليه السلام) حتى أتى الغري في ليلة من المدينة، وأتى الكوفة ثم رأيته مشى على الماء، وعاد إلى المدينة ولم ينقض (3) من الليلة شئ (4). 175 / 11 – وروى عبد الله بن حماد، عن أبي بصير وداود الرقي ومعاوية بن عمار و عبد الله بن سنان، جميعا قالوا: كنا بالمدينة حين بعث داود بن علي إلى المعلى بن خنيس (رضي الله عنه) فقتله، فجلس عنه أبو عبد الله (عليه السلام) شهرا لم يأته، فبعث إليه ودعاه، فأبى أن يأتيه، فبعث إليه عشرة نفر من الحرس وقال لهم: ائتوني به، فإن أبى فاتوني برأسه. فدخلوا عليه وهو يصلي، ونحن معه، صلاة الزوال، فقالوا له: أجب الامير داود ابن علي. فأبى، فقالوا: إن لم تجب قتلناك. فقال: ما أظنكم تقتلون ابن رسول الله. فقالوا: ما ندري ما تقول، وما نعرف إلا الطاعة. قال: انصرفوا فإنه خير لكم. قالوا: لا نرجع إليه إلا بما امرنا. فلما علم أن القوم لا ينصرفون إلا بما امروا به رأيناه وقد رفع يديه إلى السماء ثم وضعهما على منكبيه، ثم بسطهما، ثم دعا مشيرا بسبابته، فسمعنا: الساعة الساعة. حيت سمعنا صراخا عاليا فقالوا: قم. فقال: إن (5) صاحبكم قد مات، وهذا الصراخ عليه. فانصرفوا والناس قد


(1) في ” ط “: الاسطوانة فأورقت لساعتها. (2) نوادر المعجزات: 140 / 9، إثبات الهداة 5: 454 / 234، مدينة المعاجز: 357 / 12. (3) في ” ع، م “: ينقص. (4) نوادر المعجزات: 141 / 10، إثبات الهداة 5: 454 / 235، مدينة المعاجز: 357 / 13. (5) في ” ط “: صراخا بالمدينة عاليا فقال لهم: انصرفوا فإن.

[ 252 ]

حضروه، فقالوا: انشقت مثانته فمات. قال أبو عبد الله (عليه السلام): دعوت الله باسمه الاعظم وابتهلت إليه، فبعث إليه [ ملكا ] (1) فطعنه بحربة في مذاكيره فكفانا شره. قالوا: فقلنا: ما الابتهال ؟ قال: رفع اليدين إلى جنب المنكبين. قلنا: والبصبصة ؟ فقال: رفع الاصبع وتحريكها يعني السبابة. (2) 176 / 12 – وروى أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم، المعروف بابن الطبال اليشكري (3) الخزاز، – قال: مولدي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وتوفي في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، – من حفظه، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن معروف الهلالي، وكان ينزل في عبد القيس، وهو الخزاز، وكان قد أتى عليه من السنين مائة وثمان وعشرون سنة. قال: مضيت إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) إلى الحيرة ثلاثة أيام فما قدرت عليه من كثرة الناس، فحيث كان اليوم الرابع أدناني ومضى إلى قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فمضيت معه فحيث (4) صار في بعض الطريق غمزه (5) البول، فاعتزل عن الجادة فبال، ثم نبش الرمل، فخرج له ماء فتطهر للصلاة، وقام فصلى ركعتين، ودعا ربه. وكان من دعائه: اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق، ولا ممن تخلف فمحق،


(1) من البصائر. (2) نحوه في بصائر الدرجات: 237 / 2، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 230، مدينة المعاجز: 358. (3) كذا في ” ع، م ” وفرحة الغري، وفي ” ط “: البكري، وفي رجال الطوسي: 481، القشيري، وقال: روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وذكر أنه سمع منه أحاديث محمد بن معروف الهلالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (4) أي فحين، انظر ” لسان العرب – حيث – 2: 141 و – حين – 13: 135 “. (5) في ” ط “: وهو بالحيرة فما استطعت ان اصل إليه من كثرة الزحام ثلاثة أيام، ثم ساپرته فغمزه.

[ 253 ]

واجعلني من النمط الاوسط. وقال لي [ يا ] (1) غلام: لا تحدث بما رأيت. وقال (عليه السلام): ليس للبحر جار، ولا للملك صديق، ولا للعافية ثمن، وكم من نائم و [ هو ] (2) لا يعلم [ ما يلقى ] (3). 177 / 13 – حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن محمد الازدي عن ثمامة بن أشرس، عن محمد بن راشد، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا بن رسول الله، إن حكيم بن عباس الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم. فقال: هل علقت (4) منه بشئ ؟ قال: بلى. فأنشده: صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم نر مهديا على الجذع يصلب وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة، فقال: اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبا من كلابك. قال (5): فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (6)، فلقيه الاسد فأكله، فجاءوا بالبشير لابي عبد الله (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله) فأخبره بذلك فخر لله ساجدا، وقال: الحمد لله الذي صدقنا وعده. (7) 178 / 14 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: أخبرني أبي، قال:


(1 – 3) أثبتناه من فرحة الغري. الثاقب في المناقب: 158 / 147، مناقب ابن شهر آشوب 4: 238، فرحة الغري: 59، مدينة المعاجز: 365 / 31. (4) أي تعلمت، انظر ” لسان العرب – علق – 10: 270 “. (5) في ” ع، م “: عليه كلبك. (6) أي سار آخر الليل، أو الليل كله، انظر ” لسان العرب – دلج – 2: 272 “. (7) نوادر المعجزات: 142 / 11، مدينة المعاجز: 391 / 111، ونحوه في مناقب ابن شهر آشوب 4: 234، وكشف الغمة 2: 203.

[ 254 ]

أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الاشعري، عن أبي كهمس، قال: كنت بالمدينة نازلا في دار وفيها وصيفة تعجبني، فانصرفت ليلة ممسيا، فاستفتحت الباب، ففتحت لي، فمددت يدي إلى ثدييها فقبضت عليهما. فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبا كهمس، تب إلى الله (عزوجل) مما صنعت البارحة. (1) 179 / 15 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد ابن عبد الله، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن مهزم، قال: كنا نزولا بالمدينة، وكانت جارية لصاحب الدار تعجبني، وإني أتيت الباب فاستفتحت، ففتحت الجارية، فغمزت يديها (2). فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا مهزم، أين كان أقصى أثرك (3) اليوم ؟ فقلت: ما برحت المسجد. فقال: أو ما تعلم أن أمرنا لا ينال إلا بالورع ؟ ! (4) 180 / 16 – وروى محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن إبراهيم بن مهزم، قال: خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسيا، فأتيت منزلي بالمدينة، وكانت امي معي، فوقع بيني وبينها


(1) بصائر الدرجات: 262 / 1، عيون المعجزات: 87، الخرائج والجرائح 2: 728 / 32، الثاقب في المناقب: 414 / 350. (2) في ” ط “: ثديها. (3) في ” ع، م “: يا مهزم لئن كان أقضى أمرك. (4) بصائر الدرجات: 263 / 2، إعلام الورى: 275، الخرائج والجرائح 2: 728 / 33، مناقب ابن شهر آشوب 4: 226، الثاقب في المناقب: 413 / 348، مدينة المعاجز: 375 / 47.

[ 255 ]

كلام، فأغلظت عليها. فلما أن كان من الغد صليت الغداة، وأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لي مبتدئا: يا بن مهزم، مالك وللوالدة أغلظت لها البارحة ؟ ! أوما علمت أن بطنها منزلا قد سكنته، وأن حجرها مهدا قد مهدته، فدر ثديها وعاء قد شربته ؟ ! قلت: نعم. قال: فلا تغلظ لها. (1) 181 / 17 – وروى الحسين، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن مهاجر بن عثمان الخولاني، قال: بعثني أبو جعفر (2) إلى المدينة، وبعث معي مالا كثيرا وأمرني أن أتفرغ لاهل هذا البيت، وأتحفظ مواليهم، فلزمت الزاوية التي تلي المنبر، ولم أكن أتنحى عنها وقت كل صلاة، لا في ليل ولا نهار، واقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم، وإلى من هو فوقهم الشئ [ بعد الشئ ] (3)، حتى ناولت شبابا من (4) بني الحسن ومشيخة القوم حتى ألفوني وألفتهم في السر. قال: وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني، حتى إذا كان يوما من الايام بعد ما نلت حاجتي ممن كنت اريد من بني الحسن وغيرهم، دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي، فلما قضى صلاته التفت إلي فقال: يا مهاجر ! – ولم أكن أتسمى باسمي ولا اتكنى بكنيتي – فقال: قل لصاحبك: يقول جعفر بن محمد: كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى شباب محوجين مغمومين، فتدس إليهم، لعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه، فلو وصلتهم وتوليتهم وأنلتهم وأغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم. قال: فلما أتيت أبا جعفر قلت له: جئتك من عند ساحر، كان من أمره كذا وكذا.


(1) بصائر الدرجات: 263 / 3، الخرائج والجرائح 2: 729 / 34، مدينة المعاجز: 375 / 48. (2) أي أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي. (3) أثبتناه من الخرائج. (4) في ” ط “: حتى التفت إلي إنسان من.

[ 256 ]

قال: صدق والله، لقد كانوا إلى غير هذا أحوج، وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (1). 182 / 18 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن علي، عن علي، عن إسماعيل ابن زيد (2) عن شعيب بن ميثم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا شعيب، ما أحسن بالرجل يموت وهو لنا ولي، ويوالي ولينا ويعادي عدونا. قلت: والله، إني لاعلم أن من مات على هذا أنه لعلى حال حسنة. قال: يا شعيب، أحسن إلى نفسك، وصل قرابتك، وتعاهد إخوانك، ولا تستبدل بالشئ تقول: أدخر لنفسي وعيالي، إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم. قلت في نفسي: نعى إلي والله نفسي. قال إسماعيل: فرجع شعيب بن ميثم، فما لبث إلا شهرا حتى مات (3). 183 / 19 – وعنه، قال: أخبرني أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ما فعل أبو حمزة الثمالي ؟ قلت: خلفته صالحا. قال: إذا رجعت فأقرئه السلام، وأعلمه أنه يموت في شهر كذا، وفي يوم كذا. قال أبو بصير: جعلت فداك، والله لقد كان فيه انس، وكان لكم شيعة. قال: صدقت، ما عند الله خير له. قلت: شيعتكم معكم ؟ قال: إذا هو خاف الله، وراقب الله، وتوقى الذنوب، فإذا فعل ذلك كان له درجتنا. قال: فرجعت تلك السنة، فما لبث أبو حمزة إلا يسيرا حتى توفي (رحمه الله) (4).


(1) الخرائج والجرائح 2: 646 / 55. (2) في ” ع “: يزيد، ولعل ما في المتن هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 3: 135. (3) مناقب ابن شهر آشوب 4: 223، مدينة المعاجز: 392 / 112. (4) بصائر الدرجات: 283 / 6، الهداية الكبرى: 253، مناقب ابن شهر آشوب 4: 222، الثاقب في المناقب: 411 / 344، كشف الغمة 2: 190، مدينة المعاجز: 392 / 113.

[ 257 ]

184 / 20 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسين بن أبي العلاء وأبي المغرا، جميعا عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجرى ذكر المعلى بن خنيس، قال: يا بني، اكتم ما أقول لك في المعلى. قلت: أفعل. قال: إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال داود بن علي منه. قلت: وما الذي ينال دواد بن علي منه ؟ قال: يدعو به – (لعنه الله) – ويأمر به فيضرب عنقه، ويصلبه. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال: ذلك في قابل. فلما كان في قابل ولي (1) المدينة، فقصد [ قتل ] (2) المعلى، فدعاه وسأله عن شيعة أبي عبد الله أن يكتبهم له، قال: ما أعرف من أصحابه أحدا، وإنما أنا رجل (3) اختلف في حوائجه وما يتوجه إلي، ولست أعرف له صاحبا. قال: أما إنك إن كتمتني قتلتك. قال: بالقتل تهددني ! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم لك، ولئن قتلتني ليسعدني الله إن شاء الله ويشقيك الله. قال: فقتله. (4) 185 / 21 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن صندل، عن سورة (5) بن كليب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا سورة، كيف حججت العام ؟ قال: قلت: استقرضت حجتي، والله إني لاعلم أن الله (تعالى) سيقضيها عني، وما


(1) أي داود بن علي. وفي ” ط “: جاء والي. (2) أثبتناه من الخرائج. (2) في ” ط ” زيادة: واحد. (4) الهداية الكبرى: 253، رجال الكشي: 381 / 713، الخرائج والجرائح 2: 647 / 57، مناقب ابن شهر آشوب 4: 225، فرج المهموم: 229. (5) في ” ط “: سودة، وكذا في باقي الموارد.

[ 258 ]

كان أعظم حجتي إلا شوقا إليك، بعد المغفرة، وإلى حديثك. قال: أما حجتك فقد قضاها الله من عندي. ثم رفع مصلى تحته، فأخرج دنانير، وعد عشرين دينارا، وقال: هذه حجتك. وعد عشرين دينارا، وقال: هذه معونة لك، تكفيك حتى تموت. قلت: جعلت فداك، أخبرني، إن أجلي قد دنا ؟ قال: يا سورة، أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان ؟ ! قلت: نعم. قال صندل: فما لبث إلا بقية الشهر حتى مات. (1) 186 / 22 – وعنه – قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد الحميد، قال: كان صديقا لمحمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وأخذه أبو جعفر فحبسه زمانا في المطبق (2). فحج، فلما كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله (عليه السلام) في الموقف، فقال: يا محمد، ما فعل صديقك عبد الحميد ؟ قال: حبسه أبو جعفر في المطبق منذ زمان. فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فدعا ساعة ثم التفت إلي وقال: يا محمد، قد والله خلي سبيل صاحبك. قال محمد: فسألت عبد الحميد: أي ساعة أخرجك أبو جعفر ؟ قال: أخرجني يوم عرفة بعد العصر. (3) 187 / 23 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان وأبي سعيد المكاري وغير واحد من أصحابنا، عن عبد الاعلى بن أعين، قال: قال مرازم: بعثني أبو جعفر الخليفة، وهو معي، إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وهو بالحيرة، ليقتله، فدخلنا عليه في رواقه ليلا، فنلنا منه حاجتنا ومن ابنه إسماعيل، ثم رفعنا إليه فقلنا: قد


(1) نوادر المعجزات: 143 / 12، الاختصاص: 84، مناقب ابن شهر آشوب 4: 223، مدينة المعاجز: 392 / 114. (2) المطبق: السجن تحت الارض. (3) مناقب ابن شهر آشوب 4: 234، مدينة المعاجز: 392 / 115.

[ 259 ]

فرغنا مما أمرتنا به. قال: فأصبحنا من الغد، فوجدناه في رواقه جالسا، فبقينا متحيرين. (1) 188 / 24 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو جعفر لحاجبه: إذا دخل علي جعفر بن محمد فادخل واقتله قبل أن يصل إلي. قال: فدخل أبو عبد الله (عليه السلام) فجلس. قال: فأرسل إلى الحاجب فدعاه، فنظر إليه وأبو عبد الله (عليه السلام) قاعد، ثم قال لي: عد إلى مكانك. وأقبل يضرب بيده على الاخرى. فلما قام أبو عبد الله (عليه السلام) وخرج دعا حاجبه فقال: بأي شئ أمرتك ؟ قال: لا والله، ما رأيته حيث خرج، ولا رأيته وهو قاعد عندك. (2). 189 / 25 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن عمرو بن ميثم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه خرج إلى ضيعة له مع بعض أصحابه، فبينا هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل عليه (3) فلما رأى غلمانه أقبلوا إليه، قال: دعوه، فإن له حاجة. فدنا منه حتى وضع كفه على دابته، وتطاول بخرطمه (4)، وطأطأ رأسه أبو عبد الله (عليه السلام)، فكلمه الذئب بكلام لا يعرف، فرد عليه أبو عبد الله (عليه السلام) مثل كلامه، فرجع يعدو. فقال له أصحابه: قد رأينا عجبا ! فقال: إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف هذا الجبل في كهف، وقد ضربها الطلق، وخاف عليها، فسألني الدعاء لها بالخلاص، وأن يرزقها الله ذكرا يكون لنا وليا ومحبا، فضمنت له ذلك.


(1) مدينة المعاجز: 392 / 116. (2) كشف الغمة 2: 191. (3) في ” ع “: إليه. (4) الخرطم: لغة في الخرطوم، وهو الانف، وقيل: مقدمه ” لسان العرب – خرطم – 12: 173 “.

[ 260 ]

قال: فانطلق أبو عبد الله (عليه السلام) وانطلقنا معه إلى ضيعته، وقال: إن الذئب قد ولد له جرو ذكر. قال: فمكثنا في ضيعته معه شهرا، ثم رجع مع أصحابه، فبينا هم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه يعوون في وجه أبي عبد الله (عليه السلام) فأجابهم بمثله، ورأى أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) الجرو، وعلموا أنه قد قال لهم الحق. وقال لهم أبو عبد الله (عليه السلام): تدرون ما قالوا ؟ قالوا: لا. قال: كانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحبة، ودعوت لهم بمثله، وأمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا ولا لاهل بيتي، فضمنوا لي ذلك. (1) 190 / 26 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسن، عن أبيه، والحسين بن أبي العلاء (2)، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل رجل من أهل خراسان فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل فلان بن فلان ؟ قال: لا علم لي به. قال: لكن اخبرك أن فلان بن فلان بعث معك بجارية إلي، فلا حاجة لي فيها. قال الرجل: ولم ؟ قال: لانك لم تراقب الله فيها، ولا حيث عملت ما عملت ليلة نهر بلخ، حيث صنعت ما صنعت. فسكت الرجل، وعلم أنه قد أخبره بأمر قد فعله. (3) 191 / 27 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا، إذ دخل آذنه فقال: قوم من أهل البصرة يستأذنون عليك. قال: كم عددهم ؟ قال: لا أدري. قال: اذهب فعدهم وأخبرني.


(1) مدينة المعاجز: 392 / 127. (2) في ” ع، م “: حسين عن العلاء، والحديث مروي في الخرائج عن الحسين بن أبي العلاء. (3) الخرائج والجرائج 2: 610 / 5، مدينة المعاجز: 393 / 119.

[ 261 ]

قال: فلما مضى الغلام قال أبو عبد الله (عليه السلام): عدة القوم اثنا عشر رجلا، وإنما أتوا يسألوني عن حرب طلحة والزبير، ودخل آذنه فقال: القوم اثنا عشر رجلا. فأذن لهم، فدخلوا، فقالوا: نسألك. فقال: سلوا. قالوا: ما تقول في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة ؟ قال: ما تريدون بذلك ؟ قالوا: نريد أن نعلم ذلك. قال: إذن تكفرون يا أهل البصرة. فقالوا: لا نكفر. قال: كان علي (عليه السلام) مؤمنا منذ بعث الله نبيه إلى أن قبضه الله إليه، لم يؤمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله) أحدا قط، ولم يكن في سرية إلا كان أميرها، وإن طلحة والزبير أتياه لما قتل عثمان فبايعاه أول الناس طائعين غير كارهين، وهما أول من غدر به، ونكثا عليه، ونقضا بيعته، وهما به (1) كما هم به من كان قبلهما، وخرجا بعائشة معهما يستعطفانها الناس، وكان من أمرهما وأمره ما قد بلغكم. قالوا: فإن طلحة والزبير صنعا ما صنعا، فما حال عائشة ؟ (2) قال: عائشة كبير جرمها، عظيم إثمها، ما اهرقت محجمة من دم إلا وإثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها، ولقد عهد إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: ” لابد من أن تقاتل الناكثين ” وهم أهل البصرة، ” والقاسطين ” وهم أهل الشام، ” والمارقين ” وهم أهل النهروان، فقاتلهم علي (عليه السلام) جميعا. قال القوم: إن كان هذا قاله النبي فقد (3) دخل القوم جميعا في أمر عظيم. قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنكم ستنكرون (4). قالوا: إنك جئتنا بأمر عظيم لا نحتمله.


(1) في ” ط ” زيادة: الهموم. (2) في ” ط “: المرأة بدل (عائشة)، في الموضعين. (3) في ” ع، م “: لقد. (4) في ” ط “: ستكفرون.

[ 262 ]

قال: وما طويت عنكم أكثر، أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم بما أخبرتكم، فتكفرون أعظم من كفرهم. قال: فلما خرجوا قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا سليمان بن خالد، والله ما يتبع قائمنا من أهل البصرة إلا رجل واحد، لا خير فيهم، كلهم قدرية وزنادقة، وهي الكفر بالله. (1) 192 / 28 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال لي سيدي: ما أحسن الحق والزمه (2) ! قلت: ليستو في جهدي. قال: يا بن خالد، لا تدخل في وصية من أراد أن يوصي إليك، فتقع أبعد من السماء. قلت: والله، لقد أرسل إلي فلان وجهد كل جهد أن أدخل في وصيته فأبيت عليه. قال: إن ماله حرام، وكان يأكل الحرام ويستحله، ويدين لله بذلك، وقد هلك بعدك يا سليمان. قلت: خلفته في حد (3) الموت. قال: قد لحق بالله، فتعسا له. قلت: قد كان يظهر لنا خيركم ! قال: هيهات، كان والله لنا عدو، كفى الله أمره. (4)


(1) نوادر المعجزات: 144 / 13، مدينة المعاجز: 393 / 120. (2) في ” ط “: والذمة. (3) في ” ط “: حدة. (4) مدينة المعاجز: 393 / 121.

[ 263 ]

193 / 29 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال: يا أبا محمد، هل تعرف إمامك ؟ قلت: إي والله الذي لا إله إلا هو، وإنك هو. ووضعت يدي على ركبته. فقال: يا أبا محمد، صدقت، قد عرفت فاستمسك به. قلت: جعلت فداك، أعطني علامة الامامة. قال: ليس بعد المعرفة علامة. قلت: أزداد يقينا وأمنا، ويطمئن قلبي. قال: يا أبا محمد، ترجع إلى الكوفة وقد ولد لك عيسى، وعبد عيسى محمد، وبعدهما ابنين، واعلم أن اسمك مثبت عندنا في الصحيفة الجامعة من أسماء الشيعة واسماء آبائهم وأجدادهم وأبنائهم وما يلدون إلى يوم القيامة. قال: وإنما هي صحيفة صفراء متوجة (1). 194 / 30 – وروى عمار بن موسى الساباطي، قال: كنت لا أعرف شيئا من هذا الامر، وكان من عرفه عندنا رافضيا، فخرجت حاجا، فإذا أنا بجماعة من الرافضة، فقالوا: يا عمار، أقبل علينا (2). فقلت: ما يريد مني هؤلاء، فما في إتيانهم خير ولا ثواب، ولكني أصير (3) إليهم فانظر ما يريدون. فأقبلت إليهم، فقالوا: يا عمار، خذ هذه الدنانير فادفعها إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد. فقلت: إني أخشى أن يقطع على دنانيركم.


(1) كذا في النسخ، وفي الخرائج: مدرجة، أي مطوية، انظر ” لسان العرب – درج – 2: 269 “. الهداية الكبرى: 252، الخرائج والجرائح 2: 636 / 37، كشف الغمة 2: 190، إثبات الهداة 5: 451 / 222، مدينة المعاجز: 393 / 122. (2) في ” ع “: إلينا. (3) في ” ط “: أصبو.

[ 264 ]

فقالوا: خذها ولا تخش أن يقطع عليك. فقلت: لاجربن القوم، فقلت: هاتوها، وأخذتها في يدي. فلما صرت إلى بعض الطريق قطع علينا، فما ترك معنا شئ إلا اخذ، فاستقبلنا غلام أبيض مشرب حمرة، عليه ذؤابتان، فقال: عمار ! قطع عليك ؟ قلت: نعم. فقال: اتبعوني معشر القافلة. فتبعناه حتى جاء إلى حي من أحياء العرب، فصاح بهم: ردوا إلى (1) القوم متاعهم. فلقد رأيتهم يبادرون من الخيم حتى ردوا جميع ما اخذ منا، لم يدعوا منه شيئا. فقلت عند ذلك: لاسبق الناس إلى المدينة حتى أستمكن من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فسبقت الناس، فقمت اصلي عند قبر النبي، فصليت ثمان ركعات، وإذا بمناد ينادي: يا عمار، رددنا عليكم متاعكم، فلم لا ترد دنانيرنا ؟ فالتفت فلم أر أحدا، فقلت: هذا عمل الشيطان. ثم قمت اصلي، فصليت أربع ركعات، فإذا برجل قد وكزني وأمعض (2) قفاي (3)، ثم قال: يا عمار، رددنا عليكم متاعكم، ولا ترد دنانيرنا ! فالتفت وإذا بالغلام الابيض المشرب الحمرة، فقادني كما يقاد البعير، وما أقدر أن أمتنع عليه حتى أدخلني إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن، معه سبحة مائة دينار. فقلت في نفسي: هؤلاء محدثين، والله ما سبقني رسول ولا كتاب، فمن أين علم أن معي مائة دينار ؟ !


(1) في ” ع “: على. (2) الوكز: الدفع والضرب والطعن، وقيل: الوكز بجميع اليد، أو بالعصا. انظر ” لسان العرب – وكز – 5: 430 “. وأمعضه: أوجعه ” أقرب الموارد 2: 1225. (3) في ” م “: لفقاري.

[ 265 ]

فقال: لا تزيد حبة ولا تنقص حبة. فحسبتها (1)، فو الله ما زادت ولا نقصت. ثم قال: يا عمار، سلم علينا. قلت: السلام عليك (2) ورحمة الله وبركاته. فقال: ليس هكذا يا عمار. فقلت: السلام عليك يا بن عم رسول الله. فقال: ليس هكذا يا عمار. قلت: السلام عليك يا بن رسول الله. فقال: ليس هكذا يا عمار. فقلت: السلام عليك يا وصي رسول الله. قال: صدقت يا عمار. ثم وضع يده على صدري وقال: ما حان لك أن تؤمن ؟ ! فو الله ما خرجت من عنده حتى توليت وليه، وتبرأت من عدوه. (3) 195 / 31 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا محمد ابن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن (4) أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، قال: دخلت أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا اريد أن يعطيني دلالة مثل ما أعطاني أبو جعفر (عليه السلام). فلما دخلت عليه قال: يا أبا محمد، ما كان لك فيما كنت فيه شغل ؟ ! تدخل على إمامك وأنت جنب ؟ ! قال: قلت: جعلت فداك، ما فعلت إلا على عمد. قال: أولم تؤمن ؟ قال: قلت: بلى، ولكن ليطمئن قلبي.


(1) في ” ع، م “: تنقص، فوضع. (2) في ” ط “: عليكم. (3) مدينة المعاجز: 393 / 123. (4) (بن) ليس في ” ع “.

[ 266 ]

قال: قم يا أبا محمد فاغتسل. فاغتسلت وعدت إلى مجلسي، فعلمت عند ذلك أنه الامام. (1) 196 / 32 – وعنه، قال: حدثنا ماجيلويه (2)، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن الاشعث، قال: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الامر ومعرفتنا به، وما كان عندنا منه خبر ولا ذكر ولا معرفة شئ مما عند الناس ؟ قلت: وكيف كان ذلك ؟ قال: إن أبا جعفر المنصور قال لابي محمد بن الاشعث: أبغني رجلا له عقل يؤدي عني. فقال له: قد أصبت لك، هذا فلان بن فلان مهاجر خالي، قال: فأتني به. فأتاه بخاله، فقال له أبو جعفر: يا بن مهاجر، خذ هذا المال. وأعطاه الوفا أو ما شاء الله، فقال: ائت المدينة إلى عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته، فيهم جعفر ابن محمد، فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان، وبها شيعة من شيعتكم، وقد وجهوا إليكم بهذا المال، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط، كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني. فأخذ المال وأتى المدينة، ثم رجع إلى أبي جعفر المنصور، فدخل عليه وعنده محمد بن الاشعث، فقال له أبو جعفر: ما وراءك ؟ فقال: أتيت القوم، وهذه خطوطهم بقبضهم المال (3)، خلا جعفر بن محمد، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (صلى الله واله) فجلست خلفه، وقلت: ينصرف فأذكر له ما ذكرت (4) لاصحابه، فعجل وانصرف، والتفت إلي وقال لي: يا هذا، اتق الله ولا


(1) الهداية الكبرى: 250، مناقب ابن شهر آشوب 4: 226، كشف الغمة 2: 188، مدينة المعاجز: 394 / 24. (2) ماجيلويه: هو علي الراوي عن البرقي، انظر معجم رجال الحديث 12: 245. (3) (المال) ليس في ” ع، م “. (4) في ” ع، م “: ذكرته.

[ 267 ]

تغرر أهل بيت محمد، وقل لصاحبك: اتق الله ولا تغرر أهل بيت رسول الله، فإنهم قريبو عهد بدولة بني مروان، وكلهم محتاج. فقال: قلت: وما ذاك أصلحك الله ؟ فقال: ادن مني. فدنوت منه، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك، حتى كأنه كان ثالثنا. فقال المنصور: يا بن مهاجر، اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيهم محدث، وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم. وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة. (1) 197 / 33 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعيد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن شعيب، عن أبيه شعيب العقرقوفي، قال: بعث معي رجل بألف درهم وقال: إني احب أن أعرف فضل أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: خذ هذه خمسة دراهم ستوقة (2)، فاجعلها في الدراهم، وخذ من الدراهم خمسة دراهم فصيرها في لبنة (3) قميصك، فإنك ستعرف ذلك. قال: ففعلت ذلك، ثم أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فنثرتها بين يديه، فأخذ الخمسة دراهم، وقال: هاك خمستك، وهات خمستنا. (4) 198 / 34 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قدم علينا رجل من أهل الشام، فعرضت عليه هذا الامر، فقبله،


(1) بصائر الدرجات: 265 / 7، الكافي 1: 395 / 6، الخرائج والجرائح 2: 720 / 25، مناقب ابن شهر آشوب 4: 220، الثاقب في المناقب: 406 / 338. (2) الستوق من الدراهم: الزيف البهرج الذي لا قيمة له. ” معجم الوسيط 1: 416 “. (3) لبنة القميص: بنيقته، وهي رقعة تزاد في نحر القميص لتوسيعه. (4) بصائر الدرجات: 267 / 9، الخرائج والجرائح 2: 630 / 31، مناقب ابن شهر آشوب 4: 228، كشف الغمة 2: 193، الصراط المستقيم 2: 188 / 22.

[ 268 ]

فدخلت عليه وهو في سكرات الموت، فقال: يا أبا بصير، قد قبلت ما قلت لي، فكيف لي بالجنة ؟ فمات. فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فابتدأني فقال: يا أبا محمد، قد والله، وفي لصاحبك الجنة. (1) 199 / 35 – وروى سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت معه أمشي فصار معنا أبو عبد الله البجلي – (رحمه الله) – فانتهينا إلى نخلة خاوية، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها، أطعمينا مما جعل الله (تعالى) فيك. فتساقط علينا رطب مختلف الالوان، فأكلنا حتى تضلعنا، فقال له البجلي: جعلت فداك سنة فيكم كسنة مريم ؟ فقال: نعم يا أبا عبد الله. (2) 200 / 36 – وروى مالك الجهني، قال: حضرت مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) فجعلت أقول في نفسي: هذا الذي فضله الله وعظمه وشرفه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مالك، الامر والله أعظم مما تذهب إليه. (3) 201 / 37 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن شعيب، عن علي بن هاشم، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك، ما لابليس من السلطان ؟ قال: ما يوسوس في قلوب الناس. قلت: فما لملك الموت ؟ قال: يقبض أرواح الناس. قلت: وهما مسلطان على من في المشرق ومن في المغرب ؟ قال: نعم.


(1) بصائر الدرجات: 271 / 2، مدينة المعاجز: 394 / 125. (2) بصائر الدرجات: 274 / 5، مناقب ابن شهر آشوب 4: 240. (3) بصائر الدرجات 260 / 18، مدينة المعاجز: 380 / 67، يأتي مثله الحديث (61).

[ 269 ]

قلت: فمالك أنت – جعلت فداك – من السلطان ؟ قال: أعلم ما في المشرق والمغرب، وما في السماوات والارض، وما في البر والبحر، وعدد ما فيهن وليس ذلك لابليس ولا لملك الموت. (1) 202 / 38 – وبهذا الاسناد إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن محمد بن سنان، عمن حدثه، عن جابر بن يزيد، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان، فقال: جعلت فداك، إني قدمت أنا وامي قاضيين لحقك، وإن امي ماتت دونك. قال: فاذهب فأت بامك. قال جابر: فما رأيت أشد تسليما منه، مارد على أبي عبد الله (عليه السلام) حتى مضى فجاء بامه، فلما رأت أبا عبد الله (عليه السلام) قالت: هذا الذي أمر ملك الموت بتركي. ثم قالت: يا سيدي، أوصني. قال: عليك بالبر للمؤمنين، فإن الانسان يكون عمره ثلاثين سنة فيكون بارا فيجعلها ثلاث وستون سنة، وإن الانسان يكون عمره ثلاث وستون سنة فيكون غير بار، فيبتر الله عمره فيجعلها ثلاثين سنة. (2) 203 / 39 – وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن سعدان بن مسلم، عن المفضل بن عمر، قال: كان المنصور قد وفد بأبي عبد الله (عليه السلام) إلى الكوفة، فلما أذن له قال لي: يا مفضل، هل لك في مرافقتي ؟ فقلت: نعم، جعلت فداك. قال: إذا كان الليلة فصر إلي. فلما كان في نصف الليل خرج وخرجت معه، فإذا أنا بأسدين مسرجين ملجمين.


(1) مدينة المعاجز: 394 / 126. (2) مدينة المعاجز: 385 / 89.

[ 270 ]

قال: فخرجت، فضرب بيده على عيني فشدها، ثم حملني رديفا فصبح المدينة (1) وأنا معه، فلم يزل في منزله حتى قدم عياله. (2) 204 / 40 – وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن شعيب، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، قال: استأذنت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخرج إلي معتب فأذن لي، فدخلت ولم يدخل معي كما كان يدخل. فلما أن صرت في الدار نظرت إلى رجل على صورة أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمت عليه كما كنت أفعل، قال: من أنت يا هذا ؟ لقد وردت على كفر أو إيمان. وكان بين يديه رجلان كأن على رؤوسهما الطير، فقال لي: ادخل. فدخلت الدار الثانية، فإذا رجل على صورته (صلى الله عليه)، وإذا بين يديه جمع كثير كلهم صورهم واحدة، فقال: من تريد ؟ قلت: اريد أبا عبد الله. فقال: قد وردت على أمر عظيم، إما كفر أو إيمان. ثم خرج من البيت رجل قد بدا به الشيب، فأخذ بيدي، وأوقفني على الباب وغشي بصري من النور، فقلت: السلام عليك يا بيت الله ونوره وححابه. فقال: وعليك السلام يا يونس. فدخلت البيت فإذا بين يديه طائران يحكيان، فكنت أفهم كلام أبي عبد الله (عليه السلام) ولا أفهم كلامهما. فلما خرجا قال: يا يونس، سل، نحن نجلي النور في الظلمات، ونحن البيب المعمور الذي من دخله كان آمنا، نحن عزة الله وكبرياؤه. قال: قلت: جعلت فداك، رأيت شيئا عجيبا، رأيت رجلا على صورتك ! قال: يا يونس، إنا لا نوصف، ذلك صاحب السماء الثالثة يسأل أن أستأذن الله له أن يصيره (3) مع أخ له في السماء الرابعة.


(1) صبح المدينة: أي أتاها صباحا، انظر ” لسان العرب – صبح – 2: 502 “. (2) مدينة المعاجز: 394 / 127. (3) في ” ع، م “: يصير.

[ 271 ]

قال: قلت: فهؤلاء الذين في الدار ؟ قال: هؤلاء أصحاب القائم من الملائكة. قال: قلت: فهذان ؟ قال: جبرئيل وميكائيل، نزلا إلى الارض، فلن يصعدا حتى يكون هذا الامر إن شاء الله (تعالى)، وهم خمسة آلاف. يا يونس، بنا أضاءت الابصار، وسمعت الآذان، ووعت القلوب الايمان. (1) 205 / 41 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو علي محمد ابن همام، قال: حدثني عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن عبد الله ابن يزيد، عن (2) حماد، عن أبيه، عن عمر، عن بكر بن ام بكر (3)، عن شيخ من أصحابنا، قال: إني لعند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل رجل، فقال له: جعلت فداك، إن أبي مات، وكان من أنصب الناس، فبلغ من بغضه وعداوته أن كتم ماله مني في حياته، وبعد وفاته: ولست أشك أنه قد ترك مالا كثيرا. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما أنت والله مهنى لك، وإني اريد سفرا. فقال له: جعلت فداك (4)، مالي لك. فقال له: لا أدلك، ولكن هيئ لنا سفرة. قال: وكان صاحب هذا الحديث يعرف بصاحب السفرة، فختم له أبو عبد الله (عليه السلام) خاتما، وقال له: اذهب بهذا الخاتم إلى برهوت، فإن روحه صارت إلى برهوت. وسمى له صاحب برهوت. ثم قال له: ناد صاحب برهوت باسمه ثلاث مرات، فإنه سيجيبك.


(1) مدينة المعاجز: 394 / 128. (2) في ” م “: بن. (3) في ” م “: عن عمر بن بكر بن ام بكر، وفي ” ط “: عن عمر بن بكر، عن ابن ام بكر، وفي مدينة المعاجز: عن عمر، عن بكر بن أبي بكر. ولعله الصواب، راجع رجال الطوسي: 160 ومعجم رجال الحديث 3: 340. (4) في ” ط ” زيادة: كل.

[ 272 ]

فأتى برهوت، فنادى صاحبه باسمه ثلاث مرات، فأجابه في الثالثة بلبيك، وظهر له، فناوله الطينة، فأخذها وقبلها ووضعها على عينيه (1)، ثم قال له: جئت من عند من فضله الله وأمر بطاعته، ما حاجتك ؟ قال الرجل: فأخبرته، فقال لي: إنه يجيئك في غير صورته. فتخيل لي صورة خبيثة، فما شعرت إذا هو قد جاءني والسلاسل في عنقه، فقال: يا بني. وبكى، فعرفته حين تكلم قلت له: قد كنت أقول لك وأنهاك عما كنت فيه. فقال لي: حصلت على الشقاء. ثم قال لي: ما حاجتك ؟ قلت: حاجتي المال الذي خلفته. قال: في المسجد الذي كنت تراني اصلي فيه، احفر حتى تبلغ قدر ذراعين أو ثلاثة، فإن فيه أربعة آلاف دينار. قلت له: لعلك تكذبني. فقال لي: هيهات، هيهات، لقد جئت من عند من ملكه الله، وأمره (2) أعظم مما تذهب إليه. فقال الرجل: قال لي صاحب برهوت: أتوصيني بشئ ؟ قلت: اوصيك أن تضاعف عليه العذاب. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما لو رققت عليه لنفعه الله به وخفف عنه العذاب (3). 206 / 42 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن أحمد بن علي، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، قال: كان لي صديق، وكان يكثر الرد على من قال أنهم يعلمون الغيب. قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بأمره، فقال: قل له: إني والله


(1) في ” ع، م “: عينه. (2) في ” ط ” زيادة: عظيم و. (3) مدينة المعاجز: 385 / 90.

[ 273 ]

لاعلم ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما دونهما. (1) 207 / 43 – وعنه: عن أحمد، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عمن ذكره، عن حذيفة بن منصور، عن يونس، قال: سمعته يقول وقد مررنا بجبل فيه دود، فقال: أعرف من يعلم إناث هذا الدود من ذكرانه، وكم عدده. ثم قال: نعلم ذلك من كتاب الله، فإن في كتاب الله تبيان كل شئ. (2) 208 / 44 – وعنه: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن عبد الله بن محمد، عن منصور بزرج (3)، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: يا أبا خالد، خذ رقعتي فأت غيضة (4) – قد سماها – فانشرها، فأي سبع جاء معك فجئني به. قال قلت: اعفني (5)، جعلت فداك. قال: فقال لي: اذهب يا أبا خالد. قال: فقلت في نفسي: يا أبا خالد، لو أمرك تأتي جبارا عنيدا (6) ثم خالفته إذن كيف كان حالك ؟ ! قال: ففعلت ذلك حتى إذا صرت إلى الغيضة ونشرب الرقعة جاء معي واحد منها، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إليه واقفا ما يحرك من شعره شعرة، فأومأ بكلام لم أفهمه. قال: فلبثت عنده وأنا متعجب من سكون السبع بين يديه. قال: فقالى لي: يا أبا خالد، مالك تفكر (7) ؟ قال: قلت: افكر في إعظام السبع.


(1) مدينة المعاجز: 395 / 129. (2) مدينة المعاجز: 395 / 130. (3) في ” ع، م “: منصور بن نوح، وفي ” ط “: منصور بن بزج، وكلاهما تصحيف، صوابه ما في المتن، وهو منصور بن يونس بزرج كوفي ثقة، روى عن اسماعيل بن جابر، انظر رجال النجاشي: 413 ومعجم رجال الحديث 3: 115 و 18: 353. (4) الغيضة: الاجمة، وهي الموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف. (5) في ” ط ” زيادة: من ذلك. (6) في ” ع، م “: عنيف. (7) في ” ع “: متفكر.

[ 274 ]

قال: ثم مضى السبع فما لبثت إلا وقتا حتى طلع السبع ومعه كيس في فيه. قال: قلت: جعلت فداك، إن هذا لشئ عجيب ! قال: يا أبا خالد، هذا كيس وجه به إلي فلان مع المفضل بن عمر، واحتجت إلى ما فيه، وكان الطريق مخوفا، فبعثت بهذا السبع فجاء به. قال: فقلت في نفسي: والله، لا أبرح حتى يقدم المفضل بن عمر وأعلم ذلك. قال: فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال لي: نعم يا أبا خالد، لا تبرح حتى يأتي المفضل. قال: فتداخلني والله من ذلك حيرة، ثم قال: قلت: أقلني جعلت فداك. وأقمت أياما، ثم قدم المفضل، وبعث إلي أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال المفضل: جعلني الله فداك، إن فلانا بعث معي كيسا فيه مال، فلما صرت في موضع كذا وكذا جاء سبع وحال بيننا وبين رحالنا، فلما مضى السبع طلبت الكيس في الرحل فلم أجده. قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مفضل، أتعرف الكيس ؟ قال: نعم، جعلني الله فداك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا جارية، هاتي الكيس. فأتت به الجارية، فلما نظر إليه المفضل قال: نعم، هذا هو الكيس. ثم قال: يا مفضل، تعرف السبع ؟ قال: جعلني الله فداك، كان في قلبي في ذلك الوقت رعب. فقال له: ادن مني. فدنا منه، ثم وضع يده عليه، ثم قال لابي خالد: امض برقعتي إلى الغيضة فأتنا بالسبع. فلما صرت إلى الغيضة فعلت مثل الفعل الاول فجاء السبع معي، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إلى إعظامه إياه، فاستغفرت في نفسي. ثم قال: ما مفضل، هذا هو ؟ قال: نعم، جعلني الله فداك. فقال: يا مفضل، أبشر فأنت معنا. (1)


(1) مدينة المعاجز: 376 / 53.

[ 275 ]

209 / 45 – وعنه: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي عثمان – أو غيره – عن محمد بن سنان، عن أبان، عن حذيفة بن منصور، عن رزام، قال: بعثني أبو جعفر عبد الله بن الطويل – وهو المنصور – إلى المدينة، وأمرني إذا دخلت المدينة أن أفض الكتاب الذي دفعه إلي وأعمل ما فيه. قال: فما شعرت إلا بركب قد طلعوا علي حين قربت من المدينة، وإذا رجل قد صار إلى جانبي، فقال: يا رزام، اتق الله ولا تشرك في دم آل محمد. قال: فأنكرت ذلك، فقال لي: دعاك صاحبك نصف الليل، وخاط رقعة في جانب قبائك، وأمرك إذا صرت إلى المدينة تفضها وتعمل بما فيها. قال: فرميت بنفسي من المحمل وقبلت رجليه وقلت: ظننت أن ذلك صاحبي، وأنت سيدي وصاحبي، فما أصنع ؟ قال: ارجع إليه، واذهب بين يديه وتعال، فإنه رجل نساء، وقد نسي ذلك، فليس يسألك عنه. قال: فرجعت إليه فلم يسألني عن شئ، فقلت: صدق مولاي (عليه السلام). (1) 210 / 46 – وروى الحسين بن أبي (2) العلاء، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ جاءه مولى له يشكو زوجته وسوء خلقها، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ائتني بها. فأتاه بها، فقال لها: ما لزوجك يشكوك ؟ فقالت: فعل الله به وفعل. فقال لها أبو عبد الله (عليه السلام): أما إنك إن بقيت على هذا لم تعيشي إلا ثلاثة أيام. قالت: والله، ما ابالي ألا أراه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للزوج: خذ بيدها، فليس بينك وبينها أكثر من ثلاثة أيام.


(1) مدينة المعاجز: 364 / 29. (2) (أبي) ليس في ” ط “.

[ 276 ]

فلما كان اليوم الثالث دخل علينا الرجل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعلت زوجتك ؟ قال: قد والله دفنتها الساعة. قلت: ما كان حالها ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): كانت متعدية عليه، فبتر الله عمرها. (1) 211 / 47 – وروى أحمد بن عبد الله، وكان من أصحاب أبي الجارود، قال: قدم رجل من الكوفة (2) إلى خراسان يدعو الناس إلى ولاية جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، ففرقة صالحت وأجابت، وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة ورعت ووقفت، فخرج من كل فرقة رجل فدخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فكان منهم الذي ذكر أنه (3) تورع ووقف، وقد كان من بعض القوم جارية، فخلا بها الرجل ووقع عليها. فلما دخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام) كان هو المتكلم، فقال له: أصلحك الله، قدم علينا رجل من أهل الكوفة يدعو الناس إلى ولايتك وطاعتك، فأجاب قوم، وأنكر قوم، وورع قوم ووقفوا. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): من أي الثلاث أنت ؟ قال: أنا من الفرقة التى وقفت وورعت. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية ؟ قال: فارتاب الرجل وسكت. (4) 212 / 48 – وروى محمد بن سعيد (5)، عن الاسكاف، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذات يوم، فدخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا وألطاف، وكان فيما أهدى إليه جراب قديد وجبن، فنثره أبو عبد الله (عليه السلام) بين يديه، ثم قال: خذ هذا


(1) الخرائج والجرائح 2: 611 / 6، مناقب ابن شهر آشوب 4: 224، مدينة المعاجز 395 / 31. (2) في البصائر: عن الحارث بن حصيرة الازدي قال: قدم رجل من أهل الكوفة. (3) في ” ط “: ذكرتهم. (4) بصائر الدرجات: 264 / 5، مدينة المعاجز: 375 / 49. (5) في ” ط “: سعيد، وفي الهداية: عن محمد غلام سعد الاسكاف.

[ 277 ]

القديد فأطعمه الكلب. فقال الرجل: والله ما أبليت نصحا. (1) فقال (عليه السلام): إنه ليس بذكي. فقال الرجل: اشتريته من رجل مسلم، وذكر أنه ذكي. فرده أبو عبد الله (عليه السلام)، في الجراب، وتكلم عليه بكلام، ثم قال للرجل: قم فأدخله البيت، وضعه في زاوية. ففعل. قال: فسمع الرجل القديد يقول: يا عبد الله (2)، ليس مثلي تأكله أولاد الانبياء، إني لست بذكي. فحمل الرجل الجراب وخرج إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: ما قال لك ؟ قال: أخبرني أنه غير ذكي. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما علمت يا هارون، أنا نعلم ما لا يعلم الناس ؟ ! قلت: بلى، جعلني الله فداك. (3) وخرج الرجل، وخرجت معه حتى مر على كلب، فألقاه بين يديه، فأكله الكلب كله. (4) 213 / 49 – حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا علي بن محمد بن أحمد المصري، قال: حدثنا محمد بن أبي أحمد بن عياض (5) بن أبي شيبة، قال: حدثني جدي عياض بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: سمعت الليث بن سعد يقول: حججت في سنة ثلاث عشرة ومائة، فأتيت مكة، فلما أن صليت العصر رقيت أبا قبيس، فإذا أنا برجل جالس وهو يدعو، فقال: يا رب، يا رب، حتى انقطع النفس. ثم قال: يا رباه، يا رباه، حتى انطفأ نفسه. ثم قال: يا الله، يا ألله، حتى انطفأ نفسه.


(1) في الهداية: ما أتيتك إلا ناصحا. والظاهر صوابه. (2) في النسخ: يا أبا عبد الله، وما أثبتناه من المصادر. (3) زاد في الهداية: فعلمت أن اسم الرجل هارون. (4) الهداية الكبرى: 250، الخرائج والجرائح 2: 606 / 1، مناقب ابن شهر آشوب 4: 222، الصراط المستقيم 2: 187 / 9. (5) في ” ع “: محمد بن أحمد بن عباس.

[ 278 ]

ثم قال: يا حي، يا حي، حتى انطفأ نفسه. ثم قال: يا رحيم يا رحيم، حتى انطفأ نفسه. ثم قال: يا رحمن يا رحمن، سبع مرات. ثم قال: اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه، اللهم إن بردي قد أخلقا فأكسني. قال الليث بن سعد: والله، ما استتم الكلام حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا، وليس على الارض عنب يومئذ، وبردين مصبوغين، فأراد أن يأكل فقلت له: أنا شريكك. فقال: ولم ؟ فقلت: إنك كنت تدعو وأنا اومن. فقال: تقدم فكل، ولا تخبئ منه شيئا: فأكلت شيئا لم آكل مثله قط، وإذا هو عنب لا عجم له، فأكلت وأكل حتى انصرفنا عن ري، والسلة لم تنقص شيئا. ثم قال لي: خذ أحد البردين إليك. فقلت: أما البردان فأنا غني عنهما. فقال لي: توار عني حتى ألبسهما. فتواريت عنه، فاتزر بأحدهما وارتدى الآخر، ثم أخذ البردين الذين كانا عليه فحملهما على يده ونزل، واتبعته حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقام له: أكسني كساك الله يا بن رسول الله. فدفعهما إليه، فلحقت الرجل، فقلت: من هذا ؟ قال: هذا جعفر بن محمد. قال الليث بن سعد: فطلبته لاسمع منه فلم أجده. (1) 214 / 50 – وروى جميل بن دراج، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخلت عليه امرأة، فذكرت أنها تركت ابنها وقد لفته بالملحفة على وجهه ميتا. فقال لها: لعله لم يمت، فقومي واذهبي إلى بيتك واغتسلي، وصلي ركعتين،


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 232، صفة الصفوة 2: 173، تذكرة الخواص: 345، كشف الغمة 2: 160، الصواعق المحرقة: 203.

[ 279 ]

وادعي (1) وقولي: يا من وهبه لي ولم يكن شيئا، جدد ما وهبته لي، ثم حركيه، ولا تخبري بذلك أحدا. قال: ففعلت، وجاءت فحركته، فإذا هو يبكي (2). 215 / 51 – وروى عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو محمد، عن يزيد، عن داود بن كثير الرقي، قال: حج رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: فداك أبي وامي، إن أهلي قد توفيت، وبقيت وحيدا. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فكنت تحبها ؟ قال: نعم. قال: ارجع إلى منزلك، فإنك سترجع إلى المنزل وهي تأكل، قال: فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي وجدتها قاعدة وهي تأكل. (3) 216 / 52 – وروى محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة، فالتفت عن يساره، فإذا كلب أسود، فقال: مالك، قبحك الله ؟ ! ما أشد مسارعتك ؟ ! وإذا هو شبيه بالطائر، فقلت: ما هذا، جعلني الله فداك ؟ فقال: هذا عثم – بريد الجن – مات هشام الساعة، وهو يطير ينعى به في كل بلد. (4) 217 / 53 – وروى محمد بن عبد الله العطار، عن محمد بن الحسن يرفعه إلى معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إني لواقف يوما خارجا من المدينة، وكان يوم التروية، فدنا مني رجل فناولني كتابا طينه رطب، والكتاب من أبي عبد الله (عليه السلام) وهو بمكة حاج، ففضضته وقرأته فإذا فيه: إذا كان غدا افعل كذا وكذا. ونظرت إلى


(1) كذا في البصائر، وفي النسخ: واجزعي. (2) في ” ع، م “: بكى. بصائر الدرجات: 292 / 1، مناقب ابن شهر آشوب 4: 239، الثاقب في المناقب: 395 / 321. (3) بصائر الدرجات: 294 / 5، مناقب ابن شهر آشوب 4: 239، الثاقب في المناقب: 396 / 323. (4) بصائر الدرجات: 116 / 4، الكافي 6: 553 / 8، الخرائج والجرائح 2: 855 / 71، كشف الغمة 2: 192.

[ 280 ]

الرجل لاسأله متى عهدك به، فلم أر شيئا. فلما قدم أبو عبد الله (عليه السلام) سألته عن ذلك، فقال: ذلك من شيعتنا، من مؤمني الجن، إذا كانت لنا الحاجة المهمة أرسلناهم فيها. (1) 218 / 54 – وروى إبراهيم بن إسحاق (2)، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين ؟ فالتفتنا يمنة ويسرة، فلم نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين. فقال: ورب الكعبة، ورب البيت، ورب القرآن، لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما أني أعلم منهما، ولانبأتهما بما ليس في أيديهما، لان موسى والخضر إنما اعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). (3) 219 / 55 – وروى محمد بن علي، عن عمه محمد بن خالد، عن جده، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة من الليالي، ولم يكن عنده أحد غيري، فمد رجله في حجري، فقال: اغمزها. فغمزت رجله، فنظرت إلى اضطراب في عضلة ساقه، وأردت أن أسأله، فابتدأني فقال: لا تسألني في هذه الليلة عن شئ، فإني لست اجيبك. (4) 220 / 56 – وروى محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن يزيد بن إسحاق، عن ابن مسلم، عن عمر (5) بن يزيد، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو مضطجع ووجهه إلى الحائط، فقال لي حين دخلت عليه: يا عمر، اغمز رجلي. فقعدت أغمز رجله، فقلت في نفسي، أسأله عن عبد الله وموسى، أيهما الامام ؟ فحول


(1) مدينة المعاجز: 396 / 134. (2) في النسخ: إبراهيم بن هاشم، وهو سهو صوابه ما في المتن من الكافي، وهو إبراهيم بن إسحاق الاحمري راوي كتابي عبد الله بن حماد وكثيرا من أحاديثه، راجع رجال النجاشي: 19 و 218 ومعجم رجال الحديث 1: 206 و 10: 174. (3) الكافي 1: 203 / 1. (4) بصائر الدرجات: 255 / 1، مدينة المعاجز: 378 / 61. (5) في ” ع، م “: عمرو، وكذا في الموضع الآتي، انظر معجم رجال الحديث 13: 60 و 132.

[ 281 ]

وجهه إلي ثم قال: والله، لا اجيبك. (1) 221 / 57 – وروى أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف في جابر بن يزيد الجعفي وعجائبه وأحاديثه، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا اريد أن أسأله عنه، فابتدأني من غير أن أسأله فقال: رحم الله جابر بن يزيد الجعفي فإنه كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة بن سعيد، فإنه كان يكذب علينا. (2) 222 / 58 – وروى محمد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن شهاب بن عبد ربه، قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) [ أسأله، فأبتدأني فقال ] (2): يا شهاب، إن شئت سل، وإن شئت أخبرناك بما جئت له. فقلت: أخبرني، جعلت فداك. قال: جئت تسألني عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فتصيب الماء يده. فقلت: ما جئت إلا له. فقال: نعم، ليس به بأس. (4) 223 / 59 – وروى أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي اسامة، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا زيد، كم أتى عليك من سنة ؟ قلت: جعلت فداك، كذا وكذا سنة. فقال: يا أبا اسامة، جدد عبادة ربك، وأحدث توبة. فبكيت، قال: ما يبكيك يا زيد ؟ قلت: نعيت إلي نفسي. فقال: يا زيد، أبشر فإنك من شيعتنا، وأنت في الجنة. (5)


(1) بصائر الدرجات: 255 / 2، الثاقب في المناقب: 403 / 332، كشف الغمة 2: 194، مدينة المعاجز: 378 / 61. (2) بصائر الدرجات: 258 / 12، رجال الكشي: 191 / 336. (3) من البصائر. (4) بصائر الدرجات: 256 / 3 نحوه، و: 258 / 13 قطعة منه، مدينة المعاجز: 379 / 62. (5) بصائر الدرجات: 284 / 8، مناقب ابن شهر آشوب 4: 223.

[ 282 ]

224 / 60 – وروى الحسن بن علي، عن الصباح (1)، عن زيد الشحام، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا زيد، (2) جدد عبادة (3)، وأحدث توبة. قال: قلت: نعيت إلي نفسي، جعلت فداك. قال: يا زيد، ما عندنا خير لك، وأنت من شيعتنا. فقلت: كيف لي أن أكون من شيعتكم ؟ قال: فقال لي: أنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا، والله لانا أرحم بكم منكم بأنفسكم، كأني أنظر إليك ورفيقك (4) في درجتك في الجنة. (5) 225 / 61 – وروى محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن عيسى الفراء، عن مالك الجهني، قال: كنت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) فوضعت يدي على خدي فقلت: لقد عظمك الله وشرفك. فقال: يا مالك، الامر أعظم مما تذهب إليه. (6) 226 / 62 – وروى محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حججت مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما كنا في الطواف قلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله، يغفر الله لهذا الخلق ؟ فقال: يا أبا بصير، إن أكثر من ترى قردة وخنازير. قال: قلت له: أرنيهم. قال: فتكلم بكلمات، ثم أمر يده على بصري، فرأيتهم كما قال، قلت: رد علي بصري، فرأيتهم كما رأيتهم في المرة الاولى.


(1) في البصائر: أبي الصباح، وفي رجال الكشي: محمد بن الوضاح. (2) زاد في ” ع “: ما عندنا خير لك. (3) في ” ط ” زيادة: ربك. (4) في رجال الكشي: ورفيقك فيها الحارث بن المغيرة النصري، وانظر رجال النجاشي: 139. (5) بصائر الدرجات: 285 / 15، رجال الكشي: 337 / 619. (6) بصائر الدرجات: 260 / 18، مدينة المعاجز: 380 / 67.

[ 283 ]

فقال: يا أبا محمد، أنتم في الجنة تحبرون (1)، وبين أطباق النار تطلبون فلا توجدون، والله، لا يجتمع منكم ثلاثة (2)، لا والله ولا اثنان، لا والله ولا واحد. (3) 227 / 63 – وروى أحمد بن محمد، عن العباس، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): تريد أن تنظر بعينك إلى السماء ؟ قال: فمسح يده على عيني، فنظرت إلى السماء. (4) 228 / 64 – وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: تجسست (5) جسد أبي عبد الله (عليه السلام) ومناكبه، قال: فقال لي: يا أبا محمد، تحب أن تراني. فقلت: نعم، جعلت فداك، فمسح يده على عيني، فإذا أنا بصير أنظر إليه. فقال: يا أبا محمد، لولا شهرة الناس لتركتك بصيرا على حالتك، ولكن لا يستقيم. قال: ثم مسح يده على عيني فإذا أنا كما كنت. (6) 229 / 65 – وروى أحمد بن محمد، عن أحمد (7) بن يوسف، عن علي بن داود الحذاء، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، يهدر الذكر على الانثى، فقال: تدري ما يقول ؟ قلت: لا. قال: يقول: يا سكني وعرسي، ما خلق الله خلقا أحب إلي منك، إلا أن يكون جعفر بن محمد. (8) 230 / 66 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، عن أبي جعفر محمد بن


(1) أي تنعمون وتكرمون وتسرون ” مجمع البحرين – حبر – 3: 256 “. (2) في ” ع، م “: مائة. (3) بصائر الدرجات: 290 / 4. (4) بصائر الدرجات: 290 / 5. (5) الجس: اللمس باليد ” لسان العرب – جسس – 6: 38 “. (6) بصائر الدرجات: 291 / 7. (7) في النسخ: محمد، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر البصائر ومعجم رجال الحديث 2: 365. (8) بصائر الدرجات: 362 / 4، الاختصاص: 293.

[ 284 ]

علي بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت معه في طريق الحج، فنزلنا بشراف (2)، فإذا نحن بغراب ينعق في وجهه، فقال له: مت جوعا، فبالله ما تعلم شيئا إلا نحن نعلمه، ونحن أعلم بالله منك. ثم قال: إنه يقول: سقطت ناقة بعرفات. (3) 231 / 67 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الكاتب، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: أخبرنا أحمد بن مدبر (4)، عن محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فركض (5) الارض برجله، فإذا بحر وفيه سفن من فضة. قال: فركب وركبت معه، حتى انتهى إلى موضع فيه خيم من فضة، فدخلها، ثم خرج فقال لي: رأيت الخيمة التي دخلتها أولا ؟ قلت: نعم. قال: تلك خيمة رسول الله، والاخرى خيمة أمير المؤمنين، والثالثة خيمة فاطمة، والرابعة خيمة خديجة، والخامسة خيمة الحسن، والسادسة خيمة الحسين، والسابعة خيمة جدي، والثامنة خيمة أبي، وهي التي بكيت فيها، والتاسعة خيمتي، وليس أحد منا يموت إلا وله خيمة يكسن فيها. (6)


(1) زاد في البصائر: عن عبد الله بن فرقد، وكلاهما من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، انظر رجال الطوسي: 264 و 265 ومعجم رجال الحديث 10: 275 و 324. (2) موضع من أعمال المدينة، معجم ما استعجم 3: 788. وفي البصائر: سرف، وهو موضع على ستة أميال من مكة، المصدر السابق 3: 735. (3) بصائر الدرجات: 365 / 21. (4) يأتي هذا السند في الحديث (44) من دلائل الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وفيه: أحمد بن زيد، وفي الاختصاص: 325: أحمد بن المؤدب من ولد الاشتر، عن محمد بن عمار الشعراني. وفي البصائر: جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن محمد بن عمار، عن أبي بصير. (5) أي ضرب. (6) بصائر الدرجات: 425 / 5، نوادر المعجزات: 152 / 20، مدينة المعاجز: 396 / 35.

[ 285 ]

232 / 68 – وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر (1) بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا يماني، أفيكم علماء ؟ قال: نعم. قال: فأي شئ يبلغ من علم عالمكم ؟ قال: إنه يسير في ليلة واحدة مسير شهرين، ويزجر الطير، ويقفو الاثر. فقال له: عالم المدينة أعلم من عالمكم، قال له: فأي شئ يبلغ من علم عالم المدينة ؟ فقال له: يسير في صباح واحد مسيرة سنة للشمس (2) إذا امرت (3) فإنها اليوم غير مأمورة، ولكن إذا امرت تقطع اثني عشر مغربا، واثني عشر مشرقا، واثنتي عشرة شمسا، واثني عشر قمرا، واثني عشر عالما. قال: فانقطع اليماني، وأمسك أبو عبد الله (عليه السلام) (4). 233 / 69 – وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، [ عن عبد الله بن القاسم ] (5)، عن حفص الابيض التمار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) أيام صلب المعلى بن خنيس (رحمه الله)، فقال لي: يا حفص، إني أمرت العلى بأمر فخالفني فابتلي بالحديد، إني نظرت إليه يوما فرأيته كئيبا حزينا فقلت له: مالي أراك كئيبا حزينا ؟ فقال لي: ذكرت أهلي وولدي. فقلت له: ادن مني. فدنا مني فمسحت وجهه


(1) في النسخ: محمد، تصحيف صوابه ما في المتن من البصائر والاختصاص، وذكر في معجم رجال الحديث 13: 10 روايته عن أبان ورواية عبد الله بن القاسم عنه. (2) في البصار والاختصاص: كالشمس. (3) في النسخ: مرت في الموضعين، وما أثبتناه من البصائر والاختصاص. (4) بصائر الدرجات: 421 / 14، الاختصاص: 318. (5) أضفناه من رجال الكشي والبصائر، وانظر سند الحديث السابق.

[ 286 ]

بيدي وقلت له: أين أنت ؟ قال: يا سيدي، أنا في منزلي، هذه والله زوجتي وولدي. فتركته حتى أخذ وطره منهم واستترت منه حتى نال حاجته من أهله وولده، حتى كان منه إلى أهله ما يكون من الزوج إلى المرأة. ثم قلت له: ادن مني. فدنا، فمسحت وجهه، فقلت له: أين أنت ؟ فقال: أنا معك في المدينة، وهذا بيتك. فقلت له: يا معلى، إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظه الله وحفظ عليه دينه ودنياه. يا معلى، لا تكونوا اسراء في أيدي الناس بحديثنا، إن شاءوا منوا عليكم، وإن شاءوا قتلوكم. يا معلى، إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله (1) الله نورا بين عينيه، وأعزه في الناس من غير عشيرة، ومن أذاعه لم يمت حتى يذوق عضة الحديد، وألح عليه الفقر والفاقة في الدنيا حتى يخرج منها، ولا ينال منها شيئا، وعليه في الآخرة غضب، وله عذاب أليم. ثم قلت له: يا معلى، أنت مقتول فاستعد. (2) 234 / 70 – وروى الحسن بن علي، عن عبيس (3)، عن مروان، عن الحسن ابن موسى الحناط (4)، قال: خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الاحمسي حاجين، فقال عائذ: إن لي حاجة إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، اريد أن أسأله عنها. قال: فدخلنا عليه، فما جلسنا قال لنا مبتدئا: من أتى الله (عزوجل) بما فرض


(1) في ” م، ط “: جعل. (2) بصائر الدرجات: 423 / 2، نوادر المعجزات: 150 / 18، الاختصاص: 321، رجال الكشي: 378 / 709، مختصر بصائر الدرجات: 98 نحوه، إثبات الهداة 5: 385 / 95. (3) في نسخ: الحسين بن علي بن عنبس، تصحيف صوابه ما في المتن، وقد روى الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس كتابه النوادر وبعض مروياته، انظر رجال النجاشي: 280، ومعجم رجال الحديث 9: 249، و 11: 95. (4) في ” ع، م ” الخياط، انظر رجال الطوسي: 168 ومعجم رجال الحديث 5: 144.

[ 287 ]

عليه، لم يسأله عما سوى ذلك. قال: فغمزنا عائذ (1)، فلما نهضنا (2) قلنا: حاجتك ؟ قال: الذي سمعت منه، أنا رجل لا اطيق القيام بالليل، فخفت أن أكون مأثوما فأهلك. (3) 235 / 71 – وروى بكر بن محمد الازدي، عن جماعة من أصحابنا، قال بكر: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله (عليه السلام) فلحقنا أبو بصير خارجا من الزقاق وهو جنب، ونحن لا نعلم، حتى دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال: يا أبا محمد، ألا تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الاوصياء ؟ ! فرجع أبو بصير ودخلنا. (4) 236 / 72 – وروى الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، [ عن رجل ] (5) من أهل دارسما (6)، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فودعته عند الخروج، فخرجت من عنده، ثم ذكرت حاجة لي، فرجعت والبيت غاص بأهله، وأردت أن أسأله عن أكل بيض ديوك (7) الماء، فلما أبصرني قال لي: ما حل – يعني: لا تأكل فانه لا يحل – بالنبطية (8).


(1) في ” ع، م “: فغمزنا على يده. (2) في ” ع، م “: فهمنا. (3) بصائر الدرجات: 259 / 15، مدينة المعاجز: 379 / 65. (4) بصائر الدرجات: 261 / 23، الثاقب في المناقب: 410 / 340، مدينة المعاجز: 380 / 72. (5) من البصائر. (6) كذا في النسخ، وفي البصائر: بيرما، وفي نسخة قديمة منه: دير بيرما، ولم نجد أيا منها بهذا الضبط، فلعلها تصحيف: بئر أرما، بيرحا، داريا، دير برصوما، دير بني مرينا. انظر معجم البلدان 1: 298 و 524 و 2: 500 و 501. وفي المناقب: دوين، انظر بشأنها معجم البلدان 2: 491. (7) كذا في البصائر والمناقب، وفي النسخ: نهول. (8) في البصائر: فقال لي: يا تب – يعني البيض – دعانا حينا – يعني ديوك الماء – بناحل – يعني لا تأكل. بصائر الدرجات: 354 / 6، مدينة المعاجز: 389 / 100، ونحوه في الخرائج والجرائح 2: 752 / 68، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 218.

[ 288 ]

237 / 73 – وروى أحمد بن الحسين، عن الحسين بن الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: حدثني رجل من أهل جسر بابل، قال: كان في قرية رجل يؤذيني ويقول لي: يا رافضي، ويشتمني، وكان يلقب بقرد القرية. قال: فحججت سنة بعد ذلك، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي ابتداء: (قوفة ما نامت). (1) فقلت: جعلت فداك: متى ؟ قال: الساعة. فكتبت ذلك اليوم وتلك الساعة، فلما قدمت الكوفة تلقاني أخي فسألته: من مات ؟ ومن بقي ؟ فقال: (قوفة ما نامت). وهي كلمة بالنبطية يقول: قرد القرية مات، فقلت: متى ؟ قال لي: يوم كذا وكذا، في وقت كذا وكذا. كما (2) أخبرني به أبو عبد الله (عليه السلام). (3) 238 / 74 – وروى أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن الحسن (4)، عن يونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة (5): قالوا جميعا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: إن عندنا خزائن الارض ومفاتيحها، ولو شئت أن أقول (6) بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من اللجين والعقيان (7). قال: فقال بإحدى رجليه، فخطها في الارض خطا، فانفجرت الارض، ثم قال


(1) في ” م “: قرية مات، في الموضعين. وفي ” ط “: قرد القرية مات، في الموضعين أيضا. (2) في ” ع “: الذي. (3) بصائر الدرجات: 354 / 7، الخرائج والجرائح 2: 752 / 69، الثاقب في المناقب: 413 / 347، مدينة المعاجز: 390 / 101. (4) في الحديث (93) عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل من أصحابنا، عن الحسين بن أحمد المنقري. (5) في ” ع، م “: والحسن بن موسى بن أبي ناجية. وهو تصحيف، انظر رجال النجاشي: 55 ومعجم رجال الحديث 5: 206. (6) أي اشير. (7) ذهب متكاثف في مناجمه، خالص مما يختلط به من الرمال والحجارة ” المعجم الوسيط 2: 618 “.

[ 289 ]

بيده، فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر، فتناولها، ثم قال: انظروا في الارض. فإذا سبائك كثيرة، بعضها على بعض تتلألأ. فقال بعضنا: جعلت فداك، اعطيتم ما اعطيتم وشيعتكم محتاجون ؟ ! فقال: إن الله (عزوجل) سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة، ويدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم. (1) 239 / 75 – وروى أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حماد ابن عثمان (2)، عن المعلى بن خنيس، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: مالي أراك كئيبا حزينا ؟ فقلت: بلغني عن العراق وما أصاب أهله من الوباء، فذكرت عيالي وداري ومالي هناك. فقال: أيسرك أن تراهم ؟ فقلت: إي والله، إنه ليسرني ذلك. قال: فحول وجهك نحوهم. فحولت وجهي، فمسح بيده على وجهي، فإذا داري وأهلي وولدي ممثلة بين يدي نصب عيني. قال: فقال: ادخل دارك. فدخلتها حتى نظرت إلى جميع ما فيها من عيالي ومالي (3)، ثم بقيت ساعة حتى مللت منهم، ثم خرجت، قال لي: حول وجهك فحولت وجهي، فنظرت فلم أر شيئا. (4) 240 / 76 – وروى أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن


(1) بصائر الدرجات: 394 / 1، الكافي 1: 394 / 4، إثبات الوصية: 157، الاختصاص: 269، عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهر آشوب 4: 244، يأتي مثله. الحديث (93). (2) في النسخ: أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن يسار، عن حماد بن عيسى، وهو تصحيف، والصواب ما في المتن من البصائر والاختصاص وهم: أحمد بن الحسين بن سعيد، والحسين يروي كثيرا عن محمد بن سنان، الذي يروي بدوره عن حماد بن عثمان، راجع معجم رجال الحديث 5: 247 و 6: 218 و 18: 236. (3) في ” ط “: وولدي. (4) بصائر الدرجات: 426 / 8، الاختصاص: 323، مدينة المعاجز: 360.

[ 290 ]

سنان (1)، عن زياد بن أبي الحلال، عن جابر، قال: سمعته يقول… وسمعت منه أحاديث اضطربت منها وضعفت نفسي ضعفا شديدا، فقلت: والله، إن السراج لقريب، وإني عليه لقادر. فابتعت قلوصا (2) وخرجت عليه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما وصلت طلبت الاذن، فأذن لي، فلما نظر إلي قال: رحم الله جابرا كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة كان يكذب. قال: ثم قال: إن فينا روح رسول الله (صلى الله عليه وآله). (3) 241 / 77 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن شهاب بن عبد ربه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف أنت إذا نعاني إليك محمد بن سليمان ؟ قال: فلم أعرف محمد بن سليمان (4) من هو. قال: فإني يوما بالبصرة إذ قال لي محمد بن سليمان بن علي: يا شهاب، عظم الله أجرك. قال: قلت: ومن ذاك أصلح الله الامير ؟ ! قال: جعفر بن محمد (عليه السلام). قال: فذكرت قول أبي عبد الله (عليه السلام) فخنقتني العبرة، وقمت. (5) 242 / 78 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن


(1) في النسخ: يسار، وهو تصحيف، حيث روى الحسين بن سعيد كثيرا عن محمد بن سنان وروى الاخير عن زياد بن أبي الحلال، راجع معجم رجال الحديث 16: 138. (2) القلوص: الناقة الشابة ” مجمع البحرين – قلص – 4: 181 “. (3) بصائر الدرجات: 479 / 4، مناقب ابن شهر آشوب 4: 219، مدينة المعاجز: 379 / 63 ” نحوه “، تقدم مثله الحديث (57). (4) وهو محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، ولي إمارة البصرة في عهد المهدي والرشيد، توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة، راجع ترجمته في تاريخ بغداد 5: 291، سير أعلام النبلاء 8: 240. (5) إعلام الورى: 276 ” نحوه “، مناقب ابن شهر آشوب 4: 222، مدينة المعاجز: 409 / 196.

[ 291 ]

النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله (1) بن الحسن، عن الحسن بن هارون، قال: كنت بالمدينة، فكنت آتي موضعا أسمع فيه غناء جيران لنا، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي ابتداء منه: * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) * (2) يسأل السمع عما سمع، والبصر عما أبصر، والفؤاد عما عقد عليه. (3) 243 / 79 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسائي، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي الشيخ الصالح (4)، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: دخل أبو موسى البناء على أبي عبد الله (عليه السلام) في نفر من أصحابنا، فقال لهم أبو عبد الله (عليه السلام): احتفظوا بهذا الشيخ. قال: فذهب على وجهه في طريق مكة فلم ير بعد. (5) 244 / 80 – وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن حسان، عن جعفر ابن هارون الزيات، قال: كنت أطوف بالكعبة وأبو عبد الله (عليه السلام) في الطواف، فنظرت إليه فحدثت نفسي فقلت: هذا حجة الله ؟ ! وهذا الذي لا يقبل الله شيئا إلا بمعرفته ؟ ! قال: فإني في هذا متفكر إذ جاءني أبو عبد الله (عليه السلام) من خلفي، فضرب بيده على منكبي، ثم قال: * (أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفى ضلال وسعر) * (6). ثم جازني. (7)


(1) في ” ع، م “: عبيد، وفي ” ط “: عبيدالله، والصحيح ما في المتن، روى عن الحسن بن هارون، وروى عنه يحيى بن عمران الحلبي، انظر معجم رجال الحديث 10: 157. (2) الاسراء 17: 36. (3) نوادر المعجزات: 152 / 19. (4) في ” ط “: الصدوق. (5) رجال الكشي: 310 / 561، مدينة المعاجز: 396 / 136. (6) القمر 54: 24. (7) بصائر الدرجات: 260 / 21، مدينة المعاجز: 396 / 137.

[ 292 ]

245 / 81 – وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن، عن أبي حران، عن يونس بن يعقوب، عن عمر (1)، قال: أقبلت من مكة حتى انتهيت إلى الحفيرة – دون المدينة نحو من بريد – فسرقت زاملتي (2) واخذ ما فيها، وكان لابي عبد الله (عليه السلام) فيها سبعمائة درهم، فلحقنا صاحب المدينة فقال: سرقت زاملتك واخذ ما فيها ؟ قلت: نعم. قال: فإذا قدمت المدينة فائتنا [ حتى اعوضك ] (3). قلت: نعم. فقدمت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا عمر، سرقت زاملتك واخذ ما فيها ؟ فقلت: نعم. فقال: ما آتاك الله خير مما اخذ منك، وقال لك صاحب المدينة: ائتنا ؟ قلت: نعم. قال: فائته، فانه الذي دعاك إلى ذا، ولم تطلب ذلك أنت. ثم قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذهبت ناقته فقال الناس: يأتينا بخبر السماء ولا يدري أي موضع ناقته ؟ ! فنزل جبرئيل فأخبره أنها في موضع كذا وكذا، ملفوف زمامها بشجرة كذا وكذا. فخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما آتاني الله خير من ناقتي، وإن ناقتي في موضع كذا وكذا، ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا. فذهب المسلمون فوجدوها كذلك (4). 246 / 82 – وعنه، عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي بصير ومعنا شعيب


(1) في النسخ: عثمان، وهو تحريف، والصواب ما في المتن كما يأتي في أثناء الحديث، والكافي، وهو عمر بن عيسى أخو عذافر، انظر معجم رجال الحديث 13: 9 و 49. (2) الزاملة: مؤنث الزامل، ما يحمل عليه من الابل وغيرها ” المعجم الوسيط 1: 401 “. (3) اثبتناه من الكافي ومدينة المعاجز. (4) في ” ط “: هنالك، نحوه في الكافي 8: 221 / 278، ومدينة المعاجز: 424 / 262.

[ 293 ]

العقرقوفي. قال: فأخرج إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مالا فوضعه بين يديه، وقال له: جعلت فداك، لك منه كذا وكذا من الزكاة. قال: فضرب أبو عبد الله (عليه السلام) بيده إليه وقال: هذا لي، وهذا ليس لي. قال: فلما خرجنا قال أبو بصير لشعيب: يا عقرقوفي، اعطيت الليلة آية عظيمة. (1) 247 / 83 – وعنه، قال: حدثنا الحسن بن فضال، قال: أخبرني علي بن أبي حمزة، قال: خرجت بأبي بصير أقوده إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال، فقال لي: لا تكلم ولا تقل شيئا. قال: فانتهيت به إلى الباب فتنحى أبو بصير، فسمعنا أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: فلانة، افتحي (2) لابي محمد. قال: فدخلنا والسراج بين يديه، وإذا سفط بين يديه مفتوح. قال: فوقعت علي الرعدة، فجعلت ارتعد. قال: فرفع رأسه (3) فقال: أبزاز أنت ؟ قلت: نعم، جعلني الله فداك. قال: فرمى إلي بملاءة قوهية (4) كانت على المرفقة، قال: اطو هذه. قال: فطويتها، قال: ثم قال: أبزاز أنت ؟ وهو ينظر في الصحيفة. قال (5): ما رأيت كما مر بي الليلة، إنا دخلنا وبين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) سفط قد أخرج منه صحيفة ينظر فيها، وكلما نظر فيها أخذتني الرعدة. قال: فضرب أبو بصير بيده على جبينه، ثم قال: ويحك ! ألا أخبرتني ؟ ! فتلك – والله – الصحيفة التي فيها أسامي الشيعة، ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها (6). 248 / 84 – وبإسناده عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله الكناني،


(1) مدينة المعاجز: 396 / 138. (2) في ” ط ” زيادة: الباب. (3) زاد في البصائر: الي. (4) ضرب من الثياب بيض منسوبة إلى قوهستان ” لسان العرب – قوه – 13: 532 “. (5) زاد في البصائر: فازددت رعدة، فقال: فلما خرجنا قلت. (6) بصائر الدرجات: 192 / 5، مدينة المعاجز: 396 / 140.

[ 294 ]

عن موسى بن بكر، قال: حدثني بشير النبال، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ استأذن عليه رجل، فدخل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أنقى ثيابك ! فقال: جعلت فداك، هي لباس بلدنا. ثم قال: لقد جئتك بهدية. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): هدية ؟ قال: نعم. قال: فدخل غلام معه جراب فيه ثياب، فوضعه، ثم تحدث ساعة ثم قام، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن بلغ الوقت وصدق الوصف، فهو صاحب الرايات السود من خراسان، يا قانع، انطلق فاسأله: ما اسمك – لوصيف قائم على رأسه -. قال: فلحقه فقال له: أبو عبد الله يقول لك: ما اسمك قال: عبد الرحمن (1). قال: فرجع الغلام، فقال: أصلحك الله يقول: اسمي عبد الرحمن. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): عبد الرحمن، والله – ثلاث مرات – هو ورب الكعبة. قال بشير: فلما قدم أبو مسلم الكوفة جئت فنظرت إليه، فإذا هو الرجل الذي دخل علينا. (2) 249 / 85 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد بن علي، عن إدريس، عن عبد الرحمن، عن داود بن كثير الرقي، قال: أتيت المدينة فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما استويت في المجلس بكيت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يبكيك يا داود ؟ فقلت: يا بن رسول الله، إن قوما يقولون لنا: لم يخصكم الله بشئ سوى ما خص به غيركم، ولم يفضلكم بشئ سوى ما فضل به غيركم. فقال: كذبوا الملاعين. قال: ثم قام فركض الدار برجله، ثم قال: كوني بقدرة الله. فإذا سفينة من ياقوتة حمراء، وسطها درة بيضاء، وعلى أعلى السفينة راية خضراء،


(1) وهو عبد الرحمن بن مسلم، أبو مسلم الخراساني، انظر وفيات الاعيان 3: 145، تاريخ بغداد 10: 207، سير أعلام النبلاء 6: 48. (2) الخرائج والجرائح 2: 645 / 54، مدينة المعاجز: 396 / 141، ونحوه في اثبات الوصية: 158، وإعلام الورى: 279، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 229.

[ 295 ]

عليها مكتوب ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله (1)، يقتل القائم الاعداء، ويبعث المؤمنون، وينصره الله بالملائكة “. وإذا في وسط السفينة أربع كراسي من أنواع الجواهر، فجلس أبو عبد الله (عليه السلام) على واحد، وأجلسني على واحد، وأجلس موسى على واحد، وأجلس إسماعيل على واحد، ثم قال: سيري على بركة الله (عزوجل). فسارت في بحر عجاج، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فسرنا بين جبال الدر والياقوت، حتى انتهينا إلى جزيرة، وسطها قباب من الدر الابيض، محفوفة بالملائكة، ينادون: مرحبا مرحبا يا بن رسول الله، فقال: هذه قباب الائمة من آل محمد، ومن ولد محمد (صلى الله عليه واله)، كلما افتقد واحد منهم أتى هذه القباب، حتى يأتي الوقت الذي ذكره الله (عزوجل) في كتابه: * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (2). قال: ثم ضرب يده إلى أسفل البحر، فاستخرج منه درا وياقوتا، فقال: يا داود، إن كنت تريد الدنيا فخذها. فقلت: لا حاجة لي في الدنيا يا بن رسول الله. فألقاه في البحر، ثم استخرج من رمل البحر، فإذا مسك وعنبر واشتمه واشتممناه، ثم رمى به في البحر. ثم نهض فقال: قوموا حتى تسلموا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعلى أبي محمد الحسن بن علي، وعلى أبي عبد الله الحسين بن علي، وعلى أبي محمد علي بن الحسين، وعلى أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام). فخرجنا حتى انتهينا إلى قبة وسط القباب، فرفع جعفر (عليه السلام) الستر فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) جالس، فسلمنا عليه، ثم أتينا قبة الحسن بن علي، فسلمنا عليه، فخرجنا، ثم أتينا قبة الحسين بن علي فسلمنا عليه، وخرجنا، ثم أتينا قبة علي بن الحسين، فسلمنا عليه، فخرجنا. ثم أتينا قبة محمد بن علي، فسلمنا عليه، وخرجنا. ثم قال: انظروا على يمين الجزيرة. فإذا قباب لا ستور عليها (3)، قال: هذه لي


(1) في النوادر زيادة: علي ولي الله. (2) الاسراء 17: 6. (3) في النوادر زيادة: فقلت: يا بن رسول الله، ما بال هذه القباب لا ستور عليها ؟

[ 296 ]

ولمن يكون من بعدي من الائمة. ثم قال: انظروا إلى وسط الجزيرة. [ فنظرنا فإذا فيها أرفع ما يكون من القباب ووسطها سرير، فقال: ] (1) هذه للقائم من آل محمد (عليه السلام). ثم قال: ارجعوا. فرجعنا، ثم قال: كوني بقدرة الله (عزوجل). فإذا نحن في مجلسنا كما كنا (2). 250 / 86 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسائي، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن عبد الله ابن النجاشي، قال: أصاب جبة لي (3) نضح من بول، فشككت فيه فغسلتها في ماء في ليلة باردة، فلما دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ابتدأني فقال: إن الفرو (4) إذا غسلته بالماء فسد. (5) 251 / 87 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الشلمغاني قال: روى رفاعة بن موسى، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأقبل أبو الحسن (عليه السلام) وهو صغير السن، فأخذه ووضعه في حجره، فقبل رأسه، ثم قال: يا رفاعة، أما إنه سيصير في أيدي بني مرداس (6)، ويتخلص منهم، ثم يأخذونه ثانية فيعطب (7) في أيديهم. (8) 252 / 88 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثني أبو


(1) أثبتناه من النوادر. (2) نوادر المعجزات: 146 / 15، مدينة المعاجز: 373 / 42. (3) زاد في ” ط “: فراء. (4) في ” ط “: الفراء. (5) بصائر الدرجات: 262 / 26. (6) في كشف الغمة: آل العباس. (7) العطب: الهلاك ” لسان العرب – عطب – 1: 610 “. (8) إثبات الوصية: 162، كشف الغمة 2: 192، مدينة المعاجز: 397 / 142.

[ 297 ]

علي محمد بن همام قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي الحراني، عن محمد بن حمران، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): حدثني عن القوم. فقال: الحديث أحب إليك أم المعاينة ؟ فقلت: المعاينة. فقال لابي الحسن موسى (عليه السلام): انطلق فائتني بالقصبة. فأتى بها (1)، فضرب بها (2) الارض ضربة، فانشقت عن بحر أسود، فضربها، فانفتحت عن باب، فإذا بهم ووجوههم مسودة، وأعينهم مزرقة، وكل واحد منهم مشدود إلى جنب صخرة، موكل بكل واحد منهم ملك، وهم ينادون، والملائكة تضرب وجوههم، ويقولون: كذبتم ليس لكم محمد. فقلت: جعلت فداك، من هؤلاء ؟ فقال: ابن الجمل (3) وزفر ونعثل واللعين. ثم قال: انطبق عليهم إلى الوقت. (4) 253 / 89 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه لما خرج من عند المنصور نزل الحيرة، فبينا هو بها إذ أتاه الربيع (5) فقال: أجب أمير المؤمنين. فركب إليه وقد كان وجد في الصحراء صورة عجيبة لا يعرف خلقتها، ذكر من وجدها أنه رآها وقد سقطت مع المطر. فلما دخل عليه قال له: يا أبا عبد الله، أخبرني عن الهواء، أي شئ فيه ؟ فقال: بحر مكفوف. قال له: فله سكان ؟ قال: نعم.


(1، 2) في ” ع، م “: به، وهو صحيح بناء على نسخة النوادر التي فيها: فائتني بالقضيب. (3) في النوادر: أبو جهل. (4) نوادر المعجزات: 148 / 16. (5) وهو الربيع بن يونس أحد وزراء أبي جعفر المنصور، وكان أول أمره حاجبه ومولاه، مات أول سنة سبعين ومائة، انظر تاريخ بغداد 8: 414، الجوهر الثمين 1: 118.

[ 298 ]

قال: وما سكانه ؟ قال: خلق، أبدانهم أبدان الحيتان، ورؤوسهم رؤوس الطير، ولهم أعرفة كأعرفة الديكة، ونغانغ كنغانغ الديكة، وأجنحة كاجنحة الطير، من ألوان أشد بياضا من الفضة. فدعا المنصور بالطست، فإذا الخلق فيها لا يزيد ولا ينقص، فأذن له فانصرف. ثم قال للربيع: ويلك (1) يا ربيع ! هذا الشجا المعترض (2) في حلقي من أعلم الناس. (3) 254 / 90 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن علي، عن إدريس، عن عبد الرحمن، عن داود بن كثير الرقي، قال: خرجت مع أبي عبد الله (عليه السلام) إلى الحج، فلما كان أوان الظهر قال لي في أرض قفر: يا داود، قد كانت الظهر، فاعدل بنا عن الطريق حتى تأخذ اهبة الظهر. فعدلنا عن الطريق، ونزل في أرض قفر لا ماء فيها، فركضها برجله، فنبعت لنا عين ماء (4)، كأنها قطع الثلج، فتوضأ وتوضأت، وصلينا. فلما هممنا بالمسير التفت، فإذا بجذع نخلة، فقال: يا داود، أتحب أن اطعمك منه رطبا ؟ فقلت: نعم. فضرب بيده إليه، ثم هزه فاخضر من أسفله إلى أعلاه، ثم جذبه الثانية، فأطعمني منه اثنين وثلاثين نوعا من أنواع الرطب، ثم مسح بيده عليه فقال: عد جذعا بإذن الله. فعاد كسيرته الاولى. (5) 255 / 91 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: أخبرني أبو جعفر


(1) في ” ع “: ويحك. (2) في ” ع، م “: الشئ المفروض. (3) إثبات الوصية: 159، عيون المعجزات: 88، الخرائج والجرائح 2: 640 / 47، كشف الغمة 2: 196، مدينة المعاجز: 406 / 183. (4) في ” ع، م ” زيادة: من ماء. (5) عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهر آشوب 4: 241.

[ 299 ]

محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (1)، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد النيسابوري الحذاء (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو ابن محمد الرازي الكاتب، قال: حدثنا محمد بن الحسن السراج، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان، عن الربيع، قال: وجه المنصور… وجاء بالخبر على السياقة. وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان، قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل، فدعاهم فقال لهم: ويحكم ! انكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى، وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وأن أبا عبد الله جعفر ابن محمد ساحر مثلكم، فاعملوا شيئا من السحر، فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة، والمال الجزيل. فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور، وصوروا له سبعين صورة من صور السباع، لا يأكلون ولا يشربون، وإنما كانت صورا، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره، ووضع إكليله على رأسه، ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي عبد الله. فقام فدخل عليه، فلما أن نظر إليه وإليهم وما قد استعدوا له، رفع يده إلى السماء، ثم تكلم بكلام، بعضه جهرا وبعضه خفيا، ثم قال: ويحكم ! أنا الذي أبطل سحركم. ثم نادى برفيع صوته: قسورة، خذهم. فوثب كل سبع منها على صاحبه.


(1) كذا في النسخ، ولم تعهد رواية محمد بن هارون عن الشيخ الصدوق، ولم يذكر الحذاء في مشايخ الاخير. والارجح أن الصواب هو: أخبرني أبي، إذ روى محمد بن هارون، عن أبيه هارون بن موسى التلعكبري كثيرا كما تقدم ويأتي في أسانيد هذا الكتاب، وذكر الشيخ الطوسي في رجاله: 468 رقم 36 أبو محمد الحذاء هذا وقال: روى عنه التلعكبري وله منه إجازة.

[ 300 ]

وافترسه في مكانه، ووقع المنصور من سريره، وهو يقول: يا أبا عبد الله، أقلني، فو الله لا عدت إلى مثلها أبدا. فقال له: قد أقلتك. قال: يا سيدي، فرد السباع إلى ما أكلوا (1). قال: هيهات، إن عادت عصا موسى فستعود السباع. (2) 256 / 92 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) وهو راكب وأنا أمشي معه، فمررنا بعبدالله بن الحسن وهو راكب، فلما بصر بنا شال المقرعة ليضرب بها فخذ أبي عبد الله (عليه السلام)، فأومأ إليها الصادق فجفت يمينه، والمقرعة فيها، فقال له: يا أبا عبد الله، بالرحم إلا عفوت عني. فأومأ إليه بيده، فرجعت يده. ثم أقبل علي وقال لي: يا مفضل – وقد مرت عظاءة (3) من العظاء – ما يقول الناس في هذه ؟ قلت: يقولون إنها حملت الماء فأطفأت نار إبراهيم. فتبسم ثم قال لي: يا مفضل، ولكن هذا عبد الله وولده، وإنما يرق الناس عليهم لما مسهم من الولادة (4) والرحم. (5) 257 / 93 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن (6) رجل من أصحابنا، عن الحسين بن أحمد


(1) في النوادر: ما كانت. (2) نوادر المعجزات: 149 / 17، مدينة المعاجز، 362 / 23. (3) العظاءة: دويبة تشبه سام أبرص، جمعها عظاء وعظايا ” لسان العرب – عظي – 15: 71 “، حياة الحيوان 2: 32 “. (4) في مدينة المعاجز: الولاية. (5) مدينة المعاجز: 397 / 144. (6) (عن) ليس في ” ع، م “.

[ 301 ]

المنقري، عن يونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير ابن أبي فاختة، قالوا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: لنا خزائن الارض ومفاتيحها، ولو أشاء أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب. ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الارض خطا فانفرجت الارض، ثم قال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها، ثم قال: انظروا فيها حسنا حتى لا تشكوا. ثم قال: انظروا في الارض. فإذا سبائك في الارض كثيرة، تتلألأ. فقال له بعضنا: اعطيتم ما اعطيتم وشيعتكم محتاجون ! فقال: إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة، فيدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم. (1) وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما.


(1) تقدمت تخريجاته في الحديث: 238 / 74.

[ 303 ]

أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالابواء، بين مكة والمدينة، في شهر ذي الحجة سنة مائة وسبعة وعشرين من الهجرة (1). 258 / 1 – روى أحمد بن محمد، عن المختار بن زياد (2)، عن محمد بن سليمان (3)، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي


(1) المتفق عليه في أغلب المصادر أنه ولد (عليه السلام) في السابع من صفر سنة 128 ه‍ وقيل: سنة 129. انظر: تاريخ الائمة: 11، الارشاد: 288، تاريخ بغداد 13: 27، تاج المواليد: 122، إعلام الورى: 294، تاريخ مواليد الائمة ووفياتهم: 188، مناقب ابن شهر آشوب 4: 323، صفة الصفوة 2: 187، وفيات الاعيان 5: 310، كشف الغمة 2: 250، المستجاد من كتاب الارشاد: 472، سير أعلام النبلاء 6: 270، الفصول المهمة: 232، نور الابصار: 301. (2) في النسخ: بن مأرب، ولم نعثر عليه بهذا الضبط، وما أثبتناه من البصائر والكافي، وانظر معجم رجال الحديث 18: 102 والهامش الآتي. (3) في ” ع، م “: بن مسلم، وفي ” ط “: بن سليم، وما أثبتناه من نسخة مخطوطة نفيسة من البصائر والكافي، روى عن أبيه وروى عنه المختار بن زياد، انظر معجم رجال الحديث 16: 129.

[ 304 ]

ولد فيها موسى بن جعفر بالابواء، فبينا نحن نأكل معه إذ أتاه الرسول: إن حميدة قد أخذها الطلق: فقام فرحا مسرورا ومضى، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسرا عن ذراعيه، ضاحكا مستبشرا، فقلنا: أضحك الله سنك، وأقر عينك، ما صنعت حميدة ؟ فقال: وهب الله لي غلاما، وهو خير أهل زمانه، ولقد خبرتني امه عنه بما كنت أعلم به منها. فقلت: جعلت فداك، وما الذي خبرتك به عنه ؟ فقال: ذكرت أنه لما خرج من أحشائها وقع إلى الارض رافعا رأسه إلى السماء، قد اتقى الارض بيده، يشهد أن لا إله إلا الله، فقلت لها: إن ذلك أمارة رسول الله وأمارة الائمة من بعده. فقلت: جعلت فداك، وما الامارة ؟ فقال: العلامة. يا أبا بصير، إنه لما كان في الليلة التي علق فيها أتاني آت بكأس فيه شربة من الماء، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل وأشد (1)، وأبرد من الثلج، فسقانيه فشربته، وأمرني بالجماع، ففعلت فرحا مسرورا، وكذلك يفعل بكل واحد منا، فهو والله صاحبكم. إن نطفة الامام حين تكون في الرحم أربعين يوما وليلة نصب لها عمود من نور في بطن امه، ينظر به مد بصره، فإذا تمت له أربعة أشهر أتاه ملك يقال له (الخير) فكتب على عضده الايمن * (وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا) * (2) الآية. فإذا وضعته امه اتقى الارض بيده، رافعا رأسه إلى السماء، ويشهد أن لا إلا إلا الله. وينادي مناد من قبل العرش، من الافق الاعلى باسمه واسم أبيه: يا فلان بن فلان، يقول الجليل: أبشر فإنك صفوتي، وخيرتي من خلقي، وموضع سري، وعيبة علمي، لك ولمن تولاك اوجب (3) رحمتي واسكنه جنتي، واحلله جواري، ثم وعزتي،


(1) في ” ع، م “: والشهد. (2) الانعام 6: 115. (3) في ” ط “: أوجبت.

[ 305 ]

لاصلين من عاداك ناري وأشد عذابي، وإن أوسعت عليه في دنياه. فإذا انقطع المنادي أجابه الامام: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * (1). فإذا قالها أعطاه الله علم الاولين وعلم الآخرين، واستوجب الزيادة من الجليل ليلة القدر. فقلت: جعلت فداك، أليس الروح هو جبرئيل ؟ فقال: جبرئيل من الملائكة، والروح خلق أعظم منه، وهو مع الامام حيث كان. (2) 259 / 2 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن حميدة أخبرتني بشئ ظنت أني لا أعرفه، وكنت أعلم به منها. قلنا له: وما أخبرتك به ؟ قال: ذكرت أنه لما سقط من الاحشاء سقط واضعا يديه على الارض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والوصي إذا خرج من بطن امه، أن تقع يداه على الارض، ورأسه إلى السماء، ويقول * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) * الآية، أعطاه الله العلم الاول، والعلم الآخر، واستحق زيادة الروح في ليلة القدر، وهو أعظم خلقا من جبرئيل. (3) رجع الحديث فأقام مع أبيه تسع عشرة سنة، وعاش بعد أبيه أيام أمامته خمسا وثلاثين سنة، فيها بقية ملك المنصور، ثم ملك ابنه محمد المهدي عشر سنين وشهر وأيام، ثم ملك


(1) آل عمران 3: 18. (2) المحاسن: 314 / 32، بصائر الدرجات: 460 / 4، الكافي 1: 316 / 1، عيون المعجزات: 95، مدينة المعاجز: 425 / 1. (3) مدينة المعاجز: 426.

[ 306 ]

ابن المهدي موسى المعروف بالهادي سنة وخمس وعشرون يوما، ثم ملك هارون المعروف بالرشيد ثلاث وعشرون سنة وشهران وتسعة وعشرون يوما. (1) وبعدما مضى خمس عشرة سنة من ملك الرشيد، استشهد ولي الله في رجب سنة مائة وأربعة وثمانين من الهجرة (2)، وصار إلى كرامة الله (عزوجل) وقد كمل عمره أربعا وخمسين سنة، (3) ويروى: سبعا وخمسين سنة (4). وكان سبب وفاته أن يحيى بن خالد سمه في رطب وريحان، أرسل بهما إليه مسمومين بأمر الرشيد، ولما سم وجه الرشيد إليه بشهود حتى يشهدون عليه بخروجه عن أملاكه، فلما دخلوا قال: يا فلان بن (5) فلان، سقيت السم في يومي هذا، وفي غد يصفار بدني ويحمار، وبعد غد يسود وأموت. فانصرف الشهود من عنده، فكان كما قال (عليه السلام). (6) وتولى أمره ابنه علي الرضا (عليه السلام)، ودفن ببغداد بمقابر قريش، في بقعة كان قبل وفاته ابتاعها لنفسه. (7)


(1) إعلام الورى: 294، مناقب ابن شهر آشوب 4: 323. (2) الذي عليه أغلب المصادر أنه استشهد (عليه السلام) في سنة 183 ه‍، انظر الكافي 1: 405، روضة الواعظين: 221، تاج المواليد: 123، مناقب ابن شهر آشوب 4: 323، كشف الغمة 2: 237، الفصول المهمة: 241. (3) تاريخ الائمة: 11، الكافي 1: 405، روضة الواعظين: 221، مناقب ابن شهر آشوب 4: 324، كشف الغمة 2: 237. (4) هذه الرواية هي الموافقة لما أثبته المصنف من تاريخ ولادته ووفاته (عليه السلام) (127 – 184 ه‍) أما في غيره من المصادر فالمروي (55 سنة)، انظر الارشاد: 288، روضة الواعظين: 221، إعلام الورى: 294، كشف الغمة 2: 237، الفصول المهمة: 241. (5) في ” ط “: يا. (6) مدينة المعاجز: 457 / 86. (7) إعلام الورى: 311، تاج المواليد، 123، مناقب ابن شهر آشوب 4: 328، كشف الغمة 2: 234، مدينة المعاجز: 457.

[ 307 ]

وكانت وفاته في حبس المسيب، وهو المسجد الذي بباب الكوفة الذي فيه السدرة (1). نسبه (عليه السلام) موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (2) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (3). ويكنى: أبا الحسن، وأبا إبراهيم – والثاني أثبت – لانه قال: منحني أبي كنيتين. يعني أباه الصادق (عليه السلام) (4). ولقبه: العبد الصالح، والوفي، والصابر، والكاظم، والامين (5). وامه: حميدة بنت صاعد البربري (6). 260 / 3 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر


(1) في الهداية الكبرى: 264 وكانت وفاته (عليه السلام) في زمن هارون الرشيد في دار السندي بن شاهك – والي الشرطة ببغداد – في الكوفة. (2) في ” ع، م “: بن عبد مناف. (3) (ابن عبد مناف) ليس في ” ع، م “. (4) تاريخ الائمة: 30، الارشاد: 288، روضة الواعظين: 212، تاج المواليد: 121، تاريخ بغداد 13: 27. (5) تاريخ الائمة: 28، روضة الواعظين: 212، تاج المواليد: 121، مناقب ابن شهر آشوب 4: 323. وزاد في الهداية الكبرى: 263 المصلح، المبرهن، البيان، ذو المعجزات. وزاد في ألقاب الرسول وعترته: 265 الكهف الحصين، قوام آل محمد صلى الله عليه وآله، نظام أهل البيت، نور أهل بيت الوحي، راهب بني هاشم، أعبد أهل زمانه، أسخى العرب، أفقه الثقلين، منقذ الفقراء، مطعم المساكين، زين المجتهدين، حيف كتاب الله، المنتخب. (6) تاريخ الائمة: 25، الكافي 1: 397، الهداية الكبرى: 263، الارشاد: 288، عيون المعجزات: 95. (*)

[ 308 ]

ابن عمار الطبرستاني، قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني (1)، رفعه إلى جابر قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): قدم رجل من المغرب معه رقيق، ووصف لي صفة (2) جارية معه، وأمرني بابتياعها بصرة دفعها إلي. فمضيت إلى الرجل، فعرض علي ما كان عنده من الرقيق، فقلت: بقي عندك غير ما عرضت علي ؟ فقال: بقيت جارية عليلة. فقلت: أعرضها علي. فعرض (3) حميدة، فقلت له: بكم تبيعها ؟ فقال: بسبعين دينارا. فأخرجت الصرة إليه، فقال النخاس: لا إله إلا الله ! رأيت البارحة في النوم رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد ابتاع مني هذه الجارية بهذه الصرة بعينها. فتسلمت الجارية وصرت بها إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فسألها عن اسمها، فقالت: حميدة. فقال: حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة: ثم سألها عن خبرها، فعرفته أنها بكر، فقال لها: أنى يكون ذلك وأنت جارية كبيرة ؟ ! فقالت: كان مولاي إذا أراد أن يقرب مني أتاه رجل في صورة حسنة فيمنعه أن (4) يصل إلي. فدفعها أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، وقال: حميدة سيدة الاماء، مصفاة من الارجاس كسبيكة الذهب ما زالت الاملاك (5) تحرسها حتى اديت إلى كرامة الله (عزوجل). (6) بوابه: محمد بن المفضل (7).


(1) في ” ع “: بن الشلمغان. (2) في ” ط “: خلقة. (3) في ” ط ” زيادة: علي. (4) في ” ع، م “: ألا. (5) في ” ع، م “: الملاك. (6) اثبات الوصية: 160، ونحوه في الكافي 1: 397 / 1 والخرائج والجرائح 1: 286 / 20. (7) تاريخ أهل البيت: 148، وفي تاريخ الائمة: 33 والفصول المهمة: 232 ونور الابصار: 301: محمد بن الفضل.

[ 309 ]

[ نقش خاتمه (عليه السلام) ] وكان له خاتم نقشة فصه: حسبي الله (1) ذكر ولده (عليه السلام) علي الامام الرضا (عليه السلام)، وفاطمة لام. والعباس، وإبراهيم، والقاسم لامهات شتى. وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسن، وفاطمة الصغرى، وأحمد لام. ومحمد، وحمزة، ورقية لام. و عبد الله، وإسحاق لام. وعبيدالله، وزيد، وحسين، والفضل، وسليمان، وحكيمة، وعباسة، وقسمة، وام فروة، وأسماء، ورقية، وكلثوم، وام جعفر، ولبابة، وزينب، وخديجة، وعلية، وآمنة، وحسينة (2)، ونزيهة (3)، وام سلمة، ومصونة (4)، وام كلثوم لامهات شتى (5). رجل الحديث وكان أبوه يحبه ويميل إليه، ووهب اليسيرية له تفضلا، وكان شراها بستة وعشرين ألف دينار (6).


(1) الكافي 6: 473 / 4، وفي الفصول المهمة: 332 ونور الابصار: 301 (الملك لله وحده). (2) في ” ع “: حسنية، وفي الارشاد: حسنة. (3) كذا في المناقب ابن شهر آشوب، وفي النسخ: بويمة، وفي الارشاد: بريهة. (4) في الارشاد والمناقب: ميمونة. (5) تاريخ الائمة: 20، تاج المواليد: 123، إعلام الورى: 312، مناقب ابن شهر آشوب 4: 324، تذكرة الخواص: 351، كشف الغمة 2: 216 و 237، الفصول المهمة: 241. (6) في إرشاد المفيد: 303، وإعلام الورى 312، وكشف الغمة 2: 236، والفصول المهمة: 242: وكان

[ 310 ]

وكان (عليه السلام) شيخا بهيا كريما، عتق ألف مملوك. وكان يدعى (العبد الصالح) من عبادته واجتهاده. وقيل: إنه دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: ” عظم الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة ” وجعل يرددها حتى أصبح. وكان يبلغه عن رجل أنه يؤذيه، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار. وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة. وكانت صرة موسى إذا جاءت الانسان استغنى (1). وقال محمد بن عبد الله البكري: قدمت المدينة أطلب بها دينا، فأعياني، فقلت: لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى وشكوت إليه، فأتيته بنقمي (2) في ضيعته، فخرج إلي ومعه غلام (3) معه منسف (4) فيه قديد مجزع (5)، ليس معه غيره، فأكل وأكلت معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرت له قصتي، فدخل فلم يقر (6) إلا يسيرا حتى خرج إلي فقال لغلامه: اذهب. ثم مد يده إلي، فدفع صرة فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولى، فقمت


أحمد بن موسى كريما جليلا ورعا، وكان أبو الحسن موسى (عليه السلام) يحبه ويقدمه، ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة. وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 72 في سعاية علي بن إسماعيل بن الامام الصادق (عليه السلام) بعمه الامام أنه اشترى ضيعة تسمى اليسيرية بثلاثين ألف دينار. (1) تاريخ بغداد 13: 27، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 191، وفيات الاعيان 5: 308، سير أعلام النبلاء 6: 271، الائمة الاثنا عشر: 89. (2) في النسخ: بنعمى، تصحيف، ونقمى: موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب، معجم البلدان 5: 300. (3) في ” ع “: غلامه. (4) المنسف: ما ينسف به الطعام، أي يفرق ” مجمع البحرين – نسف – 5: 123 “. (5) القديد: اللحم المملوح المجفف في الشمس ” لسان العرب – قدد – 3: 344 “. مجزع: أي مقطع ” لسان العرب – جزع – 8: 48 “. (6) في ” ط “: يقم.

[ 311 ]

فركبت دابتي وانصرفت (1). وقيل: إنه كان بالمدينة رجل من ولد عمر بن الخطاب يؤذيه ويشتم عليا (صلوات الله عليه)، وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله. فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر، وسأل عن العمري، فذكر له أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا تطأ زرعنا. فتوطأه بالحمار، حتى وصل إليه، فنزل وجلس عنده، وضاحكه، وقال له: كم غرمت في زرعك هذا ؟ قال له: مائة دينار. قال: فكم ترجو أن تصيب فيه ؟ قال: لا أعلم الغيب. قال: إنما قلت لك: كم ترجو فيه ؟ قال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار. قال: فأعطاه ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله. قال: فقام العمري فقبل رأسه، وانصرف. قال: فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. قال: فوثب أصحابه فقالوا له: ما قصتك ؟ ! قد كنت تقول خلاف هذا ! فخاصمهم وسابهم، وجعل يدعو لابي الحسن موسى (عليه السلام) كلما دخل وخرج. قال: فقال أبو الحسن موسى (عليه السلام) لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري: أيما كان أخير: ما أردتم أو ما أردت ؟ أردت أن اصلح أمره بهذا المقدار. (2) وقال محمد ابنه: خرجت مع أبي إلى ضياعه (3)، وأصبحنا في غداة باردة، وقد دنونا منها وأصبحنا عند عين من عيون ساية (4)، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد


(1) الارشاد: 296، تاريخ بغداد 13: 28، روضة الواعظين: 215، سير أعلام النبلاء 6: 271، حلية الابرار 2: 260. (2) الارشاد: 297، تاريخ بغداد 13: 28، إعلام الورى: 306، سير أعلام النبلاء 6: 271. (3) في ” ع، م “: بستانه. (4) واد من حدود الحجاز فيه مزارع وعيون.

[ 312 ]

زنجي فصيح مستدفئ بخرقة، على رأسه قدر فخار، فوقف على الغلمان فقال: أين سيدكم ؟ قالوا: هو ذاك. قال: أبومن يكنى ؟ قالوا: أبا الحسن. قال فوقف عليه وقال له: يا سيدي يا أبا الحسن، هذه عصيدة أهديتها إليك. قال: ضعها عند الغلمان، فوضعها عند الغلمان، فأكلوا منها. ثم ذهب فلم نقل بلغ حتى خرج، وعلى رأسه حزمة حطب، حتى وقف عليه وقال: يا سيدي، هذا حطب أهديته إليك. قال: ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا. فذهب فجاء بنار. قال: فكتب أبو الحسن (عليه السلام) اسمه واسم مولاه، فدفعه إلي وقال: يا بني، احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها. قال: فوردنا إلى ضياعه، فأقام بها ما طاب له، ثم قال: امضوا بنا إلى زيارة البيت. قال: فخرجنا حتى وردنا مكة، فلما قضى عمرته دعا صاعدا فقال: اذهب فاطلب لي هذا الرجل، فإذا علمت موضعه فأعلمني حتى أمشي إليه. فوقعت على الرجل (1)، فلما رآني عرفني، وكنت أعرفه، وكان يتشيع، فلما رآني سلم علي وقال: أبو الحسن موسى قدم ؟ قلت: لا. قال: فأي شئ أقدمك ؟ قلت: حوائج، وكان قد علم بمكانه وبشأنه، فتبعني وجعلت أتخفى منه ويلحقني بنفسه (2)، فلما رأيت أني لا أنفلت منه، مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى أتيته، فقال: ألم أقل لك لا تعلمه ؟ فقلت: جعلت فداك، لم اعلمه. فسلم عليه فقال أبو الحسن (عليه السلام): غلامك فلان تبيعه ؟ فقال: جعلت فداك، الغلام لك، والضيعة لك، وجميع ما أملك. قال: أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها، وقد حدثني أبي، عن جدي أن بائع (3) الضيعة ممحوق، ومشتريها مرزوق.


(1) في تاريخ بغداد زيادة: فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي. قال لي صاعد: فذهبت حتى وقفت على الرجل. (2) في ” ط “: ويخفى نفسه. (3) في ” ع، م “: بيع.

[ 313 ]

قال: فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها، فاشترى أبو الحسن (عليه السلام) الضيعة والرقيق منه بالوف الدنانير وأعتق العبد، ووهب له الضيعة. وقال ابن أبي رافع: فهو ذا ولده يعرف بالصراف بمكة. (1) ذكر معجزاته (عليه السلام) 261 / 4 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن مالك الفزاري، قال: حدثني محمد بن إسماعيل الحسيني (2)، عن أبي محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام)، قال: إن موسى (عليه السلام) قبل وفاته بثلاثة أيام دعا المسيب وقال له: إني ظاعن عنك في هذه الليلة إلى مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه واله)، لاعهد إلى من بها عهدا أن يعمل به بعدي. قال المسيب: قلت: مولاي، كيف تأمرني والحرس والابواب ! كيف أفتح لك الابواب والحرس معي على الابواب وعليها أقفالها ؟ ! فقال: يا مسيب، ضعفت نفسك (3) في الله وفينا ؟ ! قلت: يا سيدي، بين لي. فقال: يا مسيب، إذا مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثها، فقف فانظر. قال المسيب: فحرمت على نفسي الانضجاع في تلك الليلة، فلم أزل راكعا وساجدا وناظرا ما وعدنيه، فلما مضى من الليل ثلثه غشيني (4) النعاس وأنا جالس، فإذا


(1) تاريخ بغداد 13: 29، إحقاق الحق 12: 305. في تاريخ بغداد: فهو ذا ولده في الطرفين بمكة. (2) في ” ع، م “: الحسني، وكأنه محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليه السلام)، ممن رأى صاحب الامر (عليه السلام)، انظر معجم رجال الحديث 15: 107. (3) في المصادر: ضعف يقينك. (4) في ” م، ط “: غشاني.

[ 314 ]

أنا بسيدي موسى يحركني برجله، ففزعت وقمت قائما، فإذا بتلك الجدران المشيدة، والابنية المعلاة، وما حولنا من القصور والابنية، قد صارت كلها أرضا (1)، فظننت بمولاي أنه أخرجني من المحبس الذي كان فيه، قلت: مولاي، خذ بيدي من ظالمك وظالمي. فقال: يا مسيب، تخاف القتل ؟ قلت: مولاي، معك لا. فقال: يا مسيب فاهدأ على حالتك، فإنني راجع إليك بعد ساعة واحدة، فإذا وليت عنك فسيعود المحبس إلى شأنه. قلت: يا مولاي، فالحديد الذي عليك، كيف تصنع به ؟ فقال: ويحك يا مسيب ! بنا والله، ألان الله الحديد لنبيه داود، كيف يصعب علينا الحديد ؟ ! قال المسيب: ثم خطا، فمر بين يدي خطوة ولم أدر كيف غاب عن بصري، ثم ارتفع البنيان وعادت القصور على ما كانت عليه، واشتد اهتمام نفسي، وعلمت أن وعده (2) الحق، فلم أزل قائما على قدمي، فلم ينقض إلا ساعة كما حده لي، حتى رأيت الجدران والابنية قد خرت إلى الارض سجدا، وإذا أنا بسيدي (عليه السلام) وقد عاد إلى حبسه، وعاد الحديد إلى رجليه، فخررت ساجدا لوجهي بين يديه، فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب، وأعلم أن سيدك راحل عنك إلى الله في ثالث هذا اليوم الماضي. فقلت: مولاي، فأين سيدي علي ؟ فقال: شاهد (3) غير غائب يا مسيب، وحاضر غير بعيد، يسمع ويرى. قلت: يا سيدي، فإليه قصدت ؟ قال: قصدت والله يا مسيب، كل منتخب (4) لله على وجه الارض شرقا وغربا،


(1) في ” م، ط ” زيادة: والدنيا من حولنا من القصور والابنية المعلاة والارض. (2) في ” ع، م “: وعدته. (3) في ” ع، م “: شاهدنا. (4) في ” ع “: منتجب، وكلاهما بمعنى واحد.

[ 315 ]

حتى الجن في البراري والبحار، حتى الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم. قال: فبكيت. قال: لا تبك يا مسيب، إنا نور لا نطفأ، إن غبت عنك، فهذا علي ابني يقوم مقامي بعدي، هو أنا. فقلت: الحمد لله. قال: ثم إن سيدي في ليلة اليوم الثالث دعاني فقال لي: يا مسيب، إن سيدك يصبح من ليلة يومه على ما عرفتك من الرحيل إلى الله (تعالى)، فإذا أنا دعوت بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخت بطني، يا مسيب، واصفر لوني، واحمر، واخضر، وتلون ألوانا، فخبر الظالم بوفاتي، وإياك بهذا الحديث (1). أن تظهر عليه أحدا من عندي إلا بعد وفاتي. قال المسيب: فلم أزل أترقب وعده، حتى دعا بشربة الماء فشربها، ثم دعاني فقال: إن هذا الرجس، السندي بن شاهك، سيقول إنه يتولى أمري ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا ! فإذا حملت نعشي إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش، فالحدوني بها، ولا تعلوا على قبري علوا واحدا، ولا تأخذوا من تربتي لتتبركوا بها، فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي (عليه السلام)، فإن الله جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا. قال: فرأيته تختلف ألوانه، وتنتفخ بطنه، ثم قال: رأيت شخصا أشبه الاشخاص به، جالسا إلى جانبه في مثل هيئته، وكان عهدي بسيدي الرضا (عليه السلام) في ذلك الوقت غلاما، فأقبلت اريد سؤاله، فصاح بي سيدي موسى (عليه السلام): قد نهيتك يا مسيب، فتوليت عنهم، ولم أزل صابرا حتى قضى، وعاد ذلك الشخص. ثم أوصلت الخبر إلى الرشيد، فوافى الرشيد وابن شاهك، فو الله، لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه ويحنطونه ويكفنونه، وكل ذلك أراهم لا يصنعون به شيئا، ولا تصل أيديهم إلى شئ منه، ولا إليه، وهو مغسول، مكفن، محنط، ثم حمل ودفن في مقابر قريش، ولم يعل على قبره إلى الساعة. (2)


(1) في ” ع، م “: وإياك إذا رأيت بي هذا الحدث. (2) الهداية الكبرى: 265، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 100 / 6، عيون المعجزات: 101، مناقب ابن شهر آشوب 4: 303.

[ 316 ]

وبقي في الحديث ما لم يحسن ذكره مما فعله الرشيد به، كذا وجدت الحكاية. 262 / 5 – وروى أن الرشيد فكر في قتل موسى (عليه السلام) فدعا برطب فأكل منه، ثم أخذ صينية، فوضع فيها عشرين رطبة، وأخذ سلكا فتركه في السم، وأدخله في الخياط وأخذ رطبة من ذلك الرطب، وأقبل يردد السلك المسموم بذلك الخيط، من رأس الرطبة إلى آخرها، حتى علم أن السم قد تمكن فيها، واستكثر منه، ثم ردها في الرطب، وقال لخادم له: احمل هذه الصينية إلى موسى، وقل له: إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب، وتنغص لك، وهو يقسم عليك بحقه إلا ما أكلته عن آخره، فإني اخترتها لك بيدي، ولا تتركه حتى لا يبقي منه شيئا، ولا يطعم (1) منه أحدا. فأتاه بها الخادم، وأبلغه الرسالة، فقال له: إئتني بخلالة (2). فناوله خلالة، وأقام بإزائه وهو يأكل الرطب، وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما كان في مملكته، فجرت نفسها وخرجت بسلاسل ذهب وفضة كانت في عنقها، حتى حاذت موسى بن جعفر (عليه السلام)، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها، ورمى بها إلى الكلبة، فأكلتها، فلم تلبث الكلبة أن ضربت بنفسها (3) الارض، وعوت حتى تقطعت قطعا قطعا، واستوفى (عليه السلام) باقي الرطب، وحمل الغلام الصينية إلى الرشيد، فقال له: أكل الرطب عن آخره ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فكيف رأيته ؟ قال: ما أنكرت منه شئيا يا أمير المؤمنين. قال: ثم ورد خبر الكلبة، وأنها قد تهرأت وماتت، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا، واستعظمه، ومر على الكلبة، فوجدها متهرأة بالسم، فدعا الخادم، ودعا بالسيف والنطع، قال: لتصدقني عن خبر الرطب وإلا قتلتك. فقال: يا أمير المؤمنين، إني حملت الرطب إليه، وأبلغته رسالتك، وقمت بإزائه،


(1) في ” ط “: تطعم. (2) الخلالة: آلة يؤكل بها الرطب ونحوه كالشوكة. (3) زاد في ” م “: إلى.

[ 317 ]

فطلب خلالة، فدفعت إليه خلالة، فأقبل يغرز الرطبة بعد الرطبة يأكلها، حتى مرت به الكلبة، فغرز رطبة من ذلك الرطب، ورمى بها إلى الكلبة، فأكلتها، وأكل باقي الرطب، فكان ما ترى. فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب، وضيعنا سمنا، وقتلنا كلبتنا. (1) 263 / 6 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن علي ابن الزبير البلخي ببلخ، قال: حدثنا حسام بن حاتم الاصم، قال: حدثني أبي، قال: قال لي شقيق – يعني ابن إبراهيم (2) البلخي -: خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلنا القادسية، قال شقيق: فنظرت إلى الناس في زيهم بالقباب والعماريات (3) والخيم والمضارب، وكل إنسان منهم قد تزيا على قدره، فقلت: اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين. فبينما أنا قائم، وزمام راحلتي بيدي، وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس، إذ نظرت إلى فتى حدث السن، حسن الوج، شديد السمرة، عليه سيماء العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجادة (4) كأنها كوكب دري، وعليه من فوق ثوبه شملة من صوف، وفي رجله نعل عربي، وهو منفرد في عزلة من الناس، فقلت في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلة، يريد أن يكون كلا على الناس في هذا الطريق، والله لامضين إليه، ولاوبخنه. قال: فدنوت منه، فلما رآني مقبلا نحوه قال لي: يا شقيق * (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا) * (5) وقرأ الآية، ثم تركني ومضى، فقلت في


(1) تقدمت تخريجاته في الحديث الرابع. (2) في ” ع، ط “: يعني إبراهيم. (3) جمع عمارية: الهودج الذي يجلس فيه. (4) أي أثر السجود في الجبهة. (5) الحجرات 49: 12.

[ 318 ]

نفسي: قد تكلم هذا الفتى على سري، ونطق بما في نفسي، وسماني باسمي، وما فعل هذا إلا وهو ولي الله، ألحقه وأسأله أن يجعلني في حل، فأسرعت وراءه، فلم ألحقه، وغاب عن عيني، فلم أره. وارتحلنا حتى نزلنا واقصة (1)، فنزلت ناحية من الحاج، ونظرت فإذا صاحبي قائم يصلي على كثيب رمل، وهو راكع وساجد، وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تجري من خشية الله (عزوجل)، فقلت: هذا صاحبي، لامضين إليه، ثم لاسألنه أن يجعلني في حل، فأقبلت نحوه، فلما نظر إلي مقبلا قال لي: يا شقيق * (وإنى لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى) * (2) ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت: هذا رجل من الابدال (3)، وقد تكلم على سري مرتين، ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم على سري. ورحل الحاج وأنا معهم، حتى نزلنا بزبالة (4)، فإذا أنا بالفتى قائم على البئر، وبيده ركوة يستقي بها ماء، فانقطعت الركوة في البئر، فقلت: صاحبي والله، فرأيته قد رمق السماء بطرفه، وهو يقول: أنت ربي إذا ظمأت إلى الما * ء وقوتي إذا أردت الطعاما إلهي وسيدي مالي سواها، فلا تعدمنيها. قال شقيق: فو الله، لقد رأيت البئر وقد فاض ماؤها حتى جرى على وجه الارض، فمد يده، فتناول الركوة، فملاها ماء، ثم توضأ، فأسبغ الوضوء، وصلى ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل أبيض، فجعل يقبض بيده من الرمل ويطرحه في الركوة، ثم يحركها ويشرب، فقلت في نفسي: أتراه قد حول الرمل سويقا ؟ ! فدنوت منه فقلت له: أطعمني رحمك الله، من فضل ما أنعم الله به عليك.


(1) منزل بطريق مكة، ينزله الحاج، دون زبالة بمرحلتين، معجم البلدان 5: 354. (2) طه 20: 82. (3) قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، سموا بذلك لانهم كلما مات واحد منهم أبدل الله مكانه آخر. انظر ” النهاية 1: 107، مجمع البحرين – بدل – 5: 319 “. (4) قرية عامرة بين واقصة والثعلبية بطريق مكة من الكوفة. معجم البلدان 3: 129.

[ 319 ]

فنظر وقال لي: يا شقيق، لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة، وأياديه لدينا جميلة، فأحسن ظنك بربك، فإنه لا يضيع من أحسن به ظنا. فأخذت الركوة من يده وشربت، فإذا سويق وسكر، فو الله ما شربت شيئا قط ألذ منه، ولا أطيب رائحة، فشبعت ورويت، وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا، فدفعت إليه الركوة. ثم غاب عن عيني، فلم أره حتى دخلت مكة وقضيت حجي، فإذا أنا بالفتى في هدأة من الليل، وقد زهرت النجوم، وهو إلى جانب قبة الشراب (1) راكعا ساجدا، لا يريد مع الله سواه، فجعلت أرعاه وأنظر إليه، وهو يصلي بخشوع وأنين وبكاء، ويرتل القرآن ترتيلا، فكلما مرت آية فيها وعد ووعيد رددها على نفسه، ودموعه تجري على خده، حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح ربه ويقدسه، ثم قام فصلى الغداة، وطاف بالبيت اسبوعا، (2) وخرج من باب المسجد، فخرجت، فرأيت له حاشية وموال، وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم، ويسلمون عليه، فقلت لبعض الناس، أحسبه من مواليه: من هذا الفتى ؟ فقال لي: هذا أبو إبراهيم، عالم آل محمد. قلت: ومن أبو إبراهيم ؟ قال: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). فقلت: لقد عجبت أن توجد هذه الشواهد إلا في هذه الذرية. (3) 264 / 7 – وحدثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل الكاتب، قال: كان بحضرة باب الرشيد رجل من الانصار يقال له (نفيع) وكان عريضا، وكان آدم بن عبد العزيز شاعرا ظريفا، فاتفقا يوما بباب الرشيد، وحضر موسى


(1) في ” ع “: بيت فيه الشراب، وفي ” ط “: بيت فيه السراب. (2) أي سبع مرات. (3) تذكرة الخواص: 348، صفة الصفوة 2: 185، كشف الغمة 2: 213، الفصول المهمة: 233، إسعاف الراغبين: 247.

[ 320 ]

ابن جعفر على حمار له، فلما قرب قام الحاجب إليه، فأدخله من الباب، فقال نفيع لآدم: من هذا ؟ فقال: أو ما تعرفه ؟ قال: لا. قال: هذا شيخ آل أبي طالب اليوم، هذا فلان بن فلان. فقال: تبا لهؤلاء القوم يكرمون هذا الاكرام من يقصد ليزيلهم عن سريرهم، أما إنه إن خرج لاسوأنه. قال فقال له آدم: لا تفعل، إن هؤلاء قوم قد أعطاهم الله (عزوجل) حظا في ألسنتهم، وقلما ناوأهم إنسان، أو تعرض لهم، إلا ووسموه بسمة سوء. فقال له: سترى. وخرج موسى فوثب إليه نفيع فأخذ بلجام حماره، وقال له: من أنت ؟ فقال بوقار: إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وإن كنت تريد البيت فهو البيت الذي أوجب الله (جل ذكره) على المسلمين كافة، وعليك إن كنت منهم، أن يحجوا إليه. وإن كنت تريد المنافرة، فو الله ما رضي مشركو قومي بمسلمي قومك (1) أكفاء حتى قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش. قال: فاسترخت أصابعه من اللجام وتركه. (2) 265 / 8 – قال: قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الاعمش، قال: لحقت موسى بن جعفر الكاظم الغيظ (عليه السلام) وهو في حبس الرشيد فرأيته يخرج من حبسه ويغيب ثم يدخل من حيث لا يرى. (3) 266 / 9 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، قال: حدثنا وكيع، عن الاعمش، قال: رأيت كاظم الغيظ (عليه السلام) عند الرشيد وقد خضع له، فقال له عيسى ابن أبان: يا أمير المؤمنين، لم تخضع له ؟


(1) مشركو قومي: أي قريش، ومسلمو قومك: أي الانصار. (2) أمالي المرتضى 1: 274، إعلام الورى: 307، اعلام الدين: 305، مدينة المعاجز: 452. (3) إثبات الهداة 5: 566 / 117، مدينة المعاجز: 427 / 5.

[ 321 ]

قال: رأيت من ورائي أفعى تضرب بنابها وتقول: أجبه بالطاعة وإلا بلعتك. ففزعت منها فأجبته. (1) 267 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا غالب ابن مرة ومحمد بن غالب، قالا: كنا في حبس الرشيد، فأدخل موسى بن جعفر (عليه السلام)، فأنبع الله له عينا وأنبت له شجرة، فكان منهما يأكل ويشرب ونهنيه، وكان إذا دخل بعض أصحاب الرشيد غابت حتى لا ترى. (2) 268 / 11 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، قال: قال الاعمش: رأيت موسى بن جعفر (عليه السلام) وقد أتى شجرة مقطوعة موضوعة فمسها بيده فأورقت، ثم اجتنى منها ثمرا وأطعمني. (3) 269 / 12 – قال أبو جعفر: حدثنا هشام بن منصور، عن رشيق مولى الرشيد، قال: وجه بي الرشيد في قتل موسى بن جعفر (عليه السلام)، فأتيته لاقتله، فهز عصا كانت في يده فإذا هي أفعى، وأخذت هارون الحمى، ووقعت الافعى في عنقه حتى وجه إلي بإطلاقه فأطلقت عنه. (4) 270 / 13 – قال أبو جعفر: حدثنا علقمة بن شريك بن أسلم، عن موسى بن هامان (5)، قال: رأيت موسى بن جعفر (عليه السلام) في حبس الرشيد وتنزل عليه مائدة من السماء، ويطعم أهل السجن كلهم ثم يصعد بها من غير أن ينقص منها شئ. (6) 271 / 14 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد: أدخل إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)


(1) نوادر المعجزات: 163 / 5. (2) نوادر المعجزات: 163 / 6، إثبات الهداة 5: 567 / 119، مدينة المعاجز: 427 / 7. (3) نوادر المعجزات: 164 / 7. (4) نوادر المعجزات: 164 / 8. (5) في ” م “: ماهان. (6) نوادر المعجزات: 164 / 9، إثبات الهداة 5: 567 / 122، مدينة المعاجز: 427 / 8.

[ 322 ]

بسباع لتأكله، فجعلت تلوذ به وتبصبص له، وتدعو له بالامامة، وتعوذ به من شر الرشيد، فلما بلغ ذلك الرشيد أطلق عنه، وقال: أخاف إن يفتنني ويفتن الناس ومن معي. (1) 272 / 15 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، قال: حدثنا وكيع، عن إبراهيم بن الاسود، قال: رأيت موسى بن جعفر (عليه السلام) صعد إلى السماء ونزل ومعه حربة من نور فقال: أتخوفونني بهذا ؟ ! – يعني الرشيد – لو شئت لطعنته بهذه الحربة. فأبلغ ذلك الرشيد فأغمي ثلاثا وأطلقه. (2) 273 / 16 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد العطار، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران ابن الحجاج، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن بن راشد، عن علي بن يقطين، قال: كنت واقفا بين يدي الرشيد إذ جاءته هدايا من ملك الروم، كانت فيها دراعة (3) ديباج مذهبة سوداء، لم أر شيئا أحسن منها، فنظر إلي وأنا أحد إليها النظر، فقال: يا علي، أعجبتك ؟ قلت: إي والله يا أمير المؤمنين. قال: خذها. فأخذتها وانصرفت بها إلى منزلي، وشددتها في منديل، ووجهتها إلى المدينة، فمكثت ستة أشهر – أو سبعة أشهر – ثم انصرفت يوما من عند هارون، وقد تغديت بين يديه، فقام إلي خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل على يديه، وكتاب مختوم، وطينه رطب، فقال: جاء بهذه الساعة رجل، فقال: ادفع هذا إلى مولاك ساعة يدخل. ففضضت الكتاب، فإذا فيه: ” يا علي، هذا وقت حاجتك إلى الدراعة “. فكشفت طرف المنديل عنها، ودخل علي خادم هارون فقال: أجب أمير المؤمنين. فقلت: أي شئ حدث ؟ قال: لا أدري، فمضيت ودخلت عليه، وعنده عمر


(1) نوادر المعجزات: 165 / 10، مدينة المعاجز: 428 / 10. (2) نوادر المعجزات: 163 / 4، مدينة المعاجز: 428 / 11. (3) الدراعة: جبة مشقوقة المقدم.

[ 323 ]

ابن بزيع واقفا بين يديه، فقال: يا علي، ما فعلت الدراعة التي وهبتها لك ؟ قلت: ما كساني أمير المؤمنين أكثر من ذلك، فعن أي دراعة تسألني يا أمير المؤمنين ؟ قال: الدراعة الديباج السوداء المذهبة. قلت: ما عسى أن يصنع مثلي بمثلها ؟ ! إذا انصرفت من دار أمير المؤمنين دعوت بها فلبستها، وصليت بها ركعتين – أو أربع ركعات – ولقد دخل علي الرسول ودعوت بها لافعل ذلك. فنظر إلى عمر بن بزيع وقال: أرسل من يجيئني بها. فأرسلت خادمي، فجاءني بها، فلما رآها قال: يا عمر، ما ينبغي لنا أن نقبل قول أحد على علي بعد هذا. وأمر لي بخمسين ألف درهم، فحملتها مع الدراعة، وبعثت بها وبالمال من يومي ذلك. (1) 274 / 17 – وروى الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن علي، عن خالد الجوان، قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) وهو في عرصة داره، وهو يومئذ بالرميلة، فلما نظرت إليه قلت في نفسي: بأبي وامي سيدي، مظلوم مغصوب مضطهد، ثم دنوت منه فقبلت بين عينيه، ثم جلست بين يديه، فالتفت إلي ثم قال: يا خالد، نحن أعلم بهدا الامر، فلا يضيقن هذا في نفسك. قلت: جعلت فداك، والله، ما أردت بهذا شيئا. فقال: نحن أعلم بهذا الامر من غيرنا، وإن لهؤلاء القوم مدة وغاية، لابد من الانتهاء إليها. قلت: لا أعود، ولا أضمر في نفسي شيئا. (2) 275 / 18 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد،


(1) الارشاد: 293، عيون المعجزات: 99، إعلام الورى: 302، الخرائج والجرائح 1: 334 / 25، كشف الغمة 2: 224، الصراط المستقيم 2: 192 / 20. (2) بصائر الدرجات: 146 / 7، الخرائج والجرائح 2: 869 / 86، الثاقب في المناقب: 437 / 372.

[ 324 ]

عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: دخلت على عبد الله بن جعفر بن محمد بعد موت أبي عبد الله (عليه السلام) وكان ادعى الامامة، فسألته عن شئ من الزكاة، فقلت له: كم في المائة ؟ فقال: خمسة دراهم. قلت: وكم في نصف المائة ؟ قال: درهمين ونصف. فقلت: ما قال بهذا أحد من الامة. فخرجت من عنده إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستغيثا برسول الله، فقلت: يا رسول الله، إلى من ؟ إلى القدرية ؟ إلى الحرورية ؟ (1) إلى المرجئة ؟ إلى الزيدية ؟ فإني لكذلك إذ أتاني رسول أبي الحسن (عليه السلام)، غلام صغير دون الخماسي، فقال: أجب مولاك موسى بن جعفر. فأتيته فلما بصر بي من صحن الدار ابتدأني فقال: يا هشام ! قلت: لبيك. قال: لا إلى القدرية، ولا إلى الحرورية، ولا إلى المرجئة، ولا إلى الزيدية، ولكن إلينا. فقلت: أنت صاحبي، فسألته فأجابني عن كل ما أردت (2). 276 / 19 – وبإسناده إلى محمد بن أبي عمير، عن سليم مولى علي بن يقطين، قال: أردت أن أكتب إليه أسأله: هل يتنور الرجل وهو جنب ؟ فكتب إلي (عليه السلام) قبل أن أكتب إليه مبتدئا: ” النورة تزيد الجنب نظافة ولكن لا يجامع الرجل مختضبا، ولا تجامع المرأة مختضبة “. (3) 277 / 20 – وروى عبد الله بن إبراهيم، عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا


(1) أي الخوارج. (2) في ” ط “: سألته. بصائر الدرجات: 270 / 1 نحوه في الكافي 1: 285 / 7، والارشاد: 291، والخرائج والجرائح 1: 331 / 23، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 290، وحلية الابرار 2: 233. (3) بصائر الدرجات: 271 / 3، التهذيب 1: 377 / 22، الخرائج والجرائح 2: 652 / 4، الثاقب في المناقب: 438 / 374، الصراط المستقيم 2: 193 / 24.

[ 325 ]

علي بن المعلى، قال: حدثنا ابن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) يقول ونعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي: والله، إنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ! فقال شبه المغضب: يا إسحاق، قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا، والامام أولى بعلم ذلك. (1) 278 / 21 – وبإسناده عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار (2)، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) ينعى إلى رجل نفسه، قلت في نفسي: إنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ! فالتفت إلي شبه المغضب، فقال: يا إسحاق، كان رشيد الهجري من المستضعفين، وكان يعلم علم المنايا والبلايا، والحجة أولى بعلم ذلك. ثم قال: يا إسحاق، اصنع ما أنت صانع، عمرك قد فني، وأنت تموت إلى سنتين، وأخوك وأهل بيتك لا يلبثون إلا يسيرا حتى تفترق كلمتهم، ويخون بعضهم بعضا. قال إسحاق: فقلت: إني استغفر الله مما عرض في صدري. قال سيف: فلم يلبث إسحاق بن عمار إلا يسيرا حتى مات، وما ذهبت الايام حتى أفلس ولد عمار، وقاموا بأموال الناس. (3) 279 / 22 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي، قال: حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لا يشهد أبو جعفر (4) بالناس موسما بعد السنة.


(1) بصائر الدرجات: 284 / 9، الكافي 1: 404 / 7، إثبات الوصية: 166، كشف الغمة 2: 242، ونحوه في رجال الكشي: 409 / 768، وإعلام الورى: 305، والخرائج والجرائح 2: 712 / 9، (2) (عن إسحاق بن عمار) ليس في ” ع، م “، والصواب إثباته كما في الحديث السابق والمصادر. (3) عيون المعجزات: 98، ونحوه في الخرائج والجرائح 1: 310 / 3، والثاقب في المناقب: 434 / 366، واثبات الهداة 5: 504 / 16، ومدينة المعاجز: 459 / 94. (4) وهو عبد الله بن محمد المنصور الخليفة العباسي، بويع له سنة (136) وحج في خلافته مرتين، وفي الثالثة أصيب باسهال شديد فمات في بئر ميمون قبل ان يصل مكة سنة (158)، راجع تاريخ بغداد 10: 53 – 61، سير أعلام النبلاء 7: 83، الجوهر الثمين 1: 116 – 118، مآثر الانافة 1: 175.

[ 326 ]

وكان حج في تلك السنة، فذهب عمر فخبر (1) أنه يموت في تلك السنة، وكانت تسع عشرة. وكان يروى أنه لا يملك عشرين سنة. (2) 280 / 23 – وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: أرسل إلي أبو الحسن (عليه السلام) أن ” تحول عن منزلك ” فشق ذلك علي، فقلت: نعم. ولم أتحول فأرسل إلي ” تحول ” فطلبت منزلا فلم أجد، وكان منزلي موافقا لي، فأرسل إلي الثالثة (3) أن ” تحول عن منزلك “. قال عثمان: فقلت: لا والله، لا أدخل عليك هذا المنزل أبدا. قال: فلما كان بعد يومين عند العشاء إذا أنا بإبراهيم قد جاء، فقال: ما تدري ما لقيت اليوم ؟ فقلت: وما ذاك ؟ قال: ذهبت استقي ماء من البئر، فخرج الدلو ملآن عذرة، وقد عجنا من البئر، فطرحنا العجين، وغسلنا ثيابنا، فلم أخرج منذ اليوم، وقد تحولت إلى المنزل الذي اكتريت. فقلت له: وأنت أيضا تتحول. وقلت له: إذا كان غدا – إن شاء الله – حين ننصرف من الغداة نذهب إلى منزلك، فندعو لك بالبركة. فلما خرجت من المنزل سحرا، فإذا إبراهيم عند القبر، فقال: تدري ما كان الليلة ؟ فقلت: لا والله. فقال: سقط منزلي العلو والسفل (4). 281 / 24 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني (5)، رفعه إلى


(1) في ” ع، م “: فخبر عمر. (2) مدينة المعاجز: 431 / 17. (3) (الثالثة) ليس في ” ط “. (4) قرب الاسناد: 145 ” نحوه “. (5) في ” ع، م “: بن الشلمغان.

[ 327 ]

يعقوب السراج، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو واقف على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وهو في المهد فجعل يساره طويلا، فلما فرغ قال لي: ادن فسلم على مولاك. فدنوت فسلمت عليه، ثم قال لي: إمض فغير اسم ابنتك. وكنت قد سميتها باسم الحميراء فغيرته. (1) 282 / 25 – وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: إن أبا حنيفة صار إلى باب أبي عبد الله (عليه السلام) ليسأله عن مسألة، فلم يأذن له، فجلس ينتظر الاذن، فخرج أبو الحسن (عليه السلام)، وسنه خمس سنين، فدعاه وقال له: يا غلام، أين يضع المسافر خلاه في بلدكم هذا ؟ فاستند أبو الحسن (عليه السلام) إلى الحائط، وقال له: يا شيخ، يتوقى شطوط الانهار، ومساقط الثمار، ومنازل النزال، وأفنية المساجد، ولا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ويتوارى خلف جدار، ويضعه حيث شاء. فانصرف أبو حنيفة في تلك السنة، ولم يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام). (2) 283 / 26 – وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي، رفعه إلى علي بن أبي حمزة، قال: كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) إذ أتاه رجل من أهل الري، يقال له (جندب) فسلم عليه وجلس، فسأله أبو الحسن (عليه السلام) فأحسن السؤال، فقال له: ما فعل أخوك ؟ فقال: بخير، جعلت فداك، وهو يقرئك السلام. قال: يا جندب، أعظم الله أجرك في أخيك. فقال: ورد، والله، علي كتابه لثلاثة (3) عشر يوما بالسلامة. فقال: يا جندب، إنه، والله، مات بعد كتابه بيومين، ودفع إلى امرأته مالا، وقال: ليكن هذا عندك، فإذا قدم أخي فادفعيه إليه، وقد أودعته الارض، في البيت الذي كان هو فيه، فإذا أنت أتيتها


(1) الكافي 1: 247 / 11، إثبات الوصية: 162، الارشاد: 290، إعلام الورى: 299، مناقب ابن شهر آشوب 4: 287، الثاقب في المناقب: 433 / 365، كشف الغمة 2: 221، الصراط المستقيم 2: 163، (2) الكافي 3: 16 / 5، إثبات الوصية: 162، تحف العقول: 411، الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 43، أمالي المرتضى 1: 151، التهذيب 1: 30 / 18، إعلام الورى: 308، (3) في ” ط “: بعد ثلاثة، وفي ” ع “: بعهد ثلاثة.

[ 328 ]

فتلطف لها، وأطمعها في نفسك، فإنها ستدفعه إليك. قال علي بن أبي حمزة: فلقيت جندبا بعد ذلك، فسألته عما كان قال أبو الحسن (عليه السلام)، فقال: صدق، والله، سيدي، ما زاد ولا نقص. (1) 284 / 27 – وأخبرني علي بن هبة الله الموصلي، قال: حدثني أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى القمي، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا حماد بن عيسى الجهني، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، ادع الله أن يرزقني دارا، وزوجة، وولدا، وخادما، واحج في كل سنة. فرفع يده ثم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقه دارا، وزوجة، وولدا، وخادما، والحج خمسين سنة. قال حماد: فحججت ثمان وأربعين سنة، وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي، وهذا ابني، وهذا خادمي. وحج بعد هذا الكلام حجتين، ثم خرج بعد الخمسين فزامل أبا العباس النوفلي، فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل، فجاء الوادي فحمله، فغرق، فمات، ودفن بسيالة (2). 285 / 28 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد، عن الحسن، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) يقول: لما حضر أبي الموت قال: يا بني لا يلي غسلي غيرك، فإني غسلت أبي، وغسل أبي أباه، والحجة يغسل الحجة.


(1) إثبات الوصية: 166، عيون المعجزات: 98، الخرائج والجرائح 1: 317 / 10، الثاقب في المناقب: 462 / 392، فرج المهموم: 230، كشف الغمة 2: 241، الصراط المستقيم 2: 190 / 7. (2) وهي أول مرحلة لاهل المدينة إذا أرادوا مكة. معجم البلدان 3: 292. قرب الاسناد: 128، إثبات الوصية: 168، أمالي المفيد: 12 / 11، الاختصاص: 205، رجال الكشي: 316 / 572، مناقب ابن شهر آشوب 4: 306.

[ 329 ]

قال: فكنت أنا الذي غمضت أبي، وكفنته، ودفنته بيدي. وقال: يا بني، إن عبد الله أخاك يدعي الامامة بعدي، فدعه، وهو أول من يلحق بي من أهلي. فلما مضى أبو عبد الله (عليه السلام) أرخى أبو الحسن ستره، ودعا عبد الله إلى نفسه. قال أبو بصير: جعلت فداك، ما بالك حججت العام (1)، ونحر عبد الله جزورا ؟ قال: إن نوحا لما ركب السفينة وحمل فيها من كل زوجين اثنين، حمل كل شئ، إلا ولد الزنا، فإنه لم يحمله، وقد كانت السفينة مأمورة، فحج نوح فيها، وقضى مناسكه. قال أبو بصير: فظننت أنه عرض بنفسه، وقال: أما إن عبد الله لا يعيش أكثر من سنة. فذهب أصحابه حتى انقضت السنة. قال: فهذه فيما يموت. قال: فمات في تلك السنة. (2) 286 / 29 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن أبيه علي بن أبي حمزة، قال: كنا بمكة وأصاب الناس تلك السنة صاعقة، ومات من ذلك خلق كثير، فدخلت على أبي الحسن (عليه السلام)، فقال لي مبتدئا: يا علي، ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربص به ثلاثا، إلا أن يجئ منه ريح يدل على موته. قلت: جعلت فداك، كأنك تخبرني أنه قد دفن ناس كثير ما ماتوا إلا في قبورهم ؟ قال: نعم. (3) 287 / 30 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، [ عن محمد بن علي ] (4)، عن علي بن محمد، عن الحسن، [ عن أبيه علي بن أبي حمزة ] (5)، عن


(1) في إثبات الوصية: ما بالك ما ذبحت العام. (2) إثبات الوصية: 167، مناقب ابن شهر آشوب 4: 224. (3) الكافي 3: 210 / 6، التهذيب 1: 338 / 159، مناقب ابن شهر آشوب 4: 292. (4) أضفناه بدلالة ما تقدم من الاسانيد في هذا الباب، وما يأتي، راجع معجم رجال الحديث 16: 289. (5) أضفناه كما في سند الحديثين السابقين، ورجال الكشي.

[ 330 ]

الاخطل الكاهلي، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: حججت فدخلت عليه، فقال لي: اعمل خيرا في سنتك هذه، فقد دنا أجلك. فبكيت، فقال: ما يبكيك ؟ قلت: جعلت فداك، نعيت إلي نفسي. فقال لي: أبشر، فإنك من شيعتنا، وإنك إلى خير. قال الاخطل: لما لبث عبد الله بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات. (1) 288 / 31 – وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن عيسى شلقان، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) اريد أن أسأله عن أبي الخطاب، فقال مبتدئا: ما يمنعك أن تلقى ابني، فتسأله عن جميع ما تريد. قال: فذهبت إليه وهو قاعد في الكتاب، وعلى شفتيه أثر مداد، فقال لي مبتدئا: يا عيسى، إن الله (تبارك وتعالى) أخذ ميثاق النبيين على النبوة، فلن يتحولوا إلى غيرها عنها أبدا، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية، فلن يتحولوا عنها أبدا، وأعار قوما الايمان زمانا، ثم سلبهم إياه، وإن أبا الخطاب ممن اعير الايمان ثم سلبه الله إياه. قال: فضممته إلى صدري وقبلت بين عينيه، فقلت: بأبي أنت وامي * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (2). ثم رجعت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: ما صنعت يا عيسى ؟ قلت له: بأبي أنت وامي، أتيته فأخبرني، مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ، بجميع ما أردت. قال: يا عيسى، إن ابني الذي رأيته، لو سألته عما بين دفتي المصحف لاجابك فيه بعلم. قال عيسى: ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب، فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الامر. (3) 289 / 32 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي،


(1) رجال الكشي: 448 / 842. (2) آل عمران 3: 34. (3) قرب الاسناد: 143، الخرائج والجرائح 2: 653 / 5، مدينة المعاجز: 433 / 26.

[ 331 ]

عن علي، عن الحسن بن علي، عن علي بن أبي حمزة، قال: أرسلني أبو الحسن (عليه السلام) إلى رجل من أهل الوازارين، قلت: ليس يعرف الوازارين. قال: الوازارين الذي يشتري غدد اللحم. قلت: قد عرفته. قال: أتعرف فيه زقاقا يباع فيه الجواري ؟ قلت: نعم. قال: فإن على باب الزقاق شيخ يقعد على ظهر الطريق، بين يديه طبق فيه نبع (1)، يبيعه بنفسه للصبيان بفلس فلس، فائته وأقرئه مني السلام، وأعطه هذه الثمانية عشر درهما، وقل له: يقول لك أبو الحسن: انتفع بهذه الدراهم، فإنها تكفيك حتى تموت. قال: فأتيت الموضع، فطلبت الرجل فلم أجده في موضعه، فسألت عنه، فقالوا: هذه الساعة يجئ، فلم ألبث أن جاء فقلت: فلان يقرئك السلام، وهذه الدنانير خذها، فإنها تكفيك حتى تموت. فبكى الشيخ، فقلت له: ما يبكيك ؟ قال: ولم لا أبكي وقد نعيت إلي نفسي ؟ ! فقلت: ما عند الله خير لك مما أنت فيه. قال: من أنت ؟ قلت: أنا علي بن أبي حمزة. قال: والله، ما كذبني، قال لي سيدي ومولاي: أنا باعث إليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي. فقلت: ومن أنت، لا أعرفك من إخواني ؟ قال: أنا عبد الله بن صالح. قلت: وأين المنزل ؟ قال: في سكة البربر (2)، عند دار أبي داود، وأنا معروف في منزلي، إذا سألت عني هناك. قال: فلبثت عشرين ليلة وسألت عنه، فخبرت أنه شاك منذ أيام، فأتيت


(1) النبع: شجر ينبت في قلة الجبل تتخذ منه القسي والسهام. (2) في ” ع، م “: للبربر.

[ 332 ]

الموضع الذي وصف، فإذا الرجل في حد الموت، فسلمت عليه فأثبتني (1)، فقلت له: أوصني بما أحببت، أنفذه من مالي. قال: يا علي، لست اخلف إلا ابنتي، وهذه الدويرة، فإذا أنا مت فزوج ابنتي ممن أحببت من إخوانك، ولا تزوجها إلا من رجل يدين الله بدينك، فإذا فعلت، فبع داري واحمل ثمنها إلى أبي الحسن (عليه السلام)، ولتشهد لي بالوصية، ولا يلي أحد غسلي غيرك حتى تدخلني قبري. ففعلت جميع ما أوصاني به، وزوجت ابنته رجال من أصحابنا له دين، وبعت داره، وحملت الثمن إلى أبي الحسن (عليه السلام)، وأخبرته بجميع ما أوصاني به. فقال أبو الحسن (عليه السلام): رحمه الله، قد كان من شيعتنا، وكان لا يعرف. (2) 290 / 33 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن شعيب العقرقوفي، قال: بعثت مولاي إلى أبي الحسن (عليه السلام) ومعه مائتي دينار، وكتبت معه كتابا، وكان من الدنانير خمسين دينارا من دنانير اختي فاطمة، وأخذتها سرا لتمام المائتي دينار، وكنت سألتها ذلك فلم تعطني، وقالت: إني اريد أن أشتري بها قراح (3) فلان بن فلان. فذكر مولاي أنه قدم فسأل عن أبي الحسن (عليه السلام) فقيل له: إنه قد خرج، فأسرع في السير، فقال: والله، إني لاسير من المدينة إلى مكة في ليلة مظلمة، وإذا الهاتف يهتف بي: يا مبارك، يا مبارك (4) مولى شعيب العقرقوفي ! قلت: من أنت ؟ قال: أنا معتب يقول لك أبو الحسن (عليه السلام): هات الكتاب الذي معك، ووافني بما معك إلى منى. قال: فنزلت من محملي، فدفعت إليه الكتاب، وصرت إلى منى، فدخلت عليه


(1) أي عرفني حق المعرفة ” لسان العرب – ثبت – 2: 20 “. (2) مدينة المعاجز: 433 / 27. (3) القراح: المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر ” الصحاح – قرح – 1: 396 “. (4) (يا مبارك) ليس في ” ع “.

[ 333 ]

وطرحت الدنانير عنده، فجر بعضها إليه، ودفع بعضها بيده، ثم قال لي: يا مبارك، ادفع هذه الدنانير إلى شعيب، وقل له: يقول لك أبو الحسن: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه، فإن صاحبتها تحتاج إليها. قال: فخرجت من عنده، وقدمت على شعيب، فقلت له: قد رد عليك من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا، وهو يقول لك: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه، فما قصة هذه الدنانير، فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم. فقال: يا مبارك، إني طلبت من فاطمة اختي خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير، فامتنعت، وقالت: اريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان، فأخذتها سرا، ولم ألتفت إلى كلامها. قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها، فإذا هي خمسون دينارا، لا تزيد ولا تنقص. قال: فو الله، لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا. قال شعيب: فقلت لمبارك: هو والله إمام فرض الله طاعته، وهكذا صنع بي (1) أبو عبد الله (عليه السلام) الامام من الامام. (2) 291 / 34 – وروى الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن، عن أبيه علي بن أبي حمزة، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام) مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ: يا علي، يلقاك غدا رجل من أهل المغرب، يسألك عني، فقل له: هو والله الامام الذي قال لنا أبو عبد الله (عليه السلام)، وإذا سأل عن الحلال والحرام فأجبه عني. قلت: ما علامته ؟ قال: رجل طوال، جسيم، اسمه يعقوب، وهو رائد قومه، وإذا (3) أحب أن تدخله علي فأدخله.


(1) (بي) ليس في ” ط “. (2) مناقب ابن شهر آشوب 4: 293، مدينة المعاجز: 434 / 28. (3) في ” م “: إن.

[ 334 ]

قال: فو الله، إني لفي الطواف، إذ أقبل إلي رجل طوال جسيم، فقال: إني اريد أن أسألك عن صاحبك. قلت: عن أي أصحابي ؟ قال: عن فلان بن فلان. قلت: ما اسمك ؟ قال: يعقوب. قلت: من أين أنت ؟ قال: من المغرب. قلت: من أين عرفتني ؟ قال: أتاني آت في منامي، فقال لي: الق عليا فاسأله عن جميع ما تحتاج إليه، فسألت عنك حتى دللت عليك. فقلت: اقعد في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي، وآتيك إن شاء الله. فطفت، ثم أتيته، فكلمت رجلا عاقلا، وطلب إلي أن ادخله على أبي الحسن (عليه السلام)، فأخذت بيده، واستأذنت، فأذن لي، فلما رآه أبو الحسن (عليه السلام) قال: يا يعقوب: قدمت أمس، ووقع بينك وبين أخيك شر في موضع كذا وكذا، حتى شتم بعضكم بعضا، وليس هذا من ديني ولا دين آبائي، ولا نأمر بهذا أحدا، فاتق الله وحده، فإنكما ستعاقبان بموت، أما أخوك فيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله، و ستندم أنت على ما كان، ذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما. قال الرجل: جعلت فداك، فأنا متى أجلي ؟ قال: كان حضر أجلك، فوصلت عمتك بما وصلتها في منزلك كذا وكذا فأنسأ (1) الله به أجلك عشرين سنة. قال: فلقيت الرجل قابل بمكة، فأخبرني أن أخاه توفي في ذلك الوجه، ودفنه قبل أن يصل إلى أهله. (2) 292 / 35 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: دخلت المدينة وأنا شديد المرض، وكان أصحابنا يدخلون علي، فلم أعقل بهم، وذلك أنه أصابني حصر (3)، فذهب عقلي، فأخبرني إسحاق بن عمار أنه أقام علي بالمدينة ثلاثة أيام لا يشك أنه لا يخرج منها حتى يدفنني ويصلي علي، فخرج وأفقت بعد خروج إسحاق، فقلت لاصحابي: افتحوا كيسي وأخرجوا منه مائة درهم، واقسموها في أصحابي. ففعلوا.


(1) انسأ: أي أخر ” لسان العرب – نسأ – 1: 166 “. (2) رجال الكشي: 442 / 831، الخرائج والجرائح 1: 307 / 1، مناقب ابن شهر آشوب 4: 294، كشف الغمة 2: 245، الصراط المستقيم 2: 189 / 1. (3) الحصر: احتباس البطن ” لسان العرب – حصر – 4: 194 “.

[ 335 ]

وأرسل إلي أبو الحسن (عليه السلام) بقدح فيه ماء، فقال الرسول: يقول لك أبو الحسن (عليه السلام): تشرب هذا الماء، فإن فيه شفاءك إن شاء الله (تعالى). ففعلت، فأسهل بطني وأخرج الله ما كنت أجده في بطني من الاذى. فدخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فقال: يا علي، كيف تجد نفسك ؟ قلت: جعلت فداك، قد ذهب عني ما كنت أجده في بطني. فقال: يا علي، أما إن أجلك كان قد حضر مرة بعد اخرى، ولكنك رجل وصول لقرابتك وإخوانك، فأنسأ الله في أجلك مرة بعد اخرى. قال: وخرجت إلى مكة فلحقني إسحاق بن عمار، فقال: والله، لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام، فأخبرني بقصتك. فأخبرته بما صنعت، وما قال لي أبو الحسن (عليه السلام). فقال لي إسحاق بن عمار: هكذا قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) مرة بعد اخرى، وأصابني مثل الذي أصابك (1). 293 / 36 – وروى الحسن، قال: أخبرني أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن، عن أبي خالد الزبالي، قال: مر بي أبو الحسن (عليه السلام) يريد بغداد زمن المهدي، أيام كان أخذ محمد بن عبد الله، فنزل في هاتين القبتين، في يوم شديد البرد، في سنة مجدبة، لا يقدر على عود يستوقد به تلك السنة، وأنا يومئذ أرى رأي الزيدية، أدين الله بذلك، فقال لي: يا أبا خالد، إئتنا بحطب نستوقد. قلت: والله، ما أعرف في المنزل عودا واحدا. فقال: كلا، خذ (2) في هذا الفج (3) فإنك تلقى أعرابيا، معه حملين، فاشترهما منه، ولا تماكسه (4).


(1) رجال الكشي: 445 / 838. (2) في ” ع “: جد. (3) أي الطريق الواسع بين جبلين. (4) ماكسه: أي طلب منه أن ينقص الثمن.

[ 336 ]

فركبت حماري، وانطلقت نحو الفج الذي وصف لي، فإذا أعرابي معه حملين حطب، فاشتريتهما منه، وأتيته، فاستوقدوا منه يومهم، وأتيته بظرف مما عندنا، يطعم منه. ثم قال: يا أبا خالد، انظر خفاف الغلمان ونعالهم، فأصلحها حتى نقدم عليك يوم كذا وكذا، من شهر كذا وكذا. قال أبو خالد: وكتبت تاريخ اليوم، وليس همي غير هذه الايام، فلما كان يوم الميعاد ركبت حماري، وسرت أميالا، ونزلت، فقعدت عند الجبل افكر في نفسي، وأقول: والله، إن وافاني هذا اليوم الذي قال لي، فإنه الامام الذي فرض الله طاعته على خلقه، لا يسع الناس جهله. فقعدت حتى أمسيت، وأردت الانصراف، فإذا أنا براكب مقبل، فأشرت إليه فأقبل إلي فسلم، فرددت عليه السلام، فقلت: وراءك أحد ؟ قال: نعم، قطار فيه نحو من عشرين، يشبهون أهل المدينة. قال: فما لبثت أن ارتفع القطار، فركبت حماري وتوجهت نحو القطار، فإذا هو يهتف بي: يا أبا خالد، هل وفينا لك بما وعدناك ؟ قلت: قد والله، كنت أيست من قدومك، حتى أخبرني راكب، فحمدت الله على ذلك، وعلمت أنك هو. قال: ما فعلت القبتان اللتان كنا نزلنا فيهما ؟ قلت: جعلت فداك، تذهب إليهما، وانطلقت معه حتى نزل القبتين، فأتيناه بغذاء فتغذى، وقال: ما حال خفاف الغلمان ونعالهم ؟ قلت: أصلحتها، فأتيته بها، فسر بذلك، فقال: يا أبا خالد، زودنا من هذه الفسقارات (1) التي بالمدينة، فإنا لا نقدر فيها على هذه الاشياء التي تجدونها عندكم. قال: فلم يبق شئ إلا زودته منه، ففرح وقال: سلني حاجتك. وكان معه محمد أخوه، قلت: جعلت فداك، أخبرك بما كنت فيه، وأدين الله به، إلى أن وقعت عليك، وقدمت علي، فسألتني الحطب، فأخبرتك بما أخبرتك، فأخبرتني بالاعرابي، ثم قلت لي


(1) في ” ط “: الفسقادات ولم نجد لها معنى مناسبا في كتب اللغة التي بين أيدينا. (*)

[ 337 ]

إني موافيك يوم كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، كما قلت، لم ينقص، ولم يزد يوما واحدا، فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته، لا يسع الناس جهلك، فحمدت الله لذلك، فقال: يا أبا خالد، من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وحوسب بما عمل في الاسلام. (1) 294 / 37 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، بم يعرف (2) الامام ؟ قال: بخصال، أما أولهن فبشئ تقدم من أبيه فيه، وعرفه الناس، ونصبه لهم علما حتى يكون عليهم حجة، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) علما، وعرفه الناس، وكذلك الائمة، يعرفونهم الناس، وينصبونهم لهم حتى يعرفوهم، ويسأل فيجيب، ويسكت عنه فيبتدئ، ويخبر الناس بما في غد، ويكلم الناس بكل لسان. قلت: بكل لسان ؟ قال: نعم. قلت: فأعطني علامة. قال: نعم الساعة قبل أن تقوم اعطيك علامة تطمئن إليها. قال: (3) ثم إنه مر علينا رجل من أهل خراسان، فكلمه الخراساني بالعربية، فأجابه بالفارسية. قال الخراساني: والله، ما منعني أن اكلمك بكلامي إلا أني ظننت أنك لا تحسن أن تجيبني. قال: سبحان الله ! إذا كنت لا احسن أن اجيبك فما فضلي عليك ؟ ! ثم قال: يا أبا محمد، إن الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس، ولا طير، ولا بهيمة، ولا شئ


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 294، مدينة المعاجز: 435 / 31، ونحوه في قرب الاسناد: 140، وإثبات الوصية: 165، وإعلام الورى: 305، والخرائج والجرائح 1: 315 / 8. (2) في ” ع، م “: نعرف. (3) في ” ط “: قلت: نعم.

[ 338 ]

فيه روح، بهذا يعرف الامام، فمن لم يكن فيه هذه الخصال، فليس بإمام. (1) 295 / 38 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) إذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبش، قد اشتروهم له، فكلم غلاما منهم، وكان جميلا من الحبش، ثم خرجوا، فقلت: جعلت فداك، لقد رأيتك تكلم هذا الغلام بالحبشية فبماذا أمرته ؟ قال: أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا، ويعطيهم في كل هلال ثلاثين درهما، وذلك لما نظرت إليه علمت أنه غلام عاقل من أبناء ملوكهم، وأوصيته بجميع ما أحتاج، فقبل وصيتي، ومع هذا فهو غلام صدوق. ثم قال: لعلك عجبت من كلامي بالحبشية ! لا تعجب، فما يخفى عليك من أمر الحجة أكثر من ذلك وأعجب، وما هذا من الحجة في علمه إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة من ماء، أفترى الذي أخذ بمنقاره نقص من البحر شيئا ؟ ! إن الامام بمنزلة البحر، لا ينفد ما عنده، وعجائبه أكثر من ذلك. (2) 296 / 39 – وروى الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: كنت عنده ذات يوم وقد اشتريت له جارية نوبية، فقال لها: ما اسمك ؟ قالت: مؤنسة. قال لها: اسمك فلانة، وإنك كما سميت. ثم قال: يا حسين، أما إنها ستلد غلاما لا يكون في ولدي أسخى منه، ولا أرق وجها، ولا أقضى للحاجة منه. قلت: فما اسمه ؟ قال: إبراهيم. قال علي بن أبي حمزة: والله، إني أتيته بمنى مع أصحابي، إذ أتاني رسوله فقال


(1) قرب الاسناد: 146، الكافي 1: 225 / 7، اثبات الوصية: 167، عيون المعجزات: 99، روضة الواعظين: 213، إعلام الورى: 304، الخرائج والجرائح 1: 333 / 24، مناقب ابن شهر آشوب 4: 299. (2) قرب الاسناد: 144، الخرائج والجرائح 1: 312 / 5، الصراط المستقيم 2: 190 / 5.

[ 339 ]

لي: يا علي، لا تنم الليلة حتى يأتيك رسولي، فبقيت تلك الليلة لا أنام، وأصحابي يساهدونني (1) الليل، فلما أصبحت إذا هو مقبل علي، ومعه أبناؤه جميعا، ونقل عياله وحشمه ومن معه، حتى نزل قرين الثعالب (2). ثم أتى مع الفجر على حمار له أسود، ومعه عمران خادمه، فسلم، فرددنا عليه السلام، وكأني أنظر إلى قوائم حماره من أطناب خيامنا، فقال: يا علي، أيما أحب إليك: أن تأتيني هاهنا، أو بمكة ؟ قلت: أحبهما إليك. قال: مكة خير لك. وانصرف، فقال لي عمران: تدري أين نزلنا العام ؟ قلت: منزل أبي عبد الله (عليه السلام). قال: لا، نزلنا العام في ذي طوى (3). قلت: لا أعرف منزلكم. قال: تعرف المسجد الصغير الذي على ظهر الطريق، الذي تصلي فيه المارة ؟ قلت: نعم. قال: اقعد لي ثم حتى آتيك. فلما انصرفنا من منى أخذت طريقي إلى الموعد، فما استويت قاعدا حتى جاءني عمران، فقال: أجب. فأتيته، فوجدته في ظهر داره، في مسجد، قاعد، قد صلى المغرب، فلما دنوت منه، قال: اخلع نعليك فإنك بالواد المقدس طوى. فخلعت نعلي، وتخطيت المسجد، فقعدت معه، وأوتيت بخوان من خبيص مجفف بتمر، فأكلنا أنا وهو، وهو يقول لي: يا علي، كل تمرا. فأكلت، ثم رفع الخوان، فقال: يا علي، هلم الحديث، فو الله ما أنا بناعس ولا كسلان. وكنت احدثه ثم غشيني النعاس (4)، فقال لي: قد


(1) في ” م، ط “: يشاهدوني. (2) صحف في ” م، ط، ع “: قرير المعالب، وفي مدينة المعاجز: قريش المقالب، وكذا في الموضع الآتي والظاهر صحة ما في المتن، وهو جبل قرب منى، بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة وثلاثون ذراعا. راجع أخبار مكة للازرقي 2: 185، الاعلاق النفيسة لابن رسته: 60. (3) ذو طوى: موضع عند مكة، معجم البلدان 4: 45. (4) في ” ط “: ولا كسلان. فسألته سالبة من الليل ثم غشيني النعاس.

[ 340 ]

نعست يا علي ؟ قلت: جعلت فداك، ما غمضت البارحة. قال: إن ام ولد لي من أكرم امهات أولادي، ضربها الطلق، فحملتها إلى قرين الثعالب، مخافة أن يسمع الناس صوته، فرزقني الله في ليلتي هذه غلاما – كما بشرني – وقد سميته إبراهيم. فلم يكن في ولد أبيه أحسن وأسخى منه، ولا أرق وجها، ولا أشجع منه. (1) 297 / 40 – وروى الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن، عن عاصم الحناط (2)، عن إسحاق بن عمار (3)، قال: كنت عنده إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان، فكلمه بكلام لم أسمع قط كلاما كان أعجب منه، كأنه كلام الطير، فلما خرج قلت: جعلت فداك، أي لسان هذا ؟ قال: هذا كلام أهل الصين (4). ثم قال: يا إسحاق، ما اوتي العالم من العجب أعجب وأكثر مما اوتي من هذا الكلام. قلت: أيعرف الامام منطق الطير ؟ قال: نعم، ومنطق كل شئ، ومنطق كل ذي روح، وما سقط عليه شئ من الكلام. (5) 298 / 41 – وروى أحمد بن الحسن، عن الحسن بن برة، عن عثمان بن


(1) الخرائج والجرائح 1: 310 / 4، الصراط المستقيم 2: 190 / 4، إثبات الهداة 5: 569 / 130. (2) في ” ع، م “: الخياط، تصحيف، صوابه ما في المتن راجع رجال النجاشي: 301، معجم رجال الحديث 9: 180. (3) صحف في النسخ: عمران، وما في المتن هو الصواب، وهو إسحاق بن عمار الصيرفي، من أصحاب الامام الكاظم (عليه السلام)، راجع رجال النجاشي: 71، معجم رجال الحديث 3: 52 و 61. (4) في ” م، ط “: الطير. (5) الخرائج والجرائح 1: 313 / 6، الثاقب في المناقب 462 / 391، كشف الغمة 2: 247، الصراط المستقيم 2: 190 / 6.

[ 341 ]

عيسى (1)، قال: دخلت علي أبي الحسن (عليه السلام) سنة الموت بمكة، وهي سنة أربع وسبعين ومائة (2)، فقال لي: من هاهنا من أصحابكم مريض ؟ فقلت: عثمان بن عيسى من أوجع الناس، فقال: قل له يخرج. ثم قال: من هاهنا ؟ فعددت عليه ثمانية، فأمر بإخراج أربعة، وكف عن أربعة، فما أمسينا من غد حتى دفنا الاربعة الذين كف عن إخراجهم. فقال عثمان بن عيسى: وخرجت أنا فأصبحت معافى. (3) 299 / 42 – وروى محمد بن الحسين، عن عبد الله بن سعيد (4) الدغشي، عن الحسن بن موسى، قال: اشتكى عمي محمد بن جعفر، حتى خفت عليه الموت. قال: فكنا مجتمعين عنده إذ دخل أبو الحسن (عليه السلام) فقعد إلى ناحية (5)، وإسحاق عمي عند رأسه يبكي، فقعد قليلا ثم قام، فتبعته فقلت: جعلت فداك، يلومك إخوتك وأهل بيتك، ويقولون دخلت على عمك وهو في الموت، ثم خرجت. فقال: ادن مني أخي، أرأيت هذا الباكي ؟ سيموت وسيبكي عليه هذا. قال: فبرأ محمد بن جعفر، واشتكى إسحاق فبكى عليه محمد. (6) 300 / 43 – وروى أبو حمزة، عن أبيه (7)، قال: كنت في مسجد الكوفة معتكفا


(1) زاد في البحار والعوالم الناقلين عن البصائر: عن الحارث بن المغيرة النضري، والظاهر صحته كما يبدو ذلك من سياق الكلام، والسؤال والجواب. وفي سند البصائر: 284 / 11: عن خالد. (2) ذكر الطبري في تاريخه 10: 53 في حوادث هذه السنة وقوع الوباء بمكة، فراجعه. (3) بصائر الدرجات: 284 / 11 و: 285 / 16، الخرائج والجرائح 2: 714 / 12، مدينة المعاجز: 439 / 39، البحار 48: 55 / 61، عوالم الامام الكاظم (عليه السلام): 105 / 14. (4) في ” ع، م “: سعد، راجع معجم رجال الحديث 10: 197. (5) في ” ع “: ناحيته. (6) فرج المهموم: 231. (7) في المناقب: علي بن أبي حمزة، والظاهر الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه

[ 342 ]

في شهر رمضان، في العشر الاواخر، إذ جاءني حبيب الاحوال بكتاب مختوم من أبي الحسن (عليه السلام) قدر أربع أصابع، فقرأته، فكان في كتابه: ” إذا قرأت الكتاب الصغير المختوم، الذي في جوف كتابك، فاحرزه حتى أطلبه منك “. قال: فأخذت الكتاب وأدخلته بيت بزي (1)، فجعلته في جوف صندوق مقفل، في جوف قمطر (2) مقفل، وبيت البز مقفل، ومفاتيح هذه الاقفال في حجرتي، فإذا كان الليل فهي تحت رأسي، وليس يدخل بيت بزي أحد غيري. فلما حضر الموسم خرجت إلى مكة ومعي جميع ما كتب لي من حوائجه، فلما دخلت عليه قال: يا علي، ما فعل الكتاب الصغير الذي كتبت إليك، وقلت احتفظ به ؟ قلت: جعلت فداك، عندي. قال: اين ؟ قلت: في بيت بزي، قد أحرزته، والبيت لا يدخله غيري. قال: يا علي، إذا نظرت إليه أليس تعرفه ؟ قلت: بلى، والله، لو كان بين ألف كتاب لاخرجته. فرفع مصلى تحته فأخرجه إلي، فقال: قلت: إن في البيت صندوق، في جوف قمطر مقفل، وفي جوف القمطر حق مقفل، وهذه المفاتيح معي في حجرتي بالنهار، وتحت رأسي بالليل ؟ ثم قال: يا علي، احتفظ به، فلو تعلم ما فيه لضاق ذرعك. قلت: قد وصفت لك، فما أغنى إحرازي. قال علي: فرجعت إلى الكوفة والكتاب معي محتفظ به في (3) جبتي. فكان الكتاب مدة حياة علي في جبته، فلما مات جئت أنا ومحمد (4)، فلم يكن لنا هم إلا الكتاب، ففتقنا الجبة موقع الكتاب، فلم نجده، فعلمنا بعقولنا أن الكتاب قد صار إليه كما صار في المرة الاولى. (5)


(1) أي ثيابي ” لسان العرب – بزز – 5: 311 “. (2) هو ما تصان فيه الكتب ” لسان العرب – قمطر – 5: 117 “. (3) في ” ع، م ” زيادة: يد. (4) هما محمد والحسن ابنا علي بن أبي حمزة، كما في المناقب. (5) الهداية الكبرى: 267، مناقب ابن شهر آشوب 4: 304 ” نحوه “، اثبات الهداة: 5: 569 / 131، مدينة المعاجز: 439 / 41.

[ 343 ]

301 / 44 – وروى أحمد بن محمد المعروف بغزال، قال: كنت جالسا مع أبي الحسن (عليه السلام) في حائط له، إذ جاء عصفور فوقع بين يديه، وأخذ يصيح، ويكثر الصياح، ويضطرب، فقال لي: تدري ما يقول هذا العصفور ؟ قلت: الله ورسوله ووليه أعلم. فقال: يقول: يا مولاي، إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت، فقم بنا ندفعها عنه، وعن فراخه. فقمنا ودخلنا البيت، فإذا حية تجول في البيت، فقتلناها. (1) 302 / 45 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن أبي عقيلة، عن أحمد التبان، قال: كنت نائما على فراشي، فما أحسست إلا ورجل قد رفسني برجله، فقال لي: يا هذا، ينام شيعة آل محمد ؟ فقمت فزعا، فلما رآني فزعا ضمني إلى صدره، فالتفت فإذا إنا بأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقال: يا أحمد، توضأ للصلاة. فتوضأت، وأخذني بيدي، فأخرجني من باب داري، وكان باب الدار مغلقا، ما أدري من أين أخرجني ! فإذا أنا بناقة معقلة له، فحل عقالها وأردفني خلفه، وسار بي غير بعيد، فأنزلني موضعا فصلى بي أربعا وعشرين ركعة. ثم قال: يا أحمد، تدري في أي موضع أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، ووليه، (2) وابن رسوله، أعلم. قال: هذا قبر جدي الحسين بن علي (عليه السلام). ثم سار غير بعيد حتى أتى الكوفة، وإن الكلاب والحرس لقيام، ما من كلب ولا حارس يبصر شيئا، فأدخلني المسجد، وإني لاعرفه وأنكره، فصلى بي سبع عشرة


(1) بصائر الدرجات: 365 / 19، الخرائج والجرائح 1: 359 / 13، مناقب ابن شهر آشوب 4: 334، كشف الغمة 2: 305، الصراط المستقيم 2: 197 / 10. (2) (ووليه) ليس في ” م “.

[ 344 ]

ركعة. ثم قال: يا أحمد، تدري أين أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، وأبن رسوله، أعلم. قال: هذا مسجد الكوفة، وهذه الطست. ثم سار غير بعيد وأنزلني، فصلى بي أربعا وعشرين ركعة. ثم قال: يا أحمد، أتدري أين أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، وابن رسوله، أعلم. قال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب (عليه السلام). ثم سار بي غير بعيد، فأنزلني، فقال لي: أين أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، وابن رسوله، أعلم. قال: هذا الخليل إبراهيم. ثم سار بي غير بعيد، فأدخلني مكة، وإني لاعرف البيت وبئر زمزم وبيت الشراب، فقال لي: يا أحمد، أتدري أين أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، وابن رسوله، أعلم. قال: هذه مكة، وهذا البيت، وهذه زمزم، وهذا بيت الشراب. ثم سار بي غير بعيد، فأدخلني مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) وقبره، فصلى بي أربعا وعشرين ركعة. ثم قال لي: أتدري أين أنت ؟ قلت: الله، ورسوله، وابن رسوله، أعلم. قال: هذا مسجد جدي رسول الله وقبره. ثم سار بي غير بعيد، فأتى بي الشعب، شعب أبي جبير، فقال: يا أحمد، تريد اريك من دلالات الامام ؟ قلت: نعم. قال: يا ليل، أدبر. فأدبر الليل عنا، ثم قال: يا نهار، أقبل. فأقبل النهار إلينا بالنور العظيم، وبالشمس حتى رجعت بيضاء نقية، فصلينا الزوال، ثم قال: يا نهار أدبر، يا ليل أقبل. فأقبل علينا الليل حتى صلينا المغرب، قال: يا أحمد، أرأيت ؟ قلت: حسبي هذا يا بن رسول الله.


[ 345 ]

فسار حتى أتى بي جبلا محيطا بالدنيا، ما الدنيا عنده إلا مثل سكرجة (1)، فقال: أتدري أين أنت ؟ قلت الله، ورسوله، وابن رسوله، أعلم. قال: هذا جبل محيط بالدنيا. وإذا أنا بقوم عليهم ثياب بيض، فقال: يا أحمد، هؤلاء قوم موسى، فسلم عليهم. فسلمت عليهم فردوا علينا السلام. قلت: يا بن رسول الله، قد نعست. قال: تريد أن تنام على فراشك ؟ قلت: نعم. فركض برجله ركضة، ثم قال: نم (2). فإذا أنا في منزلي نائم، وتوضأت وصليت الغداة في منزلي. (3) والحمد لله أولا وآخرا.


(1) السكرجة: إنا صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادم ” مجمع البحرين – سكرج – 2: 310 “. (2) في ” ع، م “: قم. (3) نوادر المعجزات: 160 / 3، مدينة المعاجز: 440 / 44.

[ 347 ]

أبو محمد علي بن موسى الرضا (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة. (1) ويروى سنة ست بعد وفاة جده أبي عبد الله (عليه السلام) بخمس سنين (2). وأقام مع أبيه تسعا وعشرين سنة وأشهرا. وأقام بعد أبيه سني إمامته: بقية ملك الرشيد، ثم ملك محمد بن هارون الامين ثلاث سنين وثمانية عشر يوما، ثم خلع واجلس عمه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوما، ثم ملك المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما، ووجه إلى أبي الحسن (عليه السلام) فحمله إلى خراسان (3).


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 18، تاريخ مواليد الائمة: 192، مناقب ابن شهر آشوب 4: 367، كشف الغمة 2: 259، الفصول المهمة: 244. (2) لم نجد هذه الرواية، والمروي سنة 148 ه‍، وقيل: سنة 151 ه‍، انظر الكافي 1: 406، الارشاد: 304، مناقب ابن شهر آشوب 4: 367، وفيات الاعيان 3: 270. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 19، تاج المواليد: 125، مناقب ابن شهر آشوب 4: 367.

[ 348 ]

خبر امه (عليه السلام:) 303 / 1 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار (1) الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، رفعه إلى هشام بن أحمد، قال: قال لي أبو الحسن موسى (عليه السلام): قد قدم رجل من المغرب نخاس، فامض بنا إليه. فمضينا، فعرض علينا رقيقا، فلم يعجبه، قال لي: سله عما بقي عنده، فسألته، فقال: لم تبق إلا جارية عليلة. فتركناه وانصرفنا، فقال لي: عد إليه وابتع تلك الجارية منه بما يقول لك فإنه يقول لك كذا وكذا. فأتيت النخاس فكان كما قال: وباعني الجارية، ثم قال لي: بالله، هي لك ؟ قلت: لا. قال: لمن هي ؟ قلت: لرجل من بني هاشم. قال: اخبرك أني اشتريت هذه الجارية من أقصى المغرب، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب، فقالت: ما هذه الجارية معك ؟ قلت: اشتريتها لنفسي. قالت: ما ينبغي أن تكون هذه إلا عند خير أهل الارض، ولا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد له غلاما يدين له شرق الارض وغربها. فحملتها ولم تلبث إلا قليلا (2) حتى حملت بأبي الحسن (عليه السلام). وكان يقال لها: تكتم (3). وقال أبو الحسن (عليه السلام) لما ابتعت هذه الجارية، لجماعة من أصحابه: والله، ما اشتريت هذه الجارية إلا بأمر الله ووحيه. فسئل عن ذلك فقال: بينا أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي، ومعهما شقة حرير،


(1) في ” ط “: عمارة. (2) (حتى تلد… قليلا) ليس في ” ع “. (3) في ” ع، م “: قليم، وما في المتن هو المشهور في اسمها، وراجع ” مجمع البحرين – كتم – 6: 151 “.

[ 349 ]

فنشراها، فإذا قميص وفيه صورة هذه الجارية، فقالا: يا موسى، ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الارض، ثم أمراني إذا ولدته أن اسميه عليا وقالا (1): إن الله (عزوجل) سيظهر به العدل والرأفة والرحمة، طوبى لمن صدقه، وويل لمن عاداه وكذبه وعانده. (2) خبر خروجه إلى خراسان: 304 / 2 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، قال: روى محمد بن عيسى، عن أبي محمد الوشاء، ورواه جماعة من أصحاب الرضا عن الرضا (عليه السلام)، قال: لما أردت الخروج من المدينة جمعت عيالي وأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع بكاءهم، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت لهم: إني لا أرجع إلى عيالي أبدا. ثم أخذت أبا جعفر فأدخلته المسجد، ووضعت يده على حافة القبر، وألصقته به واستحفظته رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالتفت أبو جعفر فقال لي: بأبي أنت وامي، والله تذهب إلى عادية (3). وأمرت جميع وكلائي وحشمي له بالسمع والطاعة، وترك مخالفته، والمصير إليه عند وفاتي، وعرفتهم أنه القيم مقامي. وشخص على طريق البصرة إلى خراسان، واستقبله المأمون، وأعظمه وأكرمه، وعزم عليه في أمره، فقال له: إن هذا أمر ليس بكائن إلا بعد خروج السفياني. فألح عليه، فامتنع، ثم أقسم عليه فأبر قسمه، وعقد له الامر، وجلس مع المأمون للبيعة.


(1) في ” ع “: وقال. (2) إثبات الوصية: 170، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 17 / 4، الارشاد: 307، أمالي الطوسي 2: 331، عيون المعجزات: 106، الخرائج والجرائح 2: 653 / 6، كشف الغمة 2: 272، حلية الابرار 2: 296. (3) في ” ع، م “: هادمة.

[ 350 ]

ثم سأله المأمون أن يخرج فيصلي بالناس، فقال له: هذا ليس بكائن. فأقسم عليه. فأمر القواد بالركوب معه، فاجتمع الناس على بابه، فخرج وعليه قميصان ورداء وعمامة، فأسدل ذؤابتها من قدام وخلف، مكحولا مدهنا، كما كان يخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله). فلما خرج من بابه ضج الناس بالبكاء، وكاد البلد يفتتن، واتصل الخبر بالمأمون، فبعث إليه: كنت أعلم مني بما قلت، فارجع. فرجع ولم يصل بالناس. (1) ثم زوجه ابنته، وسأله أن يخطب، فقال: الحمد لله الذي بيده مقادير الاقدار، وبمشيئته تتم الامور، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة يواطئ القلب اللسان، والسر الاعلان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، انتجبه رسولا فنطق البرهان بتحقيق نبوته، بعد أمر لم (2) يأذن الله فيه، وقرب أمر مآب (3) مشيئة الله إليه، ونحن نتعرض بالدعاء لخيرة القضاء، والذي يذكر ام حبيب بنت أمير المؤمنين، صلة الرحم، وأمشاج للشبكة (4)، وقد بذلت لها خمسمائة درهم، فزوجتني يا أمير المؤمنين ؟ قال: نعم. قال: قد قبلت ورضيت. (5) وجعله ولي عهده في حياته، وضرب الدراهم على اسمه، وهي: (الدراهم الرضوية) تعرف بذلك. وجمع بني العباس وناظرهم، وألزمهم الحجة، وبين فضل الرضا، ورد فدك على ولد فاطمة (صلوات الله عليها). ثم غدر به، وفكر في قتله، فقتله بطوس من خراسان، واستشهد ولي الله وقد كمل عمره تسعة وأربعين سنة وستة أشهر، في شهر رمضان يوم الجمعة سنة اثنتين ومائتين من الهجرة.


(1) مدينة المعاجز: 502 / 117. (2) في ” ع، م “: بعد أمركم. (3) في ” ط “: أو مأت. (4) الامشاج: جمع مشيج أو مشج، أي المختلط. والشبكة: القرابة، وأشتبكت بينهم الارحام: توشجت. (5) إثبات الوصية: 179.

[ 351 ]

ويروى: في صفر سنة ثلاث ومائتين من (1) الهجرة. (2) وكان سبب وفاته أن المأمون سمه. (3) 305 / 3 – وهو ما رواه أبو الحسن بن عباد، قال: حدثني أبو علي محمد بن مرشد (4) القمي، قال: حدثنا محمد بن منير، قال: حدثني محمد بن خالد الطاطري، قال: حدثني هرثمة بن أعين، قال: كنت بين يدي المأمون إلى أن مضى من الليل أربع ساعات، ثم أذن بالانصراف، فانصرفت إلى منزلي. فلما مضى ساعتان من آخر الليل، قرع قارع بابي، فكلمه بعض غلماني، فقال له: قل لهرثمة: أجب سيدك. فقمت مسرعا، فأخذت علي أثوابي، وأسرعت إلى سيدي، فدخل الغلام بين يدي، ودخلت وراءه، فإذا بسيدي في صحن داره جالس، فقال لي: يا هرثمة ! فقلت: لبيك يا مولاي. فقال لي: اجلس. فجلست، فقال لي: اسمع وع يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله (عزوجل)، ولحاقي بآبائي وجدي (عليهم السلام)، وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك. فأما العنب، فإنه يغمس السلك ويجريه بالخياط في العنب ليخفى، وأما الرمان، فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه، ويفرك الرمان به مدة، ليتلطخ حبه في ذلك السم، وإنه سيدعوني في يومنا هذا المقبل، ويقدم إلي الرمان والعنب، ويسألني أكله، ثم ينفذ الحكم والقضاء. فإذا أنا مت فسيقول: أنا اغسله بيدي، فإذا قال ذلك فقل له عني – بينك وبينه – أنه قال لي: قل له لا يتعرض لغسلي، ولا لتكفيني، ولا لدفني، فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما اخر عنه، وحل به أليم ما يحذر، فإنه سينتهي.


(1) في ” ع “: عمره تسعة وأربعين سنة ثلاث ومائتين. ويروى يوم الثلاثاء لست ليال خلون من ذي الحجة سنة ست ومائتين من. (2) تاريخ الائمة: 12، الكافي 1: 406، الارشاد: 304، مسار الشيعة: 52، تاج المواليد: 126، تذكرة الخواص: 355، كفاية الطالب: 458، كشف الغمة 2: 267، المستجاد من كتاب الارشاد: 492. (3) تذكرة الخواص: 355، المستجاد من كتاب الارشاد: 498، كشف الغمة 2: 281. (4) في ” ع “: زيد، وفي ” م “: رشيد.

[ 352 ]

قال: قلت: نعم يا سيدي. قال: فإذا خلى (1) بينك وبين غسلي، فيجلس في علو من أبنيته هذه، مشرفا على موضع غسلي لينظر، فلا تعرض يا هرثمة في شئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب في جانب الدار، أبيض، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها، فضعني من وراء الفسطاط، وقف من ورائه، ويكون من معك دونك، ولا تكشف عن الفسطاط حتى تراني فتهلك. فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة، أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله ؟ ! فمن يغسل أبا الحسن وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس ؟ ! فإذا قال ذلك فأجبه وقل له: إنا نقول أن الامام يجب أن يغسله الامام، فإن تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا، ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى، ما يغسله أحد غير من ذكرته. فإذا ارتفع الفسطاط، فسوف تراني مدرجا في أكفاني، فضعني على نعشي، واحملني. فإذا أراد أن يحفر قبري، فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري، ولا (2) يكون ذلك أبدا، وإذا ضربوا بالمعاول فستنبو (3) عن الارض، ولا ينفجر لهم منها ولا قلامة الظفر، فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم، فقل لهم عني: إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد. فإذا ضربت انفتح في الارض قبر محفور، وضريح قائم، فإذا انفرج ذلك القبر فلا تنزلني فيه حتى تقرب منه، فترى ماء أبيض، فيمتلئ به ذلك القبر مع وجه


(1) في ” ط ” زيادة: بيني و. (2) في ” ع “: وأنى. (3) يقال نبا الشئ عني: أي تجافى وتباعد ” الصحاح – نبا – 6: 2500 “.

[ 353 ]

الارض، ثم يضطرب فيه حوت بطوله، فإذا اضطرب فلا تنزلني في القبر، حتى إذا غاب الحوت منه، وغار الماء، فأنزلني في القبر، وألحدني في ذلك الضريح، ولا تتركهم يأتوا بتراب فيلقونه علي، فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ. قال: قلت: نعم يا سيدي. قال: ثم قال لي: احفظ ما عهدت إليك، واعمل ولا تخالف. قلت: أعوذ بالله أن اخالف لك أمرا يا سيدي. قال هرثمة: ثم خرجت باكيا حزينا، فلم أزل كالحبة على المقلاة، لا يعلم ما في نفسي إلا الله (عزوجل). ثم دعاني المأمون، فدخلت إليه، فلم أزل قائما إلى ضحى النهار، ثم قال المأمون: امض يا هرثمة إلى أبي الحسن، فأقرئه عني السلام، وقل له: إما تصير إلينا، أو نصير إليك، فإن قال لك: بل نصير إليه فاسأله عني أن يقدم مصيره. قال: فجئته، فلما طلعت على سيدي (عليه السلام) قال لي: يا هرثمة، أليس قد حفظت ما وصيتك به ؟ قلت: بلى، قال: قدموا بغلي. وقال: علمت ما قد أرسلك به. قال: فقدمت بغله، ومشى إليه، فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه، وقبل بين عينيه، وأجلسه إلى جانبه على سريره، وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة، ثم قال لبعض غلمانه: إئتونا بعنب ورمان. قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر، ورأيت النفضة عرضت في جسدي، فكرهت أن يتبين، فتراجعت القهقرى حتى خرجت، فرميت نفسي في موضع من الدار، فلما قرب نحو زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده، ورجع إلى داره. ثم رأينا الآمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الاطباء والمترفقين، فقلت: ما ذاك ؟ فقيل: علة عرضت لابي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام). فكان الناس في شك وكنت في يقين، لما علمته منه. قال: فلما كان في بعض الليل، وهو الثلث الثاني، علا الصياح وسمعت


[ 354 ]

الواعية (1) من الدار، فأسرعت فيمن أسرع، فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس، محلول الازرار (2)، قائم على قدميه، ينتحب ويبكي. قال: فوقفت فيمن وقف، وأنا أحس بنفسي تكاد تنفطر، فلما أصبحنا جلس المأمون لتعزيته، ثم قام يمشي إلى الموضع الذي فيه سيدنا الرضا (عليه السلام)، فقال: أصلحوا لنا موضعا، فإني اريد أن اغسله. فدنوت منه فقلت: خلوة يا أمير المؤمنين، فأخلى نفسه، فأعدت عليه ما قاله سيدي بسبب الغسل والكفن والدفن. فقال لي: لست أعرض في ذلك، شأنك يا هرثمة. قال: فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط الابيض قد نصب إلى جانب الدار، فحملته ووضعته بقرب الفسطاط، وكان داخله، ووقفت من ظاهره، وكل من في الدار دوني، وأنا أسمع التكبير، والتهليل، والتسبيح، وتردد الاواني، وصوت صب الماء، وسطوع ريح طيب لم أشم مثله. قال: فإذا أنا بالمأمون قد أشرف علي من بعض علو داره، فصاح: يا هرثمة، أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله، وأين ابنه محمد عنه، وهو بمدينة الرسول ونحن بطوس من أرض خراسان ؟ قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين: إنا نقول إن الامام يجب أن يغسله إمام مثله، فإن تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا، ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى. قال: فسكت عني. ثم ارتفع الفسطاط فإذا أنا بسيدي مدرج في أكفانه فوضعته على نعشه، ثم حملناه، فصلى عليه المأمون، وجميع من حضر، ثم جئنا إلى موضع القبر، فوجدتهم يضربون المعاول من فوق قبر هارون، ليجعلوه قبلة القبر، والمعاول تنبو، فقال: ويحك يا هرثمة ! أما ترى الارض كيف تمتنع من حفر قبر له ؟ !


(1) في ” ع، م “: الوجبة. (2) في ” ط “: الازار.

[ 355 ]

فقلت له: إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر (1) أبيك هارون الرشيد، لا أضرب غيره. قال: إذا ضربت يا هرثمة، يكون ماذا ؟ فقلت له: أخبرني أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره، وإنني إذا ضربت هذا المعول الواحد يصير القبر محفورا من غير يد تحفره، ويأتي ضريح في وسطه. قال المأمون: سبحان الله ! ما أعجب هذا الكلام، ولا عجب من أمر أبي الحسن، فاضرب حتى نرى (2). قال هرثمة: فأخذت المعول بيدي، فضربت في قبلة قبر هارون، قال: فانفرج القبر محفورا، والضريح في وسطه قائما، والناس ينظرون. قال: أنزله يا هرثمة. فقلت: يا سيدي، إنه أمرني أن لا انزله حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض، فيمتلئ به القبر مع وجه الارض، ثم يظهر فيه حوت بطول القبر، فإذا غاب الحوت، وغار الماء، وضعته على جانب القبر (3)، وخليت بينه وبين ملحده. قال: فافعل يا هرثمة ما امرت. قال: فانتظرت حتى ظهر الماء والحوت، وانتظرت الحوت حتى غاب، وغار الماء، والناس ينظرون، ثم جعلت النعش إلى جانب القبر، وسجف من فوقه سجف لم أبسطه أبيض، ثم انزل إلى القبر بغير يدي ولا يد أحد ممن حضر، فأشار المأمون إلى الناس أن أهيلوا (4) بأيديكم التراب فاطرحوا فيه. فقلت: لا تفعل يا أمير المؤمنين. فقال: ويحك فبم يمتلئ (5) ؟


(1) (قبر) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط ” زيادة: ما قال. (3) في ” م “: قبره. (4) في ” ط “: هيلوا، وفي ” ع “: هاتوا. (5) في ” ع، م “: يعلى.

[ 356 ]

قلت: قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب، وأخبرني أن القبر يمتلئ من نفسه، وينطبق، ويرتفع، ويتربع على وجه الارض. قال: فأشار إلى الناس أن كفوا. قال: فرموا ما في أيديهم من التراب، ثم أمتلا القبر، وانطبق، وتربع على وجه الارض، وانصرف المأمون، وانصرفنا. فدعاني وأخلى مجلسه، ثم قال: والله يا هرثمة، لتصدقني بجميع ما سمعته من أبي الحسن علي بن موسى الرضا. قال: فقلت: أخبرت أمير المؤمنين بما قال لي. قال: لا والله، لتصدقني بما أخبرك به غير ما قلت لي. قال: قلت: يا أمير المؤمنين، فعم تسألني ؟ قال: بالله يا هرثمة، أسر إليك شيئا غير هذا ؟ فقلت: نعم. قال: فما هو ؟ قلت: خبر العنب والرمان، فأقبل يتلون ألوانه بصفرة وحمرة وسواد، ثم مد نفسه كالمغشي عليه. قال: وسمعته في غشيته، وهو يقول: ويل للمأمون من الله، ويل للمأمون من رسول الله، ويل للمأمون من علي بن أبي طالب، ويل للمأمون من فاطمة، ويل للمأمون من الحسن و (1) الحسين، ويل للمأمون من علي بن الحسين، ويل للمأمون (2)، ويل لابيه هارون من موسى بن جعفر، هذا والله الخسران حقا، يقول هذا القول ويكرره، فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه، فجلست في بعض الدار. قال: فجلس فدعاني، ودخلت عليه وهو كالسكران، فقال: والله، ما أنت علي أعز منه، ولا جميع من في الارض، فو الله (3) لئن بلغني أنك أعدت ما سمعت ورأيته، ليكونن (4) هلاكك أهون علي مما لم يكن.


(1) في ” ط “: بن علي ويل للمأمون من. (2) (أبي طالب، ويل للمأمون… ويل للمأمون) ليس في ” ع “. (3) في ” ط “: الارض من قومه. (4) في ” ط ” زيادة: هذا الكلام.

[ 357 ]

قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن ظهر علي ذلك، فأنت في حل من دمي. قال: لا والله، إلا أن تعطيني عهدا وميثاقا أنك تكتم هذا ولا تعيده. قال: فأخذ مني العهد والميثاق، وأكثره علي، فلما وليت عنه صفق بيده، وسمعته يقول * (يستخفون من الناس) * (1) إلى آخر الآية. (2) ولدعبل بن علي في معنى القبرين: حويت قبرين: (3) خير الناس كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * على الزكي بقرب الرجس من ضرر (4) 306 / 4 – وأنشدني أبو أحمد عبد السلام البصري، قال: أنشدني أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، قال: أنشدني أحمد بن محمد المكي، قال: أنشدنا يحيى بن الحسن العلوي، قال: أنشدنا دعبل بن علي لنفسه: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات (5) قال أبو أحمد عبد السلام: لما بلغ إنشاده لي هذه القصيدة وبلغ منها إلى هذا الموضع: وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات قال أبو عبيد الله المرزباني: لما دخل دعبل على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطوس وأنشده هذه القصيدة، وبلغ إلى هذا الموضع، قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): وقبر بطوس يا لها من مصيبة * تردد بين الصدر واللهوات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات فقال دعبل: لا أعرف قبرا بطوس. قال (عليه السلام): بلى، قبري بها.


(1) النساء 4: 108. (2) الهداية الكبرى: 282 ” نحوه “، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 245 / 1. (3) في الديوان وعيون الاخبار: قبران في طوس. (4) الديوان: 198، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 251. (5) انظر الديوان: 124.

[ 358 ]

فلما بلغ إلى قوله: فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد * تقطع نفسي بينهم حسرات خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات (1) فلما فرغ من إنشاده قام الرضا (عليه السلام) فدخل منزله، وبعث إليه خادما بخرقة حرير فيها ستمائة دينار، وقال للخادم: قل له: يقول لك مولاي: استعن بهذا على سفرك، وأعذرنا. فقال له دعبل: لا والله، ما هذا أردت، ولا له خرجت، ولكن قل له: أكسني ثوبا من أثوابك. وردها عليه، فردها إليه الرضا (عليه السلام) وقال له: خذها. وبعث إليه بجبة من ثيابه. فخرج دعبل حتى ورد قم، فنظر أهل قم إلى الجبة، فأعطوه بها ألف دينار، فأبى عليهم، وقال: لا والله، ولا خرقة منها بألف دينار. ثم خرج من قم، فتبعوه فقطعوها عليه، وأخذوا الجبة، فرجع إلى قم، فكلمهم فيها، فقالوا: ليس إليها سبيل، ولكن إن شئت فهذه الالف دينار. قال لهم: وخرقة من الجبة. فأعطوه ألف دينار وخرقة من الجبة. (2) نسبه (عليه السلام) وهو: علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.


(1) في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 266 / 35 بالاسناد عن دعبل الخزاعي، قال: فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم رفع رأسه إلي، فقال لي: ” يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الامام ؟ ” الحديث، ويتضمن النص على القائم (عليه السلام). (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 263، كمال الدين وتمام النعمة 2: 372 / 6، مناقب ابن شهر آشوب 4: 338، ينابيع المودة: 454، ” نحوه ” وانظر إعلام الورى: 329، وكشف الغمة 2: 263 و 318، العدد القوية: 283 / 15.

[ 359 ]

ويكنى: أبا الحسن، والخاص: أبا محمد (1). ولقبه: الرضا، والصابر (2)، والوفي، ونور الهدى، وسراج الله، والفاضل، وقرة عين المؤمنين، ومكيد الملحدين (3). [ اسم امه ]: قيل: إن اسم امه: سكن النوبية، ويقال لها: الخيزران، ويقال: صفراء (4)، وتسمى: أروى، وام البنين (5). [ نقش خاتمه (عليه السلام) ] وكان له خاتم، نقش فصه: العزة لله (6). قال أبو الحسن بن عباد: قال لي الرضا (عليه السلام) مرارا: أنا والرشيد كهاتين. وأومأ بإصبعيه السبابة والوسطى، فلم أدر ما قال، ومنعتني هيبته أن أسأله، حتى مضى فقبروه إلى جانب الرشيد (7). وبوابه (عليه السلام): محمد (8) بن الفرات (9). ذكر ولده (عليه السلام): أبو جعفر محمد بن علي الامام (عليه السلام) (10).


(1) الهداية الكبرى: 279. (2) في ” ط ” زيادة: والضامن. (3) تاريخ الائمة: 28، تاريخ مواليد الائمة: 194، مناقب ابن شهر آشوب 4: 366، تذكرة الخواص: 351، كشف الغمة 2: 260، الفصول المهمة: 244، نور الابصار: 309. (4) في المناقب: صقر، وفي كشف الغمة والفصول المهمة وتاريخ مواليد الائمة، شقراء. (5) الكافي 1: 406، تاريخ مواليد الائمة: 193، مناقب ابن شهر آشوب 4: 367، تذكرة الخواص: 351، كشف الغمة 2: 259، المستجاد من كتاب الارشاد: 492، نور الابصار: 309. (6) في الفصول المهمة: 244 ونور الابصار: 309: حسبي الله. (7) الارشاد: 316، كشف الغمة 2: 282، نور الابصار: 325. (8) في ” ع، م “: عمر. (9) تاريخ الائمة: 33، الفصول المهمة: 244، نور الابصار: 309. (10) أضيف في بعض المصادر: الحسن وجعفر وإبراهيم والحسين وعائشة: انظر: تاريخ مواليد الائمة: 193، كشف الغمة 2: 267، الفصول المهمة: 246.

[ 360 ]

ذكر معجزاته (عليه السلام) 307 / 5 – وعنه، قال: حدثني أبو علي محمد بن زيد القمي، قال: حدثني محمد ابن منير، قال: حدثني محمد بن خلف الطوسي، قال: حدثني هرثمة بن أعين، قال: دخلت على سيدي الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، وقد ذكر أنه قد مات، ولم يصح، فدخلت اريد الاذن عليه. وكان في بعض ثقات خدم المأمون خادم يقال له (صبيح الديلمي) وكان يتولى سيدنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام) حق الولاء (1). قال: وإذا أنا بصبيح قد خرج، فلما رآني قال لي: يا هرثمة، ألست تعلم أنني ثقة المأمون على سره وعلانيته ؟ قال: قلت: بلى. قال: اعلم يا هرثمة، أن المأمون دعاني وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته، في الثلث الاول من الليل، فدخلت وقد صار نهارا من الشموع وبين يديه سيوف مستلة مشحوذة مسمومة، فدعا بنا غلاما غلاما، فأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه، وليس بحضرته أحد من خلق الله غيرنا، فقال لنا: إن هذا (2) لازم لكم، أنكم تفعلون ما آمركم به، ولا تخلفوا عنه. قال: فحلفنا له، فقال: يأخذ كل واحد منكم من الاسياف سيفا بيده، وامضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى في حجرته، فإن وجدتموه قائما، أو قاعدا، أو نائما، فلا تكلموه وضعوا أسيافكم هذه عليه، فرضوه رضا بها، حتى تخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخه، ثم أدرجوا عليه بساطه، وامسحوا أسيافكم وصيروا إلي، فقد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل وكتمانه عشرة آلاف درهم، وعشر ضياع منتخبة، والحظوة مني ما حييت وبقيت. قال: فأخذنا الاسياف بأيدينا، ودخلنا عليه في حجرته، فوجدناه مضطجعا يقلب طرفه ويده، ويتكلم كلاما لا نعقله. قال: فبادرت الاسياف إليه، حتى فعل ذلك،


(1) (حق الولاء) ليس في ” ع “. (2) في ” ع “: فقال: هذا.

[ 361 ]

ثم طووا عليه بساطه، ومسحوا أسيافهم، وخرجوا حتى دخلوا على المأمون، فقال: ما الذي صنعتم ؟ فقالوا: ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين. وأنا أظن أنهم سيقولون إني ما ضربت معهم بسيفي، ولا أقدمت إليه. قال: فقال: أيكم كان أسرع إليه بسيفه، قالوا: صبيح الديلمي، يا أمير المؤمنين. فجزاني خيرا. ثم قال: لا تعيدوا شيئا مما جرى فتبخسوا (1) حظكم مني، وتعجلوا الفناء، وتخسروا الآخرة والاولى. قال: فلما كان انبلاج (2) الفجر خرج المأمون فجلس في مجلسه، مكشوف الرأس، محلول الازرار، وأظهر الحزن، وقعد للتعزية، وقبل أن يصل إليه الناس قام حافيا فمشى إلى الدار، لينظر (3) إليه، وأنا بين يديه فلما دخل في حجرته سمع همهمة فارتعد، ثم قال: من عنده ؟ فقلنا: لا علم لنا به يا أمير المؤمنين. قال: أسرعوا. قال صبيح: فأسرعنا إليه فإذا نحن بسيدي جالس في محرابه، مواصل تسبيحه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، هو ذا نرى شخصا جالسا في محرابه يصلي ويسبح. قال: فانتفض المأمون وارتعد، ثم قال: غدرتم، لعنكم الله. قال: ثم التفت إلي من بينهم فقال: يا صبيح، أنت تعرفه، فانظر من المصلي عنده. قال صبيح: فدخلت وولى المأمون راجعا، فلما صرت بعتبة الباب قال لي: يا صبيح ! قلت: لبيك يا مولاي، وسقطت لوجهي. فقال: قم رحمك الله، فارجع وقل له: * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) * (4) فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم، فقال لي: يا صبيح، ما وراءك ؟


(1) في ” ع، م “: فتخيبوا. (2) في ” ع، م “: انسلاخ. (3) في ” ط “: وأنا أنظر. (4) الصف 61: 8.

[ 362 ]

فقلت: جالس في محرابه، وقد ناداني باسمي، وقال لي كيت وكيت. قال: ثم شد ازراره، وأمر برد أثوابه، وقال: قولوا: إنه قد كان غشي عليه، وقد أفاق من غشيته. قال هرثمة: فدخلت على سيدي الرضا (عليه السلام)، فلما رآني قال: يا هرثمة، لا تحدث بما حدثك به صبيح الديلمي إلا من قد امتحن الله قلبه بمحبتنا، ووالانا، فقلت: نعم يا سيدي. وقال لي: يا هرثمة، والله، لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله. (1) 308 / 6 – قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: رأيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وقد اجتمع إليه والى المأمون ولد العباس ليزيلوه عن ولاية العهد، ورأيته يكلم المأمون ويقول: يا أخي، مالي إلى هذا من حاجة، ولست متخذ الظالمين عضدا. وإذا على كتفه الايمن أسد، وعلى يساره أفعى، يحملان على كل من حوله. فقال المأمون: أتلومونني على محبة هذا. ثم رأيته وقد أخرج من حائط رطبا فأطعمهم. (2) 309 / 7 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، قال: حدثنا وكيع، قال: رأيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في آخر أيامه فقلت: يا بن رسول الله، اريد أن احدث عنك معجزة فأرنيها. فرأيته أخرج لنا ماء من صخرة فسقانا وشربت. (3) 310 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: قال عمارة بن زيد، رأيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فكلمته في رجل أن يصله بشئ، فأعطاني مخلاة (4) تبن، فاستحييت أن أراجعه، فلما وصلت باب الرجل فتحتها فإذا كلها دنانير،


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 214 / 22، مدينة المعاجز: 482 / 54. (2) نوادر المعجزات: 166 / 1. (3) نوادر المعجزات: 166 / 2. (4) المخلاة: ما يوضع فيه العلف للدابة.

[ 363 ]

فاستغنى الرجل وعقبه. فلما كان من غد أتيته فقلت: يا بن رسول الله، إن ذلك التبن تحول ذهبا (1) ! فقال: لهذا دفعناه إليك. (2) 311 / 9 – قال أبو جعفر: حدثنا علي بن قنطر (3) الموصلي، قال: حدثنا سعد بن سلام، قال: أتيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وقد حاس (4) الناس فيه وقالوا: لا يصلح للامامة، فإن أباه لم يوص إليه. فقعد منا عشرة رجال فكلموه، فسمعت الجماد الذي من تحته يقول: هو إمامي وإمام كل شئ، وإنه دخل المسجد الذي في المدينة – يعني مدينة أبي جعفر المنصور – فرأيت الحيطان والخشب تكلمه وتسلم عليه. (5) 312 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: رأيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) على منبر العراق في مدينة المنصور، والمنبر يكلمه. فقلت له: وهل كان معك أحد يسمع ؟ فقال عمارة: وساكن السماوات، لقد كان معي من دونه من حشمه يسمعون ذلك. (6) 313 / 11 – قال أبو جعفر: حدثنا معلى بن الفرج، قال: أخبرنا معبد بن جنيد (7) الشامي، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له: قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك، فلو شئت أنبأتني بشئ احدثه عنك. فقال: وما تشاء ؟ فقلت: تحيي لي أبي وأمي. فقال: انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما. فانصرفت والله وهما في البيت أحياء، فأقاما عندي عشرة أيام، ثم قبضهما الله (تبارك وتعالى). (8)


(1) في ” ط “: دنانير. (2) نوادر المعجزات: 166 / 3. (3) في ” ط “: قنطرة. (4) حاس الناس فيه: أي بالغوا في النكاية فيه، وفي ” ط “: جاش. (5) نوادر المعجزات: 167 / 4. (6) نوادر المعجزات: 167 / 5. (7) في ” ع “: حنيذ. (8) نوادر المعجزات: 168 / 6، فرج المهموم: 231.

[ 364 ]

314 / 12 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن سهل، قال: لقيت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وهو على حماره، فقلت له: من أركبك هذا، وتزعم أكثر شيعتك أن أباك لم يوصك ولم يقعدك هذ المقعد، وادعيت لنفسك ما لم يكن لك. فقال لي: وما دلالة الامام عندك ؟ قلت: أن يكلم بما (1) وراء البيت، وأن يحيي ويميت. فقال: أنا أفعل، أما الذي معك فخمسة دنانير، وأما أهلك فإنها ماتت منذ سنة وقد أحييتها الساعة وأتركها معك سنة اخرى، ثم أقبضها إلي لتعلم أني إمام بلا خلاف. فوقعت علي الرعدة فقال: أخرج (2) روعك فإنك آمن. ثم انطلقت إلى منزلي، فإذا بأهلي جالسة، فقلت لها: ما الذي جاء بك ؟ فقالت: كنت نائمة إذ أتاني آت، ضخم، شديد السمرة – فوصفت لي صفة الرضا (عليه السلام) – فقال لي: يا هذه، قومي وارجعي إلى زوجك، فإنك ترزقين بعد الموت ولدا. فرزقت والله (3). 315 / 13 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: صحبت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى مكة ومعي غلام لي، فاعتل في الطريق، فاشتهى العنب ونحن في مفازة. فوجه إلي الرضا (عليه السلام)، فقال: إن غلامك اشتهى العنب. فنظرت وإذا أنا بكرم لم أر أحسن منه، وأشجار رمان، فقطعت عنبا ورمانا وأتيت به الغلام، فتزودنا منه إلى مكة، ورجعت منه إلى بغداد، فحدثت الليث بن سعد وإبراهيم ابن سعد الجوهري، فأتيا الرضا (عليه السلام) فأخبراه فقال لهما الرضا (عليه السلام): وما هي ببعيد منكما، ها هو ذا. فإذا هم ببستان فيه من كل نوع فأكلنا وادخرنا. (4) 316 / 14 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: أخبرنا (5) أبو


(1) في ” ط “: ما. (2) في ” ع “: أفرج. (3) نوادر المعجزات: 168 / 7. (4) نوادر المعجزات: 169 / 8، مدينة المعاجز: 475 / 17. (5) في ” ع “: أخبرني.

[ 365 ]

جعفر محمد بن الوليد، عن أبي محمد، قال: قدم أبو الحسن الرضا (عليه السلام) فكتبت إليه أسأله الاذن لي في الخروج إلى مصر، وكنت أتجر إليها. فكتب إلي: أقم ما شاء الله. فأقمت سنتين. ثم قدمت الثالثة، فكتبت إليه أستأذنه، فكتب إلي: اخرج مباركا لك صنع الله لك. ووقع الهرج ببغداد: فسلمت من تلك الفتنة. (1) 317 / 15 – وبإسناده عن محمد بن الوليد، عن أبي محمد الكوفي، قال: دخلت على أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: فأقبل يحدثني ويسائلني، إذ قال: يا أبا محمد، ما ابتلى الله عبدا مؤمنا ببلية فصبر عليها، إلا كان له مثل أجر ألف شهيد. قال: ولم يكن ذلك في ذكر شئ من العلل، فأنكرت ذلك من قوله أن حدثني بالوجع في غير موضعه ! قال: فسلمت عليه وودعته، ثم خرجت من عنده، فلحقت أصحابي وقد رحلوا (2)، فاشتكيت رجلي من ليلتي. قال: فقلت: هذا لما تعبت، فلما كان من الغد تورمت. قال: ثم أصبحت وقد اشتد الورم، وضرب (3) علي في الليل، فذكرت قوله: فلما وصلت إلى المدينة جرى منه القيح، وصار جرحا عظيما، لا أنام ولا أقيم (4)، فعلمت أنه حدثني لهذا المعنى. فبقي بضعة عشر شهرا صاحب فراش، ثم أفاق، ثم نكس منها فمات. (5) 318 / 16 – وأخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا محمد بن محمد بن مسعود الربعي السمرقندي، قال: حدثني عبد (6) الله بن الحسن، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: وجه إلي أبو الحسن علي بن موسى


(1) مدينة المعاجز: 475 / 18. (2) في ” ع، م “: دخلوا. (3) في ” ع، م “: وضرت. (4) في ” ط، ع “: ولا أنيم. (5) الهداية الكبرى: 286، الخرائج والجرائح 1: 360 / 14. (6) في ” ع “: عبيد.

[ 366 ]

الرضا (عليه السلام) ونحن بخراسان ذات يوم بعد صلاة العصر، فلما دخلت إليه قال لي: يا حسن، توفي علي بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم، وادخل قبره في هذه الساعة، فأتياه ملكا القبر، فقالا له: من ربك ؟ فقال: الله ربي. قالا: فمن نبيك ؟ قال: محمد. قالا: فما دينك ؟ قال: الاسلام. قالا: ما كتابك ؟ قال: القرآن. قالا: فمن وليك ؟ قال: علي. قالا: ثم من ؟ قال: ثم الحسن. قالا: ثم من ؟ قال: ثم الحسين. قالا: ثم من ؟ قال: ثم علي بن الحسين. قالا: ثم من ؟ قال: ثم محمد بن علي. قالا: ثم من ؟ قال: ثم جعفر بن محمد. قالا: ثم من ؟ قال: ثم موسى بن جعفر. قالا: ثم من ؟ فتلجلج لسانه (1)، فأعادا عليه، فسكت، قالا له: أفموسى بن جعفر أمرك بهذا ؟ ! ثم ضرباه بإرزبة (2)، فألقياه على قبره، فهو يلتهب إلى يوم القيامة. قال الحسن بن علي: فلما خرجت كتبت اليوم ومنزلته في (3) الشهر، فما مضت الايام حتى وردت علينا كتب الكوفيين، بأن علي بن أبي حمزة توفي في ذلك اليوم، وادخل قبره في الساعة التي قال أبو الحسن (عليه السلام). (4) 319 / 17 – وبإسناده عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن هليل،


(1) (لسانه) ليس في ” ع “. (2) الارزبة: عصية من حديد ” لسان العرب – رزب – 1: 416 “. (3) في ” ع “: من. (4) نوادر المعجزات: 170 / 9، مدينة المعاجز: 478 / 30.

[ 367 ]

قال: حدثني أبو سمينة محمد بن علي الصيرفي، عن أبي حاتم حميد بن سليمان، قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) مجتمعين، وكانت له جارية يقال لها (رابعة) فقال لنا (1) يوما: إن طيرا جاءني، فوقع عندي، أصفر المنقار، ذلق اللسان، فكلمني بلسان فقال لي: أن جاريتك هذه تموت قبلك. فماتت الجارية. وقال لي الغابر: إذا دخلت سنة ستين حدثت امور عظام، أسأل الله كفايتها، واختلاف الموالي شديد، ثم يجمعهم الله في سنة إحدى وستين. وكان يقول: فإذا كان كذا وكذا ينبغي للرجل يحفظ دينه ونفسه. فقلت له: يكون لي ولد ؟ فأخذ شيئا من الارض، فصوره ووضعه على فخذي، وقال: هذا ولدك. (2) 320 / 18 – وبإسناده عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن يسار، قال: قال لي الرضا (عليه السلام) في ذلك الوقت: عبد الله يقتل محمدا. قلت له: عبد الله بن هارون يقتل محمد بن هارون ؟ قال: نعم. قلت: عبد الله بن هارون الذي بخراسان صاحب طاهر وهرثمة، يقتل محمد ابن زبيدة الذي ببغداد ؟ قال: نعم. فقتله. (3) 321 / 19 – وبإسناده عن الحميري، عن أبي حبيب النباجي (4) أنه قال: رأيت في منامي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد دخل قريتي، في مسجد النباج، فجلس واتي بأطباق فيها تمر، فدخلت إليه فقبض قبضة من ذلك التمر فدفعه إلي، فعددته فكان


(1) في ” م، ط “: أربعة فقال لها. (2) مدينة المعاجز: 478 / 31. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 209 / 12. (4) في ” ع “: الساجي، وفي ” م “: الساحي، وكلاهما تصحيف، والنباجي نسبة إلى النباج، قرية قرب البصرة، أنساب السمعاني 5: 453، معجم البلدان 5: 255.

[ 368 ]

ثماني عشرة تمرة، فقلت: إني أعيش ثماني عشرة سنة. فبينا أنا في أرضي إذ قيل لي: قد قدم الرضا (عليه السلام) من المدينة، ورأيت الناس يسعون (1) إليه، فصرت إليه، فإذا هو في المسجد، وبين يديه أطباق فيها تمر، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم تناول قبضة من ذلك التمر، فدفعه إلي، فعددته فكان ثماني عشرة تمرة. فقلت: زدني يا بن رسول الله. فقال: لو زادك رسول الله شيئا لزدتك. (2) 322 / 20 – وبإسناده عن الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن يسار الواسطي، قال: سألني الحسين بن قياما (3) الصيرفي أن أستأذن له على الرضا (عليه السلام) ففعلت، فلما صار بين يديه قال له: أنت إمام ؟ قال: نعم. قال: فإني اشهد الله أنك لست بإمام. قال له: وما علمك ؟ قال: لاني رويت عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ” الامام لا يكون عقيما ” وقد بلغت هذا السن وليس لك ولد. فرفع الرضا (عليه السلام) رأسه إلى السماء ثم قال: اللهم إني اشهدك أنه لا تمضي الايام والليالي حتى ارزق ولدا يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. فعددنا الوقت، فكان بينه وبين ولادة أبي جعفر شهور. (4) 323 / 21 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله الموصلي، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن حمزة الهاشمي، عن


(1) في ” ع “: مشيعون. (2) عيون اخبار الرضا (عليه السلام) 2: 210 / 15، كشف الغمة 2: 313. (3) في النسخ: قيام، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، وهو من رؤساء الواقفة، كما وصف في عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، وانظر: رجال الطوسي: 348 / 27، معجم رجال الحديث 6: 65. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 209 / 13، نوادر المعجزات: 172 / 11، إعلام الورى: 323، حلية الابرار 2: 432.

[ 369 ]

إبراهيم بن موسى، قال: ألححت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في شئ طلبته لحاجتي إليه، فكان يعدني. فخرج ذات يوم يستقبل (1) والي المدينة، وكنت معه، فجاء فنزل تحت شجرة، ونزلت معه، ليس معنا ثالث، قلت: جعلت فداك، العيد قد أظلنا، ولا والله ما أملك درهما فما سواه. قال: فحك بسوط دابته الارض حكا شديدا، ثم ضرب بيده، فتناول سبيكة ذهب من موضع الحك، فقال: خذها وانتفع بها، واكتم ما رأيت علي. (2) 324 / 22 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (3)، عن محمد بن عبد الله، قال: كنت عند الرضا (عليه السلام) فأصابني عطش شديد، فكرهت أن أستسقي في مجلسه، فدعا بماء، فأتاه فقال: يا محمد، اشرب فإنه بارد. فشربت. (4) 325 / 23 – وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد، عن أحمد بن محمد بن الاشعري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: استقبلت الرضا (عليه السلام) إلى القادسية، فسلمت عليه، فقال: اكتر لي حجرة لها بابان: باب إلى الخان، وباب إلى الخارج، فإنه أستر عليك. وبعث إلي بمنديل فيه دنانير صالحة ومصحف، وكان يأتيني رسوله في حوائجه، فأشتري له. وقعدت يوما وفتحت المصحف لاقرأ فيه، فنظرت في سورة * (لم يكن) * (5) فوجدتها أضعاف ما في أيدي الناس، فأخذت الدواة والقرطاس لاكتبها، فأتاني مسافر


(1) في ” ع، م “: استقبل. (2) بصائر الدرجات: 394 / 2، الكافي 1: 408 / 6، الارشاد: 309، الاختصاص: 270، روضة الواعظين: 222، إعلام الورى: 326، مناقب ابن شهر آشوب 4: 344، كشف الغمة 2: 274، الصراط المستقيم 2: 194 / 1. (3) زاد في العيون: قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد ابن الحسن بن علان. ومثله في البصائر، وهو الصواب. (4) بصائر الدرجات: 259 / 16، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 204 / 3. (5) المراد سورة البينة.

[ 370 ]

قبل أن أكتب منه شيئا، معه منديل وخاتم، فقال: يأمرك أن تضع المصحف فيه، وتختمه بهذا الخاتم، وتبعث به إليه. ففعلت ذلك. (1) 326 / 24 – وروى أبو حامد السندي بن محمد، قال: كتبت إلي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله دعاء، فدعا لي، وقال: لا تؤخر صلاة العصر، ولا تحبس الزكاة. قال أبو حامد: وما كتبت إليه بشئ من هذا، ولم يطلع عليه أحد إلا الله. قال أبو حامد: وكنت اصلي العصر في آخر وقتها، وكنت أدفع الزكاة بتأخير الدارهم من أقل وأكثر، بعدما تحل، فابتدأني بهذا. (2) 327 / 25 – وروى الهيثم النهدي، عن محمد بن الفضيل، قال دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألته عن أشياء، وأردت أن أسأله عن السلاح، فأغفلته، فخرجت من عنده ودخلت إلى منزل الحسن بن بشير، فإذا غلامه ورقعته: ” بسم الله الرحمن الرحيم، أنا بمنزلة أبي، ووارثه، وعندي ما كان عنده (عليه السلام) “. (3) 328 / 26 – وروى عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن أحمد بن عمر، قال: سمعته يقول – يعني أبا الحسن الرضا (عليه السلام) -: إني طلقت ام فروة بنت إسحاق بعد موت أبي بيوم. قلت: جعلت فداك، طلقتها وقد علمت بموت أبي الحسن موسى (عليه السلام) ؟ ! قال: نعم. (4) 329 / 27 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن معمر بن خلاد، قال: سألني ريان بن الصلت أن أستأذن له على أبي الحسن (عليه السلام) بخراسان حين أراد


(1) بصائر الدرجات: 266 / 8. (2) مدينة المعاجز: 479 / 36. (3) بصائر الدرجات: 272 / 5، الخرائج والجرائح 2: 663 / 6، الصراط المستقيم 2: 198 / 21. (4) بصائر الدرجات: 487 / 4، الكافي 1: 312 / 3، مدينة المعاجز: 512 / 153. (*)

[ 371 ]

أن يخرج إلى نعيم بن حازم، لما ألت (1) على الخليفة، إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وأن أسأله أن يكسوه قميصا يكون في أكفانه إن حدث به حدث، ويهب له (2) من الدراهم التي ضربت باسمه. فلما صرت إلى المنزل جاءني رسول أبي الحسن (عليه السلام)، فلما أتيته قال لي: أين كنت ؟ قلت: كنت عند ريان. فقال: متى يخرج ؟ فقلت له: زعم أن ذا الرئاستين أمره بأن يخرج غدا مع زوال الشمس. فقال أبو الحسن: اشتهى أن يلقاني ؟ قلت: نعم، جعلت فداك. قال: اشتهى أن أكسوه ؟ فسبحت، فقال: مالك تسبح ؟ فقلت: جعلت فداك، ما كنا إلا في هذا ! فقال: يا معمر، إن المؤمن موفق إن شاء الله، قل له يأتيني الليلة. فلما خرجت أتيته فوعدته حتى يلقاه بالليل، فلما دخل عليه جلس قدامه، وتنحيت أنا ناحية، فدعاني فأجلسني معه، ثم أقبل على ريان بوجهه، فدعا له بقميص. فلما أراد أن يخرج وضع في يده شيئا، فلما خرج نظرت فإذا ثلاثون درهما من دراهمه، فاجتمع له جميع ما أراد من غير طلبه. (3) 330 / 28 – وبإسناده عن أبي جعفر بن الوليد، عن علي بن حديد، عن مرازم، قال: أرسلني أبو الحسن الاول (عليه السلام) وأمرني بأشياء، فأتيت المكان الذي بعثني إليه، فإذا أبو الحسن الرضا (عليه السلام). قال: فقال لي: فيم قدمت ؟ قال: فكبر علي أن لا اخبره حين سألني، لمعرفتي بحاله عند أبيه (عليه السلام)، ثم قلت له: ما أمرني أن اخبره، وأنا مردد ذلك في نفسي.


(1) ألت عليه: قصده، أو حط من قدره. (2) في ” ع، م “: لي. (3) نحوه في قرب الاسناد: 148، ورجال الكشي: 546 / 1035، و 1036، كشف الغمة 2: 299.

[ 372 ]

فقال: قدمت يا مرازم، في كذا وكذا. قال: فقص ما قدمت له. (1) 331 / 29 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي الحراني، عن محمد بن حمران، عن داود بن كثير الرقي أنه سمع أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إن يحيى بن خالد، صاحب أبي، أطعمه ثلاثين رطبة منزوعة الاقماع، مصبوب فيها السم. قال: فقلت: جعلت فداك، إن كان يحيى بن خالد صاحبه، فأنا أشتري نفسي لله، فأتولى قتله، فإني أرجو الظفر به. فقال لي: لا تتعرض له، فإن الذي ينزل به وبولده من صاحبه شر مما تريد أن تصنعه به. وأخبرت أبا الحسن (عليه السلام) بكلام داود، فقال لي: صدق داود عني، فقد رأيت ما صنع بالظالم وانتصر منه. وقال: كلما يبلغك عن شرطة الخميس، وما يحكى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من الاعاجيب، فقد والله أرانيه أبو الحسن – يعني الرضا (عليه السلام) – ولكني امرت أن لا أحكيه، ولو حكيته لاحد لاخبرتك به. (2) 332 / 30 – وبإسناده عن داود الرقي، قال: لابي الحسن (عليه السلام) في السنة التي مات فيها هارون أنه قد دخل في الاربع والعشرين، وأخاف أن يطول عمره، فقال: كلا والله، إن أيادي الله عندي وعند آبائي قديمة، لن يبلغ الاربع والعشرين سنة. (3) 333 / 31 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي جعفر ابن الوليد، عن أبي محمد محمد بن أبي نصر (4)، قال: حدثني مسافر قال: أمر أبو


(1) مدينة المعاجز: 487 / 80. (2) مدينة المعاجز: 487 / 81. (3) مدينة المعاجز: 488 / 86. (4) في إثبات الوصية: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، ولعل ما في المتن هو محمد بن أبي نصر الذي

[ 373 ]

إبراهيم أبا الحسن (عليهما السلام) حين حمل إلى العراق أن ينام على بابه في كل ليلة، فكنا في كل ليلة نفرش له في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء الآخرة، فينام، فإذا أصبح أنصرف إلى منزله، وكنا ربما خبأنا الشئ مما يؤكل فيجئ حتى يخرجه، ويعلمنا أنه قد علم به. فمكث على هذه الحال نحو أربع سنين، وأبو إبراهيم (عليه السلام) مقيم في يد السلطان ذاهبا جائيا في حال رفاهة وإكرام، وكان الرشيد يرجع إليه في المسائل، فيجيبه عنها. ثم كان من البرامكة ما كان في السعي على دمه، والاغراء به، حتى حبسه في يد السندي بن شاهك، وأمره الرشيد بقتله في السم. فلما كان في ليلة من الليالي وقد فرشنا لابي الحسن الرضا (عليه السلام) على عادته أبطأ عنا، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعروا، وداخلنا من إبطائه أمر عظيم. فلما أصبحنا أتى الدار، ودخل قاصدا إليها من غير إذن، ثم أتى ام حميد (1) فقال لها: هات الذي أودعك أبي (عليه السلام). وسماه لها، فصرخت ولطمت، وشقت ثيابها، وقالت: مات، والله، سيدي. فكفها، وقال لها: لا تكلمي بهذا، ولا تظهريه (2) حتى يجئ الخبر إلى والي المدينة. فأخرجت إليه سفطا فيه تلك الوديعة والمال، وهو ستة آلاف دينار، وسلمته إليه، وكتمت الامر، فورد الخبر إلى المدينة، فنظر فيه، فوجد قد توفي في الوقت، صلى الله عليه (3). 334 / 32 – وروى محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، قال: لما كان في السنة التي بطش فيها هارون بجعفر بن يحيى، وحبس يحيى


عده البرقي في رجاله: 57 من أصحاب الامام الجواد (عليه السلام). (1) في ” ط “: ام حميدة، وفي المصادر: ام أحمد. (2) في ” ع، م “: ولا تظهروه. (3) الكافي 1: 312 / 6، إثبات الوصية: 168، الخرائج والجرائح 1: 371 / 29.

[ 374 ]

ابن خالد، ونزل بالبرامكة ما نزل، كان الرضا (عليه السلام) واقفا بعرفة يدعو، ثم طأطأ رأسه حتى كادت جبهته تصيب قادمة الرحل، ثم رفع رأسه فسئل عن ذلك، فقال: إني كنت أدعو على هؤلاء القوم – يعني البرامكة – منذ فعلوا بأبي ما فعلوا، فاستجاب الله لي اليوم فيهم. فلما انصرفنا لم نلبث إلا أياما حتى بطش بجعفر، وحبس يحيى، وتغيرت حالاتهم. (1) 335 / 33 – وروى محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي يعقوب، عن موسى بن مهران، قال: رأيت الرضا (عليه السلام)، ونظر إلى هرثمة بالمدينة، فقال: كأني به وقد حمل إلى مرو فضربت عنقه. فكان كما قال. (2) 336 / 34 – قال: وكتب إليه موسى بن مهران يسأله أن يدعو لابن له عليل، فكتب إليه: ” وهب الله لك ولدا صالحا ” فمات ابنه وولد له ابن آخر. (3) 337 / 35 – وروى الحسن بن علي الوشاء، المعروف بابن بنت إلياس، قال: شخصت إلى خراسان ومعي حلة وشي وحبرة (4)، فوردت مرو ليلا، وكنت أقول بالوقف، فوافق موضع نزولي غلام أسود كأنه من أهل المدينة، فقال لي: سيدي يقول لك: وجه إلي بالحبرة التي معك، لاكفن بها مولى لنا توفي. فقلت: ومن سيدك ؟ فقال: علي بن موسى. فقلت: ما بقي معي حبرة، ولا حلة إلا وقد بعتها في الطريق فعاد إلي فقال: بلى، قد بقيت الحبرة قبلك. فحلفت له أني لا أعلمها معي. فمضى وعاد الثلاثة، فقال: هي في عرض السفط الفلاني.


(1) عيون المعجزات: 108 (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 210 / 14، مناقب ابن شهر آشوب 4: 335، كشف الغمة 2: 304. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 221 / 38. (4) الحبرة والحبرة: ضرب من برود اليمن منمر ” لسان العرب – حبر – 4: 159 “.

[ 375 ]

فقلت في نفسي: إن صح هذا، فهي دلالة. وكانت ابنتي دفعت إلي الحبرة وقالت: بعها وابتع بثمنها فيروزجا وشيحا (1) من خراسان: فقلت لغلامي: هات السفط، فلما أخرجه وجدتها في عرضه، فدفعتها إليه، وقلت: لا آخذ لها ثمنا. فقال: هذه دفعتها إليك ابنتك فلانة، وسألتك أن تبتاع لهلا بثمنها فيروزجا وشيحا، فابتع لها بهذا. فعجبت مما ورد علي، وقلت: والله، لاكتبن له مسائل أسأله فيها، ولامتحننه في مسائل كنت أسأل أباه عنها، فأثبت ذلك في درج وغدوت إلى بابه، والدرج في كمي، ومعي صديق لي لا يعلم شرح هذا الامر. فلما صرت إلى بابه رأيت القواد والعرب والجند والموالي يدخلون إليه، فجلست ناحية وقلت في نفسي: متى أصل أنا إلى هذا ؟ فأنا افكر في ذلك إذ خرج خارج يتصفح الوجوه، ويقول: أين ابن بنت إلياس ؟ فقلت: ها أنا ذا. وأخرج من كمه درجا، وقال: هذا تفسير مسائلك. ففتحته فإذا فيه تفسير ما معي (2) في كمي، فقلت: اشهد الله ورسوله أنك حجة الله، وقمت، فقال لي رفيقي: إلى أين أسرعت ؟ فقلت: قضيت حاجتي. (3) 338 / 36 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين، المعروف بابن أبي القاسم، قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، عن الهيثم بن واقد، قال: كنت عند الرضا (عليه السلام) بخراسان، وكان العباس يحجبه، فدعاني وإذا عنده شيخ أعور يسأله، فخرج الشيخ، فقال لي رد علي الشيخ. فخرجت إلى الحاجب فسألته، فقال: لم يخرج علي أحد. فقال الرضا (عليه السلام): أتعرف الشيخ ؟ فقلت: لا.


(1) الشيح: ضرب من برود اليمن مخطط، ونبات سهلي له رائحة طيبة ” لسان العرب – شيح – 2: 501 و 502 “. في ” م، ط “: مسائلي. (3) عيون المعجزات: 108، وقطعة منه في إعلام الورى: 321، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 341.

[ 376 ]

فقال: هذا رجل من الجن، سألني عن مسائل، وكان فيما سألني عنه مولودان ولدا في بطن ملتزقين، مات أحدهما، كيف يصنع به ؟ قلت: ينشر الميت عن الحي. (1) 339 / 37 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن محمد بن صدقة، قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) فقال: لقيت رسول الله، وعليا، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد، وجعفر، وأبي (صلى الله عليهم أجمعين) في ليلتي هذه، وهم يحدثون الله (عزوجل)، فقلت: الله ! قال: فأدناني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقعدني بين أمير المؤمنين وبينه، فقال لي: كأني بالذرية من أزل (2) قد أصاب لاهل السماء ولاهل الارض، بخ بخ لمن عرفوه حق معرفته، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، العارف به خير من كل ملك مقرب، وكل نبي مرسل، وهم، والله، يشاركون الرسل في درجاتهم. ثم قال لي: يا محمد، بخ بخ، لمن عرف محمدا وعليا، والويل لمن ضل عنهم، وكفى بجهنم سعيرا. (3) 340 / 38 – وحدثني أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن أحمد بن إبراهيم ابن الرائقة الموصلي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم (رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي الجواد (عليه السلام)، قال: لما جعل المأمون أبي ولي عهده حبست السماء قطرها في ذلك العام، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصبون على علي الرضا (عليه السلام) يقولون: انظروا لما جاءنا من علي ابن موسى، صار ولي عهدنا، فحبس عنا المطر. واتصل الخبر بالمأمون، فاشتد ذلك


(1) مدينة المعاجز: 492 / 101. (2) في النوادر: أول. (3) نوادر المعجزات: 171 / 10.

[ 377 ]

عليه، وعظم، فقال للرضا (عليه السلام): قد احتبس المطر عنا، فلو دعوت الله (عزوجل) أن يمطر الناس. فقال الرضا (عليه السلام): نعم، أنا أفعل ذلك. قال: فمتى تفعل ذلك ؟ وكان يوم الجمعة. فقال الرضا (عليه السلام): يوم الاثنين، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقال: يا بني، انتظر إلى يوم الاثنين، واخرج إلى الصحراء واستسقي فإن الله (عزوجل) سيسقيهم، وأخبرهم بما يريد الله مما لا يعلمون حاله (1)، ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك (عزوجل). فلما كان يوم الاثنين غدا أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إلى الصحراء، وخرج الخلائق ينظرون، فصعد الرضا (عليه السلام) المنبر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت، فتوسلوا بنا كما أمرت، وأملوا فضلك ورحمتك، وتوقعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقيا نافعا عاما، غير رائث (2) ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم. قال: فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم، وأرعدت وأبرقت، فتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر، فقال الرضا (عليه السلام): على رسلكم يا أيها الناس، فليس هذا الغيم لكم، إنما هو لاهل بلد كذا وكذا. فمضت السحابة وعبرت. ثم جاءت سحابة اخرى تشتمل على رعد وبرق، فتحركوا للانصراف، فقال (عليه السلام): على رسلكم، فما هذه لكم، وإنما هي لاهل بلد كذا وكذا. فما زال حتى جاءت عشر سحابات وعبرت، فكل يقول الرضا (عليه السلام): على رسلكم، ليست هذه لكم، إنما هي لاهل بلد كذا وكذا.


(1) في عيون الاخبار: بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم. (2) أي غير بطئ متأخر. ” النهاية 2: 287 “. (*)

[ 378 ]

ثم أقبلت السحابة الحادية عشرة، فقال: أيها الناس، هذه بعثها الله لكم، واشكروا الله على فضله عليكم، وقوموا إلى مقاركم ومنازلكم، فإنها مسامتة لرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقاركم، ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله (جل جلاله). ونزل عن المنبر وانصرف الناس. فما زالت السحابة متماسكة إلى أن قربوا من منازلهم، ثم جاءت بوابل المطر، فملات الاودية والحياض والغدران والفلوات، فجعل الناس يقولون: هنيئا لولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كرامة الله (عزوجل) (1). ثم برز إليهم الرضا (عليه السلام)، وحضرت الجماعات الكثيرة منهم، فقال (عليه السلام): اتقوا الله في نعمكم التي أنعم الله بها عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته، واشكروه على أياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله (تعالى) بشئ بعد الايمان به والاعتراف بحقوق أوليائه من آل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحب إليه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله (تعالى)، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك قولا ما ينبغي لعاقل أن يزهد في فضل الله عليه فيه إن تأمله، وعمل عليه. قيل: يا رسول الله، هلك فلان، يفعل من الذنوب كيت وكيت. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل نجا، ولا يختم الله عمله إلا بالحسنى، وسيمحو الله عنه السيئات، ويبدلها حسنات. وقال: فإنه كان مارا في طريق وعبر بمؤمن قد انكشفت عورته، وهو لا يشعر، فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل، ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواة، فقال له: أجزل الله لك الثواب، وأكرم لك المآب، ولا ناقشك في الحساب. فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له إلا بخير، بدعاء ذلك المؤمن (2).


(1) في ” ع، م “: وكرامة لقوله. (2) في ” ع، م “: اليوم.

[ 379 ]

فاتصل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) به، فتاب وأناب، وأقبل إلى طاعة الله (عزوجل)، ولم يأت عليه سبعة أيام حتى اغير على سرح المدينة، فوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أثرهم جماعة ذلك أحدهم فاستشهد فيهم. قال الامام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام): وعظم الله (تعالى) البركة في البلاد (1) بدعاء الرضا (عليه السلام)، وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده دون الرضا (عليه السلام)، وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا (عليه السلام) (2)، فقال للمأمون بعض اولئك: يا أمير المؤمنين، اعيذك بالله أن تكون تاريخ (3) الخلفاء في إخراجك هذا الامر الشريف والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي، لقد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة، وقد كان خاملا فأظهرته، ومتضعا فرفعته، ومنسيا فذكرت به، ومستخفيا فنوهت به، قد ملا الدنيا مخرقة (4) وتشوفا (5) بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الامر من ولد العباس إلى ولد علي، بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتوثب على مملكتك، هل جنى أحد على نفسه ومملكته مثل جنايتك ؟ ! فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا، يدعو الناس إلى نفسه، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا، ليكون دعاؤه إلينا، وليعرف أن الملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المعتقدون أنه ليس مما ادعى لنفسه في قليل ولا كثير، وأن هذا الامر لنا دونه، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينشق (6) علينا منه ما لا نقدر على سده، وأن يأتي علينا مالا طاقة لنا به، والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلنا، وأخطأنا من أمره بما قد أخطأنا،


(1) (في البلاد) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ع، م “: وحيث إذ كلفوا بحضرة المأمون الرضا (عليه السلام). (3) في ” ع، م “: نازع. وفي البحار 49: 185 قوله: أن تكون تاريخ الخلفاء، كناية عن عظم تلك الواقعة وفظاعتها بزعمه، فإن الناس يؤرخون الامور بالوقائع والدواهي. (4) المخرقة: الشعبذة، وفي ” ط “: مخرقة. (5) في ” ط “: تشوقا، وكلاهما بمعنى أي ملا الدنيا تطلعا إليه. (6) في ” ع، م “: ينبش.

[ 380 ]

وأشرفنا على الهلاك بالتنويه على ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنا نحتاج إلى أن نضع منه قليلا قليلا حتى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق هذا الامر، ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه. قال الرجل: يا أمير المؤمنين، فولني مجادلته، فإني افحمه وأضع من قدره، فلولا هيبتك في صدري لانزلته منزلته، وبينت للناس قصوره عما رسخ له في قلوبهم. قال المأمون: ما (1) شئ أحب إلي من ذلك. قال: فاجمع وجوه أهل مملكتك من القواد، والخاصة، والقضاة، والفقهاء لابين نقصه بحضرتهم، فيكون تأخيره عن محله الذي أحللته فيه، على علم منهم بصواب فعلك. قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس له واسع، وقعد فيه لهم، واقعد الرضا بين يديه في مرتبته التي جعلها له، فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا، وقال له: إن الناس قد أكثروا الحكايات وأسرفوا في وصفك، فما أرى أنك إن وقفت عليه إلا وبرئت منه إليهم، وأول ذلك أنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه، فجاء، فجعلوه آية معجزة لك، أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين – أدام الله ملكه وبقاءه – لا يوازن بأحد إلا رجح، وقد أحلك المحل الذي قد عرفت، فليس من حقه عليك أن تسوغ للكذابين لك فيما يدعونه. قال الرضا (عليه السلام): ما أدفع عباد الله أن يتحدثوا بنعم الله (عزوجل)، وإن كنت لا أبغي بذلك بطرا ولا أشرا، وأما ذكرك أن صاحبك أحلني هذا المحل، فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق (عليه السلام)، وكانت حالهما ما قد عرفت. فغضب الحاجب عند ذلك فقال: يا بن موسى، لقد عدوت طورك، وتجاوزت قدرك أن بعث الله مطرا مقدرا وقته، لا يتقدم الساعة ولا يتأخر، جعلته آية تستطيل بها، وصولة تصول بها، كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم (عليه السلام) لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي فرقها على الجبال فأتينه سعيا، وتركبن على الرؤوس،


(1) في ” م، ط ” زيادة: من.

[ 381 ]

وخفقت طائرة بإذن الله (عزوجل)، فإن كنت صادقا فيما توهم، فأحيي هاتين (1) الصورتين وسلطهما علي، فإن ذلك يكون حينئذ آية ومعجزة، وأما المطر المعتاد فلست بأحق أن يكون جاء بدعائك دون دعاء غيرك من الذين دعوا كما دعوت. وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه، وكانا متقابلين على المسند، فغضب علي بن موسى (عليه السلام) وصاح بالصورتين: دونكما الفاجر، فافترساه، ولا تبقيا له عينا ولا أثرا، فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين، فتناولا الحاجب ورضضاه وهشماه، وأكلاه ولحسا دمه، والقوم متحيرون ينظرون. فلما فرغا منه أقبلا على الرضا (عليه السلام)، وقالا: يا ولي الله في أرضه، ماذا تأمرنا أن نفعل بهذا، أنفعل به ما فعلناه بصاحبه ؟ وأشارا بالقول إلى المأمون، فغشي عليه مما سمع منهما، فقال الرضا (عليه السلام) لاصحاب المأمون وحاشيته: أفيضوا عليه ماء الورد والطيب. ففعلوا به ذلك، فأفاق من غشيته، وعاد الاسدان يقولان: إئذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه. قال: لا، فإن لله (عزوجل) فيه تدبيرا هو ممضيه. قال الاسدان: فما تأمرنا ؟ قال: عودا إلى مقركما كما كنتما. فعادا إلى المسند، وصارا صورتين كما كانا. فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شر حميد به مهران – يعني بذلك الرجل المفترس -. ثم قال للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، هذا الامر لجدكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم لكم، ولو شئت لنزلت لك عنه. فقال الرضا (عليه السلام): لو شئت لما ناظرتك ولم أسألك، فإن الله (عزوجل) أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين، إلا جهال بني آدم، فإنهم وإن خسروا حظوظهم، فلله (عزوجل) فيهم تدبير، وقد أمرني ربي بترك الاعتراض


(1) في ” ع، م “: هذين.

[ 382 ]

عليك، وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك، كما أمر يوسف الصديق (عليه السلام) بالعمل من تحت يد فرعون مصر. وأدبر المأمون ضئيلا في نفسه، إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا (عليه السلام) (1) ما قضى. (2) والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله.


(1) في ” ع، م “: إلى ان قضى به. (2) عيون أخبار الرضا (ع) 2: 167 / 1، مناقب ابن شهر آشوب 4: 370، الثاقب في المناقب: 467 / 394 و: 469 / 395، فرائد السمطين 2: 212 / 490، الصراط المستقيم 2: 197 / 17.

[ 383 ]

أبو جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة، ليلة الجمعة، النصف من شهر رمضان (1) سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة (2). 341 / 1 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، عن صفوان (3)، عن حكيمة بنت أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قالت: كتبت لما علقت ام أبي جعفر (عليه السلام) به: ” خادمتك (4) قد علقت “. فكتب إلي ” إنها علقت ساعة كذا، من (5) يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي


(1) وقيل: في العاشر من رجب، أو النصف منه. انظر: تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، كشف الغمة 2: 343. (2) تاريخ الائمة: 13، الكافي 1: 411، الارشاد: 316، مسار الشيعة: 43، تاريخ بغداد 3: 55، تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 358، كفاية الطالب: 458، كشف الغمة 2: 343 و 345، المستجاد: 500، الفصول المهمة: 266. (3) في ” ع، م ” زيادة: بن يحيى. (4) في ” ط “: ام أبي جعفر كتبت إليه جاريتك سبيكة. (5) (ساعة كذا من) ليس في ” ع، م “.

[ 384 ]

ولدت فالزميها سبعة أيام “. قالت: فلما ولدته قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فلما كان اليوم الثالث عطس فقال: الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى الائمة الراشدين. (1) 342 / 2 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني جعفر [ بن محمد ] بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) شديد الادمة، ولقد قال فيه الشاكون المرتابون – وسنه خمسة وعشرون شهرا – إنه ليس هو من ولد الرضا (عليه السلام)، وقالوا لعنهم الله: إنه من شنيف (2) الاسود مولاه، وقالوا: من لؤلؤ، وإنهم أخذوه، والرضا عند المأمون، فحملوه إلى القافة (3) وهو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلما نظروا إليه وزرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا، ثم قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم ! مثل هذا الكوكب الدري والنور المنير، يعرض على أمثالنا، وهذا والله الحسب الزكي، والنسب المهذب الطاهر، والله ما تردد إلا في أصلاب زاكية، وأرحام طاهرة، ووالله ما هو إلا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورسول الله (عليهما السلام) فارجعوا واستقيلوا الله واستغفروه، ولا تشكوا في مثله. وكان في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين شهرا، فنطق بلسان أرهف (4) من السيف، وأفصح من الفصاحة يقول: الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده، واصطفانا من بريته، وجعلنا امناءه على خلقه ووحيه. معاشر الناس، أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق


(1) مدينة المعاجز: 515 / 1. (2) في ” م، ط “: سنيف. (3) القافة: جمع قائف، وهو الذي يعرف الآثار ويلحق الولد بالوالد والاخ بأخيه ” مجمع البحرين – قوف – 5: 110 “. (4) في ” ع، م “: اذهب.

[ 385 ]

ابن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن فاطمة الزهراء، وابن محمد المصطفى (عليهم السلام)، ففي مثلي يشك ! وعلي وعلى (1) أبوي يفترى ! واعرض على القافة ! وقال: والله، إنني لاعلم بأنسابهم من آبائهم، إني والله لاعلم بواطنهم وظواهرهم، وإني لاعلم بهم أجمعين، وما هم إليه صائرون، أقوله حقا، واظهره صدقا (2)، علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين، وبعد بناء السماوات والارضين. وايم الله، لولا تظاهر الباطل علينا، وغلبة دولة الكفر، وتوثب أهل الشكوك والشرك والشقاق علينا، لقلت قولا يتعجب منه الاولون والآخرون. ثم وضع يده على فيه، ثم قال: يا محمد، اصمت كما صمت آباؤك * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) * (3) إلى آخر الآية. ثم تولى لرجل (4) إلى جانبه، فقبض على يده ومشى يتخطى رقاب الناس، والناس يفرجون له. قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه ويقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالته (5). فسألت عن المشيخة، قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم، من أولاد عبد المطلب. قال: وبلغ الخبر الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، وما صنع بابنه محمد (عليه السلام)، فقال: الحمد لله. ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية، وما ادعي عليها في ولادتها (6) إبراهيم بن رسول الله ؟ قالوا: لا يا سيدنا، أ ؟ ؟ ؟ ؟ أعلم، فخبرنا لنعلم.


(1) زاد في ” ع “: أخوي و، وفي النوادر: أجدادي و. (2) في ” ط ” زيادة: وعدلا. (3) الاحقاف 46: 35. (4) في ” ع، ط “: الرجل. (5) في ” ع، م “: رسالاته، تضمين من سورة الانعام 6: 124. (6) في ” ع “: ولادها. (*)

[ 386 ]

قال: إن مارية لما اهديت إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) اهديت مع جوار قسمهن رسول الله على أصحابه، وظن بمارية من دونهن، وكان معها خادم يقال له (جريح) يؤدبها بآداب الملوك، وأسلمت على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسلم جريح معها، وحسن إيمانهما وإسلامهما (1)، فملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله وميله إلى مارية، وإيثاره إياها عليهما، حتى سولت لهما أنفسهما أن يقولا (3): إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح، وكانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا (4). فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، وقالا: يا رسول الله، ما يحل لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك. قال: وماذا تقولان ؟ ! قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى، وإن حملها من جريح، وليس هو منك يا رسول الله، فأربد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلون لعظم ما تلقياه به، ثم قال: ويحكما ما تقولان ؟ ! فقالا: يا رسول الله، إننا خلفنا جريحا ومارية في مشربة، وهو يفاكهها ويلاعبها، ويروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال، فانفذ فيه حكمك وحكم الله (تعالى). فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن، خذ معك سيفك ذا الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا. فقام علي واتشح بسيفه (5)، وأخذه تحت ثوبه، فلما ولى ومر من بين يدي رسول


(1) في ” ع “: إيمانها وإسلامها. (2) في ” ع، م “: يشكون. (3) في ” ع، م “: بقول. (4) رجل زمن أي مبتلى، ذو عاهة ” لسان العرب – زمن – 13: 199 “. (5) في ” ع، م “: وامتسح سيفه.

[ 387 ]

الله أتى إليه راجعا، فقال له: يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فديتك يا علي، بل الشاهد يرى مالا يرى الغائب. قال: فأقبل علي (عليه السلام) وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية، وهي جالسة وجريح معها، يؤدبها بآداب الملوك، ويقول لها: أعظمي رسول الله، وكنيه وأكرميه. ونحو من هذا الكلام. حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح، وأتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة، وكشف الريح عن أثواب جريح، فانكشف ممسوحا. فقال: انزل يا جريح. فقال: يا أمير المؤمنين، آمن على نفسي ؟ قال: آمن على نفسك. قال: فنزل جريح، وأخذ بيده أمير المؤمنين، وجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأوقفه بين يديه، وقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح. فولى النبي بوجهه إلى الجدار، وقال: حل لهما – يا جريح – واكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما، ويحهما ما أجرأهما على الله وعلى رسوله. فكشف جريح عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف. فسقطا بين يدي رسول الله وقالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا فلن نعود. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ ! قالا: يا رسول الله، فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا، وأنزل الله الآية التي فيها: * (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) * (1). قال الرضا علي بن موسى (عليه السلام): الحمد لله الذي جعل في وفي ابني محمد أسوة برسول الله وابنه إبراهيم.


(1) التوبة 9: 80.

[ 388 ]

ولما بلغ عمره ست سنين وشهور قتل المأمون أباه، وبقيت الطائفة في حيرة، واختلفت الكلمة بين الناس،، واستصغر سن أبي جعفر (عليه السلام)، وتحير الشيعة في سائر الامصار. (1) 343 / 3 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، قال: روى محمد بن المحمودي، عن أبيه، قال: كنت واقفا على رأس الرضا (عليه السلام) بطوس، فقال له بعض أصحابه: إن حدث حدث فإلى من ؟ قال: إلى ابني أبي جعفر. قال: فإن استصغر سنه ؟ فقال له أبو الحسن: إن الله بعث عيسى بن مريم قائما بشريعته في دون السن التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعته. فلما مضى الرضا (عليه السلام)، وذلك في سنة اثنتين ومائتين (2)، وسن أبي جعفر (عليه السلام) ست سنين وشهور، واختلف الناس في جميع الامصار، واجتمع الريان ابن الصلت، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن حكيم، و عبد الرحمن بن الحجاج، ويونس بن عبد الرحمن، وجماعة من وجوه العصابة في دار عبد الرحمن بن الحجاج، في بركة زلزل (3)، يبكون ويتوجعون (4) من المصيبة، فقال لهم يونس: دعوا البكاء، من لهذا الامر يفتي (5) بالمسائل إلى أن يكبر هذا الصبي (6) ؟ يعني أبا جعفر (عليه السلام)، وكان له ست سنين وشهور، ثم قال: أنا ومن مثلي ! فقام إليه الريان بن الصلت فوضع يده في


(1) الهداية الكبرى: 295، نوادر المعجزات: 173، مناقب ابن شهر آشوب 4: 387، حلية الابرار 2: 392. (2) في ” ع، م “: إثنين وثمانين ومائة، وهو خطأ. (3) محلة ببغداد، معروفة، ” معجم البلدان 1: 402 “. (4) في ” ع “: يترجعون. (5) في ” ع “: ننشي، وفي المدينة: تفشي، وفي الاثبات: وإلى من يقصد بالمسائل… (6) في ” ع “: المسائل إلى هذا الصبي.

[ 389 ]

حلقه، ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه، ثم قال له: يا بن الفاعلة، إن كان أمر من الله (جل وعلا) فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو ببعضه، أو هذا مما ينبغي أن (1) ينظر فيه ؟ وأقبلت العصابة على يونس تعذله. وقرب الحج، واجتمع من فقهاء بغداد والامصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلى المدينة، وأتوا دار أبي عبد الله (عليه السلام)، فدخلوها، وبسط لهم بساط أحمر، وخرج إليهم (2) عبد الله بن موسى، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد فنادى: هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن أراد السؤال فليسأل. فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء ؟ قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء. فورد على الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم. ثم قام إليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتى بهيمة ؟ قال: تقطع يده، ويجلد مائة جلدة، وينفى. فضج الناس بالبكاء، وكان قد اجتمع فقهاء الامصار. فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس، وخرج موفق، ثم خرج أبو جعفر (عليه السلام) وعليه قميصان وإزار وعمامة بذؤابتين، إحداهما من قدام، والاخرى من خلف، ونعل بقبالين (3)، فجلس وأمسك الناس كلهم، ثم قام إليه صاحب المسألة الاولى، فقال: يا ابن رسول الله، ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء ؟ فقال له: يا هذا (4)، إقرأ كتاب الله، قال الله (تبارك وتعالى): * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * (5) في الثالثة. قال: فإن عمك أفتاني بكيت وكيت.


(1) في ” ع “: مما يتعلق أو. (2) (إليهم) ليس في ” ع، م “. (3) القبال: زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الاصبعين ” لسان العرب – قبل – 11: 543 “. (4) في ” ع، م “: ما هذا. (5) البقرة 2: 229.

[ 390 ]

فقال له: يا عم، اتق الله، ولا تفت وفي الامة من هو أعلم منك. فقام إليه صاحب المسألة الثانية، فقال له: يا بن رسول الله، ما تقول في (1) رجل أتى بهيمة ؟ فقال: يعزر ويحمى ظهر البهيمة، وتخرج من البلد، لا يبقى على الرجل عارها. فقال: إن عمك أفتاني بكيت وكيت. فالتفت وقال بأعلى صوته: لا إله إلا الله، يا عبد الله، إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يدي الله فيقول لك: لم أفتيت عبادي بما لا تعلم وفي الامة من هو أعلم منك ؟ فقال له عبد الله بن موسى: رأيت أخي الرضا (عليه السلام) وقد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): إنما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش فبر امرأة ففجر بها، وأخذ ثيابها، فأمر بقطعه للسرقة، وجلده للزنا، ونفيه للمثلة (2)، ففرح القوم (3). 344 / 4 – قال أبوخداش المهري (4): وكنت قد حضرت مجلس موسى (عليه السلام) (5)، فأتاه رجل فقال له: جعلت فداك، ام ولد لي، وهي عندي صدوق، أرضعت جارية بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها ؟ قال أبو الحسن: لا رضاع بعد فطام. فسأله عن الصلاة في الحرمين، فقال: إن شئت قصرت، وإن شئت أتممت. قال له: فالخصي يدخل على النساء ؟ فأعرض بوجهه. قال: فحججت بعد ذلك، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألته عن


(1) (ما تقول في) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ع، م “: للمثلة، فالمت، وظاهرا: للمثلة بالميت. (3) إثبات الوصية: 186، مدينة المعاجز: 518. (4) في ” ع، م “: النهدي، ومهرة محلة بالبصرة، انظر رجال النجاشي: 228، رجال الكشي: 447، رجال الطوسي: 355، 408. (5) في ” ط “: مجلس الرضا علي بن موسى (عليه السلام).

[ 391 ]

المسائل، فأجابني بالجواب. وقال: حضرت مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت ؟ قال: فقلت: جعلت فداك، إن ام ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها ؟ فقال: لا رضاع بعد فطام. قلت: الصلاة في الحرمين ؟ قال: إن شئت قصرت، وإن شئت أتممت. قال: قلت: الخادم يدخل على النساء ؟ فحول وجهه، ثم استدناني فقال: وما نقص منه إلا الواقعة عليه. (1) 345 / 5 – ومكث أبو جعفر (عليه السلام) مستخفيا بالامامة، فلما صار له ست عشر سنة (2) وجه المأمون من حمله، وأنزله بالقرب من داره، وعزم على تزويجه ابنته، واجتمعت بنو هاشم (3) وسألوه أن لا يفعل ذلك، فقال لهم: هو والله لاعلم بالله ورسوله وسنته وأحكامه من جميعكم، فخرجوا من عنده، وبعثوا إلى يحيى بن أكثم، فسألوه الاحتيال على أبي جعفر بمسألة في الفقه يلقيها عليه. فلما اجتمعوا وحضر أبو جعفر (عليه السلام)، قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا يحيى بن أكثم، إن أذنت أن يسأل أبا جعفر عن مسألة في الفقه، فينظر كيف فهمه. فأذن المأمون في ذلك، فقال يحيى لابي جعفر (عليه السلام): ما تقول في محرم قتل صيدا. قال أبو جعفر (عليه السلام): في حل أو في حرم، عالما أو (4) جاهلا، عمدا أو خطأ، صغيرا أو كبيرا، حرا أو عبدا، مبتدئا أو معيدا (5)، من ذوات الطير أو غيرها، من صغار الصيد أو من كبارها، مصرا أو نادما، رمى بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا، محرما للعمرة أو الحج ؟


(1) إثبات الوصية: 187. (2) في إثبات الوصية: 188: إلى أن صارت سنة عشر سنين، وفي رواية: بعد أيام من شهادة أبيه (عليهما السلام). (3) كذا في النسخ والصواب: بنو العباس. (4) في ” ع “: أم في حرم أو عالما أم، وفي ” م “: أو في حرم أو عالما أو. (5) في ” ع، م “: مقبلا.

[ 392 ]

فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس، وتحير الناس تعجبا من جوابه، ونشط (1) المأمون فقال: تخطب أبا جعفر لنفسك ؟ فقام (عليه السلام) فقال: الحمد لله منعم النعم برحمته، والهادي لافضاله بمنه، وصلى الله على محمد (2) خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله، وج‍ ؟ ؟ تراثه إلى من خصه بخلافته، وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لازواجه خمسمائة درهم، ونحلتها من مالي مائة ألف درهم، زوجتني يا أمير المؤمنين ؟ فقال المأمون: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته (3)، وصلى الله على محمد عبده وخيرته، وكان من فضل (4) الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال: * (وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمآئكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) * (5). ثم إن محمد ابن علي خطب ام الفضل بنت عبد الله، وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، وقد زوجته، فهل قبلت يا أبا جعفر ؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): قد قبلت هذا التزويج، بهذا الصداق. ثم أولم عليه المأمون، فجاء الناس على مراتبهم، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين، فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة، مملوءة غالية، فصبغوا بها لحى الخاصة، ثم مدوها إلى دار العامة فطيبوهم. فلما تفرق الناس قال المأمون: يا أبا جعفر، إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه


(1) في ” ع، م “: وقسط. (2) (محمد) ليس في ” ع، م “. (3) في ” ع، م “: لعظمته. (4) في ” ع، م “: قضاء. (5) النور 24: 32.

[ 393 ]

الاصناف التي ذكرت من جزاء الصيد. فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل، والصيد من ذوات الطير من كبارها، فعليه شاة. وإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا. وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم، وليس عليه قيمته، لانه ليس في الحرم. فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته. وإذا كان من الوحش فعليه إن كان حمارا ذكرا، بدنة، وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا، وإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما، وإن كان (1) بقرة فعليه بقرة، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام. وإن ان ظبيا فعليه شاة، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، هديا بالغ الكعبة، حقا واجبا عليه أن ينحره، إن كان في الحج، من حيث تنحر الناس. وإن كان في عمرة ينحر في مكة ويتصدق بمثل ثمنه، حتى يكون مضاعفا. وإن كان أصاب أرنبا فعليه شاة، ويتصدق، فإذا قتل الحمامة بعد الشاة يتصدق بدرهم، أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وفي الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم. كل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطأ فليس فيه شئ، إلا الصيد، فإن فيه عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم، بخطأ كان أبوبعمد، وكذلك كل ما أتى به العبد، فكفارته على صاحبه، مثل ما يلزم صاحبه، وكل ما أتى به (2) الصغير الذي ليس ببالغ، فلا شئ عليه. وإن كان ممن عاد فهو ممن ينتقم الله منه، وليس عليه كفارة، والنقمة في الآخرة، فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء، والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة


(1) في ” ع، م “: كانت. (2) (العبد، فضارته… أتى به) ليس في ” م، ط “.

[ 394 ]

الآخرة، والنادم عليه لا شئ (1) عليه بعد الفداء. وإن أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شئ عليه حتى يتعمد، فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء. والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى حيث تنحر الناس، والمحرم للعمرة ينحر بمكة. فأمر المأمون أن يكتب ذلك عنه. ثم دعا من أنكر عليه تزويجه، فقرأ ذلك عليه، ثم قال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب ؟ قالوا: أنت كنت أعلم به منا، ثم أمر المأمون فنثر (2) على أبي جعفر (عليه السلام) رقاع، فيها ضياع وطعم (3) وعمالات (4)، ولم يزل مكرما لابي جعفر (عليه السلام) بقية (5) حياته. (6) أحواله ومدة إمامته وكان مقامه مع أبيه سبع سنين وأربعة أشهر ويومين. وقد روى: سبع سنين وثلاثة أشهر. وعاش بعد أبيه ثماني عشرة سنة غير عشرين يوما. (7) وكانت سنو (8) إمامته بقية ملك المأمون، ثم ملك المعتصم ثماني سنين، ثم ملك


(1) في ” ط “: عليه حتى. (2) في ” ط “: ثم دعا الناس ونثر. (3) الطعم: المأكل والرزق ” اقرب الموارد – طعم – 1: 708 “. (4) في ” ط “: ضياع وعمالات وعقار وأطعمة. (5) في ” ط “: مكرما له مدة. (6) إثبات الوصية: 188، قطعة منه في الارشاد: 319 والاختصاص: 98، والاحتجاج: 443، والثاقب في المناقب: 505 / 433. (7) المروي في الارشاد: 316، وتاج المواليد: 128، واعلام الورى: 344، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 379: سبع عشرة سنة. (8) في ” ع، م “: وكان سني.

[ 395 ]

الواثق خمس سنين وثمانية أشهر. واستشهد في ملك الواثق سنة عشرين ومائتين من الهجرة. (1) وكمل عمره خمس (2) وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما. ويقال: اثني عشر يوما. في ذي الحجة يوم الثلاثاء على ساعتين من النهار لخمس خلون منه (3)، ويقال: لثلاث خلون منه (4). وكان سبب وفاته أن ام الفضل بنت المأمون – لما تسرى (5) ورزقه الله الولد (6) من غيرها – انحرفت (7) عنه، وسمته في عنب، وكان تسعة عشر عنبة (8)، وكان يحب العنب، فلما أكله بكت، فقال لها: مم بكاؤك، والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر، وببلاء لا ينستر. فبليت بعده بعلة في أغمض المواضع، أنفقت عليها جميع ملكها (9)، حتى احتاجت إلى رفد الناس (10). ويقال: إنها سمته بمنديل يمسح به عند الملامسة، فلما أحس بذلك قال لها: أبلاك الله بداء لا دواء له. فوقعت الاكلة (11) في فرجها، فكانت تنكشف للطبيب،


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، والذي في سائر المصادر انه (عليه السلام) استشهد في أول ملك المعتصم، وهو الموافق للصواب حيث إن ملك المعتصم امتد بين (219 – 227 ه‍) انظر تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، كشف الغمة 2: 369، الجوهر الثمين: 138. (2) في ” ط “: وبلغ من العمر خمسا. (3) إثبات الوصية: 192، تاريخ بغداد 3: 55، كشف الغمة 2: 345. (4) المروي: لست خلون منه، انظر تاريخ الائمة: 13، تاريخ بغداد 3: 55، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، الفصول المهمة: 275. (5) تسرى الرجل: اتخذ سرية، أي أمة. (6) في ” ع، م “: لما رزق الله أبا الحسن. (7) في ” ع، م “: انخفرت. (8) في ” ط “: حبة. (9) في ” ط “: ما تملكه. (10) إثبات الوصية: 192. (11) الاكلة: داء يقع في العضو فيأتكل منه ” لسان العرب – أكل – 11: 22 “.

[ 396 ]

ينظرون إليها، ويشيرون عليها بالدواء، فلا ينفع ذلك شيئا، حتى ماتت في علتها. (1) ودفن (عليه السلام) ببغداد بمقابر قريش إلى جنب جده موسى بن جعفر (عليه السلام). نسبه: محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبدمناف (2) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ويكنى: أبا جعفر، والخاص: أبو علي. (3). ولقبه (4): الزكي، والمرتضى، والتقي، والقانع، والرضي، والمختار، والمتوكل، والجواد (5). وامه: ام ولد تسمى ريحانة وتكنى ام الحسن، ويقال إن اسمها: سكينة (6)، ويقال لها: خيزران (7)، والله أعلم (8).


(1) مناقب ابن شهر آشوب 4: 391. (2) في ” ع “: أبي طالب. (3) تاريخ الائمة: 30، الهداية الكبرى: 295، تاج المواليد: 127، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، إعلام الورى: 345، تذكرة الخواص: 358، كشف الغمة: 2: 343، الفصول المهمة: 265. (4) في ” ع، م “: وكنيته. (5) (والجواد) ليس في ” ع، م “. تاريخ الائمة: 29، الهداية الكبرى: 295، اعلام الورى: 345، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 359، كشف الغمة 2: 343، الفصول المهمة: 266. (6) في ” ط “: ويقال: سبيكة. وهو الموافق لما في تاج المواليد: 128 وإعلام الورى: 345، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 379. (7) في ” ع “: خيران. (8) تاريخ الائمة: 25، تاج المواليد: 128، مناقب ابن شهر آشوب 4: 379، تذكرة الخواص: 359.

[ 397 ]

ذكر ولده (عليه السلام) أبو الحسن علي بن محمد العسكري الامام (عليه السلام)، وموسى. ومن البنات: خديجة، وحكيمة، وام كلثوم. (1) [ نقش خاتمه (عليه السلام) ]: وكان له خاتم نقش فصه: العزة لله، مثل نقش (2) خاتم أبيه (عليه السلام). (3). بوابه: عمر بن الفرات. (4). ذكر معجزاته (عليه السلام) 346 / 6 – قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، قال: رأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) وله شعرة – أو قال وفرة – مثل حلك (5) الغراب، مسح يده عليها فاحمرت ثم مسح عليها بظاهر كفه فابيضت، ثم مسح عليها بباطن كفه فعادت (6) سوداء كما كانت، فقال لي: يا بن سعد، هكذا تكون آيات الامام.


(1) تاج المواليد: 130، مناقب ابن شهر آشوب 4: 380، تذكرة الخواص: 359، المستجاد: 506، الفصول المهمة: 276، وزاد في تاج المواليد والمناقب: فاطمة وامامة، ولم يذكر غيرهما من البنات في المستجاد والفصول المهمة. (2) (نقش) ليس في ” ع، م “. (3) في الفصول المهمة: 266: نعم القادر الله. (4) تاريخ الائمة: 33، الفصول المهمة: 266. وفي المناقب لابن شهر آشوب 4: 380: عثمان بن سعيد السمان. (5) الحلكة: شدة السواد، وفي ” ع “: جثل، والجثل: الشعر. (6) في ” ع، م “: فصارت.

[ 398 ]

فقلت: رأيت أباك (عليه السلام) (1) يضرب بيده إلى التراب فيجعله دنانير ودراهم. فقال: في مصرك قوم يزعمون أن الامام (2) يحتاج إلى مال، فضرب بيده لهم ليبلغهم أن كنوز الارض بيد الامام. (3) 347 / 7 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد: كنت جالسا عند محمد بن علي (عليه السلام) إذ مرت بنا فرس أنثى، فقال: هذه تلد الليلة فلوا (4) أبيض الناصية، في وجهه غرة. فاستأذنته ثم انصرفت مع صاحبها، فلم أزل أحدثه إلى الليل حتى أتت الفرس بفلو كما وصف ما فيه. وعدت إليه، فقال: يا بن سعد، شككت فيما قلت لك بالامس ؟ إن التي في منزلك حبلى تأتيك بابن أعور. فولد لي محمد وكان أعور. (5) 348 / 8 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفه ورقا (6)، فأخذت منه كثيرا وأنفقته في الاسواق فلم يتغير. (7) 349 / 9 – قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، قال: قال محمد بن يحيى: لقيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) على وسط دجلة فالتقى له طرفاه حتى عبر، ورأيته بالانبار على الفرات فعل مثل ذلك. (8) 350 / 10 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن الهيثم أبو قبيصة الضرير، قال:


(1) في ” م ” زيادة: ما أشك. (2) في ” ع، م “: الاسلام. (3) نوادر المعجزات: 179 / 2، مدينة المعاجز: 523 / 22. (4) الفلو: بضم أوله وكسره، المهر. (5) نوادر المعجزات: 180 / 3، فرج المهموم: 232. (6) أي فضة، أو دراهم فضة. (7) نوادر المعجزات: 180 / 4. (8) مدينة المعاجز: 543 / 25.

[ 399 ]

حدثنا أحمد بن موسى، قال: أخبرنا حكيم بن حماد، قال: رأيت سيدي محمد بن علي (عليه السلام) وقد ألقى في دجلة خاتما فوقفت كل سفينة صاعدة وهابطة، وأهل العراق يومئذ متزايدون، ثم قال لغلامه: اخرج الخاتم. فسارت الزوارق. (1) 351 / 11 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي، قال: حدثنا أبو النصر أحمد بن سعيد، قال: قال لي منخل بن علي: لقيت محمد بن علي (عليه السلام) بسر من رأى فسألته النفقة إلى بيت المقدس فأعطاني مائة دينار ثم قال لي: أغمض عينيك. فغمضتهما، ثم قال: افتح. فإذا أنا ببيت المقدس تحت القبة، فتحيرت في ذلك. (2) 352 / 12 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي، قال: حدثنا هشام بن محمد، قال: قال محمد بن العلاء: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يحج بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع، وكان لي أخ بمكة لي عنده (3) خاتم، فقلت له: تأخذ لي منه علامة، فرجع من ليلته ومعه الخاتم. (4) 353 / 13 – قال أبو جعفر: حدثنا موسى بن عمران بن كثير، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضع يده على منبر فتورق كل شجرة من نوعها، وإني (5) رأيته يكلم شاة فتجيبه. (6) 354 / 14 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: قال عمارة ابن زيد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، ما علامة الامام ؟ قال: إذا فعل هكذا. فوضع يده على صخرة فبانت أصابعه فيها.


(1) مدينة المعاجز: 524 / 26. (2) نوادر المعجزات: 181 / 5. (3) في ” ع، م “: معه. (4) إثبات الهداة 6: 199 / 61. (5) في ” ط “: من فروعها و. (6) نوادر المعجزات: 181 / 6.

[ 400 ]

ورأيته يمد الحديد بغير نار، ويطبع الحجارة بخاتمه. (1) 355 / 15 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: قال لي عمارة بن زيد: رأيت امرأة قد حملت ابنا لها مكفوفا إلى أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، فمسح يده عليه فاستوى قائما يعدو، كأن لم يكن في عينه ضرر. (2) 356 / 16 – قال أبو جعفر: حدثنا قطر بن أبي قطر: قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وهو يكلم ثورا فحرك الثور رأسه، فقلت: لا، ولكن تأمر الثور أن يكلمك. فقال: وعلمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ (3). ثم قال للثور: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فقال. ثم مسح بكفه على رأسه (4). 357 / 17 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: قال لي عمارة بن زيد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وبين يديه قصعة صيني، فقال لي: يا عمارة، أترى من هذا عجبا ؟ قلت: نعم. فوضع يده عليها فذابت حتى صارت ماء، ثم جمعه حتى جعله في قدح ثم ردها ومسحها بيده فإذا هي قصعة صيني كما كانت، وقال: مثل هكذا فلتكن القدرة. (5) 358 / 18 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني (6) زكريا بن آدم، قال: إني لعند الرضا (عليه السلام) إذ جئ بأبي جعفر (عليه السلام)، وسنه أقل من أربع سنين، فضرب بيده


(1) نوادر المعجزات: 181 / 7. (2) مدينة المعاجز: 524. (3) تضمين من سورة النمل 27: 16. (4) في ” ع، م “: ثم مسحح برأسه عليه. نوادر المعجزات: 182 / 8. (5) نوادر المعجزات: 182 / 9. (6) في ” ط “: حدثنا.

[ 401 ]

إلى الارض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر (1)، فقال له الرضا (عليه السلام): بنفسي أنت، لم طال فكرك ؟ فقال (عليه السلام): فيما صنع بامي فاطمة (عليها السلام)، أما والله لاخرجنهما ثم لاحرقنهما، ثم لاذرينهما، ثم لانسفنهما في اليم نسفا. فاستدناه، وقبل ما (2) بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت وامي، أنت لها. يعني الامامة. (3) 359 / 19 – قال امية بن علي: كنت بالمدينة، وكنت أختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وأبوه بخراسان فدعا جاريته يوما (4) فقال لها: قولي لهم يتهيئون للمأتم. فلما (5) تفرقنا من مجلسنا أنا وجماعة، قلنا: ألا سألناه مأتم من (6) ؟ فلما كان الغد أعاد القول، فقلنا له: مأتم من ؟ فقال: مأتم خير من صلى على ظهر الارض. فورد الخبر بمضي أبي الحسن (عليه السلام) بعد أيام. (7) 360 / 20 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني، قال: حج إسحاق بن إسماعيل في السنة التي خرجت الجماعة إلى أبي جعفر (عليه السلام). قال إسحاق: فأعددت له في رقعة عشر مسائل لاسأله عنها، وكان لي حمل، فقلت: إذا أجابني عن مسائلي، سألته أن يدعو الله لي أن يجعله ذكرا. فلما سأله الناس قمت، والرقعة معي، لاسأله عن مسائلي، فلما نظر إلي قال لي: يا أبا يعقوب، سمه أحمد، فولد لي ذكر، فسميته أحمد، فعاش مدة ومات.


(1) في ” ط “: وهو يفكر. (2) (ما) ليس في ” ع، م “. (3) إثبات الوصية: 184، نوادر المعجزات: 183 / 10. (4) في ” ع، م “: يوما بالجارية. (5) في ” ع ” زيادة: كان الغد أعاد القول، وهو تكرار لما يأتي. (6) في ” ط “: لمن المأتم. (7) إعلام الورى: 350، مناقب ابن شهر آشوب 4: 389، الثاقب في المناقب: 515 / 443، كشف الغمة 2: 369.

[ 402 ]

وكان ممن خرج مع الجماعة علي بن حسان الواسطي، المعروف بالعمش (1)، قال: حملت معي إليه (عليه السلام) من الآلة التي للصبيان، بعضها (2) من فضة. وقلت: اتحف مولاي أبا جعفر بها. فلما تفرق الناس عنه عن جواب لجميعهم (3)، قام فمضى إلى صريا واتبعته، فلقيت موفقا، فقلت: استأذن لي على أبي جعفر، فدخلت فسلمت، فرد علي السلام، وفي وجهه الكراهة، ولم يأمرني بالجلوس، فدنوت منه وفرغت ما كان في كمي بين يديه، فنظر إلي نظر مغضب، ثم رمى (4) يمينا وشمالا، ثم قال: ما لهذا خلقني الله، ما أنا واللعب ؟ ! فاستعفيته فعفا عني، فأخذتها (5) فخرجت. (6) 361 / 21 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن مالك الفزاري، قال: حدثني علي بن يونس الخزاز، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: كنت أنا ومحمد بن سنان وصفوان و عبد الله بن المغيرة عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بمنى، فقال لي: ألك (7) حاجة ؟ فقلت: نعم، وكتب معنا كتابا إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فلما صرنا إلى المدينة أخرجه إلينا مسافر على كتفه، وله يومئذ ثمانية عشر شهرا، فدفعنا إليه الكتاب، ففض الخاتم وقرأه، ثم رفع رأسه إلى نخلة كان تحتها، فقال: باح باح. (8) 362 / 22 – وروى أحمد بن الحسين، عن محمد بن أبي الطيب (9)، عن


(1) كذا في النسخ والبحار، وفي رجال النجاشي: 276: المنمس. (2) في ” ع، م “: بعضا. (3) في ” ط “: عنه بعد جواب الجميع. (4) في ” ط “: رنا. (5) (فأخذتها) ليس في ” ع، م “. (6) مدينة المعاجز: 526 / 39، البحار 50: 58 / 34. (7) في ” ع “: فقال: لك. (8) مدينة المعاجز: 526 / 40. (9) في الكافي: محمد بن الطيب، راجع معجم رجال الحديث 16: 195.

[ 403 ]

عبد الوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلاء، قال: سألت يحيى بن أكثم قاضي القضاء بسر من رأى بعد منازعة جرت بيني وبينه عن علوم آل محمد (صلوات الله عليهم) (1). فقال لي: بينا أنا ذات يوم في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقف عند القبر، أدعو، فرأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) قد أقبل نحو القبر، فناظرته في مسائل قبل أن يسألني، فسألني عن الامام، فقلت: هو والله أنت. فقال: أنا هو. فقلت: فعلامة تدلني عليك. وكان في يده عصا فنطقت، وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان محمد، يا يحيى. (2) 363 / 23 – وروى العباس بن السندي الهمداني، عن بكر، (3) قال: قلت له: إن عمتي تشتكي من ريح بها، فقال: إئتني بها. قال: فأتيته بها، فدخلت عليه، فقال لها: مم تشتكين ؟ قالت: ركبتي، جعلت فداك. قال: فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب، وتكلم بكلام (4)، فخرجت ولا تجد شيئا من الوجع (5). 364 / 24 – وعنه، عن علي، عن الحسن بن أبي عثمان الهمداني، قال: دخل اناس من أصحابنا من أهل الدين على أبي جعفر (عليه السلام)، وفينا رجل من الزيدية، فسألناه مسألة، فقال أبو جعفر (عليه السلام) لغلامه: خذ بيد هذا الرجل فأخرجه. فقال الزيدي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله تسليما كثيرا طيبا مباركا)،


(1) في ” ط “: آل محمد عما شاهده. (2) الكافي 1: 287 / 9، نوادر المعجزات: 183 / 11، مناقب ابن شهر آشوب 4: 393، الثاقب في المناقب: 508 / 434، مدينة المعاجز: 519 / 6. (3) في المصادر: أبو بكر بن إسماعيل، وفي الثاقب: بكير. (4) في ” ط “: الثياب، ودعا. (5) في ” ط “: شيئا مما تشتكي. الثاقب في المناقب: 521 / 453 ونحوه الخرائج والجرائح 1: 376 / 3، وكشف الغمة 2: 366، والصراط المستقيم 2: 200 / 3.

[ 404 ]

وأنك حجة الله بعد آبائك (1). 365 / 25 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحسين، عن أبيه. قال: وحدثني أحمد بن صالح، عن عسكر مولى أبي جعفر محمد بن علي الرضا، قال: دخلت عليه وهو جالس في وسط إيوان له يكون عشرة أذرع (2)، قال: فوقفت بباب الايوان، وقلت في نفسي: يا سبحان الله، ما أشد سمرة مولاي، وأضوى جسده (3) ! قال: فو الله، ما استتممت هذا القول في نفسي حتى عرض في جسده، وتطاول، فامتلا به الايوان إلى سقفه مع جوامع حيطانه، ثم رأيت لونه قد أظلم حتى صار كالليل المظلم، ثم ابيض حتى صار كأبيض ما يكون من الثلج الابيض، ثم احمر فصار (4) كالعلق المحمر، ثم اخضر حتى صار كأعظم شئ يكون في الاعواد المورقة الخضر (5)، ثم تناقص جسده حتى صار في صورته الاولى، وعاد لونه إلى اللون الاول (6) فسقطت لوجهي لهول ما رأيت، فصاح بي: يا عسكر، كم تشكون فينا، وتضعفون قلوبكم، والله لا يصل (7) إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله بنا عليه، وارتضاه لنا وليا. قال عسكر: فآليت أن لا أفكر في نفسي إلا بما ينطق به لساني (8)


(1) (بعد آبائك) ليس في ” ع، م “. الخرائج والجرائح 2: 669، الثاقب في المناقب: 519 / 450، مدينة المعاجز: 527 / 42. (2) في ” ع ” زيادة: وعشرة أذرع. (3) ضوي الرجل: دق عظمه وقل جسمه، وفي ” ط “: بدنه، وكذا في الموضع الآتي. (4) في ” ط “: صار كالثلج وأحمر حتى صار. (5) في ” ط “: صار كالآس. (6) في ” ط “: وعاد لونه كما كان. (7) في ” ع، م “: لا وصل. (8) في ” ع “: فآليت ألا تطيب نفسي إلا نطق لساني. مناقب ابن شهر آشوب 4: 387، إثبات الهداة 6: 201 / 70، مدينة المعاجز: 527 / 43.

[ 405 ]

366 / 26 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، عن أبي جعفر محمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، عن محمد بن حسان الراوي، قال: حدثنا علي بن خالد، وكان زيديا، قال: كنت في عسكر هؤلاء، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبولا، وزعمو أنه ادعى النبوة. قال: فأتيت إلى البوابين وبررتهم بشئ، حتى وصلت إليه، فسألته عن حاله وقصته. فقال: كنت بالشام (1) أ عبد الله (تعالى) عند الاسطوانة التي يقال إن رأس الحسين (عليه السلام) تحتها. فبينا أنا ذات ليلة (2) قائم اصلي إذ نظرت، وإذا إلى جانبي شخص، فقال لي: يا هذا، تشتهي أن تزور قبره (عليه السلام) (3) ؟ فقلت: إي والله. فقال: اغمض عينيك. فغمضت فقال: افتح. ففتحت، فإذا أنا (4) بالحائر فزرت (5). ثم قال لي: تشتهي أن تزور أباه (6) ؟ فقلت: نعم. ففعل بي مثل ذلك. حتى جاء بي إلى (7) مسجد الكوفة، فقال: أتعرف هذا المسجد ؟ فقلت: نعم، هذا مسجد الكوفة. قال: فصلى فيه، وصليت معه. فبينا أنا كذلك إذ قال لي: تشتهي أن تزور (8) رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقلت: إي والله. ففعل لي مثل ذلك، وإذا أنا في مسجد الرسول، فصلى وصليت وصلى على رسول الله، فبينا أنا معه إد أتى بي مكة، فلم أزل معه (9) حتى قضى مناسكه كلها وقضيت مناسكي كلها وأنا معه، ثم ردني إلى مكاني الذي


(1) في ” ط ” زيادة: وكنت. (2) في ” ط “: ذات يوم. (3) في ” ط “: قبر الحسين. (4) في ” ع، م “: فغمضت وفتحت عيني فكأني. (5) (فزرت) ليس في ” ع “. (6) في ” ط ” زيادة: عليا. (7) في ” ع، م “: بي وأنا في. (8) في ” ط ” زيادة: قبر. (9) في ” ط “: مسجد الرسول فزار وزرت ثم أتينا مكة فلم يزل.

[ 406 ]

كنت فيه بالشام ثم مضى. فلما كان من عام قابل أيام الموسم إذا أنا به وفعل بي مثل ما فعل في العام (1) الماضي، وردني إلى الشام، فقلت له: سألتك بحق الذي أقدرك على ما أرى، إلا ما أخبرتني من أنت (2). قال: فأطرق طويلا، ثم نظر إلي فقال: أنا محمد بن علي بن موسى. وذهب (3). فأخبرت أهلي وولدي، فما خرج الحديث عن المحلة حتى قالوا: يدعي النبوة، ورفع خبري إلى السلطان، فما شعرت حتى حملت كما تراني. فقلت: ارفع قصته إلى محمد بن عبد الملك الزيات. فكتبتها ورفعتها إليه كما كانت قصته، فوقع في القصة: قل (4) لمن بلغ بك إلى هذه المواضع – إن كان صادقا – أن يخرجك من حبسك. قال علي بن خالد: فغمني ذلك وعزيته بالصبر، وعرضت عليه مالا فأبى أن يأخذه، وكان هذا يوم الخميس، فلما كان يوم الجمعة قصدته (5) لاسلم عليه، فرأيت السجان وسط الرواق، قال: قد وضع صاحبك الذي تفقدته البارحة حديده وسط السجن وخرج، لا أدري اجتذبته الارض أم ارتفع إلى السماء. فخرجت إلى الجامع وبقيت بعد ذلك في العسكر سنين كثيرة، فما رأيت أحدا ذكر أنه رآه إلى يوم الناس هذا. (6)


(1) في ” ط “: كان العام القابل أتى وفعل كما فعل بالعام. (2) في ” ط “: على هذا من أنت. (3) في ” ع، م “: ثم ذهب. (4) في ” ط “: محمد بن عبد الملك الزيات فوقع في قصتي: قل. (5) في ” ع، م “: قصدت. (6) في ” ط “: رأيت من الناس من ذكر انه رآه إلى اليوم. بصائر الدرجات: 422 / 1، الكافي 1: 411 / 1، الارشاد: 324، الاختصاص: 320، الخرائج والجرائح 1: 380 / 10، إعلام الورى: 347، مناقب ابن شهر آشوب 4: 393، الثاقب في المناقب: 510 / 436، كشف الغمة 2: 359، الفصول المهمة: 271، الصراط المستقيم 2: 200 / 6، نور الابصار: 328.

[ 407 ]

367 / 27 – قال محمد بن علي بن حمزة الهاشمي: دخلت على أبي جعفر محمد ابن علي الرضا (عليه السلام) صبيحة عرسه بابنة المأمون، وكنت تناولت دواة، فأول من دخل عليه في صبيحته أنا وقد أصابني العطش، فكرهت أن أدعو بالماء. فقال لي: أظنك عطشانا ؟ فقلت: نعم. فقال: يا غلام – أو قال: يا جارية – اسقنا ماء. فقلت في نفسي: إذن يأتونه بماء (1) يسمونه به، فاغتممت لذلك، فأقبل الغلام ومعه الماء، فتبسم في وجهي، ثم قال: يا غلام، ناولني الكوز. فشرب منه، ثم ناولني فشربت. ثم عطشت أيضا، فكرهت أن أدعو بالماء، ففعل بي ما فعل بالاولى، جاء بالماء، فقال: يا غلام ! ناولني القدح فشرب منه، ثم ناولني وتبسم (2). ثم قال محمد بن علي الهاشمي: وأنا أظن به كما تظنون، (3) بعدما شاهدت منه هذا وأمثاله (4). والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما (5).


(1) في ” ط “: نفسي إذن يجيئون بما. (2) في ” ط “: وشربت. (3) في ” ع، م “: وانا والله أظنه كما تقولون. (4) الكافي 1: 414 / 6، الارشاد: 325، روضة الواعظين: 243، الخرائج والجرائح 1: 379 / 9، مناقب ابن شهر آشوب 4: 390، كشف الغمة 2: 360. (5) في ” م ” زيادة: حرره العاصي عباس القمي.

[ 409 ]

أبو الحسن علي بن محمد (عليه السلام) معرفة ولادته قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة يوم الاثنين لثلاث خلون من شهر رجب، سنة أربع عشرة ومائتين من الهجرة. وكان مقامه مع أبيه ست سنين وخمسة أشهر. وعاش بعد أبيه ثلاث وثلاثين سنة وتسعة أشهر. وكانت سنو إمامته بقية ملك الواثق، (1)، ثم ملك المتوكل (2)، ثم أحمد المستعين، ثم ملك المعتز. وفي آخر ملكه استشهد ولي الله وقد كمل عمره أربعين سنة، وذلك في يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب سنة خمسين ومائتين من الهجرة، مسموما. ويقال: إنه قبض الاثنين لثلاث خلون من شهر رجب سنة أربع وخمسين ومائتين من الهجرة (3).


(1) في تاج المواليد: 131، وإعلام الورى: 355، ومناقب ابن شهر آشوب 4: 401: كانت في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ثم الواثق، وهو الصواب كما ذكرنا في شهادة أبيه (عليهم السلام). (2) سقط هنا محمد المنتصر. انظر الجوهر الثمين 1: 146 والمصادر المتقدمة. (3) الكافي 1: 416، تاج المواليد: 132، مناقب ابن شهر آشوب 4: 401.

[ 410 ]

ويقال يوم الاثنين لخمس ليال خلون من جمادى (1) سنة أربع وخمسين ومائتين (2). ودفن بسر من رأى، في داره. خبر امه (عليه السلام): 368 / 1 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، قال: روى محمد بن الفرج ابن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر، قال: دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) فأعلمني أن قافلة قد قدمت، وفيها نخاس، معه جوار، ودفع إلي سبعين دينارا، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي (3). فمضيت وعملت بما أمرني به، فكانت تلك الجارية ام أبي الحسن (عليه السلام). وروي أن اسمها سمانة، وانها كانت مولدة (4). 369 / 2 – وروى محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار، عن السيد (عليه السلام) أنه قال: امي عارفة بحقي، وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة (5) بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف (6) عن امهات الصديقين والصالحين (7).


(1) في الكافي 1: 416: لاربع ليال بقين من جمادى الآخرة، وفي كشف الغمة 2: 375: لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة. (2) (ومائتين من الهجرة ويقال… وخمسين ومائتين) ليس في ” ع، م “. (3) (لي) ليس في ” ع، م “. (4) المولد: العربي غير المحض، ومن ولد عند العرب وتأدب بآدابهم. إثبات الوصية: 193، مدينة المعاجز: 538 / 1. (5) أي محفوظة ومصانة. (6) في ” ع، م “: تخلف. (7) إثبات الوصية: 193، مدينة المعاجز: 538 / 1.

[ 411 ]

نسبه (عليه السلام) علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ويكنى: أبا الحسن. ولقبه: المرتضى، والهادي، والعسكري، والعالم، والدليل، والموضح، والرشيد، والشهيد، والوفي، والنجيب، والمتقي (1)، والمتوكل، والخالص (2). وامه: ام ولد، يقال لها: السيدة، ويقال لها: سمانة والله أعلم (3). وبوابه: عثمان بن سعيد العمري (4). [ نقش خاتمه (عليه السلام) ]: وكان له خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر: ما شاء الله. لا قوة إلا بالله. أستغفر الله. (5).


(1) في ” ط “: والتقي. (2) الهداية الكبرى: 313، مناقب ابن شهر آشوب 4: 401، الفصول المهمة: 277. (3) الكافي 1: 416، الهداية الكبرى: 313، روضة الواعظين: 246، مناقب ابن شهر آشوب 4: 401، كشف الغمة 2: 374 و 376، المستجاد: 507. (4) تاريخ الائمة: 33، الفصول المهمة: 278، نور الابصار: 334. وفي مناقب ابن شهر آشوب 4: 403: محمد بن عثمان العمري. (5) في الفصول المهمة: 278 ونور الابصار: 334: هو الله ربي وهو عصمني من خلقه، وفي مصباح الكفعمي: حفظ العهود من أخلاق المعبود.

[ 412 ]

ذكر ولده (عليه السلام) أبو محمد الحسن الامام (عليه السلام)، والحسين (1)، وجعفر، ومن البنات، عائشة ودلالة (2). وروى أبو علي محمد بن همام: أنه كان له أبو محمد (3) الحسن الامام، وجعفر، وإبراهيم، فحسب. وفي رواية اخرى: أنه كان له أبو محمد الامام، ومحمد، والحسين، وجعفر (4). ذكر معجزاته (عليه السلام) 370 / 3 – قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا سفيان، عن أبيه، قال: رأيت علي بن محمد (عليه السلام) ومعه جراب ليس فيه شئ. فقلت: أترى (5) ما تصنع بهذا ؟ فقال: ادخل يدك فيه. فأدخلتها فما وجدت شيئا، فقال: أعد. فأعدت يدي فإذا هو مملوء دنانير (6). 371 / 4 – قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قلت لعلي بن محمد الوفي (عليه السلام): هل تستطيع ان تخرج من هذه الاسطوانة رمانا ؟ قال: نعم، وتمرا وعنبا وموزا. ففعل ذلك وأكلنا وحملنا (7).


(1) في ” ع، م “: والحسن. (2) الارشاد: 334، وذكر محمدا بدل دلالة. (3) في ” ط “: له من الولد. (4) المستجاد من كتاب الارشاد: 514، وزاد فيه: وعائشة. (5) في ” ع، م “: أتراك. (6) نوادر المعجزات: 184 / 1. (7) نوادر المعجزات: 185 / 2.

[ 413 ]

372 / 5 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قلت لابي الحسن علي (عليه السلام) أتقدر أن تصعد إلى السماء حتى تأتي بشئ ليس في الارض لنعلم ذلك ؟ فارتفع في الهواء وأنا أنظر إليه حتى غاب، ثم رجع ومعه طير من ذهب في أذنيه أشنفة (1) من ذهب، وفي منقاره درة، وهو يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، فقال: هذا طير من طيور الجنة. ثم سيبه فرجع (2). 373 / 6 – قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن زيد، قال: كنت عند علي بن محمد (عليه السلام)، إذ دخل عليه (3) قوم يشكون الجوع، فضرب بيده إلى الارض وكان لهم برا ودقيقا (4). 374 / 7 – وروى محمد بن جعفر (5) الملقب بسجادة، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: حدثتني ام محمد مولاة أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بالخبر، وهي مع الحسن (6) بن موسى، قالت: دنا أبو الحسن علي بن محمد من الباب وقد ذعر (7) حتى جلس في حجر ام أبيها (8) بنت موسى، فقالت له: فديتك (9)، مالك ؟ قال لها: مات أبي، والله، الساعة. قالت: فكتبنا ذلك اليوم، فجاءت وفاة أبي


(1) الاشنفة: جمع شنف، القرط. (2) نوادر المعجزات: 185 / 3. (3) في ” ط “: فدخل إليه. (4) نوادر المعجزات: 185 / 4. (5) في ” ط “: ابن الحسن. والملقب بسجادة هو الحسن بن علي بن أبي عثمان: غال من أصحاب الامام الجواد (عليه السلام). ذكره الشيخ الطوسي في رجاله: 400 / 11. (6) في ” ط “: الحسين. (7) في ” ع “: رعد. وذعر: دهش وفزع. (8) في ” ط “: الباب وهو يرعد فدخل وجلس في حجر ام أيمن، وفي ” ع، م “: ام أيما بدل ام أبيها، وهو تصحيف، إذ إن ” ام أبيها ” هو اسم إحدى بنات الامام الكاظم (عليه السلام) انظر الهداية الكبرى: 264، والارشاد: 302. (9) (فديتك) ليس في ” ع، م “.

[ 414 ]

جعفر (عليه السلام) (1) في ذلك اليوم الذي أخبر (2). 375 / 8 – وروى المعلى بن محمد البصري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: كتب إليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود على الزجاج. قال: فلما نفذ الكتاب حدثت (3) نفسي: إنه مما أنبتت الارض وأنهم قالوا: لا بأس بالسجود على ما أنبتت الارض. قال: فجاء الجواب: لا تسجد، وإن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض (4)، فإنه من الرمل والملح، والملح سبخ، والرمل سبخ، والسبخ بلد ممسوخ (5). 376 / 9 – وروى المعلى بن محمد. عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد النوفلي، قال: قال علي بن محمد (عليه السلام) لما بدأ المتوكل بعمارة الجعفري (6) في سر من رأى (7): يا علي، إن هذا الطاغية يبتلى ببناء مدينة لا تتم، ويكون حتفه فيها قبل تمامها (8)، على يد فرعون من فراعنة الاتراك. ثم قال: يا علي، إن الله (عزوجل) اصطفى محمدا (صلى الله عليه وآله) بالنبوة والبرهان، واصطفانا بالمحبة والتبيان (9) وجعل كرامة الصفوة لمن ترى. يعني نفسه (عليه السلام) (10). 377 / 10 – قال: وسمعته (عليه السلام) يقول: اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون


(1) في ” ط ” زيادة: وإنه توفي. (2) في ” ع، م “: اليوم مستوي، وفى المدينة: يوم مسيري. اثبات الوصية: 194، كشف الغمة 2: 384، مدينة المعاجز: 542 / 23. (4) في ” ط “: قلت في. (4) زاد في إثبات الوصية: فحال. (5) الكافي 3: 332 / 14، إثبات الوصية: 195، علل الشرائع: 342 / 5، كشف الغمة 2: 384. (6) اسم قصر بناه المتوكل قرب سامراء، واستحدث عنه مدينة انتقل إليها، وفيه قتلى سنة (247 ه‍). معجم البلدان 2: 143. (7) في ” ع، م “: علي بن محمد (صلى الله عليه) لما بدأ الموسوم بالمتوكل، بعمارة سر من رأى والحفرية قال. (8) في ” ط “: يا علي هذا الطاغية يقتل بهذا البناء قبل أن يتم ويكون حتفه فيه قبل التمام. (9) في ” ط “: والبيان. (10) إثبات الوصية: 202، وقطعة منه في مدينة المعاجز: 542 / 25.

[ 415 ]

حرفا، وإنما كان عند آصف منه حرف واحد، فتكلم به فانطوت (1) الارض التي (2) بينه وبين سبأ. فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان (عليه السلام)، ثم بسطت الارض في أقل من طرفة عين. وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله (عزوجل) استأثر به في علم الغيب (3). 378 / 11 – وروى معاوية بن حكيم. عن أبي الفضل الشامي (4)، عن هارون ابن الفضل، قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) صاحب العسكر في اليوم الذي توفي فيه أبوه أبو جعفر (عليه السلام)، يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى والله (5) أبو جعفر (عليه السلام). فقلت له: كيف تعلم وهو ببغداد وأنت هاهنا بالمدينة. فقال: لانه تداخلني ذلة واستكانة لله (عز وجل) لم أكن أعرفها (6). 379 / 12 – وروى محمد بن عياض، عن هارون (7)، عن رجل كان رضيع أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: بينا أبو الحسن (عليه السلام) جالس مع مؤدب له – يعني أبا زكريا – وأبو جعفر عندنا ببغداد وأبو الحسن يقرأ في لوح على مؤدبه (8) إذ بكى بكاء شديدا، فسأله (9) المؤدب: مم بكاؤك يا سيدي (10) ؟ فلم يجبه، فقال له: إئذن لي


(1) في ” ع، م “: فاغرقت له. (2) في ” ع، م “: فيما. (3) إثبات الوصية: 202، كشف الغمة 2: 385. (4) في الكافي: الشهباني، وفي بعض نسخة: الميشائي، وفي البصائر وإثبات الوصية: الشيباني. (5) (والله) ليس في ” ع، م “. (6) بصائر الدرجات: 487 / 3 و 5، الكافي 1: 312 / 5، إثبات الوصية: 194، نوادر المعجزات: 189 / 8. (7) في البصائر: عن محمد بن عيسى، عن قارن، وفي إثبات الوصية: عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن قارون. (8) في ” ط “: أبا زكريا وهو يقرأ في لوح وأبوه ببغداد. (9) في ” ط “: فقال له. (10) (يا سيدي) ليس في ” ع، م “.

[ 416 ]

بالدخول، فأذن له، فدخل (1) فارتفع الصياح (2) من داره بالبكاء، ثم خرج إلينا فسألوه عن السبب في بكائه، فقال: إن أبا جعفر أبي (عليه السلام) توفي الساعة. قال: قلنا له: فما علمك ؟ قال: دخلني من إجلال الله (عزوجل) شئ لم أكن أعرفه قبل ذلك، فعلمت أن أبي قد مضى. قال: فعرفنا ذلك الوقت باليوم والشهر إلى أن ورد خبره، فإذا هو مات في ذلك الوقت بعينه (3). 380 / 13 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى، المعروف بابن الخياط القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عبيدالله بن عياش، قال: حدثني أبو طالب عبيدالله بن أحمد الانباري، قال: حدثني عبد الله بن عامر الطائي، قال: حدثنا جماعة ممن حضر العسكر بسر من رأى، قالوا: شهدنا هذا الحديث. قال أبو طالب: هو ما حدثني به مقبل الديلمي قال: كان رجل بالكوفة له صاحب يقول بإمامة عبد الله بن جعفر بن محمد، فقال له صاحب له كان يميل إلى ناحيتنا ويقول بأمرنا: لا تقل بإمامة عبد الله، فإنه باطل، وقل بالحق. قال: وما الحق حتى أتبعه ؟ قال: إمامة (4) موسى بن جعفر (عليهما السلام) ومن بعده. قال له الفطحي (5): ومن الامام اليوم منهم ؟ قال: علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام). قال: فهل من دليل استدل به على ما قلت ؟.


(1) (فدخل) ليس في ” ع، م “. (2) في ” م ” نسخة بدل: النياح. (3) بصائر الدرجات: 487 / 2، إثبات الوصية: 194، مدينة المعاجز: 543 / 26. (4) في ” ع، م “: الامامة في. (5) الفطحية: فرقة بائدة من الشيعة، قالوا إن الامام بعد جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) هو ابنه عبد الله الافطح، وسمي بالافطح لانه عريض الرأس، وقيل لانه أفطح الرجلين. معجم الفرق الاسلامية: 186.

[ 417 ]

قال: نعم، قال: وما هو ؟ قال: اضمر في نفسك ما تشاء، والقه بسر من رأى فإنه يخبرك به. فقال: نعم. فخرجا إلى العسكر وقصدا شارع أبي أحمد، فأخبرا أن أبا الحسن علي بن محمد مولانا ركب إلى (1) دار المتوكل، فجلسا ينتظران عودته، فقال الفطحي لصاحبه: إن كان صاحبك هذا إماما فإنه حين يرجع ويراني يعلم ما قصدته، فيخبرني به من غير أن أسأله (2). قال: فوقفا إلى أن عاد أبو الحسن (عليه السلام) من موكب المتوكل وبين يديه الشاكرية، ومن ورائه الركبة (3) يشيعونه إلى داره قال: فلما بلغ إلى الموضع الذي فيه الرجلان، التفت إلى الرجل الفطحي فتفل بشئ من فيه في صدر الفطحي، كأنه غرقئ (4) البيض، فالتصق في صدر الرجل كمثل دارة الدرهم، وفيه سطر مكتوب بخضرة: ” ما كان عبد الله هناك، ولا كذلك (5) “. فقرأه الناس، وقالوا له: ما هذا ؟ فأخبرهم وصاحبه بقصتهما، فأخذ التراب من الارض فوضعه على رأسه وقال: تبا لما كنت عليه قبل يومي هذا، والحمد لله على حسن هدايته. وقال بإمامته (6). 381 / 14 – وحدثني أبو عبد الله القمي، قال: حدثني ابن عياش، قال: حدثني أبو طالب عبيدالله بن أحمد، قال: حدثني مقبل الديلمي، قال: كنت جالسا على بابنا بسر من رأى، ومولانا أبو الحسن (عليه السلام) راكب لدار (7) المتوكل الخليفة، فجاء فتح القلانسي، وكانت له خدمة لابي الحسن (عليه السلام) فجلس إلى جانبي وقال: إن لي


(1) في ” ع، م “: راكب في. (2) في ” ع، م “: أخبره. (3) الشاكرية: جمع شاكري، المستخدم. والركبة: جمع راكب. (4) الغرقئ: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض ” المعجم الوسيط – غرق – 2: 650 “. (5) في ” ط “: ولا هو بذلك. (6) في ” ط “: لله الذي هداني وقال بامامة أبي الحسن (عليه السلام). مدينة المعاجز: 543 / 27. (7) في ” ع، م “: في دار.

[ 418 ]

على مولانا أربعمائة درهم، فلو أعطانيها لانتفعت بها. قال: قلت له: ما كنت صانعا بها ؟ قال: كنت أشتري منها بمائتي درهم خرقا تكون في يدي، أعمل منها قلانس، وأشتري بمائتي درهم تمرا فأنبذه نبيذا. قال: فلما قال لي ذلك أعرضت عنه بوجهي، فلم اكلمه لما ذكر، وأمسكت، وأقبل أبو الحسن (عليه السلام) على أثر هذا الكلام، ولم يسمع هذا الكلام أحد ولا حضره، فلما أبصرت به قمت إجلالا له، فأقبل حتى نزل بدابته في دار الدواب، وهو مقطب الوجه، أعرف الغضب في وجهه، فحين نزل عن دابته دعاني (1)، فقال: يا مقبل، ادخل فأخرج أربعمائة درهم، وادفعها إلى فتح هذا الملعون، وقل له: هذا حقك فخذه واشتر منه خرقا بمائتي درهم، واتق الله فيما أردت أن تفعله بالمائتي درهم الباقية. فأخرجت الاربعمائة درهم فدفعتها إليه وحدثته القصة فبكى، وقال: والله، لا شربت نبيذا ولا مسكرا أبدا، وصاحبك يعلم ما نعمل (2). 382 / 15 – وحدثني أبو عبد الله القمي، قال: حدثني ابن عياش (3)، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي (4) الكاتب بسر من رأى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدثني أبي قال: كنت بسر من رأى أسير في درب الحصاء فرأيت يزداد النصراني تلميذ بختيشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا، فسايرني وأفضى بنا الحديث إلى أن قال لي: أترى هذا الجدار، تدري من صاحبه ؟ قلت: ومن صاحبه ؟


(1) في ” ط “: واشتري بمائتي درهم تمرا اعمله نبيذا فأعرضت بوجهي عنه ولم اكلمه لما ذكر وامسكت واقبل أبو الحسن على أثر هذا الكلام ولم يسمعه أحد فلما أبصرته قمت إجلالا له فنزل عن دابته وهو مقطب الوجه فذهب لدار الدواب فدعاني. (2) في ” ع، م “: ما تعلم. نوادر المعجزات: 186 / 5، مدينة المعاجز: 543 / 28. (3) في ” ع، ط “: ابن عدس. (4) في ” ط “: التهلي، وفي ” ع “: الفقهاء، وفي البحار: القهقلي.

[ 419 ]

قال: هذا الفتى العلوي الحجازي. يعني علي بن محمد بن الرضا (عليه السلام) وكنا نسير في فناء داره، قلت ليزداد: نعم فما شأنه ؟ قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو. قلت: وكيف ذلك ؟ قال: اخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبدا، ولا غيرك من الناس، ولكن لي الله عليك كفيل وراع أنك لا تحدث به عني أحدا، فإني رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان. و (1) بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس، فيخرج هذا الامر عنهم. يعني بني العباس. قلت: لك علي ذلك، فحدثني به وليس عليك بأس، إنما أنت رجل نصراني، لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم، وقد ضمنت لك الكتمان. قال: نعم، اعلمك أني (2) لقيته منذ أيام وهو على فرس أدهم، وعليه ثياب سود، وعمامة سوداء، وهو أسود اللون، فلما بصرت به وقفت (3) إعظاما له – لا وحق المسيح، ما خرجت من فمي إلى أحد من الناس – وقلت في نفسي: ثياب سود، ودابة سوداء، ورجل اسود، سواد في سواد في سواد، فلما بلغ إلي وأحد النظر قال: قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد. قال أبي (رحمه الله): قلت له: أجل فلا تحدث به أحدا، فما صنعت ؟ وما قلت له ؟ قال: سقط في يدي (4) فلم أجد جوابا.


(1) في ” ط “: السلطان قلت: لك ذلك قال. (2) في ” ط “: الامر من بيته ثم سكت قلت فحدثني فانما أنت نصراني لا يتهمك أحد ان حدثت في هذا الشأن وقد ضمنت لك الكتمان قال. (3) في ” ط “: اللون، فوقفت. (4) أي ندمت وتحيرت.

[ 420 ]

قلت له (1): أفما ابيض قلبك لما شاهدت ؟ قال: الله أعلم. قال أبي: فلما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده، فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (2)، وأن علي بن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الاعلم، ثم مات في مرضه ذلك، وحضرت الصلاة عليه (رحمه الله) (3). 383 / 16 – وقال أحمد بن علي: دعانا عيسى بن الحسن القمي أنا وأبا (4) علي، وكان أعرج (5)، فقال لنا: أدخلني ابن عمي أحمد بن إسحاق على أبي الحسن (عليه السلام)، فرأيته، وكلمه بكلام لم أفهمه، ثم قال له: جعلني الله فداك، هذا ابن عمي عيسى بن الحسن، وبه بياض في ذراعه وشئ قد تكتل كأمثال الجوز: قال: فقال لي: تقدم يا عيسى. فتقدمت. فقال: أخرج ذراعك. فأخرجت ذراعي، فمسح عليها، وتكلم بكلام خفي طول فيه، ثم قال في آخره (6) ثلاث مرات: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم التفت إلى أحمد بن إسحاق، فقال له: يا أحمد بن إسحاق كان علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الاعظم من بياض العين إلى سوادها. ثم قال: يا عيسى، قلت: لبيك. قال: أدخل يدك في كمك ثم أخرجها. فأدخلتها ثم أخرجتها، وليس في ذراعي (7) قليل ولا كثير (8).


(1) في ” ط “: سواد قلت له: فما أجبت قال: سقط في يدي ولم أحر جوابا قلت. (2) في ” ط “: محمدا عبده ورسوله. (3) نوادر المعجزات: 187 / 6، فرج المهموم: 233، البحار 50: 161 / 50. (4) في ” ع، م “: القمي لي ولابي. (5) في ” ع “: أهوج، وفي ” م “: اجوح. (6) (في آخره) ليس في ” ع، م “. (7) في ” م “: يدي. (8) نوادر المعجزات: 188 / 7، مدينة المعاجز: 544 / 30.

[ 421 ]

والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وآله وسلم تسليما، وبه ثقتي واعتمادي (1).


(1) (بسم الله الرحمن الرحيم أقرب… واعتمادي) ليس في ” ع “.

[ 423 ]

أبو محمد الحسن بن علي السراج (عليه السلام) معرفة ولادته 384 / 1 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحسين، عن أبيه (1)، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام)، قال: كان مولدي في ربيع الآخر سنة اثنتين (2) وثلاثين ومائتين من الهجرة (3). وقد روي أنه ولد بالمدينة في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث (4) وثلاثين ومائتين من الهجرة (5). وكان مقامه مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة. وعاش بعد أبيه أيام إمامته بقية ملك المعتز، ثم ملك المهتدي (6). ثم ملك أحمد ابن جعفر المتوكل، المعروف بالمعتمد اثنين وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، وبعد خمس سنين من ملكه استشهد ولي الله وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة.


(1) في ” ع، م ” زيادة: محمد، والظاهر أنه تكرار وتصحيف لقوله: عن أبي محمد، الآتي بعده. (2) في ” ع، م “: ثلاث. (3) تاريخ الائمة: 14، الكافي 1: 420، الارشاد: 335. (4) في ” ع، م “: اثنين. (5) الهداية الكبرى: 327. (6) في النسخ: الواثق، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر إعلام الورى: 367، مناقب ابن شهر آشوب 4: 422، الجوهر الثمين 1: 153.

[ 424 ]

ومات مسموما يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين من الهجرة (1) بسر من رأى. ودفن في داره إلى جانب قبر (2) أبيه. نسبه (عليه السلام): الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ويكنى: أبا محمد، وأبا الحسن. ولقبه: الهادي، والمهتدي، والنقي، والزكي. وامه ام ولد تسمى: شكل النوبية. ويقال: سوسن المغربية. ويقال: سقوس (3). ويقال: حديث والله أعلم (4). وتوفي (5) بسر من رأى، ولما اتصل الخبر بامه وهي في المدينة، خرجت حتى


(1) الكافي 1: 421، الارشاد: 335، مناقب ابن شهر آشوب 4: 422. (2) في ” ط “: داره بجنب، وفي ” م “: داره بجانب قبر. (3) في ” ط “: منغوسة. (4) الكافي 1: 421، الهداية الكبرى: 327، تاج المواليد: 133، مناقب ابن شهر آشوب 4: 421، وفي الارشاد: 335، وإعلام الورى: 367، وكشف الغمة 2: 404: حديثة. (5) في ” ع، م “: ولد، وهو خطأ.

[ 425 ]

قدمت سر من رأى، وجرى بينها وبين أخيه جعفر أقاصيص في مطالبته (1) إياها بميراثه، وسعى بها إلى السلطان، وكشف ما ستر الله، وادعت صقيل (2) عند ذلك أنها حامل، وحملت إلى دار المعتمد، فجعل نساءه وخدمه، ونساء الواثق، ونساء القاضي ابن أبي الشوارب، يتعاهدون أمرها إلى أن دهمهم أمر الصفار، وموت عبد الله بن يحيى ابن خاقان، وأمر صاحب الزنج، وخروجهم عن سر من رأى ما شغلهم عنها (3)، وعن ذكر من أعقب من أجل ما يشاء (4) الله ستره وحسن رعايته بمنه وطوله. وبوابه: عثمان (5) بن سعد العمري. ويقال: محمد بن نصير، (6) والاول أصح. [ نقش خاتمه (عليه السلام) ]: وكان له خاتم نقش فصه: الله وليي. (7). ذكر ولده (عليه السلم): الخلف الصالح القائم صاحب الزمان الامام المنتظر لامر الله (صلوات الله عليه وعلى آبائه وسلم) (8).


(1) في ” ع، م “: ومطالبته. (2) قيل: هي أم القائم (عليه السلام) على ما في كمال الدين: 432 / 12. (3) في ” ع، م “: عن ذلك. (4) في ” ع، م “: اجله ويشاء. (5) في ” ط “: عمرو، وفي ” ع، م “: عمر، وهو تصحيف، راجع رجال الطوسي: 434، معجم رجال الحديث 11: 111. (6) تاريخ الائمة: 33، الفصول المهمة: 285، وفي مناقب ابن شهر آشوب 4: 423: الحسين بن روح النوبختي. (7) في الفصول المهمة: 285، ونور الابصار: 338، سبحانه من له مقاليد السماوات والارض. وفي مصباح الكفعمي: أنا لله شهيد. (8) تاريخ الائمة: 21، مناقب ابن شهر آشوب 4: 421، كفاية الطالب: 458، نور الابصار: 341.

[ 426 ]

ذكر معجزاته (عليه السلام): 385 / 2 – قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا عبد الله بن محمد، قال (1): رأيت الحسن بن علي السراج (عليه السلام) تكلم للذئب فكلمه، فقلت له: أيها الامام الصالح، سل هذا الذئب عن أخ لي بطبرستان خلفته وأشتهي أن أراه. فقال لي: إذا اشتهيت أن تراه فانظر إلى شجرة دارك بسر من رأى. وكان قد أخرج في داره عينا تنبع عسلا ولبنا، فكنا نشرب منه ونتزود (2). 386 / 3 – قال أبو جعفر: دخل على الحسن بن علي (عليه السلام) قوم من سواد العراق يشكون قلة الامطار فكتب لهم كتابا فأمطروا، ثم جاءوا يشكون كثرته فختم في الارض فأمسك المطر (3). 387 / 4 – قال أبو جعفر: رأيت الحسن بن علي السراج (4) (عليه السلام) يمشي في أسواق سر من رأى ولا ظل له، ورأيته يأخذ الآس فيجعلها ورقا (5)، ويرفع طرفه نحو السماء ويده فيردها ملاى لؤلؤا. (6). 388 / 5 – قال أبو جعفر: قلت للحسن بن علي (عليه السلام) أرني معجزة خصوصية احدث بها عنك. فقال: يا بن جرير، لعلك ترتد. فحلفت له ثلاثا، فرأيته


(1) (حدثنا عبد الله بن محمد قال) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ط “: فكان يشرب منه ويتزود. نوادر المعجزات: 190 / 1، إثبات الهداة 6: 344 / 124. (3) نوادر المعجزات: 191 / 2، إثبات الهداة 6: 345 / 125. (4) السراج: من ألقاب الامام الحسن العسكري (عليه السلام) ويظهر من هذا الحديث والاحاديث التي تليه أن الطبري الكبير قد عاصره وسمع منه، حيث إن ولادة الامام العسكري (عليه السلام) سنة (232 ه‍) كما مر آنفا، وولادة الطبري نحو سنة 226 ه‍ انظر تنقيح المقال 1: 188، معجم المؤلفين 9: 146. (5) الورق: الدراهم المضروبة من الفضة. (6) إثبات الهداة 6: 345 / 126، مدينة المعاجز 566 / 43.

[ 427 ]

غاب في الارض تحت مصلاه، ثم رجع ومعه حوت عظيم فقال: جئتك به من الابحر السبعة (1)، فأخذته معي إلى مدينة السلام، وأطعمت منه جماعة من أصحابنا (2). 389 / 6 – قال أبو جعفر: ورأيت الحسن بن علي السراج (عليه السلام) يمر بأسواق سر من رأى، فما مر بباب مقفل إلا انفتح، ولا دار إلا انفتحت، وكان ينبئنا بما نعمله بالليل سرا وجهرا (3). 390 / 7 – قال أبو جعفر: أردت التزويج والتمتع بالعراق، فأتيت الحسن بن علي السراج (عليه السلام)، فقال لي: يا بن جرير، عزمت أن تتمتع فتمتع بجارية ناصبة معقبة تفيدك مائة دينار. فقلت: لا اريدها. فقال: قد قضيت لك بها. فأتيت بغداد وتزوجت بها فأعقبت، وأخذت منها مالا (4) ثم رجعت. فقال: يا بن جرير، كيف رأيت (5) آية الامام ؟ (6) 391 / 8 – قال المعلى بن محمد [: أخبرني محمد ] (7) قال: لما أمر سعيد بحمل أبي محمد (عليه السلام) إلى الكفوة، كتب أبو الهيثم إليه: جعلت فداك، بلغنا خبر أقلقنا، وبلغ منا كل مبلغ. فكتب (8): ” بعد ثلاث يأتيكم الفرج ” فقتل الزبير (9) يوم الثالث. (10)


(1) في ” ع “: أبحر السبع. (2) نوادر المعجزات: 191 / 3، إثبات الهداة 6: 345 / 127. (3) إثبات الهداة 6: 346 / 128. (ط) في ” ع، م “: وتزوجتها فعجب رأيت. (5) في ” ط “: ترى. (6) إثبات الهداة 6: 346 / 129، مدينة المعاجز: 566 / 46. (7) أضفناه للزومه، وقد روى المعلى، عن محمد بن عبد الله، كما روي هذا الحديث في الخرائج والثاقب عن محمد بن عبد الله، على نهجهما في ذكر اسم الراوي الاخير فقط، وراجع معجم رجال الحديث 16: 226 و 18: 251. (8) في ” ط ” زيادة: الجواب. (9) أي المعتز. (10) غيبة الطوسي: 208 / 177، الخرائج والجرائح 1: 451 / 36، الثاقب في المناقب: 576 / 523، مهج الدعوات: 274، كشف الغمة 2: 416.

[ 428 ]

392 / 9 – قال: وفقد غلام صغير لابي الحسن (عليه السلام) (1)، فلم يوجد فاخبر بذلك، فقال: اطلبوه في البركة. فطلب، فوجد في بركة في الدار ميتا. (2) 393 / 10 – قال علي بن محمد الصيمري: دخلت على أبي أحمد عبيدالله بن عبد الله وبين يديه رقعة، قال: هذه رقعة أبي محمد (عليه السلام) فيها: إني نازلت الله (عزوجل) في هذا الطاغي – يعني الزبير بن جعفر (3) – وهو آخذه (4) بعد ثلاث. فلما كان اليوم الثالث قتل. (5) 394 / 11 – قال علي بن محمد الصيمري: كتب إلي أبو محمد (عليه السلام): ” فتنة تظلكم فكونوا على أهبة منها ” فلما كان بعد ثلاثة أيام وقع بين بني هاشم ما وقع (6)، فكتبت إليه: ” هي ” قال: ” لا، ولكن غير هذه، فاحترزوا (7) ” فلما كان بعد ثلاثة أيام كان من أمر المعتز ما كان. (8) 395 / 12 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: كنت في دهليز لابي علي محمد بن همام (رحمه الله) على دكة وصفها، إذ مر بنا شيخ كبير، عليه دراعة، فسلم على أبي علي محمد بن همام، فرد عليه السلام


(1) في ” ع، م “: غلام أبي الحسن (عليه السلام) صغيرا. (2) الخرائج والجرائح 1: 451 ذيل الحديث (36)، الثاقب في المناقب: 576 ذيل الحديث 523، كشف الغمة 2: 416. (3) الزبير بن جعفر هو المعتز. (4) في ” ط “: وإنه مؤاخذ. (5) إثبات الوصية: 211، نوادر المعجزات: 192 / 4، غيبة الطوسي: 204 / 172، الخرائج والجرائح 1: 429 / 8، مناقب ابن شهر آشوب 4: 430، الثاقب في المناقب: 576 / 524، كشف الغمة 2: 417 و 428، الصراط المستقيم 2: 206 / 6، مدينة المعاجز: 566 / 49. (6) في ” ع، م ” زيادة، وكانت، وفي كشف الغمة والمدينة: وكانت لهم هنة لها شأن، الهنة: الشر والفساد ” المعجم الوسيط – هنن – 2: 998 “. (7) في ” م “: فاحترسوا. (8) كشف الغمة 2: 417، مدينة المعاجز: 566 / 50.

[ 429 ]

ومضى، فقال: لي تدري من هذا ؟ فقلت: لا. فقال: شاكري (1) لمولانا أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئا ؟ قلت: نعم. فقال لي: أمعك شئ تعطيه ؟ فقلت: معي درهمان صحيحان. فقال: هما يكفيانه فادعه (2). فمضيت خلفه، فلحقته بموضع كذا، فقلت: أبو علي يقول لك: تنشط للمسير إلينا ؟ فقال: نعم. فجاء إلى أبي علي محمد بن همام فجلس إليه، فغمزني أبو علي أن اسلم إليه (3) الدرهمين، فسلمتهما (4) إليه، فقال لي: ما يحتاج إلى هذا. ثم أخذهما. فقال له أبو علي: يا أبا عبد الله محمد، حدثنا عن أبي محمد (عليه السلام). فقال: كان استاذي صالحا من بين العلويين، لم أر قط مثله، وكان يركب بسرج صفته: بزيون مسكي (5) وأزرق، وكان يركب إلى دار الخلافة بسر من رأى في كل اثنين وخميس. قال أبو عبد الله محمد الشاكري: وكان يوم النوبة، يحضر من الناس شئ عظيم، ويغص الشارع بالدواب والبغال والحمير والضجة (6)، فلا يكون لاحد موضع يمشي فيه (7)، ولا يدخل أحد (8) بينهم. قال: فإذا جاء استاذي سكنت الضجة، وهدأ صهيل الخيل، ونهاق الحمير، قال: وتفرقت البهائم حتى يصير الطريق واسعا، لا


(1) الشاكري: المستخدم. (2) (فادعه) ليس في ” ع، م “. (3) في ” ط “: أن اعطيه. (4) في ” ط “: فاعطيتهما. (5) البزيون: رقيق الديباج، وقيل: بساط رومي ” لسان العرب – بزن – 13: 52، تاج العروس 9: 139 “. المسكي: المصبوغ بالمسك ولعله معرب (مشكي) فارسية بمعنى أسود. (6) في ” ط “: والصيحة، وكذا في الموضع الآتي. (7) (فيه) ليس في ” ع، م “. (8) (أحد) ليس في ” ع، م “.

[ 430 ]

يحتاج أن يتوقى من المزاحمة (1)، ثم يدخل (2) فيجلس في مرتبته التي جعلت له، فإذا أراد الخروج قام البوابون وقالوا: هاتوا دابة أبي محمد. فسكن صياح الناس وصهيل الخيل، وتفرقت الدواب حتى يركب ويمضي. وقال الشاكري: واستدعاه يوما الخليفة، فشق ذلك عليه، وخاف أن يكون قد سعى به إليه بعض من يحسده من العلويين والهاشميين على مرتبته، فركب ومضى إليه. فلما حصل في الدار قيل له: إن الخليفة قد قام، ولكن اجلس في مرتبتك وانصرف. قال: فانصرف وجاء (3) إلى سوق الدواب، وفيها من الضجة والمصادمة واختلاف الناس شئ كثير، قال: فلما دخل إليها سكنت الضجة بدخوله (4)، وهدأت الدواب، فجلس إلى نخاس كان يشتري له الدواب، فجئ له بفرس كبوس لا يقدر أحد أن يدنو منه، فباعوه إياه بوكس فقال لي: يا محمد، قم فاطرح السرج عليه فقمت وعلمت (5) أنه لا يقول لي إلا ما لا يؤذيني، فحللت الحزام، وطرحت السرج عليه، فهدأ ولم يتحرك. وجئت لامضي به، فجاء النخاس فقال: ليس يباع. فقال لي: سلمه (6) إليهم، قال: فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاتة، ذهب (7) منه منهزما. قال: وركب، فمضينا، فلحقنا النخاس وقال: صاحبه يقول: أشفقت من أن يرده، فإن كان قد علم ما فيه من الكبس فليشتره. فقال له استاذي: قد علمت. فقال: قد بعتك. فقال لي: خذه. فأخذته، قال: فجئت به إلى الاصطبل، فما تحرك ولا آذاني، ببركة استاذي، فلما نزل جاء إليه فأخذ باذنه اليمنى فرقاه، ثم أخذ باذنه اليسرى فرقاه، قال: فو الله، لقد كنت أطرح الشعير له، فافرقه بين يديه، فلا يتحرك، هذا


(1) في ” ع، م “: يتوقى من الدواب بخفة (وحف / ع) ليزحمها. (2) في ” ط ” زيادة: هناك. (3) في ” ط “: فلما انصرف جاء. (4) في ” ط “: كثير فسكنت الضجة بدخوله. (5) في ” ط “: لعلمي. (6) في ” ط “: يباع فأمرني بتسليمه. (7) في ” ط “: إليه الفرس التفاتة فهرب.

[ 431 ]

ببركة استاذي. قال أبو محمد: قال أبو علي بن همام: هذا الفرس يقال له (الصؤول) يزحم بصاحبه حتى يرجم به الحيطان، ويقول على رجليه ويلطم صاحبه. وقال محمد الشاكري: كان استاذي أصلح من رأيت من العلويين والهاشميين، ما كان يشرب هذا النبيذ، وكان يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وانتبه، وأنام وانتبه، وهو ساجد. وكان قليل الاكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما يشاكله، فيأكل منه الواحدة والثنتين، ويقول: شل (1) هذا يا محمد إلى صبيانكم. فأقول: هذا كله ! فيقول: خذه كله، فما (2) رأيت قط أشهى (3) منه. (4). 396 / 13 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى، المعروف بابن الخياط القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عبيدالله بن عياش، قال: حدثني أبو القاسم علي بن حبشي بن قوني الكوفي (رضي الله عنه)، قال: حدثني العباس بن محمد بن أبي الخطاب، قال: خرج بعض بني البقاح إلى سر من رأى في رفقة، يلتمسون الدلالة، فلما بلغوا بين الحائطين سألوا الاذن، فلم يؤذن لهم، فأقاموا إلى يوم الخميس. فركب أبو محمد (عليه السلام) فقال أحد القوم لصاحبه: إن كان إماما فإنه يرفع القلنسوة عن رأسه. قال: فرفعها بيده (5)، ثم وضعها، وكانت شيشية (6). فقال بعض بني البقاح بينه وبين صاحب له يناجيه: لئن رفعها ثانية، فانظر إلى رأسه، هل عليه الاكليل الذي كنت أراه على رأس أبيه الماضي (عليه السلام) مستديرا


(1) في ” ط “: خذ. (2) في ” ع، م “: خذه ما. (3) في ” ع، م ” اشترى. (4) غيبة الطوسي: 215 / 179، مدينة المعاجز: 567 / 51. (5) في ” ط “: فرفعها عن رأسه. (6) كذا في النسخ، وفي مدينة المعاجز: سنة.

[ 432 ]

كدارة القمر، فرفعها أبو محمد (عليه السلام) ثانية، وصاح إلى الرجل القائل ذلك: هلم فانظر، فهل بعد الحق إلا الضلال، فأنى تصرفون ؟ فتيقنوا بالدلالة وانصرفوا غير مرتابين، بحمد الله ومنه (1). وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.


(1) (فتيقنوا.. الله ومنه) في ” ع، م “. مدينة المعاجز: 567 / 52.

[ 433 ]

معرفة أن الله لا يخلي الارض من حجة 397 / 1 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): تبقى الارض يوما بلا عالم منكم حي ظاهر، يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم. قال: إذن لا يعبد الله، يا أبا يسوف (1). 398 / 2 – وعنه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن محمد بن أحمد، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن زيد الشحام، عن عمه داود بن العلاء، عن أبي حمزة، عن بعضهم (2) أنه قال: ما خلت الدنيا منذ خلق الله السماوات والارض من (3) إمام عدل (4)، إلى أن تقوم الساعة، حجة لله فيها على خلقه (5). 399 / 3 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن


(1) الامامة والتبصرة: 27 / 5، علل الشرائع: 195 / 3، نوادر المعجزات: 194 / 1. (2) في ” ط ” زيادة: (عليهم السلام). (3) في ” م، ط “: عن. (4) في ” ط “: عادل. (5) الامامة والتبصرة: 25 / 2، علل الشرائع: 197 / 14. ونحوه في بصائر الدرجات: 505 / 4، والكافي 1: 137 / 8.

[ 434 ]

المسلي (1)، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما تزال الارض ولله فيها حجة، يعرف الحلال والحرام، ويدعو الناس إلى سبيل الله (عز وجل)، ولا ينقطع من الارض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة، فإذا رفع الحجة اغلق باب التوبة، ولم ينفع نفسه إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن يرفع الحجة، فاولئك (2) شرار خلق الله، وهم الذين تقوم عليهم فيها القيامة (3). 400 / 4 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الخزاز (4)، عن عمر بن أبان، عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: يا أبا حمزة، إن الارض لم تخل إلا وفيها منا عالم، فإذا زاد الناس، قال: زادوا. وإن نقصوا قال: نقصوا. ولن يخرج الله ذلك العالم حتى يرى في ولده من يعلم مثل علمه، أو ما شاء الله (5). 401 / 5 – وعنه، قال: حدثنا أبي، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، جميعا عن عبد الله الغفاري (6)، عن أبي


(1) في ” ع، م “: المسكن، وفي ” ط “: السكن، وما في المتن هو الصواب، كما في المصادر، وهو الربيع بن محمد بن عمر بن حسان الاصم المسلي، ومسلية قبيلة من مذحج، رجال النجاشي: 164. (2) في ” م “: وأولئك من. (3) المحاسن: 236 / 202، بصائر الدرجات: 504 / 1، الكافي 1: 136 / 3، كمال الدين وتمام النعمة: 229 / 24، غيبة النعماني: 138 / 4. (4) في النسخ: عن الحسن بن علي عن الحارث، وفي كمال الدين: الحسن بن علي الخزاز، عن عمر بن أبان بلا واسطة. (5) المحاسن: 235 / 201، نحوه، كمال الدين وتمام النعمة: 222 / 12 و: 228 / 21، نوادر المعجزات: 195 / 2، اثبات الهداة 1: 238 / 195، البحار 25: 250 / 4. (6) زاد في كمال الدين: عن جعفر بن إبراهيم، والظاهر صوابه، وهو ابن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب الجعفري الهاشمي، روى عنه الغفاري في موارد اخرى كثيرة، ولم تذكر رواية للغفاري عن الامام الصادق (عليه السلام) مباشرة، راجع معجم رجال الحديث 4: 47 و 10: 80 و 84.

[ 435 ]

عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لا يزال في ولدي مأمون مأمول. (1) 402 / 6 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يمضي الامام وليس له عقب ؟ قال: لا يكون ذلك. قلت: فيكون ؟ قال: لا يكون، إلا أن يغضب الله على خلقه فيعاجلهم (2). 403 / 7 – وعنه، عن أبي جعفر، قال: حدثنا (3) أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي هراسة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: لو أن الامام رفع لماجت الارض بأهلها، كما يموج البحر بأهله. (4). 404 / 8 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر، عن عقبة بن جعفر، قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): قد بلغت ما بلغت وليس لك ولد. فقال: يا عقبة، إن صاحب هذا الامر لا يموت حتى يرى خلفه من ولده (5). 405 / 9 – وعنه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن علي الخزاز، قال: دخل علي بن أبي حمزة على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)،


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 228 / 22. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 204 / 13. (3) في ” م، ط “: حدثني. (4) بصائر الدرجات: 508 / 3، الكافي 1: 137 / 12، كمال الدين وتمام النعمة: 202 / 3 و: 203 / 9، غيبة النعماني: 139 / 10. (5) كمال الدين وتمام النعمة: 229 / 25، كفاية الاثر: 274، نوادر المعجزات: 195 / 3، غيبة الطوسي: 222 / 184.

[ 436 ]

فقال له: أنت إمام ؟ فقال: نعم. فقال له: إني سمعت جدك جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكون الامام إلا وله عقب. فقال له: نسيت – يا شيخ – أم تناسيت ؟ ليس هكذا قال جعفر، إنما قال جعفر (عليه السلام): لا يكون الامام إلا وله ولد، إلا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإنه لا عقب له. فقال: صدقت، جعلني الله فداك، هكذا سمعت جدك يقول. (1). 406 / 10 – وروى محمد بن الحسين، عن عبد الله (2) بن محمد الحجال، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي والحسن والحسين وهما صبيان، ثم قال: [ وذلك ] (3) قول الله (تعالى): * (يا أيها الذين ءاموا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) * (4) وأراد الائمة (5) من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) إلى أن تقوم الساعة (6). 407 / 11 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن أحمد (7)، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: لو بقيت الارض يوما واحدا بلا إمام منا لساخت الارض بأهلها، ولعذبهم الله (8) بأشد عذابه، وذلك أن الله جعلنا حجة في أرضه وأمانا في الارض لاهل الارض،


(1) غيبة الطوسي: 224 / 188، إثبات الهداة 1: 238 / 196. (2) في النسخ: محمد عن الحسين بن عبد الله، وما أثبتناه من المصدر. (3) أثبتناها للزومها. (4) النساء 4: 59. (5) في ” ع، م “: منكم قال الائمة. (6) كمال الدين وتمام النعمة: 222 / 8. (7) كذا في النسخ، ولعل الصواب: عن عبد الله بن جعفر الحميري – شيخ ابن همام – عن محمد بن أحمد عن أبي سعيد العصفري، عن عمرو…، كما في كمال الدين. (8) في ” ع، م “: ويعذبهم. (*)

[ 437 ]

لن يزالوا بأمان من (1) أن تسيخ بهم الارض ما دمنا بين أظهرهم، فإذا أراد الله أن يهلكهم، ثم لا يمهلهم، ولا ينظرهم، ذهب بنا من بينهم، ثم يفعل الله (تعالى) بهم ما يشاء (2). 408 / 12 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): تكون الارض بغير إمام ؟ قال: لا. قلت: فيكون إمامان ؟ قال: لا، إلا وأحدهما مصمت. قلت: فالقائم. قال: نعم، إمام ابن إمام، قد اؤتم (3) به قبل ذلك (4). 409 / 13 – حدثنا أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد بن الحجاج ابن هارون بن حماد بن سعيد بن أبان بن الصلت بن جرجشان (5) الفارسي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نعمان الرازي، قال: كنت وبشير الدهان عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: لما انقضت نبوة آدم وانقطع أجله، أوحى الله (عزوجل) إليه أن: يا آدم قد انقضت نبوتك، وقد انقطع أجلك، فانظر إلى ما عندك من العلم، والايمان، وميراث النبوة، وأثرة العلم، والاسم الاعظم، فاجعله في العقب من ذريتك، عند هبة الله، فإني لم أدع الارض بغير عالم تعرف به طاعتي وديني، ويكون نجاة لم أطاعني (6).


(1) (من) ليس في ” ع، م “. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 204 / 14، نوادر المعجزات: 196 / 4. (3) في ” ط “: قد اوعدتم. (4) كمال الدين وتمام النعمة: 223 / 17. (5) في ” ع “: حوحشاران، وفي ” م “: حرحشادان. (6) المحاسن: 235 / 197، الامامة والتبصرة: 25 / 3، علل الشرائع: 195 / 1.

[ 438 ]

410 / 14 – وعنه، عن أبي الحسن علي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: حدثني الثقة من أصحابنا أنه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: اللهم إنك لا تخل الارض من حجة لك على خلقك، ظاهرا أو خافيا مغمورا، لئلا تبطل حجتك وبيناتك (1). 411 / 15 – وعنه، عن أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد بن سنان وصفوان ابن يحيى و عبد الله بن المغيرة وعلي بن النعمان، كلهم عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (عزوجل) لا يدع الارض إلا وفيها عالم، يعلم الزيادة والنقصان، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإذا نقصوا أكمله لهم، وقال (2): خذوه كاملا. ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم، ولم يفرق بين الحق والباطل (3). 412 / 16 – وعنه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى القمي، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الكريم وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن جبرئيل (عليه السلام) نزل على النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بخبر عن ربه، فقال له: إن الله يقول (4): يا محمد، إني لم أترك الارض إلا وفيها عالم، تعرف به طاعتي وهدايتي، ويكون نجاة فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، ولم أكن أترك إبليس يضل


(1) الامامة والتبصرة: 26 / 4، كمال الدين وتمام النعمة: 292 – 294 / 2 بعدة طرق، علل الشرائع: 195 / 2، ونحوه في غيبة النعماني: 136 / 1 وإثبات الهداة 7: 141 / 689. (2) في ” ع، ع “: أكمله بهم فقال. (3) الامامة والتبصرة: 30 / 11، علل الشرائع: 195 / 4، كمال الدين وتمام النعمة: 203 / 11. (4) (إن الله يقول) من ” ط “.

[ 439 ]

الناس وليس في الارض حجة لي، وداع إلي، وهاد إلى سبيلي، وعارف بأمري، وإني قد قيضت (1) لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، ويكون حجة على الاشقياء (2). والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


(1) في ” ع، م “: قضيت. (2) الامامة والتبصرة: 31 / 16، علل الشرائع: 196 / 7.

[ 441 ]

معرفة وجوب القائم (عليه السلام) وأنه لابد أن يكون 413 / 17 – حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر الحافظ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري، قال: حدثنا رواد (1)، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي من ولدي، وجهه كالكوكب الدري، واللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملا الارض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء والطير في الجو، ويملك عشرين سنة. (2)


(1) في النسخ: داود، وهو تحريف، وما في المتن هو الصحيح وهو: رواد بن الجراح الشامي، الراوي عن سفيان الثوري، روى عنه محمد بن ابراهيم الصوري هذا الحديث بهذا السند في لسان الميزان 5: 23 و 24، وانظر تهذيب الكمال 9: 227. (2) نوادر المعجزات: 196 / 5، الفردوس 4: 221 / 6667، العمدة: 439 / 922، البيان في أخبار صاحب الزمان: 501 و 513، كشف الغمة 2: 481، ذخائر العقبى: 136، الفصول المهمة: 294، الحاوي للفتاوي 2: 66، الصواعق المحرقة: 164، حلية الابرار 2: 583، نور الابصار: 346.

[ 442 ]

414 / 18 – وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي الحفري (1) بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن راشد، قال: حدثنا يحيى بن سالم، عن فطر عن خليفة وصباح بن يحيى المزني ومندل بن علي، كلهم ذكره عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا جلوسا عن النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، إذ أقبل (2) فتية من بني عبد المطلب، فلما نظر إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) اغر ورقت عيناه (3)، فقلنا: يا رسول الله، لا نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه (4) ؟ قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الاخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا، حتى يجئ قوم من هاهنا – وأشار بيده إلى المشرق – أصحاب رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه – حتى أعادها ثلاثا – فيقاتلون فينصرون، ولا يزالون كذلك حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، فيملاها قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، فمن أدركه منكم فليأته ولو حبوا على الثلج. (5) 415 / 19 – وحدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي (6)، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن عبيدالله


(1) في ” ط “: الخفري. (2) في ” ط “: فأقبل. (3) في ” ط ” زيادة: بالدموع. (4) في ” ط “: رسول الله أرأيت شيئا تكرهه ؟ (5) سنن ابن ماجة 2: 1366 / 4082، مستدرك الحاكم 4: 464، البيان في أخبار صاحب الزمان: 491، كشف الغمة 2: 472 و 478، الحاوي للفتاوي 2: 60، حلية الابرار 2: 704، غاية المرام: 700 / 98، يأتي مثله في الاحاديث (22 و 23 و 24). (6) في ترجمته من تاريخ بغداد 11: 302، وسير أعلام النبلاء 15: 444 وغيرهما: الدقاق، وكلاهما نسبة إلى الدقيق وبيعه، انظر أنساب السمعاني 2: 485. وصفه الذهبي بالشيخ الامام المحدث المكثر الصادق، مسند العراق… توفي سنة 344 ه‍.

[ 443 ]

الانطاكي، قال: حدثني اليمان بن سعيد المحتسبي (1)، قال: حدثنا خالد بن يزيد القسري (2)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الهاشمي، عن أبي جعفر أمير المؤمنين عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف تهلك امة أنا أولها، وعيسى بن مريم في آخرها، والمهدي من أهل بيتي في وسطها ؟ ! (3) 416 / 20 – حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، قال: حدثنا عبد الجبار بن شيران (4) بالبصرة، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا الحكم بن أسلم وشعيب بن واقد، قالا: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده، إن مهدي هذه الامة الذي يصلي خلفه عيسى منا. ثم ضرب (5) منكب الحسين (عليه السلام)، وقال: من هذا، من هذا. (6) 417 / 21 – وحدثني محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا علي بن حفص


(1) في ” ع “: المحصبي. (2) في النسخ والبيان: القشيري، وما في المتن هو الصواب، نسبة إلى قسر بطن من بجيلة، وهو الناصبي المعروف خالد بن عبد الله بن يزيد البجلي القسري: أمير العراقين البصرة والكوفة لهشام بن عبد الملك وكانت امه نصرانية بنى لها كنيسة تتعبد فيها، قتل بالكوفة 126 ه‍، انظر ترجمته في تهذيب الكمال 8: 107، وفيات الاعيان 2: 226، سير أعلام النبلاء 5: 425. (3) تفسير الطبري 3: 203 قطعة منه، نوادر المعجزات: 197 / 6، مناقب ابن المغازلي: 395 / 449، البيان في أخبار صاحب الزمان: 508، كشف الغمة 2: 484، فرائد السمطين 2: 339 / 593، كنز العمال 14: 269 / 38682. (4) في ” ع “: عبد الله بن الخيار بن سيراب، وفي ” م “: عبد الله (الجبار نسخة بدل) بن سيراب، وفي ” ط “: عبد الجبار بن سيراب، وما في المتن من رجال النجاشي: 347، ذكره في الذين رووا عن محمد بن زكريا بن دينار الغلابي كتبه. (5) في ” ط ” زيادة: يده على. (6) غيبة الطوسي: 191 / 154، البيان في أخبار صاحب الزمان: 501، الفصول المهمة: 296، إثبات الهداة 7: 135 / 672 عن كتاب عيون المعجزات للسيد المرتضى و 7: 144 / 698 عن كتاب مناقب فاطمة (عليها السلام) وولدها.

[ 444 ]

ابن مسافر الهذلي بتنيسق (1)، قال: حدثني أبو صالح، قال: حدثنا موسى بن محمد بن عطاء أبو طاهر البلقاوي ببيت المقدس، قال: حدثني الوليد بن محمد الموقري (2)، قال: كنت واقفا بالرصافة – يعني رصافة هشام – نصف النهار على باب الزهري، فمر اللعانون (3) يطوفون برأس زيد بن علي (عليه السلام)، فبكى، وقال: أهلك (4) أهل هذا البيت (5) العجلة. قلت: يا أبا بكر، ويملكون ؟ قال: نعم حدثني علي بن الحسين، عن أبيه (عليهما السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (صلوات الله عليها): المهدي من ولدك. (6) 418 / 22 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، قال: حدثنا أبي (7)، قال: حدثنا سمرة بن حجر، عن حمزة بن النصيبي، عن زيد بن رفيع، عن أبي عبيدة (8)، عن عبد الله بن مسعود، قال:


(1) في ” ع، م “: ببلنيس، ولم نعثر على مدينة تسمى بهذين الاسمين، ولعل الصواب بتنيس، جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط، معجم البلدان 2: 51. (2) في ” ع، م “: المرقزي، وفي ” ط “: المروزي، كلاهما تصحيف، والصواب ما في المتن، ذكره السمعاني في الانساب 5: 409، وابن حجر في تهذيب التهذيب 11: 148، وعد البلقاوي في الرواة عنه. والنسبة إلى الموقر موضع بنواحي البلقاء، مراصد الاطلاع 3: 1335. (3) في مقاتل الطالبيين: فسمع – الزهري – أصوات لعابين. وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر: فإذا رأس زيد يطاف به بيد لعابين. (4) كذا في المقاتل وغيره، وصحفت في النسخ: يملك. (5) في ” ط ” زيادة: ولكن. (6) مقاتل الطالبيين: 97، كشف الغمة 2: 468، الحاوي للفتاوي 2: 66، تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 26. (7) (قال: حدثنا أبي) ليس في ” ع “، والصواب إثباتها، وهو إسحاق بن البهلول بن حسان التنوخي أبو يعقوب، من كبار العلماء، له مسند كبير، وحدث عنه ولده أحمد، وروى هو عن سمرة بن حجر أبو حجر الخراساني. راجع تاريخ بغداد 4: 30 و 6: 366 و 9: 328. (8) هو ابن عبد الله بن مسعود، اسمه عامر، وقيل اسمه كنيته روى عن أبيه وقيل لم يسمع منه، وروى عنه زيد بن رفيع الفزاري، راجع تهذيب الكمال 14: 61، ميزان الاعتدال 2: 103.

[ 445 ]

كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ مر فتية من بني هاشم، كأن (1) وجوههم المصابيح، فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت: ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال إنا أهل بيت قد اختار الله لنا الاخرة على الدنيا، وإنه سيصيب أهل بيتي قتل وتطريد وتشريد في البلاد، حتى يتيح (2) الله لنا راية تجئ من المشرق، من نصرها نصر (3)، ومن يشاقها يشاق، ثم يخرج عليهم رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي، وخلقه كخلقي (4)، تؤوب إليه امتي كما تؤوب الطير إلى أوكارها، فيملا الارض عدلا كما ملئت جورا. (5) 419 / 23 – وحدثني أبو المفضل، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان الكوفي الغزال ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن سالم الفراء، عن صباح ابن يحيى وفطر بن خليفة، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة ابن قيس، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبلت فتية من بني هاشم، فلما نظر إليهم اغر ورقت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، لا نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه. فقال: إنا أهل بيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وهؤلاء أهل بيتي (6) أختار الله لهم الآخرة، وسيلقون بعدي تطريدا وتشريدا وبلاء شديدا، حتى يجئ قوم من هاهنا – وأشار بيده إلى المشرق – أصحاب رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه – حتى أعادها ثلاثا – فيقاتلون حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملاها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، فمن أدرك ذلك منكم فليأته ولو حبوا. قال أبو المفضل: ورواه عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن عبيدة السلماني، عن عبد الله، وكلاهما عندي صحيح. (7)


(1) في ” ع، م ” زيادة: في. (2) في ” ع، م “: يفتح. (3) في ” ط “: من يهزها يهز. (4) في ” ع “: خلقته كخلقي، وفي ” م “: خلقته كخلقته. (5) تقدمت تخريجاته في الحديث (18). (6) في ” ع “: الدنيا وأهل بيتي هؤلاء. (7) تقدمت تخريجاته في الحديث (18).

[ 446 ]

420 / 24 – حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي ومحمد بن جعفر بن رباح (1) الاشجعي، قالا، حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي: قالا: أخبرنا حنان بن سدير، قال: كنت أختلف إلى عمرو بن قيس الملائي أتعلم منه القرآن، وكان الناس يجيئونه ويسألونه عن هذا الحديث، حتى حفظته منه. فحدثني عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن أبي (2) عبيدة، عن عبد الله، قال: أتينا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت به فتية من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلما أن رآهم خثر (3) لهم، وانهملت عيناه بالدموع. فقالوا له: يا رسول الله، خرجت إلينا مستبشرا، نعرف السرور في وجهك، فما سألناك عن شئ إلا اخبرتنا ولا سكتنا إلا ابتدأتنا، حتى مرت بك الفتية، فخثرت لهم، وانهملت عيناك. فقال (صلى الله عليه وآله): إنا أهل بيت اختار الله (عزوجل) لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطون، ويقاتلون فينصرون، فيعطون الذي سألوا، فمن أدركهم منكم – أو من أبنائكم – فليأتهم ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما. (4) 421 / 25 – وحدثنا أبو المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسن الكوفي، عن محمد بن عبد الله الفارسي، عن يحيى بن ميمون الخراساني، عن عبد الله بن سنان،


(1) في ” ع “: رزباح، وفي ” م “: زرباح. (2) في ” ع، م “: عن إبراهيم بن، وهو خطأ. (3) في حديث ” أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو خاثر النفس ” قال الجرزي: أي ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط. ” النهاية 2: 11 “. (4) تقدمت تخريجاته في الحديث (18).

[ 447 ]

عن أخيه محمد بن سنان الزاهري، عن سيدنا الصادق (1) جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده الحسين، وعن عمه الحسن، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قال لي: يا علي، إذا تم من (2) ولدك أحد عشر إماما، فالحادي عشر منهم المهدي من أهل بيتي. (3) 422 / 26 – وبهذا الاسناد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إذا توالت ثلاثة أسماء من الائمة من ولدي: محمد وعلي والحسن، فرابعها هو القائم المأمول المنتظر. (4) 423 / 27 – وحدثني أبو المفضل، قال: حدثني أبو الطيب الصابوني، عن جعفر القصيري (5)، عن علي بن هارون، عن عبد الله بن خلف الحلبي، عن أبي حمزة الثمالي، عن محمد الباقر، عن أبيه علي، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: دخلت أنا وأخي الحسن على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأجلسني على فخذه، وأجلس أخي على فخذه الآخر، ثم قبلنا وقال: يا ابني، أنعم بكما من إمامين زكيين صالحين ! اختاركما الله (عزوجل) مني ومن أبيكما وأمكما، واختار من صلبك يا حسين تسعة، تاسعهم قائمهم، وكلهم في المنزلة والفضل عند الله واحد. (6) 424 / 28 – وعنه، قال: حدثني علي بن الحسن المنقري (7) الكوفي، قال:


(1) في ” ط “: أبي عبد الله. في ” ع، م ” زيادة: عدد. (3) نحو في كمال الدين وتمام النعمة: 139 / 7، والعدد القوية: 70 / 107. (4) كمال الدين وتمام النعمة: 333 / 2 و: 334 / 3، الهداية الكبرى: 374. (5) في ” ع “: القصيري. (6) الهداية الكبرى: 374، كمال الدين وتمام النعمة: 269 / 12. (7) في الهداية: المقرئ.

[ 448 ]

حدثني أحمد بن زيد الدهان، عن مكحول (1) بن إبراهيم، عن رستم (2) بن عبد الله بن خالد المخزومي، عن سليمان الاعمش، عن محمد بن خلف الطاطري، عن زاذان، عن سلمان (رضي الله عنه)، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (تبارك وتعالى) لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا. فقلت: يا رسول الله، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين (3). فقال: يا سلمان: هل علمت من نقبائي ومن الاثني عشر الذين اختارهم الله للامة من بعدي ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. فقال: يا سلمان، خلقني الله من صفوة نوره، ودعاني فأطعته، وخلق من نوري عليا، ودعاه فأطاعه، وخلق من نور علي فاطمة، ودعاها فأطاعته، وخلق مني ومن علي وفاطمة: الحسن، ودعاه فأطاعه، وخلق مني ومن علي وفاطمة: الحسين، فدعاه فأطاعه. ثم سمانا (4) بخمسة أسماء من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد، والله العلي وهذا علي، والله الفاطر وهذه فاطمة، والله ذو (5) الاحسان وهذا الحسن، والله المحسن وهذا الحسين. ثم خلق منا ومن نور الحسين، تسعة أئمة، فدعاهم فأطاعوه، قبل أن يخلق (6) سماء مبنية، وأرضا (7) مدحية، ولا ملكا ولا بشرا، وكنا نورا نسبح الله، ونسمع له ونطيع. قال سلمان: فقلت يا رسول الله، بأبي أنت وامي، فما لمن عرف هؤلاء ؟ فقال: يا سلمان، من عرفهم حق معرفتهم، واقتدى بهم، ووالى وليهم، وتبرأ


(1) في الهداية: مخول، راجع الجرح والتعديل 8: 399. (2) في ” ع، م “: رشدم، وفي الهداية: رشده. (3) في ” ع “: الكنايس. (4) في ” ع، م “: اسمانا. (5) في ” ع، م “: ولله. (6) في ” ع، م “: خلق الله. (7) في ” ع، م “: ولا أرض.

[ 449 ]

من (1) عدوهم، فهو والله منا، يرد حيث نرد، ويسكن حيث نسكن. فقلت: يا رسول الله، وهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم ؟ فقال: لا يا سلمان. فقلت: يا رسول الله، فأنى لي بهم وقد عرفت إلى الحسين ؟ قال: ثم سيد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم ابنه (2) جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم ابنه موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله (عزوجل)، ثم ابنه علي بن موسى الرضي لامر الله، ثم ابنه محمد بن علي المختار من خلق (3) الله، ثم ابنه علي محمد الهادي إلى الله، ثم ابنه الحسن بن علي الصامت الامين لسر الله، ثم ابنه محمد بن الحسن الهادي المهدي الناطق القائم بحق (4) الله. ثم قال: يا سلمان، إنك مدركه، ومن كان مثلك، ومن تولاه بحقيقة المعرفة. قال سلمان: فشكرت الله كثيرا ثم قلت: يا رسول الله وإني مؤجل إلى عهده ؟. قال: يا سلمان إقرأ * (فإذا جاء وعد ألاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (5). قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي، ثم قلت: يا رسول الله، أبعهد منك ؟ فقال: إي والله، الذي أرسل محمدا (6) بالحق، مني ومن علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة، وكل من هو منا ومعنا (7)، ومضام فينا، إي والله يا سلمان، وليحضرن


(1) في ” ط “: وعادى. (2) (ابنه) ليس في ” ع، م “: وكذا في الموارد الآتية. (3) في ” ط “: المختار لامر. (4) في ” ط “: بأمر. (5) الاسراء 17: 5 و 6. (6) في ” ط “: أرسلني. (7) (ومعنا) ليس في ” ع، م “.

[ 450 ]

إبليس وجنوده، وكل من محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا، حتى يؤخذ بالقصاص والاوتار (1)، ولا يظلم ربك أحدا، ويحقق (2) تأويل هذه الآية: * (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) * (3). قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما يبالي سلمان متى لقي الموت، أو الموت لقيه (4). 425 / 29 – وحدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن خيران الانباري، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي، عن أبيه، عن أبي هاشم داود بن الجعفري، قال: حدثني معتب مولى جعفر بن محمد، قال: سمعت مولاي (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن نبيا من أنبياء الله (عزوجل) طرده قومه، فأوى إلى الديلم، فآووه ونصروه، وسألوه أن يدعو الله لهم، فدعا لهم أن يكثر الله عددهم، ويعلي أيديهم على عدوهم، ويمنع أرضهم وبلدهم، ويجعل فيهم ومنهم أنصارا للقائم المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله). 426 / 30 – وحدثني أبو الحسن الانباري، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الجصاص، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن يحيى التميمي، قال: حدثني الحسن بن علي الزبيري العلوي، قال: حدثني محمد بن علي الاعلم المصري، قال: حدثني إبراهيم بن يحيى الجواني، قال: حدثني المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): يا مفضل، كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية ؟ قلت: يا سيدي، وأي آية ؟


(1) في ” ع، م ” زيادة: والاثوار. (2) في ” ط “: وذلك. (3) القصص 28: 5 و 6. (4) في ” ط “: بين يديه وما أبالي لقيت الموت أو لقيني. الهداية الكبرى: 375، مقتضب الاثر: 6، المحتضر: 152، حلية الابرار 2: 644. (*)

[ 451 ]

فقال: قول الله (تعالى): * (ويستعجل بها الذين امنوا بها والذين لا يؤمنون مشفقون منها) *. فقلت: يا سيدي، ليس كذا نقرأ. فقال: كيف تقرأ ؟ فقلت: * (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق) * (1). فقال لي: ويحك ! أتدري ما هي ؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال: والله، ما هي إلا قيام القائم، وكيف يستعجل به من لا يؤمن به ؟ ! والله ما يستعجل به إلا المؤمنون، ولكنهم حرفوها حسدا لكم فاعلم ذلك يا مفضل (2). 427 / 31 – أخبرني علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى بن محمد الدقاق ومحمد ابن محمد بن عصام، قالا: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثني إسماعيل الفزاري، قال: حدثني محمد بن جمهور العمي، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): يا بن رسول الله، لم سمي علي (3) أمير المؤمنين، وهو اسم ما تسمى (4) به أحد قبله، ولا يحل لاحد بعده ؟ فقال: لانه ميرة العلم، يمتار منه، ولا يمتار من أحد سواه. قال: فقلت: يا بن رسول الله، فلم سمي سيفه ذا الفقار. فقال (عليه السلام): لانه ما ضرب به أحدا من خلق الله (عزوجل) إلا أفقره في هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنة.


(1) الشورى 42: 18. (2) نوادر المعجزات: 197 / 7، إثبات الهداة 7: 144 / 700، المحجة للبحراني: 191. (3) (علي) ليس في ” ع، م “. (4) في ” ط “: لم يسم.

[ 452 ]

قال: فقلت: يابن رسول الله، ألستم كلكم قائمين بالحق ؟ قال: بلى. قلت: فلم سمي القائم قائما ؟ قال: لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) ضجت الملائكة إلى الله (عزوجل) بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا، وسيدنا، أتغفل (1) عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك ؟ فأوحى الله (عزوجل) إليهم: قروا ملائكتي، فوعزتي وجلالي، لانتقمن منهم ولو بعد حين. ثم كشف الله (عزوجل) (2) عن الائمة من ولد الحسين (عليهم السلام) للملائكة، فسرت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم (3) يصلي، فقال الله (تعالى) بذلك القائم أنتقم منهم. (4) 428 / 32 – وأخبرني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن مسلم بن البراء الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي القمي، عن أبيه، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبى محمد بن علي، قال: حدثني أبى علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين، قال: حدثني أخي الحسن، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق، وذلك حين يأذن الله (عزوجل) له، فمن تبعه نجا، ومن تخلف عنه هلك، الله، الله، عباد الله، فأتوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله (عزوجل) وخليفتي (5).


(1) في ” ط “: إلهنا اتصفح. (2) في ” ط “: كشف لهم. (3) في ” ط “: ورأوا أحدهم قائما. (4) علل الشرائع: 160 / 1، حلية الابرار 2: 676. (5) كفاية الاثر: 106، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 59 / 230، إثبات الهداة 7: 144 / 701.

[ 453 ]

429 / 33 – وباسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر امتي رجل من ولد الحسين، يملا الارض (1) عدلا كما ملئت ظلما. (2) 430 / 34 – وأخبرني أبو الحسن علي، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثني العباس بن عامر، عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إبليس، قوله: * (رب فأنطرنى إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم) * (3) أي يوم هو ؟. قال: يا وهب، أتحسب أنه يوم يبعث الله (تعالى) الناس ؟ لا، ولكن الله (عزوجل) أنظره إلى يوم يبعث الله (عزوجل) قائمنا، فإذا بعث الله (عزوجل) قائمنا، فيأخذ بناصيته، ويضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم. (4) 431 / 35 – حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يكون منا تسعة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم، وهو أفضلهم. (5) 432 / 36 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى القمي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن


(1) في ” ط “: الدنيا. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 66 / 293، ينابيع المودة: 445. (3) الحجر 15: 36 – 38. (4) تفسير العياشي 2: 242 / 14، حلية الابرار 2: 681. (5) إثبات الوصية: 227، ونحوه في الكافي 1: 448 / 15، وكمال الدين وتمام النعمة: 350 / 45، والخصال: 419 / 12، وغيبة النعماني: 94، والارشاد: 348، وغيبة الطوسي: 140 / 104.

[ 454 ]

يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (عزوجل) اختار من الايام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، فجعلها خيرا من ألف شهر. واختار من الناس الانبياء، واختار من الانبياء الرسل، واختارني من الرسل، فاختار مني عليا، واختار من علي الحسن والحسين، واختار من الحسين أئمة (1) ينفون عن التنزيل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، تاسعهم باطنهم، وهو ظاهرهم، وهو قائمهم. (2) 433 / 37 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثنا أحمد بن ميثم، قال: حدثنا سليمان بن صالح، قال: حدثنا أبو الهيثم القصاب، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قائمنا إذا قام أشرقت الارض بنور ربها، واستغنى العباد عن ضوء الشمس، وصار الليل والنهار واحدا، وذهبت الظلمة، وعاش الرجل في زمانه ألف سنة، يولد له في كل سنة غلام، لا يولد له جارية، يكسوه الثوب فيطول عليه كلما طال، ويتلون عليه أي لون شاء (3). 434 / 38 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر بن محمد الحميري، عن محمد بن فضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: إذا قام القائم، يأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين، والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة أرسل القائم من بعض


(1) في ” ع “: الاوصياء، (أئمة) ليس في ” م “. (2) إثبات الوصية: 227، كمال الدين وتمام النعمة: 281 / 32، غيبة النعماني: 67 / 7، مقتضب الاثر: 9 بطريقين. (3) الارشاد: 363 ” نحوه “، إثبات الهداة 7: 145 / 702، حلية الابرار 2: 634، يأتي مثله الحديث (87).

[ 455 ]

الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتى يأتي القائم، فيقضي حاجته، ثم يرده. ومن (1) المؤمنين من يسير في السحاب، ومنهم من يطير مع الملائكة، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشيا، ومنهم من يسبق الملائكة، ومنهم من تتحاكم الملائكة إليه، والمؤمنون أكرم على الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضيا بين مائة ألف من الملائكة. (2) 435 / 39 – وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد ابن حمران المدائني (3)، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته، متى يقوم قائمكم ؟ قال: يا أبا الجارود، لا تدركون. فقلت: أهل زمانه. فقال: ولن تدرك أهل زمانه، يقوم قائما بالحق بعد إياس من الشيعة، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد، فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة، فقال: يا رب، انصرني، ودعوته لا تسقط، فيقول (تبارك وتعالى) للملائكة الذين نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، ولم يحطوا سروجهم، ولم يضعوا أسلحتهم فيبايعونه، ثم يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، يسير إلى المدينة، فيسير الناس حتى يرضى الله (عزوجل)، فيقتل ألفا وخمسمائة قرشيا ليس فيهم إلا فرخ زنية. ثم يدخل المسجد فينقض الحائط حتى يضعه إلى الارض، ثم يخرج الازرق وزريق غضين طريين، يكلمهما فيجيبانه، فيرتاب عند ذلك المبطلون، فيقولون: يكلم الموتى ؟ ! فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد، ثم يحرقهما بالحطب الذي جمعاه ليحرقا به عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وذلك الحطب عندنا نتوارثه، ويهدم قصر المدينة. ويسير إلى الكوفة، فيخرج منها ستة عشر ألفا من البترية، شاكين في السلاح،


(1) في ” ع، م “: وفي. (2) إثبات الهداية 7: 145 / 703. (3) كذا في النسخ، ولعله حمدان بالدال المهملة، راجع معجم رجال الحديث 16: 39.

[ 456 ]

قراء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرحوا جباههم، وشمروا ثيابهم، وعمهم النفاق، وكلهم يقولون: يا بن فاطمة، ارجع لا حاجة لنا فيك. فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه أحد، دماؤهم قربان إلى الله. ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله (عزوجل). قال: فلم أعقل المعنى، فمكثت قليلا، ثم قلت وما يدريه ؟ – جعلت فداك – متى يرضى الله (عزوجل). قال: يا أبا الجارود، إن الله أوحى إلى ام موسى، وهو خير من ام موسى، وأوحى الله إلى النحل، وهو خير من النحل. فعقلت المذهب، فقال لي: أعقلت المذهب ؟ قلت: نعم. فقال: إن القائم (عليه السلام) ليملك ثلاثمائة وتسع سنين، كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ويفتح الله عليه شرق الارض وغربها، يقتل الناس حتى لا يرى إلا دين محمد (صلى الله عليه وآله)، يسير بسيرة سليمان بن داود (عليهما السلام)، يدعو الشمس والقمر فيجيبانه، وتطوى له الارض، فيوحي الله إليه، فيعمل بأمر الله. (1) 436 / 40 – وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل، عن الحسن بن علي، عن أبي المغرا، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت: جعلت فداك، كم مع القائم (عليه السلام) من العرب ؟ قال: نفر يسير. فقلت: والله، إن يصف هذا الامر منهم لكثير ! قال: لا بد للناس من أن يمحصوا، ويميزوا، ويغربلوا، ويستخرج الغربال خلقا


(1) غيبة الطوسي: 474 / 496 ” قطعة منه “، تاج المواليد: 153، حلية الابرار 2: 599.

[ 457 ]

كثيرا (1). 437 / 41 – وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب (2)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كأني بالقائم (عليه السلام) على ظهر النجف، لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تتقلص عليه، ثم ينتفض بها، فتستدير عليه، ثم يتغشى بثوب استبرق، ثم يركب فرسا له أبلق، بين عينيه شمراخ (3)، ينتفض به حتى لا يبقى أهل له إلا أتاهم بين ذلك الشمراخ، حتى تكون آية له. ثم ينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي المغلبة، عودها من عهد غرس الله، وسيرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شئ إلا أهلكته. قال: قلت: مخبئة هي أم يؤتى بها ؟ قال: بل يأتي بها جبرئيل (عليه السلام)، وإذا نشرها أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع الله يده على رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، واعطي قوة أربعين رجلا، فلا يبقى ميت يومئذ إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، حيث (4) يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بخروج القائم، فيهبط مع الراية إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا. قال: قلت: كل هؤلاء ملائكة ؟ قال: نعم، كلهم ينتظرون قيام القائم، الذين كانوا مع نوح في السفينة، والذين


(1) في ” ط “: من الغربال خلق كثير. الكافي 1: 302 / 2، غيبة النعماني: 204 / 6 ” نحوه ” و 204 / 7، العدد القوية: 74 / 123. (2) كذا في كامل الزيارات وغيبة النعماني، وهو الصواب، وفي النسخ: عبد الله بن عمرو (عمر ظ) بن أبان ابن تغلب الكلبي، راجع معجم رجال الحديث 1: 151 و 10: 281 و 13: 10. (3) الشمراخ: غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم. (4) في ” ط “: حتى.

[ 458 ]

كانوا مع إبراهيم حين القي في النار، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر، والذين كانوا مع عيسى حيث رفعه الله إليه، وألف مع النبي مسومين، وألف مردفين، وثلاثمائة وثلاثة عشر كانوا مع النبي (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، وأربعة آلاف هبطوا إلى الارض ليقاتلوا مع الحسين (عليه السلام) فلم يؤذن لهم، فرجعوا في الاستيمار، فهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام)، فهم شعث غبر عند قبره، يبكونه إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين (عليه السلام) إلى السماء مختلف الملائكة. (1) 438 / 42 – وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثني أحمد بن جعفر، قال: حدثني علي بن محمد، يرفعه إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في صفة القائم (عليه السلام): كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسجد السهلة (2)، على فرس محجل، له شمراخ، يزهو، ويدعو، ويقول في دعائه: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله ايمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا. اللهم يا معين كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كهفي حين تعييني المذاهب، وتضيق علي الارض بما رحبت. اللهم خلقتني وكنت عن خلقي غنيا، ولو لا نصرك إياي لكنت من المغلوبين. يا منشر الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزه يتعززون، يا من وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقها، فهم من سطوته خائفون. أسألك باسمك الذي قصر عنه خلقك، فكل لك مذعنون، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل لي الفرج، وتكفيني، وتعافيني، وتقضي حوائجي، الساعة الساعة، الليلة الليلة، إنك على كل شئ قدير. (3)


(1) نحوه في كامل الزيارات: 119 / 5 و: 192 / 9، وكمال الدين وتمام النعمة: 671 / 22، وغيبة النعماني: 309 / 4 و: 310 / 5، وقطعة منه في العدد القوية: 74 / 124. (2) من مساجد الكوفة. (3) العدد القوية: 75 / 125.

[ 459 ]

439 / 43 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا حبيب بن الحسين، قال: حدثنا أبو هاشم عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن الاحنف، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن نريد زيارة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فلما صرنا إلى الثوية نزل فصلى ركعتين، فقلت: يا سيدي، ما هذه الصلاة ؟ قال: هذا موضع منبر القائم، أحببت أن أشكر الله في هذا الموضع. ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى القائم الذي على الطريق، فنزل فصلى ركعتين، فقلت: ما هذه الصلاة ؟ قال: ها هنا نزل القوم الذين كان معهم رأس الحسين (عليه السلام) في صندوق، فبعث الله (عزوجل) طيرا فاحتمل الصندوق بما فيه، فمر بهم جمال، فأخذوا رأسه، وجعلوه في الصندوق وحملوه، فنزلت وصليت ها هنا شكرا لله. ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى موضع، فنزل وصلى ركعتين، وقال: ها هنا قبر أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، أما إنه لا تذهب الايام حتى يبعث الله رجلا ممتحنا في نفسه بالقتل، يبني عليه حصنا فيه سبعون طاقا. قال حبيب بن الحسين: سمعت هذا الحديث قبل أن يبنى على الموضع شئ، ثم إن محمد بن زيد وجه فبنى (1) عليه، فلم تمض الايام حتى امتحن محمد في نفسه بالقتل. (2) 440 / 44 – وباسناده عن محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن زيد (3)، عن محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي


(1) في ” م ” يبني. (2) حلية الابرار 2: 638. (3) كذا في النسخ، وتقدم السند في الحديث (67) من دلائل الامام الصادق (عليه السلام)، وفيه: أحمد بن مدبر، وفي الاختصاص: أحمد بن المؤدب من ولد الاشتر.

[ 460 ]

بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده رجل من أهل خراسان، وهو يكلمه بلسان لم أفهمه، ثم رجعا إلى شئ فهمته، فسمعت أبا عبد الله يقول: اركض برجلك الارض، فإذا بحر تحت الارض، على حافته فارسان (1)، قد وضعا أذقانهما على قرابيس (2) سروجهما، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هؤلاء من أنصار القائم (عليه السلام). (3) 441 / 45 – وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن مابنداز والحميري، قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن محبوب، قال: قال لي الرضا (عليه السلام): يا حسن، إنه ستكون فتنة صماء صيلم (4)، تسقط فيها كل وليجة وبطانة (5)، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يحزن لفقده أهل الارض والسماء، كم من حرة مؤمنة ومؤمن يتأسف ويتلهف، وحيران لفقده. ثم أطرق ورفع رأسه، فقال: بأبي وامي سمي جدي، وشبيهي، وشبيه موسى ابن عمران، [ عليه ] جيوب النور (6) تتوقد من ضياء الشمس، كأني بهم آيس (7) ما كانوا، قد نودوا نداء تسمعه من البعد، كما تسمعه من القرب، يكون رحمة (8) على المؤمنين، وعذابا على الكافرين.


(1) في النسخ: فرسان. (2) القرابيس: جمع قربوس، حنو السرج. (3) الاختصاص: 325 / 2، مدينة المعاجز: 401 / 159. (4) قال في النهاية 3: 54: الفتنة الصماء: هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها، لان الاصم لا يسمع الاستغاثة، فلا يقلع عما يفعله، وقيل: هي كالحية الصماء التي لا تقبل الرقى. والصيلم: الداهية ” النهاية 3: 49 “. (5) الوليجة: الدخيلة، وخاصتك من الناس، والبطانة: السريرة والصاحب ” مجمع البحرين – ولج – 2: 335، – بطن – 6: 412 “. (6) في ” ط “: حبور وأنوار، وفي ” ع “: حبور والنور. (7) في ” ع، م “: أيسوا. (8) في ” ط ” زيادة: الله.

[ 461 ]

قلت: بأبي وامي، ما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب. أولها: ألا لعنة الله على الظالمين. والثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين. والثالث: يرون بدنا (1) بارزا مع قرن الشمس، ينادي: ألا إن الله قد بعث (2) فلان بن فلان على هلاك الظالمين. فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، وتشفى صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم، وزاد الحميري: ويتمنى الاموات أنهم أحياء. (3) 442 / 46 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي ابن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو طالب عبد الله بن الصلت، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان، عن داود الرقي، قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له: ما بلغ من علمكم ؟ قال: ما بلغ من سؤالكم. فقال الرجل: بحر ماء هذا، هل تحته شئ ؟ قال أبو عبد الله: نعم، رأي العين أحب إليك، أو سمع الاذن ؟ قال الرجل: بل رأي العين، لان الاذن قد تسمع ما لا تدري ولا تعرف، وما يرى بالعين يشهد به القلب. فأخذ بيد الرجل ثم انطلق حتى أتى شاطئ البحر، فقال: أيها العبد المطيع لربه، أظهر ما فيك. فانفلق البحر عن آخر ماء فيه، وظهر ماء أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، وألذ من الزنجبيل، فقال له: يا أبا عبد الله، جعلت فداك، لمن هذا ؟ قال: للقائم (عليه السلام) وأصحابه.


(1) في ” ع، م “: بدرا. (2) في ” ع، م “: قد بعث الله. (3) إثبات الوصية: 227، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 6 / 14، غيبة النعماني: 180 / 28، غيبة الطوسي: 439 / 431، الخرائج والجرائح 3: 1168 / 65، مختصر بصائر الدرجات: 38 و 214.

[ 462 ]

قال: متى ؟ قال: إذا قام القائم وأصحابه فقد الماء الذي على وجه الارض، حتى لا يوجد ماء، فيضج المؤمنون إلى الله بالدعاء، فيبعث الله لهم هذا الماء، فيشربونه وهو محرم على من خالفهم. قال: ثم رفع رأسه، فرأى في الهواء خيلا مسرجة ملجمة، ولها أجنحة، فقلت: يا أبا عبد الله، ما هذه الخيل ؟ فقال: هذا خيل القائم (عليه السلام) وأصحابه. قال الرجل: أنا أركب شيئا منها ؟ قال إن كنت من أنصاره. قال: فأشرب من هذا الماء ؟ قال: إن كنت من شيعته. (1) 443 / 47 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو طالب عبد الله بن الصلت، قال: حدثنا محمد بن علي بن عبد الله الخياط (2)، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) استنزل المؤمن الطير من الهواء، فيذبحه، فيشويه، ويأكل لحمه، ولا يكسر عظمة، ثم يقول له: إحي بإذن الله. فيحيا ويطير، وكذلك الظباء من الصحارى. ويكون ضوء البلاد نوره (3)، ولا يحتاجون إلى شمس ولا قمر، ولا يكون على وجه الارض مؤذ، ولا شر، ولا إثم (4)، ولا فساد أصلا، لان الدعوة سماوية، ليست بأرضية، ولا يكون للشيطان فيها وسوسة، ولا عمل، ولا حسد، ولا شئ من الفساد،


(1) مدينة المعاجز: 421 / 250. (2) في ” ع “: الحناط. (3) في ” ط “: ونورها. (4) في ” ط “: ولا شر ولا سم.

[ 463 ]

ولا تشوك الارض والشجر، وتبقى زروع الارض (1) قائمة، كلما اخذ منها شئ نبت من وقته، وعاد كحاله، وإن الرجل ليكسو ابنه الثوب فيطول معه كلما طال، ويتلون عليه أي لون أحب وشاء. ولو أن الرجل الكافر دخل جحر ضب، أو توارى خلف مدرة، أو حجر، أو شجر، لانطق الله ذلك الستر (2) الذي يتوارى فيه، حتى يقول: يا مؤمن، خلفي كافر فخذه. فيأخذه ويقتله. (3) ولا يكون لابليس هيكل يسكن فيه – والهيكل: البدن – ويصافح المؤمنون الملائكة، ويوحى إليهم، ويحيون – ويجتمعون – الموتى بإذن الله. قال: يأتي على الناس زمان لا يكون المؤمن إلا بالكوفة، أو يحن إليها. (4) 444 / 48 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا إسحاق بن محمد الصيرفي، عن محمد (5) بن إبراهيم الغزالي، قال: حدثني عمران الزعفراني، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا ظهر القائم (عليه السلام) من ظهر هذا البيت، بعث الله معه سبعة وعشرين (6) رجلا، منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسى (عليه السلام)، وهم الذين قال الله (تعالى): * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * (7)، وأصحاب الكهف ثمانية، والمقداد


(1) في ” ط “: وتبقى الارض. (2) في ” ط، ع “: الشئ. (3) في ” ط “: فيؤخذ ويقتل. (4) نوادر المعجزات: 198 / 8، حلية الابرار 2: 635. (5) في حلية الابرار: إسحاق. (6) كذا في النسخ، والمعدود ستة وعشرون، وفي تفسير العياشي وروضة الواعظين اتفق العدد مع المعدود (27) بتغيير في الاسماء، فراجع. (7) الاعراف 7: 159.

[ 464 ]

وجابر الانصاري، ومؤمن آل فرعون، ويوشع بن نون وصي موسى (عليهما السلام). (1) 445 / 49 – وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو إسحاق ابراهيم بن نصر، قال: حدثنا أبو نعيم (2)، قال: حدثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة. (3) 446 / 50 – وباسناده عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن بندار، قال: حدثنا محمد بن سعيد الخراساني، عن أبي عمران الطبري، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام قائمنا رد الله كل مؤذ للمؤمنين في زمانه في الصور التي كانوا عليها وفيها، بين أظهرهم، لينتصف منهم المؤمنون. (4) 447 / 51 – وباسناده عن أبي علي النهاوندي، عن محمد بن بندار، عن محمد ابن سعيد، عن أبي عمران، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مفضل، أنت وأربعة وأربعون رجلا تحشرون مع القائم، أنت على يمين القائم تأمر وتنهى، والناس إذ ذاك أطوع لك منهم اليوم. (5) 448 / 52 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن سميع، عن


(1) تفسير العياشي 2: 32 / 90، روضة الواعظين 2: 266، حلية الابرار 2: 618. (2) هو الفضل بن دكين التيمي، أبو نعيم الملائي، من كبار شيوخ البخاري، تقريب التهذيب 2: 110. (3) مسند أحمد 1: 84، تاريخ البخاري الكبير 1: 317 / 994، سنن ابن ماجة 2: 1367 / 4085، مسند أبي يعلى 1: 359 / 205، كمال الدين وتمام النعمة: 152 / 15، حلية الاولياء 3: 177، البيان في أخبار صاحب الزمان: 487، الملاحم والفتن: 163 عن كتاب الفتن لابي يحيى زكريا بن يحيى البزاز، كشف الغمة 2: 477، فرائد السمطين 2: 331 / 583، حلية الابرار 2: 709. (4) إثبات الهداة 7: 146 / 708، حلية الابرار 2: 618. (5) إثبات الهداة 7: 146 / 709.

[ 465 ]

محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): * (يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله) * (1). قال: في قبورهم بقيام القائم (عليه السلام). (2) 449 / 53 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذنية، عن فضيل بن يسار، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن خرج السفياني ما تأمرني ؟ قال: إذا كان ذلك كتبت إليك. قلت: فكيف أعلم أنه كتابك ؟ قال: أكتب إليك بعلامة كذا وكذا. وقرأ آية من القرآن. قال: فقلت لفضيل: ما تلك الآية ؟ قال: ما حدثت بها أحدا غير بريد العجلي. قال زرارة: أنا احدثك بها، هي * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا) * (3). قال: فسكت الفضيل، ولم يقل لا، ولا نعم. (4) 450 / 54 – وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله، قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري، قال: حدثني أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا علي بن محمد بن نهيد الحصيني، قال: حدثنا أبو علي الشهرياري، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن، عن جعفر بن قرم، عن هارون بن حماد، عن مقاتل، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، عشر خصال قبل يوم القيامة، ألا تسألني عنها ؟


(1) الروم 30: 4 و 5. (2) حلية الابرار 2: 618، المحجة للبحراني: 171. (3) النحل 16: 38. (4) تفسير العياشي 2: 260 / 29، المحجة للبحراني: 118.

[ 466 ]

قلت: بلى، يا رسول الله. قال: اختلاف وقتل أهل الحرمين، والرايات السود، وخروج السفياني، وافتتاح الكوفة، وخسف بالبيداء، ورجل منا أهل البيت يبايع له بين زمزم والمقام، يركب إليه عصائب أهل العراق وأبدال الشام، ونجباء أهل مصر، وتصير أهل اليمن عدتهم عدة أهل بدر، فيتبعه بنو كلب يوم الاعماق. قلت: يا رسول الله، ما بنو كلب ؟ قال: هم أنصار السفياني، يريد قتل الرجل الذي يبايع له بين زمزم والمقام، ويسير بهم فيقتلون وتباع ذراريهم على باب مسجد دمشق، والخائب (1) من غاب عن غنيمة كلب ولو بعقال. (2) 451 / 55 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الكريم، عن أبي إسحاق الثقفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان النخعي، قال: حدثنا السري بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن علي السلمي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: إنما سمي المهدي مهديا (3) لانه يهدي لامر خفي، يهدي لما في صدور الناس، يبعث إلى الرجل فيقتله لا يدري في أي شئ قتله، ويبعث ثلاثة راكب، قال: هي بلغة غطفان ” ركبان “: أما راكب فيأخذ ما في أيدي أهل الذمة من رقيق المسلمين، فيعتقهم. وأما راكب فيظهر البراءة منهما – يغوث ويعوق – في أرض العرب. وراكب يخرج التوراة من مغارة (4) بأنطاكية، ويعطى حكم سليمان (عليه السلام). (5) 452 / 56 – وباسناده عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا أبو عبد الله


(1) في ” م، ط “: والغائب. (2) عنه، معجم أحاديث الامام المهدي (عليه السلام) 1: 506 / 348. (3) (مهديا) ليس في ” ع “. (4) في ” ط “: مفازة. (5) إثبات الهداة 7: 146 / 711 و 169 / 786 قطعة منه، حلية الابرار 2: 556.

[ 467 ]

الزعفراني، قال: حدثنا أبو طالب، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إذا قام قائمنا بعث في أقاليم الارض، في كل إقليم رجلا، فيقول له: عهدك في كفك واعمل بما ترى. (1) 453 / 57 – وباسناده عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي حية (2)، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل (3)، قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد (4) عبد الواحد بن واصل السدوسي، قال: حدثنا عوف (5)، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتى تملا الارض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من عترتي – أو قال: من أهل بيتي – يملاها قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وعدوانا (6). 454 / 58 – وبإسناده عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا إسحاق، عن يحيى ابن سليم، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن المعلى بن أبي المعلى، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبشروا بالمهدي، فإنه يأتي (7) في آخر الزمان على شدة وزلازل، يسع الله له الارض عدلا وقسطا. (8)


(1) إثبات الهداة 7: 147 / 712. (2) هو عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب بن أبي حية أبو القاسم وراق الجاحظ، وثقه الدارقطني والخطيب، روى عن إسحاق بن أبي إسرائيل، مات سنة (319 ه‍). تاريخ بغداد 11: 28. (3) هو أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامجر المروزي، وثقه غير واحد، مات سنة (245 ه‍). تاريخ بغداد 6: 356، تهذيب الكمال 2: 398. (4) زاد في النسخ: قال: حدثنا، وهو خطأ، وأبو عبيدة الحداد كنية ولقب عبد الواحد، وثقه غير واحد، مات سنة (190 ه‍). تهذيب التهذيب 6: 440. (5) وهو عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري الاعرابي، وثقه أحمد والنسائي وابن سعد، وكان يسمى الصدوق. طبقات ابن سعد 7: 258، تهذيب التهذيب 8: 166. (6) مسند أحمد 3: 36، مسند أبي يعلى 2: 274 / 987، مستدرك الحاكم 4: 557، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8: 290 / 6784، إلزام الناصب 1: 338. (7) في ” ع “: يهدي. (8) إثبات الهداة 7: 147 / 713.

[ 468 ]

455 / 59 – وعنه، عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن أحمد القاساني، قال: حدثنا أبو مسلم محمد بن سليمان البغدادي، عن أبي عثمان، عن هشام، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف أنتم إذا استيأستم من المهدي، فيطلع عليكم صاحبكم مثل قرن الشمس، يفرح به أهل السماء والارض. فقيل: يا رسول الله، وأني يكون ذلك ؟ قال: إذا غاب عنهم المهدي، وأيسوا منه. (1) 456 / 60 – وباسناده عن أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن أحمد القاساني، قال: حدثنا علي بن سيف (2)، قال حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: نزلت في بني فلان ثلاث آيات: قوله (عزوجل): * (حتى إذا أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا) * (3) يعني القائم بالسيف * (فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس) * (4). وقوله (عزوجل): * (فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) * (5) قال أبو عبد الله (عليه السلام): بالسيف. وقوله (عزوجل) * (فلما أحسوا بأسنآ إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى مآ أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون) * (6) يعني القائم (عليه السلام)، يسأل بني


(1) مختصر البصائر: 18، إثبات الهداة 7: 147 / 715، معجم أحاديث الامام المهدي 1: 259 / 161. (2) هو علي بن سيف بن عميرة الكوفي، ثقة، روى عن أبيه، وقد روى عنه القاساني بواسطة محمد بن سليمان، كما يأتي في الحديث (66)، وانظر رجال النجاشي: 189 و 278. (3 و 4) يونس 10: 24. (5) الانعام 6: 44 و 45. (6) الانبياء 21: 12 و 13.

[ 469 ]

فلان عن كنوز بني أمية. (1) 457 / 61 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن سفيان بن المهدي، عن أبان (2)، عن أنس بن مالك، قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، فرأى عليا (عليه السلام)، فوضع يده بين كتفية، ثم قال: يا علي، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من عترتك، يقال له (المهدي) يهدي إلى الله (عزوجل)، ويهتدي به العرب، كما هديت أنت الكفار والمشركين من الضلالة. ثم قال: ومكتوب على راحته (3): بايعوه، فإن البيعة لله (عزوجل). (4) 458 / 62 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا (5) أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا ابن أبي حية، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا جرير، عن مطر (6) الوراق، قال: أخبرنا أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ليقومن على امتي رجل من أهل بيتي، أقنى (7)، أجلى (8)، يوسع الارض عدلا، كما اوسعت جورا،


(1) المحجة للبحراني: 98. (2) روى عن أنس كل من: أبان بن صالح بن عمير القرشي، وأبان بن أبي عياش العبدي البصري، راجع تهذيب الكمال 2: 9 و 19، و 3: 354. (3) في ” ط “: راحتيه. (4) الملاحم والفتن: 139 قطعة منه، إثبات الهداة 7: 147 / 716. (5) في ” م “: حدثني. (6) في ” ع، م “: مصر، وفي ” ط “: معد، والصواب ما في المتن، كما في مسند أحمد وأبي يعلى وغيرهما، وهو مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء الخراساني السلمي. تهذيب التهذيب 10: 167، سير أعلام النبلاء 5: 452. (7) القنا في الانف: طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه. ” النهاية 4: 116 “. (8) الاجلى: الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته. ” النهاية 1: 290 “.

[ 470 ]

يملك سبع سنين (1). 459 / 63 – وقال أبو علي النهاوندي: وجدت في كتاب لبعض إخواننا: روي عن الصادق (عليه السلام)، أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي، صاحب الحلي، اخبركم بأمري، انذركم بأس المهدي، يقيم فيكم سنة النبي، وذلك عند بيعة الصبي، عند طلوع الكواكب الدرية، يفزع من بالمشرق والمغرب. 460 / 64 – وقال أبو علي النهاوندي: وحدثني أبو الحسن (2) الحصيني، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار (3)، عن الحسن بن علي الخزاز، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، قال: يكون في امتي – يعني القائم – سنة (4) من أربعة أنبياء: سنة من موسى (عليه السلام)، خائف يترقب، وسنة من يوسف (عليه السلام)، يعرفهم وهم له منكرون، وسنة من عيسى (عليه السلام)، وما قتلوه وما صلبوه، وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله)، يقوم بالسيف. (5) 461 / 65 – وقال أبو علي النهاوندي، حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد القاساني، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثنا أبو القاسم الزندودي (6)، قال: حدثنا إبراهيم بن مهران، عن عمرو بن شمر، قال: قلت لجابر: إذا قام قائم آل محمد كيف السلام عليه ؟ قال: إنك إذا أدركته، ولن تدركه إلا أن تكون مكرورا، فستراني إلى جنبه، راكبا


(1) مسند أحمد 3: 17، مسند أبي يعلى 2: 367 / 1128، مجمع الزوائد 7: 314. (2) في ” م، ط “: الحسين. (3) في ” ط ” زيادة: مملوكه، وفي ” ع، م “: مموله. (4) في ” ع، م ” شبيه، وكذا في المواضع الآتية. (5) نحوه في الامامة والتبصرة: 93 / 84، كمال الدين وتمام النعمة: 28 و 152 / 16 و: 326 / 6 و: 329 / 11 و: 350 / 46، غيبة النعماني: 164 / 5، تقريب المعارف: 190، غيبة الطوسي: 60 / 57 و: 424 / 408، الخرائج والجرائح 2: 936، ويأتي نحوه الحديث (115). (6) في ” ط “: الزندوري، وقد ورد في أنساب السمعاني 3: 171 و 174: الزندرودي والزندوردي.

[ 471 ]

على فرس لي، ذنوب، أغر، محجل، مطلق يد (1) اليمنى، علي عمامة لي من عصب (2) اليمن، فأنا أول من يسلم عليه. (3) 462 / 66 – وقال أبو علي النهاوندي: حدثنا القاساني، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثنا علي بن سيف، قال: حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فشكا إليه طول دولة الجور، فقال له أمير المؤمنين: والله، لا يكون ما تأملون حتي يهلك المبطلون، ويضمحل الجاهلون، ويأمن المتقون، وقليل ما يكون حتى لا يكون لاحدكم موضع قدمه، وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر الله والفتح، وهو قول ربي (عزوجل) في كتابه: * (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) * (4). 463 / 67 – وقال أبو علي النهاوندي: حدثنا أبو علي هشام بن علي السيرافي، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا همام، عن المعلى بن زياد، قال: حدثني العلاء – رجل من مزينة (5) – عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر المهدي، فقال: يخرج عند كثرة اختلاف الناس وزلازل، فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى به ساكن السماء، وساكن الارض، ويقسم المال قسمة صحاحا.


(1) في ” ط، ع “: يده، والمطلق من الخيل: ما لا تحجيل في إحدى قوائمه. (2) العصب: ضرب من البرود. وقيل صبغ لا ينبت إلا باليمن. (3) حليه الابرار 2: 646. (4) المحجة للبحراني: 107، ينابيع المودة: 424 ” قطعة منه “، والآية من سورة يوسف 12: 110. (5) في ” م “: عن رجل من مرنية، وما في المتن هو الصواب، والعلاء هو ابن بشير المزني، قال عنه ابن حنبل في مسنده 3: 52: وكان بكاء عند الذكر، شجاعا عند اللقاء. روى عن أبي الصديق، وروى عنه المعلى ابن زياد القردوسي. راجع تهذيب الكمال 4: 223، تهذيب التهذيب 8: 177 و 10: 237، الجرح والتعديل 6: 353 و 8: 330.

[ 472 ]

قال: قلت: وما صحاح ؟ قال: بالسواء، قال: ويغنم الناس حتى لا يحتاج أحد أحدا، فينادي مناد: من له إلي من حاجة ؟ فلا يجيبه أحد من الناس، إلا إنسان واحد، فيقول له: خذ. قال: فيحثو في ثوبه ما لا يستطيع حمله، فيقول: احمل علي. فيأبى عليه، فيخفف منه، حتى يصير بقدر ما يستطيع أن يحمله، فيقول: ما كان في الناس أجشع نفسا من هذا. فيرجع إلى الخازن، فيقول: إنه قد بدا لي رده. فيأبى أن يقبله، فيقول: إنا لا نقبل ممن أعطيناه. قال: فيمكث سبعا، أو ثماني، أو تسعا – يعني سنة – ولا خير في العيش بعد هذا. أو قال: لا خير في الحياة بعده. (1) 464 / 68 – وأخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا علي بن يونس الخزاز، عن إسماعيل بن عمر بن أبان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أراد الله قيام القائم بعث جبرئيل في صورة طائر أبيض، فيضع إحدى رجليه على الكعبة، والاخرى على بيت المقدس، ثم ينادي بأعلى صوته: * (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) * (2). قال: فيحضر القائم فيصلي عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ركعتين، ثم ينصرف، وحواليه أصحابه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، إن فيهم لمن يسري من فراشه ليلا، فيخرج ومعه الحجر، فيلقيه فتعشب الارض. (3) 465 / 69 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا العباس بن مطران (4) الهمداني، قال:


(1) البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، الحاوي للفتاوي 2: 58، الملاحم والفتن: 165. (2) النحل 16: 1. (3) إثبات الهداة 7: 148 / 717، المحجة للبحراني: 115، حلية الابرار 2: 615. (4) كذا ولعله تصحيف عمران أو مهران.

[ 473 ]

حدثنا إسماعيل بن علي المقرئ القمي، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثني أبو جعفر العرجي، عن محمد بن يزيد، عن سعيد بن عباية (1)، عن سلمان الفارسي، قال: خطبنا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بالمدينة، فذكر الفتنة وقربها، ثم ذكر قيام القائم من ولده، وأنه يملاها عدلا كما ملئت جورا. قال سلمان: فأتيته خاليا، فقلت: يا أمير المؤمنين، متى يظهر القائم من ولدك ! فتنفس الصعداء وقال: لا يظهر القائم حتى يكون امور الصبيان، وتضيع حقوق الرحمن، ويتغنى بالقرآن بالتطريب والالحان، فإذا قتلت ملوك بني العباس اولي العمى والالتباس، أصحاب الرمي عن الاقواس بوجوه كالتراس، وخربت البصرة، وظهرت العشرة. قال سلمان: قلت: وما العشرة: يا أمير المؤمنين ؟ قال: منها خروج الزنج، وظهور الفتنة (2)، ووقائع بالعراق، وفتن الآفاق، والزلازل العظيمة، مقعدة مقيمة، ويظهر الحندر والديلم بالعقيق والصيلم، وولاية القصاح بعقب الفم (3) الجناح، وظهور آيات مقتربات (4) في النواحي والجنبات، وعمران الفسطاط بعين العرب والاقباط، ويخرج الحائك الطويل بأرض مصر والنيل. قال سلمان: فقلت: وما الحائك الطويل ؟ قال: رجل صعلوك، ليس من أبناء الملوك، تظهر له معادن الذهب، ويساعده العجم والعرب، ويأتي له من كل شئ حتى يلي الحسن (5)، ويكون في زمانه العظائم والعجائب، وإذا سار بالعرب إلى الشام، وداس بالبرذون أرحام، وداس جبل الاردن واللكام (6)، وطار الناس من غشيته، وطار السيل من جيشه، ووصل جبل القاعوس (7)


في ” ع، م “: عناية. (2) في ” ع “: الفتن. (3) في ” ع “: يعقب قم. (4) في ” ط “: مفتريات. (5) لعله تصحيف ” الحسني “: قصر في دار الخلافة ببغداد، أو ” الحسنا ” جبل قرب ينبع. (6) اللكام: جبل مشرف على أنطاكية والمصيصة وطرطوس. (7) لعله تصحيف ” القاعون ” جبل شاهق بالاندلس.

[ 474 ]

في جيشه، فيجر به بعض الامور، فيسرع الاسلاف، ولا يهنيه طعام ولا شراب حتى يعاود بأيلون (1) مصر، وكثرة الآراء والظنون، ولا تعجز العجوز، وشيد القصور، وعمر الجبل الملعون، وبرقت برقة فردت، واتصل الاشرار (2) بين عين الشمس وحلوان (3)، وسمع من الاشرار الاذان، فصعقت صاعقة ببرقة، واخرى ببلخ (4)، وقاتل الاعراب البوادي، وجرت السفياني خيله، وجند الجنود، وبند البنود (5)، هناك يأتيه أمر الله بغته، لغلبة الاوباش (6)، وتعيش المعاش (7)، وتنتقص الاطراف، ويكثر الاختلاف، وتخالفه طليعة بعين طرطوس (8)، وبقاصية أفريقية، هناك تقبل رايات مغربية، أو مشرقية، فأعلنوا الفتنة في البرية، يا لها من وقعات طاحنات، من النبل (9) والاكمات، وقعات ذات رسون، ومنابت اللون، بعمران بني حام بالقمار الادغام، وتأويل العين (10) بالفسطاط، من التربت (11) من غير العرب، والاقباط بأدبجة الديباج،


(1) في ” ع “: بابلون، ولعلها تصحيف ” بابليون “: اسم عام لديار مصر بلغة القدماء. (2) في ” ع، م “: الامرار. (3) عين شمس: مدينة فرعون بمصر، بينها وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ. وحلوان: تطلق على عدة مواضع، منها: حلوان العراق، وهي آخر حدود السواد، وحلوان أيضا: قرية من قرى مصر مشرفة على النيل، وحلوان أيضا: بليدة بقوهستان، وهي آخر حدود خراسان. (4) بلخ: مدينة مشهورة بخراسان: وتقع اليوم ضمن حدود أفغانستان الاقليمية، وبرقة: تطلق على مواضع عديدة، منها: اسم صقع كبير يشتمل على مدن وقرى بين الاسكندرية وإفريقية، ومنها: قرية من قرى قم. (5) البنود: جمع بند، العقد أو الحيلة. (6) الاوباش: جمع وبش، الاخلاط والسفلة. (7) أي صعبت وتكلفت أسبابه. (8) في ” م “: طرسوس، وطرطوس: بلد بالشام على البحر، وطرسوس: مدينة بثغور الشام، بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم. (9) في ” ع “: واحناط من النيل، وفي ” م “: احنات من النيل. (10) في ” ع “: لعين. (11) في ” ع، م “: البريت.

[ 475 ]

ونطحة (1) النطاح، بأحراث المقابر، ودروس المعابر، وتأديب المسكوب (2)، على السن المنصوب، باقصاح (3) رأس العلم والعمل في الحرب بغلبة بني الاصفر على الانعاد (4)، وقع المقدار، فما يغني الحذر، هناك تضطرب الشام، وتنصب الاعلام، وتنتقص التمام، وسد غصن الشجرة الملعونة الطاغية، فهنالك ذل (5) شامل، وعقل ذاهل، وختل قابل، ونبل ناصل، حتى تغلب الظلمة على النور، وتبقى الامور من أكثر الشرور، هنالك يقوم المهدي من ولد الحسين (عليه السلام) (6)، لا ابن مثله، لا ابن، فيزيل الردى، ويميت (7) الفتن، وتتدارس (8) الركبتين، هناك يقضى لاهل الدين بالدين. قال سلمان (رضي الله عنه): ثم انضجع ووضع يده تحت رأسه، يقول: شعار الرهبانية القناعة. (9) 466 / 70 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد (10) بن أحمد بن عبيدالله بن أحمد الهاشمي المنصوري بسر من رأى من لفظه، قال: حدثنا أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى ابن المنصور الهاشمي، قال: حدثنا أبو الحسن علي (11) بن محمد بن علي بن موسى، عن


(1) في ” ع، م “: وبطحة. (2) في ” م “: المسكوت. (3) في ” ع “: بافصاح. (4) في ” ط “، الانعار. (5) في ” ع، م “: قلا. (6) (هنالك يقوم…) الجملة جواب ل‍ ” إذا ” المتقدمة قبل سؤال سلمان (رضي الله عنه). (7) في ” ع “: ومميت. (8) في ” م “: تتداوس. (9) العدد لقوية: 75 / 126، إثبات الهداة 7: 148 / 718 ” قطعة منه “، معجم أحاديث الامام المهدي 3: 14 / 569. (10) زاد في النسخ: أبو المفضل، وهو سهو، إذ روى التلعكبري عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن عبيدالله الهاشمي بلا واسطة، كما في غيبة الطوسي: 136 / 100 وكفاية الاثر: 91 و 166 وغيرهما. (11) في النسخ: حدثنا الحسن بن علي، وهو خطأ، والصواب ما في المتن، حيث روى عيسى بن أحمد، عن أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) نسخة ذكرها النجاشي في رجاله: 297.

[ 476 ]

علي بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، قال: حدثني محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): رأيت ليلة اسري بي إلى السماء قصورا من ياقوت أحمر، وزبرجد أخضر، ودر ومرجان، وعقيان (1)، بلاطها المسك الاذفر، وترابها الزعفران، وفيها فاكهة ونخل ورمان، وحور وخيرات حسان، وأنهار من لبن، وأنهار من عسل، تجري على الدر والجوهر، وقباب على حافتي تلك الانهار، وغرف وخيام، وخدم وولدان، وفرشها الاستبرق والسندس والحرير، وفيها أطيار (2)، فقلت: يا حبيبي جبرئيل، لمن هذه القصور ؟ وما شأنها ؟ فقال لي جبرئيل: هذه القصور وما فيها، خلقها الله (عزوجل) كذا، وأعد فيها ما ترى، ومثلها أضعاف مضاعفة، لشيعة أخيك علي، وخليفتك من بعدك على أمتك، وهم يدعون في آخر الزمان باسم يراد به (3) غيرهم، يسمون (الرافضة) وإنما هو زين لهم، لانهم رفضوا الباطل، وتمسكوا بالحق، وهم السواد الاعظم، ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من بعده، ولشيعة ابنه علي بن الحسين من بعده، ولشيعة ابنه محمد بن علي من بعده، ولشيعة ابنه جعفر بن محمد من بعده، ولشيعة ابنه موسى ابن جعفر من بعده، ولشيعة ابنه علي بن موسى من بعده، ولشيعة ابنه محمد بن علي من بعده، ولشيعة ابنه علي بن محمد من بعده، ولشيعة ابنه الحسن بن علي من بعده، ولشيعة ابنه محمد المهدي من بعده. يا محمد، فهؤلاء الائمة من بعدك، أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، شيعتهم وشيعة جميع ولدك ومحبيهم شيعة الحق، وموالي الله، وموالي رسوله، الذين رفضوا الباطل


(1) في ” ط “: عقيقا، والعقيان: ذهب متكاثف في مناجمه، خالص مما يختلط به من الرمال والحجارة ” المعجم الوسيط – عقي – 2: 618 “. (2) في ” ع، م “: أطناب. (3) في ” ع “: يؤديه، وفي ” م “: يرد به.

[ 477 ]

واجتنبوه، وقصدوا الحق واتبعوه، يتولونهم في حياتهم، ويزورونهم من بعد وفاتهم، متناصرين لهم، قاصدين على محبتهم رحمة الله عليهم، إنه غفور رحيم (1) 467 / 71 – وعنه، عن أبيه أبي محمد هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثني أحمد بن زهير، قال: حدثنا عبد الله ابن داهر الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الاعمش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من ولدي، يوافق اسمه اسمي، يملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا. (2) 468 / 72 – وعنه، عن أبيه، عن أبي علي، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة (3)، قال: أخبرنا زيد العمي (4)، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حدث يكون في امتي، المهدي، إن قصر عمره فسبع، وإلا فثمان (5)، وإلا فتسع، وتنعم امتي فيها نعمة لم يتنعموا مثلها قط، يرسل الله السماء عليهم مدرارا، فلا تدخر الارض شيئا من النبات والمأكل، وسيقوم الرجل


(1) الصراط المستقيم 2: 150. (2) نحوه في حلية الاولياء 5: 75، والملاحم والفتن: 141 باب (69)، والفصول المهمة: 291، والحاوي للفتاوي 2: 59، كشف الغمة 2: 471 / 19، إثبات الهداة 7: 148 / 719. (3) في النسخ: حبة، والصواب ما في المتن، وهو عمارة بن أبي حفصة نابت الازدي العتكي، روى عن زيد العمي، وعنه محمد بن مروان بن قدامة العقيلي، مات سنة (132 ه‍). تهذيب التهذيب 7: 415، سير أعلام النبلاء 6: 138. (4) في النسخ: القمي، تصحيف صوابه ما في المتن، وهو زيد بن الحواري أبو الحواري العمي البصري سمي العمي لانه كلما سئل عن شئ قال: حتى أسأل عمي، تهذيب الكمال 10: 56. (5) في ” ط “: أو ثمان. (6) في ” ع ” ينعموا.

[ 478 ]

فيقول: يا مهدي، أعطني. فيقول: خذ (1). 469 / 73 – وعنه، عن أبيه أبي محمد هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي، عن جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن سماعة الصيرفي، عن المفضل بن عيسى، عن محمد بن علي الهمذاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الليلة التي يقوم فيها قائم آل محمد ينزل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وجبرئيل (عليه السلام)، على حراء، فيقول له جبرئيل (عليه السلام): أجب. فيخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) رقا من حجزة (2) إزاره، فيدفعه إلى علي (عليه السلام)، فيقول له: اكتب: ” بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهد من الله، ومن رسوله، ومن علي بن أبي طالب، لفلان بن فلان ” باسمه واسم أبيه، وذلك قول الله (عزوجل) في كتابه: * (والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور) * (3) وهو الكتاب الذي كتبه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والرق المنشور الذي أخرجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجزة إزاره. قلت: والبيت المعمور، أهو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: نعم، المملي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والكاتب علي (عليه السلام). (4) 470 / 74 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي وعلي بن القاسم الكندي ويحيى بن المساور، عن علي بن المساور، عن علي ابن الحزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كنا مع علي (عليه السلام) بالبصرة، وهو على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد اجتمع حوله (5) أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال: ألا


(1) نحوه في مسند أحمد 3: 21، وسنن ابن ماجة 2: 1366 / 4083، وسنن الترمذي 4: 506 / 2232، ومستدرك الحاكم 4: 558، ومصابيح البغوي 3: 493 / 4213، والبيان في أخبار صاحب الزمان: 492 و 519، والفصول المهمة: 298، وكشف الغمة 2: 467 / 1، وفرائد السمطين 2: 315 / 566. (2) الحجزة: معقد الازار. (3) الطور 52: 1 – 3. (4) المحجة للبحراني: 212، إلزام الناصب 1: 95. (5) في ” م، ط “: هو و.

[ 479 ]

أخبركم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل ؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين. قال: أفضل الرسل محمد، وإن أفضل الخلق بعدهم الاوصياء، وأفضل الاوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والاوصياء، الاسباط، وإن خير الاسباط سبطا نبيكم – يعني الحسن والحسين – وإن أفضل الخلق بعد الاسباط الشهداء، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب – قال ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) – وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مختصان بكرامة خص الله (عزوجل) بها نبيكم، والمهدي منا في آخر الزمان، لم يكن في امة من الامم مهديا ينتظر غيره. (1) 471 / 75 – وعنه، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك الكوفي، قال، حدثنا محمد بن الحسن الطحان، الضحاك العجلي، عن محمد بن يزيد النخعي، عن سيف بن عميرة، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): المؤمن ليخير في قبره، إذا قام القائم، فيقال له: ؟ د قام صاحبك، فإن أحببت أن تلحق به فالحق، وإن أحببت أن تقيم في كرامة الله فأقم. (2) 472 / 76 – وعنه، عن أبيه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن علي القصير (3)، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعي – أو غيره – عن الحارث الاعور، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو في بعض أزقة المدينة يمشي وحده، فسلمت عليه، واتبعته حتى انتهى إلى دار الثاني، وهو يومئذ خليفة، فاستأذن، فأذن له، فدخل ودخلت معه، فسلم على الثاني، وجلس، فحين استقرت به الارض قال له: من علمك الجهالة يا مغرور،


(1) الكافي 1: 374 / 34، إثبات الهداة 7: 148 / 720. (2) حلية الابرار 2: 617 و 641. (3) في ” ط “: القصيري.

[ 480 ]

أما والله، ولو ركبت القفر (1)، ولبست الشعر، لكان خيرا لك من المجلس الذى قد جلسته، ومن علوك المنابر، أما والله، لو قبلت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأطعت ما أمرك به، لما سميت أمير المؤمنين، ولكاني بك قد طلبت الاقالة كما طلبها صاحبك، ولا إقالة. قال: صاحبي طلب منك الاقالة ؟ قال: والله، إنك لتعلم أن صاحبك قد طلب مني الاقالة، ولم أقله، وكذلك تطلبها أنت، ووالله، لكأني بك وبصاحبك وقد اخرجتما طريين حتى تصلبا بالبيداء. فقال له الثاني: ما هذا التكهن، فانكم يا معشر بني عبد المطلب، لم تزل قريش تعرفكم بالكذب، أما والله لا ذقت حلاوتها وأنا اطاع. قال له: إنك لتعلم أني لست بكاهن. قال له: من يعمل بنا ما قلت ؟ قال: فتى من ولدي، من عصابة قد أخذ الله ميثاقها. فقال له: يا أبا الحسن، إني لاعلم أنك ما تقول إلا حقا، فأسألك بالله أن رسول الله سماني وسمى صاحبي ؟ فقال له: والله، إن رسول الله سماك وسمى صاحبك. قال: والله، لو علمت أنك تريد هذا، ما أذنت لك في الدخول. ثم قام فخرج، فقال لي: يا أبا الطفيل اسكت. فوالله ما علم أحد ما دار بينهما حتى قتل الثاني، وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام). (2) 473 / 77 – وأخبرني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب (3)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن محمد الخلال (4)، قال:


(1) في ” ع “: الفقر، وفي ” م “: القعر. (2) حلية الابرار 2: 600. (3) في ” ط “: الكابلي. (4) في ” ع “: الحلال.

[ 481 ]

حدثني محمد بن إسكاب والحسن بن منصور الجصاص، قالا: حدثنا أبو النضر (1)، قال: حدثنا شيبان، عن مطر الوراق، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي، أجلى، أقنى، يملا الارض عدلا كما ملئت قبله ظلما، يكون سبع سنين. (2) 474 / 78 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، [ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ] (3)، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: صاحب هذا الامر أصغرنا سنا، وأخملنا شخصا. قلت: متى يكون ؟ قال: إذا سارت الركبان ببيعة الغلام، فعند ذلك يرفع كل ذي صيصية (4) لواء، فانتظروا الفرج (5). 475 / 79 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، قال: حدثنا عمر بن طرخان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: القائم من ولدي،


(1) هو هشام بن القاسم بن مسلم بن مقسم الليثي البغدادي من كبار شيوخ أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، ولد سنة (134 ه‍). وتوفي سنة (207 ه‍) وهو يروي عن أبي معاوية شيبان بن عبد الرحمن التميمي البصري المؤدب من شيوخ أبي حنيفة، توفي سنة (164 ه‍). راجع بشأنهما تهذيب الكمال 12: 592، سير أعلام النبلاء 7: 406 و 9: 545، تهذيب التهذيب 11: 18. (2) مسند أحمد 3: 17، فرائد السمطين 2: 324 / 574، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8: 291 / 6787. (3) أضفناه من غيبة النعماني وهو الصواب، حيث لم يرو ابن همام عن عباد إلا بواسطة، أو أكثر، ومنهم جعفر بن محمد بن مالك، راجع رجال النجاشي: 293، تهذيب الكمال 14: 175، معجم رجال الحديث 9: 210 و 218. (4) هي الحصون والقلاع، والشوكة التي في رجل الطيور، وقال الشيخ المجلسي في البحار 51: 39: كناية عن القوة والصولة. وانظر مجمع البحرين 4: 174. (5) غيبة النعماني: 184 / 35.

[ 482 ]

يعمر عمر خليل الرحمن، يقوم في الناس وهو ابن ثمانين (1) سنة، ويلبث فيها أربعين سنة، يملا الارض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما. (2) 476 / 80 – وأخبرني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عبيد بن عتبة الكندي، قال: حدثني إسماعيل بن أبان الوراق، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبي الحجاف، عن خالد بن عبد الملك، عن مطر الوراق، عن الناجي – يعني أبا الصديق – عن أبي مسلم (3) أنه سمعه يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبشروا بالمهدي، فانه يبعث على حين اختلاف من الناس شديد، يملا الارض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكنو السماء وساكنو الارض، ويملا الله (عزوجل) قلوب عباده غنى، ويسعهم عدله. (4) 477 / 81 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن همام، [ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ] (5)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصيرفي (6)، قال: حدثني يحيى بن المثنى العطار، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يفقد الناس إمامهم (7)، يشهد الموسم يراهم ولا يرون (8).


(1) في ” ط “: ثلاثين. (2) إثبات الهداة 7: 149 / 722. (3) كذا في سند هذا الحديث، وفي الاحاديث المتقدمة: 57، 58، 62، 67، 72، 77، عن أبي سعيد الخدري، انظر تهذيب الكمال 4: 223. (4) مسند أحمد 3: 37 و 52، غيبة الطوسي: 178 / 136، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، الفصول المهمة: 297. (5) من المصادر. (6) كذا في النسخ، ويأتي في الحديث (113) الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي، وهو الموافق لما في غيبة النعماني: 175 / 13 وكمال الدين: 351 / 49. وفي أسانيد اخرى لهذا الحديث: اسحاق بن محمد الصيرفي، راجع معجم رجال الحديث 3: 70 و 5: 135 و 20: 87. (7) في ” ع، م “: إمام. (8) الكافي 1: 272 / 6 و: 274 / 12، كمال الدين وتمام النعمة: 346 / 33 و: 351 / 49 و: 440 / 7، غيبة النعماني: 175 / 13، غيبة الطوسي: 161 / 119، ويأتي مثله الحديث (113).

[ 483 ]

478 / 82 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب وأبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن لقيام قائمنا (عليه السلام) علامات، بلوى من الله للمؤمنين (1). قلت: وما هي ؟ قال: ذلك قول الله (عزوجل): * (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين) * (2). قال: * (لنبلونكم) * يعني المؤمن * (بشئ من الخوف) * من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم * (والجوع) * بغلاء أسعارهم * (ونقص من الاموال) * قال: فساد التجارات، وقلة (3) الفضل * (والانفس) * موت ذريع، * (والثمرات) * قلة ريع ما يزرع وقلة بركة الثمار * (وبشر الصابرين) * عن ذلك بخروج القائم (عليه السلام). ثم قال لي: يا محمد، هذا (4) تأويله * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * (5). 479 / 83 – وأخبرني أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس النعالي (6)، قال:


(1) في ” ع، م “: للمؤمن. (2) البقرة 2: 155. (3) في ” ع “: وفضل. (4) في ” ع، م “: هو. (5) كمال الدين وتمام النعمة 649 / 3، غيبة النعماني: 250 / 5، كشف الغمة 2: 462، المستجاد من كتاب الارشاد: 551، ينايع المودة: 421، والآية من سورة آل عمران 3: 7. (6) في ” ط “: الثعلبي، وفي ” ع “: الثعالبي، وفي ” م “: الثعلابي، تصحيفات صوابها ما في المتن، وتقدمت ترجمته في الحديث (69) من دلائل فاطمة (عليه السلام).

[ 484 ]

حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن زيد، قال: حدثني أبو محمد، عن ام سعيد الاحمسية، قالت: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك يا بن رسول الله، اجعل في يدي علامة من خروج القائم. قالت: قال لي: يا ام سعيد، إذا انكسف القمر ليلة البدر من رجب، وخرج رجل من تحته، فذاك عند خروج القائم. (1) 480 / 84 – وأخبرني أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا إبراهيم بن صالح النخعي، عن محمد ابن عمران، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يكر (2) مع القائم (عليه السلام) ثلاث عشرة امرأة (3). قلت: وما يصنع بهن ؟ قال: يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى، كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). قلت: فسمهن لي. فقال القنواء بنت رشيد، وام أيمن، وحبابة الوالبية، وسمية ام عمار بن ياسر، وزبيدة (4)، وام خالد الاحمسية، وام سعيد الحنفية، وصبانة (5) الماشطة، وام خالد الجهنية (6). 481 / 85 – وأخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن ابن همام (7)، قال: حدثنا


(1) إثبات الهداة 7: 149 / 724. (2) في ” ط “: يكن. (3) المعدود في الحديث تسع نساء. (4) في ” ع، م “: زبيرة. (5) في ” ع “: صيانة. (6) اثبات الهداة 7: 15 / 725، مدينة المعاجز: 513. (7) الظاهر سقوط الواسطة بين ابن همام وسعدان، ولعله علي بن محمد بن مسعدة، شيخ ابن همام والراوي عن سعدان، راجع أمالي الطوسي 1: 166، بشارة المصطفى: 93، معجم رجال الحديث 12: 161.

[ 485 ]

سعدان بن مسلم، عن جهم بن أبي جهمة (1) قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: إن الله (تبارك وتعالى) خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام، ثم خلق الابدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الارض، وما تناكر منها في السماء تناكر في الارض، فإذا قام القائم (عليه السلام) ورث الاخ في الدين، ولم يورث الاخ في الولادة، وذلك قول الله (عزوجل) في كتابه: * (قد أفلح المؤمنون) * (2)، * (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) * (3). 482 / 86 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم – عمه (4) – عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن داود بن النعمان، عن عبد الرحمن القصير، قال: قال لي ابو جعفر (عليه السلام) أما لو قام القائم لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد، وينتقم لامه فاطمة (عليها السلام) منها. قلت: جعلت فداك، ولم يجلدها الحد.


(1) في ” ط “: جرهم بن أبي جهنة، تصحيف، والصواب ما في المتن، وهو كوفي من أصحاب الامام الكاظم (عليه السلام)، له كتاب نوادر، رواه عنه سعدان بن مسلم، وقد اختلف في اسمه على أقوال، راجع رجال البرقي: 50، رجال الطوسي: 345، رجال النجاشي: 131، لسان الميزان 2: 143، وغيرها. (2) المؤمنون 23: 1 (3) المحجة للبحراني: 146، والآية من سورة المؤمنون 23: 101. (4) في النسخ: محمد بن علي بن ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم عن عمه، وهو سهو، صوابه ما في المتن، ومحمد هو ابن أبي القاسم عبد الله – أو عبيد الله – بن عمران البرقي، صهر أحمد بن أبي عبد الله البرقي على ابنته، ثقة، عالم، فقيه، عارف بالادب والشعر والغريب، له كتب رواها عنه محمد بن علي الملقب ماجيلويه، والذي يعبر عنه بعمي، راجع رجال النجاشي: 353، رجال الشيخ: 491، معجم رجال الحديث 11: 241 و 14،: 294 و 296 و 17: 55.

[ 486 ]

قال: لقرفها (1) على ام إبراهيم. قلت: فكيف أخره الله (عزوجل) للقائم (عليه السلام). فقال: لان الله (تبارك وتعالى) بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) رحمة، ويبعث القائم (عليه السلام) نقمة. (2) 483 / 87 – وأخبرني أبو عبد الله الحرمي، عن أبي محمد، عن ابن همام (3)، قال: حدثنا سليمان (4) بن صالح، قال: حدثني أبو الهيثم القصاب، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قائمنا إذا قام أشرقت الارض بنور ربها، واستغنى العباد عن ضوء الشمس، وصار الليل والنهار واحدا، وذهبت الظلمة، وعاش الرجل في زمانه ألف سنة، يولد له في كل سنة غلام، لا يولد جارية، ويكسوه الثوب، فيطول عليه كلما طال، ويتلون عليه أي لون شاء. (5) 484 / 88 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد ابن همام، [ قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك ] (6) عن عباد بن يعقوب، قال: حدثني الحسن بن حماد (7) الطائي، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: صاحب هذا الامر الطريد الشريد، الموتور بأبيه، وهو يكنى بعمه، المفرد (8) من أهله، اسمه اسم نبي (9).


(1) القرف: التهمة، في ” ط “: لفريتها. (2) حلية الابرار 2: 605. (3) سقطت الواسطة بين همام وسليمان بن صالح، وقد تقدم في الحديث (37) وفيه: أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثنا أحمد بن ميثم، قال: حدثنا سليمان بن صالح. (4) في ” ط، م “: سلمان. (5) تقدمت تخريجاته في الحديث (37). (6) من غيبة النعماني، وراجع تعليقتنا على الحديث (78). (7) في ” م، ط “: عماد، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع رجال الطوسي: 168. (8) في ” ط “: الفرد. (9) غيبة النعماني: 178 / 22 و 23 و: 179 / 24، يأتي مثله الحديث (111).

[ 487 ]

485 / 89 – وعنه، عن أبيه أبي محمد هارون بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن محمد الرازي، عمن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العام الذي لا يشهد صاحب هذا الامر الموسم، لا يقبل من الناس حجهم. (1) 486 / 90 – وعنه، عن أبيه، عن محمد بن همام، [ قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مالك الفزاري ] (2)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد التميمي، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قبل القائم (عليه السلام) خمس علامات: السفياني، واليماني، والمرواني، وشعيب بن صالح، وكف تقول: هذا، هذا. (3) 487 / 91 – وعنه، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام (4)، قال: حدثنا القاسم ابن وهيب، قال: حدثني إسماعيل بن أبان، عن يونس بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا خرج السفياني بعث جيشا إلينا، وجيشا إليكم، فإذا كان ذلك فأتونا على كل صعب وذلول. (5) والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وآله وسلم تسليما. * * *


(1) حلية الابرار 2: 607. (2) من غيبة النعماني، ولعله الصواب لبعد طبقتي ابن همام والتميمي. راجع معجم رجال الحديث 10: 93 و 307. (3) نحوه في الكافي 8: 310 / 483، وكمال الدين وتمام النعمة: 649 / 1 و: 650 / 7، وغيبة النعماني: 252 / 9 و: 253 / 12، وغيبة الطوسي: 436 / 427، والبرهان في علامات آخر الزمان: 114 / 10. (4) زاد في غيبة النعماني: قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، ولعله الصواب، ولم أعثر على ترجمة للقاسم بن وهيب، أو الحسن بن وهب كما في (الغيبة). (5) غبية النعماني: 306 / 17.

[ 489 ]

خبر ام القائم (صلوات الله عليه) وسيرتها إلى أن اشتريت 488 / 92 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر الرهني (1) الشيباني، قال: وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين، وزرت قبر غريب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش في وقت تضرم الهواجر وتوقد السمائم (3) فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم (عليه السلام) واستنشقت نسيم تربته المغمورة بالرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، انكببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر. فلما رقأت العبرة، وانقطع النحيب، فتحت بصري، فإذا أنا بشيخ قد انحنى


(1) في النسخ: محمد بن يحيى الذهبي، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 384، معجم رجال الحديث 15: 122. (2) في ” ط “: تقدم. (3) في ” ط “: السماء.

[ 490 ]

صلبه، وتقوس منكباه وتثفنت (1) جبهته وراحتاه، وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا بن أخي، لقد نال عمك شرفا عظيما بما حمله السيدان من غوامض العبرات، وشرائف العلوم التي لا يحتمل مثلها إلا سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره. قلت: يا نفس، لا يزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي (2) الخف والحافر في طلب العلم، وقد قرعت سمعي من الشيخ لفظة تدل على علم جسيم، وأثر عظيم. فقلت: يا شيخ، من السيدان ؟ قال: النجمان المغيبان (3) في سر من رأى. فقلت: فإني اقسم بالولاية، وشرف محل هذين السيدين من الامامة والوارثة، إني خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الايمان المؤكدة على حفظ أسرارهما. فقال: إن كنت فيما تقول صادقا، فاحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم. فلما نشرت الكتب، وتصفح الروايات منها، قال: صدقت، أنا بشر (4) بن سليمان النخاس، من ولد أبي أيوب خالد بن زيد الانصاري، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد (عليهما السلام)، وجارهما بسر من رأى. قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من أثارهما. قال: فإن مولانا أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) فقهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه، فأتجنب بذلك موارد الشبهات، حتى كملت معرفتي وأحسنت الفرق بين الحلال والحرام. فبينا أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى، وقد مضى هوي (5) منها، إذ قرع


(1) في ” ع، م “: وتنقبت. (2) في ” ط “: ما لقاني، وفي ” ع، م “: فالقاني. (3) في ” ع “: البحران المغيبان، وفي ” م “: البحران المعينان. (4) في ” م، ط “: بشير. (5) الهوي: الساعة من الليل.

[ 491 ]

الباب قارع، فعدوت مسرعا، فإذا أنا بكافور خادم مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي، فدخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد (عليه السلام)، واخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر، إنك من ولد الانصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها سوابق الشيعة في الولاية، بسر اطلعك عليه، وانفذك في تتبع أمره. وكتب كتابا لطيفا بخط رومي، ولغة رومية، وطبع عليه خاتمه، وأخرج سبيكة صفراء، فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجه إلى مدينة بغداد، واحضر معبر الفرات، ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانب زواريق السبايا وبرزت (1) الجواري منها، فستحدق بهن طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس، وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فاشرف من البعد على المسمى عمرو بن يزيد (2) النخاس عامة نهارك، إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا، لابسة حريرين صفيقين (3)، تمنع من السفور، وليس يمكن التوصل (4) والانقياد لمن يحاول لمسها، فيشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخاس، فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه ! فيقول بعض المبتاعين: علي بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة. فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود على مثل سرير ملكه، ما بدت لي فيك رغبة، فاشفق على مالك. فيقول النخاس: فما الحيلة ؟ ولا بد من بيعك ؟ فتقول الجارية: وما العجلة، ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إلى أمانته ووفائه. فعند ذلك قم إلى عمرو بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا لطيفا لبعض


(1) في ” ع “: وبور، وفي ” ط “: وبدزن. (2) في ” ط، م “: مزيد. (3) الثوب الصفيق: المتين، الجيد النسج، الكثيف. ” لسان العرب – صفق – 10: 204 “. (4) في ” ط “: الوصول.

[ 492 ]

الاشراف، كتبه بلغة رومية ولفظ رومي، ووصف فيه نبله وكرمه ووفاءه وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ما حده لي مولانا أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية: فلما نظرت إلى الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت لعمرو بن يزيد النخاس: بعني من صاحب هذا الكتاب. وحلفت بالمحرجة المغلظة (1) إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها. فما زلت اشاحه (2) في ثمنها حتى استقر الثمن على مقدار ما كان أصحبني مولاي أبو الحسن (عليه السلام) من الدنانير في السبيكة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا أبي الحسن من كمها وهي تلثمه، وتضعه على خدها، وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها، فقلت متعجبا منها: أتلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه ؟ ! فقالت: أيها العاجز، الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء، أعرني سمعك، وفرغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يسوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي (3) من ولد الحواريين، ونسبي متصل إلى وصي المسيح شمعون. انبئك بالعجب أن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين، من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الاخطار منهم تسعمائة رجل، وجمع من امراء الاجناد، وقواد العساكر، ونقباء الجيوش، وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهي (4) ملكه كرسيا مرصعا من أصناف الجواهر، إلى صحن القصر فوق أربعين مرقاة. فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان، وقامت الاساقفة خلفه، ونشرت أسفار الانجيل، تساقطت الصلبان من


(1) المحرجة من الايمان: التي لا مخرج منها، والمغلظة: المؤكدة. (2) في ” م، ط ” اشاحنه. (3) في ” ع، م “: وأبي. (4) في ” ع، م “: بهر.

[ 493 ]

الاعالي حتى ألصقت بالارض، وتقوضت الاعمدة، وتغيرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم. فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك، أعفنا من ملاقاة هذه النحوس، الدالة على زوال هذا الدين المسيحي، والمذهب الملكاني (1). فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا، وقال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة، وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا العاثر المنكوس جده، لازوج منه هذه الصبية، فتدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الاول وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما، فدخل قصره، وأرخيت الستور. وأريت (2) في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين، قد اجتمعوا في قصر جدي، ونصبوا فيه منبرا، يباري السماء علوا وارتفاعا، في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فيدخل عليهم محمد (صلى الله عليه وآله) مع ختنه وعدة من أهل بيته، فيقوم إليهم المسيح فيعتنقه، فيقول له: يا روح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته فلانة، لابني هذا. وأومأ بيده إلى أبي محمد ابن صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون، فقال: قد أتاك الشرف، فصل رحمك برحم رسول الله. قال: قد فعلت. فصعدوا ذلك المنبر، فخطب محمد (صلى الله عليه وآله)، وزوجني من ابنه، وشهد المسيح (عليه السلام)، وشهد ابناء محمد (صلى الله عليه وآله) والحواريون. فلما استيقظت من نومي أشفقت (3) أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل، فكنت أسرها في نفسي، ولا أبديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام)، حتى امتنعت عن الطعام والشراب، وضعفت نفسي، ودق شخصي، ومرضت مرضا شديدا، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن


(1) الملكانية: أصحاب: ملكا، الذي ظهر بأرض الروم، واستولى عليها. ومعظم الروم ملكانية. الملل والنحل 1: 203. (2) في ” ط “: ورأيت. (3) في ” ع، م “: أنفت.

[ 494 ]

دوائي، فلما برح به اليأس قال: قرة عيني، يخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا ؟ قلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة، فلو كشفت العذاب (1) عمن في سجنك من اسارى المسلمين، وفككت عنهم الاغلال، وتصدقت عليهم، ومنيتهم (2) بالخلاص، رجوت أن يهب لي المسيح وامه العافية والشفاء. فلما فعل ذلك تجلدت في إظهار الصحة في بدني، وتناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلك جدي، وأقبل على إكرام الاسارى وإعزازهم، فاريت أيضا بعد أربع عشرة ليلة كأن سيدة النساء فاطمة (عليها السلام)، ومعها مريم بنت عمران، وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة النساء ام زوجك أبي محمد (عليه السلام). فأتعلق بها وأبكي، وأشكو إليها امتناع أبي محمد (عليه السلام) من زيارتي. فقالت سيدة النساء (صلوات الله عليها) إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله، على مذهب النصرانية، هذه اختي مريم ابنة عمران تبرأ إلى الله من ذلك، فإن ملت إلى رضا الله، ورضا المسيح ومريم عنك، وزيارة ابني أبي محمد إياك، فقولي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلى صدرها، وطيبت نفسي، وقالت: الآن توقعي زيارة ابني أبي محمد، إياك، فاني منفذته إليك. فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلى لقاء أبي محمد. فلما كانت الليلة القابلة: رأيت أبا محمد (عليه السلام) كأنني أقول له: لم جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك. قال: فما كان تأخري عنك إلا لشركك، وإذ قد أسلمت فاني زائرك كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية. قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسارى ؟ قالت: أخبرني أبو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي: إن جدك سيسير جيوشا إلى


(1) (العذاب) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ع، م “: ومننتهم.

[ 495 ]

قتال المسلمين يوم كذا، فعليك باللحاق به، متنكرة في زي الخدم، مع عدة من الوصائف، من طريق كذا. ففعلت، فوقعت علينا طلائع المسلمين، حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في قسم الغنيمة عن اسمي، فأنكرت وقلت: نرجس. فقال: اسم الجواري. قال بشر: فقلت لها: العجب أنك رومية ولسانك عربي ! قالت: بلغ من ولوع (1) جدي وحبه إياي على تعلم الآداب، أن أوعز إلى امرأة ترجمان له، في الاختلاف إلي، فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية، حتى استمر عليها لساني، واستقام. قال بشر: فلما انكفات بها إلى سر من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن (عليه السلام) بها، فقال لها: كيف أراك الله (عزوجل) عز الاسلام وذل النصرانية، وشرف أهل بيت نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) ؟ قالت: كيف أصف لك – يا بن رسول الله – ما أنت أعلم به مني ! قال: فإني احب أن اكرمك، فأيما أحب إليك: عشرة آلاف درهم، أم بشرى لك بشرف الابد ؟ قالت: بل البشرى. قال: أبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، يملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا. فقالت: ممن ؟ قال: ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة كذا من شهر كذا. بالرومية. قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام). قال: فهل تعرفينه ؟ قالت: وهل خلت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة


(1) في ” ع، م “: بلوغ.

[ 496 ]

النساء (عليها السلام) ! فقال أبو الحسن: يا كافور، ادع لي حكيمة اختي. فلما دخلت عليه قال لها: ها هي. فاعتنقتها طويلا، وسرت (1) بها كثيرا. فقال مولانا: يا بنت رسول الله، خذيها إليك وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمد. (2) والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا. * * *


(1) في النسخ: وسألت. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 417 / 1، غيبة الطوسي: 208 / 178، روضة الواعظين: 252، مناقب ابن شهر آشوب 4: 440.

[ 497 ]

في معرفة الولادة وفي أي ليلة وأي شهر ولد وأين ولد (صلوات الله عليه) 489 / 93 – حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد (1) بن إسماعيل الحسني، عن حكمية ابنة محمد بن علي الرضا (عليه السلام): أنها قالت: قال لي الحسن بن علي العسكري (عليه اسلام) ذات ليلة، أو ذات يوم: احب أن تجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنه يحدث في هذه الليلة أمر. فقلت: وما هو ؟ قال: إن القائم من آل محمد يولد في هذه الليلة. فقلت: ممن ؟ قال: من نرجس. فصرت إليه، ودخلت إلى الجواري، فكان أول من تلقتني نرجس، فقالت: يا عمة، كيف أنت، أنا أفديك.


(1) (محمد) ليس في ” ط “. (2) (إلى) ليس في ” ط “.

[ 498 ]

فقلت لها: بل أنا أفديك يا سيدة نساء (1) هذا العالم. فخلعت خفي وجاءت لتصب على رجلي الماء، فحلفتها ألا تفعل وقلت لها: إن الله قد أكرمك بمولود تلدينه في هذه الليلة. فرأيتها لما قلت لها ذلك قد لبسها ثوب من الوقار والهيبة، ولم أر بها حملا ولا أثر حمل. فقالت: أي وقت يكون ذلك. فكرهت أن أذكر وقتا بعينه فأكون قد كذبت. فقال لي أبو محمد (عليه السلام): في الفجر الاول. فلما أفطرت وصليت وضعت رأسي ونمت، ونامت نرجس معي في المجلس، ثم انتبهت وقت صلاتنا، فتأهبت، وانتبهت نرجس وتأهبت، ثم إني صليت، وجلست أنتظر الوقت، ونام الجواري، ونامت نرجس، فلما ظننت أن الوقت قد قرب خرجت فنظرت إلى السماء، وإذا الكواكب قد انحدرت، وإذا هو قريب من الفجر الاول، ثم عدت فكأن الشيطان أخبث قلبي (2). قال أبو محمد: لا تعجلي، فكأنه قد كان. وقد سجد فسمعته يقول في دعائه شيئا لم أدر ما هو، ووقع علي السبات في ذلك الوقت، فانتبهت بحركة الجارية، فقلت لها: بسم الله عليك، فسكنت إلى صدري فرمت به علي، وخرت ساجدة، فسجد الصبي، وقال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعلي (3) حجة الله. وذكر إماما إماما حتى انتهى إلى أبيه، فقال أبو محمد: إلي ابني. فذهبت لاصلح منه شيئا، فإذا هو مسوى مفروغ منه، فذهبت به إليه، فقبل وجهه ويديه ورجليه، ووضع لسانه في فمه، وزقه كما يزق الفرخ، ثم قال: اقرأ. فبدأ بالقرآن من بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخره. ثم إنه دعا بعض الجواري ممن علم أنها تكتم خبره، فنظرت، ثم قال: سلموا عليه وقبلوه وقولوا: استودعناك الله، وانصرفوا. ثم قال: يا عمة، ادعي لي نرجس. فدعوتها وقلت لها: إنما يدعوك لتودعيه.


(1) في تبصرة الولي: أفديك بما نشاهد. (2) في الغيبة وبعض المصادر: فتداخل قلبي الشك. (3) في ” ع “: علي ولي الله و.

[ 499 ]

فودعته، وتركناه مع أبي محمد (عليه السلام)، ثم انصرفنا. ثم إني صرت إليه من الغد، فلم أره عنده، فهناته فقال: يا عمة هو في ودائع الله، إلى أن يأذن الله في خروجه (1). 490 / 94 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبي نعيم (2)، عن محمد بن القاسم العلوي، قال: دخلنا جماعة من العلوية على حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، فقالت: جئتم تسألونني (3) عن ميلاد ولي الله ؟ قلنا: بلى والله. قالت: كان عندي البارحة، وأخبرني بذلك، وإنه كانت عندي صبية يقال لها (نرجس) وكنت اربيها من بين الجواري، ولا يلي تربيتها غيري، إذ دخل أبو محمد (عليه السلام) علي ذات يوم فبقي يلح النظر إليها، فقلت: يا سيدي، هل لك فيها من حاجة ؟ فقال: إنا معشر الاوصياء لسنا ننظر نظر ريبة، ولكنا ننظر تعجبا أن المولود الكريم على الله يكون منها. قالت: قلت: يا سيدي، فأروح بها إليك ؟ قال: استأذني (4) أبي في ذلك. فصرت إلى أخي (عليه السلام)، فلما دخلت عليه تبسم ضاحكا وقال: يا حكيمة، جئت تستأذنيني في أمر الصبية، ابعثي بها إلى أبي محمد، فان الله (عزوجل) يحب أن يشركك في هذا الامر. فزينتها وبعثت بها إلى أبي محمد (عليه السلام)، فكنت بعد ذلك إذا دخلت عليها


حلية الابرار 2: 522 و 533 و 536 نحوه، تبصرة الولي: 15 / 3، مدينة المعاجز: 589 / 5. (2) هو محمد بن أحمد الانصاري، روى عنه محمد بن جعفر بن عبد الله، انظر ما يأتي في الحديث (95) وغيبة الطوسي: 246 و 259. (3) في ” م، ط “: تسألون. (4) في ” ع “: استأذن.

[ 500 ]

تقوم فتقبل جبهتي فاقبل رأسها، وتقبل (1) يدي فأقبل رجلها، وتمد يدها إلى خفي لتنزعه فأمنعها من ذلك، فاقبل يدها إجلالا وإكراما للمحل الذي أحله الله (تعالى) فيها، فمكثت بعد ذلك إلى أن مضى أخي أبو الحسن (عليه السلام)، فدخلت على أبي محمد (عليه السلام) ذات يوم فقال: يا عمتاه، إن المولود الكريم على الله ورسوله (2) سيولد ليلتنا هذه. فقلت: يا سيدي، في ليلتنا هذه ؟ قال: نعم. فقمت إلى الجارية فقلبتها ظهرا لبطن، فلم أر بها حملا، فقلت: يا سيدي، ليس بها حمل. فتبسم ضاحكا وقال: يا عمتاه، إنا معاشر (3) الاوصياء ليس يحمل بنا في البطون، ولكنا نحمل في الجنوب. فلما جن الليل صرت إليه، فأخذ أبو محمد (عليه السلام) محرابه، فأخذت محرابها فلم يزالا يحييان الليل، وعجزت عن ذلك فكنت مرة أنام ومرة اصلي إلى آخر الليل، فسمعتها آخر الليل في القنوت، لما انفتلت من الوتر مسلمة، صاحت: يا جارية، الطست. فجاءت بالطست فقدمته إليها فوضعت صبيا كأنه فلقة قمر، على ذراعه الايمن مكتوب: * (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) * (4). وناغاه ساعة حتى استهل، وعطس، وذكر الاوصياء قبله، حتى بلغ إلى نفسه، ودعا لاوليائه على يده بالفرج. ثم وقعت ظلمة بيني وبين أبي محمد (عليه السلام)، فلم أره، فقلت: يا سيدي، أين الكريم على الله ؟ قال: أخذه من هو أحق به منك. فقمت وانصرفت إلى منزلي، فلم أره. وبعد أربعين يوما دخلت دار أبي محمد (عليه السلام). فإذا أنا بصبي يدرج في الدار، فلم أر وجها أصبح (5) من وجهه، ولا لغة أفصح من لغة، ولا نغمة أطيب من نغمته،


(1) في ” ع ” زيادة: يدي فاقبل رأسها وتقبل. (2) (ورسوله) ليس في ” ع، م “. (3) في ” ع “: معشر. (4) الاسراء 17: 81. (5) في ” ط “: أحسن.

[ 501 ]

فقلت: يا سيدي، من هذا الصبي ؟ ما رأيت أصبح وجها منه، ولا أفصح لغة منه، ولا أطيب نغمة منه. قال: هذا المولود الكريم على الله. قلت: يا سيدي، وله أربعون يوما، وأنا (1) أرى من أمره هذا ! قالت: فتبسم ضاحكا وقال: يا عمتاه، أما علمت أنا معشر الاوصياء ننشأ في اليوم كما ينشأ غيرنا في الجمعة، وننشأ في الجمعة كما ينشأ غيرنا في الشهر، وننشأ في الشهر كما ينشأ (2) غيرنا في السنة ! فقمت فقبلت رأسه وانصرفت إلى منزلي، ثم عدت، فلم أره، فقلت: يا سيدي، يا أبا محمد، لست أرى المولود الكريم على الله. قال: استودعناه من استودعته ام موسى موسى. وانصرفت وما كنت أراه إلا كل أربعين يوما. وكانت الليلة التي ولد فيها ليلة الجمعة، لثمان ليال خلون من شعبان، سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة. ويروى: ليلة الجمعة النصف من شعبان سنة سبع. (3) نسبه (عليه السلام) هو الخلف بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (4) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد


(1) في ” ط ” زيادة: لا. (2) في ” م، ط “: الاوصياء ننشأ في الشهر ما ينشأ. (3) حلية الابرار 2: 534، مدينة المعاجز: 590 / 8، تبصرة الولي 19 / 4. (4) في ” م، ط “: عبدمناف. (*)

[ 502 ]

ابن أدد بن الهميسع بن يشخب بن تيم بن نكث بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم (عليهم السلام). وكناه: أبو القاسم، وأبو جعفر، وله كنى أحد عشر إماما. وألقابه: المهدي، والخلف، والناطق (1)، والقائم، والثائر، والمأمول، والمنتظر، والوتر، والمديل، والمعتصم، والمنتقم، والكرار، وصاحب الرجعة البيضاء والدولة الزهراء، والقابض، والباسط، والساعة، والقيامة، والوارث، والجابر (2)، وسدرة المنتهى، والغاية القصوى، وغاية الطالبين، وفرج المؤمنين، ومنية الصبر، والمخبر بما لم (3) يعلم، وكاشف الغطاء، والمجازي بالاعمال، ومن لم يجعل له من قبل سميا – أي شبها – وذات الارض، والهول الاعظم، واليوم الموعود، والداعي إلى شئ نكر، ومظهر الفضائح، ومبلي السرائر، ومباني الآيات، وطالب التراث، والفزع الاعظم، والاحسان، والمحسن، والعدل، والقسط، والصبح، والشفق، وعاقبة الدار، والمنعم، والامان، والسناء، والضياء، والبهاء، والمجاب (4)، والمضئ، والحق، والصدق، والصراط، والسبيل، والعين الناظرة، والاذن السامعة، واليد الباسطة، والجانب، والجنب، والوجه، والنفس، والتأييد، والتمكن، والنصر، والفتح، والقوة، والعزة، والقدرة، والملك، والتمام. فنشأ مع أبيه (عليه السلام) بسر من رأى ثلاث سنين، وأقام بها بعد وفاة أبيه إحدى عشرة سنة، ثم كانت الغيبة التي لا بد منها، إلى أن يظهر الله له الامر فيأذن له، فيظهر (5). ولد ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة،


(1) (والناطق) ليس في ” ع “. (2) في ” ط “: والحاشر. (3) في ” ط “: ومنته العبر، ومخبر بما لا. (4) في ” ع، م “: الحجاب. (5) في ” ع، م ” زيادة: لان، وكأن بعدها كلام محذوف أو ساقط.

[ 503 ]

ومضى أبو محمد (عليه السلام) يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الاول سنة ستين ومائتين من الهجرة. وكان أحمد بن إسحاق القمي الاشعري (رضي الله عنه) الشيخ الصدوق، وكيل أبي محمد (عليه السلام)، فلما مضى أبو محمد (عليه السلام) إلى كرامة الله (عزوجل) أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) تخرج إليه توقيعاته، ويحمل إليه الاموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا، فتسلمها إلى أن استأذن في المصير (1) إلى قم، فخرج الاذن بالمضي، وذكر أنه لا يبلغ إلى قم، وأنه يمرض ويموت في الطريق، فمرض بحلوان (2) ومات ودفن بها (رضي الله عنه). وأقام مولانا (صلوات الله عليه) بعد مضي أحمد بن إسحاق الاشعري بسر من رأى مدة، ثم غاب لما روي في الغيبة من الاخبار عن السادة (عليهم السلام)، مع ما أنه مشاهد في المواطن الشريفة الكريمة العالية، والمقامات العظيمة، وقد دلت الآثار على صحة مشاهدته (عليه السلام) (3). * * *


(1) في ” ط “: المسير. (2) حلوان: تطلق على عدة مواضع، والمراد هنا حلوان العراق، وهي آخر حدود السواد مما يلي الجبال، كانت مدينة عامرة ثم خرجت. معجم البلدان 2: 290. (3) راجع كمال الدين وتمام النعمة: 464، رجال الكشي: 557 / 1052، الخرائج والجرائح 1: 483 / ذيل حديث (22)، الاحتجاج 2: 449.

[ 505 ]

معرفة من شاهده في حياة أبيه (عليه وعلى آبائه الصلاة والسلام) 491 / 95 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني أبو نعيم، قال: وجهت المفوضة (1) كامل بن إبراهيم المزني (2) إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) يباحثون أمره. قال كامل بن إبراهيم: فقلت في نفسي: أسأله عن قوله (3) لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي. فلما دخلت على سيدي أبي محمد (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بيضاء ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان، وينهانا عن لبس مثله ! فقال (عليه السلام) مبتسما: يا كامل بن إبراهيم ! وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح (4)


(1) هم قوم زعموا أن الله (تعالى) فوض خلق العالم وتدبيره لرسوله وعلي والائمة (عليهم السلام) فخلقوا هم الارضين والسماوات. راجع المقالات والفرق: 238، الفرق بين الفرق: 251، معجم الفرق الاسلامية: 235. (2) في الهداية والغيبة والخرائج: المدني، وفي إثبات الوصية: المدائني. (3) (عن قوله) ليس في ” ع، ط “. (4) المسح: كساء من شعر.

[ 506 ]

أسود خشن، فقال: يا كامل، هذا لله (عزوجل)، وهذا لكم. فخجلت وجلست إلى باب مرخى عليه ستر، فجاءت الريح فكشفت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنه قمر، من أبناء أربع، أو مثلها، فقال: يا كامل بن إبراهيم، فاقشعررت (1) من ذلك، والهمت أن قلت: لبيك يا سيدي، فقال: جئت إلى ولي الله وحجة زمانه، تسأله: هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك، وقال بمقالتك ؟ فقلت: إي والله. قال: إذن – والله – يقل داخلها، والله إنه ليدخلها (2) قوم يقال لهم: الحقية قلت: يا سيدي: ومن هم ؟ قال: هم قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله. ثم سكت ساعة عني، ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوضة، كذبوا عليهم لعنة الله، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء الله شئنا، والله (عزوجل) يقول: * (وما تشاءون إلا أن يشآء الله) * (3) ثم رجع والله الستر إلى حالته، فلم استطع كشفه. ثم نظر إلي أبو محمد (عليه السلام) مبتسما وهو يقول: يا كامل بن إبراهيم، ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك حجتي من بعدي ؟ ! فانقبضت وخرجت، ولم اعاينه بعد ذلك. قال أبو نعيم: فلقيت كامل بن إبراهيم، وسألته عن هذا الخبر، فحدثني به. (4) 492 / 96 – وأخبرني أبو القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزاز، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين وثلاثمائة، قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: كنت أمرءا لهجا بجمع (5) الكتب المشتملة على غوامض


(1) في ” ع، م “: فاشعرت. (2) في ” ع، م ” زيادة: حتى. (3) الانسان 76: 30. (4) الهداية الكبرى: 359، إثبات الوصية: 222، غيبة الطوسي: 246 / 216، الخرائج والجرائح 1: 458 / 4 كشف الغمة 2: 499، ينابيع المودة: 461. (5) في ” ع “: بجميع.

[ 507 ]

العلوم ودقائقها، كلفا باستظهار ما يصح من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها، شحيحا على ما أظفر به من معاضلها ومشكلاتها، ومتعصبا لمذهب الامامية، راغبا عن الامن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم، والتعدي إلى التباغض والتشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، كشافا عن مثالب أئمتهم، هتاكا لحجب قادتهم. إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة، وأكثرهم جدالا، وأقشعهم سؤالا، وأثبتهم على الباطل قدما. فقال ذات يوم وأنا اناظره: تبا لك – يا سعد – ولاصحابك، إنكم معشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والانصار بالطعن عليهما، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، أما علمتم أن الرسول (عليه وآله السلام) ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه بأن الخلافة له من بعده، وأنه هو المقلد أمر التأويل، والملقى إليه أزمة الامة، وعليه المعول في شعب الصدع، ولم الشعث، وسد الخلل، وإقامة الحدود، وتسرية (1) الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، فلما رأينا النبي (صلى الله عليه وآله) متوجها إلى الانجحار (2)، ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد، استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر إلى الغار للعلة التي شرحناها. وإنما أبات عليا (عليه السلام) على فراشة لما لم يكن يكترث له، ولم يحفل به، لاستثقاله إياه، وعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه، للخطوب التي كان يصلح لها. قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتى، فما زال يقصد كل واحد منها بالنقض والرد علي. ثم قال: يا سعد، دونكها اخرى بمثلها تحطم آناف الروافض، ألستم تزعمون


(1) في ” ع “: وتسريته. (2) أي الاستتار.

[ 508 ]

أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك (1)، والفاروق المحامي عن بيضة الاسلام، كانا يسران (2) النفاق، واستدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصديق والفاروق، أسلما طوعا أو كرها ؟ قال سعد: فأحتلت لدفع هذه (3) المسألة عني خوفا من الالزام، وحذرا من أني إن أقررت له بطواعيتهما (4) في الاسلام احتج بأن بدء النفاق ونشوءه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار اليأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد له قلبه، نحو قول الله (عزوجل): * (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (5). وإن قلت: أسلما كرها، كان يقصدني (6) بالطعن، إذ لم يكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس. قال سعد: فصدرت عنه مزورا (7) قد انتفخت أحشائي من الغضب، وتقطع كبدي من الكرب، وكنت قد اتخذت طومارا (8)، وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل التي لم أجد لها مجيبا، على أن أسأل عنها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد (عليه السلام)، فارتحلت خلفه، وقد كان خرج قاصدا نحو مولاي بسر من رأى، فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: لخير لحاقك بي. قلت: الشوق، ثم العادة في الاسئلة (9).


(1) في ” م، ط “: الشرك. (2) في ” ع، م “: يستران. (3) (هذه) ليس في ” ع، م “. (4) في ” ط “: بطوعهما، وفي ” م “: طوعيتهما. (5) غافر 40: 84 و 85. (6) في ” ع “: كرها تقصدني. (7) في ” ع، م “: عنه من وراء، الازورار عن الشئ: العدول عنه. (8) أي صحيفة. (9) في ” ع، م “: الاسولة.

[ 509 ]

قال: قد تكافأنا على (1) هذه الخطة الواحدة، فقد برح بي الشوق إلى لقاء مولانا أبي محمد (عليه السلام)، واريد أن أسأله عن معاضل في التأويل (2) ومشاكل من التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة، فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه، ولا تفنى غرائبه، وهو إمامنا. فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا (عليه السلام)، فاستأذنا فخرج إلينا الاذن بالدخول عليه، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري، فيه ستون ومائة صرد من الدنانير والدارهم، على كل صرة ختم (3) صاحبها. قال سعد: فما شبهت مولانا أبا محمد (عليه السلام) حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد أستوفى من لياليه أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الايمن غلام يناسب المشتري (4) في الخلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتين، كأنه ألف بين واوين، وبين يدي مولانا (عليه السلام) رمانة ذهبية (5) تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده قلم، إذا أراد أن يسطر به على البياض قبض الغلام على أصابعه، وكان مولانا (عليه السلام) يدحرج الرمانة بين يديه، ويشغله (6) بردها لئلا يصده عن كتبة (7)، ما أراد (8) فسلمنا عليه، فألطف في


(1) في ” ع، م “: عن. (2) في ” ع، م “: التوحيد. (3) في ” ع، م “: اسم. (4) المشتري: من أكبر الكواكب السيارة. (5) في ” م ” ذهب. (6) في ” ع، م “: يغفله. (7) في ” ط “: كتب. (8) فيه غرابة من حيث قبض الغلام (عليه السلام) على أصابع أبيه أبي محمد (عليه السلام) وهكذا وجود رمانة من ذهب يلعب بها لئلا يصده عن الكتابة، وقد روى في الكافي 1: 248 / 15 عن صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صاحب هذا الامر، فقال: إن صاحب هذا الامر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبو الحسن موسى – وهو صغير – ومعه عناق مكية وهو يقول لها: اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد الله (عليه السلام) وضمه إليه وقال: بأبي وأمي من لا يلهو ولا يلعب.

[ 510 ]

الجواب، وأومأ إلينا بالجلوس، فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده، أخرج أحمد ابن إسحاق جرابه من طي كسائه، فوضعه بين يدي مولانا فنظر أبو محمد (عليه السلام) إلى الغلام وقال: يا بني، فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك. فقال: يا مولاي، أيجوز لي أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة، وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها ؟ ! فقال مولانا (عليه السلام): يا بن إسحاق، استخرج ما في الجراب ليميز بين الا حل منها والاحرم. فأول صرة بدأ أحمد بأخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم، تشتمل على اثنين وستين دينارا، فيها من ثمن حجرة باعها وكانت إرثا له من أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير. فقال: مولانا (عليه السلام): صدقت يا بني، دل الرجل على الحرام منها. فقال (عليه السلام): فتش عن دينار رازي السكة، تاريخة سنة كذا، قد انطمس من إحدى صفحتيه نصف نقشة (1)، وقراضة أصلية وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الجملة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع، فأنت على ذلك مدة، وفي انتهائها قيض لذلك الغزل سارق، فأخبر (2) الحائك صاحبه فكذبه، واسترد منه بدل ذلك منا ونصف غزلا أدق مما كان قد (3) دفعه إليه، واتخذ من ذلك ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه. فلما فتح الصرة صادف في وسط الدنانير رقعة باسم من أخبر عنه، وبمقدارها على حسب ما قال (عليه السلام)، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة. ثم أخرج صرة اخرى، فقال الغلام (عليه السلام): هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم، تشتمل على خمسين دينارا، لا يحل لنا مسها (4).


(1) في ” ع، م ” صفحتيه فقر. (2) في ” ط ” زيادة: به. (3) (قد) ليس في ” ع، م “. (4) في ” ط “: لمسها.

[ 511 ]

قال: وكيف ذلك ؟ قال (عليه السلام): لانها من ثمن حنطة حاف (1) صاحبها على أكاره في المقاسمة، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف، وكال ما خص الاكار منها بكيل بخس. فقال مولانا (عليه السلام): صدقت يا بني. ثم قال: يا بن إسحاق، احملها بأجمعها لتردها، أو توصي بردها (2) على أربابها، فلا حاجة لنا في شئ منها، ائتنا بثوب العجوز. قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته. فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا سعد ؟ فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا. فقال: والمسائل التي أردت أن تسأله عنها ؟ قلت: على حالتها يا مولاي. فقال: سل قرة عيني – وأومأ إلى الغلام – عما بدا لك منها. فقلت: مولانا وابن مولانا، إنا روينا عنكم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة: ” إنك قد أرهجت (3) على الاسلام وأهله بفتنتك (4)، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك، فإن كففت عني غربك (5) وإلا طلقتك “. ونساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد كان طلاقهن بوفاته (6). قال (عليه السلام): ما الطلاق ؟


(1) أي جار وظلم. (2) (أو توصي بردها) ليس في ” ع، م “. (3) الرهج: الشغب والفتنة، وأرهج: أثار الغبار. (4) في ” ع “: بفئتك. (5) أي حدتك ” النهاية 3: 350 “. (6) في ” ع، م “: طلقهن وفاته.

[ 512 ]

قلت: تخلية السبيل. قال: فإذا كان وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خلى سبيلهن، فلم لا يحل لهن الازواج ؟ قلت: لان الله (عزوجل) حرم الازواج (1) عليهن. قال: كيف وقد خلى الموت سبيلهن ؟ قلت فأخبرني يا بن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حكمه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام). قال: إن الله (تقدس اسمه): عظم شأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، فخصهن بشرف الامهات، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” يا أبا الحسن، إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله على الطاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك، فاطلق لها في الازواج، واسقطها من شرف الامهات ومن شرف امومة المؤمنين “. قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته. قال: السحق دون الزنا، وإن المرأة إذا زنت، وأقيم عليها الحد، ليس لمن أرادها أن يمتنع (2) بعد ذلك من التزوج بها لاجل الحد (3)، وإذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي، ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لاحد أن يقربه. قلت: فأخبرني يا بن رسول الله، عن أمر الله لنبيه موسى (عليه السلام) * (فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) * (4) فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب (5) الميتة.


(1) (الازواج) ليس في ” ع، م “. (2) في ” ع، م “: أراد أن يمنع. (3) في ” ع، م “: الحدود. (4) طه 20: 12. (5) الاهاب: الجلد.

[ 513 ]

فقال (عليه السلام): من قال ذلك فقد أفترى على موسى (عليه السلام) واستجهله في نبوته، لانه ما خلا الامر فيها من خصلتين: إما أن تكون صلاة موسى (عليه السلام) فيها جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاة موسى (عليه السلام) جائزة جاز لموسى (عليه السلام) أن يكون لابسهما في البقعة، إذ لم تكن مقدسة، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأطهر وأقدس من الصلاة. وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب أن موسى (عليه السلام) لم يعرف الحلال من (1) الحرام، وعلم ما جاز فيه الصلاة وما لا يجوز، وهذا كفر. قلت: فأخبرني يا بن مولاي، عن التأويل فيها. قال: إن موسى (عليه السلام) ناجى ربه بالوادي المقدس، فقال: ” يا رب، إني قد أخلصت لك المحبة مني، وغسلت قلبي عمن سواك ” وكان شديد الحب لاهله، فقال الله (تعالى): * (فاخلع نعليك) * أي (2) انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى سواي مغسولا. قلت: فأخبرني – يا بن رسول الله – عن تأويل * (كهيعص) * (3). قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عليها عبده زكريا (عليه السلام)، ثم قصها على محمد (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن زكريا (عليه السلام) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه إياها، فكان زكريا (عليه السلام) إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سري عنه همه، وانجلى كربه، فإذا ذكر اسم الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة، ووقعت عليه الهموم، فقال ذات يوم: ” إلهي، ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني، وتثور زفرتي ؟ ” فأنبأه الله عن قصته، فقال: * (كهيعص) * فالكاف: اسم كربلاء، والهاء: هلاك


(1) في ” ط “: و. (2) في ” ع، م “: و. (3) مريم 19: 1.

[ 514 ]

العترة، والياء: يزيد (لعنه الله)، وهو ظالم الحسين (عليه السلام)، والعين: عطشه، والصاد: صبره. فلما سمع بذلك زكريا (عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانب ندبته (1): ” إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده، إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه، إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما (2). ثم كان يقول: ” إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، واجعله وارثا رضيا، يوازي محله مني محل الحسين، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه، ثم أفجعني به، كما تفجع محمدا حبيبك بولده ” فرزقه الله (تعالى) يحيى (عليه السلام)، وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر، وحمل الحسين (عليه السلام) كذلك، وله قصة طويلة. قلت: فأخبرني يا مولاي، عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لانفسهم. قال: مصلح، أو مفسد ؟ قلت: مصلح. قال: هل يجوز أن تقع خيرتهم على الفساد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت: بلى. قال: فهي العلة اوردها لك ببرهان ينقاد له (3) عقلك: أخبرني عن الرسل الذين أصطفاهم الله (تعالى)، وأنزل عليهم علمه، وأيدهم بالوحي والعصمة، إذ هم أعلام الامم، وأهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى وعيسى (عليهما السلام)، هل يجوز مع وفور عقلهما، وكمال علمهما، إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق، وهما يظنان أنه مؤمن ؟ قلت: لا.


(1) في ” ع، م “: أنته. (2) في ” ط “: بساحتها. (3) في ” ط “: ينقاد بذلك.

[ 515 ]

قال (عليه السلام): فهذا موسى كليم الله، مع وفور عقله، وكمال علمه، اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لم يشك في إيمانهم وإخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله (عز وجل): * (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) * (1). وقوله * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة) * (2). فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله (تعالى) لنبوته، واقعا على الافسد دون الاصلح، وهو يظن أنه الاصلح دون الافسد، علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور، وتكن الضمائر، وتنصرف عليه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الانبياء على ذوي الفساد، لما أرادوا أهل الصلاح. ثم قال مولانا (عليه السلام): يا سعد، حين ادعى خصمك ” أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أخرج مع نفسه مختار هذه الامة إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده، وأنه هو المقلد امور التأويل، والملقى إليه أزمة الامور، وعليه المعول في لم الشعث، وسد الخلل، وإقامة الحدود، وتسيير الجيوش (3) لفتح بلاد الكفر،، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته، إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه، وإنما أبات عليا (عليه السلام) على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به، لاستثقاله إياه، وعلمه بأنه إن قتل لن يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها “. فهلا نقضت دعواه بقولك: أليس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” الخلافة بعدي ثلاثون سنة ” فجعل هذه موقوفة على أعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، فكان لا يجد بدا من قوله: بلى. فكنت تقول له حينئذ: أليس كما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الخلافة من


(1) الاعراف 7: 155. (2) البقرة 2: 55. (3) في ” ط ” تسريب الجيوش، أي بعثها وتسييرها قطعة قطعة.

[ 516 ]

بعده لابي بكر، علم أنها من بعد أبي بكر لعمر، ومن بعده لعثمان، ومن بعد عثمان لعلي، فكان أيضا لا يجد بدا من قوله: نعم. ثم كنت تقول له: فكان الواجب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم، وتخصيصه أبا بكر باخراجه مع نفسه دونهم. فلما قال: ” أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا، أو كرها ؟ ” لم لم تقل: بل أسلما طمعا ؟ وذلك أنهما كانا يجالسان اليهود، ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة، وفي سائر الكتب المتقدمة، الناطقة بالملاحم من حال إلى حال، من قصة محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن عواقب أمره، وكانت اليهود تذكر أن لمحمد (صلى الله عليه وآله) تسلطا على العرب، كما كان لبخت نصر على بني إسرائيل، غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي. فأتيا محمدا (صلى الله عليه وآله) فساعداه على قول شهادة أن لا إله إلا الله، وتابعاه طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد، إذا استقامت اموره، واستتبت أحواله. فلما أيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من أمثاله‍ ؟ ا من المنافقين، على أن يقتلوه، فدفع الله كيدهم، وردهم بغيظهم، لم ينالوا خيرا. كما أتى طلحة والزبير عليا (عليه السلام) فبايعاه، وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين. قال سعد: ثم قام مولانا أبو محمد الحسن بن علي الهادي (عليه السلام) للصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما، وطلبت أحمد بن إسحاق، فاستقبلني باكيا، فقلت: ما أبطأك وأبكاك ؟ فقال: قد فقدت الثوب الذي أرسلني مولاي لاحضاره. قلت: لا عليك، فأخبره. فدخل عليه وانصرف من عنده متبسما، وهو يصلي على محمد وآل محمد، فقلت: ما الخبر ؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا (عليه السلام)، يصلي عليه.


[ 517 ]

قال سعد: فحمدنا الله (عزوجل) على ذلك، وجعلنا نختلف إلى مولانا أياما فلا نرى الغلام (عليه السلام) بين يديه (1)، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا. * * *


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 454 / 21، الخرائج والجرائح 1: 481 / 22 نحوه، الاحتجاج 2: 461، وقطعة منه في الثاقب في المناقب: 585 / 534، وتأويل الآيات 1: 299 / 1، ومدينة المعاجز: 594.

[ 519 ]

معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) في مدة مقامه بسر من رأى بالدلائل والبراهين والحجج الواضحة 493 / 97 – حدثنى أبو المفضل (1) محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن جعفر بن محمد المقرئ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن سابور (2)، قال: حدثني الحسن بن محمد بن حيوان السراج القاسم، قال: حدثني أحمد بن الدينوري السراج، المكنى بأبي العباس، الملقب بآستاره، قال: انصرفت من أردبيل (3) إلى الدينور (4) اريد


(1) في ” م “: الفضل. (2) في ” ط “: شابور. (3) في ” ط “: إربيل: وهي مدينة في شمال العراق وهي ” إربل ” القديمة، ورد ذكرها في الكتابات السومرية، والعامة تنطقها بفتح أولها (أربيل). المنجد في الاعلام: 31. وأردبيل: من أشهر مدن أذربيجان في إيران. معجم البلدان 1: 145. (4) الدينور: مدينة من امهات مدن الجبال في كردستان إيران. المنجد في الاعلام: 296.

[ 520 ]

الحج، وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بسنة، أو سنتين، وكان الناس في حيرة، فاستبشروا أهل الدينور بموافاتي، واجتمع الشيعة عندي، فقالوا: قد اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي، ونحتاج أن تحملها معك، وتسلمها بحيث يجب تسليمها. قال: فقلت: يا قوم، هذه حيرة، ولا نعرف الباب في هذا الوقت. قال: فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك. فاحمله (1) على ألا تخرجه من يديك إلا بحجة. قال: فحمل إلي ذلك المال في صرر باسم رجل رجل، فحملت ذلك المال وخرجت، فلما وافيت قرميسين (2)، وكان أحمد بن الحسن مقيما بها، فصرت إليه مسلما، فلما لقيني استبشر بي، ثم أعطاني ألف دينار في كيس، وتخوت ثياب من ألوان معتمة (3)، لم أعرف ما فيها، ثم قال لي أحمد: احمل هذا معك، ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة. قال: فقبضت منه المال، والتخوت بما فيها من الثياب. فلما وردت بغداد لم يكن لى همة غير البحث عمن اشير إليه بالنيابة (4)، فقيل لي: إن ها هنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالنيابة، وآخر يعرف بإسحاق الاحمر يدعي بالنيابة، وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعي بالنيابة. قال: فبدأت بالباقطاني، فصرت إليه، فوجدته شيخا بهيا، له مروءة ظاهرة، وفرس (5) عربي، وغلمان كثير، ويجتمع عنده الناس يتناظرون. قال: فدخلت إليه، وسلمت عليه، فرحب، وقرب، وبر، وسر. قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فعرفته أني رجل من أهل الدينور، ومعي شئ من المال، أحتاج أن اسلمه.


(1) في ” ع، م “: فاعمل. (2) قرميسين: بلد معروف قرب الدينور، بين همذان وحلوان، على جادة العراق. مراصعد الاطلاع 3: 1081. (3) في ” ع، م “: معكمة. (4) في ” ط “: بالبابية، وكذا في المواضع الآتية. (5) في ” ط “: فرش، وكذا في المواضع الآتية.

[ 521 ]

قال: فقال لي: احمله. قال: فقلت: اريد حجة. قال: تعود إلي في غد. قال: فعدت إليه من الغد، فلم يأت بحجة، وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة. قال: فصرت إلى إسحاق الاحمر، فوجدته شابا نظيفا، منزله أكبر من منزل الباقطاني، وفرسه ولباسه ومروءته أسرى (1)، وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمعون عند الباقطاني. قال: فدخلت وسلمت، فرحب وقرب، قال: فصبرت إلى أن خف الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، وعدت إليه بعد ثلاثة أيام، فلم يأت بحجة. قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري، فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة (2) بيضاء، قاعد على لبد (3)، في بيت صغير، ليس له غلمان، ولا له من المروة والفرس ما وجدت لغيره. قال: فسلمت، فرد جوابي، وأدناني، وبسط مني (4)، ثم سألني عن حالي، فعرفته أني وافيت من الجبل، وحملت مالا. قال: فقال: إن أحببت أن تصل هذا الشئ إلى من يجب أن يصل إليه يجب أن تخرج إلى سر من رأى، وتسأل دار ابن الرضا، وعن فلان بن فلان الوكيل – وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها – فانك تجد هناك ما تريد. قال: فخرجت من عنده، ومضيت نحو سر من رأى، وصرت إلى دار ابن الرضا، وسألت عن الوكيل، فذكر البواب أنه مشتغل في الدار، وأنه يخرج آنفا، فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج بعد ساعة، فقمت وسلمت عليه، وأخذ بيدي إلى بيت كان له، وسألني عن حالي، وعما وردت له، فعرفته أني حملت شيئا من


(1) سرا سروا: شرف، وسخا في مروءة، وأسرى: أي أكثر وأرفع شرفا وسخاء ومروءة. (2) المبطنة: ما ينتطق به، وهي إزار له حجزة. (3) اللبد: ضرب من البسط. (4) بسط فلان من فلان: أزال من الاحتشام وعوامل الخجل.

[ 522 ]

المال من ناحية الجبل، وأحتاج أن اسلمه بحجة. قال: فقال: نعم. ثم قدم إلي طعاما، وقال لي: تغدى بهذا واسترح، فإنك تعب، وإن بيننا وبين صلاة الاولى ساعة، فإني أحمل إليك ما تريد. قال: فأكلت ونمت، فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت، وذهبت إلى المشرعة، فاغتسلت وانصرفت إلى بيت الرجل، ومكثت إلى أن مضى من الليل ربعة، فجاءني (1) ومعه درج (2)، فيه: ” بسم الله الرحمن الرحيم، وافى أحمد بن محمد الدينوري، وحمل ستة عشر ألف دينار، وفي كذا وكذا صرة، فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا، وصرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا – إلى أن عد الصرر كلها – وصرة فلان بن فلان الذراع ستة عشر دينارا. قال: فوسوس لي الشيطان أن سيدي أعلم بهذا مني، فما زلت أقرأ ذكر صرة صرة وذكر صاحبها، حتى أتيت عليها عند آخرها، ثم ذكر: ” قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصواف (3) كيسا فيه ألف دينار وكذا وكذا تختا ثيابا، منها ثوب فلاني، وثوب لونه كذا ” حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها. قال: فحمدت الله وشكرته على ما من به علي من إزالة الشك عن قلبي، وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرني أبو جعفر العمري. قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري. قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام. قال: فلما بصر بي أبو جعفر العمري قال لي: لم لم تخرج ؟ فقلت: يا سيدي، من سر من رأى انصرفت. قال: فأنا احدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا (صلوات الله عليه)، ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي، فيه ذكر المال والثياب،


(1) في ” ع، م ” زيادة: بعد ان مضى من الليل ربعه. (2) الدرج: الورق الذي يكتب فيه. (3) في ” ط “: البادراني أخي الصراف.

[ 523 ]

وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، فلبس أبو جعفر العمري ثيابه، وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي. قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان، وسلمتها، وخرجت إلى الحج. فلما انصرفت إلى الدينور اجتمع عندي الناس، فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا (صلوات الله عليه) إلي، وقرأته على القوم، فلما سمع ذكر الصرة باسم الذراع سقط مغشيا عليه، فما زلنا نعلله حتى أفاق، فلما أفاق سجد شكرا لله (عز وجل)، وقال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية، الآن علمت أن الارض لا تخلو من حجة، هذه الصرة دفعها – والله – إلي هذا الذراع، ولم يقف على ذلك إلا الله (عزوجل). قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن المادرائي، وعرفته الخبر، وقرأت عليه الدرج، قال: يا سبحان الله ! ما شككت في شئ، فلا تشكن في أن الله (عزوجل) لا يخلي أرضه من حجة. اعلم أنه لما غزا أذكوتكين يزيد بن عبد (1) الله بسهرورد (2)، وظفر ببلاده، واحتوى على خزانته صار إلي رجل، وذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا (عليه السلام). قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى اذكوتكين أولا فأولا، وكنت ادافع بالفرس والسيف، إلى أن لم يبق شئ غيرهما، وكنت أرجو أن اخلص ذلك لمولانا (عليه السلام)، فلما اشتد مطالبة اذكوتكين إياي ولم يمكنني مدافعته، جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار ووزنتها ودفعتها إلى الخازن، وقلت له: ادفع (3) هذه الدنانير في أوثق مكان، ولا تخرجن إلي في حال من الاحوال ولو اشتدت الحاجة


(1) في ” ع، م “: عبيد، وكذا في المواضع الآتية. (2) سهرورد: بلدة قريبة من زنجان بالجبال. معجم البلدان 3: 289. (3) في ” م “: أرفع.

[ 524 ]

إليها. وسلمت الفرس والنصل. قال: فأنا قاعد في مجلسي بالري ابرم الامور، واوفي القصص، وآمر وأنهى، إذ دخل أبو الحسن الاسدي، وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت، وكنت أقضي حوائجه، فلما طال جلوسه وعلي بؤس كثير قلت له: ما حاجتك ؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة. فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة، فدخلنا الخزانة، فأخرج إلي رقعة صغيرة من مولانا (عليه السلام)، فيها: ” يا أحمد بن الحسن، الالف دينار التي لنا عندك، ثمن النصل والفرس، سلمها إلى أبي الحسن الاسدي “. قال: فخررت لله (عزوجل) ساجدا شاكرا لما من به علي، وعرفت أنه خليفة الله حقا، لانه لم يقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار اخرى سرورا بما من الله علي بهذا الامر. (1) 494 / 98 – وحدثني أبو المفضل (2) قال: حدثني محمد بن يعقوب، قال: كتب علي بن محمد السمري (3) يسأل الصاحب (عليه السلام) كفنا يتبين ما يكون من عنده، فورد: ” إنك تحتاج إليه سنة إحدى وثمانين ” فمات في الوقت الذي حده، وبعث إليه بالكفن قبل أن يموت بشهر (4). 495 / 99 – وقال علي بن محمد السمري (5): كتبت إليه أسأله عما عندك من العلوم، فوقع (عليه السلام): ” علمنا على ثلاثة أوجه: ماض، وغابر، وحادث، أما الماضي فتفسير. وأما الغابر فموقوف، وأما الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الاسماع، وهو أفضل علمنا، ولا نبي بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) “. (6) 496 / 100 – أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: أخبرني محمد بن


(1) فرج المهموم: 239، مدينة المعاجز: 603 / 54، إلزام الناصب 1: 405. (2) في ” م “: الفضل. (3) في ” ع “: الصيمري. (4) فرج المهموم: 247، مدينة المعاجز: 604 / 55. (5) في ” ع “: الصيمري. (6) مدينة المعاجز: 605.

[ 525 ]

يعقوب، قال: قال القاسم بن العلاء: كتبت إلى صاحب الزمان (عليه السلام) ثلاثة كتب في حوائج لي، وأعلمته أنني رجل قد كبر سني، وأنه لا ولد لي، فأجابني عن الحوائج، ولم يجبني عن الولد بشئ. فكتبت إليه في الرابعة كتابا وسألته أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا، فأجابني وكتب بحوائجي، فكتب: ” اللهم ارزقه ولدا ذكرا، تقر به عينيه، واجعل هذا الحمل الذى له وارثا ” فورد الكتاب وأنا لا أعلم أن لي حملا، فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلك، فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت، فولدت غلاما. (1) 497 / 101 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني علي بن محمد المعروف بعلان الكليني، قال: حدثني محمد بن شاذان بن نعيم بنيشابور، قال: اجتمع عندي للغريم (2) – أطال الله بقاءه وعجل نصره – خمسمائة درهم، فنقصت عشرون درهما، وأنفت أن أبعث بها ناقصة هذا المقدار، قال: فأتممتها من عندي، وبعثت بها إلى محمد بن جعفر، ولم أكتب بما لي منها، فأنفذ إلي محمد بن جعفر القبض (3)، وفيه: ” وصلت خمسمائة درهم، ولك فيها عشرون درهما ” (4). 498 / 102 – وعنه، قال: أخبرني محمد بن يعقوب، قال: حدثني إسحاق بن يعقوب، قال: سمعت الشيخ العمري محمد بن عثمان يقول: صحبت رجلا من أهل السواد، ومعه مال للغريم (عليه السلام) فأنفذه، فرد عليه، وقيل له: أخرج حق ولد عمك منه، وهو أربعمائة درهم، قال: فبقي الرجل باهتا متعجبا، فنظر في حساب المال، وكانت في يده ضيعة لولد عمه، قد كان رد عليهم بعضها، فإذا الذي فضل لهم من ذلك أربعمائة درهم، كما قال (عليه السلام)، فأخرجها وأنفذ الباقي، فقبل (5).


(1) مدينة المعاجز: 605 / 56. (2) المراد بالغريم هنا الصاحب (عليه السلام) لكونه طالبا للحق. (3) في ” ط “: الفضل. (4) كمال الدين وتمام النعمة: 485 / 5، مدينة المعاجز: 605 / 57. (5) في ” ع، م “: فقسم.

[ 526 ]

وعنه، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثني إسحاق بن جبرئيل الاهوازي، قال: وكتب من نفس التوقيع. (1) 499 / 103 – وحدثني علي بن السويقاني وإبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار: أنه ورد العراق شاكا مرتابا (2)، فخرج إليه: ” قل للمهزياري: قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم، فقل لهم: أما سمعتم الله (عزوجل) يقول: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) * (3) ؟ ! هل امروا إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة ؟ ! أو لم تروا الله (جل ذكره) جعل لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن ظهر الماضي (صلوات الله عليه)، كلما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم بدا نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله (عزوجل) قد قطع السبب بينه وبين خلقه، كلا ما كان ذلك، ولا يكون إلى أن تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم كارهون. يا محمد بن ابراهيم، لا يدخلك الشك فيما قدمت له، فإن الله (عزوجل) لا يخلي أرضه من حجة، أليس قال لك الشيخ قبل وفاته: أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي. فلما ابطئ عليه ذلك، وخاف الشيخ على نفسه الوحا (4)، قال لك: عيرها على نفسك. فأخرج إليك كيسا كبيرا، وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرة فيها دنانير مختلفة النقد، فعيرتها، وختم الشيخ عليها بخاتمه، وقال لك: اختم مع خاتمي، فإن أعيش فأنا أحق بها، وإن أمت فاتق الله في نفسك أولا وفي، وكن عند ظني بك. أخرج يرحمك الله الدنانير التي (5) نقصتها من بين النقدين من حسابه، وهي بضعة عشر دينارا “. (6)


(1) الامامة والتبصرة: 140 / 162، كمال الدين وتمام النعمة: 486 / 6، الثاقب في المناقب: 597 / 540، مدينة المعاجز: 605 / 58. (2) في ” ط “: مرتادا. (3) النساء 4: 59. (4) أي السرعة، والمراد أنه خاف على نفسه سرعة الموت. (5) في ” ع ” زيادة: أنت. (6) كمال الدين وتمام النعمة: 486 / 8، الخرائج والجرائح 3: 1116.

[ 527 ]

500 / 104 – وعنه، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثني نصر بن الصباح، قال: أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى الصاحب (عليه السلام)، وكتب معها رقعة غير فيها اسمه، فأوصلها إلى الصاحب (عليه السلام)، فخرج الوصول باسمه ونسبه والدعاء له. (1) 501 / 105 – وعنه، قال: وحدثني أبو حامد المراغي، عن محمد بن شاذان بن نعيم، قال: بعث رجل من أهل بلخ مالا ورقعة ليس فيها كتابة، قد خط بإصبعه كما يدور من غير كتابة، وقال للرسول: احمل هذا المال، فمن أعلمك بقصته وأجابك عن الرقعة، فاحمل إليه هذا المال. فصار الرجل إلى العسكر، وقصد جعفرا، وأخبره الخبر، فقال له جعفر: تقر بالبداء ؟ فقال الرجل: نعم. فقال له: إن صاحبك قد بدا له، وقد أمرك أن تعطيني المال. فقال له الرسول: لا يقنعني هذا الجواب، فخرج من عنده، وجعل يدور على أصحابنا، فخرجت إليه رقعة: ” هذا مال قد كان عثر به، وكان فوق صندوق، [ فدخل اللصوص البيت وأخذوا ما في الصندوق ] (2)، وسلم المال ” وردت عليه الرقعة وقد كتب فيه: ” كما يدور، سألت الدعاء فعل الله بك، وفعل “. (3) 502 / 106 – وقال: حدثني أبو جعفر: قال: ولد لي مولود، فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع، فورد: ” لا ” فمات المولود يوم السابع. ثم كتبت اخبره بموته، فورد: ” سيخلف الله عليك غيره، وغيره، فسمه أحمد، ومن بعد أحمد جعفر “. فجاء ما قال (عليه السلام). (4) 503 / 107 – وعنه، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني (قدس سره)، قال: حدثني


(1) مدينة المعاجز: 605 / 60. (2) أخذناه من كمال الدين وتمام النعمة، والخرائج والجرائح. (3) كمال الدين النعمة: 488 / 11، الخرائج والجرائح 3: 1129 / 47، الثاقب في المناقب: 599 / 544. (4) مدينة المعاجز: 605 / 62.

[ 528 ]

أبو حامد المراغي، عن محمد بن شاذان بن نعيم، قال: قال رجل من أهل بلخ: تزوجت امرأة سرا، فلما وطأتها علقت، وجاءت بابنة، فاغتممت وضاق صدري، فكتبت أشكو ذلك فورد: ” ستكفاها ” فعاشت أربع سنين ثم ماتت، فورد: ” الله ذو أناة، وأنتم مستعجلون (1) ” والحمد لله رب العالمين. * * *


(1) مدينة المعاجز: 606 / 63.

[ 529 ]

معرفة ما ورد من الاخبار في وجوب الغيبة 504 / 108 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن علي الزبيري، عن عبد الله بن محمد بن خالد (1) الكوفي، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن نصر بن السندي (2)، عن أبي داود، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الاصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فوجدته مفكرا، ينكت في الارض (3)، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما لي أراك مفكرا، تنكت في الارض ؟ أرغبة منك فيها ؟


(1) في النسخ: خلف، والصحيح ما اثبتناه. انظر رجال الكشي: 566 / 1070، التحرير الطاوسي: 284 / 426. (2) في ” ط “: نضر بن السندي، والظاهر صحة (منصور بن السندي) على ما في الكافي وغيبة النعماني، إذ يروي عنه منذر بن محمد بن قابوس، ويروي عن منذر عبد الله بن محمد بن خالد الكوفي. الكافي 1: 273 / 7، وانظر معجم رجال الحديث 18: 348. (3) نكت الارض بقضيب ونحوه: ضربها به فأثر فيها، يفعلون ذلك حال التفكر.

[ 530 ]

فقال: لا والله، ما رغبت في الدنيا قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر، هو المهدي، يملاها عدلا كما ملئت جورا وظلما، تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها قوم، ويهتدي بها آخرون. فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون تلك الحيرة، وتلك الغيبة ؟ قال (عليه السلام): وأني لك ذلك، وكيف لك العلم بهذا الامر يا أصبغ ! اولئك خيار هذه الامة مع أبرار هذه العترة. (1) 505 / 109 – وعنه، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا محمد ابن عبد الله الحميري، قال: حدثنا هارون بن مسلم البصري، عن مسعدة بن صدقة الربعي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين) أنه قال في خطبة له بالكوفة: ” اللهم لا بد لارضك من حجة لك على خلقك يهديهم إلى دينك ويعلمهم علمك، لئلا تبطل حجتك، ولا يضل أتباع أوليائك، بعد إذ هديتهم به، إما ظاهر ليس بالمطاع، أو مكتتم ليس له دفاع، يترقبه أولياؤك، وينكره أعداؤك، إن غاب شخصه عن الناس لم يغب علمه في أوليائك من علمائهم “. (2) 506 / 110 – حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي المحمدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: للقائم غيبتان، إحداهما أطول من الاخرى. (3) 507 / 111 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن حسان، عن داود الرقي، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن صاحب هذا الامر، فقال: هو الطريد، الشريد،


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 288 / 1، غيبة النعماني: 60 / 4، الاختصاص: 209، غيبة الطوسي: 164 / 127. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 302 / 11. (3) الفصول العشرة في الغيبة: 18. (*)

[ 531 ]

الفريد، الوحيد، المنفرد عن أهله، المكنى بعمه، الموتور بأبيه. (1) 508 / 112 – وروي عن محمد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير، عن علي بن الحزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: صاحب هذا الامر الشريد، الطريد، الوحيد (2). 509 / 113 – وروى الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي، قال: حدثنا الحسين ابن مثنى الحناط (3)، عن عبيد الله بن زرارة، (4)، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم يراهم ولا يرونه. (5) 510 / 114 – أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في القائم سنة من يوسف. قلت: كأنك تذكر خبره (6) وغيبته. قال: وما تنكر من ذلك، هذه الامة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه، وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه، حتى قال لهم: أنا يوسف. فما تنكر هذه الامة الملعونة أن يكون الله في الاوقات يريد أن يستر عنهم حجته. لقد كان يوسف (عليه السلام) إليه ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلم مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامة أن يكون الله يفعل بحجته


(1) تقدمت تخريجاته في الحديث (88). (2) كمال الدين وتمام النعمة: 303 / 13. (3) في ” ط “: العطار. (4) عده البرقي في رجاله: 23 من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وتقدم في الحديث (81) بعنوان عبيد بن زرارة. (5) تقدمت تخريجاته في الحديث (81). (6) في ” ط ” حياته.

[ 532 ]

ما فعل بيوسف (عليه السلام)، أن يكون يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتى يأذن الله (عزوجل) له أن يعرفهم نفسه، كما أذن ليوسف (عليه السلام) حين قال لهم: أنا يوسف، فقالوا: أنت يوسف ! (1) 511 / 115 – وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زيد الكناسي، قال: سمعت أبا حعفر (عليه السلام) يقول: صاحب هذا الامر فيه سنة من يوسف، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله). وأما شبهه من يوسف، فإن إخوته يبايعونه ويخاطبونه وهم لا يعرفونه، وأما شبهه من موسى، فخائف، وأما شبهه من عيسى، فالسياحة، وأما شبهه من محمد، فالسيف. (2) 512 / 116 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عمرو بن مساور، عن مفضل الجعفي، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم والتنويه. ثم قال: أما والله، ليغيبن سنينا من دهركم، ولتمخضن (3)، حتى يقال: مات، وأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الايمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي. قال: فبكيت، ثم قلت: كيف نصنع ؟ قال: فقال: يا أبا عبد الله، ثم نظر إلى الشمس داخلة في الصفة (4) فقال: يا أبا


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 144 / 11. (2) تقدمت تخريجاته في الحديث (64). (3) أي إن الله (تعالى) يتدبر عواقبكم بابتلائكم بأنواع الفتن، وفي غيبة النعماني، وليخملن، والظاهر صوابه. (4) اسم يطلق على البيت الصيفي، وما له ثلاث حوائط، والموضع المظلل من المسجد.

[ 533 ]

عبد الله، ترى هذه الشمس ؟ قلت: نعم. قال: فقال: والله لامرنا أبين من هذه الشمس. (1) 513 / 117 – وروى محمد بن عيسى والحسن بن طريف جميعا، عن حماد بن عيسى، عن معروف بن خربوذ (2)، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه قال: نحن بني (3) هاشم كنجوم السماء، كلما غاب نجم بدا نجم، حتى إذا أشرتم إليه بأيديكم، وأومأتم بحواجبكم، ومددتم إليه رقابكم جاء ملك الموت، فيغيب من بين أظهركم، فلبثتم سنين من دهركم لا تدرون أيا من أي، واستوت بنو عبد المطلب، وكانوا كأسنان المشط، فإذا أطلع الله لكم نوركم فاحمدوا الله واشكروه. (4) 514 / 188 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك – أبو العباس النخعي، الشيخ الصالح – عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن موسى، عن يعقوب بن شعيب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الناس ما يمدون أعناقهم إلى أحد من ولد عبد المطلب إلا هلك، حتى يستوي ولد عبد المطلب، لا يدرون أيا من أي، فيمكثون بذلك سنين من دهرهم، ثم يبعث لهم صاحب هذا الامر. (5) 515 / 119 – وروى يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): أخبرني عنكم. قال: نحن بمنزلة هذه النجوم، إذا خفي (6) نجم بدا نجم منا، بأمن وإيمان،


(1) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 347 / 35، غيبة النعماني: 152 / 10، غيبة الطوسي: 337 / 285. (2) كذا، وفي سند الحديث سقط أو إرسال، لان ابن خربوذ لا يروي عن أمير المؤمنين، بل يروي عن علي بن الحسين والباقر والصادق (عليهم السلام) وفي المصدر: معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الحديث. (3) منصوب على الاختصاص. (4) غيبة النعماني: 155 / 15 و 16 و 156 / 17 ” نحوه “. (5) رسالة في الغيبة للمفيد: 400 ” نحوه “. (6) في ” ط “: اخفي.

[ 534 ]

وسلام وإسلام، وفاتح ومفتاح، حتى إذا كان الذي تمدون إليه أعناقكم، وترمقونه بأبصاركم، جاء ملك الموت فذهب به، ويستوي بنو عبد المطلب، لا يدرى أي من أي، فعند ذلك يبدو لكم صاحبكم، فإذا ظهر لكم صاحبكم فاحمدوا الله عليه، وهو الذي يخير الصعبة والذلة. قلت: جعلت فداك فأيهما يختار ؟ قال: الصعبة على الذلة. (1) 516 / 120 – وروى أبو محمد الحسن بن عيسى، عن أبيه عيسى بن محمد ابن علي، عن أبيه محمد بن علي بن جعفر (2)، قال: قال: يا بني، إذا فقد الخامس من ولد السابع من الائمة (عليه السلام)، فالله الله في أديانكم، فإنه لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة يغيبها، حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به. يا بني، إنما هي محنة من الله (عزوجل) يمتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم أصح من هذا الدين لاتبعوه. قال أبو الحسن: فقلت له: يا سيدي، من الخامس من ولد السابع ؟ فقال: يا بني، عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إياكم أن تفشوا بذكره. (3) 517 / 121 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثنا إسحاق بن محمد ابن سميع المعروف بابن أبي بيان، عن عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان بن جرير، قال: حدثني أبو هاشم، عن فرات بن أحنف، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وذكر


(1) كمال الدين وتمام النعمة: 329 / 13. (2) في المصادر بزيادة: عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام). (3) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 359 / 1، كفاية الاثر: 264، غيبة الطوسي: 166 / 128، اعلام الورى: 433، إثبات الهداة 6: 416 / 164.

[ 535 ]

القائم (عليه السلام) فقال: أما ليغيبن عنهم تمييزا لاهل الضلالة، حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة. (1) 518 / 122 – وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك، قال: حدثني إسحاق بن محمد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للقائم غيبة قبل قيامه. قلت: ولم ذاك ؟ قال: يخاف على نفسه. يعني الذبح. (2) 519 / 123 – وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لصاحب هذا الامر غيبتان، إحداهما أطول من الاخرى: الاولى أربعين يوما، والاخرى ستة أشهر، ونحو ذلك. 520 / 124 – وأخبرني أبو الحسن محمد بن هارون، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاساني، عن زيد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن الحارث، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: لقائم آل محمد غيبتان، إحداهما أطول من الاخرى قال (عليه السلام): نعم. (3) * * *


(1) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 302 / 9، غيبة النعماني: 141، غيبة الطوسى: 340 / 290، إعلام الورى: 426. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 481 / 10، حلية الابرار 2: 589. (3) غيبة النعماني: 172 / 7.

[ 537 ]

معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) في حال الغيبة وعرفه من أصحابنا 521 / 125 – روى عبد الله بن علي (1) المطلبي، قال: حدثني أبو الحسن محمد ابن علي السمري، قال: حدثني أبو الحسن المحمودي، قال: حدثني أبو علي محمد بن أحمد المحمودي، قال: حججت نيفا وعشرين سنة، كنت في جميعها أتعلق بأستار الكعبة، وأقف على الحطيم، والحجر الاسود، ومقام إبراهيم، واديم الدعاء في هذه المواضع، وأقف بالموقف، وأجعل جل دعائي أن يريني مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه). فانني في بعض السنين قد وقفت بمكة على أن ابتاع حاجة، ومعي غلام في يده مشربة حليج (2) ملمعة، فدفعت إلى الغلام الثمن، وأخذت المشربة من يده، وتشاغل


(1) في ” م، ط ” زيادة: بن. (2) المشربة: الاناء يشرب فيه والحليج: اللبن الذي ينقع فيه التمر ثم يماث. وفي ” ط “: الحلج.

[ 538 ]

الغلام بمماكسة البيع (1)، وأنا واقف أترقب، إذ جذب ردائي جاذب، فحولت وجهي إليه فرأيت رجلا اذعرت حين نظرت إليه، هيبة له، فقال لي: تبيع المشربة ؟ فلم أستطع رد الجواب، وغاب عن عيني، فلم يلحقة بصري، فظننته مولاي. فإنني يوم من الايام اصلي بباب الصفا بمكة، فسجدت وجعلت مرفقي في صدري، فحركني محرك برجله، فرفعت رأسي، فقال لي: افتح منكبك عن صدرك. ففتحت عيني، فإذا الرجل الذي سألني عن المشربة، ولحقني من هيبته ما حار بصري، فغاب عن عيني. وأقمت علي رجائي ويقيني، ومضت مدة وأنا أحج، واديم الدعاء في الموقف. فإنني في آخر سنة جالس في ظهر الكعبة ومعي يمان بن الفتح بن دينار، ومحمد بن القاسم العلوي، وعلان الكليني، ونحن نتحدث إذا أنا برجل في الطواف، فأشرت بالنظر إليه، وقمت أسعى لاتبعه، فطاف حتى إذا بلغ إلى الحجر رأى سائلا واقفا على الحجر، ويستحلف (2) ويسأل الناس بالله (عز وجل) أن يتصدق عليه، فإذا بالرجل قد طلع، فلما نظر إلى السائل انكب إلى الارض وأخذ منها شيئا، ودفعه إلى السائل، وجاز، فعدلت إلى السائل فسألته عما وهب له، فأبى أن يعلمني، فوهبت له دينارا، وقلت: أرني ما في يدك. ففتح يده، فقدرت أن فيها عشرين دينارا، فوقع في قلبي اليقين أنه مولاي (عليه السلام)، ورجعت إلى مجلسي الذي كنت فيه، وعيني ممدودة إلى الطواف، حتى إذا فرغ من طوافه عدل إلينا، فلحقنا له رهبة شديدة، وحارت أبصارنا جميعا، قمنا إليه فجلس، فقلنا له: ممن الرجل ؟ فقال: من العرب. فقلت: من أي العرب ؟ فقال: من بني هاشم. فقلنا: من أي بني هاشم ؟


(1) المماكسة في البيع: استنقاص الثمن حتى يصل البائع والمشتري إلى ما يتراضيان عليه. (2) في ” ط “: ويستخلف.

[ 539 ]

فقال: ليس يخفى عليكم إن شاء الله (تعالى). ثم التفت إلى محمد بن القاسم فقال: يا محمد، أنت على خير إن شاء الله، أتدرون ما كان يقول زين العابدين (عليه السلام) عند فراغه من صلاته في سجدة الشكر ؟ قلنا: لا. قال: كان يقول ” يا كريم مسكينك بفنائك، يا كريم فقيرك زائرك، حقيرك ببابك يا كريم ” ثم انصرف عنا، ووقفنا نموج ونتذكر، ونتفكر، ولم نتحقق. ولما كان من الغد رأيناه في الطواف، فامتدت عيوننا إليه، فلما فرغ من طوافه خرج إلينا، وجلس عندنا، فأنس وتحدث، ثم قال: أتدرون ما كان يقول زين العابدين (عليه السلام) في دعائه عقب الصلاة: قلنا: تعلمنا. قال: كان (عليه السلام) يقول: ” اللهم إني أسألك باسمك الذي به تقوم السماء والارض، وباسمك الذي به تجمع المتفرق، وتفرع المجتمع، وباسمك الذي تفرق به بين الحق والباطل، وباسمك الذي تعلم به كيل البحار، وعدد الرمال، ووزن الجبال، أن تفعل بي كذا وكذا “. وأقبل علي حتى إذا صرنا بعرفات، وأدمت الدعاء، فلما أفضنا منها إلى المزدلفة، وبتنا فيها (1)، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: هل بلغت حاجتك ؟ فقلت: وما هي يا رسول الله ؟ فقال: الرجل صاحبك. فتيقنت عندها. (2) 522 / 126 – وروى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي، قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي، قال: خرجت في بعض السنين حاجا إذ دخلت المدينة وأقمت بها أياما، أسأل واستبحث عن صاحب الزمان (عليه السلام)، فما عرفت له خبرا، ولا وقعت لي عليه عين، فاغتممت غما شديدا وخشيت أن يفوتني ما أملته من طلب


في ” ع، م “: أفضنا وصرنا إلى مزدلفة وبتنا بها. (2) مدينة المعاجز: 606 / 66، تبصرة الولي: 140 / 45.

[ 540 ]

صاحب الزمان (عليه السلام)، فخرجت حتى أتيت مكة، فقضيت حجتي واعتمرت بها اسبوعا، كل ذلك أطلب، فبينا (1) أنا أفكر إذ انكشف لي باب الكعبة، فإذا أنا بانسان كأنه غصن بان، متزر ببردة، متشح باخرى، قد كشف عطف بردته على عاتقه، فارتاح قلبي وبادرت لقصده، فانثنى إلي، وقال: من أين الرجل ؟ قلت: من العراق. قال: من أي العراق ؟ قلت: من الاهواز. فقال: أتعرف الخصيبي (2). قلت: نعم. قال: رحمه الله، فما كان أطول ليله، وأكثر نيله، وأغزر دمعته ! قال: فابن المهزيار. قلت: أنا هو. قال: حياك الله بالسلام أبا الحسن. ثم صافحني وعانقني، وقال: يا أبا الحسن، ما فعلت العلامة التي بينك وبين الماضي أبي محمد نضر الله وجهه ؟ قلت: معي. وأدخلت يدي إلى جيبي (3) وأخرجت خاتما عليه ” محمد وعلي ” فلما قرأه استعبر حتى بل طمره (4) الذي كان على يده، وقال: يرحمك الله أبا محمد، فإنك زين الامة، شرفك الله بالامامة، وتوجك بتاج العلم والمعرفة، فإنا اليكم صائرون. ثم صافحني وعانقني، ثم قال: مالذي تريد يا أبا الحسن ؟ قلت: الامام المحجوب عن العالم.


(1) في ” ط “: فبينما. (2) في ” ط ” الحضيني. (3) في ” ط “: جنبي (4) الطمر: الكساء البالي.

[ 541 ]

قال: ما هو محجوب عنكم ولكن حجبه (1) سوء أعمالكم، قم (2) إلى رحلك، وكن على أهبة من لقائه، إذا أنحطت الجوزاء، وأزهرت نجوم السماء، فها أنا لك بين الركن والصفا. فطابت نفسي وتيقنت أن الله فضلني، فما زلت أرقب الوقت حتى حان، وخرجت إلى مطيتي، واستويت على رحلي، واستويت على ظهرها، فإذا أنا بصاحبي ينادي إلي: يا أبا الحسن. فخرجت فلحقت به، فحياني بالسلام، وقال: سر بنا يا أخ. فما زال يهبط واديا ويرقى ذروة جبل إلى أن علقنا على الطائف، فقال: يا أبا الحسن انزل بنا نصلي باقي صلاة الليل. فنزلت فصلى بنا الفجر ركعتين، قلت: فالركعتين الاوليين ؟ قال: هما من صلاة الليل، وأوتر فيها، والقنوت في كل صلاة جائز. وقال: سر بنا يا أخ. فلم يزل يهبط بي واديا ويرقى بي ذروة جبل حتى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور، فأمد عيني فإذا ببيت من الشعر يتوقد نورا، قال: المح هل ترى شيئا ؟ قلت: أرى بيتا من الشعر. فقال: الامل. وانحط في الوادي وأتبعت الاثر حتى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلاها، ونزلت عن مطيتي، وقال لي: دعها. قلت: فإن تاهت ؟ قال: هذا واد لا يدخله إلا مؤمن ولا يخرج منه إلا مؤمن. ثم سبقني ودخل الخباء وخرج إلي مسرعا، وقال: أبشر، فقد اذن لك بالدخول. فدخلت فإذا البيت يسطع من جانبه النور، فسلمت عليه بالامامة، فقال لي: يا أبا الحسن، قد كنا نتوقعك ليلا ونهارا، فما الذي أبطأ بك علينا ؟ قلت: يا سيدي، لم أجد من يدلني إلى الآن.


في ” ط “: جنه، وكلاهما بمعنى. (2) في ” م، ط “: زيادة: سر.

[ 542 ]

قال لي: لم (1) نجد أحدا يدلك ؟ ثم نكث بإصبعه في الارض، ثم قال: لا ولكنكم كثرتم الاموال، وتجبرتم على ضعفاء المؤمنين، وقطعتم الرحم الذي بينكم، فأي عذر لكم الآن ؟ فقلت: التوبة التوبة، الاقالة الاقالة. ثم قال: يا ابن المهزيار، لو لا استغفار بعضكم لبعض لهلك من عليها إلا خواص الشيعة الذين تشبه أقوالهم أفعالهم. ثم قال: يا ابن المهزيار – ومد يده – ألا انبك الخبر أنه إذا قعد الصبي، وتحرك المغربي، وسار العماني، وبويع السفياني يأذن لولي الله، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سواء، فأجئ إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الاول، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحج بالناس حجة الاسلام، واجئ إلى يثرب فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان، فأمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الفتنة الاولى، فينادي مناد من السماء: ” يا سماء أبيدي، ويا أرض خذي ” فيومئذ لا يبقى على وجه الارض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للايمان. قلت: يا سيدي، ما يكون بعد ذلك. قال: الكرة الكرة، الرجعة الرجعة، ثم تلا هذه الآية: * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (2). 523 / 127 – أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أحمد الانصاري، قال: كنت حاضرا عند المستجار بمكة وجماعة يطوفون، وهم زهاء ثلاثين رجلا، لم يكن فيهم


(1) في ” ط “: ألم. (2) مدينة المعاجز 606 / 67، المحجة للبحراني: 123، والآية من سورة الاسراء 17: 6.

[ 543 ]

مخلص غير محمد بن القاسم العلوي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجة إذ خرج علينا شاب من الطواف، عليه إزار راجح محرم (1) فيه، وفي يده نعلان، فلما رأيناه قمنا هيبة له، فلم يبق منا أحد إلا قال وسلم عليه، وجلس منبسطا ونحن حوله، ثم التفت يمينا وشمالا، فقال: أتدرون ما كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الالحاح ؟ فقلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان (عليه السلام) يقول ” اللهم أني أسألك باسمك الذي تقوم به السماء، وبه تقوم الارض، وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وقد أحصيت به عدد الرمال وزنة الجبال وكيل البحار، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ” ثم نهض ودخل الطواف، فقمنا لقيامه حتى انصرف، وانسينا (2) ان نذكر أمره، وأن نقول من هو، وأي شئ هو ؟ فلما كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف، فقمنا له كقيامنا بالامس، وجلس في مجلسه منبسطا، ونظر يمينا وشمالا، وقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في الدعاء بعد الصلاة الفريضة ؟ قلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان (عليه السلام) يقول: ” إليك رفعت الاصوات، ولك عنت الوجوه، ولك خضعت الرقاب، وإليك التحاكم في الاعمال، يا خير من سئل، وخير من أعطى، يا صادق، يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدعاء ووعد الاجابة، يا من قال: * (ادعوني أستجب لكم) * (3)، يا من قال: * (إذا سألك عبادي عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون) * (4)، ويا


(1) في ” ع “: واصبح محرما. (2) في ” ط “: ونسينا. (3) غافر 40: 60. (4) البقرة 2: 186. (*)

[ 544 ]

من قال: * (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) * (1) لبيك وسعديك، ها أنا ذا بين يديك المسرف، وأنت القائل: * (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) * (2) “. ثم نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء، فقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول في سجدة الشكر ؟ قلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان (عليه السلام) يقول: ” يا من لا يزيده إلحاح الملحين إلا كرما وجودا، يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلا سعة وعطاء، يا من لا تنفد خزائنه، يا من له خزائن السماوات والارض، يا من له ما دق وجل، لا يمنعك إسائتي من إحسانك، أن تفعل بي الذي أنت أهله، فأنت أهل الجود والكرم والتجاوز، يا رب يا الله لا تفعل بي الذي أنا أهله، فإني أهل العقوبة ولا حجة لي ولا عذر لي عندك، أبوء إليك بذنوني كلها كي تعفو عني، وأنت أعلم بها مني، أبوء إليك بكل ذنب أذنبته، وكك خطيئة احتملتها، وكل سيئة عملتها، رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك انت الاعز الاجل الاكرم “. وقام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه، وعاد من الغد في ذلك الوقت، وقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى، فجلس متوسطا (3)، ونظر يمينا وشمالا، وقال: كان علي ابن الحسين (عليه السلام) يقول في سجوده في هذا الموضع – وأشار بيده إلى الحجر تحت الميزاب -: ” عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، يسألك ما لا يقدر عليه غيرك “. ثم نظر يمينا وشمالا، ونظر إلى محمد بن القاسم من بيننا، فقال: يا محمد بن القاسم، أنت على خير إن شاء الله (تعالى). وكان محمد بن القاسم يقول بهذا الامر. وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد إلا وقد الهم ما ذكر من الدعاء، وأنسينا أن نذكره إلا في آخر يوم، فقال: بعضنا: يا قوم، أتعرفون هذا ؟


(1 و 2) الزمر 39: 53. (3) في ” ط “: مستوطنا.

[ 545 ]

فقال محمد بن القاسم: هذا والله هو صاحب الزمان، هو والله (1) صاحب زمانكم. فقلنا: كيف يا أبا علي ؟ فذكر أنه مكث سبع سنين، وكان يدعو ربه، ويسأله معاينة صاحب الزمان (عليه السلام) – قال – فبينا نحن عشية عرفة فإذا أنا بالرجل بعينه يدعو بدعاء، فجئته وسألته ممن هو ؟ فقال: من الناس. فقلت: من أي الناس، أمن عربها أو من مواليها ؟ قال: من عربها. قلت من أي عربها ؟ قال: من أشرافها. قلت: ومن هم ؟ قال: بنو هاشم. قلت: من أي بني هاشم ؟ قال: من أعلاها ذروة وأسناها. فقلت: ممن ؟ قال: من فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناس نيام. فعلمت أنه علوي، فأحببته على العلوية، ثم فقدته من بين يدي، ولم أدر كيف مضى، فسألت القوم الذين كانوا حولي: أتعرفون هذا العلوي ؟ فقالوا: نعم، يحج معنا كل سنة ماشيا. فقلت: سبحان الله والله ما أرى به أثر مشي ! ثم انصرفت إلى المزدلفة كئيبا حزينا على فراقه، نمت ليلتي فإذا أنا بسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لي: يا محمد، رأيت طلبتك ؟ قلت: ومن ذلك يا سيدي ؟ قال: الذي رأيته في عشيتك هو صاحب زمانك. وذكر أنه كان نسي أمره إلى الوقت الذي حدثنا به. (2) 524 / 128 – نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري (رحمه الله)، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني، قال: حدثنا الحسين بن محمد سنة ثمان وثمانين ومائتين بقاسان بعد منصرفه من أصبهان، قال:


(1) (صاحب الزمان هو والله) ليس في ” ع، م “. (2) مدينة المعاجز: 607 / 68.

[ 546 ]

حدثني يعقوب بن يوسف بأصبهان، قال: حججت سنة إحدى وثمانين ومائتين، وكنت مع قوم مخالفين، فلما دخلنا مكة تقدم بعضهم فاكترى لنا دارا في زقاق (1) من سوق الليل في دار خديجة تسمى دار الرضا (عليه السلام)، وفيها عجوز سمراء، فسألتها لما وقفت على أنها دار الرضا (عليه السلام): ما تكونين من أصحاب هذ الدار، ولم سميت دار الرضا ؟ فقال: أنا من مواليهم، وهذه دار الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، وأسكننيها الحسن بن علي (عليهما السلام) فإني كنت خادمة له. فلما سمعت بذلك أنست بها، وأسررت الامر عن رفقائي، وكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل أنام مع رفقائي في رواق (2) الدار ونغلق الباب، ونرمي خلف الباب حجرا كبيرا، فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنا فيه شبيها بضوء المشعل، ورأيت الباب قد فتح، ولم أر أحدا فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلا ربعة (3)، أسمر، يميل إلى الصفرة، في وجهه سجادة (4)، عليه قميصان وإزار رقيق قد تقنع به، وفي رجله نعل طاق – وخبرني أنه رآه في غير صورة واحدة – فصعد إلى الغرفة التي في الدار حيث كانت العجوز تسكن، وكانت تقول لنا: إن لها في الغرفة بنتا، ولا تدع أحدا يصعد إلى الغرفة. فكنت أرى الضوء الذي رأيته قبل في الزقاق على الدرجة عند صعود الرجل في الغرفة التي يصعدها من غير أن أرى السراج بعينه، وكان الذين معي يرون مثل ما أرى، فتوهموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلى بنت هذه العجوز، وأن يكون قد تمتع بها، فقالوا: هؤلاء علوية، يرون هذا (5) وهو حرام لا يحل. وكنا نراه يدخل ويخرج ونجئ إلى الباب وإذا الحجر على حالته التي تركناه عليها، وكنا نتعهد الباب خوفا


(1) الزقاق: الطريق الضيق. (2) الرواق: بيت كالفسطاط، وقيل: سقف في مقدم البيت. (3) الربعة: الوسيط القامة. (4) السجادة: أثر السجود في الجبهة. (5) أي المتعة.

[ 547 ]

على متاعنا، وكنا لا نرى أحدا يفتحه ولا يغلقه، والرجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلى أن حان وقت خروجنا. فلما رأيت هذه الاسباب ضرب على قلبي، ووقعت الهيبة فيه، فتلطفت للمرأة، وقلت: احب أن أقف على خبر الرجل. فقلت لها: يا فلانة، إني احب أن أسألك وافاوضك من غير حضور هؤلاء الذين معي، فلا أقدر عليه، فأنا احب إذا رأيتني وحدي في الدار أن تنزلي لاسألك عن شئ. فقالت لي مسرعة: وأنا أردت أن أسر إليك شيئا، فلم يتهيأ ذلك من أجل أصحابك. فقلت: ما أردت أن تقولي ؟ فقالت: يقول لك – ولم تذكر أحدا -: لا تخاشن (1) أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم (2) فإنهم أعداؤك، ودارهم. فقلت لها: من يقول ؟ فقالت: أنا أقول. فلم أجسر لما كان دخل قلبي من الهيبة أن اراجعها، فقلت: أي الاصحاب ؟ وظننتها تعني رفقائي الذين كانوا حجاجا معي. فقالت: لا، ولكن شركاؤك الذين في بلدك، وفي الدار معك. وكان قد جرى بيني وبين الذين عنتهم أشياء في الدين فشنعوا علي (3) حتى هربت واستترت بذلك السبب، فوقفت على أنها إنما عنت اولئك. فقلت لها: ما تكونين من الرضا (عليه السلام). فقالت: كنت خادمة للحسن بن علي (عليهما السلام). فلما قالت ذلك قلت: لاسألنها عن الغائب (عليه السلام)، فقلت: بالله عليك رأيته بعينك (4) ؟


(1) خاشنه: خلاف لاينه، أي خشن عليه في القول أو العمل. (2) أي تنازعهم وتخاصمهم. (3) شنع فلانا: كثر عليه الشناعة، وشنع عليه الامر: قبحه. (4) في ” ع، م “: بعينه.

[ 548 ]

فقالت: يا أخى (1)، لم أره بعيني، فإني خرجت واختي حبلى وأنا خالية، وبشرني الحسن (عليه السلام) بأني سوف أراه آخر عمري، وقال: تكونين له كما أنت لي. وأنا اليوم منذ كذا وكذا سنة بمصر، وإنما قدمت الآن بكتابه ونفقة وجه بها إلي على يد رجل من أهل خراسان، لا يفصح بالعربية، وهى ثلاثون دينار، وأمرني أن أحج سنتي هذه، فخرجت رغبة في أن أراه. فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم رضوية، وكنت حملتها على أن ألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام) فقد كنت نذرت ذلك ونويته، فدفعتها إليها، وقلت، في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة (عليهما السلام) أفضل مما القيها في المقام وأعظم ثوابا، وقلت لها ادفعي هذه الدارهم إلى من يستحقها من ولد فاطمة (عليهما السلام)، وكان في نيتي أن الرجل الذي رأيته هو، وإنما تدفعها إليه، فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت، وقالت: يقول لك ليس لنا فيها حق، فاجعلها في الموضع الذي نويت، ولكن هذه الرضوية خذ منها بدلها وألقها في الموضع الذي نويت، ففعلت ما أمرت به عن الرجل. ثم كانت معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بأذربيجان، فقلت لها: تعرضين هذه النسحة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب و (2) يعرفها. فقالت: ناولني فاني أعرفها. فأريتها النسخة، وظننت أن المرأء تحسن أن تقرأ، فقالت: لا يمكن أن أقرأ في هذا المكان. فصعدت به إلى السطح، ثم أنزلته فقالت: صحيح. وفي التوقيع: إني ابشركم ما سررت به وغيره. ثم قالت: يقول لك: إذا صليت على نبيك (عليه السلام)، فكيف تصلي عليه ؟ فقلت: أقول: ” اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كأفضل ما صليت وبارك وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد “. (1) في ” ط ” زيادة: أني. (2) في ” ط ” زيادة: هو.


[ 549 ]

فقالت: لا، إذا صليت عليهم فصل عليهم كلهم وسمهم. فقلت: نعم. فلما كان من الغد نزلت ومعها دفتر صغير قد نسخناه فقالت: يقول لك: إذا صليت على نبيك فصل عليه وعلى أوصيائه على هذه النسخة. فأخذتها وكنت أعمل بها. ورأيته عدة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم وخرج، فكنت أفتح الباب وأخرج على أثر الضوء وأنا أراه – أعني الضوء – ولا أرى أحدا حتى يدخل المسجد، وأرى جماعة من الرجال من بلدان كثيرة يأتون باب هذه الدار، قوم عليهم ثيات رثة يدفعون إلى العجوز رقاعا معهم، ورأيت العجوز تدفع إليهم كذلك الرقاع وتكلمهم ويكلمونها ولا أفهم عنهم، ورأيت منهم جماعة في طريقنا حتى قدمنا بغداد. نسخة الدعاء اللهم صلى على محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وحجة رب العالمين، المنتخب (1) في الميثاق، المصطفى في الضلال، المطهر من كل آفة، البرئ من كل عيب، المؤمل للنجاة، المرتجى للشفاعة، المفوض إليه في دين الله. اللهم شرف بنيانه، وعظم برهانه، وأفلج (2) حجته، وارفع درجته وضوء نوره، وبيض وجهه، واعطه الفضل والفضيلة، والوسيلة والدرجة الرفيعة، وابعثه مقاما محمودا، يغبطه به الاولون والآخرون. وصل على أمير المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين، وقائد الغر المحجلين، وسيد المؤمنين. وصل على الحسن بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الحسين بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين.


(1) في ” م “: المنتخب. (2) أفلج الله حجته: أظهرها وأثبتها.

[ 550 ]

وصل على علي بن الحسين، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على محمد بن علي، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على جعفر بن محمد، إمام المؤمنين، وواث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على موسى بن جعفر، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على علي بن موسى، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على محمد بن علي، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على علي بن محمد، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الحسن بن علي، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الخلف الهادي المهدي (1)، إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. اللهم صلى على محمد وعلى أهل بيته الهادين، الائمة العلماء والصادقين، الاوصياء المرضيين، دعائم دينك، وأركان توحيدك، وتراجمه وحيك، وحجتك على خلقك، وخلفائك في أرضك، الذين اخترتهم لنفسك، واصطفيتهم على عبيدك، وارتضيتهم لدينك، وخصصتهم بمعرفتك، وجللتهم بكرامتك، وغيشتهم برحمتك، وغديتهم بحكمتك، وألبستهم من نورك، وربيتهم بنعمتك، رفعتهم في ملكوتك، وحففتهم بملائكتك، وشرفتهم بنبيك. اللهم صلى على محمد وعليهم صلاة دائمة كثيرة طيبة، لا يحيط بها إلا أنت، ولا يسعها إلا علمك، ولا يحصيها أحد غيرك. وصل على وليك المحيي سنتك، القائم بأمرك، الداعي إليك، الدليل عليك، حجتك وخليفتك في أرضك، وشاهدك على عبادك. اللهم أعزز نصره، ومد في عمره، وزين الارض بطول بقائه، اللهم اكفه بغي الحاسدين، وأعذه من شر الكائدين، وادحر (2) عنه إرادة الظالمين، وخلصه من أيدي الجبارين.


(1) في ” ع “: المهتدي. (2) في ” ع “: وازجر.

[ 551 ]

اللهم أره في ذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه، وتسر به نفسه، وبلغه أفضل أمله في الدنيا والآخرة، إنك على كل شئ قدير. اللهم جدد به ما محي من دينك، وأحي به ما بدل من كتابك، وأظهر به ما غير من حكمك حتى يعود دينك به وعلى يديه غضا جديدا خالصا محضا، لا شك فيه، ولا شبهة معه، ولا باطل عنده، ولا بدعة لديه. اللهم نور بنوره كل ظلمة، وهد بركنه كل بدعة، واهدم بقوته كل ضلال، واقصم به كل جبار، واخمد بسيفه كل نار، واهلك بعدله كل جائر، واجر حكمه على كل حكم، واذل بسلطانه كل سلطان. اللهم أذل من ناواه، واهلك من عاداه، وامكر بمن كاده، واستأصل من جحد حقه واستهزأ بأمره وسعى في إطفاء نوره وأراد إخماد ذكره. اللهم صلى على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة الزهراء، وعلى الحسن الرضي، وعلى الحسين الصفي (1)، وعلى جميع الاوصياء مصابيح الدجى، واعلام الهدى، ومنار التقى، والعروة الوثقى، والحبل المتين، الصراط المستقيم، وصل على وليك وعلى ولاة عهدك الائمة من ولده القائمين بأمره، ومد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أفضل آمالهم. (2) 525 / 129 – حدثني ابو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال: تقلدت عملا من أبي منصور بن الصالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني، فمكثت مستترا خائفا، ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيم أن يغلق الابواب وأن يجتهد في خلوة الموضع، لاخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان مما لم آمنه،


(1) في ” ط “: المصطفى. (2) غيبة الطوسي: 273 / 238، الخرائج والجرائح 1: 461 / 6 ” قطعة منه “، جمال الاسبوع: 494، مدينة المعاجز: 608 / / 69.

[ 552 ]

وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الابواب وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثت أدعو وأزور وأصلي. فبينما أنا كذلك إذ سمعت وطأة عند مولانا موسى (عليه السلام)، وإذا رجل يزور، فسلم على آدم وأولي العزم (عليهم السلام)، ثم الائمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان (عليه السلام) [ فلم يذكره ]، فعجبت من ذلك وقلت: لعله نسي، أو لم يعرف، أو هذا مذهب لهذا الرجل. فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين، وأقبل إلى عند مولانا أبي جعفر (عليه السلام)، فزار مثل الزيارة. وذلك السلام، وصلى ركعتين، وأنا خائف منه، إذ لم أعرفه، ورأيته شابا تاما من الرجال، عليه ثياب بيض، وعمامة محنك بها بذؤابة وردي على كتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل، أين أنت عن دعاء الفرج. فقلت: وما هو يا سيدي. فقال: تصلي ركعتين، وتقول: ” يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المن، يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كل نجوى، يا غاية كل شكوى، يا عون كل مستعين، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه – عشر مرات – يا سيداه – عشرة مرات – يا مولياه – عشرة مرات – يا غايتاه – عشر مرات – يا منتهى رغبتاه – عشرة مرات – أسألك بحق هذه الاسماء، وبحق محمد وآله الطاهرين (عليه السلام) إلا ما كشفت كربي، ونفست همي، وفرجت عني (1)، وأصلحت حالي ” وتدعو بعد ذلك بما شئت وتسأل حاجتك. ثم تضع خدك الايمن على الارض وتقول مائة مرة في سجودك: ” يا محمد يا علي، يا علي يا محمد، أكفياني فإنكما كافياي، وانصراني فإنكما ناصراي “. وتضع خدك الايسر على الارض، وتقول مائة مرة ” أدركني ” وتكررها كثيرا، وتقول: ” الغوث الغوث ” حتى ينقطع نفسك، وترفع رأسك، فإن الله بكرمه يقضي


(1) في ” م، ط “: غمي.

[ 553 ]

حاجتك إن شاء الله (تعالى). فلما شغلت (1) بالصلاة والدعاء خرج، فلما فرغت خرجت لابن جعفر لاسأله عن الرجل وكيف دخل، فرأيت الابواب على حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلك، وقلت: لعله باب هاهنا ولم أعلم، فأنبهت ابن جعفر القيم، فخرج إلي (2) من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله، فقال: الابواب مقفلة كما ترى ما فتحتها. فحدثته بالحديث فقال: هذا مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه)، وقد شاهدته دفعات (3) في مثل هذه الليلة عن خلوها من الناس. فتأسفت على ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر، وقصدت الكرخ (4) إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه، فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي، ويسألون عني أصدقائي، ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطه فيها كل جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان (صلوات الله عليه). فقلت: قد كان مني دعاء ومسألة. فقال: ويحك، ورأيت البارحة مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه) في النوم – يعني ليلة الجمعة – وهو يأمرني بكل جميل، ويجفو علي في ذلك جفوة خفتها. فقلت: لا إله إلا الله، اشهد أنهم الحق ومنتهى الصدق (5)، رأيت البارحة مولانا (عليه السلام) في اليقظة، وقال لي كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلك، وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنه ببركة مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه). (6) * * *


(1) في ” م، ط “: اشتغلت. (2) في ” ع، م ” زيادة: عندي. (3) في ” ط “: مرارا. (4) في ” ع “: الكوخ. (5) في ” ع، م “: الحق. (6) فرج المهموم: 245، البحار 95: 200 / 33.

[ 554 ]

معرفة رجال مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) 526 / 130 – حدثني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي هارون بن موسى بن أحمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبيد (1) الله القمي القطان، المعروف بابن الخزاز، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي عبد الله الخراساني، قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن الحسن الزهري، قال: حدثنا أبو حسان سعيد بن جناح، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، هل كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعلم أصحاب القائم (عليه السلام) كما كان يعلم عدتهم ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): حدثني أبي (عليه السلام)، قال: والله لقد كان يعرفهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم رجلا فرجلا (2)، ومواضع منازلهم ومراتبهم، وكل ما عرفه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد عرفه الحسن (عليه السلام)، وكل ما عرفه الحسن (عليه السلام)


(1) في ” م، ط “: عبد. في ” ع، م “: وقبائلهم وحلاهم. حلاهم: صفتهم وخلقتهم وصورتهم.

[ 555 ]

فقد عرفه (1) الحسين (عليه السلام)، وكل ما عرفه الحسين (عليه السلام) فقد عرفه (2) علي بن الحسين (عليه السلام)، وكل ما علمه علي بن الحسين (عليه السلام) فقد علمه (3) محمد بن علي (عليه السلام)، وكل ما علمه محمد بن علي (عليه السلام) فقد علمه وعرفه صاحبكم (يعني نفسه (عليه السلام). قال أبو بصير: قلت: مكتوب ؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): مكتوب في كتاب محفوظ في القلب، مثبت في الذكر لا ينسى. قال: قلت: جعلت فداك، أخبرني بعددهم وبلدانهم ومواضعهم، فذاك يقتضى من أسمائهم ؟ قال: فقال (عليه السلام): إذ كان يوم الجمعة بعد الصلاة فائتني. قال: فلما كان يوم الجمعة أتيته، فقال: يا أبا بصير، أتيتنا لما سألتنا عنه ؟ قلت: نعم، جعلت فداك. قال إنك لا تحفظ، فأين صاحبك الذي يكتب لك ؟ قلت: أظن شغله شاغل (4)، وكرهت أن أتأخر عن وقت حاجتي، فقال لرجل في مجلسه: اكتب له: ” هذا ما أملاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأودعه إياه من تسمية أصحاب المهدي (عليه السلام)، وعدة (5) من يوافيه من المفقودين عن فرشهم وقبائلهم، السائرين في ليلهم ونهارهم إلى مكة، وذلك عن استماع الصوت في السنة التي يظهر فيها أمر الله (عزوجل)، وهم النجباء والقضاة والحكام على الناس:


(1) في ” ط “: فقد صار علمه إلى. (2) في ” ع، م ” علمه. (3) في ” ط “: فقد صار علمه إلى. (4) في ” ع، م “: شغل شغله. (5) في ” ع، م “: عدد.

[ 556 ]

من طار بند (1) الشرقي رجل، وهو المرابط السياح، ومن الصامغان (2) رجلان، ومن أهل فرغانة (3) رجل، ومن أهل الترمد (4) رجلان، ومن الديلم (5) أربعة رجال، ومن مرو الروذ (6) رجلان، ومن مرو اثنا عشر رجلا، ومن بيروت تسعة رجال، ومن طوس خمسة رجال، ومن الفارياب (7) رجلان، ومن سجستان (8) ثلاثة رجال، ومن الطالقان (9) أربعة وعشرون رجلا، ومن جبال الغور (10) ثمانية رجال، ومن نيسابور ثمانية عشر رجلا، ومن هراة (11) اثنا عشر رجلا، ومن بوسنج (12) أربعة رجال، ومن الري سبعة رجال، ومن طبرستان (13) تسعة رجال، ومن قم ثمانية عشر رجلا، ومن قومس (14) رجلان، ومن جرجان اثنا عشر رجلا، ومن الرقة (15) ثلاثة رجال، ومن


(1) طاربند: موضع ذكره المؤمل بن أميل المحاربي في شعره. معجم البلدان 4: 4. (2) الصامغان: كورة من كور الجبل، في حدود طبرستان. معجم البلدان 3: 390. (3) فرغانة: مدينة واسعة بما وراء النهر، متاخمة لبلاد تركستان. معجم البلدان 4: 253. (4) ترمد: موضع في ديار بني أسد. معجم البلدان 2: 26. (5) الديلم: جيل سموا بأرضهم، وهم في جبال قرب جيلان، والديلم: ماء لبني عبس، وقيل: بأرض اليمامة. مراصد الاطلاع 2: 581. – (6) مرو الروذ: مدينة قريبة من مرو الشاهجان في خراسان. معجم البلدان 5: 112. (7) فارياب: مدينة مشهوره بخراسان من أعمال جوزجان. معجم البلدان 4: 229. (8) سجستان: ناحية كبيرة وولاية واسعة، بينها وبين هراة عشرة أيام. معجم البلدان 3: 190. (9) طالقان: بلدتان: إحداهما بخراسان بين مرو الروذ وبلخ، والاخرى كورة وبلدة بين قزوين وأبهر. معجم البلدان 4: 6. (10) جبال الغور: بين هراة وغزنة، ويطلق بفتح الغين على غور تهامة، وغور الاردن، معجم البلدان 4: 216 – 218. (11) هراة: مدينة في شمال غربي أفغانستان. المنجد في الاعلام: 727. (12) بوسنج: من قرى ترمذ، وفي ” ط “: بوشنج: بليد من نواحي هراة. معجم البلدان 1: 508. (13) طبرستان: بلاد واسعة ومدن كثيرة مجاورة لجيلان وديلمان، تسمى اليوم مازندران. مراصد الاطلاع 2: 878. (14) قومس: كورة كبيرة في ذيل جبل طبرستان، قصبتها دامغان. معجم البلدان 4: 414. (15) الرقة: تطلق على عدة مواضع فهي: مدينة في سورة، ومدينة من نواحي قوهستان، وبستان مقابل لدار الخلافة ببغداد بالجانب الغربي. معجم. البلدان 3: 58، المنجد في الاعلام: 309.

[ 557 ]

الرافقة (1) رجلان، ومن حلب ثلاثة رجال، ومن سلمية (2) خمسة رجال، ومن دمشق رجلان، ومن فلسطين رجل، ومن بعلبك رجل، ومن طبرية (3) رجل، ومن يافا (4) رجل، ومن قبرس (5) رجل، ومن بلبيس (6) رجل، ومن دمياط (7) رجل، ومن اسوان (8) رجل، ومن الفسطاط (9) أربعة رجال، ومن القيروان (10) رجلان، ومن كور كرمان ثلاثة رجال، ومن قزوين رجلان، ومن همدان أربعة رجال، ومن موقان (11) رجل، ومن البدو (12) رجل، من خلاط (13) رجل، ومن جابروان (14) ثلاثة رجال، ومن النوا (15)


(1) الرافقة: بلد متصل البناء بالرقة. معجم البلدان 3: 15، وفي ” ع، م “: الرافعة، ولعلها تصحيف ” الرائعة ” موضع بمكة، ومنزل في طريق البصرة. إلى مكة، معجم البلدان 3: 22. (2) سلمية: بليدة في ناحية البرية، من أعمال حماه، وبكسر الميم ” سلمية ” سهل في طرف اليمامة. مراصد الاطلاع 2: 731. (3) طبرية: مدينة على بحيرة طبرية، يجتازها نهر الاردن. المنجد في الاعلام: 434. (4) يافا: من مدن فلسطين. معجم البلدان 5: 426. (5) قبرس: جزيرة في بحر الروم (البحر المتوسط). معجم البلدان 4: 305. (6) بلبيس: مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام، والعامة تقول ” بلبيس ” بكسر الباء الاولى وفتح الثانية. معجم البلدان 1: 479. (7) دمياط: مدينة قديمة في مصر، تقع على زاوية بين بحر الروم ونهر النيل. معجم البلدان 2: 472. (8) أسوان: مدينة كبيرة في آخر صعيد مصر، على شرق النيل. معجم البلدان 1: 191 وفي ” ع، م ” سوان: موضع قرب بستان ابن عامر، وصقع من ديار بني سليم. معجم البلدان 3: 276. (9) الفسطاط: أول مدينة أسسها المسلمون في مصر على الضفة الشرقية للنيل. المنجد في الاعلام: 528. (10) القيران: مدينة في تونس، ومنطقة صحراوية في ليبيا، كثيرة الواحات، من مدنها بنغازي، ويرفع فيها شمالا الجبل الا حضر. المنجد في الاعلام: 559. (11) موقان: ولاية من أذربيجان. مراصد الاطلاع 3: 1335. (12) في ” ع، م “: اليد، لعله تصحيف ” أيد ” موضع في بلاد مزينة. معجم البلدان 1: 288. (13) خلاط: بلدة عامرة مشهورة، وهي أرمينية الوسطى. معجم البدان 2: 380. (14) جابروان: مدينة بأذربيجان قرب تبريز. معجم البلدان 2: 90. (15) النوا: بليدة من أعمال حوران، وقيل هي قصبتها، وتطلق على قرية من قرى سمرقند. معجم البلدان 5: 306.

[ 558 ]

رجل، ومن سنجار (1) أربعة رجال، ومن قاليقلا (2) رجل، ومن سميساط (3) رجل، ومن نصيبين (4) رجل، ومن الموصل رجل، ومن تل موزن (5) رجلان، ومن الرها (6) رجل، ومن حران (7) رجلان (8)، ومن باغة (9) رجل، ومن قابس (10) رجل، ومن صنعاء رجلان، ومن مازن رجل، ومن طرابلس رجلان (11)، ومن القلزم (12) رجلان، ومن القبة (13) رجل، ومن وادي القرى رجل، ومن خيبر رجل، ومن بدا (14) رجل، ومن الجار (15) رجل، ومن الكوفة أربعة عشر رجلا، ومن المدينة رجلان، ومن الربذة (16)


(1) سنجار: مدينة مشهورة في شمال العراق: بينهما وبين الموصل ثلاثة أيام. معجم البلدان 3: 262. (2) قاليقلا: مدينة بأرمينية العظمى من نواحي خلاط. معجم البلدان 4: 299. (3) سميساط: مدينة على شاطئ الفرات. معجم البلدان 3: 258. (4) نصيبين: مدينة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام. معجم البلدان 5: 288. (5) تل موزن: بلد في العراق بين رأس عين وسروج. معجم البلدان 2: 45. (6) الرها: مدينة بالجزيرة فوق حران. مراصد الاطلاع 2: 644. معجم البلدان 3: 106. (7) حران: مدينة قديمة في بلاد ما بين النهرين (العراق)، وحران أيضا: من قرى حلب، وتطلق أيضا على قريتين بالبحرين، وعلى قرية بغوطة دمشق. معجم البلدان 2: 235، المنجد في الاعلام: 231. (8) في ” م، ط “: رجل. (9) باغة: مدينة بالاندلس. معجم البلدان 1: 326. (10) قابس: مدينة بين طرابلس وسفاقس، على ساحل بحر المغرب. معجم البلدان 4: 289. (11) في ” ع، م “: رجل. (12) القلزم: تطلق العرب على البحر الاحمر، وهو بالاصل اسم مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر. معجم البلدان 4: 387، المنجد في الاعلام: 555. (13) القبة: تطلق على عدة مواضع، فهي موضع بالبحرين، وقبة الكوفة وهي الرحبة بها، وقبة جالينوس بمصر،، وقبة الرحمة بالاسكندرية. معجم البلدان 4: 308. (14) بدا: واد قرب أيلة، من ساحل البحر، وقيل: بوادي القرى، وقيل: بوادي عذرة قرب الشام. معجم البلدان 1: 356. (15) الجار: مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الاحمر) وتطلق على عدة مواضع اخرى، فهي فرضة لاهل المدينة ترفأ إليها السفن، وهي جزيرة في البحر، وقرية من قرى اصبهان، وقرية بالبحرين، وجبل شرقي الموصل. معجم البلدان 2: 92. (16) الربذة: من قرى المدينة. معجم البلدان 3: 24، وفي ” ط “: الري. (*)

[ 559 ]

رجل، ومن خيوان (1) رجل، ومن كوثى ربا (2) رجل، ومن طهنة (3) رجل، ومن تيرم (4) رجل. ومن الاهواز رجلان، ومن إصطخر (5) رجلان، ومن المولتان (6) رجلان (7)، ومن الديبل (8) رجل، ومن صيدائيل رجل، ومن المدائن ثمانية رجال، ومن عكبرا (9) رجل، ومن حلوان (10) رجلان، ومن البصرة ثلاثة رجال. وأصحاب الكهف وهم سبعة رجال، والتاجران الخارجان من عانة (11) إلى أنطاكية (12) وغلامهما وهم ثلاثة نفر والمستأمنون إلى الروم من المسلمين وهم أحد عشر رجلا، والنازلان بسرنديب (13) رجلان، ومن سمندر (14) أربعة رجال، والمفقود من مركبه


(1) خيوان: مخلاف باليمن ومدينة بها. معجم البلدان 2: 415، وفي ” ع، م “: الحيون، ولعلها تصحيف (خيوق) بلد من نواحي خوارزم، أو تصحيف (حيزن) من مدن أرمينية قريبة من شيروان وتسمى أيضا (حيزان). معجم البلدان 2: 331. (2) كوثى ربا: قرية في العراق، بها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السلام). مراصد الاطلاع 3: 1185. (3) طهنة: قرية بالصعيد شرقي النيل. معجم البلدان 4: 52، وفي ” م، ط “: طهر. (4) تيرم: موضع بالبادية. معجم البلدان 2: 66، وفي ” ط، م “: بيرم. (5) إصطخر: بلدة بفارس. معجم البلدان 1: 211. (6) مولتان: بلد من بلاد الهند. مراصد الاطلاع 3: 1336، وفي ” ط، م “: الموليان. (7) في ” ع، م ” رجل. (8) الديبل: مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند. معجم البلدان 2: 495، وفي ” م “: الدبيل: تطلق على عدة مواضع، فيها موضع متاخم لاعراض اليمامة، ومدينة أرمينية تتاخم اران، وقرية من قرى الرملة. مراصد الاطلاع 2: 513. (9) عكبرا: بليدة من ناحية الدجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ. معجم البلدان 4: 142. (10) حلوان: في عدة مواضع، منها حلوان العراق، وقرية من قرى مصر، وبليدة بقوهستان بنيسابور. مراصد الاطلاع 1: 418. (11) عانة: مدينة على الفرات، غرب العراق. (12) أنطاكية: مدينة واسعة من ثغور الشام. معجم البلدان 1: 266. (13) سرنديب: جزيرة كبيرة بأقصى بلاد الهند. معجم البلدان 3: 215. (14) سمندر: مدينة بأرض الخزر. معجم البلدان 3: 253.

[ 560 ]

بشلاهط (1) رجل، ومن شيراز – أو قال سيراف (2)، الشك من مسعدة – رجل، والهاربان إلى سردانية (3) من الشعب رجلان، والمتخلي بصقلية (4) رجل، والطواف الطالب الحق من يخشب رجل، والهارب من عشيرته رجل، والمحتج بالكتاب على الناصب من سرخس (5) رجل. فذلك ثلاثمائة وثلاثة عشر (6) رجلا بعدد أهل بدر، يجمعهم الله إلى مكة في ليلة واحدة، وهي ليلة الجمعة، فيتوافون في صبيحتها إلى المسجد الحرام، لا يتخلف منهم رجل واحد، وينتشرون بمكد في أزقتها، يلتمسون منازل يسكنونها، فينكرهم أهل مكة، وذلك أنهم لم يعلموا برفقة (7) دخلت من بلد من البلدان لحج أو عمرة ولا لتجارة، فيقول بعضهم لبعض: إنا لنرى في يومنا هذا قوما لم نكن رأيناهم قبل يومنا هذا، ليسوا من بلد واحد ولا أهل بدو، ولا معهم إبل ولا دواب ! فبينا هم كذلك، وقد ارتابوا بهم إذ يقبل رجل من بني مخزوم يتخطى رقاب الناس حتى يأتي رئيسهم فيقول: لقد رأيت ليلتي هذه رؤيا عجيبة، وإني منها خائف، وقلبي منها وجل. فيقول له: اقصص رؤياك. فيقول: رأيت كبة (8) نار انقضت من عنان السماء، فلم تزل تهوي حتى


(1) شلاهط: بحر عظيم فيه جزيرة سيلان. معجم البلدان 3: 357. (2) سيراف: بلدة في إيران على الخليج. المنجد في الاعلام: 376. (3) سردانية: جزيرة في بحر المغرب. معجم البلدان 3: 209. (4) صقلية: بالسين والصاد، جزيرة من جزائر بحر المغرب. معجم البلدان 3: 416. (5) سرخس: وكذا بفتح الراء، مدينة قديمة من نواحي خراسان. معجم البدان 3: 208. (6) عدتهم في الحديث ثلاثمائة وسبعة رجال، وفي الحديث (132) عدة الرجال بالاسماء ثلاثمائة، وعدتهم بالارقام المنصوص عليها قبل ذكر الاسماء ثلاثمائة وخمسة رجال على أن المتواتر بالروايات أن عدتهم بعدة أهل بدر، ولعل الوهم نشأ من الرواة أو النساخ، والملاحظ أن بعض اسماء المدن المذكورة في هذا الحديث غير موجودة في الحديث (132) وبالعكس، فتأمل. (7) الرفقة: الجماعة ترافقهم في السفر. (8) كبة النار: صدمتها.

[ 561 ]

انحطت على الكعبة، فدارت فيها، فإذا هي جراد ذوات أجنحة خضر كالملاحف، فأطافت بالكعبة ما شاء الله، ثم تطايرت شرقا وغربا، لا تمر ببلد إلا أحرقته، ولا بحصن (1) إلا حطمته، فاستيقظت وأنا مذعور القلب وجل. فيقولون: لقد رأيت هؤلاء، فانطلق بنا إلى الاقيرع (2) ليعبرها، وهو رجل من ثقيف، فيقص عليه الرؤيا، فيقول الاقيرع (3): لقد رأيت عجبا، ولقد طرقكم في ليلتكم جند من جنود الله، لا قوة لكم بهم. فيقولون: لقد رأينا في يومنا هذا عجبا. ويحدثونه بأمر القوم. ثم ينهضون من عنده ويهمون بالوثوب عليهم، وقد ملا الله قلوبهم منهم رعبا وخوفا، فيقول بعضهم لبعض، وهم يتآمرون بذلك: يا قوم لا تعجلوا على القوم، إنهم لم يأتوكم بعد بمنكر، ولا أظهروا خلافا، ولعل الرجل منهم يكون في القبيلة من قبائلكم، فإن بدا لكم منهم شر فأنتم حينئذ وهم، وأما القوم فإنا نراهم متنسكين وسيماهم حسنة، وهم في حرم الله (تعالى) الذي لا يباح من دخله حتى يحدث به حدثا ولم يحدث القوم حدثا يوجب محاربتهم. فيقول المخزومي، وهو رئيس القوم وعميدهم: إنا لا نأمن أن يكون وراءهم مادة لهم، فإذا التأمت إليهم كشف أمرهم وعظم شأنهم، فتهضموهم (4) وهم في قلة من العدد وغربة (5) في البلد قبل أن تأتيهم المادة، فإن هؤلاء لم يأتوكم مكة إلا وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل رؤيا صاحبكم إلا حقا، فخلوا لهم بلدكم وأجيلوا الرأي، والامر ممكن. فيقول قائلهم: إن كان من يأتيهم أمثالهم فلا خوف عليكم منهم، فإنه لا سلاح


(1) في ” م، ط “: بحضر. (2) في ” ط، ع “: الاقرع. (3) في ” ط “: الاقرع. (4) تهضمه: أذله وكسره. (5) في ” م، ط “: وغرة.

[ 562 ]

للقوم ولا كراع (1) ولا حصن يلجأون إليه، وهم غرباء محتوون، فإن أتى جيش لهم نهضتم إلى هؤلاء أولا (2)، وكانوا كشربة الظمآن. فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس، ثم يضرب الله على آذانهم وعيونهم بالنوم، فلا يجتمعون بعد فراقهم إلى إن يقوم القائم (عليه السلام)، وإن أصحاب القائم (عليه السلام) يلقى بعضهم بعضا كأنهم بنو أب وام، وإن افترقوا عشاء التقوا غدوة، وذلك تأويل هذه الآية: * (فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) * (3). قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك، ليس على الارض يومئذ مؤمن غيرهم ؟ قال: بلى، ولكن هذه [ العدة ] (4) التي يخرج الله فيها القائم (عليه السلام)، هم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدين، يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم. (5) 527 / 131 – قال: أبو حسان سعيد بن جناح، حدثنا محمد بن مروان الكرخي، قال: حدثنا عبد الله بن داود الكوفي، عن سماعة بن مهران، قال: سأل أبو بصير الصادق (عليه السلام) عن عدة أصحاب القائم (عليه السلام) فأخبره بعدتهم ومواضعهم، فلما كان العام القابل قال: عدت إليه فدخلت عليه، فقلت: ما قصة المرابط السائح ؟ قال: هو رجل من أصبهان، من أبناء دهاقينها (6)، له عمود فيه سبعون منا لا يقله غيره، يخرج من بلده سياحا في الارض وطلب الحق، فلا يخلو بمخالف إلا أراح منه، ثم إنه ينتهي إلى طاربند، وهم الحاكم بين أهل الاسلام والترك، فيصيب بها رجلا


(1) الكراع: اسم لجماعة الخيل خاصة، وقيل الخيل والبغال والحمير، أي ليس لهم دواب يفرون عليها. (2) في ” ط “: وهؤلاء. (3) البقرة 2: 148. (4) من الملاحم. (5) الملاحم والفتن: 202، المحجة للبحراني: 28. (6) الدهقان: رئيس القرية أو الاقليم، والتاجر، والقوي على التصرف مع شدة وخبرة.

[ 563 ]

من النصاب يتناول أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويقيم بها حتى يسرى به. وأما الطواف لطلب الحق، فهو رجل من أهل يخشب، قد كتب الحديث، وعرف الاختلاف بين الناس، فلا يزال يطوف في البلاد يطلب (1) العلم حتى يعرف صاحب الحق، فلا يزال كذلك حتى يأتيه الامر، وهو يسير من الموصل إلى الرها، فيمضي حتى يوافي مكة. وأما الهارب من عشيرته ببلخ (2) فرجل من أهل المعرفة، لا يزال يعلن أمره. ويدعو الناس إليه وقومه وعشيرته. فلا يزال كذلك حتى يهرب منهم إلى الاهواز، فيقيم في بعض قراها حتى يأتيه أمر الله فيهرب منهم. وأما المحتج بكتاب الله على الناصب من سرخس، فرجل عارف، يلهمه الله معرفة القرآن، فلا يلق أحدا من المخالفين إلا حاجة، فيثبت أمرنا في كتاب الله. وأما المتخلي بصقلية، فإنه رجل من أبناء الروم. من قرية يقال لها قرية يسلم، فينبو من الروم، ولا يزال يخرج إلى بلد الاسلام، يجول بلدانها، وينتقل من قرية إلى قرية، ومن مقالة إلى مقالة حتى يمن الله عليه بمعرفة الامر الذي أنتم عليه، فإذا عرف ذلك وأيقنه أيقن أصحابه فدخل صقلية و عبد الله حتى يسمع الصوت فيجيب. وأما الهاربان إلى السردانية من الشعب رجلان: أحدهما من أهل مدائن العراق، والآخر من جبانا (3)، يخرجان إلى مكة، فلا يزالان يتجران فيها ويعيشان حتى يتصل متجرهما بقرية يقال لها الشعب، فيصيران إليها، ويقيمان بها حينا من الدهر، فإذا عرفهما أهل الشعب آذوهما وأفسدوا كثيرا من أمرهما، فيقول أحدهما لصاحبه: يا أخي، إنا قد أوذينا في بلادنا حتى فارقنا أهل مكة، ثم خرجنا إلى الشعب، ونحن نرى أن أهلها ثائرة علينا من أهل مكة، وقد بلغوا بنا ما ترى، فلو سرنا في البلاد حتى يأتي أمر الله من عدل أو فتح أو موت يريح. فيتجهزان ويخرجان إلى


(1) في ” ط “: بالبلدان لطلب. (2) بلخ: قرية صغيرة في افغانستان. المنجد في الاعلام: 140. (3) جبانا: ناحية بالسواد بين الانبار وبغداد، مراصد الاطلاع 1: 309.

[ 564 ]

برقه، ثم يتجهزان ويخرجان إلى سردانية، ولا يزالان بها إلى الليلة التي يكون فيها أمر قائمنا (عليه السلام). وأما التاجران الخارجان من عانة إلى أنطاكية، فهما رجلان: يقال لاحدهما مسلم، وللآخر سليم، ولهما غلام أعجمي يقال له سلمونة، يخرجون جميعا في رفقة من التجار، يريدون أنطاكية، فلا يزالون يسيرون في طريقهم حتى إذا كان بينهم وبين أنطاكية أميال يسمعون الصوت فينصتون نحوه، كأنهم لم يعرفوا شيئا غير ما صاروا إليه من أمرهم ذلك الذي دعوا إليه، ويذهلون عن تجاراتهم، ويصبح القوم الذين كانوا معهم من رفاقهم، وقد دخلوا أنطاكية، فيفقدونهم، فلا يزالون يطلبونهم، فيرجعون ويسألون عنهم من يلقون من الناس فلا يقعون لهم على أثر، ولا يعلمون لهم خبرا، فيقول القوم بعضهم لبعض: هل تعرفون منازلهم ؟ فيقول بعضهم: نعم. ثم يبيعون ما كان معهم من التجارة ويحملونها إلى أهاليهم. ويقتسمون مواريثهم، فلا يلبثون بعد ذلك إلا ستة أشهر حتى يوافون إلى أهاليهم على مقدمة القائم (عليه السلام) فكأنهم لم يفارقوهم. وأما المستأمنة من المسلمين إلى الروم، فهم قوم ينالهم أذى شديد من جيرانهم وأهاليهم ومن السلطان، فلا يزال ذلك بهم حتى أتوا ملك الروم فيقصون عليه قصتهم، ويخبرونه بما هم فيه من أذى قومهم وأهل ملتهم فيؤمنهم ويعطيهم أرضا من أرض قسطنطينة، فلا يزالون بها حتى إذا كانت الليلة التي يسرى بهم فيها، يصبح جيرانهم وأهل الارض التي كانوا بها قد فقدوهم، فيسألون عنهم أهل البلاد فلا يحسون لهم أثرا، ولا يسمعون لهم خبرا، وحينئذ يخبرون ملك الروم بأمرهم وأنهم قد فقدوا. فيوجه في طلبهم، ويستقصي آثارهم وأخبارهم، فلا يعود مخبر لهم بخبر فيغتم طاغية الروم لذلك غما شديدا، ويطالب جيرانهم بهم، ويحبسهم ويلزمهم إحضارهم. ويقول: ما قدمتم على قوم آمنتهم وأوليتهم جميلا ؟ ويوعدهم القتل إن لم يأتوا بهم ونحبرهم، وإلى أين صاروا فلا يزال أهل مملكته في أذية ومطالبة، ما بين معاقب ومحبوس ومطلوب، حتى يسمع بما هم فيه راهب قد قرأ الكتب، فيقول لبعض من يحدثه حديثهم: إنه ما بقي


[ 565 ]

في الارض أحد يعلم علم هؤلاء القوم غيري وغير رجل من يهود بابل. فيسألونه عن أحوالهم فلا يخبر أحدا من الناس، حتى يبلغ ذلك الطاغية، فيوجه في حملة إليه، فإذا حضره قال له الملك: قد بلغني ما قلت، وقد ترى ما أنا فيه فاصدقني إن كانوا مرتابين قتلت بهم من قتلهم. ويخلص من سواهم من التهمة. قال الراهب: لا تعجل – أيها الملك – ولا تحزن على القوم، فإنهم لم يقتلوا ولن يموتوا، ولا حدث بهم حدث يكرهم الملك، ولا هم ممن يرتاب بأمرهم ونالتهم غيلة، ولكن هؤلاء قوم حملوا من أرض الملك إلى أرض مكة إلى ملك الامم، وهو الاعظم الذي لم تزل الانبياء تبشر به وتحدث عنه وتعد بظهوره وعدله وإحسانه. قال له الملك: ومن أين لك هذا ؟ قال: ما كنت لاقول إلا حقا، فإنه عندي في كتاب قد أتى عليه أكثر من خمسمائة سنة، يتوارثه العلماء آخر عن أول. فيقول له الملك: فإن كان ما تقول حقا، وكنت فيه صادقا، فاحضر الكتاب فيمضي في إحضاره. ويوجه الملك معه نفرا من ثقاته، فلا يلبث حتى يأتيه بالكتاب فيقرأه، فإذا فيه صفة القائم (عليه السلام) واسمه واسم أبيه، وعدة أصحابه وخروجهم. وأنهم سيظهرون على بلاده. فقال له الملك: ويحك، أين كنت عن إخباري بهذا إلى اليوم ؟ قال: لو لا ما تخوفت أنه يدخل على الملك من الاثم في قتل قوم أبرياء ما أخبرته بهذا العلم حتى يراه بعينه ويشاهده بنفسه. قال: أو تراني أراه ؟ قال نعم، لا يحول الحول حتى تطأ خيله أواسط بلادك، ويكون هؤلاء القوم أدلاء على مذهبكم. فيقول له الملك: أفلا أوجه إليهم من يأتيني بخبر منهم، وأكتب إليهم كتابا ؟ قال له الراهب: أنت صاحبه الذي تسلم إليه وستتبعه وتموت فيصلي عليك رجل من أصحابه. والنازلون بسرنديب وسمندر أربعة رجال من تجار أهل فارس، يخرجون عن


[ 566 ]

تجاراتهم فيستوطنون سرنديب وسمندر حتى يسمعوا الصوت ويمضون إليه. والمفقود من مركبه بشلاهط رجل من يهود أصبهان، تخرج من شلاهط قافلة، فيها هو، فبينما تسير في البحر في جوف الليل إذ نودي، فيخرج من المركب على أرض أصلب من الحديد، وأوطأ من الحرير، فيمضي الربان إليه وينظر، فينادي: أدركوا صاحبكم فقد غرق. فيناديه الرجل: لا بأس علي إني على جدد (1). فيحال بينهم وبينه، وتطوى له الارض، فيوافي القوم حينئذ مكة لا يتخلف منهم أحد. (2) 528 / 132 – وبالاسناد الاول: أن الصادق (عليه السلام) سمى أصحاب القائم (عليه السلام) لابي بصير فيما بعد، فقال (عليه السلام): أما الذي في طاربند الشرقي: بندار ابن أحمد من سكة تدعى بازان، وهو السياح المرابط. ومن أهل الشام رجلان: يقال لهما إبراهيم بن الصباح. ويوسف بن صريا (3)، فيوسف عطار من أهل دمشق، وإبراهيم قصاب من قرية سويقان (4). ومن الصامغان: أحمد بن عمر الخياط من سكة (5) بزيع، وعلي بن عبد الصمد التاجر من سكة النجارين. ومن أهل سيراف: سلم الكوسج البزاز من سكة الباغ، وخالد بن سعيد بن كريم الدهقان، والكليب الشاهد من دانشاه. ومن مرو روذ: جعفر الشاه الدقاق، وجور مولى الخصيب ومن مرو اثنا عشر (6) رجلا، وهم: بندار بن الخليل العطار، ومحمد بن عمر الصيدناني. وعريب بن عبد الله بن كامل، ومولى قحطبة، وسعد الرومي، وصالح بن الرحال، ومعاذ بن هاني، وكردوس الازدي، ودهيم بن جابر بن حميد، وطاشف بن علي


(1) الجدد: الارض الغليظة المستوية. (3) المحجة للبحراني: 34. (3) في ” ع، م ” حربا. (4) في ” ع، ط ” صويقان. (5) في ” ط ” سكنة، وكذا في المواضع الآتية. (6) وهؤلاء ثلاثة عشر رجلا.

[ 567 ]

القاجاني (1)، وقرعان بن سويد، وجابر بن علي الاحمر. وحوشب بن جرير. ومن باورد (2) تسعة رجال: زياد بن عبد الرحمن بن جحدب، والعباس بن الفضل بن قارب، وسحيق بن سليمان الحناط، وعلي بن خالد، وسلم بن سليم بن الفرات البزاز، ومحمويه بن عبد الرحمن بن علي، وجرير بن رستم بن سعد الكيساني. وحرب بن صالح، وعمارة بن معمر. ومن طوس أربعة رجال: شهمرد (3) بن حمران، وموسى بن مهدي، وسليمان بن طليق من الواد – وكان الواد موضع قبر الرضا (عليه السلام) – وعلي بن السندي الصيرفي. ومن الفارياب: شاهويه بن حمزة، وعلي بن كلثوم من سكة تدعى باب الجبل. ومن الطالقان أربعة وعشرون (4) رجلا: المعروف بابن الرازي الجبلي. و عبد الله ابن عمير، وإبراهيم بن عمرو (5)، وسهل بن رزق الله، وجبريل الحداد، وعلي بن أبي علي الوراق (6)، وعبادة بن جمهور (7)، ومحمد بن جيهار، وزكريا بن حبة، وبهرام بن سرح، وجميل بن عامر بن خالد، وخالد وكثير مولى جرير، و عبد الله بن قرط بن سلام، وفزارة بن بهرام. ومعاذ بن سالم بن جليد التمار، وحميد بن إبراهيم بن جمعة الغزال، وعقبة بن وفر بن الربيع، وحمزة بن العباس بن جنادة من دار الرزق، وكائن ابن حنيذ الصائغ، وعلقمة بن مدرك. ومروان بن جميل بن ورقاء، وظهور مولى زرارة ابن إبراهيم، وجمهور بن الحسين الزجاج، ورياش بن سعد (8) بن نعيم.


(1) في ” ع ” الفاجاني: (2) في ” م، ط: بارود، باورد: بلد بخراسان بين سرخس ونسا. معجم البلدان 1: 333، وفي الحديث (130) بيروت. (3) في ” ع ” سهمرد. (4) وهؤلاء خمسة وعشرون. (5) في ” ط “: عمر. (6) في ” ط “: الرواف. (7) في ” ط “: ممهور. (8) في ” ط “: سعيد.

[ 568 ]

ومن سجستان: الخليل بن نصر من أهل زنج (1)، وترك بن شبه، وإبراهيم بن علي. ومن غور ثمانية رجال: محج (2) بن خربوذ، وشاهد بن بندار، وداود بن جرير، وخالد بن عيسى، وزياد بن صالح، وموسى بن داود، وعرف الطويل، وابن كرد. ومن نيسابور ثمانية عشر (3) رجلا: سمعان بن فاخر. وأبو لبابة بن مدرك، وإبراهيم بن يوسف القصير، ومالك بن حرب بن سكين، وزرود بن سوكن، ويحيى بن خالد، ومعاذ بن جبرئيل، وأحمد بن عمر بن زفر، وعيسى بن موسى السواق، ويزيد ابن درست، ومحمد بن حماد بن شيت، وجعفر بن طرخان، وعلان ماهويه، وأبو مريم، وعمرو بن عمير بن مطرف، وبليل (4) بن وهايد بن هرمرديار. ومن هراة اثنا عشر رجلا: سعيد بن عثمان الوراق، وما سحر (5) بن عبد الله ابن نيل (6)، والمعروف بعلام (7) الكندي، وسمعان القصاب، وهارون بن عمران، وصالح بن جرير، والمبارك بن معمر بن خالد، و عبد الاعلى بن إبراهيم بن عبده، ونزل ابن حزم، وصالح بن نعيم، وآدم بن علي، وخالد القواس. ومن أهل بوسنج أربعة رجال: طاهر بن عمرو بن طاهر، المعروف بالاصلع، وطلحة بن طلحة السائح، والحسن بن الحسن بن مسمار، وعمرو بن عمر بن هشام. ومن الري سبعة رجال: إسرائيل القطان، وعلي بن جعفر بن خرزاد، وعثمان ابن علي بن درخت، ومسكان بن جبل (8) بن مقاتل، وكردين بن شيبان، وحمدان بن


(1) في ” ع “: زيج. (2) في ” ع “: محمح. (3) وهؤلاء ستة عشر رجلا. (4) في ” م “: بلبل. (5) في ” ط “: وما سح. (6) في ” ط ” نبيل. (7) في ” ط “: بغلام. (8) في ” ط “: جبلة.

[ 569 ]

كر، وسليمان بن الديلمي. ومن طبرستان أربعة رجال: حرشاد (1) بن كردم، وبهرام بن علي، والعباس بن هاشم، و عبد الله بن يحيى. ومن قم ثمانية عشر (2) رجلا: غسان بن محمد بن غسان (3)، وعلي بن أحمد بن برة (4) بن نعيم بن يعقوب بن بلال، وعمران بن خالد بن كليب، وسهل بن علي بن صاعد، و عبد العظيم بن عبد الله بن الشاه، وحسكة بن هاشم بن الداية، والاخوص ابن محمد بن إسماعيل بن نعيم بن طريف، وبليل (ذ) بن مالك بن سعد بن طلحة بن جعفر بن أحمد بن جرير، وموسى بن عمران بن لاحق، والعباس بن زفر (6) بن سليم، والحويد بن بشر بن (7) بشير، ومروان بن علابة بن جرير، المعروف بابن رأس الزق (8)، والصقر بن إسحاق بن إبراهيم، وكامل بن هشام. ومن قومس رجلان: محمود بن محمد بن أبي الشعب، وعلي بن حمويه بن صدقة من قرية الخرقان. ومن جرجان اثنا عشر رجلا: أحمد بن هارون بن عبد الله، زرارة بن جعفر، والحسين بن علي بن مطر، وحميد بن نافع، ومحمد بن خالد بن قرة بن حوية، وعلان ابن حميد بن جعفر بن حميد، وإبراهيم بن إسحاق بن عمرو، وعلي بن علقمة بن محمود وسلمان، بن يعقوب، والعريان بن الخفان، الملقب بحال (9) روت، وشعبة بن


(1) في ” ط “: حرشام. (2) وهؤلاء أربعة عشر رجلا. (3) في ” ط “: محمد عتبان، وفي ” ع “: محمد غسان. (4) في ” ط “: بقرة. (5) في ” م ” بلبل. (6) في ” ط “: بقر، وفي ” م “: نضر. (7) (بشر بن) ليس في ” ع “. (8) في ” ع، م “: الون. (9) في ” ط “: بخال.

[ 570 ]

علي، وموسى بن كردويه. ومن موقان رجل، وهو: عبيد (1) بن محمد بن ماجور. ومن السند رجلان: سياب بن العباس بن محمد، ونصر (2) بن منصور، يعرف بناقشت. ومن همدان أربعة رجال: هارون بن عمران بن خالد، وطيفور بن محمد بن طيفور، وأبان بن محمد بن الضحاك، وعتاب بن مالك بن جمهور. ومن جابروان ثلاثة رجال: كرد بن حنيف، وعاصم بن خليد (3) الخياط، وزياد ابن رزين. ومن النوا (4) رجل: لقيط بن الفرات. ومن أهل خلاط: وهب بن خربند بن سروين. ومن تفليس (5) خمسة رجال: جحدر بن الزيت، وهاني العطاردي، وجواد بن بدر، وسليم بن وحيد، والفضل بن عمير. ومن باب الابواب (6): جعفر بن عبد الرحمن. ومن سنجار أربعة رجال: عبد (7) الله بن زريق، وسحيم بن مطر، وهبة الله بن زريق بن صدقة، وهبل بن كامل. ومن قاليقلا: كردوس بن جابر. ومن سميساط: موسى بن زرقان. ومن نصيبين رجلان: داود بن المحق، وحامد صاحب البواري.


(1) في ” ع ” زيادة: الله. (2) في ” ط “: نضر. (3) في ” ط “: خليط. (4) في ” ط “: الشورى، وفي ” ع “: الشوى. (5) تفليس: بلد بأرمينية الاولى. معجم البلدان 2: 35. (6) باب الابواب: مدينة على بحر الخزر، معجم البلدان 1: 303. (7) في ” ع ” عبيد.

[ 571 ]

ومن الموصل رجل: يقال له سليمان بن صبيح من القرية الحديثة. ومن تل موزن (1) رجلان: يقال لهما بادصنا (2) بن سعد بن السحير. وأحمد بن حميد بن سوار. ومن بلد (3) رجل: يقال له بور بن زائدة بن شروان. (4). ومن الرها رجل: يقال له كامل بن عفير. ومن حران: زكريا السعدي. ومن الرقة ثلاثة رجال: أحمد بن سليمان بن سليم، ونوفل بن عمر، وأشعث بن مالك. ومن الرافقة: عياض (5) بن عاصم بن سمرة بن جحش، ومليح بن سعد. ومن حلب أربعة رجال: يونس بن يوسف، وحميد بن قيس بن سحيم بن مدرك ابن علي بن حرب بن صالح بن ميمون، ومهدي بن هند بن عطارد، ومسلم بن هوارمرد (6). ومن دمشق ثلاثة رجال: نوح بن جرير (7)، وشعيب بن موسى، وحجر بن عبد (8) الله الفزاري. ومن فلسطين: سويد بن يحيى. ومن بعلبك: المنزل بن عمران.


(1) في ” ط، ع ” يلمورق. (2) في ” ط “: باد صبا. (3) بلد: تطلق على عدة مواضع، منها: البلد الحرام، ومدينة قدمية فوق الموصل على دجلة، وقرية معروفة من قرى الدجيل، مراصد الاطلاع 1: 217. (4) في ” ط “: ثوران، وفي ” ع ” ثروان. (5) في ” م، ط “: عياص. (6) في ” ط “: هو امرد. (7) في ” ط، ع “: جوير. (8) في ” ع “: عبيد.

[ 572 ]

ومن طبرية: معاذ بن معاذ. ومن يافا: صالح بن هارون. ومن قرمس (1): رئاب بن الجلود (2)، والخليل بن السيد. ومن تيس (3): يونس بن الصقر، وأحمد بن مسلم بن مسلم. ومن دمياط: علي بن زائدة. ومن أسوان: حماد بن جمهور. ومن الفسطاط أربعة رجال: نصر بن حواس، وعلي بن موسى الفزاري، وإبراهيم بن صفير، ويحيى بن نعيم. ومن القيراوان،: علي بن موسى بن اليشخ. وعنبرة بن قرطة. ومن باغة: شرحبيل السعدي. ومن بلبيس: علي بن معاذ. ومن بالس (4): همام بن الفرات. ومن صنعاء: الفياض بن ضرار (5) بن ثروان، وميسرة بن غندر بن المبارك (6). ومن مازن: عبد الكريم بن غندر (7). ومن طرابلس: ذو النورين عبيدة (8) بن علقمة. ومن أبلة (9) رجلان: يحيى بن بديل، وحواشة بن الفضل.


(1) قرمس: بلدة بالاندلس. معجم البلدان 4: 330. (2) في ” ط “: الجلد. (3) التيس: موضع بين الكوفة والشام، وهو أيضا جبل بالشام به عدة حصون. معجم البلدان 2: 66. (4) بالس: بلدة بالشام بين حلب والرقة. معجم البلدان 1: 328. (5) في ” م ” الغياض بن صرار. (6) في ” ع، م ” المباركي. (7) في ” ط “: غند. (8) في ” ع “: عبدة. (9) الابلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى. معجم البلدان 1: 76.

[ 573 ]

ومن وادي القرى: الحر بن الزبرقان. ومن خيبر (1) رجل: يقال له سليمان (2) بن داود. ومن ربدار (3): طلحة بن سعد (4) بن بهرام. ومن الجار: الحارث بن ميمون. ومن المدينة رجلان: حمزة بن طاهر، وشرحبيل بن جميل. ومن الربذة: حماد بن محمد بن نصير. ومن الكوفة أربعة عشر رجلا: ربيعة بن علي بن صالح، وتميم بن إلياس بن أسد، والعضرم بن عيسى، ومطرف بن عمر الكندي، وهارون بن صالح بن ميثم (5)، ووكايا بن سعد، ومحمد بن رواية، والحر (6) بن عبد الله بن ساسان، وقودة الاعلم، وخالد بن عبد القدوس، وإبراهيم بن مسعود بن عبد الحميد، وبكر بن سعد بن خالد، وأحمد بن ريحان بن حارث، وغوث (7) الاعرابي. ومن القلزم: المرجئة (8) بن عمرو، وشبيب بن عبد الله. ومن الحيرة: بكر بن عبد الله بن عبد الواحد. ومن كوثي ربا: حفص بن مروان. ومن طهنة: الحباب (9) بن سعيد، وصالح بن طيفور. ومن الاهواز: عيسى بن تمام، وجعفر بن سعيد الضرير، يعود بصيرا.


(1) في ” ط ” الجيزة، وهي بليدة غربي الفسطاط في مصر، معجم البلدان 2: 200. (2) في ” ع، م “: سليمي. (3) لعله تصحيف (ريدان) وهي حصن باليمن، وقيل: قصر بظفار باليمن. معجم البلدان 3: 111. (4) في ” ط “: سعيد. (5) في ” ع، م “: عثيم. (6) في ” ط “: الحرب. (7) في ” ع، م “: غرث. (8) في ” ع “: الرحبة. (9) في ” ط “: الطاهي: الجاب، وفي ” م ” طاهي: الحباب.

[ 574 ]

ومن الشام: علقمة بن إبراهيم. ومن إصطخر: المتوكل بن عبيد (1) الله، وهشام بن فاخر. ومن المولتان (2): حيدر بن إبراهيم. ومن النيل: شاكر بن عبدة. ومن القندابيل (3): عمرو بن فروة. ومن المدائن ثمانية نفر: الاخوين الصالحين محمد وأحمد ابني المنذر، وميمون (4) ابن الحارث، ومعاذ بن علي بن عامر بن عبد الرحمن بن معروف بن عبد الله، والحرسي ابن سعيد، وزهير بن طلحة، ونصر، ومنصور. ومن عكبرا: زائدة بن هبة. ومن حلوان: ماهان بن كثير، وإبراهيم بن محمد. ومن البصرة: عبد الرحمن بن الاعطف بن سعد، وأحمد بن مليح، وحماد بن جابر. وأصحاب الكهف سبعة نفر: مكسلمينا وأصحابه. والتاجران الخارجان من أنطاكية: موسى بن عون، وسليمان بن حر، وغلامهما الرومي. والمستأمنة إلى الروم أحد عشر (5) رجلا: صهيب بن العباس، وجعفر بن حلال (6) وضرار بن سعيد، وحميد القدوسي، والمنادي (7)، ومالك بن خليد، وبكر بن الحر، وحبيب بن حنان، وجابر بن سفيان.


(1) في ” ط “: عبد. (2) في ” م، ط ” الموليان. (3) قندابيل: مدينة بالسند. معجم البلدان 4: 402، وفي ” ط ” القنديل وفي ” ع ” قندايل. (4) في ” ط ” تيمور، وفي ” م ” سيمون. (5) وهؤلاء تسعة رجال. (6) في ” م، ط، ع ” وجعفر بن… وحلال بن حميد. وما أثبتناه، من المحجة للبحراني. (7) في ” ع، م “: القدوس المناري.

[ 575 ]

والنازلان بسرنديب، وهما: جعفر بن زكريا، ودانيال بن داود. ومن سندرا أربعة رجال: خور بن طرخان، وسعيد بن علي، وشاه بن بزرج، والنازلان بسرنديب، وهما: جعفر بن زكريا، ودانيال بن داود. ومن سندرا أربعة رجال: خور بن طرخان، وسعيد بن علي، وشاه بن بزرج، وحر بن جميل. والمفقود من مركبه بشلاهط: اسمه المنذر بن زيد. ومن سيراف – وقيل: شيراز، الشك من مسعدة -: الحسين بن علوان. والهاربان إلى سردانية: السري بن الاغلب، وزيادة الله بن رزق الله. والمتخلي بصقلية: أبو داود الشعشاع. والطواف لطلب الحق من يخشب: وهو عبد الله بن صاعد بن عقبة. والهارب من بلخ من عشيرته: أوس بن محمد. والمحتج بكتاب الله على الناصب من سرخس: نجم بن عقبة بن داود. ومن فرغانة: أزدجاه بن الوابص. ومن الترمد (1): صخر بن عبد الصمد القنابلي، ويزيد بن قادر. فذلك ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدد أهل بدر. (2) 529 / 133 – وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه (رضي الله عنه)، قال: حدثني محمد بن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن حمران، عن أبيه، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر أصحاب القائم (عليه السلام)، فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكل واحد يرى نفسه في ثلاثمائة. (3) والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


(1) في ” ط ” البرية، وفي ” م ” البريد. (2) المحجة للبحراني: 38. (3) المحجة للبحراني: 46. (*)

اترك تعليقاً