فقه الرضا

علي بن بابويه


[ 2 ]

اسم الكتاب: الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام) تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث – قم المشرفة نشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا (عليه السلام) – مشهد المقدس الطبعة: الأولى – شوال 1406 ه‍. ق العدد: 3000 نسخة


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم


[ 5 ]

الإهداء إلى سليل النبوة وموضع خيرة الله من خلقه إلى مشكاة نور الله التي أضاءت الخافقين إلى النور المشرق على العالم من خراسان إلى الإمام المظلوم الحامل للآلام البشرية نرفع هذا الجهد المتواضع قربى إليه وزلفى لديه راجين منه القبول


[ 7 ]

تمهيد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، محمد وعترته المعصومين. وبعد: فإن الجهد الجبار الذي قام به العلامة الكبير، وباعث حديث أهل البيت (عليهم السلام) في المائة الحادية عشرة، الشيخ محمد باقر بن محمد تقي المجلسي. حشره الله مع الأئمة المعصومين، هو مورد تقدير وإكبار العلماء والباحثين على مدى العصور. وقد حمدت له غايته السامية في حفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام) ولم شمل ما انتشر منه في المخطوطات المتفرقة العزيزة الحصول – يوم ذاك – فحفظ ما أسعفته يد مقدرته، وصرف هو وجملة من تلامذته الأعاظم، الذين هم قمم شاهقة في علم الحديث وغيره، كالسيد نعمة الله الجزائري شارح التهذيب، والشيخ عبد الله بن نور الله البحراني صاحب العوالم، والميرزا الأفندي صاحب رياض العلماء، نعم صرف هؤلاء البررة قسطا وافرا من أعمارهم الغالية في جمع وتنظيم هذا الكتاب الضخم الفخم، فحفظوا لنا ثروة غالية لا تقدر بثمن. البحار. ذلك الكتاب العظيم بصورته الحاضرة محتاج إلى تدقيق وتحقيق حسب القواعد التي استقر عليها هذا الفن – فن تحقيق المخطوطات. وذهبت بي الأفكار في مجالاتها الواسعة، حتى استقرت بي على أن الباب الذي يدخل منه إلى تحقيق الكتاب، هو تحقيق مصادر الكتاب أولا لإرساء القاعدة الصلبة بضبط نصوص الأحاديث وتقويم أسانيدها. فصممت العزم مع الأخوة المشتغلين في تحقيق التراث في مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) للنهوض بهذا المشروع العظيم.


[ 8 ]

وكان كتاب الفقه المنشور إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، أول الكتب التي تم العمل في تحقيقها، وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ العزيز. وبرقت بارقة خير وهدى، من الشمس المشرقة في خراسان – الثامن الضامن – الإمام الرضا – (عليه السلام) وتجلت هذه البارقة حزمة ضوء – تضئ للباحثين الطريق – في المؤتمر العالمي المنعقد سنويا تحت اسمه الشريف. والأمة تأمل من هذا المؤتمر أن يزودها – على مدى السنين – بالزاد النافع في دنياها وأخراها، ولن يخيب ظنها إن شاء الله.


[ 9 ]

المقدمة رغم الحملات المسعورة التي شنها الحكام الجائرون والظلمة العتاة، ضد أهل بيت عصمهم الله من الزلل. وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، مستهدفين إطفاء تلك الأنوار الإلهية والقبسات الربانية، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون. ورغم التشريد والملاحقة التي واجهت الرسالين المؤمنين بربهم، الملتزمين بعقيدتهم، الأوفياء لمبادئهم، فقد كانوا كالبنيان المرصوص. لم تهزهم تلك الرياح الهوجاء والعواصف العاتية. بيد أن للباطل جولة وللحق دولة، فأتعب المخلصون أنفسهم، وبذلوا الغالي والرخيص لحفظ ذلك التراث الإسلامي العظيم، الموروث من أهل بيت العصمة والطهارة، خوفا عليه من الدس والإندراس والتلف والضياع. يحدثنا التاريخ عن أخت محمد بن أبي عمير، وعن كيفية دفن الكتب التي كانت عنده خوفا من السلطة الحاكمة التي اعتقلته، وما آلت إليه تلك الآثار الثمينة من التلف، وكيف أصبحت مراسيل ابن أبي عمير كالمسانيد، جزاء لذلك الإخلاص والتفاني في سبيل الحق والمبدأ. هل ينسى التاريخ الهجوم الوحشي الكاسر، الذي شنه طغرل بك السلجوقي على دار شيخ الطائفة في بغداد لإحراق كتبه، ورمي القسم الآخر منه في الماء، وإحراق كرسي كان يجلس عليه عند إلقاء دروسه، هذا الكرسي الذي هو اعتراف من خليفة بغداد، بأعلمية الشيخ الطوسي في عاصمة الإمبراطورية الواسعة. كم وكم قاسى الشهيدان الأول والثاني، وغيرهما من أعلام الطائفة، من جهلة عصرهم وطواغيت زمانهم. فكان أن تلف القسم الكثير من ذلك الموروث الحضاري العظيم، وسرق القسم الأوفر مما تبقى منه وسلم من عوادي الزمان، ليستقر في خزانات المتاحف البريطانية


[ 10 ]

والأسبانية والإيطالية و و. أو في خبايا المكتبات الشخصية أو المهجورة. ولكن جهود الباحثين بعد التتبع الشاق العسير، توصلهم إلى نسخة من تلك النسخ في إحدى المكتبات المطمورة – بعد بقاء القسم الأكبر منه رهينا بيد الأقدار تتلاعب به كيفما أرادت وشاءت – وتكثر حينذاك حول هذه النسخة علامات التساؤل والاستفسار، وتوضع على طاولة التشريح، في أي قرن ألف الكتاب، وما هو موضوعه؟ ولمن هذه الكتب؟ و و.؟ وتزداد بذلك علامات الحيرة والاستفهام أكثر فأكثر. * * * ومن أهم تلك الكتب التي كانت – وما تزال – عرضة للتساؤل والاستفسار و موردا للبحث والنقاش بين الأعلام – هو الكتاب الماثل بين يديك – الفقه المنسوب لسيدنا ومولانا الإمام علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام. لقد تناول المحققون والعلماء هذا الكتاب بالبحث والدراسة المتعمقة وذهبوا في ذلك مذاهب شتى اتسم البعض منها بقوة الاستدلال وحجية المنطق وأصالة الرأي. وإنا إذ نذكر أولا أهم الآراء والاحتمالات المروية في الباب ومن ثم نتطرق إلى ذكر أدلة كل واحد منهم، وهي: 1 – أنه للإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
2 – كونه متحدا مع كتاب الشرائع الذي كتبه أبو الحسن علي بن موسى بن بابويه لولده الشيخ الصدوق.
3 – كونه مجعولا كله أو بعضه على الإمام الرضا (عليه السلام).
4 – أنه عين كتاب المنقبة للإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).
5 – أنه من مؤلفات بعض أولاد الأئمة بأمر الرضا (عليه السلام).
6 – أنه من مؤلفات بعض أصحاب الإمام (عليه السلام).
7 – التوقف.
8 – أنه كتاب التكليف لمحمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني الذي رواه عنه الشيخ أبو الحسن علي بن موسى بابويه. وعلى فرض إحدى الاحتمالات المذكورة، فهل أنه مورد اعتماد الأصحاب، وهل يمكن التعويل عليه في استنباط الأحكام أو لا؟


[ 11 ]

ذهب بعض الأعلام إلى أنه كتاب حديثي روائي، وآخرون منهم إلى أنه كتاب فقهي فتوائي. فلذلك كان مثار الجدل عند أكابر القوم وأعلام الطائفة، وذكر كل منهم دليله الذي يعضد رأيه ويؤيد مشربه. 1 – أنه من تأليف الإمام الرضا عليه السلام: لم يكن الكتاب متداولا بين الأصحاب إلى زمان الفاضل التقي مولانا محمد تقي المجلسي قدس سره، وهو أول من روج لهذا الكتاب ونبه عليه في اللوامع – وهو شرحه الفارسي على الفقه – وبعده ولده العلامة مروج الشريعة المحدث مولانا محمد باقر المجلسي. فإنه أورده في كتاب بحار الأنوار ووزع عباراته على الأبواب، واستند إليها في الآداب. والأحكام المشهورة الخالية عن المستند ظاهرا. يقول العلامة المجلسي: ” وكتاب فقه الرضا (عليه السلام) أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين – طاب ثراه – بعد ما رود أصفهان، قال: قد اتفق في بعض سني مجاورتي بيت الله الحرام، أن أتاني جماعة من أهل قم حاجين، وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر الرضا صلوات الله عليه، وسمعت الوالد – رحمه الله – أنه قال: سمعت السيد يقول: كان عليه خطه صلوات الله عليه، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء وقال السيد: حصل لي العلم بتلك القرائن أنه تأليف الإمام (عليه السلام) فأخذت الكتاب وكتبته وصححته، فأخذ والدي – قدس الله روحه – هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصححه، وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير سنه، وما يذكره والده في رسالته إليه، وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة في ” 2. واعتمد عليه بعدهما السيد صاحب الرياض وصاحب مفاتيح الأصول، والشيخ البحراني، والفاضل الكاشاني، وجعلوه في مصاف الأخبار، ونقلوه في مؤلفاتهم، بنحو


1 – مفاتيح الأصول: 352، وعوائد الأيام: 248.
2 – بحار الأنوار 1: 11.

[ 12 ]

الروايات. والسيد أمير حسين – على حد قول النراقي – هو: القاضي أمير حسين الذي حكى عنه الفاضلات المجلسين، هو السيد أمير حسين بن حيد العاملي الكركي، ابن بنت المحقق الشيخ علي بن عبد العال الكركي. وكان قاضي أصفهان والمفتي بها في الدولة الصفوية – أيام السلطان العادل شاه طهماسب الصفوي – وهو أحد الفقهاء المحققين، والفضلاء المدققين، مصنف مجيد، طويل الباع، كثير الاطلاع، وجدت له رسالة مبسوطة في نفي وجوب الجمعة في زمان الغيبة، وكتاب النغمان القدسية في أجوبة المسائل الطبرسية، وكتاب رفع المناواة عن التفضيل والمساواة. يقول المحدث النوري رحمه الله: والثقة العدل القاضي أمير حسين – طاب ثراه – استنسخ هذا الكتاب قبل هذا: بنحو من عشر سنين، وكان في عدة مواضع خط الإمام الرضا (عليه السلام) وإني أشرت إليه ورسمت صورة خطه (عليه السلام) على ما رسمه القاضي. ومن موافقة الكتاب لكتاب الفقيه يحصل الظن القوي بأن علي بن بابويه ومحمد بن علي كانا عالمين بأن هذا الكتاب تصنيف الإمام (عليه السلام) وقد جعله الصدوق حجة بينه وبين ربه 2. وذكر القاضي أمير حسين: أن من كان عنده هذا الكتاب، ذكر أنه وصل من آبائنا، إن هذا الكتاب من تصنيف الإمام (عليه السلام) كانت نسخة قديمة مصححة، وفي ذلك إشعار بتواتر انتسابه إليه (عليه السلام). ولا أقل من الاستفاضة، وبذلك يخرج عن حيز الوجادة – ويدخل في حد الحسان من المسانيد برواية من مدحهم القاضي من الشيعة القميين وإن جهل حالهم 3. قال صاحب الدرة: إن السيد أمير حسين بن حيدر العاملي الكركي – ابن بنت


1 – عوائد الأيام: 249.
2 – مستدرك الوسائل 3: 337.
3 – مفاتيح الأصول: 351.

[ 13 ]

المحقق الشيخ علي بن عبد العال الكركي طاب ثراه – وكان قاضي إصفهان والمفتي بها في الدولة الصفوية – أيام السلطان الغالب طهماسب الصفوي – وهو أحد الفقهاء المحققين، والفضلاء المدققين، مصنف مجيد، طويل الباع، كثير الاطلاع، وله كتاب الإجازات فيه إجازات جم غفير من العلماء المشاهر له، منهم خاله المحقق المدقق الشيخ عبد العال بن المحقق الشيخ علي الكركي، وابن خالته السيد العماد، والأمير محمد باقر الداماد، والشيخ الفقيه الأوحد الشيخ بهاء الدين محمد العاملي. وذكر في موضع آخر من كتابه: أن السيد أمير حسين كان مجاورا في مكة المعظمة سنين، وبعد ذلك جاء إلى أصفهان وذكر لي: أني جئت بهدية نفيسة إليك 2. فإن سياق هذا الكلام مما لا يناسب الطريقة المعهودة من السيد الكركي الذي كان من مشائخ المولى المذكور وبنيه، وإنما هو كلام يصدر غالبا عمن يتكلم مع من هو أعلى منه أو يساويه 3. وقال السيد الخونساري في رسالته: وأما ما تقدم من اتحاد القاضي أمير حسين المذكور، مع السيد الأجل الأكمل السيد حسين بن حيدر العاملي المجتهد، كما توهمه سيدنا صاحب الدرة، فهو أيضا كلام عار عن التحقيق، ناشئ عن قلة التتبع والتدقيق، وذلك لأن السيد حسين بن حيدر الكركي المفتي صاحب كتاب الإجازات، كان من أعظم فقهاء عصر مولانا الفاضل التقي المجلسي، ومعاصره المولى الأفقه الأكمل المحقق الخراساني صاحب الذخيرة والكفاية، وقد استجازه الفاضلان المذكوران، وجمع آخر من فضلاء عصره، فأجاز لهم، و أقر جميع هؤلاء بأفقهيته، وبأنه شيخهم المقدم ورئيسهم المعظم، كما يشهد به سياق روايتهم عنه في الإجازات وغيرها 4. واستطرد قائلا: ومما يزيد ذلك بيانا ويوضحه نهاية التوضيح، ما يعطيه كلام صاحب


1 – الفوائد: 148.
2 – الفوائد: 7 14.
3 – رسالة الخونساري: 32.
4 – رسالة الخونساري: 31.

[ 14 ]

الرياض، الذي قد بلغ في الاطلاع على دقائق أحوال العلماء الغاية، وتجاوز بتتبعه الكامل النهاية، حيث عقد للقاضي حسين عنوانا عاريا عن ذكر والده باعتبار جهله لنسبه، وذكر في ذيله أنه الذي أظهر أمر الفقه الرضوي، وجاء به من البيت المعظم، ونبه على أنه غير القاضي مير حسين الميبذي المتوفى سنة (870 ه‍) شارح الديوان المرتضوي والكافية الحاجبية. وأفرد للسيد الفقيه الكركي عنوانا آخر، وأخذ في الإطراء عليه، وفصل الكلام في أحواله وبيان مؤلفاته 2. وكفانا مؤنة البحث المحدث النوري في مستدركه 3، والسيد الخونساري في رسالته 4 فراجع. وسواء أكان السيد أمير حسين هذا أو ذاك، فإن روايته للكتاب مما يعرف في علم الدراية بالوجادة. ولم نعرف راويها عن الإمام (عليه السلام) إن صحت. وهناك رواية أخرى ادعى لها بعض الأعلام الإجازة المسلسلة بالآباء إلى ابن السكين معاصر الإمام الرضا (عليه السلام). ونقل المحقق المجلسي في إجازات البحار 5 * صورة إجازة الأمير صدر الدين محمد بن الأمير غياث الدين منصور الحسني الشيرازي الدشتكي، للسيد الفاضل علي بن القاسم الحسني اليزدي، وهي إجازة لطيفة حسنة، ومنها بعد ذكر سنده المعنعن بالآباء، قال: ثم إن أحمد السكين 6 جدي صحب الإمام الرضا (عليه السلام) من لدن كان بالمدينة


1 – رياض العلماء 2: 30، 31.
2 – رسالة الخونساري: 32.
3 – مستدرك الوسائل: 3: 354.
4 – رسالة الخونساري: 32، 33.
5 – بحار الأنوار 108: 7 12، 128.
6 – ما ذكره السيد علي خان من أن الكتاب برواية جده أحمد بن السكين عن الإمام الرضا (عليه السلام) فلم نعثر له في كتب الرجال – التي بين أيدينا – على ذكر. والذي ذكره الرجاليون محمد بن سكين بن عمار النخعي الجمال ثقة، روى أبوه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، له كتاب، قاله النجاشي.

[ 15 ]

إلى أن أشخص تلقاء خراسان – عشر سنين – فأخذ منه العلم، وإجازته (عليه السلام) عندي، فأحمد يروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا الإسناد مما أنفرد به لا يشركني فيه أحد، وقد خصني الله تعالى بذلك، والحمد لله، ومن جميع ذلك ظهر أن إمارات الوثوق والاعتماد بهذا النسخة المكية أزيد من النسخة القمية، فلاحظ وتأمل 1. وهو الذي قواه السيد النحرير صاحب الدرة المنظومة قائلا: ذكر أنه وجد في الكتب الموقوفة على الخزانة الرضوية – على مشرفها آلاف التحية والثناء – نسخة من هذا الكتاب كان مكتوبا عليها أن الإمام الثامن الضامن صنف هذا الكتاب لمحمد بن سكين. وأن أصل النسخة وجدت في مكة المشرفة بخط الإمام، وكانت بالخط الكوفي فنقله المولى المحدث الميرزا محمد إلى الخط المعروف 2. ويقول السيد المجاهد في مفاتيحه: ومحمد بن سكين في رجاله الحديث، رجل واحد هو محمد بن السكين بن عمار النخعي الجمال ثقة له كتاب، روى أبوه عن أبي عبد الله – وفي الفهرست 3 والنجاشي 4 أن الراوي عنه إبراهيم بن سليمان، والمراد منه إبراهيم بن سليمان بن حيان، والطبقة تلائم كونه من أصحاب الرضا عليه السلام 5. وقيل: وروى عنه ابن أبي عمير، وهو من أصحاب الرضا والجواد، فيكون محمد بن سكين من كبار أصحاب الرضا عليه السلام. ولكن الميرزا عبد الله أفندي قال في رياضه، عند ذكر سلسلة سند السيد علي خان


وقد ذكر البرقي في رجاله محمد بن سكين بن يزيد، وعده في أصحاب الكاظم (عليه السلام) كما في معجم رجال الحديث. والرجلان – كما ترى – يمكن أن يكونا من أصحاب الرضا (عليه السلام) خصوصا الأول الذي ذكر النجاشي أن له كتابا. أنظر رجال النجاشي: 256، معجم رجال الحديث 16: 119.
1 – مستدرك الوسائل 3: 341.
2 – الفوائد: 149.
3 – فهرست الشيخ: 151 رقم 644.
4 – رجال الشيخ: 256.
5 – مفاتيح الأصول: 3 35.

[ 16 ]

شارح الصحيفة: إعلم أن أحمد السكين – وقد يقال أحمد بن السكين – هذا الذي كان في عهد مولانا الرضا صلوات الله عليه، وكان مقربا عنده في الغاية، وقد كتب لأجله الرضا فقه الرضا، وهذا الكتاب بخط الرضا موجود في الطائف بمكة المعظمة، من جملة كتب السيد على خان المذكور التي قد بقيت في بلاد مكة، وهذه النسخة بالخط الكوفي، وتاريخها سنة مائتين من الهجرة وعليها إجازات العلماء وخطوطهم 1. وذهب السيد الخوانساري إلى اتحاد النسختين، ولكن المحدث النوري رده بقوله: اتحاد النسختين بعيد، لأن المكية كانت بخطه، والقمية بخطه غيره، وقد رسم في بعض مواضعها بخطه كما صرح به التقي المجلسي. كان في المكية مرسوما: أنه كتبه لأحمد السكين – المقرب عنده – ولو كان في القيمة ذلك لأشار إليه مولانا التقي في شرح الفقيه، لشدة حرصه على نقل كل ما كان له ربط وتعلق بالكتاب، ولذكر تاريخه وأنه كان بالخط الكوفي كما ذكر في المكية 2. وقال الشيخ منتجب الدين في فهرسته، الموضوع لذكر العلماء المتأخرين عن الشيخ الطوسي، ما هذا لفظه: السيد الجليل محمد بن أحمد بن محمد الحسيني، صاحب كتاب الرضا، فاضل ثقة، كذا في عدة نسخ مصححة من فهرست المنتجب 3. وفي كتاب أمل الآمل نقلا عنه 4: والظاهر أن المراد بكتاب الرضا (عليه السلام) هو هذا الكتاب. وأما الرسالة المذهبة المعروفة بالذهبية وطب الرضا، فهي عدة أوراق في الطب صنفها الرضا للمأمون 5. أورد على ذلك صاحب الفصول بقوله: وأما ما ذكره البعض في محمد بن أحمد من أنه صاحب كتاب الرضا (عليه السلام) فلا دلالة فيه على أن إجازة هذا الكتاب منتهية إليه، لجواز أن يكون المراد به بعض رسائله (عليه السلام) مما رواها الصدوق في


1 – رياض العلماء 3: 364.
2 – مستدرك الوسائل 3: 342.
3 – فهرست منتجب الدين: 171 رقم 412.
4 – أمل الآمل 2: 242.
5 – مفاتيح الأصول: 353.

[ 17 ]

العيون، ولو سلم أن المراد به الكتاب المذكور فلا دلالة في كونه صاحبه، على أنه كان يرويه بطريق معتبر لجواز أن يكون واجدا له، أو راويا بطريق غير معتبر، ولا يبعد أن يكون الكتاب المذكور من تصانيف بعض أصحاب الرضا (عليه السلام) وقد أكثر فيه من نقل الأخبار التي سمعها منه (عليه السلام) بواسطة وبدونها كما يستفاد من قوله: روي عن العالم وأروي عن العالم، بناءا على أن يكون المراد بالعالم هو الرضا (عليه السلام) و يصح نسبة الكتاب إليه (عليه السلام) نظرا إلى أن الغالب حكاية كلامه، إذ لا يلزم في النسبة أن يكون أصل النسخة بخطه (عليه السلام) وربما نسب إلى الصدوق وهو بعيد، مع احتمال أن يكون موضوعا، ولا يقدح فيه موافقة أكثر أحكامه للمذهب، إذ قد يتعلق قصد الواضع بدس القليل بل هذا أقرب إلى حصول مطلوبه لكونه أقرب إلى القبول 1. وقال المحقق النراقي: والمراد بكونه صاحب كتاب الرضا وجود نسخة الأصل عنده وانتهاء إجازة الكتاب إليه لا أنه روى هذا الكتاب عن الإمام بلا واسطة وأنه صنفه له فإنه من العلماء المتأخرين الذين لم يدركوا أعصار الأئمة 2. * * * واحتمل المحدث النوري كونه لأناس آخرين رووا عن الإمام الرضا بأدلة: منها ما وجده منقولا عن خط السيد السند المؤيد صاحب مطالع الأنوار، على ظهر نسخة من هذا الكتاب، ما لفظه بعد الاصرار على عدم كونه له (عليه السلام): و يحتمل أن يكون هذا الكتاب لجعفر بن بشير، لما ذكره شيخ الطائفة في الفهرست: جعفر بن بشير البجلي، ثقة جليل القدر، له كتاب ينسب إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) رواية علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، انتهى كلامه. وجعفر بن بشير لما كان من أصحاب مولانا الرضا (عليه السلام) يمكن أن يكون ما كتبه في أول الكتاب من لسانه (عليه السلام) فصار منشأ لنسبة الكتاب إليه (عليه السلام) وكان الكتاب قبل زمان الشيخ منسوبا إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) للاشتراك في الاسم كما أنه في هذه الأزمنة مما نسب إلى مولانا الرضا (عليه السلام).


1 – الفصول الغروية: 313.
2 – عوائد الأيام: 249 – 250.

[ 18 ]

وأحتمل كذلك أن يكون هذا الكتاب لمحمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) لما قال النجاشي في ترجمته ما هذا لفظه: له نسخة يرويها عن الرضا (عليه السلام) أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن قرة – إلى أن قال – حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن زيد قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بالنسخة 1. وذكر احتمالات أخرى لذلك. * * * وقال صاحب مفاتيح الأصول بصحة انتسابه إلى الإمام علي بن موسى الرضا: ومن أعظم الشواهد على ذلك مطابقة رواية الشيخين الجليلين الصدوقين لذلك، وشدة تمسكهما به، حتى أنهما قدماه في كثير من المسائل على الروايات الصحيحة والأخبار المستفيضة: واتفقا باختيار ما في هذا الكتاب، وخالفا لأجله من تقدمهما من الأصحاب، وعبرا في الغالب بنفس عباراته، وجعلها الصدوق في الفقيه – وهو كتاب حديث – دراية ولم يسندها إلى الرواية، ويلوح من الشيخ المفيد الأخذ به والعمل بما فيه في مواضع من المقنعة، ومعلوم أن هؤلاء الأعاظم الذين هم أساطين الشيعة وأركان الشريعة، لا يستندون إلى غير مستند، ولا يعتمدون على غير معتمد، وقد سرت فتاواهم إلى من تأخر عنهم، لحسن ظنهم، وشدة اعتمادهم عليهم، وعلمهم بأنهم أرباب النصوص، و أن فتواهم عين النص الثابت عن الحجج (عليهم السلام) وقد ذكر الشهيد في الذكرى أن الأصحاب كانوا يعملون بشرائع علي بن بابويه، ومرجع كتاب الشرائع ومأخذه هو هذا الكتاب، كما هو معلوم لمن تتبعهما، وتفحص ما فيهما، وعرض أحدهما على الآخر. ومن هذا يظهر عذر الصدوق في عده لرسالة أبيه من الكتب التي إليها المرجع وعليها المعول. فإن الرسالة مأخوذة من الفقه الرضوي الذي هو حجة عنده، ولم يكن الصدوق ليقلد أباه فيما أفتاه حاشاه، وكذلك اعتماد الأصحاب على كتاب علي بن بابويه، فإنه ليس تقليدا بل اجتهادا، لوجود السبب المؤدي إليه، وهو العلم بكون ما تضمنه هو عين كلام الحجة انتهى 2.


1 – مستدرك الوسائل 3: 360.
2 – مفاتيح الأصول: 353 – 354.

[ 19 ]

قال المجلسي في لوامعه، عند نقل الصدوق عبارة ابنه في رسالته إليه، في مسألة الحدث الأصغر في أثناء غسل الجنابة، ما ترجمته: الظاهر أن علي بن بابويه أخذ هذه العبارة وسائر عباراته في رسالته إلى ولده من كتاب الفقه الرضوي، بل أكثر عبارات الصدوق التي يفتي بمضمونها ولم يسندها إلى الرواية وكأنها من هذا الكتاب، وهذا الكتاب ظهر في قم، وهو عندنا. وقال في كتاب الحج من الشرح المذكور في شرح رواية إسحاق بن عمار: والمظنون أن الصدوق كان على يقين من كونه تأليف الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وإنه كان يعمل به وأن القدماء منهم كان عندهم ذلك 1. وهوما ذهب إليه صاحب الفصول 2 بقوله: ويدل على ذلك أيضا أن كثيرا من فتاوى الصدوقين مطابقة له في اللفظ وموافقة له في العبارة، لا سيما عبارة الشرائع وأن جملة من روايات الفقيه التي ترك فيها الإسناد موجودة في الكتاب ومثله مقنعة المفيد فيظن بذلك أن الكتاب المذكور كان عندهم وأنهم كانوا يعولون عليه، ويستندون إليه مع ما استبان من طريقة الصدوقين من الاقتصار على متون الأخبار وإيراد لفظها في مقام بيان الفتوى، ولذا عد الصدوق رسالة والده إليه من الكتب التي عليها المعول وإليها المرجع وكان جماعة من الأصحاب يعملون بشرائع الصدوق عند إعواز النص فإن الوجه في ذلك ما ذكرناه 3. ولذا قال المحقق النراقي: المظنون أن الصدوق كان على يقين من كونه تأليف الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وأنه كان يعمل به، وأن القدماء منهم من كان عنده ذلك، ومنهم من يعتمد على فتاوى الصدوق والمأخوذة منه، لجلالة قدره عندهم 4. واستظهره السيد المجاهد في مفاتيحه بقوله: الظاهر أن هذا الكتاب كان موجودا عند المفيد أيضا، وكان معلوما عنده أن من تأليفه، ولذا قال الصدوق: أفتي به وأحكم


1 – مستدرك الوسائل 3: 337.
2 – الفصول الغروية: 311.
3 – مستدرك الوسائل 3: 345.
4 – عوائد الأيام: 248 – 249.

[ 20 ]

بصحته 1. * * * ذهب المثبتون إلى أنه: لا شك ولا ريب في اندراجه تحت كتب الأخبار، وكونه معدودا من أحاديث الأئمة الأطهار، لصدق حد الحديث والخبر عليه، وهو ما يحكي قول المعصوم من حيث هو، لا من حيث أنه رأي المجتهد وظنه، ويحتمل الصدق، ولا يعلم كذبه أو وضعه بل لا يظن. وما قيل أنه من وضع الواضعين، فلا داعي لذلك أصلا، لمطابقته آراء وأقوال الأئمة، علما بأن وضع الواضعين لم يكن إلا لتزييف الواقع وترويج الباطل، للطعن في المذهب. وخلو هذا الكتاب من ذلك، دليل على صحته من الإمام، إلا في موارد حملت على التقية. فمما يحكي قول المعصوم، ويدل على أنه من أهل بيت العصمة والطهارة: ما جاء صريحا في ديباجة الكتاب: يقول عبد الله علي بن موسى الرضا 2 ومنها: ما جاء في باب فضل الدعاء: أروي عن العالم أنه قال: لكل داء دواء، و سألته عن ذلك، فقال: لكل داء دعاء 3. ومنها: ما جاء في باب الصلاة: قال العالم: قيام رمضان بدعة وصيامه مفروض، فقلت: كيف أصلي في شهر رمضان؟ فقال: عشر ركعات – إلى أن قال – وسألته عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا، فقال: نعم في الركعة الثانية خلف القراءة فقلت: أجهر فيهما بالقراءة؟ فقال: نعم 4. ومنها: ما جاء في باب الاستطاعة: قال: سألت العالم: أيكون العبد في حال مستطيعا؟ قال: نعم، أربع خصال: مخلى السرب، صحيح، سليم مستطيع. فسألته عن تفسيره. إلى آخره 5.


1 – مفاتيح الأصول: 2 35.
2 – الفقه المنسوب: 65.
3 – الفقه المنسوب: 345.
4 – الفقه المنسوب: 125.
5 – الفقه المنسوب: 352

[ 21 ]

ومنها: ما جاء بلفظ نروي عن العلماء، واعلم أن بعض العلماء فقد جاء لفظ (العالم) بعبارته المختلفة في أكثر من 130 موردا وورد لفظ العلماء) في بضعة موارد. ومنها: قوله: ومما نداوم عليه نحن معاشر أهل البيت 1. ومنها: ما جاء في باب الأغسال قال: ليلة تسعة عشر من شهر رمضان، هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) 2. ومنها: ما قال في باب غسل الميت: وكتب أبي في وصيته، أن أكفنه في ثلاثة أثواب – إلى أن قال – وقلت لأبي: لم تكتب هذا؟ فقال: إني أخاف أن يغلبك الناس، يقولون: كفنه بأربعة أثواب أو خمسة، فلا تقبل قولهم، وأمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات 3. وقد جاء هذا اللفظ (أبي) في عدة موارد. قال المحقق النراقي: ” ولولا أن أباه هو الإمام المعصوم، لم يكن في نقل قوله فائدة. بل لم تكن وصيته وأمره ماضية، لأن التكفين ورفع القبر تكاليف لغيره بعد موته ” 4. ومنها: ما ذكره في باب آخر في الصلاة على الميت أيضا قال: ونروي أن علي بن الحسين (عليهما السلام) لما أن مات قال أبو جعفر: لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك، فأدخل يده وغسل جسده، ثم دعا بأم ولد له فأدخلت يدها فغسلت مراقه، وكذلك فعلت أنا بأبي 5. وظاهر أنه لولا أنه من المعصوم الذي فعله حجة، لم تكن فائدة في قوله: وكذلك فعلت، بل ذكره بعد نقل فعل أبي جعفر (عليه السلام) بأبيه أدل شاهد على أنه أيضا من أقرانه وأمثاله 6.


1 – الفقه المنسوب: 402.
2 – الفقه المنسوب: 83.
3 – الفقه المنسوب: 183.
4 – عوائد الأيام: 251.
5 – الفقه المنسوب: 188.
6 – عوائد الأيام: 251.

[ 22 ]

ومنها: ما جاء في باب الزكاة قال: وإني أروي عن أبي العالم في تقديم الزكاة و تأخيرها أربعة أشهر أو ستة أشهر 1. ومنها: ما جاء في باب الصوم قال: وأما صوم السفر والمرض، فإن العامة اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم – إلى أن قال – فأما نحن نقول: يفطر في الحالتين 2. فإن قوله: ونحن نقول، دال على أنه ممن قوله حجة. ومنها: ما ذكره في باب الربا والدين والعينة، بعد رواية متضمنة لجواز بيع حبة لؤلؤ تقوم بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو بعشرين ألفا: وقد أمرني أبي ففعلت مثل هذا 3. والتقريب ما مر. ومنها: ما في باب البدع والضلالة، قال في آخره: وأروي عن العالم وسألته عن شئ من الصفات. وقال في آخره أيضا: وأما عيون البشر فلا تلحقه، لأنه لا يحد فلا يوصف، هذا ما نحن عليه كنا 4. قال النراقي: وظاهر أن هذه العبارات منها ما ينافي كون الكتاب من ابن بابويه وأمثاله من العلماء 5. ومنها: ما قال في آخر باب النوادر: وأروي أن رجلا سأله – أي العالم (عليه السلام) – عما يجمع به خير الدنيا والآخرة قال: لا تكذب 6. وسألني رجل سني عن ذلك، فقلت: خالف نفسك. وقوله: أروي ورد في أكثر من 80 موردا. وقوله: نروي في أكثر من 90 موردا.


1 – الفقه المنسوب: 197. 2 الفقه المنسوب: 202.
3 – الفقه المنسوب: 258.
4 – الفقه المنسوب: 384.
5 – عوائد الأيام: 2 25.
6 – الفقه المنسوب: 390.

[ 23 ]

وورد قوله: يروي في موارد عدة فهذه الأقوال كما ترى: منها ما هو ظاهر في كون القائل إماما معصوما. ومنها ما هو صريح في كونه مدركا للإمام الكاظم (عليه السلام). ومنها ما هو صريح في كونه ابنه. ومنها ما هو صريح في كونه من أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام). وجميع ذلك شهادات ودلالات على أنه ليس مؤلفا لأحد العلماء، بل هو منسوب إلى الإمام. وأما كونه ربما يحتمل الصدق فظاهر، إذ لا وجه لعدم احتماله، ولا أمارة على كذبه. وأما توهمه من جهة عدم تداوله بين العلماء المتأخرين، فهو وهم فاسد، لما نشاهده مثله في الأصول الأربعمائة وأمثالها، المتروكة بين العلماء لأجل ذكر ما فيها في كتب أحاديث أصحابنا. * * * ذهب المنافقون إلى أن: كثير من أحكام ذلك الكتاب مما خالف جمة من ضروريات المذهب وقطعياته، وجملة مها مما لا يناسب شيئا من قواعد مذهبنا، ولا شيئا من قواعد المخالفين، و كثير منها مما لا يساعد ما عليه معظم أصحابنا، ولا ما انعقد عليه إجماعهم في سائر الأعصار والأمصار. واشتماله على نقل أخبار متعارضة في موارد عديدة، من غير إشارة إلى طريق الجمع بينها، ولا إلى ما هو الحق منها والصواب، ولا أنه مما يجوز الأخذ بكل منهما من باب التسليم، فيستفاد منه قاعدة كلية أفيد من بيان ما هو المعتبر في خصوص الواقعة 1. ومن الأمور التي تنفي نسبته إلى الرضا (عليه السلام). 1 – من البعيد جدا أن يختفي هذا الفقه – لو صحت نسبته إلى الإمام الرضا


1 – الفصول: 313.

[ 24 ]

(عليه السلام) – حدود ألف عام. فلو كان هذا الكتاب من تأليف الإمام الرضا، لما خفي على الأئمة الأربعة الذين كانوا بعده. ومن الظاهر أنهم يكونوا ليخفوا ذلك عن شيعتهم ومواليهم – ولا سيما عن خواصهم ومعتمديهم – كما أخبروهم بكتاب علي وصحيفة فاطمة ونظائرهما، ولو كانوا مطلعين عليه لكانوا يصرحون به في كثير من أخبارهم. ولو كان واقعا لاشتهر بين القدماء، كالرسالة الذهبية المنسوبة للإمام الرضا (عليه السلام) ولكان أولى بالاشتهار بين الخاص والعام، لأن هذه الرسالة تزيد على الرسالة الذهبية وتشتمل على أكثر مهمات أحكام الفقه 1. مع أنهم – رحمهم الله – لم يألوا جهدا في نقل آثار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) والحفاظ عليها، فهذه رسالة علي بن جعفر، والتفسير المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) برواية النعماني، والصحيفة السجادية الكاملة. ودعاء الصباح. ويؤيد القول بمحافظة الأصحاب على آثار الأئمة (عليهم السلام) ما ذكره العلامة الكبير الشيخ آغا بزرك – رحمه الله – في الذريعة عن دعاء الصباح حيث قال: صحح الدعاء وقابله السيد جليل المدرس الطارمي في طهران مع نسخة كانت في خزانة السلطان ناصر الدين شاه، وهي بالخط الكوفي المكتوب في آخر الدعاء ما لفظه: كتبه علي بن أبي طالب في آخر نهار الخميس حادي عشر ذي الحجة سنة خمس وعشرين من الهجرة 2. فلو كان للإمام (عليه السلام) لاشتهر بين الأعلام الماضين اشتهارا عظيما، ولاطلع عليه قدماء الأصحاب من الذين جمعوا الأخبار، ونقبوا عنها في البلاد، وبالغوا في إظهار آثار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ولبذلوا جهدهم في حفظه وإيصاله إلى من بعدهم. ولما خفي على أكبر محدثي أصحابنا الذين أدركوا عصره – أو قاربوه –


1 – رسالة الخونساري: 10.
2 – الذريعة: 8: 191.

[ 25 ]

كالفضل بن شاذان، ويونس بن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وإبراهيم بن هاشم، ومحمد بن أحمد بن يحيى – صاحب نوادر الحكمة – و محمد بن الحسن الصفار، وعبد الله بن جعفر الحميري، وأضرابهم. ولوصل منه – ولو القليل – إلى المحمدين الثلاثة – مصنفي الكتب الأربعة – المشتملة على أكثر ما ورد عنهم (عليهم السلام) في الأحكام 1. وأولادهم به الصدوق الذي مر ذكره. ومن البعيد جدا أن تكون التقية مانعة من ظهور هذا الكتاب، لأن الإمام كان في عصر المأمون في حرية من نشر أفكاره – نوعا ما – وخصوصا في مناظراته مع علماء الأمصار، علما بأن قم كانت آنذاك منبع الشيعة، وفيها علماء عظام يظهرون رأيهم في كل صغيرة وكبيرة. فلا يعقل أن يكون إخفاؤه من باب التقية، فتأمل. بعكس عصر الأئمة الذين سبقوه في الدولة الأموية، وردحا من زمان العباسيين 2.
2 – كلام الأئمة (عليهم السلام) وهم شجرة النبوة، وحملة الرسالة، وأعدال القرآن، الأئمة (عليهم السلام) بما لهم من العلم الكامل والبيان التام، وبما وصلنا من آثارهم، في حديثهم وأدعيتهم ومناظراتهم ووصاياهم وخطبهم، في أعلى درجات الفصاحة والبلاغة، وما نهج البلاغة والصحيفة السجادية عنا ببعيد. فالمتتبع لكلام شخص بحيث عرف أن ديدنه في النقل قد استقر على أن يتكلم على نهج خاص وطريقة معهودة، ثم وقف على كتاب منسوب إليه، وجاءه أحد بخير منه، وكانت عبائر هذا الكتاب أو ذلك الخبر على منهج آخر وأسلوب مخالف لطريقته في سائر كلماته، اتضح له أن هذا لم يصدر عن هذا الشخص، ورده أشد الرد، وهذا أمر معروف بين العقلاء، وقاطبة أولي العرف، ويعبر عنه بالاستقراء. فلم يعهد عنهم (عليهم السلام) ولم يوجد في شي من أخبارهم التي بين أيدينا رووا بألفاظ تبعدها عن درجة المراسيل المعتبرة، كألفاظ: روي ويروى وأروي و


1 – رسالة الخونساري: 9.
2 – رسالة الخونساري: 12.

[ 26 ]

نروي وقيل ونظائرها مما في معناها، ولا يخفى على من تتبع الأخبار، ولاحظ سياق كلمات الأئمة الأطهار، وخصوص ما صدر عن مولانا الرضا (عليه السلام) ومن تقدمه، أن أمثال ذلك لا تكون صادرة عنهم وما ينبغي لهم 1. فأكثر عبارات الكتاب المذكور، مما لا يشبه عبارة الإمام، كما لا يخفى، لمن تأملها، فالكثير من مطالبه وأحكامه رواها مؤلفة من غيره، مما عبر فيها عن قائلها ببعض العلماء أو العالم المطلق. ففي أوله بعد أسطر ثلاثة: ونروي عن بعض العلماء أنه قال في تفسير هذه الآية (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) قال: ما جزاء من أنعم الله عليه بالمعرفة إلا الجنة 2. وبعد سطرين: أن بعض العلماء سئل عن المعرفة، وهل للعباد فيها صنع؟ فقال: لا 3. وفي موضع آخر منه: روي عن العالم، أو روي عن العالم، أو سئل عن العالم، أو سألت العالم 4. وقال المحقق صاحب الفصول: وهذا ما لم يعهد في كلامه (عليه السلام) في غير الكتاب المذكور، ولا في كلام غيره من سائر الأئمة 5. وقال المحدث النوري: بتعبير مولانا الرضا (عليه السلام) في خصوص كتاب من كتبه – دون سائر ما وصل إلينا من أخباره – عن بعض آيائه (عليهم السلام) ببعض العلماء أو العالم في غاية البعد، ويؤيده ما وقع في هذا الكتاب من التعبير عن آبائه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى سيدنا موسى بن جعفر (عليه السلام) بأساميهم وكناهم الشريفة، ويظهر لك أن


1 – مستدرك الوسائل 3: 349.
2 – الفقه المنسوب: 65.
3 – الفقه المنسوب: 66.
4 – مستدرك الوسائل 3: 349.
5 – الفصول: 312.

[ 27 ]

احتمال وقوع ذلك اللقب في ذلك الكتاب على سبيل التقية في غاية البعد 1. والمتتبع لكلامهم (عليهم السلام) يرى أن هذا الفقه المنسوب يختلف اختلافا بينا عن الطريقة التي اتبعوها (عليهم السلام) في نشر الأحكام وفي البيان للناس.
3 – للأئمة (عليهم السلام) خط واضح لا لبس فيه ولا غموض، وكانوا كثير ما يؤكدون على التزام هذا الخط، وأنهم لا يتقون فيه أحدا. ومن خط الأئمة (عليهم السلام) محاربة الغلو فيهم، وتكفير القائل به، ولم يعهد عن أحد منهم (عليهم السلام) إلا الاقرار بالعبودية لله، ونهاية الخضوع والخشوع له، الذي فاقوا فيه كل الناس. وقد جاء في الفقه المنسوب، مما هو مخالف بصريح المخالفة لهذا الخط الواضح الذي استمر عليه آل محمد (صلى الله عليه وآله). قوله: في باب الاستقبال في الصلاة: إجعل واحدا من الأئمة نصب عينيك. قال المحقق الدربندي في كتابه قواميس الرجال 2. وفيه (في باب الصلاة) ما يحتج به أعاظم الصوفية على لزوم استحضار صورة المرشد على البال في الصلاة والتوجه إليه، وذلك: إذا قمت إلى الصلاة فانصب بين عينيك واحدا. فقولنا بعدم حجيته لا لأجل ذلك فقط، فإنه غير ظاهر في مراد المتصوفة وله معنى صحيح. بل لوجوه واعتبارات أخر. ومع ذلك كله، يمكن أن نحتج بأخبار هذا الكتاب من باب التأكيد والتسديد الترجيح. والحال في كتاب الرضا (عليه السلام) كالحال في الفقه الرضوي، إلا أن هذا الكتاب أنقص درجة من ذلك، لأنه كم مجتهد ومحدث يدعي ثبوت الفقه الرضوي من المعصوم ولو كان هذا الثبوت على نمط الظن، كما هو الشأن في أكثر الأخبار،


1 – مستدرك الوسائل 3: 351.
2 – قواميس الرجال: ورقة 86 – ب.

[ 28 ]

وهم مع ذلك لم يدعوا هذا الثبوت في شأن كتاب الطب، نعم إن العلامة المجلسي نقل اعتباره في جلد (السماء والعالم من بحاره). ومن النقاط الواضحة المشهورة لهذا الخط مسألة المتعة، وقد جاء في الفقه المنسوب تفصيل في أمر المتعة، مخالف للمعروف عنهم (عليهم السلام). قال: ونهي عن المتعة في الحضر، ولمن كان له مقدرة على الأزواج والسراري، و إنما المتعة نكاح الضرورة للمضطر الذي لا يقدر على النكاح، منقطع عن أهله وبلده. ويأتي عن الخلاصة للعلامة الحلي، عن المفيد، مخالفة ما في الفقه المنسوب في باب الشهادة لمذهب الأئمة (عليهم السلام). 4 (1) – ومن الأمور الهامة التي تثبت عدم كونه للإمام الرضا، ما وقع في أوائله من الرواية عن المحدثين كأبي بصير وغيره، والرواية عن الأئمة بوسائط متعددة، ففي فضل شعبان وصلته برمضان منه: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألت عن أول صيام شعبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) وفيه: عن فضالة، عن إسماعيل بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام). وفيه: وعنه عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام). وعن علي بن النعمان، عن زرعة، عن محمد بن سماعة قال: سألت أبا عبد الله. وعن علي بن النعمان، عن زرعة، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام). وما في باب ما يكره للصائم في صومه: وعنه عن سماعة: قال: سألت عن رجل إلى أن قال – وعن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام). وفي ما لا يلزم من النذر والإيمان ولا تجب له الكفارة: صفوان بن يحيى وفضالة بن أيوب جميعا عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما.


1 – هذه الفقرة مبنية على القول بأن ما ورد في النسخة المختلطة الأوراق مما يشك في أنه تابع لنوادر ابن عيسى أو للفقه المنسوب

[ 29 ]

ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، وعلي بن إسماعيل الميثمي، منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام). وفي باب الكفارة على المحرم إذا استظل من علة وغيره: محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن 1. فيظهر أن كل ذلك ليس من كلام الإمام الثامن، والإمام برئ من أن يتكلم بهذا الشكل، أو يستند في نقله لرواية على عدة طرق، كما نشاهده فيما سلف. فالمتأمل لسياق الروايات، وسلسلة الأسانيد والوسائط، يقطع بأن ذلك بعيد عن الإمام كل البعد. يقول الخونساري: إن من لاحظ ما وقع فيها من الوسائط حصل له القطع بأنها منفية عنهم (عليهم السلام) وأيقن أن من نسب أمثالها إلى الإمام الرضا (عليه السلام) وأيقن أن من نسب أمثالها إلى الإمام الرضا (عليه السلام) فقد أخرجه عن مرتبة الإمام الكبرى، وأدخله في سلك المحدثين الذين أخذوا الأحكام من أفواه الرواة، ونعوذ بالله العظيم من أن نتكلم بمثله في حق مثله، وكيف يرضى من هو عارف بمحقه (عليه السلام) بأن يقول أن (عليه السلام) كان يروي عن جمع من الذين قد عدوا من أصحابه وأصحابه ابنه أبي جعفر، كمحمد بن إسماعيل بن بزيع، ومحمد بن أبي عمير الذي عد من مصنفاته كتاب مسائله عن الرضا (عليه السلام) وأحمد بن محمد بن عيسى الذي قد شهد جماعة من الرجالين بأنه أدرك بعد سيدنا أبي جعفر ابنه أبا الحسن العسكري أيضا، أم كيف يتفوه عاقل بأن مولانا الرضا كان يروي عن أبيه بالواسطة؟ 2. فما ادعاه الفاضل المجلسي من أن الظاهر أن الصدوقين وكذا شيخنا المفيد، كانوا على يقين من أنه تصنيف الإمام (عليه السلام) ليس بوجيه، وإنما هو أمر يخطر بالبال في أول الأمر، ويدفعه التأمل التام في أحوال القدماء وديدنهم، وشدة حرصهم في ضبط الأخبار وإظهارها، وعدم بنائهم على سترها وإخفائها 3.
5 – طبائع الأمور تقضي أن لو كان هذا الكتاب معلوما لدى علي بن بابويه،


1 – رسالة الخونساري: 25.
2 – رسالة الخونساري: 26.
3 – رسالة الخونساري: 28.

[ 30 ]

وكان يعلم أنه من تصنيف الرضا (عليه السلام) لما كان يخفيه عن ولده الصدوق – الناقد البصير – ولكان يطلعه عليه. ولو اطلع عليه الصدوق – رحمه الله – وهو الذي اعتنى بجمع أخبار الرضا (عليه السلام) في كتابه المعروف – عيون أخبار الرضا (عليه السلام) – الذي أدرج فيه عدة مما نص أصحاب الفهارس على أنه كتاب أو رسالة، لنقله في هذا الكتاب الجامع للمأثور عن الرضا (عليه السلام). والقول بأن طول الكتاب منعه من نقله، مردود بنقله الكتب والرسائل، – كما مر – وبأنه – على الأقل – كان ينبه على وجوده، ويكتفي ببعض أوصافه، أو يذكر شواهد منه 1. ثم لو كان من الكتب المعروفة الموثوقة عنده لجاءتنا منه أثارة في كتابه في لا يحضره الفقيه الذي هو أحد الكتب الأربعة الجامعة، والذي جعله حجة بينه وبين الله تعالى. وقال صاحب الفصول: ومما يبعد كونه تأليفه (عليه السلام) عده إشارة أحد من علمائنا السلف إليه في شئ من المصنفات التي بلغت إلينا، مع ما يرى من خوضهم في جميع الأخبار، وتوغلهم في ضبط الآثار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، بل العادة قاضية بأنه لو ثبت عندهم هذا الكتاب، لاشتهر بينهم غاية الاشتهار، ولرجحوا العمل به على العمل بسائر الأصول والأخبار 2. فلو كان هذا الكتاب من رشحات عيون إفادات هذا المولى، لكان يطلع عليه جملة من قدماء فقهاء الشيعة، وما كان يبقى في زاوية الخمول في مدة تقارب من ألف سنة. فالذين بذلوا جهدهم في حفظ ما صدر منهم من الأحكام، كجملة من أكابر محدثي فقهائنا الذين أدركوا عصره، أو كانوا قريبا من عصره (عليه السلام) كالفضل بن شاذان، ويونس عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وإبراهيم بن هاشم، ومحمد بن أحمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة، وسعد بن عبد الله،


1 – الفصول: 2 31.
2 – الفصول: 312، والمستدرك: 3: 346.

[ 31 ]

ومحمد بن الحسن الصفار، وعبد الله بن جعفر الحميري، وأضرابهم من أجلاء الفقهاء والمحدثين، ومن الواضح أن هذا الكتاب لو كان معروفا بين هؤلاء الأعلام، أو كان يعرفه بعضهم، لما كانوا يسكتون عنه، ولما كانوا يتركون روايته لمن تأخر عنهم من نقاد الآثار، و أصحاب الكتب المصنفة في تفصيل الأخبار، ولما كان يخفى على مشايخنا المحمدين الثلاثة، المصنفين للكتب الأربعة المشتملة على أكثر ما ورد عنهم في الأحكام 1. فالشيخ الصدوق ألف كتابه – عيون أخبار الرضا – وجمع فيه جل أخبار الرضا (عليه السلام) ولو كان هذا الكتاب عنده لنقل منه، بل لضمنه في كتابه الآنف الذكر. ولذكره في كتاب من لا يحضره الفقيه الذي قد تصدى فيه لذكر الأحكام المستخرجة من الكتب المشهورة التي عليها المعول وإليها المرجع 2.
7 – لم يستند كلام المثبتين أنه للإمام على الحس، بل استند على الحدس. ووجود كلمة علي بن موسى الرضا في أول الكتاب، كان سبب التوهم بكونه مصنفا للإمام. فجوزنا أنهم لما رأوا ما في أول أوراق الكتاب من التسمية، وما على ظهره من الكتابات، ظنوه كتابا واحدا، ولم يلتفتوا إلى انقطاع ذلك وعدم ارتباطه بما بعده، أو أنه ساقط الوسط، كما لو يلتفتوا إلى ما في آخره من النوادر، وبنوا على أنه كتاب واحد، و أنه للإمام الرضا (عليه السلام) لأن أوله علي بن موسى، وعبائره – كما عرفت – توهم أنه للإمام، حتى أوهمت العلماء، وخصوصا إذا كان على ظهره الخطوط والإجازات المنقولة، فتوهم القميون أنه للإمام الرضا (عليه السلام) وحكوا ذلك لفاضل أمير حسين، فإذا جاز ذلك سقطت الشهادة عن الاعتبار، ولم تدخل في الخبر الواجب العمل 3. * * * ومما احتج به المثبتون لتصحيح نسبة الكتاب إلى الإمام الرضا (عليه السلام) 1 – قول في أول الكتاب: يقول علي بن موسى الرضا: أما بعد. إلى آخره 4.


1 – مستدرك الوسائل 3: 346.
2 – مستدرك الوسائل 3: 346.
3 – فصل القضاء: 423.
4 – الفقه المنسوب: 65.

[ 32 ]

وفيه أنه غير صريح فيما ظن، لجواز أن يكون مؤلف الكتاب قد سمع الحديث المذكور – أي الحديث الأول في المعرفة – منه (عليه السلام) أو وجده بخطه، فنقله عنه محافظا على نصه حتى كلمة (أما بعد) لمناسبتها لأول الكتاب. ولا يلزم التدليس، لذكره بعد ذلك ما يصلح قرينة على عدوله عن ذلك 1. ولا يبعد بملاحظة القرائن أن يكون المراد بعلي بن موسى الرضا – المذكور في أوله – غير مولانا الرضا (عليه السلام) فإن هذا مما اتفق كثيرا في كثير من الأسماء والألقاب، التي كان أهل مذهبنا – من فقهائنا وغيرهم – يتبركون بها، باعتبار شرافة من سمي أو لقب بها من أئمتنا في أول الأمر، ولاحظنا نظائره في غير واحد من الرواة والفقهاء 2. ومن عادة الرواة في كتب الحديث أن يبدؤوا في أول الكتاب باسم راويه عن جامعه. أما ترى في أول الكافي والبصائر والمحاسن، وسائر الأصول التي وصلت إلينا، فتوهم السيد القاضي أنه الإمام علي بن موسى، وعند الاستنساخ زاد هو (والقميان) لفظ الرضا، وأخبروا بذلك، ثم كتب النساخ على هذا النهج استنادا إلى ذلك الخبر، و بالجملة فالجواب عدم ثبوت كونه خبرا حسيا حتى يحتج به 3. وقد سبق القول في أنه علي بن موسى بن بابويه راوي كتاب التكليف. وأما قوله: روي أن بعض العلماء سئل عن المعرفة 4. ففيه أنه ورد بعض التوقيعات من الناحية المقدسة نظير ذلك، فمنها ما في الاحتجاج للطبرسي، في جوابات مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري الخارجة عن سيدنا الحجة (عليه السلام). فالمراد بالعالم والفقيه أحد العسكريين، كما هو المستفاد من جملة من كتب المناقب والسيرة 5.


1 – الفصول: 312.
2 – رسالة الخونساري: 40.
3 – فصل القضاء: 3 42.
4 – الفقه المنسوب: 66.
5 – رسالة الخونساري: 17.

[ 33 ]

2 – أنه ذكر فيه عبارات تخص آل (عليهم السلام) مثل: ومما تداوم به نحن معاشر أهل البيت: لا إله إلا الله. إلى آخره 1. وقوله في باب الخمس: فتطول علينا امتنانا ورحمة 2. وهو تتمة لحديث: قيل للعالم: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ وفيه أنه يمكن أن يكون تتمة للرواية السابقة عليه، وليس في سوق العبارة ما ينافيه، ويمكن أنه يكون من كلام صاحب الكتاب فلا يدل إلا على كونه هاشميا لتحقق التطول أو الامتنان في حقه أيضا بالنسبة إلى ما يستحقه من الخمس مع احتمال أن يكون التطول والامتنان باعتبار الأمر بالإعطاء أيضا فلا يدل على ذلك أيضا. وفي آخر الحديث الأول دعاء للحجة (عجل الله فرجه): ” وعجل خروجه “. وفيه إشعار بأن الكتاب كتب في عصر الغيبة. وقوله: ليلة تسع عشرة من شهر رمضان هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين 3. فقوله: جدنا يحتمل أن يكون تتمه لكلام الصادق (عليه السلام) الذي سبق هذه العبارة. ثم هو كسابقه لا يدل على أكثر من كونه علويا 4. وقوله: روي عن أبي العالم في تقديم الزكاة 5. أروي عن أبي العالم. وفيه احتمال أن تكون الياء من (أبي) زائدة، أو أن (عن) قبل كلمة (العالم) قد سقطت، ومثل هذا كثير الوقوع.


1 – الفقه المنسوب: 402.
2 – الفقه المنسوب: 293.
3 – الفقه المنسوب: 83.
4 – الفصول: 312، مستدرك الوسائل 3: 344.
5 – الفقه المنسوب: 197.

[ 34 ]

كما يحتمل أن يحمل الأب أو العالم على خلاف ظاهره 1. وقوله أمرني أبي تتمة لكلام روي في خبر آخر مثله. أو إن إثبات (أبي) في مثل هذه الموارد ليس المقصود بها الإمام (عليه السلام)، بل أراد صاحب الكتاب أن يخرج الحديث بلفظ الراوي السابق، حتى يعرف الناظر الممارس من أي أصل أخذه، ومن أي كتاب أخرجه. * * * ومن الأمور التي تنفي نسبة الكتاب إلى الرضا (عليه السلام) أن هناك كثيرا من العبائر التي ليست من كلامهم (عليهم السلام) مثل أروي. نروي. قيل. و نظائرها. ولا يخفى على المتتبع، أن هذا صريح بعدم صدوره عنهم (عليهم السلام). * * * هذا وقد جاء في الكتاب ما هو مخالف لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) في كثير من الموارد: فمنها: ما وقع في باب مواقيت الصلاة منه، من قوله: وإن غسلت قدميك ونسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك، لأنك قد أتيت بأكثر مما عليك، وذكر الله الجميع في القرآن المسح والغسل في قوله: (وأرجلكم إلى الكعبين) أراد به الغسل بنصب اللام وقوله (وأرجلكم إلى الكعبين) بكسر اللام، أراد به المسح وكلاهما جائزان الغسل والمسح 2. ويقول السيد الخونساري في رسالته: فهو صريح المخالفة لضرورية من ضروريات المذهب، والأنكى هو تعليله ثانيا جوازهما بجواز كل من قراءتي النصب والخفض، وقوله أخيرا وكلاهما جائزان – الغسل والمسح – مما لا يحتمل شيئا من التأويلات الواقعة في بعض ما يضاهيه من الأخبار، من إرادة التنظيف قبل الوضوء أو المسح أو بعدهما وغير


1 – مستدرك الوسائل: 344،
2 – الفقه المنسوب: 89.

[ 35 ]

ذلك، ويعطي جواز كل منهما مطلقا 1. ومنها: ما وقع في تحديد مقدار الكر من الماء، وهو قوله: والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر 2. وهو حكم مخالف لما ذهب إليه علماءنا، وانعقد الإجماع على خلافه، كما صرح به غير واحد من أعلامنا، منهم الشيخ الشهيد القائل: بأنا لا نعرف قائلا بعد عدا الشلمغاني على ما حكاه جماعة، وهو قريب مما حكي عن أبي حنيفة من تحديده إياه 3. وذكر المحدث النوري في مستدرك الوسائل 4 – بعد نقله هذا الخبر – قلت: هذا التحديد لم ينقل إلا من الشلمغاني، وهو قريب من مذهب أبي حنيفة، ولم يقل به أحد من أصحابنا، فهو محمول على التقية، ويحتمل بعيدا ملازمته في أمثال الغدير للتحديدين الأخيرين ويؤيده كلامه في البئر. ومنها: ما وقع في باب لباس المصلي منه، من جواز الصلاة في جلد الميتة، بتعليل أن دباغته طهارته 5. ولا يخفى أن ذلك متروك غير معمول به بين الأصحاب 6. ومنها قوله: وقال العالم (عليه السلام): وإذا سقطت النجاسة في الاناء لم يجز استعماله، وإن لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته، مع وجود غيره، فإن لم يوجد غيره استعمل، اللهم إلا أن يكون سقط فيه خمر فيتطهر منه، ولا يشرب إلا إذا لم يوجد غيره، ولا يشرب ولا يستعمل إلا في وقت الضرورة والتيمم 7. ومنها: ما وقع فيه من أحكام الشك والسهو في أجزاء الفرائض اليومية، حيث قال: وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الأولى، فأعد صلاتك، لأنه إذا لم


1 – رسالة الخونساري: 21.
2 – الفقه المنسوب: 91.
3 – رسالة الخونساري: 2 2.
4 – مستدرك الوسائل 1: 27.
5 – الفقه المنسوب:: 302.
6 – رسالة الخونساري: 22.
7 – الفقه المنسوب: 92.

[ 36 ]

تصح لك الركعة الأولى لم تصح صلاتك 1. ومنها: ما وقع في باب النكاح، وهو أنه قسمه إلى أربعة أوجه، وجعل الوجه الأول نكاح ميراث، واشترط فيه حضور شاهدين 2. وهو مخالف لأصول المذهب 3. ومنها قوله: إن المعوذتين من الرقية، وليستا من القرآن أدخلوها في القرآن 4. وهو رأي من آراء الجمهور شاذ، مخالف لجميع المسلمين، وينسب إلى ابن مسعود، فقد ذكر العلامة المجلسي في البحار 5 بعد نقله هذا الخبر، في البينات التي عقدها لتوضيح وتفسير بعض الأخبار، قال: وأما النهي عن قراءة المعوذتين في الفريضة، فلعله محمول على التقية، قال في الذكرى 6: أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أن المعوذتين – بكسر الواو – من القرآن العزيز، وأنه يجوز القراءة بهما في فرض الصلاة ومنها، وعن ابن مسعود أنها ليستا من القرآن، وإنما نزلتا لتعويذ الحسن والحسين (عليهما السلام) وخلافه انقرض، واستقر الإجماع الآن من الخاصة والعامة على ذلك. ومنها في باب الاستقبال: قوله: واجعل واحدا من الأئمة نصب عينيك 7. ومنها: في باب الشهادات، وتجويزه أن يشهد لأخيه المؤمن، إذا كان له شاهد 3


1 – الفقه المنسوب: 116.
2 – الفقه المنسوب: 232.
3 – رسالة الخونساري: 24.
4 – الفقه المنسوب: 113.
5 – بحار الأنوار: 85: 42.
6 – الذكرى: 195.
7 – الفقه المنسوب: 105.

[ 37 ]

واحد 1. ومنها: توقيته وقت قضاء غسل الجمعة إلى الجمعة، وهو تمام أيام الأسبوع 2. والمروي المشهور هو اختصاصه بيوم السبت. ومنها قوله: لا بأس بتبعيض الغسل 3. ومنها قوله بمسح الوجه كله في التيمم، وبمسح اليد إلى أصول الأصابع 4. ومثل هذه الموارد موارد أخرى، اكتفينا بما ذكرنا، ولا غرو فقد غفل قبله المتبحرون لما سبقتم الشبهة، وكم له من نظير فقد نسبوا كتاب جامع الأخبار للصدوق وهو للشعيري، وكتاب البدع لميثم البحراني وهو لعلي بن أحمد الكوفي، ودعائم الاسلام للصدوق وهو للقاضي نعمان المصري، وكتاب الكشكول في بيان ما جرى على آل الرسول للعلامة الحلي وهو للسيد حيد الآملي، وكتاب عيون المعجزات للسيد المرتضى وهو للحسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيد، وكتاب المجموع الرائق للشيخ الصدوق وهو للسيد هبة الله، إلى غير ذلك مما لا يخفى على الخبير بالكتب فتدبر 5.
2 – القول بأنه كتاب الشرائع وذهب البعض إلى أنه كتاب الشرائع 6 لشيخ القميين الشيخ أبي الحسن


1 – الفقه المنسوب: 308 2 – الفقه المنسوب: 129.
3 – الفقه المنسوب: 85.
4 – الفقه المنسوب: 88.
5 – فصل القضاء: 411، والذريعة: 33، 2: 28، 8: 197، 18: 82، 15: 383، 20: 55.
6 – قال العلامة الطهراني في الذريعة 13: 46 وتوجد منها نسخة في مكتبة السيد حسن صدر الدين في الكاظمية، وهي بخط السيد محمد بن مطرف تلميذ المحقق الحلي. وقد قرأها على أستاذه المحقق فأجازه على ظهرها، وتاريخ الإجازة سنة 672 هجرية.

[ 38 ]

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. والد الشيخ الصدوق. والمتوفى سنة تناثر النجوم وهي 329 هجرية، وأدلتهم دائرة بين أمور خمسة: أحدها: أن يكون ذلك الكتاب مأخوذا من الرسالة. وثانيها: أن تكون الرسالة مأخوذة عنه. وثالثها: أن يكون كل منهما مأخوذا من ثالث. ورابعها: أن يكون الرضوي مأخوذا مما أخذ من الرسالة. وخامسها: عكسه، وعلى كل من هذه الوجوه، يلزم عدم كونه من تأليفه (عليه السلام) 1. قال الشيخ الشهيد في الذكرى: إن الأصحاب كانوا يتمسكون ما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند إعواز النصوص لحسن ظنهم به، أن فتواه كروايته، فإن الظاهر أن كتاب الشرائع هي بعينها الرسالة إلى ولده كما قاله النجاشي 2، وهو أضبط من شيخ الطائفة في أمثال هذه الأمور، فيما يظهر من الشيخ في فهرسته من تغايرهما – حيث عد كلا منهما من كتب علي 3، وعطف أحدهما على الآخر – خلاف التحقيق 4. وقدم بعض مضامينها على بعض الأخبار المعتبرة، لأنها مأخوذة من الأخبار المعتمدة الصحيحة لديه ولدى والده، وإنه مما كان قدماء الأصحاب يعتنون بشأنه غاية الاعتناء. لكن ما نسبه شيخنا الشهيد إليهم، وحكاه عن الشيخ أبي علي من أنهم كانوا يتمسكون بما يجدون فيه عند فقد الأدلة وإعواز النصوص، لا يخلو عن نظر. وقوله ذلك لأجل أنهم كانوا يرونها أضعف من مجموع سائر النصوص المعتبرة،


1 – مستدرك الوسائل 3: 359
2 – رجال النجاشي: 185.
3 – الفهرست: 93 رقم 382
4 – رسالة الخونساري: 29.

[ 39 ]

باعتبار عدم صراحتها. وعدم كونها في صورة النص 1. وما نقله العلامة المجلسي في الإجازات، عن خط شيخنا الشهيد، من أن الشيخ أبا علي بن شيخنا الطوسي ذكر أن أول من ابتكر طرح الأسانيد، وجمع بين النظائر، و أتى بالخبر مع قرينه علي بن بابويه في رسالته إلى ابنه، وقال: ورأيت جميع من تأخر عنه يحمد طريقه فيها، ويعول عليه في مسائل لا يجدون النص عليها، لثقته وأمانته وموضعه من الدين والعلم. إنتهى 2. وقد اعتمد الصدوق على رسالة أبيه اعتمادا كليا، حيث قدم بعض مضامينها على بعض الأخبار المعتبرة، وليس هذا إلا لأنها مأخوذة من الأخبار المعتمدة الصحيحة لديه ولدى أبيه، وقد تقدم موافقة أكثر عبائر هذا الكتاب لتلك الرسالة، فينبغي أن يعامل مع هذا الكتاب تلك المعاملة التي عاملها الصدوق مع رسالة أبيه. وأجاب السيد الصدر في كتابه: أن الصدوق لو انكشف واتضح لديه أن كلها مأخودة من الأخبار الصحيحة لديه، فهو معذور في تلك المعاملة ولا بأس عليه فيها. وأما نحن فلم تنكشف لنا حقيقة الأمر، ولا اتضح لدينا أن كل ما في هذا الكتاب مأخوذ من روايات صحيحة لدينا ومعتمد عليها عندنا، حتى نعتني بشأنه اعتناء الصدوق بكتاب أبيه 3. قال السيد صاحب رياض العلماء، بعد ذكره لترجمة السيد أمير حسين، وبعد نقل ما في أول البحار: ثم إنه قد يقال: إن هذا الكتاب بعينه رسالة علي بن بابويه إلى ولده الشيخ الصدوق، وانتسابه إلى الرضا (عليه السلام) غلط نشأ من اشتراك اسمه واسم والده، فظن أنه لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، حتى لقب تلك الرسالة بفقه الرضا (عليه السلام) وكان الأستاذ العلامة (قدس سره) يميل إلى ذلك، وقد يؤيد ذلك بعد توافقهما في كثير من المسائل، باشتماله على غريب من المسائل، ومن ذلك توقيت وقت قضاء غسل الجمعة إلى الجمعة، وهو تمام أيام الأسبوع الأخرى، والمروي المشهور هو اختصاصه بيوم السبت، ونحو ذلك من المطالب، لكن لو لم يشتبه الحال على هذا السيد لتم


1 – رسالة الخونساري: 42.
2 – رسالة الخونساري: 42.
3 – فصل القضاء: 439.

[ 40 ]

له الدست، وثبت ما اختاره الأستاذ سلمه الله تعالى. إنتهى 1. والمراد من الأستاذ هو العلامة العالم الموفق النحرير الخبير الميرزا محمد بن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا، وبالأستاذ الاستناد العلامة المجلسي 2. وقال السيد صاحب رياض العلماء: وأما الفقه الرضوي، فقد مر في ترجمة السيد أمير حسين، أن الحق أنه بعينه كتاب الرسالة المعروفة لعلي بن موسى بن بابويه القمي إلى ولده الصدوق محمد بن علي، وأن الاشتباه نشأ من اشتراك الرضا (عليه السلام) معه في كونهما أبا الحسن علي بن موسى. فتأمل 3. وقال السيد الجليل السيد حسين القزويني في شرح الشرائع: كان الوالد العلامة يرجح كونه رسالة والد الصدوق، محتملا كون عنوان الكتاب أولا هكذا: يقول عبد الله علي بن موسى، وزيد لفظ الرضا بعد ذلك من النساخ، لانصراف المطلق إلى المفرد الكامل الشائع المتعارف. وهذا كلام جيد، ولكن يبعده بعض ما اتفق في تضاعيف هذا الكتاب. إنتهى 4. ولذا قال العلامة المجلسي ما لفظه: وأكثر عباراته موافق لما ذكره الصدوق أبو جعفر بن بابويه، في كتاب من لا يحضره الفقه، من غير سند، وما يذكره والده في رسالته إليه، وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه 5. وهذا القول مردود، فالكتاب غير كتاب الشرائع قال المحقق السيد صاحب مفاتيح الأصول: وربما زعم بعضهم أنه تصنيف الشيخ الفقيه علي بن الحسين بن بابويه القمي والد الصدوق، ولا ريب في فساد هذا الوهم، فإن المغايرة بينه وبين رسالة علي بن بابويه


1 – رياض العلماء 2: 31.
2 – مستدرك الوسائل: 3: 338.
3 – رياض العلماء 6: 43.
4 – مستدرك الوسائل 3: 338 – 339.
5 – البحار 1: 12، فصل القضاء: 428.

[ 41 ]

ظاهرة لا ريب فيها، وإن وافقها في كثير من العبارات، وكتاب الشرائع المنسوب إليه هو بعينه الرسالة إلى ولده كما نص عليه النجاشي 1. أضف إلى أن الموجود في كتب الأحاديث والرجال، التعبير عن والد الصدوق بقولهم: علي بن الحسين، أو علي بن بابويه. وقال المحدث النوري: لم أجد موضعا عبر عنه بعلي بن موسى كي يقاس عليه الموجود في الخطبة 2. علما بأن هناك دلائل وقرائن كثيرة، تبطل كونه لعلي بن بابويه. منها: ما في آخر الكتاب من قوله: إنا معاشر أهل البيت 3. ولم يكن الكلام حكاية عن قول معصوم حتى يفهم ذلك، بل إنه لمؤلف الكتاب، وهذا رد صريح لكونه لفرد غير منتسب إليهم نسبا. وقوله: وليلة التاسع عشر الليلة التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين 4. وغيرها من الموارد. كما أن المحدث النوري قال: فيها من المخالفة ما لا يتوهم بينهما الاتحاد، ففي المقنع 5 قال والدي في رسالته إلي: إذا لبست يا بني ثوبا جديدا فقال: الحمد لله الذي كساني من اللباس، ما أتجمل في الناس، اللهم اجعله ثياب بركة أسعى فيها بمرضاتك. وأعمر فيها مساجدك، فإنه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من فعل ذلك لم يتقمصه حتى يغفر له. وإذا أردت لبس السراويل. إلى آخره. وفي الرضوي 6: وإذا لبست ثوبك الجديد، فقل: الحمد لله الذي كساني من الرياش، ما أواري به عورتي وأتجمل به عند الناس، اللهم اجعله لباس التقوى


1 – مفاتيح الأصول: 352، رجال النجاشي: 185.
2 – مستدرك الوسائل: 3: 359.
3 – الفقه المنسوب: 402.
4 – الفقه المنسوب: 83.
5 – المقنع: 194.
6 – الفقه المنسوب: 395.

[ 42 ]

ولباس العافية، واجعله لباسا أسعى فيها لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك. وإذا أردت أن تلبس السراويل.. إلى آخره 1.
3 – كونه مجعولا على الإمام (عليه السلام) إن وجود الكثير من الروايات التي تنافي أصول المذهب، دليل قاطع على عدم صدوره منه. قال صاحب الفصول بعد كلام له: مع احتمال أن يكون موضوعا، ولا يقدح فيه موافقة أكثر أحكامه للمذهب، إذ قد يتعلق قصد الواضع بدس القليل، بل هذا أقرب إلى حصول مطلوبه، لكونه أقرب إلى القبول 3. ولا يخفى أن من يصنف كتاب لتخريب الدين، ويصرف أياما من عمره في تأليف كتاب مجعول، إنما يصر في ترويجه واشتهاره، ويدعو الناس إليه، ويأمرهم بالاعتماد عليه، كما هو المشاهد من الكذابة والغلاة الذين ظهروا في أعصار الحضور و أوائل الغيبة 4. ولكن ذلك مردود، حيث أن هناك كلمات وأخبارا كثير صادرة من القديمين والصدوقين والشيخين فإن من تبع كلماتهم، وقف على كثير من متفرداتهم المخالفة للإجماع والضرورة، باعتبار ما وجدوه في جملة من الأخبار المحمولة على التقية أو غيرها. وليس مخالفة ذلك مما يوجب قدحا عليهم ولا ذما لهم. وإن مخالفة الضروري تقدح في صورة علم المخالف بكونه ضروريا وأيضا


1 – مستدرك الوسائل 3: 359.
2 – الفصول الغروية: 313.
3 – مستدرك الوسائل: 3: 345.

[ 43 ]

الإجماع القطعي إنما يضر في صورة علم المخالف بقطعيته، وذلك لأنه ينجر إلى تكذيب قول من قوله الحجة من النبي والإمام، وأما إذا لم يكن المخالف معتقدا لذلك، فلا دليل على قدح ذلك أيضا فيه، وحاشى أن يكون هؤلاء الأعلام قائلين بما كانوا قاطعين بخلافه 1. فلو كان هذا الكتاب مجعولا لاشتهر أمره وشاع ذكره، ولوردنا عنه شئ عن الأئمة من (الجواد إلى العسكري) (عليهم السلام) ينهون شيعتهم عنه ويخدرونهم منه. ولنوه عنه العلماء في كتبهم.
4 – كونه كتاب المنقبة المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) الذي قد ذكر جماعة من الأصحاب – منهم الشيخ الجليل ابن شهرآشوب، والشيخ السعيد علي بن يونس العاملي في كتابيه: المناقب، والصراط المستقيم – أنه تصنيف الإمام العسكري (عليه السلام). ويؤيد ما ذكره أنه مشتمل على أكثر الأحكام، ومتضمن أغلب مسائل الحلال والحرام.
5 – واحتمل الوحيد البهبهاني أن يكون تأليفه صادرا من بعض أولاد الأئمة بأمر الرضا (عليه السلام) واعتنى به واعتمده غاية الاعتماد 2. نقل ذلك عن الوحيد تلميذه السيد حسين القزويني في معارج الأحكام 3.
6 – قال السيد محسن الأعرجي الكاظمي في (شرح مقدمات الحدائق) عند تعرض صاحبه للفقه الرضوي ما لفظه: وأما الكتاب الشريف المشرف بهذه النسبة العليا فالذي يقضي به التصفح والاستقراء أنه لبعض أصحابه (عليه السلام) يحكي في الغالب كلامه


1 – رسالة الخونساري: 9 3.
2 – مستدرك الوسائل: 3: 338.
3 – تحقيقي پيرامون كتاب فقه الرضا: 9.

[ 44 ]

(عليه السلام) ويجعله هو الأصل حتى كأنه هو المتكلم الحاكي فيقول قال أبي. وربما حكي عن غيره من الأصحاب مثل صفوان ويونس وابن أبي عمير وغيرهم ويقول بهذا الاعتبار، قال العالم (عليه السلام) ويعينه (عليه السلام). وأما إن جمعه له فبمكان من البعد فكيف كان فأقصاه أن يكون وجادة وأين هو من الرواية، وكذا الحال فيما نقله المجلسي من البحار من الكتب القديمة التي ظفر بها فإن أقصاه الوجادة وليس من الرواية في شئ وإنما يصح مؤيدا. إنتهى 1. وهذا الاحتمال أيضا ينسب إلى حجة الاسلام الشفتي 2.
7 – وتوقف فيه كثيرون كما هو المستفاد من كلام الفاضل الهندي في كشف اللثام، حيث يعبر عن رواياته بقوله: وروي عن الرضا (عليه السلام) أو: وفي رواية عن الرضا (عليه السلام) من غير أن يعتمد عليها أو يركن إليها. والمستفاد من الحر العاملي ذلك أيضا لقوله: إعلم أن هذا الكتاب في سنده تأمل، وأكثر رواته مجاهيل، حالهم غير معلوم، وهو أيضا غير مذكور في كتب الرجال، ولا نقل منه أحد من العلماء المشهورين في مؤلفاتهم. ولا ذكروا على ما يخصرني، فيتطرق الشك في صحة نقله. لكن أكثر ما فيه موافق لمضمون الأحاديث المروية في الكتب المعتمدة، وهو مؤيد لها، وأكثر عباراته موافق لعبارات علي بن الحسين بن بابويه في رسالته إلى ولده. وإذا كان فيه مسألة ليس لها دليل في غيره فينبغي التوقف فيها. وعده في أمل الآمل من الكتب المجهولة المؤلف. ولم ينقل عنه في كتاب الوسائل أصلا 3. ومن المؤاخذات على صاحب المستدرك، نسبته التمسك بالفقه المنسوب إلى الشيخ الأنصاري رحمه الله 4. ولكن عند التتبع يعلم أن المحدث النوري – رحمه الله – اشتبه هنا، فإن الشيخ


1 – مستدرك الوسائل: 3: 339.
2 – تحقيقي پيرامون كتاب فقه الرضا: 9.
3 – رسالة الخونساري: 4.
4 – مستدرك الوسائل: 3: 338.

[ 45 ]

الأنصاري في بداية المكاسب يذكر هذا الكتاب بعنوان الكتاب المنسوب إلى الإمام الرضا، ولو كان حجة عنده لما ذكر كلمة (المنسوب) ولذكر الاسم الصريح له: الفقه الرضوي أو فقه الرضا. والاحتمالات الأربعة الآنفة الذكر احتمالات ضعيفة يكفي في ردها ما تقدم في البحث المشبع في رد كونه للإمام الرضا (عليه السلام).
8 – كون كتاب التكليف إن أول من نسب كتاب الفقه المنسوب للرضا (عليه السلام) إلى الشلمغاني 1


1 – محمد بن علي الشلمغاني – بالشين المعجمة والغين المعجمة – ويكنى أبا جعفر، ويعرف بابن أبي العزاقر – بالعين المهملة والزاء والقاف والراء أخيرا – وإليه تنسب العزاقرة، وكان متقدما في أصحابنا مستقيم الطريقة، فحمله الحسد لأبي القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب، والدخول في المذاهب الردية، وأحدث شريعة منها أن الله يحل في كل إنسان على قدره، وظهرت منه مقالات منكرة، فتبرأت الشيعة منه، وخرجت فيه توقيعات كثيرة من الناحية المقدسة، على يد أبي القاسم بن روح وكيل الناحية. قال الحافظ الذهبي في العبر: في سنة (322) اشتهر محمد بن علي الشلمغاني ببغداد، وشاع أنه يدعي الألوهية، وأنه يحيي الموتى وكثر أتباعه، فأحضره الوزير ابن مقلة عند الراضي بالله – فسمع كلامه – وقال: إن لم تنزل العقوبة بعد ثلاثة أيام – و أكثره تسعة أيام – وإلا فدمي حلال. ولما طلب هرب إلى الموصل وغاب سنين، ثم عاد ودعا إلى الألوهية وتبعه – فيما قبل – الحسين وزير المقتدرين الوزير القاسم بن الوزير عبيد الله بن وهب، وابنا بسطام، وإبراهيم بن أبي عون، فلما قبض عليه ابن مقلة كبس بيته فوجد فيه رقاعا وكتبا مما قيل عنه. ويخاطبونه في هذه الرقاع بما لا يخاطب به البشر. فأحضر وأصر على الانكار، فصفعه ابن عبدوس، وأما ابن أبي عون فقال: إلهي وسيدي ورزاقي، فقال الرضي لابن الشلمغاني: أنت زعمت أنك لا تدعي الربوبية، فما هذا؟ فقال: وما علي بن قول ابن أبي عون؟ ثم أحضروا غير مره وجرت لهم فصول، وأحضرت الفقهاء والقضاء ثم أفتى الأئمة بإباحة دمه، فأحرق في ذي القعدة، وضربت رقبة ابن أبي عون، ثم أحرق وهو فاضل مشهور صاحب تصانيف أدبية. له من التصانيف: كتاب ماهية العصمة، وكتاب الزاهر بالحجج العقلية وكتاب المباهلة، وكتاب الأوصياء، وكتاب المعارف، وكتاب الايضاح، وكتاب فضل النطق على الصمت، وكتاب فضائل العمرتين، وكتاب الأنوار، وكتاب التسليم، وكتاب الزهاد والتوحيد، وكتاب البداء والمشيئة، وكتاب نظم القرآن، وكتاب فضل العمرتين، وشرح كتاب الرحمة لجابر، وكتاب الامامة الكبير، وكتاب الامامة الصغير، ورسالة إلى ابن همام،

[ 46 ]

– فيما علمنا – هو السيد حسن الصدر في كتابه فصل القضاء، وجزم بأنه كتاب التكليف، وقد جاء السيد لإثبات هذا الرأي بأدلة: منها: أي من الدلالات على اتحاد الكتابين، ما نقله عن كثير من علماء الشيعة كابن إدريس والشهيدين وغيرهم، بتفرده بنقل رواية الشهادة لوحده. وهذا موجود في الكتاب المنسوب للرضا (عليه السلام) باللفظ المروي عن كتاب التكليف في عوالي اللآلي 1 وفي كتاب الغيبة للشيخ 2. قال العلامة في الخلاصة: وله – أي للشلمغاني – من الكتب التي عملها في حال الاستقامة كتاب التكليف، رواه المفيد – رحمه الله – إلا حديثا منه في باب الشهادات، أنه يجوز للرجل أن يشهد لأخيه إذا كان له شاهد واحد من غير علم 3 و 4. وما حكاه الشهيد عن المفيد، من أنه ليس في شئ يخالف الفتوى سوى هذا الحديث، فأظنه نقلا بالمعنى، وأصله ما ذكره العلامة في الخلاصة، من أن المفيد


وكتاب التكليف. وكتاب التكليف صنعه أيام استقامته. وكانت الطائفة تعمل به وترويه عنه، وممن رواه عنه وأخذه منه شيخ القميين علي بن موسى بن بابويه، وجعله الأصل لرسالة الشرائع التي كتبها لابنه الصدوق، والصدوق يرويه عن أبيه عنه، والشيخ المفيد يرويه عن الشيخ الصدوق عن أبيه عنه، والشيخ الطوسي يرويه عن مشائخه الأربعة عن الصدوق عن أبيه عنه. انظر الفرق بين الفرق: 264 و 250، والعبر للذهبي 2: 190، وفصل القضاء: 407 و 404 ورجال النجاشي: 268، والخلاصة: 254، ومعجم المؤلفين 11: 16، والغيبة للطوسي 251 – 252 – 255 و 269، والفهرست للشيخ: 173 و 146 – 147 ومعجم الأدباء 1: 297، وتاريخ ابن الأثير في وقائع سنة 322 هجرية.
1 – عوالي اللآلي 1: 315.
2 – وأخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود، وأبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، أنهما قالا: مما أخطأ محمد بن علي بن المذهب في باب الشهادة أنه روي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: إذا كان لأخيك المؤمن على رجل حق فدفعه، ولم يكن له من البينة على إلا شاهد واحد، وكان الشاهد ثقة، رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته، فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثل ما يشهده عنده، لئلا يتوي حق امرئ مسلم. الغيبة 252.
3 – الفقه المنسوب: 308.
4 – الخلاصة: 254.

[ 47 ]

يروي الكتاب إلا حديثا واحدا في باب الشهادة، وإلا كيف يخفى على المفيد اشتماله على ما لا تقول به الطائفة، مثل تحديد الكرب الذي ذكره، وجواز الصلاة بجلد الميتة المدبوغ، والتخيير في الوضوء بين مسح الرجل وغسلها، وخروج المعوذتين من القرآن، ونحو ذلك. بل مراد المفيد أنه ليس فيه إلا مروي غير حدث الشهادة فإنه موضوع، وكأن الشيخ المفيد لم يطلع على حديث روح بن أبي القاسم بن روح، المتقدم عن أبيه (رضي الله عنه) نقله، من استثنائه موضعين أو ثلاثة منه، وأنه كذب فيها على الأئمة لعنه الله 1. ومنها: أن جماعة من متقدمي الأصحاب حكوا عن الشلمغاني في تحديد الكر (أنه ما لا يتحرك جنباه بطرح حجر في وسطه) وأنه خلاف الإجماع 2. ويعلم من هذا الإجماع أه من مختصات كتاب التكليف، وأنه لم يذهب إليه أحد منا، وهو موجود في هذا الكتاب المشتهر بالرضوي بعينه. قال: والعلامة في ذلك – أي الكر – أن تأخذ الحجر فترمي به في وسطه، فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر، وإن لم تبلغ فهو الكر 3. قال الشيخ في الغيبة: سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول: لما عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف، قال الشيخ – يعني أبا القاسم رضي الله عنه -: اطلبوه لي لأنظره فجاؤوه به فقرأه من أوله إلى آخره، فقال: ما فيه شئ إلا وقد روي عن الأئمة (عليهم السلام) إلا موضعين أو ثلاثة، فإنه كذب عليهم في روايتها لعنه الله 4. ولعل الموضع الثالث – على حد ما ذكر في كتاب فصل القضاء – الذي استثناه مولانا أبو القاسم الحسين بن ورح – نضر الله وجهه – في كتاب التكليف، ونص أنه لم يرد عن الأئمة وإنما هو الشلمغاني نفسه، ما يلي وجد في هذا الكتاب (الفقه المنسوب) من قوله 5: وإن غسلت قدميك ونسيت المسح عليهما فإن ذلك يجزيك، لأنك قد أتيت


1 – فصل القضاء: 438.
2 – انظر الذكرى: 9، مفتاح الكرامة 1: 70، رسالة الخونساري: 22، مستدرك الوسائل: 1: 27.
3 – الفقه المنسوب: 91.
4 – الغيبة: 251 – 252.
5 – الفقه المنسوب: 79.

[ 48 ]

بأكثر ما عليك، وقد ذكر الله الجيع في القرآن: المسح والغسل، قوله تعالى (أرجلكم إلى الكعبين) – بفتح اللام – أراد به الغسل وقوله (وأرجلكم) – بكسر اللام – أراد به المسح. وكلاهما جائزان مرضيان الغسل والمسح 1. قال السيد الصدر: وقد رأيت بخط السيد الفاضل المتبحر علي بن أحمد الصدر المعروف بالسيد علي خان – رحمه الله – المدني شارح الصحيفة، حاشية على هذه العبارة هذه صورتها بلفظه: هذا خلاف لما أجمعت عليه الفرقة الناجسية الإمامية، ولم أر هذا المذهب في كتاب من كتب الإمامية سوى هذا الكتاب. وحمله على التقية بعيد جدا إذ لا مظنة لها هنا، وهو مذهب ابن العربي من العامة في فتوحاته 2. * * * علما بأن راوي كتاب التكليف عن الشلمغاني، هو أبو الحسن علي بن موسى بن بابويه والد الشيخ الصدوق، كما نص عليه أصحاب الفهرس كالشيخ والعلامة وغيرهم. فالاحتمال الوارد هنا أن أبا الحسن علي بن موسى – المصدر به الكتاب – ليس الإمام الرضا (عليه السلام) بل هو ابن بابويه: وعادة القدماء جارية في ذكر اسم الجامع الراوي أو المؤلف في ديباجة الكتاب، وينسب إليه الكتاب، وأمثلته كثيرة، منها أمالي ابن الشيخ. وهي قسم من أمالي والده، وجدها وذكر اسمه في بدايتها فنسب إليه. فاشتبه الاسم والكنية باسم الإمام (عليه السلام) وكنيته. ويحتمل أيضا إضافة الحجاج القميين لكلمة (الرضا) إلى هذه الجملة حملا على الأشهر. كما ويحتمل أيضا أن تكون نسخة الأصل التي شاعت في الآواخر – مما يعرف في عرف الفهرستين بالمجموعة، وهي عدة كتب يجمعها جلد واحد – وكان أول الكتاب متعلقا بالامام الرضا (عليه السلام) ومعه نوادر أحمد بن محمد بن عيسى وغيرها، فتمزقت


1 – فصل القضاء: 409.
2 – فصل القضاء: 409.

[ 49 ]

النسخة الأصل وأدخل المجلد – أو الناسخ – الفقه المنسوب في الكتاب، لذا ترى كتاب الحج من الفقه المنسوب في أواسط كتاب النوادر. فاشتبه على المجلسي – رحمه الله – أو على الذي نقل عن المجلسي أن هذه كلها هو كتاب الفقه المنسوب. وقال السيد الصدر في فصل القضاء – ففي آخر الصفحة الأولى ما لفظه: ومن عليهم بالثواب. ثم انخرمت الورقة اليسرى – كما نص عليه السيد علي خان شارح الصحيفة – واتصلت بمقدمات الوضوء من كتاب التكليف، وأبواب عديدة من كتاب النوادر منها مختلطة به، وجلها ممتازة عنه لا أول لها، كما تقدم بعض القول في ذلك بالعيان. وإن الموجود من النوادر مبوب، ولا مبوب له غير داود بن كورة أحد مشائخ الكليني، كما نص عليه الشيوخ في كتب الفهارس. ولم يلتفت السيد أمير حسين، ولا من نقل له، ولا المجلسي الناقل عن أمير حسين، إلى هذه الخصوصيات 1. * * * وأما عمل الطائفة برواياته وكتبه، فقد نقله الشيخ في العدة قال: عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته. وتركوا ما رواه في حال تخليطه، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي العزاقر وغير هؤلاء 2. وقال شيخنا العلامة الأنصاري في فرائد الأصول عند الاستدلال بالأخبار على حجية خبر الواحد ما لفظه: ومثل ما في كتاب الغيبة بسنده الصحيح إلى عبد الله الكوفي – خادم الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح – حيث سأله أصحابه عن كتب الشلمغاني فقال الشيخ: أقول فيها ما قاله العسكري (عليه السلام) في كتب بني فضال، حيث قالوا: ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ قال: ” خذوا ما رووا وذروا ما رأوا ” 3. فإنه دل بمورده على جواز الأخذ بكتب بني فصال، وبعدم الفصل عن كتب


1 – فصل القضاء: 423.
2 – عدة الأصول: 1: 56.
3 – الغيبة: 251 – 252.

[ 50 ]

غيرهم من الثقات ورواياتهم، ولهذا إن الشيخ الجليل المذكور الذي لا يظن به القول في الدين بغير السماع من الإمام، قال: أقول في كتب الشلمغاني ما قاله العسكري في كتب بني فضال، مع أن هذا الكلام بظاهره قياس باطل، بل ظاهره الشهادة بصدور رواياته عن الأئمة كروايات بني فضال، التي أخبر العسكري بصدورها 1. وقال السيد الصدر: إن قلت: قول المولى أبي القاسم الحسن بن روح: (ليس فيه شئ إلا وهو مروي عن الأئمة إلا موضعين أو ثلاثة) وقوله فيه: (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) وقول المفيد: (ليس في الكتاب ما يخالف الفتوى سوى هذه المسألة) – يعني الشهادة بغير العلم – يوجب الاعتماد ويكون كسائر ما عرض على المعصوم من الكتب والأصول. قلت: أقصى ما في شهادة المولى أبي القاسم بن روح أنه مروي، ليس كر مروي صحيحا، ولا كل ما هو صحيح يوجب العمل، بل قد يجب العمل بالضعيف وتأويل الصحيح، لأنا أهل التوسط في العمل بالخبر، نعمل بما قبله الأصحاب، ودلت القرائن على صحته، وما أعرض عنه الأصحاب وشذ يجب عندنا إطراحه 2. القول في حجيته: على فرض كونه للإمام الرضا عليه السلام، أو أنه كتاب التكليف، أو كتاب آخر، فهل هو حجة في نفسه، ويمكن الأخذ والتمسك به، أم لا: وما الفرق بين وبين الضعاف المنجبرة؟ وما هو بيان صلوحه لتقوية أحد الخبرين المتعارضين؟ وتظهر فائدته لمن يعمل بمطلق الخبار، ولغيره في حجيته إذا انجبر بالعمل ووافق الشهرة بين الأصحاب، وفي الآداب والسنن والمكروهات، حيث يتسامح فيها ويعمل فيها بالأخبار الضعيفة، وفي التأييد ونحوها، مما هو شأن الأخبار الضعيفة التي ليست بأنفسها حجة 3.


1 – فرائد الأصول: 87.
2 – فصل القضاء: 436.
3 – عوائد الأيام: 250.

[ 51 ]

قال صاحب الفصول: فالتحقيق أنه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه، نعم ما فيه من الروايات فهي حينئذ بحكم الروايات المرسلة لا يجوز التعويل على شئ مما اشتمل عليه إلا بعد الانجبار بما يصلح جابرا لها، ولو استظهرنا اعتماد مثل المفيد والصدوقين عليه في جملة من مواضعه، فذلك لا يفيد حجيته في حقنا، لأنه مبني على نظرهم واجتهادهم، وليس وظيفتنا في مثل ذلك اتباعهم، وإلا لكانت الأخبار الضعيفة التي عولوا عليها حجة في حقنا. فإن ظننا بتعويلهم على جملة من روايات كتاب إذا أفاد حجية مجموع الكتاب في حقنا، لكان علمنا بتعويلهم على رواية معينة مفيدا لحجيتها في حقنا بطريق أولى 1. نعم الكلام في حجيته يختلف باختلاف المذاهب والمسالك والآراء في الحجة من الأخبار الآحاد. فإن منهم من يقول باختصاص الحجية بالمسانيد من الأخبار، من الصحاح أو مع الحسان أو الموثقات، ولا شك أن ذلك ليس منها، لعدم ثبوت الكتاب من الإمام من جهة العلم واليقين، ولا بالنقل المتصل من الثقات المحدثين. ومنهم من يقول باختصاص الحجية بأخبار الكتب الأربعة الدائرة، وهذا أيضا كسابقه. ومنهم من يقول بحجية كل خبر مظنون الصدوق أو الصدور، وهو بعبارة أخرى كل خبر مفيد للظن، واللازم على ذلك ملاحظة ما نقلناه من الشواهد والإمارات، فإن حصل له منها الظن فليقل بحجيته، وإلا فلا. ومنهم من يقول بحجية كل خبر غير معلوم الكذب أو غير مظنونه، ولا أك أن هذا الكتاب منه، فيكون حجة معمولا به عنده، والله أعلم بحقيقة الحال 2. اختلف – القائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا – في وقوعه شرعا، فذهب السيد المرتضى وجماعة من قدماء أصحابنا. إلى عدم وقوع التعبد به، وصار الأكثرون إلى وقوع التعبد به وهو الحق 3.


1 – الفصول: ص 313.
2 – عوائد الأيام: 3 25.
3 – الفصول: 272.

[ 52 ]

ولا زال عمل الشيعة من أزمنة الأئمة (عليهم السلام) على الأخبار المأثورة بتوسط من يوثق به من الرواة، أو مع قيام القرينة الباعثة على الاعتماد عليها والظن بصدقها، وإن كان راويها مخالفا لأهل الحق، كالسكوني وأضرابه، حسبما شاهده من طريقتهم. ويؤيده حكاية الشيخ اتفقا العصابة على العمل بأخبار جماعة هذا شأنهم، كالسكوني وابن الدراج والطاطرين وبني فضال وأضرابهم، ويشير إليهم الإجماع المحكي عن الجماعة المخصوصين، وفيهم فاسد العقيدة. ومن البين أن الصحيح في اصطلاح القدماء – وهو المعمول به عندهم – وقد ذكر الصدوق أن ما صححه شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد فهو صحيح، وظاهر في العادة أن مجرد تصحيحه لا يقتضي القطع بصدق الرواية، فلا يزيد على حصول الاعتماد عليها من أجله 1. ما المانع من قبول ذلك باعتباره خبر الواحد والتمسك به؟ وهل إنه حجة أم لا؟ أليس المروي في مرفوعة زرارة كما في عوالي اللآلي عن العلامة: يا زرارة خذ بما اشتهر بين الأصحاب ودع الشاذ النادر، وقول مولانا الصادق (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة، المروية في كتب المشائخ الثلاثة: ينظران إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكما، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه 2. إن الاعتماد على الخبر الضعيف ليس بمعول عند الأصحاب، ولا يجوز الاعتماد عليه في الشريعة، وإن الأصحاب لم يكونوا ليتأملوا في عدم حجيته، فكيف يتجه القول بأنه مورد السؤال؟ ألم يبعد البرقي في عده أحمد بن محمد بن عيسى من قم لرواياته عن الضعفاء لا لسبب آخر؟ وعلى هذا فما المانع من أن يكون الهدف هو ترويج الكتاب؟ فلو علم الناس أنه للصدوق، اهتموا به أكثر، واعتمدوا عليه، وأكبوا على مطالعته فهو من ترويج الحق بطريق الحكمة.


1 – هداية المسترشدين ص: 400، بحث حجية الخبر الواحد.
2 – رسالة الخونساري: 35.

[ 53 ]

وإن هذا الكتاب حاله حال رسالة علي بن بابويه ومقنعة المفيد والمقنع والهداية للصدوق، كله روايات كانت صحيحة عندهم بقرائن يعرفونها وإمارات يركنون إليها، حسبما أدى إليه اجتهادهم في التصحيح والاعتماد، على ما هي طريقة كل مصنف في الحديث. نسخ الكتاب: يظهر أن من هذا الكتاب عدة نسخ: الأولى: القمية، أي نسخة الحجاج القميين التي ذهبوا بها إلى مكة، والتي جاء بها السيد أمير حسين إلى المجلسيين. والثانية الطائفية، وهي نسخة محمد بن السكين. والثالثة: الهندية. قال السيد نعمة الله الجزائري في المطلب السادس من مطالب مقدمات شرح التهذيب، في جملة كلام له: وكم قد رأينا جماعة من العلماء، ردوا على الفاضلين بعض فتاويهما بعدم الدليل، فرأينا دلائل تلك الفتاوي في غير الأصول الأربعة، خصوصا كتاب الفقه الرضوي الذي أتي به من بلاد الهند – في هذه الأعصار – إلى إصفهان، وهو الآن في خزانة شيخنا المجلسي – أدام الله أيامه – فإنه قد اشتمل على مدارك كثيرة الأحكام، وقد خلت منها هذه الأصول الأربعة وغيرها 1. والظاهر أن مرجع كل ما حكاه المولى الفاضل المجلسي، عن الشيخين المذكورين، وما قاله السيد الفاضل الجزائري، وما نبه عليه سيدنا بحر العلوم. إلى النسخة التي ظفر بها القاضي أمير حسين بمكة المشرفة، وكأنها ظهرت في قم وذهب بها بعض أهلها إلى جانب البيت المعظم والهند، ثم انتشر المنتسخ منها بإصبهان والمشهد المقدس الرضوي، وما مر من أن الميرزا محمد الذي نقلها إلى الخط المعروف كأنه صاحب الرجال، وإن كان مناسبا، لما علم من أن الميرزا المذكور كان مجاورا بمكة إلى أن توفي فيها، ودفن بها


1 – مستدرك الوسائل: 3: 342.

[ 54 ]

بجنب خديجة الكبرى. إلا أن في المقام ما يبعد ذلك غاية البعد، وهو أن هذا لو كان مطابقا للواقع، لكان الميرزا المذكور يصرح به في موضع من كتبه الرجالية الثلاثة، أو في شئ من الحواشي المبسوطة التي كتبها على الوسيط، لا سيما في مقام ذكر محمد بن السكين، ولكان يطلع عليه جملة من تلامذته المعروفين، وحيث لم يقع شئ من ذلك، بعد أن يكون الناقل هو الميرزا صاحب الرجال 1. وقد سقط من النسخة الرضوية 2 ما بعد الصفحة الأولى، وتبدأ الصفحة الثانية من هذه النسخة ببياض قدر ستة أسطر. وهذا يؤيد ما ذكره السيد الصدر قال: ويؤيد الوجه الأول – بل يعينه – أني رأيت نسخة من مصباح الكفعمي في آخرها فوائد بخط السيد علي خان المكي، من جملتها نقل بعض العبائر من هذا الكتاب وبعد ما انتهى نقله قال ما نصه: (في ظهر الكتاب المنقول منه ما نصه: صح لأحمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولإبنه جعفر وأخيه محمد، وأحمد – وهو الملقب بالسكين 3 – وأكثر ما ورد هو أبو جعفر الزيدي نسبا، وصح ليحيى بن الحسن الحسيني 4 وكتبه علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ألقيت إليهم في محرم لسنة ثلاث ومائتين للهجرة بمدينة مرو ولله الحمد) 5. ويستمر السيد الصدر قائلا: فجوزنا أنهم لما رأوا ما في أول أوراق الكتاب من التسمية، وما على ظهره من الكتابات، ظنوه كتابا واحدا، ولم يلتفتوا إلى انقطاع ذلك وعدم ارتباطه بما بعده، أو أنه ساقط الوسط، كما لم يلتفتوا إلى ما في آخره


1 – رسالة الخونساري: 29.
2 – من النسخ التي اعتمدناها نسخة الخزانة المرعشية – وهي كما سيأتي في النماذج المصورة – كاملة ليس فيها سقط، وقد لفقها الناسخ ووصل ما انقطع في النسخة الأخرى بكلمة مناسبة.
3 – منتهى الآمال: 2: 46، الفصول الفخرية: 165، مستدرك الوسائل: 3: 340 و 341، عوائد الأيام: 352.
4 – رجال النجاشي: 44، عوائد الأيام: 252.
5 – فصل القضاء: 413 – 414.

[ 55 ]

من النوادر، وبنوا على أنه كتاب واحد، وأنه للإمام الرضا (عليه السلام) لأن أوله علي بن موسى، وعبائره كما عرفت توهم أنه الإمام، حتى أوهمت العلماء وخصوصا إذا كان على ظهره الخطوط والإجازات المنقولة، فتوهم القميون أنه للإمام الرضا (عليه السلام) وحكوا ذلك للفاضل أمير حسين، فإذا جاز ذلك سقطت الشهادة عن الاعتبار، ولم تدخل في الخبر الواجب العمل 1. وقد انتبه السيد محمد هاشم الخونساري – مؤلف الرسالة في تحقيق حال فقه الرضا – إلى امتزاج نوادر أحمد بن محمد بن عيسى بالكتاب، وغفل عن ذلك من سبقه 2. وقد سبق منا القول في النسخة واضطراب أوراقها. وقد اعتمدنا في تحقيق الكتاب على نسختين: الأولى: النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله المرعشي العامة، في قم المقدسة. برقم 4414 3، وتتكون من 208 ورقة، كل صفحة بطول 8 / 17 سم، وعرض 11 سم، وبمعدل 16 سطر، وقد كتبت عناوين الكتاب بالخط الأحمر، وتحتوي بين السطور على تفسيرات وحواش تختلف عن خط المتن بتوقيع (م ح م د) وبعضها بتوقيع (منه)، مجهولة الناسخ والتاريخ. أولها: فقه الرضا (عليه السلام) للإمام علي بن موسى، بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين، الحمد لله رب العالمين. آخرها: إلى هنا خطه سلام الله عليه وعلى آبائه وأبنائه. تم. للكتاب ملحقات تركناها. ومن خصائص النسخة المذكورة ما يلي: 1 – إنها أصح عبارة وأقل غلطا من نسخة المكتبة الرضوية، مما يدل على فضيلة ناسخها.
2 – إن لفظة (العالم عليه السلام) وردت فيها أكثر مما وردت في النسخة الثانية.


1 – فصل القضاء: 423.
2 – انظر رسالته: 15.
3 – النسخة المذكورة غير موجودة في الفهرس المطبوع للمكتبة، أي أنها لم تفهرس بعد.

[ 56 ]

3 – لم تحتو على نوادر أحمد بن محمد بن عيسى.
4 – توجد في آخر النسخة عبارة (للكتاب ملحقات تركناها) ويمكن الاستفادة من هذه العبارة عدة أمور منها: أ – لعل ما تركه ناسخ الكتاب هو عين ما وجده العلامة المجلسي في بعض نسخ الفقه الرضوي كما صرح في البحار حيث قال: (وجدت في بعض النسخ الفقه الرضوي – صلوات الله عليه – فصولا في بيان أفعال الحج وأحكامه، ولم يكن فيما وصل إلينا من النسخة المصححة أوردنا ذكرها في صدر الكتاب فأوردناه في باب مفرد ليتميز عما فرقناه على الأبواب) 1 ب – يحتمل أن النسخة الأم لنسخة المكتبة المرعشية، كانت تحتوي على نوادر أحمد بن محمد بن عيسى، وتركها ناسخ الكتاب باعتبار التباين الواضح بين الفقه الرضوي والنوادر من حيث السند والمتن، وفيما إذا طابق هذا الاحتمال واقع الأمر، نطمئن إلى أن الناسخ كان بصيرا بكتب الأخبار. والنسخة المذكورة هي التي نشير إليها في هامش الكتاب برمز (ش). الثانية: النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة الرضوية، في مشهد المقدسة، برقم 2099، تتكون من 4 19 ورقة بطول 26، وعرض 14 سم كما في فهرس المكتبة. أولها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين. آخرها: اتفق الفراغ من تسويد هذه الأحاديث حضرة إمام الجن والإنس سلطان [ كذا ] أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، في يوم الأحد رابع عشر شهر محرم الحرام سنة 1050 في مشهد المقدس، علي يد عبد [ كذا ] الضعيف المحتاج رحمه الله الملك المهيمن، محمد مؤمن بن جاجي 2، مظفر علي الاسفرائيني، اللهم اغفر لمن نظر فيه ولمن طالعه وقرأه ودعا [ ل‍ – ] كاتبه بالخير، برحمتك يا أرحم الراحمين. وفي ذيل الصفحة الأخيرة من النسخة ما نصه: (اين كتابيست كه حضرت امام الجن والانس سلطان أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه التحية والثناء از جهت محمد بن السكين تصنيف نموده بوده اند، و


1 – بحار الأنوار، 99: 333.
2 – كذا في النسخة، والظاهر ان الصواب: حاجي.

[ 57 ]

نسخة اصل بخط مبارك حضرت است در مكة، وحضرت مغفرت بناه مولانا ميرزا محمد محدث از خط شريف حضر [ ت ] 1 كه بكوفي بوده بعربي انتقال نموده اند). وهذه النسخة تحتوي على نوادر أحمد بن عيسى وتبدأ النوادر من (134 أ) باب فضل صوم شعبان. إلى آخر النسخة. وفي (157 ب) توجد عبارة في الهامش: (قال وكتب علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لسنة ثمانين ومائة حاشية). وما بين الموضعين وردت مقاطع متفرقة مختلطة مع نوادر أحمد بن عيسى تدل القرائن إنها من الفقه المنسوب، بعضها مرت في نسخة (ش) بالترتيب الموجود في الكتاب الماثل بين يديك. وبعضها تنفرد به النسخة. وقد جاء في لوحة (176 أ) تحت عنوان (كتاب الطلاق وهو في الدرج) كلام مطول يحتوي على أحكام الحج، نقل العلامة المجلسي مقاطع منه في البحار (ج 99 ص 333) بعد أن قال: (وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي صلوات الله عليه فصولا في بيان افعال الحج وأحكامه، ولم يكن فيما وصل إلينا من النسخة المصححة التي أوردنا ذكرها في صدر الكتاب، فأوردناه في باب مفرد لتميز عما فرقناه على الأبواب). وقد فضلنا لهذا الاضطراب الحاصل في نسخة المكتبة الرضوية أن تعتمد في الفصول الأخيرة من الكتاب على نسخة المرعشية في الترتيب. وهذه النسخة نشير إليها في هامش الكتاب برمز (ض). منهجية التحقيق في ضمن الخطة المرسومة في مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث


1 – أثبتناه لتستقيم العبارة.

[ 58 ]

في التحقيق الجماعي، تم تحقيق كتاب الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام) بمشاركة عدة لجان موزعة حسب الإختصاصات العلمية. واستنادا للتقرير المرفوع من الأخ الفاضل حامد الخفاف – مسؤول لجنة مصادر البحار – عن اللجان التي عملت في هذا الكتاب. فهي كالآتي: 1 – لجنة المقابلة: وعملها مقابلة النسخ الخطبة التي اعتمدناها في التحقيق وقد وصفت في المقدمة.
2 – لجنة الأحاديث: وقد عنيت بتخريج الأحاديث من المصادر التي يمكن اتحادها مع الأصل، والعز وإليها في الهامش وتألفت من أصحاب السماحة حجج الاسلام السيد محمد علي الطباطبائي، والشيخ محمد رسولي، والسيد حمزة لو، والشيخ محمد الكاظمي.
3 – لجنة تقويم نص الكتاب، وضبط عباراته، وتعيين المصحف من الصحيح، حيث لم تسلم كلتا النسختين من التصحيف والتحريف والأغلاط، مما يجعل الاعتماد على نسخة معينة أمرا غير محمود في منهج التحقيق السليم، خصوصا في مثل الحالة التي عليها كتاب الفقه المنسوب، فكان ذلك باعثا لنا على أن نعتمد التلفيق بين النسختين في تقويم نص الكتاب، وإبراز المتن صحيحا منقحا، واستدعى الأمر في أن نرجع في عدة موارد إلى ما نقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن كتاب فقه الرضا (عليه السلام) علنا نجد ما يرشدنا إلى الصواب، وبالفعل فقد أثبتنا ما سقط من النسختين من كلمات بين المعقوفين [ ] بالاستفادة من كتاب البحار. مع الاشارة إلى ذلك في الهامش. وقد قام بهذه المهمة الأستاذ الفاضل أسد مولوي.
4 – كتابة الهوامش، وتعيين الصحيح من الخطأ، وقد قام بهذه المهمة الأخ الفاضل السيد مصطفى الحيدري. علما بأن الملاحظة النهائية كانت بعهدة أخينا الفاضل المحقق حجة الاسلام السيد علي الخراساني.


[ 59 ]

كما وأن المؤسسة بكافة لجانها وأعضائها قد بذلت ما في وسعها وسعت سعيا بالغا كما هو دأب أعضائها في خدمة التراث الشيعي، سائلين الله عز وجل أن يحفظ العاملين بكلاءته ويدرأ عنهم شر الأشرار إنه نعم المولى ونعم النصير. جواد الشهرستاني قم المقدسة في شوال 6 140


[ 60 ]

الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله المرعشي العامة


[ 61 ]

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله المرعشي العامة


[ 62 ]

الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة الرضوية


[ 63 ]

بداية نوادر أحمد بن محمد بن عيسى في نسخة المكتبة الرضوية


[ 64 ]

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة الرضوية


[ 65 ]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله عليه محمد خاتم النبيين و على آله الطاهرين الطيبين، الفاضلين الأخيار، وسلم تسليما. يقول عبد الله علي بن موسى الرضا: أما بعد: إن أول ما افترض الله على عباده، وأوجب على خلقه معرفة الوحدانية، قال الله تبارك وتعالى: (وما قدروا الله حق قدره) (1)، يقول: ما عرفوا الله حق معرفته. ونروي عن بعض العلماء عليهم السلام، أنه قال تفسير هذه الآية: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) (2) ما جزاء من أنعم الله عليه بالمعرفة إلا الجنة (3). وأروي أن المعرفة: التصديق والتسليم والإخلاص، في السر والعلانية.


1 – الأنعام 6: 91
2 – الرحمن 55: 60
3 – رواه – باختلاف يسير – الصدوق في الأمالي: 316 / 7، والتوحيد: 22 / 7 و 28 / 29، والقمي في تفسيره 2: 345، والشيخ الطوسي بسندين في أماليه 2: 44 و 182.

[ 66 ]

وأروي أن حق (1) المعرفة أن يطيع ولا يعصي ويشكر ولا يكفر. وروي أن بعض العلماء سئل عن المعرفة، هل للعباد فيها صنع؟ فقال: لا. فقيل له: فعلى ما يثيبهم؟ فقال: من عليهم بالمعرفة، ومن عليهم بالثواب (2)، (ثم مكنهم) (3) من الحنيفية التي قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله: (واتبع ملة إبراهيم حنيفا) (4) فهي عشر سنن: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فأما التي في الرأس: فالفرق، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، وأما التي في الجسد فنتف (5) الإبط، وتقليم الأظافير، وحلق العانة، والاستنجاء، والختان (6). وإياك أن تدع الفرق، إن كان لك شعر، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من لم يفرق شعره، فرقه الله بمنشار من النار في النار ” (7). فإن وجدت بلة في أطراف إحليلك، وفي ثوبك، بعد نتر (8) إحليلك وبعد وضوئك، فقد علمت ما وصفته لك (9)، من مسح أسفل أنثييك ونتر إحليلك ثلاثا، فلا تلتفت إلى شئ منه، ولا تنقض وضوءك له، ولا تغسل منه ثوبك، فإن ذلك من الحبائل (10) والبواسير (11).


1 – ليس في نسخة ” ش “
2 – قرب الاسناد: 151، باختلاف في ألفاظه، وفيه: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
3 – في نسخة ” ض “: ولكنها، وفيها بياض قدر ستة أسطر.
4 – النساء 4: 125
5 – في نسخة ” ض ” و ” ش “: فنبط، تصحيف، صوابه ما أثبتناه من هامش نسخة ” ض “
6 – رواه الصدوق في الهداية: 17، وفيه من: ” قال الله عز وجل لنبيه.. “، وفي الخصال: 271 / 11، مسندا إلى الإمام الكاظم عليه السلام، وفيه ” خمس من السنن في الرأس “، وروى نحوه القمي في تفسيره 1: 9 5، وأخرج المجلسي في البحار 76: 67 في باب ” السنن الحنيفية ” عدة أحاديث بهذا المضمون.
7 – الهداية: 17، والفقيه 1: 76 / 330، وقرب الاسناد: 34.
8 – النتر: جذب الشئ بجفوة، ومنه نتر الذكر في الاستبراء، وهو استخراج بقية البول منه. ” مجمع البحرين – نتر – 3: 487 “.
9 – كذا، ولم يتقدم منه شئ.
10 – الحبائل: عروق ظهر الانسان، وحبائل الذكر عروقه، انظر ” مجمع البحرين – حبل 5: 348 “.
11 – ورد مؤداه في الهداية: 18، والكافي 3: 19 / 1 و 2، والتهذيب 1: 28 / 71، والاستبصار 1: 49 / 137.

[ 67 ]

ولا تغسل ثوبك ولا إحليلك من مذي ووذي (1)، فإنهما بمنزلة البصاق والمخاط (2). ولا تغسل ثوبك إلا مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء. ولا يجب عليك إعادته (3) إلا من بول، أو مني، أو غائط، أو ريح تستيقنها (4)، فإن شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج، فلا تنقض من أجلها الوضوء إلا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها (5). وإن استيقنت أنها خرجت منك، فأعد الوضوء، سمعت وقعها (6) أو لم تسمع، و شممت ريحها أو لم تشم (7). فإن شككت في الوضوء وكنت على يقين من الحدث فتوضأ (8). وإن شككت في الحدث، فإن كنت على يقين من الوضوء فلا ينقض الشك اليقين إلا أن تستيقن الحدث (9)، وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيهما سبق فتوضأ (10). (وإن توضأت وضوءا تاما، وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أو لم تحدث، فليس عليك وضوء، لأن اليقين لا ينقضه الشك) (11). وإياك أن تبعض الوضوء، وتابع بينه، كما قال الله تبارك وتعالى (12)، إبدأ


1 – الوذي: بالذال المعجمة. ماء يخرج عقيب إنزال المني ” مجمع البحرين – وذا – 1: 433 “، وفي نسخة ” ش “: وودي.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 39 / 150، والمقنع: 5، وعلل الشرايع: 296 / 3، والكافي 3: 9 3 / 1، والتهذيب 1: 17 / 40 و 41، والاستبصار 1: 91 / 293 و 294.
3 – في نسخة ” ض ” إعادة، وما أثبتناه من نسخة ” ش ” هو الصواب.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 37 / 137، والمقنع: 4، والهداية: 18، والكافي 3: 36 / 6، والتهذيب 1: 8 / 2 1.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 37 / 139، والمقنع: 7، والكافي 3: 36 / 3، والتهذيب 1: 347 / 1017 و 1018، والاستبصار 1: 90 / 8 28 و 289.
6 – الوقع: الصوت ” لسان العرب – وقع – 8: 402 “.
7 – ورد مؤداه في قرب الاسناد: 92، والبحار 10: 284 عن كتاب علي بن جعفر.
8 – ورد مؤداه في الهداية: 17، والتهذيب 1: 102 / 268، والكافي 3: 33 / 1.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 37 / 139، والخصال: 619، والتهذيب 1: 8 / 11.
0 1 – ورد مؤداه في المقنع: 7، والمقنعة: 6.
11 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض ” وورد مؤداه في المقنع: 7.
12 – إشارة إلى آية الوضوء في سورة المائدة 5: 6.

[ 68 ]

بالوجه، ثم باليدين، ثم بالمسح على الرأس والقدمين (1). فإن فرغت من بعض وضوئك، وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه، ثم أوتيت بالماء فأتمم وضوءك، إذا كان ما غسلته رطبا، فإن كان قد جف فأعد الوضوء، فإن جف بعض وضوئك، قبل أن تتمم الوضوء، من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي، جف وضوؤك أو لم يجف (2). وإن كان عليك خاتم فدوره عند وضوئك، فإن علمت أن الماء لا يدخل تحته فانزع (3). ولا تمسح على عمامة، ولا على قلنسوة، ولا على خفيك (4)، فإنه أروي عن العالم عليه السلام: لا تقية في شرب الخمر، ولا المسح على الخفين (5)، ولا تمسح على جوربك إلا من عذر، أو ثلج تخاف على رجليك. ولا ينقض الوضوء إلا ما يخرج من الطرفين (6). ولا ينقض القئ، ولا القلس (7)، والرعاف، والحجامة، والدماميل، والقروح وضوءا (8). وإن احتقنت أو حملت الشياف، فليس عليك إعادة الوضوء (9). فإن خرج منك مما احتقنت أو احتملت من الشياف، وكانت بالثفل (10)، فعليك الاستنجاء والوضوء، وإن لم يكن فيها ثفل فلا استنجاء عليك ولا وضوء. وإن خرج منك حب القرع، وكان فيه ثفل، فاستنج وتوضأ، وإن لم يكن فيه


1 – الفقيه 1: 28 / 89.
2 – أورده الصدوق في الفقيه 1: 35، باب 13 عن رسالة أبيه، والمقنع: 6.
3 – ورد مؤداه في المقنع: 6، والكافي 3: 45 / 14.
4 – ورد مؤداه في الهداية: 17، والفقيه 1: 29 / 94، والتهذيب 1: 361 / 1090.
5 – المقنع: 6، والهداية: 7 1، والفقيه 1: 30 / 95، باختلاف في ألفاظه.
6 – الهداية: 18.
7 – القلس: ما خرج من الحلق مل ء الفم أو دونه وليس بقئ ” الصحاح – قلس – 3: 5 6 9 “.
8 – الهداية: 18، والفقيه 1: 37 / 137، والمقنع: 5، والكافي 3: 6 3 / 9، والتهذيب 1: 13 / 25.
9 – الفقيه 1: 39 / 148.
10 – الثفل: ما يخرج من البطن ” مجمع البحرين – ثفل – 5: 329 “.

[ 69 ]

ثفل، فلا وضوء عليك ولا استنجاء (1). وكل ما خرج من قبلك ودبرك، من دم، وقيح وصديد (2)، وغير ذلك، فلا وضوء عليك ولا استنجاء، إلا أن يخرج منك بول، أو غائط، أو ريح، أو مني (3). وإن كان بك بول أو غائط أو ريح أو مني، وكان بك في الموضع الذي يجب عليه الوضوء قرحة، أو دماميل ولم يؤذك، فحلها واغسلها، وإن أضرك حلها فامسح يدك على الجبائر والقروح، ولا تحلها (ولا تعبث) (4) بجراحتك (5). وقد نروي في الجبائر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” يغسل ما حولها ” (6). ولا بأس أن يصلي بوضوء واحد صلوات الليل والنهار، ما لم يحدث (7). ونروي أن أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم قال لابنه محمد بن الحنفية: يا بني قم فائتني بمخضب (8) فيه ماء للطهور، فأتاه. فضرب بيده في الماء فقال: بسم الله (9) والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا، ثم استنجى فقال: اللهم حصن فرجي واعفه، واستر عورتي، وحرمه على النار. ثم تمضمض فقال: اللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك. ثم استنشق فقال: اللهم لا تحرمني رائحة الجنة، واجعلني ممن يشم ريحها، وروحها وطيبها. ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيض وجهي، يوم تسود فيه الوجوه، ولا تسود وجهي، يوم تبيض فيه الوجوه. ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم أعطني كتابي بيميني، والخلد (في الجنان) (10) بشمالي.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 37 / 138، والكافي 3: 36 / 5.
2 – صديد الجرح: ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن يصير مدة ” الصحاح – صدد – 2: 496 “.
3 – الفقيه 1: 37 باختلاف في ألفاظه.
4 – في نسخة ” ش “: ” تعنت “.
5 – الفقيه 1: 29 / 93.
6 – الفقيه 1: 9 2 / 94.
7 – الهداية 18، المقنع: 6، الكافي 3: 63 / 4.
8 – المخضب: الأجانة التي تغسل فيها الثياب ” مجمع البحرين – خضب – 2: 50 “.
9 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” وبالله “.
10 – ليس في نسخة ” ض “

[ 70 ]

ثم غسل شماله فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مقطعات (1) النيران. ثم مسح برأسه فقال: اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك. ثم غسل قدميه فقال: اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه (2) الأقدام، واجعل سعيي فيما يرضيك عني. ثم التفت إلى ابنه فقال: يا بني فأيما (3) عبد مؤمن توضأ بوضوئي هذا، وقال مثل ما قلت عند وضوئه، إلا خلق الله من كل قطرة ملكا يسبحه، ويكبره ويحمده، ويهلله إلى يوم القيامة (4). وأيما مؤمن قرأ في وضوئه (إنا أنزلناه في ليلة القدر) خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولا صلاة إلا بإسباغ الوضوء، وإحضار النية، وخلوص اليقين، وإفراغ القلب، وترك الأشغال، وهو قوله: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) (5).


1 – المقطعات: الثياب ” مجمع البحرين – قطع – 4: 380 “.
2 – ليس في نسخة ” ض “
3 – في نسخة ” ش “: ” ما من “
4 – روي باختلاف يسير في الفقيه 1: 26 / 4 8، والمقنع: 3، وثواب الأعمال: 31، وأمالي الصدوق: 445 / 11، والكافي 3: 70 / 6، والتهذيب 1: 53 / 153، والمحاسن: 45.
5 – الإنشراح 94: 7 و 8

[ 71 ]

1 باب مواقيت الصلاة إعلم يرحمك الله: أن لكل صلاة وقتين: (أول وآخر) (1) فأول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله (2). ونروي أن لكل صلاة ثلاثة أوقات: أول وأوسط وآخر (3)، فأول الوقت رضوان الله، وأوسطه عفو الله، وآخره غفران الله، وأول الوقت أفضله. وليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت وقتا، وإنما جعل آخر الوقت للمريض، والمعتل، والمسافر (4). وقال العالم عليه السلام (5): إن الرجل قد يصلي (في وقت) (6) وما فاته من الوقت خير له من أهله وماله (7). وقال العالم عليه السلام (8): إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلا أحب أن يسبقني أحد بالعمل، لأني أحب أن يكون صحيفتي أول صحيفة يرفع فيها العمل الصالح (9). وقال العالم عليه السلام (10): ما يأمن أحدكم الحدثان في ترك الصلاة، وقد دخل وقتها


1 – ليس في نسخة ” ش “.
2 – الفقيه 1: 140 / 651.
3 – روي مؤداه في الكافي 3: 273 / 1 و 274 / 5، والتهذيب 2: 40 / 127.
4 – روي مؤداه من عبارة ” وليس لأحد. ” في الكافي 3: 274 / 3، والتهذيب 2: 39 / 124 و 41 / 132.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – ليس في نسخة ” ش “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 140 / 652، والكافي 3: 274، والتهذيب 2: 40 / 126.
8 – ليس في نسخة ” ض “.
9 – الهداية: 29.
10 – ليس في نسخة ” ض “.

[ 72 ]

وهو فارغ (1). وقال الله عز وجل: (الذين هم على صلواتهم يحافظون) (2) قال العالم عليه السلام (3): يحافظون على المواقيت (4). وقال: (الذين هم على صلاتهم دائمون) (5) قال (العالم عليه السلام: أي هم) (6) يدومون على أداء الفرائض والنوافل، وإن فاتهم بالليل قضوا بالنهار، وإن فاتهم بالنهار قضوا بالليل (7). وقال العالم عليه السلام (8): أنتم رعاة الشمس والنجوم، وما أحد يصلي صلاتين ولا يؤجر أجرين غيركم، لكم أجر في السر وأجر في العلانية. وأول صلاة فرضها الله على العباد صلاة يوم الجمعة الظهر (9)، فهو قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (10) تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار (1 1). وقال العالم عليه السلام (12): أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخره أن يبلغ الظل ذراعا أو قدمين من زوال الشمس في كل زمان. ووقت العصر بعد القدمين الأولين إلى قدمين آخرين أو ذراعين (13)، لمن كان مريضا أو معتلا (4 1) أو مقصرا، فصار قدمان للظهر وقدمان للعصر. فإن لم يكن معتلا من مرض أو من غيره ولا


1 – الهداية: 29، وروي مؤداه في التهذيب 2: 272 / 2 108.
2 – المؤمنون 23: 9.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – ورد مؤداه في تفسير القمي 2: 89، ومجمع البيان 4: 99.
5 – المعارج 70: 23.
6 – ليس في نسخة ” ض “.
7 – روى مؤداه الصدوق في الخصال: 628.
8 – ليس في نسخة ” ض “.
9 – أورد مؤداه الصدوق في الفقيه 1: 125 / 600 وفي الكافي 3: 275 / 1.
10 – الاسراء 17: 78.
11 – روي مؤداه في الفقيه 1: 138 / 643، والكافي 3: 283 / 2، وتفسير القمي 2: 25.
12 – ليس في نسخة ” ض “.
13 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 140 / 649 و 653، والهداية: 29.
14 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 73 ]

تقصير، ولا يريد أن يطيل التنفل، فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين (1)، وليس يمنعه منهما إلا السبحة (2) بينهما. والثمان ركعات قبل الفريضة والثمان بعدها نافلة (3)، وإن شاء طول إلى القدمين، وإن شاء قصر، والحد لمن أراد أن يطول في الثماني والثماني أن يقرأ مائة آية فما دون، وإن أحب أن يزداد فذلك إليه، وإن عرض له شغل أو حاجة أو علة تمنعه من الثماني والثماني، إذا زالت الشمس، صلى الفريضتين وقضى النوافل متى ما فرغ من ليل أو نهار، في أي وقت أحب غير ممنوع من القضاء في وقت من الأوقات (4). وإن كان معلولا حتى يبلغ ظل القامة قدمين، أو أربعة أقدام صلى الفريضة، وقضى النوافل متى ما تيسر له القضاء (5). وتفسير القدمين والأربعة أقدام أنهما بعد زوال الشمس في أي زمان كان، شتاء أو صيفا طال الظل أم قصر، فالوقت واحد أبدا (6). والزوال يكون في نصف النهار، سواء قصر النهار أم طال (7)، فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاة، وله مهلة في التنفل، والقضاء، والنوم، والشغل إلى أن يبلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال، فإذا بلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال فقد وجب عليه أن يصلي الظهر في استقبال القدم الثالث، وكذلك يصلي العصر إذا صلى في آخر الوقت في استقبال القدم الخامس، فإذا صلى بعد ذلك فقد ضيع الصلاة، وهو قاض للصلاة بعد الوقت (8). وأول وقت المغرب سقوط القرص، وعلامة سقوطه أن يسود أفق المشرق، وآخر وقتها


1 – الفقيه 1: 139 / 646، الهداية: 29، الكافي 3: 6 27 / 5، من ” فإذا زالت الشمس. “.
2 – السبحة: النافلة ” مجمع البحرين – سبح – 2: 0 37 “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – قوله ” وقضى النوافل. ” ورد مؤداه في التهذيب 2: 163 / 642 و 173 / 688 و 690، والاستبصار 1: 290 / 0 106 و 1061 و 1063 و 1064.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 140 / 649 و 653، والتهذيب 2: 20 / 56.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 277 / 7، والتهذيب 2: 9 24 / 988 و 989.
7 – روى الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 140 / 649 و 650 و 653.
8 – روى الشيخ مؤداه في التهذيب 2: 256 / 1016 و 1018، والاستبصار 1: 259 / 8 92 و 930، من ” فإذا صلى. “

[ 74 ]

غروب الشفق (1)، وهو أول وقت العتمة، وسقوط الشفق ذهاب الحمرة (2)، وآخر وقت العتمة نصف الليل وهو زوال الليل (3). وأول وقت الفجر اعتراض الفجر في أفق المشرق، وهو بياض كبياض النهار، وآخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب (4). وإنما يمتد وقت الفريضة بالنوافل، فلولا النوافل وعلة المعلول لم يكن أوقات الصلاة ممدودة على قدر أوقاتها، فلذلك تؤخر الظهر إن أحببت، وتعجل العصر إذا لم يكن هناك نوافل، ولا علة تمنعك أن تصليهما في أول وقتهما، وتجمع بينهما في السفر، إذ لا نافلة تمنعك من الجمع (5). وقد جاءت أحاديث مختلفة في الأوقات، ولكل حديث معنى وتفسير، فجاء أن أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخر وقتها قامة رجل: قدم (6) وقدمان (7). وجاء: على النصف من ذلك، وهو أحب إلي (8). وجاء: آخر وقتها إذا تم قامتين. وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين، وآخر وقتها إذا تم أربعة أقدام (9). وجاء: أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعا، وآخر وقتها إذا تم ذراعين (10). وجاء: لهما جميعا وقت واحد مرسل، لقوله: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 141 / 655 و 657 و 142 / 662، والهداية: 30 والكافي 3: 9 27 / 4 و 6 و 280 / 7 و 9، والتهذيب 2: 28 / 77 و 82 و 29 / 86 و 258 / 1029 و 1031.
2 – في نسخة ” ش ” زيادة: المغربية. 3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 1 14 / 657، والتهذيب 2: 30 / 88.
4 – روى الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 143 / 664 و 317 / 0 144 و 1441، وروى الكليني مؤداه في الكافي 3: 282 / 1 و 283 / 3.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 276 / 2 و 3 و 4، والتهذيب 2: 21 / 57 و 58 و 60 وفي الكافي 3: 1 43 / 3 و 4 ما يدل على الجمع بين العصر والظهر في السفر.
6 – في نسخة ” ش “: وقدم.
7 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 18 / 50 و 19 / 52 و 20 / 56 و 21 / 60 و 61 و 252 / 1001.
8 – التهذيب 2: 246 / 978.
9 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 5 25 / 1012.
10 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 251 / 4 99 و 995، 256 / 1016.

[ 75 ]

الصلاتين (1). وجاء: أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر، ثم المغرب والعتمة، من غير سفر ولا مرض (2). وجاء: أن لكل صلاة وقتين: أول وآخر، كما ذكرناه في أول الباب (3)، وأول الوقت أفضلها (4). وإنما جعل آخر الوقت للمعلول، فصار آخر الوقت رخصة للضعيف بحال علته في نفسه وماله، وهي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف والمعلول (5)، وذلك أن الله فرض الفرائض على أضعف القوم قوة ليستوي فيها (6) الضعيف والقوي، كما قال الله تبارك وتعالى: (فما استيسر من الهدي) (7) وقال: (فاتقوا الله ما استطعتم) (8) فاستوى الضعيف الذي لا يقدر على أكثر من شاة، والقوي الذي يقدر على أكثر من شاة إلى أكثر القدرة (9) في الفرائض، وذلك لئلا تختلف الفرائض فلا يقام على حد. وقد فرض الله تبارك وتعالى على الضعيف ما فرض على القوي، ولا يفرق عند ذلك بين القوي والضعيف. فلما (10) لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوي الذي هو غير معلول، لم يجز أن يفرض على القوي غير فرض الضعيف، فيكون الفرض محمولا ثبت الفرض عند


1 الفقيه 1: 9 13 / 646، والهداية: 29، والكافي 3: 276 / 5، والتهذيب 2: 243 / 964 و 965 و 966 و 7 96، وفيها عن أبي عبد الله عليه السلام.
2 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 6 18 / 886، وعلل الشرايع: 321 / 3 و 4، و 322 / 6 و 7، والتهذيب 2: 263 / 6 104.
3 – تقدم ذكره في ص 9.
4 – الكافي 3: 274 / 3 و 4.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 274 / 3، والتهذيب 2: 39 / 123 و 124، وفيها: النهي عن تأخير الصلاة بغير علة.
6 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: منها، وهو تصحيف، صوابه ما أثبتناه من البحار 83: 32 عن فقه الرضا (ع).
7 – البقرة 2: 196.
8 – التغابن 64: 16.
9 – ليس في نسخة ” ش “.
10 – في نسخة ” ش ” و ” ض ” زيادة: أن.

[ 76 ]

ذلك على أضعف القوم، ليستوي فيها القوي والضعيف، رحمة من الله للضعيف لعلته في نفسه، ورحمة منه للقوي لعلة الضعيف، ويستتم الفرض المعروف المستقيم عند القوي والضعيف. وإنما سمي ظل القامة قامة، لأن حائط رسول الله صلى الله عليه وآله قامة إنسان (1)، فسمي ظل الحائط ظل قامة وظل قامتين، وظل قدم وظل قدمين، وظل أربعة أقدام وذراع. وذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين، وإذا مسح بالذراع كان ذراعا، و إذا مسح بالذراعين كان ذراعين، وإذا مسح بالقامة كان قامة أي هو ظل القامة وليس هو بطول القامة سواء مثله، لأن ظل القامة ربما كان قدما وربما كان قدمين، ظل مختلف على قدر الأزمنة واختلافه باختلافها، لأن الظل قد يطول وينقص لاختلاف الأزمنة. والحائط المنسوب إلى قامة إنسان قائما معه غير مختلف ولا زائد ولا ناقص، فلثبوت (2) الحائط المقيم المنسوب إلى القامة، كان الظل منسوبا إليه ممسوحا به، طال الظل أم قصر. فإن قال: لم صار وقت الظهر والعصر أربعة أقدام، ولم يكن الوقت أكثر من الأربعة ولا أقل من القدمين؟ وهل كان يجوز أن يصير أوقاتها أوسع من هذين الوقتين أو أضيق؟ قيل له: لا يجوز أن يكون الوقت أكثر مما قدر، لأنه إنما صير الوقت على مقادير قوة أهل الضعف، واحتمالهم لمكان أداء الفرائض، ولو كانت قوتهم أكثر مما قدر لهم من الوقت لقدر لهم وقت أضيق، ولو كانت قوتهم أضعف من هذا لخفف عنهم من الوقت و صير أكثر. ولكن لما قدرت قوى الخلق على ما قدرت لهم من الوقت الممدود بما يقدر الفريقين [ قدر ] (3) لأداء الفرائض والنافلة وقت، ليكون الضعيف معذورا (في تأخير) (4)


1 – الفقيه 1: 140 / 653، والتهذيب 2: 20 / 55 و 21 / 58، باختلاف يسير، من ” وإنما سمي. “.
2 – في نسخة ” ض “: فسوف، وفي ” ش “: فلما استوفى، وما أثبتناه من البحار 83: 33 عن فقه الرضا.
3 – أثبتناه من البحار.
4 – في نسخة ” ش “: بتأخير.

[ 77 ]

الصلاة (إلى آخر الوقت) (1) لعلة ضعفه. (وكذلك القوي معذورا بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت لأهل الضعف) (2) لعلة المعلول مؤديا للفرض، وإن (3) كان مضيعا للفرض بتركه للصلاة في أول الوقت. وقد قيل: أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو (4) الله (5). وقيل: فرض الصلوات الخمس التي هي مفروضة على أضعف الخلق قوة، ليستوي بين الضعيف والقوي، كما استوى في الهدي شاة. وكذلك جميع الفرائض المفروضة على جميع الخلق، إنما فرضها الله على أضعف الخلق قوة، مع ما خص أهل القوة على أداء الفرائض في أفضل الأوقات وأكمل الفرض، كما قال الله عز وجل: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (6). وجاء أن آخر وقت المغرب إلى ربع الليل، للمقيم المعلول، والمسافر (7) كما جاز أن يصلي العتمة في أول وقت المغرب الممدود (8)، كذلك جاز أن يصلي العصر في أول الوقت الممدود للظهر.


1 – في نسخة ” ض “: التي تنهي بلوغ غاية الوقت.
2 – في نسخة ” ش “: والقوي معذورا.
3 – في نسخة ” ض ” و ” ش “: وإذا، والصواب ما أثبتناه من البحار 3 8: 3 3 عن فقه الرضا.
4 – في نسخة ” ض “: غفران.
5 – الفقيه 1: 140 / 651.
6 – الحج 22: 32.
7 – الفقيه 1: 141 / 656، الكافي 3: 281 / 14، باختلاف في ألفاظه، وورد مؤداه في التهذيب 2: 259 / 1034، والاستبصار 1: 7 26 / 964.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 142 / 662، والكافي 3: 280 / 11 و 12، والتهذيب 2: 28 / 82.

[ 78 ]

2 – باب التخلي والوضوء (1) أقول لك: فإذا دخلت الغائط فقل: أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث، المخبث الشيطان الرجيم (2). فإذا فرغت منه فقل: الحمد لله الذي أماط عني الأذى، وهنأني طعامي، وعافاني من البلوى (3)، الحمد لله الذي يسر المساغ، وسهل المخرج وأماط عني الأذى. واذكر الله عند وضوئك وطهرك، فإنه نروي أن (4): من ذكر الله عند وضوئه طهر جسده كله، ومن لم يذكر اسم الله في وضوئه طهر من جسده ما أصابه الماء (5). فإذا فرغت فقل: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، والحمد لله رب العالمين (6). وإن كنت أهرقت الماء فتوضأت، ونسيت أن تستنجي حتى فرغت من صلاتك، ثم ذكرت فعليك أن تستنجي ثم تعيد الوضوء والصلاة (7). ولا تقدم المؤخر (من الوضوء) (8) ولا تؤخر المقدم، لكن تضع كل شئ على


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – الفقيه 1: 16 / 37 و 17 / 42، والكافي 3: 16 / 1، والتهذيب 1: 25 / 63.
3 – الفقيه 1: 20 / 58، والمقنع: 3، والهداية: 6 1.
4 – في نسخة ” ض “: ” يروي أبي “.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 31 / 102، والمقنع: 7، وعلل الشرايع: 289 / 1 والكافي 3: 16 / 2، والتهذيب 1: 358 / 1074 و 1075 و 1076.
6 – الكافي 3: 16 / 1، والتهذيب 1: 25 / 63.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 19 / 17، والتهذيب 1: 50 / 146، والاستبصار 1: 55 / 162.
8 – ليس في نسخة ” ش “

[ 79 ]

ما أمرت أولا فأولا (1). وإن غسلت قدميك، ونسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك، لأنك قد أتيت بأكثر ما عليك. وقد ذكر الله الجميع في القرآن، المسح والغسل، قوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين) (2) أراد به الغسل بنصب اللام، وقوله: (وأرجلكم) بكسر اللام، أراد به المسح وكلاهما جائزان الغسل والمسح (3). فإن توضأت وضوءا تاما وصليت صلاتك أو لم تصل، ثم شككت فلم تدر أحدثت أم لم تحدث، فليس عليك وضوء لأن اليقين لا ينقضه الشك. وليس (4) من مس الفرج (5)، ولا من مس القرد والكلب (6)، والخنزير، ولا من


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 28 / 89 و 29 / 90، وفي التهذيب 1: 97 / 251، 252، 253، والاستبصار 1: 73 / 223 و 224 و 225 و 227 و 228.
2 – المائدة 5: 6.
3 – ورد مؤدى الفقرة من ” وإن غسلت قدميك. ” في التهذيب 1: 64 / 180 و 181 و 66 / 7 18، وهذه الأحاديث محمولة على التقية، أو ورد فيها تأويل، مع العلم أن الأحاديث الواردة في المسح أكثر عددا، وأشهر رواية، وأصح سندا، وأوضح دلالة، وقرر الشيخ الطوسي قول الإمامية بالمسح، حيث صرح في جملة كلام له: ” فإن قيل: فأين أنتم عن القراءة بنصب الأرجل، وعليها أكثر القراء وهي موجبة للغسل ولا يحتمل سواه؟ قلنا: ” أول ما في ذلك أن القراءة بالجر مجمع عليها والقراءة بالنصب مختلف فيها، لأنا نقول: إن القراءة بالنصب غير جائزة، وإنما القراءة المنزلة هي القراءة بالجر. “. واستدل على ذلك بأحاديث عديدة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر ” وأرجلكم ” خفضا، عطفا على الرؤوس، وحجتهم في ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال: ” الوضوء غسلتان ومسحتان “. وعلى فرض قراءة الآية الشريفة بنصب ” أرجلكم ” فهي دالة – حسب قوانين اللغة – على المسح أيضا، كما أوضحه الشيخ الطوسي. انظر ” التهذيب 1: 70، حجة القراءات: 223، تفسير القرطبي 6: 91، التفسير الكبير 11: 161 “.
4 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” عليك وضوء “.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 37 / 12.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 60 / 2.

[ 80 ]

مس الذكر، ولا من مس ما يؤكل من الزهومات (1) وضوء عليك. ونروي: أن جبرئيل عليه السلام هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله بغسلين ومسحين: غسل الوجه والذراعين بكف كف، ومسح الرأس والرجلين بفضل النداوة التي بقيت في يدك من وضوئك. فصار الذي كان يجب على المقيم غسله في الحضر، واجبا على المسافر أن يتيمم لا غير، صارت الغسلتان مسحا بالتراب، وسقطت المسحتان اللتان كانتا بالماء للحاضر لا غيره. ويجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن، تمر به على وجهك وذراعيك، أقل من ربع مد، وسدس مد أيضا، ويجوز بأكثر من ربع مد وسدس مد أيضا، ويجوز بأكثر من مد (2). وكذلك في غسل الجنابة مثل الوضوء سواء، وأكثرها في الجنابة صاع، ويجوز غسل الجنابة بما يجوز به الوضوء، إنما هو تأديب وسنن حسن، وطاعة آمر لمأمور (ليثيبه عليه) (3) فمن تركه فقد وجب عليه السخط، فأعوذ بالله منه (4).


1 – في نسخة ” ض ” الزهوكات، وهو تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة ” ش “، والزهومة: الدسم وريح اللحم ” مجمع البحرين – زهم – 6: 81 “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 21 / 1 و 2 وص 22 / 7.
3 – في نسخة ” ش “: ” ليثيب له وعليه “. وفي نسخة ” ض “: ” ليثيب له عليه “. وما أثبتناه من البحار 80: 349 / 5 عن فقه الرضا عليه السلام.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 136 / 376 و 377 و 378.

[ 81 ]

30 باب الغسل من الجنابة وغيرها اعلموا رحمكم الله أن غسل الجنابة فريضة من فرائض الله عز وجل وأنه ليس من الغسل فرض غيره (1). وباقي الغسل سنة واجبة، ومنها سنة مسنونة، إلا أن بعضها ألزم من بعض وأوجب من بعض. فإذا أردت الغسل من الجنابة، فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني في إحليلك، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شئ عليك وتنظف موضع الأذى منك، و تغسل يديك إلى المفصل ثلاثا قبل أن تدخلها الاناء، وتسمي بذكر الله قبل إدخال يدك إلى الاناء، وتصب على رأسك ثلاث أكف، وعلى جانبك الأيمن مثل ذلك، وعلى جانبك الأيسر مثل ذلك، وعلى صدرك ثلاث أكف وعلى الظهر مثل ذلك، وإن كان الصب بالاناء جاز الاكتفاء بهذا المقدار والإستظهار فيه إذا أمكن (2). وقد يروى: تصب على الصدر من مد العنق، ثم تمسح سائر بدنك (3) بيديك، و تذكر الله فإنه من ذكر الله على غسله وعند وضوئه طهر جسده كله، ومن لم يذكر الله طهر من جسده ما أصاب الماء (4). وقد نروي: أن يتمضمض ويستنشق ثلاثا ويروى: مرة مرة يجزيه، وقال:


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 44 / 172، والمقنع: 12، والهداية: 19، والتهذيب 1: 0 11 / 287 و 114 / 302.
2 – أورد الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 46 عن رسالة أبيه، والمقنع: 12، والهداية: 20، والكافي 3: 43 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 1: 131 / 363 و 132 / 365 و 133 / 368 و 145 / 411 و 412.
3 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 132 / 364.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 31 / 102، والمقنع: 7، والتهذيب 1: 358 / 1074 و 1076.

[ 82 ]

الأفضل الثلاثة، وإن لم يفعل فغسله تام (1). ويجزي من الغسل عند عوز الماء الكثير ما يجزي من الدهن (2)، وليس في غسل الجنابة وضوء، والوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة مجزية عن الفرض الثاني، ولا يجزيه سائر الغسل عن الوضوء لأن الغسل سنة والوضوء فريضة، ولا يجزي سنة عن فرض، وغسل الجنابة والوضوء فريضتان، فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (3). وإذا اغتسلت بغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل (4)، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء (5) فإن اغتسلت ونسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة. والغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والإحرام، وغسل الميت، ومن غسل الميت، وغسل الجمعة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول الحرم، وغسل دخول مكة، وغسل زيارة البيت، ويوم عرفة، وخمس ليال من شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة سبع عشرة، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، و دخول البيت، والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وغسل الزيارات، وغسل الاستخارة، وغسل طلب الحوائج من الله تبارك وتعالى، وغسل يوم غدير خم (6). الفرض من ذلك غسل الجنابة، والواجب غسل الميت، وغسل الاحرام، و الباقي سنة (7). وقد يجزي غسل واحد من الجنابة، ومن الجمعة، ومن العيدين، والإحرام (8).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، وعلل الشرايع: 287 / 2، والتهذيب 1: 148 / 422، 131 / 362.
2 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 137 / 384 و 138 / 385.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والهداية: 19 و 20، والفقرة الأولى من هذه القطعة ” وليس في غسل الجنابة وضوء ” ورد مؤداها في التهذيب 1: 139 / 389 و 390 و 392 و 142 / 402 و 403 وورد مؤدى الفقرة الثانية ” والوضوء من كل غسل ما خلا غسل الجنابة ” في الكافي 3: 45 / 13، والتهذيب 1: 139 / 391.
4 – الهداية: 20، وورد مؤداه في الكافي 3: 5 4 / 13، والتهذيب 1: 142 / 401.
5 – الهداية: 20.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 44 / 172، والهداية: 19، والكافي 3: 40 / 1 و 2، والتهذيب 1: 104 / 270.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 45 / 176.
8 – ورد مؤداه في الهداية: 20، والتهذيب 1: 107 / 279.

[ 83 ]

وقد روي: أن الغسل أربعة عشر وجها: ثلاث منها غسل واجب مفروض، متى ما نسيه ثم ذكره بعد الوقت اغتسل، وإن لم يجد الماء تيمم، ثم إن وجدت الماء فعليك الإعادة. وأحد عشر غسلا سنة: غسل العيدين، والجمعة، ويوم عرفة، ودخول مكة، و دخول المدينة، وزيارة البيت، وثلاث ليال من شهر رمضان: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ومتى ما نسي بعضها أو اضطر أو به علة يمنعه من الغسل، فلا إعادة عليه. وأدنى ما يكفيك ويجزيك من الماء ما تبل به جسدك مثل الدهن (1). وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض نسائه بصاع من ماء (2). وروي: أنه يستحب غسل ليلة إحدى وعشرين، لأنها الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مريم صلوات الله عليه، ودفن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهي عندهم ليلة القدر (3). وليلة ثلاث وعشرين هي الليلة التي ترجى فيها، وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول: ” إذا صام الرجل ثلاثة وعشرين من شهر رمضان، جاز له أن يذهب و يجئ في أسفاره ” (4). وليلة تسع عشرة من شهر رمضان، هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، ويستحب فيها الغسل (5). وميز شعرك بأناملك عند غسل الجنابة، فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن ” تحت كل شعرة جنابة “، فبلغ الماء تحتها في أصول الشعر كلها و خلل أذنيك بإصبعك، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلا وتدخل تحتها


1 – ورد مؤداه في الكافي 3: 21 / 1، والتهذيب 1: 137 / 384، من ” وأدنى ما يكفيك “.
2 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 378، والكافي 3: 22 / 5.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 45 / 176، والكافي 3: 40 / 2، والتهذيب 1: 114 / 302.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 4: 216 / 626.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 100 / 446.

[ 84 ]

الماء (1). وإن كان عليك نعل وعلمت أن الماء قد جرى تحت رجليك فلا تغسلهما، وإن لم يجر الماء تحتهما فاغسلهما. وإن اغتسلت في حفيرة وجرى الماء تحت رجليك فلا تغسلهما، (وإن كان رجلاك مستنقعتين في الماء فاغسلهما) (2)، (3). وإن عرقت في ثوبك، وأنت جنب وكانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه، وإن كانت حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغتسل (4). وإذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك، وتمضمض واستنشق، ثم كل واشرب إلى أن تغتسل، فإن أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص، ولا تعد إلى ذلك (5). وإن كان عليك خاتم فحوله عند الغسل، وإن كان عليك دملج (6) وعلمت أن الماء لا يدخل تحته فانزعه (7). ولا بأس أن تنام على جنابتك بعد أن تتوضأ وضوء الصلاة (8). وإن أجنبت في يوم أو ليلة مرارا أجزأك غسل واحد، إلا أن تكون أجنبت بعد الغسل أو احتلمت، وإن احتلمت فلا تجامع حتى تغتسل من الاحتلام (9). ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن وأنت جنب، إلا العزائم التي تسجد فيها، وهي: (ألم


1 – الفقيه 1: 46، المقنع: 12، والهداية: 20، باختلاف يسير، وأما الحديث النبوي: ” إن تحت كل شعرة جنابة ” في الحدائق 3: 89 عن سنن ابن ماجة 1: 196 / 597.
2 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
3 – ورد باختلاف في الألفاظ من ” وإن كان عليك. ” في الفقيه 1: 19 / 53، والكافي 3: 44 / 10 و 11، والتهذيب 1: 132 / 366 و 133 / 367.
4 – المقنع: 14، عن رسالة أبيه.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والمقنع: 13، والهداية: 20، والكافي 3: 50.
6 – الدملج: المعضد، وهو حلي يلبس في العضد انظر ” القاموس المحيط – دملج – 1: 189 “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 31 / 19، والمقنع: 6، والكافي 3: 44 / 6.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 47 / 180، والكافي 3: 51 / 10.
9 – الفقيه 1: 48، والهداية: 20.

[ 85 ]

تنزيل)، و (حم السجدة)، و (النجم) وسورة (اقرأ باسم ربك) (1). ولا تمس القرآن إذ كنت جنبا أو كنت على غير وضوء، ومس الأوراق (2). وإن خرج من إحليلك شئ بعد الغسل، وقد كنت بلت قبل أن تغتسل فلا تعد الغسل، وإن لم تكن بلت فأعد الغسل (3). ولا بأس بتبعيض الغسل: تغسل يديك وفرجك ورأسك، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك. فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله، فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس، فأعد الغسل على جسدك بعد غسل الرأس (4). ولا تدخل المسجد وأنت جنب، ولا الحائض إلا مجتازين، ولهما أن يأخذا منه و ليس لهما أن يضعا فيه شيئا، لأن ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره (5). وإذا احتلمت في مسجد من المساجد فاخرج منه واغتسل، إلا أن تكون احتلمت في مسجد الحرام أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنك إذا احتلمت في أحد هذين المسجدين فتيمم ثم أخرج، ولا تمر عليهما مجتازا إلا وأنت متيمم (6). وإن اغتسلت من ماء في وهدة (7)، وخشيت أن يرجع ما تصب عليك، أخذت كفا فصببت على رأسك، وعلى جانبيك كفا كفا، ثم امسح بيدك وتدلك بدنك (8). وإن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به ويداك قذرتان،


1 – الفقيه 1: 48، والهداية: 20، والمقنع: 13 2 – الهداية: 20، وورد مؤداه في المقنع: 13، والتهذيب 1: 127 / 344.
3 – المقنع: 13، والهداية: 21، وورد مؤداه في الفقيه: 1: 47 / 186، والتهذيب 1: 144 / 406 و 407 و 408 والكافي 3: 49 / 1 و 2 و 4.
4 – أورده الصدوق في الفقيه 1: 49، عن رسالة والده.
5 – الفقيه 1: 48 / 191، والهداية: 21.
6 – الهداية: 21، وورد مؤداه في التهذيب 1: 7 40 / 1280، والكافي 3: 73 / 14.
7 – الوهدة: الأرض المنخفضة، ” القاموس المحيط – وهد – 1 / 347 “.
8 – المقنع: 14، والفقيه 1: 11.

[ 86 ]

فاضرب يدك في الماء وقل: بسم الله، وهذا مما قال الله تبارك وتعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (1). وإن اجتمع مسلم مع ذمي (في الحمام) (2) اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (3). وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري، إذا كانت له مادة (4). وإياك والتمشط في الحمام، فإنه يورث الوباء في الشعر (5). وإياك والسواك في الحمام، فإنه يورث الوباء في الأسنان (6). وإياك أن تدلك رأسك ووجهك بالمئزر (7) الذي في وسطك، فإنه يذهب بماء الوجه (8). وإياك أن تغسل رأسك بالطين، فإنه يسمج الوجه (9). وإياك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنه يورث البرص (10). وإياك أن تضجع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين (11). وإياك والاستلقاء فإنه يورث الدبيلة (12)، (13). ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت (14)، إذا كان عليك مئزر.


1 – المقنع: 13، والآية في سورة الحج 22: 78.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – المقنع: 13 باختلاف في الألفاظ.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 378 / 1168 و 1170.
5 – المقنع: 14، عن رسالة والده.
6 – الفقيه 1: 64 / 243، وفي المقنع عن رسالة والده: 14.
7 – في نسخة ” ض ” ” بمئزرك “.
8 – المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64 / 243.
9 – الفقيه 1: 64 / 243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14. 10 – المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64 / 243.
11 – الفقيه 1: 4 6 / 243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14، مكارم الأخلاق: 53.
12 – في نسخة ” ش “: ” الدمبلة “، والدبيلة: الطاعون وخراج ودمل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالبا ” مجمع البحرين – دبل – 5: 396 “.
13 – المقنع: 14 عن رسالة والده.
14 – المقنع: 14 عن رسالة والده.

[ 87 ]

وإياك أن تدخل الحمام بغير مئزر فإنه من الايمان (1)، وغض بصرك عن عورة الناس، واستر عورتك من أن ينظر إليه فإنه روي أن الناظر والمنظور إليه ملعون، وبالله العصمة (2).


1 – المقنع: 14 عن رسالة والده.
2 – تحف العقول: 11.

[ 88 ]

4 – باب التيمم إعلموا – رحمكم الله أن التيمم غسل المضطر ووضوءه، وهو نصف الوضوء (1) في غير ضرورة إذا لم يوجد الماء، وليس له أن يتيمم حتى يأتي إلى آخر الوقت (2)، أو إلى أن يتخوف خروج وقت الصلاة وصفة التيمم للوضوء والجنابة وسائر أسباب (3) الغسل واحد، (4)، وهو أن تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة، ثم تسمح بهما وجهك من حد الحاجبين إلى الذقن، وروي: أن موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف (5) ثم تضرب بهما أخرى فتمسح باليسرى اليمنى إلى حد الزند وروي [ من ] (6) أصول (7) الأصابع من اليد اليمنى وباليمنى اليسرى على هذه الصفة. وأروي: إذا أردت التيمم إضرب كفيك على الأرض ضربة واحدة، ثم تضع إحدى يديك على الأخرى، ثم تمسح بأطراف أصابعك وجهك من فوق حاجبيك و بقي ما بقي، ثم تضع أصابعك اليسرى على أصابعك اليمنى من أصل الأصابع من فوق الكف، ثم تمرها على مقدمها على ظهر الكف، ثم تضع أصابعك اليمنى على أصابعك اليسرى، فتصنع بيدك اليمنى ما صنعت بيدك اليسرى على اليمنى مرة واحدة، فهذا


1 – الفقيه 1: 58 / 213 باختلاف في ألفاظه، ومؤداه في المقنع: 9.
2 – المقنع: 8، ومؤداه في الكافي 3: 63 / 1 و 2.
3 – في نسخة ” ض “: ” أبواب “.
4 – الفقيه 1: 58 / 215 باختلاف يسير.
5 – الفقيه 1: 176 / 836، والتهذيب 2: 298 / 1199، والاستبصار 1: 327 / 1222.
6 – أثبتناه من البحار 81: 148.
7 – في نسخة ” ض “: وصول. تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة ” ش “.

[ 89 ]

هو التيمم (1)، وهو الوضوء التام الكامل في وقت الضرورة. فإذا قدرت على الماء انتقض التيمم، وعليك إعادة الوضوء والغسل بالماء لما تستأنف من (2) الصلاة (3)، اللهم إلا أن (4) تقدر على الماء وأنت في وقت من الصلاة التي صليتها بالتيمم، فتطهر وتعيد الصلاة (5). ونروي: أن جبرئيل عليه السلام نزل إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله، في الوضوء بغسلين ومسحين (6): غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين (7)، ثم نزل في التيمم بإسقاط المسحين، وجعل مكان موضع الغسل مسحا. ونروي عنه (عليه السلام) (8) أنه قال: رب الماء ورب الصعيد واحد (9)، وليس للمتيمم أن يتيمم إلا في آخر الوقت (10)، وإن تيمم وصلى قبل خروج الوقت ثم أدرك الماء وعليه الوقت فعليه أن يعيد الصلاة والوضوء (11)، وإن مر بماء فلم يتوضأ و قد كان تيمم وصلى في آخر الوقت وهو يريد ماء ا آخر فلم يبلغ الماء حتى حضرت الصلاة الأخرى، فعليه أن يعيد التيمم لأن ممره بالماء نقض تيممه (12). وقد يصلي بتيمم واحد خمس صلوات، ما لم يحدث حدثا ينقض به الوضوء (13).


1 – ورد مؤداه في المقنع: 9، والهداية: 18، والكافي 3: 61 / 1.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 58 / 213، والهداية: 19، والكافي 3: 63 / 4.
4 – في نسخة ” ض ” زيادة: لا.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 193 / 559.
6 – ليس في نسخة ” ض “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 34 / 127 و 35 / 128.
8 – في نسخة ” ش ” صلى الله عليه وآله.
9 – الكافي 3: 65 / 9، والتهذيب 1: 197 / 571، وورد مؤداه في الفقيه 1: 58 / 213.
10 – المقنع: 8، وورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 3: 63 / 1 و 2.
11 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 193 / 559.
12 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 58 / 213، والمقنع: 8، والكافي 3: 63 / 4، والتهذيب 1: 193 / 557 و 200 / 580.
13 – ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 8، والهداية: 19، والكافي 3: 63 / 4، والتهذيب 1: 300 / 580 و 582، والاستبصار 1: 163 / 565 و 567.

[ 90 ]

وتيمم الجنابة والحائض تيمم مثل تيمم الصلاة (1)، إن الله عز وجل فرض الطهر فجعل غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين. وفرض الصلاة أربع ركعات، فجعل للمسافر ركعتين ووضع عنه الركعتين ليس (2) فيهما القراءة. وجعل للذي لا يقدر على الماء التيمم (3)، مسح الوجه واليدين، ورفع عنه مسح الرأس والرجلين. وقال الله تبارك وتعالى: (فتيمموا صعيدا طيبا) (4) والصعيد: الموضع المرتفع عن الأرض (5) والطيب: الذي ينحدر عنه الماء (6). وقد روي أنه يمسح الرجل على جبينيه وحاجبيه، ويمسح على ظهر كفيه (7). فإذا كبرت في صلاتك تكبيرة الافتتاح، وأوتيت بالماء (8) فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تيممك، وامض في صلاتك (9).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 58 / 215، والتهذيب 1: 212 / 6 61 و 617.
2 – ليس في نسخة ” ض ” والصواب ما أثبتناه من نسخة ” ش “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – المائدة 5: 6، والنساء 4: 43.
5 – وفي كتب اللغة: التراب أو وجه الأرض.
6 – الهداية: 18 باختلاف يسير.
7 – الفقيه 1: 57 / 212، الهداية: 18.
8 – ليس في نسخة ” ش “.
9 – قال العلامة المجلسي في البحار 80: 152 في بيانه حول هذا الخبر: ” ولو وجد الماء بعد الدخول في الصلاة، فقد اختلف فيه كلام الأصحاب على أقوال: الأول: أنه يمضي في صلاته، ولو تلبس بتكبيرة الاحرام، كما دل عليه الخبر، وهو مختار الأكثر. الثاني: أنه يرجع ما لم يركع، ذهب إليه الصدوق والشيخ في النهاية وجماعة. الثالث: أنه يرجع ما لم يقرأ، ذهب إليه سلار. الرابع: وجوب القطع مطلقا إذا غلب على ظنه سعة الوقت بقدر الطهارة والصلاة، وعدم وجوب القطع إذا لم يمكنه ذلك، واستحباب القطع ما لم يركع، نقله الشيخ عن ابن حمزة. الخامس: ما نقله الشهيد أيضا عن ابن الجنيد، حيث قال: وإذا وجد المتيمم الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع الثانية، فإن ركعها مضى في صلاته، فإن وجده بعد الركعة الأولى وخاف ضيق الوقت أن يخرج إن قطع، رجوت أن يجزيه إن لا يقطع صلاته، وأما قبله فلا بد من قطعها مع وجود =

[ 91 ]

5 باب المياه وشربها، والتطهر منها، وما يجوز من ذلك وما لا يجوز منها اعلموا رحمكم الله أن كل ماء جار لا ينجسه شئ (1). وكل بئر عميق، ماؤها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها، فسبيلها سبيل الماء الجاري، إلا أن يتغير لونها (أو طعمها أو رائحتها) (2) فإن تغيرت نزحت حتى تطيب (3). وكل غدير فيه من الماء أكثر من كر، لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات (4). والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمي به (في وسطه) (5) فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر، وإن لم يبلغ فهو كر (6)، ولا ينجسه شئ إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه (أو طعمه أو رائحته) (7) فإذا غيرته لم يشرب منه ولم يتطهر منه، إذا


= الماء. ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات، ويمكن الجمع بينها بحمل أخبار المضي على الجواز، وأخبار القطع قبل الركوع على الاستحباب، بل القطع بعده أيضا والمسألة قليلة الجدوى إذ الفرض نادر. 1 – الجعفريات: 11، وورد مضمونه في الكافي 3: 2 1 / 1 و 2، والتهذيب 1: 31 / 81 و 43 / 120 و 121 و 122.
2 – في نسخة ” ض “: ” وطعمها ورائحتها “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 3: 2 / 4 و 3 / 5، والتهذيب 1: 42 / 117 و 234 / 676.
4 – ورد مؤداه في الهداية: 14، الكافي 3: 2 / 1، 2، 4، 5 و 3 / 7، التهذيب 1: 39 / 107 و 40 / 108 و 109 و 414 / 1308.
5 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
6 – قال المحدث النوري في مستدرك الوسائل 1: 27 بعد نقله هذا الخبر: ” قلت: هذا التحديد لم ينقل إلا من الشلمغاني، وهو قريب من مذهب أبي حنيفة لم يقل به أحد من أصحابنا فهو محمول على التقية، و يحتمل بعيدا ملازمته في أمثال الغدير للتحديدين الأخيرين ويؤيده كلامه في البئر “.
7 – في نسخة ” ض “: ” وطعمه ورائحته “.

[ 92 ]

وجدت غيره. وإذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنور وما أشبه ذلك، فمات فيها ولم يتفسخ، نزح منه سبعة أدل من دلاء هجر، والدلو أربعون رطلا. وإذا تفسخ نزح منها عشرون دلوا، وأروي: أربعون دلوا، اللهم إلا أن يتغير اللون (أو الطعم أو الرائحة) (1) فينزح حتى يطيب (2). وروي: لا ينجس الماء إلا ذو نفس سائلة أو حيوان له دم (3). وقال العالم عليه السلام (4): وإذا سقط النجاسة في الاناء، لم يجز استعماله (5)، وإن لم يتغير لونه (أو طعمه أو رائحته) (6) مع وجود غيره، فإن لم يوجد غيره استعمل، اللهم إلا أن يكون سقط فيه خمر فيتطهر منه، ولا يشرب (إلا إذا لم) (7) يوجد غيره، ولا يشرب ولا يستعمل إلا في وقت الضرورة والتيمم. وكلما تغير فحرم التطهير به، جاز شربه في وقت الضرورة. وكل ماء مضاف أو مضاف إليه، فلا يجوز التطهر به ويجوز شربه، مثل ماء الورد، وماء القرع، ومياه الرياحين، والعصير والخل، ومثل ماء الباقلى، وماء الزعفران، وماء الخلوق (8)، وغيره وما يشبهها، وكل ذلك لا يجوز استعمالها إلا الماء القراح أو التراب. (وماء المطر إذا) (9) بقي في الطرقات ثلاثة أيام نجس، واحتيج إلى غسل الثوب منه.


1 – في نسخة ” ض “: ” والطعم والرائحة “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 6 / 6، والتهذيب 1: 235 / 679 و 680 و 236 / 681، والاستبصار 1: 34 / 91، 93 و 36 / 97 و 98.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 7 / 3، والكافي 3: 5 / 4، والتهذيب 1: 231 / 668 و 669.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 74 / 16، والتهذيب 1: 418 / 1320.
6 – في نسخة ” ض “: ” وطعمه ورائحته “.
7 – في نسخة ” ض “: ” إذا “.
8 – الخلوق: نوع من الطيب. ” القاموس المحيط – خلق – 3: 229 “.
9 – في نسخة ” ض ” ” أو ماء المطر فإذا “.

[ 93 ]

وماء المطر في الصحاري لا ينجس، وأروي (1) أن طين المطر في الصحاري يجوز الصلاة فيه طول الشتو (2). وإن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة، فلا بأس باستعماله والوضوء منه، ما لم يقع فيه (3) كلب أو وزغ أو فأرة. فإن وقع فيه وزغ أهريق ذلك الماء (4). وإن وقع كلب أو شرب منه، أهريق الماء وغسل الاناء ثلاث مرات، مرة بالتراب ومرتين بالماء، ثم يجفف (5). وإن وقع فيه فأرة، أو حية أهريق الماء (6). وإن دخل فيه حية وخرجت منه، صب من ذلك الماء ثلاثة أكف واستعمل الباقي، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة (7). وإن وقعت (8) فيه عقرب أو شئ من الخنافس (أو بنات وردان أو الجراد) (9) و كل ما ليس له دم، فلا بأس باستعماله والوضوء منه مات فيه أم لم يمت (10). وإن كان معه إناءان وقع في أحدهما ما ينجس الماء، ولم يعلم في أيهما وقع، فليهرقهما جميعا وليتيمم (11). وماء البئر طهور ما لم ينجسه شئ يقع فيه (12). وأكبر ما يقع فيه إنسان فيموت فانزح منها سبعين دلوا، وأصغر ما يقع فيها


1 – في نسخة ” ض “: ” وروي “.
2 – الشتو: فصل الشتاء. ” لسان العرب – شتا – 14: 421 “.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – الفقيه 1: 8 / 10 باختلاف يسير.
5 – الفقيه 1: 8 / 10، المقنع: 2 1.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 239 / 693، والاستبصار 1: 40 / 112، وفيهما ذكر الفأرة فقط.
7 – الفقيه 1: 9 / 13.
8 – في نسخة ” ش “: ” وقع “.
9 – في نسخة ” ض “: ” وبنات وردان والجراد “.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 7 / 3، والمقنع: 11، وأورده في المختلف: 64 عن علي بن بابويه.
11 – الفقيه 1: 7 / 3، وورد مؤداه في التهذيب 1: 248 / 712 و 249 / 713.
12 – الفقيه 1: 6، وفيه (ماء البئر طهور) وورد مؤداه في الكافي 3: 5 / 2، والتهذيب 1: 234 / 676.

[ 94 ]

الصعوة (1) فانزح منها دلوا واحدا وفيما بين الصعوة والانسان على قدر ما يقع فيها (2). فإن وقع فيها حمار فانزح منها كرا من الماء (3). وإن وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلوا إلى أربعين (4). والكر ستون دلوا وقد روي سبعة أدل (5). وهذا الذي وصفناه في ماء البئر ما لم يتغير الماء، وإن تغير الماء وجب أن ينزح الماء كله، فإن كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح، من الغدوة إلى الليل (6). فإن توضأت منه (7)، أو اغتسلت أو غسلت ثوبك بعد ما تبين، وكل آنية صب فيها ذلك الماء غسل (8). وإن وقعت فيها حية، أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان، فاستق للحية أدلي، وليس لسواها شئ (9). وإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر، فانزح منهما الماء كله (10). وإن قطر فيها قطرات من دم، فاستق منها دلي (11). وإن بال فيها رجل، فاستق منها أربعين دلوا (12). وإن بال صبي وقد أكل الطعام، استق منها ثلاثة دلاء (13).


1 – الصعوة: اسم طائر من صغار العصافير أحمر الرأس ” مجمع البحرين – صعا – 1: 262 “.
2 – الفقيه 1: 12 / 22، المقنع: 9، الهداية: 14، باختلاف يسير.
3 – الفقيه 1: 12 / 22، الهداية: 14.
4 – المقنع: 9، الهداية: 14، والفقيه 1: 12 / 22، ولم يرد فيه السنور.
5 – المقنع: 9، وفي الفقيه 1: 12 / 22 ” وإن وقع فيها سنور نزح منها سبعة دلاء “.
6 – الفقيه 1: 13 / 24 باختلاف يسير. وورد مؤداه في التهذيب 1: 236 / 681 و 237 / 684 و 284 / 832.
7 – ليس في نسخة ” ش “.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 14 / 26، والاستبصار 1: 2 3 / 86.
9 – قال العلامة في المختلف: 8: ” وقال ابن بابويه في رسالته: إذا وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان فاستق منها للحية سبع دلاء وليس عليك فيما سواها شئ “.
10 – الفقيه 1: 12 / 22، والكافي 3: 6 / 7، والتهذيب 1: 240 / 694 و 241 / 695.
11 – الفقيه 1: 13 / 22، وورد مؤداه في الكافي 3: 5 / 1.
12 – الفقيه 1: 13 / 22، الهداية: 14.
13 – الفقيه 1: 13 / 22، الهداية: 14.

[ 95 ]

وإن كان رضيعا، استق منها دلوا واحدا (1). وإن أصابك بول في ثوبك، فاغسله من ماء جار مرة، ومن ماء راكد مرتين، ثم اعصره (2). وإن كان بول الغلام الرضيع، فتصب عليه الماء صبا، وإن كان قد أكل الطعام فاغسله، والغلام والجارية سواء (3). وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ” لبن الجارية تغسل منه الثوب قبل أن تطعم وبولها، لأن لبن الجارية يخرج من مثانة أمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب، ولا من بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين ” (4). وإن أصاب ثوبك دم، فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقدار درهم واف، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا، وما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله، ولا بأس بالصلاة فيه. وإن كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله، إلا أن يكون الدم دم الحيض فاغسل ثوبك منه، ومن البول والمني قل أم كثر وأعد منه صلاتك علمت به أم لم تعلم (5). وقد روي في المني (6): إذا لم تعلم به من قبل أن تصلي، فلا إعادة عليك (7). ولا بأس بدم السمك في الثوب أن تصلي فيه قليلا كان أم كثيرا. فإن أصاب قلنسوتك وعمامتك، أو التكة أو الجورب أو الخف، مني أو بول أو دم أو غائط، فلا بأس بالصلاة فيه، وذلك أن الصلاة لا تتم في شئ من هذا وحده (8).


1 – الفقيه 1: 13 / 22، الهداية: 14.
2 – الهداية: 14 باختلاف يسير، ومؤداه في التهذيب 1: 250 / 717.
3 – الهداية: 14 باختلاف يسير. 4 – الهداية: 15، المقنع: 5، علل الشرايع: 294 / 1 باختلاف يسير.
5 – الفقيه 1: 42 / 165 باختلاف يسير. وأورده في المختلف: 17 عن علي بن بابويه باختلاف يسير.
6 – في نسخة ” ش ” زيادة: أنه.
7 – المختلف: 17 عن علي بن بابويه.
8 – الفقيه 1: 42 / 167، والمقنع: 5 باختلاف يسير.

[ 96 ]

6 باب الأذان والإقامة إعلم يرحمك الله أن الأذان ثماني عشرة كلمة، والاقامة سبع عشرة كلمة (1). وقد روي أن الأذان والاقامة في (ثلاثة أوقات) (2): الفجر والظهر والمغرب، و صلاتين بإقامة هما العصر والعشاء الآخرة، لأنه روي خمس صلوات في ثلاثة أوقات (3). والأذان أن تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن إلا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الصلاة حي على الفلاح، حي على الفلاح حي على خير العمل، حي على خير العمل الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، لا إله إلا الله (4) مرتين في آخر الأذان. وفي آخر الإقامة مرة واحدة، ليس فيها ترجيع ولا تردد، ولا الصلاة خير من النوم. والإقامة أن تقول:


1 – الكافي 3: 302 / 3، التهذيب 2: 59 / 208 باختلاف يسير.
2 – في نسخة ” ش “: ” صلاة “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 186 / 885 و 886.
4 – الفقيه 1: 188 / 897، التهذيب 2: 60 / 211.

[ 97 ]

الله أكبر، الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الصلاة حي على الفلاح، حي على الفلاح حي على خير العمل، حي على خير العمل قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله مرة واحدة. والأذان والإقامة جميعا (1) مثنى مثنى على ما وصفت لك. وتقول بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، صل على محمد وآل محمد، وأعط محمدا يوم القيامة سؤله، آمين رب العالمين (2). اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، محمد (3) صلى الله عليه وآله، وأقدمهم بين يدي حوائجي كلها، فصل عليهم، واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، واجعل صلواتي بهم مقبولة، ودعائي بهم مستجابا، وامنن علي بطاعتهم يا أرحم الراحمين، تقول هذا في جميع الصلوات (4). وتقول بعد (5) أذان الفجر: اللهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك (6). وإن أحبب أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل (7) فإن فيه فضلا كثيرا وإنما


1 – ليس في نسخة ” ش “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في دعائم الاسلام 1: 145. من ” وتقول بين الأذان. “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – الفقيه 1: 197 / 917 باختلاف في ألفاظه.
5 – في نسخة ” ض “: ” في “.
6 – الفقيه 1: 187 / 890 وفيه زيادة: ” وحضور صلواتك وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 185 / 877 و 189 / 889، والمقنع: 27، والكافي 3: 306 / 24، والتهذيب 2: 49 / 162 و 64 / 226 و 227.

[ 98 ]

ذلك على الإمام، (وأما المنفرد) (1) فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى (2)، ثم تقول: بالله أستفتح، وبمحمد صلى الله عليه وآله أستنجح وأتوجه، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، وإن لم تفعل أيضا أجزأك. والأذان والإقامة من السنن اللازمة (وليستا بفريضة) (3). وليس على النساء أذان ولا إقامة، وينبغي لهن إذا استقبلن القبلة أن يقلن: أشهد أن لا إله إلا الله وأن (4) محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) (5). فإذا أردت أن تتوجه القبلة فتياسر مثلي (6) ما تيامن، فإن الحرم عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن يسارها ثمانية أميال، فنسأل الله التوفيق (7).


1 – في نسخة ” ض “: ” والمنفرد “.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – في نسخة ” ش “: ” وليست بالفريضة “.
4 – في نسخة ” ش “: وأشهد أن “.
5 – ما بين القوسين ليس في ” ض “. وورد مؤداه في الفقيه 1: 194 / 9 90، والكافي 3: 305 / 19، والتهذيب 2: 57 / 201 و 58 / 202.
6 – في نسختي ” ض ” و ” ش “: مثل، وما أثبتناه من البحار 84: 50 / 5.
7 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 44 / 142.

[ 99 ]

7 باب الصلوات المفروضة إعلم يرحمك الله أن الفريضة والنافلة في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة، الفرض منها سبع عشرة ركعة (1) والنفل (2) أربع وثلاثون ركعة (3): الظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، وعشاء الآخرة أربع ركعات، والغداة ركعتان، فهذه فريضة الحضر (4). وصلاة السفر الفريضة إحدى عشرة ركعة، الظهر ركعتان، والعصر ركعتان، و المغرب ثلاث ركعات، وعشاء الآخرة ركعتان، والغداة ركعتان (5). والنوافل في الحضر مثلا الفريضة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فرض علي ربي سبع عشرة ركعة، ففرضت على نفسي وعلى أهل بيتي وشيعتي بإزاء كل ركعة ركعتين، لتتم بذلك الفرائض ما يلحقها من التقصير (6). والتام (7) منها ثمان ركعات قبل زوال الشمس وهي صلاة الأوابين، وثمان ركعات (8) بعد الظهر وهي صلاة الخاشعين، وأربع ركعات بين المغرب والعشاء الآخرة وهي صلاة الذاكرين، وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس تحسب بركعة من قيام


1 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” فريضة “.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – في نسخة ” ض ” زيادة ” سنة “. 4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 127 / ذيل الحديث 603، والهداية: 30.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 290 / 1320 و 291 / 1321، والكافي 3: 487 / 2.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 443 / 2 و 3 و 444 / 8، والتهذيب 2: 8 / 14.
7 – في البحار 82: 301 / 30: ” والثلم “، والكلمة متصلة بما قبلها.
8 – ليس في نسخة ” ض “.

[ 100 ]

وهي صلاة الشاكرين (1)، وثمان ركعات صلاة الليل وهي صلاة الخائفين، وثلاث ركعات الوتر وهي صلاة الراغبين، وركعتان عند الفجر وهي صلاة الحامدين (2). والنوافل في السفر أربع ركعات بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس، وثلاث عشرة ركعة صلاة الليل مع ركعتي الفجر (3). فإن لم يقدر بالليل قضاها بالنهار أو من قابله ما فاته من صلاة الليل أو أول الليل (4). حافظوا على مواقيت الصلاة، فإن العبد لا يأمن الحوادث، ومن دخل عليه وقت فريضة فقصر عنها عمدا (5)، متعمدا، فهو خاطئ، من قول الله تعالى: (ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) (6) يقول: عن وقتها (7) يتغافلون (8). واعلم أن أفضل الفرائض بعد معرفة الله عز وجل الصلوات الخمس (9)، وأولها صلاة الظهر. وأول ما يحاسب العبد عليه الصلاة، فإن صحت له الصلاة صح له ما سواها، وإن (ردت رد) (10) ما سواها (11). وإياك أن تكسل عنها، أو تتوانى فيها، أو تتهاون بحقها، أو تضيع (حدها و) (12) حدودها، أو تنقرها نقر الديك، أو تستخف بها، أو تشتغل عنها بشئ من عرض الدنيا، أو تصلي بغير وقتها (13).


1 – في نسخة ” ش “: ” الخاشعين “.
2 – ورد مؤداه في الهداية: 30، والكافي 3: 444 / 8، والتهذيب 2: 8 / 14. من ” والتام منها. “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 3: 446 / 14، والتهذيب 2: 14 / 36 و 15 / 39 و 16 / 43 و 44 و 45.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 447 / 20، التهذيب 2: 15 / 40 و 41 و 16 / 45.
5 – ليس في نسخة ” ش “.
6 – الماعون 107: 4 و 5.
7 – في نسخة ” ض “: ” وقتهم “.
8 – ورد مؤداه في الخصال: 621.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 135 / 634، والكافي 3: 264 / 1، والتهذيب 2: 236 / 932.
10 – في نسخة ” ض “: ” رددت رددت “.
11 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 134 / 626، والمقنع: 22، الكافي 3: 268 / 4، والتهذيب 2: 239 / 646.
12 – ليس في نسخة ” ش “.
13 – ورد مؤداه في المقنع: 22.

[ 101 ]

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد علي الحوض لا والله، ليس مني من شرب مسكرا (1)، لا يرد علي الحوض لا والله ” (2). فإذا أردت أن تقوم إلى الصلاة، فلا تقوم إليها متكاسلا ولا متناعسا و لا مستعجلا ولا متلاهيا، ولكن تأتيها (على السكون) (3) والوقار والتؤدة، وعليك الخشوع والخضوع، متواضعا لله عز وجل متخاشعا، عليك خشية، وسيماء الخوف، راجيا خائفا بالطمأنينة على الوجل والحذر، فقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب (4) بين يدي مولاه، فصف قدميك وانصب نفسك ولا تلتفت يمينا وشمالا، وتحسب كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولا تعبث بلحيتك ولا بشئ من جوارحك، ولا تفرقع أصابعك ولا تحك بدنك، ولا تولع بأنفك ولا بثوبك، ولا تصل وأنت متلثم (5). ولا يجوز للنساء الصلاة وهن متنقبات، ويكون بصرك في موضع سجودك ما دمت قائما، وأظهر عليك الجزع والهلع والخوف، وارغب مع ذلك إلى الله عز وجل، ولا تتكئ مرة على إحدى رجليك ومرة على الأخرى، وصل (6) صلاة مودع ترى أنك لا تصلي أبدا (7). واعلم أنك بين يدي الجبار، ولا تعبث بشئ من الأشياء، ولا تحدث بنفسك (8) وأفرغ قلبك، وليكن شغلك في صلاتك (9). وأرسل يديك، ألصقها (10) بفخذيك. فإذا افتتحت الصلاة فكبر، وارفع يديك بحذاء أذنيك، ولا تجاوز بإبهاميك


1 – في نسخة ” ض ” زيادة: و.
2 – الفقيه 1: 132 / 617.
3 – في نسخة ” ض “: بالسكون.
4 – في نسخة ” ش “: المريب.
5 – في نسخة ” ش “: ملتثم.
6 – في نسخة ” ض “: وتصلي.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 197 / 917، والكافي 3: 299 / 1.
8 – كذا والظاهر أن الصواب: نفسك.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917، والهداية: 39، والكافي 3: 299 / 1.
10 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 102 ]

حذاء أذنيك، ولا ترفع يديك (1) في المكتوبة حتى تجاوز بهما رأسك (2)، ولا بأس بذلك في النافلة والوتر. فإذا ركعت فألقم ركبتيك راحتيك (3)، وتفرج بين أصابعك، واقبض عليهما. وإذا رفعت رأسك من الركوع، فانصب قائما (4) حتى ترجع مفاصلك كلها (إلى المكان) (5). ثم اسجد وضع جبينك على الأرض، وأرغم على راحتيك، واضمم أصابعك، وضعهما مستقبل القبلة (6). وإذا جلست فلا تجلس على يمينك، لكن إنصب يمينك، واقعد على إليتيك ولا تضع يدك بعضها على بعض، لكن أرسلهما إرسالا، فإن ذلك تكفير أهل الكتاب (7). ولا تتمطى في صلاتك، ولا تتجشأ، وامنعهما بجهدك وطاقتك، فإذا عطست فقل: الحمد لله، ولا تطأ موضع سجودك، ولا تتقدمه مرة ولا تتأخر أخرى (8). ولا تصل وبك شئ من الأخبثين (9)، وإن كنت في الصلاة فوجدت غمزا فانصرف، إلا أن يكون شيئا تصبر عليه من غير إضرار بالصلاة (10). وأقبل على الله بجميع القلب وبوجهك حتى يقبل الله عليك (11).


1 – في نسخة ” ض ” زيادة: بالدعاء.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917، والكافي 3: 309 / 1 و 2.
3 – في نسخة ” ش “: ” راحتك “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 196 / 916 و 204 / 927، والهداية: 39، والكافي 3: 311 / 8 و 320 / 3 و 6، والتهذيب 2: 78 / 289 و 290، 325 / 1332.
5 – ليس في نسخة ” ش “.
6 – ورد مؤداه في الهداية: 39، والكافي 3: 311 / 8.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917، والهداية: 8 3، والمقنع: 23، والكافي 3: 334 / 1، والتهذيب 2: 83 / 308 و 84 / 310.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198، والهداية: 39، والمقنع: 23، والكافي 3: 299 / 1.
9 – التهذيب 2: 326 / 1333 باختلاف يسير. 10 – ورد مؤداه في الكافي 3: 364 / 3.
11 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917.

[ 103 ]

وأسبغ الوضوء، وعفر جبينك في التراب، وإذا أقبلت على صلاتك أقبل الله عليك بوجهه، فإذا أعرضت أعرض الله عنك (1). وأروي (2) عن العالم عليه السلام أنه قال: ربما لم يرفع من الصلاة إلا النصف، أو الثلث، أو (3) السدس، على قدر إقبال العبد على صلاته، وربما لا يرفع منها شئ، ترد في وجهه كما يرد الثوب الخلق، وتنادي: ضيعتني، ضيعك الله كما ضيعتني، ولا يعطي الله القلب الغافل شيئا (4). وروي: إذا دخل العبد في الصلاة، لم يزل (الله ينظر إليه) (5) حتى يفرغ منها (6). وقال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذا أحرم العبد في صلاته أقبل الله عليه بوجهه، ويوكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا فإن أعرض أعرض الله عنه (و وكله إليه) (7). واعلم أن أول وقت الظهر زوال الشمس كما ذكرناه في باب المواقيت (8) إلى أن يبلغ الظل قدمين، وأول (9) الوقت للعصر الفراغ من صلاة الظهر، ثم إلى أن يبلغ الظل أربعة أقدام، وقد رخص للعليل والمسافر فيهما إلى أن يبلغ ستة أقدام، وللمضطر إلى مغيب الشمس. ووقت المغرب سقوط القرص إلى مغيب الشفق، ووقت عشاء الآخرة الفراغ من المغرب ثم إلى ربع الليل، وقد رخص للعليل والمسافر فيهما، إلى انتصاف الليل، و للمضطر إلى قبل (10) طلوع الفجر (11).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917 من ” وإذا أقبلت. “.
2 – في نسخة ” ش “: ” روي “.
3 – في نسخة ” ض “: ” و “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 134 / 627 و 198 / 917، والكافي 3: 268 / 4 و 362 / 1 و 363 / 1 و 363 / 2 و 3 والتهذيب 2: 239 / 946.
5 – في نسخة ” ض “: ” ينظر الله إليه “.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 265 / 5.
7 – في نسخة ” ش “: ” ووكل الله إليه ملكه “. وورد مؤداه في الكافي 3: 5 26 / 5.
8 – تقدم ذكره في ص 10.
9 – في نسخة ” ض “: ” وأقل “.
10 – ليس في نسخة ” ش “.
11 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 232 / 1030 من ” وقد رخص. “.

[ 104 ]

ووقت الصبح طلوع الفجر المعترض إلى أن تبدو الحمرة، وقد رخص للعليل والمسافر، والمضطر إلى قبل طلوع الشمس (1). والدليل على غروب الشمس ذهاب الحمرة من جانب المشرق، وفي الغيم سواد المحاجز (2). وقد كثرت الروايات في وقت المغرب وسقوط القرص، والعمل من ذلك على سواد المشرق إلى حد الرأس. فإذا زالت الشمس فصل ثمان ركعات، منها ركعتان ب‍ (فاتحة الكتاب) (3)، و (قل هو الله أحد) والثانية ب‍ (فاتحة الكتاب) و (قل يا أيها الكافرون)، وست ركعات بما أحببت من القرآن، ثم (أذن و) (4) أقم وإن شئت جمعت بين الأذان والإقامة، وإن شئت فرقت الركعتين الأولتين (5). ثم افتتح الصلاة وارفع يديك ولا تجاوزهما وجهك، وابسطهما بسطا، ثم كبر مع التوجيه ثلاث تكبيرات، ثم تقول: اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم تكبر تكبيرتين وتقول: لبيك وسعديك، والخير بين يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، عبدك وابن عبديك (6) بين يديك، منك وبك ولك وإليك، لا ملجأ ولا منجا ولا مفر منك إلا إليك، سبحانك وحنانيك، تباركت و تعاليت، سبحانك رب البيت الحرام، والركن والمقام، والحل والحرام. ثم تكبر تكبيرتين وتقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا


1 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 38 / 121، والكافي 3: 3 28 / 4 و 5.
2 – في نسخة ” ض “: ” المحاجر ” والمحاجز: لم نجد لها معنى فيما بين أيدينا من كتب اللغة، ولعل مراده الجبال والتلال التي تحيط بالمكان وتحجز عنه الشمس. فإن إسم الحجاز مشتق من هذا، لأنه يحجز بين نجد وتهامة.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – المقنع: 27 باختلاف في ألفاظه، ومؤداه في التهذيب 2: 73 / 272.
6 – في نسخة ” ض “: ” عبدك “.

[ 105 ]

على ملة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، لا إله غيرك، ولا معبود سواك، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. وتجهر ببسم الله على مقدار قراءتك (1). واعلم أن السابعة هي الفريضة، وهي تكبيرة الافتتاح، وبها تحريم الصلاة. وروي أن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم (2). وانو عند افتتاح الصلاة ذكر الله، وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، واجعل واحدا من الأئمة نصب عينيك (3)، ولا تجاوز بأطراف أصابعك شحمة أذنيك (4)، ثم تقرأ (فاتحة الكتاب) وسورة في الركعتين الأولتين (5)، وفي الركعتين الأخروين (الحمد) وحده، وإلا فسبح فيهما ثلاثا ثلاثا،، تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. تقولها في كل ركعة منهما ثلاث مرات (6). ولا تقرأ في المكتوبة سورة ناقصة (7)، ولا بأس في النوافل. وأسمع القراءة والتسبيح أذنيك، فيما لا تجهر فيه من (الصلوات بالقراءة و هي الظهر والعصر) (8)، وارفع فوق ذلك فيما تجهر فيه بالقراءة. وأقبل على صلاتك بجميع الجوارح والقلب، إجلالا لله تبارك وتعالى، ولا تكن من الغافلين، فإن الله جل جلاله يقبل على المصلي بقدر إقباله على الصلاة،


1 – الفقيه 1: 198 / 917، المقنع: 28، الكافي 3: 310 / 7 باختلاف يسير. من ” ثم افتتح الصلاة.. “.
2 – الهداية 31، الكافي 3: 69 / 2.
3 – قال العلامة المجلسي في البحار 84: 217 في بيانه على هذا الخبر: ” لم يذكر ذلك في خبر آخر ” فتأمل.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 309 / 2، التهذيب 2: 65 / 233. من ” ولا تجاوز. “.
5 – المقنع: 28.
6 – المقنع: 29. وقد ورد ذكر التسبيح في المقنع: 34، والهداية: 31، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 182.
7 – مؤداه في الكافي 3: 314 / 12، التهذيب 2: 69 / 253.
8 – في نسخة ” ش “: ” الصلاة وهي العصر والظهر “.

[ 106 ]

وإنما يحسب له منها بقدر ما يقبل عليه (1). فإذا ركعت فمد ظهرك ولا تنكس رأسك، وقل في ركوعك بعد التكبير: اللهم لك ركعت، ولك خشعت، وبك اعتصمت، ولك أسلمت، وعليك توكلت (2)، أنت ربي، خشع لك (3) قلبي، وسمعي، وبصري، وشعري، وبشري، ومخي، ولحمي، ودمي، وعصبي، وعظامي، وجميع جوارحي، وما أقلت الأرض [ مني (4) غير مستنكف ولا مستكبر لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات، وإن شئت خمس مرات، وإن شئت سبع مرات (5)، وإن شئت التسع، فهو أفضل (6) ويكون نظرك في وقت القراءة إلى موضع سجودك (7)، وفي وقت الركوع بين رجليك (8). ثم اعتدل، حتى يرجع كل عضو منك إلى موضعه، وقل: سمع الله لمن حمده، بالله أقوم وأقعد أهل الكبرياء والعظمة، الحمد لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت (9). ثم كبر واسجد، والسجود على سبعة أعضاء: على الجبهة، واليدين، والركبتين، والابهامين من القدمين، وليس على الأنف سجود وإنما هو الإرغام (10)، ويكون نظرك (11) في وقت السجود إلى أنفك، وبين السجدتين في حجرك، وكذلك في وقت التشهد، وقل في سجودك: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917، والمقنع: 27، والهداية: 28، والكافي 3: 363 / 1 و 2 و 4.
2 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” و “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – ليس في نسخة ” ش ” و ” ض ” وما أثبتناه من البحار 84: 207.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 205 / 928، والمقنع: 28، والكافي 3: 319 / 1، والتهذيب 2: 77 / 289. من ” وقل في ركوعك. “.
6 – في نسخة ” ش “: ” الأفضل “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917 من ” ويكون نظرك. “.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 204 / 927.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 5 20 / 928، المقنع: 28.
10 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 82 / 301 و 298 / 4 120.
11 – في نسخة ” ض “: ” بصرك “.

[ 107 ]

ربي، سجد لك وجهي، وشعري، وبشري، ومخي، ولحمي (1)، ودمي، وعصبي، و عظامي، سجد وجهي البالي الفاني، الذليل المهين، للذي خلقه وصوره (2)، وشق سمعه و بصره تبارك الله أحسن الخالقين، سبحان ربي الأعلى وبحمده، مثل ما قلت في الركوع (3). ثم ارفع رأسك من السجود، واقبض يديك (4) إليك قبضا، وتمكن من الجلوس (5)، وقل بين سجدتيك: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني (6)، وعافني، فإني (7) لما أنزلت إلي من خير فقير. ثم اسجد الثانية وقل فيه ما قلت في الأولى (8). ثم ارفع رأسك وتمكن من الأرض. (ثم قم إلى الثانية، فإذا أردت أن تنهض إلى القيام فاتكئ على يدك وتمكن من الأرض) (9) ثم انهض قائما وافعل مثل ما فعلت في الركعة الأولى. فإن كنت في صلاة فيها قنوت، فاقنت وقل في قنوتك بعد فراغك من القراءة، قبل الركوع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم (10)، لا إله إلا أنت العلي العظيم، سبحانك رب السموات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم (11)، بالله ليس كمثله شئ صل على محمد وآل محمد، واغفر لي، و لوالدي، ولجميع المؤمنين والمؤمنات، إنك على ذلك قادر.


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – ليس في نسخة ” ش “. 3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 205 / 930، والمقنع: 28، والكافي 3: 321 / 1، والتهذيب 2: 79 / 295.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – الفقيه 1: 206 / 930.
6 – ليس في نسخة ” ش “.
7 – ليس في نسخة ” ض “.
8 – المقنع: 29، ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 206 / 0 93، والكافي 3: 321 / 1.
9 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
10 – ليس في نسخة ” ض “.
11 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 310 / 1412، والكافي 3: 426 / 1.

[ 108 ]

ثم اركع وقل في ركوعك مثل ما قلت. فإذا تشهدت في الثانية فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة. ولا تزيد على ذلك. ثم انهض إلى الثالثة وقل إذا نهضت: بحول الله وقوته (1) أقوم وأقعد. واقرأ في الركعتين الأخيرتين إن شئت (الحمد) (2) وحده، وإن شئت سبحت ثلاث مرات، فإذا صليت الركعة الرابعة فقل في تشهدك: بسم الله وبالله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، التحيات لله، والصلوات الطيبات الزاكيات، الغاديات الرائحات، التامات (3) الناعمات، المباركات الصالحات لله، ما طاب وزكا، وطهر ونما، وخلص فلله (4)، وما خبث فلغير الله. أشهد أنك نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، وأن عليا (5) نعم المولى، وأن الجنة حق، والنار حق، والموت حق، والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور (6). الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، اللهم صلي على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، أفضل ما صليت وباركت وترحمت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (7).


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” الله “، والظاهر أنه اشتباه، لأن المقصود هو سورة الحمد.
3 – في نسخة ” ش “: ” الناميات “.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – في نسخة ” ض “: ” علي بن أبي طالب “.
6 – الفقيه 1: 209 / 944، المقنع: 29، التهذيب 2: 99 / 373، باختلاف في ألفاظه من ” فإذا تشهدت في الثانية. “.
7 – التهذيب 2: 100 / 373 باختلاف يسير.

[ 109 ]

اللهم صلي على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن و الحسين، وعلى الأئمة الراشدين من آل طه وياسين، اللهم صل على نورك الأنور، وعلى حبلك الأطول، وعلى عروتك الأوثق، وعلى وجهك الأكرم، وعلى جنبك الأوجب، و على بابك الأدنى، وعلى مسلك (1) الصراط، اللهم صلي على الهادين المهديين، الراشدين الفاضلين، الطيبين الطاهرين، الأخيار الأبرار. اللهم صلي على جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، وعلى ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، ورسلك أجمعين، من أهل السماوات والأرضين (2)، وأهل طاعتك أكتعين (3)، واخصص محمدا صلى الله عليه وآله بأفضل الصلاة والتسليم، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين، السلام علينا (4) وعلى عباد الله الصالحين. ثم سلم عن يمينك، وإن شئت يمينا وشمالا، وإن شئت تجاه القبلة (5). فإذا فرغت من صلاة الزوال، فارفع يديك ثم قل: اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتقرب إليك (بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب إليك) (6) بملائكتك وأنبيائك ورسلك، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأسألك أن تقيل عثرتي، وتستر عورتي، وتغفر ذنوبي، وتقضي حوائجي، ولا تعذبني بقبيح فعالي، فإن جودك و عفوك يسعني. ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك: يا أهل التقوى والمغفرة، يا أرحم الراحمين، أنت مولاي وسيدي فارزقني، أنت خير لي من أبي وأمي ومن الناس أجمعين، بي إليك فقر وفاقة، وأنت غني عني، أسألك بوجهك الكريم، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وعلى إخوانه (7) النبيين، والأئمة الطاهرين، وتستجيب دعائي، وترحم تضرعي،


1 – في نسخة ” ش “: ” سبيلك “.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” راكعين ” وما أثبتناه من البحار 84: 209، وأكتعين بمعنى أجمعين.
4 – في نسخة ” ض “: ” عليك “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 210 / 944، والمقنع: 29. من ” ثم سلم عن يمينك. “.
6 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
7 – في نسخة ” ش “: ” إخوته “.

[ 110 ]

واصرف عني أنواع البلاء (1) يا رحمن (2). واعلم أن ثلاث صلوات إذا حل (3) وقتهن، ينبغي لك أن تبتدئ بهن، لا تصلي بين أيديهن نافلة، صلاة استقبال النهار وهي الفجر (4)، وصلاة استقبال الليل وهي المغرب (5) وصلاة يوم الجمعة (6). واقنت في أربع صلوات: الفجر، والمغرب، والعتمة، وصلاة الجمعة (7) و القنوت كلها قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة (8)، وأدنى القنوت ثلاث تسبيحات (9). ومكن الإلية اليسرى من الأرض فإنه نروي: أن من لم يمكن الإلية اليسرى من الأرض ولو في الطين فكأنه ما صلى (10). وضم أصابع يديك في جميع الصلوات تجاه القبلة عند السجود، وتفرقها عند الركوع، وألقم راحتيك بركبتيك (11). ولا تلصق إحدى القدمين بالأخرى وأنت قائم، ولا في وقت الركوع و ليكن بينهما أربع أصابع أو شبر (12). واعلم أن الصلاة ثلثها وضوء، وثلثها ركوع، وثلثها سجود (13). وأن لها أربعة آلاف حد (14)، وأن فروضها عشرة: ثلاث منها كبار وهي: تكبيرة الافتتاح، والركوع، و السجود، وسبعة صغار وهي: القراءة، وتكبير الركوع، وتكبير السجود، وتسبيح


1 – في نسخة ” ش “: ” البلايا “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 396 / 1.
3 – في نسخة ” ش “: ” دخل “.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 133 / 513.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 280 / 8 و 9.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 268 / 3 122، والكافي 3: 274 / 2، والتهذيب 3: 13 / 46.
7 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 89 / 332 و 90 / 335.
8 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 89 / 330 و 3 33. 9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 207 / 932، التهذيب 2: 92 / 342.
10 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 377 / 1573.
11 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 196 / 916، والكافي 3: 311 / 8.
12 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 196 / 916، والمقنع: 23، والهداية: 39، والكافي 3: 311 / 8، 334 / 1.
13 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 22 / 66، والكافي 3: 273 / 8، والتهذيب 2: 140 / 544.
14 – الفقيه 1: 124 / 599، الكافي 3: 272 / 6، التهذيب 2: 242 / 956.

[ 111 ]

الركوع، وتسبيح السجود، والقنوت، والتشهد، وبعض هذه أفضل من بعض (1). وإذا سهوت في الركعتين الأولتين فلم تعلم: ركعة صليت أم ركعتين، أعد الصلاة (2). وإن سهوت فيما بين اثنتين (3) أو ثلاث أو أربع أو خمس، تبني على الأقل، وتسجد بعد ذلك سجدتي السهو. وقد روي: أن الفقيه لا يعيد الصلاة (4). وكل سهو بعد الخروج من الصلاة فليس بشئ، ولا إعادة فيه، لأنك خرجت على يقين، والشك لا ينقض اليقين (5). ولا تصل النافلة في أوقات الفرائض (6)، إلا ما جاءت من النوافل في أوقات الفرائض، مثل ثمان ركعات بعد زوال الشمس وقبلها، ومثل ركعتي الفجر فإنه يجوز صلاتها بعد طلوع الفجر، ومثل تمام صلاة الليل والوتر. وتفسير ذلك، أنكم إذا ابتدأتم بصلاة الليل قبل طلوع الفجر، وقد طلع الفجر و قد صليت منها ست ركعات أو أربعا، بادرت وأدرجت باقي الصلاة والوتر إدراجا، ثم صليتم الغداة (7). وأدنى ما يجزي في الصلاة فيما يكمل به الفرائض، تكبيرة الافتتاح، وتمام الركوع، والسجود (8). وأدنى ما يجزي من التشهد الشهادتان (9). ولا تدع التعفير وسجدة الشكر، في سفر ولا حضر.


1 – ورد مؤداة في البحار 83: 162 / 3 عن كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم، وقد وردت بعض فقراته في الهداية: 29، والكافي 3: 272 / 5.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 225 / 991، والمقنع: 30، والكافي 3: 350 / 1 و 2 و 3 و 4.
3 – في نسخة ” ش “: ” و “.
4 – الفقيه 1: 225 / 993، المقنع: 31.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 352 / 1460.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 247 / 982 و 3 98 و 984، والكافي 3: 288 / 3 و 289 / 6.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 307 / 4 140.
8 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 146 / 570، والكافي 3: 347 / 2.
9 – التهذيب 2: 101 / 375 باختلاف يسير.

[ 112 ]

حسنوا نوافلكم، واعلموا أنها هدية إلى الله عز وجل. حافظوا على صلاة الليل، فإنها حرمة الرب، تدر الرزق، وتحسن الوجه، و تضمن رزق النهار (1). طولوا الوقوف في الوتر، فإنه نروي: أن من طول الوقوف في الوتر، قل وقوفه يوم القيامة (2). إعلموا أن النوافل إنما وضعت لاختلاف الناس في مقادير قوتهم (3)، لأن بعض الخلق أقوى من بعض، فوضعت الفرائض على أضعف الخلق، ثم أردف بالسنن، ليعمل كل قوي بمبلغ قوته، وكل ضعيف بمبلغ ضعفه، فلا يكلف أحد فوق طاقته، ولا يبلغ قوة القوي، حتى تكون مستعملة في وجه من وجوه الطاعة، وكذلك كل مفروض من الصيام والحج (4). ولكل فريضة سنة، لهذا المعنى. فإذا كنت إماما، فكبر واحدة تجهر فيها، وتسر الستة (5)، فإذا كبرت فأشخص، ببصرك نحو سجودك، وأرسل منكبك، وضع يديك على فخذيك قبالة ركبتيك، فإنه أحرى أن تقيم بصلاتك، ولا تقدم رجلا على رجل، ولا تنفخ في موضع سجودك، ولا تعبث بالحصى فإن أردت ذلك فليكن (6) قبل دخولك في الصلاة (7). ولا تقرأ في صلاة الفريضة (والضحى) و (ألم نشرح) و (ألم تر كيف) و (لايلاف) ولا (المعوذتين)، فإنه قد نهي عن قراءتهما في الفرائض، لأنه روي أن (والضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، وكذلك (ألم تر كيف) و (لايلاف) سورة


ورد مؤداه في الفقيه 1: 300 / 1373 و 1374، وثواب الأعمال: 64 / 7.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 308 / 1406.
3 – في نسخة ” ض “: ” قوامهم “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 132 / 614 و 615، والتهذيب 2: 10 / 20 و 11 / 22 و 24.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في التهذيب 2: 66 / 239.
6 – في نسخة ” ض ” زيادة: ذلك.
7 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 198 / 917، والمقنع: 23.

[ 113 ]

واحدة (1) بصغرها (2)، وأن (المعوذتين) من الرقية، ليستا من القرآن دخلوها في القرآن و قيل: أن جبرئيل عليه السلام علمها رسول الله صلى الله عليه وآله (3). فإن أردت قراءة بعض هذه السور الأربع فاقرأ (والضحى) و (ألم نشرح) ولا تفصل بينهما وكذلك (ألم تر كيف) و (لايلاف) (4). وأما (المعوذتان) فلا تقرأهما في الفرائض، ولا بأس في النوافل. فإن أنت تؤم بالناس، فلا تطول في صلاتك وخفف، فإذا كنت وحدك فقل (5) ما شئت فإنها عبادة (6). فإذا سجدت فليكن سجودك على الأرض، أو على شئ ينبت من الأرض مما لا يلبس، ولا تسجد على الحصر المدنية (7) لأن سيورها من جلود، ولا تسجد على شعر، ولا على وبر، ولا على صوف، ولا على جلود، ولا على إبريسم، ولا على زجاج، ولا على ما يلبس به الانسان، ولا على حديد، ولا على الصفر، ولا على الشبه (8) ولا النحاس، و لا الرصاص، ولا على آجر يعني المطبوخ ولا على الريش (9)، ولا على شئ من


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 0 20 / 922 بدون ذكر المعوذتين.
2 – ليس في نسخة ” ش “. وهكذا وردت في نسخة ” ض ” ولعل صحتها ” بصقبها “، صقبت داره: قربت، وفي الحديث ” الجار أحق بصقبه ” ” الصحاح – صقب – 1: 163 “.
3 – ذكر العلامة المجلسي في البحار 85: 2 4 بعد نقله هذا الخبر في بيانه ” وأما النهي عن قراءة المعوذتين في الفريضة فلعله محمول على التقية، قال في الذكرى: 195: أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أن المعوذتين بكسر الواو من القرآن العزيز، وأنه يجوز القراءة بهما في فرض الصلاة ونفلها، وعن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن، وإنما أنزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما السلام، وخلافه انقرض، واستقر الإجماع الآن من الخاصة والعامة على ذلك.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 200 / 2 92.
5 – في نسخة ” ش “: ” فثقل “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 250 / 1122.
7 – في نسخة ” ض “: ” المزينة “.
8 – الشبه: بفتحتين: ما يشبه الذهب بلونه من المعادن، وهو أرفع من الصفر ” مجمع البحرين 6: 350 “.
9 – أورده الصدوق باختلاف يسير في الفقيه 1: 174، عن رسالة أبيه والمقنع: 25.

[ 114 ]

الجواهر، وغيره من الفنك (1) والسمور (2) والحوصلة (3)، ولا على بساط فيها الصور والتماثيل، وعلى الثعالب. وإن كانت الأرض حارة تخاف على جبهتك أن تحرق، أو كانت ليلة (4) مظلمة خفت عقربا أو حية أو شوكة (5) أو شيئا يؤذيك، فلا بأس أن تسجد على كمك، إذا كان من قطن أو كتان. فإن كان في جبهتك علة لا تقدر على السجود أو دمل، فاحفر حفرة، فإذا سجدت جعلت الدمل فيها، وإن كان على جبهتك علة لا تقدر على السجود من أجلها، فاسجد على قرنك الأيمن، فإن تعذر عليه فعلى قرنك الأيسر، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ظهر (6) كفك، فإن لم تقدر فاسجد على ذقنك. يقول الله عز وجل: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله تعالى ويزيدهم خشوعا) (7) ولا بأس بالقيام، ووضع (8) الكفين، والركبتين، والابهامين على غير الأرض، وترغم بأنفك ومنخريك في موضع الجبهة، من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم. ويكون سجودك إذا سجدت تخويا (9) كما يتخو البعير الضامر عند بروكه يكون شبه المعلق، ولا يكون شئ من جسدك على شئ منه (10).


1 – الفنك: دابة فروتها أطيب أنواع الفراء وأشرفها وأعدلها، صالح لجميع الأمزجة المعتدلة. ” الإفصاح 1: 374 “.
2 – السمور: دابة تكون ببلاد الروس، وراء بلاد الترك. منه أسود لامع ومنه أشقر، يتخذ من جلدها فراء غالية الأثمان. ” الإفصاح 2: 830 “.
3 – الحواصل: جمع حوصل، وهو طير كبير له حوصلة عظيمة، يتخذ منها الفرو. ” مجمع البحرين – حصل – 5: 350 “. ” حياة الحيوان – الحوصل – 1: 273 “.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” شولة ” وما أثبتناه من البحار 85: 150 عن فقه الرضا عليه السلام.
6 – ليس في نسخة ” ش ” 7 – الاسراء 7 1: 107 – 109.
8 – في نسخة ” ش “: ” بوضع “.
9 – التخوي: أن يجافي الساجد بطنه عن الأرض بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما ” مجمع البحرين – خوا – 1: 2 13 “.
10 – الفقيه 1: 175 عن رسالة أبيه، المقنع: 26، من ” وإن كانت الأرض حارة. “.

[ 115 ]

فإذا فرغت من صلاتك، فارفع يديك وأنت جالس وكبر ثلاثا، وقل: لا إله إلا الله وحده وحده (1)، أنجز وعده، ونصر عبده، (وأعز جنده، وهزم الاحزاب) (2) وحده، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت، ويميت ويحيي، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير. وتسبح بتسبيح فاطمة صلوات الله عليها، وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة (3). ثم قل: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، ولك (4) السلام، وإليك يعود السلام، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. وتقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على الأئمة الراشدين المهديين، من آل طه وياسين (5). ثم تدعو بما بدا لك من الدعاء بعد المكتوبة، وتقول: اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في جميع (6) أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب (7) الآخرة (8)، وأسألك من كل ما سألك محمد وآله، وأستعيذ بك من كل ما استعاذ به (9) محمد وآله إنك حميد مجيد. والمرأة إذا قامت إلى صلاتها، ضمت برجليها، ووضعت يديها على (10) صدرها لمكان (11) ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها على فخذيها، ولا تتطأطأ كثيرا لئلا ترتفع (12)


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – في نسخة ” ض “: ” وهزم الاحزاب وحده وأعز جنده “.
3 – الفقيه 1: 210 / 5 94، وفي المختلف: 104 عن علي بن بابويه.
4 – في نسخة ” ض “: ” وإليك “.
5 – الفقيه 1: 212 / 947 باختلاف يسير.
6 – ليس في نسخة ” ش “.
7 – ليس في نسخة ” ض “.
8 – الفقيه 3: 212 / 948، المقنع: 30، الكافي 3: 343 / 16.
9 – كذا، ولعل المناسب: ” بك منه “.
10 – في ” ش “: ” إلى “.
11 – في ” ض “: من مكان.
12 – في نسخة ” ض “: ” ترفع “.

[ 116 ]

عجيزتها فإذا سجدت جلست ثم سجدت لاطئة بالأرض، فإذا أرادت النهوض تقوم من غير أن ترفع عجيزتها، فإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها وضمت فخذيها (1). فإن شككت في أذانك وقد أقمت الصلاة (2) فامض، وإن شككت في الإقامة بعد ما كبرت فامض، وإن شككت في الركوع بعد ما سجدت فامض، وكل شئ تشك فيه وقد دخلت في حالة أخرى فامض، ولا تلتفت إلى الشك إلا أن تستيقن (3) (فإنك إن استيقنت) أنك تركت الأذان والإقامة ثم ذكرت فلا بأس بترك الأذان والإقامة (5) وتصلي على النبي وعلى آله، ثم قل: قد قامت الصلاة. وإن استيقنت أنك لم تكبر تكبيرة الافتتاح فأعد صلاتك، وكيف لك أن تستيقن (6) وقد روي (7) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” الانسان لا ينسى تكبيرة الافتتاح ” (8). فإن نسيت القراءة في صلاتك كلها، ثم ذكرت فليس عليك شئ إذا أتممت الركوع والسجود (9)، وإن نسيت (الحمد) حتى قرأت السورة ثم ذكرت قبل أن تركع فاقرأ (الحمد) وأعد السورة، وإن ركعت فامض على حالتك. وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الأولى فأعد صلاتك، لأنه إذا لم تصح لك الركعة الأولى لم تصح صلاتك، وإن كان الركوع من الركعة الثانية والثالثة فاحذف السجدتين واجعلها (10) – أعني الثانية – الأولى، والثالثة ثانية، والرابعة ثالثة (11). وإن نسيت السجدة من الركعة الأولى، ثم ذكرت في الثانية من قبل أن تركع،


1 – الفقيه 1: 243، المقنع: 39.
2 – في نسخة ” ش “: ” للصلاة “.
3 – الهداية: 32، وورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 226 / 997.
4 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – الفقيه 1: 226 / 997 باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ض “: ” نروي “.
8 – الفقيه 1: 226 / 988.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 227 / 1004، والتهذيب 2: 146 / 570.
10 – في نسخة ” ش “: ” واجعلهما “.
11 – المختلف: 135 عن علي بن بابويه، من ” وإن نسيت الركوع. “.

[ 117 ]

فأرسل نفسك واسجدها (1). ثم قم إلى الثانية وأعد القراءة، فإن ذكرتها بعد ما (قرأت و) (2) ركعت فاقضها في الركعة (3) الثالثة. وإن نسيت السجدتين جميعا (4) من الركعة الأولى فأعد الصلاة (5)، فإنه لا تثبت صلاتك ما لم تثبت الأولى. وإن نسيت سجدة من الركعة الثانية، وذكرتها في الثالثة قبل الركوع، فأرسل نفسك واسجدها، فإن ذكرت بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة. وإن كان السجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة، فأرسل نفسك و اسجدها ما لم تركع، فإن ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك، واسجدها بعد التسليم. وإن شككت في الركعة الأولى والثانية، فأعد صلاتك، وإن شككت مرة أخرى فيهما وكان أكثر وهمك إلى الثانية فابن عليها واجعلها ثانية فإذا سلمت صليت ركعتين من قعود ب‍ (أم الكتاب) وإن ذهب وهمك إلى الأولى، جعلتها الأولى، و تشهدت في كل ركعة. وإن استيقنت بعد ما سلمت أن التي بنيت عليها واحدة، كانت ثانية، وزدت في صلاتك ركعة، لم يكن عليك شئ، لأن التشهد حائل بين الرابعة والخامسة. وإن اعتدل وهمك، فأنت بالخيار، إن شئت (6) صليت ركعة من قيام، وإلا ركعتين وأنت جالس (7). وإن شككت فلم تدر اثنين صليت أم ثلاثا، وذهب وهمك إلى الثالثة


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 228 / 1008، التهذيب 2: 152 / 598 و 153 / 602. وفيها النسيان سجدة واحدة مطلقا في أي ركعة كانت، وتشمل الفقرات الآتية أيضا.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – في نسخة ” ش “: ” معا “.
5 – في نسخة ” ض “: ” صلاتك ” وورد مؤداه في الفقيه 1: 225 / 991، والتهذيب 2: 152 / 597، بالنسبة لنسيان السجدتين بشكل عام.
6 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” بنيت على الأكثر و “.
7 – المختلف: 138 عن علي بن بابويه من ” وإن شككت في الركعة الأولى. “.

[ 118 ]

فأضف إليها الرابعة (1) فإذا سلمت صليت ركعة ب‍ (الحمد) وحدها (2). وإن ذهب وهمك إلى الأقل، فابن عليه وتشهد في كل ركعة، ثم اسجد سجدتي السهو بعد التسليم. وإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار، فإن شئت بنيت على (الأقل وتشهدت في كل ركعة وإن شئت بنيت على) (3) الأكثر وعملت ما وصفناه لك. وإن شككت فلم تدر ثلاثا صليت أم أربعا، وذهب وهمك إلى الثالثة، فأضف، إليها ركعة من قيام. وإن اعتدل وهمك فصل ركعتين وأنت جالس (4). وإن شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا أم أربعا، فصل ركعة من قيام، و ركعتين وأنت جالس (5). وكذلك إن شككت فلم تدر واحدة صليت أم اثنتين أم ثلاثا أم أربعا صليت ركعة من قيام وركعتين وأنت جالس (6). وإن ذهب وهمك إلى واحدة، فاجعلها واحدة، وتشهد في كل ركعة. وإن شككت في الثانية أو الرابعة، فصل ركعتين من قيام ب‍ (الحمد) وحده (7)، وإن ذهب وهمك إلى الأقل أو الأكثر، فعلت ما بينت لك فيما تقدم. وإن نسيت التشهد في الركعة الثانية وذكرت في الثالثة، فأرسل نفسك و تشهد ما لم تركع (8). فإن ذكرت بعد ما ركعت، فامض في صلاتك، فإذا سلمت سجدت سجدتي السهو، فتشهد فيهما وتأتي (9) ما قد فاتك. وإن نسيت القنوت حتى تركع (10) فاقنت بعد رفعك من الركوع، وإن ذكرته بعد


1 – ورد مؤداه في الكافي 3: 350 / 3، والتهذيب 2: 192 / 759.
2 – في نسخة ” ش “: وحده.
3 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
4 – المقنع: 31 باختلاف يسير. من ” وإن شككت فلم تدر ثلاثا. “. 5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 231 / 1024.
6 – المختلف: 138 عن علي بن بابويه وفيه ركعتين من قيام بدل ركعة.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 229 / 1015، والمقنع: 31، والكافي 3: 452 / 4: والتهذيب 2: 186 / 739.
8 – الفقيه 1: 233 / 1030، المقنع: 33. من ” وإن نسيت. “.
9 – ليس في نسخة ” ض “.
10 – في نسخة ” ش “: ” ركعت “.

[ 119 ]

ما سجدت، فاقنت بعد التسليم (1)، وإن ذكرت وأنت تمشي في طريقك، فاستقبل القبلة واقنت. وإن نسيت التشهد والتسليم وذكرت وقد (2) فارقت الصلاة، فاستقبل القبلة قائما كنت أم قاعدا وتشهد وتسلم (3). وإن نسيت فلم تدر أركعة ركعت (4) أم اثنتين، فإن كانت الأولتين من الفريضة فأعد. وإن شككت في المغرب فأعد، وإن شككت في الفجر فأعد، وإن شككت فيهما فأعدهما (5) وإذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا، ولم يذهب وهمك إلى شئ، فتشهد ثم تصلي ركعتين قائما وأربع سجدات، تقرأ فيهما ب‍ (أم الكتاب) ثم تشهد وسلم (6). فإن كنت صليت ركعتين كانتا هاتان تماما للأربع، وإن كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة (7). وإن لم تدر ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صل ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس، تقرأ فيهما ب‍ (أم الكتاب) (8). وإن ذهب وهمك إلى الثالثة، فقم فصل الركعة الرابعة، ولا تسجد سجدتي السهو.


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في التهذيب 2: 160 / 628، 9 62، 630، 631 من ” وإن نسيت القنوت. “.
2 – في نسخة ” ش “: ” بعد ما “.
3 – الفقيه 1: 233 / 1030، المقنع: 33، من ” وإن نسيت التشهد. “.
4 – ليس في نسخة ” ش “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 225 / 991 و 231 / 1028، والمقنع: 30، والكافي 3: 350 / 1 و 2 و 4.
6 – الفقيه 1: 229 / 1015.
7 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 229 / 1015. من ” وإذا لم تدر اثنتين صليت. “.
8 – ورد في هامش نسخة ” ش “: ” بأم القرآن وحده ” وفي نسخة ” ض “: ” بأم القرآن “، وقد ورد مؤداه في الكافي 3: 351 / 2 و 353 / 9، والتهذيب 2: 184 / 734، والمختلف: 139 عن علي بن بابويه.

[ 120 ]

وإن ذهب وهمك إلى أربع (1)، فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو (2). وإن لم تدر أأربعا أم خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهد وسلم وصل ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك. وفي حديث آخر: تسجد سجدتين (بغير ركوع) (3) ولا قراءة، وتشهد فيهما تشهدا خفيفا (4). وكنت يوما عند العالم عليه السلام ورجل سأله عن رجل سها فسلم في ركعتين من المكتوبة، ثم ذكر أنه لم يتم صلاته، قال عليه السلام: فليتمها (5) وليسجد سجدتي السهو (6). وقال عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى يوما الظهر فسلم في ركعتين، فقال ذو اليدين: يا رسول الله أمرت بتقصير الصلاة، أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للقوم: ” صدق ذو اليدين؟ ” فقالوا: نعم يا رسول الله، لم تصل، إلا ركعتين، فقام فصلى إليها ركعتين، ثم سلم وسجد سجدتي السهو. وسئل العالم عليه السلام (عن رجل) (7) سها فلم يدر أسجد سجدة أم اثنتين، فقال العالم عليه السلام: يسجد أخرى، وليس عليه سجدة للسهو (8). وقال العالم عليه السلام: تقول في سجدتي السهو: بسم الله وبالله (9) وصلى الله على محمد وآل (10) محمد وسلم. وسمعته مرة أخرى يقول: بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله


1 – في نسخة ” ش “: ” الأربع “.
2 – المقنع: 31، الكافي 3: 353 / 8.
3 – في نسخة ” ض “: ” بعد ركوعك “.
4 – المقنع: 31 من ” وإن لم تدر أأربعا. ولكن في المقنع ” اثنتين ” بدل ” أربعا “. وورد مؤداه في الفقيه 1: 230 / 1019.
5 – في نسخة ” ش “: ” فليقمها “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 228 / 1011 و 1012، والتهذيب 2: 1 18 / 726.
7 – في نسخة ” ش “: ” عمن “.
8 – ورد باختلاف يسير في الكافي 3: 349 / 1، والتهذيب 2: 152 / 599.
9 – ” الواو ” ليس في نسخة ” ض “.
0 1 – في نسخة ” ض “: ” وعلى آل “.

[ 121 ]

وبركاته (1). وقال عليه السلام: إذا قمت في الركعتين من الظهر أو غيرها، ونسيت ولم تتشهد فيهما، فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع (2) فاجلس فتشهد ثم قم فأتم صلاتك. وإن أنت لم تذكر حتى ركعت، فامض في صلاتك حتى إذا فرغت فاسجد سجدتي السهو، بعد ما تسلم قبل أن تتكلم (3). وإن فاتك شئ من صلاتك مثل الركوع، والسجود، والتكبير ثم ذكرت ذلك، فاقض الذي فاتك (4). وعن الرجل صلى الظهر أو العصر، فأحدث حين جلس في الرابعة، قال عليه السلام: إن كان قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فلا يعيد صلاته، وإن (لم يتشهد) (5) قبل أن يحدث فليعد (6). وعن رجل لم يدر ركع أم لم يركع قال عليه السلام: يركع ثم يسجد سجدتي السهو (7). وقال عليه السلام: لا ينبغي للإمام أن ينتقل من صلاته إذا سلم، حتى يتم من خلفه الصلاة (8). وعن رجل أم قوما وهو على غير وضوء، قال عليه السلام: ليس عليهم إعادة، و عليه هو (9) أن يعيد (10).


1 – الفقيه 1: 226 / 997، الكافي 3: 356 / 5.
2 – في نسخة ” ض “: ” ترجع “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 233 / 1030، والمقنع: 33، والتهذيب 2: 158 / 618.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 228 / 1007.
5 – في نسخة ” ض “: ” تشهد ” وما أثبتناه من ” ش “.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 318 / 1300، والفقيه 1: 233 / 1030، والمقنع: 33.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 348 / 1، والتهذيب 2: 150 / 590.
8 – ورد مؤداه في التهذيب 3: 49 / 169، 273 / 791، والاستبصار 1: 439 / 1692.
9 – ليس في نسخة ” ش “.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 262 / 1197، والكافي 3: 378 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 3: 38 / 135 و 39 / 137، 8 13.

[ 122 ]

أروي (1): إن فاتك شئ من الصلاة مع الإمام، فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها، ولا تجعل أول صلاتك آخرها (2). وإذا فاتك مع الإمام الركعة الأولى التي (3) فيها القراءة، فأنصت للإمام في الثانية التي أدركت، ثم اقرأ أنت في الثالثة للإمام و هي لك ثنتان (4). وإن صليت فنسيت أن تقرأ فيهما شيئا من القرآن، أجزأك ذلك، إذا حفظت الركوع والسجود (5). وقال: إذا أدركت الإمام وقد ركع، وكبرت قبل أن يرفع الإمام رأسه، فقد أدركت الركعة، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن تركع فقد فاتك الركعة (6). فإن وجدته قد صلى ركعة، فقم معه في الركعة الثانية، فإذا قعد فاقعد معه فإذا ركع الثالثة وهي لك الثانية فاقعد قليلا ثم قم قبل أن يركع، فإذا قعد في الرابعة فاقعد معهم، فإذا سلم الإمام فقم وصل الرابعة (7). وعن رجل نسي الظهر حتى صلى العصر، قال عليه السلام: يجعل صلاة العصر التي صلى الظهر، ثم يصلي العصر بعد ذلك (8). وعن رجل نام، ونسي فلم يصل المغرب والعشاء قال عليه السلام: إن استيقظ قبل الفجر بقدر ما (9) يصليهما جميعا يصليهما، وإن خاف أن يفوته أحدهما فليبدأ بالعشاء الآخرة، وإن استيقظ بعد الصبح، فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى (10) الصلاتين، فليصل المغرب ويدع


1 – في نسخة ” ض “: ” وأرى “.
2 – الفقيه 1: 263 / 1198 باختلاف يسير.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 381 / 4، والتهذيب 3: 271 / 780.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 227 / 1005، الكافي 3: 348 / 3.
6 – الفقيه 1: 254 / 1149، الكافي 3: 382 / 5، التهذيب 3: 43 / 153.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 281 / 1، والتهذيب 3: 46 / 159.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 232 / 1029، والمقنع: 32.
9 – في نسخة ” ش “: ” أن “.
10 – في نسخة ” ض “: ” أخرى ” تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة ” ش “.

[ 123 ]

العشاء الآخرة حتى تنبسط (1) الشمس ويذهب شعاعها (2). وإن خاف أن يعجله طلوع الشمس ويذهب (عنهما جميعا) (3) فليؤخرهما حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها. ووقت صلاة (4) الجمعة زوال الشمس، ووقت الظهر في السفر زوال الشمس، ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو وقت الظهر في غير يوم الجمعة (5). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ” لا كلام والإمام يخطب ولا التفات، وإنما جعلت الجمعة ركعتين، من أجل الخطبتين، جعلا مكان الركعتين الأخيرتين، فهي صلاة حتى ينزل الإمام ” (6). وقال: إن الرجل يصلي في وقت، وما فاته من الوقت الأول خير له من ماله و ولده (7). وقال: إن رجلا أتى المسجد، فكبر حين دخل ثم قرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” عجل العبد ربه ” ثم أتى رجل آخر فحمد الله وأثنى عليه ثم كبر، فقال صلى الله عليه و آله: ” سل تعط “. وقال: أتموا الصفوف إذا (رأيتم خللا فيها) (8) ولا يضرك أن تتأخر وراك إذا وجدت ضيقا في الصف، فتتم الصف الذي خلفك، وتمشي منحرفا (9). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي، ولا تختلفوا فيخالف الله بين قلوبكم ” (10).


1 – في نسخة ” ش “: ” تطلع “. 2 – ورد باختلاف يسير في التهذيب 2: 270 / 1077، والاستبصار 1: 288 / 1054.
3 – ما بين القوسين في نسخة ” ض “: ” عنها “.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – الفقيه 1: 269 / 1227.
6 – الفقيه 1: 269 / 1228، المقنع: 45.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 140 / 652، والكافي 3: 274 / 7، والتهذيب 2: 40 / 126.
8 – في نسخة ” ش “: ” تأتم خلالها ” وفي نسخة ” ض “: ” رأيتم خلا فيها “، وما أثبتناه من البحار 88: 104.
9 – الفقيه 1: 253 / 1142. من ” وقال أتموا الصفوف. “.
10 – المقنع: 34 عن رسالة أبيه، والفقيه 1: 252 / 1139.

[ 124 ]

وقال: إن الصلاة في جماعة أفضل من المفرد بأربع وعشرين صلاة (1). وقال: يؤم الرجلين أحدهما، صاحبه يكون عن يمينه، فإذا كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه (2). وسئل عن القوم يكونون جميعا إخوانا من يؤمهم؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ” صاحب الفراش أحق بفراشه، وصاحب المسجد أحق بمسجده ” (3). وقال: أكثرهم قرآنا، وقال: أقدمهم هجرة، فإن استووا فاقرؤهم، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأكبرهم سنا (4). وقال: إقرأ في صلاة الغداة (المرسلات) و (إذا الشمس كورت) ومثلها من السور، و في الظهر (إذا السماء انفطرت) و (إذا زلزلت) ومثلها، وفي العصر (العاديات) و (القارعة) و مثلها، وفي المغرب (التين) و (قل هو الله أحد) ومثلها، وفي يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة (الجمعة) و (المنافقون). وقال: إذا صليت خلف الإمام تقتدي به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع، (إلا أن تكون صلاة لا يجهر فيها فلم تسمع فاقرأ (5)، وإذا كان لا يقتدي به، فاقرأ خلفه سمعت أم لم تسمع) (6). وقال جابر بن عبد الله صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسئل عن هؤلاء إذا أخروا الصلاة، فقال: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يشغله عن الصلاة الحديث ولا الطعام، فإذا تركوا بذلك الوقت فصلوا ولا تنتظروهم. وإذا صليت صلاتك منفردا (7) وأنت في مسجد وأقيمت الصلاة، فإن شئت


1 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 245.
2 – ورد باختلاف يسير في التهذيب 3: 26 / 89، وورد مؤداه في الفقيه 1: 252 / 1139.
3 – الفقيه 1: 247، المقنع: 34، عن رسالة أبيه، من ” وصاحب المسجد. “.
4 – ورد مضمونه في الفقيه 1: 246 / 1099، والمقنع: 34 عن رسالة أبيه، والكافي 3: 376 / 5، والتهذيب 3: 32 / 113.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 255 / 1156، التهذيب 3: 32 / 115، الكافي 3: 377 / 2، من ” وقال: إذا صليت “.
6 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
7 – ليس في نسخة ” ض “.

[ 125 ]

فصل جماعة (1)، وإن شئت فاخرج، ثم قال: لا تخرج بعد ما أقيمت، صل معهم تطوعا واجعلها تسبيحا. وقال العالم عليه السلام: قيام رمضان بدعة وصيامه مفروض فقلت: كيف أصلي في شهر رمضان؟ فقال: عشر ركعات، والوتر، والركعتان قبل الفجر، كذلك كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وآله، ولو كان خيرا لم يتركه (3). وأروي عنه أن النبي صلى الله عليه وآله، كان يخرج فيصلي وحده في شهر رمضان، فإذا كثر الناس خلفه دخل البيت (4). وسألته عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا، فقال: نعم، في الركعة الثانية خلف القراءة فقلت: أجهر فيهما بالقراءة؟ فقال: نعم (5). وقال عليه السلام: لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا (6). وقال: ليس على المريض أن يقضي الصلاة، إذا أغمي عليه إلا (7) الصلاة التي أفاق في وقتها (8). وقال: لا تجمعوا بين السورتين في الفريضة (9). وعن رجل يقرأ في المكتوبة نصف السورة، ثم ينسى فيأخذ في الأخرى حتى يفرغ منها، ثم يذكر قبل أن يركع، قال: لا بأس به (10). قال: من أجنب ثم لم يغتسل حتى يصلي الصلوات كلهن، فذكر بعد ما صلى،


1 – ليس في نسخة ” ض “
2 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” نافلة “، وورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 265 / 1212، والتهذيب 3: 279 / 821، من ” وإذا صليت صلاتك. “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 88 / 395، 396، والاستبصار 1: 466 / 4 180 من ” فقلت: كيف أصلي. “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 87 / 394، والتهذيب 3: 69 / 226 والاستبصار 1: 467 / 1807.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 9 26 / 1231، والتهذيب 3: 14 / 50، والاستبصار 1: 416 / 1594.
6 – الفقيه 1: 3 25 / 1141، الكافي 3: 386 / 6 7 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” إلى ” وما أثبتناه من البحار 88: 301 / 11.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 236 / 1040 و 237 / 1041، 2 104، والمقنع: 37، والتهذيب 3: 302 / 924 و 303 / 926 و 927.
9 – في نسخة ” ش “: ” الفرائض “، وورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 200 / 922، والهداية: 31.
10 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 351 / 1457.

[ 126 ]

قال (1): فعليه الإعادة، يؤذن ويقيم، ثم يفصل بين كل صلاتين بإقامة (2). وعن رجل أجنب في رمضان، فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان، قال: عليه أن يقضي الصلاة والصوم إذا ذكر (3). وقال عليه السلام: وإذا كان الرجل على عمل، فليدم عليه السنة ثم يتحول إلى غيره إن شاء ذلك، لأن ليلة القدر يكون فيها لعامها ذلك ما شاء الله أن يكون، و بالله التوفيق.


1 – ليس في ” ش “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 291 / 1.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 74 / 320، الكافي 4: 106 / 5، التهذيب 4: 332 / 1043.

[ 127 ]

8 باب صلاة يوم الجمعة والعمل في ليلتها إعلم يرحمك [ الله ] (1) أن الله تبارك وتعالى فضل (2) يوم الجمعة وليلته (3) على سائر الأيام، فضاعف (4) فيه الحسنات لعاملها، والسيئات على مقترفها، إعظاما لها (5). فإذا حضر يوم الجمعة، ففي ليلته قل في آخر السجدة من نوافل المغرب وأنت ساجد: اللهم إني أسألك باسمك العظيم، وسلطانك القديم، أن تصلي على محمد و آله، وتغفر لي ذنبي العظيم (6). واقرأ في صلاة العشاء الآخرة سورة (الجمعة) في الركعة الأولى، وفي الثانية (سبح اسم ربك الأعلى) (7) وروي أيضا (إذا جاءك المنافقون) (8) وإن قرأت غيرهما أجزأك (9). وأكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، في ليلة الجمعة و يومها، وإن قدرت أن تجعل ذلك ألف مرة (10) فافعل، فإن الفضل فيه (11).


1 – أثبتناه ليستقيم السياق.
2 – في نسخة ” ش “: ” إعلم يرحمك الله تبارك وتعالى إن الفضل “.
3 – في نسخة ” ش “: ” وليلتها “.
4 – في نسخة ” ش “: ” تضاعف “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 272 / 1245، والكافي 3: 4 41 / 6، والتهذيب 3: 2 / 2.
6 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 273 / 9 124، والكافي 3: 428 / 1، والتهذيب 3: 8 / 24.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 1 20 / 922، والمقنع: 45، والتهذيب 3: 5 / 13.
8 – ورد مؤداه في التهذيب 3: 7 / 18.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 201 / 922.
10 – في نسخة ” ض “: ” كرة “.
11 – ورد مؤداه في الكافي 3: 416 / 13، وثواب الأعمال: 187 / 1، 9 18 / 1.

[ 128 ]

وقد روي (1) أنه إذا كان عشية الخميس، نزلت ملائكة معها أقلام من نور وصحف من نور، لا يكتبون إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر النهار من يوم الجمعة (2). واقرأ في صلاة الغداة يوم الجمعة سورة (الجمعة) في الأولى، وفي الثانية (المنافقون) (3) وروي: (قل هو الله أحد) واقنت في الثانية قبل الركوع (4). والذي جاءت به الأخبار أن القنوت في صلاة (5) الجمعة في الركعة الأولى فصحيح، وهو للإمام الذي يصلي ركعتين بعد الخطبة التي تنوب عن الركعتين ففي تلك الصلاة يكون القنوت في الركعة الأولى بعد القراءة وقبل الركوع (6). واقرن بها صلاة العصر، فليس بينهما نافلة في (7) يوم الجمعة ولا تصل يوم الجمعة بعد الزوال غير الفرضين والنوافل قبلهما أو بعدهما (8). وقل بعد العصر سبع مرات: اللهم صل على محمد وآل محمد المصطفين، بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام على أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته (9)، وإن قرأت (إنا أنزلناه) بعد العصر عشر مرات كان في ذلك ثواب عظيم (10). وعليكم بالسنن يوم الجمعة، وهي سبعة: إتيان النساء، وغسل الرأس و اللحية بالخطمي (11) وأخذ الشارب وتقليم الأظافير، وتغيير الثياب، ومس الطيب (12) فمن


1 – في نسخة ” ض “: ” نروي “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 273 / 1520، والكافي 3: 6 41 / 13.
3 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 201 / 922، 268 / 1223، والمقنع: 45.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 267 / 1217، والكافي 3: 339 / 4.
5 – في نسخة ” ش “: زيادة: ” يوم “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 266 / 1217، والكافي 3: 427 / 2 و 3، والتهذيب 3: 16 / 57.
7 – ليس في نسخة ” ش “.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 267 / 1220 و 268 / 1223 و 269 / 1227، والمقنع: 45.
9 – ورد باختلاف يسير في التهذيب 3: 19 / 68، والكافي 3: 429 / 4، والسرائر: 8 47.
10 – ورد باختلاف يسير في مصباح المتهجد: 65.
11 – الخطمي ورق نبات يغسل به الرأس ” الصحاح – خطم – 5: 1915 “.
12 – ورد مؤداه في المقنع: 45، وتفسير القمي 2: 367.

[ 129 ]

أتى بواحدة منهن من هذه السنن (1) نابت عنهن وهي الغسل، وأفضل أوقاته قبل الزوال، ولا تدعه في سفر ولا حضر (2). وإن كنت مسافرا وتخوفت عدم الماء يوم الجمعة، اغتسل يوم الخميس (3)، فإن فاتك الغسل يوم الجمعة، قضيت يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة (4). وإنما سن الغسل يوم الجمعة، تتميما (5) لما يلحق الطهور في سائر الأيام من النقصان (6). وفي نوافل يوم الجمعة زيادة أربع ركعات تتمة عشرين ركعة، يجوز تقديمها في صدر النهار، وتأخيرها إلى بعد صلاه العصر (7). وتستحب يوم الجمعة صلاة التسبيح وهي صلاة جعفر (8) وصلاة أمير المؤمنين عليه السلام (9)، وركعتا الطاهرة عليها السلام (10). ولا تدع تسبيح فاطمة عليها السلام بعقب كل فريضة، وهي المائة (11)، والاستغفار بعقبها، وهو سبعون مرة قبل أن تثني رجليك (12)، يغفر الله لك جميع ذنوبك إن شاء الله (13). فإن استطعت أن تصلي يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات، وإذا انبسطت ست ركعات، وقبل المكتوبة ركعتين، وبعد المكتوبة ست ركعات، فافعل. وإن صليت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل الزوال، أو أخرتها إلى بعد المكتوبة


1 – ليس في نسخة ” ش “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 61 / 226 و 227، والهداية: 22.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 61 / 226، 227، والتهذيب 1: 365 / 1109 و 1110.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 61 / 227، والهداية: 23.
5 – في نسخة ” ش “: ” متمما “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 62 / 231، والتهذيب 1: 366 / 1111.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 268، عن رسالة أبيه. والمقنع: 45، والتهذيب 3: 346 / 668.
8 – ورد مؤداه في مصباح المتهجد: 268.
9 – ورد مؤداه في مصباح المتهجد: 256.
10 – ورد مؤداه في مصباح المتهجد: 265.
11 – ورد مؤداه في الهداية: 33.
12 – في نسخة ” ض “: ” رجلك “.
13 – ورد مؤداه في أمالي الصدوق: 211 / 8، ومصباح المتهجد: 65. وقد ورد فيهما الاستغفار بعد صلاة العصر.

[ 130 ]

أجزأك، وهي ست عشرة ركعة، وتأخيرها أفضل من تقديمها. وإذا زالت الشمس من يوم الجمعة فلا تصل إلا المكتوبة. وتقرأ في صلاتك كلها يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة (الجمعة) و (المنافقون) و (سبح اسم ربك الأعلى) وإن نسيتها أو في واحدة منها فلا إعادة عليك فإن ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلى سورة (الجمعة) وإن لم تذكرها إلا بعد ما قرأت نصف السورة فامض في صلاتك (1). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء و اليوم الأزهر، قال صلى الله عليه وآله: الليلة الغراء ليلة الجمعة، واليوم الأزهر يوم الجمعة (2)، فيهما لله طلقاء وعتقاء (3)، وهو يوم العيد لأمتي (4)، أكثروا الصدقة فيها “.


1 – أورده الصدوق باختلاف يسير في الفقيه 1: 267، عن رسالة أبيه.
2 – الكافي 3: 428 / 2.
3 – الكافي 3: 414 / 5.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 276 / 1262، والخصال: 394 / 101.

[ 131 ]

9 – باب صلاة العيدين إعلم يرحمك الله أن الصلاة في العيدين واجب (1) فإذا طلع الفجر من يوم العيد فاغتسل (2) وهو أول أوقات الغسل، ثم إلى وقت الزوال والبس أنظف ثيابك وتطيب، واخرج إلى المصلى وابرز تحت السماء مع الإمام، فإن صلاة العيدين مع الإمام مفروضة (3)، ولا تكون إلا بإمام وبخطبة. وقد روي في الغسل: إذا زال الليل يجزئ من غسل العيدين. وصلاة العيدين ركعتان، وليس فيهما أذان ولا إقامة (4) والخطبة بعد الصلاة (5) في جميع الصلوات، غير يوم الجمعة فإنها قبل الصلاة (6). واقرأ في الركعة الأولى (هل أتاك حديث الغاشية) وفي الثانية (والشمس) أو (سبح اسم ربك). وتكبر في الركعة الأولى بسبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات (7)، تقنت


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 320 / 1457، والتهذيب 3: 127 / 296، والاستبصار 1: 443 / 1710.
2 – ورد مؤداه في قرب الاسناد: 85.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 320 / 1463، والتهذيب 3: 129 / 277 و 134 / 292 و 135 / 293 من ” فإن صلاة العيدين. “.
4 – الفقيه 1: 324 / 1484، المقنع 46، التهذيب 3: 128 / 271. من ” وصلاة العيدين. “.
5 – الفقيه 1: 332 / 1490، الكافي 3: 460 / 3، التهذيب 3: 129 / 278.
6 – ورد مؤداه في علل الشرايع: 265، وعيون أخبار الرضا 2: 112، والكافي 3: 421 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 3: 241 / 8 64.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 331 / 1490، وعلل الشرائع: 270، وعيون أخبار الرضا 2: 116 من ” وتكبر في الركعة الأولى. “.

[ 132 ]

بين كل تكبيرتين (1). والقنوت أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله (2) اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، و (أهل العفو والمغفرة) (3)، وأهل التقوى والرحمة، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا، أن تصلي عليه وعلى آله، وأسألك بهذا اليوم الذي شرفته وكرمته وعظمته وفضلته بمحمد صلى الله عليه وآله، أن تغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك مجيب الدعوات، يا أرحم الراحمين (4). فإذا فرغت من الصلاة فاجتهد في الدعاء، ثم ارق المنبر فاخطب بالناس إن كنت تؤم الناس. ومن لم يدرك مع الإمام الصلاة فليس عليه إعادة (5). وصلاة العيدين فريضة (6) واجبة، مثل صلاة يوم الجمعة، إلا على خمسة: المريض، والمرأة، والمملوك، (والصبي، والمسافر) (7). ومن لم يدرك مع الإمام ركعة، فلا جمعة له، ولا عيد له (8). وعلى من يؤم الجمعة إذا فاته مع الإمام، أن يصلي أربع ركعات كما كان يصلي في غير الجمعة (9). وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام صلى بالناس صلاة العيد، فكبر في الركعة


1 – المقنع: 46.
2 – في نسخة ” ض ” زيادة ” صلى الله عليه “.
3 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 331 / 1490، والتهذيب 3: 139 / 314.
5 – ورد مؤداه في المقنع: 46، والكافي 3: 459 / 1، والتهذيب 3: 128 / 273 من ” ومن لم يدرك. “.
6 – الفقيه 1: 320 / 1457، التهذيب 3: 127 / 269 و 270.
7 – في نسخة ” ش “: ” والمسافر والصبي “. وورد مؤداه في الفقيه 1: 266 / 1217 والكافي 3: 418 / 1، التهذيب 3: 21 / 77، وفيها الحكم بالنسبة إلى صلاة الجمعة.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 270 / 1232 و 1233، والكافي 3: 427 / 1 والتهذيب 3: 243 / 657.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 270 / 1233، والكافي 3: 7 42 / 1، والتهذيب 3: 243 / 656.

[ 133 ]

الأولى بثلاث تكبيرات، وفي (1) الثانية بخمس تكبيرات، وقرأ فيهما (سبح اسم ربك) و (هل أتاك حديث الغاشية). وروي: أنه كبر في الأولى بسبع، وكبر في الثانية بخمس، وركع بالخامسة، و قنت بين كل تكبيرتين، حتى إذا فرغ دعا وهو مستقبل القبلة، ثم خطب (2).


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” بالخطبتين “. وورد مؤداه في المقنع: 46، والكافي 3: 460 / 3.

[ 134 ]

0 1 باب صلاة الكسوف إعلم يرحمك الله أن صلاة الكسوف عشر ركعات بأربع سجدات، تفتتح (1) الصلاة بتكبيرة واحدة، ثم تقرأ (الفاتحة) وسورا طوالا، وطول في القراءة والركوع والسجود ما قدرت، فإذا فرغت من القراءة ركعت، ثم رفعت رأسك بتكبير ولا تقول: سمع الله لمن حمده، تفعل ذلك خمس مرات، ثم تسجد سجدتين. ثم (2) تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الركعة الأولى. ولا تقرأ سورة (الحمد) (إلا إذا انقضت) (3) السورة، فإذا بدأت بالسورة بدأت بالحمد. وتقنت بين كل ركعتين (4)، وتقول في القنوت: إن الله يسجد له من في السموات، ومن في الأرض، والشمس، والقمر، والنجوم (5)، والشجر، والدواب، و كثير من الناس، وكثير حق عليهم (6) العذاب، اللهم صلي على محمد وآل محمد، اللهم لا تعذبنا بعذابك، ولا تسخط علينا بسخطك، ولا تهلكنا بغضبك، ولا تأخذنا بما فعل السفهاء منا، واعف عنا، واغفر لنا، واصرف عنا البلاء يا ذا المن والطول. ولا تقل: سمع الله لمن حمده، إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها (7).


1 – في نسخة ” ش “: ” تفتح “.
2 – في نسخة ” ش “: ” و “.
3 – ما بين القوسين في نسخة ” ش “: ” إذا بعضت “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 346 / 1533، والمقنع: 44، والهداية: 35، والكافي 3: 464 / 2، والتهذيب 3: 155 / 333.
5 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” والجبال “.
6 – في نسخة ” ض “: ” عليه “.
7 – الفقيه 1: 346 / 1533.

[ 135 ]

وتطول الصلاة حتى ينجلي، وإن انجلى وأنت في الصلاة فخفف (1) وإن صليت وبعد لم ينجل فعليك الإعادة، أو الدعاء، والثناء على الله، وأنت مستقبل القبلة (2). وإن (3) علمت بالكسوف فلم تيسر (4) لك الصلاة، فاقض متى ما شئت. وإن أنت لم تعلم بالكسوف في وقته ثم علمت بعد، فلا شئ عليك ولا قضاء (5). وصلاة كسوف الشمس والقمر واحد (6)، فافزع إلى الله عند الكسوف فإنها من علامات البلاء. ولا تصليها في وقت الفريضة، حتى تصلي الفريضة. فإذا كنت فيها ودخل عليك وقت الفريضة، فاقطعها وصل الفريضة، ثم ابن على ما صليت من صلاة الكسوف (7). وإذا انكسف القمر، ولم يبق عليك من الليل قدر ما تصلي فيه صلاة الليل وصلاة الكسوف، فصل صلاة الكسوف، وأخر صلاة الليل ثم اقضها بعد ذلك (8). وإذا احترق القرص كله فاغتسل، وإن انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم به، فعليك أن تصليها إذا علمت، فإن تركتها متعمدا حتى تصبح فاغتسل وصل. وإن لم يحترق القرص، فاقضها ولا تغتسل (9). وإذا هبت ريح صفراء أو سوداء أو حمراء، فصل لها صلاة الكسوف (10). وكذلك إذا زلزلت الأرض فصل صلاة الكسوف (11) فإذا فرغت منها فاسجد


1 – في نسخة ” ش “: ” فأتممها محففة ” وقد ورد مؤداه في الكافي 3: 463 / 2، والتهذيب 3: 156 / 334.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 347 / 1534، والمقنع: 44، والمختلف: 123 عن علي بن بابويه.
3 – في نسخة ” ش “: وإذا ” 4 – في نسخة ” ش “: ” يتيسر “.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 3: 291 / 876، والاستبصار 1: 454 / 1760.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 346 / 1533، والمقنع: 44، والهداية: 35.
7 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 347 / 1534، والمختلف: 123 و 124 عن علي بن بابويه. من ” ولا تصليها. “.
8 – ورد مؤداه في التهذيب 3: 155 / 332.
9 – المختلف: 122 عن علي بن بابويه. من ” وإن انكسفت الشمس. “.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 341 / 1512، والمقنع: 44، والكافي 3: 464 / 3، والتهذيب 3: 155 / 330.
11 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 343 / 1517، والمقنع: 44، وعلل الشرايع: 556 / 7.

[ 136 ]

وقل: يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا، يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، أمسك عنا (1) السقم والمرض وجميع أنواع البلاء (2). وإذا كثرت الزلازل، فصم الأربعاء والخميس والجمعة، وتب إلى الله و راجع (3)، وأشر على إخوانك بذلك، فإنها تسكن بإذن الله تعالى (4).


1 – في نسخة ” ض “: ” عنها “.
2 – الفقيه 1: 343 / 1517 باختلاف يسير.
3 – في نسخة ” ش “: ” وارجع “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 343 / 1518، وعلل الشرايع: 555 / 6، والتهذيب 3: 4 29 / 891.

[ 137 ]

11 باب صلاة الليل وعليك بالصلاة في الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى عليا عليه السلام بها، فقال في وصيته: ” عليك بصلاة الليل ” (1) – قالها ثلاثا. وصلاة الليل تزيد في الرزق، وبهاء الوجه، وتحسن الخلق (2). فإذا قمت من فراشك، فانظر في أفق السماء وقل: الحمد لله الذي أحيانا بعد مماتنا وإليه النشور وأعبده وأحمده وأشكره، وتقرأ آخر (آل عمران) من قوله: (إن في خلق السموات والأرض إلى قوله إنك لا تخلف الميعاد) (3) وقل: اللهم أنت الحي القيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، سبحانك سبحانك (4). وإذا سمعت صراخ الديك فقل: سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت (5). ثم استك والسواك واجب. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ” لولا أن يشق على أمتي، لأوجبت السواك في كل صلاة ” (6) وهو سنة حسنة. ثم توضأ، فإذا أردت أن تقوم إلى الصلاة فقل: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله (7).


1 – الفقيه 1: 307 / 1402، المقنع: 39.
2 – ورد مؤداه في ثواب الأعمال: 63 / 3 و 64 / 8، وعلل الشرايع: 362 / 1، والتهذيب 2: 0 12 / 454.
3 – آل عمران 3: 194.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 4 30 / 1393، والمقنع: 39.
5 – الفقيه 1: 305 / 1395، الكافي 3: 445 / 12، التهذيب 2: 123 / 467.
6 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 34 / 123، وعلل الشرايع: 293 / 1، والكافي 3: 22 / 1.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 445 / 12، والتهذيب 2: 123 / 467.

[ 138 ]

ثم ارفع يديك وقل: اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، وبالأئمة الراشدين المهديين من آل طه وياسين، وأقدمهم بين يدي حوائجي كلها، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، (اللهم اغفر لي بهم) (1) ولا تعذبني بهم، وارزقني بهم، (ولا تحرمني بهم، واهدني بهم) (2) ولا تضلني بهم، وارفعني بهم، ولا تضعني، واقض حوائجي بهم في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير، وبكل شئ عليم (3). ثم افتتح بالصلاة وتوجه بعد التكبير (4)، فإنه من السنة الموجبة في ست صلوات، وهي: أول ركعة من صلاة الليل، والمفرد من الوتر، وأول (5) ركعة من نوافل المغرب، وأول ركعة من ركعتي الزوال، وأول ركعة من ركعتي الاحرام، وأول ركعة من ركعات الفرائض (6). واقرأ في الركعة الأولى ب‍ (فاتحة الكتاب) و (قل هو الله أحد)، وفي الثانية ب‍ (قل يا أيها الكافرون)، وكذلك في ركعتي الزوال، وفي الباقي ما أحببت (7). وتقرأ في (الأولى من) (8) ركعتي الشفع (سبح اسم ربك) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون)، وفي الوتر (قل هو الله أحد). وروي أن الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة، مثل صلاة المغرب (9). وروي أنه واحد، وتوتر بركعة، وتفصل ما بين الشفع والوتر بسلام (10). ثم صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعده، فاقرأ فيهما (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) (11) ولا بأس بأن تصليهما إذا بقي من الليل ربع، وكلما قرب من الفجر كان أفضل (12).


1، 2 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
3 – الفقيه 1: 306 / 1401 باختلاف في ألفاظه.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 307 / 1402، والمقنع: 40.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – الفقيه 1: 307 باختلاف يسير، عن رسالة أبيه.
7 – المقنع: 40 باختلاف يسير.
8 – ليس في نسخة ” ض “.
9 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 129 / 494 و 495. من ” وروي أن الوتر. “.
10 – ورد مؤداه في المقنع: 40، والتهذيب 2: 127 / 484.
11 – المقنع: 40 باختلاف يسير.
12 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 133 / 515.

[ 139 ]

ثم اضطجع على يمينك مستقبل القبلة وقل: أستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وبحبل الله المتين، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم، وأعوذ بالله من شر فسقة الجن والإنس (1). اللهم رب الصباح ورب المساء، وفالق الإصباح، سبحان الله (2) رب الصباح، وفالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا، باسم الله، فوضت أمري إلى الله، وألجأت ظهري إلى الله، وأطلب حوائجي من الله، توكلت على الله، حسبي الله ونعم الوكيل (3)، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فإنه من قالها كفي ما همه. ثم يقرأ خمس آيات من آخر (آل عمران) (4) ويقول مائة مرة: سبحان ربي العظيم وبحمده، أستغفر الله ربي وأتوب إليه مائة مرة فإنه من قالها) (5) بنى الله له بيتا في الجنة. ومن صلى على محمد وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة، وقى الله وجهه حر النار. ومن قرأ إحدى وعشرين مرة (قل هو الله أحد)، بنى الله له قصرا في الجنة فإن قرأها أربعين مرة، غفر الله له جميع ما تقدم من ذنبه وما تأخر (6). فإن قمت من الليل، ولم يكن عليك وقت بقدر ما تصلي صلاة الليل على ما تريد، فصلها وأدرجها إدراجا، وإن خشيت مطلع الفجر فصل ركعتين وأوتر في الثالثة، فإن طلع الفجر فصل ركعتي الفجر، وقد مضى الوتر بما فيه (7). وإن كنت صليت الوتر وركعتي الفجر ولم يكن طلع الفجر فأضف إليها ست ركعات، وأعد ركعتي الفجر، وقد مضى الوتر بما فيه. وإن كنت صليت من صلاة الليل أربع ركعات قبل طلوع الفجر فأتم


1 – في نسخة ” ش “: ” الإنس والجن “.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 313، والمقنع: 40.
4 – الفقيه 1: 314، المقنع: 40، التهذيب 2: 136 / 530.
5 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
6 – الفقيه 1: 314 / 1426، المقنع: 41، باختلاف يسير، من ” ويقول مائة مرة: سبحان ربي. “.
7 – الفقيه 1: 308 / 1404.

[ 140 ]

الصلاة، طلع الفجر أم لم يطلع (1). وإن كان عليك قضاء صلاة الليل، فقمت وعليك من الوقت بقدر ما تصلي الفائتة من صلاة الليل (وصلاة ليلتك) (2)، فابدأ بالفائتة ثم صل صلاة ليلتك، وإن كان الوقت بقدر ما تصلي واحدة، فصل صلاة ليلتك، لئلا يصيرا جميعا قضاءا ثم اقض الصلاة الفائتة من الغد (3). واقض ما فاتك من صلاة الليل، أي وقت من ليل أو نهار، إلا في وقت الفريضة. وإن فاتك فريضة فصلها إذا ذكرت، فإن ذكرتها وأنت في وقت (فريضة أخرى) (4) فصل التي أنت في وقتها ثم تصلي الفائتة (5). واعلم أن أفضل النوافل ركعتا الفجر، وبعدهما ركعة الوتر، وبعدها ركعتا الزوال، وبعدهما نوافل المغرب، وبعدها صلاة الليل، وبعدها نوافل النهار (6). وللمصلي ثلاث خصال: يتناثر عليه البر من أعنان السماء إلى مفرق (7) رأسه و تحف به الملائكة من موضع قدميه إلى عنان السماء، وينادي مناد: لو يعلم المصلي ما له في الصلاة من الفضل والكرامة ما انفتل (8) منها (9). ولو يعلم المناجي لمن يناجي ما انفتل (10)، وإذ أحرم العبد في صلاته (11)، أقبل الله عليه بوجهه، ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا فإن أعرض أعرض الله عنه، و


1 – الفقيه 1: 308 / 1404، المقنع: 41، التهذيب 2: 125 / 475.
2 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
3 – الفقيه 1: 308 / 1404، المقنع: 41.
4 – في نسخة ” ش “: ” الفريضة “.
5 – الفقيه 1: 315 / 1428.
6 – الفقيه 1: 314 عن رسالة أبيه.
7 – في نسخة ” ش “: ” مغرف ” تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة ” ض “.
8 – في نسخة ” ش “: ” انفلت “.
9 – الفقيه 1: 135 / 636 باختلاف في ألفاظه.
10 – ورد مؤداه في الهداية: 29، والكافي 3: 265 / 5.
11 – في نسخة ” ش “: ” صلواته ” وكذلك في المواضع الأربعة الأخر من هذا المقطع.

[ 141 ]

وكله إلى الملك، فإن هو أقبل على صلاته بكله (1) رفعت صلاته كاملة (2) وإن سها فيها بحديث النفس نقص من صلاته بقدر ما سها وغفل، ورفع من صلاته ما أقبل عليه منها، ولا يعطي الله القلب الغافل شيئا. وإنما جعلت النافلة لتكمل بها الفريضة (3). قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام، يقول في سجوده: ” اللهم ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك ووحشتي من الناس، وأنسي بك (4) يا كريم (5)، فإني عبدك و ابن عبدك، أتقلب (6) في قبضتك، يا ذا المن والفضل والجود والغناء والكرم (7)، إرحم ضعفي وشيبتي من النار يا كريم “. وكان أبو جعفر عليه السلام، يقول وهو ساجد: ” لا إله إلا الله حقا حقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، وإيمانا وتصديقا يا عظيم، إن عملي ضعيف فضاعفه لي، يا كريم يا جبار، اغفر لي ذنوبي وجرمي، وتقبل عملي، يا كريم يا جبار ” (8). وكان أبو عبد الله عليه السلام، يقول في سجدته: ” يا كائن قبل كل شئ ويا مكون كل شئ لا تفضحني فإنك بي عالم، ولا تعذبني (9) فإنك علي قادر، اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجوع (10) في القبر، ومن الندامة يوم القيامة، اللهم إني أسألك (عيشة نقية) (11) وميتة سوية، ومنقلبا كريما غير (مخز ولا) (12) فاضح “. وكان أبو عبد الله عليه السلام، يقول: ” اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبي، و


1 – في نسخة ” ض “: ” بكليته “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 265 / 5.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 198 / 917، والكافي 3: 362 / 1، والتهذيب 2: 2 34 / 1416.
4 – في نسخة ” ض “: ” إليك “.
5 – الكافي 3: 327 / 21.
6 – في نسخة ” ش “: ” أنقلب “.
7 – في نسخة ” ض “: ” ذا الكرم “.
8 – الكافي 3: 327 / 21 باختلاف يسير.
9 – ليس في نسخة ” ش “.
10 – كذا، وفي البحار 86: 9 22 / 51: المرجع.
11 – في نسخة ” ش “: ” نقية عشية “، وفي نسخة ” ض “: ” عيشة نقبة ” وما أثبتناه من البحار.
12 – في نسخة ” ش “: ” مخذول ” تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة ” ض “.

[ 142 ]

رحمتك أرجى عندي من عملي، فاغفر لي، يا حي ومن لا تموت “. وكان أبو الحسن عليه السلام، يقول في سجوده: ” لك الحمد إن أطعتك ولك الحجة إن عصيتك، لا صنع لي ولا لغيري في إحسان كان مني حال الحسنة، يا كريم صل بما سألتك من مشارق الأرض ومغاربها من المؤمنين ومن ذريتي، اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، اللهم احفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما قصرت، يا من لا تنقصه المغفرة، ولا تضره الذنوب، صل على محمد وعلى آل محمد، واغفر لي ما لا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك “. وبالله التوفيق.


[ 143 ]

12 باب صلاة الجماعة وفضلها إعلم: أن الصلاة بالجماعة أفضل بأربع وعشرين صلاة من صلاة في غير جماعة (1). وإن أولى الناس بالتقديم (2) في الجماعة أقرأهم بالقرآن، وإن كان في القرآن سواء فأفقههم، وإن كان في الفقه سواء فأقربهم هجرة، وإن كان في الهجرة سواء فأسنهم فإن كان في السن سواء فأصبحهم وجها، وصاحب المسجد أولى بمسجده. وليكن من يلي الإمام منكم أولوا الأحلام والتقى، فإن نسي الإمام أو تعايا (3) يقومه (4). وأفضل الصفوف أولها، وأفضل أولها ما قرب من الإمام (5). وأفضل صلاة الرجل (في جماعة) (6) وصلاة واحدة (في جماعة) (7) بخمس و عشرين صلاة من غير جماعة، وترفع له في الجنة خمس وعشرون درجة (8)، فإن صليت


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 245، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 123.
2 – في نسخة ” ض “: ” بالتقدم.
3 – في نسخة ” ش “: ” لغي ” وما أثبتناه من نسخة ” ض “. تعايا: عجز، والمراد هنا العجز عن القراءة ” مجمع البحرين – عيا – 1: 312 “.
4 – الفقيه 1: 246، المقنع: 34، عن رسالة أبيه، من ” وإن أولى الناس. “.
5 – الفقيه 1: 247، عن رسالة أبيه، الكافي 3: 372 / 7، التهذيب 3: 265 / 751.
6 – في نسخة ” ش “: ” الجماعة “.
7 – ليس في نسخة ” ش “.
8 – أورد الصدوق مؤداه في الخصال: 521، والمقنع: 34 عن رسالة أبيه، والهداية: 34، وثواب الأعمال: 59 / 1.

[ 144 ]

جماعة (1) فخفف بهم الصلاة (2)، وإذا كنت وحدك فثقل فإنها العبادة، فإن خرجت منك ريح أو غير ذلك مما ينقض الوضوء أو ذكرت أنك على غير وضوء فسلم على أي حال كنت في صلاتك، وقدم رجلا يصلي بالقوم بقية صلاتهم، وتوضأ وأعد صلاتك (3). فإن كنت خلف الإمام، فلا تقم في الصف الثاني إذا وجدت في الأول موضعا (4)، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” أتموا صفوفكم، فإني أراكم من خلفي كما أراكم (5) من قدامي، ولا تخالفوا فيخالف الله قلوبكم ” (6). وإن وجدت ضيقا في الصف الأول، فلا بأس أن تتأخر إلى الصف الثاني (7) وإن وجدت في الصف الأول خللا، فلا بأس أن تمشي إليه فتتمه (8). وإن دخلت المسجد، ووجدت الصف الأول تاما فلا بأس أن تقف في الصف الثاني وحدك، أو حيث شئت (9)، وأفضل ذلك قرب الإمام (10). فإن سبقت بركعة أو ركعتين، فاقرأ في الركعتين الأولتين (11) من صلاتك (الحمد) وسورة، فإن لم تلحق السورة أجزأك (الحمد) وحده، وسبح في الأخيرتين، و تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر (12). ولا تصل خلف أحد، إلا خلف رجلين: أحدهما من تثق به وتدينه (13) بدينه و ورعه، وآخر من تتقي سيفه وسوطه وشره وبوائقه وشنعه فصل خلفه على سبيل التقية


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 255 / 1152، والتهذيب 3: 274 / 795.
3 – الفقيه 1: 261، والمقنع 34، عن رسالة والده.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 252 / 0 114 و 253 / 1142.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – أورده الصدوق في الفقيه 1: 2 25 / 1139، وأورده عن رسالة أبيه في المقنع: 34.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 253 / 1142.
8 – المقنع: 36.
9 – ورد مؤداه في الكافي 3: 385 / 3، والتهذيب 3: 51 / 179.
10 – ورد مؤداه في الكافي 3: 372 / 7، والتهذيب 3: 265 / 751.
11 – في نسخة ” ش “: ” الأوليين “.
12 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 256 / 1162، والتهذيب 3: 45 / 158.
13 – كذا في ” ش ” و ” ض ” والبحار 88: 6 10، والظاهر أن الصواب: ” وتدين “.

[ 145 ]

والمداراة، وأذن لنفسك وأقم، واقرأ فيها، لأنه غير مؤتمن به، فإن فرغت قبله من القراءة، أبق آية منها حتى تقرأ وقت ركوعه، وإلا فسبح إلى أن يركع (1). وإن كنت في صلاة نافلة وأقيمت الجماعة فاقطعها، وصل الفريضة مع الإمام. وإن كنت في فريضتك وأقيمت الصلاة فلا تقطعها، واجعلها نافلة وسلم في ركعتين (2)، ثم صل مع الإمام إلا أن يكون الإمام ممن لا يقتدى به، فلا تقطع صلاتك ولا تجعلها نافلة، ولكن اخط إلى الصف وصل معه، وإذا صليت أربع ركعات وقام الإمام إلى الرابعة (فقم معه، تشهد) (3) من قيام وسلم من قيام (4). (وسألت العالم عليه السلام) (5) عما يخرج من منخري الدابة إذا نخرت فأصاب ثوب الرجل، قال: لا بأس عليك أن تغسل (6). وسألته أخف ما يكون من التكبير، قال: ثلاث تكبيرات قال: ولا بأس بتكبيرة واحدة (7). قال: صلاة الوسطى العصر (8).


1 – الفقيه 1: 9 24، المقنع: 34، عن رسالة والده باختلاف في بعض ألفاظه.
2 – في نسخة ” ش “: ” الركعتين “.
3 – ما بين القوسين في نسخة ” ش “: ” فقم تشهد “.
4 – الفقيه 1: 249 عن رسالة أبيه.
5 – في نسخة ” ض “: ” وسألته “.
6 – الكافي 3: 58 / 7، التهذيب 1: 420 / 1328 باختلاف يسير.
7 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 66 / 242 و 287 / 1150.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 125 / 600، والكافي 3: 1 27 / 1، والتهذيب 2: 241 / 954.

[ 146 ]

13 باب صلاة السفينة وإذا كنت في السفينة وحضرت الصلاة، فاستقبل القبلة وصل إن (1) أمكنك قائما، وإلا فاقعد إذا لم يتهيأ لك وصل قاعدا، وإن دارت السفينة فدر معها وتحر إلى القبلة (2). وإن عصفت الريح، فلم يتهيأ لك أن تدور إلى القبلة، فصل إلى صدر السفينة (3). ولا تخرج منها إلى الشط من أجل الصلاة (4). وروي أنه تخرج إذا أمكنك الخروج، ولست تخاف عليها أنها تذهب، إن قدرت أن توجه نحو القبلة، وإن لم تقدر تثبت (5) مكانك، هذا في الفرض (6). ويجزيك في النافلة أن تفتتح (7) الصلاة تجاه القبلة، ثم لا يضرك كيف دارت السفينة، لقول الله تبارك وتعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (8). والعمل على (9) أن تتوجه إلى القبلة، وتصلي على أشد ما يمكنك في القيام


1 – في نسخة ” ش “: ” ما “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 291 / 1322، والمقنع: 37، والهداية: 35، والتهذيب 3: 171 / 377.
3 – الهداية: 35، وورد مؤداه في الفقيه 1: 181 / 858.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 291 / 1323، والهداية: 35، والتهذيب 3: 295 / 894.
5 – في نسخة ” ض “: ” تلبثت “.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 3: 170 / 375، والاستبصار 1: 455 / 1762.
7 – في نسخة ” ش “: ” تفتح “.
8 – البقرة 2: 115، وورد مؤداه في الفقيه 1: 292 / 1328، والمقنع: 37، وتفسير العياشي 1: 56 / 81.
9 – ليس في نسخة ” ض “.

[ 147 ]

والقعود، ثم أن (1) يكون الانسان ثابتا مكانه أشد لتمكنه في الصلاة، من أن يدور لطلب القبلة، وبالله التوفيق (2).


1 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” لا “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 441 / 2.

[ 148 ]

14 باب صلاة الخوف إذا كنت راكبا وحضرت الصلاة وتخاف من سبع أو لص أو غير ذلك، فلتكن صلاتك على ظهر دابتك، وتستقبل القبلة وتومئ إيماء إن أمكنك الوقوف، وإلا استقبل القبلة بالإفتتاح، ثم امض في طريقك التي تريد حيث توجهت بك راحلتك مشرقا ومغربا. وتنحني للركوع والسجود، ويكون السجود أخفض من الركوع، وليس لك أن تفعل ذلك إلا آخر الوقت (1). وإن كنت في حرب هي لله رضا وحضرت الصلاة، فصل على ما أمكنك على ظهر دابتك، وإلا (2) تومئ إيماء أو تكبر وتهلل. وروي أنه فات الناس مع علي عليه السلام يوم صفين صلاة الظهر والمغرب والعشاء، فأمر علي عليه السلام فكبروا وهللوا وسبحوا، ثم قرأ هذه الآية: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) (3) فأمرهم علي عليه السلام فصنعوا ذلك رجالا وركبانا (4). فإن كنت مع الإمام، فعلى الإمام أن يصلي بطائفة ركعة وتقف الطائفة الأخرى بأزاء العدو، ثم يقوم ويخرجون فيقيمون موقف أصحابهم بأزاء العدو، وتجئ الطائفة


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 181 عن رسالة أبيه و 295 / 1348، والمقنع: 38، والكافي 3: 459 / 6، والتهذيب 3: 173 / 383.
2 – في نسخة ” ش “: ” وأن “.
3 – البقرة 2: 239.
4 – ورد مؤداه في تفسير العياشي 1: 128 / 423، والكافي 3: 457 / 2، والتهذيب 3: 173 / 384، من ” وإن كنت في حرب. “.

[ 149 ]

الأخرى فتقف خلف الإمام، ويصلي بهم الركعة الثانية، فيصلونها ويتشهدون ويسلم الإمام ويسلمون بتسليمه، فيكون للطائفة الأولى تكبيرة الافتتاح وللطائفة الأخرى التسليم (1). وإن كان صلاة المغرب، فصل بالطائفة الأولى ركعة، وبالطائفة الثانية ركعتين (2). وإذا تعرض لك سبع وخفت أن تفوت الصلاة، فاستقبل القبلة وصل صلاتك بالإيماء، فإن خشيت السبع يعرض لك، فدر معه كيف ما دار، وصل بالإيماء كيف ما يمكنك (3).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 3 29 / 1337، والمقنع: 39، والكافي 3: 455 / 1 و 2، والتهذيب 3: 171 / 379.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 294 / 1338.
3 – الفقيه 1: 181 عن رسالة أبيه.

[ 150 ]

15 – باب صلاة المطاردة والماشي إذا كنت تمشي متفزعا من هزيمة، أو من لص، أو داعر (1) أو مخافة في الطريق، وحضرت الصلاة، استفتحت الصلاة تجاه القبلة بالتكبير، ثم تمضي في مشيتك حيث شئت (2). وإذا حضر الركوع ركعت (3) تجاه القبلة إن أمكنك وأنت تمشي وكذلك السجود، سجدت تجاه القبلة، أو حيث أمكنك ثم قمت. فإذا حضر التشهد، جلست تجاه القبلة بمقدار ما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، هذه مطلقة للمضطر في حال الضرورة. وإن كنت في المطاردة مع العدو، فصل صلاتك إيماء وإلا فسبحه (4) واحمده وهلله وكبره (5) تقوم كل تسبيحة وتهليلة وتكبيرة مكان ركعة عند الضرورة، وإنما جعل ذلك للمضطر، لمن لا يمكنه أن يأتي بالركوع والسجود.


1 – ليس في نسخة ” ش “، وفي ” ض “: ذاغر، وفي البحار 89: 114 / 6: ” ذاعر “، ولعل الصواب ما أثبتناه، والداعر: الذي يسرق ويزني ويؤذي الناس. ” لسان العرب – دعر – 4: 286 “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 294 / 1338، والمقنع: 8 3، والكافي 3: 457 / 6 و 459 / 7، والتهذيب 3: 172 / 381 و 173 / 383.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – في نسخة ” ش “: ” فسبح “.
5 – في نسخة ” ش “: ” وكثره “.

[ 151 ]

16 باب صلاة الحاجة إذا كانت لك حاجة إلى الله تبارك وتعالى فصم ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة فابرز إلى الله تبارك وتعالى قبل الزوال و أنت على غسل فصل ركعتين، تقرأ في كل ركعة منها (الحمد) وخمس عشرة مرة (قل هو الله أحد) فإذا ركعت قرأت (قل هو الله) عشر مرات، فإذا استويت من ركوعك قرأتها عشرا (1) فإذا سجدت قرأتها عشرا فإذا رفعت رأسك من السجود قرأتها عشرا فإذا سجدت الثانية قرأتها عشرا. ثم نهضت إلى الركعة الثانية بغير تكبير، وصليتها مثل ذلك على ما وصفت لك وقنت فيها. فإذا فرغت منها، حمدت الله كثيرا، وصليت على محمد وعلى آل محمد، و سألت ربك حاجتك للدنيا والآخرة فإذا تفضل الله عليك بقضائها، فصل ركعتين شكرا لذلك، تقرأ في الأولى (2) (الحمد) و (قل هو الله أحد)، وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون) وتقول في ركوعك: الحمد لله شكرا، شكرا لله وحمدا، وتقول في الركعة الثانية في الركوع وفي السجود: الحمد لله الذي قضى حاجتي، وأعطاني سؤلي ومسألتي (3).


1 – في نسخة ” ش “: عشر مرات “.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – الفقيه 1: 354 عن رسالة أبيه، المقنع: 47 باختلاف يسير. من بداية باب صلاة الحاجة.

[ 152 ]

17 باب صلاة الاستخارة وإذا أردت أمرا فصل ركعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة (1)، وما عزم لك فافعل. وقل في دعائك: لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب محمد وعلي، خر لي في أمري كذا وكذا للدنيا والآخرة، خيرة من عندك، مالك فيه رضى، ولي فيه صلاح، في خير وعافية، يا ذا المن والطول (2).


1 – ليس في نسخة ” ش “.
2 – أورده الصدوق في الفقيه 1: 356، والمقنع: 49 عن رسالة أبيه، باختلاف في ألفاظه

[ 153 ]

18 باب صلاة الاستسقاء إعلم يرحمك الله أن صلاة الاستسقاء ركعتان بلا أذان ولا إقامة. يخرج الإمام يبرز إلى تحت السماء، ويخرج المنبر، والمؤذنون أمامه، فيصلي بالناس ركعتين، ثم يسلم. ويصعد المنبر فيقلب رداءه، الذي على يمينه على يساره، والذي على يساره على يمينه مرة واحدة ثم يحول وجهه إلى القبلة، فيكبر الله مائة تكبيرة يرفع بها صوته، ثم يلتفت عن يمينه (فيسبح مائة مرة، يرفع بها صوته، ثم يلتفت عن يساره فيهلل الله مائة مرة رافعا صوته، ثم يستقبل الناس بوجهه فيحمد الله مائة مرة رافعا صوته) (1). ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعو الله (2) ويقول: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مجللا (3)، طبقا (4) مطبقا (5) جللا (6) مونقا (7) راجيا (8) غدقا (9) مغدقا، طيبا مباركا، هاطلا منهطلا متهاطلا، رغدا هنيئا مريئا، دائما رويا سريعا، عاما مسبلا (10)


1 – ما بين القوسين في نسخة ” ض “: ” ويساره إلى الناس فيهلل مائة رافعا صوته “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 334 / 1502، المقنع: 47. من بداية صلاة الاستسقاء.
3 – المجلل: السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر، أي يعم. ” الصحاح – جلل – 4: 1661 “.
4 – مطر طبق: أي عام ” الصحاح – طبق – 4: 1512 “.
5 – السحابة المطبقة: التي تغشي الجو ” لسان العرب – طبق – 10: 210 “.
6 – الجلل: العظيم ” الصحاح – جلل – 4: 1659 “.
7 – المونق: السار أو الحسن المعجب ” الصحاح – أنق – 4: 1447 “.
8 – راجيا: لعله من الرجاء ضد اليأس. ويكون مما جاء على صيغة فاعل بمعنى مفعول أي مرجوا.
9 – الماء الغدق: الكثير الغزير ” الصحاح – غدق – 4: 1536 “.
10 – المسبل: الهاطل ” الصحاح – سبل – 5: 1723 “.

[ 154 ]

نافعا غير ضار، تحيي به العباد والبلاد، وتنبت به الزرع والنبات، وتجعل فيه بلاغا للحاضر منا والباد. اللهم أنزل علينا من بركات سمائك ماء طهورا، وأنبت لنا من بركات أرضك نباتا مسقيا، وتسقيه (1) مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا، اللهم ارحمنا بمشايخ ركع، وصبيان رضع، وبهائم رتع، وشبان خضع. قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو عند الاستسقاء بهذا الدعاء يقول: ” يا مغيثنا ومعيننا على ديننا ودنيانا، بالذي تنشر علينا من الرزق، نزل بنا نبأ عظيم لا يقدر على تفريجه غير منزله، عجل على العباد فرجه، فقد أشرفت الأبدان على الهلاك، فإذا هلكت الأبدان هلك الدين. يا ديان العباد، ومقدر أمورهم بمقادير أرزاقهم، لا تحل بيننا وبين رزقك، وهبنا ما أصبحنا فيه من كرامتك معترفين، قد أصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا، ارحمنا بمن جعلته أهلا باستجابة دعائه حين نسألك يا رحيم لا تحبس عنا ما في السماء، وانشر علينا كنفك، وعد علينا رحمتك وابسط علينا كنفك، وعد علينا بقبولك، واسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل المبطلون، وعافنا يا رب من النقمة في الدين، و شماتة القوم الكافرين، يا ذا النفع والنصر (2) إنك إن أجبتنا فبجودك وكرمك، ولإتمام ما بنا من نعمائك، وإن رددتنا فبلا ذنب منك لنا، ولكن بجنايتنا على أنفسنا، فاعف عنا قبل أن تصرفنا، وأقلنا واقلبنا (3) بإنجاح الحاجة، يا الله “.


1 – في نسخة ” ض “: ” ونستقيه “.
2 – كذا في ” ض ” و ” ش ” والبحار 91: 334، ولعل الصواب: والضر.
3 – في نسخة ” ض “: ” واقبلنا “.

[ 155 ]

19 باب صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام عليك بصلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام فإن فيها فضلا كثيرا. وقد روى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه ” من صلى صلاة جعفر عليه السلام كل يوم، لا يكتب عليه السيئات، ويكتب له بكل تسبيحة فيها حسنة، و ترفع له درجة في الجنة، فإن لم يطق كل يوم ففي كل جمعة، وإن لم يطق ففي كل شهر، وإن لم يطق ففي كل سنة، فإنك إن صليتها محي عنك ذنوبك، ولو كانت مثل رمال (1) عالج أو مثل زبد (2) البحر ” (3). وصل أي وقت شئت من ليل أو نهار ما لم يكن (4) وقت فريضة، وإن شئت حسبتها من نوافلك (5). وإن كنت مستعجلا، صليت مجردة ثم قضيت التسبيح (6). فإذا أردت أن تصلي فافتتح (7) الصلاة بتكبيرة واحدة، ثم تقرأ في أولاها (فاتحة الكتاب) و (العاديات)، وفي الثانية (إذا زلزلت الأرض) وفي الثالثة (إذا جاء نصر الله)، و في الرابعة (قل هو الله أحد). وإن شئت كلها ب‍ (قل هو الله أحد) (8).


1 – في نسخة ” ش “: ” رمل “. 2 – في نسخة ” ض “: ” زبدة “.
3 – الهداية: 36 باختلاف يسير، وورد مؤداه في الفقيه 1: 347 / 1536، والمقنع: 43.
4 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” في ” 5 – الفقيه 1: 349 / 1542 باختلاف يسير.
6 – الفقيه 1: 349 / 1543، المقنع: 44، الهداية: 37 باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ش “: ” فافتح “.
8 – الهداية: 37، وورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 348 / 1537، والمقنع: 43.

[ 156 ]

وإن نسيت التسبيح في ركوعك أو في سجودك أو في قيامك، فاقض حيث ذكرت على أي حالة تكون (1). تقول بعد القراءة (2): سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، وتقول في ركوعك عشر مرات، وإذا استويت قائما عشر مرات، وفي سجودك وهي السجدتان عشرا، وإذا رفعت رأسك (3) عشرا قبل أن تنهض، فذلك خمس وسبعون مرة، ثم تقوم في الثانية وتصنع مثل ذلك، ثم تشهد وتسلم، فقد مضى لك ركعتان. ثم تقوم وتصلي ركعتين أخريين على ما وصفت لك، فيكون التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير في أربع ركعات ألف مرة ومائتي مرة. تصلي بهما متى ما شئت، ومتى ما خف عليك، فإن في ذلك فضلا كثيرا (4). فإذا فرغت، تدعو بهذا الدعاء وتقول (5): اللهم إني أسألك من كل (6) ما سألك به محمد وآله (7)، وأستعيذ بك من كل ما استعاذ به محمد وآله (8)، اللهم أعطني من كل خير خيرا، واصرف عني كلما قضيت من شر أو فتنة، واغفر ما تعلم مني وما قد أحصيت علي من ذنوبي، واقض (9) حوائجي مالك فيه رضى ولي فيه صلاح، يا ذا المن والفضل، وسع علي في الرزق والأجل، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي، إنك أنت على كل شئ قدير.


1 – ليس في نسخة ” ش “. وورد مؤداه في الاحتجاج: 482.
2 – في نسخة ” ض “: ” القرآن “.
3 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” تقول “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 347 / 1536، والمقنع: 43، والهداية: 36.
5 – ليس في نسخة ” ش “.
6 – ليس في نسخة ” ض “. 7 و 8 – في نسخة ” ش “: ” وآل محمد “.
9 – لعل المناسب للسياق: ” واقض من حوائجي “.

[ 157 ]

20 باب اللباس وما لا يجوز فيه الصلاة لا بأس بالصلاة في شعر ووبر من كل ما أكلت لحمه، والصوف منه. ولا يجوز الصلاة في سنجاب (1) وسمور (2) وفنك (3) فإذا أردت الصلاة فانزع عنك هذه وقد أروي فيه رخصة. وإياك أن تصلي في الثعالب، ولا في ثوب تحته جلد ثعالب (4). وصل في الخز، إذا لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب. ولا تصل في ديباج، ولا في حرير، ولا في وشي، ولا في ثوب من إبريسم محض، ولا في تكة إبريسم. وإن (5) كان الثوب سداه (6) إبريسم، ولحمته (7) قطن أو كتان أو صوف، فلا بأس بالصلاة فيه (8). ولا تصل في جلد الميتة على كل حال (9)، ولا في خاتم ذهب (10).


1 – السنجاب: حيوان قدر الفأر، شعره في غاية النعومة، يتخذ من جلده الفراء. ” حياة الحيوان 2: 34 “. 2 – السمور: حيوان يشبه القط، تتخذ من جلوده الفراء للينها وخفتها ودفئها وحسنها. ” حياة الحيوان 2: 34 “.
3 – الفنك: حيوان كسابقيه، وفروه أطيب من جميع الفراء، أحر من السنجاب، وأبرد من السمور. ” حياة الحيوان 2: 225 “.
4 – الفقيه 1: 170، عن رسالة أبيه، باختلاف يسير.
5 – في نسخة ” ض “: ” وإذا “.
6 – السدى: الخيوط الممتدة طولا في النسيج. ” المعجم الوسيط 1: 424 “.
7 – اللحمة: خيوط النسيج العرصية يلحم بها السدى. ” المعجم الوسيط 2: 819 “.
8 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 171 عن رسالة أبيه، والمقنع: 24.
9 – المقنع: 24.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 164 / 774، والكافي 6: 468 / 5 و 469 / 7.

[ 158 ]

ولا تشرب في آنية الذهب والفضة (1) ولا تصل على شئ من هذه الأشياء، إلا ما لا يصلح لبسه.


1 – ورد مؤداه في قرب الاسناد: 34.

[ 159 ]

21 باب صلاة المسافر والمريض إعلم يرحمك الله – أن فرض السفر ركعتان، إلا الغداة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله تركها على حالها في السفر والحضر، وأضاف إلى المغرب ركعة، وأما الظهر ركعتان، والعصر ركعتان، والمغرب ثلاث ركعات. وقد يستحب أن لا يترك نافلة المغرب، وهي أربع ركعات، في السفر ولا في الحضر، وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس، وثمان ركعات صلاة الليل، والوتر، و ركعتا الفجر (1). فإن لم تقدر على صلاة الليل، قضيتها في الوقت الذي يمكنك من ليل أو نهار (2). ومن سافر فالتقصير عليه واجب، إذا كان سفره ثمانية فراسخ، أو بريدين، وهو أربعة وعشرون ميلا. فإن كان سفرك بريدا واحدا وأردت أن ترجع من يومك قصرت، لأن ذهابك و مجيئك بريدان (3). وإن عزمت على المقام، وكان مدة سفرك بريدا واحدا، ثم تجدد لك الرجوع من يومك فلا تقصر، وإن كان أكثر من بريد فالتقصير واجب، إذا غاب عنك أذان مصرك. وإن كنت في شهر رمضان، فخرجت من منزلك قبل طلوع الفجر إلى السفر أفطرت إذا غاب عنك أذان مصرك (4).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 289 / 1319 و 290 / 1320.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 315 / 1428.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 279 / 9 126 و 287 / 1304.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 91 / 407، والمقنع: 37، والكافي 4: 131 / 1، والتهذيب 4: 228 / 671.

[ 160 ]

وإن خرجت بعد طلوع الفجر، أتممت الصوم (1) ذلك اليوم، وليس عليك القضاء لأنه دخل عليك وقت الفرض وأنت على غير مسافرة. وإن كنت في سفر مقصرا ثم دخلت منزلك وأنت مقصر، أمسكت عن الأكل والشرب بقية نهارك وهذا يسمى صوم التأديب وقضيت ذلك اليوم (2). وإن كنت مسافرا فدخلت منزل أخيك، أتممت الصلاة والصوم ما دمت عنده، لأن منزل أخيك مثل منزلك (3). وإن دخلت مدينة فعزمت على القيام فيها يوما أو يومين، فدافعت ذلك (4) الأيام، وأنت في كل يوم تقول: أخرج اليوم أو غدا، أفطرت وقصرت ولو كان ثلاثين يوما. وإن كنت (5) عزمت المقام (6) بها حين تدخل مدة عشرة أيام، أتممت وقت دخولك (7) والسفر الذي يجب فيه التقصير في الصوم والصلاة، هو سفر في الطاعة، مثل: الحج، والغزو، والزيارة، وقصد الصديق والأخ، وحضور المشاهد، وقصد أخيك لقضاء حقه، والخروج إلى ضيعتك، أو مال تخاف تلفه، أو متجر لا بد منه، فإذا سافرت في هذه الوجوه وجب عليك التقصير، وإن كان غير هذه الوجوه وجب عليك الإتمام (8). وإذا بلغت موضع قصدك، من الحج والزيارة والمشاهد وغير ذلك مما (قد بينته) (9) لك فقد سقط عنك السفر ووجب عليك الإتمام (10).


1 – ليس في نسخة ” ش “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 4: 132 / 8 و 9، والتهذيب 4: 253 / 751 و 752، والاستبصار 2: 113 / 368 و 369. من ” وإن كنت في سفر. “.
3 – قال العلامة المجلسي في البحار 89: 67 في توضيحه حول هذه الفقرة من الكتاب: ” موافق لمذهب ابن الجنيد وجماعة من العامة، ولعله محمول على التقية “.
4 – في نسخة ” ش “: تلك.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – في نسخة ” ش “: ” القيام “.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 280 / 1270، والمقنع: 38، والتهذيب 3: 220 / 549 والاستبصار 1: 238 / 850.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 2 9 / 409 و 410، والكافي 4: 129 / 3 و 4 و 5 و 6 و 7، والتهذيب 4: 219 / 640.
9 – في نسخة ” ش “: ” قدمته “.
10 – ورد مؤداه في المقنع: 38، والكافي 4: 3 13 / 1 و 2. وفيهما ” نية الإقامة عشرة أيام “.

[ 161 ]

وقد أروي (1) عن العالم عليه السلام، أنه قال: في أربعة مواضع لا يجب أن تقصر: إذا قصدت مكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحيرة (2)، (3). وسائر الأسفار التي ليس بطاعة، مثل طلب الصيد، والنزهة ومعاونة الظالم، وكذلك الملاح والفلاح والمكاري، فلا تقصر في الصلاة ولا في الصوم (4). وإن سافرت إلى موضع مقدار أربعة فراسخ، ولم ترد الرجوع من يومك، فأنت بالخيار: فإن شئت أتممت (5)، وإن شئت قصرت (6). وإن كان سفرك دون أربعة فراسخ، فالتمام عليك واجب (7). فإذا دخلت بلدا ونويت المقام بها عشرة أيام فأتم الصلاة، وإن نويت أقل من عشرة أيام فعليك القصر. وإن لم تدر ما مقامك بها، تقول: أخرج اليوم وغدا، فعليك أن تقصر إلى أن تمضي ثلاثون يوما، ثم تتم بعد ذلك ولو صلاة واحدة (8). وإن نويت المقام عشرة أيام وصليت صلاة واحدة بتمام، ثم بدا لك في المقام وأردت الخروج، فأتمم ما دام لك المقام (بعد ما نويت المقام عشرة أيام وتممت الصلاة والصوم) (9). ومتى وجب عليك التقصير في الصلاة أو التمام، لزمك في الصوم مثله (10).


1 – في نسخة ” ش “: ” روي “.
2 – كذا في النسختين، ولعله تصحيف، صحته (الحير) أو (الحائر)، وهو الحائر الحسيني الشريف.
3 – ورد مؤداه في التهذيب 5: 431 / 1495، 1499، والاستبصار 2: 335 / 1192.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 281 / 1276، 1277 و 288 / 1314، والمقنع: 37، والهداية: 38 والكافي 3: 438 / 8 و 436 / 1، والاستبصار 1: 232 / 826 و 827.
5 – في نسخة ” ض “: ” تممت “.
6 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 280 / 1270، والهداية: 33.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 280 / 1269، والهداية: 33، والتهذيب 3: 207 / 494 – 496 والاستبصار 1: 223 / 790 – 792. 8 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 280 / 1270.
9 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “، وورد مؤداه في الفقيه 1: 280 / 1271، والتهذيب 3: 221 / 553، والاستبصار 1: 238 / 851.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 280 / 1270، والمقنع: 7 3 و 62، والتهذيب 3: 220 / 551.

[ 162 ]

وإن دخلت قرية ولك بها حصة فأتم الصلاة (1). وإن خرجت من منزلك، فقصر إلى أن تعود إليه (2). واعلم أن المتم في السفر كالمقصر في الحضر (3). ولا يحل التمام في السفر، إلا لمن كان سفره لله عز وجل معصية، أو سفرا إلى صيد. ومن خرج إلى صيد، فعليه التمام إذا كان صيده بطرا وأشرا (4)، (5)، وإذا كان صيده للتجارة، فعليه التمام في الصلاة والتقصير في الصوم (6). وإذا كان صيده اضطرارا ليعود به على عياله، فعليه التقصير في الصلاة والصوم (7). ولو أن مسافرا ممن يجب عليه القصر (8) مال من طريقه إلى الصيد، لوجب عليه التمام بطلب الصيد، فإن رجع بصيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير (9). فإن فاتتك الصلاة في السفر وذكرتها في الحضر، فاقض صلاة السفر ركعتين كما فاتتك وإن فاتتك في الحضر فذكرتها في السفر، فاقضها أربع ركعات صلاة الحضر كما فاتتك (10). وإن خرجت من منزلك وقد دخل عليك (وقت الصلاة) (11) ولم تصل حتى


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 288 / 1310، والتهذيب 3: 212 / 518 و 213 / 520، والاستبصار 1: 0 23 / 819 و 231 / 821.
2 – الفقيه 1: 279 / 1268.
3 – الفقيه 1: 281 / 1274، والمقنع: 37، والهداية: 33.
4 – في نسخة ” ض “: ” أو شرها “.
5 – ورد باختلاف يسير في المقنع: 37، والهداية: 33.
6 – قال العلامة في المختلف: 1 16: ” قال الشيخ في النهاية: لو كان الصيد للتجارة وجب عليه التقصير في الصوم والإتمام في الصلاة، وهو اختيار المفيد، وعلي بن بابويه. “.
7 – ورد باختلاف يسير في المقنع: 37 والهداية: 33، من ” وإذا كان صيده اضطرارا “.
8 – ليس في نسخة ” ض “.
9 – الفقيه 1: 288 / 1314.
10 – ورد باختلاف يسير في المقنع: 38.
11 – في نسخة ” ش “: ” الوقت “.

[ 163 ]

خرجت فعليك التقصير، وإن دخل عليك وقت الصلاة وأنت في السفر، ولم تصل حتى تدخل أهلك فعليك التمام، إلا أن يكون قد فاتك الوقت، فتصلي ما فاتك مثل ما فاتك، من صلاة الحضر في السفر، وصلاة السفر في الحضر (1). وإن كنت صليت في السفر صلاة تامة، فذكرتها وأنت في وقتها فعليك الإعادة، وإن ذكرتها بعد خروج الوقت فلا شئ عليك (2) وإن أتممتها بجهالة، فليس عليك فيما مضى شئ ولا إعادة عليك، إلا أن تكون قد سمعت بالحديث (3). وإن قصرت في قريتك ناسيا، ثم ذكرت وأنت في وقتها أو في غير وقتها، فعليك قضاء ما فاتك منها. واعلم أن المقصر لا يجوز له أن يصلي خلف المتم، ولا يصلي المتم خلف المقصر. وإن ابتليت مع قوم لا تجد منهم بدا من أن تصلي معهم، فصل معهم ركعتين وسلم وامض لحاجتك لو تشاء، وإن خفت على نفسك، فصل معهم الركعتين الأخيرتين (4) واجعلها تطوعا (5). وإن كنت متما صليت خلف المقصر، فصل معه ركعتين، فإذا سلم فقم وأتمم صلاتك. وإن أردت أن تصلي نافلة وأنت راكب، فاستقبل القبلة رأس دابتك حيث توجه بك، مستقبل القبلة أو مستدبرها يمينا وشمالا. وإن (6) صليت فريضة على ظهر دابتك، استقبل القبلة بتكبير الافتتاح ثم امض حيث توجهت بك دابتك تقرأ فإذا أردت الركوع والسجود، استقبل القبلة واركع واسجد على شئ يكون معك مما يجوز عليه السجود.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 283 / 1288 و 284 / 1289، والتهذيب 3: 222 / 557 و 558، والاستبصار 1: 239 / 853 و 240 / 856.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 281 / 1275، والمقنع: 38، والكافي 3: 435 / 6، والتهذيب 3: 225 / 569 و 570.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 279 / 1266، والمراد بالحديث: ” التفرقة بين الجاهل والناسي “.
4 – في نسخة ” ض “: ” الأخرتين “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 259 / 1180 و 1181، والتهذيب 3: 164 / 355، والاستبصار 1: 426 / 1643، من ” واعلم أن المقصر. “.
6 – في نسخة ” ش “: ” وإذا “.

[ 164 ]

ولا تصليها إلا في حال الاضطرار جدا، وتفعل فيها مثله إذا صليت ماشيا، إلا أنك إذا أردت السجود سجدت على الأرض (1). والمريض يصلي كيف ما يمكنه، ويقصر في مرضه، وعليه القضاء إذا صح، وروي: أن من صام في مرضه أو في سفره أو أتم الصلاة، فعليه القضاء إلا أن يكون جاهلا فيه، فليس عليه شئ وبالله التوفيق.


1 – أورده الصدوق باختلاف يسير في الفقيه 1: 181 عن رسالة أبيه. من ” وإن أردت أن تصلي. “.

[ 165 ]

2 2 باب غسل الميت وتكفينه إذا حضرت الميت الوفاة فلقنه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله (1) والإقرار بالولاية لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام واحدا واحدا (2). ويستحب أن يلقن كلمات الفرج، وهي: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن و ما بينهن ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. ولا تحضر الحائض ولا الجنب عند التلقين، فإن الملائكة تتأذى بها (3). ولا بأس بأن يليا غسله ويصليا عليه، ولا ينزلا قبره (4). فإن حضرا ولم يجدا من ذلك بدا، فليخرجا إذا قرب خروج نفسه (5). وإذا اشتد عليه نزع روحه، فحوله إلى المصلى الذي كان يصلي فيه أو عليه، وإياك أن تمسه. وإن وجدته يحرك يديه أو رجليه أو رأسه، فلا تمنعه من ذلك كما (يفعل جهال) (6) الناس. ثم ضعه على مغتسله من قبل أن تنزع قميصه، وتضع على فرجه خرقة، وتلين


1 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 79 / 353.
2 – في نسخة ” ش “: ” بعد واحد “. وورد مؤداه في الكافي 3: 123 / 6.
3 – الهداية: 23، وورد في المقنع: 17 باختلاف يسير.
4 – المقنع: 17. 5 – المقنع: 17، والهداية: 23.
6 – في نسخة ” ش “: ” يفعله الجهال من “.

[ 166 ]

مفاصله، ثم تقعده فتغمز بطنه غمزا رفيقا، وتقول وأنت تمسحه: اللهم إني سلكت حب محمد صلى الله عليه وآله في بطنه، فاسلك به سبيل رحمتك، ويكون مستقبل القبلة (1). ويغسله أولى الناس به، أو من يأمره (2) الولي بذلك (3). وتجعل باطن رجليه إلى القبلة وهو على المغتسل، وتنزع قميصه من تحته أو تتركه عليه إلى أن تفرغ من غسله ليستر به عورته، (وإن لم يكن عليه القميص ألقيت على عورته شيئا مما يستر به عورته) (4) وتلين أصابعه ومفاصله ما قدرت بالرفق وإن كان يصعب عليك فدعه (5). وتبدأ بغسل كفيه، ثم تطهر ما خرج من بطنه، ويلف غاسله على يده خرقة، و يصب غيره الماء من فوق يديه (6)، ثم تضجعه، ويكون غسله من وراء ثوبه إن استطعت ذلك (7). ثم تبدأ برأسه فتغسله بالماء غسلا نظيفا (ثم اغسل جسده كله إلى رجليه بالحرض (8) و السدر غسلا نظيفا) (9) وتدخل يدك تحت الثوب وتغسل قبله، ودبره بثلاث حميديات (10)، ولا تقطع الماء عنه. ثم تغسل رأسه ولحيته برغوة السدر، وتتبعه بثلاث حميديات، ولا تقعده إن صعب عليك. ثم اقلبه على جنبه الأيسر ليبدو لك الأيمن، ومد يدك اليمنى على جنبه الأيمن إلى حيث تبلغ.


1 – ورد مضمونه في الهداية: 24، والكافي 3: 140 / 5، والتهذيب 1: 301 / 877. من ” ثم ضعه. “.
2 – في نسخة ” ض “: ” يأمر به “.
3 – الفقيه 1: 86 / 394، والهداية: 23.
4 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
5 – الهداية: 24 باختلاف في ألفاظه.
6 – في نسخة ” ش “: ” سرته “.
7 – ورد مضمونه في الهداية: 24 عن رسالة أبيه، والكافي 3: 138 / 1، والتهذيب 1: 299 / 874.
8 – الحرض: بضم الراء وسكونها: الأشنان سمي بذلك لأنه يهلك الوسخ ” مجمع البحرين – حرض – 4: 200 “.
9 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
10 – الحميديات: واحدها حميد، وهو إبريق كبير ” مجمع البحرين – حمد – 3: 40 “.

[ 167 ]

ثم اغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه، فإذا بلغت وركه فأكثر من صب الماء وإياك أن تتركه. ثم اقلبه إلى جنبه الأيمن ليبدو لك الأيسر، وضع يديك اليسرى على جنبه الأيسر واغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه، ولا تقطع الماء عنه. ثم اقلبه إلى ظهره، وامسح بطنه مسحا رفيقا واغسله مرة أخرى بماء وشئ من الكافور، واطرح فيه شيئا من الحنوط مثل غسل الأول. ثم خضخض الأواني التي فيها الماء، واغسله الثالثة بماء قراح (1)، ولا تمسح بطنه في الثالثة. وقل وأنت تغسله: عفوك عفوك، فإنه من قالها عفا الله عنه (2). وعليك بأداء الأمانة، فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه: (من غسل ميتا مؤمنا فأدى الأمانة غفر له)، قيل: وكيف يؤدي الأمانة؟ قال: ” لا يخبر بما يرى ” (3). فإذا فرغت من الغسلة الثالثة، فاغسل يديك من المرفقين إلى أطراف أصابعك، وألق عليه ثوبا تنشف به الماء عنه. ولا يجوز أن يدخل الماء ما ينصب عن الميت من غسله في كنيف، ولكن يجوز أن يدخل في بلاليع لا يبال فيها أو في حفيرة. ولا تقلم أظافيره، ولا تقص شاربه، ولا شيئا من شعره، فإن سقط منه شئ من جلده فاجعله معه في أكفانه (4). ولا تسخن له ماءا، إلا أن يكون الماء باردا جدا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك (5)، ولا يكون الماء حارا شديدا، وليكن فاترا (6). ثم تضعه في أكفانه، واجعل معه جريدتين: أحدهما عند ترقوته تلصقها بجلده


1 – الماء القراح: هو الماء الخالص الذي لا يمازجه شئ ” القاموس المحيط – قرح – 1: 242 “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الهداية: 24 عن رسالة أبيه. والفقيه 1: 90 / 418.
3 – الفقيه 1: 85 / 391، والمقنع: 19، والهداية: 24.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 91 / 418.
5 – الفقيه 1: 86 / 397 و 398 باختلاف يسير.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 322 / 939.

[ 168 ]

ثم تمد عليه قميصه، والأخرى عند وركه (1). وروي: أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم الذراع، تضع واحدة عند ركبتيه تلصق إلى الساق وإلى الفخذين، والأخرى تحت أبطه الأيمن، ما بين القميص والإزار. وإن لم تقدر على جريدة من نخل، فلا بأس أن يكون من غيره بعد أن يكون رطبا. وتلفه في إزاره وحبرته، وتبدأ بالشق الأيسر وتمد على الأيمن، ثم تمد الأيمن (2) على الأيسر، وإن شئت لم تجعل الحبرة (3) معه حتى تدخله القبر فتلقيه عليه، ثم تعممه و تحنكه، فتثني على رأسه بالتدوير، وتلقي فضل الشق الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، ثم تمد على صدره، ثم يلفف باللفافة. وإياك أن تعممه عمة الأعرابي وتلقي طرفي العمامة على صدره. وقبل أن تلبسه قميصه، تأخذ شيئا من القطن وتجعل عليه حنوطا وتحشو به دبره، وتضع شيئا من القطن على قبله وتكثر عليه من الحنوط، وتضم رجليه جميعا، و تشد فخذيه إلى وركه بالمئزر شدا جيدا، لئلا يخرج منه شئ. فإذا فرغت من كفنه، حنطه بوزن ثلاثة عشر درهما وثلث من الكافور، وتبدأ بجبهته، وتمسح مفاصله كلها به، وما بقي منه على صدره وفي وسط راحته ولا تجعل في فمه ولا في منخريه ولا في عينيه، ولا في مسامعه، ولا على وجهه، قطنا ولا كافورا. فإن لم تقدر على هذا المقدار كافورا فأربعة دراهم، فإن لم تقدر فمثقال، لا أقل من ذلك لمن وجده. ثم احمله على سريره، وإياك أن تقول: (ارفقوا به) (4) وترحموا عليه، أو تضرب يدك على فخذك، فإنه يحبط أجرك عند المصيبة (5). ولا تتركه وحده، فإن الشيطان يعبث به في جوفه (6).


1 – المختلف: 44، عن علي بن بابويه.
2 – ليس في نسخة ” ض “.
3 – في نسخة ” ش “: ” الجريدة “.
4 – في نسخة ” ش “: ” إرحموا به وارفقوا عليه “.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 91 / 418.
6 – الفقيه 1: 86 / 399، وعن رسالة أبيه في علل الشرائع: 307.

[ 169 ]

ولا بأس أن تغسله في فضاء، وإن سترت بشئ أحب إلي (1). وإن حضر قوم مخالفون، فاجهد أن تغسله غسل المؤمن، واخف عنهم الجريدة (2). فإن خرج منه شئ بعد الغسل، فلا تعد غسله، ولكن اغسل ما أصاب من الكفن إلى أن تضعه في لحده، فإن خرج منه شئ في لحده لم تغسل كفنه، ولكن قرضت من كفنه ما أصاب من الذي خرج منه، ومددت أحد الثوبين على الآخر (3). ولا تكفنه في كتان ولا ثوب إبريسم، وإذا كان ثوب معلم (4) فاقطع علمه، ولكن كفنه في ثوب قطن، ولا بأس في ثوب صوف (5). ولا بأس أن ينظر الرجل إلى امرأته بعد الموت، وتنظر المرأة إلى زوجها، ويغسل كل واحد صاحبه إذا ماتا (6). وإن مس ثوبك ميتا فاغسل ما أصاب (7). وإذا حضرت جنازة، فامش خلفها ولا تمش أمامها، وإنما يؤجر من تبعها لا من تبعته (8). وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام: ” أن المؤمن إذا دخل قبره ينادى: ألا إن أول حبائك الجنة، وأول حباء من تبعك المغفرة ” (9). وقال عليه السلام: اتبعوا الجنازة، ولا تتبعكم فإنه من عمل المجوس (10). وأفضل الشئ في اتباع الجنازة ما بين جنبي الجنازة، وهو مشي الكرام


1 – الفقيه 1: 86 / 0 40، الكافي 3: 142 / 6، التهذيب 1: 431 / 1379، باختلاف في الألفاظ.
2 – الفقيه 1: 88 / 407، باختلاف في الألفاظ.
3 – الفقيه 1: 92 / 418.
4 – الثوب المعلم: هو الثوب الذي عليه نقش، ولعله كانت عادتهم أن ينقشوه بالإبريسم في أطرافه. انظر ” لسان العرب – علم – 12: 420 “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 89 / 413.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 89 / 401، والكافي 3: 7 15 / 2، والتهذيب 1: 439 / 1417.
7 – الكافي 3: 161 / 7، باختلاف يسير في الألفاظ.
8 – المقنع: 19.
9 – الفقيه 1: 99 / 7، والهداية: 25، والكافي 3: 172 / 1، وفيها عن أبي جعفر عليه السلام.
10 – المقنع: 19.

[ 170 ]

الكاتبين (1). ولا تترك تشييع جنازة المؤمن، فإن فيه فضلا كثيرا (2). وربع الجنازة، فإن من ربع جنازة مؤمن حط عنه خمس وعشرون كبيرة، فإذا أردت أن تربعها، فابدأ بالشق الأيمن فخذه بيمينك، ثم تدور إلى المؤخر فتأخذه بيمينك، ثم تدور إلى المؤخر الثاني وتأخذه بيسارك، ثم تدور إلى المقدم الأيسر فتأخذه بيسارك، ثم تدور على الجنازة (كدور كفي) (3) الرحا (4). وإذا حملته إلى قبره فلا تفاجئ به القبر، فإن للقبر أهوالا عظيمة، ونعوذ بالله من هول المطلع، ولكن ضعه دون شفير القبر واصبر عليه هنيهة (5) ثم قدمه إلى شفير القبر، (ويدخله القبر) (6) من يأمره ولي الميت، إن شاء شفعا وإن شاء وترا. وقل إذا نظرت إلى القبر: اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة، ولا تجعلها حفرة من حفر النيران (7). فإذا دخلت القبر، فاقرأ (أم الكتاب) و (المعوذتين) و (آية الكرسي) (8)، فإذا توسطت المقبرة فاقرأ (ألهيكم التكاثر)، واقرأ (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) (9). فإذا تناولت الميت فقل: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة، وحل عقد كفنه، وضع خده على التراب، وقل: اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وأصعد إليك روحه، ولقه منك


1 – الكافي 3: 170 / 6، والتهذيب 1: 312 / 904، باختلاف في الألفاظ.
2 – ورد مؤداه في الهداية: 25، والفقيه 1: 99 / 456. 3 – في نسخة ” ش “: ” كدورك في كفي “، وفي نسخة ” ض “: ” كدورك في الرحا “، وما أثبتناه من البحار 81: 276.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 168 / 4.
5 – في نسخة ” ش “: ” هنيئة “.
6 – ليس في نسخة ” ض “.
7 – الفقيه 1: 107 / 497 باختلاف يسير.
8 – الفقيه 1: 108 عن رسالة أبيه.
9 – طه 20: 55.

[ 171 ]

رضوانا (1). ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن، وضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر، وتحركه تحريكا شديدا، وتقول: يا فلان بن فلان، الله ربك، ومحمد نبيك، والإسلام دينك وعلي وليك وإمامك – وتسمي الأئمة واحدا بعد واحد إلى آخرهم عليهم السلام – ثم تعيد عليه (2) التلقين مرة أخرى (3). فإذا وضعت عليه اللبن فقل: اللهم آنس وحشته، وصل وحدته برحمتك، اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك، نزل بساحتك، وأنت خير منزول به، اللهم إن كان محسنا فزد (4) في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه (5) واغفر له إنك أنت الغفور الرحيم (6). وإن كانت امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد، وتأخذ الرجل من قبل رجليه تسله سلا فإذا أدخلت المرأة القبر وقف زوجها من موضع يتناول وركها (7). فإذا خرجت من القبر، فقل وأنت تنفض يديك من التراب: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات وقل: اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فإنه من فعل ذلك، وقال هذه الكلمات (8)، كتب الله له بكل ذرة حسنة. فإذا استوى قبره، فصب عليه ماءا، وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة، و تبدأ بصب الماء من عند رأسه، وتدور به على القبر، ثم من أربع جوانب القبر (9) حتى ترجع من غير أن تقطع الماء، فإن فضل من الماء شئ فصبه على وسط القبر (10)


1 – الفقيه 1: 108 عن رسالة أبيه، والهداية: 27. من ” فإذا تناولت الميت. “.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – الفقيه 1: 108 / 500، والهداية: 37.
4 – في نسخة ” ض “: ” فزده “.
5 – في نسخة ” ش “: ” عن سيئاته “.
6 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 108 / 500.
7 – الفقيه 1: 108 / 499 باختلاف يسير.
8 – في نسخة ” ض “: ” الكلمة “.
9 – ليس في نسخة ” ش “، وفي نسخة ” ض “: ” ثم ارفع جوانب القبر ” وما أثبتناه من البحار 82: 14 / 30.
10 – الفقيه 1: 109 / 500، والهداية: 27 باختلاف يسير.

[ 172 ]

ثم ضع يدك على القبر وأنت مستقبل القبلة، وقل: اللهم ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وآمن روعته، وأفض عليه من رحمتك، وأسكن إليه من برد عفوك وسعة غفرانك ورحمتك، رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، واحشره مع من كان يتولاه، ومتى ما زرت قبره، فادع له، بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على القبر (1). وعز وليه، فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” من عزى أخاه المؤمن كسي في الموقف حلة ” (2). ويستحب أن يتخلف عند (3) رأسه أولى الناس به، بعد (4) انصراف الناس عنه، ويقبض على التراب بكفيه، ويلقنه برفع صوته، (فإنه إذا) (5) فعل ذلك كفي المسألة في قبره (6). والسنة في أهل المصيبة أن يتخذ لهم ثلاثة أيام طعام، لشغلهم (7) في المصيبة (8). وإن كان المعزى يتيما فامسح يدك على رأسه، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ” من مسح يده على رأس يتيم ترحما له كتب الله له بكل شعرة مرت عليه يده حسنة ” (9). وإن وجدته باكيا فسكته بلطف ورفق، فإنه أروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: إذا بكى اليتيم اهتز له العرش، فيقول الله تبارك وتعالى: من هذا الذي بكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره وعزتي وجلالي، وارتفاعي في مكاني، لا أسكته عبد


1 – الفقيه 1: 108 / 500 باختلاف يسير.
2- في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” بحلة ” وما أثبتناه من البحار 82: 80 عن فقه الرضا عليه السلام، وقد ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 110 / 502، والهداية: 28.
3 – في نسخة ” ض “: ” عن “.
4 – في نسخة ” ش “: ” عند “.
5 – في نسخة ” ش “: ” فإذا “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 109 / 501، والكافي 3: 201 / 11، والتهذيب 1: 321 / 935.
7 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” يشغلهم ” وما أثبتناه من البحار 82: 80 عن فقه الرضا عليه السلام.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 116 / 549، والكافي 3: 217 / 1.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 119 / 569 و 570.

[ 173 ]

مؤمن إلا أوجبت له الجنة (1). وإذا أردت أن تغسل ميتا وأنت جنب فتوضأ وضوء الصلاة ثم اغسله وإذا أردت الجماع بعد غسلك الميت من قبل أن تغتسل من غسله فتوضأ ثم جامع (2). وإن مات ميت بين رجال نصارى ونسوة مسلمات، غسله الرجال النصارى بعد ما يغتسلون (3). وإن كان الميت امرأة مسلمة بين رجال مسلمين ونسوة نصرانية، اغتسلت النصرانية وغسلتها (4). وإن كان الميت مجدورا أو محترقا، فخشيت إن مسسته سقط من جلوده شيئا، فلا تمسه ولكن صب عليه الماء صبا، فإن سقط منه شئ فاجمعه في أكفانه (5). وإن كان الميت أكيلة (6) السبع، فاغسل ما بقى منه، فإن لم يبق منه إلا عظام، جمعتها وغسلتها وصليت عليها ودفنتها (7). وإن كان الميت مصعوقا (8) أو غريقا أو مدخنا، صبرت عليه ثلاثة أيام، إلا أن يتغير قبل ذلك، فإن تغير غسلته وحنطته وصليت عليه ودفنته (9). وإن مات في سفينة فاغسله وكفنه وثقل رجليه وألقه في البحر (10). ومتى مسست ميتا قبل الغسل بحرارته فلا غسل عليك، فإن مسسته بعد ما برد فعليك الغسل (11).


1 الفقيه 1: 119 / 573.
2 – ورد مؤداه في الكافي 3: 250 / 1، والتهذيب 1: 448 / 1450.
3 – في نسخة ” ش “: ” يغسلون ” وقد ورد مضمونه في الفقيه 1: 95 / 439، والكافي 3: 159 / 12.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 97 / 450، والكافي 3: 159 / 12.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 333 / 975 و 976.
6 – في نسخة ” ض “: ” أكله “.
7 – المختلف: 46 عن علي بن بابويه.
8 – في نسخة ” ش “: مطعونا.
9 – ورد مؤداه في الكافي 3: 209 / 1 و 210 / 5 و 6، والتهذيب 1: 337 / 988 و 338 / 990 و 991 و 992.
0 1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 3: 214 / 2، والتهذيب 1: 339 / 993
. 1 1 – ورد مؤداه في الكافي 3: 160 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 1: 428 / 1364 و 429 / 5 136 و 1366 و 1367، والاستبصار 1: 99 / 321 و 322 و 100 / 324.

[ 174 ]

وإن مسست شيئا من جسد أكيلة السبع، فعليك الغسل إن كان فيما مسست عظم، وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسه (1). وإن (2) مسست ميتة فاغسل يديك، وليس عليك غسل، إنما يجب عليك ذلك في الانسان وحده (3). وإذا كان الميت محرما غسلته (وكفنته وصليت عليه) (4) وغطيت وجهه، و عملت به ما تعمل بالحلال، إلا أنه لا يقرب إليه كافور (5). وإن كان الميت قتيل المعركة في طاعة الله، لم يغسل ودفن في ثيابه التي قتل فيها بدمائه، ولا ينزع منه من ثيابه إلا مثل الخف، والمنطقة والفروة وتحل تكته، وإن أصابه شئ من دمه لم ينزع عنه شئ إلا أنه يحل المعقود. ولم يغسل إلا أن يكون به رمق ثم يموت بعد ذلك، فإذا مات بعد ذلك غسل كما يغسل الميت، وكفن كما يكفن الميت، ولا يترك عليه شئ من ثيابه (6). وإن كان قتيل في معصية الله، غسل كما يغسل الميت، وضم رأسه إلى عنقه ويغسل مع البدن كما وصفناه في باب الغسل فإذا فرغ من غسله، جعل على عنقه قطنا وضم إليه الرأس، وشد مع العنق شدا شديدا (7). وإذا ماتت المرأة وهي حامل وولدها يتحرك في بطنها، شق بطنها من الجانب الأيسر وأخرج الولد، وإن مات الولد في جوفها ولم يخرج، أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه (8)، وروي أنها تدفن مع ولدها إذا مات في بطنها.


1 – ورد مؤداه في الكافي 3: 212 / 4، والتهذيب 1: 429 / 1369، والاستبصار 1: 0 10 / 325.
2 – في نسخة ” ش “: ” وإذا “.
3 – ورد مؤداه في علل الشرايع: 8 26، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 114، والكافي 3: 161 / 4، والتهذيب 1: 430 / 1374 و 431 / 1375.
4 – في نسخة ” ض “: ” وحنطته “.
5 – ورد مؤداه في الكافي 4: 368 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 1: 330 / 965 و 966.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 97 / 447، والكافي 3: 210 / 1 و 211 / 2 و 3، والتهذيب 1: 331 / 969 و 970.
7 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 448 / 1449.
8 – ورد مؤداه في الكافي 3: 206 / 2، والتهذيب 1: 344 / 1008.

[ 175 ]

وإذا (1) اغتسلت من غسل الميت، فتوضأ ثم اغتسل كغسلك من الجنابة، وإن نسيت الغسل فذكرته بعد ما صليت، فاغتسل وأعد صلاتك (2). واعلم: أن غسل الجمعة سنة واجبة، لا تدعها في السفر ولا في الحضر، و يجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر، وكلما قرب من الزوال فهو أفضل. فإذا فرغت منه فقل: اللهم طهرني وطهر قلبي، وانق غسلي، وأجر على لساني ذكرك وذكر نبيك محمد (3) صلى الله عليه وآله، واجعلني من التوابين ومن المتطهرين. وإن نسيت الغسل، ثم ذكرت وقت العصر أو من الغد فاغتسل (4). واغتسل يوم عرفة قبل الزوال (5). وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما، غسل وحنط وكفن ودفن، وإن لم يكن تاما (6) فلا يغسل ويدفن بدمه، وحد إتمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر (7). وإن كان الميت مرجوما، بدئ بغسله وتحنيطه وتكفينه ثم رجم بعد ذلك، و كذلك القاتل إذا أريد قتله قودا. وإن كان الميت مصلوبا، أنزل من خشبته بعد ثلاثة أيام وغسل ودفن، ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (8). والسنة أن القبر يرفع أربعة أصابع مفرجة من الأرض (9) وإن كان أكثر فلا بأس (10)، ويكون مسطحا لا أن (11) يكون مسنما (12).


1 – في نسخة ” ش “: ” وإن “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 46 / 177، والتهذيب 1: 447 / 6 144 و 1447.
3 – ليس في نسخة ” ش “.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 61 / 227 و 228.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 110 / 290.
6 – ليس في نسخة ” ش “.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 208 / 5، والتهذيب 1: 328 / 960 و 329 / 2 96.
8 – الفقيه 1: 96 / 443 باختلاف يسير.
9 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 0 30 / 876، والكافي 3: 140 / 3.
10 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 469 / 1538.
11 – ليس في نسخة ” ض “.
12 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 459 / ذيل الحديث 7 149.

[ 176 ]

وإذا رأيت الجنازة فقل: الله أكبر الله أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، كل نفس ذائقة الموت، هذا سبيل لا بد منه، إنا لله وإنا إليه راجعون، تسليما لأمره، ورضاء بقضائه، واحتسابا لحكمه، وصبرا لما قد جرى علينا من حكمه، اللهم اجعله لنا خير غائب ننتظره (1).


1 – ورد قسم من فقرات الدعاء في الكافي 3: 167 / 3.

[ 177 ]

3 2 – باب الصلاة على الميت واعلم أن أولى الناس بالصلاة على الميت الولي، أو من قدمه الولي، فإن كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحق بالصلاة إذا قدمه الولي، فإن تقدم من غير أن يقدمه الولي فهو غاصب (1). فإذا صليت على جنازة مؤمن، فقف عند صدره أو عند وسطه، وارفع يديك بالتكبير الأول وكبر وقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده و رسوله، وأن الموت حق، والجنة حق، والنار حق، والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. ثم كبر الثانية وقل: اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، أفضل ما صليت وباركت، ورحمت وترحمت، وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد. ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم اغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، تابع بيننا وبينهم بالخيرات، إنك مجيب الدعوات وولي الحسنات، يا أرحم الراحمين. ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم إن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، نزل بساحتك وأنت خير منزول به، اللهم إنا (2) لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه إحسانا (3)، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، واغفر لنا وله، اللهم احشره


1 الفقيه 1: 102 عن رسالة أبيه، والمقنع: 20 باختلاف يسير.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 178 ]

مع من يتولاه ويحبه، وأبعده ممن يتبراه ويبغضه، اللهم ألحقه بنبيك وعرف بينه وبينه (1)، و ارحمنا إذا توفيتنا (يا أرحم الراحمين) (2). ثم تكبر الخامسة وتقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (3). ولا تسلم ولا تبرح من مكانك حتى ترى الجنازة على أيدي الرجال (4). وإذا كان الميت مخالفا فقل في تكبيرك الرابعة: اللهم اخز عبدك وابن عبدك هذا، اللهم أصله نارك، اللهم أذقه أليم عقابك وشديد عقوبتك، وأورده نارا واملأ جوفه نارا، وضيق عليه لحده، فإنه كان معاديا لأوليائك ومواليا لأعدائك، اللهم لا تخفف عنه العذاب واصبب عليه العذاب صبا. فإذا رفع جنازته فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه (5). واعلم أن الطفل لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة، فإذا حضرت مع قوم يصلون عليه فقل: اللهم اجعله لأبويه ولنا ذخرا ومزيدا وفرطا (6) وأجرا (7). وإذا صليت على مستضعف فقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإذا لم تعرف مذهبه فقل: اللهم هذه النفس أنت أحييتها وأنت أمتها، دعوت فأجابتك، اللهم ولها ما تولت، واحشرها مع من أحبت، وأنت أعلم بها (8). فإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم المرأة إلى القبلة، واجعل المملوك بعدها، واجعل الغلام بعد المملوك والرجل بعد الغلام مما يلي الإمام، ويقف


1 – في نسخة ” ش “: ” وبين نبيه “.
2 – في نسخة ” ض “: ” يا إله العالمين “.
3 – الفقيه 1: 101 / 469، والمقنع: 20 باختلاف في ألفاظه.
4 – الفقيه 1: 101 / 469.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 5 10 / 490 و 491.
6 – الفرط: هو الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم الدلاء ويستقي لهم، ومنه قيل للطفل الميت: اللهم اجعله لنا فرطا، أي أجرا يتقدمنا حتى نرد عليه. ” الصحاح – فرط – 3: 1148 “.
7 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 104 / 486، والمقنع: 21.
8 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 106 / 491، والمقنع: 21.

[ 179 ]

الإمام خلف الرجل في وسطه، ويصلي عليهم جميعا صلاة واحدة (1). وإذا صليت على الميت وكانت الجنازة مقلوبة، فسوها وأعد الصلاة عليها ما لم يدفن (2). فإذا فاتك مع الإمام بعض التكبير ورفعت الجنازة، فكبر عليها تمام الخمس وأنت مستقبل القبلة (3). وإن كنت تصلي على الجنازة وجاءت الأخرى فصل عليهما صلاة واحدة بخمس تكبيرات، وإن شئت استأنفت على الثانية (4). ولا بأس أن يصلي الجنب على الجنازة، والرجل على غير وضوء، والحائض، إلا أن الحائض تقف ناحية ولا تخلط بالرجال (5)، وإن كنت جنبا وتقدمت للصلاة عليها، فتيمم أو توضأ وصل عليها (6). وقد كره أن يتوضأ إنسان عمدا (7) للجنازة، لأنه ليس بالصلاة إنما هو التكبير، والصلاة هي التي فيها الركوع والسجود (8). وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير (9). ولا يصلى (10) على الجنازة بنعل حذو (11). ولا يجعل ميتين على جنازة واحدة، فإن لم تلحق الصلاة على الجنازة حتى يدفن الميت، فلا بأس أن تصلي بعد ما دفن، وإذا صلى الرجلان على الجنازة، وقف


1 – الفقيه 1: 107، عن رسالة أبيه، والمقنع: 21.
2 – الفقيه 1: 102 / 470، والمقنع: 21 باختلاف يسير. 3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 102 / 471، والتهذيب 3: 325 / 1012، والاستبصار 1: 484 / 1877.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 102 / 470، والمقنع: 21.
5 – المقنع: 21 باختلاف يسير.
6 – الفقيه 1: 107 / 497 باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” متعمدا “.
8 – ورد مؤداه في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 115، والكافي 3: 178 / 1.
9 – الفقيه 1: 106 / 493.
10 – في نسخة ” ش “: ” تصل “.
11 – ليس في نسخة ” ش ” وفي نسخة ” ض “: ” حد “، وما أثبتناه من البحار 81: 354، ومنه ” لا تصل على الجنازة بنعل حذو ” أي نعل يحتذي به ” مجمع البحرين 1: 97 “.

[ 180 ]

أحدهما خلف الآخر ولا يقوم بجنبه (1).


1 – الفقيه 1: 106 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.

[ 181 ]

24 باب آخر في غسل الميت والصلاة عليه إعلم يرحمك الله أن تجهيز الميت فرض واجب على الحي، عودوا مرضاكم وشيعوا جنازة موتاكم، فإنها من خصال الايمان، وسنة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم، تؤجرون على ذلك ثوابا عظيما فإذا حضر (أحدكم الموت) (1) فاحضروا عنده بالقرآن، وذكر الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله. وغسل الميت مثل غسل الحي من الجنابة، إلا أن غسل الحي مرة واحدة بتلك الصفات، وغسل الميت ثلاث مرات على تلك الصفات، تبتدئ بغسل (2) اليدين إلى نصف المرفقين ثلاثا ثلاثا (3) ثم الفرج ثلاثا ثم الرأس ثلاثا، ثم الجانب الأيمن ثلاثا ثم الجانب الأيسر ثلاثا، بالماء والسدر. ثم تغسله مرة أخرى بالماء والكافور على هذه الصفة، ثم بالماء القراح مرة ثالثة، فيكون الغسل ثلاث مرات، كل مرة خمسة عشر صبة. ولا تقطع الماء إذا ابتدأت بالجانبين من الرأس إلى القدمين، فإن كان الاناء يكبر عن ذلك وكان الماء قليلا، صببت في الأول مرة واحدة على اليدين، ومرة على الفرج، ومرة على الرأس، ومرة على الجنب الأيمن، ومرة على الجنب الأيسر، بإفاضة لا يقطع الماء من أول الجانبين إلى القدمين، ثم عملت ذلك في سائر الغسل، فيكون غسل كل مرة واحدة على ما وصفناه. ويكون الغاسل على يديه خرقة، ويغسل الميت من وراء ثوب أو يستر عورته بخرقة.


1 – في نسخة ” ض “: ” أحدهم الوفاة “.
2 – في نسخة ” ش “: ” تغسل “.
3 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 182 ]

فإذا فرغت من غسله حنطه بثلاثة عشر درهما وثلث درهم كافورا تجعل في المفاصل، ولا تقرب السمع والبصر، وتجعل في موضع سجوده. وأدنى ما يجزيه من الكافور مثقال ونصف (1). ثم يكفن بثلاث قطع وخمس وسبع، فأما الثلاثة: مئزر وعمامة ولفافة، والخمس: مئزر وقميص وعمامة ولفافتان (2). وروي أنه لا يقرب الميت من الطيب شيئا ولا البخور، إلا الكافور، فإن سبيله سبيل المحرم (3). وروي إطلاق المسك فوق الكفن وعلى الجنازة (4) لأن في ذلك تكرمة للملائكة، فما من مؤمن يقبض روحه إلا تحضر عنده الملائكة. وروي أن الكافور يجعل في فمه وفي مسامعه وبصره ورأسه ولحيته وكذلك المسك وعلى صدره وفرجه. وقال (العالم عليه السلام) (5): الرجل والمرأة سواء، وقال العالم عليه السلام: غير أني أكره أن يجمر وتبع بالمجمرة (6)، ولكن يجمر الكفن. وقال العالم عليه السلام: تؤخذ خرقة فيشدها على مقعدته ورجليه، قلت: الإزار، قال العالم عليه السلام: إنها لا تعد شيئا، وإنما أمر بها لكي لا يظهر منه شئ. وذكر العالم عليه السلام أن ما جعل من القطن أفضل (7). وقال العالم عليه السلام: يكفن بثلاثة أثواب: لفافة، وقميص، وإزار (8). وذكر العالم عليه السلام أن عليا عليه السلام غسل النبي صلى الله عليه وآله


1 – التهذيب 1: 291 / 849 باختلاف يسير. من ” وأدنى ما يجزيه. “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 92 / 18.
3 – ورد مؤداه في الكافي 3: 147 / 3، والتهذيب 1: 295 / 863.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 143 / 3، والتهذيب 1: 7 30 / 889.
5 – ليس في نسخة ” ض “. وكذلك في الموارد الآتية.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 143 / 4. من ” وروي أن الكافور. “.
7 – ورد باختلاف يسير في الكافي 3: 144 / 9، والتهذيب 1: 308 / 894.
8 – الفقيه 1: 92 / 420 باختلاف يسير.

[ 183 ]

وسلم في قميصه (1) وكفنه في ثلاث أثواب: ثوبين صحاريين (2) وثوب حبرة يمنية (3). ولحد له أبو طلحة، ثم خرج أبو طلحة ودخل علي عليه السلام القبر، فبسط يده فوضع النبي صلى الله عليه وآله فأدخله اللحد. وقال العالم عليه السلام: إن عليا عليه السلام لما أن غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفرغ من غسله، نظر في عينه (4) فرأى فيها شيئا، فانكب عليه فأدخل لسانه فمسح ما كان فيها، فقال: ” بأبي وأمي يا رسول الله (صلى الله عليك) (5) طبت حيا وطبت ميتا “. قال العالم عليه السلام (6): وكتب أبي في وصيته: أن أكفنه في ثلاث أثواب: أحدها رداء له حبرة وكان يصلي فيه يوم الجمعة، وثوب آخر، وقميص، فقلت لأبي: لم تكتب هذا؟ فقال: إني أخاف أن يغلبك الناس، يقولون: كفنه بأربعة أثواب أو خمسة، فلا تقبل قولهم. وعصبته بعد بعمامة، وليس تعد العمامة من الكفن، إنما تعد مما يلف به الجسد، وشققنا له القبر شقا من أجل أنه كان رجلا بدينا وأمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات (7). وقال العالم عليه السلام (8): تتوضأ إذا أدخلت القبر الميت (9)، واغتسل إذا غسلته (10) ولا تغتسل إذا حملته. وإذا أردت أن تصلي على الميت فكبر عليه (11) خمس تكبيرات يقوم الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة، يرفع اليد بالتكبير الأول، ويقنت بين كل تكبيرتين،


1 – مختلف الشيعة: 44، وفيه: ” وقد تواترت الأخبار (عنهم) عليهم السلام أن عليا. “.
2 – نسبة إلى صحار قرية باليمن تنسب إليها الثياب. ” مجمع البحرين – صحر – 3: 361 “.
3 – ورد باختلاف يسير في الكافي 3: 143 / 2 والتهذيب 1: 291 / 850.
4 – في نسخة ” ض “: ” عينيه “.
5 – ليس في نسخة ” ش “.
6 – في نسخة ” ض “: ” قاله العالم عليه السلام “.
7 – التهذيب 1: 300 / 876 باختلاف يسير 8 – ليس في نسخة ” ض “، وكذا في الموارد الآتية.
9 – التهذيب 1: 321 / 934.
0 1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 98 / 451.
11 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 184 ]

والقنوت ذكر الله، والشهادتين، والصلاة على محمد وآله، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات، هذا في تكبيرة بغير رفع اليدين ولا تسليم، لأن الصلاة على الميت إنما هو دعاء وتسبيح واستغفار (1). وصاحب الميت لا يرفع الجنازة ولا يحثو التراب، ويستحب له أن يمشي حافيا حاسرا مكشوف الرأس. وروي أنه يعمل صاحب كل مصيبة فيها على مقدارها في نفسه، ومقدار مصيبته في الناس. ويصلي عليه أولى الناس به، فإذا وضعته عند القبر وجعلت رأس الميت مما يلي الرجلين، وينتظر هنيهة ثم يسل سلا رفيقا فيوضع في لحده، ويكشف وجهه ويلصق خده الأرض، ويلصق أنفه بحائط (2) القبر، ويضع يده اليمنى على أذنه (3). وروي يضع فمه على أذنه الذي يدفنه ويذكر ما يجب أن يذكر من الشهادتين، ويتبعه بالدعاء (4)، ويجعل معه في أكفانه شيئا من طين القبر وتربة الحسين ابن علي عليهما السلام (5). ويغتسل الغاسل، ويتوضأ الدافن إذا خرج من القبر (6). وتقول في التكبيرة الأولى (7) في الصلاة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد الله رب العالمين رب الموت والحياة، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته، وجزى الله محمدا عنا خير الجزاء، بما صنع لأمته، وما بلغ من رسالات ربه، ثم يقول: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيته بيدك، تخلى من الدنيا واحتاج إلى ما عندك، نزل بك وأنت خير منزول به، وافتقر إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه. اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 1 10 / 469، والمقنع: 20، والهداية: 25.
2 – في نسخة ” ش “: ” تجاه ” 3 – ورد مؤداه في المقنع: 20.
4 – ورد مؤداه في الكافي 3: 195 / 5 5 – ورد مؤداه في التهذيب 6: 75 / 149، والاحتجاج: 489.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 160 / 2، والتهذيب 1: 428 / 1364.
7 – في نسخة ” ض “: ” ويقول في تكبيرة الأول و “.

[ 185 ]

وأنت أعلم به منا (1)، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه (وتقبل منه) (2) وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه، وتجاوز عنه برحمتك، اللهم ألحقه بنبيك، وثبته بالقول الثابت في الدنيا والآخرة، اللهم أسلك بنا وبه سبيل الهدى، واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللهم (3) عفوك عفوك. ثم تكبر الثانية، وتقول مثل ما قلت، حتى تفرغ من خمس تكبيرات (4). وقال العالم عليه السلام: ليس فيها التسليم (5). فإذا أتيت به القبر فسله من قبل رأسه، فإذا وضعته في القبر فأقرأ آية الكرسي وقل: بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، اللهم افسح له في قبره، وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله. وقل كما قلت في الصلاة مرة واحدة، واستغفر له ما استطعت. قال العالم عليه السلام: وكان علي بن الحسين عليه السلام، إذا أدخل الميت القبر، قام على قبره ثم قال: اللهم جاف الأرض عن (جنبيه، وأصعد) (6) عمله، ولقه منك رضوانا (7). وعن أبيه، قال: إذا مات المحرم، فليغسل وليكفن كما يغسل الحلال، غير أنه لا يقرب الطيب، ولا يحنط ويغطى وجهه، والمرأة تكفن بثلاثة أثواب: درع، وخمار، ولفافة، تدرج فيها وحنوط الرجل والمرأة سواء. وعن أبيه عليه السلام: أنه كان يصلي على الجنازة بعد العصر، ما كانوا في وقت الصلاة حتى تصفار (8) الشمس، فإذا اصفارت (9) لم يصل عليها (حتى تغرب) (10).


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – الكافي 3: 184 / 4 باختلاف يسير.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 3: 185 / 2 و 3، والتهذيب 3: 192 / 437، 8 43.
6 – في نسخة ” ض “: ” جنبه وصعد “.
7 – الكافي 3: 194 / 1، والتهذيب 1: 315 / 915.
8 – في نسخة ” ش “: ” تصفر “.
9 – في نسخة ” ش “: ” اصفرت “.
10 – ليس في نسخة ” ش ” وقد ورد مؤداه في الكافي 3: 180 / 2، والتهذيب 3: 0 32 / 996، والاستبصار 1: 470 / 1814 و 1816. من ” وعن أبيه أنه كان. “.

[ 186 ]

وقال العالم عليه السلام: لا بأس بالصلاة على الجنازة حين تغيب الشمس و حين تطلع، إنما هو استغفار (1).


1 – التهذيب 3: 321 / 999، والاستبصار 1: 470 / 1815.

[ 187 ]

25 باب آخر في الصلاة على الميت قال عليه السلام: تكبر، ثم تصلي على النبي وأهل بيته، ثم تقول: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك، لا أعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا (فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه) (1) وافسح له في قبره، واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله. ثم تكبر الثانية وتقول: اللهم إن كان زاكيا (2) فزكه، وإن كان خاطئا فاغفر له. ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده. ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم اكتبه عندك في عليين، وأخلف على أهله في الغابرين، واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله. ثم تكبر الخامسة وتنصرف (3). وإذا كان ناصبا فقل: اللهم إنا لا نعلم إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش جوفه نارا، وقبره نارا، وعجله إلى النار، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره. فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه. وإذا كان مستضعفا فقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإذا لم تدر ما حاله فقل: اللهم إن كان يحب الخير وأهله، فاغفر له وارحمه و


1 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
2 – في نسخة ” ض “: ” زكيا “.
3 – الكافي 3: 183 / 2.

[ 188 ]

تجاوز عنه (1). وإذا ماتت المرأة وليس معها ذو محرم ولا نساء، تدفن كما هي في ثيابها، وإذا مات الرجل وليس معه ذو محرم ولا رجال، يدفن كما هو (في ثيابه) (2). ونروي أن علي بن الحسين عليهما السلام لما أن مات، قال أبو جعفر عليه السلام: ” لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك “. فأدخل يده وغسل جسده، ثم دعا أم ولد له فأدخلت يدها وغسلت عورته (3)، وكذلك فعلت أنا بأبي. قال جعفر عليه السلام: ” صلى علي على سهل بن حنيف وكان بدريا فكبر خمس تكبيرات، ثم مشى ساعة فوضعه، ثم كبر عليه خمسا أخرى، فصنع ذلك حتى كبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة ” (4). وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله، أوصى إلى علي عليه السلام: ألا يغسلني غيرك. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله من يناولني الماء؟ وإنك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلبك، فقال: جبرائيل معك يعاونك، ويناولك الفضل (5) الماء، وقل له فليغط عينيه، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه. قال عليه السلام: كان الفضل يناوله الماء، وجبرائيل يعاونه، وعلي عليه السلام يغسله (6). فلما أن فرغ من غسله وكفنه، أتاه العباس فقال: يا علي، إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا (7) النبي صلى الله عليه وآله في بقيع المصلى، وأن يؤمهم رجل منهم. فخرج علي عليه السلام إلى الناس فقال: يا أيها الناس، أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله إمامنا حيا وميتا؟ وهل تعلمون أنه صلى الله عليه وآله لعن من


1 – الفقيه 1: 105 / 491.
2 – ليس في نسخة ” ش ” وورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 94 / 430، والتهذيب 1: 440 / 1423.
3 – في نسخة ” ض “: ” مراقه “. ومراق البطن: ما رق منه ” القاموس المحيط – رقق – 3: 237 “.
4 – الكافي 3: 186 / 2، والتهذيب 3: 325 / 1011، والاستبصار 1: 4 48 / 1876. باختلاف يسير من ” قال جعفر عليه السلام: صلى علي. “.
5 – المقصود به: الفضل بن العباس بن عبد المطلب.
6 – ورد مؤداه في الطرف: 42، وأعلام الورى 1: 144.
7 – في نسخة ” ش “: ” يدفن “.

[ 189 ]

جعل القبور مصلى؟ ولعن من يجعل مع الله إلها؟ ولعن من كسر رباعيته، وشق لثته؟ فقالوا: الأمر إليك فاصنع ما رأيت، قال وإني أدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البقعة التي قبض فيها. ثم قام على الباب فصلى عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون ” (1). قال العالم عليه السلام: أول من جعل له النعش فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها (2).


1 – الكافي 1: 375 / 37 باختلاف في ألفاظه.
2 – الفقيه 1: 124 / 597، والتهذيب 1: 469 / 1539.

[ 190 ]

26 – باب الاعتكاف قال العالم عليه السلام: وسئل عن الاعتكاف فقال: لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة، ومسجد الجماعة، ويصوم ما دام معتكفا (1). ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد، إلا لحاجة لا بد منها، وتشييع الجنازة، ويعود المريض، ولا يجلس حتى يرجع من ساعته، واعتكاف المرأة مثل اعتكاف الرجل (2). قال العالم عليه السلام: كانت بدر في رمضان، فلم يعتكف النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما كان من قابل اعتكف عشرين يوما من رمضان: عشرة لعامه، و عشرة قضاء لما فاته عليه السلام (3).


1 – الكافي 4: 176 / 3.
2 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 2: 120 / 521 و 122 / 529، والكافي 4: 178 / 3.
3 – الفقيه 2: 120 / 518، والكافي 40: 175 / 2.

[ 191 ]

27 باب الحيض، والإستحاضة، والنفاس، والحامل، ودم القرحة والعذرة، والصفراء إذا رأت، وما يستعمل فيها إعلم أن أقل ما يكون أيام الحيض ثلاثة أيام، وأكثر ما يكون عشرة أيام، فعلى المرأة أن تجلس عن الصلاة بحسب عادتها، ما بين الثلاثة إلى العشرة، لا تطهر في أقل من ذلك، ولا تدع الصلاة أكثر من عشرة أيام. والصفرة قبل الحيض حيض، وبعد أيام الحيض ليست من الحيض. فإذا زاد عليها الدم على أيامها اغتسلت في كل يوم مع الفجر، واستدخلت الكرسفة (1) وشدت وصلت ثم لا تزال تصلي يومها ما لم يظهر الدم فوق الكرسف والخرقة، فإذا ظهر أعادت الغسل، وهذه صفة ما تعمله المستحاضة بعد أن تجلس أيام الحيض على عادتها. والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة، وقت الغسل وبعد أن تغتسل وتنظف، لأن غسلها يقوم مقام الطهر للحائض (2)، والنفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام، وتستظهر بثلاثة أيام، ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة وقد روي ثمانية عشر يوما، وروي ثلاثة وعشرين يوما، وبأي هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز. والحامل إذا رأت الدم في الحمل كما كانت تراه، تركت الصلاة أيام الدم،


1 – الكرسف: القطن ” الصحاح – كرسف – 4: 1421 “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 50 عن رسالة أبيه، والمقنع: 15، والهداية: 21.

[ 192 ]

فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة، وقد روي أنها تعمل ما تعمله (1) المستحاضة إذا صح لها الحمل فلا تدع الصلاة، والعمل من خواص الفقهاء على ذلك (2). واعلم أن أول ما تحيض المرأة دمها كثير، ولذلك صار حدها عشرة أيام. فإذا دخلت في السن نقص دمها، حتى يكون قعودها تسعة أو ثمانية أو سبعة وأقل من ذلك، حتى ينتهي إلى أدنى الحد وهو ثلاثة أيام. ثم ينقطع الدم عليها، فتكون ممن قد يئست من الحيض (3). وتفسير المستحاضة أن دمها يكون رقيقا تعلوه صفرة، ودم الحيض إلى السواد وله رقة (4) فإذا دخلت المستحاضة في حد حيضتها الثانية، تركت الصلاة حتى تخرج الأيام التي تقعد في حيضها، فإذا ذهب عنها الدم اغتسلت وصلت. وربما عجل الدم من الحيضة الثانية، والحد بين الحيضتين القرء وهو عشرة أيام بيض. فإن رأت الدم بعد اغتسالها من الحيض قبل استكمال عشرة أيام بيض، فهو ما بقي من الحيضة الأولى. وإن رأت الدم بعد العشرة البيض، فهو ما تعجل من الحيضة الثانية. فإذا دام دم المستحاضة ومضى عليها مثل أيام حيضها، أتاها زوجها متى ما شاء، بعد الغسل أو قبله (5). ولا تدخل الحائض المسجد إلا أن تكون مجتازة، ويجب عليها عند حضور كل صلاة أن تتوضأ وضوء الصلاة، وتجلس مستقبل القبلة وتذكر الله بمقدار صلاتها كل يوم. وإذا (6) رأت يوما أو يومين فليس ذاك (7) من الحيض، ما لم تر ثلاثة أيام متواليات، وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم واليومين. وإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام، فلتقعد عن الصلاة عشرة، ثم تغتسل يوم حادي


1 – في نسخة ” ش “: ” تعمل “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 56 / 211، والكافي 3: 96 / 2 من ” والحامل إذا رأت الدم. “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 3: 76 / 5، والتهذيب 1: 158 / 452.
4 – كذا، والظاهر أن الصواب: حرقة.
5 – ورد مؤداه في الكافي 3: 90 / 5 و 6.
6 – في نسخة ” ض “: ” وإن “.
7 – في نسخة ” ش “: ” ذلك “.

[ 193 ]

عشر وتحتشي وتغتسل، فإن لم يثقب الدم القطن صلت صلاتها، كل صلاة بوضوء. وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة الليل والغداة بغسل واحد، وسائر الصلوات بوضوء. وإن ثقب الدم الكرسف وسال، صلت صلاة الليل والغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل، وتؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر، وتصلي المغرب والعشاء الآخرة بغسل واحد، وتؤخر المغرب قليلا وتعجل العشاء الآخرة. فإذا دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة. ومتى ما اغتسلت على ما وصفت حل لزوجها أن يأتيها (1). وإذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض، وإن (2) رأت بعدها فليس من الحيض (3). وإذا أرادت الحائض بعد الغسل من الحيض فعليها أن تستبرئ والاستبراء أن تدخل قطنة، فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب لم تغتسل، وإن لم يخرج اغتسلت (4). وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها الحيض، فلتترك الغسل حتى تطهر، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للجنابة والحيض (5). وإذا رأت الصفرة أو شيئا من الدم، فعليها أن تلصق بطنها بالحائط، وترفع رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال وتدخل قطنة، فإن خرج فيها دم فهي حائض، وإن لم يخرج فليست بحائض. وإن اشتبه عليها الحيض بدم قرحة فربما كان في فرجها قرحة فعليها أن تستلقي على قفاها وتدخل أصابعها، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض (6).


1 – الفقيه 1: 50 عن رسالة أبيه، من ” ولا تدخل الحائض المسجد. “، والهداية: 21، من ” وإذا رأت يوما أو يومين. “، والمقنع: 15، من ” وإن رأت الدم. “.
2 – في نسخة ” ش “: ” وإذا “.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 15.
4 – الفقيه 1: 53 / 203، والهداية: 22.
5 – الفقيه 1: 48 / 191.
6 – المقنع: 15، 16.

[ 194 ]

وإن افتضها زوجها ولم يرقأ (1) دمها، ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة، فعليها أن تدخل قطنة، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة، وإن خرجت منغمسة فهو من الحيض (2). واعلم أن دم العذرة لا يجوز الشفرتين، ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة، ودم المستحاضة (3) بارد يسيل وهي لا تعلم، وبالله التوفيق (4).


1 – لم يرقأ: لم ينقطع. ” القاموس المحيط – رقأ – 1: 16 “.
2 – المقنع: 17.
3 – في نسخة ” ض “: ” الاستحاضة “.
4 – المقنع: 16، وأورده عن رسالة أبيه في الفقيه 1: 54، من ” وإذا رأت الصفرة أو شيئا من الدم. “.

[ 195 ]

28 باب الزكاة إعلم أن الله تبارك وتعالى فرض على الأغنياء الزكاة بقدر مقدور، وحساب محسوب، فجعل عدد الأغنياء في مائتين مائة وخمسة وتسعين، والفقراء خمسة، وقسم الزكاة على هذا الحساب، فجعل على كل مائتين خمسة حقا، للضعفاء، وتحصينا لأموالهم، لا عذر لصاحب المال في ترك إخراجه. وقد قرنها الله بالصلاة، وأوجبها مرة واحدة في كل سنة. ووضعها رسول الله صلى الله عليه وآله على تسعة أصناف: الذهب والفضة، والحنطة والشعير، والتمر والزبيب، والإبل والبقر (1) والغنم، وروي على (2) الجواهر والطيب وما أشبه هذه الصنوف من الأموال (3). وفي كل ما دخل القفيز والميزان ربع العشر، إذا كان سبيل هذه الأصناف سبيل الذهب والفضة في التصرف فيها والتجارة، وإن لم يكن هذه سبيلها فليس فيها غير الصدقة (فيما فيه الصدقة) (4). والعشر ونصف العشر فيما سوى ذلك في أوقاته. وقد عفا الله عما سواها. وليس فيما دون عشرين دينارا زكاة ففيها نصف دينار، وكلما زاد بعد العشرين إلى أن


1 – ليس في نسخة ” ض “.
2 – في نسخة ” ض “: ” عن “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 8 / 26، والمقنع: 48، والهداية: 41، والكافي 3: 510 / 3 و 511 / 4 من ” و وضعها رسول الله. “.
4 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 196 ]

يبلغ أربعة دنانير فلا زكاة فيه فإذا بلغ أربعة دنانير ففيه عشر دينار، ثم على هذا الحساب (1). وليس على المال الغائب زكاة (2)، ولا في مال اليتيم زكاة (3). وأول أوقات الزكاة بعد ما مضى ستة أشهر من السنة، لمن أراد تقديم الزكاة (4). وليس على الغنم زكاة حتى تبلغ أربعين شاة، فإذا زادت على الأربعين واحدة ففيها شاة، إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث، إلى ثلاثمائة (5)، فإذا كثر الغنم سقط هذا كله ويخرج في كل مائة شاة. ويقصد المصدق الموضع الذي فيه الغنم، فينادي: يا معشر المسلمين هل لله في أموالكم حق؟ فإن قالوا: نعم، أمر أن يخرج الغنم ويفرقها فرقتين، ويخير صاحب الغنم في إحدى الفرقتين، ويأخذ المصدق صدقتها من الفرقة الثانية، فإن أحب صاحب الغنم أن يترك المصدق له هذه فله ذاك ويأخذ غيرها، وإن لم يرد صاحب الغنم أن يأخذها أيضا فليس له ذلك، ولا يفرق المصدق بين غنم مجتمعة، ولا يجمع بين متفرقة (6). وفي البقر إذا بلغت ثلاثين بقرة ففيها تبيع حولي، وليس فيها إذا كانت دون ثلاثين شئ فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة إلى ستين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى سبعين، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيعة ومسنة إلى ثمانين، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع، فإذا كثر البقر سقط هذا كله، ويخرج من كل ثلاثين بقرة تبيعا، ومن كل أربعين مسنة (7). وليس في الإبل شئ حتى يبلغ خمسة فإذا بلغت خمسة ففيها شاة، وفي عشرة شاتان، وفي خمسة عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين خمس شياه، فإذا زادت واحدة فابنة مخاض، وإن لم يكن عنده ابنة مخاض ففيها ابن لبون ذكر إلى خمسة وثلاثين، فإن زادت فيها واحدة ففيها بنت لبون، فإن، لم يكن عنده وكان عنده ابنة مخاض أعطى


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 8 / 26، والمقنع: 50، والهداية: 43. من ” وليس فيما دون. “.
2 – التهذيب 4: 31 باختلاف في ألفاظه.
3 – الفقيه 2: 9 / 27، والمقنع: 51 باختلاف يسير.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 10 / 29، والمقنع: 51.
5 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” وواحدة “.
6 – الفقيه 2: 14 / 36، والمقنع: 50.
7 – الفقيه 2: 13 / 5 3، والمقنع: 50، والهداية: 42 باختلاف يسير.

[ 197 ]

المصدق ابنة مخاض وأعطى معها شاة. وإذا وجبت عليها ابنة مخاض (ولم يكن عنده) (1) وكان عنده ابنة لبون دفعها واسترجع من المصدق شاة، فإذا بلغت خمسة وأربعين وزادت واحدة ففيها حقة، و سميت حقة لأنه استحقت أن يركب ظهرها، إلى أن يبلغ ستين، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمسة وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها (بنت البون) (2) إلى تسعين (3) فإذا كثر الإبل ففي كل خمسين حقة (4). وليس في الحنطة والشعير شئ إلى أن يبلغ خمسة أوسق. والوسق ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف. فإذا بلغ ذلك وحصل بغير خراج السلطان، ومؤنة العمارة للقرية، أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلا (5)، وإن كان سقي بالدلاء والغرب (6) ففيه نصف العشر. وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير، فإن بقي الحنطة والشعير بعد ما أخرج الزكاة ما بقى، وحالت عليها السنة، ليس عليها زكاة حتى تباع ويحول على ثمنها حول (7). ونروي أنه ليس على الذهب زكاة حتى يبلغ أربعين مثقالا، فإذا بلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال (8)، وليس في نيف شئ حتى يبلغ أربعين (9)، ولا يجوز في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار (10). وإني أروي عن أبي العالم عليه السلام في تقديم الزكاة وتأخيرها، أربعة أشهر أو ستة أشهر، إلا أن المقصود منها أن تدفعها إذا وجب عليك، ولا يجوز لك تقديمها وتأخيرها لأنها


1 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
2 – في نسخة ” ض “: ثني “.
3 – في الفقيه زيادة: ” فإذا زادت واحدة فحقتان إلى عشرين ومائة “، وهو الصواب.
4 – الفقيه 2: 12 / 33، المقنع، 49، الهداية: 41.
5 – البعل: كل نخل وشجر وزرع لا يسقى، أو ما سقته السماء ” القاموس المحيط – بعل – 3: 335 “.
6 – الغرب: الدلو العظيمة ” الصحاح – غرب – 1: 193 “.
7 – الفقيه 2: 18 / 59، والهداية: 41 باختلاف يسير.
8 – المقنع: 50.
9 – الفقيه 2: 9 / 26.
10 – الفقيه 2: 10 عن رسالة أبيه.

[ 198 ]

مقرونة بالصلاة، ولا يجوز لك تقديم الصلاة قبل وقتها، ولا تأخيرها إلا أن يكون قضاء، و كذلك الزكاة. وإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئا تفرج به عن مؤمن فاجعلها دينا عليه، فإذا دخل (1) عليك وقت الزكاة فاحسبها له زكاة فإنه يحسب لك من زكاة مالك، ويكتب لك أجر القرض والزكاة (2). وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك قضاؤه، فاحسبها من الزكاة إن شئت (3). وقد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: نعم الشئ القرض، إن أيسر قضاك، وإن عسر حسبته من زكاة مالك (4). وإن كان مالك في تجارة، وطلب منك المتاع برأس مالك، ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا جاء عليك الحول. وإن لم يطلب منك برأس مالك فليس عليك الزكاة، وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلا أن يرجع إليك، ويحول عليه الحول وهو في يدك، إلا أن يكون مالك على رجل متى ما أردت أخذت منه، فعليك زكاته فإن رجع إليك نفعه لزمتك زكاته (5). فإن استقرضت من رجل مالا، وبقي عندك حتى حال عليه الحول فعليك فيه الزكاة. فإن بعت شيئا وقبضت ثمنه، واشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك، فإنه يلزمه دونك (6). وليس على الحلي زكاة ولكن تعيره مؤمنا إذا استعاره منك فهو زكاته (7). وليس في مال اليتيم زكاة، إلا أن يتجر بها، فإن اتجرت به ففيه الزكاة (8).


1 – في نسخة ” ض “: ” حلت “.
2 – الفقيه 2: 10 / 29، المقنع: 51.
3 – الفقيه 2: 10 / 31، المقنع: 51.
4 – الفقيه 2: 10 / 0 3، المقنع: 51.
5 – الفقيه 2: 11 / 31.
6 – الفقيه 2: 11 / 31، والمقنع: 53 بتقديم وتأخير.
7 – الفقيه 2: 9 / 26، والمقنع: 52.
8 – الفقيه 2: 9 / 27.

[ 199 ]

وليس في السبائك زكاة، إلا أن يكون فررت به من الزكاة (1) فعليك فيه زكاة (2). وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية الأبوين، والولد، والزوجة، والصبي (3)، والمملوك وكل من هو في نفقتك فلا تعطه (4). وليس ذكر في سائر الأشياء زكاة مثل: القطن، والزعفران، والخضر، والثمار، والحبوب سوى ما ذكرتك زكاة (5)، إلا أن يباع ويحول على ثمنه الحول (6). وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز. وإن مات رجل مؤمن، وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك، فأعطها ورثته فيكفنونه، وإن لم يكن له ورثة فكفنه أنت، واحسب به من زكاة مالك، فإن أعطى ورثته قوم آخرون (ثمن كفنه) (7) فكفنه من مالك واحسبه من الزكاة، ويكون ما أعطاهم القوم لهم يصلحون به شأنهم. وإن كان على الميت دين، لم يلزم ورثته القضاء مما أعطيته، ولا مما أعطاهم القوم، لأنه ليس بميراث، وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته (8). وإن استفاد المعتق مالا فماله لمن أعتق، لأنه مشترى بماله، وبالله التوفيق.


1 – في نسخة ” ض ” زيادة ” فإن فررت به من الزكاة “.
2 – الفقيه 2: 9 / 26، والمقنع: 51.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – الفقيه 2: 11 / 31، والمقنع: 52، والهداية: 43.
5 – ليس في نسخة ” ش “.
6 – المقنع: 51 باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” من كفن ” وما أثبتناه من البحار 96: 67 / 39.
8 – الفقيه 2: 10 / 31، المقنع: 52 باختلاف يسير.

[ 200 ]

29 – باب الصوم واعلم أن الصوم على أربعين وجها، فعشرة واجبة صيامهن كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، ومنها صوم الإباحة وصوم السفر والمرض. أما الصوم الواجب: فصوم شهر رمضان. وصيام شهرين متتابعين يعني لمن أفطر يوما من شهر رمضان عامدا متعمدا. وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب، من قول الله تعالى: (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) (1). والصوم في كفارة الظهار، قال الله تعالى: (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا) (2)، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين (واجب لمن لا يجد الطعام) (3)، قال الله تعالى: (فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) (4). كل ذلك متتابع وليس بمفترق. وصيام من كان به أذى من رأسه واجب، قال الله تبارك وتعالى: (أو به أذى من رأسه ففدية من صيام) (5) فصاحب هذه بالخيار، فإن صام صام ثلاثة.


1 – النساء 4: 92.
2 – المجادلة 58: 4.
3 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
4 – المائدة 5: 89.
5 – البقرة 2: 196.

[ 201 ]

وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي، قال الله تبارك وتعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) (1). وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى: (أو عدل ذلك صياما) (2). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: أتدرون كيف يكون عدل ذلك صياما؟ فقيل له: لا. فقال: يقوم الصيد قيمة، ثم يشترى بتلك القيمة (البر، ثم يكال ذلك) (3) البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما. وصوم النذر واجب. وصوم الاعتكاف واجب. وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، وصوم يوم الأضحى، وثلاثة أيام التشريق. وصوم يوم الشك، أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا أن نصومه مع شعبان، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي فيه الشك، فإن لم يكن صام من شعبان شيئا ينوي به ليلة الشك أنه من صيام شعبان، فإن كان من رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره. ولو أن رجلا صام شهرا تطوعا في بلد الكفر، فلما أن عرف كان شهر رمضان وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، وصام بأنه من غيره ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه من رمضان، لأن الفرض إنما وقع على شهر بعينه. وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام. وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار: فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين وصوم أيام البيض، وصوم ستة أيام من شوال بعد الفطر بيوم، ويوم عرفة، ويوم عاشورا، وكل ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر.


1 – البقرة 2: 196.
2 – المائدة 5: 95.
3 – ليس في نسخة ” ش “.

[ 202 ]

وأما صوم الإذن، فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها، والعبد إلا بإذن مولاه، والضيف لا يصوم إلا بإذن صاحب البيت، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” من نزل على قوم، فلا يصومن تطوعا إلا بإذن صاحبهم “. وأما صوم التأديب، فإنه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلا نصف النهار يفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلة أول النهار، ثم قوي بقية يومه أمر بالإمساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار، ثم قدم أهله أمر بقية يومه بالإمساك تأديبا، وليس بفرض. وأما صوم الإباحة، فمن أكل وشرب ناسيا، أو تقيأ من غير تعمد، فقد أباح الله ذلك له، وأجزأ عنه صومه. وأما صوم السفر والمرض، فإن العامة إختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر. فأما نحن نقول: يفطر في الحالتين جميعا، فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه في ذلك القضاء، فإن الله تعالى يقول: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) (1). واعلم رحمك الله أن الصوم حجاب ضربه الله عز وجل على الألسن، و الاسماع والأبصار، وسائر الجوارح، لما له في عادة من سره (2) وطهارة تلك الحقيقة حتى يستر به من النار. وقد جعل الله على كل جارحة حقا للصيام، فمن أدى (3) حقها كان صائما ومن ترك شيئا منها نقص من فضل صومه بحسب ما ترك منها. واعلم أن أول أوقات الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب (ترى مع غروب الشمس) (4) وذهاب الحمرة من المشرق، وفي وجوه سواد المحاجز (5).


1 – البقرة 2: 185، وقد ورد باختلاف يسير في الفقيه 2: 46 / 208، والهداية: 48، والمقنع: 55، والخصال: 534، والكافي 4: 83 / 1، والتهذيب 4: 294 / 895، وتفسير القمي 1: 185. من بداية باب الصوم.
2 – كذا في نسخة ” ض ” والبحار 96: 291 / 13، وفي ” ش “: ” عبادة من سترة “.
3 – في نسخة ” ش “: ” أوفى “.
4 – في نسخة ” ض “: ” لا ترى مع الشمس “. وهي مؤدى نفس عبارة المتن.
5 – في نسخة ” ض “: ” المحاجر “.

[ 203 ]

وأدنى ما يتم به فرض الصوم العزيمة وهي النية وترك الكذب على الله و على رسوله، ثم ترك الأكل، والشرب، والنكاح، والارتماس في الماء، واستدعاء القذف، فإذا تم هذه الشروط على ما وصفناه كان مؤديا لفرض الصوم، مقبولا منه بمنة الله تعالى (1). وما يلزمه من صوم السنة فضل الفريضة، وهو ثلاثة أيام في كل شهر: الأربعاء بين الخميسين، وصوم شعبان، ليتم به نقص الفريضة. وشهر رمضان ثلاثون يوما، وتسعة وعشرون يوما، يصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان (2) والفرض تام فيه أبدا لا ينقص كما روي ومعنى ذلك الفريضة فيه الواجبة قد تمت، وهو شهر قد يكون ثلاثين يوما، أو تسعة وعشرين يوما.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 67 / 276، 277، والمقنع: 60، والهداية: 46 عن رسالة أبيه، والتهذيب 4: 202. من ” وأدنى ما يتم به فرض الصوم. “.
2 – التهذيب 4: 156 / 432 وفيه تقديم وتأخير.

[ 204 ]

30 باب نوافل شهر رمضان ودخوله إعلم يرحمك الله أن لشهر رمضان حرمة ليست كحرمة سائر الشهور، لما خصه الله به وفضله، وجعل فيه ليلة القدر، والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر [ ليس ] (1) فيها ليلة القدر (2). فعليكم بغض الطرف وكف الجوارح عما نهى الله عنه، وتلاوة القرآن، و التسبيح والتهليل، والإكثار من ذكر الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في الليل والنهار ما استطعتم، ولا تجعلوا يوم صومكم كيوم فطركم (3)، وإن الصوم جنة من النار (4). وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ” من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام وردا في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغض بصره، وكف أذاه، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ” فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقال: ” ما أصعب هذا من شرط ” (5). وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ” نوم الصائم عبادة و نفسه تسبيح ” (6).


1 – أثبتناه من البحار 96: 380 / 5 عن فقه الرضا عليه السلام.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 61 / 265، والكافي 4: 66 / 2، والتهذيب 4: 192 / 547.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 67 / 278، 68 / 685، والكافي 4: 87 / 1 و 3، والتهذيب 4: 194 / 554.
4 – الفقيه 2: 45 / 200، والكافي 4: 62 / 1 و 3.
5 – الفقيه 2: 60 / 259، والكافي 4: 87 / 2، والتهذيب 4: 195 / 560.
6 – المقنع: 65، والكافي 4: 64 / 12، والتهذيب 4: 190 / 540.

[ 205 ]

وقيل: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه (1). إتبعوا سنة الصالحين فيما أمروا به ونهوا عنه، وصلوا منه أول ليلة إلى عشرين يمضي منه، من الزيادة على نوافلكم في غيره في كل ليلة عشرين ركعة: ثمانية منها بعد صلاة المغرب، واثنتي عشر بعد العشاء الآخرة. وفي العشر الآواخر في كل ليلة ثلاثون ركعة: اثنتان وعشرون بعد العشاء الآخرة، وروي (2) أن الثمان مثبت بعد المغرب لا يزاد، واثنتين وعشرين بعد العشاء الآخرة. وقيل: اثنتي عشرة ركعة منها بعد المغرب، وثماني عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة. وصلوا في ليلة إحدى وعشرين وثلاثة وعشرين مائة ركعة، تقرؤون في كل ركعة (فاتحة الكتاب) مرة واحدة، و (قل هو الله أحد) عشر مرات (3) واحسبوا الثلاثين ركعة من المائة، فإن لم تطق ذلك من قيام صليت وأنت جالس وإن شئت قرأت في كل ركعة مرة مرة (قل هو الله أحد). وإن استطعت أن تحيي هاتين الليلتين إلى الصبح فافعل، فإن فيها فضل كثير والنجاة من النار، وليس سهر ليلتين يكبر فيما أنت تؤمل (4). وقد روي أن السهر في شهر رمضان في ثلاث ليال: ليلة تسعة عشر في تسبيح ودعاء بغير صلاة، وفي هاتين الليلتين أكثروا من ذكر الله جل وعز والصلاة على رسوله صلى الله عليه و آله وسلم، وفي ليلة الفطر، وأنه ليلة يوفى فيها الأجير أجره. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله عز وجل يعتق في أول ليلة من شهر رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان العشر الآواخر عتق في كل ليلة منه مثل ما أعتق في العشرين الماضية، فإذا كان ليلة الفطر أعتق من النار مثل ما أعتق في سائر الشهر (5). اجتنبوا شم المسك والكافور والزعفران، ولا تقرب من الأنف، واجتنب المس


1 – الفقيه 2: 45 / 204، والكافي 4: 65 / 15.
2 – في نسخة ” ش “: ” لما روي “.
3 – الفقيه 2: 100 / 450، من ” وصلوا في ليلة “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 88 / 397، والتهذيب 3: 63 / 214، من ” وصلوا في ليلة “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 60 / 261، والكافي 4: 67 / 7، والتهذيب 4: 193 / 551 من ” وأروي عن العالم. “.

[ 206 ]

والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس، واحذر السواك الرطب، وإدخال الماء في فيك للتلذذ في غير وضوء فإن دخل منه شئ في حلقك فقد أفطرت وعليك القضاء. إجتنبوا الغيبة غيبة المؤمن واحذروا النميمة، فإنهما يفطران الصائم (1). ولا غيبة للفاجر، وشارب الخمر، واللاعب بالشطرنج، والقمار. ولا بأس للصائم بالكحل، والحجامة، والدهن، وشم الريحان خلا النرجس و استعمال الطيب من البخور وغيره ما لم يصعد في أنفه فإنه روي: أن البخور تحفة الصائم. ولا بأس للصائم أن يتذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير (2). أحسنوا إلى عيالكم ووسعوا عليهم، فإنه قد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله لا يحاسب الصائم على ما أنفقه في مطعم ولا مشرب وأنه لا إسراف في ذلك. إجتهدوا في ليلة الفطر في الدعاء والسهر، وصلوا ركعتين يقرأ في الركعة الاولى (بأم الكتاب) و (قل هو الله) ألف مرة، وفي الثانية مرة واحدة (3)، وقد روي: أربع ركعات، في كل ركعة مائة مرة (قل هو الله أحد). وإذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله، وخاطب الهلال وكبر في وجهه، ثم تقول: ربي وربك الله رب (4) العالمين، اللهم أهله علينا بالأمن والأمانة والإيمان، والسلامة والإسلام (5)، والمسارعة فيما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا عونه وخيره، واصرف عنا شره وضره وبلاءه وفتنته (6). ويستحب أن يتسحر في شهر رمضان ولو بشربة من الماء، وأفضل السحور السويق والتمر، مطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر (7)، وأحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس (8).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 67 / 0 28، والكافي 4: 87 / 3، والتهذيب 4: 194 / 553 من ” اجتنبوا الغيبة. “.
2 – ورد مؤداه في المقنع: 60. من ” ولا بأس للصائم بالكحل. “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 4: 168. من ” اجتهدوا في ليلة الفطر. “.
4 – ليس في نسخة ” ض “.
5 – ليس في نسخة ” ض “.
6 – الفقيه 2: 62 / 269 عن رسالة أبيه، الهداية: 45. من ” وإذا رأيت هلال شهر رمضان. “.
7 – المقنع: 64، والهداية: 48 باختلاف يسير.
8 – الفقيه 2: 81 / 358 عن رسالة أبيه، والمقنع: 65.

[ 207 ]

فإذا صمته فعليك أن تظهر السكينة والوقار، وليصم سمعك وبصرك عما لا يحل النظر إليه، واجتنب الفحش من الكلام. واتق في صومك خمسة أشياء تفطرك: الأكل، والشرب، والجماع، والارتماس في الماء، والكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة (1). والخناء (2) من الكلام، والنظر إلى ما لا يجوز وروي: أن الغيبة تفطر (3) الصائم وسائر ذلك ينقص الصوم. وأكثر في هذا الشهر المبارك من قراءة القرآن والصلاة على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم، وكثرة الصدقة، وذكر الله في آناء الليل والنهار، وبر الإخوان وإفطارهم معك بما يمكنك، فإن في ذلك ثواب عظيم وأجر كبير. فإن نسيت وأكلت أو شربت، فأتم صومك ولا قضاء عليك (4). واغتسل في ليلة تسع عشرة منها، وفي ليلة إحدى وعشرين، وفي ليلة ثلاثة وعشرين، وإن نسيت فلا إعادة عليك (5). وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم (6). وإن أصابتك جنابة في أول الليل، فلا بأس بأن تنام متعمدا وفي نيتك أن تقوم وتغتسل قبل الفجر، فإن غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك شئ (7) إلا أن تكون انتبهت في بعض الليل ثم نمت، وتوانيت ولم تغتسل وكسلت، فعليك صوم ذلك اليوم، وإعادة يوم آخر مكانه (8): وإن تعمدت النوم إلى أن تصبح، فعليك قضاء ذلك اليوم، والكفارة: وهو صوم شهرين متتابعين، أو عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا (9).


1 – الهداية: 46 عن رسالة أبيه، المقنع: 60. من ” واتق في صومك. “
2 – الخناء: الفحش ” الصحاح – خنا – 6: 2332 “.
3 – تحف العقول: 11، من ” وروي “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 74 / 318، والمقنع: 61، والتهذيب 4: 277 / 838. من ” فإن نسيت. “.
5 – الفقيه 2: 103 / 461، والتهذيب 4: 6 19 / 561 باختلاف في ألفاظه.
6 – ورد مؤداه في الكافي 4: 105 / 3، وقرب الاسناد: 78.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 74 / 322، والكافي 4: 105 / 1، التهذيب 4: 210 / 608.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 75 / 323، والتهذيب 4: 1 21 / 611 – 615، والاستبصار 2: 86 / 267 – 271.
9 – ورد مؤداه في التهذيب 4: 2 21 / 616 – 618، والاستبصار 2: 87 / 272 – 274.

[ 208 ]

ومن أراد أن يتسحر فله ذلك إلى أن يطلع الفجر، ولو أن رجلين نظرا فقال أحدهما هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، حل التسحر للذي لم يره أنه طلع، وحرم على الذي يراه أنه طلع (1). ولو أن قوما مجتمعين سألوا أحدهم أن يخرج وينظر هل طلع الفجر؟ ثم قال: قد طلع الفجر، وظن بعضهم أنه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم (2). ولا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين وعليهما القضاء ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفة، وعلم أنه قادر على الصوم وهو أبصر بنفسه (3). ولا يجوز للمسافر على حال من الأحوال، إلا عاديا أو باغيا والعادي: اللص، والباغي: الذي يبغي الصيد. فإذا قدمت من السفر وعليك بقية يوم، فأمسك من الطعام والشراب إلى الليل، فإن خرجت في سفر وعليك بقية يوم فأفطر. وكل من وجب عليه التقصير في السفر فعليه الافطار، وكل من وجب عليه التمام في الصلاة فعليه الصيام، متى ما أتم صام، ومتى ما قصر أفطر. والذي يلزمه التمام للصلاة والصوم في السفر: المكاري، والبريد، والراعي، والملاح، والرابح، لأنه عملهم. وصاحب الصيد إذا كان صيده بطرا فعليه التمام في الصلاة والصوم، وإن كان صيده للتجارة فعليه التمام في الصلاة والصوم. وروي أن عليه الافطار في الصوم، وإذا كان صيده مما يعود على عياله فعليه التقصير في الصلاة والصوم (4)، لقول النبي صلى الله عليه وآله: ” الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ” (5). وإن أصابك رمد فلا بأس أن تفطر تعالج عينيك (6).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 82 / 365، والكافي 4: 97 / 7.
2 – الفقيه 2: 83 / 367، والكافي 4: 97 / 4، والتهذيب 4: 270 / 814، باختلاف في ألفاظه.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 83 / 369، والكافي 4: 118 / 2 و 3 و 8 من ” ويصوم العليل. “.
4 – ورد باختلاف يسير في المقنع: 62، من ” فإذا قدمت من السفر. “.
5 – الكافي 5: 88 / 1 وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 84 / 3 37، والكافي 4: 118 / 4 و 5، والتهذيب 4: 257 / 760.

[ 209 ]

وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا وعليها قضاء ذلك اليوم (1) وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء. ولا باس أن يذوق الطباخ المرقة – وهو صائم بطرف لسانه من غير أن يبتلعه ولا بأس بشم الطيب إلا أن يكون مسحوقا فإنه يصعد إلى الدماغ (2). وقد ذكرنا صوم يوم الشك في أول الباب، ونفسره ثانية لتزداد به بصيرة ويقينا. وإذا شككت في يوم لا تعلم أنه من شهر رمضان أو من شعبان، فصم من شعبان، فإن كان منه لم يضرك، وإن كان من شهر رمضان جاز لك من رمضان، وإلا فانظر أي يوم صمت من العام الماضي، وعد منه خمسة أيام وصم اليوم الخامس. وقد روي: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو من ليلة، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين، فإذا رأيت ظل رأسك فيه فلثلاث ليال (3). وإذا شككت في هلال شوال وتغيمت السماء فصم ثلاثين يوما وأفطر، وودع الشهر في آخر ليله منه، وتقرأ دعاء الوداع. وإذا كان ليلة الفطر صليت المغرب وسجدت وقلت: يا ذا الطول، ويا ذا الجود، و يا ذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره، صل يا الله على محمد وعلى آله وسلم، واغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته وهو عندك في كتاب مبين، ثم يقول مائة مرة: أتوب إلى الله (4). وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة والغداة ولصلاة العيد والظهر والعصر، كما تكبر أيام التشريق، تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا وأبلانا، والحمد لله بكرة وأصيلا (5). وادفع زكاة الفطر عن نفسك، وعن كل من تعول من صغير أو كبير، حر وعبد، ذكر وأنثى (6) واعلم أن الله تعالى فرضها زكاة للفطرة قبل أن تكثر الأموال فقال: (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وإخراج الفطرة واجب على الغني والفقير، والعبد والحر، وعلى الذكران


1 – المقنع: 64.
2 – الفقيه 2: 70 / 292 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 2: 78 / 342 و 343، والمقنع: 58، والهداية: 45. من ” وقد روي. “.
4 – الهداية: 52 باختلاف يسير. من ” وإذا كان ليلة الفطر. “.
5 – الفقيه 2: 108 / 464، والهداية: 52 باختلاف يسير.
6 – المقنع: 6 6، والهداية: 51.

[ 210 ]

والإناث، والصغير والكبير، والمنافق والمخالف، لكل رأس صاع من تمر وهو تسعة أرطال بالعراقي أو صاع من حنطة، أو صاع من شعير، أو صاع من زبيب، أو قيمة ذلك. ومن أحب أن يخرج ثمنا فليخرج (ما بين ثلثي درهم) (1) إلى درهم، والثلثان أقل ما روي، والدرهم أكثر ما روي، وقد روي ثمن تسعة أرطال تمر (2). وروي، من لم تستطع يده لإخراج الفطرة، أخذ من الناس فطرتهم، وأخرج ما يجب عليه منها. ولا بأس بإخراج الفطرة إذا دخل العشر الآواخر، ثم إلى يوم الفطر قبل الصلاة، فإن أخرها إلى أن تزول الشمس صارت صدقة. ولا يدفع الفطرة إلا إلى مستحق، وأفضل ما يعمل به فيها أن تخرج إلى الفقيه ليصرفها في وجوهها، بهذا جاءت الروايات. والذي يستحب الافطار عليه يوم الفطر البر والتمر، وأروي عن العالم عليه السلام: الافطار على السكر، وروي: أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين عليه السلام (3). وروي أن للفطر تشريقا كتشريق الأضحى، يستحب فيه الذبيحة كما يستحب في الأضحى. وعليكم بالتكبير يوم العيد، والغدو إلى مواضع الصلاة، والبروز إلى تحت السماء والوقوف تحتها، إلى وقت الفراغ من الصلاة والدعاء. وروي: الفطرة نصف صاع من بر، وسائره صاعا صاعا (4). ولا يجوز أن يدفع ما يلزمه واحد إلى نفسين، فإن كان لك مملوكا مسلما أو ذميا فادفع عنه، وإن ولد لك مولود يوم الفطر قبل الزوال فادفع عنه الفطرة، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه، وكذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال أو بعد فعلى هذا (5). ولا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره وهي الزكاة إلى أن


1 – في نسخة ” ش “: ” ما تبين وثلثي درهم ” وفي نسخة ” ض “، والبحار 96: 107 / 11، ومستدرك الوسائل 1: 7 52 / 2: ” مائتين وثلاثين درهما “. والظاهر ما أثبتناه هو الصواب.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 113 / 485 من ” والذي يستحب. “.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 4: 85 / 246 من ” وروي: الفطرة. “.
5 – الفقيه 2: 116 / 499، المقنع: 66 باختلاف يسير.

[ 211 ]

تصلي صلاة العيد، فإن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان (1). واعلم أن الغلام يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر (2) وإذا صام ثلاثة أيام فلا يأخذه بصيام الشهر كله. وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل أن تصوم من العطش والجوع، أو خافت أن تضر لولدها، فعليهم جميعا الافطار، ويتصدق عن كل واحد لكل يوم بمد من طعام. وليس عليه القضاء (3). وإذا مرض الرجل وفاته صوم شهر رمضان كله، ولم يصمه إلى أن يدخل عليه شهر رمضان من قابل، فعليه أن يصوم هذا الذي قد دخل عليه، ويتصدق عن الأول لكل يوم بمد طعام، وليس عليه القضاء إلا أن يكون قد صح فيما بين شهرين رمضانين، فإذا كان كذلك ولم يصم، فعليه أن يتصدق عن الأول لكل يوم مدا من طعام، ويصوم الثاني، فإذا صام الثاني قضى الأول بعده. وإن فاته شهران رمضانان حتى دخل الشهر الثالث وهو مريض، فعليه أن يصوم الذي دخله، ويتصدق عن الأول لكل يوم مدا من طعام، ويقضي الثاني (4). فإن أردت سفرا، أو أردت أن تقدم من صوم السنة شيئا، فصم ثلاثة أيام للشهر الذي تريد الخروج فيه (5). وإن أردت قضاء شهر رمضان، فأنت بالخيار، إن شئت قضيتها متتابعا، وإن شئت متفرقا، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” يصوم ثلاثة أيام ثم يفطر ” (6). وإذا مات الرجل وعليه من صوم شهر رمضان، فعلى وليه أن يقضي عنه، وكذلك إذا فاته في السفر، إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح فلا قضاء عليه، وإذا كان للميت


1 – الفقيه 2: 118، عن رسالة أبيه، والمقنع: 67، والهداية: 51.
2 – الفقيه 2: 76 / 329، والمقنع: 61.
3 – المقنع: 61 باختلاف يسير، والمختلف: 245 عن رسالة علي بن بابويه.
4 – المختلف: 240، عن رسالة ابن بابويه، والمقنع: 64.
5 – الفقيه 2: 51، عن رسالة أبيه.
6 – المقنع: 63 باختلاف يسير.

[ 212 ]

وليان فعلى أكبرهما من الرجلين أن يقضي عنه، فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء (1). ومن جامع في شهر رمضان أو أفطر، فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من طعام وعليه قضاء ذلك اليوم، وأنى له بمثله (2)! وقد روي رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” أما يستحي أحدكم ألا يصبر يوما إلى الليل، إنه كان يقال: إن بدو القتال اللطام ” ولو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان وأدفق كان عليه عتق رقبة (3). ولا بأس بالسواك للصائم والمضمضة والاستنشاق، إذا لم يبلع ولا يدخل الماء في حلقه، ولا بأس بالكحل إذا لم يكن ممسكا، وقد روي رخصة المسك، فإنه يخرج على عكرة (4) لسانه. ولا يجوز للصائم أن يقطر في أذنه شيئا، ولا يسعط، ولا يحتقن، والمرأة لا تجلس في الماء فإنها تحمل الماء بقبلها، ولا بأس للرجل أن يستنقع فيه ما لم يرتمس فيه. واعلم أن النذر على وجهين (5): أحدهما أن يقول الرجل: إن أفعل كذا وكذا فلله علي صوم كذا، أو صلاة، أو صدقة، أو حج، أو عتق رقبة، فعليه أن يفي لله بنذره، إذا كان ذلك الشئ، كما نذر فيه. فإن أفطر يوم صوم النذر، فعليه الكفارة شهرين متتابعين وقد روي أن عليه كفارة يمين. والوجه الثاني من صوم النذر: أن يقول الرجل: إن كان كذا وكذا صمت، أو صليت، أو تصدقت، أو حججت، ولم يقل لله علي كذا وكذا، إن شاء فعل وأوفى بنذره، وإن شاء لم يفعل فهو بالخيار (6). فمتى وجب على الانسان صوم شهرين متتابعين، فصام شهرا وصام من الشهر


1 – الفقيه 2: 98 / 439، المقنع: 63 باختلاف يسير. 2 – المقنع: 0 6.
3 – الفقيه 2: 70 / 297 و 298 باختلاف في ألفاظه.
4 – عكرة اللسان: أصله ” الصحاح – عكر – 2: 756 “.
5 – في نسخة ” ش “: ” قسمين “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 232 / 1095، والمقنع: 137، والهداية: 73.

[ 213 ]

الثاني أياما ثم أفطر، فعليه أن يبني عليه ولا بأس، وإن صام شهرا أو أقل منه ولم يصم من الشهر الثاني شيئا عليه أن يعيد صومه إلا أن يكون قد أفطر لمرض فله أن يبني على ما صام، لأن الله حبسه (1). والرعاف والقلس والقئ لا ينقض الصوم، إلا أن يتقيأ متعمدا. ولا يصوم في السفر شيئا من صوم الفرض، ولا السنة ولا تطوع، إلا الصوم الذي ذكرناه في أول الباب، من صوم كفارة صيد الحرم، وصوم كفارة الإحلال في الاحرام إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيام لطلب حاجة عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وصوم الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسجد الكوفة ومسجد المدائن. ولا يجوز الاعتكاف في غير هؤلاء المساجد الأربعة، والعلة في ذلك أنه لا يعتكف إلا في مسجد جمع فيه إمام عدل، وجمع رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة والمدينة، و أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الثلاثة المساجد، وقد روي في مسجد البصرة (2). إذا قضيت صوم شهر رمضان والنذر، كنت بالخيار في الافطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال، فعليك كفارة مثل من أفطر يوما من شهر رمضان (3)، وقد روي أن عليه إذا أفطر بعد الزوال إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من طعام فإن لم يقدر عليه صام يوما بدل يوم، وصام ثلاثة أيام كفارة لما فعل (4). وإذا أصبحت يوم الفطر، اغتسل وتطيب وتمشط والبس أنظف ثيابك وأطعم شيئا من قبل أن تخرج إلى الجبانة فإذا أردت الصلاة فابرز إلى تحت السماء، وقم على الأرض و لا تقم على غيرها، وأكثر ذكر الله والتضرع إلى الله عز وجل وسله أن لا يجعل منك آخر العهد، وبالله التوفيق (5).


1 – المقنع: 64 باختلاف يسير.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 120 / 519، والمقنع: 66، والكافي 4: 176 / 1.
3 – المختلف: 248 عن رسالة علي بن بابويه، والمقنع: 63.
4 – المقنع: 63.
5 – الهداية: 53 باختلاف في ألفاظه.

[ 214 ]

31 باب الحج وما يستعمل فيه إعلم يرحمك الله أن الحج فريضة من فرائض الله عز وجل اللازمة منه، الواجبة على من استطاع إليه سبيلا، وقد وجب في طول العمر مرة واحدة، ووعد عليها من الثواب الجنة، والعفو من الذنوب وسمي تاركه كافرا وتوعد على تاركه بالنار، فنعوذ بالله. وروي أن مناديا ينادي بالحاج إذا قضوا مناسكهم: قد غفر لكم ما مضى، فاستأنفوا العمل (1). أروي عن العالم عليه السلام أنه لا يقف أحد من موافق أو مخالف في الموقف إلا غفر له (2) فقيل له عليه السلام: إنه يقفه الشاري (3) والناصب وغيرهما، فقال: يغفر للجميع، حتى أن أحدهم لو لم يعاود، إلى ما كان عليه ما وجد شيئا مما تقدم، وكلهم معاود قبل الخروج من الموقف. وروي أن حجة مقبولة خير من الدنيا بما فيها، وجعله في شهر معلوم، مقرون العمرة، إلى الحج. فأدنى ما يتم به فرض الحج: الاحرام بشروطه، والتلبية، والطواف، والصلاة عند المقام، والسعي بين الصفا والمروة، والموقفين، وأداء الكفارات، والنسك، والزيارة، وطواف النساء. والذي يفسد الحج ويوجب الحج من قابل، الجماع للمحرم في الحرم، وما سوى ذلك


1 – ورد مؤداه في ثواب الأعمال: 1 7 / 6، والمحاسن: 64 / 115.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 136 / 582 و 583، وثواب الأعمال: 71 / 5.
3 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” الشادي ” وما أثبتناه من البحار 99: 11 / 33 عن فقه الرضا عليه السلام و الشاري: من دان بدين الشراة وهم الخوارج ” القاموس المحيط – شرى – 4: 348 “.

[ 215 ]

ففيه الكفارات، وهي (1) مثبتة في باب الكفارات. ثم يجب عليه بالسنة الحج نافلة بقدر اتساعه وصحة جسمه وقوته على السفر، والذي فرض الله على عباده الحج والعمرة لمن وجد طولا فقال: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) (2). والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة إلى الحج. ولا يجوز لأهل مكة وحاضريها التمتع إلى الحج، وليس لهما إلا القران أو الأفراد، لقول الله تبارك وتعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ثم قال عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) (3) مكة ومن حولها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا عن هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج، ولا يقبل الله غيره منه (4). فإذا أردت الخروج إلى الحج، فوفر شعرك شهر ذي القعدة وعشرة من ذي الحجة، واجمع أهلك وصل ركعتين، ومجد (5) الله عز وجل، وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وارفع يديك إلى الله وقل: اللهم إني استودعك اليوم ديني ومالي ونفسي وأهلي وولدي وجميع جيراني وإخواني المؤمنين الشاهد منا والغائب عنا. فإذا خرجت فقل: بحول الله وقوته أخرج. فإذا وضعت رجلك في الركاب، فقل: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله. فإذا استويت على راحلتك، واستوى بك محملك، فقل: الحمد الله الذي (هدانا إلى الاسلام، ومن علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، سبحان الذي) (6) سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين (7). وعليك بكثرة الاستغفار، والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله، و


1 – ورد مضمونه في الفقيه 2: 213 / 971، والمقنع: 76، والكافي 4: 374 / 3، والتهذيب 5: 318 / 1096. 2 و 3 – البقرة 2: 196.
4 – الفقيه 2: 203 / 926، والمقنع: 67، والهداية: 54، من ” ولا يجوز لأهل مكة. “.
5 – في نسخة ” ش “: وأحمد.
6 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
7 – الفقيه 2: 311، والمقنع: 67، والهداية: 54 باختلاف يسير.

[ 216 ]

حسن الخلق، وحسن الصحابة لمن صحبك، وكظم الغيظ، وقلة الكلام، وإياك والمماراة. فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله (1) فإنه صلى الله عليه وآله وقت لأهل العراق العقيق، وأوله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، وأوله أفضل. ووقت لأهل الطائف قرن المنازل. ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي مسجد الشجرة. ووقت لأهل اليمن يلملم. ووقت لأهل الشام المهيعة وهي الجحفة (2). ومن كان منزله دون هذه المواقيت ما بينهما وبين مكة فعليه أن يحرم من منزله (3)، ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلل أو تقية، فإذا كان الرجل عليلا أو اتقى، فلا بأس بأن يؤخر الاحرام إلى ذات عرق (4). فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ والبس ثيابك، وصل ست ركعات، تقرأ فيها (فاتحة الكتاب) و (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) فإن كان وقت صلاة الفريضة فصل هذه الركعات قبل الفريضة ثم صل الفريضة. وروي أن أفضل ما يحرم، الانسان في دبر الصلاة الفريضة، ثم أحرم في دبرها ليكون أفضل، وتوجه في الركعة الأولى منها (5). فإذا فرغت فارفع يديك، ومجد الله كثيرا وصل على محمد وآله كثيرا وقل: اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج، على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، فإن عرض لي عارض يحبسني، فحلني حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة (6). ثم تلبي سرا بالتلبيات الأربع وهي المفترضات تقول: لبيك اللهم لبيك،


1 – شرط جوابه يأتي في قوله: ” فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ “.
2 – الفقيه 2: 312، المقنع: 68، الهداية: 54 باختلاف يسير، من ” فإذا بلغت. “.
3 – الفقيه 2: 200 / 912.
4 – الفقيه 2: 199 / 907.
5 – الهداية: 55 باختلاف في ألفاظه.
6 – المقنع: 69، والهداية: 55، والكافي 4: 331 / 2، والتهذيب 5: 77 / 253، باختلاف يسير.

[ 217 ]

لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه الأربعة مفروضات (1). وتقول: لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك تبدئ وتعيد والمعاد إليك لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك، لبيك كشاف الكرب العظام لبيك، لبيك يا كريم لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك بين يديك لبيك، لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبيك. وأكثر من ذي المعارج (2). واتق في إحرامك: الكذب واليمين الكاذبة والصادقة وهو الجدال الذي نهاه الله. والجدال: قول الرجل: لا والله وبلى والله، فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ عليك، وإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم شاة، وإن جادلت مرة وأنت كاذب فعليك دم شاة، وإن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة، وإن جادلت ثلاثا وأنت كاذب فعليك بدنة. واتق الصيد والفسوق وهو الكذب، فاستغفر الله منه، وتصدق بكف طعيم. والرفث: الجماع، فإن جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة و الحج من قابل. ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تؤدي المناسك ثم تجتمعان، فإذا حججتما من قابل، وبلغتما الموضع الذي واقعتها فرق بينكما حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان. فإن أخذتما على غير الطريق الذي كنتما أحدثتما فيه العام الأول، لم يفرق بينكما. وتلزم المرأة بدنة إذا طاوعت الرجل، فإن أكرهها لزمه بدنتان ولم يلزم المرأة شئ. فإن كان الرجل جامعها دون الفرج، فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل. فإن كان الرجل جامعها بعد وقوفه بالمشعر، فعليه دم وليس عليه الحج من


1 – الفقيه 2: 313.
2 – الفقيه 2: 314، والمقنع: 69، والهداية: 55 بتقديم وتأخير.

[ 218 ]

قابل (1). وإن لبس ثوبا من قبل أن يلبي، نزعه من فوق وأعاد الغسل ولا شئ عليه. وإن لبسه بعد ما لبى فينزعه من أسفله وعليه دم شاة، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه (2). وإذا لبيت فارفع صوتك بالتلبية، ولب متى ما صعدت أكمة، أو هبطت واديا، أو لقيت راكبا، أو انتبهت من نومك، أو ركبت أو نزلت، وبالأسحار. فإن أخذت على طريق المدينة، لبيت سرا قبل أن تبلغ الميل الذي على يسار الطريق، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية، ولا تجوز الميل إلا ملبيا (3). فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية. وحد بيوت مكة من عقبة المدنيين أو بحذاها، ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة وهو عقبة ذي طوى (4). فإذا بلغت الحرم فاغتسل قبل أن تدخل مكة، وامش هنيهة وعليك السكينة والوقار. فإذا دخلت مكة ونظرت إلى البيت فقل: الحمد لله الذي عظمك وشرفك و كرمك، وجعلك مثابة للناس وأمنا وهدى للعالمين (5). ثم أدخل المسجد حافيا و عليك السكينة والوقار (6)، وإن كنت مع قوم تحفظ عليهم رحالهم حتى يطوفوا ويسعوا كنت أعظمهم ثوابا. وادخل المسجد من باب بني شيبة فقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم تطوف بالبيت، وتبدأ بركن الحجر الأسود وقل: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة، آمنت بالله عز وجل، وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزى، وهبل والأصنام، وعبادة الأوثان والشيطان، وكل ند


1 – الفقيه 2: 212 / 968 عن رسالة أبيه، والمقنع: 70 باختلاف يسير.
2 – الفقيه 2: 202 / 924، والمقنع: 70 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 2: 314 بتقديم وتأخير.
4 – الفقيه 2: 315، والمقنع: 80، والهداية: 56.
5 – الفقيه 2: 315، المقنع: 80، الهداية: 56 باختلاف يسير. من ” فإذا دخلت مكة. “.
6 – الفقيه 2: 315، الكافي 4: 400 / 6 و 401 / 1، التهذيب 5: 100 / 327 باختلاف يسير.

[ 219 ]

يعبد من دون الله جل سبحانه عما يقولون علوا كبيرا، تطوف أسبوعا، وتقارب بين خطاك، وتستلم الحجر في كل شوط، فإن لم تقدر عليه فأشر إليه بيدك. وقل عند باب البيت، سائلك ببابك مسكينك ببابك، عبيدك بفنائك فقيرك نزل بساحتك، تفضل عليه بجنتك (1). فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: اللهم أعتق رقبتي من النار، وادرأ عني شر فسقة العرب والعجم، وأظلني تحت عرشك، واصرف عني شر كل ذي شر، وشر فسقة الجن والإنس (2). وتقول في طوافك: اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل (3) الماء كما يمشى به على جدد الأرض، وباسمك المخزون المكنون عندك، وباسمك العظيم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تصلي على محمد و على آل محمد (4) وأن تغفر لي وترحمني، وتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، و موسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمد صلى الله عليه وآله حبيبك. فإذا بلغت الركن اليماني فاستلمه فإن فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح (5)، وتسير منه إلى زاوية المسجد مقابل هذا الركن وتقول: أصلي عليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله. وتقول بين الركن اليماني وبين ركن الحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، و في الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. فإذا كنت في الشوط السابع، فقف عند المستجار وتعلق بأستار الكعبة، وادع الله كثيرا وألح عليه، وسل حوائج الدنيا والآخرة، فإنه قريب مجيب (6). فإذا فرغت من أسبوعك فائت مقام إبراهيم وصل ركعتين للطواف، واقرأ فيها (فاتحة الكتاب) و (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) (7).


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 316، والمقنع: 80، والهداية: 57.
2 – الهداية: 57 باختلاف يسير.
3 – ظلل: جمع ظلة، وهي أمواج البحر. ” لسان العرب – ظلل – 11: 417 “.
4 – الفقيه 2: 317، والهداية: 57.
5 – الفقيه 2: 134 / 571 من ” فإذا بلغت الركن اليماني. “.
6 – الفقيه 2: 317، والمقنع: 81، والهداية: 58 باختلاف يسير. من ” وتقول بين الركن اليماني. “.
7 – الفقيه 2: 318، والمقنع: 81، والهداية: 58.

[ 220 ]

ثم تخرج إلى الصفا، ما بين الاسطوانتين تحت القناديل، فإنه طريق النبي صلى الله عليه وآله إلى الصفا، فابتدئ بالصفا وقف عليه وأنت مستقبل البيت، فكبر تسع (1) تكبيرات، وأحمد الله، وصل على محمد وعلى آله، وادع لنفسك ولوالديك وللمؤمنين. ثم تنحدر إلى المروة وأنت تمشي، فإذا بلغت حد السعي وهو الميلين الأخضرين هرول واسع مل ء فروجك، وقل: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الأعز الأكرم. فإذا جزت حد السعي، فاقطع الهرولة وامش على السكون والتؤدة والوقار، وأكثر من التسبيح والتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد لله، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تبلغ المروة، فاصعد عليه، وقل ما قلت على الصفا، وأنت مستقبل البيت. ثم انحدر منها حتى تأتي الصفا، تفعل ذلك سبع مرات، يكون وقوفك على الصفا أربع مرات، وعلى المروة أربع مرات، والسعي ما بينهما سبع مرات، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة. ثم تقصر من شعر رأسك من جوانبه (وحاجبيك ومن لحيتك) (2) وقد أحللت من كل شئ أحرمت منه (3). ويستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة وستين أسبوعا بعدد أيام السنة فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطا (4). فإن سهوت وطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط، فزد عليها ستة أشواط، و صل عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتي الطواف، ثم اسع [ بين ] (5) الصفا والمروة ثم تأتي المقام فصل خلفه ركعتي الطواف. واعلم أن الفريضة هي الطواف الثاني، والركعتين الأولتين لطواف الفريضة،


1 – في نسخة ” ض “: ” بسبع “.
2 – في نسخة ” ش “: ” أو حاجبيك أو من لحيتك “.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 318، والمقنع: 82، والهداية: 59، ومصباح المتهجد: 624.
4 – الفقيه 2: 255 / 1236، الكافي 4: 429 / 14، التهذيب 5: 135 / 445، والخصال: 602 / 7.
5 – أثبتناه من البحار 99: 207 / 9 عن فقه الرضا عليه السلام.

[ 221 ]

والركعتين الأخرتين للطواف الأول، والطواف الأول تطوع. فإن شككت فلم تدر سبعة طفت أم ثمانية (1) وأنت في الطواف فابن على سبعة وأسقط واحدة واقطعه، وإن لم تدر ستة طفت أم سبعة فأتمها بواحدة. وإن نسيت شيئا من الطواف فذكرته بعد ما سعيت بين الصفا والمروة فابن على ما طفت وتمم طوافك بالبيت، إن كنت قد طفت أربعة أشواط، وإن طفت أقل من أربعة أشواط أعدت الطواف. وإن نسيت الطواف كله ثم ذكرته بعد ما سعيت، فطف أسبوعا، وصل ركعتين، وأعد السعي بين الصفا والمروة. وإن نسيت الركعتين خلف المقام، ثم ذكرتها وأنت تسعى، فافرغ منه ثم صل ركعتين، وليس عليك إعادة السعي (2). وإن سهوت وسعيت بن الصفا والمروة أربعة عشر شوطا، فليس عليك شئ (3). وإن سعيت ستة أشواط (وقصرت، ثم ذكرت بعد ذلك أنك سعيت ستة أشواط) (4)، فعليك أن تسعى شوطا آخر. وإن جامعت أهلك وقصرت، سعيت شوطا آخر، وعليك دم بقرة. وإن سعيت ثمانية، فعليك، الإعادة. وإن سعيت تسعة فلا شئ عليك، وفقه ذلك أنك إذا سعيت ثمانية، كنت بدأت بالمروة وختمت بها، وكان ذلك خلاف السنة. وإذا سعيت تسعا كنت بدأت بالصفا وختمت بالمروة (5). ولما أتيته من الصيد في عمرة أو متعة، فعليك أن تذبح أو تنحر ما لزمك من الجزاء بمكة عند الحزورة (6) قبالة الكعبة موضع المنحر، وإن شئت أخرته إلى أيام التشريق فتنحره بمنى. وقد روي ذلك أيضا.


1 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” خمسة ” والظاهر اشتباه، وصوابه ما أثبتناه من البحار 99: 207 / 9.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 253 / 1224 و 1225. من ” وإن نسيت الركعتين. “.
3 – ورد مؤداه في التهذيب 5: 152 / 501، والاستبصار 2: 239 / 834.
4 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
5 – الفقيه 2: 256 / 1245 باختلاف يسير. من ” وإن جامعت أهلك. “.
6 – الحزورة: كانت سوق مكة ثم دخلت في المسجد لما زيد فيه ” معجم البلدان 2: 255 “.

[ 222 ]

وإذا وجب عليك في متعة وما أشبهها مما يجب عليك فيه من جزاء الحج فلا تنحره إلا يوم النحر بمنى (1) وإن كان عليك دم واجب قلدته أو جللته أو أشعرته فلا تنحره إلا في يوم النحر بمنى. وإذا أردت أن تشعر بدنتك فاضربها بالشفرة على سنامها من الجانب الأيمن (2)، فإن كانت البدن كثيرة، فادخل بينها واضربها بالشفرة يمينا وشمالا (3)، وإذا أردت نحرها فانحرها وهي قائمة مستقبل القبلة، وتشعرها وهي باركة (4). وكل من أضحيتك، وأطعم القانع والمعتر، القانع: الذي يقنع بما تعطيه، والمعتر: الذي يعتريك (5)، ولا تعطي الجزار منها شيئا، ولا تأكل من فداء الصيد إن اضطررته فإنه من تمام حجك. وأكثر الصلاة في الحجر، وتعمد تحت الميزاب وادع عنده كثيرا (6)، وصل في الحجر على ذراعين من طرفه مما يلي البيت، فإنه موضع شبير وشبر ابني هارون عليه السلام (7) وإن تهيأ لك أن تصلي صلاتك (8) كلها عند الحطيم فافعل فإنه أفضل بقعة على وجه الأرض، والحطيم ما بين الباب والحجر الأسود، وهو الموضع الذي فيه تاب الله على آدم عليه السلام. وبعده الصلاة في الحجر أفضل، وبعده ما بين الركن العراقي والباب، وهو الموضع الذي كان فيه المقام في عهد إبراهيم عليه السلام إلى عهد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم، وبعده خلف المقام الذي هو الساعة، وما قرب من البيت فهو أفضل إلا أنه لا يجوز أن تصلي ركعتي طواف الحج والعمرة إلا خلف المقام حيث هو الساعة (9).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 235 / 1120، والمقنع: 79.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 209 / 955.
3 – ورد مؤداه في الكافي 4: 297 / 5، والتهذيب 5: 43 / 128.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 209 / 955، والتهذيب 5: 43 / 127.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 88. 6 – ورد مؤداه في المقنع: 81.
7 – الكافي 4: 214 / 9، باختلاف في الألفاظ.
8 – في نسخة ” ض “: صلواتك.
9 – الفقيه 2: 135 / 579، باختلاف يسير.

[ 223 ]

ولا بأس أن تصلي ركعتين لطواف النساء وغيره حيث شئت من المسجد الحرام (1). وإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك اللذين للاحرام، وائت المسجد حافيا عليك السكينة والوقار (2)، وصل عند المقام الظهر والعصر، واعقد إحرامك دبر العصر، وإن شئت في دبر الظهر (3)، تقول: اللهم إني أريد ما أمرت به من الحج، على كتابك وسنة نبيك عليه السلام فإن عرض لي عرض حبسني فحلني أنت حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت علي (4). ولب مثل ما لبيت في العمرة، ثم أخرج إلى منى وعليك السكينة والوقار، واذكر الله كثيرا في طريقك. فإذا خرجت إلى الأبطح، فارفع صوتك بالتلبية. فإذا أتيت منى فبت بها وصل بها الغداة، واخرج منها إلى عرفات، وأكثر من التلبية في طريقك (5). فإذا زالت الشمس فاغتسل أو قبل الزوال وصل الظهر والعصر بأذان و إقامتين، ثم ائت الموقف فادع بدعاء الموقف، واجتهد في الدعاء والتضرع، وألح قائما و قاعدا إلى أن تغرب الشمس. ثم أفض منها بعد المغيب وتقول: لا إله إلا الله. وإياك أن تفيض قبل الغروب فيلزمك دم (6)، ولا تصل المغرب ولا العشاء الآخرة ليلة النحر إلا بمزدلفة وإن ذهب ربع الليل. فإذا أتيت المزدلفة وهي الجمع صليت بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ثم تصلي نوافلك للمغرب بعد العشاء، وإنما سميت الجمع المزدلفة لأنه يجمع فيها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، فإذا أصبحت فصل الغداة وقف بها كوقوفك بعرفة وادع الله كثيرا (7).


1 – ورد مؤداه في الكافي 4: 424 / 8.
2 – الكافي 4: 454 / 1 باختلاف يسير.
3 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” بالحج مفردا “.
4 – الهداية: 55 باختلاف يسير.
5 – الهداية: 60 باختلاف في ألفاظه.
6 – الفقيه 2: 322، والهداية: 60، باختلاف في ألفاظه.
7 – الفقيه 2: 325 / 1549، والهداية: 61 باختلاف في ألفاظه.

[ 224 ]

فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير فأفض منها إلى منى، وإياك أن تفيض منها قبل طلوع الشمس، ولا من عرفات قبل غروبها، فيلزمك الدم. وروي أنه يفيض من المشعر إذا انفجر الصبح، وبان في الأرض خفاف البعير وآثار الحوافر. فإذا بلغت طرف وادي محسر فاسع فيه مقدار مائة خطوة، وإن كنت راكبا فحرك راحلتك قليلا (1). فإذا أتيت منى فاشتر هديك واذبحه، فإذا أردت ذبحه أو نحره فقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك وبك ولك وإليك، بسم الله الرحمن الرحيم، الله أكبر، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، ومحمد حبيبك صلى الله عليهم. ثم أمر السكين عليها، ولا تنخعها حتى تموت (2). ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية (3) ومن الضأن الجذع لسنة (4) وتجزي البقرة عن خمسة. وروي عن سبعة إذا كانوا من أهل بيت واحد، وروي أنها لا تجزي إلا عن واحد. فإذا نحرت أضحيتك أكلت منها وتصدقت بالباقي، وروي أن شاة تجزي عن سبعين إذا لم يوجد شئ (5). وإذا عجزت عن الهدي ولم يمكنك صمت قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجعت إلى أهلك، وإن فاتك صوم هذه الثلاثة أيام صمت صبيحة ليلة الحصبة (6) ويومين بعدها (7). وإن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي، فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة يشتري ذلك في ذي الحجة ويذبح عنك،


1 – الفقيه 2: 327 بتقديم وتأخير.
2 – الفقيه 2: 299 / 1489، والمقنع: 88، والهداية: 62 باختلاف يسير.
3 – في الفقيه والهداية: ” وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة “.
4 – المقنع: 88 عن رسالة أبيه، والفقيه 2: 294 / 1455، والهداية: 62.
5 – المقنع: 88 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
6 – يعني بليلة الحصبة: الليلة التي في صبيحتها رمي الجمار.
7 – الفقيه 2: 302 / 1504 باختلاف يسير.

[ 225 ]

فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر لك، أخرها إلى قابل ذي الحجة فإنها أيام الذبح (1). ثم احلق شعرك، وإذا أردت أن تحلق رأسك فاستقبل القبلة، وابدأ بالناصية، واحلق من العظمين النابتين بحذاء الأذنين، وقل: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة. وادفن شعرك بمنى (2). وخذ حصيات الجمار من حيث شئت، وقد روي أن أفضل ما يؤخذ الجمار من المزدلفة، وتكون منقطة كحلية مثل رأس الأنملة، واغسلها غسلا نظيفا، ولا تأخذ من الذي رمي مرة (3). وارم إلى جمرة العقبة في يوم النحر بسبع حصيات، وتقف في وسط الوادي مستقبل القبلة (4)، يكون بينك وبين الجمرة عشر خطوات ” أو خمس عشرة خطوة ” (5) وتقول وأنت مستقبل القبلة والحصى في كفك اليسرى: اللهم هذه حصياتي فاحصهن لي عندك، وارفعهن في عملي، ثم تناول منها واحدة وترمي من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها، وتكبر مع كل حصاة (6). وترمي يوم الثاني والثالث والرابع، في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة: إلى الجمرة الأولى بسبع وتقف عليها وتدعو، وإلى الجمرة الوسطى بسبع وتقف عندها و تدعو، وإلى جمرة العقبة بسبع ولا تقف عندها (7). فإن جهلت ورميت مقلوبة، فأعد على الجمرة الوسطى وجمرة العقبة (8). وإن سقطت منك حصاة فخذ من حيث شئت من الحرم، ولا تأخذ من الذي قد رمي (9). وإن كان معك مريض لا يستطيع أن يرمي الجمار، فاحمله إلى الجمرة ومره أن يرمي من كفه إلى الجمرة، وإن كان كسيرا أو مبطونا أو ضعيفا ولا يعقل ولا يستطيع


1 – في نسخة ” ش “: ” الحج “، وقد أورده الصدوق في الفقيه 2: 304 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
2 – الفقيه 2: 329، والمقنع: 88، والهداية: 63 باختلاف يسير.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 326.
4 – في نسخة ” ش “: ” الكعبة “.
5 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
6 – الفقيه 2: 7 32 باختلاف في ألفاظه.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 331، والمقنع: 93، والهداية: 65.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 285 / 1399، والكافي 4: 483 / 1 و 2، والتهذيب 5: 265 / 902 و 903.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 285 / 1397 و 1398.

[ 226 ]

الخروج ولا الحملان فارم أنت عنه (1). وإن جهلت ورميت إلى الأولى بسبع، وإلى الثانية بست، وإلى الثالثة بثلاث، فارم إلى الثانية بواحدة وأعد الثالثة. ومتى لا تجز النصف فأعد الرمي من أوله، ومتى ما جزت النصف فابن على ذلك. وإن رميت إلى الجمرة الأولى دون النصف، فعليك أن تعيد الرمي إليها وإلى ما بعدها من أوله (2). فإذا رميت يوم الرابع فاخرج منها إلى مكة، ومطلق لك رمي الجمار من أول النهار إلى زوال الشمس. وقد روي من أول النهار إلى آخره، وأفضل ذلك ما قرب من الزوال (3)، و جائز للخائف والنساء الرمي بالليل، فإن رميت ودفعت في محمل وانحدرت منه إلى الأرض أجزأت عنك، وإن بقيت في المحمل لم تجز عنك وارم مكانها أخرى (4). وزر البيت يوم النحر أو من الغد، وإن أخرتها إلى آخر اليوم أجزاك. وتغتسل لزيارة البيت، وإن زرت نهارا فدخل عليك الليل في طريقك أو في طوافك أو في سعيك فلا بأس به ما لم ينقض الوضوء، وإن نقضت الوضوء أعدت الغسل، وكذلك إذا خرجت من منى ليلا وقد اغتسلت، وأصبحت في طريقك أو في طوافك وسعيك فلا شئ عليك فيما لا ينقض الوضوء، فإن نقضت الوضوء أعدت الغسل وطفت بالبيت طواف الزيارة وهو طواف الحج سبعة أشواط وصليت عند المقام ركعتين، وسعيت بين الصفا والمروة كما فعلت عند المتعة سبعة أشواط، ثم تطوف بالبيت أسبوعا وهو طواف النساء. ولا تبت بمكة فيلزمك دم. واعلم أنك إذا رميت جمرة العقبة، حل لك كل شئ إلا الطيب والنساء. وإذا طفت طواف الحج، حل لك كل شئ إلا النساء.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 286 / 1404 و 1405، والكافي 4: 485 / 1 و 2، والتهذيب 5: 268 / 914 – 919.
2 – المختلف: 311 عن علي بن بابويه.
3 – الفقيه 2: 331 باختلاف يسير.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 285 / 1399، والكافي 4: 483 / 3، والتهذيب 5: 267 / 907، من ” فإن رميت. “.

[ 227 ]

فإذا طفت طواف النساء، حل لك كل شئ إلا الصيد، فإنه حرام على المحل في الحرم، وعلى المحرم في الحل والحرم (1). ثم ترجع إلى منى فتقيم بها إلى يوم الرابع، فإذا رميت الجمار يوم الرابع ارتفاع النهار فامض منها إلى مكة فإذا بلغت مسجد الحصبة دخلته واستلقيت فيه على قفاك بقدر ما تستريح، ثم تدخل مكة وعليك السكينة والوقار (2) فتطوف بالبيت ما شئت تطوعا. وإذا كان الرجل من حاضري المسجد الحرام أفرد بالحج، وإن شاء ساق الهدي ويكون على إحرامه حتى يقضي المناسك كلها، وليس على المفرد الهدي، ولا على القارن إلا ما ساقه (3). وكل شئ أتيته في الحرم بجهالة وأنت محل أو محرم أو أتيت في الحل وأنت محرم فليس عليك شئ إلا الصيد فإن عليك فداءه فإن تعمدته كان عليك فداؤه وإثمه، وإن علمت أو لم تعلم فعليك فداؤه (4). فإن كان الصيد نعامة فعليك بدنة، فإن لم تقدر عليها أطعمت ستين مسكينا لكل مسكين مد فإن لم تقدر صمت ثمانية عشر يوما. فإن أكلت بيضها فعليك دم كذلك وإن وطئتها وكان فيها فراخ تتحرك فعليك أن ترسل فحولة من البدن على عددها من الإناث بقدر عدد البيض، فما نتج منها فهو هدي لبيت الله (5). وإن كان الصيد بقرة أو حمار وحش فعليك بقرة، فإن لم تقدر أطعمت ثلاثين مسكينا، فإن لم تقدر صمت تسعة أيام (6). وإن كان الصيد ظبيا فعليك دم شاة، فإن لم تقدر أطعمت عشرة مساكين، فإن لم تقدر صمت ثلاثة أيام. فإن رميت ظبيا فكسرت يده أو رجله فذهب على وجهه لا تدري ما صنع


1 – المختلف: 308 عن علي بن بابويه، من ” واعلم أنك إذا رميت. “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 332، والمقنع: 93، والهداية: 5 6. من ” فإذا بلغت. “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 203 / 926، والمقنع: 3 9، والهداية: 65. من ” وإذا كان الرجل. “.
4 – الفقيه 2: 235 / 1118 باختلاف في ألفاظه.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 78.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 233 / 1112، والمقنع: 77 وفيهما بالنسبة لحمار الوحش مثل النعامة بدنة.

[ 228 ]

فعليك فداؤه، وإن رأيته بعد ذلك يرعى ويمشي فعليك ربع قيمته (1)، وإن كسرت قرنه أو جرحته تصدقت بشئ من الطعام. وإن قتلت جرادة تصدقت بتمرة، وتمرة (2) خير من جرادة، فإن كان الجراد كثيرا ذبحت الشاة (3). واليعقوب الذكر والحجلة الأنثى ففي الذكر شاة. وإن قتلت زنبورا تصدقت بكف طعام (4). وإن قتلت الحجلة أو بلبلا أو عصفورا فدم شاة. وإن أكلت جرادة واحدة، فعليك دم شاة (5). وفي الثعلب والأرنب دم شاة. وفي القطاة حمل (6) قد فطم من اللبن ورعى من الشجر، وفي بيضه إذا أصبته قيمته، فإن وطأتها وفيها فراخ تتحرك، فعليك أن ترسل الذكران من المعز على عددها من الإناث، على قدر عدد البيض، فما نتج فهو هدي لبيت الله (7). وفي اليربوع والقنفذ والضب، جدي والجدي خير منه (8). ولا بأس للمحرم أن يقتل الحية والعقرب والفأرة، ولا بأس برمي الحداة (9)، وإن كان الصيد أسدا ذبحت كبشا (10). ومتى أصبت شيئا من الصيد في الحل وأنت محرم فعليك دم على ما وصفناه ومتى ما أصبته في الحرم وأنت محل فعليك قيمة الصيد، فإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك الفداء والقيمة، فإن كان الصيد طيرا اشتريت بقيمته علفا


1 – الفقيه 2: 233 / 1112 و 1113، والمقنع: 77 باختلاف في ألفاظه.
2 – في نسخة ” ض “: ” بتمرات وتميرات “.
3 – الفقيه 2: 235 / 1118، المقنع: 79.
4 – الفقيه 2: 235 / 1119، المقنع: 79، التهذيب 5: 345 / 5 119.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 5: 364 / 1266. من ” وإن أكلت جرادة. “.
6 – الحمل: الخروف أو هو الجذع من أولاد الضأن فما دونه ” القاموس المحيط – حمل – 3: 362 “.
7 – المقنع: 78.
8 – الكافي 4: 387 / 9.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 232 / 1109، والمقنع: 77.
10 – ورد مؤداه في الكافي 4: 237 / 26، والتهذيب 5: 366 / 1275.

[ 229 ]

علفت به حمام الحرم، وإن كنت محرما وأصبته وأنت محرم في الحرم فعليك دم، وقيمة الطير درهم، فإن كان فرخا فعليك دم ونصف درهم، فإن كان أكلت بيضه تصدقت بربع درهم، وإن كان بيض حمام فربع درهم ودرهم (1) وإن كان الصيد قطاة فعليك حمل قد رضع وفطم من اللبن ورعى الشجر، وإن كان غير طائر تصدقت بقيمته، وإن كان فرخا تصدقت بنصف درهم (2). وإن نفرت حمام الحرم فرجعت فعليك في كلها شاة، وإن لم ترها رجعت فعليك لكل طير دم شاة (3). وإذا فرغت من المناسك كلها وأردت الخروج، تصدقت بدرهم تمرا، حتى يكون كفارة لما دخل عليك في إحرامك من الخلل والنقصان وأنت لا تعلم (4). فإذا قرن الرجل الحج والعمرة فأحصر، بعث هديا مع هدي أصحابه، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله، فإذا بلغ محله أحل وانصرف إلى منزله، وعليه الحج من قابل، ولا تقرب النساء حتى تحج من قابل (5). وإن صد رجل عن الحج وقد أحرم، فعليه الحج من قابل، ولا بأس بمواقعة النساء، لأن هذا مصدود وليس كالمحصور (6). ولو أن رجلا حبسه سلطان جائر بمكة – وهو متمتع بالعمرة إلى الحج – ثم أطلق عنه ليلة النحر، فعليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، وإن خلى يوم النحر بعد الزوال فهو مصدود عن الحج. وإن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج، فليطف بالبيت أسبوعا و يسعى أسبوعا، ويحلق رأسه، ويذبح شاة. وإن كان دخل مكة مفردا للحج، فليس عليه ذبح ولا شئ عليه (7).


1 – ” ودرهم ” ليس في نسخة ” ض “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 234 / 1117.
3 – مختلف الشيعة: 280 باختلاف في الألفاظ عن علي بن بابويه.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 2: 332، والمقنع: 93، والهداية: 65.
5 – الفقيه 2: 305 / 1512.
6 – مختلف الشيعة: 318 عن علي بن بابويه.
7 – مختلف الشيعة: 319 عن علي بن بابويه.

[ 230 ]

وإن نسي المتمتع التقصير حتى يهل بالحج كان عليه دم، وروي أنه يستغفر الله (1). وإذا حلق المتمتع رأسه بمكة فليس عليه شئ إن كان جاهلا وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما منها فليس عليه شئ، وإن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دم شاة (2). فإذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج، فإن علم وخرج ثم رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا وإن رجع في غير ذلك الشهر دخلها محرما (3). وإذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم، فعليها أن تحتشي، إذا بلغت الميقات، و تغتسل وتلبس ثياب إحرامها وتدخل مكة وهي محرمة، ولا تقرب المسجد الحرام. فإن طهرت ما بينها وبين يوم التروية قبل الزوال فقد أدركت متعتها، فعليها أن تغتسل، و تطوف البيت، وتسعى بين الصفا والمروة، وتقضي ما عليها من المناسك (4) وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها فتجعلها حجة مفردة (5)، وإن حاضت بعد ما سعت بين الصفا والمروة، وفرغت من المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتعة بالعمرة إلى الحج، وعليها ثلاثة أطواف: طواف للمتعة، وطواف للحج، وطواف للنساء. ومتى لم يطف الرجل طواف النساء، لم يحل له النساء حتى يطوف، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء (6). ومتى حاضت المرأة في الطواف خرجت من المسجد، فإن كانت طافت ثلاثة أشواط فعليها أن تعيد، وإن كانت طافت أربعة أقامت على مكانها، فإذا طهرت بنت و


1 – المقنع: 3 8.
2 – الفقيه 2: 238 / 1137، والمقنع: 83، والكافي 4: 441 / 7. والتهذيب 5: 158 / 526، باختلاف يسير في الألفاظ.
3 – الفقيه 2: 238 / 1139، باختلاف يسير في الألفاظ.
4 – ورد مؤداه في المقنع: 84.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 5: 390 / 1362.
6 – مختلف الشيعة: 291 عن رسالة علي بن بابويه.

[ 231 ]

قضت ما بقي عليها (1)، ولا تجوز على المسجد حتى تتيمم وتخرج منه. وكذلك الرجل إذا أصابه علة وهو في الطواف ولم يقدر إتمامه، خرج وأعاد بعد ذلك طوافه ما لم يجز نصفه، فإن جاز نصفه فعليه أن يبني على ما طاف (2)، وإن احتلم في المسجد الحرام يتيمم، ولا يخرج منه إلا متيمما، وكذلك يفعل في المسجد رسول الله صلى الله عليه وآله (3). وإذا أردت الخروج من مكة فطف بالبيت أسبوعا طواف الوداع، وتستلم الحجر والأركان كلها في كل شوط، وتسأل الله أن لا يجعله آخر العهد منه. فإذا فرغت من طوافك، فقف مستقبل القبلة بحذاء ركن الحجر الأسود، وادع الله كثيرا واجتهد في الدعاء، ثم تفيض وتقول: آئبون تائبون، لربنا حامدون، إلى الله راغبون، وإليه راجعون. واخرج من أسفل مكة، فإذا بلغت باب الحناطين تستقبل الكعبة بوجهك، وتسجد وتسأل الله أن يتقبل منك، وألا يجعل آخر العهد منك (4). ثم تزور قبر محمد المصطفى صلى الله عليه وآله فإنه قال صلى الله عليه وآله: ” من حج ولم يزرني فقد جفاني ” وتزور قبور السادة في المدينة عليهم السلام وأنت على غسل إن شاء الله، وبالله الاعتصام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (5).


1 – ورد مؤداه في المقنع: 84، من ” ومتى حاضت المرأة “.
2 – ورد مؤداه في الكافي 4: 414 / 5، والتهذيب 5: 124 / 407. من ” وكذلك الرجل. “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 60 / 224، والمقنع: 9، والهداية: 15.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 333، والمقنع: 94، والهداية: 66.
5 – الهداية: 67 باختلاف يسير.

[ 232 ]

32 – باب النكاح والمتعة والرضاع إعلم يرحمك الله أن وجوه النكاح الذي أمر الله عز وجل بها أربعة أوجه (1): منها نكاح ميراث: وهو بولي وشاهدين ومهر معلوم ما يقع عليه التراضي من قليل وكثير وأنه احتيج إلى الشهود. والمطلق من عدد النسوة في هذا الوجه من النكاح أربع، ولا يجوز لمن له أربع نسوة إذا عزم على التزويج إلا بطلاق إحدى الأربع أن يتزوج حتى تنقضي عدة المطلقة منهن، وتحل لغيره من الرجال، لأنها ما لم تحل للرجال في حبالته. والوجه الثاني: نكاح بغير شهود ولا ميراث، وهي نكاح المتعة بشروطها، و هي أن تسأل المرأة: فارغة هي أم مشغولة بزوج أو بعدة أو بحمل؟ فإذا كانت خالية من ذلك، قال لها: تمتعيني نفسك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله نكاحا غير سفاح، كذا وكذا بكذا وكذا وتبين المهر والأجل على أن لا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن الماء أضعه حيث أشاء، وعلى أن الأجل إذا انقضى كان عليك عدة خمسة وأربعين يوما. فإذا أنعمت قلت لها: قد متعتني نفسك وتعيد جميع الشروط عليها لأن القول الأول خطبة، وكل شرط قبل النكاح فاسد، وإنما ينعقد الأمر بالقول الثاني، فإذا قالت في الثاني: نعم، دفع إليها المهر أو ما حضر منه، وكان ما يبقى دينا عليك وقد حل لك حينئذ وطؤها (2). وروي: لا تمتع ملقبة (3) ولا مشهورة بالفجور، وادع المرأة قبل المتعة إلى ما


1 – الفقيه 3: 241 / 1138، والكافي 5: 364 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 7: 240 / 1049 وفيها: ” النكاح ثلاثة أوجه “.
2 – ورد مؤداه في المقنع: 114، والهداية: 69، من ” والوجه الثاني. “.
3 – في نسخة ” ض “: ” بلصة “.

[ 233 ]

لا يحل، فإن أجابت فلا تتمتع بها (1). وروي أيضا رخصة في هذا الباب، أنه إذا جاء بالأجر والأجل جاز له، وإن لم يسألها ولا يمتحنها فلا شئ عليه (2). وليس عليها منه عدة إذا عزم على أن يزيد في المدة والأجل والمهر، إنما العدة عليها لغيره، إلا أنه يهب لها ما قد بقي من أجله عليها، وهو قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) (3) وهو زيادة في المهر والأجل (4). وسبيل المتعة سبيل الاماء، له أن يتمتع منهن بما شاء وأراد (5). والوجه الثالث: نكاح ملك اليمين، وهو أن يبتاع الرجل الأمة، فحلال له نكاحها، إذا كانت مستبرأة. والاستبراء حيضة، وهو على البائع، فإن كان البائع ثقة وذكر أنه استبرأها جاز نكاحها من وقتها، وإن لم يكن ثقة استبرأها المشتري بحيضة (6). وإن كانت بكرا، أو لامرأة، أو ممن لم يبلغ حد الادراك، استغني عن ذلك (7). والوجه الرابع: نكاح التحليل وهو أن يحل الرجل أو المرأة فرج الجارية مدة معلومة فإن كانت لرجل فعليه قبل تحليلها أن يستبرئها بحيضة، ويستبرئها بعد أن تنقضي أيام التحليل، وإن كانت لمرأة استغني عن ذلك (8). واعلم أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب في وجه النكاح فقط، وقد يحل ملكه وبيعه وثمنه، إلا في المرضع نفسها والفحل الذي اللبن منه، فإنهما يقومان مقام


1 – ورد مؤداه في الكافي 5: 454 / 3 و 4.
2 – ورد مؤداه في التهذيب 7: 253 / 1090 و 1091، والاستبصار 3: 143 / 516 و 517.
3 – النساء 4: 4 2.
4 – ورد مؤداه في الكافي 5: 458 / 2، والتهذيب 7: 267 / 1151.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 294 / 1395 و 1396، والكافي 5: 451 / 1 – 7، والتهذيب 7: 258 / 1117 – 1121.
6 – ورد مؤداه في الكافي 5: 472 / 4 و 7، والتهذيب 8: 3 17 / 602 – 604.
7 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 283 / 1347، والكافي 5: 472 / 3 و 6، والتهذيب 8: 171 / 595 و 597.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 289 / 1376 و 1377، والكافي 5: 468 / 1 – 4، والتهذيب 7: 241 / 1052 – 1058.

[ 234 ]

الأبوين لا يحل بيعهما ولا ملكهما مؤمنين كانا أم مخالفين (1). والحد الذي يحرم به الرضاع مما عليه عمل العصابة دون كل ما روي فإنه مختلف ما أنبت اللحم وقوى العظم، وهو رضاع ثلاثة أيام متواليات، أو عشرة رضعات متواليات (محرزات مرويات بلبن الفحل) (2)، (3) وقد روي مصة ومصتين و ثلاث. وإذا أردت التزويج فاستخر وامض، ثم صل ركعتين وارفع يديك، وقل: اللهم إني أريد التزويج، فسهل لي من النساء أحسنهن خلقا وخلقا وأعفهن فرجا و أحفظهن نفسا في وفي مالي، وأكملهن جمالا، وأكثرهن أولادا (4). واعلم أن النساء شتى: فمنهن الغنيمة والغرامة وهي المتحببة لزوجها و العاشقة له، ومنهن الهلال إذا تجلى، ومنهن الظلام الحنديس المقطبة، فمن ظفر بصالحهن يسعد، ومن وقع في طالحهن فقد ابتلي وليس له انتقام. وهن ثلاث: فامرأة ولود ودود، تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق، ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخابة ولاجة همازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير (5) وإياك أن تغتر بمن هذه صفتها، فإنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إياكم وخضراء الدمن ” قيل: يا رسول الله و من خضراء الدمن؟ قال: ” المرأة الحسناء في منبت السوء ” (6). فإذا تزوجت فاجهد ألا تجاوز مهرها مهر السنة وهو خمسمائة درهم فعلى ذلك زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وتزوج نساءه (7). ووجه إليها أن تدخل بها ما عليك، أو بعضه من قبل أن تطأها قل أم


1 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 66 / 221، والمقنع: 159، والتهذيب 8: 243 / 877 و 879.
2 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 5: 438 / 2 و 3، والتهذيب 7: 312.
4 – الفقيه 3: 249 / 1187، المقنع: 98، الهداية: 67، الكافي 5: 501 / 3، التهذيب 7: 407 / 1627 باختلاف في ألفاظه.
5 – الفقيه 3: 244 / 1158، المقنع: 100، التهذيب 7: 401 / 1601 باختلاف يسير.
6 – الفقيه 3: 248 / 1177، المقنع: 100، الكافي 5: 332 / 4، التهذيب 7: 403 / 1608.
7 – المقنع: 99 باختلاف يسير.

[ 235 ]

كثر من ثوب أو دراهم أو دنانير أو خادم (1). فإذا أدخلت عليك فخذ بناصيتها واستقبل القبلة بها وقل: اللهم بأمانتك أخذتها، وبميثاقك استحللت فرجها، اللهم فارزقني منها ولدا مباركا سويا، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا (2). واتق التزويج إذا كان القمر في العقرب، فإن أبا عبد الله عليه السلام قال: ” من تزوج والقمر في (3) العقرب لم ير خيرا أبدا ” (4). وإن تزوجت يهودية أو نصرانية، فامنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم بأن عليك في دينك وتزويجك إياها غضاضة (5). ولا يجوز تزويج المجوسية، ولا يجوز أن يتزوج من أهل الكتاب (6)، ولا من الاماء إلا اثنين، ولك أن تتزوج من الحرائر المسلمات أربعا، ويتزوج العبد حرتين أو أربع إماء. واتق الجماع أول ليلة من الشهر وفي وسطه وفي آخره، فإنه من فعل ذلك ليس يسلم الولد من السقط، وإن تم يوشك أن يكون مجنونا. واتق الجماع في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي ليلة ينخسف فيها القمر، وفي الزلزلة، وعند الريح الصفراء والحمراء والسوداء فمن فعل ذلك وقد بلغه الحديث رأى في ولده ما يكره (7). ولا تجامع في السفينة، ولا تجامع مستقبل القبلة (8)، ولا تستدبرها (9).


1 – ورد مؤداه في التهذيب 7: 357 / 1452.
2 – الفقيه 3: 4 25 / 1205، المقنع: 99، الكافي 5: 500 / 2. باختلاف يسير.
3 – في نسخة ” ش ” زيادة: ” برج “.
4 – الفقيه 3: 250 / 1188، المقنع: 106، الهداية: 8 6، التهذيب 7: 407 / 1628 باختلاف يسير.
5 – الفقيه 3: 257 / 1222، المقنع: 102، الهداية: 68، الكافي 5: 356 / 1 باختلاف في ألفاظه، والمختلف: 530 عن علي بن بابويه.
6 – المقنع: 102 باختلاف يسير.
7 – الفقيه 3: 5 25 / 1207 و 1208، المقنع: 106، الهداية: 68 باختلاف يسير. من ” واتق الجماع أول ليلة. “.
8 – في نسخة ” ش “: ” الكعبة “.
9 – الفقيه 3: 255 / 1210 و 1211، المقنع: 106، الهداية: 68 باختلاف يسير.

[ 236 ]

فإذا جامعت فعليك بالغسل إذا التقى الختانان وإن لم تنزل (1)، وإن جامعت مفاخذة حتى أدفقت الماء فعليك الغسل، وليس على المرأة الغسل إلا غسل الفخذين (2). وإياك أن تجامع امرأة حائضا، وإن أردت أن تجامعها قبل الطهر فأمرها أن تغسل فرجها ثم تجامع (3). ومتى ما جامعتها وهي حائض فعليك أن تتصدق بدينار، وإن جامعت أمتك وهي حائض تصدقت بثلاثة أمداد من طعام، وإن جامعت امرأتك في أول الحيض تصدقت بدينار، وإن كان في وسطه فنصف دينار، وإن كان في آخره فربع دينار (4). وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فحاضت قبل ذلك، فتؤخر الغسل إلى أن تطهر ثم تغتسل للجنابة، وهو يجزيها للجنابة والحيض (5). وإياك أن تظاهر امرأتك فإن الله عير قوما بالظهار، فقال: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) (6) فإن ظاهرت فهو على وجهين، فإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي وسكت فعليه الكفارة من قبل أن يجامع، فإن جامعت من قبل أن تكفر لزمتك كفارة أخرى. فإن قال: هي عليه كظهر أمه إن فعل كذا وكذا أو فعلت كذا وكذا، فليس عليه كفارة حتى يفعل ذلك الشئ، ويجامع إلى أن يفعل، فإن فعل لزمه الكفارة، ولا يجامع حتى يكفر يمينه. والكفارة تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من طعام، فإن لم يجد يتصدق بما يطيق، فإن طلقها سقطت عنه الكفارة، فإن راجعها لزمته، فإن تركها حتى يمضي أجلها وتزوجها رجل


1 – الهداية: 69 باختلاف يسير.
2 – المقنع: 14 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
3 – المقنع: 107، الهداية: 69 باختلاف يسير.
4 – المقنع: 16 و 107، الهداية: 69 باختلاف يسير.
5 – ورد مضمونه في المقنع: 13، والتهذيب 1: 395 / 1223 – 9 122.
6 – المجادلة 58: 2.

[ 237 ]

آخر ثم طلقها وأراد الأول أن يتزوجها لم يلزمه الكفارة (1). وإن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه، فزوجه ولا يمنعك فقره وفاقته قال الله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) (2) وقوله: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (3). ولا تزوج شارب خمر، فإن من فعل فكأنما قادها إلى الزنا. وإذا تزوج رجل فأصابه بعد ذلك جنون، فيبلغ به مبلغا حتى لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما، فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة معه فقد ابتليت (4). وإن تزوجها خصي فدلس نفسه لها وهي لا تعلم، فرق بينهما ويوجع ظهره كما دلس نفسه، وعليه نصف الصداق، ولا عدة عليها منه، فإن رضيت بذلك لم يفرق ما بينهما، وليس لها الخيار بعد ذلك (5). فإن تزوجها عنين وهي لا تعلم تصبر حتى يعالج نفسه سنة، فإن صلح فهي امرأته على النكاح الأول، وإن لم يصلح فرق بينهما ولها نصف الصداق ولا عدة عليها منه، فإن رضيت بذلك لا يفرق بينهما، وليس لها خيار بعد ذلك (6). وإذا ادعت أنه لا يجامعها عنينا كان أو غير عنين فيقول الرجل أنه قد جامعها فعليه اليمين، وعليها البينة لأنها المدعية. وإذا ادعت عليه أنه عنين، وأنكر الرجل أن يكون كذلك، فإن الحكم فيه أن يجلس الرجل في ماء بارد فإن استرخى ذكره فهو عنين، وإن تشنج فليس بعنين (7). وإن تزوج رجل بامرأة فوجدها قرناء أو عفلاء (8) أو برصاء أو مجنونة إذا كان


1 – المقنع: 107. 2 – النساء 4: 0 13.
3 – النور 24: 32، وقد ورد في المقنع: 101 باختلاف يسير.
4 – الفقيه 3: 338 / 1629 باختلاف يسير. من ” وإذا تزوج رجل. “.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 268 / 1274، والتهذيب 7: 432 / 1720.
6 – ورد مؤداه في التهذيب 7: 431 / 1719.
7 – الفقيه 3: 357 / 1705، المقنع: 107. من ” وإذا ادعت عليه أنه عنين. “.
8 – في الحديث ” ترد المرأة من العفل ” هو بالتحريك، هنة تخرج في قبل المرأة يمنع من وطئها، وقيل، وهو ورم بين مسلكي المرأة فيضيق فرجها حتى يمنع الإيلاج ” مجمع البحرين – عفل – 5: 424 “.

[ 238 ]

بها ظاهرا كان له أن يردها على أهلها بغير طلاق، ويرتجع الزوج على وليها ما أصدقها إن كان أعطاها شيئا، فإن لم يكن أعطاها شيئا فلا شئ له (1).


1 – ورد مضمونه في الفقيه 3: 273 / 1296 و 1299، والمقنع: 104، والكافي 5: 409 / 16 و 17.

[ 239 ]

33 – باب العقيقة فإذا ولد لك مولود فأذن في أذنه الأيمن، وأقم في أذنه الأيسر، وحنكه بماء الفرات إن قدرت عليه أو بالعسل ساعة يولد، وسمه بأحسن الاسم، وكنه بأحسن الكنى ولا يكنى بأبي عيسى ولا بأبي الحكم ولا بأبي الحارث ولا بأبي القاسم إذا كان الاسم محمدا وسمه اليوم السابع، واختنه، واثقب أذنه، واحلق رأسه، وزن شعره بعد ما تجففه بفضة أو بذهب وتصدق بها، وعق عنه، كل ذلك في اليوم السابع. وإذا أردت أن تعق عنه فليكن عن الذكر ذكرا وعن الأنثى أنثى، وتعطي القابلة الورك، ولا يأكل منه الأبوان، فإن أكلت منه الأم فلا ترضعه، وتفرق لحمها على قوم مؤمنين محتاجين، وإن أعددته طعاما ودعوت عليه قوما من إخوانك فهو أحب إلي، وحده عشرة أنفس وما زاد، وكلما أكثرت فهو أفضل وأفضل ما يطبخ به ماء و ملح. فإذا أردت ذبحه فقل: بسم الله وبالله منك وبك ولك وإليك عقيقة فلان ابن فلان، على ملتك ودينك، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله (1)، بسم الله و بالله، والحمد لله، والله أكبر، إيمانا بالله، وثناء على رسول الله صلى الله عليه وآله، و العصمة بأمره، والشكر لرزقه والمعرفة لفضله علينا أهل البيت. فإن كان ذكرا فقل: اللهم أنت وهبت لنا ذكرا، وأنت أعلم بما وهبت، و منك ما أعطيت، ولك ما صنعنا، فتقبله منا، على سنتك وسنة نبيك صلى الله عليه


1 – ورد بتقديم وتأخير في المقنع: 112.

[ 240 ]

وآله، فاخنس (1) عنا الشيطان الرجيم، ولك سكب (2) الدماء، ولوجهك القربان، لا شريك لك (3).


1 – في نسخة ” ش “: ” وأخسأ “.
2 – في نسخة ” ش “: ” سفكت “. 3 الكافي 6: 30 / 2، التهذيب 7: 343 / 1774.

[ 241 ]

34 باب طلاق السنة والعدة والحامل إعلم يرحمك الله أن الطلاق على وجوه، ولا يقع إلا على طهر من غير جماع، بشاهدين عدلين، مريدا للطلاق. فلا يجوز للشاهدين أن يشهدا على رجل طلق امرأته، إلا على إقرار منه ومنها أنها طاهرة من غير جماع، ويكون مريدا للطلاق. ولا يقع الطلاق بإجبار، ولا إكراه، ولا على سكر (1). فمنه: طلاق السنة، وطلاق العدة، وطلاق الغلام، وطلاق المعتوه، وطلاق الغائب، وطلاق الحامل، والتي لم يدخل بها، والتي يئست من الحيض، والأخرس. ومنه: التخيير، والمباراة، والنشوز والشقاق (2)، والخلع، والإيلاء (3)، وكل ذلك لا يجوز إلا أن يتبع بطلاق. أما طلاق السنة: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته، يتربص بها حتى تحيض و تطهر، ثم يطلقها تطليقة واحدة في قبل عدتها، بشاهدين عدلين، في مجلس واحد. فإن أشهد على الطلاق رجلا واحدا، ثم أشهد بعد ذلك برجل آخر، لم يجز ذلك الطلاق، إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد بلفظ واحد. فإذا طلقها على هذا تركها حتى تستوفي قروءها وهي ثلاثة أطهار، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض ومثلها تحيض فإذا رأت أول قطرة من دم الثالث فقد بانت منه، ولا تتزوج حتى تطهر، فإذا طهرت حلت للأزواج، والزوج خاطب من الخطاب، والأمر إليها إن شاءت زوجت نفسها منه، وإن شاءت لم تزوجه. فإن تزوجها ثانية بمهر جديد، فإن أراد طلاقها ثانية من قبل أن يدخل بها،


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 114، ومختلف الشيعة: 584 عن علي بن بابويه.
2 – ليس في نسخة ” ش “.
3 – الفقيه 3: 319.

[ 242 ]

طلقها بشاهدين عدلين، ولا عدة عليها منه (1) وكل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه فإن كان سمى لها صداقا فلها نصف الصداق، فإن لم يكن سمى لها صداقا فلا صداق لها، ولكن يمتعها بشئ قل أم كثر على قدر يساره (2). فالموسع يمتع بخادم أو دابة، والوسط بثوب، والفقير بدرهم أو خاتم (3)، كما قال الله تبارك وتعالى: (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف) (4). فإذا أراد المطلق للسنة أن يطلقها ثانية بعد ما دخل بها طلقها مثل تطليقته الأولى، على طهر من غير جماع، بشاهدين عدلين، يتربص بها حتى تستوفي قروءها. فإن زوجته نفسها بمهر جديد وأراد أن يطلقها الثالثة طلقها، وقد بانت منه ساعة طلقها، ولا تحل للأزواج حتى تستوفي قروءها، ولا يحل لها حتى تنكح زوجا غيره (5). وروي أنها لا تحل له أبدا، إذا طلقها طلاق السنة على ما وصفناه. وسمي طلاق السنة الهدم، لأنه متى استوفت قروءها وتزوجها الثانية، هدم طلاق الأول (6). وروي أن طلاق الهدم لا يكون إلا بزوج ثان. وأما طلاق العدة: فهو أن يطلق الرجل امرأته على طهر من غير جماع، بشاهدين عدلين، ثم يراجعها من يومه أو من غد أو متى ما يريد من قبل أن تستوفي قروءها و هو أملك بها. وأدنى المراجعة أن يقبلها، أو ينكر الطلاق فيكون إنكاره للطلاق مراجعة. فإذا أراد أن يطلقها ثانية، لم يجز ذلك إلا بعد الدخول بها، فإن دخل بها وأراد طلاقها تربص بها حتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين. فإن أراد مراجعتها راجعها.


1 – الفقيه 3: 320 / 1556، المقنع: 115 باختلاف في بعض ألفاظه.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 326 / 1579.
3 – الفقيه 3: 327 / 1582، المقنع: 116 باختلاف في ألفاظه.
4 – البقرة 2: 6 23.
5 – ورد مؤداه في المقنع: 115.
6 – الفقيه 3: 320 / 1556 باختلاف يسير. من ” وسمي طلاق السنة. “.

[ 243 ]

وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج، وإنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان. فإن طلقها الثالثة فقد بانت منه ساعة طلقها الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإذا انقضت عدتها منه، وتزوجها رجل آخر وطلقها أو مات عنها و أراد الأول أن يتزوجها فعل. فإن طلقها ثلاث تطليقات على ما وصفته واحدة بعد واحدة، فقد بانت منه، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا. واعلم أن كل من طلق تسع تطليقات على ما وصفت لم تحل له أبدا (1). والمحرم إذا تزوج في إحرامه، فرق بينهما، ولا تحل له أبدا (2). ومن تزوج امرأة لها زوج دخل بها أو لم يدخل بها أو زنى بها، لم تحل له أبدا (3). ومن خطب امرأة في عدة للزوج عليها [ رجعة ] (4) أو تزوجها (5) وكان عالما لم تحل له أبدا (6). فإن كان جاهلا، وعلم من قبل أن يدخل بها، تركها حتى تستوفي عدتها من زوجها، ثم يتزوجها (7). فإن كان دخل بها لم تحل له أبدا عالما كان أو جاهلا فإن ادعت المرأة أنها لم تعلم أن عليها عدة، لم تصدق على ذلك (8). والغلام إذا طلق للسنة فطلاقه جائز (9). ومن ولع بالصبي لا تحل له أخته أبدا.


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 3: 322، والمقنع: 5 11.
2 – الفقيه 2: 231 / 1098، المقنع: 109 باختلاف يسير.
3 – ورد مؤداه في الكافي 5: 429 / 11، والتهذيب 7: 305 / 1270 و 1271.
4 – أثبتناه من البحار 104: 2 / 7 عن فقه الرضا عليه السلام.
5 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” زوجها ” وما أثبتناه من البحار.
6 – ورد مؤداه في الكافي 5: 426 / 1 و 2، والتهذيب 7: 305 / 1272، والاستبصار 3: 187 / 677.
7 – ورد مؤداه في الكافي 5: 427 / 3، والتهذيب 7: 306 / 1274 و 1275، والاستبصار 3: 186 / 676.
8 – الكافي 5: 426 / 2، التهذيب 7: 307 / 1276، الاستبصار 3: 187 / 679.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 325 / 1575، والكافي 6: 124 / 1 و 4، والتهذيب 8: 6 7 / 255.

[ 244 ]

واعلم أن خمسا يطلقن على كل حال، ولا يحتاج الزوج ينظر طهرها: الحامل، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها، والتي لم تبلغ الحيض، والتي قد يئست من الحيض. فأما التي لم تحض، أو قد يئست من الحيض، فعلى وجهين. وإن كان مثلها لا تحيض فلا عدة عليها، وإن كان مثلها تحيض فعليها العدة ثلاثة أشهر. وطلاق الحامل فهو واحد، وأجلها أن تضع ما في بطنها، وهو أقرب الأجلين، فإذا وضعت، أو أسقطت يوم طلقها أو بعد متى كان، فقد بانت منه وحلت للأزواج. فإن مضى بها ثلاثة أشهر من قبل (1) أن تضع، فقد بانت منه، ولا تحل للأزواج حتى تضع. فإن راجعها من قبل أن تضع ما في بطنها [ أو تمضي لها ثلاثة أشهر ثم أراد طلاقها فليس له ذلك حتى تضع ما في بطنها ] (2) وتطهر ثم يطلقها (3). وأما المخير: فأصل ذلك أن الله تعالى أنف لنبيه صلى الله عليه وآله من مقالة قالها بعض نسائه: أيرى محمد أنه لو طلقنا لم نجد أكفاء من قريش يتزوجونا!؟ فأمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يعتزل نساءه تسعة وعشرين يوما، فاعتزلهن في مشربة أم إبراهيم عليه السلام، ثم نزلت هذه الآية: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها إلى قوله تعالى وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة) (4) إلى آخر الآية، فاخترن الله ورسوله، فلم يقع طلاق (5). وأما الخلع: فلا يكون إلا من قبل المرأة، وهو أن تقول لزوجها: لا أبر لك قسما، ولا أطيع لك أمرا، ولأوطئن فراشك ما تكرهه، فإذا قالت هذه المقالة فقد حل لزوجها ما يأخذ منها وإن كان أكثر مما أعطاها من الصداق وقد بانت منه، وحلت للأزواج بعد انقضاء عدتها منه، فحل له أن يتزوج أختها من ساعة (6). وأما المباراة: فهو أن تقول لزوجها: طلقني ولك ما عليك. فيقول لها: على


1 – في نسخة ” ش “: ” غير “. – أثبتناه من مختلف الشيعة: 588 عن رسالة علي بن بابويه.
3 – المقنع: 116 باختلاف يسير. من ” واعلم أن خمسا. “.
4 – الاحزاب 33: 28 – 29.
5 – الفقيه 3: 334 عن رسالة أبيه، المقنع: 116 باختلاف يسير.
6 – المقنع: 117.

[ 245 ]

أنك إن رجعت في شئ مما وهبته لي فأنا أملك ببضعك، فيطلقها على هذا. وله أن يأخذ منها دون الصداق الذي أعطاها، وليس له أن يأخذ الكل (1). وأما النشوز: فقد يكون من الرجل، ويكون من المرأة. فأما الذي من الرجل، فهو يريد طلاقها، فتقول له: أمسكني ولك ما عليك وقد وهبت ليلتي لك. ويصطلحان على هذا. فإذا نشرت المرأة كنشوز الرجل، فهو الخلع إذا كان من المرأة وحدها، فهو أن لا تطيعه، وهو ما قال الله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) (2) فالهجران أن يحول إليها ظهره في المضجع، والضرب بالسواك وشبهه ضربا رفيقا (3). وأما الشقاق فيكون من الزوج والمرأة جميعا، كما قال الله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) (4) يختار الرجل رجلا، والمرأة تختار رجلا فيجتمعان على فرقة أو على صلح. فإن أرادا إصلاحا فمن غير أن يستأمرا، وإن أرادا التفريق بينهما فليس لهما إلا بعد أن يستأمرا الزوج والزوجة (5). شرح آخر في طلاق السنة والعدة طلاق السنة: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته، تركها حتى تحيض وتطهر، ثم يشهد شاهدين عدلين على طلاقها، ثم هو بالخيار في المراجعة من ذلك الوقت إلى أن تحيض بما قد جعله الله له في المهلة، وهو ثلاثة أقراء والقرء: البياض بين الحيضتين، وهو اجتماع الدم في الرحم فإذا بلغ تمام حد القرء دفعته، فكان الدفق الأول الحيض. فإن تركها ولم يراجعها حتى تخرج الثلاثة الأقراء فقد بانت منه في أول قطرة


1 – الفقيه 3: 336 / 1623 و 1624، المقنع: 117 باختلاف في ألفاظه.
2 – النساء 4: 34.
3 – الفقيه 3: 336، المقنع: 117 باختلاف يسير.
4 – النساء 4: 35.
5 – الفقيه 3: 337، المقنع: 118 باختلاف يسير.

[ 246 ]

من دم الحيضة الثالثة، وهو أحق برجعتها إلى أن تطهر، فإن طهرت فهو خاطب من الخطاب، إن شاءت زوجته نفسها تزويجا جديدا وإلا فلا، فإن تزوجها بعد الخروج من العدة تزويجا جديدا فهي عنده على اثنتين. وقد أروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: الفقيه لا يطلق إلا طلاق السنة. قال: وإذا أراد الرجل أن يطلقها طلاق العدة، تركها حتى تحيض ثم تطهر، ثم يشهد شاهدين عدلين على طلاقها، ثم يراجعها ويواقعها، ثم ينتظر بها الحيض والطهر، ثم يطلقها بشاهدين التطليقة الثانية، ثم يواقعها متى شاء من أول الطهر إلى آخره فإذا راجعها فحاضت ثم طهرت، وطلقها الثالثة بشاهدين، فقد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وعليها استقبال العدة منه وقت التطليقة الثالثة. وعلى المتوفى عنها زوجها عدة أربعة أشهر وعشرة أيام (1). وعلى الأمة المطلقة عدة خمسة وأربعين يوما (2). وعلى المتعة مثل ذلك من العدة (3). وعلى الأمة المتوفى عنها زوجها عدة شهرين وخمسة أيام (4). وعلى المتعة مثل ذلك (5). وإن نكحت زوجا غيره، ثم طلقها أو مات عنها فراجعها الأول ثم طلقها طلاق العدة، ثم نكحت زوجا غيره، ثم راجعها الأول وطلقها طلاق العدة الثالثة، لم تحل له أبدا. وخمس يطلقن على كل حال متى طلقن: الحبلى التي قد استبان حملها، و التي لم تدرك مدرك النساء، والتي قد يئست من الحيض، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب إذا غاب أشهرا، فليطلقهن أزواجهن متى شاءوا بشهادة شاهدين (6). وثلاث لا عدة عليهن: التي لم يدخل بها زوجها، والتي لم تبلغ مبلغ النساء، و


1 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 328 / 1589، والمقنع: 120، والهداية: 2 7. من ” وعلى المتوفى عنها. “.
2 – ورد مؤداه في التهذيب 8: 154 / 533، والاستبصار 3: 346 / 1236.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 296 / 1406، والمقنع: 4 11، والهداية: 69.
4 – ورد مؤداه في التهذيب 8: 154 / 533 – 537، والاستبصار 3: 346 / 1236 – 1240.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 8: 158 / 547، والاستبصار 3: 351 / 1254.
6 – الفقيه 3: 334 / 1615 و 1616، المقنع: 116 باختلاف يسير.

[ 247 ]

التي قد يئست من الحيض. وبالله التوفيق (1).


1 – ورد مؤداه في الكافي 6: 85 / 4، والتهذيب 8: 67 / 222، والاستبصار 3: 337 / 1202.

[ 248 ]

35 – باب الايلاء واللعان واعلم يرحمك الله أن الايلاء أن يحلف الرجل أن لا يجامع امرأته، فله إلى أن يذهب أربعة أشهر، فإن فاء بعد ذلك وهو أن يرجع إلى الجماع فهي امرأته و عليه كفارة اليمين، وإن أبى أن يجامع بعد أربعة أشهر، قيل له: طلق، فإن فعل وإلا حبس في حظيرة من قصب، وشدد عليه في المأكل والمشرب حتى يطلق. وقد روي أنه إذا امتنع من الطلاق ضربت عنقه، لامتناعه على إمام المسلمين (1). والأخرس (2) إذا أراد الطلاق، ألقى على امرأته قناعا يري أنها قد حرمت عليه، فإذا أراد مراجعتها رفع القناع عنها يري أنها قد حلت له (3). وأما اللعان: فهو أن يرمي الرجل امرأته بالفجور وينكر ولدها، فإن أقام عليها أربعة شهود عدول رجمت، وإن لم يقم عليها بينة لاعنها، فإن امتنع من لعانها ضرب حد المفتري ثمانين جلدة وإن لاعنها درئ عنه الحد. واللعان: أن يقوم الرجل مستقبل القبلة، فيحلف أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثم يقول له الإمام: اتق الله فإن لعنة الله شديدة. ثم يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به. ثم تقوم المرأة مستقبلة القبلة، فتحلف أربع مرات بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماها، به ثم يقول الإمام: اتقي الله فإن غضب الله شديد. ثم تقول المرأة: إن غضب الله


1 – المقنع: 118 باختلاف في ألفاظه.
2 – في نسخة ” ض “: والمعتوه.
3 – الفقيه 3: 333 عن رسالة أبيه، المقنع: 119 باختلاف يسير.

[ 249 ]

عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. ثم يفرق بينهما (1). فلا تحل له أبدا، ولا يتوارثان: لا يرث الزوج المرأة، ولا ترث المرأة الزوج، ولا الأب الابن ولا الابن الأب. فإن دعا أحد ولدها ولد الزانية جلد الحد، وإن أدعى الرجل بعد الملاعنة أنه ولده لحق به ونسب إليه (2). وروي في خبر آخر أنه لا ولا كرامة له ولا عز، أنه لا يرد إليه (3). فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه أبوه (4).


1 – المقنع: 120.
2 – الفقيه 3: 347 / 1665، المقنع: 120، الهداية: 72 باختلاف يسير. من ” فإن دعا أحد. “.
3 – ورد مؤداه في التهذيب 8: 194 / 680، والاستبصار 3: 376 / 1343.
4 – الفقيه 3: 347 / 1665، المقنع: 120، الهداية: 72.

[ 250 ]

36 باب التجارات والبيوع والمكاسب إعلم يرحمك الله أن كل مأمور به مما هو صلاح للعباد، وقوام لهم في أمورهم، من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون و ينكحون ويملكون ويستعملون فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته. وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه و نكاحه وإمساكه، لوجه الفساد، مما قد نهي عنه، مثل: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، و الربا، وجميع الفواحش، ولحوم السباع، والخمر، وما أشبه ذلك فحرام ضار للجسم، وفاسد للنفس (1). وروي أن من اتجر بغير علم ولا فقه ارتطم في الربا ارتطاما (2). وروي إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب، وإن لم يفترقا (3). وروي أن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام، اشترط أم لم يشترط (4). وروي أن من باع أو اشترى فليحفظ خمس خصال، وإلا فلا يبيع (5) ولا يشتري: الربا، والحلف، وكتمان العيب، والمدح إذا باع، والذم إذا اشترى (6). وروي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد، فإن كان المتاع قائما بعينه رد على صاحبه، وإن كان قد قطع أو خيط أو حدثت فيه حادثة، رجع فيه


1 – تحف العقول: 247 باختلاف في ألفاظه.
2 – الفقيه 3: 120 / 513، الكافي 5: 154 / 23، المقنعة: 91، نهج البلاغة 3: 259 / 447 باختلاف يسير.
3 – التهذيب 7: 20 / 87، الاستبصار 3: 73 / 242.
4 – الكافي 5: 169 / 2.
5 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” بيع “، وما أثبتناه من البحار 103: 100 / 39.
6 – الفقيه 3: 120 / 515.

[ 251 ]

بنقصان العيب على سبيل الأرش (1). وروي: ربح المؤمن على أخيه ربا، إلا أن يشتري منه شيئا بأكثر من مائة درهم فيربح فيه قوت يومه، أو يشتري متاعا للتجارة فيربح عليه ربحا خفيفا (2). وروي أن كل زائدة في البدن مما هو في أصل الخلق أو ناقص منه، يوجب الرد في البيع (3). وروي في الجارية الصغيرة تشترى ويفرق بينها وبين أمها، فقال: إن كانت قد استغنت عنها فلا بأس (4). واتق في طلب الرزق، وأجمل في الطلب، واخفض في المكتسب (5). واعلم أن الرزق رزقان: فرزق تطلبه، ورزق يطلبك، فأما الذي تطلبه فاطلبه من حلال، فإن أكله حلال إن طلبته من وجهه، وإلا أكلته حراما، وهو رزقك لا بد لك من أكله (6). وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة، فلا يشغلك عنها متجرك، فإن الله وصف قوما ومدحهم فقال: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) (7) وكان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم، وكانوا أعظم أجرا ممن لا يتجر ويصلي (8). ومن اتجر فليجتنب الكذب، ولو أن رجلا خاط قلانس وحشاها قطنا عتيقا لما جاز له حتى يبين عيبه (9) المكتوم (10). وإذا سألك رجل شراء ثوب، فلا تعطه من عندك، فإنه خيانة ولو كان


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 3: 136 / 592، والكافي 5: 207 / 2، والتهذيب 7: 60 / 258.
2 – ورد باختلاف يسير في الكافي 5: 154 / 22، والتهذيب 7: 7 / 23، والاستبصار 3: 69 / 232.
3 – ورد مؤداه في الكافي 5: 215 / 12.
4 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 5: 219 / 4.
5 – في نسخة ” ش “: ” المكسب “. وورد باختلاف يسير في المقنع: 121 عن وصية والده.
6 – المقنع: 121 عن وصية والده، الهداية: 80، أمالي الصدوق: 242 باختلاف يسير.
7 – النور 24: 37.
8 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 3: 9 11 / 508، والكافي 5: 154 / 21.
9 – في نسخة ” ض “: ” عينه ” وفي ” ش “: ” عليه “. وما أثبتناه من البحار 103: 100 / 40.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 5 10 / 438.

[ 252 ]

الذي عندك أجود مما عند غيرك (1). وكسب المغنية حرام، ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى، ولا تصل شعر المرأة بغير شعرها، وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل (2)، (3). وقد لعن النبي صلى الله عليه وآله سبعة: الواصل شعره بشعر غيره، والمشتبه من النساء بالرجال والرجال بالنساء، والمفلج بأسنانه، والموشم ببدنه، والدعي إلى غير مولاه، والمتغافل عن زوجته وهو الديوث وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” اقتلوا الديوث “. واستعمل في تجارتك مكارم الأخلاق، والأفعال الجميلة للدين والدنيا. ولو أن رجلا أعطته امرأته مالا وقالت له: اصنع به ما شئت، فإن أراد الرجل يشتري به جارية يطؤها لما جاز له، لأنها أرادت مسرته ليس له ما ساءها (4). وإذا أعطيت رجلا مالا فجحدك وحلف عليه، ثم أتاك بالمال بعد مدة وبما ربح فيه وندم على ما كان منه، فخذ منه رأس مالك ونصف الربح، ورد عليه نصف الربح، هذا رجل تائب. فإن جحدك رجل حقك وحلف عليه، ووقع له عندك مال فلا تأخذ منه إلا بمقدار حقك، وقل: اللهم إني أخذته مكان حقي، ولا تأخذ أكثر مما حبسه عليك، و إن استحلفك أنك ما أخذت، فجائز لك أن تحلف إذا قلت هذه الكلمة (5) فإن حلفت (6) أنت على حقك وحلف هو، فليس لك أن تأخذ منه شيئا. فقد قال النبي صلى الله عليه وآله: ” من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له فليرض، ومن لم يرض فليس من الله عز وجل ” (7).


1 – المقنع: 122 عن وصية والده.
2 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” يرسل ” وما أثبتناه من البحار 103: 51 / 13.
3 – المقنع: 122، الهداية: 80 بتقديم وتأخير.
4 – المقنع: 122 عن وصية والده، من ” واستعمل في تجارتك “.
5 – المقنع: 124 باختلاف يسير.
6 – في نسخة ” ض “: ” حلفته “.
7 – الفقيه 3: 114 / 488، المقنع: 124، الكافي 7: 438 / 1، التهذيب 8: 284 / 1040 من ” فقد قال النبي. “.

[ 253 ]

فإن أتاك الرجل بحقك من بعد ما حلفته من غير أن تطالبه، فإن كنت موسرا أخذته فتصدقت به، وإن كنت محتاجا إليه أخذت لنفسك. وإن كان لك على رجل حق فوجدته بمكة أو في الحرم، فلا تطالبه به ولا تسلم عليه فتفزعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم فلا بأس أن تطالبه في الحرم (1). واعلم أن أجرة الزانية وثمن الكلب سحت، إلا كلب الصيد. وأما الرشي في الحكم فهو الكفر بالله العظيم (2). واعلم أن البائعين بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فلا خيار لواحد منهما (3). واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه إلا قرآنا فقط فحرام أجرته إن شارط أو لم يشارط (4). وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: (أكالون للسحت) (5) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن. وروي أن عبد الله بن مسعود جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، أعطاني فلان الأعرابي ناقة بولدها، أني كنت علمته أربع سور من كتاب الله، فقال: ” رد عليه يا بن مسعود (6) فإن الأجرة على القرآن حرام “. فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري، فالخيار إليه: إن شاء رد وإن شاء أخذه ورد عليه بالقيمة أرش العيب، وإن كان العيب في بعض ما اشترى وأراد أن يرده على البائع، رد تمامه أو رد عليه بالقيمة أرش العيب. والقيمة أن تقوم السلعة صحيحة وتقوم معيبة فيعطى المشتري ما بين القيمتين.


المقنع: 124 باختلاف يسير، ومختلف الشيعة: 410 عن علي بن بابويه.
2 – الفقيه 3: 105 / 435، المقنع: 122.
3 – المقنع: 122.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 99 / 383.
5 – المائدة 5: 42.
6 – في نسخة ” ش “: فقال رسول الله: يا بن مسعود رد عليه.

[ 254 ]

37 باب النفقة والمآكل والمشارب والطعام إعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلا ولا شربا إلا لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد، فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فحلال وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام، مثل: السموم، والميتة، والدم، ولحم الخنزير، وذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، وما لا قانصة له منها. ومثل: البيض إذا استوى طرفاه، والسمك الذي لا فلوس له، فحرام كله إلا عند الضرورة. والعلة في تحريم الجري وهو السلور (1) وما جرى مجراه من سائر المسوخ البرية والبحرية، ما فيها من الضرر للجسم، (لأن الله تقدست آلاؤه) (2) مثل على صورها مسوخا، فأراد أن لا يستخف بمثله. والميتة تورث الكلب، وموت الفجأة، والآكلة. والدم يقسي القلب، ويورث الداء الدبيلة. والسموم قاتلة. والخمر يورث فساد القلب، ويسود الأسنان، ويبخر الفم، ويبعد من الله (3)، و يقرب من سخطه، وهو من شراب إبليس. وقال: (شارب الخمر ملعون) (4) شارب الخمر كعبدة الأوثان، يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان. وسنذكر إن شاء الله تعالى في


1 – في نسخة ” ض “: ” وهو السنور. ولم ترد في نسخة ” ش “. وما أثبتناه من مستدرك الوسائل 3: 72. والسلور: جنس سمك بحري ونهري ” المعجم الوسيط 1: 7 44 “.
2 – في نسخة ” ض “: ” لأن تقدست أسماء “. وفي ” ش “: ” وأن ” وما أثبتناه من مستدرك الوسائل 3: 72.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 218 / 1009.
4 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.

[ 255 ]

باب الخمر ما تورثه منه بتمامه. واعلم أن كل صنف من صنوف الأشربة التي لا تغير العقل، شرب الكثير منها لا بأس به، سوى الفقاع فإنه منصوص عليه لغير هذه العلة (1). وكل شراب يتغير العقل منه كثيره وقليله حرام، أعاذنا الله وإياكم منها (2). وليكن نفقتك على نفسك وعلى عيالك قصدا فإن الله يقول: (يسألونك ماذا ينفقون قل العفو) (3) والعفو: الوسط، وقال الله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) (4). وقال العالم عليه السلام: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر (5). واعلم أن نفقتك على نفسك وعيالك صدقة، والكاد على عياله من حل كالمجاهد في سبيل الله (6). واعلم أنه جائز للوالد أن يأخذ من مال ولده بغير إذنه، وليس للولد أن يأخذ من مال والده إلا بإذنه (7). وللمرأة أن تنفق من مال زوجها بغير إذنه، المأدوم دون غيره، وإذا أرادت الأم أن تأخذ من مال ولدها فليس لها، إلا أن تقوم على نفسها لترده عليه. ولا بأس للرجل أن يأكل من بيت أبيه وأخيه وأمه وأخته وصديقه ما يخشى عليه الفساد من يومه بغير إذنه، مثل: البقول والفاكهة وأشباه ذلك (8). وإذا مررت ببستان فلا بأس أن تأكل من ثمارها، ولا تحمل معك شيئا (9).


1 – ورد تحريم الفقاع في الفقيه 4: 301 / 911، والكافي 6: 422 باب الفقاع، والتهذيب 9: 4 12 / 534.
2 – ورد مؤداه في المقنع: 153، والهداية: 76، والكافي 6: 408 / 1 و 2 و 3، والتهذيب 9: 111 / 480.
3 – البقرة 2: 219.
4 – الفرقان 25: 67.
5 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 2: 35 / 148.
6 – المقنع: 122، الهداية: 80.
7 – المقنع: 124.
8 – المقنع: 125 باختلاف يسير وتقديم وتأخير.
9 – الفقيه 3: 110 / 464، المقنع: 124.

[ 256 ]

38 – باب الربا والسلم والدين والعينة إعلم يرحمك الله أن الربا حرام سحت من الكبائر، ومما قد وعد الله عليه النار، فنعوذ بالله منها، وهو محرم على لسان كل نبي وفي كل كتاب. وقد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنما حرم الله تعالى الربا لئلا يتمانع الناس المعروف (1). وروي أن أجر القرض ثمانية عشر ضعفا من أجر الصدقة، لأن القرض يصل إلى من لا يضع نفسه للصدقة (لأخذ الصدقة). وأروي أنه إذا كان يوم القيامة رفع الله أعمال قوم كأمثال القباطي (2)، فيقول الله: اذهبوا فخذوا أعمالكم، فإذا دنوا منها قال الله عز وجل: كن هباء. فصارت هباء، وهو قوله: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) (3) ثم قال: أما والله لقد كانوا يصلون ويصومون، ولكن إذا عرض لهم الحرام كانوا يأخذون ولم يبالوا. وروي إذا كفل الرجل بالرجل، حبس إلى أن يأتي صاحبه (4). وروي أن صاحب الدين يدفع إلى غرمائه، إن شاؤا أجروه (5)، وإن شاؤا


1 – الكافي 5: 146 / 8، التهذيب 7: 17 / 72 باختلاف يسير، من ” إنما حرم الله. “.
2 – القباطي: جمع القبطية وهي ثياب رقيقة بيضاء تصنع بمصر ” النهاية 4: 6 “. 3 – الفرقان 25: 23.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 54 / 184، والمقنع: 127، والكافي 5: 105 / 6، والتهذيب 6: 209 / 486 و 487، من ” وروي إذا كفل. “.
5 – في نسخة ” ض “: ” فإن شاؤا أخذوه “.

[ 257 ]

استعملوه. وإن كان له ضيعة أخذ منه بعضها، وترك البعض إلى ميسرة (1). وروي أنه لا تباع الدار ولا الجارية على الدين (2). وإذا كان على رجل دين إلى أجل، فإذا مات الرجل فقد حل الدين (3). وروي: من كان عليه دين ينوي قضاءه، ينصر من الله، حافظاه يعينانه على الأداء، فإن قصرت نيته، نقصوا عنه من المعونة بمقدار ما يقصر منه من نيته (4). أروي: أنه شكا رجل إلى العالم عليه السلام دينا عليه، فقال له العالم عليه السلام: أكثر من الصلاة. وروي: ليس على الضامن غرم، الغرم على من أكل المال (5). وروي أنه من أقرض قرضا وضرب له أجلا فلم يرد عليه عند انقضاء الأجل، كان له من الثواب في كل يوم مثل صدقة دينار (6). وروي: كما لا يحل للغريم المطل وهو موسر، كذلك لا يحل لصاحب المال أن يعسر المعسر (7). وأروي: من قدم غريما له إلى السلطان وهو يعلم أن يحلف له فتركه تعظيما لله عز وجل، لم يرض الله له يوم القيامة إلا بمنزلة إبراهيم الخليل عليه السلام (8). أروي: أنه سئل عن رجل له دين قد وجب فيقول: أخرني به وأنا أربحك، فيبيعه حبة لؤلؤ تقوم بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو بعشرين ألف، فقال: لا بأس. وروي في خبر آخر بمثله: لا بأس.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 113 / 479، والكافي 5: 96 / 4، والتهذيب 6: 186 / 388. من ” وإن كان له ضيعة. “.
2 – الكافي 5: 96 / 3، التهذيب 6: 186 / 387.
3 – الفقيه 3: 116 / 495، التهذيب 6: 190 / 408.
4 – الفقيه 3: 112 / 473، المقنع: 126، الكافي 5: 95 / 1، التهذيب 6: 185 / 384 باختلاف يسير.
5 – الفقيه 3: 54 / 186، الكافي 5: 104 / 5، التهذيب 6: 209 / 458، من ” وروي: ليس على الضامن. “.
6 – ثواب الأعمال: 167 / 4 باختلاف يسير.
7 – ثواب الأعمال: 167 / 5، التهذيب 6: 193 / 418 باختلاف يسير.
8 – ثواب الأعمال: 159 / 1، التهذيب 6: 193 / 419 باختلاف يسير.

[ 258 ]

وقد أمرني أبي عليه السلام ففعلت مثل هذا (1). وسئل عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين، فقال: لا بأس إن لم يكن كيلا ولا وزنا (2). وسئل عن حد الربا والعينة فقال: كلما يباع عليه فهو حلال، وكل ما فررت به من الحرام إلى الحلال فهو حلال، وكل بيع بالنسية سعر يومه ما لم ينقص، والصرف بالنسية، والدينار بدينار وحبة وما فوقه، وشراء الدراهم بالدراهم، والذهب بالذهب لتفاضل ما بينهما في الوزن حتى طعام اللين من الخبز باليابس والخبز النقي بالخشكار بالفضل، وما لا يجوز فهو الربا، إلا أن يكون بالسوي ومثله وأشباهه. واعلم أن الربا رباءان (3) ربا يؤكل وربا لا يؤكل، وأما الربا الذي يؤكل فهو هديتك إلى رجل يطلب الثواب أفضل منه، فأما الذي لا يؤكل فهو ما يكال ويوزن، فإذا دفع الرجل إلى رجل عشرة دراهم على أن يرد عليه أكثر منها، فهو الربا الذي نهى الله عنه فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) (4) الآية. عني بذلك أن يرد الفضل الذي أخذه على رأس ماله، حتى اللحم الذي على بدنه مما حمله من الربا إذا تاب، أن يضع عنه ذلك اللحم عن بدنه بالدخول إلى الحمام كل يوم على الريق، هذا إذا تاب عن أكل الربا وأخذه ومعاملته (5). وليس بين الوالد وولده ربا، ولا بين الزوج والمرأة ربا، ولا بين المولى والعبد، ولا بين المسلم والذمي (6). ولو أن رجلا باع ثوبا بثوبين أو حيوانا بحيوانين من أي جنس يكون


1 – الفقيه 3: 183 / 823 و 824، الكافي 5: 205 / 10 و 11، التهذيب 7: 52 / 227 و 53 / 228 باختلاف في ألفاظه.
2 – الفقيه 3: 178 / 807، التهذيب 7: 118 / 513، الكافي 5: 191 / 8.
3 – ليس في نسخة ” ض “.
4 – البقرة 2: 278.
5 – الفقيه 3: 182 / 821، المقنع: 125 باختلاف في ألفاظه، من ” واعلم أن الربا رباءان. “.
6 – المقنع: 126، الفقيه 3: 176 / 791 و 792.

[ 259 ]

لا يكون ذلك ربا (1)، ولو باع ثوبا يسوى عشرة دراهم بعشرين درهما، أو خاتما ما يسوى درهما بعشر ما دام عليه فص لا يكون شيئا فليس بالربا.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 177 / 797 و 798، والمقنع: 125، والكافي 5: 190 / 1، والتهذيب 7: 118 / 511.

[ 260 ]

39 باب القضاء والأحكام إعلم أن القضاة أربعة: قاض يقضي بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض يقضي بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار، وقاض يقضي بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة، فاجتنب القضاء فإنك لا تقوم به (1). واعلم أنه يجب عليك أن تساوي بين الخصمين حتى في النظر إليهما، حتى لا يكون نظرك إلى أحدهما أكثر من نظرك إلى الثاني (2). فإذا تحاكمت إلى حاكم، فانظر أن تكون على يمين خصمك (3). وإذا تحاكم خصمان فادعى كل واحد منهما على صاحبه دعوى، فالذي يدعي بالدعوى أولا أحق من صاحبه أن يسمع منه، فإذا ادعيا جميعا، فالدعوى للذي على يمين خصمه. واعلم أن الحكم في الدعاوي كلها، أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه الحكم، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان فلم يحلف فلا حق له، إلا في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدم لأن البينة على المدعى عليه واليمين على المدعي لئلا يبطل دم امرئ مسلم (4). واعلم أنه لا يجوز شهادة شارب الخمر، ولا اللاعب بالشطرنج والنرد، ولا


1 – الفقيه 3: 3 / 6، المقنع: 132 باختلاف يسير.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 8 / 27، والمقنع: 133، والكافي 7: 413 / 3، والتهذيب 6: 226 / 543.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 7 / 26، والتهذيب 6: 227 / 548.
4 – الفقيه 3: 39 عن رسالة والده، المقنع: 132، الهداية: 74.

[ 261 ]

مقامر، ولا متهم ولا تابع لمتبوع، ولا أجير لصاحبه، ولا امرأة لزوجها، ولا المشهور بالفسق والفجور، ولا المرابي (1). وتجوز شهادة الرجل لامرأته، وشهادة الولد لوالده، وتجوز شهادة الوالد على ولده، وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت، وشهادة العبد لغير صاحبه (2). ولا تجوز شهادة المفتري حتى يتوب من فريته (3)، وتوبته أن يوقف في الموضع الذي قال فيه ما قال يكذب نفسه (4). ولا تجوز شهادة على شهادة في الحدود (5). ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيما لا يعود نفعه إليه، فإذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة، وإذا شهد رجلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد. وإن كان الذي شهد عليه معه في مصره، ولو أنهما حضرا فشهد أحدهما على شهادة الآخر، وأنكر صاحبه أن يكون أشهده على شهادته، فإنه يقبل قول أعدلهما (6). وإذا دعي رجل ليشهد على رجل، فليس له أن يمتنع من الشهادة عليه، لقوله تعالى: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) (7) فإذا أراد صاحبه أن يشهد له بما أشهد فلا يمتنع، لقوله تعالى: (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (8). وإذا أتى الرجل بكتاب فيه خطه وعلامته ولم يذكر الشهادة فلا يشهد، لأن الخط يتشابه، إلا أن يكون صاحبه ثقة ومعه شاهد آخر ثقة فيشهد له حينئذ (9). وإذا أدعى رجل على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره، وأقام بذلك بينة، وأقام


1 – الفقيه 3: 25 / 67، المقنع: 133، الهداية: 75 وقد ورد فيها أكثر الفقرات.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 26 / 69 و 70، والمقنع: 133.
3 – في نسخة ” ض “: ” الفرية “.
4 – المقنع: 133.
5 – الفقيه 3: 41 / 140.
6 – المقنع: 133.
7 – البقرة 2: 282.
8 – البقرة 2: 283. وورد مؤداه في الفقيه 3: 34 / 111 و 112، والكافي 7: 379 / 1 و 2، والتهذيب 6: 275 / 750 و 751.
9 – مختلف الشيعة: 724 عن علي بن بابويه.

[ 262 ]

الذي في يده شاهدين، فإن الحكم فيه أن يخرج الشئ من يد مالكه إلى المدعي لأن البينة عليه، فإن لم يكن الملك في يد أحد، وادعى فيه الخصمان جميعا، فكل من أقام عليه شاهدين فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منهما شاهدين فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه، فإن استوى الشهود في العدالة، فأكثرهم شهودا يحلف بالله ويدفع إليه الشئ (1). وكل ما لا يتهيأ فيه الاشهاد عليه، فإن الحق فيه أن يستعمل فيه القرعة (2). وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” أي قضية أعدل من القرعة، إذا فوض الأمر إلى الله، لقوله تعالى: (فساهم فكان من المدحضين) (3) “. ولو أن رجلين اشتريا جارية وواقعاها جميعا فأتت بولد، لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة ألحق به الولد ويغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه، وعلى كل واحد منهما نصف الحد. وإن كانوا ثلاثة نفر وواقعوا جارية على الانفراد، بعد أن اشتراها الأول و واقعها اشتراها الثاني وواقعها فاشتراها الثالث وواقعها، كل ذلك في طهر واحد، فأتت بولد لكان الحق أن يلحق الولد بالذي عنده الجارية، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الولد للفراش وللعاهر الحجر ” هذا فيما لا يخرج في النظر، وليس فيه إلا التسليم (4). وتقبل شهادة النساء في النكاح، والدين، وفي كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا إليه. ولا تقبل في الطلاق، ولا في رؤية الهلال. وتقبل في الحدود إذا شهد امرأتان و ثلاثة رجال، ولا تقبل شهادتهن إذا كن أربع نسوة ورجلين (5). ولا تقبل شهادة الشهود في الزنا إلا شهادة العدول، فإن شهد أربعة بالزنا ولم يعدلوا ضربوا بالسوط حد المفتري، وإن شهد ثلاثة عدول وقالوا: الآن يأتيكم الرابع،


1 – الفقيه 3: 39، المقنع: 133 عن رسالة والده باختلاف يسير.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 52 / 174، والتهذيب 6: 240 / 593.
3 – الصافات 37: 141، الفقيه 3: 52 / 175.
4 – المقنع: 134، والقول بعد الحديث الشريف عن رسالة والده.
5 – المقنع: 135 بتقديم وتأخير.

[ 263 ]

كان عليهم حد المفتري، إلا أن يشهد أربعة عدول في موقف واحد. فإن شهد أربعة عدول على رجل بالزنا، أو شهد رجلان على رجل بقتل رجل أو سرقة، فرجم الذي شهدوا عليه بالزنا، وقتل الذي شهدوا عليه بالقتل، وقطع الذي شهدوا عليه بالسرقة، ثم رجعا عن شهادتهما وقالا: غلطنا في هذا الذي شهدنا، وأتيا برجل وقالا: هذا الذي قتل، وهذا الذي سرق، وهذا الذي زنى. قال: يجب عليهما دية المقتول الذي قتل، ودية (اليد التي قطعت) (1) بشهادتهما، ولم تقبل شهادتهما على الثاني الذي شهدوا عليه. وإن قالوا: تعمدنا، قطعا في السرقة. وكل من شهد شهادة الزور في مال أو قتل لزمه دية المقتول، ورد المال بشهادتهما ولم تقبل شهادتهما بعد ذلك، وعقوبتهما في الآخرة النار استحقاها من قبل أن تزول أقدامهما.


1 – في نسخة ” ض “: ” يد الذي قطع “.
2 – المقنع: 135 باختلاف يسير، ومن ” فإن شهد أربعة. ” أورده عن رسالة والده.

[ 264 ]

40 باب الشفعة واعلم أن الشفعة واجبة في الشركة المشاعة، و (1) في المجاز المقسوم، وفي المجاورة، والشرب الجامع، وفي الأرحية، وفي الحمامات (2). ولا شفعة ليهودي، ولا نصراني، ولا مخالف (3). ولا شفعة في سفينة، ولا طريق يجمع المسلمين، ولا حيوان. ولا ضرر في شفعة ولا ضرار (4). والشفعة على البائع والمشتري، ليس للبائع أن يبيع أو يعرض على شريكه أو مجاوره، ولا للمشتري أن يمتنع إذا طولب بالشفعة. وروي أن الشفعة واجبة في كل شئ من الحيوان والعقار والرقيق، إذا كان الشئ بين شريكين فباع أحدهما، فالشريك أحق به من الغريب. وإذا كان الشركاء أكثر من اثنين فلا شفعة لواحد منهم (5)، وإنما يجب للشريك إذا باع شريكه أن يعرض عليه، فإن لم يفعل بطلت الشفعة متى ما سأل، لا أن يتجافى عنه أو يقول: بارك الله لك فيما اشتريت أو بعت، أو يطلب منه مقاسمة (6). وروي أنه ليس في الطريق شفعة، ولا في النهر، ولا في الرحى، ولا في حمام،


1 – في البحار 104: 256 / 3: وليس.
2 – المقنع: 135، الهداية: 75، باختلاف في ألفاظه.
3 – الفقيه 3: 45 / 157، الكافي 5: 681 / 6 التهذيب 7: 166 / 737 باختلاف يسير وليس فيهم المخالف.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 45 / 154، والكافي 5: 280 / 4، والتهذيب 7: 164 / 727، من ” ولا ضرر. “.
5 – المقنع: 135 باختلاف يسير من ” وروي أن الشفعة. “.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 47 / 164.

[ 265 ]

ولا في ثوب، ولا في شئ مقسوم (1). فإذا كانت دارا فيها دور وطريق أبوابها في عرصة واحدة، فباع رجل دارا منها من رجل، كان لصاحب الدار الأخرى شفعة إذا لم يتهيأ له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع آخر، فإن حول بابها فلا شفعة لأحد عليه (2). وإنما يجب عليه الشفعة لشريك غير مقاسم (3)، فإذا عرف حصة الرجل من حصة الشريك فلا شفعة لواحد منهما (4)، وبالله التوفيق.


1 – مختلف الشيعة: 402 عن علي بن بابويه.
2 – الفقيه 3: 47 / 164، المقنع: 136 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 3: 45 / 145، المقنع: 136 باختلاف يسير.
4 – الهداية: 75.

[ 266 ]

41 باب اللقطة إعلم أن اللقطة لقطتان: لقطة الحرم، ولقطة غير الحرم. فأما لقطة الحرم فإنها تعرف سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدقت بها، وإن كنت وجدت في الحرم دينارا مطلسا (1) فهو لك لا تعرفه. ولقطة غير الحرم تعرفها أيضا سنة، فإذا جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك وإن كان دون درهم فهي لك حلال. وإن وجدت في دار وهي عامرة فهي لأهلها، وإن كان خرابا فهي لمن وجدها. فإن وجدت في جوف البهائم والطيور وغير ذلك، فتعرفها صاحبها الذي اشتريتها منه، فإن عرفها فهو له وإلا فهي كسبيل مالك. وأفضل ما تستعمله في اللقطة إذا وجدتها في الحرم أو غير الحرم، أن تتركها فلا تأخذها ولا تمسها، ولو أن الناس تركوا ما وجدوا لجاء صاحبها فأخذها. وإن وجدت أداوة أو نعلا أو سوطا فلا تأخذه، وإن وجدت مسلة أو مخيطا أو سيرا فخذه وانتفع به. وإن وجدت طعاما في مفازة، فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله، فإن جاء صاحبه فرد عليه ثمنه، وإلا فتصدق به بعد سنة. فإن وجدت شاة في فلاة من الأرض فخذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب.


1 – الدينار المطلس: الدينار الذي محيت كتابته ” الصحاح – طلس – 3: 944 “.

[ 267 ]

فإن وجدت بعيرا في فلاة فدعه ولا تأخذه، فإن بطنه وعاؤه، وكرشه سقاؤه، وخفه حذاؤه.


1 – المقنع: 127 باختلاف يسير وبتقديم وتأخير.

[ 268 ]

42 – باب الدين والقرض واعلم أنه من استدان دينا ونوى قضاءه فهو في أمان الله حتى يقضيه، فإن لم ينو قضاءه فهو سارق، فاتق الله وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وكفاف. فإن كان غريمك معسرا، وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله، فانظره إلى ميسرة، وهي أن يبلغ خبره الإمام فيقضي عنه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه. وإن كان أنفق ما أخذه منك في معصية الله، فطالبه بحقك، فليس هو من أهل هذه الآية (1). وإن كان لك على رجل مال، وضمنه رجل عند موته، وقبلت ضمانه، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك. وإذا مات رجل وله دين على رجل، فإن أخذه وارثه منه فهو له، وإن لم يعطه فهو للميت في الآخرة. وزكاة الدين على من استقرض. ولو كان على رجل دين ولم يكن له مال وكان لابنه مال، يجوز أن يأخذ من مال ابنه فيقضي به دينه (2). وإذا كان لك على رجل مال، فلا زكاة عليك فيه، حتى يقضيه (3) ويحول عليه الحول في يدك، إلا أن تأخذ عليه منفعة في التجارة، فإن كان كذلك فعليك زكاته (4).


1 – المراد بالآية، قوله تعالى: ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. “.
2 – المقنع: 126 عن وصية والده، باختلاف يسير وتقديم وتأخير.
3 – في هامش نسخة ” ش “: وفي نسخة ” ض “: ” تقبضه “.
4 – المقنع: 52 باختلاف في ألفاظه.

[ 269 ]

وإذا مات رجل وعليه دين ولم يكن له إلا قدر ما يكفن به كفن به، فإن تفضل عليه رجل بكفن كفن به، ويقضي بما ترك دينه (1). وإذا مات رجل وعليه دين ولم يخلف شيئا، فكفنه رجل من زكاة ماله فهو جائز له، فإن اتجر عليه رجل آخر بكفن كفن من الزكاة، وجعل الذي اتجر عليه لورثته يصلحون به حالهم، لأن هذا ليس بتركة الميت إنما هو شئ صار إليهم بعد موته، وبالله الاعتصام. (2)


1 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 143 / 492، والكافي 7: 23 / 2.
2 – مؤداه في التهذيب 1: 445 / 1440.

[ 270 ]

43 باب الأيمان والنذور والكفارات إعلم يرحمك الله أن أعظم الأيمان الحلف بالله عز وجل، فإذا حلف الرجل بالله على طاعة نظير رجل حلف بالله أن يصلي صلاة معلومة، أو أن يعمل شيئا من خصال البر فقد وجب عليه في يمينه أن يفي بما حلف عليه، لأن الذي حلف عليه لله طاعة، فإن لم يف بما حلف وجاز الوقت فقد حنث ووجب عليه الكفارة، فإن حلف أن لا يقرب معصية أو حراما ثم حنث، فقد وجب عليه الكفارة (1). والكفارة إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم ثوبين لكل مسكين، والمكفر عن يمينه بالخيار إن كان موسرا أي ذلك شاء فعل، والمعسر لا شئ عليه إلا إطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة أيام إن أمكنه ذلك، والغني والفقير في ذلك سواء (2). فإن حلف بالظهار وهو يريد اليمين، فعليه للفظ اليمين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا (3) وقد روي أن الثلاثة عليه عقوبة على مكروه أمه وذوي رحمه بمثل هذا. ولا يمين في قطيعة رحم، ولا في ترك الدخول في حلال، وكفارة هذه الأيمان الحنث. واعلم أن كل ما كان من قول الانسان: لله علي نذر من وجوه الطاعة ووجوه البر، فعليه الوفاء بما جعل على نفسه (4)، وإن كان النذر لغير الله، فإنه إن لم يعط ولم يف بما


1 – مؤداه في الفقيه 3: 231 / 1094، والمقنع: 136، والهداية: 72، والكافي 7: 445 / 1 – 10، والتهذيب 8: 291 / 1074 – 1078.
2 – المقنع: 137، الهداية: 73 باختلاف في ألفاظه.
3 – مؤداه في الفقيه 3: 341 / 1641، والمقنع: 108، والهداية: 71.
4 – مؤداه في المقنع: 137. من ” واعلم أن كل ما كان. “.

[ 271 ]

جعله على نفسه، فلا كفارة عليه ولا صوم ولا صدقة، نظير ذلك أن تقول: لله علي صلاة معلومة أو صوم معلوم أو بر أو وجه من وجوه البر، فيقول: إن عافاني الله من مرضي، أو ردني من سفري، أو رد علي غائبي، أو رزقني رزقا، أو وصلني إلى محبوبي حلالا فأعطي ما تمنى، لزمه ما جعل على نفسه، إلا أن يكون جعل على نفسه ما لا يطيقه، فلا شئ عليه إلا بمقدار ما يحتمله، وهذا ممن يجب أن يستغفر الله منه، ولا يعود إلى مثله (1). وإن هو نذر لوجه من وجوه المعاصي، مثل الرجل يجعل على نفسه نذرا على شرب الخمر، أو فسق، أو زنا، أو سرقة، أو قتل، أو موت، أو إساءة مؤمن، أو عقوق، أو قطيعة رحم، فلا شئ عليه في نذره، وقد روي أن عليه في ذلك كفارة يمين بالله للعقوبة لا غير لإقدامه على نذر في معصية (2). وقد روي إذا نذرت نذر طاعة لله فقدمه، فإن الله أوفي منك. واعلم أن الكفارة على مثل المواقعة في شهر رمضان والأكل والشرب فيه، فعليه لكل يوم عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، فإن عاد لزمه لكل يوم مثل الكفارة الأول (3). وقد روي: أن الثلاث عليه وهذا الذي يختاره خواص الفقهاء ثم لا يدرك مثل ذلك اليوم أبدا (4). فأما الظهار أن يقول الرجل لامرأته أو ما ملكت يمينه: هي عليه كظهر أمه أو كظهر أخته، أو خالته أو عمته، أو دايته، فإذا فعل ذلك وجب عليه للفظ، ما قد فسرناه في باب الظهار. وإن حلف المملوك أو ظاهر فليس عليه إلا الصوم فقط وهو شهران متتابعان (5). وأما كفارة الدم، فعلى من قتل مؤمنا متعمدا أن يقاد به، فإن عفي عنه وقبلت منه الدية فعليه التوبة والاستغفار. ومن قتل مؤمنا خطأ، فعليه عتق رقبة مؤمنة، أو


1 – ورد مؤداه في المقنع: 137، والهداية: 73.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 227 / 1070، والمقنع: 137، والهداية: 73، وفيها ” ولا نذر في معصية “.
3 – ورد مؤداه في المقنع: 107، والهداية: 47، من ” واعلم أن الكفارة. “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 73 / 317.
5 – مؤداه في الفقيه 3: 346 / 1661، والكافي 6: 156 / 13، والتهذيب 8: 24 / 89، وفيها ” نصف ما على الحر صوم شهر “.

[ 272 ]

صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، ودية مسلمة إلى أهله، فإن لم يكن له مال أخذ من عاقلته (1). فأما الكفارة على من واقع جاريته أو أهله وهو محرم فعليه بدنة قبل أن يشهد الموقفين، وعليه الحج من قابل (2). وإن أصاب صيدا، فعليه الجزاء: (مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) (3) إن كان صيده نعامة فعليه بدنة، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن لم يجد فصيام ثمانية عشر يوما. وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش، فعليه بقرة، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فصيام تسعة أيام. وإن كان الصيد من الظبي فعليه شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام (4). وإن كان الصيد طائرا فعليه درهم، وإن كان فرخا فعليه نصف درهم، وإن كان بيضا أو كسرها أو أكل فعليه ربع درهم (5). وإن كان به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، والنسك شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صوم ثلاثة أيام (6). ومن ظلل على نفسه وهو محرم فعليه شاة (7)، أو عدل ذلك صياما وهو ثلاثة أيام. ومن بات ليالي منى بمكة، فعليه لكل ليلة دم يهريقه (8). ومن كان متمتعا فلم يجد هديا، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا


1 – مؤداه في التهذيب 8: 322 / 1196.
2 – مؤداه في الفقيه 2: 213 عن رسالة أبيه، المقنع: 71.
3 – المائدة 5: 95.
4 – الفقيه 2: 233 / 1112، المقنع: 77 باختلاف يسير وفيهما حكم الحمار الوحش مثل النعامة. 5 – مؤداه في المقنع: 78.
6 – مؤداه في الفقيه 2: 228 / 1083 و 229 / 1084، والمقنع: 75.
7 – مؤداه في الفقيه 2: 226 / 1063.
8 – الفقيه 2: 286 / 1406 باختلاف في ألفاظه.

[ 273 ]

رجع إلى أهله، تلك عشرة كاملة (1). والمحرم في الحرم إذا فعل شيئا من ذلك، تضاعف عليه الفداء مرتين، أو عدل الفداء الثاني صياما، وبالله التوفيق. واعلم أن اليمين على وجهين: يمين فيها كفارة، ويمين لا كفارة فيها، فاليمين التي فيها الكفارة، فهو أن يحلف العبد على شئ يلزمه أن يفعل، فيحلف أن يفعل ذلك الشئ وإن لم يفعله فعليه الكفارة، أو يحلف على ما يلزمه أن يفعله أن لا يفعله فعليه الكفارة إذا فعله. واليمين التي لا كفارة فيها على ثلاثة أوجه: فمنها ما يؤجر عليه الرجل إذا حلف كاذبا، ومنها ما لا كفارة فيها عليه ولا أجر له، ومنها ما لا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها إدخال النار. فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا ولم يلزم فيها الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم، أو يخلص بها مال امرئ مسلم من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره. وأما التي لا كفارة عليه ولا أجر له، فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير. وقال العالم عليه السلام: لا كفارة عليه، وذلك من خطوات الشيطان. وأما التي عقوبتها دخول النار، فهو إذا حلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما، فهو يمين غموس يوجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا (2). واعلم أنه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية الله، ولا يمين لولد مع الوالدين، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه، ولو أن رجلا حلف أو نذر أن يشرب خمرا أو يفعل شيئا مما ليس لله فيه رضا، فحنث لا يفي بنذره، فلا شئ عليه (3). والنذر على وجهين: أحدهما أن يقول الرجل: إن عوفيت من مرضي أو تخلصت من كذا وكذا، فعلي صدقة أو صوم أو شئ من أفعال البر، فهو بالخيار إن شاء


1 – المقنع: 90، التهذيب 5: 233 / 789، الاستبصار 2: 282 / 1001 باختلاف يسير.
2 – الهداية: 72، الفقيه 3: 231 / 1094، المقنع: 136 باختلاف يسير. من واعلم أن اليمين على وجهين. “.
3 – الهداية: 73، المقنع: 137.

[ 274 ]

فعل وإن شاء لم يفعل. فإن قال لله علي كذا وكذا من أفعال البر، فعليه أن يفي ولا يسعه تركه، فإن خالف لزمه صيام شهرين متتابعين، وروي كفارة يمين. وإذا نذر الرجل أن يصوم صوما يوما أو شهرا، ولم يسم يوما بعينه أو شهرا بعينه، فهو بالخيار أي يوم شاء صام، وأي شهر شاء صام، ما لم يكن ذي الحجة أو شوال فإن فيهما العيدين ولا يجوز صومهما. فإن صام يوما، أو شهرا لم يسمه في النذر متتابع أو غيره فأفطر فلا كفارة عليه، إنما عليه أن يصوم مكانه يوما آخر أو شهرا آخر على حسب ما نذر. فإن نذر أن يصوم يوما معروفا أو شهرا معروفا، فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة لحلف النذر. ولو أن رجلا نذر نذرا ولم يسم شيئا فهو بالخيار، إن شاء تصدق بشئ، وإن شاء صلى ركعتين، أو صام يوما، إلا أن يكون ينوي شيئا في نذره ويلزمه ذلك الشئ بعينه. وإن امرؤ نذر أن يتصدق بمال كثير ولم يسم مبلغه فإن الكثير ثمانون وما زاد، لقول الله عز وجل: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) (1) فكانت ثمانين، موطنا، وبالله حسن الاسترشاد (2).


1 – التوبة 9: 25.
2 – الهداية: 73، الفقيه 3: 232 / 1095، المقنع: 137 باختلاف يسير.

[ 275 ]

44 باب الزنا واللواطة واعلم أن الله جل وعز حرم الزنا لما فيه من بطلان الأنساب التي هي من أصول هذا العالم وتعطيل الماء (1). وروي: أن الدفق في الرحم إثم، والعزل أهون. وروي: أن يعقوب النبي عليه السلام قال لابنه يوسف عليه السلام: يا بني، لا تزن، فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه (2). وروي: أن الزنا يسود الوجه، ويورث الفقر، ويبتر (3) العمر، ويقطع الرزق، و يذهب بالبهاء، ويقرب السخط، وصاحبه مخذول مشؤوم (4). وروي: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن: فسئل عن معنى ذلك، فقال: يفارقه روح الايمان في تلك الحال، فلا يرجع إليه حتى يتوب (5). ومن زنى بذات محرم، ضرب ضربة بالسيف محصنا كان أم غيره فإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف، وإن استكرهها فلا شئ عليها (6). ومن زنى بمحصنة وهو محصن، فعلى كل واحد منهما الرجم (7). ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن، فعليها الرجم، وعليه الجلد (8) وتغريب سنة.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 369 / 1748، وعلل الشرايع: 479، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 92.
2 – الفقيه 4: 13 / 13، الكافي 5: 542 / 8، والمحاسن: 106 / 92 من ” وروي: أن يعقوب عليه السلام “.
3 – في نسخة ” ش “: ” ويبير “.
4 – الفقيه 4: 266، الخصال: 320 / 2 و 3 و 4 وفيهما بعض الفقرات.
5 – الفقيه 4: 14 / 20 باختلاف يسير.
6 – الفقيه 4: 30 / 81 باختلاف يسير.
7 – المقنع: 144، علل الشرايع: 540 / 13 باختلاف في ألفاظه.
8 – المقنع: 144 باختلاف في ألفاظه.

[ 276 ]

وحد التغريب خمسون فرسخا. والرجم أن يحفر بئر بقامة الرجل إلى صدره (1)، وللمرأة إلى فوق ثدييها وترجم (2)، فإن فر المرجوم وهو المقر ترك، وإن فر وقد قامت عليه البينة رد إلى البئر ورجم حتى يموت (3). وروي: أن لا يتعمد بالرجم رأسه. وروي: لا يقتله إلا حجر الإمام. وحد المحصن أن يكون له فرج يغدو عليه ويروح (4). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنا إذا لم يكن شهود (5) فإذا رجع وأنكر ترك ولم يرجم. ولا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود (6). ولا يحد اللوطي حتى يقر أربع مرات، على تلك الصفة (7). وروي: أن جلد الزاني أشد الضرب، وأنه يضرب من قرنه إلى قدمه، لما تفضي من اللذة بجميع جوارحه. وروي: أنه إن وجد وهو عريان جلد عريانا، وإن وجد عليه ثوب جلد فيه (8). وروي: أن الحدود في الشتاء لا تقام بالغدوات، ولا يقام في الصيف في الهاجرة، ويقام إذا برد النهار (9)، ولا يقيم حدا من في جنبه حد (10). وأما أصل اللواط من قوم لوط، وفرارهم من قرى الأضياف من مدركة


1 – المقنع: 144 باختلاف في ألفاظه من ” والرجم أن يحفر. “. وفيه: ” إلى عنقه “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 20 / 50 و 24 / 52، والمحاسن: 309 / 23.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 24 / 19، والكافي 7: 185 / 5.
4 – الفقيه 4: 25 / 57، الكافي 7: 179 / 10، التهذيب 10: 12 / 28 باختلاف يسير من ” وحد المحصن “.
5 – الهداية: 75 باختلاف يسير.
6 – الفقيه 4: 43 / 145، تفسير العياشي 1: 319 / 107.
7 – ورد مؤداه في الكافي 7: 201 / 1، التهذيب 10: 53 / 198.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 20 / 46 و 47، والمقنع: 143.
9 – ورد مؤداه في الكافي 7: 217 / 1 – 3، والتهذيب 10: 39 / 136 و 137، والمحاسن: 274 / 379.
10 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 22 / 51 و 24 / 52 و 53، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 238 / 1، والكافي 7: 188 / 3.

[ 277 ]

الطريق، وانفرادهم عن النساء، واستغناء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، و لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أي داء أدوى من البخل ” وذكر هذا الحديث (1). وحرم لما فيه من الفساد، وبطلان ما حض الله عليه، وأمر به من النساء (2). أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي (3) وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد، محصنا أو غير محصن (4). وإذا وجد رجلان عراة في ثوب واحد وهما متهمان فعلى كل واحد منهما مائة جلدة، وكذلك امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في ثوب واحد (5). وفي اللواطة الكبرى ضربة بالسيف، أو هدمة، أو طرح الجدار، وهي الإيقاب. وفي الصغرى مائة جلدة. وروي أن اللواطة هي التفخذ، وأن على فاعله القتل، والإيقاب الكفر بالله. وليس العمل على هذا، وإنما العمل على الأولى في اللواط (6). واتق الزنا واللواط، وهو أشد من الزنا، والزنا أشد منه (7)، وهما يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داء في الدنيا وفي الآخرة. ويجلد على الجسد كله إلا الفرج والوجه، فإن عادا جلدا مائة مائة، فإن عادا قتلا، وإن زنيا أول مرة وهما محصنان، أو أحدهما محصن والآخر غير محصن ضرب الذي هو غير محصن مائة جلدة، وضرب المحصن مائة ثم رجم بعد ذلك (8).


1 – ورد مؤداه في علل الشرايع: 548 / 4، وتفسير العياشي 2: 244 / 26.
2 – ورد مؤداه في علل الشرايع: 547 / 1، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 97.
3 – الفقيه 4: 31 / 87، عقاب الأعمال: 316 / 5، الكافي 7: 199 / 3، التهذيب 10: 53 / 196، الاستبصار 4: 220 / 824، المحاسن: 122 / 104، الجعفريات: 126.
4 – ورد مؤداه في المقنع: 147، والكافي 7: 198 / 1، والتهذيب 1: 54 / 200، والاستبصار 4: 220 / 824، وقرب الاسناد: 64.
5 – ورد مؤداه في الكافي 7: 181 / 6 و 182 / 10، والتهذيب 0 1: 42 / 151 و 43 / 153.
6 – ورد مؤداه في المقنع: 144، والهداية: 76.
7 – المقنع: 143 باختلاف يسير.
8 – المقنع: 143 باختلاف يسير، من ” ويجلد على الجسد. “.

[ 278 ]

قال: وأول من يبدأ برجمها الشهود الذين شهدوا عليهما، والإمام (1). فإذا زنى العبد والجارية، جلد كل واحد منهما خمسين جلدة محصنين كانا أو غير محصنين وإن عادا جلدا خمسين كل واحد منهما إلى أن يزنيا ثماني مرات، ثم يقتلا في الثامنة (2). ولا يجوز مناكحة الزاني والزانية حتى تظهر توبتهما (3). فإن زنى رجل بعمته أو بخالته، حرمت عليه أبدا بناتهما (4). ومن زنى بذات بعل محصنا كان أو غير محصن ثم طلقها زوجها أو مات عنها، وأراد الذي زنى بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا، ويقال لزوجها يوم القيامة: خذ من حسناته ما شئت (5). ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار، أو يهدم عليه حائط، أو يضرب ضربة بالسيف (6)، ولا تحل له أخته في التزويج أبدا ولا ابنته (7)، ويصلب يوم القيامة على شفير جهنم، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يلقيه في النار، فيعذبه بطبقة طبقة حتى يؤديه إلى أسفلها فلا يخرج منها أبدا. وإذا قبل الرجل غلاما بشهوة، لعنته ملائكة السماء، وملائكة الأرض، و ملائكة الرحمة، وملائكة الغضب، وأعد له جهنم وساءت مصيرا. وفي خبر آخر: من قبل غلاما بشهوة ألجمه الله بلجام من نار (8). واعلم أن حرمة الدبر أعظم من الفرج، لأن الله أهلك أمة بحرمة الدبر، ولم يهلك أحدا بحرمة الفرج (9).


1 – الفقيه 4: 26 / 62، المقنع: 144، الكافي 7: 184 / 3 باختلاف في ألفاظه.
2 – المقنع: 148، الفقيه 4: 32 / 90 باختلاف في ألفاظه.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 256 / 1216 و 1217، والمقنع: 101، والتهذيب 7: 7 32 / 1347.
4 – ورد مؤداه في الكافي 5: 417 / 10، والتهذيب 7: 311 / 1291، والانتصار: 108.
5 – ورد مؤداه في الانتصار: 108.
6 – المقنع: 144، الهداية: 76 باختلاف يسير، ومختلف الشيعة: 764 عن رسالة علي بن بابويه.
7 – ورد مؤداه في الكافي 5: 417 / 2، والتهذيب 7: 310 / 1286.
8 – مكارم الأخلاق: 238، من ” وفي خبر آخر. “.
9 – المقنع: 144.

[ 279 ]

45 باب شرب الخمر والغناء إعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينه، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله كل شراب مسكر، ولعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر، وغارسها، وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، و مبتاعها، و شاربها، وآكل ثمنها، وساقيها (1)، والمتحول فيها، فهي ملعونة، شراب لعين (2)، وشاربها اللعناء (3). واعلم أن شارب الخمر كعبدة الأوثان، وكناكح أمه في حرم الله، وهو يحشر يوم القيامة مع اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا بالله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون. واعلم أن من شرب من الخمر قدحا واحدا، لا يقبل الله صلاته أربعين يوما (4)، ومن كان مؤمنا فليس له في الايمان حظ، ولا في الاسلام له نصيب، ولا يقبل منه الصرف ولا العدل، وهو أقرب إلى الشرك من الايمان. خصماء الله (5) وأعداؤه في أرضه، شراب الخمر والزناة. فإن مات في أربعين يوما لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه، وله


1 – الفقيه 4: 40 عن رسالة أبيه، المقنع: 152 باختلاف يسير.
2 – في نسخة ” ش “: ” فهي الملعونة وشراب اللعين “.
3 – في نسخة ” ض “: ” لعينان “.
4 – الفقيه 4: 41 عن رسالة أبيه و 4: 4 و 255، المقنع: 153، عقاب الأعمال: 289 / 2 باختلاف في ألفاظه، من ” واعلم أن من شرب. “.
5 – في نسخة ” ش “: ” الرحمن “.

[ 280 ]

عذاب أليم، ولا يقبل توبته في أربعين، وهو في النار لا شك فيه (1). وقال (صلى الله عليه وآله) (2): ” الخمر حرام بعينه، والمسكر من كل شراب، فما أسكر كثيره فقليله حرام ” (3). ولها خمسة أسام: العصير من الكرم وهي الخمر الملعونة، والنقيع من الزبيب، (والبتع) (4) من العسل، والمزر (5) من الشعير وغيره، والنبيذ من التمر (6). وإياك أن تزوج شارب الخمر، فإن زوجته فكأنما قدت (7) إلى الزنا. ولا تصدقه إذا حدثك، ولا تقبل شهادته، ولا تأمنه على شئ من مالك، فإن ائتمنته فليس لك على الله ضمان (8)، ولا تؤاكله، ولا تصاحبه، ولا تضحك في وجهه، ولا تصافحه، ولا تعانقه، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشيع لجنازته (9). واعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته النار، أو غلى من غير أن تصيبه النار فهو خمر، ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه على (10) النار ويبقى ثلثه. فإن نش من غير أن تصيبه النار، فدعه حتى يصير خلا من ذاته من غير أن يلقى فيه شئ، فإن تغير بعد ذلك وصار خمرا، فلا بأس أن يطرح فيه ملح أو غيره حتى يتحول خلا. وإن صب في الخل خمر، لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام ويصير خلا، ثم أكل (11) بعد ذلك (12).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 255، والمقنع: 153، وعقاب الأعمال: 292، من ” فإن مات في أربعين. “.
2 – في نسخة ” ش “: ” العالم عليه السلام “.
3 – المقنع: 152، 153، الفقيه 4: 40 و 255، الخصال: 609، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 126. باختلاف يسير.
4 – البتع: نبيذ العسل ” الصحاح – بتع – 3: 1183 “.
5 – المزر: نبيذ الذرة ” الصحاح – مزر – 2: 816 “.
6 – الفقيه 4: 40 عن رسالة والده، المقنع: 152.
7 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” زوجته ” وما أثبتناه من البحار 79: 142 / 55.
8 – المقنع: 153 باختلاف يسير.
9 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 41 / 133، وجامع الأخبار: 178.
10 – في نسخة ” ش “: ” من “.
11 – في نسخة ” ش “: ” يؤكل “.
12 – الفقيه 4: 40، المقنع: 153 عن رسالة أبيه.

[ 281 ]

ولا بأس أن تصلي في ثوب أصابه الخمر، لأن الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابه (1). وإن خاط خياط ثوبك بريقه، وهو شارب الخمر، فإن كان يشرب غبا فلا بأس، وإن كان مدمنا للشرب كل يوم فلا تصل في ذلك الثوب حتى يغسل. ولا تصل في بيت فيه خمر محصورة في آنية (2). ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر، ولا تجالس شارب الخمر (3)، ولا تسلم عليه إذا جزت به فإن سلم عليك فلا ترد عليه السلام بالمساء والصبح، ولا تجتمع معه في مجلس، فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس (4). واعلم أن الغناء مما قد وعد الله عليه النار في قوله: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (5)، (6). وقد نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله بعض أصحابه فقال: جعلت فداك، إن لي جيرانا ولهم جوار قينات (7) يتغنين ويضربن بالعود، فربما دخلت الخلاء فأطيل الجلوس استماعا مني لهن. قال: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: (لا تفعل) فقال الرجل: والله ما هو شئ أتيته برجلي، إنما هو شئ أسمع بأذني. فقال أبو عبد الله عليه السلام: ” بالله أنت ما سمعت قول الله تبارك وتعالى: (إن السمع والبصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) (8). وأروي في تفسير هذه الآية: أنه يسأل السمع عما سمع، والبصر عما نظر، و القلب عما عقد عليه “.


1 – الفقيه 4: 41 / 2 13، المقنع: 153.
2 – الفقيه 4: 41 / 132، المقنع: 25 و 153 باختلاف يسير، من ” ولا تصل. “.
3 – المقنع: 135 باختلاف يسير.
4 – الفقيه 4: 41 / 132، المقنع: 135 باختلاف يسير، من ” ولا تجتمع معه. “.
5 – لقمان 31: 6.
6 – الفقيه 4: 41 / 134، المقنع: 154 باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ش “: ” مغنيات “.
8 – الاسراء 17: 36.

[ 282 ]

فقال الرجل: كأني لم أسمع بهذه الآية في كتاب الله من عجمي وعربي، لا جرم أني قد تركتها، وأني أستغفر الله. فقال أبو عبد الله عليه السلام: ” إذهب فاغتسل وصل ما بدا لك، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو كنت مت على هذا! استغفر الله واسأل الله التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا القبيح، والقبيح دعه لأهله، فإن لكل قبيح أهلا ” (1). ونروي أنه من أبقى في بيته طنبورا أو عودا أو شيئا من الملاهي من المعزفة و الشطرنج وأشباهه أربعين يوما فقد باء بغضب من الله، فإن مات في أربعين مات فاجرا فاسقا، مأواه النار وبئس المصير (2). وإن الله تعالى حرم الخمر لما فيها من الفساد، وبطلان العقول في الحقائق، و ذهاب الحياء من الوجه، وأن الرجل إذا سكر فربما وقع على أمه، أو قتل النفس التي حرم الله، ويفسد أمواله، ويذهب بالدين، ويسئ المعاشرة، ويوقع العربدة، وهو يورث مع ذلك الداء الدفين (3). فمن شرب الخمر في دار الدنيا سقاه الله من طينة خبال، وهي صديد أهل النار (4). وروي: أن من سقى صبيا جرعة من مسكر، سقاه الله من طينة الخبال حتى يأتي بعذر مما أتى، وإن لا يأتي أبدا يفعل به ذلك، مغفورا له أو معذبا (5). وعلى شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (6). واعلم أن السحق مثل اللواط، إذا قامت على المرأتين البينة بالسحق، فعلى كل واحدة منهما ضربة بالسيف، أو هدمة أو طرح جدار، وهن الرسيات اللواتي ذكرن


1 – الفقيه 1: 45 / 177، الكافي 6: 432 / 10، التهذيب 1: 116 / 304 باختلاف يسير.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 42 / 135.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 218 / 1009، وعلل الشرايع: 476 / 1 و 2 و 484 / 1، وأمالي الصدوق: 530 / 1.
4 – الفقيه 4: 4، أمالي الصدوق: 346. باختلاف يسير.
5 – ورد مؤداه في الخصال: 635، والكافي 6: 397 / 7.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 40 / 130، والهداية: 76، وعلل الشرايع: 539 / 8.

[ 283 ]

في القرآن (1). وكذلك إذا قامت البينة في اللواط الأكبر وهو الإيقاب، واللواط الأصغر فيه الحد مائة جلدة، وحد الزاني والزانية أغلظ ما يكون من الحد، وأشد ما يكون من الضرب.


1 – ورد مؤداه في مكارم الأخلاق: 232.

[ 284 ]

46 – باب اللعب بالشطرنج والنرد والقمار، والضرب بالصوالج (1) وغيره إعلم أن الله تعالى قد نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، و سماها رجسا فقال: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) (2) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيره من القمار، والنرد أشد من الشطرنج، فإن اتخاذها كفر بالله العظيم، و اللعب بها شرك، وتقلابها كبيرة موبقة، والسلام على اللاهي بها كفر، ومقلبها كالناظر إلى فرج أمه، واللاعب بالنرد كمثل الذي يأكل لحم الخنزير، ومثل الذي يلعب بها من غير قمار مثل الذي يضع يده في الدم ولحم الخنزير، ومثل الذي يعلب في شئ من هذه الأشياء كمثل الذي مصر على الفرج الحرام. واتق اللعب بالخواتيم والأربعة عشر وكل قمار حتى لعب الصبيان بالجوز و اللوز والكعاب وإياك والضربة بالصولجان، فإن الشيطان يركض معك، والملائكة تنفر عنك، ومن عثر دابته فمات دخل النار (3).


1 – الصولجان: عصا يعطف طرفها، تضرب بها الكرة واللاعبون على الدواب، وهو نوع من اللعب. انظر ” لسان العرب – صلج – 2: 310 “.
2 – المائدة 5: 90.
3 – الفقيه 4: 42 / 135 باختلاف يسير.

[ 285 ]

47 باب القذف للمحصن والمحصنة إعلم يرحمك الله إذا قذف مسلم مسلما، فعلى القاذف ثمانون جلدة (1). وإذا قذف ذمي مسلما، جلد حدين: حدا للقذف، والحد الآخر لحرمة الاسلام (2). وإذا زنى الذمي بمسلمة قتلا جميعا (3). وروي إذا قذف رجل رجلا في دار الكفر وهو لا يعرفه – فلا شئ عليه، لأنه لا يحل أن يحسن الظن فيها بأحد إلا من عرفت إيمانه. وإذا قذف رجلا في دار الايمان وهو لا يعرفه فعليه الحد، لأنه لا ينبغي أن يظن بأحد فيها إلا خيرا. وروي أنه من ذكر السيد محمدا صلى الله عليه وآله أو واحدا من أهل بيته الطاهرين عليهم السلام بالسوء وبما لا يليق بهم أو الطعن فيهم، وجب عليه القتل. وإذا قذف حر عبدا، وكانت أمه مسلمة في دار الهجرة وطالبت بحقها جلد، و إن لم تطالب فلا شئ عليه. وإذا قذف العبد الحر جلد ثمانين جلدة. وإذا تقاذف رجلان لم يجلدا (4). وإذا قذفت المرأة الرجل جلدت ثمانين جلدة.


1 – المقنع: 149، الهداية: 76 باختلاف يسير.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 35 / 106، والكافي 7: 239 / 6، والتهذيب 10: 75 / 285.
3 – ورد مؤداه في الهداية: 76، والكافي 7: 239 / 3، والتهذيب 10: 38 / 134، وفيها يقتل الذمي ولم يتطرقوا للمسلمة.
4 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” أحد منهما لأن لكل واحد منهما مثلما عليه وإذا قذف الرجل المسلم الذمي لم يجلد “.

[ 286 ]

48 باب الفرائض والمواريث إعلم يرحمك الله أن الله تعالى قسم الفرائض بقدر مقدور وحساب محسوب، وبين في كتابه ما بين من القسمة، ثم قال عز وجل: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (1). فجعل الارث على ضربين: قسمة مشروحة، وقسمة مجملة. وجعل للزوج إذا لم يكن له ولد النصف، ومع الولد الربع لا يزيد ولا ينقص مع باقي الورثة. وجعل للزوجة الربع إذا لم يكن لها ولد، والثمن مع الولد، على هذا السبيل (2). وجعل للأبوين مع الولد والشركاء السدسين، لا ينقصان من ذلك شيئا، و لهما في مواضع زيادة على السدسين (3). ثم سمى للأولاد والأخوة والأخوات والقرابات سهاما في القرآن، وسهاما بأنها ذوي الأرحام. وجعل الأموال بعد الزوج والزوجة والأبوين للأقرب فالأقرب، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا تساوت القرابة من جهة الأب والأم تقسمه بفصل الكتاب، فإذا تقاربت فبآية ذوي الأرحام. واعلم أن المواريث تكون ستة أسهم لا تزيد عليها، وصارت من ستة أسهم


1 – الأنفال 8: 75.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 193 باب 135، والمقنع: 170، والهداية: 83 من ” وجعل للزوج. “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 194 / 669، والمقنع: 169، والهداية: 83.

[ 287 ]

لأن الانسان خلق من ستة أشياء، وهو قوله: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة) (1) تمام الآية (2). وأصل المواريث أن لا يرث مع الولد والأبوين أحد إلا الزوج والزوجة. فإذا ترك الرجل امرأة، فللمرأة الربع، وما بقي فللقرابة – إن كان له قرابة وإن لم يكن له أحد حصل ما بقي لإمام المسلمين. فإن تركت المرأة زوجها، فله النصف، والنصف الآخر لقرابة لها إن كانت فإن لم تكن لها قرابة، فالنصف يرد على الزوج (3). وإن تركت مع الزوج ولدا ذكرا كان أم أنثى، واحدا كان أم أكثر فللزوج الربع، وما بقي فللولد. فإن ترك الزوج امرأة وولدا، فللمرأة الثمن وما بقي فللولد (4). فإن ترك الرجل أبويه، فلامه الثلث، وللأب الثلثان (5). فإن ترك أبوين وابنا أو أكثر من ذلك فللأبوين السدسان، وما بقي فللابن (6). فإن ترك أباه وابنته، فللابنة النصف ثلاثة أسهم من ستة، وللأب السدس، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهما فللأب. وكذلك إذا ترك أمه وابنته. فإن ترك أبوين وابنته، فللابنة النصف، وللأبوين السدسان، يقسم المال على خمسة، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهمين فللأبوين. فإن ترك ابنتين وأبوين، فللابنتين الثلثان، وللأبوين السدسان (7). وإن ترك أبويه وابنا وابنة أو بنين وبنات فللأبوين السدسان، وما


1 – المؤمنون 23: 12.
2 – المقنع: 167، الفقيه 4: 189 / 685.
3 – المقنع: 0 17، الهداية: 83 باختلاف يسير من ” فإذا ترك الرجل. “.
4 – المقنع: 170 باختلاف في ألفاظه.
5 – الفقيه 4: 191 / 665، الهداية: 82.
6 – الفقيه 4: 192 / 668 باختلاف يسير.
7 – المقنع: 169، الهداية: 82، الفقيه 4: 192 / 668 باختلاف يسير.

[ 288 ]

بقي للبنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين (1). فإن ترك امرأة وأبوين، لامرأته الربع، ولأمه الثلث، وما بقي فللأب (2). فإن تركت امرأة زوجها وأبويها وولدا ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو أكثر فللزوج الربع، وللأبوين السدسان، وما بقي فللولد (3). فإن ترك أبويه وأخا، فللأم الثلث، وللأب الثلثان، وسقط الأخ. فإن ترك أبويه، فللأم الثلث، وللأب الثلثان. وكذلك إذا ترك أخا أو أختين أو ثلاث أخوات، أو أختا وأبوين، فللأم الثلث، وللأب الثلثان. فإن ترك أبوين وأخوين أو أربع أخوات أو أخا وأختين، فللأم السدس، و ما بقي فللأب (4). وإن كان الأخوة والأخوات من الأم، لم يحجب الأم عن الثلث، وإنما يحجبها الأخوة والأخوات من الأب أو من الأب والأم (5). فإذا ترك الرجل أخا لأبيه، وأخا لأمه، وأخاه لأبيه وأمه، فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخ من الأم والأب، وسقط الأخ من الأب (6). وكذلك إذا ترك ثلاث أخوات متفرقات، [ فللأخت ] (7) من الأم السدس، و ما بقي فللأخت من الأم والأب (8). وإن ترك أخوين للأم، أو أخا وأختا لأم، أو أكثر من ذلك، أو أختا للأب والأم، أو لأب، أو أختا لأب وأم أو لأب، أو إخوة وأخوات لأب وأم أو لأم، فللأخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك


1 – الفقيه 4: 192 / 668، الهداية: 83.
2 – المقنع: 171، الهداية: 83 باختلاف يسير.
3 – الهداية: 83، الفقيه 4: 194 / 669.
4 – الفقيه 4: 197 الباب 143.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 197 الباب 143، والمقنع: 170، والتهذيب 9: 280 / 1014.
6 – الفقيه 4: 200، المقنع: 172، الهداية: 84.
7 – أثبتناه من البحار 4 10: 343 / 12.
8 – الفقيه 4: 200 باختلاف يسير.

[ 289 ]

سهم أولادهم على هذا. وإن ترك أخا لأب وأم وجدا، فالمال بينهما نصفان. وكذلك إذا ترك أخا لأب وجدا، فالمال بينهما نصفان. وإن ترك أخا لأم وجدا، فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللجد. وإن ترك أختين أو أخوين أو أخا وأختا لأم أو أكثر من ذلك، وجدا، فللأخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية وما بقي فللجد (1). وإن ترك أخا لأم أو أختا أو أكثر من ذلك، وإخوة وأخوات لأب وأم وإخوة وأخوات لأب وجد، فللأخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية، و ما بقي فللأخوة والأخوات من الأب والأم، والجد، للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط الأخوة والأخوات من الأب (2). وإن ترك أختا لأب وأم وجدا، فللأخت النصف وللجد النصف. وإن ترك أختين لأب وأم أو لأب وجدا، فللأخوة الثلثان، وما بقي فللجد. ومن ترك عما وجدا، فالمال للجد (3). وإن ترك عما وخالا وجدا وأخا، فالمال بين الأخ والجد، وسقط العم و الخال. وإن ترك خالا وخالة وعما وعمة، فللخال والخالة الثلث بينهما بالسوية، و ما بقي فللعم والعمة، للذكر مثل حظ الأنثيين (4). ومن ترك واحدا ممن له سهم، ينظر فإن كان من بقي من درجته أولى بالميراث ممن سفل فهو أولى مثل أن يترك الرجل أخاه وابن أخيه فالأخ أولى من ابن أخيه. وكذلك إذا ترك عمه وابن خاله فالعم أولى. وكذلك خالا وابن عم، فالخال أولى، لأن ابن العم قد ترك، إلا أن يترك


1 – المقنع: 173، من ” وإن ترك أخا لأب. “.
2 – الفقيه 4: 209 / 707 باختلاف يسير.
3 – المقنع: 173.
4 – المقنع: 174.

[ 290 ]

عما لأب وابن عم لأب وأم فإن الميراث لابن العم للأب والأم، لأن ابن العم جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم، فعلى هذا يكون الميراث. وإن ترك جدا من قبل الأب، وجدا من قبل الأم، فللجد من قبل الأم الثلث، وللجد من قبل الأب الثلثان. وإن ترك جدين من قبل الأم، وجدين من قبل الأب، فللجد والجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية، وما بقي فللجد والجدة من قبل الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين (1). واعلم أنه لا يتوارثان أهل الملتين، نحن نرثهم ولا يرثونا، ولو أن رجلا مسلما أو ذميا، تركا ابنا مسلما وابنا ذميا، لكان الميراث من الرجل المسلم أو الذمي للابن المسلم. وكذلك من ترك ذا قرابة مسلمة وذا قرابة من أهل ذمته ممن قرب نسبه أو بعد لكان المسلم أولى بالميراث من الذمي، ولو كان الذمي ولدا وكان المسلم أخا أو عما أو ابن أخ أو ابن عم، أو أبعد من ذلك، لكان المسلم أولى بالميراث من الذمي سواء كان الميت مسلما أو ذميا لأن الاسلام لم يزده إلا قوة (2). ولو مات مسلم وترك امرأة يهودية أو نصرانية، لم يكن لها ميراث، وإن ماتت هي ورثها الزوج المسلم (3). وإذا ترك الرجل ابن ملاعنة، فلا ميراث لولده منه، وكان ميراثه لأقربائه، فإن لم يكن له قرابة، فميراثه لإمام المسلمين، إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان فيرثه الإبن، وإن مات الإبن لم يرثه الأب (4). واعلم أن الدية يرثها الورثة على كتاب الله، ما خلا الأخوة والأخوات من الأم، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (5). وإن ترك رجل ولدا خنثى، فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال، فإن خرج بوله مما


1 – المقنع: 175 من ” وإن ترك جدا من قبل الأب. “.
2 – المقنع: 176 باختلاف يسير عن رسالة والده.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 244 / 784.
4 – المقنع: 177.
5 – الفقيه 4: 232 / 744 باختلاف يسير.

[ 291 ]

يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج البول مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء، وإن خرج البول منهما جميعا، فمن أيهما سبق البول ورث عليه، وإن خرج البول من الموضعين معا فله نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى. وإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء فإنه يؤخذ سهمان يكتب على سهم: عبد الله، وعلى سهم: أمة الله، ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة ثم يقوم الإمام أو المقرع فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى نورثه ما فرضت له في كتابك، ثم تجال السهام، فأيهما خرج ورث عليه (1). وإذا ترك الرجل ولدا له رأسان، فإنه يترك حتى ينام، ثم ينبههما فإن انتبها جميعا ورث ميراثا واحدا، وإن انتبه أحدهما وبقي الآخر نائما ورثا ميراث اثنين (2). ولو أن قوما غرقوا، أو سقط عليهم حائط وهم أقرباء فلم يدر أيهم مات قبل صاحبه، لكان الحكم فيه أن يورث بعضهم من بعض. فإذا غرق رجل وامرأة، أو سقط عليهما سقف ولم يدر أيهما مات قبل صاحبه كان الحكم أن تورث المرأة من الرجل، ويورث الرجل من المرأة. وكذلك إذا كان الأب والابن، ورث الأب من الابن، ثم يورث الابن من الأب. وإذا ماتا جميعا في ساعة واحدة، فخرجت أنفسهما جميعا في لحظة واحدة، لم يورث بعضهم من بعض. وإذا مات رجل حر فترك أما مملوكة، فإن أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن تشترى الأم من مال ابنها وتعتق وترث. وإذا ترك الرجل جارية أم ولد ولم يكن ولده منها باقيا، فإنها مملوكة للورثة. وإن كان ولدها باقيا، فإنها للولد، وهم لا يملكونها، وهي حرة، لأن الانسان لا يملك أبويه ولا ولده فإن كان للميت ولد من غير هذه التي هي أم ولده، فإنها تجعل في نصيب ولدها إذا كانوا صغارا، فإذا أدركوا تولوا هم عتقها، فإن ماتوا قبل أن يدركوا ألحقت


1 – المقنع: 176 باختلاف يسير.
2 – المقنع: 176، الهداية: 85.

[ 292 ]

ميراثا للورثة، وبالله التوفيق (1).


1 – المقنع: 178 عن رسالة والده.

[ 293 ]

49 باب الغنائم والخمس إعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. وأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: ركض جبرائيل عليه السلام برجله حتى جرت خمسة أنهار، ولسان الماء يتبعه: الفرات، ودجلة، والنيل، ونهر مهربان (1)، ونهر بلخ فما سقت وسقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا (2). وروي أن الله عز وجل جعل مهر فاطمة عليها السلام خمس الدنيا (3)، فما كان لها صار لولدها عليهم السلام. وقيل للعالم عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: أن يأكل من مال اليتيم درهما، ونحن اليتيم (4). وقال جل وعلا: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (5) إلى آخر الآية، فتطول علينا بذلك امتنانا منه ورحمة إذا كان المالك للنفوس والأموال وسائر الأشياء الملك الحقيقي، وكان ما في أيدي الناس عواري و أنهم مالكون مجازا لا حقيقة له.


1 – كذا في نسخة ” ش ” و ” ض ” والظاهر أن المقصود مهران: كما يظهر من ياقوت الحموي أنه في باكستان الحالية، فلعله نهر البنجاب ولم نجد فيما بين أيدينا من المصادر ” مهربان ” وقد ورد في المصادر الآتية ” مهران “، انظر ” معجم البلدان 5: 2 23 “.
2 – الفقيه 2: 24 / 91، الخصال: 291 / 54، الكافي 1: 338 / 8 باختلاف يسير.
3 – الكافي 5: 378 / 7 باختلاف يسير.
4 – الفقيه 2: 22 / 78، كمال الدين: 522، تفسير العياشي 1: 225 / 48 باختلاف يسير من ” ما أيسر ما يدخل. “.
5 – الأنفال 8: 41.

[ 294 ]

وكل ما أفاده الناس فهو غنيمة، لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الفئ الذي لم يختلف فيه، وهو ما ادعي فيه الرخصة، وهو ربح التجارة وغلة الضيعة، وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها، لأن الجميع غنيمة وفائدة من رزق الله تعالى (1). فإنه روي أن الخمس على الخياط من إبرته، والصانع من صناعته، فعلى كل من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس (2)، فإن أخرجه فقد أدى حق الله عليه، وتعرض للمزيد، وحاله الباقي من ماله وطاب، وكان الله أقدر على إنجاز ما وعده العباد من المزيد والتطهير من البخل، على أن يغني نفسه مما في يديه عن الحرام الذي يحل فيه، بل قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، فاتقوا الله وأخرجوا حق الله مما في أيديكم، يبارك الله لكم في باقيه وتزكوا، فإن الله تعالى الغني ونحن الفقراء. وقد قال الله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (3) فلا تدعوا التقرب إلى الله بالقليل والكثير على حسب الإمكان وبادروا بذلك الحوادث، واحذروا عواقب التسويف فيها، فإنما هلك من هلك من الأمم السالفة بذلك، وبالله الاعتصام.


1 – ورد مؤداه في المقنع: 53، والخصال: 290 / 51 و 291 / 53 من ” وكل ما أفاده. “.
2 – ورد مؤداه في التهذيب 4: 122 / 348 و 123 / 353، والاستبصار 2: 55 / 180 – 182.
3 – الحج 22: 37.

[ 295 ]

50 باب الصيد والذبائح إعلم أن الطير إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه، إلا أن يعرف صاحبه فيرد عليه (1). ولا يصلح أخذ الفراخ من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض (2). ويؤكل من الطير ما يدف (3) بجناحيه، ولا يؤكل ما يصف (4)، وإن كان الطير يصف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل (5). ويؤكل من البيض ما اختلف طرفاه. ومن السمك ما كان له فلوس (6). وذكاة السمك والجراد أخذه، ولا يؤكل ما يموت في الماء من سمك وجراد وغيره (7). وإذا اصطدت سمكة وفي جوفها أخرى، أكلت إذا كان لها فلوس (8)، وروي: لا يؤكل ما في جوفه لأنه طعمته.


1 – الفقيه 3: 205 / 934، المقنع: 142.
2 – الفقيه 3: 205 / 935، المقنع: 2 14، الهداية: 79.
3 – دف الطير: حرك جناحيه في طيرانه وضرب بهما جنبيه ” مجمع البحرين – دفف – 5: 59 “.
4 – صف الطير: بسط جناحيه في طيرانه ولم يحركهما كثيرا ” مجمع البحرين – صفف – 5: 81 “.
5 – المقنع: 142، الهداية: 8 7 باختلاف يسير.
6 – المقنع: 142، الهداية: 79، الفقيه 3: 205 / 936، و 206 / 943.
7 – المقنع: 142.
8 – المختلف: 126 عن علي بن بابويه باختلاف يسير.

[ 296 ]

ولا يؤكل الجري، ولا المارماهي، ولا الزمار (1)، ولا الطافي، وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء. وإن وجدت سمكا ولم تدر أذكي (2) هو أم غير ذكي وذكاته (3) أن يخرج من الماء حيا فخذه واطرحه في الماء، فإن طفا على رأس الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي، وإن كان على وجهه فهو ذكي. وإن وجدت لحما، ولم تعلم أنه ذكي أم ميتة، فألق منه قطعة على النار، فإن تقبض فهو ذكي، وإن استرخى على النار فهو ميتة (4). وإذا جعلت سمكة مع الجرى في السفود (5)، فإن كانت السمكة فوقه فكلها، و إن كانت تحته فلا تأكل (6). وكل صيد إذا اصطدته في البر والبحر حلال، سوى ما قد بينت لك مما جاء في الخبر بأن أكله مكروه. (وإذا كان) (7) اللحم مع الطحال في السفود، أكل اللحم والجوذابة (8)، لأن الطحال في حجاب، ولا ينزل منه شئ إلا [ أن ] (9) يثقب، فإن ثقب وسال منه لم يؤكل ما تحته من الجوذابة ولا غيره، ويؤكل ما فوقه (10). وإذا أردت أن ترسل الكلب على الصيد فسم الله عليه، فإن أدركته حيا فاذبحه أنت، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه وإن أكل بعضه، لقوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) (11) وإن لم يكن معك حديد تذبحه، فدع الكلب على الصيد وسم عليه


1 – الزمير: نوع من السمك ” القاموس المحيط – زمر – 2: 40 “.
2 – في نسخة ” ض “: ” أزكي “.
3 – في نسخة ” ض “: ” وزكاته “.
4 – الفقيه 3: 207 / 952، المقنع: 142 باختلاف يسير، من ” ولا يؤكل الجري. “.
5 – السفود: حديدة يشوى بها اللحم ” القاموس المحيط – سفد – 1: 302 “.
6 – الفقيه 3: 214 / 997، المقنع: 143، المختلف: 131 عن الصدوقين باختلاف يسير.
7 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: وكذلك، وما أثبتناه من البحار 65: 256 / 11.
8 – الجواذب: طعام يتخذ من سكر ولحم ورز ” القاموس المحيط – جذب – 1: 45 “.
9 – أثبتناه من البحار.
10 – الفقيه 3: 214 / 997، المقنع: 143، المختلف: 131 عن الصدوقين باختلاف يسير.
11 – المائدة 5: 4.

[ 297 ]

حتى يقتل ثم تأكل منه. وإن أرسلت على الصيد كلبك فشاركه كلب آخر، فلا تأكله إلا أن تدرك ذكاته (1). وإن رميت وسميت وأدركته وقد مات، فكله إذا كان في السهم زج حديد، وإن وجدته من الغد وكان سهمك فيه، فلا بأس بأكله إذا علمت أن سهمك قتله (2). وإن رميت وهو على جبل فأصابه سهمك ووقع في الماء ومات، فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله (3). ولا تأكل ما اصطدت بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، إلا ما أدركت ذكاته، إلا الكلب المعلم فلا بأس بأكل ما قتله إذا كنت سميت عليه (4).


1 – المقنع: 138، وروي باختلاف في ألفاظه في الفقيه 3: 205 / 934.
2 – المقنع: 139.
3 – الفقيه 3: 205 / 934، المقنع: 139، وعن الصدوق ووالده في مختلف الشيعة: 690.
4 – المقنع: 138.

[ 298 ]

51 باب الوصية للميت واعلم أن الوصية حق واجب على كل مسلم، ويستحب أن يوصي الرجل لقرابته ممن يرث شيئا من ماله قل أم كثر وإن لم يفعل فقد ختم علمه بالمعصية (1). ومن أوصى بماله أو ببعضه في سبيل الله من حج أو عتق أو صدقة أو ما كان من أبواب الخير فإن الوصية جائزة لا يحل تبديلها، لأن الله تعالى يقول: (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم) (2). فإن أوصى في غير حق، أو في غير سنة، فلا حرج أن يرده إلى حق وسنة (3). فإن أوصى رجل بربع ماله، فهو أحب إلي من أن يوصي بثلثه، وإن أوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية (4)، فإن أوصى بماله كله فهو أعلم بما فعله. ويلزم الوصي إنفاذ وصيته على ما أوصى به. وإذا أوصى رجل إلى رجل وهو شاهد فله أن يمتنع من قبول الوصية، وإن كان الموصى إليه غائبا، ومات الموصي من قبل أن يلتقي مع الموصى إليه، فإن الوصية لازمة للموصى إليه. ويجوز شهادة كافرين في الوصية إذا لم يكن هناك مسلمان، ويجوز شهادة امرأة في ربع الوصية إذا لم يكن معها غيرها، ويجوز شهادة المرأة وحدها في مولود يولد فيموت من ساعته (5).


1 – الهداية: 81.
2 – البقرة 2: 181، وقد ورد مؤداه في الفقيه 4: 148 / 514، والمقنع: 163، وتفسير القمي 1: 65.
3 – المقنع: 164 باختلاف يسير.
4 – المقنع: 164، الفقيه 4: 136 / 474، علل الشرايع: 567 / 6 باختلاف يسير.
5 – المقنع: 166. من ” وإذا أوصى رجل إلى رجل. “.

[ 299 ]

وإذا أوصى رجل إلى رجلين، فليس لهما أن ينفرد كل واحد منهما بنصف التركة، وعليهما إنفاذ الوصية على ما أوصى الميت (1). وإذا أوصى رجل لرجل بصندوق أو سفينة، وكان في الصندوق أو السفينة متاع أو غيره، فهو مع ما فيه لمن أوصى له، إلا أن يكون قد استثنى بما فيه. وإذا أوصى لرجل بسكنى داره، فلازم للورثة أن يمضوا وصيته، وإذا مات الموصى له رجعت الدار ميراثا لورثة الميت (2). وإذا أوصى رجل لرجل بجزء من ماله، فهو واحد من عشرة، لقوله تعالى: (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) (3) وكانت الجبال عشرة، وروي جزء من سبعة لقوله تعالى: (لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) (4)، (5). فإن أوصى بسهم من ماله فهو سهم من ستة أسهم، وكذلك إذا أوصى بشئ من ماله غير معلوم، فهو واحد من ستة (6). وإذا وصى رجل إلى امرأة وغلام غير مدرك، فجائز للمرأة أن تنفذ الوصية ولا تنتظر بلوغ الغلام، وليس للغلام إذا أرادت هي، وأدرك الغلام أن يرجع في شئ مما أنفذته المرأة، إلا ما كان من تغيير أو تبديل (7). فإن أوصى بمال في سبيل الله، ولم يسم السبيل، فإن شاء جعله لإمام المسلمين، وإن شاء جعله في حج، أو فرقه على قوم مؤمنين (8). ولا بأس للرجل إذا كان له أولاد أن يفضل بعضهم على بعض (9). وإن أوصى لمملوكه بثلث ماله، قوم المملوك قيمة عادلة، فإن كانت قيمته


1 – مختلف الشيعة: 512 عن علي بن بابويه.
2 – المقنع: 166.
3 – البقرة 2: 260.
4 – الحجر 15: 44.
5 – معاني الأخبار: 217 / 1، الهداية: 163 باختلاف يسير.
6 – المقنع: 163، الهداية: 81 باختلاف يسير.
7 – المقنع: 164، وقد ورد باختلاف يسير في الفقيه 4: 155 / 538، والكافي 7: 46 / 1، والتهذيب 9: 184 / 743.
8 – المقنع: 164. باختلاف يسير.
9 – المقنع: 165 باختلاف في ألفاظه.

[ 300 ]

أكثر من الثلث استسعي في الفضلة ثم أعتق (1). وإن أوصى، بحج، وكان صرورة حج عنه من جميع ماله، وإن كان قد حج فمن الثلث، فإن لم يبلغ ماله ما يحج عنه من بلدته حج عنه من حيث تتهيأ، وإن أوصى بثلث ماله في حج وعتق وصدقة تمضى وصيته، وإن لم يبلغ ثلث ماله ما يحج عنه ويعتق به ويتصدق منه، بدئ بالحج فإنه فريضة، وما بقي (2) جعل في عتق أو صدقة، إن شاء الله (3).


1 – ورد مؤداه في التهذيب 9: 194 / 782 و 216 / 851، والاستبصار 4: 120 / 456 و 134 / 505.
2 – في نسخة ” ض “: ” يبقى “.
3 – المقنع: 164 باختلاف يسير.

[ 301 ]

52 باب الصناعات إعلم يرحمك الله أن كل ما يتعلمه العباد من أصناف الصنائع، مثل: الكتاب، والحساب، والتجارة، والنجوم، والطب، وسائر الصناعات، والأبنية، والهندسة، والتصاوير ما ليس فيه مثال الروحانيين، وأبواب صنوف الآلات التي يحتاج إليها مما فيه منافع وقوام المعايش، وطلب الكسب، فحلال كله تعليمه والعمل به وأخذ الأجرة عليه، وإن قد تصرف بها في وجوه المعاصي أيضا مثل استعمال ما جعل للحلال ثم يصرف إلى أبواب الحرام، في مثل معاونة الظالم، وغير ذلك من أسباب المعاصي، مثل الاناء والأقداح وما أشبه ذلك، ولعلة ما فيه من المنافع جائز تعليمه وعمله، وحرم على من يصرفه إلى غير وجوه الحق والصلاح التي أمر الله بها دون غيرها. اللهم إلا أن يكون صناعة محرمة أو منهيا عنها مثل: الغناء، وصنعة الأمة، وبناء البيعة والكنائس وبيت النار، وتصاوير ذوي الأرواح على مثال الحيوان أو الروحاني، ومثل صنعة الدف والعود وأشباهه، وعمل الخمر والمسكر والآلات التي لا تصلح في شئ من المحللات، فحرام عمله وتعليمه ولا يجوز ذلك، وبالله التوفيق. (1)


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في تحف العقول: 249.

[ 302 ]

53 باب اللباس وما يكره فيه الصلاة، والدم والنجاسات، وما يجوز فيه الصلاة إعلم يرحمك الله أن كل شئ أنبتته الأرض فلا بأس بلبسه، والصلاة فيه (1). وكل شئ حل أكل لحمه، فلا بأس بلبس جلده الذكي وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه، وإن كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ما يكون مما أحل الله أكله فلا بأس به (2). وكذلك الجلد، فإن دباغته طهارته. وقد يجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل أكله، مثل: السنجاب، والفنك، والسمور (3)، والحواصل، وإذا كان الحرير فيما لا يجوز في مثله وحده الصلاة مثل: القلنسوة من الحرير، والتكة من الابريشم، والجورب والخفان والران (4) وجاجيلك، يجوز الصلاة فيه ولا بأس به (5). وكل شئ يكون غذاء الانسان في المطعم والمشرب، من الثمر والكثر (6) والسكر فلا يجوز الصلاة عليه، ولا على ثياب القطن، والكتان، والصوف، والشعر، والوبر، ولا على الجلد إلا على شئ لا يصلح للملبس فقط، فهو مما يجوز وأحسن منه الأرض إلا


1 – تحف العقول: 252.
2 – تحف العقول: 252 باختلاف يسير.
3 – ورد مؤداه في المقنع: 24، وكذلك في الفقيه 1: 170 عن رسالة أبيه. من ” وقد يجوز الصلاة. “.
4 – الران: حذاء كالخف لا قدم له وهو أطول من الخف ” القاموس المحيط – رين – 4: 230 “.
5 – ورد مؤداه في التهذيب 2: 357 / 1478 و 1479 و 358 / 1482.
6 – الكثر: جمار النخل أو طلعه ” القاموس المحيط – كثر – 2: 125 “.

[ 303 ]

أن يكون في حال الضرورة (1). وذكاة الحيوان ذبحه، وذكاة الجلود الميتة دباغته أروي عن العالم عليه السلام: أن قليل الدم وكثيره إذا كان مسفوحا سواء، وما كان رشحا أقل من مقدار درهم جازت الصلاة فيه، وما كان أكثر من درهم غسل (2). وروي في دم دماميل يصيب الثوب والبدن، أنه قال: يجوز فيه الصلاة (3). وأروي (4) أنه لا يجوز. وروي (5) أنه لا بأس بدم البعوض والبراغيث (6). وأروي: دمك ليس مثل دم غيرك (7). ونروي: قليل البول والغائط والجنابة وكثيرها سواء، لا بد من غسله إذا علم به، فإذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه رش على موضع الشك الماء. فإن تيقن أن في ثوبه نجاسة، ولم يعلم في أي موضع على الثوب، غسله كله (8). ونروي أن بول ما لا يجوز أكله في النجاسة ذلك حكمه، وبول ما يؤكل لحمه فلا بأس به (9). وما وقعت الشمس عليه من الأماكن – التي أصابها شئ من النجاسة مثل البول وغيره – طهرتها (10).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 174 عن رسالة أبيه، والمقنع: 25، تحف العقول: 252.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 161 / 758، والكافي 3: 59 / 3، والاستبصار 1: 175 / 609، والتهذيب 1: 254 / 736.
3 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 258 / 747، والاستبصار 1: 177 / 616، والكافي 3: 58 / 1.
4 – في نسخة ” ض “: ” وأرى “.
5 – في نسخة ” ض “: ” وأرى “.
6 – ورد مؤداه في الكافي 3: 60 / 8 و 9، والتهذيب 1: 255 / 740.
7 – ورد مؤداه في الكافي 3: 59 / 7.
8 – ورد مؤداه في الكافي 3: 53 / 1 و 54 / 3 و 4.
9 – ورد مؤداه في الكافي 3: 57 / 1 و 2 و 3.
0 1 – ورد مؤداه في الفقيه 1: 157 / 732، والتهذيب 1: 273 / 804.

[ 304 ]

وأما الثياب فلا تطهر إلا بالغسل، والله أعلم وأحكم (1).


1 – ورد مؤداه في التهذيب 1: 250 / 717 و 251 / 721 و 722.

[ 305 ]

54 باب العتق والتدبير والمكاتبة أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لا عتق إلا لمؤمن، من أعتق رقبة مؤمنة أنثى كانت أو ذكرا أعتق الله بكل عضو من أعضائه عضوا منه من النار (1). وصفة كتاب العتق: بسم الله الرحمن الرحيم، إن فلان بن فلان أعتق فلانا أو فلانة، غلامه أو جاريته، لوجه الله لا يريد منه جزاء ولا شكورا، على أن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويحج البيت، ويصوم شهر رمضان، ويتولى أولياء الله، ويتبرأ من أعداء الله (2). ولا يكون العتق إلا لوجه الله خالصة، ولا عتق لغير الله (3). ولا يمين في استكراه، ولا على سكر، ولا على عصبية، ولا على معصية (4). والتدبير أن يقول الرجل لعبده أو لأمته: أنت مدبر في حياتي، وحر بعد موتي، على سبيل العتق لا يريد بذلك (5) إلا ما شرحناه. والمدبر مملوك للمدبر، فإن كان مؤمنا لم يجز له بيعه، وإن لم يكن مؤمنا جاز بيعه متى ما أراد المدبر، وما دام هو حي لا سبيل لأحد عليه. ونروي أن المدبر إذا باع المدبر، أن يشترط على المشتري أن يعتقه عند موته. والمكاتب حكمه في الرق والمواريث حكم الرق، إلى أن يؤدي النصف من مكاتبته، فإذا أدى النصف صار حكمه حكم الأحرار، لأن الحرية إذا صارت والعبودية


1 – الفقيه 3: 66 / 219 المقنع: 155 باختلاف في ألفاظه.
2 – المقنع: 155 باختلاف يسير.
3 – ورد مؤداه في المقنع: 157.
4 – ورد مؤداه في الكافي 7: 440 / 4، والفقيه 3: 235 / 1109.
5 – في نسخة ” ض ” زيادة: ” الاضرار “.

[ 306 ]

سواء غلبت الحرية على العبودية، فصار حرا في نفسه، وأنه إذا أعتق عتقاء جاز، فإن شرط أنهم أحرار فالشرط أملك، وعلى ما بقي من المكاتبة أداه حتى يستتم ما وقعت المكاتبة عليه، وإنما بلغت الحرية في النصف وما بعده إذا لم يمكنه أداء ما يبقى عليه، فكان ممنوعا من البيع، وإن مات أجري مجرى الأحرار، وبالله التوفيق.


[ 307 ]

55 باب الشهادة ونروي (1) أنه من ولد على الفطرة ولم يعرف منه جرم، فهو عدل وشهادته جائزة (2). فأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: من كتم شهادته أو شهد إثما، ليهدر دم رجل مسلم أو ليتوي (3) ماله، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر، وفي وجهه كدوح (4)، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه. ومن شهد شهادة حق ليخرج بها حقا لامرئ مسلم، أو ليحقن بها دمه، أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر، يعرفه الخلائق باسمه ونسبه (5). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: من شهد على مؤمن بما يثلمه أو يثلم ماله أو مرؤته، سماه الله كاذبا وإن كان صادقا، وإن شهد له بما يحيي ماله أو يعينه على عدوه أو يحقن دمه، سماه الله صادقا وإن كان كاذبا (6). ومعنى ذلك أن يشهد له ويشهد عليه، فيما بينه وبين مخالف، فأما بينه وبين موافق فليشهد له وعليه بالحق. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لا يجوز شهادة ظنين وحاسد، ولا باغ،


1 – في نسخة ” ش “: ” روي “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 28 / 83، وأمالي الصدوق: 91 / 3.
3 – التوي: هلاك المال ” الصحاح – توى – 6: 2290 “.
4 – الكدوح: جمع كدح، وهو الخدش والجرح ” الصحاح – كدح – 1: 398 “.
5 – الفقيه 3: 35 / 114، عقاب الأعمال: 268 / 3، الكافي 7: 380 / 1، والتهذيب 6: 276 / 756 باختلاف يسير.
6 – عوالي اللآلي 1: 314 / 35 عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر.

[ 308 ]

ولا متهم، ولا خصم، ولا متهتك، ولا مشهور (1). وبلغني عن العالم عليه السلام أنه قال: إذا كان لأخيك المؤمن على رجل (2) حق، فدفعه عنه ولم يكن له من البينة إلا واحدة وكان الشاهد ثقة فسألته عن شهادته، فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثال ما شهد، لئلا يتوي حق امرئ مسلم (3). ولا يجوز شهادة النساء في الطلاق، ولا رؤية هلال، ولا حدود، ويجوز في الديون، وما لا يستطيع الرجل أن ينظر إليه (4). أروي عن العالم عليه السلام: أنه يجوز في الدم، والقسامة، والتدبير. وروي أنه يجوز شهادة امرأتين في استهلال الصبي. ونروي أنه يجوز شهادة القابلة وحدها (5). ونروي أنه لا يجوز شهادة عراف ولا كاهن (6)، ويجوز شهادة المسلمين في جميع أهل الملل، ولا يجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين (7).


1 – وردت بعض فقراته في الفقيه 3: 25 / 66، والهداية: 75، والكافي 7: 395 / 3، من ” لا يجوز شهادة. “.
2 – في نسخة ” ش “: ” أحد “.
3 – عوالي اللآلي 1: 315 / 36 عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر باختلاف يسير.
4 – المقنع: 135، المختلف: 0 16 عن علي بن بابويه وفيهما إجازة شهادة النساء في الحدود، وقد مر في ص: 2 26 ما نصه: ” ولا تقبل في الطلاق ولا في رؤية الهلال. وتقبل في الحدود “.
5 – ورد مؤداه في الكافي 7: 390 / 1 و 2 و 392 / 12 و 13، ودعائم الاسلام 2: 514 / 1843.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 30 / 91 وفيه حكم العراف فقط.
7 – الهداية: 75 باختلاف يسير.

[ 309 ]

56 باب النوادر في الحدود أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: حبس الإمام بعد الحد ظلم (1). وأروي أنه قال: كل شئ وضع الله فيه حدا، فليس من الكبائر التي لا يغفر. وقال العالم (2): لا يعفى عن الحدود التي لله عز وجل دون الإمام، فإنه مخير إن شاء عفا وإن شاء عاقب، فأما ما كان من حق بين الناس فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام قبل أن يبلغ الإمام، وما كان من الحدود لله عز وجل دون الناس، مثل: الزنا، واللواط، وشرب الخمر، فالإمام مخير فيه إن شاء عفا وإن شاء عاقب، وما عفا الإمام عنه فقد عفا الله عنه (3)، وما كان بين الناس فالقصاص أولى. وكان أمير المؤمنين عليه السلام يولي الشهود في إقامة الحدود. وإذا أقر الانسان بالجرم الذي فيه الرجم، كان أول من يرجمه الإمام ثم الناس. وإذا قامت البينة، كان أول من يرجمه البينة، ثم الإمام، ثم الناس (4). أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين، قتلوا في الثالثة (5)، وشارب الخمر في الرابعة، وإن شرب الخمر في شهر رمضان جلد مائة: ثمانون لحد الخمر، وعشرون لحرمة شهر رمضان (6). من أتى بهيمة عزر، والتعزير ما بين بضعة عشر سوطا إلى تسعة وثلاثين،


1 – التهذيب 6: 314 / 870.
2 – ليس في نسخة ” ض “، وكذا في الموردين الآتيين.
3 – ورد مؤداه في الكافي 7: 252 / 4، من ” لا يعفى عن الحدود. “.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 3: 26 / 62، والكافي 7: 184 / 3 من ” وكان أمير المؤمنين عليه السلام. “.
5 – الفقيه 4: 51 / 182، الكافي 7: 191 / 2، التهذيب 10: 62 / 228.
6 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 40 / 130 و 131، والكافي 7: 216 / 15 و 218 / 4.

[ 310 ]

والتأديب ما بين ثلاثة إلى عشرة. وإن قامت بينة على قواد جلد خمسة وسبعين، ونفي عن المصر الذي هو فيه (1)، وروي أن النفي هو الحبس سنة أو يتوب. قلت: لا حد على مجنون حتى يفيق، ولا على صبي حتى يدرك، ولا على النائم حتى يستيقظ (2)، ومن تخطى حريم قوم حل قتله (3). قال العالم عليه السلام: أتي أمير المؤمنين عليه السلام بصبي قد سرق، فأمر بحك أصابعه على الحجر حتى خرج الدم، ثم أتي به ثانية وقد سرق، فأمر بأصابعه فشرطت، ثم أتي به ثالثة وقد سرق، فقطع أنامله. وقال العالم عليه السلام: إذا زنى المملوك جلد نصف الحد (4)، وإذا قذف الحر جلد ثمانين (5). وإذا سرق فعلى مولاه إما تسليمه للحد، وإما يغرمه عما قام عليه الحد. فإن أقر العبد على نفسه بالسرقة، لم يقطع (6) ولم يغرم مولاه، لأنه أقر في مال غيره. فإذا شرب الخمر جلد ثمانين (7). وإن لاط حكم فيه بحكم الحد. ومن اطلع في دار قوم رجم، فإن تنحى فلا شئ عليه، وإن وقف فعليه أن يرجم فإن أعماه أو أصمه فلا دية له (8).


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 4: 34 / 100، والكافي 7: 261 / 10، والتهذيب 10: 64 / 235.
2 – الفقيه 4: 36 / 115، التهذيب 10: 152 / 609 من ” قلت: لا حد. “.
3 – ورد مؤداه في الكافي 7: 7 29 / 5، والتهذيب 10: 210 / 829.
4 – ورد مؤداه في المقنع: 148، من ” إذا زنى المملوك. “.
5 – ورد مؤداه في المقنع: 149.
6 – الفقيه 4: 50 / 174، التهذيب 10: 112 / 440، الاستبصار 4: 243 / 920. من ” فإن أقر العبد. “.
7 – ورد مؤداه في الكافي 7: 215 / 8 و 9، والتهذيب 10: 91 / 353 و 354. من ” فإذا شرب. “.
8 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 74 / 226 و 227، والكافي 7: 290 / 1، والتهذيب 10: 206 / 813 و 207 / 818.

[ 311 ]

57 باب الديات إعلم يرحمك الله أن الله عز وجل جعل في القصاص حياة طولا منه و رحمة، لئلا يتعدى الناس حدود الله. فجعل في النطفة إذا ضرب الرجل المرأة فألقتها عشرين دينارا، فإن ألقت مع النطفة قطرة دم جعل لتلك القطرة ديناران، ثم لكل قطرة ديناران إلى تمام أربعين دينارا وهي العلقة. فإن ألقت علقة وهي قطعة دم مجتمعة مشتبكة فعليه أربعون دينارا. ثم في المضغة ستون دينارا، ثم في العظم المكتسي لحما ثمانون دينارا. ثم للصورة وهي الجنين مائة دينار. فإذا ولد المولود واستهل واستهلاله بكاؤه فديته إذا قتل متعمدا ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، والأنثى خمسة آلاف درهم إذ كان لا فرق بين دية المولود والرجل. وإذا قتل الرجل المرأة وهي حامل متم ولم تسقط ولدها، ولم يعلم ذكر هو أو أنثى فديته نصفان: نصف دية الذكر، ونصف دية الأنثى (1). وقد جعل للجسد كله ست فرائض: النفس، والبصر، والسمع، والكلام (ونقص الصوت من الائن (2) والبحح (3))، والشلل من اليدين والرجلين، وجعل مع كل


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 4: 54 / 194.
2 – كذا في نسخة ” ش “، ولعل الصواب: الأفن وهو النقص ” لسان العرب – أفن – 13: 19 ” وما بين القوسين ليس في ” ض “.
3 – البحح: غلظ الصوت وخشونته ” لسان العرب – بحح – 2: 406 “.

[ 312 ]

واحدة من هذه قسامة على نحو ما قسمت الدية. فجعل للنفس على العمد من القسامة خمسون رجلا، وعلى الخطأ خمس وعشرون رجلا على ما يبلغ دية كاملة، ومن الجروح ستة نفر فيما بلغت ديته ألف دينار فما كان دون ذلك فبحسابه من الستة نفر (1). والبينة في جميع الحقوق على المدعي، فقط، واليمين على من أنكر، إلا في الدم فإن البينة أولى على المدعي وهي شاهدا عدل من غير أهله إذا ادعى عليه قتله فإن لم يجد شاهدين عدلين فقسامة وهي خمسون رجلا من خيارهم يشهدون بالقتل فإن لم يكن ذلك طولب المدعى عليه بالبينة أو بالقسامة أنه لم يقتله، فإن لم يجد حلف المتهم خمسين يمينا أنه ما قتله ولا علم له قاتلا، فإن حلف فلا شئ عليه، ثم يؤدي الدية أهل الحجر (2) والقبيلة، فإن أبى أن يحلف ألزم الدم. فإن قتل في عسكر أو سوق، فديته من بيت مال المسلمين (3). وكل من ضرب متعمدا، فتلف المضروب بذلك الضرب فهو عمد (4). والخطأ أن يرمي رجلا فيصيب غيره، أو يرمي بهيمة أو حيوانا فيصيب رجلا (5). والدية في النفس ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، أو مائة من الإبل، على حسب أهل الدية، إن كانوا من أهل العين (6) ألف دينار، وإن كانوا من أهل الورق (7) فعشرة آلاف درهم، وإن كانوا من أهل الإبل فمائة من الإبل (8). وكل ما في الانسان منه واحد ففيه دية كاملة. وكل ما في الانسان منه اثنان ففيهما الدية تامة، وفي إحداهما النصف (9)،


1 – الفقيه 4: 55 / 194، الكافي 7: 363 / 9، التهذيب 10: 169 / 668 باختلاف يسير.
2 – أهل الحجر: أهل البادية. وإن كان المراد جمع حجرة، أي: أهل الحجر فالمراد أهل القرية أو المدينة. انظر ” لسان العرب – حجر – 4: 166 و 168 “.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 73 / 223.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 77 / 239 و 82 / 258، والهداية: 78.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 77 / 239، والهداية: 78.
6 – العين: الذهب والدنانير ” القاموس المحيط – عين – 4: 251 “.
7 – الورق: الدراهم المضروبة ” لسان العرب – ورق – 3: 288 “.
8 – الفقيه 4: 78 / 245، المقنع: 182، الهداية: 78، التهذيب 10: 160 / 640 باختلاف في ألفاظه.
9 – الهداية: 77 باختلاف يسير.

[ 313 ]

وجعل دية الجراح في الأعضاء على حسب ذلك، فدية كل عظم يكسر تعلم ما في دية القسم، فدية كسره خمس ديته، ودية موضحته ربع دية كسره (1).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 55.

[ 314 ]

58 باب العين فإذا أصيب الرجل في إحدى عينيه لعلة من الرمي أو غيره فإنها تقاس ببيضة تربط على عينه المصابة، فينظر ما منتهى بصر عينه الصحيحة، ثم تغطى عينه الصحيحة فينظر ما منتهى عينه المصابة، فيعطى ديته بحساب ذلك. والقسامة على هذه ستة نفر، فإن كان ما ذهب من بصره السدس حلف وحده وأعطي، وإن كان ثلث بصره حلف وحلف معه رجل، وإن كان نصف بصره حلف وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره حلف وحلف معه ثلاثة رجال وإن كان خمسة أسداس بصره حلف وحلف معه أربعة رجال وإن كان بصره كله حلف وحلف معه خمسة رجال، فإن لم يوجد من يحلف معه وعسر (1) عليه بهذا الحساب لم يعط إلا ما حلف عليه (2).


1 – في نسخة ” ض “: ” وعيي “.
2 – الفقيه 4: 56 باختلاف يسير.

[ 315 ]

59 باب الأذن وفي الأذن القصاص، وديتها خمسمائة دينار (1). وفي شحمة الأذن ثلثا دية الأذن. فإن أصاب السمع شئ فعلى قياس العين، يصوت له بشئ مصوت. ويقاس ذلك، والقسامة على ما ينقص من السمع، فعلى ما شرحناه من البصر. 60 باب الصدغ فإذا أصيب الصدغ فلم يستطع أن يلتفت حتى ينحرف بكليته فنصف الدية، وما كان دون ذلك فبحسابه. 61 باب أشفار العين فإذا أصيب الشفر الأعلى حتى يصير أشتر (2)، فديته ثلث دية العين إذا كان من فوق، وإذا كان من أسفل فديته نصف دية العين.


1 – الفقيه 4: 63 باختلاف يسير.
2 – الشتر: انقلاب جفن العين. ” الصحاح – شتر – 2: 693 “.

[ 316 ]

62 باب الحاجب إذا أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين، فإن نقص من شعره شئ حسب على هذا القياس (1). 63 باب الأنف فإن قطعت أرنبة (2) الأنف فديتها خمسمائة دينار، فإن أنفذت منه نافذة فثلثا دية الأرنبة، فإن برئت والتأمت ولم تنخرم فخمس دية الأرنبة، وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية الأنف. 64 باب الشفة فإذا قطع من الشفة العليا أو السفلى شئ، فبحساب ديتها تكون القسمة (3).


1 – في نسخة ” ض “: الحساب.
2 – أرنبة الأنف: طرفه. ” الصحاح – رنب – 1: 14 “.
3 – ورد باختلاف يسير في الفقيه 4: 56 من ” فإن أصاب السمع شئ.

[ 317 ]

65 باب الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار، وإن برئ والتأم (1) وبه أثر بين فديته خمسون دينارا، وإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار. وإن كانت رمية في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا، وإن لم ينفذ فديتها مائة دينار. وإن كانت موضحة في الوجه فديتها خمسون دينارا، وإن كان بها شين فديته دية الموضحة. وإن كان جرحا لم يوضح ثم برئ وكان في الخدين فديته عشرة دنانير، فإن كان في الوجه صدع في العظم فديته ثمانون دينارا، وإن سقطت منه جلدة من لحم الخد ولم يوضح وكان ما سقط وزن الدرهم فما فوق ذلك فديته ثلاثون دينارا. وفي الشجة الموضحة في الرأس وهي التي توضح العظام أربعون دينارا (2).


1 – في نسخة ” ض “: ” أو التأم “.
2 – الفقيه 4: 58 باختلاف في بعض ألفاظه.

[ 318 ]

66 باب اللسان سألت العالم عليه السلام عن رجل طرف لغلام فقطع بعض لسانه، فأفصح ببعض الكلام ولم يفصح ببعض، فقال: يقرأ حروف المعجم، فما أفصح به طرح من الدية، وما لم يفصح به ألزم من الدية. فقلت: كيف ذلك؟ قال: بحساب الجمل وهو حروف (أبي جاد) (1) من واحد إلى ألف وعدد حروفه ثمانية وعشرون حرفا، فيقسم لكل حرف جزءا من الدية الكاملة، ثم يحط من ذلك ما بين عنه ويلزم الباقي (2). ودية اللسان دية كاملة (3).


1 – في نسخة ” ش “: ” أبجد “.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 83 / 266، والتهذيب 10: 263 / 1039 – 1042.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 55، والمقنع: 180.

[ 319 ]

67 باب الأسنان إعلم أن دية الأسنان سواء، وهي اثنا عشر سنا: ست من فوق، وست من أسفل، منها أربع ثنايا، وأربعة أنياب، وأربع رباعيات. دية كل واحد من هذه الاثني عشر خمسون دينارا، فذلك ستمائة دينار. وأن دية الأضراس وهي ستة عشر ضرسا إن كانت الدية مقسومة على ثمانية وعشرين سنا، كان ما يراد من الأربعة المسماة. وأضراس العقل لا دية فيها، إنما على من أصابها أرش كأرش الخدش، بحساب محسوب لكل ضرس خمسة وعشرون دينارا، فذلك أربعمائة دينار (1). فإذا اسودت السن إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقط، وإذا انصدعت ولم تسقط فديتها نصف دية الساقط، وإذا انكسر منها شئ فبحسابه من الخمسين الدينار، وكذلك ما يزاول الأضراس من سواد وصدع وكسر فبحساب الخمسة وعشرين الدينار (2). وما نقص من أضراسه أو أسنانه عن الثمان والعشرين، حط من أصل الدية بمقدار ما نقص منه (3). وروي إذا تغيرت السن إلى السواد فيه ستة دنانير، وإذا تغيرت إلى الحمرة فثلاثة دنانير، وإذا تغيرت إلى الخضرة فدينار ونصف.


1 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 104 / 351، والمقنع: 190، والهداية: 78.
2 – الفقيه 4: 58 باختلاف يسير.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 103 / 347 و 104 / 351، والمقنع: 190.

[ 320 ]

68 باب الرأس في مواضح الرأس واحدتها موضحة (1) خمسون دينارا. وإن نقلت منه العظام من موضع إلى موضع، فديتها مائة وخمسون دينارا. فإن كانت ناقبة فتلك تسمى المأمومة (2)، وفيها ثلث الدية ثلثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث (3). فإذا صب على الرأس ماء مغلي، فشحط شعره حتى لا ينبت جميعه، فديته كاملة (4)، وإن نبت بعضه أخذ من الدية بحساب ما نبت. وجميع شجاج الرأس على حساب ما وصفناه من أمر الخدين (5). ومن حلق رأس رجل فلم ينبت، فعليه مائة دينار. وإن حلق لحيته ولم ينبت فعليه الدية (6) وإن نبتت فطالت بعد نباتها فلا شئ.


1 – الموضحة: الشجة التي تبدي العظم ” الصحاح – وضح – 1: 416 “.
2 – المأمومة: الشجة التي تبلغ أم الدماغ وهي أشد الشجاج ” مجمع البحرين – أمم – 6: 14 “.
3 – الفقيه 4: 58، الكافي 7: 332، التهذيب 10: 300 باختلاف يسير.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 112 / 379 و 380، والمقنع: 189.
5 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 125 / 435. من ” وجميع شجاج. “.
6 – المقنع: 190.

[ 321 ]

69 باب الترقوة (1) إن انكسرت الترقوة فجبرت على غير عثم (2) ولا عيب، فديتها أربعون دينارا. فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها: اثنان وثلاثون دينارا. وإذا وضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا. وإن نقلت العظام منها، فديتها نصف دية كسرها: عشرون دينارا، وإن نقبت فديتها ربع دية كسرها: عشرة دنانير (3). 70 باب المنكبين دية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار. وإن كان في المنكب صدع، فديته أربعة أخماس دية كسره ثمانون دينارا. وإن وضح، فديته ربع دية كسره، خمسة وعشرون دينارا. فإن نقلت منه العظام، فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا منها مائة دينار للكسر وخمسون لنقل العظام وخمسة وعشرون دينار للموضحة، وإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينار. فإن رض المنكب فعثم، فديته ثلث دية النفس. فإن فك فديته ثلاثون دينارا.


1 – الترقوة: العظم الذي في أعلى الصدر وهما عظمان يلتقيان في منحر العنق ” النهاية 1: 187 “.
2 – عثم العظم المكسور: إذا انجبر على غير استواء ” الصحاح – عثم – 5: 1979 “.
3 – الفقيه 4: 59 باختلاف يسير.

[ 322 ]

71 باب العضد دية العضد إذا كسرت فجبرت على غير عثم، خمس دية اليد مائة دينار. وموضحتها ربع كسرها خمسة وعشرون دينارا. ودية نقل العظام، نصف دية كسرها خمسون دينارا. ودية نقبها، ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، وكذلك المرفق والذراع (1). 72 باب زند (2) اليد والكف إذا رض الزند، فجبر على غير عثم ولا عيب، ففيه ثلث دية اليد. فإن فك الكف، فثلث دية اليد. وفي موضحتها، ربع كسرها خمسة وعشرون دينارا. وفي نقل عظامها، نصف دية كسرها. وفي نافذتها خمس دية اليد، فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها (3).


1 – الفقيه 4: 59.
2 – الزند: موصل طرف الذراع في الكف ” الصحاح – زند – 2: 481 “.
3 – الفقيه 4: 60 باختلاف يسير، من ” فإن فك الكف “.

[ 323 ]

73 باب الأصابع والعضد والأشاجع في الابهام إذا قطع ثلث دية اليد، ودية قصبة الابهام التي في الكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الابهام، ودية صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثان، ودية موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية فكها عشرة دنانير. ودية المفصل الثاني من أعلى الابهام إذا جبر على غير عثم ولا عيب ستة عشر دينارا، ودية الموضحة في العليا أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقل العظام خمسة دنانير، وما قطع منه فبحسابه. وفي الأصابع الأربع في كل إصبع سدس دية اليد، ثلاثة وثمانون دينارا وثلث. ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربعة التي تلي الكف ستة عشر دينارا وثلث، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث، وفي موضحتها أربع دنانير، وسدس دينار وفي نقبه أربعة دنانير وسدس وفي فكه خمسة دنانير (1). ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع خمسة وخمسون دينارا وثلث. وفي كسره أحد عشر دينارا وثلث، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف، وفي موضحتها دينار وثلثان، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثان. وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع، سبعة وعشرون دينارا ونصف دينار وربع عشر دينار، وفي كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار (2).


1 – الفقيه 4: 60 باختلاف يسير. 2 – الفقيه 4: 61 باختلاف يسير.

[ 324 ]

وإذا أصيب ظفرا إبهام اليدين على ما يوجب النفقة ففي كل واحدة منهما ثلث دية أظفار اليد، ودية أظفار كل يد مائتان وخمسون دينارا والثلث من ذلك ثلاثة وثمانون دينارا وثلث، ودية الأصابع الأربع في كل يد مائة وستة وستون دينارا وثلثان، الربع من ذلك واحد وأربعون دينارا وثلثان. ودية أظفار الرجلين كذلك، روي أن على كل ظفر ثلاثين دينارا، والعمل في دية الأظافير في اليدين والرجلين في كل واحد ثلاثون دينارا.


[ 325 ]

74 باب الصدر والظهر والأكتاف والأضلاع وإذا انكسر الصدر وانثنى شقاه فديته خمسمائة دينار، ودية أحد شقيه إذا انثنى مائتان وخمسون دينارا. وإذا انثنى الصدر والكتفان فديته مع الكتفين ألف دينار، وإذا انثنى أحد الكتفين مع شق الصدر فديته خمسمائة دينار. ودية الموضحة في الصدر خمسة وعشرون دينارا. وإن اعترى الرجل صعر (1) لا يقدر أن يلتفت، فديته خمسمائة دينار (2). وإن كسر الصلب فجبر على غير عيب فديته مائة دينار، وإن عثم فديته ألف دينار. وفي الأضلاع فيما خالط القلب، إذا كسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا، ودية فصل عظامه سبعة دنانير ونصف، وموضحته ربع دية كسره، ونقبه مثل ذلك. وفي الأضلاع مما يلي العضدين، دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صدعه سبعة دنانير، ودية نقل عظامه خمسة دنانير، وموضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف، فإن نقب ضلع منها فديته ديناران ونصف، وفي عيبه إذا برئ الرجل مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا (3).


1 – الصعر: في الحديث ” في الصعر الدية ” وهو أن يثنى عنقه فيصير في ناحية. وأصل الصعرداء. ” مجمع البحرين – صعر – 3: 365 “.
2 – الفقيه 4: 2 6 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 4: 62 باختلاف يسير.

[ 326 ]

75 باب البطن في الجائفة ثلث دية النفس، وإن نفذت من الجانبين فأربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا (1). 76 باب الورك وفي الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجل مائتا دينار، فإن صدع الورك فأربعة أخماس دية كسره، وإن وضح فربع دية كسره، وإن نقل عظامه فمائة دينار وخمسة وسبعون دينارا، ودية فك الورك ثلاثون دينارا، فإن رض فعثم فثلث دية النفس، والله أعلم (2). 77 باب البيضتين دية الأنثيين ألف دينار (3) وقد روي أن أحدها تفضل على الأخرى، وأن الفاضلة هي اليسرى لموضع الولد (4) فإن فجج فلم يقدر على المشي إلا مشيا لا ينفعه، فأربعة أخماس دية النفس ثمانمائة (5). وفي الذكر ألف دينار (6).


1 – الفقيه 4: 63 باختلاف يسير.
2 – الفقيه 4: 63 باختلاف في ألفاظه. 3 – الفقيه 4: 65 باختلاف في ألفاظه.
4 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 113 / 386.
5 – الفقيه 4: 65.
6 – الفقيه 4: 55، التهذيب 10: 297.

[ 327 ]

78 باب الفخذين ديتهما ألف دينار، دية كل واحد منهما خمسمائة دينار (1). وإذا كسرت الفخذ فجبرت على غير عثم ولا عيب، فخمس دية الرجل مائتا دينار. وإن عثمت الفخذ فديتها ثلث دية النفس، ودية صدع الفخذ أربعة أخماس دية كسرها. وإن كانت قرحة لا تبرأ فثلث دية كسرها، وموضحتها ربع دية كسرها (2). 79 باب الركبتين وفي الركبتين إذا كسرت وجبرت على غير عثم، خمس دية الرجل، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها. وموضحتها ربع دية كسرها، ونقل عظامها مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا، ودية نقبها ربع دية كسرها. فإن رضت فعثمت فثلث دية النفس فإن فكت فثلاثون دينارا (3).


1 – مؤداه في الفقيه 4: 55، المقنع: 180.
2 – الفقيه 4: 63، التهذيب 10: 305 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 4: 63، التهذيب 10: 305 باختلاف يسير.

[ 328 ]

80 باب الساقين إذا كسرت الساقان فجبرت على غير عثم ولا عيب، ففيهما مائتا دينار. ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها، وموضحتها ربع دية كسرها، ونقل عظامها مثل ذلك ربع دية كسرها، وفي نقبها نصف (1) دية موضحتها، وهو خمسة وعشرون دينارا (2). والقرحة التي لا تبرأ، فيها ثلاثة وثلاثون دينارا. فإن عثمت الساق فثلث دية النفس. وفي الكعب والقدم، إذا رض الكعب فجبر على غير عثم فثلث دية النفس. والقدم إذا كسرت فجبرت على غير عثم خمس دية النفس، ودية موضحتها ربع دية كسرها، وفي نافذتها ربع دية الكسر (3).


1 – ليس في نسخة ” ش “، وفي ” ض ” والبحار 104: 419: ” ربع ” وهو سهر ظاهر، والصواب ما أثبتناه كما في الفقيه والتهذيب.
2 – الفقيه 4: 64، التهذيب 10: 305 باختلاف يسير.
3 – الفقيه 4: 64، والتهذيب 10: 306 باختلاف في ألفاظه.

[ 329 ]

81 باب الأصابع من الرجل والعصب التي فيها القدم في خمس أصابع الرجل مثل ما في أصابع اليد، وفي الابهام والمفاصل مثل ما في اليد من الابهام والمفاصل (1)، ودية اليد والرجل الشلاء ثلث دية الصحيحة. والزوائد من الأصابع وغيرها والنواقص، لا دية فيها موضوعة (من جملة الدية) (2). 82 باب دية النفس دية النفس ألف دينار (3). ودية نقصان النفس فاحكم أن تحسب الأنفاس التامة، ويقعد عنها ساعة، ثم يحسب الأنفاس الناقصة، ويعطى من الدية بمقدار ما ينقص منها (4).


ورد مؤداه في الفقيه 4: 102 / 345، والمقنع: 181، والكافي 7: 328 / 11، والتهذيب 10: 257 / 1016.
2 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “. وورد مؤداه في الكافي 7: 330 / 2، والتهذيب 0 1: 254 / 1004 والاختصاص: 255.
3 – الفقيه 4: 55، التهذيب 10: 296.
4 – ورد مؤداه في المقنع: 188، والكافي 7: 324 / 10، والتهذيب 10: 268 / 1054.

[ 330 ]

83 – باب دية المرأة ديتها نصف دية الرجل، وهو خمسمائة دينار (1)، ودياته تعطى لها ما لم يبلغ الثلث من دية الرجل، فإذا جاوزت الثلث ردت إلى النصف، نظير الاصبع من أصابع اليد للرجل والمرأة هما سواء في الدية، وهي الابهام مائة وستة وستون دينارا وثلثان، والمرأة والرجل في دية هذا الاصبع سواء، لأنها حينئذ لم يتجاوز الثلث، فإن قطع من المرأة زيادة ثلاثة أصابع أخر مما له ثلاثة وثمانون دينارا وثلث، حتى يصير الجميع أربعمائة وستة عشر دينارا وثلثي دينار، أوجب لها من جميع ذلك مائتا دينار وثمانية دنانير وثلث، وردت من بعد الثلث إلى النصف (2).


1 – ورد مؤداه في الكافي 7: 298 / 1، والتهذيب 10: 180 / 705.
2 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 88 / 283، والكافي 7: 299 / 6، والتهذيب 10: 184 / 719 – 722.

[ 331 ]

84 باب دية أهل الذمة والعبيد دية الذمي الرجل ثمانمائة درهم، والمرأة على هذا الحساب أربعمائة درهم (1). وروي أن دية الذمي أربعة آلاف درهم (2). ودية العبد قيمته يعني ثمنه وكذلك دية الأمة، إلا أن يتجاوز ثمنها دية الحر، فإن تجاوز ذلك رد إلى دية الحر، ولم يتجاوز بالعبد عشرة آلاف درهم ولا بالأمة خمسة آلاف (3). ومن أخذ ثمن عضو من أعضائه ثم قتل فرضي ورثته بثمن ذلك العضو، إن اختاروا قتل قاتله، وإن اختاروا الدية فإن دية النفس وحدها كما بيناه عشرة آلاف درهم، وذلك ما يلزم في الديات بالبينة والإقرار (4). فإن مات الجناة وأقيمت فيهم الحدود، فقد طهروا في الدنيا والآخرة، وإن تابوا كان الوعيد عليهم باقيا بحاله، وحسبهم الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء عفا. ولا يقاد الوالد بولده، ويقاد الولد بوالده (5).


1 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 90 / 292 و 293 و 294، والمقنع: 189، والهداية: 78.
2 – الفقيه 4: 91 / 297 باختلاف في ألفاظه.
3 – ورد مؤداه في الفقيه 4: 96 / 318، والهداية: 78.
4 – ورد مؤداه في الكافي 7: 316 / 1، والتهذيب 10: 277 / 1083.
5 – ورد مؤداه في المقنع: 184، والكافي 7: 297 / 1، والتهذيب 10: 236 / 941 من ” ولا يقاد “.

[ 332 ]

85 باب أكل مال اليتيم ظلما أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: من أكل [ من ] (1) مال اليتيم درهما واحدا ظلما من غير حق خلده الله في النار. وروي أن أكل مال اليتيم من الكبائر التي وعد الله عليها النار، فإن الله عز وجل من قائل يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) (2)، (3). ونروي أن من اتجر بمال اليتيم فربح كان لليتيم والخسران على التاجر، ومن حول مال اليتيم أو قرض شيئا منه، كان ضامنا بجميعه، وكان عليه زكاته دون اليتيم. وروي: إياكم وأموال اليتامى لا تعرضوا لها ولا تلبسوا بها، فمن تعرض لمال يتيم فأكل منه شيئا فكأنما أكل جذوة من النار. وروي: اتقوا الله ولا يعرض أحدكم لمال اليتيم، فإن الله جل ثناؤه يلي حسابه بنفسه مغفورا له أو معذبا. وآخر حدود اليتم الاحتلام. وأروي عن العالم: لا يتم بعد احتلام، فإذا احتلم امتحن في أمر الصغير والوسيط والكبير، فإن أونس منه رشد دفع إليه ماله، وإلا كان على حالته إلى أن يونس منه الرشد.


1 – أثبتناه من البحار 75: 5 / 13 عن فقه الرضا عليه السلام.
2 – النساء 4: 10.
3 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 3: 368.

[ 333 ]

روي أن لأيسر القبيلة وهو فقيهها وعالمها أن يتصرف لليتيم في ماله فيما (1) يراه حظا وصلاحا، وليس عليه خسران ولا له ربح، والربح والخسران لليتيم وعليه، وبالله التوفيق.


1 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” فإن ” وما أثبتناه من البحار 75: 6 / 13.

[ 334 ]

86 باب حق الوالد على ولده عليك بطاعة الأب وبره، والتواضع والخضوع والإعظام والإكرام له، وخفض الصوت بحضرته، فإن الأب أصل الابن والابن فرعه، لولاه لم يكن، بقدرة الله إبذلوا لهم الأموال والجاه والنفس (1). وقد أروي: أنت ومالك لأبيك، فجعلت له النفس والمال. تابعوهم في الدنيا أحسن المتابعة بالبر، وبعد الموت بالدعاء لهم والرحم عليهم. فإنه روي أن من بر أباه في حياته، ولم يدع له بعد وفاته، سماه الله عاقا. ومعلم الخير والدين يقوم مقام الأب، ويجب مثل الذي يجب له، فاعرفوا حقه. واعلم أن حق الأم ألزم الحقوق وأوجبها، لأنها حملت حيث لا يحمل أحد أحدا، ووقت بالسمع والبصر وجميع الجوارح، مسرورة مستبشرة بذلك، فحملته بما فيه من المكروه والذي لا يصبر عليه أحد، ورضيت بأن تجوع ويشبع ولدها، وتظمأ ويروى، وتعرى ويكتسي، ويظل وتضحي، فليكن الشكر لها والبر والرفق بها على قدر ذلك، وإن كنتم لا تطيقون بأدنى حقها إلا بعون الله (2)، وقد قرن الله عز وجل حقها بحقه فقال (اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (3). وروي أن كل أعمال البر يبلغ العبد الذروة منها، إلا ثلاثة حقوق: حق رسول الله، وحق الوالدين، فاسأل الله العون على ذلك.


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 378، وروضة الواعظين: 367.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 378، وروضة الواعظين: 367. من ” واعلم أن حق الأم. “.
3 – لقمان 31: 14.

[ 335 ]

87 باب حق الإخوان إعلم يرحمك الله أن حق الإخوان فرض لازم أن تفدوهم بأنفسكم، وأسماعكم، وأبصاركم، ويديكم، وأرجلكم، وجميع جوارحكم، وهم حصونكم التي تلجؤن إليها في الشدائد، في الدنيا والآخرة. لا تباطؤهم، ولا تخالفوهم، ولا تغتابوهم، ولا تدعوا نصرتهم ولا معاونتهم، وابذلوا النفوس والأموال دونهم، والإقبال على الله عز وجل بالدعاء لهم، ومواساتهم ومساواتهم في كل ما يجوز فيه المساواة والمواساة، ونصرتهم ظالمين ومظلومين بالدفع عنهم. وروي أنه سئل العالم عليه السلام عن الرجل يصبح مغموما لا يدري سبب غمه، فقال: إذا أصابه ذلك فليعلم أن أخاه مغموم. وكذلك إذا أصبح فرحان لغير سبب يوجب الفرح، فبالله نستعين على حقوق الإخوان. والأخ الذي تجب له هذه الحقوق الذي لا فرق بينك وبينه في جملة الدين وتفصيله، ثم ما يجب له بالحقوق على حسب قرب ما بين الإخوان وبعده بحسب ذلك. أروي عن العالم عليه السلام أنه وقف حيال (1) الكعبة ثم قال: ما أعظم حقك يا كعبة، ووالله إن حق المؤمن لأعظم من حقك. وروي أن من طاف بالبيت سبعة أشواط، كتب الله له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة. وقضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف، حتى عد عشرة (2).


1 – حيال الكعبة: إزاؤها ” الصحاح – حول – 4: 1679 “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في أمالي الصدوق: 398 / 11، والتهذيب 5: 120 / 392 و 393، من ” وروي أن من طاف. “.

[ 336 ]

88 باب حق الولد على الوالدين أروي عن العالم عليه السلام أنه قال لرجل: ألك والدان؟ فقال: لا، فقال: ألك ولد؟ قال: نعم، قال له: بر ولدك، يحسب لك بر والديك. وروي أنه قال: بروا أولادكم وأحسنوا إليهم، فإنهم يظنون أنكم ترزقونهم. وروي أنه قال: إنما سموا الأبرار، لأنهم بروا الآباء والأبناء. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” رحم الله والدا أعان ولده على البر ” (1).


1 – جامع الأحاديث: 11 باختلاف يسير، من ” وقد قال رسول الله. “.

[ 337 ]

89 باب حق النفوس سلوا ربكم العافية في الدنيا والآخرة، فإنه أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنه الملك الخفي، وإذا حضرت لم يؤبه بها، وإن غابت عرف فضلها. واجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة منه لمناجاته، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات، والذين يعرفونكم عيوبكم، ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات. لا تحدثوا أنفسكم بالفقر ولا بطول العمر، فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل، ومن حدثها بطول العمر حرص. إجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا، بإعطائها ما تشتهي من الحلال وما لم ينل المروة ولا سرف فيه، واستعينوا بذلك على أمور الدين. فإنه نروي: ليس منا من ترك دنياه لدينه، ودينه لدنياه (1). تفقهوا في دين الله، فإنه أروي: من لم يتفقه في دينه، ما يخطئ أكثر مما يصيب، فإن الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة، وخاص المرء بالمرتبة الجليلة، في الدين والدنيا. وفضل الفقيه على العباد كفضل الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقه في دينه لم يزك الله له عملا. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لو وجدت شابا من شبان الشيعة لا يتفقه، لضربته ضربة بالسيف. وروى غيري: عشرون سوطا.


1 – الفقيه 3: 94 / 355 وفيه بدل كلمة الدين الآخرة. من ” ليس منا. “.

[ 338 ]

وأنه قال: تفقهوا وإلا فأنتم أعراب جهال. وروي أنه قال: منزلة الفقيه في هذا الوقت، كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل. وروي أن الفقيه يستغفر له ملائكة السماء، وأهل الأرض، والوحش، والطير، وحيتان البحر. وعليكم بالقصد في الغنا والفقر، والبر من القليل والكثير فإن الله تبارك وتعالى يعظم شقة (1) التمر، حتى تأتي يوم القيامة كجبل أحد. إياكم والحرص والحسد، فإنهما أهلكا الأمم السالفة، وإياكم والبخل، فإنه عاهة لا يكون في حر ولا مؤمن، إنه خلاف الايمان. عليكم بالتقية، فإنه روي: من لا تقية له لا دين له (2)، وروي: تارك التقية كافر، وروي: إتق حيث لا يتقى. التقية دين (3) منذ أول الدهر إلى آخره. وروي أن أبا عبد الله عليه السلام كان يمضي يوما في أسواق المدينة، وخلفه أبو الحسن موسى عليه السلام، فجذب رجل ثوب أبي الحسن، ثم قال له: من الشيخ؟ فقال: ” لا أعرف “. تزاوروا تحابوا، وتصافحوا ولا تحتشموا، فإنه روي المحتشي (4) والمحتشم في النار. لا تأكلوا الناس بآل محمد صلى الله عليه وآله فإن التأكل بهم كفر. لا تستقلوا قليل الرزق فتحرموا كثيره. عليكم في أموركم الكتمان في أمور الدين والدنيا، فإنه روي أن الإذاعة كفر، وروي أن المذيع والقاتل شريكان، وروي، ما تكتمه من عدوك، فلا يقف عليه وليك. لا تغضبوا من الحق إذا صدعتم به. ولا تغرنكم الدنيا، فإنها لا تصلح لكم، كما لم تصلح لمن كان قبلكم ممن اطمأن إليها.


1 – الشقة: نصف الشئ ” القاموس المحيط – شقق – 3: 250 “.
2 – ورد في الكافي 2: 172 / 2 ” ولا دين لمن لا تقية له “.
3 – في نسخة ” ش “: روي التقية ديني.
4 – يقال: تحشيت من فلان أي تذممت منه. ” لسان العرب – حشا – 14: 182 “.

[ 339 ]

وروي أن الدنيا سجن المؤمن، والقبر بيته، والجنة مأواه، والدنيا جنة الكافر، والقبر سجنه، والنار مأواه. عليكم بالصدق، وإياكم والكذب، فإنه لا يصلح إلا لأهله. أكثروا من ذكر الموت، فإنه أروي: أن ذكر الموت أفضل العبادة. وأكثروا من الصلاة على محمد وآله عليهم السلام، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات، في آناء الليل والنهار، فإن الصلاة على محمد وآله أفضل أعمال البر. إحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين، وإدخال السرور عليهم، ودفع المكروه عنهم، فإنه ليس شئ من الأعمال عند الله عز وجل بعد الفرائض، أفضل من إدخال السرور على المؤمن. لا تدعوا العمل الصالح، والاجتهاد في العبادة، اتكالا على حب آل محمد عليهم السلام، ولا تدعوا حب آل محمد عليهم السلام والتسليم لأمرهم، اتكالا على العبادة، فإنه لا يقبل أحدهما دون الآخر. واعلموا أن رأس طاعة الله سبحانه التسليم لما عقلناه ولما لم نعقله، فإن رأس المعاصي الرد عليهم، وإنما امتحن الله عز وجل الناس بطاعته لما عقلوه وما لم يعقلوه، إيجابا للحجة وقطعا للشبهة. واتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم، ويغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن، ولا يفوتكم خير الدنيا، فإن الآخرة لا تلحق، ولا تنال إلا بالدنيا.


[ 340 ]

90 باب الطب أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: الحمية (1) رأس كل دواء، والمعدة بيت الأدواء، وعود بدنك ما تعود (2). وقال: رأس الحمية الرفق بالبدن. وروي: اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء (3)، فإذا لم يحتمل الداء فلا دواء (4). وأروي عنه عليه السلام أنه قال: اثنان عليلان أبدا صحيح محتم، وعليل مخلط (5). روي: إذا جعت فكل، وإذا عطشت فاشرب، وإذا هاج بك البول فبل، ولا تجامع إلا من حاجة، وإذا نعست فنم، فإن ذلك مصحة للبدن. وروي عنه عليه السلام أنه قال: ما تكون علة إلا من ذنب، وما يغفر الله أكثر (6). أروي أنه قال: موت الانسان بالذنوب أكثر من موته بالآجال، وحياته بالبر أكثر من حياته بالعمر (7).


1 – احتمى المريض: امتنع من أكل ما يضره، ومنع نفسه شهواتها من الأكل والشرب ” القاموس المحيط – حمى – 4: 320 “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في مكارم الأخلاق: 362، وطب النبي: 19، ودعوات الراوندي: 28.
3 – الكافي 6: 382 / 2، المحاسن: 571 / 11.
4 – مكارم الأخلاق: 362 باختلاف يسير.
5 – مكارم الأخلاق: 362.
6 – مكارم الأخلاق: 362.
7 – مكارم الأخلاق: 362.

[ 341 ]

وقال العالم عليه السلام: كل علة تسارع في الجسم، ينتظر أن يؤمر فيأخذ، إلا الحمى فإنها ترد ورودا (1). وروي: أنها حظ المؤمن من النار (2). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: أيام الصحة محسوبة، وأيام العلة محسوبة، ولا يزيد هذه ولا ينقص هذه، فإن الله عز وجل يحجب بين الداء والدواء حتى تنقضي المدة، ثم يخلي بينه وبينه فيكون برؤه بذلك الدواء، أو يشاء فيخلي قبل انقضاء المدة بمعروف أو صدقة أو بر، فإنه يمحو الله ما يشاء ويثبت، وهو يبدئ ويعيد. وروي: لا خير في بدن لا يألم (3)، ولا في مال لا يضار (4)، فسئل العالم عليه السلام عن معنى هذا فقال: إن البدن إذا صح أشر وبطر، فإذا اعتل ذهب ذلك عنه، فإن صبر جعل كفارة لما قد أذنب، وإن لم يصبر جعله وبالا عليه. وروي: حمى يوم كفارة سنة (5). وقال العالم عليه السلام: حمى يوم كفارة ستين سنة، إذا قبلها بقبولها. قيل: وما قبولها؟ قال: أن يحمد الله ويشكره، ويشكو إليه ولا يشكوه، وإذا سئل عن خبره قال خيرا (6). وروي: من شكا إلى أخيه المؤمن فقد شكا إلى الله، ومن شكا إلى غيره فقد شكا الله (7). وروي: أنه إذا كان يوم القيامة، يود أهل البلاء والمرضى أن لحومهم قد قرضت بالمقاريض، لما يرون من جزيل ثواب العليل.


1 – الكافي 8: 88 / 53 باختلاف يسير.
2 – الكافي 3: 112 / 7، ثواب الأعمال: 288 / 1، مكارم الأخلاق: 357، التمحيص: 43 / 49.
3 – ثواب الأعمال: 228 / 2 باختلاف يسير من ” وروي: لا خير. “.
4 – في نسخة ” ض “: ” يصاب “.
5 – ثواب الأعمال: 229، علل الشرايع: 297، مكارم الأخلاق: 358، التمحيص: 42 / 45، وفيها ليلة بدل يوم من ” وروي ” حمى. “. 6 – ورد باختلاف في ألفاظه في ثواب الأعمال: 229، والكافي 3: 116 / 5، ومكارم الأخلاق: 359.
7 – معاني الأخبار: 407 / 84، قرب الاسناد: 38 باختلاف يسير.

[ 342 ]

91 باب الأدوية الجامعة بالقرآن أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إذا بدت بك علة تخوفت على نفسك منها، فاقرأ (الأنعام) فإنه لا ينالك من تلك العلة ما تكره (1). أروي عن العالم عليه السلام: من نالته علة فليقرأ في جنبه (أم الكتاب) سبع مرات، فإن سكنت وإلا فليقرأ سبعين مرة فإنها تسكن (2). وأروي عن العالم عليه السلام: في القرآن شفاء من كل داء (3). وقال: داووا مرضاكم بالصدقة (4) واستشفوا له بالقرآن، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاء له (5). ونروي أنه من قرأ (النحل) في كل شهر كفي المقدر في الدنيا سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونه الجنون والجذام والبرص (6). ومن قرأ سورة (لقمان) في كل ليلة، وكل الله به ثلاثين ملكا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح، فإن قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه حتى يمسي (7). ومن قرأ سورة (يس) قبل أن ينام أو في نهاره، كان من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي أو يصبح، ومن قرأها في ليلة وكل الله به ألفي ملك يحفظونه من كل شيطان


1 – مكارم الأخلاق: 363 باختلاف يسير.
2 – مكارم الأخلاق: 363.
3 – مكارم الأخلاق: 363.
4 – مكارم الأخلاق: 388، الجعفريات: 221، طب الأئمة: 123.
5 – طب الأئمة: 48 باختلاف في ألفاظه.
6 – ثواب الأعمال: 133، مكارم الأخلاق: 364، تفسير العياشي 2: 254 / 1، مجمع البيان 3: 347.
7 – ثواب الأعمال: 136، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 4: 312.

[ 343 ]

رجيم ومن كل آفة، فإن مات في يومه أو ليلته أدخله الله الجنة، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك، كلهم يستغفرون له ويشيعونه إلى قبره (1). ومن قرأ سورة (الصافات) في كل يوم جمعة، لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في الدنيا، مرزوقا بأوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه في ماله ولا في ولده ولا في بدنه سوء، من شيطان رجيم ومن جبار عنيد، وإن مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا من قبره (2). ومن قرأ (الزمر) أعطاه الله شرف الدنيا والآخرة، وأعزه بلا مال ولا عشيرة (3). ومن قرأ (الطور) جمع الله له خير الدنيا والآخرة (4). ومن قرأ (الواقعة) في كل جمعة، لم ير في الدنيا بؤسا ولا فقرا ولا آفة من آفات الدنيا، وهذه السورة خاصة لأمير المؤمنين لا يشركه فيها أحد (5). ومن قرأ (الحديد والمجادلة) في صلاة فريضة وأدمنها لم ير في أهله وماله وبدنه سوء ولا خصاصة (6). ومن قرأ (الممتحنة) في فرائضه ونوافله، امتحن الله قلبه للايمان ونور بصره، ولم يصبه فقر أبدا، ولا ضرر في بدنه ولا في ولده (7). ومن قرأ سورة (الجن) لم يصبه في الحياة الدنيا شئ من أعين الجن، ولا نفثهم، ولا سحرهم، ولا كيدهم (8). ومن قرأ سورة (المزمل) في عشاء الآخرة، أو في آخر الليل، كان له الليل والنهار شاهدين مع السورة، وأحياه الله حياة طيبة وأماته الله ميتة طيبة (9). ومن قرأ (النازعات) لم يمت إلا ريان، ولم يبعثه الله إلا ريان، ولم يدخل الجنة


1 – ثواب الأعمال: 138، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 4: 413.
2 – ثواب الأعمال: 9 13، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 4: 436. 3 – ثواب الأعمال: 139، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 4: 487.
4 – ثواب الأعمال: 143، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 5: 162.
5 – ثواب الأعمال: 144، مكارم الأخلاق: 364، مجمع البيان 5: 212، وفيها ليلة الجمعة.
6 – مكارم الأخلاق: 364، ثواب الأعمال: 145، مجمع البيان 5: 229.
7 – ثواب الأعمال: 145، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 267.
8 – ثواب الأعمال: 148، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 365.
9 – ثواب الأعمال: 148، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 375.

[ 344 ]

إلا ريان (1). ومن قرأ (إنا أنزلناه) في فريضة من الفرائض، ناداه مناد: يا عبد الله قد غفر لك ما مضى، فاستأنف العمل (2). ومن قرأ (إذا زلزلت الأرض زلزالها) في نوافله، لم يصبه زلزلة أبدا، ولم يمت بها، ولا بصاعقة، ولا بآفة من آفات الدنيا (3). ومن قرأ (ويل لكل همزة) في فريضة، نفت عنه الفقر، وجلبت عليه الرزق، ودفعت عنه ميتة السوء إن شاء الله (4). ومن قرأ (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) في فريضة من الفرائض، غفر الله له ولوالديه وما ولد، فإن كان شقيا أثبت في ديوان السعداء، وأحياه الله سعيدا شهيدا، وأماته الله شهيدا، وبعثه الله شهيدا (5). ومن قرأ (إذا جاء نصر الله) في نافلته أو فريضته، نصره الله على جميع أعدائه (6)، وكفاه المهم.


1 – ثواب الأعمال: 149، مجمع البيان 5: 428.
2 – ثواب الأعمال: 152 / 2، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 516.
3 – مكارم الأخلاق: 365، ثواب الأعمال: 152، مجمع البيان 5: 524.
4 – ثواب الأعمال: 154، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 536 باختلاف يسير.
5 – ثواب الأعمال: 155، مكارم الأخلاق: 365، مجمع البيان 5: 551.
6 – ثواب الأعمال: 155، مكارم الأخلاق: 366، مجمع البيان 5: 553.

[ 345 ]

92 باب فضل الدعاء أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لكل داء دواء. سألته عن ذلك فقال: لكل داء دعاء، فإذا الهم العليل الدعاء، فقد أذن في شفائه (1). ثم قال لي العالم عليه السلام: الدعاء أفضل من قراءة القرآن، لأن الله عز وجل يقول: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما) (2) وإن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه، ويقول: صوت أحب أن أسمعه، ويعجل إجابة دعاء المنافق ويقول: صوت أكره سماعه (3). وأفضل الدعاء الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، والدعاء لإخوانك المؤمنين، ثم الدعاء لنفسك بما أحببت (4). وأقرب ما يكون العبد من الله إذا كان في السجود (5). وأروي أن الدعاء يدفع من البلاء ما قدر وما لم يقدر قيل: وكيف يدفع ما لم يقدر؟ قال: حتى لا يكون (6). وطين قبر أبي عبد الله عليه السلام شفاء من كل داء، وأمان من كل خوف (7). وأروي عنه عليه السلام أنه قال: طين قبر أبي عبد الله عليه السلام شفاء من


1 – مكارم الأخلاق: 389.
2 – الفرقان: 25: 77.
3 – مكارم الأخلاق: 389.
4 – مكارم الأخلاق: 389 باختلاف يسير. 5 – الكافي 3: 324 / 11، مكارم الأخلاق: 389، الأصول الستة عشر: 41 باختلاف يسير.
6 – الكافي 2: 340 / 2 باختلاف يسير.
7 – طب الأئمة: 52، وورد باختلاف يسير في الكافي 6: 266 / 9، والتهذيب 9: 89 / 377، وأمالي الطوسي 1: 326.

[ 346 ]

كل علة إلا السام، والسام: الموت (1). وماء زمزم، أروي عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” ماء زمزم شفاء لما شرب له ” (2). وفي حديث آخر: ماء زمزم شفاء لما استعمل. وأروي: ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم، وأمان من كل خوف وحزن (3). وأروي عن العالم عليه السلام: أن حبة السوداء مباركة، تخرج الداء الدفين من البدن. وعنه عليه السلام: إن حبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام. وعليكم بالعسل وحبة السوداء (4). وقال: العسل شفاء في ظاهر الكتاب، كما قال الله عز وجل. وقال العالم عليه السلام: في العسل شفاء من كل داء (5)، من لعق لعقة عسل على الريق يقطع البلغم، ويحسم (6) الصفرة، ويمنع المرة السوداء، ويصفي الذهن، ويجود الحفظ إذا كان مع اللبان الذكر. والسكر ينفع من كل شئ (7)، وكذلك الماء المغلي (8). وأروي في الماء البارد أنه يطفئ الحرارة، ويسكن الصفراء، ويهضم الطعام، ويذيب الفضلة التي على رأس المعدة، ويذهب بالحمى (9). وأروي: أنه لو كان شئ يزيد في البدن لكان الغمز يزيد، واللين من الثياب، وكذلك الطيب، ودخول الحمام، ولو غمز الميت فعاش لما أنكرت ذلك.


1 – الكافي 4: 588 / 4 باختلاف في ألفاظه.
2 – الفقيه 2: 135 / 573، مكارم الأخلاق: 155، طب الأئمة: 52 وباختلاف يسير في الكافي 6: 387 / 5 والمحاسن: 573 / 19.
3 – مكارم الأخلاق: 155.
4 – مكارم الأخلاق: 185، طب الأئمة: 51 و 68، من ” وعنه عليه السلام.. “.
5 – الخصال: 623 / 2، الكافي 6: 332 / 2، المحاسن: 499 / 613 باختلاف يسير.
6 – في نسخة ” ش “: ” ويلحس “.
7 – الكافي 6: 333 / 2، المحاسن: 500 / 622 من ” والسكر. “.
8 – مكارم الأخلاق: 157، وفيه: الماء المغلي ينفع من كل شئ.
9 – ورد باختلاف في ألفاظه في مكارم الأخلاق: 155، والكافي 6: 381 / 2، والمحاسن: 572 / 15.

[ 347 ]

وأروي: أن الصدقة ترجع البلاء من السماء. وقيل: إن الصدقة تدفع القضاء المبرم عن صاحبه (1). وقيل: لا يذهب بالأدواء إلا الدعاء، والصدقة، والماء البارد. وأروي: أن أقصى الحمية أربعة عشر يوما، وأنها ليس ترك أكل الشئ، ولكنها ترك الاكثار منه. وأروي: أن الصحة والعلة يقتتلان في الجسد، فإن غلبت العلة الصحة استيقظ المريض، وإن غلبت الصحة العلة اشتهى الطعام، فإذا اشتهى الطعام فأطعموه فلربما فيه الشفاء. ونروي: من كفران النعم أن يقول الرجل: أكلت الطعام فضرني (2). ونروي: أن الثمار إذا أدركت ففيها الشفاء، لقوله عز وجل: (كلوا من ثمره إذا أثمر) (3) وبالله التوفيق.


1 – مكارم الأخلاق: 388، طب الأئمة: 123 باختلاف يسير. من ” وقيل إن الصدقة. “.
2 – معاني الأخبار: 385 / 18، المحاسن: 450 / 362 باختلاف يسير من ” من كفران النعم. “.
3 – الأنعام 6: 141.

[ 348 ]

93 باب القدر والمنزلة بين المنزلتين سألت العالم عليه السلام: أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من ذلك (1). فقلت له: ففوض إليهم؟ فقال: هو أعز من ذلك. فقلت له: فتصف لنا المنزلة بين المنزلتين؟ فقال: الجبر هو الكره، فالله تبارك وتعالى لم يكره على معصيته، وإنما الجبر أن يجبر الرجل على ما يكره وعلى ما لا يشتهي، كالرجل يغلب على أن يضرب أو يقطع يده، أو يؤخذ ماله، أو يغضب على حرمته، أو من كانت له قوة ومنعة فقهر، وأما من أتى إلى أمر طائعا محبا له، يعطي عليه ماله لينال شهوته، فليس ذلك بجبر، إنما الجبر من أكرهه عليه، أو أغضبه حتى فعل ما لا يريد ولا يشتهيه، وذلك أن الله تبارك وتعالى لم يجعل له هوى ولا شهوة ولا محبة ولا مشيئة، إلا فيما علم أنه كان منهم، وإنما يجزون في علمه وقضائه وقدره، على الذي في علمه وكتابة السابق فيهم قبل خلقهم، والذي علم أنه غير كائن منهم، هو الذي لم يجعل لهم فيه شهوة ولا إرادة. وأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: منزلة بين منزلتين في المعاصي وسائر الأشياء، فالله – عز وجل الفاعل لها، والقاضي، والمقدر، والمدبر. وقد أروي أنه قال: لا يكون المؤمن مؤمنا حقا، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن


1 – التوحيد: 362 / 10 باختلاف يسير.

[ 349 ]

ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه (1). وأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: مساكين القدرية، أرادوا أن يصفوا الله عز وجل بعدله، فأخرجوه من قدرته وسلطانه (2). وروي: لو أراد الله سبحانه أن لا يعصى، ما خلق الله إبليس. وأروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام: أكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال: كلف الله جميع الخلق ما لا يطيقونه، إن لم يعنهم عليه، فإن أعانهم عليه أطاقوه، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (واصبر وما صبرك إلا بالله) (3). قلت: ورويت عن العالم عليه السلام، أنه قال: القدر والعمل، بمنزلة الروح والجسد، فالروح بغير الجسد لا يتحرك ولا يرى، والجسد بغير الروح صورة لا حراك له، فإذا اجتمعا قويا وصلحا وحسنا وملحا، كذلك القدر والعمل، فلو لم يكن القدر واقعا على العمل، لم يعرف الخالق من المخلوق، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر، لم يمض ولم يتم، ولكن باجتماعهما قويا وصلحا، ولله فيه العون لعباده الصالحين (4). ثم تلا هذه الآية: (ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) (5) الآية ثم قال العالم عليه السلام: وجدت ابن آدم بين الله وبين الشيطان، فإن أحبه الله تقدست أسماؤه خلصه واستخلصه، وإلا خلى بينه وبين عدوه. وقيل للعالم عليه السلام: إن بعض أصحابنا يقولون بالجبر، وبعضهم يقولون بالاستطاعة، قال فأمر أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: يا بني آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، خلقتك سميعا بصيرا ما أصابك من حسنة فمني، وما أصابك من سيئة فمن نفسك بذنوبك ومعاصيك،


1 – الكافي 2: 48 / 4 و 7، مشكاة الأنوار: 12، شهاب الأخبار: 109 / 596 باختلاف يسير من ” لا يكون المؤمن مؤمنا. “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في التوحيد: 382 / 29.
3 – النحل 16: 127.
4 – التوحيد: 366 / 4، مختصر بصائر الدرجات: 137 باختلاف يسير من ” القدر والعمل. “.
5 – الحجرات 49 / 7.

[ 350 ]

وذلك أني أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، لا أسال عما أفعل وهم يسألون. ثم قال عليه السلام: قد بينت لك كل شئ تريده (1).


1 – الكافي 1: 122 / 12، التوحيد: 338 / 6 باختلاف يسير. من ” وقيل للعالم عليه السلام: إن بعض أصحابنا. “.

[ 351 ]

94 باب الاستطاعة أروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام فقال: يا بن رسول الله، أليس أنا مستطيع لما كلفت؟ فقال له العالم عليه السلام: ما الاستطاعة عندك؟ قال: القوة على العمل. قال له العالم عليه السلام: قد أعطيت القوة إن أعطيت المعونة. قال له الرجل: فما المعونة؟ قال: التوفيق. قال: فلم أعط التوفيق؟ قال عليه السلام: لو كنت موفقا كنت عاملا، وقد يكون الكافر أقوى منك، ولا يعطى التوفيق فلا يكون عاملا. ثم قال عليه السلام: أخبرني عنك، من خلق فيك القوة؟ قال الرجل: الله تبارك وتعالى. قال العالم عليه السلام: فهل تستطيع بتلك القوة، دفع الضرر عن نفسك وأخذ النفع إليها، بغير العون من الله تبارك وتعالى؟ قال: لا. قال عليه السلام: فلم تنتحل ما لا تقدر عليه؟ ثم قال: أين أنت عن قول العبد الصالح: (وما توفيقي إلا بالله) (1)!


1 – هود 11: 88.

[ 352 ]

وأروي أن رجلا سأله عن الاستطاعة، فقال: أتستطيع أن تعلم ما لم يكن؟ قال: لا. قال: أتستطيع أن تنتهي عما يكون؟ قال: لا. قال عليه السلام: ففيما أنت مستطيع؟ قال الرجل: لا أدري. فقال العالم عليه السلام: إن الله عز وجل خلق خلقا فجعل فيهم آلة الفعل، ثم لم يفوض إليهم، فهم مستطيعون للفعل، في وقت الفعل مع الفعل. قال الرجل: فالعباد مجبورون؟ فقال: لو كانوا مجبورين كانوا معذورين. قال الرجل: فمفوض إليهم؟ قال: لا. قال: فما هو. قال العالم عليه السلام: علم منهم فعلا، فجعل فيهم آلة الفعل، فإذا فعلوا كانوا مستطيعين (1). وسألت العالم عليه السلام، أنه يكون العبد في حال مستطيعا. قال: نعم، أربع خصال: مخلى السرب، صحيح، سليم، مستطيع. فسألته عن تفسيره، فقال: يكون مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، لا يقدر أن يزني إلا أن يجد امرأة، فإذا وجد امرأة فإما أن يعصي فيمتنع كما امتنع يوسف، وإما أن يخلى بينه وبينها فهو زان، ولم يطع الله بإكراه، ولم يعص بقلبه (2). وأروي عن العالم عليه السلام قال: ستة ليس للعباد فيها صنع: المعرفة، والجهل، والرضا، والغضب، والنوم، واليقظة (3).


1 – الكافي 1: 123 / 2 باختلاف يسير من ” وأروي: أن رجلا سأله عن الاستطاعة. “.
2 – التوحيد: 348 / 7، اعتقادات الصدوق: 72، الكافي 1: 122 / 1 باختلاف يسير.
3 – الخصال: 325 / 13، التوحيد: 411 / 6، الكافي 1: 125 / 1.

[ 353 ]

95 باب مكارم الأخلاق، والتجمل، والمرؤة، والحياء، والبر، وصلة الأرحام، وغير ذلك من الآداب ونروي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: ” بعثت بمكارم الأخلاق ” (1). أروي عن العالم عليه السلام: أن الله جل وعلا خص رسوله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله، وإلا فاسألوه وارغبوا إليه فيها. قال: وذكرها عشرة: اليقين، والقناعة، والبصيرة، والشكر، والحلم، وحسن الخلق، والسخاء، والغيرة، والشجاعة، والمرؤة. وفي خبر آخر، زاد فيها: الصدق، والحياء، وأداء الأمانة (2). وأروي عن العالم عليه السلام قال: ما نزل من السماء أجل ولا أعز من ثلاثة، التسليم، والبر، واليقين (3). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله عز وجل أوحى إلى آدم عليه السلام أن اجتمع الكلام كله في أربع كلمات. فقال: يا رب بينهن لي. فأوحى الله إليه: واحدة لي، وأخرى لك، وأخرى بيني وبينك، وأخرى بينك وبين الناس، فالتي لي، تؤمن بي ولا تشرك بي شيئا، والتي لك: فأجازيك عنها


1 – أمالي الطوسي 2: 209، مشكاة الأنوار: 243.
2 – الكافي 2: 46 / 2، الخصال: 431 / 12، أمالي الصدوق: 184 / 8، معاني الأخبار: 191 / 3، أمالي المفيد: 192 / 22، معدن الجواهر: 67 باختلاف يسير.
3 – مشكاة الأنوار: 27 باختلاف يسير.

[ 354 ]

أحوج ما تكون إلى المجازاة، والتي بينك وبيني: فعليك الدعاء وعلي الاجابة، والتي بينك وبين الناس: فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك (1). وأروي أنه سئل العالم عليه السلام عن خيار العباد فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا عفوا (2). وأروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام أن يعلمه ما ينال به خير الدنيا والآخرة، ولا يطول عليه، فقال: لا تغضب. ونروي أن رجلا أتى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، علمني خلقا يجمع لي خير الدنيا والآخرة، فقال: ” لا تكذب “، قال الرجل: وكنت على حالة يكرهها الله فتركتها، خوفا أن يسألني سائل عنها عملت كذا وكذا، فافتضح أو أكذب، فأكون قد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله فيما حملني عليه. وأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه. ونروي: كبر الدار من السعادة، وكثرة المحبين من السعادة، وموافقة الزوجة كمال السرور. ونروي: تعاهد الرجل ضيعته من المروءة (3)، وسمن الدابة من المروءة، والإحسان إلى الخادم من المروءة. وأروي أن الله تبارك وتعالى يحب الجمال والتجمل، ويبغض البؤس والتباؤس، وأن الله عز وجل يبغض من الرجال القاذورة، وأنه إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثر تلك النعمة. وروي: جصص الدار، وأكسح الأفنية ونظفها، وأسرج السراج قبل مغيب الشمس، كل ذلك ينفي الفقر، ويزيد في الرزق (4). وأروي عن العالم عليه السلام، قلت له: أي الخصال بالمرء أجمل؟ فقال: وقار


1 – الفقيه 4: 290 / 873، معاني الأخبار: 137 / 1، أمالي الصدوق: 487 / 1، الكافي 2: 118 / 13.
2 – الكافي 2: 188 / 31، مشكاة الأنوار: 79.
3 – معاني الأخبار: 258 / 7، من ” ونروي: تعاهد الرجل. “.
4 – مكارم الأخلاق: 41، أمالي الطوسي 1: 281 باختلاف يسير، من ” وأروي أن الله تبارك وتعالى. “.

[ 355 ]

بلا مهابة، وسماح بلا طلب المكافأة، وتشاغل بغير صلاح الدنيا (1). ونروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى ولدي أمير المؤمنين، الحسن والحسين صلوات الله عليهم، وبنات جعفر بن أبي طالب صلوات الله عليه، فقال: ” بنونا لبناتنا، وبناتنا لبنينا “. وروي: لا تقطع أوداءك فيطفى نورك (2). وروي: أن الرحم إذا بعدت غبطت، وإذا تماست عطبت. وروي: سر سنتين بر والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخاك في الله، سر خمسة أميال انصر مظلوما، سر ستة أميال أغث ملهوفا سر عشرة أميال في قضاء حاجة المؤمن، وعليك بالاستغفار (3). ونروي: بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، كفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم (4). وأروي: الأخ الكبير بمنزلة الأب. وأروى أن رسول الله صلى الله عليه وعلى وآله كان يقسم لحظاته بين جلسائه، وما سئل عن شئ قط فقال: لا بأبي هو وأمي صلى الله عليه وآله ولا عاتب أحدا على ذنب أذنب. ونروي: من عرض لأخيه المؤمن في حديثه، فكأنما خدش وجهه (5). ونروي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن ثلاثة: آكل زاده وحده، وراكب الفلاة وحده، والنائم في بيت وحده (6). وأروي: أطرفوا أهاليكم في كل جمعة، بشئ من الفاكهة واللحم، حتى يفرحوا بالجمعة (7).


1 – أمالي الصدوق: 238 / 8، الكافي 2: 188 / 33.
2 – علل الشرايع: 582 / 19، نوادر الراوندي: 10 باختلاف في ألفاظه، من ” وروي: لا تقطع. “.
3 – نوادر الراوندي: 5، من ” وروي: سر سنتين. “.
4 – أمالي الصدوق: 238 / 6 باختلاف في ألفاظه.
5 – مشكاة الأنوار: 189، جامع الأحاديث: 24، قضاء حقوق المؤمنين ح 8 باختلاف يسير، من ” من عرض لأخيه. “.
6 – الفقيه 4: 259، المواعظ للصدوق: 19.
7 – الفقيه 1: 273 / 1246.

[ 356 ]

ونروي: إن كنت تحب أن تنشب لك النعمة، وتكمل لك المروءة، وتصلح لك المعيشة، فلا تشرك العبيد والسفلة في أمرك، فإنك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدثوك كذبوك، وإن نكبت خذلوك (1)، ولا عليك أن تصحب ذا العقل، فإن لم تحمد كرمه انتفع بعقله (2)، واحترز من سئ الأخلاق، ولا تدع صحبة الكريم وإن لم تحمد عقله ولكن تنتفع بكرمه بعقلك، وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم. ونروي: انظر إلى من هو دونك في المقدرة، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإن ذلك أقنع لك، وأحرى أن تستوجب زيادة. واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين والبصيرة، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير اليقين والجهل. واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله، والكف عن أذى المؤمن، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق، ولا مال أنفع من القنوع، ولا جهل أضر من العجب (3)، ولا تخاصم العلماء، ولا تلاعبهم، ولا تحاربهم، ولا تواضعهم. ونروي: من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة (4). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: رحم الله عبدا حببنا إلى الناس، ولم يبغضنا إليهم، وأيم الله لو يرون محاسن كلامنا لكانوا أعز، ولا استطاع أن يتعلق عليهم بشئ. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال عليكم بتقوى الله، والورع، والاجتهاد، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله. صلوا في عشائركم، وصلوا أرحامكم، وعودوا مرضاكم، واحضروا جنائزكم، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا، جروا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، وما قيل فينا من خير فنحن أهله، وما قيل فينا من شر فما نحن كذلك،


1 – علل الشرايع: 558 باختلاف يسير.
2 – في نسخة ” ش “: ” بكرمك ” وفي نسخة ” ض “: ” بكرمه ” وما أثبتناه من البحار 74: 187 / 12.
3 – علل الشرايع: 559، تحف العقول: 267، الاختصاص: 227 باختلاف يسير، من ” ونروي: انظر. “.
4 – الخصال: 11 / 37 من ” ونروي: من احتمل. “.

[ 357 ]

والحمد لله رب العالمين (1). ونروي أن رجلا قال للصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله، فيم المروءة؟ فقال: ” ألا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك من حيث أمرك “.


1 – السرائر: 494 باختلاف يسير من ” عليكم بتقوى الله “.

[ 358 ]

96 – باب التوكل على الله، والرجاء من الله، والتفويض إلى الله، وأن كل ما صنعه الله للمؤمن فهو خير له، وأنه من أعطي الدين فقد أعطي الدنيا أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله (1). وسئل عن حد التوكل، ما هو؟ قال: لا تخاف سواه (2). وأروي أن الغنى والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا (3). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: التوكل على الله عز وجل درجات، منها أن تثق [ به ] (4) في أمورك كلها، فما فعله بك كنت عليه راضيا (5). وروي أن الله عز وجل أوحى إلى داود عليه السلام: ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم يكيده أهل السماوات والأرض وما فيهن، إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني، عرفت ذلك من نيته، إلا قطعت أسباب السماوات من يديه، وأسخت الأرض من تحته، ولم أبال بأي واد هلك (6).


1 – جامع الأخبار: 137، مشكاة الأنوار: 18 باختلاف يسير.
2 – أمالي الصدوق: 199 / 8، عدة الداعي: 135 باختلاف في ألفاظه.
3 – الكافي 2: 53 / 3، مشكاة الأنوار: 16.
4 – أثبتناه من البحار 71: 143 / 42.
5 – الكافي 2: 53 / 5، مشكاة الأنوار: 16 باختلاف يسير.
6 – الكافي 2: 52 / 1، مشكاة الأنوار: 16.

[ 359 ]

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: يقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي، وارتفاعي في علوي، لا يؤثر عبد هواي على هواه، إلا جعلت غناه في قلبه، وهمه في آخرته، وكففت عليه ضيعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء حاجته، وأتته الدنيا وهي راغمة. وعزتي وجلالي، وارتفاعي في علو مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا قطعت رجاءه، ولم أرزقه منها إلا ما قدرت له (1). وأروي أن بعض العلماء كان يقول: سبحان من لو كانت الدنيا خيرا كلها أهلك فيها من أحب، سبحان من لو كانت الدنيا شرا كلها أنجى منها من أراد (2). وروي: كن لمن لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس نارا لأهله كلمه الله ورجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين (3). وروي: ولا تقل لشئ قد مضى: لو كان غيره. روي عن العالم عليه السلام قال: إذا يشاء الله يعطينا، وإذا أحب أن يكره رضينا. وأروي: أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله (4). وروي: رأس طاعة الله الصبر والرضا (5). وروي: ما قضى الله على عبده قضاءا فرضي به، إلا جعل الخير فيه (6). وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن عمران: يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأعافيه لما هو خير له، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه من الصديقين عندي (7).


1 – مشكاة الأنوار: 16 و 17 باختلاف يسير.
2 – مشكاة الأنوار: 264.
3 – أمالي الصدوق: 150 / 7 من ” وروي: كن لمن. “.
4 – الكافي 2: 49 / 2، التمحيص: 60 / 130، مشكاة الأنوار: 33 من ” وأروي: أعلم الناس. “.
5 – الكافي 2: 49 / 1، مشكاة الأنوار: 33.
6 – المؤمن: 22 / 24، التمحيص: 59 / 123، مشكاة الأنوار: 33 باختلاف يسير.
7 – التوحيد: 405 / 13، الكافي 2: 51 / 7، أمالي الطوسي 1: 243، عدة الداعي: 31، مشكاة الأنوار: 299 باختلاف يسير.

[ 360 ]

وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: المؤمن يعترض كل خير، لو قرض بالمقاريض كان خيرا له، وإن ملك ما بين المشرق والمغرب كان خيرا له. وروي: من أعطي الدين فقد أعطي الدنيا. وروي أن الله تبارك وتعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحبه (1). وفي خبر آخر: لا يعطي الله الدين إلا أهل خاصته وصفوته من خلقه (2). وروي: إذا طلبت شيئا من الدنيا فزوي عنك، فأذكر ما خصك الله به من دينه، أو صرفه عنك بغيرك، فإن ذلك أحرى أن تسخو (3) نفسك عما فاتك من الدنيا. وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: فلانة بنت فلانة معك في الجنة في درجتك، فصار إليها فسألها عن عملها فخبرته، فوجده مثل أعمال سائر الناس، فسألها عن نيتها، فقالت: ما كنت في حالة فنقلني الله منها إلى غيرها، إلا كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر مني بالحالة التي كنت فيها، فقال: حسن ظنك بالله عز وجل. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: والله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة، إلا بحسن ظنه بالله ورجائه منه، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين. وأيم الله لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار، إلا بسوء الظن بالله، وتقصيره من رجائه لله، وسوء خلقه ومن اغتيابه المؤمنين. والله لا يحسن عبد مؤمن ظنا بالله، إلا كان الله عند ظنه به، لأن الله عز وجل كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجاءه، فأحسنوا الظن بالله وارغبوا إليه، وقد قال الله عز وجل: (الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء) (4)، (5). وروي أن داود عليه السلام قال: يا رب، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن


1 – الكافي 2: 170 / 2، المحاسن: 216 / 107 من ” وروي أن الله تبارك وتعالى. “.
2 – الكافي 2: 170 / 1، المحاسن: 217 / 111 باختلاف في ألفاظه.
3 – في نسخة ” ش “: ” يستحق ” ولم ترد العبارة في نسخة ” ض ” وما أثبتناه من البحار 71: 145.
4 – الفتح 48: 6.
5 – ورد باختلاف يسير في عدة الداعي: 135، والكافي 2: 58 / 2، ومشكاة الأنوار: 35. من ” والله ما أعطي مؤمن. “.

[ 361 ]

الظن بك (1). وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار، يلتفت فيقول: يا رب لم يكن هذا ظني بك، فيقول، ما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي، وتسكنني جنتك. فيقول الله عز وجل: يا ملائكتي، وعزتي وجلالي، وجودي وكرمي، وارتفاعي في علوي، ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط، ولو ظن بي ساعة خيرا ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنة (2). ثم قال العالم عليه السلام: قال الله عز وجل: ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي، فيما يظنونه عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، وإن رحمتي عند ذلك تدركهم، ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي تلبسهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت (3). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: إن في الحبس رجلين من بني إسرائيل، أمر بإطلاقهما، قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة (4)، فقال له: ما الذي بلغ بك ما أرى منك؟ قال: الخوف من الله، ونظر إلى الآخر، لم يتشعب منه شئ، فقال له: أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد، وقد رأيت ما بلغ الأمر بصاحبك، وأنت لم تتغير، فقال له الرجل: إنه كان ظني بالله جميلا حسنا، فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك، فأيهما أفضل؟ قال تعالى: صاحب الظن الحسن أفضل (5). وأروي عن العالم عليه السلام: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: يا موسى قل لبني إسرائيل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء يجدني عنده.


1 – مشكاة الأنوار: 36.
2 – تفسير القمي 2: 264 باختلاف يسير.
3 – الكافي 2: 50 / 4 و 58 / 1، أمالي الطوسي 1: 215.
4 – الهدبة: ما على أطراف الثوب من الخيوط السائبة. انظر ” الصحاح – هدب – 1: 237 “. 5 – مشكاة الأنوار: 36 باختلاف في ألفاظه.

[ 362 ]

97 باب السخاء أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: السخاء شجرة في الجنة، أغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن منها أدته إلى الجنة، والبخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدته إلى النار، أعاذنا الله وإياكم من النار (1). ونروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعدي بن حاتم: ” رفع عن أبيك العذاب الشديد بسخاوة نفسه ” (2). وروي أن جماعة من الأسارى جاؤا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بضرب أعناقهم، ثم أمر بإفراد واحد لا يقتله، فقال الرجل: لم أفردتني من أصحابي، والجناية واحدة؟ فقال له: ” إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنك سخي قومك ولا أقتلك “، فقال الرجل: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله، فقاده سخاؤه إلى الجنة (3). وروي: الشاب السخي المقترف للذنوب، أحب إلى الله من الشيخ العابد البخيل (4). وروي: ما شئ يتقرب به إلى الله عز وجل أحب إليه من إطعام الطعام، وإراقة الدماء وروي: أطيلوا الجلوس عند الموائد، فإنها أوقات لا تحسب من أعماركم.


1 – الاختصاص: 252، وورد باختلاف في ألفاظه في أمالي الطوسي 2: 89.
2 – الاختصاص: 253 باختلاف يسير.
3 – الاختصاص: 253 باختلاف يسير.
4 – الاختصاص: 253، وورد باختلاف في ألفاظه في مشكاة الأنوار: 230.

[ 363 ]

وروي: لو عملت طعاما بمائة ألف درهم، وأكل منه مؤمن واحد، لم يعد سرفا. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا والناس نيام، وادخلوا الجنة بسلام. وأروي: إياك والسخي، فإن الله عز وجل يأخذ بيده. وروي: أن الله تبارك وتعالى يأخذ بناصية السخي إذا اعتر (1)، (2). (وبالله التوفيق، وعليه التكلان، والله أعلم بالصواب، وأستعين الله في كل الأمور، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين) (3).


1 – اعتر: افتقر ” الصحاح – عرر – 2: 744 “.
2 – الاختصاص: 253.
3 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.

[ 364 ]

98 باب القناعة أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: من أراد أن يكون أغنى الناس، فليكن واثقا بما عند الله عز وجل (1). وروي: فليكن بما في يدي الله أوثق منه مما في يديه (2). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: قال الله سبحانه: أرض بما آتيتك تكن أغنى الناس (3). وأروي: من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع (4). وأروي: أن جبرئيل عليه السلام أهبط إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) (5) الآية، فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا ينادي: ” من لم يتأدب بأدب الله، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات “. ونروي: من رضي من الدنيا بما يجزيه، كان أيسر ما فيها يكفيه، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه، لم يكن شئ منها يكفيه (6). (ونروي: ما هلك من عرف قدره، وما ينكر الناس عن القوت إنما ينكر عن


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 112 / 8، ومشكاة الأنوار: 130.
2 – الفقيه 4: 285 / 854.
3 – مشكاة الأنوار: 130.
4 – مشكاة الأنوار: 130.
5 – الحجر 15: 88.
6 – الكافي 2: 113 / 11، مشكاة الأنوار: 131.

[ 365 ]

العقول، ثم قال: وكم عسى يكفي الانسان) (1)؟! ونروي: من رضي من الله باليسير من الرزق، رضي الله منه بالقليل من العمل (2). ونروي: عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: ” من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله ” (3). ونروي: إن دخل نفسك شئ من القناعة، فأذكر معاش رسول الله صلى الله عليه وآله فإنما كان قوته الشعير، وحلاوته التمر، ووقوده السعف إذا وجد (4). ونروي: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله ليسأله، فسمعه وهو يقول: ” من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله ” فانصرف ولم يسأله، ثم عاد إليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله، حتى فعل ذلك ثلاثا، فلما كان في اليوم الثالث مضى واستعار فأسا وصعد الجبل فاحتطب، وحمله إلى السوق فباعه بنصف صاع من شعير، فأكله هو و عياله، ثم دام على ذلك حتى جمع ما اشترى به فأسا، ثم اشترى بكرين وغلاما وأيسر فأتى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره فقال: ” أليس قد قلنا: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله ” (5).


1 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ش “.
2 – الكافي 2: 111 / 3 باختلاف يسير.
3 – الكافي 2: 111 / 2، مشكاة الأنوار: 131.
4 – الكافي 2: 111 / 1، مشكاة الأنوار: 130 باختلاف يسير.
5 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 112 / 7.

[ 366 ]

99 باب الكفاف أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: يقول الله جل جلاله: إن أغبط عبادي يوم القيامة عبد رزق حظه من صلاحه، قترت في رزقه فصبر، حتى إذا حضرت وفاته قل تراثه، وقل بواكيه (1). ونروي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ” اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحبهم، العفاف والكفاف، وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد ” (2). وروي: أن قيما كان لأبي ذر الغفاري في غنمه، فقال: قد كثر الغنم وولدت، فقال: تبشرني بكثرتها، ما قل وكفي منها أحب إلي مما كثر وألهى (3). وروي: طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافا (4).


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 113 / 1.
2 – الكافي 2: 113 / 3، نوادر الراوندي: 16، مشكاة الأنوار: 125.
3 – مشكاة الأنوار: 125 باختلاف في ألفاظه.
4 – الكافي 2: 113 / 2، وفيه ” لمن أسلم “، نوادر الراوندي: 4.

[ 367 ]

100 – باب اليأس مما في أيدي الناس أروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه، ومروءته في نفسه، وشرفه في دنياه، وعظمته في أعين الناس، وجلالته في عشيرته، ومهابته عند عياله، وهو أغنى الناس عند نفسه وعند جميع الناس. وأروي: شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس (1). وأروي: أن أصل الانسان لبه، ودينه نسبه، ومروته حيث يجعل نفسه، والناس إلى آدم شرع سواء، وآدم من تراب. وأروي: اليأس غنى، والطمع فقر حاضر. وروي: من أبدى ضره إلى الناس، فضح نفسه عندهم. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: وقوا دينكم بالاستغناء بالله عن طلب الحوائج، واعلموا أنه من خضع لصاحب سلطان جائر أو لمخالف، طلبا لما في يديه من دنياه، أهمله الله ومقت عليه ووكله إليه، فإن هو غلب على شئ من دنياه، نزع الله منه البركة، ولم ينفعه بشئ في حجته، ولا غيره من أفعال البر. وأروي: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا وأعطاه، فلييأس من الناس كلهم، فلا يكون له رجاء إلا عند الله عز وجل (2). ونروي: سخاء النفس عما في أيدي الناس، أكثر من سخاء البذل. واعلم أن بعض العلماء سمع رجلا يدعو الله أن يغنيه عن الناس، فقال: إن الناس لا يستغنون عن الناس، ولكن أغناك الله عن دناء الناس.


1 – الكافي 2: 119 / 1، مشكاة الأنوار: 126.
2 – الكافي 2: 119 / 2، أمالي الطوسي 1: 34.

[ 368 ]

101 باب الصبر والكتمان والنصيحة أروي: أن الصبر على البلاء حسن جميل، وأفضل منه عن المحارم (1). وروي: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصابرون؟ فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب، قال: فتلقاهم الملائكة فيقولون: أي شئ كانت أعمالكم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، ونصبر عن معصية الله، فيقولون: نعم أجر العاملين (2). ونروي: أن في وصايا الأنبياء صلوات الله عليهم: إصبروا على الحق وإن كان مرا (3). وأروي: أن اليقين فوق الايمان بدرجة واحدة، والصبر فوق اليقين. ونروي: أنه من صبر للحق، عوضه الله خيرا مما صبر عليه. ونروي: أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إني آخذك بمداراة الناس، كما آخذك بالفرائض (4). ونروي: أن المؤمن أخذ عن الله عز وجل الكتمان، وعن نبيه صلى الله عليه وآله مداراة الناس، وعن العالم عليه السلام: الصبر في البأساء والضراء. وروي في قول الله عز وجل: (اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (5) قال: (إصبروا) على طاعة الله وامتحانه (وصابروا) قال: ألزموا طاعة


1 – مشكاة الأنوار: 22 باختلاف في ألفاظه.
2 – أمالي الطوسي 1: 100 باختلاف في ألفاظه.
3 – مشكاة الأنوار: 22، باختلاف يسير.
4 – الكافي 2: 96 / 4 باختلاف في ألفاظه.
5 – آل عمران 3: 200.

[ 369 ]

الرسول ومن يقوم مقامه، (ورابطوا) قال: لا تفارقوا ذلك يعني الأمرين والكل لعل في كتاب الله موجبه، ومعناها أنكم تفلحون. وأروي عن العالم عليه السلام: الصبر على العافية أعظم من الصبر على البلاء. يريد بذلك أن يصبر على محارم الله، مع بسط الله عليه في الرزق وتخويله النعم، وأن يعمل بما أمره الله به فيها. أروي عن العالم عليه السلام في كلام طويل: ثلاثة لا يغل عليها قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله عز وجل، والنصيحة لائمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم. وقال: حق المؤمن على المؤمن، أن يمحضه النصيحة في المشهد والمغيب كنصيحته لنفسه. ونروي: من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه، كان كمن حارب الله ورسوله (1). وأروي: من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم (2). وأروي: لا يقبل الله عمل عبد، وهو يضمر في قلبه على مؤمن سوءا. ونروي: ليس منا من غش مؤمنا أو ضره أو ما كره (3). ونروي: الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله، من أدخل على أهل بيت مؤمن سرورا (4)، ومشى مع أخيه في حاجته.


1 – الكافي 2: 269 / 2 و 270 / 4 و 6 باختلاف يسير.
2 – الكافي 2: 131 / 1 و 5.
3 – عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 69 / 26.
4 – الكافي 2: 131 / 6 باختلاف يسير.

[ 370 ]

102 – باب التواضع والزهد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، وكونوا من الزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، لأن الزاهدين اتخذوا الأرض بساطا، والتراب فراشا، والماء طيبا، وقرضوا الدنيا تقريضا. ألا، من أشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. ألا، إن لله تعالى عبادا، شرورهم مأمونة مخزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما فصارت لهم العقبى راحة طويلة، [ أما ] (1) آناء الليل فصافون على أقدامهم، وآناء النهار فخلصوا مخلصا وهو عابرون يسعون في فكاك رقابهم، بررة أتقياء، كأنهم القداح (2)، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى (3). وروي عن المسيح عليه السلام، أنه قال للحواريين: أكلي ما تنبته الأرض للبهائم، وشربي ماء الفرات بكفي، وسراجي القمر، وفراشي التراب، ووسادتي المدر، ولبسي الشعر، ليس لي ولد يموت، ولا امرأة تحزن، ولا بيت يخرب، ولا مال يتلف، فأنا أغنى ولد آدم (4). وأروي عن العالم عليه السلام، أنه سئل عن قول الله تبارك وتعالى: (وكان


1 – أثبتناه من البحار 70: 314 / 19.
2 – القداح: جمع قدح وهو السهم. وهذا كناية عن نحافة أجسامهم وضعفها. انظر ” الصحاح – قدح – 1: 394 “.
3 – الكافي 2: 107 / 15 باختلاف يسير.
4 – مشكاة الأنوار: 127 باختلاف يسير.

[ 371 ]

تحته كنز لهما) (1) فقال: والله، ما كان ذهبا ولا فضة، ولكنه كان لوحا مكتوبا عليه أربعة أحرف: أنا الله لا إله إلا أنا، من أيقن بالموت لم يضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر علم أنه لا يصيبه إلا ما قدر عليه (2). وأروي عن العالم عليه السلام: من طاب نفسه إذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، حرم الله جسده على النار (3). ونروي: لا يصلح المؤمن إلا بثلاث خصال: الفقه في الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النائبة (4). وروي: أن الوحي احتبس على موسى بن عمران عليه السلام ثلاثين صباحا، فصعد على جبل بالشام، فأقبل يتضور (5) عليه، ثم قال: يا رب، لم حبست علي وحيك وكلامك، بذنب أذنبته، فها أنا بين يديك، فاقبض لنفسك رضاها، وإن كنت حبست عني وحيك بذنوب بني إسرائيل، فغفرانك القديم. فأوحى إليه عز وجل: يا موسى أتدري لم خصصتك بوحيي وبكلامي؟ قال: لا علم لي يا رب، قال: يا موسى، إني اطلعت إلى خلقي اطلاعة، فلم أر فيهم أشد تواضعا منك، وكان موسى عليه السلام إذا صلى لا ينفتل حتى يلصق خده الأيمن والأيسر بالأرض (6). وسألت العالم عليه السلام عن أزهد الناس؟ فقال: الذي لا يطلب المعدوم حتى ينفد الموجود. في حكمة آل داود عليه السلام: ينبغي أن لا ترى طاعة إلا في ثلاث: مرمة لمعاش (7)، أو لذة في غير محرم، أو تزود لمعاد.


1 – الكهف 18: 82.
2 – تفسير العياشي 2: 338 / 66، مشكاة الأنوار: 12 باختلاف يسير.
3 – مشكاة الأنوار: 307 باختلاف يسير.
4 – الفقيه 3: 102 / 405، الخصال: 124 / 120، الكافي 5: 87 / 4 باختلاف يسير.
5 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” يتصور ” والظاهر أنه تصحيف ” يتضور ” والتضور: الصياح والتلوي ” الصحاح – ضور – 2: 723 “.
6 – علل الشرايع: 56 / 2، الزهد: 58 / 153 باختلاف في بعض ألفاظه.
7 – مرمة المعاش: إصلاحه ” الصحاح – رمم – 5: 1936 “.

[ 372 ]

وروي: الكبر رداء الله، من نازع الله رداءه قصمه (1). وروي: أن ملكين موكلان بالعباد، فمن تواضع رفعاه، ومن تكبر وضعاه (2). وأروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: عجبا للمتكبر الفخور، الذي كان بالأمس نطفة، وهو غدا جيفة (3)! والعجب كل العجب، لمن شك في الله وهو يرى الخلق! والعجب لمن أنكر الموت، وهو يرى من يموت كل يوم وليلة! ولمن لم يذكر الآخرة وهو يرى النشأة الأولى! ولمن عمل لدار الفناء وهو يرى دار البقاء! وروي: أن الله أوحى إلى بعض عباد بني إسرائيل، وقد دخل قلبه شئ: أما عبادتك لي فقد تعززت بي، وأما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة، فهل واليت لي وليا؟ أو عاديت لي عدوا؟ ثم أمر به إلى النار، نعوذ بالله منها. ونروي: أن أيوب عليه السلام، لما جهده البلاء قال: لأقعدن مقعد الخصم، فأوحى الله إليه: تكلم، فجثى على الرماد وقال: يا رب إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط كلاهما لك فيه رضى إلا اخترت أشدهما على بدني. فنودي من غمامة بيضاء بستة آلاف لغة: فلمن المن؟ فوضع الرماد على رأسه وخر ساجدا ينادي: لك المن سيدي ومولاي، فكشف الله ضره.


1 – الكافي 2: 234 / 5، الزهد: 62 / 164، مشكاة الأنوار: 227 باختلاف يسير.
2 – الكافي 2: 99 / 2، الزهد: 62 / 163، مشكاة الأنوار: 227.
3 – الكافي 2: 247 / 1، مشكاة الأنوار: 227 باختلاف يسير.

[ 373 ]

103 باب المعروف أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة (1)، لأن الله عز وجل يقول لهم: قد غفرت لكم ذنوبكم تفضلا عليكم، لإنكم كنتم أهل المعروف في الدنيا، وبقيت حسناتكم فهبوها لمن تشاؤن، فتكونوا بها أهل المعروف في الآخرة. وقال: إن لله عبادا يفزع العباد إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون، كل معروف صدقة، فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان غنيا؟ فقال: وإن كان غنيا. وأروي: المعروف كاسمه، وليس شئ أفضل منه إلا ثوابه، وهو هدية من الله إلى عبده المؤمن، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا من الله على العبد المؤمن، جمع الله له الرغبة والقدرة والأذن، فهناك تجب السعادة (2). ونروي عن النبي صلى الله عليه وآله: ” من أدخل على مؤمن فرحا، فقد أدخل علي فرحا، ومن أدخل علي فرحا، فقد اتخذ عند الله عهدا، ومن اتخذ عند الله عهدا، جاء من الآمنين يوم القيامة “. وروي: اصطنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله، فإن لم يكن من أهله فكن


1 – الفقيه 2: 30 / 108، أمالي الصدوق: 210 / 5، ثواب الأعمال: 217، الكافي 4: 29 / 2 و 3 و 4، الزهد: 30 / 77، أمالي الطوسي 2: 216، كشف الغمة 2: 420.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 30 / 113، والكافي 4: 26 / 3.

[ 374 ]

أنت من أهله (1). وروي: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال: تعجيله، وتصغيره، وستره، فإذا عجلته هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته (2). وروي: إذا سألك أخوك حاجة، فبادر بقضائها قبل استغنائه عنها. ونروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ” من سر مؤمنا فقد سرني، ومن سرني فقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن سر رسول الله صلى الله عليه وآله فقد سر الله، ومن سر الله أدخله الجنة ” (3).


1 – عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 35 / 76 و 69 / 317، الكافي 4: 27 / 6، الزهد: 32 / 83 باختلاف يسير.
2 – الفقيه 2: 31 / 118، الخصال: 133 / 143، الكافي 4: 30 / 1 باختلاف في ألفاظه.
3 – أعلام الدين: 79.

[ 375 ]

104 – باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنما هلك من كان قبلكم بما عملوا من المعاصي، ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك (1). إن الله جل وعلا بعث ملكين إلى مدينة ليقلباها على أهلها، فلما انتهيا إليها وجدا رجلا يدعو الله ويتضرع إليه، فقال أحدهما لصاحبه: أما ترى هذا الرجل الداعي؟ فقال له: رأيته، ولكن أمضي إلى ما أمرني به ربي، فقال الآخر: ولكني لا أحدث شيئا حتى أرجع، فعاد إلى ربه فقال: يا رب، إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعو ويتضرع إليك، فقال عز وجل: امض لما أمرتك، فإن ذلك رجل لم يتغير وجهه غضبا لي قط (2). وأروي: أن رجلا سأل العالم عليه السلام عن قول الله عز وجل: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) (3) قال: يأمرهم بما أمرهم الله، وينهاهم عما نهاهم، فإن أطاعوا كان قد وقاهم، وإن عصوه كان قد قضى ما عليه (4). وروي: أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخطب، فعارضه رجل فقال: يا أمير المؤمنين حدثنا عن ميت الأحياء، فقطع الخطبة ثم قال: ” منكر للمنكر بقلبه ولسانه ويديه، فخلال الخير حصلها كلها، ومنكر للمنكر بقلبه (ولسانه وتارك له بيده، فخصلتان من خصال الخير حاز، ومنكر للمنكر بقلبه) (5) وتارك بلسانه ويده، فخلة من


1 – الكافي 5: 57 / 6، الزهد: 105 / 288.
2 – الزهد: 64 / 171، الكافي 5: 58 / 8، أمالي الطوسي 2: 282.
3 – التحريم 66: 6.
4 – الكافي 5: 62 / 2، تفسير القمي 2: 377 باختلاف في ألفاظه.
5 – ما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.

[ 376 ]

خلال الخير حاز، وتارك للمنكر بقلبه ولسانه ويده، فذلك ميت الأحياء ” ثم عاد إلى خطبته عليه السلام. ونروي: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أخبرني ما أفضل الأعمال؟ فقال: ” الايمان بالله ” قال: ثم ماذا؟ قال: ” صلة الرحم ” قال: ثم ماذا؟ قال: ” الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” (قال الرجل: وأي الأعمال أبغض منها؟ قال: ” الشرك بالله ” قال: ثم ماذا؟ قال: ” قطيعة الرحم ” قال: ثم ماذا؟ قال: ” الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف “) (1). ونروي أن صبيين توثبا على ديك، فنتفاه فلم يدعا عليه ريشه، وشيخ قائم يصلي لا يأمرهم ولا ينهاهم فأمر الله الأرض فابتلعته (2). وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر: مؤمن فيستيقظ (3)، أو جاهل فيتعلم، أما صاحب سيف وسوط فلا (4). نروي: حسب المؤمن عيبا إذا رأى منكرا أن لا يعلم من قلبه أنه له كاره. وأروي عن العالم عليه السلام: أن الله عز وجل قال: ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين إذا المؤمن فيهم يسير بالعدل يعتدون وعليه يجترؤن، ولا يهتدون، لأتيحن لهم فتنة تترك (5) الحكيم فيهم حيرانا. ونروي من أعظم الناس حسرة يوم القيامة، من وصف عدلا فخالفه إلى غيره (6). ونروي في قول الله تعالى: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) (7) قال: هم قوم وصفوا


1 – الكافي 5: 58 / 9، وما بين القوسين ليس في نسخة ” ض “.
2 – ورد باختلاف في ألفاظه ومفصلا في أمالي الطوسي 2: 282.
3 – في نسخة ” ض “: ” فيتعظ “.
4 – الكافي 5: 60 / 2، الخصال: 35 / 9.
5 – في نسخة ” ض “: ولا يهتدون ولا يتحالهم فتنة وينزل، وفي ” ش “: ولا يهتدون وينزل، وما أثبتناه من البحار 100: 82 / 83.
6 – الكافي 2: 27 / 3 و 5.
7 – الشعراء 26: 94.

[ 377 ]

بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره (1)، فسئل عن معنى ذلك، فقال: إذا وصف الانسان عدلا خالفه إلى غيره، فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره، عظمت حسرته.


1 – الكافي 2: 27 / 4، الزهد: 68 / 181.

[ 378 ]

105 باب النيات وأن نية المؤمن خير من عمله لأنه ينوي خيرا من عمله أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: نية المؤمن خير من عمله لأنه ينوي خير من عمله، ونية الفاجر شر من عمله، وكل يعمل على نيته (1). ونروي: نية المؤمن خير من عمله، لأنه ينوي من الخير ما لا يطيقه (2) ولا يقدر عليه (3). وروي: من حسنت نيته، زاد الله في رزقه (4). وسألت العالم عليه السلام عن قول الله: (خذوا ما أتيناكم بقوة) (5) قوة الأبدان أم قوة القلب؟ فقال: جميعا (6) وقال لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بالنية، ولا نية إلا بإصابة السنة (7). ونروي: حسن الخلق سجية ونية، وصاحب النية أفضل. ونروي: ما ضعفت نية عن نية. وأروي عنه: نية المؤمن خير من عمله، فسألته عن معنى ذلك، فقال: العمل


1 – الكافي 2: 69 / 2، المحاسن: 260 / 315 باختلاف في بعض ألفاظه.
2 – في نسخة ” ش “: ” يستطيعه “.
3 – علل الشرايع: 524 / 2 باختلاف يسير.
4 – الخصال: 88 / 21، المحاسن: 261 / 318، أمالي الطوسي 1: 250.
5 – البقرة 2: 63 و 93 والأعراف 7: 171.
6 – المحاسن: 261 / 319.
7 – المحاسن: 222 / 134، الكافي 1: 56 / 9.

[ 379 ]

يدخله الرياء، والنية لا يدخلها الرياء (1). وسألت العالم عليه السلام عن تفسير: نية المؤمن خير من عمله، قال: إنه ربما انتهت بالانسان حالة من مرض أو خوف، يفارقه العمل ومعه نيته، فلذلك الوقت نية المؤمن خير من عمله. وفي وجه آخر: أنها لا تفارق عقله أو نفسه، والأعمال قد تفارقه قبل مفارقة العقل والنفس.


1 علل الشرايع: 524 / 1 باختلاف في ألفاظه.

[ 380 ]

106 باب التفكر والاعتبار والهم في الدين والإخلاص واليقين والبصيرة والتقوى والخوف والرجاء والطاعة لله عز وجل أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: طوبى لمن كان صمته فكرا، ونظره عبرا، ووسعه بيتة، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من لسانه ويده (1). وأروي: فكر ساعة خير من عبادة سنة، فسألت العالم عليه السلام عن ذلك، فقال: تمر بالخربة وبالديار القفار فتقول أين بانوك؟ أين سكانك، مالك لا تتكلمين؟ (2) ليست العبادة كثرة الصلاة والصيام، العبادة التفكر في أمر الله جل وعلا (3). وأروي: التفكر مرآتك، تريك سيئاتك وحسناتك. ونروي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله رأى بعض أصحابه منصرفا من بعث كان بعثه فيه، وقد انصرف بشعثه وغبار سفره وسلاحه عليه يريد منزله، فقال صلى الله عليه وآله ” انصرف من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ” فقيل له: أو جهاد فوق الجهاد بالسيف؟ قال: ” نعم، جهاد المرء نفسه ” (4). ونروي في قول الله تبارك وتعالى: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) (5) قبل أن يعتبر بكم.


1 – الاختصاص: 232، مشكاة الأنوار: 37.
2 – الكافي 2: 45 / 2، المحاسن: 26 / 5، مشكاة الأنوار: 37، وفيها ” ليلة ” بدل ” سنة “.
3 – تحف العقول: 367.
4 – ورد باختصار في معاني الأخبار: 160 / 1، وأمالي الصدوق: 377 / 8، والكافي 5: 12 / 3، والإختصاص: 240.
5 – الحشر 59: 2.

[ 381 ]

وأروي: أن الهم في الدين يذهب بذنوب المؤمن. ونروي: أن الهموم ساعة الكفارات. أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: يقول الله تبارك وتعالى: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عملي لم أقبل، إلا ما كان لي خالصا (1). ونروي: أن الله عز وجل يقول: أنا خير شريك، ما شوركت في شئ إلا تركته. وأروي عن العالم عليه السلام: العامل على غير بصيرة، كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلا بعدا عن الطريق. وروي: كفى باليقين غنى وبالعبادة شغلا (2)، الايمان في القلب، واليقين خطرات (3). وأروي: ما قسم بين الناس أقل من اليقين (4). وأروي: أن لله عز وجل في عباده آنية وهي القلب فأحبها إليه أصفاها وأصلبها وأرقها: أصلبها في دين الله، وأصفاها من الذنوب، وأرقها على الإخوان. وروي: أن الله يبغض من عباده المائلين، فلا تزلوا عن الحق، فمن استبدل بالحق هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها ساخطا. وأروي: من أراد أن يكون أعز الناس، فليتق الله في سره وعلانيته. أروي عن العالم عليه السلام، في تفسير هذه الآية: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (5) قال: يجعل له مخرجا في دينه، ويرزقه من حيث لا يحتسب في دنياه. ونروي: من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا (6).


1 – الكافي 2: 223 / 9، المحاسن: 252 / 270، تفسير العياشي 2: 353، الزهد: 63 / 167، مشكاة الأنوار: 11 باختلاف يسير.
2 – الكافي 2: 70 / 1، المحاسن: 247 / 251، التمحيص: 61 / 135، مشكاة الأنوار: 13، من ” وروي: كفى. “.
3 – المحاسن: 249 / 260، التمحيص: 64 / 146.
4 – الكافي 2: 43 / 2 و 5، الخصال: 285 / 36.
5 – الطلاق 65: 2 و 3.
6 – الكافي 2: 55 / 4، مشكاة الأنوار: 117.

[ 382 ]

ونروي: خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت لا تدري أنه يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها، فقد جعلته أهون الناظرين إليك (1). ونروي: من رجا شيئا طلبه، ومن خاف شيئا هرب منه (2)، ما من مؤمن يجتمع في قلبه خوف ورجاء، إلا أعطاه الله ما أمل وآمنه مما يخاف. ونروي: من مات آمنا من أن يسلب سلب، ومن مات خائفا من أن يسلب أمن السلب وبالله التوفيق.


1 – جامع الأخبار: 114، وورد باختلاف يسير في الكافي 2: 55 / 2، مشكاة الأنوار: 117.
2 – الكافي 2: 55 / 5.

[ 383 ]

107 باب البدع والضلالة وأن كل رياسة إلى النار أروي عن العالم عليه السلام، أنه قال: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة إلى النار (1). ونروي: أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا، فيحب عليه ويبغض (2). ونروي: أنه كان في الزمان الأول رجل يطلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان عليه اللعنة فقال له: ألا أدلك على شئ يكثر دنياك، ويعلو ذكرك به؟ فقال نعم، قال: تبتدع دينا وتدعو الناس إليه، ففعل فاستجاب له خلق كثير، وأطاعوه، وأصاب من الدنيا أمرا عظيما ثم إنه فكر يوما فقال: ابتدعت دينا ودعوت الناس إليه، ما أدري ألي التوبة أم لا، إلا أن أرد من دعوته عنه، فجعل يأتي أصحابه فيقول: أنا الذي دعوتكم إلى الباطل، وإلى بدعة وكذب، فجعلوا يقولون له: كذبت، لا بل إلى الحق دعوتنا، ونحن غير راجعين عما نحن عليه، ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه، فلما رأى أن القوم قد تداخلهم الخذلة، عمد إلى سلسلة وأوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه، ثم قال: لا أحلها حتى يتوب الله علي وروي: أنه ثقب ترقوته وأدخلها فيها فأوحى الله تعالى إلى نبي ذلك الزمان: قل لفلان: لو دعوتني حتى تسقط أوصالك ما استجبت لك، ولا غفرت لك، حتى ترد الناس عما دعوت إليه (3). ونروي: من رد صاحب بدعة عن بدعته، فهو سبيل من سبيل الله. وأروي عن العالم عليه السلام: من دعا الناس إلى نفسه، وفيهم من هو أعلم


1 – الكافي 1: 45 / 8 و 46 / 12، عقاب الأعمال: 307 / 2.
2 – عقاب الأعمال: 307 / 3.
3 – عقاب الأعمال: 306 / 1، علل الشرايع: 492 / 2 باختلاف يسير.

[ 384 ]

منه، فهو مبتدع ضال. أروي: من طلب الرياسة لنفسه هلك (1)، فإن الرياسة لا تصلح إلا لأهلها (2). وأروي: من تعلم العلم ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئسوه ويعظموه، فليتبوأ مقعده من النار (3). إياك والخصومة فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردى بصاحبها، وعسى أن يتكلم بشئ لا يغفر له. ونروي: أنه كان فيما مضى قوم انتهى بهم الكلام إلى الله عز وجل فتحيروا، وإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه (4). وأروي عن العالم عليه السلام: تكلموا فيما دون العرش، فإن قوما تكلموا في الله عز وجل فتاهوا (5). وأروي عن العالم عليه السلام، وسألته عن شئ من الصفات، فقال: لا يتجاوز مما في القرآن (6). أروي أنه قرئ بين يدي العالم عليه السلام، قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) (7) فقال: إنما عني أبصار القلوب وهي الأوهام فقال: لا تدرك الأوهام كيفيته، وهو يدرك كل وهم (8)، وأما عيون البشر فلا تلحقه، لأنه تعالى لا يحد ولا يوصف، هذا ما نحن عليه كلنا.


1 – الكافي 2: 225 / 2.
2 – الكافي 1: 37 / 6.
3 – الكافي 1: 37 / 6 باختلاف يسير.
4 – التوحيد: 456 / 11، أمالي الصدوق: 340 / 2، المحاسن: 238 / 210 باختلاف يسير.
5 – التوحيد: 455 / 7، المحاسن: 238 / 211، تفسير القمي 2: 338.
6 – المحاسن: 239 / 214.
7 – الأنعام 6: 103.
8 – المحاسن: 239 / 215 باختلاف يسير.

[ 385 ]

108 باب حديث النفس أروي أنه سئل العالم عليه السلام، عن حديث النفس، فقال: من يطيق ألا يحدث نفسه! وسألت العالم عليه السلام عن الوسوسة، وإن كثرت، قال: لا شئ فيها، تقول: لا إله إلا الله (1). وفي خبر آخر: لا حول ولا قوة إلا بالله (2). وأروي: أن رجلا قال للعالم عليه السلام: يقع في نفسي أمر عظيم، فقال قل: (لا إله إلا الله (3). وفي خبر آخر) (4) لا حول ولا قوة إلا بالله. ونروي: عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى عفا عن أمتي وساوس الصدور “. ونروي عنه: ” إن الله تجاوز لأمتي عما تحدث به أنفسها (5)، إلا ما كان يعقد عليه “. وأروي: إذا خطر ببالك في عظمته وجبروته أو بعض صفاته شئ من الأشياء، فقل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، علي أمير المؤمنين، إذا قلت ذلك عدت إلى محض الايمان.


1 – الكافي 2: 310 / 1.
2 – أمالي الصدوق: 436 / 5، المحاسن: 41 / 52 باختلاف يسير.
3 – الكافي 2: 310 / 2.
4 – ما بين القوسين ليس في ” ش “.
5 – عدة الداعي: 212 باختلاف يسير.

[ 386 ]

وأروي أن الله تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما لا يعلم، وما لا يتعمد، والنسيان، والسهو، والغلط، وما استكره عليه، وما اتقى فيه، وما لا يطيق. أقول ذلك.


1 – ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 36 / 132، والخصال: 417 / 9، والتوحيد: 353 / 24، والكافي 2: 335 / 2.

[ 387 ]

109 باب الرياء والنفاق والعجب نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: ” قال الله تبارك وتعالى: أنا أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين، أن يجتهد في عبادتي فيقوم من نومه ولذة وسادته، فيجتهد لي، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين، نظرا مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح، فيقوم وهو ماقت نفسه، ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي، لدخله من ذلك العجب، فيصيره العجب إلى الفتنة، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه، ألا فلا يتكل العاملون على أعمالهم، فإنهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي، فيما يطلبونه عندي، ولكن برحمتي فليثقوا، وبفضلي فليفرحوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت ” (1). ونروي في قول الله تبارك وتعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (2) قال: ليس من رجل يعمل شيئا من الثواب، لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن تسمع به الناس، إلا أشرك بعبادة ربه (3) في ذلك العمل، فيبطله (4) الرياء، وقد سماه الله تعالى الشرك. ونروي: من عمل لله كان ثوابه على الله، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس، إن كل رياء شرك (5).


1 – الكافي 2: 50 / 4، التمحيص: 57 / 115، عدة الداعي: 222 باختلاف يسير.
2 – الكهف 18: 110.
3 – الكافي 2: 222 / 4، تفسير العياشي 2: 352 / 93، الزهد: 67 / 177 باختلاف يسير.
4 – في نسخة ” ش “: ” فيطلب ” وفي نسخة ” ض “: ” فيطلبه ” وما أثبتناه من البحار 72: 300 / 36.
5 – الزهد: 67 / 177 وورد بتقديم وتأخير في الكافي 2: 222 / 3.

[ 388 ]

ونروي: ما من عبد أسر خيرا، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد أسر شرا، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له شرا (1). ونروي: أن عالما أتى عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ قال: تسألني عن صلاتي وأنا أ عبد الله منذ كذا وكذا! فقال له: كيف بكاؤك؟ قال: إني لأبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالم عليه السلام: فإن ضحكك وأنت عارف بالله، أفضل من بكائك وأنت تدل على الله إن المدل (2) لا يصعد من عمله شئ (3). ونروي: من شك في الله بعد ما ولد على الفطرة لم يتب أبدا (4). وأروي: أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام قال في كلام له: ” إن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد من مرض البدن مرض القلب ” (5). أروي: لا ينفع مع الشك والجحود عمل (6). وأروي: من شك أو ظن، فأقام على أحدهما، أحبط عمله (7). وأروي في قول الله عز وجل: (وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) (8) قال: نزلت في الشكاك (9). وأروي في قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (10) قال: الشك (11)، والشاك في الآخرة مثل الشاك في الأولى. نسأل الله الثبات وحسن اليقين. وأروي أنه سئل عنه رجل يقول بالحق، ويسرف على نفسه بشرب الخمر، ويأتي الكبائر، وعن رجل دونه في اليقين، وهو لا يأتي ما يأتيه. فقال صلى الله عليه


1 – الكافي 2: 224 / 12، الزهد: 67 / 7 17 باختلاف يسير.
2 – المدل: المنان. انظر ” الصحاح – دلل – 4: 1699 “.
3 – الكافي 2: 236 / 5، الزهد: 63 / 168، قصص الأنبياء: 179، باختلاف يسير.
4 – الكافي 2: 294 / 6 باختلاف يسير.
5 – نهج البلاغة 3: 247 / 388.
6 – الكافي 2: 294 / 7.
7 – الكافي 2: 294 / 8.
8 – الأعراف 7: 102.
9 – الكافي 2: 293 / 1، تفسير العياشي 2: 23 / 60.
10 – الأنعام 6: 82.
11 – الكافي 2: 293 / 4، تفسير العياشي 1: 366 / 48.

[ 389 ]

وآله: أحسنهما يقينا كنائم على المحجة إذا انتبه ركبها، والأدون الذي يدخله الشك كالنائم على غير طريق، لا يدري إذا انتبه أيما المحجة.


[ 390 ]

110 باب النوادر نروي: إن رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ” من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة ” فقال أبو جعفر عليه السلام: ” الخبر حق ” فولى الرجل مدبرا، فلما خرج أمر برده ثم قال: ” يا هذا، إن للا إله إلا الله شروطا، وإني من شروطها “. أروي عن العالم عليه السلام أن رجلا سأله فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، علمني ما يجمع لي خير الدنيا والآخرة، ولا تطول علي، فقال: لا تغضب. وأروي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله عما يجمع به خير الدنيا والآخرة، قال: ” لا تكذب “. وسألني رجل (1) عن ذلك، فقلت: خالف نفسك.


1 – في نسخة ” ض ” زيادة: مني، وورد في عوائد الأيام: 252: سني، فتأمل.

[ 391 ]

111 باب العطاس واعلم أن علة العطاس هي أن الله تبارك وتعالى إذا أنعم على عبد بنعمة، فنسي أن يشكر عليها، سلط عليه ريحا تدور في بدنه، فيخرج من خياشيمه، فيحمد الله على تلك العطسة، فيجعل ذلك الحمد شكرا لتلك النعمة. وما عطس عاطس إلا هضم له طعامه، أو تجشأ (1) إلا مرئ طعامه. فإذا عطست فاجعل سبابتك على قصبة أنفك، ثم قل: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم، رغم أنفي لله داخرا صاغرا غير مستنكف ولا مستكبر (2). فإنه من قال هذه الكلمات عند عطسه، خرج من أنفه دابة أكبر من البق وأصغر من الذباب، فلا يزال في الهواء إلى أن يصير تحت العرش، وتسبح لصاحبها إلى يوم القيامة. فإذا عطس أخوك فسمته، وقل: يرحمك الله. وإذا سمتك أخوك فرد عليه، وقل: يغفر الله لنا ولك. هذا إذا عطس مرة أو مرتين أو ثلاثا، فإذا زاد على ثلاث، فقل: شفاك الله (3). فإن ذلك من علة وداء في رأسه ودماغه. ومن عطس ولم يسمت، سمته سبعون ألف ملك فسمت أخاك إذا سمعته يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، فإن لم تسمع ذلك منه فلا تسمته. وإذا سمعت عطسة فأحمد الله، وإن كنت في صلاتك، أو كان بينك وبين


1 – في نسخة ” ض “: ” يخشى ” ولم ترد في نسخة ” ش ” وما أثبتناه من البحار 76: 55 / 13.
2 – مكارم الأخلاق: 355 باختلاف يسير. من ” فإذا عطست. “.
3 – مكارم الأخلاق: 355 باختلاف في ألفاظه، من ” فإذا عطس. “.

[ 392 ]

العاطس أرض أو بحر (1). ومن سبق العاطس إلى حمد الله، أمن من الصداع. وإذا سمت فقل: يرحمك الله، وللمنافق: يرحمكم الله، تريد بذلك الملائكة الموكلين به، وتقول للمرأة: عافاك الله، وللمريض: شفاك الله، وللمغموم والمهموم: فرحك الله وللغلام: ورعك (2) الله وانشاك، وللذمي: هداك الله، ولإمام المسلمين: صلى الله عليك. ونروي: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله إذا عطس: ” رفع الله ذكرك وقد فعل “، وكان النبي صلى الله عليه وآله يقول لأمير المؤمنين عليه السلام إذا عطس: ” أعلى الله كعبك وقد فعل “. وإن عطست وأنت في الصلاة، أو سمعت عطسة، فأحمد الله على أي حالة تكون، وصل على النبي وآله.


1 – مكارم الأخلاق: 353 باختلاف يسير.
2 – من الرعة: وهي حسن الهيئة. ” القاموس المحيط – ورع – 3: 93 “.

[ 393 ]

112 باب الفزع والهم وإذا فزعت من سلطان أو غيره فقل: حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، أمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم، أمتنع برب الفلق من شر ما خلق، وأقول ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله (1). وإذا حزنك أمر، فقل سبع مرات: بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فإن كفيت وإلا أتممت سبعين مرة. وإذا ابتليت ببلوى، أو أصابتك محنة، أو خفت أمرا، أو أصابك غم، فاستعن ببعض إخوانك وادع بهذا الدعاء، ويؤمن الأخ عليه، فإنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه دعا وأمن عليه علي بن أبي طالب عليه السلام في المهمات وقال: ” ما دعا بهذا الدعاء أحد قط ثلاث مرات إلا أعطي ما سأل، إلا أن يسأل مأثما، أو قطيعة رحم، وهو أن يقول: يا حي يا قيوم، يا حي لا يموت، يا حي لا إله إلا أنت، أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام ” (2). وإذا كنت مجهودا فاسجد، ثم اجعل خدك الأيمن على الأرض، ثم خدك الأيسر، وقل في كل واحد: يا مذل كل جبار عنيد، يا معز كل ذليل، قد وحقك بلغ مجهودي، فصل على محمد وآله وفرج عني (3).


1 – الكافي 2: 405 / 7.
2 – الكافي 2: 405 / 4، تفسير القمي 1: 354 من ” أسألك بأن لك الحمد. “.
3 – مكارم الأخلاق: 329.

[ 394 ]

113 باب الحجامة والحلق فإذا أردت الحجامة، فاجلس بين يدي الحجام وأنت متربع، وقل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي، من العين في الدم، ومن كل سوء (1) وإعلال وأمراض وأسقام وأوجاع، وأسألك العافية والمعافاة والشفاء من كل داء. وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ” إقرأ آية الكرسي، واحتجم أي يوم شئت (2)، وتصدق واخرج أي يوم شئت “. وإذا أردت أن تأخذ شعرك، فابدأ بالناصية فإنها من السنة، وقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسنته، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، اللهم أعطني بكل شعرة نورا ساطعا يوم القيامة. فإذا فرغت فقل: اللهم زيني بالتقى، وجنبني الردى (3)، وجنب شعري وبشري المعاصي وجميع ما تكره مني، فإني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا. واستقبل القبلة وابتدئ بالناصية، واحلق إلى العظمين النابتين الدانيين للأذنين وبالله التوفيق.


1 – معاني الأخبار: 172، مكارم الأخلاق: 74 باختلاف يسير.
2 – مكارم الأخلاق: 75.
3 – مكارم الأخلاق: 59 باختلاف يسير.

[ 395 ]

114 باب الزي والزينة وإذا لبست ثوبك الجديد فقل: الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أواري به عورتي، وأتجمل به عند الناس، اللهم اجعله لباس التقوى، ولباس العافية، واجعله لباسا أسعى فيه لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك (1). وإذا أردت أن تلبس السراويل، فلا تلبسه وأنت قائم، والبس وأنت جالس، فإنه يورث الحبن (2) والماء الأصفر، ويورث الغم والهم، وقل: بسم الله، اللهم استر عورتي، ولا تهتكني في عرصات القيامة، وأعف فرجي، ولا تخلع عني زينة الايمان (3). وإذا تعممت فقل: بسم الله، اللهم ارفع ذكري، وأعل شأني، وأعزني بعزتك، وأكرمني بكرمك، بين يديك وبين خلقك، اللهم توجني بتاج الكرامة والعز والقبول. وإذا لبست خاتما فقل: اللهم سمني بسيماء الايمان، واختم لي بالخير، واجعل عاقبتي إلى خير، إنك أنت العزيز الكريم. وإذا أردت النظر في المرآة، فخذها بيدك اليسرى وقل: بسم الله. فإذا نظرت فيها، فضع يدك اليمنى على مقدم رأسك، وامسح على وجهك، واقبض لحيتك، وانظر في المرآة، وتقول: الحمد لله الذي خلقني بشرا سويا، وزينني ولم يشني، وفضلني على كثير من خلقه، ومن علي بالاسلام ورضيه لي دينا.


1 – مكارم الأخلاق: 101، وفي المقنع عن رسالة والده: 194، الكافي 6: 458 / 2 باختلاف في ألفاظه.
2 – في نسخة ” ش ” و ” ض “: ” الجبن ” والظاهر تصحيف صحته: ” الحبن ” وهو داء في البطن يعظم منه البطن ويتورم ” القاموس المحيط – حبن – 4: 212 “.
3 – المقنع: 194 عن رسالة والده باختلاف يسير.

[ 396 ]

ثم ضعها من يدك وقل: اللهم لا تغير ما بنا من أنعمك، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين.


[ 397 ]

115 باب الآداب وإذا أردت أن تكتحل، فخذ الميل بيدك اليمنى واضربه في المكحلة، وقل: بسم الله. وإذا جعلت الميل في عينك، فقل: اللهم نور بصري، واجعل فيه نورا أبصر به حقك، واهدني إلى طريق الحق، وأرشدني إلى سبيل الرشاد، اللهم نور علي دنياي وآخرتي. وإذا أردت أن تمشط لحيتك، فخذ المشط بيدك اليمنى، وقل: بسم الله. وضع المشط على أم رأسك، ثم تسرح مقدم رأسك وقل: اللهم حسن شعري وبشري، وطيب عيشي، وافرق عني السوء، ثم تسرح مؤخر رأسك وقل: اللهم لا تردني على عقبي، واصرف عني كيد الشيطان، ولا تمكنه مني. ثم سرح حاجبيك وقل: اللهم زيني بزينة أهل التقوى، ثم تسرح لحيتك من فوق، وقل: اللهم سرح عني الغموم والهموم ووسوسة الصدور (1)، ثم أمر المشط على صدغك. ثم امسح وجهك بماء ورد، فإني أروي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: ” من أراد أن يذهب في حاجة له، ومسح وجهه بماء ورد، لم يرهق، وتقضى حاجته، ولا يصيبه قتر ولا ذلة ” (2). وإذا لبست الخف أو النعل، فابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى.


1 – المقنع: 195 عن رسالة والده، مكارم الأخلاق: 71 باختلاف يسير من ” وإذا أردت أن تمشط. “.
2 – المقنع: 196 عن رسالة والده باختلاف يسير.

[ 398 ]

وإذا أردت لبسه فقل: بسم الله والحمد لله، اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم وطئ قدمي في الدنيا والآخرة، وثبتهما على الايمان، ولا تزلهما يوم زلزلة الأقدام، اللهم وقني من جميع الآفات والعاهات والأذى. وإذا أردت أن تنزعهما فقل: اللهم فرج عني كل هم وغم، ولا تنزع عني حلة الايمان (1). وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الله. فإنك إذا قلت هذا نادى ملك في قولك: بسم الله، هديت أيها العبد. وفي قولك: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقيت. وفي قولك: توكلت على الله، كفيت. فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي (2)!؟ واقرأ (قل هو الله أحد) مرة عن يمينك، ومرة عن يسارك، ومرة من خلفك، ومرة من بين يديك، ومرة من فوقك، ومرة من تحتك، فإنك تكون في يومك كله في أمان الله تعالى. وإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، ومن علينا بالايمان وبمحمد صلى الله عليه وآله (3). فإذا دخلت سوقا من أسواق المسلمين، فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم ارزقني من خيرها وخير أهلها (4). واجتهد أن لا تلقى أخا من إخوانك، إلا تبسمت في وجهه وضحكت معه في مرضاة الله، فإنه نروي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: ” من ضحك في وجه أخيه المؤمن، تواضعا لله عز وجل، أدخله الجنة “. وإذا رأيت ذميا فقل: الحمد لله الذي فضلني عليك بالاسلام دينا، وبالقرآن


1 – ورد باختصار في المقنع: 196 عن رسالة والده، ومكارم الأخلاق: 123.
2 – المقنع: 196 عن رسالة والده، وقد ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي 2: 393 / 2. 3 – المقنع: 68، مكارم الأخلاق: 248 باختلاف في ألفاظه.
4 – مكارم الأخلاق: 257 باختلاف يسير، وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 31 / 42 وقد ورد الدعاء فيه إلى ” وهو على كل شئ قدير “.

[ 399 ]

كتابا، وبمحمد صلى الله عليه وآله رسولا، ونبيا، وبالمؤمنين إخوانا، وبالكعبة قبلة فإنه من قال ذلك لا يجمع بينه وبينه في النار، ويعتقه منها. فإذا نظرت إلى أهل البلاء، فقل ثلاث مرات: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء لفعل (1)، وأنا أعوذ بالله منها ومما ابتلاك به، والحمد لله الذي فضلني على كثير من خلقه. وإذا كان لك دين على قوم، وقد تعسر عليك أخذه، فقل: اللهم لحظة من لحظاتك الكرام، تيسر على غرمائي بها القضاء، وتيسر لي بها منهم الاقتضاء، إنك على كل شئ قدير (2). وإذا وقع عليك دين، فقل: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لو كان عليك مثل صبير (3) دينا قضاه الله عنك ” والصبير جبل باليمن، يقال: لا يرى جبل أعظم منه (4). وروي: أكثر من الاستغفار، وأرطب لسانك بقراءة (إنا أنزلناه في ليلة القدر). (5). وإذا أردت سفرا، فاجمع أهلك وصل ركعتين، وقل: اللهم إني استودعك ديني ونفسي وأهلي وولدي وعيالي (6). فإذا اشتريت متاعا أو سلعة أو جارية أو دابة، فقل: اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك، فاجعل لي فيه رزقا اللهم إني ألتمس فيه فضلك، فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إني ألتمس فيه من خيرك وبركتك وسعة رزقك، فاجعل لي فيه رزقا واسعا وريحا طيبا هنيئا مريا. يقولها ثلاث مرات (7).


1 – الكافي 2: 79 / 20، مكارم الأخلاق: 351 باختلاف يسير من ” فإذا نظرت إلى أهل البلاء. “.
2 – الكافي 2: 403 / 1 باختلاف يسير.
3 – في نسخة ” ض ” و ” ش “: ” صيد ” وكذا المورد الآتي وكلاهما تصحيف وصوابه ما أثبتناه من البحار 95: 301 / 3. والصبير: إسم جبل باليمن ” النهاية 3: 9 “.
4 – أمالي الصدوق: 317 / 10 باختلاف يسير.
5 – الكافي 5: 317 / 51.
6 – المقنع: 67، مكارم الأخلاق: 245 باختلاف يسير.
7 – الفقيه 3: 125 / 1 باختلاف يسير، وورد مختصرا في الكافي 5: 156 / 1، ومكارم الأخلاق: 257.

[ 400 ]

فإذا دخلت على سلطان تخاف شره، فقل: اللهم إني أسألك خير فلان، و أعوذ بك من شره، وأسألك بركته، وأعوذ بك من فتنته، اللهم اجعل حاجتي أولها صلاحا وأوسطها فلاحا وآخرها نجاحا. وإذا كان لك إلى رجل حاجة، فقل: خيرك بين عينيك، وشرك تحت قدميك، وأنا أستعين بالله عليك. تقول ذلك مرارا (1). وإذا أصبت بمال، فقل: اللهم إني عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، تحكم ما تشاء وتفعل ما تريد، اللهم فلك الحمد على حسن قضائك وبلائك، اللهم هو مالك ورزقك، وأنا عبدك، خولتني حين رزقتني، اللهم فألهمني شكرك فيه، والصبر عليه حين أصبت وأخذت، اللهم أنت أعطيت وأنت أصبت، اللهم لا تحرمني ثوابه، ولا تنسني من خلفه في دنياي وآخرتي، إنك على كل شئ قدير، اللهم أنا لك وبك وإليك ومنك، لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا. وإذا أردت أن تحرز متاعك، فاقرأ آية الكرسي واكتبها وضعها في وسطه، واكتب أيضا (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (2) لا ضيعة على ما حفظ الله (فإن تولوا فقل حسبي الله) (3) إلى آخر السورة. فإنك قد أحرزت إن شاء الله، فلا يصل إليه سوء بإذن الله. فإذا رأيت الأسد، فكبر في وجهه ثلاث تكبيرات وقل: الله أعز وأكبر وأجل، من كل شئ أكبر، وأعوذ بالله مما أخاف وأحذر (4). فإذا نبحك الكلب فاقرأ (يا معشر الجن والإنس) (5) إلى آخرها. وإذا نزلت منزلا تخاف فيه السبع، فقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، أعوذ بالله من شر كل سبع. وإن خفت عقربا، فقل: أعوذ بكلمات الله التامات، التي لا يجاوزهن بر ولا


1 – مكارم الأخلاق: 348 وفيه ” إذا دخلت على السلطان فقل “.
2 – يس 36: 9.
3 – التوبة 9: 129.
4 – مكارم الأخلاق: 349 باختلاف يسير من ” فإذا رأيت الأسد. “.
5 – الرحمن 55: 33.

[ 401 ]

فاجر، من شر كل ذي شر، ومن شر ما ذرأ وبرأ، ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم (1). وإذا كرهت أمرا فقل: حسبي الله ونعم الوكيل. وإذا دخلت منزلك فسلم على أهلك، فإن لم يكن فيه أحد، فقل: بسم الله وبالله، والسلام على رسول الله، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (2). واتق في جميع أمورك، وأحسن خلقك، وأجمل معاشرتك مع الصغير والكبير، وتواضع مع العلماء وأهل الدين، وارفق بما ملكت يمينك، وتعاهد إخوانك، وسارع في قضاء حوائجهم، وإياك والغيبة والنميمة، وسوء الخلق مع أهلك وعيالك، وأحسن مجاورة من جاورك، فإن الله يسألك عن الجار. وقد نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ” إن الله تبارك وتعالى أوصاني بالجار، حتى ظننت أنه يرثني ” (3) وبالله التوفيق.


1 – الكافي 2: 415 / 7 باختلاف يسير من ” وإن خفت عقربا. “.
2 – مكارم الأخلاق: 245 باختلاف يسير ” من وإذا دخلت منزلك. “.
3 – نهج البلاغة 3: 86 / 47.

[ 402 ]

116 باب الدعاء في الوتر وما يقال فيه وهذا مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت عليهم السلام: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم. سبحان الله رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم. يا الله الذي ليس كمثله شئ، صل على محمد وآل محمد. اللهم أنت الملك الحق المبين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم إياك أعبد، ولك أصلي، وبك آمنت، ولك أسلمت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، وبك استعنت، ولك أسجد وأركع وأخضع وأخشع، ومنك أخاف وأرجو، وإليك أرغب، ومنك أخاف وأحذر، ومنك ألتمس وأطلب، وبك أهديت، وأنت الرجاء وأنت المرجى وأنت المرتجى. اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، و بارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، لا منجا ولا ملجأ ولا مفر ولا مهرب منك إلا إليك، سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. اللهم إني أسألك من كل ما سألك به محمد وآله، وأعوذ بك من كل ما استعاذ به محمد وآله، اللهم إني أعوذ بك من أن نذل ونخزى، وأعوذ بك من شر فسقة العرب والعجم، وشر فسقة الجن والإنس، ومن شر كل ذي شر، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على صراط مستقيم، وأعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون.


[ 403 ]

اللهم، إني أعوذ بك من السامة والهامة، والعين اللامة، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا الله. اللهم اصرف عني البلاء والآفات والعاهات، والأسقام والأوجاع، والآلام والأمراض، وأعوذ بك من الفقر والفاقة، والضنك والضيق والحرمان، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، والحاسد، وأعوذ بك من كل شيطان رجيم، وجبار عنيد، و سلطان جائر. اللهم من كان أمسى وأصبح، وله ثقة أو رجاء غيرك، فأنت ثقتي وسؤلي ورجائي، يا خير من سئل، ويا أكرم من استكرم، ويا أرحم من استرحم، إرحم ضعفي وذلي بين يديك، وتضرعي إليك، ووحشتي من الناس، وذل مقامي ببابك. اللهم انظر إلي بعين الرحمة، نظرة تكون خيرة، استأهلنا وإلا تفضل علينا، يا أكرم الأكرمين، ويا أجود الأجودين، ويا خير الغافرين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين، ويا أسرع الحاسبين، يا أهل التقوى والمغفرة، يا معدن الجود والكرم. يا الله، صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك، وصفيك، وسفيرك، وخيرتك من بريتك، وصفوتك من خلقك، وزكيك وتقيك، ونقيك، ونجيك، و نجيبك، وولي عهدك، ومعدن سرك، وكهف غيبك، الطاهر الطيب المبارك، الزكي الصادق، الوفي العادل البار، المطهر المقدس، النير المضئ، السراج اللامع، والنور الساطع، والحجة البالغة، نورك الأنور، وحبلك الأطول وعروتك الأوثق، وبابك الأدنى، ووجهك الأكرم، وسفيرك الأوقف وجنبك الأوجب، وطاعتك الألزم، وحجابك الأقرب. اللهم صل عليه وعلى آله من آل طه ويس، واخصص وليك، ووصي نبيك، وأخا رسولك، ووزيره، وولي عهده، إمام المتقين، وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله، وابنته البتول، وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضين، وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين، وعلى بقيتك في أرضك، القائم بالحق في اليوم الموعود، وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة. وعلى خواص ملائكتك: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، والصافين والحافين والكروبيين والمسبحين، وجميع ملائكتك في سماواتك وأرضك أكتعين.


[ 404 ]

وصل على أبينا آدم، وأمنا حواء، وما بينهما من النبيين والمرسلين، واخصص محمدا بأفضل الصلاة والتسليم. اللهم إني أبرأ إليك من أعدائهم ومعانديهم وظالميهم، اللهم وال من والاهم، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذل من خذل عبادك المصطفين الأخيار الأتقياء البررة. اللهم احشرني مع من أتولى، وأبعدني ممن أتبرأ، وأنت تعلم ما في ضمير قلبي من حب أوليائك، وبغض أعدائك، وكفى بك عليما. اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا، اللهم اجزهما عني بأفضل الجزاء، وكافهما عني بأفضل المكافاة، اللهم بدل سيئاتهم حسنات، وارفع لهم بالحسنات الدرجات. اللهم إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، فأمر ملك الموت أن يكون بنا رؤوفا رحيما. اللهم اغفر لي، ولجميع إخواننا المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وتابع بيننا وبينهم بالخيرات، إنك مجيب الدعوات وولي الحسنات، يا أرحم الراحمين. اللهم لا تخرجني من هذه الدنيا إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل متقبل، وتجارة لن تبور. اللهم أعتقني من النار، واجعلني من طلقائك وعتقائك من النار، اللهم اغفر لي ما مضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري. اللهم كن لي وليا وحافظا وناصرا ومعينا، واجعلني في حرزك وحفظك، وحمايتك وكنفك، ودرعك الحصين، وفي كلاءتك، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، ولا معبود سواك. اللهم من أرادني بسوء فأرده، اللهم رد كيده في نحره، اللهم بتر عمره، وبدد شمله، وفرق جمعه، واستأصل شأفته، واقطع دابره، وقتر رزقه، وابله بجهد البلاء، واشغله بنفسه، وابتله بعياله وولده، واصرف عني شره، وأطبق عني فمه، وخذ منه أمنه مثل من أخذ من أهل القرى وهي ظالمة، واجعلني منه على حذر بحفظك وحياطتك، وادفع عني شره وكيده ومكره، واكفنيه واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي.


[ 405 ]

اللهم لا تسلط علي من لا يرحمني، اللهم أصلحني (1)، وأصلح شأني، وأصلح فساد قلبي. اللهم اشرح لي صدري ونور قلبي، ويسر لي أمري، ولا تشمت بي الاعداء ولا الحاسد. اللهم أغنني بغناك، ولا تحوجني إلى أحد سواك، تفضل علي عن فضل من سواك، يا قريب يا مجيب، يا الله لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم أظهر الحق وأهله، واجعلني ممن أقول به وأنتظره، اللهم قوم قائم آل محمد، واظهر دعوته برضا من آل محمد، اللهم أظهر رايته، وقو عزمه، وعجل خروجه، وانصر جيوشه، واعضد أنصاره، وأبلغ طلبته، وأنجح أمله، وأصلح شأنه، وقرب أوانه، فإنك تبدئ وتعيد، وأنت الغفور الودود، اللهم املأ الدنيا قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما. اللهم انصر جيوش المؤمنين، وسراياهم ومرابطيهم حيث كانوا، وأين كانوا، من مشارق الأرض ومغاربها، وانصرهم نصرا عزيزا، وافتح لهم فتحا يسيرا، واجعل لنا ولهم من لدنك سلطانا نصيرا. اللهم اجعلنا من أتباعه، والمستشهدين بين يديه. اللهم العن الظلمة والظالمين، الذين بدلوا دينك، وحرفوا (2) كتابك، وغيروا سنة نبيك، ودرسوا الآثار، وظلموا على أهل بيت نبيك، وقاتلوا وتعدوا عليهم، وغصبوا حقهم ونفوهم (3) عن بلدانهم، وأزعجوهم عن أوطانهم، من الطاغين والتابعين، والقاسطين والمارقين والناكثين، وأهل الزور والكذب، الكفرة الفجرة. اللهم العن أتباعهم، وجيوشهم، وأصحابهم، وأعوانهم، ومحبيهم، وشيعتهم، واحشرهم إلى جهنم زرقا (4). اللهم عذب كفرة أهل الكتاب، وجميع المشركين، ومن ضارعهم من


1 – في نسخة ” ش “: ” وأصلح لي “.
2 – في نسخة ” ض “: ” وحرقوا “.
3 – في نسخة ” ش “: ” وتفرقوهم “.
4 – زرقا: جمع أزرق وهو الأعمى، وقيل: أسود الوجه ” مجمع البحرين – زرق – 5: 176 “.

[ 406 ]

المنافقين، فإنهم يتقلبون في نعمك، ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك، ويتعدون حدودك، ويدعون معك إلها، لا إله إلا أنت، سبحانك وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك، والشقاق والنفاق، والرياء، ودرك الشقاء وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، وسوء المنقلب. اللهم تقبل مني كما تقبلت من الصالحين، وألحقني بهم يا أرحم الراحمين. اللهم افسح في أجلي، وأوسع في رزقي، ومتعني بطول البقاء، ودوام العز، وتمام النعمة، ورزق واسع، وأغنني بحلالك عن حرامك، واصرف عني السوء والفحشاء والمنكر. اللهم أفعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، لا تأخذني بعدلك جد علي بعفوك ورحمتك، ورأفتك ورضوانك. اللهم عفوك، لا تردنا خائبين، ولا تقطع رجائي، ولا تجعلني من القانطين، ولا محرومين، ولا مجرمين، ولا آيسين، ولا ضالين، ولا مضلين، ولا مطرودين، ولا مغضوبين، أمنا العقاب، وطمئن بنا دارك دار السلام. اللهم إني أتوسل إليك بمحمد وآله الطيبين، وأتشفع إليك بهم، وأتقرب إليك بهم، وأتوجه إليك بهم، اللهم اجعلني بهم وجيها، اللهم اغفر لي بهم، وتجاوز عن سيئاتي بهم، وارحمني بهم، واشفعني بهم. اللهم إني أسألك حسن العاقبة، وتمام النعمة في الدنيا والآخرة، إنك على كل شئ قدير. اللهم اغفر لنا، وارحمنا وتب علينا، وعافنا، وغنمنا، ورفعنا، وسددنا، واهدنا، وأرشدنا، وعافنا، وكن لنا ولا تكن علينا، واكفنا ما أهمنا من أمر دنيانا وآخرتنا، ولا تضلنا، ولا تهلكنا، ولا تضعنا، واهدنا إلى سواء الصراط، وآتنا ما سألنا وما لم نسألك، وزدنا من فضلك، إنك أنت المنان يا الله. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، استغفر الله ربي وأتوب إليه، اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الأعز الأكرم.


[ 407 ]

117 باب الادهان والاستياك والامتشاط نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: ” ادهنوا غبا واكتحلوا وترا، وامشطوا رسلا رجلا، واستاكوا عرضا ” (1) قيل عن معناها، فقال: ادهنوا يوم ويوم لا، واكتحلوا وترا وامشطوا رجلا، قال: من فوق لا من تحت، واستاكوا عرضا، قال: دائما في كل الصلوات ما قدرتم. وقد فسر على غير هذا الطريق أهل الباطن، قوله: ” ادهنوا غبا ” قال: بروا أهاليكم وأولادكم جمعة إلى جمعة، بالجماع واللحوم، ووسعوا في النفقات، حتى تحبب إليهم الجمعة. وقوله: ” اكتحلوا وترا “، قال: اكتحلوا أعينكم بسهر الليل، وطول القيام والمناجات مع الواحد القهار. وقوله: ” استاكوا عرضا “، قال: أكثروا ذكر الله ورسوله وآله صلى الله عليهم، ولا تغفلوا عنه في السر والعلانية، وفي خلواتكم وأشغالكم. وقوله: امشطوا رجلا قال: اطرحوا عنكم أشغال الدنيا وهمومها، واشتغلوا بطاعة الله عن طاعة الشيطان، فإن حزب الله هم الغالبون.


1 – ورد في مكارم الأخلاق: 8 4 و 50 بعض فقراته.

[ 408 ]

118 – باب في الاستطاعة عن العالم عليه السلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له: أنبئنا عن القدر، يا أمير المؤمنين، فقال: ” سر الله فلا تفشوه ” فقيل له الثاني: أنبئنا عن القدر، يا أمير المؤمنين فقال: ” بحر عميق لا تلحقوه ” فقيل له الثالث: أنبئنا عن القدر، يا أمير المؤمنين، فقال: ” طريق معوج فلا تسلكوه ” ثم قيل له الرابعة: أنبئنا عن القدر، يا أمير المؤمنين، فقال: ” ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده “. فقيل: يا أمير المؤمنين، إنما سألناك عن الاستطاعة التي بها نقوم ونقعد، فقال عليه السلام: ” استطاعة تملك مع الله، أم دون الله؟ ” قال: فسكت القوم، ولم يحيروا جوابا، فقال عليه السلام: ” إن قلتم أنكم تملكونها مع الله قتلتكم، وإن قلتم دون الله قتلتكم ” فقالوا: كيف تقول يا أمير المؤمنين؟ قال: ” تملكونها بالذي يملكها دونكم فإن أمدكم كان ذلك من عطائه، وإن سلبكم كان ذلك من بلائه، إنما هو المالك لما ملككم، والقادر لما عليه أقدركم، أما تسمعون ما يقول العباد، يسألونه الحول والقوة، حيث يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله “. فسئل عن تأويلها، فقال: ” لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بعونه “. قال العالم عليه السلام: كتب الحسن بن أبي الحسن البصري، إلى الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، يسأله عن القدر، فكتب إليه: ” اتبع ما شرحت لك في القدر، مما أفضي إلينا أهل البيت فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر، وافترى على الله افتراء عظيما، إن الله تبارك وتعالى لا يطاع بإكراه، ولا يعصى بغلبة، ولا يهمل العباد في الهلكة، ولكنه


[ 409 ]

المالك لما ملكهم، والقادر لما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن لهم صادا عنها مبطئا، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به فإن فعل وإن لم يفعل فليس هو حاملهم عليهم قسرا، ولا كلفهم جبرا بتمكينه إياهم بعد إعذاره وإنذاره لهم، واحتجاجه عليهم، طوقهم ومكنهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم، وترك ما عنه نهاهم، جعلهم مستطيعين لأخذ ما أمرهم به من شئ غير آخذيه، ولترك ما نهاهم عنه من شئ غير تاركيه، والحمد لله الذي جعل عباده أقوياء [ لما ] (1) أمرهم به، ينالون بتلك القوة، ونهاهم عنه، وجعل العذر لمن لم يجعل له السبب جهدا متقبلا ” (2).


1 – أثبتناه من البحار 5: 124 / 71.
2 – تحف العقول: 162 باختلاف في ألفاظه، من ” كتب الحسن بن أبي الحسن. “.

[ 410 ]

119 – باب القضاء والمشية والإرادة سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن مشية الله وإرادته، فقال عليه السلام: ” إن لله مشيتين: مشية حتم، ومشية عزم، وكذلك إن لله إرادتين: إرادة عزم، وإرادة حتم لا تخطئ، وإرادة عزم تخطئ وتصيب، وله مشيتان: مشية يشاء، ومشية لا يشاء، ينهى وهو ما يشاء، ويأمر وهو لا يشاء “. معناه: أراد العبادة وشاء، ولم يرد المعصية وشاء، وكل شئ بقضائه وقدره، والأمور تجري ما بينهما، فإذا أخطأ القضاء لم يخطئ القدر، وإذا لم يخطئ القدر لم يخطئ القضاء، وإنما الخلق من القضاء إلى القدر، وإذا أخطأ القدر لم يخطئ القضاء، وإذا لم يخطئ القضاء لم يخطئ القدر وإنما الخلق من القدر إلى القضاء. وللقضاء أربعة أوجه في كتاب الله تعالى الناطق على لسان سفيره الصادق. منها: قضاء الخلق، وهو قوله تعالى: (فقضيهن سبع سماوات في يومين) (1). والثاني: قضاء الحكم، وهو قوله تعالى: (وقضى بينهم بالحق) (2) معناه حكم. والثالث: قضاء الأمر، وهو قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) (3) معناه أمر ربك. الرابع: قضاء العلم، وهو قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) (4) معناه علمنا من بني إسرائيل.


1 – فصلت 41: 12.
2 – الزمر 39: 69 و 75.
3 – الاسراء 17: 23.
4 – الاسراء 17: 4.

[ 411 ]

قد شاء الله المعصية من عباده وما أراد، وشاء الطاعة وأرادها منهم، لأن المشية مشية الأمر ومشية العلم، وإرادته إرادة الرضا وإرادة الأمر، أمر بالطاعة ورضي بها. وشاء المعصية، يعني علم من عباده المعصية، ولم يأمرهم بها، فهذا من عدل الله تعالى في عباده، جل جلاله وعظم شأنه، وأنا وأصحابي أيضا عليه، وله الحمد والرضا. في ختام نسخة المكتبة المرعشية: ” إلى هنا خطه سلام الله عليه وعلى آبائه وأبنائه، تم، للكتاب ملحقات تركناها

اترك تعليقاً