الكافي

الشيخ الكليني ج 2


[ 1 ]

الاصول من الكافي تأليف ثقة الاسلام أبى جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي رحمه الله المتوفى سنة 328 / 329 ه‍ مع تعليقات نافعة مأخوذة من عدة شروح صححه وعلق عليه على اكبر الغفاري الجزء الثاني ناشر: دار الكتب الاسلامية نوبت چاپ: چهارم زمستان 1365 تيراژ: 2000 چاپ از چاپخانه حيدري آدرس ناشر: تهران بازار سلطاني – دار الكتب الاسلاميه تلفن: 520410


[ 2 ]

بسم الله الرحمن الرحيم [ كتاب الايمان والكفر من كتاب الكافي ] [ تصنيف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ره) ] (باب) * (طينة المؤمن والكافر) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله عن رجل، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين: قلوبهم وأبدانهم (1) وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و [ جعل ] خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين: قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ومن ههنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه (2) وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه (3).


(1) الطينة: الخلقة والجبلة. وعليين جمع علي أو هو مفرد ويعرب بالحروف والحركات يقال للجنة والسماء السابعة والملائكة الحفظة الرافعين لاعمال عباد الله الصالحين إلى الله سبحانه والمراد به أعلى الامكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله وله درجات كما يدل عليه ما ورد في بعض الاخبار الاتية من قولهم: ” اعلى عليين “. وسجين فعيل من سجن ويقال للنار والارض السفلى (في) (2) أي تميل وتشتاق. (3) الاخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين (من الجنة) وخلق الاشقياء من طينة سجين (من النار) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء وقد أورد عليها أولا بمخالفة الكتاب وثانيا باستلزام الجبر الباطل، أما البحث الاول فقد قال الله تعالى: ” هو الذي خلقكم من طين ” وقال: ” وبدأ خلق الانسان من طين ” فأفاد أن الانسان مخلوق من طين، ثم قال تعالى: ” ولكل وجهة هو موليها – الاية ” وقال: ” ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها – الاية ” فافاد أن للانسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء، وهو متوجه إليها، سائر نحوها. وقال تعالى: ” كما بدأكم تعودون فريقا هدى

[ 3 ]

2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار، وقال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره، قال وسمعته يقول: الطينات ثلاث: طينة الانبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الانبياء هم من صفوتها، هم الاصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع من طين لازب (2)، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمإ مسنون (3) وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن صالح بن سهل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك من أي شئ خلق الله عز وجل طينة المؤمن فقال: من طينة الانبياء، فلم تنجس أبدا (4).


وفريقا حق عليهم الضلالة – الاية ” فأفاد أن ما ينتهي إليه أمر الانسان من السعادة والشقاء هو ما كان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طينا، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء، وآخر السعيد إلى الجنة وآخر الشقي إلى النار: فهما أولهما لكون الاخر هو الاول وحينئذ صح ان السعداء خلقوا من طينة الجنة والاشقياء خلقوا من طينة النار. وقال تعالى: ” كلا ان كتاب الابرار لفى عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون، كلا إن كتاب الفجار لفى سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين – الايات ” وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ما ينتهي إليه أمر الابرار والفجار من النعمة والعذاب فافهم. وأما البحث الثاني وهو ان أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين حتميين للانسان ومعه لا يكون أحدهما اختياريا كسبيا للانسان وهو الجبر الباطل. والجواب عنه أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء، فيرجع الاشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حق الانسان قبل أن يخلق وأن ذلك يستلزم الجبر وقد ذكرنا هذا الاشكال مع جوابه في باب المشيئة والارادة في المجلد الاول من الكتاب ص 150 وحاصل الجواب أن القضاء متعلق بصدور الفعل عن اختيار العبد فهو فعل اختياري في حين أنه حتمي الوقوع ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم يختره حتى يلزم منه بطلان الاختيار وأما شرح ما تشمل عليه هذه الاخبار تفصيلا فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر فليرجع فيه إلى مطولات الشروح والتعاليق والله الهادى. (الطباطبائى). (1) بالجيم والزاى وفى بعض النسخ [ الحارثى ]. (2) اللازب: اللازم للشئ واللاصق به. (3) الحمأ: الطين الاسود، والمسنون: المنتن. (4) أي بنجاسة الشرك والكفر. (آت)

[ 4 ]

4 – محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد وغيره، عن محمد بن خلف، عن أبي نهشل قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك، وقلوبهم تهوي إلينا لانها خلقت مما خلقنا منه، ثم تلا هذه الآية ” كلا إن كتاب الابرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم يشهده المقربون (1) ” وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لانها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: ” كلا إن كتاب الفجار لفى سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين (2) “. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وغير واحد، عن الحسين بن الحسن جميعا، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن علي، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن يوسف قال: أخبرني عبد الله بن كيسان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك أنا مولاك، عبد الله بن كيسان، قال: أما النسب فأعرفه وأما أنت، فلست أعرفك، قال: قلت له: إني ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس وإنني اخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فاخالط الرجل، فأرى له حسن السمت (3) وحسن الخلق و [ كثرة ] أمانة، ثم افتشه فأتبينه عن عداوتكم واخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة (4) ثم افتشه فأتبينه عن ولا يتكم، فكيف يكون ذلك؟ فقال لي: أما علمت يا ابن كيسان أن الله عز وجل أخذ طينة من الجنة وطينة من النار، فخلطهما جميعا، ثم نزع هذه من هذه، وهذه من هذه (5) فما رأيت من اولئك من الامانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء من قلة الامانة وسوء الخلق والزعارة، فمما مستهم من طينة


(1) المطففين 19 – 21. (2) المطففيين 7 – 10 (3) السمت: هيئة أهل الخير (4) الزعارة: سوء الخلق، لا يصرف منه فعل ويقال للسيئ الخلق الزعرور وفى بعض النسخ [ الدعارة ] وهو الفساد والفسوق والخبث (في). (5) معناه أنه نزع طينة الجنة من طينة النار وطينة النار من طينة الجنة بعد ما مست احداهما الاخرى، فخلق أهل الجنة من طينة الجنة وخلق أهل النار من طينة النار (في).

[ 5 ]

النار وهم يعودن إلى ما خلقوا منه. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن صالح بن سهل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): المؤمنون من طينة الانبياء؟ قال: نعم. 7 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد (1)، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) بعث جبرئيل (عليه السلام) في أول ساعة من يوم الجمعة، فقبض بيمينه قبضة، بلغت قبضته من السماء السابعة إلى السماء الدنيا، وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة اخرى من الارض السابعة العليا إلى الارض السابعة القصوى فأمر الله عز وجل كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه والقبضة الاخرى بشماله، ففلق الطين فلقتين فذرا من الارض ذروا (2) ومن السماوات ذروا فقال للذي بيمينه: منك الرسل والانبياء والاوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن اريد كرامته فوجب لهم ما قال كما قال وقال للذي بشماله: منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن اريد هوانه وشقوته، فوجب لهم ما قال كما قال، ثم إن الطينتين خلطتا جميعا، وذلك قول الله عز وجل: ” إن الله فالق الحب والنوى (3) ” فالحب طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته والنوى طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير و إنما سمي النوى من أجل أنه نأى عن كل خير وتباعد عنه وقال الله عز وجل: ” يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي (4) ” فالحي: المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر والميت الذي يخرج من الحي: هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن فالحي: المؤمن، والميت: الكافر وذلك قوله عز وجل: ” أو من كان ميتا فأحييناه (5) ” فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر وكان حياته حين فرق الله عز وجل بينهما بكلمته كذلك يخرج الله عز وجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور


(1) في بعض النسخ [ الحسين بن زيد ]. (2) الفلق: الشق والفصل. والذرو: الا ذهاب و التفريق. (3) الانعام: 95. (4) في بعض النسخ [ ويخرج الميت من الحى ]. (5) الانعام: 122.

[ 6 ]

وذلك قوله عز وجل: ” لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين (1) “. (باب آخر منه) * (وفيه زيادة وقوع التكليف الاول (2) * 1 – أبو علي الاشعري ومحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان، إن الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا اجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم أخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا (3) فإذا هم كالذر يدبون، فقال لاصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم أمر نارا فاسعرت، فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها (4)، فقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها، فقال: كوني بردا وسلاما فكانت برداو سلاما فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا (5)


(1) يس 70 – واعلم أن ما ذكر في هذا الباب وفى بعض الابواب الاتية من متشابهات الاخبار ومعضلات الاثار ومما يوهم الجبر ونفي الاختيار ولاصحابنا رضوان الله عليهم فيها مسالك: الاول: ما ذهب إليه الاخباريون وهو أنا نؤمن بها مجملا ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها وعن أنها من أي جهة صدرت، ونرد علمه إليهم (عليهم السلام). الثاني: أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة ومذاهب الاشاعرة الجبرية وهم جلهم. الثالث: انها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فانه سبحانه لما خلقهم وكان عند خلقهم عالما بما يصيرون إليه فكأنه خلقهم من طينات مختلفة. الرابع: انها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم وهذا أمر بين لا يمكن انكاره فانه لا يريب عاقل في أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد والقابلية وهذا يستلزم وقوع التكليف فان الله تعالى كلف النبي (ص) بقدر ما اعطاه من الاستعداد والقابلية لتحصيل الكمالات وكلفه ما لم يكلف أحدا مثله وكلف أبا جهل ما في وسعه وطاقته ولم يجبره على شئ من الشر والفساد. الخامس: أنه لما كلف الله تعالى الارواح أولا في الذر وأخذ ميثاقهم فأختاروا الخير أو الشر باختيارهم في ذلك الوقت وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دلت عليه بعض الاخبار فلا فساد في ذلك (آت). (2) انما افرد لتلك الاخبار بابا لاشتمالها على أمر زائد لم يكن في الاخبار السابقة، رعاية لضبط العنوان بحسب الامكان (آت). (3) اديم الارض: ظاهره وكذا السماء. والعرك: الدلك. (4) هابه يهابه هيبا ومهابة: خافه. (5) من الاقالة.

[ 7 ]

فقال: قد أقلتكم فادخلوها، فذهبوا فهابوهها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء، ولا هؤلاء من هؤلاء (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى – إلى آخر الآية ” فقال وأبوه يسمع (عليهما السلام) حدثني أبي أن الله عز وجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم (عليه السلام) فصب عليها الماء العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الاجاج فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين، فصارت عليهم بردا وسلاما وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها ثم فرقها فرقتين بيده ثم ذرأهم فإذا هم يدبون، ثم رفع لهم نارا فأمر أهل الشمال أن يدخلوها فذهبوا إليها فهابوها فلم يدخلوها ثم أمر أهل اليمين أن يدخلوها فذهبوا فدخلوها فأمر الله عز وجل النار فكانت عليهم بردا وسلاما، فلما رأى ذلك أهل الشمال قالوا: ربنا أقلنا، فأقالهم، ثم قال لهم: ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها، فأعادهم طينا (2) وخلق منها آدم (عليه السلام) وقال أبو عبد الله (عليه السلام): فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء. قال: فيرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول من دخل تلك النار فلذلك قوله عز وجل: ” قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين (3) “.


(1) لا يبعد أن يكون الماء العذب كناية عما خلق الله تعالى في الانسان من الدواعي إلى الخير والصلاح كالعقل والنفس الملكوتي، والماء الاجاج عما ينافى ويعارض ذلك من الدواعي إلى الشهوات ويكون مزجهما كناية عن تركيبهما في الانسان، فقوله: ” أخلق منك ” أي من أجلك جنتي وأهل طاعتي إذ لولا ما في الانسان من جهة الخير لم يكن لخلق الجنة فائدة ولم يكن يستحقها أحد ولم يصر أحد مطيعا له تعالى وكذا قوله ” أخلق منك نارى ” إذ لولا ما في الانسان من دواعي الشرور لم يكن يعصي الله أحد ولم يحتج إلى خلق النار للزجر عن الشرور (آت) (2) عبر عن إظهاره إياهم في عالم الخلق مفصلة متفرقة مبسوطة متدرجة بالاعادة لان هذا الوجود مباين لذلك متعقب له (في). (3) الزخرف: 81.

[ 8 ]

(باب آخر منه) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا اجاجا، فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا، فقال لاصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا ابالي، ثم قال: ” ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ” (1)، ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: ألست بربكم وأن هذا محمد رسولي، وأن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على اولي العزم أنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي (عليهم السلام) وأن المهدي أنتصر به لديني واظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها قالوا: أقررنا يا رب وشهدنا، ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخسمة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الاقرار به وهو قوله عز وجل: ” ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ” قال: إنما هو: فترك (2) ثم أمر نارا فاججت (3) فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها، وقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا، فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم (عليه السلام) من ظهره (4) ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية


(1) الاعراف: 172. (2) أي معنى النسيان هنا الترك لان النسيان غير مجوز على الانبياء (عليهم السلام)، أو كان في قراءتهم (عليهم السلام) ” فترك ” مكان فنسى. ولعل السر في عدم عزم آدم على الاقرار بالمهدي استبعاده أن يكون لهذا النوع الانساني اتفاق على أمر واحد. (3) الاجيج: تلهب النار. (4) في بعض النسخ [ صلبه ].

[ 9 ]

له وبالنبوة لكل نبي فكان أول من أخذ له عليهم المثياق بنبوته محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال الله عز وجل لآدم: انظر ماذا ترى، قال: فنظر آدم (عليه السلام) إلى ذريته وهم ذر قد ملاوا السماء، قال آدم (عليه السلام): يا رب ما أكثر ذريتي ولامر ما خلقتهم؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عز وجل: يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم، قال آدم (عليه السلام): يا رب فمالي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال الله عز وجل: كذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم، قال آدم (عليه السلام): يا رب فتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله عز وجل: تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك [ من ] خلاف كينونتي: قال آدم: يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد و طبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الاشياء، قال الله عز وجل يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك (1) تكلفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العالم (2)، بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيئتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون، لا تبديل لخلقي، إنما خلقت الجن والانس ليعبدون وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا ابالي وخلقت النار لمن كفر بي و عصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي: وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لابلوك وأبلوهم أيكم (3) أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدينا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والاعمى والقصير والطويل والجميل والدميم (4) والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا عاهة به، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به


(1) في بعض النسخ [ قوتك ] (2) في بعض النسخ [ العليم ]. (3) في بعض النسخ [ أيهم ]. (4) الدميم: القبيح وفى بعض النسخ [ الذميم ]

[ 10 ]

العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم (1) لابلوهم في السراء والضراء وفيما اعافيهم وفيما أبتليهم وفيما اعطيهم وفيما أمنعهم وأنا الله الملك القادر، ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت واقدم من ذلك ما أخرت واؤخر من ذلك ما قدمت وأنا الله الفعال لما اريد (2) لا اسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال فقلت: وأي شئ الظلال؟ فقال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار بالله عز وجل وهو قوله عز وجل: ” ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله (3) ” ثم دعوهم إلى الاقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: ” ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل (4) ” ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): كان التكذيب ثم. (باب) * (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول من أجاب وأقر لله عز وجل بالربوبية) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن بعض قريش قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأي شئ سبقت الانبياء (5) وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ فقال: إني كنت أول من آمن بربي وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم فكنت أنا أول نبي قال: بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله عز وجل.


(1) في بعض النسخ [ ما هديتهم فلذلك كلفتهم ]. (2) في بعض النسخ [ يريد ]. (3) راجع لقمان: 25. (4) الاعراف: 101 (5) أي فضلا ورتبة.

[ 11 ]

2 – أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إني لارى بعض أصحابنا يعتريه النزق والحدة والطيش (1) فأغتم لذلك غما شديدا وأرى من خالفنا فأراه حسن السمت (2) قال: لا تقل حسن السمت فإن السمت سمت الطريق ولكن قل حسن السيماء، فان الله عز وجل يقول: ” سيماهم في وجوههم من أثر السجود (3) ” قال: قلت: فأراه حسن السيماء وله وقار فأغتم لذلك، قال: لا تغتم لما رأيت من نزق أصحابك ولما رأيت من حسن سيماء من خالفك، إن الله تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق آدم خلق تلك الطينتين، ثم فرقهما فرقتين، فقال لاصحاب اليمين كونوا خلقا بإذني، فكانوا خلقا بمنزلة الذر يسعى، وقال لاهل الشمال: كونوا خلقا بإذني، فكانوا خلقا بمنزلة الذر، يدرج، ثم رفع لهم نارا فقال: ادخلوها باذني، فكان أول من دخلها محمد (صلى الله عليه وآله) ثم اتبعه اولو العزم من الرسل وأوصياؤهم وأتباعهم، ثم قال لاصحاب الشمال: ادخلوها بإذني، فقالوا: ربنا خلقتنا لتحرقنا؟ فعصوا، فقال لاصحاب اليمين اخرجوا بإذني من النار، لم تكلم النار منهم كلما (4)، ولم تؤثر فيهم أثرا، فلما رآهم أصحاب الشمال، قالوا: ربنا نرى أصحابنا قد سلموا فأقلنا ومرنا بالدخول، قال: قد أقلتكم فادخلوها، فلما دنوا وأصابهم الوهج (5) رجعوا فقالوا: يا ربنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا، فأمرهم بالدخول ثلاثا، كل ذلك يعصون ويرجعون وأمر اولئك ثلاثا، كل ذلك يطيعون ويخرجون، فقال لهم: كونوا طينا بإذني فخلق منه آدم، قال: فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء وما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم فمما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فمما أصابهم من لطخ أصحاب اليمين.


(1) عراه واعتراه أي غشيه وأتاه. والنزق بالفتح والتحريك: الخفة عند الغضب والحدة والطيش قريبان منه (آت). (2) ” حسن السمت ” في المصباح: السمت: الطريق والقصد والسكينة والوقار و الهيئة (3) الفتح: 29. (4) الكلم: الجرح. (5) الوهج بالتحريك: حر النار.

[ 12 ]

3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان بن مسلم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأي شئ سبقت ولد آدم؟ قال: إني أول من أقر بربي، إن الله أخذ ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى، فكنت أول من أجاب. (باب) * (كيف أجابوا وهم ذر) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه، يعني في الميثاق. (باب) * (فطرة الخلق على التوحيد) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: ” فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) “؟ قال: التوحيد. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” فطرة الله التي فطر الناس عليها ” ما تلك الفطرة؟ قال: هي الاسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: ” ألست بربكم (2) ” وفيه المؤمن والكافر 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” فطرة الله التي فطر الناس عليها ” قال: فطرهم جميعا على التوحيد. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” حنفاء لله غير مشركين به (3) “؟ قال: الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله،


(1) الروم: 30 (2) الاعراف: 172. (3) الحج: 31.

[ 13 ]

قال: فطرهم على المعرفة به، قال زرارة: وسألته عن قول الله عز وجل: ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى – الآية (1) “؟ قال: أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم وأراهم نفسة ولو لا ذلك لم يعرف أحد ربه وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل مولود يولد على الفطرة، يعني المعرفة بأن الله عز وجل خالقه، كذلك قوله: ” ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله (2) “. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” فطرة الله التي فطر الناس عليها ” قال: فطرهم على التوحيد، (باب) * (كون المؤمن في صلب الكافر) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي ابن ميسرة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن نطفة المؤمن لتكون في صلب المشرك، فلا يصيبه من الشر شئ (3)، حتى إذا صار في رحم المشركة لم يصبها من الشر شئ، حتى تضعه فإذا وضعته لم يصبه من الشر شئ، حتى يجري عليه القلم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: إني قد أشفقت من دعوة أبي عبد الله (عليه السلام) على يقطين وما ولد، فقال: يا أبا الحسن ليس حيث تذهب، إنما المؤمن في صلب الكافر بمنزلة الحصاة في اللبنة يجي، المطر فيغسل اللبنة ولا يضر الحصاة شيئا (4).


(1) الاعراف: 172. (2) لقمان 25. (3) في بعض النسخ [ من الشرك شئ ]. (4) أي من الضرر. وفي بعض النسخ [ شئ ] أي من الافات واللعنات والشرور

[ 14 ]

(باب) * (إذا أراد الله عز وجل أن يخلق المؤمن (1) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن إبراهيم بن مسلم الحلواني، عن أبي إسماعيل الصيقل الرازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في الجنة لشجرة تسمى المزن فإذا أراد الله أن يخلق مؤمنا أقطر منها قطرة، فلا تصيب بقلة ولا ثمرة أكل منها مؤمن أو كافر إلا أخرج الله عز وجل من صلبه مؤمنا. (باب) * (في أن الصبغة هي الاسلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة (2) ” قال: الاسلام، وقال في قوله عز وجل: ” فقد استمسك بالعروة الوثقى (3) “؟ قال: هي الايمان بالله وحده لا شريك له. 2 – عدة، من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد الله بن فرقد، عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ” قال: الصبغة هي الاسلام. 3 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز وجل: ” صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ” قال: الصبغة هي الاسلام. وقال في قوله عز وجل: ” فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ” قال: هي الايمان.


(1) في بعض النسخ [ باب كيفة خلق المؤمن ]. (2) البقرة: 138. (3) البقرة: 256.

[ 15 ]

(باب) * (في أن السكينة هي الايمان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته، عن قول الله عز وجل: ” أنزل السكينة في قلوب المؤمنين (1) ” قال: هو الايمان، قال: وسألته عن قول الله عز وجل: ” وأيدهم بروح منه (2) ” قال: هو الايمان. 2 – عنه، عن أحمد، عن صفوان، عن أبان، عن فضيل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ” أولئك كتب في قلوبهم الايمان (2) ” هل لهم فيما كتب في قلوبهم صنع؟ قال: لا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السكينة الايمان. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وهشام بن سالم وغيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ” قال: هو الايمان. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن جميل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز وجل: ” هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ” قال: هو الايمان. قال: ” وأيدهم بروح منه (2) ” قال: هو الايمان وعن قوله: ” وألزمهم كلمة التقوى (3) “؟ قال: هو الايمان. (باب الاخلاص) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” حنيفا مسلما (4) ” قال: خالصا مخلصا ليس فيه شئ من عبادة الاوثان. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه رفعه إلى أبي جعفر


(1) الفتح: 4. (2) المجادلة: 22 (3) الفتح: 26. (4) الروم: 67.

[ 16 ]

(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس إنما هو الله والشيطان، والحق والباطل، والهدى والضلالة، والرشد والغي، والعاجلة والآجلة، والعاقبة، والحسنات والسيئات، فما كان من حسنات فلله وما كان من سيئات فللشيطان لعنه الله. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كان يقول: طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع اذناه ولم يحزن صدره بما اعطي غيره. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ليبلوكم أيكم أحسن عملا (1) ” قال: ليس يعني أكثر عملا ولكن أصوبكم عملا وإنما الاصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة (2) ثم قال: الابقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هي العمل، ثم تلا قوله عز وجل: ” قل كل يعمل على شاكلته (3) ” يعني على نيته. 5 – وبهذا الاسناد قال: سألته عن قوله الله عز وجل ” إلا من أتى الله بقلب سليم (4) ” قال: القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، قال: وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط وإنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. 6 – بهذا الاسناد، عن سفيان بن عيينة، عن السندي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما أخلص العبد الايمان بالله عز وجل أربعين يوما أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله عز وجل أربعين يوما إلا زهده الله عز وجل في الدنيا وبصره داءها ودواءها فأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه، ثم تلا: ” إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (5) ” فلا ترى صاحب بدعة إلا ذليلا ومفتريا على الله عز وجل وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته (صلوات الله عليهم) إلا ذليلا


(1) الملك: 2. (2) في بعض النسخ [ والخشية ]. (3) الاسراء: 84. (4) الشعراء: 89. (5) الاعراف: 151.

[ 17 ]

(باب الشرائع) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن مروان جميعا عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام): التوحيد والاخلاص و خلع الانداد والفطرة الحنيفية السمحة ولا رهبانية ولا سياحة، أحل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث ووضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم، ثم افترض عليه فيها الصلاة والزكاة والصيام والحج والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود و الفرائض والجهاد في سبيل الله. وزاده الوضوء وفضله بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصل (1) وأحل له المغنم والفئ ونصره بالرعب وجعل له الارض مسجدا وطهورا وأرسله كافة إلى الابيض والاسود والجن والانس وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم، ثم كلف ما لم يكلف أحد من الانبياء وانزل عليه سيف من السماء، في غير غمد وقيل له: ” قاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك (2) “. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ابن مهران قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) قول الله عز وجل: ” فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل (3) ” فقال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) وعليهم، قلت: كيف صاروا اولي العزم؟ قال: لان نوحا بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء ابراهيم (عليه السلام) بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم (عليه السلام) أخذ بشريعة إبراهيم و منهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف وكل نبي جاء بعد موسى (عليه السلام) أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح (عليه السلام) بالانجيل، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى


(1) من سورة محمد إلى آخر القران (2) النساء: 84. (3) الاحقاف: 35

[ 18 ]

يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء اولو العزم من الرسل (عليهم السلام). (باب) * (دعائم الاسلام) * 1 – حدثني الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد الزيادي (1)، عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثنا أبان بن عثمان، عن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم (2) والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عجلان أبي صالح قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أوقفني على حدود الايمان، فقال: شهادة أن لا إلة إلا الله وأن محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله وصلوة الخمس وأداء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية ولينا وعداوة عدونا والدخول مع الصادقين. 3 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه – يعني الولاية -. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزمي، عن أبيه، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال: أثافي الاسلام (3) ثلاثة: الصلاة والزكاة والولاية، لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتيها. 5 – علي بن ابراهيم، عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، قال زرارة: فقلت: وأي شئ من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل، لانها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن، قلت: ثم الذي


(1) كذا. (2) في بعض النسخ [ والصيام ]. (3) الاثافي جمع الاثفية بالضم والكسر وهي الاحجار التى توضع عليها القدر وأقلها ثلاثة.

[ 19 ]

يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الصلاة عمود دينكم، قال: قلت: ثم الذي يليها في الفضل؟ قال: الزكاة لانه قرنها بها وبدأ بالصلاة قبلها وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الزكاة تذهب الذنوب. قلت: والذي يليها في الفضل؟ قال: الحج قال الله عز وجل: ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (1) ” وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لحجة مقبولة خير من عشرين صلاة نافلة ومن طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه اسبوعه وأحسن ركعتيه غفر الله له وقال في يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال: قلت: فماذا يتبعه؟ قال: الصوم قلت: وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع؟ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصوم جنة من النار، قال: ثم قال: إن أفضل الاشياء ما إذا فاتك لم تكن منه توبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه، إن الصلاة والزكاة والحج والولاية ليس يقع شئ مكانها دون أدائها وإن الصوم إذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها وجزيت ذلك الذنب بصدقة ولا قضاء عليك وليس من تلك الاربعة شئ يجزيك مكانه غيره، قال: ثم قال ذروة الامر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء و رضا الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته، إن الله عز وجل يقول: ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (2) ” أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عز وجل حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان، ثم قال: اولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى بن السري أبي اليسع قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخبرني بدعائم الاسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شئ منها، الذي من قصر عن معرفة شئ منها فسد دينه ولم يقبل [ الله ] منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله


(1) آل عمران: 97. (2) النساء: 80.

[ 20 ]

ولم يضق (1) به مما هو فيه لجهل شئ من الامور جهله؟ فقال: شهادة أن لا إله إلا الله والايمان بأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الاموال الزكاة، والولاية التي أمر الله عز وجل بها: ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله)، قال: فقلت له: هل في الولاية دون شئ فضل (2) يعرف لمن أخذ به؟ قال: نعم قال الله عز وجل: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعو الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (3) ” وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان عليا (عليه السلام) وقال الآخرون: كان معاوية، ثم كان الحسن (عليه السلام) ثم كان الحسين (عليه السلام) وقال الآخرون: يزيد بن معاوية وحسين بن علي ولا سواء ولا سواء (4) قال: ثم سكت ثم قال: أزيدك؟ فقال له حكم الاعور: نعم جعلت فداك قال: ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبا جعفر وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس وهكذا يكون الامر والارض لا تكون إلا بامام ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذ بلغت نفسك (5)


(1) أي لم يضق عليه شئ مما هو فيه وفى بعض النسخ [ لم يضر به ]. على البناء للمفعول و ” جهله ” فعل ماض و ” من ” في ” مما ” صلة الضرر. أو على البناء للفاعل و ” جهله ” على المصدر فاعله ومن ابتدائية والجملة معترضة يقال: ضره وضربه. (2) يمكن أن يكون المراد: هل في الامامة شرط مخصوص وفضل معلوم، يكون في رجل خاص من آل محمد بعينه يقتضى أن يكون هو ولى الامر دون غيره ” يعرف هذا الفضل لمن أخذ به ” أي بذلك الفضل وادعاه وادعى الامامة فيكون من أخذ به الامام أو يكون معروفا لمن أخذ و تمسك به وتابع إماما بسببه ويكون حجته على ذلك، فالمراد بالموصول الموالى للامام ويمكن أن يكون المراد به هل في الولاية دليل خاص يدل على وجوبها ولزومها ” فضل ” أي فضل بيان وحجة وربما يقرء بالصاد أي برهان فاصل قاطع يعرف هذا البرهان لمن أخذ به أي بذلك البرهان والاخذ يحتمل الوجهين ولكل منهما شاهد في ما سيأتي. وحاصل الجواب أنه لما أمر الله بطاعة اولى الامر مقرونة بطاعة الرسول وبطاعته فيجب طاعتهم ولابد من معرفتهم (آت). (3) النساء: 59. (4) أي ان ذلك الرجل اولا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم كان عليا وقال الاخرون: بل كان معاوية في زمن على إماما دون على، ثم كان الحسن (عليه السلام) إماما بعد على (عليه السلام) ثم كان الحسين (عليه السلام) بعد الحسن (عليه السلام) إماما وقال الاخرون: بل كان يزيد بن معاوية بعد معاوية إماما مع الحسين بعد على (عليه السلام) ” ولا سواء ” أي لا سواء على ومعاوية ولا الحسين (عليه السلام) ويزيد حتى لا يعرف الفضل ويلتبس الامر (في). (5) في بعض النسخ [ نفسه ].

[ 21 ]

هذه – وأهوى بيده إلى حلقه – وانقطعت عنك الدنيا تقول: لقد كنت على أمر حسن (1). أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عيسى بن السري أبي اليسع، عن ابي عبد الله (عليه السلام) مثله. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بني الاسلام على خمس: الولاية والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. 8 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان عن فضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بني الاسلام على خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ ما نودي بالولاية يوم الغدير. 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن عيسى بن السري قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): حدثني عما بنيت عليه دعائم الاسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي ولم يضرني جهل ما جهلت بعده، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الاموال من الزكاة، والولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، قال الله عز وجل: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (2) ” فكان علي (عليه السلام)، ثم صار من بعده حسن ثم من بعده حسين ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمد بن علي، ثم هكذا يكون الامر، إن الارض لا تصلح إلا بإمام ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ههنا – قال: وأهوى بيده إلى صدره – يقول حينئذ: لقد كنت على أمر حسن 10 – عنه (3)، عن أبي الجارود قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): يا ابن رسول الله هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إياكم؟ قال: فقال: نعم، قال:


(1) وهو الاقرار بالولاية ومتابعة ولي الامر (لح). (2) النساء: 59. (3) الضمير – كانه – راجع إلى عيسى بن السرى.

[ 22 ]

فقلت: فإني أسألك مسألة تجيبني فيها فإني مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتكم كل حين قال: هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الذي تدين الله عز و جل به أنت وأهل بيتك لادين الله عز وجل به قال: إن كنت أقصرت الخطبة (1) فقد أعظمت المسألة والله لاعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاقرار بما جاء به من عند الله والولاية لولينا والبراءة من عدونا والتسليم لامرنا وانتظار قائمنا والاجتهاد والورع. 11 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعته يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال له: جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترض الله عز وجل على العباد، مالا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره، ما هو؟ فقال: أعد علي فأعاد عليه، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت من استطاع إليه سبيلا وصوم شهر رمضان، ثم سكت قليلا، ثم قال: والولاية – مرتين -، ثم قال: هذا الذي فرض الله على العباد ولا يسأل الرب العباد يوم القيامة فيقول ألا زدتني (2) على ما افترضت عليك؟ ولكن من زاد زاده الله، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سن سننا حسنة جميلة ينبغي للناس الاخذ بها. 12 – الحسين بن محمد (3)، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب عن أبي زيد الحلال، عن عبد الحميد بن أبي العلاء الازدي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل فرض على خلقه خمسا فرخص في أربع ولم يرخص في واحدة (4). 13 – عنه، عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن أبان، عن إسماعيل الجعفي قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام) ومعه صحيفة فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه صحيفة


(1) الظاهر أن الخطبة بضم الخاء أي ما يتقدم من الكلام المناسب قبل إظهار المطلوب (آت) (2) ” ألا ” بالتشديد حرف تحضيض وإذا دخل على الماضي يكون للتعيير والتنديم وكان المعنى انه لا يسأل عن شئ سوى هذه من جنسها كما انه من أتى بالصلوات الخمس لا يسأل الله عن النوافل ومن أتى بالزكاة الواجبة لا يسأل عن الصدقات المستحبة وهكذا (آت). (3) في بعض النسخ [ الحسين بن على ] وفي بعضها [ على بن محمد ]. (4) لعل وجه الرخصة في الاربع سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء وعن فاقد الطهورين أيضا إن قلنا به والزكاة عمن لم يبلغ ماله النصاب والحج عمن لم يستطع والصوم عن الذين يطيقونه.

[ 23 ]

مخاصم يسأل (1) عن الدين الذي يقبل فيه العمل فقال: رحمك الله هذا الذي اريد، فقال أبو جعفر (عليه السلام): شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وتقر بما جاء من عند الله والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا والتسليم لامرنا والورع والتواضع وانتظار قائما فإن لنا دولة إذا شاء الله جاء بها. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار جميعا عن صفوان، عن عمرو بن حريث قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد فقلت له: جعلت فداك ما حولك إلى هذا المنزل؟ قال طلب النزهة (2) فقلت: جعلت فداك ألا أقص عليك ديني؟ فقال: بلى، قلت: أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين) وأنكم أئمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين الله به فقال: يا عمرو هذا والله دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السر والعلانية، فاتق الله وكف لسانك إلا من خير ولا تقل إني هديت نفسي بل الله هداك فأد شكر ما أنعم الله عز وجل به عليك ولا تكن ممن إذا أقبل طعن في عينه وإذا أدبر طعن في قفاه (3) ولا تحمل الناس على كاهلك (4) فإنك أوشك إن حملت الناس على كاهلك أن يصدعوا شعب كاهلك (5). 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: ألا أخبرك بالاسلام أصله وفرعه


(1) مخاصم أي مناضر مجادل سائل وفي بعض النسخ [ سأل ] أي فيها ويحتمل على هذه النسخة أن يكون ” مخاصم ” اسم رجل (آت). (2) النزهة البعد عن الخلق وفى القاموس التنزه: التباعد والاسم النزهة بالضم. (3) أي كن من الاخيار ليمدحك الناس في وجهك وقفاك ولا تكن من الاشرار الذين يذمهم الناس في حضورهم وغيبتهم، أو أمر بالتقية من المخالفين، أو حسن المعاشرة مطلقا (آت). (4) أي لا تسلط الناس على نفسك بترك التقية، أو لا تحملهم على نفسك بكثرة المداهنة والمداراة معهم بحيث تتضرر بذلك. كأن يضمن لهم ويتحمل عنهم ما لا يطيق أو يطمعهم في أن يحكم بخلاف الحق أو يوافقهم فيما لا يحل وهذا أقيد وإن كان الاول أظهر (آت). (5) الشعب بعد ما بين المنكبين.

[ 24 ]

وذروة سنامه؟ (1) قلت: بلى جعلت فداك قال: أما أصله فالصلاة وفرعه الزكاة وذروة سنامه الجهاد (2)، ثم قال: إن شئت أخبرتك بأبواب الخير؟ قلت: نعم جعلت فداك قال: الصوم جنة من النار، والصدقة تذهب بالخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل بذكر الله، ثم قرأ (عليه السلام): ” تتجافى جنوبهم عن المضاجع “. (باب) * (أن الاسلام يحقن به الدم [ وتؤدى به الامانة ] وأن الثواب على الايمان) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن القاسم الصيرفي شريك المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الاسلام يحقن به الدم، وتؤدى به الامانة، وتستحل به الفروج، والثواب على الايمان. 2 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: الايمان إقرار وعمل، والاسلام إقرار بلا عمل. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم (3) ” فقال لي: ألا ترى أن الايمان غير الاسلام. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سفيان بن السمط قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاسلام والايمان، ما الفرق بينهما، فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق وقد أزف (4) من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): كأنه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما، فقال: الاسلام هو الظاهر الذي (عليه الناس): شهادة أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام، وقال: الايمان معرفة


(1) الاضافة بيانية أو لامية إذ للسنام الذي هو ذروة البعير ذروة أيضا هي أرفع اجزائه (آت). (2) الجهاد ذروة سنامه لانه سبب لعلو الاسلام (آت). (3) الحجرات: 14. (4) أي قرب وفى القاموس أزف الترحل كفرح أزوفا وأزفا: دنا.

[ 25 ]

هذا الامر مع هذا فان أقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان ضالا. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا عن الوشاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ” قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا (1) ” فمن زعم أنهم آمنوا فقد كذب ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب. 6 – أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حكم بن أيمن (2) عن قاسم شريك المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الاسلام يحقن به الدم وتؤدى به الامانة وتستحل به الفروج، والثواب على الايمان. (باب) * (ان الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سماعة قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الاسلام والايمان أهما مختلفان؟ فقال: إن الايمان يشارك الاسلام والاسلام لا يشارك الايمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس، والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الاسلام وما ظهر من العمل به والايمان أرفع من الاسلام بدرجة، إن الايمان يشارك الاسلام في الظاهر والاسلام لا يشارك الايمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن موسى بن بكر، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الايمان يشارك الاسلام والاسلام لا يشارك الايمان.


(1) الحجرات: 14. (2) في بعض النسخ [ حكم بن أعين ].

[ 26 ]

3 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الايمان يشارك الاسلام ولا يشاركه الاسلام، إن الايمان ما وقر في القلوب (1) والاسلام ما عليه المناكح والمواريث و حقن الدماء، والايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أيهما أفضل: الايمان أو الاسلام؟ فان من قبلنا يقولون: إن الاسلام أفضل من الايمان، فقال: الايمان أرفع من الاسلام قلت؟ فأوجدني ذلك (2)، قال: ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟ قال: قلت: يضرب ضربا شديدا قال: أصبت، قال: فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟ قلت: يقتل، قال: أصبت ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد وأن الكعبة تشرك المسجد والمسجد لا يشرك الكعبة وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الايمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عز وجل وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لامره والاسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر واضيفوا إلى الايمان، والاسلام لا يشرك الايمان والايمان يشرك الاسلام وهما في القول والفعل يجتمعان، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان وقد قال الله عز وجل: ” قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم (3) ” فقول الله عز وجل أصدق القول قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شئ من الفضائل والاحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم


(1) وقر في القلب أي سكن فيه وثبت من الوقار. (2) أي أظفرني ذلك. (3) الحجرات: 14

[ 27 ]

في أعمالهما وما يتقربان به إلى الله عز وجل، قلت: أليس الله عز وجل يقول: ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها (1) ” وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن؟ قال: أليس قد قال الله عز وجل: ” يضاعفه له أضعافا كثيرة (2) ” فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز وجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعون ضعفا، فهذا فضل المؤمن ويزيدة الله في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير، قلت: أرأيت من دخل في الاسلام أليس هو داخلا في الايمان؟ فقال: لا ولكنه قد اضيف إلى الايمان وخرج من الكفر وسأضرب لك مثلا تعقل به فضل الايمان على الاسلام، أرأيت لو بصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟ قلت: لا يجوز لي ذلك، قال: فلو بصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد الحرام، قلت: نعم، قال: وكيف ذلك؟ قلت: إنه لا يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد، فقال: قد أصبت وأحسنت، ثم قال: كذلك الايمان والاسلام. (باب) * (آخر منه وفيه أن الاسلام قبل الايمان) * 1 – علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم القصير قال: كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أساله عن الايمان ما هو؟ فكتب إلي مع عبد الملك بن أعين: سألت رحمك الله عن الايمان والايمان هو الاقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان والايمان بعضه من بعض وهو دار وكذلك الاسلام دار والكفر دار فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالاسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان، فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا من الايمان، ساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الاسلام فان تاب واستغفر عاد إلى دار الايمان ولا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود والاستحلال


(1) الانعام: 160. (2) البقرة: 245.

[ 28 ]

أن يقول للحلال: هذا حرام وللحرام: هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا من الاسلام والايمان، داخلا في الكفر وكان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الايمان والاسلام قلت له: أفرق بين الاسلام والايمان قال: فأضرب لك مثله؟ قال: قلت: أورد ذلك، قال: مثل الايمان والاسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم قد يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم وقد يكون مسلما ولا يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، قال: قلت: فيخرج من الايمان شئ؟ قال: نعم، قلت: فيصيره إلى ماذا؟ قال: إلى الاسلام أو الكفر. وقال: لو أن رجلا دخل الكعبة فأفلت منه بوله اخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم فغسل ثوبه وتطهر، ثم لم يمنع أن يدخل الكعبة ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه. (باب) (1) 1 – علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن [ أ ] ناسا تكلموا في هذا القرآن بغير علم وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول: ” هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله (2) ” الآية فالمنسوخات من المتشابهات، والمحكمات من الناسخات، إن الله عز وجل بعث نوحا إلى قومه ” أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون (3) ” ثم دعاهم إلى الله


(1) انما لم يعنون الباب لانه قريب من البابين السابقين في انه مشتمل على معاني الاسلام والايمان لكن لما كان فيه زيادة تفصيل وتوضيح وفوائد كثيرة جعله بابا آخر (آت). (2) آل عمران: 7. (3) نوح: 3.

[ 29 ]

وحده وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم بعث الانبياء (عليهم السلام) على ذلك إلى أن بلغوا محمدا (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وقال: ” شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (1) ” فبعث الانبياء إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء [ به ] من عند الله فمن آمن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك وذلك أن الله ليس بظلام للعبيد وذلك أن الله لم يكن يعذب عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي التي أوجب الله عليه بها النار لمن عمل بها، فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين، جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا والشرعة و المنهاج سبيل وسنة وقال الله لمحمد (صلى الله عليه وآله): ” إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده (2) ” وأمر كل نبي بالاخذ بالسبيل والسنة وكان من السنة و السبيل التي أمر الله عز وجل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله عليهم السبت وكان من أعظم السبت ولم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله، أدخله الله الجنة ومن استخف بحقه واستحل ما حرم الله عليه من عمل الذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله عز وجل النار وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت، غضب الله عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن ولا شكوا في شئ مما جاء به موسى (عليه السلام)، قال الله عز وجل: ” ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (3) ” ثم بعث الله عيسى (عليه السلام) بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء به من عند الله وجعل لهم شرعة ومنهاجا فهدمت السبت الذي امروا به أن يعظموه قبل ذلك وعامة ما كانوا عليه من السبيل والسنة التي جاء بها موسى فمن لم يتبع سبيل عيسى أدخله الله النار وإن كان الذي جاء به النبيون جميعا أن لا يشركوا بالله شيئا، ثم بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) و هو بمكة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلا أدخله الله الجنة باقراره وهو إيمان التصديق ولم يعذب الله


(1) الشورى: 13. (2) النساء: 163. (3) البقرة: 62.

[ 30 ]

أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد (صلى الله عليه وآله) على ذلك إلا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة ” وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا – إلى قوله تعالى – إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ” أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شئ مما نهى عنه وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها وقال: ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا * ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا * ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا * ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا * وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا * ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا * ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا * كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها * ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا ” وأنزل في ” والليل إذا يغشى ” ” فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصليها إلا الاشقى الذي كذب وتولى ” فهذا مشرك وأنزل في ” إذا السماء انشقت ” ” وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعو ثبورا. ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا * إنه ظن أن لن يحور (1) بلى ” فهذا مشرك وأنزل في [ سورة ] تبارك ” كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالو بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا: ما نزل الله من شئ ” فهؤلاء مشركون وأنزل في الواقعة ” وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم ” فهؤلاء مشركون وأنزل في الحاقة ” وأما من اوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم اوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كان القاضية * ما أغنى عني ماليه – إلى قوله – إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ” فهذا مشرك، وأنزل في طسم (2) ” وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أينما كنتم تعبدون * من دون الله هل


(1) الحور: الرجوع. (2) يعني سورة الشعراء 91 – 100.

[ 31 ]

ينصرونكم أو ينتصرون * فكبكوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون ” جنود إبليس ذريته من الشياطين وقوله: ” وما أضلنا إلا المجرمون ” يعني المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم وهم قوم محمد (صلى الله عليه وآله) ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد وتصديق ذلك قول الله عز وجل: ” كذبت قبلهم قوم نوح (1) ” ” كذب أصحاب الايكة (2) ” ” كذبت قوم لوط (3) ” ليس فيهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله ولا النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود والنصارى النار ويدخل كل قوم بأعمالهم، وقولهم: وما أضلنا إلا المجرمون ” إذ دعونا إلى سبيلهم ذلك قول الله عز وجل فيهم حين جمعهم إلى النار: ” قالت اوليهم لاخريهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار (4) ” وقوله: ” كلما دخلت امة لعنت اختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا (4) ” برئ بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج (5) فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم وليس بأوان بلوى ولا اختبار ولا قبول معذرة ولات حين نجاة والايات وأشباههن مما نزل به بمكة ولا يدخل الله النار إلا مشركا، فلما أذن الله لمحمد (صلى الله عليه وآله) في الخروج من مكة إلى المدينة بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها وأنزل في بيان القاتل ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (6) ” ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز وجل: ” إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا (7) ” وكيف يكون في المشيئة وقد ألحق به – حين جزاه جهنم – الغضب واللعنة وقد بين ذلك من الملعونون في كتابه وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلما ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (8) ” وذلك أن آكل مال اليتيم يجيئ يوم


(1) ص: 12. (2) الشعراء 176. (3) الشعراء: 160. (4) الاعراف: 36 والاية هكذا ” قالت اخريهم لاوليهم “. وقوله: ” كلما دخلت… الخ ” مقدم على السابق وهو من سهو النساخ. (5) الفلج: الفوز والظفر والافلات: التخلص من الشئ. (6) النساء: 95. (7) الاحزاب: 65 و 66. (8) النساء: 169.

[ 32 ]

القيامة والنار تلتهب في بطنه حتى يخرج لهب النار من فيه حتى يعرفه كل أهل الجمع أنه آكل مال اليتيم وأنزل في الكيل ” ويل للمطففين (1) ” ولم يجعل الويل لاحد حتى يسميه كافرا، قال الله عز وجل: ” فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم (2) ” وأنزل في العهد ” إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (3) ” والخلاق: النصيب، فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شئ يدخل الجنة وأنزل بالمدينة ” الزاني لا ينكح ألا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين (4) ” فلم يسم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية مؤمنة وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): – ليس يمتري فيه أهل العلم أنه قال -: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فانه إذا فعل ذلك خلع عنه الايمان كخلع القميص، ونزل بالمدينة ” والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا واولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (5) ” فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان، قال الله عز وجل: ” أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون (6) ” وجعله الله منافقا، قال الله عز وجل: ” إن المنافقين هم الفاسقون (7) ” وجعله عز وجل من أولياء إبليس، قال: ” إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه (8) ” وجعله ملعونا فقال: ” إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (9) ” وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل: ” فأما من اوتي كتاب بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا (10) ” وسورة


(1) المطففين: 2. والتطفيف: نقص المكيال. (2) مريم: 38. (3) آل عمران: 71. (4) النور: 4. (5) النور: 5. (6) السجدة: 18 (7) التوبة: 67 (8) الكهف: 48 (9) النور: 23 و 24. (10) الاسراء: 74. والاية هكذا ” فمن اوتى كتابه… الخ “: وفتيلا أي ادنا شئ،

[ 33 ]

النور انزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء ” واللائي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (1) ” والسبيل الذي قال الله عز وجل: ” سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون * الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2) “. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن فضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قيل لامير المؤمنين (عليه السلام): من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان مؤمنا؟ قال: فأين فرائض الله؟. قال: وسمعته يقول: كان علي (عليه السلام) يقول: لو كان الايمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام. قال: وقلت لابي جعفر (عليه السلام): إن عندنا قوما يقولون: إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو مؤمن، قال: فلم يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم؟! وما خلق الله عز وجل خلقا أكرم على الله عز وجل من المؤمن، لان الملائكة خدام المؤمنين وأن جوار الله للمؤمنين وأن الجنة للمؤمنين وأن الحور العين للمؤمنين، ثم قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافرا؟. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سلام الجعفي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الايمان، فقال: الايمان أن يطاع الله فلا يعصى. (باب) * (في أن الايمان مبثوت لجوارح البدن كلها) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أيها العالم أخبرني أي الاعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلا به، قلت: وما هو؟ قال:


(1) النساء: 14. (2) النور: 1 و 2.

[ 34 ]

الايمان بالله الذي لا إله إلا هو، أعلى الاعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا، قال: قلت ألا تخبرني عن الايمان، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، (1) ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب (2) ويدعوه إليه، قال: قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه، قال: الايمان (3) حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: إن الايمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لان الله تبارك و تعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به اختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره و منها عيناه اللتان يبصر بهما واذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه من قبله، ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به اختها بفرض من الله تبارك اسمه، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها. ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الايمان فالاقرار والمعرفة والعقد والرضا و التسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله (صلوات الله عليه وآله) والاقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله


(1) ” واضح نوره ” صفة للفرض وكذا ” ثابتة حجته ” (في). (2) ” يشهد له ” أي لكونه عملا أو للعامل. ” به ” أي بذلك الفرض. ” ويدعوه إليه ” أي يدعو العامل إلى ذلك الفرض (في). (3) في بعض النسخ (للايمان).

[ 35 ]

عز وجل: ” إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا (1) ” وقال: ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب (2) ” وقال: ” الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم (3) ” وقال: ” إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء (4) ” فذلك ما فرض الله عز وجل على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى ” وقولوا للناس حسنا (5) ” وقال: ” قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (6) ” فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه والاصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل فقال في ذلك: ” وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره (7) ” ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال: ” وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (8) وقال: ” فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اولئك الذين هديهم الله واولئك هم اولوا الالباب (9) ” وقال عز و جل: ” قد أفلح المؤمنون * الذينهم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون (10) ” وقال: إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم (11) ” وقال: ” وإذا مروا باللغو مروا كراما (12) ” فهذا ما فرض الله على السمع من الايمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه، مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان، فقال تبارك وتعالى: ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم (13) ” فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال: ” وقل للمؤمنات


(1) القصص: 106. (2) الرعد: 30. (3) المائدة: 43 والاية هكذا ” قالوا آمنا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم “. (4) البقرة: 284. (5) البقرة: 83. (6) العنكبوت: 46. (7) النساء: 139 (8) الانعام: 68. (9) الزمر: 18. (10) السجدة: 2. (11) القصص: 55. (12) الفرقان: 72. (13) النور: 30.

[ 36 ]

يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن (1) ” من أن تنظر إحداهن إلى فرج اختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال: كل شئ في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر (2) ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية اخرى فقال: ” وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم (3) ” يعني بالجلود: الفروج والافخاذ وقال: ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا (4) ” فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله عز وجل وهو عملهما وهو من الايمان وفرض الله على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله عز وجل وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلاة، فقال: ” يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين (5) ” وقال: ” فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها (6) ” فهذا ما فرض الله على اليدين لان الضرب من علاجهما (7) وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شئ من معاصي الله وفرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز وجل فقال: ” ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا ” (8) وقال: ” واقصد في مشيك و اغضض من صوتك إن أنكر الاصوات لصوت الحمير ” (9) وقال فيما شهدت الايدي والارجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر الله عز وجل به وفرضه عليهما: ” اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (10) ” فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال: ” يا أيها الذين آمنوا


(1) النور: 31. (2) وذلك لان حفظ الفرج هنا قد قرن بغض البصر فصار كل واحد منهما قرينة متممة للاخر نافية لاطلاقه على حد صنعة الاحتباك والتقدير: قل للمؤمنين يغضوا ابصارهم من فروج المؤمنين والمؤمنات ويحفضوا فروجهم من أبصار المؤمنين والمؤمنات. (3) فصلت: 22. (4) الاسراء: 36. (5) المائدة: 6. (6) محمد (صلى الله عليه وآله): 4. (7) العلاج: المزاولة. (8) لقمان: 18. (9) لقمان: 19. (10) يس: 65.

[ 37 ]

اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون (1) ” فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين وقال: في موضع آخر: ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (2) ” وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها وذلك أن الله عز وجل لما صرف نبيه (صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة عن البيت المقدس فأنزل الله عز وجل ” وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم (3) ” فسمى الصلاة إيمانا فمن لقي الله عز وجل حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عز وجل عليها لقي الله عز وجل مستكملا لايمانه وهو من أهل الجنة ومن خان في شئ منها أو تعدى ما أمر الله عز وجل فيها لقي الله عز وجل ناقص الايمان، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه، فمن أين جاءت زيادته؟ فقال: قول الله عز وجل: ” وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم (4) ” وقال: ” نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى (5) ” ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لاحد منهم فضل على الآخر ولاستوت النعم فيه ولاستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرطون النار. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه (6)، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبيد الله بن [ الحسن (7)، عن الحسن بن ] هارون قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا ” قال: يسأل السمع عما سمع والبصر عما نظر إليه والفؤاد عما عقد عليه.


(1) الحج: 77. (2) الجن: 18. (3) البقرة: 143. (4) التوبة: 126. (5) الكهف: 13. (6) الظاهر زيادة ” عن أبيه ” من النساخ لان محمد بن يحيى عطف على العدة والبرقي هو محمد بن خالد كما هو المصرح به في بعض النسخ وأحمد البرقى وابن عيسى يرويان عن محمد البرقى (آت). (7) في بعض النسخ [ عبد الله بن الحسن ].

[ 38 ]

3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان أو غيره، عن العلاء عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الايمان فقال: شهادة أن لا إله إلا الله [ وأن محمدا رسول الله ] والاقرار بما جاء من عند الله وما استقر في القلوب من التصديق بذلك، قال: قلت: الشهادة أليست عملا؟ قال: بلى، قلت: العمل من الايمان؟ قال: نعم الايمان لا يكون إلا بعمل والعمل منه ولا يثبت الايمان إلا بعمل. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما الاسلام؟ فقال دين الله اسمه الاسلام وهو دين الله قبل أن تكونوا حيث كنتم (1) وبعد أن تكونوا فمن أقر بدين الله فهو مسلم ومن عمل بما أمر الله عز وجل به فهو مؤمن. 5 – عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب ابن الحر، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال له سلام (2): إن خيثمة ابن أبي خيثمة يحدثنا عنك أنه سألك عن الاسلام فقلت له: إن الاسلام من استقبل قبلتنا وشهد شهادتنا ونسك نسكنا ووالى ولينا وعادى عدونا فهو مسلم فقال: صدق خيثمة، قلت: وسألك عن الايمان فقلت: الايمان بالله والتصديق بكتاب الله وأن لا يعصي الله، فقال: صدق خيثمة. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله عن الايمان، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال: قلت: أليس هذا عمل قال: بلى قلت: فالعمل من الايمان؟ قال: لا يثبت له (3) الايمان إلا بالعمل والعمل منه. 7 – بعض أصحابنا، عن علي بن العباس، عن علي بن ميسر، عن حماد بن عمرو النصيبي قال: سأل رجل العالم (عليه السلام) فقال: أيها العالم أخبرني أي الاعمال


(1) أي قبل أن تكونوا في عالم من العوالم وبعد أن تكونوا في أحد العولم (آت) (2) ” سلام ” يحتمل المستنير الجعفي وابن أبى عمرة الخراساني وكلاهما مجهولان من أصحاب الباقر (عليه السلام) وخيثمة بفتح الخاء ثم الياء المثناة الساكنة ثم المثلثة المفتوحة غير مذكور في الرجال (آت). (3) الضمير راجع إلى المؤمن المدلول عليه بالايمان (آت).

[ 39 ]

أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل عمل إلا به، فقال: وما ذلك؟ قال: الايمان بالله، الذي هو أعلى الاعمال درجة (1) وأسناها حظا وأشرفها منزلة، قلت: أخبرني عن الايمان أقول وعمل أم قول بلا عمل؟ قال الايمان عمل كله، والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بينه في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد به الكتاب ويدعو إليه، قلت: صف لي ذلك حتى أفهمه، فقال: إن الايمان (2) حالات ودرجات و طبقات ومنازل فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص المنتهى نقصانه ومنه الزائد الراجح زيادته، قلت: وإن الايمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها وفرقه عليها فليس من جوارحهم جارحة إلا وهي موكلة من الايمان بغير ما وكلت به اختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، ومنها يداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه (3) من قبله ولسانه الذي ينطق به الكتاب ويشهد به عليها، وعيناه اللتان يبصر بهما، واذناه اللتان يسمع بهما وفرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الايمان فالاقرار والمعرفة والتصديق والتسليم والعقد والرضا بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحدا، صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله. 8 – محمد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن الاشعث بن محمد، عن محمد بن


(1) هذا الحديث جزء من الحديث الاول بتغييرات مخلة منها هذا القول: ” بالله الذي هو ” فان الصحيح ” بالله الذي لا إله إلا هو ” وقوله: ” بينه ” الاصح ” بين ” وقوله: ” المنتهى نقصانه ” الصحيح ” البين نقصانه ” وقوله: ” لا تورد الجوارح ” الاصح ” لا ترد ” وقوله: ” ينطق به الكتاب ” يظهر مما مر أنه سقط هنا نحو من سطرين – من ينطق به إلى ينطق به – ويمكن أن يتكلف في تصحيح ما في النسخ بما لا يخلو من بعد (آت – ملخصا). (2) في بعض النسخ [ ان للايمان ]. (3) الباه مثل الجاه لغة من الباءة وهو الجماع.

[ 40 ]

حفص بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وسأله رجل عن قول المرجئة في الكفر والايمان وقال: إنهم يحتجون علينا ويقولون: كما أن الكافر عندنا هو الكافر عند الله فكذلك نجد المؤمن إذا أقر بايمانه أنه عند الله مؤمن، فقال: سبحان الله وكيف يستوي هذان والكفر إقرار من العبد فلا يكلف بعد إقراره ببينة والايمان دعوى لا يجوز إلا ببينة وبينته عمله ونيته فإذا اتفقا فالعبد عند الله مؤمن والكفر موجود بكل جهة من هذه الجهات الثلاث من نية أو قول أو عمل والاحكام تجري على القول والعمل، فما أكثر من يشهد له المؤمنون بالايمان ويجري عليه أحكام المؤمنين و هو عند الله كافر وقد أصاب من أجرى عليه أحكام المؤمنين بظاهر قوله وعمله. (باب) * (السبق إلى الايمان) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن للايمان درجات ومنازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم، قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه، قال: إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان (1)، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه، لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، تفاضل لذلك أوائل هذه الامة وأواخرها ولو لم يكن للسابق إلى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الامة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الايمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين وبالابطاء عن الايمان أخر الله المقصرين لانا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الاولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا وزكاة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الاولين ولكن أبى الله عز وجل أن يدرك آخر درجات الايمان أولها، ويقدم فيها من أخر


(1) الرهان: المسابقة على الخيل.

[ 41 ]

الله أو يؤخر فيها من قدم الله. قلت: أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الايمان، فقال: قول الله عز وجل: ” سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله (1) ” وقال: ” السابقون السابقون اولئك المقربون (2) ” وقال: ” والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه (3) ” فبدأ بالمهاجرين الاولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالانصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز وجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز وجل: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات – إلى آخر الآية – (4) ” وقال: ” ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض (5) ” وقال: ” انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا (6) ” وقال: ” هم درجات عند الله (7) ” وقال: ” ويؤت كل ذي فضل فضله (8) ” وقال: ” الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله (9) ” وقال: ” فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة (10) ” وقال: ” لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا (11) ” وقال: ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات (12) ” وقال: ” ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح (13) ” وقال: ” وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله (14) ” وقال:


(1) كذا في سورة الحديد وفي سورة آل عمران ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ” وكان مقتضى الجمع بين الايتين أن المراد بالمسارعة: المسابقة أي سارعوا مسابقين إلى سبب مغفرة من ربكم من الايمان والاعمال الصالحة. و ” جنة ” أي إلى الجنة و ” عرضها كعرض السماء والارض ” في آل عمران ” عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين ” (آت). (2) الواقعة 10 و 11. (3) التوبة: 100. (4) البقرة: 253. (5) الاسراء: 55. (6) الاسراء: 21. (7) آل عمران: 163 (8) هود: 3. (9) التوبة: 20. (10) النساء: 96. (11) الحديد: 10. (12) المجادلة: 11. (13) التوبة: 120 (14) البقرة: 110.

[ 42 ]

” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” فهذا ذكر درجات الايمان ومنازله عند الله عز وجل (1). (باب) * (درجات الايمان) * 1 – عدة، من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن عمار بن أبي الاحوص، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل وضع الايمان على سبعة أسهم على البر والصدق واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الاسهم فهو كامل، محتمل، وقسم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى [ ال‍ ] سبعة، ثم قال: لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم (1) ثم قال: كذلك حتى ينتهي إلى [ ال‍ ] سبعة. 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن يعقوب بن الضحاك، عن رجل من أصحابنا سراج وكان خادما لابي عبد الله (عليه السلام)


(1) الغرض من هذا الحديث بيان أن تفاضل درجات الايمان بقدر السبق والمبادرة إلى أجابة الدعوة إلى الايمان وهذا يحتمل عدة معان أحدها أن يكون المراد بالسبق السبق في الذر وعند الميثاق فالمراد أوائلها واواخرها في الاقرار والاجابة هناك فالفضل للمتقدم والثاني أن يكون المراد بالسبق السبق في الشرف والرتبة والعلم والحكمة وزيادة العقل والبصيرة في الدين ووفور الايمان ولا سيما اليقين، وعلى هذا فالمراد بأوائلها واواخرها أوائلها وأواخرها في مراتب الشرف والعقل والعلم والثالث أن يكون المراد بالسبق السبق الزمانى في الدنيا عند دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إياهم إلى الايمان والمراد بأوائل هذه الامة وأواخرها أوائلها وأواخرها في الاجابة للنبى (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبول الاسلام والتسليم بالقلب والانقياد للتكاليف الشرعية طوعا ويعرف الحكم في سائر الازمنة بالمقايسة. والرابع أن يراد بالسبق السبق الزماني عند بلوغ الدعوة فيعم الازمنة المتأخرة عن زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا المعنى يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد بالاوائل والاواخر ما ذكرناه وكذا السبب في الفضل، والاخر أن يكون المراد بالاوائل من كان في زمن النبي وبالاواخر من كان بعد ذلك ويكون سبب فضل الاوائل صعوبة قبول الاسلام وترك ما نشأوا عليه في ذلك الزمن وسهولته فيما بعد لاستقرار الامر وظهور الاسلام وانتشاره في البلاد مع أن الاوائل سبب لاهتداء الاواخر إذ بهم وبنصرتهم إستقر ما استقر وقوى ما قوى وبان ما استبان والله المستعان (في). (3) ” فتبهضوهم ” بالمعجمة أي تثقلوا عليهم وتوقعوهم في الشدة.

[ 43 ]

قال: بعثني أبو عبد الله (عليه السلام) في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه قال: فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين (1) قال: وكان فراشي في الحائر الذي كنا فيه نزولا، فجئت وأنا بحال (2) فرميت بنفسي فبينا أنا كذلك إذا أنا بأبي عبد الله (عليه السلام) قد أقبل قال: فقال قد أتيناك أو قال: جئناك، فاستويت جالسا وجلس على صدر فراشي فسألني عما بعثني له فأخبرته. فحمد الله ثم جرى ذكر قوم فقلت: جعلت فداك إنا نبرأ (3) منهم، إنهم لا يقولون ما نقول. قال: فقال: يتولونا ولا يقولون ما تقولون تبرؤون منهم؟ قال: قلت: نعم قال: فهوذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم؟ قال: قلت: لا – جعلت فداك – قال: وهوذا عند الله ما ليس عندنا أفتراه أطرحنا؟ قال: قلت: لا والله جعلت فداك ما نفعل؟ قال: فتولوهم ولا تبرؤوا منهم، إن من المسلمين من له سهم ومنهم من له سهمان ومنهم من له ثلاثة أسهم، ومنهم من له أربعة أسهم، و منهم من له خمسة أسهم، ومنهم من له ستة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم، فليس ينبغي أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة ولا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الاربعة ولا صاحب الاربعة على ما عليه صاحب الخمسة ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستة ولا صاحب الستة على ما عليه صاحب السبعة، وسأضرب لك مثلا إن رجلا كان له جار وكان نصرانيا فدعاه إلى الاسلام وزينه له فأجابه فأتاه سحيرا فقرع عليه الباب فقال له: من هذا؟ قال: أنا فلان قال: وما حاجتك؟ فقال: توضأ والبس ثوبيك ومر بنا إلى الصلاة قال: فتوضأ ولبس ثوبيه وخرج معه، قال: فصليا ما شاء الله ثم صليا الفجر ثم مكثا حتى أصبحا، فقام الذي كان نصرانيا يريد منزله، فقال له الرجل: أين تذهب؟ النهار قصير والذي بينك وبين الظهر قليل؟ قال: فجلس معه إلى أن صلى الظهر، ثم قال: وما بين الظهر والعصر قليل فاحتبسه حتى صلى العصر، قال. ثم قام وأراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إن هذا آخر النهار وأقل من


(1) أي عند غروب الشمس. وفى بعض النسخ [ معتمين ] بالمهملة، قيل: أي وقت صلاة العتمة (2) أي بحال سوء من الغم (في). (3) في بعض النسخ [ أنا أبرء ].

[ 44 ]

أوله فاحتبسه حتى صلى المغرب ثم أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إنما بقيت صلاة واحدة قال: فمكث حتى صلى العشاء الآخرة ثم تفرقا فلما كان سحيرا غدا عليه فضرب عليه الباب فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال: توضأ والبس ثوبيك واخرج بنا فصل، قال: اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني وأنا إنسان مسكين وعلي عيال، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أدخله في شئ أخرجه منه – أو قال: أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا -. (باب آخر منه) 1 – أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى: عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان، عن شهاب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا (1) فقلت: أصلحك الله فكيف ذاك؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعه وأربعين جزءا. ثم جعل الاجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما وفي آخر جزءا وعشر جزء وآخر جزءا وعشري جزء وآخر جزءا وثلاثة أعشار جزء حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا، فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الاعشار وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين ولو علم الناس أن الله عز وجل خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا. 2 – محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن علي


(1) أي في عدم فهم الدقائق والقصور عن بعض المعارف أو في عدم اكتساب الفضائل والاخلاق الحسنة وترك الاتيان بالنوافل والمستحبات والا فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض والواجبات وفعل الكبائر والمحرمات وقد مر أن الله تعالى لا يكلف الناس إلا بقدر وسعهم وليسوا بمجبورين في فعل المعاصي ولا في ترك الواجبات لكن يمكن أن لا يكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الامور وغوامض الاسرار فلم يكلفوا بها وكذا عن تحصيل بعض مراتب الاخلاص واليقين وغيرهما من المكارم فليسوا بملومين بتركها. فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابلياتهم واستعداداتهم (آت).

[ 45 ]

ابن أبي عثمان، عن محمد بن عثمان، عن محمد بن حماد الخزاز، عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا عبد العزيز إن الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست علي شئ حتى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إن المؤمنين على منازل منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو، و على صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو، وعلى صاحب الاربع خمسا لم يقو، وعلى صاحب الخمس ستا لم يقو، وعلى صاحب الست سبعا لم يقو، وعلى هذه الدرجات (2). 4 – عنه، عن علي بن الحكم، عن محمد بن سنان، عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: ما أنتم والبراءة، يبرء بعضكم من بعض، إن المؤمنين بعضهم أفضل من بعض وبعضهم أكثر صلاة من بعض وبعضهم أنفذ بصرا من بعض وهي الدرجات (3). (باب) * (نسبة الاسلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا نسبن الاسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك: إن الاسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو


(1) أي بائع القراطيس. (2) يعني على هذا القياس الدرجات التى تنقسم هذه المنازل إليها فأن كلا منها ينقسم إلى سبعين درجة كما مر في الخبر الاول (آت). (3) أي درجات الايمان أو هي الدرجات التى ذكرها الله في قوله: ” هم درجات عند الله “.

[ 46 ]

التصديق والتصديق هو الاقرار، والاقرار هو العمل، والعمل هو الاداء، إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه، إن المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله، فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثه. 2 – عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاسلام عريان، فلباسه الحياء وزينته الوقار (1) ومروءته العمل الصالح وعماده الورع. ولكل شئ أساس، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت (2). علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده (صلوات الله عليهم) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله خلق الاسلام فجعل له عرصة (3) وجعل له نورا وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فأما عرصته فالقرآن، وأما نوره فالحكمة، وأما حصنه فالمعروف، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فإنه لما اسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل (عليه السلام) لاهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ثم هبط بي إلى أهل الارض فنسبني إلى أهل الارض فاستودع الله عز وجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني امتي فمؤمنوا امتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة، ألا فلو أن الرجل من امتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز وجل مبغضا لاهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلا عن النفاق.


(1) في بعض النسخ [ الوفاء ]. (2) أي حبى وحب أهل بيتي ويحتمل كون الفقرة الاخيرة من كلام الصادق (عليه السلام) (آت). (3) العرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء (آت).

[ 47 ]

(باب) * ([ خصال المؤمن ]) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل ابن صالح، عن عبد الملك بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقورا عند الهزاهز (1)، صبورا عند البلاء، شكورا عند الرخاء، قانعا بما رزقه الله، لا يظلم الاعداء ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل أمير جنوده، والرفق أخوه، والبر والده. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): الايمان له أركان أربعة: التوكل على الله، وتفويض الامر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لامر الله عز وجل. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفون حتى تصدقوا ولا تصدقون حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا، إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح، ولا يتقبل الله إلا بالوفاء بالشروط والعهود، ومن وفى الله بشروطه واستكمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل وعده، إن الله عز وجل أخبر العباد بطريق الهدى وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (2) ” وقال: ” إنما يتقبل الله من المتقين (3) ” فمن اتقى الله عز وجل فيما أمره لقي الله عز وجل مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا (4) أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل الله


(1) الهزاهز: الفتن التى يفتتن الناس بها. (2) طه: 82. (3) المائدة: 27. (4) في بعض النسخ [ فظنوا ].

[ 48 ]

طاعة ولي أمره بطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله وهو الاقرار بما نزل من عند الله: خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه قد خبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله عز وجل وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار، إن الله قد استخلص الرسل لامره، ثم استخلصهم مصدقين لذلك في نذره، فقال: ” وإن من امة إلا خلا فيها نذير (1) “، تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عز وجل يقول: ” فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (2) ” وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر؟ اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى (3)، فإنهم علامات الامانة والتقى، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم (عليه السلام) وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار، والتمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم و تؤمنوا بالله ربكم. 4 – عنه، عن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام) قال: رفع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) (4) قوم في بعض غزواته فقال: من القوم (5)؟ فقالوا: مؤمنون يارسول الله، قال: وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلماء (6) علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون.


(1) الفاطر 24. (2) الحج: 46. (3) في بعض النسخ [ وابتغوا آثار الهدى ]. (4) ” رفع إلى رسول الله ” كمنع على بناء المعلوم أي أسرعوا إليه. أو على بناء المجهول أي ظهروا فان الرفع ملزوم للظهور وقال في المصباح رفعته: أذعته. ومنه رفعت على العامل رفيعة ورفع البعير في سيره: أسرع ورفعته: أسرعت به يتعدى ولا يتعدى انتهى. وقال الكرماني في شرح البخاري فيه فرفعت لنا صخرة أي ظهرت لابصارنا. وفيه فرفع إلى البيت المعمور أي قرب وكشف انتهى. ويمكن أن يقرء بالدال ولكن قد عرفت إنه لا حاجة إليه، قال في المصباح: دفعت إلى كذا: بالبناء للمفعول: انتهيت إليه (آت) (5) أي من أي صنف أنتم. (6) في بعض النسخ [ حكماء ].

[ 49 ]

(باب) (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) وبأسانيد مختلفة، عن الاصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) في داره – أو قال: في القصر – ونحن مجتمعون، ثم أمر (صلوات الله عليه) فكتب في كتاب وقرئ على الناس. وروى غيره أن ابن الكواء (2) سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن صفة الاسلام والايمان والكفر والنفاق، فقال: أما بعد فإن الله تبارك و تعالى شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه لمن حاربه (3) وجعله عزا لمن تولاه وسلما لمن دخله وهدى لمن ائتم به وزينة لمن تجلله وعذرا لمن انتحله وعروة لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن تكلم به ونورا لمن استضاء به وعونا لمن استغاث به وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به وعلما لمن وعاه وحديثا لمن روى وحكما لمن قضا وحلما لمن جرب ولباسا لمن تدبر وفهما لمن تفطن ويقينا لمن عقل وبصيرة لمن عزم وآية لمن توسم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق وتؤدة (4) لمن أصلح وزلفى لمن اقترب وثقة لمن توكل ورخاء (5) لمن فوض وسبقة لمن أحسن وخيرا لمن سارع وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى وظهيرا لمن رشد وكهفا لمن آمن وأمنة لمن أسلم ورجاء (6) لمن


(1) انما لم يعنون الباب لانه من تتمة البابين السابقين وانما افرده لان فيه نسبة الايمان والاسلام معا أو لان فيه مدح الاسلام وفضله لا صفاته (آت). (2) عبد الله بن الكواء كان من الخوارج (آت). (3) أي لمن أراد محاربته أي هدمه وتضييعه. وقيل محاربته كناية عن محاربة أهله. و في بعض النسخ [ جأر به ] كسأل بالجيم والهمزة أي استغاث به ولجأ إليه وفى النهج ” على من غالبه ” أي حاول أن يغلبه ولعله أظهر وفى تحف العقول ” على من جانبه “. (4) التؤدة: بفتح الهمزة وسكونها: الرزانة والتأنى. (5) في بعض النسخ [ رجاء ]. (6) في بعض النسخ [ وروحا ]

[ 50 ]

صدق وغنى لمن قنع، فذلك الحق، سبيله الهدى ومأثرته المجد (1) وصفته الحسنى فهو أبلج المنهاج (2) مشرق المنار، ذاكي المصباح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة (3)، سريع السبقة، أليم النقمة، كامل العدة، كريم الفرسان، فالايمان منهاجه، والصالحات مناره والفقه مصابيحه والدنيا مضماره والموت غايته والقيامة حلبته والجنة سبقته والنار نقمته والتقوى عدته والمحسنون فرسانه (4)، فبالايمان يستدل على الصالحات وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا وبالدنيا تجوز القيامة (5) وبالقيامة تزلف الجنة والجنة حسرة أهل النار والنار موعظة المتقين (6) والتقوى سنخ الايمان (7). (باب) * (صفة الايمان) * 1 – بالاسناد الاول، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الايمان، فقال: إن الله عز وجل جعل الايمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد، فالصبر من ذلك على أربع شعب: على الشوق والاشفاق (8) والزهد والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا (9) عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات (10) ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات، واليقين على أربع شعب:


(1) المأثرة بفتح الميم وسكون الهمزة وضم الثاء وفتحها وفتح الراء واحدة المآثر وهى المكارم من الاثر وهو النقل والرواية لانها تؤثر وتروى والمجد نيل الكرم والشرف ورجل ماجد أي كريم شريف (آت). (2) أي أوضح الطريق. وقوله: ” ذاكى المصباح ” من الذكاء بمعنى التوقد واشتداد اللهب. (3) المضمار: الموضع الذى يضمر فيه الخيل. والحلبة بالفتح: خيل تجمع للسباق. (4) في بعض النسخ [ والمؤمنون فرسانه ]. (5) في بعض النسخ [ تحوز القيامة ]. (6) في بعض النسخ [ موعظة للمتقين ]. (7) أي أصله وأساسه. (8) الاشفاق: الخوف. (9) سلا عن الشئ: نسيه فتسلى. (10) في بعض النسخ [ الحرمات ].

[ 51 ]

تبصرة الفطنة وتأول الحكمة (1) ومعرفة العبرة وسنة الاولين. فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف السنة ومن عرف السنة فكأنما كان مع الاولين واهتدى إلى التي هي أقوم ونظر إلى من نجى بما نجى ومن هلك بما هلك وإنما أهلك الله من أهلك بمعصيته وأنجى من أنجى بطاعته، والعدل على أربع شعب: غامض الفهم وغمر العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم (2) فمن فهم فسر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا (3)، والجهاد على أربع شعب: على الامر بالمعروف و النهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين (4) فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق وأمن كيده ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ومن شنئ الفاسقين غضب لله ومن غضب لله غضب الله له، فذلك الايمان و دعائمه وشعبه. (باب) * (فضل الايمان على الاسلام واليقين على الايمان) * 1 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أخا جعف إن الايمان أفضل من الاسلام وإن اليقين أفضل من الايمان وما من شئ أعز من اليقين. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد جميعا، عن الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الايمان فوق الاسلام بدرجة، والتقوى فوق الايمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، وما قسم في الناس شئ أقل من اليقين.


(1) تأول الحكمة تأويلها أي جعلها مكشوفة بالتدبر فيها و ” معرفة العبرة ” أي المعرفة بأنه كيف ينبغي أن يعتبر من الشئ أي يتعظ به وينتقل منه إلى ما يناسبه. (2) ” غمر العلم ” أي العلم الكثير و ” زهرة الحكم ” أي الحكم الزاهرة الواضحة و يمكن أن يقرء ” زهرة الحكم ” بضم الزاى وسكون الهاء وضم الحاء وسكون الكاف. أي حسن الحكم. ” روضة الحلم ” أي الحلم الواسع. (3) كذا ونحوه في النهج والخصال أيضا. (4) الشنآن: البغض. وفى بعض النسخ [ شنئ الفاسقين ].

[ 52 ]

3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن حمران بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله فضل الايمان على الاسلام بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم أو غيره عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد الاسلام درجة (1) قال: قلت: نعم قال: والايمان على الاسلام درجة، قال: قلت: نعم، قال: والتقوى على الايمان درجة، قال: قلت: نعم، قال: واليقين على التقوى درجة، قال: قلت: نعم، قال: فما اوتي الناس أقل من اليقين، وإنما تمسكتم بأدنى الاسلام فإياكم أن ينفلت (2) من أيديكم. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الايمان والاسلام فقال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هو (3) الاسلام، والايمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الايمان بدرجة واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين الناس شئ أقل من اليقين، قال: قلت فأي شئ اليقين؟ قال: التوكل على الله والتسليم لله والرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله. قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر (عليه السلام). 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) قال: الايمان فوق الاسلام بدرجة، والتقوى فوق الايمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين العباد شئ أقل من اليقين. (باب) * (حقيقة الايمان واليقين) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل بن


(1) أي درجة من الدرجات. (2) ” ينفلت ” أي يخرج من قلوبكم فجأة. (3) كأن الضمير راجع إلى الدين لقوله تعالى، ” إن الدين عند الله الاسلام “.

[ 53 ]

بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السلام عليك يا رسول الله، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله، قال فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتسليم لامر الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علماء حكماء (1) كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فان كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي وإبراهيم بن مهزم، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي (2) برأسه، مصفرا لونه، قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف أصبحت يا فلان؟ قال: أصبحت يا رسول الله موقنا، فعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قوله (3) وقال: إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟ فقال: إن يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها (4) حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب وحشر الخلائق لذلك و أنا فيهم وكأني أنظر إلى أهل الجنة، يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الارائك متكئون وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون وكأني الآن أسمع زفير النار، يدور في مسامعي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالايمان، ثم قال له: الزم ما أنت عليه، فقال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.


(1) في بعض النسخ [ حلماء ] والحلم بالكسر: العقل ومنه قوله تعالى: ” أم تأمرهم أحلامهم ” (2) يقال خفق برأسه إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائر جسده (لح) (3) لانه أخبر بشئ نادر الوقوع موجب لحمده واستحسانه (صلى الله عليه وآله) (لح). (4) الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس. وعزفت نفسي عنه أي زهدت فيه

[ 54 ]

3 – محمد بن يحيى: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: استقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حارثة بن مالك بن النعمان الانصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك؟ فقال: يا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل شئ حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال: يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري وكأني أنظر إلى عرش ربي [ و ] قد وضع للحساب وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء (1) أهل النار في النار، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): عبد نور الله قلبه، أبصرت فاثبت، فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك، فقال: اللهم ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلا أياما حتى بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سرية فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثم قتل. وفي رواية القاسم بن بريد، عن أبي بصير قال: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا. (باب التفكر) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف (2) عن الليل جنبك، واتق الله ربك. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر؟ قال: يمر بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك، أين


(1) العواء. الصياح وكأنه بالذئب والكلب اخص. (2) جاف عنه كذا أي باعده عنه

[ 55 ]

بانوك، ما [ با ] لك لا تتكلمين. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أفضل العبادة إدمان التفكر في الله (1) وفي قدرته. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد. عن ربعي قال قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): [ إن ] التفكر يدعو إلى البر والعمل به. (باب المكارم) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن الحسين بن عطية (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المكارم عشر فان استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده وتكون في الولد ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في الحر، قيل: وما هن؟ قال: صدق اليأس (3) وصدق اللسان وأداء الامانة وصلة الرحم وإقراء الضيف (4)


(1) الادمان: الادامة والمراد بالتفكر في الله النظر إلى أفعاله وعجائب صنعه وبدائع أمره في خلقه فانها تدل على جلاله وكبريائه وتقدسه وتعاليه وتدل على كمال علمه وحكمته وعلى نفاذ مشيئته وقدرته وإحاطته بالاشياء، (2) في بعض النسخ [ الحسن بن عطية ]. (3) اليأس بالياء المثناة كما في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره وفى بعض النسخ [ البأس ] بالباء الموحدة فعلى الاول المراد به اليأس عما في أيدى الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه. والمراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره، وعلى الثاني المراد بالبأس إما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله وإظهار الحق والنهى عن المنكر. أو من البؤس والفقر كما قيل: اريد بصدق الباس موافقة خشوع ظاهره وإخباته لخشوع باطنه وإخباته لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه. (4) كذا في نسخ الكتاب وغيره إلا في رواية أخرى رواها الشيخ في المجالس موافقة المضامين لهذه الرواية فان فيها قرى الضيف وهو أظهر وأوفق لما في كتب اللغة. في القاموس قرى الضيف قرى بالكسر والقصر والفتح والمد: اضافه واستقرى واقترى وأقرى: طلب ضيافة انتهى. لكن قد نرى كثيرا من الابنية مستعملة في الاخبار والعرف العام والخاص لم يتعرض لها اللغويون (آت).

[ 56 ]

وإطعام السائل والمكافأة على الصنايع والتذمم (1) للجار والتذمم للصاحب ورأسهن الحياء. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خص رسله بمكارم الاخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله واعلموا أن ذلك من خير وإن لا تكن فيكم فاسألوا الله وارغبوا إليه فيها، قال فذكر [ ها ] عشرة: اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروة قال: وروى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة وزاد فيها الصدق وأداء الامانة 3 – عنه، عن بكر بن صالح، عن جعفر بن محمد الهاشمي، عن إسماعيل بن عباد قال بكر: وأظنني قد سمعته من إسماعيل، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنا لنحب من كان عاقلا، فهما، فقيها، حليما، مداريا، صبورا صدوقا، وفيا إن الله عز وجل خص الانبياء بمكارم الاخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز وجل وليسأله إياها، قال: قلت: جعلت فداك وما هن؟ قال: هن الورع والقناعة والصبر و الشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الامانة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل ارتضى لكم الاسلام دينا، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): الايمان أربعة أركان: الرضا بقضاء الله والتوكل على الله وتفويض الامر إلى الله والتسليم لامر الله. 6 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن


(1) في النهاية – التذمم للجار: هو أن يحفض ذمامه ويطرح عن نفسه ذم الناس له إن لم يحفظه. وفى القاموس: الاستنكاف. وحاصل المعنى أن يدفع الضرر عمن يصاحبه سفرا أو حضرا وعمن يجاوره.

[ 57 ]

سنان، عن رجل من بني هاشم قال: أربع من كن فيه كمل إسلامه ولو كان من قرنه إلى قدمه خطايا لم تنقصه: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد: وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا اخبركم بخير رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: إن من خير رجالكم التقي، النقي، السمح الكفين، النقي الطرفين (1) البر بوالديه ولا يلجئ عياله إلى غيره (1). (باب فضل اليقين) 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن المثنى بن الوليد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام قال: ليس شئ إلا وله حد، قال: قلت: جعلت فداك فما حد التوكل؟ قال: اليقين، قلت: فما حد اليقين؟ قال: ألا تخاف مع الله شيئا. 2 – عنه، عن معلى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت، ثم قال: إن الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. 3 – ابن محبوب (3)، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين.


(1) النقي الطرفين أي الفرج عن الحرام والشبهة واللسان عن الكذب والخنى والافتراء والفحش والغيبة وسائر المعاصي وما لا يفيد من الكلام (آت). (2) أي لم يضطرهم لعدم الانفاق عليهم مع القدرة عليه إلى السؤال عن غيره. (3) ابن محبوب معلق على ثاني سندي الخبر السابق (آت).

[ 58 ]

4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) على المنبر: لا يجد أحد [ كم ] طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لا تقعد تحت هذا الحائط، فإنه معور (1) فقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): حرس امرءا أجله (2) فلما قام سقط الحائط: قال: وكان أمير – المؤمنين (عليه السلام) مما يفعل هذا وأشباهه، وهذا اليقين (3). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما (4) ” فقال: أما إنه ما كان ذهبا ولا فضة وإنما كان أربع كلمات، لا إله إلا أنا، من أيقن بالموت لم يضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم يخش إلا الله. 7 – عنه، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا يجد عبد طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن الضار النافع (5) هو الله عز وجل. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان


(1) على بناء الفاعل من باب الافعال أي ذو شق وخلل يخاف منه، أو على بناء المفعول من التفعيل أو الافعال أي ذو عيب. (2) ” امرءا ” مفعول حرس وأجله فاعله وهذا مما أستعمل فيه النكرة في سياق الاثبات للعموم أي حرس كل امرئ أجله كقولهم: ” أنجز حن ما وعد ” ويؤيده ما في النهج أنه قال (عليه السلام) كفى بالاجل حارسا. ويشكل هذا لانه يدل على جواز القاء النفس إلى التهلكة وعدم وجوب الفرار عما يظن عنه الهلاك والمشهور عند الاصحاب خلافه ويمكن أن يجاب عنه بوجوه راجع مرآة العقول المجلد الثاني ص 83 -. (3) أي هذا من ثمرات اليقين بقضاء الله وقدره وقدرته ولطفه وحكمته وصدق انبيائه و رسله: (آت). (4) الكهف: 82. (5) أي كل نفع وضرر بتقديره تعالى. وإن كان بتوسط الغير (آت).

[ 59 ]

عن أبي حمزة، عن سعيد بن قيس الهمداني قال: نظرت يوما في الحرب إلى رجل عليه ثوبان فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت: يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع (1)؟ فقال: نعم يا سعيد بن قيس إنه ليس من عبد إلا وله من الله حافظ وواقية معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر، فإذا نزل القضاء خليا بينه وبين كل شئ. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: كان في الكنز الذي قال الله عز وجل: ” وكان تحته كنز لهما ” كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها (2) وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه، فقلت جعلت فداك اريد أن أكتبه قال: فضرب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده، فقبلتها وأخذت الدواة فكتبته. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان قنبر غلام علي يحب عليا (عليه السلام) حبا شديدا فإذا خرج علي (صلوات الله عليه) خرج على أثره بالسيف، فرآه. ذات ليلة فقال: يا قنبر مالك؟ فقال: جئت لامشي خلفك يا أمير المؤمنين قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الارض؟! فقال: لا، بل من أهل الارض فقال: إن أهل الارض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن الله من السماء فارجع، فرجع. 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره قال: قيل للرضا (عليه السلام): إنك تتكلم بهذا الكلام (3) والسيف يقطر دما، فقال: إن لله واديا من ذهب، حماه بأضعف خلقه النمل، فلو رامه البخاتي لم تصل إليه (4).


(1) فيه تقدير أي تكتفي بلبس القميص والازار من غير درع وجنة في مثل هذا الموضع (آت). (2) الركون: الميل والاعتماد. (3) أي دعوى الامامة. (4) البخت بالضم الابل الخراسانية. الواحد بختى والانثى بختية الجمع بخاتى كأماني.

[ 60 ]

(باب الرضا بالقضاء) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن بعض أشياخ بني النجاشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره ولا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه. عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان، عن ليث المرادي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز وجل. 3 – عنه (1) عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: الصبر والرضا عن الله رأس طاعة الله ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره لم يقض الله عز وجل له فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن داود الرقي عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل إن من عبادي المؤمنين عبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالغنى والسعة والصحة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم، وإن من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم، فيصلح عليهم أمر دينهم وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين، وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده (4) و


(1) ضمير ” عنه ” راجع إلى احمد ومضمون الحديث موافق للحديث الاول فان قوله (عليه السلام). ” ومن صبر ورضى عن الله – الخ ” المراد به ان الصبر والرضا وقعا موقعهما لان المقتضى عليه لا محالة خير له، لا أنه إذا لم يرض ولم يصبر لم يكن خيرا له (آت). (2) الرقاد بالضم: النوم أو هو خاص بالليل. والوساد بالفتح: المتكا والمخدة كالوسادة مثلثة وإضافة اللذيذ إليه من اضافة الصفة إلى الموصوف (آت).

[ 61 ]

لذيذ وساده فيتهجد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس (1) الليلة والليلتين نظرا مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه (2) زارئ عليها ولو اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأفنوا أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي و رفيع درجاتي العلى في جواري ولكن فبرحمتي فليثقوا وبفضلي فليفرحوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تداركهم، ومني يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ولا يتهمه في قضائه. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن عمرو بن نهيك بياع الهروي (3) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله عز وجل: عبدي المؤمن لا أصرفه في شئ إلا جعلته خيرا له، فليرض بقضائي وليصبر على بلائي وليشكر نعمائي أكتبه يا محمد من الصديقين عندي. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى بن عمران: ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي


(1) كانه على الاستعارة أي أسلط عليهم. أو هو نظير قوله تعالى: ” فضربنا على آذانهم ” (2) أي مبغض لها ومعاتب عليها. وزارئ بالزاى أولا والراء أخيرا أي عاتب وساخط غير راض. (3) أي بياع الثوب المعمول في هرات بخراسان.

[ 62 ]

المؤمن فإني إنما أبتليه لما هو خير له واعافيه لما هو خير له وأزوي (1) عنه ما هو شر له لما هو خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرض بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي، إذا عمل برضائي وأطاع أمري. 8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: عجبت للمرء المسلم (2) لا يقضي الله عز وجل له قضاء إلا كان خيرا له وإن قرض بالمقاريض كان خيرا له وإن ملك مشارق الارض ومغاربها كان خيرا له. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن سنان، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أحق خلق الله أن يسلم لما قضى الله عز وجل، من عرف الله عز وجل، ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وعظم الله أجره، ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه قال: قال [ لي ] علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) الزهد عشرة أجزاء. أعلا درجة الزهد أدنى درجة الورع، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لقي الحسن بن علي (عليهما السلام) عبد الله بن جعفر فقال: يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه (3) ويحقر منزلته و الحاكم عليه الله وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا (4) أن يدعو الله فيستجاب له. 12 – عنه، عن أبيه، عن ابن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:


(1) زويت الشئ: قبضته وجمعته. (2) كأن المراد: المسلم بالمعنى الاخص أي المؤمن المنقاد لله. (آت). (3) القسم بالكسر: الحظ والنصيب والبارز فيه وفى ” منزلته ” للمؤمن وفى بعض النسخ [ قسمته ]. (4) في القاموس هجس الشئ في صدره يهجس: خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس.

[ 63 ]

قلت له بأي شئ يعلم المؤمن بأنه مؤمن؟ قال: بالتسليم لله والرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط. 13 – عنه، عن أبيه، عن ابن سنان، عن الحسين بن المحتار، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لشئ قد مضى: لو كان غيره. (باب) * (التفويض إلى الله والتوكل عليه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن مفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام) ما اعتصم بي عبد من عبادي (1) دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته (2)، ثم تكيده السماوات والارض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات والارض من يديه وأسخت الارض من تحته (3) ولم أبال بأي واد هلك (4). 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن محبوب، عن أبي حفص الاعشى، عن عمر [ و ] بن خالد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان (5)، ينظر في تجاه وجهي (6) ثم قال: يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول قال: فعلى الآخرة؟ فوعد صادق يحكم فيه ملك قاهر – أو قال: قادر – قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، فقال: مم حزنك؟


(2) ” عبد من عبادي ” أي مؤمن. (2) ” عرفت ذلك ” نعت للعبد. (3) أي خسفتها من الاساخة (في). (4) في بعض النسخ [ تهالك ]. (5) لعل الرجل كان هو الخضر على نبينا وآله و (عليه السلام). (6) في القاموس وجاهك وتجاهك مثلثتين: تلقاء وجهك.

[ 64 ]

قلت: [ مما ] نتخوف من فتنة ابن الزبير (1) وما فيه الناس قال: فضحك، ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا دعا الله فلم يجبه؟ قلت: لا، قال: فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه؟ قلت: لا، قال: فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت: لا، ثم غاب عني. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب مثله. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن عمه


(1) ابن الزبير هو عبد الله وكان أعدى عدو أهل البيت وقد سار سببا لعدول الزبير عن ناحية أمير المؤمنين (ع) حيث قال (عليه السلام): لا زال الزبير معنا حتى أدرك فرخه. والمشهور أنه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسين (ع) لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد و قيل لما استشهد الحسين (عليه السلام) في سنة ستين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكة إلى نفسه، وعاب يزيد بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور فبايعه أهل تهامة والحجاز فلما بلغ يزيد ذلك ندب له الحصين بن نمير وروح بن زنباع وضم إلى كل واحد جيشا واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة، وجعله أمير الامراء، ولما ودعهم قال: يا مسلم لا ترد أهل الشام عن شئ يريدونه لعدوهم، و اجعل طريقك على المدينة فان حاربوك فحاربهم فان ظفرت بهم فابحهم ثلاثا. فسار مسلم حتى نزل الحرة فخرج اهل المدينة فعسكروا بها وأميرهم عبد الله بن حنظلة الراهب غسيل الملائكة فدعاهم مسلما ثلاثا فلم يجيبوا فقاتلهم، فغلب أهل الشام وقتل عبد الله وسبعمائة من المهاجرين و الانصار ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام ثم شخص بالجيش إلى مكة وكتب إلى يزيد بما صنع بالمدينة ومات مسلم لعنه الله في الطريق فتولى أمر الجيش الحصين بن نمير حتى وافى مكة فتحصن منه ابن الزبير في المسجد الحرام في جميع من كان معه ونصب الحصين المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر على الحصين بموت يزيد لعنة الله عليهما، فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه إلى ذلك وفتح الابواب واختلط العسكران يطوفون بالبيت، فبينما الحصين يطوف ليلة بعد العشاء إذا إستقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده وقال له سرا: هل لك في الخروج معى إلى الشام فأدعو الناس إلى بيعتك فان أمرهم قد مرج ولا أدرى أحدا أحق بها اليوم منك ولست أعصى هناك فاجتذب ابن الزبير يده من يده وهو يجهر: دون أن أقتل بكل واحد من أهل الحجاز عشرة من الشام، فقال الحصين: لقد كذب الذى زعم أنك من دهاة العرب، أكلمك سرا وتكلمني علانية وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب، ثم انصرف بمن معه إلى الشام وقالوا: بايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام إلى ان بايعوا مروان بعد حروب واستمر له العراق إلى سنة إحدى وسبعين وهى التى قتل فيها عبد الملك بن مروان أخاه مصعب بن الزبير وهدم قصر الامارة بالكوفة، ولما قتل مصعب انهزم أصحابه فاستدعى بهم عبد الملك فبايعوه وسار إلى الكوفة ودخلها واستقر له الامر بالعراق والشام ومصر ثم جهز الحجاج في سنة ثلاث وسبعين إلى عبد الله بن الزبير فحصره بمكة ورمى البيت بالمنجنيق ثم ظفر به وقتله واجتز الحجاج رأسه وصلبه منكسا ثم أنزله ودفنه في مقابر اليهود وكانت خلافته بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوما وله من العمر ثلاث وسبعون سنة وقيل اثنان وسبعون سنة وكانت أمه أسماء بنت أبى بكر (آت)

[ 65 ]

عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الغنى والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي بن حسان مثله. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز وجل أقبل الله قبل ما يحب ومن اعتصم بالله عصمه الله ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الارض أو كانت نازلة نزلت على أهل الارض فشملتهم بلية، كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية، أليس الله عز وجل يقول: ” إن المتقين في مقام أمين (1) “. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن غير واحد، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال (2)، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: سألته: عن قول الله عز وجل: ” ومن يتوكل على الله فهو حسبه (3) ” فقال: التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في امورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا وتعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من اعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من اعطي الدعاء اعطي الاجابة (4) ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية (5) ثم قال: أتلوت كتاب الله عز وجل: ” ومن يتوكل على الله فهو حسبه (3) “؟ وقال: ” لئن شكرتم لازيدنكم (6) “؟ وقال: ” ادعوني أستجب لكم (7) “؟.


(1) الدخان: 51. (2) الحلال بالتشديد بياع الحل بالفتح وهو دهن السمسم. (3) الطلاق: 3. (4) في بعض النسخ [ لم يمنع الاجابة ]. (5) المراد بالاعطاء توفيق الاتيان به (6) إبراهيم: 7. (7) المؤمن: 60.

[ 66 ]

7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي علي، عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن راشد، عن الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمل لما قد نزل بك فقلت: فلانا، فقال: إذا والله لا تسعف (1) حاجتك ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله؟ قال: إن أبا عبد الله (عليه السلام) حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول: وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لاقطعن أمل كل مؤمل [ من الناس ] غيري باليأس ولاكسونه ثوب المذلة عند الناس ولانحينه (2) من قربي ولابعدنه من فضلي، أيؤمل غيري في الشدائد؟! والشدائد بيدي (3) ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري (4)؟! وبيدي مفاتيح الابواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها؟! ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني؟! جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي وملات سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الابواب بيني وبين عبادي، فلم يثقوا بقولي (5) ألم يعلم [ أن ] من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني، فمالي أراه لاهيا عني، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده وسأل غيري، أفيراني (6) أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم اسأل فلا اجيب سائلي؟! أبخيل أنا فيبخلني عبدي (7) أو ليس الجود والكرم لي؟! أو ليس العفو والرحمة بيدي؟! أو ليس أنا محل الآمال؟! فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري، فلوا أن أهل سماواتي و أهل أرضي أملوا جميعا ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من


(1) أسعف حاجته أي قضاها له وفى بعض النسخ. [ لا يسعف ] وفى أكثرها [ لا تسعف ] و كذا [ ولا تنجح ] فهما بالتاء على بناء المفعول وبالياء على بناء الفاعل، والنجاح: الفوز وفى بعض النسخ [ لا يبلغ أملك ]. (2) أي لابعدنه وازيلنه. (3) أي تحت قدرتي. (4) تشبيه الفكر باليد مكنية وإثبات القرع له تخييلية وذكر الباب ترشيح. (5) أي وعدى الاجابة لهم. (6) في بعض النسخ [ أفتراني ]. (7) بخله بالتشديد أي نسبه إلى البخل.

[ 67 ]

ملكي مثل عضو ذرة وكيف ينقص ملك أنا قيمه، فيا بؤسا (1) للقانطين من رحمتي ويابؤسا لمن عصاني ولم يراقبني. 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن (2)، عن بعض أصحابنا، عن عباد بن يعقوب الرواجني، عن سعيد بن عبد الرحمن قال: كنت مع موسى بن عبد الله (3) بينبع وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار، فقال لي بعض ولد الحسين: من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: موسى بن عبد الله، فقال: إذا لا تقضى حاجتك ثم لا تنجح طلبتك، قلت: ولم ذاك؟ قال: لاني قد وجدت في بعض كتب آبائي أن الله عز وجل يقول – ثم ذكر مثله – فقلت: يا ابن رسول الله أمل علي، فأملاه علي، فقلت: لا والله ما أسأله حاجة بعدها. (باب الخوف والرجاء) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن الحارث بن المغيرة، أو أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما كان في وصية لقمان؟ قال: كان فيها الاعاجيب وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان أبي يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا [ و ] في قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا. 2 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن


(1) البؤس والبأساء: الشدة والفقر والحزن. (2) في بعض النسخ [ محمد بن الحسين ]. (3) قد مر بعض أحوال موسى بن عبد الله بن الحسن في المجلد الاول ص 358 إلى 366. و في القاموس ” ينبع “: كينصر حصن له عيون ونخيل وزرع بطريق حاج مصر. (4) يدل على أنه ينبغى أن يكون الخوف والرجاء كلاهما كاملين في النفس ولا تنافى بينهما فان ملاحظة سعة رحمة الله وغنائه وجوده ولطفه على عباده سبب الرجاء والنظر إلى شدة بأس الله وبطشه وما أوعد العاصين من عباده موجب للخوف مع أن أسباب الخوف ترجع إلى نقص العبد وتقصيره وسوء أعماله عن الوصول إلى مراتب القرب والوصال وانهماكه فيما يوجب الخسران والوبال وأسباب الرجاء تؤول إلى لطف الله ورحمته وعفوه وغفرانه ووفور إحسانه، وكل منهما في أعلى مدارج الكمال (آت).

[ 68 ]

جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك (1)، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك (2). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من عرف الله خاف الله ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا (3). 5 – عنه، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجحون (4) في الاماني، كذبوا، ليسوا براجين، إن من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شئ هرب منه. 6 – ورواه علي بن محمد، رفعه قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي (5) ويقولون نرجو، فقال: كذبوا ليسوا لنا بموال، اولئك


(1) اعلم أن الرؤية تطلق على الرؤية بالبصر وعلى الرؤية القلبية وهى كناية عن غاية الانكشاف والظهور والمعنى الاول هنا أنسب أي خف الله خوف من يشاهد بعينه وإن كان محالا. ويحتمل الثاني أيضا، فان المخاطب لما لم يكن من أهل الرؤية القلبية ولم يرتق إلى تلك الدرجة العلية – فانها مخصوصه بالانبياء والاوصياء (عليهم السلام) – قال: ” كأنك تراه ” وهذه مرتبة عين اليقين وأعلى مراتب السالكين. وقوله: ” فان لم تكن تراه ” أي إن لم تحصل لك هذه المرتبة من الانكشاف والعيان فكن بحيث تتذكر دائما أنه يراك. وهذه مقام المراقبة كما قال تعالى: ” أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت إن الله كان عليكم رقيبا ” والمراقبة مراعاة القلب باشتغاله به والمثمر لها تذكر أن الله تعالى مطلع على كل نفس بما كسبت وانه سبحانه عالم بسرائر القلوب وخطراتها فإذا استقر هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة الله سبحانه دائما وترك معاصيه خوفا وحياء والمواظبة على طاعته وخدمته دائما. وقوله: ” إن كنت ترى ” تعليم لطريق جعل المراقبة ملكة للنفس فتصير سببا لترك المعاصي. والحق أن هذه شبهة عظيمة للحكم بكفر ارباب المعاصي ولا يمكن التفصحى عنها إلا بالاتكال على عفوه وكرمه سبحانه ومن هنا يظهر أنه لا يجمع الايمان الحقيقي مع الاصرار على المعاصي كما مرت الاشارة إليه (آت). (2) في بعض النسخ [ إليك ]. (3) أي تركها. (4) الترجح: الميل، يعنى مالت بهم عن الاستقامة أمانيهم الكاذبة (في). (5) في القاموس ألم: باشر اللمم؟ وبه نزل كلم والتم، واللمم: صغار الذنوب.

[ 69 ]

قوم ترجحت بهم الاماني، من رجا شيئا عمل له ومن خاف من شئ هرب منه (1) 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن من العبادة شدة الخوف من الله عز وجل يقول الله: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء ” (2) وقال جل ثناؤه: فلا تخشوا الناس واخشون (3) ” وقال تبارك وتعالى: ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا (4) “، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن حب الشرف والذكر (5) لا يكونان في قلب الخائف الراهب. 8 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) [ قال: ] إن رجلا ركب البحر بأهله فكسر بهم، فلم ينج ممن كان في السفينة إلا امرأة الرجل، فإنها نجت على لوح من ألواح السفينة حتى ألجأت على جزيرة من جزائر البحر وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق ولم يدع لله حرمة إلا انتهكها فلم يعلم إلا والمرأة قائمة على رأسه، فرفع رأسه إليها فقال: إنسية أم جنية؟ فقالت: إنسية فلم يكلمها كلمة حتى جلس منها مجلس الرجل من أهله، فلما أن هم بها اضطربت، فقال لها: مالك تضطربين؟ فقالت:


(1) اعلم أن الاحاديث الواردة في سعة عفو الله سبحانه وجزيل رحمته ووفور مغفرته كثيرة جدا ولكن لابد لمن يرجوها ويتوقعها من العمل الخالص المعد لحصولها وترك الانهماك في المعاصي المفوت لهذا الاستعداد، فاحذر أن يغرك الشيطان ويثبطك عن العمل ويقنعك بمحض الرجاء والامل، وانظر إلى حال الانبياء والاولياء واجتهادهم في الطاعات وصرفهم العمر في العبادات ليلا ونهارا، أما كانوا يرجون عفو الله ورحمته، بلى والله كانوا أعلم بسعة رحمته وأرجأ بها منك ومن كل أحد ولكن علموا ان رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض وسفه بحت. فصرفوا في العبادات أعمارهم وقصروا على الطاعات ليلهم ونهارهم (آت – ملخصا). (2) قال المحقق الطوسى في أوصاف الاشراف ما حاصله: إن الخوف والخشية وإن كانا بمعنى واحد في اللغة الا أن بينهما فرقا بين ارباب القلوب وهو أن الخوف تألم النفس من المكروه المنتظر والعقاب المتوقع بسبب إحتمال فعل المنهيات وترك الطاعات وهو يحصل لاكثر الخلق وإن كانت مراتبه متفاوتة جدا والمرتبة العليا لا تحصل الا للقليل والخشية حالة نفسانية تنشأ من الشعور بعظمة الرب وهيبته وخوف الحجب عنه وهذه الحالة لا تحصل الا لمن اطلع على جلال الكبرياء وذاق لذة القرب ولذلك قال سبحانه: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء “. (سورة الفاطر: 28) والخشية خوف خاص وقد يطلقون عليها الخوف أيضا، انتهى (آت). (3) المائدة: 44. (4) الطلاق: 2. (5) أي حب الجاه والرياسة والمدح والشهرة (آت).

[ 70 ]

أفرق من هذا (1) – وأومأت بيدها إلى السماء – قال: فصنعت من هذا شيئا؟ قالت: لا وعزته، قال: فأنت تفرقين منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئا وإنما أستكرهك استكراها فأنا والله أولى بهذا الفرق والخوف وأحق منك، قال: فقام ولم يحدث شيئا ورجع إلى أهله وليست له همة إلا التوبة والمراجعة، فبينا هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلنا بغمامة، فقد حميت علينا الشمس، فقال الشاب: ما أعلم أن لي عند ربي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئا، قال: فأدعو أنا وتؤمن أنت؟ قال نعم فأقبل الراهب يدعو والشاب يؤمن، فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة، فمشيا تحتها مليا من النهار (2) ثم تفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب في واحدة وأخذ الراهب في واحدة فإذا السحابة مع الشاب، فقال: الراهب أنت خير مني، لك استجيب ولم يستجب لي فاخبرني ما قصتك؟ فأخبره بخبر المرأة فقال: غفر لك ما مضى حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما تستقبل. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن حمزة بن حمران، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن مما حفظ من خطب النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ألا إن المؤمن بعمل بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته وفي الشيبة قبل الكبر وفي الحياة قبل الممات، فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مستعتب (3) وما بعدها من دار إلا الجنة أو النار. 10 – عنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان (4) ” قال: من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال


(1) الفرق بالتحريك: الخوف. (2) مليا من النهار أي ساعة طويلة. (3) المستعتب موضع الاستعتاب أي طلب الرضا. (4) الرحمن: 46.

[ 71 ]

فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. 11 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو. 12 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا [ و ] في قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا. (باب) (حسن الظن بالله عز وجل) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن داود بن كثير، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فأنهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم – أعمارهم – في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى في جواري ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، ومني يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت. 2 – ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال – وهو على منبره – والذي


[ 72 ]

لا إله إلا هو ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب المؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لان الله كريم، بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: أحسن الظن بالله فإن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا (1). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري. عن سفيان ابن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: حسن الظن بالله أن لا ترجوا إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك (2). (باب) * (الاعتراف بالتقصير) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعد ابن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال لبعض ولده: يا بني عليك بالجد. لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته، فإن الله لا يعبد حق عبادته. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض العراقيين (3)، عن محمد بن المثنى الحضرمي، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر قال: قال لي


(1) هذا الخبر مروى من طرق العامة أيضا وقال الخطابى: معناه أنا عند ظن عبدى في حسن عمله وسوء عمله، لان من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه (آت). (2) فيه إشارة إلى أن حسن الظن بالله ليس معناه ومقتضاه ترك العمل والاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله بل معناه انه مع العمل لا يتكل على عمله وإنما يرجوا قبوله من فضله وكرمه ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله لا من ربه. فحسن الظن لا ينافي الخوف بل لابد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر (آت). (3) أي علماء الكوفة (آت).

[ 73 ]

أبو جعفر (عليه السلام): يا جابر لا أخرجك الله من النقص و [ لا ] التقصير (1). 3 – عنه، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إن رجلا في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ثم قرب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما اتيت (2) إلا منك وما الذنب إلا لك، قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة. 4 – أبو علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن الفضل ابن يونس، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال: أكثر من أن تقول، اللهم لا تجعلني من المعارين (3) ولا تخرجني من التقصير، قال: قلت: أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ثم يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك، فأن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل. (باب) * (الطاعة والتقوى) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد أخي عرام، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا تذهب بكم المذاهب (4)، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل.


(1) أي وفقك الله لان تعد عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أبدا (آت). (2) ” ما أتيت الا منك ” على البناء للمفعول أي ما دخل على البلاء الا من جهتك (في). (3) المعار على البناء للمفعول من الاعارة، يعنى بهم الذين يكون الايمان عارية عندهم غير مستقر في قلوبهم ولا ثابت في صدورهم كما فسره الراوي (في). (4) ” لا تذهب بكم المذاهب ” على بناء المعلوم والباء للتعدية وإسناد الا ذهاب إلى المذاهب على المجاز فأن فاعله النفس أو الشيطان، أي لا يذهبكم المذاهب الباطلة إلى الضلال والوبال. أو على بناء المجهول، أي لا يذهب بكم الشيطان في المذاهب الباطلة من الامانى الكاذبة والعقائد. الفاسدة بأن تجتروا على المعاصي اتكالا على دعوى التشيع والمحبة والولاية من غير حقيقة، فانه ليس شيعتهم إلا من شايعهم في الاقوال والافعال لا من ادعى التشيع بمحض المقال (آت).

[ 74 ]

2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (عليه السلام) في حجة الوداع فقال: يا أيها الناس والله ما من شئ يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شئ يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الامين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحمل أحدكم استبطاء شئ من الرزق أن يطلبه بغير حله (1)، فانه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع (2) أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والامانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الالسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الاشياء. قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: احب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟ فلو قال: إني احب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل [ وأكرمهم عليه ] أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من


(1) أي لا يبعثكم إستبطاء الرزق على طلبه من غير حله. (2) إنتحال الشئ: ادعاؤه. (3) أي ليس بين الله وبين الشيعة قرابة حتى يسامحكم ولا يسامح مخالفيكم مع كونكم مشتركين معهم في مخالفته تعالى. أو ليس بينه وبين على قرابة حتى يسامح شيعة على ولا يسامح شيعة الرسول. والحاصل إن جهة القرب بين العبد وبين الله إنما هي بالطاعة والتقوى ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شئ (آت).

[ 75 ]

النار (1) ولا على الله لاحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس (2) فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله عز وجل: صدقوا، أدخلوهم الجنة وهو قول الله عز وجل: ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (3) “. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل. 6 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبان عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى (4) يرجع إليكم الغالي؟ ويلحق بكم التالي، فقال له رجل من الانصار يقال له سعد: جعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس اولئك منا ولسنا منهم، قال: فما التالي، قال: المرتاد يريد الخير، يبلغه الخير يوجر عليه (5) ثم أقبل علينا فقال: والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه


(1) أي ليس معنا صك وحكم ببرأتنا وبراءة شيعتنا من النار وان عملوا بعمل الفجار. ” ولا على الله لاحد من حجة ” أي ليس لاحد على الله حجة إذا لم يغفر له بأن يقول كنت من شيعة على فلم لم تغفر لى، لان الله تعالى لم يحتم بغفران من إدعى التشيع بلا عمل. أو المعنى ليس لنا على الله حجة في انقاذ من ادعى التشيع من العذاب: ويؤيده أن في مجالس ابن الشيخ ” وما لنا على الله حجة “. ” من كان لله مطيعا ” كأنه جواب عما يتوهم في هذا المقام انهم (عليهم السلام) حكموا بان شيعتهم واولياءهم لا يدخلون النار فأجاب (عليه السلام) بان العاصي لله ليس بولي لنا ولا تدرك ولايتنا إلا بالعمل بالطاعات والورع عن المعاصي (آت). (2) أي جماعة من الناس والرؤساء. (3) الزمر: 10. (4) النمرقة: الوسادة الصغيرة. والتشبيه باعتبار أنها محل الاعتماد. (5) أي التالى هو الذى يريد الخير وشيعتنا من يبلغه الخير ويوجر لذلك.

[ 76 ]

ولايتنا، ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن مفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكرنا الاعمال فقلت أنا: ما أضعف عملي، فقال، مه، استغفر الله، ثم قال لي إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى. قلت: كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال: نعم مثل الرجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطئ رحله (1) فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه، فهذا العمل بلا تقوى ويكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه. 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، عن محسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما نقل الله عز وجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه من غير مال وأعزه من غير عشيرة و آنسه من غير بشر. (باب الورع) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن زيد الشحام، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إني لا ألقاك إلا في السنين، فأخبرني بشئ آخذ به، فقال: اوصيك بتقوى الله و الورع والاجتهاد (2) واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن حديد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة قال: وعظنا أبو عبد الله (عليه السلام) فأمر وزهد، ثم قال: عليكم بالورع، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بالورع.


(1) كناية عن كثرة الضيافة وقضاء حوائج المؤمنين بكثرة الواردين إلى منزله (لح) (2) الورع: كف النفس عن المعاصي ومنعها عما لا ينبغى. والاجتهاد: تحمل المشقة في العبادة أو بذل الوسع في طلب الامر والمراد هنا المبالغة في الطاعة.

[ 77 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. 5 – عنه، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن الحسن بن زياد الصيقل، عن فضيل ابن يسار قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن أشد العبادة الورع. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير قال: قال أبو الصباح الكناني لابي عبد الله (عليه السلام): ما نلقى من الناس فيك؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وما الذي تلقى من الناس في؟ فقال: لا يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام فيقول: جعفري خبيث، فقال: يعيركم الناس بي؟ فقال له أبو الصباح: نعم قال: فقال: ما أقل والله من يتبع جعفرا منكم، إنما أصحابي من اشتد ورعه، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، فهؤلاء أصحابي (1). 7 – حنان بن سدير، عن أبي سارة الغزال، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك، تكن من أورع الناس. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الورع من الناس، فقال الذي يتورع عن محارم الله عز وجل. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن أبي اسامة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليك بتقوى الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الامانة وحسن الخلق وحسن الجوار وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، وعليكم بطول الركوع والسجود، فإن أحدكم إذا طال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال: يا ويله أطاع وعصيت وسجد وأبيت.


(1) في ذكر الرجاء بعد العمل والورع تنبيه على انهما سبب لرجاء الثواب لا للثواب و على أنه لا ينبغى لاحد أن يتكل بعمله، غاية ما في الباب له أن يجعله وسيلة للرجاء لان الرجاء بدونهما غرور وحمق. وفيه دلالة على أنه كره ما قاله أبو الصباح لما فيه من الخشونة وسوء الادب (لح).

[ 78 ]

10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أبي زيد، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عيسى بن عبد الله القمي فرحب به وقرب من مجلسه، ثم قال: يا عيسى بن عبد الله ليس منا – ولا كرامة – من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون وكان في ذلك المصر أحد اورع منه (1). 11 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) أوصني، قال أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد (2) واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. 12 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أعينونا بالورع، فإنه من لقي الله عز وجل منكم بالورع كان له عند الله فرجا، وإن الله عز وجل يقول: ” من يطع الله ورسوله فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا (3) ” فمنا النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحون. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنا لا نعد الرجل مؤمنا حتى يكون بجميع أمرنا متبعا مريدا، ألا وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع، فتزينوا به، يرحمكم الله وكبدوا أعدائنا [ به ] ينعشكم الله (4). 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن العلاء، عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإن ذلك داعية.


(1) المراد أن يكون في المخالفين أحد أورع منه وذلك لان أصحابنا بعضهم أورع من بعض فيلزم أن لا يكون منهم إلا الفرد الاعلى خاصة (في). (2) الاجتهاد تحمل المشقة في العبادة (في)، (3) في سورة النساء 69 وفيها ” والرسول ” وكانه نقل بالمعنى، أو سهو من النساخ. (4) التكبيد بالباء الموحدة من الكبد بمعنى الشدة والمشقة أي أوقعوهم في الالم والمشقة لانه يصعب عليهم ورعكم وفى بعض النسخ [ كيدوا أعداءنا ] أي حاربوهم بالورع يصير سببا لكف ألسنتهم عنكم وترك ذمهم لكم: أو احتالوا بالورع يرغبوا في دينكم. والنعش: الرفع والاقامة.

[ 79 ]

15 – الحسين بن محمد، عن على بن محمد بن سعيد، عن محمد بن مسلم، عن محمد ابن حمزة العلوي قال: أخبرني عبيدالله بن علي، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام): قال: كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه في خدورهن وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم [ من ] خلق [ ا ] لله أورع منه. (باب العفة) 1 – علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشئ أفضل من عفة بطن وفرج. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن أفضل العبادة عفة البطن والفرج. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: أفضل العبادة العفاف. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله (1)، عن أبيه، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلى أبي عثمان (2)، عن أبي بصير قال: قال رجل لابي جعفر (عليه السلام): إني ضعيف العمل قليل الصيام ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا، قال: فقال له: أي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر ما تلج به امتي النار الاجوفان: البطن والفرج. 6 – وبإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث أخافهن على امتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة ومضلات الفتن (3) وشهوة البطن والفرج.


(1) في بعض النسخ [ أحمد بن محمد ]. وفى بعضها [ أحمد بن محمد أبى عبد الله ] والكل واحد يعنى البرقى. (2) في بعض النسخ [ معلى بن عثمان ] وكلاهما رجل واحد. (3) أريد بمضلات الفتن الامتحانات التى تصير سببا للضلالة (في).

[ 80 ]

7 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابه، عن ميمون القداح قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ما من عبادة أفضل من عفة بطن وفرج. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج. (باب) * (اجتناب المحارم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان (1) ” قال: من علم أن الله عز وجل يراه ويسمع ما يقوله ويفعله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال، فذلك الذي ” خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى “. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله وعين فاضت من خشية الله (2) وعين غضت (3) عن محارم الله. 3 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام) يا موسى: ما تقرب إلى المتقربون بمثل الورع عن محارمي، فإني ابيحهم جنات عدن لا أشرك معهم أحدا. 4 – علي [ بن إبراهيم ]، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال: لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وإن كان منه ولكن ذكر الله عند ما أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها.


(1) الرحمن: 46. وقد مر الخبر في باب الخوف والرجاء. (2) اسناد الفيض إلى العين مجاز وفاض الماء والدمع فيضا: كثر حتى سال (3) على بناء المفعول يقال غض طرفه أي كسره وأطرق ولم يفتح عينه.

[ 81 ]

5 – ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا (1) ” قال: أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي (2) ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه. 6 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ترك معصية لله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله يوم القيامة. (باب أداء الفرائض) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): من عمل بما افترض الله عليه فهو من خير الناس. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” اصبروا و صابروا ورابطوا (3) ” قال: اصبروا على الفرائض. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” اصبروا وصابروا ورابطوا ” قال: اصبروا على الفرائض وصابروا على المصائب و رابطوا على الائمة (عليهم السلام) (4). وفي رواية ابن محبوب، عن أبي السفاتج [ وزاد فيه ] فاتقوا الله ربكم فيما افترض عليكم.


(1) الفرقان: 23. ” وقدمنا ” أي قصدنا وعمدنا ” إلى ما عملوا من عمل ” كقرى الضيف وصلة الرحم واغاثة الملهوف وغيرها ” فجعلناه هباء منثورا ” فلم يبق له أثر. والهباء: غبار يرى في شعاع الشمس الطالع من الكوة من الهبوة وهى الغبار (آت). (2) القباطى – بالفتح – الثياب البيض الرقاق المصرية والقبط بالكسر يقال لاهل مصر. (3) آل عمران: 200. (4) المراد به ربط النفس على طاعتهم وانقيادهم وانتظار فرجهم.

[ 82 ]

4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله تبارك وتعالى: ما تحبب (1) إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه. (باب) * (استواء العمل والمداومة عليه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال. قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره وذلك أن ليلة القدر يكون فيها في عامه (2) ذلك، ما شاء الله أن يكون (3). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أحب الاعمال إلى الله عز وجل مادا [ و ] م عليه العبد و إن قل. 3 – أبو علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن نجبة (4)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من شئ أحب إلى الله عز وجل من عمل يداوم عليه وإن قل. 4 – عنه، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول: إني لاحب أن اداوم على العمل وإن قل.


(1) التحبب: جلب المحبة أو إظهارها والاول أنسب (آت). (2) في بعض النسخ [ عامة ]. (3) ” يكون ” خبر إن و ” فيها ” خبر يكون الضمير راجع إلى الليلة. وقوله: ” ما شاء الله أن يكون ” اسم يكون وقوله: ” في عامه ” متعلق بيكون أو حال عن الليلة، والحاصل انه إذا داوم سنة يصادف ليلة القدر التى يكون فيها ما شاء الله كونه من البركات والخيرات والمضاعفات فيصير له هذا العمل مضاعفا مقبولا. ويحتمل أن يكون الكون بمعنى التقدير أو يقدر مضاف في ما شاء الله (آت). (4) ” نجبة ” بالنون والجيم المفتوحتين والباء الموحدة.

[ 83 ]

5 – عنه، عن فضالة بن أيوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول: إني لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (1). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن جعفر بن بشير، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياك أن تفرض على نفسك فريضة فتفارقها اثني عشر هلالا. (باب العبادة) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في التوارة مكتوب: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملا قلبك غنى ولا أكلك إلى طلبك وعلي أن أسد فاقتك، وأملا قلبك خوفا مني، وإن لا تفرغ لعبادتي أملا قلبك شغلا بالدنيا ثم لا أسد فاقتك وأكلك إلى طلبك. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا (2) فإنكم تتنعمون بها في الآخرة. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: أفضل الناس من عشق العبادة، فعانقها وأحبها بقلبه وباشرها بجسده وتفرغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن شاذان بن الخليل قال – وكتبت من كتابه بإسناد له، يرفعه إلى عيسى بن عبد الله قال: – قال عيسى بن عبد الله لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك ما العبادة؟ قال: حسن النية بالطاعة من الوجوه التي يطاع الله منها، أما إنك يا عيسى لا تكون مؤمنا حتى تعرف الناسخ من المنسوخ، قال: قلت


(1) يعنى لا يزيد ولا ينقص على حسب الازمنة بافراط وتفريط (في). (2) إن الباء صلة، فان الصديقين والمقربين يتلذذون بعبادتهم. وقيل: الباء سببية.

[ 84 ]

جعلت فداك وما معرفة الناسخ من المنسوخ؟ قال: فقال: أليس تكون مع الامام موطنا نفسك على حسن النية في طاعته، فيمضي ذلك الامام ويأتي إمام آخر فتوطن نفسك على حسن النية في طاعته؟ قال: قلت: نعم، قال: هذا معرفة الناسخ من المنسوخ.. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [ إن ] العباد ثلاثة (1): قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل حبا له، فتلك عبادة الاحرار وهي أفضل العبادة. 6 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أقبح الفقر بعد الغنى وأقبح الخطيئة بعد المسكنة وأقبح من ذلك العابد لله ثم يدع عبادته. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: من عمل بما افترض الله عليه فهو من أعبد الناس. (باب النية) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: لا عمل إلا بنية (2). 2 – علي عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله، و كل عامل يعمل على نيته (3).


(1) في بعض النسخ [ العبادة ثلاث ]. (2) يعنى لا عمل يحسب من عبادة الله تعالى ويعد من طاعته بحيث يصح أن يترتب عليه الاجر في الاخرة الا ما يراد به التقرب إلى الله تعالى والدار الاخرة أعني يقصد به وجه الله سبحانه والتوصل إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه وبالجملة إمتثال أمر الله تعالى في ما ندب عباده إليه ووعدهم الاجر عليه. وانما يأجرهم على حسب اقدارهم ومنازلهم ونياتهم (في). (3) أي عمل كل عامل على وفق نيته في النقص والكمال والرد والقبول. لان المدار في الاعمال على النية التابعة للحالة التى اتصفت النفس بها من العقائد والاخلاق الحسنة والسيئة (آت).

[ 85 ]

3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد المؤمن الفقير ليقول: يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق نية كتب الله له من الاجر مثل ما يكتب له لو عمله، إن الله واسع كريم. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن أسباط، عن محمد بن إسحاق بن الحسين، عن عمرو (1) عن حسن بن أبان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حد العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤديا؟ فقال: حسن النية بالطاعة. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن أحمد بن يونس، عن أبي هاشم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا قوله تعالى: ” قل كل يعمل على شاكلته (2) ” قال: على نيته. (باب) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن الاحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إن لكل عبادة شرة (3) ثم تصير إلى فترة فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ومن خالف سنتي فقد ضل وكان عمله في تباب (4) أما إني اصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني. وقال: كفى بالموت موعظة وكفى باليقين غنى وكفى بالعبادة شغلا.


(1) في بعض النسخ [ محمد بن اسحاق بن الحسن بن عمر ]. (2) الاسراء: 84. وكأن الاستشهاد بالاية مبنى على أن المدار في الاعمال على النية التابعة للحالة التى اتصفت النفس بها من العقائد والاخلاق الحسنة والسيئة فإذا كانت النفس على العقائد الثابتة والاخلاق الحسنة الراسخة التى لا يتخلف عنها الاعمال الصالحة الكاملة لو بقى في الدنيا أبدا فبتلك الشاكلة والحالة استحق الخلود في الجنة وإن كانت النفس على خلاف ذلك استحق الخلود في النار. (3) الشرة بالكسر شدة الرغبة والنشاط (في). (4) التباب: الخسران والهلاك وفى بعض النسخ [ تبار ] وهو أيضا الهلاك.

[ 86 ]

2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحجال، عن ثعلبة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لكل أحد شرة ولكل شرة فترة، فطوبى لمن كانت فترته إلى خير. (باب) * (الاقتصاد في العبادة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق (1) ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت (2) الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى (3). محمد بن سنان، عن مقرن، عن محمد بن سوقة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان ابن سدير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا فعمل [ عملا ] قليلا جزاه بالقليل الكثير ولم يتعاظمه أن يجزي بالقليل الكثير له. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد: عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مر بي أبي وأنا بالطواف وأنا حدث (4) وقد اجتهدت في العبادة، فرآني وأنا أتصاب عرقا، فقال لي: يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ورضي عنه باليسير.


(1) الايغال: السير الشديد والامعان في السير والوغول الدخول في الشئ يعنى سيروا في الدين برفق وابلغوا الغاية القصوى منه بالرفق لا على التهافت والخرق ولا تحملوا على انفسكم ولا تكلفوها ما لا تطيق فتعجز وتترك الدين والعمل (في). (2) المنبت: بفتح الموحدة بعد النون وتشديد المثناة من فوق، يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته: قد انبت، من البت بمعنى القطع فهو مطاوع بت (في). (3) الظهر: المركب، يريد أنه بقى في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض وطره وقد أعطب مركبه (في). (4) الحدث: الشاب. جمع أحداث وحدثان.

[ 87 ]

5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك تصنع، فإن الله عز وجل إذا أحب عبدا رضي عنه باليسير. 6 – حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، [ ف‍ ] إن المنبت – يعني المفرط – لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما واحذر حذر من يتخوف أن يموت غدا. (باب) * (من بلغه ثواب من الله على عمل) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه، كان له، وإن لم يكن على ما بلغه. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب، أوتيه، وإن لم يكن الحديث كما بلغه (1). (باب الصبر) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصبر رأس الايمان. 2 – أبو علي الاشعري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.


(1) يعني ما إذا كان العمل مسنونا في الكتاب والسنة النبوية من دون أن يقدر له هذا الثواب العاجل أو الاجل وإلا فلا أجر له أبدا – إن لم يكن عليه وزر – لقول النبي (عليه السلام) ” لا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية ولا قول ولا عمل ولانية إلا بإصابة السنة “.

[ 88 ]

3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه: وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع امورك، فإن الله عز وجل بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) فأمره بالصبر والرفق، فقال: ” واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا * وذرني والمكذبين اولي النعمة (1) ” وقال تبارك وتعالى: ” ادفع بالتي هي أحسن [ السيئة ] فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم (2) “، فصبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى نالوه بالعظائم ورموه بها (3)، فضاق صدره فأنزل الله عز وجل ” ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين (4) ” ثم كذبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل الله عز وجل ” قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا (5) ” فألزم النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله (6) تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهى، فأنزل الله عز وجل ” ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون (7) ” فصبر النبي (صلى الله عليه وآله) في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالائمة و وصفوا بالصبر، فقال: جل ثناؤه: ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (8) ” فعند ذلك قال (صلى الله عليه وآله): الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز وجل ذلك له، فأنزل الله عز وجل ” وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (9) “


(1) المزمل: 10. والهجر الجميل هو أن يجانبهم ويداريهم ولا يكافيهم ويكل أمرهم إلى الله تعالى: (لح). (2) فصلت: 35. لفظة ” السيئة ” ليست في المصاحف ولكن هي موجودة في أكثر النسخ. (3) أي الكذب و الجنون (4) الحجر: 97 و 98 (5) الانعام: 33. (6) في بعض النسخ [ فذكر الله ]. (7) ق: 38. واللغوب: التعب والاعياء. (8) السجدة: 24. (9) الاعراف: 136 و ” دمرنا ” الدمار: الهلاك. ” وما كانو يعرشون ” أي من الاشجار والاعناب والثمار أو ما كانوا يرفعونه من البنيان.

[ 89 ]

فقال (صلى الله عليه وآله): إنه بشرى وانتقام، فأباح الله عز وجل له قتال المشركين فأنزل [ الله ] ” اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد (1) ” واقتلوهم حيث ثقفتموهم (2) ” فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) و أحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر [ الله ] له عينه في أعدائه، مع ما يدخر له في الآخرة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي محمد عبد الله السراج، رفعه إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الحر حر على جميع أحواله، إن نابته نائبة (3) صبر لها وإن تداكت عليه المصائب (4) لم تكسره وإن اسر وقهر واستبدل باليسر عسرا (5) كما كان يوسف الصديق الامين (صلوات الله عليه) لم يضرر حريته أن استعبد وقهر واسر ولم تضرره ظلمة الجب و وحشته (6) وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان [ له ] مالكا، فأرسله ورحم به امة وكذلك الصبر يعقب خيرا، فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الجنة محفوفة (7) بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة وجهنم محفوفة باللذات والشهوات


(1) التوبة: 6. (2) البقرة: 191. ثقفه: صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه. (3) النوب: نزول الامر كالنوبة أي أصابته مصيبة. (4) تداكت: تداقت عليه مرة بعد اخرى. والتداكك: الازدحام. واصل الدك: الكسر. (5) في بعض النسخ [ بالعسر يسرا ]. (6) الجب: البئر. (7) حفه بالشئ كمده: أحاط به.

[ 90 ]

فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم، عن أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر مظل عليه (1) ويتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه. 9 – علي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) المسجد، فإذا هو برجل على باب المسجد، كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما لك؟ قال: يا أمير المؤمنين اصبت بأبي [ وامي ] وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت (2)، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غدا، والصبر في الامور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الامور فسدت الامور. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال لي: ما حبسك عن الحج؟ قال: قلت: جعلت فداك وقع علي دين كثير وذهب مالي، وديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي، فلولا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج، فقال لي: إن تصبر تغتبط وإلا تصبر ينفذ الله مقاديره، راضيا كنت أم كارها. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): الصبر صبران: صبر عند المصيبة، حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز وجل عليك، والذكر ذكران: ذكر الله عز وجل عند المصيبة وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك، فيكون حاجزا.


(1) في بعض النسخ [ مطل ] بالمهملة واطل عليه: أشرف. (2) لعل المراد بخشية الوجل خوفه أن يكون قد انشق مرارته من شدة ما أصابه من الالم أو المعنى أخشى أن يكون حزنى بلغ حدا مذموما شرعا، فعبر عنه بالوجل.

[ 91 ]

12 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن العرزمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر، ولا الغنى إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا باستخراج الدين (1) واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضة (2) وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره وقال: يا بني اوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا. 14 – عنه (3)، عن أبيه [ عن يونس بن عبد الرحمن ] رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الصبر صبران: صبر على البلاء، حسن جميل، وأفضل الصبرين الورع عن المحارم. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال: أخبرني عمرو بن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية (4)، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الارض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض (5) إلى العرش ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض إلى منتهى العرش.


(1) أي طلب خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من الدين (آت). (2) أي بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواءهم. (3) الضمير راجع إلى أحمد فتنسحب عليه العدة (آت). (4) في بعض النسخ [ على المعصية ]. (5) في الصحاح التخم: منتهى كل قرية أو أرض والجمع تخوم كفلس وفلوس.

[ 92 ]

16 – عنه، عن علي بن الحكم، عن يونس بن يعقوب قال: أمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن آتي المفضل واعزيه باسماعيل وقال: اقرأ المفضل السلام (1) وقل له: إنا قد اصبنا بإسماعيل فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنا أردنا أمرا وأراد الله عز وجل أمرا، فسلمنا لامر الله عز وجل. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد. 18 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل أنعم على قوم، فلم يشكروا، فصارت عليهم وبالا، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا، فصارت عليهم نعمة. 19 – علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن أبراهيم بن عبد الحميد، عن أبان بن أبي مسافر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا (2) ” قال: اصبروا على المصائب. وفي رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صابروا على المصائب (3). 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن محمد بن أبي جميلة، عن جده أبي جميلة، عن بعض أصحابه قال: لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا (4). 21 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق ابن عمار وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا، فمن أقرضني منها قرضا أعطيته


(1) الظاهر أنه مفضل بن عمر (آت). (2) آل عمران: 200. (3) كأنه تتمة الخبر الثاني المتقدم من باب إداء الفرائض ص 81. (4) الفطر: الشق، يقال: فطره فانفطر وتفطر. والصفا: جمع الصفاة وهى الصلد الضخم.

[ 93 ]

بكل واحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف وما شئت من ذلك، ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا [ فصبر ] أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني قال: ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عز وجل: ” الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم (فهذه واحدة من ثلاث خصال) ورحمة (اثنتان) واولئك هم المهتدون (1) ” ثلاث، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا. 22 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مروة الصبر (2) في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغنا (3) أكثر من مروة الاعطاء. 23 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام) يرحمك الله ما الصبر الجميل؟ قال: ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس. 24 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي النعمان، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: من لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز. 25 – أبو علي الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنا صبر (4) وشيعتنا أصبر منا، قلت: جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: لانا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون.


(1) البقرة: 175. (2) في بعض النسخ [ مرارة ] في الموضعين. (3) في بعض النسخ [ العناء ] بالمهملة. (4) بضم الصاد وتشديد الباء المفتوحة جمع الصابر.

[ 94 ]

(باب الشكر) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الطاعم الشاكر، له من الاجر كأجر الصائم المحتسب، والمعافى الشاكر له من الاجر كأجر المبتلى الصابر، والمعطى الشاكر له من الاجر كأجر المحروم القانع. 2 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه (1) باب الزيادة. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن جعفر بن محمد البغدادي، عن عبد الله بن إسحاق الجعفري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مكتوب في التوارة اشكر من أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا زوال للنعماء (2) إذا شكرت ولا بقاء لها إذا كفرت، الشكر زيادة في النعم وأمان من الغير (3). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي ابن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن [ أبي جعفر أو ] أبي عبد الله (عليهما السلام) قال: المعافى الشاكر له، من الاجر ما للمبتلى الصابر، والمعطى الشاكر له من الاجر كالمحروم القانع. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن فضل البقباق قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وأما بنعمة ربك فحدث (4) ” قال: الذي أنعم عليك بما فضلك وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدث بدينه وما أعطاء الله وما أنعم به عليه.


(1) في بعض النسخ [ عليه ]. (2) في بعض النسخ [ لا زوال من نعمائي ] (3) يعني من التغيير، قال في النهاية في حديث الاستسقاء: من يكفر الله يلقى الغير أي تغير الحال وانتقالها من الصلاح إلى الفساد، والغير الاسم من قولك غيرت الشئ فتغير (في). (4) الضحى: 11.

[ 95 ]

6 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا. قال: وكان سول الله (صلى الله عليه وآله) يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه وتعالى: ” طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (1) “. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن حسن بن جهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثلاث لا يضر معهن شئ: الدعا عند الكرب والاستغفار عند الذنب والشكر عند النعمة. 8 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من اعطي الشكر اعطي الزيادة، يقول الله عز وجل: ” لئن شكرتم لازيدنكم (2) “. 9 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن رجلين من أصحابنا، سمعاه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شكر النعمة اجتناب المحارم و تمام الشكر قول الرجل: الحمد الله رب العالمين. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عيينة، عن عمر ابن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عز وجل عليها (3). 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران،


(1) طه: 1 و 2. (2) إبراهيم 7 (3) في بعض النسخ [ أن يحمد الله عز وجل عليها ].

[ 96 ]

عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه ومنه قوله عز وجل: ” سبحان الذي سخر لنا هذا وما كناله مقرنين (1) ” ومنه قوله تعالى: ” رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين (2) ” وقوله: ” رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا (3) “. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن (صلوات الله عليه) يقول: من حمد الله على النعمة فقد شكره وكان الحمد أفضل [ من ] تلك النعمة. 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت، فقال: الحمد لله، إلا أدى شكرها. 15 – أبو علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن محمد، عن إسماعيل بن أبي الحسن، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه، فقد أدى شكرها. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء فيوجب الله له بها الجنة، ثم قال: إنه ليأخذ الاناء فيضعه على فيه فيسمي (4)


(1) الزخرف: 13. (2) المؤمنون: 92. (3) الاسراء: 80. وقوله (عليه السلام): منه قوله عز وجل سبحان الذى الاية. يعني ومن الحق الذى يجب إداؤه فيما أنعم الله عليه أن يقول عند ركوب الفلك أو الدابة اللتين أنعم الله بهما عليه ما قاله سبحانه تعليما لعباده وارشادا لهم حيث قال عز وجل: ” وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون لتستووا على ظهوره، ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا ” سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ” أي مطيقين وأن يقول عند نزوله من أحدهما: ” رب أنزلني منزلا مباركا وانت خير المنزلين ” وأن يقول عند دخوله الدار أو البيت: ” رب أدخلني مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا “. (4) التسمية أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.

[ 97 ]

ثم يشرب فينحيه وهو يشتهيه فيحمد الله، ثم يعود فيشرب، ثم ينحيه فيحمد الله ثم يعود فيشرب، ثم ينحيه فيحمد الله، فيوجب الله عز وجل بها له الجنة. 17 – ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني سألت الله عز وجل أن يرزقني مالا فرزقني وإني سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ولدا وسألته أن يرزقني دارا فرزقني وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا (1)، فقال: أما – والله – مع الحمد فلا. 18 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان قال خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من المسجد، وقد ضاعت دابته، فقال: لئن ردها الله علي لاشكرن الله حق شكره، قال: فما لبث أن اتي بها، فقال: الحمد لله، فقال له قائل: جعلت فداك أليس قلت: لاشكرن الله حق شكره؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ألم تسمعني قلت: الحمد الله؟. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن المثنى الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا ورد عليه أمر يسره قال: الحمد لله على هذه النعمة، وإذا ورد عليه أمر يغتم به قال: الحمد لله على كل حال. 20 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء فعل، قال: من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا. 21 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان ابن عثمان، عن حفص الكناسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عبد يرى مبتلى فيقول: ” الحمد الله الذي عدل عني ما ابتلاك به، وفضلني عليك بالعافية، اللهم عافني مما ابتليته به ” إلا لم يبتل بذلك البلاء.


(1) في القاموس استدرجه: خدعه وأدناه كدرجه واستدراجه تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار، أو أن يأخذه قليلا ولا يباغته والبغتة: الفجأة.

[ 98 ]

22 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رأيت الرجل وقد ابتلي وأنعم الله عليك فقل: اللهم إني لا أسحر ولا أفخر (1) ولكن أحمدك على عظيم نعمائك علي. 23 – عنه، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا الله ولا تسمعوهم فإن ذلك يحزنهم. 24 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في سفر يسير على ناقة له، إذا نزل فسجد خمس سجدات فلما أن ركب قالوا: يا رسول الله إنا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه؟ فقال نعم استقبلني جبرئيل (عليه السلام) فبشرني ببشارات من الله عز وجل، فسجدت لله شكرا لكل بشرى سجدة. 25 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا ذكر أحدكم نعمة الله عز وجل فليضع خده على التراب شكرا لله، فإن كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب وإن لم يكن يقدر على النزول للشهره فليضع خده على قربوسه وإن لم يقدر فليضع خده على كفه (2) ثم ليحمد الله على ما أنعم الله عليه. 26 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن هشام بن أحمر قال: كنت أسير مع أبي الحسن (عليه السلام) في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته، فخر ساجدا، فأطال وأطال، ثم رفع رأسه وركب دابته فقلت: جعلت فداك قد أطلت السجود؟ فقال: إنني ذكرت نعمة أنعم الله بها علي فأحببت أن أشكر ربي. 27 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما اعلم أو غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حق شكري، فقال، يا رب، وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك إلا وأنت أنعمت به علي؟ قال: يا موسى الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني.


(1) يعنى لا أسخر من هذا المبتلى بابتلائه بذلك ولا أفخر عليه ببرائتي منه (في). (2) في بعض النسخ [ فليضع كفه على خده ]

[ 99 ]

28 – ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن إسماعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات، ” اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى وبعد الرضا ” فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة. 29 – ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان نوح (عليه السلام) يقول ذلك (1) إذا أصبح، فسمي بذلك عبدا شكورا، وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صدق الله نجا. 30 – علي بن أبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن عمار الدهني قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن الله يحب كل قلب حزين ويحب كل عبد شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلانا؟ فيقول: بل شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره، ثم قال: أشكر كم لله أشكر كم للناس. (باب حسن الخلق) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن رجل من أهل المدينة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه


(1) يعني الدعاء المذكور السابق (آت).

[ 100 ]

ذنوبا لم ينقصه ذلك، [ قال ] وهو الصدق وأداء الامانة والحياء وحسن الخلق (1). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما يقدم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه (2). 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر ما تلج به امتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الاحمسي وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد (3). 8 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الاعمار. 9 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد قال: حدثني يحيى بن عمرو، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائه (عليهم السلام): الخلق الحسن يميث الخطيئة، كما تميث الشمس الجليد.


(1) لا يخفى أن الصدق يخرج كثيرا من الذنوب كالكذب وما يشاكله وكذا أداء الامانة يخرج كثيرا من الذنوب كالخيانة في أموال الناس ومنع الزكوات و الاخماس وسائر حقوق الله وكذا الحياء من الحق يمنعه من التظاهر باكثر المعاصي والحياء من الله يمنعه من تعمد المعاصي والاصرار عليها ويدعوه إلى التوبة سريعا وكذا حسن الخلق يمنعه عن المعاصي المتعلقة بايذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الارحام والاضرار بالمسلمين، فلا يبقى من الذنوب الا قليل لا يضر في ايمانه مع أنه موفق للتوبة والله الموفق. (2) أي يكون خلقه الحسن وسيعا بحيث يشمل جميع الناس (آت). (3) ” يميث الخطيئة ” بالثاء المثلثة أي يذيبها. والجليد ما يسقط على الارض من الندى فيجمد. كذا في المغرب وفى النهاية فيه حسن الخلق ي‍ ذيب الخطايا كما يذيب الشمس الجليد وهو الماء الجامد من البرد.

[ 101 ]

10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: هلك رجل على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) فاتي الحفارين فإذا بهم لم يحفروا شيئا وشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله ما يعمل حديدنا في الارض، فكأنما نضرب به في الصفا (1)، فقال: ولم إن كان صاحبكم لحسن الخلق، ايتوني بقدح من ماء، فأتوه به، فأدخل يده فيه، ثم رشه على الارض رشا، ثم قال: احفروا (2) قال: فحفر الحفارون، فكأنما كان رملا يتهايل عليهم (3). 11 – عنه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن الخلق منيحة (4) يمنحها الله عز وجل خلقه، فمنه سجية ومنه نية (5)، فقلت، فأيتهما أفضل؟ فقال: صاحب السجية، هو مجبول لا يستطيع غيره وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا، فهو أفضلهما. 12 – وعنه، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك و تعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه ويروح. 13 – عنه، عن عبد الله الحجال، عن أبي عثمان القابوسي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم. وفي رواية اخرى: ولولا ذلك لما تركوا وليا لله إلا قتلوه. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار


(1) الصفا جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء. (2) لعل مراده (صلى الله عليه وآله) بيان أنه ليس صعوبة الحفر من جهة أنه لا تقبله الارض، لانه كان حسن الخلق بل من خصوصية الارض. (3) هال عليه التراب فانهال صب. (4) المنيحة كسفينة والمنحة بالكسر: العطية. (5) ” فمنه سجية ” اي جبلة وطبيعة، وقوله ” ومنه نية ” أي يكون عن قصد واكتساب و تعمد (في).

[ 102 ]

عن العلاء بن كامل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا كانت يدك العليا عليه (1) فافعل، فإن العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن خلق، فيبلغه الله ب‍ [ حسن ] خلقه درجة الصائم القائم. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن بحر السقا قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا بحر حسن الخلق يسر، ثم قال: ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة قلت: بلى، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالس في المسجد إذا جاءت جارية لبعض الانصار وهو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي (صلى الله عليه وآله) فلم تقل شيئا ولم يقل لها النبي (صلى الله عليه وآله) شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة (2) من ثوبه ثم رجعت فقال لها الناس: فعل الله بك و فعل (3) حبست رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات، لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه، [ ل‍ ] يستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها و وهو يراني وأكره أن أستأمره في أخذها، فأخذتها. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم (4)؟ 17 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.


(1) أي كنت نفاعا له، يصل نفعك إليه من أية جهة كانت (في). (2) الهدبة: خمل الثوب. (3) دعاء عليها. (4) الاكناف بالنون جمع الكنف بمعنى الجانب والناحية يقال: رجل موطئ الاكناف أي كريم مضياف، وذكر أبن الاثير في النهاية هذا الحديث هكذا ” ألا أخبركم باحبكم إلى و وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة احاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ” قال: هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهى التمهيد والتذلل، وفراش وطئ لا يؤذى جنب النائم والاكناف: الجوانب، أراد الذين جوانبهم وطيئه يتمكن منها من يصاحبهم ولا يتأذى (في).

[ 103 ]

18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم. (باب حسن البشر (1)) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسن ابن الحسين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر. ورواه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلا أنه قال: يا بني هاشم. 2 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة: الانفاق من إقتار (2) والبشر لجميع العالم، والانصاف من نفسه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجل، فقال: يا رسول الله أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال: الق أخاك بوجه منبسط. 4 – عنه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما حد حسن الخلق؟ قال: تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن. 5 – عنه، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن فضيل قال (3): صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة ويدخلان الجنة والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة،


(1) البشر بالكسر: طلاقة الوجه و بشاشته ضد العبوس. (2) الاقتار: التضيق على الانسان في الرزق. (3) الضمير في قال راجع إلى الباقر أو الصادق (عليهما السلام) وكأنه سقط من النساخ أو الرواة وصنائع المعروف: الاحسان إلى الغير بما يعرف حسنه شرعا وعقلا وكان الاضافة للبيان (آت).

[ 104 ]

عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسن البشر يذهب بالسخيمة (1). (باب الصدق واداء الامانة) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين ابن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الامانة إلى البر والفاجر. 2 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة (2) و الصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الامانة. – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من صدق لسانه زكى عمله. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في أول دخلة دخلت عليه: تعلموا الصدق قبل الحديث. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي كهمس قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام، قال: عليك وعليه السلام إذا أتيت عبد الله فاقرأه السلام وقل له: إن جعفر بن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به علي (عليه السلام) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالزمه، فإن عليا (عليه السلام) إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصدق الحديث وأداء الامانة. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري عن فضيل بن يسار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا فضيل إن الصادق أول من يصدقه الله عز وجل، يعلم أنه صادق وتصدقه نفسه تعلم أنه صادق.


(1) السخيمة: الحقد في النفس. (2) اللهج بالشئ: الحرص عليه.

[ 105 ]

7 – ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما سمي إسماعيل صادق الوعد لانه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة (1) فسماه الله عز وجل صادق الوعد، ثم [ قال ] إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل مازلت منتظرا لك. 8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن جده الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا ربيع إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صديقا (2). 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العبد ليصدق حتى يكتب عند الله من الصادقين ويكذب حتى يكتب عند الله من الكاذبين فإذا صدق قال الله عز وجل: صدق وبر، وإذا كذب قال الله عز وجل: كذب وفجر (3). 10 – عنه (4)، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منك الاجتهاد والصدق والورع. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم قال: قال أبو الوليد حسن بن زياد الصيقل: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من صدق لسانه زكى عمله ومن حسنت نيته زيد في رزقه ومن حسن بره بأهل بيته مد له في عمره. 12 – عنه، عن أبي طالب، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شئ اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.


(1) أي يراقب ذلك المكان ليجئ صاحبه. (2) الصديق مبالغة في الصدق أو التصديق والايمان بالرسول قولا وفعلا. والصديقون هم قوم دون الانبياء في الفضيلة. (3) البر: التوسع في فعل الخير ويستعمل في الصدق لكونه بعض الخيرات للتوسع فيه وبر العبد ربه توسع في طاعته وسمى الكاذب فاجرا لكون الكذب بعض الفجور. قاله الراغب. (4) ضمير عنه راجع إلى أحمد (آت).

[ 106 ]

(باب الحياء) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحياء من الايمان والايمان في الجنة. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الحياء والعفاف والعي (1) – أعني عي اللسان لا عي القلب – من الايمان. 3 – الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن مصعب بن يزيد، عن العوام ابن الزبير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من رق وجهه رق علمه (2). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن يحيى أخي دارم عن معاذ بن كثير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: الحياء والايمان مقرونان في قرن (3) فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا إيمان لمن لا حياء له. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحياء حياءان: حياء عقل وحياء حمق، فحياء العقل، هو العلم وحياء الحمق هو الجهل.


(1) عيى بامنطق كرضى بالكسر: حسر. والمراد بعى اللسان ترك الكلام فيما لا فائدة فيه. (2) المراد برقة الوجه الاستحياء عن السؤال وطلب العلم وهو مذموم، فانه لا حياء في طلب العلم ولا في إظهار الحق وإنما الحياء عن الامر القبيح، قال الله تعالى: ” إن الله لا يستحيى عن الحق ” ورقة العلم كناية عن قلته: وما قيل: إن المراد برقة الوجه قلة الحياء فضعفه ظاهر (آت). (3) القرن: حبل يجمع به البعيران.

[ 107 ]

7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات (1): الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر. (باب العفو) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق (2) الدنيا والآخرة؟: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس ابن يعقوب، عن غرة بن دينار الرقي، عن أبي إسحاق السبيعي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أدلكم على خير أخلاق الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله نشيب اللفائفي، عن حمران بن أعين قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة: تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك. 4 – علي، عن أبيه ; ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الاولين والآخرين


(1) إشارة إلى قوله تعالى: ” إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله رحيما ” سورة الفرقان: 96 (2) الخلائق جمع الخليقة وهى الطبيعة والمراد هنا الملكات النفسانية الراسخة (آت).

[ 108 ]

في صعيد واحد، ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس (1) فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلما، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن جهم بن الحكم المدائني عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالعفو، فان العفو لا يزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن سعدان، عن معتب قال: كان أبو الحسن موسى (عليه السلام) في حائط له يصرم (2) فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة (3) من تمر فرمى بها وراء الحائط، فأتيته وأخذته وذهبت به إليه، فقلت: جعلت فداك إني وجدت هذا وهذه الكارة، فقال للغلام: يا فلان قال: لبيك، قال: أتجوع؟ قال: لا يا سيدي، قال: فتعرى؟ قال: لا يا سيدي، قال: فلاي شئ أخذت هذه؟ قال: اشتهيت ذلك، قال: اذهب فهي لك وقال: خلوا عنه. 8 – عنه، عن ابن فضال قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) (4) يقول: ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن فضال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي (صلى الله عليه وآله) فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيا لم يضره وإن كان ملكا أرحت الناس منه، قال: فعفا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها. 10 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمر،


(1) أي جماعة من الناس والرؤساء. (2) صرم النخل: جره والفعل كضرب. (3) الكارة مقدار معلوم من الطعام. (4) هو الرضا (عليه السلام).

[ 109 ]

عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ثلاث لا يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزا: الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه. (باب كظم الغيظ) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما احب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا اكافي بها صاحبها (1). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان وعلي بن النعمان عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإن عظيم الاجر لمن عظيم البلاء (2) وما أحب الله قوما إلا ابتلاهم. 3 – عنه، عن علي بن النعمان، ومحمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه (3). 4 – عنه، عن محمد بن سنان، عن ثابت مولى آل حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كظم الغيظ عن العدو في دولاتهم تقية حزم (4) لمن أخذ به وتحرز من التعرض للبلاء في الدنيا ومعاندة الاعداء في دولاتهم ومماظتهم (5) في غير تقية ترك أمر الله فجاملوا الناس (6) يسمن ذلك لكم عندهم ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلوا.


(1) يعنى ما ارضى أن أذل نفسي ولى بذلك حمر النعم أي كرائمها وهى مثل في كل نفيس و نبه بذكر تجرع الغيض عقيب هذا على أن في التجرع العز وفى المكافاة الذل (في). (2) في بعض النسخ [ عظم البلاء ]. (3) أريد باعداء النعم الحساد وبالعصيان الحسد وما يترتب عليه وبالطاعة الصبر على اذى الحاسد وما يقتضيه (في). (4) الحزم ضبط الامر والاخذ فيه بالثقة. (5) المظاظة شقة الخلق وفظاظته. ومظظته: لمته وماظظته مماظة ومماضا: شاورته ونازعته والخصم لازمته (آت). (6) أي ماسحه بالجميل وأحسن عشرته وقوله: ” يسمن ذلك لكم عندهم ” كذا في اكثر النسخ من قولهم سمن فلان يسمن من باب تعب وفى لغة من باب قرب إذا كثر لحمه وشحمه، كناية عن العظمة والنمو ويمكن أن يقرء على بناء المفعول من باب الافعال أو التفعيل أي يفعل الله ذلك مرضيا محبوبا عندهم وفى بعض النسخ [ يسمى ] على بناء المفعول (آت).

[ 110 ]

5 – علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، عن مالك بن حصين السكوني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من عبد كظم غيظا إلا زاده الله عز وجل عزا في الدنيا والآخرة، وقد قال الله عز وجل: ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (1) ” وأثابه الله مكان غيظه ذلك. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، أملا الله قلبه يوم القيامة رضاه. 7 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن غالب ابن عثمان، عن عبد الله بن منذر، عن الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة. 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا زيد اصبر على أعداء النعم، فانك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه، يا زيد إن الله اصطفى الاسلام واختاره، فأحسنوا صحبته بالسخاء و حسن الخلق. 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حفص بياع السابري عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب السبيل إلى الله عز وجل جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة مصيبة تردها بصبر. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي أبي: يا بني ما من شئ اقر لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر وما من شئ يسرني أن لي بذل نفسي حمر النعم (2). 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن


(1) آل عمران 128. والكاظمين أي الممسكين عليه الكافين عن إمضائه مع القدرة قاله البيضاوى. (2) أي كرائم النعم، كذا في المغرب وقال الكرماني: حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم والنعم المال الراعى وهو جمع ولا واحد له من لفظه وأكثر ما يقع على الابل.

[ 111 ]

معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اصبروا (1) على أعداء النعم (2) فانك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه. 12 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلاد، عن الثمالي، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: قال: ما احب أن لي بذل نفسي حمر النعم وما تجرعت من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا اكافي بها صاحبها. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من جرعة يتجرعها العبد أحب إلى الله عز وجل من جرعة غيظ يتجرعها عند ترددها في قلبه، إما بصبر وإما بحلم (3). (باب الحلم) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله (4) قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما، وإن الرجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابدا حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة قال: المؤمن خلط عمله بالحلم (5)، يجلس ليعلم، وينطق ليفهم، لا يحدث أمانته (6) الاصدقاء، ولا يكتم شهادته الاعداء (7) ولا يفعل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء، إن زكي خاف مما يقولون، واستغفر الله مما لا يعلمون (8)، لا يغره قول من جهله ويخشى إحصاء ما قد عمله.


(1) كذا في جميع النسخ التى رأيناها. (2) أي الحساد. (3) في بعض النسخ [ أما يصبر وأما يحلم ]. (4) في بعض النسخ [ محمد بن عبد الله ]. (5) في مجالس الصدوق ” المؤمن خلط عمله ” وهو أظهر وأوفق بسائر الاخبار وقوله ” يجلس ليعلم ” أي يختار مجلسا يحصل فيه التعلم وإنما يجلس له، لا للاغراض الفاسدة وفى المجالس بعده ” ينصت ليسلم ” أي من مفاسد النطق. ” وينطق ليفهم ” أي إنما ينطق في تلك المجالس. ليفهم ما أفاده العالم إن لم يفهمه، لا للمعارضة والجدال وإظهار الفضل (آت). (6) أي السر الذي ائتمن عليه الاصدقاء فكيف الاعداء (آت). (7) أي لو كان عنده شهادة لعدو لا تحمله العداوة على الكتمان. (8) أي من عيوبه ومعاصيه التى صار عدم علمهم بها سببا لتزكيتهم له (آت).

[ 112 ]

3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: إن الله عز وجل يحب الحيي الحليم. 5 – عنه، عن علي بن حفص العوسي (1) الكوفي، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط. 6 – عنه، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كفى بالحلم ناصرا، وقال: إذا لم تكن حليما فتحلم 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله الحجال، عن حفص ابن أبي عائشة قال: بعث أبو عبد الله (عليه السلام) غلاما له في حاجة فأبطأ، فخرج أبو عبد الله (عليه السلام) على أثره لما أبطأ، فوجده نائما، فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه، فلما تنبه قال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا فلان والله ما ذلك لك، تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب الحيي الحليم العفيف المتعفف. 9 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن علي بن محبوب، عن أيوب بن نوح، عن عباس بن عامر، عن ربيع بن محمد المسلي، عن أبي محمد، عن عمران، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما: قلت وقلت (2) وأنت أهل لما قلت، ستجزي بما قلت ويقولان للحليم


(1) في بعض النسخ [ العويسى ]. وفى بعضها [ الاوسي ]. وفى بعضها [ القرشى ] (2) التكرار لبيان كثرة الشتم وقول الباطل. وربما يقرء الثاني بالفاء.

[ 113 ]

منهما: صبرت وحلمت سيغفر الله لك إن أتممت ذلك، قال: فإن رد الحليم عليه ارتفع الملكان. (باب) * (الصمت وحفظ اللسان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة (1) إنه دليل على كل خير. 2 – عنه، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا حعفر (عليه السلام) يقول: إنما شيعتنا الخرس (2). 3 – عنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي علي الجواني، قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول لمولى له يقال له سالم – ووضع يده على شفتيه وقال: – يا سالم احفظ لسانك تسلم ولا تحمل الناس على رقابنا. 4 – عنه، عن عثمان بن عيسى قال: حضرت أبا الحسن (صلوات الله عليه) وقال له رجل: أوصني فقال له: احفظ لسانك تعز ولا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك (3). 5 – عنه، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل أتاه: ألا أدلك على أمر يد خلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله (4)، قال: فان كنت أحوج ممن انيله؟ قال: فانصر المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للاخرق (5) يعني أشر عليه (6)


(1) في بعض النسخ [ الجنة ]. (2) الخرس بالضم جمع الاخرس: أي هم لا يتكلمون باللغو والباطل وفيما لا يعلمون وفى مقام التقية، خوفا على أئمتهم وأنفسهم وأخوانهم، فكلامهم قليل فكأنهم خرس (آت). (3) القياد ككتاب: حبل تقاد به الدابة. وتمكين الناس من القيادة كناية عن تسلطهم واعطاء حجة لهم على ايذائه واهانته بترك التقية. ونسبة الاذلال إلى الرقبة لظهور الذل فيها أكثر من سائر الاعضاء وفيه ترشيح للاستعارة السابقة لان القياد يشد على الرقبة (آت)، (4) أي أعط المحتاجين مما أعطاك الله تعالى. (آت). (5) الخرق بالضم: الجهل والحمق، والاخرق: الجاهل بما يجب أن يعمله ومن لا يحسن التصرف في الامور ولم يكن في يديه صنعة يكتسب بها، ومنه الحديث ” تعين صانعا أو تصنع لاخرق ” (في). (6) ” أشر عليه ” يعنى ارشده للخير وما ينبغى له.

[ 114 ]

قال: فان كنت اخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك: ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن ابي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم (1) ” قال: يعني كفوا ألسنتكم. 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نجاة المؤمن [ في ] حفظ لسانه. 10 – يونس، عن مثنى، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر – رحمه الله – يقول: يا مبتغي العلم (2) إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (3). 11 – حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو ابن جميع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان المسيح (عليه السلام) يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون (4). 12 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة


(1) النساء: 77. (2) مبتغي العلم: طالبه. (3) الورق: الفضة من الدراهم. (4) فيه دلالة على أن كثرة الكلام في الامور المباحة يوجب قساوة القلب، واما الكلام في الامور الباطلة فقليله كالكثير في إيجاب القساوة والنهى عنه (آت).

[ 115 ]

عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من يوم إلا وكل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان (1) يقول: نشدتك الله أن نعذب فيك. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إبراهيم ابن مهزم الاسدي، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما: نثاب ونعاقب بك. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن قيس أبي إسماعيل – وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا – رفعه قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني فقال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني قال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (2). 15 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه (3). 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الارض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي [ وجلالي ] لاعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك.


(1) يكفر اللسان أي يذل ويخضع والتكفير هو أن ينحنى الانسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه. ” نشدتك الله ” أي: سألتك بالله وأقسمت عليك (آت). (2) يعنى ما يقطعون من الكلام الذى لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع تشبيها بما يحصد من الزرع وتشبيها للسان وما يقطعه من القول بحد المنجل الذى يحصد به (في). (3) انما حضر عذابه لانه أكثر ما يكون يندم على ماقاله ولا ينفعه الندم ولانه قلما يكون كلام لا يكون موردا للاعتراض ولا سيما إذا كثر. ويمكن أن يكون المراد بحضور عذابه حضور أسبابه.

[ 116 ]

17 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان في شئ شؤم ففي اللسان (1) 18 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، جميعا، عن الوشاء قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الغفاري، عن جعفر ابن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه (2). 20 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه. 21 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا. (باب المداراة) (3) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله وخلق يداري به الناس وحلم يرد به جهل الجاهل. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين ابن الحسن قال: سمعت جعفرا (عليه السلام) يقول: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال:


(1) الشوم: الشر، وشئ مشوم أي غير مبارك وكثرة شومه لكثرة المضرات والمفاسد المرتبة عليها لان له تعلقا بكل خير وشر، فميدان شره أوسع من ميدان شر جميع الجوارح، فمن أطلق عنانه في ميدانه أورده في مهاوى الهلاك ولا شوم أعظم من ذلك. (2) يعنيه أي يهمه أو يعضده من عنيت به إذا هممت واشتغلت به. (لح). (3) المدارات غير مهموزة: ملاينة الناس وحسن صحبتهم واحتمال أذاهم لئلا ينفروا عنك. وقد تهمز. (في).

[ 117 ]

يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: دار خلقي. 3 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في التوراة مكتوب – فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (عليه السلام) -: يا موسى اكتم مكتوم سري في سريرتك وأظهر في علانيتك المداراة عني (1) لعدوي وعدوك من خلقي ولا تستسب لي عندهم باظهار مكتوم سري فتشرك عدوك وعدوي في سبي. 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حمزة بن بزيع، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض. 5 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مداراة الناس نصف الايمان والرفق بهم نصف العيش، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): خالطوا الابرار سرا وخالطوا الفجار جهارا ولا تميلوا عليهم فيظلموكم، فإنه سيأتي عليكم زمان لا ينجو فيه من ذوي الدين إلا من ظنوا أنه أبله وصبر نفسه على أن يقال [ له ]: إنه أبله لا عقل له. 6 – علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، ذكره، عن محمد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قوما من الناس قلت مداراتهم للناس فانفوا من قريش (2) وأيم الله ماكان بأحسابهم بأس وإن قوما من غير قريش حسنت


(1) لما كان أصل الدرء الدفع وهو مأخوذ في المداراة عديت بعن ” ولا تستسب لى عندهم ” أي لا تطلب سبى فان من لم يفهم السر يسب من تكلم به ” فتشرك ” أي تكون شريكا لانك أنت الباعث له عليه (في) وفى بعض النسخ [ ولا تسبب ]. (2) ” فانفو ” كذا في أكثر النسخ وكأنه على بناء الافعال مشتقا من النفى بمعنى الانتفاء فان النفي يكون لازما ومتعديا لكن هذا البناء لم يأت في اللغة. أو هو على بناء المفعول من انف من قولهم انفه ويأنفه ضرب انفه فيدل على النفى مع مبالغة فيه وهو اظهر وابلغ. وقيل كأنه صيغة مجهول من الانفة بمعنى الاستنكاف إذ لم يأتي الانفاء بمعنى النفى وهذا لا يستقيم لان الفساد مشترك إذ لم يأت انف بهذا المعنى على بناء المجهول فانه يقال انف منه كفرح أنفا وأنفة أي إستنكف وفى كثير من النسخ [ فالقوا ] أي اخرجوا واطرحوا منهم وفى الخصال ” فنفوا ” وهو أظهر (آت) أقول: بل هو من باب الافعال مبنيا للمفعول قطعا لا غيره والاصل ” انفيوا ” جيئ بها في قبال ” الحقوا ” لمشاكلة الباب.

[ 118 ]

مداراتهم فالحقوا بالبيت الرفيع، قال: ثم قال: من كف يده عن الناس فإنما يكف عنهم يدا واحدة ويكفون عنه أيدي كثيرة. (باب الرفق) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لكل شئ قفلا وقفل الايمان الرفق (1). 2 – وباسناده قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): من قسم له الرفق قسم له الايمان. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الازرق، عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق فمن رفقه بعباده تسليله أضغانهم (2) ومضادتهم (3) لهواهم وقلوبهم ومن رفقه بهم أنه يدعهم على الامر يريد إزالتهم عنه رفقا بهم لكيلا يلقي عليهم عرى الايمان (4) ومثاقلته جملة واحدة فيضعفوا فإذا أراد ذلك نسخ الامر بالآخر (5) فصار منسوخا.


(1) الرفق لين الجانب والرأفة وترك العنف والغلظة في الافعال والاقوال على الخلق في جميع الاحوال سواء صدر عنهم بالنسبة إليه خلاف الادب أو لم يصدر، فيه تشبيه الايمان بالجوهر النفيس الذى يعتنى بحفظه والقلب بخزانة والرفق بالقفل لانه يحفظه عن خروجه وطريان المفاسد عليه، فان الشيطان سارق الايمان ومع فتح القفل وترك الرفق يبعث الانسان على امور من الخشونة والفحش والقهر والضرب وأنواع الفساد وغيرها من الامور التى توجب نقص الايمان أو زواله (آت). (2) التسليل: انتزاع الشئ وإخراجه في رفق [ والاضغان: الاحقاد التى في القلوب و والعداوة والبغضاء ] والمضادة: منع الخصم عن الامر برفق أراد (عليه السلام) ان الله سبحانه انما كلف عباده بالاوامر والنواهي متدرجا لكيلا ينفروا، مثال ذلك تحريم الخمر في صدر الاسلام فانه نزلت أولا آية أحسوا منها بتحريمها ثم نزلت اخرى أشد من الاولى واغلظ ثم ثلث باخرى اغلظ وأشد من الاوليين وذلك ليوطن الناس أنفسهم عليها شيئا فشيئا ويسكنوا إلى نهيه فيها وكان التدبير من الله على هذا الوجه اصوب وأقرب لهم إلى الاخذ بها واقل لنفارهم منها. (في). (3) في بعض النسخ [ ومضادته ]. (4) في بعض النسخ [ عرى الاسلام ]. (5) في بعض النسخ [ فإذا أراد ذلك الامر نسخ بالاخر ].

[ 119 ]

4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الرفق يمن والخرق شوم (1). 5 – عنه، عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الرفق لم يوضع على شئ إلا زانه (2)، ولا نزع من شئ إلا شانه. 7 – علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن أبي المقدام، رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن في الرفق الزيادة والبركة ومن يحرم الرفق يحرم الخير. 8 – عنه، عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مازوي الرفق عن أهل بيت إلا زوي عنهم الخير. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى، عن إسماعيل بن يسار، عن أحمد بن زياد بن أرقم الكوفي، عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما أهل بيت اعطوا حظهم من الرفق فقد وسع الله عليهم في الرزق، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال، والرفق لا يعجز عنه شئ والتبذير لا يبقى معه شئ، إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق (3) 10 – علي بن إبراهيم رفعه، عن صالح بن عقبة، عن هشام بن أحمر، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال لي – وجرى بيني وبين رجل من القوم كلام فقال لي -: ارفق بهم


(1) اليمن بالضم: البركة والخرق بالضم وبالتحريك: ضد الرفق. (2) زانه من الزينة وشأنه من الشين أي العيب. (3) لعل المراد بهذه الاخبار أن الرفق يصير سببا للتوسع في الرزق والزيادة فيه وفى الرفق الخير والبركة وأن الرفق مع التقدير في المعيشة خير من الخرق في سعة من المال والرفيق يقدر على كل ما يريد بخلاف الاخرق، والسر فيه أن الناس إذا رأوا من أحد الرفق أحبوه وأعانوه والقى الله له في قلوبهم العطف والود، فلم يدعوه يتعب أو يتعسر عليه أمره (في).

[ 120 ]

فإن كفر أحدهم (1) في غضبه ولا خير فيمن كان كفره في غضبه. 11 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: الرفق نصف العيش. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): إن الله يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجف (2) فانزلوها منازلها، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عنها وإن كانت مخصبة فانزلوها منازلها. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو كان الرفق خلقا يرى ما كان مما خلق الله شئ أحسن منه. 14 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن حدثه، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الله رفيق يحب الرفق ومن رفقه بكم تسليل أضغانكم ومضادة قلوبكم وإنه ليريد تحويل العبد عن الامر فيتركه عليه حتى يحوله بالناسخ، كراهية تثاقل الحق عليه. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عز وجل أرفقهما بصاحبه. 16 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن الحسن بن الحسين، عن فضيل ابن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس.


(1) في بعض النسخ [ أحدكم ]. (2) في المغرب العجف بالتحريك: الهزال والاعجف: المهزول والانثى: العجفاء والعجفاء يجمع على عجف كصماء على صم وفى المصباح الجدب هو المحل لفظا ومعنى وهو انقطاع المطر ويبس الارض، يقال جدب البلد بالضم جدوبة فهو جدب وجديب وأرض جدبة وجدوب واجدبت اجدابا فهى مجدبة. وقال الجوهرى: نجوت نجاء ممدودا أي اسرعت وسبقت والناجية والنجاة. الناقة السريعة تنجوا بمن ركبها والبعير ناج. والخصب بالكسر: نقيض الجدب

[ 121 ]

(باب التواضع) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب (1) واصحابه فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب (2) قال: فقال جعفر (عليه السلام): فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال: الحمد لله الذي نصر محمدا وأقر عينه، ألا ابشركم؟ فقلت: بلى أيها الملك، فقال: إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك فأخبرني أن الله عز وجل قد نصر نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) وأهلك عدوه واسر فلان وفلان وفلان التقوا بواد يقال له: بدر كثير الاراك لكأني أنظر إليه (3) حيث كنت أرعى لسيدي هناك وهو رجل من بني ضمرة فقال له جعفر: أيها الملك فمالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان؟ فقال له: يا جعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى (عليه السلام) أن من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عندما يحدث لهم من نعمة فلما أحدث الله عز وجل لي نعمة بمحمد (صلى الله عليه وآله) أحدثت لله هذا التواضع فلما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم الله، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعه، فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو يزيد صاحبه عزا، فاعفوا يعزكم الله.


(1) النجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم وبالشين المعجمة لقب ملك الحبشة والمراد هنا الذي أسلم وآمن بالنبي (صلى الله عليه وآله) واسمه اصحمة بن بحر، أسلم قبل الفتح ومات قبله صلى عليه النبي (صلى الله عليه وآله) لما جاء خبر موته. وجعفر بن أبى طالب هو أخو أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان أكبر منه بعشر سنين وهو من كبار الصحابة ومن الشهداء الاولين وهو صاحب الهجرتين هجرة الحبشة وهجرة المدينة واستشهد يوم موته، سنة ثمان وله احدى وأربعون سنة فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة مابين طعنة برمح وضربة بسيف وقطعت يداه في الحرب فأعطاه الله جناحين يطير بهما في الجنة، فلقب ذا الجناحين (آت). (2) ثوب خلق أي بال يستوى فيه المذكر والمؤنث لانه في الاصل مصدر الاخلق وهو الاملس والجمع خلقان. (3) من كلام العين.

[ 122 ]

2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه ومن تكبر وضعاه. 3 – ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشية خميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولي الانصاري بعس مخيض بعسل (1) فلما وضعه على فيه نحاه، ثم قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه، لا أشربه ولا احرمه ولكن أتواضع لله، فإن من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن داود الحمار (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله. وقال: من أكثر ذكر الله أظله الله في جنته (3). 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يذكر أنه أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملك فقال: إن الله عز وجل يخيرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا أو ملكا رسولا، قال: فنظر إلى جبرئيل وأومأ بيده (4) أن تواضع، فقال: عبدا متواضعا، رسولا، فقال الرسول (5): مع أنه لا ينقصك مما عند ربك شيئا، قال: ومعه مفاتيح خزائن الارض (6). 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس وأن تسلم على من تلقى وأن تترك


(1) العس بالضم: القدح. مخض اللبن كنصر وضرب ونفع: أخذ زبده فهو مخيض وممخوض، وقوله: ” بعسل ” أي ممزوج بعسل. (2) في بعض النسخ [ الجماز ] (3) أي آواه تحت قصورها وأشجارها أو وقع عليه ظل رحمته أو أدخله في كنفه وحمايته كما يقال فلان في ظل فلان (آت). (4) كأنه يستشيره، وهذه الجملة وما بعدها معترضة ولهذا لم يقل: ” فاومأ ” بالفاء. (5) ” فقال الرسول ” يعنى الملك. (6) يعنى قال أبو جعفر (عليه السلام): وكان مع الملك عند تبليغ هذه الرسالة المفاتيح ويحتمل أن يكون ضمير قال راجعا إلى الملك ومفعول القول محذوفا والواو في قوله ” ومعه ” للحال أي قال ذلك ومعه المفاتيح. وقيل راجع إلى الرسول أي قال (صلى الله عليه وآله): لا اقبل وإن كان معه المفاتيح ولا يخفى ما فيه (آت).

[ 123 ]

المراء وإن كنت محقا وأن لا تحب أن تحمد على التقوى. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن علي بن يقطين، عمن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) أن: يا موسى أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا رب ولم ذاك؟ قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه أن يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن، فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خدك على التراب – أو قال: على الارض (1) -. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: مر علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) على المجذمين (2) وهو راكب حماره وهم يتغدون (3) فدعوه إلى الغداء، فقال: أما إني لولا أني صائم لفعلت فلما صار إلى منزله أمر بطعام، فصنع وأمر أن يتنوقوا فيه (4)، ثم دعاهم فتغدوا عنده و تغدى معهم (5). 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن هارون ابن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن من التواضع أن يجلس الرجل دون شرفه. 10 – عنه، عن ابن فضال ومحسن بن أحمد، عن يونس بن يعقوب قال: نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئا وهو يحمله فلما رآه الرجل استحيى منه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): اشتريته لعيالك وحملته إليهم أما والله لولا أهل المدينة لاحببت أن أشتري لعيالي الشئ ثم أحمله إليهم (6). 11 – عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام) يا داود كما أن أقرب الناس


(1) الترديد من الراوى. (2) المجذم بفتح الذال والمجذوم: المبتلى بالجذام وهو داء يحدث من غلبة السوداء فيفسد مزاج الاعضاء. (3) في بعض النسخ [ يتغذون ] بالذال المعجمة في الجميع. (4) أي يتكلفوا فيه ويعملوه لذيذا حسنا. وفى بعض النسخ [ يتأنقوا ]. (5) هذا ليس بصريح في الاكل معهم في إناء واحد فلا ينافى الامر بالفرار من المجذوم في قولهم: ” فر من المجذوم فرارك من الاسد “. (6) يدل على استحباب شراء الطعام للاهل وحمله إليهم وانه مع ملامة الناس الترك اولى (آت).

[ 124 ]

من الله المتواضعون كذلك أبعد الناس من الله المتكبرون. 12 – عنه، عن أبيه، عن علي بن الحكم رفعه إلى أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) في السنة التي قبض فيها أبو عبد الله (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك مالك ذبحت كبشا ونحر فلان بدنة (1)؟ فقال: يا أبا محمد إن نوحا (عليه السلام) كان في السفينة وكان فيها ما شاء الله وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت وهو طواف النساء وخلى سبيلها نوح (عليه السلام)، فأوحى الله عز وجل إلى الجبال أني واضع سفينة نوح عبدي على جبل منكن، فتطاولت وشمخت (2) وتواضع الجودي وهو جبل عندكم فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل (3)، قال: فقال نوح (عليه السلام) عند ذلك: يا ماري اتقن، وهو بالسريانية [ يا ] رب أصلح، قال: فظننت أن أبا الحسن (عليه السلام) عرض بنفسه (4). 13 – عنه، عن عدة من أصحابه (5)، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال: التواضع أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه. وفي حديث آخر قال: قلت: ما حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ فقال: التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها (6) بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن الناس، والله يحب المحسنين. (باب) * (الحب في الله والبغض في الله) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله


(1) البدنة: الناقة أو البقرة والجمع بدن بضمتين وبدن باسكان الدال. (2) أي ترفعت وعلت. (3) الجؤجؤ كهدهد: الصدر. (4) عرض بنفسه يعنى أراد بهذه الحكاية أن يتبين أنه إنما تواضع بذبح الشاة دون أن ينحر البدنة ليجبر الله تواضعه ذلك بالرفعة في قدره في الدنيا والاخرة (في). (5) في بعض النسخ [ عن عدة من أصحابنا ]. (6) أي دفعها.

[ 125 ]

فهو ممن كمل إيمانه. 2 – ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سعيد الاعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أوثق عرى الايمان أن تحب في الله وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله (1). 3 – ابن محبوب، عن أبي جعفر محمد بن النعمان الاحول صاحب الطاق، عن سلام ابن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ود المؤمن (2) للمؤمن في الله من أعظم شعب الايمان، ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوهم ونور أجسادهم ونور منابرهم كل شئ حتى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابون في الله. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عليهم السلام) عن الحب والبغض، أمن الايمان هو؟ فقال: وهل الايمان إلا الحب والبغض؟ ثم تلا هذه الآية ” حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون ” (3). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن علي بن يحيى – فيما أعلم – عن عمرو بن مدرك الطائي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاصحابه: أي عرى الايمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة وقال بعضهم: الزكاة وقال بعضهم: الصيام وقال بعضهم: الحج


(1) في بعض النسخ بصيغة الغايب في الجميع. (2) وددته من باب تعب ودا بفتح الواو وضمها: أحببته، والاسم المودة. ويقال هذه. المسألة كثيرة الشعب أي التفاريع والشعبة من الشجرة: الغصن المتفرع منها والجمع الشعب مثل غرف. والشعبة من الشئ: الطائفة منه والشعب بالكسر: الطريق. (3) الحجرات: 7.

[ 126 ]

والعمرة وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل ما قلتم فضل وليس به (1) ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي (2) أولياء الله و التبري من أعداء الله. 7 – عنه، عن محمد بن علي، عن عمر بن جبلة الاحمسي، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء، في ظل عرشه عن يمينه – وكلتا يديه يمين – وجوههم أشد بياضا وأضوء من الشمس الطالعة، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب وكل نبي مرسل، يقول الناس: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله. 8 – عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إذا جمع الله عز وجل الاولين والآخرين قام مناد فنادى يسمع الناس فيقول: أين المتحابون في الله، قال: فيقوم عنق من الناس فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب، قال: فتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة بغير حساب، قال: فيقولون: فأي ضرب (3) أنتم من الناس؟ فيقولون نحن المتحابون في الله، قال: فيقولون: وأي شئ كانت أعمالكم؟ قالوا: كنا نحب في الله ونبغض في الله، قال: فيقولون: نعم أجر العاملين. 9 – عنه، عن علي بن حسان، عمن ذكره، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاث من علامات المؤمن: علمه بالله ومن يحب ومن يبغض (4). 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله الجنة بحبكم وإن الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله ألله ببغضكم النار. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن العرزمي، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر


(1) أي ليس بالاوثق. (2) في بعض النسخ [ تولى ]. (3) في بعض النسخ [ أي حزب ]. (4) ” علمه بالله ” أي بذاته وصفاته بقدر وسعه وطاقته ” ومن يحب ومن يبغض ” أي من يحبه الله ومن يبغضه الله. أو الضمير في الفعلين راجع إلى المؤمن أي علمه بمن يجب أن يحبه ويجب أن يبغضه.

[ 127 ]

إلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب. 12 – عنه، عن أبي علي الواسطي، عن الحسين بن أبان، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو أن رجلا أحب رجلا لله لاثابه الله على حبه إياه وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النار ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لاثابه الله على بغضه إياه وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة (1). 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بشير الكناسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قد يكون حب في الله ورسوله وحب في الدنيا فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله وما كان في الدنيا فليس بشئ. 14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المسلمين يلتقيان، فأفضلهما اشدهما حبا لصاحبه. 15 – عنه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وابن فضال، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لاخيه. 16 – الحسين بن محمد، عن محمد بن عمران السبيعي، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له.


(1) هذا إذا لم يكن مقصرا في ذلك ولا مستندا إلى ضلالته وجهالته كالذين يحبون الضلالة ويزعمون أن ذلك لله فان ذلك لمحض تقصيرهم عن تتبع الدلائل واتكالهم على متابعة الاباء و تقليد الكبراء واستحسان الاهواء، بل هو كما أحب منافقا يظهر الايمان والاعمال الصالحة وفى باطنه منافق فاسق فهو يحبه لايمانه وصلاحه لله وهو مثاب بذلك وكذا في الثاني فان أكثر المخالفين يبغضون الشيعة ويزعمون أنه لله وهم مقصرون في ذلك كما عرفت، وأما من رأى شيعة يتقى من المخالفين ويظهر عقائدهم وأعمالهم ولم ير ولا سمع منه ما يدل على تشيعه فان أبغضه ولعنه فهو في ذلك مثاب مأجور وإن كان من أبغضه من أهل الجنة ومثابا عند الله بتقيته (آت).

[ 128 ]

(باب) * (ذم الدنيا والزهد فيها) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم ابن واقد الحريري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا، ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يجد الرجل حلاوة الايمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا ثم قال: أبو عبد الله (عليه السلام): حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا (1). 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيوب الخزاز عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن من أعون الاخلاق على الدين الزهد في الدنيا. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه أن رجلا سأل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن الزهد، فقال: عشرة أشياء، فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا، ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله عز وجل: ” لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم (2) “.


(1) لظهور أن الاشتغال بالدنيا وصرف الفكر في طرق تحصيلها ووجه ضبطها ورفع موانعها مانع عظيم من تفرغ القلب للامور الدينية وتفكره فيها وطلب أمر الاخرة (لح). (2) الحديد: 23.

[ 129 ]

5 – وبهذا الاسناد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول: كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط وإنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. 6 – علي، عن أبيه، عن ابن محبوب عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة [ الحياة ] الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص، فالمغبون من حرم حظه من الآخرة. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شئ من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) وهو محزون فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الارض، فقال: يا محمد هذه مفاتيح خزائن الارض يقول لك ربك: افتح وخذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئا عندي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الدنيا دار من لا دار له (1) ولها يجمع من لا عقل له، فقال الملك: والذي بعثك بالحق نبيا لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء الرابعة، حين اعطيت المفاتيح. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجدي أسك (2) ملقى على مزبلة ميتا، فقال لاصحابه: كم يساوي هذا؟ فقالوا لعله لو كان حيا لم يساو درهما، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذا الجدي على أهله (3).


(1) لعل المراد أن الدنيا دار من لا دار له غيرها وليس له في الاخرة نصيب (2) الجدى: ولد المعز في السنة الاولى. وأسك أي مصطلم الاذنين مقطوعهما. (3) الغرض من هذا السؤال تقريرهم على أنه خبيث لا قيمة له، فهم أقروا بذلك فقالوا:

[ 130 ]

10 – علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عمن ذكره، عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أراد الله بعبد خيرا زهده في الدنيا وفقهه في الدين وبصره عيوبها (1) ومن اوتيهن فقد اوتي خير الدنيا والآخرة، وقال: لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا وهو ضد لما طلب أعداء الحق، قلت: جعلت فداك مماذا (2)؟ قال: من الرغبة فيها، وقال: الا من صبار كريم، فانما هي أيام قلائل، ألا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الايمان حتى تزهدوا في الدنيا. قال: وسمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما (3) و وجد حلاوة حب الله وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط (4) وإنما خالط القوم حلاوة حب الله، فلم يشتغلوا بغيره. قال: وسمعته يقول: إن القلب إذا صفا ضاقت به الارض حتى يسمو. 11 – علي، [ عن أبيه ]، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) أي الاعمال أفضل عند الله عز وجل؟ فقال: ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله) أفضل من بغض الدنيا، وإن لذلك لشعبا كثيرة (5) وللمعاصي شعبا، فأول ما عصي الله به الكبر وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين، والحرص وهي


لو كان حيا لم يساو درهما فهو على هذه الحالة الكريهة غير مرغوب لاحد فلا قيمة له: فالغرض من هذا التقرير تنفيرهم عن الدنيا بتشبيهها به وتفضيلها عليه في الهون والخبث (لح). (1) أي عيوب الدنيا. ” ومن اوتيهن ” أي تلك الخصال الثلاث. وفيه اشعار بأنها لا تتيسر إلا بتوفيق الله تعالى (آت). (2) أي مماذا طلب أعداء الحق مطلوبهم. وقوله: ” الا من صبار كريم ” إستثناء من الرغبة يعني إلا أن يكون الرغبة فيها من صبار كريم فانها لا تضره لانه يزوى نفسه عنها ويزوها عن نفسه ويحتمل أن يكون الهمزة استفهامية ولا نافية ومن مزيدة والمعنى ألا يوجد صبار كريم النفس يصبر على الدنيا ويزهد فيها. ” وإنما هي أيام قلائل ” هو ترغيب في الزهد وتسهيل لتحصيله (في) (3) من السمو: العلو والارتفاع. (4) خولط أي أفسد عقله بما خالطه من المفسدة (في) (5) ” إن لذلك ” أي بغض الدنيا ” لشعبا ” أي من الصفات الحسنة والاعمال الصالحة وهى ضد شعب المعاصي. (آت)

[ 131 ]

معصية آدم وحوا (1) حين قال الله عز وجل لهما: ” كلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (2) ” فأخذا مالا حاجة بهما إليه فدخل ذلك (3) على ذريتهما إلى يوم القيامة وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الانبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا دنياآن: دنيا بلاغ (4) ودنيا ملعونة. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في طلب الدنيا إضرارا بالاخرة و في طلب الآخرة إضرارا بالدنيا، فأضروا بالدنيا فإنها أولى بالاضرار (5). 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): حدثني بما أنتفع به فقال: يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا. 14 – عنه، عن علي بن الحكم، عن الحكم بن أيمن، عن داود الابزاري قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ملك ينادي كل يوم: ابن آدم لد للموت واجمع للفناء وابن للخراب (6). 15 – عنه، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة (7)، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة،


(1) ” هي معصية آدم ” عند الامامية مجاز والنهى عندهم تنزيه. (آت) (2) البقرة: 35. (3) أي الحرص. أو أخذ ما لا حاجة به. (آت) (4) أي بقدر الضرورة. أو بقدر ما يبلغ به إلى الاخرة ويحصل به مرضات الرب. (5) يومى إلى أن المذموم من الدنيا ما يضر بأمر الاخرة، فاما ما لا يضر به كقدر الحاجة في البقاء والتعيش فليس بمذموم (آت) وفى بعض النسخ [ أحق بالاضرار ]. (6) في النهج كذا ” لدوا للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب “. (7) كذا.

[ 132 ]

ولا تكونوا من أبناء الدنيا، [ ألا ] وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة. ألا إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الارض بساطا، والتراب فراشا، والماء طيبا، وقرضوا من الدنيا تقريضا (1). ألا ومن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات (2) ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب. ألا إن لله عبادا كمن رأى اهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما قليلة، فصاروا بعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم وهم يجأرون (3) إلى ربهم، يسعون في فكاك رقابهم، وأما النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح قد براهم (4) الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى – وما بالقوم من مرض – أم خولطوا (5) فقد خالط القوم أمر عظيم ; من ذكر النار وما فيها. 16 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبي عبد الله المؤمن، عن جابر قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا جابر والله إني لمحزون، وإني لمشغول القلب، قلت: جعلت فداك وما شغلك؟ وما حزن قلبك؟ فقال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي


(1) القرض: القطع أي قطعوا أنفسهم من الدنيا تقطيعا باقلاع قلوبهم عنها (في). (2) في بعض النسخ [ عن الحرمات ]. جمع الحرمة كالغرفات جمع الغرفة. (3) أي يتضرعون. جأر إلى الله أي تضرع. (4) القداح بالكسر: السهم بلا ريش ولا نصل، شبههم في نحافة ابدانهم بالاسهم، ثم ذكر ما يستعمل في السهم أعنى البرى وهو النحت من العبادة أي من كثرتها إن تعلق بقوله: ” كأنهم القداح ” أو من قلتها إن تعلق بالخوف (في). (5) قوله: ” أم خولطوا ” أي أو يقول: خولطوا ويحتمل أن يكون قوله: ” مرضى ” على الاستفهام وقوله: ” أم خولطوا ” معادلا له من كلام الناظر فاعترض جوابه (عليه السلام) بين أجزاء كلامه والحاصل أنهم لما كانوا لشدة اشتغالهم بحب الله وعبادته واعتزالهم عن عامة الخلق ومباينة أطوارهم لاطوارهم وأقوالهم لاقوالهم ويسمعون منهم ما هو فوق إدراكهم وعقولهم فتارة ينسبونهم إلى المرض الروحانى وهو الجنون واختلاط العقل بما يفسده وتارة إلى المرض الجسماني فأجاب عن الاول بالنفى المطلق وعن الثاني بأن المخالطة متحققة لكن لا بما يفسده العقل بل بما يكمله من خوف النار وحب الملك الغفار (آت).

[ 133 ]

خالص دين الله شغل قلبه عما سواه، يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا هل هي إلا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟!. يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها ولم يأمنوا قدومهم الآخرة، يا جابر الآخرة دار قرار، والدنيا دار فناء وزوال ولكن أهل الدنيا أهل غفلة وكأن المؤمنين هم الفقهاء أهل فكرة وعبرة، لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما سمعوا بآذانهم، ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم ففازوا بثواب الآخرة، كما فازوا بذلك العلم. واعلم يا جابر أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، تذكر فيعينونك وإن نسيت ذكروك (1)، قوالون بأمر الله قوامون على أمر الله، قطعوا محبتهم بمحبة ربهم ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم ونظروا إلى الله عز وجل وإلى محبته بقلوبهم وعلموا أن ذلك هو المنظور إليه، لعظيم شأنه، فأنزل الدنيا كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه، أو كمال وجدته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شئ، إني [ إنما ] ضربت لك هذا مثلا، لانها عند أهل اللب والعلم بالله كفيئ الظلال، يا جابر فاحفظ ما استرعاك الله (2) عز وجل من دينه وحكمته ولا تسألن عما لك عنده إلا ما له عند نفسك، فإن تكن الدنيا على غير ما وصفت لك فتحول إلى دار المستعتب (3)، فلعمري لرب حريص على أمر قد شقي به حين أتاه ولرب كاره لامر قد سعد به حين أتاه، وذلك قول الله عز وجل: ” وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق


(1) أي إن كنت ذاكرا لله وطاعته فهم يعينونك وإن كنت ناسيا لهما ذكروك (لح). (2) الاسترعاء طلب الرعاية و لعل المراد بقوله: ” لا تسألن عما لك عنده ” انك لا تحتاج إلى أحد تسأله عن ثوابك عند الله إذ ليس ذلك إلا بقدر ما له عند نفسك أعنى بقدر رعايتك دينه و حكمته فاجعله المسؤول وتعرف ذلك منه أو المراد لا تسأل عن ذلك بل سل عن هذا فانك انما تفوز بذلك بقدر رعايتك هذا أي تكن الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتكون تطمئن إليها فعليك أن تتحول فيها إلى دار ترضى فيها ربك يعنى أن تكون في الدنيا ببدنك وفى الاخرة بروحك، تسعى في فكاك رقبتك وتحصيل رضا ربك عنك حتى يأتيك الموت. وهذا الحديث مما ذكره الحسن بن على بن شعبة في تحف العقول ولم يذكر فيه لفظة ” غير ” وعلى هذا فلا حاجة إلى التكلف في معناه (في). (3) في الحديث ” لا يكون بعد الموت من مستعتب ” أي ليس بعد الموت من استرضاء.

[ 134 ]

الكافرين (1) “. 17 – عنه، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قال أبو ذر رحمه الله جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر وبعد شملتي الصوف أتزر بإحداهما وأتردى بالاخرى. 18 – وعنه، عن علي بن الحكم، عن المثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبو ذر – رضي الله عنه – يقول في خطبته: يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا ما ينفع خيره ويضر شره إلا من رحم الله (2)، يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها، يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله عز وجل، فإنك مثاب بعملك كما تدين تدان يا مبتغي العلم. 19 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لي وللدنيا (3) إنما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها (4) ثم راح وتركها. 20 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الازدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام: مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما ازدادت على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان فيما وعظ به لقمان ابنه: يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لاولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد


(1) آل عمران: 141 والتمحيص، الابتلاء والامتحان. والمحق: المحو والبطلان. (2) ” إلا ” في قوله: ” إلا ما ينفع ” كلمة استثناء وما موصولة فالمعنى أن ما يتصور في هذه الدنيا إما شئ ينفع خيره أو شئ يضر شره إلا من رحم الله أو كل شئ في الدنيا له جهة نفع وجهة ضر لكل الناس الا من رحم الله فيوفقه للاحتراز عن جهة شره. (3) في بعض النسخ [ ما أنا والدنيا ]. (4) يوم صائف: يوم حار وقوله: ” فقال تحتها ” من القيلولة أي الاستراحة.

[ 135 ]

امرت بعمل ووعدت عليه أجرا فأوف عملك واستوف أجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في ذرع أخضر فأكلت حتى سمن فكان حتفها (1) عند سمنها ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر. أخربها ولا تعمرها (2)، فإنك لم تؤمر بعمارتها. واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته (3) وعمرك فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا، فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أمرك، واكشف الغطاء عن وجهك و تعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك واكمش (4) في فراغك قبل أن يقصد قصدك (5) ويقضى قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد. 21 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام) يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من اتخذها أبا واما (6) يا موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذا لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها، يا موسى نافس (7) في الخير أهله واستبقهم إليه، فإن الخير كاسمه واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ولا تنظر عينك إلى كل مفتون بها وموكل إلى نفسه، واعلم أن كل فتنة بدؤها حب الدنيا ولا تغبط أحدا بكثرة المال فان مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق، ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه، حتى تعلم أن الله راض عنه ولا تغبطن مخلوقا بطاعة الناس له، فإن طاعة الناس له واتباعهم إياه على غير


(1) ” حتفها ” أي هلاكها. وسمن يسمن سمنا: كثر شحمه. (2) ” أخربها ” أي دعها خرابا بترك ما لا يحتاج إليه. (3) البالى هو الذى استعمل حتى أشرف على الاندراس. (4) الكمش: السعي. أي أسرع وعجل. (5) ” قصدك ” أي نحوك، كناية عن توجه ملك الموت إليه لقبض روحه أو توجه الامراض والبلايا من الله إليه. (6) أي: فيغدو ويروح إليها متحننا. (7) من المنافسة وهى الرغبة في الشئ والانفراد به.

[ 136 ]

الحق هلاك له ولمن اتبعه. 22 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في كتاب علي (صلوات الله عليه): إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع، يحذرها الرجل العاقل، و يهوى إليها الصبي الجاهل. 23 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بعض أصحابه يعظه: اوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته ولا يرجى غيره، ولا الغنى إلا به، فإن من اتقى الله جل وعز وقوي وشبع وروي، ورفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب شبهاتها وأضر والله بالحلال الصافي إلا مالا بدله من كسرة (1) [ منه ] يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته، من أغلظ ما يجد وأخشنه، ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الاشياء، فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الاضلاع وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر، فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب، فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا [ أ ] وبعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الاماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الاولاد والاهلون، فانقطع إلى الله بقلب منيب، من رفص الدنيا وعزم (2) ليس فيه انكسار ولا انخزال (3) أعاننا الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته. 24 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة وغيره، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله.


(1) الكسر – بالكسر -: القطعة من الشئ المكسور والجمع كسر مثل قطعة وقطع والمراد كسرة من الخبز. (2) عطف على قلب. (3) الانخزال: الانقطاع.

[ 137 ]

25 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: قال عيسى بن مريم (صلوات الله عليه) للحواريين: يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا كما لا يأسى (1) أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم. (باب) (2) 1 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه إلا كففت عليه ضيعته وضمنت السماوات والارض (3) رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر (4). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن ابن سنان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: وعزتي وجلالى وعظمتي وبهائي وعلو ارتفاعي لا يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في شئ من أمر الدنيا إلا جعلت غناه في نفسه وهمته في آخرته وضمنت السماوات والارض رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر. (باب القناعة) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن زيد الشحام، عن عمرو بن هلال قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إياك أن تطمح بصرك (5) إلى من هو فوقك، فكفى بما قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): ” ولا تعجبك أموالهم


(1) الاسى: الحزن على فوت الفائت (آت). (2) إنما لم يعنون هذا الباب لانه قريب من الباب الاول فكأنه داخل في عنوانه لانه فيه المنع عن إيثار هوى الانفس وشهواتها على رضا الله تعالى وليس هذا الايثار إلا لحب الدنيا وشهواتها ولكن لما لم يذكر في الخبرين ذكر الدنيا صريحا أفرد لهما بابا وألحقه بالباب السابق. (آت) (3) ” ضمنت ” على صيغة المتكلم من باب التفعيل أي جعلت السماوات والارض ضامنتين لرزقه، كناية عن تسبب الاسباب السماوية والارضية (آت). (4) أي كنت له عوضا من تجارة كل تاجر، فان كل تاجر يتجر لمنفعة دنيوية أو اخروية ولما أعرض عن جميع ذلك كنت انا ربح تجارته أو كنت له بعد حصول تجارة كل تاجر. (5) ” تطمع ” الظاهر أنه على بناء الافعال ونصب البصر ويحتمل أن يكون على بناء المجرد ورفع البصر أي لا ترفع بصرك بأن تنظر إلى من هو فوقك في الدنيا فتتمنى حاله ولا ترضى بما أعطاك الله.

[ 138 ]

ولا أولادهم (1) ” وقال: ” ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا (2) ” فإن دخلك من ذلك شئ فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف (3) إذا وجده. 2 – الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، جميعا عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم بن واقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة: ابن آدم كن كيف شئت كما تدين تدان، من رضي من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤنته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: من لم يقنعه من الرزق إلا الكثير لم يكفه من العمل إلا الكثير ومن كفاه من الرزق القليل فإنه يكفيه من العمل القليل. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فان أيسر ما فيها يكفيك وإن كنت إنما تريد ما لا


(1) التوبة: 56. والاية هكذا ” فلا تعجبك.. الخ. (2) طه: 131. وقوله: ” لا تمدن عينيك ” أي لا تمدن نظر عينيك إلى ما متعنا به إستحسانا للمنظور إليه وتمنيا أن يكون لك مثله وقوله: ” أزواجا منهم ” أي أصنافا من الكفار. وقوله: ” زهرة الحياة الدنيا ” منصوب بمعنى متعنا لان معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة أي بهجة ونضارة ” لنفتنهم فيه ” أي لنختبرهم. (3) الوقود: الحطب وما يوقد به. والسعف: أغصان النخل مادامت في الخوص.

[ 139 ]

يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك. 7 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن محمد الاسدي، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اشتدت حال رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت له امرأته، لو أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألته (1) فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما رآه النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله، فقال الرجل: ما يعني غيري فرجع إلى امرأته فأعلمها، فقالت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر فأعلمه (2) فأتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله، حتى فعل الرجل ذلك ثلاثا ثم ذهب الرجل فاستعار معولا ثم أتى الجبل، فصعده فقطع حطبا، ثم جاء به فباعه بنصف مد من دقيق فرجع به فأكله، ثم ذهب من الغد، فجاء بأكثر من ذلك فباعه، فلم يزل يعمل ويجمع حتى اشترى معولا، ثم جمع حتى اشترى بكرين (3) وغلاما ثم أثرى (4) حتى أيسر فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبي (صلى الله عليه وآله) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قلت لك: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد خالد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن الفرات، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يد غيره. 9 – عنه، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر [ أ ] و أبي عبد الله (عليهما السلام) قال: من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس. 10 – عنه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران قال: شكا رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه يطلب فيصيب ولا يقنع، وتنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه وقال: علمني شيئا أنتفع به، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن كان ما يكفيك يغنيك، فأدنى ما فيها يغنيك وإن كان ما يكفيك لا يغنيك فكل ما فيها لا يغنيك.


(1) ” لو ” للتمني. (2) أي أنه (صلى الله عليه وآله) بشر، لا يعلم الغيب. (3) البكر بالفتح من الابل بمنزلة الغلام من الناس والانثى: بكرة. (4) من الثروة أي كثر ماله.

[ 140 ]

11 – عنه، عن عدة من أصحابنا، عن حنان بن سدير، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيها يكفيه ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شئ يكفيه. (باب الكفاف) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن غير واحد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: إن من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال (1)، ذا حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه بالغيب، وكان غامضا في الناس (2) جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجلت منيته (3) فقل تراثه وقلت بواكيه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافا. 3 – النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف والكفاف وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد (4). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد النوفلي، رفعه إلى علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصبوح الحي (5)


(1) ” خفيف الحال ” أي قليل المال والحظ من الدنيا، وفى بعض النسخ بالمهملة بمعنى سوء العيش وقلة المال ولعل الصحيح ” خفيف الحاذ ” وفى النهاية: ” وفيه أغبط الناس المؤمن الخفيف الحاذ، الحاذ والحال واحد وأصل الحاذ طريقة المتن وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس أي خفيف الظهر من العيال ومنه: ليأتين على الناس زمان يغبط فيه الرجل بخفة الحاذ “. (2) في النهاية أي مغمورا غير مشهور. (3) كأن المراد بعجلة المنية زهده في مشتهيات الدنيا وعدم افتقاره إلى شئ منها كأنه ميت وفى الحديث ” موتوا قبل أن تموتوا ” (في). (4) ذلك لان المال والولد فتنة لمن افتتن بها وربما يكون الولد عدوا كما قال الله تعالى: ” وان من اموالكم وأولادكم عدوا لكم “. (5) الصبوح: مايشرب بالغداة والغبوق ما يشرب بالعشى.

[ 141 ]

وأما ما في آنيتنا فغبوقهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم أكثر ماله وولده، ثم مر براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ (1) ما في إنائه في إناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعث إليه بشاة وقال: هذا ما عندنا وإن أحببت أن نزيدك زدناك؟ قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم ارزقه الكفاف فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه ودعوت للذي أسعفك بحاجتك (2) بدعاء كلنا نكرهه؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى (3): اللهم ارزق محمدا وآل محمد الكفاف. 5 – عنه، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول: يحزن عبدي المؤمن إن قترت عليه وذلك أقرب له مني، ويفرح عبدي المؤمن إن وسعت عليه وذلك أبعد له مني. 6 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد الازدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ] قال الله عز وجل: إن من أغبط أوليائي عندي عبد مؤمنا ذا حظ من صلاح، أحسن عبادة ربه، وعبد الله في السريرة وكان غامضا في الناس فلم يشر إليه بالاصابع (4)، وكان رزقه كفافا، فصبر عليه فعجلت به المنية، فقل تراثه وقلت بواكيه.


(1) ” أكفأ ” أي قلب وكب. في القاموس كفأه كمنعه: صرفه وكبه وقلبه كاكفاء. (2) ” أسعفك بحاجتك ” أي قضاها لك. (3) ” ألهى ” أي شغل عن الله وعن عبادته. (4) ” فلم يشر ” على بناء المجهول كناية عن عدم الشهرة تأكيدا وتفريعا على الفقرة السابقة وقد مر مضمونه في الحديث الاول ولله در من نظم الحديثين فقال: أخص الناس بالايمان عبد * * خفيف الحاذ مسكنه القفار له في الليل حظ من صلاة * * ومن صوم إذا طلع النهار وقوت النفس يأتي من كفاف * * وكان له على ذاك اصطبار وفيه عفة وبه خمول * * إليه بالاصابع لا يشار وقل الباكيات عليه لما * * قضى نحبا وليس له يسار فذلك قد نجى من كل شر * * ولم تمسسه يوم البعث نار ” آت “

[ 142 ]

(باب) * (تعجيل فعل الخير) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان قال: حدثني حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره فإن العبد ربما صلى الصلاة أو صام اليوم فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [ الله ] لك (1). 2 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): افتتحوا نهاركم بخير وأملوا على حفظتكم في أوله خيرا وفي آخره خيرا، يغفر لكم ما بين ذلك إن شاء الله. 3 – عنه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: إذا هممت بخير فبادر، فإنك لا تدري ما يحدث. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب من الخير ما يعجل. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن بشير بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أردت شيئا من الخير فلا تؤخره، فإن العبد يصوم اليوم الحار يريد ما عند الله فيعتقه الله به من النار، ولا تستقل ما يتقرب به إلى الله عز وجل ولو شق تمرة (2). 6 – عنه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من هم بخير فليعجله ولا يؤخره، فإن العبد ربما عمل العمل فيقول الله تبارك وتعالى: قد غفرت لك ولا أكتب عليك شيئا أبدا ومن هم بسيئة


(1) يعنى أن العبادة التى توجب المغفرة التامة مستورة على العبد لا يدرى أيها هي، فكلما هم بعبادة فعليه امضاؤها قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك العبادة (في). (2) النهى عن الاستقلال انما هو قبل الفعل لئلا يمنعه عن الاتيان به وأما بعد ما يأتي به فلا ينبغى أن يستكثر عمله فيصير معجبا به، وقوله: ” ولو شق تمرة ” يعني التصدق به (في).

[ 143 ]

فلا يعملها، فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه الله سبحانه فيقول: لا وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا. 7 – علي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا هممت بشئ من الخير فلا تؤخره، فإن الله عز وجل ربما أطلع على العبد وهو على شئ من الطاعة فيقول: وعزتي وجلالي لا اعذبك بعدها أبدا، وإذا هممت بسيئة فلا تعملها، فإنه ربما أطلع الله على العبد وهو على شئ من المعصية فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا. 8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن أبي جميلة عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا هم أحدكم بخير أو صلة (1) فإن عن يمينه وشماله شيطانين، فليبادر لا يكفاه (2) عن ذلك. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من هم بشئ من الخير فليعجله، فإن كل شئ فيه تأخير فإن للشيطان فيه نظرة (3). 10 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة وإن الله عز وجل خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة.


(1) ” بخير ” أي إيصال نفع إلى الغير أو الاعم منه ومن سائر الاعمال الصالحة التى تنتفع بها في الاخرة ” أو صلة ” أي صلة رحم من الوالدين والاقارب والاعم منهم ومن المؤمنين، أو المراد بالخير ما يصل نفعه إلى نفسه وبالصلة ما يصل إلى الغير (آت). (2) لا يكفاه أي لا يمنعاه. (3) ” نظرة ” اما بسكون الظاء يعنى فكرة لاحداث حيلة يكف بها العبد عن الاتيان بالخير أو بكسرها يعنى مهلة يتفكر فيها لذلك (في).

[ 144 ]

(باب) * (الانصاف والعدل) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسن ابن حمزة، عن جده [ عن ] أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في آخر خطبته: طوبى لمن طاب خلقه وطهرت سجيته وصلحت سريرته وحسنت علانيته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله وأنصف الناس من نفسه. 2 – عنه، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة (1)؟ أنفق ولا تخف فقرا، وأفش السلام في العالم، واترك المراء وإن كنت محقا، وأنصف الناس من نفسك. 3 – عنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن جارود أبي المنذر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سيد الاعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى بشئ إلا رضيت لهم مثله ومؤاساتك الاخ (2) في المال وذكر الله على كل حال ليس سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واللة أكبر فقط ولكن إذا ورد عليك شئ أمر الله عز وجل به أخذت به أو إذا ورد عليك شئ نهى الله عز وجل عنه تركته. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى (3)، عن يحيى بن أحمد، عن أبي محمد الميثمي، عن رومي بن زرارة عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزا.


(1) في المحاسن ” من يضمن لي أربعة أضمن له أربعة أبيات ” وقوله: ” أنفق ولا تخف ” على سبيل الاستيناف. (2) الاسوة بكسر الهمزة وضمها: القدوة، والمؤاساة: المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق. وأصلها الهمزة قلبت واوا تخفيفا ويأتي مزيد بيانه في الحديث السابع. (3) في بعض النسخ [ عبد الله بن المعلى ].

[ 145 ]

5 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عز وجل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة (1) في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال بالحق فيما له وعليه. 6 – عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في حديث له: ألا اخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه، فذكر ثلاثة أشياء أولها: إنصاف الناس من نفسك. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيد الاعمال إنصاف الناس من نفسك ومؤاساة الاخ في الله وذكر الله عز وجل على كل حال (2). 8 – علي، عن أبيه، عن أبن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزاز قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ألا اخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه [ ثلاث ] (3) قلت: بلى قال: إنصاف الناس من نفسك ومؤاساتك أخاك وذكر الله في كل موطن، أما إني لا أقول سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر وإن كان هذا من ذاك ولكن ذكر الله عز وجل في كل موطن، إذا هجمت (4) على طاعة أو على معصية. 9 – ابن محبوب، عن أبي اسامة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما ابتلي المؤمن بشئ أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها، قيل: وما هن؟ قال: المؤاساة في ذات


(1) ” لم تدعه ” أي لم تحمله من دعا يدعو. ” قدره ” بالتنوين أي قدرة على الحيف وهو الظلم والجور (آت). (2) المؤاسات بالهمزة بين الاخوان عبارة عن إعطاء النصرة بالنفس والمال وغيرهما في كل ما يحتاج إلى النصرة فيه، يقال: آسيته بمالى مؤاساة: أي جعلته شريكي فيه على سوية و بالواو لغة وفى القاموس في فصل الهمزة ” آساه بماله مؤاساة: أناله منه، أو لا يكون الا من كفاف فان كان من فضلة فليس بمؤاساة ” وجعلها بالواو لغة ردية (في). (3) ليس لفظة ثلاث في بعض النسخ وهو اظهر وعلى تقديره بدل أو عطف بيان للاشد أو خبر مبتدأ محذوف. (4) على بناء المعلوم أو المجهول، هجم عليه: انتهى إليه بغتة. وفى بعض النسخ [ هممت ].

[ 146 ]

يده والانصاف من نفسه وذكر الله كثيرا، أما إني لا أقول: سبحان الله والحمد لله، [ ولا إله إلا الله ] ولكن ذكر الله عند ما أحل له وذكر الله عند ما حرم عليه. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جده أبي البلاد رفعه قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يريد بعض غزواته، فأخذ بغرز (1) راحلته فقال: يا رسول الله علمني عملا أدخل به الجنة، فقال: ما أحببت أن يأتيه الناس إليك (2) فأته إليهم وما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم، خل سبيل الراحلة. 11 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام (3) عن عبد الكريم، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه (4) وإن قل. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن يوسف ابن عمران بن ميثم، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى آدم (عليه السلام) إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات، قال: يا رب وما هن؟ قال: واحدة لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين الناس قال: يا رب بينهن لي حتى أعلمهن، قال: أما التي لي فتعبدني، لا تشرك بي شيئا، وأما ألتي لك فاجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه (5)، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة، وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك.


(1) الغرز بفتح المعجمة وسكون الراء وآخره زاى: الركاب من الجلد (في). (2) أي يأتي به الناس اليك أو هو من قولهم أتى الامر أي فعله. أي يفعله الناس منتهيا إليك. (3) في بعض النسخ [ عيسى بن هشام ]. (4) أي في الامر وان قل ذلك الامر (في). (5) ” أحوج ” منصوب بالظرفية الزمانية فان كلمة ” ما ” مصدرية و ” أحوج ” مضاف إلى المصدر وكما أن المصدر يكون نائبا لظرف الزمان نحو رأيته قدوم الحاج فكذا المضاف إليه يكون نائبا له ونسبة الاحتياج إلى الكون على المجاز و ” تكون ” تامة وإليه متعلق بالاحوج و ضميره راجع إلى الجزاء الذى هو في ضمن أجزيك (آت).

[ 147 ]

14 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن غالب بن عثمان، عن روح ابن اخت المعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اتقوا الله واعدلوا، فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون. 15 – عنه (1)، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العدل أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأطيب ريحا من المسك. 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن عثمان بن جبلة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله (2): رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، ورجل لم يقدم رجلا ولم يؤخر رجلا حتى يعلم أن ذلك لله رضى، ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنه لا ينفي منها عيبا إلا بدا له عيب، وكفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس. 17 – عنه، عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا. 18 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن خالد بن نافع بياع السابري، عن يوسف البزاز قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما تدارأ (3) اثنان في أمر قط، فأعطى أحدهما النصف صاحبه فلم يقبل منه إلا اديل منه (4).


(1) الظاهر رجوع ضمير ” عنه ” إلى أحمد بن محمد بن عيسى في الخبر السابق وغفل عن توسط خبر آخر كما لا يخفى على المتتبع (آت). (2) الضمير راجع إلى الله أو إلى العرش وعلى الاول عبارة عن الراحة والنعيم، نحو هو في عيش ظليل والمراد ظل الكرامة. (3) التدارؤ: التدافع وزنا ومعنا من الدرء بمعنى الدفع. (4) الادالة: الغلبة، أديل منه أي صار مغلوبا. وفى الفائق ” أدال الله زيدا من عمر: نزع الله الدولة من عمرو وآتاها زيدا. انتهى ” يعنى جعلت الغلبة والنصرة له عليه.

[ 148 ]

19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد ابن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لله جنة لا يدخلها إلا ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحق. 20 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العدل أحلى من الماء يصيبه الظلمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قل (1). (باب) * (الاستغناء عن الناس) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس (2) من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا عند الله، فإذا علم الله عز وجل ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه. 3 – وبهذا الاسناد، عن المنقري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شئ ورد أمره إلى الله عز وجل في جميع اموره استجاب الله عز وجل له في كل شئ. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الا على بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: طلب الحوائج إلى الناس استلاب (3) للعز ومذهبة للحياء واليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن


(1) مضى هذا الحديث عن الحلبي بسند آخر. (2) في بعض النسخ [ فليأيس ] بتوسط الهمزة بين اليائين وكلاهما جائز وهو من المقلوب (آت). (3) الاستلاب: الاختلاس أي يصير سببا لسلب العز سريعا.

[ 149 ]

في دينه والطمع هو الفقر الحاضر 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلي اصيب منه، قال: أنا أضن بك أن تطلب مثل هذا وشبهه (1) ولكن عول على مالي (2). 6 – عنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن عمار، عن نجم بن حطيم (3) الغنوي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه أو ما سمعت قول حاتم: إذا ما عزمت اليأس ألفيته الغنى * * إذا عرفته النفس، والطمع الفقر (4) 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك (5). علي بن إبراهيم. عن أبيه، عن علي بن معبد قال: حدثني علي بن عمر، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ثم ذكر مثله.


(1) الضن: البخل، أي أنا أبخل بك من ان تضيع وتطلب هذه المطالب الخسيسة وأشباهها من الامور الدنياوية بل أريد أن تكون همتك أرفع من ذلك وتطلب المطالب العظيمة الاخروية أو أن تطلب حاجة من مثل هذا المخالف وأشباهه. (2) ” عول على مالى ” أي إذا كانت لك حاجة أعتمد على مالى وخذ منه ما شئت. ويدل على رفعة شأن البزنطى وكونه من خواصه (آت) (3) في بعض النسخ [ نجم بن خطيم ] بالمعجمة. (4) ذكر شعر حاتم ليس للاستشهاد به بل للشهرة وقوله: ” إذا ما عزمت ” كلمة ” ما ” زائدة وألفيت الشئ أي وجدته و ” الطمع ” مرفوع بالابتدائية و ” الفقر ” بالخبرية. (5) ” ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم ” أي العزم عليهما بان تعاملهم ظاهرا معاملة من يفتقر إليهم في لين الكلام وحسن البشر وإن تعاملهم من جهة أخرى معاملة من يستغنى عنهم بأن تنزه عرضك من التدنس بالسؤال عنهم وتبقى عزك بعدم التذلل عندهم للاطماع الباطلة (آت)

[ 150 ]

(باب صلة الرحم) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل ذكره: ” واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا (1) ” قال: فقال: هي أرحام الناس، إن الله عز وجل أمر بصلتها وعظمها، ألا ترى أنه جعلها منه (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار قال: قال: بلغني عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أهل بيتي أبوا إلا توثبا علي وقطيعة لي وشتيمة (3)، فأرفضهم؟ قال: إذا يرفضكم الله جميعا قال: فكيف أصنع؟ قال: تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، فإنك إذا فعلت ذلك كان لك من الله عليهم ظهير. 3 – وعنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها الله ثلاثين سنة ويفعل الله ما يشاء. 4 – وعنه، عن علي بن الحكم، عن خطاب الاعور، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): صلة الارحام تزكي الاعمال (4) وتنمي الاموال وتدفع البلوى و تيسر الحساب وتنسئ في الاجل (5).


(1) النساء: 2. تساءلون أي يسأل بعضكم بعضا فيقول: أسألك بالله، وأصله تتسائلون. والارحام اما عطف على الله أي اتقوا الارحام أن تقطعوها كما ورد في الحديث أو على محل الجار والمجرور كقولك: مررت بزيد وعمروا كما قيل وقرئ بالجر. ورحم الرجل قريبه المعروف بنسبه وإن بعدت لحمته وجاز نكاحه (في). (2) أي قرنها باسمه في الامر بالتقوى. (3) ” توثبا على ” في القاموس الوثب: الظفر وواثبه: ساوره، توثب في ضيعتي: استولى عليها ظلما. وقال: شتمه يشتمه ويشتمه شتما: سبه والاسم: الشتيمة. والرفض: الترك. (4) أي تنميها في الثواب أو تطهرها من النقائص أو تصيرها مقبولة كأنها تمدحها وتصفها بالكمال (آت). (5) أي تؤخر الاجل، النساء بالفتح: التأخير. –

[ 151 ]

5 – وعنه، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اوصي الشاهد من امتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال و أرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم وإن كانت منه على مسيرة سنة، فإن ذلك من الدين. 6 – وعنه، عن علي بن الحكم، عن حفص، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صلة الارحام تحسن الخلق وتسمح الكف وتطيب النفس (1) وتزيد في الرزق وتنسئ في الاجل. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الرحم معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني (2) وهي رحم آل محمد وهو قول الله عز وجل: ” الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل (3) ” ورحم كل ذي رحم. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أول ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم تقول: يا رب من وصلني في الدنيا فصل اليوم ما بينك وبينه، ومن قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه. 9 – عنه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): صل رحمك ولو بشربة من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كف الاذى عنها، وصلة الرحم منسأة في الاجل، محببة في الاهل (4). 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن فضيل بن يسار قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن الرحم معلقة يوم القيامة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني.


(1) السماحة: الجود ونسبتها الى الكف على المجاز لصدورها منها غالبا. وقوله: ” تطيب النفس ” أي تجعلها سمحة بالبذل والعفو والاحسان (آت). (2) هذا تشبيه للمعقول بالمحسوس واثبات لحق الرحم على أبلغ وجه. (3) الرعد: 27. (4) في بعض النسخ [ محبة ].

[ 152 ]

11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول، حافتا الصراط (1) يوم القيامة الرحم والامانة، فإذا مر الوصول للرحم، المؤدي للامانة نفذ إلى الجنة وإذا مر الخائن للامانة، القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل وتكفأ به (2) الصراط في النار. 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن قرط، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: صلة الارحام (3) تحسن الخلق، وتسمح الكف، وتطيب النفس، وتزيد في الرزق، وتنسئ في الاجل. 13 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن خطاب الاعور، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): صلة الارحام تزكي الاعمال، وتدفع البلوى، وتنمي الاموال، وتنسئ له في عمره، وتوسع في رزقه، وتحبب في أهل بيته، فليتق الله وليصل رحمه. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحكم الحناط قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الاعمار. 15 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعجل الخير ثوابا صلة الرحم. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره النساء في الاجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم، حتى أن الرجل


(1) أي جانباه. (2) أي تقلب، كفأت الاناء كببته وقلبته. (3) في بعض النسخ [ صلة الرحم ].

[ 153 ]

يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة، فيكون قاطعا للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، مثله. 18 علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن بعض اصحابه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) يريد البصرة، نزل بالربذة (1) فأتاه رجل من محارب، فقال: يا أمير المؤمنين إني تحملت في قومي حمالة (2) وإني سألت في طوائف منهم المؤاساة والمعونة فسبقت إلي ألسنتهم بالنكد (3) فمر هم يا أمير المؤمنين بمعونتي وحثهم على مؤاساتي، فقال: أين هم؟ فقال: هؤلاء فريق منهم حيث ترى، قال، فنص (4) راحلته فأدلفت كأنها ظليم (5) فأدلف بعض أصحابه في طلبها فلأيا بلأي مالحقت (6)، فانتهى إلى القوم فسلم عليهم وسألهم ما يمنعهم (7) من مؤاساة صاحبهم فشكوه وشكاهم، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): وصل امرؤ عشيرته (8)،


(1) الربذة محركة موضع قرب المدينة، مدفن أبى ذر الغفاري. ومحارب: قبيلة (في). (2) الحمالة بالفتح: ما يتحمله الانسان من غيره من دية أو غرامة، مثل أن يقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء فيدخل بينهم رجل فيتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين، والتحمل أن يحملها عنهم على نفسه (آت). (3) أي بالشدة والغلظ والعسر (لح) (4) بالنون والصاد المهملة أي حركها واستقصى سيرها (في). (5) أي مشت مشى المقيد وفوق الدبيب كأنها الذكر من النعام ” فأدلف ” أي تقدم. ” في طلبها ” أي في طلب الراحلة وقيل: أي الجماعة المشهودين، أو طلب بقية القوم والحاقهم بالمشهودين (في). (6) اللأى كالسعي: الابطاء والاحتباس وما مصدرية يعني فأبطا عليه السلام. واحتبس بسبب ابطاء لحوق القوم وفى بعض النسخ ” فلأيا ” على التثنية بضم الرجل معه (عليه السلام). أو بالنصب على المصدر (في). (7) ” ما ” استفهامية وضمير الغائب في يمنعهم وصاحبهم لتغليب بيان الحكاية على زمان المحكى. (8) ” وصل امرؤ ” أمر في صورة الخبر وكذا قوله: ” وصلت العشيرة ” والنكرة هنا للعموم نحوها في قولهم: ” انجز حر ما وعد ” (آت).

[ 154 ]

فإنهم أولى ببره وذات يده ووصلت العشيرة أخاها إن عثر به دهر وأدبرت عنه دنيا (1) فإن المتواصلين المتباذلين مأجورون، وإن المتقاطعين المتدابرين موزورون، [ قال ] ثم بعث راحلته وقال: حل (2). 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن يحيى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لن يرغب المرء عن عشيرته (3) وإن كان ذا مال وولد، وعن مودتهم وكرامتهم ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم، هم أشد الناس حيطة (4) من ورائه وأعطفهم عليه وألمهم لشعثه، إن أصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الامور، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنما يقبض عنهم يدا واحدة ويقبض عنه منهم أيدي كثيرة ومن يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودة، ومن بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته، ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، لا يزدادن أحدكم كبرا وعظما في نفسه ونأيا عن عشيرته، إن كان موسرا في المال، ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه بعدا، إذا لم يرمنه مروة وكان معوزا في المال (5) ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة أن يسدها بمالا ينفعه إن أمسكه ولا يضره إن استهلكه. 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سليمان بن هلال قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن آل فلان يبر بعضهم بعضا ويتواصلون،


(1) ” إن عثر به ” الباء للتعدية. يقال عثر كضرب ونصر وعلم وكرم أي كبا وسقط. (2) ” حل ” في أكثر النسخ بالحاء المهملة: زجر للناقة إذا حثثتها على السير. وقيل: هو بالتشديد أي حل العذاب على أهل البصرة لانه كان متوجها إليهم ولا يخفى ما فيه وفى بعض النسخ بالخاء المعجمة أي خل سبيل الراحلة، كأن السائل كان آخذا بغرز راحلته وهو المسموع عن المشايخ رضى الله عنهم (آت). (3) نهى مؤكد مؤبد في صورة النفى. ” ان كان ذو مال وولد ” يعني فلا يتكل عليهما فانهما لا يغنيانه عن العشيرة. وعشيرة الرجل قبيلته (آت). (4) أي محافظة وحماية وذبا عنه. (5) المعوز بكسر الواو: الذي لا شئ معه من المال.

[ 155 ]

فقال: إذا تنمى أموالهم وينمون، فلا يزالون في ذلك حتى يتقاطعوا، فإذا فعلوا ذلك انقشع عنهم (1). 21 – عنه، عن غير واحد، عن زياد القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة، فيصلون ارحامهم فتنمى أموالهم وتطول أعمارهم، فكيف إذا كانوا أبرارا بررة. 22 – وعنه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صلوا أرحامكم ولو بالتسليم، يقول الله تبارك وتعالى: ” واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا “. 23 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال قال: وقع بين أبي عبد الله (عليه السلام) وبين عبد الله بن الحسن كلام حتى وقعت الضوضاء بينهم (2) واجتمع الناس فافترقا عشيتهما بذلك وغدوت في حاجة، فإذا أنا بأبي عبد الله (عليه السلام) على باب عبد الله بن الحسن وهو يقول: يا جارية قولي لابي محمد [ يخرج ] قال: فخرج فقال: يا أبا عبد الله ما بكر بك؟ (3) فقال: إني تلوت آية من كتاب الله عز وجل البارحة فأقلقتني، قال: وما هي؟ قال: قول الله جل وعز ذكره: ” الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب (4) ” فقال: صدقت لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله جل وعز قط فاعتنقا وبكيا (5). 24 – وعنه، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لابي عبد الله


(1) أي إنكشف وزال نمو الاموال والانفس عنهم. (2) الضوضاء: أصوات الناس وجلبتهم. (3) ما بكر بك من البكور. وفى بعض النسخ [ ما يكربك ] من الاكراب وهو الاسراع. (4) الرعد: 21. (5) الظاهر ان هذا كان لتنبيه عبد الله وتذكيره بالاية ليرجع ويتوب والا فلم يكن ما فعله (عليه السلام) بالنسبة إليه قطعا للرحم بل كان عين الشفقة عليه لينزجر عما أراده من الفسق بل الكفر لانه كان يطلب البيعة منه عليه السلام لولده الميشوم كما مر [ ج 1 ص 358 ] أو شيئا آخر مثل ذلك واى أمر كان إذا تضمن مخالفته ومنازعته (عليه السلام) كان على حد الشرك بالله وأيضا مثله (صلوات الله عليه) لا يغفل عن هذه الامور حتى يتذكر بتلاوة القرآن، فظهر أن ذلك على وجه المصلحة ليتذكر عبد الله عقوبة الله ويترك مخالفة إمامه شفقة عليه. ولعل التورية في قوله: ” أقلقتنى ” القلق لعبدالله لا لنفسه لكن فيه دلالة على حسن رعاية الرحم وإن كان بهذه المثابة وكان فاسقا ضالا فتدبر (آت).

[ 156 ]

(عليه السلام): إن لي ابن عم أصله فيقطعني وأصله فيقطعني حتى لقد هممت لقطيعته إياي أن أقطعه أتأذن لي قطعه؟ قال: إنك إذا وصلته وقطعك وصلكما الله عز وجل جميعا وإن قطعته وقطعك قطعكما الله. 25 – عنه، عن علي بن الحكم، عن داود بن فرقد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إني احب أن يعلم الله أني قد أذللت رقبتي في رحمي وأني لابادر أهل بيتي، أصلهم قبل أن يستغنوا عني. 26 – عنه، عن الوشاء، عن محمد بن فضيل الصيرفي، عن الرضا (عليه السلام) قال: إن رحم آل محمد الائمة (عليهم السلام) لمعلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ثم هي جارية بعدها في أرحام المؤمنين، ثم تلا هذه الآية: ” واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام “. 27 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل (1) ” فقال: قرابتك. 28 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان وهشام بن الحكم ودرست بن أبي منصور، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ” الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل “؟ قال: نزلت في رحم آل محمد عليه وآله السلام وقد تكون في قرابتك. ثم قال: فلا تكونن ممن يقول للشئ: إنه في شئ واحد. 29 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة عن الوصافي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يمد الله في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه، فإن الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق (2) تقول: يا رب صل من وصلني واقطع من قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر في النار (3).


(1) الرعد: 21. (2) ذلق كنصر وفرح وكرم فهو ذيلق وذلق بالفتح وكصرد وعنق أي حديد بليغ. (3) أي تسقطه في أسفل قعور النار التى يستحقها مثله وربما يحمل على المستحل ويمكن حمله على من قطع رحم آل محمد عليهم السلام (آت).

[ 157 ]

30 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسن بن علي، عن صفوان عن الجهم بن حميد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): تكون لي القرابة على غير أمري، ألهم علي حق؟ قال: نعم حق الرحم لا يقطعه شئ وإذا كانوا على أمرك كان لهم حقان: حق الرحم وحق الاسلام. 31 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن صلة الرحم والبر ليهونان الحساب ويعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم وبروا بإخوانكم ولو بحسن السلام ورد الجواب. 32 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الصمد بن بشير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): صلة الرحم تهون الحساب يوم القيامة وهي منسأة في العمر وتقي مصارع السوء (1) وصدقة الليل تطفئ غضب الرب. 33 – علي، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن صلة الرحم تزكي الاعمال وتنمي الاموال وتيسر الحساب وتدفع البلوى وتزيد في الرزق. (باب البر بالوالدين) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وبالوالدين إحسانا (2) ” ما هذا الاحسان؟ فقال: الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين (3) أليس يقول الله عز وجل: ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون (4) ” قال: ثم قال أبو عبد الله


(1) الصرع: الطرح على الارض والمصرع يكون مصدرا واسم مكان ومصارع السوء كناية عن الوقوع في البلايا العظيمة الفاضحة الفادحة (آت). (2) الاسراء: 23. (3) ” وإن كانا مستغنيين ” أي يمكنهما تحصيل ما احتاجا إليه بمالهما (آت). (4) ” لن تنالوا البر ” ظاهر الخبر أن المراد بالبر في الاية بر الوالدين ويمكن ان يكون المراد اعم منه ويكون ايرادها لشمولها بعمومها لها وعلى التقديرين الاستشهاد اما لاصل البر أو لان اطلاق الاية شامل للانفاق قبل السؤال وحال الغنى لعدم التقييد فيها بالفقر والسؤال (آت).

[ 158 ]

(عليه السلام) وأما قول الله عز وجل: ” إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما (1) ” قال: إن أضجراك فلا تقل لهما: اف، ولا تنهرهما إن ضرباك، قال: ” وقل لهما قولا كريما ” قال: إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم، قال ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ” قال: لا تملا عينيك (2) من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما. 2 – ابن محبوب، عن خالد بن نافع البجلي، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالايمان، و والديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الايمان. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يأتي يوم القيامة شئ مثل الكبة (4) فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنة، فيقال: هذا البر. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: أي الاعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عز وجل. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن درست بن أبي منصور، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله)


(1) أي لا تزجرهما باغلاظ وصياح. (2) الظاهر لا تملا بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العياشي وأما على ما في بعض نسخ الكتاب [ لا تمل ] فلعله ابدلت الهمزة حرف علة ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة ولعل الاستثناء في قوله ” الا برحمة ” منقطع والمراد بملئ العينين حدة النظر (آت). (3) الظاهر ان والديك منصوب بفعل مقدر يفسره الفعل المذكور والكلام يفيد الحصر و التأكيد إن قدر المحذوف بعده والتأكيد فقط إن قدر قبله كذا قيل وأقول: يمكن أن يقدر فعل آخر أي وراع والديك فأطعهما بصيغة الامر من باب علم ونصر (آت). (4) الكبة: الدفعة في القتال؟ والحملة في الحرب والصدمة.

[ 159 ]

ما حق الوالد على ولده؟ قال: لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله ولا يستسب له (1). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال – وأنا عنده – لعبد الواحد الانصاري في بر الوالدين في قول الله عز وجل: ” وبالوالدين إحسانا ” فظننا أنها الآية التى في بني إسرائيل ” وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه [ وبالوالدين إحسانا ] ” فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في لقمان ” ووصينا الانسان بوالديه (حسنا) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ” إن ذلك أعظم [ من ] أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال ” وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم “؟ فقال: لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلا عظما (2). 7 – عنه، عن محمد بن علي، عن الحكم بن مسكين، عن محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين، يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق؟ قال: ادع لهما وتصدق عنهما، وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله من أبر؟ قال:


(1) أي لا يفعل ما يصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آباءهم وقد يسب الناس والد من يفعل فعلا شنيعا قبيحا (آت). (2) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول: ” هذا الحديث ضعيف وهو من الاخبار العويصة الغامضة التى سلك كل فريق من الاماثل فيها واديا فلم يأتو بعد الرجوع بما يسمن أو يغنى من جوع و فيه إشكالات لفظية ومعنوية ” فذكر رحمه الله الاشكالات الواردة ثم ذكر ما خطر بباله في معنى الحديث ثم شرع في ماقاله المشايخ العظام مفصلا، من أراد الاطلاع فليراجع هناك.

[ 160 ]

امك، قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: أباك. 10 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنى راغب في الجهاد نشيط (1) قال: فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت، قال: يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت. على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت: إني كنت على النصرانية وإني أسلمت، فقال: وأي شئ رأيت في الاسلام (2)؟ قلت: قول الله عز وجل: ” ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء (3) ” فقال: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده – ثلاثا – سل عما شئت يا بني فقلت: إن أبي وامي على النصرانية وأهل بيتي، وامي مكوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس (4) فانظر امك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى


(1) في المصباح نشط في عمله من باب تعب: خف وأسرع، فهو نشيط. (2) أي من الحجة والبرهان حتى صار سببا لاسلامك. (3) الشورى: 52 أي ان الله ألقى الهداية في قلبى وهداني للاسلام كما هو مضمون الاية الكريمة فصدقه (عليه السلام) بقوله: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده أي زد في هدايته أو أثبته عليها. (4) تجويزه عليه السلام الاكل في آنية أهل الكتاب معهم لا يدل على طهارتهم وطهارة طعامهم مع مباشرتهم له بالرطوبة ولا عدم سراية النجاسة لامكان أن يأكل في آنيتهم طعاما طاهرا مع عدم مباشرتهم لما يأكله برطوبة وإن كان خلاف الظاهر، فلا ينافى ما هو المشهور فتوى وله رواية في نجاستهم ونجاسة ما باشروه بالرطوبة (لح).

[ 161 ]

إن شاء الله قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان (1)، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لامي وكنت اطعمها وافلي (2) ثوبها ورأسها و أخدمها فقالت لي: يا بني ماكنت تصنع بي هذا وأنت على ديني فما الذي أرى عنك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية؟ فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي، فقالت: با بني إن هذا نبي إن هذه وصايا الانبياء، فقلت: يا امه (3) إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت: يا بني دينك خير دين، اعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الاسلام وعلمتها، فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثم عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني فأعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، جميعا، عن سيف بن عميرة، عن عبد الله بن مسكان، عن عمار بن حيان (4) قال: خبرت أبا عبد الله (عليه السلام) ببر إسماعيل ابني بي، فقال: لقد كنت احبه وقد ازددت له حبا، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتته اخت له من الرضاعة (5) فلما نظر إليها سر بها وبسط ملحفته (6) لها فأجلسها عليه ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثم قامت وذهبت وجاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له: يا رسول الله صنعت باخته ما لم تصنع به وهو رجل؟! فقال: لانها كانت أبر بوالديها منه.


(1) كان التشبيه في كثرة إجتماعهم وسؤالهم ولطفه (عليه السلام) في جوابهم وكونهم عنده بمنزلة الصبيان في إحتياجهم إلى المعلم (آت). (2) في القاموس فلا رأسه يفليه كيفلوه: بحثه عن القمل كفلاه (آت). (3) أصله يا اماه. (4) المذكور في رجال الشيخ من اصحاب الصادق (عليه السلام) عمار بن جناب بالجيم والنون والباء (آت). (5) إخته وأخوه (صلى الله عليه وآله) من الرضاعة هما ولدا حليمة السعدية. (6) في القاموس الملحفة والملحف بكسرهما ما يلتحف به.

[ 162 ]

13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عبد الله بن مسكان، عن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) إن أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة؟ فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ولقمه بيدك فإنه جنة لك غدا. 14 – عنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن جابر قال: سمعت رجلا يقول لابي عبد الله (عليه السلام): إن لي أبوين مخالفين؟ فقال برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا (1) 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ثلاث لم يجعل الله عز وجل لاحد فيهن رخصة: أداء الامانة إلى البر والفاجر والوفاء بالعهد للبر والفاجر وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من السنة والبر أن يكنى الرجل باسم أبيه (2). 17 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعلي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل وسأل النبي (صلى الله عليه وآله) عن بر الوالدين فقال: ابرر امك ابرر امك ابرر امك ابرر أباك ابرر أباك ابرر أباك وبدأ بالام قبل الاب. 18 – الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إني قد ولدت بنتا وربيتها حتى إذا بلغت فألبستها و حليتها ثم جئت بها إلى قليب فدفعتها في جوفه وكان آخر ما سمعت منها وهي تقول يا أبتاه (3)


(1) ” كما تبر المسلمين ” بصيغة الجمع أي للاجنبي المؤمن حق الايمان وللوالدين المخالفين حق الولادة فهما متساويان في الحق ويمكن أن يقرء بصيغة التثنية أي كما تبرهما لو كانا مسلمين فيكون التشبيه في اصل البر لا في مقداره لكنه بعيد (آت). (2) في بعض النسخ [ بأسم ابنه ]. (3) القليب: البئر العادية القديمة، ” وهى تقول ” جملة حالية ومفعول تقول محذوف أي وهى تقول ما قالت أو ضمير راجع إلى ” ما ” وقوله: يا أبتاه خبر كان (آت).

[ 163 ]

فما كفارة ذلك؟ قال: ألك ام حية؟ قال: لا، قال: فلك خالة حية؟ قال: نعم، قال: فابررها فإنها بمنزلة الام يكفر عنك ما صنعت، قال أبو خديجة: فقلت لابي عبد الله (عليه السلام): متى كان هذا؟ فقال: كان في الجاهلية وكانوا يقتلون البنات مخافة أن يسبين فيلدن في قوم آخرين. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان ابن سدير، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): هل يجزي الولد والده؟ فقال: ليس له جزاء إلا في خصلتين يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه أو يكون عليه دين فيقضيه عنه. 20 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو ابن شمر، عن جابر (1) قال: أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إني رجل شاب نشيط واحب الجهاد ولى والدة تكره ذلك؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ارجع فكن مع والدتك فوالذي بعثني بالحق [ نبيا ] لانسها بك ليلة خير من جهادك في سبيل الله سنة. 21 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن سنان عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد ليكون برا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقا، وإنه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل بارا. (باب) * (الاهتمام بامور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح لا يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم. 2 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا (2)


(1) كذا. (2) يعنى أشدهم عبادة أكثرهم أمانة. يقال: رجل ناصح الجيب أي أمين لا غش فيه، والجيب الصدر والقلب. ورجل ناصح الجيب أي نقى القلب.

[ 164 ]

وأسلمهم قلبا لجميع المسلمين. 3 – علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن سفيان عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليك بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمد بن القاسم الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لم يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم. 5 – عنه، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن عمه عاصم الكوزي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أصبح لا يهتم بامور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سرورا. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحب الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس. 8 – عنه، عن علي بن الحكم، عن مثنى بن الوليد الحناط، عن فطر بن خليفة، عن عمر بن علي بن الحسين، عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من رد عن قوم من المسلمين عادية [ ماء ] (1) أو نارا وجبت له الجنة. 9 – عنه، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” وقولوا للناس حسنا (2) ” قال: قولوا للناس حسنا ولا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو (3)؟.


(1) لفظة ” ماء ” ليست في اكثر النسخ والعادية المتجاوز من الحد والتاء للمبالغة (لح). (2) البقرة: 83. (3) يعنى لا تقولوا لهم الا خيرا، ما تعلمون فيهم الخير وما لم تعلموا فيهم الخير، فاما إذا علمتم أنه لا خير فيهم وانكشف لكم عن سوء ضمائرهم بحيث لا يبقى لكم مرية فلا عليكم ان لا تقولوا خيرا. و ” ما ” يحتمل الموصولية والاستفهام والنفى (في).

[ 165 ]

10 – عنه، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في قول الله عز وجل: ” وقولوا للناس حسنا ” قال: قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم. 11 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في قول الله عز وجل: ” وجعلني مبارك أينما كنت (1) ” قال: نفاعا. (باب اجلال الكبير) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن أبان، عن الوصافي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): عظموا كباركم وصلوا أرحامكم، وليس تصلونهم بشئ أفضل من كف الاذى عنهم. (باب) * (اخوة المؤمنين بعضهم لبعض) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما المؤمنون إخوة بنو أب وام (2) وإذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون.


(1) مريم: 31. (2) ” بنو أب وأم ” اريد بالاب روح الله الذى نفخ منه في طينة المؤمن وبالام الماء العذب والتربة الطيبة كما مر في أبواب الطينة لا آدم وحواء كما يتبادر إلى بعض الاذهان لعدم اختصاص الانتساب اليهما بالايمان الا ان يقال: تباين العقائد صار مانعا عن تأثير تلك الاخوة لكنه بعيد ويمكن أن يكون المراد اتحاد آبائهم الحقيقية الذين احيوهم بالايمان والعلم.

[ 166 ]

2 – عنه، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن جابر الجعفي قال: تقبضت بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي، وصديقي، فقال: نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجري فيهم من ريح روحه، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه. فإذا أصاب روحا من تلك الارواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لانها منها (1). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإن روح المؤمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ودخل عليه رجل فقال لي: تحبه؟ فقلت: نعم، فقال لي ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك. 7 – أبو علي الاشعري، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن اورمة، عن بعض أصحابه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه لان الله عز وجل خلق المؤمنين من


(1) لا يقال: على هذا يلزم ان يكون المؤمن محزونا دائما لانا نقول: يحتمل أن يكون للتاثير شرائط اخرى تفقد في بعض الاحيان كان يكون ارتباط هذا الروح ببعض الارواح اكثر من بعض.

[ 167 ]

طينة الجنان وأجرى في صورهم من ريح الجنة، فلذلك هم إخوة لاب وام. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه. 9 – أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن رجل، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا…. الحديث (1). 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن نفرا من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفنوا (2) ولزموا اصول الشجر فجاءهم شيخ وعليه ثياب بيض فقال قوموا فلا بأس عليكم فهذا الماء، فقاموا وشربوا وارتووا، فقالوا: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا من الجن الذين بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله [ ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه ] قال ربعي: فسألني رجل من أصحابنا بالمدينة فقال: سمعت فضيل يقول ذلك؟ قال فقلت له: نعم، فقال: [ ف‍ ] اني سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه.


(1) ” الحديث ” أي إلى تمام الحديث إشارة إلى انه لم يذكر تمام الخبر (آت). (2) أي اتخذوا الكفن ولبسوه وفى بعض النسخ [ فتكنفوا ] بتقديم النون على الفاء أي اختاروا الكنف وهو الجانب (لح).

[ 168 ]

(باب) * (فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه واخوته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل؟ فقال: إن الايمان قد يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت، حقت ولايته واخوته إلا أن يجيئ منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك، فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك، خرج عندك مما وصف لك وأظهر، وكان لما أظهر لك ناقضا إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية ومع ذلك ينظر فيه فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك، لان للتقية مواضع، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل [ أن يكون ] قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله فكل شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز (1). (باب) * (في ان التواخى لم يقع على الدين وانما هو التعارف) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لم تتواخوا على هذا الامر وإنما (2) تعارفتم عليه.


(1) كلمة ” أما ” التفصيلية المقتضية للتكرار لظهور القسم الاخر من هذا القسم والقسم الاخر هو ما يعرف بالصحبة. (2) في بعض النسخ [ ولكن تعارفتم ] ولعل المراد أن المؤاخاة على هذا الامر والاخوة في الدين كانت ثابتة بينكم في عالم الارواح ولم تقع في هذا اليوم وهذه الدار وانما الواقع في هذه الدار هو التعارف على هذا الامر الكاشف عن الاخوة في ذلك العالم: ويؤيده قوله (عليه السلام): ” الارواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف ” قيل معناه أن الارواح خلقت مجتمعة على قسمين مؤتلفة ومختلفة كالجنود التى تقابل بعضها بعضا ثم فرقت في الاجساد فإذا كان الائتلاف والمؤاخاة اولا كان التعارف والتآلف بعد الاستقرار في البدن وإذا كان التناكر والتخالف هناك كان التنافر والتناكر هنا (لح).

[ 169 ]

2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان وسماعة، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لم تتواخوا على هذا الامر [ و ] إنما تعارفتم عليه. (باب) * (حق المؤمن على أخيه وأداء حقه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي حعفر (عليه السلام) قال: من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ويواري عورته ويفرج عنه كربته ويقضي دينه، فإذا مات خلفه في أهله وولده. 2 – عنه، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير الهجري، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما حق المسلم على المسلم؟ قال له؟ سبع حقوق واجبات ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيب، قلت له: جعلت فداك وماهي؟ قال: يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل، قال: قلت له: لا قوة إلا بالله، قال: أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكرة له ما تكره لنفسك، والحق الثاني أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره، والحق الثالث أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته، والحق الخامس [ أن ] لا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى، والحق السادس أن يكون لك خادم وليس لاخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه، والحق السابق أن تبر قسمه (1) وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك.


(1) الظاهر أن قسمه بفتحتين وهو اسم من الاقسام وأن المراد ببر قسمه قبوله: واصل البر الاحسان ثم استعمل في القبول، يقال بر الله عمله إذا قبله كانه احسن إلى عمله بان قبله ولم يرده كذا في الفائق وقبول قسمه وإن لم يكن واجبا شرعا لكنه مؤكد لئلا يكسر قلبه ولا يضيع حقه (لح)

[ 170 ]

3 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن أبيه سيف، عن عبد الاعلى بن أعين قال: كتب [ بعض ] أصحابنا يسألون أبا عبد الله (عليه السلام) عن أشياء وأمروني أن أسأله عن حق المسلم على أخيه، فسألته فلم يجبني، فلما جئت لاودعه فقلت: سألتك فلم تجبني؟ فقال: إني أخاف أن تكفروا، إن من أشد ما افترض الله على خلقه ثلاثا: إنصاف المرء من نفسه حتى لا يرضى لاخيه من نفسه إلا بما يرضى لنفسه منه، ومؤاساة الاخ في المال، وذكر الله على كل حال، ليس سبحان الله والحمد الله ولكن عند ما حرم الله عليه فيدعه. 4 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال، ما عبد الله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حق المسلم على المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكتسي ويعرى أخوه، فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم وقال: أحب لاخيك المسلم ما تحب لنفسك وإذا احتجت فسله وإن سألك فأعطه لا تمله خيرا ولا يمله لك (1) كن له ظهرا، فإنه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته (2) وإن أصابه خير فاحمد الله وإن ابتلي فأعضده وإن تمحل له فأعنه (3) وإذا قال الرجل لاخيه: اف انقطع ما بينهما من الولاية وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما، فإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه (4) كما ينماث الملح في الماء، وقال: بلغني أنه قال: إن المؤمن ليزهر


(1) الظاهر انه من امليته بمعنى تركته واخرته والاملاء (فرو گذاشتن ومهلت دادن ودرازا كشيدن مدت). ولامه ياء وأما الاملال بمعنى (ملول كردن) فبعيد (لح). وقال الفيض (ره) في الوافى: لعل المراد بقوله ” لا تمله خيرا ولا يمل لك ” لا تسأمه من جهة اكثارك الخير ولا يسأم هو من جهة اكثاره الخير لك. يقال مللته ومللت منه إذا سأمه. انتهى. (2) أي بالعفو عن التقصير ومساهلته بالتجاوز لئلا يستقر في قلبه فيوجب التنافر والتباغض وفى بعض النسخ [ تسل سخيمته ]. والسل إنتزاعك الشئ واخراجه في رفق والسخيمة: الحقد أي تستخرج حقده وغضبه برفق. (3) ” تمحل له ” أي كيد. يقال: رجل محل أي ذو كيد ومحل بفلان إذا سعى به إلى السلطان والمحال بالكسر الكيد (في). وفى القاموس ” تمحل ” وقع في شدة (4) أي يذاب. مثت الشئ – اميثه واموثه فانماث إذا دفته في الماء.

[ 171 ]

نوره لاهل السماء كما تزهر نجوم السماء لاهل الارض وقال: إن المؤمن ولي الله يعينه (1) ويصنع له ولا يقول عليه إلا الحق ولا يخاف غيره. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له (2) إذا غاب، ويسمته إذا عطس (3)، و يجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة مثله. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي المأمون الحارثي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال: إن من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره، والمؤاساة له في ماله، والخلف له في أهله، والنصرة له على من ظلمه، وإن كان نافلة في المسلمين (4) وكان غائبا أخذ له بنصيبه وإذا مات، الزيارة إلى قبره وأن لا يظلمه وأن لا يغشه وأن لا يخونه وأن لا يخذله وأن لا يكذبه وأن لا يقول له اف، وإذا قال له: اف فليس بينهما ولاية، وإذا قال له: أنت عدوي فقد كفر أحدهما، وإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الكلل (5)، عن أبان بن تغلب قال: كنت أطوف مع أبي عبد الله (عليه السلام) فعرض لي رجل من أصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجة فأشار إلي فكرهت أن أدع


(1) أي: الله يعين المؤمن ” ويصنع له ” أي يكفى مهماته. ” ولا يقول عليه ” أي لا يقول المؤمن على الله. ” إلا الحق ” إلا ما علم أنه حق (آت). (2) أي يكون خالصا طالبا لخيره، دافعا عنه الغيبة وسائر الشرور (آت). (3) كذا وفى المصباح التسميت: ذكر الله على الشئ وتسميت العاطس الدعاء له. (4) النافلة: الغنيمة والعطية. (5) ” صاحب الكلل ” أي كان يبيعها والكلل جمع كلة بالكسر فيهما وفى القاموس الكلة بالكسر: الستر الرقيق وغشاء رقيق يتوقى به من البعوض. وصوفه حمراء في رأس الهودج.

[ 172 ]

أبا عبد الله (عليه السلام) وأذهب إليه فبينا أنا أطوف إذ أشار إلي أيضا فرآه أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبان إياك يريد هذا؟ قلت: نعم، قال: فمن هو؟ قلت: رجل من أصحابنا، قال: هو على مثل ما أنت عليه (1) قلت: نعم، قال: فاذهب إليه، قلت: فأقطع الطواف؟ قال: نعم، قلت: وإن كان طواف الفريضة؟ قال: نعم، قال: فذهبت معه، ثم دخلت عليه بعد فسألته، فقلت: أخبرني عن حق المؤمن على المؤمن فقال: يا أبان دعه لا ترده، قلت: بلى جعلت فداك فلم أزل اردد عليه، فقال: يا أبان تقاسمه شطر مالك، ثم نظر إلي فرأى ما دخلني، فقال: يا أبان أما تعلم أن الله عز وجل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت: بلى جعلت فداك، فقال: أما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد، إنما أنت وهو سواء إنما تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الآخر. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن عيسى بن أبي منصور قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) أنا وابن أبي يعفور وعبد الله بن طلحة فقال: ابتداء منه يا ابن أبي يعفور قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عز وجل وعن يمين الله (2) فقال ابن أبي يعفور وما هن جعلت فداك؟ قال: يحب المرء المسلم لاخيه ما يحب لاعز أهله، ويكره المرء المسلم لاخيه ما يكره لاعز أهله، ويناصحه الولاية (3)، فبكى ابن أبي يعفور وقال: كيف يناصحه الولاية؟ قال: يا ابن أبي يعفور إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه (4) ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه وإلا دعا الله له، قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثلاث لكم (5) وثلاث لنا أن تعرفوا فضلنا وأن تطؤوا عقبنا وأن تنتظروا


(1) أي من التشيع ويدل على جواز قطع طواف الفريضة لقضاء حاجة المؤمن كما ذكره الاصحاب (آت) (2) أي قدام عرشه وعن يمين عرشه أو كناية عن نهاية القرب والمنزلة عنده تعالى (آت). (3) مناصحة الولاية: خلوص المحبة عن الغش والعمل بمقتضاها (آت). (4) يعني إذا صار منه بحيث يحب له ما يحب لاعز أهله ويكره له ما يكره لاعز أهله ” بثه همه ” أي نشره وأظهره فإذا بثه همه فرح لفرحه وحزن لحزنه. (5) أي ثلاث من المذكورات لكم: الحب والكراهة والمناصحة، وثلاثة لنا 1 – أن تعرفوا فضلنا أي على سائر الخلق بالامامة والعصمة ووجوب الطاعة، أو نعمتنا عليكم بالهداية والتعليم والنجاة من النار واللحوق بالابرار 2 – وان تطؤوا عقبنا أي تتابعونا في الاقوال والافعال ولا تخالفونا. 3 – وأن تنتظروا عاقبتنا أي ظهور قائمنا وعود الدولة إلينا في الدنيا أو الاعم منها ومن الآخرة. (آت)

[ 173 ]

عاقبتنا، فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل فيستضيئ بنورهم من هو أسفل منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما يرون من فضلهم، فقال ابن أبي يعفور: وما لهم لا يرون وهم عن يمين الله؟ فقال: يا ابن أبي يعفور إنهم محجوبون بنور الله، أما بلغك الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله وعن يمين الله وجوههم أبيض من الثلج وأضوء من الشمس الضاحية (1)، يسأل السائل ما هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الذين تحابوا في جلال الله. 10 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل رجل فسلم، فسأله كيف من خلفت من إخوانك؟ قال: فأحسن الثناء وزكى وأطرى (2)، فقال له: كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال: قليلة، قال: و كيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم (3)؟ قال: قليلة، قال: فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنك لتذكر أخلاقا قل ما هي فيمن عندنا، قال: فقال: فكيف تزعم (4) هؤلاء أنهم شيعة. 11 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن أبي إسماعيل قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك إن الشيعة عندنا كثير فقال: [ ف‍ ] هل يعطف الغني على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيئ؟ ويتواسون؟ فقلت: لا، فقال: ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل هذا. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد الله (عليهما السلام) قال: كان أبو جعفر (صلوات الله عليه) يقول: عظموا أصحابكم ووقروهم ولا يتجهم (5) بعضكم بعضا ولا تضاروا ولا تحاسدوا وإياكم و البخل، كونوا عباد الله المخلصين. 13 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن عمر بن


(1) أي المرتفعة في وقت الضحى. (2) أطريت فلانا مدحته بأحسن مما فيه وقال الجوهري: الاطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه. (3) المراد به حسن النظر والالتفات إلى الفقراء. (4) في بعض النسخ [ يزعم ]. (5) في القاموس جهمه كمنعه وسمعه: استقبله بوجه كريه.

[ 174 ]

أبان، عن سعيد بن الحسن قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أيجيئ أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ فقلت: ما أعرف ذلك فينا فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلا شئ إذا، قلت: فالهلاك إذا، فقال: إن القوم لم يعطوا أحلامهم بعد (1). 14 – علي بن إبراهيم، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن أورمة، رفعه، عن معلى بن خنيس قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حق المؤمن، فقال: سبعون حقا لا اخبرك إلا بسبعة، فإني عليك مشفق أخشى ألا تحتمل، فقلت: بلى إن شاء الله، فقال: لا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعرى، وتكون دليله وقيمصه الذي يلبسه (2) ولسانه الذي يتكلم به وتحب له ما تحب لنفسك وإن كانت لك جارية بعثتها لتمهد فراشه وتسعى في حوائجه بالليل والنهار، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايتنا وولايتنا بولاية الله عزوجل. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف (3) والمؤاساة لاهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل: ” رحماء بينكم (4) ” متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله). 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق على المسلم إذا أراد سفرا أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه.


(1) أي لم يكمل عقولهم بعد. ويختلف التكليف باختلاف مراتب العقول. كما مر انما يداق الله العباد على قدر ما آتاهم من العقول (آت). (2) أي تكون محرم اسراره ومختصا به غاية الاختصاص أو المعنى تكون ساتر عيوبه. (3) في بعض النسخ [ والتعاقد على التعاطف ]. (4) إشارة إلى سورة الفتح آية: 29.

[ 175 ]

(باب التراحم والتعاطف) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لاصحابه: اتقوا الله وكونوا إخوة بررة، متحابين في الله، متواصلين، متراحمين، تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن كليب الصيداوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا إخوة بررة كما أمركم الله عز وجل. 3 – عنه، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا. 4 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمؤاساة لاهل الحاجة و تعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل: ” رحماء بينهم ” متراحمين، مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله (عليه السلام). (باب زيارة الاخوان) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن [ علي ] ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زار أخاه لله لا لغيره التماس موعد الله وتنجز ما عند الله وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه ألا طبت وطابت لك الجنة. 2 – عنه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) اودعه فقال: يا خثيمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيهم على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد حيهم جنازة


[ 176 ]

ميتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقيا (1) بعضهم بعضا حياة لامرنا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا، يا خيثمة أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع وأن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره (2). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حدثني جبرئيل (عليه السلام) أن الله عز وجل أهبط إلى الارض ملكا، فأقبل ذلك الملك يمشي حتى وقع (3) إلى باب عليه رجل يستأذن على رب الدار، فقال له الملك، ما حاجتك إلى رب هذه الدار؟ قال: أخ لي مسلم زرته في الله تبارك وتعالى، قال له الملك، ما جاء بك إلا ذاك؟ فقال: ما جاء بي إلا ذاك، فقال: إني (4) رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ويقول: وجبت لك الجنة وقال الملك: إن الله عز وجل يقول: أيما مسلم زار مسلما فليس إياه زار، إياي زار وثوابه علي الجنة. 4 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي النهدي، عن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زار أخاه في الله قال الله عز وجل: إياي زرت وثوابك علي، ولست أرضى لك ثوابا دون الجنة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من زار أخاه في جانب المصر (5) ابتغاء وجه الله فهو زوره (6)، وحق على الله أن يكرم زوره. 6 – عنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)


(1) اللقيا بضم اللام وسكون القاف اسم من اللقاء. (2) أي أظهر مذهبا صحيحا ولم يعمل بمقتضاه، (3) في بعض النسخ [ دفع ]. (4) في بعض النسخ [ قال فانى ]. (5) ناحية من البلد، داخلا كان أو خارجا وهو كناية عن بعد المسافة بينهما (آت). (6) ” فهو زوره ” أي زائره وقد يكون جمع زائر والمفرد هنا أنسب وإن امكن أن يكون المراد هو من زوره. قال في النهاية الزور: الزائر وهو في الاصل مصدر وضع موضع الاسم كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم وقد يكون الزور جمع زائر كركب وراكب (آت).

[ 177 ]

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زار أخاه في بيته قال الله عز وجل له: أنت ضيفي و زائري، علي قراك (1) وقد أوجبت لك الجنة بحبك إياه. 7 – عنه، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي غرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من زار أخاه في الله في مرض أو صحة، لا يأتيه خداعا ولا استبدالا (2)، وكل الله به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه أن: طبت وطابت لك الجنة فأنتم زوار الله وأنتم وفد الرحمن (3) حتى يأتي منزله، فقال له يسير (4): جعلت فداك وإن كان المكان بعيدا (5)؟ قال: نعم يا يسير وإن كان المكان مسيرة سنة، فإن الله جواد والملائكة كثيرة، يشيعونه حتى يرجع إلى منزله. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي [ بن ] النهدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زار أخاه في الله ولله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور (6)، ولا يمر بشئ إلا أضاء له حتى يقف بين يدي الله عز وجل، فيقول الله عز وجل له: مرحبا، وإذا قال: مرحبا أجزل الله عز وجل له العطية. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن بشير (7)، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد المسلم إذا خرج من بيته زائرا أخاه لله لا لغيره، التماس وجه الله، رغبة فيما عنده، وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله: ألا طبت وطابت لك الجنة. 10 – الحسين بن محمد [ عن أحمد بن محمد ] عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد،


(1) القرى: ما يعد للضيف (في). (2) الاستبدال أن يتخذ منه بدلا، يعنى لا يأتيه لخداع أو عوض أو غرض؟ دنيويين بل إنما يأتيه لله وفى الله (في). والخداع بكسر الخاء. (3) الوفد بالفتح جمع وافد وهو الوارد القادم. (4) كأنه الدهان الذى قد يعبر عنه بيسير (آت). (5) في بعض النسخ [ فان كان ] فان شرطية والجزاء محذوف أي يفعلون ذلك أيضا. (6) ” يخطر ” يعنى يتمايل ويمشى مشية المعجب وفى بعض النسخ [ يخطو ] والقبط بالكسر: أهل مصر وإليهم ينسب الثياب البيض المسماة بالقباطى. (في) (7) في بعض النسخ [ يسير ].

[ 178 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل جنة لا يدخلها إلا ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحق، ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله. 12 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل الله عز وجل به ملكا فيضع جناحا في الارض وجناحا في السماء يظله، فإذا دخل إلى منزله نادى الجبار تبارك وتعالى أيها العبد المعظم لحقي المتبع لآثار نبيي، حق علي إعظامك، سلني اعطك، ادعني اجبك، اسكت أبتدئك، فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتى يدخل إلى منزله، ثم يناديه تبارك و تعالى أيها العبد المعظم لحقي حق علي إكرامك قد أوجبت لك جنتي وشفعتك في عبادي. 13 – صالح بن عقبة، عن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لزيارة المؤمن في الله خير من عتق عشر رقاب مؤمنات، ومن أعتق رقبة مؤمنه وقى كل عضو عضوا من النار حتى أن الفرج يقي الفرج. 14 – صالح بن عقبة، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم، يأمنون بوائقه (1) ولا يخافون غوائله ويرجون ما عنده، إن دعوا الله أجابهم وإن سألوا أعطاهم وإن استزادوا زادهم وإن سكتوا ابتدأهم. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب قال: سمعت أبا حمزة يقول: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) (2) يقول: من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره، يطلب


(1) جمع البائقة وهى الداهية والشر ويقرب منه الغائلة (في). (2) لو كان العبد الصالح موسى الكاظم (عليه السلام) كما هو الظاهر يدل على إن أبا حمزة الثمالى أدرك أيام امامته (عليه السلام) واختلف علماء الرجال في ذلك والظاهر انه أدرك ذلك لان بدء امامته (عليه السلام) في سنة ثمان واربعين ومائة والمشهور ان وفات أبى حمزة في سنة خمسين ومائة لكن قد مر مثله في أول الباب عن أبى حمزة عن أبى عبد الله (عليه السلام) فيمكن أن يكون هو المراد بالعبد الصالح أو يكون اشتباها من الرواة (آت).

[ 179 ]

به ثواب الله وتنجز ما وعده الله عز وجل الله وكل عز وجل به سبعين ألف ملك، من حين يخرج من منزله حتى يعود إليه ينادونه: ألا طبت وطابت لك الجنة، تبوأت (1) من الجنة منزلا. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لقاء الاخوان مغنم جسيم وإن قلوا. (باب المصافحة) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عن يحيى بن زكريا، عن أبي عبيدة قال: كنت زميل (2) أبي جعفر (عليه السلام) وكنت أبدأ بالركوب، ثم بركب هو فإذا استوينا سلم وساءل مسألة رجل لا عهد له بصاحبه وصافح، قال: وكان إذا نزل نزل قبلي فإذا استويت أنا وهو على الارض سلم وساءل مسألة من لا عهد له بصاحبه، فقلت: يا ابن رسول الله إنك لتفعل شيئا ما يفعله أحد من قبلنا وإن فعل مرة فكثير، فقال: أما علمت ما في المصافحة، إن المؤمنين يلتقيان، فيصافح أحدهما صاحبه، فلا تزال الذنوب تتحات (3) عنهما كما يتحات الورق عن الشجر، والله ينظر إليهما حتى يفترقا. 2 – عنه، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي خالد القماط، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمنين إذا التقيا وتصافحا ادخل الله يده بين أيديهما، فصافح أشدهما حبا لصاحبه. 3 – ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب، عن السميدع (4)، عن مالك ابن أعين الجهني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل الله عز وجل يده بين أيديهما وأقبل بوجهه على أشدهما حبا لصاحبه، فإذا أقبل الله عز


(1) بواه الله منزلا أي اسكنه اياه وتبوأت منزلا: اتخذته والتنوين في ” منزلا ” كانه للتعظيم. (2) الزميل: الرديف، العديل، الرفيق. والمزاملة: المعادلة. (3) أي تساقط. (4) في رجال الشيخ ” السميدع الهلالي ” من أصحاب الصادق (عليه السلام). وفى التقريب السميدع بفتح أوله والميم وسكون الياء وفتح الدال هو ابن واهب بن سوار بن رهدم الجرمى البصري، ثقة في التاسعة (آت) وفى بعض النسخ [ عن أبى السميدع ].

[ 180 ]

وجل بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذنوب كما يتحات الورق من الشجر. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال، إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أقبل الله عز وجل عليهما بوجهه وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبيدة الحذاء قال: زاملت أبا جعفر (عليه السلام) في شق محمل من المدينة إلى مكة فنزل في بعض الطريق، فلما قضى حاجته وعاد قال: هات يدك يا أبا عبيدة فناولته يدي فغمزها حتى وجدت الاذى في أصابعي، ثم قال: يا أبا عبيدة ما من مسلم لقي أخاه المسلم فصافحه وشبك أصابعه (1) في أصابعه إلا تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق من الشجر في اليوم الشاتي (2). 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا مالك أنتم شيعنا [ أ ] لا ترى أنك تفرط في أمرنا، إنه لا يقدر على صفة الله فكما لا يقدر على صفة الله كذلك لا يقدر على صفتنا وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إن المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق من الشجر، حتى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمد ابن فضيل، عن أبي حمزة قال: زاملت أبا جعفر (عليه السلام) فحططنا الرحل (3)، ثم مشى قليلا، ثم جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة فقلت؟ جعلت فداك أو ما كنت معك في المحمل؟! فقال: أما علمت أن المؤمن إذا جال جولة ثم أخذ بيد أخيه نظر الله إليهما بوجهه فلم يزل مقبلا عليهما بوجهه ويقول للذنوب: تتحات عنهما، فتتحات – يا أبا حمزة –


(1) كان المراد بالتشبيك هنا أخذ أصابعه بأصابعه فانهما حينئذ تشبهان الشبكة، لا ادخال الاصابع في الاصابع كما زعم (آت). (2) اليوم الشاتى: الشديد البرد وهو كناية عن يوم الريح للزومه لها غالبا. (3) أي وضعنا الرحل. والرحل كل شئ يعد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن جمعه ارحل ورحال ورحل الشخص مأواه في الحضر، ثم اطلق على امتعة المسافر لانها هناك مأواه (آت)

[ 181 ]

كما يتحات الورق عن الشجر فيفترقان وما عليهما من ذنب. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن حد المصافحة، فقال: دور نخلة. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن الافرق (1)، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه (2)، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد (3)، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه آله): إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه وليصافحه، فإن الله عز وجل أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة. 11 – عنه، عن محمد بن علي، عن ابن بقاح، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار (4). 12 – عنه، عن موسى بن القاسم، عن جده معاوية بن وهب أو غيره، عن رزين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان المسلمون إذا غزوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومروا بمكان كثير الشجر ثم خرجوا إلى الفضاء نظر بعضهم إلى بعض فتصافحوا. 13 – عنه، عن أبيه، عمن حدثه، عن زيد بن الجهم الهلالي، عن مالك بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا صافح الرجل صاحبه فالذي يلزم التصافح أعظم أجرا من الذي يدع، ألا وإن الذنوب ليتحات فيما بينهم حتى لا يبقى ذنب. 14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فنظر إلي بوجه قاطب (5) فقلت: ما الذي غيرك لي؟ قال: الذي غيرك لاخوانك، بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك


(1) في بعض النسخ [ عمرو الافرق ] وفى فهرست الشيخ [ عمر بن الافرق ]. (2) في بعض النسخ [ أصحابنا ]. (3) في بعض النسخ [ عثمان بن يزيد ]. (4) بان تقولوا: غفر الله لك مثلا. (5) القطوب: العبوس وقبض مابين العينين. (في)

[ 182 ]

بوابا، يرد عنك فقراء الشيعة، فقلت: جعلت فداك إني خفت الشهرة، فقال: أفلا خفت البلية، أوما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عز وجل الرحمة عليهما فكانت تسعة وتسعين (1) لاشدهما حبا لصاحبه. فإذا توافقا (2) غمرتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما، فقلت: أليس الله عز وجل يقول: ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (3) “؟ فقال: يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويرى. 15 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما صافح رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده منه (4) 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الله عز وجل لا يوصف وكيف يوصف وقال في كتابه: ” وما قدروا الله حق قدره (5) ” فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك، وإن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يوصف وكيف يوصف عبد احتجب الله عز وجل بسبع (6) وجعل طاعته في الارض كطاعته [ في السماء ] فقال: ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (7) ” ومن أطاع هذا فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، وفوض إليه، وإنا لا نوصف وكيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس وهو الشك، والمؤمن لا يوصف وإن المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق عن الشجر. 17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن فضيل ابن عثمان، عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا التقى المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه عليهما وتتحات الذنوب عن وجوههما حتى يفترقا.


(1) في بعض نسخ الحديث [ تسعون ] وهو الانسب. وليس في بعض نسخ الحديث ” فكانت “. (2) في بعض النسخ [ تواقفا ]. (3) ق: 18. (4) يدل على استحباب عدم نزع اليد قبل صاحبه كما مر (آت). (5) الحج، 74. (6) اختلف الشراح في معنى السبع على وجوه ولا يخلو الجميع من التشويش والخبط راجع مرآة العقول ص 179 من المجلد الثاني. (7) الحشر، 7.

[ 183 ]

18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة (1). 19 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لقي النبي (صلى الله عليه وآله) حذيفة، فمد النبي (صلى الله عليه وآله) يده فكف حذيفة يده، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عني؟ فقال حذيفة: يا رسول الله بيدك الرغبة (2) ولكني كنت جنبا فلم احب أن تمس يدي يدك وأنا جنب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما تعلم أن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر. 20 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكربن محمد، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل لا يقدر (3) أحد قدره وكذلك لا يقدر قدر نبيه وكذلك لا يقدر قدر المؤمن، إنه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر الله إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما حتى يفترقا، كما تتحات الريح الشديدة الورق عن الشجر. 21 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رفاعة (4) قال: سمعته يقول: مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائكة. (باب المعانقة) 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا.


(1) السخيمة: الحقد والحسد. (2) ” بيدك الرغبة ” كان الباء بمعنى ” في ” أي يرغب جميع الخلق في مصافحة يدك الكريمة (آت). (3) على بناء الفاعل كيضرب ” قدره ” منصوب ومفعول مطلق للنوع أي حق قدره (آت). (4) رفاعة بن موسى الاسدي النخاس روى عن أبى عبد الله وأبى الحسن (عليهما السلام) وكان ثقة في حديثه.

[ 184 ]

أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره (1) عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وإذ طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثم باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابا في، حق علي ألا اعذبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيعه الملائكة عدد نفسه وخطاه (2) وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل (3) فإن مات فيما بينهما اعفي من الحساب وإن كان؟؟ يعرف من حق الزائر ما عرفه الزائر من حق المزور كان له مثل أجره. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمه، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلا وجه الله ولا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما: مغفورا لكما فاستأنفا (4) فإذا أقبلا على المسألة قالت الملائكة بعضها لبعض: تنحوا عنهما فإن لهما سرا وقد ستر الله عليهما. قال إسحاق: فقلت: جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال الله عز وجل: ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (5) ” قال: فتنفس أبو عبد الله (عليه السلام) الصعداء ثم بكى حتى اخضلت دموعه لحيته وقال: يا إسحاق إن الله تبارك وتعالى إنما أمر الملائكة أن تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما وإنه وإن كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما فإنه يعرفه ويحفظه عليهما عالم السر وأخفى.


(1) ” يزوره ” حال مقدرة. ” عارفا ” حال محققة عن فاعل خرج، وكان المراد بعرفان حقه أن يعلم فضله وأن له حق الزيارة والرعاية والاكرام فيرجع إلى أنه زاره لذلك وان الله تعالى جعل له حقا عليه، لا للاغراض الدنيوية (آت). (2) ” خطاه ” بالضم قال الجوهرى: الخطوة بالضم مابين القدمين وجمع القلة خطوات و خطوات والكثير خطا. والخطوة بالفتح المرة الواحدة والجمع خطوات بالتحريك وخطاء. (3) ذكر الليلة يمكن أن يكون ايماء إلى أن الزيارة الكاملة هي أن يتم عنده إلى الليل أو لان العرب تضبط التواريخ بالليالى أو لانهم كانوا للتقية يتزاورون بالليل. (4) استأنف الشئ أخذ فيه وابتدأ ومنه استأنف الدعوى أي أعادها في مجلس الاستيناف. (5) ق: 18.

[ 185 ]

(باب التقبيل) 1 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لكم لنورا (1) تعرفون به في الدنيا، حتى أن أحدكم إذا لقي أخاه قبله في موضع النور من جبهته. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يقبل رأس أحد ولا يده إلا [ يد ] رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من اريد به رسول الله (صلى الله عليه وآله). 3 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي (2)، عن علي بن مزيد صاحب السابري قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فتناولت يده فقبلتها، فقال: أما إنها لا تصلح إلا لنبي أو وصي نبي. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن يونس ابن يعقوب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ناولني يدك اقبلها فأعطانيها، فقلت: جعلت فداك رأسك ففعل فقبلته، فقلت: جعلت فداك رجلاك، فقال: أقسمت أقسمت، أقسمت ثلاثا وبقي شئ، وبقي شئ، وبقي شئ (3). 5 – محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن (عليه السلام)


(1) في بعض النسخ [ نورا ]. (2) بفتح النون وسكون الراء نسبة إلى نرس، نهر حفره نرس بن بهرام بنواحي الكوفة. (3) ” أقسمت ” يمكن أن يكون على صيغة المتكلم ويكون إخبارا، أي حلفت أن لا أعطي رجلي أحدا يقبلها اما لعدم جوازه أو لعدم رجحانه أو للتقية وقوله: ” بقى شئ ” استفهام على الانكار، أي هل بقى احتمال الرخصة والتجويز بعد القسم. ويمكن أن يكون انشاء للقسم ومناشدة أي اقسم عليك أن تترك ذلك للوجوه المذكورة وهل بقى بعد مناشدتي إياك من طلبك التقبيل شئ أو لم يبق بعد تقبيل اليد والرأس شئ تطلبه، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: ” بقى شئ ” التعريض بيونس وأمثاله أي بقى شئ آخر سوى هذه التواضعات الرسمية والتعظيمات الظاهرية وهو السعي في تصحيح العقائد القلبية ومتابعتنا في جميع اعمالنا وأقوالنا وهى أهم من هذا الذى تهتم به لانه (عليه السلام) كان يعلم انه سيضل ويصير فطحيا (آت – ملخصا).

[ 186 ]

قال: من قبل للرحم ذا قرابة فليس عليه شئ، وقبلة الاخ على الخد وقبلة الامام بين عينيه. 6 – وعنه، عن أحمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس القبلة على الفم إلا للزوجة [ أ ] والولد الصغير. (باب تذاكر الاخوان) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: شيعتنا الرحمآء بينهم (1)، الذين إذا خلوا ذكروا الله [ إن ذكرنا من ذكر الله ] إنا إذا ذكرنا ذكر الله وإذا ذكر عدونا ذكر الشيطان 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تزاوروا فإن في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لاحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض (2) فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم وإن تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، عن منصور بن يونس عن عباد بن كثير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني مررت بقاص يقص (3) وهو يقول: هذا المجلس [ الذي ] لا يشقى به جليس، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هيهات هيهات، أخطأت (4) أستاههم الحفرة، إن لله ملائكة سياحين، سوى الكرام الكاتبين، فإذا مروا بقوم


(1) ” الرحماء ” جمع رحيم أي يرحم بعضهم بعضا. ” الذين ” خبر بعد خبر أو صفة للرحماء. (2) ” تعطف بعضكم على بعض ” لا شتمالها على حقوق المؤمنين بعضهم على بعض ولان الاهتمام برواية أحاديثنا يوجب رجوع بعضكم إلى بعض، (3) القاص راوي القصص والمراد هنا القصص الكاذبة الموضوعة (آت). (4) الخطا: ضد الصواب والخطأ (عند أبي عبيد) الذهاب إلى خلاف الصواب مع قصد الصواب (وعند غيره): الذهاب إلى غير الصواب مطلقا وغير عمد. والاستاه بفتح الهمزة والهاء أخيرا جمع الاست بالكسر وهى حلقة الدبر وأصل الاست: سته بالتحريك وقد يسكن التاء حذفت الهاء وعوضت عنها الهمزة والمراد بالحفرة الكنيف الذى يتغوط فيه وكأن هذا كان مثلا سائرا يضرب لمن استعمل كلاما في غير موضعه أو أخطأ خطاء فاحشا (آت).

[ 187 ]

يذكرون محمدا وآل محمد قالوا: قفوا فقد أصبتم حاجتكم، فيجلسون، فيتفقهون معهم فإذا قاموا عادوا مرضاهم وشهدوا جنائزهم وتعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن المستورد النخعي، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ; إن من الملائكة الذين في السماء ليطلعون إلى الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمد قال: فتقول: أما ترون إلى هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوهم يصفون فضل آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: فتقول الطائفة الاخرى من الملائكة: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم؟ فقلت: إي والله إنا لنخلو ونتحدث ونقول ما شئنا، فقال: أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن، أما والله إني لاحب ريحكم وأرواحكم، وإنكم على دين الله ودين ملائكته فأعينوا بورع واجتهاد. 6 – الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، جميعا، عن علي بن محمد بن سعد (1)، عن محمد بن مسلم، عن أحمد بن زكريا، عن محمد بن خالد بن ميمون، عن عبد الله بن سنان، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا إلا حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمنوا وإن استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى الله وسألوه قضاها وما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين، فإن تكلموا تكلم الشيطان بنحو كلامهم وإذا ضحكوا ضحكوا معهم وإذا نالوا من أولياء الله (2) نالوا معهم فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان ولا جليسه، فإن غضب الله عز وجل لا يقوم له شئ ولعنته لا يردها شئ، ثم قال (صلوات الله عليه):


(1) في بعض النسخ [ محمد بن اسماعيل ] وفى بعضها [ محمد بن سعيد ]. (2) أي سبوهم وقالوا فيهم ما لا يليق بهم (في).

[ 188 ]

فإن لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم، ولو حلب شاة أو فواق ناقة (1). 7 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن سليمان، عن محمد بن محفوظ، عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: ليس شئ أنكى (2) لابليس وجنوده من زيارة الاخوان في الله بعضهم لبعض، قال: وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدد (3) حتى أن روحه لتستغيث من شده ما يجد من الالم فتحس ملائكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتى لا يبقى ملك مقرب إلا لعنه، فيقع خاسئا (4) حسيرا مدحورا. (باب) * (ادخال السرور على المؤمنين) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر – عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سر مؤمنا فقد سرني ومن سرني فقد سر الله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن رجل من أهل الكوفة يكنى أبو محمد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة وصرف القذى (5) عنه حسنة، وما عبد الله بشئ أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان عن عبيد الله بن الوليد الوصافي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن فيما ناجى الله عز


(1) ” حلب شاة ” حلب مصدر منصوب بظرفية الزمان بتقدير زمان حلب وكذا الفواق و كأنه اقل من الحلب أي يقوم لاظهار حاجة وعذر ولو بأحد هذين المقدارين من الزمان قال في النهاية: فيه أنه قسم الغنائم يوم بدر عن فواق أي في قدر فواق ناقة وهو ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح وذلك لانها تحلب ثم تراح حتى تدر ثم تحلب (آت). (2) في القاموس نكى العدو وفيه نكاية: قتل وجرح. (3) خدد لحمه وتخدد هزل ونقص. (4) خسأت الكلب كمنعت: طردته. وحسر حسرا تعب وأعيا. والدحر: الطرد. (5) القذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين.

[ 189 ]

وجل به عبده موسى (عليه السلام) قال: إن لي عبادا ابيحهم جنتي واحكمهم فيها (1) قال: يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتك وتحكمهم فيها؟ قال: من أدخل على مؤمن سرورا، ثم قال: إن مؤمنا كان في مملكة جبار فولع (2) به فهرب منه إلى دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك فأظله وأرفقه وأضافه فلما حضره الموت أوحى الله عزوجل إليه وعزتي وجلالي لو كان [ لك ] في جنتي مسكن لاسكنتك فيها ولكنها محرمة على من مات بي مشركا ولكن يا نار هيديه (3) ولا تؤذيه ويؤتى برزقه طرفي النهار، قلت: من الجنة؟ قال: من حيث شاء الله. 4 – عنه، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن أبي علي، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أحب الاعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمنين. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: قال: أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام) أن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحه جنتي، فقال داود: يا رب وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة، قال داود: يا رب حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سرورا أنه عليه أدخله فقط بل والله علينا، بل والله على رسول الله (صلى الله عليه وآله). 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن أحب الاعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن،


(1) أحكمهم من التحكيم أي أجعلهم فيها حكاما. (2) ولع: استخف. (3) هيديه أي ازعجيه وافزعيه وحركيه واصلحيه.

[ 190 ]

شبعة مسلم (1) أو قضاء دينه. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سدير الصيرفي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدم (2) أمامه، كلما رأى المؤمن هولا من أحوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وابشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل، حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيحاسبه حسابا يسيرا ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه فيقول له المؤمن: يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتى رأيت ذلك، فيقول من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلت على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني الله عز وجل منه لابشرك. 9 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن محمد بن جمهور قال: كان النجاشي (3) وهو رجل من الدهاقين عاملا على الاهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لابي عبد الله (عليه السلام): إن في ديوان النجاشي علي خراجا وهو مؤمن يدين بطاعتك فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتابا قال: فكتب إليه أبو عبد الله (عليه السلام) ” بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله ” قال: فلما ورد الكتاب عليه دخل عليه وهو في مجلسه فلما خلا ناوله الكتاب وقال: هذا كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) فقبله ووضعه على عينيه وقال له: ما حاجتك؟ قال: خراج علي في ديوانك، فقال له: وكم هو؟ قال: عشرة آلاف درهم، فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه ثم أخرجه منها (4) وأمر أن يثبتها له لقابل ثم قال له: سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك ثم أمر له بمركب وجارية و غلام وأمر له بتخت ثياب (5) في كل ذلك يقول له: هل سررتك؟ فيقول: نعم جعلت


(1) ” شبعة ” بفتح الشين إما بالنصب بنزع الخافض أي بشبعة أو بالرفع بتقدير هو شبعة أو بالجر بدلا أو عطف بيان للسرور والمراد بالمسلم هنا المؤمن وكان تبديل المؤمن به للاشعار بأنه يكفى ظاهر الايمان لذلك وذكرهما على المثال (آت). (2) ” يقدم ” أي يتقدم كما في قوله في قصة فرعون: ” يقدم قومه يوم القيامة ” و لفظة ” امامه ” تأكيده (في). (3) النجاشي بفتح النون وكسرها وتشديد الياء وتخفيفها أفصح وهو أبو التاسع لاحمد بن على بن أحمد بن العباس صاحب الرجال: والدهقان معرب يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار وداله مكسور (لح). (4) أي أخرج اسمه من دفاتر الديوان. (5) التخت: وعاء يصان فيه الثياب.

[ 191 ]

فداك، فكلما قال: نعم زاده حتى فرغ (1) ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي الذي ناولتني فيه وارفع إلي حوائجك قال: ففعل وخرج الرجل فصار إلى أبي عبد الله (عليه السلام) بعد ذلك فحدثه الرجل بالحديث على جهته فجعل يسر بما فعل، فقال الرجل: يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي؟ فقال: إي والله لقد سر الله ورسوله. 10 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال عن منصور، عن عمار بن أبي اليقظان، عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حق المؤمن على المؤمن، قال: فقال: حق المؤمن على المؤمن أعظم من ذلك، لو حدثتكم لكفرتم (2) إن المؤمن إذا خرج من قبره، خرج معه مثال من قبره، يقول له: أبشر بالكرامة من الله والسرور، فيقول له: بشرك الله بخير، قال: ثم يمضي معه يبشره بمثل ما قال وإذا مر بهول قال: ليس هذا لك وإذا مر بخير قال هذا لك فلا يزال معه يؤمنه مما يخاف ويبشره بما يحب حتى يقف معه بين يدي الله عز وجل فإذا أمر به إلى الجنه قال له المثال: أبشر فان الله عز وجل قد امر بك إلى الجنة، قال، فيقول: من أنت رحمك الله تبشرني من حين خرجت من قبري وآنستني في طريقي وخبرتني عن ربي؟ قال: فيقول: أنا السرور الذي كنت تدخله على إخوانك في الدنيا خلقت منه لابشرك واونس وحشتك. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال مثله. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحب الاعمال إلى الله سرور [ الذي ] تدخله على المؤمن، تطرد عنه (2) جوعته، أو تكشف عنه كربته. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أدخل على مؤمن سرورا خلق الله عز وجل من ذلك السرور خلقا فيلقاه عند موته، فيقول له: أبشر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان،


(1) فرغ أي النجاشي من العطاء. (2) الكفر هنا بمعنى الفسق. (3) الطرد: الابعاد.

[ 192 ]

ثم لا يزال معه حتى يدخله قبره [ يلقاه ]، فيقول له مثل ذلك، فإذا بعث يلقاه فيقول له مثل ذلك، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ويقول له مثل ذلك، فيقول له: من أنت رحمك الله؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على فلان. 13 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن عبد الله ابن سنان قال: كان رجل عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرأ هذه الآية ” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (1) ” قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فما ثواب من أدخل عليه السرور؟ فقلت: جعلت فداك عشر حسنات فقال: إي والله وألف ألف حسنة. 14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن يحيى، عن الوليد بن العلاء، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن أدخله على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد وصل ذلك إلى الله وكذلك من أدخل عليه كربا. 15 – عنه، عن إسماعيل بن منصور، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما مسلم لقي مسلما فسره سره الله عز وجل. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أحب الاعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن: إشباع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء دينه. (باب) * (قضاء حاجة المؤمن) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن بكار بن كردم (2)، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم أنه الحق وافعله وأخبر به علية (3) إخوانك، قلت، جعلت فداك وما علية


(1) الاحزاب 58. بغير ما اكتسبوا أي بغير جناية استحقوا بها الايذاء. (2) كجعفر. (3) ” علية إخوانك ” بكسر المهملة وإسكان اللام أي شريفهم ورفيعهم جمع على كصبية و صبى (في).

[ 193 ]

إخواني؟ قال: الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم، قال: ثم قال: ومن قضى لاخيه المؤمن حاجة قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا (1) وكان المفضل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له: أما تشتهي أن تكون من علية الاخوان. 2 – عنه، عن محمد بن زياد قال: حدثني خالد بن يزيد، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقة انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة، فإن استطعت أن تكون منهم فكن، ثم قال: لنا والله رب نعبده لا نشرك به شيئا (2). 3 – عنه، عن محمد بن زياد، عن الحكم بن أيمن، عن صدقة الاحدب (3)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان (4) ألف فرس في سبيل الله. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن زياد، مثل الحديثين. 4 – علي، عن أبيه، عن محمد بن زياد، عن صندل، عن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لقضاء حاجة امرء مؤمن أحب إلى [ الله ] من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن إسماعيل بن عمار الصيرفي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك المؤمن رحمة على المؤمن؟ قال: نعم، قلت: وكيف ذاك؟ قال: إيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسببها له، فإن قضى حاجته، كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فانما رد عن نفسه رحمة من الله عز وجل


(1) المراد بالنصاب في عرف أصحاب الائمة: المخالفون المتعصبون في مذهبهم فغير النصاب هم المستضعفون. (2) لعل المراد بيان انهم (عليهم السلام) لا يطلبون حوائجهم إلى أحد سوى الله سبحانه وانهم منزهون عن ذلك. أو تنبيه للمفضل وأمثاله لئلا يصيروا إلى الغلو. (3) الاحدب من خرج ظهره ودخل صدره وبطنه (في). (4) الحملان بالضم ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة (في).

[ 194 ]

ساقها إليه وسببها له وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره يا إسماعيل فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة من الله قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها؟ قلت: لا أظن يصرفها عن نفسه، قال: لا تظن ولكن استيقن فإنه لن يردها عن نفسه، يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعا (1) ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة، مغفورا له أو معذبا. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من طاف بالبيت اسبوعا كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع له ستة آلاف درجة – قال: وزاد فيه إسحاق بن عمار – وقضى له ستة آلاف حاجة، قال: ثم قال: و قضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف حتى عد عشرا. 7 – الحسين بن محمد، عن أحمد [ بن محمد ] بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله تبارك وتعالى: علي ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة. 8 – عنه، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: من طاف بهذا البيت طوافا واحدا كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع الله له ستة آلاف درجة حتى إذا كان عند الملتزم (2) فتح الله له سبعة أبواب من أبواب الجنة، قلت له: جعلت فداك هذا الفضل كله في الطواف؟ قال: نعم واخبرك بأفضل من ذلك، قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف وطواف حتى بلغ عشرا. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الخارقي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما


(1) الشجاع كغراب وكتاب: الحية والذكر منها أو ضرب منها صغير والجمع شجعان بالكسر والضم. (2) أي المستجار، مقابل باب الكعبة، سمى به لانه يستحب التزامه والصاق البطن به.

[ 195 ]

عند الله حتى تقضى له (1) كتب الله عز وجل له بذلك مثل أجر حجة وعمرة مبرورتين (2) وصوم شهرين من أشهر الحرم و اعتكافهما في المسجد الحرام، ومن مشى فيها بنية ولم تقض كتب الله له بذلك مثل حجة مبرورة، فارغبوا في الخير. 10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أورمة، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): تنافسوا في المعروف (3) لاخوانكم وكونوا من أهله، فإن للجنة بابا يقال له: المعروف، لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا، فان العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله عز وجل به ملكين: واحدا عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربه ويدعوان بقضاء حاجته، ثم قال: والله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله لان أحج حجة أحب إلي من أن اعتق رقبه ورقبة [ ورقبة ] ومثلها ومثلها حتى بلغ عشرا ومثلها ومثلها (4) حتى بلغ السبعين ولان أعول أهل بيت من المسلمين (5) أسد جوعتهم وأكسوا عورتهم فأكف وجوههم عن الناس أحب إلي من أن أحج حجة وحجة [ وحجة ] ومثلها ومثلها حتى بلغ عشرا ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الشعير، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام)


(1) ” حتى تقضى ” بالتاء على بناء المفعول أو بالياء على بناء الفاعل وفى بعض النسخ [ حتى يقضيها ]. (2) أي مقبولتين. (3) في النهاية التنافس من المنافسة وهى الرغبة في الشئ والانفراد به وهو من الشئ النفيس الجيد في نوعه. والمعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب إلى الله والاحسان إلى الناس وحسن الصحبة مع الاهل وغيرهم من الناس. (4) الظاهر أن ضمير مثلها في الاولين راجع إلى الرقبة وفى الاخيرين إلى العشر، وقوله: ” حتى بلغ ” في الموضعين كلام الراوى أي قال مثلها سبع مرات في الموضعين فصار المجموع سبعين ويحتمل كونه كلام الامام (عليه السلام) ويكون ” بلغ ” بمعنى يبلغ (آت). (5) ” لان أعول ” قال الجوهرى: عال عياله يعولهم عولا وعيالة أي كفاهم وأنفق عليهم.

[ 196 ]

أن من عبادي من يتقرب إلي بالحسنة فاحكمه في الجنة، فقال موسى: يا رب وما تلك الحسنة؟ قال: يمشي مع أخيه المؤمن في قضاء حاجته قضيت أو لم تقض (1). 13 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي ابن جعفر قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فانما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا (2) وهو موصول بولاية الله وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلط الله عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفورا له أو معذبا، فإن عذره الطالب (3) كان أسوء حالا. 14 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمن لترد عليه الحاجة لاخيه فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة. (باب) * (السعي في حاجة المؤمن) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: مشي الرجل في حاجة أخيه المؤمن يكتب (4) له عشر حسنات ويمحا عنه عشر سيئات، ويرفع له عشر درجات، قال: ولا أعلمه (5)


(1) ” قضيت أو لم تقض ” محمول على ما إذا لم يقصر في السعي كما مر مع ان الاشتراك في دخول الجنة والتحكيم فيها لا ينافى التفاوت بحسب الدرجات. وفي بعض النسخ [ ام لم تقض ]. (2) الضمير المنصوب في وصله راجع إلى مصدر قبل (آت). (3) ” فان عذره الطالب ” في المصباح عذرته فيما صنع عذرا من باب ضرب: رفعت عنه اللوم فهو معذور أي غير ملوم وأعذرته بالالف لغة. وقوله: ” كان أسوء حالا ” انما كان المعذور أسوء حالا لان العاذر لحسن خلقه وكرمه أحق بقضاء الحاجة ممن لا يعذر، فرد قضاء حاجته اشنع و الندم عليه أعضم والحسرة عليه أدوم ووجه آخر وهو أنه إذا عذره لا يشكو ولا يغتابه فبقى حقه عليه سالما إلى يوم الحساب. (4) على بناء المفعول والعائد محذوف أو على بناء الفاعل والاسناد على المجاز (آت) (5) ” ولا أعلمه ” أي ولا أظنه (آت).

[ 197 ]

إلا قال: ويعدل عشر رقاب وأفضل من اعتكاف شهر في المسجد الحرام. 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول إن لله عبادا في الارض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة، و من أدخل على مؤمن سرورا فرح (1) الله قلبه يوم القيامة. 3 – عنه، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): من مشى في حاجة أخيه المسلم أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك (2) ولم يرفع قدما إلا كتب الله له حسنة وحط عنه بها سيئة ويرفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب الله عز وجل له بها أجر حاج ومعتمر. 4 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن هارون بن خارجة، عن صدقة عن رجل من أهل حلوان (3)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان أمشي في حاجة أخ لي مسلم أحب إلي من أن اعتق ألف نسمة وأحمل في سبيل الله على ألف فرس (4) مسرجة ملجمة. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يمشي لاخيه المؤمن (5) في حاجة إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة حسنة، وحط عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفع في عشر حاجات. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم، طلب وجه الله كتب الله عز وجل له ألف ألف حسنة، يغفر فيها لاقاربه وجيرانه وإخوانه


(1) في بعض النسخ [ فرج ]. (2) أي طائرين فوق رأسه حتى يظلوه لو كان لهم ظل، أو يجعلهم في ظلتهم أي في كنفهم وحمايتهم (3) في المصباح الحلوان بالضم بلد مشهور من سواد العراق وهي آخر مدن العراق وبينها وبين بغداد نحو من خمس مراحل وهي من طرف العراق من الشرق والقادسية من طرفه من الغرب وقيل سميت باسم بانيها وهو حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاع (4) أي أركب ألف إنسان على الف فرس كل منها شد عليه السرج والبس اللجام وابعثها في الجهاد و ” مسرجة ملجمة ” اسما مفعول من بناء الافعال (آت) (5) في بعض النسخ [ المسلم ].

[ 198 ]

ومعارفه ومن صنع إليه معروفا في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل له: ادخل النار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفا في الدنيا فأخرجه بإذن الله عز وجل إلا أن يكون ناصبا. 7 – عنه، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها فأجرى الله على يديه قضاءها كتب الله عز وجل له حجة وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهما وإن اجتهد فيها ولم يجر الله قضاءها على يديه كتب الله عز وجل له حجة وعمرة. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفى بالمرء اعتمادا على أخيه أن ينزل به حاجته. 9 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن صفوان الجمال قال: كنت جالسا مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل مكة يقال له: ميمون فشكا إليه تعذر الكراء عليه (1) فقال لي: قم فأعن أخاك، فقمت معه فيسر الله كراه، فرجعت إلى مجلسي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما صنعت في حاجة أخيك؟ فقلت: قضاها الله – بأبي أنت وامي – فقال: أما إنك أن تعين (2) أخاك المسلم أحب إلي من طواف اسبوع بالبيت مبتدئا (3) ثم قال: إن رجلا أتى الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: بأبي أنت وامي أعني على قضاء حاجة، فانتعل وقام معه فمر على الحسين (صلوات الله عليه) وهو قائم يصلي فقال له: أين كنت عن أبي عبد الله (4) تستعينه على حاجتك، قال: قد فعلت – بأبي أنت وامي – فذكر أنه معتكف، فقال له: أما إنه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا (5).


(1) الكرا بالكسر والمد: أجر المستأجر عليه وهو في الاصل مصدر كاريته والمراد بتعذر الكرا إما تعذر الدابة التى يكتريها أو تعذر من يكترى دوابه بناء على كونه مكاريا أو عدم تيسير أجرة المكارى له وكل ذلك مناسب لحال صفوان الراوي (آت) (2) ” أما ” بالتخفيف و ” أن ” مصدرية. (3) قوله: ” مبتدئا ” إما حال عن فاعل ” قال ” أي قال (عليه السلام) ذلك مبتدئا قبل أن أسأله عن أجر من قضى حاجة أخيه، أو عن فاعل الطواف، أو هو على بناء اسم المفعول حالا عن الطواف وعلى التقديرين الاخيرين لاخراح طواف الفريضة. وقيل حال عن فاعل تعين أي تعين مبتدئا [ قبل أن يسألك الاعانة ] (آت). (4) أي اين كنت عنه في سؤاله أعانتك على قضاء حاجتك. (5) أي لو كان غير معتكف واستعان على حاجتك كان ذلك خيرا له من اعتكافه شهرا وأما بعد إعتكافه فلم يجز له الخروج.

[ 199 ]

10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي جميلة، عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله عز وجل: الخلق عيالي، فأحبهم إلي ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابه عن أبي عمارة (1) قال: كان حماد بن أبي حنيفة إذا لقيني قال: كرر علي حديثك، فاحدثه، قلت: روينا أن عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار مشاء في حوائج الناس عانيا بما يصلحهم. (باب) * (تفريج كرب المؤمن) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان (2) عند جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله عز وجل له بذلك ثنتين و سبعين رحمة من الله يعجل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لافزاع يوم القيامة وأهواله. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أعان مؤمنا نفس الله عز وجل عنه ثلاثا وسبعين كربة، واحدة في الدنيا وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى، قال: حيث يتشاغل الناس بأنفسهم. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن نعيم، عن مسمع أبي سيار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من نفس عن مؤمن كربة نفس


(1) أبو عمارة كنية لجماعة أكثرهم من أصحاب الباقر (عليه السلام) وكلهم مجاهيل وحماد بن أبي حنيفة أيضا مجهول والظاهر أنه كان يسأل تكرار هذا الحديث بعينه لالتذاذه بسماعة وليؤثر فيه فيحثه على العمل به (آت). (2) اللهفان صفة مشبهة كاللهثان وفى النهاية فيه اتقوا دعوة اللهفان وهو المكروب. يقال: لهف يلهف لهفا فهو لهفان ولهف فهو ملهوف. وفى القاموس اللهثان: العطشان وقد لهث كسمع وكغراب: حر العطش وشدة الموت ولهث كمنع لهثا ولهاثا بالضم أخرج لسانه عطشا أو تعبا أو اعياء. انتهى (آت).

[ 200 ]

الله عنه كرب الآخرة وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد (1) ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم (2). 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه السلام) قال: من فرج عن مؤمن فرج الله عن قلبه يوم القيامة. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح عن ذريح المحاربي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة، قال: ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة، قال: والله في عون المؤمن ماكان المؤمن في عون أخيه، فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير (3). (باب اطعام المؤمن) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملا جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا (4). 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان اطعم رجلا من المسلمين أحب إلي من أن اطعم افقا من الناس (5)، قلت: وما الافق؟ قال: مائة ألف أو يزيدون. 3 – عنه، عن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان


(1) أي فرح القلب مطمئنا واثقا برحمة الله (آت). (2) ” الرحيق المختوم ” الرحيق من أسماء الخمر يريد خمر الجنة والمختوم: المصون الذى لم يبتذل لاجل ختامه. (3) في بعض النسخ [ بالخير ]. (4) أي من أشبع كافرا لكفره. (5) لعله مجاز من باب إطلاق اسم المحل على الحال لان معنى الافق: الناحية كما في الصحاح.

[ 201 ]

في ملكوت السماوات الفردوس وجنة عدن وطوبى [ و ] شجرة تخرج من جنة عدن، غرسها ربنا بيده (1). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من رجل يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما (2) إلا كان ذلك أفضل من عتق نسمة. 5 – عنه، عن أبيه، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الاجر في الآخرة، لاملك مقرب ولا نبي مرسل إلا الله رب العالمين، ثم قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان (3) ثم تلا قول الله عز وجل: ” أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة (4) “. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه الله بكل شربة سبعين ألف حسنة وإن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن حسين بن نعيم الصحاف قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أتحب إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم، قال: تنفع فقراءهم؟ قلت: نعم، قال: أما إنه يحق عليك (5) أن تحب من يحب


(1) عد طوبى من الجنان لان فيه من أنواع الثمار وقوله: ” وشجرة ” عطف على ثلاث يعني أطعمه الله من ثلاث جنان ومن شجرة في جنة عدن، غرسها الله بيده (في). (2) في القاموس الشبع بالفتح وكعنب: سد الجوع وبالكسر وكعنب اسم ما اشبعك (آت). (3) السغبان: الجائع. (4) البلد 14 – 16. والمقربة من القرابة والمتربة من التراب (في). (5) أي يجب ويلزم.

[ 202 ]

الله (1)، أما والله لا تنفع منهم أحدا حتى تحبه (2)، أتدعوهم إلى منزلك؟ قلت: نعم ما آكل إلا ومعي منهم الرجلان والثلاثة والاقل والاكثر، فقال أبو عبد الله. أما إن فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: جعلت فداك اطعمهم طعامي وأوطئهم رحلي ويكون فضلهم علي أعظم؟! قال: نعم إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك (3) وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي محمد الوابشي قال: ذكر أصحابنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت: ما أتغدى ولا أتعشى (4) إلا ومعي منهم الاثنان والثلاثة وأقل وأكثر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام: فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: جعلت فداك كيف وأنا اطعمهم طعامي وانفق عليهم من مالي واخدمهم عيالي فقال: إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من الله عز وجل كثيرا وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك. 10 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن مقرن، عن عبيد الله الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لان اطعم رجلا مسلما أحب إلي من أن اعتق افقا (5) من الناس قلت: وكم الافق؟ فقال: عشرة آلاف. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أطعم أخاه في الله كان له من الاجر مثل من أطعم فئاما من الناس (6)، قلت: وما الفئام [ من الناس ]؟ قال: مائة ألف من الناس. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن سدير الصيرفي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما منعك أن تعتق كل يوم نسمة؟ قلت:


(1) برفع الجلالة أي يحبه الله ويحتمل النصب والاول أظهر (آت) (2) كأن غرضه (عليه السلام) أن دعوى المحبة بدون النفع كذب وان كنت صادقا في دعوى المحبة لابد أن تنفعهم (آت) (3) الباء للمصاحبة أو للتعدية وفى سائر الاخبار ” برزقك ورزق عيالك ” ولا يبعد أن يكون سهوا من الرواة ليكون ما بعده تأسيسا (آت). (4) التغدى: الاكل بالغداء أي أول اليوم، والتعشى، الاكل بالعشى أي آخر اليوم وأول الليل (آت). (5) مر معنى الافق في توضيح الحديث الثاني من الباب. (6) الفئام بالفاء مهموزا: الجماعة من الناس (في).

[ 203 ]

لا يحتمل مالي ذلك، قال: تطعم كل يوم مسلما، فقلت: موسرا أو معسرا؟ قال: فقال: إن الموسر قد يشتهي الطعام. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اكلة (1) يأكلها أخي المسلم عندي أحب إلي من أن اعتق رقبة. 14 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان اشبع رجلا من إخواني أحب إلي من أن أدخل سوقكم هذا فأبتاع منها رأسا فاعتقه. 15 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان آخذ خمسة دراهم [ و ] أدخل إلى سوقكم هذا فأبتاع بها الطعام وأجمع نفرا من المسلمين أحب إلي من أن اعتق نسمة. 16 – عنه، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل محمد بن علي (صلوات الله عليهما) ما يعدل عتق رقبة؟ قال: إطعام رجل مسلم. 17 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أرى شيئا يعدل زيارة المؤمن إلا إطعامه وحق على الله أن يطعم من أطعم مؤمنا من طعام الجنة. 18 – محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان اطعم مؤمنا محتاجا أحب إلي من أن أزوره ولان أزوره أحب إلي من أن اعتق عشر رقاب. 19 – صالح بن عقبة. عن عبد الله بن محمد ويزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أطعم مؤمنا موسرا كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح، ومن أطعم مؤمنا محتاجا كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح.


(1) الاكلة بالضم: اللقمة ويمكن أن تكون بالفتح وهى المرة من الاكل فعلى الاول الضمير في يأكلها مفعول به وعلى الثاني مفعول مطلق.

[ 204 ]

20 – صالح بن عقبة، عن نصر بن قابوس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لإطعام مؤمن أحب إلي من عتق عشر رقاب وعشر حجج (1)، قال: قلت: عشر رقاب وعشر حجج؟ قال: فقال: يا نصر إن لم تطعموه مات أو تدلونه (2) فيجئ إلى ناصب فيسأله والموت خير له من مسألة ناصب، يا نصر من أحيى مؤمنا فكأنما أحيى الناس جميعا فإن لم تطعموه فقد أمتموه وإن أطعمتموه فقد أحييتموه. (باب من كسا مؤمنا) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عز وجل في كتابه: ” وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون (3) “. 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كسا أحدا من


(1) ” عشر حجج ” عطف على العتق ” عشر رقاب ” أي عتق رقاب، قاله تعجبا فأزال (عليه السلام) تعجبه بأن قال إن لم تطعموه فأما أن يموت جوعا إن لم يسأل النواصب أو يصير ذليلا بسؤال ناصب وهو عنده بمنزلة الموت بل أشد عليه منه فأطعامه سبب لحياته الصورية والمعنوية وقد قال تعالى: ” من أحيى نفسا فكأنما أحيى الناس جميعا ” والمراد بالنفس المؤمنة وبالاحياء أعم من المعنوية لما ورد في الاخبار الكثيرة أن تأويلها الاعظم هدايتها لكن كان الظاهر حينئذ ” أو تدلوه ” للعطف على الجزاء ولذا قرء بعضهم بفتح الواو على الاستفهام الانكارى و ” تدلونه ” بالدال المهملة واللام المشددة من الدلالة والحاصل أنه لما قال (عليه السلام) الموت لازم لعدم الاطعام كان هنا مظنة سؤال وهو أنه يمكن أن يسأل الناصب ولا يموت فأجاب (عليه السلام) بأنه أن أردتم أن تدلوه على أن يسأل ناصبا فهو لا يسأله لان الموت خير له من مسألته فلابد من أن يموت، فأطعامه أحياؤه وقرء آخر ” تدلونه ” بالتخفيف من الادلاء بمعنى الارسال وما ذكرناه أولا أظهر معنى وقوله: ” فقد أمتموه ” يحتمل الاماتة بالاضلال أو بالاذلال وكذا الاحياء يحتمل الوجهين (آت). (2) في بعض النسخ [ تذلونه فيأتي ] بالمعجمة. (3) الانبياء: 103.

[ 205 ]

فقراء المسلمين ثوبا من عري (1) أو أعانه بشئ مما يقوته (2) من معيشته وكل الله عز وجل به سبعة آلاف ملك من الملائكة، يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشئ مما يقوته من معيشته وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) [ قال: ] من كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر. وقال في حديث آخر: لا يزال في ضمان الله مادام عليه سلك (3). 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقول: من كسا مؤمنا ثوبا من عري كساه الله من إستبرق الجنة ومن كسا مؤمنا ثوبا من غنى لم يزل في ستر من الله ما بقي من الثوب خرقة. (باب) * (في الطاف المؤمن واكرامه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين ابن هاشم، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أخذ من وجه (4) أخيه


(1) بضم العين وسكون الراء خلاف اللبس والفعل كرضى. (2) في أكثر النسخ بالتاء وهو المسكة من الرزق. والضمير المنصوب في يقوته راجع إلى الفقير والضمير في قوله: ” من معيشته ” الظاهر رجوعه إلى المعطى ويحتمل رجوعه إلى الفقير أيضا وأما إرجاع الضميرين معا إلى المعطى فيحتاج إلى تكلف في يقوته وفى بعض النسخ [ يقويه ] بالياء من التقوية فالاحتمال الاخير لا تكلف فيه والكل محتمل (آت). (3) السلك بالكسر: الخيط يخاط بها والجمع سلوك. (4) في بعض النسخ [ في وجه ].

[ 206 ]

المؤمن قذاة (1) كتب الله عز وجل له عشر حسنات، ومن تبسم في وجه أخيه كانت له حسنة. 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال لاخيه المؤمن: مرحبا كتب الله تعالى له مرحبا إلى يوم القيامة. 3 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنما أكرم الله عز وجل 4 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن نصر بن إسحاق، عن الحارث ابن النعمان، عن الهيثم بن حماد، عن أبي داود، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما في امتي عبد ألطف أخاه في الله بشئ من لطف إلا أخدمه الله من خدم الجنة. 5 – وعنه، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك. 6 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن مما خص الله عز وجل به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه وإن قل، وليس البر بالكثرة وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه: ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (ثم قال:) ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون (2) ” ومن عرفه الله عز وجل بذلك أحبه الله ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب، ثم قال: يا جميل ارو هذا الحديث لاخوانك، فانه ترغيب في البر.


(1) القذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين أو في الشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك. (2) الممتحنة: 10 أي يوق شح نفسه بوقاية الله وتوفيقه ويحفظها عن البخل والحرص.

[ 207 ]

7 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة، قلت: وأي شئ التحفة؟ قال: من مجلس ومتكأ وطعام وكسوة وسلام، فتطاول الجنة (1) مكافأة له ويوحي الله عز وجل إليها: أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا على نبي أو وصي نبي، فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عز وجل إليها: أن كافئي أوليائي بتحفهم فيخرج منها وصفاء ووصائف (2) معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ، فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم وامتنعوا أن يأكلوا فينادي مناد من تحت العرش أن الله عز وجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة. 9 – الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، جميعا، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد ابن أسلم، عن محمد بن علي بن عدي قال: أملا علي محمد بن سليمان، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أحسن يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت، فما أحسن مؤمن إلى مؤمن ولا أعانه إلا خمش وجه إبليس (3) وقرح قلبه. (باب في خدمته) 1 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن أبان، عن صالح بن أبي الاسود، رفعه، عن أبي المعتمر قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما مسلم خدم قوما من المسلمين إلا أعطاه الله مثل عددهم خداما في الجنة.


(1) أي تمتد وترتفع لارادة مكافاته واطعامه في الدنيا (آت). (2) في المصباح، الوصيف الغلام دون المراهق والوصيفة الجارية كذلك والجمع وصفاء و وصائف مثل كريم وكرماء وكرائم. (3) أي خدشه ولطمه وضربه وقطع عضوا منه، وقرح بالقاف من باب التفعيل كناية عن شدة الغم واستمراره (آت) وقال الفيض (ره) القرح بضم القاف والمهملتين: الالم وقرح قلبه أي ألمه. (4) أي ما فعل ذلك ألا أعطاه الله أو لفظة ” إلا ” زائدة.

[ 208 ]

(باب نصيحة المؤمن) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان عن عيسى بن أبي منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه (1). 2 – عنه، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب (2). 3 – ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة. 4 – ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه (3). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه (4) بالنصيحة لخلقه. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليكم بالنصح لله في خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه.


(1) المراد بنصيحة المؤمن للمؤمن إرشاده إلى مصالح دينه ودنياه وتعليمه إذا كان جاهلا وتنبيهه إذا كان غافلا والذب عنه وعن أعراضه إذا كان ضعيفا وتوقيره في صغره وكبره وترك حسده وغشه ودفع الضرر عنه وجلب النفع إليه ولو لم يقبل نصيحته سلك طريق الرفق حتى يقبلها ولو كانت متعلقة بأمر الدين سلك به طريق الامر بالمعروف والنهى عن المنكر على وجه المشروع (آت) (2) ” في المشهد والمغيب ” أي في وقت حضوره بنحو ما مر وفى غيبته بالكتابة أو الرسالة وحفظ عرضه والدفع عن غيبته وبالجملة رعاية جميع المصالح له ودفع المفاسد عنه على أي وجه كان (آت). (3) هذا جامع لجميع أفراد النصيحة. (4) إما من المشى حقيقة أو كناية عن شدة الاهتمام والباء في قوله: ” بالنصيحة ” للملابسة أو السببية وفى بعض النسخ [ بخلقه ].

[ 209 ]

(باب) * (الاصلاح بين الناس) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان عن حماد بن أبي طلحة عن حبيب الاحول قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا. عنه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله. 2 – عنه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لان اصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين. 3 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي (1). 4 – ابن سنان، عن أبي حنيفة سابق الحاج (2) قال: مر بنا المفضل وأنا وختني (3) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذأ أستوثق كل واحد منا من صاحبه، قال: أما إنها ليست من مالي ولكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن اصلح بينهما وأفتديها من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن معاوية بن عمار،


(1) ” فافتدها ” كان الافتداء هنا مجاز فان المال يدفع المنازعة كما أن الدية تدفع الدم أو كما أن الاسير يفتدى بالفداء كذلك كل منهما يفتدى من الاخر بالمال فالاسناد إلى النار على المجاز (آت) (2) أبو حنيفة اسمه سعيد بن بيان و ” سابق ” صححه في الايضاح وغيره بالباء الموحدة وفى أكثر النسخ بالياء من السوق وعلى التقريرين إنما لقب بذلك لانه كان يتأخر عن الحاج ثم يعجل بجمعية الحاج من الكوفة ويوصلهم إلى عرفة في تسعة ايام أو في اربعة عشر يوما وورد لذلك ذمه في الاخبار ولكن وثقه النجاشي وروى في الفقيه عن أيوب بن أعين قال: سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبد الله (عليه السلام): إن أبا حنيفة رأى هلال ذى الحجة بالقادسية و شهد معنا عرفة، فقال: مالهذا صلاة مالهذا صلاة (آت) (3) الختن: زوج بنت الرجل وزوج أخته أو كل من كان من قبل المرأة. والتشاجر: التنازع.

[ 210 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المصلح ليس بكاذب (1). 6 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل ” ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس (2) ” قال: إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين ألا أفعل. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن معاوية ابن وهب أو معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: أبلغ عني كذا وكذا – في أشياء أمر بها – قلت: فأبلغهم عنك وأقول عني ما قلت لي وغير الذي قلت؟ قال: نعم إن المصلح ليس بكذاب [ إنما هو الصلح ليس بكذب ] (3). (باب) * (في احياء المؤمن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عز وجل: ” من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا (4) “؟ قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها. 2 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): قول الله عز وجل في كتابه: ” ومن أحياها فكأنما أحيا


(1) يعنى إذا تكلم بما لا يطابق الواقع فيما يتوقف عليه الاصلاح لم يعد كلامه كذبا (في). (2) البقرة: 224 وقوله: ” عرضه.. الخ ” أي حاجزا لما حلفتم عليه. (3) ذهب بعض الاصحاب إلى وجوب التورية في هذه المقامات ليخرج عن الكذب (آت). (4) الاية في المائدة – 32 هكذا ” من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس.. الخ ” فما في الخبر على النقل بالمعنى والاكتفاء ببعض الاية لظهورها وتطبيق التأويل المذكور في الخبر على قوله تعالى: ” بغير نفس أو فساد في الارض ” يمكن ان يكون دلالة الاية على المذكور في الاية دلالة مطابقية وعلى التأويل المذكور في الخبر دلالة التزامية ولذا قال (عليه السلام) من اخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما احياها ولم يصرح بان هذا هو المراد بالاية

[ 211 ]

الناس جميعا “؟ قال: من حرق أو غرق، قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال: ذاك تأويلها الاعظم. محمد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان مثله. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أسألك؟ – أصلحك الله – فقال: نعم، فقلت: كنت على حال وأنا اليوم على حال اخرى كنت أدخل الارض فأدعو الرجل والاثنين والمرأة فينقذ الله من شاء (1) وأنا اليوم لا أدعو أحدا؟ فقال: وما عليك أن تخلي بين الناس وبين ربهم (2) فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه، ثم قال: ولا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشئ نبذا (3) قلت: أخبرني عن قول الله عز وجل: ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ” قال: من حرق أو غرق، ثم سكت، ثم قال: تأويلها الأعظم أن: دعاها فاستجابت له. (باب) * (في الدعاء للاهل إلى الايمان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن لي أهل بيت وهم يسمعون مني أفأدعوهم إلى هذا الامر؟ فقال: نعم إن الله عز وجل يقول في كتابه ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة (4) “.


(1) في بعض النسخ [ من يشاء ]. (2) أي لا باس عليك أو على الاستفهام أي أي ضرر عليك في ان تخلى بينهم وبين ربهم، (3) النبذ. طرحك الشئ. امامك أو وراءك. (4) التحريم: 6.

[ 212 ]

(باب) * (في ترك دعاء الناس) * (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم والناس (1)، إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثم قال: لو أنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله (2) واخترنا من اختار الله، واختار الله محمدا واخترنا آل محمد (صلى الله عليه وعليهم) (3).


(1) أي احذروا دعوتهم في زمن شدة التقية وعلل ذلك بأن من كان قابلا للهداية واراد الله ذلك نكت في قلبه نكتة من نور، وهو كناية عن انه يلقى في قلبه ما يصير به طالبا للحق متهيئا لقبوله (آت) (2) أي امر الله بالذهاب إليه ” اخترنا من اختار الله ” أي اخترنا الامامة من اهل بيت اختارهم الله فان النبي (صلى الله عليه وآله) مختار الله والعاقل يحكم بان اهل بيت المختار إذا كانوا قابلين للامامة اولى من غيرهم وهذا دليل اقناعي تقبله طباع اكثر الخلق (آت) اقول بل المراد: ذهبنا إلى بيت ذهب الله إليه وهو بيت عبد المطلب واخترنا من ذلك البيت من اختاره الله وهو محمد فلما مضى محمد (صلى الله عليه وآله) لم نرجع ولم نخرج من ذلك البيت بل أقمنا في ذلك البيت المختار منه محمد (صلى الله عليه وآله) واخترنا بعده آله الاقربين على غيرهم. (3) ظاهر هذه الاخبار كما يفسره الخبر الرابع: وكما يدل عليه العلة المذكورة فيها اعني النكتة القلبية: ان المعرفة من صنع الله وان الانسان لا صنع له فيها أي ان المعرفة غير اختيارية بل مستندة إلى اسباب الهية غير اختيارية للانسان فلا في اختيار الداعي ان يصنع المعرفة في قلب المدعو المنكر: ولا في اختيار المدعو ان يعتقد بالحق من غير وجود الاسباب الالهية. ومحصل ما يظهر من هذه الاخبار وغيرها مما ينافيها بظاهرها: ان الله سبحانه خلق الانسان على دين الفطرة أي انه لو خلى وطبعه اذعن بالحق واعترف به ثم انه لو وقع في مجرى معتدل في الحياة رسخت في نفسه صفات وملكات حسنة كالعدل والانصاف ونحوهما وتمايل إلى الحق اينما وجده وكان على اهل العلم والايمان ان يدعوا مثل هذا الانسان حتى يتشرف بمعرفة تفاصيل الحق كما اعترف في نفسه باجماله وهذا هو المراد بالايات والاخبار الدالة على وجوب الدعوة والتبليغ وان وقع في مجرى الهوى والشهوات ومباغضة الحق رسخت في نفسه ملكة العصبية الجاهلية والعناد والطغيان، وهو المراد بالنكتة السوداء وزالت عنه صفة الانصاف والميل إلى الحق، و امتنع تأثير الكلام الحق فيه، ولا يزيد المخاصمة والاصرار الا بعدا وعنادا. قوله (عليه السلام). ” لو انكم إذا.. الخ ” ” لو ” حرف تمن والمراد ليتكم إذا كلمتم الناس لم تقولوا: يجب عليكم كذا عقلا ويستحيل كذا عقلا حتى يصروا في الخصام ويشتد بذلك اصرارهم على الباطل، بل قلتم: أن ديننا دين الله ومذهبنا مذهب من اختاره الله فلعل ذلك يوقظ روح الانصاف والاذعان منهم (الطباطبائى).

[ 213 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا ثابت مالكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الارض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه ولا بمنكر إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره (1). 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن الفضيل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ندعوا الناس إلى هذا الامر؟ فقال: يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى أدخله في هذا الامر طائعا أو كارها (2). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب (3) إن الله عز وجل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله) ” إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء (4) ” وقال: ” أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (5) ” ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) ولا سواء، وإنني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن


(1) مر الحديث في المجلد الاول اواخر كتاب التوحيد ص 165 ولسيدنا العلامة الطباطبائى – مد ظله – بيان في ذيله وكذا الحديث الاتى، من اراد الاطلاع فليراجع هناك. (2) في بعض النسخ [ أو مكرها ]. (3) أي لا تجادلوا مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة بالقاء الشبهات الفاسدة لا ظهور الحق فان المخاصمة على هذا الوجه يمرض القلب بالشك والشبهة والاغراض الباطلة وان كان غرضكم اجبارهم على الهداية فانها ليست بيدكم كما قال الله تعالى: ” انك لا تهدى… ” الايات (4) القصص: 56. (5) يونس: 99.

[ 214 ]

يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (1). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن ابن اذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق قوما للحق (2) فإذا مر بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مر بهم الباب من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وخلق قوما لغير ذلك فإذا مر بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، فأظلم لها سمعه وقلبه، ثم تلا هذه الآية ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء (3) “. 7 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله. (باب) * (أن الله انما يعطى الدين من يحبه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا الصخر إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض، ولا يعطي هذا الامر إلا صفوته من خلقه، أنتم والله


(1) وكر الطائر: عشه وان لم يكن فيه. (2) كان اللام للعاقبة أي عالما بانهم يختارون الحق أو يختارون خلافه وان كانوا لا يعرفونه (آت) (3) الانعام: 125.

[ 215 ]

على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل، لا أعني علي بن الحسين ولا محمد بن علي و إن كان هؤلاء على دين هؤلاء (1). 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عاصم ابن حميد، عن مالك بن أعين الجهني قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: يا مالك إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي دينه إلا من يحب. 3 – عنه، عن معلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم بن عمر والخثعمي، عن عمر ابن حنظلة، وعن حمزة بن حمران، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن هذه الدنيا يعطيها الله البر والفاجر ولا يعطي الايمان إلا صفوته من خلقه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أبي سليمان عن ميسر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الدنيا يعطيها الله عز وجل من أحب ومن أبغض وإن الايمان لا يعطيه إلا من أحبه. (باب سلامة الدين) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أيوب بن الحر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” فوقاه الله سيئات ما مكروا (2) “.


(1) الحب انجذاب خاص من المحب نحو المحبوب ليجده، ففيه شوب من معنى الانفعال، وهو بهذا المعنى وان امتنع ان يتصف به الله سبحانه لكنه تعالى يتصف به من حيث الاثر كسائر الصفات من الرحمة والغضب وغيرهما، فهو تعالى يحب خلقه من حيث انه يريد ان يجده وينعم عليه بالوجود وبالرزق ونحوهما وهو تعالى يحب عبده المؤمن من حيث انه يريد ان يجده ولا يفوته فينعم عليه بنعمة السعادة والعاقبة الحسنى. فالمراد بالمحبة في هذه الروايات المحبة الخاصة قوله ” لا اعني على بن الحسين… الخ ” أي ان المراد بآبائى آبائى الاقربون والابعدون جميعا لا خصوص آبائى الادنون، وهو كناية عن ان الدين الحق واحد، ودين ابراهيم ومذهب اهل البيت دين واحد لا أن هذا المذهب شعبة من شعب دين الحق (الطباطبائى) (2) المؤمن 40 والضمير في ” وقاه ” راجع إلى مؤمن آل فرعون حيث توكل على الله وفوض امره إلى الله تعالى حين اراد فرعون قتله بعد ان اظهر ايمانه بموسى (عليه السلام) ووعظهم ودعاهم إلى الايمان (آت)

[ 216 ]

فقال: أما لقد بسطوا عليه (1) وقتلوه ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لاصحابه: اعلموا أن القرآن هدى الليل والنهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة، فإذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم، وإذا نزلت نازله فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، واعلموا أن الهالك من هلك دينه والحريب من حرب دينه (2)، ألا وإنه لا فقر بعد الجنة، الا وإنه لا غنى بعد النار، لا يفك أسيرها ولا يبرء ضريرها (3). 3 – علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن فضيل ابن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: سلامة الدين وصحة البدن خير من المال و المال زينة من زينة الدنيا حسنة. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن يونس ابن يعقوب، عن بعض أصحابه قال: كان رجل يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) من أصحابه فغبر زمانا (4) لا يحج فدخل عليه بعض معارفه، فقال له: فلان ما فعل (5)؟ قال: فجعل يضجع الكلام (6) يظن أنه إنما يعني الميسرة والدنيا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) كيف دينه؟ فقال: كما تحب، فقال: هو والله الغنى.


(1) أي سلطوا عليه والملائكة باسطوا ايديهم أي مسلطون عليهم. وفى بعض النسخ [ قسطوا ]. (2) في المصباح حرب حربا من باب تعب اخذ جميع ماله، فهو حريب وحرب على بناء المفعول فهو محروب. (3) ” ضريرها أي من عمى عينه فيها أو من ابتلى فيها بالضر، وفى القاموس الضرير: الذاهب البصر والمريض المهزول وكل ما خالطه ضر. (4) غبر غبورا: مكث وفى بعض النسخ [ فصبر زمانا ]. وفى بعضها [ فغبر زمان ]. (5) أي كيف حاله ولم تقاعد عن الحج. (6) قوله: ” يضجع الكلام ” أي يقصر فيه وفى اداء المقصود صريحا، من ضجع في الامر تضجيعا إذا وهن فيه وقصر (لح). وفى بعض النسخ [ فظن ]. وقوله: ” انما يعنى الميسرة والدنيا ” يعنى تقاعده عن الحج لفقدهما (لح)

[ 217 ]

(باب التقية) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا (قال: بما صبروا على التقية) ويدرؤن بالحسنة السيئة (1) ” قال: الحسنة التقية والسيئة الاذاعة. 2 – ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عمر الاعجمي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شئ إلا في النبيذ والمسح على الخفين (2). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): التقية من دين الله. قلت: من دين الله؟ قال: إي والله من دين الله ولقد قال يوسف: ” أيتها العير إنكم لسارقون ” والله ما كانوا سرقوا شيئا ولقد قال إبراهيم: ” إني سقيم ” والله ما كان سقيما. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء عن حبيب بن بشر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الارض شئ أحب إلي من التقية، يا حبيب إنه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله، يا حبيب إن الناس إنما هم في هدنة (3) فلو قد كان ذلك كان هذا (4).


(1) القصص: 54: وصدر الاية ” الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به انه الحق من ربنا انا كنا مسلمين * اولئك يؤتون… الاية “. (2) ذلك لعدم مسيس الحاجة إلى التقية فيها إلا نادرا. (في) أو يكون نفى التقية فيهما باعتبار رعاية زمان هذا الخطاب ومكانه وحال المخاطب وعلمه (عليه السلام) بانه لا يضطر إليهما. (3) الهدنة: السكون والصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين. (4) ” فلو قد كان ذلك ” أي ظهور القائم. وقوله: ” وكان هذا ” أي ترك التقية (آت).

[ 218 ]

5 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير لو أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شئ إلا أكلته ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لاكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم (1) في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ” قال: الحسنة: التقية والسيئة: الاذاعة (2)، وقوله عز وجل: ” ادفع بالتي هي أحسن السيئة (3) ” قال: التي هي أحسن التقية، ” فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (4) “. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم. عن أبي عمرو الكناني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا عمرو أرأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما وأدع الآخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمر وأبى الله إلا أن يعبد سرا (5) أما والله لئن فعلتم ذلك إنه [ ل‍ ] خير لي ولكم، [ و ] أبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية. 8 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن درست الواسطي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الاعياد ويشدون الزنانير (6) فأعطاهم الله أجرهم مرتين. 9 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حماد بن واقد


(1) نحله القول كمنعه: نسبه إليه. ونحل فلانا: سابه. وفى بعض النسخ [ نجلوكم ] بالجيم وفى القاموس نجل فلانا ضربه بمقدم رجله وتناجلوا: تنازعوا. (2) أذاع الخبر: أفشاه. (3) قوله (عليه السلام): ” السيئة ” بعد قوله عز وجل: ” ادفع بالتى هي أحسن ” تفسير له، إذ ليس في هذا الموضع من القرآن (في). (4) فصلت: 34. (5) أي في دولة الباطل. (6) الزنانير جمع زنار.

[ 219 ]

اللحام قال: استقبلت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق فأعرضت عنه بوجهي ومضيت، فدخلت عليه بعد ذلك، فقلت: جعلت فداك إني لالقاك فأصرف وجهي كراهة أن أشق عليك فقال لي: رحمك الله ولكن رجلا لقيني أمس في موضع كذا وكذا فقال: عليك السلام يا أبا عبد الله، ما أحسن ولا أجمل (1). 10 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لابي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يروون أن عليا (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني فلا تبرؤوا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السلام)، ثم قال: إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم ستدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد، ولم يقل: لا تبرؤوا مني. فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل الله عز وجل فيه ” إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ” فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) عندها: يا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل الله عز وجل عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام الكندي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم أن تعملوا عملا يعيرونا به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، وكونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا صلوا في عشائرهم (2). وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شئ من الخير فأنتم أولى به منهم والله ما عبد الله بشئ أحب إليه من الخبء قلت: وما الخبء (3)؟ قال: التقية. 12 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن القيام للولاة، فقال: قال أبو جعفر (عليه السلام): التقية من ديني ودين أبائى ولا إيمان لمن لا تقية له. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به.


(1) أي لم يفعل حسنا ولا جميلا. (2) يعنى عشائر المخالفين لكم في الدين. (3) الخبء: الاخفاء والستر.

[ 220 ]

14 – علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [ كان ] أبي (عليه السلام) يقول: وأي شئ أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن. 15 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مروان قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما منع ميثم رحمه الله من التقية، فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه ” إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان (1) “. 16 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن شعيب الحداد عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية. 17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كلما تقارب هذا الامر (2) كان أشد للتقية. 18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سام ومحمد بن مسلم وزرارة قالوا: سمعنا أبا جعفر (عليه السلام) يقول: التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله له 19 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: التقية ترس الله بينه وبين خلقه (3). 20 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن حمزة، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الامرة صبيانية (4).


(1) النحل: 106. (2) أي خروج القائم. (3) ” ترس الله ” أي يمنع الخلق من عذاب الله أو من البلايا النازلة. (4) في النهاية في حديث سلمان ” من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه ” أراد بالبرانى العلانية والالف والنون من زيادات النسب كما قالوا في صنعاء صنعاني وأصله من قولهم: خرج فلان برا أي خرج إلى البر والصحراء وليس من قديم الكلام وفصيحه وقال أيضا في حديث

[ 221 ]

21 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن عبد الله ابن أسد، عن عبد الله بن عطاء قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما: ابرئا من أمير المومنين فبرئ واحد منهما وأبى الآخر فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر؟ فقال: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه وأما الذي لم يبرء فرجل تعجل إلى الجنة. 22 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): احذروا عواقب العثرات (1). 23 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن النعمان، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن أبي يعقور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: التقى ترس المؤمن والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيدين الله عز وجل به فيما بينه وبينه، فيكون له عزا في الدنيا ونورا في الآخرة وإن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه فيكون له ذلا في الدنيا وينزع الله عز وجل ذلك النور منه. (باب الكتمان) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: وددت والله أني افتديت خصلتين في


سلمان: إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا: أي باطنا وظاهرا وسرا وعلانية وهو منسوب إلى جو البيت وهو داخله وزيادة الالف والنون للتأكيد انتهى. والامرة بالكسر: الامارة والمراد بكونها صبيانية كون الامير صبيا أو مثله في قلة العقل والسفاهة. أو المعنى أنه لم يكن بناء الامارة على امر حق بل كانت مبنية على الاهواء الباطلة كلعب الاطفال. والنسبة إلى الجمع تكون على وجهين أحدهما أن يكون المراد النسبة إلى الجنس فيرد إلى المفرد والثانى أن تكون الجمعية ملحوظة فلا يرد وهذا من الثاني إذ المراد التشبيه بامارة يجمع عليها الصبيان (آت). (1) أي في ترك التقية كما فهمه الكليني (ره) أو الاعم (آت).

[ 222 ]

الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق وقلة الكتمان (1). 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن أبي اسامة زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما (2) على غير شئ: الصبر والكتمان. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عمار، عن سليمان ابن خالد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخلنا عليه جماعة، فقلنا: يا ابن رسول الله إنا نريد العراق فأوصنا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): ليقو شديدكم ضعيفكم وليعد غنيكم على فقيركم ولا تبثوا سرنا (3) ولا تذيعوا أمرنا، وإذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم و اعلموا أن المنتظر لهذا الامر له مثل أجر الصائم القائم ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا كان له مثل أجر عشرين شهيدا ومن قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة وعشرين شهيدا. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط، من احتمال


(1) في القاموس نزق الفرس كسمع وضرب ونصر نزقا ونزوقا: نزا، أو تقدم خفة ووثب. و أنزقه ونزقه غيره وكفرح وضرب: طاش وخف عند الغضب والاناء والغدير: امتلا إلى رأسه. وناقة نزاق ككتاب: سريعة ونازقا نزاقا ومنازقة وتنازقا: تشاتما، ومكان نزق محركة قريب ونازقه: قاربه وانزق: أفرط في ضحكه وسفه بعد حلم. انتهى. وقوله: ” ببعض لحم ساعدى ” يعنى وددت أن أذهب تينك الخصلتين عن الشيعة ولو انجر الامر إلى أن يلزمنى أن اعطى فداء عنهما بعض لحم ساعدى. والمراد بالكتمان إخفاء أحاديث الائمة وأسرارهم عن المخالفين عند خوف الضرر عليهم وعلى شيعتهم منه ومن كتمان اسرارهم وغوامض اخبارهم عمن لا يحتمله عقله. (2) بسببهما أي بسبب تضييعهما (آت). (3) أي الاحكام المخالفة لمذهب العامة عندهم. ” ولا تذيعوا امرنا ” أي أمر إمامتهم (آت).

[ 223 ]

أمرنا ستره وصيانته من غير أهله فأقرئهم السلام وقل لهم: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه (1)، حدثوهم بما يعرفون واستروا عنهم ما ينكرون، ثم قال: والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه وردوه عنها، فإن قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه، فان الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له، فالطفوا في حاجتى كما تلطفون في حوائجكم فإن هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ولا تقولوا: إنه يقول ويقول، فإن ذلك يحمل علي وعليكم، أما والله لو كنتم تقولون ما أقول لاقررت أنكم أصحابي، هذا أبو حنيفة له أصحاب، وهذا الحسن البصري له أصحاب، وأنا امرؤ من قريش، قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمت كتاب الله وفيه تبيان كل شئ بدؤ الخلق وأمر السماء وأمر الارض وأمر الاولين وأمر الآخرين وأمر ما كان وأمر ما يكون، كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني. 6 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: ما زال سرنا مكتوما حتى صار في يد [ ي ] ولد كيسان (2) فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد (3). 7 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم للذي (4) إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله إشمأز منه وجحده وكفر من دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا اسند، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى، عن حريز، عن معلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا معلى اكتم أمرنا


(1) الجر: الجذب كالاجترار وقوله: ” حدثوهم ” بيان لكيفية اجترار مودة الناس. (2) المراد بولد كيسان أولاد المختار الطالب بثار السبط المفدى الحسين (عليه السلام) وقيل: المراد بولد كيسان أصحاب الغدر والمكر الذين ينسبون أنفسهم في الشيعة وليسوا منهم (آت). (3) في الصحاح سواد الكوفة: قراها. (4) في بعض النسخ [ الذى ].

[ 224 ]

ولا تذعه، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا وجعله نورا بين عينيه في الآخرة، يقوده إلى الجنة، يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النار، يا معلى إن التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، يا معلى إن المذيع لامرنا كالجاحد له (1). 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن مروان بن مسلم عن عمار قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): أخبرت بما أخبرتك به أحدا؟ قلت: لا إلا سليمان بن خالد، قال: أحسنت أما سمعت قول الشاعر: فلا يعدون سري وسرك ثالثا * * ألا كل سر جاوز اثنين شائع 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عن مسألته فأبى وأمسك، ثم قال: لو أعطيناكم كلما (2) تريدون كان شرا لكم واخذ برقبة صاحب هذا الامر، قال أبو جعفر (عليه السلام): ولاية الله أسرها إلى جبرئيل (عليه السلام) وأسرها جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله) وأسرها محمد إلى علي وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): في حكمة آل داود ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه، فاتقوا الله (3) ولا تذيعوا حديثنا، فلو لا أن الله يدافع عن أوليائه وينتقم لاوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك وما انتقم الله لابي الحسن (عليه السلام) وقد كان بنو الاشعث على خطر


(1) كأنه (عليه السلام) كان يخاف على معلى القتل لما يرى من حرصه على الاذاعة ولذلك أكثر من نصيحته بذلك ومع ذلك لم تنجع نصيحته فيه وانه قد قتل بسبب ذلك (في). (2) في بعض النسخ [ كما ]. (3) ” فاتقوا الله ” من كلام الرضا (عليه السلام) وجواب لولا محذوف يعني لولا مدافعة الله و انتقامه لنا لما بقى منا أثر بسبب أذاعتكم حديثنا. ” أما رايت ” بيان للمدافعة والانتقام واراد بما صنع الله إستئصالهم بسبب عداوتهم لابي الحسن (عليه السلام) واعانتهم على قتله وأراد بابى الحسن أباه موسى (عليه السلام) (في).

[ 225 ]

عظيم (1) فدفع الله عنهم بولايتهم لابي الحسن وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل الله لهم فعليكم بتقوى الله، ولا تغرنكم [ الحياة ] الدنيا، ولا تغتروا بمن قد امهل له، فكأن الامر قد وصل إليكم. 11 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عمر بن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) طوبى لعبد نومة (2)، عرفه الله ولم يعرفه الناس، اولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ليسوا بالمذاييع البذر (3) ولا بالجفاة المرائين. 12 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الاصبهاني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): طوبى لكل عبد نومة لا يؤبه له يعرف الناس ولا يعرفه الناس، يعرفه الله منه (4) برضوان، اولئك مصابيح الهدى ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة ويفتح لهم باب كل رحمة، ليسوا بالبذر المذاييع ولا الجفاة المرائين وقال: قولوا الخير تعرفوا به واعملوا الخير تكونوا من أهله ولا تكونوا عجلا (5) مذاييع، فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله وشراركم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، المبتغون للبرآء المعايب. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عمن أخبره قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم، فانه لا يصبيكم أمر تخصون به أبدا ولا تزال الزيدية لكم وقاء أبدا. 14 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الحسن (صلوات الله عليه) قال: إن كان في يدك هذه شئ فان استطعت أن لا تعلم هذه فافعل ; قال: وكان عنده إنسان


(1) الخطر بالتحريك: الاشراف على الهلاك (في). (2) النومة بضم النون وإسكان الواو وفتحها: الخامل الذكر الذي لا يؤبه له أي لا يبالى به. (3) المذاييع جمع مذياع وهو من لا يكتم السر. والبذر بالضم: جمع البذور والبذير وهو النمام ومن لا يستطيع كتم سره والبذر ككتف: كثير الكلام. والجفاة: جمع الجافي وهو الكز الغليظ السيئ الخلق كأنه جعله لانقباضه مقابلا لمنبسط اللسان الكثير الكلام والمراد النهى عن طرفي الافراط والتفريط ولزوم الوسط (في). (4) أي من لدنه. (5) عجل ككتب: جمع عجول وهو المستعجل.

[ 226 ]

فتذاكروا الاذاعة، فقال: احفظ لسانك تعز، ولا تمكن الناس من قياد رقبتك فتذل. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال، إن أمرنا مستور مقنع بالميثاق (1) فمن هتك علينا أذله الله 16 – الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، جميعا، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن مسلم، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن عيسى بن أبي منصور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح وهمه لامرنا عبادة وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله، قال لي محمد بن سعيد: اكتب هذا بالذهب، فما كتبت شيئا أحسن منه. (باب) * (المؤمن وعلاماته وصفاته) * 1 – محمد بن جعفر، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر، عن الحسن ابن يحيى، عن قثم أبي قتادة الحراني، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قام رجل يقال له: همام – وكان عابدا، ناسكا، مجتهدا – إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه؟ فقال: يا همام المؤمن هو الكيس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شئ صدرا (2) وأذل شئ نفسا، زاجر عن كل فان (3)، حاض على كل حسن (4)،


(1) المقنع اسم مفعول على بناء التفعيل أي مستور أصله من القناع. ” بالميثاق ” أي بالعهد الذى أخذ الله ورسوله والائمة (عليهم السلام) أن يكتموه عن غير أهله (آت). منقول في النهج باختلاف كثير. (2) في بعض النسخ [ قدرا ]. (3) ” زاجر ” أي نفسه أو غيره. (4) ” حاض ” أي حريص.

[ 227 ]

لا حقود ولا حسود، ولا وثاب (1)، ولاسباب، ولاعياب، ولا مغتاب، يكره الرفعة ويشنأ السمعة (2) طويل الغم (3)، بعيد الهم، كثير الصمت (4)، وقور (5) ذكور، صبور، شكور، مغموم بفكره (6)، مسرور بفقره، سهل الخليقة، لين العريكة (7)، رصين الوفاء، قليل الاذى، لا متأفك (8) ولا متهتك. إن ضحك لم يخرق، وإن غضب لم ينزق (9)، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم ومراجعته تفهم. كثير علمه، عظيم حلمه، كثير الرحمة، لا يبخل، ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يبطر (10)، ولا يحيف في حكمه، ولا يجور في علمه (11)، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد (12)، لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا


(1) أي لا يثب في وجوه الناس بالمنازعة والمعارضة. (2) أي يبغض الرياء. (3) لما يستقبله من سكرات الموت واحوال القبر واحوال الاخرة. وقوله: ” بعيد الهم ” اما تأكيد للفقرة السابقة لان الهم والغم متقاربان أو المراد بالهم القصد، أي هو عالي الهمة، لا يرضى بالدون من الدنيا الفانية (4) أي عما لا يعنيه. (5) أي ذو وقار ورزانة: لا يستعجل في الامور ولا يبادر في الغضب ولا تجره الشهوات إلى ما لا ينبغى فعله. (6) أي بسبب فكره في امور الاخرة. قوله: ” مسرور بفقره ” لعلمه بقلة خطره ويسر الحساب في الاخرة وقلة تكاليف الله فيه (7) ” سهل الخليقة ” أي ليس في طبعه خشونة وغلظة، والعريكة كسفينة، النفس ورجل لين العريكة: سلس الخلق منكسر النخوة. وقال لجوهري العريكة: الطبيعة. والرصين (بالصاد) المهملة) كامين: المحكم الثابت. (8) كانه مبالغة في الافك بمعنى الكذب أي لا يكذب كثير أو المعنى لا يكذب على الناس و في بعض النسخ [ مستأفك ] أي لا يكذب على الناس فيكذبوا عليه فكأنه طلب منهم الافك. وقيل المتأفك من لا يبالي أن ينسب إليه الافك. (9) نزق: خف عند الغضب. (10) البطر: شدة الفرح والطغيان. (11) الحيف: الجور والظلم. وقوله: ” لا يجور في علمه ” أي لا يظلم أحدا بسبب علمه و ربما يقرء بالزاى أي لا يتجاوز عن العلم الضرورى إلى غيره. (12) ” نفسه أصلب من الصلد ” أي من الحجر الصلب، كناية عن شدة تحمله للميثاق أو عن عدم عدوله عن الحق. وقوله: ” مكادحته أحلى من الشهد ” الكدح: السعي ويحتمل أن يكون المعنى أن سعيه في تحصيل المعيشة والامور الدنيوية لمساهلته فيها حسن لطيف. والجشع محركة: أشد الحرص وأسوؤه أو أن تأخذ نصيبك وتطمع في نصيب غيرك. والهلوع: الجزوع.

[ 228 ]

متكلف ولا متعمق (1)، جميل المنازعة، كريم المراجعة. عدل إن غضب، رفيق إن طلب، لا يتهور ولا يتهتك ولا يتجبر (2)، خالص الود، وثيق العهد، وفي العقد شفيق، وصول، حليم، خمول (3) قليل الفضول، راض عن الله عز وجل، مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدين، محام عن المؤمنين كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه (4)، ولا ينكي الطمع قلبه، ولا يصرف اللعب حكمه، ولا يطلع الجاهل علمه، قوال، عمال، عالم حازم، لا بفحاش ولا بطياش (5)، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختال (6) ولا بغدار، ولا يقتفي أثرا، (7) ولا يحيف بشرا، رفيق بالخلق، ساع في الارض، عون للضعيف غوث للملهوف، لا يهتك سترا ولا يكشف سرا، كثير البلوى، قليل الشكوى، إن


(1) ” صلف ” الصلف ككتف: التكلم بما يكره صاحبك والتمدح بما ليس عندك أو مجاوزة قدر الظرف والادعاء فوق ذلك تكبرا ويقال له بالفارسية: لاف زدن. والمتكلف: المتعرض لما لا يعنيه وقوله ” ولا متعمق ” أي لا يبالغ في الامور الدنيوية. (2) أي لا يتكبر على الغير ولا يعد نفسه كبيرا. وقوله: ” خالص الود ” أي محبته خالصة لله أو محبته خالصة لكل من يوده غير مخلوطة بالخديعة والنفاق وكأن هذا أظهر. (3) في القاموس الشفق: حرص الناصح على صلاح المنصوح وهو مشفق وشفيق. وحاصله انه ناصح ومشفق على المؤمنين وقيل: خائف من الله والاول أظهر. وقوله: ” خمول ” في أكثر النسخ بالخاء المعجمة أي أنه خامل الذكر غير مشهور بين الناس وكانه مخمول على انه لا يحب الشهرة ولا يسعي فيها، وفى بعض النسخ بالحاء المهملة والمراد به الحلم، تأكيدا والمراد بالحليم العاقل أو المراد انه يتحمل مشاق المؤمنين (آت). (4) عدم الخرق كناية عن عدم التأثير فيه، كأنه لم يسمعه. وقوله ” لا ينكى الطمع قلبه ” أي لا يؤثر في قلبه ولا يستقر فيه وفيه: اشعار بان الطمع يورث جراحة القلب جراحة لا تبرء. وقوله: ” لا يصرف اللعب حكمه ” أي لا يلتفت إلى اللعب لحكمته. وقوله: ” قوال ” أي كثير القول لما يحسن قوله، كثير الفعل والعمل بما يقوله وقوله: ” عالم “. قيل هو: ناظر إلى قوله: ” قوال ” وقوله: ” حازم ” ناظر إلى قوله: ” عمال ” والحزم: رعاية العواقب وفى القاموس الحزم: ضبط الامر والاخذ فيه بالثقة. (5) الطيش: النزق والخفة، طاش يطيش فهو طايش وطياش، وذهاب العقل، والطياش من لا يقصد وجها واحدا. (6) في بعض النسخ [ لا بختار ]. وفى القاموس الختر. الغدر والخديعة أيضا بمعناه. (7) أي لا يتبع عيوب الناس أو لا يتبع أثر من لا يعلم حقيقته. وقوله: ” لا يحيف بشرا ” بالحاء المهملة وفى بعض النسخ بالخاء المعجمة.

[ 229 ]

رأى خيرا ذكره، وإن عاين شرا ستره، يستر العيب، ويحفظ الغيب ويقيل العثرة ويغفر الزلة لا يطلع على نصح فيذره (1)، ولا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين، رصين تقي، نقي، زكي، رضي (2)، يقبل العذر ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن، ويتهم على الغيب نفسه (3) يحب في الله بفقه وعلم، ويقطع في الله بحزم وعزم لا يخرق به فرح، ولا يطيش به مرح (4)، مذكر للعالم، معلم للجاهل، لا يتوقع له بائقة (5)، ولا يخاف له غائلة، كل سعي أخلص عنده من سعيه، وكل نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه، شاغل بغمه، لا يثق بغير ربه، غريب وحيد جريد [ حزين ]، يحب في الله ويجاهد في الله ليتبع رضاه ولا ينتفم لنفسه بنفسه ولا يوالي في سخط ربه، مجالس لاهل الفقر، مصادق لاهل الصدق، مؤازر لاهل الحق. عون للقريب، أب لليتيم، بعل للارملة (6)، حفي بأهل المسكنة، مرجو لكل كريهة، مأمول لكل شدة، هشاش، بشاش (7)، لا بعباس ولا بجساس، صليب، كظام، بسام، دقيق النظر عظيم الحذر (8) [ لا يجهل وإن جهل عليه يحلم ] لا يبخل وإن بخل عليه صبر، عقل فاستحيى،


(1) أي لا يطلع على نصح لاخيه فيتركه بل يذكره له والجنح في القاموس بالكسر: الجانب والكنف والناحية ومن الليل الطائفة منه ويضم والحيف: الجور والظلم. والحاصل أنه لا يدع شيئأ من الظلم يقع منه أو من غيره على أحد، بل يصلحه. أو لا يصدر منه شئ من الظلم فيحتاج إلى أن يصلحه. وفى بعض النسخ [ جنف ] مكان حيف وهو بالتحريك: الميل والجور. (2) ” رصين ” بالمهملة أي المحكم الثابت والحفى بحاجة صاحبه وفى بعض النسخ بالمعجمة وهو تصحيف. وقوله: ” زكى ” أي طاهر من العيوب. وفي بعض النسخ بالذال أي يدرك المطالب العلية من المبادى الخفية بسهولة وقوله: ” يجمل الذكر ” أي يذكرهم بالجميل. (3) في بعض النسخ [ على العيب ]. (4) ” لا يخرق به فرح ” أي لا يصير الفرح سببا لخرقه وسفهه وقوله: ” لا يطيش به مرح ” أي لا يصير شدة فرحه سببا لنزقه وخفته وذهاب عقله أو عدوله عن الحق وميله إلى الباطل. (5) البائقة: الداهية والغائلة ايضا الداهية. (6) الارملة: المرأة التى لا زوج لها والحفى البر اللطيف. وقوله، ” مرجو لكل كريهة ” أي يأمله الناس لدفع كل شدة. (7) الهشاشة: الارتياح والخفة للمعروف. والبشاشة: طلاقة الوجه. وقوله: ” بعباس ” أي كثير العبوس. وقوله: ” بجساس ” أي كثير التجسس. وقوله: ” صليب ” أي متصلب شديد في امور الدين. (8) في بعض النسخ [ عظيم الخطر ].

[ 230 ]

وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته، ووده يعلو حسده، وعفوه يعلو حقده، لا ينطق بغير صواب، ولا يلبس إلا الاقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربه بطاعته، راض عنه في كل حالاته، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، سكوته فكرة، وكلامه حكمة، مناصحا متباذلا متواخيا، ناصح في السر والعلانية، لا يهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف على ما فاته، ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو ما لا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدة، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم، والعقل بالصبر، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا لاجله (1)، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، منفيا جهله، سهلا أمره، حزينا لذنبه، ميتة شهوته، كظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي قدر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، لا ينصت للخبر ليفجر به، ولا يتكلم ليتجبر به على من سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فأراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له، بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبرا ولا عظمة، ولا دنوه خديعة ولا خلابة (2)، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن بعده من أهل البر. قال: فصاح همام صيحة، ثم وقع مغشيا عليه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه وقال: هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها، فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن لكل أجلا لا يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فإنما نفث (3) على لسانك شيطان. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبد الله بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال:


(1) أي منتظرا له. (2) خلبه كنصره خلبا وخلابه: خدعه. (3) النفث: النفخ.

[ 231 ]

وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الاعداء ولا يتحامل للاصدقاء (1)، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه واللين والده. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: المؤمن يصمت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء (2) ولا يعمل شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء، إن زكي خاف مما يقولون ويستغفر الله لما لا يعلمون، لا يغره قول من جهله ويخاف إحصاء ما عمله. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض من رواه، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن له قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في استقامة، وعلم في حلم، وكيس في رفق وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة لله في نصيحة، و انتهاء في شهوة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم وليس بواهن، ولا فظ ولا غليظ، ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد الناس، يعير ولا يعير، ولا يسرف، ينصر المظلوم ويرحم المسكين، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا ولا يجزع من ذلها، للناس هم قد أقبلوا عليه وله هم قد شغله، لا يرى في حكمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع (3)، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع عن الخنا والجهل (4).


(1) أي لا يحتمل الوزر لاجلهم أو يتحامل عنهم ما لا يطيق الاتيان به من الامور المشاقة فيعجز عنها والاول أظهر. (2) في بعض النسخ [ من الاعداء ]. (3) أي دينه متين لا يضيع بالشكوك والشبهات ولا بارتكاب المعاصي. (4) يكيع كيبيع بالياء المثناة التحتانية وفى نسخ الخصال بالتاء المثناة الفوقانية وفى بعضها بالنون والكل متقاربة المعنى، قال في القاموس: كعت عنه أكيع وأكاع عنه كيعا وكيعوعة اذاهبته وجبنت عنه وقال: كنع عن الامر: كمنع: هرب وجبن. وقال: كتع كمنع: هرب وفى النهاية الخنا: الفحش في القول. والجهل مقابل العلم أو السفاهة (آت)

[ 232 ]

5 – عنه، عن بعض أصحابنا رفعه، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: مر أمير المؤمنين (عليه السلام) بمجلس من قريش، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم (1)، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم، يشيرون بأصابعهم إلى من يمر بهم (2)، ثم مر بمجلس للاوس والخزرج فإذا قوم بليت منهم الابدان، ودقت منهم الرقاب واصفرت منهم الالوان، وقد تواضعوا بالكلام، فتعجب علي (عليه السلام) من ذلك ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: بأبي أنت وامي إني مررت بمجلس لآل فلان ثم وصفهم ومررت بمجلس للاوس والخزرج فوصفهم، ثم قال: وجميع مؤمنون، فأخبرني يا رسول الله بصفة المؤمن؟ فنكس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم رفع رأسه فقال: عشرون خصلة في المؤمن فإن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه، إن من أخلاق المؤمنين يا علي: الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة والمطعمون المسكين، الماسحون رأس اليتيم، المطهرون أطمارهم (3) المتزرون على أوساطهم (4): الذين إن حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا تكلموا صدقوا، رهبان بالليل، اسد بالنهار (5)، صائمون النهار، قائمون الليل (6)، لا يؤذون جارا ولا يتأذى بهم جار، الذين مشيهم على الارض هون وخطاهم إلى بيوت الارامل وعلى أثر الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سرته حسنته وساءته سيئته (7) فهو مؤمن.


(1) بيض بالكسر جمع أبيض ويحتمل فيه وفى نظائره الجر والرفع. (2) ” يشيرون بأصابعهم ” إستهزاء وإشارة إلى عيوبهم. (3) أي ثيابهم البالية بالغسل أو بالتشمير (آت) (4) أي يشدون المئزر على وسطهم إحتياطا لستر العورة فأنهم كانوا لا يلبسون السراويل أو المراد شد الوسط بالازار كالمنطقة ليجمع الثياب. وقيل. هو كناية عن الاهتمام في العبادة. (آت). (5) الرهبان يكون واحدا وجمعا وفسر الرهبانية في قوله تعالى: ” ورهبانية ابتدعوها ” بصلاة الليل. و ” أسد بالنهار ” أي شجعان في الجهاد. (6) ” قائمون الليل ” الفرق بينه وبين ” رهبان بالليل ” ان الرهبان إشارة إلى التضرع و والرهبة أو التخلي، وترهب وقيام الليل للصلاة لا يستلزم شيئا من ذلك (آت). (7) في بعض النسخ [ سرته حسنة وساءته سيئة ].

[ 233 ]

7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسن بن [ ز ] علان، عن أبي إسحاق الخراساني، عن عمرو بن جميع العبدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شيعتنا هم الشاحبون (1)، الذابلون، الناحلون، الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بحزن. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى وأهل الخير وأهل الايمان وأهل الفتح والظفر. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بزرج، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياك والسفلة، فإنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. 10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن شيعة علي كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه (2)، أهل رأفة وعلم وحلم، يعرفون بالرهبانية، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع و الاجتهاد. 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما المؤمن، الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له (3). 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن ابن


(1) في النهاية الشاحب، المتغير اللون والجسم. وفى بعض النسخ [ السائحون ] أي هم الملازمون للمساجد. وذبلت بشرته أي قل ماء جلده وذهبت نضارته. وفى الصحاح النحول: الهزال وجمل ناحل أي مهزول. (2) في القاموس الخمصة: الجوعة والمخمصة المجاعة. الذبل: اليابسة الشفه. (3) في بعض النسخ [ من ماله ] بكسر اللام.

[ 234 ]

مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا سليمان أتدري من المسلم؟ قلت: جعلت فداك أنت أعلم، قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ثم قال: وتدري من المؤمن؟ قال: قلت: أنت أعلم، قال: [ إن ] المؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم، والمسلم حرام على المسلم أن يظلمه أو يخذله أو يدفعه دفعة تعنته (1). 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، والذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق. 14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي البختري (2) رفعه قال: سمعته يقول: المؤمنون هينون لينون (3) كالجمل الانف إذا قيد انقاد، وإن انيخ على صخرة استناخ (4).


(1) أي إذا لم يقدر على نصرته يجب عليه أن يعتذر منه برده رد جميل ولا يدفعه دفعة تلقيه تلك الدفعة في العنت والمشقة ويحتمل أن يكون كناية عن مطلق الضرر الفاحش (آت) (2) هو وهب بن وهب القرشى عامى ضعيف وهو راوي الصادق ((عليه السلام) وتزوج (عليه السلام) بامه فالظاهر كون ضمير ” سمعته ” راجعا إلى الصادق (عليه السلام) فالمراد بالرفع نسبة الحديث إليه (عليه السلام) ويحتمل أن يكون الرفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وضمير سمعته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فان دأب هذا الراوى لكونه عاميا رفع الحديث، يقول عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن على (عليهم السلام) ويؤيده أن الحديث نبوى روته العامة أيضا عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) (آت). (3) في النهاية ” المسلمون هينون لينون ” هما بالتخفيف والتشديد معا قال ابن الاعرابي: العرب تمدح بالهين اللين مخففين وتذم بهما مثقلين وهين فيعل من الهون وهو السكينة و الوقار والسهولة فعينه واو وشئ هين وهين أي سهل. وفيه: المؤمون هينون لينون كالجمل الانف أي المانوف وهو الذى عقر الخشخاش انفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذى به. وقيل: الانف الذلول. (4) كناية عن نهاية انقياده في الامور المشروعة وعدم استصعابه فيها وقال الجوهرى أنخت الجمل فاستناخ: ابركته فبرك.

[ 235 ]

15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة من علامات المؤمن: العلم بالله، ومن يحب ومن يكره (1). 16 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المؤمن كمثل شجرة لا يتحات ورقها في شتاء ولا صيف، قالوا: يا رسول الله وما هي؟ قال: النخلة (2). 17 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن اورمة، عن [ أبي ] إبراهيم الاعجمي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن حليم لا يجهل، وإن جهل عليه يحلم، ولا يظلم وإن ظلم غفر، ولا يبخل وإن بخل عليه صبر (3). 18 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن منذر بن جيفر (4)، عن آدم أبي الحسين اللؤلوئي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن من طاب مكسبه، وحسنت خليقته، وصحت سريرته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من كلامه، وكفى الناس شره وأنصف الناس من نفسه. 19 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي، عن أبي كهمس، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا انبئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفهسم، وأموالهم، ألا انبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرم الله والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة. 20 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مفضل ابن عمر، عن أبي أيوب العطار، عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما شيعة علي الحلماء، العلماء، الذبل الشفاه، تعرف الرهبانية على وجوههم. 21 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب،


(1) أي من يحبه الله ويكرهه. (2) يعنى أنه مستقيم الاحوال ينتفع منه دائما. (3) في بعض النسخ [ لا ينجل ] وهو الطعن والشق ونجل الناس: شارهم. (4) كذا وفى الايضاح جفير بالجيم المفتوحة والفاء بعدها ثم الياء المنقطة تحتها نقطتين ثم الراء.

[ 236 ]

عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا (1)، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجدا وقياما يراوحون بين أقدامهم وجباهم (2)، يناجون ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون، مشفقون. 22 – عنه، عن السندي بن محمد، عن محمد بن الصلت، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح وأقبل على الناس بوجهه، فقال: والله لقد أدركت أقواما يبيتون لربهم سجدا وقياما يخالفون بين جباههم وركبهم، كأن زفير النار في آذانهم إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر (3)، كأنما القوم باتوا غافلين (4)، قال: ثم قام فما رئي ضاحكا حتى قبض (صلوات الله عليه). 23 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن المفضل ابن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر إلى من اشتد ورعه وخاف خالقه ورجا ثوابه، وإذا رأيت هؤلاء فهؤلاء أصحابي. 24 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عمرو بن الاشعث، عن عبد الله بن حماد الانصاري، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): شيعتنا


(1) الشعث: تفرق الشعر وعدم اصلاحه ومشطه وتنظيفه. والاغبر: المتلطخ بالغبار و الركب ما بين اسافل اطراف الفخذ والمعزى خلاف الضان من الغنم. يحتمل أن يكون تلك الاحوال لشدة فقرهم وعدم قدرتهم على ازالتها فالمدح على صبرهم على الفقر. أو المعنى أنهم لا يهتمون بازالتها زائدا على المستحب. أو يقال، إذا كان تركها لشدة الاهتمام بالعبادة وخوف الاخرة يكون ممدوحا (آت). (2) المراوحة بين الاقدام والجباه أن يقوم على القدمين مرة ويضع الجبهة على الارض اخرى ليواصل الراحة إلى كل منهما. (3) مادوااى اضطربوا. (4) في بعض النسخ [ ماتوا غافلين ]. كأنهم بسبب غفلتهم أموات غير أحياء.

[ 237 ]

المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا. 25 – عنه، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن عيسى النهر يري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عرف الله وعظمه منع فاه من الكلام وبطنه من الطعام وعفى نفسه بالصيام والقيام، قالوا: بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله هؤلاء أولياء الله؟ قال: إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تقر أرواحهم (1) في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب. 26 – عنه، عن بعض أصحابه من العراقيين، رفعه قال: خطب الناس الحسن ابن علي (صلوات الله عليهما) فقال: أيها الناس أنا اخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي مالا يجد ولا يكثر إذا وجد، كان خارجا من سلطان فرجه، فلا يستخف له عقله ولا رأيه (2)، كان خارجا من سلطان الجهالة فلا يمد يده إلا على ثقة لمنفعة، كان لا يتشهى ولا يتسخط ولا يتبرم (3)، كان أكثر دهره صماتا، فإذا قال بذ القائلين (4) كان لا يدخل في مراء، ولا يشارك في دعوى، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا (5) وكان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشئ دونهم، كان ضعيفا


(1) في بعض النسخ [ لم تستقر ]. (2) استخفه: إستثقله، استجهله، ازاله عن الحق والصواب. والجهالة بفتح الجيم خلاف العلم والعقل. وقوله: ” فلا يمد يده ” أي إلى اخذ شئ كناية عن عدم ارتكاب الامور الا على ثقة واعتماد بأن ينفعه نفعا عظيما في الاخرة أو في الدنيا ايضا إذا لم يضر بالاخرة. (3) ” لا يتشهى ” أي لا يكثر شهوة الاشياء (آت). وفي القاموس البرم: السامة والضجر و وأبرمه فبرم كفرح وتبرم: أمله فمل أي لا يمل ولا يسأم من حوائج الخلق وكثرة سؤالهم وسوء معاشرتهم (4) في النهاية بذ القائلين أي سبقهم وغلبهم يبذهم بذا. (5) في المصباح أدلى بحجته أثبتها فوصل بها إلى دعواه وفى القاموس أدلى بحجته حضرها

[ 238 ]

مستضعفا فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا (1)، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذارا (2)، كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول، كان إذا ابتزه أمران (3) لا يدري أيهما أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه، كان لا يشكو وجعا إلا عند من يرجو عنده البرء، ولا يستشير إلا من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرم ولا يتسخط ولا يتشكي ولا يتشهي ولا ينتقم ولا يغفل عن العدو، فعليكم بمثل هذه الاخلاق الكريمة، إن أطقتموها، فإن لم تطيقوها كلها فأخذ القليل خير من ترك الكثير. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 27 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مهزم، وبعض أصحابنا، عن محمد بن علي، عن محمد بن إسحاق الكاهلي ; وأبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن ربيع بن محمد، جميعا، عن مهزم الاسدي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مهزم شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه (4)، ولا شحناؤه بدنه (5) ولا يمتدح بنا معلنا ولا يجالس لنا عائبا ولا يخاصم لنا قاليا، إن لقي مؤمنا أكرمه وإن لقي جاهلا هجره، قلت: جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة (6) قال: فيهم التمييز وفيهم التبديل وفيهم التمحيص، تأتي عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم واختلاف يبددهم، شيعتنا من لايهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب ولا


واليه بماله دفعه ومنه و ” تدلوا بها إلى الحكام ” أي لا يدلي بحجته حتى يجد قاضيا. أو المعنى انه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبث الشكوى عند الناس كما هو دأب أكثر الخلق بل يصير إلى أن يجد حاكما يحكم بينه وبين خصمه. (1) قوله: ” كان ضعيفا مستضعفا ” منشأ الاول كثرة الصيام والقيام بالصلاة و سائر العبادات ومنشأ الثاني تواضعه للمؤمنين وعدم مجادلته وتغلبه عليهم حتى استضعفوه وعدوه ضعيفا وان كان قويا في نفس الامر (لح). وفى بعض النسخ [ غاديا ] بالمعجمة. (2) أي كان من عادته الحسنة ان لا يسرع بملامة أحد إذا قصر في حقه لامكان ان يكون له عذر وليس المقصود اللوم بعد الاعتذار (لح). (3) كذا في اكثر النسخ بالباء الموحدة والزاى على بناء الافتعال أي استلبه وغلبه واخذه قهرا، كناية عن شدة ميله اليهما وحصول الدواعى في كل منهما (آت). (4) لخفاء صوته الدال على لين طبعه. وفى بعض النسخ [ لا يعلو ]. (5) أي لا يتجاوز عداوته بدنه أي يعادى نفسه ولا يعادى غيره وفى بعض النسخ [ يديه ] أي لا تغلب عليه عداوته بل هي بيده واختياره. والامتداح بمعنى التمدح كما في بعض النسخ. (6) المتشيعة: الذين يدعون التشيع وليس لهم معناه وعلاماته.

[ 239 ]

يسأل عدونا وإن مات جوعا. قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟ قال: في أطراف الارض، اولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا، ومن الموت لا يجزعون، وفي القبور يتزاورون وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لن تختلف قلوبهم وإن اختلف بهم الدار، ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا المدينة وعلي الباب وكذب من زعم أنه يدخل المدينة لا من قبل الباب وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا (صلوات الله عليه). 28 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكملت مروءته وظهر عدله ووجبت اخوته. 29 – عنه، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الله بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال الايمان: إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له (1). 30 – عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لاهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث وأداء الامانة ووفاء بالعهد وصلة الارحام ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء – أو قال: قلة المواتاة للنساء – (2) وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الخلق واتباع العلم وما يقرب إلى الله عز وجل زلفى، طوبى لهم وحسن مآب – وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها – لا يخطر على قلبه شهوة شئ إلا أتاه به ذلك ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما (3) ألا ففي هذا


(1) أي لا يأخذ. التعاطي: التناول. (2) المواتاة: الموافقة والمطاوعة. (3) انما خص الغراب بالذكر لانه أطول الطيور عمرا.

[ 240 ]

فارغبوا، إن المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا. 31 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو النخعي قال: وحدثني الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان، عمن ذكره عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن خيار العباد (1) فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا اعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا وإذا غضبوا غفروا. 32 – وبإسناده، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن خياركم اولو النهى، قيل: يا رسول الله ومن اولو النهى؟ قال: هم اولو الاخلاق الحسنة والاحلام الرزينة (2) وصلة الارحام والبررة بالامهات والآباء والمتعاهدين للفقراء والجيران واليتامى ويطعمون الطعام ويفشون السلام في العالم ويصلون والناس نيام غافلون. 33 – عنه، عن الهيثم النهدي، عن عبد العزيز بن عمر، عن بعض أصحابه، عن يحيى بن عمران الحلبي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أي الخصال بالمرء أجمل؟ فقال: وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا. 34 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه وقلة مرائه، وحلمه وصبره وحسن خلقه. 35 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن عرفة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ألا اخبركم بأشبهكم بي؟ قالوا: بلى يا


(1) في بعض النسخ [ خير العباد ]. (2) الاحلام: جمع حلم بمعنى العقل أو الاناءة وعدم التسرع إلى الانتقام وهو هنا أظهر. والرزين: الثقيل وترزن في الشئ: توقر (آت).

[ 241 ]

قال: أحسنكم خلقا وألينكم كنفا، وأبركم بقرابته، وأشدكم حبا لاخوانه في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفوا، وأشدكم من نفسه إنصافا في الرضا والغضب. 36 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الاقتار (1)، والتوسع على قدر التوسع، وإنصاف الناس، وابتداؤه إياهم بالسلام عليهم، 37 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يستقل منه (2) والمؤمن لا يستقل من دينه شئ. 38 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيد التدبير لمعيشته، لا يلسع من جحر مرتين (3). 39 – علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن سهل بن الحارث، عن الدلهاث مولى الرضا (عليه السلام) قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه وسنة من نبيه، وسنة من وليه، فأما السنة من ربه فكتمان سره، قال الله عز وجل: ” عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول (4) ” وأما السنة من نبيه فمداراة الناس فإن الله


(1) الاقتار: ضيق المعيشة. (2) ” يستقل ” من القلة أي ينقص. (3) وفى رواية ” لا يلدغ ” واللسع واللدغ سواء. والجحر: ثقب الحية وهو إستعارة هنا أي لايدهى المؤمن من جهة واحدة مرتين فانه بالاولى يعتبر وهذا على وجه الخبر ويحتمل النهى وهذا من قول النبي (صلى الله عليه وآله) كما رواه مسلم في صحيحه وسبب قوله هذا أن أبا غرة الشاعر أخا مصعب بن عمير كان اسر يوم بدر فسال النبي (صلى الله عليه وآله) أن يمن عليه ففعل و عاهده أن لا يحرص عليه ولا يهجوه فلما لحق باهله عاد إلى ماكان عليه فاسر يوم احد فسأله أيضا أن يمن عليه فقال النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الكلام البليغ الجامع الذى لم يسبق إليه. (1) الجن: 25 – 26.

[ 242 ]

عز وجل أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بمداراة الناس فقال: ” خذ العفو وأمر بالعرف (1) ” وأما السنة من وليه فالصبر في البأساء والضراء. (باب) * (في قلة عدد المؤمنين) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن قتيبة الاعشى قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المؤمنة أعز من المؤمن والمؤمن أعز من الكبريت الاحمر، فمن رأى منكم الكبريت الاحمر؟ (2). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبى نجران، عن مثنى الحناط، عن كامل التمار قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: الناس كلهم بهائم – ثلاثا – (3) إلا قليل من المؤمنين، والمؤمن غريب (4) – ثلاث مرات -. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لابي بصير: أما والله لو أني أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثا. 4 – محمد بن الحسن وعلي بن محمد بن بندار، عن أبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد الانصاري، عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: والله ما يسعك القعود، فقال: ولم ياسدير؟ قلت: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك والله لو كان لامير المؤمنين (عليه السلام) ما لك من الشيعة والانصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي، فقال: يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قلت: مائة ألف، قال: مائة ألف؟ قلت: نعم، ومائتي ألف قال: مائتي ألف؟ قلت: نعم ونصف الدنيا


(1) الاعراف: 199. (2) الكبريت الاحمر هو الجوهر الذى يطلبه أصحاب الكيميا وهو الاكسير. وقوله ” المؤمنة أعز ” يعنى أن المؤمنة أقل وجودا من المؤمن وذلك لان المرأة الصالحة في غاية الندرة. (3) يعنى قاله ثلاث مرات. (4) في بعض النسخ [ والمؤمن عزيز ].

[ 243 ]

قال: فسكت عني ثم قال: يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع (1) قلت: نعم فأمر بحمار وبغل أن يسرجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال: ياسدير أترى أن تؤثرني بالحمار؟ قلت: البغل أزين وأنبل (2) قال: الحمار أرفق بي فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة، فقال: ياسدير انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة (3) لا تجوز الصلاة فيها فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداء (4) فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، ونزلنا وصلينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر (5). 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال: قال لي عبد صالح (صلوات الله عليه): يا سماعة أمنوا على فرشهم وأخافوني (6) أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد يعبد الله ولو كان معه غيره لاضافه الله عز وجل إليه حيث يقول: ” إن إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين (7) ” فغبر بذلك ما شاء الله، ثم إن الله آنسه


(1) ” يخف عليك ” بكسر الخاء أي يسهل ولا يثقل وفى القاموس خف القوم: ارتحلوا مسرعين. وينبع كينصر: حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر. (2) ” أزين ” من الزينة. ” أنبل ” في القاموس النبل بالضم: الذكاء والنجابة. (3) السبخة: ارض ذات نز وملح، ما يعلو الماء كالطحلب. (4) الجدى من اولاد المعز وهو ما بلغ ستة أشهر أو سبعة والجمع جداء. (5) لا ينافى هذا ما مر في المجلد الاول ص 340 من كون الثلاثين مع الصاحب لانهم اعم من الرجال الاحرار وغيرهم وأيضا المراد هنا تحقق سبعة عشر من المخلصين مع ما ذكر من عدد المتشيعة لا مطلقا. (6) أي بالاذاعة وترك التقية والضمير في آمنوا راجع إلى المدعين للتشيع (7) النحل: 120: قوله: ” وما فيها ” الواو للحال و ” ما ” نافية. ” ولو كان معه غيره ” أي من أهل الايمان ” لاضافة الله عز وجل إليه ” لان الغرض ذكر أهل الايمان التاركين للشرك حيث قال: ” ولم يك من المشركين ” فلو كان معه غيره لذكره معه ” إن إبراهيم كان امة ” لانه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان امة واحدة وكان هذا بعد وفات لوط (عليه السلام). وقوله ” قانتا لله ” أي مطيعا له. ” حنيفا ” أي مستقيما على الطاعة وطريق الحق وهو الاسلام. و قوله: ” فغبر ” في أكثر النسخ بالغين المعجمة والباء الموحدة أي مكث أو مضى وذهب، فعلى الاول فيه ضمير مستتر راجع إلى إبراهيم وعلى الثاني فاعله ما شاء الله وفى بعض النسخ [ فصبر ] فهو موافق للاول وفى بعضها بالعين المهملة فهو موافق للثاني (آت – ملخصا).

[ 244 ]

بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة، أما والله إن المؤمن لقليل وإن أهل الكفر (1) لكثير أتدري لم ذاك؟ فقلت: لا أدري جعلت فداك فقال: صيروا انسا للمؤمنين، يبثون إليهم ما في صدورهم فيستريحون إلى ذلك ويسكنون إليه. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن اورمة، عن النضر، عن يحيى بن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها؟ فقال: ألا احدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والانصار ذهبوا إلا – وأشار بيده – ثلاثة (2) قال حمران: فقلت: جعلت فداك ما حال عمار؟ قال: رحم الله عمارا أبا اليقظان بايع وقتل شهيدا، فقلت: في نفسي ما شئ أفضل من الشهادة فنظر إلي فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة أيهات أيهات (3). 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: ليس كل من قال بولايتنا مؤمنا ولكن جعلوا انسا للمؤمنين.


(1) الكفر هنا ما يقابل الايمان الكامل. لا ما يقابل الاسلام. (2) يعنى أشار عليه السلام بثلاث اصابع من يده. والمراد بالثلاثة سلمان وأبو ذر والمقداد كما روى الكشى ص 8 باسناده عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال: ارتد الناس الا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد، قال الراوى فقلت: عمار؟ قال: كان جاض جيضة ثم رجع، ثم قال: ان أردت الذى لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد فاما سلمان فانه عرض في قلبه أن عند امير المؤمنين (عليه السلام) اسم الله الاعظم لو تكلم به لاخذتهم الارض وهو هكذا وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسكوت ولم يأخذه في الله لومة لائم فابى الا ان يتكلم انتهى. قوله جاض أي عدل عن الحق وفى بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين، وحاصوا عن العدو أي انهزموا، والمراد بالناس غير أهل البيت، وبالارتداد الارتداد عن الايمان لا عن الاسلام كما يفهم من الاخبار. وفيه باسناده، عنه عن أبيه عن جده عن على (عليه السلام) قال: ضاقت الارض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم سلمان الفارسى والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة رحمهم الله وكان على عليه السلام يقول: وأنا إمامهم وهم الذين صلوا على فاطمة (عليها السلام). وفيه: في حديث آخر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد وأناب الناس بعد، كان اول من اناب أبو ساسان [ حصين بن منذر الوقاشى صاحب راية على عليه السلام ] وعمار وأبو عروة وشتيرة فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين (عليه السلام) الا هؤلاء السبعة. (3) قوله: ” أيهات ” لغة في هيهات. أي بعد عن الحق رأيك.

[ 245 ]

(باب) * (الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شئ بعده) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن فضيل بن يسار، عن عبد الواحد بن المختار الانصاري قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا عبد الواحد ما يضر رجلا – إذا كان على ذا الرأي – (1) ما قال الناس له ولو قالوا: مجنون، وما يضره ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: لو لم يكن في الارض إلا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لا يحتاج إلى أحد. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: ما يبالي (2) من عرفه الله هذا الامر أن يكون على قلة جبل يأكل من نبات الارض حتى يأتيه الموت. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن كليب بن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه فمن دونه (3)، المؤمن عزيز في دينه.


(1) أي على هذا الرأى وهو التشيع. (2) خبر، أو المعنى ينبغى أن لا يبالي إذا كان على هذا الامر يعنى التشيع. (3) ضمن الاستيحاش الاستيناس فعداه بالى وإنما لا ينبغى له ذلك لانه ذل، فلعل أخاه الذى ليس في مرتبته لا يرغب في صحبته (في). وفى بعض النسخ [ عمن دونه ]. وفى بعضها [ عن دونه ].

[ 246 ]

5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان وسيف بن عميرة، عن فضيل بن يسار قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في مرضة مرضها لم يبق منه إلا رأسه (1) فقال: يا فضيل إنني كثيرا ما أقول: ما على رجل (2) عرفه الله هذا الامر لو كان في رأس جبل حتى يأتيه الموت، يا فضيل بن يسار إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هدينا الصراط المستقيم، يا فضيل بن يسار إن المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيرا له ولو أصبح مقطعا أعضاؤه كان ذلك خيرا له، يا فضيل بن يسار إن الله لا يفعل بالمؤمن إلا ما هو خير له يا فضيل ابن يسار لو عدلت الدنيا عند الله عز وجل جناح بعوضة ما سقى عدوه منها شربة ماء يا فضيل بن يسار إنه من كان همه هما واحدا كفاه الله همه ومن كان همه في كل واد لم يبال الله بأي واد هلك (3). 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور الصيقل والمعلى بن خنيس قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في موت عبدي المؤمن (4)، إنني لاحب لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه، وإنه ليدعوني فاجيبه و إنه ليسألني فاعطيه، ولو لم يكن في الدنيا إلا واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لا يستوحش إلى أحد (5).


(1) كناية عن نحافة جسمه (عليه السلام). (2) ” ما ” نافية أو استفهامية. (3) ” في كل واد ” أي من أودية الضلالة والجهالة. قوله: ” لم يبال الله باى واد هلك ” أي صرف الله لطفه وتوفيقه عنه وتركه مع نفسه وأهوائها حتى يهلك باختيار واحد من الاديان الباطلة أو كل واد من أودية الدنيا وكل شعبة من شعب اهواء النفس الامارة بالسوء من حب المال والجاه والشرف والعلو ولذة المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك من الامور الباطلة الفانية والحاصل من اتبع الشهوات النفسانية أو الاراء الباطلة ولم يصرف نفسه عن مقتضاها إلى دين الحق وطاعة الله وما يوجب قربه لم يمدده الله بنصره وتوفيقه ولم يكن له عند الله قدر ومنزلة ولم يبال باى طريق سلك ولا في أي واد هلك (آت). (4) قوله: ” ما ترددت ” هذا الحديث من الاحاديث المشهورة بين الفريقين ومن المعلوم انه سبحانه لم يردد التردد المعهود من الخلق في الامور التى يفسدونها فيترددون في إمضائه لجهلهم بعواقبها، أو لقلة ثقتهم بالتمكن منها لمانع فلابد فيه من تأويل. راجع مرآة العقول ج 2 ص 221. (5) فيه تضمين معنى الاستيناس لتعديته بالى، أي استوحش من الناس مستأنسا إلى أخيه.

[ 247 ]

(باب) * (في سكون المؤمن إلى المؤمن) * 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن، كما يسكن الظمآن إلى الماء البارد. (باب) * (فيما يدفع الله بالمؤمن) * 1 – محمد بن يحيى، عن علي بن الحسن التيمي (1)، عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية الفناء. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يصيب قرية عذاب وفيها سبعة من المؤمنين. 3 – علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قيل له في العذاب إذا نزل بقوم يصيب المؤمنين؟ قال: نعم ولكن يخلصون بعده (2)


(1) هو على بن الحسن بن فضال كان فطحيا لم يرو عن أبيه شيئا قال النجاشي: فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا. وقال الشيخ في الفهرست ثقة كثير العلم واسع الاخبار، جيد التصانيف غير معاند، وكان قريب الامر إلى أصحابنا الامامية القائلين باثنى عشر وكتبه في الفقه والاخبار حسنة. (2) أي بعد الموت.

[ 248 ]

(باب) * (في أن المؤمن صنفان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن نصير أبي الحكم الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن: مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله ووفى بشرطه وذلك قول الله عز وجل: ” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (1) ” فذلك الذي لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة وذلك ممن يشفع ولا يشفع له ومؤمن كخامة الزرع (2)، تعوج أحيانا وتقوم أحيانا، فذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الله، عن خالد العمي عن خضر بن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفي لله بشروطه التي شرطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم الانصاري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الاخوان، فقال: الاخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة (3)، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح والاهل والمال، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة فابذل له مالك وبدنك


(1) الاحزاب: 23. (2) الخامة من الزرع اول ما ينبت على ساق أو اللطافة الغضة منه أو الشجرة الغضة منه. (3) الكشر: ظهور الاسنان في الضحك، وكاشره إذا ضحك في وجهه وباسط، والاسم الكشرة كالعشرة.

[ 249 ]

وصاف من صافاه (1) وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الاحمر، وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب لذتك منهم، فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان. (باب) * (ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلى به (2)) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن داود ابن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أخذ الله ميثاق المؤمن على أن لا تصدق مقالته ولا ينتصف من عدوه (3) وما من مؤمن يشفي نفسه إلا بفضيحتها لان كل مؤمن ملجم (4). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع، أيسرها عليه (5) مؤمن يقول بقوله (6) يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يرى جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث (7) ولربما اجتمعت الثلاث عليه، إما بغض من يكون معه في الدار، يغلق عليه بابه


(1) أي اخلص الود لمن أخلص له الود (آت). (2) أي ما يلحقه من الهم والغم فيما ابتلى به من الامور الاربعة المذكورة في الاخبار أو على ما يلحقه من معاشرة الخلق (آت). (3) الانتصاف: الانتقام. (4) أي ليس بمطلق العنان، خليع العذار، يقول ما يشاء، ويفعل ما يريد. (5) في بعض النسخ [ أشدها ]. (6) أي يدين بدينه. (7) ” ما أفلت المؤمن ” أي ما تخلص وما هرب.

[ 250 ]

يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمنا على قلة جبل لبعث الله عز وجل إليه شيطانا يؤذيه ويجعل الله له من إيمانه انسا لا يستوحش معه إلى أحد (1). 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود ابن سرحان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أربع لا يخلو منهن المؤمن أو واحدة منهن، مؤمن يحسده وهو أشدهن عليه، ومنافق يقفو أثره، أو عدو يجاهده أو شيطان يغويه. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل جعل وليه في الدنيا غرضا لعدوه (2). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فشكا إليه رجل الحاجة فقال له: اصبر فإن الله سيجعل لك فرجا، قال: ثم سكت ساعة، ثم أقبل على الرجل فقال: أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو؟ فقال: – أصلحك الله – ضيق منتن وأهله بأسوء حال، قال: فإنما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة، أما علمت أن الدنيا سجن المؤمن. 7 – عنه (3) عن محمد بن علي، عن إبراهيم الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الدنيا سجن المؤمن فأي سجن جاء منه خير.


(1) ذكروا لتسليط الشياطين و الكفرة على المؤمنين وجوها من الحكمة، الاول: أنه كفارة لذنوبه. الثاني: انه لاختبار صبره وادراجه في الصابرين. الثالث: أنه لتزهيده في الدنيا لئلا يفتتن بها ويطمئن إليها فيشق عليه الخروج منها. الرابع: توسله إلى الحق سبحانه في الضراء وسلوكه مسلك الدعاة لدفع ما يصيبه من البلايا فيرتفع بذلك درجته. الخامس: وحشته عن المخلوقين وانسه برب العالمين راجع مرآة العقول ج 2 ص 222. (2) الغرض بالتحريك: هدف يرمى فيه، أي جعل محبه في الدنيا هدفا لسهام عداوة عدوه وحيله وشروره (آت). (3) ضمير ” عنه ” راجع إلى البرقى. ومحمد بن على هو أبو سمينة (آت).

[ 251 ]

8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن مكفر (1). وفي رواية اخرى: وذلك أن معروفه يصعد إلى الله فلا ينشر في الناس والكافر مشكور. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن إلا وقد وكل الله به أربعة: شيطانا يغويه يريد أن يضله، وكافرا يغتاله (2)، ومؤمنا يحسده، وهو أشدهم عليه، ومنافقا يتتبع عثراته. 10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا مات المؤمن خلي على جيرانه من الشياطين عدد ربيعة ومضر، كانوا مشتغلين به (3). 11 – سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ماكان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلا وله جار يؤذيه، ولو أن مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لابتعث الله له من يؤذيه. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كان فيما مضى ولا فيما بقي ولا فيما أنتم فيه مؤمن إلا وله جار يؤذيه.


(1) على بناء المفعول من التفعيل أي المجحود النعمة مع احسانه وهو ضد للمشكور أي لا يشكر الناس معروفه. روى الصدوق في العلل باسناده عن الحسين بن جعفر عن ابيه، عن جده على بن الحسين (عليهم السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكفرا، لا يشكر معروفه ولقد كان معروفه على القرشى والعربي والعجمي. ومن كان أعظم معروفا من رسول الله على هذا الخلق؟ وكذلك نحن أهل البيت مكفرون، لا يشكر معروفنا وخيار المؤمنين مكفرون لا يشكر معروفهم. (2) في بعض النسخ [ يقاتله ]. (3) ” خلى ” من التخلية ضمن معنى الاستيلاء فعدى بعلى. يعنى يخلى بين الشياطين المشتغلين به أيام حياته وبين جيرانه بعد مماته، وربيعة ومضر قبيلتان صارتا مثلا في الكثرة (في).

[ 252 ]

13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ما كان ولا يكون إلى أن تقوم الساعة مؤمن إلا وله جار يؤذيه. (باب) * (شدة ابتلاء المؤمن) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أشد الناس بلاءا (1) الانبياء ثم الذين يلونهم، ثم الامثل فالامثل (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) البلاء وما يخص الله عز وجل به المؤمن، فقال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أشد الناس بلاء في الدنيا فقال: النبيون ثم الامثل فالامثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف إيمانه (3) وضعف عمله قل بلاؤه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عظيم الاجر لمع عظيم البلاء وما أحب الله قوما إلا ابتلاهم. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن فضيل بن يسار، عن أبي


(1) البلاء: ما يختبر ويمتحن به من خير أو شر، وأكثر ما ياتي مطلقا الشر وما اريد به الخير ياتي مقيدا كما قال الله تعالى: ” بلاء حسنا ” واصله المحسنة. (2) أي الاشرف فالاشرف والاعلى فالاعلى في الرتبة والمنزلة (آت) ((3) السخف: الخفة في العقل وغيره. ذكره الجزرى والفعل ككرم.

[ 253 ]

جعفر (عليه السلام) قال: أشد الناس بلاء الانبياء ثم الاوصياء ثم الاماثل فالاماثل. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل عبادا في الارض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفة إلى الارض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم ولا بلية إلا صرفها إليهم. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن عبيد، عن الحسين ابن علوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال – وعنده سدير -: إن الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وإنا وإياكم يا سدير لنصبح به ونمسي. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الوليد بن علاء، عن حماد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وثجه بالبلاء ثجا (2)، فإذا دعاه قال: لبيك عبدي لئن عجلت لك ما سألت إني على ذلك لقادر ولئن ادخرت لك فما ادخرت لك فهو خير لك. 8 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن زيد الزراد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحب الله عبدا ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند الله الرضا ومن سخط البلاء فله عند الله السخط. 9 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زكريا بن الحر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما يبتلي المؤمن في الدنيا على قدر دينه – أو قال -: على حسب دينه (3). 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه، عن محمد بن


(1) غته أي غمسه والباء بمعنى (في). (2) الثج: سيلان دماء الهدى والاضاحي. وثج الماء: سال، وثجه: أساله. (3) الشك من الراوي والحسب بالتحريك: المقدار.

[ 254 ]

المثنى الحضرمي، عن محمد بن بهلول بن مسلم العبدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما المؤمن بمنزلة كفة الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه (1). 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه، يذكر به. 12 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن ناجية قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): إن المغيرة (2) يقول: إن المؤمن لا يبتلي بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا ولا بكذا؟ فقال: إن كان لغافلا عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا (3) – ثم رد أصابعه (4) – فقال: كأني أنظر إلى تكنيعه أتاهم فأنذرهم، ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه، ثم قال: إن المؤمن يبتلي بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن المؤمن من الله عز وجل لبأفضل مكان – ثلاثا – (5) إنه ليبتليه بالبلاء ثم ينزع نفسه عضوا عضوا من جسده وهو يحمد الله على ذلك.


(1) ” إنما المؤمن ” كان المعنى أن حال المؤمن في إيمانه وبلائه بمنزله كفتى الميزان كما ورد ” الصلاة ميزان، فمن وفى استوفى ” (آت) (2) هو المغيرة بن سعيد الذى روى الكشى روايات كثيرة تدل على لعنه وروى أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) قال: إنه كان يكذب على أبى جعفر (عليه السلام) فأذاقه الله حر الحديد. (3) ” إن كان لغافلا ” إن مخففة من المثقلة وصاحب ياسين هو حبيب بن إسرائيل النجار رضى الله عنه وهو الذى جاء من اقصى المدينة يسعى وكان ممن آمن بنبينا (صلى الله عليه وآله) وبينهما ستمائة سنة وعن النبي (صلى الله عليه وآله) ” سباق الامم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: على بن أبى طالب و صاحب ياسين ومؤمن آل فرعون ” وفى رواية هم الصديقون وعلي أفضلهم والمكنع بتشديد النون المفتوحة: أشل اليد أو مقطوعها وفى بعض النسخ بالتاء المثناة من فوق وهو من رجعت اصابعه إلى كفة وظهرت مفاصل اصول الاصابع. ورد اصابعه – عليه السلام) يؤيد النسخة الثانية إذ لا رد في الاشل والاقطع (في). (4) ” ثم رد أصابعه ” من كلام الراوى أي رد (عليه السلام) أصابعه إلى كفه إشارة إلى تكنيعه. (5) يعنى قاله ثلاثة مرات.

[ 255 ]

14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في الجنة منزلة لا يبلغها عبد إلا بالابتلاء في جسده. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن أبي يحيى الحناط، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما ألقى من الاوجاع – وكان مسقاما – (1) فقال: لي يا عبد الله لو يعلم المؤمن ما له من الاجر في المصائب لتمنى أنه قرض بالمقاريض. 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن رباط قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن أهل الحق لم يزالوا منذ كانوا في شدة أما إن ذلك إلى مدة قليلة وعافية طويلة. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الحسين بن المختار عن أبي اسامة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل ليتعاهد المؤمن بالبلاء (2) كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة ويحميه الدنيا (3) كما يحمي الطبيب المريض. 18 – علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيره، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن محمد ابن بهلول العبدي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لم يؤمن الله المؤمن من هزاهز الدنيا (4) ولكنه آمنه من العمى فيها والشقاء في الآخرة.


(1) هذا من كلام أبى يحيى وضمير كان عائد إلى عبد الله. والمسقام بالكسر الكثير السقم و المرض (آت). (2) في القاموس تعهده وتعاهده: تفقده واحدث العهد به. (3) أي يمنعه الدنيا، حمى المريض ما يضره: منعه اياه، فاحتمى وتحمى امتنع (آت). (4) ” هزاهز الدنيا ” أي الفتن والبلايا التى يهتز فيها الناس. والمراد بالعمى عمى القلب قال الله تعالى: انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور ” واما عمى البصر فهى مكرمة، روى الصدوق (ره) في الخصال باسناده عن أبى جعفر (عليه السلام) أنه قال: إذا أحب الله عبدا نظر إليه فإذا نظر عليه أتحفه بواحدة من ثلاثة إما صداع واما عمى واما رمد.

[ 256 ]

19 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن نعيم الصحاف عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إني لاكره للرجل أن يعافي في الدنيا فلا يصيبه شئ من المصائب. 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن نوح بن شعيب، عن أبي داود المسترق، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): دعي النبي (صلى الله عليه وآله) إلى طعام فلما دخل منزل الرجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت فتقع البيضة على وتد في حائط فثبتت عليه ولم تسقط ولم تنكسر فتعجب النبي (صلى الله عليه وآله) منها فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة فو الذي بعثك بالحق ما رزئت (1) شيئا قط، [ قال: ] فنهض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يأكل من طعامه شيئا وقال: من لم يرزأ فمالله فيه من حاجة. 21 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) وأبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا حاجة لله فيمن ليس له (3) في ماله وبدنه نصيب. 22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عثمان النوا، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يبتلي المؤمن بكل بلية ويميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كل شئ منه ولم يسلط على عقله، ترك له


(1) على البناء للمجهول أي نقصت. (2) وفى نسخة الوافى: [ عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله وأبى بصير، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: قال:… الخ ] (3) أي لله. والظاهر ان المراد بالنصيب النقص الذى وقع بقضاء الله وقدره فيما له أو بدنه بغير اختياره ويحتمل الاختيار (آت). وقال الفيض (ره) في الوافى: نصيب الله سبحانه في مال عبده وبدنه ما ياخذه منهما ليبلوه فيهما وهو زكاتهما، قال الله تعالى: ” لتبلون في أموالكم وانفسكم ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركو أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور.

[ 257 ]

ليوحد الله به (1). 23 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنه ليكون للعبد منزلة عند الله فما ينالها إلا بإحدى خصلتين إما بذهاب ماله، أو ببلية في جسده. 24 – عنه، عن ابن فضال، عن مثنى الحناط، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: لولا أن يجد عبدي المؤمن في قلبه (2) لعصبت رأس الكافر بعصابة حديد، لا يصدع رأسه أبدا (3). 25 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):


(1) ” أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله… الخ ” شاهد ذلك من كتاب الله قوله تعالى: ” واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه انى مسنى الشيطان بنصب وعذاب ” فان قلت: إطلاق قوله تعالى: ” ان عبادي ليس لك عليهم سلطان… الاية ” ينافى ذلك، قلت: ذيل الاية يفسر صدرها وهو قوله: ” الا من اتبعك من الغاوين… الاية ” توضيحه: أن جميع الايات الواردة في قصة سجدة آدم تدل على أن ابليس شانه الاغواء والاضلال يقابل الهداية، وهما من الامور القلبية المرتبطة بالايمان والعمل فالذي اتخذه لعنه الله ميدانا لعمله هو قلب الانسان وعمله الاضلال عن صراط الايمان والعمل الصالح، والذى رد الله عليه وحفظ عباده من كيده، فيه هو عبوديتهم فعباده تعالى الواقعون في صراط العبودية مأمونون من كيده، كما قال تعالى: ” انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون… الاية ” فالايمان هو العبودية والتوكل من لوازمها. وأما اجسام العباد وما يلحق بها فليست بمأمونة عن كيده ومكره فله ان يمس العبد المؤمن في غير عقله وايمانه من جسم أو مال أو ولد أو نحو ذلك، وأثره الايذاء، واما ما وراء ذلك فلا. ومن هنا يظهر أن الوصف في قوله: ” ان عبادي… الخ ” كالمشعر بالعلية. أفاده العلامة الطباطبائى. (2) كأن مفعول الوجدان محذوف أي شكا أو حزنا شديدا أو يكون الوجد بمعنى الغضب أو بمعنى الحزن فقوله: ” في قلبه ” للتأكيد أي وجدا مؤثرا في قلبه باقيا فيه. في المصباح وجدته أجده وجدانا بالكسر ووجدت عليه موجدة غضبت، ووجدت به في الحزن وجدا بالفتح انتهى، والعصابة بالكسر ما يشد على الرأس والعمامة والعصب: الطى الشديد وعصب رأسه بالعصابة وعصب ايضا أي شده بها (آت). (3) الصداع: وجع الرأس.

[ 258 ]

مثل المؤمن كمثل خامة الزرع (1) تكفئها الرياح كذا وكذا وكذلك المؤمن تكفئه الاوجاع والامراض، ومثل المنافق كمثل الارزبة المستقيمة (2) التي لا يصيبها شئ حتى يأتيه الموت فيقصفه قصفا (3). 26 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما لاصحابه: ملعون كل مال لا يزكى، ملعون كل جسد لا يزكى ولو في كل أربعين يوما مرة، فقيل: يارسول الله أما زكاة المال فقد عرفناها فما زكاة الاجساد؟ فقال لهم: أن تصاب بآفة، قال: فتغيرت وجوه الذين سمعوا ذلك منه، فلما رآهم قد تغيرت ألوانهم قال لهم: أتدرون ما عنيت بقولي؟ قالو: لا يا رسول الله، قال: بلى الرجل يخدش الخدشة وينكب النكبة و يعثر العثرة ويمرض المرضة ويشاك الشوكة (4) وما أشبه هذا حتى ذكر في حديثه اختلاج العين (5). 27 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أيبتلي المؤمن بالجذام والبرص وأشباه هذا؟ قال: فقال: وهل كتب البلاء إلا على المؤمن. 28 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن رواه، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن: ليكرم على الله حتى لو سأله الجنة بما فيها


(1) خامة الزرع: أول ما نبت على ساق ” تكفئها الرياح ” بالهمزة أي تقلبها (2) الارزبة بتقديم المهملة وتشديد الباء الموحدة: عصية من حديد. (3) القصف: الكسر. قصف الشئ كسره – الشئ انكسر. (4) ” ينكب النكبة ” النكبة أن يقع رجله على حجارة ونحوها أو يسقط على وجهه أو إصابته بلية خفيفة من بلايا الدهر وأمثال ذلك. ” ويشاك الشوكة ” يقال: شاكته الشوكة تشوكه وشيكة إذا دخلت في جسده شوكة. (5) والاختلاج مرض من الامراض وقد ذكره الاطباء وهو حركة سريعة متواترة، غير عادية تعرض لجزء من البدن.

[ 259 ]

أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا وإن الكافر ليهون على الله حتى لو سأله الدنيا بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا وإن الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغائب أهله بالطرف (1) وإنه ليحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض. 29 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في كتاب علي (عليه السلام) أن أشد الناس بلاء النبيون، ثم الوصيون، ثم الامثل فالامثل، وإنما يبتلي المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صح دينه وحسن عمله اشتد بلاؤه، وذلك أن الله عز وجل لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن ولا عقوبة لكافر، ومن سخف دينه وضعف عمله قل بلاؤه، وإن البلاء أسرع إلى المؤمن التقي من المطر إلى قرار الارض (2). 30 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن يونس بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن هذا الذي ظهر بوجهي (3) يزعم الناس أن الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة، قال: فقال لي: لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الاصابع (4) فكان يقول هكذا – ويمد يديه – ويقول: ” يا قوم اتبعوا المرسلين ” ثم قال لي: إذا كان الثلث الاخير من الليل في أوله فتوض وقم إلى صلاتك التي تصليها فإذا كنت في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين فقل وأنت ساجد: ” يا علي يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات يا معطي الخيرات صل على محمد وآل محمد وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله واصرف عني من شر الدنيا والآخرة ما أنت أهله وأذهب عنى بهذا الوجع


(1) الطرف جمع طرفة وهى ما يستطرف أي يستملح. أطرف فلانا: أعطاه ما لم يعطه أحدا قبله. والاسم: الطرفة بالضم. (2) القرار والقرارة: ما قر فيه. والمطمئن من الارض. (3) الاثار التى ظهرت بوجهه كان برصا ويحتمل الجذام (آت). (4) المكنع هو الذي وقعت أصابعه. وفى بعض النسخ [ مكتعا ] وهو الذى قد عقفت أصابعه.

[ 260 ]

– وتسميه – فانه قد غاظني وأحزنني ” وألح في الدعاء. قال: فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله به عني كله. (باب) * (فضل فقراء المسلمين) * 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سنان، عن العلاء، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن فقراء المسلمين (1) يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا (2) ثم قال: سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر (3) فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا، فقال: أسربوها (4) ونظر في ا [ لا ] خرى فإذا هي موقورة (5) فقال: احبسوها. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن سعدان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): المصائب منح من الله (6) والفقر مخزون عند الله. 3 – وعنه (7) رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف و


(1) في بعض النسخ [ فقراء المؤمنين ]. (2) الخريف: الزمان المعروف من السنة مابين الصيف والشتاء ويريد به أربعين سنة لان الخريف لا يكون في السنة الا مرة واحدة فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة كذا في النهاية وفى معاني الاخبار باسناده عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: ان عبدا مكث في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر وفسره صاحب المعالم بأكثر من ذلك. وفى مصباح المنير الخريف: الفصل الذى تخترف فيه الثمار. أي تقطع فيها الثمار. (3) العاشر: من يأخذ العشر. (4) ” أسربوها ” يعنى خلوها تذهب، بمعنى التوجه للامر والذهاب إليه. (5) أي مملوة وفى بعض النسخ [ موقرة ] فهى بمعناها والتشبيه في غاية الحسن. (6) المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر وهى العطية. (7) ضمير ” عنه ” راجع إلى أحمد.

[ 261 ]

لا رمح ولكنه قتله بما نكى (1) من قلبه. 4 – عنه، عن محمد بن علي، عن داود الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته. 5 – وبإسناده قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لولا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها. 6 – عنه، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ما اعطي عبد من الدنيا إلا اعتبارا وما زوي عنه إلا اختبارا. 7 – عنه، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس لمصاص شيعتنا (2) في دولة الباطل إلا القوت، شرقوا إن شئتم أو غربوا لن ترزقوا إلا القوت. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن الاشعري، عن بعض مشائخه، عن إدريس بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي الحاجة أمانة الله عند خلقه، فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلى و من كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله، أما إنه لم يقتله بسيف ولا سنان ولا سهم ولكن قتله بما نكى من قلبه. 9 – وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن سعدان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين، شبيها بالمعتذر إليهم فيقول: وعزتي وجلالى ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فأدخلوه الجنة، قال: فيقول رجل منهم: يا رب إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ولبسوا


(1) من النكاية. أي كسر قلبه. (2) المصاص: خالص كل شئ.

[ 262 ]

الثياب اللينة وأكلوا الطعام وسكنوا الدور وركبوا المشهور من الدواب (1) فأعطني مثل ما أعطيتهم، فيقول تبارك وتعالى: لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا. 10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن إسماعيل ابن سهل وإسماعيل بن عباد، جميعا يرفعانه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا ولا كافر إلا غنيا حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) فقال: ” ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا (2) ” فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة وفي هؤلاء أموالا وحاجة. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل موسر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقي الثوب، فجلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3) فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسوله الله (صلى الله عليه وآله): أخفت


(1) أي التى اشتهرت بالنفاسة. والمشهور: المعروف المكان والنبيه. (2) وهذا من تتمة قول ابراهيم (عليه السلام) حيث قال الله في سورة الممتحنة: ” قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا انك انت العزيز الحكيم ” معناه: لا تعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على الحق لما أصابهم هذا البلاء. والمعنى المستفاد من الخبر قريب من هذا لان الفقر أيضا بلاء يصير سببا لافتتان الكفار إما بان ينفروا من الاسلام خوفا من الفقر أو قالوا: لو كان هؤلاء على الحق لما ابتلوا بعموم الفقر فيهم. (3) قال الشيخ البهائي قدس سره ” إلى ” بمعنى مع كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى ” من انصاري إلى الله ” أو بمعنى عند كما في قول الشاعر: ” اشهى إلى من الرحيق السلسل ” ويجوز ان يضمن جلس معنى توجه أو نحوه. و ” درن الثوب ” بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما وهو الوسخ (آت).

[ 263 ]

أن يمسك من فقره شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن (1) وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمعسر أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك. 12 – علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في مناجات موسى (عليه السلام): يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته (2). 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): طوبى للمساكين بالصبر وهم الذين يرون ملكوت السماوات والارض. 14 – وبإسناده قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عز وجل على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عيسى الفراء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه (3) أين الفقراء؟ فيقوم عنق من الناس كثير، فيقول: عبادي! ليقولون: لبيك


(1) أي ان لى شيطانا يغوينى ويجعل القبيح حسنا في نظرى والحسن قبيحا وهذا الصادر منى من جملة اغوائه. ويمكن أن يراد به النفس الامارة التى طغت وبغت بالمال (آت). (2) الشعار بالكسر ما يلى الجلد من الثياب لانه يلى شعره ويستعار للصفات المختصة. و ” مرحبا ” أي لقيت رحبا وسعة. وقيل: معناه رحب الله بك مرحبا. والقول كناية عن غاية الرضا والتسليم وقوله: ” ذنب عجلت ” أي اذنبت ذنبا صار سببا لان أخرجنى الله من أوليائه. (3) أي قدام عرشه.

[ 264 ]

ربنا، فيقول: إني لم افقركم لهوان بكم علي ولكني إنما اخترتكم (1) لمثل هذا اليوم تصفحوا وجوه الناس فمن صنع إليكم معروفا لم يصنعه إلا في فكافوه عني بالجنة. 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إبراهيم الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لولا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق منها (2). 17 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: أما تدخل السوق؟ أما ترى الفاكهة تباع؟ والشئ مما تشتهيه؟ فقلت: بلى، فقال: أما إن لك بكل ما تراه فلا تقدر على شرائه حسنة. 18 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن علي بن عفان (3)، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الاخ إلى أخيه، فيقول: وعزتي وجلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي، فارفع هذا السجف (4) فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا، قال: فيرفع فيقول ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني. 19 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنة فيضربوا باب الجنة، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون نحن الفقراء، فيقال لهم: أقبل


(1) أي اصطفيتكم. ” لمثل هذا اليوم ” أي لهذا اليوم، فكلمة مثل زائدة وقوله: ” تصفحوا وجوه الناس ” أي تأملوا وجوههم. (2) قد مر ص 261 عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن على، عن داود الحذاء عن محمد بن صغير بعينه. (3) في بعض النسخ [ على بن عثمان ]. وفى بعضها [ عفوان ]. (4) السجف بالمهملة والجيم: الستر.

[ 265 ]

الحساب؟ فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، فيقول الله عز وجل: صدقوا ادخلوا الجنة. 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل يقول: إني لم اغن الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي وهو مما ابتليت به الاغنياء بالفقراء ولولا الفقراء لم يستوجب الاغنياء الجنة. 21 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عيسى، عن إسحاق بن عمار والمفضل بن عمر قالا: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مياسير شيعتنا امناؤنا على محاويجهم، فاحفظونا فيهم يحفظكم الله. 22 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الفقر أزين للمؤمن من العذار على خد الفرس (1). 23 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن قول الله عز و جل: ” ولولا أن يكون الناس امة واحدة ” قال: عنى بذلك امة محمد (صلى الله عليه وآله) أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم ” لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة (2) ” ولو فعل الله ذلك بامة محمد (صلى الله عليه وآله) لحزن المؤمنون وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.


(1) في النهاية: ومن حديث على (عليه السلام): ” للفقر أزين للمؤمن من عذار حسن على خد فرس ” العذاران من الفرس كالعارضين من الانسان ثم سمى السير الذى يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه. (2) معنى الاية: لولا كراهة أن يجتمع الناس على الكفر لجعلنا للكفار سقوفا من فضة… إلخ. ومعنى الحديث انها نزلت في هذه الامة، خاصة، يعنى لولا كراهة أن يجتمع هذه الامة يعنى عامتهم وجمهورهم على الكفر فيلحقوا بسائر الكفار ويكونوا جميعا امة واحدة ولا يبقى الا قليل ممن محض الايمان محضا فعبر بالناس عن الاكثرين لقلة المؤمن فكأنهم ليسوا منهم (في). والاية في سورة الزخرف آية: 33.

[ 266 ]

(باب) (1) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان بن عبد الملك قال: حدثني بكر الارقط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو عن شعيب (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه دخل عليه واحد فقال: أصلحك الله إني رجل منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي وقومي فلم يزدني بذلك منهم إلا بعدا، قال: فما آتاك الله خير مما أخذ منك قال: جعلت فداك ادع الله لي أن يغنيني عن خلقه، قال: إن الله قسم رزق من شاء على يدي من شاء ولكن سل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الفقر الموت الاحمر (3)، فقلت لابي عبد الله (عليه السلام): الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال: لا ولكن من الدين. باب * (أن للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من قلب إلا وله اذنان، على إحداهما ملك مرشد وعلى الاخرى شيطان


(1) انما جعله بابا آخر ولم يعنونه لان اخباره مناسبة للباب الاول لكن بينهما فرق فان الباب الاول كان معقودا لفضل الفقراء والخبران المذكوران في هذا الباب يظهر منهما الفرق بين الفقر الممدوح والمذموم. وقيل: لان اخبار الباب السابق كانت تدل علي مدح الفقراء منطوقا و هذان يدلان عليه مفهوما وكأن ما ذكرناه أظهر (آت). (2) في بعض النسخ [ شبيب ]. (3) قال الجزرى موت أحمر أي شديد.

[ 267 ]

مفتن، هذا يأمره وهذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها، وهو قول الله عز وجل: ” عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (1) “. 2 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن للقلب اذنين (2) فإذا هم العبد بذنب قال له روح الايمان: لا تفعل، وقال له الشيطان: افعل، وإذا كان على بطنها نزع منه روح الايمان (3) 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في جوفه: اذن ينفث فيها الوسواس الخناس، واذن ينفث فيها الملك، فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله: ” وأيدهم بروح منه ” (4).


(1) قال الفيض (ره) المستفاد من هذا الحديث أن صاحب الشمال شيطان والمشهور انهما جميعا ملكان كما ياتي في باب الهم بالسيئة أو الحسنة إلا أن يقال: إن المرشد والمفتن غير الكاتبين الرقيبين وأما ما أفاده العلامة الطباطبائى مد ظله فهو أن غاية ما تدل عليه أن مع الانسان من يراقبه ويحفظ عليه أقواله، وأن هذا الرقيب قاعد عن يمين الانسان وشماله فهو أكثر من واحد وأما أنه من هو وهل هو ملك أو شيطان فلا دلالة فيها على ذلك ولذا صح أن ينطبق على ما في بعض الاخبار من أنه شيطان وملك كما في هذا الخبر وعلى ما في آخر أنهما ملكان كاتبان للحسنات والسيئات. والآية في سورة ق آية 18. (2) للنفس طريق إلى الخير وطريق إلى الشر وللخير مشقة حاضرة زائلة ولذة غائبة دائمة وللشر لذة حاضرة فانية ومشقة غائبة باقية والنفس يطلب اللذة ويهرب عن المشقة فهو دائما متردد بين الخير والشر فروح الايمان يامره، بالخير وينهاه عن الشر والشيطان بالعكس. (3) البارز في بطنها يعود إلى المزني بها كما وقع التصريح به في الاخبار الاتية (في). (4) المجادلة: 22. وقوله: ” الوسواس الخناس ” قال البيضاوي: ” من شر الوسواس ” أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة واما المصدر فبالكسر كالزلزال والمراد به الوسواس، سمى به مبالغة و ” الخناس “: الذى عادته ان يخنس أي يتاخر إذا ذكر الانسان ربه ” الذى يوسوس في صدور الناس ” إذا غفلوا عن ذكر ربهم وذلك كالقوة الوهمية فانها تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الامر إلى النتيجة خنست واخذت توسوسه وتشككه (آت).

[ 268 ]

(باب) * (الروح الذى ايد به المؤمن) * 1 – الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، جميعا، عن علي بن محمد بن سعد (1)، عن محمد بن مسلم، عن أبي سلمة، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن سنان، عن أبي خديجة قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فقال لي: إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي، وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه وتسيخ في الثرى عند إساءته، فتعاهدوا عباد الله نعمه باصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا، رحم الله امرءا هم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه، ثم قال: نحن نؤيد (2) الروح بالطاعة لله والعمل له. (باب الذنوب) (3) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) يقول: ما من شئ أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله (4). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله ابن مسكان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام في قول الله عز وجل: ” فما أصبرهم


(1) في بعض النسخ [ سعيد ]. (2) أي نقويه وفى بعض النسخ [ نزيد ] فيرجع إلى التأييد أيضا فانه يتقوى بالطاعة كانه يزيد. ولعلامتنا الطباطبائى لهذا الحديث بيان، راجع آخر هذا المجلد. (3) أي غوائلها وتباتعها وآثارها. (4) يعنى ما تزال تفعل تلك الخطيئة بالقلب وتؤثر فيه بحلاوتها حتى تجعل وجهه الذى إلى جانب الحق والاخرة إلى جانب الباطل والدنيا (في).

[ 269 ]

على النار (1) ” فقال: ما أصبرهم على فعل ما يعلمون (2) أنه يصيرهم إلى النار. 3 – عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (3) ” قال: ثم قال: وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من نكبة يصيب العبد إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر. 5 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا تبدين عن واضحه (4) وقد عملت الاعمال الفاضحة، ولا يأمن البيات من عمل السيئات (5). 6 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: تعوذوا بالله من سطوات الله بالليل (6) و النهار، قال: قلت له: وما سطوات الله؟ قال: الاخذ على المعاصي. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سليمان الجعفري


(1) الاية في سورة البقرة هكذا: ” ان الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم * أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ” قال البيضاوى تعجب من حالهم في الالتباس بموجبات النار من غير مبالاة. (2) في بعض النسخ [ ما يعملون ]. (3) الشورى: 30. (4) الابداء: الاظهار وتعديته بعن لتضمين معنى الكشف وفى القاموس والمصباح الواضحة: الاسنان تبدو عند الضحك وفى القاموس فضحه كمنعه: كشف مساويه أي لا تضحك ضحكا يبدو به اسنانك ويكشف عن سرور قلبك (آت). (5) المراد بالبيات نزول الحوادث عليه ليلا، أو غفلة وان كان بالنهار. (6) السطوات: الشدائد. وساطاه: شدد عليه. وفى المصباح هو الاخذ بالشدة.

[ 270 ]

عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الذنوب كلها شديدة و أشدها ما نبت عليه اللحم والدم، لانه إما مرحوم وإما معذب والجنة لا يدخلها إلا طيب (1). 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد ليذنب الذنب فيزوي (2) عنه الرزق. 9 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن إبراهيم النوفلي، عن الحسين بن مختار، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم، ملعون ملعون من كمه أعمى (3)، ملعون ملعون من نكح بهيمة. 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب، فإن لها طالبا، يقول أحدكم: أذنب وأستغفر، إن الله عز وجل يقول: ” سنكتب ما


(1) لعل المراد بالمرحوم من كفرت ذنوبه بالتوبة والبلايا والعفو وبالمعذب من لم يكفر ذنوبه بأحد هذه الوجوه المذكورة (لح). (2) أي يقبض أو يصرف وينحى عنه أي قد يكون تقتير الرزق بسبب الذنب عقوبة أو لتكفير ذنبه وليس هذا كليا بل بالنسبة إلى غير المستدرجين فان كثيرا من أصحاب الكبائر يوسع عليهم في رزقهم (آت). (3) هذا الكلام يحتمل وجوها أحدها أن يكون بالتشديد بمعنى: من قال له يا أعمى ويا أكمه ونحو ذلك. والكمه: العمى. الثاني أن يكون المراد من أضله عن الطريق ولم يهده إليه أو من أعماه عن الحق أو من زاده عمى عن الحق إذا كان جاهلا أو ضالا، ففى القاموس الكامه من يركب رأسه لا يدرى أين يتوجه كالمتكمه. الثالث أن يكون مخففا والمعنى من ركب عمى، كناية عمن لم يسلك الطريق الواضح والله أعلم. وقال الصدوق في كتاب معاني الاخبار بعد نقل الحديث: قال مصنف هذا الكتاب: معنى قوله: من كمه اعمى يعنى من ارشد متحيرا في دينه إلى الكفر وقرره في نفسه حتى اعتقده وقوله: ” ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم ” يعنى به من يمنع زكاة ماله ويبخل بمساواة إخوانه، فيكون قد آثر عبادة الدينار والدرهم على عبادة الله وأما نكاح البهيمة فمعلوم.

[ 271 ]

قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين (1) “، وقال عز وجل: ” إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير (2) “. 11 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن سليمان بن طريف، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الذنب يحرم العبد الرزق. 12 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الرجل ليذنب الذنب فيدرء (3) عنه الرزق وتلا هذه الآية: ” إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون (4) “. 13 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا. 14 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطئ، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى: للملك لا تقض حاجته واحرمه إياها، فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني.


(1) يس: 12 – والاية هكذا: ” انا نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا… الخ ” وكأنه من النساخ أو الرواة. (2) لقمان: 16. (3) درأه كجعله درءا: دفعه والدرء: الدفع. (4) الاية نزلت في قوم كانت لابيهم جنة فكان يأخذ منها قوت سنته ويتصدق الباقي، فلما مات قال بنوه: إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الامر فحلفوا أن يقطعوها وقد بقى من الليل ظلمة داخلين في الصبح منكرين، ولم يستثنوا في يمينهم أي لم يقولوا: إن شاء الله، فطاف عليها بلاء أو هلاك ” طائف ” أي محيط بها وهذا كقوله سبحانه ” واحيط بثمره ” قيل: احرقت جنتهم فاسودت وقيل: يبست خضرتها ولم يبقى منها شئ. والايات في سورة القلم.

[ 272 ]

15 – ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إنه ما من سنة أقل مطرا من سنة ولكن الله يضعه حيث يشاء، إن الله عز وجل إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيافي والبحار (1) والجبال وإن الله ليعذب الجعل في جحرها (2) بحبس المطر عن الارض التي هي بمحلها بخطايا من بحضرتها وقد جعل الله لها السبيل في مسلك سوى محلة أهل المعاصي. قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) فاعتبروا يا اولي الابصار. 16 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم. 17 – عنه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من هم بسيئة فلا يعملها (3) فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه الرب تبارك وتعالى فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا. 18 – الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن عمرو بن عثمان، عن رجل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: حق على الله أن لا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى تطهرها (4). 19 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن (5).


(1) الفيافي: البراري الواسعة جمع فيفاء. والفيف. المكان المستوى أو المفازة لا ماء فيها. (2) الجعل كصرد: دويبة. (3) ” فلا يعملها ” نهى. (4) ” أضحاها ” أي أظهرها. كناية عن تخريبها وهدمها. (5) فيه دلالة على أن الذنب يمنع دخول الجنة في تلك المدة ولا دلالة على انه في تلك المدة في النار (آت).

[ 273 ]

20 – أبو علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: [ قال: ] ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب (1) زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا [ ت‍ ] غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عز وجل: ” كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون (2) “. 21 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدين عن واضحة (3) وقد عملت الاعمال الفاضحة، ولا تأمن البيات، وقد عملت السيئات (4). 22 – محمد بن يحيى وأبو علي الاشعري، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن أبي عمر المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم (5) على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة.


(1) تمادى فلان في غيه: إذا لج ودام على فعله (2) المطففين 14 والرين: الطبع وتحقيق الكلام في هذا المقام هو أن من عمل عملا صالحا اثر في نفسه ضياء وبازدياد العمل يزداد الضياء والصفاء حتى تصير كمرآة مجلوة صافية ومن أذنب ذنبا أثر ذلك أيضا وأورث لها كدورة فان تحقق عنده قبحه وتاب عنه زال الاثر وصارت النفس مصقولة صافية وان أصر عليه زاد الاثر الميشوم وفشا في النفس وقعد عن الاعتراف بالتقصير والرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار والانقلاع من المعاصي: ولا محل لشئ من ذلك إلى هذا القلب المظلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. (3) الواضحة: الضاحكة التى تبدوا عند الضحك. (4) قد مر مضمونه، وتبييت العدو هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة. (5) قوله: ” الا ينعم ” في بعض النسخ [ لا ينعم ] فهو استيناف بيانى وقوله (عليه السلام): ” فيسلبها ” معطوف على النفى لا على المنفى والمشار إليه في قوله: ” بذلك ” اما مصدر يحدث أو الذنب والمال واحد. وفيه تلميح إلى قوله سبحانه: ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ” (آت).

[ 274 ]

23 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” قالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم… الآية ” فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عز وجل وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله فغير الله ما بهم من نعمة. وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفهسم، فأرسل الله عليهم سيل العرم فغرق قراهم وخرب ديارهم وأذهب أموالهم، وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل، وشئ من سدر قليل، ثم قال: ” ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور (1) “. 24 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب. 25 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية ولا [ ا ] ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما احب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت


(1) الآيات في سورة سبأ هكذا ” لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى الا الكفور * و جعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين * فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ان في ذلك لايات لكل صبار شكور ” فكفروا نعم الله عز وجل حيث قالوا: ربنا باعد بين أسفارنا، بطروا النعمة وملوا العافية وطلبوا الكد والتعب أو شكوا بعد سفرهم إفراطا منهم في الترفية وعدم الاعتداء بما انعم الله عليهم على اختلاف القراءتين ” سيل العرم ” سيل الامر العرم أي الصعب أو المطر الشديد أو الجرد أضاف إليه السيل لانه نقب عليهم سدا حقن به الماء أو الحجارة المركومة التى عقد به السد فيكون جمع عرمة وقيل: اسم واد جاء السيل من قبله. ” خمط ” مر بشع. والاثل يشبه الطرفاء.

[ 275 ]

لهم عما يكرهون إلى ما يحبون، وقل لهم: إن رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره وقل لهم: لا يتعرضوا معاندين لسخطي ولا يستخفوا بأوليائي فإن لي سطوات عند غضبي، لا يقوم لها شئ من خلقي. 26 – علي بن إبراهيم الهاشمي، عن جده محمد بن الحسن بن محمد بن عبيد الله (1) عن سليمان الجعفري، عن الرضا (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى نبي من الانبياء: إذا اطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الورى (2). 27 – محمد بن يحيى، عن علي بن الحسن بن علي، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [ أنه ] قال: إن أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها. 28 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب، ولا خوف أشد من الموت، وكفى بما سلف تفكرا، وكفى بالموت واعظا. 29 – أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن الميثمي، عن العباس بن هلال الشامي مولى لابي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون.


(1) على بن ابراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (عليهم السلام) ثقة صحيح الحديث خرج مع أبى الحسن الرضا (عليه السلام) إلى خراسان له كتاب الفخ وكتاب اخبار يحيى بن عبد الله بن الحسن روى عنه أبو الفرج في مقاتل الطالبيين. (2) الورى ولد الولد ويمكن أن يكون المراد به الاثار الدنيوية كالفقر والفاقة والبلايا والامراض والحبس والمظلومية كما نشاهد اكثر ذلك في اولاد الظلمة وذلك عقوبة لابائهم فان الناس يرتدعون عن الظلم بذلك لحبهم لاولادهم ويعوض الله الاولاد في الاخرة كما قال تعالى: ” وليخش الذين لو تركوا من بعدهم ذرية ضعافا خافوا عليهم الاية ” وهذا جائز على مذهب العدلية بناء على أنه يمكن ايلام شخص لمصلحة الغير مع التعويض باكثر منه بحيث يرضى من وصل إليه الالم مع أن هذه الامور مصالح للاولاد أيضا فان اولاد المترفين بالنعم إذا كانوا مثل آبائهم يصير ذلك سببا لبغيهم وطغيانهم أكثر من غيرهم (آت).

[ 276 ]

30 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يقول الله عز وجل: إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني. 31 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن عرفة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل في كل يوم وليلة مناديا ينادي: مهلا مهلا عباد الله عن معاصي الله، فلولا بهائم رتع، وصبية رضع، وشيوخ ركع، لصب عليكم العذاب صبا، ترضون به رضا (1). (باب الكبائر) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز وجل: ” إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما (2) ” قال: الكبائر، التي أوجب الله عز وجل عليها النار. 2 – عنه، عن ابن محبوب قال: كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الكبائر كم هي وما هي؟ فكتب: الكبائر: من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا والسبع الموجبات (3): قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين


(1) الرتع والركع والرضع بالضم والتشديد في الجميع. جمع راتع وراضع وراكع. ورتع أكل وشرب ما شاء في خصب وسعة. ورضع أمه كسمع وضرب فهو راضع. وركع: انحنى كبرا. كمنع. والصبي: الغلام والجمع صبية و صبيان. وهو من الواو. وفى النهاية الرض: الدق الجريش ومنه الحديث لصب عليكم العذاب صبا ثم لرض رضا هكذا جاء في رواية والصحيح بالصاد المهملة وقال في المهملة: فيه تراصوا في الصفوف أي تلاصقوا حتى لا يكون بينكم فرج وأصله تراصصوا من رص البناء يرصه رصا إذا لصق بعضه ببعضه فادغم. ومنه الحديث لصب عليكم العذاب صبا و لرص رصا انتهى ولا يخفى أن روايتنا أبلغ وأظهر والظاهر أن المراد بالعذاب الدنيوي وكفى بنا عجزا وذلا بسوء فعالنا أن يرحمنا ربنا الكريم ببركة بهائمنا واطفالنا (آت). (2) النساء: 31. (3) عطف على ” ما وعد الله ” أي من اجتنب السبع الموجبات للنار كفر عنه سيئاته. من باب عطف الخاص على العام لان الكبائر أكثر منها (لح).

[ 277 ]

وأكل الربا، والتعرب بعد الهجرة (1) وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف (2). 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الكبائر سبع: قتل المؤمن متعمدا (3) وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا بعد البينة (4) وكل ما أوجب الله عليه النار.


(1) التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الاعراب بعد أن كان مهاجرا وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد. كذا قاله ابن الاثير في نهايته ولا يبعد تعميمه لكل من تعلم آداب الشرع وسننه ثم تركها واعرض عنها ولم يعمل بها ويؤيده ما رواه الصدوق طاب ثراه في معاني الاخبار باسناده إلى الصادق (ع) انه قال: المتعرب بعد الهجرة التارك لهذا الامر بعد معرفته. والتعرب انما نهى عنه لاستلزامه ترك الدين والبعد عن العلم و الاداب كما قال الله تعالى: ” الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله ” واما إذا كان بعد الفقه والعلم فلا يكون تعربا ولذا ورد أن التعرب هو ترك التعلم أو ترك الدين وقال بعض أصحابنا. التعرب بعد الهجرة في زماننا هذا أن يشتغل الانسان بتحصيل العلم ثم يتركه ويصير منه غريبا. وقال العلامة (قدس سره) في المنتهى لما نزل قوله تعالى: ” ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ” أوجب النبي (صلى الله عليه وآله) المهاجرة على من يضعف عن اظهار شعائر الاسلام. وقذف المحصنة بفتح الصاد: رمى العفيفة غير المشهورة بالزنا وظاهر الخبر شموله لما إذا كان القاذف رجلا أو إمرأة وإن كان ظاهر الايات التخصيص بالرجال لكن أجمعوا على أن حكم النساء وحكم الرجال أيضا في الحد كذلك. (2) الزحف: المشى يقال: زحف إليه زحفا وزحوفا من باب منع أي مشى. ويطلق على الجيش الكبير تسمية بالمصدر. والفرار من العدو بعد الالتقاء بشرط أن لا يزيدوا على الضعف كبيرة الا في التحرف لقتال أو التحيز إلى فئة والمراد بالتحرف لقتال الاستعداد له بأن يصلح آلات الحرب أو يطلب الطعام والماء لجوعه أو عطشه أو يجتنب عن مواجهة الشمس والريح أو يطلب مكانا أحسن أو نحو ذلك (آت). (3) قد وقع في بعض الروايات أن المعتمد هو أن يقتله لايمانه ليكون الخلود بمعناه (آت) أراد به قوله تعالى: ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ” والقاعدة المسلمة أن الخلود لمن كفر بالله تعالى أو أشرك أو الحد في دينه فقط ومن قتل مؤمنا إن قتله لايمانه فهو كافر بالله وإن قتله لغير ذلك فهو فسق جزاؤه دخول النار لا الخلود. (4) أي بعد أن تبين له تحريمه كما يستفاد من بعض الاخبار ولما كان ما سوى هذه الست من الكبائر ليس في مرتبة هذه الست في الكبر ولا في عدادها لم يعد معها مفصلا كأنها بمجموعها كواحد مثلها. (في).

[ 278 ]

4 – يونس، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن من الكبائر عقوق الوالدين، واليأس من روح الله، والامن لمكر الله (1). وقد روي [ أن ] أكبر الكبائر الشرك بالله. 5 – يونس، عن حماد، عن نعمان الرازي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من زنى خرج من الايمان، ومن شرب الخمر خرج من الايمان، ومن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا خرج من الايمان. 6 – عنه، عن محمد بن عبده قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): لا يزني الزاني وهو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب الايمان فإذا قام رد إليه فإذا عاد سلب قلت: فإنه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبدا. 7 – يونس، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم (2) ” قال: الفواحش الزنى والسرقة، واللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه. قلت: بين الضلال والكفر منزلة؟ فقال: ما أكثر عرى الايمان (3). 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكبائر، فقال: هن في كتاب علي (عليه السلام) سبع: الكفر بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل الربا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلما، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، قال: فقلت: فهذا أكبر المعاصي؟ قال: نعم قلت: فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصلاة؟ قال: ترك الصلاة، قلت: فما عددت ترك الصلاة في الكبائر؟ فقال: أي شئ أول ما


(1) ” الامن لمكر الله ” أي عذابه واستدراجه وإمهاله عند المعاصي (آت). (2) اللمم: صغار الذنوب قال الراغب: اللمم: مقاربة المعصية وعبر به عن الصغيرة. ويقال: فلان يفعل كذا لمما أي حينا بعد حين وذلك قوله: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم ” وهو من قولك: ألممت بكذا إذا نزلت به وقاربته من غير مواقعة. (3) أراد السائل هل يوجد ضال ليس بكافر أو كل من كان ضالا فهو كافر فاشار (عليه السلام) في جوابه باختيار الشق الاول وبين ذلك بان عرى الايمان كثيرة منها ما هو بحيث من يتركها لا يصير كافرا بل يصير ضالا، فقد تحقق المنزلة بينهما بتحقق بعض عرى الايمان دون بعض. والمراد بعرى الايمان مراتبه تشبيها بعروة الكوز في احتياج حمله إلى التمسك بها.

[ 279 ]

قلت لك؟ قال قلت: الكفر، قال: فإن تارك الصلاة كافر. يعني من غير علة (1). 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن حبيب، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): ما من عبد إلا وعليه أربعون جنة (2) حتى يعمل أربعين كبيرة فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن فيوحي الله إليهم أن استروا عبدي بأجنحتكم فتستره الملائكة بأجنحتها، قال: فما يدع شيئا من القبيح إلا قارفه (3) حتى


(1) قوله: ” يعنى ” من كلام المؤلف أو بعض الرواة وكونه من كلامه (عليه السلام) على سبيل الالتفات بعيد جدا (آت). (2) الجنة بالضم: السترة والجمع جنن بضم الجيم وفتح النون. وكأن المراد بالجنن الطافه سبحانه التى تصير سببا لترك المعاصي وامتناعه، فبكل كبيرة – كانت من نوع واحد أو أنواع مختلفة – يستحق منع لطف من ألطافه أو رحماته تعالى وعفوه وغفرانه فلا يفضحه الله بها فإذا استحق غضب الله سلبت عنه لكن يرحمه سبحانه ويأمر الملائكة بستره ولكن ليس سترهم كستر الله تعالى. أو المراد بالجنن ترك الكبائر فان تركها موجب لغفران الصغائر عند الله وسترها عن الناس فإذا عمل بكبيرة لم يتحتم على الله مغفرة صغائره وشرع الناس في تجسس عيوبه وهكذا إلى أن يعمل جميع الكبائر وهى أربعون تقريبا فيفتضح عند الله وعند الناس بكبائره وصغائره. أو أراد بالجنن الطاعات التى هي مكفرة لذنوبه عند الله وساترة لعيوبه عند الناس ويؤيده ما ورد عن الصادق (عليه السلام) أن الصلاة سترة وكفارة لما بينها من الذنوب فهذه ثلاثة وجوه خطر بالبال على سبيل الامكان والاحتمال (آت). وقال الفيض (ره): كأن الجنن كناية عن نتائج أخلاقه الحسنة وثمرات اعماله الصالحة التى تخلق منها الملائكة. واجنحة الملائكة كناية عن معارفه الحقة التى بها يرتقى في الدرجات وذلك لان العمل أسرع زوالا من المعرفة وإنما يأخذ في بعض اهل البيت لانهم الحائلون بينه وبين الذنوب التى صارت محبوبة له ومعشوقة لنفسه الخبيثة بمواعضهم ووصاياهم (عليهم السلام) انتهى. وقيل: إن تلك الجنن اجنحة الملائكة ولا يخفى إباء ما بعده عنه إلا بتكلف تام. وله معنى آخر وهو السادس من الوجوه التى ذكروه وهو أن المراد بالجنن الملائكة أنفسهم لانهم جنن له من دفع شر الشيطان ووساوسه فإذا عمل كبيرة فارق عنه ملك إلى أن يفارق الجميع فإذا فارقوه جميعا أوحى الله إليهم أن إستروه بأجنحتكم من بعيد ليكون محفوظا في الجملة من شر الشياطين فضمير إليهم في قوله: ” فيوحى الله إليهم ” راجع إلى الجنن. (3) اقترف الذنب: اتاه وفعله. وقارفه: قاربه. وقوله: ” حتى يمتدح ” في القاموس تمدح: تكلف أن يمدح وافتخر وتشبع بما ليس عنده وقال: مدحه كمنعه: أحسن الثناء عليه كمدحه وامتدحه وتمدحه. فالامتداح استعمل هنا بمعنى التمدح وفى بعض النسخ [ يتمدح ] وهو أظهر.

[ 280 ]

يمتدح إلى الناس بفعله القبيح، فيقول الملائكة: يا رب هذا عبدك ما يدع شيئا إلا ركبه وإنا لنستحيي مما يصنع، فيوحي الله عز وجل إليهم أن ارفعوا أجنحتكم عنه فإذا فعل ذلك أخذ في بغضنا أهل البيت فعند ذلك ينهتك ستره في السماء وستره في الارض، فيقول الملائكة: يا رب هذا عبدك قد بقي مهتوك الستر (1) فيوحي الله عز وجل إليهم: لو كانت لله فيه حاجة ما أمركم أن ترفعوا أجنحتكم عنه. ورواه ابن فضال، عن ابن مسكان. 10 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الكبائر: القنوط من رحمة الله، واليأس (2)، من روح الله، والامن من مكر الله، وقتل النفس التي حرم الله، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا بعد البينة، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، فقيل له: أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها، أتخرجه من الايمان، وإن عذب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين، أو له انقطاع؟ قال: يخرج من الاسلام إذا زعم أنها حلال ولذلك يعذب أشد العذاب وإن كان معترفا بأنها كبيرة وهي عليه حرام وأنه يعذب عليها وأنها غير حلال، فإنه معذب عليها وهو أهون عذابا من الاول ويخرجه من الايمان ولا يخرجه من الاسلام. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام) في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان؟ قال: هو قوله: ” وأيدهم بروح منه ” ذاك الذي يفارقه


(1) لا يقال: قول الملائكة هذا بناء على أنهم يريدون ستره وهذا ينافى قولهم المذكور قبله لاشعاره بانهم يريدون هتك ستره، لانا نقول: دلالة قولهم الاول على ذلك ممنوع لاحتمال أن يكون طالبا لاصلاحه وتوفيقه كما يومي إليه قوله تعالى: ” لو كان لله فيه حاجة ” أي كان مستحقا للطف والتوفيق (آت). (2) وفى بعض النسخ [ والاياس ]. ولعل الثانية عطف بيان للاولى لعدم التغاير بينهما في المعنى إذ لا فرق بين اليأس والقنوط ولا بين الروح والرحمة وربما يخص اليأس بالامور الدنيوية والقنوط بالامور الاخروية (في).

[ 281 ]

12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يسلب منه روح الايمان ما دام على بطنها فإذا نزل عاد الايمان قال: قلت [ له ]: أرأيت إن هم (1)؟ قال: لا، أرأيت إن هم أن يسرق أتقطع يده؟. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن صباح بن سيابة قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له محمد بن عبده: يزني الزاني وهو مؤمن؟ قال: لا إذا كان على بطنها سلب الايمان منه فإذا قام رد عليه، قلت: فانه أراد أن يعود؟ قال: ما أكثر ما يهم أن يعود ثم لا يعود. 14 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الكبائر سبعة (2): منها قتل النفس متعمدا، والشرك بالله العظيم، وقذف المحصنة، وأكل الربا بعد البينة، والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، قال: والتعرب والشرك واحد. (3) 15 – أبان، عن زياد الكناسي (4) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): والذي إذا دعاه أبوه لعن أباه والذي إذا أجابه ابنه يضربه (5). 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد بن داود الغنوي، عن الاصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فقال:


(1) أي إن قصد الزنا هل يفارقه روح الايمان، أو إن كان بعد الزنا قاصدا للعود هل يمنع ذلك عود الايمان؟ قال: لا، والاول أظهر (آت) (2) كأن التاء بتأويل الكبيرة بالذنب إن لم يكن من تصحيف النساخ وليست لفظة ” سبعة ” في الوافى (3) آخر الحديث اعتذار عما يتراأى من المخالفة بين الاجمال والتفصيل في العدد فذكره بعده من قبيل ذكر الخاص بعد العام لبيان الفرد الخفى. (4) يمكن أن يكون عطفا على الخبر السابق بان الكناسى روى الخبر السابق مع هذه الزيادة (5) ” يضربه ” من الضرب أو من الاضرار وهما داخلان في العقوق.

[ 282 ]

يا أمير المؤمنين إن ناسا زعمو أن العبد لا يزني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ولا يأكل الربا وهو مؤمن ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل علي هذا وحرج منه صدري حين أزعم أن هذا العبد يصلي صلاتي ويدعو دعائي ويناكحني واناكحه ويوارثني واوارثه وقد خرج من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه، فقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): صدقت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول، والدليل عليه كتاب الله. خلق الله عز وجل الناس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل وذلك قول الله عز وجل في الكتاب: أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون (1)، فأما ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين وبها علموا الاشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا (2) فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم (3) ثم قال: قال الله عز وجل: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ” ثم قال: في جماعتهم ” وأيدهم بروح منه (4) ” يقول: أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم. ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل الله فيهم أربعة أرواح: روح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد


(1) اشارة إلى قوله سبحانه في سورة الواقعة: ” وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة… الاية “. (2) دب: مشى كالحية ودرج بمعناه. (3) هاتان الفقرتان ليستا في البصائر وعلى ما في الكتاب كأن الذنب هنا ما دل على ترك الاولى أو كنايتان عن عدم صدورها عنهم. (4) البقرة: 253.

[ 283 ]

يستكمل هذه الارواح الاربعة حتى تأتي عليه حالات، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال: أما اولاهن فهو كما قال الله عز وجل: ” ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا (1) ” فهذا ينتقص منه جميع الارواح وليس بالذي يخرج من دين الله لان الفاعل به رده إلى أرذل عمره فهو لا يعرف للصلاة وقتا ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضره شيئا، ومنهم من ينتقص منه روح القوة فلا يستطيع جهاد عدوه ولا يستطيع طلب المعيشة ومنهم من ينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح بنات آدم لم يحن إليها (2) ولم يقم وتبقى روح البدن فيه فهو يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت فهذا الحال خير (3) لان الله عز وجل هو الفاعل به وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة ويزين له روح الشهوة ويقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة فإذا لامسها نقص من الايمان وتفصى منه (4) فليس يعود فيه حتى يتوب، فإذا تاب تاب الله عليه وإن عاد أدخله الله نار جهنم. فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول الله عز وجل: ” الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناء هم ” يعرفون محمدا والولاية في التوارة والانجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم ” وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ” ” الحق من ربك (أنك الرسول إليهم) فلا تكونن من الممترين (5) ” فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم [ الله ] بذلك فسلبهم روح الايمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح روح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ثم أضافهم إلى الانعام، فقال: ” إن هم


(1) النحل: 70 وسيأتى في الروضة أن أرذل العمر مائة سنة. (2) ” أصبح بنات آدم ” أي أحسن وجها. وفى بعض النسخ [ أحسن بنات آدم ]. وقوله: ” لم يحن ” أي لا يشتاق إليها. وقوله: ” لم يقم ” أي لم يقم إليها لطلبها و مراودتها. (3) والحال صفة فمذكر ومؤنث فيقال: حال حسن وحسنة وفى بعض النسخ [ بحال خير ] (4) بالفاء والصاد المهملة أي خرج من الايمان أو خرج الايمان منه. (5) البقرة: 146، 147.

[ 284 ]

إلا كالانعام (1) ” لان الدابة إنما تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن، فقال [ له ] السائل: أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين. 17 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا زنا الرجل فارقه روح الايمان؟ قال: فقال: هو مثل قول الله عز وجل [: ” ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون (2) ” ثم قال: غير هذا أبين منه، ذلك قول الله عز وجل ]: ” وأيدهم بروح منه ” هو الذي فارقه. 18 – يونس، عن ابن بكير، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (3) ” الكبائر فما سواها قال: قلت: دخلت الكبائر في الاستثناء قال: نعم. (4). 19 – يونس، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الكبائر فيها استثناء أن يغفر لمن يشاء؟ قال: نعم. 20 – يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ” ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا (5) ” قال: معرفة الامام واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار. 21 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت: لابي الحسن (عليه السلام): الكبائر تخرج من الايمان؟ فقال: نعم وما دون الكبائر


(1) الفرقان: 44. (2) ما بين القوسين ليس في بعض النسخ وهو أظهر وعلى تقديره فصدر الاية ” يا ايها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ” سورة البقرة آية 268. وقوله سبحانه: ” تنفقون ” حال مقدرة من فاعل ” تيمموا ” ويجوز أن يتعلق به منه ويكون الضمير للخبيث. (3) النساء: 48. (4) قوله: ” في الاستثناء ” أي في التعليق بالمشيئة. (5) البقرة: 269.

[ 285 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن. 22 – ابن أبي عمير، عن علي [ بن ] الزيات، عن عبيد بن زرارة قال: دخل ابن قيس الماصر وعمرو بن ذر – وأظن معهما أبو حنيفة – على أبي جعفر (عليه السلام) فتكلم ابن قيس الماصر فقال: إنا لا نخرج أهل دعوتنا وأهل ملتنا من الايمان في المعاصي والذنوب، قال: فقال له أبو جعفر (عليه السلام): يا ابن قيس أما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد قال: لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن، فاذهب أنت و أصحابك حيث شئت. 23 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرج ذلك من الاسلام وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع؟ فقال: من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الاسلام و عذب أشد العذاب وإن كان معترفا أنه أذنب ومات عليه أخرجه من الايمان ولم يخرجه من الاسلام وكان عذابه أهون من عذاب الاول. 24 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدثني أبو جعفر (صلوات الله عليه) قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام) يقول: دخل عمرو بن عبيد (1) على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما سلم وجلس تلا هذه الآية: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش (2) ” ثم أمسك فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما أسكتك؟ قال: احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل، فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الاشراك بالله، يقول الله: ” ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة (3) ” وبعده الاياس من روح الله، لان الله عز وجل يقول: ” إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون (4) ثم الامن لمكر الله، لان الله


(1) الظاهر أنه عمرو بن عبيد المعتزلي المعروف. (2) النجم: 32، (3) المائدة: 72. والاية في المصاحف هكذا ” انه من يشرك بالله… الخ ” (4) يوسف: 87.

[ 286 ]

عز وجل يقول: ” فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون (1) ” ومنها عقوق الوالدين لان الله سبحانه جعل العاق جبارا شقيا (2) وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لان الله عز وجل يقول: ” فجزاؤه جهنم خالدا فيها… إلى آخر الآية (3) ” وقذف المحصنة، لان الله عز وجل يقول: ” لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم (4) ” وأكل مال اليتيم، لان الله عز وجل يقول: ” إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (5) ” والفرار من الزحف لان الله عز وجل يقول: ” ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (6) ” وأكل الربا لان الله عز وجل يقول: ” الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس (7) ” والسحر، لان الله عز وجل يقول: ” ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق (8) ” والزنا، لان الله عز وجل يقول: ” ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (9) ” واليمين الغموس الفاجرة (10) لان الله عز وجل يقول: ” الذين يشترون


(1) الاعراف 99، (2) اشارة إلى قوله سبحانه في سورة مريم: ” وبرا بوالدتي ولم أك جبارا شقيا “. (3) النساء: 93. (4) النور: 23 ” لعنوا في الدنيا ” أي ابعدوا من رحمة الله. (5) النساء: 10. (6) الانفال: 16. قوله: ” متحرفا… اه ” حال، يريد الكر بعد الفر تغريرا للعدو فانه من مكائد الحرب: (7) البقرة: 277. أي الذى يصرعه الشيطان من الجنون. ومن المس متعلق بيتخبط و من للتبين. (8) البقرة: 102. أي الذى اشترى السحر بدل دين الله. والخلاق: النصيب. (9) الفرقان: 69 وقوله: ” يلق أثاما ” أي عقوبة وجزاء لما فعل. وقوله: ” يخلد فيه مهانا ” أي يدوم في العذاب مستخفا. (10) في النهاية اليمين الغموس هي اليمين الكاذبة الفاجرة كالتى يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموسا لانها تغمس صاحبها في الاثم ثم في النار وفعول للمبالغة.

[ 287 ]

بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الآخرة (1) ” والغلول لان الله عز وجل يقول: ” ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة (2) ” ومنع الزكاة المفروضة، لان الله عز وجل يقول: فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم (3) ” وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول: ” ومن يكتمها فإنه آثم قلبه (4) ” وشرب الخمر لان الله عز وجل نهى عنها كما نهى عن عبادة الاوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونقض العهد وقطيعة الرحم، لان الله عز وجل يقول: ” اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (5) ” قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم. (باب) * (استصغار الذنب) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر، قلت: وما المحقرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذنوب، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيرا وخافوا الله في السر حتى


(1) آل عمران: 77. (2) آل عمران: 161. والغلول: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة. (3) التوبة: 35. وكوى فلانا أي أحرق جلده بحديدة. (4) البقرة: 283. (5) التوبة: 26. ” سوء الدار ” أي عذاب جهنم أو سوء عاقبة الدار في مقابلة عقبى الدار.

[ 288 ]

تعطوا من أنفسكم النصف. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال والحجال، جميعا، عن ثعلبة، عن زياد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بأرض قرعاء (1) فقال لاصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه، بعضه على بعض، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب، فإن لكل شئ طالبا، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين (2). (باب) * (الاصرار على الذنب) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن عمار بن مروان القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (3) ” قال: الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الاصرار. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا والله لا يقبل شيئا من طاعته على الاصرار على شئ من معاصيه


(1) قرعاء أي لا نبات فيها. (2) إشارة إلى قوله سبحانه في سورة يس آية 12. ” ونكتب ما قدموا… الخ “. (3) آل عمران: 135 وصدر الاية هكذا ” الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا… الاية “. وقوله سبحانه: ” وهم يعلمون ” حال أي ولم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به.

[ 289 ]

(باب) * (في اصول الكفر وأركانه) * 1 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فان آدم (عليه السلام) حين نهي عن الشجرة، حمله الحرص على أن أكل منها وأما الاستكبار فإبليس حيث امر بالسجود لآدم فأبى، وأما الحسد فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أركان الكفر أربعة: الرغبة والرهبة (2) والسخط والغضب. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن نوح بن شعيب، عن عبد الله الدهقان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله: (صلى الله عليه وآله) إن أول ما عصي الله عز وجل به ست: حب الدنيا، وحب الرئاسة وحب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة، وحب النساء (3). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن


(1) كأن المراد باصول الكفر ما يصير سببا للكفر أحيانا وللكفر ايضا معان كثيرة منها ما يتحقق بانكار الرب سبحانه والالحاد في صفاته ومنها ما يكون بمعصية الله ورسوله ومنها ما يكون بكفران نعم الله تعالى إلى أن ينتهى إلى ترك الاولى فالحرص يمكن أن يصير داعيا إلى ترك الاولى أو ارتكاب صغيرة أو كبيرة حتى ينتهى إلى جحود يوجب الشرك والخلود فما في آدم (عليه السلام) كان من الاول ثم تكامل في اولاده حتى انتهى إلى الاخير، فصح أنه أصل الكفر وكذا سائر الصفات (آت ملخصا). (2) الرغبة: الحرص في متاع الدنيا. والرهبة: الخوف من زوال متاع الدنيا. (3) أي الافراط في تلكم الصفات بحيث ينتهى إلى ارتكاب الحرام أو ترك السنن والاشتغال عن ذكر الله، أو حب الحياة الدنيا المذمومة وحب الرئاسة بالجور والظلم وحب الطعام بحيث لا يبالى حصل من حلال أو حصل من حرام وحب النوم حيث يصير مانعا عن الطاعات الواجبة والمندوبة وكذا حب الراحة وحب النساء.

[ 290 ]

أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا من خثعم (1) جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أي الاعمال أبغض إلى الله عز وجل؟ فقال: الشرك بالله، قال ثم ماذا؟ قال: قطيعة الرحم قال: ثم ماذا؟ قال: الامر بالمنكر والنهي عن المعروف. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسن بن عطية، عن يزيد الصائغ قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): رجل على هذا الامر (2) إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن ائتمن خان، ما منزلته؟ قال: هي أدنى المنازل من الكفر وليس بكافر. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الدنيا والاصرار على الذنب. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن داود بن النعمان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس فقال: ألا اخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الذي يمنع رفده (3) يضرب عبده ويتزود وحده، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا. ثم قال: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا، ثم قال: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم وإذا ذكروه لعنوه. 8 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث من كن فيه كان منافقا


(1) خثعم. أبو قبيلة من معد (آت). (2) أي مصدق بفرض إطاعتكم. (3) الرفد بالكسر: العطاء والصلة وقوله: ” يضرب عبده ” أي من غير ذنب أو زائدا على القدر المقرر أو مطلقا. فان العفو من أحسن الخصال وقوله: ” ويتزود وحده ” أي يأكل زاده وحده من غير رفيق مع الامكان أو أنه لا يعطى من زاده غيره شيئا من عياله وغيرهم.

[ 291 ]

وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، إن الله عز وجل قال: في كتابه: ” إن الله لا يحب الخائنين (1) ” وقال: ” أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين (2) ” وفي قوله عز وجل: ” واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسول نبيا (3) “. 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا اخبركم بأبعدكم مني شبها؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الفاحش المتفحش البذئ (4) البخيل المختال الحقود الحسود القاسي القلب، البعيد من كل خير يرجى، غير المأمون من كل شر يتقى. 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي ابن أسباط، رفعه إلى سلمان (5) قال: إذا اراد الله عز وجل هلاك عبد نزع منه الحياء (6)، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الامانة، فإذا نزعت منه الامانة لم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة الايمان (7)، فإذا نزعت منه ربقة الايمان (7) لم تلقه إلا شيطانا ملعونا.


(1) الانفال 58. (2) النور: 7. (3) مريم: 54. (4) البذاء بالمد: الفحش في القول وفلان بذئ اللسان. والمختال: ذو الخيلاء والمتكبر. (5) موقوف ولكن سلمان في درجة قريبة من العصمة (آت). (6) أي سلب التوفيق منه حتى يخلع لباس الحياء وهو خلق يمنع من القبائح والتقصير في حقوق الخلق والخالق فإذا نزع منه الحياء المانع من ارتكاب القبائح لم تلقه إلا خائنا. والمخون يحتمل أن يكون بفتح الميم وضم الخاء، أي يخونه الناس فذمه باعتبار انه السبب فيه. أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن لغيره ولنفسه وبهذا الاعتبار مخون، ففى كل خيانة خيانتان أو يكون بضم الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة أي منسوبا إلى الخيانة مشهورا به أو بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا (آت). (7) لسلب أكثر لوازمه وصفاته عنه وقوله: ” لم تلقه الا شيطانا ” أي شبيها به في الصفات. أو بعيدا من الله ومن هدايته وتوفيقه.

[ 292 ]

11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث ملعونات ملعون من فعلهن: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المعربة (1). 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث ملعون من فعلهن: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المسلوك. 13 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا اخبركم بشرار رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، فقال: إن من شرار رجالكم البهات (2) الجرئ الفحاش، الآكل وحده، والمانع رفده،


(1) المراد بظل النزال تحت سقف أو شجرة ينزلها المسافرون وقد يعم بحيث يشمل المواضع المعدة لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لاشتراك العلة أو يحمله على الاعم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك وقوله: ” والمانع الماء المنتاب ” الماء مفعول اول للمانع اما مجرور بالاضافة من باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب النوبة فهو مفعول ثان وهو من الانتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون اسم مفعول صفة للماء من انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد اخرى والماء المنتاب هو الماء الذى يرد عليه الناس متناوبة و متبادلة لعدم اختصاصه بأحدهم كالماء المملوك المشترك بين جماعة، فلعن المانع لاحدهم في نوبته وقوله ” والساد الطريق المعربة ” بالعين المهملة على بناء المفعول أي الواضحة التى ظهر فيها أثر الاستطراق. في النهاية: الاعراب: الابانة والافصاح وفى أكثر النسخ [ المقربة ] بالقاف فيمكن أن يكون بكسر الراء المشددة أي الطريق المقربة إلى المطلوب بأن يكون هناك طريق آخر أبعد منه فان لم يكن طريق آخر فبطريق اولى وهذه النسخة موافقة لروايات العامة لكنهم فسروه على وجه آخر. قال في النهاية: فيه من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة الله. المطربة واحدة المطارب وهى طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار وقيل: هي الطرق الضيقة المتفرقة، يقال: طربت عن الطريق أي عدلت عنه. والمقربة: طريق صغير ينفذ الى طريق كبير وجمعها المقارب (2) البهات مبالغة من البهتان. والجرى: بالياء المشددة وبالهمزة أيضا على فعيل وهو المقدام على القبيح

[ 293 ]

والضارب عبده والملجئ عياله إلى غيره. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ميسر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب (1): الزائد في كتاب الله والتارك لسنتي والمكذب بقدر الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والمستأثر بالفئ [ و ] المستحل له (2). (باب الرياء) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لعباد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عباد إياك والرياء فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله (3). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كل رياء شرك، إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ومن عمل لله كان ثوابه على الله. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول


(1) يعنى وكل نبى مستجاب الدعوة. (2) المستأثر: المستقل بدون إذن الله. وفى القاموس استأثر بالشئ: استبد به و خص به نفسه. (3) الصعود إليه كناية عن القبول. ومضى تمام الحديث في باب ترك دعاء الناس.

[ 294 ]

الله عز وجل: ” فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا (1) ” قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكيه الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الايام أبدا حتى يظهر الله له خيرا وما من عبد يسر شرا فذهبت الايام أبدا حتى يظهر الله له شرا. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن عرفة قال: قال لي الرضا (عليه السلام): ويحك يا ابن عرفة: اعملوا لغير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل (2) ويحك! ما عمل أحد عملا إلا رداه الله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال: إني لاتعشى مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ تلا هذه الآية ” بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره (3) ” يا أبا حفص ما يصنع الانسان أن يتقرب إلى الله (4) عز وجل بخلاف ما يعلم الله تعالى، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: من أسر سريرة رداه الله رداءها (5) إن خيرا فخير وإن شرا فشر. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)


(1) الكهف: 110. (2) أي إلى عمله، أي لا ثواب له الا اصل عمله وما قصده به. أو ليس له إلا التعب وفى بعض النسخ [ إلى من عمل ] أي إلى من عمل له. وقوله: ” الا رداه الله به ” رداه تردية ألبسه الرداء أي يلبسه الله ذلك العمل كالرداء. (3) القيامة: 14، 15. معاذيره يعنى ولو جاء بكل ما يمكن ان يعتذر به، جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة على غير قياس كالمناكير في المنكر فان قياسه معاذر. قاله البيضاوى. (4) يعنى يفعل ما يفعله المتقرب ويأتي بما يتقرب به وأن كان ينوى به أمرا آخر ويأتى هذا الخبر في آخر الباب بهذا السند إلا ان فيه ” مايصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله ” مكان ” يتقرب… الخ ” و ” ألبسه الله رداءها “. مكان ” رداه الله.. الخ “. (5) استعير الرداء للحالة التى تظهر على الانسان وتكون بصلاحه أو فساده (آت).

[ 295 ]

قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به (1) فإذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل: اجعلوها في سجين (2) إنه ليس أياي أراد بها. 8 – وبإسناده قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ثلاث علامات للمرائي: ينشط (3) إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحب أن يحمد في جميع اموره. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن علي بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصا. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن داود، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أظهر للناس ما يحب الله وبارز الله بما كرهه (4) لقي الله وهو ماقت له. 11 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن فضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا، أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك والله عز وجل يقول: ” بل الانسان على نفسه بصيرة ” إن السريرة إذا صحت قويت العلانية. – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة، عن معاوية عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 12 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من عبد يسر خيرا إلا لم


(1) الابتهاج: السرور. وقوله ” يصعد بعمل العبد ” أي يشرع في الصعود وقوله ” فإذا صعد ” أي تم صعوده ووصل إلى موضع يعرض فيه الاعمال على الله تعالى، وقوله ” بحسناته ” من قبيل وضع المظهر موضع المضمر، تصريحا بأن العمل من جنس الحسنات (آت). (2) أي اثبتوا تلك الاعمال، أو التى تزعمون أنها حسنات في ديوان الفجار الذى هو في سجين كما قال تعالى: ” كلا إن كتاب الفجار لفى سجين “. (3) نشط كسمع نشاطا بالفتح: طابت نفسه للعمل وغيره. والكسل محركة: التثاقل عن الشئ والفتور فيه. (4) المستفاد من اللغة أنه من المبارزة في الحرب فان من يعصى الله سبحانه بمرأى ومسمع فكأنه يبارزه ويقاتله (آت).

[ 296 ]

تذهب الايام حتى يظهر الله له خيرا وما من عبد يسر شرا إلا لم تذهب الايام حتى يظهر الله له شرا. 13 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن يحيى بن بشير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أراد الله عز وجل بالقليل من عمله أظهر الله له (1) أكثر مما أراد، ومن أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى الله عز وجل إلا أن يقلله في عين من سمعه 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمهم الله بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال: إني لاتعشى مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذا تلا هذه الآية ” بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ” يا أبا حفص ما يصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: من أسر سريرة ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر (2). 16 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: الابقاء على العمل أشد من العمل، قال: وما الابقاء على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية (3)، ثم يذكرها فتمحى


(1) في بعض النسخ [ أظهر الله له ” فالضمير للقليل أو للعمل و ” أكثر ” صفة المفعول المطلق المحذوف (آت). (2) قد مر بعينه متنا وسندا ولا اختلاف إلا في قوله: ” أن يعتذر إلى الناس ” وقوله: ” ألبسه الله ” وكأنه أعاده لاختلاف النسخ في ذلك وهو بعيد ولعله كان على السهو، وما هنا كأنه أظهر في الموضعين (آت). (3) أي يصير ثوابه أخف.

[ 297 ]

وتكتب له رياء (1). 17 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): اخشوا الله خشية ليست بتعدير، واعملوا لله في غير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى عمله. 18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ فقال: لا بأس، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك. (باب) * (طلب الرئاسة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه ذكر رجلا فقال: إنه يحب الرئاسة، فقال: ما ذئبان ضاريان (2) في غنم قد تفرق رعاؤها بأضر في دين المسلم من الرئاسة. 2 – عنه، عن أحمد، عن سعيد بن جناح، عن أخيه أبي عامر، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من طلب الرئاسة هلك. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك وأهلك (3)


(1) أي يبطل ثوابه بل يعاقب عليه (آت). (2) الضارى: السبع الذى اعتاد بالصيد واهلاكه. (3) خفق الارض بنعله ضرب وكل ضرب بشئ عريض خفق ويقال لمن ارتكب أمرا عظيما ” هلكت – من باب التفعيل – وأهلكت “.

[ 298 ]

4 – عنه، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع وغيره رفعوه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ملعون من ترأس، ملعون من هم بها، ملعون من حدث بها نفسه. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن أيوب، عن أبي عقيلة الصيرفي (1) قال: حدثنا كرام، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إياك والرئاسة وإياك أن تطأ أعقاب الرجال، قال: قلت: جعلت فداك أما الرئاسة فقد عرفتها وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال (2) فقال لي: ليس حيث تذهب، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة، فتصدقه في كل ما قال. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: ويحك يا أبا الربيع لا تطلبن الرئاسة ولا تكن ذئبا (3) ولا تأكل بنا الناس فيفقرك الله ولا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا فإنك موقوف ومسؤول لا محالة (4) فإن كنت صادقا صدقناك وإن كنت كاذبا كذبناك. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن ابن مياح (5)


(1) في أكثر النسخ [ عن أبى عقيل ] وفى بعضها [ عن أبى عقيلة ] والظاهر أنه كان ايوب ابن أبى غفيلة لان الشيخ ذكر في الفهرست الحسن بن أيوب بن أبى غفيلة وقال النجاشي له كتاب أصل. وكون كتابه أصلا عندي مدح عظيم (آت). (2) أي مشيت خلفهم لاخذ الرواية عنهم فأجاب (عليه السلام) بانه ليس الغرض النهى عن ذلك بل الغرض النهى عن جعل غير الامام المنصوب من قبل الله تعالى بحيث تصدقه في كل ما يقول. وقيل وطؤه العقب كناية عن الاتباع في الفعال وتصديق المقال واكتفى في تفسيره باحدهما لاستلزامه الاخر غالبا (آت). (3) في بعض النسخ [ ذنبا ] بفتح النون أي لا تكن تابعا للجهال. (4) ناظر إلى قوله تعالى: ” وقفوهم إنهم مسؤلون “. (5) في بعض النسخ [ أبى مياح ].

[ 299 ]

عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أراد الرئاسه هلك. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أترى لا أعرف خياركم من شراركم؟ بلى والله وإن شراركم من أحب أن يوطأ عقبه، إنه لا بد من كذاب أو عاجز الراي (1). (باب) * (اختتال الدنيا بالدين (2)) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقول: ويل للذين يختلون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون أم علي يجترؤون، فبي حلفت لاتيحن لهم فتنة تترك الحليم منهم حيران (3). (باب) * (من وصف عدلا وعمل بغيره) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يوسف البزاز، عن معلى ابن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [ أنه ] قال: إن [ من ] أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم عمل بغيره.


(1) أي من أحب أن يوطأ عقبه لا بد أن يكون كذابا أو عاجز الرأى لانه لا يعلم جميع ما يسأل عنه فان أجاب عن كل ما سأل فلا بد من الكذب وإن لم يجب عما لا يعلم فهو عاجز الرأى أو المعنى انه لا بد في الارض من كذاب يطلب الرئاسة ومن عاجز يتبعه (في) (2) ختله وخاتله أي خادعه. يختل الدنيا بالدين أي يطلب الدنيا بعمل الاخرة. يقال: ختله ويختله إذا خدعه وراوغه. قاله في النهاية: وراوغه: خادعه أو مال عليه وأقبل مثل قوله تعالى: ” فراغ عليهم ضربا باليمين ” أي مال عليهم وأقبل. (3) في النهاية فيه، حلفت لاتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا: يقال: أتاح الله لفلان كذا أي قدره له أو زنله به وتاح له الشئ.

[ 300 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن قتيبة الاعشى عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إن [ من ] أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا وعمل بغيره. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن من أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره. 4 – محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن عبد الله ابن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في قول الله عز وجل ” فكبكبوا فيها هم والغاوون ” قال: يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): أبلغ شيعتنا أنه لن ينال ما عند الله إلا بعمل وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم يخالفه إلى غيره. (باب) * (المراء والخصومة ومعاداة الرجال) * 1 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق. 2 – وبإسناده قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ثلاث من لقي الله عز وجل بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه، وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقا.


(1) الشعراء: 94. وقبلها ” وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم اينما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون ” والكبكبة: تكرير الكب لتكرير معناه.

[ 301 ]

3 – وباسناده قال: من نصب الله غرضا للخصومات أوشك أن يكثر الانتقال (1). 4 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لاتمارين حليما ولا سفيها، فإن الحليم يقليك (2) والسفيه يؤذيك. 5 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما كاد جبرئيل (عليه السلام) (3) يأتيني إلا قال يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم (4). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن الحسين الكندي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله): إياك وملاحاة الرجال (5). 7 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إياكم والمشارة (6) فانها تورث المعرة وتظهر المعورة. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إياكم والخصومة، فإنها تشغل القلب وتورث النفاق و تكسب الضغائن (7). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما كاد جبرئيل (عليه السلام) * (هامش *) (1) أي من الحق إلى الباطل. (2) أي يبغضك. القلاء البغض. وفى بعض النسخ [ يغلبك ] (3) في بعض النسخ [ ما كان ]. (4) الشحناء: البغضاء والعداوة. (5) أي مقاولتهم ومخاصمتهم. (6) المشارة: المخاصمة والمعرة: الاثم والاذى والغرم والدية والخيانة وقوله: ” تظهر المعورة ” أي العيوب المستورة. (7) جمع الضغينة وهى الحقد،


[ 302 ]

يأتيني إلا قال: يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم (1). 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن مهران (2) عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أتاني جبرئيل (عليه السلام) قط إلا وعظني فآخر قوله لي: إياك ومشارة الناس فإنها تكشف العورة وتذهب بالعز. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما عهد إلي جبرئيل (عليه السلام) في شئ ما عهد إلي في معاداة الرجال (3). 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من زرع العداوة حصد ما بذر. (باب الغضب) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل (4). 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن ميسر قال: ذكر الغضب عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان، وإيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت.


(1) قد مر بعينه سندا ومتنا وكانه من النساخ. (2) كذا وفى بعض النسخ [ محمد بن مروان ]. (3) كلمة ” ما ” في الاولى نافية وفى الثانية مصدرية والمصدر مفعول مطلق للنوع و المراد هنا المداراة مع المنافقين من أصحابه كما فعل (صلى الله عليه وآله)، أو مع الكفار أيضا قبل الامر بالجهاد (آت). (3) أي يذهب حلاوته وخاصيته وصار المجموع شيئا آخر.

[ 303 ]

3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله): رجل بدوي فقال: إني أسكن البادية فعلمني جوامع الكلام، فقال: آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الاعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شئ بعد هذا، ما أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بالخير. قال: وكان أبي يقول: أي شئ أشد من الغضب، إن الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله ويقذف المحصنة 5 – عنه، عن ابن فضال، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن عبد الاعلى قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): علمني عظة أتعظ بها، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه رجل فقال له: يا رسول الله علمني عظة أتعظ بها، فقال له: انطلق ولا تغضب، ثم أعاد إليه فقال له: انطلق ولا تغضب – ثلاث مرات -. 6 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميره، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كف غضبه ستر الله عورته (1). 7 – عنه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام): يا موسى أمسك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي. 8 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يحيى ابن عمرو، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه: يا ابن آدم اذكرني في غضبك أذكرك في غضبي لا أمحقك فيمن أمحق (2)


(1) ذلك لان عند الغضب تبدو المساوى وتظهر العيوب (في). (2) محقه كمنعه: أبطله ومحاه كمحقه فتمحق.

[ 304 ]

وارض بي منتصرا فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك (1). 9 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله مثله، وزاد فيه وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إسحاق ابن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في التوراة مكتوبا: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك. 11 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعلي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله علمني قال: اذهب ولا تغضب، فقال الرجل: قد اكتفيت بذاك، فمضى إلى أهله فإذا بين قومه حرب قد قاموا صفوفا ولبسوا السلاح، فلما رأى ذلك لبس سلاحه، ثم قام معهم ثم ذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” لا تغضب ” فرمى السلاح، ثم جاء يمشي إلى القوم الذين هم عدو قومه، فقال: يا هؤلاء ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر فعلي في مالي أنا أو فيكموه (2) فقال القوم: فما كان فهو لكم، نحن أولى بذلك منكم، قال: فاصطلح القوم وذهب الغضب. 12 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب عن ابن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن هذا الغضب


(1) في النهاية الانتشار: الانتقام ولما كان الغرض من امضاء الغضب غالبا هو الانتقام من الظالم رغب سبحانه في تركه بأنى منتقم من الظالم لك وانتقامى خير من انتقامك (آت). (2) ” ليس فيه أثر ” أي علامة جراحة لتصح مقابلته للجراحة، والاثر بالتحريك: بقية الشئ وعلامته بالضم وبضمتين اثر الجراحة يبقى بعد البرء. والايفاء والتوفية: اعطاء الحق تاما (آت).

[ 305 ]

جمرة من الشيطان (1) توقد في قلب ابن آدم (2) وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ودخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض، فإن رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الغضب ممحقة لقلب الحكيم (3)، وقال: من لم يملك غضبه لم يملك عقله، 14 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كف نفسه عن أعراض الناس أقال الله نفسه يوم القيامة (4) ومن كف غضبه عن الناس كف الله تبارك وتعالى عنه عذاب يوم القيامة. 15 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة.


(1) الجمرة القطعة الملتهبة من النار، شبه به الغضب في الاحراق والاهلاك. (2) في بعض النسخ [ جوف ابن آدم ]. (3) الممحقة بكسر الميم اسم آلة للمحق وهو الابطال وذلك لان ثوران نار الغضب وانبعاث دخانه في ساحة القلب وغليان الرطوبات القلبية يوجب محق نور القلب ويصيره مظلما بحيث لا يدرك شيئا من الحق وعند ذلك يستولى عليه الشيطان ويحمله على أن يفعل ما يفعل. وإنما خص قلب الحكيم بالذكر لان المحق الذى هو ازالة النور انما يتعلق بقلب له نور وقلب غير الحكيم مظلم ليس له نور (لح). (4) ” من كف نفسه عن أعراض الناس ” أي عن هتك عرضهم بالغيبة والبهتان والشتم وكشف عيوبهم وأمثال ذلك ” أقال الله نفسه يوم القيامة ” يقال: أقاله أي وافقه على نقض البيع وسامحه ومنه ” أقال الله عثرته يوم القيامة ” ولما كان نفس الانسان مرهونة بعملها كما قال الله سبحانه: ” كل نفس بما كسبت رهينة ” و ” كل امرئ بما كسب رهين ” وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” ألا إن انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم ” فمن كف نفسه عن أعراض الناس كأنه يريد أن يفك نفسه عن العقوبة والله تعالى أقالها أي يحكم له بما يريد.

[ 306 ]

(باب الحسد) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن الرجل ليأتي بأي بادرة فيكفر (1) وإن الحسد ليأكل الايمان كما تأكل النار الحطب. 2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اتقوا الله ولا يحسد بعضكم بعضا، إن عيسى بن مريم كان من شرايعه السيح في البلاد (2)، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير وكان كثير اللزوم لعيسى (عليه السلام)، فلما انتهى عيسى إلى البحر قال: بسم الله، بصحة يقين منه فمشى على ظهر الماء فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى (عليه السلام): جازه بسم الله بصحة يقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى (عليه السلام)، فدخله العجب بنفسه، فقال: هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فما فضله علي، قال: فرمس (3) في الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء فأخرجه ثم قال له: ما قلت يا قصير؟ قال: قلت: هذا روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فدخلني من ذلك عجب، فقال له عيسى: لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت


(1) البادرة ما يبدر من حدتك في الغضب من قول أو فعل وفى النهاية: الكلام الذى يسبق من الانسان في الغضب. (2) السيح بالكسر الذهاب في الارض للعبادة. (3) على صيغة المجهول، أي غمس من رمست الميت إذا دفعته في التراب.

[ 307 ]

فتب إلى الله عز وجل مما قلت، قال: فتاب الرجل وعاد إلى مرتبته التي وضعه الله فيها، فاتقوا الله ولا يحسدن بعضكم بعضا. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر (1). 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): آفة الدين الحسد والعجب والفخر. 6 – يونس، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل لموسى بن عمران (عليه السلام): يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فان الحاسد ساخط لنعمي، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك كذلك فلست منه وليس مني. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن الفضيل ابن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن يغبط (2) ولا يحسد والمنافق يحسد ولا يغبط. (باب العصبية) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الايمان من عنقه (3).


(1) الفقر – ضد الغنى – كفر بأعتبار انه يفضى إلى ترك الرضاء بقضاء الله، والقدر: الطاقة و المراد أن الحاسد كاد أن يخرج نفسه عن القدرة والطاقة لفعل الخير فلا يستطيعه. (2) أي يطلب من الله تعالى مثل نعمة الغير (3) قوله: ” تعصب ” أي أتى بالعصبية. وقوله، ” أو تعصب له ” أي أمر غيره بالتعصب له. وخلع ربقة الايمان اما كناية عن خروجه من الايمان رأسا للمبالغة. أو عن إطاعة الايمان للاخلال بشريعة عظيمة من شرائعه.

[ 308 ]

2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ودرست ابن أبي منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الايمان من عنقه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية. 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن خضر، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تعصب عصبه الله بعصابة من نار. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان بن مهران، عن عامر بن السمط، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين (عليهما السلام) قال: لم يدخل الجنة حمية (1) غير حمية حمزة بن عبد المطلب – وذلك حين أسلم – غضبا للنبي (صلى الله عليه وآله) في حديث السلا (2) الذي القي على النبي (صلى الله عليه وآله). 6 – عنه، عن أبيه، عن فضالة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم وكان في علم الله أنه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب فقال: ” خلقتني من نار وخلقته من طين “. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن العصبية، فقال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار


(1) الحمية: الغيرة. (2) السلا مقصورا الجلد الرقيقة التى يكون فيها الولد من المواشى وقصة السلا قد مر في باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله) في المجلد الاول. ص 449.

[ 309 ]

قومه خيرا من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم. (باب الكبر) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبان، عن حكيم قال: سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الالحاد، فقال: إن الكبر أدناه. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الكبر قد يكون في شرار الناس من كل جنس، والكبر رداء الله، فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا (1)، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين (2) فقيل لها: تنحي عن طريق رسول الله فقالت: إن الطريق لمعرض، (3)، فهم بها بعض القوم أن يتناولها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعوها فانها جبارة. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): العز رداء الله، والكبر إزاره، فمن تناول شيئا منه أكبه الله في جهنم. 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معمر بن عمر بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الكبر رداء الله والمتكبر ينازع الله رداءه. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن أبي


(1) السفال، بالفتح: نقيض العلو. (2) السرقين معرب سرگين. (3) أي ذو عرض.

[ 310 ]

جميلة، عن ليث المرادي، عن ابي عبد الله (عليه السلام): قال: الكبر رداء الله فمن نازع الله شيئا من ذلك أكبه الله في النار. 6 – عنه، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: لا يدخل الجنه من في قلبه مثقال ذرة من كبر. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لا يدخل الجنه من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر، قال: فاسترجعت (1) فقال: مالك تسترجع؟ قلت: لما سمعت منك، فقال: ليس حيث تذهب، إنما أعني الجحود، إنما هو الجحود. 8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن الحر، عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكبر أن تغمص الناس وتسفه الحق (2). 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عبد الاعلى بن أعين قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق، قال: قلت: وما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله، فمن فعل ذلك فقد نازع الله عز وجل رداءه. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له: سقر، شكا إلى الله عز وجل شدة حره وسأله أن يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم.


(1) الاسترجاع: أن يقول الانسان عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون. (2) الغمص بالمعجمة ثم المهملة: الاحتقار والاستصغار. والسفه: الجهل وأصله الخفة والطيش ومعنى سفه الحق الاستخفاف به وان لا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة (في).

[ 311 ]

11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن داود بن فرقد، عن أخيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن المتكبرين يجعلون في صور الذر، يتوطأهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب. 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن خالد، عن غير واحد، عن علي ابن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما الكبر؟ فقال: أعظم الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس، قلت: وما سفه الحق قال: يجهل الحق ويطعن على أهله. 13 – عنه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنني آكل الطعام الطيب وأشم الريح الطيبة وأركب الدابة الفارهة (1) ويتبعني الغلام فترى في هذا شيئا من التجبر فلا أفعله؟ فأطرق أبو عبد الله (عليه السلام) (2) ثم قال: إنما الجبار الملعون من غمص الناس وجهل الحق، قال عمر: فقلت: أما الحق فلا أجهله والغمص لا أدري ما هو، قال: من حقر الناس وتجبر عليهم فذلك الجبار. 14 – محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك جبار ومقل مختال (3). 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عمن حدثه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن يوسف (عليه السلام) لما قدم عليه الشيخ يعقوب (عليه السلام) دخله عز الملك، فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا يوسف أبسط


(1) أي نشيطة، حادة، قوية. (2) لعل إطراقه وسكوته (عليه السلام) للاشعار بانها في محل الخطر وملتزمه للتكبر. (3) أي فقير متكبر

[ 312 ]

راحتك (1) فخرج منها نور ساطع، فصار في جو السماء، فقال يوسف: يا جبرئيل ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟ فقال: نزعت النبوة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبي (2). 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عبد إلا وفي رأسه حكمة (3) وملك يمسكها، فإذا تكبر قال له: اتضع وضعك الله (4) فلا يزال أعظم الناس في نفسه وأصغر الناس في أعين الناس وإذا تواضع رفعه الله عز وجل، ثم قال له: انتعش نعشك الله (5) فلا يزال أصغر الناس في نفسه وأرفع الناس في أعين الناس. 17 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن النهدي، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن عبد الله بن المنذر، عن عبد الله بن بكير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من أحد يتيه (6) إلا من ذلة يجدها في نفسه، وفي حديث آخر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه (7).


(1) الراحة: باطن الكف. (2) النزول اما عن الدابة أو عن السرير وكلاهمان مرويان وينبغى حمله على أن ما دخله لم يكن تكبرا وتحقيرا لوالده لكون الانبياء منزهين عن امثال ذلك بل راعى فيه المصلحة لحفظ عزته عند عامة الناس لتمكنه من سياسة الخلق وترويج الدين إذ كان نزول الملك عندهم لغيره موجبا لذله وكان رعاية الادب للاب مع نبوته ومقاساة الشدائد لحبه أهم واولى من رعاية تلك المصلحة فكان هذا منه (عليه السلام) تركا للاولى فلذا عوتب عليه وخرج نور النبوة من صلبه لانهم لرفعة شأنهم وعلو درجتهم يعاتبون بأدنى شئ فهذا كان شبيها بالتكبر ولم يكن تكبرا. قوله: ” فصار في جو السماء ” أي استقر هناك أو ارتفع إلى السماء (آت). (3) الحكمة محركة اللجام، ما أحاط بحنكى الفرس من لجامه وفيها العذاران. (4) أمر تكويني أو شرعى (آت). (5) أي ارتفع رفعك الله. (6) أي يتكبر. (7) ” لذلة ” اللام لام الصيرورة أي ما يتكبر إلا أن أداه ذلك إلى الذلة أو الذلة في الدنيا والاخرة سبب للتكبر لان العزيز عن الله لا يتكبر.

[ 313 ]

(باب العجب) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن رجل من أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن سيار، يرفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ولولا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا. 2 – عنه، عن سعيد بن جناح، عن أخيه أبي عامر، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من دخله العجب هلك. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله عز وجل والله عليه فيه المن (1). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل العمل فيسره ذلك فيتراخى عن حاله تلك فلان يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن نضر بن قرواش، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن صلاته؟! وأنا أ عبد الله منذ كذا وكذا، قال: فكيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالم: فإن ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل، إن المدل لا يصعد من عمله شئ (2).


(1) العجب: الزهو، ورجل معجب من هو بما يكون منه حسنا أو قبيحا يزهو، وفى العبادة استعظام العمل الصالح واستكباره والابتهاج والادلال به وأن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير وهذا هو العجب المفسد للعبادة لانه حجاب للقلب عن الرب ومانع له عن رؤية منه ونعمه وتوفيقه. (2) المدل: المنبسط المسرور الذى لا خوف له من التقصير في العمل (آت).

[ 314 ]

6 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي داود، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما قال: دخل رجلان المسجد أحدهما عابد والآخر فاسق فخرجا من المسجد والفاسق صديق (1) والعابد فاسق وذلك أنه يدخل العابد المسجد مدلا بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك وتكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه ويستغفر الله عز وجل مما صنع من الذنوب. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب به؟ فقال: هو في حاله الاولى وهو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بينما موسى (عليه السلام) جالسا إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان، فلما دنى من موسى (عليه السلام) خلع البرنس وقام إلى موسى فسلم عليه فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قرب الله دارك (2) قال: إني إنما جئت لاسلم عليك لمكانك من الله، قال: فقال له موسى (عليه السلام): فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم (3)، فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه (4)؟ قال: إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه. وقال: قال الله عز وجل لداود (عليه السلام) يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين قال: كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين؟ قال: يا داود بشر المذنبين أني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب، وأنذر الصديقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإنه ليس عبد أنصبه للحساب إلا هلك.


(1) أي مؤمن صادق في إيمانه كثير الصدق والتصديق قولا وفعلا (آت). (2) أي لاقربك الله منا أو من أحد. (3) اختطف أي استلب. وكأن الالوان في البرنس كانت صورة شهوات الدنيا وزينتها. (4) استحواذ الشيطان على العبد غلبته واستمالته إلى ما يريد منه (آت).

[ 315 ]

(باب) * (حب الدنيا والحرص عليها) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن درست بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وهشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: راس كل خطيئة حب الدنيا. 2 – علي، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حماد بن بشير قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: ماذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها، أحدهما في أولها والآخر في آخرها بأفسد فيها من حب المال والشرف في دين المسلم. 3 – عنه، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع، هذا في أولها وهذا في آخرها بأسرع فيها من حب المال والشرف في دين المؤمن. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الشيطان يدير ابن آدم في كل شئ فإذا أعياه جثم له (2) عند المال فأخذ برقبته. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أبي اسامة زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس كثر همه ولم يشف


(1) كذا في جميع النسخ التى بأيدينا. (2) ” يدير ابن آدم ” يبعثه على ارتكاب كل ضلالة ومعصية أو يكون معه ويلازمه عند عروض كل شبهة أو شهوة لعله يضله أو يزله وقوله ” إذا أعياه ” أي لم يقبل منه ابن آدم حتى أعياه يترصد الشيطان له واختفى عند المال. وجثم له جثما وجثوما: لزم مكانه ولم يبرح.

[ 316 ]

غيظه ومن لم ير لله عز وجل عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه (1). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الدينار والدرهم أهلكامن كان قبلكم وهما مهلكاكم. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الازدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز، كلما ازدادت من القز على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما (2). وقال أبو عبد الله (عليه السلام): أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيرا. وقال: لا تشعروا قلوبكم (3) الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد، جميعا عن القاسم بن محمد، عن


(1) العزاء الصبر والسلوة أو حسن الصبر، يقال: عزيته تعزية فتعزى ومعنى الحديث أن من لم يصبر ولم يحسن الصبر والسلوة على ما رزقه الله من الدنيا بل أراد الزيادة في المال والجاه مما لم يرزقه اياه تقطعت نفسه متحسرا حسرة بعد حسرة على ما يراه في يدى غيره ممن فاق عليه في العيش فهو لم يزل يتبع بصره ما في أيدى الناس ومن اتبع بصره ما في أيدى الناس كثر همه ولم يشف غيظه فهو لم ير أن لله عليه نعمة إلا نعم الدنيا وإنما يكون كذلك من لا يوقن بالاخرة ومن لم يوقن بالاخرة قصر عمله وإذا ليس له من الدنيا بزعمه الا قليل مع شدة طمعه في الدنيا وزينتها فقد دنى عذابه نعوذ بالله من ذلك ومنشأ ذلك كله الجهل وضعف الايمان وأيضا لما كان عمل أكثر الناس على قدر ما يرون من نعم الله عليهم عاجلا أو آجلا لا جرم من لم ير من النعم عليه الا القليل فلا يصدر عنه من العمل إلا قليل وهذا يوجب قصور العمل و دنو العذاب (في). (2) هذا من أحسن التمثيلات للدنيا وقد أنشد بعضهم فيه. ألم تر أن المرء طول حياته * * حريص على ما يزال يناسجه كدود كدود القز ينسج دائما * * فيهلك غما وسط ما هو ناسجه (3) أي لا تلزموه إياه ولا تجعلوه شعارا.

[ 317 ]

سليمان المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري (1) محمد بن مسلم بن عبيد الله قال سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) أي الاعمال أفضل عند الله؟ قال: ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله) أفضل من بغض الدنيا فإن لذلك (2) لشعبا كثيرة وللمعاصي شعب فأول ما عصى الله به الكبر، معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين، ثم الحرص وهي معصية آدم وحواء (عليهما السلام) حين قال الله عز وجل لهما: ” كلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (3) ” فأخذا مالا حاجة بهما إليه، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا فقال الانبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة والدنيا دنياآن دنيا بلاغ ودنيا ملعونة. 9 – وبهذا الاسناد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في مناجاة موسى (عليه السلام): يا موسى إن الدنيا دار عقوبة، عاقبت فيها آدم عند خطيئته وجعلتها ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي، يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا في الدنيا بقدر علمهم وسائر الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم وما من أحد عظمها فقرت عيناه فيها ولم يحقرها أحد إلا انتفع بها (4).


(1) في أكثر النسخ [ عن الزهري، عن محمد بن مسلم ] والظاهر أنها سهو أو تصحيف فان الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن الحرت بن شهاب بن زهر بن كلاب وهو بدل أو عطف بيان للزهري ويؤيده انه قد مر هذا الحديث بعينه في باب ذم الدنيا وليس فيه ” عن ” ولا ينافى ذلك كون ما مر ” محمد بن مسلم بن شهاب ” لانه اسناد إلى الجد الاعلى وهو شائع، والزهرى هو الذى خدم بنى امية منذ خمسين سنة وكان عاملا لبنى مروان ويتقلب في دنياهم روى بن ابى الحديد في شرح النهج عن جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال شهدت الزهري وعروة بن الزبير في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) جالسين يذكران عليا ونالا منه وفى رجال الشيخ والعلامة والتفريشي، انه عدو. (2) المشار إليه في قوله: ” فان لذلك ” بغض الدنيا أو الدنيا وقيل: العمل. (3) البقرة: 35. (4) ” ما من أحد عظمهما فقرت عيناه فيها ” أي عظمهما وتعلق قلبه بها تصير سببا لبعده عن الله. ولا تبقى الدنيا له فيخسر الدنيا والاخرة ومن حقرها تركها ولم يأخذ منها الا ما يصير سببا لتحصيل الاخرة فينتفع بها في الدارين (آت) وفى بعض النسخ [ فقرت عينا فيها ].

[ 318 ]

10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما ذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها، واحد في أولها وهذا في آخرها بأفسد فيها من حب المال والشرف في دين المسلم (1). 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن منصور بن العباس عن سعيد بن جناح، عن عثمان بن سعيد، عن عبد الحميد بن علي الكوفي، عن مهاجر الاسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال مر عيسى ابن مريم (عليه السلام) على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها فقال: أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطة (2) ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته! ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها، فدعا عيسى (عليه السلام) ربه فنودي من الجو: أن نادهم، فقام عيسى (عليه السلام) بالليل على شرف من الارض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبي لامه، إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت قال: الطاعه لاهل المعاصي قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية و أصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ فقال: سجين قال: وما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، قال: فما قلتم وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها، قيل لنا: كذبتم، قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد وإني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم (3) لا أدري اكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى (عليه السلام)


(1) تقدم بسند آخر. (2) ” بسخطة ” السخط بالتحريك وبضم أوله وسكون ثانيه: الغضب. (4) شفير جهنم: طرفه.

[ 319 ]

إلى الحواريين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش (1) والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما فتح الله على عبد بابا من أمر الدنيا إلا فتح الله عليه من الحرص مثله. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال عيسى بن مريم (صلوات الله عليه): تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وانتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويلكم، علماء سوء، الاجر تأخذون، والعمل تضيعون، يوشك رب العمل (2) أن يقبل عمله ويوشك أن يخرجوا من ضيق الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من هو في مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أحب إليه مما ينفعه. 14 – عنه، عن أبيه، عن محمد بن عمرو – فيما أعلم – عن أبي علي الحذاء عن حريز، عن زرارة، ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أبعد ما يكون العبد من الله عز وجل إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان وعبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه جعل الله تعالى الفقر بين عينيه وشتت أمره ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم الله له ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره.


(1) في القاموس جرش الشى لم ينعم دقه فهو جريش وفى الصحاح ملح جريش لم يطيب. قوله: ” مع عافية الدنيا ” أي في الدنيا من تشويش البال وفى الاخرة من العذاب. (2) اريد برب العمل: العابد الذى تقلد اهل العلم في عبادته اعني يعمل بما يأخذ عنهم، وفيه توبيخ لاهل العلم الغير العامل (في). وقرأ بعضهم ” يقيل ” بالياء المثناة من الاقالة أي يرد عمله فان المقيل يرد المتاع.

[ 320 ]

16 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن سنان، عن حفص ابن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من تعلق قلبه بالدنيا تعلق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفنى وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال. (باب الطمع) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن حسان، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله. 2 – عنه، عن أبيه، عمن ذكره، بلغ به (1) أبا جعفر (عليه السلام) قال: بئس العبد عبد له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذله. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس (2). 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد (3)، عن بعض أصحابنا، عن علي بن سليمان بن رشيد، عن موسى بن سلام، عن سعدان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: [ ما ] الذي يثبت الايمان في العبد؟ قال: الورع، والذي يخرجه منه؟ قال: الطمع.


(1) الباء للتعدية والضمير للحديث. (2) ” رأيت الخير كله ” أي رفاهية الدنيا وسعادة الاخرة لان الطمع يورث كثيرا من المفاسد في القلب كالحسد والحقد والعداوة والوقيعة والظلم والنفاق والرياء وعدم التوكل (3) في بعض النسخ [ أحمد بن محمد ].

[ 321 ]

(باب الخرق) (1) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمن حدثه، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: من قسم له الخرق حجب عنه الايمان (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو كان الخرق خلقا يرى ما كان شئ مما خلق الله أقبح منه. (باب سوء الخلق) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل (3). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أبى الله عز وجل لصاحب الخلق السيئ بالتوبة قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: لانه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميره، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن سوء الخلق ليفسد الايمان كما يفسد الخل العسل. 4 – عنه، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عثمان، عن الحسين ابن مهران، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ساء خلقه عذب نفسه. * (هامش *) (1) الخرق بالضم والتحريك: عدم الرفق في القول والفعل. (2) في بعض النسخ [ عن الايمان ]. (3) أي سلب منه خاصيته ويصيره شيئا آخر.


[ 322 ]

5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يحيى ابن عمرو، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه: الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. (باب السفه) (1) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي غرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن السفه خلق لئيم، يستطيل على من [ هو ] دونه (2) ويخضع لمن [ هو ] فوقه. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي المغرا عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تسفهوا فإن أئمتكم ليسوا بسفهاء. وقال أبو عبد الله (عليه السلام) (3): من كافأ السفيه بالسفه فقد رضي بما أتى إليه حيث احتذى مثاله (4). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في رجلين يتسابان فقال: البادي منهما أظلم، ووزره و وزر صاحبه (عليه ما لم يتعد المظلوم (5). 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان، عن عيص بن القاسم


(1) السفه: خفة العقل والمبادرة إلى سوء القول. والفعل بلا روية (آت). (2) إستطال عليه: قهره وغلبه وتطاول عليه. (3) الظاهر أنه رواية اخرى بحذف الاسناد (لح). (4) ” بما اتى إليه ” على بناء المجرد أي جاء إليه من قبل خصمه فالمستتر راجع إلى الموصول. أو التقدير أتى به إليه فالمستتر للخصم، وفى المصباح أنه يأتي متعديا وقد يقرء ” آتى ” على بناء الافعال أو المفاعلة. ” حيث احتذى ” تعليل للرضا وفى القاموس احتذى مثاله: افتدى به (آت). (5) سيأتي الخبر في باب السباب باختلاف في اول السند وفيه ” ما لم يعتذر إلى المظلوم ” وعلى ما هنا كان المعنى ما لم يتعد المظلوم ما ابيح له من مقابلته فالمراد بوزر صاحبه الوزر التقديرى.

[ 323 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه (1). (باب البذاء) (2) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [ إن ] من علامات شرك الشيطان الذي لا يشك فيه أن يكون فحاشا، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال ولا ما قيل له فإنه لغية أو شرك شيطان (3). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذئ، قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل له (4) فانك إن فتشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان (5) فقيل: يا رسول الله


(1) كأنه بالباب الاتى أنسب (2) البذاء بالمد: الفحش. (3) ” لغية ” اللام للملكية المجازية وهى بكسر المعجمة وفتحها وتشديد الياء المفتوحة: الضلال. يقال: إنه ولد غية أي ولد زنى والغيى كالغنى: الدنى الساقط عن الاعتبار (4) قوله: ” حرم الجنة ” قال شيخنا البهائي روح الله روحه: لعله (عليه السلام) أراد أنها محرمة عليهم زمانا طويلا لا محرمة تحريما مؤبدا أو المراد جنة خاصة معدة لغير الفحاش والا فظاهره مشكل، فان العصاة من هذه الامة مآلهم إلى الجنة وإن طال مكثهم في النار. ” بذئ ” بالباء التحتانية الموحدة المفتوحة والذال المعجمة المكسورة بعدها همزة من البذاء بالفتح والمد بمعنى الفحش (آت). (5) معنى مشاركة الشيطان للانسان في الاموال حمله إياه على تحصيلها من الحرام وإنفاقها فيما لا يجوز وعلى ما لا يجوز من الاسراف والتقتير والبخل والتبذير ومشاركته له في الاولاد ادخاله معه في النكاح إذا لم يسم الله والنطفة واحدة كما جاء ذكره في كتاب النكاح (في).

[ 324 ]

وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما تقرأ قول الله عز وجل: ” وشاركهم في الاموال والاولاد “. قال: وسأل رجل فقيها (1) هل في الناس من لا يبالي ما قيل له؟ قال: من تعرض للناس يشتمهم وهو يعلم أنهم لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي جميلة يرفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله يبغض الفاحش المتفحش. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النظر، عن عمرو بن نعمان الجعفي قال: كان لابي عبد الله (عليه السلام) صديق لا يكاد يفارقه إذا ذهب مكانا، فبينما هو يمشي معه في الحذائين (2) ومعه غلام له سندي يمشي خلفهما إذا التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره فلما نظر في الرابعة قال: يا ابن الفاعلة أين كنت؟ قال: فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فصك بها جبهة نفسه، ثم قال: سبحان الله تقذف امه قد كنت أرى أن لك ورعا فإذا ليس لك ورع، فقال: جعلت فداك إن امه سندية مشركة، فقال: أما علمت أن لكل امة نكاحا، تنح عني، قال: فما رأيته يمشي معه حتى فرق الموت بينهما. وفي رواية اخرى: إن لكل امة نكاحا تحتجزون به من الزنا. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الفحش لو كان مثالا لكان مثال سوء (3). 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان في بني إسرائيل رجل فدعا الله أن يرزقه غلاما ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيبه قال: يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب أنت مني


(1) من كلام الراوى والمراد أحد الائمة (ع). (2) الحذاء: النعل والحذاء صانعها. (3) بالفتح أي مثال يسوء الانسان رؤيته (آت).

[ 325 ]

فلا تجيبني قال: فأتاه آت في منامه فقال: إنك تدعو الله عز وجل منذ ثلاث سنين بلسان بذئ وقلب عات غير تقي (1) ونية غير صادقة، فاقلع عن بذائك وليتق الله قلبك و لتحسن نيتك، قال: ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله فولد له غلام. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من شر عباد الله (2) من تكره مجالسته لفحشه. 9 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: البذاء من الجفاء والجفاء في النار. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الفحش والبذاء والسلاطة (3) من النفاق. 11 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يبغض الفاحش البذئ والسائل الملحف (4). 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعائشه: يا عائشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء. 13 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله قال:


(1) العاتى: الجبار. (2) في بعض النسخ [ شرار عباد الله ]. (3) السلاطة شدة اللسان (في). (4) يقال: ألحف في المسألة إلحافا إذا ألح فيها ولزمها. وهو موجب لبغض الرب حيث اعرض عن الغنى الكريم وسأل الفقير اللئيم. وأنشد بعضهم: الله يبغض ان تركت سؤاله * * وبنو آدم حين يسأل يغضب

[ 326 ]

قال (1) من فحش على أخيه المسلم نزع الله منه بركة رزقه ووكله إلى نفسه وأفسد عليه معيشته. 14 – عنه، عن معلى، عن أحمد بن غسان، عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي مبتدئا: يا سماعة ما هذا الذي كان بينك وبين جمالك؟! إياك أن تكون فحاشا أو صخابا أو لعانا (2)، فقلت: والله لقد كان ذلك إنه ظلمني، فقال: إن كان ظلمك لقد أربيت عليه (3) إن هذا ليس من فعالي ولا آمر به شيعتي، استغفر ربك ولا تعد، قلت: أستغفر الله، ولا أعود. (باب من يتقى شره) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) بينا هو ذات يوم عند عائشة إذا استأذن عليه رجل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بئس أخو العشيرة، فقامت عائشة فدخلت البيت وأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) للرجل، فلما دخل أقبل عليه بوجهه وبشره [ إليه ] (4) يحدثه حتى إذا فرغ وخرج من عنده قالت عائشة: يا رسول الله بينا أنت تذكر هذا الرجل بما ذكرته به إذا قبلت عليه بوجهك وبشرك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند ذلك: إن من شر عباد الله (5) من تكره مجالسته لفحشه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)


(1) المعصوم المروى عنه غير معلوم فان كان الصادق (عليه السلام) فالارسال بازيد من واحد وأحمد كأنه البزنطى وما زعم انه ابن عيسى بعيد كما لا يخفى على المتدرب فيمكن الارسال بواحد. وقوله: ” ومن فحش ” ككرم وربما يقرء على بناء التفعيل ومن جملة أسباب إفساد المعيشة نفرة الناس عنه وعن معاملته (آت). (2) الصخاب بالصاد والسين: الشديد الصوت. (3) أربيت إذا اخذت أكثر مما أعطيت. (4) ” بشره ” مبتدأ ” و ” إليه ” خبره والجملة حالية. وليس في بعض النسخ ” إليه ” وهو الاظهر. (5) في بعض النسخ [ شرار ].

[ 327 ]

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم. 3 – عنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام: من خاف الناس لسانه فهو في النار. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شر الناس يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم. (باب البغى) (1) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعجل الشر عقوبة البغي. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي، فإنهما يعدلان عند الله الشرك (2). 3 – علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن مسمع أبي سيار أن أبا عبد الله (عليه السلام) كتب إليه في كتاب: انظر أن لا تكلمن بكلمة بغى أبدا وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك. 4 – علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ويعقوب السراج. جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس إن البغي يقود أصحابه إلى النار وإن أول من بغى على الله عناق بنت آدم، فأول قتيل قتله الله عناق و


(1) البغى: العلو والاستطالة ومجاوزة الحد. (2) أي في الاخراج من الدين والعقوبة والتأثير في فساد نظام العالم إذ أكثر المفاسد التى نشأت في العالم من مخالفة الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) وترك طاعتهم، وشيوع المعاصي انما نشأت من هذين الخصلتين (آت).

[ 328 ]

كان مجلسها جريبا في جريب (1) وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين (2) فسلط الله عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا (3) مثل البغل، فقتلنها وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا (4). (باب الفخر والكبر (5)) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام ابن سالم، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): عجبا للمتكبر الفخور، الذي كان بالامس نطفة ثم هو غدا جيفة. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آفة الحسب الافتخار والعجب. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان عن عقبة بن بشير الاسدي قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): أنا عقبة بن بشير الاسدي و أنا في الحسب الضخم من قومي قال: فقال: ما تمن علينا بحسبك؟ إن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه وضيعا إذا كان مؤمنا ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه


(1) ” كان مجلسها جريبا إلخ ” لعل المراد بمجلسها منزلها أو ما في تصرفها وتحت قدرتها من الارض وما زعم: أن المراد مقعدها على ما فيه من الغرابة والنكارة بعيد لان المجلس في اللغة موضع الجلوس أو المكان المعين للقضاء أو المحكمة لا مقدار ما يجلس عليه من الارض. والجريب: الوادي ثم استعير للقطعة المميزة من الارض ويختلف مقدارها بحسب اختلاف أهل الاقاليم وقوله: ” كان لها عشرون إصبعا ” الظاهر أنه لكل اصبع من أصابعها من اليدين والرجلين ظفران. (2) المنجل كمنبر: حديدة يحصد به الزرع. (3) النسر: طائر معروف. (4) ” وآمن ” أفعل تفضيل و ” ما ” مصدرية وكان تامة والمصدر اما بمعناه أو استعمل في ظرف الزمان نحو رأيته مجيئ الحاج وعلى التقديرين نسبة الامن إليه على التوسع والمجاز (آت). (5) الفخر: ادعاء العظمة والكبر والشرف. وقيل: التطاول على الناس بتعديد المناقب.

[ 329 ]

شريفا إذا كان كافرا، فليس لاحد فضل على أحد إلا بالتقوى (1). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عيسى بن الضحاك قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): عجبا للمختال الفخور وإنما خلق من نطفة ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به (2). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجل فقال: يا رسول الله أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إنك عاشرهم في النار (3). 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آفة الحسب الافتخار. (باب القسوة) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عيسى رفعه، قال: فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام): يا موسى لا تطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك والقاسي القلب مني بعيد.


(1) في بعض النسخ [ الا بتقوى الله ]. (2) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما لابن آدم والفخر أوله نطفة وآخره جيفة، لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه. وفى رواية اخرى عنه (عليه السلام) ما لابن آدم والفخر وإنما أوله نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة، ونظم ذلك أبو محمد الباقي فقال: عجبت من فاخر بنخوته * * وكان من قبل نطفة مذرة وفى غد بعد حسن صورته * * يصير في القبر جيفة قذرة وهو على عجبه ونخوته * * مابين جنبيه يحمل العذرة ” شرح الصحيفة للسيد على خان ” (3) تكبر هذا الرجل وتفاخر بسمو النسب وعلو الحسب فرد عليه النبي (صلى الله عليه وآله) بأنه وآباءه كلهم في النار وكان ذلك باعتبار أن آباءه كانوا ايضا موصوفين بوصف التكبر أو باعتبار أن كلهم كانوا كفارا أو باعتبار أن هذا الرجل كان متكبرا وآباؤه كانو كفارا وهو الاظهر (لح).

[ 330 ]

2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن إسماعيل بن دبيس (1) عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا خلق الله العبد في اصل الخلقة كافرا لم يمت حتى يحبب الله إليه الشر فيقرب منه فابتلاه بالكبر والجبرية (2) فقسا قلبه وساء خلقه وغلظ وجهه وظهر فحشه وقل حياؤه وكشف الله ستره وركب المحارم فلم ينزع عنها، ثم ركب معاصي الله وأبغض طاعته ووثب على الناس، لا يشبع من الخصومات، فاسألوا الله العافية واطلبوها منه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لمتان: لمة من الشيطان ولمة من الملك، فلمة الملك: الرقة والفهم ولمة الشيطان السهو والقسوة (3). (باب الظلم) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الظلم


(1) في بعض النسخ [ إسماعيل بن خنيس ]. (2) قوله: ” في اصل الخلق كافرا ” قيل: قوله: ” كافرا ” حال عن العبد فلا يلزم أن يكون كفره مخلوقا لله تعالى. أقول: كانه على المجاز فانه تعالى لما خلقه عالما بانه سيكفر فكأنه خلقه كافرا، أو الخلق بمعنى التقدير والمعاصي يتعلق بها التقدير ببعض المعاني وكذا تحبيب الشر إليه مجاز فانه لما سلب عنه التوفيق لسوء أعماله وخلى بينه وبين نفسه وبين الشيطان فاحب الشر فكأن الله حببه إليه كما قال: سبحانه: ” حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ” وإن كان الظاهر أن الخطاب لخلص المؤمنين. ” فيقرب منه ” أي العبد من الشر أو الشر من العبد وعلى التقديرين كانه كناية عن ارتكابه (آت). (3) قوله: ” لمتان لمة من الشيطان الخ ” اللمة من الشيطان أو الملك مستهما وهو ما يلقيان في قلب الانسان من دعوة الشر أو الخير. وقوله (عليه السلام): ” الرقة والفهم – وقوله – السهو والغفلة ” من قبيل بيان المصداق والاصل في ذلك قوله تعالى ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم * يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا الاية ” والمقابلة بين الوعدين يدل على أن أحدهما من الملك والاخر من الشيطان (الطباطبائى)

[ 331 ]

ثلاثة: ظلم يغفره الله وظلم لا يغفره الله وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره فالشرك وأما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله وأما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد (1). 2 – عنه، عن الحجال، عن غالب بن محمد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” إن ربك لبالمرصاد (2) ” قال: قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن وهب بن عبد ربه و عبيدالله الطويل، عن شيخ من النخع قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): إني لم أزل واليا منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا فهل لي من توبة؟ قال: فسكت ثم أعدت عليه، فقال: لا حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مظلمة أشد من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عونا إلا الله عز وجل. 5 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره، ثم قال: يا بني اوصيك بما أوصاني به أبي (عليه السلام) حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله. 6 – عنه، عن أبيه (3)، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): من خاف القصاص كف عن ظلم الناس. 7 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن


(1) المداينة: المجازاة ومنه ” كما تدين تدان “. (2) الفجر: 14. (3) ضمير ” عنه ” راجع إلى أحمد فينسحب عليه العدة (آت).

[ 332 ]

عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح لا يهم بظلم أحد غفر الله ما اجترم. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ظلم مظلمة اخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده. 10 – ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى [ عن محمد بن عيسى ] عن منصور، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا الظلم فانه ظلمات يوم القيامة. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من أحد يظلم بمظلمة إلا أخذه الله بها في نفسه وماله وأما الظلم الذي بينه وبين الله فإذا تاب غفر الله له. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن عمار بن حكيم، عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مبتدئا: من ظلم سلط الله عليه من يظلمه أو على عقب عقبه، قلت: هو يظلم فيسلط الله على عقبه أو على عقب عقبه؟! فقال: إن الله عز وجل يقول: ” وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (1) “.


(1) قال المجلسي (ره): لما كان استبعاد السائل عن امكان وقوع مثل هذا لا عن أنه ينافى العدل فأجاب (عليه السلام) بوقوع مثله في قصة اليتامى أو انه لما لم يكن له قابلية فهم ذلك وانه لا ينافى العدل أجاب بما يؤكد الوقوع. أو يقال: رفع (عليه السلام) الاستبعاد بالدليل الانى وترك الدليل اللمى والكل متقاربة. وأما دفع توهم الظلم في ذلك فهو انه يجوز أن يكون فعل الالم بالغير لطفا لاخرين مع تعويض اضعاف ذلك الالم بالنسبة إلى من وقع عليه الالم بحيث إذا شاهد العوض رضى بذلك الالم كامراض الاطفال فيمكن أن يكون الله تعالى أجرى العادة بأن من ظلم أحدا

[ 333 ]

14 – عنه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل أوحى إلى نبي من أنبيائه في مملكة جبار من الجبارين أن ائت هذا الجبار فقل له: إنني لم أستعملك على سفك الدماء واتخاذ الاموال وإنما استعملتك لتكف عني أصوات المظلومين، فاني لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفارا (1). 15 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أكل مال أخيه ظلما ولم يرده إليه أكل جذوة من النار يوم القيامة (2). 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم. 17 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العبد ليكون مظلوما فما يزال يدعو


أو أكل مال يتيم ظلما بأن يبتلى أولاده بمثل ذلك فهذا لطف بالنسبة إلى كل من شاهد ذلك أو سمع من مخبر علم صدقه فيرتدع عن الظلم على اليتيم وغيره، ويعوض الله الاولاد باضعاف ما وقع عليهم أو أخذ منهم في الاخرة مع انه يمكن أن يكون ذلك لطفا بالنسبة إليهم أيضا فيصير سببا لصلاحهم وارتداعهم عن المعاصي فانا نعلم أن اولاد الظلمة لو بقوا في نعمة آبائهم لطغوا وبغوا كما كان آباؤهم فصلاحهم أيضا في ذلك وليس في شئ من ذلك ظلم على أحد انتهى. وأما ما أفاده العلامة الطباطبائى – مد ظله العالي – فهو أن إستشكال الراوي إنما هو من باب استبعاد ذلك من الله وجوابه (عليه السلام) انما هو لرفعه بالتمسك بنفس كلامه تعالى و أما كونه منه تعالى ظلما باخذ الانسان بفعل الاخر فاشكال آخر غير مقصود في الرواية وجوابه أن الامور التكوينية مرتبطة إلى أسباب اخر غير أسباب الحسن و القبح في الافعال كما أن صفات الوالدين وجهات اجسامهم الروحية والجسمية ربما نزل في الاولاد من باب الوراثة ونحو ذلك وقد قال تعالى: ” ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم… الاية ” والرحم يجمع الاباء والاولاد تحت رأية الوحدة الجسمية، يتأثر آخرها بما أثر به أولها. (1) الظلامة والظلمة والمظلمة: ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما اخذ منك. (2) ” جذوة ” أي قطعة من النار.

[ 334 ]

حتى يكون ظالما (1). 18 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: قال: من عذر ظالما بظلمه سلط الله عليه من يظلمه (3)، فإن دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته. 19 – عنه، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، وذلك قوله عز وجل: ” وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا (4) “. 20 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ظلم أحدا ففاته فليستغفر الله له فإنه كفارة له. 21 – أحمد بن محمد الكوفي، عن إبراهيم بن الحسين، عن محمد بن خلف، عن موسى ابن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح وهو لا يهم بظلم أحد غفر الله له ما اجترم. 22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: دخل رجلان على أبي عبد الله (عليه السلام) في مداراة بينهما ومعاملة، فلما أن سمع كلامهما قال: أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم أما إن المظلوم ياخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثم قال: من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به، أما إنه إنما يحصد ابن آدم ما يزرع وليس يحصد أحد من المر حلوا ولا من الحلو مرا فاصطلح الرجلان قبل أن يقوما.


(1) أي يدعو على ظالمه حتى يربو عليه بأن يدعو على أولاده وقبائله ونحو ذلك وهو ظلم فيصير الظالم مظلوما والمظلوم ظالما. (2) في بعض النسخ [ عن أبى جعفر (عليه السلام) ] (3) أي ادعى انه لا يستحق الذم أو بسبب عذره صار ظالما. (4) الانعام: 129.

[ 335 ]

23 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من خاف القصاص كف عن ظلم الناس. (باب اتباع الهوى) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم فليس شئ أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم (1). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت عليه أمره (2) ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم اؤته منها الا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والارضين (3) رزقه و كنت له من وراء تجارة كل تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة (4). 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما أخاف عليكم اثنتين


(1) حصد الزرع: قطعه: حصائد ألسنتهم ما يقطعونه من الكلام الذى لا خير فيه (في). (2) تشتت أمره اما كناية عن تحيره في أمر دينه، فان الذين يتبعون الاهواء الباطلة في سبل الضلالة يتيهون وفى طرق الغواية يهيمون أو كناية عن عدم انتظام امور دنياهم فان من اتبع الشهوات لا ينظر في العواقب فيختل عليه امور معاشه ويسلب الله البركة عما في يده أو الاعم منهما وعلى الثاني الفقرة الثانية تأكيد وعلى الثالث تخصيص بعد التعميم وقوله: ” لبست عليه دنياه ” أي خلطتها أو اشكلتها وضيقت عليه المخرج منها. وقوله: ” شغلت قلبه بها ” أي هو دائما في ذكرها وفكرها غافلا عن الاخرة وتحصيلها ولا يصل من الدنيا غاية مناة فيخسر الدنيا والاخرة وذلك هو الخسران المبين (آت). (3) في بعض النسخ [ والارض ]. (4) أي أتته على كره منه أو أتته وهى ذليلة عنده. من رغم أنفه من باب قتل وعلم إذا ذل كانه لصق بالرغام وهو بالفتح: التراب (لح).

[ 336 ]

اتباع الهوى وطول الامل أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): اتق المرتقى السهل إذا كان منحدره وعرا (1). قال: وكان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تدع النفس وهواها فإن هواها [ في ] رداها (2) وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهوى دواها. (باب) * (المكر والغدر والخديعة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس. (3)


(1) ” اتق المرتقى ” المرقى والمرتقى والمرقاة موضع الرقى والصعود من رقيت السلم والسطح والجبل: علوته. والمنحدر.: الموضع الذى ينحدر منه أي ينزل من الانحدار وهو النزول. والوعر ضد السهل ولعل المراد به النهى عن طلب الجاه والرئاسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فانها وإن كانت مواتية على اليسر والخفض إلا أن عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة والحاصل أن متابعة النفس في أهوائها والترقى من بعضها إلى بعض وإن كانت كل واحدة منها في نظره حقيرة وتحصل له بسهولة لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها والمحاسبة عليها، فهو كمن صعد جبلا بحيل شتى فإذا انتهى إلى ذروته يتحير في تدبير النزول عنها وأيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا بالتدريج وعند الموت لابد من تركها دفعة ولذا تشق عليه سكرات الموت بقطع تلك العلايق فهو كمن صعد سلما درجة درجة ثم سقط في آخر درجة منه دفعة، فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها أشد ضررا وأعظم خطرا فلابد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات الدنيا في شدة النزول عنها فلا يرقى كثيرا ويكتفى بقدر الضرورة والحاجة فهذا التشبيه البليغ على كل من الوجهين من أبلغ الاستعارات وأحسن التشبيهات (آت). (2) أي هلاكها في الاخرة بالهلاك المعنوي. في القاموس ردى في البئر: سقط، كتردى وأرداه غيره وراده وردى كرضى ردى: هلك. (3) المكر والخديعة متقاربان وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره وذلك ضربان أحدهما مذموم وهو الاشهر عند الناس وذلك أن يقصد فاعله انزال مكروه بالمخدوع واياه قصد (عليه السلام) بقوله: ” المكر والخديعة في النار ” والمعنى: يؤديان بقاصدهما إلى النار. والثانى عكس ذلك وأن يقصد فاعلها إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة لهما كما يفعل بالصبى إذا امتنع من فعل خير. والغدر: الاخلال بالشى وتركه و عدم الايفاء بالعهد. والغادر هو الذى يعاهد ولا يفى.

[ 337 ]

2 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يجيئ كل غادر – يوم القيامة – بإمام مائل شدقه (1) حتى يدخل النار ويجيئ كل ناكث بيعة إمام أجذم حتى يدخل النار. 3 – عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليس منا من ماكر مسلما. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قريتين (2) من أهل الحرب لكل واحدة منهما ملك على حدة، اقتتلوا ثم اصطلحوا، ثم إن أحد الملكين غدر بصاحبه فجاء إلى المسلمين فصالحهم على أن يغزو معهم (3) تلك المدينة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا بالغدر ولا يقاتلوا مع الذين غدروا ولكنهم يقاتلون المشركين حيث وجدوهم ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفار (4). 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عمرو بن الاشعث، عن عبد الله بن حماد الانصاري، عن يحيى بن عبد الله بن


(1) قوله: ” بامام ” متعلق بغادر والمراد بالامام إمام الحق ويحتمل أن يكون الباء بمعنى مع ويكون متعلقا بالمجيئ فالمراد بالامام إمام الضلالة كما قال الفيض (ره) يجيئ كل غادر يعنى من أصناف الغادرين على اختلافهم في انواع الغدر ” بامام ” يعني مع إمام يكون تحت لوائه كما قال سبحانه: ” يوم ندعو كل اناس بامامهم ” وإمام كل صنف من الغادرين من كان كاملا في ذلك الصنف من الغدر أو باديا به ويحتمل أن يكون المراد بالغادر بامام من غدر بيعة امام في الحديث الاتى خاصه واما هذا الحديث فلا، لاقتضائه التكرار وللفضل فيه بيوم القيامة والاول أظهر لانهما في الحقيقة حديث واحد يبين أحدهما الاخر فينبغي أن يكون معناهما واحدا. والشدق بالفتح والكسر جانب الفم. والاجذم: المقطوع اليد. (2) في بعض النسخ: [ عن فريقين ]. (3) أي تلك المدينة المغدور بها، وفى بعض النسخ [ ملك المدينة ] أي ملك المغدور به وفى بعض النسخ [ أن يغزوا معه تلك المدينة ]. (4) ” لا يجوز ” أي لا ينفذ ولا يصح، تقول: جاز العقد وغيره إذا نفذ ومضى على الصحة. وقوله: ” ما عاهد عليه الكفار ” أي بعضهم بعضا.

[ 338 ]

الحسن (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيئ كل غادر بإمام يوم القيامة مائلا شدقه حتى يدخل النار. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم عن أبي الحسن العبدي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة: يا أيها الناس لولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ألا إن لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة (2) ألا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار. (باب الكذب) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي النعمان قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا أبا النعمان لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفية، ولا تطلبن أن تكون رأسا فتكون ذنبا، ولا تستأكل الناس بنا فتفتقر، فإنك موقوف لا محالة ومسؤول، فإن صدقت صدقناك وإن كذبت كذبناك. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول لولده: اتقوا الكذب، الصغير منه والكبير في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير، أما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صديقا وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذابا. 3 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن


(1) في بعض النسخ [ الحسين ]. (2) بالفتح فيهما (آت).

[ 339 ]

أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل جعل للشر أقفالا وجعل مفاتيح تلك الاقفال الشراب، والكذب شر من الشراب (1). 4 – عنه، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الكذب هو خراب الايمان (2). 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعلي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكذب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) من الكبائر. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان الاحمر، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أول من يكذب الكذاب، الله عز وجل ثم الملكان اللذان معه، ثم هو يعلم أنه كاذب. 7 – علي بن الحكم، [ عن أبان ]، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الكذاب يهلك بالبينات ويهلك أتباعه بالشبهات (3).


(1) كأن المراد بالاقفال الامور المانعة من ارتكاب الشرور من العقل وما يتبعه ويستلزمه من الحياء من الله ومن الخلق والتفكر في قبحها وعقوباتها ومفاسدها الدنيوية والاخروية و الشراب يزيل العقل وبزوالها ترتفع جميع تلك الموانع فتفتح جميع الاقفال وكأن المراد بالكذب الذى هو شر من الشراب الكذب على الله وعلى حججه (عليهم السلام) وتحليل الاشربة المحرمة ثمرة من ثمرات هذا الكذب فان المخالفين بمثل ذلك حللوها وقد يقال: الشر في الثاني أيضا صفة مشبهة و ” من ” تعليلية والمعنى أن الكذب أيضا شر ينشأ من الشراب، لئلا ينافى ما يأتي في كتاب الاشربة ” أن شرب الخمر أكبر الكبائر ” (آت). (2) قوله (عليه السلام): ” خراب الايمان ” أي هو سبب خراب الايمان وقد يقرء بتشديد الراء فهو جمع خارب وهو اللص. في اللغة: خرب يخرب خرابة وخرابة وخروبا (بضم الخاء) و خروبا (بفتح الخاء) صار لصا فهو خارب، والجمع خراب. (3) اريد بالكذاب في هذا الحديث إما مدعى الرئاسة بغير حق وسبب هلاكه بالبينات إفتاؤه بغير علم مع علمه بجهله وسبب هلاك اتباعه بالشبهات تجويزهم كونه عالما وعدم قطعهم بجهله فهم في شبهة من أمره. أو من يضع الحديث ويبتدع في الدين (آت).

[ 340 ]

8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن آية الكذاب بأن يخبرك خبر السماء والارض والمشرق والمغرب فإذا سألته عن حرام الله وحلاله لم يكن عنده شئ (1). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الكذبة لتفطر الصائم، قلت: وأينا لا يكون ذلك منه؟! قال: ليس حيث ذهبت إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الائمة (صلوات الله عليه وعليهم). 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذكر الحائك لابي عبد الله (عليه السلام) أنه ملعون (2) فقال: إنما ذاك الذي يحوك الكذب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله). 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن عروة عن عبد الحميد الطائي، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الكذاب هو الذي يكذب في الشئ؟ قال: لا،


(1) ذلك لان العلم بحقائق الاشياء على ماهى عليه لا تحصل لاحد إلا بالتقوى وتهذيب السر عن رذائل الاخلاق، قال الله تعالى: ” إتقوا الله ويعلمكم الله ” ولا يحصل التقوى الا بالاقتصاد على الحلال والاجتناب عن الحرام ولا يتيسر ذلك الا بالعلم بالحلال والحرام فمن اخبر عن شئ من حقائق الاشياء ولم يكن عنده معرفة بالحلال فهو لا محالة كذاب يدعى ما ليس عنده (في). (2) قوله: ” انه ملعون ” بفتح الهمزة بدل اشتمال للحائك ويحتمل أن يكون الحديث عنده موضوعا ولم يمكنه اظهار ذلك تقية فذكر له تأويلا يوافق الحق ومثل ذلك الاخبار كثير يعرف ذلك من اطلع على أسرار أخبارهم (عليهم السلام) (آت).

[ 341 ]

ما من أحد إلا يكون ذلك منه ولكن المطبوع على الكذب (1). 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال عيسى ابن مريم (عليه السلام): من كثر كذبه ذهب بهاؤه. 14 – عنه، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب مواخاة الكذاب، فإنه يكذب حتى يجيئ بالصدق فلا يصدق. 15 – عنه، عن ابن فضال، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن مما أعان الله [ به ] على الكذابين النسيان (2). 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب وإصلاح بين الناس قال: قيل له: جعلت فداك ما الاصلاح بين الناس؟ قال: تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه (3) فتلقاه فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا، خلاف ما سمعت منه. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): ” أيتها العير إنكم لسارقون “؟ فقال: والله ما سرقوا وما كذب،


(1) أي المجبول عليه بحيث صار عادة له ولا يتحرز عنه ولا يبالى به ولا يندم عليه ومن لا يكون كذلك لا يصدق عليه الكذاب مطلقا أو المراد الذى يكتبه الله كذابا (آت). (2) يعنى أن النسيان يصير سببا لفضيحتهم وذلك لانهم ربما قالوا شيئا فنسوا أنهم قالوه فيقولون خلاف ما قالوه أولا فيفتضحون (في). (3) ” من الرجل ” أي فيه فان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض والخبث خلاف الطيبة والمراد من الحديث أن الكذب في الاصلاح بين الناس جائز وانه ليس بكذب محرم ولا صدق بل هو قسم ثالت من الكلام (في).

[ 342 ]

وقال إبراهيم (عليه السلام): ” بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون “؟ فقال: والله ما فعلوا وما كذب ” قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما عندكم فيها يا صيقل؟ قال: فقلت: ما عندنا فيها إلا التسليم، قال: فقال: إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين أحب الخطر فيما بين الصفين وأحب الكذب في الاصلاح وأبغض الخطر في الطرقات (1) وأبغض الكذب في غير الاصلاح، إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: ” بل فعله كبيرهم هذا ” إرادة الاصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال يوسف (عليه السلام) إرادة الاصلاح. 18 – عنه، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي مخلد السراج، عن عيسى بن حسان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا [ كذبا ] في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا، يريد بذلك الاصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم. 19 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن مغيرة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المصلح ليس بكذاب. 20 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن محمد بن مالك. عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: حدثني أبو عبد الله (عليه السلام) بحديث، فقلت له: جعلت فداك أليس زعمت لي الساعة كذا وكذا؟ فقال: لا، فعظم ذلك علي، فقلت: بلى والله زعمت، فقال: لا والله ما زعمته، قال: فعظم علي فقلت: جعلت: فداك بلى والله قد قلته، قال: نعم قد قلته أما علمت أن كل زعم في القرآن كذب (2).


(1) الخطر بالمعجمة ثم المهملتين: التبختر في المشى. (2) الزعم مثلثة: القول الحق والباطل وأكثر ما يقال فيما يشك فيه، لما عبر عبد الاعلى عما قال له الامام (عليه السلام) بالزعم أنكر، ثم لما عبر عنه بالقول صدقه، ثم ذكر أن الوجه في ذلك أن كل زعم جاء في القرآن جاء في الكذب (في)

[ 343 ]

21 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابي إسحاق الخراساني قال (1): كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: إياكم والكذب فإن كل راج طالب وكل خائف هارب. 22 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن ثعلبة، عن معمر بن عمرو، عن عطاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا كذب على مصلح، ثم تلا ” أيتها العير إنكم لسارقون ” ثم قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثم تلا ” بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ” ثم قال والله ما فعلوه وما كذب. (باب ذى اللسانين) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عون القلانسي عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي شيبة، عن الزهري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا (2)، إن اعطي حسده وإن ابتلي خذله. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن عبد الرحمن بن حماد رفعه قال: قال الله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم (عليه السلام): يا عيسى ليكن لسانك في السر و العلانية لسانا واحدا وكذلك قلبك، إني احذرك نفسك وكفى بي خبيرا، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا سيفان في غمد واحد ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك الاذهان.


(1) إما إرسال أو إضمار بأن يكون ضمير قال راجعا إلى الصادق أو الرضا (عليهما السلام). (2) ” يطرى أخاه ” أي يحسن الثناء عليه.

[ 344 ]

(باب الهجرة) 1 – الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن الربيع، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، رفعه، قال في وصية المفضل: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة وربما استحق ذلك كلاهما، فقال له معتب: جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال: لانه لا يدعو أخاه إلى صلته ولا يتغامس له عن كلامه (1)، سمعت أبي يقول إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر (2) فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه، فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا هجرة فوق ثلاث. 3 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة (3)، عن وهيب بن حفص عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصرم (4) ذوي قرابته ممن لا يعرف الحق؟ قال: لا ينبغي له أن يصرمه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن عمه مرازم بن


(1) ” يتغامس ” في أكثر النسخ بالغين المعجمة والظاهر أنه بالمهملة كما في بعضها وفى القاموس تعامس: تغافل وعلي: تعامى علي. وبالمعجمة غمسه في الماء أي رمسه والغميس الليل المظلم (آت). (2) ” فعاز ” بالزاى المشددة وفى القاموس عزه كمده: غلبه في المعازة. وفي بعض النسخ [ فعال ] أي جاز ومال عن الحق. (3) في بعض النسخ [ الحسين بن محمد بن سماعة ]. (4) الصرم: القطع.

[ 345 ]

حكيم قال: كان عند أبي عبد الله (عليه السلام) رجل من أصحابنا يلقب شلقان (1) وكان قد صيره في نفقته وكان سيئ الخلق فهجره، فقال لي يوما: يا مرازم [ و ] تكلم عيسى؟ (2) فقلت نعم، فقال: أصبت لا خير في المهاجرة. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط عن داود بن كثير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال أبي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلا كانا خارجين من الاسلام (3) ولم يكن بينهما ولاية فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه (4)، فإذا فعلوا ذلك استلقا على قفاه وتمدد (5)، ثم قال: فزت، فرحم الله امرءا ألف بين وليين لنا، يا معشر المؤمنين تألفوا وتعاطفوا.


(1) شلقان بفتح الشين وسكون اللام لقب لعيسى بن أبى منصور. والمراد بكونه عنده (عليه السلام) أي كان في بيته لا أنه كان حاضرا في المجلس، وكان قد صيره في نفقته أي تحمل (عليه السلام) نفقته وجعله في عياله. وقيل: وكل إليه نفقة العيال وجعله قيما عليها والاول أظهر (آت). (2) الظاهر أن المنصوب في قوله: ” هجره ” راجع إلى مرازم وهو يقوم بكثير من خدمات أبي عبد الله (عليه السلام) وإرجاعه إلى أبى عبد الله (عليه السلام) وقراءة ” نكلم ” على صيغة المتكلم مع الغير دون الخطاب محتمل لكنه بعيد (لح). وقال المجلسي (ره) ” وتكلم ” في بعض النسخ بدون العاطف وعلى تقديره فهو عطف على مقدر أي تواصل وتكلم ونحو هذا وهو استفهام على التقديرين على التقرير ويحتمل الامر على بعض الوجوه (آت). (3) كأن الاستثناء من مقدر أي لم يفعلا ذلك إلا كانا خارجين وهذا النوع من الاستثناء شائع في الاخبار ويحتمل ان تكون ” الا ” هنا زائدة (آت). (4) أغرى بينهم العداوة أي ألقاها. وفى بعض النسخ [ عن ذنبه ]. (5) التمدد: الاستراحة وإظهار الفراغ من العمل والراحة وقوله: ” فزت ” أي وصلت إلى مطلوبي (آت).

[ 346 ]

7 – الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعيد، عن محمد بن مسلم، عن محمد بن محفوظ عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطكت ركبتاه (1) وتخلعت أوصاله ونادى يا ويله، ما لقي من الثبور (2). (باب قطعية الرحم) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في حديث: ألا إن في التباغض الحالقة، لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن حذيفة بن منصور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال، قلت: وما الحالقة؟ قال: قطيعة الرحم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن إخوتي وبني عمي قد ضيقوا علي الدار وألجأوني منها إلى بيت ولو تكلمت أخذت (3) ما في أيديهم، قال: فقال لي: اصبر فإن الله سيجعل لك فرجا، قال: فانصرفت ووقع الوبا في سنة إحدى وثلاثين [ ومائة ] (4)


(1) إصطكاك الركبتين: اضطرابهما وتأثير أحدهما على الاخر. والتخلع: التفكك و الاوصال: المفاصل أو مجتمع العظام. (2) الثبور: بالضم: الهلاك. (3) ” على الدار ” أي التى ورثناها من جدنا. ” لو تكلمت أخذت ” يمكن أن يقرء على صيغة المتكلم أي لو نازعتهم وتكلمت معهم يمكنني أن آخذ منهم، ء أفعل ذلك أم أتركهم؟ أو يقرء على الخطاب أي لو تكلمت أنت معهم يعطونى، فلم ير (عليه السلام) المصلحة في ذلك (آت). (4) الوباء بالمد والقصر والهمز: الطاعون وقوله: ” احدى وثلاثين ” كذا في أكثر النسخ التى وجدناها وفى بعضها بزيادة [ ومائة ] وعلى الاول أيضا المراد ذلك واسقط الراوى المائة للظهور (آت).

[ 347 ]

فماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحد، قال: فخرجت فلما دخلت عليه قال: ما حال أهل بيتك؟ قال: قلت له: قد ماتوا والله كلهم، فما بقي منهم أحد، فقال: هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم بتروا (1) أتحب أنهم بقوا وأنهم ضيقوا عليك؟ قال: قلت: إي والله. 4 – عنه، عن أحمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في كتاب علي (عليه السلام) ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها، وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم وإن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون (2) وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع (3) من أهلها وتنقل الرحم وإن نقل الرحم انقطاع النسل. 5 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة العابد قال: جاء رجل فشكا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أقاربه، فقال له: اكظم غيظك وافعل، فقال: إنهم يفعلون ويفعلون، فقال: أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر الله إليكم. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقطع رحمك وإن قطعتك. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه رفعه، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري (4) فقال: يا أمير المؤمنين أو تكون ذنوب


(1) البتر بالباء الموحدة والتاء المثناة الفوقية والراء: القطع والاستئصال وفى بعض النسخ [ تبروا ] بالمثناة الفوقية اولا ثم الموحدة فهو بالفتح: الكسر والهلاك. (2) من الثروة وهى كثرة المال. (3) ” بلاقع ” جمع بلقع وبلقعة وهى الارض القفر التى لا شئ بها. (4) كان من رؤوس الخوارج ويشكر اسم أبى قبيلتين كان هذا الملعون من احداهما

[ 348 ]

تعجل الفناء؟ فقال: نعم ويلك قطيعة الرحم، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون و هم فجرة فيرزقهم الله وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء. 8 – عنه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا قطعوا الارحام جعلت الاموال في أيدي الاشرار. (باب العقوق) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أدنى العقوق اف، ولو علم الله عز وجل شيئا أهون منه لنهى عنه (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كن بارا واقتصر على الجنة وإن كنت عاقا [ فظا ] فاقتصر على النار (2). 3 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن صالح الحذاء، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلا صنف واحد، قلت: من هم؟ قال: العاق لوالديه. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فوق كل ذي بر بر، حتى يقتل الرجل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر، وإن فوق كل عقوق عقوقا حتى يقتل الرجل أحد والديه فإذا فعل ذلك فليس فوقه عقوق.


(1) في المصباح قال اصل العق الشق يقال عق ثوبه كما يقال شقه ومنه يقال: عق الولد أباه عقوقا من باب قعد إذا عصاه وترك الانسان إليه فهو عاق. (2) أي اكتف بها.

[ 349 ]

5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة. 6 – عنه، عن محمد بن علي، عن محمد بن فرات، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كلام له: إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء إنما الكبرياء لله رب العالمين (1). 7 – عنه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد [ السلمي ]، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو علم الله شيئا أدنى من اف لنهى عنه وهو من أدنى العقوق ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما. 8 – علي، عن أبيه، (2) عن هارون بن الجهم، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أبي نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي والا بن متكئ على ذراع الاب، قال: فما كلمه أبي (عليه السلام) مقتا له حتى فارق الدنيا. 9 – أبو علي الاشعري، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أدنى العقوق اف ولو علم الله أيسر منه لنهى عنه.


(1) يطلق الازار غالبا على الثوب الذى يشد على الوسط تحت الرداء وجفاة العرب كانوا يطيلون الازار فيجر على الارض (آت). (2) في بعض النسخ [ عنه عن أبيه ] وفى بعضها [ على بن إبراهيم، عن أبيه ]. (3) قال المحقق الاردبيلى – قدس سره – العقل والنقل يدلان على تحريم العقوق ويفهم وجوب متابعة الوالدين وطاعتهما من الايات والاخبار وصرح به بعض العلماء. وقال الفقهاء للوالدين منع الولد عن الغزو والجهاد ما لم يتعين عليه بتعيين الامام (عليه السلام) أو بهجوم الكفار على المسلمين مع ضعفهم وكذا يعتبر اذنهما في سائر الاسفار المباحة والمندوبة وفى الواجبة الكفائية مع قيام من فيه الكفاية فالسفر لطلب العلم ان كان لمعرفة العلم الواجب العينى كاثبات الواجب تعالى ونحو ذلك لم يفتقر إلى اذنهما وإن كان لتحصيل الزائد منه كان فرضه كفاية. وقال الشهيد رحمه الله في القواعد: لا ريب أن كل ما يحرم أو يجب للاجانب يحرم أو يجب للابوين وينفردان بامور 1 – تحريم السفر المباح بغير اذنهما وكذا السفر المندوب، 2 – قال بعضهم: يجب عليه طاعتهما في كل فعل وان كان شبهة لان طاعتهما واجبة وترك الشبه مستحب، 3 – لو دعواه إلى فعل وقد حضرت الصلاة فليتأخر الصلاة وليطعهما 4 – لهما منعه من الصلاة جماعة في بعض الاحيان، 5 – لهما منعه من الجهاد مع عدم

[ 350 ]

(باب الانتفاء) (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفر بالله من تبرأ من نسب وإن دق (2). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفر بالله من تبرأ من نسب وإن دق. 3 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن أبي عمير، وابن فضال عن رجال شتى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: كفر بالله العظيم الانتفاء من حسب وإن دق (3). (باب) * (من اذى المسلمين واحتقرهم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من أذى عبدي المؤمن وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن من خلقي في الارض فيما بين المشرق والمغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما ولجعلت لهما من إيمانهما انسا لا يحتاجان إلى انس سواهما.


التعين، 6 – الاقرب ان لهما منعه من فروض الكفاية إذا علم أو ظن قيام الغير، 7 – قال بعض العلماء لو دعواه وهو في الصلاة النافلة قطعها لرواية، 8 – ترك الصوم ندبا إلا باذن الاب ولم أقف على نص في الام انتهى (1) أي التبرى عن نسب بإعتبار دناءته عرفا (آت). (2) أي بعد، أو وإن كان خسيسا دنيا. وقيل: يحتمل أن يكون ضمير دق راجعا إلى التبرى بان لا يكون صريحا بل بالايماء وهو بعيد. وقيل يعنى وإن دق ثبوته وهو أبعد والكفر هنا ما يطلق على أصحاب الكبائر كما مر وسيأتى (آت). (3) المراد بالحسب ايضا النسب الدنى (آت).

[ 351 ]

2 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن منذر بن يزيد، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لاوليائي (1) فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم و عاندوهم وعنفوهم في دينهم، ثم يؤمر بهم إلى جهنم. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي (2). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من حقر مؤمنا مسكينا أو غير مسكين لم يزل الله عز وجل حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه (3). 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله تبارك وتعالى يقول: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم


(1) صد عنه صدودا أي أعرض وصده عن الامر صدا: منعه وصرفه عنه. أي أين المعرضون عن الاولياء المعادون لهم أو أين المانعون لهم عن حقوقهم أو أين المستهزؤون بهم. والصد جاء لهذه المعاني كما يظهر من مصباح اللغة ولعل المراد بخلو وجوهم عن اللحم لاجل أنه ذاب من الغم وخوف العقوبة أو من خدشه بايديهم تحسدا أو تأسفا ويؤيده ما رواه العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: مررت ليلة اسرى بقوم لهم المنقار من نحاس يخدشون وجوههم وصدورهم: فقلت، من هولاء يا جبرئيل؟ قال: هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. (لح). وفي بعض النسخ [ أين الموذون لاوليائي ] وفى بعضها [ أين الضدود لاوليائي ]. (2) ” أهان لى وليا ” أي أهانه لولايته لى. ” أرصدني ” في القاموس ارصدت له. أعدت وكافاته بالخير أو بالشر، والمرصاد: الطريق والمكان يرصد فيه العدو. أي هيأ نفسه أو أدوات الحرب. (3) الحقر: الذلة كالحقرية بالضم والحقارة مثلثة والمحقرة والفعل كضرب وكرم.

[ 352 ]

عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل قد نابذني من أذل عبدي المؤمن (1). 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن حماد بن بشير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي وما تقرب إلي عبد بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى احبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته، وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته (2). 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما اسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك وما يتقرب إلي عبد من عبادي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى احبه فإذا أحببته كنت إذا سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته و


(1) المنابذة: المعاداة جهارا: (2) سيأتي شرحه في التذييل على الحديث الاتى.

[ 353 ]

إن سألني أعطيته (1). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استذل مؤمنا واستحقره لقلة ذات يده ولفقره شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق (2). 10 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد أسرى ربي بي فأوحى إلي من وراء الحجاب (3) ما أوحى وشافهني [ إلى ] أن قال لي: يا محمد من أذل لي وليا فقد أرصدني بالمحاربة ومن حاربني حاربته، قلت: يا رب ومن وليك هذا؟ فقد علمت أن من حاربك حاربته، قال لي: ذاك من أخذت ميثاقة لك ولوصيك ولذريتكما بالولاية.


(1) ” كنت سمعه الذى يسمع به الخ ” إن العارف لما تخلى من شهواته وارادته وتجلى محبة الحق على عقله وروحه ومسامعه ومشاعره وفوض جميع اموره إليه وسلم ورضى بكل ما قضى ربه عليه يصير الرب سبحانه متصرفا في عقله وقلبه وقواه ويدبر اموره على ما يحبه ويرضاه فيريد الاشياء بمشيئتة مولاه كما قال سبحانه مخاطبا لهم: ” وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ” وكما ورد في تأويل هذه الاية في غوامض الاخبار عن معادن الحكم والاسرار والائمة الاخيار وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله): قلب المؤمن بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وكذلك يتصرف ربه الاعلى منه في سائر الجوارح والقوى كما قال سبحانه مخاطبا لنبيه (صلى الله عليه وآله): ” وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ” وقال تعالى: ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ” فلذلك صارت طاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله فاتضح بذلك معنى قوله تعالى: كنت سمعه وبصره و أنه به يسمع ويبصر. فكذا سائر المشاعر تدرك بنوره وتنويره وسائر الجوارح تتحرك بتيسيره و تدبيره كما قال تعالى: ” فسنيسره لليسرى “. وقال المحقق الطوسى قدس الله روحه القدوسي: العارف إذا انقطع عن نفسه واتصل بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته المتعلقة بجميع المقدورات. وكل علم مستغرقا في عمله الذى لا يعزب عنه شئ من الموجودات وكل ارادة مستغرقة في ارادته التى لا يتأتى عنها شئ من الممكنات بل كل وجود وكل كمال وجود فهو صادر عنه فائض من لدنه فصار الحق حينئذ بصره الذى به يبصر وسمعه الذى به يسمع وقدرته التى بها يفعل وعلمه الذى به يعلم ووجوده الذى به يوجد فصار العارف حينئذ متخلقا باخلاق الله في الحقيقة. (آت). (2) الشهرة: ظهور الشئ ووضوحه. يقال: شهره كمنعه وشهره واشتهره شهرة وتشهيرا واشتهارا. (3) أي الحجاب المعنوي وهو إمكان العبد المانع لان يصل العبد إلى حقيقة الربوبية (آت).

[ 354 ]

11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: من استذل عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة وما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في عبدي المؤمن، إني احب لقاءه فيكره الموت فأصرفه عند، وإنه ليدعوني في الامر فأستجيب له بما هو خير له (1). (باب) * (من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم و الفضل ابني يزيد الاشعري، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم (3) فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله تعالى عورته يفضحه ولو في بيته. عنه، عن علي بن النعمان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.


(1) ” فأصرفه عنه ” أي فأصرف الموت عنه بتأخير أجله، وقيل: أصرف كراهة الموت عنه باظهار اللطف والكرامة والبشارة بالجنة ” فأستجيب له بما هو خير له ” أي بفعل ما هو خير له من الذى طلبه، وانما سماه استجابة لانه يطلب الامر لزعمه أنه خير له فهو في الحقيقة يطلب الخير ويخطأ في تعيينه وفى الاخرة يعلم أن ما اعطاه خير له مما طلبه (آت). (2) التعنيف: التعيير واللوم والمراد بالعثرات: الزلات. (3) التتبع التطلب شيئا فشيئا في مهلة والعورة: كل أمر قبيح والمراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره ومنع الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه فهو يفتضح في السماء والارض ولو أخفاها وفعلها في جوف بيته واهتم بأخفائها (ات).

[ 355 ]

3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل الرجل على الدين (1) فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما. 4 – عنه، عن الحجال، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه لا تتبعوا عثرات المسلمين فإنه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته ومن تتبع الله عثرته يفضحه (2). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم أو الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تطلبوا عثرات المؤمنين فإن من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثراته ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل الرجل على الدين فيحصي عليه زلاته ليعيره بها يوما ما (3). 7 – عنه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أبعد ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يواخي الرجل وهو يحفظ [ عليه ] زلاته ليعيره بها يوما ما.


(1) ذكر الرجل اولا من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر. (2) في أكثر النسخ فيه وفيما مر وسيأتى [ يتبع ] فهو كيعلم أو على بناء الافعال استعمل في التتبع مجازا، أو على التفعيل وكانه من النساخ وفى أكثر نسخ الحديث على التفعل، في القاموس تبعه كفرح مشى خلفه ومر به فمضى معه، وأتبعتهم: تبعتهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم، والتتبيع: التتبع والاتباع والاتباع كالتبع. والتباع بالكسر: الولاء وتتبعه، تطلبه (آت). (3) التعيير: التقبيح، يقال عيرته كذا أو بكذا إذا قبحته عليه ونسبته إليه.

[ 356 ]

(باب التعيير) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنب (1) مؤمنا أنبه الله في الدنيا والآخرة. 2 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عمار، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ومن عير مؤمنا بشئ لم يمت حتى يركبه (2). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عير مؤمنا بذنب لم يمت حتى يركبه (2). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن حسين ابن عمر بن سليمان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لقي أخاه بما يؤنبه أنبه الله في الدنيا والآخرة. (باب) * (الغيبة والبهت) * (3) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله


(1) أنبه تأنيبا: عنفه ولامه. وتأنيبه تعالى إما حقيقة ففى الاخرة وإما افشاء عيوبه و ابتلائه بمثله في الدنيا وعقابه على التأنيب في الاخرة. (2) يدل على أنه لا ينبغى تعيير مؤمن بشئ وإن كان معصية سيما على رؤوس الخلائق وهذا لا ينافى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر لان المطلوب منهما النصح لا التأنيب (آت). (3) اغتاب فلان فلانا إذا ذكره بما يسوؤه ويكرهه من العيوب وكان فيه وان لم يكن فيه فهو بهت وتهمة وفى العرف ذكر الانسان المعين أو من بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه مما هو حاصل فيه ويعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص والذم قولا أو إشارة أو كناية، تعريضا أو تصريحا، فلا غيبة في غير معين كواحد مبهم من غير محصور كأحد أهل البلد بخلاف مبهم من محصور كواحد من المعينين كأحد قاضى البلد فاسق مثلا فانه في حكم المعين كما صرح به شيخنا البهائي قدس سره في شرح الاربعين.

[ 357 ]

(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول الله وما يحدث؟ قال: الاغتياب. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم (1) “. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن داود ابن سرحان (2) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغيبة قال: هو أن تقول (3) لاخيك في دينه ما لم يفعل (4) وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد (5). 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله): ما كفارة الاغتياب قال: تستغفر الله لمن اغتبته كلما ذكرته (6). 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال (7) قلت: وما طينة الخبال؟ قال: صديد


(1) النور: 18. (2) سرحان بكسر السين. (3) الضمير للغيبة وتذكيره بتأويل الاغتياب. أو بأعتبار الخبر مع إنه مصدر. (4) المراد بما لم يفعل: العيب الذى لم يكن باختياره وفعله الله فيه كالعيوب البدنية، فيخص بما إذا كان مستورا وهذا بناء على أن ” في دينه ” صفة لاخيك أي الذى اخوته بسبب دينه ويمكن أن يكون ” في دينه ” متعلق بالقول أي كان ذلك القول طعنا في دينه بنسبة كفر أو معصية إليه و يدل على أن الغيبة تشمل البهتان أيضا. (5) ” لم يقم عليه ” ضمير ” عليه ” راجع إلى الاخ وضمير ” فيه ” إلى الامر. (6) في بعض النسخ [ كما ذكرته ]. (7) الخبال في الحديث: عصارة أهل النار. وفى الاصل: الفساد ويكون في الافعال والابدان والعقول. قاله الجزرى في النهاية.

[ 358 ]

يخرج (1) من فروج المومسات (2) 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن رجل لا نعلمه إلا يحيى الازرق قال: قال لي أبو الحسن (صلوات الله عليه): من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه وأما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا، والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه (3) (باب) * (الرواية على المؤمن (4) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مفضل ابن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان. 2 – عنه، عن أحمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قلت له:


(1) صديد الجرح: ماؤه الرقيق المختلط بالدم. (2) المومسات: الفاجرات والمفرد: المومسة وتجمع على ميامس أيضا ومواميس. (3) الحدة بالكسر: ما يعترى الانسان من الغضب والنزق. والعجلة بالتحريك السرعة، واعلم أن العلماء جوزوا الغيبة في عشرة مواضع: الشهادة. والنهى عن المنكر. وشكاية المتظلم. ونصح المستشير، وجرح الشاهد والراوي. وتفضيل بعض العلماء والصناع على بعض. وغيبة المتظاهر بالفسق الغير المستنكف على قول، وقيل: مطلقا وقيل بالمنع مطلقا، وذكر المشتهر بوصف مميز له كالاعور والاعرج مع عدم قصد الاحتقار والذم وذكره عند من يعرفه بذلك بشرط عدم سماع غيره على قول. والتنبيه على الخطاء في المسائل العلمية ونحوها بقصد أن لا يتبعه أحد فيها. ثم هذه الامور إن أغنى التعريض فيها فلا يبعد القول بتحريم التصريح لانها إنما شرعت للضرورة والضرورة تقدر بقدر الحاجة، والله أعلم. قاله الشيخ البهائي. (4) أي ينقل عنه كلاما يدل على سخافة رأيه وضعف عقله وسفاهة طبعه أو للاضرار عليه.

[ 359 ]

عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: نعم (1)، قلت: تعني سفليه (2) قال: ليس حيث تذهب، إنما هي إذاعة سره. 3 – علي إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن مختار، عن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيما جاء في الحديث ” عورة المؤمن على المؤمن حرام ” قال: ما هو أن ينكشف فترى منه شيئا إنما هو أن تروي عليه أو تعيبه (3). (باب الشماتة) (4) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن أبان بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تبدي الشماتة لاخيك (5) فيرحمه الله ويصيرها بك، وقال: من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن. (باب السباب) (6) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة (7). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن


(1) الضمير في ” له ” للصادق (عليه السلام) والعورة كل ما يستحى منه وغرضه أن المراد بهذا الخبر إفشاء سره. (2) السفلين: العورتين وكنى عنهما لقبح التصريح بهما (آت). (3) في بعض النسخ بصيغة الغياب في الجميع. (4) الشماتة: الفرح ببلية العدو ويقال: شمت به بالكسر يشمت شماتة. (5) كل شئ أبديته وبديته: أظهرته. (6) بكسر السين وتخفيف الباء مصدر، وبفتح السين وتشديد الباء صيغة مبالغة. (7) في بعض النسخ [ كالشرف ] وفى بعضها [ كالمشرق ].

[ 360 ]

فضالة بن ايوب، عن عبد الله بن بكير، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سباب المؤمن فسوق (1) وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه. 3 – عنه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رجلا من بني تميم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال: لا تسبوا الناس فتكتسبوا العداوة بينهم. 4 – ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في رجلين يتسابان قال: البادي منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه، ما لم يعتذر إلى المظلوم. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما شهد رجل على رجل بكفر قط إلا باء به (2) أحدهما، إن كان شهد [ به ] على كافر صدق وإن كان مؤمنا رجع الكفر عليه، فاياكم والطعن على المؤمنين. 6 – الحسن بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت فإن وجدت مساغا (3) وإلا رجعت على صاحبها. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت بينهما فإن وجدت مساغا وإلا رجعت على صاحبها.


(1) السباب هنا مصدر باب المفاعلة كقتال. (2) أي رجع بالكفر أحدهما. (3) بالغين المعجمة أي مدخلا وطريقا.

[ 361 ]

8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، (1) عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا قال الرجل لاخيه المؤمن: اف خرج من ولايته وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما، ولا يقبل الله من مؤمن عملا وهو مضمر على أخيه المومن سوءا. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن حماد بن عثمان، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إلا مات بشر ميتة وكان قمنا أن لا يرجع إلى خير (2). (باب) * (التهمة وسوء الظن) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان من قلبه (3) كما ينماث الملح في الماء. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الحسين ابن حازم، عن حسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما (4) ومن عامل أخاه بمثل ما عامل (5) به الناس فهو برئ مما ينتحل (6).


(1) في بعض النسخ [ محمد بن سنان، عن محمد بن على ] وفيه تصحيف أو تقديم وتاخير فان محمد بن حسان يروى عن محمد بن على وهو يروى عن محمد بن سنان كما سيأتي ص 364 س 7 – 8. وقوله: ” من ولايته ” أي من محبته ونصرته الواجبين عليه. وقوله: ” كفر أحدهما ” لانه إن كان صادقا كفر المخاطب وإن كان كاذبا كفر القائل. (2) ” قمنا ” بالتحريك أي خليقا وقوله: ” في عين مؤمن ” يعنى حين ينظر إليه يراعيه. (3) ماثه موثا وموثانا محركة: خلطه ودافه. انماث. أي اختلط وذاب. (4) أي انقطعت علاقة الاخوة وزالت الرابطة الدينية بينهما. (5) في بعض النسخ [ يعامل ]. والمراد بالناس المخالفون. (6) أي برئ مما ادعاه من الدين أو الاخوة.

[ 362 ]

3 – عنه، عن أبيه، عمن حدثه، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه (1) ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. (باب) * (من لم يناصح اخاه المؤمن) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبي حفص الاعشى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سعى في حاجة لاخيه فلم ينصحه (2) فقد خان الله ورسوله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أيما مؤمن مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، وأبو علي الاشعري، عن محمد ابن حسان، جميعا، عن إدريس بن الحسن، عن مصبح بن هلقام قال: أخبرنا أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أيما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكل جهد فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، قال أبو بصير:


(1) ” ضع أمر أخيك ” أي احمل ما صدر عن أخيك من قول أو فعل على أحسن محتملاته وإن كان مرجوحا من غير تجسس حتى يأتيك منه أمر لا يمكنك تأويله، فان الظن قد يخطئ والتجسس منهى عنه وفى بعض النسخ [ يقلبك ] بالقاف. (2) في بعض النسخ [ فلم يناصحه ] أي لم يبذل الجهد في قضاء حاجته ولم يهتم لذلك ولم يكن غرضه حصول ذلك المطلوب. قال الراغب: النصح: تحرى قول أو فعل فيه صلاح صاحبه انتهى. وأصله الخلوص وهو خلاف الغش ويدل على أن خيانة المؤمن خيانة الله والرسول (آت) أقول، النصح للمؤمن هو ارادة الخير له قولا وفعلا ومعناه بالفارسية ” خير خواهى ” وضده الغش.

[ 363 ]

قلت: لابي عبد الله (عليه السلام): ما تعني بقولك: والمؤمنين (1)؟ قال: من لدن أمير المومنين إلى آخرهم. 4 – عنهما جميعا، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من مشى في حاجة أخيه ثم لم يناصحه فيها كان كمن خان الله ورسوله وكان الله خصمه. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن حسين ابن حازم، عن حسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرأي سلبه الله عز وجل رأيه (2). 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إيما مؤمن مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله. (باب خلف الوعد) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عدة المؤمن أخاه نذر (3) لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله


(1) يحتمل أن يكون المراد بهم الائمة (عليهم السلام) كما مر في الاخبار الكثيرة تفسير المؤمنين في الايات بهم (عليهم السلام) فانهم المؤمنون حقا وأن يكون المراد سائر المؤمنين وأما خيانة الله فلانه خالف أمره وادعى الايمان ولم يعمل بمقتضاه واما خيانة الرسول والائمة (عليهم السلام) فلانه لم يعمل بقولهم وخيانة سائر المؤمنين لانهم كنفس واحدة ولانه إذا لم يكن الايمان سببا لنصحه فقد خان الايمان واستحقره ولم يراعه وهو مشترك بين الجميع فكأنه خانهم جميعا (آت) (2) محضه كمنعه سقاه المحض وهو اللبن الخالص وأمحضه الود أخلصه، كمحضه والحديث: صدقه، والامحوضة: النصيحة الخالصة. وقوله: ” محض الرأى ” مفعول مطلق أو مفعول به والرأى: العقل والتدبير ورجل ذو رأى أي ذو بصيرة. (3) قوله: ” نذر ” أي كالنذر في جعله على نفسه أو في لزوم الوفاء به.

[ 364 ]

بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله: ” يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (1) “. 2 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد. باب * (من حجب اخاه المؤمن) * 1 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، جميعا، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله عز وجل بينه وبين الجنة سبعين ألف سور ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام. 2 – علي بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن إسماعيل ابن محمد، عن محمد بن سنان قال، كنت عند الرضا (صلوات الله عليه) فقال لي: يا محمد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال: أين مولاك؟ فقال: ليس هو في البيت فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له: من كان الذي قرع الباب قال: كان فلان فقلت له: لست في المنزل، فسكت ولم يكترث ولم يلم غلامه (2) ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم، فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم وقال: أنا معكم؟ فقالوا له: نعم ولم يعتذروا إليه وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال، فلما كانوا في


(1) الصف: 2. (2) ما أكترث له: ما ابالى.

[ 365 ]

بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه مطر، فبادروا فلما استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله، فإذا نار من جوف الغمامة قدا اختطفت الثلاثة النفر وبقي الرجل مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب؟ فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون (عليه السلام) فأخبره الخبر وما رأى وما سمع، فقال يوشع بن نون (عليه السلام): أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا وذلك بفعلهم بك، فقال: وما فعلهم بي؟ فحدثه يوشع فقال الرجل، فأنا أجعلهم في حل وأعفو عنهم، قال: لو كان هذا قبل لنفعهم فأما الساعة فلا وعسى أن ينفعهم من بعد. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان عن مفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله بينه وبين الجنة سبعين ألف سور، غلظ كل سور مسيرة ألف عام [ ما بين السور إلى السور مسيرة الف عام ]. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما زائرا [ أو طالب حاجة ] وهو في منزله، فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج إليه قال: يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله فاستأذن له ولم يخرج إليه لم يزل في لعنة الله حتى يلتقيا (1) فقلت: جعلت فداك في لعنة الله حتى يلتقيا؟ قال: نعم يا أبا حمزة. (باب) * (من استعان به اخوه فلم يعنه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن سعدان، عن حسين بن أمين، عن أبي جعفر (عليه السلام)


(1) الظاهر أن مجرد الملاقات غير كاف في رفع اللعنة والعقوبة بل لا بد من الاعتذار والعفو بقرينة ما مر

[ 366 ]

قال: من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته [ إلا ] ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يوجر (1) 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما رجل من شيعتنا أتى رجلا من إخوانه فاستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر إلا ابتلاه الله بأن يقضي حوائج غيره (2) من أعدائنا، يعذبه الله عليها يوم القيامة (3). 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن أسلم، عن الخطاب ابن مصعب، عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لم يدع رجل معونة أخيه المسلم حتى يسعى (4) فيها ويواسيه إلا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يوجر. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي ابن جعفر عن [ أخيه ] أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من قصد إليه رجل من


(1) قوله: ” والقيام ” اما عطف تفسير للمعونة أو المراد بالمعونة ما كان من عند نفسه و بالقيام ما كان من عند غيره قوله: ” إلا ابتلى ” كذا في أكثر النسخ فكلمة ” إلا ” زائدة أو المستثنى منه مقدر أي ما فعل ذلك إلا ابتلى. وقيل ” من ” للاستفهام الانكارى وفى بعض النسخ ” ابتلى ” بدون كلمة ” إلا ” موافقا لما في المحاسن وثواب الاعمال وهو أظهر وضمير عليه راجع إلى ” من ” بتقدير مضاف أي على معونته وفاعل يأثم راجع إلى ” من بخل ” ويحتمل أن يكون راجعا إلى ” من ” في ” من يأثم ” وضمير عليه للباخل والتعدية بعلى بمعنى القهر أو ” على ” بمعنى ” في ” أي بمعونة ظالم يأخذ منه قهرا وظلما ويعاقب على ذلك الظلم وقوله: ” ولا يوجر ” أي الباخل على ذلك الظلم لانه عقوبة وعلى الاول قوله: ولا يوجر أما تأكيد أو لدفع توهم أن يكون آثما من جهة وماجورا من اخرى (آت). (2) في بعض النسخ [ عدة ] مكان غيره. (3) الاستثناء يحتمل الوجوه الثلاثة المتقدمة وقوله: ” يعذبه الله ” صفة حوائج وضمير عليها راجع إلى الحوائج والمضاف محذوف أي على قضائها ويدل على تحريم قضاء حوائج المخالفين و يمكن حمله على النواصب أو على غير المستضعفين جمعا بين الاخبار (آت). (4) قوله: ” حتى يسعى ” متعلق بالمعونة فهو من تتمة مفعول يدع والضمير في يأثم راجع إلى الرجل والعائد إلى ” من ” محذوف أي على معونته (آت).

[ 367 ]

إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية الله عز وجل (1). (باب) * (من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، جميعا، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره أقامه الله يوم القيام مسودا وجهه مزرقة عيناه (2) مغلولة يداه إلى عنقه فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ثم يؤمر به إلى النار. 2 – ابن سنان، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله: يا يونس من حبس حق المؤمن أقامه الله عز وجل يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه حتى يسيل عرقه أو دمه (3) وينادي مناد من عند الله: هذا الظالم الذي حبس عن الله حقه قال: فيوبخ أربعين يوما ثم يؤمر به إلى النار. 3 – محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إياها قال الله عز وجل: يا ملائكتي أبخل عبدي على عبدي بسكنى الدار الدنيا وعزتي وجلالي لا يسكن جناني أبدا. 4 – الحسين بن محمد، معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن


(1) كنايه عن سلب إيمانه فان الله ولى الذين آمنوا والحاصل أنه لا يتولى الله اموره ولا يهديه بالهدايات الخاصة ولا يعينه ولا ينصره. (2) ” مزرقة عيناه ” بضم الميم وسكون الزاى وتشديد القاف من باب الافعال من الزرقة وكانه إشارة إلى قوله سبحانه: ” ونحشر المجرمين يومئذ زرقا “. (3) ” أو دمه ” الترديد من الراوى.

[ 368 ]

جعفر قال: سمعت ابا الحسن (عليه السلام) يقول: من أتاه أخوه المومن في حاجة فانما هي رحمة من الله عز وجل ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله عز وجل وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلط الله عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفور له أو معذب، فإن عذره الطالب كان أسوء حالا (1) قال: وسمعته يقول: من قصد إليه رجل من إخوانه متسجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية الله تبارك وتعالى. (باب) * (من أخاف مؤمنا) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن الانصاري عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله (2). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي إسحاق الخفاف، عن بعض الكوفيين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من روع مؤمنا بسلطان ليصيبة منه مكروه فلم يصبه فهو في النار ومن روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه. آيس من رحمتي (3).


(1) قد مر معناه في باب قضاء حاجة المؤمن ص 196. (2) المراد بالظل: الكنف، أي لا ملجأ ولا مفزع إلا إليه. (3) في النهاية: فيه ” من أعان على مؤمن بشطر كلمة قيل هو أن يقول: اق في اقتل كما قال (عليه السلام) ” كفى بالسيف شا ” يريد شاهدا انتهى. ويحتمل أن يكون كناية عن قلة الكلام وأن يقول نعم مثلا في جواب من قال: قتل، وفى بعض النسخ [ ما بين عينيه: آيس من رحمة الله ].

[ 369 ]

(باب النميمة) (1) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا انبئكم بشراركم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الباغون للبراء المعايب (2). 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: محرمة الجنه على القتاتين المشائين بالنميمة (3). 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الاصبهاني عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): شراركم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، المبتغون للبراء المعايب. (باب الاذاعة) (4) 1 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد ابن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل عير أقواما بالاذاعة


(1) النميمة: نقل الكلام بين الناس على جهة الافساد. (2) البراء ككرام وكفقهاء: جمع البرئ وهنا يحتملها وأكثر النسخ على الاول ويقال أنا براء منه بالفتح لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث أي برئ كل ذلك ذكره الفيروزآبادى والاخير هنا بعيد (آت). (3) كذا والقت: نم الحديث والكذب واتباعك الرجل سرا لتعلم ما يريد. وفى النهاية فيه لا يدخله الجنة قتات وهو النمام. وفي بعض النسخ [ العيابين ]. (4) الاذاعة: الافشاء. اذاعه غيره أي أفشاه.

[ 370 ]

في قوله عز وجل: ” وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به (1) ” فإياكم والاذاعة. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا. قال: وقال لمعلى بن خنيس: المذيع حديثنا كالجاحد له (2). 3 – يونس، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الايمان. 4 – يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطاء ولكن قتلنا قتل عمد. 5 – يونس، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دما فيدفع إليه شبه المحجمة (3) أو فوق ذلك فيقال له:


(1) النساء: 82. قال المفسرون معناه إذا جاء ما يوجب الامن أو الخوف أذاعوه و أفشوه كما إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبرهم الرسول بما اوحى إليه من عد بالظفر وتخويف من الكفرة أذاعوه من غير جزم وهذا صريح في أن إذاعة الخبر إذا كانت مفسدة لا تجوز (لح). (2) يدل على أن المذيع والجاحد متشاركين في عدم الايمان وبراءة الامام منهم وفعل ما يوجب لحوق الضرر، بل ضرر الاذاعة أقوى لان ضرر الجحد يعود إلى الجاحد وضرر الاذاعة يعود إلى المذيع وإلى المعصوم وإلى المؤمنين ولعل مخاطبة المعلى بذلك لانه كان قليل التحمل لاسرارهم وصار ذلك سببا لقتله (آت). (3) ” ماندى دما ” في بعض النسخ مكتوب بالياء وفى بعضها بالالف وكأن الثاني تصحيف و لعله ” ندى ” بكسر الدال مخففا و ” دما ” اما تميز أو منصوب بنزع الخافض، أي ما ابتل بدم وهو مجاز شائع بين العرب والعجم. قال في النهاية: فيه من لقى الله ولم ينتد من الدم الحرام بشئ دخل الجنة أي لم يصب منه شيئا ولم ينله منه شئ كانه نالته نداوة الدم وبلله، يقال: ما ندينى من فلان شئ أكرهه ولا نديت كفى له بشئ وقال الجوهرى: المنديات: المخزيات يقال: ما نديت بشئ نكرهه. وقال الراغب: ما نديت بشئ من فلان أي ما نلت منه ندى ومنديات الكلم، المخزيات التى تفرق. أقول: يمكن أن يقرء على بناء التفعيل فيكون ” دما ” منصوبا بنزع الحافض (آت). والمحجمة: قارورة الحجام.

[ 371 ]

هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما فيقول: بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه. 6 – يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وتلا هذه الآية: ” ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (1) ” قال: والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فاخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ويقتلون الانبياء بغير حق (2) ” فقال: أما والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا سرهم وأفشوا عليهم فقتلوا. 8 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل عير قوما بالاذاعة، فقال: ” وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ” فإياكم والاذاعة. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطاء. 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن نصر بن صاعد مولى أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مذيع السر شاك، وقائله


(1) البقرة: 61. وقوله: ” وتلا ” الواو للاستيناف أو حال عن فاعل ” قال ” المذكور بعدها أو عن فاعل روى المقدر أو للعطف على جملة اخرى تركها الراوى. و ” ذلك ” اشارة إلى ما سبق من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب (آت). (2) آل عمران: 112.

[ 372 ]

عند غير أهله كافر ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: ما هو؟ قال: التسليم (1). 11 – علي بن محمد (2)، عن صالح بن أبي حماد، عن رجل من الكوفيين، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إن الله عز وجل جعل الدين دولتين دولة آدم – وهي دولة الله – ودولة إبليس، فإذا أراد الله أن يعبد علانية كانت دولة آدم وإذا أراد الله أن يعبد في السر كانت دولة إبليس، والمذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين (3). 12 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس (4). (باب) * (من اطاع المخلوق في معصية الخالق) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من طلب رضا الناس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاما. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميره، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله كان حامده (5) من الناس ذاما ومن


(1) ” مذيع السر شاك ” كأن المعنى مذيع السر عند من لا يعتمد عليه من الضيعة شاك أي غير موقن فان صاحب اليقين لا يخاف الامام في شئ ويحتاط في عدم إيصال الضرر إليه أو أنه انما يذكره غالبا لتزلزله فيه وعدم التسليم التام ويمكن حمله على الاسرار التى لا تقبلها عقول عامة الخلق (آت). (2) في بعض النسخ [ على بن حماد ]. (3) في بعض النسخ [ لما اراد الله سره ]، والمارق: الخارج. مارق عن الدين أي خارج عنه غير عامل به. (4) في بعض النسخ [ المجالس ]. (5) في بعض النسخ [ جعل الله حامده ].

[ 373 ]

آثر طاعة الله بغضب الناس كفاه الله عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغي كل باغ وكان الله عز وجل له ناصرا وظهيرا. 3 – عنه، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كتب رجل إلى الحسين (صلوات الله عليه): عظني بحرفين، فكتب إليه: من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجيئ ما يحذر (1). 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله [ الانصاري ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الله. (باب) * (في عقوبات المعاصي العاجلة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن ابيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس إن أدركتموهن فتعوذوا بالله منهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها إلا ظهر فيهم الطاعون والاوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين (2) وشدة المؤونة وجور السطان، ولم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا


(1) حاول أي رام وقصد. واللام في قوله: ” لما يرجو ” وقوله: ” لمجئ ” للتعدية. (2) أي القحط.

[ 374 ]

ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم ولم يحكموا بغير ما أنزل الله [ عز وجل ] إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة وإذا طففت المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها وإذا جاروا في الاحكام تعاونوا على الظلم والعدوان وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم وإذا قطعوا الارحام جعلت الاموال في أيدي الاشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الاخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم فلا يستجاب لهم. (باب) * (مجالسة أهل المعاصي) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبد الله بن صالح (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره. 2 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن محمد، عن الجعفري (2) قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟ فقال:


(1) في بعض النسخ [ عبيد الله بن صالح ]. (2) الجعفري هو أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري وهو من أجلة أصحابنا ويقال: إنه لقى الرضا إلى آخر الائمة (عليهم السلام) وأبو الحسن يحتمل الرضا والهادي عليهما السلام ويحتمل أن يكون سليمان بن جعفر الجعفيري كما صرح به في مجالس المفيد. و ” يقول ” أي الرجل و ” فقال ” أي ذلك الرجل وكونه كلام بكر والضمير للجعفري بعيد وفى المجالس: ” يقول لابي ” وهو أظهر ويؤيد الاول.

[ 375 ]

إنه خالي، فقال: إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله ولا يوصف، فإما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته؟ فقلت: هو يقول ما شاء أي شئ علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى (عليه السلام) وكان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى فمضى أبوه وهو يراغمه (1) حتى بلغا طرفا من البحر فغرقا جميعا فاتي موسى (عليه السلام) الخبر، فقال: هو في رحمة الله ولكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الرحمن بن أبي نجران عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله وقرينه. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود ابن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهر والبراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم (2) كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد


(1) المراغمة: الهجران والتباعد والمغاضبة، أي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه ويذكر ما يغضبه (آت). (2) الوقيعة في الناس: الغيبة. والظاهر أن المراد بالمباهتة الزامهم بالحجج القاطعة وجعلهم متحيرين لا يحيرون جوابا كما قال تعالى: ” فبهت الذى كفر ” ويحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فان كثيرا من المساوى يعدها الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة والاول أظهر (آت).

[ 376 ]

ابن يوسف، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمسلم أن يواخي الفاجر ولا الاحمق ولا الكذاب. 6 – عنه، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن سالم الكندي، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) إذا صعد المنبر قال: ينبغي للمسلم أن يجتنب مواخاة ثلاثة: الماجن (1) والاحمق والكذاب، فأما الماجن فيزين لك فعله ويحب أن تكون مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك ومقارنته جفاء و قسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار، وأما الاحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه وربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه، وأما الكذاب فإنه لا يهنئك معه عيش ينقل حديثك وينقل إليك الحديث، كلما أفنى احدوثة مطها باخرى (2) حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق ويغري بين الناس بالعداوة (3) فينبت السخائم في الصدور فاتقوا الله وانظروا لانفسكم. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابه، عن محمد بن مسلم أو أبي حمزة، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال لي علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق (4) فقلت: يا أبه من هم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق


(1) الماجن من لا يبالى قولا وفعلا. (2) الاحدوثة واحد الاحاديث وهو ما يتحدث به وقوله: مطها باخرى أي مدها. وسيأتى هذا الخبر بعينه وفيه مطرها. (3) في القاموس أغرى بينهم العداوة: ألقاها كانه الزقها بهم. والسخائم جمع سخيمة وهى الحقد. وفى بعض النسخ [ الشحائن ]. (4) في بعض النسخ [ توافقهم ].

[ 377 ]

فإنه بائعك باكلة أو أقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الاحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاث مواضع: قال الله عز وجل: ” فهل عسيتم (1) إن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم * اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (2) ” وقال: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (3) ” وقال في البقرة: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اؤلئك هم الخاسرون (4) “. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن شعيب العقرقوفي قال، سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز وجل: ” وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها.. إلى آخر الاية (5) ” فقال: إنما عنى بهذا: [ إذا سمعتم ] الرجل [ الذي ] يجحد الحق ويكذب به ويقع في الائمة فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عبد الاعلى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس مجلسا ينتقص فيه إمام أو يعاب فيه مؤمن. 10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن * (هامش) (1) أي فهل يتوقع منكم يا معشر المنافقين ان توليتم أي صرتم ولاة ” أن تفسدوا ” خبر ” عسيتم ” وقوله: ” لعنهم الله ” أي لافسادهم وقطعهم الارحام. (2) محمد ص 23. وقوله: ” فاصمهم ” أي تركهم وما هم عليه من التصأم عن استماع الحق وسلوك طريقه. (3) الرعد: 24. وقوله: ” سوء الدار أي سوء عاقبة الدار أو عذاب جهنم. (4) البقرة 27. وقوله ” ينقضون ” النقض فسخ التركيب واصله في طاقات الحبل واستعماله في ابطال العهد يستعار له الحبل لما فيه من ربط أحد المتعاهدين بالاخر. (5) النساء: 137. وقوله: ” يكفر بها ” حال من الايات.


[ 378 ]

ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فلا يقوم مكان ريبة (1). 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن في مجلس يعاب فيه إمام أو ينتقص فيه مؤمن. 12 – الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن مسلم، عن إسحاق ابن موسى قال: حدثني أخي وعمي (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، ومجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رث، (3)، ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم، قال: ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه – أو قال [ في ] كفه -: ” ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم (4) “. ” وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره (5) “. ” ولا تقولوا لما تصف ألسنتم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب (6) “.


(1) أي مقام تهمة وشك وكأن المراد النهى عن حضور موضع يوجب التهمة بالفسق أو الكفر أو بذمائم الاخلاق أعم من أن يكون بالقيام أو المشى أو القعود أو غيرها فانه يتهم بتلك الصفات ظاهرا عند الناس ويتلوث به باطنا (آت). (2) كان المراد بالاخ الرضا (عليه السلام) لان الشيخ عد اسحاق من أصحابه (عليه السلام) و بالعم على بن جعفر وكانه كان [ عن أبى، عن أبى عبد الله ] وظن الرواة انه زائد فأسقطوه وان أمكن رواية على بن جعفر عن أبيه والرضا (عليهما السلام) لم يحتج إلى الواسطة في الرواية (آت). (3) الرث: الشئ البالى. (4) الانعام 108. وترتيب الايات على خلاف ترتيب المطالب فالاية الثالثة للكذب في الفتيا والاولى للثاني إذ قد ورد في الاخبار ان المراد بسب الله سب اولياء الله. (5) الانعام: 68. (6) النحل: 116. قوله ” لما تصف ” أي لوصف السنتكم.

[ 379 ]

13 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن مسلم، عن داود بن فرقد قال: حدثني محمد بن سعيد الجمحي قال: حدثني هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا ابتليت بأهل النصب ومجالستهم فكن كأنك على الرضف حتى تقوم (1) فإن الله يمقتهم ويلعنهم فإذا رأيتهم يخوضون في ذكر إمام من الائمة فقم فإن سخط الله ينزل هناك عليهم. 14 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قعد عند سباب لاولياء الله فقد عصى الله تعالى. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قعد في مجلس يسب فيه إمام من الائمة، يقدر على الانتصاب (2) فلم يفعل ألبسه الله الذل في الدنيا وعذبه في الآخرة وسلبه صالح ما من به عليه من معرفتنا. 16 – الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، عن علي بن محمد بن سعد (3) عن محمد ابن مسلم، عن الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني أبي: علي بن النعمان عن ابن مسكان، عن اليمان بن عبيدالله قال: رأيت يحيى بن ام الطويل وقف


(1) الرضف: الحجارة المحماة على النار. (2) في بعض النسخ: [ على الانصراف ] وفى بعضها: [ الانتصاف ] والانتصاف: الانتقام. وفى القاموس انتصف منه: استوفى حقه منه كاملا حتى صار كل على النصف سواء: وتناصفوا: أنصف بعضهم بعضا. انتهى. والانتصاف أن يقتله إذا لم يخف على نفسه أو عرضه أو ماله أو على مؤمن آخر. وإضافة صالح إلى الموصول بيانه، فيفيد سلب أصل المعرفة بناء على أن ” من ” للبيان. ويحتمل التبعيض أي من أنواع معرفتنا، فيفيد سلب الكمال ويحتمل التعليل أي الاعمال الصالحة والاخلاق الحسنة التى أعطاه الله بسبب المعرفة ويحتمل أن تكون الاضافة لامية فيرجع إلى الاخر (آت). (3) في بعض النسخ [ سعيد ].

[ 380 ]

بالكناسة (1) ثم نادى بأعلى صوته: معشر أولياء الله! إنا براء مما تسمعون، من سب عليا (عليه السلام) فعليه لعنة الله ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله، ثم يخفض صوته فيقول: من سب أولياء الله فلا تقاعدوه ومن شك فيما نحن عليه فلا تفاتحوه (2) ومن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه (3)، ثم يقرأ: ” إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا (4).


(1) يحيى بن أم الطويل المطعمى من أصحاب على بن الحسين (عليهما السلام) وقال الفضل بن شاذان لم يكن في زمن على بن الحسين (عليهما السلام) في أول أمره إلا خمسة أنفس وذكر من جملتهم يحيى بن أم الطويل. وروى عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ارتد الناس بعد الحسين (عليه السلام) إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي ويحيى بن ام الطويل وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقو وكثروا وفى رواية اخرى مثله وزاد فيها، جابر بن عبد الله الانصاري. وروى عن أبى جعفر (عليه السلام) أن الحجاج طلبه وقال: تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه ورجليه وقتله، و أقول: كان هؤلاء الاجلاء من خواص أصحاب الائمة (عليهم السلام) كانو مأذونين من قبل الائمة (عليهم السلام) بترك التقية لمصلحة خاصة خفية. أوانهم كانوا يعلمون أنه لا ينفعهم التقية وأنهم يقتلون على كل حال باخبار المعصوم أو غيره والتقية إنما تجب إذا نفعت مع أنه يظهر من بعض الاخبار أن التقية انما تجب ابقاء للدين وأهله فإذا بلغت الضلالة حدا توجب اضمحلال الدين بالكلية فلا تقية حينئذ وان أوجب القتل كما أن الحسين (عليه السلام) لما رأى انطماس آثار الحق رأسا ترك التقية والمسالمة (آت) والكناسة بالضم موضع بالكوفة. (2) في النهاية الفتح: الحكم ومنه حديث ابن عباس: ما كنت أدرى ما قوله عز وجل: ” ربنا افتح بيننا وبين قومنا ” حتى سمعت بنت ذى يزن تقول لزوجها: تعال افاتحك أي أحاكمك ومنه الحديث ” لا تفاتحوا أهل القدر ” أي لا تحاكموهم وقيل: لا تبتدؤوهم بالمجادلة والمناظرة. (3) ” فقد خنتموه ” الغرض الحث على الاعطاء قبل سؤالهم حتى لا يحتاجوا إلى المسألة، فان العطية بعد السؤال جزاؤه (4) الكهف: 29. والسرادق كلما أحاط الشئ من حائط أو مضرب أو خباء. وقوله: ” كالمهل ” أي كالجسد المذاب. و ” مرتفقا ” أي متكاء. وأصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخد وهو لمقابلة قوله: ” وحسنت مرتفقا ” والا فلا ارتفاق لاهل النار. (آت).

[ 381 ]

(باب) * (اصناف الناس) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم مولى طربال قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): الناس على ستة أصناف قال: قلت أتأذن لي أن أكتبها؟ قال: نعم قلت: ما أكتب؟ قال: اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة وأهل النار (1) واكتب ” و آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا (2) ” قال: قلت: من هؤلاء قال: وحشي منهم (3) قال: واكتب ” وآخرون مرجون لامر الله إما يعذبهم و إما يتوب عليهم (4) ” قال: واكتب ” إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ” لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلا إلي الايمان ” فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم (5) ” قال: واكتب أصحاب الاعراف قال قلت ; وما أصحاب الاعراف؟ قال: قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنة فبرحمته. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حماد، عن حمزة بن الطيار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الناس على ست فرق، يؤولون (6) كلهم إلى ثلاث فرق: الايمان والكفر والضلال، وهم أهل الوعدين (7) الذين وعدهم الله


(1) أي الوعد والوعيد، اكتفى باحدهما تغليبا. وفى بعض النسخ [ الوعد ] وفى بعضها [ الوعدين ] وهو أظهر أي الذين يتحقق فيهم وعد الثواب ووعيد العقاب (آت). (2) البقرة: 102. (3) في القاموس وحشى بن حوب صحابي وهو قاتل حمزة (رضي الله عنه) في الجاهلية ومسيلمة الكذاب في الاسلام. (4) النساء: 106. (5) النساء: 98. (6) أي يرجعون. (7) النسخ هنا مختلفة كالسابق.

[ 382 ]

الجنة والنار: المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وأهل الاعراف (1). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: دخلت أنا وحمران – أو أنا وبكير – على أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: إنا نمد المطمار قال: وما المطمار؟ قلت: التر (2) فمن وافقنا من علوي أو غيره توليناه ومن خالفنا من علوي أو غيره برئنا منه، فقال لي: يا زرارة قول الله


(1) يعني أن الناس ينقسمون أولا إلى ثلاثة فرق بحسب الايمان والكفر والضلال ثم أهل الضلال ينقسمون إلى أربع فيصير المجموع ست فرق. الاولى: أهل الوعد بالجنة وهم المؤمنون واريد بهم من آمن بالله وبالرسول وبجميع ما جاء به الرسول بلسانه وقلبه وأطاع الله بجوارحه. والثانية: أهل: الوعيد بالنار وهم الكافرون واريد بهم من كفر بالله أو برسوله أو بشئ مما جاء به الرسول إما بقلبه أو بلسانه أو خالف الله في شئ من كبائر الفرائض استخفافا. والثالثة: المستضعفون وهم الذين لا يهتدون إلى الايمان سبيلا لعدم استطاعتهم كالصبيان والمجانين والبله ومن لم يصل الدعوة إليه. والرابعة: المرجون لامر الله وهم المؤخر حكمهم إلى يوم القيامة، من الارجاء بمعنى التأخير يعنى لم يأت لهم وعد ولا وعيد في الدنيا وانما أخر أمرهم إلى مشيئة الله فيهم، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهم الذين تابوا من الكفر ودخلوا في الاسلام إلا أن الاسلام لم يتقرر في قلوبهم ومن يعبد الله على حرف قبل أن يستقر على الايمان أو الكفر وهذا التفسير للمرجئين بحسب هذا التقسيم الذى في الحديث وإلا فأهل الضلال كلهم مرجون لامر الله كما يأتي الاشارة إليه في حديث آخر. والخامسة: فساق المؤمنين الذين ” خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ثم اعترفوا بذنوبهم فعسى الله أن يتوب عليهم “. والسادسة: أصحاب الاعراف وهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، لا يرجح احديهما على الاخرى ليدخلو به الجنة أو النار فيكونون في الاعراف حتى يرجح أحد الامرين بمشيئة الله سبحانه وهذا التفسير والتفصيل يظهر من الاخبار الاتية إن شاء الله (في). (2) المطمار بالمهملتين خيط للبناء يقدر به وكذا التر بضم المثناة الفوقية والراء المشددة يعني إنا نضع ميزانا لتولينا الناس وبرائتنا منهم وهو ما نحن عليه من التشيع فمن استقام معنا عليه فهو ممن توليناه ومن مال عنه وعدل فنحن منه براء، كائنا من كان (في).

[ 383 ]

أصدق من قولك، فأين الذين قال الله عز وجل: ” إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ” أين المرجون لامر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ أين أصحاب الاعراف أين المؤلفة قلوبهم؟!. وزاد حماد في الحديث قال: فارتفع صوت أبي جعفر (عليه السلام) وصوتي حتى كان يسمعه من على باب الدار (1). وزاد فيه جميل، عن زرارة: فلما كثر الكلام بيني وبينه قال لي: يا زرارة حقا على الله أن [ لا ] يدخل الضلال الجنة (2). (باب الكفر) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت: لابي عبد الله (عليه السلام): سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كفرائض الله عز وجل؟ فقال: إن الله عز وجل فرض فرائض موجبات على العباد فمن ترك فريضة من الموجبات فلم يعمل بها وجحدها كان كافرا وأمر [ رسول ] الله بامور كلها حسنة فليس من ترك بعض ما أمر الله عز وجل به عباده من الطاعة بكافر، ولكنه تارك للفضل، منقوص من الخير. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله إن الكفر لاقدم من الشرك وأخبث وأعظم، قال:


(1) هذا مما يقدح به في زرارة ويدل على سوء أدبه ولما كانت جلالته وعظمته ورفعة شأنه وعلو مكانه مما أجمعت عليه الطائفة وقد دلت عليه الاخبار المستفيضة فلا يعبأ بما يوهم خلاف ذلك ويمكن أن يكون هذه الامور في بدء أمره قبل كمال معرفته أو كان هذا من طبعه وسجيته ولم يمكنه ضبط نفسه ولم يكن ذلك لشكه وقله اعتنائه أو كان قصده معرفة كيفية المناظرة في هذا المطلب مع المخالفين أو كان لشدة تصلبه في الدين وحبه لائمة المؤمنين حيث كان لا يجوز دخول مخالفيهم في الجنة (آت). (2) المراد بالضلال المستضعفون و ” لا ” ليست في بعض النسخ.

[ 384 ]

ثم ذكر كفر إبليس حين قال الله له: اسجد لآدم فأبى أن يسجد، فالكفر أعظم من الشرك فمن اختار على الله عز وجل وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا غير دين المؤمنين فهو مشرك. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ذكر عنده سالم ابن أبي حفصة وأصحابه (1) فقال: إنهم ينكرون أن يكون من حارب عليا (عليه السلام) مشركين؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): فإنهم يزعمون أنهم كفار، ثم قال لي: إن الكفر أقدم من الشرك ثم ذكر كفر إبليس حين قال له: اسجد فأبى أن يسجد، وقال: الكفر أقدم من الشرك، فمن اجترى على الله فأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر يعني مستخف كافر. 4 – عنه، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن حمران بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز وجل: ” إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (2) ” قال: إما آخذ فهو شاكر وإما تارك فهو كافر. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حماد بن عثمان، عن عبيد، عن زرارة (3) قال سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله (4) ” قال: ترك العمل الذي أقر به، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل.


(1) سالم بن أبى حفصة روى عن السجاد والباقر والصادق (عليهم السلام) وكان زيديا تبريا من رؤسائهم ولعنه الصادق (عليه السلام) وكذبه وكفره وروى في ذمه روايات كثيرة واسمه زياد (آت). (2) الدهر: 3. أي بينا له الطريق ونصبنا له الادلة حتى يتمكن من معرفة الحق والباطل. (3) في بعض النسخ [ عن عبيد بن زرارة ]. (4) المائدة: 6. قوله: ” ومن يكفر بالايمان ” قيل: الباء للعوض لقوله تعالى ” اشتروا الضلالة بالهدى ” أو للمصاحبة نحو ” اهبط بسلام ” فعلى الاول المعنى الكفر وعلى الثاني المراد به الانكار قلبا والاقرار ظاهرا. وقوله: ” حبط عمله ” أي بطل نتيجته المؤثرة في سعادته.

[ 385 ]

6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عن موسى بن بكير قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الكفر والشرك أيهما أقدم؟ قال: فقال لي: ما عهدي بك تخاصم الناس، (1) قلت: أمرني هشام بن سالم أن أسألك عن ذلك، فقال لي: الكفر أقدم وهو الجحود، قال الله عز وجل: ” إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (2) “. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): يدخل النار مؤمن؟ قال: لا والله، قلت: فما يدخلها إلا كافر؟ قال: لا إلا من شاء الله، فلما رددت عليه مرارا قال لي: أي زرارة إني أقول: لا وأقول: إلا من شاء الله وأنت تقول: لا ولا تقول: إلا من شاء الله، قال: فحدثني (3) هشام بن الحكم وحماد، عن زرارة قال: قلت في نفسي: شيخ


(1) أي ماكنت أظن انك تخاصم الناس أو لم تكن قبل هذا ممن يخاصم المخالفين (آت) (2) البقرة: 34. (3) ” قال: فحدثني ” المستتر في ” قال ” يعود إلى ابن أبى عمير والمراد بالمؤمن هنا الامي المجتنب للكبائر غير المصر على الصغائر وبالكافر من اختل بعض عقائده أما في التوحيد أو في النبوة أو في الامامة أو في المعاد أو في غيرها من اصول الدين مع تعصبه في ذلك واتمام الحجة عليه بكمال عقله وبلوغ الدعوة إليه فحصلت هنا واسطة في أصحاب الكبائر من الامامية والمستضعفين من العامة ومن لم تتم عليهم الحجة من سائر الفرق فهم يحتمل دخولهم النار وعدمه فهم وسائط بين المؤمن والكافر. وزرارة كان ينكر الواسطة بادخال الوسائط في الكافر أو بعضهم في المؤمن وبعضهم في الكافر وكان لا يجوز دخول المؤمن النار ودخول غير المؤمن الجنة ولذا لم يتزوج بعد تشيعه لانه كان يعتقد أن المخالفين كفار لا يجوز التزوج منهم وكأنه تمسك بقوله تعالى: ” هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ” وبقوله تعالى ” فريق في الجنة وفريق في السعير ” والمنع عليهما ظاهر. وقوله: ” شيخ لا علم له بالخصومة ” الظاهر أن غرضه الامام (عليه السلام) يعنى لا يعلم طريق المجادلة. وذلك بمحض خطور بال لا يؤاخذ الانسان به وحاصل كلامه (عليه السلام) الرد عليه باثبات الواسطة لان المخالفين في بعض الاحكام في حكم المسلمين وإن كان غير من ذكرنا من الواسطة مخلدين في النار (آت – ملخصا).

[ 386 ]

لا علم له بالخصومة. قال: فقال لي: يا زرارة ما تقول فيمن أقر لك بالحكم (1) أتقتله؟ ما تقول في خدمكم وأهليكم أتقتلهم؟ قال: فقلت: أنا – والله – الذي لا علم لي بالخصومة. 8 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) – وسئل عن الكفر والشرك أيهما أقدم؟ – فقال: الكفر أقدم أن إبليس أول من كفر، وكان كفره غير شرك لانه لم يدع إلى عبادة غير الله وإنما دعى إلى ذلك بعد فأشرك. 9 – هارون، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) – وسئل ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة قد سميته كافرا وما الحجة في ذلك؟ – فقال: لان الزاني وما أشبهه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لانها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافا بها وذلك لانك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذ لاتيانه إياها قاصدا إليها، وكل من ترك الصلاة قاصدا إليها فليس يكون قصده لتركها اللذة، فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر. قال: وسئل أبو عبد الله (عليه السلام) وقيل له: ما الفرق بين من نظر إلى امرأة فزنى بها أو خمر فشربها وبين من ترك الصلاة حتى لا يكون الزاني وشارب الخمر مستخفا كما يستخف تارك الصلاة وما الحجة في ذلك وما العلة التي تفرق بينهما؟ قال: الحجة أن كلما أدخلت أنت نفسك فيه لم يدعك إليه داع ولم يغلبك غالب شهوة مثل الزنى وشرب الخمر وأنت دعوت نفسك إلى ترك الصلاة وليس ثم شهوة فهو الاستخفاف بعينه وهذا فرق ما بينهما. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من شك في الله وفي رسول (صلى الله عليه وآله) فهو كافر.


(1) أن يقول: أنا على مذهبك كلما حكمت على أن اعتقده وأدين الله به.

[ 387 ]

11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): من شك في رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: كافر، قلت: فمن شك في كفر الشاك فهو كافر؟ فأمسك عني فرددت عليه ثلاث مرات فاستبنت في وجهه الغضب (1). 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله (2) ” فقال: من ترك العمل الذي أقر به، قلت: فما موضع ترك العمل؟ حتى يدعه أجمع؟ قال: منه الذي يدع الصلاة متعمدا لا من سكر ولا من علة. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم وحماد عن أبي مسروق قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة، فقال لي: ما هم؟ قلت: مرجئة وقدرية وحرورية (3) فقال: لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة التي لا تعبد الله على شئ. 14 – عنه، عن الخطاب بن مسلمة وأبان، عن الفضيل قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وعنده رجل فلما قعدت قام الرجل فخرج، فقال: لي يا فضيل ما هذا عندك، قلت: وما هو؟ قال: حروري، قلت كافر؟ قال: إي والله مشرك. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل شئ يجره الاقرار والتسليم فهو الايمان وكل شئ يجره الانكار والجحود فهو الكفر.


(1) استبانه أي عرفه. (2) المائدة: 6. (3) المرجئة: المؤخرون أمير المؤمنين (عليه السلام) عن مرتبته في الخلافة أو القائلون بأن. لا يضر مع الايمان معصية. والقدرية هم القائلون بالتفويض وإن أفعالنا مخلوقة لنا وليس لله فيه صنع ولا مشيئة ولا إرادة. والحرورية: فرقة من الخوارج ينسب إلى حروراء وهى قرية بقرب الكوفة.

[ 388 ]

16 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عليا (صلوات الله عليه) باب فتحه الله، من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا. 17 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار وابن سنان وسماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طاعة علي (عليه السلام) ذل (1) ومعصيته كفر بالله، قيل: يا رسول الله وكيف يكون طاعة علي (عليه السلام) ذلا ومعصيته كفرا بالله؟ قال: إن عليا (عليه السلام) يحملكم (2) على الحق فإن أطعتموه ذللتم وإن عصيتموه كفرتم بالله عز وجل. 18 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: حدثني إبراهيم ابن أبي بكر قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: إن عليا (عليه السلام) باب من أبواب الهدى، فمن دخل من باب علي كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين لله فيهم المشيئة. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا. 20 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل نصب عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان


(1) أي ذل في الدنيا وعند الناس لان طاعته توجب ترك الدنيا وزينتها والحكم للضعفاء على الاقوياء والرضا بتسوية القسمة بين الشريف والوضيع والقناعة بالقليل من الحلال والتواضع وترك التكبر والترفع وكل ذلك مما يوجب الذل عند الناس كما روي أنه لما قسم بيت المال بين أكابر الصحابة والضعفاء بالسوية غضب لذلك طلحة والزبير وأسساء الفتنة والبغى والجور (آت). (2) في بعض النسخ [ يحكم ]

[ 389 ]

مشركا ومن جاء بولايته دخل الجنة ومن جاء بعداوته دخل النار. 21 – يونس، عن موسى بن بكير، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: إن عليا (عليه السلام) باب من أبواب الجنة فمن دخل بابه كان مؤمنا ومن خرج من بابه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة التي لله فيهم المشيئة. (باب وجوه الكفر) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه. فمنها كفر الجحود، والجحود على وجهين، والكفر بترك ما أمر الله ; وكفر البراءة، وكفر النعم. فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول: لا رب ولا جنة ولا نار وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم: الدهرية وهم الذين يقولون ” وما يهلكنا إلا الدهر (1) وهو دين وضعوه لانفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشئ مما يقولون، قال الله عز وجل: ” إن هم إلا يظنون (1) ” أن ذلك كما يقولون وقال: ” إن الذين كفروا سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (2) ” يعني بتوحيد الله تعالى فهذا أحد وجوه الكفر. وأما الوجه الآخر من الجحود على معرفة (3) وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق، قد استقر عنده وقد قال الله عز وجل: ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم


(1) الجاثية: 23. و ” أن ” بفتح الهمزة وتشديد النون مفعول ” يظنون “. (2) البقرة: 6. وخص نفى الايمان في الاية بتوحيد الله لان سائر ما يكفرون به من توابع التوحيد (في) (3) هكذا في النسخ التى رأيناها والصواب: واما الوجه الاخر من الجحود فهو الجحود على معرفة ولعله سقط من قلم النساخ وهذا الكفر هو كفر التهود (في).

[ 390 ]

ظلما وعلوا (1) ” وقال الله عز وجل: ” وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (2) ” فهذا تفسير وجهي الجحود. والوجه الثالث من الكفر كفر النعم وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام) ” هذا من فضل ربي ليبلونئ أشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم (3) ” وقال: ” لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد (4) ” وقال: ” فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون (5) “. والوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز وجل به وهو قول الله عز وجل: ” وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون * ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم (6) ” فكفرهم بترك ما أمر الله عز وجل به ونسبهم إلى الايمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده فقال: ” فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون (7) “. والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة وذلك قوله عز وجل يحكي قول إبراهيم (عليه السلام): ” كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده (8) ” يعني تبرأنا منكم، وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الانس يوم القيامة:


(1) النمل: 14. (2) البقرة: 89. (3) النمل: 40. (4) إبراهيم: 7. (5) البقرة: 152. (6) البقرة: 84. وقوله: ” ثم أقررتم ” أي بالميثاق. وقوله: ” تظاهرون ” أي تعاونون. (7) البقرة: 85. (8) الممتحنة: 4.

[ 391 ]

” إني كفرت بما أشركتموني من قبل (1) ” وقال: ” إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا (2) ” يعني يتبرء بعضكم من بعض. (باب) * (دعائم الكفر وشعبه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال: بني الكفر على أربع دعائم: الفسق (3) والغلو، والشك، والشبهة. والفسق على أربع شعب: على الجفاء، والعمى، والغفلة، والعتو (4)، فمن جفا احتقر الحق (5)، ومقت الفقهاء، وأصر على الحنث العظيم، ومن عمي نسي الذكر، واتبع الظن، وبارز خالقه (6)، وألح عليه الشيطان، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة (7) ولا غفلة، ومن غفل جنى على نفسه (8)، وانقلب على ظهره


(1) ابراهيم: 22. (2) العنكبوت: 25. (3) الفسق الخروج من الطاعة. والغلو مجاورة الحد في الدين. والشك هو تساوى النقيضين وفى المصباح قال أئمة اللغة هو – أي الشك – خلاف اليقين وهو التردد بين الشيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الاخر. والشبهة هي ترجيح الباطل بالباطل وتصوير غير الواقع بصورة الواقع وجلها بل كلها يحصل بمزج الباطل بالحق ولذلك سميت شبهة لانها تشبه الحق (لح). (4) العتو مصدر بمعنى التجبر والاستكبار (لح). (5) وفى بعض النسخ [ احتقر الخلق ]. والجفاء هو الغلظة في الطبع والخرق في المعاملة والفظاظة في القلب ورفض الصلة والبر والرفق. ويقال: هو مأخوذ من جفا السيل وهو ما نفاه السيل. والعمى هو ابطال البصيرة القلبية وترك التفكر في الامور النافعة في الاخرة. والغفلة هي غيبة الشئ عن بال الانسان وعدم تذكره له. (6) أي حاربه مطلقا أو في اتباع الظن حيث ارتكب مانهاه (لح). (7) الاستكانة: التواضع أي بلا تواضع لله. (8) أي جنى عليه بما يهلكه.

[ 392 ]

وحسب غيه رشدا، وغرته الاماني، وأخذته الحسرة والندامة (1) إذا قضي الامر وانكشف عنه الغطاء وبدا له ما لم يكن يحتسب ومن عتا (2) عن أمر الله شك ومن شك تعالى الله عليه (3) فأذله بسلطانه وصغره بجلاله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره (4). والغلو على أربع شعب: على التعمق بالرأي، والتنازع فيه، والزيغ، و الشقاق، فمن تعمق (5) لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات (6) ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته اخرى، وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج (7)، ومن نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل (8) من طول اللجاج، ومن زاغ قبحت عنده الحسنة و حسنت عنده السيئة ومن شاق (9) أعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره، فضاق عليه مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين. والشك على أربع شعب: على المرية، والهوى، والتردد، والاستسلام (10)


(1) أي أخذته الحسرة مما لحقه من الفضائح، والندامة مما فعله من القبائح. (2) أي استكبر عن امره تعالى. (3) ” تعالى الله عليه ” أي استولى الله عليه وأذله بتمكنه وقدرته (لح). (4) أي قصر في طاعته. (5) أي التعمق في الباطل وطلب أقصى غاية بالرأى والقياس. وقوله: ” والتنازع فيه ” أي مخاصمة الحق بالرأى الباطل. والزيغ أي الميل عن الحق إلى الباطل. والشقاق: المخالفة الشديدة مع اهل الحق. وقوله: ” لم ينب ” أي لم يرجع (لح). وفى بعض النسخ [ لم يتب ]. (6) الغمرة: معظم الماء الساتر لمقرها. مثل للجهالة التى يغمر صاحبها والانحسار الانكشاف. (7) قال الراغب، اصل المرج: الخلط والمرج الاختلاط، يقال: أمرهم مريج أي مختلط وقال البيضاوى في قوله تعالى: ” فهم في أمر مريج ” أي مضطرب. (8) العثل: الحمق. وفى أكثر النسخ [ بالفشل ] بالفاء والشين وهو الضعف والجبن. (9) أي عارض ونازع اهل الدين والامام المبين. وقوله: ” اعورت ” أي صارت اعور، لا علم لها فلا يهدى سالكها. وفى بعض النسخ [ اوعرت ] أي صعبت. (10) المرية بالكسر والضم: الشك والجدل ومراه مماراة ومراء وامترى فيه وتمارى: شك ” والتردد ” أي بين الحق والباطل لان الشاك متردد بينهما قد يختار هذا وقد يختار ذاك. والاستسلام: الانقياد لان الشاك واقف على الجهل مستسلم له (آت).

[ 393 ]

وهو قول الله عز وجل: فبأي آلاء ربك تتمارى (1) “. وفي رواية اخرى: على المرية، والهول من الحق، والتردد، والاستسلام للجهل وأهله. فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه (2)، ومن امترى في الدين تردد في الريب (3)، وسبقه الاولون من المؤمنين، وأدركه الآخرون، ووطئته سنابك الشيطان (4)، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين، ولم يخلق الله خلقا أقل من اليقين. والشبهة على أربع شعب: إعجاب بالزينة، وتسويل النفس، وتأول العوج (5) ولبس الحق بالباطل، وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة (6) وأن تسويل النفس تقحم على الشهوة، وأن العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما، وأن اللبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه. (باب) * (صفة النفاق والمنافق (7) * قال: والنفاق على أربع دعائم: على الهوى، والهوينا، والحفيظة، والطمع (8). فالهوى على أربع شعب: على البغي، والعدوان، والشهوة، والطغيان، فمن


(1) النجم: 55. والمماراة: المجادلة على مذهب الشك وشعبه. (2) الهول: الخوف من الحق وقوله: ” نكص ” أي رجع عما كان عليه. (3) أي تحير فيه لعدم النجاة منه. (4) السنبك كقنفذ: ضرب من العدو وطرف الحافر، وهو كناية عن استيلاء الشيطان وجنوده من الجن والانس عليه (آت). (5) التأول هذا بمعنى التأويل أي تأويل العوج وتغييره بوجه يخفى عوجه ويبرز استقامته فيظن انه مستقيم كما فعله أهل الخلاف في كثير من أحاديثهم الموضوعة (لح). (6) صدف عنه: أعرض. (7) هو تتمة الخبر السابق أفرده المصنف عنه وجعله جزء هذا الباب كما أنه جعل سائر أجزائه أجزاء لابواب أخر مرت في اول الكتاب (آت). (8) الهوينا تصغير الهونى، تأنيث الاهون وهو من الهون: الرفق واللين والتثبت والمراد هنا: التهاون في أمر الدين وترك الاهتمام فيه. والحفيظة: الغضب والحمية.

[ 394 ]

بغى كثرت غوائله وتخلى منه وقصر عليه (1) ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ولم يملك نفسه عن الشهوات ومن لم يعدل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى ضل على عمد (2) بلا حجة. والهوينا على أربع شعب: على الغرة، والامل، والهيبة، والمماطلة، وذلك بأن الهيبة ترد عن الحق، والمطاطلة تفرط في العمل حتى يقدم عليه الاجل، ولولا الامل علم الانسان حسب ما هو فيه (3) ولو علم حسب ما هو فيه مات خفاتا من الهول والوجل، والغرة تقصر بالمرء عن العمل. والحفيظة على أربع شعب: على الكبر والفخر والحمية (4) والعصبية، فمن استكبر أدبر عن الحق ومن فخر فجر و من حمى أصر على الذنوب ومن أخذته العصبية جار، فبئس الامر أمر بين إدبار و فجور وإصرار وجور على الصراط والطمع على أربع شعب: الفرح، والمرح، واللجاجة، والتكاثر، فالفرح مكروه عند الله، والمرح خبلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام، والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. فذلك النفاق ودعائمه وشعبه. والله قاهر فوق عباده تعالى ذكره وجل وجهه وأحسن كل شئ خلقه وانبسطت يداه ووسعت كل شئ رحمته وظهر أمره وأشرق


(1) في بعض النسخ [ ونصر عليه ]. (2) في بعض النسخ [ على عمل ]. (3) الحسب بالتحريك القدر والعدد والخفات بضم الخاء المعجمة: الموت فجأة. (4) قال الراغب: عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فقيل: حميت على فلان أي غضبت عليه قال تعالى: ” حمية الجاهلية ” والعصبة: الاقارب من جهة الاب والعصبية حمايتهم والدفع عنهم، والتعصب المحاماة والمدافعة وهى والحمية من توابع الكبر وكان الفرق بينهما بان الحمية للنفس والعصبية للاقارب أو الحمية للاهل والعصبية للاقارب (آت).

[ 395 ]

نوره وفاضت بركته واستضاءت حكمته (1) وهيمن كتابه وفلجت حجته وخلص دينه واستظهر سلطانه وحقت كلمته وأقسطت موازينه وبلغت رسله، فجعل السيئة ذنبا والذنب فتنة والفتنة دنسا وجعل الحسنى عتبى (2) والعتبى توبة والتوبة طهورا، فمن تاب اهتدى، ومن افتتن غوى، ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ولا يهلك على الله إلا هالك. الله الله فما أوسع مالديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم وما أنكل ما عنده من الانكال والجحيم والبطش الشديد (3)، فمن ظفر بطاعته اجتنب كرامته ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته وعما قليل ليصبحن نادمين. 2 – محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن عبد الحميد والحسين بن سعيد جميعا، عن محمد بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن مسألة فكتب إلي: ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ” ليسوا من الكافرين وليسوا من المؤمنين وليسوا من المسلمين، يظهرون الايمان ويصيرون إلى الكفر والتكذيب لعنهم الله.


(1) أي شريعتة أو مصلحتة أو علمه بالاشياء وايجادها على غاية الاتقان وقوله: ” وهيمن كتابه ” أي صار كتابه حافظا ورقيبا وشاهدا على كل شئ لان فيه تبيان كل شئ أو هو قائم على سائر الكتب رقيب عليها لانه يشهد لها بالصحة والاخير أظهر لانه ناظر إلى قوله تعالى ” و أنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ” وقوله: ” فلجت حجته ” أي غلبت حجته الدالة على ربوبيته وتوحيده وقدرته وحكمته. وقوله ” خلص دينه ” أي الدين الذى شرع للعباد خالص عن الكذب والباطل والغش. وقيل: الدين الطاعة وفيه تنبيه على أن الطاعة المختلطة بغير وجه الله تعالى ليست طاعة. (2) الحسنى: الاعمال الحسنة أو الكلمة الحسنى وهي العقائد الحقة. والعتبى: الرضا، أي سببا لرضا الخالق أو الرجوع من الذنب والاساءة والعصيان إلى الطاعة والتوبة والاحسان. (3) النكل بالكسر: القيد لانه ينكل به أي يمنع وجمعه أنكال والجحيم من أسماء جهنم وأصله ما اشتد لهبه من النيران والبطش الاخذ القوى الشديد والوصف للتأكيد

[ 396 ]

3 – الحسين بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم عن الهيثم بن واقد، عن محمد بن سليمان، عن ابن مسكان، عن ابي حمزة، عن علي ابن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي وإذا قام إلى الصلاة اعترض – قلت: يا ابن رسول الله وما الاعتراض؟ قال: الالتفات – وإذا ركع ربض (1)، يمسي وهمه العشاء وهو مفطر ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، إن حدثك كذبك وإن ائتمنته خانك وإن غبت اغتابك وإن وعدك أخلفك. 4 – عنه، عن ابن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الملك بن بحر، رفعه مثل ذلك – وزاد فيه – إذا ركع ربض وإذا سجد نقر وإذا جلس شغر (2). 5 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن على الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المنافق مثل جذع النخل أراد صاحبه أن ينتفع به في بعض بنائه فلم يستقم له في الموضع الذي أراد، فحوله في موضع آخر فلم يستقم له، فكان آخر ذلك أن أحرقه بالنار. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق (3).


(1) الربض بفتح الباء مأوى الغنم وكل ما يؤوى ويستراح إليه. (2) ذكره لبيان الزيادة وقوله: ” إذا سجد نقر ” أي خفف السجود. و ” إذا جلس شغر ” قيل: أي أقعى كاقعاء الكلب. وقيل: أي رفع ساقيه من الارض وقعد على عقبيه من شغر الكلب كمنع رفع أحد رجليه، بال أولم يبل والاظهر عندي انه إشارة إلى ما يستحبه أكثر المخالفين في التشهد فانهم يجلسون على الورك الايسر ويجعلون الرجل اليمنى فوق اليسرى ويقيمون القدم اليمنى يحيث يكون رؤوس الاصابع إلى القبلة وفى بعض النسخ [ شفر ] بالفاء وقيل: هو من التشفير بمعنى النقص والاول أظهر (آت). (3) في قوله: ” عندنا ” إيماء إلى أنه ليس بنفاق حقيقي بل هو خصلة مذمومة شبيهة بالنفاق (آت).

[ 397 ]

(باب الشرك) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن أدنى ما يكون العبد به مشركا، قال: فقال: من قال للنواة: إنها حصاة وللحصاة: إنها نواة ثم دان به (1). 2 – عنه، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي العباس قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى ما يكون به الانسان مشركا، قال: فقال: من ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض عليه. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير وإسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (2) ” قال: يطيع الشيطان من حيث لا يعلم فيشرك. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ” قال: شرك طاعة وليس شرك عبادة. وعن قوله عز وجل: ” ومن الناس من يعبد الله على حرف (3) ” قال: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون في أتباعه


(1) قال الشيح البهائي: لعل مراده (عليه السلام) من اعتقد شيئا من الدين ولم يكن كذلك في الواقع فهو ادنى الشرك ولو كان مثل اعتقاد أن النواة حصاة وأن الحصاة نواة ثم دان به. (2) يوسف: 106. (3) الحج: 11. وقوله: ” على حرف ” أي على طرف من الدين لا في وسطه وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم مثل الذى يكون على طرف من العسكر، إن أحس بظفر وغنيمة إطمأن وقر والا انهزم وفر.

[ 398 ]

ثم قلت: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن يعبد الله على حرف؟ فقال: نعم وقد يكون محضا (1). 5 – يونس، عن داود بن فرقد، عن حسان الجمال، عن عميرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: امر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا، ثم قال: وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك مشركين. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي (صلى الله عليه وآله): ألا صنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (2) ” ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): فعليكم بالتسليم. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله (3) ” فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون. 8 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أطاع رجلا في معصية فقد عبده.


(1) ” محضا ” أي شركا محضا. ويحتمل أن يكون تتمة كلامه سابقا أي وقد يكون في الرجل محضا ولا يكون في أتباعه. وفى بعض النسخ [ مخصصا ] فهو صريح في المعنى الاخير. (2) النساء: 64. (3) التوبة: 32.

[ 399 ]

(باب الشك) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) اخبره أني شاك وقد قال إبراهيم (عليه السلام): ” رب أرني كيف تحيي الموتى (1) ” وإني احب أن تريني شيئا، فكتب (عليه السلام) أن ابراهيم كان مؤمنا وأحب أن يزداد إيمانا وأنت شاك والشاك لا خير فيه، وكتب إنما الشك ما لم يأت اليقين فإذا جاء اليقين لم يجز الشك، وكتب أن: الله عز وجل يقول: ” وما وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (2) ” قال: نزلت في الشاك 2 – عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في خطبته: لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا عن يساره وزرارة عن يمينه، فدخل عليه أبو بصير فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن شك في الله؟ فقال: كافر يا أبا محمد، قال: فشك في رسول الله؟ فقال: كافر، قال: ثم التفت إلى زرارة فقال: إنما يكفر إذا جحد. 4 – عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن هارون ابن خارجة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم (3) ” قال: بشك.


(1) البقرة: 260. وغرض السائل ابداء العذر لشكله. (2) الاعراف: 101. (3) الانعام: 82.

[ 400 ]

5 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الشك والمعصية في النار، ليسا منا ولا إلينا. 6 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من شك في الله بعد مولده على الفطرة لم يفئ إلى خير أبدا (1). 7 – عنه، عن أبيه، رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا ينفع مع الشك و الجحود عمل. 8 – وفي وصية المفضل قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من شك أو ظن فأقام على أحدهما أحبط الله عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة 9 – عنه، عن علي بن أسباط، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت: إنا لنرى الرجل له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحق فهل ينفعه ذلك شيئا؟ فقال: يا أبا محمد إنما مثل أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فاجيب وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة، ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم (عليه السلام) يشكوا إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء قال: فتطهر عيسى وصلى ثم دعا الله عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي اؤتى منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله (2) ما استجبت له، قال: فالتفت إليه عيسى (عليه السلام) فقال: تدعو ربك وأنت في شك من نبيه؟ فقال: يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت، فادع الله [ لي ] أن يذهب به عني قال: فدعا له عيسى (عليه السلام فتاب الله عليه وقبل منه وصار في حد أهل بيته.


(1) ” لم يفئ ” هو من الفئ بمعنى الرجوع إما باثبات الهمزة أو بالقلب والحذف ” لم يف ” تخفيفا وظاهره عدم قبول توبة المرتد الفطري كما هو المشهور (آت). (2) أي تفرق.

[ 401 ]

(باب الضلال) 1 – علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن هاشم صاحب البريد قال: كنت أنا ومحمد بن مسلم وأبو الخطاب مجتمعين فقال لنا أبو الخطاب: ما تقولون فيمن لم يعرف هذا الامر؟ فقلت: من لم يعرف هذا الامر فهو كافر، فقال أبو الخطاب: ليس بكافر حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة فلم يعرف فهو كافر، فقال له محمد بن مسلم: سبحان الله ماله إذا لم يعرف ولم يجحد يكفر؟! ليس بكافر إذا لم يجحد، قال: فلما حججت دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال: إنك قد حضرت و غابا ولكن موعدكم الليلة، الجمرة الوسطى بمنى. فلما كانت الليلة اجتمعنا عنده وأبو الخطاب ومحمد بن مسلم فتناول وسادة فوضعها في صدره ثم قال لنا: ما تقولون في خدمكم ونساءكم وأهليكم أليس يشهدون أن لا إله إلا الله؟ قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت: من لم يعرف [ هذا الامر ] فهو كافر. قال: سبحان الله أما رأيت أهل الطريق وأهل المياه؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ اليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت: من لم يعرف [ هذا الامر ] فهو كافر. قال: سبحان الله أما رأيت الكعبة والطواف وأهل اليمن وتعلقهم بأستار الكعبة! قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه، قلت: لا قال: فما تقولون فيهم؟ قلت: من لم يعرف فهو كافر.


[ 402 ]

قال: سبحان الله هذا قول الخوارج، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم، فقلت أنا: لا (1)، فقال: أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشئ ما لم تسمعوه منا، قال: فظننت أنه يديرنا على قول محمد بن مسلم. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: فما تقول في مناكحة الناس فإني قد بلغت ما. تراه وما تزوجت قط، فقال: وما يمنعك من ذلك؟ فقلت: ما يمنعني إلا أنني أخشى أن لا تحل لي مناكحتهم فما تأمرني؟ فقال: فكيف تصنع وأنت شاب، أتصبر؟ قلت: أتخذ الجواري قال: فهات الآن فبما تستحل الجواري؟ قلت: إن الامة ليست بمنزلة الحرة (2) إن رابتني بشئ بعتها واعتزلتها، قال: فحدثني بما استحللتها؟ قال: فلم يكن عندي جواب. فقلت له: فما ترى أتزوج؟ فقال: ما ابالي أن تفعل، قلت: أرأيت قولك: ما ابالي أن تفعل، فإن ذلك على جهتين تقول: لست أبالي أن تأثم من غير أن آمرك، فما تأمرني أفعل ذلك بأمرك؟ فقال لي: قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج وقد كان من أمر امرأة نوح وامرأة لوط ما قد كان، إنهما قد كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين، فقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس في ذلك بمنزلتي إنما هي تحت يده وهي مقرة بحكمه، مقرة بدينه قال: فقال لي: ما ترى من الخيانة في قول الله عز وجل ” فخانتاهما (3) ” ما يعني بذلك إلا الفاحشة (4) وقد زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلانا، قال: قلت: أصلحك الله ما تأمرني أنطلق فأتزوج بأمرك؟ فقال لي: إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء، قلت: و ما البلهاء قال: ذوات الخدور العفائف.


(1) انما لم يرض الراوى باخباره (عليه السلام) بالحق لانه فهم منه انه يخبره بخلاف رأيه فيفضح عند خصميه ولعله في نفسه رجع إلى الحق ودان به (في). (2) فرق بين الحرة و الامة بان الحرة إذا لم توافقه ذهبت بصداقها مجانا مع ما في ذلك من الحزازة بخلاف الامة فانه يمكن بيعها وانتقاذ ثمنها. وقوله: ” رابتنى ” من الريب ومعنى قوله (عليه السلام): ” بما استحللتها ” أنك قبل ان تدخلها في دينك وتكلمها في ذلك كيف جاز لك نكاحها على زعمك فعجز عن الجواب فاشار (عليه السلام) بعدم البأس بذلك (في). (3) التحريم: 9. (4) أي الشرك والكفر أو الذنب العظيم. (5) البلهاء بالفتح مؤنث ابله.

[ 403 ]

فقلت: من هي (1) على دين سالم بن أبي حفصة؟ قال: لا، فقلت: من هي على دين ربيعة الرأي؟ فقال: لا ولكن العواتق اللواتي لا ينصبن كفرا ولا يعرفن ما تعرفون، قلت: وهل تعدو أن تكون مؤمنة أو كافرة؟ فقال: تصوم وتصلي وتتقي الله ولا تدري ما أمركم؟ فقلت: قد قال الله عز وجل: ” هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ” لا والله لا يكون أحد من الناس ليس بمؤمن ولا كافر. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): قول الله أصدق من قولك يا زرارة أرأيت قول الله عز وجل: ” خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم (2) ” فلما قال عسى؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، قال: فقال: ما تقول في قوله عز وجل ” إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ” إلى الايمان، فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، فقال: والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ثم أقبل علي فقال: ما تقول في أصحاب الاعراف؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون وإن دخلوا النار فهم كافرون، فقال: والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين، ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون ولكنهم قوم قد استوت حسناتهم و سيئاتهم فقصرت بهم الاعمال وإنهم لكما قال الله عز وجل. فقلت: أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار؟ فقال: اتركهم حيث تركهم الله قلت: أفترجئهم؟ قال: نعم ارجئهم كما أرجأهم الله، إن شاء أدخلهم الجنة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: لا، قلت: [ ف‍ ] هل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: لا إلا أن يشاء الله، يا زرارة إنني أقول ما شاء الله وأنت لا تقول ما شاء الله، أما إنك إن كبرت رجعت وتحللت عنك عقدك (3).


(1) في بعض النسخ [ هن ]. (2) التوبة: 103. (3) لا يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة ولم يجعله وأمثاله الاصحاب قادحة فيه لاجماع العصابة على عدالته وجلالته وفضله وثقته وورود الاخبار الكثيرة في فضله وعلو شانه وقد قدحوا في هذا الرواية بالارسال وبمحمد بن عيسى اليقطينى.

[ 404 ]

(باب المستضعف) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف فقال: هو الذي لا يهتدي حيلة إلى الكفر فيكفر ولا يهتدي سبيلا إلى الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يستطيع أن يكفر، فهم الصبيان، ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المستضعفون ” الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ” قال لا يستطيعون حيلة إلى الايمان ولا يكفرون الصبيان وأشباه عقول الصبيان من الرجال والنساء. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف، فقال: هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر ولا يهتدي بها إلى سبيل الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر قال: والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن جندب، عن سفيان بن السمط البجلي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في المستضعفين (1) فقال لي شبيها بالفزع: فتركتم أحدا يكون مستضعفا وأين المستضعفون؟


(1) المستضعف عند أكثر الاصحاب من لا يعرف الامام ولا ينكره ولا يوالى أحدا بعينه وقال ابن ادريس (ره): هو من لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم وهذا أوفق باحاديث هذا الباب وأظهر لان العالم بالخلاف والدلائل إذا توقف لا يقال له مستضعف ولعل فزعه (عليه السلام) بإعتبار أن سفيان كان من أهل الاذاعة لهذا الامر. فلذلك قال على سبيل الانكار. ” فتركتم أحدا يكون مستضعفا ” يعنى أن المستضعفين من لا يكون عالما بالحق والباطل وما تركتم أحدا على هذا الوصف لافشائكم أمرنا حتى تحدثت النساء والجوارى في خدورهن و والسقايات في طريق المدينة وانما خص العواتق بالذكر وهى الجارية أول ما أدركت لانهن إذا علمن مع كمال استتارهن فعلم غيرهن به أولى (لح).

[ 405 ]

فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهن وتحدث به السقايات في طريق المدينة. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر ابن أبان قال: سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين فقال: هم أهل الولاية، فقلت أي ولاية؟ فقال: أما إنها ليس بالولاية في الدين ولكنها الولاية في المناكحة و الموارثة والمخالطة وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار ومنهم المرجون لامر الله عز وجل (1) 6 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى، عن إسماعيل الجعفي قال: سألت أبا جفعر (عليه السلام) عن الدين الذي لا يسع العباد جهله، فقال: الدين واسع (2) ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم، قلت: جعلت فداك فاحدثك بديني الذي أنا عليه؟ فقال: بلى، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عند الله وأتولاكم وأبرء من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم، فقال: ما جهلت شيئا! هو والله الذي نحن عليه، قلت: فهل سلم أحد لا يعرف هذا الامر؟ فقال: لا إلا المستضعفين، قلت من هم؟ قال: نساؤكم وأولادكم ثم قال: أرأيت أم أيمن؟ فإني أشهد أنها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف.


(1) ” ليست بالولاية في الدين ” أي ولاية أئمة الحق بل المراد أنهم ليسوا متعصبين في مذهبهم ولا يبغضونكم وهم قوم يجوز لكم مناكحتهم ومعاشرتهم، يرثون منكم وترثون منهم فيكون السؤال عن حكمهم لا عن وصفهم وتعيينهم أو بين (عليه السلام) حكمهم ثم عرفهم بانهم ليسوا بالمؤمنين. (2) لعل المراد بسعته هنا باعتبار أن الذنوب كلها غير الكفر يجامع الايمان ولا يرفعه خلافا للخوارج فانهم قالوا: الذنوب كلها كفر (لح).

[ 406 ]

8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين فأقول نحن وهم في منازل الجنه، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): لا يفعل الله ذلك بكم أبدا (1). 9 – عنه، عن علي بن الحسن التيمي، عن أخويه محمد وأحمد ابني الحسن، عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن أيوب بن الحر قال: قال رجل لابي عبد الله (عليه السلام) ونحن عنده: جعلت فداك، إنا نخاف أن ننزل بذنوبنا منازل المستضعفين، قال فقال: لا والله لا يفعل الله ذلك بكم أبدا. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابي المغرا، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف. 11 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد ابن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سألته عن الضعفاء، فكتب إلي: الضعيف من لم ترفع إليه حجة ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بمستضعف. 12 – بعض أصحابنا، عن علي بن الحسن (2)، عن علي بن حبيب الخثعمي، عن أبي سارة إمام مسجد بني هلال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس اليوم مستضعف أبلغ الرجال الرجال والنساء النساء.


(1) ” ربما ذكرت ” أي نخاف أن يجعلنا الله بسبب ذنوبنا في درجة المستضعفين من المخالفين أو يشق علينا أنهم مع كونهم مخالفين يدخلون الجنة ويكونون معنا في منازلنا، فقال (عليه السلام) إن دخلوا الجنة لم يكونوا في درجاتكم ومنازلكم والخبر الاتى يؤيد الاول (آت). (2) في بعض النسخ [ علي بن الحسين ].

[ 407 ]

(باب) * (المرجون لامر الله) * (1) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل ” وآخرون مرجون لامر الله (2) ” قال: قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار فهم على تلك الحال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم (3). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن رجل قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): المرجون قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم إنهم بعد ذلك دخلوا في الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ولم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين و لم يؤمنوا فتجب لهم الجنة ولم يكفروا فتجب لهم النار فهم على تلك الحال مرجون لامر الله.


(1) في القاموس أرجأ الامر: أخره وترك الهمزة لغة ” وآخرون مرجون لامر الله “: مؤخرون حتى ينزل الله فيهم ما يريد. (2) التوبة: 107. (3) ” فقتلوا مثل حمزة وجعفر ” لعل ذكر ذلك للاشعار بأن هذه الاعمال الشنيعة صارت أسبابا لعدم إستقرار الايمان في قلوبهم وعدم توفيقهم للايمان الكامل أو هذا دليل على عدم رسوخ الايمان فيهم إما لان من كانت شقاوته وتعصبه بحيث اجترى على قتل أمثال هؤلاء معلوم أنه لو آمن لم يكن إيمانه عن يقين كامل واذعان قوى أو لان من كان لله فيه لطف لا يتركه حتى يصدر منه مثل هذا العمل الشنيع ومن لم يكن لله فيه لطف لا يوفقه للايمان الكامل كما انا لا نجوز صدور التوبة والايمان عن قتلة الانبياء والائمة (صلوات الله عليهم) وهذا قريب من الوجه الاول وفى غاية المتانة (آت).

[ 408 ]

(باب) * (اصحاب الاعراف) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، وعلي ابن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل جميعا، عن زرارة قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) ما تقول في أصحاب الاعراف؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنون أو كافرون إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون وإن دخلوا النار فهم كافرون، فقال: والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ولو كانوا مؤمنين دخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون ولكنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الاعمال وإنهم لكما قال الله عز وجل، فقلت: أمن أهل الجنة هم أو من أهل النار؟ فقال: اتركهم حيث تركهم الله، قلت: أفترجئهم قال: نعم ارجئهم كما أرجئهم الله إن شاء أدخلهم الجنة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: لا، قلت: هل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: لا إلا أن يشاء الله، يا زرارة إنني أقول: ما شاء الله وأنت لا تقول ما شاء الله أما إنك إن كبرت رجعت وتحللت [ عنك ] عقدك (1). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فاولئك قوم مؤمنون يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهونها فاولئك عسى الله أن يتوب عليهم (2).


(1) هذا الخبر جزء من الحديث الثاني من باب الضلال (آت). (2) هذا الخبر تتمة للحديث الثاني من الباب السابق وذكره هنا يشعر بإن هذا الصنف عند المصنف من أهل الاعراف فهذه الاقسام عنده متداخلة (آت).

[ 409 ]

(باب) * (في صنوف اهل الخلاف وذكر القدرية والخوارج والمرجئة) * * (واهل البلدان) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لعن الله القدرية، لعن الله الخوارج، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة قال: قلت: لعنت هؤلاء مرة مرة ولعنت هؤلاء مرتين؟! قال: إن هؤلاء يقولون: إن قتلتنا مؤمنون فدماؤنا متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة، إن الله حكى عن قوم في كتابه: ” لن نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (1) ” قال: كان بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم وحماد بن عثمان، عن أبي مسروق قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة ما هم؟ فقلت: مرجئة وقدرية وحرورية، فقال: لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة التي لا تعبد الله على شئ (2). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بن يونس عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة (3).


(1) ذكر الاية نقل بالمعنى والاية في آل عمران 183 هكذا: ” الذين قالوا ان الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم… الخ ” قال المفسرون نزلت في جماعة من اليهود قالوا لمحمد (صلى الله عليه وآله): إن الله أمرنا وأوصانا في كتبه أي في التوراة ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار. (2) قد مر في باب الكفر ص 387. (3) لعل هذا الكلام في زمن بنى أمية واتباعهم، كانوا منافقين: يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر والمنافقون شر من الكفار وهم في الدرك الاسفل من النار وهم كانوا يسبون أمير المؤمنين

[ 410 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة وإن أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفا. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ابن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أهل الشام شر أم [ أهل ] الروم فقال: إن الروم كفروا ولم يعادونا وإن أهل الشام كفروا وعادونا. 6 – عنه، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل ين يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تجالسوهم – يعني المرجئة – لعنهم الله ولعن [ الله ] مللهم المشركة الذين لا يعبدون الله على شئ من الاشياء. (باب) * (المؤلفة قلوبهم) * (1) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، وعلي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل جميعا، عن زرارة، عن


وهو الكفر بالله العظيم والنصارى لم يكونوا يفعلون ذلك ويحتمل أن يكون هذا مبنيا على أن المخالفين غير المستضعفين مطلقا شر من سائر الكفار كما يظهر من كثير من الاخبار والتفاوت بين أهل تلك البلدان باعتبار اختلاف رسوخهم في مذهبهم الباطل أو على أن أكثر المخالفين في تلك الازمنة كانوا نواصب منحرفين عن أهل البيت (عليهم السلام) لاسيما أهل تلك البلدان الثلاثة و اختلافهم في الشقاوة باعتبار اختلافهم في شدة النصب وضعفه ولا ريب في إن النواصب اخبث الكفار وكفر أهل مكة جهرة هو اظهارهم عداوة أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك الزمن وقد بقى طائفة منهم إلى الان، يعدون يوم عاشوراء عيدا لهم بل من أعظم أعيادهم لعنة الله عليهم وعلى اسلافهم الذين اسسوا ذلك لهم (1) ” المؤلفة قلوبهم ” المشهور بين الاصحاب انهم كفار يستمالون للجهاد. قال المفيد رحمه الله: المؤلفة قسمان: مسلمون ومشركون. وقال العلامة (ره) في القواعد: المؤلفة قسمان: كفار يستمالون إلى الجهاد أو إلى الاسلام ومسلمون.

[ 411 ]

أبي جعفر (عليه السلام) قال: المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة [ من يعبد ] من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويعرفهم لكيما يعرفوا ويعلمهم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته، عن قول الله عز وجل: ” والمؤلفه قلوبهم ” قال: هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) فأمر الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به. وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم حنين تألف رؤساء العرب من قريش وسائر مضر، منهم أبو سفيان بن حرب وعيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس فغضبت الانصار واجتمعت إلى سعد بن عبادة فانطلق بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجعرانة (1) فقال: يا رسول الله أتاذن لي في الكلام؟ فقال: نعم، فقال: إن كان هذا الامر من هذه الاموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا وإن كان غير ذلك لم نرض، قال زرارة: وسمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر الانصار أكلكم على قول سيدكم سعد؟ فقالوا: سيدنا الله ورسوله: ثم قالوا في الثالثة: نحن على مثل قوله ورأيه، قال: زرارة فسمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: فحط الله نورهم. وفرض الله للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن. 3 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المؤلفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم.


(1) في القاموس: الجعرانة وقد تكسر العين ويشدد الراء وقال الشافعي: التشديد خطأ: موضع بين مكة والطائف وفى المصباح على سبعة أميال من مكة.

[ 412 ]

4 – علي، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق ابن غالب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق كم ترى أهل هذه الآية: ” إن اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ” قال: ثم قال: هم أكثر من ثلثي الناس. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى ابن بكر، عن رجل قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ما كانت المولفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم، وهم قوم وحدوا الله وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلوبهم وما جاء به فتألفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكيما يعرفوا. (باب) * (في ذكر المنافقين والضلال وابليس في الدعوة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: كان الطيار يقول لي: إبليس ليس من الملائكة وإنما امرت الملائكة بالسجود لآدم (عليه السلام) فقال إبليس: لا أسجد، فما لابليس يعصي حين لم يسجد وليس هو من الملائكة؟ (1)، قال فدخلت أنا وهو على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فأحسن والله في المسألة، فقال: جعلت فداك أرأيت ما ندب الله عز وجل إليه المؤمنين من قوله: ” يا أيها الذين آمنوا ” أدخل في ذلك المنافقون معهم؟ قال: نعم والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة وكان إبليس ممن أقر بالدعوة الظاهرة معهم.


(1) ” انما امرت الملائكة ” الحصر ممنوع إنما يتم لو قال الله: يا ملائكتى اسجدوا أو نحو ذلك وذلك غير معلوم لجواز أن يكون الخطاب اسجدوا مخاطبا لهم مشافهة بدون ذكر الملائكة، نعم في قوله تعالى: ” إذ قلنا للملائكة ” تجوز لما ذكره (عليه السلام) أو تغليب (آت).

[ 413 ]

(باب) * (في قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينه، عن الفضيل وزرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمان به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة (1) ” قال زرارة: سألت عنها أبا جعفر (عليه السلام) فقال: هؤلاء قوم عبدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشكوا في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به فتكلموا بالاسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به وليسوا شكاكا في الله قال الله عز وجل. ” ومن الناس من يعبد الله على حرف ” يعني على شك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به ” فإن أصابه خير ” يعني عافية في نفسه وماله وولده ” اطمأن به ” ورضي به ” وإن أصابته فتنة ” يعني بلاء في جسده أو ماله تطير وكره المقام على الاقرار بالنبي (صلى الله عليه وآله) فرجع إلى الوقوف والشك، فنصب العدواة لله ولرسوله والجحود بالنبي وما جاء به. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” ومن الناس من يعبد الله على حرف ” قال: هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله، فهم يعبدون الله


(1) الحج: 11. قال البيضاوى: ” على حرف ” أي على طرف من الدين، لا ثبات له فيه كالذى يكون على طرف الجيش إن أحس بظفر قر وإلا فر. وروى أنها نزلت في اعاريب قدموا إلى المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا وولدت امرأته غلاما سويا وكثر ماله وماشيته قال: ما اصبت منذ دخلت في دينى هذا الا خيرا فاطمأن فان كان الامر بخلافه قال: ما اصبت إلا شرا وانقلب.

[ 414 ]

على شك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالوا: ننظر فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنه صادق وأنه رسول الله وإن كان غير ذلك نظرنا. قال الله عز وجل: ” فإن أصابه خير اطمأن به ” يعني عافية في الدنيا ” وإن أصابته فتنة ” يعني بلاء في نفسه [ وماله ] ” انقلب على وجهه ” انقلب على شكه إلى الشرك، ” خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ” قال: ينقلب مشركا، يدعو غير الله ويعبد غيره، فمنهم من يعرف ويدخل الايمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الايمان ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك (1). علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة مثله. (باب) * [ أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أو كافرا أو ضالا (2) ] * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه) يقول – وأتاه رجل فقال له: ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وأدنى ما يكون به العبد كافرا و أدنى ما يكون به العبد ضالا؟ فقال له: قد سألت فافهم الجواب -: أما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك وتعالى نفسه


(1) قسم (عليه السلام) من خرج من الشرك وشك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به على ثلاثة أقسام فمنهم من يعرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقربه ظاهرا وباطنا؟؟ عنه الشك بمشاهدة الايات والمعجزات والهدايات الخاصة ومنهم من يثبت على شكه فيه و؟؟ عليه ومنهم من ينتقل من الشك إلى الشرك (آت) (2) ليس هذا العنوان في بعض النسخ وفى اكثرها [ باب نادر ]

[ 415 ]

فيقر له بالطاعة، ويعرفه نبيه (صلى الله عليه وآله) فيقر له بالطاعة، ويعرفه إمامه وحجته في أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة، قلت له: يا أمير المؤمنين وإن جهل جميع الاشياء إلا ما وصفت؟ قال: نعم إذا امر أطاع وإذا نهي انتهى. وأدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه أن الله أمر به ونصبه دينا يتولى عليه ويزعم أنه يعبد الذي أمره به وإنما يعبد الشيطان. وأدنى ما يكون به العبد ضالا أن لايعرف حجة الله تبارك وتعالى وشاهده على عباده الذي أمر الله عز وجل بطاعته وفرض ولايته، قلت: يا أمير المؤمنين صفهم لي فقال: الذين قرنهم الله عز وجل بنفسه ونبيه فقال: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (1) ” قلت: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك أوضح لي فقال: الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آخر خطبته يوم قبضه الله عز وجل إليه: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين – وجمع بين مسبحتيه – ولا أقول كهاتين – وجمع بين المسبحة والوسطى – فتسبق إحداهما الاخرى، فتمسكوا بهما لا تزلوا ولا تضلوا ولا تقدموهم فتضلوا. (باب) (2) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن بني امية أطلقوا للناس (3) تعليم الايمان


(1) المائدة: 95. (2) أي باب نادر. (3) في بعض النسخ [ اطلقوا الناس ].

[ 416 ]

ولم يطلقوا تعليم الشرك لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه (1). (باب) * (ثبوت الايمان وهل يجوز ان ينقله الله (2) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): لم يكون الرجل عند الله مؤمنا قد ثبت له الايمان عنده ثم ينقله الله بعد من الايمان إلى الكفر (3)؟ قال: فقال: إن الله عز وجل هو العدل إنما دعا العباد إلى الايمان به لا إلى الكفر ولا يدعو أحدا إلى الكفر به، فمن آمن بالله ثم ثبت له الايمان عند الله لم ينقله الله عز وجل


(1) قال والد الشيخ البهائي (قدس سره) قيل في معناه: أن المراد اطلقوهم ولم يكلفوهم تعليم الايمان وجعلوهم فارغين من ذلك لانهم لو حملوهم وكلفوهم تعليم الايمان لما عرفوه وذلك إنما هو أهل البيت (عليهم السلام) وهم أعداء أهل البيت فكيف يكلفون الناس تعليم شئ يكون سببا لزوال دولتهم وحكمهم وزيادتهم بخلاف الشرك ولا يخفى بعده، بل الظاهر أن المراد انهم لم يعلموهم ما يخرجهم من الاسلام من انكار نص النبي (صلى الله عليه وآله) والخروج على أمير المؤمنين (عليه السلام) وسبه واظهار عداوة النبي وأهل بيته وغير ذلك لئلا يأبوا عنها إذا حملوهم عليها ولم يعرفوا انها شرك وكفر، وبعبارة اخرى يعنى انهم لحرصهم على اطاعة الناس اياهم اقتصروا لهم على تعريف الايمان ولا يعرفوهم معنى الشرك لكى إذا حملوهم على اطاعتهم إياهم لم يعرفوا أنها من الشرك فانهم إذا عرفوا أن اطاعتهم شرك لم يطيعوهم (آت). (2) أختلف أصحابنا في أنه هل يمكن زوال الايمان بعد تحققه حقيقة ام لا على اقوال. راجع مرآة العقول المجلد الثاني ص 400. (3) قال المجلسي (ره) الظاهر أن كلام السائل استفهام وحاصل الجواب: أن الله خلق العباد على فطرة قابلة للايمان وأتم على جميعهم الحجة بارسال الرسل واقامة الحجج فليس لاحد منهم حجة على الله في القيامة ولم يكن أحد منهم مجبورا على الكفر لا بحسب الخلقة ولا من تقصير في الهداية واقامة الحجة لكن بعضهم استحق الهدايات الخاصة منه تعالى فصارت مؤيدة لايمانهم وبعضهم لم يستحق ذلك لسوء اختياره فمنعهم تلك الالطاف فكفروا ومع ذلك لم يكونوا مجبورين ولا مجبولين (آت).

[ 417 ]

[ بعد ذلك ] من الايمان إلى الكفر، قلت له: فيكون الرجل كافرا قد ثبت له الكفر عند الله ثم ينقله بعد ذلك من الكفر إلى الايمان؟ قال: فقال: إن الله عز وجل خلق الناس كلهم على الفطرة التي فطرهم عليها، لا يعرفون إيمانا بشريعة ولا كفرا بجحود، ثم بعث الله الرسل تدعوا العباد إلى الايمان به، فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده الله (1). (باب المعارين) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: إن الله عز وجل خلق خلقا للايمان لا زوال له، وخلق خلقا للكفر لا زوال له، وخلق خلقا بين ذلك و استودع بعضهم الايمان، فإن يشأ أن يتمه لهم أتمه، وإن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم وكان فلان منهم معارا (2).


(1) قوله (عليه السلام): ” منهم من هدى الله ” يعنى الذين لم يبطلوا فطرتهم الاصلية وتفكرو في أنهم من أين جاؤوا وإلى أين نزلوا وأى شئ يطلب منهم واستمعوا إلى نداء الحق وجاهدوا فيه فيدركهم اللطف والتوفيق والرحمة كما قال سبحانه: ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا “. وقوله (عليه السلام): ” ومنهم من لم يهده الله ” أي الذين أبطلوا فطرتهم الاصلية ولم يتفكروا فيما ذكر وأعرضوا عن سماع نداء الحق فيسلب عنهم الرحمة واللطف والتوفيق وهو المراد من عدم هدايته إياهم. (2) لما علم الله سبحانه استعداداتهم وقابلياتهم وما يؤول إليه أمرهم ومراتب إيمانهم و كفرهم فمن علم أنهم يكونون راسخين في الايمان كاملين فيه وخلقهم فكأنه خلقهم للايمان الكامل الراسخ وكذا الكفر ومن علم أنهم يكونون متزلزلين مترددين بين الايمان والكفر فكأنه خلقهم كذلك فهم مستعدون لايمان ضعيف فمنهم من يختم له بالايمان ومنهم من يختم له بالكفر فهم المعارون و الظاهر أن المراد بفلان أبو الخطاب (محمد بن مقلاص الاسدي الكوفى) وكني عنه بفلان لمصلحة فان أصحابه كانوا جماعة كثيرة كان يحتمل ترتب مفسدة على التصريح باسمه (ات). ويدل على أن المراد باحدهما الصادق (عليه السلام) لان ابا الخطاب لم يدرك أبا جعفر (عليه السلام).

[ 418 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب والقاسم بن محمد الجوهري، عن كليب بن معاوية الاسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا وقوم يعارون الايمان ثم يسلبونه ويسمون المعارين، ثم قال: فلان منهم. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري و غيره، عن عيسى شلقان قال: كنت قاعدا فمر أبو الحسن موسى (عليه السلام) ومعه بهمة (1) قال: قلت يا غلام ما ترى ما يصنع أبوك؟ يأمرنا بالشئ ثم ينهانا عنه، أمرنا أن نتولى أبا الخطاب ثم أمرنا أن نلعنه ونتبرء منه؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام) وهو غلام: إن الله خلق خلقا للايمان لا زوال له وخلق خلقا للكفر لا زوال له وخلق خلقا بين ذلك أعاره الايمان يسمون المعارين، إذا شاء سلبهم وكان أبو الخطاب ممن اعير الايمان. قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته ما قلت لابي الحسن (عليه السلام) وما قال لي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنه نبعة نبوة (2). 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن (صلوات الله عليه) قال: إن الله خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء وخلق المؤمنين على الايمان فلا يكونون إلا مؤمنين، وأعار قوما إيمانا، فإن شاء تممه لهم وإن شاء سلبهم إياه، قال: وفيهم جرت: ” فمستقر ومستودع (3) ” و قال لي: إن فلانا كان مستودعا إيمانه، فلما كذب علينا سلب إيمانه ذلك (4)


(1) البهمة: ولد الضأن يطلق على الذكر والانثى. (2) يعنى أنه نبع من ينبوع النبوة (في). (3) اشارة إلى قوله تعالى في سورة الانعام – 98. ” هو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون ” (4) ” سلب إيمانه ذلك ” يدل على أن سلب الايمان عن المستودع ليس بظلم لانه مستنده إلى فعله، واتمامه أيضا مستنده إلى فعله بقرينة المقابلة (لح)

[ 419 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله جبل النبيين على نبوتهم، فلا يرتدون أبدا، وجبل الاوصياء على وصاياهم فلا يرتدون أبدا وجبل بعض المؤمنين على الايمان فلا يرتدون أبدا ومنهم من اعير الايمان عارية، فإذا هو دعا وألح في الدعاء مات على الايمان (1). (باب في علامة المعار) (2) 1 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن المفضل الجعفي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الحسرة والندامة والويل كله لمن لم ينتفع بما أبصره ولم يدر


(1) ” فإذا هو دعا ” فيه حث على الدعاء لحسن العاقبة وعدم الزيغ ودلالة أيضا على أن الايمان والسلب مسببان على فعل الانسان لانه يصير بذلك مستحقا للتوفيق والخذلان وجملة القول في ذلك أن كل واحد من الايمان والكفر قد يكون ثابتا وقد يكون متزلزلا يزول بحدوث ضده لان القلب إذا إشتد ضياؤه وكمل صفاؤه استقر الايمان وكل ما هو حق فيه وإذا اشتدت ظلمتة و كملت كدورته استقر الكفر وكل ما هو باطل فيه. وإذا كان بين ذلك باختلاط الضياء والظلمة فيه كان مترددا بين الاقبال والادبار ومذبذبا بين الايمان والكفر فان غلب الاول دخل الايمان فيه من غير استقرار وإن غلب الثاني دخل الكفر فيه كذلك وربما يصير الغالب مغلوبا فيعود من الايمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الايمان فلابد للعبد من مراعاة قلبه فان رآه مقبلا إلى الله عز وجل شكره وبذل جهده وطلب منه الزيادة لئلا يستدبر وينقلب ويزيغ عن الحق كما ذكر سبحانه عن قوم صالحين ” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا… الاية ” وإن رآه مدبرا زائغا عن الحق تاب واستدرك ما فرط فيه وتوكل على الله وتوسل إليه بالدعاء والتضرع لتدركه العناية الربانية فتخرجه من الظلمات إلى النور وإن لم يفعل ربما سلط عليه عدوه الشيطان واستحق من ربه الخذلان فيموت مسلوب الايمان كما قال سبحانه: ” فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ” أعاذنا الله من ذلك وسائر أهل الايمان (آت – ملخصا) (2) في بعض النسخ [ باب فيمن ثبت عليه الشهادة بالايمان والنفاق ].

[ 420 ]

ما الامر الذي هو عليه مقيم، أنفع له أم ضر (1)، قلت له: فبم يعرف الناجي من هؤلاء جعلت فداك؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا فأثبت (2) له الشهادة بالنجاة ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فانما ذلك مستودع. (باب سهو القلب) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير وغيره قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن القلب ليكون الساعة من الليل والنهار ما فيه كفر ولا إيمان كالثوب الخلق (3)، قال: ثم قال لي: أما تجد ذلك من نفسك؟ قال: ثم تكون النكتة من الله في القلب بما شاء من كفر و إيمان. عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير مثله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: يكون القلب ما فيه إيمان ولا كفر، شبه المضغة (4) أما يجد أحدكم ذلك.


(1) يعنى هذا كله لمن لم ينفع بما أبصره من العقائد والاحكام والاعمال والاداب وقوله: ” ما الامر الذى هو عليه مقيم ” فيه حث على مراقبة النفس في جميع الحالات ومحاسبتها في جميع الحركات والسكنات ليعلم ما ينفعها وما يضرها. (2) في بعض النسخ [ فاتت ] واستظهرها المجلسي – رحمه الله -. (3) المراد بالساعة ساعة الغفلة عن الحق والاشتغال بما سواه وقوله: ” ما فيه كفر ولا ايمان ” أي ليس متذكرا لشى منهما أو في حال لا يمكن الحكم بكفره لكن ليس فيه الاقبال على الحق و التوجه إلى عالم القدس، والخلق محركة البالى والتشبيه اما للكثافة والرثاثة وعدم الاعتناء بشأنه وإما لانه ليس باطلا بالمرة ولا كاملا في الجملة. والنكت أن تنكت في الارض بقضيب و نحوه أي تضرب فيؤثر فيها. (4) بالضم قطعة من اللحم.

[ 421 ]

3 – محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: إن الله خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة على الايمان (1) فإذا أراد استنارة ما فيها (2) نضحها بالحكمة، وزرعها بالعلم، وزارعها والقيم عليها رب العالمين. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القلب ليرجج (3) فيما بين الصدر و الحنجرة حتى يعقد على الايمان فإذا عقد على الايمان قر، وذلك قول الله عز وجل ” ومن يؤمن بالله يهد قلبه (4) “. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القلب ليتجلجل (5) في الجوف يطلب الحق فإذا أصابه اطمأن وقرثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام – إلى قوله – كأنما يصعد في السماء (6) “. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن القلب يكون في الساعة من الليل والنهار


(1) قوله: ” مطوية مبهمة ” استعار الطى هنا لكمون الايمان فيها كناية عن استعدادها لكمال الايمان وأنه لا يعلم ذلك غير خالقها كالثوب المطوى أو الكتاب المطوى لا يعلم ما فيهما غير من طواهما (آت). (2) في بعض النسخ [ استثارة ما فيها ] بالثاء بدل النون بمعنى التهييج، والنضح: السقى أو الرش. (3) الرج: التحريك والتحرك والاهتزاز والحبس، والرجرجة: الاضطراب. (4) التغابن: 11. وأما الاستشهاد بالاية فكأنه كان في قراءتهم عليهم السلام ” يهدء قلبه ” بفتح الدال والهمز ورفع قلبه أو بفتح الدال بغير همز بالقلب والحذف وقد قرء بالاول في الشواذ (آت). (5) التجلجل: التحرك مع الصوت. (6) الانعام: 125.

[ 422 ]

ليس فيه إيمان ولا كفر، أما تجد ذلك، ثم تكون بعد ذلك نكتة من الله في قلب عبده بما شاء إن شاء بإيمان وإن شاء بكفر. 7 – عده من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خلق قلوب المؤمنين مبهمة على الايمان فإذا أراد استنارة ما فيها فتحها بالحكمة وزرعها بالعلم، وزارعها والقيم عليها رب العالمين (1). (باب) * (في ظلمة قلب المنافق وان اعطى اللسان، ونور قلب المؤمن) * * (وان قصر به لسانه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لنا ذات يوم: تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو خطيبا مصقعا (2) ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم، وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن المفضل (3)، عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن القلوب أربعة: قلب فيه نفاق وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أجرد – فقلت: ما الازهر؟ قال: فيه كهيئة السراج – فأما المطبوع فقلب المنافق وأما الازهر فقلب المؤمن إن


(1) تقدم باختلاف يسير في المتن والسند. (2) مصقع بالسين والصاد كمنبر: البليغ أو عالى الصوت أو من لا يرتج عليه في كلامه. (3) الظاهر أن المفضل هو أبو جميلة لروايته عن سعد (آت).

[ 423 ]

أعطاه شكر وإن ابتلاه صبر وأما المنكوس فقلب المشرك، ثم قرء هذه الآية: ” أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم (1) ” فأما القلب الذي فيه إيمان ونفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك وإن أدركه على إيمانه نجا (2). 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: القلوب ثلاثة: قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير (3) وهو قلب الكافر، وقلب فيه نكتة سوداء فالخير والشر فيه يعتلجان (4) فأيهما كانت منه غلب عليه (5)، وقلب مفتوح فيه مصابيح تزهر، ولا يطفأ نوره إلى يوم القيامة وهو قلب المؤمن. (باب) * (في تنقل احوال القلب) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان الاحول، عن سلام بن المستنير قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عليه حمران بن أعين وسأله عن أشياء فلما هم حمران بالقيام قال لابي جعفر (عليه السلام): اخبرك – أطال الله بقاءك لنا وأمتعنا بك – أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا وتسلوا أنفسنا (6) عن


(1) الملك 22. (2) المراد بالذى فيه إيمان ونفاق هو قلب من آمن ببعض ما جاء به النبي (صلى الله عليه و آله) وجحد بعضه أو الشاك الذى يعبد الله على حرف. (3) أي لا يحفظ. وعاه يعيه: حفظه وجمعه كاوعاه. (4) الاعتلاج: المصارعة وما يشابهها (في). (5) ” منه ” للسبية والضمير للقلب وفى بعض النسخ [ علت ] من علا يعلو. (6) سلاه وعنه كدعا نسيه.

[ 424 ]

الدنيا ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الاموال، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هي القلوب مرة تصعب ومرة تسهل. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) قالوا: يا رسول الله نخاف علينا النفاق قال: فقال: ولم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنا عندك فذكرتنا و رغبتنا وجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الاولاد ورأينا العيال والاهل يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن على شئ؟ أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا والله لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا، ثم يستغفروا الله فيغفر [ الله ] لهم، إن المؤمن مفتن تواب (1) أما سمعت قول الله عز وجل: ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (2) ” وقال: ” استغفروا ربكم ثم توبوا إليه (3) “. (باب) * (الوسوسة وحديث النفس) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوسوسة وإن كثرت، فقال: لا شئ فيها، تقول: لا إله إلا الله. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إنه يقع في قلبي أمر عظيم، فقال: قل: لا إله إلا الله قال جميل: فكلما وقع في قلبى شئ قلت: لا إله إلا الله فيذهب عني.


(1) المفتن: الممتحن يمتحنه الله بالذنب، ثم يتوب، ثم يعود، ثم يتوب. قاله في النهاية. (2) البقرة: 222. (3) هود: 3.

[ 425 ]

3 – ابن أبي عمير، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله هلكت، فقال له (عليه السلام): أتاك الخبيث فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله، فقال لك: الله من خلقه؟ فقال: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذاك والله محض الايمان قال ابن أبي عمير: فحدثت بذلك عبد الرحمن بن الحجاج فقال: حدثني أبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما عنى بقوله هذا ” والله محض الايمان ” خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا عن علي بن مهزيار قال: كتب رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) يشكو إليه لمما يخطر على باله، فأجابه في بعض كلامه: إن الله عز وجل إن شاء ثبتك فلا يجعل لابليس عليك طريقا، قد شكى قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لمما يعرض لهم لان تهوي بهم الريح (1) أو يقطعوا أحب إليهم، من أن يتكلموا به، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتجدون ذلك؟ قالوا نعم، فقال: والذي نفسي بيده إن ذلك لصريح الايمان، فإذا وجدتموه فقولوا: آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن محمد، عن محمد ابن بكر بن جناح، عن زكريا بن محمد، عن أبي اليسع داود الابزاري، عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنني نافقت، فقال: والله ما نافقت ولو نافقت ما أتيتني، تعلمني ما الذي رابك؟ أظن العدو


(1) الهوي: السقوط من أعلى إلى أسفل وفعله من باب ضرب ومنه قوله تعالى: ” أو تهوي به الريح في مكان سحيق ” أي بعيد والباء في ” بهم ” للتعدية وهم جعلوا التكلم باللمم واظهاره أشد عليهم من أن تسقطهم الريح إلى مكان عميق أو من أن يقطع أعضاؤهم استقباحا لشأنه واستعظاما لامره لانه محال في حقه تعالى وكفر به (لح).

[ 426 ]

الحاضر (1) أتاك فقال لك: من خلقك، فقلت: الله خلقني، فقال لك: من خلق الله؟ قال: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا، فقال: إن الشيطان أتاكم من قبل الاعمال فلم يقو عليكم فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلكم، فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم الله وحده. (باب) * (الاعتراف بالذنوب والندم عليها) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الاحمسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به. قال: وقال أبو جعفر (عليه السلام): كفى بالندم توبة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا والله ما أراد الله تعالى من الناس إلا خصلتين: أن يقروا له بالنعم فيزيدهم وبالذنوب فيغفرها لهم (2). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر [ و ] بن عثمان، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الرجل ليذنب الذنب فيدخله الله به الجنه، قلت: يدخله الله بالذنب الجنه؟ قال: نعم إنه ليذنب فلا يزال منه خائفا ماقتا لنفسه فيرحمه الله فيدخله الجنة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن عمار قال:


(1) في بعض النسخ: [ الخاطر ]. (2) المراد بالاقرار بالنعم معرفة المنعم وقدر نعمته وإنها منه تفضلا وهو شكر والشكر يوجب الزيادة لقوله تعالى: ” ولئن شكرتم لازيدنكم ” وبالاقرار بالذنوب الاقرار بها مجملا و مفصلا وهو ندامة منها والندامة توبة والتوبة توجب غفران الذنوب. ويمكن أن يكون الحصر حقيقيا إذ يمكن ادخال كلما أراد الله فيهما (آت).

[ 427 ]

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنه والله ما خرج عبد من ذنب بإصرار وما خرج عبد من ذنب إلا بإقرار. 5 – الحسين بن محمد، عن محمد بن عمران بن الحجاج السبيعي [ عن محمد بن وليد ] عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من أذنب ذنبا فعلم أن الله مطلع عليه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وإن لم يستغفر (1). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن ابن محمد بن أبي هاشم، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله يحب العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم (2) ويبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد عن ربعي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المومنين (صلوات الله عليه): إن الندم على الشر يدعو إلى تركه. 8 – محمد بن يحيى، عن علي بن الحسين الدقاق، عن عبد الله بن محمد، عن أحمد بن عمر عن زيد القتات، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر وما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنها من عند الله إلا غفر الله له قبل أن يحمده.


(1) لعل المراد به العلم الذى يؤثر في النفس ويثمر العمل وإلا فكل مسلم يقر بهذه الامور ومن أنكر شيئا من ذلك فهو كافر ومن داوم على مراقبة هذه الامور وتفكر فيها تفكرا صحيحا لا يصدر منه ذنب إلا نادرا ولو صدر منه يكون بعده نادما خائفا فهو تائب حقيقة وان لم يستغفر باللسان ولو عاد إلى الذنب مكررا لغلبة الشهوة عليه ثم صار خائفا مشفقا لائما نفسه فهو مفتن تواب (آت). (2) ” أن يطلب ” أي بأن يطلب أو هو بدل اشتمال للعبد وتعدية الطلب بالى لتضمين معنى التوجه ونحوه (آت).

[ 428 ]

(باب ستر الذنوب) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن العباس مولى الرضا (عليه السلام) (1) قال: سمعته (عليه السلام) يقول: المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة (2) والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بالسيئة مغفور له. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن صندل، عن ياسر، عن اليسع بن حمزة، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة، و المذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له. (باب) * (من يهم بالحسنة أو السيئة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة وعملها كتبت له بها عشرا ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه [ سيئة ] ومن هم بها وعملها كتبت عليه سيئة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليهم بالحسنة ولا يعمل بها فتكتب له حسنة وإن هو عملها كتبت له عشر حسنات وإن المؤمن


(1) أي كان من شيعته أو ممن اعتقه ويقال المولى ايضا لمن التحق بقبيلة ولم يكن منهم (آت). (2) ” المستتر ” على بناء الفاعل والباء للتعدية و ” يعدل ” على بناء المجرد وفى الاول تقدير، أي فعل المستتر (آت).

[ 429 ]

ليهم بالسيئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه 3 – عنه، عن علي بن حفص العوسي، عن علي بن السائح، عن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن أبيه قال: سألته، عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: ريح الكنيف وريح الطيب سواء (1)؟ قلت: لا قال: إن العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال: صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم (2) فإنه قد هم بالحسنة فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قف فإنه قد هم بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه (3). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن فضل ابن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك (4) يهم العبد بالحسنة فيعملها فإن هو


(1) كان هذان ريحان معنويان يجدهما الملائكة (آت). (2) أي ابعد عنه ليس لك شغل به. أو كناية عن التوقف وعدم الكتابة. (3) في الوافى انما جعل الريق واللسان آلة لاثبات الحسنة والسيئة لان بناء الاعمال انما هو على ما عقد في القلب من التكلم بها وإليه الاشارة بقوله سبحانه ” إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ” وهذا الريق واللسان الظاهر صورة لذلك المعنى كما قيل. إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا (4) ” أربع ” مبتدأ والموصول بصلته خبره وتأنيث الاربع باعتبار الخصال أو الكلمات وقد يكون المبتدأ نكرة إذا كان مفيدا و ” من ” اسم موصول مبتدأ فله عائدان: الاول ضمير ” فيه ” والثانى المستتر في ” لم يهلك ” وهذا المستتر مستثنى منه لقوله: ” الا هالك ” لان مرجعه من ألفاظ العموم وليس ” الا هالك ” استثناء مفرغا والمراد ” بمن كن فيه ” أن يكون مؤمنا مستحقا لهذه الخصال فان هذه الخصال ليست في غير المؤمنين كما عرفت وقيل: معنى ” كن فيه ” أن يكون معلوما له وما ذكرنا أظهر واعلم أن الهلاك في قوله: ” يهلك ” بمعنى الخسران واستحقاق العقاب وفى قوله ” هالك ” بمعنى الضلال والشقاوة الجبلية. وتعديته بكلمة على إما بتضمين معنى الورود أي لم يهلك حين وروده على الله أو معنى الاجتراء أي مجترءا على الله. أو معنى العلو والرفعة كان من يعصيه تعالى يرتفع عليه ويخاصمه (آت).

[ 430 ]

لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وإن هو عملها كتب الله له عشرا، ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شئ وإن هو عملها اجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز وجل يقول: ” إن الحسنات يذهبن السيئات (1) “. أو الاستغفار فإن هو قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شئ وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقي المحروم. (باب التوبة) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله (2)


(1) هود: 115 (2) قال في النهاية في حديث ابي: سألت النبي (صلى الله عليه واله) عن التوبة النصوح فقال هي الخالصة التى لا يعاود بعدها الذنب. وفعول من أبنية المبالغة يقع على الذكر والانثى، فكان الانسان بالغ في نصح نفسه بها. وقال الشيخ البهائي قدس سره: قد ذكر المفسرون في معنى التوبه النصوح وجوها منها أن المراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها لظهور آثارها الجميلة في صاحبها أو تنصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا. ومنها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم: عسل النصوح إذا كان خالصا من الشمع بان يندم على الذنوب لقبحها أو كونها خلاف رضاء الله سبحانه لا لخوف النار مثلا وقد حكم المحقق الطوسى طاب ثراه في التجريد بأن الندم على الذنوب خوفا من النار ليس توبة ومنها أن النصوح من النصاحة وهى الخياطة لانها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب أو تجمع بين التائب وبين أولياء الله وأحبائه كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب ومنها أن النصوح وصف للتائب واسناده إلى التوبة من قبيل الاسناد المجازى أي توبة ينصحون بها أنفسهم بأن يأتوا بها على أكمل

[ 431 ]

فستر عليه في الدنيا والآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الارض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز،


ما ينبغى أن تكون عليه حتى يكون قالعة لاثار الذنوب من القلوب بالكلية وذلك باذابة النفس بالحسرات ومحو ظلمة السيئات بنور الحسنات. روى الشيخ الطبرسي (ره) عند تفسير هذه الاية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن التوبة تجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الاعادة ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية وأن يذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي و أورد السيد – رضى الله عنه – في كتاب نهج البلاغة: أن قائلا قال بحضرته: أستغفر الله، فقال له: ثكلتك امك أتدرى ما الاستغفار ان الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على ما مضى. الثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا. الثالث: أن تؤدى إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانة أملس ليس عليك تبعة. الرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدى حقها الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذى تنبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد باللحم وينشأ بينهما لحم جديد. السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية. وفى كلام بعض الاكابر أنه لا يكفى في جلاء المرآة قطع الانفاس والابخره المسودة لوجهها بل لابد من تصقيلها وازالة ما حصل في جرمها من السواد كذلك لا يكفى في جلاء القلب من ظلمات المعاصي وكدورتها مجرد تركها وعدم العود إليها بل يجب محو آثار تلك الظلمات بأنوار الطاعات فانه كما يرتفع إلى القلب من كل معصية ظلمة وكدورة كذلك يرتفع إليه من كل طاعة نور وضياء فالاولى محو ظلمة كل معصية بنور طاعة تضادها بأن ينظر التائب إلى سيئاته مفصلة ويطلب لكل سيئة منها حسنة تقابلها فيأتى بتلك الحسنة على قدر ما أتى بتلك السيئة فيكفر استماع الملاهي مثلا باستماع القران والحديث والمسائل الدينية ويكفر مس خط المصحف محدثا باكرامه وكثرة تقبيله وتلاوته ويكفر المكث في المسجد جنبا بالاعتكاف فيه وكثرة التعبد في زواياه وأمثال ذلك، واما في حقوق الناس فيخرج من مظالمهم أولا بردها عليهم والاستحلال منهم ثم يقابل ايذاءه لهم بالاحسان إليهم وغصب أموالهم بالتصدق بماله الحلال وغيبتهم بالثناء على أهل الدين واشاعة أوصافهم الحميدة وعلى هذا القياس يمحوا كل سيئة من حقوق الله أو حقوق الناس بحسنة تقابلها من جنسها كما يعالج الطيب الامراض باضدادها نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه (آت).

[ 432 ]

عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز وجل: ” فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف (1) ” قال: الموعظة التوبة. 3 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل ” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا (2) ” قال: يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه. قال: محمد بن الفضيل: سألت عنها أبا الحسن (عليه السلام) فقال: يتوب من الذنب ثم لا يعود فيه، وأحب العباد إلى الله تعالى المفتنون التوابون. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ” قال: هو الذنب (3) الذي لا يعود فيه أبدا، قلت: وأينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب (4). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا رفعه قال: إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والارض لنجوا بها قوله عز وجل: ” إن الله بحب التوابين ويحب المتطهرين (5) ” فمن أحبه الله لم يعذبه، وقوله: ” الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الحجيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم *


(1) البقرة: 275. (2) التحريم: 8. (3) أي التوبة من الذنوب. (4) قد مر معنى المفتن في باب تنقل أحوال القلب ص 424. (5) البقرة: 222.

[ 433 ]

وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم (1) ” وقوله عز وجل: ” و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ” (2).


(1) المؤمن 97. وقوله: ” الذين يحملون العرش ومن حوله ” قال البيضاوى: الكروبيون أعلا طبقات الملائكة وأولهم وجودا وحملهم أياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم و تدبيرهم له أو كناية عن قربهم من ذى العرش ومكانتهم عنده وتوسيطهم في نفاذ أمره ” يسبحون بحمد ربهم ” يذكرون الله بجوامع الثناء من صفات الجلال والاكرام، جعل التسبيح أصلا والحمد حالا، لان الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح ” ويؤمنون به ” أخبر عنهم بالايمان إظهارا لفضله وتعظيما لاهله ومساق الاية لذلك كما صرح به بقوله: ” ويستغفرون للذين آمنوا ” وإشعارا بان حملة العرش وسكان الفرش في معرفته سواء، ردا على المجسمة. واستغفارهم شفاعتهم و حملهم على التوبة والهامهم ما يوجب المغفرة وفيه تنبيه على أن المشاركة في الايمان توجب النصح والشفقة وأن تخالفت الاجناس لانها أقوى المناسبات كما قال ” انما المؤمنون اخوة ” قوله: ” ربنا ” أي يقولون: ربنا وهو بيان يستغفرون أو حال ” وسعت كل شئ رحمة وعلما ” أي وسعت رحمته وعلمه، فازيل عن أصله للاغراق في وصفه بالرحمة والعلم والمبالغة في عمومها وتقديم الرحمة لانها المقصودة بالذات ههنا ” فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ” أي للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق ” وقهم عذاب الجحيم ” أي واحفظهم عنه وهو تصريح بعد اشعار للتأكيد والدلالة على شدة العذاب ” ربنا وادخلهم جنات عدن التى وعدتهم ” أي وعدتهم إياها ” ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم ” عطف على ” هم ” الاول أي ادخلهم معهم هؤلاء ليتم سرورهم أو الثاني لبيان عموم الوعد ” انك أنت العزيز ” الذى لا يمتنع عليه مقدور ” الحكيم ” الذى لا يفعل الا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد ” وقهم السيئات ” أي العقوبات أو جزاء السيئات وهو تعميم بعد تخصيص أو مخصوص بمن صلح والعاصي في الدنيا لقوله: ” ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته ” أي ومن اتقاها في الدنيا فقد رحمته في الاخرة كأنهم سألوا السبب بعدما سألوا المسبب و ” ذلك هو الفوز العظيم ” يعنى الرحمة أو الوقاية أو مجموعهما. (2) الفرقان: 68 وقوله: ” حرم الله ” أي حرم قتلها ” إلا بالحق ” متعلق ب‍ ” لا يقتلون ” ” ولا يزنون ” نفى عنهم امهات المعاصي بعد ما ثبت لهم اصول الطاعات اظهار الكمال ايمانهم

[ 434 ]

6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لاهل الايمان قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟! فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته؟ قلت: فإنه فعل ذلك مرارا، يذنب ثم يتوب ويستغفر [ الله ]، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله (1). 7 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته، عن قول الله عز وجل: ” إذا


قوله: ” ومن يفعل ذلك يلق أثاما ” أي من يفعل هذه الخصال يلق عقوبة جزاء لما يفعل. قال الفراء: أثمه يأثمه أثاما أي جازاه جزاء لاثم. ” يضاعف ” بدل من ” يلق ” لانه في معناه كقوله: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا * * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا وقوله: ” اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ” قيل: بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم أو يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة. وقيل بأن يوفقه لاضداد ما سلف منه أو بأن يثبت له بدل كل عقاب ثوابا كما ورد في الخبر، والخصال الثلاثة: الاولى أنه يحبهم والثانية أن الملائكة يستغفرون لهم والثالثة أنه عز وجل وعدهم الامن و الرحمة. (1) قوله: ” أترى العبد ” الهمزة للانكار وفيه دلالة على أن التوبة مقرونة بالقبول ألبتة ويدل عليه أيضا قول أمير المؤمنين (عليه السلام): ” ما كان الله ليفتح على عبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة ” ويدل عليه أيضا ظاهر الايات (آت)

[ 435 ]

مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (1) ” قال: هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فذلك قوله: ” تذكروا فإذا هم مبصرون “. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده (2) في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله ابن عثمان، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله يحب العبد المفتن التواب ومن لم يكن ذلك منه (3) كان أفضل. 10 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن سنان، عن يوسف [ بن ] أبي يعقوب بياع الارز، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4) والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل أوحى إلى


(1) قوله: ” إذا مسهم طائف من الشيطان ” قال البيضاوى: أي لمة منه وهو اسم فاعل من طاف يطيف كأنها طافت بهم ودارت حولهم فلم يقدر أن يؤثر فيهم أو من طاف به الخيال يطيف طيفا. ” تذكروا ” ما أمر الله به ونهى عنه ” فإذا هم مبصرون ” بسبب التذكر مواقع الخطأ ومكائد الشيطان فيحترزون عنا ولا يتبعونه فيها. وقال في النهاية: طيف من الجن أي عرض منهم. وأصل الطيف: الجنون ثم استعمل في الغضب ومس الشيطان ووسوسته ويقال له: طائف أيضا وقد قرأ بهما قوله تعالى: ” أن الذين أمنوا إذا مسهم… الاية “. (2) في بعض النسخ [ مراده ] وفى بعضها [ مزاده ]. (3) ” ذلك ” أي معصية. (4) أي في عدم العقوبة لا التساوى في الدرجة وإن كان غير مستبعد في بعض أفرادهما.

[ 436 ]

داود (عليه السلام) أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك (1)، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فأتاه داود (عليه السلام) فقال: يا دانيال إنني رسول الله إليك وهو يقول لك: إنك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فقال له دانيال: قد أبلغت يا نبي الله، فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: يا رب إن داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي وعصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي وأخبرني عنك أنني إن عصيتك الرابعة لم تغفر لي، فوعزتك لئن لم تعصمني لاعصينك، ثم لاعصينك ثم لاعصينك (2). 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن جده الحسن بن راشد، عن معاوية بن وهب قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه ويوحي [ الله ] إلى جوارحه وإلى بقاع الارض أن اكتمي عليه ذنوبه فيلقى الله عز وجل حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب (3) 13 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها (4).


(1) العصيان محمول على ترك الاولى لان دانيال (عليه السلام) كان من الانبياء وهم معصومون من الكبائر والصغائر عندنا كما مر (آت). (2) ” لان لم تعصمني لاعصينك ” فيها مع الاقرار بالتقصير اعتراف بالعجز عن مقاومة النفس وأهوائها وحث على التوسل بذيل ألطافه الربانية والاستعاذة من التسويلات النفسانية والوساوس الشيطانية (آت) (3) قد مر عن معاوية بسند آخر 431. (4) قد مر مضمونه 435.

[ 437 ]

(باب) * (الاستغفار من الذنب) * (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) (2) يقول: إن العبد إذا أذنب ذنبا اجل من غدوة إلى الليل (3) فإن استغفر الله لم يكتب عليه (4). 2 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من عمل سيئة اجل فيها سبع ساعات من النهار فإن قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم. – ثلاث مرات – لم تكتب عليه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وأبو علي الاشعري، ومحمد بن يحيى، جميعا، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الصمد ابن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه شئ وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له و إن الكافر لينساه من ساعته (5).


(1) في بعض النسخ [ من الذنوب ]. (2) في بعض النسخ [ سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ]. (3) أي من مثل ذلك الزمان، ويمكن أن يكون زمان التأجيل متفاوتا بحسب تفاوت الاشخاص والاحوال والذنوب (آت). (4) يحتمل أن يكون المراد بالاستغفار التوبة بشرائطها وإن يكون محض طلب المغفرة وهو أظهر وقد يقال: الفرق بين التوبة والاستغفار أن التوبة ترفع عقوبة الذنوب والاستغفار طلب الغفر والستر عن الاغيار كيلا يعلمه احد ولا يكون عليه شاهد (آت). (5) ذكر المؤمن من لطفه سبحانه ونسيان الكافر من سلب لطفه تعالى عنه ليؤاخذه بالكفر والذنب جميعا وحمل الكفر على كفر النعمة وكفر المخالفة بناء على أن كفر الجحود لا ينفع معه التوبة عن الذنب والاستغفار إلا عن الكفر بعيد لان الكفر بالمعنيين الاولين يجامع الايمان أيضا إلا أن يحمل الايمان على الكامل (آت).

[ 438 ]

4 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوب إلى الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة، فقلت: أكان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: لا ولكن كان يقول: أتوب إلى الله (1) قلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب ولا يعود ونحن نتوب ونعود، فقال: الله المستعان 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عمل سيئه اجل فيها سبع ساعات من النهار، فإن قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه – ثلاث مرات – لم تكتب عليه (2). 6 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بياع الاكسية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر الله منه فيغفر له وإنما يذكره ليغفر له وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته. 7 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يقارف (3) في يومه وليلته أربعين كبيرة، فيقول وهو نادم: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام وأسأله أن يصلي على محمد وآل


(1) أي كان (صلى الله عليه وآله) يقول: استغفر الله وأتوب إلى الله، كما في كتاب الدعاء في باب الاستغفار واستغفاره (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام) لم يكن عن ذنب لاتفاق الامامية على عصمتهم بل هو من باب حسنات الابرار سيئات المقربين. ويمكن أن يكون الاستغفار و التوبة عبادة في نفسهما. (2) وقد مر وحمل على ما إذا كان مع الندم كما سيأتي (آت). (3) قارفه أي قاربه ويشعر بان الكبائر أكثر من أربعين لكن يحتمل تكرار كبيرة واحدة والتقييد بالندم لئلا يشبه استغفار المستهزئين (آت).

[ 439 ]

محمد وأن يتوب علي. إلا غفرها الله عز وجل له ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة (1). 8 – عنه، عن عدة من أصحابنا، رفعوه، قالوا: قال: لكل شئ دواء ودواء الذنوب الاستغفار (2). 9 – أبو علي الاشعري، ومحمد بن يحيى جميعا، عن الحسين بن إسحاق، وعلى ابن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن علي بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن عبد الله ابن سنان، عن حفص قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله عز وجل سبع ساعات من النهار، فإن هو تاب لم يكتب عليه شئ وإن هو لم يفعل كتب [ الله ] عليه سيئة، فأتاه عباد البصري فقال له: بلغنا أنك قلت: ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله عز وجل سبع ساعات من النهار؟ فقال: ليس هكذا قلت ولكني قلت: ما من مؤمن وكذلك كان قولي (3) 10 – محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من قال: ” أستغفر الله ” مائة مرة في [ كل ] يوم غفر الله عز وجل له سبعمائة ذنب ولا خير في عبد يذنب في [ كل ] يوم سبعمائة ذنب (4).


(1) في بعض النسخ [ في يومه ]. (2) مرفوع والظاهر أن ضمير ” قال ” للصادق أو الباقر (عليهما السلام). (3) قال الشيخ البهائي (قدس سره): عبد الله بن سنان أكثر ما يرويه عن الصادق (عليه السلام) بدون واسطة وقد يروى عنه بواسطة كما رواه في كيفية الصلاة وصفتها من التهذيب بتوسط حفص الاعور تارة وبتوسط عمر بن يزيد أخرى ويدل على أن التأجيل مخصوص بالمؤمن لا الكافر والمخالف (آت) (4) لفظة ” كل ” في الموضعين ليست في بعض النسخ فيمكن أن يكون المراد سبعمائة ذنب في عمره ويكون قوله: ” لاخير ” لبيان رفع التوهم لهذا الاحتمال (آت).

[ 440 ]

(باب) * (فيما اعطى الله عز وجل آدم (عليه السلام) وقت التوبة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال: إن آدم (عليه السلام) قال: يا رب سلطت علي الشيطان وأجريته مني مجرى الدم فاجعل لي شيئا، فقال: يا آدم جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة فإن هو عملها كتبت له عشرا، قال: يا رب زدني، قال: جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر له غفرت له، قال: يا رب زدني، قال: جعلت لهم التوبة – أو قال: بسطت لهم التوبة – حتى تبلغ النفس هذه، قال: يا رب حسبي. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته، ثم قال إن الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: إن الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن يوما لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا بلغت النفس هذه – وأهوى بيده إلى حلقه – لم يكن للعالم توبة وكانت للجاهل توبة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب قال: خرجنا إلى مكة ومعنا شيخ متأله متعبد لا يعرف هذا الامر يتم الصلاة في


[ 441 ]

الطريق (1) ومعه ابن أخ له مسلم، فمرض الشيخ فقلت لابن أخيه: لو عرضت هذا الامر على عمك لعل الله أن يخلصه، فقال كلهم: دعوا الشيخ حتى يموت على حاله فإنه حسن الهيئة فلم يصبر ابن أخيه حتى قال له: يا عم إن الناس ارتدوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا نفرا يسيرا وكان لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) من الطاعة ما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان بعد رسول الله الحق والطاعة له، قال: فتنفس الشيخ وشهق وقال: أنا على هذا وخرجت نفسه. فدخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فعرض علي بن السري هذا الكلام على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: هو رجل من أهل الجنة، قال له علي بن السري: إنه لم يعرف شيئا من هذا غير ساعته تلك!؟ قال: فتريدون منه ماذا؟، قد دخل والله الجنة. (باب اللمم) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أرأيت قول الله عز وجل: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم (2) ” قال: هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله ثم يلم به بعد. 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت له: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش إلا اللمم ” قال: الهنة بعد الهنة (3) أي الذنب بعد الذنب يلم به العبد


(1) أي لا يأتي بما يجب على المسافر في مذهبنا بل يتم الصلاة في السفر وهو تأييد لكونه من أهل السنة. وقوله: ” مسلم ” أي مؤمن أو بتشديد اللام أي منقاد للحق ولفظه ” لو ” للتمني. (2) النجم: 33. واللمم مقاربة الذنب كما في المصباح وصغار الذنوب كما في القاموس. (3) قال الجوهري: هن على وزن أخ كلمة كناية ومعناها شئ وأصله هنو (بفتحتين) تقول: هذا هنك أي شيئك وتقول للمرأة: هنة. ولامها محذوفة

[ 442 ]

3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من مؤمن إلا وله ذنب يهجره زمانا (1) ثم يلم به وذلك قول الله عز وجل: ” إلا اللمم ” وسألته عن قول الله عز وجل ” الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش إلا اللمم ” قال: الفواحش الزنى والسرقة واللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن و تفسيره فدعوه ومن جاءنا يبدي عورة قد سترها الله فنحوه، فقال له رجل من القوم جعلت فداك والله إنني لمقيم على ذنب منذ دهر، اريد أن أتحول عنه إلى غيره فما أقدر عليه، فقال له: إن كنت صادقا فإن الله يحبك وما يمنعه أن ينقلك منه إلى غيره إلا لكي تخافه (2). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى [ عن حريز ] عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من ذنب إلا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم به وهو قول الله عز وجل: ” الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم “، قال: اللمام (3) العبد الذي يلم الذنب بعد الذنب ليس من سليقته، أي من طبيعته. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن المؤمن لا يكون، سجيته الكذب والبخل والفجور وربما ألم من ذلك شيئا لا يدوم عليه، قيل: فيزني؟ قال: نعم ولكن لا يولد له من تلك النطفة.


(1) يهجره كينصره أي يتركه. وقيل العموم في هذا الكلام عموم عرفى، كناية عن الكثرة. (2) أي لدخلك العجب. (3) في بعض النسخ [ اللمم ].

[ 443 ]

(باب) * (في أن الذنوب ثلاثة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حماد، عن بعض أصحابه رفعه قال: صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن الذنوب ثلاثة ثم أمسك فقال له حبة العرني: يا أمير المؤمنين قلت: الذنوب ثلاثة ثم أمسكت، فقال: ما ذكرتها إلا وأنا اريد أن افسرها ولكن عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام (1) نعم الذنوب ثلاثة: فذنب مغفور وذنب غير مغفور وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه، قال: يا أمير المؤمنين فبينها لنا؟ قال: نعم أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا فالله أحلم وأكرم من أن يعاقب عبده مرتين، وأما الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض، إن الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (2) أقسم قسما على نفسه، فقال: وعزتي و جلالى لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ولو مسحة بكف ولو نطحة ما بين القرنا إلى الجماء (3) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لا تبقى لاحد على أحد مظلمة ثم يبعثهم للحساب، وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على خلقه ورزقه التوبة منه، فأصبح خائفا من ذنبه راجيا لربه، فنحن له كما هو لنفسه، نرجو له الرحمة ونخاف عليه العذاب (4). 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن زرارة عن حمران، قال: سالت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل اقيم عليه الحد في الرجم أيعاقب [ عليه ] في الآخرة؟ قال: إن الله أكرم من ذلك (5).


(1) البهر بالضم: انقطاع النفس من الاعياء. وما يعتري الانسان عند السعي الشديد و العدو من التهيج وتتابع النفس. (2) البروز: الظهور بعد الخفاء ولعله كناية عن ظهور أحكامه وثوابه وعقابه وحسابه. (3) نطحه كمنعه وضربه أصابه بقرنه والجماء: الشاة التى لا قرن لها. (4) في بعض النسخ [ العقاب ]. (5) ذكر هذا الحديث تحت عنوان هذا الباب تطفلي باعتبار أنه يفسر الشق الاول من الحديث الاول.

[ 444 ]

(باب) * (تعجيل عقوبة الذنب) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل إذا كان من أمره (1) أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة فإن لم يفعل به ذلك شدد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب، قال: وإذا كان من أمره أن يهين عبدا وله عنده حسنة صحح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسع عليه في رزقة، فإن هو لم يفعل ذلك به هون عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده من العمل ما يكفرها ابتلاه بالحزن ليكفرها. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا اخرج عبدا من الدنيا وأنا اريد أن ارحمه حتى أستوفي منه كل خطيئة عملها، إما بسقم في جسده وإما بضيق في رزقة وإما بخوف في دنياه فإن بقيت عليه بقية شددت عليه عند الموت، وعزتي وجلالي لا اخرج عبدا من الدنيا وأنا اريد أن اعذبه حتى اوفيه كل حسنة عملها إما بسعة في رزقه وإما بصحة في جسمه وإما بأمن في دنياه فإن بقيت عليه بقية هونت عليه بها الموت. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام


(1) أي من شأنه وتدبيره.

[ 445 ]

ابن سالم، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن المؤمن ليهول عليه (1) في نومه فيغفر له ذنوبه وإنه ليمتهن (2) في بدنه فيغفر له ذنوبه. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن السري بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا عجل له عقوبته في الدنيا وإذا أراد بعبد سوءا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافي بها يوم القيامة. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عز وجل: و ” ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (3) “: ليس من التواء عرق، ولا نكبة حجر (4) ولا عثرة قدم، ولا خدش عود إلا بذنب ولما يعفو الله أكثر (5)، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فإن الله عز وجل أجل وأكرم وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق: عن علي الاحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يزال الهم والغم بالمؤمن حتى ما يدع له ذنبا. 8 – عنه، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العبد المؤمن ليهتم في الدنيا حتى يخرج منها ولا ذنب عليه (6).


(1) على بناء المجهول من التفعيل. وهاله هولا أفزعه كهوله فاهتال. والهول: المخافة لا يدرى ما هجم عليه (2) مهنه كمنعه ونصره مهنا ومهنة: خدمه وضربه وجهده وامتهنه: استعمله للمهنة فامتهن هو لازم متعد والمهين: الحقير الضعيف. (3) الشورى: 30. (4) الالتواء: الانفتال والانعطاف. في القاموس لواه يلويه ليا ولويا بالضم: وثناه، فالتوى وتلوى. وبرأسه: أمال. وقال: نكب الحجارة رجله لئمتها أو أصابتها. (5) في بعض النسخ [ لما يغفر ]. (6) ” ليهتم ” أي يصيبه الهم.

[ 446 ]

9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الاحسمي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يزال الهم والغم بالمؤمن حتى ما يدع له من ذنب. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: ما من عبد اريد أن ادخله الجنة إلا ابتليته في جسده فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شددت عليه عند موته حتى يأتيني ولا ذنب له، ثم ادخله الجنة وما من عبد اريد أن ادخله النار إلا صححت له جسمه فإن كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا آمنت خوفه من سلطانه فان كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا وسعت عليه في رزقه فإن كان ذلك تماما لطلبته عندي وإلا هونت عليه موته حتى يأتيني ولا حسنة له عندي ثم ادخله النار. 11 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن اورمة، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال مر نبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه قد شعثته الطير (1) ومرقته الكلاب، ثم مضى فرفعت له مدينة فدخلها فإذا هو بعظيم من عظمائها ميت على سرير مسجا بالديباج حوله المجمر (2) فقال: يا رب أشهد أنك حكم، عدل، لا تجور، هذا عبدك لم يشرك بك طرفة عين أمته بتلك الميتة وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتة بهذه الميتة؟! فقال: عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور، ذلك عبدي كانت له عندي سيئة أو ذنب أمته بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شئ وهذا عبدي كانت له [ عندي ] حسنة فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي حسنة.


(1) التشعيث: التفريق. (2) تسجية الميت: تغطيته. والديباج: الثياب المتخذة من الابريسم والمجمر مصدر ميمى اجتماع الخلق الكثير أو هو كمنبر ما يوضع فيه الجمر والبخور.

[ 447 ]

12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه شيخ فقال: يا أبا عبد الله أشكو إليك ولدي وعقوقهم وإخواني وجفاهم عند كبر سني، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا هذا إن للحق دولة وللباطل دولة وكل واحد منهما في دولة صاحبه ذليل وإن أدنى ما يصيب المؤمن في دولة الباطل العقوق من ولده والجفاء من إخوانه وما من مؤمن يصيبه شيئا من الرفاهية في دولة الباطل إلا ابتلي قبل موته، إما في بدنه وإما في ولده وإما في ماله حتى يخلصه الله مما اكتسب في دولة الباطل ويوفر له حظه في دولة الحق. فاصبر وأبشر. (باب) * (في تفسير الذنوب) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن العلاء عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الذنوب التي تغير النعم البغي (1)


(1) حمل البغى على الذنوب باعتبار كثرة أفراده وكذا نظائره والبغى في اللغة تجاوز الحد ويطلق غالبا على التكبر والتطاول وعلى الظلم، قال الله تعالى: ” تبغون في الارض بغير الحق ” وقال: ” إنما بغيكم على أنفسكم “. ” ومن بغى عليه لينصرنه الله ” ” إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ” ” فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التى تبغى “. وقد روى أن الحسن (عليه السلام) طلب المبارز في صفين فنهاه امير المؤمنين عن ذلك وقال: انه بغى ولو بغى جبل على جبل لهد الله الباغى ولما كان الظلم مذكورا بعد ذلك فالمراد به التطاول والتكبر فانهما موجبان لرفع النعمة وسلب العزة كما خسف الله بها قارون وقد مر ان التواضع سبب للرفعة والتكبر يوجب الذلة. أو المراد به البغى على الامام أو الفساد في الارض. والذنوب التى تورث الندامة القتل فانه يورث الندامة في الدنيا والاخرة كما قال تعالى في قابيل حين قتل أخاه ” فأصبح من النادمين ” والتى تنزل النقم الظلم كما يشاهد من أحوال الظالمين وخراب ديارهم واستئصال

[ 448 ]

والذنوب التي تورث الندم القتل، والتي تنزل النقم الظلم، والتي تهتك الستر شرب الخمر، والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، و التي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء وتقرب الآجال وتخلي الديار وهي قطيعة الرحم والعقوق وترك البر. 3 – علي بن إبراهيم، عن أيوب بن نوح – أو بعض أصحابه عن أيوب – عن صفوان بن يحيى قال: حدثني بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة وإذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر وإذا خفرت الذمة اديل لاهل الشرك من أهل الاسلام (1) إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة.


أولادهم وأموالهم كما هو معلوم من أحوال فرعون وهامان وبنى أمية وبنى العباس وأضرابهم وقد قال تعالى: ” وتلك بيوتهم خاوية بما ضلموا ” وهتك الستور بشرب الخمر ظاهر وحبس الرزق بالزنا مجرب فان الزناة وإن كانوا أكثر الناس أموالا عما قليل يصيرون أسوء الناس حالا وقد يقرء هنا ” الربا ” بالراء المهملة والباء الموحدة وهى تحبس الرزق لقوله تعالى ” يمحق الله الربا ويربى الصدقات ” وإظلام الهواء إما كناية عن التحير في الاموال أو شدة البلية أو ظهور آثار غضب الله في الجو (آت). (1) خفره وبه وعليه: أجاره ومنعه وآمنه. وخفره: أخذ منه جعلا ليجيره وبه خفرا وخفورا: نقض عهده والادالة: الغلبة وفى الدعا ” أدل لنا وتدل منا ” وذلك لانهم ينقضون الامان ويخالفون الله في ذلك فيورد الله عليهم نقيض مقصودهم كما انهم يمنعون الزكاة لحصول الغنا مع انها سبب لنموا أموالهم فيذهب الله ببركتها ويحوجهم. وكون المراد حاجة الفقراء كما قيل بعيد نعم يحتمل الاعم. وفى بعض النسخ [ من أهل الايمان ] (آت).

[ 449 ]

(باب نادر) (1) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: إن العبد من عبيدي المؤمنين ليذنب الذنب العظيم مما يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة (2) فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته فاعجل له العقوبة عليه في الدنيا لاجازيه بذلك الذنب واقدر عقوبة ذلك الذنب وأقضيه وأتركه عليه موقوفا غير ممضى ولي في إمضائه المشيئة وما يعلم عبدي به فأتردد في ذلك مرارا على إمضائه ثم امسك عنه فلا امضيه كراهة لمساءته وحيدا عن إدخال المكروه عليه فأتطول عليه بالعفو عنه والصفح، محبة لمكافاته لكثير نوافله التي يتقرب بها إلي في ليله و نهاره فأصرف ذلك البلاء عنه وقد قدرته وقضيته وتركته موقوفا ولي في إمضائه المشيئة، ثم أكتب له عظيم أجر نزول ذلك البلاء وأدخره واوفر له أجره ولم يشعر به ولم يصل إليه أذاه وأنا الله الكريم الرؤوف الرحيم. (باب نادر ايضا) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (3) ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم “


(1) إنما أفرده عن الابواب السابقة لاشتماله على زيادة لم يجد له من جنسه حتى يشركه معه مع غرابة مضمونه ويمكن أن يقرء بالتوصيف والاضافة (آت). (2) ” والاخرة ” الواو بمعنى أو. ” فأنظر له ” أي أدبر له. و ” أقدر ” عطف تفسير لقوله: ” فاعجل ” أي أجعل تقدير العقوبة في الدنيا وصرفها عن الاخرة، صادف الامضاء أو لم يصادفه. ” في ذلك ” أي في العقوبة. ” على امضائه ” أي لامضائه، أو عازما أو أعزم على إمضائه أو ” على ” بمعنى ” في ” وهو بدل اشتمال لقوله: ” في ذلك ” وحاد عنه حيدا مال وعدل، وقوله: ” محبة ” مفعول له لقوله: ” فأتطول ” وقوله: ” لمكافاته ” متعلق بالمحبة وقوله: ” لكثير ” متعلق بالمكافاة أي لانى احب أن اكافيه واجازيه بكثير نوافله (آت ملخصا). (3) كأن ” في ” بمعنى ” عن ” أو هنا بتقدير، أي سألت عن شئ في هذه الاية.

[ 450 ]

فقال هو: ” ويعفو عن كثير ” (1) قال: قلت: ليس هذا أردت أرأيت ما أصاب عليا وأشباهه من أهل بيته (عليهم السلام) من ذلك؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب (2). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ” أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته (عليهم السلام) من بعده هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب (3). 3 – علي بن إبراهيم، رفعه قال: لما حمل علي بن الحسين (صلى الله عليهما) إلى يزيد بن معاوية فاوقف بين يديه قال يزيد لعنه الله: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (1) ” فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): ليست هذا الآية فينا إن فينا قول الله عز وجل: ” ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (4) “.


(1) الشورى: 29. (2) لعله لما اكتفى ببعض الاية كان موهما لان يكون نسى تتمة الاية فقرأها (عليه السلام) أو موهما لانه توهم أن كل ذنب لابد أن يبتلى الانسان عنده ببلية فقرأ (عليه السلام) تتمة الاية لرفع هذا التوهم. وقوله: ” أرأيت ” أي أخبرني وجوابه (عليه السلام) يحتمل الوجهين: الاول أن استغفار النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن لحط الذنوب بل لرفع الدرجات فكذا ابتلاؤهم (عليهم السلام) ليست لكفارة الذنوب بل لكثرة المثوبات ورفع الدرجات فالخطاب في الاية متوجه إلى غير المعصومين بقرينة ” ما كسبت ايديكم ” كما عرفت والثانى أن استغفار النبي (صلى الله عليه وآله) كان لترك الاولى وترك العبادة الافضل إلى الادنى وامثال ذلك فكذا ابتلاؤهم كان لتدارك ذلك والاول أظهر (آت) ويمكن أن يكون الاستغفار والتوبة العبادة في نفسهما. (3) المراد بالسبعين في حديث السابق العدد الكثير ولا ينافى هذا أو أنه (عليه السلام) يفعل مرة هكذا ومرة هكذا. (4) الحديد: 22.

[ 451 ]

(باب) * (أن الله يدفع بالعامل عن غير العامل (1) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله [ ل‍ ] يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج ولو أجمعوا على ترك الحج لهلكوا وهو قول الله عز وجل: ” ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين (2) ” فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم. (باب) * (ان ترك الخطيئة أيسر من [ طلب ] التوبة (3) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابه عن أبي العباس البقباق [ قال: ] قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة وكم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا والموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فرحا (4).


(1) لم يكن هذا العنوان في أكثر النسخ. (2) البقرة: 252. والمراد بالهلاك نزول عذاب الاستئصال وظاهره أن المراد بالاية من ” بعضهم ” بسبب بعض فيكون ” الناس ” و ” بعضهم ” منصوبين ينزع الخافض. أو يقال: المراد دفع بعض الناس أي الظالمين أو المشركين عن بعض ببركة بعض فيكون المدفوع عنه متروكا في الكلام (آت) (3) لم يكن هذا العنوان في أكثر النسخ. (4) الموت فضح الدنيا لكشفه عن مساويها وغرورها وعدم وفائه لاهلها.

[ 452 ]

(باب الاستدراج) (1) 1 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمه لينسيه الاستغفار، ويتمادى بها، وهو قول الله عز وجل: ” سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (2) ” بالنعم عند المعاصي. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الاستدراج، فقال: هو العبد يذنب الذنب فيملي له (3) ويجدد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مستدرج من حيث لا يعلم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (2) ” قال: هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان [ بن داود ] المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج بستر الله عليه (4) وكم من مفتون بثناء الناس عليه،


(1) استدراج الله تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلا قليلا ولا يباغته (2) الاعراف: 182 و ” لا يعلمون ” أي لا يعلمون ما نريد بهم وذلك أن تتواتر عليهم النعم فيظنوا أنه لطف من ربهم فيزدادوا بطرا. (3) الاملاء: الامهال، (4) وربما يقرء [ يستر الله ] بالياء.

[ 453 ]

(باب) * (محاسبة العمل) * (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إنما الدهر ثلاثة أيام أنت فيما بينهن: مضى أمس بما فيه فلا يرجع أبدا فإن كنت عملت فيه خيرا لم تحزن لذهابه وفرحت بما استقبلته منه (2) وإن كنت قد فرطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه وتفريطك فيه وأنت في يومك الذي أصبحت فيه من غد في غرة ولا تدري لعلك لا تبلغه وإن بلغته لعل حظك فيه في التفريط مثل حظك في الامس الماضي عنك. فيوم من الثلاثة قد مضى أنت فيه مفرط، ويوم تنتظره لست أنت منه على يقين من ترك التفريط وإنما هو يومكم الذي أصبحت فيه وقد ينبغي لك إن عقلت وفكرت فيما فرطت في الامس الماضي مما فاتك فيه من حسنات ألا تكون اكتسبتها ومن سيئات ألا تكون أقصرت عنها وأنت مع هذا مع استقبال غد على غير ثقة من أن تبلغه وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو مرتدع عنه سيئة محبطة، فأنت من يومك الذي تستقبل على مثل يومك الذي استدبرت، فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الايام إلا يومه الذي أصبح فيه وليلته، فاعمل أودع (3) والله المعين على ذلك. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الحسن الماضي (صلوات الله عليه) قال: ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد الله وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه.


(1) لم يكن هذا العنوان في أكثر النسخ. (2) في بعض النسخ [ أسلفته ]. (3) أي فان شئت فاعمل وإن شئت دع فهو قريب من التهديد.

[ 454 ]

3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي النعمان العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا أبا النعمان لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الامر يصل إليك دونهم، ولا تقطع نهارك بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك عملك، وأحسن فإني لم أر شيئا أحسن دركا ولا أسرع طلبا من حسنة محدثه لذنب قديم (1) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي النعمان مثله. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: اصبروا على الدنيا فإنما هي ساعة فما مضى منه فلا تجد له ألما ولا سرورا، وما لم يجئ فلا تدري ما هو؟ وإنما هي ساعتك التي أنت فيها فاصبر فيها على طاعة الله واصبر فيها عن معصية الله. 5 – عنه، عن بعض أصحابنا (2) رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) احمل نفسك لنفسك فإن لم تفعل يحملك غيرك. 6 – عنه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لرجل: إنك قد جعلت طبيب نفسك وبين لك الداء، وعرفت آية الصحة، ودللت على الدواء، فانظر كيف قيامك على نفسك. 7 – عنه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لرجل: اجعل قلبك قرينا برا


(1) ” ولا يغرنك الناس من نفسك ” المراد بالناس المادحون الذين لم يطلعوا على عيوبه والواعظون الذين يبالغون في ذكر الرحمة ويعرضون عن ذكر العقوبات، تقربا عند الملوك و الامراء والاغنياء. ” فان الامر ” أي الجزاء والحساب والعقوبات متعلقة باعمالك ” تصل إليك ” لا إليهم وإن وصل إليهم عقاب هذا الاضلال. ” بكذا وكذا ” أي بقول اللغو والباطل فان معك من يحفظ عليك عملك فان القول من جملة العمل (آت). (2) ضمير ” عنه ” هنا وفيما بعده راجع إلى أحمد بن محمد. وفى بعض النسخ [ أصحابه ].

[ 455 ]

أو ولدا واصلا (1) واجعل عملك والدا تتبعه واجعل نفسك عدوا تجاهدها واجعل مالك عارية تردها. 8 – [ و ] عنه، رفعه قال: قال أبو عبد الله: اقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك، واسع في فكاكها كما تسعى في طلب معيشتك، فإن نفسك رهينة بعملك. 9 – عنه، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كم من طالب للدنيا لم يدركها ومدرك لها قد فارقها، فلا يشغلنك طلبها عن عملك والتمسها من معطيها و مالكها فكم من حريص على الدنيا قد صرعته واشتغل بما أدرك منها عن طلب آخرته حتى فنى عمره وأدركه أجله، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): المسجون من سجنته دنياه عن آخرته. 10 – وعنه، رفعه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: إذا أتت على الرجل أربعون سنة قيل له: خذ حذرك فإنك غير معذور وليس ابن الاربعين بأحق بالحذر من ابن العشرين فإن الذي يطلبهما واحد وليس براقد، فاعمل لما أمامك من الهول ودع عنك فضول القول. 11 – عنه، عن علي بن الحكم، عن حسان، عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خذ لنفسك من نفسك، خذ منها في الصحة قبل السقم، وفي القوة قبل الضعف، وفي الحياة قبل الممات. 12 – عنه، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن النهار إذا جاء قال: يا ابن آدم اعمل في يومك هذا خيرا أشهد لك به عند ربك يوم القيامة، فإني لم آتك فيما مضى ولا آتيك فيما بقي وإذا جاء الليل قال مثل ذلك. 13 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن شعيب بن عبد الله


(1) أي غير عاق. وفى بعض النسخ [ واجعل عملك ] بتقديم اللام على الميم.

[ 456 ]

عن بعض أصحابه: رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أوصني بوجه من وجوه البر أنجو به، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها السائل استمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل (1) واعلم أن الناس ثلاثة: زاهد وصابر وراغب فأما الزاهد فقد خرجت الاحزان والافراح من قلبه فلا يفرح بشئ من الدنيا و لا يأسى (2) على شئ منها فاته، فهو مستريح وأما الصابر فإنه يتمناها بقلبه فإذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها وشنآنها، لو اطلعت على قلبه عجبت من عفته وتواضعه وحزمه وأما الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلها أو [ من ] حرامها ولا يبالي ما دنس فيها عرضه وأهلك نفسه وأذهب مروءته، فهم في غمرة يضطربون (3). 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن محمد بن حكيم عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لا يصغر (4) ما ينفع يوم القيامة ولا يصغر ما يضر يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم الله عز وجل كمن عاين. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث (5) قال سمعت أبا عبد الله يقول: إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون مذموما


(1) الامور مترتبة فان العمل موقوف على اليقين واليقين موقوف على الفهم والفهم موقوف على الاستماع من أهل العلم (آت). (2) الاسى بالفتح والقصر: الحزن (أسى يأسى من باب علم أسى فهو آس) والمقصود أن قلب الزاهد متعلق بالله وبامر الاخرة لا بالدنيا فلا يفرح بشئ منها يأتيه ولا يحزن على شئ منها فاته لان الفرح بحصول محبوب والحزن بفواته. وشئ من الدنيا ليس بمحبوب عند الزاهد التارك لها بالكلية. (3) في بعض النسخ [ يعمهون ] وفى بعضها [ يصطرخون ]. (4) صغر ككرم وفرح صار صغيرا ويمكن أن يقرء على المجهول من بناء التفعيل أي لا يعد صغيرا. ” كمن عاين ” هو مرتبة عين اليقين (آت). (5) كان هو عاميا قاضيا من قبل هارون طالبا للشهرة عند الولاة وخلفاء الجور ولذا عدل عن الحق واتبع اهل الضلال فالمناسب بحاله ترك الشهرة والاعتزال ولذا أمره (عليه السلام) بذلك (آت).

[ 457 ]

عند الناس إذا كنت محمودا عند الله، ثم قال: قال أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا خير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقة ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم (1) والله في ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا وكذلك وصفهم الله عز وجل فقال: ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون (2) ” ثم قال: ما الذي آتوا؟ آتوا والله مع الطاعة المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، عن الحكم بن سالم قال: دخل قوم فوعظهم (3) ثم قال: ما منكم من أحد إلا وقد عاين الجنة وما فيها وعاين النار وما فيها إن كنتم تصدقون بالكتاب (4). 17 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذنوب فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يصير كثيرا وخافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف وسارعوا إلى طاعة الله وأصدقوا الحديث وأدوا الامانة فإنما ذلك لكم ولا تدخلوا فيما لا يحل لكم، فإنما ذلك عليكم.


(1) الواو للحالية. وقيل: للاستيناف والضمير راجع إلى أصحاب الرسول وهو بعيد. (2) المؤمنون 62 (3) حكم بن سالم غير مذكور في الرجال وابراهيم الراوى عنه من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) واحتمال الكاظم (عليه السلام) بعيد (آت). (4) المعنى أن في القرآن احوال الجنة ودرجاتها وما فيها واوصاف النار ودركاتها وما فيها والله سبحانه أصدق الصادقين فمن صدق بالكتاب وعصى ربه فهو كاذب في دعواه وتصديقه ليس في درجة اليقين (آت).

[ 458 ]

18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ما أحسن الحسنات بعد السيئات وما أقبح السيئات بعد الحسنات. 19 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنكم في آجال مقبوضة (1) وأيام معدودة والموت يأتي بغتة، من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع ولا يسبق البطئ منكم حظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، من اعطي خيرا فالله أعطاه ومن وقي شرا فالله وقاه. 20 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن واصل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى أبي ذر فقال: يا أبا ذر ما لنا نكره الموت؟ فقال: لانكم عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب. فقال له: فكيف ترى قدومنا على الله؟ فقال: أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله وأما المسئ منكم فكالآبق يرد على مولاه، قال: فكيف ترى حالنا عند الله؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب، إن الله يقول: ” إن الابرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم (2) ” قال: فقال الرجل: فأين رحمة الله؟ قال: رحمة الله قريب من المحسنين، قال: أبو عبد الله (عليه السلام): وكتب رجل إلى أبي ذر – رضي الله عنه – يا أبا ذر أطرفني بشئ من العلم فكتب إليه العلم كثير ولكن إن قدرت أن لا تسئ إلى من تحبه فافعل، قال: فقال له الرجل: وهل رأيت أحدا يسيئ إلى من يحبه؟ فقال له: نعم نفسك أحب الانفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها.


(1) أي يقبض منها آنا فانا. (2) الانفطار: 14 و 15.

[ 459 ]

21 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: اصبروا على طاعة الله وتصبروا عن معصية الله، فإنما الدنيا ساعة فما مضى فليس تجد له سرورا ولا حزنا وما لم يأت فليس تعرفه فاصبر على تلك الساعه التي أنت فيها، فكأنك قد اغتبطت (1). 22 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الخضر لموسى (عليه السلام): يا موسى إن أصلح يوميك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو وأعد له الجواب، فانك موقوف ومسؤول وخذ موعظتك من الدهر فإن الدهر طويل قصير، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ليكون أطمع لك في الآخرة (2) فإنما هو آت من الدنيا كما هو قد ولى منها. 23 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قيل لامير المؤمنين (عليه السلام): عظنا وأوجز، فقال: الدنيا حلالها حساب وحرامها عقاب وأنى لكم بالروح ولما تأسوا بسنة نبيكم (3) تطلبون ما يطغيكم ولا ترضون ما يكفيكم (4). (باب) * (من يعيب الناس (5) * 1 – علي بن إبرا هيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:


(1) على بناء المعلوم أي عن قريب تصير بعد الموت في حالة حسنة يغبطك الناس لها و يتمنون حالك ولا تبقى عليك مرارة صبرك. في القاموس الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط والحسد وتمنى نعمة على أن لا تتحول عن صاحبها (آت). (2) في بعض النسخ: [ في الاجر ]. (3) سنة النبي (صلى الله عليه وآله): طريقته وسيرته في حياته من الملبس والمسكن والعبادة والرأفة وغير ذلك. (4) ” يطغيكم ” اشارة إلى قوله تعالى: ” إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى “. (5) يرجع حاصل اخبار هذا الباب إلى المنع من تتبع عيوب الناس وتعييرهم وذمهم.

[ 460 ]

إن أسرع الخير ثوابا البر، وإن أسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه (1) أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. 3 – محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كفى بالمرء عيبا أن يتعرف من عيوب الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه أو يعيب على الناس أمرا هو فيه، لا يستطيع التحول عنه إلى غيره، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي عبد الرحمن الاعرج وعمر بن أبان (3) عن أبي حمزة، عن أبي جعفر وعلي بن الحسين (صلوات الله عليهم) قالا: إن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن ينظر في عيوب غيره ما يعمى عليه من عيب نفسه أو يوذي جليسه بما لا يعنيه أو ينهى الناس عمالا يستطيع تركه.


(1) ” عيبا ” تميز. وتعدية العمى بعن كانه للتضمين معنى التغافل والاعراض والتعدية بعلى كما في سائر الاخبار أظهر وأشهر كما في قوله تعالى: ” فعميت عليهم الانباء يومئذ ” وعلى ما هنا المستتر في ” يعمى ” راجع إلى المرء والبارز في ” عنه ” إلى الموصول وعلى ما في سائر الروايات بالعكس (آت). (2) أي لا يهمه ولا ينفعه. (3) هو أبو حفص الكلبى مولى كوفى ثقة روى عن الصادق (عليه السلام) واسند عنه وله كتاب روى عنه جماعة منهم عباس بن عامر القصبانى والحسن بن محمد بن سماعة ويونس.

[ 461 ]

(باب) * (أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية (1) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن ناسا أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ما أسلموا فقالوا: يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حسن إسلامه وصح يقين إيمانه لم يأخذه الله تبارك وتعالى بما عمل في الجاهلية ومن سخف إسلامه ولم يصح يقين إيمانه أخذه الله تبارك وتعالى بالاول والآخر. 2 – علي بن إبر هيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن المنقري، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن الرجل يحسن في الاسلام أيؤاخذ بما عمل في الجاهلية؟ فقال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من أحسن في الاسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الاسلام اخذ بالاول والآخر. (باب) * (أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل (2) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب وغيره، عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه ثم أصابته فتنه فكفر ثم تاب بعد كفره كتب له وحسب بكل شئ كان عمله في إيمانه ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره.


(1) لم يكن هذا العنوان في بعض النسخ. (2) ليس هذا العنوان في بعض النسخ وفى بعضها [ باب توبة المرتد ].

[ 462 ]

(باب) * ([ المعافين من البلاء ]) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب [ وغيره ] عن أبي حمزة (1)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل ضنائن يضن بهم عن البلاء (2) فيحييهم في عافية ويرزقهم في عافية ويميتهم في عافية و يبعثهم في عافيه ويسكنهم الجنة في عافيه. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الله عز وجل خلق خلقا ضن بهم عن البلاء خلقهم في عافية، وأحياهم في عافية، وأماتهم في عافية، وأدخلهم الجنه في عافية. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل ضنائن من خلقه يغذوهم بنعمته، ويحبوهم بعافيته، ويدخلهم الجنة برحمته، تمر بهم البلايا والفتن لا تضرهم شيئا. (باب) * ([ ما رفع عن الامة ]) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق قال: حدثني عمرو ابن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتي أربع


(1) قال الشيخ البهائي (ره): في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة نظر لا يخفى. (2) أي يحفظهم، في النهاية الضنائن: الخصائص واحد ضنية فعلية بمعنى مفعوله من الضن و هو ما تختصه وتضن به. أي تبخل لمكانه منك وموقعه عندك.

[ 463 ]

خصال: خطاؤها ونسيانها وما اكرهوا عليه وما لم يطيقوا وذلك قول الله عز وجل: ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به (1) ” وقوله: ” إلا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان (2) “. 2 – الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن امتي تسع خصال: الخطاء والنسيان وما لا يعلمون (3) وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد. (باب) * (ان الايمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة (4)) * 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): هل لاحد على ما عمل ثواب على الله موجب إلا المؤمنين؟ قال: لا.


(1) البقرة 286. قوله: ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ” هذا استرحام وسؤال من الله تعالى أن لا يعاملنا معاملة من كان قبلنا من المؤاخذة بالخطأ والنسيان وحمل الاصر و تحميل ما لا يطاق مثل قتل النفس عند التوبة وتحريم الطيبات وأمثال ذلك مما كلفوا به جزاء لسيئاتهم وتمردهم وتركهم ما امروا به والخطاء والنسيان وان كانا غير اختياريين لكنهما اختياريان من طريق المقدمات على ما قيل واما حمل الاصر وتحميل ما لا يتحمل عادة فهما من قبيل الجزاء لا التكليف الابتدائي. قال الله سبحانه: ” من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل ” وقال تعالى: ” فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات ما احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله وأخذهم الربا وقد نهوا عنه “. وقال ” فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله ” وامثال ذلك من الايات فتأمل. (2) النحل: 19. معناه إلا من اكره على قبيح مثل كلمة الكفر وغيرها وقلبه غير متغير. (3) ظاهره معذورية الجاهل مطلقا ويدل عليه فحاوي كثير من الايات والاخبار ولكن الاصحاب اقتصروا في العمل به على مواضع مخصوصة ذكروها في كتب الفروع كالصلاة مع نجاسة الثوب و البدن أو موضع السجود أو في الثوب والمكان المغصوبين أو ترك الجهر والاخفات وأمثالها (آت) فالمسألة معنونة في كتب اصول الفقه باب البراءة مشروحة. (4) في بعض النسخ [ باب في العمل ]

[ 464 ]

2 – عنه (1) عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال موسى للخضر (عليهما السلام) قد تحرمت بصحبتك فأوصني، قال [ له ]: ألزم ما لا يضرك معه شئ كما لا ينفعك مع غيره شئ. 3 – عنه، عن يونس، عن ابن بكير، عن أبي امية يوسف بن ثابت قال: سمعت أبا عبد الله – عليه السلام) يقول: لا يضر مع الايمان عمل ولا ينفع مع الكفر عمل، ألا ترى أنه قال: ” وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله.. وماتوا وهم كافرون (2) “. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن أبي امية يوسف بن ثابت بن أبي سعدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [ قال: ] قال: الايمان لا يضر معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل. 5 – أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عمن ذكره، عن عبيد بن زرارة عن محمد بن مارد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): حديث روي لنا أنك قلت: إذا عرفت فاعمل ما شئت؟ فقال: قد قلت ذلك، قال: قلت وإن زنوا أو سرقوا أو شربوا الخمر فقال لي: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما أنصفونا أن نكون اخذنا بالعمل ووضع عنهم، إنما قلت: إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره فانه يقبل منك. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن الريان بن الصلت، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام كثيرا ما يقول في خطبته: يا أيها الناس دينكم دينكم (3) فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره والسيئة فيه تغفر و الحسنة في غيره لا تقبل. هذا آخر كتاب الايمان والكفر والطاعات والمعاصي من كتاب الكافي والحمد الله وحده وصلى الله على محمد وآله.


(1) ضمير ” عنه ” راجع إلى محمد بن عيسى. (2) الايات في سورة التوبة. (3) ” دينكم ” نصب على الاغراء أي الزموا واحفظوه وأو أكملوه.

[ 465 ]

كتاب الدعاء من الكافي تأليف ثقة الاسلام ابى جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي المتوفى 328 ه‍ و يليه كتاب فضل القرآن و كتاب العشرة


[ 466 ]

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الدعاء (باب) * (فضل الدعاء والحث عليه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول: ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (1) ” قال: هو الدعاء وأفضل العبادة الدعاء، قلت: إن ” إبراهيم لاواه حليم (2) “؟ قال: الاواه هو الدعاء. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل وابن محبوب، جميعا عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): أي العبادة أفضل؟ فقال: ما من شئ أفضل عند الله عز وجل من أن يسئل ويطلب مما عنده وما أحد أبغض إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا ميسر ادع ولا تقل: إن الامر قد فرغ منه، إن عند الله عز وجل منزلة لا تنال إلا بمسألة، ولو أن عبدا سد فاه ولم يسأل


(1) المؤمن: 60 وقوله: ” داخرين ” أي صاغرين ذليلين. (2) التوبة 115. قال الطبرسي (ره): الاواه: الدعاء والبكاء، عن ابن عباس وهو المروى عن أبى عبد الله (عليه السلام).

[ 467 ]

لم يعط شيئا فسل تعط، يا ميسر إنه ليس من باب يقرع إلا يوشك أن يفتح لصاحبه (1). 4 – حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لم يسأل الله عز وجل من فضله [ فقد ] افتقر. 5 – علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ادع ولا تقل: قد فرغ من الامر فإن الدعاء هو العبادة إن الله عز وجل يقول: ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” وقال: ” ادعوني أستجب لكم (2) “. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن سيف التمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تقربون بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار. 7 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن رجل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الدعاء هو العبادة التي قال الله عز وجل: ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي.. الآية ” ادع الله عز وجل ولا تقل: إن الامر قد فرغ منه. قال زرارة: إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجتهد فيه – أو كما قال (3) -. 8 – عده من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحب الاعمال إلى الله


(1) اعلم أن لوجود الكائنات وعدمها اسبابا وشروطا وأبى الله ان يجرى الاشياء الا بالاسباب ومن جملة الاسباب لبعض الامور الدعاء فما لم يدع لم يعط ذلك الشئ واما علمه سبحانه تابعا للمعلوم لا يصير سببا لحصول الاشياء، وقضاؤه تعالى وقدره ليسا قضاء لازما وقدرا حتما والا لبطل الثواب والعقاب والامر والنهى كما مر عن أمير المؤمنين (عليه السلام). (2) المؤمن: 60. (3) ” لا يمنعك ” في بعض النسخ [ لا يملك ] من الاملال أي لا يجعلك ملولا ذا سآمة.

[ 468 ]

عز وجل في الارض الدعاء وأفضل العبادة العفاف، قال: و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا دعاء. (باب) * (ان الدعاء سلاح المؤمن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه عن فضالة بن أيوب، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والارض. 2 – وبهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الدعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح (1) وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب تقي، وفي المناجاة سبب النجاة وبالاخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع. 3 – وبإسناده قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم (2)؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء. 4 – عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الدعاء ترس المؤمن (3) ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن الرضا (عليه السلام) أنه كان يقول لاصحابه: عليكم بسلاح الانبياء، فقيل: وما سلاح الانبياء؟ قال: الدعاء.


(1) انجح الرجل إذا قضيت له الحاجة. والمقاليد جمع مقلاد: المفتاح. (2) الادرار: الاكثار. (3) الترس: صفحة من الفولاذ تحمل للوقاية من السيف ونحوه ويقال له بالفارسية: ” سپر “

[ 469 ]

6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي سعيد البجلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الدعاء أنفذ من السنان. 7 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الدعاء أنفذ من السنان الحديد. (باب) * (ان الدعاء يرد البلاء والقضاء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: سمعته يقول: إن الدعاء يرد القضاء، ينقضه كما ينقض السلك وقد ابرم إبراما (1). 2 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام يقول: إن الدعاء يرد ما قد قدر وما لم يقدر، قلت وما قد قدر عرفته فما لم يقدر؟ قال: حتى لا يكون. (2) 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن بسطام الزيات، عن أبي عبد الله – عليه السلام) قال: إن الدعاء يرد القضاء وقد نزل من السماء وقد ابرم إبراما. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن الدعاء والبلاء ليترافقان (3) إلى يوم القيامة، إن الدعاء ليرد البلاء وقد ابرم إبراما. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل.


(1) ابرمت الشئ أحكمته والمبرم: المحكم. (2) الضمير راجع التقدير أي لا يحصل التقدير (3) في بعض النسح [ ليتوافقان ].

[ 470 ]

6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: ألا أدلك على شئ لم يستثن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله (1)؟ قلت: بلى، قال: الدعاء يرد القضاء وقد ابرم إبراما – وضم أصابعه -. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الدعاء يرد القضاء بعد ما ابرم إبراما، فأكثر من الدعاء فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ولا ينال ما عند الله عز وجل إلا بالدعاء وإنه ليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: قال أبو الحسن موسى (عليه السلام) عليكم بالدعاء فإن الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضي ولم يبق إلا إمضاؤه، فإذا دعي الله عز وجل وسئل صرف البلاء صرفة. 9 – الحسين بن محمد، رفعه، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل ليدفع بالدعاء الامر الذي علمه إن يدعى له فيستجيب ولو لا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لاصابه منه ما يجثه من جديد الارض (2). (باب) * (ان الدعاء شفاء من كل داء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أسباط بن سالم، عن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): عليك بالدعاء فإنه شفاء من كل داء.


(1) أي لم يقل إن شاء الله لانحلال الوعد وعدم لزوم العمل به وضم الاصابع إلى الكف لبيان شدة الابرام (آت). (2) قوله: ” ما يجثه من جديد الارض ” بالثاء المثلثة من الجث وهو القطع وانتزاع الشجر من أصله أي ينزعه منها. وفى بعض النسخ بالنون من الاجتنان وهو الاستتار.

[ 471 ]

(باب) * (أن من دعا استجيب له) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن عبد الله ابن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: الدعاء كهف الاجابة كما أن السحاب كهف المطر. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار إلا استحيا الله عز وجل أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء. فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على وجهه ورأسه. (باب الهام الدعاء) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا الهم أحد [ كم ] الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: قال أبو الحسن موسى (عليه السلام): ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عز و جل الدعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكا (1) وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدعاء إلا كان ذلك البلاء طويلا فإذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل.


(1) الوشيك: السريع والقريب.

[ 472 ]

(باب) * (التقدم في الدعاء) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام ابن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف ولم يحجب عن السماء ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عنبسة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تخوف [ من ] بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله (1) عز وجل ذلك البلاء أبدا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن منصور بن يونس، عن هارون بن خارجة، عن ابي عبد الله (عليه السلام): قال: إن الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء (2). 4 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء في الرخاء. 5 – عنه، عن أبيه، عن عبيدالله بن يحيى، عن رجل، عن عبد الحميد بن غواص الطائي عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان جدي يقول: تقدموا في الدعاء فإن العبد إذا كان دعاء فنزل به البلاء فدعا، قيل: صوت معروف وإذا لم يكن دعاء فنزل به بلاء فدعا، قيل: أين كنت قبل اليوم. 6 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عمن حدثه، عن أبي الحسن الاول (عليهما السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الدعاء بعدما ينزل البلاء لا ينتفع [ به ].


(1) في بعض النسخ [ لم يرد الله ]. (2) ” يستخرج الحوائج ” يعنى من القوة إلى الفعل (آت).

[ 473 ]

(باب) * (اليقين في الدعاء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دعوت فظن أن حاجتك بالباب (1). (باب) * (الاقبال على الدعاء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه (2) فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالاجابة. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لا يقبل الله عز وجل دعاء قلب لاه، وكان علي (3) (عليه السلام) يقول: إذا دعا أحدكم للميت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه ولكن ليجتهد له في الدعاء. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن سيف بن عميرة، عن سليم الفراء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دعوت فأقبل بقلبك وظن حاجتك بالباب.


(1) حمل المصنف (ره) الظن على اليقين لما سيأتي في الحديث الاول من الباب الاتى و يمكن حمله على معناه الظاهر فان اليقين بالاجابة مشكل الا أن يقال: اليقين بما وعد الله من اجابة الدعاء إذا كان مع شرائطه وأعم من أن يعطيه أو عوضه في الاخرة (آت). (2) قوله: ” بظهر قلب ” المشهور أن الظهر هنا زائد مقحم، قال في المغرب: في الحديث لا صدقة الا عن ظهر غنى. أي صادرة عن غنى بالظهر فيه مقحم كما في ظهر القلب. ” ساه ” أي غافل عن المقصود وعما يتكلم به غير مهتم. أو غافل عن عظمة الله وجلاله ورحمته: غير متوجه إليه بشراشره وعزمه وهمته (آت). (3) في بعض النسخ [ وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول ].

[ 474 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما استسقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسقي الناس حتى قالوا: إنه الغرق – وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده (1) وردها: اللهم حوالينا ولا علينا (2) قال: فتفرق السحاب – فقالوا: يا رسول الله استسقيت لنا فلم نسق ثم استسقيت لنا فسقينا؟ قال: إني دعوت وليس لي في ذلك نية ثم دعوت ولي في ذلك نية. (باب) * (الالحاح في الدعاء و التلبث (3) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عطية، عن عبد العزيز الطويل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالى في حاجته ما لم يستعجل. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عطية، عن عبد العزيز الطويل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد إذا عجل فقام لحاجته يقول الله تبارك وتعالى: أما يعلم عبدي أني أنا الله الذي أقضي الحوائج.


(1) القول بمعنى الفعل أي حرك يده يمينا وشمالا مشيرا إلى تفرق السحاب وكشفها عن المدينة وقد ردها سابقا عن الدعاء ويقدر القول قبل ” اللهم ” (آت) (2) يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الابنية. (3) اللبث: الابطاء والتأخير.

[ 475 ]

3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن مروان، عن الوليد بن عقبة الهجري قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: والله لا يلح عبد مؤمن على الله عز وجل في حاجته إلا قضاها له. 4 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن حسان، عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه، إن الله عز وجل يحب أن يسأل ويطلب ما عنده. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الاحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا والله لا يلح عبد على الله عز وجل إلا استجاب الله له. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحم الله عبدا طلب من الله عز وجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أو لم يستجب [ له ] وتلا هذه الآية: ” وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا (1) “.


(1) مريم: 48. حكاية عن إبراهيم (عليه السلام) حيث قال مخاطبا لقومه: ” وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ” قال الطبرسي (ره): أي وأتنحى منكم جانبا وأعتزل عبادة ما تدعون من دونه و ” أدعوا ربى ” قال أي اعبد ربى ” عسى ألا أكون بدعاء ربى شقيا ” كما شقيتم بدعاء الاصنام وانما ذكر ” عسى ” على وجه الخضوع انتهى. وسبب الاستشهاد بالاية قوله (عليه السلام): ” استجيب له ” أي سريعا ” أو لم يستجب ” أي كذلك أو لم يستجب في حصول المطلوب لكن عوض له في الاخرة. والحاصل انه لا يترك الالحاح لبطوء الاجابة فالاستشهاد بالاية لان إبراهيم (عليه السلام) اظهر الرجاء بل الجزم إذ الظاهر أن ” عسى ” موجبة في عدم شقائه بدعاء الرب سبحانه وعدم كونه خائبا ضائع السعي كما خابوا وضل سعيهم في دعاء آلهتهم كما ذكره المفسرون. ويحتمل أن يكون في الكلام تقدير أي فرضى بعد الالحاح سواء استجيب له ام لم يستجب ولم يعترض على الله تعالى لعدم الاجابة ولم يسئ ظنه به فالاستشهاد بالاية بحملها على أن المعنى عسى أن لا يكون دعائي سببا لشقاوتي وضلالتي ويحتمل أن يكون ذكر الاية لمحض بيان فضل الدعاء (آت).

[ 476 ]

(باب) * (تسمية الحاجة في الدعاء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله الفراء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنه يحب أن تبث إليه الحوائج فإذا دعوت فسم حاجتك، وفي حديث آخر قال: قال: إن الله عز وجل يعلم حاجتك وما تريد ولكن يحب أن تبث إليه الحوائج. (باب اخفاء الدعاء) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوه علانية. وفي رواية اخرى: دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها (1). (باب) * (الاوقات والحالات التى ترجى فيها الاجابة) * 1 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم، بن أبي البلاد، عن أبيه، عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اطلبوا الدعاء في


(1) الفرق بين الروايتين أن الاولى تفيد المساواة بين الواحدة الخفية والسبعين والثانية تفيد الزيادة عليها ثم الحكم بالمساواة والزيادة إنما إذا كانت الظاهرة عرية عن الرياء والسمعة والا فلا نسبة بينهما (في). وقال المجلسي (ره): الحكم بالمساواة في الخبر الاول والافضلية في الثاني إما باختلاف مراتب الاخفاء والاعلان أو المراد بالاول الاخفاء عند الدعاء وبالثانى بعده.

[ 477 ]

أربع ساعات: عند هبوب الرياح وزوال الافياء (1) ونزول القطر وأول قطرة من دم القتيل المؤمن فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الاشياء. 2 – عنه، عن أبيه وغيره، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس فضل البقباق قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر وبعد الفجر و بعد الظهر وبعد المغرب. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن عبد الله ابن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي إذا كانت له إلى الله حاجة طلبها في هذه الساعة، يعني زوال الشمس. 5 – عنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رق أحدكم فليدع، فإن القلب لا يرق حتى يخلص. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير وقت دعوتم الله عز وجل فيه الاسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب (عليه السلام): ” سوف أستغفر لكم ربي (2) ” [ و ] قال: أخرهم إلى السحر. 7 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس


(1) في المصباح فاء الظل يفئ فيئا: رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق والجمع فيوء وأفياء. (2) يوسف: 98.

[ 478 ]

فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن حديد، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك، فدونك دونك، فقد قصد قصدك (1). قال: ورواه محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن محمد بن أبي حمزة عن سعيد مثله (2). 9 – عنه، عن الجاموراني (3)، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن صندل عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يحب من عباده المؤمنين كل [ عبد ] دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الارزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في الليل لساعه ما يوافقها عبد مسلم ثم يصلي ويدعو الله عز وجل فيها إلا استجاب له في كل ليلة، قلت: أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل وهي السدس الاول من أول النصف (4).


(1) قوله: ” دونك دونك ” أي خذه فهو دونك وقريب منك، يقال: هذا دونه أي قريب منه فهو اغراء والتكرير للمبالغة. والقصد: اتيان الشئ، تقول قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى. وقصدت قصده نحوت نحوه، والظاهر أنه على بناء المفعول و ” قصدك ” مفعول مطلق نائب مناب الفاعل والاضافة إلى المفعول أي إذا ظهرت تلك العلامات فعليك بطلب الحاجات والاهتمام في الدعاء للمهمات فقد أقبل الله عليك بالرحمة وتوجه نحوك للاجابة. (2) هو ابن يسار. (3) جامورانى هو محمد بن أحمد أبو عبد الله الرازي. (4) أي النصف الثاني وظاهره أن المراد سدس النصف لا سدس الكل (آت).

[ 479 ]

(باب) * (الرغبة والرهبة والتضرع والتبتل والابتهال) * * (والاستعاذة والمسألة (1) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي إسحاق (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء. وقوله: ” وتبتل إليه تبتيلا (3) ” قال: الدعاء بأصبع واحدة تشير بها، والتضرع تشير بأصبعيك وتحركهما، والابتهال رفع اليدين وتمدهما وذلك عند الدمعة، ثم ادع. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب،


(1) الرغبة: السؤال والطلب. والرهبة: الخوف والفزع، والتضرع: التذلل والمبالغة في السؤال والتبتل: الانقطاع إلى عبادة الله واخلاص العمل له وأصله من بتلت الشئ قطعته ومنه البتول (عليها السلام) لانقطاعها إلى عبادة الله عز وجل. والابتهال أن تمد يديك جميعا وأصله التضرع والمبالغة في الدعاء ويقال في قوله تعالى ” ثم نبتهل “: أي نخلص في الدعاء. (2) الاظهر أن أبا إسحاق هو ثعلبة بن ميمون. (3) المزمل: 8. وقوله: ” الرغبة ” هذا ونظائره يحتمل الوجهين: الاول أن يكون المعنى أنه إذا كان الغالب عليه في حال الدعاء الرغبة والرجاء ينبغى أن يفعل هكذا فانه يظن أن يد الرحمة انبسطت فيبسط يده ليأخذه وإذا كان الغالب عليه الخوف وعدم إستئهالة للاجابة يجعل ظهر كفيه إلى السماء اشارة إلى أنه لكثرة خطاياه مستحق للحرمان وإن كان مقتضى كرمه وجوده الفضل والاحسان. الثاني أن يكون المعنى أنه إذا كان مطلوبه طلب منفعة ينبغى أن يبسط بطن كفيه إلى السماء لما مر وإن كان مطلوبه دفع ضرر وبلاء يخاف نزوله من السماء يجعل ظهرها إليها كانه يدفعها بيديه ولا يخفى أن فيما عدا الاولين الاول أنسب والخبر الخامس يؤيد الثاني ويمكن الجمع بين المعنين بحمل الاولين على الثاني والبقية على الاول ويحتمل حمل الاولين على المطالب الدنيوية وما بعدهما على المناجات والمطالب الاخروية والحمل اما بتقدير مضاف أي أدب الرغبة مثلا أو هذه الاسماء صارت في عرف الشرع اسما لتلك الافعال أو اطلق عليها مجازا لدلالتها عليها (آت).

[ 480 ]

عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (1) ” فقال: الاستكانة هو الخضوع والتضرع هو رفع اليدين والتضرع بهما. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي خالد، عن مروك بياع اللؤلؤ، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر الرغبة، وأبرز باطن راحتيه إلى السماء (2)، وهكذا الرهبة، وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا وهكذا التبتل، ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة، وهكذا الابتهال، ومد يده تلقاء وجهه إلى القبلة ولا يبتهل حتى تجري الدمعة. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مر بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال: يا أبا عبد الله بيمينك، فقلت: يا عبد الله إن لله تبارك وتعالى حقا على هذه كحقه على هذه. وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبه تبسط يديك وتظهر ظهرهما، والتضرع تحرك السبابة اليمنى يمينا وشمالا، والتبتل تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا وتضعها (3)، والابتهال تبسط يديك وذراعيك إلى السماء، والابتهال حين ترى أسباب البكاء 5 – عنه، عن أبيه أو غيره، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن


(1) الاية في سورة المؤمنون 75 هكذا ” وإن الذين لا يؤمنون بالاخرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون * ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم ” أي ما تواضعوا وما انقادوا ” وما يتضرعون ” أي وما يرغبون إلى الله في الدعاء و قال أبو عبد الله (عليه السلام): الاستكانة في الدعاء والتضرع رفع الدين في الصلاة قاله الطبرسي. (2) الضمير في ” قال ” للراوى وفى ذكر ” للامام ” و ” هكذا الرهبة ” أيضا كلام الراوى أو هو كلام الامام بتقدير القول أي قال: هكذا الرهبة. (3) الرسل بالكسر: الرفق والتؤدة وبالفتح: السهل من السير.

[ 481 ]

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الدعاء ورفع اليدين فقال: على أربعة أوجه: أما التعوذ فتستقبل القلبة بباطن كفيك وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء وأما التبتل فإيماء بأصبعك السبابة وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك ودعاء التضرع أن تحرك أصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد. عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ” قال: الاستكانة هي الخضوع، والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم وزرارة قالا، قلنا لابي عبد الله (عليه السلام): كيف المسألة إلى الله تبارك وتعالى؟ قال: تبسط كفيك قلنا: كيف الاستعاذة؟ قال: تفضى بكفيك (1) والتبتل الايماء بالاصبع، والتضرع تحريك الاصبع، والابتهال أن تمد يديك جميعا. (باب البكاء) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من شئ إلا وله كيل ووزن إلا الدموع فإن القطرة تطفئ بحارا من نار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجها قتر و لا ذلة فإذا فاضت حرمه الله على النار ولو أن باكيا بكى في امة لرحموا (2).


(1) أي ترفع بباطن كفيك إلى القبلة. (2) اغرورقت عيناه دمعا كأنهما غرقت في دمعهما. ورهقه رهقا: غشيه. والقتر: الغبار وضمير ” وجهه ” راجع إلى صاحب العين. وفى القاموس فاض الماء فيضا: كثر حتى سال كالوادى وضمير ” فاضت ” اما راجع إلى الدموع أو إلى العين للاسناد المجازى كالفياض وضمير ” حرمه ” اما راجع إلى الباكى أو إلى الوجه وفى بعض النسخ [ حرمها ] فالضمير راجع إلى العين وتحريمه يستلزم تحريم الشخص بل المبالغة فيه (آت).

[ 482 ]

2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة ومنصور ابن يونس، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عين إلا وهي باكية يوم القيامة إلا عينا بكت من خوف الله وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله عز وجل إلا حرم الله عز وجل سائر جسده على النار ولا فاضت على خده فرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة وما من شئ إلا وله كيل ووزن إلا الدمعة، فإن الله عز وجل يطفئ باليسير منها البحار من النار، فلو أن عبدا بكى في امة لرحم الله عز وجل تلك الامة ببكاء ذلك العبد. 3 – عنه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرة دموع في سواد الليل مخافة من الله لا يراد بها غيره. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن صالح بن رزين ومحمد بن مروان وغيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة: عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في طاعة الله وعين بكت في جوف الليل من خشية الله. 5 – ابن أبي عمير (1)، عن جميل بن دراج ودرست، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من شئ إلا وله كيل ووزن إلا الدموع، فإن القطره منها تطفئ بحارا من النار فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرمه الله على النار ولو أن باكيا بكى في امة لرحموا. 6 – ابن أبي عمير، عن رجل من أصحابه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) أن عبادي لم يتقربوا إلي بشئ أحب إلي من ثلاث


(1) ” ابن عمير ” معطوف على السند السابق.

[ 483 ]

خصال، قال موسى: يا رب وما هن؟ قال: يا موسى الزهد في الدنيا والورع عن المعاصي والبكاء من خشيتي، قال موسى: يا رب فما لمن صنع ذا؟ فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى أما الزاهدون في الدنيا ففي الجنه وأما البكاؤون من خشيتي ففي الرفيع الاعلى لا يشاركهم أحد وأما الورعون عن معاصي فإني افتش الناس ولا افتشهم. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) أكون أدعو فأشتهي البكاء ولا يجيئني وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرق وأبكي فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم فتذكرهم فإذا رققت فابك وادع ربك تبارك وتعالى. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة العابد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن لم تكن بك بكاء فتباك (1). 9 – عنه، عن ابن فضال، عن يونس ين يعقوب، عن سعيد بن يسار بياع السابري قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني أتباكى في الدعاء وليس لي بكاء؟ قال: نعم ولو مثل رأس الذباب. 10 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لابي بصير: إن خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله و مجده وأثن عليه كما هو أهله وصل على النبي (صلى الله عليه وآله) وسل حاجتك وتباك ولو مثل رأس الذباب، إن أبي (عليه السلام) كان يقول: إن أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل البجلي


(1) في بعض النسخ [ إن لم تكن بكاء ]. وفى بعضها [ إن لم تك بكاء ] والتباكى: حمل النفس على البكاء والسعي في تحصيله.

[ 484 ]

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لم يجئك البكاء فتباك، فان خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ (1). (باب) * (الثناء قبل الدعاء (2) * 1 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئا من حوائح الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل والمدح له والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم يسأل الله حوائجه. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن في كتاب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): إن المدحة قبل المسألة فإذا دعوت الله عز وجل فمجده، قلت: كيف امجده؟ قال: تقول: ” يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا فعالا لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى يا من هو ليس كمثله شئ “. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما هي المدحه، ثم الثناء، ثم الاقرار بالذنب ثم المسألة، إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالاقرار. 4 – وعنه (3)، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)


(1) ” بخ بخ ” هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشئ. (2) ليس هذا العنوان في بعض النسخ وفى بعضها [ باب البداية بالثناء ] وفى بعضها [ إذا أراد أحدكم أن يسأل ربه ]. (3) ضمير ” عنه ” راجع إلى أحمد.

[ 485 ]

مثله إلا أنه قال: ثم الثناء، ثم الاعتراف بالذنب. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي (1)، عن حماد ابن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أردت أن تدعو فمجد الله عز وجل واحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على محمد النبي وآله، ثم سل تعط. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه تقول: ” يا أجود من أعطى ويا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ، يا سميع يا بصير ” وأكثر من أسماء الله عز وجل فإن أسماء الله كثيرة وصل على محمد وآله وقل: ” اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي ويكون عونا لي في الحج والعمرة ” وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عجل العبد ربه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عز وجل وصلى على النبي [ وآله ] فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سل تعط. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي كهمس قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء على الله و الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عاجل العبد ربه، ثم دخل آخر


(1) في بعض النسخ [ الحسين بن على ].

[ 486 ]

فصلى واثنى على الله عز وجل وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سل تعطه، ثم قال: إن في كتاب علي (عليه السلام) (1): أن الثناء على الله والصلاة على رسوله قبل المسألة وإن أحدكم ليأتي الرجل يطلب الحاجه فيحب أن يقول له خيرا قبل أن يسأله حاجته. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما قال: وما هما؟ قلت: قول الله عز وجل: ” ادعوني أستجب لكم (2) ” فندعوه ولا نرى إجابة، قال: أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم ذلك؟ قلت: لا أدري، قال: لكني اخبرك، من أطاع الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت وما جهة الدعاء قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثم تشكره ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستعيذ منها (3) فهذا جهة الدعاء ثم قال: وما الآية الاخرى؟ قلت: قول الله عز وجل: ” وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين (4) ” وإني انفق ولا أرى خلفا، قال: أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم ذلك؟ قلت لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله (5) لم ينفق درهما إلا اخلف عليه. 9 – عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سره أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه.


(1) هذا من كلام الصادق (عليه السلام). (2) المؤمن: 60. (3) في بعض النسخ [ ثم تستغفر ]. (4) الزمر: 39. قال الطبرسي: أي ما أخرجتم من أموالكم من وجوه البر فانه سبحانه يعطيكم خلفه وعوضه اما في الدنيا بزيادة النعمة واما في الاخرة بثواب الجنة، يقال: أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه. (5) في بعض النسخ: [ في حقه ].

[ 487 ]

(باب) * (الاجتماع في الدعاء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبيدالله بن عبد الله الواسطي، عن درست بن أبي منصور، عن أبي خالد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عز وجل عشر مرات إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجيب الله العزيز الجبار له. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن يونس ابن يعقوب، عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا [ الله ] إلا تفرقوا عن إجابة. 3 – عنه، عن الحجال، عن ثعلبة، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) إذا حزنه (1) أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الداعي والمؤمن في الاجر شريكان. (باب) * (العموم في الدعاء) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا دعا أحدكم فليعم، فإنه أوجب للدعاء.


(1) في بعض النسخ [ إذا أحزنه أمر ].

[ 488 ]

(باب) * (من أبطأت عليه الاجابة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام) (1): جعلت فداك إنى قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شئ، فقال: يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك، إن أبا جعفر (صلوات الله عليه) (2) كان يقول: إن المؤمن يسأل الله عز وجل حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه (3) ثم قال: والله ما أخر الله عز وجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها وأي شئ الدنيا، إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا اعطي فتر، فلا تمل الدعاء فإنه من الله عز وجل بمكان (4) وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم وإياك ومكاشفة الناس فإنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا، فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة (5) إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي طلب غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه فلا يشبع من شئ وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه وما يخاف من الفتنة فيها، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا أكنت تثق به مني؟ فقلت له: جعلت فداك إذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله على خلقه؟ قال: فكن بالله أوثق


(1) هو الرضا (عليه السلام) (آت). (2) هو الباقر (عليه السلام) (آت). (3) النحيب: أشد البكاء وكان حبه تعالى ذلك كناية عن كون ذلك أصلح للمؤمن وبين ذلك بقوله ” والله ما أخر الله ” وكلمة ” ما ” في قوله: ” ما أخر الله ” مصدرية وفى ” ما يطلبونه ” موصولة. وفى ” مما ” اما موصولة أو مصدرية. و ” من ” في قوله: ” من هذه ” بيانية أو تبعيضية (آت). (4) ” فانه ” أي الدعاء من الله تعالى ” بمكان ” أي بمنزلة عظيمة رفيعة، يحب اشتغال عبده المؤمن في جميع الاحوال به (آت). (5) في بعض النسخ: [ العافية الحسنة ].

[ 489 ]

فإنك على موعد من الله، أليس الله عز وجل يقول: ” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع دعان (1) ” وقال: ” لا تقنطوا من رحمة الله (2) ” وقال: ” والله يعدكم مغفرة منه وفضلا (3) ” فكن بالله عز وجل أوثق منك بغيره ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فإنه مغفور لكم. 2 – عنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن منصور الصيقل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ربما دعا الرجل بالدعاء فاستجيب له (4) ثم اخر ذلك إلى حين؟ قال: فقال: نعم، قلت: ولم ذاك، ليزداد من الدعاء؟ قال: نعم. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن أبي هلال المدائني، عن حديد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد ليدعو فيقول الله عز وجل للملكين: قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته، فإني احب أن أسمع صوته وإن العبد ليدعو فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فاني أبغض صوته. 4 – ابن أبي عمير، عن سليمان صاحب السابري، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر قال: نعم عشرين سنة. 5 – ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان بين قول الله عز وجل: ” قد اجيبت دعوتكما (5) ” وبين أخذ فرعون أربعين عاما. 6 – ابن أبي عمير، عن إبراهيم، بن عبد الحميد، عن أبي بصير قال: سمعت


(1) البقرة: 186. تمثيل لكمال علمه بافعال العباد واطلاعه على أحوالهم من قرب مكانه منهم. (2) الزمر: 53 أي لا تيأسوا من مغفرته. (3) البقرة: 268. (4) كأن المراد بالاستجابة تقديرها (آت). (5) يونس: 89.

[ 490 ]

أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن المؤمن ليدعو فيؤخر إجابته إلى يوم الجمعة (1). 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العبد الولي لله يدعو الله عز وجل في الامر ينوبه (2) فيقول للملك الموكل به: اقض لعبدي حاجته ولا تعجلها فإني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته وإن العبد العدو لله ليدعو الله عز وجل في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض [ لعبدي ] حاجته وعجلها فإني أكره أن أسمع نداءه وصوته (3). قال: فيقول الناس: ما اعطي هذا إلا لكرامته ولا منع هذا إلا لهوانه. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال المؤمن بخير ورجاء، رحمة من الله عز وجل ما لم يستعجل، فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الاجابة (4). 9 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته فيقول الله عز وجل أخروا إجابته، شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل: عبدي! دعوتني فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ودعوتني


(1) في بعض النسخ [ يوم القيامة ]. (2) نابه الامر وانتابه أي أصابه. والنائبة: المصيبة وفى بعض النسخ [ ينويه ] في الموضعين (3) ” وعجلها ” أي قد يكون التعجيل لذلك فلا يعجب المرء بتعجيل ظهور أثر دعائه و لا يقنط تأخيره والا فكثيرا ما يظهر أثر دعاء الانبياء والاوصياء والاولياء من غير تأخير لظهور كرامتهم ولكونه معجزا لهم (آت). (4) مر مضمونه والحاصل انه ينبغى أن لا يفتر عن الدعاء لبطوء الاجابة فانه انما يكون التأخير لعدم المصلحة في هذا الوقت فسيعطى ذلك في وقت متأخر في الدنيا أو سوف يعطى عوضه في الاخرة وعلى التقديرين فهو في خير لانه مشغول بالدعاء الذى هو أعظم العبادات ويترتب عليه اجزل المثوبات ورجاء رحمة في الدنيا والاخرة هذا أيضا من أشرف الحالات (آت).

[ 491 ]

في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذاو كذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب. (باب) * (الصلاة على النبي محمد واهل بيته (عليهم السلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي على محمد و آل محمد (1). 2 – عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من دعا ولم يذكر النبي (صلى الله عليه وآله) رفرف الدعاء على رأسه (2) فإذا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) رفع الدعاء. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني أجعل لك ثلث صلواتي، لا، بل أجعل لك نصف صلواتي، لا، بل أجعلها كلها لك، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تكفى مؤونة الدنيا والآخرة (3).


(1) قولنا: اللهم صلى على محمد وآل محمد فمعناه عظمه في الدنيا باعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته وفى الاخرة بتشفيعه في امته وتضعيف أجره ومثوبته (آت) ولصاحب الوافى (ره) في معنى صلاة الله على نبيه وصلاتنا عليه وصلاة الملائكة عليه واستدعائه الصلاة من امته بيان مفصل لطيف ولا يسعنا ايراده راجع الوافى المجلد الثاني ص 226 كتاب الصلاة. (2) رفرف الطائر إذا حرك جناحيه حول الشئ يريد أن يقع عليه، واستعير هنا لانفصال الدعاء عن الداعي وعدم وصوله إلى محل الاستجابة (آت). (3) أي أجعل ثلث دعواتي لك يارسول الله لان المقصود بالذات فيه الدعاء لك وجعلت الدعاء لك مقدما ثم اتبعه بالدعاء لنفسي أو أجعل ثلث دعواتي الصلاة عليك أو نصفها أو كلها، بمعنى أنه لا يدعو لنفسه وكلما أراد أن يدعو لحاجة يترك ذلك ويصلى بدله على النبي (صلى الله عليه وآله): والمؤونة ما يحتاج إليه وفيه صعوبة أي إذا كان الامر كما ذكرته يكفيك الله مؤنتك في الدنيا والاخرة فحذف الفاعل وأقيم المفعول الاول مقامه.

[ 492 ]

4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف، عن أبي اسامة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ” ما معنى أجعل صلواتي كلها لك “؟ فقال: يقدمه بين يدي كل حاجة فلا يسأل الله عز وجل شيئا حتى يبدأ بالنبي (صلى الله عليه وآله) فيصلي عليه ثم يسأل الله حوائجه. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملا قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وفي آخره وفي وسطه (1). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، وحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: إذا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) فأكثروا الصلاة عليه فإنه من صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة واحده صلى الله عليه ألف صلاه في ألف صف من الملائكة ولم يبق شئ مما خلقة الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى علي صلى الله عليه وملائكته ومن شاء فليقل ومن شاء فليكثر. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصلاة علي وعلى أهل بيتي تذهب بالنفاق.


(1) أي لا يجعلوني كقدح الراكب لا يذكره إلا إذا عطش واضطر إليه فيلتفت إليه ويشرب منه وأما في سائر الاوقات غافل عنه (آت).

[ 493 ]

9 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن أبي عمران الازدي، عن عبد الله ابن الحكم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: يا رب صل على محمد وآل محمد مائة مرة قضيت له مائة حاجة ثلاثون للدنيا [ والباقي للآخرة ]. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم وعبد الرحمن بن أبي نجران، جميعا، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل دعاء يدعى الله عز وجل به محجوب عن السماء حتى يصلي على محمد وآل محمد. 11 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أجعل نصف صلواتي لك؟ قال: نعم، ثم قال: أجعل صلواتي كلها لك قال: نعم، فلما مضى قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) كفي هم الدنيا والآخرة. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني جعلت ثلث صلواتي لك؟ فقال له خيرا، فقال له: يا رسول الله إني جعلت نصف صلواتي لك؟ فقال له: ذاك أفضل، فقال: إني جعلت كل صلواتي لك فقال: إذا يكفيك الله عز وجل ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك، فقال له رجل: أصلحك الله كيف يجعل صلاته له؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يسأل الله عز وجل شيئا إلا بدأ بالصلاة على محمد وآله. 13 – ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ارفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق. 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق بن فروخ من صلى على محمد وآل محمد عشرا صلى الله عليه وملائكته مائة مرة، ومن صلى على محمد


[ 494 ]

وآل محمد مائة [ مرة ] صلى الله عليه وملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز وجل: ” هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما (1) “. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: ما في الميزان شئ أثقل من الصلاة على محمد وآل محمد وإن الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به (2) فيخرج (صلى الله عليه وآله) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح [ به ]. 16 – علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن رجاله قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله، ثم يسأل حاجته، ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذ [ ا ] كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه (3). 17 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان الاحمر عن عبد السلام بن نعيم قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني دخلت البيت ولم يحضرني شئ من الدعاء إلا الصلاة على محمد وآل محمد فقال: أما إنه لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت به. 18 – علي بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن علي بن الريان، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي: ما معنى قوله: ” وذكر اسم ربه فصلى (4) ” قلت: كلما ذكر اسم ربه قام فصلى، فقال لي: لقد كلف الله


(1) الاحزاب: 43. والصلاة من الله المغفرة والرحمة. ومن الملائكة دعاؤهم وطلبهم إنزال الرحمة. (2) في بعض النسخ [ فيميل ]. (3) أي معروفة إلى الله مقبولة أبدا. (4) الاعلى: 15.

[ 495 ]

عز وجل هذا شططا (1) فقلت: جعلت فداك فكيف هو؟ فقال: كلما ذكر اسم ربه صلى على محمد وآله. 19 – عنه، عن محمد بن علي، عن مفضل بن صالح الاسدي، عن محمد بن هارون عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صلى أحدكم ولم يذكر النبي [ وآله ] (صلى الله عليه وآله) في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة (2) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار فأبعده الله، وقال (صلى الله عليه وآله): ومن ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ به طريق الجنة. 20 – أبو علي الاشعري، عن الحسين بن علي، عن عبيس بن هشام (3) عن ثابت، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطأ الله به طريق الجنة (4). 21 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول: اللهم صل على محمد، فقال له أبي: يا عبد الله لا تبترها (5) لا تظلمنا حقنا قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته.


(1) الشطط: مجاوزة القدر في كل شئ. يعني لو كان كذلك لكان التكليف فوق الطاقة (2) ” قال رسول الله ” في الموضعين الظاهر أنه من تتمة رواية الصادق (عليه السلام) ويحتمل أن يكونا حديثين مرسلين. و ” يسلك ” على بناء المجهول والباء في ” بصلاته ” للتعدية والظرف نائب للفاعل و ” غير ” منصوب بالظرفية كناية عن عدم رفعها. واثابتها في عليين اشارة إلى قوله تعالى: ” كلا ان كتاب الابرار لفى عليين ” (آت). (3) في بعض النسخ [ عنبسة بن هشام ]. (4) يدل على أن النسيان من الله عقوبة له على بعض اعماله الرذيلة فحرم بذلك تلك الفضيلة وان لم يكن معاقبا بذلك لقوله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتى الخطاء والنسيان الخ. ويمكن أن يكون هذا القول لبيان لزوم الاهتمام بهذا الامر. (5) البتر: القطع.

[ 496 ]

(باب) * (ما يجب من ذكر الله عز وجل في كل مجلس (1) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي، عن الفضيل بن يسار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من مجلس يجتمع فيه أبرار وفجار، فيقومون على غير ذكر الله عز وجل إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة. 2 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما اجتمع في مجلس قوم لم يذكروا الله عز وجل ولم يذكرونا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة، ثم قال: [ قال ] أبو جعفر (عليه السلام): إن ذكرنا من ذكر الله وذكر عدونا من ذكر الشيطان. 3 – وبإسناده قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) (2): من أراد أن يكتال بالمكيال الاوفى فليقل إذا أراد أن يقوم من مجلسه: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة التي لم تغير أن موسى (عليه السلام) سأل ربه فقال: يا رب أقريب أنت مني فاناجيك أم بعيد فاناديك. فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: فمن في سترك يوم لا ستر إلا سترك؟ فقال: الذين يذكرونني فأذكرهم ويتحابون


(1) كأن مراده الاستحباب المؤكدة وإن أمكن الاستدلال على الوجوب من بعض الاخبار (آت) (2) في أكثر النسخ [ ثم قال أبو جعفر ].

[ 497 ]

في فاحبهم فاولئك الذين إذا أردت أن اصيب أهل الارض بسوء ذكرتهم فدفعت عنهم بهم. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عز وجل ولم يصلوا على نبيهم إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بذكر الله وأنت تبول فإن ذكر الله عز وجل حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر الله (1). 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) يا موسى لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب وإن ترك ذكري يقسي القلوب. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة التي لم تغير أن موسى سأل ربه فقال: إلهي إنه يأتي علي مجالس اعزك واجلك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى إن ذكري حسن على كل حال. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن بعض أصحابه، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل لموسى: أكثر ذكري بالليل والنهار وكن عند ذكري خاشعا وعند بلائي صابرا واطمئن عند ذكري واعبدني ولا تشرك بي شيئا، إلي المصير، يا موسى اجعلني ذخرك وضع عندي كنزك من الباقيات الصالحات.


(1) سأم يسأم سأما وسأمة وسأما وسآمة: الشئ مله. فهو سؤوم.

[ 498 ]

10 – وبإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل لموسى: اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم وأكثر ذكري بالليل والنهار ولا تتبع الخطيئة في معدنها فتندم (1) فإن الخطيئة موعد أهل النار. 11 – وبإسناده قال: فيما ناجى الله به موسى (عليه السلام) قال: يا موسى لا تنسني على كل حال فإن نسياني يميت القلب. 12 – عنه، عن ابن فضال، عن غالب بن عثمان، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: يا ابن آدم اذكرني في ملاء أذكرك في ملاء خير من ملئك. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: من ذكرني في ملاء من الناس ذكرته في ملاء من الملائكة (2). (باب) * (ذكر الله عز وجل كثيرا) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من شئ إلا وله حد ينتهي إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه فرض الله عز وجل الفرائض فمن أداهن فهو حدهن، و شهر رمضان فمن صامه فهو حده والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهي إليه ثم تلا هذه الآية ” يا أيها الذين


(1) أي لا تجالس اهل الخطيئة الذين هم معدنها فتشرك معهم. (2) هذا لا ينافى كون بعض البشر أشرف من الملك إذ لا شك أن الملك أشرف من أكثر الناس على أنه يمكن أن يكون المراد من الملا ارواح الانبياء والمرسلين أو المشتمل عليهم (عليهم السلام) والله تعالى يعلم (آت).

[ 499 ]

آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا (1) ” فقال: لم يجعل الله عز وجل له حدا ينتهي إليه، قال: وكان أبي (عليه السلام) كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله ولقد كان يحدث القوم [ و ] ما يشغله ذلك عن ذكر الله وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله. وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر. والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضئ لاهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لاهل الارض والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا اخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من الدينار والدرهم وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتقتلوهم ويقتلوكم؟ فقالوا: بلى، فقال: ذكر الله عز وجل كثيرا، ثم قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله ذكرا. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اعطي لسانا ذاكرا فقد اعطي خير الدنيا والآخرة. وقال: في قوله تعالى: ” ولا تمنن تستكثر (2) ” قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله. 2 – حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن الحسن بن علي الوشاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:


(1) الاحزاب: 42 والاصيل الوقت بعد العصر والمغرب. (2) المدثر: 6.

[ 500 ]

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكثر ذكر الله عز وجل أحبه الله ومن ذكر الله كثيرا كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن أبي بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل: ” اذكروا الله ذكرا كثيرا “. عنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي اسامة زيد الشحام و منصور بن حازم وسعيد الاعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أكثر ذكر الله عز وجل أظلة الله في جنته. (باب) * (ان الصاعقة لا تصيب ذاكرا) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يموت المؤمن بكل ميتة إلا الصاعقة، لا تأخذه وهو يذكر الله عز وجل. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الصواعق لا تصيب ذاكرا، قال: قلت: وما الذاكر؟ قال: من قرأ مائة آية. 3 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ميتة المؤمن، قال: يموت المؤمن بكل ميتة


[ 501 ]

يموت غرقا ويموت بالهدم ويبتلي بالسبع ويموت بالصاعقة ولا تصيب ذاكر الله عز وجل. (باب) * (الاشتغال بذكر الله عز وجل) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما اعطي من سألني. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد ليكون له الحاجة إلى الله عز وجل فيبدأ بالثناء على الله والصلاة على محمد وآل محمد حتى ينسى حاجته فيقضيها الله له من غير أن يسأله إياها. (باب) * (ذكر الله عز وجل في السر) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله عز وجل: من ذكرني سرا ذكرته علانية. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصاف، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من ذكر الله عز وجل في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله عز وجل: ” يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ” (1).


(1) النساء: 142.

[ 502 ]

3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال رفعه قال: قال الله عز وجل لعيسى (عليه السلام): يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي واذكرني في ملا [ ك ] (1) أذكرك في ملاء خير من ملاء الآدميين، يا عيسى ألن لي قلبك وأكثر ذكري في الخلوات واعلم أن سروري أن تبصبص (2) إلي وكن في ذلك حيا ولا تكن ميتا. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لا يكتب الملك إلا ما سمع وقال الله عز وجل: ” واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة (3) ” فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله عز وجل لعظمته. (باب) * (ذكر الله عز وجل في الغافلين) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الذاكر لله عز وجل في الغافلين كالمقاتل في المحاربين (4). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذاكر الله عز وجل في الغافلين كالمقاتل عن الفارين والمقاتل عن الفارين له الجنة.


(1) في بعض النسخ [ ملئى ]. (2) التبصبص: التملق. وتبصبص الكلب بذنبه إذا حركه وانما يفعل ذلك من خوف أو طمع. (3) الاعراف: 205. (4) في بعض النسخ [ في الحاربين ] وفى بعضها [ عن الهاربين ].

[ 503 ]

(باب) * (التحميد و التمجيد) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك علمني دعاء جامعا، فقال لي: احمد الله فإنه لا يبقى أحد يصلي إلا دعا لك، يقول: سمع الله لمن حمده. 2 – عنه، عن علي بن الحسين، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن مروان قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أي الاعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال: أن تحمده. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الانباري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحمد الله في كل يوم ثلاثمائة مرة وستين مرة، عدد عروق الجسد، يقول: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وحميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، جميعا عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن في ابن آدم ثلاثمائة وستين عرقا، منها مائة و ثمانون متحركة ومنها مائة وثمانون ساكنة، فلو سكن المتحرك لم ينم ولو تحرك الساكن لم ينم وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال. ثلاثمائة وستين مرة وإذا أمسى قال مثل ذلك. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح قال: حدثني أبو مسعود، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال أربع مرات إذا أصبح: الحمد الله رب العالمين، فقد أدى شكر يومه ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن حسان، عن بعض أصحابه، عن


[ 504 ]

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر، إنما التحميد ثم الثناء، قلت: ما أدري ما يجزي من التحميد والتمجيد، قال: يقول: ” اللهم أنت الاول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ وأنت العزيز الحكيم “. 7 – وبهذا الاسناد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ما أدنى ما يجزي من التحميد؟ قال: تقول: ” الحمد لله الذي علا فقهر والحمد لله الذي ملك فقدر والحمد لله الذي بطن فخبر والحمد لله الذي [ يميت الاحياء و ] يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير “. (باب الاستغفار) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): خير الدعاء الاستغفار. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حسين بن سيف، عن أبي جميلة عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي يتلالا. 3 – علي بن إبراهيم [ عن أبيه ] عن ياسر، عن الرضا (عليه السلام) قال: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرك فيتناثر، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزئ بربه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله عز وجل خمسا وعشرين مرة. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن الحارث بن


[ 505 ]

المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستغفر الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة ويتوب إلى الله عز وجل سبعين مرة، قال: قلت: كان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: كان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله – سبعين مرة – ويقول: وأتوب إلى الله وأتوب إلى الله – سبعين مرة -. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاستغفار وقول: لا إله إلا الله، خير العبادة، قال الله العزيز الجبار: ” فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك (1) “. (باب) * (التسبيح والتهليل والتكبير) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وأبي أيوب الخزاز، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء الفقراء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله إن الاغنياء لهم ما يعتقون وليس لنا ولهم ما يحجون وليس لنا ولهم ما يتصدقون وليس لنا ولهم ما يجاهدون وليس لنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كبر الله عز وجل مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة ومن حمد الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها ومن قال: لا إله إلا الله، مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم، إلا من زاد، قال: فبلغ ذلك الاغنياء فصنعوه، قال: فعاد الفقراء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله قد بلغ الاغنياء ما قلت فصنعوه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.


(1) سورة محمد ص: 22 والخطاب للنبى (صلى الله عليه وآله) والمراد جميع الامة وانما خوطب بذلك لتستن أمته بسنته.

[ 506 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حماد، عن ربعي، عن فضيل، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: أكثروا من التهليل والتكبير فإنه ليس شئ أحب إلى الله عز وجل من التهليل والتكبير. 3 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملا الميزان والله أكبر يملا ما بين السماء والارض. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف له (1) وقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا (2) وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال: بلى فدلني يا رسول الله، فقال: إذا أصبحت و أمسيت فقل: سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإن لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات، قال فقال الرجل: فإني اشهدك يا رسول الله أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة فأنزل الله عز وجل آيات من القرآن: ” فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى (3) “. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير العبادة قول: لا إله إلا الله.


(1) في بعض النسخ [ فوقف عليه ]. (2) أينعت الثمار أدركت. ونسبة الايناع هنا مجاز واستعير لوصول الشجرة حد الاثمار. (3) الليل: 5 – 8.

[ 507 ]

(باب) * (الدعاء للاخوان بظهر الغيب) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن الفضيل ابن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أوشك دعوة وأسرع إجابة دعاء المرء لاخيه بظهر الغيب. 2 – محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دعاء المرء لاخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه (1). 3 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تبارك وتعالى: ” ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (2) ” قال: هو المؤمن يدعو لاخيه بظهر الغيب فيقول له الملك: آمين ويقول الله العزيز الجبار: ولك مثلا ما سألت وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبيدالله بن عبد الله الواسطي، عن درست بن أبي منصور، عن أبي خالد القماط قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أسرع الدعاء نجحا للاجابة (3) دعاء الاخ لاخيه بظهر الغيب يبدء بالدعاء لاخيه فيقول له ملك موكل به: آمين ولك مثلاه. 5 – علي بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن حسين بن علوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):


أدرت الريح السحاب حلبته. (2) الشورى: 25. (3) النجح: الظفر بالشئ وانجح إذا أصاب طلبته.

[ 508 ]

ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عز وجل عليه مثل الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة، مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة، إن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب (1) فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا رب هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو. 6 – على، عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن جندب في الموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال مادا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الارض فلما صدر الناس قلت له: يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال: والله ما دعوت إلا لاخواني وذلك أن أبا الحسن موسى (عليه السلام) أخبرني أن من دعا لاخيه بظهر الغيب نودي من العرض ولك مائة ألف ضعف، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن ثوير قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لاخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير قالوا: نعم الاخ أنت لاخيك تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير، قد أعطاك الله عز وجل مثلي (2) ما سألت له وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ولك الفضل عليه وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه قالوا له: بئس الاخ أنت لاخيك كف أيها المستر على ذنوبه وعورته واربع على نفسك (3)، واحمد الله الذي ستر عليك واعلم أن الله عز وجل أعلم بعبده منك.


(1) سحبه كمنعه: جره على وجه الارض ومنه سحب ذيله فانسحب. (2) في بعض النسخ [ مثل ما سألت ] في الموضعين. (3) أي خفف على نفسك اربع الغيث ارباعا حبس عن الناس في رباعهم لكثرته. والمعنى اقتصر على النظر في حال نفسك ولا تلتف إلى غيرك.

[ 509 ]

(باب) * (من تستجاب دعوته) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عيسى بن عبد الله القمي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج، فانظروا كيف تخلفونه. والغازي في سبيل الله، فانظروا كيف تخلفونه. والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه (1). 2 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن حسن بن علي الوشاء عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) يقول: خمس دعوات لا تحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم يقول الله عز وجل: لانتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الولد الصالح لوالديه ودعوة الوالد الصالح لولده ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب، فيقول: ولك مثله. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم ودعوة المظلوم فإنها ترفع فوق السحاب (2) حتى ينظر الله عز وجل إليها فيقول: ارفعوها حتى أستجيب له، وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: اتقوا الظلم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له.


(1) ” تخلفونه ” أي تقومون مقامه في غيبته، من الخلافة. والضجر: السامة والملال (في). (2) كأن السحاب كناية عن موانع إجابة الدعاء أو الحجب المعنوية الحائلة بينه وبين الله (آت).

[ 510 ]

6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة النهدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش (1) الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع والصائم حتى يفطر. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ليس شئ اسرع إجابة من دعوة غائب لغائب. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعا موسى (عليه السلام) وأمن هارون (عليه السلام) وأمنت الملائكة (عليهم السلام) فقال الله تبارك وتعالى: ” قد اجيبت دعوتكما فاستقيما ” ومن غزا في سبيل الله استجيب له كما استجيب لكما يوم القيامة. (باب) * (من لا تستجاب دعوته) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن مختار، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صحبته بين مكة والمدينة فجاء سائل فأمر أن يعطى ثم جاء آخر فأمر أن يعطى، ثم جاء آخر فأمر أن يعطى، ثم جاء الرابع فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يشبعك الله، ثم التفت إلينا فقال: أما إن عندنا ما نعطيه ولكن أخشى أن نكون كأحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم دعوة: رجل أعطاه الله مالا فأنفقه في غير حقه، ثم قال: اللهم ارزقني فلا يستجاب له ورجل يدعو على امرأته أن يريحه منها وقد جعل الله عز وجل أمرها إليه ورجل يدعو على جاره وقد جعل الله عز وجل له السبيل إلى أن يتحول عن جواره ويبيع داره.


(1) الفتح كناية عن القبول أو محمول على الحقيقة والصيرورة إلى العرش يحتملهما (آت).

[ 511 ]

2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن عبد الله بن إبراهيم، عن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربعة لا تستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك بالطلب ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك ورجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالاقتصاد، ألم آمرك بالاصلاح، ثم قال: ” والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (1) ” ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقال له: ألم آمرك بالشهادة (2). محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر [ ان ] بن أبي عاصم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 3 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن الوليد بن صبيح قال: سمعته يقول: ثلاثة ترد عليهم دعوتهم: رجل رزقه الله مالا فأنفقه في غير وجهه ثم: قال يا رب ارزقني، فيقال له: ألم أرزقك، ورجل دعا على امرأته وهو لها ظالم (3) فيقال له: ألم أجعل أمرها بيدك، ورجل جلس في بيته وقال يا رب ارزقني فيقال له: ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق. (باب) * (الدعاء على العدو) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) جارا لي وما ألقى منه، قال: فقال لي: ادع عليه، قال: ففعلت فلم أر شيئا فعدت إليه فشكوت إليه


(1) الفرقان: 67. أي لم يجاوزوا حد الكرم ولم يضيقوا تضييق الشحيح والقوام بالفتح: العدل والاعتدال وقرء بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل منها ولا ينقص. (2) أي الاشهاد على الدين بفتح الدال كما في آية المداينة. (3) كذا.

[ 512 ]

فقال لي: ادع عليه قال: فقلت: جعلت فداك قد فعلت فلم أر شيئا، فقال: كيف دعوت عليه؟ فقلت: إذا لقيته دعوت عليه، قال: فقال: ادع عليه إذا أدبر (1) و [ إذا ] استدبر ففعلت فلم ألبث حتى أراح الله منه (2). 2 – وروي عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إذا دعا أحدكم على أحد قال: اللهم أطرقه ببلية لا اخت لها وأبح حريمه (3). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن يونس بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن لي جارا من قريش من آل محرز قد نوه باسمي وشهرني (4) كلما مررت به قال: هذا الرافضي يحمل الاموال إلى جعفر بن محمد قال: فقال لي: فادع الله عليه إذا كنت في صلاة الليل وأنت ساجد في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين فاحمد الله عز وجل ومجده وقل: اللهم إن فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي وغاظني وعرضني للمكاره، اللهم اضربه بسهم عاجل تشغله به عني اللهم وقرب أجله واقطع اثره وعجل ذلك يا رب الساعة الساعة، قال: فلما قدمنا الكوفة قدمنا ليلا فسألت أهلنا عنه قلت: ما فعل فلان؟ فقالوا: هو مريض فما انقضى آخر كلامي حتى سمعت الصياح من منزله وقالوا: قد مات. 4 – أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسين التيمي، عن علي بن أسباط عن يعقوب بن سالم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له العلاء بن كامل: إن فلانا يفعل بي ويفعل فإن رأيت أن تدعو الله عز وجل فقال: هذا ضعف بك قل: اللهم إنك تكفي من كل شئ ولا يكفى منك شئ فاكفني أمر فلان بم شئت وكيف شئت و [ من ] حيث شئت وأنى شئت.


(1) في بعض النسخ [ إذا أقبل ]. (2) ” وما القى منه ” يعنى من الاذى ولعله كان عدوا دينيا له وانما كان يؤذيه من هذه الجهة وإلا لما استحق ذلك منه (في). (3) في بعض النسخ [ أطرقه بليله ] والطرق: الضرب والدق والاتيان بالليل ومنه الحديث ” أعوذ بك من طوارق الليل الا طارقا يطرق بخير “. واباحة الحريم كناية عن تسليط العدو عليه. (4) نوهه ونوه به بالتشديد: شهره وعرفه من التنويه.

[ 513 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان عن المسمعي قال: لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبو عبد الله (عليه السلام): لادعون الله على من قتل مولاي وأخذ مالي، فقال له داود بن علي: إنك لتهددني بدعائك، قال حماد: قال المسمعي: فحدثني معتب أن أبا عبد الله (عليه السلام) لم يزل ليلته راكعا و ساجدا فلما كان في السحر سمعته يقول وهو ساجد: ” اللهم إني أسألك بقوتك القوية وبجلالك الشديد الذي كل خلقك له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته (1) وأن تأخذه الساعة الساعة “، فما رفع رأسه حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) رأسه وقال: إني دعوت الله بدعوة بعث الله عز وجل عليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة (2) من حديد انشقت منها مثانته فمات (3). (باب المباهلة) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم ” فيقولون: نزلت في امراء السرايا، فنحتج عليهم بقوله عز وجل: ” إنما وليكم الله ورسوله إلى آخر الآية (4) ” فيقولون: نزلت في المؤمنين، ونحتج عليهم بقول الله عز وجل: ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (5) ” فيقولون: نزلت في قربى المسلمين، قال:


(1) في بعض النسخ [ وآل بيته ]. (2) الارزبة والمرزبة عصبة من حديد. (3) داود بن على هو والى المدينة من قبل أبى العباس عبد الله السفاح وكانت ولايته ثلاثة أشهر دعا المعلى وسأله عن شيعة أبي عبد الله (عليه السلام) فكتمه وقال: لو كانوا تحت قدمى ما رفعت قدمى عنهم فأمر به فضرب عنقه وصلبه واخذ ما عنده من مال أبى عبد الله (عليه السلام). (4) المائدة: 78. وقوله: ” وليكم الله ” بيان لمن له الولاية على الخلق والقيام بامورهم ويجب طاعته عليهم. (5) الشورى: 33. عليه أجرا أي على ما أتعاطاه من البشارة والتبليغ.

[ 514 ]

فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذه وشبهه إلا ذكرته، فقال لي إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة، قلت: وكيف أصنع؟ قال: أصلح نفسك ثلاثا وأظنه قال: وصم واغتسل وأبرز أنت وهو إلى الجبان فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل: ” اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما (1) ” ثم رد الدعوة عليه فقل: ” وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ” ثم قال لي: فانك لا تلبث أن ترى ذلك فيه، فوالله ما وجدت خلقا يجيبني إليه (2). 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن مخلد أبي الشكر، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الساعة التي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل، عن مخلد أبي الشكر، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله. 3 – أحمد، عن بعض أصحابنا في المباهلة قال: تشبك أصابعك في أصابعه ثم تقول: ” اللهم إن كان فلان جحد حقا وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك “. وتلاعنه سبعين مرة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المباهلة قال: تشبك أصابعك في أصابعه ثم تقول: ” اللهم إن كان فلان جحد حقا وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك “. وتلاعنه سبعين مرة


(1) الجبان بالضم والتشديد: الصحراء، والحسبان بالضم العذاب والبلاء. (2) يعنى لا يرضى بأن يباهلني بمثل هذا لخوفهم على أنفسهم. وهذا يحتمل أن يكون من كلام الامام (عليه السلام) وأن يكون من كلام أبى مسروق بحذف ” قال ” وتقديره.

[ 515 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد (1)، عن محمد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة عن بعض أصحابه قال: إذا جحد الرجل الحق فإن أراد أن تلاعنه قل: ” اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع ورب العرش العظيم إن كان فلان جحد الحق وكفر به فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما “. (باب) * (ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل ثلاث ساعات في الليل وثلاث ساعات في النهار يمجد فيهن نفسه، فأول ساعات النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعني من المشرق مقدارها من العصر يعني من المغرب إلى الصلاة الاولى وأول ساعات الليل في الثلث الباقي من الليل إلى أن ينفجر الصبح (2) يقول: إني أنا الله رب العالمين، إني أنا الله العلي العظيم، إني أنا الله العزيز الحكيم، إني أنا الله الغفور الرحيم، إني أنا الله الرحمن الرحيم، إني أنا الله مالك يوم الدين، إني أنا الله لم أزل ولا أزال إني أنا الله خالق الخير والشر، إني أنا الله خالق الجنة والنار، إني أنا الله بدئ كل شئ وإلي يعود، إني أنا الله الواحد الصمد، إني أنا الله عالم الغيب والشهادة إني أنا الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، إني أنا الله الخالق البارئ المصور، لي الاسماء الحسنى، إني أنا الله الكبير المتعال. قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) من عنده، والكبرياء رداءه فمن نازعه شيئا من ذلك أكبه الله


(1) في بعض النسخ [ محمد بن أحمد ]. (2) يشبه أن يكون ” من المشرق ” و ” من المغرب ” من كلام الراوى ثم إن كلا من الفقرتين في تحديد الساعة يحتمل وجهين أحدهما أن يكون تحديدا لتمام الثلث بأن يكون الثلث في كل منهما متوالية والثانى أن يكون تحديدا للساعة الاولى فقط و الاول أظهر وأتم و أوضح (في).

[ 516 ]

في النار، ثم قال: ما من عبد مؤمن يدعو بهن مقبلا قلبه إلى الله عز وجل إلا قضى حاجته، ولو كان شقيا رجوت أن يحول سعيدا. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير عن عبد الله بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثم كان في حال شقوه حوله الله عز وجل إلى سعادة، يقول: أنت الله لا إله إلا أنت رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم، أنت الله لا إله إلا أنت العزيز [ العلي ] الكبير، أنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين، أنت الله لا إله إلا أنت الغفور الرحيم، أنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، أنت الله لا إله إلا أنت منك بدء الخلق وإليك يعود، أنت الله [ الذي ] لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزال، أنت الله [ الذي ] لا إله إلا أنت خالق الخير والشر أنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار، أنت الله لا إله إلا أنت أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم – إلى آخر السورة – أنت الله لا إله إلا أنت الكبير، والكبرياء رداءك. (باب) * (من قال لا اله الا الله) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ما من شئ أعظم ثوابا من شهادة أن أن لا إله إلا الله، إن الله عز وجل لا يعدله شئ ولا يشركه في الامور أحد.


[ 517 ]

2 – عنه، عن الفضيل بن عبد الوهاب، عن إسحاق بن عبيدالله، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال: لا إله إلا الله. غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء، منبتها في مسك أبيض، أحلى من العسل وأشد بياضا من الثلج وأطيب ريحا من المسك، فيها أمثال ثدي الابكار، تعلو عن سبعين حلة. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير العبادة قول: لا إله إلا الله. وقال: خير العبادة الاستغفار وذلك قول الله عز وجل في كتابه: ” فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك (1) “. (باب) * (من قال لا اله الا الله والله اكبر) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، رفعه، عن حريز، عن يعقوب القمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثمن الجنة لا إله إلا الله والله أكبر. (باب) * (من قال لا اله الا الله وحده وحده وحده) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال جبرئيل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن قال من امتك: ” لا إله إلا الله وحده وحده وحده ” (2).


سورة محمد (صلى الله عليه وآله): 22 والخطاب للنبى (صلى الله عليه وآله) والمراد جميع الامة وإنما خوطب بذلك لتستن امته بسنته. قاله الطبرسي. (2) في القاموس رأيته وحده مصدر لا يثنى ولا يجمع ونصبه على الحال عند البصريين لا على المصدر.

[ 518 ]

(باب) * (من قال: لا اله الا الله وحده لا شريك له – عشرا -) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عمرو بن عثمان، وعلي بن إبراهيم عن أبيه، جميعا، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير ليث المرادي عن عبد الكريم بن عتبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من قال عشر مرات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير ” كانت كفارة لذنوبه ذلك اليوم. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عمن ذكره، عن عمر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلى الغداة فقال قبل أن ينفض (1) ركبتيه عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت ويميت ويحيي [ وهو حي لا يموت ] بيده الخير وهو على كل شئ قدير. وفي المغرب مثلها، لم يلق الله عز وجل عبد بعمل أفضل من عمله إلا من جاء بمثل عمله. (باب) * (من قال: أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن) * * (محمدا عبده ورسوله) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله. كتب الله له ألف ألف حسنة.


(1) في بعض النسخ [ يقبض ] وفى بعضها [ ينقض ] أي يثنى ركبتيه.

[ 519 ]

(باب) * (من قال عشر مرات في كل يوم: اشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له) * * (الها واحدا احدا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد العزيز العبدي، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في كل يوم عشر مرات: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. كتب الله له خمسة و أربعين ألف حسنة ومحا عنه خمسة وأربعين ألف سيئة ورفع له خمسة وأربعين ألف درجة (1). وفي رواية اخرى وكن له حرزا في يومه من السلطان والشيطان ولم تحط به كبيرة من الذنوب. (باب) * (من قال: يا الله يا الله – عشر مرات -) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أيوب بن الحر أخي اديم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: يا الله يا الله. – عشر مرات – قيل له: لبيك ما حاجتك. (باب) * (من قال: لا اله الا الله حقا حقا) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى الارميني، عن أبي عمران الخراط (2) عن الاوزاعي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في كل يوم: لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله عبودية ورقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا. أقبل الله عليه بوجهه ولم يصرف وجهه عنه حتى يدخل الجنة.


(1) في ثواب الاعمال للصدوق رحمه الله [ خمسا وأربعين ] في الجميع. (2) في بعض النسخ [ الخياط ].

[ 520 ]

(باب) * (من قال: يا رب يا رب) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن أيوب ابن الحر أخي اديم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال عشر مرات: يا رب يا رب قيل له: لبيك ما حاجتك. 2 – أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران قال: مرض إسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): قل: يا رب يا رب – عشر مرات – فإن من قال ذلك نودي لبيك ما حاجتك. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن معاوية، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: يا رب يا الله يا رب يا الله (1). حتى ينقطع نفسه قيل له: لبيك ما حاجتك. (باب) * (من قال: لا اله الا الله مخلصا) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي الحسن السواق، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا أبان إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنة، قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف من الاصناف أفأروي لهم هذا الحديث؟ قال: نعم يا أبان إنه إذا كان


(1) في بعض النسخ [ يا ربي الله يا ربي الله ] وفى بعضها [ يا ربي يا الله يا ربي يا الله ].

[ 521 ]

يوم القيامة وجمع الله الاولين والآخرين فتسلب لا إله إلا الله منهم إلا من كان على هذا الامر. (باب) * (من قال: ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دعا الرجل فقال بعد ما دعا: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله. قال الله عز وجل: استبسل عبدي واستسلم لامري اقضوا حاجته (1). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من قال: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله – سبعين مرة – صرف عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أيسر ذلك الخنق، قلت: جعلت فداك وما الخنق؟ قال: لا يعتل بالجنون فيخنق. (باب) * (من قال: استغفر الله الذى لا اله الا هو الحى القيوم) * * (ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الصمد، عن الحسين بن حماد، عن أبي جعفر (عليه السلام) * قال: من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه – ثلاث مرات – غفر الله عز وجل له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.


(1) المستبسل: الذى يوطن نفسه على الموت

[ 522 ]

(باب) * (القول عند الاصباح والامساء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن غالب بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: ” وظلالهم بالغدو والآصال (1) ” قال هو الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وهي ساعة إجابة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن إبليس عليه لعائن الله يبث جنود الليل من حيث تغيب الشمس وتطلع فأكثروا ذكر الله عز وجل في هاتين الساعتين وتعوذوا بالله من شر إبليس وجنوده وعوذوا صغاركم في تلك الساعتين فإنهما ساعتا غفلة. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن رزين صاحب الانماط، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: من قال: اللهم إني اشهدك واشهد ملائكتك المقربين وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم وأن محمدا عبدك و رسولك وأن فلان بن فلان إمامي ووليي وأن أباه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا والحسن والحسين وفلانا وفلانا حتى ينتهي إليه أئمتي وأوليائي على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه ابعث يوم القيامة وأبرأ من فلان وفلان وفلان. فإن مات في ليلته دخل الجنة. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، وبكر بن محمد، عن أبي إسحاق الشعيري، عن يزيد بن كلثمة، عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال: تقول إذا أصبحت: أصبحت بالله مؤمنا على دين محمد وسنته ودين علي وسنته ودين


(1) الاية في سورة الرعد: 15 هكذا ” ولله يسجد من في السموات ومن في الارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والاصال “.

[ 523 ]

الاوصياء وسنتهم، آمنت بسرهم وعلانيتهم وشاهدهم وغائبهم وأعوذ الله مما استعاذ منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) والاوصياء وأرغب إلى الله فيما رغبوا إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) كان إذا أصبح قال: ” أبتدئ يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي (1) بسم الله وما شاء الله. فإذا فعل ذلك العبد أجزأه مما نسي في يومه “. 6 – عنه، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن شهاب وسليم الفراء، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال هذا حين يمسي حف بجناح من أجنحة جبرئيل (عليه السلام) حتى يصبح: ” أستودع الله العلي الاعلى الجليل العظيم نفسي ومن يعنيني أمره، أستودع الله نفسي المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كل شئ ” – ثلاث مرات -. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن علي بن عقبة وغالب بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أمسيت قل: ” اللهم إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك وحضور صلواتك وأصوات دعائك أن تصلي على محمد وآل محمد ” وادع بما أحببت. 8 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من يوم يأتي على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم: يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد، فقل خيرا واعمل في خيرا أشهد لك به يوم القيامة فإنك لن تراني بعدها أبدا. قال: وكان علي (عليه السلام) إذا أمسى يقول: مرحبا بالليل الجديد والكاتب الشهيد اكتبا على اسم الله، ثم يذكر الله عز وجل.


(1) يعنى قبل أن أنسى الله سبحانه وأعجل عن ذكره إلى غيره (في).

[ 524 ]

9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبد الله بن بكير، عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تغيرت الشمس فاذكر الله عز وجل وإن كنت مع قوم يشغلونك فقم وادع. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاث تناسخها الانبياء (1) من آدم (عليه السلام) حتى وصلن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أصبح يقول: اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ويقينا (2) حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي ورضني بما قسمت لي “. ورواه بعض أصحابنا وزاد فيه ” حتى لا احب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا وصلى الله على محمد وآله “. 11 – و [ روي ] عن أبي عبد الله (عليه السلام): ” الحمد لله الذي أصبحنا والملك له و أصبحت عبدك وابن عبدك وابن أمتك في قبضتك، اللهم ارزقني من فضلك رزقنا من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب واحفظني من حيث أحتفظ ومن حيث لا أحتفظ اللهم ارزقني من فضلك ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من خلقك، اللهم ألبسني العافية وارزقني عليها الشكر يا واحد يا أحد يا صمد يا الله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا الله يا رحمن يا رحيم يا مالك الملك ورب الارباب وسيد السادات ويا الله [ يا ] لا إله إلا أنت اشفني بشفائك من كل داء وسقم فإني عبدك و ابن عبدك أتقلب في قبضتك “.


(1) أي ورثوها من التناسخ في الميراث وهو موت ورثة بعد ورثة وأصل الميراث قائم لم يقسم (في). (2) ” تباشر به قلبى ” أي تجده في قلبى ولا يكون إيمانا ظاهرا بمحض اللسان. أو تلى باثباته في قلبى بنفسك. يقال: باشر الامر إذا وليه بنفسه.

[ 525 ]

12 – عنه، عن محمد بن علي، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول: ” اللهم إني وهذا النهار خلقان من خلقك، اللهم لا تبتلني به ولا تبتله بي، اللهم ولا تره مني جرأة على معاصيك ولا ركوبا لمحارمك، اللهم اصرف عني الازل واللاواء و البلوى وسوء القضاء وشماتة الاعداء ومنظر السوء في نفسي ومالي ” (1). قال: وما من عبد يقول حين يمسي ويصبح: ” رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد (صلى الله عليه وآله) نبيا وبالقرآن بلاغا وبعلي إماما ” – ثلاثا – إلا كان حقا على الله العزيز الجبار أن يرضيه يوم القيامة. قال: وكان يقول (عليه السلام) إذا أمسى: أصبحنا لله شاكرين وأمسينا لله حامدين فلك الحمد كما أمسينا لك مسلمين سالمين “. قال: وإذا أصبح قال: ” أمسينا لله شاكرين وأصبحنا لله حامدين والحمد لله كما أصبحنا لك مسلمين سالمين “. 13 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) يقول إذا أصبح: ” بسم الله وبالله وإلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إليك أسلمت نفسي وإليك فوضت أمري وعليك توكلت يا رب العالمين، اللهم احفظني بحفظ الايمان (2) من بين يدي ومن خلفي و عن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي، لا إله إلا أنت، لا حول ولا قوة إلا بالله، نسألك العفو العافية من كل سوء وشر في الدنيا والآخرة، اللهم


(1) الابتلاء: الامتحان والاختبار ولعل المراد بابتلائه بالنهار أن يناله منه سوءا وبابتلاء النهار به أن يفعل فيه معصية. والازل: الضيق. واللاواء: الشدة والضيق في المعيشة وفى بعض النسخ [ الافك والاذى ] مكان الازل واللاواء. والمنظر: ما نظرت إليه وأعجبك أو ساءك. (2) أي بان تخفى إيمانى أو مع حفظه أو بما تحفظ به أهل الايمان أو بحفظ تؤمنني به من مخاوف الدنيا والاخرة فان المؤمن من أسمائه تعالى. وقيل: أي الحفظ الذى يقتضيه الايمان ليشمل الحفظ عما يضر بالدين كما يشمل الحفظ عما يضر بالدنيا.

[ 526 ]

إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن ضغطة القبر ومن ضيق القبر، وأعوذ بك من سطوات الليل والنهار، اللهم رب المشعر الحرام ورب البلد الحرام ورب الحل والحرام (1) أبلغ محمدا وآل محمد عني السلام، اللهم إني أعوذ بدرعك الحصينة وأعوذ بجمعك أن تميتني غرقا أو حرقا أو شرقا أو قودا أو صبرا أو مسما (2) أو ترديا في بئر أو أكيل السبع أو موت الفجأة أو بشئ من ميتات السوء ولكن أمتني على فراشي في طاعتك وطاعة رسولك (صلى الله عليه وآله) مصيبا للحق غير مخطئ، أو في الصف الذي نعتهم في كتابك ” كأنهم بنيان مرصوص (3) ” اعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي بقل أعوذ برب الفلق – حتى يختم السورة – واعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي بقل أعوذ برب الناس – حتى يختم السورة – وقول -: الحمد لله عدد ما خلق الله والحمد لله مثل ما خلق والحمد لله ملء ما خلق الله والحمد لله مداد كلماته والحمد لله زنة عرشه والحمد لله رضا نفسه ولا إله إلا الله الحليم الكريم ولا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات والارضين وما بينهما ورب العرش العظيم، اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء ومن شماتة الاعداء وأعوذ بك من الفقر والوقر (4) وأعوذ بك من سوء المنظر في الاهل والمال والولد. و يصلي على محمد وآل محمد ” عشر مرات. 14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من عبد يقول إذا أصبح قبل طلوع الشمس: ” الله أكبر الله أكبر كبيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا والحمد لله رب العالمين كثيرا، لا شريك له وصلى الله على محمد وآله ” إلا ابتدرهن ملك وجعلهن في جوف (5) جناحه وصعد بهن


(1) الحل بالكسر وقت الاحلال وما جاوز الحرم والمراد به هنا الاول بقرينة المقابلة. (2) الشرق: الغصة. والقود: القصاص. والصبر أن يمسكه رجل أو يشد يداه ورجلاه حتى يضرب عنقه و ” مسما ” ب‍ فتح الميم مصدر ميمى أو بضمها من أسمه إذا سقاه السم وإن لم يذكر في اللغة (3) الصف: 4 ” الذين يقاتلون في سبيل الله صفا كأنهم بنيان مرصوص ” والرص: اتصال بعض البناء بالبعض. (4) الوقر: الثقل في الاذن. (5) في بعض النسخ [ حرف ].

[ 527 ]

إلى السماء الدنيا فتقول الملائكة: ما معك؟ فيقول: معي كلمات قالهن رجل من المؤمنين وهي كذا وكذا، فيقولون: رحم الله من قال هؤلاء الكلمات وغفر له، قال: وكلما مر بسماء قال لاهلها مثل ذلك، فيقولون: رحم الله من قال هؤلاء الكلمات وغفر له حتى ينتهي بهن إلى حملة العرش، فيقول لهم: إن معي كلمات تكلم بهن رجل من المؤمنين وهي كذا وكذا فيقولون: رحم الله هذا العبد وغفر له انطلق بهن إلى حفظة كنوز مقالة المؤمنين فإن هولاء كلمات الكنوز حتى تكتبهن في ديوان الكنوز. 15 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد من أصحابه عن أبان بن عثمان، عن عيسى بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أصبحت فقل: ” اللهم إني أعوذ بك من شر ما خلقت وذرأت وبرأت في بلادك وعبادك، اللهم إني أسألك بجلالك وجمالك وحلمك وكرمك كذا وكذا “. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن عليا (صلوات الله عليه وآله) كان يقول إذا أصبح: ” سبحان الله الملك القدوس – ثلاثا – اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ومن تحويل عافيتك ومن فجأة نقمتك ومن درك الشقاء ومن شر ما سبق في الليل، اللهم إني أسألك بعزة ملكك وشدة قوتك وبعظيم سلطانك وبقدرتك على خلقك “. ثم سل حاجتك. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن العلاء بن كامل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول عند المساء: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو كل شئ قدير. قال: قلت: بيده الخير، قال: إن بيده الخير ولكن قل كما أقول [ لك ] عشر مرات، وأعوذ بالله السميع العليم حين تطلع الشمس وحين تغرب عشر مرات،


[ 528 ]

18 – علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يقول بعد الصبح (1): ” الحمد لله رب الصباح، الحمد لله فالق الاصباح – ثلاث مرات – اللهم افتح لي باب الامر الذي فيه اليسر والعافية، اللهم هيئ لي سبيله وبصرني مخرجه (2) اللهم إن كنت قضيت لاحد من خلقك علي مقدرة بالشر فخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن تحت قدميه ومن فوق رأسه واكفنيه بما شئت ومن حيث شئت و كيف شئت “. 19 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن الحسين بن المختار، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قال إذا أصبح: ” اللهم إني أصبحت في ذمتك وجوارك، اللهم إني أستودعك ديني ونفسي ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي وأعوذ بك يا عظيم من شر خلقك جميعا وأعوذ بك من شرما يبلس به إبليس وجنوده ” (3). إذا قال هذا الكلام لم يضره يومه ذلك شئ وإذا أمسى فقاله لم يضره تلك الليلة شئ إن شاء الله تعالى. 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن علي بن أبي حمزه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت المغرب والغداة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. – سبع مرات – فإنه من قالها لم يصبه جذام ولا برص ولا جنون ولا سبعون نوعا من أنواع البلاء، قال: وتقول إذا أصبحت وأمسيت: ” الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الاصباح – مرتين – الحمد لله الذي أذهب الليل بقدرته وجاء بالنهار برحمته ونحن في عافية “. ويقرأ آية الكرسي وآخر الحشر وعشر آيات من الصافات وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب


(1) في بعض النسخ [ تقول ]. (2) في اكثر نسخ الدعاء [ بصرني سبيله وهيئ لى مخرجه ]. (3) في بعض النسخ [ يلبس ] والتلبيس: التخليط والتدليس ولبس بالامر وبالثوب: اختلط.

[ 529 ]

العالمين، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت سبحانك إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم “. 21 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): ” اللهم لك الحمد أحمدك وأستعينك وأنت ربي وأنا عبدك، أصبحت على عهدك ووعدك واومن بوعدك واوفي بعهدك ما استطعت، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أصبحت على فطرة الاسلام و كلمة الاخلاص وملة إبراهيم ودين محمد، على ذلك أحيا وأموت إن شاء الله، اللهم أحيني ما أحييتني به وأمتني إذا أمتني على ذلك وابعثني إذا بعثتني على ذلك، أبتغي بذلك رضوانك واتباع سبيلك، إليك ألجات ظهري وإليك فوضت أمري، آل محمد أئمتي ليس لي أئمة غيرهم، بهم أئتم وإياهم أتولى وبهم أقتدي، اللهم اجعلهم اوليائي في الدنيا والآخرة واجعلني اوالي أولياءهم واعادي أعداءهم في الدنيا والآخرة و ألحقني بالصالحين وآبائي معهم “. 22 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال: قل: ” الحمد الله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره الحمد لله كما يحب الله أن يحمد، الحمد لله كما هو أهله، اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد وصلى الله على محمد وآل محمد “. 23 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن عمرو بن مصعب، عن فرات بن الاحنف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مهما تركت من شئ فلا تترك أن تقول في كل صباح ومساء: ” اللهم إني اصبحت


[ 530 ]

أستغفرك في هذا الصباح وفي هذا اليوم لاهل رحمتك وأبرأ إليك من أهل لعنتك اللهم إني أصبحت أبرأ إليك في هذا اليوم وفي هذا الصباح ممن نحن بين ظهرانيهم من المشركين ومما كانوا يعبدون، إنهم كانوا قوم سوء فاسقين، اللهم اجعل ما أنزلت من السماء إلى الارض في هذا الصباح وفي هذا اليوم بركة على أوليائك و عقابا على أعدائك، اللهم وال من والاك وعاد من عاداك، اللهم اختم لي بالامن و الايمان كلما طلعت شمس أو غربت، اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات اللهم إنك تعلم منقلبهم ومثواهم، اللهم احفظ إمام المسلمين بحفظ الايمان و انصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له ولنا من لدنك سلطانا نصيرا، اللهم العن فلانا وفلانا والفرق المختلفة على رسولك وولاة الامر بعد رسولك والائمة من بعده وشيعتهم وأسألك الزيادة من فضلك والاقرار بما جاء من عندك والتسليم لامرك والمحافظة على ما أمرت به لا أبتغي به بدلا ولا أشتري به ثمنا قليلا، اللهم اهدني فيمن هديت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك ولا يذل من واليت، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت تقبل مني دعائي وما تقربت به إليك من خير فضاعفه لي أضعافا [ مضاعفة ] كثيره وآتنا من لدنك [ رحمة و ] أجرا عظيما، رب ما أحسن ما ابتليتني وأعظم ما أعطيتني وأطول ما عافيتني وأكثر ما سترت علي، فلك الحمد يا إلهي كثيرا طيبا مباركا عليه، ملء السماوات وملء الارض وملء ما شاء ربي (1) كما يحب ويرضى وكما ينبغي لوجه ربي ذي الجلال والاكرام “. 24 – عنه (2)، عن إسماعيل بن مهران، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من قال: ” ما شاء الله كان، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي


(1) الملء بالكسر اسم ما يأخذه الاناء إذا امتلا. أي حمدا بقدر ما تمتلى هذه الاجسام. (2) ضمير ” عنه ” راجع إلى البرقى.

[ 531 ]

العظيم ” مائة مرة حين يصلي الفجر (1) لم ير يومه ذلك شيئا يكرهه. 25 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في دبر صلاة الفجر ودبر صلاة المغرب سبع مرات: ” بسم الله الرحمن الرحيم لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” دفع الله عز وجل عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الريح (2) والبرص والجنون وإن كان شقيا محي من الشقاء وكتب في السعداء. 26 – وفي رواية سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله إلا أنه قال: أهونه الجنون والجذام والبرص وإن كان شقيا رجوت أن يحوله الله عز وجل إلى السعادة. 27 – عنه، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه السلام) مثله إلا أنه قال: يقولها ثلاث مرات حين يصبح وثلاث مرات حين يمسي لم يخف شيطانا ولا سلطانا ولا برصا ولا جذاما، ولم يقل سبع مرات، قال أبو الحسن (عليه السلام): وأنا أقولها مائة مرة. 28 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت الغداة والمغرب فقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” – سبع مرات – فإنه من قالها لم يصبه جنون ولا جذام ولا برص ولا سبعون نوعا من أنواع البلاء. 29 – عنه، عن محمد بن عبد الحميد، عن سعد بن زيد قال: قال أبو الحسن (عليه السلام) إذا صليت المغرب فلا تبسط رجلك ولا تكلم أحدا حتى تقول مائة مرة: ” بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” ومائة مرة في الغداة


(1) أي بعد فريضة الصبح عرفا. (2) الربح: الاستسقاء وغيره.

[ 532 ]

فمن قالها دفع الله عنه مائة نوع من أنواع البلاء أدنى نوع منها البرص والجذام و الشيطان والسلطان. 30 – عنه، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك الحمد لله الذي يصف ولا يوصف ويعلم ولا يعلم، يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، أعوذ بوجه الله الكريم وباسم الله العظيم من شر ما ذرأ وما برأ ومن شر ما تحت الثرى ومن شر ما ظهر وما بطن ومن شر ما كان في الليل والنهار ومن شر أبي مرة وما ولد ومن شر الرسيس (1) ومن شر ما وصفت وما لم أصف؟ فالحمد لله رب العالمين ” ذكر أنها أمان من السبع ومن الشيطان الرجيم ومن ذريته. قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول إذا أصبح: ” سبحان الله الملك القدوس – ثلاثا – اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ومن تحويل عافيتك ومن فجأة نقمتك ومن درك الشقاء ومن شر ما سبق في الكتاب، اللهم إني أسألك بعزة ملكك وشدة قوتك وبعظيم سلطانك وبقدرتك على خلقك “. 31 – عنه، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سنة واجبة (2) مع طلوع الفجر (3) والمغرب تقول: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله


(1) أبو مرة: كنية إبليس لعنه الله. والرسيس: العشق الباطل والحمى أو المفسد أو الكاذب أو من يتعرف خير الناس أو الارجوفة أو انتشار العيوب بين الناس (آت). (2) ” سنة واجبة ” أي سنة ثابتة. (3) في بعض النسخ. [ الشمس ].

[ 533 ]

الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ” – عشر مرات – وتقول: ” أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم ” – عشر مرات – قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فإن نسيت قضيت كما تقضي الصلاة إذا نسيتها. 32 – عنه، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قل: ” أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم ” وقل: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ” قال: فقال له رجل: مفروض هو؟ قال: نعم مفروض محدود تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرات فإن فاتك شئ فاقضه من الليل والنهار. (1) 33 – عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن رجل، عن إسحاق بن عمار، عن العلاء بن كامل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن من الدعاء ما ينبغي لصاحبه إذا نسيه أن يقضيه يقول بعد الغداة: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير [ كله ] وهو على كل شئ قدير ” – عشر مرات – ويقول: ” أعوذ بالله السميع العليم ” – عشر مرات – فإذا نسي من ذلك شيئا كان عليه قضاؤه. 34 – عنه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التسبيح، فقال: ما علمت شيئا موظفا غير تسبيح فاطمة (عليها السلام)


(1) قوله ” مفروض ” الفرض في اصطلاح الاخبار ما ظهر وجوبه من القرآن ويقابله السنة أي ما ظهر وجوبه من السنة وقد يطلق الفرض على ما ظهر رجحانه من الكتاب أعم من أن يكون على الوجوب أو الاستحباب ويقابله السنة بالمعنى الاعم أي ما ظهر شرعيته من السنة أعم من أن يكون واجبا أو مستحبا فيمكن حمل الفرض هنا على هذا المعنى. والمحدود: الموقوت (آت)

[ 534 ]

وعشر مرات بعد الفجر تقول: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد [ يحيي ويميت ] وهو على كل شئ قدير ” ويسبح ما شاء تطوعا. 35 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل ابن جابر، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): من قال حين يطلع الفجر: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت [ ويميت و ويحيي ] وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ” – عشر مرات – ” وصلى الله على محمد وآل ” محمد عشر مرات، وسبح خمسا وثلاثين مرة، وهلل خمسا وثلاثين مرة، وحمد الله خمسا وثلاثين مرة لم يكتب في ذلك الصباح من الغافلين وإذا قالها في المساء لم يكتب في تلك الليلة من الغافلين. 36 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد ابن الفضيل قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله أن يعلمني دعاء فكتب إلي: تقول إذا أصبحت وأمسيت: ” الله الله الله ربي الرحمن الرحيم لا اشرك به شيئا ” وإن زدت على ذلك فهو خير، ثم تدعو بما بدا لك في حاجتك فهو لكل شئ بإذن الله تعالى يفعل الله ما يشاء (1). 37 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تدع أن تدعو بهذا الدعاء ثلاث مرات إذا أصبحت وثلاث مرات إذا أمسيت: ” اللهم اجعلني في درعك الحصينة التى تجعل فيها من تريد ” فإن أبي (عليه السلام) كان يقول: هذا من الدعاء المخزون. 38 – علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد


(1) أي فهو ينفع لقضاء كل شئ بتوفيق الله.

[ 535 ]

المكاري، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: ما عنى بقوله: ” وإبراهيم الذي وفى (1) “؟ قال: كلمات بالغ فيهن، قلت: وما هن؟ قال: كان إذا أصبح قال: أصبحت وربي محمود أصبحت لا اشرك بالله شيئا ولا أدعو معه إلها ولا أتخذ من دونه وليا – ثلاثا – وإذا أمسى قالها ثلاثا، قال: فأنزل الله عز وجل في كتابه ” وإبراهيم الذي وفي ” قلت، فما عنى بقوله في نوح: ” إنه كان عبدا شكورا (2) “؟ قال: كلمات بالغ فيهن، قلت، وما هن؟ قال: كان إذا أصبح قال: أصبحت اشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك ولك الشكر كثيرا. كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا، قلت: فما عنى بقوله في يحيى: ” وحنانا من لدنا وزكاة (3) ” قال: تحنن الله، قال: قلت: فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال: كان إذا قال: يا رب، قال الله عز وجل لبيك يا يحيى. (باب) * (الدعاء عند النوم والانتباه) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، والحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، جميعا عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرات: الحمد لله الذي علا فقهر والحمد لله الذي بطن فخبر والحمد لله الذي ملك فقدر و الحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الاحياء وهو على كل شئ قدير. خرج من الذنوب كهيئة يوم ولدته امه.


(1) في سورة النجم: 37 هكذا ” أم لم ينبا بما في صحف موسى * وإبراهيم الذى وفى “. (2) الاسراء: 3 (3) مريم 12 والتحنن: التعطف والترحم والاشتياق والبركة والحنين: الشوق وتوقان النفس تقول منه حن إليه يحن حنينا. فهو حان والحنان: الرحمة.

[ 536 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقل: اللهم إني احتبست نفسي عندك فاحتبسها في محل رضوانك ومغفرتك وإن رددتها [ إلى بدني ] فارددها مؤمنة عارفة بحق أوليائك حتى تتوفاها على ذلك. 3 – حميد بن زياد، عن الحسين بن محمد (1) عن غير واحد، عن أبان بن عثمان عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقول عند منامه: آمنت بالله وكفرت بالطاغوت، اللهم احفظني في منامي وفي يقظتي. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ألا اخبركم بما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إذا أوى إلى فراشه؟ قلت: بلى، قال: كان يقرأ آية الكرسي ويقول: ” بسم الله آمنت بالله وكفرت بالطاغوت، اللهم احفظني في منامي وفي يقظتي “. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: اللهم إني أعوذ بك من الاحتلام ومن سوء الاحلام وأن يلعب بي الشيطان في اليقظة والمنام. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن ابن سعيد، جميعا، عن القاسم بن عروة، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) إذا أخذت مضجعك فكبر الله أربعا وثلاثين واحمده ثلاثا وثلاثين وسبحه ثلاثا وثلاثين وتقرأ آية الكرسي والمعوذتين وعشر آيات من أول الصافات وعشرا من آخرها. 7 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، عن أخيه أن شهاب بن عبد ربه سأله أن يسأل (2) أبا عبد الله (عليه السلام) وقال:


(1) في بعض النسخ [ الحسن بن محمد ]. (2) في بعض النسخ [ سألنا أن نسأل ].

[ 537 ]

قل له: إن امرأة تفزعني في المنام بالليل، فقال: قل له: اجعل مسباحا (1) وكبر الله أربعا وثلاثين تكبيرة وسبح الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمد الله ثلاثا و ثلاثين وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي، بيده الخير وله اختلاف الليل والنهار وهو على كل شئ قدير. – عشر مرات -. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه أتاه ابن له ليلة فقال له: يا أبه اريد أن أنام، فقال: يا بني قل: ” أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله، أعوذ بعظمة الله وأعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ بسلطان الله، إن الله على كل شئ قدير وأعوذ بعفو الله وأعوذ بغفران الله وأعوذ برحمة الله من شر السامة و الهامة (2) ومن شر كل دابة صغيرة أو كبيرة بليل أو نهار ومن شر فسقة الجن والانس ومن شر فسقة العرب والعجم ومن شر الصواعق والبرد، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك “. قال معاوية: فيقول الصبي: الطيب، عند ذكر النبي: [ الطيب ] المبارك، قال: نعم يا بني الطيب المبارك (3). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن مفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إن استطعت أن لا تبيت ليلة حتى تعوذ بأحد عشر حرفا؟ قلت: أخبرني بها؟ قال: قل: ” أعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ


(1) المسباح: ما يسبح به ويعد به الاذكار. (2) السامة: ما يسم ولا يقتل مثل العقرب والزنبور والهامة ما يسم ويقتل وقد تطلق على ما يدب وان لم يقتل كالحشرات (في). (3) يعنى ان الصبى لما بلغ في متابعة الدعاء الذى يلقيه (عليه السلام) عليه إلى لفظ رسولك أو إلى محمد زاد في وصفه من تلقاء نفسه ” الطيب المبارك ” وقرره ابوه (عليه السلام) عليه وكانه (عليه السلام) كان يريد القائهما عليه فبادر الصبى وذكرهما فاستحسنه وقرره عليه فالظرف معترض بين الوصفين أو يكون ” الطيب ” صفة للصبى مدحه الراوى به والمبارك مقول القول وصفة للنبى فاضاف (عليه السلام) الطيب ايضا وقال صفه بهما. أو عكس ذلك.

[ 538 ]

بسلطان الله وأعوذ بجمال الله وأعوذ بدفع الله وأعوذ بمنع الله و أعوذ بجمع الله وأعوذ بملك الله وأعوذ بوجه الله وأعوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله) من شر ما خلق وبرأ وذرأ “. وتعوذ به كلما شئت. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أويت إلى فراشك فقل: ” بسم الله وضعت جنبي الايمن [ لله ] على ملة إبراهيم حنيفا لله مسلما وما أنا من المشركين “. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إذا قام أحدكم من الليل فليقل: ” سبحان رب النبيين وإله المرسلين ورب المستضعفين ” (1). والحمد لله الذي يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير. يقول الله عز وجل: صدق عبدي وشكر. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قمت بالليل من منامك فقل: ” الحمد لله الذي رد علي روحي لاحمده وأعبده ” فإذا سمعت صوت الديك فقل: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت وحدك، عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فإذا قمت فانظر في آفاق السماء وقل: اللهم لا يواري منك ليل داج ولا سماء ذات أبراج ولا أرض ذات مهاد ولا ظلمات بعضها فوق بعض ولا بحر لجي تدلج بين يدي المدلج من خلقك تعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم لا تأخذك سنة ولا نوم سبحان ربي رب العالمين وإله المرسلين والحمد الله رب العالمين “. 13 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل


(1) المراد بالمستضعفين الائمة (عليهم السلام) كما يشعر به الاية.

[ 539 ]

ابن شاذان جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام آخر الليل يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار ويقول: ” اللهم أعني على هول المطلع ووسع علي ضيق المضجع وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت “. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه رفعه قال: تقول إذا أردت النوم: ” اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها “. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر له ما عمل قبل ذلك خمسين عاما، وقال يحيى: فسألت سماعة عن ذلك فقال: حدثني أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ذلك، وقال: يا أبا محمد أما إنك إن جربته وجدته سديدا (1). 16 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد، جميعا، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أوى إلى فراشه قال: ” اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ” فإذا قام من نومه قال: ” الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور ” وقال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من قرأ عند منامه آية الكرسي ثلاث مرات والآية التى في آل عمران: ” شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة ” وآية السخرة وآية السجدة وكل (2) به شيطانان


(1) لعله يجد سداده بتنوير قلبه فانه علامة المغفرة. (2) آية السخرة في سورة الا عراف ” ان ربكم الله الذى خلق السموات – إلى قوله رب العالمين – “. وقيل: ” إلى قريب من المحسنين “. وقال الشيخ بهائي (ره) المراد بالاية الجنس وسميت سخرة لدلالتها على تسخير الله تعالى للاشياء وتذليله لها. والمشهور ان المراد بآية السخرة آيتان في آخرحم السجدة: سنريهم آياتنا إلى آخر السورة ” (آت).

[ 540 ]

يحفظانه من مردة الشياطين، شاؤوا أو أبوا ومعهما من الله ثلاثون ملكا يحمدون الله عز وجل ويسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويستغفرون له إلى أن ينتبه ذلك العبد من نومه وثواب ذلك له. 17 – أحمد بن محمد الكوفي، عن حمدان القلانسي، عن محمد بن الوليد، عن أبان عن عامر بن عبيد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من أحد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلا تيقظ في الساعة التي يريد (1). 18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من أراد شيئا من قيام الليل وأخذ مضجعه فليقل: ” [ بسم الله ] اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تجعلني من الغافلين، أقوم ساعة كذا ” وكذا. إلا وكل الله عز وجل به ملكا ينبهه تلك الساعة. (باب) * (الدعاء إذا خرج الانسان من منزله) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يحرك شفتيه حين اراد أن يخرج وهو قائم على الباب، فقلت: [ إني ] رأيتك تحرك شفتيك حين خرجت فهل قلت شيئا؟ قال: نعم إن الانسان إذا خرج من منزله قال حين يريد أن يخرج: الله أكبر، الله أكبر – ثلاثا – ” بالله أخرج وبالله أدخل وعلى الله أتوكل ” – ثلاث مرات – ” اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير؟ وقني شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ” لم يزل في ضمان الله عز وجل حتى يرده الله إلى المكان الذي كان فيه.


(1) يعنى قل إنما أنا بشر مثلكم… الاية. و ” تيقظ ” بصيغة الماضي من باب التفعل.

[ 541 ]

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب عن أبي حمزة مثله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: أنيت باب علي بن الحسين (عليهما السلام) فوافقته حين خرج من الباب فقال: بسم الله آمنت بالله وتوكلت على الله. ثم قال: يا أبا حمزة إن العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان فإذا قال: بسم الله قال الملكان: كفيت فإذا قال: آمنت بالله، قالا: هديت، فإذا قال: توكلت على الله، قالا: وقيت فيتنحى الشيطان فيقول بعضهم لبعض: كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي؟ قال: ثم قال: اللهم إن عرضي لك اليوم (1) ثم قال: يا أبا حمزة إن تركت الناس لم يتركوك وإن رفضتهم لم يرفضوك، قلت: فما أصنع؟ قال: أعطهم [ من ] عرضك ليوم فقرك وفاقتك. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي حمزة قال: استأذنت على أبي جعفر (عليه السلام) فخرج إلي وشفتاه تتحركان فقلت له، فقال: أفطنت لذلك يا ثمالي؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: إني والله تكلمت بكلام ما تكلم به أحد قط إلا كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته، قال: قلت له: أخبرني به قال: نعم من قال حين يخرج من منزله: ” بسم الله حسبي الله توكلت على الله، اللهم إني أسألك خير اموري كلها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ” كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته. 4 – عنه، عن علي بن الحكم، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قال حين يخرج من باب داره: ” أعوذ بما عاذت به ملائكة الله من شر هذا اليوم الجديد الذي إذا غابت شمسه لم تعد من شر نفسي ومن شر غيري ومن شر الشياطين


(1) أي لا أتعرض لمن هتك عرضى لوجهك اما عفوا أو تقية وكلاهما لله رضى.

[ 542 ]

ومن شر من نصب لاولياء الله ومن شر الجن والانس ومن شر السباع والهوام ومن شر ركوب المحارم كلها، اجير نفسي بالله من كل شر ” غفر الله له وتاب عليه وكفاه الهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا خرجت من منزلك فقل: ” بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له اللهم أوسع علي من فضلك وأتمم علي نعمتك واستعملني في طاعتك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني على ملتك وملة رسولك (صلى الله عليه وآله) “. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا خرج يقول: ” اللهم بك خرجت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، اللهم بارك لي في يومي هذا وارزقني فوزه وفتحه ونصره وطهوره وهداه وبركته واصرف عني شره وشر ما فيه، بسم الله وبالله والله أكبر والحمد لله رب العالمين، اللهم إني قد خرجت فبارك لي في خروجي و انفعني به ” قال: وإذا دخل في منزله قال ذلك. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام) قال: كان أبي (عليه السلام) إذا خرج من منزله قال: ” بسم الله الرحمن الرحيم، خرجت بحول الله وقوته لا بحول مني (1) ولا قوتي بل بحولك وقوتك يا رب متعرضا لرزقك فأتني به في عافية “. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر ابن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من قرأ قل هو الله أحد حين يخرج من منزله عشر مرات لم يزل في حفظ الله عز وجل وكلائته حتى يرجع إلى منزله (2).


(1) في بعض النسخ: [ بلا حول منى ]. (2) ” كلائته ” أي في حفظه. كلاء الله كلاءة بالكسر والمد حفظه

[ 543 ]

9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن صباح الحذاء قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): إذا أردت السفر فقف على باب دارك واقرأ فاتحة الكتاب أمامك وعن يمينك وعن شمالك و ” قل هو الله أحد ” أمامك وعن يمينك وعن شمالك و ” قل أعوذ برب الناس ” و ” قل أعوذ برب الفلق ” أمامك وعن يمينك وعن شمالك ثم قل: ” اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي بلاغا حسنا ” ثم قال: أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه. 10 حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كان إذا خرج من البيت قال: ” بسم الله خرجت وعلى الله توكلت لا حول ولا قوة إلا بالله “. 11 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، عن صباح الحذاء، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: يا صباح لو كان الرجل منكم إذا أراد سفر أقام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد أمامه وعن يمينه وعن شماله والمعوذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله وقل هو الله أحد أمامه وعن يمينه وعن شماله وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم قال: ” اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل ” لحفظه الله وحفظ ما معه وسلمه وسلم ما معه وبلغه وبلغ ما معه، أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: ” بسم الله آمنت بالله، توكلت على الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ” فتلقاه الشياطين


[ 544 ]

فتنصرف (1) وتضرب الملائكة (2) وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه وقال: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله. (باب) * (الدعاء قبل الصلاة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة: ” اللهم إني أتوجه إليك بمحمد وآل محمد واقدمهم بين يدي صلاتي وأتقرب بهم إليك (3) فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم، فإنها السعادة واختم لي بها، فإنك على كل شئ قدير ” ثم تصلي فإذا انصرفت قلت: ” اللهم اجعلني مع محمد وآل محمد في كل عافية وبلاء واجعلني مع محمد وآل محمد في كل مثوى ومنقلب، اللهم اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم واجعلني معهم في المواطن كلها ولا تفرق بيني وبينهم، إنك على كل شئ قدير “. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: تقول قبل دخولك في الصلاة: ” اللهم إني اقدم محمدا نبيك (صلى الله عليه وآله) بين يدي حاجتي وأتوجه به [ إليك ] في طلبتي فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخره ومن المقربين، اللهم اجعل صلاتي بهم متقبلة وذنبي بهم مغفورا ودعائي بهم مستجابا يا أرحم الرحمين “. 3 – عنه، عن أبيه، عن عبد الله القاسم، عن صفوان الجمال قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) واستقبل القبلة قبل التكبير وقال: اللهم ” لا تؤيسني من روحك ولا تقنطني من رحمتك ولا تؤمني مكرك فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون “


(1) في الكلام حذف يعنى فان من قال ذلك تلقاه. ويحتمل سقوطه. (2) في بعض النسخ: [ وتصرف الملائكه ]. (3) يعنى أتوجه إليك متلبسا بعرفانهم، مقتديا بهم، مقتفيا آثارهم، مقدما حبهم، مستنهجا مسلكهم، عاكفا على طاعتهم، آتيا أوامرهم تاركا نواهيهم، متقربا بذلك كله إليك زلفى.

[ 545 ]

قلت: جعلت فداك ما سمعت بهذا من أحد قبلك، فقال: إن من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والامن من مكر الله. (باب) * (الدعاء في ادبار الصلوات) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن عيسى ابن عبد الله القمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول إذا فرغ من الزوال (1): ” اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك وأتقرب إليك بملائكتك المقربين وانبيائك المرسلين وبك، اللهم أنت الغني عني وبي الفاقة إليك، أنت الغني وأنا الفقير إليك أقلتني عثرتي وسترت علي ذنوبي فاقض لي اليوم حاجتي ولا تعذبني بقبيح ما تعلم مني، بل عفوك (2) وجودك يسعني ” قال: ثم يخر ساجداو يقول: ” يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة يا بر يا رحيم، أنت أبر بي من أبي وامي ومن جميع الخلائق، اقبلني (3) بقضاء حاجتي مجابا دعائي، مرحوما صوتي، قد كشفت أنواع البلايا عني “. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم، بن عبد الحميد، عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات: ” الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره ” اعطي خيرا كثيرا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه قال: يقول


(1) ” إذا فرغ من الزوال ” يحتمل الفريضة والنافلة لكن الشيخ الطوسى وغيره ذكروهما في تعقيب نوافل الزوال بادنى تغيير واطلاق صلاة الزوال على النافلة في عرف الاخبار أكثر (آت). (2) في بعض النسخ [ فان عفوك ]. (3) في بعض النسخ: [ اقلبني ].

[ 546 ]

بعد العشائين: ” اللهم بيدك مقادير الليل والنهار ومقادير الدنيا والآخرة ومقادير الموت والحياة ومقادير الشمس والقمر ومقادير النصر والخذلان ومقادير الغنى والفقر، اللهم بارك لي في ديني ودنياي وفي جسدي وأهلي وولدي، اللهم ادرأ عني شر فسقة العرب والعجم والجن والانس، واجعل منقلبي إلى خير دائم ونعيم لا يزول “. 4 – عنه، عن بعض أصحابه، رفعه، قال (1): من قال بعد كل صلاة وهو آخذ بلحيته بيده اليمنى: ” يا ذا الجلال والاكرام ارحمني من النار ” – ثلاث مرات – و يده اليسرى مرفوعة وبطنها إلى ما يلي السماء ثم يقول: ” أجرني من العذاب الاليم ” [ ثلاث مرات ] ثم يؤخر يده عن لحيته، ثم يرفع يده ويجعل بطنها مما يلي السماء (2)، ثم يقول: ” يا عزيز يا كريم يا رحمن يا رحيم ” ويقلب يديه و يجعل بطونهما مما يلي السماء، ثم يقول: ” أجرني من العذاب [ الاليم ] ” – ثلاث – مرات – صلى على محمد وآل محمد والملائكة والروح * غفر له ورضي عنه ووصل بالاستغفار له حتى يموت جميع الخلائق إلا الثقلين الجن والانس، وقال: إذا فرغت من تشهدك فارفع يديك وقل: ” اللهم اغفر لي مغفرة عزما جزما لا تغادر ذنبا ولا أرتكب بعدها محرما أبدا وعافني معافاة لا بلوى بعدها أبدا واهدني هدى لا أضل بعده أبدا وانفعني يا رب بما علمتني واجعله لي ولا تجعله علي وارزقني كفافا ورضني به يا رباه وتب علي يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم يا رحيم يا رحيم، ارحمني ومن النار ذات السعير وابسط علي من سعة رزقك واهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك واعصمني من الشيطان الرجيم وأبلغ محمدا (صلى الله عليه وآله) عني تحية كثيرة وسلاما واهدني بهداك وأغنني بغناك واجعلني من أوليائك المخلصين وصلى الله على محمد وآل محمد آمين ” قال: من قال هذا


(1) مرفوع مضمر. (2) الظاهر أنه يجعل بطن اليمنى فقط إلى السماء كما يشعر به ما بعده (لح).

[ 547 ]

بعد كل صلاة رد الله عليه روحه في قبره (1) وكان حيا مرزوقا ناعما مسرورا إلى يوم القيامة. 5 – عنه، عن بعض أصحابه رفعه قال (2): تقول بعد الفجر ” اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون رضاك ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيئتك ولك الحمد حمدا لا جزاء لقائله إلا رضاك، اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان، اللهم لك الحمد كما أنت أهله، الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهي الحمد إلى حيث ما يحب ربي ويرضى. وتقول بعد الفجر قبل أن تتكلم: الحمد لله ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش وسبحان الله ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش والله أكبر ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش ولا إله إلا الله ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش ” تعيد ذلك أربع مرات ثم تقول: [ اللهم ] أسالك مسألة العبد الذليل أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لنا ذنوبنا وتقضي لنا حوائجنا في الدنيا والآخرة في يسر منك وعافبة. 6 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن الفرج قال: كتب إلي أبو جعفر ابن الرضا (عليهما السلام) بهذا الدعاء وعلمنيه (3) وقال: من قال في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلا تيسرت له وكفاه الله ما أهمه: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا، لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله [ العلي العظيم ] ما شاء الله لا ما شاء


(1) أي بالحياة التى تكون في البرزخ بالجسد المثالي أو غيره كالشهداء لا بهذا البدن وان احتمل ذلك على بعد في غير المعصومين (آت). (2) مضمر. (3) ” بهذا الدعاء ” الباء للتقوية و ” علمنيه ” أي بعدما لقيته مشافهة علمني معاني الدعاء وكيفية قراءته (آت).

[ 548 ]

الناس ما شاء الله وإن كره الناس، حسبي الرب من المربوبين حسبي الخالق من المخلوقين حسبي الرازق من المرزوقين حسبي الذي لم يزل حسبي منذ قط (1) حسبي الله الذي لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم “. وقال: إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل: ” رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالاسلام دينا وبالقرآن كتابا وبفلان وفلان أئمة اللهم وليك فلان فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه، وعن شماله ومن فوقه ومن تحته وامدد له في عمره واجعله القائم بأمرك والمنتصر لدينك وأره ما يحب وما تقر به عينه في نفسه وذريته وفي أهله وماله وفي شيعته وفي عدوه وأرهم منه ما يحذرون وأره فيهم ما يحب وتقر به عينه واشف صدورنا وصدور قوم مؤمنين ” قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يقول إذا فرغ من صلاته: ” اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي على نفسي وما أنت أعلم به مني اللهم أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا ينقطع وأسألك الرضا بالقضاء وبركة الموت بعد العيش وبرد العيش بعد الموت ولذة المنظر إلى وجهك وشوقا إلى رؤيتك ولقائك من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهديين اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الامر والرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك وأسألك يا رب قلبا


(1) ” منذ قط ” كأن فيه تقديرا أي: منذ كنت أو خلقت وقط تأكيد. أو ” قط ” بمعنى الازل أي من ازل الا زال إلى الان أو منذ كان الدهر والزمان. وفى الفقيه هكذا ” حسبى من كان منذ كنت لم يزل حسبى، حسبى الله لا اله الا هو ” وفى مفتاح الفلاح للشيخ: ” حسبى من كان مذ كنت حسبى ” فلا تكلف فيهما.

[ 549 ]

سليما ولسانا صادقا وأستغفرك لما تعلم وأسألك خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم فإنك تعلم ولا نعلم وأنت علام الغيوب “. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن سيف ابن عميرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى يوسف وهو في السجن فقال له: يا يوسف قل في دبر كل صلاة: ” اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا و ارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب “. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عبد العزيز، عن بكر ابن محمد، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال هذه الكلمات عند كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده: اجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكل ما هو مني بالله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، واجير نفسي ومالي وولدي وكلما هو مني برب الفلق من شر ما خلق – إلى آخرها – وبرب الناس – إلى آخرها – وآية الكرسي – إلى آخرها -. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: من قال في دبر الفريضة: ” يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء أحد غيره ” – ثلاثا – ثم سأل اعطي ما سأل. 10 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن سعيد بن يسار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا صليت المغرب فأمر يدك على جبهتك وقل: ” بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم [ والغم ] والحزن ” – ثلاث مرات -. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد الجعفي، عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله


[ 550 ]

(عليه السلام) فقال: ألا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وبلاغا لوجع عينيك؟ قلت: بلى قال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: ” اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عليك (1) صل على محمد وآل محمد واجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والاخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبدا ما أبقيتني “. 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال: حدثني أبو جعفر الشامي قال: حدثني رجل بالشام يقال له: هلقام بن أبي هلقام قال: أتيت أبا إبراهيم (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا والآخرة وأوجز، فقال: قل في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس: ” سبحان الله العظيم وبحمده أستغفر الله وأسأله من فضله “. قال هلقام: لقد كنت من أسوء أهل بيتي حالا فما علمت حتى أتاني ميراث من قبل رجل ما ظننت أن بيني وبينه قرابة وإني اليوم لمن أيسر أهل بيتي وما ذلك إلا بما علمني مولاي العبد الصالح (عليه السلام). (باب الدعاء للرزق) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن القاسم بن عروة، عن أبي جميله، عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أن يعلمني دعاء للرزق، فعلمني دعاء ما رأيت أجلب منه للرزق قال: قل: ” اللهم ارزقني من فضلك الواسع الحلال الطيب، رزقا واسعا حلالا طيبا بلاغا للدنيا والآخرة، صبا صبا (2)، هنيئا مريئا، من غير كد ولا من من أحد


(1) في مجالس الشيخ وأكثر كتب الدعاء ” أن تصلى على محمد وآل محمد وأن تجعل النور – الخ ” وهو أظهر وعلى ما هنا كانه استيناف بيانى أي حقهم عليك أن تصلى عليهم واجعل النور في بصرى (آت). (2) أي كثيرا كثيرا، مصدر بمعنى الفاعل أو المفعول.

[ 551 ]

خلقك إلا سعة من فضلك الواسع فإنك قلت: ” واسألوا الله من فضله (1) ” فمن فضلك أسأل، ومن عطيتك أسأل، ومن يدك الملآء أسأل “. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن يونس، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): لقد استبطأت الرزق فغضب ثم قال لي: قل: ” اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة، يا خير مدعو ويا خير من أعطى ويا خير من سئل ويا أفضل مرتجى افعل بي كذا وكذا (2) “. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: أبطأ رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) عنه ثم أتاه فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أبطأ بك عنا؟ فقال: السقم والفقر، فقال له: أفلا اعلمك دعاء يذهب الله عنك بالسقم والفقر؟ قال: بلى يا رسول الله، فقال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله [ العلي العظيم ] توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ [ صاحبة ولا ] ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ” قال: فما لبث أن عاد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد أذهب الله عني السقم والفقر. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن زيد الشحام، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ادع في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجد ” يا خير المسؤولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك الواسع فانك ذو الفضل العظيم “. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن أبي جميلة، عن أبي بصير قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الحاجة وسألته أن يعلمني دعاء في طلب الرزق فعلمني دعاء ما احتجت منذ دعوت به، قال: قل في [ دبر ] صلاة الليل وأنت ساجد: ” ياخير مدعو ويا خير مسؤول


(1) النساء: 31. (2) يأتي بسند آخر عن يونس عن قريب.

[ 552 ]

ويا أوسع من أعطى ويا خير مرتجى ارزقني وأوسع علي من رزقك وسبب لي رزقا من قبلك، إنك على كل شئ قدير “. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي داود عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين وقد اشتدت حالي فعلمني دعاء أدعو الله عز وجل به ليرزقني ما أقضي به ديني وأستعين به على عيالي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عبد الله توضأ وأسبغ وضوءك ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود ثم قل: ” يا ماجد يا واحد يا كريم [ يا دائم ] أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله)، يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربك وربي ورب كل شئ أن تصلي على محمد وأهل بيته وأسألك نفحة كريمة من نفحاتك وفتحا يسيرا ورزقا واسعا ألم به شعثي وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي “. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي سعيد المكاري وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا الدعاء: يا رازق المقلين، (1) يا راحم المساكين، يا ولي المومنين، يا ذا القوة المتين صل على محمد و أهل بيته و ارزقني وعافني واكفني ما أهمني “. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى رجل وهو يقول: ” اللهم إني أسألك من رزقك الحلال ” فقال أبو جعفر (عليه السلام): سألت قوت النبيين قل: ” اللهم إني أسألك رزقا [ حلالا ] واسعا طيبا من رزقك “. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن


(1) رجل مقل أي فقير، وأقل أي افتقر.

[ 553 ]

أبي نصر قال: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك ادع الله عز وجل أن يرزقني الحلال فقال: أتدري ما الحلال؟ قلت: الذي عندنا الكسب الطيب، فقال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الحلال هو قوت المصطفين، ثم قال: قل: ” أسألك من رزقك الواسع “. 10 – عنه (1)، عن بعض أصحابه، عن مفضل بن مزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قل: ” اللهم أوسع علي في رزقي وامدد لي في عمري واجعل لي ممن ينتصر به لدينك ولا تستبدل بى غيري “. 11 – عنه، عن أبي إبراهيم، (عليه السلام) دعاء في الرزق: ” يا الله يا الله يا الله أسألك بحق من حقه عليك عظيم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ترزقني العمل بما علمتني من معرفة حقك وأن تبسط علي ما حظرت من رزقك ” (2). 12 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد العطار، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إنا قد استبطأنا الرزق فغضب ثم قال: قل: ” اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة فياخير من دعي ويا خير من سئل ويا خير من أعطى ويا أفضل مرتجى افعل بي كذا وكذا (3) “. 13 – أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يدعو بهذا الدعاء: ” اللهم إني أسألك حسن المعيشة معيشة أتقوى بها على جميع حوائجي وأتوصل بها في الحياة إلى آخرتي من غير أن تترفني فيها فأطغى أو تقتر بها علي فأشقى، أوسع علي من حلال رزقك وافضل علي من سيب فضلك (4) نعمة منك سابغه وعطاء غير ممنون ثم لا تشغلني عن شكر نعمتك بإكثار منها تلهيني بهجته وتفتني زهرات زهوته (5) ولا بإقلال علي منها يقصر بعملي كده و


(1) الضمير راجع إلى البرقى (2) حظرت: أي منعت وحبست. (3) تقدم بسند آخر عن يونس آنفا. (4) السيب: العطاء. (5) وزهرة الدنيا بالتسكين: غضارتها وحسنها. والزهو: المنزل الحسن والثياب الفاخرة (في).

[ 554 ]

يملاء صدري همه، أعطني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك وبلاغا أنال به رضوانك وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا وشر ما فيها، لا تجعل الدنيا علي سجنا ولا فراقها علي حزنا، أخرجني من فتنتها مرضيا عني مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان (1) ومساكن الاخيار وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية، اللهم إني أعوذ بك من أزلها (2) وزلزالها وسطوات شياطينها وسلاطينها ونكالها ومن بغي من بغى علي فيها اللهم من كادني فكده ومن أرادني فأرده وفل عني حد من نصب لي حده واطف عني نار من شب لي (3) وقوده واكفني مكر المكرة وافقأ عني عيون الكفرة واكفني هم من أدخل علي همه وادفع عني شر الحسدة واعصمني من ذلك بالسكينة وألبسني درعك الحصينة و اخبأني (4) في سترك الواقي وأصلح لي حالي وصدق قولي بفعالي وبارك لي في أهلي ومالي “. (باب) * (الدعاء للدين) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب عن جميل بن دراج، عن وليد بن صبيح قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) دينا لي على اناس، فقال: قل: ” اللهم لحظة من لحظاتك تيسر على غرمائي بها القضاء و تيسر لي بها الاقتضاء إنك على كل شئ قدير “. 2 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل فقال: يا نبي الله الغالب علي الدين ووسوسة الصدر، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): قل: ” توكلت على الحي الذي لا يموت، الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم


(1) في بعض النسخ: [ دار الخلد ]. (2) الازل: الضيق والشدة. (3) الفل: الثلم. والشب: الايقاد. (4) خبأه: ستره وفى بعض النسخ [ وأجننى ].

[ 555 ]

يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا “. قال: فصبر الرجل ما شاء الله، ثم مر على النبي (صلى الله عليه وآله) فهتف به فقال: ما صنعت؟ فقال: أدمنت ما قلت لي يا رسول الله فقضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد لقيت شدة من وسوسة الصدر وأنا رجل مدين معيل محوج (1) فقال له: كرر هذه الكلمات: ” توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا “. فلم يلبث أن جاءه فقال: أذهب الله عني وسوسة صدري وقضى عني ديني ووسع علي رزقي. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن بكر عن أبي إبراهيم، (عليه السلام) كان كتبه لي في قرطاس: ” اللهم اردد إلى جميع خلقك مظالمهم التي قبلي، صغيرها و كبيرها في يسر منك وعافية وما لم تبلغه قوتي ولم تسعه ذات يدي ولم يقو عليه بدني ويقيني ونفسي (2) فأده عني من جزيل ما عندك من فضلك ثم لا تخلف علي منه شيئا تقضيه من حسناتي، يا أرحم الراحمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وأن الدين كما شرع وأن الاسلام كما وصف وأن الكتاب كما انزل وأن القول كما حدث وأن الله هو الحق المبين ذكر الله محمدا وأهل بيته بخير وحيا محمدا وأهل بيته بالسلام “.


(1) المدين بفتح الميم: المديون. والمعيل: ذو عيال. والمحوج: المحتاج. (2) قوة اليقين بالمظلمة عبارة عن عدم التيقن بتحققها لتطرق النسيان عليها (في).

[ 556 ]

(باب) * (الدعاء للكرب والهم والحزن والخوف) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة قال: قال محمد بن علي (عليه السلام): يا أبا حمزة مالك إذا أتى بك أمر تخافه أن لا تتوجه إلى بعض زوايا بيتك – يعني القبلة فتصلي ركعتين ثم تقول: ” يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين ” سبعين مرة كلما دعوت بهذه الكلمات [ مرة ] سألت حاجة. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن ثابت، عن أسماء قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصابه هم أو غم أو كرب أو بلاء أو لاواء (1) فليقل: ” الله ربي ولا اشرك به شيئا، توكلت على الحي الذي لا يموت “. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا نزلت برجل نازلة أو شديدة أو كربه أمر فليكشف عن ركبتيه وذراعيه وليلصقهما بالارض وليلزق جؤجؤه بالارض (2) ثم ليدع بحاجته وهو ساجد. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن عمار الدهان عن مسمع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب أتاه جبرئيل (عليه السلام) فدخل عليه فقال: يا غلام ما تصنع ههنا؟ فقال: إن إخوتي ألقوني في


(1) اللاواء: الشدة في المعيشة. (2) الجؤجؤ كهدهد: الصدر.

[ 557 ]

الجب، قال: فتحب أن تخرج منه؟ قال: ذاك إلى الله عز وجل، إن شاء أخرجني قال: فقال له: إن الله تعالى يقول لك: ادعني بهذا الدعاء حتى اخرجك من الجب فقال له: وما الدعاء؟ فقال: قل: ” اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي مما أنا فيه فرجا ومخرجا ” قال: ثم كان من قصته ما ذكر الله في كتابه. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن الذي دعابه أبو عبد الله (عليه السلام) على داود بن علي حين قتل المعلى بن خنيس وأخذ مال أبي عبد الله (عليه السلام): ” اللهم إني أسألك بنورك الذي لا يطفى وبعزائمك التي لا تخفى وبعزك الذي لا ينقضي وبنعمتك التي لا تحصى وبسلطانك الذي كففت به فرعون عن موسى (عليه السلام) “. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الهم قال: تغتسل وتصلي ركعتين وتقول: ” يا فارج الهم ويا كاشف الغم يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما فرج همي واكشف غمي يا الله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، اعصمني وطهرني و اذهب ببليتي ” واقرأ آية الكرسي والمعوذتين. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا خفت أمرا فقل: ” اللهم إنك لا يكفي منك أحد وأنت تكفي من كل أحد من خلقك فاكفني كذا وكذا “. وفي حديث آخر قال: تقول: ” يا كافيا من كل شئ ولا يكفي منك شئ في السماوات والارض اكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة وصلى الله على محمد وآله “.


[ 558 ]

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): من دخل على سلطان يهابه فليقل: ” بالله أستفتح وبالله أستنجح وبمحمد (صلى الله عليه وآله) أتوجه، اللهم ذلل لي صعوبته وسهل لي حزونته فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب ” وتقول أيضا: ” حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وأمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم وأمتنع برب الفلق من شر ما خلق ولا حول ولا قوة إلا بالله “. 8 – عنه، عن عدة من أصحابنا، رفعوه، إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان من دعاء أبي (عليه السلام) في الامر يحدث: ” اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي وارحمني وزك عملي ويسر منقلبي واهد [ ء ] قلبي وآمن خوفي وعافني في عمري كله وثبت حجتي واغفر خطاياي وبيض وجهي واعصمني في ديني وسهل مطلبي ووسع علي في رزقي فإني ضعيف و تجاوز عن سيئ ما عندي بحسن ما عندك ولا تفجعني بنفسي ولا تفجع لي حميما وهب لي يا إلهي لحظة من لحظاتك، تكشف بها عني جميع ما به ابتليتني وترد بها علي ما هو أحسن عاداتك عندي، فقد ضعفت قوتي وقلت حيلتي وانقطع من خلقك رجائي ولم يبق إلا رجاؤك وتوكلي عليك وقدرتك علي يا رب إن ترحمني وتعافني كقدرتك علي إن تعذبني وتبتلني، إلهي ذكر عوائدك يونسني والرجاء لانعامك يقويني ولم أخل من نعمك منذ خلقتني وأنت ربي وسيدي ومفزعي وملجئي والحافظ لي والذاب عني والرحيم بي والمتكفل برزقي وفي قضائك وقدرتك كلما أنا فيه فليكن يا سيدي ومولاي فيما قضيت وقدرت وحتمت تعجيل خلاصي مما أنا فيه جميعه والعافيه لي فإني لا أجد لدفع ذلك أحدا غيرك ولا أعتمد فيه إلا عليك، فكن يا ذا الجلال [ والاكرام ] عند أحسن ظني بك ورجائي لك وارحم تضرعي واستكانتي وضعف ركني وامنن بذلك علي وعلى كل داع دعاك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله “. 9 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل


[ 559 ]

ابن يسار، عن بعض من رواه قال: قال (1): إذا أحزنك أمر فقل في آخر سجودك: ” يا جبرئيل يا محمد، يا جبرئيل يا محمد – تكرر ذلك – اكفياني ما أنا فيه فإنكما كافيان واحفظاني بإذن الله فإنكما حافظان “. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ابن أبي عمير، عن محمد بن أعين، عن بشير ابن مسلمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما ابالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن: ” بسم الله وبالله ومن الله و إلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إليك أسلمت نفسي وإليك وجهت وجهي وإليك ألجأت ظهري وإليك فوضت أمري، اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي (2) وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك “. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير مثله. 11 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال لي رجل أي شئ قلت حين دخلت على أبي جعفر بالربذة (3) قال: قلت: ” اللهم إنك تكفي من كل شئ ولا يكفي منك شئ فاكفني بما شئت وكيف شئت ومن حيث شئت وأنى شئت “. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي (4)، عن علي بن ميسر قال: لما قدم أبو عبد الله (عليه السلام) على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له: إذا دخل علي فاضرب عنقه، فلما دخل أبو عبد الله (عليه السلام) نظر إلى أبي جعفر و أسر شيئا فيما بينه وبين نفسه، لا يدرى ما هو، ثم أظهر: ” يا من يكفي خلقه كلهم ولا يكفيه أحد اكفني شر عبد الله بن علي ” قال: فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه و


(1) مضمر. (2) في بعض النسخ [ ما قبلى ]. (3) اريد بأبى جعفر: الخليفة العباسي المنصور الدوانيقي والربذة: الموضع الذى دفن فيه ابو ذر الغفاري رضى الله عنه. (4) في بعض النسخ [ الحسين بن على ].

[ 560 ]

صار مولاه لا يبصره، فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمد لقد عييتك في هذا الحر فانصرف فخرج أبو عبد الله (عليه السلام) من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟ فقال: لا والله ما أبصرته ولقد جاء شئ فحال بيني وبينه، فقال له أبو جعفر: والله لئن حدثت بهذا الحديث أحدا لاقتلنك. 13 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي ألا اعلمك دعاء تدعو به، إنا أهل البيت إذا كربنا أمر وتخوفنا من السلطان أمرا لا قبل لنا به ندعو به، قلت: بلى بأبي أنت وامي يا ابن رسول الله، قال: قل: يا كائنا قبل كل شئ ويا مكون كل شئ ويا باقي بعد كل شئ صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا “. 14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن علي بن مهزيار قال: كتب محمد بن حمزة الغنوي إلي يسألني أن أكتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) في دعاء يعلمه يرجو به الفرج فكتب إلي: أما ما سأل محمد بن حمزة من تعليمه دعاء يرجو به به الفرج فقل له: يلزم ” يا من يكفي من كل شئ ولا يكفي منه شئ اكفني ما أهمني مما أنا فيه ” فإني أرجو أن يكفي ما هو فيه من الغم إن شاء الله تعالى. فأعلمته ذلك فما أتى عليه إلا قليل حتى خرج من الحبس. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: لابنه يا بني من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضأ وليسبغ الوضوء ثم يصلي ركعتين أو أربع ركعات ثم يقول في آخر هن: ” يا موضع كل شكوى ويا سامع كل نجوى وشاهد كل


[ 561 ]

ملاء وعالم كل خفية ويا دافع ما يشاء من بلية، ويا خليل إبراهيم ويا نجي موسى ويا مصطفي محمد (صلى الله عليه وآله) أدعوك دعاء من اشتدت فاقته وقلت حيلته وضعفت قوته، دعاء الغريق الغريب المضطر الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين ” فانه لا يدعو به أحد إلا كشف الله عنه إن شاء الله. 16 – علي بن بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أخي سعيد عن سعيد ابن يسار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يدخلني الغم فقال: أكثر من [ أن ت‍ ] تقول: ” الله الله ربي لا اشرك به شيئا ” فإذا خفت وسوسة أو حديث نفس فقل: ” اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، عدل في حكمك، ماض في قضاؤك اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل القرآن نور بصري وربيع قلبي وجلاء حزني وذهاب همي، الله الله ربي لا اشرك به شيئا “. 17 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة الاحزاب: يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف غمي اكشف عني غمي وهمي وكربي، فإنك تعلم حالي وحال أصحابي واكفني هول عدوي. 18 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم ابن أبي إسرائيل، عن الرضا (عليه السلام) قال: خرج بجارية لنا خنازير في عنقها فأتاني آت فقال: يا علي قل لها: فلتقل: ” يا رؤوف يا رحيم با رب يا سيدي ” – تكرره – قال: فقالته فأذهب الله عز وجل عنها، قال: وقال هذا الدعاء الذي دعا به جعفر ابن سليمان. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) دعاء وأنا خلفه فقال: ” اللهم إني أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم وبعزتك


[ 562 ]

التي لا ترام وبقدرتك التي لا يمتنع منها شئ أن تفعل بي كذا وكذا ” قال: وكتب إلي رقعة بخطه قل: ” يا من علا فقهر وبطن فخبر، يا من ملك فقدر ويا من يحيى الموتى وهو على كل شئ قدير صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا ” ثم قل: ” يا لا إله إلا الله ارحمني بحق لا إله إلا الله ارحمني. وكتب إلى في رقعة اخرى يأمرني أن أقول: اللهم ادفع عني بحولك وقوتك، اللهم إني أسألك في يومي هذا وشهري هذا وعامي هذا بركاتك فيها وما ينزل فيها من عقوبة أو مكروه أو بلاء فاصرفه عني وعن ولدي بحولك وقوتك، إنك على كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحويل عافيتك ومن فجأة نقمتك ومن شر كتاب قد سبق اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت أخذ بناصيتها إنك على كل شئ قدير وإن الله قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا “. 20 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمر بن يزيد (1): ” يا حي يا قيوم، يا لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث فاكفني ما أهمني ولا تكلني إلى نفسي ” تقوله مائة مرة وأنت ساجد. 21 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم ابن حنان، عن علي بن سورة، عن سماعة قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): إذا كان لك يا سماعة إلى الله عز وجل حاجة فقل: ” اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي فإن لهما عندك شأنا من الشأن وقدرا من القدر، فبحق ذلك الشأن وبحق ذلك القدر أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا ” فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن إلا وهو يحتاج إليهما في ذلك اليوم. 22 – علي بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن أبي القاسم الكوفي عن محمد بن إسماعيل، عن معاوية بن عمار والعلاء بن سيابة وظريف بن ناصح قال:


(1) كذا مضمرا.

[ 563 ]

لما بعث أبو الدوانيق (1) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) رفع يده إلى السماء، ثم قال: ” اللهم إنك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما فاحفظني بصلاح آبائي محمد وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي، اللهم إني أدرء بك (2) في نحره وأعوذ بك من شره ” ثم قال للجمال: سر، فلما استقبله الربيع بباب أبي الدوانيق قال له: يا أبا عبد الله ما أشد باطنه عليك لقد سمعته يقول: والله لا تركت لهم نخلا إلا عقرته ولا مالا إلا نهبته ولا ذرية إلا سبيتها، قال: فهمس بشئ خفي (3) وحرك شفتيه، فلما دخل سلم وقعد فرد (عليه السلام) ثم قال: أما والله لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلا عقرته ولا مالا إلا أخذته، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أمير المؤمنين إن الله ابتلى أيوب فصبر وأعطى داود فشكر وقدر يوسف فغفر وأنت من ذلك النسل ولا يأتي ذلك النسل إلا بما يشبهه، فقال: صدقت قد عفوت عنكم، فقال له: يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله ملكه فغضب لذلك و استشاط (4) فقال: على رسلك يا أمير المؤمنين (5) إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلما قتل يزيد حسينا سلبه الله ملكه فورثه آل مروان، فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه فورثه مروان بن محمد، فلما قتل مروان إبراهيم سلبه الله ملكه فأعطاكموه فقال: صدقت هات ارفع حوائجك فقال: الاذن، فقال: هو في يدك متى شئت، فخرج فقال له الربيع: قد أمر لك بعشرة آلاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: إذن تغضبه فخذها ثم تصدق بها. 23 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أعين، عن قيس بن سلمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول: ما ابالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الجن والانس: ” بسم الله و


(1) أبو الدوانيق هو الثاني من خلفاء بنى العباس واشتهر بالدوانيقي لانه لما اراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كل واحد منهم دانق فضة واخذه وصرفه في الحفر. (2) أي أدفعك. وفى بعض النسخ [ أدرؤك ]. (3) الهمس: الصوت الخفى. (4) أي التهب غضبا. (5) الرسل بالكسر: الرفق والتؤدة.

[ 564 ]

بالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إليك اسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي وإليك ألجأت ظهري وإليك فوضت أمري، اللهم احفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي، وادفع عني بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله “. (باب) * (الدعاء للعلل والامراض) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران وابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان يقول عند العلة ” اللهم إنك عيرت أقواما فقلت: ” قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا (1) ” فيا من لا يملك كشف ضري ولا تحويله عني أحد غيره صل على محمد وآل محمد واكشف ضري وحوله إلى من يدعو معك إلها آخر لا إله غيرك “. 2 – أحمد بن محمد، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن رزين قال: مرضت بالمدينة مرضا شديدا فبلغ ذلك أبا عبد الله (عليه السلام) فكتب إلي: قد بلغني علتك فاشتر صاعا من بر ثم استلق على قفاك (2) وانثره على صدرك كيفما انتثر وقل: ” اللهم إني أسألك باسمك الذي إذا سألك به المضطر كشفت ما به من ضر ومكنت له في الارض وجعلته خليفتك على خلقك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعافيني من علتي ” ثم استو جالسا واجمع البر من حولك وقل مثل ذلك وأقسمه مدا مدا لكل مسكين وقل مثل ذلك، قال داود: ففعلت ذلك فكأنما نشطت من عقال وقد فعله غير واحد فانتفع به.


(1) الاسراء: 58. أي لا يستطيعون كشف الضر كالمرض والفقر. (2) أي نم على ظهرك.

[ 565 ]

3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اشتكى بعض ولده فقال: يا بني قل: ” اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك وعافني من بلائك فإني عبدك وابن عبدك “. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك هذا الذي قد ظهر بوجهي يزعم الناس أن الله عز وجل لم يبتل به عبدا له فيه حاجة فقال لي: لا، لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الاصابع فكان يقول هكذا – ويمد يده – ويقول: ” يا قوم اتبعوا المرسلين ” قال: ثم قال: إذا كان الثلث الاخير من الليل في أوله فتوضأ وقم إلى صلاتك التي تصليها فإذا كنت في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين فقل: وأنت ساجد: ” يا علي يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات ويا معطي الخيرات صل على محمد وآل محمد وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله واصرف عني من شر الدنيا والآخرة ما أنت أهله واذهب عني هذا الوجع وسمه فإنه قد غاظني و [ أ ] حزنني ” وألح في الدعاء. قال: فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله به عني كله. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن إسماعيل، جميعا، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: إذا رأيت الرجل مر به البلاء فقل: ” الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك و على كثير ممن خلق ” ولا تسمعه. 6 – محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمد بن عيسى، عن داود بن رزين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تضع يدك على الموضع الذي فيه الوجع و تقول ثلاث مرات: ” الله الله ربي حقا لا اشرك به شيئا، اللهم أنت لها ولكل عظيمة ففرجها عني “. 7 – عنه، عن محمد بن عيسى، عن داود، عن مفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) للاوجاع


[ 566 ]

تقول: ” بسم الله وبالله كم من نعمة لله في عرق ساكن وغير ساكن على عبد شاكر و غير شاكر ” وتأخذ لحيتك بيدك اليمني بعد صلاة مفروضة وتقول: ” اللهم فرج عني كربتي وعجل عافيتي واكشف ضري ” – ثلاث مرات – واحرص أن يكون ذلك مع دموع وبكاء. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن رجل قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فشكوت إليه وجعا بي فقال: قل: ” بسم الله ثم امسح يدك عليه وقل: أعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ بعظمة الله وأعوذ بجمع الله وأعوذ برسول الله وأعوذ بأسماء الله من شر ما أحذر ومن شر ما أخاف على نفسي ” تقولها سبع مرات، قال: ففعلت فاذهب الله وعز و جل [ بها ] الوجع عني. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان عن عون قال: أمر يدك على موضع الوجع ثم قل: ” بسم الله وبالله ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم امسح عني ما أجد ” ثم تمر يدك اليمنى وتمسح موضع الوجع – ثلاث مرات -. 10 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن أخي غرام عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تضع يدك على موضع الوجع ثم تقول: ” بسم الله وبالله [ و ] محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم امسح عني ما أجد ” وتمسح الوجع ثلاث مرات. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عيسى، عن عمه قال: قلت له: علمني دعاء أدعو به لوجع أصابني؟ قال: قل وأنت ساجد: ” يا الله يا رحمن [ يا رحيم ] يا رب الارباب وإله الآلهة ويا ملك الملوك ويا سيد السادة اشفني بشفائك من كل داء وسقم فإني عبدك أتقلب في قبضتك “. 12 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن حماد بن


[ 567 ]

عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إذا دخلت على مريض فقل: ” اعيذك بالله العظيم رب العرش العظيم من شر كل عرق نفار (1) ومن شر حر النار ” – سبع مرات -. 13 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان ابن عثمان، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا اشتكى الانسان فليقل: ” بسم الله وبالله ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله على ما يشاء من شر ما أجد “. 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن هشام الجواليقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): ” يا منزل الشفاء ومذهب الداء انزل على ما بي من داء شفاء “. 15 – محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمد بن عيسى، عن أبي إسحاق صاحب الشعير، عن حسين الخراساني وكان خبازا قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وجعا بي فقال: إذا صليت فضع يدك موضع سجودك ثم قل: ” بسم الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشفني يا شافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، شفاء من كل داء وسقم “. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مرض علي (صلوات الله عليه) فأتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: قل: ” اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك وصبرا على بليتك وخروجا إلى رحمتك “. 17 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان ينشر بهذا الدعاء (2): تضع يدك على موضع


(1) ” عرق نفار ” قال في القاموس: نفرت العين وغيرها تنفر نفورا هاجت وورمت وفى بعض النسخ [ نعار ] بالعين المهملة وفى الصحاح نعر العرق ينعر بالفتح فيهما نعرا أي فار منه الدم فهو عرق نعار ونعور. (2) في النهاية النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن به مسا من الجن، سميت نشرة لانه ينشر به عنه ما ضامره من الداء أي يكشف ويزول.

[ 568 ]

الوجع وتقول: ” أيها الوجع اسكن بسكينة الله وقر بوقار الله وانحجز بحاجز الله و اهدأ بهداء الله (1) اعيذك أيها الانسان بما أعاذ الله عز وجل به عرشه وملائكته يوم الرجفة والزلازل (2) ” تقول ذلك سبع مرات ولا أقل من الثلاث. 18 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمار بن المبارك، عن عون بن سعد مولى الجعفري، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تضع يدك على موضع الوجع وتقول: ” اللهم إني أسألك بحق القرآن العظيم الذي نزل به الروح الامين وهو عندك في ام الكتاب علي حكيم أن تشفيني بشفائك و تداويني بدوائك وتعافيني من بلائك ” – ثلاث مرات – وتصلي على محمد وآله. 19 – أحمد بن محمد، عن العوفي، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: عرض بي وجع في ركبتي، فشكوت ذلك إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إذا أنت صليت فقل: ” يا أجود من أعطى ويا خير من سئل ويا أرحم من استرحم، ارحم ضعفي وقلة حيلتي وعافني من وجعي ” قال: ففعلته فعوفيت. (باب) * (الحرز والعوذة) * 1 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن ابن المنذر قال: ذكرت عند أبي عبد الله (عليه السلام) الوحشة، فقال: ألا اخبركم بشئ إذا قلتموه لم تستوحشوا بليل ولا نهار: ” بسم الله وبالله وتوكلت على الله وإنه من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، اللهم اجعلني في كنفك و


(1) هدأ كمنع: سكن. (2) ” يوم الرجفة ” أي في بدء الخلق ويحتمل القيامة (آت).

[ 569 ]

في جوارك واجعلني في أمانك وفي منعك ” فقال: بلغنا أن رجلا قالها ثلاثين سنة و تركها ليلة فلسعته عقرب. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن يونس بن يعقوب عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” قل أعوذ بعزة الله وأعوذ بقدرة الله وأعوذ بجلال الله وأعوذ بعظمة الله وأعوذ بعفو الله وأعوذ بمغفرة الله وأعوذ برحمة الله وأعوذ بسلطان الله الذي هو على كل شئ قدير وأعوذ بكرم الله وأعوذ بجمع الله من شر كل جبار عنيد وكل شيطان مريد وشر كل قريب أو بعيد أو ضعيف أو شديد ومن شر السامة والهامة والعامة (1) ومن شر كل دابة صغيرة أو كبيرة بليل أو نهار ومن شر فساق العرب والعجم ومن شر فسقة الجن والانس “. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه عن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): رقى النبي (صلى الله عليه وآله) حسنا وحسينا فقال: ” اعيذكما بكلمات الله التامات وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة ومن شر كل عين لامة (2) ومن شر حاسد إذا حسد ” ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلينا فقال: هكذا كان يعوذ إبراهيم إسماعيل وإسحاق (عليهم السلام). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن بكير، عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل: ” بسم الله وبالله والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا والحمد لله الذي يصف ولا يوصف ويعلم ولا يعلم يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وأعوذ بوجه الله الكريم وباسم الله العظيم من شر


(1) السامة ذات السم. والهامة واحدة الهوام ولا يقع هذا الاسم الا على المخوف والمراد بالعامة سنة القحط. (2) العين اللامة التى تصيب بسوء.

[ 570 ]

ما بر أو ذرأ ومن شر ما تحت الثرى ومن شر ما بطن وظهر ومن شر ما وصفت و ما لم أصف والحمد لله رب العالمين ” ذكر أنها أمان من كل سبع ومن الشيطان الرجيم وذريته وكل ما عض أو لسع ولا يخاف صاحبها إذا تكلم بها لصا ولا غولا قال: قلت له: إني صاحب صيد السبع وأنا أبيت في الليل الخرابات وأتوحش فقال لي: قل إذا دخلت: ” بسم الله أدخل ” وأدخل رجلك اليمنى وإذا خرجت فأخرج رجلك اليسرى وسم الله فإنك لا ترى مكروها. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن قتيبة الاعشى قال: علمني أبو عبد الله (عليه السلام) قال: قل: ” بسم الله الجليل اعيذ فلانا بالله العظيم من الهامة والسامة واللامة والعامة ومن الجن والانس ومن العرب والعجم ومن نفثهم (1) وبغيهم ونفخهم وبآية الكرسي ” ثم تقرأها ثم تقول في الثانية: ” بسم الله اعيذ فلانا بالله الجليل… ” – حتى تأتي عليه – (2). 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إني أخاف العقارب، فقال: انظر إلى بنات نعش الكواكب الثلاثة الوسطى منها بجنبه كوكب صغير قريب منه تسميه العرب ” السها ” ونحن نسميه ” أسلم ” أحد النظر إليه كل ليلة وقل ثلاث مرات: ” اللهم رب أسلم (3) صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسلمنا ” قال: إسحاق فما تركته منذ دهري إلا مرة واحدة فضربتني العقرب. 7 – أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن أبي جميلة، عن سعد الاسكاف قال: سمعته يقول: من قال هذه الكلمات فأنا ضامن له ألا يصيبه عقرب ولا هامة


(1) أي من سحرهم: والنفث شبه النفخ والنفاثات في العقد: السواحر. (2) أي إلى أن يتم الدعاء. (3) في بعض النسخ [ اللهم يا رب أسلم ].

[ 571 ]

حتى يصبح: ” أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ ومن شر ما برأ ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزه عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض مغازيه إذا شكوا إليه البراغيث أنها تؤذيهم فقال: إذا أخذ أحدكم مضجعه فليقل: أيها الاسود الوثاب الذي لا يبالي غلقا ولا بابا عزمت عليك بام الكتاب (1) ألا تؤذيني وأصحابي إلى أن يذهب الليل ويجئ الصبح بما جاء ” – والذي نعرفه – إلى أن يؤوب الصبح متى ما آب (2). 9 – علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا لقيت السبع فقل: ” أعوذ برب دانيال والجب من شر كل أسد مستأسد ” (3). 10 – محمد بن جعفر أبو العباس، عن محمد بن عيسى، عن صالح بن سعيد، عن إبراهيم


(1) أي أقسمت عليك. (2) ” والذى نعرفه ” هذا كلام الراوى أي على بن الحكم يقول: المشهور بيننا هذه العبارة مكان ” إلى أن يذهب الليل – الخ ” لكن هذه الرواية هكذا جاءت وقيل: هو كلام أبى حمزة اعتراضا على الامام (عليه السلام) لكونه واقفيا بناء على أن المراد بابى الحسن، الرضا (عليه السلام) ولا يخفى ما فيه (آت). (3) تفسير هذا الحديث فيما رواه صاحب التهذيب (ره) في أماليه عن أبى عبد الله (عليه السلام) أنه قال: من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، إن دانيال (عليه السلام) كان في زمن ملك جبار عات [ بخت نصر ] أخذه فطرحه في جب وطرح معه السباع فلم تدنوا منه ولم تخرجه فأوحى الله عز وجل إلى نبى من انبيائه أن ائت دانيال بطعام، قال: يا رب واين دانيال؟ قال تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فانه يدلك إليه، فأتت به الضبع إلى ذلك الجب فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام فقال دانيال الحمد لله الذى لا ينسى من ذكره والحمد لله الذى لا يخيب من دعاه الحمد لله الذى من توكل عليه كفاه الحمد لله الذى من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذى يجزى بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا وبالصبر نجاة. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله أبى الا أن يجعل ارزاق المتقين من حيث لا يحتسبون وأن لا يقبل لاوليائه شهادة في دولة الظالمين (في). وأسد مستأسد أي قوى مجترى، ويقال: أسد وأستأسد إذا اجترأ. وتأسد النبت قوى والتف.

[ 572 ]

ابن محمد بن هارون أنه كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) يسأله عوذة للرياح التي تعرض للصبيان فكتب إليه بخطه بهاتين العوذتين وزعم صالح أنه أنفدهما إلى إبراهيم بخطه: ” الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولا رب لي إلا الله، له الملك وله الحمد لا شريك له سبحان الله، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، اللهم ذا الجلال والاكرام، رب موسى وعيسى وإبراهيم الذي وفى، إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط، لا إله إلا أنت سبحانك مع ما عددت من آياتك وبعظمتك وبما سألك به النبيون وبأنك رب الناس كنت قبل كل شئ وأنت بعد كل شئ، أسألك باسمك الذي تمسك به السماوات أن تقع على الارض إلا بإذنك وبكلماتك التامات التي تحيي به الموتى أن تجير عبدك فلانا من شر ما ينزل من السماء وما يعرج إليها (1) وما يخرج من الارض وما يلج فيها وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ” وكتب إليه أيضا بخطه: ” بسم الله وبالله وإلى الله وكما شاء الله واعيذه بعزة الله وجبروت الله وقدرة الله وملكوت الله، هذا الكتاب من الله شفاء لفلان بن فلان، [ ابن ] عبدك وابن أمتك عبدي الله صلى الله على محمد وآله ” (2) 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا لقيت السبع فاقرأ في وجهه آية الكرسي وقل له: ” عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة محمد (صلى الله عليه وآله) وعزيمة سليمان بن داود (عليهما السلام) وعزيمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والائمه الطاهرين من بعده ” فإنه ينصرف عنك إن شاء الله. قال: فخرجت فإذا السبع قد اعترض فعزمت عليه وقلت له: إلا تنحيت عن طريقنا ولم تؤذينا، قال: فنظرت إليه قد طاطأ [ ب‍ ] رأسه وأدخل ذنبه بين رجليه وانصرف.


(1) في بعض النسخ [ وما يعرج فيها ]. (2) في بعض النسخ [ وصلى الله على رسول الله وآله ].

[ 573 ]

12 – عنه، عن جعفر بن محمد، عن يونس (1)، عن بعض أصحابنا، عن أبي الجارود عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في دبر الفريضة: ” أستودع الله العظيم الجليل نفسي و أهلي وولدي ومن يعنيني أمره (2) وأستودع الله المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كل شئ نفسي وأهلي ومالي وولدي ومن يعنيني أمره ” حف بجناح من أجنحة جبرئيل (عليه السلام) وحفظ في نفسه وأهله وماله. 13 – عنه، رفعه (3) قال: من بات في دار وبيت وحده فليقرأ آية الكرسي وليقل: ” اللهم آنس وحشتي وآمن روعتي وأعني على وحدتي “. 14 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن يزيد بن مرة، عن بكير قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة (4) أو بلية؟ فقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” فإن الله عز وجل يصرف بها عنك ما يشاء من أنواع البلاء. (باب) * (الدعاء عند قراءة القرآن) * 1 – قال (5) كان أبو عبد الله (عليه السلام) يدعو عند قراءة كتاب الله عز وجل: ” اللهم ربنا لك الحمد أنت المتوحد بالقدرة والسلطان المتين ولك الحمد أنت المتعالي بالعز والكبرياء وفوق السماوات والعرش العظيم (6) ربنا ولك الحمد أنت المكتفي بعلمك


(1) في بعض النسخ [ جعفر بن محمد بن يونس ] (2) أي يهمنى ويشغلني شأنه. (3) كذا مرفوعا. (4) الورطة: الهلكة وكل امر تعسر منه النجاة. (5) مرسل. (6) أي حال كونك مستوليا ومتسلطا على السماوات والعرش.

[ 574 ]

والمحتاج إليك كل ذي علم، ربنا ولك الحمد يا منزل الآيات والذكر العظيم ربنا فلك الحمد بما علمتنا من الحكمة والقرآن العظيم المبين، اللهم أنت علمتناه قبل رغبتنا في تعليمه واختصصتنا به قبل رغبتنا بنفعه، اللهم فإذا كان ذلك منا منك وفضلا وجودا ولطفا بنا ورحمة لنا وامتنانا علينا من غير حولنا ولا حيلتنا ولا قوتنا اللهم فحبب إلينا حسن تلاوته وحفظ آياتة وإيمانا بمتشابهه وعملا بمحكمه وسببا في تأويله وهدى في تدبيره وبصيرة بنوره، اللهم وكما أنزلته شفاء لاوليائك وشقاء على أعدائك وعمى على أهل معصيتك ونورا لاهل طاعتك (1)، اللهم فاجعله لنا حصنا من عذابك وحرزا من غضبك وحاجزا عن معصيتك وعصمة من سخطك ودليلا على طاعتك ونورا يوم نلقاك (2) نستضئ به في خلقك ونجوز به [ على ] صراطك ونهتدي به إلى جنتك، اللهم إنا نعوذ بك من الشقوة في حمله والعمى عن عمله (3) والجور عن حكمه والعلو (4) عن قصده والتقصير دون حقه، اللهم احمل عنا ثقله وأوجب لنا أجره و أوزعنا شكره (5) واجعلنا نراعيه ونحفظه، اللهم اجعلنا نتبع حلاله ونجتنب حرامه ونقيم حدوده ونؤدي فرائضه، اللهم ارزقنا حلاوة في تلاوته ونشاطا في قيامه (6) ووجلا في ترتيله (7) وقوة في استعماله في آناء الليل و [ أطراف ] النهار، اللهم و اشفنا من النوم باليسير (8) وأيقظنا في ساعة الليل من رقاد الراقدين ونبهنا عند الاحايين التي يستجاب فيها الدعاء من سنة الوسنانين (9) اللهم اجعل لقلوبنا ذكاء


(1) في بعض النسخ [ وسبيلا لاهل طاعتك ]. (2) في بعض النسخ [ يوم القيامة ]. (3) في بعض النسخ [ عن علمه ]. (4) في بعض النسخ [ والغلق ]. (5) أوزعنا أي ألهمنا. (6) أي في القيام بتلاوته أو في القيام به للصلاة. (7) الترتيل: التأني في القرآن والتمهل وتبيين الحروف والحركات. (8) في بعض النسخ [ اسقنا ] وعلى هذا شبه السهر بالعطش والنوم بالماء فاستعير له السقى ثم ضمن السقى معنى الاقناع والارضاء فعدى بالباء. (9) الاحايين جمع الاحيان جمع حين وهو وقت مبهم يصلح لجميع الازمان طال أو قصر و في النهاية الوسنان الذى ليس بمستغرق في نومه. والوسن أول النوم.

[ 575 ]

عند عجائبه التي لا تنقضي ولذاذة عند ترديده وعبرة عند ترجيعه ونفعا بينا عند استفهامه، اللهم إنا نعوذ بك من تخلفه في قلوبنا وتوسده عند رقادنا (1) ونبذه وراء ظهورنا ونعوذ بك من قساوه قلوبنا لما به وعظتنا، اللهم انفعنا بما صرفت فيه من الآيات وذكرنا بما ضربت فيه من المثلات (2) وكفر عنا بتأويله السيئات وضاعف لنا به جزاء في الحسنات وارفعنا به ثوابا في الدرجات ولقنا به البشرى بعد الممات اللهم اجعله لنا زادا تقوينا به في الموقف بين يديك وطريقا واضحا نسلك به إليك وعلما نافعا نشكر به نعماءك و تخشعا صادقا نسبح به أسماءك، فإنك اتخذت به علينا حجة قطعت به عذرنا و اصطنعت به عندنا نعمة قصر عنها شكرنا، اللهم اجعله لنا وليا يثبتنا من الزلل ودليلا يهدينا لصالح العمل وعونا هاديا يقومنا من الميل (3) وعونا يقوينا من الملل حتى يبلغ بنا أفضل الامل (4) اللهم اجعله لنا شافعا يوم اللقاء وسلاحا يوم الارتقاء وحجيجا يوم القضاء ونورا يوم الظلماء يوم لا أرض ولا سماء يوم يجزى كل ساع بما سعى، اللهم اجعله لنا ريا يوم الظمأ وفوزا يوم الجزاء من نار حامية، قليلة البقيا (5) على من بها اصطلى و بحرها تلظى، اللهم اجعله لنا برهانا على رؤوس الملاء يوم يجمع فيه أهل الارض وأهل السماء، اللهم ارزقنا منازل الشهداء وعيش السعداء ومرافقة الانبياء إنك سميع الدعاء “.


(1) لعل المراد من أن يتخلف عن قلوبنا أي يتأخر فيقدم عليه شيئا أو يتخلف في قلوبنا فلا يظهر أثره على أعضائنا وجوارحنا. وقوله: ” وتوسده عند رقادنا ” أي من أن ينام عنه بالليل غير متهجدين به بأن يكون متوسدا معنا أو من أن نمتهنه ونطرحه عند منامنا غير مبجلين. (2) في بعض النسخ [ من الامثال ]. (3) الميل بالتحريك ما كان خلقة. (4) في بعض النسخ [ أفضل العمل ]. (5) البقيا بالضم فالسكون: الرحمة والشفقة من أبقيت عليه إبقاء رحمته وأشفقت عليه (لح).

[ 576 ]

(باب) * (الدعاء في حفظ القرآن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عمن ذكره، عن عبد الله ابن سنان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تقول: ” اللهم إنى أسألك ولم يسأل العباد مثلك أسألك بحق محمد نبيك ورسولك وإبراهيم خليلك وصفيك وموسى كليمك ونجيك وعيس كلمتك وروحك وأسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وقرآن محمد (صلى الله عليه وآله) وبكل وحي أوحيته وقضاء أمضيته وحق قضيته وغنى أغنيته وضال هديته وسائل أعطيته وأسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم وباسمك الذي وضعته على النهار فاستنار وباسمك الذي وضعته على الارض فاستقرت ودعمت به السماوات (1) فاستقلت ووضعته على الجبال فرست (2) وباسمك الذي بثثت به الارزاق وأسألك باسمك الذي تحيي به الموتى وأسألك بمعاقد العز (3) من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ترزقني حفظ القرآن وأصناف العلم وأن تثبتها في قلبي وسمعي وبصري وأن تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي وتستعمل بها ليلي ونهاري برحمتك وقدرتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يا حي يا قيوم ” قال: وفي حديث آخر زيادة: ” وأسألك باسمك الذي دعاك به عبادك الذين استجبت لهم وأنبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم وأسألك بكل اسم أنزلته في كتبك وباسمك الذي استقر به عرشك وباسمك الواحد الاحد الفرد الوتر المتعال الذي يملا الاركان كلها، الطاهر الطهر المبارك المقدس الحي


(1) دعمه كمنعه: أقامه. (2) أي ثبتت. رسى في المشى يرسو ثبت. (3) أي الخصال التى تستحق بها العرش العز أو بموضع انعقادها منه وحقيقة معناه بعز عرشك.

[ 577 ]

القيوم نور السماوات والارض الرحمن الرحيم الكبير المتعال وكتابك المنزل بالحق وكلماتك التامات ونورك التام وبعظمتك وأركانك (1) ” وقال في حديث آخر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: من أراد أن يوعيه الله عز وجل القرآن والعلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف بعسل ماذي (2) ثم يغسله بماء المطر قبل أن يمس الارض ويشربه ثلاثة أيام على الريق فإنه يحفظ ذلك إن شاء الله. 2 – عنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اعلمك دعاء لا تنسى القرآن: ” اللهم ارحمني (3) بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني وارحمني من تكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عني وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم نور بكتابك بصري واشرح به صدري وفرح به قلبي واطلق به لساني واستعمل به بدني وقوني على ذلك وأعني عليه، إنه لا معين عليه إلا أنت، لا إله إلا أنت “. قال: ورواه بعض أصحابنا، عن وليد بن صبيح، عن حفص الاعور، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (باب) * (دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والاخرة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن عبد الله بن جندب، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قل: ” اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك ولا تشقني بنشطي لمعاصيك وخر لي في قضائك وبارك [ لي ] في


(1) أي أركان العرش أو أركان الخلق أي السماوات والارضين وغيرهما وهو إما كناية عن عظمة الاسم تشبيها للمعقول بالمحسوس أو المراد أنه يملا آثاره الاركان وتحيط بجميع الخلق والله يعلم (آت). (2) العسل الماذى: العسل الابيض. (3) في بعض النسخ [ اللهم احفظني ].

[ 578 ]

قدرك حتى لا احب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت واجعل غناي في نفسي ومتعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارثين مني وانصرني على من ظلمني وأرني فيه قدرتك يا رب وأقر بذلك عيني “. 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سليمان الجصاص، عن إبراهيم بن ميمون قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ” اللهم أعني على هول يوم القيامة وأخرجني من الدنيا سالما وزوجني من الحور العين واكفني مؤونتي ومؤونة عيالي ومؤونة الناس وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين “. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قل: ” اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل سوء أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في اموري كلها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة “. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، جميعا، عن علي بن زياد قال: كتب علي بن بصير (1) يسأله أن يكتب له في اسفل كتابه دعاء يعلمه إياه يدعو به فيعصم به من الذنوب جامعا للدنيا والآخرة فكتب (عليه السلام) بخطه: ” بسم الله الرحمن الرحيم، يا من أظهر الجميل وستر القبيح ولم يهتك الستر عني، يا كريم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح، يا عظيم المن يا مبتدءا كل نعمة قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه يا مولاه يا غياثاه صل على محمد وآل محمد وأسألك أن لا تجعلني في النار ” ثم تسأل ما بدا لك. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي وأبي طالب عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” اللهم أنت ثقتي في كل كربة وأنت رجائي


(1) في بعض النسخ [ على بن نصير ].

[ 579 ]

في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة (1) ويخذل عنه القريب والبعيد ويشمت به العدو وتعنيني فيه الامور أنزلته بك وشكوته إليك، راغبا فيه عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ومنتهى كل رغبة، فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا “. 6 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن عيسى بن عبد الله القمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قل: ” اللهم إني أسألك بجلالك وجمالك وكرمك أن تفعل بي كذا وكذا “. 7 – عنه، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال لي: أكثر من أن تقول: ” [ اللهم ] لا تجعلني من المعارين (2) ولا تخرجني من التقصير ” قال: قلت: أما المعارين فقد عرفت فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ قال: كل عمل تعمله تريد به وجه الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله عز وجل مقصرون. 8 – عنه، عن ابن محبوب، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أعين قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لقد غفر الله عز وجل لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما، قال: ” اللهم إن تعذبني فأهل لذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل لذلك أنت ” فغفر الله له. 9 – عنه، عن يحيى بن المبارك، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمه، عن الرضا (عليه السلام) قال: ” يا من دلني على نفسه وذلل قلبي بتصديقه، أسألك الامن والايمان في الدنيا والآخرة “. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت علي بن الحسين (عليهما السلام) في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام


(1) في بعض النسخ [ تفل ] بالفاء. (2) أي لا تجعلني من الذين يكون ايمانهم عندهم معارا.

[ 580 ]

حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك: ” يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي؟ أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طال ما عاديتهم فيك ” (1). 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن بعض أصحابنا عن داود الرقي قال: إني كنت أسمع أبا عبد الله (عليه السلام) أكثر ما يلح به في الدعاء على الله بحق الخمسة يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم). 12 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن إبراهيم الكرخي قال: علمنا أبو عبد الله (عليه السلام) دعاء وأمرنا أن ندعو به يوم الجمعة: ” اللهم إني تعمدت إليك بحاجتي وأنزلت بك اليوم فقري ومسكنتي، فأنا [ اليوم ] لمغفرتك أرجا مني لعملي ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي فتول قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها وتيسير ذلك عليك ولفقري إليك فإني لم اصب خيرا قط إلا منك ولم يصرف عني أحد شرا قط غيرك وليس أرجو لآخرتي ودنياي سواك ولا ليوم فقري [ و ] يوم يفردني الناس في حفرتي وافضي إليك يا رب بفقري (2). 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عطية، عن زيد بن الصائغ قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ادع الله لنا، فقال: ” اللهم ارزقهم صدق الحديث وأداء والامانة والمحافظة على الصلوات، اللهم إنهم أحق خلقك أن تفعله بهم اللهم وافعله بهم “. 14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: كان امير المؤمنين


(1) الواو في قوله: ” تعذبني وحبك في قلبى ” للحال والاستفهام للانكار. (2) ” أفضى إليك ” في بعض النسخ بالقاف ويقال: قضى إليه أنها به وأعلمه.

[ 581 ]

(صلوات الله عليه) يقول: ” اللهم من علي بالتوكل عليك والتفويض إليك والرضا بقدرك والتسليم لامرك، حتى لا احب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا رب العالمين “. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سجيم، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وهو رافع يده إلى السماء: ” رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، لا اقل من ذلك ولا أكثر ” قال: فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته (1)، ثم أقبل علي فقال: يا ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين فأحدث ذلك الذنب (2) قلت فبلغ به كفرا – أصلحك الله -؟ قال: لا ولكن الموت على تلك الحال هلاك. 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد رفعه قال: أتى جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: إن ربك يقول لك: إذا اردت أن تعبدني يوما وليلة حق عبادتي فارفع يديك إلي وقل: ” اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيئتك ولك الحمد حمدا لا جزاء لقائله إلا رضاك، اللهم لك الحمد كله ولك المن كله ولك الفخر كله ولك البهاء كله ولك النور كله ولك العزة كلها ولك الجبروت كلها ولك العظمة كلها ولك الدنيا كلها ولك الآخرة كلها ولك الليل والنهار كله ولك الخلق كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الامر كله علانيته وسره، اللهم لك الحمد حمدا أبدا، أنت حسن البلاء، جليل الثناء، سابغ النعماء، عدل القضاء، جزيل العطاء، حسن الآلاء إله [ من ] في الارض وإله [ من ] في السماء، اللهم لك الحمد في السبع الشداد ولك الحمد في الارض المهاد ولك الحمد طاقة العباد ولك الحمد سعة البلاد


(1) تحدر أي تنزل. (2) أي ترك الاولى. وهو ضلالة بالنسبة إلى الانبياء والاوصياء وموجب لنقصان درجتهم (عليهم السلام) (لح).

[ 582 ]

ولك الحمد في الجبال الاوتاد ولك الحمد في الليل إذا يغشى ولك الحمد في النهار إذا تجلى ولك الحمد في الآخرة والاولى ولك الحمد في المثاني والقرآن العظيم وسبحان الله وبحمده و الارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون، سبحان الله وبحمده كل، شئ هالك إلا وجهه، سبحانك ربنا وتعاليت و تباركت وتقدست خلقت كل شئ بقدرتك وقهرت كل شئ بعزتك وعلوت فوق كل شئ بارتفاعك وغلبت كل شئ بقوتك وابتدعت كل شئ بحكمتك وعلمك وبعثت الرسل بكتبك وهديت الصالحين بإذنك وأيدت المؤمنين بنصرك وقهرت الخلق بسلطانك، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لا نعبد غيرك ولا نسأل إلا إياك ولا نرغب إلا إليك، أنت موضع شكوانا ومنتهى رغبتنا و إلهنا ومليكنا “. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال [ لي ] أبو عبد الله (عليه السلام) ابتداء منه: يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فشكى الابطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له: أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة؟ فقال له الرجل: ما هو؟ قال: قل: ” اللهم إني أسألك باسمك العظيم الاعظم الاجل الاكرم المخزون المكنون النور الحق البرهان المبين الذي هو نور مع نور ونور من نور ونور في نور ونور على نور ونور فوق كل نور ونور يضيئ به كل ظلمة ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد وكل جبار عنيد، لا تقربه أرض (1) ولا تقوم به سماء ويأمن به كل خائف ويبطل به سحر كل ساحر وبغي كل باغ وحسد كل حاسد ويتصدع لعظمته البر والبحر ويستقل به الفلك حين (2) يتكلم به الملك فلا يكون للموج عليه سبيل وهو


(1) قال السيد الداماد (ره): الجار والمجرور في ” لا تقر به أرض ولا تقوم به سماء ” غير متعلق بالفعل المذكور بل بفعل آخر مقدر والتقدير إذا دعيت به لا تقر أرض وإذا دعيت به لا تقوم سماء. أو الباء بمعنى مع أي لا تقر معه أرض ولا تقوم معه سماء واما ” لا تقوم له ” باللام موضع الباء فمعناه لا تنهض لمقاومته ومعارضة سماء. (2) في بعض النسخ [ ويستقر به الفلك ] ويمكن أن يقرأ الفلك بفتحتين أو بضم الفاء وسكون اللام بمعنى السفينة وهى الاصح. وفى بعض النسخ [ حتى يتكلم ].

[ 583 ]

اسمك الاعظم الاعظم الاجل الاجل النور الاكبر الذي سميت به نفسك واستويت به على عرشك وأتوجه إليك بمحمد وأهل بيته أسألك بك وبهم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا “. 18 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد عن عمرو بن أبي المقدام قال: أملا علي هذا الدعاء أبو عبد الله (عليه السلام) وهو جامع للدنيا والآخرة، تقول بعد حمد الله والثناء عليه: ” اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم وأنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد القهار وأنت الله لا إله إلا أنت الملك الجبار وأنت الله لا إله إلا أنت الرحيم الغفار وأنت الله لا إله إلا أنت شديد المحال وأنت الله لا إله إلا أنت الكبير المتعال وأنت الله لا إله إلا أنت السميع البصير وأنت الله لا إله إلا أنت المنيع القدير وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الشكور وأنت الله لا إله إلا أنت الحميد المجيد وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الودود وأنت الله لا إله إلا أنت الحنان المنان وأنت الله لا إله إلا أنت الحليم الديان وأنت الله لا إله إلا أنت الجواد الماجد وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الاحد وأنت الله لا إله إلا أنت الغائب الشاهد وأنت الله لا إله إلا أنت الظاهر الباطن وأنت الله لا إله إلا أنت بكل شئ عليم تم نورك فهديت وبسطت يدك فأعطيت، ربنا وجهك أكرم الوجوه وجهتك خير الجهات وعطيتك أفضل العطايا وأهنأها تطاع ربنا فتشكر وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر [ ين ] وتكشف السوء وتقبل التوبة وتعفو عن الذنوب (1) لا تجازى أياديك ولا تحصى نعمك ولا يبلغ مدحتك قول قائل، اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وروحهم وراحتهم وسرورهم


(1) في بعض النسخ [ تغفر عن الذنب ] وفى بعضها [ عن الذنوب ].

[ 584 ]

وأذقني طعم فرجهم وأهلك أعداءهم من الجن والانس وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واجعلنا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون واجعلني من الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وبارك لي في المحيا والممات والموقف والنشور والحساب والميزان وأهوال يوم القيامة وسلمني على الصراط واجزني عليه وارزقني علما نافعا ويقينا صادقا وتقى وبرا وورعا وخوفا منك وفرقا (1) يبلغني منك زلفى ولا يباعدني عنك وأحببني ولا تبغضني وتولني ولا تخذلني وأعطني من جميع خير الدنيا والآخرة ما علمت منه وما لم أعلم وأجرني من السوء كله بحذافيره ما علمت منه وما لم أعلم ” (2). 19 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إلا تخصني بدعاء؟ قال: بلى قال: قل: ” يا واحد يا ماجد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد يا عزيز يا كريم يا حنان يا منان يا سامع الدعوات يا أجود من سئل ويا خير من أعطى يا الله يا الله يا الله قلت: ولقد نادينا نوح فلنعم المجيبون ” ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ” [ نعم ] لنعم المجيب أنت ونعم المدعو ونعم المسؤول أسألك بنور وجهك وأسألك بعزتك وقدرتك وجبروتك وأسألك بملكوتك ودرعك الحصينة وبجمعك وأركانك كلها وبحق محمد وبحق الاوصياء بعد محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا “. 20 – عنه، عن بعض أصحابه، عن حسين بن عمارة، عن حسين بن ابي سعيد المكاري وجهم بن أبي جهيمة، عن أبي جعفر – رجل من أهل الكوفة كان يعرف بكنيته – قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): علمني دعاء أدعو به فقال: نعم قل: ” يا من أرجوه لكل


(1) الفرق بالتحريك: الخوف والفزع. (2) حذافير الشئ أعاليه ونواحيه يقال اعطاه الدنيا بحذافيرها أي باسرها وهو جمع حذفار.

[ 585 ]

خير ويا من آمن سخطه (1) عند كل عثرة ويا من يعطي بالقليل الكثير، يا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة، يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه صل على محمد وآل محمد وأعطني بمسألتي من جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة فإنه غير منقوص ما أعطيتني وزدني من سعة فضلك يا كريم “. 21 – وعنه، رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) أنه علم أخاه عبد الله بن علي هذا الدعاء: ” اللهم ارفع ظني صاعدا ولا تطمع في عدوا ولا حاسدا واحفظني قائما و قاعدا ويقظانا وراقدا، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني سبيلك الاقوم وقني حر جهنم واحطط عني المغرم والمأثم واجعلني من خير خيار العالم (2) “. 22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى وهارون بن خارجه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ” ارحمني مما لا طاقة لي به ولا صبر لي عليه “. 23 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن حفص، عن محمد بن مسلم قال: قلت له: علمني دعاء فقال: فأين أنت عن دعاء الالحاح، قال: وما دعاء الالحاح؟ فقال: ” اللهم رب السماوات السبع وما بينهن ورب العرش العظيم ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ورب القرآن العظيم ورب محمد خاتم النبيين، إني أسألك بالذي (3) تقوم به السماء وبه تقوم الارض وبه تفرق بين الجمع وبه تجمع بين المتفرق وبه ترزق الاحياء وبه أحصيت عدد الرمال ووزن الجبال وكيل البحور ” ثم تصلي على محمد وآل محمد، ثم تسأله حاجتك وألح في الطلب. 24 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن كرام، عن ابن


(1) ” سخطه ” لعله محمول على السخط الذى يوجب الخلود في النار أو المراد بالامن رجاء العفو أو محض العثرة بالصغائر (آت). (2) المغرم مصدر وضع موضع الاسم وقيل به مغرم الذنوب وقيل: المغرم كالغرم وهو الدين بفتح الدال. والمأثم: الامر الذى يأثم به الانسان وهو الاثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم (لح). (3) كذا، أي باسمك الذى أو باسم الذى.

[ 586 ]

ابي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقول: ” اللهم املا قلبي حبا لك وخشية منك وتصديقا وإيمانا بك وفرقا منك (1) وشوقا إليك يا ذاالجلال والاكرام اللهم حبب إلي لقاءك واجعل لي في لقائك خير الرحمة والبر كة وألحقني بالصالحين ولا تؤخرني (2) مع الاشرار وألحقني بصالح من مضى واجعلني مع صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم ولا تردني في سوء استنقذتني منه يا رب العالمين، أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك، تحييني وتميتني عليه وتبعثني عليه إذا بعثتني وابرأ قلبي من الرياء والسمعة والشك في دينك اللهم اعطني نصرا في دينك وقوة في عبادتك وفهما في خلقك (3) وكفلين من رحمتك وبيض وجهي بنورك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني في سبيلك على ملتك وملة رسولك، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والجبن والبخل والغفلة والقسوة والفترة والمسكنة وأعوذ بك يا رب من نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع ومن صلاة لا تنفع واعيذ بك نفسي وأهلي وذريتي من الشيطان الرجيم، اللهم إنه لا يجيرني منك أحد ولا أجد من دونك ملتحدا فلا تخذلني ولا تردني في هلكة ولا تردني بعذاب، أسألك الثبات على دينك والتصديق بكتابك و اتباع رسولك، اللهم اذكرني برحمتك ولا تذكرني بخطيئتي وتقبل مني وزدني من فضلك إني إليك راغب، اللهم اجعل ثواب منطقي وثواب مجلسي رضاك عني واجعل عملي ودعائي خالصا لك واجعل ثوابي الجنة برحمتك واجمع لي جميع ما سألتك وزدني من فضلك إني إليك راغب، اللهم غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم، لا يواري منك ليل ساج ولا سماء ذات أبراج ولا أرض ذات مهاد (4)


(1) الفرق – محركة -: الخوف. (2) في بعض النسخ [ تخزني ]. (3) في بعض النسخ [ في حلمك ]. (4) ” ليل ساج ” بالسين المهملة وآخره جيم: اسم فاعل من سجى يعنى ركد واستقر والمراد ليل راكد ظلامه مستقر قد بلغ غايته. والمهاد: جمع مهود أي ذات امكنة مستوية.

[ 587 ]

ولا بحر لجي (1) ولا ظلمات بعضها فوق بعض تدلج الرحمة على من تشاء من خلقك تعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، أشهد بما شهدت به على نفسك وشهدت ملائكتك واولو العلم لا إله إلا أنت العزيز الحكيم ومن لم يشهد بما شهدت به على نفسك وشهدت ملائكتك واولو العلم فاكتب شهادتي مكان شهادتهم، اللهم أنت السلام ومنك السلام، أسالك يا ذا الجلال والاكرام أن تفك رقبتي من النار “. 25 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أبا ذر أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه جبرئيل (عليه السلام) في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد هذا أبو ذر قد مر بنا ولم يسلم علينا أما لو سلم لرددنا عليه، يا محمد إن له دعاء يدعو به، معروفا عند أهل السماء فسله عنه إذا عرجت إلى السماء، فلما ارتفع جبرئيل جاء أبو ذر إلى النبي فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا؟ فقال: طننت يا رسول الله أن الذي [ كان ] معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك، فقال: ذاك جبرئيل (عليه السلام) يا أبا ذر وقد قال: أما لو سلم علينا لرددنا عليه فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل (عليه السلام) دخله من الندامة حيث لم يسلم عليه ما شاء الله فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا الدعاء الذي تدعو به؟ فقد أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أن لك دعاء تدعو به، معروفا في السماء، فقال: نعم يا رسول الله أقول: ” اللهم إني أسألك الامن والايمان بك والتصديق بنبيك والعافية من جميع البلاء و الشكر على العافية والغنى عن شرار الناس “. 26 – علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة قال: أخذت هذا الدعاء عن ابي جعفر [ محمد بن علي ] (عليهما السلام) قال: وكان أبو جعفر يسميه


(1) اللجى بضم أوله وقد تكسر والجيم المكسورة المشددة: العظيم.

[ 588 ]

الجامع: ” بسم الله الرحمن الرحيم أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله وبجميع رسله وبجميع ما أنزل به (1) على جميع الرسل وأن وعد الله حق ولقاءه حق وصدق الله وبلغ المرسلون والحمد لله رب العالمين وسبحان الله كلما سبح الله شئ وكما يحب الله أن يسبح والحمد لله كلما حمدالله شئ وكما يحب الله أن يحمد ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ وكما يحب الله أن يهلل والله أكبر كلما كبر الله شئ وكما يحب الله أن يكبر، اللهم إني أسالك مفاتيح الخير وخواتيمه وسوابغه وفوائده وبركاته وما بلغ علمه علمي وما قصر عن إحصائه حفظي، اللهم انهج إلي أسباب معرفته وافتح لي أبوابه وغشني ببركات رحمتك ومن علي بعصمة عن الازالة عن دينك وطهر قلبي من الشك ولا تشغل قلبي بدنياي وعاجل معاشي عن آجل ثواب آخرتي واشغل قلبي بحفظ ما لا تقبل مني جهله وذلل لكل خير لساني وطهر قلبي من الرياء ولا تجره في مفاصلي واجعل عملي خالصا لك، اللهم إني أعوذ بك من الشر وأنواع الفواحش كلها ظاهرها وباطنها وغفلاتها وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم وما يريدني به السلطان العنيد، مما أحطت بعلمه وأنت القادر على صرفه عني، اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والانس وزوابعهم وبوائقهم ومكائدهم ومشاهد الفسقة من الجن والانس (2) وأن أستزل عن ديني فتفسد علي آخرتي وأن يكون ذلك منهم ضررا علي في معاشي أو يعرض بلاء (3) يصيبني منهم لا قوة لي به ولا صبر لي على احتماله فلا تبتلني يا إلهي بمقاساته فيمنعني ذلك عن ذكرك ويشغلني عن عبادتك، أنت العاصم المانع الدافع الواقي من ذلك كله، أسألك


(1) أي أنزل الملك به وفى التهذيب والمصباح [ انزلت به جميع ] وهو الصواب. (2) في نسخ المصباح هكذا [ من طوارق الانس والجن وزوابعهم وتوابعهم وحسدهم و مكائدهم ومشاهد الفسقة منهم ]. وفى القاموس الزوبعة اسم شيطان أو رئيس الجن وهى بالزاى والباء الموحدة والعين المهملة. (3) في بعض النسخ [ بعرض بلاء ].

[ 589 ]

اللهم الرفاهية في معيشتي ما أبقيتني، معيشة أقوى بها على طاعتك وأبلغ بها رضوانك وأصير بها إلى دار الحيوان غدا ولا ترزقني رزقا يطغيني ولا تبتلني بفقر أشقى به مضيقا علي، أعطني حظا وافرا في آخرتي ومعاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياي ولا تجعل الدنيا علي سجنا ولا تجعل فراقها علي حزنا أجرني من فتنتها واجعل عملي فيها مقبولا وسعيي فيها مشكورا، اللهم ومن أرادني بسوء فارده بمثله ومن كادني فيها فكده واصرف عني هم من أدخل علي همه وامكر بمن مكر بي فإنك خير الماكرين وافقأ (1) عني عيون الكفرة الظلمة والطغاة والحسدة، اللهم وأنزل علي منك السكينة وألبسني درعك الحصينة واحفظني بسترك الواقي وجللني عافيتك النافعة وصدق قولي وفعالي وبارك لي في ولدي وأهلي ومالي اللهم ما قدمت وما أخرت وما أغفلت وما تعمدت وما توانيت (2) وما أعلنت وما أسررت فاغفره لي يا أرحم الراحمين “. 27 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قل: ” اللهم أوسع علي في رزقي وامدد لي في عمري واغفر لي ذنبي واجعلني ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري “. 28 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقول: ” يا من يشكر اليسير ويعفو عن الكثير وهو الغفور الرحيم اغفر لي الذنوب التي ذهبت لذتها وبقيت تبعتها “. 29 – وبهذا الاسناد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان من دعائه يقول: ” يا نور يا قدوس يا أول الاولين ويا آخر الآخرين يا رحمن يا رحيم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم واغفر لي الذنوب التي تحل النقم واغفر لي الذنوب


(1) فقأ العين: قلعها. (2) توانى في حاجته: فتر وقصر ولم يهتم بها.

[ 590 ]

التي تهتك العصم واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء واغفر لي الذنوب التي تديل الاعداء واغفر لي الذنوب التي تعجل الفناء واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء واغفر لي الذنوب التي تظلم الهواء واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء واغفر لي الذنوب التي ترد غيث السماء “. 30 – عنه، عن محمد بن سنان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله: ” يا عدتي في كربتي ويا صاحبي في شدتي ويا وليي في نعمتي ويا غياثي في رغبتي ” قال: وكان من دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام): ” اللهم كتبت الآثار وعلمت الاخبار واطلعت على الاسرار فحلت (1) بيننا وبين القلوب فالسر عندك علانية والقلوب إليك مفضاة وإنما أمرك لشئ إذا اردته أن تقول له كن فيكون فقل برحمتك لطاعتك أن تدخل في كل عضو من أعضائي ولا تفارقني حتى ألقاك وقل برحمتك لمعصيتك أن تخرج من كل عضو من أعضائي فلا تقربني (2) حتى ألقاك وارزقني من الدنيا وزهدني فيها ولا تزوها عني ورغبتي فيها يا رحمن “. 31 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد الرحمن بن سيابة قال: أعطاني أبو عبد الله (عليه السلام) هذا الدعاء: ” الحمد لله ولي الحمد وأهله ومنتهاه ومحله، أخلص من وحده واهتدى من عبده وفاز من أطاعه وأمن المعتصم به، اللهم يا ذا الجود والمجد والثناء الجميل والحمد، أسالك مسألة من خضع لك برقبته ورغم لك أنفه وعفر لك وجهه وذلل لك نفسه وفاضت من خوفك دموعه وترددت عبرته واعترف لك بذنوبه وفضحته عندك خطيئته وشانته عندك جريرته وضعفت عند ذلك قوته وقلت حيلته وانقطعت عنه أسباب خدائعه واضمحل عنه كل باطل وألجاتة ذنوبه إلى ذل مقامه بين يديك وخضوعه لديك وابتهاله إليك، أسالك اللهم سؤال من هو بمنزلته ارغب إليك كرغبته وأتضرع إليك كتضرعه


(1) في بعض النسخ [ حللت ]. (2) في بعض النسخ [ تقاربني ].

[ 591 ]

وأبتهل إليك كأشد ابتهاله، اللهم فارحم استكانة منطقي وذل مقامي ومجلسي و خضوعي إليك برقبتي، أسألك اللهم الهدى من الضلالة والبصيرة من العمى والرشد من الغواية وأسألك اللهم أكثر الحمد عند الرخا وأجمل الصبر عند المصيبة وأفضل الشكر عند موضع الشكر والتسليم عند الشبهات وأسألك القوة في طاعتك والضعف عن معصيتك والهرب إليك منك والتقرب إليك رب لترضى والتحري لكل ما يرضيك عني في إسخاط خلقك التماسا لرضاك، رب من أرجوه إن لم ترحمني أو من يعود علي إن أقصيتني أو من ينفعني عفوه إن عاقبتني أو من آمل عطاياه إن حرمتني أو من يملك كرامتي إن أهنتني أو من يضرني هوانه إن أكرمتني، رب ما أسوء فعلي وأقبح عملي وأقسى قلبي وأطول أملي وأقصر أجلي وأجرأني على عصيان من خلقني، رب وما أحسن بلاءك عندي واظهر نعماءك علي كثرت علي منك النعم فما أحصيها (1) وقل مني الشكر فيما أوليتنيه فبطرت بالنعم (2) وتعرضت للنقم وسهوت عن الذكر و ركبت الجهل بعد العلم وجزت من العدل إلى الظلم وجاوزت البر إلى الاثم وصرت إلى الهرب (3) من الخوف والحزن فما أصغر حسناتي وأقلها في كثرة ذنوبي وما أكثر ذنوبي وأعظمها على قدر صغر خلقي وضعف ركني، رب وما أطول أملي في قصر أجلي وأقصر أجلي في بعد أملي وما أقبح سريرتي وعلانيتي، رب لا حجة لي إن احتججت ولا عذر لي، إن اعتذرت ولا شكر عندي إن ابتليت وأوليت إن لم تعني على شكر ما أوليت، رب ما أخف ميزاني غدا إن لم ترجحه وأزل لساني إن لم تثبته واسود وجهي إن لم تبيضه، رب كيف لي بذنوبي التي سلفت مني قد هدت لها أركاني، رب كيف أطلب شهوات الدنيا وأبكي على خيبتي فيها ولا أبكي وتشتد حسراتي على عصياني و تفريطي، رب دعتني دواعي الدنيا فأجبتها سريعا وركنت إليها طائعا ودعتني دواعي


(1) في بعض النسخ [ في أحصيتها ]. (2) البطر شدة الفرح. (3) في بعض النسخ [ إلى اللهو ].

[ 592 ]

الآخرة فتثبطت عنها وأبطأت في الاجابة والمسارعة إليها كما سارعت إلى دواعي الدنيا وحطامها الهامد وهشيمها البائد وسرابها الذاهب (1)، رب خوفتني و شوقتني واحتججت علي برقي وكفلت لي برزقي فآمنت [ من ] خوفك وتثبطت عن تشويقك ولم أتكل على ضمانك وتهاونت باحتجاجك، اللهم فاجعل أمني منك في هذه الدنيا خوفا وحول تثبطي شوقا وتهاوني بحجتك فرقا منك ثم رضني بما قسمت لي من رزقك يا كريم [ يا كريم ]، أسألك باسمك العظيم رضاك عند السخطة و الفرجة عند الكربة والنور عند الظلمة والبصيرة عند تشبه الفتنة، رب اجعل جنتي من خطاياي حصينة ودرجاتي في الجنان رفيعة وأعمالي كلها متقبلة وحسناتي مضاعفة زاكية وأعوذ بك من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن ومن رفيع المطعم والمشرب ومن شر ما أعلم ومن شر ما لا أعلم وأعوذ بك من أن أشتري الجهل بالعلم والجفاء بالحلم والجور بالعدل والقطيعة بالبر والجزع (2) بالصبر والهدى بالضلالة (3) والكفر بالايمان “. ابن محبوب، عن جميل بن صالح أنه ذكر أيضا مثله وذكر أنه دعاء علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) وزاد في آخره ” آمين رب العالمين “. 32 – ابن محبوب قال: حدثنا نوح أبو اليقظان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ادع بهذا الدعاء: ” اللهم إني أسألك برحمتك التي لا تنال منك إلا برضاك والخروج من جميع معاصيك [ إلا برضاك ] والدخول في كل ما يرضيك والنجاة من كل ورطة والمخرج من كل كبيرة أتى بها مني عمدا وزل بها مني خطأ أو خطر بها علي خطرات الشيطان أسألك خوفا توقفني به على حدود رضاك وتشعب به عني كل شهوة خطر بها هواي واستزل بها رأيي ليجاوز حد حلالك، أسألك اللهم الاخذ


(1) الهامد: البالى المتغير واليابس من النبات. والهشيم: الحشيش اليابس وباد يبيد: ذهب وانقطع. وفى بعض النسخ [ شرابها الذاهب ]. (2) في بعض النسخ [ الجوع ]. (3) في المصباح والوافى [ أو الضلالة بالهدى ] ولعله من النساخ.

[ 593 ]

بأحسن ما تعلم وترك سيئ كل ما تعلم أو أخطأ من حيث لا أعلم أو من حيث أعلم، أسألك السعة في الرزق والزهد في الكفاف والمخرج بالبيان من كل شبهة والصواب في كل حجة والصدق في جميع المواطن وإنصاف الناس من نفسي فيما علي ولي والتذلل في إعطاء النصف من جميع مواطن السخط والرضا وترك قليل البغي وكثيره في القول مني والفعل وتمام نعمتك (1) في جميع الاشياء والشكر لك عليها لكي ترضى وبعد الرضا وأسألك الخيرة في كل ما يكون فيه الخيرة بميسور الامور كلها لا بمعسورها يا كريم يا كريم يا كريم وافتح لي باب الامر الذي فيه العافية والفرج وافتح لي بابه ويسر لي مخرجه ومن قدرت له علي مقدرة من خلقك فخذ عني بسمعه وبصره ولسانه ويده وخذه عن يمينه وعن يساره ومن خلفه ومن قدامه وامنعه أن يصل إلي بسوء، عز جارك وجل ثناء وجهك ولا إله غيرك، أنت ربي وأنا عبدك، اللهم أنت رجائي في كل كربة وأنت ثقتي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويشمت فيه العدو وتعيى (2) فيه الامور أنزلته بك وشكوته إليك راغبا إليك فيه عمن سواك قد فرجته وكفيته، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ومنتهى كل رغبة فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا “. 33 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: قل: اللهم إني أسألك قول التوابين وعملهم و نور الانبياء وصدقهم ونجاة المجاهدين وثوابهم وشكر المصطفين ونصيحتهم وعمل الذاكرين ويقينهم وإيمان العلماء وفقههم وتعبد الخاشعين وتواضعهم وحكم الفقهاء و سيرتهم وخشية المتقين ورغبتهم وتصديق المؤمنين وتوكلهم ورجاء المحسنين وبرهم اللهم إني أسألك ثواب الشاكرين ومنزلة المقربين ومرافقه النبيين، اللهم إني أسألك خوف العاملين لك وعمل الخائفين منك وخشوع العابدين لك ويقين المتوكلين


(1) في بعض النسخ [ نعمك ]. (2) في بعض النسخ [ يعنينى ].

[ 594 ]

عليك وتوكل المؤمنين بك، اللهم إنك بحاجتي عالم غير معلم وأنت لها واسع غير متكلف وأنت الذي لا يحفيك سائل (1) ولا ينقصك نائل ولا يبلغ مدحتك (2) قول قائل أنت كما تقول وفوق ما نقول، اللهم اجعل لي فرجا قريبا وأجرا عظيما وسترا جميلا اللهم إنك تعلم أني على ظلمي لنفسي وإسرافي عليها لم أتخذ لك ضدا ولا ندا ولا صاحبة ولا ولدا، يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يشغله شئ عن شئ ولا سمع عن سمع ولا بصر عن بصر ولا يبرمه إلحاح الملحين (3) أسألك أن تفرج عني في ساعتي هذه من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب إنك تحيي العظام وهي رميم وإنك على كل شئ قدير، يا من قل شكري له فلم يحرمني وعظمت خطيئتي فلم يفضحني ورآني على المعاصي فلم يجبهني (4) وخلقني للذي خلقني له فصنعت غير الذي خلقني له (5) فنعم المولى أنت يا سيدي وبئس العبد أنا وجدتني ونعم الطالب أنت ربي وبئس المطلوب [ أنا ] ألفيتني، عبدك وابن عبدك وابن أمتك بين يديك ما شئت صنعت بي، اللهم هدأت الاصوات وسكنت الحركات وخلا كل حبيب بحبيبه وخلوت بك أنت المحبوب إلي فاجعل خلوتي منك الليلة العتق من النار يا من ليست لعالم فوقه صفة يا من ليس لمخلوق دونه منعة (6) يا أول قبل كل شئ ويا آخر بعد كل شئ يا من ليس له عنصر (7) ويا من ليس لآخره فناء ويا أكمل منعوت ويا أسمح المعطين ويا من يفقه بكل لغة يدعى بها ويا من عفوه قديم وبطشه شديد وملكه مستقيم أسألك باسمك الذي شافهت به موسى (8)


(1) الاحفاء: الاستقصاء في الكلام. (2) في بعض النسخ [ مدحك ]. (3) ابرمه: آلمه وأضجره. (4) جبهته بالمكروه إذا استقبله به. هدأ يهدأ هداء: سكن. (5) زيد هنا في بعض النسخ في الهامش [ وضيعت الذى خلقني له ]. (6) ” ليست لعالم فوقه صفة ” لعل المراد ليس لعالم صفة في العلم يكون فوقه أي ليس أحد أعلم منه أو لا يمكن للعلماء أن يبالغوا في وصفه حتى يكون أكثر مما هو عليه بل كلما بالغوا فيه فهم مقصرون والاخير أظهر (آت) وقيل في ” ليس لمخلوق دونه منعة “: أي ليس لما دونه من المخلوقات امتناع من أن يصل إليهم مكروه أو ليس لمخلوق بدون لطفه وحفظه منعة وفى النهاية يقال: قوم ليست لهم منعة أي قوة تمنع من يريدهم بسوء وقد يفتح النون (آت). (7) العنصر بضم العين وفتح الصاد: الاصل وقد يضم. والنون عند سيبويه زائدة. (8) في بعض النسخ [ شافهك ].

[ 595 ]

يا الله يا رحمن يا رحيم، يا لا إله إلا أنت، اللهم أنت الصمد أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تدخلني الجنه برحمتك “. 34 – محمد بن يحيى. عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الوليد، عن يونس قال: قلت للرضا (عليه السلام): علمني دعاء وأوجز، فقال: قل: ” يا من دلني على نفسه وذلل قلبي بتصديقه أسألك الامن والايمان “. 35 – علي بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين كان لي مال ورثته ولم أنفق منه درهما في طاعة الله عز وجل ثم أكتسب منه مالا فلم انفق منه درهما في طاعة الله فعلمني دعاء يخلف علي ما مضى ويغفر لي ما عملت أو عملا أعمله، قال: قل: قال: وأي شئ أقول يا أمير المؤمنين؟ قال: قل كما أقول: ” يا نوري في كل ظلمة ويا انسي في كل وحشة ويا رجائي في كل كربة ويا ثقتي في كل شدة ويا دليلي في الضلالة أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الادلاء فإن دلالتك لا تنقطع ولا يضل من هديت أنعمت علي فأسبغت ورزقتني فوفرت وغذيتني فأحسنت غذائي وأعطيتني فأجزلت بلا استحقاق لذلك بفعل مني ولكن ابتداء منك لكرمك وجودك فتقويت بكرمك على معاصيك وتقويت برزقك على سخطك وأفنيت عمري فيما لا تحب فلم يمنعك جرأتي عليك وركوبي لما نهيتني عنه ودخولي فيما حرمت علي أن عدت علي بفضلك ولم يمنعني حلمك عني وعودك علي بفضلك وإن عدت في معاصيك فأنت العواد بالفضل وأنا العواد بالمعاصي فيا أكرم من أقر له بذنب وأعز من خضع له بذل لكرمك أقررت بذنبي ولعزك خضعت بذلي فما أنت صانع بي في كرمك وإقراري بذنبي وعزك و خضوعي بذلي افعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله “. تم كتاب الدعاء ويتلوه كتاب فضل القرآن


[ 596 ]

بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب فضل القرآن) 1 – علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن سفيان الحريري (1)، عن أبيه، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف، ثمانون ألف صف امة محمد وأربعون ألف صف من سائر الامم فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء فينظرون إليه [ الشهداء ] ثم يقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم إن هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته (2) وصفته غير أنه من شهداء البحر فمن هناك اعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه، قال: فيتجاوز حتى يأتي [ على ] صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم يقولون: إن هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير أن الجزيره التي اصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي اصبنا فيها فمن هناك اعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في صورة نبي مرسل فينظر النبيون


(1) في بعض النسخ [ صفوان الحريري ]. (2) السمت: الطريق ويستعار لهيئة أهل الخير.

[ 597 ]

والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا النبي مرسل نعرفه بسمته وصفته غير أنه أعطي فضلا كثيرا، قال: فيجتمعون فيأتون رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيسألونه ويقولون: يا محمد من هذا؟ فيقول لهم: أو ما تعرفونه؟ فيقولون ما نعرفه هذا ممن لم يغضب الله عليه، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا حجة الله على خلقه فيسلم ثم يجاوز حتى يأتي على صف الملائكة في سورة ملك مقرب فتنظر إليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله ويقولون: تعالى ربنا وتقدس إن هذا العبد من الملائكه نعرفه بسمته وصفته غير أنه كان أقرب الملائكة إلى الله عز وجل مقاما فمن هناك البس من النور والجمال ما لم نلبس، ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة تبارك وتعالى فيخر تحت العرش فيناديه تبارك وتعالى يا حجتي في الارض وكلامي الصادق الناطق ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى: كيف رأيت عبادي؟ فيقول: يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيع شيئا ومنهم من ضيعني واستخف بحقي وكذب بي وأنا حجتك على جميع خلقك، فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاثيبن عليك اليوم أحسن الثواب ولا عاقبن عليك اليوم أليم العقاب قال: فيرجع (1) القرآن رأسه في صورة اخرى، قال: فقلت له: يا أبا جعفر في أي صورة يرجع؟ قال: في صورة رجل شاحب متغير يبصره أهل الجمع (2) فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول: ما أعرفك يا عبد الله، قال: فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الاول و يقول: ما تعرفني؟ فيقول: نعم، فيقول القرآن: أنا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك سمعت الاذى ورجمت بالقول في، ألا وإن كل تاجر قد استوفى تجارته


(1) في بعض النسخ [ فيرفع ]. (2) شحب لونه كمنع ونصر وكرم وعمى: تغير من هزال أو جوع أو سفر وفى بعض النسخ [ شاحب متغير ينكره أهل الجمع ].

[ 598 ]

وأنا وراءك اليوم، قال: فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقول: يا رب يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي (1)، مواظبا علي، يعادى بسببي ويحب في ويبغض، فيقول الله عز وجل: أدخلو عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنة وتوجوه بتاج، فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له: هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب إني أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله، فيقول: وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لانحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته، إلا أنهم شباب لا يهرمون وأصحاء لا يسقمون وأغنياء لا يفتقرون وفرحون لا يحزنون وأحياء لا يموتون. ثم تلا هذه الآية ” لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى (2) ” قال قلت: جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شيعتنا إنهم أهل تسليم ثم قال: نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى، قال سعد: فتغير لذلك لوني وقلت، هذا شئ لا أستطيع [ أنا ] أتكلم به في الناس فقال أبو جعفر: وهل الناس إلا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا ثم قال: يا سعد اسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى (صلى الله عليك)، فقال: ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ” فالنهى كلام والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ونحن أكبر. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس إنكم في دار هدنة (3) وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود فأعدوا الجهاز (4) لبعد المجاز


(1) في بعض النسخ [ في ] ونصب الرجل بالكسر: نصبا: تعب وأنصبه غيره. (2) الدخان: 56. (3) الهدنة: السكون والصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين. (4) في بعض النسخ [ فأعدوا الجهاد ].

[ 599 ]

قال: فقام المقداد بن الاسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ و انقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق (1) ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم (2) لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة (3) فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب (4) ويتخلص من نشب (5) فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص (6) 3 – علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العزيز الجبار أنزل عليكم كتابه وهو الصادق البار، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السماء والارض ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجبتم.


(1) شافع مشفع أي مقبول الشفاعة. ويقال: محل به إذا سعى به إلى السلطان وهو ماحل و محول وفى الدعاء ” فلا تجعله ماحلا مصدقا ” ولعله من هنا قيل في معناه: يمحل بصاحبه أي يسعى به إذا لم يتبع ما فيه إلى الله تعالى. (2) الانق: الفرح والسرور قد أنق بالكسر يأنق الشئ أحبه وأنيق أي حسن معجب و قوله: ” له نجوم وعلى نجومه نجوم ” أي آيات تدل على أحكام الله تهتدى بها وفيه آيات تدل على هذه الايآت وتوضيحها ان المراد بالنجوم الثالث السنة فان السنة توضيح القرآن أو الائمة (عليهم السلام) العالمون بالقرآن وفى بعض نسخ الحديث وبعض نسخ الكتاب [ له تخوم وعلى تخومه تخوم ] والتخوم – على ما قيل -: جمع تخم بمعنى منتهى الشئ. (3) في بعض النسخ [ ودليل على المعرفة ] أي لمن عرف كيفية التعرف واشارات القرآن ونكات بيانه ويعلم معاريضه (4) العطب: الهلاك. (5) النشب في الشئ إذا وقع فيما لا مخلص له منه. (6) التربص: الانتظار.

[ 600 ]

4 – محمد يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم امتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى فليجل جال بصره ويفتح للضياء نظره فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه: اعلموا أن القرآن هدى النهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة (1). 7 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وجعا في صدره فقال (صلى الله عليه وآله): استشف بالقرآن فإن الله عز وجل يقول: ” وشفاء لما في الصدور (2) “. 8 – أبو علي الاشعري، عن بعض أصحابه، عن الخشاب، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا والله ولا يرجع الامر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبدا ولا إلى بني امية أبدا ولا في ولد طلحة والزبير ابدا وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الاحكام، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة (3) وضياء من الاحداث وعصمة من الهلكة ورشد من


(1) أي يغنيك على ما كان لك من الشدة والفاقة. (2) يونس: 57. (3) في بعض النسخ [ الضلالة ].

[ 601 ]

الغوايه وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخره وفيه كمال دينكم وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار. 9 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار. 10 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن سعد الاسكاف قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اعطيت السور الطوال مكان التوارة و اعطيت المئين مكان الانجيل واعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على سائر الكتب والتوراة لموسى والانجيل لعيسى والزبور لداود (1). 11 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يجيئ القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة فيمر بالمسلمين فيقولون: هذا الرجل منا فيجاوزهم إلى النبيين فيقولون: هو منا فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون: هو منا حتى ينتهي إلى رب العزة عز وجل فيقول: يا رب فلان بن فلان أظمأت هواجره (2) وأسهرت ليله في دار الدنيا وفلان بن فلان لم أظمأ هواجره ولم أسهر ليله، فيقول تبارك وتعالى: أدخلهم الجنة على منازلهم فيقوم فيتبعونه، فيقول للمؤمن: اقرأ وارقه (3) قال: فيقرأ ويرقى حتى يبلغ كل رجل منهم منزلة التي هي له فينزلها.


(1) السور الطول كصرد هي السبع الاول بعد الفاتحة على أن تعد الانفال والتوبة واحدة [ لنزولها جميعا في مغازى النبي (صلى الله عليه وآله) وتدعيان قرينتين ولذلك لم يفصل بينهما بالبسملة ] أو السابعة سورة يونس والمثاني هي السبع التى بعد هذا السبع سميت بها لانها ثنتها واحدها مثنى مثل معاني ومعنى وقد تطلق المثانى على سور القرآن كلها طوالها وقصارها وأما المئون فهى من بنى اسرائيل إلى سبع سور سميت بها لان كلا منها على نحو من مائه أية كذا في بعض التفاسير (في). (2) جمع الهاجرة وهى شدة حر النهار. (3) الهاء للوقف.

[ 602 ]

12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل ابن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة: ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق النعم عامة الحسنات ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول: يا رب أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني قال: فيقول العزيز الجبار: عبدي أبسط يمينك فيملاها من رضوان الله العزيز الجبار ويملا شماله من رحمة الله، ثم يقال: هذه الجنة مباحة لك فاقرأ واصعد فإذا قرأ آية صعد درجة. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قال علي ابن الحسين (عليهما السلام): لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي. وكان (عليه السلام) إذا قرأ ” مالك يوم الدين ” يكررها حتى كاد أن يموت. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن إسحاق بن غالب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا جمع الله عز وجل الاولين و الآخرين إذا هم بشخص قد أقبل لم ير قط أحسن صورة منه فإذا نظر إليه المؤمنون وهو القرآن قالوا: هذا منا، هذا أحسن شئ رأينا فإذا انتهى إليهم جازهم، ثم ينظر إليه الشهداء حتى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فيقولون: هذا القرآن، فيجوزهم كلهم حتى إذا انتهى إلى المرسلين فيقولون: هذا القرآن، فيجوزهم حتى ينتهي إلى الملائكة فيقولون: هذا القرآن فيجوزهم [ ثم ينتهي ] حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاكرمن اليوم من أكرمك ولاهينن من أهانك.


[ 603 ]

(باب) * (فضل حامل القرآن) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين و المرسلين فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم فإن لهم من الله العزيز الجبار لمكانا عليا. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة. 3 – وبإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون فيقول له القرآن (1): أنا الذي كنت أسهرت ليلك وأظمأت هواجرك وأجففت ريقك وأسلت دمعتك أؤول معك حيثما الت وكل تاجر من وراء تجارته وأنا اليوم لك من وراء تجارة كل تاجر وسيأتيك كرامة [ من ] الله عز وجل فأبشر، فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الامان بيمينه والخلد في الجنان بيساره ويكسى حلتين ثم يقال له: اقرء وارقه فكلما قرء آية صعد درجة ويكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين ثم يقال لهما: هذا لما علمتماه القرآن. 4 – ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن منهال القصاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله الله عز وجل مع السفرة الكرام البررة وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة، يقول: يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلغ به أكرم عطاياك، قال:


(1) في بعض النسخ [ أنا القرآن ]

[ 604 ]

فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنه ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له: هل أرضبناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا فيعطى الامن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة فيقال له: اقرأ واصعد درجة، ثم يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك فيقول: نعم. قال: ومن قرأه كثيرا وتعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عز وجل أجر هذا مرتين. 5 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي بن عبد الله، وحميد بن زياد، عن الخشاب، جميعا، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو ابن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن وإن أحق الناس في السر والعلانية بالصلاة والصوم لحامل القرآن، ثم نادى بأعلى صوته: يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله ولا تعزز به فيذلك الله، يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله [ به ] ولا تزين به للناس فيشينك الله به، من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لا يوحي إليه ومن جمع القرآن فنوله (1) لا يجهل مع من يجهل عليه ولا يغضب فيمن يغضب عليه ولا يحد فيمن يحد ولكنه يعفو ويصفح ويغفر ويحلم لتعظيم القرآن ومن اوتي القرآن فظن أن أحدا من الناس اوتي أفضل مما اوتي فقد عظم ما حقر الله وحقر ما عظم الله. 6 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن عبيس بن هشام قال: حدثنا صالح القماط، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الناس أربعة، فقلت: جعلت فداك وما هم؟ فقال: رجل اوتي الايمان ولم يؤت القرآن ورجل اوتي القرآن ولم يؤت الايمان ورجل اوتي القرآن واوتي الايمان ورجل


(1) من قولهم: نولك أن تفعل كذا أي حقك وينبغى لك وأصله من التناول.

[ 605 ]

لم يؤت القرآن ولا الايمان، قال: قلت: جعلت فداك فسر لي حالهم، فقال: أما الذي اوتي الايمان ولم يؤت القرآن فمثله كمثل الثمرة طعمها حلو ولا ريح لها وأما الذي اوتي القرآن ولم يؤت الايمان فمثله كمثل الآس (1) ريحها طيب وطعمها. مر وأما من اوتي القرآن والايمان فمثله كمثل الاترجة (2) ريحها طيب وطعمها طيب وأما الذي لم يوت الايمان ولا القرآن فمثله كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قلت لعلي ابن الحسين (عليهما السلام) أي الاعمال أفضل قال: الحال المرتحل (3) قلت: وما الحال المرتحل قال: فتح القرآن وختمه، كلما جاء بأوله ارتحل في آخره وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجلا اعطي أفضل مما اعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن سليمان بن رشيد عن أبيه، عن معاوية بن عمار قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): من قرأ القرآن فهو غني ولا فقر بعده وإلا ما به غنى (4)


(1) ما يقال له بالفارسية: (مورد). (2) ما يقال له بالفارسية: (ترنج). (3) أي عمله وفى النهاية وفيه أنه سئل أي الاعمال أفضل فقال: الحال المرتحل، قيل: وما ذلك؟ قال: الخاتم المفتح هو الذى يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ثم يفتتح السير أي يبتدؤه وكذلك قراءة اهل مكة إذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدؤوا وقرؤوا الفاتحة وخمس آيات من اول سورة البقرة إلى قوله: ” هم المفلحون ” ثم يقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل أي انه ختم القرآن وابتدأ باوله ولم يفصل بينهما بزمان (آت). (4) وذلك لان في القرآن من المواعظ إذا اتعظ به استغنى عن غير الله في كل ما يحتاج إليه وإن لم يستغن بالقرآن فما يغنيه شئ وهذا أحد معاني قوله (صلى الله عليه وآله): من لم يتغن بالقرآن فليس منا (في).

[ 606 ]

9 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبن أبي نجران، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسؤول وإنكم مسؤولون إني مسؤول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: لرجل أتحب البقاء في الدنيا؟ فقال: نعم، فقال: ولم؟ قال: لقراءة قل هو الله أحد، فسكت عنه فقال له بعد ساعة: يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع الله به من درجته فإن درجات الجنة على قدر آيات القرآن يقال له: اقرأ وارق، فيقرأ ثم يرقى. قال حفص: فما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر (عليهما السلام)، ولا أرجأ الناس منه وكانت قراءته حزنا، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنسانا. 11 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حملة القرآن عرفاء أهل الجنة، والمجتهدون قواد أهل الجنة (1)، والرسل سادة أهل الجنة. (باب) * (من يتعلم القرآن بمشقة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الذي يعالج القرآن (2) ويحفظه بمشقة منه وقلة حفظ له أجران. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن


(1) المجتهدون: المبالغون في ارشاد الناس وترويج الحق. (2) المعالجة: المزاولة.

[ 607 ]

الصباح بن سيابة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من شدد عليه في القرآن كان له أجران ومن يسر عليه كان مع الاولين (1). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن سليم الفراء، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعليمه. (باب) * (من حفظ القرآن ثم نسيه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن ابن فضال، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون، عن يعقوب الاحمر قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إني كنت قرأت القرآن ففلت مني (2) فادع الله عز وجل أن يعلمنيه، قال: فكأنه فزع لذلك فقال: علمك الله هو وإيانا جميعا قال: ونحن نحو من عشرة ثم قال: السورة تكون مع الرجل قد. قرأها، ثم تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة وتسلم عليه فيقول: من أنت فتقول: أنا سورة كذا وكذا فلو أنك تمسكت بي وأخذت بي لانزلتك هذه الدرجة فعليكم بالقرآن، ثم قال: إن من الناس من يقرأ القرآن ليقال: فلان قارئ و منهم من يقرأ القرآن ليطلب به الدنيا ولا خير في ذلك ومنهم من يقرأ القرآن لينتفع به في صلاته وليله ونهاره. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من نسي سورة من القرآن مثلت له في صورة حسنة ودرجة


(1) لعل المراد بالاولين السابقون الذى سبقوا إلى الايمان بالله ورسوله. (2) أي ارتحل. وفى بعض النسخ [ فتفلت منى ]. والتفلت: التخلص من الشئ فجأة.

[ 608 ]

رفيعة في الجنة فإذا رآها قال: ما أنت ما أحسنك ليتك لي؟ فيقول: أما تعرفني؟ أنا سورة كذا وكذا ولو لم تنسني رفعتك إلى هذا. 3 – ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن يعقوب الاحمر قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن علي دينا كثيرا وقد دخلني ما كان القرآن يتفلت مني فقال أبو عبد الله (عليه السلام): القرآن القرآن، إن الآية من القرآن والسورة لتجيئ، يوم القيامة حتى تصعد ألف درجة – يعني في الجنة – فتقول: لو حفظتني لبلغت بك ههنا. 4 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الرجل إذا كان يعلم السورة ثم نسيها أو تركها ودخل الجنة أشرفت عليه من فوق في أحسن صورة فتقول: تعرفني؟ فيقول: لا، فتقول: أنا سورة كذا وكذا لم تعمل بي وتركتني أما والله لو عملت بي لبلغت بك هذه الدرجة وأشارت بيدها إلى فوقها. 5 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن العباس بن عامر، عن الحجاج الخشاب، عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد (1) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قرأ القرآن ثم نسيه – فرددت عليه ثلاثا – أعليه فيه حرج؟ قال: لا (2). 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن يعقوب


(1) أثبته بعضهم ابن عبد الله واحتمال التعدد منتف والرجل هو الكوفى الشيباني وفى بعض النسخ [ عن أبى كهمس القاسم بن عبيد ]. (2) اريد بنفى الحرج عدم ترتب العقاب عليه فلا ينافى الحرمان به عن الدرجة الرفيعة في الجنة على أن النسيان قسمان فنسيان لا سبيل معه إلى القراءة الا بتعلم جديد ونسيان لا يقدر معه على القراءة على ظهر القلب وان أمكنه القراءة في المصحف فيحتمل أن يكون الاخير مما لا حرج فيه دون الاول الا أن يتركه صاحب الاخير فيكون حكمه حكم الاول كما وقع التصريح به في الاخبار السابقة (في).

[ 609 ]

الاحمر قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إنه أصابتني هموم وأشياء لم يبق شئ من الخير (1) إلا وقد تفلت مني منه طائفة حتى القرآن لقد تفلت مني طائفة منه، قال: ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ثم قال: إن الرجل لينسي السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات فيقول: السلام عليك، فيقول: وعليك السلام من أنت؟ فتقول: انا سورة كذا وكذا ضيعتني وتركتني أما لو تمسكت بي بلغت بك هذا الدرجة، ثم أشار بأصبعه ثم قال: عليكم بالقرآن فتعلموه فإن من الناس من يتعلم القرآن ليقال فلان قارئ ومنهم من يتعلمه فيطلب به الصوت فيقال فلان حسن الصوت، وليس في ذلك خير ومنهم من يتعلمه فيقوم به في ليله ونهاره لا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه. (باب في قراءته) 1 – علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية (2). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.


(1) أي من المستحبات. (2) العهد: حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا قال تعالى: ” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ” أي اوفوا بحفظ الايمان. وعهد فلان إلى فلان بعهد أي ألقى إليه العهد وأوصاه بحفظه. قاله الراغب.

[ 610 ]

(باب) * (البيوت التى يقرأ فيها القرآن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الفضيل بن عثمان، عن ليث بن أبي سليم، رفعه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى، صلوا في الكنائس والبيع (1) وعطلوا بيوتهم فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله و أضاء لاهل السماء كما تضيئ نجوم السماء لاهل الدنيا (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن البيت إذا كان فيه المرء المسلم يتلو القرآن يتراءاه أهل السماء كما يتراأى أهل الدنيا الكوكب الدري في السماء. 3 – محمد، عن أحمد (3) وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيئ لاهل السماء كما تضيئ الكواكب (4) لاهل الارض وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عز وجل فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين.


(1) الكنائس جمع كنيسة وهى معبد اليهود والنصارى والكفار. والبيع بكسر الموحدة وتحريك المثناة جمع بيعة وهى محل عبادة النصارى ومعبدهم كسدرة وسدر. (2) في بعض النسخ [ لاهل الارض ]. (3) في بعض النسخ [ محمد بن أحمد ]. (4) في بعض النسخ [ يضيئ الكوكب ].

[ 611 ]

(باب) * (ثواب قراءة القرآن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معاذ بن مسلم، عن عبد الله ابن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قرأ القرآن قائما في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه في صلاته جالسا كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة ومن قرأه في غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات. قال ابن محبوب: وقد سمعته عن معاذ على نحو مما رواه ابن سنان. 2 – ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فتكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم أو غيره، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن جابر، عن مسافر، عن بشر بن غالب الاسدي، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: من قرأ آية من كتاب الله عز وجل في صلاته قائما يكتب له بكل حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، وإن استمع القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة، وإن ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكة حتي يصبح، وإن ختمه نهارا صلت عليه الحفظه حتى يمسي وكانت له دعوة مجابة وكان خيرا له مما بين السماء إلى الارض، قلت: هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟ قال: يا أخا بني أسد إن الله جواد ماجد كريم، إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك (1).


(1) لعل المراد بختمه ليلا ونهارا فراغه منه فيهما واما الدعوة المجابة فانما يترتب على ختمه كله كما يأتي (في).

[ 612 ]

4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد (1) عن خالد بن ماد القلانسي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر، وختمه في يوم جمعة، كتب له من الاجر والحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها وإن ختمه في سائر الايام فكذلك. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ومن قرأ ثلاث مائة آية كتب من الفائزين ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر (2) القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب والمثقال أربعة وعشرون قيراطا أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها ما بين السماء إلى الارض. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد، جميعا، عن علي بن حديد، عن منصور، عن محمد بن بشير، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال (3): وقد روي هذا الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استمع حرفا من كتاب الله عز وجل من غير قراءة كتب الله له حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة، ومن قرأ نظرا من غير صوت (4) كتب الله له بكل حرف حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة ومن تعلم منه حرفا ظاهرا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات قال: لا أقول بكل آية ولكن بكل حرف باء أو تاء أو شبههما. قال: ومن قرأ حرفا [ ظاهرا ] وهو جالس في صلاته كتب الله له


(1) في بعض النسخ [ النصر بن سعيد ]. (2) في بعض النسخ [ من بر ]. (3) أي قال الراوى. (4) في بعض النسخ [ غير صلاة ].

[ 613 ]

به خمسين حسنة ومحا عنه خمسين سيئة ورفع له خمسين درجة ومن قرأ حرفا وهو قائم في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائة درجة ومن ختمه كانت له دعوة مستجابة مؤخرة أو معجلة، قال: قلت: جعلت فداك ختمه كله؟ قال: ختمه كله. 7 – منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ختم القرآن إلى حيث تعلم (1). (باب) * (قراءة القرآن في المصحف) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن يعقوب بن يزيد، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره وخفف عن والديه وإن كانا كافرين. 2 – عنه، عن علي بن الحسين بن الحسن الضرير، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عز وجل به الشياطين. 3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه. 4 – علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن محمد بن عمر بن مسعدة، عن الحسن بن راشد، عن جده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قراءة القرآن في المصحف تخفف العذاب عن الوالدين ولو كانا كافرين. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:


(1) يعنى ختمه في حقك أن تقرأ كل ما تعلم منه.

[ 614 ]

قلت له: جعلت فداك إني أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال: لي: بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أن النظر في المصحف عبادة. (باب) * (ترتيل القرآن بالصوت الحسن) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” ورتل القرآن ترتيلا (1) ” قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): بينه تبيانا (2) ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن افزعوا قلوبكم القاسية (3) ولا يكن هم أحدكم آخر السورة. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن. 3 – علي بن محمد، عن إبراهيم الاحمر، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اقرؤوا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق (4) وأهل الكبائر فإنه سيجيئ من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم (5).


(1) المزمل: 4. (2) في بعض النسخ [ تبينه تبيانا ]. وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ايضا في تفسير الترتيل أنه حفظ الوقوف وبيان الحروف. والهذ سرعة القراءة أي لا يتسرع فيه كما يتسرع في قراءة الشعر، ولا تفرق كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل (في). (3) في بعض النسخ [ افرغوا ]. (4) في بعض النسخ [ أهل الفسوق ]. (5) لحن في قراءته إذا طرب بها وغرر وهو ألحن الناس إذا كان احسنهم قراءة أي غناء و ترجيع الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الالحان. قاله الجوهرى. وفي النهاية: التراقي: جمع ترقوة والمعنى أن قراءتهم لا يرفع إلى الله ولا يقبله.

[ 615 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن حسن بن شمون قال: حدثني علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين (عليهما السلام) كان يقرأ فربما مر به المار فصعق من حسن صوته و إن الامام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه، قلت: ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يحمل الناس من خلفه ما يطيقون. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء عمن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أعرب القرآن فإنه عربي (1). 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى ابن عمران (عليه السلام): إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير وإذا قرأت التوراة فاسمعنيها بصوت حزين. 7 – عنه (2)، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم يعط امتي أقل من ثلاث: الجمال والصوت الحسن والحفظ. 8 – عنه، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن من أجمل الجمال الشعر الحسن ونغمة الصوت الحسن (3). 9 – عنه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لكل شئ حلية وحلية القرآن الصوت الحسن.


(1) أي افصحوه وهذبوه من اللحن (في). (2) الضمير راجع إلى ابراهيم بن هاشم فهو عن على بن معبد. (3) في بعض النسخ [ ونعم النغمة الصوت الحسن ] وفى بعضها [ نعم النعمة الصوت الحسن ].

[ 616 ]

10 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن محمد ابن عيسى، عن السكوني، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما بعث الله عز وجل نبيا إلا حسن الصوت. 11 – سهل [ بن زياد ] عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) أحسن الناس صوتا بالقرآن و كان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يسمعون قراءته، وكان أبو جعفر (عليه السلام) أحسن الناس صوتا. 12 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الاسدي، عن احمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يكره أن يقرأ ” قل هو الله أحد ” بنفس واحد. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال: إنما ترائي بهذا أهلك والناس قال: يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك ورجع بالقرآن صوتك فإن الله عز وجل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا. (باب) * (فيمن يظهر الغشية عند [ قراءة ] القرآن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي، عن أبي عمران الارمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: إن قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن أو حدثوا به صعق أحدهم حتى


[ 617 ]

يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك؟ فقال سبحان الله ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا (1) إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل. أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن أبي عمران الارمني، عن عبد الله ابن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله. (باب) * (في كم يقرأ القرآن ويختم) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن محمد ابن عبد الله قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أقرأ القرآن في ليلة؟ قال: لا يعجبني أن تقرأه في أقل من شهر. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو بصير: جعلت فداك اقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة؟ فقال: لا، قال: ففي ليلتين؟ قال: لا، قال: ففي ثلاث؟ قال: ها وأشار بيده، ثم قال: يا أبا محمد إن لرمضان حقا وحرمة لا يشبهه شئ من الشهور (2) وكان أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة (3) ولكن يرتل ترتيلا فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله عز وجل الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن يعقوب بن


(1) أي لم يوصف الله المؤمنين في كتابه بتلك الاوصاف وانما وصفهم باللين والرقة والوجل حيث قال: ” تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله ” وقال: ” ترى أعينهم تفيض من الدمع ” وقال: ” لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأتيه خاشعا متصدعا من خشية الله ” وقال: ” وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ” وقال العلامة المجلسي – رحمه الله – المراد انهم يكذبون في ادعائهم عدم الشعور وان مباديه بايديهم لان الرقة والدمعة تدفعه. (2) علل (عليه السلام) في الثلاث في شهر رمضان بحق الشهر وحرمته واختصاصه من بين الشهور. (3) الهذرمة: السرعة في القراءة.

[ 618 ]

شعيب، عن حسين بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: في كم أقرأ القرآن؟ فقال: اقرءه أخماسا، اقرءه، أسباعا، أما إن عندي مصحفا مجزى أربعة عشر حزءا. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن علي بن المغيرة، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت لة: إن أبي سأل جدك، عن ختم القرآن في كل ليلة، فقال له جدك: كل ليلة، فقال له: في شهر رمضان، فقال له جدك: في شهر رمضان، فقال له أبي: نعم ما استطعت. فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان، ثم ختمته بعد أبي فربما زدت وربما نقصت على قدر فراغي وشغلى ونشاطي وكسلي فإذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ختمة ولعلي (عليه السلام) أخرى ولفاطمة (عليها السلام) اخرى، ثم للائمة (عليهم السلام) حتى انتهيت إليك فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذا الحال فأي شئ لي بذلك؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة، قلت: الله أكبر [ ف‍ ] لي بذلك؟! قال: نعم، ثلاث مرات (1). 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر فقال له: جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال: لا، فقال في ليلتين؟ فقال: لا حتى بلغ ست ليال فأشار بيده فقال: ها، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد إن من كان قبلكم من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ القرآن في شهر وأقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار، فقال أبو بصير:


(1) لعله أشار بقوله: ” ما استطعت ” إلى ما يفوته في بعض الليالى من الختم التام وسكوته (عليه السلام) عن الجواب تقرير له ورخصة أو كان غرضه من السؤال الاعلام خاصة ويحتمل أن يكون قد سقط من الكلام شئ يدل على الجواب واما قول الراوى: ” جعلت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ختمة ولعلى (عليه السلام) أخرى ” يعنى من تلك الختمات الواقعة في شهر رمضان ” منذ صرت في هذه الحال ” يعنى منذ أخذت في ختم القرآن في شهر رمضان بهذا المنوال أو منذ عرفتكم و دخلت في شيعتكم (في).

[ 619 ]

أقرأ القرآن في رمضان في ليلة؟ فقال: لا، فقال: في ليلتين؟ فقال: لا، فقال: في ثلاث؟ فقال: ها وأومأ بيده نعم شهر رمضان لا يشبهه شئ من الشهور، له حق وحرمة، أكثر من الصلاة ما استطعت. (باب) * (أن القرآن يرفع كما أنزل) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الرجل الاعجمي من امتي ليقرأ القرآن بعجمية فترفعه الملائكة على عربية. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك إنا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال: لا، اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم (1). (باب) * (فضل القرآن) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بدر، عن محمد بن مروان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قرأ قل هو الله أحد مرة بورك عليه ومن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهله ومن قرأها ثلاث مرات بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه ومن قرأها اثني عشر مرة بنى الله له اثني عشر قصرا في الجنة فيقول الحفظة: اذهبوا بنا إلى قصور أخينا فلان فننظر إليها ومن قرأها مائة مرة غفرت له ذنوب خمسة وعشرين سنة ما خلا الدماء والاموال ومن قرأها أربعمائة مرة كان له أجر


(1) يعنى به الصاحب (عليه السلام) ويأتى تأويل الحديث ص 631.

[ 620 ]

أربعمائة شهيد كلهم قد عقر جواده واريق دمه ومن قرأها ألف مرة في يوم وليلة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة أو يرى له. 2 – حميد بن زياد، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أمر الله عز وجل هذه الآيات أن يهبطن إلى الارض تعلقن بالعرش (1) وقلن أي رب إلى أين تهبطنا إلى أهل الخطايا والذنوب فأوحى الله عز وجل إليهن: أن اهبطن فوعزتي وجلالي لا يتلوكن أحد من آل محمد وشيعتهم في دبر ما افترضت عليه من المكتوبة في كل يوم إلا نظرت إليه بعيني المكنونة (2) في كل يوم سبعين نظرة أقضي له في كل نظرة سبعين حاجة وقبلته على ما فيه من المعاصي وهي ام الكتاب و ” شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ” وآية الكرسي وآيه الملك. 3 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن سكين، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من قرأ المسبحات (3) كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم وإن مات كان في جوار محمد النبي (صلى الله عليه وآله). 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة.


(1) ” تعلقن بالعرش ” هذا اما كناية عن تقدسهن وبعدهن عن دنس الخطايا أو المراد تعلق الملائكة الموكلين بهن أو أرواح الحروف كما أثبتها جماعة والحق أن تلك الامور من اسرار علومهم وغوامض حكمهم ونحن مكلفون بالتصديق بها إجمالا وعدم التفتيش عن تفصيلها والله يعلم (آت). (2) أي الالطاف الخاصة كذا افيد (آت). (3) المسبحات من السور ما افتتح بسبح أو يسبح.

[ 621 ]

5 – حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ، عن عمرو بن جميع، رفعه إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) (1) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها (2) وثلاث آيات من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه ولا يقربه شيطان ولا ينسي القرآن. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر، يجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه (3) في سبيل الله ومن قرأها سرا كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله (4) ومن قرأها عشر مرات غفرت له على نحو ألف ذنب من ذنوبه (5). 7 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي (صلوات الله عليه) يقول: قل هو الله أحد ثلث القرآن وقل يا أيها الكافرون ربع القرآن. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن الحسن ابن الجهم، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل سمع أبا الحسن (عليه السلام) يقول: من قرأ آية الكرسي عند منامه لم يخف الفالج إن شاء الله ومن قرأها في دبر كل فريضة لم يضره ذو حمة (6) وقال: من قدم قل هو الله أحد بينه وبين جبار منعه الله عز و جل منه، يقرأها من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فإذا فعل ذلك رزقه الله عز وجل خيره ومنعه من شره، وقال: إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ثم قل: اللهم اكشف عني البلاء – ثلاث مرات – 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن إسحاق بن


(1) في بعض النسخ [ أبى عبد الله ]. (2) أي قرأ ” الله لا إله الا هو الحى القوم – إلى – هم فيها خالدون “. (3) شهر سيفه أي سله. وفى بعض النسخ [ كالمشاهر ]. (4) تشحط المقتول بدمه أي اضطرب فيه وتمرغ. (5) في بعض النسخ [ مرت له على محو الف ذنب من ذنوبه ]. (6) الحمة بضم المهملة: السم أو الابرة يضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك يلدغ بها.

[ 622 ]

عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ مائة آية يصلي بها في ليلة كتب الله عز وجل له بها قنوت ليلة ومن قرأ مائتي آية في غير صلاة لم يحاجه القرآن يوم القيامة ومن قرأ خمسمائة آية في يوم وليلة في صلاة النهار والليل كتب الله عز وجل له في اللوح المحفوظ قنطارا من الحسنات والقنطار ألف ومائتا أو قية، والاوقية أعظم من جبل أحد. 10 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من مضى به يوم واحد فصلى فيه بخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد قيل له: يا عبد الله لست من المصلين. 11 – وبهذا الاسناد، عن الحسن بن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر (1) الفريضة بقل هو الله أحد، فإنه من قرأها جمع الله له خير الدنيا والآخرة وغفر له ولوالديه وما ولدا. 12 – عنه، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن سورة الانعام نزلت جملة شيعها سبعون ألف ملك حتى انزلت على محمد (صلى الله عليه وآله) فعظموها وبجلوها فإن اسم الله عز وجل فيها في سبعين موضعا ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى على سعد بن معاذ فقال: لقد وافى من الملائكة سبعون ألفا وفيهم جبرئيل (عليه السلام) يصلون عليه فقلت له: يا جبرئيل بما يستحق صلاتكم عليه؟ فقال: بقراءته قل هو الله أحد قائما وقاعدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا.


(1) في بعض النسخ [ بدبر ].

[ 623 ]

14 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشير، عن عبيدالله بن الدهقان، عن درست عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ ألهيكم التكاثر عند النوم وقي فتنة القبر. 15 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عبد الله بن الفضل النوفلي رفعه قال (1): ما قرءت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو قرءت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان ذلك عجبا. 17 – عنه، عن أحمد بن بكر، عن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ما من أحد في حد الصبى يتعهد (2) في كل ليلة قراءة قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس كل واحدة ثلاث مرات وقل هو الله أحد مائة مرة فإن لم يقدر فخمسين إلا صرف الله عز وجل عنه كل لمم أو عرض من أعراض الصبيان والعطاش (3) وفساد المعدة وبدور الدم أبدا ما تعوهد بهذا حتى يبلغه الشيب فإن تعهد نفسه بذلك أو تعوهد كان محفوظا إلى يوم يقبض الله عز وجل نفسه. 18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقري قال: سمعت أبا إبراهيم (عليه السلام) يقول: من استكفى بآية من القرآن من الشرق إلى الغرب كفي [ إذا كان بيقين ]. 19 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه


(1) كذا مضمرا. (2) اريد بتعهد القراءة تفقدها وإحداث العهد بها. (3) اللمم: ضرب من الجنون. والعطاش بالضم داء لا يروى صاحبه ولا يتمكن من ترك شرب الماء طويلا وقوله: ” أو تعوهد ” كأن الترديد من الراوى أو يكون المراد يقرأ عليه إذا لم يمكنه القراءة والاخير أظهر (آت).

[ 624 ]

جميعا، عن بكر بن محمد الازدي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في العوذة قال: تأخذ قلة جديدة فتجعل فيها ماء ثم تقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاثين مرة ثم تعلق وتشرب منها وتتوضأ ويز [ د ] اد فيها ماء إن شاء الله (1). 20 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إدريس الحارثي، عن محمد ابن سنان، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مفضل احتجز من الناس كلهم ببسم الله الرحمن الرحيم وبقل هو الله أحد اقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك، فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات واعقد بيدك اليسرى ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده. 21 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السياري، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه قال: والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ تطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها (2) أو ضالة أو آبق إلا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق والغرق؟ فقال: اقرأ هذه الآيات ” الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين (3) ” ” وما قدروا الله حق قدره – إلى قوله – سبحانه وتعالى عما يشركون (4) ” فمن قرأها فقد أمن الحرق والغرق – قال: فقرأها رجل واضطرمت النار في بيوت جيرانه وبيته وسطها فلم يصبه شئ – ثم قام إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين إن دابتي استصعبت علي وأنا منها على وجل


(1) أي كلما ينقض ماؤه يصب عليه ماء آخر ليمتزج بالماء الباقي ويؤثر تأثيره دائما. (2) في بعض النسخ [ أو شرق أو افلات دابة ] والافلات والانفلات: التخلص من الشئ فجأة من غير تمكث. (3) في سورة الاعراف هكذا ” ان وليى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين “. (4) في سورة الزمر ” وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون “.

[ 625 ]

فقال: اقرأ في اذنها اليمنى ” وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها و إليه ترجعون (1) ” – فقرأها فذلت له دابته – وقام إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين إن أرضي أرض مسبعة وإن السباع تغشى منزلي ولا تجوز حتى تأخذ فريستها (2) فقال: اقرأ ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (3) ” – فقرأهما الرجل فاجتنبته السباع – ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين إن في بطني ماء أصفر (4) فهل من شفاء؟ فقال: نعم بلا درهم ولا دينار ولكن اكتب على بطنك آية الكرسي وتغسلها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن الله عزو جل – ففعل الرجل فبرأ باذن الله – ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الضالة؟ فقال: اقرأ يس في ركعتين وقل: يا هادي الضالة رد علي ضالتي – ففعل فرد الله عز وجل عليه ضالته – ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الآبق فقال: اقرأ ” أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج – إلى قوله -: ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (5) ” – فقالها الرجل فرجع إليه الآبق – ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن السرق فإنه لا يزال قد يسرق لي الشئ بعد الشئ ليلا؟ فقال له: اقرأ إذا أويت إلى فراشك ” قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا – إلى إقوله -: وكبره تكبيرا (6) ” ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من بات بأرض قفر فقرأ هذا الآية ” إن ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش – إلى قوله -: تبارك الله رب العالمين ” حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين، قال:


(1) آل عمران: 83. (2) الفربسة: ما افترسه السبع. (3) التوبة: 128. (4) هو الصفراء التى تدفع من المثانة ممزوجة بالبول. (5) النور: 40. (6) الاسراء: 111. (7) الاعراف: 53.

[ 626 ]

فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب فبات فيها ولم يقرأ هذه الآية فتغشاه الشيطان وإذا هو آخذ بخطمه (1) فقال له صاحبه: أنظره واستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه: أرغم الله أنفك أحرسه الآن حتى يصبح، فلما أصبح رجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبره وقال له: رأيت في كلامك الشفاء والصدق، ومضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعا في الارض (2). 22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شئ. 23 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: من قرأ إذا أوى إلى فراشه: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد كتب الله عز وجل له براءة من الشرك. 24 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن أبيه، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الارض زلزالها، فإنه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت وإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند رأسه فيقول: يا ملك الموت ارفق بولي الله فإنه كان كثيرا ما يذكرني ويذكر تلاوة هذه السورة، وتقول له السورة مثل ذلك ويقول ملك الموت قد أمرني ربي أن أسمع له واطيع ولا اخرج روحه حتى يأمرني بذلك فإذا أمرني أخرجت روحه، ولا يزال ملك الموت عنده حتى تأمره بقبض روحه وإذا كشف له الغطاء فيرى منازله في الجنة فيخرج روحه من ألين ما يكون من العلاج، ثم يشيع روحه إلى الجنة سبعون ألف ملك يبتدرون بها إلى الجنة.


(1) في القاموس: الخطم من كل طائر منقاره ومن كل دابة مقدم أنفه وفمه. (2) دل على أن الشيطان جسم له شعر ويمكن أن يراد بالشعر شعر ذلك الرجل الساقط منه بجذب الشيطان واضافته إليه لادنى ملابسة (لح).

[ 627 ]

(باب النوادر) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن عبيس بن هشام، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستدر به الملوك (1) واستطال به على الناس ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده وأقامه إقامة القدح فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن (2) ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فأسهر به ليله وأظمأ به نهاره وقام به في مساجده وتجافى به عن فراشه فباولئك يدفع الله العزيز الجبار البلاء وباولئك يديل الله عز وجل من الاعداء (3) وباولئك ينزل الله عز وجل الغيث من السماء فوالله لهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الاحمر. 2 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي يحيى، عن الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن و أمثال، وثلث فرائض وأحكام (4). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن داود بن فرقد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال وربع حرام وربع سنن وأحكام وربع خبر ما كان قبلكم ونباء ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم.


(1) الريح تدر السحاب وتستدره أي تستجلبه. (2) اقامة القدح كانه تأكيد للفقرة الاولى أعنى حفظ الحروف (آت). (3) أدال الله بنى فلان من عدوهم أي جعل الكرة لهم عليهم. (4) ليس بناء هذا التقسيم على التسوية الحقيقية ولا على التفريق من جميع الوجوه فلا ينافى زيادة بعض الاقسام على الثلاث أو نقصه عنه ولادخول بعضها في بعض ولا ينافى ايضا مضمونه مضمون ما يأتي بعده (في).

[ 628 ]

4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام (1). 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن محمد بن الحسن السري، عن عمه علي بن السري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أول ما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” بسم الله الرحمن الرحيم * اقرأ باسم ربك ” وآخره ” إذا جاء نصر الله ” (2). 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن القاسم (3)، عن محمد بن سليمان عن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته، عن قول الله عز –


(1) روى العياشي مضمون هذه الاخبار في تفسيره بنحو اتم من هذا: رواه باسناده عن ابى جعفر (عليه السلام) أنه قال: القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفى احبائنا وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا وثلث سنة ومثل ولو أن الاية إذا نزلت في قوم ثم مات اولئك القوم ماتت الاية لما بقى من القرآن شئ ولكن القرآن يجرى أوله على أخره مادامت السماوات والارض ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شر * وباسناده عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر (عليه السلام) قال: يا محمد إذا سمعت الله ذكر أحدا من هذه الامة بخير فنحن هم وإذا سمعت الله ذكر قوما بسوء ممن مضى فهم عدونا. اقول يستفاد من الحديثين أن المراد بضمائر المتكلم في قولهم (عليهم السلام) فينا وأحبائنا وأعدائنا من يشملهم وكل من كان من سنخهم وطينتهم من الانبياء والاولياء و كل من كان من المقربين من الاولين والاخرين وكذا الاحباء والاعداء يشملان كل من كان من سنخ شيعتهم ومحبيهم وكل من كان من سنخ أعدائهم ومبغضيهم من الاولين والاخرين وذلك لان كل من أحبه الله ورسوله أحبه كل مؤمن من ابتداء الخلق إلى انتهائه وكل من ابغضه الله ورسوله أبغضه كل مؤمن كذلك وهو يبغض كل من أحبه الله ورسوله فكل مؤمن في العالم قديما وحديثا إلى يوم القيامة فهو من شيعتهم ومحبيهم وكل جاحد في العالم قديما وحديثا إلى يوم القيامة فهو من مخالفيهم ومبغضيهم فصح أن كلما ورد في احد الفريقين ورد في أحبائهم أو أعدائهم تصديق ذلك ما رواه الصدوق طاب ثراه في العلل عن المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل (في) [ الخبر مذكور في باب العلة التى من أجلها سمى على بن أبى طالب أمير المؤمنين ص 64 – 65 الطبع الحجرى ]. (2) لعل المراد أنه لم ينزل بعدها سورة كاملة فلا ينافى نزول بعض الايات بعدها كما هو المشهور (آت). (3) في بعض النسخ [ عن أبيه وعلى بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان داود الخ ]

[ 629 ]

وجل: ” شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ” وإنما انزل في عشرين سنة بين أوله وآخره؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ثم نزل في طول عشرين سنة، ثم قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): نزلت صحف ابراهيم في أول ليلة من شهر رمضان وانزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان وانزل الانجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وانزل الزبور لثمان عشر خلون من شهر رمضان وانزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تتفأل بالقرآن (1) 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمد بن الوراق قال: عرضت على أبي عبد الله (عليه السلام) كتابا فيه قرآن مختم معشر بالذهب (1) وكتب في آخره سورة بالذهب فأريته إياه فلم يعب فيه شيئا إلا كتابة القرآن بالذهب وقال: لا يعجبني أن يكتب القرآن إلا بالسواد كما كتب أول مرة. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: تأخذ المصحف في الثلث الثاني من شهر رمضان فتنشره وتضعه بين يديك وتقول: ” اللهم إنى أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه اسمك الاعظم الاكبر وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى أن تجعلني من عتقائك من النار ” وتدعو بما بدا لك من حاجة.


(1) كن المراد النهى عن استفسار وقوع الاشياء في المستقبل وبيان الامور الخفية من القرآن لا الاستخارة لانه قد ورد الخبر بجوازه – كذا افيد – ولعل الاظهر عدم التفأل عند سماع آية أو رؤيتها كما هو دأب العرب في التفأل والتطير ولا يبعد أن يكون السر فيه أنه يصير سببا لسوء عقيدتهم في القرآن إن لم يظهر أثره (آت). (2) قيل: المختم ما كان من علامة ختم الايات فيه بالذهب ويمكن أن يراد به النقش الذى يكون في وسط الجلد أو في الافتتاح والاختتام أو في الحواشى للزينة (ت).

[ 630 ]

10 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لكل شئ ربيع وربيع القرآن شهر رمضان. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان أو عن غيره، عمن ذكره قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن والفرقان أهما شيئان أو شئ واحد؟ فقال (عليه السلام): القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به. 12 – الحسين بن محمد، عن علي بن محمد، عن الوشاء، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيئ من قبل الرواة. 13 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يقولون: إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال: كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد (1). 14 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن


(1) في النهاية: ” فيه نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف ” أراد بالحروف اللغة يعنى على سبع لغات من لغات العرب أي انها متفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل و بعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة اليمن وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه. على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرء بسبعة وعشرة كقوله: ” مالك يوم الدين ” و ” عبد الطاغوت ” ومما يبين ذلك قول ابن مسعود: انى سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم انما هو كقول أحدكم: هلم وتعال وأقبل وفيه أقوال غير ذلك هذا أحسنها. انتهى. ومثله في القاموس وانت خبير بأن قوله (عليه السلام): ” نزل على حرف واحد من عند الواحد ” لا يلائم هذا التفسير بل انما يناسب اختلاف القراءة فلعله (عليه السلام) انما كذب ما فهموه من هذا الكلام من اختلاف القراءة لا ما تفوهوا به منه كما حقق في نظائره فلا ينافى تكذيبه نقله الحديث بهذا المعنى في صحته بمعنى اختلاف اللغات أو غير ذلك (في).

[ 631 ]

بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جاره (1). وفي رواية اخرى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: معناه ما عاتب الله عز وجل به على نبيه (صلى الله عليه وآله). فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله: ” ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (2) ” عنى بذلك غيره. 15 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم،، عن عبد الله ابن جندب، عن سفيان بن السمط قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن تنزيل القرآن قال: اقرؤوا كما علمتم. 16 – علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن (عليه السلام) مصحفا وقال: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه: ” لم يكن الذين كفروا ” فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم قال: فبعث إلي: ابعث إلي بالمصحف (3).


(1) هذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام يريد به غير المخاطب. (2) الاسراء: 74. (3) لعل المراد أنه وجد تلك الاسماء مكتوبة في ذلك المصحف تفسيرا لقوله تعالى لم يكن الذين كفروا مأخوذة من الوحى لا أنها كانت من أجزاء القرآن وعليه يحمل ما في الخبر السابق ص 621 والاتي ص 633 ايضا من استماع الحروف من القرآن على خلاف ما يقرأه الناس يعنى استماع حروف تفسر ألفاظ القرآن وتبين المراد منها علمت بالوحى وكذلك كل ما ورد من هذا القبيل عنهم (عليهم السلام) وقد مضى في كتاب الحجة نبذ منه فانه كله محمول على ما قلناه وذلك لانه لو كان تطرق التحريف والتغيير في ألفاظ القرآن لم يبق لنا اعتماد على شئ منه إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن تكون محرفة ومغيرة وتكون على خلاف ما أنزله الله فلا يكون القرآن حجة لنا وتنتفي فائدته وفائدة الامر باتباعه والوصية به وعرض الاخبار المتعارضة عليه إلى غير ذلك وأيضا قال الله عز وجل ” وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ” فكيف تطرق إليه التحريف والنقصان والتغيير وأيضا قال الله عز وجل، ” انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” وقد استفاض عن النبي (صلى الله عليه وآله والائمة (عليهم السلام) حديث عرض الخبر المروى عنهم (عليهم السلام) على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته فإذا كان القرآن الذى بايدينا محرفا مغيرا فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله وأحسن الوجوه في التأويل أن مرادهم (عليهم السلام) بالتحريف والتغيير والحذف انما هو من حيث المعنى دون اللفظ ومما يدل على ذلك ما يأتي في كتاب الروضة ما رواه الكليني باسناده إلى الباقر (عليه السلام) أنه كتب إلى سعد الخير كتابا أوصاه بتقوى الله إلى أن قال: ” وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه – الحديث -.

[ 632 ]

17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبي (عليه السلام): ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر. 18 – عنه، عن الحسين بن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن أبي مريم الانصاري، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلا هذه الاية ” ألا إلى الله تصير الامور (1) “. 19 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن ميمون القداح قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): اقرأ، قلت، من أي شئ أقرأ؟ قال: من السورة التاسعة قال: فجعلت التمسها فقال: اقرأ من سوة يونس قال: فقرأت ” للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة (2) ” قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لاعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (3). 20 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال، عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” بلسان عربي مبين (4) ” قال: يبين الالسن ولا تبينه الالسن. 21 – أحمد بن محمد بن أحمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن الوليد، عن أبان، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عبد يقرأ آخر الكهف إلا تيقظ في الساعة التي يريد. 22 – أبو علي الاشعري وغيره، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): سليم مولاك ذكر أنه ليس معه من القرآن إلا سورة يس، فيقوم من الليل فينفد ما معه من القرآن أيعيد ما قرأ؟ قال: نعم لا بأس.


(1) الشورى: 53. (2) يونس: 26. (3) كون سورة يونس السورة التاسعة مبنى على كون البقرة اول السور كما ذهب إليه بعض، أو على كون سورة التوبة تتمة الانفال كما ذهب إليه جمع. (4) الشعراء: 195.

[ 633 ]

23 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم (عليه السلام) قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام) وقال: أخرجه علي (عليه السلام) إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله [ الله ] على محمد (صلى الله عليه وآله) وقد جمعته من اللوحين فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن اخبركم حين جمعته لتقرؤوه. 24 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن سعيد بن عبد الله الاعرج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقرأ القرآن ثم ينساه ثم يقرأه ثم ينساه أعليه فيه حرج؟ فقال: لا. 25 – علي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبي (عليه السلام): ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر. 26 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك ومن قرأها في ليلته فقد أكثر وأطاب ولم يكتب بها من الغافلين وإني لاركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس وإن والدي (عليه السلام) كان يقرؤها في يومه وليلته ومن قرأها إذا دخل عليه في قبره ناكر ونكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقوم علي فيقرأ سورة الملك في كل يوم وليلة وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد أوعاني سورة الملك وإذا أتياه من قبل لسانه قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقرأ بي في كل يوم وليلة سورة الملك.


[ 634 ]

27 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ومعنا ربيعة الرأي فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال، فقال ربيعة: ضال؟ فقال: نعم ضال، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): أما نحن فنقرأ على قراءة أبي (1). 28 – علي بن الحكم، عن هشام بن سالم (2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القرآن الذي جاء به جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه وآله) سبعة عشر ألف آية (3). تم كتاب فضل القرآن بمنه وجوده [ ويتلوه كتاب العشرة ]


(1) يدل على أن قراءة ابى بن كعب أصح القراءات عندهم (عليهم السلام). (2) في بعض النسخ [ هارون بن مسلم ] مكان هشام. (3) قد اشتهر اليوم بين الناس أن القرآن ستة آلاف وستمائة وست وستون آية وروى الطبرسي (ره) في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن القرآن ستة آلاف ومائتان وثلاث وستون آية. ولعل الاختلاف من قبل تحديد الايات.

[ 635 ]

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب العشرة (باب) * (ما يجب من المعاشرة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن مرازم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): عليكم بالصلاة في المساجد وحسن الجوار للناس وإقامة الشهادة وحضور الجنائز، إنه لابد لكم من الناس (1) إن أحدا لا يستغني عن الناس حياته والناس لابد لبعضهم من بعض. 2 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وفيما بيننا وبين خلطائنا من الناس؟ قال: فقال: تؤدون الامانة إليهم وتقيمون الشهادة لهم وعليهم وتعودون مرضاهم وتشهدون جنائزهم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد جميعا، عن القاسم بن محمد، عن حبيب الخثعمي قال: سعمت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول عليكم بالورع والاجتهاد واشهدوا الجنائز وعودوا المرضى واحضروا مع قومكم مساجدكم وأحبوا للناس ما تحبون لانفسكم أما يستحيي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره.


(1) أي من مخالطتهم ومعاشرتهم ومعاملتهم.

[ 636 ]

4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ قال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الامانة إليهم. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام و أوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الامانة وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)، أدوا الامانة إلى من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط (1) صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الامانة وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور وقيل: هذا أدب جعفر وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل: هذا أدب جعفر، فوالله لحدثني أبي (عليه السلام) أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعه علي (عليه السلام) فيكون زينها آداهم للامانة وأقضاهم للحقوق وأصدقهم للحديث، إليه وصاياهم وودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول: من مثل فلان إنه لآدانا للامانة وأصدقنا للحديث


(1) الخيط: السلك والمخيط: الابرة.

[ 637 ]

(باب) * (حسن المعاشرة) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: قال: أبو جعفر (عليه السلام): من خالطت فان استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل (1) 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن حفص، عن أبي الربيع الشامي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) والبيت غاص بأهله فيه الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق فلم أجد موضعا أقعد فيه فجلس أبو عبد الله (عليه السلام) وكان متكئا ثم قال: يا شيعة آل محمد اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالقة من خالقه ومرافقه من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه، يا شيعة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله (2). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ” إنا نراك من المحسنين (3) ” قال: كان يوسع المجلس ويستقرض للمحتاج ويعين الضعيف. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن علاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: عظموا أصحابكم ووقروهم ولا يتهجم بعضكم على بعض ولا تضاروا ولا تحاسدوا وإياكم والبخل كونوا عباد الله المخلصين [ الصالحين ].


(1) يدك العليا اسم تكون وعليهم خبره. وجعلها صفة لليد وعليهم خبره بعيد. وهو كناية عن الاحسان وايصال النفع الدينى إليهم بقدر الامكان. (2) المخالقة: المعاشرة بالاخلاق الحسنة وخالقه أي عاشره بخلق حسن. (3) يوسف: 36 و 78.

[ 638 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد وثعلبة وعلي بن عقبة، عن بعض من رواه، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: الانقباض من الناس مكسبة للعداوة. (باب) * (من يجب مصادقته ومصاحبته) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حسين بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا عليك أن تصحب ذا العقل وإن لم تحمد كرمه (1) ولكن انتفع بعقله واحترس من سيئ أخلاقه ولا تدعن صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله ولكن انتفع بكرمه بعقلك وافرر كل الفرار من اللئيم الاحمق. 2 – عنه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن الصلت، عن أبان عن أبي العديس قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا صالح اتبع من يبكيك وهو لك ناصح ولا تتبع من يضحك وهو لك غاش وستردون على الله جميعا فتعلمون. 3 – عنه، عن محمد بن علي، عن موسى بن يسار القطان، عن المسعودي، عن أبي داود، عن ثابت بن أبي صخرة، عن أبي الزعلى قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا من تحادثون؟ فإنه ليس من أحد ينزل به الموت إلا مثل له أصحابه (2) إلى الله إن كانوا خيارا فخيارا وإن كانوا شرارا فشرارا، وليس أحد يموت إلا تمثلت له عند موته. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض الحلبيين، عن


(1) في بعض النسخ [ وإن لم تجد كرمه ]. (2) في بعض النسخ [ الا مثلت له أصحابه ]. وفى الوافى ” في الله “.

[ 639 ]

عبد الله بن مسكان، عن رجل من أهل الجبل لم يسمه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): عليك بالتلاد (1) وإياك وكل محدث لا عهد له ولا أمان ولا ذمة ولا ميثاق وكن على حذر من أوثق الناس عندك. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أحب إخواني إلي من أهدي إلي عيوبي. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عبيدالله الدهقان، عن أحمد بن عائذ، عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تكون الصداقة إلا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شئ منها فانسبه إلى الصداقة ومن لم يكن فيه شئ منها فلا تنسبه إلى شئ من الصداقة فأولها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثاني أن يرى زينك زينه وشينك شينه، والثالثة أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال، والرابعة أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات. (باب) * (من تكره مجالسته ومرافقته) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن سالم الكندي، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا صعد المنبر قال: ينبغي للمسلم أن يتجنب مواخاة ثلاثة: الماجن الفاجر والاحمق والكذاب، فأما الماجن الفاجر فيزين لك فعله ويحب أنك مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك ومقاربته جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عار عليك وأما الاحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه. وربما أراد منفعتك فضرك فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه وأما الكذاب فإنه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث كلما


(1) التلاد والتالد من المال القديم الاصلى الذى ولد عندك نقيض الطارف.

[ 640 ]

أفنى أحدوثة مطرها باخرى مثلها (1) حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق ويفرق بين الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور (2) فاتقوا الله عز وجل وانظروا لانفسكم. 2 – وفي رواية عبد الاعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر فإنه يزين له فعله ويحب أن يكون مثله ولا يعينه على أمر دنياه ولا أمر معاده ومدخله إليه ومخرجه من عنده شين عليه. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن يوسف، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر ولا الاحمق ولا الكذاب. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال عيسى ابن مريم (عليه السلام): إن صاحب الشر يعدي (3) وقرين السوء يردي فانظر من تقارن. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين، عن محمد بن سنان عن عمار بن موسى قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا عمار إن كنت تحب أن تستتب (4) لك النعمة وتكمل لك المروءة وتصلح لك المعيشة، فلا تشارك العبيد والسفلة في أمرك فإنك إن ائتمنتهم خانوك وإن حدثوك كذبوك وإن نكبت خذلوك وإن وعدوك أخلفوك. 6 – قال: وسمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: حب الابرار للابرار ثواب للابرار وحب الفجار للابرار فضيلة للابرار وبغض الفجار للابرار زين للابرار وبغض الابرار للفجار خزي على الفاجر.


(1) في بعض النسخ [ مطها باخرى ]. (2) جمع السخيمة وهى الحقد. (3) أي يظلم صاحبه. وردى كرضى: هلك. (4) استتب الامر أي تهيا واستقام وفى بعض النسخ [ تستتم ].

[ 641 ]

7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن بعض أصحابهما، عن محمد بن مسلم وأبي حمزة، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال لي أبي علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، فقلت: يا أبت من هم عرفنيهم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة أو اقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الاحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع قال الله عز وجل: ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (1) ” وقال عز وجل: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سواء الدار (2) ” وقال في البقرة: ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك هم الخاسرون (3) “. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم قال: سمعت المحاربي يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة مجالستهم تميت القلب: الجلوس مع الانذال (4) والحديث مع النساء والجلوس مع الاغنياء. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن أبي البلاد


(1) محمد ص: 23. (2) الرعد: 25. (3) البقرة: 27. (4) النذل والنذيل: الخسيس من الناس. والجمع أنذال.

[ 642 ]

عمن ذكره، (1) قال: قال لقمان (عليه السلام) لابنه: يا بني لا تقترب فتكون أبعد لك ولا تبعد فتهان (2) كل دابة تحب مثلها وإن ابن آدم يحب مثله ولا تنشر بزك إلا عند باغيه (3) كما ليس بين الذئب والكبش خلة كذلك ليس بين البار والفاجر خلة، من يقترب من الزفت (4) يعلق به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرقه، من يحب المراء يشتم ومن يدخل مداخل السوء يتهم ومن يقارن قرين السوء لا يسلم ومن لا يملك لسانه يندم. 10 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبن أبي نجران، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله و قرينه. 11 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن هارون بن مسلم، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إياك ومصادقة الاحمق فإنك أسر ما تكون من ناحيته أقرب ما يكون إلى مساءتك. (باب) * (التحبب إلى الناس والتودد إليهم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أعرابيا من بني تميم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: أوصني، فكان مما أوصاه: تحبب إلى الناس يحبوك.


(1) كذا مضمرا. (2) ” لا تقترب ” يعنى من الناس بكثرة المخالطة والمعاشرة فيساموك ويملوك فتكون أبعد من قلوبهم ولا تبعد كل البعد فلم يبالوا بك فتصير مهينا مخذولا والبز بالزاى: المتاع. (3) الباغى: الطالب. (4) في بعض النسخ [ يقرب من الزفت ] والزفت بالكسر: القار، المزفت: المطل به.

[ 643 ]

2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مجاملة (1) الناس ثلث العقل. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث يصفين ود المرء لاخيه المسلم: يلقاه بالبشر إذا لقيه ويوسع له في المجلس إذا جلس إليه ويدعوه بأحب الاسماء إليه. 4 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): التودد إلى الناس نصف العقل. 5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: التودد إلى الناس نصف العقل. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كف يده عن الناس فإنما يكف عنهم يدا واحدة ويكفون عنه أيديا كثيرة. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن زياد التميمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسن بن علي (عليهما السلام): القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه والبعيد من بعدته المودة وإن قرب نسبه، لا شئ أقرب إلى شئ من يد إلى جسد وإن اليد تغل فتقطع وتقطع فتحسم (2).


(1) أي المعاملة بالجميل. (2) في النهاية الغلول: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة وكل من خان في شئ خفية فقد غل وسمى غلولا لان الايدى فيها مغلولة مجعول فيها غل. وقال حسمه أي قطع الدم عنه بالكى ومنه الحديث: أنه أتى بسارق فقال: اقطعوه ثم احسموه أي اقطعوا يده ثم اكووها لينقطع الدم منها. ولعل المراد بالتشبيه مجرد التنبيه على أنه لا اعتماد على قرب القريب فانه قد يبعد أو من حيث أن يد السارق عدوه، خائنة لصاحبها فمع غاية القرب تقطع ويحسم موضعها لئلا يعود أو يحفظ الدم لمودته بالحسم أو المعنى الانسان عدو يده فيصير سببا لقطعه. والله يعلم (آت) وقال الفيض رحمه الله: يعنى أن القرب الجسماني لا وثوق به ولا بقاء له وانما الباقي النافع القرب الروحانى ألا ترى إلى قرب اليد الصوري من الجسد كيف يتبدل بالبعد الصوري الذى لا يرجى عودة إلى القرب لاكتواء محلها المانع لها من المعاودة وذلك بسبب خيانتها التى هي البعد المعنوي وفى بعض النسخ [ تفل ] من الفلول.

[ 644 ]

(باب) * (اخبار الرجل أخاه بحبه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن عمر [ بن اذينة ] عن أبيه، عن نصر بن قابوس قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) إذا أحببت أحدا من إخوانك فأعلمه ذلك فإن إبراهيم (عليه السلام) قال: ” رب أرني كيف تحيي الموتي قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي (1) ” 2 – أحمد بن محمد بن خالد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أحببت رجلا فأخبره بذلك فانه أثبت للموده بينكما. (باب التسليم) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): السلام تطوع والرد فريضة. 2 – وبهذا الاسناد قال: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. وقال: ابدؤوا بالسلام قبل الكلام فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. 3 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان سلمان رحمه الله يقول: افشوا سلام الله فإن سلام الله لا ينال الظالمين.


(1) البقرة: 260.

[ 645 ]

5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يحب إفشاء السلام. 6 – عنه، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل قال: [ إن ] البخيل من يبخل بالسلام. 7 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلمت فلم يردوا علي ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فإذا رد أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلم: سلمت فلم يردوا علي، ثم قال: كان علي (عليه السلام) يقول: لا تغضبوا ولا تغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام، ثم تلا (عليه السلام) عليهم قول الله عز وجل: ” السلام المؤمن المهيمن (1) “. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: البادي بالسلام أولى بالله وبرسوله. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من قال: السلام عليكم فهي عشر حسنات ومن قال: [ ال ] سلام عليكم ورحمة الله فهي عشرون حسنة ومن قال: [ ال‍ ] سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهي ثلاثون حسنة. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة وإن كان واحدا عند العطاس يقال: يرحمكم الله وإن لم يكن معه غيره والرجل يسلم على الرجل فيقول: السلام عليكم والرجل يدعو للرجل فيقول: عافاكم الله وإن كان واحدا فإن معه غيره. 11 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، رفعه قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول:


(1) الحشر: 23. والمهيمن: أي القائم على خلقه باعمارهم وآجالهم وارزاقهم.

[ 646 ]

ثلاثة لا يسلمون: الماشي مع الجنازة والماشي إلى الجمعة وفي بيت الحمام (1). 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون ابن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من التواضع أن تسلم على من لقيت. 13 – أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بقوم فسلم عليهم فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته و رضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لابينا إبراهيم (عليه السلام) إنما قالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن من تمام التحية للمقيم المصافحة وتمام التسليم على المسافر المعانقة. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يكره للرجل أن يقول: حياك الله ثم يسكت حتى يتبعها بالسلام. (باب) * (من يجب ان يبدأ بالسلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير. 2 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة ابن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القليل يبدؤون الكثير بالسلام والراكب يبدأ الماشي وأصحاب البغال يبدؤون أصحاب الحمير وأصحاب الخيل يبدؤون أصحاب البغال.


(1) وذلك لانهم في شغل من الخاطر وفى هم من البال فلا عليهم أن يسلموا.

[ 647 ]

3 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد وإذا لقيت جماعة جماعة سلم الاقل على الاكثر وإذا لقي واحد جماعة سلم الواحد على الجماعة. 4 – سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يسلم الراكب على الماشي والقائم على القاعد. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان قوم في مجلس ثم سبق قوم فدخلوا فعلى الداخل أخيرا إذا دخل أن يسلم عليهم. (باب) * (إذا سلم واحد من الجماعة اجزأهم وإذا رد واحد من الجماعة) * * (أجزأ عنهم) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: إذا سلم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم وإذا رد واحد أجزأ عنهم.


[ 648 ]

(باب) * (التسليم على النساء) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يسلم على النساء وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن و يقول: أتخوف أن تعجبني صوتها فيدخل علي أكثر مما أطلب من الاجر. (باب) * (التسليم على أهل الملل) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخل يهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعائشة عنده فقال: السام عليكم (1) فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليكم، ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما رد على صاحبيه فغضبت عائشة فقالت: عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود يا إخوة القردة والخنازير، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عائشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء، إن الرفق لم يوضع على شئ قط إلا زانه ولم يرفع عنه قط إلا شانه، قالت: يا رسول الله أما سمعت إلى قولهم: السام عليكم؟ فقال: بلى أما سمعت ما رددت عليهم؟ قلت: عليكم، فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا: سلام عليكم وإذا سلم عليكم كافر فقولوا: عليك. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن


(1) السام: الموت.

[ 649 ]

إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم (1). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي أن يرد عليهم؟ فقال: يقول: عليكم. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بريد ابن معاوية، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل: عليك. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه، قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعاه فلما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) لم ير في البيت إلا مشركا (2) فقال: السلام على من اتبع الهدى ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤوا له فقال: أ وهل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب (3) ويطأون أعناقهم؟ فقال: أبو جهل نعم وما هذه الكلمة؟ فقال: تقولون: لا إله إلا الله، قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هرابا وهم يقولون: ” ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ” فأنزل الله تعالى في قولهم: ” ص * والقرآن ذي الذكر – إلى قوله – إلا اختلاق (4) “. 6 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان


(1) في جميع النسخ باثبات الواو يعنى علينا السلام وعليكم ما تستحقون. (2) يعنى بحسب الظاهر فان أبا طالب كان يخفى اسلامه. أو تقية. (3) السود بالضم والسودد: والسؤدد كقنفذ: السيادة. والسائد: السيد. (4) ص: 7

[ 650 ]

عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام (1). 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لابي الحسن موسى (عليه السلام): أرأيت إن احتجت إلى متطبب وهو نصراني اسلم عليه وأدعو له؟ قال: نعم إنه لا ينفعه دعاؤك. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: قلت لابي الحسن موسى (عليه السلام): أرأيت إن احتجت إلى الطبيب وهو نصراني [ أن ] اسلم عليه وأدعو له؟ قال: نعم إنه لا ينفعه دعاؤك. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قيل لابي عبد الله (عليه السلام): كيف أدعو لليهودي والنصراني قال: تقول له: بارك الله لك في الدنيا. 10 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني قال، من وراء الثوب فإن صافحك بيده فاغسل يدك. 11 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عباس بن عامر عن علي بن معمر، عن خالد القلانسي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ألقى الذمي فيصافحني قال: امسحها بالتراب وبالحائط قلت: فالناصب؟ قال: اغسلها. 12 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل صافح رجلا مجوسيا قال: يغسل يده ولا يتوضأ.


(1) أي علينا أو على من يستحقه.

[ 651 ]

(باب) * (مكاتبة أهل الذمة) * 1 – أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن بن علي، عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون له الحاجة إلى المجوسي أو إلى اليهودي أو إلى النصراني أو أن يكون عاملا أو دهقانا من عظماء أهل أرضه فيكتب إليه الرجل في الحاجة العظيمة أيبدأ بالعلج (1) ويسلم عليه في كتابه وإنما يصنع ذلك لكي تقضي حاجته؟ قال: أما إن تبدأ به فلا ولكن تسلم عليه في كتابك فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد كان يكتب إلى كسرى وقيصر. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكتب إلى رجل من عظماء عمال المجوس فيبدأ باسمه قبل اسمه؟ فقال: لا بأس إذا فعل لاختيار المنفعة. (باب الاغضاء (2) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان عنده قوم يحدثهم إذ ذكر رجل منهم رجلا فوقع فيه (3) وشكاه فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وأنى لك بأخيك كله – وأي الرجال المهذب – (4). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، ومحمد بن


(1) العلج: الرجل من كفار العجم (آت). (2) الاغضاء على الشئ: الاغماض. (3) في المصباح: وقع فلان في فلان وقوعا ووقيعة سبه وثلبه. (4) ” بأخيك كله ” أي كل الاخ يعنى التام في الاخوة. والمعنى أنه لا يحصل ذلك الا نادرا فتوقع ذلك كتوقع أمر محال، فارض عن الناس بالقليل. وتمام البيت هكذا: ولست بمستبق أخا لا تلمه * * على شعث، أي الرجال المهذب.

[ 652 ]

سنان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تفتش الناس فتبقى بلا صديق. (باب نادر) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، وحماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: انظر قلبك فإذا أنكر صاحبك فإن أحدكما قد أحدث (1). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن صالح بن الحكم قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: الرجل يقول: أودك فكيف أعلم أنه يودني؟ فقال: امتحن قلبك فإن كنت توده فإنه يودك. 3 – أبو بكر الحبال، عن محمد بن عيسى القطان المدائني قال: سمعت أبي يقول: حدثنا مسعدة بن اليسع قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إني والله لاحبك فأطرق ثم رفع رأسه فقال: صدقت يا أبا بشر (2)، سل قلبك عما لك في قلبي من حبك فقد أعلمني قلبي عما لي في قلبك. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): لا تنسني من الدعاء، قال: [ أ ] وتعلم أني أنساك؟ قال: فتفكرت في نفسي وقلت: هو يدعو لشيعته وأنا من شيعته، قلت: لا، لا تنساني قال: وكيف علمت ذلك؟ قلت: إني من شيعتك وإنك لتدعو لهم، فقال: هل علمت بشئ غير هذا؟ قال: قلت: لا، قال: إذا أردت أن تعلم مالك عندي فانظر [ إلى ] ما لي عندك (3).


(1) لعل المراد: اعلم أن صاحبك أيضا أبغضك وسبب البغض اما شئ من قبلك أو توهم فاسد من قبله (آت). (2) في بعض النسخ [ يا أبا بشير ]. (3) هذا يدل على نهاية جلالة الرجل وتقربه عند الرضا (عليه السلام).

[ 653 ]

5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: انظر قلبك فإن أنكر صاحبك فاعلم أن أحدكما قد أحدث. (باب العطاس والتسميت) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): للمسلم على أخيه من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه ويعوده إذا مرض وينصح له إذا غاب ويسمته (1) إذا عطس يقول: ” الحمد لله رب العالمين لا شريك له ” ويقول له: ” يرحمك الله ” فيجيبه فيقول له: ” يهديكم الله ويصلح بالكم ” ويجيبه إذا دعاه و يتبعه إذا مات. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا عطس الرجل فسمتوه ولو كان من وراء جزيرة، وفي رواية اخرى ولو من وراء البحر. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن مثنى، عن إسحاق بن يزيد ومعمر بن أبي زياد وابن رئاب قالوا: كنا جلوسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذا عطس رجل فما رد عليه أحد من القوم شيئا حتى ابتدأ هو فقال: سبحان الله ألا سمتم إن من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا اشتكا وأن يجيبه إذا دعاه وأن يشهده إذا مات وأن يسمته إذا عطس. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى قال: كنت عند الرضا (عليه السلام) فعطس، فقلت له: صلى الله عليك، ثم عطس، فقلت: صلى الله عليك ثم عطس فقلت صلى الله عليك وقلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك (2)


(1) تسميت العاطس وتشميته: الدعاء له. (2) أي من المعصومين.

[ 654 ]

نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله؟ أو كما نقول؟ قال: نعم أليس تقول صلى الله على محمد وآل محمد؟ قلت: بلى قال: ارحم محمدا وآل محمد؟ (1) قال: بلى وقد صلى الله عليه ورحمه وإنما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة. 5 – عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: التثاؤب من الشيطان (2) والعطسة من الله عز وجل. 6 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد قال: سألت العالم (عليه السلام) عن العطسة وما العلة في الحمد لله عليها؟ فقال: إن لله نعما على عبده في صحة بدنه وسلامة جوارحه وإن العبد ينسى ذكر الله عز وجل على ذلك وإذا نسي أمر الله الريح فتجاوز (3) في بدنه ثم يخرجها من أنفه فيحمد الله على ذلك فيكون حمده عند ذلك شكرا لما نسي. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن جعفر ابن يونس، عن داود بن الحصين قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأحصيت في البيت أربعة عشر رجلا فعطس أبو عبد الله (عليه السلام) فما تكلم أحد من القوم فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): ألا تسمتون ألا تسمتون، من حق (4) المؤمن على المؤمن إذا مرض أن يعوده وإذا مات أن يشهد جنازته وإذا عطس أن يسمته – أو قال: يشمته – وإذا دعاه أن يجيبه. 8 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمر وبن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): نعم الشئ العطسة تنفع في الجسد وتذكر بالله عز وجل، قلت: إن عندنا قوما يقولون: ليس لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في العطسة نصيب، فقال إن كانوا كاذبين فلا نالهم شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: عطس رجل


(1) لعل هنا سقطا أو السائل سكت عن الجواب. (2) تثاء ب: استرخى فاه واسعا من غير قصد. (3) في بعض النسخ [ فجالت ]. (4) في بعض النسخ [ فرض المؤمن ].

[ 655 ]

عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: الحمد لله، فلم يسمته أبو جعفر (عليه السلام) وقال: نقصنا حقنا ثم قال إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته. قال: فقال الرجل، فسمته أبو جعفر. 10 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): إن الناس يكرهون الصلاة على مححمد وآله في ثلاثة مواطن: عند العطسة وعند الذبيحة وعند الجماع، فقال أبو جعفر (عليه السلام): ما لهم ويلهم نافقوا لعنهم الله. 11 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا عطس فقيل له: يرحمك الله قال: يغفر الله لكم ويرحمكم، وإذا عطس عنده إنسان قال: يرحمك الله عز وجل. 12 – عنه، عن أبيه، عن النوفلي أو غيره، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: عطس غلام لم يبلغ الحلم عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: الحمد لله، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): بارك الله فيك. 13 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا عطس الرجل فليقل: الحمد لله [ رب العالمين ] لا شريك له وإذا سمت الرجل فليقل: يرحمك الله وإذا رد [ دت ] فليقل: يغفر الله لك ولنا: فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عن آية أو شئ فيه ذكر الله فقال: كلما ذكر الله فيه فهو حسن (1). 14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن نعيم عن مسمع بن عبد الملك قال: عطس أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: الحمد لله رب العالمين ثم جعل أصبعه على أنفه فقال: رغم أنفي لله رغما داخرا. 15 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من قال إذا عطس: الحمد لله رب العالمين


(1) كانه تعليل رجحان أصل التحميد والدعاء لا خصوص هذه الاذكار.

[ 656 ]

على كل حال. لم يجد وجع الاذنين والاضراس. 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو غيره، عن ابن فضال، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في وجع الاضراس ووجع الآذان إذا سمعتم من يعطس فابدؤوه بالحمد. 17 – علي بن إبراهيم، [ عن أبيه ] عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير عن عثمان، عن ابي أسامة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سمع عطسة فحمد الله عز وجل وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته لم يشتك عينيه ولا ضرسه (1)، ثم قال: إن سمعتها فقلها وإن كان بينك وبينه البحر. 18 – أبو علي الاشعري، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: عطس رجل نصراني عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له القوم: هداك الله، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): [ فقولوا ]: يرحمك الله، فقالوا له: إنه نصراني؟! فقال: لا يهديه الله حتى يرحمه. 19 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا عطس المرء المسلم ثم سكت لعلة تكون به قالت الملائكة عنه: الحمد لله رب العالمين، فإن قال: الحمد لله رب العالمين قالت الملائكة يغفر الله لك، قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العطاس للمريض دليل العافية وراحة للبدن. 20 – محمد بن يحيى، عن محمد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الصمد بن بشير، عن حذيفة بن منصور [ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ] قال: قال: العطاس ينفع في البدن كله ما لم يزد على الثلاث فإذا زاد على الثلاث فهو داء وسقم. 21 – أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ” إن أنكر الاصوات لصوت الحمير (2) ” قال: العطسة القبيحة.


(1) أي لم يشكها، يقال: اشتكى عضوا من اعضائه إذا شكاه (2) لقمان: 19.

[ 657 ]

22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن ابن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عطس ثم وضع يده على قصبة أنفه ثم قال: ” الحمد لله رب العالمين [ الحمد لله ] حمدا كثيرا كما هو أهله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم ” خرج من منخره الايسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب حتى يسير تحت العرض يستغفر الله له إلى يوم القيامة. 23 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه رواه، عن رجل من العامة قال: كنت اجالس أبا عبد الله (عليه السلام) فلا والله ما رأيت مجلسا أنبل من مجالسه (1) قال: فقال لي ذات يوم: من أين تخرج العطسة؟ فقلت: من الانف، فقال لي: أصبت الخطاء فقلت: جعلت فداك من أين تخرج؟ فقال: من جميع البدن كما أن النطفة تخرج من جميع البدن ومخرجها من الاحليل، ثم قال: أما رأيت الانسان إذا عطس نفض (2) أعضاؤه وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيام. 24 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تصديق الحديث عند العطاس. 25 – علي بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان الرجل يتحدث بحديث فعطس عاطس فهو شاهد حق. 26 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تصديق الحديث عند العطاس. 27 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا عطس الرجل ثلاثا فسمته ثم اتركه.


(1) النبل بضم النون: الذكاء والنجابة والفضل وكمال الجسم. والنبيل: ذو النجابة وفى بعض النسخ [ أنبل من مجالسته ]. (2) أي تحرك.

[ 658 ]

(باب) * (وجوب اجلال ذى الشيبة المسلم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إن من إجلال الله عز وجل إجلال الشيخ الكبير. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عرف فضل كبير لسنه فوقره آمنه الله من فزع يوم القيامة. 3 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وقر ذا شيبة في الاسلام آمنه الله عز وجل من فزع يوم القيامة. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا الخطاب يحدث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة لا يجهل حقهم إلا منافق معروف [ ب‍ ] النفاق: ذو الشيبة في الاسلام، وحامل القرآن، والامام العادل. 5 – عنه، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): من إجلال الله عز وجل إجلال المؤمن ذي الشيبة ومن أكرم مؤمنا فبكرامة الله بدأ (1) ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل الله إليه من يستخف به قبل موته. 6 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: من إجلال الله عز وجل إجلال ذي الشيبة المسلم.


(1) في بعض النسخ [ يكرمه الله أبدا ].

[ 659 ]

(باب اكرام الكريم) 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل رجلان على أمير المؤمنين (عليه السلام) فألقى لكل واحد منهما وسادة فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) اقعد عليها فإنه لا يأبى الكرامة إلا حمار، ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جده قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لما قدم عدي بن حاتم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أدخله النبي (صلى الله عليه وآله) بيته ولم يكن في البيت غير خصفة (1) ووسادة من أدم فطرحها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعدي بن حاتم. (باب حق الداخل) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من حق الداخل على أهل البيت أن يمشوا معه هنيئة إذا دخل وإذا خرج، وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم في بيته فهو أمير عليه حتى يخرج (2).


(1) في النهاية: الخصفة بالتحريك واحدة الخصف وهى الجلة التى يكنز فيها التمر وكانها فعل بمعنى مفعول من الخصف وهو ضم الشئ إلى الشئ لانه شئ منسوج من الخوص. وفى المصباح: الاديم الجلد أو أحمره أو مدبوغه الجمع ادمة وادم وأدام. (2) صدر الحديث اشارة إلى حق الداخل من الاستقبال والمشايعة وذيلة إلى حق صاحب البيت من انقياد أوامره ونواهيه وفى بعض النسخ [ فهو أمين عليه حين يخرج ] يعنى لا ينبغى له أن ينقل حديثه الا حيث يأمن الغائلة (في).

[ 660 ]

(باب) * (المجالس بالامانة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن ابن أبي عوف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المجالس بالامانة. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المجالس بالامانة. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المجالس بالامانة وليس لاحد أن يحدث بحديث يكتمه صاحبه إلا بإذنه إلا أن يكون ثقة أو ذكرا له بخير. (باب في المناجات) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان القوم ثلاثة فلا يتناجى منهم اثنان دون صاحبهما فإن في ذلك [ م‍ ] ما يحزنه ويؤذيه. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: إذا كان ثلاثة في بيت فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك مما يغمه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عرض لاخيه المسلم [ المتكلم ] في حديثه فكأنما خدش وجهه (1).


(1) ” عرض لاخيه ” بتخفيف الراء وفتحها وكسرها أي تعرض له وظهر عليه (في).

[ 661 ]

(باب الجلوس) 1 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن النوفلي، عن عبد العظيم ابن عبد الله بن الحسن العلوي رفعه قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يجلس ثلاثا: القرفصا (1) وهو أن يقيم ساقيه ويستقبلهما بيديه ويشد يده في ذراعه، وكان يجثو على ركبتيه وكان يثني رجلا واحدة ويبسط عليها الاخرى ولم ير (صلى الله عليه وآله) متربعا قط. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين (عليهما السلام) قاعدا واضعا إحدى رجليه على فخذه فقلت: إن الناس يكرهون هذه الجلسة ويقولون: إنها جلسة الرب، فقال: إني إنما جلست هذه الجلسة للملالة والرب لا يمل ولا تأخذه سنة ولا نوم. 3 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن مرازم، عن أبي سليمان الزاهد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من رضي بدون التشرف من المجلس لم يزل الله عز وجل وملائكته يصلون عليه حتى يقوم. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ما يجلس تجاه القبلة. 5 – أبو عبد الله الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان قال: جلس أبو عبد الله (عليه السلام) متوركا رجله اليمنى على فخذه اليسرى فقال له رجل: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة، فقال: لا إنما هو شئ قالته اليهود: لما أن فرغ الله عز وجل من خلق السماوات والارض واستوى على العرش جلس هذه الجسلة ليستريح فأنزل الله عز وجل ” الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم (2) ” وبقي أبو عبد الله (عليه السلام) متوركا كما هو.


(1) قرفصا مثلثة يمد ويقصر. ضرب من الجلوس وهو أن يجلس على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه. ويحتبى بيديه بضعهما على ساقيه كما يحتبى بالثوب يكون يداه مكان الثوب وجثى كرعي ورمى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه. (2) البقرة 255.

[ 662 ]

6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل، قال: وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ينبغي للجلساء في الصيف أن يكون بين كل اثنين مقدار عظم الذراع لئلا يشق بعضهم على بعض في الحر. 9 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام): يجلس في بيته عند باب بيته قبالة الكعبة. (باب الاتكاء والاحتباء) (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاتكاء في المسجد رهبانية العرب إن المؤمن مجلسه مسجده وصومعته بيته. 2 – عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاحتباء في المسجد حيطان العرب (2). 3 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاحتباء حيطان العرب.


(1) الاحتباء هو أن يضم الانسان ساقيه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما. (2) يعنى ان العرب تتوسل في الاتكاء بالاحتباء كما يتوسل أصحاب البيوت المبنية بالجدران.

[ 663 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يحتبي بثوب واحد؟ فقال: إن كان يغطي عورته فلا بأس. 5 – عنه، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يجوز للرجل أن يحتبي مقابل الكعبة (1). (باب الدعابة والضحك) (2) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون؟ فقال: لا باس ما لم يكن، فظننت أنه عنى الفحش، ثم قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأتيه الاعرابي فيهدي له الهدية ثم يقول مكانه: أعطنا ثمن هديتنا فيضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان إذا اغتم يقول: ما فعل الاعرابي ليته أتانا. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن إلا وفيه دعابة، قلت: وما الدعابة؟ قال: المزاح. 3 – عنه، عن محمد بن علي، عن يحيى بن سلام، عن يوسف بن يعقوب، عن صالح بن عقبة، عن يونس الشيباني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل قال: فلا تفعلوا (3) فإن المداعبة من حسن الخلق وإنك لتدخل بها السرور على أخيك ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يداعب الرجل يريد أن يسره. 4 – صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل يحب المداعب في الجماعة بلا رفث (4).


(1) في بعض النسخ [ قبالة الكعبة ]. (2) الدعابة بالضم والتخفيف: اللعب والمزاج والمداعبة. (3) أي فلا تفعلوا ما تفعلون من قلة المداعبة بل كونوا على حد الوسط. (4) اريد به الفحش من القول. وفى بعض النسخ [ يحب المداعبة ].

[ 664 ]

5 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن الحسن ابن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ضحك المؤمن تبسم. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كثرة الضحك تميت القلب وقال: كثرة الضحك تميث الدين كما يميث الماء الملح. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن من الجهل الضحك من غير عجب، قال: وكان يقول: لا تبدين عن واضحة (1) وقد عملت الاعمال الفاضحة، ولا يأمن البيات من عمل السيئات. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه. 9 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أحببت رجلا فلا تمازحه ولا تماره. 10 – عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القهقهة من الشيطان. 11 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عنبسة العابد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كثرة الضحك تذهب بماء الوجه. 12 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إياكم والمزاح فإنه يجر السخيمة ويورث الضغينة وهو السب الاصغر. 13 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن خالد بن طهمان عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قهقهت فقل حين تفرغ ” اللهم لا تمقتني “.


(1) الواضحة: الاسنان التى تبدو عند الضحك.

[ 665 ]

14 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن داود بن فرقد وعلي بن عقبة وثعلبة، رفعوه إلى أبي عبد الله وابي جعفر أو أحدهما (عليهما السلام) قال: كثرة المزاح تذهب بماء الوجه (1) وكثرة الضحك تمج الايمان مجا (2). 15 – حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عنبسة العابد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المزاح السباب الاصغر. 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إياكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه ومهابة الرجال. 17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن أبي العباس، عن عمار ابن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تمار فيذهب بهاؤك ولا تمازح فيجترأ عليك. 18 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير عن عمار بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تمازح فيجترأ عليك. 19 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال في وصية له لبعض ولده – أو قال: قال أبي لبعض ولده – إياك والمزاح فإنه يذهب بنور إيمانك ويستخف بمروءتك. 20 – عنه، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن إبراهيم بن مهزم، عمن ذكره، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: كان يحيى بن زكريا (عليهما السلام) يبكي ولا يضحك وكان عيسى ابن مريم (عليهما السلام) يضحك ويبكي وكان الذي يصنع عيسى (عليه السلام) أفضل من الذي كان يصنع يحيى (عليه السلام).


(1) قال الشاعر وأجاد: أفد طبعك المصدود بالجد راحة * * يحم وعلله بشئ من المزح ولكن إذا أعطيته المزح فليكن * * بمقدار ما يعطى الطعام من الملح (2) المج: الرمى من الفم، مج الرجل الشراب من فيه إذا رمى به.

[ 666 ]

(باب حق الجوار) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ; ومحمد بن يحيى، عن الحسين ابن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن علي بن فضال، عن فضالة بن أيوب، جميعا عن معاوية بن عمار، عن عمرو بن عكرمة قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: لي جار يؤذيني، فقال: ارحمه، فقلت: لا رحمه الله، فصرف وجهه عني، قال: فكرهت أن أدعه، فقلت: يفعل بي كذا وكذا ويفعل بي ويؤذيني، فقال: أرأيت إن كاشفته انتصفت منه (1)؟ فقلت: بلى اربي عليه فقال: إن ذا ممن يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله فإذا رأى نعمة على أحد فكان له أهل جعل بلاءه عليهم وإن لم يكن له أهل جعله على خادمه فإن لم يكن له خادم أسهر ليله وأغاظ نهاره، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه رجل من الانصار فقال: إني اشتريت دارا في بني فلان وإن أقرب جيراني مني جوارا من لا أرجو خيره ولا آمن شره، قال: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وسلمان وأبا ذر – ونسيت آخر وأظنه المقداد – أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثا ثم أو مأبيده إلى كل أربعين دارا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة ابن زيد، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قرأت في كتاب علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب بين المهاجرين والانصار ومن لحق بهم من أهل يثرب أن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وحرمة الجار على الجار كحرمة امه، الحديث مختصر (2). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن إبراهيم، بن أبي رجاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حسن الجوار يزيد في الرزق. 4 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب


(1) أي ان أظهرت العداوة له استوفيت منه حقك وعدلت في اخذه. (2) لعل المراد ان الرجل كما لا يضار نفسه ولا يوقعها في الاثم أو لا يعد عليها الامر اثما كذلك ينبغى ان لا يضار جاره ولا يوقعه في الاثم أو لا يعد عليه الامر اثما (في).

[ 667 ]

ابن سالم، عن إسحاق بن عمار، عن الكاهلي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن يعقوب (عليه السلام) لما ذهب منه بنيامين نادى يا رب أما ترحمني؟ أذهبت عيني وأذهبت ابني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى لو أمتهما لاحييتهما لك حتى أجمع بينك وبينهما ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا؟. 5 – وفي رواية اخرى قال: فكان بعد ذلك يعقوب (عليه السلام) ينادي مناديه كل غداة من منزله على فرسخ: ألا من أراد الغداء فليأت إلى يعقوب، وإذا أمسى نادى: ألا من أراد العشاء فليأت إلى يعقوب. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عبد العزيز عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاءت فاطمة (عليهما السلام) تشكو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض أمرها فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كريسة (1) وقال: تعلمي ما فيها، فإذا فيها: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن سعدان، عن أبي مسعود قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): حسن الجوار زيادة في الاعمار وعمارة الديار. 8 – عنه، عن النهيكي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحكم الخياط قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): حسن الجوار يعمر الديار ويزيد في الاعمار. 9 – عنه، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة، عن الحسن بن عبد الله، عن عبد صالح (عليه السلام) قال: قال: ليس حسن الجوار كف الاذى ولكن حسن الجوار صبرك على الاذى. 10 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام


(1) الكريسة: مصغر الكراسة وهى الجزء من الصحيفة. وفى بعض النسخ [ كربة ] أي لوحا.

[ 668 ]

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسن الجوار يعمر الديار وينسي في الاعمار. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن حفص، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال – والبيت غاص بأهله (1) -: اعلموا أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره. 12 – عنه، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المؤمن من آمن جاره بوائقه، قلت: وما بوائقه؟ قال: ظلمه وغشمه (2). 13 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه أذى من جاره، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اصبر، ثم أتاه ثانية فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اصبر، ثم عاد إليه فشكاه ثالثة فقال النبي (صلى الله عليه وآله) للرجل الذي شكا: إذا كان عند رواح الناس إلى الجمعة فأخرج متاعك إلى الطريق حتى يراه من يروح إلى الجمعة فإذا سألوك فأخبرهم قال: ففعل، فأتاه جاره المؤذي له فقال له: رد متاعك فلك الله علي أن لا أعود. 14 – عنه، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن عثمان عن أبي الحسن البجلي، عن عبيدالله الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع، قال: وما من أهل قرية يبيت [ و ] فيهم جائع ينظر الله إليهم يوم القيامة. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من القواصم الفواقر التي تقصم الظهر جار السوء، إن رأى حسنة أخفاها وإن رأى سيئة أفشاها.


(1) غاص بالمهملة ثم المعجمة أي ممتلى. (2) الغشم بالمعجمتين: الظلم فالعطف تفسيرى.

[ 669 ]

16 – عنه، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعوذ بالله من جار السوء في دار إقامة، تراك عيناه ويرعاك قلبه، إن رآك بخير ساءه وإن رآك بشر سره. (باب حد الجوار) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن عمرو بن عكرمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل أربعين دارا جيران، من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. 2 – وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: حد الجوار أربعون دارا من كل جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. (باب) * (حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان قال: أوصاني أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: اوصيك بتقوى الله وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحابة لمن صحبت (1) ولا قوة إلا بالله. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليه فافعل. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عز وجل ارفقهما بصاحبه.


(1) في بعض النسخ [ صاحبت ].

[ 670 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن عدة من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض ثلاثا. 5 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) صاحب رجلا ذميا فقال له الذمي أين تريد يا عبد الله؟ فقال: اريد الكوفة فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له الذمي: ألست زعمت أنك تريد الكوفة؟ فقال له: بلى فقال له الذمي: فقد تركت الطريق؟ فقال له: قد علمت، قال: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذلك أمرنا نبينا (صلى الله عليه وآله) فقال له الذمي: هكذا قال؟ قال: نعم، قال الذمي: لا جرم إنما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة فأنا اشهد أني على دينك ورجع الذمي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما عرفه أسلم. (باب التكاتب) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: التواصل بين الاخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب. 2 – ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام والبادي بالسلام أولى بالله ورسوله.


[ 671 ]

(باب النوادر) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية، قال: ولم يبسط رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجليه بين أصحابه قط وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده من يده حتى يكون هو التارك فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه قال بيده فنزعها من يده. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إذا كان الرجل حاضرا فكنه وإذا كان غائبا فسمه. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أحب أحدكم أخاه المسلم فليسأله، عن اسمه و اسم أبيه واسم قبيلته وعشيرته فإن من حقه الواجب وصدق الاخاء أن يسأله عن ذلك وإلا فإنها معرفة حمق. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن جعفر، عن عبد الملك بن قدامة، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما لجلسائه: تدرون ما العجز؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال العجر ثلاثة أن يبدر أحدكم بطعام يصنعه لصاحبه فيخلفه ولا يأتيه، والثانية أن يصحب الرجل منكم الرجل أو يجالسه يحب أن يعلم من هو ومن أين هو؟ فيفارقه قبل أن يعلم ذلك، والثالثة أمر النساء يدنو أحدكم من أهله فيقضي حاجته وهي لم تقض حاجتها، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: فكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يتحوش (1) ويمكث حتى يأتي ذلك منهما جميعا. قال: وفي حديث آخر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن من أعجز العجز رجل لقي رجلا فأعجبه نحوه فلم يسأله، عن اسمه ونسبه وموضعه.


(1) تحوش: تنحى، استحيى. في بعض النسخ [ يتحوس ] بالمهملة والتحوس: التشجع و في بعضها [ يتحرش ].

[ 672 ]

5 – وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك، أبق منها فإن ذهابها ذهاب الحياء. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن إسماعيل، عن عبد الله بن واصل، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تثق بأخيك كل الثقة فإن صرعة الاسترسال لن تستقال (1). 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن معلى بن خنيس وعثمان بن سليمان النخاس، عن مفضل بن عمر، ويونس بن ظبيان قالا: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اختبروا إخوانكم بخصلتين فإن كانتا فيهم وإلا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب، محافظة على الصلوات في مواقيتها والبر بالاخوان في العسر واليسر. (باب) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تدع بسم الله الرحمن الرحيم وإن كان بعده شعر. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن الحسن ابن علي، عن يوسف بن عبد السلام، عن سيف بن هارون مولى آل جعدة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من أجود كتابك ولا تمد الباء حتى ترفع السين (2). 3 – عنه، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن السري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)


(1) الصرعة بالكسر: الطرح على الارض. والاسترسال: الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان والثقة به فيما يحدثه وأصله السكون والثبات. والاستقالة طلب الاقالة أي الفسخ في البيع أراد ان ما يترتب على زيادة الانبساط من الخلل والشر لا دواء له وفى الكلام استعارة وفى بعض النسخ [ سرعة استرسال ]. (2) استحباب رفع السين قبل مد الباء يحتمل اختصاصه بالخط الكوفى.

[ 673 ]

قال: قال: لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم لفلان ولا بأس أن تكتب على ظهر الكتاب لفلان. 4 – عنه، عن محمد بن علي، عن النضر بن شعيب، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن السري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تكتب داخل الكتاب: ” لابي فلان ” واكتب ” إلى أبي فلان ” واكتب على العنوان ” لابي فلان “. 5 – عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يبدأ بالرجل في الكتاب، قال: لا بأس به، ذلك من الفضل، يبدأ الرجل بأخيه يكرمه. 6 – عنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن الاحمر، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بأن يبدأ الرجل باسم صاحبه في الصحيفة قبل اسمه. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم قال: أمر أبو عبد الله (عليه السلام) بكتاب في حاجة فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء فقال: كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناء (1) انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه. 8 – عنه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه كان يترب الكتاب وقال: لا بأس به (2). 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية أنه رأى كتبا لابي الحسن (عليه السلام) متربة. (باب) * [ النهى عن احراق القراطيس المكتوبة ] * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الملك


(1) أي إن شاء الله (2) يترب أي يذر التراب على الكتابة قبل أن يجف

[ 674 ]

بن عتبة، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سأله عن القراطيس تجتمع هل تحرق بالنار وفيها شئ من ذكر الله؟ قال: لا، تغسل بالماء أولا قبل. 2 – عنه، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تحرقوا القراطيس ولكن امحوها وحرقوها. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الاسم من أسماء الله يمحوه الرجل بالتفل قال: امحوه بأطهر ما تجدون. 4 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): امحوا كتاب الله [ تعالى ] وذكره بأطهر ما تجدون ونهى أن يحرق كتاب الله ونهى أن يمحى بالاقلام. 5 علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في الظهور التي فيها ذكر الله عز وجل قال: اغسلها. تم كتاب العشرة ولله الحمد والمنة وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. * (هذا آخر كتاب العشرة وبه تم كتاب الاصول من الكافي) * * (شكر وتقدير) * اقدم شكري المتواصل وثنائي العاطر إلى زميلنا المحترم البارع المفضال (محمد باقر البهبودي) زاد الله في تأييده حيث عاضدني في تصحيح الكتاب ومقابلته وعرضه على النسخ المخطوطة. ثم نشكر مجهود الفاضل الوجيه (الحاج الميرزا جمال الدين معارف پرور) حيث لاحظ الكراريس بعد خروجها من الطبع و استخرج أغلاطها المطبعية ورتب صحيفة لمعرفة الخطأ والصواب فجزاهما الله عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين. على أكبر الغفاري


[ 675 ]

(في تأييد المؤمن من الله) قد كنا وعدنا ذيل حديث ص 268 ايراد ما أفاده العلامة الطباطبائي مد ظله العالي في توضيح الحديث فنورده ايفاء لما وعدنا وهذا نص كلامه: ” قال الله تعالى: ” أ ومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها… ” الآية الانعام – 122 – دلت الآية على ما يخص الله تعالى به الايمان في مقابل الكفر من الاثار وهو النور الذي يسري في أفعال العبد فيرى به الخير ويفرقه من الشر ويميز به النفع من الضر والدليل على أن هذا النور لغاية الابصار قوله تعالى: ” الذين إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ” الاعراف – 200 – وهذا النور الذي هو نور الابصار والادراك من خواص الحياة كما أن نور الادراك الحسي و الخيالي في الانسان وسائر أنواع الحيوان لا يتحقق إلا بعد تحقق الحياة وهذه الحياة التي أثبتها الله تعالى للمؤمن حياة خاصة، زائدة على الحياة العامة التي يشترك فيها المؤمن والكافر فللمؤمن حياتان وللكافر حياة واحدة ومن هنا يمكن للمتدبر أن يحدس أن للمؤمن روحا آخر وراء الروح الذي يشترك فيه المؤمن والكافر فإن خاصة الحياة إنما يترشح من الروح واختلاف الخواص يؤدي إلى اختلاف المبادي. وهذا هو الذي يظهر من مثل قوله تعالى: ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه… ” الآية المجادلة – 22 – وهو الذي تدل عليه هذه الرواية. وليست هذه الروح من الملائكة فإن الله أينما ذكر الروح عده غير الملائكة كقوله: ” ينزل الملائكة بالروح من أمره… الآية ” النحل – 2. وقوله: ” يوم


[ 676 ]

يقوم الروح والملائكة صفا.. الآية ” النبأ – 38. وقوله: ” تنزل الملائكة و الروح فيها… الآية ” القدر – 4 – إلى غير ذلك، فهذه الروح غير الملائكة الداعية إلى الخير كما أنها غير الروح المشترك بين المؤمن والكافر على ما عرفت نعم يمكن أن يقال: إن هذه الروح ليست مغائرة للروح الانساني بالعدد بل إنما هي مغائرة لها بحسب المرتبة كما وقع نظيره في الرواية حيث عد روح الحركة مغائرة لروح الشهوة مع أن المغائرة بينهما إنما هي بحسب المرتبة دون العدد. وقوله: ” تهتز سرورا ” كناية عن تمكنها في الانسان والفتها له وانسها به وقوله: ” تسيخ في الثرى ” كناية عن انفعالها وسقوطها عن الانسان بعوده إلى ما كان عليه من الحال. مراجعنا في التعليق ورموزها 1 – مرآة العقول، للمجلسي – ره – [ آت ] 2 – الوافي، للفيض الكاشاني – ره – [ في ] 3 – شرح الكافي، للمولى صالح المازندراني – ره – [ لح ] 4 – شرح الكافي، للميرزا رفيعا النائيني – ره – [ رف ] 5 – الرواشح السماوية، للمحقق الداماد – ره – [ شح ] تدل عليه هذه الرواية. وليست هذه الروح من الملائكة فإن الله أينما ذكر الروح عده غير الملائكة كقوله: ” ينزل الملائكة بالروح من أمره… الآية ” النحل – 2. وقوله: ” يوم


[ 676 ]

يقوم الروح والملائكة صفا.. الآية ” النبأ – 38. وقوله: ” تنزل الملائكة و الروح فيها… الآية ” القدر – 4 – إلى غير ذلك، فهذه الروح غير الملائكة الداعية إلى الخير كما أنها غير الروح المشترك بين المؤمن والكافر على ما عرفت نعم يمكن أن يقال: إن هذه الروح ليست مغائرة للروح الانساني بالعدد بل إنما هي مغائرة لها بحسب المرتبة كما وقع نظيره في الرواية حيث عد روح الحركة مغائرة لروح الشهوة مع أن المغائرة بينهما إنما هي بحسب المرتبة دون العدد. وقوله: ” تهتز سرورا ” كناية عن تمكنها في الانسان والفتها له وانسها به وقوله: ” تسيخ في الثرى ” كناية عن انفعالها وسقوطها عن الانسان بعوده إلى ما كان عليه من الحال. مراجعنا في التعليق ورموزها 1 – مرآة العقول، للمجلسي – ره – [ آت ] 2 – الوافي، للفيض الكاشاني – ره – [ في ] 3 – شرح الكافي، للمولى صالح المازندراني – ره – [ لح ] 4 – شرح الكافي، للميرزا رفيعا النائيني – ره – [ رف ] 5 – الرواشح السماوية، للمحقق الداماد – ره – [ شح ] 6 – ولسيدنا العلامة الشريف الحاج السيد محمد حسين الطباطبائي نزيل قم المشرفة تعاليق على الكتاب نرمز إليها ب‍ (الطباطبائي).

اترك تعليقاً