الفضائل

شاذان بن جبرئيل القمي


[ 1 ]

الفضائل لابن شاذان لابي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرائيل بن اسماعيل ابن أبي طالب القمي نزيل المدينة النبوية وهو صاحب كتاب (ازاحة العلة) المذكور في (البحار) وكان من مشايخ الاجازة، روى عنه فخار بن معد الموسوي و روى هو عن أبيه وعن العماد الطبري صاحب كتاب (بشارة المصطفى) ” المطبوع في النجف ” وقد عاصر ابن إدريس، وتوفي في حدود سنة 660 ه‍ منشورات المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الاشرف 1962 م – 1381 ه‍


[ 2 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الآن إلى يوم الدين. حدثنى الشيخ الفقيه (أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي) قال حدثنى الشيح محمد بن ابى مسلم بن أبي الفوارس الدارمي، وقد رواه كثير من الاصحاب حتى انتهى إلى ابي جعفر ميثم التمار قال بينما نحن بين يدى مولانا علي بن أبي طالب (ع) بالكوفة وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله محدقون به كأنه البدر في تمامه بين الكواكب في السماء الصاحية إذ دخل عليه من الباب رجل طويل علية قباء خز أدكن متعمم بعمامة اتحمية صفراء وهو مقلد بسيفين فدخل من غير سلام ولم ينطق بكلام فتطاول الناس بالاعناق ونظروا إليه بالآماق وشخصوا إليه بالاحداق ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لا يرفع رأسه إليه فلما هدأت من الناس الحواس فحينئذ أفصح عن لسانه كأنه حسام جذب من غمده، ثم قال أيكم المجتبى في الشجاعة، والمعمم بالبراعة، والمدرع بالقناعة، أيكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم ؟


[ 3 ]

أيكم الاصلع الرأس، والثابت الاساس، والبطل الدعاس، والآخذ بالقصاص، والمضيق للانفاس ؟ أيكم غصن أبي طالب الرطيب، وبطله المهيب، والسهم المصيب والقسم والنجيب ؟ أيكم خليفة محمد صلى الله عليه وآله الذى نصر به في زمانه، وعز به سلطانه، وعظم به شأنه ؟ أيكم قاتل العمرين وآسر العمرين، فعند ذلك رفع أمير المؤمنين * ع * رأسه إليه فقال له * ع * يا مالك يا أبا سعد بن الفضل بن الربيع بن مدركة ابن نجيبة بن الصلت بن الحارث بن الاشعث بن السميمع الدوسي سل عما بدالك ؟ فانا كنز الملهوف وأنا الموصوف بالمعروف أنا الذي افرعتني الصم الصلاب، وأنا المنعوت في كل كتاب، أنا الطود والاسباب اناق والقرآن المجيد، وأنا النبأ العظيم أنا الصراط المستقيم، أنا على مواخى رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج إبنته ووارث علمه وعيبة حكمته والخليفة من بعده فقال الاعرابي بلغنا عنك انك معجز النبي صلى الله عليه وآله والامام الولي ليس لك مطاول فيطاولك، ولا ممانع فيصاولك، أهو كما بلغنا عنك يا فتى قومه ؟ قال علي (ع) قال ما بدا لك ؟ فقال إني رسول اليك من ستين ألف رجل يقال لهم (العقيمية) وقد حملوا معي رجلا ميتا قد مات منذ مدة وقد اختلف في سبب موته وهو على باب المسجد فان أحييته علمنا إنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله صادق نجيب الاصل وتحققنا إنك حجة الله في أرضه، وخليفة في عباده وان لم تقدر على ذلك رددته على قومه وعلمنا انك تدعي غير الصواب وتظهر من نفسك مالا تقدر عليه. فقال أمير المؤمنين (ع) يا أبا جعفر (وهو ميثم التمار) اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومحلاتها وناد من أراد ان ينظر إلى ما اعطى الله عليا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله بعل فاطمة (ع) مما أوعه رسول الله من العلم فيه فليخرج إلى النجف غدا فهرع الناس إلى النجف فلما رجع


[ 4 ]

ميثم من النداء قال له علي (ع) خذ الاعرابي إلى ضيافتك فغداة غد سيأتيك الله بالفرج قال ميثم فاخذت الاعرابي ومعه محمل فيه ميت فانزلته منزلي واخدمته اهلي فلما صلى أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام الفجر خرج وخرجت معه ولم يبق في الكوفة بر ولا فاجر إلاو خرج إلى النجف فقال (ع) يا أبا جعفر علي بالاعرابي وصاحبه الميت فخرجت من عنده وإذا أنا بالاعرابي وهو راجل تحت القبة التى فيها الميت فاتى بها إلى النجف فعند ذلك قال (ع) يا أهل الكوفة قولوا فينا ما ترونه واروواعنا ما تسمعونه واوردوا ما تشاهدونه منا ثم قال يا اعرابي ابرك جملك واخرج صاحبك انت وجماعة من المسلمين قال ميثم فاخرج تابوتا من الساج وفيه من قصب وطاء ديباج فحله وإذا تحته بدرة من اللؤ لؤ وفيها غلام قد تم عذاره بذوائب كذوائب المرأة الحسناء فقال عليه السلام يا اعرابي كم لميتك هذا فقال احد واربعون يوما فقال ما كان سبب موته فقال الاعرابي يافتى أهله يريدون أن تحييه ليخبرهم من قتله فيعلموه لانه بات سالما واصبح مذبوحا من الاذن إلى الاذن فقال له (ع) من يطلب بدمه ؟ قال خمسون رجلا من قومه يعضد بعضهم بعضا في طلب دمه فاكشف الشك والريب يا أخا رسول الله فقال * ع * هذا الميت قتله عمه لانه تزوج ابنته فخلاها وتزوج غيرها فقتله حنقا عليه فقال الاعرابي لسنا نرضى بقولك وانما نريد ان يشهد هذا الغلام بنفسه عند اهله من قتله حتى لا يقع بينهم السيف والفتنة والقتال فعند ذلك قام علي * ع * فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم قال يا اهل الكوفة ما بقرة بني اسرائيل بأجل من علي أخي رسول الله * ص * وانها احيت ميتا بعد سبعة ايام ثم دنا من الميت فقال ان بقرة بني اسرائيل ضرب بعضها الميت فعاش وانا اضربه ببعضي فان بعضي عند الله خير من البقرة كلها ثم هزه برجله اليمني وقال قم باذن الله تعالى يا مدرك بن حنضلة بن غسان بن يحيى بن سلامة ابن الطبيب


[ 5 ]

ابن الاشعث فها قد احياك الله تعالى على يدى علي بن ابي طالب قال ميثم التمار فنهض غلام احسن من الشمس اوصافا ومن القمر اضعافا وقال لبيك لبيك يا حجة الله تعالى على الانام والمتفرد بالفضل والانعام فقال له علي (ع) من قاتلك فقال قاتلي عمي الحاسد حبيب بن غسان فقال أمير المؤمنين (ع) انطلق إلى اهلك يا غلام قال لا حاجة بي إلى اهلي فقال أمير المؤمنين (ع) ولم قال أخاف ان اقتل ثانية ولا تكون انت فمن يحيبنى فالتفت الامام (ع) إلى الاعرابي وقال امض انت إلى اهلك واخبرهم بما رأيت فقال الاعرابي وانا ايضا قد اخترت المقام معك إلى ان يأتي الاجل فلعن الله تعالى من انجه له الحق ووضح وجعل بينه وبين الحق سترا فاقاما مع علي (ع) إلى ان قتلا معه بصفين وسار اهل الكوفة إلى منازلهم واختلفوا في اقاوبلهم فيه (ع) (خبر آخر) عن ابن عباس (رض) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول اعطاني الله تعالى خمسا واعطى عليا (ع) خمسا اعطاني جوامع الكلم واعطى عليا جوامع العلم وجعلني نبيا وجعله وصيا واعطاني الكوثر واعطاه السلسبيل واعطاني الوحي واعطاء الالهام وأسرى بى إليه وفتح له ابواب السموات والحجب حتى نطر إلي ونطرت إليه قال ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت له ما يبكيك يا رسول الله فداك أبي وأمي قال يابن عباس ان اول ما كلمني به ربى قال يا محمد انظر تحتك فنطرت إلى الحجب قد انحرقت وإلى ابواب السماء قد انفتحت ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي فكلمنى وكلمته وكلمني ربي عزوجل قال فقلت يا رسول الله بما كلمك ربك قال: قال لى يا محمد إنى جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فاعلمه فها هو يسمع كلامك فأعلمته وأنا بين يدى ربى عزوجل فقال لي قد قبلت واطعت فأمر الله تعالى الملائكة يتباشرون به وما مررت بملا من ملائكة السموات إلا هنأوني وقالوا يا محمد والذى بعثك بالحق نبيا لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عزوجل ابن عمك ورأيت حملة


[ 6 ]

العرش قد نكسوا رؤسهم إلى الارض فقلت يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم قال يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن ابي طالب عليه السلام استبشارا به ما خلا حملة العرش فانهم استأذنوا الله عزوجل في هذه الساعة فاذن لهم فنظروا إلى على بن ابي طالب (ع) فلما هبطت جعلت اخبره بذلك وهو يخبرني به فعلمت انى لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلى عنه حتى نظر إليه فقال ابن عباس (رض) فقلت يا رسول الله اوصني فقال: عليك بمودة علي بن ابي طالب (ع) والذى بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله تعالى من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن ابي طالب * ع * وهو بقول اعلم فمن مات على ولايته قبل عمله ما كان منه وان لم يأت بولايته لا يقبل من عمله شئ ثم يومر به إلى النار يابن عباس والذى بعثنى بالحق نبيا ان النار لاشد غضبا على مبغض على * ع * منها على من زعم ان لله ولدا، يابن عباس لو ان الملائكة المقربين والانبياء والمرسلين اجتمعوا على بغض علي بن ابي طالب مع ما يقع من عبادتهم في السموات لعذبهم الله تعالى في النار قلت يا رسول الله وهل يبغضه احد ؟ قال: يابن عباس نعم يبغضه قوم يذكر من انهم من امتى لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا، يا ابن عباس ان من علامة بغضهم له تفضيلهم لمن هو دونه عليه، والذى بعثني بالحق نبيا ما بعث الله نبيا اكرم عليه منى ولا وصيا اكرم عليه من وصيى. قال ابن عباس فلم ازل له كما امرني رسول الله * ص * واوصاني بمودته وانه لاكبر عملي عندي قال ابن عباس: ثم مضى من الزمان ما مضى وحضرت رسول الله * ص * الوفاة فقلت فداك ابي وامي يا رسول الله صلى الله عليه وآله وقد دنا اجلك فما تأمرني ؟ قال: يا ابن عباس خالف من خالف عليا ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا. قلت: يا رسول الله ولم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟ قال فبكى صلى الله عليه وآله ثم قال: يا ابن عباس سبق فيهم علم ربي والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج احد ممن خالفه من الدنيا وانكر حقه


[ 7 ]

حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة، يا ابن عباس إذا اردت ان تلقى الله تعالى وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن ابي طالب عليه السلام ومل معه حيث مال، ارض به إماما وعاد من عاداه ووال من والاه، يابن عباس حذر من أن يدخلك شك فيه فان الشك في على كفر بالله تعالى (خبر آخر) عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن الباقر (ع) عن جابر بن عبد الله الانصاري (رض) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل (ع) نزل علي وقال يا محمد ان الله تعالى يأمرك ان تقوم بتفضيل علي بن ابي طالب (ع) خطيبا على المنبر ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، ويأمر جميع الملائكة ان يسمعوا ما تذكره والله يوحي اليك يا محمد ان من خالفك في امرك فله النار، ومن اطاعك فله الجنة. فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا نادى بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج النبي صلى الله عليه وآله ورقى المنبر وكان اول ما تكلم به اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال صلى الله عليه وآله أيها الناس: انا البشير انا النذير انا النبي الامي وانا مبلغكم عن الله عزوجل في رجل لحمه لحمي ودمه دمي وهو عيبة علمي وهو الذى انتخبه الله تعالى من هذه الامة واصطفاه وهذبه وتولاه وخلقني وإياه من نور واحد وفضلني بالرسالة وفضله بالامامة والتبليغ عنى، وجعلني مدينة العلم وجعله الباب خازن العلم والمفتش منه الاحكام، وخصه بالوصية وبا أن أمره وخوف من عدوانه وازلف لمن والاه وغفر لشيعته وأمر الناس جميعا بطاعتة، وانه عزوجل ويقول من عاداه عاداني ومن والاه والاني ومن آذاه آذاني ومن ناصبه ناصبنى ومن خالفه خالفني ومن ابغضه ابغضني ومن احبة احبني ومن اراده ارادني ومن كاده كادنى ومن نصره نصرنى، ايها الناس اسمعوا لما آمركم به واطيعوه فانا اخوفكم عقاب الله تعالى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيدا، ويحذكركم الله نفسه، ثم اخذ بيد علي بن ابى طالب (ع)


[ 8 ]

وقال: معاشر الناس هذا مولى المؤمنين وحجة الله على الخلق اجمعين اللهم اني قد بلغت وهم عبادك وانت القادر على صلاحهم فاصلحهم برحمتك يا ارحم الراحمين استغفر الله لي ولكم. ثم نزل عن المنبر فاتاه جبرئيل (ع) فقال يا محمد ان الله تعالى بقرئك السلام ويقول لك جزاك الله تعالى عن تبليغك خيرا فقد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وارضيت المؤمنين وارغمت الكافرين، يا محمد إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به، يا محمد قل في كل أوقاتك الحمد الله رب العالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والحمد لله حق حمده. (خبر آخر) عن جابر بن يزيد الجعفي قال خدمت سيدنا الامام علي ابن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) وودعته وقلت افدني فقال: يا جابر بلغ شيعتي منى السلام واعلمهم انه لا قرابة بيننا وبين الله عزوجل ولا يقترب إليه إلا بالطاعة له، يا جابر من اطاع الله واحبنا فهو ولينا ومن عصى الله لم ينفعه حبنا ومن احبنا واحب عدونا فهو في النار، يا جابر من هذا الذى سأل الله تعالى فلم يعطه، وتوكل عليه فلم يكفه، ووثق به فلم ينجه، يا جابر انزل الدنيا منك كمنزله نزلته فان الدنيا للتحويل عنها، وهل الدنيا إلا دابة ركبتها في منامك فاستيقظت وانت على فراشك، هي عند ذوى الالباب كفئ الظلال، لا إله إلا الله اعذار لاهل دعوة الاسلام، والصلاة تثبيت للاخلاص وتنزيه عن الكبر، والزكاة تزويد في الرزق، والصيام والحج لتسكين القلوب، والقصاص والحدود لحقن الدماء، فان اهل البيت نظام الدين جعلنا الله واياكم من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. (ومما قاله النبي صلى الله عليه وآله في فضل علي واهل بيته) عن ابن عباس (رض) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا إذا اقبل الحسن (ع) فلما رآه بكى ثم قال: إلي إلي يا بنى فما زال يدنيه حتى اجلسه على فخذه الايمن، ثم اقبل الحسين (ع) فلما رآه بكي ثم قال إلي إلي يا بني فما زال


[ 9 ]

يدنيه حتى اجلسه على فخذه الايسر، ثم اقبلت فاطمة (ع) فلما رآها بكى ثم قال إلي إلي يا بنية فما زال يدنيها حتى اجلسها بين يديه، ثم اقبل امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) فلما رآه بكى ثم قال إلي إلي يا اخي فما زال يدنيه حتى اجلسه إلى جنبيه الايمن، فقال له اصحابه: يا رسول الله ما ترى احدا من هؤلاء إلا بكيت، أو ما فيهم من تسر برؤيته ؟ فقال صلى الله عليه وآله: والذى بعثنى بالحق نبيا وبشيرا ونذيرا واصطفاني على جميع البرية اني وإياهم لاكرم الخلق على الله عزوجل وما على وجه الارض نسمة احب إلى منهم، اما علي بن ابي طالب (ع) فانه اخي وشقيقي وصاحب الامر بعدى وصاحب لوائى في الدنيا والاخرة وصاحب حوضي وشفاعتي وهو مولى كل مؤمن وقائد كل تقي وهو وصيى وخليفتي على امتي في حياتي وبعد مماتي محبه محبي ومبغضه مبغضي وبولايته صارت امتي مرحومة وبعد وفاتي صارت بالمخالفة له ملعونة فانى بكيت حين اقبل لانى ذكرت غدر الامة به بعدي حتى انه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله بعدى له ثم لا يزال الامر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في افضل الشهور وهو شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، واما ابنتي فاطمة (ع) فانها سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين وهي بضعة منى وهي نور عينى وثمرة فؤادى وهي روحي التى بين جنبي وهي الحوراء الانسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها للملائكة في السماء كما يزهر الكواكب لاهل الارض فيقول الله عزوجل للملائكة يا ملائكتي انظروا أمتي فاطمة سيدة نساء خلقي قائمة بين يدى ترتعد فرائصها من خيفتى وقد اقبلت بقلبها على عبادتي، اشهدكم اني قد آمنت شيعتها من النار، وانى لما رأيتها تذكرت ما يصنع بها بعدى وكأني بها وقد دخل عليها الذل في بيتها وانتهكت حرمتها وغصبت حقها ومنعت ارثها وكسر جنبها وسقط جنينها وهي تنادى وامحمداه فلا تجاب وتستغيث


[ 10 ]

فلا تغاث فلا تزال بعدى محزونه مكروبة باكية فتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة وتذكر فراقي اخرى وتستوحش إذا جنها الليل لفقدي وفقد صوتي الذى كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ثم ترى ذليلة بعد ان كانت عزيزة فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بملائكة فتناديها بمنادات مريم ابنة عمران يا فاطمة ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض ويبعث الله عزوجل إليها مريم ابنة عمران فتمرضها وتؤنسها في علتها فتقول عند ذلك يا رب انى قد سأمت الحياة وتبرمت باهل الدنيا فالحقني بابى فيلحقها الله عزوجل فتكون أول من يلحقني من اهل بيتي فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة معصوبة مقتولة فاقول عند ذلك اللهم العن ظالمها وعاقب من غصبها حقها واذل من اذلها وخلد في النار من ضربها على جنبها حتى القت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك آمين (واما الحسن) فانه ابني وولدي ومني وقرة عينى وضياء قلبي وثمرة فؤادي وهو سيد شباب أهل الجنة وحجة الله تعالى على الائمة امره امري وقوله قولي فمن تبعه فانه منى ومن عصاه فليس مني وإني نظرت إليه فذكرت ما يجرى عليه من الذل بعدي فلا يزال الامر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد بموته ويبكيه كل شئ حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء فمن بكاه لم تعم عيناه يوم تعمى الاعين ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ومن زاره في البقيع ثبتت قدماه على الصراط يوم تزل فيه الاقدام (واما الحسين) فانه منى وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد أخيه وهو امام المسلمين ومولى المؤمنين وخليفة رب العالمين وكهف المتحيرين وحجة الله تعالى على الخلق اجمعين وهو سيد شباب اهل الجنة وباب نجاة الامة امره امرى وطاعته طاعتي ومن تبعه فانه منى ومن عصاه فليس منى وانى لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدى


[ 11 ]

وكأني به وقد استجار بحرمي فلا يجار فأضمه في منامي إلى صدري وآمره بالرحلة من دار هجرتى فابشره بالشهادة فيرتحل إلى ارض مقتله وموضع مصرعه لارض كرب وبلاء وقتل وفناء فتنصره عصابة من المسلمين اولئك سادة شهداء امتي يوم القيامة وكأني انظر إليه وقد رمي بسهم فخر من فرسه صريعا ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى من حوله وارتفعت اصواتهم بالضجيج ثم قال صلى الله عليه وآله ويقول اللهم إني اشكو اليك ما يلقى اهل بيتي ثم قال صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة يزين العرش بكل زينه ثم يوتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل فيوضع احدهما عن يمين العرش والآخر عن يسار العرش ثم يؤتى بالحسن والحسين عليهما السلام فيقوم الحسن (ع) على احدهما والحسين (ع) على الآخر يزين الرب تبارك وتعالى بهما عرشه كما تزين المرأة قرطاها ثم قال صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة تأتى ابنتى فاطمة (ع) على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين خطامها من اللؤلؤ الرطب قوائمها من الزمرد الاخضر ذنبها من المسك الاذفر عيناها من ياقوت احمر عليها قبة من نور يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها وباطنها من عفو الله وظاهرها من رحمة الله على رأسها تاج من نور وللتاج سبعون ركنا كل ركن مرصع بالدر والياقوت يضئ لاهل الجنة كما يضئ الكوكب الدرى في افق السماء عن يمينها سبعون الف ملك وجبرئيل آخذ بخطام الناقة وهو ينادى با على صوتة يا أهل الموقف غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يبقى يومئذ نبى ولا كريم ولا صديق ولا شهيد إلا غضوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين فتجوز حتى تحاذي عرش ربها جل جلاله فتنزل بنفسها عن ناقتها فتقول إلهي وسيدي احكم بينى وبين من ظلمنى واحكم بينى وبين من قتل ولدى فإذا النداء من قبل الله تعالى يا حبيبتي وبنت حبيبي سلي تعطي واشفعي تشفعي وعزتي وجلالي لاجاوزن ظلم ظالم فتقول يا ألهي


[ 12 ]

ذريتي وشيعة ذريتي ومحبى ذريتي فإذا النداء من قبل الله عزوجل اين ذرية فاطمة وشيعتها وشيعة ذريتها ومحبوا ذريتها فيقبلون وقد احاطوا بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة حتى تدخلهم الجنة وصلى الله عليها وعلى ابيها. (خبر آخر) قال سماعة بن مهران ان الصادق (ع) قال له يا سماعة من شر الناس قال نحن يابن رسول الله قال فغضب (ع) حتى احمرت وجنتاه ثم استوى جالسا وكان متكئا وقال يا سماعة من شر الناس عند الناس فقلت والله ما كذبتك يا ابن رسول الله نحن شر الناس لانهم سمونا كفار أو رفضة فنظر الي ثم قال كيف بكم وبهم إذا سيق بكم إلى الجنة وسيق بهم إلى النار فينظرون اليكم فيقولون مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار، يا ابن مهران انه من اساء منكم اساءة مشينا إلى الله تعالى باقدامنا يوم القيامة فنشفع فيه، والله لايدخل النار منكم عشرة رجال، ولا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لايدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات وأكدوا عدوكم المفزع. (حديث مولد النبي محمد صلى الله عليه وآله قال الواقدي: اول ما افتتح به عقيل ابن ابي وقاص حين خطب آمنة لعبدالله بن عبد المطلب ان قال (بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذى جعلنا من نسل ابراهيم ومن شجرة اسماعيل من غصن نزال ومن ثمرة عبد مناف) ثم اثنى على الله تعالى ثناء بليغا وقال فيه جميلا واثنى على اللات والعزة ومناة وذكرهم بالجميل وقال لا يستغني عنكم مع هذا كله وعقد النكاح ونظر إلى وهب وقال يا ابا الوداج زوجت كريمتك آمنة من ابن سيدنا عبد المطلب على صداق اربعة آلاف درهم بيض هجرية جياد وخمسمائة مثقال ذهب احمر، قال نعم ثم قال يا عبد الله قبلت بهذا الصداق يا ايها السيد الخاطب، قال نعم ثم دعا لهما بالخير والكرامة ثم امر وهب ان تقدم المائدة فقدمت مائدة خضرة فاتى من الطعام الحار والبارد والحلو والحامض فاكلوا وشربوا قال ونثر عبد المطلب على ولده قيمة الف


[ 13 ]

درهم من النثار وكان متخذا من مسك بنادق ومن عنبر ومن سكر ومن كافور ونثر ذهب بقيمة الف درهم عنبر وفرح الخلق بذلك شديدا. (قال الواقدي) فلما فرغوا من ذلك نظر عبد المطلب إلى وهب وقال ورب السماء انى لا افارق هذا السقف أو اؤلف بين ولدي عبد الله وحليلته فقال وهب بهذه السرعة لا يكون فقال عبد المطلب لابد من ذلك فقام وهب ودخل على امرأته برة وقال لها اعلمي ان عبد المطلب قد حلف برب السماء انه لا يفارق هذا السقف أو يؤلف بين ولده عبد الله وبين زوجته آمنة فقامت المرأة من وقتها ودعت بعشرة من المشاطات وامرتهن ان يأخذ في زبنة آمنة فقعدن حول آمنة فواحدة منهن تنقش يديها وواحدة تخضب رجليها وواحدة تسرح ذوائبها ووحدة تمسحها بالملاء فلما كان عند غروب الشمس وفرغن من زينتها نصبوا سريرا من الخيزران وقد فرشوا عليه من ألوان الديباج والوشي واقعدت الجارية على السرير وعقدن على رأسها تاجا وعلى جبينها اكليلا وعلى عنقها مخانق الدر والجواهر وتختمت بانواع الخواتيم وجاء وهب وقال لعبد المطلب يا سيدى قم إلى العروس فقام عبد المطلب إلى العروس وهي كأنها فلقة قمر من حسنها وتقدم عبد المطلب إلى السرير وقبله وقبل عين العروس فقام عبد المطلب لولده عبد الله اجلس يا ولدي معها على السرير وافرح برؤيتها قال فرفع عبد الله قدمه وصعد إلى السرير وقعد إلى جنب العروس وفرح عبد الله وكان من عبد الله إلى اهله ما يكون من الرجال إلى النساء فواقعها فحملت بسيد المرسلين وخاتم النبيين وقام من عندها إلى عند ابيه فنظر إليه ابوه وإذا النور قد فارق من بين عينيه وبقى عليه من اثر النور كالدرهم الصحيح وذهب النور إلى ثدى آمنة فقام عبد المطلب إلى عند آمنة ونظر إلى وجهها فلم يكن النور كما كان في عبد الله بل انور فذهب عبد المطلب إلى عند حبيب الراهب فسأله عن ذلك فقال حبيب اعلم ان هذا النور هو صاحب النور بعينه وصار في بطن امه فقام عبد المطلب وخرج مع


[ 14 ]

الرجل وبقى عبد الله عند اهله إلى ان ذهبت الصفرة من يديه وذلك ان العرب كانوا إذا دخلوا باهلهم يخضبون ايديهم بالحناء ولا يخرجون من عندهم وعلى ايديهم اثر من الحناء فبقى عبد الله اربعين يوما وخرج ونظر اهل مكة إلى عبد الله والنور قد فارق موضعه فرجع عبد المطلب من عند حبيب وقد أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله شهر واحد في بطن امه ونادت الجبال بعضها بعضا والاشجار بعضها بعضا والسماوات بعضها يستبشرون ويقولون ألا ان محمدا قد وقع في رحم امه آمنة وقد أتى عليه شهر ففرحت بذلك الجبال والبحار والسماوات والارضون فرحا برسول الله صلى الله عليه وآله ثم ان الله تعالى اراد قضاه على فاطمة بنت عبد المطلب فورد عليه كتاب من يثرب يموت فاطمة وكان في الكتاب انها ورثت مالا كثيرا خطيرا فاخرج إلى عندهم باسرع ما تقدر عليه قال عبد المطلب لولده عبد الله يا ولدي لابد لك ان تجي معى إلى المدينة فسافر مع ابيه ودخلا مدينة يثرب وقبض عبد المطلب المال ولما انتهيا من دخلولهما المدينة بعشر ايام اعتل عبد الله علة شديدة وبقى خمسة عشر يوما فلما كان يوم السادس عشر مات عبد الله فبكى عليه ابوه عبد المطلب بكاء شديدا وشق سقف البيت لاجله في دار فاطمة بنت عبد المطلب وإذا بهاتف يهتف ويقول قد مات من كان في صلبه خاتم النبيين وأي نفس لا تموت فقام عبد المطلب فغسله وكفنه في سكة يقال لها (شين) وبنى على قبره قبة عظيمة من جص وآجر واحكمه ورجع إلى مكة واستقبله رؤساء قريش وبنو هاشم واتصل الخبر إلى آمنة بوفاة زوجها فبكت ونفشت شعرها وخدشت وجهها ومزقت جيبها ودعت بالنايحات ينحن على عبد الله فجاء بعد ذلك عبد المطلب إلى دار آمنة وطيب قلبها ووهب لها في ذلك الوقت الف درهم بيض وتاجين قد اتخذهما عبد مناف لبعض بناته وقال لها يا آمنة لا تحزني فانك عندي جليلة لاجل من في بطنك فلا يهمك امرك فسكتت وطيب قلبها.


[ 15 ]

(قال) الواقدي فلما اتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن امه شهران امر الله تعالى مناديا في سماواته وارضه ينادى في السماوات والارض والملائكة ان استغفروا لمحمد صلى الله عليه وآله وامته كل هذا ببركة النبي صلى الله عليه وآله. (قال الواقدي) فلما اتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن امه ثلاثة اشهر كان أبو قحافة راجعا من الشام فلما بلغ قريبا من مكة وضعت ناقته جمجمتها على الارض ساجدة وكان بيد ابي قحافة قضيب فضربها باوجع ضرب فلم ترفع رأسها فقال أبو قحافة فما ارى ناقة تركت صاحبها وإذا بهاتف يهتف ويقول لا تضرب يا ابا قحافة من لا يطيعك الا ترى ان الجبال والبحار والاشجار سوى الآدميين سجدوا لله فقال أبو قحافة يا هاتف وما السبب في ذلك قال اعلم ان النبي الامي قد اتى عليه في بطن امه ثلاثة اشهر قال أبو قحافة ومتى يكون خروجه قال سترى يا ابا قحافة ان شاء الله تعالى فالويل كل الويل لعبدة الاصنام من سيفه وسيف اصحابه، قال أبو قحافة فوقفت ساعة حتى رفعت الناقة رأسها فركبتها وجئت إلى عبد المطلب. (قال الواقدي) فلما اتى على رسول الله صلى الله عليه وآله اربعة اشهر كان زاهد على الطريق من الطائف وكان له صومعة بمكة على مرحلة قال فخرج الزاهد وكان اسمه حبيبا فجاء إلى بعض اصدقائه بمكة فلما بلغ أرض الموقف وإذا بصبي قد وضع جبينه على الارض وقد سجد على جبهته قال حبيب فدنوت منه فاخذته وإذا بهاتف يهتف ويقول خل عنه يا حبيب ألا ترى إلى الخلائق من البر والبحر والسهل والجبل قد سجدوا لله شكرا لما اتى على النبي الزكي الرضي المرضي في بطن أمه خمسة اشهر وهذا الصبي قد سجد لله شكرا قال حبيب فتركت الصبي ودخلت مكة وبينت ذلك لعبد المطلب وعبد المطلب يقول اكتم هذا الاسم فان لهذا الاسم اعداء قال وذهب حبيب إلى صومعته فإذا الصومعة تهتز ولا تستقر وإذا على محرابه مكتوب وعلى محراب كل راهب مكتوب يا أهل البيع و الصوامع آمنوا بالله وبرسوله محمد بن عبد فقدآن


[ 16 ]

خروجه فطوبى ثم طوبى لمن آمن به والويل كل الويل لمن كفر به ورد عليه حرفا مما يأتي به من عند ربه قال حبيب فقلت السمع والطاعة انى لمؤمن وطائع غير منكر. (قال الواقدي) فلما اتى على رسول الله في بطن أمه ستة أشهر خرج اهل المدينة واليمن إلى العيد وكان رسمهم انهم كانوا يجعلون في كل سنة ستة اعياد وكانوا يذهبون عند شجرة عظيمة يقال لها ذات انواط وهي التي سماها الله في كتابه ومناة الثالثة الاخرى فذهبوا في ذلك العيد واكلوا وشربوا وفرحوا وتقاربوا من الشجرة وإذا بصيحة عظيمة من وسط الشجرة وهو هاتف يقول (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله) الآية وقال يا اهل اليمن ويا اهل اليمامة ويا اهل البحرين ويا من عبد الاصنام ويا من سجد للاوثان جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا يا قوم قد جاءكم الهلاك قد جاءكم التلف قد جاءكم الويل والثبور قال ففزعوا من ذلك وانهزموا راجعين إلى منازلهم متحيرين متعجبين من ذلك. (قال الواقدي) فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن أمه سبعة أشهر جاء سواد بن قارب إلى عبد المطلب فقال له اعلم يا ابا الحارث اني كنت البارحة بين النوم واليقظة فرأيت أبواب السماء مفتحة ورأيت الملائكة ينزلون إلى الارض معهم الوان الثياب يقولون زينوا الارض فقد قرب خروج من اسمه محمد وهو نافلة عبد المطلب رسول الله إلى الارض وإلى الاسود والاحمر والاصفر والى الصغير والكبير والذكر والانثى صاحب السيف القاطع والسهم النافذ فقلت لبعض الملائكه من هذا الذى تزعمون فقال ويحك هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف فهذا ما رأيت فقال له عبد المطلب اكتم الرؤيا ولا تخبر بها أحدا لننظر ما يكون. (قال الواقدي) فلما أتى على النبي صلى الله عليه وآله في بطن أمة ثمانية أشهر كان في بحر الهوى حوت يقال له طينوسا وهي سيدة الحيتان فتحركت


[ 17 ]

الحيتان وتحركت الحوت واستوت على ذنبها وارتفعت وارتفع الموج عنها فقالت الملائكة إلهنا وسيدنا ترى ما تفعل طينوسا ولا تطيعنا وليس لنا بها قوة (قال) فصاح استحيائيل الملك صيحة عظيمة وقال لها قرى يا طينوسا ألا تعرفين من تحتك فقالت طينوسا يا استحيائيل امر ربي يوم خلقني ان إذا ولد محمد بن عبد الله استغفري له ولامته والآن سمعت الملائكة يبشر بعضهم بعضا فلذلك قمت وتحركت فناداها استحيائيل قرى واستغفرى فان محمدا قد ولد فلذلك انبطحت في البحر وأخذت في التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على رب العالمين. (قال الواقدي) فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن أمه تسعة اشهر أوحى الله إلى الملائكة في كل سماء ان اهبطوا إلى الارض فهبط عشرة آلاف ملك بيد كل ملك قنديل يشتعل بالنور بلا دهن مكتوب على كل قنديل لا إله إلا الله محمد رسول الله يقرأه كل عربي كاتب ووقفوا حول مكة في المفارز وإذا بهاتف يهتف ويقول نور محمد رسول الله صلى الله عليه وآله قال فاورد الخبر إلى عبد المطلب فامر بكتمانه إلى ان يكون. (قال) الواقدي فلما كملت تسعة اشهر لرسول الله صلى الله عليه وآله صار لا يستقر كوكب في السماء إلا ينتقل من موضع إلى موضع يبشرون بعضهم بعضا والناس ينظرون إلى الكواكب في السماء سائرات لا يستقرن فاقام ذلك ثلاثين يوما. (قال الواقدي) فلما تم لرسول الله صلى الله عليه وآله تسعة اشهر نظرت ام رسول الله صلى الله عليه وآله آمنة إلى امها برة وقالت يا اماه اني احب ان ادخل البيت فأبكى على زوجي ساعة واقطر دمعي على شبابه وحسن وجهه فإذا دخلت البيت وحدي فلا يدخل علي احد فقالت لها برة ادخلي يا آمنة وابكي فحق لك البكاء قال فدخلت آمنة البيت وحدها وقعت وبكت وبين يديها شمع يشتعل وبيدها مغزل من آبنوس وعلى مغزلها فلقة من عقيق أحمر وآمنة


[ 18 ]

تبكي وتنوح إذ أوجعت من طلقها فوثبت إلى الباب لتفتحه فلم ينفتح فرجعت إلى مكانها وقالت واوحدتاه وأخذها الطلق والنفاس وما شعرت بشئ حتى انشق السقف ونزلت من فوق اربع حوريات واضاء البيت لنور وجوههن وقلن لآمنة لا بأس عليك يا جارية انا جئناك لخدمتك فلا يهمك امرك وقعدت الحوريات واحدة على يمينها وواحدة على شمالها وواحدة بين يديها وواحدة من ورائها فهومت عين آمنة وغفت غفوة (قال) ابن عباس ما كان من أمر ام النبي إلا انها كانت نائمة عند خروج ولدها من بطنها فانتبهت أم النبي صلى الله عليه وآله فإذا النبي صلى الله عليه وآله تحت ذيلها قد وضع جبينه على الارض ساجدا لله ورفع سبابتيه مشيرا بهما لا إله إلا الله. (قال) الواقدي ولد رسول الله صلى الله عليه وآله في ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر في شهر ربيع الاول ليلة سبعة عشر منه في سنة تسعة آلاف وتسعمائة واربعة اشهر وسبعة ايام من وفاة آدم (ع) (قال) الواقدي ونظرت أمه آمنة وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو مكحل العينين منقط الجبين والذقن واشرق في وجنتي النبي صلى الله عليه وآله نور ساطع في ظلمة الليل ومر في سقف البيت وشق السقف ورأت آمنة من نور وجهه صلى الله عليه وآله كل منظر حسن وقصر بالحرم وسقط في تلك الليلة اربع وعشرون شرفة من ايوان كسرى واخمدت في تلك الليلة نيران فارس وابرق في تلك الليلة برق ساطع في كل بيت وغرفة في الدنيا مما قد علم الله تعالى وسبق في علمه انهم يؤمنون بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله ولم يطلع في بقاع الكفر بامر الله تعالى وما بقى في مشارق الارض ومغاربها صنم ولا وثن إلا وخرت على وجوهها ساقطة على جباهها خاشعة وذلك كله اجلالا للنبي صلى الله عليه وآله. (قال الواقدي) فلما رأى ابليس لعنه الله تعالى واخزاه ذلك وضع التراب على رأسه وجمع اولاده وقال لهم يا اولادي اعلموا انني ما اصابني منذ خلقت مثل هذه المصبية قالوا وما هذه المصيبة قال اعلموا انه قد ولد


[ 19 ]

في هذه إلليلة مولود اسمه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله يبطل عبادة الاوثان ويمنع السجود للاصنام ويدعوا إلى عبادة الرحمن قال فنثروا التراب على رؤوسهم ودخل ابليس لعنه الله تعالى في البحر الرابع وقعد فيه للمصيبة هو واولاده مكرهين اربعين يوما. (قال الواقدي) فعند ذلك اخذت الحوريات محمدا صلى الله عليه وآله ولففنه في منديل رومي ووضعنه بين يدي آمنة ورجعن إلى الجنة يبشرن الملائكة في السماوات ولد النبي صلى الله عليه وآله ونزل جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ودخلا البيت على صورة آدميين وهما شابان ومع جبرئيل طشت من ذهب ومع ميكائيل ابريق من عقيق احمر فاخذ جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وآله وغسله وميكائيل يصب الماء عليه فغسلاه وآمنة في زاوية البيت قاعدة فزعة مبهوتة فقال لها جبرئيل يا آمنة لاتغسليه من النجاسة فانه لم يكن نجسا ولكن غسلناه من ظلمات بطنك وفرغا من غسله وكحلا عينيه ونقطا جبينه بزرقة كانت معهم ومسك عنبر وكافور مسحوق بعضه ببعض فذرا فوق رأسه صلى الله عليه وآله قالت آمنة وسمعت جلبة وكلاما على الباب فذهب جبرئيل إلى عند الباب فنظر ورجع إلى البيت وقال ملائكة سبع سماوات على الباب يريدون السلام على النبي صلى الله عليه وآله فاتسع البيت مد النظر ودخلوا عليه موكبا بعد موكب وسلموا عليه وقالوا السلام عليك يا محمد السلام عليك يا محمود السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حامد. (قال الواقدي) فلما دخل من الليل ثلثه امر الله تعالى جبرئيل (ع) يحمل من الجنة اربعة اعلام فحمل جبرئيل الاعلام ونزل إلى الدنيا ونصب علما اخضر على جبل قاف مكتوبا عليه بالبياض سطران لا إله إاله الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ونصب علما آخر على جبل ابى قبيس له ذوابتان مكتوب على واحد منهما شهادة ان لا إله إلا الله وفي الثانية لادين إلا دين محمد بن عبد الله، ونصب علما آخر على سطح بيت الله الحرام له ذوابتان


[ 20 ]

مكتوب على واحدة منهما طوبى لمن آمن بالله وبمحمد والويل لمن كفر به ورد عليه حرفا مما يأتي به من عند ربه، ونصب علما آخر على ضريح بيت الله المقدس وهو أبيض عليه خطان مكتوبان بالسواد لا غالب إلا الله والثانى النصر لله ولمحمد صلى الله عليه وآله. (قال الواقدي) وذهب استحيائيل ووقف على ركن جبل ابى قبيس ونادى با على صوته يا أهل مكة آمنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا وامر الله تعالى غمامة ان ترفع فوق بيت الله الحرام وتنثر على البيت ريش الزعفران والمسك والعنبر فارتفعت الغماة وامطرت على ذلك البيت، فلما اصبحوا رأوا ريش الزعفران والمسك والعنبر يمطر على البيت وخرجت الاصنام من بيت الله الحرام وجاؤا إلى عند الحجر وانكبوا على وجوههم وجاء جبرئيل بقنديل احمر له سلسلة من جزع اصفر وهو يشتعل بلا دهن بقدرة الله تعالى. (قال الواقدي) وابرق من وجه النبي صلى الله عليه وآله برق وذهب في الهواء حتى التزق بعنان السماء وما بقى بمكة دار ولا منظر إلا ودخله ذلك النور ممن سبق في قدرة الله تعالى وعلمه انه يؤمن بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وآله وما بقى في تلك الليلة كتاب من التوراة والانجيل والزبور ومما كان فيه اسم محمد صلى الله عليه وآله أو نعته إلا وقطر تحت اسمه قطرة دم قال لان الله تعالى بعثه بالسيف وما بقى في تلك الليلة دير ولا صومعة إلا وكتب على محاريبها اسم محمد صلى الله عليه وآله فبقيت الكتابة إلى الصباح حتى قرأها الرهبانية والديرانية وعلموا ان النبي الامي قد ولد. (قال الواقدي) فعندها قامت آمنة وفتحت الباب وصاحت صيحة وغشى عليها ثم دعت بامها برة وابيها وهب وقالت ويحكما اين انتما أما رأيتما ما جرى علي انى وضعت ولدي وكان كذا وكذا تصف لهما ما رأته قال فقام وهب ودعا بغلام وقال اذهب إلى عبد المطلب وبشره وأهل مكة على


[ 21 ]

المنابر وقد صعدوا الصروح ينظرون إلى الذى رأوا من العجائب ولا يدرون ما الخبر وكذلك عبد المطلب قد صعد مع اولاده فما شعروا بشئ حتى قرع الغلام الباب ودخل على عبد المطلب وقال يا سيدنا ابشر فان آمنة وضعت ذكرا فاستبشر بذلك وقال قد علمت ان هذه براهين ودلايل لمولودي فذهب عبد المطلب إلى آمنة مع أولاده ونظروا إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ووجهه كالقمر ليلة البدر يسبح ويكبر في نفسه فتعجب منه عبد المطلب. (قال الواقدي) فاصبح أهل مكة في يوم الثاني صبيحة يوم السبت ونظروا إلى القنديل والسلسلة والى ريش الزعفران والعنبر ينزل من الغمامة وينظرون إلى الاصنام وقد خرجت من مراكزها مكبات على وجوهها وبقى الخلق على ذلك وجاء ابليس أخزاه الله على صورة شيخ زاهد وقال يا أهل مكة لا يهمنكم امر هذا فانما اخرج الاصنام بهذا الميل العفاريت والمردة وسجدوا لهن فلا يهمنكم وأمر ابليس لعنه الله تعالى ان ترد الاصنام إلى جوف بيت الله الحرام ففعلوا ذلك وإذا بهاتف يهتف ويقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. (قال الواقدي) فارسل الله تعالى إلى البيت حللا من الديباج الابيض مكتوبا عليها بخط أسود: بسم الله الرحمن الرحيم: يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا وقمرا منيرا (قال) الواقدي فتعجب الناس من ذلك فبقيت الحلل على البيت اربعين يوما فذهب رجل من آل ادريس كان بالثعلبان واتى وكانت يده دسمة فتمسح بتلك الحلل والتحف بها فارتفعت الحلل من ليلتها ولو لم يلتحف بها لبقيت على بيت الله الحرام هي والديباج إلى يوم القيامة (قال) الواقدي فاجتمع رؤساء بنى هاشم وذهبوا إلى حبيب الراهب وقالوا يا حبيب بين لنا خبر هذه الحلل وخروج الاصنام من جوف بيت الله الحرام والكواكب السائرات والبرق الذى ابرق في هذه الليلة والجلبات التى سمعنا فما هي فقال حبيب أنتم تعلمون


[ 22 ]

ان دينى ليس دينكم وانا اقول الحق ان شئتم فاقبلوا وان شئتم لا تقبلوا ما هذه العلامات إلا علامات نبي مرسل في زمانكم هذا ونحن وجدنا في التوراة ذكر وصفه وفي الانجيل نعته وفي الزبور اسمه واسمه في الصحف وهو الذى يبطل عبادة الاوثان والاصنام ويدعوا إلى عبادة الرحمن ويكون على العالم قاطع السيف طاعن الرمح نافذ السهم تخضع له ملوك الدنيا وجبابرتها فالويل كل الويل لاهل الكفر والطغيان وعبدة الاوثان من سيفه ورمحه وسهمه فمن آمن نجا ومن كفر هلك فقام الخلق من عنده مغمومين مكروبين ورجعوا إلى مكة محزونين. (قال الواقدي) واصبح عبد المطلب في يوم الثاني ودعا بامنة وقال هاتى ولدي وقرة عينى وثمرة فؤادى فجائت آمنة ومحمد صلى الله عليه وآله على ساعدها فقال عبد المطلب اكتميه يا آمنة ولا تبديه لاحد فان قريشا وبني أمية يرصدون في أمره قالت له آمنة السمع والطاعة فجاء عبد المطلب ومحمد صلى الله عليه وآله على ساعده واتى به إلى بيت الحرام واراد ان يمسح بدنه باللات والعزى لتسكن دمدمة قريش وبني هاشم ودخل عبد المطلب بيت الله الحرام فلما وضع رجله في البيت سمع النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول بسم الله وبالله وإذا البيت يقول السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته وإذا بهاتف يهتف ويقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا فتعجب عبد المطلب من صغر سنه وكلامه ومما قال له البيت فتقدم عبد المطلب لخزنة البيت وأمرهم أن يكتموا ما سمعوا من البيت ومحمد صلى الله عليه وآله (قال) الواقدي فتقدم عبد المطلب إلى اللات والعزى واراد ان يمسح بدن النبي صلى الله عليه وآله باللات والعزى فجذب من ورائه فالتفت إلى ورائه فلم ير أحدا فتقدم ثانيا فجذبه من ورائه الجاذب فنظر إلى ورائه فلم ير أحدا ثم تقدم ثالثا فجذبه الجاذب جذبة شديدة حتى اقعده على عجزه وقال مه يا أبا الحارث اتمسح بدنا طاهرا


[ 23 ]

ببدن نجس (قال) الواقدي فعند ذلك وقف عبد المطلب على باب بيت الله الحرام والنبي صلى الله عليه وآله على ساعده وانشأ يقول: الحمدالله الذى اعطاني * هذا الغلام الطيب الاردان – قد ساد في المهد على الغلمان * اعيذه بالبيت ذي الاركان – حتى أراه مبلغ الفتيان * أعيذه من كل ذى شنان – حتى يكو بلغة الغشيان * من حاسد ذي ناظر معيان (قال) الواقدي وخرج عبد المطلب مفتكرا مما سمع ورد محمد صلى الله عليه وآله إلى امه وقد وقعت الدمدمة بين قريش وبني هاشم بسبب محمد صلى الله عليه وآله. (قال الواقدي) فلما كان اليوم الثالث اشترى عبد المطلب مهدا من خيزران أسود مشبكات من عاج مرصع بالذهب الاحمر وله بكرتان من فضة بيضاء ولونه من جزع اصفر وغشاه بجلال ديباج أبيض مكوكب بالذهب وبعث إليها من الدر واللؤلؤ الكبار الذى تلعب به الصبيان في المهد وبعث بالوان الفرش وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا انتبه من نومه يسبح الله تعالى بتلك الخرز. (قال الواقدي) فلما كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب إلى عبد المطلب وكان عبد المطلب قاعدا على باب بيت الله الحرام وقد حف به قريش وبنو هاشم فدنا سواد بن قارب وقال يا أبا الحارث اعلم اني قد سمعت انه ولد لعبدالله ذكر وانهم يقولون فيه عجائب فاريد ان انظر إلى وجهه هنيئة وكان سواد بن قارب رجلا إذا تكلم سمع وكان رجلا صدوقا فقام عبد المطلب وسواد بن قارب وجاء إلى دار آمنة (رض ودخلا جميعا والنبي صلى الله عليه وآله كان نائما فلما دخلا القبة قال عبد المطلب اسكت يا سواد حتى ينتبه من نومه فسكت فدخلا قليلا قليلا حتى دخلا القبة ونظرا إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وهو في مهده نائم وعليه هيبة الانبياء فلما كشف الغطاء عنه برق وجهه برقا شق السقف بنوره والتزق في عنان السماء فالقى عبد المطلب


[ 24 ]

وسواد اكمامها على وجيهما من شده الضوء فعندها انكب سواد على النبي صلى الله عليه وآله وقال لعبد المطلب أشهد على نفسي انى آمنت بهذا الغلام بما يأتي به من عند ربه ثم قبل وجنات النبي صلى الله عليه وآله وخرجا جيمعا ورجع سواد إلى موضعه وبقى عبد المطلب فرحا نشيطا. (قال محمد بن عمر الواقدي) فلما اتى على النبي صلى الله عليه وآله شهر كان إذا نظر إليه الناظر يتوهم انه من ابناء سنة لوقارة جسمه وتمام فهمه صلوات الله عليه وآله وكانوا يسمعون من التسبيح والتمجيد والثناء على الله تعالى. (قال الواقدي) فلما اتى على رسول الله صلى الله عليه وآله شهران مات وهب جده أبو أمه آمنة وجاء عبد المطلب وجماعة من قريش وبنى هاشم وغسلوا وهيا وحنطوه وكفنوه ودفنوه على ذيل الصفا. (قال الواقدي) فلما اتى على رسول الله صلى الله عليه وآله اربعة اشهر ماتت امه آمنة (رض) فبقى النبي صلى الله عليه وآله بلا أم ولا أب وهو من ابناء اربعة اشهر فبقي يتيما في حجر جده عبد المطلب ابى أبيه (رض) فاشتد على عبد المطلب موت آمنة ليتم محمد صلى الله عليه وآله فلم يأكل ولم يشرب ثلاثة أيام فبعث عبد المطلب إلى عند بناته عاتكة وصفية وقال لهما خذا محمدا صلى الله عليه وآله والنبى لا يزداد إلا بكاء ولا يسكن وكانت عاتكة تلعق النبي صلى الله عليه وآله عسلا صافيا ولا يزداد النبي صلى الله عليه وآله إلا تماديا في البكاء (قال) الواقدي فضجر عبد المطلب فصار لايتهنأ ان ينظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في تلك الحالة فقال لابنته عاتكة احضرى نساء قريش فلعله ان يقبل ثدى واحدة منهن ويرضعن ولدى وقرة عيني محمدا فقالت ابنته عاتكة السمع والطاعة يا أبتي فبعثت عاتكة بالجواري والعبيد نحو نساء بني هاشم وقريش ودعتهن إلى ارضاع النبي صلى الله عليه وآله فجئن إلى عاتكة واجتمعن عندها في اربعمائة وستين جارية من بنات صناديد قريش واصل بنى هاشم فتقدمت كل واحدة ودفعن اراد انهن عن رسول الله صلى الله عليه وآله ووضعن ثديهن في فم رسول الله صلى الله عليه وآله فما قبل واحدة وبقين متحيرات


[ 25 ]

وكان عبد المطلب جالسا فامر باخراجهن فخرجن والنبى صلى الله عليه وآله لا يزداد إلا بكاءا وحزنا لغيبة اللبن عنه صلى الله عليه وآله فخرج عبد المطلب من الدار مهموما مغموما إلى الكعبة وقعد عند استارها ورأسه بين ركبتيه كأنه امرأة ثكلى وإذا بعقيل ابن أبى وقاص قد اقبل وهو شيخ من قريش وأسنهم فلما رأى عبد المطلب مغموما قال له يا أبا الحارث مالي اراك مغموما فقال له عبد المطلب يا سيد قريش اعلم ان نافلتي يبكي ولا يسكن شوقا إلى اللبن من حين ماتت أمه وانا لا اتهنا بطعام ولا بشراب محزون على ولدي محمد صلى الله عليه وآله وعرضت عليه نساء قريش وبني هاشم فلم يقبل ثدى واحدة منهن وذلك انه ما من امرأة إلا وبها عيب وان محمدا لا يقبل ثدى من بها عيب فلهذا امتنع فتحيرت وانقطعت حيلتى فقال عقيل يا ابا الحارث انى لاعرف في اربعة واربعين صنديد من صناديد العرب امرأة عاقلة افصح لسانا واصبح وجها وارفع حسبا ونسبا وهي حليمة بنت أبى ذويب ابن عبد الله بن الحارث بن سخنة بن ناصر بن سعد بن بكير بن زهر بن منصور بن عكرمة بن قيس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن اكرد بن سخيب بن يعرب بن اسماعيل بن ابراهيم خليل الرحمن (قال الواقدي) فقال عبد المطلب يا سيدي وسيد قريش لقد نبهتني بامر عظيم وفرجت عني ثم دعا عبد المطلب بغلام أسمه شمر دل وقال له قم يا غلام واركب ناقتك واخرج نحو حي بني سعد بن ابى بكر وادع لي أبا ذويب بن عبد الله بن الحارث السعداوي فذهب الغلام واستوى على ظهر ناقته وكان حي بني سعد من مكة على ثمانية عشر ميلا في طريق جدة قال فذهب الغلام نحو حي بني سعد فلحق بهم وإذا خيمتهم من مسح وخوص وكذلك خيم الاعراب في البوادى فدخل شمر دل الحي وسأل عن خيمة عبد الله بن الحارث فاعطوه الاثر فذهب شمر دل إلى الخيمة فإذا بخيمة عظيمة رضية زاجة في الهواء من خوص وإذا على باب الخيمة غلام اسود فاستأذن شمردل في الدخول فدخل الغلام وقال انعم صباحا يا اباذويب


[ 26 ]

قال فحياه عبد الله وقال له ما الخبر يا شمر دل فقال اعلم يا سيدى ان مولاى ابا الحارث عبد المطلب قد وجهني نحوك وهو يدعوك فان رأيت يا سيدى ان تجيبه فافعل قال عبد الله السمع والطاعة وقام عبد الله من ساعته ودعا بمفتاح الخزانة وعطى التاج ففتح باب الخزانة واخرج منها جوشنة فافرغه على نفسه فاخرج بعد ذلك درعا فاصلا فافرغه على نفسه فوق جوشنة استخرج بيضة عادية فقلبها على رأسه وتقلد بسيفين واعتل رمحا ودعا بنجيب فركبه كالدكة وجاء نحو عبد المطلب فلما دخل تقدم شمر دل واخبر عبد المطلب وكان جالسا مع رؤساء مكة مثل عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وعقبة بن ابي معيط وجماعة من قريش فلما رأى عبد المطلب عبد الله قام على قدميه واستقبله وعانقه وصافحه واقعده على جنبه والزق ركبتيه بركبتيه ولم يتكلم حتى استراح ثم قال له عبد المطلب يا ابا ذويب اتدرى بماذا دعوتك قال يا سيدي وسيد قريش ورئيس بنى هاشم حتى تقول فاسمع منك واعمل باحسنه قال اعلم يا باذويب ان نافلتي محمد بن عبد الله مات ابوه ولم يبن عليه اثر ثم ماتت امه وهو ابن اربعة اشهر وهو لا يسكن من البكاء إلى اللبن وقد عرضت عليه اربعة وستين جارية من اشرف واجل بنى هاشم فلم يقبل لواحدة منهن لبنا والان سمعنا ان لك بنتا ذات لبن فان رأيت ان تنفذها لترضع ولدى محمدا صلى الله عليه وآله فان قبل لبنها فقد جاءتك باسرها وعلى غناك وغنى اهلك وعشيرتك وان كان غير ذلك ترى مما رأيت من النساء غيرها فافعل ففرح عبد الله فرحا شديدا ثم قال يا ابا الحارث ان لي بنتين فايهما تريد قال عبد المطلب اريد اكملها عقلا واكثر لنبا واصون عرضا فقال عبد الله هاتيك حليمة لم تكن كاخواتها بل خلقها الله تعالى اكمل عقلا واتم فهما وافصح لسانا واثج لبنا واصدق لهجة وارحم قلبا منهن جميعا. (قال الواقدي) فقال عبد المطلب اني ورب السماء ما رأيت إلا تلك فقال عبد الله السمع والطاعة فقام من ساعته واستوى على متن جواده واخذ نحو


[ 27 ]

بني سعد بعد ان اضافه فلما وصل إلى منزله دخل على ابنته حليمة وقال لها ابشرى فقد جاءتك الدنيا باسرها فقالت حليمة ما الخبر قال عبد الله اعلمي ان عبد المطلب رئيس قريش وسيد بني هاشم سألني انفاذك إليه لترضعي ولده وتبشري بالعطاء الجزيل والسير الجميل قال ففرحت حليمة بذلك وقامت من وقتها وساعتها واغتسلت وتطيبت وتبخرت وفرغت من زينتها فلما ذهب من الليل نصفه قام عبد الله وزين ناقته وكانت مشرفه فركبت عليها حليمة وركب عبد الله فرسه وكذلك زوجها بكر بن سعد السعدى وخرجوا من دارهم في داج من الليل فلما اصبحوا كانوا على باب مكة ودخلوها وذهبت حليمة إلى دار عاتكة وكانت تلاطف محمدا صلى الله عليه وآله وتلعقه العسل والزبد الطري فلما دخلت الدار وسمع عبد المطلب بمجيئها جاء من ساعته ودخل الدار ووقف بين يدى حليمة ففتحت حليمة جيبها وأخرجت ثديها الايسر واخذت رسول الله صلى الله عليه وآله فوضعته في حجرها ووضعت ثديها في فمه والنبى صلى الله عليه وآله يترك ثديها الايسر ويضطرب إلى ثديها الايمن، فاخذت حليمة ثديها الايمن من النبي صلى الله عليه وآله ووضعت ثديها الايسر في فمه، وذلك ان ثديها الايمن كان جها ما لم يكن فيه لبن، وخافت حليمة ان النبي صلى الله عليه وآله إذا مص الثدي الايمن ولم يجد فيه شيئا لا يأخذ بعده الايسر، فيأمر عبد المطلب باخراجها من الدار، فلما الحت على النبي ان يأخذ الايسر والنبي يميل إلى الايمن صاحت عليه يا ولدي مص الايمن حتى تعلم انه سيكون جهاما يابسا لا شئ فيه، قال فضبط النبي على ثديها واخرج خلف الايمن حتى امتلات فانفتح باللبن حتى ملا شد قيه كفم رأس الزق بأمر الله تعالى وببركته صلى الله عليه وآله فضجت حليمة وقالت واعجبا منك يا ولدى وحق رب السماء ربيت بثدي الايسر اثني عشر ولدا وما ذاقوا من ثدى الايمن شيئا والآن قد انفتح ببركتك، واخبرت بذلك عبد الله فأمرها بكتمان ذلك فلما شبع النبي صلى الله عليه وآله ترك الخلف من ساعته فقال عبد المطلب تكونين عندي


[ 28 ]

نأمر لك بافراغ دار بجنب دارى واعطيك كل شهر الف درهم بيض ودست ثياب رومية وكل يوم عشرة امنان خبز حوارى ولحما مشويا، فلما سمع أبوها عبد الله ذلك أوحى لها ان لا تقيمي عنده قالت يا أبا الحارث لو جعلت لي مال الدنيا ما اقمت عندك وتركت الزوج والاولاد قال عبد المطلب فان كان هكذا فادفع اليك محمدا على شرطين قالت وما الشرطان قال عبد المطلب ان تحسنى إليه وتنوميه إلى جنبك وتدثريه بيمينك وتوسديه بيسارك ولا تنبذيه وراء ظهرك قالت حليمة وحق رب السماء اني منذ وقع نظري عليه قد ثبت حبه في فؤادي فلك السمع والطاعة يا أبا الحارث ثم قال واما الشرط الثاني ان تحميله إلي في كل جمعة حتى اتمتع برؤيته فاني لا اقدر على مفارقته قالت افعل ذلك ان شاء الله تعالى فأمر عبد المطلب ان تغسل رأس محمد صلى الله عليه وآله فغسلت رأسه وزرقت جبينه ولفته في خرق السندس ثم ان عبد المطلب دفعه إليها واخذ اربعة آلاف درهم وقال لها تعالى يا حليمة نمضي إلى بيت الله الحرام حتى اسلمه اليك فيه فحمله على ساعده ودخل وطاف بالنبي صلى الله عليه وآله سبعا وهو على ساعده ملفوف بخرق السندس ثم انه دفعه إليها ومعه اربعة آلاف درهم بيض واربعون ثوبا من خواص كسوته ووهب لها اربع جوار رومية وحلل سندس ثم ان عبد الله بن الحارث أتى بالناقة فركبتها حليمة واخذت حليمة رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرها وشيعه عبد المطلب إلى خارج مكة ثم اخذت حليمة رسول الله إلى جنبها من داخل خمارها فلما بلغت حليمة إلى حي بنى سعد كشفت عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فابرق من وجناته نور فارتفع في الهواء طولا وعرضا حتى التزق إلى عنان السماء (قال الواقدي) فلما رأى الخلق ذلك لم يبق في حي بنى سعد صغير ولا كبير ولا شيخ ولا شاب إلا استقبلوا حليمة وهنأوها بما رزقها الله تعالى من الكرامة الكبرى، فذهبت حليمة إلى باب خيمتها وبركت الناقة والنبي صلى الله عليه وآله في حجرها فما وضعته عند الصغير إلا وحمله


[ 29 ]

الكبير وما وضعته عند الكبير الا واخذه الصغير وذلك كله لمحبة النبي صلى الله عليه وآله. (قال الواقدي) فبقى النبي صلى الله عليه وآله عند حليمة ترضعه وكانت تقول يا ولدي ورب السماء انك عندي لاعز ولدى ضمرة، يا قرة عينى أترى اعيش حتى اراك كبيرا كما رأيتك صغيرا، وكانت تؤثر محمدا على أولادها جدا ولا تفارق محمدا عن عينيها. (قال الواقدي) قالت حليمة والله ما غسلت لمحمد صلى الله عليه وآله ثوبا من بول ولا غائط بل كان إذا جاء وقت حاجته ينقلب من جنب إلى جنب حتى تعلم حليمة بذلك وتأخذه وتخدمه حتى يقضي حاجته ولا شممت ورب السماء من محمد رائحة نتنة قط ولا شممت منه شيئا ابدا بل كان يفوح منه رائحة المسك والكافور قالت حليمة فلما اتى على النبي صلى الله عليه وآله تسعة اشهر ما رأيت ما يخرج منه البته لان الارض تبتلع ما يخرج منه فلهذا لم أر. (قال الواقدي) وكان من حليمه ان تحمل محمدا صلى الله عليه وآله حين كملت له عشرة اشهر فقامت حليمة يوم الخميس وقعدت على باب الخيمة منتظرة لانتباه النبي صلى الله عليه وآله اتزينه وتحملة إلى جده عبد المطلب قال فلم ينتبه النبي صلى الله عليه وآله وابطأ عن الخروج عن الخيمة إلى حليمة فلم يخرج إلا بعد اربع ساعات فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله مغسول الرأس مسرح الذوائب وقد زرق جبينه وذقنه وعليه الوان الثياب من السندس والاستبرق فتعجبت حليمة من زينة النبي صلى الله عليه وآله ومن لباسه مما رأت عليه فقالت يا ولدي من اين لك هذه الثياب الفاخرة والزينة الكاملة فقال لها محمد صلى الله عليه وآله اما الثياب فمن الجنة واما الزينة فمن افعال الملائكة قال فتعحبت حليمة من ذلك عجبا شديدا ثم حملته إلى عند جده في يوم الجمعة فلما نظر إليه عبد المطلب قام إليه واعتنقه واخذه إلى حجره فقال يا ولدي من اين لك هذه الثياب الفاخرة والزينة الكامله فقال له النبي صلى الله عليه وآله يا جد فاستخبر ذلك من حليمة فكلمته حليمة وقالت ليس ذلك من افعالنا فامر عبد المطلب حليمة ان تكتم ذلك وأمر لها بالف


[ 30 ]

درهم بيض وعشرة دسوت ثياب وجارية رومية فخرجت حليمة من عنده فرحة مسرورة إلى حبها. (قال الواقدي) فلما اتى على النبي صلى الله عليه وآله خمسة عشر شهرا كان إذا نظر إليه الناظر يتوهم انه من ابناء خمس سنين لتمام نمو جسمة وملاحة بدنه (قال) الواقدي فلما حملت حليمة النبي إلى حيها حين اخذته من عند عبد المطلب وكان لها اثنان وعشرون رأسا من المواشى فوضعت في تلك السنة كل شاة توما ببركة النبي صلى الله عليه وآله وخرج من عندها ولها الف وثلاثون رأسا من الثاغية والراغية (قال) الواقدي وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله اخوة من الرضاعة يخرجون بالنهار إلى الرعاء ويعودون بالليل إلى منازلهم فرجعوا ذات ليلة مغمومين فلما دخلوا الدار قالت لهم حليمة مالي أراكم مغمومين قالو يا أمنا ان في هذا اليوم جاء ذئب واخذ شاتين من شياتنا وذهب بها فقالت حليمة الخلف والخير في الله تعالى فسمع النبي صلى الله عليه وآله قولهم فقال لهم لا عليكم فاني استرجع الشاة من الذئب بمشيئة الله تعالى فقال ضمرة واعجبا منك يا أخي قد أخذها بالامس فكيف تسترجعها اليوم فقال النبي صلى الله عليه وآله انه صغير في قدرة الله تعالى فلما اصبحوا قام ضمرة واخذ رسول الله على كتفه فقال النبي صلى الله عليه وآله مر بي إلى الموضع الذى اخذ الذئب فيه الشاتين قال فذهب برسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الموضع فعند ذلك نزل النبي صلى الله عليه وآله عن كتف اخيه ضمرة وسجد سجدة لله تعالى وقال إلهي وسيدي ومولاى تعلم حق حليمة علي وقد تعدى ذئب على مواشيها فأسلك ان تلزم الذئب برد الموشي إلى عندي قال فما استنم دعاءه حتى أوحى الله تعالى إلى جبرائيل ان قل للذئب ان يرد المواشي إلى صاحبها (قال الواقدي) ان الذئب لما ذهب بالشاتين حين أخذها نادى مناد ايها الذئب احذر الله وبأسه وعقوبته واحفظ الشاتين اللتين اخذتهما حتى اردها على خير الانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله فلما سمع الذئب النداء تحير ودهش ووكل


[ 31 ]

بتلك المواشي راعيا يرعاها إلى الصباح فلما حضر النبي صلى الله عليه وآله ودعا بدعائه قام الذئب ورد الشاتين وقد قدم النبي صلى الله عليه وآله وقال يا محمد اعذرني فاني لم اعلم انها لك فاخذ ضمرة الشاتين ولم ينقص منها شئ فقال ضمرة يا محمد ما اعجب شأنك وانفذ أمرك فبلغ ذلك إلى عبد المطلب فامرهم بكتمانه فكتموه مخافة ان تأخذه قريش ويعملون في دمه. (قال الواقدي) فبقى رسول الله صلى الله عليه وآله سنتين ونظر إلى حليمة وقال لها مالي لا اري اخوتي بالنهار واراهم بالليل فقالت له يا سيدي سألتني عن اخوتك هم يخرجون في النهار إلى الرعاء فقال لها النبي صلى الله عليه وآله يا أماه احب ان اخرج معهم إلى الرعاء وانظر إلى البر والسهل والجبل وانظر إلى الابل كيف قشرين اللبن من امهاتها وانظر إلى القطايع وإلى عجائب الله تعالى في أرضه واعتبر من ذلك واعرف المنفعة من المضرة فقالت له حليمة افتحب يا ولدي ذلك قال نعم فلما اصبحوا اليوم الثاني قامت حليمة فغسلت رأس محمد صلى الله عليه وآله وسرحت شعره ودهنته ومشطته والبسته ثيابا فاخرة وجعلت في رجليه نعلين من حذاء مكة وعمدت إلى سلة واخذت منها اطعمة جيده وبعثته مع أولادها وقالت لهم يا أولادي أوصيكم بسيدي محمد صلى الله عليه وآله ان تحفظوه وإذا جاع فاطعموه وإذا عطش فاستقوه وإذا اعيي فاقعدوه حتى يستريح فقبلوا وصيتها وقالوا لها يا امنا ان محمد صلى الله عليه وآله لا عزنا وهو اخونا وانفذت معهم عبد الله بن الحارث وزوجها بكر بن سعد فخرج النبي صلى الله عليه وآله وعلى يمينه عبد الله بن الحارث وعلى يساره زوجها بكر بن سعد وضمرة وقرة قدامه والنبى صلى الله عليه وآله بينهم كالبدر بين النجوم فما بقى حجر ولا مدر إلا وهم ينادون السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حامد السلام عليك يا محمود السلام عليك يا صاحب القول العدل مخلصا بالرضا لا إله إلا الله محمد رسول الله طوبي لمن آمن بك والويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا تأتي به من عند ربك، والنبى صلى الله عليه وآله يرد عليهم السلام وقد تحير الذين معهم


[ 32 ]

مما يرون من العجائب ثم ان النبي صلى الله عليه وآله اصابه حر الشمس فأوحى الله تعالى إلى استحيائيل ان مد فوق رأس محمد صلى الله عليه وآله سحبابة بيضاء فمدها فارسلت عزاليها كافواة القرب ورش القطر على السهل والجبل ولم يقطر على رأس محمد قطرة وسألت من ذلك المطر الاودية وصار الوحل في الارض ما خلا طريق محمد صلى الله عليه وآله فانه ينشر فيه من تلك السحابة ريش الزعفران وسنابل المسك وكان في تلك البرية شجرة طويلة عادية قديبست اغصانها وتناثرت أوراقها منذ سنين فاستند النبي إليها فاورقت وازهرت واثمرت وارسلت ثمارها من ثلاثة اجناس اخضر واحمر واصفر وقعد النبي صلى الله عليه وآله هنالك يكلم اخوته ورأى النبي صلى الله عليه وآله روضة خضراء فقال يا اخوتي اريد ان امر بهذه الروضة وكان وراء الروضة تل كؤد وعليه الوان النبات فقال يا اخوتي ما ذلك التل فقالوا يا محمد وراء ذلك البراري والمفاوز فقال النبي صلى الله عليه وآله اني قد اشتهيت ان انظر إليه فقال القوم نحن نمضي معك إليه فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله بل اشتغلوا انتم باعمالكم وانا امضي وحدي وارجع اليكم سريعا ان شاء الله تعالى فقالوا جميعا مر يا محمد فان قلوبنا متفكرة بسببك (قال) الواقدي ثم ان النبي صلى الله عليه وآله مر في تلك الروضة وحده ونظر إلى تلك البراري وهو يعتبر ويتعجب من الروضة حتى بلغ التل فنظر إلى جبل شاهق في الهواء كالحائط ولا يتهيأ له صعود لا عتداله وارتفاعه في الهواء فقال النبي صلى الله عليه وآله في نفسه انى اريد ان اصعد هذا التل فانظر إلى ما ورائه من العجائب، قال الواقدي فاراد النبي صلى الله عليه وآله أن يصعد الجبل فلم يتهيأ له ذلك لاستوائه في الهواء فصاح استحيائيل في الجبل صيحة ارعشته فاهتز اهتزازا وقال له أيها الجبل ويحك اطلع محمد * ص * خير المرسلين فانه يريد الصعود عليك ففرح الجبل وتراكم بعضه إلى بعض كما يتراكم الجلد في النار فصعد النبي * ص * اعلاه وكان تحت ذلك الجبل حيات كثيره من الوان شتى وعقارب كالبغال فلما هم النبي * ص * بالنزول إلى


[ 33 ]

تحت الجبل صاح بها الملك استحيائيل صيحة عظيمة وقال ايتها الحيات والعقارب غيبوا انفسكم في جحوركم وتحت صخوركم لئلا يراكم سيد المرسلين وسيد الاولين والاآخرين فسارعت الحيات والعقارب إلى امرهما استحيائيل وغيبت انفسها في كل جحر ونزل النبي صلى الله عليه وآله من الجبل فرأى عين ماء بارد أحلى من العسل والين من الزبد فقعد النبي صلى الله عليه وآله عند العين فنزل جبرئيل (ع) في ذلك الموضع وميكائيل واسرافيل ودردائيل فقال جبرئيل السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حامد السلام عليك يا محمود السلام عليك يا طه السلام عليك يا ايها المدثر السلام عليك يا ايها المليح السلام عليك يا طاب يا طاب السلام عليك يا سيد يا سيد السلام عليك يا فار قليط السلام عليك يا طس السلام عليك يا طسم السلام عليك يا شمس الدنيا السلام عليك يا قمر الاخرة السلام عليك يا نور الدنيا والآخرة السلام عليك يا شمس القيامة السلام عليك يا خاتم النبين السلام عليك يا زهرة الملائكة السلام عليك يا شفيع المذنبين السلام عليك يا صاحب التاج والهراوة السلام عليك يا صاحب القرآن والناقة السلام عليك يا صاحب الحج والزيارة السلام عليك يا صاحب الركن والمقام السلام عليك يا صاحب السيف القاطع السلام عليك يا صاحب الرمح الطاعن السلام عليك يا صاحب السهم النافذ السلام عليك يا صاحب المساعي السلام عليك يا ابا القاسم السلام عليك يا مفتاح الجنة السلام عليك يا مصباح الدين السلام عليك يا صاحب الحوض المورود السلام عليك يا قائد المسلمين السلام عليك يا مبطل عبادة الاوثان السلام عليك يا قائد المرسلين السلام عليك يا مظهر الاسلام السلام عليك يا صاحب لا إله إلا الله محمد رسول الله قولا عدلا، طوبى لمن آمن بك والويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا مما تأتي به من عند ربك، والنبي صلى الله عليه وآله يرد عليهم السلام فقال لهم من أنتم قالوا نحن عباد الله وقعدوا حوله قال فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى جبرئيل صلوات الله عليه قال له ما اسمك قال عبد الله ونظر


[ 34 ]

إلى اسرافيل وقال له ما اسمك قال اسمي عبد الله ونظر إلى ميكائيل وقال له ما اسمك قال عبد الجبار ونظر إلى دردائيل وقال له ما اسمك قال عبد الرحمن فقال النبي صلى الله عليه وآله كلنا عباد الله تعالى وكان مع جبرئيل طشت من ياقوت احمر ومع ميكائيل ابريق من ياقوت أخضر وفي الابريق ماء من الجنة فتقدم جبرئيل (ع) ووضع فمه على فم محمد إلى ان ذهبت ثلاث ساعات من النهار ثم قال يا محمد اعلم وافهم ما بينته لك قال نعم ان شاء الله تعالى وقد ملا جوفه علما وفهما وحكما وبرهانا وزاد الله تعالى في نور وجهه سبعة وسبعين ضعفا فلم يتهيأ لاحد ان يملا بصره من الرسول الله صلى الله عليه وآله فقال له جبرئيل (ع) لا تخف يا محمد فقال له النبي صلى الله عليه وآله ومثلي من يخاف وعزة ربى وجلاله وجوده وكرمه وارتفاعه وعلو مكانه لو علمت شيئا دون جلال عظمته لقلت لم اعرف ربي قط فقال ونظر جبرئيل إلى ميكائيل وقال حق لربنا ان يتخذ مثل هذا حبيبا ويجعله سيد ولد آدم (ع) ثم ان جبرئيل القى رسول الله صلى الله عليه وآله على قفاه ورفع اثوابه فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما تريد تصنع يا اخي جبرئيل فقال جبرئيل (ع) لا بأس عليك فاخرج جناحه اخضر وشق بطن النبي صلى الله عليه وآله ببندقة وادخل جناحه في بطنه وخرق قلبه وشق المقلية واظهر نكتة سواد فاخذها جبرئيل فغسلها وميكائيل يصب الماء عليه فنادى مناد من السماء يقول يا جبرئيل لا تقشر قلب محمد صلى الله عليه وآله فتوجعه ولكن اغسله بزغبك والزغب هو الريش الذي تحت الجناح فاخذ جبرئيل زغبة وغسل بها قلب محمد صلى الله عليه وآله ثم رد المقلبة إلى القلب والقلب إلى الصدر فقال عبد الله بن العباس ذات يوم والنبي صلى الله عليه وآله قد بلغ مبلغ الرجال سألت النبي صلى الله عليه وآله باي شيئ غسل قلبك يا رسول الله ومن أي شئ قال غسل من الشك باليقين لامن الكفر فاني لم اكن كافرا قط لانى كنت مؤمنا بالله من قبل ان اكون في صلب آدم (ع) فقال له عمر بن الخطاب متى نبئت يا رسول الله قال يا ابا حفص نبئت وآدم (ع) بين الروح والجسد (قال) واما


[ 35 ]

ما كان من امر النبي صلى الله عليه وآله فان جبرئيل (ع) قام وصب الماء على ارض قزوين فحصل من ذلك الارض قزوين امر عظيم قال وعرج جبرئيل (ع) وميكائيل إلى السماء فقال اسرافيل لمحمد صلى الله عليه وآله ما اسمك يا فتى فقال النبي صلى الله عليه وآله انا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ولي اسم غير هذا قال اسرافيل صدقت يا محمد ولكني امرت بامر فافعله قال النبي صلى الله عليه وآله افعل ما امرت به فقام اسرافيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وحل ازرار قميصه والقاه على قفاه واخرج خاتما كان معه وعليه سطران الاول لا اله إلا الله والثاني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك خاتم النبوة فوضع الخاتم بين كتفي النبي صلى الله عليه وآله فصار الخاتم بين كتفيه كالهلال الطالع بجسمه واستبان السطران بين كتفيه كالشامة يقرأها كل عربي كاتب وفرغ اسرافيل من عمله وجاء بين يدى النبي صلى الله عليه وآله ثم دنا دردائيل قال يا محمد تنام الساعة فقال له نعم فوضع النبي صلى الله عليه وآله رأسه في حجر دردائيل وغفا غفوة فرأى في المنام كأن شجرة ثابة فوق رأسه وعلى الشجرة اغصان غلاظ مستويات كلها وعلى كل غصن من اغصانها غصن وغضنان وثلاثة واربعة اغصان ورأى عند ساق الشجرة من الحشيش مالا يتهيأ وصفه وكانت الشجرة عظيمة غليظة الساق زاجة في الهواء ثابتة الاصل باسقة الفرع فنادى مناد يا محمد أتدرى ما هذه الشجرة فقال النبي * ص * لا اخي قال اعلم ان هذه الشجرة انت والاغصان أهل بيتك والذي تحته محبوك ومرالوك فابشر يا محمد بالنبوة الاثير والرياسة الخطيرة ثم ان دردائيل اخرج ميزانا عظيما كل كفة منه ما بين السماء والارض فاخذ النبي صلى الله عليه وآله فوضعه في كفة ووضع اصحابه في الكفة الثانية فرجح بهم النبي صلى الله عليه وآله ثم عمد إلى الف رجل من خواص امته فوضعهم في الكفة فرجح بهم النبي * ص * ثم عمد إلى اربعة آلاف رجل من امته فوضعهم في الكفة فرجح بهم الغبي * ص * ثم عمد إلى نصف امته فرجح بهم النبي صلى الله عليه وآله ثم عمد إلى أمته كلهم


[ 36 ]

ثم الانبياء والمرسلين ثم الملائكة كلهم اجمعين ثم الجبال ثم البحار ثم الرمال ثم الاشجار ثم الامطار ثم جميع ما خلق الله تعالى فوزنهم النبي صلى الله عليه وآله فلم يعدلوه ورجح النبي بهم فلهذا قيل خير الخلق محمد صلى الله عليه وآله لانه رجح بالخلق اجمعين وهذا كله يراه بين النوم واليقظة فقال له دردائيل يا محمد طوبى لك ولا متك وحسن مآب والويل كل الويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا مما ولا تأني به من عند ربك ثم عرجت الملائكة إلى السماء فاتت والله تلك الشجرة التى رآها في المنام على وصفها وتشرت اغصانها وخرجت أوراقها وارسلت اثمارها بامر الله تعالى وعليها كل ثمرة من لون واجتمع صفرة الشمس واختلطت بحمرة الورق والالوان مختلطة بعضها ببعض. (قال الواقدي) فلما طال مكث النبي صلى الله عليه وآله طلبه في تلك المفاوز اخوته أولاد حليمة فلم يجدوه فرجعوا إلى حليمة وأعملوها بقصته فقامت ذاهلة العقل تصيح في حي بنى سعد فرفعت الصيحة في حي بني سعد ان محمدا قد فقد فقامت حليمة ومزقت اثوابها وخدشت خدها ونفشت شعرها وهي تعدو في البراري والمفاور والقفار حافية القدم والشوك يدخل في رجلها والدم يسيل منها وهي تنادي واولداة واقرة وعيناه واثمرة فؤاداي ومعها نساء بني سعد يبكين معها مكشفات الشعور مخدوشات الوجوه وحليمة تسقط مرة وتقوم اخرى وما بقى في الحي شيخ ولا شاب ولا حر ولا عبد إلا يعدو في البرية في طلب محمد صلى الله عليه وآله وهم يبكون كلهم بقلب محترق وركب عبد الله بن الحارث وركب معه آل بنى سعد وحلف إذا ما وجدت محمدا صلى الله عليه وآله الساعة وضعت سيفي في آل بني سعد وغطفان واقتلهم من آخرهم واطلب بدم محمد صلى الله عليه وآله وذهبت حليمة على حالتها مع نساء بنى سعد نحو مكة ودخلتها وكان عبد المطلب قاعدا عند استار الكعبة مع رؤساء قريش وبنى هاشم فلما نظر إلى حليمة على تلك الحالة ارتعدت فرائصه وصاح ما الخبر فقالت حليمة اعلم ان محمدا قد فقدناه منذ أمس وقد تفرق آل سعد في طلبه


[ 37 ]

قال فغشى عليه ساعة ثم افاق وقال كلمة لا يخذل قائلها لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم يا غلام هات فرسي وسيفي وجوشنى فقام عبد المطلب وصعد إلى اعلى الكعبة ونادى يا آل غالب يا آل عدنان يا آل فهر يا آل نزار يا آل كنانة يا آل مضر يا آل مالك فاجتمع عليه بطون العرب ورؤساء بني هاشم وقالوا له ما الخبر يا سيدنا فقال لهم عبد المطلب ان محمدا لا يرى منذ أمس فاركبوا وتسلحوا فركب في ذلك اليوم مع عبد المطلب عشرة آلاف رجل فبكى الخلق كلهم رحمة لعبد المطلب وقامت الصيحة والبكاء في كل جانب حتى المخدرات خرجن من الستور رقة لعبد المطلب مع القوم إلى حي بنى سعد وسائر الاطراف وانجذب عبد المطلب نحو حي عبد الله بن الحارث واصحابه باكي العيون ممزقي الثياب وكلهم بتمام الاسلحة فلما نظر عبد الله إلى عبد المطلب رفع صوته بالبكاء وقال يا ابا الحارث واللات والعزى واساف ونائلة ان لم اجد محمدا وضعت سيفي في حي بني سعد وغطفان واقتلهم عن آخرهم قال فرق قلب عبد المطلب على حي آل سعد ارجعوا انتم إلى حيكم واللات والعزى ان لم اجد محمدا الساعة رجعت إلى مكة ولم ادع فيها يهوديا ولا يهودية ولا احدا ممن اتهم بمحمد فامدهم تحت سيفي مدا ولا جعلن مكة طلبا لدم محمد صلى الله عليه وآله (قال) الواقدي واقبل من اليمن أبو مسعود الثقفى وورقة بن نوفل وعقيل بن أبي وقاص وجازوا على الطريق الذى فيه محمد صلى الله عليه وآله وإذا الشجرة ثابتة في الوادي فقال ورقة لابي مسعود اني سلكت هذا الطريق ثلاثين مرة فما رأيت قط هنا هذه الشجرة فقال عقيل صدقت فمروا بنا حتى ننظر ما هي فال فذهبوا جميعا وتركوا الطريق الاول فلما بلغوا قريبا من الشجرة رأوا تحت الشجرة غلاما امرد ما رأى الرائون مثله كأنه قمر فقال عقيل وورقة ما هو إلا جني فقال أبو مسعود ما هو إلا من الملائكة وهم يقولون والنبي صلى الله عليه وآله يسمع كلامهم فاستوى قاعدا فرأى القوم ورأوه فقال أبو مسعود من انت يا غلام أجنى أم أنسى فقال


[ 38 ]

النبي صلى الله عليه وآله بل انا انسى فقال ما اسمك قال محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف فقال أبو مسعود أنت نافلة عبد المطلب قال نعم قال كيف وقعت ها هنا فقص عليهم القصة من اولها إلى آخرها فنزل أبو مسعود عن ظهر ناقته وقال اتريد ان امر بك إلى جدك فقال النبي صلى الله عليه وآله نعم فاخذه على قربوس سرجه ومروا جميعا حتى بلغوا قريبا من حي آل بني سعد فنظر النبي صلى الله عليه وآله في البرية فرأى جده عبد المطلب واصحابه لا يرونه فقالوا يا محمد انا لا نرى وذلك ان نظرته نظرة الانبياء فقال لهم مروا حتى اريكم فمروا وإذا عبد المطلب مقبل هو واصحابه فلما نظر عبد المطلب إلى محمد صلى الله عليه وآله وثب عن فرسه واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى سرجه وقال له اين كنت يا ولدي وقد كنت عزمت ان اقتل أهل مكة جميعا فقص النبي صلى الله عليه وآله على جده القصة من اولها إلى آخرها ففرح عبد المطلب فرحا شديدا وخرج من خيله ورجله ودخل إلى مكة ودفع إلى ابي مسعود خمسين ناقة وإلى ورقة بن نوفل وعقيل ستين ناقة قال وذهبت حليمة إلى عبد المطلب وقالت له إدفع إلي محمدا صلى الله عليه وآله فقال عبد المطلب يا حليمة اني أحببت ان تكوني معنا بمكة وإلا ما كنت بالذى اسلمه اليك مرة اخرى فوهب لعبدالله ابن الحارث ابيها الف مثقال ذهب احمر وعشرة آلاف درهم ابيض ووهب لبكر بن سعد جملة بغير وزن ووهب لاخوان النبي صلى الله عليه وآله أولاد حليمة وهما ضمرة وفرة اخواه من الرضاعة مأتي ناقة واذن لهم بالرجوع إلى حيهم. * قال * الواقدي وكان في زمان عبد المطلب رجل يقال له سيف بن ذي يزن المازني وكان من ملوك اليمن وقد انفذ ابنه إلى مكة واليا من قبله وتقدم إليه باستعمال العدل والانصاف ففعل ما امره به ثم ان عبد المطلب دعا برؤوساء قريش مثل عتبة بن ربيعة ومثل الوليد ابن المغيرة وعتبة بن ابي معبط وامية بن خلف ورؤساء بني هاشم فاجتمعوا في دار الندوة وهي الدار


[ 39 ]

الموصلة في المسجد الحرام فلما قعدوا واخذوا مرانبهم ثم تكلم عبد المطلب وقال اعلموا اني قد دبرت تدبيرا فقال المشايخ وما دبرت يا رئيس قريش وكبير بني هاشم فقال يا قوم انكم تحتاجون ان تخرجوا معي نحو سيف بن ذى يزن لتهنئته في ولايته وهلاك عدوه ليكون ارفق بنا واميل الينا فقالوا له بأجمعهم نعم ما رأيت ونعم ما دبرت ثم امر عبد المطلب ان يستحكموا آلات السفر ففرغوا من ذلك قال فخرج عبد المطلب ومعه سبعة وعشرون رجلا على نوق جياد نحو اليمن فلما وصلوا إلى سيف بن ذي يزن بعد ايام سألوا عن الوصول إليه قالوا لهم ان الملك في قصر الوادي وكان من عاداته في أوان الورد أن يدخل قصر غمدان ولا يخرج إلا بعد نيف واربعين يوما ولا يصل إليه ذو حاجة ولا زائر وانتم قصدتم الملك في ايام الورد فذهب عبد المطلب إلى باب بستانه وكان لقصر غمدان في وسط البستان ابواب وكان لهذا البستان باب يفتح إلى البرية وقد وكل بذلك الباب بواب واحد فقال عبد المطلب لاصحابه لعلنا يتهيأ لنا الدخول بحيلة ولا يتهيأ لنا إلا بها فقال القوم صدقت (قال) الواقدي ثم ان عبد المطلب نزل واتجة نحو الباب فنظر إلى البواب وسلم عليه وضحك في وجهه ولم يظهر للبواب شيئا ولم يعقد إلا إلى جانبه ثم قال له يا بواب دعني أن ادخل البستان فقال له البواب واعجبا منك ما أقل فهمك وأضعف رأيك أمصروع أنت فقال له عبد المطلب ما رأيت من حنوني فقال له البواب اما علمت ان سيف بن ذي يزن في القصر مع جواريه وخدمه قاعد كان ابصرك في بستانه امر بقتلك وان سفك دمك عنده أهون من شربة ماء فقال له عبد المطلب دعني ادخل ويكون من الملك إلى ما يكون فقال له البواب يا مغلوب العقل ان الملك في القصر وعيناه للباب والبواب وانه قدر ما يرفق ان يأمر بقتلك فقال عقيل ابن ابي وقاص يا ابا الحارث اما علمت ان المسارج لا تضئ إلا بالدهن فقال عبد المطلب صدقت * قال * الواقدي ثم ان عبد المطلب دعا بكيس من اديم فيه الف دينار وقال بعد ان صب الكيس


[ 40 ]

بين يدي البواب يا هذا ان تركتني ادخل البستان جعلت هذا بري اليك فأقبل صلتي وخل سبيلي فلما نظر البواب إلى الدراهم خر مبهوتا وقال له البواب يا شيخ ان دخلت ونظر اليك الملك وسألك عن كيفية دخولك ما انت قائل له قال عبد المطلب أقول له كان البواب نائما وشرط عليه عبد المطلب ان لا يكذبه ان دعاه الملك للمسائلة فيقول غفوت وليس لي بدخوله علم قال نعم فقال عبد المطلب ان كذبتني في هذا اصدقت الملك عن الصلة التى وصلتك بها فقال له البواب ادخل يا شيخ فدخل عبد المطلب البستان وكان قصر غمدان في وسط الميدان والبستان كأنه جنة من الجنان قد حف بالورد والياسمين وانواع الرياحين والفواكه وفيه انهار جارية في وسطه وإذا سيف بن ذى يزن قد اتكأ على عمود المنظرة من قصر وفي قصره يقول الشاعر: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا * في رأس غمدان دارا منك محلالا – اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم * واسبل اليوم في برديك أسبالا قال فلما نظر سيف بن ذي يزن عبد المطلب غضب وقال لغلمانه من ذا الذي دخل على بغير اذني ليؤت به سريعا، فسعى إليه الغلمان والخدم فاختطفوه من البستان فلما دخل عبد المطلب عليه رأى قصرا مبنيا على حجر مطلي بطلاء الورد منقشا بنقش اللازورد ووردا على أمثال الورد ورأى عن يمين الملك وعن شماله وبين يديه من الجواريى مالا عدد لهن ورأى قريب الملك عمودا من عقيق أحمر وله رأس من ياقوت أزرق مجوف محشى بالمسك ورأى عن يساره ثورا من ذهب أحمر على فخذه سيف نقمته مكتوب عليه بماء الذهب شعر يقول ! رب ليث مدجج كان يحمي * الف قرن مغمد الاغماد – وخميس ملفف بخميس * بدد الدهر جمعهم في البلاد (قال الواقدي) فوقف عبد المطلب بين يدى سيف ولم يتكلم الملك ولا عبد المطلب حتى كرع الملك في النور الذي بين يديه فلما فرغ من


[ 41 ]

شربه نظر إليه وكان سيف قد شاهد عبد المطلب قبل هذا ولكنه انكره حتى استنطقه فقال له الملك من الرجل فقال انا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان حتى بلغ آدم (ع) فقال له الملك أنت ابن اختي فقال نعم انا ابن اختك وذلك ان سيف بن ذى يزن كان من آل قحطان وآل قحطان من الاخ وآل اسماعيل من الاخت فعلم سيف بن ذي يزن ان عبد المطلب ابن اخته فقال سيف بن ذى يزن اهلا وسهلا وناقة ورحلا ومد يده إلى عبد المطلب وكذلك عبد المطلب نحو الملك فأمره الملك بالقعود وكناه بابي الحارث وقال فانتم معاشر اهل الشام رجال الليل والنهار وغيوث الجدب والغلاء وليوث الحرب لضرب الطلى ثم قال يا أبا الحارث فيم جئت فقال له عبد المطلب أيها الملك السعيد جده الرفيع مجده المطاع أمره المحذور آفته المدرك رأفته نحن جيران بيت الله الحرام وسدنة البيت وقد جئت اليك واصحابي بالباب لنهنئك بولايتك وما فوضه الله تعالى من النصر بك واجراه على يديك من هلاك عدوك فالحمد لله الذى نصرك واقر عينيك وافلج حجتك واقر عيوننا بخذلان عدوك فاطال الله تعالى في سوابغ نعمه مدتك وهنأك بما منحك ووصلها بالكرامة الابدية فلا خيب دعائي فيك ايها الملك ففرح سيف بدعائه وازداد له محبة بما سمع من تهنئته ثم امره ان يصير هو ومن معه بالباب من اصحابه إلى دار الضيافة إلى ان يؤمر باحضارهم بعد هذا اليوم إلى مجلسه فمضى وحجابه وخدمه بين يديه إلى حيث امرهم وخرج عبد المطلب واستوى على جمله واتبعه اصحابه وبين يديه غلمان الملك حوله حتى انزلوه واصحابه وبالغوا بالتوصية به وباصحابه فامر الملك ان يجرى عليهم في كل يوم الف درهم بيض فبقي عبد المطلب في دار الضيافة شهرين حتى تصرمت ايام الورد فلما كان في اليوم الذى اراد فيه مجلسه للتسليم عليه والنظر في امره ذكر عبد المطلب في شطر من ليلته فامر باحضاره وحده فدخل عليه الرسول فأمره


[ 42 ]

واعلمه بمراد الملك منه فقام معه إليه فإذا الملك في مجلسه وحده فقال لخدمه تباعدوا عنا فلم يبق في مجلس غير الملك وعبد المطلب وثالثهم رب العزة تبارك وتعالى فقال له الملك يا أبا الحارث ان من آرائي ان افوض اليك علما كنت كتمته عن غيرك واريد ان اضعه عندك فانك موضع ذلك واريد ان تطويه وتكتمه إلى ان يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع والطاعة للملك وكذا الظن يك فقال الملك أعلم يا أبا الحارث ان بارضكم غلاما حسن الوجه والبدن جميل القد والقامة بين كتفيه شامة المبعوث من تهامة انبت الله تعالى على رأسه شجرة النبوة وظلته الغمامة صاحب الشفاعة يوم القيامة مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران الاول لا اله الا الله والثاني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله والله تعالى توفى امه واباه وتكون تربيته على يدى جده وعمه وانا وجدت في كتب اسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب وانى أراك جده فقال عبد المطلب أنا جده أيها الملك فقال الملك مرحبا بك وسهلا يا أبا الحارث ثم قال له الملك اني أشهد على نفسي يا أبا الحارث أني مؤمن به وبما يأتي به من عند ربه ثم تأوه سيف ثلاث مرات بان يراه فكان ينصره وينظره فيتعجب منه الطير في الهواء ثم قال يا أبا الحارث عليك بكتمان ما القيت عليك ولا تظهره إلى ان يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع والطاعة للملك ونظر عبد المطلب في لحية سيف بن ذى يزن سوادا وبياضا وخرج من عنده وقد وعده في الحناه في غد ليرحلوا إلى ارض الحرم ان شاء الله تعالى فلما رجع إلى اصحابه رآهم وجلين خائفين وقد اكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التى دعاه فيها فقالوا له ما كان يريد الملك منك قال عبد المطلب يسألنى عن رسوم مكة وآثارهم ولم يخبر عبد المطلب احدا بما كان بينه وبين الملك وغدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه فتطيبوا وتزبنوا ودخلوا القصر وعبد المطلب يقدمهم فدخلوا عليه فنظر عبد المطلب فإذا برأسه ولحيته سواد حالك فقال له عبد المطلب


[ 43 ]

انى تركتك ابيض اللحية فما هذا فقال له انى استعمل الخضاب فقال اصحاب عبد المطلب إن رأى الملك ان يرانا اهلا لذلك الخضاب فليفعل قال فامر الملك ان يؤخذ بهم إلى الحمام وكان القوم بيض الرؤوس واللحي فخضبوا هناك فخرجوا ولشعورهم بريق كاسود ما يكون من الشعر ويقال ان سيفا أول من خضب رأسه ولحيته (قال الواقدي) ثم ان الملك امر لكل واحد ببدرة دراهم بيض وحمل كل واحد منهم على دابة وبغل وامر لكل واحد منهم بجارية وغلام وبتخت ثيات فاخرة ووهب لعبد المطلب ضعفى ما وهب لهم ثم دعا الملك بفرسه العقاب وبغلته الشهباء وناقته والعضباء وقال يا أبا الحارث ان الذى اسلمه اليك امانة في عنقك تحفظها إلى ان تسلمها إلى محمد صلى الله عليه وآله إذا بلغ مبلغ الرجال فقال له اعلم اني ما طلبت على هذه الفرس شيئا إلا وجدته وما قصدني عدو وأنا راكب عليها إلا انجانى الله تعالى منه واما البغلة فاني كنت اقطع بها الد كادك والجبال لحسن سيرها ولا انزل عنها ليلى ونهارى فأمره أن يتحفظ ويجعلها لى تذكرة وبلغه عنى التحية الكثيرة فقال عبد المطلب السمع والطاعة لامر الملك ثم ودعوه وخرجوا نحو الحرم حتى دخلوا مكة فوقعت الصيحة في البلد بقدومهم فخرج الناس يستقبلونهم وخرج أولاد عبد المطلب وقعد النبي صلى الله عليه وآله على صخرة وقد القى كمه على وجهه لئلا تناله الشمس حتى قارب عبد المطلب فنظر أولاده إليه وقالوا يا أبانا خرجت إلى اليمن شيخا ورجعت شابا قال نعم ايها الفتيان سأخبركم بما ذكرتم فاخبرهم ثم قال لهم اين سيدي محمد صلى الله عليه وآله فقالوا له انه في بعض الطريق ينتظر كم ثم ان عبد المطلب سار نحوه حتى وصل إليه مع اصحابه فنزل عن مركوبه وعانقه وقبله بين عينيه وقال له ان هذا الفرس والبغلة والناقة اهداها اليك سيف بن يزن ويقرأ عليك التحية الطيبة، ثم امر ان يحمل رسول الله محمد صلى الله عليه وآله على الفرس فلما استوى النبي صلى الله عليه وآله على ظهر الفرس نشط وصهل صهيلا شديدا فرحا


[ 44 ]

برسول الله صلى الله عليه وآله ونسب هذا الفرس انه عقاب بن تيزوب بن قابل بن بطال بن زاد الراكب بن الكفاح بن الجنح بن موج بن ميمون بن ريح أمره الله قال كن فكان بامره (قال الواقدي) واخذ أبو طالب بلجام فرسه وحف برسول الله صلى الله عليه وآله اعمامه فقال صلى الله عليه وآله خلوا عني فان ربى يحفظني ويكلاني فرقي الفرس برسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن فمال النبي ليسقط فمال الفرس معه لئلا يسقط فدخل النبي صلى الله عليه وآله إلى مكة على حالته فشاع خبره في قريش وبني هاشم فتعجب من امره الخلق وبقي النبي صلى الله عليه وآله فرحا مسرورا عند عبد المطلب. (قال الواقدي) ودب النبي صلى الله عليه وآله ودرج وأتى عليه ثمان سنين وثمانية اشهر وثمانية ايام فعندها اعتل علة شديدة عبد المطلب فامر ان يحمل سريره إلى عند بيت الله الحرام وينصب هناك عند استار الكعبة وكان لعبد المطلب سرير من خيزران اسود ورثه من جده عبد مناف وكان السرير له شبكات من عاج وآبنوس وصندل وعمود احسن ما يكون احكاما وهيئة وامر عبد المطلب ان يزين السرير بالوان الفرش والديباج والرقاق وامران ينصب فوق سريره فسطاط ديباج احمر ففعل ذلك وحمل عبد المطلب إلى بيت الله الحرام ونام على ذلك السرير المزبن وقعد حوله اولاده وكان له من البنين عشرة أنفس فمات عبد الله وبقى بعده تسعة شجعان يعد كل واحد منهم بألف وقعدوا حوله وحفوا بعبد المطلب يبكون ودموعهم تتقاطر على خدودهم كالمطر وقعد النبي صلى الله عليه وآله واجتمعت عند عبد المطلب بطون العرب وكبار قريش مصطفين ما منهم احد الا وعيناه تهملان بالدموع فعند ذلك ظهر أبو لهب لعنه الله تعالى واخزاه واخذ برأس رسول الله صلى الله عليه وآله ليحنيه وينحيه عن عبد المطلب فصاح عبد المطلب وانتهره وقال له مه يا عبد العزى انت من عداوتك لانفك من اظهارك لبغضك محمد صلى الله عليه وآله اقعد مكانك واسكت عنه فقام أبو لهب وقعد عند رجلي عبد المطلب خجلا


[ 45 ]

مخذولا لان ابالهب كان من الفراعنة المبغضين لرسول الله صلى الله عليه وآله ثم انقلب عبد المطلب إلى جنبه واقبل بوجهه على ابى طالب القى إليه النبي لانه لم يكن في اولاد عبد المطلب أرفق برسول الله صلى الله عليه وآله وأميل منه ثم انشأ عبد المطلب يقول: أوصيك يا عبد مناف بعدي * بواحد بعد أبيه فرد – فارقه وهو ضجيع المهد * فكنت كالام له في الوجد – الصقه بين الحشى والكبد * حتى إذا خفت فراق الوجد – أوصيت ارجي اهلنا بالود * لابن الذى غيبته في اللحد – بالكره منى ثم لا بالعمد * وخيرة الله يشأ في العبد ثم قال عبدالمطب: يا ابا طالب اننى القي اليك وصيتى، قال أبو طالب: وما هي قال يا بني اوصيك بعدى بقرة عينى محمد صلى الله عليه وآله فانت تعلم محله منى ومقامه لدى فأكرمه باجل الكرامة ويكون عندك ليلة ونهاره مادمت في الدنيا، الله ثم الله في حبيبه. ثم قال لاولاده اكرموا وجللوا محمدا صلى الله عليه وآله وكونوا عند اعزازه واكرامه فسترون منه امرا عظيما عليا وسترون آخر امره ما انا أصفه عند بلوغه فقالوا بأجمعهم السمع والطاعة يا ابانا نفديه بانفسنا وأموالنا ونحن له فدية قال أبو طالب قد أوصيتنا بمن هو افضل منى ومن اخواني قال نعم ولم يكن في اعمام النبي صلى الله عليه وآله ارفق من ابي طالب قديما وحديثا بامر محمد صلى الله عليه وآله ثم قال ان نفسي ومالي دونه فداء انازع معاديه وانصر مواليه فلا يهمنك امره (قال الواقدي) ثم ان عبد المطلب غمض عينيه وفتحهما ونظر قريشا وقال يا قوم أليس حقي عليكم واجبا فقالوا بأجمعهم نعم حقك على الكبير والصغير واجب فنعم القائد ونعم السائق فينا كنت فجزاك الله تعالى عنا خيرا وهون عليك سكرات الموت وغفر لك ما سلف لك من ذنوبك فقال عبد المطلب أوصيكم بولدى محمد بن عبد الله فاحلوه محل الكرامة فيكم وبروه ولا تجفوه ولا تستقبلوه بما يكره


[ 46 ]

فقالوا كلهم قد سمعنا منك واطعناك فيه ثم قال لهم عبد المطلب ان الرئيس عليكم من بعدي الوليد بن المغيرة فانه أهل لان يجمعنكم على الخير ويلم شملكم فضجت الخلق باجمعهم وقالوا قبلنا امرك فنعم ما رأيته رئيسا ونعم ما خلقته فينا بعدك وصارت قريش وبنو هاشم تحت ركاب الوليد بن المغيرة لعنه الله تعالى فعند ذلك تغير وجه عبد المطلب واخضرت اظافر يديه ورجليه ووقع على وجنتيه غبار الموت واكثر التقلب من جانب إلى جانب ومرة يقيض رجلاة ومرة يبسط اخرى والخلائق من قريش وبني هاشم حاضرون وقد صارت مكة في ضجة واحدة واراد النبي صلى الله عليه وآله ان يقوم من عنده ففتح عبدالمطب عينيه وقال يا محمد تريد أن تقوم قال نعم فقال عبد المطلب يا ولدي فاني وحق رب السماء لفي راحة مادمت عندي قال فقعد النبي صلى الله عليه وآله فما كان الا عن قليل حتى قضى نحبه (قال الواقدي) ثم قاموا في تغسليه فغسلوه وحنطوه وكفنوه وجعلوه في اعواد المنايا وحملوه إلى ذيل الصفا وما بقى في مكة شيخ وشاب ولا حر ولا عبد من الرجال والنساء إلا وقد ذهبوا في جنازته وعظموها ودفنوه ورجع الخلق من جنازته باكين عليه لفقده من مكة فقالت عاتكة بنت عبد المطلب ترثي أباها: ألا يا عين ويحك اسعديني * بدمع واكف هطل غزير – على رجل أجل الناس أصلا * وفرعا في المعالي والظهور – طويل الباع أروع شيظمي * اغر كغرة القمر المنير – وابكى هاشما وبني ابيه * فقد فارقت ذاكرم وخير – وغيثا للقرى في كل ارض * إذا ضن الغنى على الفقير – فقدنا من قريش في البرايا * سحاب الناس في السنة النرور وقالت صفية ترثي أباها: أعيني جودا بالدموع السواكب * على خير شخص من لوي بن غالب – أعيني لا تستحسرا من بكاكما * على ماجد الاعراق عف المكاسب –


[ 47 ]

أعيني جودا عبرة بعد عبرة * على الاسد الضرغام محض الضرائب – أبي الحارث الفياض ذى الحلم والبها * وذي الباع والماعون زين المناسب – وذي المجد والعز الرفيع وذي الندا * وذى العون عند المعضلات التوائب – فان تبكياه تبكيا ذا مهابة * كريم المساعي حلمه غير ذاهب وقالت بره بنت عبد المطلب تبكي أباها وترثيه: أعيني جودا بالدموع الهواطل * على النحر مني مثل فيض الجداول – ولا تسئما ان تبكيا كل ليلة * ويوم على مولى كريم الشمائل – أعيني لا يغني وجيع بكاكما * على خير حاف من معد وناعل – على رجل لم يورث اللوم جده * أتم طويل الساعدين حلاحل – أخي ثقة ماضي العزيمة ماجد * له بيت مجد ثابت غير فاصل – بي الحارث الفياض ذى الباع والندا * رئيس قريش كلها في القبائل – فسقى مليك الناس موضع قبر ه * بتو الثريا ديمة بعد وابل وقالت أروى بنت عبد المطلب ترثي اباها: ألا يا عين ويحك اسعديني * بوبل واكف من بعد وبل – بدمع من دموعك ذي غروب * فقد فارقت ذاكرم ونبل – طويل الباع اروع ذي المعالي * أبيك الخير وارث كل فضل وقالت آمنة بنت عبد المطلب تبكي أباها وترثيه: بكتب عينى وحق لها البكاء * على سمح سجيته الحياء – على سمح الخليفة ابطحي * كريم الخيم ينميه العلاء – على الفياض شبية ذى المعالي * أبيك الخير ليس له كفاء – اقب الكشح اروع ذى اصول * له المجد المقدم والثناء – وكان هو الفتى كرما وجودا * وبأساحين تنسكب الدماء – إذا هاب الكماة الموت حتى * كأن قلوب اكثرهم هواء – مضى قدما بذي شطب خشيب * عليه حين تبصره بهاء –


[ 48 ]

(قال) الواقدي ثم ان الوليد بن المغيرة ترأس من بعد عبد المطلب واستقام امره وكان لعنه الله لعنه معاندا لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان أبو طالب يحب رسول الله صلى الله عليه وآله محبة لم ير مثلها وكان ينومه وبجنبه ويوسده يمينه ويدثره يساره وإذا قام بالليل قام معه وإذا أراد ان ينام ينزعه ثيابه وبعريه ويأخذه في فراشه وكان يحب ان يلتزق جلده بجلده لمحبته له وليرضي الله تعالى بذلك وكان إذا دخل جوف الفراش لا يصير بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله حاجز حتى يختلط بدنه ببدنه، فعند ذلك رمدت عين النبي رمدا شديدا واصابه منه وجع حتى انه كان يأخذ خرقة سوداء ويضعها على عينيه ولا يقدر ان يفتح بصره لما كان به من الاذى والالم فعالجوه فتمادت به العلة وطالت به فدخل على ابن طالب من ذلك غم شديد واحضر الاطباء فما ازاداد إلا ألما فاشارت إليه قريش وبنو هاشم إلى ان يحمله إلى عند حبيب الراهب ليدعوا له ربه بالعافية والرحمة وكان ذلك لهم بابا فقال أبو طالب نعم ما دبرتم ثم جاء إلى منزله فاخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال له الرأي رأيك (قال) الواقدي فلما كان في اليوم الثاني غسل رأس النبي صلى الله عليه وآله وزين لباسه وجمله با حسن زينة واركبه ناقة جليلة وكان حبيب على ثلاث مراحل من مكة في صومعته على طريق الطائف فاخرج أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله بالليل عن وهج الشمس فلما بلغ الصومعة نادى الغلام يا حبيب فاجابه فقال ان ابا طالب بن عبد المطلب بالباب فأمر ان يدخلا فدخلا وقعد أبو طالب إلى جنب حبيب ولم يتكلم حبيب حتى سكنا جميعا ثم قال أبو طالب يا سيدي ان هذا ابن اخي النبي محمد صلى الله عليه وآله به رمد وقد داويناه بكل دواء فلم بنتفع ولم يبرأ رمده وقد جئتك لتدعوا له رب السماء ان يعافيه مما به فقال له حبيب تعال إلى عندي يا محمد فقال له محمد صلى الله عليه وآله تعال انت إلى عندي فقال ابو طالب واعجبا منك يا سيدي انت الشاكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله بل حبيب الشاكي فغضب حبيب وقال يا محمد فما اشكو قال النبي صلى الله عليه وآله


[ 49 ]

انت تشكو البرص الذى على جسدك وقد دعوت رب السماء ثلاثين سنة ان يعافيك فلم يجبك فقال حبيب وكيف علمت يا محمد وانت صبى صغير فقال رأيته في النوم فقال يا محمد تفضل علي ودع ني بالعافية فكشف عن وجهه صلى الله عليه وآله فبرق من وجهه برق حتى اضاءت الصومعة من النور وشق سقف الصومعه ومر كالعمود حتى النزق إلى عنان السماء وإذا بهاتف يهتف ويقول يا اهل الديرانية ويا اهل الرهبانية ويا اصحاب الكتاب آمنوا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وآله قال فوثب حبيب من صومعته وتعلق بالنبي صلى الله عليه وآله وقال اشهدك يا محمد على نفسي اني مؤمن بما تأتى به من عند ربك صغيرا وكبيرا قديما وحديثا فاعتبر الخلق بذلك مما عاينوه وسمعوه ثم قال النبي صلى الله عليه وآله يا حبيب ارفع ثيابك لنتظر الخلائق ما قلت ويكون صدقا لكلامي فنظر الخلائق بعد ما رفع اذياله إلى ذلك البرص الابيض كالدرهم وعليه نقطة سوداء فدعا النبي صلى الله عليه وآله بدعوات مستجابات ومسح يده عليه فذهبت العلامة باذن الله تعالى وبدعاء النبي صلى الله عليه وآله ثم قال يا عم لو احببت ان يعافيني الله تعالى لدعوت الله سبحانه وتعالى ان يعافيني ولم اجئ إلى هاهنا ولكن قلت يا عم حتى تدرى أني عند الله أجل من مثلك ومن مثل حبيب وغيره من اهل الارض جميعا ثم دعا النبي صلى الله عليه وآله لنفسه فبرأ من وقته من رمده فصارت عيناه احسن ما يكون بمشيئة الله تعالى فقال حبيب يا أبا طالب احتفظ على هذا الغلام الذي وجدنا اسمه في التوراة لاشهر من القمر في كبد السماء وكذلك اسمه في الانجيل في سورة يقال لها المبرهنة لانور وابهى من كوكب الصبح وان لهذا الغلام شأنا عظيما وستري امره عن قريب وتفرح يه يا ابا طالب اشد ما يكون من الفرح واعلم انه طوبى لم آمن به والويل لمن كفر به ورد عليه حرفا مما يأتي به فان له من الاعداء عدد نجوم السماء مع ان له حافضا يحفظه وناصرا ينصره فطب نفسا وقر عينا فانك تفرح به ثم قام أبو طالب من عند حبيب واستوي على الناقة فكتم أبو طالب ذلك ولم


[ 50 ]

يخبر به احدا وقد رجعت عينا النبي صلى الله عليه وآله إلى حال العافية. (قال عمر بن الخطاب) سألت أبي وقلت له يا ابتي وكيف صار مفتاح بيت الله الحرام إلى بني شيبة قال اعلم ان ابراهيم الخليل لما فرع من بنائه حفر وهدة صغيرة في جوف هذا البيت يعنى الكعبة عن يمين الباب وقال اني حكمت على كل من يدخل جوف بيت الله الحرام ان يطرح في هذه الوهدة شيئا من الدراهم والدنانير وغير ذلك من صنوف الاموال ليكون ذلك برا لسدنة البيت ولخدمته من درهم إلى ما كان ولم يكن بهذا الرسم لاحد من الملوك والفراعنة نصيب وكان مفتاح بيت الله الحرام بين يدى بني امية يرثون امساك المفتاح عقبا بعد عقب فلم يزالوا على عهده حتى وصل مفتاح بيت الله الحرام إلى ابى العاص بن امية بن عبد شمس وكان يفتح بيده وكان لهم بذلك عز وشرف ونبل ثم ان ابا العاص بن امية اتخذ دعوة جلية وضيافة خطيرة واتخذ الدعوة في بيت الخمار وكثيرا مما كان بنو امية ينفقون في دار الخمار ويأكلون ويشربون فيها فلما اتخذ أبو العاص الضيافة وأكل الناس الطعام وغسلوا ايديهم وشربوا حتى فنى شرابهم ولم تكن لهم حيلة في ابتياع الشراب ولم يكن معهم شئ من الدراهم والدنانير ولا من الرهون فرهنوا مفتاح بيت الله الحرام عند الخمار واحذوا الخمر وشربوا وسكر القوم وناموا فسمع بذلك عامر بن شيبة فحمل زقا من خمر وردها إلى الخمار واسترجع المفتاح من الخمار وذهب به إلى بيته وغسله بماء الكافور وطلاه بالغالية المتخذة من مسك اذفر فلفه في خرقة الديباج وكان المفتاح من ذهب احمر وهكذا كان حقه لانه مفتاح بيت الله الحرام (قال الواقدي) فأفاق القوم من سكرهم فقام أبو العاص وذهب نحو الخمار ليسترجع المفتاح وقد استرجعه عامر بن شيبة فغضب أبو العاص وذهب بجماعة من اهل بيته إلى باب دار عامر فضربوه واعتدوا عليه واسترجعوا منه المفتاح على الكبره فانصرف أبو العاص فرحا مسرورا فغضب عامر وذهب إلى مقام ابراهيم


[ 51 ]

الخليل (ع) ورفع رأسه إلى االسماء وقال يا رب البيت العتيق والركن الوثيق والحجر الغريق وزمزم الدقيق أنت تعلم ان ابا العاص رهن المفتاح في ثمن الشراب واستخف ببيتك ولم يعرف حق بيتك وانا استرجعته وغسلته وفعلت به ما فعلت اللهم انى اسألك ان تسلب هذا العز عن ابي العاص ومن اهل بيته ثم رجع إلى منزله (قال الواقدي) فاصبح اهل مكة يوم الثاني وكان في الحرم واجتمع الخلق بباب بيت الله الحرام يزورونه فما كان إلا هنيئة حتى جاء ابو العاص ومعه المفتاح والناس يتأخرون عن طريقه تعظيما له إذ كان هو صاحب مفتاح بيت الله الحرام فدنا أبو العاص إلى فتح الباب فادخل المفتاح في مجرى القفل فلم يدخل فيه المفتاح فاحتال أبو العاص كل حيلة ان ينبعث المفتاح في القفل فلم يدخل فيه بامر الله وقدرته فانتفخت يد ابي العاص من مداومة نفسه من الشدة فوقعت الصيحة في العرب ان باب بيت الله الحرام قد انغلق حتى ما عاد ان ينفتح فتعجب الخلق من ذلك وبقى الباب مغلوقا والناس في مصيبة عظيمة من امره فلما أتى على الناس شهر اجتمع بمكة زهاء الف رجل على ان يزوروا بيت الله الحرام وقد نالهم الضجر لتطاول الامر عليهم فلما اصبحوا يوم الاثنين هتف بهم هاتف يقول ان باب بيت الله لا ينفتح على يد من يرهن المفتاح عند الخمار وليس لكم حيلة دون ان تصدوا كلكم إلى عامر بن شيبة وتدفعوا إليه المفتاح فان الله قد سلب من بنى امية هذا العز فصار الناس كلهم إلى عامر بن شيبة واخبروه بما كان من قول الهاتف فسمع عامر منهم ذلك فسار إلى باب بيت الحرام ومعه المفتاح فقال بسم الله رب السماء وادخل المفتاح في مجرى القفل فانفتح بامر الله تعالى فدخل الخلق إلى بيت الله الحرام وسلب الله تعالى من بني امية عزهم وجعله إلى عامر بن شيبة وجعله عقبا بعد عقب ثم انه لا ينفتح إلى الساعة إلا على يدي عامر واولاده فبقى عنده المفتاح إلى يوم فتح مكة فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وكان في ايام الحج فجعل غزوه سببا لحجه فلما


[ 52 ]

دخلها ذهب إلى مكة بيت الله الحرام وإذا الباب مغلق وكان عامر قد توارى مع المفتاح فبعث النبي صلى الله عليه وآله في طلبه فوقع به علي بن ابي طالب (ع) وقال يا عامر اين المفتاح فقال هو ليس معي ففتشه فلم يكن معه فذهب إلى امرأته وقال لها ويلك اين المفتاح فان رسول الله صلى الله عليه وآله واقف قالت يا ابن ابي طالب مالي به علم فعلا بسيفه واراد ضربها فرفعت الامرأة يدها لتتقي السيف فسقط من تحت ذيلها المفتاح فوثب عامر بن شيبة واخذه وقال يا علي انا اسير به معك فذهب عامر بالمفتاح إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله اني قادر على فتحه دون المفتاح غير انى احببت ان افتحه به فأخذ النبي صلى الله عليه وآله المفتاح وفتحه وقد كان النبي صلى الله عليه وآله يريد الدخول وكان يريد ان ينزع هذا الشرف من عامر فاغتم لذلك عامر فانزل الله تعالى (إن الله يأمركم ان تؤدوا الامانات إلى اهلها) فرد النبي صلى الله عليه وآله المفتاح إلى عامر بن شيبة وبقي ذلك في يده وبيد عقبه إلى الآن (قال الواقدي) ثم ان المفتاح بقى عند عامر إلى ايام بنى هاشم فلما كان في ايامهم زار الخلق بيت الله الحرام وطرحوا في تلك الوهدة من العجائب من ذهب وفضة ودر ومرجان وزبرجد فلما مر خزنة البيت هموا بغلقه فعمد رجل منهم إلى البيت فقبض على ما اجتمع في الوهدة وسرق منه ولم يعلم به احد وغلقوا الباب وفر السارق بالمال فاخفاه من اصحابه قال فلما كان صبيحة اليوم الثاني اجتمعت خزنة البيت واعترفوا على اخذ باقي المال ليتقاسموه بينهم ففتحوا الباب فإذا بحية قد جمعت نفسها في الوهدة وهي حمراء كأنها قطعة دم ولها رأسان رأس عند ذنبها ورأس عند عنقها وهي تنفخ وتصفر فنظر الخزنة فلم يجسر أحد ان يتقدم إلى الوهدة لصولتها وهيبتها وكانت منطوية في الوهدة مدورة فبقى الخلق متعجبين منها ومما عاينوا منها فقالوا يا قوم من كان منكم اذنب فليتب إلى ربه وليقر بذنبه فما ظهرت هذه الحية في بيت الله الحرام إلا لاحد قد احدث خطيئة (قال الواقدي) فجاءهم الرجل السارق فأقر بما فعل فقالوا كلهم ويلك اما علمت ان


[ 53 ]

بيت الله الحرام لا يحتمل الغش والخيانة فأمروه برد ما سرق جميع ذلك فأخذه القوم ثم قالت الحية ايها العرب وجيران بيت الله الحرام اياكم والغش والخيانة فان الله تعالى لا يرضى بذلك وتأخرت الحية إلى عند الميزاب وغابت في الارض إلى الساعة وقال محمد بن اسحق بل جاءت حمامة طائرة ودخلت بيت الله الحرام وهي عظيمة الحلق واخذت الحية بمنقارها وخرجت نحو سكة الحناطين فغابت وما ظهرت بعد ذلك إلى ايام النبي صلى الله عليه وآله وهو بعد ثلاثين سنة وهذا ما وجدناه من الخبر بالتمام والكمال.


[ 54 ]

مولد الامام علي (ع) أخبرنا الشيخ الامام العالم الورع الناقل ضياء الدين شيخ الاسلام ابو العلاء الحسن بن احمد بن يحيى العطار الهمداني (ره) في همدان في مسجده في الثاني والعشرين من شعبان سنة ثلاث ثلاثين وستمائة قال حدثنا الامام ركن الدين احمد بن محمد بن اسماعيل الفارسي قال حدثنا عمر بن روق الخطابي قال حدثنا الحجاج بن منهال عن الحسن بن عمران عن شاذان بن العلاء قال حدثنا عبد العزيز عن عبد الصمد عن سالم عن خالد بن السري عن جابر بن عبد الله الانصاري قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ميلاد علي بن ابي طالب (ع) فقال آه آه سألت عجبا يا جابر عن خير مولود ولد بعدي على سنة المسيح ان الله تعالى خلقه نورا من نوري وخلقني نورا من نوره وكلانا من نور واحد وخلقنا من قبل ان يخلق سماء مبنية والارض مدحية ولا كان طول ولا عرض ولا ظلمة ولا ضياء ولا بحر ولا هواء بخمسين الف عام ثم ان الله عزوجل سبح نفسه فسبحناه وقدس ذاته فقدسناه ومجد عظمته فمجدناه فشكر الله تعالى ذلك لنا فخلق من تسبيحي السماء فمسكها والارض فبطحها والبحار فعمقها وخلق من تسبيح علي الملائكة المقربين فجميع ما سبحت الملائكة لعلي وشيعته، يا جابر ان الله تعالى عزوجل نسلنا فقذف بنا في صلب آدم (ع) فأما انا فاستقررت في جانبه الايمن واما علي فاستقر في جانبه الايسر ثم ان الله عزوجل نقلنا من صلب آدم (ع) في الاصلاب الطاهرة فما نقلني من صلب الا نقل عليا معى فلم نزل كذلك حتى


[ 55 ]

اطلعنا الله تعالى من ظهر طاهر وهو ظهر عبد المطلب ثم نقلني من ظهر طاهر وهو ظهر عبد الله واستودعني خير رحم وهي آمنة فلما ظهرت ارتجت الملائكة وضجت وقالت إلهنا وسيدنا ما بال وليك علي لا نراه مع النور الازهر يعنون بذلك محمدا فقال الله عزوجل اني اعلم بولي واشفق عليه منكم فاطلع الله عزوجل عليا من ظهر طاهر من بني هاشم فمن قبل ان يصير في الرحم كان رجل في ذلك الزمان وكان زاهدا عابدا يقال له المثرم بن زغيب الشيقبان وكان من احد العباد قد عبد الله تعالى مأتين وسبعين سنة لم يسأله حاجة إلا اجابه ان الله عز وجل اسكن في قلبه الحكمة وألهمه بحسن طاعته لربه فسأل الله تعالى ان يريه وليا له فبعث الله تعالى ابا طالب فلما بصر به المثرم قام إليه وقبل رأسه واجلسه بين يديه ثم قال له من أنت يرحمك الله تعالى فقام رجل من تهامة قال أي نهامة فقال من عبد مناف ثم قال من هاشم فوثب العابد وقبل رأسه ثانية وقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى اراني وليه ثم قال ابشر يا هذا فان العلي الاعلى الهمني الهاما فيه بشارتك فقال أبو طالب وما هو ؟ قال ولد يولد من ظهرك هو ولي الله عزوجل امام المتقين ووصي رسول رب العالمين فان انت ادركت ذلك الولد من ظهرك فاقرأه منى السلام وقل له ان المثرم يقرأ عليك السلام ويقول اشهد ان لا إله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله به تتم النبوة وبعلي تتم الوصية قال فبكى أبو طالب وقال ما اسم هذا المولود قال اسمه علي قال أبو طالب اني لا اعلم حقيقة ما تقول الا ببرهان مبين ودلالة واضحة قال المثرم ما تريد قال اريد أن أعلم ما تقوله حق من رب العالمين الهمك ذلك قال فما تريد ان اسأل لك الله تعالى ان يطعمك في مكانك هذا قال أبو طالب اريد طعاما من الجنة في وقتي هذا قال فدعا الراهب ربه قال جابر قال رسول الله صلى الله عليه وآله فما استتم المثرم اعاء حتى اوتي بطبق عليه فاكهة من الجنة وعذق رطب وعنب ورمان فجاء به المثرم إلى ابي طالب فتناول منه رمانة


[ 56 ]

ثم نهض من ساعته إلى فاطمة بنت اسد (رض) فلما استودعها النور ارتجت الارض وتزلزلت بهم سبعة ايام حتى اصاب قريشا من ذلك شدة ففزعوا فقالوا مروا بآلهتكم إلى ذروة جبل ابي قبيس حتى نسألهم يسكنون لنا ما نزل بنا وحل بساحتنا قال فلما اجتمعوا على جبل ابي قبيس وهو يرتج اتجاجا ويضطرب اظطرابا فتساقطت الآلهة على وجهها فلما نظروا ذلك قالوا لا طاقة لنا ثم صعد أبو طالب الجبل وقال لهم ايها ألناس اعلموا ان الله تعالى عزوجل قد احدث في هذه الليلة حادثا وخلق فيها خلقا فان لم تطيعوه وتقروا له بالطاعة وتشهدوا له بالامامة المستحقة وإلا لم يسكن ما بكم حتى لا يكون بتهامة سكن قالوا يا ابا طالب انا نقول بمقالتك فبكى ورفع يديه وقال إلهي وسيدي اسألك بالمحمدية المحمودة والعلوية العالية والفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة قال جابر قال رسول الله صلى الله عليه وآله فوالله الذى خلق الحبة وبرأ النسمة قد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فيدعون بها عند شدائدهم في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها متى ولد علي بن ابى طالب (ع) فلما كان في الليلة التي ولد فيها (ع) اشرقت الارض وتضاعفت النجوم فأبصرت من ذلك عجبا فصاح بعضهم في بعض وقالوا انه قد حدث في السماء حادث إلا ترون اشراق السماء وضياءها وتضاعف النجوم بها قال فخرج أبو طالب وهو يتخلل سكك مكة ومواقها واسواقعها وهو يقول لهم ايها الناس ولد الليلة في الكعبة حجة الله تعالى وولي الله فبقى الناس يسألونه عن علة ما يرون من اشراق السماء فقال لهم ابشروا فقد ولد في هذه الليلة ولي من اولياء الله عز وجل يختم به جميع الشر ويتجنب الشرك والشبهات ولم يزل يذكر هذه الالفاظ حتى اصبح فدخل الكعبة وهو يقول هذه الابيات: يا رب رب الغسق الدجى * والقمر المنبلج المضي – بين لنا من حكمك المقضي * ماذا ترى لي في اسم ذا الصبي


[ 57 ]

فسمع هاتفا يقول: خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المطهر المرضى – ان اسمه من شامخ علي * علي اشتق من العلى فلما سمع هذا خرج من الكعبة وغاب عن قومه اربعين صباحا قال جابر فقلت يا رسول الله عليك السلام اين غاب قال مضى إلى المثرم ليبشره وان بمولد علي بن ابى طالب (ع) في جبل لكام فالله وجده حيا بشره وان وجده ميتا انذره فقال جابر يا رسول الله فكيف يعرف قبره وكيف ينذره فقال يا جابر اكتم ما تسمع فانه من سرائر الله تعالى المكنونة وعلومه المخزونة ان المثرم كان قد وصف لابي طالب كهفا في جبل لكام وقال له انك تجدني هناك حيا أو ميتا فلما ان مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخله فإذا هو بالمثرم ميتا جسده ملفوف في مدرعتين مسجى بهما وإذا بحيتين احداهما أشد بياضا من القمر والاخرى اشد سوادا من الليل المظلم وهما يدفعان عنه الاذى فلما ابصرتا أبا طالب غابتا في الكهف فدخل أبو طالب وقال السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته فاحيى الله تعالى بقدرته المثرم فقام قائما وهو يمسح وجهه وهو يشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وان عليا ولي الله وهو الامام من بعده ثم قال له المثرم بشرني يا أبا طالب فقد كان قلبى متعلقا حتى من الله تعالى علي بك وبقدومك فقال له أبو طالب أبشر فان عليا طلع إلى الارض قال فما كان علامة الليلة التى ولد فيها حدثنى باتم ما رأيت في تلك الليلة قال أبو طالب نعم اخبرك بما شاهدته لما مر من الليل الثلث اخذ فاطمة بنت اسد (ع) ما يأخذ النساء عند ولادتها فقرأت عليها الاسماء التي فيها النجاة فسكن باذن الله تعالى فقلت لها انا آتيك بنسوة من احبائك ليعينوك على امرك قالت الرأى لك فاجتمعن النسوة عندها فإذا بهاتف يهتف من وراء البيت امسك عنهن يا ابا طالب فان ولي الله لا تمسه الا يد مطهرة فلم يتم الهاتف كلامه حتى اتى محمد بن عبد الله ابن اخي فطرد


[ 58 ]

تلك النسوة واخرجهن من البيت وإذا انا باربع نسوة قد دخلن عليها وعليهن ثياب من حرير بيض وإذا روايحهن اطيب من المسك الاذفر فقلن السلام عليك يا ولية الله فاجابتهن بذلك فجلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة فما كان إلا قليلا حتى ولد أمير المؤمنين (ع) فلما ان ولد بينهن فإذا به قد طلع (ع) فسجد على الارض وهو يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحدة لا شريك له واشهدا ان محمدا رسول الله تختم به النبوة وتختم بي الوصية فاخذته احداهن من الارض ووضعته في حجرها فلما حملته نظر إلى وجهها ونادى بلسان طلق يقول السلام عليك يا أماه فقالت وعليك السلام يا بني فقال كيف والدي قالت في نعم الله عزوجل فلما ان سمعت ذلك لم اتمالك ان قلت يا بني أو لست أنا اباك فقال بلى ولكن أنا وانت من صلب آدم فهذه امي حواء فلما سمعت ذلك غضضت وجهي ورأسي وغطيته بردائي والقيت نفسي حياء منها عليها السلام ثم دنت اخرى ومعها جونة مملوءة من المسك فاخذت عليا (ع) فلما نظر إلى وجهها قال السلام عليك يا اختي فقالت وعليك السلام يا اخي فقال ما خبر عمي قالت بخير فهو يقرأ عليك السلام فقلت يا بني من هذى ومن عمك فقال هذه مريم ابنة عمران (ع) وعمي عيسى (ع) فضمخته بطيب كان معها من الجنة ثم اخذته اخرى فادرجته في ثوب كان معها فقال أبو طالب لو طهرناه كان اخف عليه وذلك ان العرب تطهر مواليدها في يوم ولادتهم فقلن انه ولد طاهرا مطهرا لانه لا يذيقه الله حر الحديد إلا على يدى رجل يبغضه الله تعالى وملائكته والسموات والارض والجبال وهو اشقى الاشقياء فقلت لهن من هو قلن هو عبد الله بن ملجم لعنه الله تعالى وهو قاتله بالكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد صلى الله عليه وآله قال أبو طالب فانا كنت استمع قولهن ثم اخذه محمد بن عبد الله اخي من ايديهن ووضع يده في يده وتكلم معه وسأله عن كل شئ فخاطب محمد صلى الله عليه وآله عليا وخاطب علي محمدا باسرار


[ 59 ]

كانت بينهما ثم غابت النسوة فلم ارهن فقلت في نفسي ليتني كنت اعرف الامرأتين الاخرين وكان علي (ع) اعلم بذلك فسألته عنهن فقال لي يا أبت اما الاولى فكانت امي حواء واما الثانية التي ضمختني بالطيب فكانت مريم ابنة عمران واما التي ادرجتني في الثوب فهي آسيه واما صاحبة الجونة فكانت ام موسى (ع) ثم قال علي (ع) الحق بالمثرم يا ابا طالب وبشره واخبره بما رأيت فانك تجده في كهف كذا في موضع كذا وكذا فلما فرغ من المناظرة مع محمد ابن اخي ومن مناظرته عاد إلى طفوليته الاولى فانبئتك واخبرتك ثم شرحت لك القصة باسرها بما عاينت يا مثرم قال أبو طالب فلما سمع المثرم ذلك منى بكا بكاء شديدا في ذلك وفكر ساعة ثم سكن وتمطى ثم غطي رأسه وقال بل غطني بفضل مدرعتي فغطيته بفضل مدرعته فتمدد فإذا هو ميت كما كان فاقمت عنده ثلاثة ايام اكمله فلم يجبني فاستوحشت لذلك فخرجت الحيتان وقالتا الحق بولي الله فانك احق بصيانته وكفالته من غيرك فقلت لهما من انتما قالتا نحن عمله الصالح خلقنا الله عزوجل على الصورة التي ترى لنذب عند الاذى ليلا ونهارا إلى يوم القيامة فإذا قامت الساعة كانت احدانا قائدته والاخرى سائقته ودليلة إلى الجنة. ثم انصرف ابو طالب إلى مكة قال جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله شرحت لك ما سألتني ووجب عليك له الحفظ فان لعلي عند الله من المنزلة الجليلة والعطايا الجزيلة ما لم يعط احد من الملائكة المقربين والانبياء المرسلين وحبه واجب على كل مسلم فانه قسيم الجنة والنار ولا يجوز أحد على الصراط إلا ببراءة من اعداء على (ع) تم الخير والحمد الله رب العالمين.


[ 60 ]

خبر عطرفة الجنى من دلائل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ما رواه زادان عن سلمان قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوما جالسا بالابطح وعنده جماعة من اصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظر إلى زوبعة وقد ارتفعت فانارت الغبار فما زالت تدنو الغبار يعلو إلى ان وقفت بحذاء النبي صلى الله عليه وآله وفيها شخص فقال يا رسول الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته اعلم اني وافد قومي وقد استجرنا بك فاجرنا وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا فان بعضهم قد بغى على بعض ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله تعالى وكتابه وخذ على العهود والمواثيق المؤكدة لارده اليك سالما في غداة غد الا ان يحدث على حادث من عند الله فقال النبي صلى الله عليه وآله من انت وقومك قال انا عطرفة بن شمراخ احد بنى كاخ انا وجماعة من اهلي كنا نسترق السمع فلما متعنا من ذلك آمنا ولما بعثك الله نبيا آمنا بك وصدقناك وقد خالفنا بعض القوم واقاموا على ما كانوا عليه فوقع بينا وبينهم الخلاف وهم اكثر منا عددا واشد قوة وقد غلبوا على الماء والمرعى واضروا بنا وبدوا بنا فابعث إليهم معي من يحكم بيننا بالحق فقال النبي صلى الله عليه وآله اكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي انت عليها فكشف لنا عن صورته فنظرنا إلى شيخ عليه شعر كثير ورأسه طويل وهو طويل العينين وعيناه في طول رأسه مغير الحدقتين وله اسنان كاسنان السباع ثم ان النبي صلى الله عليه وآله اخذ عليه العهود والميثاق على ان يرد عليه من يبعث في غداة غد فلما فرغ من كلامه التفت النبي صلى الله عليه وآله إلى ابي بكر وقال من يمضي منكم مع اخينا عطرفة لينظر


[ 61 ]

ما هم عليه وليحكم بالحق بينهم قال واين هم فقال هم تحت الارض فقال كيف نطبق النزول إلى الارض وكيف نحكم بينهم ولا نحسن كلامهم فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله جوابا ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له مثل قوله لابي بكر فأجاب مثل جواب ابي بكر ثم اقبل على عثمان فقال له مثل قوله لهما فاجابه كجوابهما ثم استدعى بعلي (ع) وقال له يا علي امض مع اخينا عطرفة واشرف من قومه وانظر ما هم عليه واحكم بينهم بالحق فقام امير المؤمين علي بن ابي طالب (ع) وقال السمع والطاعة ثم تقلد سبفه قال سلمان فتبعته إلى ان صار بالوادي فلما توسطه نظر امير المؤمنين عليه السلام وقال لي شكر الله سعيك يا ابا عبد الله فارجع فرجعت ووقفت انظر إليه مما يقع منه فانشقت الارض فدخل فيها وعادت إلى ما كانت فدخلني من الحسرة ما الله اعلم به كل ذلك اشفاقا على أمير المؤمنين فأصبح النبي وصلى بالناس صلاة الغداة ثم جلس على الصفا وحف به اصحابه فتأخر أمير المؤمنين (ع) عن وقت ميعاده حتى ارتفع النهار واكثر الناس الكلام فيه إلى زالت الشمس وقالوا ان الجن واحتالوا على النبي صلى الله عليه وآله فقد اراحنا الله تعالى من ابي تراب وذهب افتخاره بابن عمه عليا وظهرت شماتة المنافقين واكثروا الكلام إلى ان صلى النبي صلى الله عليه وآله صلاة الظهر والعصر وعاد إلى مكانه واظهر الناس الكلام وأيسوا من أمير المؤمنين (ع) وكادت الشمس تغرب فأيقن القوم انه ملك وظهر نفاقهم إذ قد انشق الصفا وطلع أمير المؤمنين عليه السلام وسيفه يقطر دما ومعه عطرفة فقام النبي صلى الله عليه وآله وقبل بين عينيه وجبينه وقال له ما الذى حبسك عني إلى هذا الوقت فقال علي بن عليه السلام سرت إلى خلق كثير قد بغوا على عطرفة وعلى قومه فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي ذلك انى دعوتهم إلى شهادة أن لا إله إلله والاقرار بك فأبوا ذلك منى دعوتهم إلى اداء الجزية فأبوا فسألتهم ان يصلحوا مع عطرفة وقومه لتكون المراعى والمياه يوما لعطرفة ويوما لهم فأبوا ذلك


[ 62 ]

فوضعت سيفي فيهم فقلت منهم زهاء ثماين الف فارس فلما نظروا إلى ماحل بهم مني صاحوا الامان الامان فقلت لا امان لكم إلا بالايمان فامنوا باالله وبك ثم أصلحت بينهم وبين عطرفة وقومه فصار وإخوانا وزال من بينهم الخلاف وما زلت معهم إلى هذه الساعة فقال عطرفة جزاك الله خيرا يا رسول الله عن الاسلام وجزى ابن عمك عليا منا خيرا ثم انصرف عطرفة إلى حيث شاه. (خبر آخر) روى عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) بلغه عن عمر بن الخطاب شئ فارسل إليه سلمان (رض) وقال قل له قد بلغني عنك كيت وكيت وكرهت اعتب عليك في وجهك فينبغي ان لا تذكر في إلا الحق فقد اغضيت على القذى حتى يبلغ الكتاب أجله فنهض سلمان (رض) وبلغه ذلك وعاتبه وذكر مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وذكر فضائله وبراهينه فقال عمر عندي الكثير من فضائل علي (ع) ولست منكر فضله الا انه يتنفس الصعداء ويبغظ البغضاء فقال سلمان (رض) حدثني بشئ مما رأيته منه فقال عمر نعم يا أبا عبد الله خلوت به ذات يوم في شئ من امر الخمس فقطع حديثي وقام من عندي وقال مكانك حتى اعود اليك فقد عرضت لي حاجة فما كان باسرع من ان رجع علي ثانية وعلى ثيابه وعمامته غبار كثير فقلت له ما شأنك فقال اقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله يريدون مدينة بالمشرق يقال لها صيحون فخرجت لاسلم عليه وهذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي قال عمر فضحكت متعجبا حتى استلقيت على قفاى وقلت له النبي صلى الله عليه وآله قد مات وبلى وتزعم انك لقيته الساعة وسلمت عليه فهذا من العجائب مما لا يكون فغضب علي (ع) ونظر الي وقال اتكذبني يا ابن الخطاب فقلت لا تغضب وعد إلى ما كنا فيه فان هذا مما لا يكون ابدا قال فان انت رأيته حتى لا تنكر منه شيئا استغفرت الله مما قلت واضمرت واحدثت توبة مما انت عليه وتركت لي حقا فقلت نعم فقال قم فقمت معه فخرجنا إلى طرف المدينة وقال غمض عينيك فغمصتها


[ 63 ]

فمسحها بيده ثلاث مرات ثم قال لي افتحهما فقتحتهما فنظرت فإذا انا برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه رجل من الملائكة لم انكر منه شيئا فبقيت والله متحيرا انظر إليه فلما اطلت النظر قال لي هل رأيته فقلت نعم قال اغمض عينيك فغمضتها ثم قال افتحهما ففتحتهما فإذا لا عين ولا اثر فقلت له هل رأيت من على (ع) غير ذلك قال نعم لااكتم عنك خصوصا انه استقبلني يوما واخذ بيدى ومضى بي إلى الجبانة وكنا نتحدث في الطريق وكان بيده قوس فلما صرنا في الجبانة رمى بقوسه من يده قصار ثعبان عظيما مثل ثعبان موسى (ع) فتح فاه واقبل نحوي ليبتلعني فلما رأيت ذلك طار قلبي من الخوف وتنحيت وضحكت في وجه علي عليه السلام وقلت له الامان يا علي ابن ابي طالب اذكر ما كان بيني وبينك من الجميل فلما سمع هذا القول استفرغ ضاحكا وقال لطفت في الكلام فانا اهل بيت نشكر القليل فضرت بيده إلى الثعبان واخذه بيده وإذا هو قوسه الذى كان بيده ثم قال عمر يا سلمان ابي كتمت ذلك عن كل احد واخبرتك به يا ابا عبد الله فانهم اهل بيت يتوارثون هذه الاعجوبة كابرا عن كابر ولقد كان ابراهيم يأتي بمثل ذلك وكان ابو طالب وعبد الله يأتيان بمثل ذلك في الجاهلية وانا لا انكر فضل علي (ع) وسابقه ونجدته وكثرة علمه فارجع إليه واعتذر عنى إليه واثن عني عليه بالجميل. (خبر آخر) روى ان امرأة تركت طفلا ابن ستة اشهر على سطح فمشى الصبي يحبو حتى خرج من السطح وجلس على رأس الميزاب فجاءت امه على السطح فما قدرت عليه فجاؤا بسلم ووضعوه على الجدار فما قدروا على الطفل من اجل طول الميزاب وبعده عن السطح والام تصيح واهل الصبي كلهم يبكون وكان في ايام عمر بن الخطاب فجاؤا إليه فحضر مع القوم فتحيروا فيه وقالوا ما لهذا إلا علي بن ابي طالب فخضر علي عليه السلام فصاحت ام الصبي في وجهه فنظر أمير المؤمنين إلى الصبي فتكلم الصبي


[ 64 ]

بكلام لا يعرفه احد فقال عليه السلام احضروا هاهنا طفلا مثله فأحضروه فنظر بعضهما إلى بعض وتكلم الطفلان بكلام الاطفال فخرج الطفل من الميزاب إلى السطح فوقع فرح في المدينة لم ير مثله، ثم سألوا أمير المؤمنين (ع) عن كلامهما فقال اما خطاب الطفل الاول فانه سلم علي بأمرة المؤمنين فرددت عليه واما لردت خطابه لانه لم يبلغ حد الخطاب والتكليف فأمرت يا حضار طفل مثله حتى يقول له بلسان الاطفال يا اخي ارجع إلى السطح ولا تحرق قلت امك وابيك وعشيرتك بموتك فقال دعني يا اخي قبل ان ابلغ فيستولي علي الشيطان فقال اجع إلى السطح فعسي ان تبلغ ويجئ من صلبك ولد يحب الله ورسوله ويوالي هذا الرجل فرجع إلى السطح بكرامة الله تعالى على يد أمير المؤمنين عليه السلام. (خبر آخر) روي ان امرأتين جاءتا إلى عمر بن الخطاب ومعهما صبي صغير فادعت كل واحدة منهما ان الولد ولدها ولم يكن لواحدة منهما بينة فتحير في ذلك عمر بن الخطاب وقال ما لهذا إلا علي بن ابي طالب (ع) فأحضر (ع) فقصوا عليه القصة فأشار إلى قنبر فقال سل سيفك واقسم الصبي بنصفين متساويين واعط كل واحدة منهما نصفه فبكت الام وقالت لا تقتله فاني رضيت بأن يكون لها جميعا وسكتت الاخرى فأمر صلوات الله عليه برد الصبي إلى امه. (خبر آخر) روى عمار بن ياسر (رض) قال كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين (ع) وإذا بصوت عظيم قد اخذ بمجامع الكوفة فقال علي (ع) اخرج يا عمار وآتني بذي الفقار البتار للاعمار فجئت به إليه فقال اخرج وامنع الرجل عن ظلامة المرأة فان انتهى وإلا منعته بذي الفقار قال عمار فخرجت فإذا انا برجل وامرأة وقد تعلق الرجل بزمام جملها والامرأة تقول ان الجمل جملي والرجل يقول الجمل جملي فقلت له ان أمير المؤمنين ينهاك عن ظلم المرأة فقال يشتغل علي (بشغله) ويغسل


[ 65 ]

يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة يريد ان يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة فقال عمار (رض) فرجعت لاخبر مولاي وإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه فقال له يا ويلك خل جمل هذه المرأة فقال هو لي فقال له امير المؤمنين (ع) كذبت يالعين قال فمن يشهد للامرأة يا علي فقال الشاهد الذي لا يكذبه احد من اهل الكوفة فقال الرجل إذا شهد شاهد وكان صادقا سلمته المرأة فقال علي عليه السلام تكلم ايها الجمل لمن أنت فقال الجمل بلسان فصيح يا امير المؤمنين عليك السلام انا لهذه المرأة منذ تسع عشرة سنة فقال (ع) خذى جملك وعارض الرجل بضربة قسمه نصفين. (خبر آخر) قال بعض الثقاة اجتمع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في عام فتح مكة فقالوا يا رسول الله ان من شأن الانبياء إذا استقام امرهم ان يدلوا على وصي من بعدهم فيقوم بامرهم صلى الله عليه وآله ان الله تعالى قد وعدني ان يبين لي هذه الليلة الوصي من بعدى والخلفة الذى يقوم بامرى بآية من السماء فلما فرغ الناس من صلاة العشاء الآخرة من تلك الليلة ودخل الناس البيوت وكانت ليلة ظلماء لا قمر فيها فإذا نجم قد نزل من السماء بدوي عظيم وشعاع هائل حتى وقف على ذروة حجرة علي بن ابي طالب (ع) وصارت الحجرة كالنهار اضاءت الدور بشعاعه ففزع الناس وجاؤوا يهرعون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويقولون ان الآية التى وعدتنا بها نزلت وهو نجم قد نزل على ذروة دار علي بن ابي طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله فهو الخليفة من بعدى والقائم من بعدى والوصي من بعدى والولي بامر الله تعالى فاطيعوه ولا تخالفوه فخرجوا من عنده فقال الاول للثاني ما يقول في ابن عمه الا بالهوى وقد ركبته الغواية فيه حتى لو اراد ان يجعله نبيا من بعده لفعل فأنزل تعالى: (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما


[ 66 ]

ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحي علمه شديد القوى) السورة. وقال في ذلك العيوني ! من صاحب الدار التى انقض بها * نجم من الافق فلم انكرتم (خبر آخر) روى الامام الصادق عليه السلام انه كان جالسا في الحرم في مقام ابراهيم (ع) فجاءه رجل شيخ كبير قد فنى عمره في المعصية فنظر إلى الصادق (ع) فقال نعم الشفيع إلى الله للمذنين ثم اخذ باستار الكعبة وانشأ يقول: بحق جلاء وجهك يا ولي * بحق الهاشمي الابطحي – بحق الذكر إذ يوحي إليه * بحق وصيه البطل الكمي – بحق ائمة سلفوا جميعا * على منهاج جدهم النبي – بحق القائم المهدى إلا * غفرت خطيئة العبد المسي قال فسمع هاتفا يقول يا شيخ كان ذنبك عظيما ولكن غفرنا لك جميع ذنوبك لحرمة شفائك فلو سألتنا ذنوب اهل الارض لغفرنا لهم غير عاقر الناقة وقتلة الانبياء والائمة الطاهرين. (خبر آخر) معجزة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) روى ان جماعة من اصحاب رسول الله اتوه وقالوا يا رسول الله عليك السلام ان الله اتخذ ابراهيم (ع) خليلا وكلم موسى تكليما وكان عيسى (ع) يحيي الموتى فما صنع ربك بك فقال النبي (ع) ان الله سبحانه وتعالى ان كان اتخذ ابراهيم خليلا فقد اتخذني حبيبا وان كان كلم موسى من وراء حجاب فقد رأيت جلال ربى وكلمني مشافهة أي بغير واسطة وان كان عيسى يحيي الموتى باذن الله تعالى فان شئتم احييت لكم موتاكم باذنه تعالى فقالوا قد شئنا فأرسل معهم أمير المؤمنين على بن ابي طالب بعد ان رداه بردائه


[ 67 ]

كان اسم الرداء المستجاب واخذ منطقته فشده بها وسطه ثم امرهم ان يسيروا مع علي (ع) إلى مقابر فلما اتوا المقابر سلم (ع) على اهل القبور ودعا وتكلم بكلام لا يفقهوه فاضطربت الارض وارتجت وقام الموتى وقالوا باجمعهم على رسول الله السلام ثم على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) داخلهم رعب شديد فقالوا حسبك يا ابا الحسن أقلنا اقالك الله فامسك عن استمرار كلام ودعاء فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا يا رسول الله اقلنا اقالك الله فقال لهم انما رددتم على الله لا اقالكم الله يوم القيامة. (خبر آخر) روى عن الامام علي (ع) انه كان يطلب قوما من الخوارج فلما بلغ الموضع المعروف اليوم بساباط وكان هو ومن تابعه من الخوارج منهم عبد الله بن وهب بن عمرو بن جرموز فلما ان وصل إلى الموضع المعروف بساباط ثوران أتاه رجل من شيعته وقال يا أمير المؤمنين انا لك شيعة ومحب ولي اخ وكنت شفيقا عليه فبعثه عمر في جنود سعد بن أبي وقاص إلى قتال أهل المدائن فقتل هناك وكان من وقت مقتله إلى اليوم عدة سنين كثيرة فقال أمير المؤمنين (ع) فما الذي تريد منه قال اريد ان تحييه لي قال علي (ع) لا فائدة لك في حياته قال لابد من ذلك يا أمير المؤمنين قال له إذا أبيت إلا ذلك فارني قبره ومقتله فاراه اياه فمد الرمح وهو راكب بغلته الشهباء فركز القبر باسفل الرمح فخرج رجل اسمر طويل يتكلم بالعجمة فقال له أمير المؤمنين (ع) لم تتكلم بالعجمة وانت رجل من العرب فقال بلي ولكن بغضك في قلبى ومحبة اعدائك في قلبي فانقلب لساني في النار فقال الرجل يا أمير المؤمنين رده من حيث جاء فلا حاجة لنا فيه فقال له أمير المؤمنين (ع) ارجع فرجع إلى القبر وانطبق عليه اعاذنا الله من ذلك الحال والحمد الله على ولاية علي عليه السلام.


[ 68 ]

(خبر الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام) وهو مشهور عند جميع الرواة قالوا انه لما رجع أمير المؤمنين (ع) من قتال اهل النهروان اخذ على النهروانات واعمال العراق ولم يكن يومئذ بنى بيت ببغدان فلما وافى ناحية براثا صلى بالناس الظهر فرحلوا ودخل ارض بابل وقد وجبت صلاة العصر فصاح الناس يا أمير المؤمنين هذا وقت العصر فقال أمير المؤمنين (ع) هذه ارض مخسوف بها وقد خسف بها ثلاث مرات ويخشى عليها تمام الرابعة فلا يحل لنبي ولا لوصي ان يصلي بها فمن اراد منكم ان يصلي فليصل فقال المنافقون منهم نعم هو لا يصلي ويقتل من يصلي يعنون بذلك أهل النهروان قال جويرية بن مهران العبدى فتبعته في مائة فارس وقلت والله لا اصلى أو يصلي هو وإلا قلدنه صلاتي اليوم فقال أمير المؤمنين (ع) (اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير) فسارع إلى ان قطع ارض بابل وقد تدلت الشمس للغروب ثم غابت واحمر الافق قال فالتفت إلي وقال يا جويرية هات الماء قال فقدمت إليه الاناء فتوضأ ثم قال اذن يا جويرية فقلت يا أمير المؤمنين (ع) ما وجب وقت العشاء بعد قال (ع) قم واذن للعصر فقلت في نفسي كيف يقول أذن للعصر وقد غربت الشمس ولكن علي الطاعة فاذنت فقال لي أقم ففعلت فبينما أنافي الاقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق خطاطيف لا يفقه فرجعت الشمس بصرير عظيم حتى وقفت في مركزها من العصر فقام (ع) وكبر وصلى وصلينا ووراءه فلما فرع من صلاته وقعت الشمس كأنها سراجة في وسط ماء وغابت اشتبكت النجوم وازهرت فالفتت الي وقال أذن الآن للعشاء يا ضعيف اليقين. قال وردت له (ع) في حياة النبي صلى الله عليه وآله بمكة وقد كان النبي صلى الله عليه وآله قد غشيه الوحي فوضع رأسه في حجر أمير المؤمنين (ع) وحضر وقت العصر فلم يبرح من مكانه وموضعه حتى غربت الشمس فاستيقظ النبي صلى الله عليه وآله وقال اللهم ان عليا (كان في طاعتك) فرد عليه الشمس ليصلى العصر


[ 69 ]

فردها الله عليه بيضاء نقية حتى صلى ثم غابت وقال السيد الحميرى في ذلك قصيدته المعروفة بالمذهبة، ومنها: خير البرية بعد احمد من له * مني الهوي والى بنيه تطربي – امسى واصبح معصما مني له * يهوى وحبل ولائه لم يقضب – ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب – حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت هوى الكواكب – وعليه قد حبست ببابل مرة * اخرى وما حسبت لخلق معرب – إلا ليوشع اوله ولحبسها * ولردها تأويل امر معجب (خبر كلام الشمس معه (ع)) ابي ذرالغفارى قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي (ع) إذا كان غد وقت طلوع الشمس سير إلى جبانة البقيع وقف على نشز من الارض فإذا بزغت الشمس سلم عليها فان الله تعالى امرها ان تجيبك بما فيك فلما كان من الغد خرج أمير المؤمنين (ع) ومعه ابو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والانصار حتى اتى البقيع ووقف على نشز من الارض فلما طلعت الشمس قال عليه السلام، السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له فسمع دوى من السماء وجواب قائل يقول السلام عليك يا اول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شئ عليم فسمع الاثنان الاول والثاني والمهاجرين والانصار كلام الشمس فصعقوا ثم افاقوا بعد ساعة وقد انصرف أمير المؤمنين (ع) عن ذلك المكان فقاموا واتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مع الجماعة فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نقول ان عليا بشر مثلنا والشمس تخاطبه بما يخاطب به الباري نفسه فقال النبي صلى الله عليه وآله فما سمعتموه قالوا سمعنا الشمس تقول السلام عليك يا اول قال قالت الصدق هو اول من آمن بي فقالوا سمعناها تقول يا آخر فقال قالت صدق هو آخر الناس عهدا بي يغسلني ويكفنني ويدخلنني قبري فقالوا سمعناها تقول يا ظاهر فقال قالت الصدق هو الذى اظهر علمي فقالوا سمعناها تقول يا باطن فقال قالت الصدق


[ 70 ]

هو الذى بطن سرى كله فقالوا سمعناها تقول يا من هو بكل شئ عليم فقال قالت الصدق هو اعلم بالحلال والحرام والسنن والفرائض وما يشاكل على ذلك فقاموا وقالوا أوقعنا محمد في طخياء وخرجوا من باب المسجد فقال في ذلك أبو محمد العوني (رض): أمامي كليم الشمس راجع نورها * فهل لكليم الشمس في القوم من مثل (خبر الجام) روى ان جبرئيل (ع) نزل على النبي صلى الله عليه وآله بجام من الجنة فيه فاكهة كثيرة فدفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله فسبح الجام وكبر وهلل في يده ثم دفعه إلى ابي بكر فسكت الجام ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام ثم دفعه إلى أمير المؤمنين (ع) فسبح الجام وكبر وهلل في يده ثم قال الجام اني امرت ان لا اتكلم الا في يد نبي أو وصي ثم عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح يسمعه كل احد (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا). (خبر كلام الثعبان) روي عن أمير المؤمنين (ع) انه كان يخطب يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع وحاة عدو الرجال يتواقعون بعضهم على بعض فقال لهم مالكم قالوا يا أمير المؤمنين ان ثعبانا عظيما قد دخل من باب المسجد ونحن نفزع منه فنريد ان نقتله فقال * ع * لا يقربنه احد منكم ابدا وطرقوا له فانه رسول قد جاء في حاجة فطرقوا له فما زال يتخلل الصفوف صفا بعد صف حتى صعد المنبر فوقع فمه في اذن علي بن ابي طالب * ع * فنق نقيقا وتطاول وأمير المؤمنين * ع * يحرك رأسه ثم نق أمير المؤمنين * ع * مثل نقيقه ونزل عن المنبر فانساب بين الجماعة فالتفتوا فلم يروه فقالوا يا أمير المؤمنين * ع * ما خبر هذا الثعبان فقال * ع * هذا درجان بن مالك خليفتي على المسلمين من الجن وذلك انهم اختلفوا في اشياء فانفذوه الي وسألني عنها فاخبرته بجواب مسائله فرجع إلى قومه. (خبر الجمجمة) عن أبي الاحوص عن أبيه عن عمار الساباطى قال


[ 71 ]

قدم امير المؤمنين (ع) المدائن فنزل بايوان كسرى وكان معه دلف بن مجير فلما صلى قام وقال دلف قم معى وكان معهم جماعة من اهل ساباط فما زال يطوف منازل كسرى ويقول لدلف كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا ويقول دلف هو والله كذلك فما زال كذلك حتى طاف المواضع واخبر عن جميع ما كان فيها ودلف يقول يا سيدي ومولاى كأنك وضعت هذه الاشياء في هذه الامكنة ثم نظر (ع) إلى جمجمة نخرة فقال لبعض اصحابه خذ هذه الجمجمة وكانت مطروحه ثم جاء (ع) إلى الايوان جلس فيه ودعا بطست فيه ماء فقال للرجال دع هذه الجمجمة في الطست ثم قال (ع) قسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من انا ومن انت فقالت الجمجمة بلسان فصيح اما انت فأمير المؤمنين وسيد الوصين وامام المتقين واما انا فعبدك وابن امتك كسرى انوشيروان فقال له أمير المؤمنين (ع) كيف حالك فقال يا امير المؤمنين اني كنت ملكا عادلا شفيقا على الرعايا رحيما لا ارضي بظلم ولكن كنت على دين المجوس وقد ولد محمد صلى الله عليه وآله في زمان ملكي فسقط من شرفات قصري ثلاث وعشرون شرفة ليلة ولد فهممت ان اؤمن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من انواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والارض ومن شرف اهل بيته ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك فيالها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم اؤمن به فانا محروم من الجنة لعدم ايماني به ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وانصافي بين الرعية فأنا في النار والنار محرومة علي فواحسرتاه لو آمنت به لكنت معك يا سيد اهل بيت محمد ويا أمير المؤمنين قال فبكى الناس وانصرف القوم الذين كانوا معه من اهل ساباط إلى اهلهم واخبروهم بما كان وبما جرى من الجمجمة فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين (ع) فقال المخلصون منهم ان أمير المؤمنين (ع) عبد الله ووليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وقال بعضهم بل هو النبي صلى الله عليه وآله وقال بعضهم بل هو الرب


[ 72 ]

وهم مثل عبد الله بن سبا واصحابه وقالوا لولا انه الرب وإلا كيف يحيي الموتى قال فسمع بذلك أمير المؤمنين (ع) فضاق صدره واحضرهم وقال يا قوم غلب عليكم الشيطان إن انا الا عبداله انعم علي بامامته وولايته ووصيته رسوله صلى الله عليه وآله فأرجعوا عن الكفر فانا عبد الله وابن عبده ومحمد صلى الله عليه وآله خير مني وهو أيضا عبد الله وان نحن إلا بشر مثلكم فخرج بعض من الكفرة وبقى قوم على الكفر ما رجعوا فألح عليهم أمير المؤمنين (ع) بالرجوع فما رجعوا فأحرقهم بالنار وتفرق منهم قوم في البلاد وقالوا لولا ان فيه من الربوبية والا فما كان احرقنا بالنار فنعوذ بالله من الخذلان. (خبر جمجمة اخرى) روى ابور واحة الانصاري عن المغربي قال كنت مع أمير المؤمنين (ع) وقد اراد حرب معاوية فنظر إلى جمجمة في جانب الفرات وقد أتت عليها الازمنة فمر عليها أمير المؤمنين فدعاها فأجابته بالتلبية وتدحرجت بين يديه وتكلمت بكلام فصيح فأمرها بالرجوع فرجعت إلى مكانها كما كانت، فلما فرغ من حرب النهروان ابصرنا جمجمة نخرة بالية فقال هاتوها فحركها بسوطه وقال اخبريني من انت فقيرة ام غنية شقية ام سعيدة ملك ام رعية فقالت بلسان فصيح السلام عليك يا امير المؤمنين انا پرويز بن هرمز ملك الملوك وكنت ملكا ظالما فملكت مشارقها ومغاربها سهلها وجبلها برها وبحرها انا الذى اخذت الف مدينة في الدنيا وقتلت الف ملك من ملوكها يا أمير المؤمنين انا الذى بنيت خمسين مدينة وفضضت خمسمائة جارية بكر واشتريت الف عبد تركي والف ارمنى والف رومي والف زنجي وتزوجت بسبعين الفا من بنات الملوك وما ملك في الارض إلا غلبته وظلمت اهله فلما جاءني ملك الموت قال لي يا ظالم يا طاغي خالفت الحق فتزلزلت اعضائي وارتعدت فرائصي وعرض علي اهل جنسي فإذا هم سبعون الفا من اولاد الملوك قد شقوا من جنسي فلما رفع ملك الموت روحي سكن أهل الارض من ظلمي فانا معذب في النار ابد الابدين وكل الله بي سبعين الف


[ 73 ]

الف من الزبانية في يد كل واحد منهم مرزبة من نار لو ضربت جبال الارض لا حترقت الجبال وتدكدكت وكلما ضربني الملك بواحدة من تلك المرازب اشتعل في النار واحترق فيحيينى الله تعالى ويعذبني بظلمي على عباده ابد الآبدين وكذلك وكل الله تعالى بعدد كل شعرة في بدني حية تلسعني وعقربا تلدغنى وكل ذلك احس به كالحي في دنياه فتقول لي الحيات والعقارب هذا جزاء ظلمك على عباده ثم سكتت الجمجمة فبكى جميع عسكر أمير المؤمنين وضربوا على رؤوسهم وقالوا يا أمير المؤمنين جهلنا حقك بعد ما اعلمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وانما خسرنا حقنا ونصيبنا فيك وإلا فأنت ما ينقص منك شئ فاجعلنا في حل مما فرطنا فيك ورضينا بغيرك على مقامك فنحن نادمون فأمر (ع) بتغطية الجمجمة فعند ذلك وقف ماء النهر من الجرى وصعد على وجه الماء كل حيوان وسمك كان في النهر فتكلم كل واحد منها مع أمير المؤمنين (ع) ودعا وشهد له بامامته وفي ذلك يقول بعضهم: سلامي على زمزم والصفا * سلامي على سدرة المنتهى – لقد كلمتك لدى النهروان * نهارا جماجم اهل الثرى – وقد بدرت لك حيتانها * تناديك مذعنة بالولا (خبر آخر) قال عمار بن ياسر (رض) كنت مع مولاى امير المؤمنين عليه السلام وقد خرج من الكوفة إذ عبر بضيعة يقال لها النخلة على بعد فرسخين من الكوفة فخرج منها خمسون رجلا من اليهود قالوا انت الامام على بن ابى طالب فقال (ع) انا هو فقالوا لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الانبياء ونحن نطلب الصخرة فلم نجدها فان كنت اماما اوجدلنا الصخرة فقال (ع) اتبعوني فسارع القوم خلفه إلى ان توسط بهم البر وإذا بحبل من الرمل عظيم فقال عليه السلام ايتها الريح انسفي الرمل عن الصخرة باذن الله تعالى فما كان إلا ساعة حتى نسفت الرمل عن الصخرة


[ 74 ]

وظهرت الصخرة فقال (ع) هذه الصخرة صخرتكم فقالوا ان عليها اسم ستة من الانبياء على ما سمعنا قرأنا في كتبنا ولسنا نرى عليها الاسماء فقال (ع) اما الاسماء التي عليها فهي في وجهها الذى على الارض فاقلبوها فاعصوا صبوا عليها وهم جماعة زهاء الف رجل فما قدروا على قلبها فقال (ع) تنحوا عنها فمد يده إليها وهو راكب فقلبها فوجدوا فيها اسماء الانبياء الستة (ع) وهم اصحاب الشرايع وهم آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله فقال نفر اليهود نشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وانك امير المؤمنين وسيد الوصيين والحجة على اهل الارض اجمعين من عرفك فقد نجا وسعد ومن انكرك فقد ضل وغوى وإلى الجحيم هوى جلت مناقبك عن التحديد وكثرت آثار نعمتك عن التعديد وحظك من الله حظ سعيد وخيرك منه مزيد. (خبر صفوان الاكحل (رض)) روي عن عمار بن ياسر (رض) انه قال كان أمير المؤمنين (ع) جالسا على دكة القضاء فنهض إليه رجل يقال له صفوان بن الاكحل وقال له انا رجل من شيعتك وعلي ذنوب فاريد ان تطهرني منها في الدينا لاصل إلى الآخرة وما علي ذنب فقال الامام قل لي باعظم ذنوبك ماهي فقال انا الوط بالصبيان فقال (ع) أيما أحب اليك ضربة بذى الفقار أو اقلب عليك جدارا أو اضرم لك نارا فان ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته فقال يا مولاي احرقني بالنار لانجو من نار الآخرة فقال علي (ع) يا عمار اجمع الف حزمة قصب لضرمه غداة غد بالنار ثم قال للرجل انهض واوص بمالك وبما عليك قال فنهض الرجل واوصى بماله وما عليه وقسم امواله بين اولاده واعطى كل ذى حق حقه ثم أتى باب حجرة أمير المؤمنين (ع) في بيت نوح (ع) شرقي جامع الكوفة فلما صلى امير المؤمنين (ع) قال يا عمار ناد بالكوفة اخرجوا وانظروا حكم أمير المؤمنين فقال جماعة منهم كيف يحرق رجلا من شيعته ومحبيه وهو


[ 75 ]

الساعة يريد حرقة بالنار فتبطل امامته فسمع ذلك أمير المؤمنين (ع) قال عمار (رض) فاخذ الامام عليه السلام الرجل وبنى عليه الف حزمة من القصب واعطاه مقدحة وكبريتا وقال اقدح واحرق نفسك فان كنت من شيعتي ومحبى وعارفي فانك لا تحرق في النار وان كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك قال فقدح الرجل على نفسه واحترق القصب وكان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار ولم يقربها الدخان فاستفتح الامام (ع) وقال (كذب العاذلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا) ثم قال شيعتنا امناء وانا قسم الجنة والنار وشهد لي رسول الله صلى الله عليه وآله في مواطن كثيرة. (خبر مالك بن نويرة) قال البراء بن عازب بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في اصحابه إذا اتاه وفد من بنى تميم مالك بن نويرة فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله علمني الايمان فقال رسول الله * ص * تشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له واني رسول الله وتصلي الخمس وتصوم رمضان وتؤدي الزكاة وتحج البيت وتوالي وصي هذا من بعدي واشار إلى علي (ع) بيده ولا نسفك دما ولا نسرق ولا تخون ولا تأكل مال اليتيم ولا تشرب الخمر وتوفى بشرائعي وتحلل حلالي وتحرم حرامي وتعطي الحق من نفسك للضعيف والقوى والكبير والصغير حتى عد عليه شرائع الاسلام فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اعد علي فاني رجل نساء فاعاد عليه فعقدها بيده وقام وهو يجر ازاره وهو يقول تعلمت الايمان ورب الكعبة فلما بعد من رسول الله صلى الله عليه وآله قال من احب ان ينظر إلى رجل من اهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل فقال أبو بكر وعمر إلى من تشير يا رسول الله فاطرق إلى الارض فجدا في السير فلحقاه فقالا لك البشارة من الله ورسوله بالجنة فقال احسن الله تعالى بشارتكما ان كنتما ممن يشهد بما شهدت به فقد علمتما ما علمني النبي محمد


[ 76 ]

صلى الله عليه وآله وان لم تكونا كذلك فلا احسن الله بشارتكما فقال أبو بكر لا تقل فانا أبو عائشة زوجة النبي * ع * قال قلت ذلك فما حاجتكما قالا انك من اصحاب الجنة فاستغفر لنا فقال لا غفر الله لكما تتركان رسول الله صاحب الشفاعة وتسألاني استغفر لكما فرجعا والكآبة لائحة في وجهيهما فلما رآهما رسول الله * ص * تبسم وقال أفى الحق مغضبة فلما توفى رسول الله ورجع بنو تميم إلى المدينة ومعهم مالك بنو نويرة فخرج لينظر من قام مقام رسول الله * ص * فدخل يوم الجمعة وابو بكر على المنبر يخطب بالناس فنظر إليه وقال اخو تيم قالوا نعم قال فما فعل وصي رسول الله * ص * الذى امرني بموالاته قالوا يا اعرابي الامر يحدث بعده الامر قال بالله ما حدث شئ وانكم قد خنتم الله ورسوله ثم تقدم إلى ابى بكر وقال من ارقاك هذ المنبر ووصي رسول الله * ص * جالس فقال أبو بكر اخرجوا الاعرابي البوال على عقبية من مسجد رسول الله * ص * فقام إليه فنقذ بن عمير وخالد بن الوليد فلم يزالا يلكزان عنقه حتى اخرجاه فركب راحلته وأنشأ يقول: أطعنا رسول الله ما كان بيننا * فيا قوم ما شأني وشأن ابي بكر – إذا مات بكر قام عمر ومقامه * فتلك وبيت الله قاصمة الظهر – يدب ويغشاه العشار كأنما * يجاهد جما أو يقوم على قبر – فلو قام فينا من قريش عصابة * اقمنا ولكن القيام على جمر قال فلما استتم الامر لابي بكر وجه خالد بن الوليد وقال له قد علمت ما قاله مالك على رؤس الاشهاد ولست آمن ان يفتق علينا فتقا لا يلتئم فاقتله. فحين اناه خالد ركب جواده وكان فارسا يعد بألف فخاف خالد منه فامنه واعطاه المواثيق ثم غدر به بعد ان القى سلاحه فقتله واعرس بامرأته في ليلتة وجعل رأسه في قدر فيها لحم جزور لوليمة عرسه وبات ينزو عليها نزو الحمار والحديث طويل.


[ 77 ]

(خبر الشيخ معاذ بن جبل مع معاوية بن ابى سفيان) قال جابر ابن عبد الله الانصاري * رض * كنت انا ومعاوية بن ابي سفيان بالشام فبينما نحن ذات يوم إذ نظرنا إلى شيخ وهو مقبل من صدر البرية من ناحية العراق فقال معاوية عرجوا بنا إلى هذا الشيخ لنسأله من أين أقبل والى أين يريد وكان عند معاوية أبو الاعور السلمي وولدا معاوية خالد ويزيد وعمر بن العاص قال فعرجنا إليه فقال له معاوية من أين أقبلت يا شيخ واين تريد فلم يجبه الشيخ فقال عمرو بن العاص لم لا لاتجيب امير المؤمنين فقال الشيخ ان الله جعل التحية غير هذه فقال معاوية صدقت يا شيخ واخطأنا واحسنت واسأنا السلام عليك قال وعليك السلام فقال معاوية ما اسمك يا شيخ فقال اسمي معاذ بن جبل وكان ذلك الشيخ طاعنا في السن بيده شئ من الحديد ووسطه مشدود بشريط من ليف المقل وعليه كساء قد سقطت لحمته وبقيت سداته وقد بانت شراسيف خديه وقد غطت حواجبه عينيه فقال معاوية يا شيخ من اين اقبلت والى أين تريد قال الشيخ اتيت من العراق اريد بيت المقدس قال معاوية كيف تركت العراق قال على الخير والبركة والاتفاق لعلك اتيت من الكوفة من الغرى قال الشيخ وما الغرى قال معاوية الذى فيه أبو تراب قال الشيخ من تعنى بذلك ومن هو أبو تراب قال علي بن ابي طالب قال له الشيخ ارغم الله انفك ورض الله فاك ولعن الله امك واباك ولم لا تقول الامام العادل والغيث الهاطل يعسوب الدين وقاتل المشركين والناكثين والقاسطين والمارقين سيف الله المسلول وابن عم الرسول وزوج البتول تاج الفقهاء وكنز الفقراء وخامس اهل العباء والليث الغالب أبو الحسنين على بن ابي طالب عليه الصلاة والسلام فعندها قال معاوية يا شيخ انى أرى لحمك ودمك قد خالط لحم على بن ابي طالب ودمه فلو مات على ما انت فاعل قال لا اتهم في ففده ربى واجلل في


[ 78 ]

بعده حزنى واعلم ان الله لا يميت سيدى وامامي حتى يجعل من ولده حجة قائمة إلى يوم القيامة فقال يا شيخ هل تركت من بعدك امرءا تفتخر به قال وكيف لا وقد تركت الفرس الاشقر والحجر المدور والمنهاج لمن اراد المعراج قال عمرو بن العاص لعله لا يعرفك يا امير المؤمنين فسأله معاوية فقال له يا شيخ هل تعرفني قال من أنت فقال انا معاوية انا الشجرة الزكية والفروع العلية انا سيد بني أمية فقال له الشيخ بل انت اللعين ابن اللعين على لسان نبيه في كتابه المبين ان الله قال في قوله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن والشجرة الخبيثه والعروق المخبثة الخسيسة الذى ظلم نفسه وربه وقال فيه نبيه الخلافة محرمة على آل ابى سفيان الزنيم ابن آكلة الاكباد الفاشى ظلمه في العباد فعندها اغتاظ معاوية وحنق عليه فرد يده إلى قائم سيفه وهم بقتل الشيخ ثم قال لولا العفو احسن لاخذت رأسك ثم قال له أرأيت لو كنت فاعلا ذلك قال الشيخ إذا والله افوز بالسعادة وتفوز انت بالشقاوة وقد قتل من هو شر منك من هو خير منى فقال معاوية ومن ذلك قال الشيخ عثمان نفى أبا ذر وضربه حتى مات وهو خير مني وعثمان شر منك قال معاوية يا شيخ هل كنت حاضرا يوم الدار قال وما يوم الدار قال معاوية يوم قتل علي عثمان فقال الشيخ بالله ما قتله ولو فعل ذلك لاعتلاه باسياف حداد وسواعد شداد وكان يكون في ذلك مطيعا لله ولرسوله قال معاوية يا شيخ هل حضرت يوم صفين قال وما غبت عنها قال كيف كنت فيها قال الشيخ أيتمت منك اطفالا وأرملت منك نسوانا كنت كالليث اضرب بالسيف تارة وبالرمح اخرى قال معاوية هل ضربتني شئ قط قال الشيخ ضربتك بثلاثة وسبعين سهما فانا صاحب السهمين اللذين وقعا في بردتك وصاحب السهمين اللذين وقعا في مسجدك وصاحب السهمين اللذين وقعا في عضديك ولو


[ 79 ]

كشفت الآن لاريك مكانهما فقال معاوية للشيخ هل حضرت يوم الجمل قال وما يوم الجمل قال معاوية يوم قاتلت عائشة عليا قال وما غبت عنه قال معاوية يا شيخ الحق مع علي أم مع عائشة قال الشيخ بل مع علي قال معاوية يا شيخ ألم يقل الله وازواجه امهاتهم وقال النبي صلى الله عليه وآله هي أم المؤمنين قال الشيخ ألم يقل الله تعالى يا نساء النبي إلى قوله وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى وقال النبي صلى الله عليه وآله انت يا علي خليفتي على نسائي واهلي وطلاقهن بيدك أفتراها خالفت الله تعالى في ذلك عاصية الله ورسوله خارجة من بيتها وهي في ذلك سفكت دماء المسلمين واذهبت اموالهم فلعنة الله على القوم الظالمين وهي كأمرأة في توح النار ولبئس مثوى الكافرين قال معاوية يا شيخ ما جعلت لنا شئيا نحج به عليك فمتى ظلمت الامة وطفيت عنهم قناديل الرحمة قال لما صرت اميرها وعمرو بن العاص وزيرها قال فاستلقى معاوية على قفاه من الضحك وهو على ظهر فرسه فقال يا شيخ هل لك من شئ تقطع به لسانك قال ما عندك قال عشرون ناقة حمراء حملة عسلا وبرا وسمنا وعشرة آلاف درهم تنفقها على عيالك وتستعين بها على زمانك قال الشيخ لست أقبلها قال ولم ذلك قال الشيخ لاني سمعت رسول الله يقول درهم حلال خير من الف درهم حرام قال معاوية لان اقمت معي في دمشق لاضربن عنقك قال ما انا بمقيم معك فيها قال معاوية ولم ذلك قال الشيخ لان الله تعالى يقول ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون وانت اول ظالم وآخر ظالم ثم توجه الشيخ إلى بيت المقدس وهذا آخر الحديث


[ 80 ]

(خبر مفاخرة علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء (ع)) روي انه جاء في الخبر ان الامام علي بن ابي طالب (ع) كان ذات يوم هو وزوجته فاطمة (ع) يأكلان تمرا في الصحراء إذا تداعبا بينهما بالكلام فقال علي (ع) يا فاطمة إن النبي صلى الله عليه وآله يحبنى اكثر منك فقالت واعجبا منك يحبك اكثر مني وانا ثمرة فؤاده وعضو من اعضائه وغصن من اغصانه وليس له ولد غيري فقال لها علي (ع) يا فاطمة إن لم تصدقيني فأمضي بنا إلى أبيك محمد صلى الله عليه وآله قال فمضينا إلى حضرته صلى الله عليه وآله فتقدمت وقالت يارسول الله صلى الله عليه وآله أينا أحب اليك انا أم علي صلى الله عليه وآله قال النبي صلى الله عليه وآله انت أحب الي وعلي اعز علي منك فعندها قال سيدنا ومولانا الامام على ابن ابي طالب (ع) ألم أقل لك انا ولد فاطمة ذات التقى قالت فاطمة وأنا ابنة خديجة الكبرى قال علي (ع) وأنا ابن الصفا قالت فاطمة أنا ابنة سدرة المنتهي قال علي وأنا فخر الورى قالت فاطمة وأنا ابنة دنى فتدلى وكان من ربه قاب قوسين أو أدنى قال علي وأنا ولد المحصنات قالت فاطمة أنا بنت الصالحات والمؤمنات قال علي خادمي جبرائيل قالت فاطمة وأنا خاطبني في السماء رلحيل وخدمتني الملائكة جيلا بعد جيل قال علي وأنا ولدت في المحل البعيد المرتقى قالت فاطمة وانا زوجت في الرفيع الاعلى وكان ملاكي في السماء قال علي أنا حامل اللواء قالت فاطمة وأنا ابنة من عرج به إلى السماء قال علي أنا ابن صالح المؤمنين قالت فاطمة وأنا ابنة خاتم النبيين قال على وأنا الضارب على التنزيل قالت فاطمة وأنا صاحبة التأويل قال علي وأنا شجرة تخرج من طور سينين قالت فاطمة وأنا الشجرة التى نخرج اكلها اعني الحسن والحسين (ع) قال علي وأنا المثاني والقرآن الحكيم قالت فاطمة وأنا ابنة النبي صلى الله عليه وآله الكريم قال علي وأنا النبأ العظيم قالت فاطمة وأنا ابنة الصادق الامين قال علي وأنا الحبل المتين قالت فاطمة وأنا ابنة خير الخلق أجمعين قال علي أنا ليث الحروب قالت فاطمة


[ 81 ]

أنا من يغفر الله به الذنوب قال علي وأنا المتصدق بالخاتم قالت فاطمة وأنا ابنة سيد العالم قال علي أنا سيد بني هاشم قالت أنه ابنة محمد المصطفى قال علي أنا الامام المرتضى قالت فاطمة أنا ابنة سيد المرسلين قال علي أنا سيد الوصيين قالت فاطمة أنا ابنة النبي العربي قال علي وأنا الشجاع الكمي قالت فاطمة وأنا ابنة احمد النبي صلى الله عليه وآله قال على أنا المبطل الاروع قالت فاطمة أنا الشفيع المشفع قال على أنا قسيم الجنة والنار قالت فاطمة أنا ابنة محمد المختار قال على أنا قاتل الجان قالت فاطمة أنا ابنة رسول الملك الديان قال على أنا خيرة الرحمن قالت فاطمة وأنا خيرة النسوان قال على وانا مكلم اصحاب الرقيم قالت فاطمة وأنا ابنة من ارسل رحمة للمؤمنين وبهم رؤف رحيم قال على وانا الذى جعل الله نفسي نفس محمد صلى الله عليه وآله حيث يقول في كتابه العزيز وانفسنا وانفسكم قالت فاطمة وانا الذى قال في ونساؤنا ونساؤكم وابناؤنا وابناؤكم قال على انا علمت شيعتي القرآن قالت فاطمة وأنا يعتق الله من احبني من النيران قال انا شيعتي من علمي يسطرون قالت فاطمة وانا من بحر علمي يغثرفون قال على انا الذى اشتق الله تعالى اسمى من اسمه فهو العالي وانا على قالت فاطمة وانا كذلك فهو الفاطر وانا فاطمة قال على (ع) انا حياة العارفين قالت فاطمة انا مسلك نجاة الراغبين قال على وانا الحواميم قالت فاطمة وانا ابنة الطواسين قال على وانا كنز الغنى قالت فاطمة وانا الكلمة الحسنى قال على انا ابي تاب الله على آدم في خطيئته قالت فاطمة وانا بي قبل الله توبته قال على انا كسفينة نوح من ركبها نجا قالت فاطمة وانا اشاركك في الدعوى قال على انا طوفانه قالت فاطمة وانا سورته قال على وانا النسيم المرسل لحفظه قالت فاطمة وانا مني انهار الماء واللبن والخمر والعسل في الجنان قال على وانا الطور قالت فاطمة وانا الكتاب المسطور قال على


[ 82 ]

وانا الرق المنشور قالت فاطمة وانا البيت المعمور قال على وانا السقف المرفوع قالت فاطمة وانا البحر المسجور قال على انا علمي النبيين قالت فاطمة وانا ابنة سيد المرسلين من الاولين والآخرين قال على انا البئر والقصر المشيد قالت فاطمة انا منى شبر وشبير قال علي وانا بعد الرسول خير البرية قالت انا البرة الزكية فعندها قال النبي صلى الله عليه وآله لا تكلمي عليا فانه ذو البرهان قالت فاطمة انا ابنة من انزل عليه القرآن قال علي انا البطين الاصلع قالت فاطمة انا الكواكب الذي يلمع قال النبي صلى الله عليه وآله فهو الشفاعة يوم القيامة قالت فاطمة وانا خاتون يوم القيامة فعند ذلك قالت فاطمة لرسول الله صلى الله عليه وآله لاتحام لابن عمك ودعني واياه قال يا علي – ص – يا فاطمة انا من محمد عصبته ونخبته قالت فاطمة وانا لحمه ودمه قال علي انا الصحف قالت فاطمة وانا الشرف قال على وانا ولي زلفي قالت فاطمة وانا الخمصاء الحسناء قال علي وانا نور الورى قالت فاطمة وانا الزهراء فعندها قال النبي – ص – لفاطمة يا فاطمة قومي وقبلي رأس ابن عمك فهذا جبرئيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل مع اربعة آلاف من الملائكة يحامون مع على – ع – وهذا اخى راحيل ودردائيل مع اربعة آلاف من الملائكة ينظرون باعينهم قال فقامت فاطمة الزهراء فقبلت رأس الامام على بن ابي طالب – ع – بين يدي النبي – ص – وقالت يا ابا الحسن بحق رسول الله – ص – معذرة إلى الله عزوجل واليك والى ابن عمك قال فوهبها الامام – ع – وقبلت يد ابيها عليه وعليهم السلام وهذا ما وجدناه في النسخة من الحديث على التمام والكمال ونستغفر الله العظيم من الزيادة والنقصان ونعوذ بالله من سخط الرحمن.


[ 83 ]

(حديث مفاخرة علي بن ابي طالب (ع) مع ولده الحسين (ع) قال حدثنا سليمان بن مهران قال حدثنا جابر عن مجاهد قال حدثنا عبد الله بن عباس قال حدثنا رسول الله قال لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله والحسن والحسين سبطا رسول الله وفاطمة الزهراء صفوة الله وعلى ناكرهم وباغضبم لعنة الله تعالى (قيل) إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان جالسا ذات يوم وعنده الامام علي بن ابي طالب (ع) إذ دخل الحسين بن علي فاخذه النبي (ع) واجلسه في حجره وقبل بين عينيه وقبل شفتيه وكان للحسين (ع) ست سنين فقال على (ع) يا رسول الله أتحب ولدي الحسين قال النبي صلى الله عليه وآله وكيف لا أحبه وهو عضو من اعضائي فقال علي (ع) يا رسول الله ايما أحب اليك انا ام الحسين فقال الحسين يا ابتي من كان أعلى شرفا كان احب إلى النبي صلى الله عليه وآله واقرب إليه منزلة قال علي (ع) لولده اتفاخرني يا حسين قال نعم يا ابتاه ان شئت فقال له الامام علي (ع) يا حسين انا امير المؤمنين انا لسان الصادقين انا وزير المصطفي انا خازن علم الله ومختاره من خلقه انا قائد السابقين إلى الجنة انا قاضي الدين عن رسول الله صلى الله عليه وآله انا الذى عمه سيد في الجنة انا الذى اخوه جعفر الطيار في الجنة عند الملائكة انا قاضي الرسول انا آخذ له باليميين انا حامل سورة التنزيل إلى اهل مكة بأمر الله تعالى انا الذى اختارني الله تعالى من خلقه انا حبل الله المتين الذى امر الله تعالى خلقه ان يعصموا به في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا انا نجم الله الزاهر انا الذي تزوره ملائكة السموات انالسان الله الناطق انا حجة الله تعالى على خلقه انا يد الله القوى انا وجه الله تعالى في السموات انا جنب الله الظاهر انا الذى قال الله سبحانه وتعالى في وفي حقى بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون انا عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم انا باب الله


[ 84 ]

الذى يؤتى منه انا علم الله على الصراط انا بيت الله من دخله كان آمنا فمن تمسك بولايتي ومحبتي أمن من النار وانا قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين انا قاتل الكافرين انا أبو اليتامى انا كهف الارامل انا عم يتسائلون عن ولايتي يوم القيامة قوله تعالى ثم لنسئلن يومئذ عن النعيم انا نعمة الله تعالى التى انعم الله بها على خلقه انا الذى قال الله تعالى في وفي حقي اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي لكم ورضيت لكم الاسلام دينا فمن أحبني كان مسلما مؤمنا كامل الدين انا الذى بي اهتديتم انا الذى قال الله تبارك وتعالى في وفي عدوى وقفوهم أنهم مسؤلون أي عن ولايتى يوم القيامة انا النبأ العظيم الذي اكمل الله تعالى به الدين يوم غدير خم وخيبر انا الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله في من كنت مولاه فعلى مولاه انا صلاة المومن انا حي على الصلاة انا حي على الفلاح انا حي على العمل انا الذي نزل على اعدائي سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع بمعنى من انكر ولايتى وهو النعمان ابن الحارث اليهودي لعنه الله تعالى انا داعى الانام إلى الحوض فهل داعى المؤمنين غيرى انا أبو الائمة الطاهرين من ولدى انا ميزان القسط ليوم القيامة انا يعسوب الدين انا قائد المؤمنين إلى الخيرات والغفران إلى ربي انا الذى اصحاب يوم القيامة من اوليائي المبرأون من اعدائي وعند الموت لا يخافون ولا يحزنون وفى قبورهم لا يعذبون وهم الشهداء و الصديقون وعند ربهم يفرحون انا الذى شيعتي متوثقون ان لا بوادوا من حاد الله و رسوله ولو كانوا آباءهم أو ابناءهم ان الذى شيعتي يدخلون الجنة بغير حساب انا الذى عندي ديوان الشيعة باسمائهم انا عون المؤمنين وشفيع لهم عند رب العالمين انا الضارب بالسيفين انا الطاعن بالرمحين انا قاتل الكافرين يوم بدر وحنين انا مردي الكماة يوم احد انا ضارب ابن عبد ود لعنه الله تعالى يوم الاحزاب انا قاتل عمرو ومرحب انا قاتل فرسان خيبر انا الذي قال في الامين جبرئيل


[ 85 ]

عليه السلام لا سيف إلا ذو الفقار ولافتى إلا على انا صاحب فتح مكة انا كاسر اللات والعزى انا الهادم هبل الاعلى ومنوة الثالثة الاخرى انا علوت على كتف النبي صلى الله عليه وآله وكسرت الاصنام انا الذي كسرت يغوث ويعوق ونسرا انا الذى قاتلت الكافرين في سبيل الله انا الذى تصدق الخاتم انا الذى نمت على فراش النبي صلى الله عليه وآله ووقيته بنفسي من المشركين انا الذى يخاف الجن من بأسي انا الذي به يعبد الله انا ترجمان الله انا علم الله انا عيبة علم رسول الله صلى الله عليه وآله انا قاتل اهل الجمل وصفين بعد رسول الله انا قسيم الجنة والنار فعندها سكت على (ع) فقال النبي صلى الله عليه وآله للحسين (ع) اسمعت يا ابا عبد الله ما قاله ابوك وهو عشر عشير معشار ما قاله من فضاله ومن الف الف فضيلة وهو فوق ذلك أعلى فقال الحسين – ع – الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وعلى جميع المخلوقين وخص جدنا بالتنزيل والتأويل والصدق ومناجاة الامين جبرئيل – ع – وجعلنا خيار من اصطفاه الجليل ورفعنا على الخلق اجمعين ثم قال الحسين عليه السلام اما ما ذكرت يا أمير المؤمنين فأنت فيه صادق امين فقال النبي – ص – اذكر انت يا ولدي فضائلك فقال الحسين – ع – يا ابت انا الحسين بن علي بن ابي طالب – ع – وامي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وجدى محمد المصطفى – ص – سيد بني آدم اجمعين لاريب فيه يا علي أمي افضل من امك عند الله وعند الناس اجمعين وجدى خير من جدك وافضل عند الله وعند الناس اجمعين وانا في المهد ناغاني جبرئيل وتلقاني اسرافيل يا على انت عند الله تعالى افضل مني وانا افخر منك بالآباء والامهات والاجداد قال ثم ان الحسين – ع – اعتنق اباه وجعل يقبله واقبل على (ع) يقبل ولده الحسين وهو يقول زادك الله تعالى شرفا وفخرا وعلما وحلما ولعن الله تعالى ظالميك يا أبا عبد الله ثم رجع الحسين (ع) إلى النبي صلى الله عليه وآله وهذا وجدناه مكتوبا على التمام والكمال ونستغر الله من الزيادة والنقصان ونعوذ بالله من سخط الرحمن.


[ 86 ]

(حكاية وفاة سلمان الفارسي رضي الله عنه) حدثنا الامام شيخ الاسلام أبو الحسن بن علي بن محمد المهدى بالاسناد الصحيح عن الاصبغ بن نباتة انه قال كنت مع سلمان الفارسي رحمه الله وهو امير المدائن في زمان أمير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه السلام وذلك انه قد ولاه المدائن عمر ابن الخطاب فقام إلى أن ولي الامر علي بن ابي طالب عليه السلام قال الاصبغ فأتيته يوما زائرا وقد مرض مرضه الذى مات فيه قال فلم أزل اعوده في مرضه حتى اشتد به وايقن بالموت قال فالتفت الي وقال يا اصبغ عهدي برسول الله صلى الله عليه وآله وقد اردفني يوما وراءه فالتفت الي وقال لي يا سلمان سيكلمك ميت إذا دنت وفاتك وقد اشتهيت ان ادرى وفاتي دنت أم لا فقال الاصبغ ماذا تأمرني به يا سلمان قال له يا اخي تخرج وتأتيني بسرير وتفرش عليه ما يفرش للموتى ثم تحملني بين اربعة فتأتون بى إلى المقبرة فقال الاصبغ حبا وكرامة قال فخرجت مسرعا وغبت ساعة واتيته بسرير وفرشت عليه ما يفرش للموتي ثم اتيته بقوم حملوه حتى اتوا به إلى المقبرة فلما وضعوه فيها قال لهم يا قوم استقبلوا بوجهي القبلة فلما استقبل القبلة بوجهه نادى بعلو صوته السلام عليكم يا أهل عرصة البلاد السلام عليكم يا محتجبين من الدنيا قال فلم يجبه احد فنادى ثانية السلام عليكم يا من جعلت المنايا لهم غذاء السلام عليكم يا من جعلت الارض عليهم غطاء السلام عليكم يا من لقوا اعمالهم في دار الدنيا السلام عليكم يا منتظرين النفخه الاولى سألتكم بالله العظيم والنبي الكريم إلا اجابني منكم مجيب فانا سلمان الفارسي مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وانه صلى الله عليه وآله قال لي يا سلمان إذا دنت وفاتك سيكلمك ميت وقد اشتهيت ان ادري دنت وفاني أم لا فلما سكت سلمان من كلامه فإذا هو بميت قد نطق من قبره وهو يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا اهل البناء والفناء المشتغلون بعرصة الدنيا ها نحن لكلامك مستمعون ولجوابك مسرعون فسل عما بدا لك يرحمك الله تعالى قال سلمان ايها الناطق


[ 87 ]

بعد الموت المتكلم بعد حسرة الفوت أمن اهل الجنة انت بعفوه أم من اهل النار بعدله فقال يا سلمان انا ممن انعم الله تعالى عليه بعفوه وكرمه وادخله جنته برحمته فقال له سلمان الآن يا عبد الله صف لي الموت كيف وجدته وماذا لقيت منه وما رأيت وما عاينت قال مهلا يا سلمان فوالله ان قرضا بالمقاريض ونشرا بالمناشير لاهون علي من غصص الموت ولسبعون ضربة بالسيف أهون على من نزعة من نزعات الموت فقال سلمان ما كان حالك في دار الدنيا قال اعلم اني كنت في دار الدنيا ممن الهمني الله تعالى الخير وكنت اعمل به واؤدى فرائضه واتلو كتابه واحرص في بر الوالدين واجتنب المحارم وانزع عن المظالم واكد الليل والنهار في طلب الحلال خوفا من وقفة السؤال فبينا انا في الذ العيش وغبطة وفرح وسرور إذ مرضت وبقيت في مرضي اياما حتى انقضت من الدنيا مدتي وقرب موتي فأتاني عند ذلك شخص عظيم الخلقة فظيع المنظر فوقف مقابل وجهي لا إلى السماء صاعدا ولا إلى الارض نازلا فأشار إلى بصرى فأعماه والى سمعي فأصمه وإلى لساني فأخرسه فصرت لاابصر ولا اسمع فعند ذلك بكى اهلي واعواني وظهر خبرى إلى اخواني وجيراني فقلت له عند ذلك من انت يا هذا الذى اشغلتني من مالي واهلي وولدى فقال انا ملك الموت اتيتك لانفلك من الدنيا إلى الآخرة فقد انقطعت مدتك وجاءت منيتك فبينا هو كذلك يخاطبني إذا اتاه شخصان وهما احسن خلق الله ما رأيت احسن منهما فجلس احدهما عن يمينى والآخر عن شمالي فقالا لي السلام عليك ورحمة الله وبركاته قد جئناك بكتابك فخذه الآن وانظر ما فيه فقلت لهم أي كتاب لي اقرأه قالا نحن الملكان الذان كنا معك في دار الدنيا نكتب مالك وما عليك وفهذا كتاب عملك فنظرت في كتاب الحسنات وهو بيد الرقيب فسرني ما فيه وما رأيت من الخير فضحكت عند ذلك وفرحت فرحا شديدا ونظرت إلى كتاب السيئات وهو بيد العتيد فساءني بما رأيت وابكاني فقالا لى ابشر فلك الخير ثم دنا مني الشخص الاول


[ 88 ]

فجذب الروح فليس من جذبة يجذبها إلا وهي تقوم مقام كل شدة من السماء إلى الارض فلم يزل كذلك حتى صارت الروح في صدري ثم اشار الي بجذبة لو انها وضعت على الجبال لذابت فقبض روحي من عرنين انفي فعلا من أهلي عند ذلك الصراخ وليس من شئ يقال ويفعل إلا وانا به عالم فعلا اشتد صراخ القوم و بكاؤهم جزعا علي التفت إليهم ملك الموت بغيظ وقنوط وقال معاشر القوم مم بكاؤكم فوالله ما ظلمناه فتشكوا ولا اعتدينا عليه فتضجوا وتبكوا ولكن نحن وانتم عبيد رب واحد ولو امرتم فينا كما امرنا فيكم لا متثلتم فينا كما امتثلنا فيكم والله ما اخذناه حتى فنى رزقه وانقطعت مدته وصار إلى رب كريم يحكم فيه كما يشاء وهو على كل شئ قدير فان صبرتم اجرتم وإن جزعتم اثمتم كم لي من رجعة اليكم اخذ البنين والبنات والاباء والامهات ثم انصرف عند ذلك عنى والروح معه فعند ذلك أتا ملك آخر فاخذها منه وتركها في ثوب اخضر من حرير وصعد بها ووضعها بين يدى الله في أقل من طبقة جفن على جفن فلما حصلت الروح بين يدى ربى سبحانه وتعالى سألها عن الصغيرة والكبيرة وعن الصلاة والصيام في شهر رمضان وحج بيت الله الحرام وقراءة القرآن والزكاة والصدقات وسائر الاوقات والايام وطاعة الوالدين وعن قتل النفس بغير الحق واكل مال اليتيم وعن مظالم العباد وعن التهجد بالليل والناس نيام وما يشاكل ذلك ثم من بعد ذلك ردت الروح إلى الارض باذن الله تعالى فعند ذلك أتاني غاسل فجردني من اثوابي واخذ في تغسيلي فنادته الروح يا عبد الله رفقا بالبدن الضعيف فوالله ما خرجت من عرق إلا انقطع ولاعضو إلا انصدع فوالله لو سمع الغاسل ذلك القول لما غسل ميتا ابدا ثم انه اجرى على الماء وغسلني ثلاثة اغسال وكفنني في ثلاث أثواب وحنطنى في حنوط وهو الزاد الذى خرجت به إلى دار الآخرة ثم جذب الخاتم من يدى اليمن بعد فراغه من الغسل ودفعه إلى الاكبر من ولدى وقال آجرك الله تعالى في ابيك وأحسن لك


[ 89 ]

الاجر والعزاء ثم ادرجني في الفكن ولفنى ونادى أهلي وجيراني وقال هلموا إليه بالوداع فأقبلوا عند ذلك لوداعي فلما فرغوا من وداعي حملت على سرير من خشب والروح عند ذلك بين وجهي وكفني حتى وضعت الصلاة فصلوا علي فلما فرغوا من الصلاة حملت إلى قبري ودلت فيه فعاينت هولا عظيما يا سلمان يا عبد الله اعلم اني لما وقعت من سريري إلى لحدي تخيل لي اني قد سقطت من السماء إلى الارض في لحدي وشرج علي اللبن وحثى التراب علي وواروني فعند ذلك سلبت الروح من اللسان وانقلب السمع والبصر فلما نادى المنادي بالانصراف اخذت في الندم وبكيت من القبر وضيقه وضغطه وقلت يا ليتني كنت من الراجعين لعملت عملا صالحا فجاوبني مجيب من جانب القبر (كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) فقلت له من انت يا هذا الذى يكلمني وتحدثني فقال انا منبه فقلت له من انت يا منبه قال انا ملك وكلنى الله عزوجل بجميع خلقه لا نبههم بعد مماتهم ليكتبوا اعمالهم على انفسهم بين يدى الله عزوجل ثم جذبني واجلسني وقال لي اكتب عملك فقلت انى لا احصيه فقال لي اما سمعت قول ربكم (احصاه الله ونسوه) ثم قال لي اكتب وانا املي عليك فقلت اين البياض فجذب جانبا من كفني فإذا هو رق فقال هذه صحيفتك فقلت من اين القلم قال سبابتك فقلت من اين المداد قال ريقك ثم املى علي ما فعلته في دار الدنيا فلم يبق من اعمالي صغيرة ولا كبيرة ثم تلا علي (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها ووجدوا ما علموا حاضرا ولا يظلم ربك احدا) ثم انه اخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوقه في عنقي فخيل لي ان جبال الدنيا جميعا قد طوقوها في عنقي فقلت له يا منبه ولم تفعل بى هكذا قال ألم تسمع قول ربك (وكل انسان الزمناة طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) فهذا تخاطب به يوم القيامة ويؤتى بك وبكتابك بين عينيك منشورا تشهد فيه على نفسك ثم انصرف


[ 90 ]

عنى فأتاني منكر باعظم منظر وأوحش شخص وبيده عمود من الحديد لو اجتمعت عليه اهل الثقلين ما حركوه من ثقله فروعني وازعجني وهددني ثم انه قبض بلحيتي واجلسني ثم انه صاح بى صيحة لو سمعها أهل الارض لماتوا جميعا ثم قال لي يا عبد الله اخبرني من ربك ومادينك ومن نبيك وما أنت عليه وما قولك في دار الدنيا فاعتقل لساني من فزعه وتحيرت في امري وما أدري ما اقول وليس في جسمي عضو إلا فارقني من الفزع وانقطعت اعضائي وأوصالي من الخوف فاتتني رحمة من ربي فامسك بها قلبي وأطلق بها لساني فقلت له يا عبد الله لم تفزعني وانا مؤمن اعلم اني اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وان الله ربي ومحمد نبي والاسلام ديني والقرآن كتابي والكعبة قبلتي وعليا امامي والمؤمنين اخواني وان الموت حق والسؤال حق والصراط حق والجنة حق والنار حق وان الساعة لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور فهذا قولي واعتقادي وعليه القى ربي في معادى فعند ذلك قالي الآن إبشر يا عبد الله بالسلامة فقد نجوت ومضى عني واتاني نكير وصاح بى صيحة هائلة اعظم من الاولى فاشتبكت اعظائي بعضها في بعض كاشتباك الاصابع ثم قال هات الآن عملك يا عبد الله فبقيت حائرا متفكرا في رد الجواب فعند ذلك صرف الله عني شدة الروع والفزع وألهمني حجتي وحسن اليقين والتوفيق فقلت عند ذلك يا عبد الله رفقا بي ولا تزعجني فانى قد خرجت من الدنيا وانا اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده رسوله وان أمير المؤمنين علي بن ابى طالب والائمة الطاهرين من ذريته أئمتي وان الموت حق والصراط حق والميزان حق والحساب حق ومسألة منكر ونكير حق والبعث حق وان الجنة وما وعد الله من النعيم حق وان النار وما وعد الله فيها من العذاب حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور فقال يا عبد الله ابشر بالنعيم الدائم والخير المقيم ثم انه اضجعني وقال نم نومة العروس ثم انه فتح لي بابا من عند رأسي


[ 91 ]

إلى الجنة وبابا من عند رجلي إلى النار ثم قال يا عبد الله انظر إلى ما صرت إليه من الجنة والنعيم وإلى ما نجوت منه من نار الجحيم ثم سد الباب الذى من عند رجلي وابقى الباب الذى من عند رأسي مفتوحا إلى الجنة فجعل يدخل على من روح الجنة ونعيمها واوسع لحدي مد البصر واسرج لي سراجا اضوأ من الشمس والقمر ومضى عنى فهذه صفتي وحديثي وما لقيته من شدة الاهوال وانا اشهد ان مرارة الموت في حلقي إلى يوم القيامة فراقب الله ايها السائل خوفا من وقفة المسائل وخف من هول المطلع وما قد ذكرته لك هذا الذى لقيته وانا من الصالحين قال ثم انقطع عند ذلك كلامه. فقال سلمان صلى الله عليه وآله للاصبغ ومن كان معه هلموا الي واحملوني فلما وصل إلى المنزل قال حطوني رحمكم الله فانزلناه إلى الارض فقال اسندوني فاسندناه ثم رمق بطرفه إلى السماء وقال يا من بيده ملكوت كل شئ واليه ترجعون وهو يجير ولا يجار عليه بك آمنت ولنبيك اتبعت وبكتابك صدقت وقد اتابي ما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد اقبضني إلى رحمتك وانزلني كرامتك فاني أشهد أن لا إله إلا انت وحدك لا شريك لك واشهد ان محمدا عبدك ورسولك وان عليا أمير المؤمنين وامام المتقين والائمة من ذريته ائمتى وسادتي فلما كمل شهادته قضى نحبه ولقي ربه صلى الله عليه وآله قال فبينا نحن كذلك إذ اتى رجل على بغلة شهباء ملتئما فسلم علينا فرددنا السلام عليه فقال يا صبغ جدوا في امر سلمان فأخذنا في امره فأخذ معه حنوطا وكفنا فقال هلموا فان عندي ما ينوب عنه فاتيناه بماء ومغسل فلم يزل يغسله بيده حتى فرغ وكفنه وصلينا عليه ودفناه ولحده بيده فلما فرغ من دفنه وهم بالانصراف تعلقنا به وقلنا له من أنت فكشف لنا عن وجهه (ع) فسطع النور من ثناياه كالبرق الخاطف فإذا هو امير المؤمنين فقلت له يا أمير المؤمنين كيف كان مجيئك ومن اعلمك بموت سلمان قال فالتفت الي (ع) وقال آخذ عليك يا اصبغ عهدا لله وميثاقه انك لا تحدث بها احدا ما دمت في دار الدنيا فقلت يا أمير المؤمنين


[ 92 ]

أموت قبلك فقال لا يا اصبغ بل يطول عمرك قلت له يا أمير المؤمنين خذ علي عهدا وميثاقا انى لك سامع مطيع انى لا احدث به احدا حتى يقضي إلى من امرك ما يقضي وهو على كل شئ قدير فقال يا اصبغ بذا عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله انى قد صليت هذه الساعة بالكوفة وقد خرجت اريد منزلي فلما وصلت إلى منزلي اضطجعت فأتاني آت في منامي وقال يا علي ان سلمانا قد قضى فركبت بغلتي واخذت معي ما يصلح للموتى فجعلت اسير فقرب الله لي البعيد فجئت كما تراني وبهذا اخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انه دفنه وواراه فلم أدر أصعد إلى السماء ام في الارض نزل. قبل ان يأتي الكوفة والمنادى ينادى لصلاة المغرب فحضر عندهم علي (ع) وهذا ما كان من حديث وفاة سلمان الفارسي (رض) على التمام والكمال والحمد لله حق حمده. (خبر آخر) قال جامع هذا الكتاب -: حضرت الجامع بواسطة يوم الجمعة سابع عشر ذى القعدة سنة احدى وخمسين وستمائة وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على اعواده فقال بعد حمدالله تعالى والشكر عليه وذكر الخلفاء بعد الرسول وقال في حق علي (ع) ان جبرئيل (ع) نزل على النبي صلى الله عليه وآله وبيده اترجة فقال له يا رسول الله الحق يقرئك السلام ويقول لك قد اتحفت ابن عمك علي بن ابي طالب (ع) بهذه التحفة فسلمها إليه فسلمها إلى علي (ع) فاخذها بيده وشقها نصفين فظهر في نصف منها حريرة من سندس الجنة عليها مكتوب تحفة من الطالب الغالب إلى علي بن ابي طالب وهو خبر مليح. (وعن القاروني) حكاية عنه انه قام يوما على منبره ومجلسه يومئذ مملوء بالناس في جمادي الآخرة من سنة اثنين وخمسين وستمائة بواسطة فذكر ما رواه لي ابن عباس (رض) انه قال كان رسول الله في مسجده وعنده جماعة من المهاجرين والانصار إذ نزل عليه جبرئيل وقال يا محمد الحق


[ 93 ]

يقرئك السلام ويقول لك احضر عليا (ع) واجعل وجهك مقابل وجهه ثم عرج إلى السماء فدعا رسول الله بعلي (ع) فاحضره وجعله مقابل وجهه فنزل جبرئيل ثانية ومعه طبق فيه رطب فوضعه بينهما ثم قال ! كلا فأكلا ثم احضر طستا وابريقا وقال يا رسول الله قد امرك الله أن تصب الماء على يد علي بن ابي طالب فقال النبي السمع والطاعة لما امرني به ربي ثم اخذ الابريق وقام يصب الماء على يد علي بن ابي طالب (ع) فقال له علي (ع) يا رسول الله انا اولى بأن اصب الماء على يدك فقال له يا علي الله سبحانه امرني بذلك وكان كلما صب على يد علي الماء لا يقع منه قطرة في الطست فقال يا رسول الله ما أرى قطرة تقع من الماء في الطست فقال صلى الله عليه وآله يا علي إن الملائكة يتسابقون على اخذ الماء الذى يقع من يدك فيغسلون به وجوههم ويتباركون به (وعنه (صلى الله عليه وآله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله -: من قال لا إله إلا الله فتحت له ابواب السماء ومن تلاها بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله تهلل وجه الحق سبحانه وتعالى فاستبشر بذلك ومن تلاها بعلى ولي الله غفر الله له ذنوبه ولو كانت بعدد المطر، (عنه (رض)) قال قال رسول الله – ص -: على خير من اترك فمن أطاعه أطاعنى ومن عصاه عصاني. (خبر عن ابن مسعود) قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة وقد الجن فتفس الصعداء فقلت خيرا يا رسول الله قال نعيت إلى نفسي فقلت ألا توصي يا رسول الله فقال إلى من يا ابن مسعود فقلت أبي بكر فأطرق هنيئة ثم رفع رأسه فتنفس الصعداء فقلت يا خيرا يا رسول الله فقال نعيت إلى نفسي فقلت ألا توصي فقال إلى من يا ابن مسعود فقلت إلى عمر فأطرق رأسه هنيئة ثم رفع رأسه فتنفس الصعداء فقلت خيرا يا رسول الله فقال نعيت إلى نفسي فقلت ألا توصي يا رسول الله فقال إلى من يابن مسعود فقلت إلى عثمان فأطرق رأسه هنيئة ثم رفع رأسه وتنفس الصعداء


[ 94 ]

فقلت يا رسول الله فداك أبي وامي مم تتنفس قال يا ابن مسعود نعيت إلى نفسي فقلت ألا توصي يا رسول الله فقال إلى من يابن مسعود فقلت إلى علي ابن أبي طالب (ع) قال والذى نفسي بيده لو اتبعوا آثار قدميه لدخلوا الجنة اجمعين. (خبر آخر) قيل لما آخى الله سبحانه وتعالى بين الملائكة آخى بين جبرئيل وميكائيل فقال سبحانه وتعالى انى آخيت بينكما وجعلت عمر أحد كما اطول من عمر الآخر فايكما يؤثر اخاه بالحياة دون نفسه فاختار كل منهما الحياة فقال عزوجل افلا تكونان مثل علي بن ابي طالب حيث آخيت بينه وبين حبيبي محمد وقد آثرته بالحياة على نفسه في هذه الليلة وقد بات على فراشه يفديه بنفسه اهبطا فاحفظاه من عدوه فهبطا إلى الارض فجلس جبرئيل (ع) عند رأسه وميكائيل (ع) عند رجليه وهما يقولان بخ بخ لك يا ابن ابي طالب من مثلك وقد باهى الله تعالى بك ملائكة السموات وفاخر بك. (خبر آخر) عن عمار بن ياسر (رض) قال كنت عند أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) في بعض غزواته فمررنا بواد مملوء نملا فقلت يا أمير المؤمنين ترى يكون احد من خلق الله تعالى يعلم كم عدد هذا قال نعم يا عمار انا اعرف رجلا يعلم عدده وكم فيه ذكر وكم فيه انثى فقلت من ذلك الرجل يا مولاى فقال يا عمار أما قرءت في سورة يس (وكل شئ احصيناه في امام مبين) فقلت بلي يا مولاى فقال انا ذلك الامام المبين. (خبر آخر) قيل جاءت فاطمة إلى ابيها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي باكية فقال يا يبكيك يا قرة عينى لاابكى لك الله عينا قالت يا أبتي ان نساء قريش يعرنني ويقلن ان اباك زوجك بفقير لامال له فقال صلى الله عليه وآله يا فاطمة اعلمي ان الله اطلع على الارض اطلاعة فاختار منها اباك ثم اطلع اطلاعة ثانيه فاختار منها بعلك ابن عمك ثم امرني ان ازوجك به افلا ترضين ان تكوني


[ 95 ]

زوجة من اختاره الله وجعله لك بعلا فقالت (ع) رضيت وفوق الرضا يا رسول الله صلى الله عليك. (خبر آخر) وعن ابى سعيد الخدرى في قوله تعالى (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال نزلت في محمد واهل بيته حين جمع عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم ادار عليهم الكساء وقال اللهم ان هؤلاء اهل بيتى اذهب عنهم الرجس وطهرهم وكانت ام سلمة قائمة في الباب فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وانا منهم فقال لها يا ام سلمة انت على خير انت على خير. (وعن ابراهيم بن مهران) انه قال كان الكوفة رجل تاجر يكني بابي جعفر وكان حسن المعاملة مع الله تعالى ومن أتاه من العلويين يطلب منه شيئا اعطاه ويقول لغلامه اكتب هذا ما اخذ علي بن ابي طالب (ع) وبقى على ذلك زمانا ثم قعد به الوقت وافتقر فنظر يوما في حسابه فجعل كل ما هو عليه اسم حي من غرمانه بعث إليه يطالبه ومن مات ضرب على اسمه فبينا هو جالس على باب داره إذ مر به رجل فقال ما فعل بمالك علي بن ابي طالب (ع) فاغتم لذلك غما شديدا ودخل منزله فلما جنة الليل رأى النبي صلى الله عليه وآله وكان الحسن والحسين عليهما السلام يمشيان امامه فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله ما فعل أبوكما فاجابه علي (ع) من ورائهما ها انا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له لم لا تدفع إلى هذا الرجل حقه فقال علي صلى الله عليه وآله يا رسول الله هذا حقه قد جئت به فقال له النبي صلى الله عليه وآله ادفعه إليه فاعطاه كيسا من صوف ابيض فقال ان هذا حقك فخذه فلا تمنع من جاء اليك ومن ولدي يطلب شيئا فانه لافقر عليك بعد هذا قال الرجل فانتبهت والكيس في يدى فناديت زوجتى وقلت لها هاك فناولتها الكيس وإذا فيه الف دينار فقالت لي يا ذا الرجل اتق الله تعالى ولا يحملك الفقر على اخذ مالا تستحقه وان كنت خدعت بعض التجار على ما به فاردده إليه فحدثتها بالحديث فقالت ان كنت


[ 96 ]

صادقا فارني حساب علي بن ابي طالب (ع) فاحضر الدستور وفتحه فلم يجد فيه شيئا من الكتابة بقدرة الله تعالى. (خبر آخر) عن عبد الله بن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حب علي (ع) حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة (وعنه صلى الله عليه وآله) قال خلقت أنا وعلي من نور واحد فمحبي محب علي ومبعضي مبغض علي. (وعن ابن عباس (رض)) برواية عكرمة مولاه قال مررنا بجماعة وقد اخذوا في سب علي (ع) فقال لي مولاى عبد الله بن عباس ادننى من القوم فادنيته منهم فقال (رض) يا قوم من الساب لله تعالى فقالوا معاذ الله يا ابن عم رسول الله فقال من الساب لرسول الله صلى الله فقالوا ما كان ذلك قال فمن الساب لعلي بن ابي طالب (ع) قالوا كان ذلك فقال والله لقد سمعت رسول الله باذنى هاتين وإلا صمتا انه قال من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى ومن سب الله تعالى القاه على منخريه في النار (وقال النبي صلى الله عليه وآله) انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد المدينة فليأت الباب (قيل) دخل أمير المؤمنين علي بن ابى طالب (ع) على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في منزل ام سلمة ورأسه في حجر جبرئيل وهو في صورة دحية الكلبي فسلم وجلس فقال له جبرئيل وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين خذ رأس ابن عمك وضعه في حجرك فأنت اولى به منى فأخذ رأس رسول الله صلى الله عليه وآله ووضعه في حجره فاستيقظ رسول الله فرأى رأسه في حجر ابن عمه علي (ع) فقال له يا علي واين الرجل الذى كان رأسي في حجره فقال له يا رسول الله ما رأيت الادحية الكلبى قال له ما قال لك عند دخولك فقال لما دخلت سلمت عليه فقال وعليك السلام يا أمير المؤمنين قال: هنيئا لك يا علي فانه الروح الامين أخي جبرئيل وهو أول من سلم عليك بامرة المؤمنين.


[ 97 ]

(وعنه (ع) قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله ذات ليلة من الليالي وهي ليلة مدلهمة سوداء فقال لي خذ سيفك ومر في جبل ابي قبيس فكل من رأيته فاضربه على رأسه بهذا السيف ققصدت الجبل فلما علوته وجدت عليه رجلا أسود هائل المنظر كأن عينيه جمرتان فهالني منظرة فقال إلي يا علي إلي يا علي فدنوت إليه وضربته بالسيف فقطعته نصفين فسمعت الضجيج من بيوت مكة باجمعها ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمنزل خديجة فأخبرته بالخبر فقال أتدرى من قتلت يا علي ؟ قلت الله ورسوله اعلم، قال قتلت اللات والعزى والله لا عادت تعبد بعدها. (وعنه (ع) قال دعاني رسول الله وهو بمنزل خديجة (رض) ذات ليلة فلما صرت إليه قال اتبعني يا علي فما زال يمشي وانا خلفه ونحن نخرق دروب مكة حتى أتينا الكعبة وقد انام الله تعالى كل عين فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي قلت لبيك يا رسول الله قال اصعد على كتفي ثم انحنى النبي فصعدت على كتفه فقلبت الاصنام على رؤسها ونزلت وخرجنا من الكعبة حتى أتينا منزل خديجة (رض) فقال لي أول من كسر الاصنام جدك ابراهيم (ع) ثم أنت يا علي آخر من كسر الاصنام فلما أصبح اهل مكة وجدوا الاصنام منكوسة مكبوتة على رؤسها فقالوا ما فعل هذا بآلهتنا إلا محمدا وابن عمه ثم لم يقم في الكعبة صنم (وقيل) دخل ضرار صاحب أمير المؤمنين علي (ع) على معاوية ابن ابي سفيان بعد وفاته (ع) فقال معاوية لضرار صف لي عليا واخلاقه الرضية، فقال والله كان شديد القوى بعيد المدى يتفجر الايمان من جوانبه وتنطق الحمكة من نواحى لسانه فيقول فصلا ويحكم عدلا، فاقسم بالله فقد شاهدته في محرابه وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويأن أنين الحزين ويقول يادنيا إلى تعرضت ام إلى تشوقت فغرى غيرى لاحان حينك اجلك قصير وعيشك حقير في قليلك حساب وفي كثيرك عقاب قد طلقتك


[ 98 ]

ثلاثا لا رجعة لي فيك آه من بعد الطريق وقلة الزاد فقال: معاوية كان علي والله لكذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار قال حزن المرأة إذا ذبح ولدها في حجرها قال فلما سمع معاوية بكى وبكى الحاضرون. (وقيل) ان أمير المؤمنين على بن ابى طالب (ع) صعد المنبر يوما في البصرة بعد الظفر بأهلها وقال: أقول قولا لا يقوله أحد غيرى إلا كان كافرا أنا اخو بنى الرحمة وابن عمه وزوج ابنته وابو سبطيه فقام إليه رجل من أهل البصرة وقال انا اقول مثل قولك هذا انا اخو الرسول وابن عمه ثم لم يتم كلامه حتى اخذته الرجفة فما زال يرجف حتى سقط ميتا لعنه الله. (وعنه (ع) انه كان ذات يوم على منبر البصرة إذ قال أيها الناس سلوني قبل ان تفقدوني سلوني عن طرق السموات فاني اعرف بها من طرق الارض فقام إليه رجل من وسط القوم وقال: أين جبرئيل في هذه الساعة فرمق بطرفه إلى السماء ثم رمق بطرفه إلى المشرق ثم رمق بطرفه إلى المغرب فلم يجد موطنا فالتفت إليه وقال يا ذا الشيخ أنت جبرئيل قال فصفق طائرا من بين الناس فضج عند ذلك الحاضرون وقالوا نشهد انك خليفة رسول الله حقا. (وعن مقاتل بن سليمان) قال قال جعفر بن محمد الصادق (ع) كان وصي آدم (ع) شبت بن آدم هبة الله وكان وصي نوح سام وكان وصي ابراهيم اسماعيل وكان وصى موسى يوشع بن نون وكان وصي داود سليمان وكان وصي عيسى شمعون وكان وصي محمد صلى الله عليه وآله علي بن ابي طالب (ع) وهو خير الاوصياء. * حدثنا * محمد بن عبد الجبار العطار مرفوعا عن زيد بن الحارث عن سليمان الاعمش عن ابراهيم التميمي عن ابيه عن ابي ذر الغفاري قال بينما انا بين يدي رسول الله إذ قام ثم ركع وسجد شكرا لله تعالى ثم قال يا جندب من اراد ان ينظر إلى آدم في علمة والى نوح في فهمه وابراهيم في خلته وموسى


[ 99 ]

في مناجاته وعيسى في سياحته وايوب في صبره ببلائه فلينظر إلى هذا الرجل المقبل الذي هو الشمس والقمر السارى والكوكب الدرى أشجع الناس قلبا واسخاهم كفا فعلى مبغضه لعنة الله تعالى قال فالتفت الناس لينظروا من هو المقبل وإذا بعلي بن ابى طالب (ع). (قال) حدثنا أبو عبد الله الحسين بن احمد المدايني قال حدثنى عبد الله ابن هاشم عن الكلبي قال اخبرني ميمون بن صعب المكي بمكة قال كنا عند ابي العباس بن سابور المكي فاجرينا حديث اهل الردة بذكرنا خولة الحنفية ونكاح أمير المؤمنين (ع) لها فقال اخبرني أبو الحسن عبد الله بن ابى الخير الحسينى قال بلغني ان الباقر محمد بن علي كان جالسا ذات يوم إذ جاءه رجلان فقالا يا ابا جعفر ألست القائل ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب لم يرض بامامة من تقدم قال بلي فقالا له هذه خولة الحنفية نكحها من سبيهم وقبل هديتهم ولم يخالفهم عن امرهم مدة حياتهم فقال الباقر: من فيكم يأتيني بجابر بن عبد الله بن حزام (وكان محجوبا قد كف بصره) فخضر فسلم على الباقر وأجلسه إلى جانبه وقان يا جابر عندي رجلان ذكرا ان أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضى بامامة من تقدم عليه فسألهما الحجة في ذلك فذكروا له خولة فبكى جابر حتى اخضلت لحيته بالدموع ثم قال: والله يا مولاى لقد خشيت اخرج من الدنيا ولا اسئل عن هذه المسألة واني والله كنت جالسا إلى جانب ابي بكر وقد سبوا بنى حنيفة بعد قتل مالك بن نويرة من قبل خالد بن الوليد وبينهم جارية مراهقه فلما دخلت المسجد قالت أيها الناس ما فعل محمد صلى الله عليه وآله قالوا قبض فقالت هل له بنية تقصد فقالوا نعم هذه تربته صلى الله عليه وآله فنادت السلام عليك يا رسول الله اشهد ان لا إله إلا الله واشهد انك عبده ورسوله وانك تسمع كلامي وتقدر على رد جوابي واننا سبينا من بعدك ونحن نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله ثم جلست فوثب رجلان من المهاجرين والانصار احدهما طلحة والآخر الزبير فطرحا ثوبيهما عليها فقالت


[ 100 ]

ما بالكم يا معاشر العرب تصونون حلائلكم وتهتكون حلائل غيركم فقالا لها لمخالفتكم الله ورسلوله حتى قلتم اننا نزكي ولا نصلي أو نصلي فلا نزكي فقالت لهما والله ما قالها احد من بني حنيفة وانا نضرب صبياننا على الصلاة من التسع وعلى الصيام من السبع وانا لنجرج الزكاة من حيث يبقى في جمادى الاخرة عشرة ايام ويوصي مريضنا بها لوصية والله يا قوم ما نكثنا ولاغيرنا ولابدلنا حتى تقتلوا رجالنا وتسبوا حريمنا فان كنت يا ابا بكر بحق فما بال علي لم يكن سبقك علينا وان كان راضيا بولايتك فلم لا ترسله الينا يقبض الزكاة منا ويسلمها اليك والله ما رضي ولا يرضى قتلت الرجال ونهبت الاموال وقطعت الارحام فلا نجتمع معك في الدنيا ولافى الاخرة افعل ما انت فاعله، فضج الناس وقال الرجلان اللذان طرحا ثوبيهما انا لمغالون في ثمنك فقالت اقسمت بالله وبمحمد رسول الله انه لا يملكني ويأخذني إلا من يخبرني بما رأت امي وهي حامل بي وأي شئ قالت لي عند ولادتي وما العلامة التي بينى وبينها والا فان ملكني احد ولم يخبرني بذلك بقرت بطني بيدي فيذهب ثمني ويكون مطالبا بدمى فقالوا لها ابدى رؤياك التى رأت امك وهي حامل بك حتى نبدي لك العبارة بالرؤيا فقالت الذى يملكني هو اعلم بالرؤيا مني وبالعبارة من الرؤيا فأخذ طلحة والزبير ثوبيهما وجلسا فدخل أمير المؤمنين وقال ما هذا الرجف في مسجد رسول الله قالوا يا علي امرأة من بني حنيفة حرمت نفسها على المؤمنين، وقالت من اخبرني بالرؤيا التي رأت امي وهي حامل بى وعدها لي فهو يملكني فقال أمير المؤمنين ما ادعت باطلا اخبروها تملكوها فقالوا يا ابا الحسن ما فينا من يعلم الغيب اما علمت ان ابن عمك رسول الله قبض وان اخبار السماء انقطعت من بعده فقال أمير المؤمنين (ع) ما ادعت باطلا اخبرها املكها بغير اعتراض قالوا نعم فقال (ع) يا حنيفة اخبرك املكك فقالت من انت ايها المجترى دون اصحابه فقال انا على بن ابى طالب فقالت لعلك الرجل الذى نصبه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله


[ 101 ]

صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس فقال انا ذلك الرجل قالت من اجلك اصبنا ومن نحوك أو تينا لان رجالنا قالوا لا نسلم صدقات اموالنا ولا طاعة نفوسنا إلا إلى من نصبه محمد صلى الله عليه وآله فينا وفيكم علما فقال أمير المؤمنين ان اجركم غير ضائع وان الله تعالى يؤتي كل نفس ما أتت من خير ثم قال يا حنفية ألم تحمل بك امك في زمان قحط منعت السماء قطرها والارض نباتها وغارت العيون حتى ان البهائم كانت تريد المرعى فلا تجد وكانت امك تقول انك حمل ميشوم في زمان غير مبارك فلما كان بعد تسعة اشهر رأت في منامها كأن وضعتك وانها تقول انك حمل ميشوم وفي زمان غير مبارك وكأنك تقولين يا امي لا تطيرين بي فأنا حمل مبارك نشوت نشوا صالحا ويملكني سيد وارزق منه ولدا يكون لبني حنيفة عزا فقالت صدقت يا امير المؤمنين فانه كذلك فقال وبه اخبرني ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت ما العلامة بيني وبين امي فقال انها لما وضعتك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من نحاس واودعته عتبة الباب فلما كان بعد حولين عرضته عليك فاقررت به فلما كانت ثمان سنين عرضت عليك فاقررت به ثم جمعت بينك وبين اللوح فقالت لك يا بنية إذا نزل بساحتكم سافك لدمائكم ناهب لاموالكم ساب لذراريكم وسبيت فيمن سبى فخذي اللوح معك واجتهدى أن لا يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤبا بما في هذا اللوح قالت صدقت يا أمير المؤمنين فأين اللوح قال في عقيصتك فعند ذلك دفعت اللوح إلى أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) ثم قالت يا معاشر الناس اشهدوا اني قد جعلت نفسي له عبدة فقال (ع) بل قولي زوجة فقالت اشهدوا ان قد زوجت نفسي كما امرني بعلي (ع) فقال (ع) قد قبلتك زوجة فماج الناس فقال جابر والله يا ابا جعفر ملكها بما ظهر من حجة و تبين من بينته فلعن الله تعالى من اتضح له الحق وجعل بينه وبين الحق سترا.


[ 102 ]

(وعن عبد الله بن عباس (رض)) قال قال أمير المؤمنين (ع) علمني رسول الله صلى الله عليه وآله الف باب من العلم ففتح لي من كل باب الف باب قال فبينما انا معه (ع) بذى قار وقد ارسل ولده الحسن (ع) إلى الكوفة ليستنفر اهلها فيستعين بهم على حرب الناكثين من اهل البصرة إذ قال لي يابن عباس قلت لبيك يا أمير المؤمنين قال فسوف يأتي ولدي الحسن من هذه الكور ومعه عشرة آلاف فارس وراجل لا يزيد فارس ولا ينقص فارس قال ابن عباس (رض) فلما طالعنا الحسن بالجند لم يكن لي هم إلا مسائلة الكاتب عن كمية الجند فقال لي: عشرة آلاف فارسل وراجل قال فعلمت ان ذلك من تلك الابواب التى علمه بها رسول الله صلى الله عليه وآله. (وقيل) لما ماتت فاطمة بنت اسد والدة أمير المؤمنين (ع) أقبل علي (ع) وهو باك فقال له النبي ما يبكيك لا أبكى الله لك عينا ؟ قال توفيت امى يا رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه وآله بل وامى يا علي فلقد كانت تجوع اولادها وتشبعني وتشعث اولادها وتدهننى، والله لقد كانت في دار ابى طالب نخلة وكنا نتسابق إليها من الغداة لنلتقط ما يقع منها في الليل وكانت (رض) تأمر جاريتها وتلتقط ما تحتها من الغلس ثم تجنيه فيخرج بنو عمي فتناولنى ذلك ثم نهض صلى الله عليه وآله واخذ في جهازها وكفنها بقميصه صلى الله عليه وآله وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما ويتأنى بين الآخر وهو حافي القدم فلما صلى عليها كبر سبعين تكبيرة ثم وسدها في اللحد بيده الكريمة بعد ان نام في قبرها ولقنها الشهادتين فلما اهيل عليها التراب واراد الناس الانصراف جعل يقول (ع) ابنك ابنك لا جعفر ولاعقيل علي بن ابى طالب (ع) فقالوا له يا رسول الله فعلت فعلا ما رأينا قط مثله مشيت متأنيا حافي القدم وكبرت سبعين تكبيرة ونمت في لحدها وجعلت قميصك عليها وقلت لها ابنك ابنك لا جعفر ولاعقيل فقال صلى الله عليه وآله اما التأني في وضع اقدامي في حال تشييع الجنازة فلكثرة ازدحام الملائكة واما نومى في لحدها


[ 103 ]

فانى ذكرت لها في حال حياتها ضغطة القبر فقالت واضعفاه فنمت في لحدها لاجل ذلك حتى كفيتها ذلك، واما تكفينها بقميصي فانى ذكرت لها القيامة وحشر الناس عراة فقالت وافضيحتاه فكفنتها به لتقوم يوم القيامة واما قولي لها ابنك فانه نزل الملكان وسألاها عن ربها فقالت الله ربى وقالا لها من نبيك فقالت محمد وقالا لها من وليك وامامك فاستحيت ان تقول ولدي فقلت لها قولي ولدك علي بن ابى طالب ابنك ابنك فأقر الله تعالى يذلك عينها. (وقيل) كان مولانا امير المؤمنين (ع) يخرج من الجامع بالكوفة فيجلس معه ميثم التمار (رض) يحادثه فقال له ذات يوم ألا ابشرك يا ميثم ان اريك الموضع الذى تصلب فيه والنخلة التى تعلق على جذعها فقال نعم يا امير المؤمنين فجاء به إلى رحبة الصيارفة وقال له ههنا ثم اراه نخلة وقال له يا ميثم على جذع هذه فما زالى ميثم (رض) يتعاهد النخلة حتى قطعت وشقت نصفين فسقف بنصف منها وبقى النصف الآخر فما زال يتعاهد النصف في الموضع ويقول لبعض جوار الموضع يا فلان اني مجاورك عن قريب فاحسن جواري فيقول ذلك في نفسه يريد ان يشترى دارا في جواري ولا يعلم ما يريد بقوله حتى قبض امير المؤمنين (ع) وظفر معاوية باصحابه فأخذ ميثم التمار فيمن اخذ فأمر معاوية بصلبه فصلب على تلك الخشبة في ذلك المكان فلما رأى ذلك الرجل ان ميثم قد صلب في جواره قال انا الله وانا إليه راجعون، ثم اخبر الناس بقصة ميثم وبما قال له في حال حياته وما زال ذلك الرجل يكنس تحت تلك الخشبة ويبخرها ويصلي عندها ويكرر الرحمة عليه. (ومما رواه ابن عباس) انه قال كنت في مسجد رسول الله وقد قرأ القارئ (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر اسمه يسبح له فيها بالغدو


[ 104 ]

والآصال) فقلت يا رسول الله ما البيوت فقال صلى الله عليه وآله بيوت الانبياء عليهم السلام واومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السلام. (وعنه (رض)) قال اقبل علي بن ابي طالب (ع) إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا له يا رسول الله جاء امير المؤمنين فقال صلى الله عليه وآله إن عليا سمي بامرة المؤمنين قبلي فقيل قبلك يا رسول الله فقال وقبل موسى وعيسى قالوا وقبل موسى وعيسى يا رسول الله قال وقبل سليمان بن داود ولم يزل يعد الانبياء كلهم إلى آدم ثم قال (ع) انه لما خلق الله آدم طينا خلق بين عينيه ذرة تسبح الله وتقدسه. فقال عزوجل لا سكننك رجلا اجعله امير الخلق اجمعين فلما خلق الله تعالى علي بن ابي طالب (ع) اسكن الذرة فيه فسمى امير المؤمنين قبل خلق آدم. (وقال أمير المؤمنين) لما بايعه الملعون عبد الرحمن بن ملجم قال له انك غيور في بيعتى ولتخضبن هذه من هذا واشار إلى كريمته ورأسه فلما اهل شهر رمضان جعل يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين فقال في بعض الليالي كم مضى من الشهر فقالا له كذا وكذا يوما فقال لهما في العشرة الآخرة تفقدان أباكما فكان كما قال (ع). (ومن فضائله عليه السلام) انه لما سار إلى صفين اعوز اصحابه الماء فشكو إليه الماء فقال سيروا في هذه البرية واطلبوا الماء فساروا يمينا وشمالا وطولا وعرضا فلم يجدوا ماءا فوجدوا صومعة وبها راهب فنادوه وسألوه عن الماء فذكر انه يجلب إليه في كل اسبوع مرة واحدة فرجعوا إلى امير المؤمنين فاخبروه بما قال الراهب فقال (ع) الحقوا بي ثم سار غير بعيد فقال احفروا هاهنا فخروا فوجدوا صخرة عظيمة فقال اقلبوها تجدوا تحتها الماء فتقدم إليها اربعون رجلا فلم يحركوا فقال (ع) اليكم عنها فتقدم وحرك شفتيه بكلام لم يعلم ما هو ثم دحاها بالهواء ككرة في الميدان فقال الراهب وهو ينظر إليه (وقد اشرف عليه) من أين أنت يافتى فنحن


[ 105 ]

انزل في كتابنا ان هذا الدير بنى على البئر والعين وانها لا يظهر إلا نبي أو وصي نبي فأيهما أنت، فقال انا وصي خير الانبياء أنا وصي سيد الانبياء انا وصي خاتم الانبياء ابن عم قائد الغر المحجلين انا علي بن ابي طالب امير المؤمنين. قال فلما سمع الراهب نزل من الصومعة وخرج ومشى وهو يقول مد يدك فانا اشهد ان لا إله الله وان محمدا رسول الله وان علي بن ابي طالب وصيه وخليفته من بعده قال ثم شرب المسلمون من العين وماؤها ابيض من الثلج واحلا من العسل فرووا منه وسقوا خيولهم وملؤا رواياهم ثم اعاد صلوات الله عليه وآله الصخرة إلى موضعها ثم ارتحل من نحوها إلى ديارهم. (قال) اخبرنا الواقدي عن جابر عن سلمان الفارسى (رض) قيل جاء إلى عمر بن الخطاب غلام يا فع فقال له ان امي جحدت حقي من ميراث ابي وانكرتني وقالت لست بولدى فاحضرها وقال لها لم جحدت ولدك هذا وانكرتني وقالت انه كاذب في زعمه ولي شهود بأني بكر عاتق ما عرفت بعلا وكانت قد رشت سبعة نفر كل واحد بعشرة دنانير وقالت لهم اشهدوا بأني بكر لم اتزوج ولا اعرف بعلا فقال لها عمر بن الخطاب اين شهودك فأخضرتهم بين يديد فقال بم تشهدون فقالوا له: نشهد انها بكر لم يمسها ذكر ولا بعل فقال الغلام بينى وبينها علامة اذكرها لها عسى تعرف ذلك فقال قل ما بدالك فقال الغلام فانه كان والدى في سعد بن مالك فقال له الحارث المزني واني رزقت في عام شديد المحل وبقيت عامين كاملين ارضع شاة ثم اننى كبرت وسافر ووالدي مع جماعة في تجارة فعادوا ولم يعد والدى معهم فسألتهم عنه فقالوا انه درج فلما عرفت والداتي الخبر انكرتني وقد اخرتني الحاجة فقال عمر هذا مشكل لا يحله إلا نبى أو وصي نبي فقوموا بنا إلى ابي الحسن علي عليه السلام فمضى الغلام وهو يقول أين منزل كاشف الكروب اين خليفة هذه الامة فجاؤا به إلى منزل علي بن أبي طالب كاشف


[ 106 ]

الكروب ومحل المشكلات فوقف هناك يقول يا كاشف الكروب عن هذه الامة فقال له الامام ومالك يا غلام فقال يا مولاى امى جحدتني حقي وانكرتني وزعمت انى لم أكن ولدها فقال الامام (ع) أين قنبر فأجابه لبيك يا مولاى فقال له امض واحضر الامرأة إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فمضى قنبر واحضرها بين يدى الامام فقال لها ويلك لم جحدت ولدك فقالت يا امير المؤمنين انا بكر ليس لي ولد ولم يمسني بشر فقال لها لا تعدلي الكلام بابن عم بدر التمام ومصباح الظلام قالت يا مولاى احضر قابلة تنظرني انا بكر عاتق ام عاتق ام لا فاحضرت فلما خلت بها اعطتها سوارا كان في عضدها وقالت لها اشهدي بأني بكر فلما خرجت من عندها قالت له يا مولاى انها بكر فقال (ع) كذبت العجوز يا قنبر عر العجوز وخذ منها السوار قال قنبر فاخرجته من كتفها فعند ذلك ضج الخلايق فقال الامام (ع) اسكتوا فأنا عيبة علم النبوة ثم احضر الجارية وقال لها يا جارية انا زين الدين انا قاضي الدين انا أبو الحسن والحسين (ع) انى اريد ان ازوجك من هذا الغلام المدعى عليك أفتقبلينه مني زوجا فقالت لا يا مولاى أتبطل شرع محمد صلى الله عليه وآله فقال لها بماذا فقالت تزوجني بولدي كيف يكون ذلك فقال الامام جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا لم لا يكون هذا منك قبل هذه الفضيحة فقالت يا مولاى خشيت على الميراث فقال لها (ع) استغفري الله تعالى وتوبى إليه ثم انه (ع) اصلح بينهما والحق الولد بوالدته وبارث أبيه وصلى الله على محمد وآله. (ومما روى عنه (ع)) انه كان جالسا في جامع الكوفة إذ أتاه جماعة من اهل الكوفة فشكوا إليه زيادة الفرات وطغيان الماء فنهض) ع) وقصد الفرات حتى وقف بموضع يقال باب المروحه واخذ القضيب بيده اليمنى وحرك شفتيه بكلام لا يفهمه احد وضرب بالقضيب الماء ضربه فهبط نصف ذراع فقال لهم يكفى هذا فقالوا الا يا أمير المؤمنين ثم ضرب ثانية


[ 107 ]

فهبط نصف ذراع آخر فقال لهم يكفي هذا فقالوا لا يا أمير المؤمنين فقال بكلام لا نعرفه وضربه ثالثة فنقص ذراعا آخر فقال يكفي هذا فقالوا نعم يا امير المؤمنين فقال والذى فلق الحبة وبرئ النسمة لو شئت لابنت لكم الحيتان في قراره وهذه فضيلة لا يقدر عليها احد ونقل مثلها عن غيره (ع). (ومما روى) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول تفوح روائح الجنة من قبل قرن الشمس واشوقاه اليك يا اويس القرني ألا من لقيه فليقرأه عني السلام فقيل يا رسول الله ومن اويس القرنى فقال صلى الله عليه وآله ان غاب لم يتفقدوه وان ظهر لم يكترثوا له يدخل في شفاعته إلى الجنة مثل ربيعة ومضر آمن بي وما رآني ويقتل بين يدى خليفتي امير المؤمنين في صفين. (قال ابن شاذان) تأمل ايها الطاعن بقلبك وانظر بعينك هذه الآيات التي خصه الله بها والمعجزات التي شرف الله بها هذا الامام وجعلها دالة عليه وهدايته إليه (ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيى عن بينة). (ومما روى من فضائله (ع): من حديث المقدسي ما يغني سامعه عما سواه وهو ما حكي لنا انه كان رجل من اهل بيت المقدس ورد إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حسن الثياب مليح الصورة فزار حجرة النبي صلى الله عليه وآله وقصد المسجد ولم يزل ملازما له مشتغلا بالعبادة صائم النهار قائم الليل وذلك في زمان عمر بن الخطاب حتى رؤى أعبد الخلق والخلق يتمنون ان يكونوا مثله وكان يأتي إليه ويسأله حاجة فيقول المقدسي الحاجة إلى الله تعالى ولم يزل على ذلك حتى عزم الناس على الحج فجاء المقدسي إلى عمر وقال له يا ابا حفص قد عزمت على الحج ومعي وديعة احب ان تستودعها مني إلى حين عودي من الحج فقال له عمر هات الوديعة فأحضر حقة من عاج عليها قفل من حديد مختوم بخاتم الشاب فتسمله عمر وخرج الشاب مع الوفد وخرج عمر معه إلى الوفد وقال للمتقدم على الوفد اوصيك


[ 108 ]

بهذا الشاب وعليك به خيرا فرجع عمر وكان في الوفد امرأة من الانصار مازالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نزل فلما كان في بعض الايام دنت منه وقالت يا شاب اني ارق لهذا الجسم الناعم المترف كيف بلبس الصوف فقال لها هذا جسم يأكله الدود ومصيره التراب هذا له كثير فقالت انى اغار على هذا الوجه المضئ كيف تشعثه الشمس فقال لها يا هذه اتقى الله وكفى فقد اشغلني كلامك عن عبادة ربى فقالت له لي اليك حاجة فان قضيتها فلا كلام وان لم تقضها لي فما انا بتاركتك حتى تقضيها لي فقال لها ما حاجتك قالت حاجتى ان تواقعني فزجرها وخوفها من الله تعالى فلم يردها ذلك وقالت والله لئن لم تفعل ما امرتك به لارمينك بداهية من دواهي النساء ومكرهن لا ننجوا منها فلم يلتفت ولم يعبأ بكلامهما فلما كان في بعض الليالي وقد سهر اكثر ليلته من عبادة ربه ثم رقد في آخر الليل وغلب عليه النوم فاتته وتحت رأسه مزادة فيها زاده فانزعتها من تحت رأسه وطرحت فيها كيسا فيه خمسمائة دينار ثم عادت بها إلى تحت رأسه فلما ثور الوفد قامت الملعونة وقالت يا لله ويا للوافد ويا وفد الله امرأة مسكينة وقد سرقت نفقتها ومالي إلا الله وانتم فحبس المتقدم الوفد وامر رجالا من الانصار والمهاجرين ان يفتشوا رجال الانصار والمهاجرين ففتشوا الفريقين فلم يجدوا شيئا ولم يبق من الوفد احد إلا وفتش رحله ولم يبق إلا المقدسي فاخبروا متقدم الوفد بذلك فقال يا مقدم ما ضركم لو فتشتموه فله اسوة بالمهاجرين والانصار وما يدريكم ان يكون ظاهره مليحا وباطنة قبيحا ولم تزل الامرأة حتى حملتهم على تفتيش رحله فقصده جماعة من الوفد وهو قائم يصلي فلما رآهم اقبل عليهم وقال لهم ما بالكم وما خبركم قالوا هذه الامرأة الانصارية ذكرت انها قد سرق لها نفقة كانت معها وقد فتشنا رجال الوفد باسرها ونحن لا نتقدم إلى رحلك إلا اذنك لما سبق من وصية عمر بن الخطاب فيما يعود اليك فقال يا قوم ما يضرنى ذاك فتشوا ما احببتم وهو واثق من نفسه فأول ما نفضوا المزادة


[ 109 ]

التي فيها زاده وقع منها الهميان فصاحت الملعونة الله اكبر هذا والله كيسي ومائي وهو كذا دينار وفيه عقد لؤلؤ ووزنه كذا وكذا مثقالا فاختبروه فوجدوه كما قالت الملعونة فمالوا عليه بالضرب الموجع والسب والشتم وهو لا يجيب جوابا فسلسوه وقادوه راجلا إلى مكة فقال لهم يا وفد الله بحق هذا البيت إلا ما تصدقتم علي وتركتموني اقضي الحج واشهد الله تعالى ورسوله بأني إذا قضيت الحج عدت اليكم وتركت يدي في ايديكم فأوقع الله الرحمة في قلوبهم فاطلقوه فلما قضى مناسك الحج وما وجب عليه من الفرائض عاد إلى القوم وقال لهم ها انا عدت اليكم فافعلوا بي ما تريدون فقال بعضهم لبعض لو اراد المفارقة لما عاد اليكم اتركوه فتركوه فرجع الوفد طالبا مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فاعوز تلك الملعونة زادها في بعض الطريق فوجدت في بعض الطريق راعيا فسألته الزاد فقال لها عندي ما ترين غير اني لا ابيعه فان آثرت ان تملكيني من نفسك ففعلت واخذت منه زادا فلما انحرفت عنه عرض لها ابليس فقال لها فلانة أنت حامل قالت ممن فقال لها من الراعي فقالت وافضيتحتاه فقال لها لا تخافي مع رجوعك إلى الوفد قولي لهم اني سمعت قراءة المقدسي فقربت منه فلما غلبنى النوم دنا مني وواقعني ولم اتمكن من الدفع عن نفسي بعد الفوات وقد حملت منه وانا امرأة من الانصار وما معى جماعة من اهلي ففعلت الملعونة ما اشار عليها اللعين ابليس فلم يشكوا في قولها لما عاينوه أولا من وجود المال في رحله فعكفوا على الشاب وقالوا له: يا هذا ما كفاك السرقة حتى فسقت فاوجعوه ضربا واوسعوه شتما وسبا واعادوه إلى السلسلة وهو لا يرد جوابا فلما فربوا من المدينة على ساكنها السلام خرج عمر ومعه جماعة من المسلمين للقاء الوفد فلما قربوا منه لم يكن لهم إلا السؤال من الوفدو عن المقدسي فقالوا له يا ابا حفص ما اغفلك عنه وقد سرق وفسق وقصوا عليه القصة فامر باحضاره بين يديه وهو مسلسل فقال ويلك يا مقدسي اتظهر خلاف ما يظن فيك حتى فضحك الله تعالى والله


[ 110 ]

لانكلن بك اشد نكال وهو لا يرد جوابا فاجتمع الخلق عليه وازدحم الناس إليه لينظروا ما يفعل به وإذا بنور قد سطح فتأمله الحاضرون وإذا به عيبة علم النبوة علي بن ابى طالب فقال ما هذا الرهج في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: يا علي الشاب المقدسي قد سرق وفسق فقال (ع) والله ما سرق ولا فسق ولا حج احد غيره قال فلما اخبروا عمر قام قائما فاجلسه مكانه فنظر إلى الشاب المقدسي مسلسلا مطرقا إلى الارض والامرأة قائمة فقال لها أمير المؤمنين (ع) انا محل المشكلات وكاشف الكربات ويلك قصي علي قصتك فأنا باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله فقالت يا علي ان هذا الشاب سرق ما لي وقد شاهده الوفد في مزادته وما كفاه ذلك حتى كنت ليلة من الليالي قربت منه فاسترقني بقراءته واستنامنى ووثب الي فواقعني وما تمكنت من المدافعة عن نفسي خوفا من الفضيحة وقد حملت منه فقال لها امير المؤمينين (ع) كذبت يا ملعونه فيما ادعيت عليه. يا ابا حفص اعلم ان هذا الشاب مجبوب ليس له احليل واحليله في حقة من عاج ثم قال يا مقدسي اين الحقة فعند ذلك رفع طرفه إلى السماء وقال يا مولاى من اعلمك عن الحقة فالتفت (ع) إلى عمر وقال يا ابا حفص قم هات وديعة هذا الرجل فأرسل عمرو احضروا الحقة ففتحوها فإذا فيها خرقة من حرير وبها احليله فعند ذلك قال الامام قم يا مقدسي فقام فقال جردوه من ثيابه لينظر ويتحقق حاله ممن اتهمه بالفسق فجردوه من ثيابه وإذا هو مجبوب فضج العالم فقال لهم: اسكتوا واسمعوا منى حكومة اخبرني ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال يا ملعونة لقد تجريث على الله ويلك الم تأني إليه وقلت له كيت وكيت فلم يحبك إلى ذلك فقلت له والله لارمينك بحيلة من حبل النساء لا تنجو منها فقالت بلي يا على كان ذلك فقال (ع) ثم انك استنومتيه فجأت بالكيس فتركتيه في مزاده أقرى ! فقالت: نعم يا علي، فقال (ع) اشهدوا عليها ثم قال لها وهذا حملك من الراعى الذى طلبت منه الزاد قال لك انى لا ابيعك الزاد


[ 111 ]

ولكن مكتبني من نفسك وخذي حاجتك ففعلت ذلك واخذت الزاد وهو كذا وكذا قالت صدقت يا علي وضج العالم لها فلما خرجت من الراعي عرض لك شيخ صفته كذا وكذا فناداك وقال لك يا فلانة لا بأس عليك أنت حامل من الراعي فصرخت وقلت واسوأتا فقال لا تخافي وقولي للوفد استنامنى وواقعني المقدسي وقد حلمت منه فيصدقوك لما ظهر لهم من سرقته ففعلت ذلك كما قال لك الشيخ فقالت كان ذلك يا علي فقال هو ابليس اللعين فعجب الناس من ذلك، فقال عمر يا ابا الحسن ما تريد ان تصنع بها فقال يحفر لها في مقابر اليهود انى نصفها وترجم بالحجارة ففعل بها ذلك كما امر مولانا امير المؤمنين (ع) واما المقدسي فلم يزل ملازم مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ان قبض (رض) فعند ذلك قام عمر وهو يقول: لولا على لهلك عمر ولم يصدق إلا في ذلك ثم انصرف الناس وقد عجبوا من حكومة علي بن ابي طالب (ع) (ومن فضائله (ع)) قيل انه كان في بعض غزواته وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء فرمق بطرفه إلى السماء والناس قيام ينظرون فنزل جبرئيل وميكائيل (ع) ومع جبرئيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل ووضعا السطل والمنديل بين يدى امير المؤمنين فاسبغ الوضوء من ذلك الماء ومسح وجهه الكريم بالمنديل فعند ذلك عرجا إلى السماء والخلق ينظر اليهما. (ومن فضائله (ع)) ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال اعطيت ثلاثا وعلي مشاركي فيها واعطى علي ثلاثة ولم اشاركه فيها فقيل يا رسول الله وما الثلاث التى شاكك فيها علي (ع) فقال لواء الحمد لي وعلي حامله والكوثر لي وعلي ساقيه والجنة لي وعلي قاسمها واما الثلاث التي اعطيت عليا ولم اشاركه فيها فانه اعطى رسول الله صهرا ولم اعط مثله واعطى زوجته


[ 112 ]

فاطمة الزهراء ولم اعط مثلها واعطى ولديه الحسن والحسين (ع) ولم اعط مثلهما. (ومن فضائله * ع *) انه كان هو وفاطمة * ع * فدخل عليهما رسول الله * ص * وهما يطحنان الجاورس فقال النبي * ص * أيكما أعيي فقال على * ع * فاطمة يا رسول الله فقال قومي يا بنية فجلس النبي * ص * في موضعها مع علي * ع * فرساه في الطحن للحب. (ومما ورد في كتاب الفردوس للجمهور) ما يرفع إلى رسول الله محذوف الاسانيد انه قال لو اجتمعت الخلائق على حب علي بن ابي طالب ما خلق الله تعالى النار. (ومن فضائله (ع) التي خصه الله تعالى بها دون غيره ما رواه من اثق إليه عن عمار بن ياسر (رض) انه قال أتيت علي بن ابي طالب فقلت له يا امير المؤمنين لي ثلاثة ايام كاملة اصوم واطوي وما اقتات وهذا اليوم وهو اليوم الرابع فقال لي (ع) اتبعنى يا عمار فطلع مولاى إلى الصحراء لو اخذت من تلك ما تستغنى به وتتصدق منه لما كان في ذلك بأس فقال (ع) يا عمار هذا يقدر كفايتنا هذا اليوم ثم غطاه وردمه وانصرف عنه ثم انفضل عنه عمار وغاب مليا ثم عاد إلى امير المؤمنين (ع) فقال يا عمار كأني بك وقد مضيت إلى الكنز تطلبه فقال يا امير المؤمنين والله اني قصدت الموضع لاخذ من الكنز شيئا فما وجدت له اثرا فقال (ع) يا عمار لما علم الله تعالى ان لا رعبة لنا في الدنيا اظهرها لنا ولما علم الله عزوجل ان لكم إليها رغبة ابعدها عنكم (وعنه صلى الله عليه وآله) انه قال اخبرني جبرئيل (ع) انه قال لي مثل حب علي بن ابي طالب (ع) في الناس مثل سورة (قل هو الله احد) في القرآن فمن قرأها مرة واحدة كان له ثوب ثلث القرآن ومن قرأها مرتين كان له ثواب ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثا كان له ثواب من قرأ القرآن كله وكذا حب علي بن ابي طالب (ع) فمن أحبه بلسانه


[ 113 ]

كان له ثواب ثلث امتك ومن أحبه بلسانه وقلبه كان له ثواب ثلثي امتك ومن أحبه وقلبه وعمله كان ثواب امتك بأسرها. (وفي ذكر اللوح المحفوظ الذى نزل به جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ما ينفع للمستبصرين) وهو محذوف الاسانيد يرفع إلى أبي بصير (رض) روى أبو بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق * ع * عن محمد الباقر * ع * انه قال لجابر ان لي اليك حاجة متى يخف عليك ان اخلوبك فاسئلك عنها فقال له جابر أي الازمنة أحببته يا مولاي فخلا به ابو جعفر * ع * فقال له يا جابر اخبرني عن اللوح الذى رأيته في يد أمي فاطمة * ع * وما اخبرتك به امى أنه كان في اللوح مكتوبا قال جابر أشهد بالله اني دخلت على امك فاطمة في حال حياة رسول الله * ص * اهنيها بولادة الحسين * ع * فرأيت في يدها لوحا أخضر فظننت انه زمرد ورأيته مكتوبا بالنور الابيض فقلت بأبي أنت وأمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح قالت أهداه الله تعالى إلى رسوله * ص * فيه اسم أبي واسم بعلي وأسماء ولدى وذكر الاوصياء من ولدى فأعطانيه أبي ليبشرني بذلك قال فقلت لها أرينيه يا ابنة رسول الله فاعطته اياى ونسخته فقال ابو جعفر * ع * يا جابر هل لك ان تعرضه على قال نعم يا ابن رسول الله فأنت أحق به منى قال ابوجفعر فمشينا إلى منزل جابر * ره * قال ابو جعفر فاخرج لي صحيفة من رق فيها ما هذه صورته (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا كتا ب من الله العزيز الرحيم إلى محمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الامين من عند رب العالمين عظم يا محمد اسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي انا الله لا إله إلا انا فمن رجال فضل غيرى وخاف غير عذابي اعذبه عذابا لا أعرف به احدا من خلقي إياى فاعبده وعلي فتوكل اني لم ابعث نبيا وكملت ايامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا واني فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء واكرمته بشبليك وسبطيك الحسن والحسين خازني وحيي واكرمت حسينا بالشهادة وختمت له بالسعادة فهو أفضل من


[ 114 ]

استشهد في وأرفع الشهداء عندي درجة وجعلت الكلمة التامة معه والحجة البالغة عنده وبعترته أثيب واعاقب اولهم علي بن الحسين زين العابدين وزين اوليائي الماضين عليهم صلواتي اجمعين فهم حبلي الممدود الذى يخفهم رسولي لوجود الكتاب معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا على رسولي في اليوم المعهود وذلك يوم مشهود). (وروى انس بن مالك قال سمعت اذناي ان رسول الله * ص * يقول في علي بن أبى طالب * ع * عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب على (وعن ابن عباس * رض * انه كان رسول الله * ص * في بيته فغدا علي بن أبي طالب * ع * وكان يحب ان لا يسبقه أحد إلى رسول الله * ص * فدخل وإذا النبي في صحن داره وإذا رأسه الكريم في حجر دحية بن خليفة الكلبي فقال له علي * ع * كيف اصبح رسول الله فقال بخير يا أخا رسول الله فقال (ع) جزاك الله تعالى عنا خيرا أهل البيت فقال له دحية الكلبي اني احبك ولك عندي فرحة ازفها اليك أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين انت سيد ولد بنى آدم ما خلا النبيين والمرسلين لواء الحمد بيدك يوم القيامة انت وشيعتك مع محمد وحزبه تزفون زفا زفا وقد افلح من والاك وخسر من تخلى عنك فمحب محمد محبك ومبغضك لن تناله الشفاعة من محمد ادن مني يا صفوة الله فانت أحق بأخيك مني قال فأخذ رأس رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرة فاستيقظ النبي صلى الله عليه وآله وقال ما هذه الهمهمة فاخبره بالحديث فقال صلى الله عليه وآله يا علي لم يكن دحية الكلبي بل هو جبرئيل سماك بما سماك به الله عزوجل وقد أمر ان تكون محبتك في قلوب المؤمنين وبغضك في قلوب الكافرين. (وعن عبادة الاسدي) قال بينا عبد الله بن عباس يحدث الناس على زمزم إذ جاءه رجل فقال يا ابن عباس ما تقول فيمن قا لا إله إلا الله ثم يكفر ولا أتى بصوم ولا صلاة ولا حج ولا قبلة ولا جهاد فقال له ابن عباس ويحك سل عما يعنيك ودع عنك مالا يعنيك فقال له الرجل ما جئت


[ 115 ]

إلا لهذا الامر فقال ممن الرجل قال من الشام اخبرني بما سألتك عنه ويحك اسمع منى ان مثل علي بن أبي طالب كمثل موسى بن عمران إذ آتاه الله التوراة فظن انه استوعب العلم كله حتى صحب الخضر * ع * فأمر له وعلمه ولم يحسده وانكم حسدتم علي بن أبي طالب فأما الغلام الذى قتله الخضر (ع) كان قتله الله تعالى رضى ولموسى سخطا وان عليا قتل الخوارج وكان قتلهم لله رضى ولاهل الضلالة سخطا اسمع مني ان رسول الله تزوج بزينب بنت جحش فأولم وليمة وكان يدخل عليه عشرة عشرة فلبث عندها أياما وليالي وتحول إلى بيت أم سلمة (رض) فجاء علي (ع) وقام بالباب فقال صلى الله عليه وآله إن بالباب رجلا ليس ينزق ولا يخرق يحب الله تعالى ورسوله قومي يا أم سلمة وافتحي له الباب فقامت وفتحت له الباب فأخذ بعضدي الباب حتى لم يحسا وعلم انها وصلت لمخدرها فدخل الامام عليه السلام عند ذلك وقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال صلى الله عليه وآله وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا قرة عينى ثم قال صلى الله عليه وآله لها يا أم سلمة اما تعرفيه فقالت بلي يا رسول الله علي بن ابي طالب (ع) فقال يا ام سلمة اشهدي له انه وصيي وولديه قرة عيني وريحانتاي في الدنيا والآخرة واشهدي يا أم سلمة انه خليفتي في أهلي واشهدى ان لحمه ودمه من دمى واشهدى يا ام سلمة انه أول من يرد على حوضي وانه امام المتقين وانه ولي في الدنيا والآخرة واشهدى يا ام سلمة انه قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدى. (وروى) عبد الله بن محمد بن ابي ذر، قال حدثني عيسى بن عبد الله مولى تميم عن شيخ من قريش قال رأيت رجلا بالشام قد اسود وجهه وهو يغطيه فسألته عن سبب ذلك فقال نعم قد جعلت لله على أن لا يسألني احد عن ذلك إلا اجبته واخبرته قال كنت شديد الوقيعة في علي بن ابي طالب (ع) كثير الذكر له فبينا انا ذات ليلة نائم إذا أتاني آت في منامي فقال


[ 116 ]

أنت صاحب الوقيعة في علي فقلت بلي فضرب وجهي وقد اسود فبقى كما ترى. (وبهذا الاسناد) يرفعه إلى بشر بن جنادة، قال كنت عند ابي بكر و هو في الخلافة فجاء رجل فقال له انت خليفة رسول الله قال نعم، قال اعطني عدتي قال وما عدتك فقال ثلاث حثواث يحثو لي رسول الله فحثا له ثلاث حثواث من التمر الصيحاني، وكانت رسما على رسول الله صلى الله عليه وآله قال فاخذها وعدها فلم يجدها مثل ما يعهد من خذها فما أنت خليفته، فلما سمع ذلك قال شدوه إلى ابي الحسن فلما دخلوا به على علي بن ابي طالب (ع) ابتدأ الامام بما يريده منه وقال له: تريد حثوات من رسول الله قال نعم يافتى فحثا له (ع) ثلاث حثوات في كل حثوة ستون تمرة واحدة على الاخرى فعند ذلك قال له الرجل: اشهد انك خليفة الله وخليفة رسوله حقا وانهم ليسوا بأهل لما جلسوا فيه. فلما سمع أبو بكر قال ! صدق الله وصدق رسوله حيث قال في ليلة الهجرة (ونحن خارجون من مكة إلى المدينة) كفى وكيف علي في العدد سواء. فعند ذلك كثر القيل والقال فخرج عمر فسكتهم. (وبالاسناد يرفعه إلى انس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أن لله تعالى خلقا لاهم من الجن ولامن الانس يلعنون مبغضي علي بن ابي طالب (قيل) يا رسول الله من هم قال القنابر ينادون في الشجر على رؤس الاشهاد ألا لعنة الله اعداء علي بن ابي طالب (ع). (وعن ابى طالب احمد بن الفرج بن الازهر) رفعه عن رجاله إلى سلمان بن سالم قال اخبرني سليمان الاعمش قال وجه إلى المنصور في جوف الليل ان اجب الخليفة قلت ما بعث إلى إلا ليسألني عن بعض فضائل علي بن ابى طالب (ع) ولعلي إن اخبرته قتلني فتطهرت وتكفنت وتحنطت تم كتبت وصيتي وصرت إليه فوجدت عنده عمر بن عبيدة فحمدت الله على ذلك


[ 117 ]

فقلت في نفسي وجدت عنده عونا صديقا من أهل البصرة فسلمت عليه فقال إدن منى يا سليمان فدنوت منه وأقبلت على عمرو بن عبيد اسأله مثل ما يعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله ففاح منى رائحة الحنوط فقال المنصور يا سليمان ما هذه الرائحة والله إن لم تصدقني وإلا قتلتك فقلت يا امير المؤمنين أتاني رسولك في جوف الليل فقلت في نفسي ما بعث إلى في هذه الساعة إلا ليسالني عن فضائل علي بن ابى طالب فان اخبرته قتلني فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت قال وكان فكبا فاستوى جالسا وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال اتكفرني يا سليمان ما اسمي قلت امير المؤمنين قال دعنا في هذه الساعة من هذا ما اسمي قلت عبد الله بن علي ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب قال صدقت فاخبرتى بالله وبقرابتي من رسول الله كم رويت من حديث في علي بن ابى طالب (ع) وكم فضيلة سمعت من جميع الفقهاء قال شيئا يسيرا يا أمير المؤمنين مقدار عشرة آلاف حديث فما زاد قال يا سليمان ألا احدثك بحديث في فضائل علي (ع) يأكل كل حديث رويته عن جميع الفقهاء فان حلفت لي أن لا نرويها لاحد من الشيعة حدثتك به قلت لا احلف ولا احدث به قال اسمع كنت هاربا من بنى مروان وكنت ادور في البلدان فأتقرب إلى الناس بحب علي بن ابي طالب (ع) وفضائله وكانوا يشرفوني ويكرموني ويعطوني حتى وردت بلاد الشام وهل الشام كلما اصبحوا لعنوا عليا بمساجدهم لانهم كلهم خوارج واصحاب معاوية فدخلت مسجدا وفي نفسي منهم ما فيها فاقيمت الصلاة فصيلت الظهر وعلى كساء خلق فلما سلم الامام اتكأ على الحائط واهل المسجد حضور وجلست ولم أر احدا يتكلم توقيرا منهم لامامهم فإذا بصبيين قد دخلا المسجد فلما نظر الامام اليهما قام ثم قال ادخلا فمرحبا بكما ومرحبا بمن سميتما باسمهما والله ما سميتكما باسمهما إلا لاجل حبى لمحمد وآل محمد فإذا اسم احدهما الحسن والآخر الحسين فقلت في نفسي


[ 118 ]

قد اصبت حاجتي ولا قوة إلا بالله وكان: في جانبي فسألت منه من هذا الشيخ ومن هذان الغلامان فقال الشيخ جدهما وليس في هذه المدينة احد يحب عليا سواه فلذلك سماهما الحسن والحسين ففرحت فرحا شديدا وكنت لا اخاف الرجال فدنوت من الشيخ وقلت هل لك في حديث أقر به عينك قال ما احوجني إلى ذلك وان اقررت عيني اقررت عينك فعند ذلك قلت حدثني ابي عن ابيه عن جده قال لي من والدك ومن جدك فعلمت انه يريد نسبي فقلت انا عبد الله ابن محمد بن عبد الله بن عباس انه قال كنا مع رسول الله وإذا بفاطمة (ع) قد اقبلت تبكي فقال لها النبي صلى الله عليه وآله ما يبكيك لا ابكى الله لك عينا فقال يا أبت أن الحسن والحسين قد ذهبا منذ اليوم ولم اعلم اين ذهبا وان عليا مشى على الدالية منذ خمسة ايام يسقي البستان واني قد استوحشت لهما قال صلى الله عليه وآله يا ابا بكر اذهب فاطلبهما وانت يا فلان فوجه سلمان قال ولم يزل يوجه حتى مضى سبعون رجلا في طلبهما ورجعوا ولم يصيبوهما فاغتم النبي صلى الله عليه وآله ثم قام فوقف على باب المسجد وقال إلهي بحق إبراهيم خليلك وبحق آدم صفوتك أن كانا قرتا عينى في برأ وبحر أو سهل أو جبل فاخفظهما وسلمهما على فاطمة سيدة نساء العالمين قال وإذا باب من السماء قد فتح وإذا بجبرئيل قد نزل من عند رب العالمين وقال السلام عليك يا رسول الله الحق يقرئك السلام ويقول لك لا تحزن ولا تغتم الغلامان هما الفاضلان في الدنيا والآخرة وهما سيدا شباب اهل الجنة وانهما في حظيرة (أو حديقة) بنى النجار وقد وكلت بهما ملكا يحفظهما ان قاما أو قعدا أو ناما أو استقيظا قال فعند ذلك فرح النبي فرحا شديدا فقام ومضى جبرئيل (ع) عن يمينه والمسلمون حوله حتى دخل حظيرة بني النجار فسلم عليه ذلك الملك الموكل بها فرد عليه السلام والحسن والحسين نائمان وهما متعانقان وذلك الملك قد جعل جناحه فوقهما وكل واحد منهما عليه ذراعة من شعر (أو صوف) والمداد على شفتيهما فجثا النبي صلى الله عليه وآله على


[ 119 ]

ركبتيه وانكب عليهما يقبلهما ويقول لهما حبيبي وحبيبي حتى استيقظا فرأيا جدهما فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحمل جبرائيل الحسين فخرج النبي صلى الله عليه وآله من الحظيرة قال فحدث من كان حاضرا عن ابن عباس قال كان يقول: كلما قبلهما وهما على كتفيه وكتف جبرئيل (ع) من احبكما فقد احبني ومن ابغضكما فقد ابغضني فقال أبو بكر اعطني احمل احدهما يا رسول الله قال نعم المحمول ونعم المطية ونعم الراكبان هما وابوهما وامهما منهما ونعم من احبهما فلما خرجا ومضيا وتلقاهما عمر فقال من احبهما قال ولم يزل النبي صلى الله عليه وآله سائرا حتى دخلت المسجد وقال: والله لاشرفن اليوم ولدى كما شرفهما الله تعالى ثم قال يا بلال ناد في الناس فقال النبي * ص * معاشر المسلمين بلغوا عن نبيكم ما تسمعون منه ايها ألا أدلكم اليوم على خير الناس جدا وجدة قالوا بلي يا رسول الله قال الحسن والحسين جدهما محمد رسول الله * ص * وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء اهل الجنة. ايها الناس ألا أدلكم على خير الناس ابا واما قالوا بلي يا رسول الله قال الحسن والحسين ابوهما علي بن ابي طالب وامهما فاطمة بنت رسول الله وان اباهما خير منهما يحب الله ويحب رسوله ويحبة الله ورسوله سيد العابدين وسيد الاوصياء ايها الناس ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار يطير مع الملائكة بجناحين مكللين بالدر والياقوت وعمتهما ام هاني بنت ابي طالب معاشر الناس هل أدلكم على خير الناس خالا وخالة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله * ص * وخالتهما زينب ثم قال اللهم انك تعلم ان الحسن والحسين في الجنة وان جدهما وجدتهما في الجنة وان اباهما وامها في الجنة وان من كرامتهما على الله ان سماهما في التوراة شبرا وشبيرا فهما سبطاى وريحانتاي في الدنيا والآخرة قال فلما سمع الشيخ ذلك منى كساني خلعته فبعتها بمائة دينار وقال هل أدلك على اخوين في هذه المدينة أحدهما كان


[ 120 ]

مؤذيا وكان يلعن عليا * ع * كل يوم الف مرة وكان يسبه يوم الجمعة اربعة آلاف مرة فغير الله ما به من نعمة وصار آية للسائلين فهو هذا اليوم يحبه واخ لي يحب عليا منذ خرج من بطن أمه فقم إليه ولا تحتبس عنده والله يا سليمان لقد ركبت البغلة واني يومئذ لجائع فقام معي الشيخ واهل المسجد حتى صرنا إلى الدار قال الشيخ انظر لا تحتبس عنده فدفعت الباب وقد كان معي فإذا بشاب قد خرج الي فلما رأني والبغلة تحتي قال والله ما كساك ابو فلان خلعته ولا اركبك بغلته الا وانت رجل تحب الله ورسوله ولان أقررت عيني لا قرن عينيك والله يا سليمان انى لا انس بهذا الحديث الذى سمعته وتسمعه ثم قال فقلت اخبرني ابى عن جدي عن ابيه قال كنا مع رسول الله * ص * جلوسا يباب داره وإذا بفاطمة * ع * قد اقبلت وهي حاملة الحسن وهي تبكي بكاءا شديدا فاستقبلها صلى الله عليه وآله وقال وما يبكيك لا ابكى الله لك عينا ثم تناول الحسن من يدها فقالت يا ابة ان نساء قريش يعيرنني ويقلن قد زوجتك ابوك بفقير لامال له فقال له النبي صلى الله عليه وآله يا فاطمة ما زوجتك انا ولكن الله تعالى زوجك في السماء وشهد لك جبرئيل وميكائيل واسرافيل اعلمي يا فاطمة ان الله تعالى اطلع إلى الارض اطلاعة فاختار منها اباك فبعثه نبيا ثم اطلع اطلاعة ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا ثم زوجك به من فوق سبع سماواته وامرني ان ازوجك به واتخذه وصيا ووزيرا فعلي اشجعهم قلبا واعلم الناس علما واحلم الناس حلما واحكم الناس حكما واقدم بالناس ايمانا واسمحهم كفا واحسن الناس خلقا يا فاطمة اني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدى وادفعها إلى علي بن ابي طالب (ع) فيكون آدم ومن دونه تحت لوائه يا فاطمة اني مقيم غدا عليا على حوضي يسقي من يرد عليه من امتى يا فاطمة ابناك الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وكان قد سبق اسمهما في التوراة مع موسى بن عمران (ع) لكرامتها عند الله يا فاطمة يكسي ابوك حلة من حلل الجنة ولواء الحمد بين يدي وامتى


[ 121 ]

تحت لوائي فانا وله عليا لكرامة على الله قال وينادي منادى يا محمد نعم الجد جدك ونعم الاخ اخوك فالجد ابراهيم والاخ علي بن ابي طالب (ع) وإذا دعاني رب العالمين دعا عليا معي وإذا احياني احيى عليا معي وإذا شفعني ربي شفع عليا وانه في المقام عوني على مفاتيح الجنة فقومي يا فاطمة ان عليا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة. (وبالاسناد انه قال) بينا فاطمة جالسة إذ أقبل ابوها صلى الله عليه وآله حتى جلس إليها فقال لها مالي أراك حزينة قالت بأبي انت وامى يا رسول الله وكيف لا أبكي ولا احزن وتريد ان تفارقني فقال لها يا فاطمة لا تبكي ولا تحزني فلا بد من فراقك فاشتد بكاؤها وقالت يا ابتي اين القاك قال تلقني على تل الحمد اشفع لامتي قالت يا ابت وان لم القك قال تلقني عند الصراط، جبرئيل عن يمينى وميكائيل عن شمالي واسرافيل آخذ بحجزتي والملائكة من خلفي وانا انادى امتى فيهون عليهم الحساب ثم انظر يمينا وشمالا إلى امتى وكل نبي يوم القيامة مشتغل بنفسه يقول يا رب نفسي نفسي وأنا اقول يا رب امتي امتي فأول من يلحق بى انت وعلي والحسن والحسين فيقول الرب عزوجل يا محمد ان امتك لو اتوني بذنوب كامثال الجبال لغفرت لهم ما لم يشركوا بى شيئا ولم يوالوا عدوا قال، فلما سمع الشاب هذا منى امر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوبا ثم قال لي: من أين أنت قلت من اهل الكوفة قال أعربي أم مولى قلت بل عربي قال فكما أقررت عينى أقررت عينك ثم قال ائتيني غدا في المسجد فلما رآني استقبلني وقال ما اعطاك ابو فلان قلت كذا وكذا قال جزاه الله خيرا وجمع بيننا وبينه في الجنة فلما اصبحت يا سليمان ركبت البغلة واخذت في الطريق الذى وصفه لي فما لبثت إلا قليلا حتى رأيت بستانه على الطريق وسمعت اقامة من المسجد فقلت والله لاصلين مع هؤلاء القوم فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد فوجدت رجلا قامته مثل قامة صاحبي فصرت عن يمينه فلما صرنا في الركوع والسجود وإذا عمامته قد


[ 122 ]

رمى بها من رأسه فنظرت في وجهه وإذا وجهه وجه خنزير ورأسه رأس خنزير فلم اعلم ما صليت ولا ما قلت في صلاتي متفكرا في امره فسلم الامام فتنفس الرجل في وجهي وقال أنت الذى اتيت أخي بالامس فأمر لك بكذا وكذا فقلت نعم فاخذ بيدي وأقامني فلما رآنا أهل المسجد تبعونا فقال لغلامه اغلق عليهم الباب ولا تدع أحدا يدخل علينا ثم ضرب بيده إلى قميصه فنزعه وإذا جسده خنزير فقلت يا أخي ما هذا الذى ارى بك قال كنت مؤذن القوم وكنت في كل يوم إذا أصبحت العن عليا (ع) الف مرة بين الاذان والاقامة قال فخرجت من المسجد ودخلت دارى هذه وكان يوم الجمعة فلعنته أربعة آلاف مرة ولعنت أولاده زمرة فانكأت على هذه الدكة فذهب بي النوم فرأيت في منامي كان الجنة قد اقبلت وإذا بعلي (ع) فيها متكئا والحسن والحسين معه متكآن بعضهم لبعض مسرورين تحتهم مصليات من نور وإذا انا برسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحسن والحسين قدامه وبيد الحسين كأس فقال صلى الله عليه وآله اسقني فشرب وقال للحسين اسق اباك عليا (ع) فشرب وقال اسق اخاك الحسن فسقاه ثم قال اسق الجماعة فشربوا ثم قال اسقى المتكئ على الدكان فولى الحسن بوجهه عني وقال يا جداه كيف اسقيه وهو يلعن أبي في كل يوم الف مرة فقال النبي صلى الله عليه وآله لي لعنك الله اتلعن عليا وتشتم اخي مالك لعنك الله تشتم ولدى الحسن والحسين ثم بصق النبي علي فملا وجهي وجسدى فلما انتبهت من منامي رأيت موضع بصاق النبي صلى الله عليه وآله قد مسح كما ترى وصرت آية للسائلين ثم قال لي يا سليمان هل سمعت من فضائل على (ع) اعجب من هذا الحديث يا سليمان حب علي (ع) ايمان وبغضه نفاق فلا يحب عليا الامؤمن ولا يبغضه إلا كافر فقلت يا أمير المؤمنين الامان قال لك الامان فقلت يا أمير المؤمنين فما حال من قتل هؤلاء ؟ قال النار ولا اشك فقلت ومن قتل أولادهم وأولاد اولادهم قال فنكس رأسه. (قال سليمان) ان الملك عقيم ولكن حدثني عن فضائل علي بن أبي طالب بما شئت قال قلت من قتل ولده في النار. فقال عمرو بن عبيدة صدقت


[ 123 ]

يا سليمان الويل ثم الويل لمن قتل ولده فقال المنصور يا عمرو اشهد عليه فانه في النار، فقال قد اخبرني الشيخ الصدوق (يعني الحسن بن انس) ان من قتل أولاد علي لا يشم رائحة الجنة قال فوجدت المنصور قد غمض وجهه فخرجنا فقال ابو جعفر لولا مكان عمرو ما خرج سليمان إلا مقتولا. (وعن الامام فخر الدين الطبري) يرفعه إلى جابر بن عبد الله الانصاري قال بينا نحن بين يدى رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده بالمدينة فذكر بعض الصحابة الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان لله لواء من نور وعموده من زبرجد خلقه الله تعالى قبل ان يخلق السماء بألفي عام مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وآل محمد خير البرية وأنت يا علي اكرم القوم فعند ذلك قال علي الحمدلله الذى هدانا لهذا واكرمنا بك وشرفنا بك فقال صلى الله عليه وآله يا علي أما علمت ان من أحبنا واتخذ محبتنا اسكنه الله معنا وتلا هذه الآية: في مقعد صدق عند مليك مقتدر. وبالاسناد عن ابن عباس (رض) عن رسول الله في قوله عزوجل: (انما أنت منذر ولكل قوم هاد) المنذر انا والهادي علي (ع). (وعن القاضي الكبير) ابي عبد الله محمد بن علي بن المغازلي يرفعه إلى حارثة بن زيد قال شهدت مع ابن الخطاب حجته في خلافته فسمعته يقول اللهم قد عرفت محبتى لنبيك وكنت مطلعا على سرى قال فلما رأني امسك وحفظت الكلام فلما انقضى الحج وانصرفت إلى المدينة تعمدت الخلوة به فرأيته يوما على راحلته وحده فقلت له يا امير المؤمنين بالذى هو اقرب اليك من حبل الوريد الا اخبرتني عما اريد ان اسألك عنه قال سل عما شئت قلت له سمعتك يوم كذا تقول كذا وكذا قال فكأني القمته حجرا فقلت لا تغضب فو الذى انقذني من الجاهلية وأدخلني في الاسلام ما اردت بسؤالي لك إلا وجه الله عزوجل قال فعند ذلك ضحك وقال يا حارثة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد اشتد وجعه فأحببت الخلوة به وكان عنده علي


[ 124 ]

ابن أبي طالب (ع) والفضل بن العباس فجلست حتى نهض ابن عباس فبقيت انا وعلي (ع) فتبين لرسول الله صلى الله عليه وآله ما اردت فالتفت الي وقال يا عمر جئت تسألني إلى من يصير هذا الامر فقلت صدقت يارسول الله فقال يا عمر هذا وصيي وخليفتي من بعدى وخازن سرى فمن اطاعة فقد اطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ومن تقدم عليه فقد كذب بنبوتي ثم دنا وقبل مابين عينيه واخذه وضمه إلى صدره ثم قال الله وليك الله ناصرك وإلى الله من والاك وعادى الله من عاداك انت وصيي وخليفتي من بعدى في امتي ثم علا بكاؤه وانهملت بالدموع حتى سالت على خديه وعلى خد علي (ع) فوالذي من على بالاسلام لقد تمنيت في تلك الساعة ان اكون مكانه على الارض ثم التفت الي وقال يا عمر إذا نكث الناكثون وقسط القاسطون ومرق المارقون قام هذا مقامي حتى يفتح الله تعالى عليه وهو خير الفاتحين قال فغاظني ذلك فقلت يا عمر فكيف تقدمتموه وقد سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا حارثة بامر كان فقلت من الله ام من رسوله ام من علي. فقال لابل الملك عقيم والحق لابن ابي طالب من دوننا. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابن عباس انه قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي بن ابى طالب فصليا اربع ركعات فلما سلم رفع يده إلى السماء وقال: اللهم سألك موسى بن عمران ان تشرح له صدره وتيسر له امره وتحل عقدة من لسانه يفقهوا قوله وتجعل له وزيرا من اهله تشد به ازره وانا محمد اسألك ان تشرح لي صدري وتيسر لي امري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وتجعل لي وزيرا من اهلي اخي اشدد به ازرى واشركه في امرى. قال ابن عباس فسمعت مناديا ينادى يا محمد اوتيت سؤلك فقال النبي صلى الله عليه وآله ادع يا ابا الحسن وارفع يدك إلى السماء وقل اللهم اجعل لي عندك عهدا معهودا واجعل لي عندك ودا قال فلما دعا نزل الامين جبرئيل من عند رب العالمين وقال اقرأ يا محمد (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن


[ 125 ]

ودا) فتلاها النبي صلى الله عليه وآله فتعجب الصحابة والناس من سرعة استجابة دعائهما فقال (ع) أتعجبون اعلموا ان القرآن اربعة ارباع ربع فينا اهل البيت وربع قصص وامثال وربع فرائض وانذار وربع احكام والله انزل في علي كرائم القرآن. (وقال الصادق (ع)) ولايتى لعلي بن ابى طالب احب إلي من ولادتي منه لان ولايتى له فرض وولادتي منه فضل. (وبالاسناد يرفعه إلى زين العابدين (ع)) قال كان رسول الله جالسا ومعه اصحابه في المسجد فقال ايها الناس يطلع عليكم من هذا الباب رجل من اهل الجنة يسأل عما يعنيه قال فنظر الناس إلى الباب فطلع رجل طوال يشبه دجال مصر فتقدم وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس ثم قال يا رسول الله سمعت ان الله عزوجل يقول (واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا) فما الحبل الذى امر الله تعالى الاعتصام به فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله مليا ثم رفع رأسه واشار بيده إلى علي أمير المؤمنين * ع * وقال هذا الحبل الذى تمسك واعتصم به نجا بعصمته في دنياه ولم يضل في آخرته فوثب الرجل إلى أمير المؤمنين واحتضنه من ورائه وهو يقول اعتصمت بحبل الله وبحبل رسوله وهذا أمير المؤمنين ثم قام وخرج فقام رجل من الناس وقال يا رسول الله الحقه واسأله ان يستغفر لي فقال إذا تجده موفقا قال فلحقت الرجل فسألته ان يستغفر لي فقال افهمت ما قاله لي رسول الله * ص * وما قلت له قال نعم قال له الرجل ان كنت تتمسك بذلك الحبل يغفر الله تعالى لك وإلا فلا غفر الله لك قال فرجعت وسألته عن ذلك الرجل فقال هو ابو العباس الخضر * ع *. (وبالاسناد) يرفعه إلى علي بن ابي طالب – ع – قال: قال رسول الله يا علي ألا ترضى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد حفاة عراة مشاة قد قطع اعناقهم العطش فيكون اول من يدعى ابراهيم – ع – فيكسى ثوبين


[ 126 ]

أبيضين ثم يقوم عن يمين العرش ثم يفتح لي شعب إلى الجنة ما بين صنعاء إلى البصرة وفيه عدد نجوم السماء اقداح من فضة فاشرب وتوضأ ثم اكسى ثوبين ابيضين ثم اقوم عن يمين العرش ثم تدعى فتشرب وتتوضأ ثم تكسى ثوبين ابيضين وما ادعى لخير الا دعيت وتشفع إذا شفعت. * ومن فضائله – ع – * ما رواه سلمان والمقداد بن الاسود الكندى وعمار بن ياسر العنسي وابوذر الغفار وحذيفة بن اليمان وابو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنهم انهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وآله فجلسوا بين يديه والحزن ظاهر في وجوههم فقالوا نفديك يا رسول الله بأموالنا واولادنا وانفسنا وبالآباء والامهات انا نسمع في أخيك علي بن ابي طالب (ع) ما يحزننا أتأذن لنا بالرد عليه فقال صلى الله عليه وآله وما عساهم ان يقولوا في أخى فقال يارسول الله يقولون أي فضل لعلي بن ابي طالب في سبقه الاسلام وانما ادركه طفلا ونحو ذلك فهذا يحزننا فقال النبي صلى الله عليه وآله هذا يحزنكم قالوا نعم يا رسول الله فقال بالله عليكم هل علمتم من الكتب المتقدمة ان ابراهيم الخليل (ع) ذنب ابوه وهو حمل في بطن امه فخافت عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله لانه كان يقتل الاولاد ويبقر بطون الحوامل فجاءت به فوضعته بين اثلاث بشاطئ نهر يتدفق يقال له خرزان بين غروب الشمس إلى الليل فلما وضعته واستقرعلى وجه الارض قام تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من الشهادة بالوحدانية ثم اخذ ثوبا فاتشح به وامه ترى ما يصنع وقد ذعرت منه ذعرا شديدا فهرول من يدها مادا عينيه إلى السماء وكان منه انه عند ما نظر الكواكب سبح الله وقدسه وقال سبحان الملك القدوس فقال الله فيه (وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السماوات والارض). الآية وعلمتم ان موسى بن عمران كان قريبا من فرعون وكان فرعون في طلبه وكان يبقر بطون الحوامل من أجله ولدته امه فزعت عليه فأخذته من تحتها وطرحته في التابوت


[ 127 ]

وقال لها يا امي القيني في اليم فقالت له وهي مذعورة من كلامه اني اخاف عليك الغرق قال لها لا تخافي ولا تحزني ان الله تعالى رادى عليك ثم القته في اليم كما ذكر لها ثم بقى في اليم لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما مدة إلى ان رد على امه وقيل بقى سبعين يوما فأخبر الله تعالى عنه (إذ تمشى اختك فتقول هل ادلكم على من يكفله) الآية وعيسى بن مريم (ع) إذا تكلم مع امه عند ولادته وقصته مشهورة فناداها من تحتها (ان لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا الاية والسلام على يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا وقد علمتم جميعا انى أفضل الانبياء قد خلقت انا وعلي من نور واحد وان نورنا كان يسمع تسبيحه من أصلاب آبائنا وبطون امهاتنا في كل عصر وزمن إلى عبد المطلب فكان نورنا يظهر في آبائنا فلما وصل إلى عبد المطلب انقسم النور نصفين نصفا إلى عبد الله ونصفا إلى أبي طالب عمي وانهما كانا جلسا في ملا من الناس يتلالا نورنا في وجهيهما من دونهم حتى ان السباع والهوام كانت تسلم عليهما لاجل نورنا حتى خرجنا إلى دار الدنيا وقد نزل علي جبرئيل عند ولادة ابن عمي وقال يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك الآن ظهرت نبوتك واعلان وحيك وكشف رسالتك إذا يدك الله تعالى بأخيك وخليفتك ووزيرك من بعدك والذى شد به ارزك وأعلن به ذكرك على اخيك وابن عمك فقم إليه واستقبله بيدك اليميني فانه من اصحاب اليمين وشيعته الغر المحجلون قال فقمت فوجدت امي بعد امى بين النساء والقوابل من حولها وإذا بحجاب قد ضربه جبرئيل بينى وبين النساء فإذا هي قد وضعته فاستقبلته قال ففعلت ما امرني به جبرئيل ومددت يدى اليمنى نحو امه فإذا بعلي قد اقبل على يدي واضعا يده اليمنى في اذنه بؤذن ويقيم بالحنفية ويشهد بالوحدانية لله وبرسالتي ثم انثنى إلى وقال السلام عليك يا رسول الله فقلت له اقرأ يا أخى فوالذي نفسي بيده قد ابتدأ بالصحف التى انزلها الله تعالى على آدم واقام بها فتلاها من اولها إلى آخرها


[ 128 ]

حتى لو حضر آدم لاقر له انه الفظ لها منه ثم تلا صحف نوح ثم صحف ابراهيم ثم تلا التوراة حتى لو حضر موسى لشهد له انه احفظ لها ثم قرأ الانجيل حتى لو حضر عيسى لاقر له انه احفظ لها منه ثم قرأ القرآن الذى انزل الله علي من اوله إلى آخره ثم خاطبني وخاطبني وخاطبته بما يخاطب به الانبياء ثم عاد إلى طفوليته وهكذا احد عشر اماما من نسله يفعل في ولادته مثل ما فعل الانبياء (ع) فما يحزنكم وما عليكم من قول أهل الشرك بالله تعالى هل تعلمون اني افضل الانبياء وان وصي افضل الاوصياء وان أبي آدم لما رأى اسمى واسم اخي واسماء فاطمة والحسن والحسين مكتوبات على ساق العرش بالنور فقال إلهي هل خلقت خلقا قبلي هو اكرم عليك منى فقال فقال الله تعالى يا آدم لولا هذه الااسماء لما خلقت سماء مبنية ولا ارضا مدحية ولا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولولاهم لما خلقتك فقال إلهي وسيدي فبحقهم عليك الا غفرت لي خطيئتي ونحن كالكلمات التى تلقاها آدم من ربه فقال ابشر يا آدم فان هذه الاسماء من ولدك وذريتك فعند ذلك حمد الله تعالى آدم (ع) وافتخر على الملائكة انه لم يعطي نبيا شيئا من الفضل الا اعطاه لنا فقام سلمان وابوذر ومن معهما وهم يقولون نحن الفائزون فقال (ع) انتم الفائزون ولكم خلقت الجنة ولعدوكم خلقت النار. ومما رواه ابن مسعود (رض) قال دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله ارنى الحق لا تصل به فقال يا عبد الله لج المخدع قال فولجت المخدع وعلي بن ابي طالب يصلي وهو يقول في ركوعه وسجوده اللهم بحق محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي فخرجت حتى اخبرت به رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيته وهو يصلي ويقول اللهم بحق علي ابن ابي طالب (ع) عبدك اغفر للخاطئين من امتي قال فاخذني هلع حتى غشى علي فرفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه وقال يا ابن مسعود اكفرا بعد ايمانا فقلت حاشا وكلا يارسول الله صلى الله عليه وآله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالى


[ 129 ]

بك ورأيتك تسأل الله به فلم اعلم ايكم افضل عند الله اجلس فقال ابن مسعود فجلست بين يديه فقال لي اعلم ان الله تعالى خلقني وخلق عليا من نور عظمته قبل ان يخلق الخلق بالفى عام إذ لا تقديس ولا تسبيح ففتق نوري فخلق منه السموات والارض وانا والله أجل من السموات والارض وفتق نور علي بن ابي طالب (ع) فخلق منه العرش والكرسي وعلي بن ابي طالب افضل من العرش والكرسي وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم والحسن افضل من اللوح والقلم وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين والحسين والله أجل من الجنان والحور العين ثم اظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله تعالى ان يكشف عنهم تلك الظلمة فتكلم الله جل جلاله بكلمة فخلق منها روحا ثم تكلم بكلمة فخلق من تلك الروح نورا فاضاف النور إلى تلك الروح واقامها امام العرش فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء ولذلك سميت الزهراء لان نورها زهرت به السموات يا ابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله جل جلاله لعلي بن ابي طالب ولي ادخلا الجنة من شئتما وادخلا النار من شئتما وذلك قوله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد) فالكافر من جحد نبوتي والعنيد من جحد ولاية على بن ابي طالب فالنار امده والجنة لشيعته ومحبيه. (قال ابو هاشم بن ابي على) ان الروايات صحت انه لما بلغ امير المؤمنين على بن ابي طالب (ع) ان الناس تحدثوا فيه وقالوا ما باله لم ينازع ابا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير وعايشة واجتمع الناس قال فخرج (ع) مرتديا برداء فرقى المنبر فحمد الله واثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وآله وصلى عليه يا معاشر المسلمين قد بلغني ان قوما قالوا ما باله لم ينازع ابا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة و الزبير وعايشة فما كنت بعاجز ولكن لي في سبعة من الانبياء أسوة اولهم نوح (ع) حيث قال تعالى في مخبرا عنه (اني مغلوب فانتصر) فان قلتم انه ما كان مغلوبا فقد كفرتم


[ 130 ]

بتكذيب القرآن وان قلتم انه كان مغلوبا فعلى اعذر الثاني ابراهيم (ع) حيث اخبر الله تعالى عنه في قوله لقومه (واعتزلكم وما تدعون من دون الله) فان قلتم انه اعتزله من غير مكروه فقد كذبتم القرآن وان قلتم رأى المكروه فاعتزلهم فعلى اعذر والثالث لوط حيث اخبره الله تعالى عنه في قوله لقومه (لو ان لي بكم قوة آوى إلى ركن شديد) فان قلتم كال له قوة فقد كذبتم القرآن وان قلتم انه لم يكن بهم قوة فعلى اعذر والرابع يوسف (ع) حيث قال (رب السجن احب الي مما يدعونني إليه) فان قلتم انه ما دعى لمكروه يسخط الله فقد كفرتم وان قلتم انه دعى إلى ما يسخط الله تعالى اعذر والخامس موسى بن عمران (ع) حيث اخبر الله تعالى عنه (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين) فان قلتم انه فر منهم من غير خوف فقد كذبتم القرآن وان قلتم انه فر خوفا على نفسه فعلى اعذر والسادس اخوه هارون حيث اخبره الله تعالى عنه (يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بى الاعداء) فان قلتم ما كادوا يقتلونه فقد كذبتم القرآن وان قلتم كادوا يقتلونه فعلى اعذر السابع ابن عمي محمد صلى الله عليه وآله حيث هرب من الكفار إلى الغار فان قلتم انه ما هرب من خوف على نفسه فقد كذبتم وان قلتم هرب من خوف على نفسه فالوصي اعذر الناس ما زلت مظلوما مذ ولدتني امى حتى ان اخي عقيلا كان إذا رمدت عينه يقول لا تذروا عيني حتى تذروا عين على فيذروني ما بي من رمد. (وروى بالاسانيد) عن على بن ابى طالب (ع) انه قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله حبر من احبار اليهود فقال يا رسول الله قد ارسلني اليك قومي وقالوا انه عهد الينا نبينا موسى بن عمران وقال إذا بعث بعدى نبي اسمه محمد وهو عربي فامضوا إليه واسألوه ان يخرج لكم من جبل هناك سبع نوق حمر الوبر سود الحدق فان اخرجها لكم فسلموا عليه وآمنوا به


[ 131 ]

واتبعوا النور الذى انزل معه فهو سيد الانبياء ووصيه سيد الاوصياء وهو منه كمثل اخى هارون منى فعند ذلك قال الله اكبر قم بنا يا اخا اليهود قال فخرج النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون حوله إلى ظاهر المدينة وجاء إلى جبل فبسط البردة وصلى ركعتين وتكلم بكلام خفى وإذا الجبل يصر صريرا عظيما فانشق وسمع الناس حنين النوق فقال اليهود مد يدك فانا نشهد ان لا إله الا الله وانك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وان جميع ما جئت به صدق وعدل يا رسول الله فامهلني حتى امضي إلى قومي واخبرهم ليقبضوا عدتهم منك ويؤمنوا بك قال فمضى الحبر إلى قومه بذلك ففروا باجمعهم وتجهزوا للمسير وساروا يطلبون المدينة ليقضوا عدتهم فلما دخلوا المدينة وجدوها مظلمة مسودة بفقد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد انقطع الوحى من السماء وقد قبض صلى الله عليه وآله وجلس مكانه أبو بكر فدخلوا عليه وقالوا انت خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله قال نعم قالوا اعطنا عدتنا من رسول الله * ص * قال وما عدتكم قالوا انت اعلم منا بعدتنا ان كنت خليفته حقا وان لم تكن خليفته فكيف جلست مجلس نبيك بغير حق لك ولست له اهلا فقام وقعد وتحير في امره ولم يعلم ماذا يصنع وإذا برجل من المسلمين قد قام وقال اتبعونى حتى ادلكم على خليفة رسول الله – ص – قال فخرج اليهود من بين يدى ابى بكر وتبعوا الرجل حتى اتوا إلى منزل فاطمة الزهراء – ع – فطرقوا الباب وإذا الباب قد فتح وخرج إليهم على وهو شديد الحزن على رسول الله – ص – فلما رآهم قال ايها اليهود تريدون عدتكم من رسول الله – ص – قالوا نعم فخرج معهم إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذى صلى عنده رسول الله – ص – فلما رأى مكانه تنفس الصعداء وقال بأبي وامى من كان بهذا الموضع منذ هنيئة ثم صلى ركعتين وإذا بالجبل قد انشق وخرجت النوق وهي سبع نوق فلما رأوا ذلك قالوا بلسان واحد نشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وان ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله من عند ربنا هو الحق وانك خليفته


[ 132 ]

حقا ووصيه ووارث علمه فجزاه الله وجزاك عن الاسلام خيرا ورجعوا إلى بلادهم مسلمين موحدين. (وبالاسناد) يرفعه إلى أنس بن مالك قال دخل يهودى في زمن خلافة أبي بكر فقال اريد خليفة رسول الله قال فجاؤا به إلى أبي بكر فقال له اليهودي أنت خليفة رسول الله قال له أبو بكر نعم اما تنظرني أنا في مقامه ومحرابه فقال له ان كنت كما تقول يا أبا بكر اسألك عن أشياء فان كنت تجيب صدقتك قال سل عما بدا لك وعما تريد فقال اليهودي اخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعمله الله قال فعند ذلك قال أبو بكر هذه مسائل الزنادقة يا يهودى قال فعندها هم المسلمون بقتل اليهودي فكان ممن حضر ذلك ابن عباس فزعق بالناس وقال يا أبا بكر ما انصفتم الرجل فقال اما سمعت ما تكلم به فقال ابن عباس (رض) فان كان عندكم جوابه والا اخرجوه حيث شاء قال فأخرجوه وهو يقول لعن الله قوما جلسوا في غير مراتبهم يريدون قتل النفس التى حرم الله تعالى بغير علم فخرج وهو يقول ايها الناس ذهب الاسلام حتى لا تجيبوا عن مسألة واين رسول الله صلى الله عليه وآله واين حليفته قال فتبعه ابن عباس وقال له ويلك اذهب إلى عيبة علم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزل علي بن أبى طالب (ع) فعند ذلك اقبل وقد خرج أبو بكر والمسلمون في طلبه والمسلمون في طلبه فلحقوه في بعض الطريق فأخذوه وجاؤا به إلى امير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فاستأذنوا للدخول ثم دخلوا عليه وقد ازدحم الناس يبكون وقوم يضحكون فقال له أبو بكر يا ابا الحسن ان هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة فقال علي ما تقول يا يهودى قال اسألك ويفعلون بى ما يريدون هؤلاء القوم قال وأى شئ أرادوا ان يفعلوا بك قال ارادوا ان يذهبوا بدمي لانهم ما اجابوني عن مسائلي قال له الامام (ع) دع هذا وسل عما بدا لك يا يهودي وما شئت قال يا علي سؤالي لا يعلمه الا نبي أو وصي قال سل عما تريد فعند


[ 133 ]

ذلك قال اليهودي اخبرني عما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله فقال له علي (ع) شرط يا اخا اليهود قال: وما الشرط قال تقول معي قولا عدلا مخلصا بالرضا لا اله الا الله محمد رسول الله قال نعم يا علي كيف ما أقول فقال – ع – يا اخا اليهود سألت عما ليس عند الله فليس عند الله ظلم فقال صدقت يا ابا الحسن واما قولك عما ليس لله فليس لله ولد ولا صاحبة ولا شريك قال صدقت، واما قولك عما ليس يعلمه الله ما يعلم ان لله صاحبة ووزيرا ولا مشيرا وهو قادر على ما يريد فعند ذلك قال مد يدك فأنا اشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وانك خليفته حقا ووصيه ووارث علمه فجزاك الله عن الاسلام خيرا فضحك الناس عند ذلك فقال أبو بكر انت يا علي كاشف الكربات انت يا علي فارج الهم والغم فعند ذلك خرج أبو بكر فرقي المنبر وقال اقيلوني ثلاثا فلست بخيركم وعلي فيكم قال فخرج عليه عمر وقال كيف يا ابا بكر وقد رضيناك لانفسنا فنزل عن المنبر واخبروه بذلك أمير المؤمنين. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابي ذر (رض) قال امرنا رسول الله ان نسلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وقال سلموا على اخي ووارثى وخليفتي في قومي وولي كل مؤمن ومؤمنة من بعدى سلموا عليه بامرة المؤمنين فأنه ولي كل من يسكن الارض إلى يوم القيامة ولو قدمتموه لاخرجت الارض بركاتها فأنه اكرم من عليها من اهلها قال ابو ذر فرأيت عمر قد تغير لونه وقال احق من الله يا رسول الله قال نعم يا عمر حق من الله تعالى امرني به وبذلك امرتكم قال فقام وسلم عليه بأمرة المؤمنين وكذلك أبو بكر تم اقبلا على اصحابهما وقالا ما قالاه. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابي امامة الباهلي قال قال رسول الله ان الله خلقني وعليا من شجرة واحدة فأنا اصلها وعلى فرعها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا اوراقها فمن تمسك بها ومن تخلف عنها هوى.


[ 134 ]

(وعن سليم بن قيس) يرفعه إلى ابي ذر والمقداد وسلمان (رض) قالوا قال لنا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) انى مررت بالصهاكي يوما فقال لي ما مثل محمد في أهل بيته الا كمثل نخلة نبتت في كناسة قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرت ذلك له فغضب غضبا شديدا فقام فخرج مغضبا وصعد المنبر ففزعت الانصار ولبسوا السلاح لما رأوا من غضبه ثم قال ما بال اقوام يعيرون اهل بيتى وقد سمعوني اقول في فضلهم ما اقول وخصصتهم بما خصهم الله تعالى به وفضل عليا (ع) عليهم لا كرامة وسبقه إلى الاسلام وبلائه وانه منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبي بعدي ثم انهم يزعمون ان مثلي في اهل بيتى كمثل نخلة نبتت في كناسة الا ان الله سبحانه وتعالى خلق خلقه وفرقهم فرقتين وجلعني في خيرها شعبا وخيرها قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا حتى حصلت في اهل بيتي وعشيرتي وبنى ابي انا واخي علي بن طالب ثم ان الله اطلع إلى الارض اطلاعة فاختارني منهم ثم اطلع عليهم ثانية فاختار اخي وابن عمي ووزير ووارثي ووصى وخليفتي في امتى ومولى كل مؤمن ومؤمنة من بعدي فمن والاه فقد والانى ومن عاداه فقد عاداني ومن عاداني فقد عادى الله ومن احبه فقد احب الله تعالى ومن ابعضه فقد ابغض الله تعالى فلا يحبه الا مؤمن ولا ولا يبغضه الا كافر فهو زين الارض بعدى وزين من اسكنتها وهو كلمة الله التقوى وعروتة الوثقى ثم قال (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره) ايها الناس ليبلغ مقالتي الشاهد منكم الغائب اللهم اشهد عليهم ان الله عزوجل نظر ان اهل الارض نظرة ثالثة فاختار منها احد عشر اماما وهم من أهل بيتى خيار امتي بعد اخى على كلما هلك منهم أحد قام آخر كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع آخر وهم ائمة هادون مهديون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم لعن الله من كادهم ومن خذلهم هم حجج الله تعالى في ارضه وشهدائه على خلقه من أطاعهم فقد


[ 135 ]

أطاع الله تعالى ومن عصاهم فقد عصى الله تعالى ثم هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا على الحوض أولهم ابن عمى على بن أبي طالب (ع) وهو خيرهم وافضلهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين وامهم فاطمة ابنتي ثم تسعه من ولد الحسين ثم بعدهم جعفر بن ابي طالب ثم عمى حمزة بن عبد المطلب انا أخير النبيين والمرسلين وعلى خير الوصيين وأهل بيتى خير بيوت أهل النبيين وفاطمة ابنتي سيدة نساء أهل الجنة اجمعين ايها الناس اترجون شفاعتي لكم واعجز عن أهل بيتى ايها الناس ما من احد غدا يلقى الله تعالى مؤمنا لا يشرك به شيئا إلا أجره الجنة ولو ان ذنوبه كتراب الارض ايها الناس لو اخذت بحقه باب الجنة ثم تجلى لي ؟ الله عزوجل فسجدت بين يديه ثم اذن لي في الشفاعة لم اوثر على أهل بيتى احدا أيها الناس عظموا أهل بيتي في حياتي وبعد مماتي واكرموهم وفضلوهم لا يحل لاحد ان يقوم لاحد غير أهل بيتى فانسبوني من انا قال فقام الانصار وقد أخذوا بأيدهم السلاح وقالوا نعوذ الله من غضب الله وغضب رسوله اخبرنا يارسول الله من آذاك يا رسول الله من آذاك في اهل بيتك حتى نضرب عنقه قال انا محمد بن الله عبد المطلب ثم انتهى بالنسب إلى نزار ثم مضى إلا اسماعيل بن ابراهيم خليل الله ثم مضى منه إلى نوح (ع) ثم قال أنا واهل بيتى كطينة آدم (ع) نكاح غير سفاح سلوني والله لا يسألني رجل الا اخبرته عن نسبه وعن ابيه فقام إليه رجل فقال من انا يارسول الله فقال ابوك فلان الذى تدعى إليه قال فارتد الرجل عن الاسلام ثم قال (ع) والغضب ظاهر في وجهه ما يمنع هذا الرجل الذى يعيب على أهل بيتى وأهلي واخى ووزيري وخليفتي من بعدى وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدى ان يقوم ويسألني عن أبيه اين هو في جنة ام في نار قال فعند ذلك خشى الثاني على نفسه ان يذكر رسول الله ويفضحه بين الناس فقام وقال نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ونعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله اعف عنا عفى


[ 136 ]

الله عنك اقلنا اقالك الله استرنا سترك الله اصفح عنا جعلنا الله فداك فاستحى النبي وسكت فانه كان من أهل الحلم وأهل الكرم واهل العفو ثم نزل صلى الله عليه وآله (ومما رواه) الحكم بن مروان ان عمر بن الخطاب نزلت قضية في زمان خلافته فقام لها وقعد وارتج ونظر من حوله فقال معاشر الناس والمهاجرين والانصار ماذا تقولون في هذا الامر فقالوا انت أمير المؤمنين وخليفة رسول الله تعالى والامر بيدك فغضب من ذلك وقال يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ثم قال والله لتعلمن من صاحبها ومن هو اعلم بها فقالوا يا امير المؤمنين كأنك اردت على بن أبي طالب قال انا نعدل عنه وهل لقحت حرة بمثله قالوا أنأتيك به يا امير المؤمنين قال هيهات هناك شمخ من هاشم ونسب من رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يأتي فقوموا بنا إليه قال فقام عمر ومن معه وهو يقول: (ايحب الانسان ان يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فسوى) ودموعه تهمل على خديه قال فأجهش القوم لبكائه ثم سكت فسكتوا وسأله عمر عن مسئلته فأصدر جوابها فقال اما والله يا ابا الحسن لقد ارادك الله للحق ولكن ابى قومك فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يا ابا حفص عليك من هنا ومن هنا: (ان يوم الفصل كان ميقاتا) قال فضرب عمر بأحدى يديه على الاخرى وخرج مسود اللون كأنما ينظر في سواد وهذا الحديث من كتاب اعلام البنوة في القائمة الاولى وفي وقف الاخلاطية. (ومما روي عن جماعة ثقاة) انه لما وردت حرة بنت حليمة السعدية (رض) على الحجاج بن يوسف الثقفي فمثلت بين يديه فقال لها الله جاء بك فقد قيل عنك انك تفضلين عليا على ابى بكر وعمر وعثمان فقالت لقد كذب الذي قال انى افضله على هؤلاء خاصة قال وعلى من غير هؤلاء قالت افضله على آدم ونوح ولوط وابراهيم وعلى موسى وداود وسليمان وعيسى ابن مريم (ع) فقال لها ويلك أقول لك انك تفضلين على الصحابة وتزيدين


[ 137 ]

عليهم سبعة من الانبياء من اولى العزم من الرسل أن لم تأتي ببيان ما قلت وإلا ضربت عنقك فقالت ما انا مفضلته على هؤلاء الانبياء ولكن الله عز وجل فضله عليهم في القرآن بقوله عزوجل في آدم: (فعصى آدم ربه فغوى) وقال في حق على: (وكان سعيه مشكورا) فقال احسنت يا حرة فيم تفضلينه على نوح ولوط فقال الله عزوجل فضله عليهما بقوله: (ضرب الله الذين كفروا امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيلا ادخلا النار مع الداخلين) وعلي ابن ابي طالب (ع) كان مع الملائكة الله الاكبر تحت سدرة المنتهى زوجته بنت محمد فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط استخطها فقال الحجاج احسنت يا حرة فيم تفضلينه على أبي الانبياء ابراهيم خليل الله فقال الله عزوجل فضله بقوله: (وإذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى) ومولاى أمير المؤمنين قال قولا لا يختلف فيه احد من المسليمن لو كشف الغطاء ما أزددت يقينا وهذه كلمة ما قالها قبله ولا بعده احد قال احسنت يا حرة فيم تفضلينه على موسى كليم الله قالت بقوله عزوجل (فخرج منها خائفا يترقب) وعلي بن ابي طالب بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخف حتى انزل الله تعالى من حقه (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله) قال الحجاج أحسنت يا حرة ففيم تفضلينه على داود وسليمان قالت الله تعالى فضله عليهما بقوله عزوجل (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالعدل ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) قال لها في أي شئ كانت حكومته قالت في رجلين رجل كان له كرم والآخر له غنم فوقعت الغنم بالكرم فرعته فاحتكما إلى داود (ع) فقال تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه فقال له ولده يا أبت بل يؤخذ من لبنها وصوفها قال تعالى (ففهمناها سليمان) وان مولانا أمير المؤمنين (ع) قال سلوني عما فوق العرش سلونى


[ 138 ]

عما فوق العرش سلونى عما تحت العرش سلوني قبل ان تفقدوني وانه (ع) دخل على رسول الله يوم فتح خيبر فقال النبي صلى الله عليه وآله للحاضرين افضلكم واعلمكم واقضاكم على فقال لها احسنت. فيم تفضلينه على سليمان فقالت الله تعالى فضله عليه بقوله (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) ومولانا علي قال طلقتك يا دنيا ثلاثا لا حاجة لي فيك فعند ذلك انزل الله تعالى فيه: (تلك الدار الآخرة نجعلها لمن لا يريدون في الارض علوا ولافساد) فقال أحسنت يا حرة ففيم تفضلينه على عيسى بن مريم (ع) قالت الله عزوجل فضله بقوله تعالى (إذ قال يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وامى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لى بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما امرتني به) الآية فأخر الحكومة إلى يوم القيامة وعلي ابن أبي طالب (ع) لما ادعى الحرورية فيه ما ادعوه وهم أهل النهروان قاتلهم ولم يؤخر حكومتهم فهذه كانت فضائله لم تعد بفضائل غيره احسنت يا حرة خرجت من جوابك لولا ذلك لكان ذلك ثم اجازها وسرحها سراحا حسنا رحمة الله عليها. (وبالاسناد) يرفعه إلى جابر بن عبد الله الانصاري في قوله عزوجل (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال: الصادقون هم محمد واهل بيته. (وبالاسناد) يرفعه إلى جابر (رض) في قوله (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) قال البينة رسول الله والشاهد علي بن أبي طالب عليه السلام قوله تعالى (ونادى اصحاب الجنة اصحاب النار) الآية (فأذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين) فيه حديث طويل وقد ذكر ان عليا عليه السلام هو المنادي وهو المؤذن وكذلك في قوله تعالى (واستمع يوم ينادى المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج)


[ 139 ]

وفي قوله تعالى * وكفى الله المؤمنين القتال * بعلي عليه السلام ذكروا فيه روايات كثيرة فيها الاعاجيب وسئل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: ان علينا للهدى وان لنا الآخرة والاولى فذكر قرائه نقله اقوالا نقلت عنه أقر بها الجاحدون وعن أبي عبد الله * ع * في قوله تعالى * يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة * الراجفة للحسين ومأتمة والرادفة لعلي ابنه (ع) وهو أول من ينفض رأسه من التراب مع الحسين في خمسة وسبعين الف وهو قوله عزوجل (انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدينا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذر تهم ولهم سوء الدار، عن علي بن الحسين زين العابدين (ع) انه قال لجدي علي بن ابى طالب * ع * في كتاب الله تعالى اسماء كثيرة ولكن لا تعرفونها فقلت وماهي قال ألم تسمع قول الله عزوجل واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر وقال أبو عبد الله ان الرجل إذ صارت نفسه عند صدره وقت موته يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول له أنا البشير النذير ثم يرى على بن ابى طالب فيقول أنا علي بن ابي طالب الذى كنت تحبنى انا انفعك قال فقلت يا مولاى من هذا رجع إلى الدنيا قال إذا رأى هذا مات قال وذلك في القرآن (ان الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) قال يبشره لمحبته اياه بالجنة في الدنيا والآخرة وهي بشارة إذا رآه أمن من الخوف قال ابو يمامة كنت عند أبي عبد الله في ليلة جمعة فقال لي اقرأ فقرأت حتى بلغت إلى (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا ينصرون إلا من رحم الله فقال (ع) نحن الذين يرحم تعالى عباده بنا نحن الذين استثنى الله تعالى. (وبالاسناد) يرفعه عن المغيرة عن علي بن ابى طالب (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من مات وهو يحبك بعد موتك يختم الله تعالى له بالايمان ومن مات وهو بغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمله.


[ 140 ]

* وبالاسناد * يرفعه عن عمار بن ياسر (رض) انه قال لما سار أمير المؤمنين على بن ابي طالب (ع) إلى صفين وقف بالفرات وقال لاصحابه اين المخاض قالوا يا مولانا ما نعلم اين المخاض فسار حتى وصل إلى التل ونادى ياجلندي اين المخاض قال فأجابه من تحت الارض خلق كثير فبهت ولم يعلم ما يصنع فأتى إلى الامام (ع) وقال يا مولاى جاوبني خلق كثير فقال (ع) يا قنبر امض وقل ياجلندى بن كركر اين المخاض قال فمضى قنبر وقال ياجلندى بن كركر اين المخاض فكلمه واحد وقال ويلكم من قد عرف اسمي واسم ابى وانا في هذا المكان قد صرت ترابا وقد بقى قحف رأسي عظما نخرة رميما ولي ثلاثة آلاف سنة ما يعلم اين المخاض فهو والله اعلم بالمخاض منى ويلكم ما اعمى قلوبكم وأضعف يقينكم ويلكم امضوا إليه واتبعوه فاين خاض خوضوا معه فانه أشرف الخلق على الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فاعتبر ايها المعتبر وانظر بعين اليقين إلى هذه المعجزات والفضائل التى ما جمعت في بشر سواه. (وبالاسناد) يرفعه إلى سليم بن قيس قال دخلت على علي بن ابي طالب عليه السلام وهو في مسجد الكوفة والناس حوله إذ دخل عليه رأس اليهود ورأس النصارى فسلما عليه وجلسا فقال الجماعة بالله عليك يا مولانا اسألهم حتى ننظر ما يعلمون فقال لرأس اليهود قال يا أخا اليهود قال لبيك يا علي (ع) كم اقتسمت امة نبيكم قال هو عندي في كتاب مكتوب فقال (ع) قاتل الله قوما أنت زعيمهم يسأل عن امر دينه فيقول هو عندي في كتاب ثم التفت إلى رأس النصارى وقال له كم اقتسمت امة نبيكم قال على كذا وكذا فقال (ع) لو قلت ما قلت مثل ما قال صاحبك لكان خيرا لك من ان تقول وتخطئ ولا تعلم ثم اقبل على الناس وقال ايها الناس انا اعلم بأهل التوراة من توراتهم وبأهل الانجيل من انجيلهم واعلم بأهل القرآن من قرآنهم فأنا اخبركم على كم اقتسمت الامم اخبرني به حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة ففى


[ 141 ]

النار سبعون منها وواحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيه وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة احدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي التى اتبعت وصي عيسى (ع) وافترفت امتى ثلاثة وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة فهي التى اتبعت وصيي وضرب بيده على منكبي، ثم قال اثنتان وسبعون فرقة حلت عقد الله فيك وواحدة في الجنة وهي التى اتخذت محبتك وهم شيعتك. (وبالاسناد) يرفعه إلى سليم بن قيس انه قال لما قتل الحسين بن علي (ع) بكى ابن عباس بكاءا شديدا ثم قال ما لقيت هذه الامة بعد نبيها اللهم اني اشهدك اني لعلي بن أبي طالب (ع) ولولده ولي ومن عدوه وعدو ولده برئ فاني مسلم لامرهم ولقد دخلت على علي بن أبي طالب (ع) ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله بذى قار فاخرج لي صحيفة وقال يابن عباس هذه الصحيفة املاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخطي بيدى قال فقلت يا أمير المؤمنين اقرأها علي فقرأها وإذا فيها كل شئ منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلى يوم قتل الحسين (ع) وكيف يقتل ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه فيها ثم بكى بكاءا شديدا وابكاني وكان فيما قرأه كيف يصنع به وكيف تستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسين (ع) وكيف تغدر به الامة فلما قرأ مقتل الحسين ومن يقتله اكثر من البكاء ثم ادرج الصحيفة وقد بقى ما يكون إلى يوم القيامة وكان فيها لما قرأها امرابي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كل انسان منهم وكيف بويع علي بن ابي طالب ووقعة الجمل ومسير عائشة وطلحة الزبير ووقعة صفين ومن يقتل فيها ووقعة النهروان وامر الحكمين وملك معاوية ومن يقتل من الشيعة وما يصنع الناس بالحسن وامر يزيد بن معاوية حتى انتهى إلى قتل الحسين (ع) فسمعت ذلك ثم كان كلما قرأ لم يزيد ولم ينقض ورأيت خطه اعرفه في الصحيفة لم يتغير ولم يظفر فلما أدرج الصحيفة قلت يا أمير المؤمنين لو كنت قرأت على بقية


[ 142 ]

الصحيفة قال لا يمنعنى فيها ما القى من اهل بيتك وولدك امرا فظيعا من قتلهم لنا وعداوتهم لنا وسوء ملكهم ويوم قدرتهم فاكره ان تسمعه فنغتم ويحزنك ولكني احدثك بان رسول الله صلى الله عليه وآله اخذ عند موته بيدى ففتح لي الف باب من العلم تنفتح من كل باب الف باب وابو بكر وعمر ينظرون الي وهو يشير لي بذلك فلما خرجت قالا ما قال لك قال فحدثتهم بما قال فحركا ايديهما ثم حكيا قولي ثم وليا يرددان قولي ويخطران بايديهما ثم قال يابن عباس أن ملك بني اميه إذا زال فأول ما يملك من بني هاشم ولدك فيفعلون الافاعيل فقال ابن عباس لان يكون نسختي ذلك الكتاب احب الي مما طلعت عليه الشمس. (وعن سليم بن قيس) انه قال اقبلنا من صفين مع علي بن ابى طالب (ع) فنزل العسكر قريبا من دير نصراني قال فخرج الينا من الدير شيخ جميل الوجه حسن الهيئة والسمت ومعه كتاب في يديه قال فجعل يتصفح الناس حتى اتى عليا (ع) فسلم عليه بالخلافة ثم قال انى رجل من نسل رجل من حوارى عيسى بن مريم (ع) وكان من أفضل حواريه الاثنى عشر واحبهم إليه وابرهم عنده واليه اوصى عيسى بن مريم واعطاه كتبه وعلمه وحكمته فلم يزل اهل بيته على دينه متمسكين بحبله فلم يكفروا ولو لم يرتدوا ولم يغيروا تلك الكتب فملته لم تبدل ولم ترد ولم تنقض وتلك الكتب عندي واملاء عيسى وخط نبينا بيده فيه كل شئ يفعل الناس كم ملك وكم يملك منهم وكم يكون في كل زمان كل ملك منهم ثم أن الله تعالى يبعث رجلا من العرب من ولد اسماعيل بن ابراهيم خليل الرحمن من ارض تهامة من قرية يقال لها مكة يقال له احمد وله اثنا عشر اسما فذكر مبعثه ومولده وهجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش وما تلقي امته من الفرقة والاختلاف وفيه تسمية كل امام هدى وتسمية كل امام ضلال إلى أن ينزل المسيح (ع) من السماء في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد اسماعيل


[ 143 ]

ابن ابراهيم خليل الرحمن خيرة الله خلقه إلى الله والله ولي من والاهم وعدو من عاداهم فمن اطاعهم اطاع الله ومن اطاع الله فقد اهتدى ومن عصاهم ضل طاعتهم لله رضى ومعصيتهم لله معصية مكتوبين باسمائهم ونسبهم ونعوتهم وكم يعيش كل واحد منهم بعد واحد وكم رجل منهم يستر دينه ويكتمه من قومه وما يظهر منهم ومن يملك وتنقاد له الناس حتى ينزل عيسى (ع) على آخرهم فيصلي عيسى خلفه وتقول انكم الائمة لا ينبغي لاحد أن يتقدمكم فيتقدم ويصلي بالناس وعيسى خلفه الاول افضلهم وله مثل اجورهم واجور من اطاعهم واهتدى بهديهم احمد رسول الله صلى الله عليه وآله واسمه محمد بن عبد الله ويسن وطه والفاتح والخاتم والحاشر والعاقب والماحي والقائد في الساجدين (يعني في اصلاب النبيين) وهو نبي الله وخليل الله وحبيب الله وخيرته. يراه بقلبله ويكلمهم بلسانه وانه يذكر فهو اكرم خلق الله على الله واحبهم إلى الله فلم يخلق الله تعالى نبيا مرسلا ولاملكا مقربا من عصر آدم إلى من سواه خيرا عند الله ولا احب إلى الله فيقعده الله تعالى يوم القيامة بين يدى عرشه ويشفعه في كل من شفع له وباسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ وفي ام الكتاب يذكر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصاحبه حامل اللواء يوم القيامة بين يدى عرشه يوم الحشر الاكبر واخوه وزيره وخليفته ووصيه في امته واحب خلق الله إليه بعده علي بن ابي طالب (ع) ابن عمه لابيه وامه وولي كل مؤمن ومؤمنة بعده ثم احد عشر رجلا من بعده من ولد محمد صلى الله عليه وآله من ابنته فاطمة الزهراء (ع) سميا ابني هارون شبر وشبير وتسعة من ولده اصغرهما وهو الحسين واحد بعد واحد فاخرهم الذى يؤم لعيسى بن مريم وفيه تسمية كل من يملك منهم ومن يستتر منهم حديثه واول من يظهر منهم يملا جميع بلاد الله قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك ما بين المشرق والمغرب حتى يظهره الله على اهل الارض كلها فلما بعث


[ 144 ]

هذا النبي وابي حتى آمن به وصدقه وكان شيخا كبيرا فمات وقال لي أن خليفة محمد الذى هو في هذا الكتاب اسمه ونعته سيمر بك إذا مضى ثلاث ائمة من ائمة الضلالة والدعاة إلى النار وهم عندي مسمون باسمائهم وقبائلهم وهم فلان وفلان وفلان وكم بملك كل واحد منهم فإذا جاء بعدهم الذى كان له الحق فاخرج إليه وبايعه وقاتل معه فان الجهاد معه مثل الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله والموالي له كالموالي لله ولمحمد والمعادى له كالمعادي لله ولمحمد يا امير المؤمنين مد يدك حتى ابايعك فانى اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وانك خليفته على امته وشاهده على خلقه وحجته على عباده وان الاسلام دين الله وانا ابرأ إلى الله من كل دين خالف الاسلام وانه دين الله تعالى الذى اصطفاه ورضيه لاوليائة وانه دين عيسى بن مريم (ع) ومن قبله كان من الانبياء والمرسلين الذين دان لهم من مضى من آبائي واني اتولى وليك وابرأ من عدوك واتولى الائمة الاحد عشر من ولدك واتبرأ من عدوهم وممن خالفهم وابرأ منهما وممن ظلمهم وجحد حقهم من الاولين والآخرين فعند ذلك ناوله يده المباركة وبايعه فقال له ارنى كتابك فناوله اياه فقال لرجل من اصحابه قم مع هذا الرجل فانظر ترجمانا يفهم كلامه فينسخه لك بالعربية مفسرا فأتي به مكتوبا بالعربية فلما أن اتوه قال لولده الحسين (ع) آتني بذلك الكتاب الذي بعثه اليك فأتى به فقال اقرأه وانظر انت يا فلان الذى نسخته في هذا فانه خطى بيدى املا رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأه فما خالفه حرفا واحدا ما فيه تقديم ولا تأخير كأنه املاء رجل واحد على رجلين فعند ذلك حمد الله الامام (ع) واثنى عليه فقال الحمد الله الذى لو شاء لم تختلف الامة ولم تفترق والحمد الله الذي لم ينسني ولم يضيع اجرى ولم يحمل ذكرى عنده وعند اوليائه ورسله إذ طفى وحمل عند اولياء الشياطين وحزبهم قال ففرح


[ 145 ]

بذلك من حضر من شيعته من المؤمنين وساء ذلك كثيرا ممن كان حوله من المعاندين حتى عرفنا ذلك في وجوههم والوانهم. (وبالاسناد) يرفعه عن سلمان والمقداد وابى ذر قالوا ان رجلا فاخر علي بن ابي طالب (ع) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي فاخر اهل الشرق والغرب والعجم والعرب فأنت اكرمهم وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله واكرمهم زواجا وعما واعظمهم حزما وحلما واقدمهم سلما واكثرهم علما بسنتي واشجعهم قلبا في لقاء الحرب واجودهم كفا وازهدهم في الدنيا واشدهم جهادا واحسنهم خلقا واصدقهم لسانا واحبهم إلى الله والي وستبقى واشدهم جهادا واحسنهم خلقا واصدقهم لسانا واحالى الله والي وستبقى بعدى ثلاثين سنة تعبد الله تعالى وتصبر على ظلم قريش لك ثم تجاهد في سبيل الله إذا وجدت اعوانا فقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ثم تقتل شهيدا فتخضب لحيتك من دم رأسك قاتلك يعدل ناقة صالح في البغضاء لله والعبد من الله يا علي انك من بعدى في كل امر غالب مغلوب مغصوب تصبر على الاذى في الله وفى رسوله محتسبا اجرك غير ضايع عند الله فجزاك الله بعدى عن الاسلام خيرا. (وبالاسناد) يرفعه عن سلمان وابي ذر والمقداد انه أتاهم رجل مسترشد في زمن خلافة عمر بن الخطاب وهو رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم يسألهم فقالوا له عليك بكتاب الله فالزمه وبعلي بن أبى طالب (ع) فانه مع الكتاب لا يفارقه فانا نشهد انا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله انه يقول ان عليا مع الحق والحق معه يدور معه كيفما دار وانه أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وهو الصديق الاكبر والفاروق بين الحق والباطل وهو وصيي ووزيري وخليفتي في امتي من بعدي فيقاتل على سنتي فقال لهم الرجل فما بال الناس يسمون ابا بكر الصديق وعمر الفاروق فقالوا له جهل الناس حق علي كما جهلوا خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وجهلوا حق


[ 146 ]

أمير المؤمنين (ع) ومالك لهما باسم لانه اسم غيرهما والله ان عليا هو الصديق الاكبر والفاروق الازهر والله ان عليا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وانه امير المؤمنين امرنا وأمرهم به رسول الله فسلمنا جميعا عليه بأمرة المؤمنين يوم بايعناه في غدير خم. (وبالاسناد) يرفعه عن جابر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال خرجت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله إلى صحراء المدينة فلما صرنا في الحدائق بين النخل صاحت نخلة بنخلة هذا النبي المصطفى وإذا علي المرتضى ثم صاحت ثالثة برابعة هذا موسى وذا هارون ثم صاحت خامسة بسادسة هذا خاتم النبيين وذا خاتم الوصيين فعند ذلك نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وآله مبتسما وقال لي يا ابا الحسن ما سمعت قلت بلى يارسول الله قال ماتسي هذه النخيل قلت الله ورسوله اعلم قال تسميها الصيحاني لانها صاحت بفضلي وفضلك يا علي. (وبالاسناد) يرفعه إلى جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه عن جده الحسين (ع) عن على (ع) انه حدثنى عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فضل على (ع) على هذه الامة كفضل شهر رمضان على ساير الشهور ثم فضل علي (ع) على هذه الامة كفضل يوم الجمعة على ساير الايام فطوبى لمن آمن به وصدق بولايته والويل كل الويل لمن جحده وجحد حقه ان حقا على الله ان لاينيله شيئا من روحه يوم القيامة ولا تناله شفاعة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله (وبالاسناد) عن الامام جعفر عليه السلام عن أبيه عن جده الحسين عليه السلام عن جابر بن عبد الله الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة قلبى وأبناها ثمرة فؤادى وبعلها نور بصرى والائمة من ولدها امنائي وحبلها الممدود فمن اعتصم بهم نجا ومن تخلف عنهم هوى. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابن عباس (رض) قال رفع القطر عن بنى


[ 147 ]

اسرائيل بسوء آرائهم في أنبيائهم وان الله تعالى يرفع القطر عن هذه الامة ببغضهم علي بن ابى طالب عليه السلام. (وبالاسناد) يرفعه إلى سلمان الفارسي (رض) انه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل أعرابي فوقف وسلم علينا فرددنا عليه السلام فقال ايكم بدر التمام ومصباح الظلام محمد رسول الله الملك العلام اهذا هو الصبيح الوجه فقلنا نعم يا اخا العرب أجلس فجلس فقال له يا محمد آمنت بك ولم ارك وصدقتك قبل ان القاك غير انه بلغني عنك امر فقال وأى شئ هو الذى بلغك عنى فقال دعوتنا إلى شهادة ان لا إله إلا الله وانك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فأجبناك ثم دعوتنا إلى الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فأجبناك ثم لم ترض عنا حتى دعوتنا إلى موالاة ابن عمك علي بن أبي طالب (ع) ومحبته أنت فرضته في الارض أم الله تعالى فرضه في السماء فقال النبي صلى الله عليه وآله بل فرضه الله تعالى من السموات على أهل السموات والارض فلما سمع الاعرابي كلامه قال سمعنا لما امرتنا به يا نبى الله فانه الحق من عند ربنا قال النبي صلى الله عليه وآله يا اخا العرب اعطى الله عليه خمس خصال فواحدة منهن خير من الدنيا وما فيها الا انبئك بها يا اخا العرب قال بلى يارسول الله قال أخا العرب كنت جالسا يوم بدر فقد انقضت عنا الغزاة هبط جبرئيل (ع) وقال لي ان الله يقرئك السلام ويقول لك يا محمد آليت على نفسي بنفسي واقسمت علي بي اني لا الهم حب علي إلا من أحببته انا فمن احببته الهمته حب علي (ع) ثم قال عليه السلام الا انبئك بالثانية قلت بلى يارسول الله فقال صلى الله عليه وآله كنت جالسا بعد ما فرغت من جهاز عمى حمزة إذ هبط جبرئيل فقال يا محمد أن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك قد فرضت الصلاة ووضعتها عن المعتل وفرضت الصوم ووضعته عن المسافر وفرضت الحج ووضعته عن المعتل وفرضت الزكاة ووضعتها عن المعدم وفرضت حب علي بن ابي طالب (ع) على أهل السموات والارض فلم اعط فيه رخصة


[ 148 ]

ثم قال عليه السلام الا انبئك بالثالثة قلت بلى يارسول الله قال ما خلق الله خلقا إلا وجعل لهم سيدا فالنسر سيد الطيور والثور سيد البهائم والاسد سيد البهائم والاسد سيد السباع والجمعة سيد الايام ورمضان سيد الشهور واسرافيل سيد الملائكة وآدم سيد البشر وانا سيد الانبياء وعلي سيد الاوصياء ثم قال عليه السلام ألا انبئك يا اخا العرب بالرابعة قلت بلى يارسول الله قال حب علي بن ابي طالب شجرة اصلها في الجنة واغصانها في الدنيا فمن تعلق بها في الدنيا ادخله الجنة وبغضه شجرة اصلها في النار واغصانها في الدنيا فمن تعلق بها في الدنيا اداه إلى النار ثم قال صلى الله عليه وآله يا اعرابي الا انبئك بالخامسة قلت بلى يارسول الله قال إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر على يمين العرش ثم نصب لابراهيم (ع) منبر يحاذي منبرى عن يمين العرش ثم يؤتى بكرسي عال مشرق زاهر يعرف بكرسي الكرامة فينصب بينها فانا على منبرى وابراهيم على منبره وابن عمي علي بن ابي طالب * ع * فما رأت عيناى بأحسن من حبيب بين خليلين ثم قال * ص * يا اعرابي حب على حق فان الله تعالى يحب محبيه وعلى * ع * معي في قصر واحد فعند ذلك قال الاعرابي سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه على بن ابي طالب * ع *. * وبالاسناد * يرفعه إلى جابر بن عبد الله الانصاري * رض * قال كنا جلوسا عند رسول الله * ص * إذ ورد علينا اعرابي اشعث الحال عليه ثياب رثة الفقر ظاهر بين عينيه ومعه عياله فلما دخل المسجد سلم على النبي صلى الله عليه وآله وانشد يقول: اتيتك والعذارى تبكي برنة * وقد ذهلت ام الصبي عن الطفل – واخت وبنتان وام كبيرة * وقد كدت من فقرى اخالط في عقلي – وقد مسني ضر وعري وفاقة * وليس لنا مال يمر ولا يحلي – ولسنا نرى الا اليك فرارنا * واين مفر الناس إلا إلى الرسل قال لما سمع النبي * ص * كلامه بكى بكاءا شديدا ثم قال لاصحابه


[ 149 ]

معاشر الناس ان الله ساق اليكم ثوابا وقاد اليكم اجرا والجزاء من الله غرف في الجنة تضاهي غرف ابراهيم الخليل * ع * من منكم يواسي هذا الفقير قال لم يجبه احد وكان في ناحية المسجد على بن ابي طالب * ع * يصلى ركعات تطوعا وكان قائما فأومأ بيده إلى الاعرابي فدنا منه فدفع الخاتم من يده إليه وهو في صلاته فأخذه الاعرابي وانصرف وقد احسن من قال: لي خمسة ترتجى بحبهم الدنيا ويرجى من قبلهم الدين – يأمن بين الانام تابعهم * لانهم في الورى ميامين ثم ان النبي صلى الله عليه وآله غشيه الوحي إذ هبط عليه جبرئيل (ع) ونادى السلام عليك يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك اقرأ * انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون * فعند ذلك قام النبي قائما وقال معاشر المسلمين ايكم اليوم عمل خيرا حتى جعله الله ولي كل مؤمن ومؤمنة قالوا يا رسول الله ما فينا من عمل اليوم خيرا سوي ابن عمك علي بن ابي طالب (ع) فانه تصدق على الاعرابي بخاتمه وهو في صلاته فقال النبي صلى الله عليه وآله وجبت الولاية لابن عمي علي بن ابي طالب (ع) ثم قرأ عليهم الآية قال فتصدق الناس على الاعرابي ذلك اليوم بخمسمائة خاتم فاخذها الاعرابي وولى ولقد احسن من يقول: انا مولى الخمسة * نزلت فيهم السور – اهل طه وهل أتى * فاقرأوا واعرفوا الخير – والطواسين بعدها * والحواميم والزمر – انا مولى لهؤلاء * وعدو لمن كفر (وبالاسناد) يرفعه إلى انس ابن مالك انه قال وفد الاسقف البحراني على عمر بن الخطاب لاجل ادائه الجزية فدعاه عمر إلى الاسلام فقال له الاسقف انتم تقولون ان الله جنة عرضها السموات والارض فأين


[ 150 ]

تكون النار قال فسكت عمر ولم يرد جوابا فقال له الجماعة الحاضرين اجبه يا امير المؤمنين حتى لا يطعن في الاسلام قال فاطرق خجلا من الجماعة الحاضرين ساعة لاير جوابا فأذا بباب المسجد رجل قد سده بمنكبيه فتأملوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن ابي طالب (ع) قد دخل قال فضج الناس عند رؤيته فقام عمر بن الخطاب والجماعة على اقدامهم وقال يا مولاى أين كنت عن هذا الاسقف الذي قد علانا منه الكلام اخبره يا مولانا قبل أن يرتد الاسلام فأنت بدر التمام ومصباح الظلام وابن عم رسول الانام فقال الامام علي (ع) ما تقول يا اسقف قال يافتى انتم تقولون أن الجنة عرضها كعرض السماوات والارض فأين تكون النار قال له الامام إذا جاء الليل أين يكون النهار فقال له الاسقف من انت يافتى دعني حتى أسأل هذا الفظ الغليظ إنبئني يا عمر عن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرة أخرى قال عمر أعفنى عن هذا واسئل علي بن ابى طالب (ع) ثم قال اخبره يا أبا الحسن فقال علي (ع) هي ارض البحر التي فلقها الله لموسى حتى عبر هو وجنوده فوقعت الشمس عليها تلك الساعة ولم تطلع قبل ولا بعد وانطبق البحر على فرعون وجنوده فقال الاسقف صدقت يافتى قومه وسيد عشيرته اخبرني عن شئ هو في أهل الدنيا تأخذ الناس منه مهما اخذوا فلا ينقص بل يزداد قال علي (ع) هو القرآن والعلوم فقال صدقت اخبرني عن اول رسول ارسله الله لامن الجن ولا من الانس فقال عليه السلام ذلك الغراب الذى بعثه الله لما تعالى قتل قابيل هابيل اخاة فبقى متحيرا لا يعلم مايصنع به فعند ذلك بعث غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه قال صدقت يافتى فقد بقى لي مسألة واحدة أريد أن يخبرني عنها هذا واومأ بيده إلى عمر فقال يا عمر أخبرني اين هو الله قال فغضب عند ذلك وامسك ولم يرد جوابا قال فالتفت الامام (ع) وقال لا يغضب يا أبا حفص حتى لا يقول انك قد عجزت فقال فاخبره أنت يا أبا


[ 151 ]

الحسن فعبد ذلك قال الامام كنت عند رسول الله إذ قبل إليه ملك فسلم فرد عليه السلام فقال أين كنت قال عند ربى فوق سبع سموات قال ثم اقبل ملك آخر فقال أين كنت قال كنت عند ربى في تخوم الارض السابعة السفلى ثم اقبل ملك ثالث فقال أين كنت قال كنت عند ربي في مطلع الشمس ثم جاء ملك آخر فقال أين كنت قال كنت عند ربى في مغرب الشمس فان الله لا يخلو منه مكان ولا هو شئ ولا على شئ ولا من شئ وسع كرسيه السموات والارض ليس كمثله شئ وهو السميع البصير لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر يعلم ما في السموات وما في الارض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر إلا هو معهم اينما كانوا، قال فلما سمع الاسقف قوله قال له مد يدك فانى اشهد أن الا إله إلا ألله وان محمدا رسول الله وانك خليفة الله في ارضه ووصي رسوله وان هذا الجالس الغليظ الكفل الحبنطي ليس لهذا المكان بأهل وانما أنت أهله فتبشم الامام (ع). (وبالاسناد يرفعه إلى المقداد بن الاسود الكندي صلى الله عليه وآله قال كنا مع سيدنا رسول الله وهو متعلق باسناد الكعبة وهو يقول اللهم اعضدني واشدد أزري وأشرح صدري وارفع ذكري فنزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال اقرأ يا محمد قال وما قرأ قال اقرأ (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذى انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك) مع علي بن أبي طالب صهرك فقرأها النبي صلى الله عليه وآله واثبتها عبد الله بن مسعود في مصحفه فاسقطها عثمان بن عفان حين وحد المصاحف. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابن عباس (رض) انه قال رسول الله يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ثم التفت إلى علي (ع) وقال هم شيعتك وأنت امامهم.


[ 152 ]

(وبالاسناد) يرفعه إلى عمر بن الخطاب انه قال اعطى لعلي بن ابي طالب (ع) خمس خصال فلو كان لي واحدة منها لكان احب لي من الدنيا والآخرة قالوا وماهي يا عمر قال تزوجه بفاطمة عليها السلام وفتح بابه إلى المسجد حين سدت ابوابنا وانقضاض الكواكب في حجرته وقول رسول الله صلى الله عليه وآله له يوم خيبر لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار يفتح الله تعالى على يديه بالنصر وقوله صلى الله عليه وآله له أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا انه لانبى بعدى كنت ارجو ان تكون في من ذلك واحدة. * وبالاسناد * يرفعه إلى ابن مسعود انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد الله فأوحى الله تعالى إليه حمدتني عبدى وعزتي وجلالي لولا عباد أريد ان اختلقهم من ظهرك لما خلقتك فأرفع رأسك يا آدم انظر فرفع رأسه فرأى في العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله نبي الرحمة وعلي امير المؤمنين مقيم الحجة فمن عرف حقه زكا وطاب ومن انكر حقه كفر وخاب اقسمت على نفسي وبعزتي وجلالي انى ادخل الجنة من اطاعه وان عصاني وآليت على نفسي ان ادخل النار من عصاه وان اطاعني. * وبالاسناد * يرفعه إلى ابن مسعود انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسرى بي إلى السماء قال لي جبرئيل (ع) قد امرت بعرض الجنة والنار عليك قال فرأيت الجنة وما فيها من النعيم ورايت النار وما فيها من عذاب اليم والجنة لها ثمانية ابواب على كل باب منها اربع كلمات كل كلمة منها خير من الدنيا وفيها لمن يعرفها ويعمل بها قال قال لي جبرئيل (ع) اقرأ يا محمد ما على الابواب قال قلت له قرأت ذلك اما ابواب الجنة فعلى الباب الاول مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله لكل شئ حيلة وحيلة العيش اربع خصال القناعة ونبذ الحقد وترك الحسد ومجالسة اهل الخير


[ 153 ]

(وعلى الباب الثاني) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله على ولي الله لكل شئ حيلة وحيلة السرور في الآخرة اربع مسح رؤس اليتامى والتعطف على الارامل والسعي في حوائج المسلمين وتفقد الفقراء والمساكين (وعلى الباب الثالث) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله كل شئ هالك الا وجهه لكل شئ حيلة وحيلة الصحة في الدنيا اربع خصال قلة الكلام وقلة المنام وقلة المشي وقلة الطعام. (وعلى الباب الرابع) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم والديه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت. (الباب الخامس) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله فمن اراد ان لا يشتم ومن اراد ان لا يذل ومن اراد ان لا يظلم ولا يظلم ومن اراد ان يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والاخرة فليقل لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله. (وعلى الباب السادس) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله فمن احب ان يكون قبره واسعا فسيحا فليبن المساجد ومن احب ان لا تأكله الديوان تحت الارض فليكنس المساجد وليكنس المساكين ومن احب ان تبقى طريا نضرالا يبكي فليكسوا المساجد بالبسط ومن اراد ان يرى موضعه في الجنة فليسكن في المساجد. (وعلى الباب السابع) مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله بياض القلوب في اربع خصال عيادة المرضى واتباع الجنائز وشراء اكفان الموتى ورد القرض. * وعلى الباب الثامن * مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي


[ 154 ]

الله فمن اراد الدخول في هذه الابواب الثمانية فليمسك باربع خصال وهي الصدقة والسخاء وحسن الخلق وكف الاذى عن عباد الله. * ثم رأيت ابواب جهنم * فإذا على الباب الاول منها مكتوب ثلاث كلمات وهي من رجا الله تعالى سعد ومن خاف الله تعالى أمن والهالك المغرور من رجا غير الله وخاف سواه * وعلى الباب الثاني * مكتوب ثلاث كلمات من اراد ان لا يكون عريانا يوم القيامة فليكس الجلود العارية في الدنيا ومن اراد ان لا يكون عطشانا يوم العطش فليسق العطشان في الدنيا ومن اراد ان لا يكون جائعا في القيامة فليطعم البطون الجائعة في الدنيا. * وعلى الباب الثالث * مكتوب ثلاث كلمات لعن الله الكاذبين لعن الله الباخلين لعن الله الظالمين. * وعلى الباب الرابع * مكتوب ثلاث كلمات اذل الله من اهان الاسلام اذل الله من اهان اهل بيت النبي لعن الله من اعان الظالمين على ظلم المخلوقين. * وعلى الباب الخامس * مكتوب ثلاث كلمات لا تتبع الهوى فان الهوى مجانب الايمان ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتقنط من رحمة الله ولا تكن عونا للظالمين. * الباب السادس * مكتوب انا حرام على المتهجدين انا حرام على الصائمين. * وعلى الباب السابع * مكتوب ثلاث كلمات حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا ووبخوا انفسكم قبل ان توبخوا ادعوا الله عزوجل قبل ان تردوا عليه ولا تقدرون على ذلك. * وبالاسناد يرفعه إلى محمد الباقر بن جعفر الصادق * عليهم السلام يرويه عن النسب الطاهر إلى جده رسول الله * ص * انه قال ان الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي بن ابى طالب (ع)


[ 155 ]

وان الله اصطفاهم كما اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين فاتبعوهم يهدوكم إلى صراط مستقيم فقدموهم ولا تتقدموا عليهم فانهم احلمكم صغارا واعلمكم كبارا فاتبعوهم لا يدخلونكم في ضلال ولا يخرجونكم من هدى. * وبالاسناد * يرفعه إلى انس بن مالك والزبير بن العوام انهما قالا قال رسول الله أنا ميزان العلم وعلي كفتاه والحسن والحسين خيوطه وفاطمة عليها السلام علاقته والائمة من ولدهم عموده فينصب يوم القيامة فيوزن فيها أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا. * وبالاسناد * يرفعه إلى سعد بن أبي وقاص انه بينا نحن بفناء الكعبة ورسول الله معنا إذا اقبل علينا من الركن اليمناني شئ على هيئة الفيل أعظم ما يكون من الفيلة فتفل رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لعنت وخزيت يا ملعون فشك سعد فعند ذلك قام أمير المؤمنين علي بن ابى طالب (ع) وقال ماهذا يارسول الله قال أو ما تعرفه يا علي فقال الله ورسوله أعلم فقال النبي صلى الله عليه وآله هذا ابليس فوثب أمير المؤمنين (ع) من مكانه كأنه أسد وأخذ بناصيته وجذبه من مكانه ثم قال اقتله يارسول الله فقال صلى الله عليه وآله أو ما علمت انه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فجذبه وتنحى به خطوات فقال له ابليس مالي ومالك يابن أبي طالب دعني من يدك فوعزة ربي ما يغضبك احد الا من شاركت أياه في أمه فخلاه من يده فانزل في ذلك (وشاركهم في الاموال والاولاد يوعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) يعنى بذلك شيعة علي بن ابي طالب عليه السلام. (وبالاسناد يرفعه إلى عمار بن ياسر وزيد بن ارقم) انهما قالا كنا بين يدي امير المؤمنين (ع) وكان يوم الاثنين لسبعة عشر ليلة خلت من صفر وإذا بزعقة عظيمة قد ملات المسامع وكان علي (ع) بدكة القضاء فقال يا عمار ائتني بذى الفقار وكان وزنه سبعة أمنان وثلث من بالمكي فجئت به


[ 156 ]

ثم انتضاه من غمده وتركه على فخذه وقال يا عمار هذا اليوم اكشف لاهل الكوفة فيه الغمة ايزداد المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا يا عمار رأيت من في الباب قال عمار فخرجت وإذا على الباب امرأة في قبة على جمل وهي تبكى وتصيح يا غياث المستغيثين يا بغية الطالبين وياكنز الراغبين وياذا القوة المتين ويا مطعم اليتيم ويا رازق العديم ويا محيي كل عظم رميم ويا قديما سبق قدمه كل قديم ويا عون من ليس له عون ولا معين وياطود من لا طود له وياكنز من لا كنز له اليك توجهت وبوليك توسلت ولخليفة رسولك قصدت فبيض وجهي وفرج عنى كربي (قال عمار) وحولها الف فارس بسيوف مسلوله فقوم لها وقوم عليها فقلت اجيبوا أمير المؤمنين (ع) أجيبوا عيبة علم النبوة قال فنزلت من القبة ونزل القوم معها ودخلوا المسجد فوقفت الامرأة بين يدي امير المؤمنين (ع) وقالت يا مولاى يا مولاى يا ام المتقين اليك اتيت واياك قصدت فاكشف مابى من غمة فأنك قادر عليه وعالم بما كان وما يكون إلى يوم الوقت المعلوم فعند ذلك قال (ع) يا عمار ناد في الكوفة ألا من أراد ان ينظر إلى ما أعطى الله عليا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله فليأت المسجد قال فاجتمع الناس حتى امتلا المسجد بالناس وصار القدم على القدم فعند ذلك قال مولاى عليه السلام سلوا ما بدالكم يا أهل الشام فنهض من بينهم شيخ كبير قد لبس عليه بردة يمانية وحلة عريشية وعمامة خراسانية فقال السلام عليك يا امير المؤمنين ويا كنز الطالبين ويا مولاي هذه الجارية ابنتى قد خطبها ملوك العرب مني وقد نكست رأسي بين عشيرتي وانا موصوف بين العرب وقد فضحتني في أهلي ورجالي لانها عاتق حامل فأنا تلبس بن عفريس لاتخذ لى نار ولا يصام لي جار وقد بقيت حائرا في امرى فاكشف عنى هذه الغمة فأن الامام ترتجيه الامة وهذه الغمة عظيمة لم ار مثلها ولا اعظم منها فقال امير المومنين ما تقولين يا جارية فيما قال ابوك فقالت يا مولاى أما قوله اني عاتق فقد صدق واما قوله انى حامل فوحقك يا مولاى ما علمت من نفسي خيانة قط واني


[ 157 ]

اعلم انك اعلم بي مني واني ما كذبت ففرج عني يا مولاي قال عمار فعند ذلك أخذ ذا الفقار وصعد المنبر وقال الله اكبر جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ثم قال علي بقابلة الكوفة فجاءت امرأة يقال لها لبنة وهي قابلة نساء أهل الكوفة فقال لها اضربي بينك وبين الناس حجابا وانظرى هذه الجارية اعاتق ام حامل فقعلت ما أمرها به (ع) ثم خرجت وقالت نعم يا مولاى هي عاتق حامل وحقك يا مولاى فعند ذلك التفت الامام إلى أبي الجارية وقال يا أبا الغضب الست من قرية كذا وكذا من أعمال دمشق قال وماهي القرية قال قرية يقال لها اسعار فقال بلي يا مولاى فقال من منكم بقدر هذه الساعة على قطعة من الثلج في بلادنا كثير ولكن ما نقدر عليه ههنا فقال (ع) بيننا وبين بلدكم مائتان وخمسون فرسخا قال ابها الناس انظروا إلى ما اعطى الله عليا من العلم النبوى الذى اودعه الله رسوله من العلم الرباني قال عمار بن ياسر فمد يده (ع) من على منبر الكوفة وردها وفيها قطعة من الثلج يقطر منها فعند ذلك ضج الناس وماج الجامع بأهله فقال (ع) اسكتوا ولو شئت اتيت بجباله ثم يا قابلة خذى هذا الثلج اخرجوا بالجارية واتركي تحتها طشتا وضعي هذه الطعة مما يلي الفرج فسترين علقة وزنها سبعة وخمسون درهما ودانقان قال فقال له جمعنا الله ولك يا مولاى تم اخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلجة على الموضع كما امرها (ع) فرمت علقة كبيرة فوزنتها القابلة فوجدتها كما قال (ع) واقبلت القابلة والجارية فوضعت العلقة بين يديه ثم قال (ع) قم يا أبا الغضب خذ ابنتك فوالله ما زنت وانما دخلت الموضع الذى فيه الماء وهذه العلقة في جوفها وهى بنت عشر سنين وكبرت إلى الآن في بطنها فنهض ابوها وهو يقول اشهد انك تعلم ما في الارحام وما في الضمائر وانك باب الدين وعموده فضج قال الناس عند ذلك وقالوا يا أمير المؤمنين لنا اليوم خمس سنين لم تمطر السماء علينا غيثا وقد امسك المطر عن الكوفة


[ 158 ]

هذه المدة وقد مسنا واهلنا الضر فاستسق لنا يا وارث علم محمد فعند ذلك قام في الحال وأشار بيده إلى السماء زمزم فإذا الغيث قد انسجم وهمل مزنا وسال الغيث حتى اصارت الكوفة غدرانا فقال أمير المؤمنين كفينا من الماء وروينا فتكلم بكلام فمضى الغيث وانقطع المطر وطلعت الشمس فلعن الله الشاك في فضل على بن ابي طالب (ع). (وبالاسناد يرفعه إلى عبد الله بن ابي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وآله) انه قال لما خلق الله ابراهيم الخليل كشف له عن بصره فنظر في جانب العرش نورا فقال الهى وسيدي ما هذا النور قال يا ابراهيم هذا محمد صفي فقال إلهي وسيدي أني أرى بجانبه نورا آخر قال يا ابراهيم هذا على ناصر دينى قال إلهي وسيدي اني أرى بجانبهما نورا آخر ثالثا يلى النورين قال يا ابراهيم هذه فاطمة تلى اباها وبعلها فطمت محبيها من النار قال الهي وسيدي اني أرى نور من يليان الانوار الثلاثة قال يا ابراهيم هذان الحسن والحسين يليان اباهما امهما وجدهما قال إلهي وسيدي اني أرى تسعة انوار قد احدقوا بالخمسة الانوار قال يا ابراهيم هؤلاء الائمة من ولدهم قال الهي وسيدي وبمن يعرفون قال يا ابراهيم اولهم على بن الحسين ومحمد ولد علي وجعفر ولد محمد وموسى ولد جعفر وعلي ولد موسى ومحمد ولد على وعلي ولد محمد والحسن ولد علي ومحمد ولد الحسن القائم المهدى قال الهي وسيدي وارى عدة انوار حولهم لا يحصى عدتهم الا انت قال يا ابراهيم هؤلاء شيعتهم ومحبوهم قال الهى وسيدي بم يعرف شيعتهم ومحبوهم قال يا ابراهيم بصلاة الاحدى والخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع وسجدتي الشكر والنحيم باليمين قال ابراهيم اجعلني الهى من شيعتهم ومحبيهم قال قد جعلتك منهم فأنزل تعالى فيه (وان من شيعته لابراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم) صدق الله تعالى ورسوله (قال المفضل ابن عمر) ان ابراهيم (ع) لما احس بالممات روى هذا الخبر وسجد فقبض في سجدته.


[ 159 ]

(وبالاسناد يرفعه إلى عبد الله بن عباس) قال لما رجعنا من حج بيت الله مع رسول الله صلى الله عليه وآله فجلسنا حوله وهو في مسجده إذ ظهر الوحى عليه فتبسم صلى الله عليه وآله تبسما شديدا حتى بانت ثناياه فقلنا يا رسول الله مم تبسمت قال من ابليس اجتاز ينفر وهم يتلون علينا فوقف امامهم فقالوا من ذا الذى امامنا فقال انا ابو مرة فقالوا تسمع كلامنا فقال نعم سوأة لوجوهكم ويلكم أتسبون مولاكم علي بن ابي طالب (ع) فقالوا له أبا مرة من اين علمت انه مولانا فقال ويلكم أنسيتم قول نبيكم بالامس من كنت مولاه فعلي مولاه فقالوا يا ابا مرة أنت من شيعته ومواليه فقال ما انا من شيعته ومواليه ولكني احبه لانه من ابغضه احد منكم إلا شاركته في ولده وماله وذلك قول الله تعالى (وشاركهم في الاموال والاولاد) فقالوا يا ابا مرة أتقول في علي شيئا قال وما تريدون ان اقول فيه اسمعوا ويلكم منى اعلموا اني عبدت الله تعالى في الجان اثني عشر الف سنة فلما اهلك الله الجان شكوت إلى الله تعالى عزوجل الوحدة فأوتى بى إلى السماء الدنيا فعبدت الله تعالى فيها أثني عشر الف سنة اخرى مع الملائكة فبينا نحن كذلك نسبح الله تعالى ونقدسه إذ مر علينا نور شعشعاني فخرت الملائكة عند ذلك سجدا فقلنا نور نبى مرسل أو نور ملك مقرب فأذا النداء من قبل عزوجل لانبى مرسل ولا ملك مقرب هذا نور علي بن أبى طالب (ع) اخى محمد. (وبالاسناد يرفعه إلى ابن عباس) انه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الغداة واستند إلى محرابه والناس حوله منهم المقداد وحذيفة وابوذر وسلمان الفارسي وإذا اصوات عالية قد ملات المسامع فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله يا حذيفة يا سلمان انظروا ما لخبر قال فخرجنا فإذا هما ينفر وهم على رواحلهم وهم اربعون رجلا بأيديهم الرماح الخطية وعلى رؤس الرماح اسنة من العقيق الاحمر وعلى كل واحد منهم بدنة من اللؤلؤ على رؤسهم قلانس مرصعة بالدر والجوؤ يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه كأنه فلقة قمر وهم


[ 160 ]

ينادون الحذار الحذار البدار يا آل محمد المختار المنعوت في الاقطار (قال حذيفة) فاخبرت النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال يا حذيفة انطلق إلى حجرة كاشف الكروب وعبد علام الغيوب الليث الهئمور واللسان الشكور والهزبر الغيور والبطل الجسور العالم الصبور الذى جرى اسمه في التوراة والانجيل والفرقان والزبور انطلق إلى حجرة ابنتى فاطمة رأتني ببعلها علي بن ابي طالب عليه السلام قالت فمضيت وإذا به قد تلقاني وقال يا حذيفة قد جئت تخبرني عن قوم انا عالم بهم منذ خلقوا ومنذ ولدوا وفي أي شئ جاؤا فقال حذيفة زادك الله تعالى يا مولاى علما وفهمائم أقبل (ع) إلى المسجد والقوم محدقون برسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأوا الامام (ع) نهضوا قياما على اقدامهم فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله كونوا على مجالسكم فقعدوا فلما استقر بهم المجلس قام الغلام الامرد قائما دون اصحابه وقال ايها الناس ايكم الراهب إذ اسدل الظلام أيكم المنزه من عبادة الاوثان والاصنام أيكم الساتر عورات النسوان أيكم الشاكر لما اولاه الرحمان أيكم الصابر يوم الضرب والطعان أيكم منكس الاقران والفرسان ايكم اخو محمد صلى الله عليه وآله معدن الايمان ايكم وصيه الذى نصر به دينه على ساير الاديان ايكم على بن ابي طالب (ع) فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله يا على اجب الغلام الذي هو في وصفك علام وقم بحاجته فقال علي (ع) ادن منى يا غلام اني اعطيك سؤالك والمرام واشفيك من الاسقام ولآلام بعون الله العلام فأنطق بحاجتك فأنى ابلغك امنيتك ليعلم المسلمون انى سفينة النجاة وعصا موسى والكلمة الكبرى والنبأ العظيم والصراط المستقيم فقال الغلام ان معى اخا لى وكان مولعا بالصيد فخرج في بعض ايامه متصيدا معارضته بقرات وحش عشر فرمى احداهن فقتلها فانفلج من نصه في الوقت والحال وقل كلامه حتى لا يكلمنا إلا بالايمان قد بلغنا ان صاحبكم يدفع عنه ما يجدو ما قد نزل به فان شفى صاحبكم علته آمنا به ففينا النجدة واليأس والقوة والشدة والمراس ولنا الخيول والابل والفضة


[ 161 ]

والذهب والمضارب العالية ونحن سبعون الف فارس بخيول جياد وسواعد شداد ونحن بقايا قوم عاد فعند ذلك قال أمير المؤمنين (ع) اين أخوك يا عجاج بن الجلال ابن ابى الغضب بن سعد بن المقنع بن عملاق بن ذهل بن صعب العادى قال فلما الغلام نسبه قال ها هو في هودج سيأتي مع جماعة منا يا مولاى ان شفيت علته رجعنا عن عبادة الاوثان واتبعنا ابن عمك صاحب البردة والقضيب والحسام قال فبينا هم في الكلام وإذا قد اقبلت امرأة عجوز بجنب محمل على جمل فابركته بباب المسجد فقال الغلام جاء اخى يافتى فنهض أمير المؤمنين (ع) ودنا من المحمل فإذا فيه غلام له وجه صبيح ففتح عينه ونظر إلى وجه على المرتضى فبكى وقال بلسان ضعيف وقلب حزين اليكم المشتكى والملتجأ يا اهل العبا فقال علي (ع) لا بأس عليك بعد اليوم ثم نادى ايها الناس اخرجوا الليلة إلى البقيع فسترون من علي عجبا قال حذيفة بن اليمان فأجتمع الناس في البقيع من العصر إلى ان هدأ الليل فخرج إليهم أمير المؤمنين (ع) ومعه ذو الفقار وقال اتبعونى حتى اريكم عجبا فتبعوه فإذا هو بنارين متفرقتين نار قليلة ونار كثيرة فدخل عليه السلام في النار القليلة وقلبها على النار الكثيرة (قال حذيفة) فسمعت زمجرة كزمجرة الرعد فقلب النار بعضها على بعض ثم دخل فيها ونحن بالبعد عنه وقد تداخلنا الرعب من كثرة زمجرة النار ونحن ننظر ما يصنع بالنار ولم يزل كذلك إلى ان اسفر الصبح ثم خمدت النار ثم طلع منها وقد كنا قد ايسنا منه فوصل الينا وبيده رأس ذروته احدى عشر اصبعا له عين واحدة في جبهته وهو ماسك بشعره وله شعر مثل شعر الدب فقلنا له عين الله تعالى عليك ثم اتى به إلى المحمل الذى فيه الغلام وقال قلما يأذن الله تعالى يا غلام فما بقى عليك باس فنهض الغلام ويداه صحيحتان ورجلان سليمتان فانكب على رجل الامام (ع) يقبلها وهو يقول مد يدك فأنا اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله وانك ولي الله وناصر


[ 162 ]

دينه ثم اسلم القوم الذين كانوا معه قال فبقى الناس متحيرين لا يتكلمون وقد بهتوا لما راوا الرأس وخلقته فألتفت (ع) وقال يا ايها الناس هذا راس عمرو بن الاخبل بن الاقيس بن ابليس اللعين وكان في أثني عشر الف فبلق من الجن وهو الذي فعل بالغلام ما شاهدتموه فضربتهم بسيفي هذا وقاتلتهم بقلبي هذا فماتوا كلهم بأسم الله الذى كان في عصا موسى بن عمران الذى ضرب البحر فانفلق أثنى عشر فريقا فأعتصموا بطاعة الله وطاعة رسوله ترشدوا. (وبالاسناد) يرفعه إلى محمد بن على الباقر عليه السلام انه قال سئل جابر بن عبد الله الانصاري عن على بن ابى طالب (ع) قال ذلك والله أمير المؤمنين ومخزي المنافقين وبوار الكافرين وسبب الله على القاسطين والناكثين والمارقين ولقد سمعت بأذنى رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على بعدى خير البشر فمن شك فيه فقد كفر. (وبالاسناد) يرفعه الحسين العسكر عن النسب الطاهر إلى الحسين انه قال كنت مع ابي على بن ابي طالب (ع) يوما على الصفا وإذا هو بدراج على وجه الارض في الصفا فوقف مولاي بازائه فقال السلام عليك أيها الدراج فأجابه يقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين فقال له أمير المؤمنين ايها الدراج ما تصنع في هذا المكان فقال يا أمير المؤمنين انا في هذا المكان منذ اربعمائة عام أسبح الله تعالى واقدسه واحمده واهل له واكبره واعبده حق عبادته فقال عليه السلام ان هذا الصفا لا مطعم فيه ولا مشرب فمن اين مطعمك ومشربك فقال له يا مولاي وحق من بعث ابن عمك بالحق نبيا وجلك وصيا اني كلما جعت دعوت الله لشيعتك ومحبيك فاشبع وإذا عطشت دعوت الله على مبغضيك وظالميك فأروي: ايها السائل عما * دونه النجم العلى – خير خلق الله من * بعد النبيين علي –


[ 163 ]

هكذا اخبرنا عن * ربه الهادي النبي – ان ما استخيرت عنه * واضح الامر جلي – وبه فاز الموالي * وبه ضل الغوي – لم يمل عنه وعن * أبنائه الا الشقي (وبالاسناد) عن أنس بن مالك انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتبعوا الشمس حتى تغرب فإذا غربت فاتبعوا الزهرة حتى تغرب فإذا غربت فاتبعوا الفرقدين قيل يا رسول الله وما الشمس والزهرة وما الفرقدان قال صلى الله عليه وآله الشمس انا والقمر على والزهرة ابنتي والفرقدان الحسن والحسين (وبالاسناد) يرفعه إلى سلمان الفارسي (رض) انه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الصبح فلما سلم قام وقال اين ابن عمى على والذي يقضي دينى وينجز عدتي فأجابه لبيك لبيك يا رسول الله ها انا بين يديك قال يا على اتريدان اعرفك بفضلك من الله عزوجل فقال نعم يا حبيبي فقال يا على اخرج إلى صحن المسجد فأذا طلعت الشمس فكلمها حتى تكلمك قال سلمان فخرج على (ع) إلى صحن المسجد فلما طلعت الشمس قال لها السلام عليك ايتها الشمس قالت وعليك السلام يا اول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شئ عليم قال فضجت الصحابة فأجمعهم وقالوا يا رسول الله بالامس تقول لنا الاول والاخر صفات الله تعالى قال نعم تلك صفات الله وهو الله وحده لا شريك له يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير قالوا فما لنا سمعنا الشمس تقول لعلي هذا الكلام اصار علي ربا يعهد فقال استغفر الله لا حول ولا قوة الا بالله لكل مقام مقالا فاستغفروا الله وتوبوا إليه اما قولها يا اول فهو اول من آمن بي وصدقني واما قولها يا آخر فهو والله آخر من يواربني ويلحدني واما قولها يا ظاهر فهو والله اظهر دين الله بالسيف واما قولها يا باطن فهو والله باطن لعلمي واما قولها يا من هو بكل شئ عليم فوعزة ربي ما علمني ربى شيئا الا علمته عليا وانه


[ 164 ]

بطرق السماء اعرف منه بطرق الارض ثم قال يا على ادخل وافتخر فدخل وهو ينشد ويقول: انا للحرب إليها وبنفسي اصطليها * نعمة من خالق العرش بها قد خصنيها – وانا مخمد نار الحرب في يوم اجبها * ولي السبقة في الاسلام طفلا ووجيها – لي الفضل على الناس بزوجي وبنيها * ثم فخري برسول الله إذ زوجنيها – فأذا انزل ربي آية علمنيها * ولقد اورثني العلم وقد صرت فقيها (وبالاسناد) يرفعه إلى ابي سعيد الخدرى انه قال قال رسول الله بني الاسلام على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم شهر رمضان والحج إلى بيت الله الحرام والجهاد وولاية على ابن ابي طالب قال الراوي قلت لابي سعيد ما اظن القوم الا هلكوا إذ تركوا الولاية قال فما يصنع ابوسيعد إذا هلكوا. (وبالاسناد) يرفعه إلى سالم بن ابي جعدة انه قال حضرت مجلس انس ابن مالك بالبصرة وهو يحدث فقام إليه رجل من القوم فقال يا صاحب رسول الله ما هذه النمشة التي اراها بك فأني حدثني ابى عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال البرص والجذام لا يبلو الله تعالى به مؤمنا قال فعند ذلك اطرق انس بن مالك إلى الارض وعيناه تذر فان بالدمع ثم قال دعوة العبد الصالح علي بن ابي طالب عليه السلام نفذت في فعند ذلك قام الناس من حوله وقصدوه وقالوا يا انس حدثنا ما كان السبب فقال لهم الهوامن هذا فقالوا لابدان تخبرنا بذلك فقال اجلسوا مواضعكم واسمعوا مني حديثا كان هو السبب لدعوة على (ع) اعلموا ان النبي صلى الله عليه وآله كان قد اهدى إليه بساط شعر من قرية كذا وكذا من قرى المشرق يقال لها هندف فأرسلني رسول الله إلى ابي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف الزهري فأتيته بهم وعنده اخوه وابن عمه علي بن ابى طالب (ع) ابسط بساط واجلس حتى تخبرني بما يكون ثم قال يا علي قل يا ريح احملينا


[ 165 ]

قال فقال الامام على (ع) يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فقال سيروا على بركة الله قال فسرنا ما شاء الله تعالى ثم قال يا ريح ضعينا فوضعتنا فقال اتدرون اين انتم فقلنا الله ورسوله ووليه اعلم فقال هؤلاء اصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا قوموا بنا يا اصحاب رسول الله حتى نسلم عليهم فعند ذلك قام أبو بكر وعمر وقالا السلام عليكم يا اهل الكهف والرقيم فلم يجبهما احد قال فقام طلحة والزبير فقالا السلام عليكم يا اصحاب الكهف والرقيم قال فلم يجبهما احد قال انس فقمث انا وعبد الرحمن بن عوف وقلت انا انس خادم رسول الله (ع) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا اصحاب الكهف والرقيم فلم يجيبنا احد قال فعند ذلك قام الامام عليه السلام وقال السلام عليكم يا اصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا فقالوا وعليك السلام يا وصي رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال يا اصحاب الكهف لم لا رددتم على اصحاب رسول الله فقالوا بأجمعهم با خليفة رسول الله اثنا فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى وليس معنا اذن ان نرد السلام الا إلى نبي أو وصي نبي فأنت خاتم النبيين وانت سيد الوصيين ثم قال اسمعتم يا اصحاب رسول الله قالوا نعم يا أمير المؤمنين (ع) قال فخذوا مواضعكم واقعدوا في مجالسكم قال فقعدنا في مجالسنا ثم قال يا ريح احملينا فحملتنا فسرنا ما شاء الله إلى ان غربت الشمس ثم قال يا ريح ضعينا فأذا نحن في روضة كالزعفران ليس بها حسيس ولا انيس نباتها القيصوم والشيح وليس فيها ماء فقلنا يا أمير المؤمنين دنت الصلاة وليس عندنا ماء نتوضأ به فقام وجاء إلى موضع من تلك الارض فرفس برجله فنبعت عين ماء عذب فقال دونكم وما طلبتم ولولا طلبتكم لجاء جبرئيل (ع) بماء من الجنة قال فتوضأنا به وصلينا ووقف يصلي (ع) إلى ان انتصف الليل ثم قال خذوا مواضعكم ستدركون الصلاة مع رسول الله أو بعضها ثم قال يا ريح احملينا فأذا نحن في الهواء ثم سرنا ما شاء الله فأذا نحن بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد صلى


[ 166 ]

صلاة الغداة ركعة واحدة فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول الله ثم التفت الينا وقال لي يا انس تحدثني ام انا احدثك بما وقع من المشاهدة التي شاهدتها انت قلت بل من فيك احلى يا رسول الله قال فابتد أنا الحديث من اوله إلى آخره كأنه كان معنا قال يا انس تشهد لابن عمي بها إذا استشهدك بها قلت نعم يا رسول الله قال فلما ولى أبو بكر الخلافة… أتى علي (ع) إلى وكنت حاضرا عند ابى بكر والناس حوله فقال يا انس الست تشهد لي بفضيلة البساط ويوم الجب فقلت له يا علي قد نسبت لكبري فعندها قال لي يا انس ان كنت كتمته مداهنة بعد وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لك فرماك ببياض في وجهك ولظى في جوفك وعمي في عينيك فما قمت من مقاى حتى برصت وعميت وانا الآن لا اقدر على الصيام في شهر رمضان ولا غيره لان الزاد لا يبقى في جوفي ولم يزل على ذلك حتى مات بالبصرة. (وبالاسناد) يرفعه إلى علي بن موسى الرضا يرفعه إلى النسب الطاهر الزكي إلى سيد الشهداء الحسين بن على (ع) قال قال لي ابي قال اخي رسول الله صلى الله عليه وآله من سره أن يلقي الله تعالى مقبلا عليه غير معرض عنه فليوال عليا ومن سره أن يلقي الله تعالى وهو عنه راض فليوال ابنه الحسن (ع) ومن احب أن يلقي الله تعالى وهو لا خوف عليه فليوال ابنه الحسين (ع) ومن احب أن يلقي الله وهو يمحص عنه ذنوبه فليوال على ابن الحسين (ع) السجاد ومن احب ان يلقي الله وهو قرير عين فليوال محمد الباقر عليه السلام ومن احب ان يلقي الله وهو خفيف الظهر فليوال جعفر الصادق عليه السلام ومن احب أن يلقى الله وهو طاهر مطهر فليوال موسى الكاظم عليه السلام ومن احب أن يلقى الله وهو ضاحك مستبشر فليوال علي بن موسى الرضا عليه السلام ومن احب أن يلقي الله وقد رفعت درجاته وبدلت سيئاته حسنات فليوال محمد الجواد (ع) ومن احب أن يحاسبه الله حسابا يسيرا فليوال على الهادى ومن احب ان يلقى الله وهو


[ 167 ]

من الفائزين فليوال الحسن العسكري ومن احب ان يلقي الله وقد كمل ايمانه وحسن اسلامه فليوال الحجة صاحب الزمان القائم المنتظر المهدى م ح م د بن الحسن فهؤلاء مصابيح الدجى وائمة الهدى واعلام التقى فمن احبهم وتولاهم كنت ضامنا له على الله الجنة. (وبالاسناد) يرفعه عنهم (ع) قال أن ثورا قتل حمارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكان في جماعة من اصحابه منهم أبو بكر وعمر والزبير وسلمان وحذيفة فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى ابي بكر وقال يا ابا بكر اقض بينهم قال بأى شئ تحكم بين الدواب ثم قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله بهيمة قتلت بهيمة فما عليها شئ قال فالتفت إلى عمر فقال يا عمر احكم بينهم قال بأى شئ احكم بين الذواب فالتفت إلى علي (ع) وقال يا ابا الحسن احكم بينهم فقال اجل يا رسول الله ان كان الثور دخل على الحمار في مستراحة فلا ضمان على صاحب الثور وان كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان على صاحب الثور فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده إلى السماء وقال الحمد لله الذى لم يخرجني من الدنيا حتى رأيتك تقضى بقضاء النبيين. (وبالاسناد) يرفعه صعصة بن صوحان انه قال أمطرت المدينة مطرا شديدا ثم صحت فخرج النبي صلى الله عليه وآله إلى صحرائها ومعه أبو بكر فلما خرجا وإذا بعلي مقبل فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله قال مرحبا بالحبيب القريب ثم تلا هذه الآية (وهدوا إلى صراط العزيز الحميد) انت يا علي منهم ثم رفع رأسه إلى السماء واومى بيده إلى الهواء وإذا برمانة تهوى إليه من السماء أشد بياضا من الثلج واحلى من العسل واطيب رائحة من المسك فأخذها رسول الله صلى الله عليه وآله ومصها حتى روى ثم ناولها لعلي عليه السلام ومصها حتى روى ثم التفت إلى ابي بكر وقال يا ابا بكر لولا ان طعام اهل الجنة لا يأكله الا نبى أو وصي نبى لاطعمناك فان طعام الجنة لا يأكله أهل ال ؟ ؟ ؟ ؟ ؟. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابي الحمراء انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما


[ 168 ]

أسر بي إلى السماء رأيت مكتوبا على قائمة العرش انا الله لا إله أنا فأعبده وحدي خلقت جنة عدن بيدى محمد صفوتي من خلقي ايدته بعلى ونصرته به. (وبالاسناد) يرفعه إلى عبد الله بن مسعود وابن عباس انهما قالا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول اعطاني الله عزوجل خمسا واعطى عليا مثلها اعطاني جوامع الكلم واعطاني العلم وجعلني نبيا وجعله وصيا واعطاني الكوثر وواعطاه السلسبيل واعطاني الوحى واعطاه الالهام واسري بى إليه وفتح لعلى (ع) ابواب السماء حتى نظرت إليه قال ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا له فداك ابي وامى يا رسول الله ما يبكيك قال يابن عباس اول ما كلمني به ربي عزوجل قال يا محمد انظر إلى ما تحتك فنظرت وإذا بالحجب قد اخترقت وابواب السماء قد فتحت حتى نظرت إلى على وهو رافع رأسه إلى السماء فكلمني وكلمته فقال يا رسول الله اخبرني بما قال اني جعلت عليا وصيك وخليفتك من بعدك فاعلمه بذلك فعند ذلك امر الله الملائكة فحططت رأسي إلى على (ع) واعلمته بما قال لي ربي فسجد لله عزوجل وقال (ع) قد قبلت ذلك فعند ذلك امر الله الملائكة ان تسلم على على ففعلت فرد عليهم السلام وجعلت الملائكة يتباشرون ثم ما مررت بصف من الملائكة الا وهم يهنوني ويقولون يا محمد والذى بعثك بالحق نبيا لقد دخل السرور علينا بأبن عمك ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم فقلت يا جبرئيل مالي أرى حملة العرش قد نكسوا رؤسهم قال يا محمد لم يبق في السموات ملك الاوسلم على على (ع) الا حملة العرش فاستأذنت الله عزوجل في المنظر الاعلى (ع) فأذن لهم لينظروا إلى على (ع) قال فلما هبطت إلى الارض جعلت اعلمه بذلك وهو يخبرني به فعلمت انى ما وطئت موطئا الا قد كشف له حتى نظر إليه فعند ذلك قال ابن عباس يا رسول الله احب ان توصيني بشئ قال يا ابن عباس اعلم ان الله عزوجل لا يتقبل من احد حسنة حتى يسأله عن حب على بن ابي طالب (ع) وهو اعلم بذلك فان كان من


[ 169 ]

اهل ولايته قبل عمله على ما كان فيه وان لم يكن من اهل ولايته فمن يسأل عن شئ حتى يؤمر به إلى النار لاشد غضبا على مبغضي على ممن زعم ان لله ولدا يابن عباس لو ان الملائكة والانبياء والمرسلين اجتمعوا على بغضه لعذبهم الله تعالى في جهنم وما كانوا ليفعلوا قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف يبغضونه قال يابن عباس يأتون قوم يذكرون انهم من امتي لم يجعل الله تعالى لهم في الاسلام نصيبا يفضلون غيره عليه فوالذي بعثنى بالحق نبيا ما خلق الله نبيا اكرم على الله منى ولا وصيا على الله من علي (ع) (قال ابن عباس) فلم أزل له محبا كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله. (وبالاسناد) يرفعه إلى ابن عباس انه قال لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة أتيت إليه وسلمت عليه وقلت له ما تأمرني به يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا ابن عباس خالف من خالف عليا ولا تكن لهم وليا قلت يا رسول الله لم لا تأمر الناس يترك مخالفته قال فبكى حتى اغمى عليه ثم أفاق وقال يابن عباس سبق فيهم علم ربي فوالله لا يخرج احد من الدنيا وقد خالفه وانكر حقة حتى يغير الله خلقه يابن عباس إذا أردت ان تلقي الله تعالى وهو عنك راض فاسلك طريقة علي ومل معه حيث مال وارض به اماما وعاد من عاداه ووال من والاه ولا يداخلك فيه شك فان اليسير من الشك فيه كفر. (و بالاسناد) يرفعه إلى عائشة انها قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر عليا فقال يا عائشة لم يكن قط في الدنيا احد احب إلى الله منه واحب إلى منه ومن زوجته فاطمة ابنتي ومن ولديه الحسن والحسين عليهما السلام يا عائشة تعلمين أي شئ رأيت لابنتي فاطمة ولبعلها قالت لا فاخبرني يا رسول الله قال يا عائشة ان ابنتى سيدة نساء العالمين وان بعلها لا يقاس با حد من الناس وان ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاى في الدنيا والآخرة يا عائشة انا وفاطمة والحسن والحسين وابن عمي علي في غرقة


[ 170 ]

من درة بيضاء اساسها من رحمة الله تعالى واطرافها من عفو الله تعالى ورضوانه وهي تحت عرش الله تعالى وبين علي وبين نور الله باب ينظر إلى الله وينظر الله الية وعلى رأسه تاج قد اضاء نوره ما بين المشرق والمغرب وهو برفل في حلتين حمراوين يا عائشة خلقت ذرية محبينا من طينة تحت العرش وخلقت ذرية مبغضينا من طينة الخبال وهي في جهنم. (وبالاسناد) يرفعه إلى منقذ بن الابقع وكان رجلا من خواص مولانا أمير المؤمنين (ع) قال كنت مع مولانا علي (ع) في النصف من شعبان وهو يريد ان يمضي إلى موضع له كان يأوى إليه بالليل فمضى وانا معه حتى أتى الموضع ونزل عن بغلته ومضى لشأنه قال فحمحمت البغلة ورفعت اذنيها قال فحس مولاى فقال لي ما وراك يا اخا بنى اسد ما دهاها قال فنظر أمير المؤمنين (ع) إلى البر فقال هو سبع ورب الكعبة فقام من محرابه متقلدا ذاالفقار وجعل يخطو نحو السبع ثم صاح به فحف ووقف يضرب بذنبه خواصره قال فعند ذلك استقرت البغلة فقال له يا ليث وابو الاشبال وانى قسور وحيدر فما جاء بك ايها الليث ثم قال اللهم انطق لسانه فعند ذلك قال السبع يا أمير المؤمنين ويا خير الوصيين ويا وارث علم النبيين ان لي سبعة ايام ما افترست شيئا وقد اضر بي الجوع وقد رأيتكم من مسافة فرسخين فدنوت منكم فقلت اذهب وانظر ما هؤلاء القوم ومن هم فان كان لي بهم مقدرة أخذت منهم نصيبي فقال عليه السلام مجيبا له يا ليث اني أبو الاشبال الاحد عشر ثم مد الامام (ع) إليه يده فقبض بيده صوف قفاه وجذبه إليه فامتد السبع بين يديه فجعل (ع) يمسح عليه من هامته إلى كتفيه ويقول يا ليث أنت كلب الله في ارضه فقال له السبع الجوع يا مولاى فقال الامام اللهم أئتيه برزقه بحق محمد واهل بيته قال فالتفت وإذا بالاسد يأكل شيئا على هيئة الحمل حتى اتى على آخره فلما فرغ من أكله قام بين يديه وقال يا أمير المؤمنين نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم


[ 171 ]

محبيك ومحبى عترتك فنحن اهل بيت نتخذ محبة الهاشميين وعترتهم فقال له ايها السبع اين تأوى واين تكون قال يا مولاى اني مسلط على اعدائك كلاب اهل الشام انا واهل بيتي وهم فريستنا ونحن نأوى النبل قال فما جاء بك إلى الكوفة قال يا أمير المؤمنين اتيت الكوفة لاجلك فلم اصادفك فيها وقطعت الفيا في القفار حتى وفقت بك ولك شوقي وانا منصرف ليلتى هذه إلى القادسية إلى رجل يقال له سنان بن مالك بن وايل وهو ممن انفلت من حرب صفين وهو من اهل الشام ثم همهم وولي قال منقذ بن الابقع الاسدي فعجبت من ذلك فقال لي علي (ع) اتعجب من هذا فالشمس اعجب من رجوعها ام العين في نبعها ام الكواكب في انقضاضها ام الجمجمة ام سائر ذلك فو الذى فلق الحب وبرئ التمسة لو احببت ان ارى الناس ما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله من الآيات العجائب والمعجزات لكانوا يرجعوا كفارا ثم رجع إلى مصلاه ووجه بى من ساعتي إلى القادسية فوصلت قبل ان يتم مؤذن الصلاة فسمعت الناس يقولون افترس سنان السبع فاتيت إليه مع من ينظر إليه فرأيت لم يترك السبع منه سوى اطراف اصابعه وانبو بى الساق ورأسه فحملوا عظامه ورأسه إلى أمير المؤمنين (ع) فبقى متعجبا فحدثت بحديث السبع وما كان منه مع أمير المؤمنين (ع) فجعل الناس يرمون التراب تحت قدميه فيأخذونه ويتشرفون به قال فلما رأى ذلك قام خطيبا فحمد الله تعالى واثنى عليه ثم قال معاشر الناس ما أحبنا رجل ودخل النار وابغضنا رجل ودخل الجنة وأنا قسيم الجنة والنار هذا إلى الجنة يمينا وهم من يحبني وهذا إلى النار شمالا وهم من يبغضني ثم ان يوم القيامة أقول لجهم هذا لي وهذا لك حتى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف والرعد العاصف والطير المسرع والجواد السابق قال فعند ذلك قام الناس بأجمعهم وقالوا الحمد لله الذى فضلك على كثير من خلقه ثم تلا هذه الآية (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم


[ 172 ]

الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم). (وبالاسناد) يرفعه عن الاصبغ بن نباتة قال كنت جالسا عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو يقضي بين الناس إذ أقبل جماعة ومعهم أسود مشدود الاكتاف فقالوا هذا سارق يا أمير المؤمنين فقال (ع) يا أسود سرقت قال نعم يا مولاى قال ويلك انظر ماذا تقول اسرقت قال نعم فقال له ثكلتك امك ان قلتها ثانية قطعت يدك سرقت قال نعم فعند ذلك قال (ع) اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع قال فقطع يمينة فأخذها بشماله وهى تقطر فاستقبله رجل يقال له ابن الكواء فقال له يا اسود من قطع يمينك قال له قطع يميني سيد المؤمنين وقائد الغر المحجلين وأولى الناس باليقين سيد الوصيين أمير المؤمنين على بن أبي طالب (ع) امام الهدى وزوج فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى أبو الحسن المجتبى وأبو الحسين المرتضى السابق إلى جنات النعيم مصادم الابطال المنتقم من الجهال زكي الزكاة منيع الصيانة من هاشم القمقام ابن عم رسول الانام الهادى إلى الرشاد الناطق بالسداد شجاع كمي جحجاح وفي فهو أنور بطين انزع امين من حم ويس وطه والميامين محل الحرمين ومصلى القبلتين خاتم الاوصياء لصفوة الانبياء القسورة الهمام والبطل الضرغام المؤيد بجبرائيل والمنصور بمكيائيل المبين فرض رب العالمين المطفى نيران الموقدين وخير من مشى من قريش اجمعين المحفوف بجند من السماء أمير المؤمنين علي بن أبى طالب (ع) على رغم انف الراغمين ومولى الخلق أجمعين. قال فعند ذلك قال له ابن الكواء ويلك يا أسود قطع يمينك وانت تثنى عليه هذا الثناء كله قال وما لي لا اثنى عليه وقد خالط حبه لحمي ودمى والله ما قطع يميني الا بحق اوجبه الله تعالى على قال ابن الكواء فدخلت إلى أمير المؤمنين (ع) وقلت له يا سيدي رأيت عجبا فقال وما رأيت قلت صادفت الاسود وقد قطعت يمينه وقد أخذها بشماله وهي تقطر دما فقلت


[ 173 ]

يا اسود من قطع يمينك فقال سيدي أمير المؤمنين (ع) فأعدت عليه القول وقلت له ويحك قطع يمينك وانت تثني عليه هذا الثناء كله فقال مالي لا اثنى عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي والله ما قطعها إلا بحق اوجبه الله تعالى فالتفت أمير المؤمنين (ع) إلى ولده الحسن وقال له قم وهات عمك الاسود قال فخرج الحسن (ع) في طلبه فوجده في موضع يقال له كندة فأتى به إلى أمير المؤمنين فقال يا أسود قطعت يمينك وأن تثني علي فقال يا مولاى يا أمير المؤمنين ومالي أثني عليك وقد خالط حبك لحمي ودمي فوالله ما قطعتها إلا بحق كان علي مما ينجي من عذاب الآخرة فقال (ع) هات يدك فناوله اياها فأخذها ووضعها في الموضع الذى قطعت منه ثم غطاها بردائه وقام فصلى (ع) ودعا بدعوات لم تردد وسمعناه يقول في آخر دعائه آمين ثم شال الرداء وقال اتصلي ايتها العروق كما كنت قال فقام الاسود وهو يقول آمنت بالله وبمحمد رسوله وبعلي الذى رد اليد بعد القطع وتخليتها من الزند ثم انكب على قدميه وقال بأبى انت وامى يا وارث علم النبوة. (وبالاسناد) يرفعه عن جعفر بن محمد الصادق (ع) قال مر بامرأة بمنى تبكى وحولها صبيان يبكون فقال لها يا امة الله ما يبكيك قالت يا عبد الله ان لي صبية أيتام وكانت لي بقرة ما تت وقد كانت لنا كالام الشفيقة نعمل عليها ونأكل منها وقد بقيت بعدها مقطوعا بي وبأولادى لا حيلة لنا عليها فقال يا امة الله اتحبين ان احييها فألهمها الله تعالى قالت نعم يا عبد الله قال فتنحى عنها وصلى ركعتين ثم رفع يده هنيئة وحرك شفتيه ثم قام فمر بالبقرة فنخسها نخسة برجله وقال لها قومي بأذن الله تعالى فاستوت قائمة بأذن الله تعالى على الارض فلما نظرت الامرأة إلى البقرة قامت وصاحت واعجباه من تكون يا عبد الله قال فجاء الناس فاختلط بينهم ومضى (ع). (وبالاسناد) يرفعه إلى ابى وايل قال مشيت خلف عمر بن الخطاب فبينا ان امشي إذ اسرع في مشيه فقلت له على مشيتك يا ابا حفص فالتفت


[ 174 ]

إلى مغضبا وقال أو ما ترى الرجل خلفي ثكلتك امك اما ترى علي بن ابى طالب، فقال يا ابا حفص هذا اخو الرسول واول من آمن وصدق به وشقيقه قال لا تقل هذا يا ابا وايل لا ام لك فوالله لا يخرج رعبه من قلبي ابدا قلت ولم ذلك يا ابا حفص قال والله لقد رأيته يوم احد يدخل بنفسه في جمع المشركين كما يدخل الاسد بنفسه في زرية الغنم فيقتل منها ويخلى ما يشاء فما زال ذلك دأبه حتى افضى الينا ونحن منهزمون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ثابت فلما وصل الينا قال لنا ويلكم اترغبون بأنفسكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن بايعتموه فقلت له من بين القوم يا ابا الحسن أن الشجاع قد ينهزم وان الكرة تمحو الفرة فما زلت اخدعه حتى انصرف بوجهه عني يا ابا وابل والله لا يخرج رعبه من ابدا. (وبالاسناد) يرفعه إلى الثقاة الذين كتبوا الاخبار انهم وضح لهم فيما وجدوا وبان لهم من اسماء أمير المؤمنين (ع) ثلثمائة اسم في القرآن منها ما رواه بالاسناد الصحيح عن ابن مسعود قوله تعالى وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم وقوله تعالى وجعلنا لهم لسان صدق عليا وقوله تعالى واجعل لي لسان صدق في الآخرين وقوله تعالى ان علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه وقوله تعالى انما انت منذ ولكم قوم هاد فالمنذر رسول الله صلى الله عليه وآله والهادي علي بن ابي طالب (ع) وقوله تعالى (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد فالبينة محمد والشاهد علي (ع) وقوله تعالى أن علينا للهدى وان علينا للاخرة والاولى) وقوله تعالى (أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقوله تعالى ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين جنب الله علي بن ابي طالب (ع) وقوله تعالى وكل شئ احصيناه في امام مبين معناه علي (ع) وقوله تعالى انك لمن المرسلين على صراط مستقيم وقوله تعالى ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم معناه


[ 175 ]

عن حب علي بن ابي طالب وقد ذكروا اسماء كثيرة لانطيل بذكرها هنا وهي اشهر من ان تخفى واكثر من ثلثمائة اسم وما بينها ههنا ولكن نذكر القابة وكناه، كنيته: أبو الحسن وابو الحسين وابو شبر وابو تراب وابو النورين والقابه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وقامع المارقين وصالح المؤمنين والصديق الاعظم والفاروق الاكبر وقسيم الجنة والنار والوصي واولى الخليقة وقاضي الدين ومنجز الوعد والمنحة الكبرى وحيدرة الورى وصاحب اللواء والذائد عن الحوض وامير الانس والجان والذاب عن النسوان الانزع البطين والاشرف المكين وكاشف الكرب ويعسوب الدين وباب حطة وباب التقادم وحجة الخصام ودابة الارض وصاحب العصا وفاضل القضا وفاضل الفضلا وسفينة النجاة، المنهج الواضح والمحجة البيضاء وقصد السبيل. وقد روى عن النبي انه قال لعلي سبعة عشر اسما فقال ابن عباس اخبرنا القابة وكناه، كنيته: أبو الحسن وابو الحسين وابو شبر وابو تراب وابو النورين والقابه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وقامع المارقين وصالح المؤمنين والصديق الاعظم والفاروق الاكبر وقسيم الجنة والنار والوصي واولى الخليقة وقاضي الدين ومنجز الوعد والمنحة الكبرى وحيدرة الورى وصاحب اللواء والذائد عن الحوض وامير الانس والجان والذاب عن النسوان الانزع البطين والاشرف المكين وكاشف الكرب ويعسوب الدين وباب حطة وباب التقادم وحجة الخصام ودابة الارض وصاحب العصا وفاضل القضا وفاضل الفضلا وسفينة النجاة، المنهج الواضح والمحجة البيضاء وقصد السبيل. وقد روى عن النبي انه قال لعلي سبعة عشر اسما فقال ابن عباس اخبرنا ما هي يا رسول الله ؟ فقال: اسمه عند العرب علي، وعند امه حيدرة، وفي التوراة اليا، وفي الانجيل بريا، وفي الزبور قريا، وعند الروم بظرسيا وعند الفرس نيروز، وعند العجم شميا، وعند الديلم فريقيا، وعند الكرور شيعيا، وعند الزبح حيم، وعند الحبشة تبير، وعند الترك حميرا، وعند الارمن كركر، وعند المؤمنين السحاب، وعند الكافرين الموت الاحمر، وعند المسلمين وعد، وعند المنافقين وعيد، وعندي طاهر مطهر، وهو جنب الله ونفس الله ويمين الله عزوجل قوله ويحذركم الله نفسه، وقوله بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. الكتاب الفضائل التأريخ بهمن 1363 المؤلف شاذان بن جبريل الطبعة الثانية الناشر منشورات الرضى المطبعة مطبعة أمير – قم القطع وزيرى عدد المطبوع 2000

اترك تعليقاً